الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد بن إسحاق
(1)
محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار العلامة الحافظ الأخباري أبو عبد الله القرشي المطلبي مولاهم المدني صاحب السيرة النبوية، وكان جده يسار من سبي عين التمر في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف رضي الله عنه.
ولد سنة ثمانين من الهجرة ورأى أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر.
روى عن أبيه وعمه موسى بن يسار، وعن أبان بن عثمان بن عفان، وسعيد بن أبي هند وسعيد المقبري ومكحول ونافع وأبي سلمة بن عبد الرحمن إن صح، والقاسم بن محمد وعكرمة ويحيى الأنصاري، وعبيد الله بن عبد الله بن عمر، وخلق من التابعين.
روى عنه يزيد بن أبي حبيب ويحيى بن سعيد الأنصاري وهما من شيوخه من التابعين.
وعبد الله بن عون وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، وهما أكبر منه،
(1)
تهذيب الكمال ترجمة رقم (5646) وسير أعلام النبلاء (7/ 33 - 55).
وشعبة والثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وجرير بن حازم وجرير بن عبد الحميد وابن عيينة وطائفة.
وهو أول مَنْ دوّن العلم بالمدينة وذلك قبل الإمام مالك وهو أسن من مالك بنحو ثلاثة عشرة سنة وإن كان مالك أجَل منه وأتقن.
ثناء أهل العلم:
قال الزهري وهو من شيوخه: لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق.
وقال الشافعي: مَنْ أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق.
وقال سفيان بن عيينة: قال الزهري وسئل عن مغازيه فقال: هذا أعلم الناس بها يعني ابن إسحاق.
وقال شعبة: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين بحفظه.
وقال البخاري: لمحمد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها لا يشاركه بها أحد.
وقد تكلم في ابن إسحاق الإمام مالك وقال: دجال من الدجاجلة، ولم يرضَ أهل العلم بما قال مالك.
قال الإمام البخاري عن شيخه علي بن المديني: رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث ابن إسحاق، قال: وقال علي عن ابن عيينة: ما رأيت أحداً يتهم ابن إسحاق.
وقال ابن نمير: إذا حدّث عن مَنْ سمع منه من المعروفين فهو
حسن الحديث صدوق وإنما أتي من أنه يحدّث عن المجهولين أحاديث باطلة.
وقال أيضاً: كان محمد بن إسحاق يُرمى بالقدر، وكان أبعد الناس منه.
وقال علي بن المديني: نظرت في كتب ابن إسحاق فما وجدت عليه إلا في حديثين ويمكن أن يكونا صحيحين.
المآخذ التي عليه:
التدليس: قال ابن حجر: مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم، وجعله في المرتبة الرابعة
(1)
.
روى له البخاري سبعة عشر حديثاً كلها معلقة
(2)
.
(1)
تعريف أهل التقديس ص 51، 132.
(2)
روايات المدلسين في صحيح البخاري (ص 579).
محمد بن إسحاق
الحديث الأول
(1)
:
295 -
قال أبو داود رحمه الله (1064): حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال:
نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
(2)
في المدينة في الليلة المطيرة، والغَدَاةِ الْقَرَّةِ
(3)
.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، أبو جعفر النفيلي الحراني، ثقة حافظ من كبار العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري.
محمد بن سلمة بن عبد الله الباهلي مولاهم الحراني، ثقة من التاسعة، مات سنة 191 على الصحيح، روى له مسلم والبخاري في جزء القراءة.
نافع أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 117 أو بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
(2)
أي الصلاة في الرحال.
(3)
القرة: الباردة.
وأخرجه البيهقي (3/ 71) من طريق أبي داود به.
هكذا قال محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينادي بذلك في المدينة.
خالفه عبيد الله بن عمر
(1)
، ومالك
(2)
، وأيوب السختياني
(3)
، وموسى بن عقبة
(4)
، وابن أبي ليلى
(5)
، وعمر بن محمد
(6)
فذكروا أن ذلك في السفر.
وكذلك رواه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد عن ابن عمر
(7)
.
لذا قال أبو داود معلّاً خبر محمد بن إسحاق: وروى هذا الخبر يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: في السفر.
قال ابن رجب في شرحه لصحيح البخاري: (خالف الناس في ذكر المدينة وفي أنه كان يأمر المنادي أن يقوله بعد تمام أذانه)
(8)
.
(1)
البخاري (632) ومسلم (697)(23)(24) وأبو داود (1062).
(2)
البخاري (666) ومسلم (697)(22) وأبو داود (1063).
(3)
الشافعي (1/ 110) وعبد الرزاق (1902) وأحمد (2/ 10) وابن ماجه (937) وابن خزيمة (1655) والحميدي (700) وأبو داود (1060) و (1061) وابن حبان (2077).
(4)
ابن حبان (2076).
(5)
ابن أبي شيبة (2/ 233).
(6)
أبو عوانة (2384).
(7)
أبو يعلى (5673) وابن خزيمة (1652).
(8)
فتح الباري (3/ 543).
قال الألباني: وقوله (في المدينة) منكر، وكذلك قوله (والغداة القرة) لأنه قد رواه أيوب وعبد الله عن نافع لم يذكرا فيه ذلك بل قالا في السفر
(1)
.
(1)
ضعيف أبي داود (9/ 406).
الحديث الثاني
(1)
:
296 -
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (1300): حدثنا هناد، حدثنا عبدة عن محمد بن إسحاق، عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المُحاقلة والمزابنة إلا أنه قد أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بمثل خرصها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (22584) من طريق ابن نمير، ومن طريقه الطبراني في الكبير (4756) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 29).
هكذا رواه محمد بن إسحاق فقال: (عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه أيوب السختياني
(2)
، ومالك
(3)
، وإسماعيل بن إبراهيم (ابن
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السَّرِي بن مصعب التميمي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى له مسلم والبخاري في خلق أفعال العباد.
عبدة بن سليمان الكلابي أبو محمد الكوفي، يقال اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت من صغار الثامنة، مات سنة 187 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
نافع: تقدم.
عبد الله بن عمر: صحابي مشهور.
زيد بن ثابت: صحابي مشهور.
(2)
البخاري (2172) ومسلم (1542)(75).
(3)
البخاري (2172).
علية)
(1)
، وعبيد الله بن عمر العمري
(2)
، والليث بن سعد
(3)
، ويونس بن يزيد
(4)
، والضحاك بن عثمان
(5)
، وموسى بن عقبة
(6)
فرووه عن نافع فقالوا: (عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة).
زاد محمد بن إسحاق زيد بن ثابت في الإسناد، وزاد في المتن أنه رخص لأهل العرايا
…
قال الترمذي: (هكذا روى محمد بن إسحاق هذا الحديث، وروى أيوب وعبيد الله بن عمر ومالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة.
وبهذا الإسناد عن ابن عمر عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص في العرايا، وهذا أصح من حديث محمد بن إسحاق) اه.
قال الحافظ في الفتح (4/ 385): مراد الترمذي أن التصريح بالنهي عن المزابنة لم يرد من حديث زيد بن ثابت، إنما رواه ابن عمر بغير واسطة، وروى ابن عمر استثناء العرايا بواسطة زيد بن ثابت).
علة الوهم:
أدخل محمد بن إسحاق حديث ابن عمر في حديث زيد بن ثابت،
(1)
مسلم (1542)(75).
(2)
مسلم (1542)(73)(74).
(3)
مسلم (1542)(76).
(4)
مسلم (1542)(76).
(5)
المصدر السابق.
(6)
المصدر السابق.
فقد روى نافع عن ابن عمر حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة.
وروى نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا.
وقد فصل ذلك أيوب السختياني، ومالك
(1)
، وعبيد الله بن عمر العمري
(2)
.
قال البخاري في صحيحه (2172): (حدثنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة قال: والمزابنة أن يبيع الثمر بكيل إن زاد فلي وإن نقص فعليّ.
قال: وحدثني زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا بخرصها) اه، والله تعالى أعلم.
(1)
مسلم (1539)(60).
(2)
مسلم (1539)(64).
الحديث الثالث
(1)
:
297 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي في الكبرى (4989): أخبرنا هلال بن العلاء بن هلال قال: حدثني أبي، ثنا محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ ابتاع نخلاً مؤبراً فثمرته للبائع الأول إلا أن يشترط المبتاع.
ومَن باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع».
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به.
هكذا قال محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ابتاع نخلاً مؤبراً فثمرته للبائع الأول إلا أن يشترط المبتاع، ومَن باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع» .
خالفه مالك
(2)
، والليث بن سعد
(3)
، وعبيد الله بن عمر
(4)
،
(1)
رجال الإسناد:
هلال بن العلاء بن هلال بن عمر الباهلي أبو عمر الرقي، صدوق من الحادية عشرة، مات سنة 280 وقد قارب 100 عام، روى له النسائي.
العلاء بن هلال بن عمر بن هلال الباهلي، أبو محمد الرقي، فيه لين، من التاسعة، مات سنة 215 وله 65 سنة، روى له النسائي.
محمد بن سلمة: تقدم. انظر ح 1.
(2)
البخاري (2204)(2716) ومسلم (1543)(79) وهو في الموطأ (1279) وأبي داود (2434).
(3)
البخاري (2206) ومسلم (1543)(79).
(4)
مسلم (1543)(79).
وأيوب السختياني
(1)
فرووا عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم «أيما رجل باع نخلاً قد أبرت ثمرتها للأول» .
وروى مالك
(2)
، وعبيد الله بن عمر
(3)
، وأيوب
(4)
، وعبد الله بن عون
(5)
، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنه قوله موقوفاً عليه في بيع العبد.
وهم محمد بن إسحاق في هذا الحديث في موضعين:
الأول: زاد في إسناد بيع النخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإنما هو من حديث ابن عمر.
الثاني: رفع حديث بيع العبد، وإنما هو موقوف على عمر، وقد تابعه في ذلك عبد ربه بن سعيد الأنصاري وسيأتي في بابه.
قال المزي: قال النسائي: حديث هلال بن العلاء هذا خطأ، والصواب حديث ليث بن سعد وأيوب
(6)
.
قال ابن عبد البر: «قد روى حديث من باع عبداً وله مال فماله للبائع الحديث عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح ذلك عند
(1)
مسلم (1543)(79).
(2)
البخاري تعليقاً عقب الحديث (2379) وأبو داود (3434) والبيهقي (5/ 324) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 234).
(3)
النسائي (4986) والخطيب (1/ 234) وابن عبد البر في التمهيد (13/ 284).
(4)
النسائي (4987).
(5)
النسائي (4988).
(6)
تحفة الأشراف 7/ (273 - 10558).
أهل العلم بالحديث، وإنما هو لنافع عن ابن عمر عن عمر قوله كذلك رواه الحفاظ من أصحاب نافع منهم مالك وعبيد الله بن عمر»
(1)
.
ثم روى بسنده عن مسدد قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ باع نخلاً قد أبرها فإن ثمرها للذي باعها إلا أن يشترط المشتري» قال: وقال عمر: «مَنْ باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المشتري» وكذلك رواه ابن نمير وعبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر الحديثين قصة النخل مرفوعة وقصة العبد من قول عمر
(2)
.
قال ابن الملقن: «الصحيح من رواية نافع ما اقتصر عليه من التأبير خاصة، وذكر العبد يعني (ومَن ابتاع عبداً وله ماله فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع) يذكر عن ابن عمر عن عمر قوله
…
ثم قال: ولما روى النسائي حديث ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن عمر مرفوعاً لحديث التأبير والعبد قال: هذا خطأ والصواب حديث عمر موقوفاً
(3)
.
وقال الدارقطني: «والصواب عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر قوله»
(4)
.
وقال الخطيب بعد أن ذكر رواية أبي معاوية محمد بن خازم وإسماعيل بن زكريا عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن
(1)
التمهيد (13/ 284).
(2)
المصدر السابق.
(3)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح (14/ 503).
(4)
العلل (2/ 52).
النبي صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله: «ووهموا في ذلك لأن نافعاً إنما كان يروي الفصل الذي في بيع النخل خاصة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويروي الفصل الآخر الذي في بيع العبد عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب قوله بين ذلك يحيى بن سعيد القطان وبشر بن المفضل في روايتهما عن عبيد الله بن عمر هذا الحديث في سياقة واحدة وميزا أحد الفصلين من الآخر وضبطا إسناده»
(1)
.
وقال الحافظ في الفتح: قال البيهقي: ونافع يروي حديث النخل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث العبد عن ابن عمر عن عمر موقوفاً.
ثم قال: وروى عن نافع رفع القصتين. أخرجه النسائي من طريق عبد ربه بن سعيد عنه وهو وهم، وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع قال: ما هو إلا عن عمر شأن العبد»
(2)
.
وقد أخبر شعبة عبد ربه أن أيوب السختياني يخالفه.
قال النسائي عقب الحديث: «قال شعبة: فحدثته بحديث أيوب عن نافع أنه حدثني بالنخل عن النبي صلى الله عليه وسلم والمملوك عن عمر فقال عبد ربه: لا أعلمهما جميعاً إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال مرة أخرى: فحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره»
(3)
.
(1)
الخطيب في الفصل للوصل (1/ 228).
(2)
فتح الباري (4/ 204) وقول البيهقي في السنن الكبرى (5/ 298).
(3)
السنن الكبرى (3/ 179 ح 4982).
علة الوهم:
روي هذا الحديث مرفوعاً عن ابن عمر رضي الله عنه، هكذا رواه عنه ابنه سالم
(1)
، إلا أن نافعاً كان يروي قصة النخل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ويروي قصة العبد عن ابن عمر عن عمر موقوفاً عليه.
فوهم عبد ربه بن سعيد فرواه من طريق نافع مرفوعاً بكلا القصتين، والصحيح أن الذي رفعهما هو سالم.
قال الحافظ: «واختلف على نافع وسالم في رفع ما عدا النخل: فرواه الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعاً في قصة النخل والعبد معاً. هكذا أخرجه الحفاظ عن الزهري.
وروى مالك والليث وأيوب وعبيد الله بن عمر وغيرهم عن نافع عن ابن عمر في قصة النخل، وعن ابن عمر عن عمر قصة العبد موقوفة، كذلك أخرجه أبو داود من طريق مالك بالإسنادين معاً.
ثم قال: وجزم مسلم والنسائي والدارقطني بترجيح رواية نافع المفصلة على رواية سالم، ومال علي بن المديني والبخاري وابن عبد البر إلى ترجيح رواية سالم»
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (2379) ومسلم (1543)(80).
(2)
فتح الباري (4/ 402).
الحديث الرابع
(1)
:
298 -
قال ابن ماجه رحمه الله (1449): حدثنا محمد بن يحيى، ثنا يزيد بن هارون، ح وحدثنا محمد بن إسماعيل، ثنا المحاربي جميعاً عن محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال:
لما حضرت كعباً الوفاة أتته أم بشر بنت البراء بن معرور فقالت: يا أبا عبد الرحمن إن لقيت فلاناً فاقرأ عليه مني السلام، قال: غفر الله لك يا أم بشر نحن أشغل من ذلك، قالت: يا أبا عبد الرحمن أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أرواح المؤمنين في طير خضر تعلق بشجر الجنة» قال: بلى، قالت: فهو ذاك.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري، ثقة حافظ جليل، من الحادية عشرة، مات سنة 258 على الصحيح وله 86 سنة، روى له البخاري.
يزيد بن هارون: ثقة متقن عابد، انظر ترجمته في بابه.
محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، أبو جعفر السراج، ثقة، من العاشرة، مات سنة 260 وقيل قبلها، روى له الترمذي والنسائي وابن ماجه.
عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي، أبو محمد الكوفي، لا بأس به، وكان يدلس. قاله أحمد، من التاسعة، مات سنة 195، روى له البخاري ومسلم.
الحارث بن فضيل الأنصاري الخطمي، أبو عبد الله المدني، ثقة من السادسة، روى له مسلم.
الزهري: محمد بن مسلم. انظره في بابه.
عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري، ثقة من كبار التابعين ويقال ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مات في خلافة سليمان، روى له البخاري ومسلم.
كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري السلمي، صحابي مشهور مات في خلافة علي رضي الله عنه وحديثه في الصحيحين.
التعليق:
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، وأحد إسناديه رجاله رجال الصحيح.
ورواه الدولابي في الكنى والأسماء (442) من طريق يزيد بن هارون به، ورواه ابن أبي شيبة في مسنده (459) من طريق ابن نمير.
ورواه الطبراني في الكبير (19/ 122) من طريق عبد الله بن نمير والمحاربي من طريق محمد بن إسحاق به.
هكذا رواه محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن الزهري وجعل المرفوع منه من حديث أم بشر.
خالفه أصحاب الزهري فجعلوا المرفوع منه من حديث كعب بن مالك.
فقد روى معمر عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: قالت أم مبشر
(1)
لكعب بن مالك وهو شاكٍ: اقرأ على ابني السلام تعني مبشراً فقال كعب: يغفر الله لك يا أم مبشر أوَلم تسمعي ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما نسمة المسلم طير تَعْلُقُ في شجر الجنة حتى يُرجعها الله عز وجل إلى جسده يوم القيامة» قالت: صدقت فاستغفرُ الله
(2)
.
(1)
قال أبو نعيم: اختلف أصحاب ابن إسحاق عن الزهري عنه فمنهم مَنْ قال أم بشر ومنهم مَنْ قال أم مبشر (الإصابة).
(2)
رواه أحمد (3/ 455) وهو في تفسير عبد الرزاق (484) ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (376)، والطبراني في الكبير 19/ (119) وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وكذلك رواه عمرو بن دينار
(1)
، والأوزاعي
(2)
عن الزهري بمثل رواية معمر.
ووافقهم غيرهم من أصحاب الزهري فرووا الحديث مقتصراً على الشطر المرفوع منه وجعلوه من حديث كعب بن مالك، منهم:
الإمام مالك بن أنس
(3)
، ويونس بن يزيد الأيلي
(4)
، وشعيب
(5)
، والليث بن سعد
(6)
، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله المدني
(7)
.
ووافقهم محمد بن إسحاق أيضاً فجعله من حديث كعب بن مالك.
رواه أبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (3/ 1218) من طريق عبد الله بن نمير عن محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أرواح المؤمنين في حواصل طير خضر تعلق من ثمر الجنة» .
(1)
أحمد (6/ 386) والحميدي (897) والترمذي (1641) وابن أبي عاصم في الجهاد (202) والطبراني في الكبير 19/ (125) من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار به.
أحمد (6/ 38)، والطبراني في الكبير (19/ 1251).
(2)
الطبراني في الكبير 19/ (123).
(3)
في الموطأ (1/ 240) وأخرجه أحمد (3/ 455) عن الشافعي عن مالك، والنسائي (4/ 108) والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 305) وابن ماجه (4271) وغيرهم.
(4)
أحمد (3/ 455 - 456) والبيهقي في البعث والنشور (223).
(5)
أحمد (3/ 456) والبيهقي (225).
(6)
ابن حبان في صحيحه (4657).
(7)
أحمد (3/ 460) والطبراني في الكبير (19/ 121).
علة الوهم:
وجود قصة في الحديث وحوار دار بين كعب بن مالك وأم بشر فجعل المُستدل بالحديث أم بشر بينما هو كعب.
والغالب أن يكون اختصار الحديث سبباً في الوهم، وهنا لما ذكر ابن إسحاق الحديث كاملاً وهم فيه، ولما ذكره مختصراً أتى به على الوجه الصحيح، والله تعالى أعلم.
الحديث الخامس
(1)
:
299 -
قال ابن ماجه رحمه الله (2781): حدثنا أبو يوسف محمد بن أحمد الرقي، ثنا محمد بن سلمة الحراني، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أبيه، عن معاوية بن جاهمة السلمي قال:
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال:«ويحك أحيّة أمك؟» قلت: نعم، قال:«ارجع فبرَّها» ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال:«ويحك أحيّة أمك؟» قلت: نعم يا رسول الله، قال:«ارجع إليها فبرَّها» ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال:«ويحك أحيّة أمك؟» قلت: نعم يا رسول الله، قال:«ويحك إلزم رجلها فثم الجنة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن أحمد بن محمد بن الحجاج بن ميسرة الكريزي، أبو يوسف الصيدلاني الرقي، ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة 46، روى له النسائي وابن ماجه.
محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، صدوق، من السادسة، مات بعد المائة، روى له النسائي وابن ماجه.
معاوية بن جاهمة بن العباس بن مرداس السلمي، لأبيه وجده صحبة، وقيل إن له هو صحبة، روى له النسائي وابن ماجه.
ورواه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 121) من طريق محمد بن سلمة به.
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1372) وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 198) من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 32) من طريق عبد الرحيم بن سليمان ويونس بن بكير كلهم عن محمد بن إسحاق به.
هكذا رواه محمد بن إسحاق فقال: (عن محمد بن طلحة، عن أبيه، عن معاوية بن جاهمة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه ابن جريج
(1)
فقال: (عن محمد بن طلحة، عن أبيه، عن معاوية بن جاهمة أن جاهمة أتى النبي صلى الله عليه وسلم.
وهم محمد بن إسحاق فجعل الحديث من حديث معاوية وأنه هو الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فجعله صحابياً.
(1)
النسائي (6/ 11) وفي الكبرى (4312) وابن ماجه (2781) وابن سعد في الطبقات الكبرى (4/ 274) و (7/ 33) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2132) والحاكم (2/ 104) والبيهقي (9/ 26) وفي شعب الإيمان (7833) والخطيب في الموضح (1/ 31) من طريق حجاج بن محمد.
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1371) والطحاوي (2132) والحاكم (4/ 151) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 121) والخطيب في الموضح (1/ 31) من طريق الضحاك بن مخلد.
ورواه ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 158) والطبراني في الكبير (2202) وابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 267) والبيهقي في شعب الإيمان (7832) من طريق سفيان بن حبيب. ونسبه الحافظ في الإصابة (1/ 446) أيضاً إلى البغوي وابن أبي خيثمة.
ورواه أحمد (3/ 429) من طريق روح بن عبادة كلهم عن ابن جريج به.
وإنما هو من حديث أبي جاهمة بن العباس بن مرداس السلمي.
قال ابن ماجه عقب حديث ابن جريج: هذا جاهمة بن عباس بن مرداس السلمي الذي عاتب النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين.
قال البيهقي في شعب الإيمان (6/ 79): والصواب رواية ابن جريج عن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أبيه عن معاوية بن جاهمة .. وكذلك رواه أبو عاصم عن ابن جريج.
وقال ابن الأثير في أسد الغابة (1/ 453): خالفه ابن جريج فرواه عن محمد بن طلحة عن أبيه عن معاوية بن جاهمة وهو أصح.
وسئل الدارقطني في العلل (7/ 77): عن حديث معاوية بن جاهمة السلمي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: جئت أبتغي الجهاد لوجه الله .. فقال: يرويه محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، واختلف عنه:
فرواه محمد بن إسحاق عنه، واختلف عن ابن إسحاق:
فرواه محمد بن سلمة والمحاربي عن ابن إسحاق، عن محمد بن طلحة، عن معاوية بن جاهمة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن محمد بن طلحة، عن أبيه عن معاوية بن جاهمة.
وقال عبدة عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن ابن طلحة بن عبيد الله عن معاوية السلمي فوهم في موضعين في ذكر الزهري وليس من حديث الزهري وفي قوله ابن عبيد الله ..
ورواه ابن جريج عن محمد بن طلحة عن أبيه عن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجعل الحديث لجاهمة، وقول ابن جريج أشبه بالصواب
(1)
.
(1)
وانظر العلل لابن أبي حاتم (1/ 312 رقم 936).
الحديث السادس
(1)
:
300 -
قال ابن ماجه رحمه الله (3699): حدثنا أبو بكر، ثنا ابن نُمير عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي عبد الرحمن الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إني راكبٌ غداً إلى اليهود فلا تبدؤوهم بالسلام فإذا سلّموا عليكم فقولوا وعليكم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير الصحابي.
وأخرجه ابن أبي شيبة (8/ 630) وفي مسنده (729) وابن سعد (4/ 350) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2577) وأبو يعلى (936) والطبراني في الكبير 22/ (743) وابن الأثير في أسد الغابة (6/ 209) وابن عبد البر في التمهيد (17/ 93) والمزي في تهذيب الكمال (34/ 40) كلهم من طريق ابن نمير بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (4/ 144) من طريق محمد بن أبي عدي، وفي
(1)
رجال الإسناد:
أبو بكر بن أبي شيبة: ثقة حافظ مصنف. انظر ترجمته في بابه.
عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي، ثقة صاحب حديث، من أهل السنّة، من كبار التاسعة، مات سنة 199 وله 84 سنة، روى له البخاري ومسلم.
يزيد بن أبي حبيب المصري، أبو رجاء، واسم أبيه سويد، ثقة فقيه وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة 128 وقد قارب 80 عاماً، روى له البخاري ومسلم.
مرثد بن عبد الله اليزني، أبو الخير المصري، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة 9، روى له البخاري ومسلم.
أبو عبد الرحمن الجهني، صحابي، قيل اسمه زيد، نزل مصر.
(4/ 233)، والترمذي في العلل (1/ 342 رقم 635) من طريق يزيد بن هارون، والطحاوي (4/ 341) من طريق عبد الأعلى وعبد الرحيم بن سليمان، والطبراني في الكبير 22/ (743) من طريق علي بن مسهر ويونس بن بكير وشريك بن عبد الله كلهم عن محمد بن إسحاق به.
وذكره أبو داود تعليقاً عقب الحديث (5207) فقال: وكذلك رواه أبو عبد الرحمن الجهني وأبو بصرة الغفاري.
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد، عن أبي عبد الرحمن الجهني).
خالفه عبد الحميد بن جعفر
(1)
، وعبد الله بن لهيعة
(2)
فقالا: (عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد، عن أبي بصرة الغفاري).
وهم ابن إسحاق فجعل الحديث من رواية أبي عبد الرحمن الجهني بدلاً من أبي بصرة الغفاري.
وقد رواه محمد بن إسحاق مرة أخرى على هذا الوجه فقال: (عن يزيد، عن مرثد، عن أبي بصرة).
رواه عنه أحمد بن خالد
(3)
، ويحيى بن واضح
(4)
، وعبيد الله بن
(1)
النسائي في الكبرى (10220) وأحمد (6/ 398) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 490) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 342) والطبراني في الكبير (2162) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 149).
(2)
أحمد (6/ 398) والطحاوي (4/ 341) وابن قانع (1/ 149).
(3)
البخاري في الأدب المفرد (1102).
(4)
البخاري في الأدب المفرد (1102).
عمرو
(1)
، ومحمد بن سلمة
(2)
، وعبد الله بن المبارك
(3)
فوافق الجماعة. قال الحافظ في الفتح (11/ 44): وهو المحفوظ.
قال الترمذي في العلل (1/ 342): بعد أن أورد الطريقين عن محمد بن إسحاق: سألت محمداً يعني البخاري فقال: عن أبي بصرة أصح. وعن أبي عبد الرحمن الجهني وهم فيه ابن إسحاق والصحيح عن أبي بصرة) اه.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: قال أبي: خالفه عبد الحميد بن جعفر وابن لهيعة قالا عن أبي بصرة
(4)
.
وقال الألباني في الإرواء (5/ 112 - 113): وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات إلى أبي بصرة وهو صحابي معروف، بخلاف أبي عبد الرحمن الجهني فإنه مختلف في صحبته، وذكره في هذا الحديث شاذ لتفرد ابن إسحاق به، ومخالفته لعبد الله وعبد الحميد ولا سيما وهو قد وافقهما في الرواية الأخرى عنه فهي المحفوظة كما جزم بذلك الحافظ في الفتح.
قال الحافظ في الفتح (11/ 44): هما حديث واحد اختلف فيه على يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير فقال عبد الحميد بن جعفر عن أبي بصرة أخرجه النسائي والطحاوي، وقال ابن إسحاق عن أبي
(1)
الطحاوي (4/ 341).
(2)
الطبراني في الكبير (2164).
(3)
الترمذي في العلل (1/ 342 رقم 634).
(4)
المسند (4/ 43).
عبد الرحمن (الجهني) أخرجه أحمد وابن ماجه والطحاوي أيضاً، وقد قال بعض أصحاب ابن إسحاق عنه مثل ما قال عبد الحميد، والمحفوظ قول الجماعة.
وسيأتي الحديث في باب وكيع ح (341).
الحديث السابع
(1)
:
301 -
قال الإمام ابن ماجه رحمه الله (1675): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يعلى ومحمد ابنا عبيد الطنافسي قالا: حدثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق قال: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يحدث:
أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهم في يوم كان يصومه فدعا بإناء فشرب فقلنا: يا رسول الله إن هذا يوم كنت تصومه، قال:«أجل ولكني قئت» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
وأخرجه أحمد (6/ 18) والطبراني في الكبير 18/ (818) من طريق محمد بن عبيد.
وأخرجه أحمد (6/ 21) من طريق إبراهيم بن سعد، والطحاوي
(1)
رجال الإسناد:
أبو بكر بن أبي شيبة: تقدم انظره في بابه.
يعلى بن عبيد بن أبي أمية الكوفي، أبو يوسف الطنافسي، ثقة إلا في حديثه عن الثوري ففيه لين، من كبار التاسعة، مات سنة بضع ومائتين وله 90 سنة، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن عبيد الطنافسي الكوفي الأحدب، ثقة يحفظ، من الحادية عشرة، مات سنة 204، روى له البخاري ومسلم.
يزيد بن أبي حبيب: تقدم.
أبو مرزوق التُجيبي مولاهم المصري نزيل برقة اسمه حبيب بن شهيد على الأشهر، ثقة من الخامسة، مات سنة 109، روى له أبو داود وابن ماجه.
فضالة بن عبيد بن نافذ بن قيس الأنصاري الأوسي، أول مشاهده أحد، ثم نزل دمشق وولي قضاءها، مات سنة 58 وقيل قبلها، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
في شرح مشكل الآثار (4/ 378) والطبراني 18/ (817) وابن عساكر في تاريخ دمشق (12/ 36) من طريق حماد بن سلمة، كلهم عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد.
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق سمعت فضالة بن عبيد).
خالفه ابن لهيعة
(1)
، والمفضل بن فضالة
(2)
، ويحيى بن أيوب
(3)
وعميرة بن أبي ناجية
(4)
فقالوا (عن يزيد، عن أبي مرزوق، عن حنش بن عبد الله، عن فضالة بن عبيد).
وهم ابن إسحاق في هذا الإسناد في موضعين:
الأول: أسقط حنشاً من الإسناد.
الثاني: صرّح بسماع أبي مرزوق من فضالة في هذا الحديث.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، فيزيد بن أبي حبيب مصري لذا كانت رواية أهل بلده عن ابن لهيعة، ومفضل بن فضالة، ويحيى بن أيوب، وعميرة بن أبي ناجية، وكلهم من مصر أصح من رواية ابن إسحاق المدني، والله تعالى أعلم.
(1)
أحمد (6/ 19) والطبراني في الكبير (18/ 779) والبيهقي (4/ 220) والخطيب في الموضح (1/ 91) وعبد الرحمن بن عبد الله بن أعين في فتوح مصر (1/ 467).
(2)
الدارقطني (2/ 182) والبيهقي (4/ 220) والخطيب (1/ 91) وابن عساكر في تاريخ دمشق (12/ 35).
(3)
ذكره البيهقي تعليقاً (4/ 220).
(4)
الطبراني في الكبير (18/ 819) وابن عساكر في تاريخه (12/ 37).
الحديث الثامن
(1)
:
302 -
قال الإمام أحمد (4/ 41): حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم الأنصاري ثم المازني، عن عبد الله بن زيد بن عاصم وكان أحد رهطه وكان عبد الله بن زيد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد معه أحداً قال:
قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استسقى لنا أطال الدعاء وأكثر المسألة قال: ثم تحوّل إلى القبلة وحوّل رداءه فقلبه ظهراً لبطن، ثم تحول الناس معه.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين عدا محمد بن إسحاق فهو من رجال مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.
هكذا رواه محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن
(1)
رجال الإسناد:
يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري، أبو يوسف المدني، نزيل بغداد، ثقة فاضل، متفق عليه.
إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني، ثقة، متفق عليه.
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، أبو محمد، أو أبو بكر المدني القاضي، ثقة، من الطبقة الخامسة، توفي سنة 135 عن 70 سنة، متفق عليه.
عباد بن تميم بن غزية الأنصاري المازني، ثقة، من الطبقة الثالثة، وقيل له رؤية، متفق عليه.
تميم، عن عبد الله بن زيد بن عاصم أن النبي صلى الله عليه وسلم حوّل رداءه عندما استسقى وحوّل الناس معه.
خالفه اثنان من الأئمة الثقات الذين رووا هذا الحديث عن عبد الله بن أبي بكر ولم يذكرا (وتحول الناس معه) وهما: مالك بن أنس
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
.
وكذلك رواه الزهري
(3)
وأبو بكر بن محمد
(4)
والد عبد الله بن أبي بكر، وعمارة بن غزية
(5)
، ومحمد بن أبي بكر
(6)
أخو عبد الله بن أبي بكر، كلهم عن عباد بن تميم به ولم يذكروا تحويل المأمومين أرديتهم.
تفرد محمد بن إسحاق بهذه الزيادة فهي زيادة شاذة.
وقد قال أيوب بن إسحاق بن سامري: سألت أحمد فقلت له: يا أبا عبد الله إذا انفرد ابن إسحاق بحديث تقبل؟
قال: لا والله، إني رأيته يحدّث عن جماعة بالحديث الواحد ولا يفصل كلام ذا من ذا.
وقال يحيى بن معين وقد سئل عنه: ليس بذاك، ضعيف.
(1)
مسلم (894) والشافعي (1/ 168) وأبو داود (1167) والنسائي (3/ 157).
(2)
البخاري (1012) و (1026) و (1027) ومسلم (894)(2) والشافعي (1/ 168) وأحمد (4/ 40) والنسائي (3/ 157).
(3)
البخاري (1025) ومسلم (894)(4) من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري.
(4)
البخاري (1028) ومسلم (894)(3).
(5)
أبو داود (1163) والنسائي (3/ 156) وابن خزيمة (1415) والحاكم (1/ 327) وأحمد (4/ 41، 42).
(6)
البخاري (1011) من رواية شعبة.
وقال مرة أخرى: هو ثقة وليس بحجة إذا انفرد.
لذا قال الشيخ الألباني رحمه الله في تمام المنّة (ص 264): أخرجه أحمد بسند قوي لكن ذكر تحول الناس معه شاذ.
الدلالة الفقهية:
تحويل الرداء للإمام ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مذكور في الصحيحين وغيرهما.
أما تحويل الرداء للمأمومين فقد تفرد الإمام أحمد بإخراجه من حديث محمد بن إسحاق.
وقد قال بذلك جمع من أهل العلم ونسبه الحافظ إلى الجمهور.
وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم وأقوى ما يستدل به لهم ليس حديث الباب، إنما فعله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 428) والتمهيد (5/ 368 فتح البر).
قال الشافعي ومالك وأصحابهما: يحول الإمام رداءه عند فراغه من الخطبة يجعل اليمين على الشمال وما على الشمال على اليمين.
ويحول الناس أرديتهم إذا حوّل الإمام رداءه كما حول الإمام.
وقال الليث بن سعد ومحمد بن الحسن وأبو يوسف: يحول الإمام رداءه ولا يحول الناس أرديتهم. اه.
قال ابن قدامة في المغني (2/ 434): ويستحب تحويل الرداء للإمام والمأموم في قول أكثر أهل العلم.
وقال أبو حنيفة: لا يسن لأنه دعاء فلا يستحب تحويل الرداء فيه كسائر الأدعية.
وحكي عن سعيد بن المسيب وعروة والثوري أن تحويل الرداء مختص بالإمام دون المأموم.
وهو قول الليث وأبي يوسف ومحمد بن الحسن لأنه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم دون أصحابه.
ولنا أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في حق غيره ما لم يقم على اختصاصه به دليل. اه.
وقال الحافظ في الفتح (2/ 498): واستحب الجمهور أيضاً أن يحول الناس بتحويل الإمام، ويشهد له ما رواه أحمد (وهو هذا الحديث).
وقال الليث وأبو يوسف: يحول الإمام وحده. اه
(1)
.
قال النووي في المجموع (5/ 103): مذهبنا استحباب تحويل الرداء في الخطبة للإمام والمأمومين، وبه قال مالك وأحمد وأبو ثور وداود.
(1)
وقال في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2/ 540): قال مالك: يحول الناس أرديتهم إذا حوّل الإمام، وقال الجمهور: لا. اه.
وهذا خلاف ما نقل أكثر أهل العلم عن الجمهور.
وقال أبو حنيفة: لا يستحب.
وقال محمد بن الحسن: يحول الإمام دون المأمومين، وحكاه العبدري عن الطحاوي عن أبي يوسف قال: وروي عن ابن المسيب وعروة وسفيان الثوري.
وقال العيني في البداية شرح النهاية (3/ 184): ولا يقلب الإمام رداءه عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: يقلب رداءه ..
ولا يقلب القوم أرديتهم، وقال نحو قولنا سعيد بن المسيب، وعروة، والثوري، والليث بن سعد، وابن عبد الحكم، وابن وهب من المالكية.
وعند مالك والشافعي وأحمد القوم كالإمام فيه اه.
قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 323):
قال محمد بن الحسن: ويقلب الإمام رداءه كله
…
، وليس ذلك على مَنْ خلف الإمام.
ثم قال ابن المنذر: كان عمر بن عبد العزيز يحوّل رداءه في الاستسقاء، قال: ولم يكن الناس يحوِّلون أرديتهم.
الحديث التاسع
(1)
:
303 -
قال ابن خزيمة في صحيحه (2419): حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، حدثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام، عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح قال:
قال أبو سعيد وذكروا عنده صدقة رمضان فقال: لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر أو صاع حنطة أو صاع شعير أو صاع إقط، فقال له رجل من القوم: أو مدَّين من قمح، فقال: لا، تلك قيمة معاوية.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير عبد الله بن عبد الله بن عثمان قال الحافظ (مقبول)، وهو من رجال أبي داود والنسائي.
(1)
رجال الإسناد:
يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح العبدي مولاهم، أبو يوسف الدورقي، ثقة من العاشرة، مات سنة 250 وله 86 سنة وكان من الحفّاظ، روى له البخاري ومسلم.
إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم أبو بشر البصري المعروف بابن علية، ثقة حافظ، من الثامنة، مات سنة 193 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم الأسدي الحزامي، مقبول، من السادسة، روى له أبو داود والنسائي.
عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري المكي، ثقة، من الثالثة، مات على رأس المائة، روى له البخاري ومسلم.
ورواه ابن حبان (2306) والدارقطني (2/ 145) والبيهقي (4/ 165) من طريق يعقوب بن إبراهيم، والحاكم (1/ 411) من طريق الإمام أحمد بن حنبل كلاهما عن ابن علية به.
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن عبد الله بن عبد الله في هذا الحديث (أو صاع من حنطة).
خالفه يزيد بن أبي حبيب
(1)
فرواه عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بهذا الإسناد إلا أنه لم يذكر فيه (أو صاع حنطة).
وكذلك رواه زيد بن أسلم
(2)
وغيره عن عياض، عن أبي سعيد الخدري لا يذكرون فيه الحنطة.
لذا قال ابن خزيمة عقب الحديث (4/ 190): ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، ولا أدري ممن الوهم، قوله وقال رجل من القوم أو مدَّين من قمح إلى آخر الخبر، دال على أن ذكر الحنطة في أول القصة خطأ أو وهم، إذ لو كان أبو سعيد قد أعلمهم أنهم كانوا يخرجون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (صاع حنطة) لما كان لقول الرجل (أو مدَّين من قمح) معنى)
(3)
.
وقال أبو داود في سننه عقب الحديث (1616): رواه ابن علية وعبدة وغيرهما عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام، عن عياض، عن أبي سعيد بمعناه
(4)
، وذكر رجل
(1)
النسائي (5/ 53) وفي الكبرى (2297) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 24).
(2)
البخاري (1505، 1506، 1508، 1510).
(3)
وأشار إليه الحافظ في الفتح (3/ 373) وانظر عمدة القاري (9/ 113 - 114).
(4)
روى أبو داود عن عبد الله بن مسلمة عن داود بن قيس عن عياض عن أبي سعيد هذا الحديث وليس فيه (أو صاع حنطة).
واحد فيه عن ابن علية
(1)
(أو صاعاً من حنطة) وليس بمحفوظ.
ثم قال أبو داود (1617): حدثنا مسدد، أخبرنا إسماعيل، ليس فيه ذكر الحنطة.
قلت: وقد روى أحمد بن خالد الوهبي عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عثمان هذا الحديث ولم يذكر الحنطة
(2)
.
(1)
قلت: بل رجلان وهما يعقوب الدورقي وأحمد بن حنبل كما تقدم في التخريج.
(2)
أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 25).
الحديث العاشر
(1)
:
304 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 27): حدثنا يعقوب قال: حدثني أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في بيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب واحد متوشحاً ما عليه غيره
(2)
.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن
(1)
رجال الإسناد:
يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو يوسف المدني، نزيل بغداد، ثقة فاضل، من صغار التاسعة، مات سنة 188، روى له البخاري ومسلم.
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو إسحاق المدني، نزيل بغداد، ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة 185، روى له البخاري ومسلم.
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه، ربما دلس، مات سنة 145 أو 146، روى له البخاري ومسلم.
عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات قبل المائة سنة 94 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية المخزومي وهو ابن أخي أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ذكره جماعة من الصحابة وفيه نظر. قال أبو عمر: لا تصح عندي صحبته لصغره، وذكره ابن شاهين وقال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان سنين (أسد الغابة 3/ 298).
(2)
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (729) والعقيلي في الضعفاء (2/ 269) وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 299).
إسحاق فهو من رجال مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.
إلا أن محمد بن إسحاق قد وهم فيه على هشام بن عروة فقال: (هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية).
خالفه أصحاب هشام كلهم فقالوا: (هشام، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة) منهم:
مالك
(1)
، وشعبة
(2)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(3)
، وحماد بن زيد
(4)
، وأبو عوانة
(5)
، وحماد بن سلمة
(6)
، وسفيان بن عيينة
(7)
، ويحيى بن سعيد القطان
(8)
، ووكيع
(9)
، وعبيد الله بن موسى
(10)
، ومعمر
(11)
، والليث بن سعد
(12)
، وهشام بن حسان
(13)
، وزائدة بن قدامة
(14)
، والحسن بن حبيب بن ندبة
(15)
،
(1)
الموطأ (1/ 140) ومن طريقه النسائي (2/ 70) وأبو عوانة.
(2)
أبو عوانة (1464) والطبراني في الكبير (8271).
(3)
البخاري (356) ومسلم (517)(278).
(4)
مسلم (517).
(5)
الطبراني في الكبير (8277).
(6)
الطبراني (8273).
(7)
أبو عوانة (1462) وأحمد (4/ 26).
(8)
البخاري (355).
(9)
مسلم (517)(278) وأبو عوانة (1461) وأحمد (4/ 26).
(10)
البخاري (354).
(11)
أبو عوانة.
(12)
الترمذي (339).
(13)
ابن حبان (2391).
(14)
الطبراني (8275).
(15)
ابن خزيمة (761).
وسفيان الثوري
(1)
، وعبدة بن سليمان
(2)
، ومبارك بن فضالة
(3)
، وشريك
(4)
، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله
(5)
، وعبد العزيز بن مسلم
(6)
، وأيوب السختياني
(7)
، وعبد الله بن عمر العمري
(8)
، ومسلمة بن قعنب الحارثي والد عبد الله بن مسلمة
(9)
، والقاسم بن معين
(10)
، وجرير بن عبد الحميد
(11)
، وإسماعيل بن عياش
(12)
، وعائشة بنت المنذر
(13)
فهؤلاء كلهم جعلوا صاحب الحديث عمر بن أبي سلمة وهو الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أمه أم سلمة.
وقد رواه عبد الله بن ذكوان عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن أبي أمية لكن في إسناده ضعف
(14)
.
(1)
عبد الرزاق (1365).
(2)
أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1144).
(3)
ابن الجعد في مسنده (2299) و (32551) والطبراني في الكبير (8279) والأوسط (5306) والصغير (801).
(4)
ابن الجعد (2299) و (3255).
(5)
الطبراني (8276).
(6)
الطبراني (8280).
(7)
الطبراني (8282).
(8)
الطبراني (8283).
(9)
الطبراني (8284).
(10)
الطبراني (8285).
(11)
الطبراني (8286).
(12)
الطبراني (8286).
(13)
الطبراني (8287).
(14)
أخرجه أحمد (2/ 27) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (730) والعقيلي في الضعفاء (20/ 269) والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 248) من طريق ابنه عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان، وهو ضعيف.
خالفه أبو الأسود فرواه عن عروة بن الزبير عن عمر بن أبي سلمة
(1)
.
وكذلك رواه سعيد بن المسيب
(2)
، ومحمد بن عمر بن أبي سلمة
(3)
، ومكحول
(4)
، ثلاثتهم عن عمر بن أبي سلمة به.
قال ابن أبي حاتم في العلل (230): (سألت أبي عن حديث رواه محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد.
ورواه ابن أبي الزناد عن أبيه، عن عروة عن عبد الله بن أبي أمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد.
فقال أبي: رواه شعبة ومالك وحماد بن زيد وأبو عوانة وحماد بن سليمان، وأبان العطار فقالوا: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة في ثوب واحد، يعني: وهو الصحيح.
وسئل أبو زرعة عن حديث محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة هذا؟ فقال: حديث عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية وهم، والصحيح حديث عروة، عن عمر عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
الطبراني في الكبير (8288).
(2)
الطبراني (8290).
(3)
الطبراني (8290).
(4)
الطبراني (8292، 8293).
وقال العقيلي بعد أن رواه من طريق ابن إسحاق وابن أبي الزناد: (فيهما جميعاً نظر والرواية ثابتة من غير هذا الوجه).
وقال ابن عبد البر في التمهيد (22/ 209) بعد أن ذكر رواية ابن أبي الزناد: (وهذا عندي والله أعلم خطأ والقول قول مالك وكذلك رواه الناس عن هشام كما رواه مالك، ورواية هشام أوْلى من رواية ابن أبي الزناد عندهم، وابن أبي الزناد
(1)
ضعيف لا يحتج به ربما خولف فيه أو انفرد به ولو انفرد بروايته هذه لكان الحديث مرسلاً
(2)
، لأن عروة لم يدرك عبد الله بن أبي أمية أخا أم سلمة لأنه استشهد يوم الطائف، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهد ورمي بسهم يومئذ فمات منه بعد ذلك).
وقال الحافظ في الإصابة (2/ 277 رقم 4543) بعد أن ذكر رواية ابن أبي الزناد: (وفيه وهم لأن موسى بن عقبة وابن إسحاق وغيرهما ذكروا أن عبد الله بن أبي أمية استشهد في الطائف فكيف يقول عروة إنه أخبره؟! وعروة إنما ولد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة، فلعله كان فيه عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية فنسب في الرواية إلى جده، أو يكون الذي روى عنه عروة أخ آخر لأم سلمة اسمه عبد الله أيضاً وقد مشى الخطيب على ذلك في المتفق).
وقال في ترجمة ابنه عبد الله بن عبد الله (4785) بعد أن ذكر رواية
(1)
عبد الرحمن بن أبي الزناد المدني مولى قريش صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيهاً، من السابعة، ولي خراج المدينة فحُمد، مات سنة 94 وله 74 سنة، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
(2)
لأنه في رواية ابن أبي الزناد رواه عن عروة عن عبد الله بن أبي أمية، وعروة لم يدركه إنما أدرك ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية.
محمد بن إسحاق: (وقد اختلف فيه على هشام ففي الصحيح عنه عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة ورجح هذه أبو حاتم وأبو زرعة، وأن رواية ابن إسحاق وهم).
وقال في تعجيل المنفعة (1/ 746): (على أن حديث عروة المذكور في المسند اختلف عليه، هشام ولده وأبو الزناد في شيخه فيه، فالذي في الصحيح من عدة من أصحاب هشام بن عروة عن أبيه عروة عن عمر بن أبي سلمة وهو المرجح عند الأكثرين.
لكن وقع الجمع بين الصحابيين عند البغوي في الصحابة من طريق ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة، عن عبد الله بن أبي أمية. وعن أبيه عن عروة عن عمر بن أبي سلمة، والله أعلم).
الحديث الحادي عشر
(1)
:
305 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 236): حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: ذكر الزهري عن أويس بن مالك بن أبي عامر عديد بني تيم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«هذا رمضان قد جاء تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتسلسل فيه الشياطين» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم رجال الصحيح غير أويس بن مالك روى له النسائي ووثقه ابن حبان، ورواه النسائي في المجتبى (4/ 128) وفي السنن الكبرى (2412) من طريق ابن إسحاق وقال:(أويس بن أبي أويس عديد بني تيم).
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن الزهري، عن أويس بن مالك، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه عقيل بن خالد
(2)
، ويونس بن يزيد
(3)
،
(1)
رجال الإسناد:
يعقوب بن إبراهيم بن سعد: تقدم.
إبراهيم بن سعد: تقدم.
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب: تقدم.
أويس بن أبي أويس (عديد بني تيم) عن أنس، لعله ابن مالك عم مالك بن أنس الفقيه، وثقه ابن حبان، من الثالثة، روى له النسائي.
(2)
البخاري (1899) و (3277).
(3)
مسلم (2/ 758 ح 1079) وابن حبان (3434) وجاء عند ابن حبان أنس بن أبي أنس، والصحيح نافع بن أبي أنس.
وصالح بن كيسان
(1)
، ومعمر
(2)
، وشعيب بن أبي حمزة
(3)
، وابن جريج
(4)
، والموقري
(5)
، وعثمان بن عمر
(6)
، وسفيان بن عيينة
(7)
، والوليد بن محمد
(8)
وإبراهيم بن أبي علبة
(9)
، وعبد الله بن أبي زياد الرصافي
(10)
.
فقالوا: (عن الزهري، عن ابن أبي أنس، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وابن أبي أنس اسمه نافع كما جاء في رواية صالح بن كيسان، وهم محمد بن إسحاق في هذا الإسناد في موضعين:
قال: أويس بن مالك، وإنما هو نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو سهيل التيمي المدني عم مالك بن أنس.
وجعله من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من حديث أبي هريرة، لذا قال النسائي رحمه الله: هذا الحديث خطأ
(11)
.
(1)
مسلم (1079) وسماه نافعاً.
(2)
عبد الرزاق (7384) وأبو عوانة (2689) وأحمد (2/ 281).
(3)
النسائي (3/ 127) وفي الكبرى (2413).
(4)
أبو عوانة (2690).
(5)
ذكره الدارقطني في العلل (10/ 76).
(6)
ذكره الدارقطني في العلل (10/ 81).
(7)
ذكره الدارقطني في العلل (10/ 83).
(8)
ذكره الدارقطني في العلل (10/ 80).
(9)
الطبراني في مسند الشاميين (82) محمد بن إسحاق.
(10)
يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 210).
(11)
وأشار إليه ابن حجر في فتح الباري (4/ 113).
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 240): سألت أبي عن حديث رواه محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن أويس بن مالك بن أبي عامر عديد بني تيم، عن أنس بن مالك فساقه.
قال أبي: هذا خطأ، إنما هو عن الزهري، عن ابن أبي أنس، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: فإنه روى ابن إسحاق على أثر هذا الحديث عن الزهري قال: حدثني ابن أبي أنس أنه سمع أبا هريرة يحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
قال أبي: وهذا أيضاً خطأ، إنما هو ابن أبي أنس، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الدارقطني في العلل (10/ 82): قال النيسابوري: أصحاب الحديث يقولون: ابن إسحاق لم يسمع هذا الحديث من الزهري.
فائدة:
هكذا قال الزهري في هذا الحديث: ابن أبي أنس عن أبيه، وابن أنس هذا أبو سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي عم مالك بن أنس
(1)
.
قال الطبراني في مسند الشاميين (1/ 68): هكذا قال الزهري وهم في اسمه واسم أبيه وإنما هو أبو إسماعيل
(2)
ابن مالك بن أبي عامر الأصبحي عم مالك بن أنس واسمه نافع.
(1)
التهذيب.
(2)
ذكر غير واحد أنه أبو سهيل.
وقال أبو أحمد الحاكم: (قال أبو سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي حليف بني تيم من قريش أخو الربيع بن مالك بن أبي عامر عم مالك بن أنس
…
روى عنه ابن شهاب الزهري إلا أنه غلط في اسمه ونسبه أو نسيه) اه.
وكذا ذكر أن اسمه هو نافع بن مالك بن أبي عامر وكنيته أبو سهيل، أحمد بن حنبل
(1)
وأبو نصر البخاري وغيرهم.
وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث (1/ 177) بعد أن أورد حديث عقيل عن الزهري الذي أخرجه البخاري في صحيحه قال: ابن أبي أنس هذا نافع بن أبي أنس، وأبوه ابن أنس مالك بن أبي عامر الخولاني الأصبحي جد مالك بن أنس الإمام، ونافع هو أبو سهيل بن مالك عم مالك بن أنس.
وذكر الخطيب في الموضح (2/ 498) بسنده عن الإمام مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح قوله: (أبو سهيل نافع بن مالك عم مالك بن أنس سمع أباه وابن المسيب، روى عنه مالك بن أنس وهو ابن أبي أنس مولى التيميين الذي روى عنه ابن شهاب الزهري).
قلت: لم يغلط الزهري في اسمه كما زعم الطبراني وأبو أحمد الحاكم ولعله نسبه فقال: ابن أبي أنس، روى عنه صالح بن كيسان أن اسمه نافع بن أبي أنس ومالك عن أبي عامر الأصبحي يكنى أبا أنس
(2)
.
(1)
انظر تاريخ دمشق (61/ 421).
(2)
انظر ترجمته في التهذيب، وقد روى عنه ابنه أنس.
الحديث الثاني عشر
(1)
:
306 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 269): حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
أتت سهلة بنت سهيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا نبي الله، إن سالماً كان منا حيث قد علمت إنا كنا نعده ولداً فكان يدخل عليّ كيف شاء لا نحتشم منه فلما أنزل الله فيه وفي أشباهه ما أنزل أنكرت وجه أبي حذيفة إذا رآه يدخل عليَّ.
قال: «فأرضعيه عشر رضعات ثم ليدخل عليك كيف شاء فإنما هو ابنك» .
فكانت عائشة تراه عاماً للمسلمين، وكان مَنْ سواها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يرى أنها خاصة لسالم مولى أبي حذيفة الذي ذكرت سهلة من شأنه رخصة له.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق فقد روى له مسلم متابعة واستشهد به البخاري في الصحيح.
هكذا رواه محمد بن إسحاق عن الزهري، عن عروة، عن عائشة فقال فيه (عشر رضعات).
(1)
رجال الإسناد:
انظر الحديث السابق.
خالفه أصحاب الزهري فرووه عنه بهذا الإسناد قالوا (خمس رضعات) منهم:
مالك
(1)
، ويونس
(2)
، وابن جريج
(3)
، وابن أخي الزهري
(4)
، وصالح بن أبي الأخضر
(5)
، وعقيل بن خالد
(6)
، وشعيب بن أبي حمزة
(7)
، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر
(8)
، وجعفر بن ربيعة
(9)
.
وكذلك رواه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن الزهري أن سهلة بنت سهيل (فذكر خمس رضعات)
(10)
.
قال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 266): قال الشافعي وهو مذهبها أي عائشة وبه كانت تفتي وتعمل فيمن أرادت أن يدخل عليها،
(1)
الموطأ (2/ 605 - 606) والشافعي (2/ 22 ترتيب المسند) وعبد الرزاق (13886) وأحمد (6/ 255) وابن حبان (4215).
(2)
أبو داود (2061) والحازمي في الاعتبار (ص 443).
(3)
عبد الرزاق (13887) وأحمد (6/ 201) وإسحاق (706).
(4)
أحمد (6/ 271) وابن الجارود (690) وأبو عوانة (4431).
(5)
إسحاق (705).
(6)
البيهقي (7/ 460) وهو عند البخاري في صحيحه مختصراً (4000) دون ذكر عدد الرضعات.
(7)
البيهقي (7/ 460) والطبراني في مسند الشاميين (3079) وهو عند البخاري (5088) مختصراً إلى قوله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ
…
(5)}.
(8)
الحاكم (2/ 164) والطبراني في الكبير 24/ (741) عن الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة.
قال الحافظ في الفتح (9/ 134): (قال الذهلي في الزهريات هذه الروايات كلها عندنا محفوظة إلا رواية ابن مسافر فإنها غير محفوظة، أي ذكر عمرة في الإسناد).
(9)
النسائي في الكبرى (5449).
(10)
الطبقات الكبرى (8/ 271).
قال: وقد روي عنها عشر وسبع ولا يصح، ورد حديث نافع
(1)
فإن أصحاب عائشة وهم: عروة والقاسم وعمرة يروون عنها خمس رضعات لا يقولون عشر رضعات.
وقد روى ابن عبد البر في التمهيد (8/ 252) بسنده عن يحيى بن سعيد الأنصاري مثل رواية محمد بن إسحاق فلا أدري الوهم منه أو ممن دونه.
قال ابن عبد البر: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال قال: حدثنا أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال قال يحيى: أخبرني ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير وابن عبد الله بن ربيعة عن عائشة وأم سلمة زوجَيْ النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا حذيفة بن عتبة بن عبد شمس تبنى سالماً وهو مولى لامرأة من الأنصار .. الحديث، وفيه (فماذا ترى يا رسول الله؟ فقال لها فيما بلغنا: «أرضعيه عشر رضعات
…
»)
(2)
.
(1)
روى مالك عن نافع أن سالم بن عبد الله أخبره أن عائشة أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر فقالت: أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل عليّ، قال سالم: فأرضعتني أم كلثوم ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعني غير ثلاث مرات فلم أكن أدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تُتِم لي عشر رضعات.
(التمهيد 8/ 264) ورواه البيهقي (7/ 457) من طريق الشافعي عن مالك به، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (17030) من طريق أيوب عن نافع به.
(2)
وقال ابن عبد البر (8/ 264): وقال يحيى بن سعيد فيه عن ابن شهاب عشر رضعات، والصواب قال مالك ويونس بن يزيد خمس رضعات.
قلت: روى سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ويحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: (لم يكن يدخل على عائشة إلا مَنْ أُرضع عشر رضعات)(كتاب الفوائد الغيلانيات ح 567).
علة الوهم:
ورود العشر رضعات أنها هي التي تحرم.
روى مسلم في صحيحه (1452) من طريق مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما نقرأ من القرآن.
وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها أرسلت سالم بن عبد الله إلى أختها أم كلثوم ابنة أبي بكر لترضعه عشر رضعات ليدخل عليها
(1)
، وكذلك أرسلت حفصة رضي الله عنها بغلام نفيس لبعض موالي ابن عمر إلى أختها فاطمة بنت عمر لترضعه عشر مرات
(2)
.
(1)
مصنف عبد الرزاق (13928) وابن أبي شيبة (17031) وموطأ مالك (2/ 603).
(2)
مصنف عبد الرزاق (13929)، الموطأ (2/ 603).
الحديث الثالث عشر
(1)
:
307 -
قال الإمام أحمد (6/ 332): حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن نُدبة، قالت:
أرسلتني ميمونة بنت الحارث إلى امرأة عبد الله بن عباس وكانت بينهما قرابة، فرأيت فراشها معتزلاً فراشه فظننت أن ذلك لهجران فسألتها فقالت: لا، ولكني حائض فإذا حضت لم يقرب فراشي، فأتيت ميمونة فذكرت ذلك لها فردتني إلى ابن عباس فقالت: أرغبة عن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام مع المرأة من نسائه الحائض وما بينهما إلا ثوب ما يجاوز الركنين.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير ندبة مولاة أم المؤمنين ميمونة، وقد سبق الكلام عليه في باب مَعْمَر رحمه الله.
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن الزهري، عن عروة، عن ندبة، عن ميمونة).
(1)
رجال الإسناد:
يزيد بن هارون: تقدم.
عروة بن الزبير: تقدم.
ندبة: مولاة ميمونة، مقبولة، من الثالثة، ويقال إن لها صحبة، روى لها أبو داود والنسائي.
خالفه الليث بن سعد
(1)
، ويونس بن يزيد
(2)
، وشعيب بن أبي حمزة
(3)
، وصالح بن كيسان
(4)
، وخالد بن عبد الرحمن بن إسحاق
(5)
، وابن سمعان
(6)
، وعباد بن إسحاق
(7)
فقالوا: (عن الزهري، عن حبيب مولى عروة
(8)
، عن ندبة، عن ميمونة).
وهم محمد بن إسحاق فقال: (عروة) والصحيح (حبيب مولى عروة).
(1)
أبو داود (267) والنسائي (1/ 151، 189) وفي الكبرى (280) وأحمد (6/ 332) وأبو يعلى (7104) والدارمي (1057) وابن أبي شيبة (4/ 256) وابن حبان (1365) والطحاوي (3/ 36) ويعقوب بن سفيان (1/ 421) والطبراني في الكبير (24/ 181) والبيهقي (1/ 313).
(2)
النسائي (1/ 251) وفي الكبرى (280) والطحاوي (3/ 36) والطبراني (24/ 20).
(3)
البيهقي (1/ 313).
(4)
الطبراني (24/ 21).
(5)
الطبراني (24/ 19).
(6)
ذكره الدارقطني في العلل (15/ 270).
(7)
المصدر السابق.
(8)
حبيب الأعور المدني مولى عروة بن الزبير مقبول من الثالثة، مات في حدود سنة 130.
الحديث الرابع عشر
(1)
:
308 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 334): حدثنا ابن إدريس، ثنا ابن إسحاق عن الزهري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال:
لما لاعن عويمر أخو بني العجلان امرأته قال: يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها هي الطلاق وهي الطلاق وهي الطلاق.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الطبراني في الكبير (5688) من طريق جعفر بن الحارث مطولاً، وفي (5689) مختصراً بنحو رواية أحمد ولفظه (يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها فهي طالق ألبتة).
هكذا قال محمد بن إسحاق عن الزهري، عن سهل بن سعد (إن أمسكتها فهي الطلاق، فهي الطلاق، فهي الطلاق).
خالفه أصحاب الزهري فرووه عنه بهذا الإسناد فقالوا: (فطلقها ثلاثاً) منهم: مالك، وابن جريج، وفليح بن سليمان، وحديثهم في الصحيح، ورواه غيرهم فقالوا:(فطلقها) ولم يقل أحد منهم ما قاله
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الثامنة، مات سنة 192 وله بضع وسبعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: محمد بن مسلم، تقدم وانظره في بابه.
سهل بن سعد: صحابي، وأبوه صحابي تقدم في باب سفيان.
محمد بن إسحاق وقد تقدم هذا مطولاً من طريق سفيان بن عيينة. انظر ح (88).
(1)
.
(1)
فتح الباري (9/ 451).
الحديث الخامس عشر
(1)
:
309 -
قال أبو داود رحمه الله (292): حدثنا هناد بن السري عن عبدة عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها:
أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها بالغسل لكل صلاة، وساق الحديث.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الدارمي (777) و (785) من طريق يزيد بن هارون وأحمد بن خالد، ورواه أحمد (6/ 431) من طريق محمد بن سلمة، ومن طريقه ابن حزم في المحلى (2/ 212) ورواه البيهقي (1/ 350) وابن حزم (2/ 212) من طريق عبدة بن سليمان كلهم عن ابن إسحاق به.
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن الزهري، عن عروة عن عائشة أن أم حبيبة استحاضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل لكل صلاة).
خالفه ابن أبي ذئب
(2)
، والليث بن سعد
(3)
، وعمرو بن
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري: تقدم.
عبدة بن سليمان الكلابي: تقدم.
(2)
البخاري (327) وأبو داود (291).
(3)
مسلم (334)(63).
الحارث
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، والأوزاعي
(3)
، والنعمان بن المنذر
(4)
، وحفص بن غيلان
(5)
، وإبراهيم بن سعد
(6)
، ومعمر
(7)
، وصالح بن أبي الأخضر
(8)
، وعثمان التيمي
(9)
هؤلاء كلهم رووه عن الزهري، عن عروة (وقرن بعضهم عمرة) عن عائشة هذا الحديث فلم يذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل عند كل صلاة، بل إن ذلك من فعلها هي لا من أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فلفظ البخاري (إن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمرها أن تغتسل فقال:«هذا عرق» فكانت تغتسل لكل صلاة).
بل ذكر ذلك صريحاً الليث بن سعد كما عند مسلم وغيره فقال الليث: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي.
وقال سفيان بن عيينة: (تقول يعني عائشة: لم يأمرها أن تغتسل لكل صلاة)
(10)
.
(1)
مسلم (334)(64).
(2)
مسلم (334)(64) وأبو عوانة (936) والنسائي (1/ 121) وفي الكبرى (215) وإسحاق (567).
(3)
أبو داود (285) والنسائي (1/ 117، 118) وفي الكبرى (212) وأحمد (6/ 83) وابن ماجه (626) والدارمي (780) وأبو عوانة (931) و (932) وغيرهم.
(4)
النسائي (1/ 118) وفي الكبرى (212) وأبو عوانة (932).
(5)
النسائي (1/ 118) وفي الكبرى (212) وأبو عوانة (932).
(6)
مسلم (334)(64).
(7)
إسحاق بن راهويه في مسنده (569).
(8)
إسحاق (568).
(9)
الحاكم (4/ 62 رقم 690).
(10)
أبو عوانة (936).
وقال الأوزاعي: قالت عائشة: فكانت تغتسل لكل صلاة ثم تصلي
(1)
.
وقال إبراهيم بن سعد: قالت عائشة: فكانت أم حبيبة تغتسل لكل صلاة وتصلي
(2)
.
قال الحافظ: أما ما وقع عند أبي داود من رواية سليمان بن كثير وابن إسحاق عن الزهري في هذا الحديث فأمرها بالغسل لكل صلاة فقد طعن الحفاظ في هذه الزيادة لأن الأثبات من أصحاب الزهري لم يذكروها، وقد صرّح الليث كما تقدم عند مسلم بأن الزهري لم يذكرها
(3)
.
وقال ابن الملقن: «غسلها لكل صلاة لم يكن بأمره صلى الله عليه وسلم كما قاله الزهري وغيره، وإنما هو شيء فعلته والواجب عليها الغسل مرة واحدة عند انقطاع حيضها، فقولها إذاً: فكانت تغتسل لكل صلاة ليس مرفوعاً. وروى ابن إسحاق عن الزهري فأمرها أن تغتسل لكل صلاة، ولم يتابعه عليه أصحاب الزهري، نعم في أبي داود والبيهقي من طرق أنه أمرها بذلك لكنها ضعيفة)
(4)
.
(5)
.
(1)
فتح الباري (1/ 427).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
مختصر الأحكام للطوسي (111).
(4)
التوضيح بشرح الجامع الصحيح (5/ 135).
(5)
السنن الكبرى (1/ 350).
واستدل البيهقي رحمه الله على وهم محمد بن إسحاق في هذا الحديث بما روي عن عائشة وعروة بخلاف ما جاء في حديثهما الذي رواه ابن إسحاق من طريقهما ثم ساق بسنده من طريق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عروة أنه قال: ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلاً واحداً ثم تتوضأ بعد ذلك للصلاة.
ثم ساق من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة أنها لم تكن ترى على المستحاضة إلا غسلاً وعضدها برواية قمير امرأة مسروق عن عائشة بمثل ذلك.
علة الوهم:
1 ورد ذكر الغسل لكل صلاة في الحديث من فعل أم حبيبة فوهم ابن إسحاق فجعله من أمر النبي صلى الله عليه وسلم لها، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرها أن تغتسل مرة واحدة عند انقطاع حيضها، والله تعالى أعلم.
2 ضعف ابن إسحاق في الزهري.
وقد اختلف عليه في هذا الحديث فرواه أحمد من طريق يزيد بن هارون عن ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة أن زينب بنت جحش، فجعل المستحاضة هي زينب بنت جحش والصحيح أنها أختها أم حبيبة.
الحديث السادس عشر
(1)
:
310 -
قال الطبراني في المعجم الكبير (8/ 85 ح رقم 7742): حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قالا: ثنا أحمد بن خالد الوهبي ثنا محمد بن إسحاق (ح).
وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة أبو عبد الله الشامي الجبلي الحوطي، روى عنه النسائي في عمل اليوم والليلة، وقال الدارقطني: لا بأس به، وقال السمعاني: من مشاهير المحدثين، ونعته الذهبي فقال: المحدث العالم من كبار شيوخ الطبراني، وقال ابن حجر: صدوق، مات سنة 281.
عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان أبو زرعة الدمشقي، ثقة حافظ مصنف من الحادية عشرة، مات سنة 281، روى له أبو داود.
أحمد بن خالد بن موسى الوهبي الكندي، صدوق من التاسعة، روى له أصحاب السنن والبخاري في جزء القراءة.
حسين بن إسحاق بن إبراهيم التستري، قال الخلال: شيخ جليل، وقال الذهبي: كان ثقة من الحفاظ الرحالة أكثر عن الطبراني، توفي سنة 293 وقيل 289 وقيل 299.
عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان، أبو الحسن ابن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ اشتهر وله أوهام
…
، من العاشرة، مات سنة 139، روى له البخاري ومسلم.
جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي نزيل الري وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب قيل كان آخر عمره يهم في حفظه، مات سنة 188 وله 71 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: تقدم.
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، ثقة فقيه ثبت، من الثالثة، مات سنة 94 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.
جرير عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة قال:
أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحش وهو بودان فردها عليّ، فلما رأى ما بوجهي قال:«إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
هكذا قال محمد بن إسحاق عن الزهري في هذا الحديث (رجل حمار وحش).
خالفه جل أصحاب الزهري فقالوا (حمار وحش) منهم:
مالك بن أنس، والليث بن سعد، ومعمر، وصالح بن كيسان، ويونس بن يزيد، وابن جريج، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومحمد بن عبد الله بن أخي الزهري، وابن أبي ذئب، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وإسحاق بن راشد، وعبيد الله بن عمر العمري.
وقد سبق في باب سفيان بن عيينة ح (90) فانظره لزاماً.
قال الحافظ: وأخرجه الطبراني من طريق ابن إسحاق عن الزهري فقال: رجل حمار وحش، وابن إسحاق حسن الحديث إلا أنه لا يحتج به إذا خولف ويدل على وهم مَنْ قال فيه عن الزهري ذلك ابن جريج قال: قلت للزهري: الحمار عقير؟ قال: لا أدري.
الحديث السابع عشر
(1)
:
311 -
قال الطبراني في المعجم الكبير (7/ 112 ح 6527): حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا علي بن المديني، ثنا وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عمر بن عبد العزيز، عن الربيع بن سبرة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نهى عن المتعة يوم الفتح.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وهنا رواية الشيخ معاذ بن معاذ عن تلميذه ابن المديني.
(1)
رجال الإسناد:
معاذ بن معاذ بن نصر بن غسان العنبري، أبو المثنى البصري القاضي، ثقة متقن من كبار التاسعة، مات سنة 190، روى له البخاري ومسلم.
علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي أبو الحسن بن المديني البصري، ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله، من العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري.
وهب بن جرير بن حازم بن زيد الأزدي البصري، ثقة من التاسعة، مات سنة 206، روى له البخاري ومسلم.
جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، أبو النضر البصري، والد وهب، ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدّث من حفظه، من السادسة، مات سنة 170، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: محمد بن مسلم. انظره في بابه.
عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي، أمير المؤمنين، قعد مع الخلفاء الراشدين، من الرابعة، مات سنة 101 وله أربعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
الربيع بن سبرة بن معبد الجهني المدني، ثقة من الثالثة، روى له مسلم.
هكذا قال محمد بن إسحاق عن الزهري، عن عمر بن عبد العزيز، عن الربيع بن سبرة، عن أبيه.
خالفه معمر
(1)
، وابن عيينة
(2)
، وصالح بن كيسان
(3)
، ويونس بن يزيد
(4)
، وبحر السقاء
(5)
، وإسماعيل بن أمية
(6)
فقالوا (عن الزهري، عن الربيع بن سبرة عن أبيه).
وهم محمد بن إسحاق فزاد عمر بن عبد العزيز بين الزهري والربيع بن سبرة.
وسيأتي الحديث في باب إسماعيل بن أمية ح (548) فانظره، وقد ذكر أن ذلك في حجة الوداع.
علة الوهم:
كان الزهري يقول في هذا الحديث: كنا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء فقال له رجل يقال له ربيع بن سبرة: أتشهد على أبي أنه حدّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها.
فمن هنا دخل الوهم على ابن إسحاق فظن أن الزهري يحدث بهذا الحديث عن عمر بن عبد العزيز وإنما هو يحدث به عن الربيع وكان حدث به في مجلس عمر، والله تعالى أعلم.
(1)
مسلم (1406).
(2)
مسلم (1406).
(3)
مسلم (1406).
(4)
مسلم (1406).
(5)
الطبراني في الكبير (6533).
(6)
أبو داود (2072).
الحديث الثامن عشر
(1)
:
312 -
قال أبو داود رحمه الله (1088): حدثنا النفيلي، حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال:
كان يؤذن بين يدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد وأبي بكر وعمر، ثم ساق نحو حديث يونس.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (6642) من طريق أحمد بن خالد الوهبي.
وأخرجه أحمد (3/ 449) من طريق إبراهيم بن سعد، وعبد الله بن إدريس، وأبي شهاب، وابن ماجه (1135) من طريق جرير بن عبد الحميد، وأبي خالد الأحمر، وابن خزيمة (1837)، والطبراني في الكبير (6643)(6644) من طريق حماد بن سلمة وسفيان الثوري، وأبو داود (1089) من طريق عبدة بن سليمان كلهم عن محمد بن إسحاق به إلا أنهم لم يقولوا (على باب المسجد).
هكذا قال محمد بن إسحاق عن الزهري، عن السائب بن يزيد
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، أبو جعفر النفيلي الحراني، ثقة حافظ، من كبار العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري.
محمد بن سلمة: تقدم.
أنه كان يؤذن بين يدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد.
خالفه جمع من أصحاب الزهري فرووه بهذا الإسناد ولم يقولوا على باب المسجد، منهم:
ابن أبي ذئب
(1)
، ويونس بن يزيد
(2)
، وعقيل بن خالد
(3)
، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون
(4)
، وصالح بن كيسان
(5)
، وسليمان التيمي
(6)
، وقرة بن خالد
(7)
.
تفرد محمد بن إسحاق بذكر أن الأذان الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة أنه على باب المسجد.
وقد أنكر بعض أهل العلم تفرد ابن إسحاق بهذا.
قال الألباني: «منكر بزيادة (على باب المسجد)، ففي ثبوتها عندي وقفة وبخاصة أنه قد تابعه سبعة من الثقات على أصل الحديث لم يذكر أحد منهم هذه الزيادة على باب المسجد كما حققه العلامة العظيم آبادي
(8)
في عون المعبود».
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: سنده جيد إلا أن ابن إسحاق
(1)
البخاري (912).
(2)
البخاري (916) وأبو داود (1087) والنسائي (3/ 100).
(3)
البخاري (915).
(4)
البخاري (913).
(5)
أبو داود (1090).
(6)
النسائي (3/ 101) وفي الكبرى (1701) والطبراني (6646).
(7)
الطبراني (6651).
(8)
ضعيف سنن أبي داود (10/ 4).
مدلس وقد رواه هاهنا بالعنعنة، ولم يتابع على قوله (على باب المسجد) فيكون في صحة هذه الزيادة نظر، وقد رواه أحمد في المسند عنه عن الزهري وصرّح بالسماع ولكنه لم يذكر هذه الزيادة كما ذكر ذلك وأجاد البحث فيه صاحب عون المعبود
(1)
.
وقال محمد شمس الحق آبادي: «ويدور إسناد حديث السائب ابن يزيد على ابن شهاب الزهري، وروى عن الزهري سبعة أنفس ابن أبي ذئب
…
لكن هؤلاء السبعة غير محمد بن إسحاق ما ذكروا في روايته موضع الأذان
…
»
(2)
.
الدلالة الفقهية:
استدل بعض أهل العلم بهذا الحديث أن الأذان يوم الجمة الذي يسبق الخطبة وبعد طلوع الخطيب المنبر يكون على باب المسجد.
قال ابن عبد البر: وفي حديث ابن إسحاق هذا ما يدل على أن الأذان كان بين يدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان الأول، والثاني عند باب المسجد، والثالث أحدثه عثمان على الزوراء، والله أعلم لأن الاضطراب في ذلك كثير عن ابن شهاب
(3)
.
وقال العيني: في رواية أبي داود كان يؤذن بين يدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب المسجد وأبي بكر وعمر، وكذا في رواية الطبراني
(4)
.
(1)
حاشية فتح الباري (2/ 394).
(2)
عون المعبود (3/ 436).
(3)
التمهيد (10/ 250).
(4)
عمدة القاري (6/ 210).
وقال صاحب عون المعبود: فهذا ابن عبد البر قد قيّد الأذان الذي يكون بين يدَيْ الإمام أن يكون عند باب المسجد، وهذا هو الصحيح، ولم يثبت حرف واحد في الأذان مستقبل الإمام محاذياً به عند المنبر كما هو متعارف الآن
(1)
.
الخلاصة:
حديث السائب بن يزيد حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه، ويدور إسناده على ابن شهاب الزهري ورواه عن الزهري ثمانية أنفس، ولفظه (كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء) هذا لفظ ابن أبي ذئب عند البخاري وبنحوه حدث الباقون.
وزاد محمد بن إسحاق كما في حديث الباب مكان هذا الأذان وأنه على باب المسجد.
وزاد في رواية أخرى وقت هذا الأذان وأنه كان بعد الزوال عند خروجه من داره إلى المسجد فقال: (فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على دار في السوق يقال لها الزوراء فإذا خرج أذّن وإذا نزل أقام)
(2)
.
وفي رواية (فلما كان عثمان فشا الناس وكثروا فأمر مؤذناً فأذّن بالزوراء قبل خروجه يعلم الناس أن الجمعة قد حضرت)
(3)
.
(1)
عون المعبود (3/ 437).
(2)
ابن ماجه (1135) وابن خزيمة (1837).
(3)
ابن ماجه (1135) وابن خزيمة (1837).
وقد أطلت البحث فيها في كتابي (نفي البدعة عن الصلاة بين الأذانين يوم الجمعة) والذي اشتمل على ثلاث مباحث منها (وقت الأذان الأول يوم الجمعة) وهل هو بعد الزوال كما هو الحال في الحرمين مكة والمدينة، أو قبل الزوال بساعة أو نحوها كما يعمل به في نجد والحجاز وغيرها.
وانتهيت منه إلى أن الأذان الذي أحدثه عثمان إنما كان هو وقت الزوال وذكرت فيه كثيراً من النقول أقتصر منها هنا على ما ذكره ابن المنذر في الأوسط (4/ 56) قال: أمر عثمان لما كثر الناس بالنداء الثالث في العدد وهو الأول الذي بدأ به بعد زوال الشمس بين المهاجرين والأنصار فلم ينكره أحد منهم علمناه ثم مضت الأمة عليه إلى زماننا هذا) والله تعالى أعلم.
الحديث التاسع عشر
(1)
:
313 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 323): حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالاً وساق معه الهدي سبعين بدنة وكان الناس سبعمائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة
…
الحديث.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه ابن خزيمة (2906) والطبري في تفسيره (26/ 101) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 456) والبيهقي (5/ 235) من طرق عن محمد بن إسحاق به.
وقد وهم فيه ابن إسحاق في موضعين:
الأول: قوله أن الذي خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية سبعمائة رجل، وخالفه سفيان بن عيينة
(2)
، ومعمر
(3)
فروياه عن الزهري بهذا الإسناد فقالا (بضع عشرة مائة).
(1)
رجال الإسناد:
تقدم.
(2)
البخاري (4157)(4178).
(3)
البخاري (1694)(1695).
وقد جاء تفسير هذا العدد وأنه نحو ألف وأربعمائة في أحاديث أخرى.
فقد جاء في رواية سالم بن أبي الجعد عن جابر أن أصحاب الحديبية كانوا ألفاً وخمسمائة
(1)
.
ورواه سعيد بن المسيب عن جابر قال: ألف وخمسمائة
(2)
.
وروى سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر قال: ألف وأربعمائة
(3)
.
وروى الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر مثله
(4)
.
وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان أصحاب الشجرة ألفاً وثلاثمائة
(5)
.
وروى معقل بن يسار أن أصحاب الشجرة كانوا ألفاً وأربعمائة
(6)
، لذا حكم الطحاوي والبيهقي وابن كثير وابن القيم على ابن إسحاق بالوهم.
قال الطحاوي: «لم نجد أحداً ممن روى هذا الحديث عن الزهري تابع محمد بن إسحاق على ما رواه عليه من عدد الناس الذين كانوا حينئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم كانوا سبعمائة، فممن خالفه
(1)
البخاري (3576) و (4152) ومسلم (1856).
(2)
البخاري (4153).
(3)
البخاري (4154)(4840) ومسلم (1856).
(4)
مسلم (1856).
(5)
البخاري (4155) ومسلم (1857).
(6)
مسلم (1858).
في ذلك وذكر أنهم بضع عشرة مئة: معمر بن راشد وسفيان بن عيينة»
(1)
.
قال البيهقي: «كذا رواه ابن إسحاق» ثم أخرجه من طريق ابن عيينة بأنهم بضع عشرة مائة ثم قال: «وكذلك رواه معمر بن راشد عن الزهري وأخرجه البخاري في الصحيح من حديث معمر وسفيان عن الزهري، والروايات الثابتة متفقة على أنهم كانوا أكثر من ألف رجل على الحديبية»
(2)
.
وقال ابن القيم: وغلط غلطاً بيِّناً مَنْ قال: كانوا سبعمائة، وعذره أنهم نحروا يومئذ سبعين بدنة والبدنة قد جاء أجزاؤها عن سبعة وعن عشرة، وهذا لا يدل على ما قال هذا القائل، فإنه قد صرّح بأن البدنة كانت في هذه العمرة عن سبعة
(3)
، فلو كانت السبعون عن جميعهم لكانوا أربعمائة وتسعين رجلاً، وقد قال في تمام الحديث بعينه أنهم كانوا ألفاً وأربعمائة
(4)
.
وقال ابن كثير: كذا قال ابن إسحاق، وهو معدود من أوهامه، فإن المحفوظ في الصحيحين أنهم كانوا بضع عشرة ومائة
(5)
.
وقال في تاريخه بعد أن ساق الروايات المخالفة لابن إسحاق: هذه الروايات كلها مخالفة لما ذهب إليه ابن إسحاق من أن
(1)
شرح مشكل الآثار (3/ 457).
(2)
السنن الكبرى (5/ 235).
(3)
صرّح في حديثه بأن البدنة عن عشرة.
(4)
زاد المعاد (3/ 288).
(5)
تفسير ابن كثير (4/ 187).
أصحاب الحديبية كانوا سبعمائة وهو والله أعلم قال ذلك تفقهاً من تلقاء نفسه من حيث أن البدن كنّ سبعين بدنة وكل منها عن عشرة على اختياره فيكون المهلون سبعمائة، ولا يلزم أن يهدي كلهم ولا أن يحرم كلهم أيضاً
(1)
.
الثاني: قوله أنهم اشتركوا في النحر فكانت البدنة عن عشرة.
والصحيح كما في رواية جابر رضي الله عنهما أن البدنة كانت عن سبعة، فروى عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر قال: كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها
(2)
.
وروى مالك عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة
(3)
.
ورواه زهير عن أبي الزبير عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلِّين بالحج فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منها في بدنة
(4)
.
وروى يحيى بن سعيد عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله قال: «اشتركنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج والعمرة كل سبعة في بدنة.
(1)
البداية والنهاية (6/ 224) ط التركي.
(2)
مسلم (1318)(355).
(3)
مسلم (1318)(350).
(4)
مسلم (1318)(351).
فقال رجل لجابر: أيشترك في البدنة ما يشترك في الجزور؟ قال: ما هي إلا من البدن.
وحضر جابر الحديبية قال: نحرنا يومئذ سبعين بدنة، اشتركنا كل سبعة في بدنة»
(1)
.
وروى أبو سفيان عن جابر قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية سبعين بدنة كل بدنة عن سبعة
(2)
.
وقد جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنه ما يوافق رواية محمد بن إسحاق في كون البقرة تجزاء عن عشرة إلا أن في إسناده كلاماً.
وهو ما رواه الحسين بن واقد عن علباء بن أحمد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضر النحر فاشتركنا في البقرة سبعة وفي الجزور عشرة
(3)
.
إلا أن في إسناده الحسين بن واقد قال الأثرم: ذكر أبو عبد الله حسين بن واقد فقال: وأحاديث حسين ما أدري أي شيء هي ونفض يده، قال العقيلي: أنكر أحمد بن حنبل حديثه، وقال الساجي: فيه نظر، وقال ابن حبان: ربما أخطأ في الروايات.
(1)
مسلم (1318)(353).
(2)
أحمد (3/ 306).
(3)
الترمذي (905) والنسائي (7/ 222) وابن ماجه (3130) وأحمد (1/ 275) وابن خزيمة (2908) والبيهقي (5/ 235 - 236) والطبراني في الأوسط (8132).
قال الترمذي: حديث ابن عباس إنما نعرفه من وجه واحد.
وقال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن علباء بن أحمد إلا الحسين بن واقد.
وذكره الدارقطني في أطراف الغرائب (3/ 249) وقال: تفرد به علباء عنه ولم يروه عنه غير الحسين بن واقد.
لذا قال البيهقي: فإن محمد بن إسحاق تفرد بذكر البدنة عن عشرة، وحديث عكرمة ينفرد به الحسين بن واقد، وحديث جابر أصح من جميع ذلك.
وأخبر باشتراكهم فيها في الحج والعمرة والحديبية فهو أوْلى بالقبول
(1)
.
وقال ابن جرير الطبري: اجتمعت الحجة على أن البقرة والبدنة لا تجزاء عن أكثر من سبعة، وفي ذلك دليل على أن حديث ابن عباس وما كان مثله خطأ ووهم أو منسوخ
(2)
.
وقال الطحاوي بعد أن ذكر حديث أبي سفيان عن جابر قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية سبعين بدنة كل بدنة عن سبعة.
فقال: ففي هذا أن السبعين لم تنحر إلا عن خاص من القوم الذي عددهم ألف وأربعمائة.
ثم قال: فإن قال قائل قد روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ضحوا معه بالبعير عن عشرة
…
قال: فنظرنا هل روي ما يخالفه ثم أورد السنّة.
عن أبان بن يزيد عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الجزور عن سبعة، قال: فكان هذا أوْلى لأن في هذا التوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا العدد الذي هو سبعة ما يمنع أن يكون عما هو أكثر من ذلك
(3)
.
(1)
السنن الكبرى (5/ 236).
(2)
التمهيد (13/ 85).
(3)
تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار (3/ 363 - 364).
الحديث العشرون
(1)
:
314 -
قال أبو داود رحمه الله (3321): حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا عبد الله بن إدريس، قال ابن إسحاق، حدثني الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده في قصته قال:
قلت: يا رسول الله إن من توبتي إلى الله أن أُخرج من مالي كله إلى الله وإلى رسوله صدقة؟ قال: «لا» قلت: فنصفه؟ قال: «لا» قلت: فثلثه؟ قال: «نعم» قلت: فإني أمسك سهمي من خيبر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
هكذا قال محمد بن إسحاق عن الزهري:
إن من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي كله إلى الله وإلى رسوله.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي النيسابوري: تقدم.
الحسن بن الربيع البجلي أبو علي الكوفي، ثقة من العاشرة، مات سنة 120 أو 121، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي، أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الثامنة، مات سنة 192 وله بضع وسبعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: تقدم.
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري المدني، ثقة عالم من الثالثة، مات في خلافة هشام، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري المدني، ثقة يقال: له رؤية، مات سنة 97 أو 98، روى له البخاري ومسلم.
قال له صلى الله عليه وسلم: «لا» قلت: فنصفه؟ قال: «لا» قلت: فثلثه؟ قال: «نعم» .
خالفه جماعة من أصحاب الزهري فقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك» فقال: إني أمسك سهمي الذي بخيبر. ولم يذكروا النصف والثلث وأن النبي صلى الله عليه وسلم وافقه في الثلث، منهم:
عقيل بن خالد
(1)
، ويونس بن يزيد
(2)
، وعبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري
(3)
، ومعقل بن عبيد الله
(4)
، ومعمر
(5)
، وابن جريج
(6)
، وغيرهم، وقد تقدم في باب سفيان بن عيينة فإنه تابعه على الثلث فانظره في بابه، ح (145).
(1)
البخاري (2757) و (4418) ومسلم (2769).
(2)
البخاري (4676) و (6690) ومسلم (2769).
(3)
مسلم (2769).
(4)
مسلم (2769).
(5)
أبو داود (3320) والترمذي (3102) وعبد الرزاق (16395) وأحمد (6/ 387) وغيرهم.
(6)
أحمد (3/ 454).
الحديث الحادي والعشرون
(1)
:
315 -
قال أبو داود رحمه الله (2743): حدثنا هنّاد قال: ثنا عبدة يعني ابن سليمان الكلابي عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى نجد فخرجتُ معها فأصبنا نَعَماً كثيراً فنفَّلَنَا أميرنا بعيراً بعيراً لكل إنسان ثم قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم بيننا غنيمتنا فأصاب كل رجل منا اثنا عشر بعيراً بعد الخُمُس وما حاسبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي أعطانا صاحبنا ولا عاب عليه بعدما صنع فكان لكل رجل منا ثلاثة عشر بعيراً بنفله.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
أخرجه البيهقي (6/ 312)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 45) من طريق يعلى بن عبيد، وابن أبي شيبة في مصنفه (36865) من طريق عبد الرحيم بن سليمان كلاهما عن ابن إسحاق به.
هكذا قال محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر:
أن أميرهم نفلهم، وأن النفل كان قبل الخمس يعني من رأس الغنيمة.
خالفه أكثر أصحاب نافع وفيهم أثبت الناس فيه فقالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي نفلهم بعد قسمة الغنيمة، منهم:
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري: تقدم.
عبدة بن سليمان الكلابي: تقدم.
محمد بن إسحاق: تقدم.
نافع مولى ابن عمر: تقدم.
مالك بن أنس
(1)
، وأيوب السختياني
(2)
، وعبيد الله بن عمر
(3)
، وابن عون
(4)
، وأسامة بن زيد
(5)
، وموسى بن عقبة
(6)
، وعبد الله بن زياد بن سمعان
(7)
، وعبد العزيز بن عبد الله
(8)
، وبرد بن سنان
(9)
، ومحمد بن الوليد الزبيدي
(10)
، وإسماعيل بن أمية
(11)
، وابن شهاب الزهري
(12)
، وشعيب بن أبي حمزة
(13)
.
ولفظ مالك: فكانت سهامهم اثني عشر بعيراً أو أحد عشر بعيراً ثم نفلوا بعيراً بعيراً.
كذا رواه الشافعي (ثم) ورواه الباقون (ونفلوا).
(1)
الموطأ (3/ 450) والبخاري (3134) ومسلم (1749) والشافعي في مسنده (1/ 323) والسنن المأثورة (665) وأحمد (2/ 62، 112) والدارمي (2481) وابن حبان (4833).
(2)
البخاري (4338) ومسلم (1749) وأحمد (2/ 151) وأبو عبيد في الأموال (812).
(3)
مسلم (1749) وأبو داود (2745) وأحمد (2/ 55، 80) وسعيد بن منصور (2704) وأبو عوانة.
(4)
مسلم (1749).
(5)
مسلم (1749).
(6)
مسلم (1749).
(7)
الطبراني في الكبير (13426) والأوسط (4928).
(8)
المصدر السابق.
(9)
أبو داود تعليقاً (2745) والطبراني في الكبير (13426) والأوسط (4922).
(10)
وأبو عوانة (6619) والطبراني في مسند الشاميين (689).
(11)
أبو عوانة (6612).
(12)
ابن المقراء في جزء نافع (25) وأبو القاسم المهرواني في الفوائد المنتخبة (53) وأبو طاهر الأصبهاني في المجالس الخمسة (2) والصيداوي في معجم الشيوخ (2/ 343) من طريق ابن عيينة عن الزهري.
(13)
أبو داود (2741) وابن الجارود (1074) والطبراني في مسند الشاميين (2948).
ولفظ عبيد الله بن عمر فقال: فبلغت سهامنا اثني عشر بعيراً، ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيراً بعيراً.
وكذلك رواه أيوب وابن عون وموسى بن عقبة والباقون بنحوه.
ومما يؤيد رواية الجماعة عن نافع أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي نفّلهم ما رواه يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: نفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفلاً سوى نصيبنا من الخمس فأصابني شارف (والشارف المسن الكبير)
(1)
لذا ذكر غير واحد من أهل العلم أن هذا النفل إنما هو من الخمس.
وقال أبو عبيد: ومنه حديث قوله بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم في سرية فأصابنا اثنا عشر بعيراً ونفلنا بعيراً بعيراً.
فهذا النفل الذي ذكره بعد السهام ليس له وجه إلا أن يكون من الخمس، وقد جاء مفسراً مبيناً في حديث مكحول الذي ذكرناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل يوم خيبر من الخمس، وكذلك قول سعيد بن المسيب ما كانوا ينفلون إلا من الخمس
(2)
.
وقد عقد الإمام البخاري في صحيحه باباً ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي صلى الله عليه وسلم برضاعه فيهم فتحلل من المسلمين، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعد الناس أن يعطيهم من الفيء والأنفال من الخمس
(3)
.
(1)
مسلم (1750) وأبو عوانة (6621) والبيهقي (6/ 313).
(2)
الأموال (ص 403).
(3)
البخاري مع الفتح (6/ 335) ثم أورد من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر (3134).
وعقد الدارمي في سننه (باب النفل بعد الخمس).
وابن الجارود (باب تنفيل السرية تخرج من العسكر من الخمس).
وابن حبان في صحيحه (11/ 164): باب الإباحة للإمام أن ينفل السرية إذا خرجت شيئاً معلوماً من خمس الخمس سوى سهامهم.
وقال ابن عبد البر: ظاهر هذه الروايات كلها عن نافع عن عبد الله بن عمر أن سهمانهم وقسمتهم ونفلهم كان من أميرهم وأنه نفلهم بعد القسمة وهذا يوجب أن يكون النفل من الخمس على هذا يتفق ظاهر معنى الحديث في رواية مالك والليث وشعيب بن أبي حمزة وإسماعيل بن أمية وعبيد الله بن عمر وأيوب السختياني وخالفهم محمد بن إسحاق فجعل النفل من رأس الغنيمة ثم جعل القسمة بعد وقول هؤلاء أوْلى من قول محمد بن إسحاق لأنهم جماعة حفاظ، واتفق هؤلاء كلهم على أن الذي حصل في السهمان لأهل السرية سوى البعير الذي نفلوا اثنا عشر بعيراً لم يشك في ذلك أحد من الرواة عن نافع غير مالك وحده، وكذلك اتفقوا كلهم عن نافع في هذا الحديث على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث السرية وأن سهمان أهل السرية هي السهمان المذكورة في هذا الحديث وأنهم نفلوا بعيراً بعيراً بعد ذلك حاشا شعيب بن أبي حمزة وحده فإنه انفرد بأن قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً قبل نجد فانبعثت منه هذه السرية)
(1)
.
ثم قال: وفي رواية مالك وغيره ممن تابعه على هذا الحديث ما يدل على أن النفل لم يكن من رأس الغنيمة وإنما كان من الخمس،
(1)
التمهيد (14/ 46 - 47).
وفي رواية محمد بن إسحاق ما يدل على أن ذلك كان من رأس الغنيمة والله أعلم أي ذلك كان، وهذا موضع اختلف فيه العلماء وتنازعوا قديماً وحديثاً.
وقال ابن عبد البر أيضاً: وإنما جاء اختلاف العلماء في هذا الباب على حسبما رووا فيه والله أعلم، وأما حديث ابن عمر المذكور في هذا الباب فلا يحتمل تأويلاً ولا له إلا وجه واحد وذلك أنهم نفلوا بعيراً بعيراً بعد سهمانهم فدلّ على أن ذلك من غير سهمانهم ولا موضع لغير السهمان إلا الخمس على رواية أكثر أصحاب نافع لهذا الحديث لا على رواية ابن إسحاق. ومما احتج به مَنْ رأى النفل من الخمس لا من رأس الغنيمة حديث معاوية مع عبادة بن الصامت وذلك أن معاوية لما غزا عام المضيف فغنم أرسل إلى عبادة بن الصامت يردون من المغنم فرده عبادة فقال له معاوية: ما أنت وذاك؟ قال عبادة: إنك لم تكن معنا في غزوة كذا وكذا إذ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أعطني عقالاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا طاقة لك بعقال من نار ولكن إذا خمّسنا فتعال أعطك» قالوا: فهذا نص على أن النفل لا يكون من رأس الغنيمة.
وقال في الاستذكار: «في رواية مالك أن النفل من الخمس لا من رأس الغنيمة وكذلك رواه عبد الله وأيوب عن نافع، وفي رواية ابن إسحاق عنه أنه من رأس الغنيمة لكنه ليس كهؤلاء في نافع» .
وقال أبو عبيد: وفي هذا النفل الذي ينفله الإمام سنن أربع لكل واحدة منهن موضع غير موضع الأخرى.
فإحداهن في النفل الذي لا خمس فيه.
والثانية في النفل الذي يكون من الغنيمة بعد إخراج الخمس.
والثالثة في النفل الذي يكون من الخمس نفسه.
والرابعة في النفل من جملة الغنيمة قبل أن يخمس منهما شيء.
فأما الذي لا خمس فيه فإنه السلب وذلك أن ينفرد الرجل بقتل المشرك فيكون له سلبه مسلماً من غير أن يخمس أو يشركه فيه أحد من العسكر.
وأما الذي يكون من الغنيمة بعد الخمس فهو أن يوجه الإمام السرايا في أرض الحرب فتأتي بالغنائم فيكون للسرية مما جاءت به الربع أو الثلث بعد الخمس.
وأما الثالث فأن تحاز الغنيمة كلها ثم تخمَّس، فإذا صار الخمس في يدَيْ الإمام نفل منه على قدر ما يرى.
وأما الذي يكون من جملة الغنيمة فما يعطى الأدلاء على عورة العدو ورعاء الماشية والسواق لها وذلك أن هذا منفعة لأهل العسكر جميعاً، وفي كل ذلك أحاديث واختلاف وستأتي في موضعها إن شاء الله
(1)
.
(1)
الأموال (ص 318 - 319).
الحديث الثاني والعشرون
(1)
:
316 -
قال أبو داود رحمه الله (1119): حدثنا هناد بن السري، عن عبدة، عن ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الترمذي (526) وأحمد (2/ 22) وابن خزيمة (1819) وعبد بن حميد (747) وابن حبان (2792) والدارقطني في العلل (2772) والحاكم (1/ 291) وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 186) والبيهقي (3/ 227) والبغوي في شرح السنّة (1078) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (4/ 407) والطوسي في مختصر الأحكام (494)، (495) كلهم من طرق عن محمد بن إسحاق من طريق عبدة بن سليمان، وأبي خالد الأحمر، ويزيد بن هارون، وسفيان الثوري، ويعلى بن عبيد، ومحمد بن عبيد، وعيسى بن يونس، وإبراهيم بن سعد، وأحمد بن خالد الوهبي كلهم عن ابن إسحاق به.
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري: تقدم.
عبدة بن سليمان الكلابي: تقدم.
محمد بن إسحاق: تقدم.
نافع مولى ابن عمر: تقدم.
هكذا رواه محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وخالفه عمرو بن دينار
(1)
فرواه عن ابن عمر موقوفاً.
وقد أنكر أئمة هذا الفن الحديث على ابن إسحاق، ورجح الوقف الدارقطني والبيهقي والنووي.
قال علي بن المديني: «لم أجد لابن إسحاق إلا حديثين منكرين هذا أحدهما»
(2)
.
وقال البيهقي: ولا يثبت رفع هذا الحديث، والمشهور عن ابن عمر من قوله، وقال في المعرفة: والموقوف أصح.
وقال النووي: والصواب أنه موقوف كما قال البيهقي، وأما تصحيح الترمذي والحاكم فغير مقبول
(3)
.
وكذلك صححه الألباني
(4)
وذكر أن له طريقاً أخرى مستدلاً بما تعقب به ابن التركماني البيهقي فإن البيهقي أخرجه من طريق أحمد بن عمر الوكيعي عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع به مرفوعاً.
إلا أن هذا الطريق أيضاً معلول، فقد قال الدارقطني: «لم يتابع
(1)
الشافعي في المسند (1/ 142) ترتيب السندي، وابن أبي شيبة (2/ 119) والبيهقي (3/ 237) من طريق ابن عيينة عنه وسنده على شرط الشيخين.
(2)
المعرفة والتاريخ (2/ 17) وتاريخ بغداد (1/ 229) وتهذيب الكمال (24/ 420) وتهذيب التهذيب (9/ 38).
(3)
المجموع (4/ 422).
(4)
صحيح سنن أبي داود (4/ 283).
عليه والمحفوظ عن المحاربي، عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر».
وكذلك رواه الثوري وغيره عن محمد بن إسحاق
(1)
.
(1)
العلل للدارقطني (2772).
الحديث الثالث والعشرون
(1)
:
317 -
قال أبو داود رحمه الله (1913): حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر قال: غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم من مِنًى حين صلّى الصبح صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة فنزل بنَمِرة وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مُهَجِّراً فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد (2/ 129) عن يعقوب به.
وقد وهم محمد بن إسحاق في قوله (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس).
فجعل الصلاة يوم عرفة قبل الخطبة.
وقد جاء في حديث جابر رضي الله عنه، وفي حديث عبد الله بن الزبير تقديم الخطبة على الصلاة.
جاء في حديث جابر: فأتى بطن الوادي فخطب الناس
…
ثم أذّن ثم أقام فصلّى الظهر، ثم أقام فصلّى العصر ولم يصلِّ بينهما شيئاً ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف
(2)
.
(1)
رجال الإسناد:
تقدم.
(2)
مسلم (1218).
وفي حديث عبد الله بن الزبير قال: ثم يغدو إلى عرفة فيقيل حيث قضى له حتى إذا زالت الشمس خطب الناس ثم صلّى الظهر والعصر جميعاً
(1)
..
وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه أنه قال للحجاج: إن كنت تريد السنّة فأقصر الخطبة وعجِّل الصلاة
(2)
وفي رواية الوقوف.
قال عبد الحق الإشبيلي بعد أن ذكر حديث ابن إسحاق قال: تقدم من حديث جابر أنه عليه السلام خطب قبل الصلاة وهو المشهور الذي عمل به الأئمة والمسلمون
(3)
.
قال ابن القطان معقباً: فإن يكن هذا تعليلاً للحديث فلم يبين لمَ لا يصح، وذلك أنه من رواية ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر
(4)
.
قال الزيلعي: وأعله هو وابن القطان بعده بابن إسحاق
(5)
.
وقال الحافظ ابن حجر: وهذا بخلاف ما رواه جابر وابن الزبير، وابن إسحاق لا يحتج بما ينفرد به من الأحكام فضلاً عما إذا خالفه مَنْ هو أثبت منه
(6)
.
(1)
ابن خزيمة (2800).
(2)
ابن خزيمة (2810) وهو في صحيح البخاري (1660، 1663) بلفظ فاقصر الخطبة وعجل الوقوف.
(3)
نقلاً عن بيان الوهم والإيهام (3/ 463) ونصب الراية (3/ 59).
(4)
بيان الوهم والإيهام (3/ 463).
(5)
نصب الراية (3/ 58).
(6)
الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/ 29).
وهناك أمر آخر فإن ظاهر حديث ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه من منى حين صلّى الصبح بها، ولكن جاء في حديث جابر عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس، وأشار إلى هذا الاختلاف ابن حجر فقال: وقد ذكر حديث ابن عمر (وظاهره أنه توجه من منى حين صلى الصبح بها، لكن في حديث جابر الطويل عند مسلم أن توجهه صلى الله عليه وسلم منها كان بعد طلوع الشمس)
(1)
.
(1)
الفتح (3/ 511).
الحديث الرابع والعشرون
(1)
:
318 -
قال أبو داود رحمه الله (944): حدثنا عبد الله بن سعيد ثنا يونس بن بُكَير عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عُتبة بن الأخنس عن أبي غطفان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التسبيح للرجال» يعني في الصلاة «والتصفيق للنساء مَنْ أشار في صلاته إشارة تُفْهَم عنه فليَعُد لها» يعني الصلاة.
قال أبو داود: هذا الحديث وهم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير يعقوب وهو ثقة.
وأخرجه الدارقطني (2/ 83) ومن طريقه البيهقي (2/ 262) عن ابن أبي داود، عن عبد الله بن سعيد، عن يونس بن بكير.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (543) عن يونس بن بكير، والطحاوي (1/ 453) من طريق محمد بن سعيد عن يونس بن بكير،
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي، أبو سعيد الأشج، الكوفي، ثقة من صغار العاشرة، مات سنة 257، روى له البخاري ومسلم.
يونس بن بكير بن واصل الشيباني، الكوفي، صدوق يخطاء، من التاسعة، مات سنة 199، روى له مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.
يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفي، ثقة، من السادسة، مات سنة 128، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
أبو غطفان بن طريف أو ابن مالك المري المدني، قيل اسمه سعد، ثقة، من كبار الثالثة، روى له مسلم.
والدارقطني (2/ 83) من طريق حفص بن عبد الرحمن عن محمد بن إسحاق وهذه متابعة لرواية يونس بن بكير.
هكذا قال محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن أبي غطفان، عن أبي هريرة (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، ومَن أشار في صلاته إشارة تُفهم عنه فليعد لها يعني الصلاة).
وهذه الزيادة التي في آخر الحديث شاذة ومنكرة.
فقد روى هذا الحديث عن أبي هريرة جمع من أصحابه فقالوا (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء) ولم يذكر أحدٌ منهم أن مَنْ أشار في صلاته إشارة تفهم عنه يعيد الصلاة، منهم:
أبو سلمة ابن عبد الرحمن
(1)
، وسعيد بن المسيب
(2)
، وأبو صالح السمان ذكوان
(3)
، وهمام بن منبه
(4)
، ومحمد بن سيرين
(5)
، وعطاء بن أبي رباح
(6)
، وأبو نضرة المنذر بن مالك
(7)
.
وكذلك جاء في حديث سهل بن سعد
(8)
، وجابر بن عبد الله
(9)
،
(1)
البخاري (1203) ومسلم (422)(106).
(2)
مسلم (422)(106) مقروناً مع أبي سلمة.
(3)
مسلم (422)(107).
(4)
مسلم (422) وعبد الرزاق (4069) وأحمد (2/ 317) وغيرهم.
(5)
النسائي (3/ 12) وفي الكبرى (1133) وأحمد (2/ 432)(2/ 57) والطحاوي (1/ 448) وأبو يعلى (6042) وابن حبان (2262).
(6)
عبد الرزاق (4067) وأحمد (2/ 376) والطبراني في الأوسط (3811).
(7)
ابن أبي شيبة (7254).
(8)
البخاري (1204) وأحمد (5/ 336).
(9)
أحمد (3/ 357) وابن أبي شيبة (7256) و (7263).
وعبد الله بن عمر
(1)
ذكر التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ولم يذكروا الإشارة في الصلاة.
أما الإشارة في الصلاة فثابتة في غير حديث وهي لا تبطل الصلاة، منها:
1 حديث ابن عمر:
روى نافع عن ابن عمر قال: قلت لبلال: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلِّمون عليه وهو في الصلاة؟ قال: كان يشير بيده
(2)
.
وعن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد بني عمرو بن عوف مسجد قباء يصلي فيه فدخلت عليه رجال من الأنصار يسلِّمون عليه ودخل معه صهيب فسألت صهيباً كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا سُلِّم عليه؟ قال: يشير بيده
(3)
.
2 حديث جابر:
اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبر، فالتفت إلينا فرآنا قياماً فأشار إلينا فقعدنا
…
(4)
.
3 حديث أنس بن مالك:
(1)
ابن ماجه (1036).
(2)
أبو داود (937) والترمذي (368) واللفظ له في باب ما جاء في الإشارة في الصلاة، وابن الجارود (215).
(3)
النسائي (3/ 5) وابن ماجه (1017) والشافعي (1/ 119) وأحمد (2/ 10) وعبد الرزاق (3597) وابن خزيمة (888) وابن حبان (2258) والحاكم (3/ 12) وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(4)
مسلم (413) وأبو داود (606) والنسائي (3/ 9) وابن ماجه (1240) وأحمد (3/ 334) وابن الجارود (217) في باب الأفعال الجائزة في الصلاة.
عن عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة
(1)
.
4 حديث عائشة:
ما رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه الناس في مرضه يعودونه فصلّى بهم جالساً فجعلوا يصلُّون قياماً فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما فرغ قال:«إنما جعل الإمام ليؤتم به»
(2)
.
لذا ضعّف هذه الزيادة أبو داود وكذلك ابنه أبو بكر فيما نقله الدارقطني عنه وحمل الوهم فيه على ابن إسحاق.
قال أبو داود عقب الحديث: هذا الحديث وهم.
وقال الدارقطني: قال لنا ابن أبي داود (وسماه البيهقي فقال وهو أبو بكر بن أبي داود السجستاني): أبو غطفان هذا رجل مجهول، وآخر الحديث زيادة في الحديث، ولعله من قول ابن إسحاق، والصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة، رواه أنس وجابر وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الدارقطني: وقد رواه ابن عمر وعائشة أيضاً»
(3)
.
قلت: أبو غطفان معروف وهو ثقة أخرج له مسلم في صحيحه،
(1)
أبو داود (943) وأحمد (3/ 138) وقد تقدم في باب عبد الرزاق لأن أبا حاتم قال في العلل: أخطأ عبد الرزاق في اختصاره.
(2)
البخاري (5658) ومسلم (412).
(3)
في سننه (2/ 83) وعنه البيهقي (2/ 262).
ووثقه يحيى بن معين والنسائي وابن حبان وابن حجر
(1)
.
والحديث ذكره ابن الجوزي وقال: هذا الحديث لا يصح، ابن إسحاق مجروح فقد كذبه مالك وهشام بن عروة، وأبو غطفان مجهول.
وتعقبه ابن عبد الهادي وذكر أن أبا غطفان ثقة روى له مسلم في صحيحه ثم قال: قال إسحاق بن إبراهيم بن هاني: سئل أبو عبد الله عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أشار في صلاته إشارة تُفهم عنه فليعد الصلاة» قال: لا يثبت هذا الحديث إسناده ليس بشيء
(2)
.
وقال عبد الحق الإشبيلي بعد أن ذكر هذا الحديث: والصحيح إباحة الإشارة على ما ذكر مسلم وغيره وقد صح الأمر بالتسبيح والتصفيق بإسناد آخر
(3)
.
وأورد الألباني آخر الحديث (مَنْ أشار في صلاته) في الضعيفة وقال: منكر
…
ومخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة
(4)
.
أثر الوهم:
احتج بهذا الحديث الأحناف. قال صاحب الهداية: «ولا يرد
(1)
تاريخ ابن معين (2/ 720) والثقات لابن حبان (5/ 567) وتهذيب الكمال (8160) ووهم محققه فذكر في الحاشية أن الدارقطني قال عنه: مجهول، وإنما نقله الدارقطني عن ابن أبي داود.
(2)
تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (1/ 432).
(3)
الأحكام الوسطى (2/ 16).
(4)
السلسلة الضعيفة (1104).
السلام بلسانه لأنه كلام، ولا بيده لأنه سلام حتى لو صافح بنية التسليم تفسد صلاته».
قال العيني شارحاً: (ولا بيده لأنه سلام معنى) أي من حيث المعنى أراد أنه ينوب عن الراد باللسان. وقال الشافعي: يستحب رده بالإشارة
…
فإن قلت روى أبو داود والترمذي .. وذكر حديث صهيب وابن عمر وأنس ثم رده باحتمال ضعيف تأييداً لمذهبه فقال: (يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في التشهد وهو يشير بأصبعه فظنه صهيب رداً ولم يذكر أنه كان في حال القيام أو القعود أو غيرهما، وما حكي عن بلال وأنس وغيرهما فلعله كان نهياً عن السلام فظنوه رداً)
(1)
.
قلت: وناقض نفسه فأجاز الرد بالإشارة للنهي عن السلام ولم يجزه للرد على السلام.
(1)
البناية شرح الهداية (2/ 1528) وذكر ابن عبد الهادي في التنقيح أن الأحناف احتجوا بهذا الحديث.
الحديث الخامس والعشرون
(1)
:
319 -
قال أبو داود رحمه الله (1690): حدثنا هناد بن السري، عن عبدة، عن محمد بن إسحاق، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن سليمان بن يسار عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
كانت لي جارية فأعتقتها فدخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: «آجرك الله أما إنك لو كنت أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله رجال مسلم.
وأخرجه النسائي في الكبرى (4932) والحاكم (1/ 414) وابن عبد البر في التمهيد (1/ 206) من طريق عبدة، وأخرجه أحمد (6/ 332) من طريق يعلى بن عبيد الطنافسي، وعبد بن حميد (1548) من طريق يعلى بن محمد، والطبراني في الكبير من طريق أحمد بن خالد ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد.
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن بكير، عن سليمان بن يسار، عن ميمونة).
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري: تقدم.
عبدة بن سليمان الكلابي: تقدم.
بكير بن عبد الله الأشج مولى بني مخزوم أبو عبد الله المدني نزيل مصر ثقة من الخامسة، مات سنة 120 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
سليمان بن يسار الهلالي المدني مولى ميمونة وقيل أم سلمة، ثقة فاضل، أحد الفقهاء السبعة، من كبار الثالثة، مات بعد سنة 100 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
وخالفه يزيد بن أبي حبيب
(1)
، وعمرو بن الحارث
(2)
، وابن لهيعة
(3)
فقالوا (عن بكير، عن كريب مولى ابن عباس، عن ميمونة).
ومن هذا الوجه أخرجه الشيخان في الصحيح.
قال الدارقطني: ورواية يزيد وعمرو أصح
(4)
.
قلت: ولمحمد بن إسحاق إسناد آخر لهذا الحديث، فقد أخرجه النسائي (4934) من طريق أسد بن موسى، وابن خزيمة (2434) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4377) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم كلاهما عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ميمونة به.
قال المزي: هذا الحديث خطأ لا نعلمه من حديث الزهري
(5)
.
(1)
البخاري (2592).
(2)
مسلم (999) والبخاري تعليقاً (2592).
(3)
أحمد (6/ 332).
(4)
فتح الباري (5/ 219).
(5)
تحفة الأشراف (12/ 493).
الحديث السادس والعشرون
(1)
:
320 -
قال الإمام أبو داود رحمه الله (1860): حدثنا محمد بن منصور ثنا يعقوب حدثني أبي عن ابن إسحاق حدثني أبان يعني ابن صالح عن الحكم بن عُتَيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عُجرة قال:
أصابني هوام في رأسي وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حتى تخوَّفت على بصري فأنزل الله سبحانه وتعالى فيَّ: { .. فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ
…
(196)} الآية، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي:«احلق رأسك وصُم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين فَرَقاً من زبيب أو انسك شاة» فحلقتُ رأسي ثم نَسَكْتُ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن منصور بن داود الطوسي، نزيل بغداد، أبو جعفر العابد، ثقة من صغار العاشرة، مات 254 أو 256 وله 80 سنة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
يعقوب بن إبراهيم: تقدم.
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم: تقدم.
أبان بن صالح بن عمير بن عبيد القرشي، وثقه الأئمة ووهم ابن حزم فجهّله وابن عبد البر فضعّفه، من الخامسة، مات سنة بضع عشر بعد المائة واستشهد به البخاري في الصحيح وروى له أصحاب السنن.
الحكم بن عتيبة أبو محمد الكندي الكوفي ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة 113 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات بوقعة الجماجم سنة 83 وقيل إنه غرق، روى له البخاري ومسلم.
ورواه البيهقي (5/ 55) من طريق أبي داود به.
وكذلك ابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (17/ 223) من طريق أبي داود.
وأخرجه الطبراني في الكبير (19/ 258) من طريق آخر عن محمد بن إسحاق به.
هكذا قال محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن الحكم، عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما أذاه هوام رأسه: «
…
أو أطعم ستة مساكين فرقاً من زبيب
…
» فحلقتُ رأسي ثم نسكت.
ورواه سفيان بن حسين عن الحكم بن عتيبة به فلم يذكر (الزبيب) ولم يقل (ثم نسكت) أي الشاة.
وكذلك رواه جماعة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ولم يذكروا هذه الزيادات، منهم:
مجاهد بن جبر
(1)
، وأبو قلابة
(2)
، والشعبي
(3)
، وعبد الكريم بن مالك الخدري
(4)
، وابن أبي نجيح
(5)
.
وكذلك رواه عبد الله بن معقل
(6)
عن كعب بن عجرة، بدون ذكر هاتين الزيادتين.
(1)
البخاري (1814)(1815)(1817)(4159)(4190)(4191)(6758) ومسلم (1201).
(2)
مسلم (1201).
(3)
أبو داود (1857)(1858).
(4)
أبو داود (1861).
(5)
أبو عوانة (3647) والطبراني في الكبير (19/ 223).
(6)
البخاري (1816) ومسلم (1201).
بل جاء في حديث أبي قلابة عند مسلم وغيره (أو أطعم ثلاثة آصع من تمر).
أما قوله (فنسكت) فهي مخالفة لرواية ابن معقل أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله أولاً: «هل تجد شاة؟» فقال: لا، فكيف لا يجد الشاة ثم يقول نسكت، ورواية ابن معقل في الصحيحين كما تقدم.
وفي رواية الشعبي عن كعب عند أبي داود: «أمعك دم؟» قال: لا.
قال الحافظ: أما الزبيب فلم أره إلا في رواية الحكم، وقد أخرجها أبو داود وفي إسنادها ابن إسحاق، وهو حجة في المغازي لا في الأحكام إذا خالف، والمحفوظ رواية التمر فقد وقع الجزم بها عند مسلم من طريق أبي قلابة»
(1)
.
(1)
فتح الباري (4/ 17).
الحديث السابع والعشرون
(1)
:
321 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 81): حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق قال: حدثني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الطيالسي (2324 ط التركي)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 180) وشرح المشكل (2606) من طريق حماد بن سلمة، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف 4137) من طريق محمد بن
(1)
رجال الإسناد:
يعقوب بن إبراهيم بن سعد: ثقة فاضل، تقدم في هذا الباب.
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: ثقة حجة، تقدم.
العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الخُرقي المدني، صدوق ربما وهم، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين (بعد المائة) روى له مسلم.
عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني نزيل الخرقة، ثقة، من الثالثة، روى له مسلم.
سلمة كلاهما عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد.
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيد).
خالفه جماعة من أصحاب العلاء بن عبد الرحمن فقالوا: (عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة) منهم:
شعبة
(1)
، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي
(2)
، وروح بن القاسم
(3)
، وإسماعيل بن جعفر
(4)
، ويحيى بن محمد بن قيس المدني
(5)
، وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب
(6)
، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير
(7)
، ومسلم بن خالد
(8)
، وعبد الله بن جعفر بن نجيح
(9)
.
ورواه ابن جريج
(10)
، وزيد بن أبي أنيسة
(11)
عن العلاء بن
(1)
أحمد (2/ 457) وابن خزيمة (1727) و (1770) والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (14033).
(2)
ابن حبان (2770) وابن خزيمة (1727).
(3)
ابن خزيمة (1727).
(4)
ابن خزيمة (1727) والبغوي في شرح السنّة (1063).
(5)
ابن خزيمة (1727).
(6)
الدارقطني في العلل تعليقاً (1618).
(7)
المصدر السابق.
(8)
المصدر السابق.
(9)
المصدر السابق.
(10)
أحمد (2/ 272) وعبد الرزاق (5563) وعبد بن حميد (1443) والنسائي في الكبرى كما في التحفة (9/ 294).
(11)
الدارقطني في العلل تعليقاً (1618).
عبد الرحمن، عن إسحاق أبي عبد الله، عن أبي هريرة.
فجعلاه أيضاً في مسند أبي هريرة.
قال الدارقطني: ويشبه أن يكون القولان عن أبي هريرة صحيحين
(1)
.
وكذلك رواه أبو عبد الله الأغر
(2)
، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن
(3)
، وسعيد بن المسيب
(4)
.
وقال الحافظ أبو الحجاج المزي: رواه غير واحد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة
(5)
.
علة الوهم:
روى محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبي سعيد وأبي هريرة حديثاً في فضل الجمعة والاغتسال لها والإنصات للخطبة وأنها كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها، وزاد أبو هريرة وثلاثة أيام لأن الحسنة بعشر أمثالها
(6)
.
(1)
المصدر السابق (9/ 25 رقم 1618).
(2)
البخاري (929) ومسلم (850).
(3)
البخاري (3200).
(4)
مسلم (850).
(5)
تحفة الأشراف (3/ 373 رقم 4137).
(6)
أبو داود (343) وأحمد (3/ 81) وابن خزيمة (1762).
فلعله من هنا دخل الوهم على محمد بن إسحاق فأسند هذا الحديث أيضاً عن أبي سعيد، والله تعالى أعلم.
الحديث الثامن والعشرون
(1)
:
322 -
قال ابن ماجه رحمه الله (1944): حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، حدثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة عن عائشة.
وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن خلف الباهلي، أبو سلمة البصري، صدوق من العاشرة، مات سنة 242، روى عنه مسلم.
عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري: تقدم.
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي، ثقة، من الخامسة، مات سنة 135 وله 70 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية، ثقة من الثالثة، ماتت قبل المائة، روى لها البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد المدني، ثقة جليل، من السادسة، مات سنة 126 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة، من كبار الثالثة، مات سنة 106 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه أبو يعلى (4588) والطبراني في الأوسط (7805) والدارقطني (4/ 178) من طرق عن عبد الأعلى به.
وأخرجه أحمد (6/ 269) من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر وحده.
هكذا قال محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة، وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها.
وخالفه الإمام مالك بن أنس فرواه عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت: كان فيما أُنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نُسخن بخمس معلومات
(1)
.
أخرجه مسلم في صحيحه
(2)
.
ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة أنها سمعت عائشة تقول وهي تذكر الذي يحرم من الرضاعة قالت عمرة: فقالت عائشة: نزل في القرآن عشر رضعات معلومات، ثم نزل أيضاً خمس معلومات. أخرجه مسلم.
(1)
مسلم (1452)(24) وهو في الموطأ (1270) وأخرجه أبو داود (2062) والترمذي (1150) والنسائي (6/ 100) وابن ماجه (1944) وغيرهم.
(2)
مسلم (1452)(25).
وكذلك رواه حماد بن سلمة
(1)
عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عمرة عن عائشة قالت: كان فيما أنزل الله من القرآن ثم سقط لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات.
هذا هو الصحيح أنه كان عشر رضعات ثم نسخت بخمس.
ولم يذكر أحد ما ذكره ابن إسحاق من أنها عشر رضعات وقصة الداجن، لذا قال محققو مسند أحمد: في متنه نكارة
(2)
.
هذا الحديث وهم فيه أيضاً عبد الله بن أبي بكر، وحديثه عند مسلم فزاد في آخره (فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن).
كما وهم حماد بن سلمة في حديثه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عمرة عن عائشة فزاد عمرة في الإسناد والقاسم إنما يرويه عن عائشة ليس فيه عمرة، وعبد الله بن أبي بكر، ويحيى بن سعيد يرويانه عن عمرة وقد ذكرنا ذلك في بابه ح (266)، والله تعالى أعلم. فوهم حماد في الإسناد ووهم محمد بن إسحاق في المتن.
(1)
ابن ماجه (1942) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 311).
(2)
(43/ 343).
الحديث التاسع والعشرون
(1)
:
323 -
قال الإمام الترمذي رحمه الله (957): حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر؟ فقال: «يوم النحر» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير الحارث الهمداني وهو ضعيف.
وقال البخاري: لم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلا أربعة
(1)
رجال الإسناد:
عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنزي، صدوق، من الحادية عشرة، روى له مسلم.
عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنزي، أبو سهل العنزي، صدوق ثبت في شعبة، من التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.
عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنزي، البصري، ثقة ثبت رمي بالقدر ولم يثبت عنه، من الثامنة، مات سنة 180، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن عبد الله بن عبيد، أبو إسحاق السبيعي، ثقة مكثر عابد، من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة 129 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.
الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني الكوفي، صاحب علي، كذبه الشعبي في رأيه ورمي بالرفض وفي حديثه ضعف، وليس له عند النسائي سوى حديثين، مات في خلافة الزبير، روى له أصحاب السنن الأربعة.
أحاديث، وزاد العجلي: وسائر ذلك إنما هو كتاب أخذه.
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه سفيان بن عيينة
(1)
، وسفيان الثوري
(2)
، وأبو الأحوص سلام بن سلم
(3)
، والأجلح بن عبد الله الكندي
(4)
، ومالك بن مغول
(5)
، وشتير
(6)
، وعنبسة بن الأزهر
(7)
، ومعمر
(8)
فرووه عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي موقوفاً من قوله لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن علي موقوفاً
(9)
، وشعبة عن الحكم، عن يحيى بن الجزار عن علي موقوفاً
(10)
.
قال الترمذي: ورواية ابن عيينة موقوفاً أصح من رواية محمد بن إسحاق مرفوعاً، هكذا روى غير واحد من الحفاظ عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي موقوفاً.
(1)
الترمذي (958) و (3089) والطبري في تفسيره (16421).
(2)
عبد الرزاق في تفسيره (1050) وابن جرير الطبري في تفسيره (6408).
(3)
ابن أبي شيبة في مصنفه (15109).
(4)
الطبري في التفسير (16409).
(5)
الطبري (16420).
(6)
الطبري (16420) مقروناً بمالك بن مغول.
(7)
الطبري (16410).
(8)
عبد الرزاق في التفسير (1047) والطبري (16450).
(9)
الطبري (16441).
(10)
الطبري (16421).
وقد روى شعبة عن أبي إسحاق قال: عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي موقوفاً
(1)
.
(1)
في سننه (3/ 291 ح 958).
الحديث الثلاثون
(1)
:
324 -
قال أبو داود رحمه الله (2214): حدثنا الحسن بن علي ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن مَعْمَر بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خُوَيلة بنت مالك بن ثعلبة قالت: ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه ويقول: «اتقي الله فإنه ابن عمك» فما برحتُ حتى نزل القرآن {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا
…
(1)} إلى الفرض، فقال:«يعتق رقبة» قالت: لا يجد، قال:«فيصوم شهرين متتابعين» قالت: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال:«فليطعم ستين مسكيناً» قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قالت: فأتي ساعتئذ بعَرَق من تمر قلت: يا رسول الله فإني أُعينه بعَرَق آخر، قال:«قد أحسنتِ اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكيناً وارجعي إلى ابن عمك» قال: والعرق ستون صاعاً.
قال أبو داود في هذا: إنها كفَّرت عنه من غير أن تستأمره، وقال أبو داود: وهذا أخو عُبادة بن الصامت.
(1)
رجال الإسناد:
الحسن بن علي بن محمد الهذلي، أبو علي الخلال الحلواني، نزيل مكة، ثقة حافظ له تصانيف، من الحادية عشرة، مات سنة 242، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن آدم: تقدم.
عبد الله بن إدريس الأودي: تقدم.
محمد بن إسحاق: تقدم انظر ترجمته في بابه.
معمر بن عبد الله بن حنظلة، مدني مقبول من الخامسة، روى له أبو داود.
يوسف بن عبد الله بن سلام الإسرائيلي المدني، صحابي صغير، وقد ذكره العجلي في ثقات التابعين.
خولة بنت ثعلبة ويقال لها خويلة أيضاً الأنصارية الخزرجية صحابية.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم رجال الصحيح غير معمر بن عبد الله بن حنظلة ذكره ابن حبان في الثقات وأخرج حديثه في صحيحه، وقال القطان: مجهول الحال ووثقه الذهبي وقال: تفرد عنه ابن إسحاق، وقد صرّح ابن إسحاق بالسماع عند ابن حبان وأحمد وحسن الحافظ إسناده في الفتح (9/ 433) وابن التركماني في الجوهر النقي (7/ 391) بحاشية سنن البيهقي.
والحديث أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (2208) عن يحيى بن آدم به.
وأخرجه البيهقي (7/ 391) والخطيب في الأسماء المبهمة (1/ 11) من طريق أبي داود به.
هكذا قال يحيى بن آدم، عن ابن إدريس، عن ابن إسحاق
…
في هذا الحديث والعرق ستون صاعاً.
ورواه إسحاق بن راهويه
(1)
عن ابن إدريس ولم يقل في آخره (والعرق ستون) وخالفه محمد بن سلمة
(2)
، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة
(3)
، وجعفر بن الحارث
(4)
فرووه عن ابن إسحاق فقالوا (العرق ثلاثون صاعاً).
(1)
البيهقي (7/ 391).
(2)
أبو داود (5/ 22) والطبراني في الكبير (615) و (24/ 633) والبيهقي (7/ 389) والخطيب في الأسماء المبهمة (1/ 11) والمزي في تهذيب الكمال (28/ 313).
(3)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3257) والبيهقي (7/ 392).
(4)
ابن شبة في تاريخ المدينة (1/ 27 رقم 767).
وأخرجه أحمد (6/ 410)، وابن حبان (4279) من طريق إبراهيم بن سعد، ولم يذكر قدر العرق.
قال محمد بن سلمة في حديثه: والعرق مكتل يسع ثلاثين صاعاً.
وقال يحيى بن زكريا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أعان زوجها حين ظاهر بعرق من تمر وأعانته هي بعرق آخر فذلك ستون صاعاً.
فتابع محمد بن سلمة في أن العرق الواحد ثلاثون صاعاً.
وقال جعفر بن الحارث: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سأعينه بفرق من تمر» فقالت: وأنا أعينه بفرق آخر، والفرق يأخذ الشطر، والشطر ثلاثون صاعاً فأطعمت عنه ستين مسكيناً لكل مسكين صاع من تمر.
وهذا كله وهم، والصحيح أن العرق هو خمسة عشر صاعاً كما جاء في حديث حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة
(1)
، وأبي سلمة ابن عبد الرحمن
(2)
عنه، وسلمة بن صخر البياضي
(3)
، وجاء مرسلاً كما في رواية سليمان بن يسار
(4)
، وسعيد بن المسيب
(5)
، وعطاء بن أبي رباح
(6)
، وأبي سلمة ابن عبد الرحمن
(7)
.
(1)
ابن حبان (3526) والدارقطني (2/ 190) والبيهقي (4/ 222)(10/ 54).
(2)
الدارقطني (2/ 210 - 211).
(3)
الترمذي (1200) والبيهقي (7/ 390).
(4)
أبو داود (2217) وابن الجارود (745).
(5)
مالك في الموطأ (658).
(6)
أبو داود (2218).
(7)
أبو داود (2116).
قال الشافعي: والعرق فيما يقدّر خمسة عشر صاعاً وذلك ستون مدًّا لكل مسكين مد
(1)
.
وقال النووي: والعرق عند الفقهاء ما يسع خمسة عشر صاعاً وهو ستون مداً لستين مسكيناً لكل مسكين مد
(2)
.
وقال ابن حجر: العرق هو المكتل الضخم يسع خمسة عشر صاعاً إلى عشرين صاعاً
(3)
.
قال أبو داود بعد حديث محمد بن سلمة عن ابن إسحاق: قال: وهذا أصح من حديث يحيى بن آدم
(4)
بعد حديث الباب.
الخلاصة:
اختلف عن محمد بن إسحاق في قدر العرق ففي رواية ستون صاعاً وفي أخرى ثلاثون صاعاً وهذا كله وهم، والصحيح كما جاء في غير حديث أن العرق خمسة عشر صاعاً، والله تعالى أعلم.
(1)
البيهقي (10/ 51).
(2)
شرح مسلم (11/ 226).
(3)
مقدمة الفتح (1/ 156).
(4)
أبو داود (2215).
الحديث الحادي والثلاثون
(1)
:
325 -
قال أبو داود (1764): حدثنا هارون بن عبد الله ثنا محمد ويعلى ابنا عُبَيد قالا: ثنا محمد بن إسحاق عن ابن أبي نَجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال:
لما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بُدْنَهُ فنحر ثلاثين بيده وأمرني فنحرتُ سائرها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير هارون ومحمد بن إسحاق فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد (1/ 159 - 160) عن محمد بن عبيد بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي (5/ 238) من طريق أبي داود به.
هكذا قال ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثين بدنة وأن علياً نحر الباقي وهو سبعون بدنة.
(1)
رجال الإسناد:
هارون بن عبد الله بن مروان البغدادي، أبو موسى الحمال، ثقة من العاشرة، مات سنة 243 وقد ناهز الثمانين، روى له مسلم.
محمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي الكوفي الأحدث ثقة يحفظ، من الطبقة الحادية عشر، مات سنة 204، روى له البخاري ومسلم.
يعلى بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي: تقدم.
عبد الله بن أبي نجيح المكي الثقفي، ثقة رمي بالقدر وربما دلس، من السادسة، مات سنة 131 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.
مجاهد بن جبر.
عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري: تقدم.
خالفه سفيان الثوري
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وأيوب السختياني
(3)
، وهشام الدستوائي
(4)
.
فرووه عن ابن أبي نجيح بهذا الإسناد فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه وأن يتصدق بلحمها وجلودها ولم يذكر أحد منهم ما قاله ابن إسحاق.
وكذلك رواه عبد الكريم بن مالك الجزري
(5)
، وسيف بن سليمان المكي
(6)
والحسن بن مسلم
(7)
.
ثلاثتهم عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به.
وزادوا (ولا يعطى الجازر منها شيئاً) وزاد في رواية (نحن نعطيه) من عندنا.
وقد ثبت في الصحيح كما في حديث جابر الطويل عند مسلم
(8)
وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثاً وستين بيده ثم أعطى علياً فنحر ما غبر أي سبعاً وثلاثين وقد تقدم في باب ابن عيينة
(9)
.
(1)
البخاري (1707)(1716)(2299).
(2)
مسلم (1317) وأحمد (1/ 143) والحميدي (42) وغيرهم.
(3)
عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (1/ 112) والنسائي في الكبرى (4149) والبزار (608) وابن حبان (4021).
(4)
مسلم (1317).
(5)
البخاري (1716)(1717) ومسلم (1317).
(6)
البخاري (1718).
(7)
البخاري (1717) مقروناً مع عبد الكريم، ومسلم (1317).
(8)
مسلم (1718).
(9)
ح (149) فإنه خالف أصحاب جعفر بن محمد في هذا الحديث، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ستاً وستين بدنة وعلياً الباقي.
لذا قال البيهقي: كذا رواه محمد بن إسحاق ورواية جعفر أصح
(1)
.
وقال الحافظ: وأمرني فنحرت سائرها، وأصح منه ما وقع عند مسلم في حديث جابر الطويل
(2)
.
وقال ابن القيم: هذا غلط انقلب على الراوي، فإن الذي نحر ثلاثين هو علي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نحر سبعاً بيده لم يشاهدها علي ولا جابر، ثم نحر ثلاثاً وستين أخرى فبقي من المائة ثلاثون فنحرها علي، فانقلب على الراوي عدد ما نحره علي بما نحره النبي صلى الله عليه وسلم
(3)
.
(1)
السنن الكبرى (5/ 238) وجعفر هو يروي عن أبيه حديث جابر الطويل.
(2)
الفتح (3/ 555).
(3)
زاد المعاد (2/ 261).
الحديث الثاني والثلاثون
(1)
:
326 -
قال أبو داود (2798): حدثنا محمد بن صدران، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني عمارة بن عبد الله بن طعمة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال:
قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ضحايا فأعطاني عتوداً جذعاً. قال: فرجعت به إليه فقلت: إنه جذع. قال: ضحِّ به، فضحّيت به.
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به، وقال النووي في شرح مسلم (13/ 119) وإسناده جيد حسن.
وأخرجه البيهقي (9/ 270) والمزي في تهذيب الكمال (21/ 251) من طريق أبي داود به.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن إبراهيم بن صُدْران الأزدي، أبو جعفر المؤذن البصري، وقد ينسب لجده، صدوق من العاشرة، مات سنة 247، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري السامي، أبو محمد، ثقة، من الثامنة، مات سنة 189، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن إسحاق: تقدم.
عمارة بن عبد الله بن طُعمة المدني، مقبول من السادسة، روى له أبو داود.
سعيد بن المسيب: تقدم.
زيد بن خالد الجهني المدني، صحابي مشهور، مات بالمدينة وقيل بالكوفة سنة 68 أو 70 وله 85 سنة وحديثه في الصحيحين.
وأخرجه أحمد (5/ 194) وابن حبان (5899) من طريق يعقوب بن إبراهيم.
وأخرجه البزار (3776) من طريق عبد الأعلى، والطبراني في الأوسط (210) من طريق يونس بن يزيد، وفي الكبير (5217، 5218، 5219، 5220) من طريق أحمد بن خالد الوهبي، ويونس، وعبد الأعلى، وعبد الله بن نمير، كلهم عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد، وقد تفرد به محمد بن إسحاق.
هكذا قال محمد بن إسحاق (عن عمارة بن عبد الله بن طعمة، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن خالد الجهني).
ورواه معاذ بن عبد الله بن خبيب
(1)
عن سعيد بن المسيب عن عقبة بن عامر.
ورواه عبد الرزاق عن الأسلمي، عن أبي جابر البياضي، عن سعيد عن عقبة بن عامر
(2)
.
وهذا هو المحفوظ أنه حديث عقبة بن عامر كما في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي الخير مرثد بن عبد الله
(3)
، وبعجة الجهني
(4)
، وهم محمد بن إسحاق أو شيخه في هذا الإسناد
…
وقد نبّه على ذلك ابن القيم رحمه الله ولم أجد مَنْ نبّه عليه غيره.
(1)
أحمد (4/ 152) والطبراني في الكبير (17/ 9541) وابن البختري (220).
(2)
في مصنفه (8153).
(3)
البخاري (2300)(2500)(5555) ومسلم (1965).
(4)
البخاري (5547) ومسلم (1965).
قال ابن القيم: «اشتبه على محمد بن إسحاق أو مَنْ حدّثه اسمه وأن قصة العتود وقسمة الضحايا إنما كانت مع عقبة بن عامر الجهني وهي التي رواها أصحاب الصحيح»
(1)
، وسيأتي هذا الحديث في باب يحيى بن بكير فانظره.
أثر الوهم:
ليس لسعيد بن المسيب رواية عن زيد بن خالد الجهني إلا ما جاء في هذه الرواية وقد علمت ما فيها ولم يخرج أصحاب السنن والمساند والمعاجم غير هذه الرواية لسعيد بن المسيب عن زيد بن خالد، والله أعلم
(2)
.
تنبيه:
1 اختلف على معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني فرواه أسامة بن زيد الليثي عن معاذ بن عبد الله عن ابن المسيب عن عقبة بن عامر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجذع فقال: «ضحِّ به فلا بأس»
(3)
.
ورواه بكير بن عبد الله الأشج أن معاذ بن عبد الله الجهني حدّثه عن عقبة بن عامر أنه قال: ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجذع من الضأن
(4)
.
(1)
حاشيته على سنن أبي داود (7/ 356).
(2)
انظر المسند لأحمد (5/ 194) ومسند البزار (9/ 235) والمعجم للطبراني (5/ 242 - 243) وتحفة الأشراف.
(3)
سبق تخريجه وأسامة بن زيد الليثي قال في التقريب: صدوق يهم خت م 4.
(4)
النسائي (7/ 219) وفي الكبرى (4472) وابن الجارود (905) وابن حبان (5904) وغيرهم، وبكير ثقة من رجال الشيخين.
وبغض النظر عن هذا الاختلاف فقد جعلاه من حديث عقبة بن عامر وهو الصحيح إن شاء الله.
2 الوهم هنا من محمد بن إسحاق أو من شيخه ولم يروِ هذا الحديث عن عمارة إلا محمد بن إسحاق، ورواه عنه جماعة فمنه عرف، وشيخه ليس على شرطنا. فجعلناه في باب ابن إسحاق وإن كنا في أحاديث أخرى لم يتعين لنا الواهم فيها نعرض عنها ولا نذكرها والله ولي التوفيق.
الخاتمة
1 -
وهم محمد بن إسحاق كما في كتابنا في اثنين وثلاثين حديثاً عشرون منها في المتن وهي: (1، 2، 3، 4، 8، 9، 12، 14، 15، 16، 18، 19، 20، 21، 23، 24، 26، 28، 30، 31) والباقي في الإسناد.
2 -
عشرة أحاديث على شيخه الزهري، وستة أحاديث على نافع.
ملخص أوهام محمد بن إسحاق
الحديث
شيخ الراوي
بلده
الوهم
الصحيح
1
نافع
المدينة
نادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة في الليلة المطيرة
أن ذلك في السفر
2
نافع
المدينة
ابن عمر عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة، ورخص لأهل العرايا (أدخل حديثاً في حديث)
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة .. وابن عمر عن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لأهل العرايا
3
نافع
المدينة
عن ابن عمر عن عمر مرفوعاً مَنْ ابتاع نخلاً مؤبراً .. ومَن باع عبداً. (أدخل حديثاً في حديث)
عن ابن عمر مرفوعاً مَنْ ابتاع نخلاً، وقصة العبد موقوفاً من قول عمر
4
الحارث بن فضيل
-
أم بشر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أرواح المؤمنين
كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم إن أرواح المؤمنين
5
محمد بن طلحة
-
عن معاوية بن جاهمة عن النبي صلى الله عليه وسلم
عن معاوية بن جاهمة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
6
يزيد بن أبي حبيب
مصر
أبو عبدالرحمن الجهني
أبو بصرة الغفاري
الحديث
شيخ الراوي
بلده
الوهم
الصحيح
7
يزيد بن أبي حبيب
مصر
أبو مرزوق سمعت فضالة بن عبيد
أبو مرزوق عن حنش عن فضالة
8
عبدالله بن أبي بكر
المدينة
أن النبي صلى الله عليه وسلم حوّل رداءه وحوّل الناس معه
أن النبي صلى الله عليه وسلم حوّل رداءه
9
عبدالله بن عبدالله بن عثمان
المدينة
صاع حنطة
وهم في ذكر الحنطة
10
هشام بن عروة
المدينة
عروة عن عبدالله بن عبدالله بن أبي أمية
عروة عن عمر بن أبي سلمة
11
الزهري
مدني سكن الشام
أويس بن مالك عن أنس بن مالك
ابن أبي أنس عن أبيه عن أبي هريرة
12
الزهري
مدني سكن الشام
عشر رضعات
خمس رضعات
13
الزهري
مدني سكن الشام
الزهري عن عروة
الزهري، عن حبيب مولى عروة
14
الزهري
مدني سكن الشام
هي الطلاق هي الطلاق هي الطلاق
فطلقها ثلاثاً
15
الزهري
مدني سكن الشام
فأمرها بالغسل لكل صلاة
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بذلك بل فعلته هي من نفسها
16
الزهري
مدني سكن الشام
رجل حمار وحش
حمار وحش
17
الزهري
مدني سكن الشام
الزهري عن عمر بن عبدالعزيز عن الربيع بن سبرة
الزهري عن الربيع بن سبرة في مجلس عمر بن عبدالعزيز
18
الزهري
مدني سكن الشام
يؤذن يوم الجمعة على باب المسجد
لم يتابع على هذه الزيادة
19
الزهري
مدني سكن الشام
سبعمائة رجل كل بدنة عن عشرة
ألف وخمسمائة كل بدنة عن سبعة
الحديث
شيخ الراوي
بلده
الوهم
الصحيح
20
الزهري
مدني سكن الشام
رواية حديث توبة كعب بن مالك بالألفاظ لم يتابع عليها
21
نافع
المدينة
فنفلنا أميرنا
فنفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
22
نافع
المدينة
نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
نافع عن ابن عمر موقوفاً
23
نافع
المدينة
صلى الظهر والعصر ثم خطب الناس يوم عرفة
خطب الناس ثم صلى الظهر والعصر
24
يعقوب بن عتبة
المدينة
ومَن أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليُعِد لها يعني الصلاة
هذه الزيادة منكرة
25
بكير بن عبدالله
المدينة/ مصر
سليمان بن يسار عن ميمونة
كريب، عن ميمونة
26
أبان بن صالح
-
فرقاً من زبيب
صاع من تمر
27
العلاء بن عبدالرحمن
المدينة
عن أبي سعيد
عن أبي هريرة
28
عبدالله بن أبي بكر
المدينة
أن الداجن أكل الصحيفة التي فيها رضاعة الكبير عشراً
أنها نسخت
29
أبو إسحاق السبيعي
البصرة
الحارث عن علي مرفوعاً
الحارث عن علي موقوفاً
30
معمر بن عبدالله
-
العرق ستون صاعاً
خمسة عشر صاعاً
31
ابن أبي نجيح
مكة
ثلاثين بدنة
ثلاثة وستون بدنة
32
عمارة بن طعمة
مكة
زيد بن خالد
عقبة بن عامر
وكيع
(1)
اسمه:
وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي، أحد الأعلام، ولد سنة 129 وقيل:128.
شيوخه:
سمع هشام بن عروة، والأعمش، وسفيان الثوري، وإسماعيل بن أبي خالد، وابن عون، وابن جريج، والأوزاعي، وشعبة، وابن أبي ذئب، وابن أبي ليلى، وخلق كثير.
روى عنه سفيان الثوري وهو من شيوخه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، ويحيى بن معين، وابنا أبي شيبة، وخلق كثير، كان والده ناظراً على بيت المال بالكوفة وله هيبة وجلالة.
(1)
تهذيب الكمال (30/ 467 وما بعده) وتاريخ بغداد (13/ 469 وما بعده) وسير أعلام النبلاء (9/ 153) وتاريخ دمشق (17/ 7981) وتاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 462) وتاريخ دمشق (17/ 801) والجرح والتعديل (1/ 219 - 232).
ثناء العلماء عليه:
كان وكيع مطبوع الحفظ يحفظ بدون تكلف.
قال أحمد بن حنبل: كان وكيع مطبوع الحفظ، وكان وكيع حافظاً حافظاً، وكان أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي كثيراً كثيراً.
وقال أيضاً: ما رأيت أحداً أوعى للعلم ولا أشبه بأهل بالنسك منه.
وقال أيضاً: ما رأيت مثل وكيع في الحفظ والإسناد والأبواب مع خشوع وورع.
قال إسحاق بن راهويه: كان حفظه طبعاً وحفظنا بتكلف، قام وكيع يوماً قائماً ووضع يده على الحائط وحدّث سبعمئة حديث حفظاً.
وقال يحيى بن معين: ما رأيت رجلاً قط أحفظ من وكيع ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه.
وقال أيضاً: ما رأيت أحداً أحفظ من وكيع، فقال له رجل: ولا هشيم؟ فقال: أين يقع حديث هشيم من حديث وكيع؟
وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ما رأيت أحداً أوعى للعلم منه ولا أحفظ من وكيع
…
وما رأيت وكيعاً قط شكّ في حديث إلا يوماً واحداً
…
، وما رأيت مع وكيع قط كتاباً ولا رقعة.
وقال أيضاً: ابن مهدي أكثر تصحيفاً من وكيع ووكيع أكثر خطأ من ابن مهدي.
قال المروذي لأحمد: مَنْ أصحاب الثوري؟ قال: يحيى ووكيع وعبد الرحمن وأبو نعيم، قلت: قدّمت وكيعاً على عبد الرحمن؟ قال: وكيع شيخ.
وقال علي بن خشرم: رأيت وكيعاً وما رأيت بيده كتاباً قط، إنما هو يحفظ، فسألته عن دواء للحفظ، فقال: ترك المعاصي، ما جربت مثله للحفظ.
قال يحيى بن أكثم: صحبت وكيعاً في الحضر والسفر وكان يصوم الدهر ويختم القرآن كل ليلة.
وقال يحيى بن معين: ما رأيت أفضل من وكيع؟ قيل: ولا ابن المبارك؟ قال: قد كان ابن المبارك له فضل ولكن ما رأيت أفضل من وكيع كان يستقبل القبلة ويحفظ حديثه ويقوم الليل ويسرد الصوم ويفتي بقول أبي حنيفة رحمه الله وكان قد سمع منه كثيراً.
والأخبار في عبادته وزهده وعلمه كثيرة انظرها في المصادر المذكورة في أول الترجمة.
قال القعنبي: كنا عند حماد بن زيد
…
وكان عنده وكيع فلما قام قالوا: هذا راوية سفيان (الثوري)، فقال: هذا إن شئتم أرجح من سفيان.
سئل عبد الرحمن بن مهدي: مَنْ أثبت في الأعمش بعد الثوري؟ قال: ما أعدل بوكيع أحداً، قال له رجل: يقولون: أبو معاوية، فنفر من ذلك وقال: أبو معاوية عنده كذا وكذا وهماً
(1)
.
(1)
شرح علل الترمذي لابن رجب (1/ 207).
قلت: في كتابي هذا وهم وكيع في حديث واحد عن الأعمش، وسيأتي في باب أبي معاوية ستة أوهام له عن الأعمش.
وقال الدارمي لابن معين: أبو معاوية أحب إليك في الأعمش أم وكيع؟ فقال: أبو معاوية أعلم به ووكيع ثقة
(1)
.
وسئل يحيى بن معين: حديث الأعمش إذا اختلف وكيع وأبو معاوية القول قول مَن؟ قال: يكون موقوفاً حتى يجيء مَنْ يتابع أحدهما، قلت (القائل الدوري): فحفص ووكيع في حديث الأعمش؟ فقال: ومَن يحدث عن حفص؟ قلت: ابنه، فكأن يحيى لم يقنع بهذا ورأيت يحيى يميل إلى وكيع ميلاً شديداً وقال: إنما كانت الرحلة إلى وكيع في زمانه
(2)
.
وقال يحيى بن معين: وكيع أثبت من زائدة.
وقال الدارمي ليحيى بن معين: ابن المبارك أعجب إليك أو وكيع؟ فلم يفضل.
سئل أحمد: إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن بقول مَنْ تأخذ؟ قال: عبد الرحمن يوافق أكثر وبخاصة في سفيان، كان معنياً بحديث سفيان
(3)
.
وسئل أحمد حنبل عن وكيع وعبد الرحمن بن مهدي فقال: وكيع أكبر في القلب وعبد الرحمن إمام
(4)
.
(1)
تاريخ الدارمي (ص 51).
(2)
تاريخ ابن معين رواية الدوري (4/ 4/ 2846).
(3)
المعرفة والتاريخ (2/ 170).
(4)
علل الترمذي (2/ 170).
وسئل أبو داود: أيما أحفظ وكيع أو عبد الرحمن؟ فقال: وكيع كان أحفظ من عبد الرحمن بن مهدي وكان عبد الرحمن أقل وهماً وكان أتقن
(1)
.
وسأل ابن أبي حاتم أباه فقال: أيهما أحب إليك؟ فقال: عبد الرحمن ثبت ووكيع ثقة.
وقال النسائي: أثبت أصحاب سفيان عندنا والله أعلم يحيى بن سعيد القطان، ثم عبد الله بن المبارك، ثم وكيع بن الجراح، ثم عبد الرحمن بن مهدي، ثم أبو نعيم
(2)
.
وعدّه في الطبقة الخامسة من أصحاب الأعمش
(3)
.
قلت: ما وقفت عليه من أوهام عبد الرحمن بن مهدي تسعة أحاديث لا غير أربعة منها في حديث سفيان.
ووكيع وهم على سفيان في كتابنا في ثلاثة أحاديث فهما متقاربان، والله تعالى أعلم.
(1)
سؤالات أبي عبيد الآجري (5/ 485).
(2)
سنن النسائي (3/ 250 ح رقم 1752).
(3)
الطبقات للنسائي (ص 132).
الحديث الأول
(1)
:
327 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (230): حدثنا قتيبة بن
(1)
رجال الإسناد:
قتيبة بن سعيد بن جميل الثقفي أبو رجاء البغلاني، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة 240 وله 90 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، أبو بكر ابن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ صاحب تصانيف، من العاشرة، مات سنة 235، روى له البخاري ومسلم.
زهير بن حرب بن شداد أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد، ثقة ثبت، روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث، من العاشرة، مات سنة 234 وله 74 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، من رؤوس الطبقة السابعة، مات سنة 161 وله 64 سنة، روى له البخاري ومسلم.
أبو النضر: سالم بن أبي أمية، أبو النضر مولى عمر بن عبد الله التيمي المدني ثقة ثبت وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة 129، روى له البخاري ومسلم.
أبو أنس: مالك بن أبي عامر الأصبحي، سمع من عمر رضي الله عنه، ثقة، من الثانية، مات سنة 74 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
سعيد وأبو بكر ابن أبي شيبة وزهير بن حرب واللفظ لقتيبة وأبي بكر قالوا: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي النضر، عن أبي أنس رضي الله عنه:
أن عثمان توضأ بالمقاعد فقال: ألا أريكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم توضأ ثلاثاً.
وزاد قتيبة في روايته قال سفيان: قال أبو النضر عن أبي أنس قال: وعنده رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
التعليق:
رواه أحمد (1/ 57) وابن أبي شيبة (1/ 9) وأبو عوانة (1/ 203) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (543) والدارقطني (1/ 86) والبيهقي (1/ 78) كلهم من طرق عن وكيع بهذا الإسناد.
هكذا رواه وكيع فقال: (عن سفيان الثوري، عن أبي النضر، عن أبي أنس، عن عثمان).
خالفه عبيد الله الأشجعي
(1)
، وعبد الله بن الوليد العدني
(2)
،
(1)
أحمد (1/ 67).
(2)
أحمد (1/ 67 - 68).
عبد الله بن الوليد هو ابن ميمون الأموي المكي المعروف بالعدني، صدوق ربما أخطأ، من كبار العاشرة روى له البخاري تعليقاً وأبو داود والنسائي قال البيهقي: هكذا هو في جامع الثوري رواية عبد الله بن الوليد العدني.
وحسين بن حفص
(1)
، والفريابي
(2)
، وأبو حذيفة النهدي
(3)
، ويزيد بن أبي حكيم
(4)
، وأبو نعيم الفضل بن دكين
(5)
، ومعاوية بن هشام
(6)
، فرووه عن الثوري فقالوا:(عن سفيان، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن عثمان).
قلب وكيع (بسر بن سعيد) إلى (أبي أنس)
(7)
.
وممن قال بوهم وكيع في هذا الإسناد: الإمام أحمد، والدارقطني، وأبو علي الغساني وغيرهم.
قال عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن أبي النضر عن أبي أنس أن عثمان توضأ ثلاثاً ثلاثاً.
(1)
البيهقي في السنن الكبرى (1/ 79).
الحسين بن حفص بن الفضل بن يحيى الهمداني الأصبهاني، القاضي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة 210، روى له مسلم.
(2)
البيهقي (1/ 79) وابن أبي حاتم في العلل (143).
محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبي مولاهم الفريابي، ثقة فاضل، يقال: أخطأ في شيء من حديث سفيان وهو مقدّم فيه مع ذلك على عبد الرزاق، من التاسعة، روى له البخاري ومسلم.
(3)
البيهقي (1/ 79).
موسى بن مسعود النهدي، صدوق سياء الحفظ وكان يصحف، والبخاري في المتابعات.
(4)
ذكره الدارقطني في السنن (1/ 85) وفي العلل (3/ 17).
(5)
ذكره الدارقطني في العلل (3/ 17).
(6)
ذكره الدارقطني في التتبع (ص 279 - 280).
(7)
وقد تابع وكيعاً أبو أحمد الزبيري في رواية محمود بن غيلان عنه لكن قال الدارقطني: إن غيره خالفه فيه، أي: رواه عن أبي أحمد مثل رواية الجماعة.
قال أبي: إنما هو عن بسر بن سعيد
(1)
.
قال الدارقطني في السنن (1/ 86): والصواب عن الثوري، عن أبي النضر، عن بسر، عن عثمان.
وقال الدارقطني في التتبع (ص 279): هذا مما وهم فيه وكيع على الثوري وخالفه أصحاب الثوري الحفاظ، منهم: الأشجعي عبد الله، وعبد الله بن الوليد، ويزيد بن أبي حكيم، والفريابي، ومعاوية بن هشام وغيرهم رووه عن الثوري، عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد أن عثمان
…
وهو الصواب.
وقال في العلل (3/ 17 - 19): والصحيح قول مَنْ قال: عن بسر بن سعيد.
وقال أبو علي الغساني الجياني: مذكور أن وكيع بن الجراح وهم في إسناد هذا الحديث في قوله: عن أبي أنس، وإنما يرويه أبو النضر عن بسر بن سعيد عن عثمان بن عفان، روينا هذا عن أحمد بن حنبل وغيره، قال: وهكذا قال الدارقطني هذا مما وهم فيه وكيع على الثوري وخالفه أصحاب الثوري الحفاظ، منهم: الأشجعي عبيد الله، وعبد الله بن الوليد، ويزيد بن أبي حكيم، والفريابي، ومعاوية بن هشام، وأبو حذيفة وغيرهم، رووه عن الثوري، عن أبي النضر عن بسر بن سعيد أن عثمان وهو الصواب. هذا آخر كلام أبي علي
(2)
.
وكذلك رجح هذا القول ابن عبد الهادي في تعليقه على العلل
(1)
العلل رواية عبد الله بن أحمد (2/ 281).
(2)
شرح صحيح مسلم للنووي (3/ 114 - 115).
وخالفهم أبو حاتم وأبو زرعة فصححا رواية وكيع.
قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 55 رقم 143): سئل أبو زرعة عن حديث رواه الفريابي عن سفيان، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد أن عثمان توضأ ثلاثاً ثلاثاً.
ورواه وكيع عن سفيان عن أبي النضر، عن أبي أنس.
قال أبو زرعة: وهم فيه الفريابي، والصواب ما قاله وكيع.
وسألت أبي عن هذا الحديث فقال: حديث وكيع أصح، وأبو أنس جد مالك بن أنس.
وأبو أنس عن عثمان متصل، وبسر بن سعيد عن عثمان مرسل.
ونصر قولهما الشيخ ربيع بن هادي في كتابه بين الإمامين مسلم والدارقطني ص 78.
قال ابن عبد الهادي في تعليقه على العلل (1/ 79) معقباً: وفي قول أبي زرعة (وهم فيه الفريابي) نظر فقد تابعه الحسين بن حفص وأبو حذيفة وعبد الله بن الوليد العدني وغيرهم وروايتهم أشبه بالصواب، والله أعلم.
ثم قال: وهذا الذي صححه الدارقطني مخالف لما صححه أبو زرعة وأبو حاتم، وقوله في هذا أوْلى، والله أعلم. اه.
قلت: وقد سبق الدارقطني إلى ذلك الإمام أحمد، والله تعالى أعلم.
الترجيح:
والذي يترجح عندي هو ما ذهب إليه الإمام أحمد والدارقطني ومَن تابعهما للأسباب التالية:
1 أن أحمد أعلم بحديث شيخه وكيع من غيره.
2 أن الحديث كذلك في جامع الثوري.
قال البيهقي: وهكذا هو في جامع الثوري رواية عبد الله بن الوليد العدني (السنن 1/ 78 - 79) تعليقه على العلل (1/ 192).
3 أن وكيعاً وإن كان حافظاً متقناً إلا أن الأخذ برواية العدد الكثير أوْلى من الأخذ برواية الواحد.
أما متابعة أبي أحمد الزبيري فقد اختلف عنه وربما كان هو سبب الاختلاف. قال أحمد بن حنبل: كان كثير الخطأ في حديث سفيان لذا قال في التقريب: ثقة ثبت إلا أنه قد يخطاء في حديث الثوري.
4 أن وكيعاً يحدّث من حفظه، ومهما كان الرجل حافظاً متقناً إلا أنه قد يحصل له الوهم.
قال أحمد بن حنبل: ما كان أقل سقطاً من ابن المبارك، كان رجلاً يحدّث من كتاب، ومَن حدّث من كتاب لا يكاد يكون له سقط كثير شيء.
وكان وكيع يحدث من حفظه ولم يكن ينظر في كتاب، وكان له سقط كم يكون حفظ الرجل
(1)
.
(1)
المعرفة والتاريخ (2/ 197).
وقال علي بن المديني: عهدي بأصحابنا وأحفظهم أحمد بن حنبل، فلما احتاج أن يحدّث لا يكاد يحدّث إلا من كتاب
(1)
.
وقال أيضاً: قال لي أحمد: لا تحدثني إلا من كتاب
(2)
.
لذا قال الخطيب: الاحتياط للمحدث والأوْلى به أن يروي من كتابه ليسلم من الوهم والغلط ويكون جديراً بالبُعد عن الزلل
(3)
.
علة الوهم:
أن وكيعاً كان يحدّث من حفظه، وقد روى الثوري عن أبي النضر عن أبي أنس حديثين موقوفين فاشتبه عليه.
قال الدارقطني في التتبع: والذي عند الثوري عن أبي النضر عن أبي أنس عن عثمان حديثان موقوفان غير حديث الوضوء.
أحدهما: أنه كان لا يكبِّر حتى تعتدل الصفوف ويبعث رجالاً يعدلون الصفوف.
والآخر: للمنصت النائي مثل ما للمنصت السامع. اه.
أما متن الحديث فصحيح وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن شهاب الزهري، عن عطاء بن يزيد أن حمدان مولى عثمان أخبره أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفَّيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثاً ويديه إلى المرفقين ثلاثاً
…
الحديث
(4)
، والله تعالى أعلم.
(1)
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 10).
(2)
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 10).
(3)
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 10).
(4)
البخاري (158، 163) ومسلم (1/ 204 ح 226).
الحديث الثاني
(1)
:
328 -
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه (3/ 311 ح 1683): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق بن إبراهيم (واللفظ لأبي بكر) قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال:
استشار عمر بن الخطاب الناس في ملاص
(2)
المرأة، فقال المغيرة بن شعبة: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة، قال: فقال عمر: ائتني بمَن يشهد معك، قال: فشهد له محمد بن مسلمة.
(1)
رجال الإسناد
عبد الله بن محمد بن أبي شيبة: تقدم.
أبو كريب: محمد بن العلاء بن كُريب الهمداني الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 247 وله 87 سنة، روى له البخاري ومسلم.
إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، ابن راهويه المروزي، ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد بن حنبل، مات سنة 238 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة 145 أو 146 وله 78 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات قبل سنة 100 عام 94 على الصحيح ومولده أول خلافة عثمان، روى له البخاري ومسلم.
المسور بن مخرمة بن نوفل بن عبد مناف الزهري أبو عبد الرحمن، له ولأبيه صحبة، مات سنة 64 وحديثه في الصحيحين.
(2)
قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم ملاص وهو جنين المرأة والمعروف في اللغة إملاص المرأة
…
اه. قلت: عند أبي داود وأحمد بلفظ: (إملاص)، قال أبو داود: بلغني عن أبي عبيد إنما سمي إملاصاً لأن المرأة تزلقه قبل وقت الولادة، وكذلك كل مَنْ زلق من اليد وغيره فقد ملص.
أبو داود ح 4570، غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام (1/ 177)(3/ 277).
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، والحديث صحيح فقد أخرجه مسلم في الصحيح
(1)
إلا أن وكيعاً وهم في هذا الإسناد في ذكر المسور بن مخرمة، وخالفه أصحاب هشام الثقات فلم يذكروا فيه المسور، ومن طريقهم أخرجه البخاري في الصحيح ولم يخرجه من طريق وكيع.
والذين خالفوا وكيعاً هم:
وهيب
(2)
، وزائدة بن قدامة
(3)
، وأبو معاوية
(4)
، وعبيد الله بن موسى
(5)
، وحماد بن زيد
(6)
، وحماد بن سلمة
(7)
، وسفيان بن عيينة
(8)
، وابن جريج
(9)
، والليث بن سعد
(10)
، وأنس بن عياض
(11)
،
(1)
وأخرجه كذلك أبو داود (4570) وابن ماجه (2640) وأحمد 4/ 253) وابن أبي شيبة (9/ 251) من طرق عن وكيع به.
(2)
البخاري (6905).
(3)
البخاري (6908).
(4)
البخاري (7317).
(5)
البخاري (6907).
(6)
ذكره أبو داود تعليقاً عقب الحديث (4571) وعزاه الحافظ في الفتح (12/ 250) إلى الإسماعيلي في مستخرجه على البخاري، وعزاه إليه الدارقطني في العلل (7/ 145).
(7)
ذكره أبو داود تعليقاً (4571).
(8)
عزاه الحافظ إلى الإسماعيلي في مستخرجه على البخاري (12/ 250) وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (55/ 257).
(9)
عبد الرزاق (18353) وأحمد (4/ 244) والطبراني (19/ 506) وابن عساكر في تاريخه (55/ 56).
(10)
الطبراني في الكبير (20/ 1070) وابن عساكر في تاريخ دمشق (55/ 252 - 253).
(11)
الطبراني في الكبير (19/ 507).
وعبد العزيز بن مسلم
(1)
، ومفضل بن فضالة
(2)
، ويحيى بن عبد الله بن سالم
(3)
، ومسلمة بن سعيد
(4)
، ومالك بن سُعير
(5)
، وأبو أسامة
(6)
، وعبد العزيز بن أبي حازم
(7)
.
وقد تابع وكيعاً على ذكر المسور بن مخرمة عبدة بن سليمان، وقيس بن الربيع، وعلي بن غراب، ويزيد بن سنان، ذكرهم الدارقطني في العلل (7/ 145) ولم يذكر في العلل ترجيحاً لأي من الروايتين وذكر في التتبع أن وكيعاً واهم.
قال في التتبع (ص 219): (وأخرج مسلم حديث وكيع عن هشام عن أبيه عن المسور أن عمر استشار في إملاص المرأة وهذا وهم.
وخالفه أصحاب هشام وهيب، وزائدة، وأبو معاوية، وعبد الله بن موسى، وأبو أسامة، فلم يذكروا المسور، وهو الصواب.
وفي حديث زائدة عن هشام عن أبيه سمع المغيرة، وكذلك قال أبو الزناد: عن عروة عن المغيرة.
ولم يذكر مسلم غير حديث وكيع وهو وهم، وأخرج البخاري حديث مَنْ خالفه وهو الصواب).
(1)
الطبراني في الكبير (2/ 1071) وابن عساكر في تاريخ دمشق (55/ 255).
(2)
عزاه إليه الدارقطني في العلل (17/ 145) وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (55/ 253).
(3)
عزاه إليه الدارقطني (7/ 145).
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.
(6)
عزاه إليه الدارقطني في التتبع (ص 219).
(7)
تاريخ دمشق (55/ 255).
وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق (55/ 251 - 258) أن يزيد بن سنان الرهاوي، وقيس بن الربيع الأسدي، ويحيى بن زكريا بن زائدة، ومحمد بن سليمان، قد تابعوا وكيعاً فذكروا المسور بن مخرمة.
قال: «وخالفهم الليث بن سعد ومفضل بن فضالة المصريان ووهيب بن خالد وزائدة بن قدامة وأبو معاوية الضرير وعبد العزيز بن أبي حازم وعبد العزيز بن مسلم القسملي عن هشام بن عروة عن أبيه عن المغيرة من غير ذكر المسور.
قال: وكذلك رواه أبو الزناد
(1)
عن عروة.
ونقل عن أبي بكر المغربي قوله: وأنبأنا الجوزقي قال: سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: حديث وكيع وهم لم يتابعه أحد من أصحاب هشام بن عروة عن المسور بن مخرمة، وأراد عندي حديث سبيعة، وقد اجتمع هؤلاء من أصحاب هشام على خلاف ما قال ابن جريج ووكيع، وحديث ابن جريج أوقع على القلب من حديث وكيع، وابن جريج هو الحافظ المتقن ومع حفظه صاحب كتاب يحدّث من الكتاب، فإن كان حفظ فيه عن ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه فقد أسنده وجوّده
…
وقد حكى محمد بن يحيى (الذهلي) عن علي بن عبد الله (المديني) أنه قال: لا يعلم أحدٌ أسند هذا غير وكيع ولا أرى وكيعاً إلا واهماً في روايته حيث قال عن المسور بن مخرمة». اه.
(1)
ابن عساكر في تاريخ دمشق (55/ 256).
الحديث الثالث
(1)
:
329 -
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه (3/ 1681 ح 2129): حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا وكيع وعبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن امرأة قالت: يا رسول الله أقول: إن زوجي أعطاني ما لم يعطني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبَيْ زور» .
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا قال وكيع: (عن هشام، عن عروة، عن عائشة).
خالفه حماد بن زيد
(2)
، ويحيى بن سعيد القطان
(3)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(4)
، وأبو معاوية محمد بن خازم
(5)
، وعبدة بن
(1)
رجال الإسناد
محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي، أبو عبد الرحمن (لقبه درة العراق) ثقة حافظ فاضل، من العاشرة، مات سنة 234، روى عنه البخاري ومسلم.
عبدة بن سليمان الكلابي، أبو محمد الكوفي يقال: اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت من صغار الثامنة، مات سنة 187 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
هشام بن عروة: تقدم، انظر ح (2).
عروة بن الزبير: تقدم، انظر ح (2).
(2)
البخاري (5219) وأبو داود (4997).
(3)
البخاري (5219).
(4)
مسلم (2130).
(5)
مسلم (2130) وأحمد (6/ 345) وإسحاق (2246).
سليمان
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي
(3)
، وحماد بن سلمة
(4)
، وعبد الرحمن بن أبي الزناد
(5)
، وعبد العزيز بن أبي حازم
(6)
، وعلي بن مسهر
(7)
، وأبو ضمرة
(8)
، ومرجي بن رجاء
(9)
، وحميد بن الأسود
(10)
.
هؤلاء كلهم رووه عن هشام، عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير وهي زوج هشام وابنة عمه، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق وهي جدتهما لأبويهما.
وكذلك رواه محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء
(11)
.
وقد تابع وكيعاً معمر بن راشد
(12)
والمبارك بن فضالة
(13)
فروياه
(1)
مسلم (2130) والنسائي في الكبرى (8922) فكأنه يرويه على الوجهين.
(2)
الحميدي (319) ولفظه: المشبع بما لم ينل، والشهاب في مسنده (308) ولفظه: مما لا يمل.
(3)
ابن حبان (5739).
(4)
الحاكم في معرفة علوم الحديث ص 274.
(5)
الطبراني في الكبير (24/ 323).
(6)
الطبراني (24/ 327).
(7)
ذكره الحافظ في الفتح (9/ 318) وعزاه لأبي عوانة.
(8)
ذكره الحافظ في الفتح (9/ 319) وعزاه لأبي عوانة.
(9)
أبو نعيم في المستخرج كما في الفتح (9/ 319).
(10)
الطبراني في الأوسط (8538).
(11)
الطبراني في الكبير (24/ 351).
(12)
عبد الرزاق (20452) وأحمد (6/ 167) وإسحاق (736) والنسائي (8920) وانظره في بابه ح (221).
(13)
الطبراني في الصغير (1064) وذكره الدارقطني في العلل، ومبارك بن فضالة صدوق يدلس ويسوي.
عن هشام عن عروة عن عائشة.
أما عبدة فقد رواه مسلم من طريق ابن نمير
(1)
والنسائي من طريق محمد بن آدم
(2)
عنه عن هشام فقال: فيه أسماء.
قال الحافظ: فالظاهر أن المحفوظ عن عبدة هو عن هشام عن فاطمة
(3)
.
قال النسائي عن حديث معمر: إنه خطأ وأن الصواب هو مَنْ قال: أسماء
(4)
.
ونقل الحاكم عن إبراهيم بن إسحاق الحربي أن الصواب قول مَنْ قال: عن هشام عن فاطمة عن أسماء
(5)
.
وقال الدارقطني في العلل: (يرويه هشام بن عروة، واختلف عنه: فرواه معمر ومبارك بن فضالة عن هشام عن أبيه عن عائشة. وغيرهما يرويه عن هشام عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر وهو الصحيح
(6)
.
وقال الحافظ المزي: (المشهور أنه من حديث أسماء، وحديث عائشة غريب)
(7)
.
(1)
مسلم (2130).
(2)
السنن الكبرى (8922).
(3)
الفتح (9/ 319) وسيأتي.
(4)
السنن الكبرى (5/ 292).
(5)
معرفة علوم الحديث (ص 274) ونقله هذا عنه موافقة منه لقوله.
(6)
العلل (13/ 278) ورواية مبارك بن فضالة أخرجها الطبراني في الصغير (1064).
(7)
تحفة الأشراف (12/ 211).
قال الحافظ: (وقد اتفق الأكثر من أصحاب هشام على هذا الإسناد وانفرد معمر والمبارك بن فضالة بروايته عن هشام بن عروة فقالا: عن أبيه عن عائشة.
وأخرجه النسائي من طريق معمر وقال: إنه خطأ والصواب حديث أسماء.
وذكر الدارقطني في التتبع
(1)
أن مسلماً أخرجه من رواية عبدة بن سليمان ووكيع كلاهما عن هشام بن عروة مثل رواية معمر قال: وهذا لا يصح وأحتاج أن أنظر في كتاب مسلم فإني وجدته في رقعة، والصواب عن عبدة ووكيع عن فاطمة عن أسماء لا عن عروة عن عائشة، وكذا قال سائر أصحاب هشام.
قلت: هو ثابت في النسخ الصحيحة من كتاب مسلم في كتاب اللباس أورده عن ابن نمير عن عبدة ووكيع عن هشام، عن أبيه عن عائشة، ثم أورده عن ابن نمير عن عبدة وحده عن هشام عن فاطمة عن أسماء فاقتضى أنه عند عبدة على الوجهين وعند وكيع بطريق عائشة فقط، ثم أورده مسلم من طريق أبي معاوية ومن طريق أبي أسامة كلاهما عن هشام عن فاطمة، وكذا أورده النسائي عن محمد بن آدم وأبو عوانة في صحيحه من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة كلاهما عن عبدة عن هشام، وكذا هو في مسند أبي شيبة.
وأخرجه أبو عوانة أيضاً من طريق أبي ضمرة ومن طريق
(1)
التتبع (ص 345).
علي بن مسهر، وأخرجه ابن حبان من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي وأبو نعيم في المستخرج من طريق مرجي بن رجاء كلهم عن هشام عن فاطمة، فالظاهر أن المحفوظ عن عبدة عن هشام عن فاطمة.
وأما وكيع فقد أخرج روايته الجوزقي من طريق عبد الله بن هاشم الطوسي عنه بمثل ما وقع عند مسلم فيضم إلى معمر ومبارك بن فضالة)
(1)
. اه.
وقال النووي: (قال عبد الغني بن سعيد: وليس يعرف حديث هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها إلا من رواية مسلم عن ابن نمير ومن رواية معمر بن راشد.
وقال الدارقطني في كتاب العلل: حديث هشام عن أبيه عن عائشة إنما يرويه هكذا معمر والمبارك بن فضالة ويرويه غيرهما عن فاطمة عن أسماء وهو الصحيح، قال: وإخراج مسلم حديث هشام عن أبيه عن عائشة لا يصح والصواب حديث عبدة ووكيع وغيرهما عن هشام عن فاطمة عن أسماء، والله أعلم)
(2)
.
الخلاصة:
إن وكيعاً روى هذا الحديث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
(1)
فتح الباري (9/ 318 - 319).
(2)
شرح صحيح مسلم (14/ 111).
وانظر: (بين مسلم والدارقطني) للشيخ الدكتور ربيع بن هادي المدخلي ص 361.
وتابعه على ذلك معمر بن راشد وهو ثقة حافظ إلا أن في روايته عن هشام بن عروة كلاماً. (انظره في بابه).
وتابعه على ذلك مبارك بن فضالة وثقه بعض أهل الحديث وضعّفه بعضهم في حفظه، فقال يحيى بن معين: ضعيف، ومرة قال: لا بأس به، وقال ابن المديني: صالح وسط، وقال النسائي: ضعيف، وقال الساجي: كان صدوقاً مسلماً خياراً وكان من النساك ولم يكن بالحافظ وفيه ضعف، لذا قال ابن حجر في التقريب: صدوق يدلس ويسوي، ولم يخرج له الشيخان في الصحيح شيئاً.
وأما عبدة فكما تقدم من كلام الدارقطني فإنه ينفي رواية وكيع وعبدة لهذا الحديث عن هشام عن أبيه عن عائشة، ووافقه الحافظ في عبدة وخالفه في وكيع.
وقد وهم وكيع ومعمر في إسناد هذا الحديث فقد خالفهم أربعة عشر حافظاً وقولهم هو الأصح كما ذكر أهل العلم، والله أعلم.
علة الوهم:
وكيع إمام ثقة حافظ وهو يعتمد على حفظه ولا يعتمد على كتاب كما تقدم وسلك في هذا الحديث الجادة، وذلك لكثرة ما يروي هشام عن أبيه عن عائشة، والله تعالى أعلم.
الحديث الرابع
(1)
:
330 -
قال أبو داود رحمه الله (1581): حدثنا الحسن بن علي، حدثنا وكيع، عن زكريا بن إسحاق المكي، عن عمرو بن أبي سفيان الجمحي، عن مسلم بن ثفنة اليشكري، قال الحسن: روح يقول: مسلم بن شعبة قال:
استعمل نافع بن علقمة أبي على عرافة قومه فأمره أن يصدقهم قال: فبعثني أبي في طائفة منهم فأتيت شيخاً كبيراً يقال له: سعر بن ديسم فقلت: إن أبي بعثني إليك يعني لأصدقك، قال: ابن أخي، وأي نحو تأخذون؟ قلت: نختار حتى إنا نتبين ضروع الغنم، قال: ابن أخي فإني أحدثك أني كنت في شعب من هذه الشعاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غنم لي، فجاءني رجلان على بعير فقالا لي: إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك لتؤدي صدقة غنمك، فقلت: ما عليّ فيها؟ فقالا: شاة، فأعمد إلى شاة قد عرفت مكانها ممتلئة مخضاً وشحماً فأخرجتها إليهما، فقالا: هذه شاة الشافع وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأخذ شافعاً
…
الحديث.
(1)
رجال الإسناد
الحسن بن علي بن محمد الهذلي، أبو علي الخلال الحلواني نزيل مكة، ثقة حافظ، له تصانيف، من الحادية عشرة، مات سنة 242، روى له البخاري ومسلم.
زكريا بن إسحاق المكي، ثقة رمي بالقدر، من السادسة، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحي، ثقة، من الخامسة، روى له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي.
مسلم بن ثفنة، ويقال: شعبة وهو أصح، حجازي مقبول، من الثالثة، روى له أبو داود والنسائي.
التعليق:
ورواه أحمد (3/ 414) عن وكيع به ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (20/ 409).
ورواه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 96) من طريق أبي داود به.
ورواه النسائي (5/ 32) وفي الكبرى (2242) من طريق محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 200) من طريق ابن سلام، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (967) من طريق محمد بن فضيل، ثلاثتهم أحمد وابن المبارك وابن سلام وابن فضيل عن وكيع به.
ووقع في مطبوع البخاري (مسلم بن شعبة).
هكذا قال وكيع: (عن زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن أبي سفيان، عن مسلم بن ثفنة، وقال في الحديث: (ممتلئة مخضاً وشحماً).
خالفه روح
(1)
، وبشر بن السري
(2)
، وأبو عاصم
(3)
فقالوا: (عن زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن أبي سفيان، عن مسلم بن شعبة.
وقالوا: (شاة ممتلئة مخاضاً وشحماً).
(1)
أبو داود (1582) والنسائي (5/ 33) وأحمد (3/ 415) والبيهقي (4/ 96) والحارث في مسنده (1/ 387 زوائد الهيثمي) وابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 410)(ووقع في مطبوع النسائي (مسلم بن ثفنة) وهو خطأ) وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 49).
(2)
البخاري في التاريخ الكبير (4/ 200) وابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 411).
(3)
ذكره أبو داود تعليقاً على الحديث (1581).
قال النسائي في الكبرى (2/ 15): يقولون: مسلم بن شعبة، ولكن قال هذا: ابن ثفنة، والصواب شعبة.
وقال الإمام أحمد عقب الحديث: «كذا قال وكيع: مسلم بن ثفنة صحَّف، وقال روح: ابن شعبة، وهو الصواب.
قال أحمد: وقال بشر بن السري: لا إله إلا الله هو ذا ولده هاهنا، يعني مسلم بن شعبة». اه
(1)
.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (7/ 263): مسلم بن شعبة.
وقال وكيع: ابن ثفنة، ولا يصح.
وقال البيهقي: كذا قال وكيع: (مخضاً) والصواب (مخاضاً)، وقال: مسلم بن ثفنة والصواب (مسلم بن شعبة) قاله يحيى بن معين وغيره من الحفاظ.
وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار (3/ 237): وروينا عن يحيى بن معين أنه قال: أخطأ فيه وكيع إنما هو مسلم بن شعبة. كذا قال بشر بن السري وروح بن عبادة.
قال: وأخطأ فيه أيضاً فقال: مخضاً وإنما هو مخاض وشحم.
وقال الدارقطني: مسلم بن ثفنة، قاله وكيع ووهم والصواب مسلم بن شعبة
(2)
.
وقال الدوري في تاريخه (3/ 69): سمعت يحيى يقول في حديث
(1)
وذكره أحمد أيضاً في العلل ومعرفة الرجال برواية ابنه عبد الله (2/ 514) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 200) والعسكري في تصحيفات المحدثين (1/ 97).
(2)
التنقيح (2/ 182).
زكريا بن إسحاق عن عمرو بن أبي سفيان عن مسلم بن ثفنة قال يحيى: أخطأ فيه إنما هو مسلم بن شعبة، هكذا قال بشر بن السري وروح بن عبادة، وأخطأ فيه في موضع آخر: قال وكيع: مخضاً وإنما هو مخاضاً وشحماً»
(1)
.
(1)
ونحو ذلك قال أيضاً في التاريخ (3/ 104) و (4/ 277)، مخض الشيء مخضاً، أي: حركه شديداً، واللبن أخرج زبده فهو مخيض. المعجم الوسيط (2/ 857).
الحديث الخامس
(1)
:
331 -
قال الإمام ابن ماجه رحمه الله (339): حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن يعلى بن مرة، عن أبيه قال:
كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأراد أن يقضي حاجته فقال لي: «ائت تلك الأشاءتين» ، قال وكيع: يعني النخل الصغار، وقال أبو بكر: القصار، «فقل لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن تجتمعا» فاجتمعتا فاستتر بهما فقضى حاجته، ثم قال لي:«ائتهما فقل لهما: لترجع كل واحدة منكما إلى مكانها» فقلت لهما فرجعتا.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات (وقال البوصيري: إسناده ضعيف لأن المنهال بن عمرو لم يسمع من يعلى بن مرة).
ورواه أحمد (4/ 171) و (4/ 172) عن وكيع بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد
علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة 230، وقيل: 235، قال أبو حاتم: كان ثقة صدوقاً، وهو أحب إليّ من أبي بكر ابن أبي شيبة في الفضل والصلاح، وأبو بكر أكثر حديثاً وأفهم. (التهذيب). روى له ابن ماجه والنسائي في عمل اليوم والليلة.
الأعمش: تقدم.
المنهال بن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي، صدوق ربما وهم، من الخامسة، روى له البخاري.
يعلى بن مرة بن وهب بن جابر الثقفي، صحابي، شهد الحديبية وما بعدها.
مرة بن وهب بن جابر الثقفي والد يعلى، يقال: إن له صحبة إن ثبت الإسناد، روى له ابن ماجه.
وهو عند وكيع في الزهد (508) ومن طريقه هناد في الزهد (1328) بهذا الإسناد.
ورواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1614) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 21 - 22) من طريق أبي سعيد الأشج وعمرو الأودي، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 221) من طريق موسى بن معاوية، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 366) من طريق أبي خيثمة كلهم عن وكيع بهذا الإسناد.
هكذا قال وكيع: (عن الأعمش، عن المنهال، عن يعلى، عن أبيه مرة).
خالفه محاضر بن المورع
(1)
فقال: (عن الأعمش، عن المنهال، عن يعلى).
ورواه يحيى بن عيسى
(2)
فقال: (عن الأعمش، عن المنهال، عن ابن يعلى، عن يعلى).
ورواه حبيب بن أبي عمرة
(3)
عن المنهال، عن يعلى.
وكذلك عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، عن أبيه عبد الله عن جده يعلى
(4)
.
(1)
الطبراني في المعجم الكبير (22/ 680).
(2)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1611) والطبراني (22/ 679).
(3)
أحمد (4/ 173).
(4)
الطبراني (22/ 672).
وقيل: عمرو بن عثمان بن يعلى عن أبيه عن جده
(1)
.
ورواه عثمان بن حكيم عن عبد الرحمن بن عبد العزيز عن يعلى
(2)
.
ورواه معمر، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حفص، عن يعلى
(3)
.
ورواه عاصم بن بهدلة، عن حبيب بن أبي جبيرة، عن يعلى بن سباية
(4)
.
وهذا هو الصحيح فالحديث إنما هو ليعلى بن مرة وليس لأبيه، وقد كان وكيع يهم فيه فتارة يجعله من مسند يعلى وأخرى يجعله من مسند أبيه مرة كما قال الإمام أحمد
(5)
.
وقد رواه عن وكيع على الوجه الصحيح غير واحد من أصحابه فقالوا: عن وكيع عن الأعمش، عن المنهال عن يعلى، منهم:
أحمد
(6)
، وأبو بكر ابن أبي شيبة
(7)
، وعبد الله بن هاشم
(1)
الطبراني (22/ 661 - 662).
(2)
أحمد (4/ 171) وابن أبي شيبة (11/ 488 - 490).
(3)
أحمد (4/ 173) وعبد بن حميد (405) والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 23 - 24) والبغوي في شرح السنة (3718).
(4)
أحمد (4/ 172) وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 221) والطبراني (22/ 705) ويعلى بن سباية هو يعلى بن مرة وسباية اسم أمه.
(5)
المسند (4/ 171) و (4/ 172).
(6)
المسند (4/ 172).
(7)
ابن أبي عاصم في السنة (1612).
العبدي
(1)
، وابن سعد
(2)
، وإبراهيم بن عبد الله
(3)
.
وقد صحح هذا الوجه الإمام البخاري وذكر أن وكيعاً وهم، وكذلك قال البيهقي إلا أنه حمل الوهم على الأعمش لمتابعة يونس بن بكير وكيعاً في روايته عن الأعمش
(4)
.
قال البيهقي: «هذا أصح والأول وهم قاله البخاري، يعني روايته عن أبيه وهم وإنما هو عن يعلى نفسه، وهم فيه وكيع مرة ورواه على الصحة مرة.
وقد وافقه فيما زعم البخاري أنه وهم يونس بن بكير فيحتمل أن يكون الوهم من الأعمش، والله أعلم»
(5)
.
(6)
.
الخلاصة:
اختلف عن وكيع في هذا الإسناد.
فرواه ثمانية من أصحابه عنه عن الأعمش فقالوا فيه: (عن يعلى بن مرة عن أبيه).
(1)
ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 366).
(2)
في طبقاته الكبرى (1/ 170).
(3)
ابن عبد البر في التمهيد (6/ 52).
(4)
حديث يونس رواه هناد في الزهد (1339) والحاكم (2/ 617) وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 367).
(5)
دلائل النبوة (6/ 22).
(6)
تحفة الأشراف (8/ 51).
ورواه خمسة من أصحابه عنه عن الأعمش فقالوا: (عن يعلى بن مرة) وهذا هو الصحيح، فقد رواه غير واحد عن يعلى بن مرة ولم يقولوا: عن أبيه، والله تعالى أعلم.
ومرة بن وهب والد يعلى ذكره البغوي وغيره في الصحابة وأخرجوا من طريق عبيد الله بن أبي زياد عن أم يحيى بنت يعلى عن أبيها قالت: جئت بأبي يوم الفتح فقلت: يا رسول الله: هذا أبي يبايعك على الهجرة، قال:«لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية»
(1)
، والله أعلم.
(1)
الإصابة (7910).
الحديث السادس
(1)
:
332 -
قال ابن ماجه رحمه الله (641): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وكانت حائضاً: «انقضي شعرك واغتسلي» .
قال علي في حديثه: (انقضي رأسك).
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
إلا أن أهل الحديث أنكروا هذا الحديث على وكيع، لأنه لم يروه عن هشام بن عروة على هذا الوجه غيره، وهو قد اختصره من حديث عائشة في الحج الذي رواه غير واحد عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين لهلال ذي الحجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحبّ أن يُهِل بعمرة فليُهِل، ومَن أحب أن يُهل بحجة فليُهِل، ولولا أني أهديت لأهللت بعمرة» فمنهم مَنْ أهلّ بعمرة ومنهم مَنْ أهلّ بحجة، وكنت ممن أهلّ بعمرة فحضت قبل أن أدخل مكة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلِّي بالحج» ففعلت، فلما كانت ليلة الحصبة أرسل معي عبد الرحمن إلى التنعيم فأردفها فأهلّت بعمرة مكان عمرتها،
(1)
رجال الإسناد
أبو بكر ابن أبي شيبة: تقدم.
علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي: تقدم.
فقضى الله حجّها وعمرتها، ولم يكن في شيء من ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم.
هكذا رواه الثقات عن هشام بن عروة، منهم:
أبو أسامة حماد بن أسامة
(1)
، وأبو معاوية محمد بن خازم
(2)
، ويحيى بن سعيد القطان
(3)
، وعبدة بن سليمان
(4)
، وعبد الله بن نمير
(5)
، وحماد بن زيد
(6)
، وحماد بن سلمة
(7)
، ووهيب بن خالد
(8)
، وجعفر بن عون
(9)
، ومالك
(10)
، وعلي بن مسهر
(11)
، ومعمر
(12)
، وابن جريج
(13)
، وقد رواه وكيع نفسه أيضاً عن هشام بمثل روايتهم
(14)
.
وكذلك رواه الزهري
(15)
، ويحيى بن أبي كثير
(16)
، وحبيب بن أبي ثابت
(17)
عن عروة عن عائشة.
(1)
البخاري (317).
(2)
البخاري (1783).
(3)
البخاري (1786) وأحمد (6/ 191).
(4)
مسلم (1211) وابن ماجه (3000).
(5)
مسلم (1211).
(6)
أبو يعلى (4504) وابن حبان (3792) وابن عبد البر في التمهيد (8/ 225).
(7)
أبو داود (1778) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3849).
(8)
أبو داود (1778).
(9)
أبو عوانة (3157) والبيهقي (4/ 355).
(10)
النسائي (1/ 32) وأبو عوانة (3158).
(11)
أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2798).
(12)
إسحاق (682) والطحاوي (3852).
(13)
الطحاوي (3849).
(14)
مسلم (1211).
(15)
البخاري (316) ومسلم (1210).
(16)
الطبراني في الأوسط (7383).
(17)
الطبراني (7909).
ولما اختصره وكيع رحمه الله أوهم أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لعائشة في غسلها من الحيض، لذا أخرجه ابن ماجه رحمه الله في كتاب الطهارة (باب في الحائض كيف تغتسل).
بينما الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لعائشة وهي حائض ولم ينقطع دمها وأمرها أن تغتسل للإحرام وهي حائض.
قال ابن رجب في فتح الباري (1/ 476): (إن غسل عائشة الذي أمرها النبي صلى الله عليه وسلم به لم يكن من الحيض، بل كانت حائضاً وحيضها حينئذٍ موجود
…
ولكن أمرها أن تغتسل في حال حيضها وتهل بالحج، فهو غسل للإحرام في حال الحيض، كما أمر أسماء بنت عميس لما نفست بذي الحليفة أن تغتسل وتهل).
لذا أنكر الإمام أحمد هذا الحديث.
ففي مسائل الإمام أحمد رواية ابن هاناء (2/ 240) قال:
وسئل عن حديث وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة قصة الحيض؟
قال: هذا باطل. اه.
وقال ابن رجب في فتح الباري (2/ 476 - 477): هذا يوهم أنه قال لها ذلك في غسلها من المحيض، وهذا مختصر من حديث عائشة الذي خرّجه البخاري.
وقد ذكر هذا الحديث المختصر للإمام أحمد عن وكيع، فأنكره، قيل له: كأنه اختصره من حديث الحج؟ قال: ويحل له أن يختصر؟ نقله عنه المروذي.
ونقل عنه إسحاق بن هاناء أنه قال: هذا باطل.
قال أبو بكر الخلال: إنما أنكر أحمد مثل هذا الاختصار الذي يخل بالمعنى لا أصل اختصار الحديث.
قال: وابن أبي شيبة في مصنفاته يختصر مثل هذا الاختصار المُخِل بالمعنى، هذا معنى ما قاله الخلال). اه.
ثم بيّن ابن رجب أن الاختصار هنا من وكيع وليس من أبي بكر ابن أبي شيبة الذي أخرجه هو أيضاً في مصنفه (1/ 79) من طريق وكيع.
قال ابن رجب: وقد تبين برواية ابن ماجه أن الطنافسي رواه عن وكيع كما رواه ابن أبي شيبة عنه، ورواه أيضاً إبراهيم بن مسلم الخوارزمي في (كتاب الطهور) له عن وكيع أيضاً، فلعل وكيعاً اختصره، والله أعلم.
وقال الألباني في الإرواء (1/ 167): صحيح على شرط الشيخين لكني أشك في صحة هذه اللفظة: «اغتسلي» فإن الحديث في الصحيحين وغيرهما من طرق عن هشام به أتم منه بدونها.
لكنه صحح هذه الزيادة في الصحيحة (188) فقال: زيادة صحيحة بهذا السند الصحيح.
علة الوهم:
اختصار الحديث.
الدلالة الفقهية:
الاختصار الحاصل في هذا الحديث دلّ على أمر لم يدل عليه أصل الحديث فإنه دلّ على أن المرأة تنقض شعرها عند غسلها من الحيض، وعليه أخرجه ابن ماجه في سننه في الطهارة (باب في الحائض كيف تغتسل) وأصل الحديث يبين كيف تغتسل الحائض عند الإهلال بالحج.
وقد أخرج البخاري الحديث في صحيحه في كتاب الحج في (باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي) وأخرجه أيضاً في (باب العمرة ليلة الحصبة وغيرها)(3/ 609، 6005).
وأخرج الحديث ذاته أيضاً في كتاب الطهارة (3/ 417) باب (امتشاط المرأة بعد غسلها من المحيض)
(1)
، (3/ 417 - 418) باب (نقض المرأة شعرها بعد غسل المحيض).
قال ابن حجر في الفتح (3/ 418): أي: هل يجب أم لا؟ وظاهر الحديث الوجوب، وبه قال الحسن وطاووس في الحائض دون الجنب، وبه قال أحمد، ورجح جماعة من أصحابه أنه للاستحباب فيهما.
قال ابن قدامة: ولا أعلم أحداً قال بوجوبه إلا فيما روي عن عبد الله بن عمرو.
قلت: وهو في مسلم عنه، وفيه إنكار عائشة عليه الأمر بذلك لكن ليس فيه تصريح أنه كان يوجبه.
وقال النووي: «حكاه أصحابنا عن النخعي، واستدل الجمهور على عدم الوجوب بحديث أم سلمة قالت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: «لا» رواه مسلم، وفي رواية له:(للحيضة والجنابة) وحملوا الأمر في حديث الباب على الاستحباب جمعاً بين الروايتين» اه.
(1)
قال بعض أهل العلم: وفيه نظر، لأن غسلها هذا كان للإهلال بالحج. انظر: فتح الباري لابن رجب (1/ 476).
الحديث السابع
(1)
:
333 -
قال ابن ماجه رحمه الله (3528): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، وعلي بن ميمون الرقي، وسهل بن أبي سهل قالوا: ثنا وكيع، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين (من جهة ابن أبي شيبة).
والحديث في مصنف ابن أبي شيبة (8/ 44) ومن طريقه أخرجه أيضاً ابن عبد البر في التمهيد (8/ 32).
ورواه إسحاق بن راهويه في مصنفه (796) عن وكيع به، ومن طريقه النسائي في الكبرى (7548).
(1)
رجال الإسناد
أبو بكر ابن أبي شيبة: تقدم، انظر ح رقم (1).
علي بن ميمون الرقي العطار، ثقة، من العاشرة، مات سنة 246، روى له النسائي وابن ماجه.
سهل بن أبي سهل: هو سهل بن زنجلة بن أبي الصفدي الراوي، أبو عمرو الخياط، الأشتر الحافظ، صدوق، من العاشرة، مات في حدود سنة 240، روى له ابن ماجه.
مالك بن أنس: تقدم انظره في بابه.
الزهري، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري، الفقيه الحافظ، متفق على جلالته وإتقانه وثبته، من رؤوس الطبقة الرابعة، مات سنة 125 وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين، روى له البخاري ومسلم.
عروة: تقدم، انظر ح رقم (2).
هكذا رواه وكيع عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية.
والحديث في الموطأ لمالك (2/ 942) عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث.
هكذا رواه يحيى بن يحيى الليثي، والقعنبي، والتنيسي، وابن القاسم، وأبو مصعب، وسائر رواة الموطأ
(1)
.
وكذلك هو في الصحيحين.
فقد رواه كذلك عبد الله بن يوسف
(2)
، ويحيى بن يحيى النيسابوري
(3)
، وعبد الرحمن بن مهدي
(4)
، وقتيبة بن سعيد
(5)
، والقعنبي
(6)
، وأبو سلمة الخزاعي
(7)
، وحماد بن خالد
(8)
، وإسحاق بن عيسى
(9)
، وعيسى بن يونس
(10)
، ومعن بن عيسى القزاز
(11)
، وبشر بن
(1)
التمهيد (8/ 133).
(2)
البخاري (5016).
(3)
مسلم (2192).
(4)
أحمد (6/ 181) وابن عبد البر في التمهيد (8/ 131).
(5)
النسائي في الكبرى (10847).
(6)
أبو داود (3902).
(7)
أحمد (6/ 104).
(8)
أحمد (6/ 256).
(9)
أحمد (6/ 263).
(10)
النسائي في الكبرى (7549) وابن عبد البر في التمهيد (8/ 130).
(11)
ابن ماجه (3529) وابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 211).
عمر
(1)
، وأبو جعفر الطويل
(2)
، وأحمد بن حاتم
(3)
هؤلاء كلهم رووه عن مالك بنحو ما في الموطأ.
وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث.
وزاد في الصحيحين وغيرهما: (فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها).
وخالفهم وكيع فرواه عن مالك فقال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية).
وقد تابع مالكاً في روايته عن الزهري بمثل رواية الجماعة:
يونس بن يزيد
(4)
، ومعمر بن راشد
(5)
، وزياد بن سعد
(6)
، وعبيد الله بن عمر
(7)
، وأبو أويس
(8)
، وسفيان بن عيينة
(9)
.
هؤلاء كلهم رووه عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث.
علة الوهم:
1 منشأ هذه العلة ليس الوهم أو النسيان إنما هو اختصار
(1)
ابن ماجه (3529).
(2)
ابن عبد البر في التمهيد (8/ 132).
(3)
التمهيد (8/ 132).
(4)
البخاري (5748) ومسلم (2192).
(5)
مسلم (2192).
(6)
مسلم (2192).
(7)
النسائي في الكبرى (7086).
(8)
أحمد (6/ 114).
(9)
تاريخ أصبهان (2/ 74).
الحديث والرواية بالمعنى وعدم التقيد باللفظ.
2 أراد بحديثه هذا الرد على مَنْ كره النفث، فقد روى جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد أنه كان يكره النفث ولا يرى بالنفخ بأساً.
وروى الثوري عن الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: إذا دعوت بما في القرآن فلا تنفث
(1)
.
لذا قال الدارقطني: ولم يتابع على هذا اللفظ، والصحيح عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، كذلك هو في الموطأ
(2)
.
وقال ابن عبد البر: رواه وكيع عن مالك فاختصره وكان كثيراً ما يختصر الأحاديث
(3)
.
لذا أعرض الشيخان في صحيحيهما عن رواية وكيع هذه لكون هذا اللفظ غير محفوظ مع أن الإمام البخاري رحمه الله عقد في صحيحه (10/ 208) باب النفث في الرقية أخرج فيه حديث يونس
(4)
ولم يخرج حديث معمر الذي يوافق الباب.
(1)
قال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 133) بعدما أورده ما ملخصه: إن هذا لا يلتفت إليه، وأجاز أكثر العلماء النفث عند الرقى أخذاً بهذا الحديث، وأظن الشبهة التي لها كره النفث ظاهر في قول الله عز وجل:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)} [الفلق: 4]، وهذا نفث سحر والسحر باطل محرّم، وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيه الخير والبركة.
(2)
العلل (14/ 130).
(3)
التمهيد (8/ 132).
(4)
البخاري (5748) ومسلم (2192).
قال الحافظ في الفتح: (في هذه الترجمة إشارة إلى الرد على مَنْ كره النفث مطلقاً كالأسود بن يزيد أحد التابعين تمسكاً بقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)} [الفلق: 4]، وعلى مَنْ كره النفث عند قراءة القرآن خاصة كإبراهيم النخعي)
(1)
، والله تعالى أعلم.
(1)
فتح الباري (10/ 208).
الحديث الثامن
(1)
:
334 -
قال ابن ماجه رحمه الله (3836): حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن مسعر، عن أبي مرزوق، عن أبي وائل عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكاء على عصاً فلما رأيناه قمنا فقال: «لا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها» ، قلنا: يا رسول الله لو دعوت الله لنا.
قال: «اللهم اغفر لنا وارحمنا وارضَ عنا وتقبّل منا وأدخلنا الجنة ونجِّنا من النار وأصلِح لنا شأننا كله» .
قال: فكأنما أحببنا أن يزيدنا فقال: «أوَليس قد جمعت لكم الأمر» .
التعليق:
هذا إسناد ضعيف فيه مجاهيل وقد سبق في باب يحيى القطان.
(1)
رجال الإسناد
علي بن محمد: تقدم.
مسعر بن كدام بن ظهير الهلالي، أبو سلمة الكوفي، ثقة ثبت فاضل، من السابعة، مات سنة 153 أو 155، روى له البخاري ومسلم.
أبو مرزوق عن أبي غالب، عن أبي أمامة، لين، من السادسة، لا يعرف اسمه، روى له أبو داود وابن ماجه.
شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، ثقة، من الثانية، مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله 100 سنة، روى له البخاري ومسلم.
صُدي بن عجلان، أبو أمامة الباهلي، صحابي مشهور سكن الشام ومات بها سنة 86، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 565 مسند عمر) عن أبي كريب عن وكيع عن مسعر عن أبي مرزوق عن أبي العدبس عن أبي أمامة.
هكذا قال: (أبو العدبس) بدلاً من (أبي وائل).
قال الذهبي في ميزان الاعتدال (7/ 424): رواه ابن ماجه عن علي بن محمد عن وكيع عن مسعر عن أبي مرزوق عن أبي العدبس، عن أبي أمامة، وهذا غلط وتخبيط، وفي بعض النسخ عن أبي وائل بدل عن أبي العدبس.
هكذا رواه وكيع فقال: (عن مسعر، عن أبي مرزوق، عن أبي العدبس، عن أبي أمامة) وفي نسخ (عن أبي وائل) والأول أصح.
خالفه عبد الله بن نمير
(1)
، ويحيى بن هاشم السمسار
(2)
، ومحمد بن بشر
(3)
فقالوا: (عن مسعر، عن أبي العنبس، عن أبي العدبس، عن أبي مرزوق، عن أبي غالب، عن أبي أمامة) وهذا الوجه هو الذي صححه أبو حاتم
(4)
.
(1)
أبو داود (5230) وأحمد (5/ 253) وابن أبي شيبة (585) و (10/ 267) والطبراني في الكبير (8072) وفي الدعاء (1442) وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 563 مسند عمر بن الخطاب) وابن حبان في المجروحين (1283) والبيهقي في شعب الإيمان (8538) وفي المدخل إلى السنن الكبرى (1/ 402) وابن عساكر في تاريخ دمشق (24/ 65 - 66) والمزي في تهذيب الكمال (4/ 311).
(2)
الخرائطي في مساواء الأخلاق (831) وتمام الرازي في الفوائد (296).
(3)
البيهقي في شعب الإيمان (8538) وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 566 مسند عمر).
(4)
العلل لابن أبي حاتم (2095).
ورواه سفيان بن عيينة
(1)
فقال: (عن مسعر، عن أبي، عن أبي، عن أبي، منهم: أبو غالب، عن أبي أمامة).
ولم يذكر كناهم ومراده عن أبي العنبس، عن أبي العدبس، عن أبي مرزوق كرواية الجماعة، وسيأتي في باب يحيى بن سعيد القطان فانظره ح (381).
(1)
عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (5/ 273) وعبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (77) من طريق إبراهيم بن بشار عن سفيان عن مسعر، عن أبي مرزوق، عن أبي العنبس، عن أبي العدبس، عن أبي أمية.
الحديث التاسع
(1)
:
335 -
قال ابن ماجه رحمه الله (2832): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: ثنا وكيع، ثنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن يزيد، عن نيار، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التعليق:
هذا إسناد ظاهره الصحة، فعبد الله بن يزيد المخزومي مولى الأسود بن سفيان شيخ مالك ثقة من رجال الشيخين.
ونيار هو ابن مكرم، صحابي.
وقد وهم وكيع على مالك في هذا الإسناد فقال: (عن مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن نيار عن عروة عن عائشة).
والحديث أخرجه كذلك ابن أبي شيبة (12/ 395) وإسحاق بن راهويه (759) ومن طريقه الدارمي (2496) كلاهما عن وكيع به، إلا أنه عندهما عن مالك عن عبد الله بن نيار.
(1)
رجال الإسناد
علي بن محمد: تقدم.
مالك بن أنس: تقدم.
عبد الله بن يزيد: عن نيار وهم، وصوابه عبد الله بن نيار بغير يزيد.
نيار بن مكرم الأسلمي، صحابي عاش إلى أول خلافة معاوية، روى له الترمذي.
نيار عن عروة: وهم، وصوابه عبد الله بن نيار عن عروة.
خالفه عبد الرحمن بن مهدي
(1)
، وعبد الله بن وهب
(2)
، ويحيى بن سعيد القطان
(3)
، ومعن بن عيسى
(4)
، وابن القاسم
(5)
، وروح بن عبادة
(6)
، وبشر بن عمر
(7)
، وإسماعيل بن أبي أويس
(8)
، وابن عفير سعيد بن كثير
(9)
، وعبد الله بن المبارك
(10)
، وعبد الله بن يوسف
(11)
.
فرووه عن: (مالك، عن الفضيل بن أبي عبد الله، عن عبد الله بن نيار، عن عروة عن عائشة).
قال ابن أبي حاتم في العلل (915): (سألت أبي عن حديث رواه وكيع عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن يزيد، عن ابن نيار، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى بدر فقال: جئتك لأبايعك وأصيب معك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«تؤمن بالله ورسوله؟» ، قال: لا
(12)
، ثم أتاه فقال: نعم، وذكر الحديث.
(1)
مسلم (1817) وابن حبان (4726).
(2)
مسلم (1817).
(3)
أبو داود (2732) والنسائي في الكبرى (8886).
(4)
الترمذي (1558).
(5)
النسائي في الكبرى (11600).
(6)
الدارمي (2497).
(7)
ابن الجارود (1048) وأبو عوانة (6900) والطحاوي في شرح المشكل (2574).
(8)
أبو عوانة (6900).
(9)
أبو عوانة (6900).
(10)
الطحاوي في شرح المشكل (2573).
(11)
الطحاوي (2576).
(12)
قال: إرجع فلن أستعين بمشرك.
والحديث هو ضمن قصة وقد اختصره وكيع هنا.
قال: (هذا وهمٌ وَهِمَ فيه وكيع، إنما هو: الفضيل بن أبي عبد الله
(1)
عن عبد الله بن نيار
(2)
، عن عروة، عن عائشة، وهذا هو الصحيح).
وقال الدارقطني في العلل (14/ 211): وهم فيه وكيع.
وقال المزي في التحفة (12/ 16358): وهو تخليط فاحش.
وقال في تهذيب الكمال في ترجمة عبد الله بن يزيد عن نيار قال: (صوابه: عبد الله بن نيار ليس بينهما يزيد ولا لفظة عن).
فائدة:
قال الحازمي في الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (ص 502): هذا حديث صحيح، وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب.
فذهبت جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين مطلقاً وتمسكوا بظاهر هذا الحديث وقالوا: هذا حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وما يعارضه لا يوازيه في الصحة والثبوت فتعذر ادعاء النسخ لهذا.
وذهبت طائفة إلى أن للإمام أن يأذن للمشركين أن يغزوا معه ويستعين بهم ولكن بشرطين:
أحدهما: أن يكون في المسلمين قلة وتدعو الحاجة إلى ذلك.
الثاني: أن يكونوا ممن يوثق بهم ولا يخشى تأثرهم، فمتى فقد هذان الشرطان لم يجز للإمام أن يستعين بهم.
(1)
الفضيل بن أبي عبد الله المدني، مولى المهري، ثقة من السادسة، روى له مسلم.
(2)
عبد الله بن نيار بن مكرم الأسلمي، ثقة، من الثالثة، روى له مسلم.
قالوا: ومع وجود الشرطين يجوز الاستعانة بهم، وتمسكوا في ذلك بما رواه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان بيهود بني قينقاع ورضخ لهم، واستعان بصفوان بن أمية في قتال هوازن يوم حنين، قالوا: وتعين المصير إلى هذا لأن حديث عائشة كان يوم بدر وهو متقدم فيكون منسوخاً.
ثم ذكر بسنده عن الإمام الشافعي أنه قال: (الذي روى مالك كما روى رد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركاً أو مشركين في غزاة بدر وأبى أن يستعين إلا بمسلم، ثم استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بدر بسنين في غزوة خيبر بعبد ويهود من بني قينقاع كانوا أشداء.
واستعان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين سنة ثمان بصفوان بن أمية وهو مشرك.
فالرد الأول إن كان بأن له الخيار بأن يستعين بمشرك وأن يرده كما أن له رد مسلم من معنى يخافه أو لشدة به، فليس واحداً للحديثين مخالفاً للآخر، وإن كان رده لأنه لم يرد أن يستعين بمشرك فقد نسخه ما بعده من استعانته بالمشركين، ولا بأس بأن يستعان بالمشركين على قتال المشركين إذا خرجوا طوعاً ويرضخ لهم ولا يسهم لهم ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم لهم.
وقال البيهقي في السنن الكبرى (9/ 36 - 37): وقال الشافعي رحمه الله: لعل رده رجاء إسلامه وذلك واسع للإمام، وقد غزا بيهود بني قينقاع بعد بدر وشهد صفوان بن أمية حنيناً بعد الفتح وصفوان مشرك.
قال البيهقي: (أما شهود صفوان وهو مشرك فإنه معروف بين أهل
المغازي وقد مضى بإسناده، وأما غزوه بيهود قينقاع فإني لم أجده إلا من حديث الحسن بن عمارة وهو ضعيف عن الحكم عن ابن عباس).
الحديث العاشر
(1)
:
336 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 86): حدثنا وكيع، ثنا عبد الملك بن مسلم الحنفي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه قال:
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا نكون بالبادية فتخرج من أحدنا الرويحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله عز وجل لا يستحي من الحق، إذا فعل أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في أعجازهن» ، وقال مرة:«في أدبارهن» .
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (1/ 64).
وأخرجه الترمذي (1166) قال: حدثنا قتيبة وغير واحد قالوا: حدثنا وكيع به، والنسائي في الكبرى (9023) وابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 271) كلاهما عن هناد بن السري عن وكيع به.
وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (10/ 398) من طريق عبد الله ابن الإمام أحمد عن أبيه.
(1)
رجال الإسناد
عبد الملك بن مسلم بن سلام الحنفي، أبو سلام الكوفي، ثقة شيعي، من السابعة، روى له الترمذي والنسائي.
مسلم بن سلام الحنفي، أبو عبد الملك، مقبول، من الرابعة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
علي بن طلق بن المنذر بن قيس الحنفي اليمامي، صحابي له أحاديث، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
هكذا قال وكيع: (عن عبد الملك بن مسلم، عن أبيه مسلم بن سلام، عن علي).
خالفه أحمد بن خالد الوهبي
(1)
، وشبابة بن سوار
(2)
، وعبيد الله بن موسى
(3)
، وأبو نعيم
(4)
، وأبو قتيبة مسلم بن قتيبة
(5)
، وعلي بن نصر الجهضمي
(6)
.
فرووه كلهم فقالوا: (عن عبد الملك بن مسلم، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي).
أسقط وكيع عيسى بن حطان من الإسناد، وجعل هذا الحديث من رواية عبد الملك بن مسلم عن أبيه، والصحيح أن بينهما عيسى بن حطان كما قال الخطيب البغدادي والحافظ ابن حجر.
يدل على ذلك أن الأئمة الحفاظ شعبة وسفيان الثوري وجرير بن عبد الحميد وأبو معاوية وحفص بن غياث وعبد الواحد بن زياد وإسماعيل بن زكريا رووا هذا الحديث عن عاصم بن سليمان الأحول، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق، وقد ذكرنا روايتهم في باب معمر ح (224) فانظره، وانظر ح (56).
قال الخطيب: (هكذا روى الحديث وكيع بن الجراح عن عبد الملك بن مسلم عن أبيه، ولم يسمعه عبد الملك عن أبيه وإنما رواه
(1)
النسائي في الكبرى (9024) وابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 274).
(2)
الخطيب في تاريخ بغداد (10/ 398).
(3)
ذكره الخطيب في تاريخه (10/ 398) تعليقاً.
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.
(6)
المصدر السابق.
عن عيسى بن حطان عن أبيه مسلم بن سلام كما سقناه عن شبابة عنه، وقد وافق شبابة عبيد الله بن موسى وأبو نعيم وأبو قتيبة مسلم بن قتيبة وأحمد بن خالد الوهبي وعلي بن نصر الجهضمي فرووه كلهم عن عبد الملك عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام.
وعلي الذي أسند هذا الحديث ليس بابن أبي طالب، وإنما هو علي بن طلق الحنفي بيَّن نسبه الجماعة الذين سميناهم في روايتهم هذا الحديث عن عبد الملك، وقد وهم غير واحد من أهل العلم فأخرج هذا الحديث في مسند علي بن أبي طالب
(1)
عن النبي صلى الله عليه وسلم. اه.
وقال الحافظ المزي في التهذيب في ترجمة عبد الملك بن مسلم وتبعه الحافظ ابن حجر في تهذيبه (روى عن أبيه مسلم بن سلام الحنفي، وقيل: عن عيسى بن حطان عن أبيه وهو الصحيح).
(1)
كما هو في مسند الإمام أحمد رحمه الله، وكذا ذكره الرافعي كما في التلخيص الحبير (1/ 279) والسيوطي في الجامع الكبير كما في البيان والتعريف (1/ 74).
وقد رواه الترمذي وغيره من طريق وكيع، وقد أشار الترمذي عقب الحديث إلى أن علياً هذا هو علي بن طلق.
الحديث الحادي عشر
(1)
:
337 -
قال الإمام أحمد (1/ 196): حدثنا وكيع، حدثني إبراهيم بن ميمون مولى آل سمرة، عن إسحاق بن سعد بن سمرة عن أبيه، عن أبي عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه قال:
إنّ آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أخرجوا يهود أهل الحجاز، وأهل نجران من جزيرة العرب» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات على وهم في اسم أحد رجاله.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12/ 344) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 57) كلاهما من طريق وكيع بهذا الإسناد.
هكذا قال وكيع: (إبراهيم بن ميمون، عن إسحاق بن سعد بن سمرة، عن أبيه سعد بن سمرة، عن أبي عبيدة ابن الجراح).
خالفه يحيى القطان
(2)
، وأبو أحمد الزبيري
(3)
، وقيس بن
(1)
رجال الإسناد
إبراهيم بن ميمون النحاس مولى آل سمرة، كوفي، وثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: محله الصدق.
سعد بن سمرة بن جندب، وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات 4/ 294.
سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، حليف الأنصار، صحابي مشهور، له أحاديث، مات بالبصرة سنة 58، روى له البخاري ومسلم.
(2)
أحمد (1/ 195) والدارمي (2498) وأبو يعلى (872) والبزار (278) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 57) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4/ 12) والبيهقي (9/ 209) وابن عبد البر في التمهيد (1/ 171) والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 386).
(3)
أحمد (1/ 195) والطحاوي (4/ 13) والضياء في المختارة (1123).
الربيع
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وإسماعيل بن زكريا
(3)
.
فقالوا: (إبراهيم بن ميمون، عن سعد بن سمرة بن جندب، عن أبيه سمرة بن جندب، عن أبي عبيدة).
وهم فيه فقال: إسحاق بن سعد بن سمرة، وإنما هو سعد بن سمرة.
وجعله من رواية سعد بن سمرة عن أبي عبيدة وإنما هو من رواية أبيه سمرة بن جندب عن أبي عبيدة.
قال الدارقطني في العلل (4/ 439 - 440): رواه إبراهيم بن ميمون مولى آل سمرة عن سعد بن سمرة بن جندب عن أبيه عن أبي عبيدة ابن الجراح، قال ذلك يحيى القطان وأبو أحمد الزبيري، وخالفهما وكيع فرواه عن إبراهيم بن ميمون فقال: إسحاق بن سعد بن سمرة عن أبيه، عن أبي عبيدة، ووهم فيه، والصواب قول يحيى القطان ومَن تابعه.
(1)
الطيالسي (229).
(2)
الحميدي (85) والشاشي (264) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 57) والضياء في المختارة (1124) والفاكهي في أخبار مكة (3/ 38) وابن عبد البر في التمهيد (1/ 171) و (12/ 15).
(3)
ابن عبد البر في التمهيد (1/ 171).
الحديث الثاني عشر
(1)
:
338 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 180): حدثنا وكيع، حدثنا داود بن سوّار عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً، وفرِّقوا بينهم في المضاجع» .
التعليق:
هذا إسناد حسن.
والحديث رواه أيضاً ابن أبي شيبة (1/ 347) وأبو داود (496) من طريق زهير بن حرب عن وكيع به.
هكذا قال وكيع: (داود بن سوار).
خالفه جماعة من الثقات عن هذا الشيخ فقالوا: (سوار بن داود)، منهم:
(1)
رجال الإسناد
وكيع بن الجراح: تقدم.
داود بن سوار: هو سوّار بن داود المزني، أبو حمزة الصيرفي، البصري صاحب الحلي، صدوق، له أوهام، من السابعة، روى له أبو داود وابن ماجه.
عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، من الخامسة، مات سنة 118، روى له البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن.
شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، ثبت سماعه من جده، من الثالثة، روى له البخاري في الأدب المفرد وفي جزء القراءة، وأصحاب السنن.
عبد الله بن عمرو بن العاص: صحابي معروف.
إسماعيل بن علية
(1)
، وقرة بن حبيب
(2)
، والنضر بن شميل
(3)
، وعبد الله بن بكر السهمي
(4)
، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي
(5)
، والطيالسي
(6)
، والمنهال بن بحر أبو سلمة
(7)
، والبرساني
(8)
، ومغيرة بن موسى
(9)
.
قال الإمام أحمد عقب الحديث فيما نقله عنه ابنه عبد الله: «وقال الطفاوي: محمد بن عبد الرحمن في هذا الحديث: سوّار أبو حمزة وأخطأ فيه يعني وكيعاً» . اه.
وقال أبو داود في سننه عقب الحديث: «وهم وكيع في اسمه، وروى عنه أبو داود الطيالسي هذا الحديث فقال: حدثنا أبو حمزة سوار الصيرفي» .
وقال في موضع آخر عقب الحديث (4114): «صوابه سوار بن داود المزني» .
(1)
أبو داود (495).
(2)
البخاري في التاريخ الكبير (4/ 168).
(3)
الدارقطني (1/ 230) والبيهقي (2/ 229).
(4)
الدارقطني (1/ 230) والحاكم (1/ 197) والبيهقي (2/ 229)، (3/ 84) وأحمد (2/ 5).
(5)
أحمد (2/ 187) مقروناً مع عبد الله بن بكر السهمي.
(6)
ذكره أبو داود تعليقاً (496) وهذه الرواية ليست في مسند الطيالسي.
(7)
العقيلي في الضعفاء (2/ 167) مقروناً مع عبد الله بن بكر.
(8)
ذكره الإمام أحمد كما في العلل (1/ 149).
(9)
العقيلي في الضعفاء (4/ 176) إلا أنه قال: عن سوار بن داود عن محمد بن حمادة عن عمرو بن شعيب.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 168): (سوار بن داود أبو حمزة سمع عمرو بن شعيب وثابتاً البناني، روى عنه النضر بن شميل وابن المبارك وأبو حمزة السكري.
وقال وكيع: داود بن سوار، وهم.
وقال لنا قرة بن حبيب: نا سوار، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (فذكر الحديث).
وقال الإمام أحمد كما في العلل لابنه عبد الله (1/ 149 رقم 47) بعد أن روى الحديث من طريق وكيع قال رحمه الله: خالفوا وكيعاً في اسم هذا الشيخ يعني داود بن سوار قال الطفاوي: محمد بن عبد الرحمن والبرساني سوار أبو حمزة.
وقال الإمام أحمد كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 272): شيخ بصري لا بأس به، روى عنه وكيع فقلب اسمه، وهو شيخ يوثق بالبصرة لم يرو عنه غير هذا الحديث.
وقال المزي في تهذيب الكمال (8/ 398): هكذا قال وكيع بن الجراح، وقال إسماعيل بن علية ومحمد بن بكر البرساني وغير واحد: عن سوار بن داود وهو الصواب.
وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب (4/ 235): روى عنه وكيع فقلب اسمه وهو شيخ يوثق بالبصرة لم يرو عنه غير هذا الحديث، يعني: «علِّموا أولادكم الصلاة لسبع
…
».
الحديث الثالث عشر
(1)
:
339 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 417): حدثنا وكيع، ثنا قريش بن حيّان عن أبي واصل قال:
لقيت أبا أيوب الأنصاري فصافحني فرأى في أظفاري طولاً فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يسأل أحدكم عن خبر السماء وهو يدع أظفاره كأظافير الطير يجتمع فيها الجنابة والخبث والتفث» .
ولم يقل وكيع: مرة الأنصاري، قال غيره: أبو أيوب العتكي.
قال أبو عبد الرحمن: قال أبي: يسبقه لسانه يعني وكيعاً فقال: لقيت أبا أيوب الأنصاري وإنما هو العتكي.
التعليق:
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 128) قال: حدثني ابن سلام، نا وكيع، نا قريش بن حيان، عن أبي واصل:(لقيت أبا أيوب، أدخله ابن سلام في المسند).
هكذا قال وكيع: (عن قريش بن حيان، عن أبي واصل، عن أبي أيوب الأنصاري).
(1)
رجال الإسناد:
قريش بن حيان العجلي، أبو بكر البصري، ثقة، من السابعة، روى له البخاري.
أبو واصل: سليمان بن فروخ الأزدي، أبو واصل عن أبي أيوب وعنه قريش بن حيان، ذكره ابن حبان في الثقات (6/ 391)، و (التعجيل 1/ 167).
خالفه أبو الوليد الطيالسي
(1)
، وعبد الرحمن بن المبارك
(2)
، وسليمان بن حرب
(3)
، وأبو داود الطيالسي
(4)
.
فقالوا: حدثنا قريش بن حيان، عن أبي واصل، قال: أتيت أبا أيوب الأزدي (وبعضهم لم ينسبه) فصافحته فرأى أظفاري طوالاً قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال: «يسألني أحدهم عن خبر السماء ويدع أظفاره كأظفار الطير
…
» الحديث.
وهم وكيع في اسم راوي الحديث فظنه الصحابي الجليل أبا أيوب الأنصاري، وإنما هو أبو أيوب الأزدي.
لذا قال الإمام أحمد عقب الحديث: ولم يقل وكيع مرة: الأنصاري، قال غيره: أبو أيوب العتكي
(5)
.
قال ابنه عبد الله معقباً: قال أبي: يسبقه لسانه يعني وكيعاً فقال: لقيت أبا أيوب الأنصاري، وإنما هو أبو أيوب العتكي.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 30): سليمان بن فروخ أبو
(1)
الشاشي في مسنده (1140)، والطبراني في الكبير (4086) والبيهقي (1/ 175) والبخاري في التاريخ الكبير تعليقاً (4/ 128) وأبو الوليد الطيالسي واسمه هشام بن عبد الملك.
(2)
الشاشي في مسنده (1139) وابن عدي في الكامل (3/ 1162).
(3)
الشاشي في مسنده (1138) وسليمان بن حرب هو الأزدي الواشجي البصري قاضي مكة، ثقة إمام حافظ، روى له البخاري ومسلم.
(4)
في مسنده (597) ومن طريقه البيهقي (1/ 175 - 176) والخطيب في الموضح (2/ 54) إلا أنه وهم فقال: (واصل بن سليم) والصحيح (أبي واصل) انظره في بابه ح (470)، وأصاب فقال:(أبو أيوب الأزدي).
(5)
أي: كان يقول دائماً: أبو أيوب الأنصاري، ومرة لم ينسبه بل قال: أبو أيوب.
واصل قال: لقيني أبو أيوب، هو الأزدي، مرسل، روى عنه يونس بن خباب.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (2369): إنما هو أبو واصل
(1)
سليمان بن فروخ عن أبي أيوب، وليس هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو أبو أيوب يحيى بن مالك العتكي من التابعين.
علة الوهم:
أبو واصل سليمان بن فروخ كان يحدّث عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينسبه فظن وكيع أنه الأنصاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أو لربما كما نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه الإمام أحمد أنه سبق لسان، والله تعالى أعلم.
(1)
وذلك أن أبا داود الطيالسي وهم فيه فقال: واصل بن سليم.
الحديث الرابع عشر
(1)
:
340 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 480): حدثنا وكيع قال: حدثنا كهمس بن الحسن عن منظور بن سيار بن منظور الفزاري، عن أبيه، عن بُهيسة عن أبيها قال:
استأذنتُ النبي صلى الله عليه وسلم فدخلت بينه وبين قميصه قال: فقلت: يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: «الماء» ، قلت: يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: «الملح» ، قال: قلت: يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: «أن تفعل الخير خير لك» .
التعليق:
هذا إسناد ضعيف فيه مجاهيل.
هكذا رواه وكيع فقال: (عن كهمس، عن منظور بن سيار، عن أبيه، عن بُهيسة، عن أبيها، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
رجال الإسناد:
كهمس بن الحسن التميمي، أبو الحسن البصري، ثقة، من الخامسة، مات سنة 149، روى له البخاري ومسلم.
منظور بن سيار الفزاري البصري، ويقال: سيار بن منظور، مقبول، من السادسة، روى له أبو داود والنسائي.
سيار بن منظور بن سيار الفزاري البصري، مقبول، من السادسة، روى له أبو داود والنسائي.
بُهيسة الفزارية لا تُعرف، من الثالثة، ويقال: إن لها صحبة، روى لها أبو داود والنسائي.
أبو بُهيسة الفزاري، صحابي مُقِل، روت عنه بنته بهيسة، قيل: اسمه عمير، روى له أبو داود والنسائي.
خالفه أصحاب كهمس فقالوا: (عن كهمس، عن سيار بن منظور، عن أبيه، عن بهيسة، عن أبيها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
منهم:
معاذ بن معاذ العنبري
(1)
، ويزيد بن هارون
(2)
، ومحمد بن جعفر
(3)
، وعثمان بن عمر
(4)
، ومحمد بن بكر البرساني
(5)
، والنضر بن شميل
(6)
، وعبد الله بن يزيد المقراء
(7)
، وبكر بن حمدان
(8)
، وحماد بن سعد
(9)
، إلا أن المقراء وبكراً وحماداً لم يذكروا والد سيار قالوا:(عن كهمس، عن سيار، عن بهيسة).
قال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 160): (سيار بن منظور الفزاري عن أبيه قاله يزيد بن هارون عن كهمس، وقال وكيع: عن كهمس: منظور بن سيار وهو وهم. قال المقراء: حدثنا كهمس عن سيار بن منظور). اه.
(1)
أبو داود (1669) و (3476) والبيهقي (6/ 150).
(2)
أحمد (3/ 480) ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (12/ 312) وذكره البخاري في تاريخه الكبير (4/ 160).
(3)
أحمد (3/ 480).
(4)
الدارمي (2613).
(5)
أبو يعلى (7177).
(6)
النسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (11/ 229).
(7)
الطبراني في الكبير (22/ 7891) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 160) تعليقاً، والدولابي في الكنى (1/ 19).
(8)
الطبراني في الكبير (22/ 789).
(9)
الدولابي في الكنى (1/ 19).
الحديث الخامس عشر
(1)
:
341 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 398): حدثنا وكيع قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي بصرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنا غادون على يهود فلا تبدؤوهم بالسلام، فإذا سلّموا عليكم فقولوا: وعليكم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة (8/ 631) وعنه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1005) عن وكيع بهذا الإسناد.
ورواه ابن أبي شيبة كذلك في مسنده (668).
هكذا رواه وكيع فقال: (عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد، عن أبي بصرة).
خالفه أبو عاصم الضحاك بن مخلد
(2)
فقال: (عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد، عن مرثد بن عبد الله، عن أبي بصرة).
(1)
رجال الإسناد:
عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري، صدوق رُمي بالقدر وربما وهم، من السادسة، مات سنة 153، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
يزيد بن أبي حبيب المصري، ثقة فقيه وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة 128، روى له البخاري ومسلم.
حُمَيْل، وقيل: جميل بن بصرة بن وقاص، أبو بصرة الغفاري، صحابي سكن مصر ومات بها، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
(2)
أحمد (6/ 398) والطحاوي (4/ 341) والطبراني في الكبير (2162) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 849).
وكذلك رواه محمد بن إسحاق
(1)
وابن لهيعة
(2)
عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن أبي بصرة.
وهم وكيع فأسقط مرثد بن عبد الله اليزني
(3)
من الإسناد.
وقد سبق الحديث في باب محمد بن إسحاق حيث رواه مرة أخرى فقال: (عن يزيد، عن مرثد، عن أبي عبد الرحمن الجهني) وهم فيه فجعل صحابي الحديث أبا عبد الرحمن الجهني وهو مختلف في صحبته بدلاً من أبي بصرة الغفاري فانظره في بابه، ح (300).
فائدة:
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (2/ 425): (فهل هذا حكم عام لأهل الذمة مطلقاً أو يختص بمَن كانت حاله بمثل حال أولئك؟ هذا موضع نظر.
ولكن قد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه» .
(1)
البخاري في الأدب المفرد (1102) والطحاوي (4/ 341) والطبراني في الكبير (2164) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 149) والترمذي في العلل (1/ 342).
(2)
أحمد (6/ 398) والطبراني في الكبير (2163).
(3)
مرثد بن عبد الله اليزني، أبو الخير المصري، ثقة فقيه، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
والظاهر أن هذا حكم عام.
وقد اختلف السلف والخلف في ذلك فقال أكثرهم: لا يبدؤون بالسلام، وذهب آخرون إلى جواز ابتدائهم كما يرد عليهم، روي ذلك عن ابن عباس وأبي أمامة وابن محيريز وهو وجه في مذهب الشافعي رحمه الله لكن صاحب هذا الوجه قال: يقال له: السلام عليك فقط بدون ذكر الرحمة وبلفظ الإفراد.
وقالت طائفة: يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون له إليه أو خوف من أذاه أو لقرابة بينهما أو لسبب يقتضي ذلك، يروى ذلك عن إبراهيم النخعي وعلقمة.
وقال الأوزاعي: إن سلّمت فقد سلّم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون.
واختلفوا في وجوب الرد عليهم فالجمهور على وجوبه وهو الصواب، وقالت طائفة: لا يجب الرد عليهم كما لا يجب على أهل البدع فأوْلى، والصواب الأول، والفرق إنا مأمورون بهجر أهل البدع تعزيراً لهم وتحذيراً منهم بخلاف أهل الذمة).
الحديث السادس عشر
(1)
:
342 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 309): حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا جحيفة رضي الله عنه يقول:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمنى ركعتين.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا رواه وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة وقال فيه: (إنه بمنى).
خالفه يحيى بن آدم
(2)
، وأبو أحمد الزبيري
(3)
فروياه عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، فقالا فيه: إنه (بالأبطح) والأبطح موضع في مكة
(4)
.
(1)
رجال الإسناد:
إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني، أبو يوسف الكوفي، ثقة تكلم فيه بلا حجة، من السابعة، مات سنة 160 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله بن عبيد الهمداني أبو إسحاق السبيعي، ثقة مكثر عابد، من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة 129 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.
أبو جحيفة: وهب بن عبد الله السوائي، مشهور بكنيته، صحابي معروف، وصحب علياً، مات سنة 74 وحديثه في الصحيحين.
(2)
أحمد (4/ 308) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 631).
(3)
أحمد (4/ 308).
(4)
قال الحافظ في الفتح: بطحاء مكة، موضع خارج مكة وهو الذي يقال له: الأبطح، وفي اللسان: وبطحاء الوادي وأبطحه حصاه اللين في بطن المسيل، ومنه الحديث أنه صلى الله عليه وسلم صلّى بالأبطح، يعني أبطح مكة وهو مسيل واديها.
وقد حدّد الفاكهي موقع الأبطح من وادي مكة بقوله: فأما الأبطح فيقال: إنه ما بين مسجد الحرس إلى حائط خرمان فذلك يقال له: الأبطح.
قال محققه عبد الملك بن دهيش: وهذا تحديد دقيق لما سمي بالأبطح، ومسجد الحرس هو مسجد الجن، وأما حائط خرمان فهو ما يسمى اليوم ب (الخرمانية) وقد أقيم على جزء كبير منه مبنى أمانة العاصمة.
ووكيع أوثق وأحفظ منهما إلا أنه قد روى مثل روايتهما عن إسرائيل عن أبي إسحاق غير واحد من أصحاب أبي إسحاق.
فقد رواه يونس بن أبي إسحاق
(1)
، وزهير بن معاوية
(2)
، وأبو بكر ابن عياش
(3)
، وأبو الأحوص، عن أبي إسحاق
(4)
وقالوا: إن ذلك كان (بالأبطح).
وكذلك رواه الحكم بن عتيبة
(5)
، وعون بن أبي جحيفة
(6)
عن أبي جحيفة فقالا: (بالأبطح)، وفي رواية:(بالبطحاء)، وفي رواية لعون:(بمكة وهو بالأبطح).
وقال الحافظ في الفتح (1/ 574): وفي رواية مسلم (503)(249) من طريق الثوري عن عون ما يشعر بأن ذلك بعد خروجه من مكة بقوله: (ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة).
(1)
أحمد (4/ 308) والطبراني في الكبير (22/ 314).
(2)
أحمد (4/ 308) وابن خزيمة (2994) والحاكم (1/ 478 - 479) وقال: هذا (حديث صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي.
(3)
أحمد (4/ 307)، والطبراني في الكبير (22).
(4)
الطبراني في الكبير (22/ 312).
(5)
البخاري (501)(633)، (3553)، ومسلم (503).
(6)
البخاري (495)، (3566)، ومسلم (503).
علة الوهم:
1 إن وكيع يحدث غالباً من حفظه.
2 إن الحديث كان في الحج، ومكة، ومنى كلاهما تؤدى بهما المناسك، وقد صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منى ركعتين في يوم التروية وأيام التشريق.
3 إن الأبطح قد يطلق أيضاً على وادي مكة وقد يطلق على جزء منه، ففي اللسان: بطحاء مكة، وأبطحها معروفة لانبطاحها، ومنى من الأبطح، وقريش البطحاء الذين ينزلون حول مكة.
الحديث السابع عشر
(1)
:
343 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 337): حدثنا وكيع، حدثنا مسعر، عن أبي عقيل، عن أبي سلام، عن سابق خادم النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير سابق بن ناجية، ولم يروِ عنه سوى أبي عقيل، وذكره ابن حبان في الثقات.
هكذا رواه وكيع فقال: (عن مسعر، عن أبي عقيل، عن أبي سلام، عن سابق، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه محمد بن بشر
(2)
فقال: (عن مسعر، عن أبي عقيل، عن
(1)
رجال الإسناد:
مسعر بن كِدَام: تقدم.
هاشم بن بلال ويقال: ابن سلام أبو عقيل الدمشقي قاضي واسط، ثقة، من السادسة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
أبو سلّام، ممطور الأسود الحبشي، ثقة يرسل، من الثالثة، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
سابق بن ناجية، مقبول، من السادسة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
(2)
محمد بن بشر العبدي أبو عبد الله الكوفي، ثقة حافظ، من التاسعة، مات سنة 232، روى له الجماعة.
سابق، عن أبي سلام خادم النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
وهم وكيع في قوله: (عن أبي سلام، عن سابق).
وإنما هو ما قاله محمد بن بشر: (عن سابق، عن أبي سلام).
وقد رواه شعبة
(2)
وهشيم
(3)
وروح بن القاسم
(4)
وإبراهيم
(5)
فقالوا: (عن أبي عقيل، عن سابق، عن أبي سلام، عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
زادوا بين أبي سلام والنبي صلى الله عليه وسلم رجلاً خدم النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الصحيح كما سيأتي (في باب مسعر).
قال ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1681) بعد أن أورد حديث محمد بن بشر: عن مسعر، عن أبي عقيل، عن سابق، عن أبي سلام خادم النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله:
«هذا هو الصواب في إسناد هذا الحديث، وكذلك رواه هشيم وشعبة عن أبي عقيل، عن سابق بن ناجية، عن أبي سلام
(6)
.
(1)
ابن أبي شيبة (9/ 78) و (10/ 240) ومن طريقه ابن ماجه (2870) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (471) والطبراني في الكبير (22/ 921) وفي الدعاء (301).
(2)
أبو داود (5072) والنسائي في الكبرى (9832) وأحمد (4/ 337) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2812) والطبراني في الدعاء (302) والبيهقي في الدعوات الكبير (28) وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 363).
(3)
النسائي في الكبرى (10400).
(4)
ابن عدي في الكامل (4/ 30) والطبراني في الدعاء (303).
(5)
ابن السني في عمل اليوم والليلة (68).
(6)
قلت: رواية شعبة وهشيم تقدمت وفيها عن أبي سلام، عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نبه إلى وهمهم ابن عبد البر والعلائي في تحفة التحصيل (1/ 367).
ورواه وكيع عن مسعر فأخطأ في إسناده فجعله عن مسعر عن أبي عقيل عن أبي سلام عن سابق خادم النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح سابق في الصحابة
(1)
.
قلت: وقد تابع وكيعاً عبد العزيز بن أبان فرواه عن مسعر بمثل ما رواه وكيع، ذكره ابن الأثير ثم قال: قالوا: وهو وهم، والصواب رواية أصحاب مسعر عن أبي عقيل، عن سابق، عن أبي سلَّام عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم».
(1)
أسد الغابة (2/ 363).
الحديث الثامن عشر
(1)
:
344 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 264): حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد ومنصور، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال:
جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثاً وللمقيم يوماً وليلة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير حماد وثقه ابن معين والنسائي والعجلي، وقال شعبة: صدوق، وقال أحمد: مقارب ما روى عنه القدماء سفيان وشعبة.
وغير أبي عبد الله الجدلي وهو تابعي ثقة، وثقه أحمد وابن معين والعجلي.
والحديث أخرجه كذلك الطبراني في الكبير (3789) من طريق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه كلاهما عن وكيع به.
(1)
رجال الإسناد:
سفيان: هو الثوري أمير المؤمنين في الحديث. انظر ترجمته في بابه.
حماد بن أبي سليمان مسلم الأشعري مولاهم أبو إسماعيل الكوفي، فقيه صدوق له أوهام، من الخامسة، ورمي بالإرجاء، مات سنة 120 أو قبلها، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
منصور بن المعتمر: تقدم.
إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً، من الخامسة، مات دون المائة سنة 96 وهو ابن خمسين أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.
أبو عبد الله الجدلي، أو عبد الرحمن بن عبد، ثقة رمي بالتشيع، من كبار الثالثة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
هكذا رواه وكيع فقال: (عن سفيان، عن حماد ومنصور، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة).
خالفه عبد الرزاق فرواه عن سفيان الثوري فقال: (عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة)
(1)
ولم يذكر منصوراً.
وهذا هو الصحيح من رواية سفيان وقد وهم وكيع على سفيان فقال: عن حماد ومنصور.
أما عبد الرزاق فقد فصل ذلك فقال: عن الثوري، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة
(2)
.
وقال: عن الثوري، عن حماد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة
(3)
.
نقل الطبراني عقب الحديث عن عبد الله ابن الإمام أحمد قوله: قال أبي خطأ.
قال الطبراني: (أراد أحمد بن حنبل أنه خطأ حديث منصور عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي، والصواب من حديث منصور حديث عمرو بن ميمون)
(4)
.
(1)
مصنف عبد الرزاق (791) والطبراني (3762).
(2)
في مصنفه برقم (790).
(3)
في مصنفه (791) وإبراهيم هو النخعي.
(4)
المعجم الكبير (4/ 99 ح رقم 3789) ونقله عنه ابن الملقن في البدر المنير (3/ 35).
وقال أبو زرعة: (الصحيح من حديث إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والصحيح من حديث النخعي عن أبي عبد الله الجدلي بلا عمرو بن ميمون)
(1)
.
علة الوهم:
هذا الحديث يرويه حماد بن أبي سليمان ومنصور بن المعتمر.
فأما حماد فيرويه عن (إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت) هكذا رواه أصحاب حماد، منهم:
سفيان الثوري
(2)
، وشعبة
(3)
، وهشام الدستوائي
(4)
، ومسعر بن كدام
(5)
، وأبو حنيفة
(6)
، وإبراهيم الصائغ
(7)
، وعمرو بن صالح
(8)
، وأبو بكر النهشلي
(9)
.
(1)
العلل لابن أبي حاتم (31).
(2)
عبد الرزاق (791) والطبراني في الكبير (3762).
(3)
أبو داود (157) وأحمد (5/ 213) والطيالسي (1219) وابن الجارود (86) والطبراني (3763).
(4)
أحمد (5/ 213) وابن أبي شيبة (1/ 77) وفي المسند (17) والطحاوي (1/ 82) والطبراني (764).
(5)
الطبراني في الصغير (1061) وتمام الرازي في الفوائد (877) والخطيب في تاريخه (8/ 341).
(6)
الخطيب في تاريخ بغداد (6/ 381) والقطيعي في جزء الألف دينار (86).
(7)
الخطيب في تاريخ بغداد (6/ 381).
(8)
المصدر السابق.
(9)
القطيعي في جزء الألف دينار (155).
وقد تابع حماداً في روايته هذه عن إبراهيم:
الحكم بن عتيبة
(1)
، والحارث بن يزيد العكلي
(2)
، وأبو معشر
(3)
، وعمر بن عامر
(4)
، وزكريا أبو يحيى بن عدي
(5)
.
وأما منصور بن المعتمر فإنما يرويه (عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت).
هكذا رواه أصحاب منصور عنه، منهم: سفيان بن عيينة
(6)
، وجرير بن عبد الحميد
(7)
، وزائدة بن قدامة
(8)
، وأبو عبد الصمد العمي
(9)
.
وقد تابع منصوراً، سعيد بن مسروق الثوري
(10)
، والحسن بن
(1)
أبو داود (157) وأحمد (5/ 213) والطيالسي (1315) وابن الجارود (86) وابن الجعد في مسنده (178) والطبراني في الكبير (3790، 3791، 3792) وفي الأوسط (3035) وغيرهم.
(2)
الطبراني في الأوسط (4924) وتاريخ أصبهان (2/ 244).
(3)
أحمد (5/ 214) والطحاوي (1/ 82) والطبراني في الكبير (3781، 3782، 3783) وفي الأوسط (8363).
(4)
تاريخ أصبهان (1/ 159).
(5)
ابن عدي في الكامل (3/ 213).
(6)
أحمد (5/ 213) والحميدي (434) وأبو عوانة (725) والطحاوي (1/ 81) والطبراني (3754) وابن عبد البر في التمهيد (11/ 15).
(7)
الطحاوي (1/ 81) وابن حبان (1332) والطبراني (3757).
(8)
الترمذي في العلل الكبير (1/ 172) والبيهقي (1/ 377).
(9)
أحمد (5/ 213) والطبراني (3755).
(10)
الترمذي (95) وقال: حديث حسن صحيح، وعبد الرزاق (790) عن سفيان عن أبيه به، وأحمد (5/ 214) وابن حبان (1329) والحميدي (435) والطبراني (3750، 3751، 3752) وغيرهم.
ورواه ابن ماجه (553) من طريق علي بن محرز عن وكيع عن سفيان الثوري عن أبيه وأسقط أبا عبد الله الجدلي.
عبد الله
(1)
.
فجمع وكيع بين شيخَيْ سفيان في الإسناد فوقع في الوهم فحمل إسناد منصور على إسناد حماد، والله أعلم.
(1)
الطبراني في الأوسط (1438).
الحديث التاسع عشر
(1)
:
345 -
قال إسحاق بن راهويه في مسنده (2383): أخبرنا وكيع، نا أسامة بن زيد، عن النعمان بن خَرَّبُوذ قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول:
ربما اختلفت يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من الإناء الواحد.
التعليق:
هذا إسناد رجاله رجال الصحيح غير النعمان وهو ثقة وغير صحابية الحديث.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 35) ومن طريقه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3409) وابن الأثير في أسد الغابة (7/ 385) عن وكيع به.
وأخرجه أبو داود (78) من طريق عبد الله بن محمد النفيلي عن وكيع عن أسامة عن (ابن خربوذ) ولم يسمِّه.
(1)
رجال الإسناد:
أسامة بن زيد الليثي مولاهم، أبو زيد المدني، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة 153 وله بضع وسبعون سنة، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
سالم بن سرج، أبو النعمان المدني، يقال له: ابن خرّبُوذ
…
، ومنهم مَنْ قال فيه: سالم بن النعمان، ثقة من الثالثة، روى له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود وابن ماجه.
أم صبية الجهنية: يقال: اسمها خولة بنت قيس أو ثامر، لها صحبة وحديث، روى لها البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن ماجه.
وأخرجه الطبراني في الكبير (24/ 597) من طريق ابن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير ويحيى الحماني ثلاثتهم عن وكيع عن أسامة، عن (سالم بن النعمان بن خرَّبوذ).
هكذا قال وكيع: (عن أسامة بن زيد، عن النعمان بن خربوذ، عن أم صبية الجهنية).
وفي رواية قال: (عن سالم بن النعمان بن خربوذ).
خالفه يحيى بن سعيد القطان
(1)
، وأنس بن عياض الليثي
(2)
، وسليمان بن بلال
(3)
، ومحمد بن عمر الواقدي
(4)
، وابن وهب
(5)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(6)
، وعيسى بن يونس
(7)
، وعبد الوهاب
(8)
.
فقالوا: (عن أسامة بن زيد، عن سالم بن سرج أبي النعمان، عن أم صبية).
قال الترمذي في العلل: (وهكذا روى أبو أسامة وغير واحد عن أسامة بن زيد.
(1)
أحمد (6/ 367) والترمذي في العلل (1/ 39).
(2)
ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 295) وابن ماجه (382).
(3)
ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 295).
(4)
ابن سعد في الطبقات (8/ 295) والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 73).
(5)
البيهقي (1/ 190) والخطيب في الموضح (2/ 73) والطبراني في الكبير (24/ 596).
(6)
ذكره الترمذي في العلل تعليقاً (1/ 39).
(7)
الطبراني في الكبير (24/ 596).
(8)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 25).
وقال وكيع: عن أسامة بن زيد عن النعمان بن خربوذ قال: سمعت أم صبية ربما اختلفت يدي.
فسألت محمداً يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: وهم وكيع والصحيح عن أسامة بن زيد عن سالم بن خربوذ أبي النعمان). اه.
وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى: القول قول مَنْ قال: سالم بن سرج.
ونقل ابن أبي حاتم في العلل (1/ 61 - 62) عن أبي زرعة قوله: وهم وكيع في الحديث، والصحيح حديث ابن وهب وسالم بن النعمان بن سرج.
قال ابن أبي حاتم: يعني أن وكيعاً قال: عن النعمان بن خربوذ فهذا الذي وهم فيه.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 113): سالم بن سرج ويقال: ابن خربوذ أبو النعمان، وقال بعضهم: ابن النعمان ولم يصح.
وقال ابن عبد الهادي: إن أبا داود روى الحديث من طريق وكيع وقال فيه: عن ابن خربوذ فقط فكأنه أسقط وهم وكيع منه، والله أعلم
(1)
.
(1)
تعليقه على العلل (1/ 237).
الحديث العشرون
(1)
:
346 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 118): حدثنا وكيع، حدثني همام عن غالب، هكذا قال وكيع غالب، وإنما هو أبو غالب، عن أنس رضي الله عنه:
أنه أتي بجنازة رجل فقام عند رأس السرير، ثم أتي بجنازة امرأة فقام أسفل من ذلك حذاء السرير، فلما صلّى قال له العلاء بن زياد: يا أبا حمزة أهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من الرجل والمرأة نحواً مما رأيتك فعلت؟ قال: نعم، قال: فأقبل علينا العلاء بن زياد فقال: احفظوا.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير أبي غالب وهو تابعي ثقة وقد حسّنه الترمذي.
هكذا قال وكيع: (عن همام، عن غالب، عن أنس).
خالفه سعيد بن عامر الضبعي
(2)
، ويزيد بن هارون
(3)
، وأبو داود
(1)
رجال الإسناد:
همام بن يحيى بن دينار العوذي، أبو عبد الله البصري، ثقة ربما وهم، من السابعة، مات سنة 164 أو 165، روى له البخاري ومسلم.
أبو غالب الباهلي مولاهم الخياط البصري، اسمه نافع أو رافع، ثقة، من الخامسة، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.
(2)
الترمذي (1034) وابن ماجه (1494).
(3)
أحمد (3/ 204) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 491) وفي شرح المشكل (2/ 168).
الطيالسي
(1)
.
فقالوا: (عن همام، عن أبي غالب، عن أنس).
وكذلك رواه عبد الوارث بن سعيد عن أبي غالب عن أنس.
وهم وكيع فقال: (غالب) والصحيح أنه أبو غالب واسمه نافع أو رافع، وقد أشار إلى وهم وكيع الإمام أحمد كما سبق في الإسناد.
وقال الترمذي: «وروى وكيع هذا الحديث عن همام، فوهم فيه فقال: عن غالب عن أنس والصحيح عن أبي غالب.
وقد روى هذا الحديث عبد الوارث بن سعيد وغير واحد عن أبي غالب مثل رواية همام، واختلفوا في اسم أبي غالب هذا، فقال بعضهم: يقال: اسمه نافع، ويقال: رافع
(2)
.
وسئل الدارقطني عن حديث أبي غالب نافع عن أنس أنه صلّى على امرأة
…
فقال: «يرويه همام بن يحيى عن أبي غالب عن أنس.
وقال أحمد بن حنبل: حدثنا وكيع، عن همام فقال: عن غالب عن أنس وإنما هو أبو غالب»
(3)
.
(1)
في مسنده (2263) ط. التركي، والبيهقي (4/ 33).
(2)
في سننه (3/ 353).
(3)
العلل (12/ 217).
الحديث الحادي والعشرون
(1)
:
347 -
قال ابن خزيمة رحمه الله (2975): ثنا سلم بن جنادة، ثنا وكيع عن مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه
(2)
عن أبي بداح عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رُخِّص للرعاء أن يرموا بالليل وأن يجمعوا الرمي.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير سلم وأبي البداح وهم ثقات (وسبق في باب سفيان بن عيينة ح (102)).
هكذا قال وكيع عن مالك في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا بالليل
…
وهو في الموطأ لمالك برواية يحيى الليثي
(3)
عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى
(1)
رجال الإسناد:
سلم بن جنادة بن سلم السوائي، أبو السائب الكوفي، ثقة ربما خالف، من العاشرة، مات سنة 254 وله 80 سنة، روى له الترمذي وابن ماجه.
مالك بن أنس: إمام دار الهجرة. انظره في بابه.
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي، ثقة، من الخامسة، مات سنة 135 وله 70 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الوليد بن عاصم بن عدي البلوي حليف الأنصار، ثقة، من الثالثة، وهم مَنْ قال: له صحبة.
عاصم بن عدي، صحابي شهد أحداً، مات في خلافة معاوية وقد جاوز المائة.
(2)
سقط من الأصل وهو مثبت في الاتحاف وطبعة ماهر الفحل.
(3)
(1/ 374 - 375).
يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ثم منهم يرمون يوم النفر.
وكذلك رواه أصحاب الإمام مالك بهذا اللفظ، منهم:
عبد الله بن وهب
(1)
، وعبد الرحمن بن مهدي
(2)
، وعبد الله بن مسلمة القعنبي
(3)
، ويحيى بن سعيد القطان
(4)
، وأبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري
(5)
، وعبد الرزاق
(6)
، وعبد الرحمن بن القاسم
(7)
، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد
(8)
، ومحمد بن الحسن الشيباني
(9)
، وابن نصر
(10)
، لم يذكر أحد منهم ما ذكره وكيع.
لذا قال الفسوي: «لم يذكر عن أحد روى هذا الحديث أنه قال: رخص للرعاة أن يرموا ليلاً»
(11)
.
(1)
أبو داود (1975) وابن خزيمة (2979) والبيهقي (5/ 150).
(2)
ابن ماجه (3037) والنسائي في الكبرى (4178) وأحمد (5/ 450) وأبو يعلى (6836) وابن عبد البر في التمهيد (17/ 258).
(3)
أبو داود (1975) والضياء في المختارة (191)(192) والطبراني (17/ 453) وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 110) وابن عبد البر (17/ 256) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 14).
(4)
النسائي في الكبرى (4075).
(5)
في روايته للموطأ (1/ 547/ 1425) والضياء في المختارة (188).
(6)
الترمذي (955) وابن ماجه (3037) وأحمد (5/ 450) وابن الجارود في المنتقى (478).
(7)
الحاكم (1/ 478).
(8)
البخاري في التاريخ الكبير (6/ 477).
(9)
في روايته للموطأ (495).
(10)
المعرفة والتاريخ (2/ 214).
(11)
المعرفة (2/ 214).
ومما يدل على وهم وكيع ما ذكره مالك نفسه عقب الحديث حيث قال: «تفسير الحديث الذي أرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار فيما نرى والله أعلم أنهم يرمون يوم النحر فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد وذلك يوم النفر الأول فيرمون اليوم الذي مضى ثم يرمون ليومهم، ذلك لأنه لا يقضي أحد شيئاً حتى يجب عليه فإذا وجب عليه ومضى كان القضاء بعد ذلك فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الأخير ونفروا»
(1)
.
علة الوهم:
1 كان الإمام مالك عقب هذا يذكر عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عطاء بن أبي رباح أنه أرخص للرعاء أن يرموا بالليل، ثم يذكر تفسير الحديث المرفوع بخلاف ما روي عن عطاء بن أبي رباح، فيحتمل أنه من هذا الوجه دخل الوهم على وكيع فروى الحديث الذي يرويه مالك عن عبد الله بن أبي بكر بلفظ حديث مالك عن يحيى بن سعيد.
2 اختصار الحديث والرواية بالمعنى.
(1)
الموطأ (ص 375).
الحديث الثاني والعشرون
(1)
:
348 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 33): حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التعليق:
هذا إسناد على شرط الشيخين.
هكذا قال وكيع عن سفيان عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:«وأنا أول مَنْ تنشق عنه الأرض» .
خالفه محمد بن يوسف
(2)
فرواه عن سفيان بهذا الإسناد فقال: «لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول مَنْ يفيق
…
إلى آخره».
(1)
رجال الإسناد:
سفيان الثوري: تقدم.
عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني المدني، ثقة، من السادسة، مات بعد سنة 130، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن عمارة بن أبي حسن الأنصاري المدني، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
(2)
البخاري (3398)، (4638)، (6917)، (7427).
وذكر أوله قصة ضرب الأنصاري لليهودي لما سمعه يحلف ويقول: والذي اصطفى موسى على البشر، ثم ارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.
ورواه أبو أحمد الزبيري
(1)
عن سفيان الثوري بهذا الإسناد، أخرجه مسلم ولم يسق لفظه، وأحال على حديث الزهري عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة، وفيه ذكر قصة اليهودي مع المسلم، ثم قال فيه: «لا تخيِّروني على موسى فإن الناس يصعقون فأكون أول مَنْ يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش
…
»
(2)
.
وأخرجه البخاري من طرق عن الزهري
(3)
.
وقد استوفينا البحث فيه في باب موسى بن إسماعيل
(4)
وحديثه عند البخاري فانظره لزاماً، والله تعالى أعلم.
وهو ما أخرجه الإمام البخاري رحمه الله (2412) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل
(5)
، حدثنا وهيب
(6)
حدثنا عمرو بن يحيى
(7)
عن
(1)
مسلم (2374)، (162).
(2)
مسلم (2373)، (160).
(3)
البخاري (2411)، (3408)، (6517)، (7472).
(4)
ح (1009).
(5)
موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة التبوذكي، مشهور بكنيته وباسمه، ثقة ثبت من صغار التاسعة ولا التفات إلى قول ابن خراش تكلم الناس فيه، مات سنة 223، روى له البخاري ومسلم.
(6)
وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي، ثقة ثبت لكنه تغير بأخرة، من السابعة، مات سنة 165 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
(7)
عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني المدني، ثقة، من السادسة، مات بعد سنة 130، روى له البخاري ومسلم.
أبيه
(1)
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس جاء يهودي فقال: يا أبا القاسم ضرب وجهي رجل من أصحابك.
فقال: «مَن؟» .
قال: رجل من الأنصار.
قال: «ادعوه» ، فقال:«أضربته؟» .
قال: سمعته بالسوق يحلف والذي اصطفى موسى على البشر، قلت: أي خبيث على محمد صلى الله عليه وسلم، فأخذتني غضبة فضربت وجهه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تخيِّروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول مَنْ تنشق عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق أم حوسب بصعقة الأولى» . اه.
هكذا قال موسى بن إسماعيل، عن وهيب، عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم:«فأكون أول مَنْ تنشق عنه الأرض» .
وخالفه أحمد بن إسحاق
(2)
فرواه عن وهيب بهذا الإسناد فقال: «فأكون أول مَنْ يفيق» .
(1)
يحيى بن عمارة بن أبي حسن الأنصاري المدني، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
(2)
ابن أبي شيبة (11/ 526) وفي طبعة أخرى برقم (31837).
وكذلك رواه سفيان الثوري
(1)
، وورقاء بن عمر اليشكري
(2)
عن عمرو بن يحيى فقالا: (أول مَنْ يفيق).
وكذلك رواه إبراهيم بن سعد
(3)
، وشعيب بن أبي حمزة
(4)
، ومحمد بن أبي عتيق
(5)
، والنعمان بن راشد
(6)
عن الزهري، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، وعبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة فقالوا:(أول مَنْ يفيق).
وفي رواية شعيب ومحمد بن أبي عتيق عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة.
وفي رواية النعمان بن راشد عن الزهري عن سعيد وحده عن أبي هريرة.
ورواه إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة
(7)
.
ورواه شعيب
(8)
عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مختصراً وفيه: (فأكون أول مَنْ قام).
(1)
البخاري (3398) و (4638) و (6917) و (7427) ومسلم (2374)(162).
(2)
أحمد (3/ 40) ولفظه: فأكون أول مَنْ يرفع رأسه من التراب.
(3)
البخاري (2411)(6517)(7472) ومسلم (2373)(160) وأبو داود (4671) وأحمد (2/ 264).
(4)
البخاري (3408) ومسلم (2373)(161).
(5)
البخاري (7472).
(6)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 44) و (13/ 385).
(7)
الطحاوي (13/ 385) ولفظه: فأكون أول مَنْ رفع رأسه.
(8)
البخاري (6518).
فتبين مما سبق أن الصحيح من حديث عمرو بن يحيى المازني قول مَنْ قال: (فأكون أول مَنْ يفيق) فإن ذكر الإفاقة هو المناسب بعد قوله: «يصعقون» ، أما ذكر البعث فإنه إنما يكون بعد الموت فتنبه.
قال الحافظ: «أما ما وقع في حديث أبي سعيد (فإن الناس يصعقون فأكون أول مَنْ تنشق عنه الأرض) قد استشكل، وجزم المزي فيما نقله عنه ابن القيم في كتاب الروح أن هذا اللفظ وهم من راويه وأن الصواب ما وقع في رواية غيره:(فأكون أول مَنْ يفيق).
وأن كونه أول مَنْ تنشق عنه الأرض صحيح لكنه في حديث آخر ليس فيه قصة موسى، انتهى
(1)
.
(1)
فتح الباري (6/ 444) وانظر تتمة البحث في: باب موسى بن إسماعيل.
الحديث الثالث والعشرون
(1)
:
349 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 315): حدثنا وكيع، ثنا سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثنى الحمصي، عن أبي أُبيّ ابن امرأة عبادة بن الصامت، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنها ستكون عليكم أمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة حتى يؤخروها عن وقتها فصلُّوها لوقتها.
قال: فقال رجل: يا رسول الله فإن أدركتها معهم أصلي؟
قال: إن شئت.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (443) ومحمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1019) والشاشي في مسنده (1201) من طريق وكيع به.
هكذا قال وكيع عن سفيان عن منصور في هذا الحديث: (إن شئت).
وخالفه عبد الله بن المبارك
(2)
، وعبد الرزاق
(3)
، وقبيصة بن
(1)
رجال الإسناد:
تقدم.
(2)
أحمد (5/ 315) والبخاري في الكنى (1/ 7).
(3)
في المصنف (3783).
عقبة
(1)
، ومحمد بن يوسف الفريابي
(2)
، وعلي بن قادم
(3)
، وأبو حذيفة يوسف بن مسعود
(4)
فرووه عن سفيان الثوري فقالوا: قال رجل: يا رسول الله فإن أدركتها معهم أصلي؟ قال: «نعم» .
قال الإمام أحمد عقب رواية ابن المبارك عن الثوري: وهذا الصواب.
وكذلك رواه أصحاب منصور.
شيبان بن عبد الرحمن النحوي
(5)
، وشريك بن عبد الله
(6)
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للسائل: «نعم» أي: فصلُّوا معهم.
بل جاء في رواية شعبة
(7)
وابن عيينة
(8)
الحديث بلفظ الأمر فقال: «سيكون أمراء تشغلهم أشياء يؤخرون الصلاة عن وقتها فاجعلوا صلاتكم معهم تطوعاً» .
وجاء نحو هذا من حديث عبد الله بن مسعود
(9)
وأبي ذر
(10)
ومعاذ بن حنبل
(11)
، وسيأتي الحديث في باب جرير بن عبد الحميد (859).
(1)
ابن سعد في الطبقات الكبرى (7/ 402).
(2)
البخاري في الكنى (1/ 7) والمزي في تهذيب الكمال (13/ 331).
(3)
الشاشي في مسنده (1200).
(4)
الاستذكار لابن عبد البر (1/ 79).
(5)
الدولابي في الكنى (1/ 43 رقم 111).
(6)
محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (1020).
(7)
أحمد (5/ 314) والمروزي (1021).
(8)
ابن ماجه (1257).
(9)
مسلم (534).
(10)
مسلم (645).
(11)
أبو داود (432).
الحديث الرابع والعشرون
(1)
:
350 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 300): حدثنا وكيع، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن جابر رضي الله عنه:
أن معاذاً صلّى بأصحابه فقرأ البقرة في الفجر وقال عبد الرحمن يعني ابن مهدي: المغرب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أفتّاناً أفتّاناً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا قال وكيع عن سفيان، عن محارب، عن جابر أن معاذاً قرأ البقرة في الفجر.
خالفه عبد الرحمن بن مهدي
(2)
فرواه عن سفيان عن محارب عن جابر أن معاذاً قرأ البقرة في المغرب.
وهو المحفوظ من حديث محارب بن دثار، وكذلك رواه سعيد بن مسروق
(3)
، ومسعر بن كدام
(4)
، وسليمان الشيباني
(5)
، ومحمد بن قيس
(6)
عن محارب بن دثار.
(1)
رجال الإسناد:
سفيان الثوري: تقدم.
محارب بن دثار السدوسي الكوفي القاضي، ثقة إمام زاهد، من الرابعة، مات سنة 116، روى له البخاري ومسلم.
(2)
النسائي (2/ 168) وأحمد (3/ 300).
(3)
ابن أبي شيبة (3605) وأبو عوانة (1780).
(4)
النسائي (1664) وأبو نعيم في الحلية (7/ 263).
(5)
الطبراني في الأوسط (7787).
(6)
الطبراني في الأوسط (2661).
وكذلك رواه أصحاب جابر بن عبد الله: عمرو بن دينار
(1)
وأبو الزبير
(2)
وعبيد الله بن مقسم
(3)
.
وسيأتي الحديث في باب محارب بن دثار وفي باب محمد بن عباد، وحديثه عند مسلم، وفي باب قتيبة بن سعيد، والله تعالى أعلم
(4)
.
(1)
البخاري (701) ومسلم (465).
(2)
مسلم (465).
(3)
ابن خزيمة (1634) والبخاري تعليقاً (705).
(4)
انظر أحاديثهم (503)، (1111)، (1098).
الحديث الخامس والعشرون
(1)
:
351 -
قال الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله (155): حدثنا هنّاد بن السَّرِيِّ، حدثنا وكيع عن سفيان عن حكيم بن جُبَيْر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:
ما رأيت أحداً كان أشد تعجيلاً للظُّهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من أبي بكر ولا من عمر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير حكيم بن جبير ضعيف الحديث.
وأخرجه أحمد (6/ 135) وإسحاق بن راهويه (1489) وابن أبي شيبة (1/ 322) ثلاثتهم عن وكيع به، (وسقط من مسند إسحاق بعض رجال الإسناد).
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري بن مصعب التميمي، الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى له مسلم.
سفيان الثوري: تقدم.
حكيم بن جبير الأسدي، وقيل: مولى ثقيف الكوفي، ضعيف رمي بالتشيع، من الخامسة، روى له أصحاب السنن الأربعة.
إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، الكوفي الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً، من الخامسة، مات سنة 96 وهو ابن خمسين أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.
الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، مخضرم ثقة مكثر فقيه، من الثالثة، مات سنة 74 أو 75، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال وكيع: عن سفيان عن حكيم بن جبير
…
في هذا الحديث.
عن عائشة قالت: ما رأيت أحداً كان أشد تعجيلاً للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر.
خالفه عبد الرزاق
(1)
، وعبيد الله بن موسى
(2)
، وحسين بن حفص
(3)
، وعبد الله بن الوليد العدني
(4)
، ومؤمل بن إسماعيل
(5)
، وأبو حذيفة موسى بن مسعود
(6)
.
فرووه عن سفيان بهذا الإسناد فقالوا: (ما رأيت أحداً كان أشد تعجيلاً للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استثنت أباها ولا عمر).
وكذلك رواه أبو نعيم الفضل بن دكين عن إسرائيل
(7)
عن سفيان به فقال: (ما استثنت أبا بكر ولا عمر).
وهم وكيع فجعل الحديث كله عن عائشة وأنها قرنت أبا بكر وعمر مع النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواية الجماعة تدل على أنه مدرج من أحد الرواة قوله ما استثنت أباها ولا عمر.
(1)
في المصنف (2054) والطوسي في مختصر الأحكام (141).
(2)
الطوسي (142).
(3)
البيهقي (1/ 439).
(4)
الطوسي (143).
(5)
الطحاوي (1/ 185) والطوسي (140).
(6)
الطحاوي (1/ 185).
(7)
في كتاب الصلاة (1/ 224).
وقد رواه يحيى بن سعيد القطان
(1)
، وإسحاق بن يوسف الأزرق
(2)
عن سفيان دون ذكر الاستثناء ودون قوله: ولا من أبي بكر ولا عمر.
وروى عبد الله بن أبي مُليكة قال: قالت أم سلمة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد تعجيلاً للظهر منكم وأنتم أشد تعجيلاً للعصر منه
(3)
.
علة الوهم:
الإدراج، فقد أدرج أحد رواة الحديث أبا بكر وعمر فقال فيه: (ما رأيت أحداً كان أشد تعجيلاً للظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ما استثنت أي: عائشة أباها ولا عمر.
فوهم وكيع رحمه الله فقال: ولا من أبي بكر ولا من عمر.
والله تعالى أعلم.
(1)
ابن عدي في الكامل (2/ 217) في ترجمة حكيم بن جبير.
(2)
أحمد (6/ 215) وسيأتي الحديث في باب إسحاق الأزرق ح (854).
(3)
أحمد (6/ 289) والترمذي (161) وأبو يعلى (6992).
الحديث السادس والعشرون
(1)
:
352 -
قال أبو داود رحمه الله (2162): حدثنا هناد عن وكيع عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ملعون مَنْ أتى امرأته في دبرها» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير الحارث بن مخلد روى له أبو داود والنسائي وذكره ابن حبان في الثقات.
وأخرجه أحمد (2/ 444) عن وكيع به، والنسائي في الكبرى (9015) من طريق هناد ومحمد بن إسماعيل بن سمرة كلاهما عن وكيع به، وأبو عوانة (4292) من طريق أبي داود عن هناد به.
هكذا قال وكيع: (عن سفيان عن سهيل، عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ملعون مَنْ أتى امرأته في دبرها»).
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري: تقدم.
سفيان الثوري: تقدم.
سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، من السادسة، مات في خلافة المنصور، روى له البخاري ومسلم.
الحارث بن مخلد الزرقي الأنصاري، مجهول الحال، من الثالثة، أخطأ مَنْ زعم أنه صحابي، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
خالفه عبيد الله بن موسى
(1)
فرواه عن سفيان به فقال: (مَنْ أتى امرأته في دبرها لم ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة).
وكذلك رواه جماعة من أصحاب سهيل بن أبي صالح، منهم:
معمر
(2)
، ووهيب بن خالد
(3)
، وعبد العزيز بن المختار
(4)
، ويزيد بن عبد الله بن الهاد
(5)
، وزهير بن محمد
(6)
فقالوا: (لا ينظر الله إلى رجل يأتي امرأته في دبرها) أو نحوه.
وجاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: «لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأة في دبرها»
(7)
.
وجاء في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً: «لا تأتوا النساء في أدبارهن»
(8)
.
وفي حديث علي بن طلق: «لا تأتوا النساء في أعجازهن»
(9)
.
(1)
الدارمي (1140).
(2)
عبد الرزاق (20952) والنسائي في الكبرى (9014) وأحمد (2/ 272) والبيهقي (7/ 198) وفي شعب الإيمان (5376) والبغوي في شرح السنة (2297) والمزي في تهذيب الكمال (5/ 279).
(3)
النسائي (9013) وأحمد (2/ 344) والبيهقي (7/ 198) وفي الصغرى (2487) وابن أبي شيبة (4/ 253).
(4)
ابن ماجه (1923) والطحاوي (3/ 44) وفي شرح مشكل الآثار (6133).
(5)
النسائي (9012) والطحاوي (3/ 44)، وانظره في باب قتيبة ح (1095).
(6)
الطبراني في الأوسط (990).
(7)
الترمذي (1165) والنسائي (9001)(9002) وأبو يعلى (2378) وابن الجارود (739) وابن حبان (4203).
(8)
النسائي (9008)(9009).
(9)
أبو داود (205) و (1005) والترمذي (1164) والنسائي (9024)(9025)(9026) وأحمد (1/ 85).
وفي حديث خزيمة بن ثابت: «لا تأتوا النساء في أعجازهن»
(1)
.
علة الوهم:
روى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ملعون مَنْ أتى النساء في أدبارهن»
(2)
.
ولم أجد مَنْ ذكره بلفظ اللعن غير هذا الحديث وحديث الباب وفيهما ما فيهما، والله تعالى أعلم.
(1)
ابن ماجه (1924) وأحمد (5/ 213).
(2)
أبو يعلى (6463) وابن عدي في الكامل (6/ 2313) من طريق مسلم بن خالد الزنجي.
قال الحافظ في التلخيص (3/ 81): ومسلم فيه ضعف وقد رواه يزيد بن أبي حكيم موقوفاً.
الحديث السابع والعشرون
(1)
:
353 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 314): ثنا وكيع، ثنا سفيان عن مُخارق بن عبد الله الأحمسي عن طارق أن المقداد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر:
يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: { .. فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)} [المائدة: 24] ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير مخارق فمن رجال البخاري.
وعلقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم عقب الحديث (4609) ووصله الحافظ في تغليق التعليق (4/ 204) من طريق إسحاق بن راهويه عن وكيع بهذا الإسناد، وقال: وكذا رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه عن سعيد بن داود عن وكيع به.
(1)
رجال الإسناد:
سفيان الثوري: تقدم.
مخارق بن خليفة، وقيل: ابن عبد الله الأحمسي، أبو سعيد الكوفي، ثقة، من السادسة، روى له البخاري.
طارق بن شهاب بن عبد شمس البجلي الأحمسي، أبو عبد الله الكوفي، قال أبو داود: رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، مات سنة 82 أو 83، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه الطبري في تفسيره (11685) عن سفيان بن وكيع وهناد كلاهما عن وكيع به.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (60/ 162) من طريق أحمد به.
هكذا قال وكيع: (عن سفيان، عن مخارق، عن طارق، عن المقداد).
خالفه الأشجعي
(1)
عبيد الله بن عبد الرحمن فقال: (عن سفيان، عن مخارق، عن طارق، عن عبد الله بن مسعود أن المقداد قال).
وكذلك رواه إسرائيل
(2)
، وإسماعيل بن إبراهيم
(3)
(الأحول)، وعبيدة بن حميد
(4)
، فقالوا: عن مخارق، عن طارق، عن عبد الله أن المقداد
…
أسقط وكيع عبد الله من الإسناد فأرسل الحديث، لذا لم يخرجه البخاري موصولاً وذكره معلقاً.
وقال الدارقطني في علله: يرويه مخارق بن عبد الله عن طارق بن شهاب، واختلف عنه:
(1)
البخاري (4609) وابن أبي عاصم في الجهاد (220).
(2)
البخاري (3952) و (4609) وأحمد (1/ 389، 428).
(3)
أبو نعيم في الحلية (1/ 172) وذكره الدارقطني في العلل (3420) والبزار (1455).
(4)
أحمد (1/ 457 - 458) وابن عساكر في تاريخ دمشق (60/ 161).
فرواه الأشجعي عن الثوري عن مخارق عن ابن مسعود أن المقداد.
وخالفه وكيع وإبراهيم بن هراسة
(1)
روياه عن الثوري عن مخارق عن طارق أن المقداد، ولم يذكرا ابن مسعود، وحديث الأشجعي أصح، وتابعه إسرائيل وأبو يحيى التيمي روياه عن مخارق عن طارق عن ابن مسعود
(2)
.
(1)
إبراهيم بن هراسة الشيباني الكوفي متروك. التاريخ الكبير (11/ 30) والجرح والتعديل (1/ 1/ 143) واللسان (1/ 121 - 122).
(2)
العلل (14/ 21 - 22).
الحديث الثامن والعشرون
(1)
:
354 -
قال أبو داود رحمه الله (587): حدثنا قتيبة، ثنا وكيع، عن مسعر بن حبيب الجرمي، ثنا عمرو بن سلمة عن أبيه:
أنهم وفدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما أرادوا أن ينصرفوا قالوا: يا رسول الله مَنْ يؤمنا؟ قال: «أكثركم جمعاً للقرآن» أو «أخذاً للقرآن» قال: فلم يكن أحد من القوم جمع ما جمعته، قال: فقدّموني وأنا غلام وعليّ شملة لي، فما شهدت مجمعاً من جَرْم إلا كنت إمامهم وكنت أصلي على جنائزهم إلى يومي هذا.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
وأخرجه أحمد (5/ 29) وابن أبي شيبة (3458) عن وكيع به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2596) من طريق ابن أبي شيبة، وابن الأثير في أسد الغابة (4/ 249) من طريق أبي داود.
(1)
رجال الإسناد:
قتيبة بن سعيد جميل الثقفي: تقدم.
مسعر بن حبيب الجرمي، أبو الحارث البصري، ثقة، من السادسة، روى له أبو داود.
عمرو بن سلمة بن قيس الجرمي، نزل البصرة، صحابي صغير، روى له البخاري وأبو داود والنسائي.
سلمة بن قيس الجرمي البصري، صحابي له وفادة، روى له البخاري وأبو داود والنسائي.
ورواه المزي في تهذيب الكمال (27/ 460) من طريق محمد بن إسماعيل الواسطي عن وكيع بهذا الإسناد.
هكذا قال وكيع (عن مسعر، عن عمرو بن سلمة، عن أبيه أنهم وفدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
…
الحديث، وفيه فقال:(فلم يكن أحد من القوم جمع ما جمعته فقدّموني وأنا غلام).
خالفه يزيد بن هارون
(1)
، وأبو داود الطيالسي
(2)
، وعبد الواحد بن واصل الحداد
(3)
، ويحيى بن سعيد القطان
(4)
، وأبو عاصم
(5)
فقالوا: (عن مسعر، عن عمرو بن سلمة: أن أباه ونفراً من قومه وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث).
وهم وكيع في قوله: عن أبيه، فجعل الحديث لأبيه وأنه هو الذي صلّى بقومه وهو غلام، والصحيح أن الحديث لعمرو بن سلمة وهو الذي أمَّ قومه.
ورواه صالح بن محمد بن يحيى بن سعيد عن عثمان بن عمر بن فارس عن مسعر الجرمي عن أبيه عن عمرو بن سلمة به
(6)
.
فزاد في الإسناد والد مسعر وهو خطأ لا يعرف لحبيب والد مسعر رواية.
(1)
ابن سعد في الطبقات (7/ 89) والبيهقي (3/ 225) وذكره أبو داود تعليقاً (585).
(2)
في مسنده (1363) ومن طريقه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (3962).
(3)
أحمد (5/ 71).
(4)
الطبراني في الكبير (6354).
(5)
البيهقي (3/ 91 - 92).
(6)
البزار (468 كشف الأستار).
فتابع الجماعة على كون الحديث حديث عمرو بن سلمة.
وكذلك رواه أيوب السختياني
(1)
، وأبو قلابة
(2)
، وعاصم الأحول
(3)
ثلاثتهم عن عمرو بن سلمة به، ولم يذكروا في الإسناد أباه.
قال الألباني عقب أن أورده في صحيح سنن أبي داود: (إسناده صحيح غير أن قوله: عن أبيه شاذ، والصواب ما قبله يعني حديث يزيد)
(4)
.
(1)
البخاري (4302) وأبو داود (585) والطبراني (6355).
(2)
البخاري (4302).
(3)
أبو داود (586) والنسائي (2/ 70 - 71) وابن سعد (1/ 337) و (7/ 90) والطبراني (6353) والبيهقي (3/ 91).
(4)
صحيح سنن أبي داود (3/ 135).
الحديث التاسع والعشرون
(1)
:
355 -
قال ابن أبي شيبة رحمه الله (1/ 203): حدثنا وكيع قال: نا الأعمش عن عَمرو بن مُرّة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بُردان أخضران على جِذْمَة حائط فأذَّن مَثنى وأقام مَثنى وقعد قعدة قال: فسمع ذلك بلال فقام فأذّن مَثنى وأقام مَثنى وقعد قعدة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 216) بهذا الإسناد مختصراً.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 28 رقم 1179) من طريق ابن أبي شيبة، وابن خزيمة (380) من طريق سلم بن جنادة، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 131، 134) من طريق يحيى بن يحيى، والبيهقي (1/ 420) من طريق عبد الله بن هاشم، وابن حزم في
(1)
رجال الإسناد:
الأعمش: سليمان بن مهران، تقدم.
عمرو بن مرة بن عبد الله الحملي المرادي أبو عبد الله الكوفي، ثقة عابد كان لا يدلس ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة 118 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي، ثقة، من الثانية، اختلف في سماعه وعمره، مات بوقعة الجماجم سنة 83، وقيل: إنه غرق، روى له البخاري ومسلم.
المحلى (3/ 157) من طريق موسى بن معاوية، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 27) من طريق موسى بن معاوية وابن أبي شيبة.
خمستهم (ابن أبي شيبة، وسلم، ويحيى، وعبد الله، وموسى) عن وكيع بهذا الإسناد.
هكذا قال وكيع (عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن عبد الله بن زيد
…
).
خالفه عبد الله بن داود
(1)
، وأبو معاوية محمد بن خازم
(2)
فقالا: (عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى أن عبد الله بن زيد
…
وتابعهم محمد بن فضيل
(3)
فلم يذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه شعبة
(4)
، وسفيان الثوري
(5)
، وعلي بن هاشم
(6)
، وقيس بن الربيع
(7)
.
فقالوا: عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، أن عبد الله بن زيد
…
(1)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 131).
(2)
مسند إسحاق بن راهويه، كما في التلخيص الحبير (1/ 204) قال إسحاق في مسنده، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: جاء عبد الله بن زيد
…
(3)
ابن خزيمة (383).
(4)
أبو داود (506) وابن أبي شيبة (1/ 2004) وابن خزيمة (383).
(5)
عبد الرزاق (1788) وابن خزيمة (382).
(6)
ابن أبي شيبة (1/ 206).
(7)
أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة (180) والشاشي في مسنده (1084).
ورواه عقبة بن خالد
(1)
، وحصين بن نمير
(2)
، والعباس بن محمد الدوري
(3)
، وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي
(4)
، وحصين بن عبد الرحمن
(5)
، ويزيد بن أبي زياد
(6)
، وعمران بن أبي ليلى
(7)
سبعتهم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد مرسلاً.
قال الترمذي: حديث عبد الله بن زيد، رواه وكيع، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام.
وقال شعبة: عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام.
وهذا أصح من حديث ابن أبي ليلى، وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد
(8)
.
وقد صوّب أيضاً المرسل الدارقطني فقال: «ابن أبي ليلى لا يثبت سماعه من عبد الله بن زيد
…
، والصواب ما رواه الثوري وشعبة عن عمرو بن مرة، وحسين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى مرسلاً»
(9)
.
(1)
ابن خزيمة (380) والدارقطني (1/ 241) والطوسي في مختصر الأحكام (177).
(2)
ابن خزيمة (380) والبيهقي (1/ 421).
(3)
ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1209).
(4)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1938) وابن حبان في المجروحين (2/ 245).
(5)
ابن أبي عاصم في الأحاد والمثاني (1939) وابن سعد في الطبقات (1/ 247).
(6)
جعفر بن حبان في طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 211).
(7)
الشاشي في مسنده (1083).
(8)
الترمذي (1/ 236).
(9)
في سننه (1/ 248).
علة الوهم:
جاء في رواية زيد بن أبي أنيسة
(1)
عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحابنا فذكر حديث الباب.
فلعله من هنا دخل الوهم على وكيع، وهو كما تقدم يحدّث من حفظه ليس له كتاب، فقلب (أصحابنا) إلى (أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
روى ابن أبي ليلى عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم غير حديث منها ما رواه الأعمش عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نزل رمضان فشقّ عليهم، فكان مَنْ أطعم كل يوم مسكيناً ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها: { .. وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ
…
(184)} [البقرة: 184]
(2)
، وهذا الحديث بنفس إسناد حديث وكيع.
وروى الأعمش عن عبد الله بن يسار عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فذكر حديث: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً»
(3)
.
(1)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 134).
(2)
البخاري تعليقاً (4/ 187 مع الفتح 1949).
(3)
أبو داود (5004).
الحديث الثلاثون
(1)
:
356 -
قال ابن ماجه رحمه الله (3714): حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يشمت العاطس ثلاثاً فما زاد فهو مزكوم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير علي بن محمد وهو ثقة.
هكذا قال وكيع عن عكرمة، عن إياس بن سلمة، عن سلمة بن الأكوع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم:«يشمت العاطس ثلاثاً فما زاد فهو مزكوم» .
وخالف وكيعاً جماعة من أصحاب عكرمة فرووه عنه فقالوا:
عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «يرحمك الله» ثم عطس أخرى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرجل مزكوم» ، منهم:
أبو النضر هاشم بن القاسم
(2)
، ويحيى بن أبي زائدة
(3)
،
(1)
رجال الإسناد:
علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي: تقدم.
عكرمة بن عمار العجلي اليمامي، أصله من البصرة، صدوق يغلط ولم يكن له كتاب، من الخامسة، روى له مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.
إياس بن سلمة بن الأكوع الأسلمي، أبو سلمة المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة 119 وله 77 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سلمة بن الأكوع: صحابي.
(2)
مسلم (2993).
(3)
أبو داود (5037).
وعبد الله بن المبارك
(1)
، وبهز
(2)
، وزيد بن الحباب
(3)
، وأبو الوليد الطيالسي
(4)
.
ورواه جماعة عن عكرمة فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في الثالثة: «أنت مزكوم» ، منهم:
يحيى القطان
(5)
، وشعبة
(6)
، وعبد الرحمن بن مهدي
(7)
، وسليم بن الأخضر
(8)
، وأبو الوليد الطيالسي في رواية
(9)
.
وهذا الاختلاف من عكرمة لاجتماع جماعة من الثقات على الروايتين، وقد رجح الترمذي رواية يحيى وشعبة ومَن تابعهم وقال: هذا أصح. وسيأتي في باب عكرمة بن عمار، ح (1257).
علة الوهم:
1 التحديث بالمعنى.
2 روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث وكيع من حديث أبي هريرة
(1)
الترمذي (2743).
(2)
أحمد (4/ 56).
(3)
ابن أبي شيبة (25981) وفي كتاب الأدب (323).
(4)
الدارمي (2661) والبخاري في الأدب المفرد (938) والطبراني في الدعاء (200) والبيهقي في شعب الإيمان (9357).
(5)
الترمذي (2743) والروياني (1145) وابن عبد البر في التمهيد (17/ 346) وأحمد (4/ 50) إلا أنه عند أحمد: (ثم عطس الثانية أو الثالثة).
(6)
الترمذي (2743).
(7)
الترمذي (2743).
(8)
النسائي في الكبرى (10051).
(9)
الطبراني في الكبير (6234).
رضي الله عنه من طريقين عنه
(1)
، ومن حديث عبيد بن رفاعة الزرقي
(2)
.
(1)
أبو داود (5034) و (5035) والبخاري في الأدب المفرد (939) من طريق سعيد المقبري، والطبراني في الأوسط (8899) وابن السني في عمل اليوم والليلة (251) من طريق سعيد بن المسيب كلاهما عن أبي هريرة.
(2)
أبو داود (5036).
الحديث الحادي والثلاثون
(1)
:
357 -
قال ابن ماجه رحمه الله (1996): حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا وكيع عن شيبان أبي معاوية، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسماعيل، وهو ثقة.
قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: صدوق. وسمعت منه مع أبي هو صدوق ثقة، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.
هكذا قال وكيع: (عن شيبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أبي هريرة).
خالفه عبيد الله بن موسى
(2)
فقال: (عن شيبان، عن يحيى بن أبي
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، أبو جعفر السراج، ثقة، من العاشرة، مات سنة 260 وقيل قبلها، روى عنه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
شيبان بن عبد الرحمن التميمي النحوي، أبو معاوية البصري نزيل الكوفة، ثقة صاحب كتاب، من السابعة، مات سنة 164، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن أبي كثير: تقدم.
(2)
الطبراني في الكبير (1777).
كثير، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ابن جابر بن عتيك، عن أبيه جابر بن عتيك).
وكذلك رواه أبان بن يزيد العطار
(1)
، وحجاج بن أبي عثمان الصواف
(2)
، والأوزاعي
(3)
، وحرب بن شداد
(4)
.
فقالوا: (عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم
(5)
، عن ابن جابر بن عتيك
(6)
، عن أبيه)
(7)
.
ولا شك أن رواية عبيد الله بن موسى عن شيبان أصح لموافقة رواية الجماعة عن يحيى بن أبي كثير، ولأن الحديث لو كان عند يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة لما رغب عنه أصحاب يحيى بن أبي كثير لعلو سنده ونزلوا فيه إلى التيمي، عن ابن جابر بن عتيك وهو مجهول، عن أبيه.
(1)
أبو داود (2659) وأحمد (5/ 446) والطبراني في الكبير (1772) والبيهقي في شعب الإيمان (10803) وفي الكبرى (9/ 156).
(2)
أحمد (5/ 445) وابن أبي شيبة (4/ 419 - 420) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2142) وابن حبان (295) والطبراني في الكبير (1776).
(3)
النسائي (5/ 78 - 79) والدارمي (2226) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 140) والطبراني (1774)(1775) والبيهقي (7/ 308).
(4)
أحمد (5/ 445) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4576) والطبراني (1773).
(5)
محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، أبو عبد الله المدني، ثقة له أفراد، من الرابعة، مات سنة 120، روى له الجماعة.
(6)
ابن جابر بن عتيك عن أبيه في الغيرة، هو عبد الرحمن أو أخ له لم يسم روى له أبو داود والنسائي.
(7)
جابر بن عتيك بن قيس الأنصاري، صحابي جليل اختلف في شهوده بدراً.
علة الوهم:
سلوك الجادة، فطريق أبي سلمة عن أبي هريرة مطروق بخلاف الإسناد الآخر.
الخاتمة
وهم الإمام الحافظ العابد الثقة الثبت شيخ الإسلام وكيع فيما وقفنا عليه في واحد وثلاثين حديثاً.
تسعة منها في المتن
(1)
علة ثلاث منها اختصار الحديث
(2)
وثلاث أخرى الرواية بالمعنى
(3)
، والباقي في الإسناد وذلك بإبدال راو بآخر أو بالتقصير بعدم ذكر أحد الرواة.
وثمانية أحاديث وهم فيها على شيخه سفيان الثوري وهو في الطبقة الأولى من أصحابه، وثلاثة على شيخه هشام بن عروة، إذ إنه سمع منه وهو صغير، فإن هشاماً لما توفي سنة 146 كان وكيع لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره.
وعامة وهمه أنه حافظ يعتمد على حفظه وليس له كتاب، ورجل يحدّث بآلاف الأحاديث من حفظه، فبضعة عشر حديثاً لا تعد شيئاً ولا يتجاوز ما نسبته 1? من مجموع حديثه، وقد قال الخليلي عنه: ثقة
(1)
وهي الأحاديث: (6، 7، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 30).
(2)
(6، 7، 21).
(3)
(25، 26، 30).
إمام متفق عليه مخرج في الصحيحين عارف بالحديث حافظ ربما يخطاء في ألوف في أحاديث قليلة.
فجزى الله وكيعاً عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ورضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة مثوانا وإياه، والحمد للّه رب العالمين، والله تعالى أعلم.
ملخص أوهام وكيع
رقم الحديث
شيخ الراوي
بلده
الوهم
الصحيح
1
سفيان الثوري
الكوفة
أبو أنس عن عثمان
بسر بن سعيد عن عثمان
2
هشام بن عروة
المدينة/ الكوفة
هشام، عن عروة، عن المسور بن مخرمة
هشام، عن عروة
3
هشام بن عروة
المدينة/ الكوفة
هشام، عن عروة، عن عائشة
هشام، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء
4
زكريا بن إسحاق
المدينة/ الكوفة
مسلم بن ثفنة
مسلم بن شعبة
5
الأعمش
الكوفة
المنهال، عن يعلى، عن أبيه
المنهال، عن يعلى
6
هشام
الكوفة
انقضي شعرك واغتسلي من الحيض
هذا اختصار من حديث الرسول أمرها أن تغتسل وهي حائض لتهل بالعمرة
7
مالك بن أنس
المدينة
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية
اختصار من حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث
8
مسعر بن كدام
الكوفة
مسعر عن أبي مرزوق، عن أبي وائل، عن أبي أمامة
مسعر، عن أبي العنبس، عن أبي العدبس، عن أبي مرزوق، عن أبي غالب عن أبي أمامة
رقم الحديث
شيخ الراوي
بلده
الوهم
الصحيح
9
مالك
المدينة
مالك، عن عبدالله بن يزيد، عن نيار
مالك، عن الفضيل بن أبي عبدالله، عن عبدالله بن نيار
10
عبدالملك بن مسلم الحنفي
الكوفة
عبدالملك بن مسلم، عن أبيه، عن علي
عبدالملك بن مسلم، عن عيسى بن حِطان، عن مسلم بن سلام، عن علي
11
إبراهيم بن ميمون
الكوفة
إبراهيم بن ميمون، عن إسحاق بن سعد، عن أبيه سمرة
إبراهيم بن ميمون، عن سعد بن سمرة، عن أبيه سمرة
12
داود بن سوار
البصرة
داود بن سوار
سوار بن داود
13
قريش بن حيان
البصرة
أبو واصل، عن أبي أيوب الأنصاري
أبو واصل، عن أبي أيوب الأزدي
14
كهمس بن الحسن
البصرة
منظور بن سيار
سيار بن منظور
15
عبدالحميد بن جعفر
البصرة
يزيد، عن أبي بصرة
يزيد، عن مرثد، عن أبي بصرة
16
إسرائيل
الكوفة
بمنى
بالأبطح
17
مسعر
الكوفة
أبو عقيل، عن أبي سلام، عن سابق
أبو عقيل، عن سابق، عن أبي سلام
18
سفيان الثوري
الكوفة
سفيان عن حماد ومنصور عن إبراهيم
سفيان، عن حماد، عن إبراهيم
19
أسامة بن زيد
المدينة
النعمان بن خربوذ عن أم صبية
سالم بن سرج أبي النعمان عن أم صبية
20
همام بن يحيى
البصرة
غالب، عن أنس
أبو غالب، عن أنس
21
مالك
المدينة
رخص للرعاء أن يرموا بالليل وأن يجمعوا الرمي
رخص للرعاء يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر
22
الثوري
الكوفة
وأنا أول مَنْ تنشق عنه الأرض يوم القيامة
إن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول مَنْ يفيق
23
الثوري
الكوفة
إن شئت
نعم
رقم الحديث
شيخ الراوي
بلده
الوهم
الصحيح
24
الثوري
الكوفة
الفجر
المغرب
25
الثوري
الكوفة
ما رأيت أحداً أشد تعجيلاً للظهر من رسول الله ولا من أبي بكر ولا من عمر
ما رأيت أحداً .. ما استثنت أباها ولا عمر
26
الثوري
الكوفة
ملعون مَنْ أتى امرأة في دبرها
لا ينظر الله إلى رجل يأتي امرأته في دبرها
27
الثوري
الكوفة
عن طارق أن المقداد
عن طارق عن عبدالله بن مسعود أن المقداد
28
مسعر
البصرة
عمرو بن سلمة عن أبيه
عمرو بن سلمة
29
الأعمش
البصرة
ابن أبي ليلى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن عبدالله
ابن أبي ليلى أن عبدالله
30
عكرمة بن عمار
البصرة/ اليمامة
يشمت الرجل ثلاثاً فما زاد فهو مزكوم
أن رجلاً عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمّته ثم عطس أخرى فقال له في الثالثة: أنت مزكوم
31
شيبان
البصرة
عن أبي سلمة، عن أبي هريرة
محمد بن إبراهيم، عن ابن جابر بن عتيك، عن أبيه
عبد الرحمن بن مهدي
(1)
اسمه ونسبه:
عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن، أبو سعيد العنبري، وقيل: الأزدي مولاهم البصري.
ولد سنة 135.
ثناء أهل العلم عليه:
قال الشافعي: لا أعرف له نظيراً في هذا الشأن، يعني في العلم والعمل.
قال علي بن المديني: لو حلفت بين الركن والمقام، لحلفت أني لم أرَ أحداً أعلم من عبد الرحمن بن مهدي.
وقال أحمد بن حنبل: عبد الرحمن أفقه من يحيى القطان، وقال: إذا اختلف عبد الرحمن ووكيع فعبد الرحمن أثبت لأنه أقرب عهداً
(1)
مقدمة الجرح والتعديل (1/ 251 - 262) حلية الأولياء (9/ 3 - 63) تاريخ بغداد (10/ 240) تهذيب الكمال (820) سير أعلام النبلاء (9/ 192 - 208).
بالكتاب، واختلفا في نحو من خمسين حديثاً للثوري فنظرنا فإذا عامة الصواب في يد عبد الرحمن.
وسئل أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع فقال: كان عبد الرحمن أكثرهم حديثاً.
وقال أبو حاتم الرازي: عبد الرحمن بن مهدي أثبت أصحاب حماد بن زيد وهو إمام ثقة أثبت من يحيى بن سعيد وأتقن من وكيع، وكان عرض حديثه على سفيان الثوري.
سعة علمه:
قال: سمعت علي بن المديني يقول: قدمت الكوفة فعنيت بحديث الأعمش فجمعته فلما قدمت البصرة لقيت عبد الرحمن فسلّمت عليه فقال: هات يا علي ما عندك، فقلت: ما أحد يفيدني عن الأعمش شيئاً، قال: فغضب فقال: هذا كلام أهل العلم ومَن يضبط العلم ومَن يحيط به مثلك يتكلم بهذا؟ أمعك شيء يكتب فيه؟ قلت: نعم، قال: اكتب، قلت: ذاكرني فلعله عندي، قال: اكتب لست أملي عليك إلا ما ليس عندك، قال: فأملى عليّ ثلاثين حديثاً لم أسمع منها حديثاً، ثم قال: لا تعد، قلت: لا أعود، قال علي: فلما كان بعد سنة جاء سليمان
(1)
إلى الباب قال: امضِ بنا إلى عبد الرحمن أفضحه اليوم في المناسك، قال علي: وكان سليمان من أعلم أصحابنا بالحج، قال: فذهبنا فدخلنا عليه فسلّمنا وجلسنا بين يديه فقال: هاتا ما عندكما وأظنك يا سليمان صاحب الخطبة، قال: نعم، ما أحد يفيدنا في الحج
(1)
سليمان بن داود بن بشر المنقري البصري الشاذكوني (توفي سنة 234) أحد الحفاظ الكبار النقاد إلا أنه اتهم بالكذب. سير أعلام النبلاء (10/ 679 - 683).
شيئاً، فأقبل عليه بمثل ما أقبل عليّ ثم قال: يا سليمان ما تقول في رجل قضى المناسك كلها إلا الطواف بالبيت فوقع على أهله؟ فاندفع سليمان فروى يتفرقان حيث اجتمعا ويجتمعان حيث تفرقا، قال: اروِ ومتى يجتمعان ومتى يتفرقان؟ قال: فسكت سليمان، فقال: اكتب، وأقبل يلقي عليه المسائل ويملي عليه حتى كتبنا ثلاثين مسألة في كل مسألة يروي الحديث والحديثين، ويقول: سألت مالكاً وسألت سفيان وعبيد الله بن الحسن، قال: فلما قمنا قال: لا تعد ثانياً تقول مثلما قلت، وخرجنا، فأقبل علي سليمان فقال: إيش خرج علينا من صلب مهدي هذا كأنه كان قاعداً معهم سمعت مالكاً وسفيان وعبيد الله
(1)
.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: عندي عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين ثلاثة عشر حديثاً.
قال ابن أبي حاتم: فقد بان كثرة علمه حتى يكون عنده عن المغيرة بن شعبة في المسح ثلاثة عشر حديثاً.
وقال عبد الله بن عمر القواريري: أملى عبد الرحمن بن مهدي عشرين ألف حديث حفظاً.
وقال أحمد بن حنبل: كأن عبد الرحمن بن مهدي خلق للحديث.
وقال القواريري أيضاً: كان عبد الرحمن بن مهدي يعرف حديثه وحديث غيره، وكان يحيى بن سعيد يعرف حديثه.
(1)
أخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل (1/ 27، 251) والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 245 - 246).
الحديث الأول
(1)
:
358 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 434): حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن منصور والأعمش وواصل، عن أبي
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه، مات سنة 198 وله 63 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، من رؤوس الطبقة السابعة، مات سنة 161 وله 64 سنة، روى له البخاري ومسلم.
منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، أبو عتّاب الكوفي، ثقة ثبت، وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
الأعمش: سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقة حافظ عارف بالقراءة، ورع لكنه يدلس، من الخامسة، مات سنة 147 أو 148 وكان مولده سنة 61، روى له البخاري ومسلم.
واصل بن حيان الأحدب الأسدي الكوفي، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة 120، روى له البخاري ومسلم.
شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، ثقة مخضرم، من الطبقة الثانية، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن شُرحبيل الهمداني أبو ميسرة الكوفي، ثقة عابد، مخضرم من الثامنة، مات سنة 63، روى له البخاري ومسلم.
وائل، عن عمرو بن شُرحبيل عن عبد الله [بن مسعود] رضي الله عنه قال:
قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله عز وجل؟
قال: «أن تجعل للّه عز وجل ندًّا وهو خلقك» .
قال: قلت: ثم ماذا؟
قال: «ثم أن تقتل ولدك خشية أن يأكل من طعامك» ، وقال عبد الرحمن مرة:«أن يطعم معك» .
قال: ثم قلت: ثم ماذا؟
قال: «أن تزاني حليلة جارك» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه البيهقي (8/ 18) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 819) والحاكم في معرفة علوم الحديث (1/ 100) من طريق هارون بن سليمان الأصبهاني عن عبد الرحمن بن مهدي بهذا الإسناد.
ورواه اللالكائي في اعتقاد أهل السنّة (1902) من طريق أحمد بن سنان عن ابن مهدي بهذا الإسناد.
ورواه ابن أبي شيبة في مسنده (362) والترمذي (3182) والنسائي (7/ 89) والبزار (1875) من طريق محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن واصل به.
هكذا قال عبد الرحمن: (عن سفيان، عن منصور والأعمش وواصل، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود).
خالفه يحيى بن سعيد القطان
(1)
فقال: (عن سفيان، عن منصور والأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود).
(وعن سفيان، عن واصل، عن أبي وائل، عن ابن مسعود) لا يذكر في رواية واصل عمرو بن شرحبيل.
وكذلك رواه شعبة
(2)
ومالك بن مغول
(3)
ومهدي بن ميمون
(4)
وسعيد بن مسروق
(5)
أربعتهم عن واصل، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، لا يذكرون عمرو بن شرحبيل.
وهم عبد الرحمن بن مهدي فحمل رواية الأعمش ومنصور على رواية واصل.
فالأعمش ومنصور يرويان هذا الحديث عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله بن مسعود.
وكذلك رواه جرير
(6)
، وعبد الله بن نمير
(7)
وغيرهم عن الأعمش.
وجرير
(8)
، وشعبة
(9)
عن منصور.
(1)
البخاري (4761) و (6811).
(2)
الترمذي (3183) والطيالسي (262) وأحمد (1/ 434) و (1/ 464) وأبو نعيم في الحلية (4/ 146) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 833 - 834).
(3)
النسائي في الكبرى (7125) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 835).
(4)
أحمد (1/ 462) والخطيب (2/ 836)، وانظره في باب أبي داود الطيالسي (469).
(5)
الخطيب (2/ 838).
(6)
البخاري (7532) ومسلم (86).
(7)
الشاشي في مسنده (775) والبيهقي (8/ 15).
(8)
البخاري (4477) و (7520).
(9)
أبو عوانة (152).
وقد رواه سفيان الثوري عنهما كذلك كما تقدم.
وواصل يرويه عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود لا يذكر عمرو بن شرحبيل.
كذلك رواه عنه شعبة ومالك بن مغول ومهدي بن ميمون وسعيد بن مسروق كما تقدم.
ووهم عبد الرحمن بن مهدي فرواه عن الأعمش ومنصور وواصل فذكر عمرو بن شرحبيل كما عند أحمد والبيهقي واللالكائي.
ورواه عن واصل وحده فذكر عمرو بن شرحبيل أيضاً كما عند الترمذي والنسائي كما سبق ذكره في تخريج الحديث.
وقد جوّد هذا الحديث يحيى بن سعيد القطان فجمع الثلاثة في الحديث وفصل إسناده.
قال البخاري رحمه الله (6811): حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سفيان حدثني منصور وسليمان عن أبي وائل عن أبي ميسرة عن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم
…
قال يحيى: وحدثنا سفيان حدثني واصل عن أبي وائل عن عبد الله قلت: يا رسول الله
…
مثله.
قال عمرو: فذكرته لعبد الرحمن وكان حدثنا عن سفيان عن الأعمش ومنصور وواصل عن أبي وائل عن أبي ميسرة قال: «دعه دعه» .
ورواه الخطيب في الفصل (2/ 841) وزاد: فلم يذكر فيه بعد ذلك واصلاً.
وقال الدارقطني في العلل (5/ 222) بعد أن ذكر الاختلاف فيه:
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري عن واصل عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله ووهم على الثوري.
قال البيهقي (8/ 18): حديث منصور والأعمش موصول، وحديث واصل عن أبي وائل عن عبد الله ليس فيه ذكر عمرو بن شرحبيل.
قال ابن الصلاح وهو يعدّد أقسام المدرج، ومنها: أن يروي الراوي حديثاً عن جماعة فيهم اختلاف في إسناده فلا يذكر الاختلاف بل يدرج روايتهم على الإتقان. ثم ذكر حديث الثوري هذا مثالاً
(1)
.
وقال العراقي: فرواية واصل هذه مدرجة على رواية منصور والأعمش لأن واصلاً لا يذكر فيه عمراً بل يجعله عن أبي وائل عن عبد الله
…
وقد بيّن الإسنادين معاً يحيى بن سعيد القطان في روايته عن سفيان وفصل أحدهما من الآخر
(2)
.
قال الحافظ في الفتح (12/ 115): قال الهيثم بن خلف فيما أخرجه الإسماعيلي عنه عن عمرو بن علي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي فساق روايته وحذف ذكر واصل من السند.
ثم قال: وقال عبد الرحمن مرة عن سفيان عن منصور والأعمش وواصل فقلت لعبد الرحمن: حدثنا يحيى بن سعيد فذكره مفصلاً فقال: دعه.
(1)
علوم الحديث (ص 137).
(2)
شرح التبصرة (1/ 258 - 259) وذكره السيوطي في تدريب الراوي (1/ 273).
والحاصل أن الثوري حدّث بهذا الحديث عن ثلاثة أنفس حدّثوه به عن أبي وائل.
فأما الأعمش ومنصور فأدخلا بين أبي وائل وبين ابن مسعود أبا ميسرة، وأما واصل فحذفه، فضبطه يحيى القطان عن سفيان هكذا مفصلاً، وأما عبد الرحمن فحدّث به أولاً بغير تفصيل، فحمل رواية واصل على رواية منصور والأعمش فجمع الثلاثة وأدخل أبا ميسرة في السند، فلما ذكر له عمرو بن علي أن يحيى فصله كأنه تردد فيه فاقتصر على التحديث به عن سفيان عن منصور والأعمش حسب وترك طريق واصل وهذا معنى قوله:«دعه دعه» أي: اتركه، والضمير للطريق التي اختلف فيها وهي رواية واصل، وقد زاد الهيثم بن خلف في روايته بعد قوله:«دعه» فلم يذكر فيه واصلاً بعد ذلك، فعرف أن معنى قوله:«دعه» أي: اترك السند الذي ليس فيه ذكر أبي ميسرة. اه.
وقال أيضاً في الفتح (8/ 493): وحاصله أن الحديث عند الثوري عن ثلاثة أنفس، أما اثنان منهما فأدخلا فيه بين أبي وائل وابن مسعود أبا ميسرة وأما الثالث وهو واصل فأسقطه.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الثلاثة عن أبي وائل عن أبي ميسرة عن ابن مسعود فعُدَّ وهماً، والصواب إسقاط أبي ميسرة من رواية واصل كما فصله يحيى بن سعيد.
وقد أخرجه ابن مردويه من طريق مالك بن مغول عن واصل بإسقاط أبي ميسرة أيضاً.
وكذلك رواه شعبة ومهدي بن ميمون عن واصل. اه.
علة الوهم:
علة الوهم في هذا الحديث جمع الشيوخ في إسناد واحد، وقد كان أهل الحديث لا يقبلون هذا إلا من محدث متقن حافظ مدرك لاختلاف الأسانيد والمتون، وعبد الرحمن بن مهدي لا شك أنه منهم، لكن الخطأ لا يسلم منه أحد، وهو قد عرف خطأه هذا ورجع عنه كما ذكره البخاري عقب الحديث.
وقد وقع مثل هذا الخطأ ليحيى بن سعيد القطان من جراء جمع الشيوخ في إسناد واحد وقد ذكرناه في بابه، انظر ح (378).
وقد عقد الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (2/ 819) باب ذكر مَنْ روى حديثاً عن جماعة رووه عن رجل واحد مختلفين فيه فحمل روايتهم على الاتفاق.
ثم ذكر فيه هذا الحديث.
وكذلك ذكره ابن الصلاح في مقدمته (1/ 97) في النوع العشرون معرفة المدرج من الحديث.
فقال: ومنها: أن يروي الراوي حديثاً عن جماعة بينهم اختلاف في إسناده فلا يذكر الاختلاف فيه بل يدرج روايتهم على الاتفاق، مثال لرواية عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن كثير العبدي عن الثوري عن منصور، والله تعالى أعلم.
وقد نقل الدارقطني والخطيب عن أبي بكر النيسابوري احتمال أن يكون سفيان حمل حديث واصل على حديث الأعمش ومنصور حين حدّث به عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن كثير وفصله يحيى.
قال الدارقطني: «قال لنا أبو بكر النيسابوري: هكذا رواه يحيى ولم يذكر في حديث واصل عمرو بن شرحبيل.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن كثير فجمعا بين واصل ومنصور والأعمش عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله فيشبه أن يكون الثوري جمع بين الثلاثة لعبد الرحمن بن مهدي ولابن كثير فجعل إسنادهم واحداً ولم يذكر بينهما خلافاً وحمل حديث واصل على حديث الأعمش ومنصور وفصله ليحيى بن سعيد فجعل حديث واصل عن أبي وائل عن عبد الله وهو الصواب لأن شعبة ومهدي بن ميمون روياه عن واصل عن أبي وائل عن عبد الله كما رواه يحيى عن الثوري عنه، والله أعلم
(1)
.
(1)
العلل (5/ 222) ونقله عنه الخطيب في الفصل للوصل (2/ 840) والحافظ في الفتح (8/ 493).
الحديث الثاني
(1)
:
359 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 304): حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن سماك، حدثنا عبد الله بن ظالم قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول:
«إن فساد أمتي على يدَيْ غلمة سفهاء من قريش» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير عبد الله بن ظالم وقد وهم عبد الرحمن بن مهدي في اسمه فقال: عبد الله بن ظالم.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 527) من طريق الإمام أحمد به، وقرن مع ابن مهدي يحيى بن سعيد القطان.
هكذا قال عبد الرحمن بن مهدي: (عن سفيان، عن سماك، عن عبد الله بن ظالم، عن أبي هريرة).
خالفه زيد بن الحباب
(2)
، وحسين بن حفص
(3)
، وعصام بن
(1)
رجال الإسناد:
سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي، البكري، الكوفي، أبو المغيرة، صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة فكان ربما يلقن، من الرابعة، مات سنة 123، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
عبد الله بن ظالم التميمي المازني، صدوق ليّنه البخاري، من الثالثة، روى له أصحاب السنن.
(2)
أحمد (2/ 288).
(3)
الحاكم (4/ 470).
يزيد
(1)
فقالوا: (عن سفيان، عن سماك، عن مالك بن ظالم، عن أبي هريرة).
وكذلك رواه شعبة
(2)
، وزكريا بن أبي زائدة
(3)
، وأبو عوانة
(4)
عن سماك فقالوا: (مالك بن ظالم).
وهم عبد الرحمن فقلب اسمه إلى عبد الله بن ظالم.
وقد رواه البخاري في تاريخه الكبير
(5)
من طريق ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي فقال: (ابن ظالم) لم يسمه حذفه عمداً.
قال مهنا: قلت: حدثوني عن شعبة عن سماك عن مالك بن ظالم عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هلاك أمتي على يدَيْ أُغيلمة من قريش» .
فقال أحمد: هو معروف إلا أن عبد الرحمن بن مهدي كان يخطاء فيه يقول: عبد الله بن ظالم، وإنما هو مالك بن ظالم.
قلت: سمعته أنت منه؟
قال: نعم
(6)
.
ونقل الحاكم في المستدرك (4/ 527) عن عمرو بن علي الفلاس أنه قال: الصحيح مالك بن ظالم.
(1)
ابن حبان (6713).
(2)
الطيالسي (5208) وأحمد (2/ 299) و (2/ 328) ونعيم بن حماد في الفتن (1228) والحاكم (4/ 527).
(3)
إسحاق بن راهويه (362).
(4)
ابن حبان في الثقات (5/ 387).
(5)
(7/ 309).
(6)
المنتخب في العلل للخلال لابن قدامة (81).
وقال الشيخ أحمد شاكر: (فالظاهر أن السهو من عبد الرحمن بن مهدي لا رواية زيد بن الحباب ورواية حسين بن حفص كلاهما عن الثوري فيها مالك بن ظالم على الصواب، وكذلك رواه سائر مَنْ رواه فسماه مالك بن ظالم.
بل إن البخاري حين أراد أن يشير إلى رواية ابن مهدي في ترجمة مالك بن ظالم لم يذكره باسم (عبد الله بن ظالم) بل قال: وقال ابن أبي شيبة عن ابن مهدي عن سفيان عن سماك، سمع ابن ظالم سمع أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فهو لم يستطع ترك رواية ابن مهدي لما فيها من التصريح بسماع التابعي من أبي هريرة لكنه أبى أن يجاري ابن مهدي في تسميته عبد الله فأعرض عنها)
(1)
.
وقال البرذعي: وشهدت أبا زرعة ذكر عبد الرحمن بن مهدي ومدحه فأطنب في مدحه وقال: وهم في غير شيء، قال عن شهاب بن شريفة، وإنما هو شهاب بن شرنقة، وقال عن سماك عن عبد الله بن ظالم، وإنما هو مالك بن ظالم
…
(2)
.
(1)
في تعليقه على مسند أحمد (14/ 256).
ونقل صاحب التهذيب (10/ 18) عن البخاري في ترجمة عبد الله بن ظالم أنه ليس له إلا حديثان، روى عن سعيد بن زيد حديث «عشرة في الجنة» ، وروى حديث:«حسب أصحابي القتل» ولم يذكر له هذا الحديث.
حديث: «عشرة في الجنة» رواه أبو داود (4648) والنسائي في الكبرى (8190) والترمذي (3757) وابن ماجه (134) والحديث الآخر عند البزار (1262) والطبراني (346) وابن أبي عاصم في السنّة (1492) وغيرهم.
(2)
سؤالات البرذعي (1/ 325).
الحديث الثالث
(1)
:
360 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 408): حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان عن أبي جعفر قال عبد الرحمن: ليس هو الفراء عن أبي سلمان عن أبي محذورة رضي الله عنه قال:
كنت أؤذن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح فإذا قلت: حي على الفلاح، قلت: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم، الأذان الأول.
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به، والحديث صحيح بطرقه.
وأخرجه النسائي (2/ 34) وفي الكبرى (1612) من طريق عمرو بن علي عن عبد الرحمن بن مهدي به.
وأخرجه المزي في تهذيب الكمال (33/ 199) من طريق الإمام أحمد به.
هكذا قال عبد الرحمن بن مهدي: (عن سفيان، عن أبي جعفر وليس الفراء، عن أبي سلمان، عن أبي محذورة).
خالفه أبو نعيم الفضل بن دكين
(2)
، ويحيى بن سعيد القطان
(3)
،
(1)
رجال الإسناد:
أبو جعفر [عن أبي سليمان، عن أبي محذورة في الأذان، من شيوخ الثوري، مجهول، من الرابعة، وقيل: هو الفراء، روى له النسائي].
أبو سلمان المؤذن، قيل: اسمه همام، مقبول، من الثالثة، روى له النسائي.
(2)
في كتابه كتاب الصلاة (246).
(3)
أخبار مكة للفاكهي (2/ 141 رقم 1316) من طريق أبي بشر بكر بن خلف عنه.
وإسماعيل بن عمرو البجلي
(1)
فقالوا: (عن سفيان، عن أبي جعفر الفراء، عن أبي سلمان، عن أبي محذورة).
ورواه عبد الله بن المبارك
(2)
، وعبد الرزاق
(3)
، والأشجعي
(4)
، وقبيصة بن عقبة
(5)
، ويحيى بن سعيد القطان
(6)
في رواية ولم ينسبوه.
فقالوا: (عن سفيان، عن أبي جعفر، عن أبي سلمان، عن أبي محذورة).
وقال الحافظ المزي متعقباً عبد الرحمن بن مهدي قال: الصحيح أنه هو الفراء نسبه إسماعيل بن عمرو البجلي عن سفيان، وذكر مسلم وغير واحد أن أبا جعفر الذي يروي عن أبي سلمان ويروي عنه سفيان هو الفراء
(7)
.
وقال ابن مندة الأصبهاني: أبو سلمان اسمه همام المؤذن، حدّث عن أبي محذورة، روى عنه أبو جعفر الفراء
(8)
.
أثر الوهم:
إسناد عبد الرحمن بن مهدي ضعيف وذلك لجهالة أبي جعفر، أما
(1)
تهذيب الكمال (33/ 198).
(2)
النسائي (2/ 14) وفي الكبرى (1611) وأبو يعلى في معجمه (36) والطحاوي في مشكل الآثار (6080).
(3)
في مصنفه (1821) ومن طريقه الطبراني في الكبير (6738).
(4)
البيهقي (1/ 422).
(5)
الدولابي في الكنى والأسماء (2/ 608).
(6)
النسائي (2/ 13) وفي الكبرى (1612) والطحاوي (6081).
(7)
أبو جعفر الفراء الكوفي، قيل: اسمه سليمان، وقيل كيسان، وقيل زياد، ثقة، من الرابعة، روى له البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.
(8)
فتح الباب في الكنى والألقاب (1/ 409).
إسناد مَنْ خالفه وقال: إنه أبو جعفر الفراء فإسناد جيد لأن أبا جعفر الفراء ثقة وثقه أبو داود وذكره ابن حبان في الثقات وكذلك وثقه ابن حجر في التقريب، والله تعالى أعلم.
الحديث الرابع
(1)
:
361 -
قال النسائي في السنن الكبرى (6607): أخبرنا محمد بن بشار، ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن منصور عن أمه قالت:
أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بصاعين من شعير
(2)
.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا رواه عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن أمه صفية قال: (بصاعين من شعير).
خالفه أصحاب سفيان فرووه عنه فقالوا: (بمدين)، منهم:
محمد بن يوسف الفريابي
(3)
، ووكيع بن الجراح
(4)
، وأبو أحمد
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، بُندار، ثقة، من العاشرة، مات سنة 252 وله بضع وثمانون سنة، روى له البخاري ومسلم.
منصور بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث العبدري الحجي المكي وهو ابن صفية بنت شيبة، ثقة، من الخامسة، أخطأ ابن حزم في تضعيفه، روى له البخاري ومسلم.
صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية، لها رؤية وحدثت عن عائشة وغيرها من الصحابة، وفي البخاري التصريح بسماعها من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر الدارقطني إدراكها.
(2)
لم يسق النسائي لفظه وإنما أحال على ما قبله، وأشار إلى مخالفة ابن مهدي فقال: وقال بصاعين.
(3)
البخاري (5172).
(4)
ابن أبي شيبة (17162).
الزبيري
(1)
، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة
(2)
، ويحيى بن يمان
(3)
، وروح بن عبادة
(4)
، ويزيد بن أبي حكيم العدني
(5)
، ومحمد بن كثير العبدي
(6)
، ومؤمل بن إسماعيل
(7)
.
قال الحافظ: (بمدين من شعير) كذا وقع في رواية كل مَنْ رواه عن الثوري فيما وقفت عليه ممن قدمت ذكره إلا عبد الرحمن بن مهدي فوقع في روايته: (بصاعين من شعير) أخرجه النسائي والإسماعيلي من روايته وهو وإن كان أحفظ مَنْ رواه عن الثوري لكن العدد الكبير أوْلى بالضبط من الواحد كما قال الشافعي في غير هذا، والله أعلم
(8)
.
(1)
أحمد (6/ 113) والبيهقي (7/ 207) والدارقطني في العلل (15/ 159).
(2)
أبو يعلى (4667).
(3)
النسائي في الكبرى (6606).
(4)
ذكره الدارقطني كما في تحفة الأشراف (11/ 123) وفتح الباري (9/ 238).
(5)
الإسماعيلي في مستخرجه كما في الفتح (9/ 238).
(6)
إسماعيل القاضي كما في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الفتح (9/ 238).
(7)
الإسماعيلي في مستخرجه كما في النكت الظراف (11/ 342) والدارقطني في العلل (15/ 159).
(8)
فتح الباري (9/ 240).
الحديث الخامس
(1)
:
362 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 193): قرأت على عبد الرحمن: مالك عن عبد الله بن أبي بكر: أن عبد الله بن قيس أخبره، عن زيد بن خالد الجهني أنه قال:
لأرمقن الليلة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوسدت عتبته أو فسطاطه، فصلّى ركعتين خفيفتين، ثم صلّى ركعتين طويلتين، ثم صلّى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلّى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلّى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلّى ركعتين دون اللتين قبلهما ثم أوتر، فذكر ثلاث عشرة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
هكذا قال عبد الرحمن بن مهدي: (عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن قيس، عن زيد بن خالد الجهني).
خالفه قتيبة بن سعيد
(2)
، وعبد الرزاق
(3)
، وعبد الله بن مسلمة
(1)
رجال الإسناد:
مالك بن أنس: الإمام صاحب المذهب (انظر ترجمته في بابه).
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي، ثقة، من الخامسة، مات سنة 135 وهو ابن 70 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب المطلبي، يقال: له رؤية، وهو من كبار التابعين، واستقضاه الحجاج على المدينة سنة 73 ومات سنة 76، روى له مسلم.
زيد بن خالد الجهني المدني، صحابي مشهور، مات سنة 68 أو 78 وله 85 سنة بالكوفة، حديثه في الصحيحين.
(2)
مسلم (765).
(3)
في المصنف (4712) ومن طريقه الطبراني في الكبير (5245).
القعنبي
(1)
، وعبد الله بن نافع بن ثابت الزبيري
(2)
، ومعن بن عيسى القزاز
(3)
، وعبد الله بن وهب
(4)
، وعبد الله بن يوسف
(5)
، وأبو علي الحنفي
(6)
، وأحمد بن أبي بكر
(7)
، ومصعب بن عبد الله الزبيري
(8)
.
هؤلاء العشرة كلهم رووه عن مالك فقالوا: (مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبد الله بن قيس، عن زيد بن خالد).
وكذلك هو في الموطأ رواية يحيى الليثي
(9)
.
أسقط عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله من الإسناد أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم والد عبد الله.
لذا قال عبد الله بن أحمد: (والصواب ما قال مصعب ومعن: (عن أبيه) ولم يذكر عبد الرحمن فيه (عن أبيه)، وهم فيه.
(1)
أبو داود (1366) وأبو عوانة (2286) والطبراني (5245) والبيهقي (3/ 8).
(2)
ابن ماجه (1362).
(3)
الترمذي في الشمائل (266) وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (5/ 193).
(4)
أبو عوانة (2286).
(5)
أبو عوانة (2287).
(6)
عبد بن حميد في المنتخب (273).
(7)
ابن حبان (2608).
(8)
عبد الله بن أحمد في زوائده (5/ 193) ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال في ترجمة رقم (3480).
(9)
الموطأ (1/ 122).
الحديث السادس
(1)
:
363 -
قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي (7/ 178): أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن يحيى بن عبد الله النيسابوري عن عبد الرحمن عن مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم:
سئل عن فأرة وقعت في سمن جامد فقال: «خذوها وما حولها فألقوه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وهو عند النسائي أيضاً في الكبرى (4585).
وأخرجه أحمد (6/ 335) عن عبد الرحمن ولم يقل: (جامد).
هكذا قال ابن مهدي عن مالك عن الزهري في هذا الحديث: في سمن جامد.
خالفه عامة أصحاب مالك فرووه عنه بهذا الإسناد فقالوا: في سمن، ولم يزد أحد منهم (جامد)، منهم:
(1)
رجال الإسناد:
يعقوب بن إبراهيم بن كثير، أبو يوسف الدورقي، ثقة من العاشرة، مات سنة 252 وله 86 سنة، وكان من الحفاظ، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي النيسابوري، ثقة حافظ جليل من الحادية عشرة، مات سنة 258 على الصحيح وله 86 سنة، روى له البخاري.
مالك: إمام دار الهجرة، انظر ترجمته في بابه.
الزهري: محمد بن مسلم بن شهاب. انظر ترجمته في بابه.
إسماعيل بن أبي أويس
(1)
، ومعن بن عيسى
(2)
، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي
(3)
، ويحيى بن سعيد القطان
(4)
، وعبد الله بن وهب
(5)
، وجويرية بن أسماء
(6)
، وخالد بن مخلد
(7)
، وزيد بن يحيى
(8)
، وسعيد بن داود الزبيري
(9)
، وسعيد بن أبي مريم
(10)
، وإبراهيم بن طهمان
(11)
، وأشهب بن عبد العزيز
(12)
، وعبد الله بن مسلمة القعنبي
(13)
، وعبيد بن حبان
(14)
، وكذلك هو في الموطأ من رواية الليثي
(15)
، وأبي مصعب
(16)
، وابن زياد
(17)
، والشيباني
(18)
.
وكذلك رواه أصحاب الزهري ولم يذكروا صفة السمن أنه جامد،
(1)
البخاري (235).
(2)
البخاري (236).
(3)
البخاري (5540).
(4)
الدارقطني في العلل (15/ 259).
(5)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5357).
(6)
الطحاوي (5358).
(7)
الدارمي (2084).
(8)
الدارمي (2085).
(9)
الطبراني في الأوسط (3413) والكبير (23/ 1042).
(10)
الطحاوي (5359).
(11)
في مشيخته (71).
(12)
ابن عبد البر في التمهيد (9/ 37).
(13)
الجوهري في مسند الموطأ (ص 187) وأبو نعيم في الحلية (3/ 379) ولفظه هنا على نحو لفظ ابن مهدي، وعند الجوهري بمثل رواية الجماعة.
(14)
تاريخ دمشق (38/ 171).
(15)
(2/ 274).
(16)
(17)
(ص 183).
(18)
(ص 314)(984).
منهم: سفيان بن عيينة
(1)
، ويونس بن يزيد
(2)
، وعبد الرحمن بن إسحاق
(3)
، ومعمر
(4)
.
لذا قال الحافظ في الفتح (1/ 334): لم يذكر أحد منهم لفظة: (جامد) إلا عبد الرحمن بن مهدي، وكذا ذكرها أبو داود الطيالسي في مسنده عن سفيان بن عيينة عن ابن شهاب ح (468)، ورواه الحميدي والحفاظ من أصحاب ابن عيينة بدونها وجوّدوا إسناده.
علة الوهم:
1 جاء في رواية القعنبي في هذا الحديث عن مالك قال: سئل مالك بن أنس عن السمن الجامد تقع فيه الفأرة، فحدثنا مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال:«خذوها وما حولها فألقوه» .
وجاءت لفظة: (جامد) في سؤال مَنْ سأل مالكاً لا في سؤال مَنْ سأل النبي صلى الله عليه وسلم.
وما جاء في قول مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل بمثل ما سئل مالك، إلا أن رواية الجماعة عن مالك وعن شيخه الزهري دلت على أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن السمن إجمالاً دون تفصيل عن حالته، ويحتمل أن ما جاء في رواية القعنبي هو
(1)
البخاري (5538).
(2)
البخاري (5539).
(3)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (310).
(4)
أبو داود (3842) وأحمد (2/ 265)(2/ 233) وابن حبان (1394) وابن الجارود (871) وانظره في باب معمر، ح (186).
اختصار من مالك أو من دونه، ومن هنا ربما دخل الوهم على عبد الرحمن بن مهدي.
2 قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خذوها وما حولها فألقوه» ذكر كثير من أهل العلم أن هذا حكم السمن الجامد، أما إذا كان مائعاً فإنه ينجس الكل، لذا بناءً على قوله صلى الله عليه وسلم:«خذوها وما حولها فألقوه» معناه الانتفاع بالباقي، فعاد إلى الذهن أن السمن كان جامداً، وكذلك قوله:«خذوها وما حولها» يفيد أن السمن جامد.
قال ابن الملقن: في قوله صلى الله عليه وسلم: «ألقوها وما حولها» دلالة على أن السمن كان جامداً لأنه لا يمكن طرح ما حولها في المائع الذائب لأنه عند الحركة يمتزج بعضه ببعض
(1)
.
(1)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح (26/ 548).
الحديث السابع
(1)
:
364 -
قال الترمذي رحمه الله (3104): حدثنا محمد بن بشّار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن أنَس أن حذيفة قَدِمَ على عثمان بن عفان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فرأى حُذَيفة اختلافهم في القرآن فقال لعثمان بن عفان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلفت اليهود والنصارى، فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليكِ، فأرسلت حفصة إلى عثمان بالصحف، فأرسل عثمان إلى زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعبد الله بن الزبير أن انسخوا الصحف في المصاحف، وقال للرهط القرشيين الثلاثة: ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم حتى نسخوا الصحف في المصاحف بعث عثمان إلى كل أفق بمصحف من تلك المصاحف التي نسخوا، قال الزهري: وحدثني خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت قال: فقدتُ آية من سورة الأحزاب كنت أسمع
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار: تقدم.
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني نزيل بغداد، ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة 185، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: محمد بن مسلم بن شهاب إمام حجة. (انظر ترجمته في بابه).
أنس بن مالك: صحابي مشهور.
خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، أبو زيد المدني، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة 100 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
زيد بن ثابت: صحابي مشهور.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ
…
(23)} [الأحزاب: 23].
فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت أو أبي خُزَيمة فألحقْتُها في سورتها. قال الزهري: فاختلفوا يومئذ في التابوت والتابوه فقال القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه، فرُفع اختلافهم إلى عثمان فقال: اكتبوه التابوت فإنه نزل بلسان قريش، قال الزهري: فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة أن عبد الله بن مسعود كره لزيد بن ثابت نسخ المصاحف وقال: يا معشر المسلمين أُعْزَلُ عن نَسْخِ كتابة المصحف ويتولاها رجل، والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر يريد زيد بن ثابت، ولذلك قال عبد الله بن مسعود: يا أهل العراق اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها فإن الله يقول: { .. وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
…
(161)} [آل عمران: 161]، فالقوا الله بالمصاحف. قال الزهري: فبلغني أن ذلك كرهه من مقالة ابن مسعود رجال من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وهو حديث الزهري لا نعرفه إلا من حديثه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص 283) عن عبد الرحمن بن مهدي وابن أبي داود في المصاحف (66) عن محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي به.
هذا الحديث له إسنادان من طريق إبراهيم بن سعد.
الأول: إبراهيم بن سعد عن الزهري عن أنس.
الثاني: إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت.
هكذا رواه عبد الرحمن بن مهدي عن إبراهيم بن سعد عن الزهري، عن خارجة عن زيد أن الذي وجد معه آية سورة الأحزاب هو (خزيمة بن ثابت أو أبي خزيمة) على الشك.
خالفه أصحاب إبراهيم بن سعد فرووه عنه بهذا الإسناد وقالوا: إن الذي وجد معه آية الأحزاب هو (خزيمة بن ثابت) منهم:
موسى بن إسماعيل
(1)
، وأبو كامل
(2)
، والهيثم بن أيوب
(3)
، وعبد العزيز بن أبي سلمة
(4)
، وأبو الوليد الطيالسي
(5)
، وإبراهيم بن حمزة
(6)
، ويحيى الحماني
(7)
.
وزاد بعضهم فقال: خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين.
وكذلك رواه أصحاب الزهري عنه عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت، وشعيب بن أبي حمزة
(8)
، ومحمد بن أبي عتيق
(9)
، ومعمر
(10)
،
(1)
البخاري (4049)(4988).
(2)
أحمد (5/ 188).
(3)
النسائي في الكبرى (11401).
(4)
أبو يعلى (92).
(5)
الطبراني (4842) والبيهقي (2/ 41).
(6)
البيهقي (2/ 41) مقروناً بأبي الوليد الطيالسي.
(7)
الطبراني في الكبير (4842).
(8)
البخاري (2807)(4784).
(9)
البخاري (2807) مقروناً مع شعيب.
(10)
عبد الرزاق في المصنف (15568، 20416) وأحمد (5/ 189) وعبد بن حميد (646).
وإبراهيم بن سعد
(1)
فقالوا: (خزيمة بن ثابت الأنصاري).
علة الوهم:
روى الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت رضي الله عنه حديث جمع القرآن، واختلف أصحابه عنه في الذي وجد معه آخر سورة التوبة [128]: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
…
(128)} الآية، فمن قائل: إنه (خزيمة بن ثابت) ومنهم مَنْ قال: (أبو خزيمة الأنصاري) ومنهم مَنْ رواه على الشك فقال: (خزيمة أو أبو خزيمة) وقد سبق ذلك بالتفصيل في باب إبراهيم بن سعد.
وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي عن إبراهيم بن سعد عن الزهري وقال فيه: (خزيمة بن ثابت).
وروى أصحاب الزهري عنه عن خارجة بن زيد عن أبيه زيد بن ثابت حديث نسخ القرآن وهذا كان في عهد عثمان رضي الله عنه، والأول في عهد أبي بكر رضي الله عنه.
ولم يختلف عليه أصحابه في أن الذي وجد معه آية الأحزاب هو زيد بن ثابت إلا ما جاء في رواية عبد الرحمن بن مهدي هذه، وأظنه دخله الوهم مما سبق، وذكرنا من الاختلاف على الزهري في الذي وجد معه آخر سورة التوبة وللتشابه في اسميهما، والله أعلم.
قال ابن حجر في الفتح (9/ 15): الذي وجد معه آخر سورة التوبة غير الذي وجد معه الآية التي في الأحزاب، فالأول اختلف الرواة فيه على الزهري فمن قائل مع خزيمة ومن قائل مع أبي خزيمة ومن شاك فيه يقول: خزيمة أو أبي خزيمة، والأرجح أن الذي وجد
(1)
البخاري (4986).
معه آخر سورة التوبة أبو خزيمة بالكنية، والذي وجد معه الآية من الأحزاب خزيمة). اه.
قال الدارقطني في العلل (1/ 187): إنما روى الزهري عن خارجة بن زيد عن ثابت بن زيد عن أبيه من هذا الحديث ألفاظاً يسيرة وهي قوله: (فقدت من سورة الأحزاب آية قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت) ضبطه عن الزهري كذلك إبراهيم بن سعد وشعيب بن أبي حمزة وعبد الله بن أبي زياد.
الحديث الثامن
(1)
:
365 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 127): حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا معاوية بن صالح، عن سعيد بن سويد الكلبي، عن عبد الله بن هلال السلمي، عن عرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التعليق:
هذا إسناد ضعيف، والحديث صحيح لغيره.
سعيد بن سويد الكلبي ذكره البخاري في التاريخ الكبير (6/ 68) وقال: لم يصح حديثه. قاله ابن حجر في التعجيل (1/ 584) ثم قال: يعني هذا الحديث، قال: وخالفه ابن حبان والحاكم فصححاه، وقال البزار في كشف الأستار (3/ 113): شامي لا بأس به.
(1)
رجال الإسناد:
معاوية بن صالح بن حُدير الحضرمي أبو عمرو وأبو عبد الرحمن الحمصي، قاضي الأندلس، صدوق له أوهام، من السابعة، مات سنة 158 وقيل بعد السبعين، روى له مسلم والبخاري في جزء القراءة.
سعيد بن سُويد الكلبي الشامي، روى عن العرباض بن سارية، وربما أدخل بينهما عبد الأعلى بن هلال، رحل إلى معاوية، وله قصة مع عمر بن عبد العزيز، ذكره ابن حبان في الثقات، والتعجيل (1/ 583 رقم 376).
عبد الله بن هلال: هكذا سماه ابن مهدي وإنما هو عبد الأعلى بن هلال، ذكره الحسيني في الإكمال وقال: مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات.
وعبد الله بن هلال هكذا سماه عبد الرحمن بن مهدي وإنما هو عبد الأعلى بن هلال، ترجمه الحسيني في الإكمال (ص 251) وقال: مجهول، ولم يترجم له الحافظ في التعجيل وهو على شرطه، وترجم له البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وذكره ابن حبان في الثقات، وكلهم ذكره باسم (عبد الأعلى بن هلال).
هكذا رواه عبد الرحمن بن مهدي فقال: (عن معاوية بن صالح، عن سعيد بن سويد الكلبي، عن عبد الله بن هلال، عن عرباض بن سارية، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه الليث بن سعد
(1)
، وعبد الله بن وهب
(2)
، وأبو صالح عبد الله بن صالح
(3)
كاتب الليث بن سعد فرووه عن: (معاوية بن صالح، عن سعيد بن سويد الكلبي، عن عبد الأعلى بن هلال، عن عرباض بن سارية، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد نبّه على هذا عبد الله ابن الإمام أحمد فقال في المسند (4/ 128) عقب الحديث (17154): وروى سفيان
(4)
، عن أبي سنان
(1)
أحمد (4/ 127) وابن سعد (1/ 148) والطبراني في الكبير (18/ 630) والطبري في التفسير (2076) وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 447).
(2)
ابن حبان في صحيحه (6404) والطبري (2076) والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 68) وأبو نعيم في دلائل النبوة (9) وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 235) والبغوي في شرح السنّة (13/ 287) وابن عساكر في تاريخه (21/ 99).
(3)
يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 345) والبخاري في التاريخ الأوسط (1/ 13) والآجري في الشريعة (948) والطبري في تفسيره (2078) والطبراني في الكبير (18/ 629) وفي مسند الشاميين (1939) والحاكم (2/ 318) وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، والبيهقي في شعب الإيمان (1385) وابن عساكر في تاريخ دمشق (33/ 447).
(4)
سفيان هو الثوري، وأبو سنان الشيباني الأصغر هو سعيد بن سنان.
عن وهب هذا، قال عبد الله: عبد الأعلى بن هلال هو الصواب.
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 29): (سعيد بن سويد الكلبي روى عن العرباض بن سارية، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الأعلى بن هلال) اه.
هكذا سماه عبد الأعلى وليس عبد الله.
وقد رواه ابن مهدي أيضاً هكذا على الصواب كما سيأتي.
تنبيه:
1 ذكر البخاري في تاريخه الكبير (6/ 68) هذا الحديث فقال: قال عبد الله
(1)
، حدثني معاوية، عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن عرباض عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر الحديث.
وكلمة (وقال: لم يصح حديثه) ليست في المطبوع من التاريخ الكبير إنما ذكرها ابن حجر في التعجيل، والله أعلم.
2 هكذا جاء في النسخ المطبوعة من المسند (عبد الله بن هلال) لكن ذكر ابن كثير هذا الحديث في تاريخه فقال: قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح، عن سعيد بن سويد الكلبي عن عبد الأعلى بن هلال
(2)
.
3 روى عبد الله بن أحمد في كتاب السنّة (2/ 398) قال: حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد الكلبي عن عبد الأعلى بن هلال السلمي، كذا قال عبد الرحمن،
(1)
هكذا قال البخاري قال: عبد الله وأظنه يريد ابن وهب، والله أعلم.
(2)
البداية والنهاية (3/ 497)، (3/ 533).
عن العرباض بن سارية فذكره!! (أي: أن عبد الرحمن بن مهدي قال: عبد الأعلى بن هلال).
مما يدل على أن عبد الرحمن كان أحياناً يقول: عبد الأعلى بن هلال، وأخرى يقول: عبد الله بن هلال، وأن الوهم في ذلك من غيره، ثم وجدت ما يؤيد ذلك.
قال السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (3/ 412): أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الكاتب، حدثنا أحمد بن عبد الصفار، حدثنا يعقوب بن غيلان، حدثنا محمد بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا معاوية بن صالح عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لخاتم النبيين وإن آدم منجدل في طينته» .
هكذا رواه محمد بن عبد الرحمن العنبري عن ابن مهدي فقال: (عبد الأعلى).
الحديث التاسع
(1)
:
366 -
قال الإمام ابن ماجه رحمه الله (1378): حدثنا أبو بشر بكر بن خلف، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن معاوية، عن عمه عبد الله بن سعد رضي الله عنه قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما أفضل الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ قال: «ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد، فلأن أصلي في بيتي أحب إليّ من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات.
(1)
رجال الإسناد:
بكر بن خلف البصري، أبو بشر، صدوق، من العاشرة، مات بعد سنة 240، روى له أبو داود وابن ماجه واستشهد به البخاري في الصحيح.
معاوية بن صالح بن حُدير الحضرمي تقدم.
العلاء بن الحارث بن عبد الوارث الحضرمي، أبو وهب الدمشقي، صدوق فقيه لكن رمي بالقدر وقد اختلط، من الخامسة، مات سنة 136 وله 70 سنة، روى له مسلم.
حرام بن حكيم بن خالد بن سعد الأنصاري، وهو حرام بن معاوية، كان معاوية بن صالح يقول على الوجهين، ووهم مَنْ جعلهما اثنين، وهو ثقة، من الثالثة، روى له أصحاب السنن الأربعة.
عبد الله بن سعد الأنصاري ويقال: القرشي، عم حرام بن حكيم، صحابي، شهد فتح القادسية، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.
ورواه أحمد (4/ 342)، (5/ 293) وابن قانع في معجم الصحابة (539) والدارمي (1073) والترمذي (133) والخطيب في الموضح (1/ 111) وابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 49) من طريق (أحمد بن حنبل، ومحمد بن الوليد، وأحمد بن الحجاج، وعباس العنبري، ومحمد بن عبد الأعلى، ومحمد بن بشار، والفضل بن موسى، ومحمد بن إسماعيل بن إبراهيم المعروف أبوه بابن علية، وخالد بن محمد البصري.
تسعتهم عن عبد الرحمن بن مهدي بهذا الإسناد، بعضهم رواه مطولاً وبعضهم مختصراً، والحديث فيه السؤال عن مؤاكلة الحائض وعن الماء بعد الماء، يعني المذي.
هكذا قال عبد الرحمن: (عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن معاوية
…
وخالفه عبد الله بن وهب
(1)
، وعبد الله بن صالح فقالا
(2)
: (عن معاوية، عن العلاء، عن حرام بن حكيم، به.
وقد تابعهم ابن مهدي في رواية جماعة من أصحابه عنه، منهم: الإمام أحمد
(3)
، ومحمد بن بشار
(4)
، وعبد الله بن هاشم
(5)
، ومحمد بن
(1)
أبو داود (211) وابن الجارود (7) وابن خزيمة (1204) والطحاوي (1/ 339) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 91) والضياء في المختارة (388).
(2)
الطبراني في مسند الشاميين (1989) والخطيب في الموضح (1/ 109).
(3)
في المسند (4/ 342) والضياء في المختارة (385).
(4)
ابن خزيمة (1202) والمختارة (386).
(5)
ابن خزيمة (1202) والمختارة (387).
المثنى
(1)
، ويحيى الحماني
(2)
، وأحمد بن إبراهيم الدورقي
(3)
، وعبيد الله بن عمر القواريري
(4)
، ويحيى بن معين
(5)
.
ورواه الهيثم بن حميد
(6)
، عن العلاء بن الحارث عن حرام بن حكيم فتابع رواية ابن وهب وعبد الله بن صالح ورواه الجماعة عن ابن مهدي.
قال ابن قانع: وهو الصحيح
(7)
، والله تعالى أعلم.
وقد ذكر البخاري وأبو حاتم وغيرهما أن الذي يروي عن عبد الله بن سعد هو ابن أخيه حرام بن حكيم.
قال البخاري: حرام بن حكيم الدمشقي عن عمه عبد الله بن سعد ومحمود بن ربيعة وأبي هريرة، روى عنه العلاء بن الحارث وزيد بن واقد وعبد الله بن العلاء
(8)
.
وجاء عند ابن عساكر: قال ابن مهدي: اسمه حرام بن معاوية وهو وهم
(9)
.
(1)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (865).
(2)
أبو نعيم في حلية الأولياء (9/ 51).
(3)
الحلية (9/ 51).
(4)
معجم الصحابة (2/ 94).
(5)
تاريخ دمشق (29/ 49) تعليقاً.
(6)
أبو داود (212) والبيهقي (1/ 312).
(7)
معجم الصحابة (2/ 93).
(8)
التاريخ الكبير (3/ 101) ونحو ذلك، قاله أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (3/ 282).
(9)
تاريخ دمشق (12/ 307).
الخلاصة:
عبد الرحمن بن مهدي كان يقول مرة: (حرام بن حكيم)، ومرة:(حرام بن معاوية) والصحيح أنه الذي يروي عن عمه عبد الله بن سعد اسمه حرام بن حكيم.
أما حرام بن معاوية فاختلف فيه:
فذهب البخاري وأبو حاتم والدارقطني وغيرهم إلى أن هناك شخصاً آخر يدعى حرام بن معاوية روى حديثه عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن رفيع عن حرام بن معاوية قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ولي من أمر السلطان شيئاً ففتح بابه لذي الحاجة والفاقة والفقر يفتح الله أبواب السماء لحاجته وفقره، ومَن أغلق بابه دون ذوي الحاجة والفاقة والفقر أغلق الله أبواب السماء دون حاجته وفاقته وفقره»
(1)
.
وروى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن رفيع عن حرام بن معاوية قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب: لا يجاورنكم خنزير ولا يرفع فيكم صليب ولا تأكلوا على مائدة يشرب فيها الخمر
(2)
.
وذكر الخطيب في الموضح أن البخاري وهم في التفريق بين حرام بن حكيم
(3)
وحرام بن معاوية
(4)
وأنهما شخص واحد، ولم يأتِ على ذلك بدليل. نعم الذي يروي عن عبد الله بن سعد إنما
(1)
المصنف (20655).
(2)
المصنف (10003).
(3)
ترجمه في التاريخ الكبير (3/ 101) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 282).
(4)
ترجمه في التاريخ الكبير (3/ 102)، وابن أبي حاتم (3/ 282).
هو حرام بن حكيم، وأنَ مَنْ قال: حرام بن معاوية فجعلهما شخصين واهم
(1)
.
والله تعالى أعلم.
(1)
انظر: الإصابة (2/ 208) وتحفة الأحوذي (1/ 352) وتهذيب الكمال (5/ 519).
الحديث العاشر
(1)
:
367 -
قال عبد الله ابن الإمام أحمد: سألت أبي عن حديث عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا زائدة، عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله قال:
دخلت على عائشة فقلت: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: بلى، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«أصلّى الناس؟» فقلنا: لا هم ينتظرونك، فذكر الحديث بطوله، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا يتأخر وأمرهما فأجلساه إلى جنبه، فجعل أبو بكر يصلي قائماً والنبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلُّون بصلاة أبي بكر
(2)
.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند (2/ 52) و (6/ 251) عن ابن مهدي به، ولفظه:(فجعل أبو بكر يصلي قائماً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً).
(1)
رجال الإسناد:
زائدة بن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي، ثقة ثبت صاحب سنّة، انظر ترجمته في بابه.
موسى بن أبي عائشة الهمداني الكوفي، ثقة عابد، من الخامسة وكان يرسل، روى له البخاري ومسلم.
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، المدني، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة 94 أو 98، روى له البخاري ومسلم.
(2)
العلل ومعرفة الرجال (3/ 310) ونحوه (3/ 304).
وأخرجه النسائي (2/ 101) وفي الكبرى (908) من طريق العباس بن عبد العظيم العنبري عن ابن مهدي به ولفظه: (فجعل أبو بكر يصلي قائماً والناس يصلُّون بصلاة أبي بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً).
هكذا قال عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة (فجعل أبو بكر يصلي قائماً والنبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلُّون بصلاة أبي بكر).
وقال كما في رواية النسائي: (فجعل أبو بكر يصلي قائماً، والناس يصلُّون بصلاة أبي بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً) وظاهره أيضاً أنه يصلي قاعداً بصلاة أبي بكر.
أما رواية النسائي فليس فيها ما يدل على أن أبا بكر هو الذي كان يصلي إماماً برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وخالفه أصحاب زائدة فقالوا: (فجعل أبو بكر يصلي وهو يأتم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد).
وفي رواية: (فجعل أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم والناس يصلُّون بصلاة أبي بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد).
هكذا رواه أحمد بن عبد الله بن يونس
(1)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(2)
، ومعاوية بن عمرو
(3)
، وعبد الصمد بن عبد الوارث
(4)
،
(1)
البخاري (687) ومسلم (418)(90).
(2)
إسحاق بن راهويه في مسنده (1091) وابن حبان (6602).
(3)
ابن خزيمة (257) وابن الجارود (13) وأبو عوانة (1632) والطحاوي (1/ 406) وأحمد في العلل (3/ 310) و (3/ 304).
(4)
أحمد (6/ 251) وفي العلل (3/ 310) و (3/ 304).
ويحيى بن أبي بكير
(1)
، وخلف بن تميم
(2)
، والوليد بن عقبة
(3)
، وحسين بن علي
(4)
، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك
(5)
وقد روى هذا الحديث غير هؤلاء إلا أن روايتهم مختصرة ليس فيها ذكر الشاهد.
لذا قال الإمام أحمد: أخطأ عبد الرحمن في هذا الموضع، أو يكون زائدة أخطأ لعبد الرحمن، رواه عبد الصمد بن عبد الوارث ومعاوية بن عمرو وخالفا عبد الرحمن والصواب ما قال عبد الصمد ومعاوية.
قال أحمد: أخبرنا عبد الصمد ومعاوية بن عمرو قالا: حدثنا زائدة قال: حدثنا موسى بن أبي عائشة
…
الحديث وفيه: (فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يصلُّون بصلاة أبي بكر رحمه الله والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد)
(6)
.
قال ابن رجب: وقد رجّح الإمام أحمد رواية الأكثرين عن زائدة على رواية ابن مهدي
(7)
.
وقد أخرج عدد من الأئمة هذا الحديث وعقدوا عليه باب ما يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إماماً وصلّى بهم جالساً.
(1)
أبو عوانة (1632) وابن المنذر في الأوسط (1/ 315 ح 238) إلا أن رواية ابن المنذر مختصرة.
(2)
أبو عوانة (1632).
(3)
إسحاق (1092) وأحال إلى حديث أبي أسامة وقال مثله سواء.
(4)
ابن حبان (2116) و (6602) وابن أبي شيبة (2/ 332).
(5)
ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 218).
(6)
العلل ومعرفة الرجال (3/ 310).
(7)
فتح الباري لابن رجب (4/ 86).
قال البخاري: باب (إنما جعل الإمام ليؤتم به، وصلّى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه بالناس وهو جالس)
(1)
.
والنسائي باب (الائتمام بالإمام يصلي قاعداً)
(2)
.
وأبو عوانة باب (إباحة ترك الائتمام من الصلاة قاعداً إذا صلّى الإمام قاعداً
…
وعلى المأموم إذا لم يقف على ركوع الإمام وسجوده وخفي عليه تكبيره جاز له أن يقتدي بالمأموم الذي يعاين فعل الإمام)
(3)
.
والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
هذا الحديث يرويه موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة، ويرويه عنه زائدة، وشعبة:
وزائدة يرويه عنه جمهور أصحابه كما تقدم، وخالفهم ابن مهدي.
أما شعبة فرواه بعض أصحابه فذكروا أن أبا بكر صلّى بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف خلفه، وسيأتي في باب بدل بن المحبر ح (1138)، وشبابة ح (897) فلعله من هنا دخل الوهم على عبد الرحمن بن مهدي، والله تعالى أعلم.
(1)
(2/ 172 ح 687).
(2)
في المجتبى (2/ 101) وفي الكبرى (1/ 292) وأخرج فيه حديث عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة.
(3)
في مسنده (1/ 439).
ملخص لأوهام عبد الرحمن بن مهدي
رقم الحديث
شيخ الراوي
بلده
الوهم
الصحيح
1
سفيان الثوري
الكوفة
منصور والأعمش وواصل (أدخل إسناد في إسناد)
منصور والأعمش
2
سفيان الثوري
الكوفة
عبدالله بن ظالم
مالك بن ظالم
3
سفيان الثوري
الكوفة
عبدالرحمن ليس هو الفراء
عبدالرحمن الفراء
4
سفيان الثوري
الكوفة
بصاعين من شعير
بمدَّين من شعير
5
مالك بن أنس
المدينة
عبدالله بن أبي بكر عن عبدالله بن قيس
عبدالله بن أبي بكر عن أبيه عن عبدالله بن قيس
6
مالك بن أنس
المدينة
فأرة وقعت في سمن جامد
فأرة وقعت في سمن
7
إبراهيم بن سعد
المدينة
خزيمة بن ثابت أو أبي خزيمة
خزيمة بن ثابت
8
معاوية بن صالح
حمص
عبدالله بن هلال
عبدالأعلى بن هلال
9
معاوية بن صالح
حمص
حرام بن معاوية
حرام بن حكم
10
زائدة
الكوفة
والنبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلُّون بصلاة أبي بكر
فجعل أبو بكر
يحيى القطان
(1)
نسبه ومولده:
هو الإمام الكبير أمير المؤمنين في الحديث يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي أبو سعيد البصري الأحول الحافظ.
ولد أول سنة عشرين ومائة.
روى عنه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة وهم من شيوخه، وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وخلق كثير.
طلبه للعلم وتقدمه فيه:
لزم شعبة عشرين سنة، قال علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: لزمت شعبة عشرين سنة فما كنت أرجع من عنده إلا بثلاثة أحاديث وعشرة أكثر ما كنت أسمع منه.
(1)
تاريخ بغداد (14/ 138 - 140) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/ 320 - 350) وتهذيب الكمال (31/ 329) وسير أعلام النبلاء (9/ 175 - 188) وتاريخ الإسلام (13/ 464 وما بعده) ومشاهير علماء الأمصار (1/ 161).
قال عبد الرحمن بن مهدي: اختلفوا يوماً عند شعبة فقالوا: اجعل بيننا وبينك حكماً، فقال: قد رضيت بالأحول يعني يحيى بن سعيد القطان فما برحنا حتى جاء يحيى فتحاكموا إليه فقضى على شعبة فقال: ومَن يطيق فقدك يا أحول.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: لو كنت لقيت إسماعيل بن أبي خالد لكتبت عن يحيى عن إسماعيل لأعرف صحيحها من سقيمها.
وقال ابنه محمد بن يحيى بن سعيد: قال أبي: كنت أخرج من البيت أطلب الحديث فلا أرجع إلا بعد العتمة.
وقال أبو بكر ابن خلاد: سمعت يحيى بن سعيد يقول: جهد سفيان الثوري أن يدلس عليّ رجلاً ضعيفاً فما أمكنه، وقال مرة في مسألة ذكرت: حدثنا أبو سهل عن الشعبي، فقلت: أبو سهل محمد بن سالم، فقال: يا يحيى ما رأيت مثلك لا يذهب عليك شيء.
قال عبد الرحمن بن مهدي قال: لما قدم الثوري البصرة قال: يا عبد الرحمن جئني بإنسان أذاكره فأتيته بيحيى بن سعيد فذاكره، فلما خرج قال: قلت لك: جئني بإنسان جئتني بشيطان، يعني بهره حفظه.
قال ابن عمار: أدخل عبد الرحمن بن مهدي في تصنيفه ألفي حديث ليحيى بن سعيد القطان وهو حي فكان يحدّث بها عنه وهو حي.
وقال أحمد بن حنبل: يحيى بن سعيد القطان إليه المنتهى في التثبت بالبصرة.
وقال أيضاً: يحيى بن سعيد أثبت من هؤلاء يعني وكيعاً وعبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وأبا نعيم وقد روى يحيى عن خمسين شيخاً ممن روى عنهم سفيان.
وقال أيضاً: ما رأيت أثبت في الحديث من يحيى بن سعيد، ولم يكن في زمان يحيى القطان مثله، كان تعلم من شعبة.
قال أبو داود: قلت لأحمد: كان يحيى يحدثكم من حفظه؟ قال: ما رأينا له كتاباً كان يحدثنا من حفظه، ويقرأ علينا الطوال من كتابنا.
وقال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد الله يقول: ما رأيت أحداً أقل خطأ من يحيى بن سعيد، ولقد أخطأ في أحاديث، ثم قال أبو عبد الله: ومن يعرى من الخطأ والتصحيف.
عبادته وزهده وورعه:
قال يحيى بن معين: أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة يختم القرآن كل ليلة، ولم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة.
وقال علي بن المديني: كنا عند يحيى بن سعيد فقرأ رجل سورة الدخان فصعق يحيى وغشي عليه، قال أحمد بن حنبل: لو قدر أحد أن يدفع هذا عن نفسه لدفعه يحيى يعني الصعق.
وقال أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد: ما أعلم أني رأيت جدي قهقه قط ولا دخل حماماً قط ولا اكتحل ولا ادهن وكان يخضب خضاباً حسناً.
وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: كان يحيى بن سعيد إذا
قراء عنده القرآن سقط حتى يصيب وجهه الأرض، وقال: ما دخلت كنيفاً قط إلا ومعي امرأة يعني من ضعف قلبه.
وقال يحيى بن معين: جعل جار له يشتمه ويقع فيه ويقول: هذا الخوزي ونحن في المسجد قال: فجعل يبكي ويقول: صدق ومَن أنا وما أنا.
وقال ابن معين: كان يحيى يجيء معه بمسباح فيدخل يده في ثيابه فيسبح، أي: يخفي تسبيحه عن الناس.
وقال يعقوب بن سفيان: قال علي: كان يحيى يختم القرآن في كل يوم وليلة بين المغرب والعشاء.
وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: سمعت محمد بن أبي صفوان الثقفي يقول: كان يحيى بن سعيد نفقته من غلته إن دخل من غلته حنطة أكل حنطة وإن دخل شعير أكل شعيراً وإن دخل تمر أكل تمراً.
وقال إسحاق بن إبراهيم الشهيدي: كنت أرى يحيى القطان يصلي العصر ثم يستند إلى أصل منارة مسجده فيقف بين يديه علي بن المديني والشاذكوني وعمرو بن علي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم يسألونه عن الحديث وهم قيام على أرجلهم إلى أن تحين صلاة المغرب لا يقول لواحد منهم: اجلس ولا يجلسون هيبة له وإعظاماً.
وقال بندار: اختلفت إلى يحيى بن سعيد أكثر من عشرين سنة فما أظن أنه عصى الله قط لم يكن في الدنيا في شيء.
وقال النسائي: أمناء الله على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شعبة ومالك ويحيى القطان.
قلت: يعني لتحرزهم من الرجال.
وقيل لابن المديني: مَنْ أنفع مَنْ رأيت للإسلام وأهله؟ قال: يحيى القطان.
علة وهمه:
1 التحديث من الحفظ، فلم يكن له كتاب يحدث منه.
قال أبو داود لأحمد بن حنبل: كان يحيى يحدثكم من حفظه؟ قال: ما رأينا له كتاباً كان يحدثنا من حفظه.
قال الفلاس عن يحيى قال: كنت أنا وخالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ نذهب إلى ابن عون فيقعدان ويكتبان وأجيء أنا فأكتبها في البيت.
2 الرواية بالمعنى:
قال أبو قدامة السرخسي: «سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخاف أن يضيق على الناس تتبع الألفاظ لأن القرآن أعظم حرمة ووسع أن يقرأ على وجوه إذا كان المعنى واحداً»
(1)
.
وقد وقع ليحيى بسبب هذا أوهام انظر ح: (3، 4، 5، 6، 7).
والله تعالى أعلم.
وفاته:
مات يحيى القطان سنة 198 وله 78 سنة.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي، حدثنا رجل قال: قلت ليحيى بن سعيد في ربيع الأول سنة تسعين ومائة: كم لك من
(1)
سير أعلام النبلاء (9/ 181).
سنة؟ قال: إذا مضى شهر أو شهران استوفيت سبعين ودخلت في إحدى، قيل له: في أي سنة ولدت؟ قال: في سنة عشرين ومائة في أولها.
قال عبد الرحمن بن عمر رسته: سمعت علي بن المديني يقول: كنا عند يحيى بن سعيد فلما خرج من المسجد خرجنا معه فلما صار بباب داره وقف ووقفنا معه فانتهى إليه الروبي، فقال يحيى لما رآه: ادخلوا، فدخلنا، فقال للروبي: اقرأ، فلما أخذ في القراءة نظرت إلى يحيى يتغير حتى بلغ:{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40)} صعق يحيى وغشي عليه وارتفع صوته وكان باب قريب منه فانقلب فأصاب الباب فقار ظهره وسال الدم فصرخ النساء وخرجنا فوقفنا بالباب حتى أفاق بعد كذا وكذا ثم دخلنا عليه فإذا هو نائم على فراشه وهو يقول: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40)} [الدخان: 40]، فما زالت فيه تلك القرحة حتى مات رحمه الله.
الحديث الأول
(1)
:
368 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (793): حدثنا مُسَدَّد قال: أخبرني يحيى بن سعيد، عن عبيد الله قال: حدثنا سعيد المَقْبُري، عن أبيه، عن أبي هريرة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم، فردّ النبي صلى الله عليه وسلم السلام عليه فقال: «ارجع فصلِّ فإنك لم
(1)
رجال الإسناد:
مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي البصري، ثقة حافظ، يقال: إنه أول مَنْ صنف المسند بالبصرة، من العاشرة، مات سنة 228، روى له البخاري.
يحيى بن سعيد بن فروخ القطان البصري، ثقة متقن حافظ إمام، من كبار التاسعة، مات سنة 198 وله 78 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري أبو سعيد المدني، ثقة من الثالثة، مات سنة 120، روى له البخاري ومسلم.
كيسان أبو سعيد المقبري المدني مولى أم شريك، ثقة ثبت من الثانية، مات سنة 100، روى له البخاري ومسلم.
تصلِّ» فصلّى، ثم جاء فسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ» ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق فما أُحسن غيره فعلِّمني. قال: «إذا قمت إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير مسدد.
وأخرجه البخاري أيضاً في (757)، (6252) من طريق محمد بن بشار، ومسلم (397)، وأبو داود (856) والنسائي (2/ 124) وفي الكبرى (958) من طريق ابن المثنى، وأحمد (2/ 437) وابن خزيمة (461)(590)، والطوسي من مختصر الأحكام (285) من طريق محمد بن بشار وأحمد بن عبدة ويحيى بن الحكم وعبد الرحمن بن بشر، وأبو عوانة (1609) والترمذي (303) وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (881) والبيهقي (2/ 37) وأبو يعلى (6622)(6577) من طرق عن يحيى بن سعيد به.
هكذا قال يحيى بن سعيد: (عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة).
خالفه أبو أسامة حماد بن أسامة
(1)
، وعبد الله بن نمير
(2)
،
(1)
البخاري (6667) ومسلم (397).
(2)
البخاري (6251) ومسلم (397).
وأنس بن عياض
(1)
، وعيسى بن يونس
(2)
، وعبد الرحيم بن سليمان
(3)
، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى
(4)
، وأبو ضمرة
(5)
، وعبد الوهاب الثقفي
(6)
، ومحمد بن فليح بن سليمان
(7)
، ويحيى بن سعيد الأموي
(8)
فقالوا: (عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة) وتابعهم عبد الله بن عمر أخو عبيد الله فرواه عن سعيد عن أبي هريرة
(9)
.
قال الدارقطني: وهو المحفوظ
(10)
.
قال النسائي: «خولف يحيى في هذا الحديث، فقيل: عن سعيد عن أبي هريرة والحديث صحيح»
(11)
.
وقال ابن خزيمة: «لم يقل أحد ممن روى هذا الخبر: عن عبيد الله بن عمر عن سعيد عن أبيه غير يحيى بن سعيد، إنما قالوا: عن سعيد عن أبي هريرة»
(12)
.
وقال البزار: لم يتابع يحيى عليه
(13)
.
وقال أبو نعيم: لم يقل: سعيد بن أبي سعيد عن أبيه غير يحيى
(14)
.
(1)
أبو داود (856) وأبو عوانة (1609) والبيهقي (2/ 312).
(2)
أبو عوانة (1610).
(3)
ذكرهم الدارقطني في العلل (10/ 360).
(4)
ذكرهم الدارقطني في العلل (10/ 360).
(5)
ذكرهم الدارقطني في العلل (10/ 360).
(6)
ذكرهم الدارقطني في العلل (10/ 360).
(7)
ذكرهم الدارقطني في العلل (10/ 360).
(8)
ذكرهم الدارقطني في العلل (10/ 360).
(9)
البيهقي (2/ 373 - 374) من طريق ابن وهب، وابن المقراء في الأربعين (29) من طريق موسى بن طارق كلاهما عن عبد الله بن عمر.
(10)
العلل (10/ 361).
(11)
السنن الكبرى (1/ 308).
(12)
في صحيحه (1/ 299 ج 590).
(13)
فتح الباري (2/ 277).
(14)
المستخرج على صحيح مسلم (2/ 20).
وقال الدارقطني: وقد خالف يحيى أصحاب عبيد الله كلهم، منهم: أبو أسامة وعبد الله بن نمير وعيسى بن يونس وغيرهم رووه عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة فلم يذكروا أباه.
ورواه معتمر عن عبيد الله عن سعيد مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويحيى حافظ ويشبه أن يكون عبيد الله حدّث به على الوجهين، والله أعلم
(1)
.
أما الترمذي فقد رجح رواية يحيى القطان فقال: وقد روى ابن نمير هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ولم يذكر فيه عن أبيه عن أبي هريرة، ورواية يحيى بن سعيد أصح، وسعيد المقبري قد سمع من أبي هريرة وروى عن أبيه عن أبي هريرة
(2)
.
قلت: لعل الترمذي لم يطلع على مَنْ تابع عبد الله بن نمير فرجحه بناءً على أن يحيى أحفظ من ابن نمير فقد رواه بمثل رواية ابن نمير عشرة من الحفاظ.
وقال الحافظ: لكل من الروايتين وجه مرجح، أما رواية يحيى فللزيادة من الحافظ، وأما الرواية الأخرى فللكثرة ولأن سعيداً لم يوصف بالتدليس وقد ثبت سماعه من أبي هريرة
(3)
، ومن ثم أخرج الشيخان الطريقين
(4)
.
(1)
التتبع ص 224 (9).
(2)
في سننه (1/ 334).
(3)
فتح الباري (2/ 277).
(4)
روى سعيد المقبري عن أبي هريرة ثمانية وتسعين حديثاً، وروى عبيد الله بن عمر عن سعيد منها اثني عشر حديثاً.
وروى سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة ثلاثة وثلاثين حديثاً، روى عبيد الله بن عمر عن سعيد منها عشرة أحاديث. انظر: تحفة الأشراف أحاديث (2983 - 3980) و (14304 - 14334).
قلت: وفي قول الحافظ أن وجه ترجيح رواية يحيى للزيادة من الحافظ نظر فإن هذه ليست زيادة بل مخالفة.
وقد روى بندار محمد بن بشار مرة هذا الحديث عن يحيى بزيادة أبيه.
ورواه مرة بدون زيادة أبيه عند ابن حبان وعند الدارقطني.
قال الدارقطني في العلل: وحدثنا ابن صاعد، ثنا بندار إملاءً علينا من كتابه مما جمعه من حديث عبيد الله بن عمر، ثنا يحيى عن عبيد الله، حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة فذكر نحوه (10/ 361).
والله تعالى أعلم
(1)
.
قال النووي: الحديث صحيح لا علة فيه ولو كان الصحيح ما رواه الأكثرون لم يضر في صحة المتن ومقصودي بذكر هذا أن لا يغتر بذكر الدارقطني أو غيره له في الاستدراكات والله عز وجل أعلم
(2)
.
وسيأتي حديث آخر ليحيى بهذا الإسناد مخالف لغيره من الثقات وهو الحديث التالي.
(1)
ابن حبان (1890).
(2)
شرح صحيح مسلم (4/ 109).
الحديث الثاني
(1)
:
369 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (6/ 387 ح 3353): حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبيد الله قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه البخاري (3490) من طريق محمد بن بشار، ومسلم (2378) من طريق زهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وعبيد الله بن سعيد أربعتهم عن يحيى بن سعيد، وأحمد (2/ 431) عن يحيى بن سعيد، والدارمي (223)، والنسائي في الكبرى (11249) وأبو يعلى (6471) وأبو نعيم في حلية الأولياء (8/ 383) والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (356) والدارقطني في العلل (8/ 35) وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (2) كلهم من طرق عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
علي بن عبد الله المديني: البصري، ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله حتى قال البخاري: ما استصغرت نفسي إلا عند علي بن المديني، من العاشرة، روى عنه البخاري.
بقية رجال الإسناد تقدموا في الحديث السابق.
هكذا قال يحيى: (عن عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة).
وخالفه أبو أسامة حماد بن أسامة
(1)
، ومعتمر بن سليمان
(2)
، وعبدة بن سليمان الكلابي
(3)
، وعبد الله بن نمير
(4)
، ومحمد بن بشر العبدي
(5)
، وحسن بن عياش
(6)
، وأبو معشر
(7)
.
فقالوا: (عن عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة) ولم يذكروا أباه، وتابعهم يحيى القطان في رواية محمد بن سنان
(8)
عنه.
لذا أورد الدارقطني هذا في التتبع فقال: أخرج البخاري حديث يحيى القطان عن عبيد الله عن سعيد عن أبيه، عن أبي هريرة قيل: يا رسول الله مَنْ أكرم الناس؟ قال: «أتقاهم» الحديث، ووافقه مسلم على إخراجه وقد خالفه فيه جماعة منهم أبو أسامة، وعبد الله بن نمير ومعتمر بن سليمان وآخرون قالوا: عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة لم يقولوا: عن أبيه.
(1)
البخاري (3383).
(2)
البخاري (3374).
(3)
البخاري (4689) وأبو يعلى (6562).
(4)
ابن أبي شيبة (31919).
(5)
النسائي في الكبرى (11250) وفي تفسيره (370) والبيهقي في المدخل (355) وابن عبد البر في جامع بيان العلم (1/ 18).
(6)
من حديث خيثمة (1/ 77) ومشيخة ابن البخاري (1/ 442) والدارقطني في العلل (1456) تعليقاً.
(7)
البيهقي في الزهد الكبير (875) وابن عبد البر في جامع بيان العلم (1/ 18).
(8)
ابن حبان (648).
وقال الحافظ معقباً: قد أخرج البخاري حديث معتمر وأبي أسامة وغيرهما فهو عنده على الاحتمال ولم يهمل حكاية الخلاف فيه
(1)
.
وخالف الدارقطني قوله فصحح حديث يحيى القطان فقال في العلل: «يرويه عبيد الله بن عمر واختلف عنه:
فرواه يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة.
خالفه عبد الله بن نمير وأبو أسامة ومحمد بن بشر والحسن بن عباس فرووه عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة ولم يقولوا فيه: عن أبيه، والقول قول يحيى بن سعيد»
(2)
.
قلت: وفي قوله هذا نظر فإن لم يكن الطريقان محفوظين لأن سعيد بن أبي سعيد سمع من أبي هريرة وروى عنه
(3)
، فرواية الجماعة أوْلى بالصواب.
والإمام البخاري رحمه الله لم يترجح عنده أحدٌ من الطريقين فذكرهما، وهذا الاختلاف لا يضر بسند الحديث إذ إنه زيادة ثقة في الإسناد، والله تعالى أعلم.
(1)
هدي الساري (14/ 365 المطبوع مع الفتح).
(2)
العلل (8/ 135).
(3)
وفي صحيح البخاري أكثر من سبع روايات من رواية سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة. انظر: (2054)(2114)(2150)(3203)(4412)(5639).
الحديث الثالث
(1)
:
370 -
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه (2/ 715 ح 1031): حدثني زهير بن حرب ومحمد بن المثنى جميعاً عن يحيى القطان، قال زهير: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله، أخبرني خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
ورواه ابن خزيمة في صحيحه (358) من طريق محمد بن بشار،
(1)
رجال الإسناد:
زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد، ثقة ثبت، مات سنة 234 وله 74 عاماً، روى عنه البخاري، وروى عنه مسلم أكثر من ألف حديث.
محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، أبو موسى البصري المعروف بالزمن، ثقة ثبت، وكان هو وبندار كفرسَيْ رهان وماتا في سنة واحدة، روى له البخاري ومسلم.
عبيد الله بن عمر: تقدم.
خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف الأنصاري، أبو الحارث المدني، ثقة، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، ثقة، روى له البخاري ومسلم.
والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 190)، (8/ 162) من طريق محمد بن بشار ومحمد بن المثنى والجوزقي في مستخرجه
(1)
من طريق عبد الرحمن بن بشر بن الحكم كلهم عن يحيى بن سعيد القطان به.
وفيه: «حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» .
خالفه عبد الله بن المبارك
(2)
، وحماد بن زيد
(3)
، والمبارك بن فضالة
(4)
فرووه عن عبيد الله بن عمر بهذا الإسناد وقالوا: (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
وكذلك رواه الإمام مالك
(5)
وسعيد بن الأبيض
(6)
عن خبيب به.
وقد رواه يحيى بن سعيد القطان مرة ثانية على الصواب فقال: (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
رواه عنه هكذا أحمد بن حنبل
(7)
، ومسدد
(8)
، ومحمد بن بشار
(9)
، ومحمد بن خلاد
(10)
، ويعقوب الدورقي
(11)
، وحفص بن عمر
(12)
.
(1)
ذكره الحافظ في الفتح (2/ 146).
(2)
البخاري (6806).
(3)
البيهقي في شعب الإيمان (545) وابن عبد البر في التمهيد (2/ 281).
(4)
الطيالسي (2462) والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 239).
(5)
في الموطأ (952) ومن طريقه الترمذي (2391) والبيهقي (10/ 87).
(6)
الطبراني في الأوسط (6324).
(7)
في المسند (2/ 435).
(8)
البخاري (1423) وعقد عليه باب (الصدقة باليمين).
(9)
البخاري (660).
(10)
البيهقي (4/ 190).
(11)
أخرجه الإسماعيلي، قاله ابن حجر في الفتح (2/ 146).
(12)
المصدر السابق.
هؤلاء الستة رووه عن يحيى بن سعيد على الصواب، وخالفهم زهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وعبد الرحمن بن بشر، ومحمد بن بشار في رواية.
لذا حمل بعض أهل العلم الوهم على هؤلاء الأربعة وبعضهم حمله على يحيى فيكون حدّث به على الوجهين وكلا الاحتمالين وارد وإن كان الأظهر أن الوهم من يحيى، والله أعلم.
قال ابن خزيمة في صحيحه (1/ 186): هذه اللفظة: «لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» قد خولف فيها يحيى بن سعيد، فقال مَنْ روى هذا الخبر غير يحيى:(لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
وقال البيهقي: رواه مسلم عن زهير بن حرب ومحمد بن المثنى كذا قالوا: عن يحيى القطان عن عبيد الله: «لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» وسائر الرواة عن يحيى القطان عن عبد الله قالوا فيه: (لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
قال: رواه البخاري في الصحيح عن مسدد عن يحيى هكذا، وكذلك رواه أحمد بن حنبل عن يحيى، ومعناه رواه سائر الرواة عن عبيد الله بن عمر
(1)
. اه.
قال النووي: هكذا وقع في جميع نسخ مسلم في بلادنا وغيرها، وكذا نقله القاضي عياض عن جميع روايات نسخ مسلم:«لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» ، والصحيح المعروف:(حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) هكذا رواه مالك في الموطأ والبخاري في
(1)
السنن الكبرى (4/ 190).
صحيحه وغيرهما من الأئمة وهو وجه الكلام لأن المعروف في النفقة فعلها باليمين
(1)
.
وقال الحافظ ابن حجر: (وقع هذا الحديث في صحيح مسلم مقلوباً «حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» ، ثم قال: والوهم فيه من شيخ مسلم أو من شيخ شيخه يحيى القطان، فإن مسلماً أخرجه عن زهير بن حرب وابن نمير
(2)
كلاهما عن يحيى وأشعر سياقه بأن اللفظ لزهير، وكذا أخرجه أبو يعلى في مسنده عن زهير، وأخرجه الجوزقي في مستخرجه عن أبي حامد بن الشرقي يقول: يحيى القطان عندنا واهم في هذا إنما هو (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) قلت: والجزم بكون يحيى هو الواهم فيه نظر لأن الإمام أحمد قد رواه عنه على الصواب، وكذلك أخرجه البخاري هنا عن محمد بن بشار وفي الزكاة عن مسدد.
وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق يعقوب الدورقي وحفص بن عمر وكلهم عن يحيى، وكأن أبا حامد لما رأى عبد الرحمن قد تابع زهيراً ترجح عنده أن الوهم من يحيى، وهو محتمل بأن يكون منه لما حدّث به هذين خاصة، مع احتمال أن يكون الوهم منهما تواردا عليه)
(3)
. اه.
وقال العيني: (أكثر الروايات في هذا الحديث في البخاري وغيره (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) ووقع في صحيح مسلم
(1)
شرح صحيح مسلم (7/ 122).
(2)
هذا سبق قلم من الحافظ وإنما هو ابن المثنى.
(3)
فتح الباري (2/ 146).
مقلوباً .. ، لأن السنّة المعهودة إعطاء الصدقة باليمين وقد ترجم عليه البخاري في الزكاة باب الصدقة باليمين قال يعني القاضي عياض ويشبه أن يكون الوهم فيه ممن دون مسلم، وقال بعضهم: ليس الوهم فيه ممن دون مسلم ولا منه بل هو من شيخه أو شيخ شيخه يحيى القطان)
(1)
.
الخلاصة:
الحديث صحيح ولا ينكر وجود القلب
(2)
في قوله: «لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» ، وقد أخرجه البخاري في صحيحه (660) من طريق محمد بن بشار عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر به. ومن طريق مسدد (1423).
ومن طريق عبد الله بن المبارك عن عبيد الله بن عمر به وفيه: (لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
ولم يخرج البخاري الرواية التي فيها الوهم وكأنه أشار إلى خطئها في قوله باب (الصدقة باليمين)، والله تعالى أعلم.
(1)
عمدة القاري (5/ 179).
(2)
القلب قد يكون في السند كأن يقلب اسم الراوي فيسميه باسم أبيه أو نحو ذلك، وقد يكون في المتن كما في هذا الحديث، وقد ذكروا هذا من أمثلته، وقد يكون في المتن والإسناد.
انظر: النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (2/ 322) وفتح المغيث (1/ 280) واليواقيت والدرر (2/ 87) وتدريب الراوي (1/ 292).
الحديث الرابع
(1)
:
371 -
قال الإمام مسلم رحمه الله (3/ 1588 ح 2003): حدثنا محمد بن المُثَنّى ومحمد بن حاتم قالا: حدثنا يحيى وهو القطان عن عبيد الله أخبرنا نافع عن ابن عمر قال: ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين (من طريق ابن المثنى).
ورواه ابن الجارود في المنتقى (857) من طريق مسدد، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 293) من طريق محمد بن أبي بكر، والدارقطني في العلل (2973) من طريق عبد الرحمن بن بشر بن الحكم كلهم عن يحيى به.
هكذا قال يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» .
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن المثنى: تقدم.
محمد بن حاتم بن ميمون البغدادي السمين، صدوق ربما وهم، وكان فاضلاً، مات سنة 235، روى عنه مسلم.
عبيد الله بن عمر: تقدم.
نافع أبو عبد الله مولى ابن عمر ثقة ثبت فقيه مشهور من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.
خالفه عبدة بن سليمان
(1)
، ومبارك بن فضالة
(2)
، وعلي بن عاصم
(3)
، وحماد بن زيد
(4)
، وعلي بن مسهر
(5)
، وأيوب بن محمد
(6)
فرووه عن عبيد الله بهذا الإسناد فقالوا: (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام).
وكذلك رواه جماعة عن نافع عن ابن عمر فقالوا: (كل مسكر حرام)، منهم: الإمام مالك
(7)
، وأيوب السختياني
(8)
، وموسى بن عقبة
(9)
، وابن عجلان
(10)
، وابن أبي ذئب
(11)
، وأبو معشر
(12)
، وإبراهيم الصائغ
(13)
، والأجلح
(14)
، ومحمد بن عبد الرحمن بن المحبر
(15)
، ويحيى بن أبي كثير
(16)
.
(1)
أبو عوانة (7958).
(2)
الدارقطني في العلل (13/ 89).
(3)
الدارقطني في سننه (4/ 249).
(4)
الدارقطني في العلل (13/ 89).
(5)
الدارقطني في العلل (13/ 89).
(6)
المصدر السابق.
(7)
الشافعي (1/ 84) والنسائي (8/ 324) وأبو نعيم في الحلية (6/ 353).
(8)
مسلم (2003) وأبو داود (3675) والترمذي (1861) والنسائي (5098) وأحمد (2/ 98).
(9)
مسلم (2003) والنسائي (5091) وابن ماجه (3388) وأحمد (2/ 29).
(10)
النسائي (8/ 297) وفي الكبرى (5096) وأحمد (2/ 137) وابن حبان (5368).
(11)
الطبراني في الأوسط (4807).
(12)
أبو يعلى (5816).
(13)
الدارقطني في العلل (4/ 249).
(14)
المصدر السابق.
(15)
ابن السماك في جزء حنبل (1/ 67).
(16)
ابن البختري (230).
وكذلك رواه سالم بن عبد الله بن عمر
(1)
، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن
(2)
، وأبو حازم
(3)
، ثلاثتهم عن ابن عمر كذلك.
فهؤلاء في كل الطبقات عن ابن عمر رووه بلفظ: (كل مسكر حرام) وقد تابعهم يحيى القطان أيضاً فيما رواه عنه كلٌّ من:
أحمد بن حنبل
(4)
، ومحمد بن الوليد
(5)
، والقواريري
(6)
، وحفص بن عمر الربالي
(7)
، وعمر بن شبة
(8)
، وعبد الرحمن بن منصور
(9)
، وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم
(10)
، وسعيد بن عيسى الكريزي
(11)
.
هؤلاء الثمانية كلهم رووه عن يحيى القطان فقالوا: (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام) فوافقوا رواية الجماعة هنا.
وقد أشار إلى اضطراب يحيى في هذه اللفظة عبد الرحمن بن بشر والدارقطني وأنكرها ابن تيمية.
(1)
النسائي (8/ 324) وابن ماجه (3387) وأحمد (2/ 91) وأبو يعلى (5468).
(2)
أحمد (2/ 16) وأبو يعلى (5622) والترمذي (1864) والنسائي (8/ 297).
(3)
ابن ماجه (3392) وأبو حازم هو سلمة بن دينار.
(4)
في المسند (2/ 16) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 65).
(5)
الدارقطني (4/ 249) وفي العلل (2972).
(6)
أبو عوانة (7958).
(7)
الدارقطني في العلل (13/ 89) رقم (2972).
(8)
أبو عوانة (7958).
(9)
أبو عوانة (7958) والدارقطني (13/ 89).
(10)
أبو عوانة (7958).
(11)
الدارقطني (13/ 89).
قال الدارقطني
(1)
: ويرويه عبيد الله بن عمر واختلف عنه.
ورواه علي بن مسهر، وأيوب بن محمد، وقيل: عن أيوب بن عتبة، وحماد بن زيد، عن عبيد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كل مسكر حرام» .
ورواه ابن علاقة ومبارك بن فضالة عن عبيد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر» .
ورواه يحيى القطان عن عبيد الله فشكّ في رفعه، وكان مرة يقفه على ابن عمر وقال فيه:«كل مسكر حرام وكل خمر حرام» .
ثم أورده من طريق أيوب بن محمد ومبارك بن فضالة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» ثم قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال:«كل مسكر خمر وكل خمر حرام» .
وحدثنا به مرة أخرى فقال: «وكل مسكر حرام
…
».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
«وهذا الحديث في صحيح مسلم ويروى بلفظين: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» .
ولم يقل: كل مسكر خمر وكل خمر حرام كالنظم اليوناني وإن كان روي في بعض طرق الحديث فليس بثابت فإن النبي صلى الله عليه وسلم أجَل قدراً
(1)
في العلل (2972).
في عمله وبيانه من أن يتكلم بمثل هذيانهم فإنه إن قصد مجرد تعريف الحكم لم يحتج مع قوله إلى دليل، وإن قصد بيان الدليل كما بيّن الله في القرآن عامة المطالب الإلهية التي تقرر الإيمان بالله ورسله واليوم الآخر فهو صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالحق وأحسنهم بياناً له»
(1)
.
فوائد:
1 روى الإمام أحمد في المسند (2/ 29 ح 4830) قال: حدثنا روح، حدثنا ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«كل مسكر خمر وكل خمر حرام» .
وخالفه إسحاق بن راهويه
(2)
، وأبو بكر ابن إسحاق الصنعاني
(3)
، وأحمد بن محمد الصباح
(4)
فرووه عن روح بهذا الإسناد فقالوا: (وكل مسكر حرام) فظاهره أن الإمام أحمد وهم على روح أو أن روحاً وهم عندما حدثه، لكن وجدنا الإمام أحمد قد رواه في كتاب الأشربة بما يوافق الجماعة فقال:(كل مسكر حرام) فسلم من الوهم، والله أعلم.
2 روى ابن ماجه (3390) عن سهل بن زنجلة
(5)
، والنسائي (8/ 325) عن الحسين بن منصور بن جعفر النيسابوري كلاهما عن يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن ابن عمر عن
(1)
الرد على المنطقيين (1/ 251).
(2)
مسلم (3/ 1587 ح 2003).
(3)
مسلم (2003) وأبو عوانة (8957).
(4)
البيهقي (8/ 293) وفي المعرفة (13/ 20).
(5)
وهذا مما يستدرك به على المزي فلم يذكره في الراوة عن يزيد.
النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر حرام وكل مسكر خمر» .
ورواه الإمام أحمد
(1)
عن يزيد بهذا الإسناد فقال: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» ، وانظر ح (1112).
والله تعالى أعلم.
3 تقدم أن الإمام أحمد قد رواه عن يحيى بن سعيد بلفظ: «وكل مسكر حرام» ، ثم وجدت أنه رواه عنه في كتاب الأشربة بلفظ:«وكل مسكر خمر» كما في حديث الباب.
مما يدل على أن الخطب يسير فقوله: «كل مسكر خمر» أفاد أن كل خمر حرام، فرووه بهذا اللفظ لكن أكثر الروايات بلفظ «وكل مسكر حرام» وكذا جاء في حديث الزهري عن عروة عن عائشة
(2)
، والقاسم بن محمد بن أبي بكر
(3)
عن عائشة، وأنس بن مالك
(4)
، ومعاوية بن أبي سفيان
(5)
، وابن عباس
(6)
، وأبي هريرة
(7)
، وعبد الله بن عمرو بن العاص
(8)
، وجابر
(9)
، وميمونة
(10)
، وأبي موسى
(1)
المسند (2/ 31) وفي الأشربة (7).
(2)
إسحاق (806).
(3)
الترمذي (1866) وأبو يعلى (3360) وابن حبان (5383) والبيهقي (8/ 486) وغيرهم.
(4)
أحمد (3/ 112).
(5)
أبو يعلى (7355) وابن ماجه (3389).
(6)
أحمد (1/ 289)(1/ 250).
(7)
أبو يعلى (5944).
(8)
أحمد (2/ 185).
(9)
أحمد (3/ 360) ومسلم (2002).
(10)
أحمد (6/ 333).
(1)
البخاري (4343)، (4344)، (4345)، ومسلم (1733).
الحديث الخامس
(1)
:
372 -
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (571): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان عن منصور عن ربعي بن حراش عن طارق بن عبد الله المحاربي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا كنت في الصلاة فلا تبزق عن يمينك ولكن خلفك أو تلقاء شمالك أو تحت قدمك اليسرى» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الإمام أحمد (6/ 396) عن يحيى، والنسائي (2/ 52) وفي الكبرى (805) من طريق عبيد الله بن سعيد، وابن خزيمة في صحيحه (876) من طريق محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، ومن طريقه الضياء في المختارة (136)، والضياء أيضاً (134) من طريق
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري بندار، ثقة، من العاشرة، مات سنة 252 وله بضع وثمانون سنة، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن سعيد: تقدم.
سفيان: هو الثوري، ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، انظر ترجمته في بابه.
منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، أبو عتاب الكوفي، ثقة ثبت وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
ربعي بن حراش أبو مريم العبسي الكوفي، ثقة عابد مخضرم، مات سنة 100، قال العجلي: تابعي ثقة من خيار الناس لم يكذب كذبة قط، روى له البخاري ومسلم.
طارق بن عبد الله المحاربي الكوفي، صحابي، له حديثان أو ثلاثة، روى له البخاري في خلق أفعال العباد وأصحاب السنن.
عمر بن شبة، وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 68) من طريق محمد بن بشار كلهم عن يحيى بن سعيد القطان به.
هكذا رواه يحيى عن سفيان عن منصور بن المعتمر فقال فيه: (ولكن خلفك).
وخالفه أصحاب سفيان وأصحاب منصور كلهم فلم يذكر أحد منهم أن يبصق المصلي خلفه، قالوا: عن شماله أو تحت قدمه اليسرى هكذا قال وكيع
(1)
، وعبد الرزاق
(2)
، وعبيد الله الأشجعي
(3)
، والحسين بن حفص
(4)
عن سفيان الثوري.
وكذلك قال جرير بن عبد الحميد
(5)
، وشعبة
(6)
، وغيلان بن مجاشع
(7)
، وزائدة
(8)
، والأعمش
(9)
، وأبو الأحوص
(10)
، وقيس بن الربيع
(11)
، ومفضل بن مهلهل
(12)
، وجعفر بن الحارث
(13)
، وعبيدة بن
(1)
ابن أبي شيبة (7453) وفي مسنده (821) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1322).
(2)
في مصنفه (1688) والضياء في المختارة (138).
(3)
الحاكم (1/ 259).
(4)
البيهقي (2/ 292).
(5)
ابن خزيمة (877) والضياء في المختارة (137).
(6)
الطيالسي (1275) والضياء في المختارة (139) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 44) والطبراني في الكبير (8166) وأحمد (6/ 396).
(7)
الضياء في المختارة (135) والطبراني في الكبير (8170) وفي الأوسط (3307).
(8)
المختارة (140) والطبراني (8167).
(9)
الطبراني (8169).
(10)
أبو داود (478) والطيالسي (1275) والطبراني (8168).
(11)
الطيالسي (1275) والطبراني (8168).
(12)
الطبراني (8171).
(13)
الطبراني (8172).
حميد
(1)
، وورقاء بن عمر
(2)
، ومالك بن مغول
(3)
.
كلهم عن منصور بن المعتمر ولم يذكروا: (ولكن خلفك).
والحديث في الصحيحين من حديث أنس بن مالك
(4)
وأبي هريرة
(5)
وأبي سعيد الخدري
(6)
وليس فيها هذه اللفظة: (ولكن خلفك).
قال الإمام أحمد عقب الحديث: ولم يقل وكيع ولا عبد الرزاق: (وابصق خلفك).
قال الدارقطني: هي وهم من يحيى بن سعيد ولم يذكرها جماعة من الحفاظ من أصحاب سفيان، وكذلك رواه أصحاب منصور عنه، ولم يقل أحد منهم:(ابزق خلفك).
وقال الحافظ ابن رجب: وقد أنكر الإمام أحمد هذه اللفظة في هذا الحديث وهي قوله: «خلفك» وقال: لم يقل ذلك وكيع ولا عبد الرزاق.
(1)
أحمد (6/ 396) والضياء في المختارة تعليقاً (8/ 125).
(2)
الطيالسي (1275) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 44) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (375).
(3)
الطبراني في الصغير (222 الروض الداني).
(4)
البخاري (405، 412، 413، 417) ومسلم (551).
(5)
البخاري (408، 410، 416) ومسلم (550).
(6)
البخاري (409، 411، 414) ومسلم (548).
الدلالة الفقهية:
ذهب بعض أهل العلم إلى الأخذ بهذه اللفظة يدل على ذلك ترجمتهم لحديث الباب وقد علمت ما فيها.
فقد بوّب عليه النسائي في المجتبى وفي السنن الكبرى
(1)
(الرخصة للمصلي أن يبصق خلفه أو تلقاء شماله).
وابن خزيمة في صحيحه (2/ 44): [باب الرخصة في بصق المصلي خلفه، وفيه ما يدل على إباحة لَيّ المصلي عنقه وراء ظهره إذا أراد أن يبصق في صلاته، إذ البزق خلفه غير ممكن إلا بلَيّ العنق].
(1)
المجتبى (2/ 52) والكبرى (1/ 265 رقم 805).
الحديث السادس
(1)
:
373 -
قال الإمام أحمد (4/ 240): حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثني عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن صفوان بن عسال قال:
قال رجل من اليهود لآخر: انطلق بنا إلى هذا النبي، قال: لا تقل هذا فإنه لو سمعها كان له أربع أعين، قال: فانطلقا إليه فسألاه عن هذه الآية: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ
…
(101)} [الإسراء: 101] قال: «لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تفروا من الزحف، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تدلوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، وعليكم خاصة يهود أن لا تعتدوا في السبت» .
فقالا: نشهد أنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، غير عبد الله بن
(1)
رجال الإسناد:
شعبة بن الحجاج: تقدم.
عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق الجملي، المرادي، أبو عبد الله الكوفي الأعمى، ثقة عابد وكان لا يدلس، ورمي بالإرجاء، مات سنة 118 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن سلمة المرادي الكوفي، صدوق تغير حفظه، من الثانية، روى له أصحاب السنن الأربعة.
صفوان بن عسال المرادي، صحابي معروف نزل الكوفة، وروى له النسائي والترمذي وابن ماجه.
سلمة وهو المرادي الكوفي قال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة. يعد في الطبقة الأولى من فقهاء الكوفة بعد الصحابة، وصحح الترمذي والحاكم والذهبي حديثه، وروى شعبة عن عمرو بن مرة عنه حديث:«لا يقرأ الجنب» ، وقال: لا أدري أحسن منه عن عمرو بن مرة، وقال: هذا الحديث ثلث رأس مالي، وقال الحافظ في التقريب: صدوق، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وقال البخاري: لا يتابع في حديثه
(1)
.
والحديث أخرجه كذلك الطحاوي في شرح مشكل الآثار (63) من طريق مسدد.
وقد أنكر الإمام أحمد والطحاوي على يحيى بن سعيد قوله في هذا الحديث: (قالا نشهد أنك لرسول الله).
وقد خالفه في ذلك جماعة من أصحاب شعبة، منهم:
يزيد بن هارون
(2)
، ومحمد بن جعفر
(3)
، وعبد الرحمن بن مهدي
(4)
، وأبو داود الطيالسي
(5)
، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك
(1)
في التاريخ الكبير (5/ 99)، وذكر العقيلي في الضعفاء (2/ 657) أنه يقصد هذا الحديث، وقال النسائي: هذا حديث منكر. وذلك لأنه ذهب إلى أن عبد الله بن سلمة هذا هو الأفطس، وقال: إنه متروك، والصواب أنه غيره كما ذكره غير واحد، وانظر ذلك في التهذيب في ترجمته.
(2)
الترمذي (3144) وأحمد (4/ 239) والضياء في المختارة (20).
(3)
أحمد (4/ 239) والحاكم (1/ 9) وابن أبي شيبة (36543) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2466) والضياء في المختارة (19).
(4)
ابن جرير الطبري في التفسير (22748) والضياء في المختارة (17).
(5)
في مسنده (1164) والترمذي (3144) والطحاوي (3/ 215) وفي شرح المشكل (65) والبيهقي (8/ 166).
الطيالسي
(1)
، وعبد الله بن إدريس
(2)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(3)
، ووهب بن جرير
(4)
، وآدم بن أبي إياس
(5)
، وعمرو بن مرزوق
(6)
، وحجاج بن محمد
(7)
، وسهل بن يوسف
(8)
.
وكلهم قالوا: (نشهد أنك نبي).
لذا قال الطحاوي عقب الحديث: وهذا الحرف: (نشهد أنك رسول الله) لم يقله أحد في هذا الحديث من أصحاب شعبة إلا يحيى بن سعيد
(9)
.
وقال الإمام أحمد: خالف يحيى بن سعيد غير واحد قالوا: (نشهد أنك نبي، قال أبي: لو قالوا: نشهد أنك رسول الله كانا قد أسلما ولكن يحيى أخطأ فيه خطأً قبيحاً)
(10)
.
(1)
الترمذي (3144) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 11) والطحاوي (65) والضياء (18) وابن أبي عاصم (2465) والطبراني في الكبير (7396).
(2)
الترمذي (2733) والنسائي (7/ 111) وفي الكبرى (3541)(8656) والطحاوي (64) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2465) وابن أبي شيبة في مسنده (880) وفي المصنف (36543).
(3)
الترمذي (2733).
(4)
الحاكم في المستدرك (1/ 9).
(5)
المصدر السابق.
(6)
الطحاوي (3/ 215).
(7)
الطحاوي (3/ 215) وفي شرح مشكل الآثار (65).
(8)
الطبري في التفسير (22749) والضياء في المختارة (17).
(9)
شرح مشكل الآثار (1/ 56).
(10)
العلل ومعرفة الرجال برواية ابنه عبد الله (3/ 83 - 84).
علة الوهم:
سبب خطأ يحيى بن سعيد في هذا الحديث أنه رواه بالمعنى، لكن هناك فرق بين قولهم:(نشهد أنك رسول الله) فإنه يتضمن شهادتهم ودخولهم في الإسلام، وبين قولهم:(إنك نبي) الذي يقتضي معرفتهم بنبوته وصدقه.
وقد ورد في الحديث ما يدل على أنهما لم يسلما فقد جاء في رواية أحمد والترمذي وغيرهما قوله صلى الله عليه وسلم: («فما يمنعكم أن تتبعوني؟»، قالوا: إن داود دعا ربه أن لا يزال في ذريته نبي، وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود)
(1)
.
ولذا قال أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 214): وقد أتى اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقروا بنبوته ولم يدخلوا في الإسلام، فلم يقاتلهم على إبائهم الدخول في الإسلام، إذ لم يكونوا عنده بذلك الإقرار مسلمين.
(1)
الترمذي (2733) ومسند أحمد (4/ 239) وشرح معاني الآثار (3/ 214) وغيرها.
الحديث السابع
(1)
:
374 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 182): ثنا يحيى عن حُمَيْد عن أنَس أن بني سَلمة أرادوا أن يتحولوا من ديارهم إلى قرب المسجد فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعرى المسجد فقال:
«يا بني سَلِمَة ألا تحتسبون آثاركم» فأقاموا.
قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: أخطأ فيه يحيى بن سعيد، وإنما هو أن يعروا المدينة فقال يحيى: المسجد، وضرب عليه أبي هاهنا وقد حدثنا به في كتاب يحيى بن سعيد.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وهو في العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد (3/ 82 - 83).
هكذا قال يحيى بن سعيد: (أن يعرى المسجد).
وخالفه جماعة فرووه عن حميد عن أنس فقالوا: (أن تعرى المدينة)
(2)
، منهم:
يحيى بن أيوب
(3)
، ومروان بن معاوية الفزاري
(4)
، ومحمد بن
(1)
رجال الإسناد:
حميد بن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري، اختلف في اسم أبيه على نحو عشرة أقوال، ثقة مدلس، مات سنة 142 أو 143 وهو قائم يصلي وله 75 سنة، روى له البخاري ومسلم.
أنس بن مالك: صحابي مشهور.
(2)
أي: تخلى نواحيها من ساكنيها.
(3)
البخاري (656) باب احتساب الآثار.
(4)
البخاري (1887) باب كراهية النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة.
أبي عدي
(1)
، وعبد الله بن بكر السهمي
(2)
، وخالد بن الحارث
(3)
، ويزيد بن هارون
(4)
، وأبو شهاب عبد ربه بن نافع الحناط
(5)
.
لذا قال الإمام أحمد: أخطأ فيه يحيى بن سعيد وإنما هو: (أن تعرى المدينة).
قال الحافظ في الفتح (2/ 140): «قوله: (أن يعروا المدينة)، أي: يتركونها خالية، يقال: أعراه إذا أخلاه، والعراء الأرض الخالية، وقيل: الواسطة، وقيل: المكان الذي لا يستتر فيه بشيء، ونبّه بهذه الكراهة على السبب في منعهم من القرب إلى المسجد لتبقى جهات المدينة عامرة بساكنيها، واستفادوا بذلك كثرة الأجر لكثرة الخطا في المشي إلى المسجد» . اه.
قال السندي: (بنو سلمة بطن من الأنصار وكانت ديارهم على بُعد من المسجد وكانت المسافة تمنعهم في سواد الليل وعند وقوع الأمطار واشتداد البرد، فأرادوا أن يتحولوا إلى قرب المدينة، وقوله: (أن يعروا المدينة)، أي: يجعلوا نواحي المدينة خالية) اه.
وقال الحافظ ابن رجب روى يحيى بن سعيد الأنصاري هذا
(1)
أحمد (3/ 106).
(2)
مسلم (3/ 263).
(3)
ابن ماجه (784).
(4)
السنن الكبرى للبيهقي (3/ 64) وابن أبي شيبة (2/ 207).
(5)
ذيل تاريخ بغداد (16/ 104).
الحديث عن حميد عن أنس وقال: فكره أن يعروا المسجد، قال الإمام أحمد: وهم فيه إنما هو كره أن يعروا المدينة
(1)
.
(1)
فتح الباري (4/ 44) وقوله: الأنصاري وهم إنما هو يحيى بن سعيد القطان، فأحمد ابن حنبل إنما يروي عن القطان لا الأنصاري.
الحديث الثامن
(1)
:
375 -
قال ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 125): حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان، عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال:
إذا زادت على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عاصم بن ضمرة تابعي وثقه علي بن المديني والعجلي وابن سعد وقال: كان ثقة وله أحاديث. وقال الترمذي: ثقة عند أهل الحديث (الجامع 2/ 495) وذكره ابن شاهين في الثقات، وقال البزار: صالح الحديث. وقال النسائي: ليس به بأس، وضعّفه ابن حبان وابن عدي وابن الجوزي، وقال ابن حجر: صدوق.
وأخرجه أبو عبيد في الأموال (945) عن يحيى بن سعيد ومن طريقه ابن زنجويه في الأموال (1402) وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 179) ومن طريقه البيهقي (4/ 92) من طريق محمد بن
(1)
رجال الإسناد:
سفيان الثوري: تقدم.
أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله الهمداني، ثقة مكثر عابد من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة 129 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.
عاصم بن ضمرة السلولي الكوفي، صدوق، من الثالثة، مات دون المائة سنة 74، روى له أصحاب السنن.
علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته، صحابي مشهور.
بشار ثلاثتهم (ابن أبي شيبة وأبو عبيد ومحمد بن بشار) عن يحيى بن سعيد القطان به.
هكذا قال يحيى: (عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي أنه إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استؤنف بها الفريضة بالحساب الأول) وهذا لفظ أبي عبيد ونحوه لفظ محمد بن بشار.
وتابعه عبد الله بن المبارك فرواه عن سفيان كذلك
(1)
.
خالفه وكيع بن الجراح
(2)
، وعبد الرحمن بن مهدي
(3)
، وأبو نعيم الفضل بن دكين
(4)
فرووه عن سفيان بهذا الإسناد، فلم يقولوا: إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استؤنف بها بالحساب الأول.
وكذلك رواه أصحاب أبي إسحاق فلم يذكروا هذه اللفظة قالوا: (إذا زادت الإبل على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون)، منهم:
شعبة
(5)
، وأبو الأحوص
(6)
، وشريك
(7)
، وزهير
(8)
.
(1)
الفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 178) والبيهقي (4/ 92).
(2)
ابن أبي شيبة (3/ 118) وابن حزم في المحلى (6/ 21).
(3)
أبو عبيد في الأموال (951)(953).
(4)
ابن زنجويه في الأموال (1399)(1410) والفسوي في المعرفة (3/ 178) والبيهقي (4/ 92).
(5)
ابن زنجويه في الأموال (1507) والبيهقي (4/ 93).
(6)
ابن أبي شيبة (3/ 122، 125، 132).
(7)
البيهقي (4/ 93).
(8)
ابن زنجويه في الأموال (1507) والبيهقي (2/ 94).
لذا أنكر أهل الحديث هذه اللفظة في حديث علي رضي الله عنه وحمل بعضهم هذا الوهم على يحيى القطان وبعضهم على الثوري.
قال البيهقي:
قال الإمام الشافعي: (روى هذا مجهول عن علي وأكثر الرواة عن ذلك المجهول يزعم أن الذي روى هذا عنه غلط عليه وأن هذا ليس في حديثه يريد قوله في الاستئناف، واستدل على هذا في كتاب آخر برواية مَنْ روى عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه بخلاف ذلك
…
)
(1)
.
قال أبو عبيد: «فقد تواترت الآثار من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة وكتاب عمر وما أفتى به التابعون بعد ذلك، مقول واحد في صدقات الإبل من لدن خمس ذود إلى عشرين ومائة، فلم يختلفوا إلا في حديث واحد يروى عن علي لا نراه حفظ عنه.
قال أبو عبيد: فهذا ما جاء في فرائض الإبل إلى أن تبلغ عشرين ومائة لم يختلفوا إلا في هذا الحرف الواحد وحده فإذا جاوزت عشرين ومائة فهناك الاختلاف.
ثم ساق حديث يحيى بن سعيد عن سفيان ثم قال: وهذا الذي ذكرناه أنه يستأنف بها الفريضة فإنه قول يقول به أهل العراق وبه كان يأخذ سفيان»
(2)
.
(1)
السنن الكبرى (4/ 92).
(2)
الأموال (371 - 372).
وقال الشافعي أيضاً بعد أن ذكر حديث شريك وشعبة عن أبي إسحاق: (وبهذا نقول وهو موافق للسنّة، وهم يعني بعض العراقيين لا يأخذون بهذا فيخالفون ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والثابت عن علي رضي الله عنه عندهم إلى قول إبراهيم وشيء يغلط به عن علي رضي الله عنه
(1)
.
قال الفسوي: «وبلغني عن يحيى بن معين قال: كان يحيى بن سعيد يحدّث بحديث يغلط فيه عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه قال: إذا زادت الإبل على عشرين ومائة تستأنف الفريضة.
قال الفسوي: ويحيى بن سعيد لم يغلط في هذا وقد تابعه ابن المبارك وهذا مشهور من رواية سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي، وقد أنكر أهل العلم هذا على عاصم بن ضمرة لأن رواية عاصم عن علي خلاف كتابه إلى عمرو بن حزم وخلاف كتاب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما»
(2)
.
علة الوهم:
روى سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي قوله في الإبل: إذا زادت على عشرين ومائة فبحساب ذلك يستأنف بها الفرائض
(3)
.
(1)
السنن الكبرى (4/ 92).
(2)
المعرفة (3/ 179) وساقه البيهقي (4/ 93) بسنده من طريق العباس بن محمد وغيره عن يحيى بن معين.
(3)
المعرفة والتاريخ (3/ 179) والسنن الكبرى للبيهقي (4/ 92).
ورواه يحيى بن سعيد القطان عن الثوري
(1)
.
وكذلك رواه وكيع
(2)
وعبد الرزاق
(3)
عن سفيان.
وجمع عبد الرزاق في روايته الأعمش مع منصور.
فمن هنا دخل الوهم على سفيان (أو يحيى القطان) فأدخل قول إبراهيم النخعي في حديث أبي إسحاق عن عاصم، والله تعالى أعلم.
الخلاصة:
قوله: (إذا زادت على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة) وهم ومخالف للأحاديث الصحيحة. وحمل يحيى بن معين الوهم فيه على يحيى القطان وخالفه غيره فلم يذكر ذلك وهذا محتمل لكن لم ينفرد يحيى بهذا بل تابعه عبد الله بن المبارك.
وذهب الفسوي إلى أن الوهم من عاصم بن ضمرة وهذا فيه نظر، فرواية غير سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم خالية من هذا الخطأ ويحتمل أن يكون الوهم من سفيان لكن يدفعه ما رواه عبد الرزاق عن سفيان قال: تفسير حديثنا عن إبراهيم إذا زادت على مائة وعشرين ففي كل خمس شاة وفي كل عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي كل عشرين أربع شياه فإذا بلغت مائة وأربعين ففيها حقتان وأربع من الغنم فإذا بلغت مائة وخمسة وأربعين ففيها حقتان وبنت مخاض يعني حتى تبلغ خمسين ثم فيها حقتان، فإذا زادت استأنفت الفرائض كما استأنفت في أولها
(4)
.
(1)
المصدر السابق.
(2)
البيهقي (4/ 93).
(3)
في مصنفه (6803).
(4)
المصنف (6807).
فلو كان هذا القول عنده عن علي رضي الله عنه لقال: تفسير حديثنا عن علي، ولم يقل: عن إبراهيم، لذا حملنا الوهم في هذه اللفظة على يحيى القطان وتبعه في ذلك عبد الله بن المبارك بناءً على ما سبق حيث خالفهما غيرهما عن سفيان، والله تعالى أعلم.
الحديث التاسع
(1)
:
376 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 228): حدثنا يحيى، عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه:
أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وأربعين فمكث بمكة عشراً وبالمدينة عشراً وقبض وهو ابن ثلاث وستين.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا قال يحيى: (عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث وهو ابن ثلاث وأربعين سنة).
خالفه النضر بن شميل
(2)
، وروح بن عبادة
(3)
، ويزيد بن هارون
(4)
، ومحمد بن أبي عدي
(5)
، ومحمد بن جعفر
(6)
فرووه عن هشام بهذا الإسناد فقالوا: (أُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة
…
).
(1)
رجال الإسناد:
هشام بن حسان الأزدي القردوسي، أبو عبد الله البصري، ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال لأنه كان يرسل عنهما، من السادسة، مات سنة 147 أو 148، روى له البخاري ومسلم.
عكرمة، أبو عبد الله مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة ثبت عالم بالتفسير، من الثالثة، مات سنة 154، روى له البخاري ومسلم مقروناً بغيره.
(2)
البخاري (3851).
(3)
البخاري (3902).
(4)
أحمد (1/ 236) وابن أبي شيبة (13/ 53) و (14/ 291).
(5)
الترمذي (3621).
(6)
أحمد (1/ 236).
وروى جعفر بن سليمان الضبعي عن هشام عن ابن سيرين عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «بعث النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة ولم يؤذن له في القتال ثلاث عشرة سنة فكانت الهجرة عشر سنين فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة»
(1)
.
وروى زائدة عن هشام بن عروة عن ابن عباس قال: أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة
(2)
.
وأخرج الشيخان من طريق زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بمكة ثلاث عشرة سنة وتوفي وهو ابن ثلاث وستين
(3)
.
ومسلم من طريق حماد عن أبي جمرة الضبعي، عن ابن عباس قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، وبالمدينة عشراً، ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة
(4)
.
أي: أنه بُعث وهو ابن أربعين وأقام بمكة ثلاث عشرة وبالمدينة عشراً ومات وهو ابن ثلاث وستين.
وروى الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (أُنزل عليه وهو ابن أربعين)
(5)
.
وهم يحيى القطان في هذا الحديث في موضعين:
(1)
أحمد (1/ 249)، وابن حبان (6390).
(2)
ابن أبي شيبة (36544).
(3)
البخاري (3903) ومسلم (2351)، (117).
(4)
مسلم (2351)، (118).
(5)
البخاري (3547)، ومسلم (2347).
الأول: قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث وهو ابن ثلاث وأربعين سنة.
الثاني: قوله: مكث بعد البعثة في مكة عشر سنين.
والصحيح أنه بُعث وهو ابن أربعين ومكث في مكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة.
قال النووي: اتفقوا أنه صلى الله عليه وسلم أقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين، وبمكة قبل النبوة أربعين سنة، وإنما الخلاف في قدر إقامته بمكة بعد النبوة وقبل الهجرة، والصحيح أنها ثلاث عشرة فيكون عمره ثلاثاً وستين.
وهذا الذي ذكرناه أنه بُعث على رأس أربعين سنة هو الصواب المشهور الذي أطبق عليه العلماء.
وحكى القاضي عياض عن ابن عباس وسعيد بن المسيب رواية شاذة أنه صلى الله عليه وسلم بُعث على رأس ثلاث وأربعين سنة، والصواب أربعون كما سبق
(1)
.
وقال الحافظ: قوله: (أُنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، وهو متفق عليه، وقد مضى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم بُعث على رأس أربعين) وقد تقدم في بدء الوحي أنه أُنزل عليه في شهر رمضان، فعلى الصحيح المشهور أن مولده في شهر ربيع الأول يكون حين أُنزل عليه ابن أربعين سنة وستة أشهر
(2)
.
(1)
شرح صحيح مسلم (15/ 99).
(2)
فتح الباري (7/ 164) وانظر (6/ 570).
وقال السهيلي في الروض الأنف (1/ 161): (إنه الصحيح عند أهل السير والعلم بالأثر).
وقلت: وقد أخرج مسلم في صحيحه من طريق عمار بن أبي عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس وستين سنة، فوهم في ذلك وانظره في بابه، ح (1262).
وقال الحافظ: قوله: فمكث بمكة ثلاث عشرة، هذا أصح مما أخرجه أحمد عن يحيى بن سعيد عن هشام بن حسان بهذا الإسناد قال: أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وأربعين
(1)
.
علة الوهم:
روى الحاكم من طريق أحمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال: أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وأربعين.
فلعله من هنا دخل عليه الوهم فحمل هذا الأثر الموقوف عن ابن المسيب على حديث ابن عباس، والله تعالى أعلم
(2)
.
(1)
فتح الباري (7/ 230).
(2)
المستدرك (2/ 610) وقد تقدم قول الحافظ عن هذه الرواية أنها شاذة، وقد اختلف على يحيى بن سعيد، وقال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 26): وذكر يعقوب بن شيبة قال: حدثنا عارم بن الفضل قال: حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين وأُنزل عليه وهو ابن أربعين سنة وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشراً.
الحديث العاشر
(1)
:
377 -
قال الإمام أحمد (6/ 193): حدثنا يحيى ثنا سعيد عن قتادة عن مطرف بن عبد الله عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: «سبُّوحٌ
(2)
قدوسٌ رب الملائكة والروح» ثلاث مرات، ثم شكّ يحيى في ثلاث.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه النسائي (2/ 224) وفي الكبرى (720)(7723) من طريق محمد بن بشار، وأبو عوانة (1810) من طريق يزيد بن سنان، وأبو نعيم (1082) من طريق محمد بن أبي بكر ثلاثتهم عن يحيى به بدون قوله:(ثلاث مرات).
هكذا قال يحيى: (عن سعيد، عن قتادة، عن مطرف، عن عائشة
(1)
رجال الإسناد:
سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم أبو النضر البصري، ثقة حافظ له تصانيف، كثير التدليس واختلط وكان من أثبت الناس في قتادة، من السادسة، مات سنة 156، وقيل 157، روى له البخاري ومسلم.
قتادة بن دعامة السدوسي: ثقة ثبت يقال: ولد أكمه وهو رأس الطبقة الرابعة، مات سنة بضع عشرة بعد المائة، روى له البخاري ومسلم.
مطرف بن عبد الله بن الشخير العامري أبو عبد الله البصري، ثقة عابد فاضل، من الثانية، مات سنة 95، روى له البخاري ومسلم.
(2)
قال الجوهري: سبوح من صفات الله، وقال ابن فارس والزبيدي وغيرهما: سبوح هو الله عز وجل، والمراد المسبِّح والمقدِّس فكأنه يقول: مسبح مقدس، ومعنى سبوح المبرأ من النقائص والشريك وكل ما لا يليق بالإلهية، وقدوس المطهر من كل ما لا يليق بالخالق. (عون المعبود 3/ 88).
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: «سبوح قدوس
…
» ثلاثاً).
خالفه أصحاب سعيد فلم يذكروا عدداً، منهم:
محمد بن بشر العبدي
(1)
، ومحمد بن أبي عدي
(2)
، ويزيد بن زريع
(3)
، وسعيد بن عامر
(4)
، وروح بن عبادة
(5)
، وأبو عتاب سهل بن حماد
(6)
، وعبدة بن سليمان
(7)
، وعبد الوهاب بن عطاء
(8)
.
وكذلك رواه جماعة عن قتادة فلم يذكروا: (ثلاثاً)، منهم: شعبة
(9)
، وهشام
(10)
، ومعمر
(11)
، وهمام
(12)
، وهشيم
(13)
.
وهم يحيى القطان في قوله: (ثلاثاً) إذ خالفه ثمانية من أصحاب سعيد بن أبي عروبة الثقات فلم يذكروها، ويحيى كان شك في هذه
(1)
مسلم (487).
(2)
النسائي (2/ 224) وفي الكبرى (720)(7723).
(3)
النسائي (7693) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1082)(1083) وابن نصر في قيام الليل (79 مختصر).
(4)
أبو عوانة (1810) والبيهقي (2/ 87)(2/ 109) وفي الدعوات الكبير (75).
(5)
أبو عوانة (1810).
(6)
أبو عوانة (1811)، (1889).
(7)
إسحاق بن راهويه (1322).
(8)
أحمد (6/ 265).
(9)
مسلم (487).
(10)
مسلم (487).
(11)
أحمد (6/ 200) وإسحاق (1324).
(12)
أبو عوانة (1811)، (1885).
(13)
أبو نعيم في المستخرج (1084).
اللفظة كما ذكر الإمام أحمد وقد رواه عنه ثلاثة من أصحابه بدونها كما تقدم في التخريج.
وليس معنى ذلك أن الزيادة عن مرة واحدة مخالف للشرع بل المراد أن الحديث ورد بدون التقييد بثلاث، فلو زاد المرء أو نقص فلا حرج، والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
وقد ورد في أذكار الركوع والسجود عدد الثلاث في غير حديث
(1)
.
(1)
انظر: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني (2/ 650 وما بعده).
الحديث الحادي عشر
(1)
:
378 -
قال ابن ماجه رحمه الله (211): حدثنا محمد بن بشار، ثنا يحيى بن سعيد القطان، ثنا شعبة وسفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال شعبة: خيركم، وقال سفيان: أفضلكم مَنْ تعلّم القرآن وعلّمه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الترمذي (2908) والنسائي في الكبرى (8037) وأحمد (1/ 69) والبزار (396) والقضاعي في مسند الشهاب (1240) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5125) وأبو نعيم في حلية الأولياء (8/ 384) كلهم من طريق يحيى بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار: تقدم.
شعبة: تقدم، انظر ترجمته في بابه.
سفيان: هو الثوري، انظر ترجمته في بابه.
علقمة بن مرثد الحضرمي، أبو الحارث الكوفي، ثقة من السادسة، روى له البخاري ومسلم.
مسعد بن عبيدة السلمي، أبو حمزة الكوفي، ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن حبيب بن ربيعة أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي المقراء، مشهور بكنيته ولأبيه صحبة، ثقة ثبت من الثانية، مات بعد السبعين، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال يحيى: (عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه عامة أصحاب سفيان فلم يذكروا سعداً في الإسناد فقالوا: (عن سفيان، عن علقمة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، منهم:
أبو نعيم
(1)
، وعبد الرحمن بن مهدي
(2)
، ووكيع
(3)
، وبشر بن السري
(4)
، وعبد الرزاق
(5)
، وعبد الله بن المبارك
(6)
، ومحمد بن كثير العبدي
(7)
، وأبو حذيفة
(8)
، وقبيصة
(9)
، والفريابي
(10)
، وعبيد الله بن موسى
(11)
، وأبو يحيى الحماني
(12)
، ويحيى بن اليمان
(13)
، ومؤمل بن إسماعيل
(14)
، وموسى بن أعين
(15)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(16)
.
(1)
البخاري (5028).
(2)
أحمد (1/ 57).
(3)
ابن ماجه (212) وأحمد (1/ 57) وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 285).
(4)
الترمذي (2908).
(5)
في المصنف (5995) وأبو عوانة (3771).
(6)
النسائي في الكبرى (8038).
(7)
ابن الضريس في فضائل القرآن (1/ 31).
(8)
أبو عوانة (3771).
(9)
أبو عوانة (3771).
(10)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (13/ 114) وابن عساكر في تاريخه (47/ 295).
(11)
تاريخ دمشق (47/ 295).
(12)
تاريخ دمشق (47/ 295).
(13)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (13/ 113).
(14)
ذكره الدارقطني في العلل (283).
(15)
المصدر السابق.
(16)
المصدر السابق.
أما روايته عن شعبة بذكر سعد بن عبيدة في الإسناد فقد وافقه أصحاب شعبة.
قال البزار في مسنده
(1)
: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عثمان إلا من هذا الوجه، ورواه غير واحد عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان إلا أن يحيى بن سعيد جمع شعبة والثوري في هذا الحديث فروياه عن علقمة عن سعد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان، وأصحاب سفيان يحدثونه عن علقمة، عن أبي عبد الرحمن، وإنما شعبة الذي قال: عن سعد.
وسمعت عمرو بن علي يقول: قلت ليحيى: إن الثوري يرويه عن علقمة عن أبي عبد الرحمن؟ فقال: سمعته من شعبة عن علقمة عن سعد، ثم سمعته من الثوري فلم أشك أنه قال كما قال شعبة، أو فكان عندي كما رواه شعبة».
قال ابن عدي في الكامل (3/ 1234): «وذكر سعد بن عبيدة في هذا الإسناد عن الثوري غير محفوظ، وإنما يذكر هذا عن يحيى القطان، جمع بين الثوري وشعبة فذكر عنهما جميعاً في الإسناد في هذا الحديث سعد بن عبيدة، وسعد إنما يذكره شعبة والثوري لا يذكره، فحمل يحيى حديث شعبة على حديث الثوري، فذكر عنهما جميعاً سعداً، ويقال: لا يُعرف ليحيى بن سعيد خطأ غيره» .
وقال الترمذي في سننه (5/ 160): (بعد أن أخرج حديث سفيان من طريق بشر بن السري قال: هكذا روى عبد الرحمن بن مهدي وغير
(1)
(2/ 55 عقب الحديث 396).
واحد عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسفيان لا يذكر فيه: عن سعد بن عبيدة.
وقد روى يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث عن سفيان وشعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا بذلك محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان وشعبة
(1)
.
قال محمد بن بشار: وهكذا ذكره يحيى بن سعيد عن سفيان مرة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال محمد بن بشار: وأصحاب سفيان لا يذكرون فيه: عن سفيان عن سعد بن عبيدة.
قال محمد بن بشار: وهو أصح.
قال الترمذي: وقد زاد شعبة في إسناد هذا الحديث سعد بن عبيدة وكأن حديث سفيان أصح) اه.
وقال الدارقطني في العلل (3/ 53 - 55): (وقد سئل عن هذا الحديث وهو حديث يرويه علقمة بن مرثد، وسعد بن عبيدة، وعبد الملك بن عمير، وسلمة بن كهيل، وعاصم بن بهدلة، والحسن بن عبيد الله، وعبد الكريم، وعطاء بن السائب
…
(1)
انظر: الفتح (9/ 75).
ثم قال: ورواه سفيان الثوري عن علقمة واختلف عنه.
فرواه موسى بن أعين، وقبيصة، ووكيع، وابن مهدي، وأبو أسامة، ومؤمل بن إسماعيل، ويحيى بن اليمان، وعبد الله بن وهب وغيرهم عن الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان.
وخالفهم يحيى القطان فرواه عن الثوري عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن عثمان
…
) اه.
قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (13/ 114): هكذا يحدث الناس جميعاً عمن يحدث عن الثوري بهذا الحديث لا يذكرون في إسناده سعد بن عبيدة غير يحيى بن سعيد فإنه حدّث عن سفيان فذكر سعد بن عبيدة.
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل (1/ 169): اختلف في هذا الحديث إماما المحدثين سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج.
رواه شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان، وتابع شعبة قيس بن الربيع
(1)
والحكم بن ظهير، وحفص بن سليمان الأسدي في آخرين.
ورواه سفيان عن علقمة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان، فلم يذكر فيه سعد بن عبيدة.
وتابع سفيان مسعر والجراح بن الضحاك
(2)
وعمرو بن قيس
(1)
الخطيب في تاريخ بغداد (7/ 34) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 409).
(2)
الفوائد لتمام الرازي (1751) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 253).
الملائي
(1)
وموسى الفراء
(2)
ومحمد بن أبان
(3)
وعثمان بن مقسم وأيوب بن جابر والربيع بن ركين في آخرين.
وصحح البخاري كلتا الروايتين اعتماداً على إتقان الإمامين سفيان وشعبة وحملاً للأمر على أن علقمة سمعه من سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن، وسمعه من أبي عبد الرحمن فكان تارة يرويه عن سعد عن أبي عبد الرحمن وتارة عن أبي عبد الرحمن
…
، وصححه الترمذي أيضاً بالروايتين، وأعرض عن إخراجه مسلم لما رأى من الاختلاف فيه، ورأي البخاري في ذلك أسَد.
وقد روى هذا الحديث يحيى بن سعيد القطان عن سفيان وشعبة كلاهما عن علقمة عن سعد عن أبي عبد الرحمن فيقال: إنه وهم في هذا الحديث على سفيان.
علة الوهم:
سماع الحديث من شيخين فيحمل إسناد أحدهما على الآخر.
فقد كان يحيى القطان رحمه الله قد سمع هذا الحديث من شعبة
(1)
أبو عوانة في مسنده (3775).
(2)
أبو عوانة (3773).
(3)
أبو عوانة (3776).
قلت: وقد نقل الحافظ في مقدمة الفتح (1/ 374) عن الدارقطني قوله: تابع شعبة على زيادته مَنْ لا يحتج به وتابع الثوري جماعة ثقات. ثم قال الحافظ: قد قدّمنا أن مثل هذا يخرجه البخاري على الاحتمال لأن رواية الثوري عند جماعة من الحفاظ هي المحفوظة وسعد زاد رجلاً فأمكن أن يكون علقمة سمعه من سعد بن عبيدة ثم لقي أبا عبد الرحمن.
أولاً فرسخ هذا الحديث عنده بهذا الإسناد، ثم سمع سفيان يحدث بهذا الحديث فما شكّ إلا أنه بنفس إسناد شعبة فحدّث به كذلك.
قال عمرو بن علي الصيرفي: قلت ليحيى: إن الثوري يرويه عن علقمة عن أبي عبد الرحمن فقال: سمعته من شعبة عن علقمة عن سعد، ثم سمعته من الثوري فلم أشك أنه قال كما قال شعبة، أو فكان عندي كما رواه شعبة
(1)
.
الخلاصة:
الحديث صحيح من طريق شعبة وفيه ذكر سعد بن عبيدة، وقد أودعه الإمام البخاري في صحيحه
(2)
.
وقد تابع شعبة جماعة وعدهم الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار في كتابه الهادي في القراءات فوق الثلاثين، منهم: عبد بن حميد وقيس بن الربيع
(3)
.
وكذلك الحديث صحيح من طريق سفيان الثوري بدون ذكر سعد بن عبيدة وقد أودعه الإمام البخاري في صحيحه
(4)
.
وقد تابع سفيان أيضاً جماعة فوق العشرين، منهم: مسعر وعمرو بن قيس الملائي.
(1)
مسند البزار (2/ 55 - 56).
(2)
(3)
فتح الباري (9/ 74) وعمدة القاري (20/ 43).
(4)
البخاري (5028).
قال ابن حجر: (ورجح الحفاظ رواية سفيان الثوري وعدوا رواية شعبة من المزيد في متصل الأسانيد.
وقال الترمذي: كأن رواية سفيان أصح من رواية شعبة، وأما البخاري فأخرج الطريقين فكأنه ترجح عنده أنهما جميعاً محفوظان)
(1)
.
(1)
الفتح (9/ 74).
الحديث الثاني عشر
(1)
:
379 -
قال الإمام أحمد (6/ 55): ثنا يحيى عن شعبة، ثنا سعد بن إبراهيم وابن جعفر، ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن نافع قال ابن جعفر عن إنسان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجياً منها نجا منها سعد بن معاذ» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، والراوي عن عائشة صفية امرأة عبد الله بن عمر كما سيأتي.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (2/ 594) عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (6/ 98) عن محمد بن جعفر به.
هكذا قال يحيى: (عن شعبة، عن سعد، عن نافع، عن عائشة).
(1)
رجال الإسناد:
شعبة: تقدم.
سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ولي قضاء المدينة، وكان ثقة فاضلاً عابداً، من الخامسة، مات سنة 125 وقيل بعدها، وهو ابن 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.
نافع، أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور من الثالثة، مات سنة 117 أو بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفية، زوج ابن عمر، قيل: لها إدراك وأنكره الدارقطني، وقال العقيلي: ثقة، فهي من الثالثة، روى لها مسلم واستشهد بها البخاري ولها صحبة.
وخالفه آدم بن أبي إياس
(1)
، وعبد الملك بن الصباح
(2)
، وعلي بن الجعد
(3)
، وهاشم بن القاسم
(4)
، وعاصم بن علي
(5)
، وعبد الرحمن بن زياد
(6)
، ويحيى بن أبي بكر الكرماني
(7)
، وابن أبي عدي
(8)
، وأبو عتاب سهل بن حماد
(9)
.
فقالوا: (عن شعبة، عن سعد، عن نافع، عن امرأة ابن عمر، عن عائشة).
وذكر بعضهم أنها صفية.
وتابعهم محمد بن جعفر
(10)
إلا أنه أبهم اسمها فقال: (عن إنسان).
قصر يحيى القطان فأسقط امرأة ابن عمر من الإسناد.
وقد صوّب الدارقطني رواية الجماعة عن شعبة.
قال: وسئل عن حديث صفية امرأة ابن عمر عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن للقبر ضغطة» .
(1)
ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (897) مسند عمر، والبيهقي في إثبات عذاب القبر (106).
(2)
ابن حبان (3112).
(3)
في مسنده (1548).
(4)
البيهقي في شعب الإيمان (396) وفي إثبات عذاب القبر (107).
(5)
الحارث في مسنده (279 زوائد الهيثمي) وابن عساكر في تاريخ دمشق (43/ 187) وتحرف شعبة إلى شبيب عند الحارث.
(6)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 248).
(7)
الطحاوي (1/ 248).
(8)
الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/ 291).
(9)
البيهقي في إثبات عذاب القبر (107) وتحرف أبو عتاب إلى أبي عائشة.
(10)
أحمد في المسند (6/ 55)(6/ 98).
فقال رحمه الله: يرويه شعبة عن سعد عن إبراهيم واختلف عنه:
فرواه يزيد بن أبي زياد الخراساني ليس بمعروف، ما روى عنه إلا زنبقة عن شعبة عن سعد عن نافع عن ابن عمر عن عائشة.
وخالفه علي بن الجعد وعاصم بن علي رووه عن شعبة عن سعد عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد امرأة ابن عمر عن عائشة.
وقال غندر: عن شعبة عن سعد عن نافع عن إنسان عن عائشة.
وقال وهب بن جرير وحماد بن مسعدة: عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن نافع عن عائشة.
والصواب قول مَنْ قال: عن صفية عن عائشة
(1)
.
قلت: ورواه سفيان الثوري عن سعد عن نافع عن ابن عمر سلك به الجادة، والله تعالى أعلم، ولم يروه عنه إلا أبو حذيفة ولعل الوهم منه.
وقال الطحاوي: فقد اختلف سفيان وشعبة فيمن بعد نافع فقال شعبة: امرأة ابن عمر عن عائشة، وفي حديث سفيان ابن عمر نفسه، ولم يترجح أحدهما على الآخر فصار مضطرباً
(2)
.
(1)
العلل (14/ 442 رقم 3791).
(2)
الطحاوي (1/ 248) والبيهقي في إثبات عذاب القبر (110).
الحديث الثالث عشر
(1)
:
380 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 195): حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن سعيد، حدثني مولى ابن عياش، عن أبي بحرية.
وحدثنا مكي، حدثنا عبد الله بن سعيد، عن زياد بن أبي زياد، عن أبي بحرية.
عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ألا أنبئكم بخير أعمالكم» قال مكي: وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم.
قالوا: وذلك ما هو يا رسول الله؟
قال: «ذكر الله عز وجل» .
التعليق:
هذا إسناد حسن.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن سعيد بن أبي هند الفزاري مولاهم أبو بكر المدني، صدوق ربما وهم، من السادسة، مات سنة بضع وأربعين، روى له البخاري ومسلم.
زياد بن أبي زياد، واسمه ميسرة المخزومي المدني مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، ثقة عابد، من الخامسة، مات سنة 135، روى له مسلم.
أبو بحرية عبد الله بن قيس الكندي، السكوني، حمصي مشهور بكنيته، مخضرم ثقة، مات سنة 77، روى له أصحاب السنن الأربعة.
مكي بن إبراهيم بن بشير التميمي البلخي، أبو السكن، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 115، وله 90 سنة، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (2/ 12) من طريق الإمام أحمد بهذا الإسناد، وأخرجه الطبراني في الدعاء (1872) من طريق مسدد عن يحيى القطان به.
وأورده ابن أبي حاتم في العلل (2039) عن يحيى القطان عن عبد الله بن سعيد عن يزيد بن يزيد مولى عبد الله بن أبي عياش به.
هكذا قال يحيى: عن عبد الله بن سعيد عن مولى ابن عياش.
وقال مرة: يزيد بن يزيد مولى عبد الله بن أبي عياش.
خالفه مكي بن إبراهيم
(1)
، والفضل بن موسى
(2)
، والمغيرة بن عبد الرحمن
(3)
، وأبو ضمرة أنس بن عياض
(4)
فقالوا: (عن عبد الله بن سعيد، عن زياد بن أبي زياد).
وكذلك رواه الإمام مالك
(5)
وموسى بن عقبة
(6)
عن زياد بن أبي زياد.
كان يحيى لا يحفظ اسمه فترك ذكر اسمه وقال: مولى ابن عياش وإنما هو مولى عبد الله بن أبي عياش.
وربما سماه يزيد بن يزيد كما في العلل لابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية (2/ 12).
(1)
أحمد (5/ 195) والحاكم (1/ 496) والبيهقي في الدعوات الكبير (20).
(2)
الترمذي (3377) وابن عبد البر في التمهيد (6/ 58).
(3)
ابن ماجه (3795) والبيهقي في شعب الإيمان (516).
(4)
البغوي في شرح السنة (1244).
(5)
الموطأ (1/ 211 ح رقم 492).
(6)
أحمد (6/ 447).
الحديث الرابع عشر
(1)
:
381 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 256): حدثنا يحيى بن سعيد، عن مسعر، حدثنا أبو العدبَّس، عن رجل أظنه أبا خلف، حدثنا أبو مرزوق قال: قال أبو أمامة رضي الله عنه قال:
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأيناه قمنا، قال:«فإذا رأيتموني فلا تقوموا كما يفعل العجم يعظم بعضها بعضاً» قال: كأنا اشتهينا أن يدعو لنا، فقال:«اللهم اغفر لنا وارحمنا وارضَ عنا وتقبّل منا وأدخلنا الجنة ونجِّنا من النار وأصلح لنا شأننا كله» .
التعليق:
هذا إسناد ضعيف فيه مجاهيل، أبو العدبَّس مجهول كما قال الحافظ، وكذا قال الذهبي في الميزان، وأبو خلف مجهول.
ورواه الروياني في مسنده (1271) وفيه الجزم بأنه أبو خلف ولم يشك.
هكذا قال يحيى: (عن مسعر، عن أبي العدبَّس، عن أبي خلف عن أبي مرزوق عن أبي أمامة).
(1)
رجال الإسناد:
مسعر بن كِدَام بن ظهير الهلالي، أبو سلمة الكوفي، ثقة ثبت فاضل، من السابعة، مات سنة 153 أو 155، روى له البخاري ومسلم.
أبو العدبَّس: تبيع بن سليمان، وهو بكنيته أشهر، مجهول، من السادسة، روى له أبو داود وابن ماجه.
أبو خلف: لم أجده في التقريب ولا في التعجيل.
أبو مرزوق، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، لين، من السادسة ولا يعرف اسمه، روى له أبو داود وابن ماجه.
وخالفه عبد الله بن نمير
(1)
، ويحيى بن هاشم السمسار
(2)
، ومحمد بن بشر
(3)
فقالوا: (عن مسعر، عن أبي العنبس، عن أبي العدبَّس، عن أبي مرزوق، عن أبي غالب، عن أبي أمامة).
ورواه ابن عيينة فقال: (عن مسعر، عن أبي، عن أبي، عن أبي منهم أبو غالب، عن أبي أمامة)
(4)
.
لم يذكر أسماء كناهم ومراده عن أبي العنبس عن أبي العدبَّس عن أبي مرزوق كرواية ابن نمير.
وقال مرة: (عن مسعر، عن أبي مرزوق، عن أبي العنبس، عن أبي العدبَّس، عن أبي أمامة)
(5)
.
ورواه سفيان بن وكيع عن ابن نمير، عن سفيان يعني الثوري، عن أبي أبي العنبس، عن أبي العدبَّس، عن أبي مرزوق، عن أبي غالب، عن أبي أمامة به
(6)
.
ورواه وكيع عن مسعر عن أبي مرزوق عن أبي العدبَّس عن أبي أمامة
(7)
.
(1)
أبو داود (5230) وأحمد (5/ 253) وابن أبي شيبة (8/ 585) و (10/ 267) وابن جرير في تهذيب الآثار (4/ 563 مسند عمر) والطبراني في الكبير (8072) وفي الدعاء (1442) والبيهقي في شعب الإيمان (8538) وفي المدخل (1/ 402) وابن عساكر في تاريخ دمشق (24/ 65) وابن حبان في المجروحين (1283).
(2)
الخرائطي في مساواء الأخلاق (831) وتمام الرازي في فوائده (296).
(3)
ابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 566) والبيهقي في الشعب (8538).
(4)
عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (5/ 253).
(5)
عبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (77).
(6)
المحدث الفاصل (1/ 296).
(7)
ابن ماجه (3836) وانظره في بابه، ح (334).
قال تمام: رواه عبد الله بن نمير عن مسعر بن كدام فجوّده كما جوّده يحيى بن هاشم.
قال ابن أبي حاتم في العلل (2095): وسألت أبي عن حديث رواه يحيى القطان، قال: حدثنا مسعر، قال: حدثنا أبو العدبَّس، عن رجل أظنه أبو خلف، قال: حدثنا أبو مرزوق، قال: حدثنا أبو أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتموني فلا تقوموا كما تفعل العجم تعظم بعضها بعضاً» ، قال: وكأنا اشتهينا أن يدعو لنا فقال: «اللهم اغفر لنا وارحمنا وارضَ عنا وتقبّل منا وأدخلنا الجنة ونجِّنا من النار وأصلِح لنا شأننا كله» .
قال أبي: لم يعمل يحيى القطان في هذا شيئاً إنما هو مسعر عن أبي العنبس، عن أبي العدبَّس، عن أبي مرزوق، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وسئل يحيى بن معين عن أبي العنبس عن أبي العدبَّس ما حالهما؟ فقال: ثقتان، وعن أبي غالب الذي يروي عن أبي أمامة ما حاله؟ فقال: ثقة
(1)
.
(1)
تاريخ ابن معين رواية عثمان الدارمي (1/ 236).
الحديث الخامس عشر
(1)
:
382 -
قال أبو داود رحمه الله (1480): حدثنا مسدد، ثنا يحيى، عن شعبة عن زياد بن مخراق عن أبي نعامة، عن ابن لسعد أنه قال:
سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا، فقال: يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سيكون قوم يعتدون في الدعاء» فإياك أن تكون منهم، إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها، وإن أُعذت من النار أُعذت منها وما فيها من الشر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات معروفون غير ابن لسعد، لكن أولاد سعد الذين يروون عنه كلهم ثقات وهم: إبراهيم وعامر وعمر ومحمد ومصعب .. قاله الألباني في صحيح سنن أبي داود (5/ 220).
وأخرجه البيهقي في الدعوات الكبير (278) من طريق أبي داود، وابن حجر في الأمالي المطلقة (1/ 18) من طريق معاذ بن المثنى عن مسدد به.
(1)
رجال الإسناد:
مسدد بن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري: تقدم
شعبة: تقدم.
زياد بن مخراق المزني مولاهم أبو الحارث البصري، ثقة من الخامسة، روى له أبو داود والبخاري في الأدب المفرد.
قيس بن عباية، ثقة من الثالثة، مات سنة 110، روى له البخاري في القراءة وأصحاب السنن ويقال له: أبو عباية ويقال له أيضاً: أبو نعامة.
وخالفه عبد الرحمن بن مهدي
(1)
، وأبو النضر هاشم بن القاسم
(2)
، وشبابة بن سوار
(3)
، ومحمد بن جعفر
(4)
، وأبو داود الطيالسي
(5)
، وعبيد بن سعيد
(6)
، وعاصم بن علي
(7)
.
فرووه عن شعبة، عن زياد به، فقالوا: (عن مولى لسعد أن سعداً رأى ابناً له يدعو وهو يقول
…
أسقط يحيى القطان مولى سعد من الإسناد وأبدله بابن سعد، والصحيح كما رواه الجماعة عن أبي عباية عن مولى لسعد وليس عن ابن لسعد.
علة الوهم:
أن مولى لسعد يحكي الحديث عن قصة ابن لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
أثر الوهم:
أبناء سعد ثقات كما قال الألباني رحمه الله إلا أن الصحيح أن
(1)
أحمد (1/ 172).
(2)
أحمد (1/ 183).
(3)
أبو يعلى (715).
(4)
أحمد (1/ 183).
(5)
في مسنده (200) ومن طريقه ابن حجر في الأمالي المطلقة (1/ 19) وعنه سمعت قيس بن عباية يحدث عن مولى لسعد أن سعداً سمع ابناً له، وسقط من مسند الطيالسي مولى سعد وهو مثبت عند الحافظ من طريق يونس بن حبيب راوي مسند الطيالسي.
(6)
ابن أبي شيبة في مصنفه (29410) وتحرف في المصنف إلى (عبيد بن سعد).
(7)
الطبراني في الدعاء (55) وابن حجر في الأمالي المطلقة (1/ 19).
ابن سعد ليس في الإسناد إنما هو في متن الحديث وفي الإسناد مولى لسعد وهو مجهول، فالإسناد ضعيف لكن الحديث حسن لغيره، والله تعالى أعلم.
الحديث السادس عشر
(1)
:
383 -
قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في غريب الحديث (1/ 441): في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حدثنيه يحيى بن سعيد ويزيد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع يرفعه أنه كان يقول:
(1)
رجال الإسناد:
يزيد بن هارون بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة 206 وقد قارب 90 عاماً، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، أبو سعيد القاضي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة 144 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ الأنصاري المدني، ثقة فقيه، من الرابعة، مات سنة 120 وله 74 سنة، روى له البخاري ومسلم.
واسع بن حبان بن منقذ بن عمرو الأنصاري المازني المدني، صحابي ابن صحابي وقيل: بل ثقة، من الثانية، روى له البخاري ومسلم.
وذكر في الإصابة (3/ 627): واسع بن حبان بن منقذ الأنصاري، قال العدوي: شهد بيعة الرضوان والمشاهد بعدها قتل يوم الحرة (قلت: أي الحافظ): وهذا غير الراوي فيما أظن لأنه مشهور في التابعين وحديثه في صحيح مسلم وقد فرق بينهما ابن فتحون في ذيل الاستيعاب.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا رواه يحيى القطان فقال: (عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن واسع بن حبان).
خالفه الليث بن سعد
(1)
، ويزيد بن هارون
(2)
، وزهير بن معاوية
(3)
، وسليمان بن بلال
(4)
فرووه (عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن لؤلؤة
(5)
، عن أبي صرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوه من مسند أبي صرمة
(6)
وجعله يحيى القطان من مسند واسع بن حبان.
وقال ابن أبي حاتم: «سألت أبي عن حديث رواه يحيى القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أسألك غناي وغنى مولاي» .
قال أبي: هذا خطأ، إنما يروونه عن محمد بن يحيى بن حبان، عن لؤلؤة، عن أبي صرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصحيح.
ومعنى قوله: «غنى مولاي» يعني العصبة، قال الله تبارك وتعالى:
(1)
أحمد (3/ 453) والبخاري في الأدب المفرد (662) والطبراني في الكبير (22/ 8281) والمزي في تهذيب الكمال (35/ 299).
(2)
رواه أحمد (3/ 453) وابن أبي شيبة (10/ 208) وابن عبد البر في التمهيد (24/ 55) عن يزيد بمثل رواية الجماعة، ولعل أبا عبيد رحمه الله حمل إسناد يحيى القطان على إسناد يزيد بن هارون إلا أن يزيد أسقط (لؤلؤة من الإسناد)(وسيأتي في باب أبي عبيد)، ح (1396).
(3)
البخاري في الأدب المفرد (662).
(4)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2170) والدولابي في الكنى (1/ 40).
(5)
لؤلؤة مولاة الأنصار مقبولة، من الرابعة، روى لها البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
(6)
أبو صرمة المازني الأنصاري صحابي اسمه مالك بن قيس، وقيل: قيس بن صرمة، وكان شاعراً، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة.
{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي
…
(5)} [مريم: 5] قال: العصبة
(1)
.
فائدة:
روى الإمام البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما قال المؤذن»
(2)
.
قال الحافظ ابن حجر: «رواه يحيى القطان عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد، أخرجه مسدد في مسنده عنه، وقال الدارقطني
(3)
: إنه خطأ والصواب الرواية الأولى
(4)
.
وتبعه العيني كعادته فقال مثل ذلك
(5)
.
(1)
العلل (2096).
وقال أبو عبيد في غريب الحديث (1/ 441): قوله: «غِنى مولاي» عند كثير من الناس هو ابن العم خاصة وليس هو هكذا، ولكنه الولي فكل ولي للإنسان هو مولاه مثل الأب والأخ وابن الأخ والعم وابن العم وما وراء ذلك من العصبة كلهم، ومنه قوله تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي
…
(5)} [مريم: 5]، ومما يبين لك أن المولى كل ولي حديث النبي صلى الله عليه وسلم:«أيما امرأة نكحت بغير أمر مولاها فنكاحها باطل» أراد بالمولى الولي.
وقال الله عز وجل: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا
…
(41)} [الدخان: 41] فنراه إنما عنى ابن العم خاصة دون سائر أهل بيته. اه.
هكذا جاء في المطبوع (فنراه) ولعل الصحيح (فلا نراه) والله أعلم.
(2)
البخاري (611) ومسلم (1/ 288 - 383).
(3)
العلل (11/ 264).
(4)
فتح الباري (2/ 91).
(5)
عمدة القاري (5/ 117).
وذكره ابن عبد البر في التمهيد فقال: وروي هذا الحديث عن مسدد عن يحيى
…
(1)
.
وظاهر كلامهم أن الوهم من يحيى القطان وليس كذلك إنما هو من مسدد، فقد رواه الإمام أحمد
(2)
عن يحيى القطان عن مالك بمثل رواية الجماعة فسلم يحيى من الوهم.
(1)
التمهيد (10/ 134).
(2)
أحمد (3/ 53).
الخاتمة
وهم الإمام الحافظ يحيى القطان كما في كتابنا هذا في ستة عشر حديثاً نصفها في المتن والنصف الآخر في الإسناد.
وعلة ذلك أنه يحدث من حفظه ولم يكن له كتاب وكما تقدم في باب شعبة والثوري رجل يحفظ آلاف الأحاديث لا يضره الوهم في بضعة عشر حديثاً، والله تعالى أعلم.
ملخص أوهام يحيى القطان
رقم الحديث
شيخ الراوي
بلده
الوهم
الصحيح
1
عبيدالله بن عمر
المدينة
سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة
سعيد المقبري عن أبي هريرة
2
عبيدالله بن عمر
المدينة
سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة
سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة
3
عبيدالله بن عمر
المدينة
يمينه ما تنفق شماله
شماله ما تنفق يمينه
4
عبيدالله بن عمر
المدينة
كل خمر حرام
كل مسكر حرام
5
سفيان الثوري
الكوفة
إذا كنت في الصلاة فلا تبزق عن يمينك ولكن خلفك ..
لم يتابع على لفظة خلفك
6
شعبة
البصرة
نشهد أنك لرسول الله
نشهد أنك نبي
7
حميد
البصرة
أن يعرى المسجد
أن تعرى المدينة
8
سفيان الثوري
الكوفة
إذا زادت الإبل على عشرين ومائة تستقبل بها الفريضة
إذا زادت الإبل على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة ..
9
هشام بن حسان
البصرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث وهو ابن ثلاث وأربعين
وهو ابن أربعين
10
عبيدالله بن عمر
البصرة
يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس ثلاث مرات
الصحيح بدون ذكر عدد
رقم الحديث
شيخ الراوي
بلده
الوهم
الصحيح
11
سفيان الثوري
الكوفة
علقمة عن سعد عن أبي عبدالرحمن (أدخل إسناداً في إسناد)
علقمة، عن أبي عبدالرحمن
12
شعبة
البصرة
نافع عن عائشة
نافع عن امرأة ابن عمر، عن عائشة
13
عبدالله بن سعيد
المدينة
مولى ابن عياش وقال مرة: يزيد بن يزيد
مولى ابن أبي عياش زياد بن أبي زياد
14
مسعر
الكوفة
1) أبو العدبَّس
2) أبو خلف
1) أبو العدبس
2) أبو غالب
15
شعبة
البصرة
ابن لسعد
مولى لسعد
16
يحيى بن سعيد الأنصاري
المدينة
محمد بن يحيى بن حبان عن واسع
محمد بن يحيى بن حبان عن لؤلؤة عن أبي صرمة
أبو معاوية
(1)
محمد بن خازم التميمي السعدي مولاهم، أبو معاوية الضرير الكوفي، يقال: عَمِيَ وهو ابن ثمان سنين أو أربع.
ولد سنة 113، ومات سنة 195 قاله ابن المديني وغيره. وقال ابن نمير: مات سنة 204.
روى عنه الأعمش وهو من شيوخه، ويحيى بن سعيد القطان وهو من أقرانه، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، وزهير بن حرب، وابنا أبي شيبة، وخلق كثير.
روى عن الأعمش، وسهل بن أبي صالح، وشعبة، وعاصم الأحول، وهشام بن عروة، وهشام بن حسان، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم.
(1)
تاريخ الدوري (3/ 376، 395، 527) تاريخ بغداد (5/ 244 وما بعده) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 203) طبقات ابن سعد (6/ 398) الجرح والتعديل (136) تهذيب الكمال (25/ 123 وما بعده) العلل ومعرفة الرجال (1/ 362، 378، 512، 541) سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود (113، 145) الثقات لابن حبان (71/ 442).
كان من أوثق الناس في الأعمش بعد سفيان الثوري وشعبة، لزم الأعمش عشرين سنة وعرف بإتقانه لحديث الأعمش فكان الناس يسألونه عنه حتى قال الإمام أحمد: كان أبو معاوية إذا سئل عن أحاديث الأعمش يقول: قد صار حديث الأعمش في فمي علقماً أو هو أمَرّ من العلقم لكثرة ما يرد عليه حديث الأعمش.
دخل مجلس شعبة يوماً فقال شعبة: هذا صاحب الأعمش فاعرفوه، وقدّمه يحيى بن معين وغيره على وكيع وحفص بن غياث وعيسى بن يونس وجرير بن عبد الحميد في الأعمش.
قال الدوري: قلت ليحيى: كان أبو معاوية أحسنهم حديثاً عن الأعمش، قال: كانت الأحاديث الكبار العالية عنده.
وقال أيضاً: بعد سفيان وشعبة أبو معاوية الضرير.
ومع هذا فقد كان يخطاء قليلاً في حديث الأعمش، وسببه أنه لم يكتب عنه بل كان يحدث من حفظه.
سئل عبد الرحمن بن مهدي مَنْ أثبت في الأعمش بعد الثوري؟
قال: ما أعدل بوكيع أحداً، فقال له رجل: يقولون أبو معاوية فنفر من ذلك وقال: أبو معاوية عنده كان كذا وكذا وهماً.
قال عبد الله بن أحمد قلت لأبي: أبو معاوية فوق شعبة أعني في حديث الأعمش.
قال: أبو معاوية في الكثرة والعلم يعني علمه بالأعمش شعبة صاحب حديث يؤدي الألفاظ والأخبار، أبو معاوية عن عن، مع أن أبا معاوية يخطاء على الأعمش.
فقلت له بعد أبي معاوية: شعبة أثبت؟ فقال: شعبة أثبت في كل شيء.
قال أبو حاتم الرازي: أثبت الناس في الأعمش: الثوري ثم أبو معاوية الضرير ثم حفص بن غياث وعبد الواحد بن زياد.
المآخذ التي عليه:
1 - يخطئ في غير الأعمش:
قال يحيى بن معين: روى أبو معاوية عن عبد الله بن عمر أحاديث مناكير، وقال عنه: ثقة ولكنه يخطاء في غير حديث الأعمش.
وقال أحمد بن حنبل وابن نمير: أبو معاوية في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها جيداً.
وقال أبو داود السجستاني: أبو معاوية إذا جاز حديث الأعمش كثر خطؤه، يخطاء على هشام بن عروة وعلى إسماعيل وعلى عبيد الله بن عمر.
قال ابن حجر: لم يحتج به البخاري إلا في حديث الأعمش، وله عنده عن هشام بن عروة عدة أحاديث توبع عليها وله عنده عن يزيد بن أبي بردة حديث واحد تابعه عليه أبو أسامة.
وقال أيضاً: أبو معاوية وإن كان متقناً لكن في حديثه عن غير الأعمش مقال.
2 - الإرجاء:
نسبه إلى الإرجاء أبو زرعة ويعقوب بن شيبة والعجلي، وأبو داود
السجستاني وقال: رئيس المرجئة بالكوفة، وابن حبان.
وقال يعقوب بن شيبة: يقال: إن وكيعاً لم يحضر جنازته لذلك.
3 - التدليس:
وصفه بعض أهل العلم بالتدليس، حيث قال يعقوب بن شيبة: ربما دلس. وقال ابن سعد: يدلس، وعبارة يعقوب بن شيبة تُشعر بقلة تدليسه، وقد وضعه ابن حجر في المرتبة الثانية من طبقات المدلسين.
الحديث الأول
(1)
:
384 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (347): حدثنا محمد بن سلام قال: أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق قال:
كنت جالساً مع عبد الله وأبي موسى الأشعري، فقال له أبو موسى: لو أن رجلاً أجنب، فلم يجد الماء شهراً، أما كان يتيمم ويصلي فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة: { .. فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن سلام بن الفرج السلمي مولاهم البيكندي أبو جعفر، مختلف في اسم أبيه والراجح التخفيف، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة 227 وله 65 سنة، روى له البخاري.
محمد بن خازم أبو معاوية الضرير الكوفي عمي وهو صغير، ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش وقد يهم في غيره، من كبار التاسعة، مات سنة 195 وله 82 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الأعمش: سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي، ثقة حافظ عارف بالقراءات، ورع لكنه يدلس، من الخامسة، مات سنة 147 أو 148، روى له البخاري ومسلم.
شقيق بن سلمة الأسدي أبو وائل الكوفي، ثقة، مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله 100 سنة، روى له البخاري ومسلم.
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا
…
(43)} [المائدة: 6] فقال عبد الله: لو رُخِّص لهم في هذا لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد. قلت: وإنما كرهتم هذا لذا؟ قال: نعم. فقال أبو موسى: ألم تسمع قول عمّار لعمر: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت، فلم أجد الماء، فتمرّغت في الصعيد كما تمرَّغُ الدابة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:«إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا» فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بهما ظهر كفِّه بشماله، أو ظهر شماله بكفِّه، ثم مسح بهما وجهه، فقال عبد الله: أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمّار؟ وزاد يعلى، عن الأعمش، عن شقيق: كنت مع عبد الله وأبي موسى، فقال أبو موسى: ألم تسمع قول عمّار لعمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني أنا وأنت فأجنبت فتمعّكت بالصعيد، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه، فقال:«إنما كان يكفيك هكذا» ومسح وجهه وكفَّيه واحدة.
التعليق:
وأخرجه مسلم (368) من طريق يحيى بن يحيى وأبي بكر ابن أبي شيبة وابن نمير ثلاثتهم عن أبي معاوية به، وأخرجه أحمد (4/ 264) وابن أبي شيبة (1/ 157 - 158) كلاهما عن أبي معاوية به، وأبو داود (321) من طريق محمد بن سليمان الأنباري، والنسائي (1/ 170 - 171) وفي الكبرى (308) من طريق محمد بن العلاء، وأبو عوانة (878) من طريق علي بن حرب، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (811) من طريق سهل بن عثمان كلهم عن أبي معاوية به.
وقد وهم أبو معاوية في هذا الحديث في ثلاثة مواضع:
الوهم الأول: قوله: إنه مسح الوجه بعد الكفين، فذكره كما هو عند البخاري وكذلك عند أحمد بلفظ (ثم).
ولفظه عند مسلم: (ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه).
ولفظه عند أبي داود: (فضرب بيده على الأرض فنفضها ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على الكفين ثم مسح وجهه).
ولفظه عند النسائي: (وضرب بيديه على الأرض ضربة فمسح كفيه ثم نفضهما ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على كفيه ووجهه).
ولفظ ابن أبي شيبة: (ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه).
ولفظ أبي نعيم: (فبدأ بكفيه ثم وجهه ضربة واحدة).
ففي هذه الروايات كلها قدّم مسح الكفين ثم الوجه تارة بلفظ: ثم، وتارة بالواو.
وقال ابن رجب في فتح الباري (2/ 87): وخرّج القاضي إسماعيل المالكي حديث أبي معاوية عن ابن نمير عنه ولفظه: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك على الأرض ثم تنفضهما ثم تمسح بيمينك على شمالك وشمالك على يمينك ثم تمسح وجهك»).
وخالفه يعلى بن عبيد
(1)
، وعبد الواحد بن زياد
(2)
، والوليد بن
(1)
أحمد (4/ 265) والبخاري تعليقاً (347) وأبو عوانة (877) وابن حبان (1304) و (1307) والبيهقي (1/ 211، 226).
(2)
مسلم (368)(111) وأحمد (4/ 265) وأبو عوانة (876) وابن حبان (1305).
القاسم الهمداني فرووه عن الأعمش
(1)
، فذكروا تقديم الوجه على الكفين.
ولفظ عبد الواحد: (وضرب بيديه إلى الأرض فنفض يديه فمسح وجهه وكفيه) وتقدم لفظ يعلى في حديث الباب.
ولفظ الوليد بن القاسم الهمداني: (ثم ضرب بإحداهما على الأخرى ثم مسح وجهه ثم مسح إحداهما بالأخرى).
وهذا هو المحفوظ في حديث التيمم تقديم مسح الوجه على الكفين.
كذلك رواه سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه
(2)
، وأبو الجهم بن الحارث بن الصمة الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم
(3)
.
قال أبو عوانة عقب الحديث: ورواه غير أبي معاوية عن الأعمش فقال: (بيديه إلى الأرض فنفض يديه فمسح وجهه وكفيه)
(4)
.
وقال البيهقي: أشار البخاري إلى رواية يعلى بن عبيد وهو أثبتهم سياقة للحديث.
الوهم الثاني: قوله: إن أبا موسى الأشعري هو القائل لعبد الله بن مسعود: إنما كرهتم هذا لهذا؟ قال: نعم، وقد جاء مصرحاً في رواية
(1)
أبو عوانة (875).
(2)
البخاري (338، 339، 340، 341، 342، 343) ومسلم (368)(112)(113).
(3)
مسلم (368)(114).
(4)
في مسنده (1/ 255).
أبي داود وأحمد والدارقطني ولفظه: (فقال له أبو موسى: وإنما كرهتم هذا لهذا؟ قال: نعم) ولم يذكر مسلم هذه العبارة.
وخالفه يعلى بن عبيد
(1)
، وحفص بن غياث
(2)
، وعبد الواحد بن زياد
(3)
، والوليد بن القاسم الهمداني فقالوا
(4)
أن السائل هو الأعمش والمسؤول هو أبو وائل شقيق بن سلمة.
ولفظهم: (قال الأعمش: فقلت لشقيق: فما كرهه إلا لهذا).
وفي رواية: (قال الأعمش: فقلت لشقيق: أما كان لعبد الله غير ذلك؟ قال: لا).
أي: أن حجة ابن مسعود في عدم التيمم لمن لم يجد الماء خشيته أن يترخص الناس إذا برد عليهم الماء يبادرون إلى التيمم.
الوهم الثالث: ذكر احتجاج أبي موسى بالآية أولاً ثم احتج بحديث عمار لعمر.
وفي رواية حفص بن غياث، ويعلى بن عبيد، وعبد الواحد بن زياد، والوليد بن القاسم
(5)
، أن الاحتجاج بحديث عمار أولاً، ثم إن ابن مسعود لما قال له: ألم تر عمر لم يقنع بذلك؟ قال له أبو موسى: فدعنا من قول عمار فكيف تصنع بهذه الآية؟ فاحتج أبو موسى بالآية.
(1)
أحمد (4/ 265) وابن حبان (1304)(1307).
(2)
البخاري (346).
(3)
ابن حبان (1305).
(4)
أبو عوانة (875).
(5)
تقدم تخريجها.
ورجح حديث حفص ومَن وافقه ابن حجر فقال: (ظاهره أن ذكر أبي موسى لقصة عمار متأخر عن احتجاجه بالآية، وفي رواية حفص الماضية احتجاجه بالآية متأخر عن احتجاجه بحديث عمار، ورواية حفص أرجح لأن فيها زيادة تدل على ضبط ذلك وهي قوله: فدعنا من قول عمار فكيف تصنع بهذه الآية)
(1)
.
وقد سبق الإمام أحمد رحمه الله إلى ذكر وهم أبي معاوية فيما نقله ابن رجب (قال: قال الإمام أحمد في رواية ابن عبدة: «رواية أبي معاوية عن الأعمش في تقديم مسح الكفين على الوجه غلط»)
(2)
.
وقال الحافظ ابن رجب
(3)
: «وفي حديث أبي معاوية الذي خرّجه البخاري هاهنا شيئان أنكرا على أبي معاوية:
أحدهما: ذكره مسح الوجه بعد مسح الكفين فإنه قال: (ثم مسح وجهه) وقد اختلف في هذه اللفظة على أبي معاوية وليست هي في رواية مسلم
…
فاختلف على أبي معاوية في ذكر مسح الوجه وعطفه هل هو بالواو أو بلفظ: ثم.
الثاني: أنه ذكر أن أبا موسى هو القائل لابن مسعود: إنما كرهتم هذا لهذا، فقال ابن مسعود: نعم، وقد صرّح بهذا في رواية أبي داود عن الأنباري، وإنما روى أصحاب الأعمش، منهم: حفص بن غياث ويعلى بن عبيد وعبد الواحد بن زياد أن السائل هو الأعمش والمسؤول هو شقيق أبو وائل».
وقال الحافظ ابن حجر: قوله: (قلت: وإنما كرهتم هذا لهذا)
(1)
فتح الباري (1/ 456).
(2)
فتح الباري لابن رجب (2/ 91) وانظر ما قبله.
(3)
فتح الباري لابن رجب (2/ 89 - 90).
قائل ذلك هو شقيق قاله الكرماني، وليس كما قال، بل هو الأعمش والمقول له شقيق كما صرّح بذلك في رواية حفص التي قبل هذه)
(1)
.
الخلاصة:
وهم أبو معاوية في هذا الحديث في ثلاثة مواضع:
الأول: تقديمه مسح الكفين على الوجه في التيمم.
هكذا رواه عنه جمع من أصحابه، منهم: الإمام أحمد ويحيى بن يحيى وابن أبي شيبة وغيرهم كما تقدم في التخريج، ورواه عنه يوسف بن موسى القطان
(2)
، ورواه ابن حبان من طريق إسحاق بن راهويه عن أبي معاوية ويعلى بن عبيد بموافقة رواية الجماعة وأظنه ساقه بلفظ يعلى.
الثاني: أن أبا موسى هو القائل لابن مسعود: إنما كرهتم هذا لهذا، والصحيح أن الأعمش هو قائل ذلك لشقيق بن سلمة.
الثالث: أن أبا موسى حاج ابن مسعود بالآية أولاً ثم بحديث عمار، والصحيح عكس ذلك.
أما وجه إخراج الإمام البخاري لهذا الحديث فقد ذكر قبله حديث حفص بن غياث وعقب حديث أبي معاوية برواية يعلى ليبين خلاف أبي معاوية في تقديم مسح الكفين على الوجه، والله تعالى أعلم.
(1)
الفتح (1/ 456).
(2)
ابن خزيمة (270) والدارقطني (1/ 179) قال في التقريب: صدوق، روى له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
الحديث الثاني
(1)
:
385 -
قال الإمام مسلم رحمه الله (1/ 253 ح 316): حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يأخذ الماء فيُدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه البيهقي (1/ 174) وفي الصغرى (147) من طريق يحيى بن يحيى، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (711) من طريق هناد كلاهما عن أبي معاوية، وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (562) عن أبي معاوية به.
هكذا قال أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة وفيه: (ثم غسل رجليه).
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن التميمي، أبو زكريا النيسابوري، ثقة ثبت إمام من العاشرة، مات سنة 226 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، ثقة فقيه وربما دلس، من الخامسة، مات سنة 145 أو 146 وله 87 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عروة بن الزبير بن العوام أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 على الصحيح ومولده في أوائل خلافة عثمان، روى له البخاري ومسلم.
خالفه كل مَنْ روى هذا الحديث من أصحاب هشام فلم يذكروا هذه الزيادة وهي غير محفوظة في حديث عائشة، منهم:
مالك بن أنس الإمام
(1)
، وعبد الله بن المبارك
(2)
، ووكيع
(3)
، وجرير بن عبد الحميد
(4)
، وعلي بن مسهر
(5)
، وعبد الله بن نمير
(6)
، وزائدة بن قدامة
(7)
، وحماد بن زيد
(8)
، ويحيى بن سعيد القطان
(9)
، وسفيان بن عيينة
(10)
، وجعفر بن عون
(11)
، وحماد بن سلمة
(12)
، ومبارك بن فضالة
(13)
، وعبدة بن سليمان
(14)
، وحفص بن غياث
(15)
، وعمر بن علي المقدمي
(16)
، وعيسى بن يونس
(17)
، ومحمد بن
(1)
البخاري (248).
(2)
البخاري (272).
(3)
مسلم (316) وإسحاق (560) وأحمد (6/ 52).
(4)
مسلم (316).
(5)
مسلم (316).
(6)
مسلم (316).
(7)
مسلم (316).
(8)
أبو داود (242) وأبو يعلى (4482) وابن خزيمة (242)، وأخرجه البخاري (262) مختصراً.
(9)
النسائي (1/ 135) وأحمد (6/ 52) وابن الجارود (99).
(10)
الترمذي (104) والنسائي (1/ 135) والحميدي (163).
(11)
الدارمي (748) وأبو عوانة (859) وابن المنذر في الأوسط (662).
(12)
أحمد (6/ 101) وأبو يعلى (4482) والبيهقي (1/ 175).
(13)
الطبراني في الأوسط (9311).
(14)
إسحاق بن راهويه في مسنده (561).
(15)
أبو عوانة (861).
(16)
أبو يعلى (4430).
(17)
مسند عائشة (12).
عبد الله بن كناسة
(1)
، ويحيى بن عبد الله بن سالم
(2)
، وعبد الرحمن بن أبي الزناد
(3)
، ومعمر
(4)
، وابن جريج
(5)
.
هؤلاء كلهم خالفهم أبو معاوية فزاد: (ثم غسل رجليه) وهذا غير محفوظ في حديث عائشة رضي الله عنها.
فقد رواه أبو سلمة ابن عبد الرحمن
(6)
، وجميع بن عمير
(7)
، وجابر
(8)
، والأسود
(9)
، وصفية بنت شيبة
(10)
عن عائشة، ولم يذكروا غسل الرجلين.
وكذلك رواه عطاء بن أبي رباح
(11)
، عن عروة عن عائشة ولم يذكر فيه غسل الرجلين.
لذا قال الإمام مسلم عقب الحديث: «وحدثناه قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب قالا: حدثنا جرير ح وحدثنا علي بن حجر، حدثنا علي بن مسهر، ح وحدثه أبو كريب، حدثنا ابن نمير كلهم عن هشام في هذا الإسناد وليس في حديثهم غسل الرجلين.
(1)
أبو عوانة (860) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (711).
(2)
ابن المنذر في الأوسط (665).
(3)
ابن المنذر في الأوسط (665).
(4)
ابن المنذر في الأوسط (667) وعبد الرزاق في المصنف (997).
(5)
عبد الرزاق (999).
(6)
النسائي (1/ 132) و (1/ 133) و (1/ 134) وإسحاق (1048) وأحمد (6/ 143) و (6/ 61) وأبو عوانة (858) وابن حبان (1191).
(7)
أبو داود (241) وابن ماجه (574) وأحمد (6/ 188).
(8)
مسند الربيع (138).
(9)
أحمد (6/ 171) وأبو يعلى (4855).
(10)
الطيالسي (1563).
(11)
الطبراني في الأوسط (8862).
وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا وكيع، حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة فبدأ فغسل كفيه ثلاثاً ثم ذكر نحو حديث أبي معاوية ولم يذكر غسل الرجلين»
(1)
.
فأشار مسلم رحمه الله إلى مخالفة أبي معاوية لجرير وعلي بن مسهر وابن نمير ووكيع فزاد غسل الرجلين، وزاد وكيع غسل اليدين ثلاثاً.
وقال أبو عوانة بعد أن أورد حديث جعفر بن عون ومحمد بن كناسة وحفص بن غياث قال: «رواه أبو معاوية فقال: ثم غسل رجليه، ورواه علي بن مسهر وابن نمير وليس في حديثهما غسل الرجلين»
(2)
.
وقال البيهقي: «وقوله في آخر هذا الحديث: (ثم غسل رجليه) غريب صحيح حفظه أبو معاوية دون غيره من أصحاب هشام الثقات وذلك للتنظيف إن شاء الله تعالى
(3)
.
وقال ابن عمار الشهيد: «وهذا الحديث رواه جماعة من الأئمة عن هشام، منهم: زائدة، وحماد بن زيد، وجرير، ووكيع، وعلي بن مسهر وغيرهم، فلم يذكر أحد منهم غسل الرجلين إلا أبو معاوية، ولم يذكر غسل اليدين ثلاثاً في ابتداء الوضوء غير وكيع، وليست زيادتهما عندنا بالمحفوظة.
وسمعت أبا جعفر الحضرمي يقول: سمعت ابن نمير يقول: كان أبو معاوية يضطرب فيما كان عن غير الأعمش، وسمعت الحسين بن
(1)
صحيح مسلم (1/ 253 - 254).
(2)
في مسنده (1/ 250).
(3)
السنن الكبرى (1/ 173 - 174).
إدريس يقول: سمعت عثمان بن أبي شيبة يقول: أبو معاوية في حديث الأعمش حجة وفي غيره لا»
(1)
.
وقال ابن رجب: ورى أبو معاوية الضرير هذا الحديث عن هشام وزاد في آخر الحديث: (ثم غسل رجليه
…
)، وذكر أبو الفضل ابن عمار أن هذه الزيادة غير محفوظة، ويدل على أنها غير محفوظة عن هشام أن أيوب روى هذا الحديث عن هشام وقال فيه: فقلت لهشام: يغسل رجليه بعد ذلك؟ فقال: وضوءه للصلاة وضوءه للصلاة.
أي: أن وضوءه في الأول كاف، ذكره ابن عبد البر.
وهذا يدل على أن هشاماً فهم من الحديث أن وضوءه قبل الغسل كان كاملاً بغسل الرجلين فلذلك لم يحتج إلى إعادة غسلهما
(2)
.
وقال ابن حجر: (واستدل بهذا الحديث على استحباب إكمال الوضوء قبل الغسل ولا يؤخر غسل الرجلين إلى فراغه وهو ظاهر من قولها: (كما يتوضأ للصلاة) وهذا هو المحفوظ في حديث عائشة من هذا الوجه.
لكن رواه مسلم من رواية أبي معاوية عن هشام فقال في آخره: (ثم أفاض الماء على سائر جسده ثم غسل رجليه وهذه الزيادة تفرد بها أبو معاوية من دون أصحاب هشام لكن في رواية أبي معاوية عن هشام مقال
…
)
(3)
.
(1)
علل الأحاديث في كتاب الصحيح (1/ 69).
(2)
فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن رجب الحنبلي (1/ 234).
(3)
فتح الباري (1/ 361).
علة الوهم:
1 روى أبو معاوية عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس قال: حدثتني خالتي ميمونة قالت: أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً
…
ثم غسل سائر جسده ثم تنحى من مقامه ذلك فغسل رجليه
(1)
.
فلعله من هنا دخل الوهم على أبي معاوية فذكر غسل الرجلين في حديث عائشة.
2 ضعف أبي معاوية في هشام بن عروة.
قال الإمام أحمد: أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها جيداً.
وقال ابن محرز: سألت يحيى عن أبي معاوية محمد بن خازم قلت: كيف هو في غير حديث الأعمش؟ قال: ثقة ولكنه يخطاء.
وقد تقدم قول ابن نمير وعثمان بن أبي شيبة بنحو ذلك.
(1)
أخرجه مسلم (317)(37) والنسائي (1/ 204) وأحمد (6/ 33) وابن خزيمة (241) وأبو عوانة (865) من طرق عن أبي معاوية به.
وأخرجه البخاري (249، 257، 259، 260، 265، 254، 276) من طرق عن الأعمش به.
الحديث الثالث
(1)
:
386 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (2/ 928 ح رقم 1277): حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال:
قلت لها: إني لأظن رجلاً لو لم يطف بين الصفا والمروة ما ضرَّه؟ قالت: لمَ قلت لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ
…
(158)} [البقرة: 158] إلى آخر الآية، فقالت: ما أتمّ الله حج امراء ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة ولو كان كما تقول لكان فلا جناح عليه أن لا يطَّوَّف بهما وهل تدري فيما كان ذاك إنما كان ذاك أن الأنصار كانوا يُهِلون في الجاهلية لصنمين على شط البحر يقال لهما: إساف ونائلة ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروة ثم يَحْلِقون، فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية، قالت: فأنزل الله عز وجل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ
…
(158)} إلى آخرها، قالت: فطافوا.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (691) عن أبي معاوية به.
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن يحيى النيسابوري، ثقة ثبت إمام، مات سنة 226 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
هشام بن عروة: تقدم، انظر ح (2).
عروة بن الزبير: تقدم، انظر ح (2).
وأخرجه أبو نعيم في المستخرج على مسلم (2940) من طريق شريح بن يونس عن أبي معاوية به.
وهم أبو معاوية في هذا الحديث في موضعين:
الأول: قوله: إن الأنصار كانوا يهلون في الجاهلية لإساف ونائلة ثم يطوفون بين الصفا والمروة.
والصحيح كما رواه جماعة عن هشام بن عروة بهذا الإسناد فقالوا: إنهم كانوا يهلون لإساف ونائلة ثم يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة.
هكذا رواه مالك
(1)
، وابن عيينة
(2)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(3)
، وعبد الرحيم بن سليمان
(4)
، وحماد بن سلمة
(5)
، وأحمد بن يونس
(6)
، والمفضل بن صدقة
(7)
، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة.
وكذلك رواه جماعة عن الزهري عن عروة عن عائشة
(8)
.
(1)
البخاري (1790) و (4495) وهو في الموطأ (1/ 373) وأبو داود (1901).
(2)
البخاري (1790) تعليقاً.
(3)
مسلم (1277).
(4)
ابن خزيمة (2769).
(5)
الطحاوي في شرح المشكل (3938).
(6)
ابن إسحاق في السيرة (2/ 77 رقم 96).
(7)
الطبراني في الأوسط (5052).
(8)
البخاري (1643)(4861) ومسلم (1277) وابن خزيمة (2767) وأحمد (6/ 162)(6/ 144)(6/ 227) وإسحاق (690) وأبو نعيم في مستخرجه (2943)(2944) وأبو عوانة (3215)(3321) والطبري في تفسيره (2/ 47) من طريق يونس بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة وابن عيينة ومعمر وعقيل وغيرهم. انظره في باب عبد الجبار بن العلاء، ح (1228).
(1)
.
وقال الحافظ: «وأخرج مسلم من طريق أبي معاوية عن هشام هذا الحديث فخالف جميع ما تقدم»
(2)
.
الثاني: قوله: يهلون لصنمين على شط البحر يقال لهما: إساف ونائلة، والصحيح كما رواه مالك ومَن تابعه عن هشام أنهم كانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد.
وكذلك رواه جماعة عن الزهري قالوا: لمناة بالمشلل من قديد.
قال النووي: قال القاضي عياض: هكذا وقع في هذه الرواية وهو غلط والصواب ما جاء في الروايات الأخر في الباب: يهلون لمناة، وفي الرواية الأخرى: لمناة الطاغية التي بالمشلل قال: وهذا هو المعروف، ومناة صنم كان نصبه عمرو بن لحي في جهة البحر بالمشلل مما يلي قديداً
(3)
.
ثم قال النووي: وكذا جاء مفسراً في هذا الحديث في الموطأ وكانت الأزد وغسان: تهل له بالحج، وقال ابن الكلبي: مناة صخرة لهذيل بقديد، أما إساف ونائلة فلم يكونا قط في ناحية البحر، وإنما كانا فيما يقال: رجلاً وامرأة زنيا داخل الكعبة فمسخهما الله حجرين فنصبا عند الكعبة، وقيل: على الصفا والمروة ليعتبر الناس بهما
(4)
.
(1)
الجمع بين الصحيحين (4/ 57)، وذكره ابن الملقن في التوضيح (11/ 483).
(2)
فتح الباري (3/ 500).
(3)
شرح مسلم (9/ 22).
(4)
شرح مسلم (9/ 22).
وقال ابن الجوزي: إن أبا معاوية وهم
(1)
.
وقال الزرقاني: وخالفهما أبو معاوية عنده (يعني مسلماً)، وخالف جميع الروايات عن الزهري
…
وإن قوله: لصنمين على شط البحر وهم فإنهما ما كانا قط على شطه وإنما كانا على الصفا والمروة وإنما كانت مناة مما يلي البحر نبّه عليه عياض
(2)
.
فائدة:
روى ابن خزيمة
(3)
قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة قال: قرأت عند عائشة: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ
…
(158)}
…
الحديث، وفيه قالت: إنما كان من أهل لمناة الطاغية التي بالمشلل يطوفون بين الصفا والمروة
…
هكذا قال وخالفه جماعة من أصحاب سفيان وجماعة من أصحاب الزهري فقالوا: (لا يطوفون بين الصفا والمروة) وحمل ابن خزيمة الوهم فيه على ابن عيينة، والصحيح أن الوهم فيه على شيخه إذ رواه الحميدي، وعمرو الناقد، وابن أبي عمر وغيرهم عن ابن عيينة فقالوا:(لا يطوفون). وانظره في باب عبد الجبار بن العلاء، ح (1228).
قال ابن خزيمة: الصحيح أن مَنْ كان يهل لمناة كانوا يتحرجون من الطواف بينهما لا أنهم كانوا يطوفون بينهما كخبر ابن عيينة.
(1)
كشف المشكل (4/ 367).
(2)
شرح الزرقاني (2/ 422).
(3)
صحيح ابن خزيمة (2761).
الحديث الرابع
(1)
:
387 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (2011): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة وأبو كريب (واللفظ لأبي كريب) قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستسقى فقال رجل: يا رسول الله ألا نسقيك نبيذاً؟ فقال: «بلى» ، قال: فخرج الرجل يسعى فجاء بقدح فيه نبيذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ألا خمّرته ولو تعرض عليه عوداً» فشرب.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
ورواه أحمد (3/ 314) وابن أبي شيبة (23865) عن أبي معاوية به.
ورواه أبو داود (3734) من طريق عثمان بن أبي شيبة، وأبو عوانة في مسنده (8148) من طريق علي بن حرب كلاهما عن أبي معاوية به.
(1)
رجال الإسناد:
أبو بكر ابن أبي شيبة: عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الواسطي الأصل الكوفي، ثقة حافظ صاحب تصانيف، من العاشرة، مات سنة 235، روى له البخاري ومسلم.
أبو كريب: محمد بن العلاء بن كُريب الهمداني، الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 277 وله 87 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الأعمش: تقدم.
ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت، وكان يجلب السمن إلى الكوفة. روى له البخاري ومسلم.
هكذا رواه هؤلاء الثقات عن أبي معاوية عن الأعمش
…
وفيه قوله: (ألا نسقيك نبيذاً).
وهذا وهم من أبي معاوية على الأعمش.
فقد خالفه أصحاب الأعمش فذكروا اللبن بدلاً من النبيذ، منهم:
جرير بن عبد الحميد
(1)
، وحفص بن غياث
(2)
، ومعمر
(3)
، وعبد العزيز بن مسلم القسملي
(4)
، وقد جاء عندهم ذكر اسم الساقي وهو أبو حميد الساعدي رضي الله عنه.
وكذلك رواه جرير وحفص عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه فذكرا اللبن
(5)
.
ويؤيد رواية الجمهور ما رواه أبو الزبير
(6)
، عن جابر بن عبد الله قال: أخبرني أبو حميد الساعدي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن من النقيع
(7)
ليس مخمراً فقال: «ألا خمّرته، ولو تعرض عليه عوداً» .
(1)
البخاري (5605) ومسلم (2011)(95).
(2)
البخاري (5606).
(3)
عبد الرزاق (19870) وعبد بن حميد (1021) وأحمد (3/ 370) وأبو عوانة (8149).
(4)
أبو يعلى (1774).
(5)
البخاري (5605)(5606) ومسلم (2011)(95).
(6)
رواه مسلم (2010)(93) وابن خزيمة (129).
(7)
من النقيع بالنون، قيل: هو الموضع الذي حمي لرعي الغنم وقيل غيره، وقد جاء عند أحمد (3/ 294) من طريق سفيان الثوري عن أبي الزبير (البقيع)، ونقل الحافظ عن القرطبي قول الأكثر على النون وهو من ناحية العقيق على عشرين فرسخاً من المدينة.
وقال النووي في شرح مسلم: النقيع، روي بالنون والباء حكاهما القاضي، والصحيح الأشهر الذي قاله الخطابي والأكثرون بالنون وهو موضع بوادي العقيق وهو الذي حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه شيبان عن مبارك عن الحسن عن أبي سعيد أو جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقدح من لبن من النقيع
…
(1)
.
(1)
مسند ابن الجعد (3218).
الحديث الخامس
(1)
:
388 -
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (635): حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن الحارث بن المصطلق، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله، عن زينب امرأة عبد الله رضي الله عنها قالت:
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر النساء تصدقن ولو من حُليكن، فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير هناد من رجال مسلم.
وأخرجه أحمد (6/ 363) وإسحاق (2405) عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3211) والنسائي في الكبرى (9200) وابن حبان (4248) وأبو نعيم في المستخرج على
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري بن مصعب التميمي، أبو السري الكوفي، ثقة من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى له مسلم.
الأعمش: تقدم، وانظر ترجمته في بابه.
شقيق بن سلمة الأسدي: تقدم.
عمرو بن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي المصطلقي، أخو جويرية أم المؤمنين، صحابي قليل الحديث، بقي إلى بعد عام 50، روى له البخاري ومسلم.
زينب بنت معاوية أو ابنة عبد الله بن معاوية، ويقال: زينب بنت أبي معاوية الثقفية، زوج ابن مسعود، صحابية.
صحيح مسلم (2246) والحاكم (4/ 646) وقال: (صحيح على شرط الشيخين)، والطبراني في الكبير (24/ 726) من طريق هناد بن السري وأبي بكر ابن أبي شيبة وأبي خيثمة ومحمد بن العلاء وسهل بن عثمان، كلهم عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
هكذا رواه أبو معاوية فقال: (عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن الحارث، عن ابن أخي زينب، عن زينب).
خالفه حفص بن غياث
(1)
، وأبو الأحوص سلام بن سليم
(2)
، وشعبة
(3)
، وسفيان الثوري
(4)
، وعبد الله بن نمير
(5)
.
فقالوا: (عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن عمرو بن الحارث، عن زينب امرأة عبد الله).
وكذلك رواه علي بن محمد والحسن بن محمد الصباح عن أبي معاوية فوافق الجماعة
(6)
.
والمحفوظ عنه ما رواه أحمد وإسحاق.
(1)
البخاري (1466) ومسلم (1000)(46).
(2)
مسلم (1000)(45).
(3)
الترمذي (636) والنسائي (5/ 92 - 93) وفي الكبرى (2364)(9201) وأحمد (3/ 502) والطيالسي (1653) والدارمي (1654) وأبو عوانة (622) وأبو نعيم في الحلية (2/ 69).
(4)
أحمد (3/ 502).
(5)
ابن خزيمة (2463) وابن أبي شيبة (3/ 17) والطبراني (24/ 727) والبيهقي (4/ 178) وأبو عوانة (2621).
(6)
ابن ماجه (1834).
وكذلك رواه الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبيدة، عن عمرو بن الحارث، عن زينب امرأة عبد الله
(1)
.
وهم أبو معاوية فزاد في الإسناد رجلاً وإنما هو عمرو بن الحارث ابن أخي زينب كما جاء في رواية شعبة عند الترمذي.
قال الترمذي عقب الحديث: (وهذا أصح من حديث أبي معاوية، وأبو معاوية وهم في حديثه فقال: عن عمرو بن الحارث، عن ابن أخي زينب، والصحيح إنما هو عن عمرو بن الحارث ابن أخي زينب). اه.
قال ابن حجر: (ووقع عند الترمذي عن هناد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن الحارث بن المصطلق، عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله فزاد في الإسناد رجلاً، والموصوف بكونه ابن أخي زينب هو عمرو بن الحارث نفسه وكأن أباه كان أخا زينب لأمها لأنها ثقفية وهو خزاعي)
(2)
.
وقال الحافظ أيضاً: (وقد حكى الترمذي في العلل المفردات أنه سأل البخاري عنه فحكم على رواية أبي معاوية بالوهم، وأن الصواب رواية الجماعة عن الأعمش عن شقيق، عن عمرو بن الحارث ابن أخي زينب)
(3)
.
(1)
البخاري (1466) وابن خزيمة (2464) وأبو نعيم في مستخرجه على صحيح مسلم (2247) وأبو عوانة (2623).
(2)
فتح الباري (3/ 329).
(3)
فتح الباري (3/ 329).
وقال ابن الملقن: وحديث زينب أخرجه النسائي بإدخال ابن أخي زينب امرأة عبد الله وهو وهم كما نبّه عليه الترمذي ونقله في علله عن البخاري وأباه ابن القطان»
(1)
.
وقال المباركفوري: (فوهم أبي معاوية في حديثه أنه جعل عمرو بن الحارث وابن أخي زينب رجلين، الأول يروي عن الثاني وليس الأمر كذلك بل ابن أخي زينب صفة لعمرو بن الحارث.
والحاصل أن زيادة لفظ: (عن) بين عمرو بن الحارث وبين أخي زينب وهم، والصحيح حذفه كما في رواية شعبة
(2)
.
وخالف ابن القطان فصحح رواية أبي معاوية وحكم على رواية حفص بن غياث التي في الصحيحين بالانقطاع.
فقال بعد أن ذكر الحديث: (إنه منقطع فيما بين عمرو بن الحارث وزينب وهو عمرو بن الحارث بن المصطلق أخو جويرية بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام وروى عنه حديثين.
وإنما قلنا: إنه منقطع لأنه حديث يرويه الأعمش كما ذكرنا
…
إلى آخره)
(3)
.
قلت: وفيما قاله نظر والصحيح رواية الجماعة عن الأعمش.
(1)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح (10/ 463).
(2)
تحفة الأحوذي (3/ 225).
(3)
بيان الوهم والإيهام (2/ 454) وانظر: نصب الراية (2/ 43).
علة الوهم:
روى الأعمش عن أبي وائل، عن عمرو بن الحارث ابن أخي زينب عن زينب هذا الحديث.
فوهم أبو معاوية فقال: (عمرو بن الحارث عن ابن أخي زينب) والله تعالى أعلم.
أثر الوهم:
1 ذكر ابن القطان أن هذا الحديث مرسل
(1)
وأن عمرو بن الحارث لم يسمعه من زينب وأن بينهما ابن أخي زينب.
2 ذكره صاحب الشذا الفياح
(2)
مثالاً في رواية الصحابي عن التابعي عن الصحابي.
وذلك أن عمرو بن الحارث صحابي، وأن ابن أخي زينب تابعي، وزينب صحابية.
فقال: (أنكر بعضهم أن يروي صحابي عن تابعي، عن صحابي، وقد وجد ذلك في أحاديث (ثم ذكر هذا الحديث منها).
3 ترجمه ابن حجر في التقريب (5039) فقال: عمرو بن الحارث الثقفي ابن أخي زينب الثقفية، ثقة من الثانية وهو غير الخزاعي على المرجح، روى له الجماعة).
كما ترجم لعمرو بن الحارث بن أبي ضرار، فجعلهما رجلين،
(1)
وذكره العراقي في التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح (1/ 77) في النوع التاسع من المرسل.
(2)
الشذا الفياح (1/ 152).
بينما لم يترجم في التهذيب لعمرو بن الحارث الثقفي بل قال في ترجمة الآخر
(1)
: (ورجح ابن القطان أن عمرو بن الحارث الراوي عن زينب غير صاحب الترجمة، لأن في كثير من الروايات عن عمرو بن الحارث ابن أخي زينب، وزينب ثقفية، فيكون ثقفياً إلا أن يكون ابن أخيها لأم أو للرضاعة، والله أعلم). اه كلامه.
(1)
عمرو بن الحارث بن أبي ضرار.
الحديث السادس
(1)
:
389 -
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (687): حدثنا مسلم بن حجاج، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا أبو معاوية، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الإمام مسلم صاحب الصحيح (ولم يروِ له الترمذي إلا هذا الحديث الواحد).
والحديث أخرجه الدارقطني (2/ 162 - 163) والحاكم (1/ 425) من طريق يحيى بن يحيى عن أبي معاوية، وقال الحاكم:(صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه).
(1)
رجال الإسناد:
مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، ثقة حافظ إمام مصنف عالم بالفقه، مات سنة 261 وله 57 سنة، روى له الترمذي.
يحيى بن يحيى: تقدم.
محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة 145 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
أبو سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة 94 أو 104، روى له البخاري ومسلم.
هكذا رواه أبو معاوية، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
خالفه الثقات من أصحاب محمد بن عمرو فرووه بنفس هذا الإسناد إلا أنهم خالفوه في اللفظ فقالوا: عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تقدموا الشهر يعني رمضان بيوم ولا بيومين إلَّا أن يوافق أحدكم صوماً كان يصومه» .
هكذا رواه يحيى القطان
(1)
، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي
(2)
، وعبدة بن سليمان
(3)
، ويزيد بن هارون
(4)
، ومحمد بن عبد الله الأنصاري
(5)
، وإسماعيل بن جعفر
(6)
، وأبو بكر ابن عياش
(7)
، وأسباط بن محمد
(8)
، وأسامة بن زيد
(9)
، وعبد الوهاب بن عطاء
(10)
، وأبو خالد الأحمر
(11)
، وزاد بعضهم (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته).
(1)
أحمد (2/ 438).
(2)
الشافعي في مسنده (1/ 274 ترتيب المسند).
(3)
الترمذي (684).
(4)
ابن حبان في صحيحه (3459).
(5)
أحمد (2/ 497).
(6)
الدارقطني (2/ 159).
(7)
الدارقطني (2/ 159).
(8)
الدارقطني (2/ 159).
(9)
الدارقطني (2/ 159).
(10)
البيهقي (4/ 207).
(11)
النسائي (4/ 149) إلا أنه وهم في الإسناد فقال (عن ابن عباس) بدلاً من أبي هريرة وقد ذكرناه في (بابه)، ح (782).
وهكذا رواه البخاري ومسلم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
لذا قال الترمذي عقب الحديث: (حديث أبي هريرة غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي معاوية.
والصحيح ما روي عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تقدموا شهر رمضان بيوم ولا بيومين» .
وهكذا روي عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث محمد بن عمرو الليثي). اه.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (670): سألت أبي عن حديث رواه أبو معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أحصوا هلال شعبان لرمضان» .
فقال: هذا خطأ، إنما هو محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» أخطأ أبو معاوية في هذا الحديث
(2)
.
الدلالة الفقهية:
دلّ هذا الحديث على استحباب عد أيام شعبان وضبطها لمعرفة بداية شهر رمضان.
والإحصاء هو المبالغة في العد بأنواع الجهد ولذلك كني به عن الطاقة في قوله عليه الصلاة والسلام: «استقيموا ولن تحصوا» .
(1)
البخاري (1914) ومسلم (1082).
(2)
انظر: العلل (1/ 245) والكامل في ضعفاء الرجال (7/ 211) في باب يحيى بن راشد.
وقال ابن حجر: أي: اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراؤوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء
(1)
.
وهذا الحديث وإن أخرجه الترمذي ثم أعلّه إلا أن الفقهاء استدلوا به.
قال في المغني (3/ 4): ويستحب للناس ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وتطلبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم ويسلموا من الاختلاف، وقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أحصوا هلال شعبان لرمضان» . اه.
وقال النووي في المجموع (6/ 432): بعد أن استدل بهذا الحديث وذكر إعلال الترمذي قال: وهذا الذي قاله ليس بقادح في الحديث لأن أبا معاوية ثقة حافظ فزيادته مقبولة.
قلت: الصحيح ما ذكره الترمذي وأبو حاتم من خطأ أبي معاوية في هذا الحديث وهو وإن كان ثقة إلا أن في حديثه عن غير الأعمش كلاماً.
قال الإمام أحمد بن حنبل: أبو معاوية الضرير في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها جيداً. وقال ابن خراش: صدوق وهو في الأعمش ثقة وفي غيره فيه اضطراب، ولذا قال ابن حجر عنه في التقريب:(ثقة ثبت أحفظ الناس لحديث الأعمش وقد يهم في غيره).
(1)
تحفة الأحوذي (3/ 299).
قال أبو حمزة: لكن يستحب تحري هلال شعبان لرمضان كما يستحب تحري هلال ذي القعدة لذي الحجة ليحتاطوا بذلك لصومهم وحجهم وإن كان الحديث الوارد في هذا فيه كلام، والله تعالى أعلم.
الحديث السابع
(1)
:
390 -
قال النسائي رحمه الله (4/ 173): أخبرنا داود بن سليمان بن حفص قال: حدثنا أبو معاوية الضرير، عن سهيل، عن المقبري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ صام يوماً في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار بذلك اليوم سبعين خريفاً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير داود وهو ثقة، ذكره النسائي في أسماء شيوخه وقال: شويخ كتبنا عنه بالثغر وهو صدوق.
وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي وهو صدوق.
وقال الخطيب: كان ثقة.
وأخرجه النسائي في الكبرى (2554) بنفس الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
داود بن سليمان بن حفص العسكري أبو سهل الدقاق مولى بني هاشم، لقبه بنان، صدوق من العاشرة، روى له النسائي وابن ماجه.
سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، من السادسة، مات في خلافة المنصور، روى له مسلم.
سعيد بن أبي سعيد: كيسان المقبري، أبو سعيد المدني، ثقة من الثالثة، تغير قبل موته بأربع سنين، وروايته عن عائشة وأم سلمة مرسلة، مات في حدود 120 وقيل قبلها وقيل بعدها.
هكذا رواه أبو معاوية فقال: (عن سهيل، عن المقبري، عن أبي سعيد).
خالفه أصحاب سهيل فرووه (عن سهيل، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري)، منهم:
سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وابن جريج، ويزيد بن الهاد، وعبد العزيز الدراوردي، وحماد بن سلمة، وخالد بن عبد الله الواسطي، وحميد بن الأسود، وسليمان التيمي، وعلي بن عاصم، وعبيد الله بن موسى، وإبراهيم بن طهمان وغيرهم. وقد تقدم تخريج أحاديثهم في باب شعبة (ح 48) فانظره.
لذا قال أبو عبد الرحمن النسائي في الكبرى عقب الحديث (2/ 97): هذا خطأ لا نعلم أحداً تابع أبا معاوية على هذا الإسناد.
وقال ابن حجر في فتح الباري (6/ 48): «وهم فيه أبو معاوية، وإنما يرويه المقبري عن أبي هريرة لا عن أبي سعيد، وإنما رواه سهيل من حديث أبي هريرة، عن أبيه عنه لا عن المقبري.
كذلك أخرجه النسائي
(1)
من طريق سعيد بن عبد الرحمن عن سهيل عن أبيه، وكذا أخرجه أحمد
(2)
عن أنس بن عياض، عن سهيل».
(1)
في المجتبى (4/ 173) وفي الكبرى (2553).
(2)
في المسند (2/ 300) والنسائي في الكبرى (2552).
الحديث الثامن
(1)
:
391 -
قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه (978): أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، عن ابن أبي السائب قاص المدينة، قال:
قالت عائشة: قص في الجمعة مرة، فإن أبيت فمرتين، فإن أبيت فثلاث، ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديثهم فتقطعه عليهم ولكن إن استمعوا حديثك فحدِّثهم، واجتنب السجع في الدعاء فإني عهدت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يكرهون ذلك.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمران بن موسى وهو محدث ثقة، وابن أبي السائب قاص المدينة لم أجد له ترجمة.
(1)
رجال الإسناد:
عمران بن موسى بن مجاشع الجرجاني السختياني، مصنف المسند أبو إسحاق الإمام المحدث الحجة الحافظ، ولد سنة بضع عشرة ومائتين وتوفي سنة 305، روى عنه ابن حبان (232) حديثاً. قال الحاكم: هو محدث ثبت مقبول. تذكرة الحفاظ، سير أعلام النبلاء (14/ 136).
عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ شهير وله أوهام، من العاشرة، مات سنة 239 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.
داود بن أبي هند القشيري، مولاهم أبو بكر أو أبو محمد البصري، ثقة متقن كان يهم بأخرة، من الخامسة، مات سنة 140، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، من الثالثة، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المائة وله نحو 80 سنة.
ورواه ابن أبي حاتم في العلل (2050) عن أبيه، عن علي بن ميمون الرقي عن أبي معاوية به.
وقد وهم أبو معاوية في هذا الإسناد فقال: (عن داود بن أبي هند، عن عامر، عن ابن أبي السائب).
خالفه سفيان بن عيينة
(1)
، وإسماعيل بن علية
(2)
، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى
(3)
، ووهيب بن خالد
(4)
.
فرووه عن (داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، عن عائشة) أنها قالت: لابن أبي السائب.
هكذا رووه مرسلاً فالشعبي لم يسمع من عائشة على الأصح، وكذلك رواه حماد بن سلمة
(5)
، عن داود، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة أنها قالت: للسائب.
وصله حماد، ورجح أبو حاتم
(6)
ويحيى بن معين
(7)
والدارقطني
(8)
الرواية المرسلة وهي رواية سفيان ومَن وافقه.
(1)
ابن أبي شيبة (10/ 199).
(2)
أحمد (6/ 217) وابن شبة في تاريخ المدينة (1/ 13).
(3)
إسحاق بن راهويه (1634).
(4)
ابن أبي حاتم في العلل (2050).
(5)
أبو يعلى (4458) ط. دار القبلة.
(6)
في العلل لابنه (2234)، (2050)، والمراسيل (591).
(7)
المراسيل لابن أبي حاتم (589) قال الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: ما روى الشعبي عن عائشة مرسل.
(8)
في العلل (5/ الورقة 68) كما في حاشية المسند (43/ 20).
قال ابن أبي حاتم في العلل (2050): سألت أبي عن حديث رواه أبو معاوية، عن داود، عن الشعبي، عن ابن أبي السائب قاص أهل المدينة، عن عائشة قالت للسائب: لتدعن السجع في الدعاء فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يسجعون أو لا يفعلون؟
قال أبي: كذا حدثنا علي بن ميمون الرقي عن أبي معاوية.
وحدثنا أبو سلمة، قال: حدثنا وُهيب، عن داود، عن الشعبي أن عائشة قالت: لابن أبي السائب.
قلت لأبي: أيهما أصح؟
قال: حديث وهيب أشبه، ووهيب أتقن وأوثق من أبي معاوية.
وقال أبو حاتم في العلل (2234): إنما هو الشعبي، عن عائشة مرسل
(1)
.
(1)
وقد رجح كذلك أن رواية الشعبي عن عائشة مرسل ابن معين فيما نقله عنه الدوري في تاريخه (2/ 286) قال: قال ابن معين: ما روى الشعبي عن عائشة فهو مرسل، وخالفهما أبو داود فقال: سمع من عائشة (سؤالات الآجري) كما في حاشية تهذيب الكمال.
الحديث التاسع
(1)
:
392 -
قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه (1368): أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الشيباني عن عبد الله بن شداد عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يضاجع بعض نسائه وهي حائض أمرها فاتزرت.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عمران بن موسى نعته الذهبي بأنه إمام حجة حافظ محدث وقد روى عنه ابن حبان في صحيحه نحو (232 حديثاً)، (والحديث سيأتي الكلام عليه في باب محمد بن فضيل).
هكذا قال أبو معاوية: (عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن عائشة).
خالفه أصحاب الشيباني كلهم فجعلوه من مسند ميمونة أم
(1)
رجال الإسناد:
عمران بن موسى: تقدم.
عثمان بن محمد: تقدم.
سليمان بن أبي سليمان، أبو إسحاق الشيباني الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات في حدود الأربعين، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره العجلي، من كبار التابعين الثقات، وكان معدوداً في الفقهاء، مات بالكوفة مقتولاً سنة 81 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
المؤمنين رضي الله عنها فقالوا: (عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة)، منهم:
شعبة
(1)
، وأبو عوانة
(2)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(3)
، وهشيم
(4)
، وعبد الواحد بن زياد
(5)
، وعباد بن العوام
(6)
، وسفيان الثوري
(7)
، وسفيان بن عيينة
(8)
، وجرير بن عبد الحميد
(9)
، وإبراهيم الزبرقان
(10)
، وأبو شهاب الحناط
(11)
، وأسباط بن محمد
(12)
، وعلي بن مسهر
(13)
، وحفص بن غياث
(14)
، وأبو حمزة السكري
(15)
، وزائدة بن قدامة
(16)
، وعلي بن عاصم
(17)
.
قال الدارقطني في العلل (15/ 268): وسئل عن حديث عبد الله بن شداد عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم كان فراشي حيال مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
البخاري (381).
(2)
البخاري (333).
(3)
البخاري (379) ومسلم (513).
(4)
البخاري (517).
(5)
البخاري (303، 518).
(6)
مسلم (513).
(7)
أحمد (6/ 335) والبخاري تعليقاً (303).
(8)
الشافعي (1/ 64) وأحمد (6/ 330) وأبو داود (365) وابن ماجه (653) وغيرهم.
(9)
الطبراني في الكبير (24/ 101).
(10)
أبو عوانة (1427).
(11)
الطبراني (24/ 541).
(12)
أحمد (6/ 336) والبيهقي (1/ 311).
(13)
ذكره الدارقطني في العلل (15/ 268).
(14)
المصدر السابق.
(15)
المصدر السابق.
(16)
المصدر السابق.
(17)
المصدر السابق.
فربما سجد فيصيبني ثوبه، وكان إذا كانت إحدانا حائضاً أمرها فاتزرت وكان يصلي على الخمرة.
فقال: (يرويه الشيباني، واختلف عنه:
فرواه هشيم، وعلي بن عاصم، وعباد بن العوام، وعلي بن مسهر، وابن عيينة، والثوري، وحفص بن غياث، وأسباط بن محمد، وأبو حمزة السكري، وزائدة، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة.
ورواه أبو معاوية عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد عن عائشة، والصحيح عن ميمونة). اه. وانظر ح (989).
علة الوهم:
كان الشيباني يروي هذا الحديث تارة عن أم المؤمنين عائشة
(1)
رضي الله عنها وتارة كان يرويه عن أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها.
فأما حديث عائشة فيرويه عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه الأسود بن يزيد، عن عائشة رضي الله عنها.
وحديث ميمونة يرويه الشيباني عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة رضي الله عنها، فوهم أبو معاوية فرواه عن الشيباني عن عبد الله بن شداد عن عائشة، وإنما هو عن ميمونة كما رواه الجمع الكثير عن الشيباني، والله تعالى أعلم.
(1)
البخاري (302) ومسلم (293)(2)، وقد أخرجه الحاكم (1/ 172) من طريق عثمان بن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة.
الحديث العاشر
(1)
:
393 -
قال الإمام أحمد (2/ 41): حدثنا أبو معاوية، حدثنا عُبيد الله، عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 137) من طريق يحيى بن عبد الرحمن الأزدي، وعبد الرحمن بن صالح الأزدي كلاهما عن أبي معاوية به.
هكذا قال أبو معاوية عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً: «
…
ولا يلبس ثوباً مسه الورس ولا الزعفران إلا أن يكون غسيلاً».
(1)
رجال الإسناد:
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري، أبو عثمان المدني، أحد الفقهاء السبعة، ثقة ثبت حجة، كان من سادات أهل المدينة وأشراف قريش فضلاً وعلماً وعبادة وشرفاً وحفظاً وإتقاناً، مات سنة 147 هـ.
نافع: الفقيه، مولى ابن عمر، أبو عبد الله المدني، أصابه ابن عمر في بعض مغازيه، ثقة ثبت فقيه مشهور، توفي سنة 117 هـ.
خالفه سفيان بن عيينة
(1)
، وزكريا بن أبي زائدة
(2)
، وبشر بن المفضل
(3)
، وحفص بن غياث
(4)
، وروح بن عبادة
(5)
، وعبدة بن سليمان الكلابي
(6)
، وعبد الله بن نمير
(7)
، ويحيى بن سعيد القطان
(8)
.
كلهم رووه عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ولم يذكر أحدهم:«إلا أن يكون غسيلاً» .
وكذلك رواه مالك
(9)
، وأيوب السختياني
(10)
، وعبد الله بن عون
(11)
، وابن أبي ذئب
(12)
، ومحمد بن إسحاق
(13)
، وعمر بن نافع
(14)
، وابن أبي ليلى
(15)
، وعبد الله بن قانع
(16)
، وجويرية
(17)
(1)
الحميدي في مسنده (640).
(2)
النسائي (5/ 135) وفي الكبرى (3658).
(3)
ابن خزيمة (2597) و (2684).
(4)
ابن خزيمة (2598) والدارقطني (2/ 231) والبيهقي (5/ 50).
(5)
مسند عبد الله بن عمر (1/ 34 رقم 47).
(6)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5446).
(7)
ابن حبان (3955) والطحاوي (5446).
(8)
النسائي (5/ 132) وفي الكبرى (3650) وأحمد (2/ 54) وفي شرح مشكل الآثار (5445).
(9)
البخاري (1542)(5803) ومسلم (1177).
(10)
البخاري (5805).
(11)
النسائي (5/ 134) وفي الكبرى (3657) وأحمد (2/ 29) والبيهقي (5/ 49).
(12)
البخاري (134).
(13)
أبو داود (1827) وأحمد (2/ 22) والحاكم (1/ 486) وذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (1838).
(14)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5445).
(15)
الطبراني في الأوسط (5034).
(16)
الخطيب في تاريخ بغداد (9/ 101).
(17)
البخاري (5468) باب العمائم.
وغيرهم كلهم عن نافع عن ابن عمر ولم يذكر أحدهم: «إلا أن يكون غسيلاً» ، وكذلك رواه سالم بن عبد الله بن عمر
(1)
والقاسم بن محمد
(2)
وعبد الله بن دينار
(3)
ثلاثتهم عن ابن عمر ولم يذكروا هذه اللفظة.
لذا قال أبو زرعة: أخطأ أبو معاوية في هذه اللفظة: «إلا أن يكون غسيلاً»
(4)
.
وقال الحافظ ابن حجر: وهي زيادة شاذة لأن أبا معاوية وإن كان متقناً لكن في حديثه عن غير الأعمش مقال.
قال أحمد: أبو معاوية مضطرب الحديث في عبيد الله، ولم يجاء بهذه الزيادة غيره.
(1)
البخاري (359) و (5469) ومسلم (1177).
(2)
الطبراني في الكبير (13099).
(3)
البخاري (5847) ومسلم (1177).
(4)
العلل لابن أبي حاتم (798).
الحديث الحادي عشر
(1)
:
394 -
قال الإمام ابن ماجه رحمه الله (4281): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر عن أم مبشر عن حفصة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«إني لأرجو ألا يدخل النار أحد إن شاء الله تعالى ممن شهد بدراً والحديبية» ، قالت: قلت: يا رسول الله أليس قد قال الله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)} [مريم: 71]. قال: «ألم تسمعيه يقول: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقُوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}» [مريم: 72].
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وفي هذا الإسناد ثلاثة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض.
وهو في مسند ابن أبي شيبة: مصباح الزجاجة (3/ 316).
ورواه هناد في الزهد (230) من طريق ابن أبي شيبة به.
(1)
رجال الإسناد:
أبو بكر ابن أبي شيبة: تقدم في أول هذا الباب.
الأعمش: سليمان بن مهران ثقة حافظ. انظر ترجمته في بابه.
طلحة بن نافع الواسطي، أبو سفيان الإسكاف، نزل مكة، صدوق، من الرابعة.
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزم الأنصاري ثم السلمي، صحابي ابن صحابي، غزا تسع عشرة غزوة، ومات بالمدينة بعد السبعين وهو ابن 94 سنة وحديثه في الصحيحين.
أم مبشر الأنصارية امرأة زيد بن حارثة، يقال: اسمها جهمة بنت صفي بن صخر، صحابية مشهورة.
حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين.
ورواه أحمد (6/ 285) وإسحاق (1986) و (1996) عن أبي معاوية، وأبو يعلى (7044) وابن أبي عاصم في السنّة (860) وابن البختري (1/ 304) وابن جرير في تفسيره (16/ 85) والطبراني في الكبير (23/ 358) والبغوي في شرح السنّة (14/ 193) كلهم من طرق عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
هكذا قال أبو معاوية: (عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر، عن حفصة).
خالفه عبد الله بن إدريس
(1)
، وزائدة بن قدامة
(2)
، وأبو عوانة
(3)
، وسفيان الثوري
(4)
، وجرير بن عبد الحميد
(5)
فقالوا:
(عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر، عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوه من مسند أم مبشر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا حفصة في الإسناد.
قال الدارقطني: يرويه الأعمش، واختلف عنه:
فرواه أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر، عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وخالفه عبد الله بن إدريس، وأبو عوانة، وسفيان الثوري،
(1)
أحمد (6/ 362) وإسحاق (1995) وابن أبي عاصم في السنة (861) وفي الآحاد والمثاني (3316) والطبراني في الكبير (25/ 266).
(2)
تمام الرازي في الفوائد (1275).
(3)
الدارقطني في العلل (15/ 202) تعليقاً.
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.
وجرير بن عبد الحميد، رووه عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
علة الوهم:
ذكر حفصة في متن الحديث فقد جاء عن أم مبشر أنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوماً وهو في بيت حفصة: «إنه لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية» ، فقالت حفصة: يا رسول الله أليس يقول الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا
…
(71)} قال: «فمه {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقُوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}» .
فلعله من هنا دخل الوهم على أبي معاوية فجعله من مسند حفصة رضي الله عنها، خاصة وأنها هي التي حاورت النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو من مسند أم مبشر، ويشهد لذلك ما رواه الإمام مسلم
(2)
من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة: «لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحتها» قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها، فقالت حفصة: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا
…
(71)}
…
} الحديث.
(1)
العلل (15/ 202).
(2)
في صحيحه (4/ 1942 ح رقم 2496).
الحديث الثاني عشر
(1)
:
395 -
قال ابن حبان في صحيحه (3105): أخبرنا أبو خليفة، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا أبو معاوية، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان مع الجنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد أو تُدفن، شكّ أبو معاوية.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، غير أبي خليفة شيخ ابن حبان وقد أكثر الرواية عنه (روى عنه 732 حديثاً).
وقد وهم أبو معاوية رحمه الله في قوله: (حتى توضع في اللحد أو تُدفن) فقد خالفه سفيان الثوري فرواه بهذا الإسناد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تبع أحدكم جنازة فلا يجلس حتى توضع في الأرض»
(2)
.
(1)
رجال الإسناد:
أبو خليفة: الفضل بن الحباب الجمحي البصري، واسم الحباب عمرو بن محمد بن شعيب، نعته الذهبي بالإمام العلامة المحدث الأديب الأخباري شيخ الوقت، ولد سنة 206 وتوفي سنة 305، وكان ثقة صادقاً مأموناً. السير (14/ 7).
مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي البصري أبو الحسن، ثقة حافظ، ويقال: إنه أول مَنْ صنّف المسند بالبصرة، من العاشرة، مات سنة 228 ويقال: اسمه عبد الملك بن عبد العزيز، ومسدد لقب، روى له البخاري.
سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان: تقدم في هذا الباب.
ذكوان، أبو صالح السمان: تقدم.
(2)
أخرجه البيهقي (4/ 26)، وأبو داود تعليقاً (3173).
وكذلك روى الحفاظ هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقالوا: (حتى توضع)
(1)
.
لذا قال أبو داود عقب الحديث (3173): (روى هذا الحديث الثوري عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال فيه:«حتى توضع بالأرض» ، ورواه أبو معاوية عن سهيل قال:«حتى توضع في اللحد» .
قال أبو داود: وسفيان أحفظ من أبي معاوية
(2)
.
وقال ابن قدامة: وقد روى الثوري الحديث: «إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع بالأرض» ، ورواه أبو معاوية:«حتى توضع في اللحد» ، وحديث سفيان أصح
(3)
.
وقال ابن عبد البر: وقول الثوري أشبه وأوْلى
(4)
.
عقد البخاري في صحيحه باب (مَنْ تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال).
قال الحافظ في الفتح (3/ 178): «كأنه أشار بهذا إلى ترجيح رواية مَنْ روى في حديث الباب: «حتى توضع بالأرض» على رواية مَنْ روى: «حتى توضع في اللحد» .
وفيه اختلاف على سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال أبو داود: رواه أبو معاوية عن سهيل فقال: «حتى توضع في اللحد» ، وخالفه الثوري وهو أحفظ منه، فقال:«في الأرض» . انتهى.
(1)
أخرجه البخاري (1310) ومسلم (959) وأبو داود (3173) وغيرهم.
(2)
قلت: وأخرج الحاكم هذا الحديث (1/ 356) من طريق يحيى بن يحيى عن أبي معاوية فقال: (حتى يرفع أو يوضع)، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(3)
المغني مع الشرح الكبير (2/ 366).
(4)
التمهيد (23/ 263).
ورواه جرير عن سهيل فقال: «حتى توضع فحسب» (وزاد) قال سهيل: ورأيت أبا صالح لا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال. أخرجه أبو نعيم في المستخرج
(1)
بهذه الزيادة وهو في مسلم بدونها.
وفي المحيط للحنفية الأفضل أن لا يقعد حتى يهال عليها التراب، وحجتهم رواية أبي معاوية، ورجح الأول عند البخاري بفعل أبي صالح لأنه راوي الخبر وهو أعرف بالمراد منه، ورواية أبي معاوية مرجوحة كما قال أبو داود» انتهى كلام الحافظ رحمه الله
(2)
.
علة الوهم:
جاءت روايات في فضل شهود الجنازة والصلاة عليها إن صلّى عليها وشهدها حتى تُدفن فله قيراطان.
وفي رواية: «حتى يفرغ منها» وفي رواية عبد الرزاق عن معمر: «حتى توضع في اللحد»
(3)
.
وروى أبو داود والترمذي من حديث عبادة بن الصامت قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اتبع جنازة لم يقعد حتى توضع في اللحد، فعرض له حبر فقال: هكذا نصنع يا محمد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«خالفوهم» فلعله. من هنا دخل الوهم على أبي معاوية، والله أعلم
(4)
.
(1)
(2)
ونقله عنهم صاحب بحر المذهب من الشافعية (3/ 345).
(3)
أخرجه مسلم (944).
(4)
أبو داود (3176) والترمذي (1020) وابن ماجه (1545) وغيرهم، وقال الترمذي: هذا حديث غريب وبشر بن رافع ليس بالقوي في الحديث.
أثر الوهم:
استدل ابن حبان بهذا الحديث فعقد في صحيحه (7/ 373) باب ذكر ما يستحب لتشييع الجنازة أن لا يقعد حتى توضع في اللحد.
في حديث أبي البراء بن عازب (والقبر لما يلحد)
(1)
دلالة ظاهرة خلافاً لما ذهب إليه ابن حبان والحنفية.
(1)
أبو داود (3212) والنسائي (4/ 78) وابن ماجه (1549) والطيالسي (753) وأحمد (4/ 288).
الحديث الثالث عشر
(1)
:
396 -
قال ابن حبان في صحيحه (4042): أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا محمد بن خازم
(2)
عن سهل بن محمد بن أبي حثمة عن عمه سليمان بن أبي حثمة قال:
رأيت محمد بن مسلمة يطارد ابنة الضحاك على إنجار من أناجير المدينة يُبصرها، فقلت له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا ألقى الله في قلب امراءٍ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها» .
التعليق:
هذا إسناد فيه وهم وقلب.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1992) عن
(1)
رجال الإسناد:
أبو يعلى الموصلي: أحمد بن علي بن المثنى، محدّث الموصل، وصاحب المسند والمعجم، أحد الثقات الأثبات، انتهى إليه علو الإسناد حتى إنه أعلى إسناداً من النسائي، ولد 210 وهو أكبر من النسائي بخمس سنين، ومات سنة 307. تذكرة الحفاظ (2/ 707)، سير أعلام النبلاء (14/ 174).
زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد، ثقة ثبت، روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث، من العاشرة، مات سنة 234 وله 74 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سهل بن محمد: الصحيح محمد بن سليمان بن أبي حثمة الأنصاري المدني، مقبول من الرابعة، روى له ابن ماجه.
(2)
سقط من المطبوع الحجاج بن أرطأة، وأبو معاوية إنما يرويه من طريق الحجاج بن أرطأة كما في الآحاد والمثاني والطبراني وسيأتي في التخريج، وكذا الدارقطني في العلل.
محمد بن المثنى، والطبراني في الكبير (19/ 504) من طريق عبد الله بن يوسف كلاهما عن أبي معاوية به.
وجاء اسمها عند ابن أبي عاصم (نبيهة) وعند الطبراني (ثبيتة).
هكذا رواه محمد بن خازم فقال: (عن الحجاج، عن سهل بن محمد بن أبي حثمة، عن عمه سليمان بن أبي حثمة).
خالفه يزيد بن هارون، وحفص بن غياث، وأبو شهاب الحناط، وعباد بن العوام، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وعبد الواحد بن زياد، فقالوا:(عن الحجاج، عن محمد بن سليمان، عن عمه سهل بن أبي حثمة) وقد سبق بيان ذلك في باب حماد بن سلمة ح (250) فانظره لزاماً.
قال الدارقطني في العلل (14/ 13 رقم 3382): عندما سئل عن هذا الحديث يرويه محمد بن سليمان بن أبي حثمة عن عمه سهل بن أبي حثمة، عن محمد بن مسلمة.
حدّث به إبراهيم بن صرمة، عن يحيى بن سعيد عنه بهذا الحديث.
ورواه الحجاج بن أرطأة عنه، واختلف عليه فيه:
فرواه عبد الواحد بن زياد، ويحيى بن سعيد الأموي، ويزيد بن هارون، عن الحجاج بن أرطأة، عن محمد بن سليمان بن أبي حثمة، عن عمه سهل، عن محمد بن مسلمة.
وخالفهم أبو معاوية الضرير فقلب إسناده ولم يضبطه فقال: عن الحجاج، عن سهل بن محمد بن أبي حثمة، عن عمه سليمان بن أبي حثمة، عن محمد بن سلمة.
والصحيح قول عبد الواحد بن زياد ومَن تابعه عن الحجاج.
الحديث الرابع عشر
(1)
:
397 -
قال الإمام أحمد (1/ 164): حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير:
(جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد).
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.
ورواه النسائي في الكبرى (10028) وابن ماجه (123) وأبو يعلى (668) والضياء في المختارة (893) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 476) وابن عساكر في تاريخ دمشق (18/ 378) من طرق عن أبي معاوية (من طريق علي بن محمد، وأبي خيثمة، وإسحاق بن إبراهيم، وأحمد بن عبد الله الجزري).
هكذا قال أبو معاوية أن ذلك (كان يوم أحد).
خالفه عبد الله بن المبارك
(2)
، وعلي بن مسهر
(3)
، وحماد بن
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن خازم: تقدم.
هشام بن عروة: تقدم، انظر ح (2).
عروة بن الزبير: تقدم.
عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، صحابي، كان أول مولود في الإسلام بالمدينة من المهاجرين، ولي الخلافة تسع سنين إلى أن قتل في ذي الحجة سنة 73 هـ، روى له البخاري ومسلم.
(2)
البخاري (3720) والنسائي في الكبرى (8213) وفي فضائل الصحابة (109).
(3)
مسلم (2416).
سلمة
(1)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(2)
، وعبدة بن سليمان
(3)
، وحماد بن زيد
(4)
، والمنذر بن عبد الله الحزامي
(5)
، وعبد الرحيم بن سليمان
(6)
.
هؤلاء الثمانية رووه عن هشام، بنفس الإسناد فقالوا: إن ذلك (يوم الخندق).
وقد وافقهم أبو معاوية في رواية أخرى
(7)
.
قال موسى بن هارون: قوله: (يوم أحد) وهم، والذي نرى والله أعلم أن الوهم في ذلك من أبي معاوية، إنما هو يوم الخندق، وهو يوم الأحزاب، وهو يوم بني قريظة
(8)
.
وقال ابن عساكر: والمحفوظ يوم الخندق
(9)
.
وذهب ابن عبد البر إلى الجمع بين الروايتين فقال: وثبت عن ابن
(1)
أبو يعلى (665) وابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 106) وابن عساكر في تاريخه (18/ 378).
(2)
مسلم (2416) وأحمد (1/ 164).
(3)
الترمذي (3747) والنسائي في الكبرى (10027) و (8214) وابن حبان (6984) وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 295) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 480) وابن أبي شيبة (32153) والنسائي في فضائل الصحابة (110).
(4)
النسائي في الكبرى (10029).
(5)
النسائي (10030).
(6)
ابن أبي شيبة (32158).
(7)
ابن أبي عاصم في السنّة (1390) من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 479) من طريق هناد بن السري ومحمد بن العلاء.
(8)
الفصل للوصل (1/ 479).
(9)
تاريخ دمشق (18/ 371).
الزبير أنه قال: جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه مرتين يوم أحد ويوم قريظة فقال: «إرمِ فداك أبي وأمي»
(1)
.
وكذلك قال الضياء فقال: وقد ذكر في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع له أبويه يوم الخندق ويوم أحد قبل الخندق فيكون هذا الحديث غير ذلك
(2)
.
والأول أصح ولا يحمل على تعدد القصة مع اتحاد المخرج، والله تعالى أعلم.
أثر الوهم:
ذهب بعض أهل العلم كما سبق بناءً على هذا الوهم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع للزبير بن العوام أبويه مرتين الأولى في أحد والثانية في الخندق.
والصحيح أنه جمع له مرة واحدة في الخندق، أما في أحد فكانت تلك المنقبة لسعد بن أبي وقاص، والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
1 أن هذه المنقبة قد جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً يوم أحد لكن لسعد بن أبي وقاص.
فقد روى البخاري ومسلم في الصحيح من طريق يحيى بن سعيد
(1)
الاستيعاب (3/ 314).
(2)
في المختارة (3/ 85).
الأنصاري عن سعيد بن المسيب قال: سمعت سعداً يقول: جمع لي النبي صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد
(1)
.
ومن طريق عبد الله بن شداد عن علي رضي الله عنه قال: ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يجمع أبويه لأحد غير سعد
(2)
.
2 أبو معاوية وإن كان ثقة حافظاً إلا أن في حديثه عن غير الأعمش كلاماً.
قال أبو داود: أبو معاوية إذا جاز حديث الأعمش كثر خطؤه، يخطاء على هشام بن عروة وعلى ابن إسماعيل وعلى عبد الله بن عمر
(3)
.
(1)
البخاري (3725) و (4056) و (4057) ومسلم (2412).
(2)
البخاري (4058) و (4059) ومسلم (2411).
(3)
سؤالات الآجري (3/ 147).
الحديث الخامس عشر
(1)
:
398 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 382): حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة، وقلت أخرى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة» .
وقلت أنا: مَنْ مات يشرك بالله شيئاً دخل النار.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين إلا أن أبا معاوية وهم في متن الحديث فقلبه فجعل المرفوع موقوفاً، والموقوف مرفوعاً.
وأخرجه أبو يعلى (5198) من طريق أبي خيثمة، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 223) من طريق محمد بن العلاء كلاهما عن أبي معاوية به.
وأخرجه أبو عوانة في مسنده (30) من طريق علي بن حرب عن أبي معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود به.
هكذا قال أبو معاوية: عن الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة» .
ثم قال ابن مسعود: (ومَن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار).
(1)
رجال الإسناد:
تقدم.
خالفه حفص بن غياث
(1)
، وعبد الله بن نمير
(2)
، وشعبة
(3)
، ووكيع
(4)
، وأبو حمزة السكري
(5)
، وعبد الواحد بن زياد
(6)
، وفضيل بن عياض
(7)
، ويحيى بن هاشم
(8)
.
فرووه عن الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ مات وهو يشرك بالله شيئاً دخل النار» .
ثم قال ابن مسعود: (ومَن مات وهو لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة).
قال ابن خزيمة في كتابه التوحيد (ص 360): وشعبة وابن نمير أوْلى بمتن الخبر من أبي معاوية.
وقال الحافظ في الفتح (3/ 111): ولم تختلف الروايات في الصحيحين في أن المرفوع الوعيد (يعني قوله: مَنْ مات وهو لا يشرك بالله شيئاً دخل النار) والموقوف الوعد.
وزعم الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) وتبعه مغلطاي في شرحه ومَن أخذ عنه أنه في رواية مسلم من طريق وكيع وابن نمير بالعكس بلفظ: «مَنْ مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة» ، وقلت أنا:
(1)
البخاري (1238).
(2)
مسلم (92) وأحمد (1/ 425) والشاشي (559).
(3)
أحمد (1/ 443) والطيالسي (256) والنسائي في الكبرى (11011) والشاشي (560) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 223).
(4)
مسلم (92).
(5)
البخاري (4497) و (6683).
(6)
البخاري (6683).
(7)
طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 378).
(8)
الفصل للوصل (1/ 223).
(مَنْ مات يشرك بالله شيئاً دخل النار) وكأن سبب الوهم في ذلك ما وقع عند أبي عوانة والإسماعيلي من طريق وكيع بالعكس لكن بين الإسماعيلي أن المحفوظ عن وكيع كما في البخاري قال: وإنما المحفوظ أن الذي قلبه أبو معاوية وحده وبذلك جزم ابن خزيمة في صحيحه والصواب رواية الجماعة.
وكذلك أخرجه أحمد من طريق عاصم
(1)
، وابن خزيمة من طريق يسار، وابن حبان من طريق المغيرة كلهم عن شقيق
(2)
.
وهذا هو الذي يقتضيه النظر لأن جانب الوعيد ثابت بالقرآن وجاءت السنّة على وفقه فلا يحتاج إلى استنباط بخلاف جانب الوعد فإنه في محل البحث إذ لا يصح حمله على ظاهره كما تقدم.
وكأن ابن مسعود لم يبلغه حديث جابر الذي أخرجه مسلم (93) بلفظ: قيل: يا رسول الله ما الموجبتان؟ قال: «مَنْ مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومَن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار» انتهى كلام الحافظ رحمه الله.
قال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح (2/ 339): «هذا مقلوب فإن الحديث في صحيح البخاري من طريق حفص بن غياث وأبي حمزة السكري وكذا رواه النسائي من طريق شعبة وابن خزيمة أيضاً من حديث ابن نمير كلهم عن الأعمش.
وأخرجه ابن خزيمة أيضاً عن مسلم بن جنادة، وأبي موسى
(1)
في المطبوع (أبو عوانة) وأشار المحقق رحمه الله إلى أن في نسخة (أبي معاوية).
(2)
المسند (1/ 402).
محمد بن المثنى كلاهما عن أبي معاوية كما ساق ابن عوانة.
قال ابن خزيمة: قلبه أبو معاوية والصواب حديث شعبة».
الحديث السادس عشر
(1)
:
399 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 46): حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم وإنه أُتي بصبي فبال عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صبوا عليه الماء صبًّا» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه إسحاق بن راهويه (587) عن أبي معاوية، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 93) من طريق محمد بن عمرو بن يونس عن أبي معاوية به.
هكذا رواه أبو معاوية عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«صبُّوا عليه الماء صبًّا» .
خالفه مالك
(2)
، وعبد الله بن نمير
(3)
، وجرير بن عبد الحميد
(4)
، وعبد الله بن المبارك
(5)
، وسفيان بن عيينة
(6)
، وزائدة
(7)
، وسفيان الثوري
(8)
،
(1)
رجال الإسناد:
تقدم.
(2)
البخاري (222) وهو في الموطأ (1/ 14).
(3)
مسلم (286)(101).
(4)
مسلم (286)(102).
(5)
البخاري (6355).
(6)
الحميدي (164) وابن الجارود (140).
(7)
الطحاوي (1/ 92).
(8)
عبد الرزاق (1489) وابن حبان (1372).
ووهيب
(1)
، ومحاضر
(2)
، وعبدة
(3)
، وشريك
(4)
، وعبد القدوس بن بكر بن خنيس
(5)
، ويحيى بن سعيد القطان
(6)
، ووكيع
(7)
، وعيسى بن يونس
(8)
.
جميعهم عن هشام بن عروة به.
ولفظهم: (فدعا بماء فأتبعه)
(9)
.
وقال بعضهم: (فدعا بماء فصبه عليه)
(10)
.
وقال بعضهم: (فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله)
(11)
.
وقال بعضهم: (فأتبع بوله الماء)
(12)
.
وعند بعضهم: (فدعا بماء فصبه على البول يتبعه إياه)
(13)
.
وقال بعضهم: (فدعا بماء فنضحه ولم يغسله)
(14)
.
(1)
أبو عوانة (518).
(2)
أبو عوانة (517).
(3)
الطحاوي (1/ 93).
(4)
أبو يعلى (4623).
(5)
أحمد (6/ 212).
(6)
البخاري (5486) و (6002).
(7)
ابن ماجه (523) وابن أبي شيبة (1/ 120) وأبو عوانة (516) وأحمد (526).
(8)
مسلم (286)(102).
(9)
هذا لفظ مالك ويحيى القطان وهو في الصحيح كما تقدم.
(10)
هذا لفظ جرير وغيره وهو في الصحيح كما تقدم.
(11)
هذا لفظ عبد الله بن المبارك وابن نمير وعيسى بن يونس وهو في الصحيح.
(12)
هذا لفظ سفيان بن عيينة والثوري.
(13)
هذا لفظ وهيب.
(14)
هذا لفظ زائدة بن قدامة.
هكذا جاءت الروايات عنهم جعلوه من فعله صلى الله عليه وسلم، وخالفهم جميعاً أبو معاوية فجعله من قوله صلى الله عليه وسلم، وذكره بصيغة المبالغة في إزالته بخلاف رواية الجماعة.
علة الوهم:
أبو معاوية قد يهم في غير حديث الأعمش، بل قيل: إن بعض أحاديثه عن هشام مضطربة.
قال أبو داود: قلت لأحمد: كيف حديث أبي معاوية عن هشام بن عروة؟ قال: فيها أحاديث مضطربة، يرفع منها أحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الآجري: قال أبو داود: أبو معاوية إذا جاز حديث الأعمش كثر خطؤه، يخطاء على هشام بن عروة.
وقال ابن محرز: سألت يحيى عن أبي معاوية محمد بن خازم قلت: كيف هو في غير حديث الأعمش؟ قال: ثقة ولكنه يخطاء.
وقال ابن خراش: صدوق وهو في الأعمش ثقة، وفي غيره فيه اضطراب.
الحديث السابع عشر
(1)
:
400 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 291): حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي معه صلاة الصبح يوم النحر بمكة.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
ورواه هكذا إسحاق بن راهويه في مسنده (1824) عن أبي معاوية.
ورواه مسلم في كتاب التمييز (ص 186) من طريق يحيى بن يحيى وأبي كريب ومحمد بن حاتم ثلاثتهم عن أبي معاوية به.
ورواه أبو يعلى (7000) من طريق أبي خيثمة، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3517، 3518) وفي شرح المعاني (2/ 219) من طريق محمد بن عمرو السوسي، وأسد بن موسى.
والطبراني في الكبير (23/ 799) من طريق عبد الله بن جعفر
(1)
رجال الإسناد:
هشام بن عروة: تقدم.
عروة بن الزبير: تقدم.
زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومية، ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم وأمها أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، توفيت سنة 73 وحضر ابن عمر رضي الله عنهما جنازتها.
الرقي، والبيهقي (5/ 133) من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري، وفي معرفة السنن والآثار (7/ 312) من طريق أسد بن موسى وسعيد بن سليمان.
وذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 74) تعليقاً.
كلهم عن أبي معاوية به.
واختلفت ألفاظهم عنه.
فرواه أحمد وإسحاق ويحيى بن يحيى وأبو كريب ومحمد بن حاتم بهذا اللفظ.
وقال أبو خيثمة: توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة.
وكذا قال يحيى بن يحيى في رواية البيهقي عنه.
وقال أسد بن موسى: توافي معه صلاة الصبح بمكة.
وقال محمد بن عمرو: توافي الضحى معه بمكة.
وقال عبد الله بن جعفر: توافي معه يوم النحر بمكة.
وقال الشافعي عن الثقة عن هشام وقال فيه: (وتوافي صلاة الصبح بمكة وكان يومها فأحب أن توافقه أو توافيه).
قال البيهقي: كأن الشافعي أخذه من أبي معاوية الضرير.
هكذا قال أبو معاوية: (عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي معه صلاة الصبح يوم النحر بمكة).
فوهم في إسناده ومتنه.
أولاً: في الإسناد:
خالفه سفيان الثوري
(1)
، وعبدة بن سليمان
(2)
، ويحيى بن سعيد القطان
(3)
، وداود بن عبد الرحمن العطار
(4)
، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي
(5)
، وعبد الله بن جعفر الزهري
(6)
، وحماد بن سلمة
(7)
، وسفيان بن عيينة
(8)
فقالوا: (عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً).
ثانياً: في المتن:
قوله: (أمرها أن توافي معه صلاة الصبح بمكة).
فرواه الجماعة عن هشام (عدا وكيع) فقالوا: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة أن تصلي يوم النحر بمكة وكان يومها فأحب أن توافقه).
وهم أبو معاوية في قوله: (توافي معه صلاة الصبح يوم النحر بمكة) وذلك لأنه من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما صلى الفجر يوم النحر بمزدلفة.
لذا أعلّ هذه اللفظة جماعة من الأئمة، منهم: يحيى القطان
(1)
مسلم في التمييز (ص 186) والطبراني في الكبير (23/ 982).
(2)
إسحاق بن راهويه في مسنده (1956) ومسلم في التمييز تعليقاً (ص 186) ونسبه الحافظ في الفتح (3/ 487) إلى النسائي.
(3)
أحمد في العلل (2/ 368) ومن طريقه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 74).
(4)
البيهقي (5/ 133).
(5)
البيهقي (5/ 133).
(6)
ابن سعد في الطبقات (8/ 95).
(7)
الطحاوي (2/ 218).
(8)
أحمد في العلل (2/ 368) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 75).
وأحمد بن حنبل ومسلم والطحاوي والهيثمي وغيرهم
…
قال الإمام مسلم في التمييز عقب الحديث:
هذا الخبر وهم من أبي معاوية لا من غيره وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى الصبح في حجته يوم النحر بالمزدلفة، وتلك سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يأمر أم سلمة أن توافي معه صلاة الصبح يوم النحر بمكة وهو حينئذ يصلي بالمزدلفة؟
هذا خبر محال ولكن الصحيح مَنْ روى هذا الخبر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة وكان يومها فأحب أن توافي، وإنما أفسد أبو معاوية معنى الحديث حين قال:«توافي معه» .
قال عبد الله ابن الإمام أحمد: (ذكرت لأبي حديث أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة: [أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه يوم النحر صلاة الصبح بمكة]، قال أبي: فذكرت ذلك ليحيى بن سعيد فقال: هشام، قال: أخبرني أبي مرسلاً، وقال: توافي، لأن أبا معاوية قال: توافيه، وأخطأ فيه، فقال لي يحيى: سَل عبد الرحمن، فسألته فحدثني عن سفيان عن هشام عن أبيه مرسلاً، وقال: توافي مثل ما قال يحيى عن هشام وابن عيينة مثل يحيى وعبد الرحمن وأخطأ وكيع فيه قال: (توافي بمنى، أخطأ لأن الحديث قال: توافي يوم النحر فقال وكيع: بمنى وأخطأ فيه)
(1)
.
(1)
العلل ومعرفة الرجال برواية عبد الله (2/ 368 رقم 2637).
وروى الأثرم نحو هذا قال: (قال لي أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل: حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه يوم النحر بمكة، قال أبو عبد الله: هذا خطأ، فقد قال وكيع عن هشام عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة، قال: وهذا أيضاً عجيب، ما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمكة؟
قال: فجئت إلى يحيى بن سعيد القطان فسألته فقال: عن هشام عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافي ليس فيه هاء.
قال أحمد: وبين هذين فرق.
قال: وقال لي يحيى: سَل عبد الرحمن بن مهدي، فسألته فقال: هكذا عن سفيان عن هشام عن أبيه: توافي.
ثم قال: قال لي أبو عبد الله: رحم الله يحيى ما كان أضبطه وأشده كان محدثاً وأحسن الثناء عليه).
وقال الطحاوي: وهذا الكلام صحيح يجب به فساد هذا الحديث
(1)
.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 264): (ورجاله رجال الصحيح وهو مشكل مستبعد لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر مَنْ قدم من ضعفة أهله أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس، ولم يقدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة حتى رمى وحلق وذبح فكيف يواعدها وهذا بعيد).
(1)
شرح معاني الآثار (2/ 221) وفتح الباري (3/ 487).
الحديث الثامن عشر
(1)
:
401 -
قال أبو يعلى في مسنده (7180): حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عاصم بن عمر عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال:
وضعت سُبيعة بعد وفاة زوجها بأيام قلائل فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنته في النكاح فأذن لها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد (4/ 327) عن أبي معاوية.
وابن حبان في صحيحه (4298) من طريق عثمان بن أبي شيبة.
والطبراني في الكبير (20/ 10) من طريق علي بن الحسين عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي: تقدم.
هشام بن عروة: تقدم.
عروة بن الزبير: تقدم.
عاصم بن عمر بن الخطاب، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة 70 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري، له ولأبيه صحبة، مات سنة 64 وحديثه في الصحيحين.
هكذا رواه أبو معاوية فقال: (عن هشام، عن عروة، عن عاصم بن عمر، عن المسور بن مخرمة).
خالفه مالك بن أنس
(1)
، وابن جريج
(2)
، وعبدة
(3)
، وحماد بن أسامة
(4)
، وحماد بن سلمة
(5)
، وابن أبي أويس
(6)
، وجعفر بن عون
(7)
، وعبد الله بن داود
(8)
، وزائدة
(9)
، وعبد الله بن مسلمة القعنبي
(10)
.
فرووه عن هشام فقالوا: (هشام، عن عروة، عن المسور بن مخرمة).
زاد أبو معاوية: عاصم بن عمر بن الخطاب في الإسناد.
وقد وافق أبو معاوية الجماعة في رواية أخرى.
فقد رواه عنه أسد بن موسى
(11)
ومعلى بن منصور
(12)
عن أبي معاوية عن هشام، عن أبيه، عن المسور، ولم يذكر فيه عاصماً.
(1)
البخاري (5320) وهو في الموطأ (2/ 590).
(2)
عبد الرزاق (11734) والطبراني (20/ 5).
(3)
ابن أبي شيبة (4/ 297).
(4)
أحمد (4/ 327).
(5)
الطبراني في الكبير (20/ 6).
(6)
الطبراني (20/ 7).
(7)
البيهقي (7/ 428).
(8)
النسائي (6/ 190) وابن ماجه (2029).
(9)
ابن قانع في معجمه (3/ 110 - 111).
(10)
الطبراني (20/ 8).
(11)
الطبراني في الكبير (20/ 9).
(12)
ابن قانع في معجمه (3/ 110).
الحديث التاسع عشر
(1)
:
402 -
قال ابن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه (4063): حدثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن جابر رضي الله عنه قال:
خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وأصحابه ينتظرونه لصلاة العشاء الآخرة، فقال:«نام الناس ورقدوا وأنتم تنتظرون الصلاة، أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها ولولا ضعف الضعيف وكبر الكبير لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله رجال مسلم.
والحديث أخرجه كذلك عبد بن حميد في المنتخب (1078) من طريق ابن أبي شيبة، وأبو يعلى (1935)(ط. دار القبلة)، ومن طريقه ابن حبان (1529) من طريق أبي خيثمة، وأخرجه البيهقي (1/ 375) من طريق سعدان بن نصر كلاهما عن أبي معاوية به.
هكذا رواه أبو معاوية عن داود، عن أبي نضرة عن جابر.
خالفه أصحاب داود فقالوا: (عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، منهم:
(1)
رجال الإسناد:
داود بن أبي هند: تقدم.
أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي العوفي البصري مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، مات سنة 198، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
بشر بن المفضل
(1)
، ومحمد بن أبي عدي
(2)
، وعبد الوارث بن سعيد
(3)
، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى
(4)
، وعلي بن عاصم
(5)
، ووهيب
(6)
، وخالد الواسطي
(7)
، وهشيم
(8)
وغيرهم
(9)
.
قال ابن أبي حاتم في العلل (533): وسئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو معاوية الضرير عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة عن جابر قال: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وأصحابه ينتظرون لصلاة العشاء
…
) الحديث.
فقال أبو زرعة: هذا حديث وهم، وهِمَ فيه أبو معاوية.
قال ابن أبي حاتم: لم يبين الصحيح ما هو، والذي عندي أن الصحيح ما رواه وهيب وخالد الواسطي، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الدارقطني في العلل (11/ 327): وسئل عن حديث أبي نضرة عن أبي سعيد: أخّر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء
…
فقال: يرويه داود بن أبي هند، واختلف عنه:
(1)
أبو داود (422).
(2)
أحمد (3/ 5) وابن خزيمة (345) والبيهقي تعليقاً (1/ 450).
(3)
النسائي (1/ 268) وفي الكبرى (1540) وابن ماجه (693) وابن خزيمة (345).
(4)
ابن خزيمة (345).
(5)
البيهقي (1/ 375) و (1/ 451).
(6)
ذكره ابن أبي حاتم في العلل (533).
(7)
ذكره ابن أبي حاتم في العلل (533) والدارقطني في العلل (11/ 237).
(8)
ذكره الدارقطني في العلل (11/ 237) وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 3).
(9)
ممن ذكرهم الدارقطني في العلل كما سيأتي.
فرواه هشيم، وخالد، وابن أبي عدي، وبشر بن المفضل، وعلي بن مسهر، وعبد الوارث، وإبراهيم بن طهمان، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومحمد بن سعيد الأموي أخو يحيى، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وخالفهم أبو معاوية الضرير فرواه عن داود عن أبي نضرة، عن جابر، والصحيح عن أبي سعيد.
قال البيهقي: هكذا رواه بشر بن المفضل عن داود بن أبي هند وخالفهم أبو معاوية الضرير عن داود فقال: عن جابر بن عبد الله بدل أبي سعيد.
علة الوهم:
قد روى جابر رضي الله عنه هذا الحديث أيضاً.
أخرجه أحمد (3/ 367) وأبو يعلى (1936) وابن أبي شيبة (14065) والطحاوي (1/ 157) من طريق الأعمش، عن أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر به.
ورواه أحمد (3/ 348) وعبد بن حميد (1052) من طريق أبي الزبير، عن جابر، ورواه عبد الرزاق (2125) من طريق معمر عن قتادة عن جابر فلعله من هنا دخل الوهم على أبي معاوية الضرير، والله أعلم.
الحديث العشرون
(1)
:
403 -
قال الطبراني في المعجم الكبير (3723): حدثنا الحسين بن إسحاق، ثنا عثمان بن أبي شيبة، (ح) وحدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه ثنا أبي قالا: ثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن سعد عن عمرو بن خزيمة عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاستطابة، فقال:«ثلاثة أحجار وليس فيهن رجيع» .
(1)
رجال الإسناد:
الحسين بن إسحاق بن إبراهيم الرفيقي التستري، قال أبو بكر الخلال: شيخ جليل سمعت منه سنة 75، وكان عنده عن أبي عبد الله خبر، مسائل كبار وكان رجلاً مقدماً، وقال الذهبي: كان من الحفاظ الرحالة، وقال أيضاً: محدث رحال ثقة. (تراجم شيوخ الطبراني ص 280).
محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه، قال الخطيب: كان عالماً بالفقه جميل الطريقة، وقال الذهبي: الإمام العالم الفقيه الحافظ. (تراجم شيوخ الطبراني ص 510).
عثمان بن محمد: تقدم.
إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو محمد بن راهويه المروزي، ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد بن حنبل، مات سنة 238 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.
هشام بن عروة: تقدم.
عبد الرحمن بن سعد المدني، مولى ابن سفيان، ثقة من الثالثة، روى له مسلم.
عمرو بن خزيمة المزني، مقبول، روى له أبو داود وابن ماجه (وكنيته أبو خزيمة).
عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري الأوسي المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة 105 وله 75 سنة، روى له أصحاب السنن الأربعة.
خزيمة بن ثابت: صحابي مشهور.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير عمرو بن خزيمة مجهول.
وأخرجه البيهقي (1/ 103) من طريق أحمد بن عبد الجبار عن أبي معاوية.
هكذا رواه أبو معاوية فقال: (عن هشام بن عروة، عن عبد الرحمن بن سعد، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة بن ثابت).
خالفه وكيع
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وعبدة بن سليمان
(3)
، وعلي بن مسهر
(4)
، وعبد الرحمن بن سليمان
(5)
، وعبد الله بن نمير
(6)
، والمفضل بن فضالة
(7)
، وزائدة بن قدامة
(8)
فرووه عن هشام بن عروة فقالوا: (عن هشام، عن عمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة).
وبعضهم ذكر عمرو بن خزيمة بكنيته فقال: (أبو خزيمة).
(1)
ابن ماجه (315) وأحمد (5/ 213) والحميدي (433) والطبراني (3727).
(2)
ابن ماجه (315).
(3)
ابن أبي شيبة (1/ 154، 156) والترمذي في العلل الكبير (1/ 96) والطبراني (3725) وابن عبد البر في التمهيد (22/ 308).
(4)
الدارمي (671).
(5)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 121).
(6)
أحمد (5/ 314) وابن أبي شيبة (1/ 156) والطبراني (3726).
(7)
ابن عبد البر في التمهيد (22/ 309).
(8)
ابن عبد البر في التمهيد.
زاد أبو معاوية في الإسناد: (عبد الرحمن بن سعد) فوهم.
وقد رواه عبد الله بن محمد النفيلي
(1)
عن أبي معاوية عن هشام بمثل رواية الجماعة.
قال البخاري: أخطأ أبو معاوية في هذا الحديث إذ زاد فيه: عن عبد الرحمن بن سعد، والصحيح ما روى عبدة ووكيع عن هشام بن عروة عن أبي خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة
(2)
.
وقال أبو داود عقب الحديث: كذا رواه أبو أسامة وابن نمير عن هشام.
وقال البيهقي معقباً: (وكذلك رواه محمد بن بشر العبدي ووكيع وعبدة بن سليمان عن هشام.
ورواه ابن عيينة عن هشام عن أبي وجزة عن عمارة، وكان علي بن المديني يقول: الصواب رواية الجماعة عن هشام عن عمرو بن خزيمة) اه.
وقال ابن أبي حاتم: وسئل أبو زرعة عن اختلاف الرواة في خبر هشام بن عروة في الاستنجاء. ورواه وكيع وعبدة عن هشام بن عروة عن عمرو بن خزيمة عن عمارة بن خزيمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع» .
(1)
أبو داود (41) والبيهقي (1/ 103).
(2)
العلل الكبير للترمذي (1/ 97) والسنن الكبرى للبيهقي (1/ 103) وجامع التحصيل (10/ 1127) وتعليقة ابن عبد الهادي على العلل (1/ 182 - 185).
قال البيهقي: وأبو خزيمة هو عمرو بن خزيمة.
ومنهم مَنْ يقول: عن هشام بن عروة عن مَنْ حدثه عن عمارة بن خزيمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال أبو زرعة: الحديث حديث وكيع وعبدة
(1)
.
وانظر ح (116)، (1365).
(1)
العلل لابن أبي حاتم (1/ 54).
الحديث الحادي والعشرون
(1)
:
404 -
قال أبو داود رحمه الله (2645): حدثنا هناد بن السري، ثنا أبو معاوية عن إسماعيل، عن قيس عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين» ، قالوا: يا رسول الله لمَ؟ قال: «لا تراءى نارهما» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الترمذي (1604) وفي العلل الكبير (483) من طريق هناد، والطبراني في الكبير (2265) من طريق عبد الله بن عمر بن أبان، والبيهقي (8/ 131) وابن البختري (1/ 242) من طريق أحمد بن عبد الجبار كلهم عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري بن مصعب التميمي، أبو السري الكوفي، ثقة من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى له مسلم والبخاري في خلق أفعال العباد.
إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مولاهم البجلي، ثقة ثبت من الرابعة، مات سنة 146، روى له البخاري ومسلم.
قيس بن أبي حازم البجلي أبو عبد الله الكوفي، ثقة من الثانية، مخضرم، ويقال: له رؤية، ويقال: إنه اجتمع له أن يروي عن العشرة، مات بعد عام 190 وقبلها وقد جاوز المائة وتغير.
هكذا قال أبو معاوية: (عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير) خالفه عبدة
(1)
، وهشيم
(2)
، وأبو خالد الأحمر
(3)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(4)
، ووكيع
(5)
، ومروان بن معاوية
(6)
، ومعتمر بن سليمان
(7)
، وعبد الرحيم بن سليمان
(8)
، فقالوا:(عن إسماعيل، عن قيس، ولم يذكروا جريراً).
قال أبو داود عقب الحديث: رواه هشيم ومعمر وخالد الواسطي وجماعة لم يذكروا جريراً.
وقال الترمذي عقب أن أخرج الحديث من طريق عبدة: وهذا أصح، وأكثر أصحاب إسماعيل قالوا: عن قيس بن أبي حازم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا فيه عن جرير مثل حديث أبي معاوية.
وسمعت محمداً يعني البخاري يقول: الصحيح حديث قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم
(9)
.
(1)
الترمذي (1605).
(2)
أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (3/ 56) وأبو داود (2645) تعليقاً.
(3)
النسائي (8/ 26) وفي الكبرى (6982).
(4)
أبو داود (2645) تعليقاً.
(5)
ابن أبي شيبة (12/ 346) وإسحاق بن راهويه في مسنده كما في تخريج الأحاديث والآثار للزيلعي (1/ 402).
(6)
الشافعي في مسنده (1/ 202) ومن طريقه البيهقي في المعرفة (6/ 251).
(7)
سعيد بن منصور في سننه (2663) وأبو داود تعليقاً (2645) وتحرف في المطبوع إلى معمر، والتصحيح من تحفة الأشراف (3227).
(8)
ابن أبي شيبة في مصنفه (36630) ط. الرشد.
(9)
في الجامع الصحيح (3/ 252 - 253) ونحوه في العلل (1/ 264).
وقال أبو حاتم: المرسل أشبه
(1)
.
وقال البيهقي: هذا مرسل، وقد رويناه عن أبي معاوية وحفص بن غياث عن إسماعيل عن قيس عن جرير موصولاً، وهو بإرساله أصح
(2)
.
وقال الزيلعي: ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه، حدثنا وكيع، ثنا إسماعيل بن أبي خالد به مرسلاً.
وكذلك رواه الشافعي في مسنده أخبرنا مروان عن إسماعيل بن أبي خالد به مرسلاً، ومن طريق الشافعي رواه الحاكم في مناقب الشافعي ثم البيهقي في كتاب المعرفة قال: وقد رويناه عن حفص بن غياث وأبي معاوية عن إسماعيل به مسنداً عن جرير وهو مع إرساله أصح.
وكذلك رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريبه حدثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد به مرسلاً
(3)
.
قال الحافظ: «صحح البخاري وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والدارقطني إرساله إلى قيس بن أبي حازم»
(4)
.
وقد تابع أبا معاوية على وصله حجاج بن أرطاة عن إسماعيل لكنها متابعة لا يفرح بها لضعفه
(5)
.
(1)
العلل لابن أبي حاتم (942).
(2)
معرفة السنن والآثار (6/ 251).
(3)
تخريج الأحاديث والآثار (1/ 402).
(4)
التلخيص الحبير (4/ 119).
(5)
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2526) والطبراني في الكبير (2261) والبيهقي (9/ 12)، وذكر الترمذي في العلل الكبير (483) أن البخاري لم يعده محفوظاً، وقال أبو حاتم في العلل لابنه (942): المرسل أشبه.
وقال الدارقطني: «يرويه إسماعيل بن أبي خالد، واختلف عنه:
فرواه أبو معاوية الضرير، وصالح بن عمرو عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير.
ورواه حفص بن غياث عن إسماعيل عن قيس، عن خالد بن الوليد، قاله يوسف بن عدي عنه.
ورواه أبو إسحاق الفزاري، ومروان بن معاوية، ومعتمر بن سليمان عن إسماعيل عن قيس مرسلاً وهو الصواب»
(1)
.
علة الوهم:
أبو معاوية يضطرب في غير حديث الأعمش كما قاله نقاد الحديث وأئمته، وقد قال الإمام أحمد: هو في غير حديث الأعمش مضطرب لا يحفظها جيداً
(2)
.
(1)
العلل (13/ 464).
(2)
شرح علل الترمذي (2/ 812).
الحديث الثاني والعشرون
(1)
:
405 -
قال أبو يعلى رحمه الله (6103): حدثنا عبد الله بن عون، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، قال: نبئت عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«اللهم اجعل رزق آل محمد في الدنيا قوتاً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 114) من طريق أبي يعلى به.
هكذا قال ابن عون عن أبي معاوية: (عن الأعمش، عن رجل، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة).
خالف وكيع
(2)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(3)
، وحفص بن غياث
(4)
، ومحاضر بن المورع
(5)
.
فرووه عن الأعمش، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة فقالوا:«اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً» .
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن عون بن أبي عون بن يزيد الهلالي الخراز، أبو محمد البغدادي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة 232، روى له مسلم.
الأعمش: تقدم.
(2)
مسلم (1055).
(3)
مسلم (1055).
(4)
أبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (2350).
(5)
ابن حبان (6344).
وكذلك رواه محمد بن فضيل
(1)
، عن أبيه، عن عمارة بن القعقاع فلم يقل:«في الدنيا» .
زاد أبو معاوية (أو من دونه في الإسناد): «في الدنيا» .
قال الألباني: أورد السيوطي الحديث في الجامع الصغير بلفظ مسلم وبزيادة: «في الدنيا» .
وعزاه لمسلم والترمذي وابن ماجه، وكذلك في الجامع الكبير من رواية هؤلاء الثلاثة، وكذا أحمد وأبي يعلى والبيهقي، ولا أصل لها عند أحد منهم إلا أن تكون عند أبي يعلى وذلك مما أستبعده فإن ثبتت عنده فهي زيادة شاذة بلا شك لمخالفتها لروايات الثقات الحفاظ
(2)
.
علة الوهم:
روى عبد الله بن عون قال: حدثنا أبو معاوية، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي داود عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من ذي غنى إلا سيود يوم القيامة لو كان إنما أوتي من الدنيا قوتاً»
(3)
.
وهو بمعنى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأهل بيته (وجاء فيه: «في الدنيا قوتاً» ومن هنا والله أعلم دخل الوهم على أبي معاوية أو عبد الله بن عون فزاد كلمة: «في الدنيا» في حديث الأعمش ومعناه صحيح إلا أن حرصنا على الاكتفاء باللفظ النبوي وتجريده عن أي زيادة هي ما دفعني إلى تقييده هنا، والله تعالى أعلم.
(1)
البخاري (6460) ومسلم (1055).
(2)
السلسلة الصحيحة (130).
(3)
رواه أبو يعلى (4341) وروي من طرق أخرى عن أبي معاوية وإسماعيل بن أبي خالد انظر: (مسند أبي يعلى 3713)(4339) وابن ماجه (4120) وأحمد (3/ 117) وعبد بن حميد (1235) وغيرهم.
الحديث الثالث والعشرون
(1)
:
406 -
قال البيهقي رحمه الله (9/ 110): أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، أنبا إسماعيل الصفار، ثنا سعدان بن نصر، ثنا أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن غلاماً له لحق بالعدو على فرس له فظهر عليها خالد بن الوليد فردهما عليه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
هكذا قال أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن غلاماً لابن عمر لحق بالعدو على فرس لابن عمر.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار، أبو محمد البغدادي السكري يعرف بابن وجه العجوز، ونعته الذهبي: الشيخ المعمر الثقة، سمع من إسماعيل الصفار عدة أجزاء انفرد بعلوها. قال الخطيب: صدوق مشهور. تاريخ بغداد (11/ 454) السير (17/ 386 - 387).
إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار، أبو علي البغدادي، روى عنه الدارقطني ووثقه وقال: كان متعصباً للسنّة، نعته الذهبي فقال: الإمام النحوي الأديب مسند العراق انتهى إليه علو الإسناد، توفي ببغداد سنة 341.
سعدان بن نصر بن منصور الثقفي البغدادي البزار، اسمه سعيد فلقب بسعدان. قال الدارقطني: ثقة مأمون، وقال أبو حاتم: صدوق، روى عنه أبو عوانة في صحيحه، نعته الذهبي فقال: الشيخ العالم المحدث الصدوق، توفي 265. السير (12/ 357).
عبيد الله بن عمر: تقدم.
نافع: تقدم.
خالفه أصحاب عبيد الله فرووه عنه بهذا الإسناد فلم يذكروا أن العبد الآبق ذهب بالفرس، بل قالوا: إن ابن عمر كان على فرسه فأخذه العدو، وجاء بيان أخذ العدو له عند بعضهم فقالوا: إن ابن عمر اقتحم بفرسه جرفاً فصرعه الفرس وسقط ابن عمر فعار الفرس.
أولاً: رواية عبد الله بن نمير:
قال الإمام البخاري: وقال ابن نمير: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ذهب فرس له فأخذه العدو، فظهر عليه المسلمون فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبق عبد له فلحق بالروم فظهر عليهم المسلمون فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
ثانياً: رواية يحيى بن سعيد القطان:
قال الإمام البخاري: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا يحيى، عن عبيد الله، قال: أخبرني نافع أن عبداً لابن عمر أبق فلحق بالروم فظهر عليه خالد بن الوليد فرده على عبد الله، وأن فرساً لابن عمر عار فلحق بالروم فظهر عليه فردوه على عبد الله.
قال أبو عبد الله يعني البخاري: عار مشتق من العير، وهو حمار وحش، أي: هرب
(2)
.
(1)
البخاري (3067) ووصله أبو داود (2699) وابن ماجه (2847) وابن الجارود (1068) والبيهقي (9/ 110) وابن حجر في التغليق (3067).
(2)
البخاري (3068).
وذكر الحافظ أن إسماعيل بن زكريا تابع ابن نمير عند الإسماعيلي في مستخرجه
(1)
.
ثالثاً: رواية موسى بن عقبة:
وهي متابعة لرواية عبد الله بن عمر ودلالتها واضحة على وهم أبي معاوية.
قال البخاري: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، عن موسى بن عقبة، عن نافع عن ابن عمر أنه كان على فرس يوم لقي المسلمون، وأمير المسلمين يومئذ خالد بن الوليد بعثه أبو بكر فأخذه العدو، فلما هزم العدو رد خالد فرسه
(2)
.
ورواه البيهقي من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن أحمد بن يونس عن زهير عن موسى بن عقبة به، فقال:(إنه كان على فرس له يوم لقي المسلمون طيئاً وأسداً وأمير المسلمين خالد بن الوليد بعثه أبو بكر رضي الله عنه فاقتحم الفرس بعبد الله بن عمر جرفاً فصرعه وسقط عبد الله فعار الفرس فأخذه العدو، فلما هزم الله العدو رد خالد على عبد الله فرسه)
(3)
.
وروى سفيان عن أيوب عن نافع أن ابن عمر أبق له غلام فأتى العدو ففتح الله على المسلمين فرده عليه.
(1)
فتح الباري (6/ 181).
(2)
البخاري (3069).
(3)
السنن الكبرى (9/ 110).
واقتحم به فرسه في جرف ففتح الله على المسلمين فرد عليه
(1)
.
وسيأتي الحديث في باب يحيى بن زكريا بن أبي زائدة
(2)
.
(1)
سنن سعيد بن منصور (2797).
(2)
ح رقم (1026).
الحديث الرابع والعشرون
(1)
:
407 -
قال أبو يعلى الموصلي رحمه الله (759): حدثنا عمرو بن محمد الناقد، حدثنا أبو معاوية محمد بن خازم، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: صلّى بنا سعد بن أبي وقاص فنهض في الركعتين فسبّحنا به فاستتم قائماً، قال: فمضى في قيامه حتى فرغ فقال: أكنتم تروني أن أجلس إنما صنعت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الضياء في المختارة (1035) من طريق أبي يعلى به.
وأخرجه الضياء (1037) من طريق شريح بن يونس، والبيهقي (2/ 344) من طريق أحمد بن عبد الجبار ويحيى بن يحيى، والبزار (1217) عن أبي كريب، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 411) من طريق أحمد بن عبد الجبار كلهم عن أبي معاوية به.
هكذا قال أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس أن سعداً صلّى بهم فسها فمضى في صلاته ثم قال: إنما صنعت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1)
رجال الإسناد:
عمرو بن محمد بن بكير الناقد، أبو عثمان البغدادي، نزل الرقة، ثقة حافظ وهم في حديثه، من العاشرة، مات سنة 232، روى له البخاري ومسلم.
إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مولاهم البجلي، ثقة ثبت من الرابعة، مات سنة 146، روى له البخاري ومسلم.
قيس بن أبي حازم البجلي: تقدم في هذا الباب.
خالفه سفيان الثوري
(1)
، ووكيع
(2)
، وزائدة
(3)
، وزهير بن معاوية
(4)
، وهشيم
(5)
، والمحاربي
(6)
، وسفيان بن عيينة
(7)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(8)
، ويحيى بن سعيد القطان
(9)
، وأبو حمزة السكري
(10)
، ومروان
(11)
.
فرووه عن إسماعيل بن أبي خالد موقوفاً ولم يذكر أحد منهم: (إنما صنعت كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه شعبة
(12)
، ومحمد بن فضيل
(13)
وسفيان الثوري
(14)
ثلاثتهم عن بيان بن بشر عن قيس موقوفاً.
قال الدارقطني: والموقوف هو المحفوظ
(15)
.
(1)
عبد الرزاق (3486).
(2)
أبو يعلى (760) والضياء في المختارة (1036).
(3)
الدارقطني في العلل تعليقاً (4/ 380).
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.
(6)
المصدر السابق.
(7)
المصدر السابق.
(8)
الدارقطني (4/ 379).
(9)
العلل (4/ 379).
(10)
العلل (4/ 379).
(11)
العلل (4/ 379).
(12)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 441).
(13)
ابن أبي شيبة (4493).
(14)
عبد الرزاق (3486).
(15)
العلل (4/ 380).
الحديث الخامس والعشرون
(1)
:
408 -
قال ابن حبان في صحيحه (3243): أخبرنا ابن قُتيبة قال: حدثنا يزيد بن موهب قال: حدثنا أبو معاوية الضرير قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: أتينا خبَّاباً نعوده فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الرجل ليؤجَر في نفقته كلها إلا في هذا التراب» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
ورواه البيهقي في شعب الإيمان (10232) من طريق أبي كريب عن أبي معاوية به.
ورواه هناد في الزهد (721) عن أبي معاوية به.
هكذا قال أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس، عن خباب، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الرجل ليؤجر في نفقته كلها إلا في هذا التراب» .
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن الحسن بن قتيبة ابن زيادة اللخمي العسقلاني أبو العباس، قال الذهبي: الإمام الثقة المحدث الكبير، كان مسند أهل فلسطين، ذا معرفة وصدق، وقال الدارقطني: ثقة. (السير 14/ 292 - 293).
يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب، أبو خالد، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة 232 أو بعدها، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
إسماعيل بن أبي خالد: تقدم في هذا الباب.
قيس بن أبي حازم البجلي: تقدم في هذا الباب.
خالفه شعبة
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، ووكيع
(3)
، ويزيد بن هارون
(4)
، ويحيى بن سعيد القطان
(5)
، وزيد بن أبي أنيسة
(6)
فرووه عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن خباب
(7)
موقوفاً من قوله.
رواية شعبة:
عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم: دخلنا على خباب نعوده وقد اكتوى سبع كيات قال: إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنفعهم الدنيا وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعاً إلا التراب ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به.
ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبني حائطاً له فقال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب.
رواية سفيان:
عدنا خباباً وقد اكتوى سبعاً فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به، ثم قال: فإنه قد مضى قبلنا قوم لم ينالوا من الدنيا شيئاً وإنا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لا يدري أحدنا في أي شيء يضعه إلا في التراب وإن المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا فيما أنفق في التراب.
(1)
البخاري (5672).
(2)
ابن حبان (2999) والحميدي (154) والطبراني في الكبير (3633).
(3)
أحمد (5/ 109) والبخاري (6430) من طريق يحيى بن موسى عن وكيع.
(4)
أحمد (5/ 1100).
(5)
الطبراني في الكبير (3632).
(6)
الطبراني (3632).
(7)
البخاري (6431).
حديث وكيع:
دخلنا على خباب نعوده وهو يبني حائطاً له فقال: المسلم يؤجر في كل شيء إلا ما يجعل في هذا التراب.
وقد اكتوى سبعاً في بطنه وقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به.
هذا لفظ أحمد والبخاري بنحوه.
حديث يزيد:
أتينا خباباً بن الأرت نعوده وقد اكتوى في بطنه سبعاً فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به، فقد طال بي مرضي.
ثم قال: إن أصحابنا الذين مضوا
…
إلى آخره.
حديث يحيى:
أتيت خباباً وهو يبني حائطاً له فقال: إن أصحابنا الذين مضوا لم تنقصهم الدنيا شيئاً، وإنا أصبنا من بعدهم شيئاً لا نجد له موضعاً إلا في التراب.
لذا قال أبو يعلى عقب الحديث: قال أبو عثمان عمرو بن محمد الناقد: لم نسمع أحداً يرفع هذا عدا أبي معاوية
(1)
.
وقال البزار: هذا الحديث قد رواه غير واحد عن إسماعيل عن قيس بن سعد موقوفاً
(2)
.
(1)
مسند أبي يعلى (2/ 103).
(2)
مسند البزار (4/ 54).
وقال البيهقي: رواه بيان عن قيس فوقفه على سعد.
وقال الدارقطني: يرويه بيان بن بشر وإسماعيل بن أبي خالد عن قيس، فأما بيان فرفعه بقية بن الوليد
(1)
عن شعبة عن قيس عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم ووقفه غندر وغيره عن شعبة.
فأما إسماعيل فرفعه أبو معاوية الضرير عنه وأسنده ووقفه زائدة وزهير وهشيم والمحاربي وابن عيينة وخالد الواسطي ويحيى القطان ومروان وأبو حمزة السكري وغيرهم، والموقوف هو المحفوظ
(2)
.
ورواه جماعة عن إسماعيل عن قيس عن خباب مقتصرين على المرفوع وهو النهي عن تمني الموت، منهم:
عبدة بن سليمان الكلابي
(3)
، ويحيى بن سعيد القطان
(4)
، وعبد الله بن إدريس
(5)
، وجرير بن عبد الحميد
(6)
، ووكيع
(7)
، وعبد الله بن نمير
(8)
، ومعتمر بن سليمان
(9)
، وأبو أسامة
(10)
، ويعلى بن عبيدة
(11)
.
(1)
الطبراني في الأوسط (1411).
(2)
العلل (4/ 379).
(3)
البخاري (7233).
(4)
البخاري (6349)(6350).
(5)
مسلم (2680).
(6)
المصدر السابق.
(7)
المصدر السابق.
(8)
المصدر السابق.
(9)
المصدر السابق.
(10)
المصدر السابق.
(11)
ابن سعد في الطبقات (3/ 166).
ونقل البيهقي عن الإمام أحمد قوله: رفعه غريب بهذا الإسناد.
وقد روي عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة عن خباب مرفوعاً، وهو بذلك الإسناد أشبه
(1)
.
(1)
شعب الإيمان (15/ 93).
الحديث السادس والعشرون
(1)
:
409 -
قال ابن حبان في صحيحه (1835): أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال: حدثنا الحسين بن حُرَيث قال: حدثنا أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بهم في المغرب ب { .. الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
…
(167)}.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير شيخ ابن حبان وهو ثقة، قال الهيثمي في المجمع: ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه الطبراني في الكبير (13880) والأوسط (1742) والصغير (117) من طريق الحسين بن حريث.
وتابعه يحيى بن معين فيما ذكره الدارقطني في العلل (2916).
هكذا قال أبو معاوية: (عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه ابن نمير
(2)
، وعبد الوهاب الثقفي
(3)
، وأنس بن عياض أبو
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن أحمد بن أبي عون، أبو جعفر النسوي الرياني وقيل الرذاني، نعته الذهبي فقال: الحافظ المحدث الثقة، وثقه الخطيب، روى عنه ابن حبان 99 حديثاً. انظر: السير (14/ 433)، مقدمة صحيح ابن حبان (1/ 15).
الحسين بن حريث الخزاعي، مولاهم أبو عمار المروذي، ثقة من العاشرة، مات سنة 254، روى له البخاري ومسلم.
(2)
ابن أبي شيبة (1/ 359).
(3)
الدارقطني في العلل تعليقاً (2916).
ضمرة
(1)
، ومحمد بن عبيد
(2)
، فرووه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر موقوفاً أنه كان يقرأ ذلك في العشاء.
وتابعهم عبدة
(3)
، وأيوب
(4)
، وعبد الله بن سليمان الطويل
(5)
، فرووه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر موقوفاً.
قال الدارقطني: وقولهم أصح من قول أبي معاوية الضرير عن عبيد الله فإنه وهم في رفعه، والله أعلم.
وقال أيضاً: والمحفوظ عن ابن عمر ما قاله عبد الوهاب ومَن تابعه
(6)
.
وقال الحافظ: ظاهر إسناده الصحة إلا أنه معلول. قال الدارقطني: أخطأ فيه بعض رواته
(7)
.
(1)
المصدر السابق.
(2)
المصدر السابق.
(3)
ابن أبي شيبة (1/ 358).
(4)
الدارقطني (2916).
(5)
الدارقطني (2916).
(6)
العلل (13/ 26 - 27).
(7)
فتح الباري (2/ 248).
الحديث السابع والعشرون
(1)
:
410 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 477): حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا هلال بن عامر المزني، عن أبيه قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى على بغلة وعليه برد أحمر، قال: ورجل من أهل بدر
(2)
بين يديه يعبر عنه، قال: فجئت حتى أدخلت يدي بين قدمه وشراكه، قال: فجعلت أعجب من بردها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (4073) والبيهقي (3/ 247) والطبراني في الأوسط (3097) وابن قانع في معجم الصحابة (753) والضياء في المختارة (250) من طرق عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
هكذا قال أبو معاوية: (عن هلال بن عامر، عن أبيه).
(1)
رجال الإسناد:
هلال بن عامر بن عمرو المزني الكوفي، ثقة من الرابعة روى له أبو داود والنسائي.
عامر بن عمرو المزني، صحابي، يقال: الصواب: رافع بن عمرو. رافع بن عمرو المزني أخو عائذ بن عمرو، صحابي سكن البصرة وبقي إلى خلافة معاوية، ومنهم مَنْ قال: عامر بن عمرو روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
(2)
هو علي بن أبي طالب كما في رواية أخرى.
خالفه مروان بن معاوية الفزاري
(1)
، ويعلى بن عبيد
(2)
، وعبد الرحمن بن مغراء
(3)
فقالوا: (عن هلال بن عامر المزني، عن رافع بن عمرو المزني)، وصحح هذا الوجه الإمام البخاري وابن السكن والبغوي.
قال البخاري: قال أبو حفص: حدثنا مروان، قال: حدثنا هلال بن عامر المزني، سمعت رافع بن عمرو المزني: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم النحر يخطب على بغلة بيضاء، وتابعه عبد الرحمن بن مغراء.
وقال أبو معاوية: عن هلال، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والأول أصح.
وقال الحافظ ابن حجر: «قال أبو علي ابن السكن أخطأ فيه أبو معاوية، وقال أبو القاسم البغوي: رافع بن عمرو هو الصواب»
(4)
.
وترجم ابن أبي حاتم لرافع بن عمرو وذكر أنه هو الذي يروي عنه هلال بن عامر المزني، لم يترجم لعامر بن عمرو.
قال في الجرح والتعديل: «رافع بن عمرو المزني بصري روى عنه عمرو بن سليم المزني
(5)
وهلال بن عامر المزني، سمعت أبي يقول ذلك
(6)
.
وترجم ابن حبان للرجلين رافع بن عمرو، وعامر بن عمرو.
(1)
أبو داود (1956) والنسائي في الكبرى (4094) والطبراني في الكبير (4458) والبيهقي (5/ 140) والفاكهي في أخبار مكة (3/ 127) والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1193) وابن عساكر في تاريخ دمشق (18/ 5) والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 202) كما سيأتي.
(2)
ابن أبي شيبة في مسنده (588) والروياني في مسنده (951) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1096) والطبراني في الكبير (4458) وابن عساكر (18/ 5).
(3)
التاريخ الكبير (3/ 302).
(4)
تهذيب التهذيب (5/ 69) والإصابة (3/ 592).
(5)
ابن ماجه (3456) وأحمد (3/ 426) و (5/ 65).
(6)
الجرح والتعديل (3/ 479).
فقال: عامر بن عمرو المزني له صحبة
(1)
.
وذكر رافع صاحب حديث الباب وقال: رافع بن عمرو المزني رأى النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع على بغلة شهباء، سكن البصرة
(2)
.
وخالفهم المزي
(3)
فرجح رواية أبي معاوية وذكر أن محمد بن عبيد الطنافسي عن شيخ من بني فزارة عن هلال بن عامر عن أبيه ولم يذكر مَنْ تابع مروان بن معاوية فكأنه لم يقف على ذلك.
وما ذهب إليه الإمام البخاري ومَن تابعه أصح، ورواية محمد بن عبيد عن شيخ من بني فزارة إسناده ضعيف لجهالة الشيخ وأبو معاوية سلك الجادة فقال: عن أبيه.
أما الحافظ ابن حجر فقد رجح الروايتين وأن هلالاً رواه عن أبيه، وعن رافع بن عمر فقال: «لم ينفرد أبو معاوية بذلك، فقد روى
(1)
الثقات (942).
(2)
الثقات (410).
(3)
تحفة الأشراف (4/ 235 ترجمة 5055).
أحمد أيضاً عن محمد بن عبيد عن شيخ من بني فزارة عن هلال بن عامر عن أبيه، فيحتمل أن يكون هلال سمعه من أبيه ومن عمه رافع»
(1)
.
ورجح في موضع آخر حديث أبي معاوية فذكر في القسم الذي ذكر فيه وهمٌ:
فقال: «تابع أبا معاوية يعلى بن عبيد ويحيى القطان وغيرهما وهي الراجحة»
(2)
وكلا القولين فيه نظر.
فإنه يبعد تعدد القصة وفيه أن كلّاً منهما جاء حتى وضع يده على قدم النبي صلى الله عليه وسلم حتى وجد بردها.
أما متابعة يعلى فإنه تابع مروان والذي تابع أبا معاوية محمد بن عبيد ومتابعته ضعيفة فإنه عن شيخ مجهول، وأما ما رواه يحيى القطان فلم يسندها البخاري ولم يذكر ابن حجر مَنْ خرجها والله أعلم بإسنادها، والله أعلم.
(1)
الإصابة (3/ 592 ترجمة 4413).
(2)
الإصابة (6/ 586 ترجمة 9083).
الحديث الثامن والعشرون
(1)
:
411 -
قال الإمام الترمذي رحمه الله (457): حدثنا هناد، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة فلما كبر وضعف أوتر بسبع.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات.
أخرجه البغوي في شرح السنة من طريق الترمذي، وأخرجه النسائي في المجتبى (3/ 237، 243) من طريق أحمد بن حرب، وفي الكبرى (429)(1347) من طريق هناد، وأخرجه أحمد (6/ 322) وابن أبي شيبة (2/ 293) ومن طريقه الحاكم (1/ 306) وإسحاق (1892) والطبراني في الكبير (23/ 741) من طريق أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة كلهم (هناد، وأحمد بن حرب، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر، وعثمان، وإسحاق) عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري بن مصعب التميمي الكوفي، ثقة من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى عنه مسلم والبخاري في خلق أفعال العباد.
الأعمش: تقدم.
عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق الجملي، الكوفي الأعمى، ثقة عابد، كان لا يدلس ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة 118 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن الجزار العُرني الكوفي، صدوق رمي بالغلو في التشيع، من الثالثة، روى له مسلم.
هكذا قال أبو معاوية: (عن الأعمش، عن عمرو، عن يحيى بن الجزار، عن أم سلمة).
خالفه محمد بن فضيل
(1)
، وأبو الأحوص
(2)
، وأبو عوانة
(3)
، وسفيان الثوري
(4)
، وزائدة
(5)
.
فقالوا: (عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن يحيى بن الجزار عن عائشة).
لذا قال الدارقطني: وقول ابن فضيل أشبه بالصواب
(6)
.
(1)
أحمد (6/ 32) وابن أبي شيبة (12/ 293) والطحاوي (1/ 284).
(2)
النسائي في الكبرى (428)، (1351).
(3)
ابن نصر في قيام الليل ص 25.
(4)
عبد الرزاق (4715) ومن طريقه أحمد (6/ 225).
(5)
النسائي (3/ 238).
(6)
العلل (14/ 353 رقم 3697).
الحديث التاسع والعشرون
(1)
:
412 -
قال النسائي رحمه الله (5/ 26) وفي الكبرى (2232): أخبرنا أحمد بن حرب قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن معاذ قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً أو تبيعة ومن كل أربعين مُسِنَّة ومن كل حالم ديناراً أو عدله معافر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن حرب وقد توبع.
وأخرجه أبو داود (1577)(3039) وابن خزيمة (2268) والطبراني في الكبير (20/ 263) والدارقطني (2/ 101) من طريق (عبد الله بن محمد النفيلي، وعثمان بن أبي شيبة، وأبو موسى محمد بن المثنى) ثلاثتهم عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
هكذا قال أبو معاوية: (عن الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ).
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن حرب بن محمد بن علي بن حبان الموصلي، صدوق من العاشرة، مات سنة 263 وله 90 سنة، روى عنه النسائي.
إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، الكوفي الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً، من الخامسة، مات سنة 96 وهو ابن خمسين أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.
مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الكوفي، ثقة فقيه عابد مخضرم من الثانية، مات سنة 62 ويقال: 63، روى له البخاري ومسلم.
خالفه يعلى بن عبيد
(1)
، ووكيع
(2)
، ومروان بن معاوية الفزاري
(3)
فقالوا: (عن الأعمش، عن إبراهيم، عن معاذ) لا يذكرون مسروقاً.
قال البيهقي: «قال أبو داود في بعض النسخ: هذا حديث منكر بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكاراً شديداً.
ثم قال البيهقي معقباً: إنما المنكر رواية أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق عن معاذ، فأما رواية الأعمش عن أبي وائل عن مسروق فإنها محفوظة، قد رواها عن الأعمش جماعة، منهم: سفيان الثوري وشعبة ومعمر وجرير وأبو عوانة ويحيى بن سعيد وحفص بن غياث، وقال بعضهم: عن معاذ، وقال بعضهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن أو ما في معناه.
ثم قال: هذا هو المحفوظ حديث الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن مسروق، وحديثه عن إبراهيم منقطع ليس فيه ذكر مسروق
(4)
.
وقال الدارقطني: والمحفوظ عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ، وعن إبراهيم مرسلاً
(5)
.
(1)
النسائي (5/ 26) وفي الكبرى (2231) والدارمي (1623) والشاشي في مسنده (1347) والبيهقي (9/ 193) وفي الصغرى (1222) و (3746).
(2)
ابن أبي شيبة (3/ 227).
(3)
أبو عبيد في الأموال (64) و (993).
(4)
السنن الكبرى (9/ 193).
(5)
العلل (6/ 68 رقم 985).
علة الوهم:
هذا الحديث يرويه الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن مسروق عن معاذ
(1)
.
ويرويه الأعمش أيضاً عن إبراهيم النخعي، عن معاذ، وقد جوّده يعلى بن عبيد ومروان بن معاوية فقالا: حدثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق، والأعمش عن إبراهيم قالا: قال معاذ
…
فالأعمش يذكر مسروقاً في هذا الحديث، ضمن حديث أبي وائل ولا يذكره في حديث إبراهيم فوهم أبو معاوية فذكر مسروقاً في حديث إبراهيم، والله تعالى أعلم.
(1)
رواه عنه جماعة هكذا كما تقدم في حديث البيهقي انظر: (النسائي 5/ 26) وابن ماجه (1803) والدارمي (1746) وعبد الرزاق (6841)(10095) والشاشي (1352)(1353) وابن حبان (4866) والطيالسي (568).
الحديث الثلاثون
(1)
:
413 -
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (2261): حدثنا موسى بن عبد الرحمن الكِنْدي الكوفي، حدثنا زيد بن حُبَاب، أخبرني موسى بن عُبَيدة، حدثني عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مشت أمتي بالمُطَيْطياء وخدَمَها أبناء الملوك أبناء فارس والروم سُلِّط شِرَارها على خيارها» ، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب وقد رواه أبو معاوية عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
حدثنا بذلك محمد بن إسماعيل الواسطي، حدثنا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه
…
التعليق:
الحديث الذي نحن بصدده هو الحديث الثاني.
ورواه البزار في مسنده (6141)، وبحشل في تاريخ واسط (1/ 223)، والدارقطني في العلل (2200)، وعبد الكريم القزويني في
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن إسماعيل بن البختري الحساني، أبو عبد الله الواسطي، نزيل بغداد، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 258، روى له الترمذي، وابن ماجه.
يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، أبو سعيد القاضي، ثقة ثبت من الخامسة، مات سنة 144 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن دينار العدوي مولاهم أبو عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر، ثقة من الرابعة، مات سنة 127، روى له البخاري ومسلم.
التدوين (2/ 194) كلهم من طريق محمد بن إسماعيل الواسطي عن أبي معاوية به.
هكذا قال أبو معاوية: (عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر).
خالفه عبيد الله بن عمرو
(1)
، وسفيان الثوري
(2)
، ومالك
(3)
، وحماد بن زيد
(4)
فقالوا: (عن يحيى بن سعيد عن يحنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية، عن يحيى بن سعيد، عن يحنس إلا أنه قال: عن أبي هريرة
(5)
.
ورواه مالك عن يحيى بن سعيد مرسلاً
(6)
.
والمحفوظ في هذا الإسناد هو موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مشت أمتي
…
».
هكذا رواه عنه زيد بن الحباب
(7)
، وعبد الله بن المبارك
(8)
، وعبيد الله بن موسى
(9)
، ومحمد بن القاسم
(10)
، وإسحاق بن
(1)
أبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن (70).
(2)
البيهقي في دلائل النبوة (6/ 525) من طريق محمد بن يوسف.
(3)
نصر المقدسي في أماليه (كما في الصحيحة للألباني 2/ 680).
(4)
ابن أبي الدنيا في التواضع والخمول (249).
(5)
الطبراني في الأوسط (3587) والدارقطني في أطراف الغرائب (5/ 275).
(6)
ذكره الترمذي في سننه (2261).
(7)
الترمذي (2261) والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 525) والخرائطي في مساواء الأخلاق (ص 271).
(8)
كتاب الزهد (2/ 21).
(9)
العقيلي في الضعفاء (4/ 160).
(10)
ابن عدي في الكامل (6/ 335).
سليمان
(1)
، وروح بن عبادة
(2)
.
أما حديث يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر فهو غريب تفرد به أبو معاوية وتفرد بالرواية عنه محمد بن إسماعيل الواسطي، لذا قال الترمذي: ولا يعرف لحديث أبي معاوية عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار أصل، إنما المعروف حديث موسى بن عبيدة، وقد روى مالك بن أنس هذا الحديث عن يحيى بن سعيد مرسلاً، ولم يذكر فيه عبد الله بن دينار عن ابن عمر»
(3)
.
وقال البزار: «وهذا الحديث إنما يرويه يحيى بن سعيد عن يُحنَّس أن النبي صلى الله عليه وسلم
…
ولا يعلم تابع محمد بن إسماعيل على هذه الرواية عن أبي معاوية أحد.
وإنما يعرف هذا الحديث من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
(4)
.
(1)
ابن حبان في المجروحين (2/ 235).
(2)
أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 362).
(3)
سنن الترمذي (4/ 527).
(4)
مسند البزار (12/ 302).
وقال الدارقطني: تفرد به محمد بن إسماعيل الحساني عن أبي معاوية الضرير عن يحيى بن سعيد، وإنما يعرف هذا من رواية موسى بن عبيدة
(1)
.
وقال في العلل: والصحيح عن يحيى بن سعيد عن يُحنَّس مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
.
وقال الحساني محمد بن إسماعيل: عن أبي معاوية عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، حدثنا بذلك أبو عبيد الله المحاملي ومحمد بن مخلد عنه، وإنما يعرف هذا من رواية موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار.
أثر الوهم:
موسى بن عبيدة الربذي المدني ضعيف ضعفه يحيى القطان، قال الجوزجاني: قال أحمد بن حنبل: لا تحل عندي الرواية عن موسى بن عبيدة. وقال البخاري: قال أحمد: منكر الحديث، وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه، وقال يحيى أيضاً: موسى بن عبيدة ليس بالكذوب ولكنه روى عن عبد الله بن دينار أحاديث مناكير، وقال ابن المديني: ضعيف يحدث بأحاديث مناكير، وقال أبو زرعة: ليس بقوي الحديث، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وكذلك ضعّفه الترمذي والنسائي، وقال أبو داود: أحاديثه مستوية إلا عن عبد الله بن دينار.
فقلب أبو معاوية هذا الإسناد الضعيف إلى إسناد على شرط الشيخين.
ومع تضعيف الأئمة لحديثه وخاصة عن عبد الله بن دينار فقد أخرجه العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (956) وقال متعقباً الترمذي:
«وقول الترمذي: إنه لا أصل له عنه أراه مجازفة ظاهرة لأن السند إليه بذلك صحيح، فإن أبا معاوية ثقة من رجال الشيخين ومحمد بن إسماعيل الواسطي ثقة حافظ. قال الحافظ: ومالك كثيراً ما يرسل ما هو معروف وصله كما لا يخفى على العالم بهذا الفن الشريف على أنه يبدو أنه قد اختلف على مالك فقد أخرجه نصر
(1)
أطراف الغرائب والأفراد (3/ 396).
(2)
العلل (11/ 175 رقم 2200).
المقدسي في المجلس 347 من الأمالي من طريق القعنبي فقال: نا مالك عن يحيى بن سعيد عن يحنس مولى الزبير مرفوعاً به
…
(1)
.
إلى أن قال: فيبدو من هذا التخريج أن الرواة اختلفوا على يحيى بن سعيد في إسناده وأن الأرجح رواية مَنْ قال عنه: عن يحنس لأنهم أكثر، ثم رواية مَنْ قال عنه: عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر لأنه ثقة كما سبق، وتترجح هذه على ما قبلها بمتابعة موسى بن عبيدة وهو وإن كان ضعيفاً فلا بأس به في المتابعات إن شاء الله». اه.
قلت: وفيما قاله الألباني نظر فقد جعل رواية موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار المنكرة عند جمع من أهل العلم كما تقدم متابعة لرواية أبي معاوية الذي خالفه ثلاثة من الثقات منهم اثنان من بلد يحيى بن سعيد الأنصاري وهما مالك وعبيد الله بن عمرو، وأبو معاوية وإن كان ثقة فهو في حديث الأعمش خاصة ويهم في حديث غيره كما في ترجمته في المقدمة.
فتفرد أبي معاوية بهذا السند النفيس عن يحيى بن سعيد لا يقبل ولو كان عنده لما رغب عنه مالك وعبيد الله وسفيان ورووه عنه عن يُحنَّس مرسلاً، والله تعالى أعلم.
الخلاصة:
أبو معاوية الضرير ثقة ثبت، إلا أن له أوهاماً إذا حدّث عن غير
(1)
تقدم قول الحافظ: صدوق، ولم يقل الحافظ ما ذكره الألباني.
الأعمش، وله أوهام يسيرة في حديثه عن الأعمش وأحصينا في كتابنا هذا ثمانية أوهام وهي:(1، 4، 5، 11، 15، 22، 28، 29) والسبب في ذلك ما قرره بنفسه.
قال يحيى بن معين: سمعت أبا معاوية يقول: ما كتبت عن الأعمش حرفاً واحداً، كلها حفظتها من فيه
(1)
، ولعل السبب في ذلك أنه عمي، ووهم على هشام بن عروة في سبعة أحاديث وهي:(2، 3، 14، 16، 17، 18، 20).
الأحاديث التي وقفنا على أوهامه هي ثلاثون حديثاً 12 منها في المتن منها حديث في البخاري، وحديثان في مسلم، والباقي في الإسناد.
وهذا كله لا يضيره فرجل يحفظ آلاف الأحاديث ويحدث من حفظه لا يعيبه أن يوهم في ثلاثين حديثاً، فجزاه الله خير الجزاء وأسكنه فسيح جناته وصلّى الله وسلّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
(1)
معرفة الرجال لابن محرز (1/ 166).
ملخص أوهام أبي معاوية
رقم الحديث
اسم الشيخ
بلده
الوهم
الصحيح
1
الأعمش
الكوفة
1 مسح الوجه بعد الكفين
2 الحوار بين أبي موسى وابن مسعود
3 الاحتجاج بالآية أولاً
تقديم مسح الوجه على الكفين الحوار بين الأعمش وشقيق الاحتجاج بحديث عمار أولاً
2
هشام بن عروة
المدينة/ الكوفة
ثم غسل رجليه
عدم ذكر غسل الرجلين
3
هشام
تقدم
يطوفون بين الصفا والمروة
كانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة
4
الأعمش
كوفي
ألا نسقيك نبيذاً
لبناً
5
الأعمش
كوفي
ابن أخي زينب امرأة عبدالله بن مسعود
زينب امرأة عبدالله
6
محمد بن عمرو بن علقمة
المدينة
أحصوا هلال شعبان لرمضان
لا تتقدموا رمضان بيوم ولا بيومين
7
سهيل بن أبي صالح
المدينة
سهيل، عن المقبري
سهيل، عن النعمان بن أبي عياش
8
داود بن أبي هند
البصرة
ابن أبي السائب
عامر بن أبي السائب
رقم الحديث
اسم الشيخ
بلده
الوهم
الصحيح
9
أبو إسحاق الشيباني، سليمان بن أبي سليمان
الكوفة
عائشة
ميمونة
10
عبدالله بن عمر
المدينة
إلا أن يكون غسيلاً
تفرد بهذه الزيادة
11
الأعمش
الكوفة
أم مبشر عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم
أم مبشر عن النبي صلى الله عليه وسلم
12
سهيل بن أبي صالح
المدينة
حتى توضع في اللحد أو تُدفن
حتى توضع في الأرض
13
الحجاج بن أرطأة
المدينة
سهل بن محمد بن أبي حثمة
محمد بن سليمان بن أبي حثمة
14
هشام بن عروة
المدينة/ الكوفة
يوم أحد
يوم الخندق
15
الأعمش
الكوفة
مَنْ مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة
مَنْ مات وهو يشرك بالله شيئاً دخل النار
16
هشام بن عروة
المدينة/ الكوفة
صبُّوا عليه الماء صبًّا
دعا بماء فأتبعه
17
هشام بن عروة
المدينة/ الكوفة
أن توافي معه صلاة الصبح
توافي صلاة الصبح بمكة
18
ابن عروة
المدينة/ الكوفة
عروة، عن عاصم بن عمر
عروة بن المسور بن مخرمة
19
داود بن أبي هند
البصرة
أبو نضرة عن جابر
أبو نضرة، عن أبي سعيد
20
هشام
المدينة/ الكوفة
هشام، عن عبدالرحمن بن سعد
هشام، عن عمرو بن خزيمة عن عمار
21
إسماعيل بن أبي خالد
المدينة/ الكوفة
إسماعيل، عن قيس، عن جرير
إسماعيل عن قيس
22
الأعمش
الكوفة
رزق آل محمد في الدنيا قوتاً
رزق آل محمد قوتاً
23
عبيدالله بن عمر
المدينة
أن غلاماً له لحق بالعدو على فرس له
أن الفرس كان مع ابن عمر فاقتحم به جرفاً فصرعه الفرس فغار الفرس فأخذه العدو
رقم الحديث
اسم الشيخ
بلده
الوهم
الصحيح
24
إسماعيل بن أبي خالد
المدينة
أن سعد بن أبي وقاص قام ولم يقعد للتشهد الأول فمضى في صلاته ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
موقوف
25
إسماعيل بن أبي خالد
المدينة
إن الرجل ليؤجر بنفقته كلها إلا التراب
الصحيح أنه موقوف على خباب
26
عبدالله بن عمر
المدينة
1) نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
2) المغرب
نافع عن ابن عمر العشاء
27
هلال بن عامر المزني
المدينة
هلال، عن أبيه
هلال عن رافع بن عمرو المزني
28
الأعمش
الكوفة
عمرو بن مرة عن أم سلمة
عمارة بن عمير عن عائشة
29
الأعمش
الكوفة
إبراهيم عن مسروق عن معاذ
إبراهيم عن معاذ
30
يحيى بن سعيد
المدينة
يحيى بن سعيد عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر
يحيى بن سعيد، عن يُحنَّس، عن النبي صلى الله عليه وسلم
عبد الرزاق
(1)
عبد الرزاق بن همام بن نافع الحافظ الكبير عالم اليمن أبو بكر الحميري الصنعاني.
ولد سنة 126 وتوفي سنة 211 وله 85 سنة.
روى عن أبيه وعمه وهب ومعمر، وعبيد الله بن عمر العمري وأخيه عبد الله بن عمر وابن جريج والأوزاعي والثوري ومالك وابن عيينة وغيرهم.
روى عنه ابن عيينة ومعتمر بن سليمان وهما من شيوخه، ووكيع وأبو أسامة وهما من أقرانه، وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وابن المديني ومحمد بن يحيى الذهلي وغيرهم من أئمة الحديث.
لزم عبد الرزاق معمر ثمان سنوات فأكثر الرواية عنه، وهو أعلم أصحابه بحديثه وكان يكتب عنه كل شيء.
قال أحمد: إذا اختلف أصحاب معمر فالحديث لعبد الرزاق.
(1)
تاريخ دمشق (36/ 164 وما بعده).
قال أبو زرعة: قلت لأحمد بن حنبل: كان عبد الرزاق يحفظ حديث معمر، قال: نعم، قيل له: فمَن أثبت من ابن جريج عبد الرزاق أو محمد بن بكر البرساني؟ قال: عبد الرزاق.
وقال أحمد: كتب عبد الرزاق هي العلم.
وقال يحيى بن معين: ما كان أعلم عبد الرزاق بمعمر وأحفظه عنه.
وقال معمر: أما عبد الرزاق فخليق إن عاش أن تضرب إليه أكباد الإبل.
وقال ابن السري: فوالله لقد أتعبها.
وقال أحمد بن صالح المصري: قلت لأحمد بن حنبل: رأيت أحداً أحسن حديثاً من عبد الرزاق؟ قال: لا.
قلت: يعني من حديث معمر وابن جريج.
قال يحيى بن معين وسئل عن أصحاب الثوري فقال: أما عبد الرزاق والفريابي وعبد الله بن موسى وأبو أحمد الزبيري وقبيصة وطبقتهم فهم كلهم في سفيان قريباً بعضهم من بعض وهم دون يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وابن المبارك وأبي نعيم.
قال محمود بن غيلان عن عبد الرزاق قال لي وكيع: أنت رجل عندك حديث وحفظك ليس بذاك فإذا سئلت عن حديث فلا تقل: ليس هو عندي، ولكن قل: لا أحفظه.
قال يحيى بن معين: قال لي عبد الرزاق: أُكتب عني حديثاً واحداً من غير كتاب، فقلت: لا ولا حرف.
قال أبو خيثمة زهير بن حرب: لما خرجت أنا وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين نريد عبد الرزاق فلما وصلنا مكة كتب أصحاب الحديث إلى عبد الرزاق قد أتاك حفّاظ الحديث فانظر كيف يكون أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة، فلما قدمنا صنعاء غلق الباب عبد الرزاق ولم يفتحه لأحد إلا لأحمد بن حنبل لديانته فدخل فحدّثه بخمسة وعشرين حديثاً، فلما خرج قال يحيى لأحمد: أرني ما حدّثك، فنظر فيها فخطأ الشيخ في ثمانية عشر حديثاً، فلما سمع أحمد بالخطأ رجع فأراه مواضع الخطأ وأخرج عبد الرزاق أصوله فوجده كما قال يحيى ففتح الباب فقال: أُدخلوا، وأخذ مفتاح البيت فسلّمه إلى أحمد بن حنبل وقال: هذا البيت ما دخلته يد غيري من ثمانين سنة أسلمه إليكم بأمانة الله على أنكم لا تقوِّلوني ما لم أقل ولا تدخلوا عليّ حديثاً من حديث غيري
(1)
.
وقال إبراهيم الديري: كان عبد الرزاق يحفظ نحواً من سبع عشرة ألف حديث.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وذكره ابن حبان في الثقات وقال: وكان ممن يخطاء إذا حدّث من حفظه على تشيع منه، وكان ممن جمع وصنّف وحفظ وذاكر.
(1)
تاريخ دمشق (36/ 186) وكذلك كل ما سبق من هذا المصدر.
عقيدته:
قال يحيى بن جعفر البيكندي: كنت مريضاً فخرجت إلى الحج فدخلت الكوفة فسألت وكيع بن الجراح عن الإيمان؟ فقال: قول وعمل، فلم أستحل أن أكتب عنه، ثم دخلت مكة فسألت سفيان بن عيينة عن الإيمان فقال: قول وعمل، فلم أستحل أن أكتب عنه، ثم دخلت اليمن وجلست في مجلس عبد الرزاق فلم أسأله عنه فأخبر بمذهبي، فلما جلس أصحابي قال لي: يا خراساني والله لو علمتك أنك على هذا المذهب ما حدثتك، أُخرج عني.
قال: فقلت في نفسي: صدق عبد الرزاق لقيت وكيعاً فقال: الإيمان قول وعمل، ولقيت سفيان فقال: الإيمان قول وعمل، فرجعت عن مذهبي وكتبت عنهما بعد رجوعي من اليمن
(1)
.
وقال عبد الرزاق لإبراهيم بن أبي يحيى: إن المعتزلة يزعمون أنك منهم؟ قال: أفلا تدخل معي هذا الحانوت حتى أكلمك؟ قلت: لا، قال: لمَ؟ قلت: لأن القلب ضعيف وإن الدين ليس لمَن غلب
(2)
.
المآخذ التي عليه:
1 -
التشيُّع:
قال زهير بن حرب: سمعت يحيى بن معين يقول وبلغه أن أحمد بن حنبل يتكلم في عبيد الله بن موسى بسبب التشيع، قال يحيى:
(1)
المصدر السابق.
(2)
تاريخ دمشق (36/ 188).
والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة لقد سمعت من عبد الرزاق في هذا المعنى أكثر مما يقول عبيد الله بن موسى ولكن خاف أحمد بن حنبل أن تذهب رحلته إلى عبد الرزاق
(1)
.
ونقل ابن عساكر نقولاً أخرى نحو ذلك، لكن نقل أنه رجع عن ذلك.
قال محمد بن أبي السري: قلت لعبد الرزاق: ما رأيك أنت يعني في التفضيل؟ فأبى أن يخبرني وقال: كان سفيان الثوري يقول: أبو بكر وعمر ويسكت، وكان مالك يقول: أبو بكر وعمر ويسكت، وكان معمر يقول: أبو بكر وعمر وعثمان ثم يسكت، وكان هشام بن حسان يقول: أبو بكر وعمر وعثمان ثم يسكت.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي قلت: عبد الرزاق كان يتشيع ويفرط في التشيع؟ فقال: أما أنا فلم أسمع منه في هذا شيئاً، ولكن كان رجلاً يعجبه أخبار الناس.
وقال أبو مسلم البغدادي: قد عوتب أحمد بن حنبل على روايته عن عبد الرزاق يعني لتشيعه فذكر أحمد أنه رجع عن ذلك
(2)
.
وقال سلمة بن شبيب: سمعت عبد الرزاق يقول: والله ما انشرح صدري قط أن أفضل علياً على أبي بكر وعمر ورحم الله عمر ورحم الله عثمان ورحم الله علياً ومَن لم يحبهم فما هو بمؤمن فإن أوثق عملي حبي إياهم رضوان الله عليهم ورحمته أجمعين.
(1)
المصدر السابق (36/ 189).
(2)
مسلم (330).
وقال عبد الرزاق: أفضل الشيخين بتفضيل علي إياهما على نفسه ولو لم يفضلهما لم أفضلهما، كفى بي إزراء أن أحب علياً ثم أخالف قوله.
وقال أبو بكر ابن زنجويه: سمعت عبد الرزاق يقول: الرافضي كافر.
الحديث الأول
(1)
:
414 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (1/ 259 ح رقم 330): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي
(1)
رجال الإسناد:
عبد بن حميد بن نصر الكشي أبو محمد، قيل: اسمه عبد الحميد وبذلك جزم ابن حبان وغير واحد، ثقة حافظ من الحادية عشرة، مات سنة 249، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخره فتغير وكان يتشيع، من التاسعة، مات سنة 211 وله 85 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، من رؤوس الطبقة السابعة وكان ربما دلس، مات سنة 201 وله 64 سنة، روى له البخاري ومسلم.
أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص أبو موسى المكي الأموي، ثقة، من السادسة، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري أبو سعد المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة 120، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن رافع المخزومي أبو رافع المدني مولى أم سلمة، ثقة، من الثالثة، روى له مسلم.
عمر كلهم عن ابن عيينة قال إسحاق: أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت:
قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: «لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين» .
وحدثنا عمرو الناقد قال: حدثنا يزيد بن هارون، ح وحدثنا عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرزاق قالا: أخبرنا الثوري عن أيوب بن موسى في هذا الإسناد وفي حديث عبد الرزاق أفأنقضه للحيضة والجنابة، فقال:«لا» ثم ذكر بمعنى حديث ابن عيينة.
التعليق:
الإسناد الذي نحن بصدده هو حديث عبد الرزاق.
وأخرجه البيهقي (1/ 181) من طريق أحمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق به.
هكذا قال عبد الرزاق عن الثوري، عن أيوب بن موسى، عن المقبري، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة رضي الله عنها وفيه:(أفأنقضه للحيضة والجنابة).
خالفه يزيد بن هارون
(1)
، ومخلد بن يزيد
(2)
، وعمر بن علي
(3)
، فرووه عن الثوري بهذا الإسناد فلم يذكروا الحيضة.
(1)
مسلم (330).
(2)
أبو عوانة (917).
(3)
أبو نعيم في المستخرج على مسلم (737).
وكذلك رواه سفيان بن عيينة
(1)
، وروح بن القاسم
(2)
، وإبراهيم بن طهمان
(3)
عن أيوب بن موسى بهذا الإسناد ولم يذكروا الحيضة.
وكذلك رواه أسامة بن يزيد الليثي عن سعيد المقبري عن أم سلمة ولم يذكر (الحيضة)
(4)
.
لذا بدأ الإمام مسلم رحمه الله بذكر رواية ابن عيينة، ثم ذكر الاختلاف على الثوري مبيِّناً أن يزيد رواه عن الثوري بمثل رواية سفيان بن عيينة، ثم أورد رواية روح بن القاسم الموافقة لرواية ابن عيينة ويزيد بن هارون عن الثوري مشيراً إلى شذوذ رواية عبد الرزاق.
لذا قال ابن القيم رحمه الله: «أما حديث أم سلمة فالصحيح فيه الاقتصار على الجنابة دون الحيض، وليست لفظة الحيضة فيه محفوظة، فإن هذا الحديث رواه أبو بكر ابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وعمرو بن الناقد وابن أبي عمر
(5)
كلهم عن ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت:
(1)
مسلم (330).
(2)
مسلم (330).
(3)
الطبراني في الأوسط (1821).
(4)
ابن أبي شيبة (1/ 73) والدارمي (1157) وأبو داود (252) والبيهقي (1/ 181) إلا أنه أسقط عبد الله بن رافع من الإسناد.
(5)
والشافعي والحميدي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وزهير بن حرب وابن المقراء وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي وعلي بن المديني وغيرهم، انظر حديثهم في: مسند الشافعي (1/ 19) وأحمد (6/ 289) ومسند إسحاق (37) ومسند الحميدي (294) وأبي داود (251) وابن خزيمة (246) والمنتقى لابن الجارود (98) والسنن الكبرى للبيهقي (1/ 178) والمستخرج لأبي نعيم (736) والترمذي (105) وابن حبان (1198).
قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: «لا» ذكره مسلم عنهم.
وكذلك رواه عمرو الناقد عن يزيد بن هارون عن الثوري عن أيوب بن موسى.
ورواه عبد بن حميد عن عبد الرزاق عن الثوري عن أيوب وقال: أفأنقضه للحيضة والجنابة.
وقال مسلم: وحدثنيه أحمد الدارمي أخبرنا زكريا بن عدي أخبرنا يزيد يعني ابن زريع عن روح بن القاسم قال: حدثنا أيوب بهذا الإسناد وقال: أفأحله وأغسله من الجنابة، ولم يذكر الحيضة.
فقد اتفق ابن عيينة وروح بن القاسم عن أيوب فاقتصر على الجنابة.
واختلف فيه على الثوري فقال يزيد بن هارون عنه كما قال ابن عيينة وروح، وقال عبد الرزاق عنه:(أفأنقضه للحيضة والجنابة) ورواية الجماعة أوْلى بالصواب، فلو أن الثوري لم يختلف عليه لرجحت رواية ابن عيينة وروح فكيف وقد روى عنه يزيد بن هارون مثل رواية الجماعة، ومَن أعطى النظر حقه علم أن هذه اللفظة ليست محفوظة»
(1)
.
لذا لم يلتفت الإمام أحمد إلى هذه الزيادة، قال مهنا: سألت أحمد عن المرأة تنقض شعرها إذا اغتسلت من الجنابة؟ قال: لا، فقلت له: في هذا شيء؟ قال: نعم حديث أم سلمة، قلت: فتنقض
(1)
تهذيب السنن (1/ 167) وذكره الألباني في الإرواء (1/ 169) وأقره عليه.
شعرها من الحيض؟ قال: نعم
…
(1)
.
وقال الروياني: وحكي عن أحمد أنه قال: الحائض تنقض شعرها بخلاف الجنب لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للحائض: «خذي ماءك وسدرك وامتشطي» وقال لأم سلمة: «أفيضي الماء
…
»
(2)
.
قلت: ومما يدل على وهم عبد الرزاق في هذه الزيادة أنه قد روى هذا الحديث بدون ذكرها كما هو في مصنفه
(3)
.
وهو كذلك في مسند أبي عوانة
(4)
ومستخرج أبي نعيم
(5)
ومعجم الطبراني
(6)
من رواية إسحاق بن إبراهيم الدبري عنه.
الخلاصة:
أخرج الإمام مسلم رحمه الله هذا الحديث من رواية سفيان بن عيينة وروح بن القاسم عن أيوب بن موسى، ومن رواية يزيد بن هارون عن سفيان الثوري عن أيوب بن موسى وليس فيه ذكر (للحيضة)، ثم أشار إلى ما في حديث عبد الرزاق من الزيادة فقال: وفي حديث عبد الرزاق: أفأنقضه للحيضة والجنابة، والله تعالى أعلم.
(1)
المغني (1/ 225) وهذا للاستحباب كما رجحه جماعة من أصحاب الإمام أحمد.
(2)
البحر المذهب (1/ 202).
(3)
(4)
(5)
(6)
المعجم الكبير (23/ 657).
الحديث الثاني
(1)
:
415 -
قال الإمام الترمذي رحمه الله (197): حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال:
رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويتبع فاه هاهنا وهاهنا وإصبعاه في أذنيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له حمراء
…
الحديث.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وهو في مصنف عبد الرزاق (1806) ومن طريقه أخرجه أحمد (4/ 308) والحاكم (1/ 202).
هكذا قال عبد الرزاق عن سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن بلالاً يؤذن ويدور
…
وإصبعاه في أذنيه.
(1)
رجال الإسناد:
محمود بن غيلان العدوي مولاهم أبو أحمد المروزي، نزيل بغداد، ثقة، من العاشرة، مات سنة 239 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
سفيان الثوري: تقدم.
عون بن أبي جُحيفة السوائي الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة 116، روى له البخاري ومسلم.
وهب بن عبد الله السوائي، أبو جحيفة، مشهور بكنيته، ويقال: وهب الخير، صحابي معروف وصحب علياً، مات سنة 74، روى له البخاري ومسلم.
خالفه محمد بن يوسف
(1)
، ووكيع
(2)
، وإسحاق الأزرق
(3)
، وعبد الرحمن بن مهدي
(4)
، وحسين بن حفص
(5)
، ويحيى بن آدم
(6)
.
فرووه عن سفيان بهذا الإسناد فقالوا فيه: (بلالاً يؤذن فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان) هذا لفظ البخاري.
وزاد مسلم (يقول يميناً وشمالاً: حي على الصلاة حي على الفلاح).
ولفظ أبي داود: (فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر).
ولفظ عبد الرحمن بن مهدي: (فجعل يتتبع بفيه يميناً وشمالاً).
ونحوهم لفظ الباقين لم يذكر أحد منهم ما ذكره عبد الرزاق.
وكذلك رواه قيس بن الربيع عن عون بن أبي جحيفة
(7)
ولم يذكر ذلك، فقد زاد عبد الرزاق أمرين:
الأول: الاستدارة في قوله: (ويدور).
(1)
البخاري (634) والدارمي (1198).
(2)
مسلم (503) وأبو داود (520) والنسائي (1/ 12) وابن خزيمة (2995) وأحمد (4/ 308) وأبو يعلى (887) وغيرهم.
(3)
ابن حبان (2382) وأبو عوانة (963) والطوسي في مختصر الأحكام (180) والنسائي (8/ 220) وفي الكبرى (9827) وابن خزيمة (387).
(4)
أبو عوانة (97).
(5)
البيهقي (1/ 395).
(6)
الطبراني في الكبير (22/ 261).
(7)
أبو داود (520) والبيهقي (1/ 395).
الثاني: وضع الأصبعين في الأذنين.
لذا أعرض الإمام البخاري عن هذا الحديث وذكر حديث محمد بن يوسف عن سفيان وذكر الالتفات ووضع الأصبعين بصيغة التمريض.
قال الإمام البخاري: «باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا، وهل يلتفت في الأذان؟ ويذكر عن بلال أنه جعل إصبعيه في أذنيه وكان ابن عمر لا يجعل إصبعيه في أذنيه»
(1)
.
قال الحافظ ابن رجب: لهذا لم يخرجها البخاري مسندة ولم يخرجها مسلم أيضاً وعلقها البخاري بصيغة التمريض، وهذا من دقة نظره ومبالغته في البحث عن العلل والتنقيب عنها
(2)
.
ونقل ابن رجب عن الإمام أحمد إنكاره لهذه الزيادة في الحديث.
قال أبو طالب: قلت لأحمد: يدخل إصبعيه في الأذان؟ قال: ليس هذا في الحديث
(3)
.
هذا، والإمام أحمد قد روى هذا الحديث عن عبد الرزاق، ومذهبه وضع الإصبعين في الأذنين حين الأذان
(4)
.
قال ابن رجب معلقاً على قول الإمام أحمد: «وهذا يدل على أن
(1)
في صحيحه (2/ 114 ح رقم 634 مع الفتح).
(2)
فتح الباري لابن رجب (3/ 554).
(3)
فتح الباري لابن رجب (3/ 560).
(4)
قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يؤذن فرأيته يجعل إصبعيه في أذنيه.
المسائل (210، 212) وقال: إسحاق بن منصور، قال: قلت: المؤذن يجعل إصبعيه في أذنيه؟ قال: إي والله (171).
رواية عبد الرزاق عن سفيان التي خرّجها في مسنده والترمذي في جامعه غير محفوظة، مع أن أحمد استدل بحديث أبي جحيفة في هذا في رواية محمد بن الحكم، وقال في رواية أبي طالب: أحب إليّ أن يجعل أصابع يديه على أذنيه على حديث أبي محذورة.
(1)
.
وقال ابن خزيمة عقب حديث عبد الرحمن بن مهدي وإسحاق الأزرق ووكيع باب إدخال الإصبعين في الأذنين عند الأذان: «إن صح الخبر، فإن هذه اللفظة لست أحفظها إلا عن حجاج بن أرطأة ولست أفهم أسمع الحجاج هذا الخبر من عون بن أبي جحيفة أم لا؟ فأشك في صحة هذا الخبر لهذه العلة»
(2)
.
(3)
.
وقال الحافظ ابن حجر: وفي رواية عبد الرزاق عن الثوري في هذا الحديث زيادتان:
(1)
السنن الكبرى (1/ 396) وسيأتي بيان كلام البيهقي في علة الوهم.
(2)
صحيح ابن خزيمة (1/ 203) ثم روى حديث حجاج عن عون بن أبي جحيفة، وسيأتي.
(3)
فتح الباري لابن رجب (3/ 258).
إحداهما: الاستدارة، والأخرى وضع الإصبع في الأذن
(1)
.
(2)
.
علة الوهم:
كان حجاج بن أرطأة يروي هذا الحديث عن عون بن أبي جحيفة ويقول فيه: إن بلالاً كان إذا أذّن وضع إصبعيه في أذنيه واستدار في أذانه
(3)
، وكان سفيان يذكر في حديثه رواية الحجاج هذه ويبين ضعفها فإن عوناً كان لا يذكرها.
فأدرج عبد الرزاق حديث حجاج في روايته عن سفيان.
قال ابن حجر: أما قوله يعني عبد الرزاق: فيدور، فهو مدرج في رواية سفيان عن عون بيّن ذلك يحيى بن آدم عن سفيان عن عون عن أبيه قال: رأيت بلالاً أذّن فأتبع فاه هاهنا وهاهنا والتفت يميناً
(1)
فتح الباري لابن حجر (2/ 115).
(2)
تغليق التعليق (2/ 270).
(3)
ابن ماجه (710) والدارمي (1119) وابن خزيمة (388) وأبو يعلى (894) وأبو عوانة (960) والبيهقي (1/ 396) والطبراني في الكبير (22/ 259 - 260) وقال الدارمي عقبه: حديث الثوري أصح.
قلت: وحجاج بن أرطأة ضعيف.
وشمالاً. قال يحيى: قال سفيان: كان حجاج يذكره عن عون أنه قال: واستدار في أذانه، فلما لقينا عوناً لم يذكر فيه استدار
(1)
.
وقد تابع يحيى بن آدم في ذلك الفريابي إلا أنه لم يسمِّ الحجاج فقال: حدثت عن عون بذلك. ذكرها البخاري في التاريخ
(2)
.
وذكر ابن رجب أن وكيعاً روى عن سفيان عن رجل عن أبي جحيفة أن بلالاً كان يجعل إصبعيه في أذنيه.
قال ابن رجب: فرواية وكيع عن سفيان تعللُ بها رواية عبد الرزاق عنه
(3)
.
وقد سبق أن ذكرنا قول البيهقي أن سفيان إنما روى هذه اللفظة في الجامع لرواية عبد الله بن الوليد العدني عنه عن رجل لم يسمِّه عن عون، وهذا الرجل هو الحجاج بن أرطأة.
هذا، وقد تابع عبد الرزاق مؤمل بن إسماعيل فرواه عن سفيان فذكر فيه:(فأذّن بلال فجعل يتبع فاه هاهنا وهاهنا ووضع إصبعيه في أذنيه)
(4)
ولم يذكر الاستدارة فوهم على سفيان.
وذكر ابن التركماني أن عبد الرحمن بن مهدي رواه كذلك قال: رواه أبو نعيم في مستخرجه على كتاب البخاري. لكن بيّن الحافظ ابن
(1)
فتح الباري (2/ 115) وحديث يحيى بن آدم أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 261).
(2)
تغليق التعليق (2/ 270).
(3)
فتح الباري لابن رجب (553).
(4)
أبو عوانة (97).
حجر أن أبا نعيم حمل رواية عبد الرحمن بن مهدي على رواية عبد الرزاق فقال: «وساق أبو نعيم في المستخرج حديث الباب من طريق عبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق عن سفيان بلفظ عبد الرزاق من غير بيان فما أجاد لإيهامه أنهما متوافقتان وقد عرفت ما في رواية عبد الرزاق من الإدراج وسلامة رواية عبد الرحمن من ذلك، والله المستعان»
(1)
.
وقد اغترّ بظاهر إسناد عبد الرزاق الترمذي فصححه، والحاكم حيث قال: «قد اتفق الشيخان على إخراج حديث مالك بن مغول وعمر بن أبي زائدة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه في ذكر نزوله الأبطح غير أنهما لم يذكرا فيه إدخال الإصبع في الأذنين والاستدارة في الأذان وهو صحيح على شرطهما جميعاً وهما سنّتان مسنونتان
(2)
وكذلك صححه الألباني
(3)
.
الخلاصة:
روى عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة هذا الحديث وأدرج في حديث سفيان الزيادة التي في حديث حجاج وهي وضع الإصبع في الأذن والاستدارة.
وقد بيّن ذلك رواية يحيى بن آدم والفريابي ووكيع وعبد الله بن الوليد العدني، والله تعالى أعلم.
(1)
فتح الباري (2/ 116).
(2)
المستدرك (1/ 202).
(3)
الإرواء (1/ 248) وفي تعليقه على صحيح ابن خزيمة (1/ 2003).
الحديث الثالث
(1)
:
416 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 317): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حُجر رضي الله عنه قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبّر فرفع يديه حين كبّر يعني استفتح الصلاة ورفع يديه حين كبّر، ورفع يديه حين ركع، ورفع يديه حين قال: سمع الله لمَن حمده وسجد فوضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى وقبض سائر أصابعه ثم سجد فكانت يداه حذاء أذنيه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير كليب والد عاصم من رجال السنن الأربع وهو تابعي ثقة.
وهو في مصنف عبد الرزاق (2522) ومن طريقه أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 81).
(1)
رجال الإسناد:
سفيان الثوري: تقدم.
عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي، صدوق، رمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين بعد المائة، روى له مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.
كليب بن شهاب والد عاصم، صدوق، من الثانية، ووهم مَنْ ذكره في الصحابة، روى له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.
هكذا قال عبد الرزاق عن سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه، عن وائل بن حجر في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى وقبض سائر أصابعه ثم سجد).
فذكر الإشارة بالسبابة في الجلسة بين السجدتين بقوله: ثم سجد.
خالفه محمد بن يوسف الفريابي
(1)
، وعبد الله بن الوليد العدني
(2)
فروياه عن سفيان بهذا الإسناد فلم يقولا: (ثم سجد).
وكذلك رواه أصحاب عاصم فلم يذكروا هذه الزيادة، منهم:
عبد الله بن إدريس
(3)
، وشعبة
(4)
، وزائدة بن قدامة
(5)
، وسفيان بن عيينة
(6)
، ومحمد بن فضيل
(7)
، وأبو عوانة
(8)
، وبشر بن المفضل
(9)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(10)
، وقيس بن الربيع
(11)
، وأبو الأحوص
(1)
النسائي (3/ 35) وفي السنن الكبرى (1187) والطبراني في المعجم الكبير 22/ (78).
(2)
أحمد (4/ 318).
(3)
ابن ماجه (912) وابن خزيمة (477) و (713) وابن الجارود (202) وابن حبان (1945).
(4)
ابن خزيمة (697)(698).
(5)
ابن خزيمة (480) و (714) والطبراني 22/ (82).
(6)
النسائي (3/ 34 - 35) وفي الكبرى (1186) و (746) والدارقطني (1/ 290) والطبراني 22/ (85).
(7)
ابن خزيمة (713).
(8)
الطبراني 22/ (90).
(9)
أبو داود (726) و (957) والنسائي في الكبرى (1188).
(10)
البيهقي (2/ 131).
(11)
الطبراني 22/ (79).
سلَّام بن سليم
(1)
، وزهير بن معاوية
(2)
، وموسى بن أبي كثير
(3)
وغيرهم.
وقد اقتصرنا على مَنْ روى هذا الحديث وذكر جلسة التشهد ولم يذكر هذه الزيادة
(4)
.
هؤلاء كلهم لم يذكروا هذه الزيادة: (ثم سجد)، إنما ذكروا الجلسة والإشارة بالإصبع في جلسة التشهد وليس كما هو ظاهر حديث عبد الرزاق أنها بين السجدتين يدل عليه قوله:(ثم سجد)، أي: بعد هذه الجلسة.
قال الألباني رحمه الله: «هذا مما تفرد به عبد الرزاق عن الثوري وخالف به محمد بن يوسف الفريابي وكان ملازماً للثوري فلم يذكر السجود المذكور وتابعه عبد الله بن الوليد العدني، فهذه الزيادة من أوهامه.
وإنه مما يؤكد ذلك أنه قد تابع الثوري في روايته المحفوظة جمع كثير من الثقات
…
، وهذا هو الصحيح الذي أخذ به جماهير العلماء من المحدثين والفقهاء ولا أعلم أحداً قال بشرعيتها في الجلوس بين السجدتين إلا ابن القيم فإن ظاهر كلامه في زاد المعاد مطابق لحديث عبد الرزاق.
(1)
الطيالسي (105) والطبراني (22/ 80).
(2)
الطبراني 22/ (82).
(3)
الطبراني 22/ (89).
(4)
وقد روى هذا الحديث مختصراً في أبواب كثيرة لما اشتمل عليه من أحكام.
ولقد أخبرني أحدهم عن أحد العلماء المعروفين في بعض البلاد العربية أنه يعمل بحديث عبد الرزاق هذا ويحتج به
…
(1)
.
(1)
السلسلة الصحيحة (2247).
الحديث الرابع
(1)
:
417 -
قال عبد الرزاق في مصنفه (4899): عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن يزيد الخطمي:
أن ابن الزبير خرج يستسقي بالناس فخطب ثم صلّى بغير أذان ولا إقامة، قال: وفي الناس يومئذ البراء بن عازب وزيد بن أرقم.
التعليق:
هذا إسناد على شرط الشيخين.
هكذا رواه عبد الرزاق: (عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن ابن الزبير استسقى بالناس).
خالفه قبيصة بن عقبة
(2)
، ووكيع
(3)
، وعبد الرحمن بن مهدي
(4)
، فرووه عن الثوري عن أبي إسحاق قال: وبعث عبد الله بن الزبير إلى عبد الله بن يزيد الخطمي أن استسقِ بالناس، فخرج وخرج الناس معه وفيهم زيد بن أرقم والبراء بن عازب.
هذا لفظ حديث قبيصة.
(1)
رجال الإسناد:
سفيان الثوري: تقدم.
أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله بن عبيد، ثقة مكثر عابد، من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة 129 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن يزيد بن زيد بن حصين الأنصاري الخَطْمي، صحابي صغير ولي الكوفة لابن الزبير، روى له البخاري ومسلم.
(2)
أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 630).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (8338) ولفظه عن أبي إسحاق قال: خرجنا مع عبد الله بن يزيد الأنصاري نستسقي فصلّى ركعتين وخلفه زيد بن أرقم.
(4)
ذكره الحافظ في الفتح (2/ 523).
وكذلك رواه زهير بن معاوية
(1)
، وشعبة
(2)
، ومنصور
(3)
عن أبي إسحاق السبيعي فذكروا أن الذي صلّى بالناس هو عبد الله بن يزيد الأنصاري وذلك حينما كان أميراً على الكوفة من جهة عبد الله بن الزبير في سنة 64 قبل غلبة المختار بن أبي عبيد عليها. ذكر ذلك ابن سعد وغيره
(4)
.
قال الحافظ ابن حجر تعليقاً على رواية عبد الرزاق: (وقوله: إن ابن الزبير هو الذي فعل ذلك وهم وإنما الذي فعله هو عبد الله بن يزيد بأمر ابن الزبير، وقد وافق قبيصة عبد الرحمن بن مهدي على ذلك)
(5)
.
علة الوهم:
كون عبد الله بن الزبير هو الذي أمر عبد الله بن يزيد الخطمي أن يستسقي بالناس فوهم عبد الرزاق فقال: إن ابن الزبير هو الذي خرج يستسقي بالناس.
فعلّة الوهم هنا وجودهما معاً في متن الحديث فجعل عبد الرزاق أحدهما في الإسناد وذكر الآخر في متن الحديث، والله أعلم.
(1)
البخاري (1022) ولفظه عن أبي إسحاق قال: خرج عبد الله بن يزيد الأنصاري وخرج معه البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهم فاستسقى بهم
…
(2)
مسلم (3/ 1447 رقم 1254) والبيهقي (3/ 348) ويعقوب بن سفيان في المعرفة (2/ 629) والطبراني في الكبير (5042).
(3)
البخاري في التاريخ الأوسط (2/ 912 رقم 684).
(4)
فتح الباري (2/ 513).
(5)
فتح الباري (2/ 513).
الحديث الخامس
(1)
:
418 -
روى عبد الرزاق رحمه الله في مصنفه (13956) عن معمر وابن جريح والثوري قالوا: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن الحجاج الأسلمي عن أبيه أنه قال:
قلت: يا رسول الله ما يُذهب عني مذمة الرضاع؟
قال: «غرة عبد أو أمة» .
قال معمر: ولها بعد ذلك حق الصلة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير حجاج الأسلمي، وقد سبق الكلام عليه في باب سفيان الثوري فانظره.
والمحفوظ من حديث سفيان الثوري: (هشام بن عروة عن أبيه، عن الحجاج الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم بدون ذكر أبيه حجاج بن مالك الأسلمي وهو الصحابي الذي روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هكذا رواه عن سفيان عبد الرحمن بن مهدي
(2)
، وأبو نعيم
(1)
رجال الإسناد:
معمر بن راشد، انظر ترجمته في بابه.
ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، انظر ترجمته في بابه.
الثوري: سفيان بن سعيد، انظر ترجمته في بابه.
هشام بن عروة: تقدم مراراً.
عروة بن الزبير: تقدم مراراً.
(2)
النسائي في الكبرى (5483).
الفضل بن دكين
(1)
.
وقد استوفينا الكلام عليه في باب سفيان فانظره
(2)
.
علة الوهم:
جمع الشيوخ في إسناد واحد.
فمعمر وابن جريج رويا هذا الحديث عن هشام، عن أبيه، عن الحجاج الأسلمي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثوري يرويه بهذا الإسناد عن الحجاج الأسلمي دون ذكر أبيه، فجمعهم عبد الرزاق بإسناد واحد فحصل له الوهم، والله أعلم.
(1)
الطبراني في الكبير (3200).
(2)
حديث رقم (12).
الحديث السادس
(1)
:
419 -
قال ابن ماجه رحمه الله (2904): حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان الثوري، عن سليمان الشيباني، عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس رضي الله عنه قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحج عن أبي؟ قال: «نعم، حج عن أبيك، فإن لم تزده خيراً لم تزده شراً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الطبراني في الكبير (13009) من طريق أحمد بن حنبل، وأبو نعيم في الحلية (4/ 100) من طريق إسحاق بن راهويه كلاهما عن عبد الرزاق به.
هكذا قال عبد الرزاق: عن الثوري (عن سليمان الشيباني، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة 245، روى له مسلم.
سفيان الثوري: تقدم.
سليمان الشيباني: تقدم.
يزيد بن الأصم: اسمه عمرو بن عبيد بن معاوية البطاني، نزيل الرقة، وهو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين، يقال: له رؤية، ولا تثبت، وهو ثقة، مات سنة 103، روى له مسلم.
ورواه علي بن مسهر
(1)
، ويحيى بن المهلب البجلي
(2)
فقالا: (عن سليمان الشيباني، عن يزيد، عن ابن عباس) موقوفاً عليه من قوله.
وقد أنكر أهل الحديث هذا الحديث على عبد الرزاق لتفرده به عن الثوري من بين أصحابه الذين لازموه وعاشروه أكثر من عبد الرزاق (فسفيان كوفي وعبد الرزاق يماني) مثل يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وعبد الله بن المبارك وغيرهم، بل إن يحيى بن معين
(3)
قدّم هشام بن يوسف الصنعاني على عبد الرزاق في سفيان وإن كان عبد الرزاق مقدّماً عليه في معمر.
قال أبو نعيم عقب الحديث: «غريب من حديث يزيد تفرد به الثوري عن الشيباني» .
قال الدارقطني: تفرد به عبد الرزاق عن الثوري عن الشيباني عنه مرفوعاً»
(4)
.
وقال ابن عبد البر: أما هذا الحديث فقد حملوا فيه على عبد الرزاق لانفراده به عن الثوري من بين سائر أصحابه وقالوا: هذا حديث لا يوجد في الدنيا عند أحد بهذا الإسناد إلا في كتاب عبد الرزاق أو في كتاب مَنْ أخرجه من كتاب عبد الرزاق ولم يروه أحد عن الثوري غيره وقد خطؤوه فيه وهو عندهم خطأ فقالوا: هذا لفظ منكر لا تشبهه ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر بما لا يدري هل ينفع أم لا
(1)
ابن أبي شيبة في مصنفه (15117).
(2)
محمد بن الحسن في كتاب الحجة (2/ 235).
(3)
سير أعلام النبلاء (9/ 565).
(4)
أطراف الغرائب والأفراد (3/ 325).
ينفع، ثم أورد بسنده عن عبيد بن محمد الكشوري قال: لم يروِ حديث الشيباني عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس أحد غير عبد الرزاق عن الثوري ولم يروه عن الثوري لا كوفي ولا بصري ولا أحد.
قال ابن عبد البر: «أما ظاهر الإسناد فجميل
…
ولكنه حديث لا يوجد عند أصحاب الثوري الذين هم أعلم بالثوري من عبد الرزاق، مثل: القطان وابن مهدي وابن المبارك ووكيع وأبي نعيم وهؤلاء جلّة أصحاب الثوري في الحديث
(1)
، وعبد الرزاق ثقة، فإن صحّ الخبر ففيه حجة لمالك وأصحابه فيما قالوه في حديث الخثعمية، ويدخل عليهم منه لأنهم لم يجعلوه أصلاً يقيسون عليه ولا يجيزون صلاة أحد من أحد ولا يقولون فيها: إنها إن لم تزد المصلي عنه خيراً لم تزده شراً كما في الخبر في الحج»
(2)
.
الخلاصة:
الحديث صحيح موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنه ووهم عبد الرزاق فرفعه، وقول ابن عباس أو إن صح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم معناه أن الأعمال الصالحة تزيد المرء خيراً لا شراً، والله تعالى أعلم.
(1)
وهم أهل بلده بخلاف عبد الرزاق.
(2)
التمهيد (9/ 131)، ونقله عنه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام مختصراً (5/ 458) ثم قال: وممن قال بهذا البزار، قال: لا نعلم رواه إلا الثوري ولا عن الثوري إلا عبد الرزاق فجعل المنفرد به الثوري.
ونقله عنه الإشبيلي مختصراً في الأحكام الوسطى (2/ 336).
الحديث السابع
(1)
:
420 -
قال عبد الرزاق في المصنف (8800): عن الثوري عن منصور عن جابر عن أبي حازم مولى الأنصار عن أبي هريرة قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق كان كيوم ولدته أمه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن الثوري، عن منصور عن جابر، عن أبي حازم، عن أبي هريرة).
خالفه محمد بن يوسف
(2)
، ووكيع
(3)
، وأبو نعيم الفضل بن دكين
(4)
، والقاسم بن الحكم
(5)
.
فقالوا: (عن الثوري، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة).
(1)
رجال الإسناد:
منصور بن المعتمر، ثقة ثبت وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
جابر بن زيد، أبو الشعثاء الأزدي البصري، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة 93، روى له البخاري ومسلم.
سلمان، أبو حازم الأشجعي الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات على رأس المائة، روى له البخاري ومسلم.
(2)
البخاري (1820).
(3)
مسلم (1350).
(4)
إسحاق (195).
(5)
التدوين في أخبار قزوين (4/ 42).
وكذلك رواه جماعة عن منصور فلم يذكروا جابراً في الإسناد، منهم:
شعبة
(1)
، وجرير بن عبد الحميد
(2)
، وأبو الأحوص سلام بن سليم
(3)
، وأبو عوانة اليشكري
(4)
، ومسعر بن كدام
(5)
، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي
(6)
، والفضيل بن عياض
(7)
، وزهير بن معاوية
(8)
، وسفيان بن عيينة
(9)
، وغيرهم
(10)
.
وكذلك رواه سيار أبو الحكم عن أبي حازم عن أبي هريرة
(11)
.
وسيأتي الحديث في باب ابن أبي عمر إذ رواه عن سفيان بن عيينة فخالف في المتن فقال: (غفر له ما تقدم من ذنبه)، ح (1296).
وفي باب إبراهيم بن طهمان إذ زاد هلال بن يساف بين منصور وأبي حازم، ح (609).
(1)
البخاري (1819).
(2)
مسلم (1350).
(3)
مسلم (1350).
(4)
مسلم (1350).
(5)
مسلم (1350).
(6)
أبو عوانة (3142).
(7)
النسائي (5/ 114) وفي الكبرى (3606) وأبو نعيم في الحلية (8/ 326) وابن عساكر في تاريخه (48/ 356).
(8)
ذكره الدارقطني في العلل (2206).
(9)
الترمذي (811).
(10)
ذكرهم الدارقطني في العلل (2206).
(11)
البخاري (1521) ومسلم (1350).
علة الوهم:
روى منصور بن المعتمر عن جابر بن زيد غير حديث
(1)
رواها عبد الرزاق في مصنفه.
أما جابر بن زيد فلم أجد بعد البحث بواسطة الحاسوب أي حديث له عن أبي حازم.
(1)
انظر: مصنف عبد الرزاق (12931)(13591)(16903) وابن أبي شيبة (12931) وليس لمنصور عن جابر أي حديث في الكتب الستة.
الحديث الثامن
(1)
:
421 -
قال عبد الرزاق في المصنف (10105): أخبرنا الثوري عن منصور عن هلال بن يساف عن رجل من جهينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الصحابي، والصحابة كلهم عدول فلا تضر جهالته.
وهو أيضاً في المصنف برقم (19272).
هكذا قال عبد الرزاق عن سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن رجل من جهينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه شعبة
(2)
، وأبو عوانة
(3)
، وزائدة
(4)
، ومفضل بن مهلهل
(5)
كلهم عن منصور، عن هلال بن يساف، عن رجل من ثقيف، عن رجل من جهينة
…
(1)
رجال الإسناد:
تقدم.
(2)
أبو عبيد في الأموال (389) وابن زنجويه في الأموال (457).
(3)
أبو داود (30051) وسعيد بن منصور في سننه (2603) ويحيى بن آدم في الخراج (237) والبيهقي (9/ 204) وابن الأثير في أسد الغابة (6/ 414).
(4)
أبو عبيد في الأموال (388) والبيهقي (9/ 204) وابن زنجويه (457).
(5)
يحيى بن آدم في الخراج (237).
ولم يروِ هذا الحديث عن سفيان الثوري غير عبد الرزاق.
والله أعلم هل الوهم من عبد الرزاق أو من شيخه سفيان أو هو سقط في كتاب عبد الرزاق، وهذا هو الذي أرجحه، والله تعالى أعلم.
الحديث التاسع
(1)
:
422 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 95): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، حدثني ابن شهاب، عن عمر بن سعد بن أبي وقاص أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة، والملامسة يمس الثوب ولا ينظر إليه، وعن المنابذة، وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه وينظر إليه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عمر بن سعد بن أبي وقاص فهو من رجال النسائي والترمذي وهو صدوق، وابن جريج هنا قد صرّح بالتحديث فانتفت تهمة التدليس.
هو في مصنف عبد الرزاق (14990) قال: أخبرنا ابن جريج،
(1)
رجال الإسناد:
ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي: تقدم انظر ترجمته في بابه.
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري: تقدم انظر ترجمته في بابه.
عمر بن سعد بن أبي وقاص المدني، نزيل الكوفة، صدوق ولكن مقته الناس لكونه كان أميراً على الجيش الذين قتلوا الحسين بن علي، من الثانية، قتله المختار، وهم مَنْ ذكره في الصحابة، وقد جزم ابن معين أنه ولد يوم مات عمر بن الخطاب، روى له الترمذي والنسائي.
أبو سعيد الخدري: سعد بن مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري، صحابي، وأبوه صحابي أيضاً، استصغر بأحد ثم شهد ما بعدها، روى الكثير من الحديث، مات بالمدينة سنة 63 أو نحوها.
قال: أخبرني ابن شهاب عن عمرو بن سعد بن أبي وقاص، كذا قال، والصواب: عمر بن سعد أنه قال: سمعت أن أبا سعيد الخدري يقول، فذكر الحديث.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن ابن جريج، عن الزهري، عن عمر بن سعد، عن أبي سعيد).
خالفه روح بن عبادة
(1)
فقال: (عن ابن جريج، عن الزهري، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبي سعيد الخدري).
وكذلك رواه يونس بن يزيد
(2)
، وعقيل بن خالد
(3)
، وصالح بن كيسان
(4)
عن الزهري فقالوا: (عامر بن سعد).
قال الدارقطني: «يرويه الزهري واختلف عنه:
فرواه صالح بن كيسان ويونس وعقيل وابن جريج عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبي سعيد.
وقيل: عن ابن جريج، عن الزهري، عن عمر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبي سعيد، ولا يصح.
والحديث حديث عامر بن سعد»
(5)
.
علة الوهم:
التشابه في اسم الأخوين فهذا عامر بن سعد وهذا عمر بن سعد،
(1)
أبو عوانة (4866).
(2)
البخاري (5820) ومسلم (1512) وأبو عوانة (4867).
(3)
البخاري (2144).
(4)
مسلم (1512) وأبو عوانة (4869).
(5)
العلل (11/ 299).
وكونهما اشتركا في الرواية عن أبي سعيد الخدري واشتركا في كون ابن شهاب الزهري قد روى عنهما، والله تعالى أعلم
(1)
.
وقد كان ابن جريج يهم في هذا فيقول: (عمرو بن سعد) كما أشار عبد الرزاق بقوله: (كذا قال) ثم قال: والصواب عمر بن سعد، فانظره في بابه ح (285).
(1)
مع وجود الفرق بينهما فعامر ثقة كثير الحديث وحديثه في الصحيحين وقد روى عن جمع من الصحابة، منهم: عثمان بن عفان وأبوه سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبو أيوب الأنصاري وغيرهم.
بينما لم يروِ عمر بن سعد إلا عن أبيه وأبي سعيد الخدري ولم يخرج حديثه إلا النسائي والترمذي وقد مقته الناس كما سبق في التعريف برواة الحديث.
الحديث العاشر
(1)
:
423 -
قال الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله (1516): حدثنا الحسن بن علي الخلال، حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرنا عبيد الله بن أبي يزيد عن سباع بن ثابت، أن محمد بن ثابت بن سباع أخبره، أن أم كرز أخبرته:
أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال: «عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة، ولا يضركم ذكراناً كنّ أم إناثاً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات (وسبق في باب سفيان بن عيينة) وهو عند عبد الرزاق في المصنف (7954) ومن طريقه أخرجه أحمد (6/ 422) والطبراني في الكبير (25/ 405) والدارقطني في العلل (15/ 396) والمزي في تهذيب الكمال (5690).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(1)
رجال الإسناد:
الحسن بن علي بن محمد الهُذلي، أبو علي الخلال الحلواني، نزيل مكة، ثقة حافظ، له تصانيف، من الحادية عشرة، مات سنة 242، روى له البخاري ومسلم.
عبيد الله بن أبي يزيد المكي، ثقة كثير الحديث، من الرابعة، مات سنة 126 وله 86 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سباع بن ثابت حليف بني زهرة، قال: أدركت الجاهلية، وعده البغوي وغيره في الصحابة، وابن حبان في ثقات التابعين، روى له أصحاب السنن الأربعة.
محمد بن ثابت بن سباع الخزاعي، صدوق، من الثالثة، روى له الترمذي.
أم كُرْز الكعبية المكية صحابية لها أحاديث، روى لها أصحاب السنن.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن سباع بن ثابت، عن محمد بن ثابت، عن أم كرز).
خالفه يحيى بن سعيد القطان
(1)
، ومحمد بن بكر البرساني
(2)
، وحجاج بن محمد المصيصي
(3)
، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد
(4)
، وإسماعيل بن علية
(5)
.
فرووه كلهم فقالوا: (عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن سباع بن ثابت، عن أم كرز).
وهم عبد الرزاق فزاد في الإسناد: محمد بن ثابت بين سباع وأم كرز، وقد صرّح سباع بن ثابت بسماعه من أم كرز.
وكذلك رواه حماد بن زيد
(6)
، وسفيان بن عيينة في رواية
(7)
عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن سباع، عن أم كرز.
لم يذكروا في الإسناد محمد بن ثابت.
وقد سبق في باب سفيان بن عيينة ح (122) فانظره لزاماً.
قال أبو بكر النيسابوري: (الذي عندي في هذا الحديث أن
(1)
النسائي (7/ 165) وفي الكبرى (4544) والدارقطني في العلل (15/ 397).
(2)
أحمد (6/ 224) والدارقطني في العلل (15/ 397).
(3)
أخرجه الدارقطني في العلل (15/ 396).
(4)
المصدر السابق (15/ 397).
(5)
أخرجه الدارقطني في العلل (15/ 397).
(6)
أبو داود (2836) وأحمد (6/ 381) والدارمي (1968) والطحاوي (1043) والبيهقي (9/ 301) والدارقطني في العلل (15/ 396).
(7)
النسائي (7/ 165) وفي الكبرى (4543) والطيالسي (1739 ط. التركي) والطبراني في الكبير (25/ 407).
عبد الرزاق أخطأ فيه، لأنه ليس فيه محمد بن ثابت، إنما هو سباع بن ثابت ابن عم محمد بن ثابت)
(1)
.
وقال المزي: والمحفوظ عن سباع عن أم كرز
(2)
.
وقال أيضاً: كذا وقع في هذه الرواية وهو خطأ، والصواب أن سباع بن ثابت ابن عم محمد بن ثابت بن سباع
(3)
.
وقال الذهبي: والصحيح عن ابن جريج حذف محمد بن ثابت
(4)
.
وقد سبق في باب سفيان تصحيح أبي داود لإسناد حماد بن زيد.
وقال الألباني: (ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، إلا أن الترمذي وقع في إسناده زيادة بين سباع وأم كرز فقال: عن سباع أن محمد بن ثابت بن سباع أخبره أن أم كرز أخبرته به وهي رواية لأحمد، وابن ثابت هذا ليس بالمشهور ولم يوثقه غير ابن حبان، وهذه الزيادة إن كانت محفوظة فلا يعل الإسناد بها لتصريح سباع بن ثابت بسماعه للحديث من أم كرز عند أحمد بإسناد الشيخين)
(5)
.
وقال الدارقطني: (قال عبد الرزاق عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن سباع بن ثابت أن محمد بن ثابت بن سباع أخبره عن أم كرز، ووهم فيه)
(6)
.
(1)
العلل للدارقطني (15/ 396).
(2)
تحفة الأشراف (12/ 205).
(3)
تهذيب الكمال ترجمة رقم (5690).
(4)
ميزان الاعتدال (2/ 115).
(5)
إرواء الغليل (4/ 391).
(6)
العلل (15/ 394 رقم 4101).
وقال ابن القطان: (خالف فيها عبد الرزاق أصحاب ابن جريج الحفاظ:
…
الصواب عن سباع بن ثابت ابن عم محمد بن ثابت عن أم كرز)
(1)
.
جاء بيانه في رواية محمد بن بكر وحجاج بن محمد فذكرا أن ابن جريج
(2)
كان يقول في حديثه: أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أن سباع بن ثابت ابن عم محمد بن ثابت بن سباع أخبره أن
…
فمن هنا دخل الوهم على عبد الرزاق فظن أن سباع بن ثابت يرويه عن محمد بن ثابت بينما جاء ذكره في الإسناد كصفة لا كراو، والله تعالى أعلم.
أثر الوهم:
ذكر أصحاب التراجم كالمزي وابن حجر وغيرهما في رجال الترمذي محمد بن ثابت.
قال المزي في تهذيب الكمال: (روى له الترمذي حديثاً واحداً ثم ساقه بسنده).
كما أنهم ذكروه في الرواة عن أم كرز وأن ابن عمه سباع بن ثابت روى عنه هذا الحديث.
(1)
بيان الوهم والإيهام (4/ 589).
(2)
وذكر ابن أبي حاتم في العلل (4/ 312) أن ابن جريج يرويه كذلك. والصحيح أنه اختلف على ابن جريج فرواه عبد الرزاق عنه كذلك فوهم، ورواه غيره ممن سبق ذكرهم على الوجه الصحيح.
بينما الصحيح أن سباع بن ثابت لم يروِ عنه، ولم يروِ عنه إلا ابنته جيرة بنت محمد بن ثابت، أي: لم يروِ عنه إلا واحد، فهو مجهول الحال، والله تعالى أعلم.
الحديث الحادي عشر
(1)
:
424 -
قال أبو داود رحمه الله (2185): حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع قال:
كيف ترى في رجل طلّق امرأته حائضاً؟ قال: طلّق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن عبد الله بن عمر طلّق امرأته وهي حائض، قال عبد الله: فردها عليّ ولم يرها شيئاً وقال: «إذا طهرت فليطلق أو ليمسك» .
قال ابن عمر: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ
…
(1)} [الطلاق: 1] في قبل عدتهن.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن صالح المصري، ثقة حافظ، من العاشرة، تكلم فيه النسائي بسبب أوهام له قليلة، مات سنة 248 وله 78 سنة، روى له البخاري.
ابن جريج: تقدم.
أبو الزبير المكي: محمد بن مسلم بن تدرس، صدوق إلا أنه يدلس، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن أيمن، ويقال: مولى أيمن المخزومي مولاهم المكي، لا بأس به، من الثالثة، له ذكر عندهم بلا رواية، روى له مسلم وأبو داود والنسائي.
وأخرجه البيهقي (7/ 327) وابن عبد البر (15/ 65) من طريق أبي داود به، وهو في مصنف عبد الرزاق (10960).
وأخرجه مسلم في صحيحه (1471)(14) عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (3471) من طريق إسحاق بن إبراهيم ومحمود بن غيلان.
وأخرجه المزي في تهذيب الكمال (3749) من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق به.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة، عن ابن عمر).
خالفه حجاج بن محمد
(1)
، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد
(2)
، ومسلم بن خالد الزنجي
(3)
، وسعيد بن سالم القداح
(4)
.
فقالوا: (عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن بن أيمن مولى عَزَّةَ، عن ابن عمر).
وهم عبد الرزاق في قوله: (مولى عروة) وإنما هو مولى (عزة).
(1)
مسلم (1471)(14) والنسائي (6/ 139) وابن الجارود (733).
(2)
مسلم (1471)(14).
(3)
الشافعي في مسنده (2/ 33 - 34)، والبغوي في شرح السنة (2352).
(4)
الشافعي (2/ 33 - 34) ومن طريقه البغوي (2352).
لذا قال الإمام مسلم رحمه الله عقب الحديث: «أخطأ حيث قال عروة إنما هو مولى عزَّة»
(1)
.
وقال المزي في تهذيب الكمال: والأول أصح، أي: مولى عزة.
وهناك وهم آخر في هذا الحديث وهو قوله: (ولم يرها شيئاً) والحمل فيه على أبي الزبير فانظره في بابه، ح (504).
علة الوهم:
1 التشابه بين كلمة (عزة) و (عروة).
2 أن حبيباً مولى عروة بن الزبير روى عنه عبد الرزاق من طريقه حديثين
(2)
وحديثه في الصحيح
(3)
، ومولى عزة ليس له إلا هذا الحديث.
(1)
في صحيحه (2/ 1058 رقم 1471/ 14).
(2)
المصنف (10452)، (20298).
(3)
مسلم (84).
الحديث الثاني عشر
(1)
:
425 -
قال ابن خزيمة في صحيحه (2315): حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث ابن رواحة فيخرص النخل حين يطيب أول الثمر قبل أن تؤكل ثم يخير اليهود بأن يأخذوها بذلك الخرص أم يدفعه اليهود بذلك، وإنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالخرص لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمرة وتفرق.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين. وهو في مصنف عبد الرزاق (7219)، وأخرجه الدارقطني (2/ 134) من طريق محمد بن يحيى وعبد الملك بن زنجويه، وابن حزم في المحلى (6/ 469) من طريق الدبري، ثلاثتهم محمد بن يحيى، وابن زنجويه، والدبري، عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن ابن جريج، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة).
خالفه حجاج بن محمد
(2)
، ومحمد بن بكر البرساني
(3)
،
(1)
رجال الإسناد:
تقدم
(2)
أبو داود (1606) وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (1438) والدارقطني (2/ 134) والبيهقي (4/ 123).
(3)
أحمد (6/ 163).
ومطرف بن مازن
(1)
.
فقالوا: (عن ابن جريج، أخبرت عن الزهري، عن عروة، عن عائشة) فصار الإسناد منقطعاً إذ أخبر أنه لم يسمعه من الزهري.
وكذلك رواه عن عبد الرزاق أيضاً أحمد بن حنبل
(2)
وإسحاق بن راهويه
(3)
فقالا: عن عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرت عن الزهري، فظهر بذلك أن ابن جريج بريء من تدليس هذا الحديث، والحمل في الاختلاف فيه إنما هو على عبد الرزاق إذ رواه عنه أصحابه على الوجهين كما تقدم، لذا قال ابن خزيمة: إن صحّ الخبر فإني أخاف أن يكون ابن جريج لم يسمع هذا الخبر من ابن شهاب
(4)
وهو كما قال، والله تعالى أعلم.
(1)
الدارقطني في العلل (14/ 121/ 3459).
(2)
المسند (6/ 163).
(3)
في مسنده (904).
(4)
صحيح ابن خزيمة (4/ 4).
الحديث الثالث عشر
(1)
:
426 -
قال الإمام الترمذي رحمه الله (469): حدثنا محمود بن غَيْلان، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج عن سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر فأوتروا قبل طلوع الفجر» .
قال أبو عيسى: وسليمان بن موسى قد تفرد به على هذا اللفظ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير سليمان بن موسى وهو صدوق عالم أهل الشام بعد مكحول، بل قال الزهري سليمان بن موسى أحفظ من مكحول، وضعفه بعضهم، منهم: البخاري.
وهو عند عبد الرزاق في المصنف (4613)، وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4498) من طريق محمود بن غيلان به، وابن حزم في المحلى (3/ 101) من طريق الدبري عن عبد الرزاق به.
هكذا قال عبد الرزاق عن ابن جريج، عن سليمان، عن نافع، عن
(1)
رجال الإسناد:
محمود بن غيلان: تقدم.
ابن جريج: تقدم.
سليمان بن موسى الأموي الدمشقي الأشدق، صدوق فقيه في حديثه بعض لين وخولط قبل موته بقليل، من الخامسة، روى له أصحاب السنن الأربعة، ومسلم في المقدمة.
ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر» .
خالفه محمد بن بكر البرساني
(1)
، وحجاج بن محمد
(2)
فرووه عن ابن جريج فقالا: إن ابن عمر كان يقول: مَنْ صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وتراً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، فإذا كان الفجر فقد ذهبت كل صلاة الليل والوتر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«أوتروا قبل الفجر» .
ففصلا قول ابن عمر من الحديث المرفوع، وأدرجه عبد الرزاق.
وقد رواه عبد الرزاق
(3)
مرة كروايتهما.
وكذلك رواه حجاج عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر
(4)
.
وقد رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بادروا الصبح بالوتر»
(5)
.
وكذلك رواه عبد الله بن شقيق عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
(6)
.
وروى الليث عن نافع عن ابن عمر قال: مَنْ صلّى من الليل فليجعل آخر صلاته وتراً فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك
(7)
.
(1)
أحمد (2/ 149) وابن خزيمة (1091).
(2)
ابن خزيمة (1091) وأبو عوانة (2269) والحاكم (1/ 302) والبيهقي (2/ 478) وابن الجارود (274).
(3)
أحمد (2/ 149) وابن خزيمة (109).
(4)
ابن الجارود (275) وقد صرّح ابن جريج بالسماع من نافع.
(5)
الطحاوي في شرح المشكل (4496).
(6)
ابن خزيمة (1088).
(7)
النسائي في الكبرى (1391) وأبو عوانة (2267).
قال الترمذي عقب الحديث: وسليمان بن موسى قد تفرد به على هذا اللفظ.
قلت: الذي تفرد به عبد الرزاق كما سبق فكان مرة يحدّث به ويدرج الموقوف وهو قول ابن عمر في المرفوع وحيناً يفصله، والله تعالى أعلم.
الحديث الرابع عشر
(1)
:
427 -
قال عبد الرزاق رحمه الله في المصنف (2388): عن ابن عيينة، عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن جده قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد الحرام والناس يطوفون بالبيت بينه وبين القبلة بين يديه ليس بينه وبينهم سترة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم رجال الصحيح غير كثير بن المطلب وهو تابعي وثقه ابن حبان.
ورواه عبد الرزاق في (2389) عن ابن عيينة بهذا الإسناد وزاد فيه قال: رأيته يصلي مما يلي باب بني سهم.
وأخرجه الطبراني في الكبير (20/ 681) عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن سفيان، عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن جده).
خالفه أصحاب سفيان فقالوا:
(1)
رجال الإسناد:
سفيان بن عيينة: انظر ترجمته في بابه.
كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي المكي، ثقة، من السادسة، روى له البخاري.
كثير بن المطلب بن أبي وداعة، أبو سعيد المكي، مقبول، من الثالثة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
المطلب بن أبي وداعة، الحارث بن صبيرة بن سعيد السهمي، أبو عبد الله وأمه أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، صحابي أسلم يوم الفتح ونزل المدينة ومات بها، حديثه عند مسلم.
(عن سفيان، عن كثير بن كثير، عن بعض أهله، عن جده)، منهم:
الشافعي
(1)
، وأحمد بن حنبل
(2)
، والحميدي
(3)
، وهارون بن عبد الله الحمال
(4)
، ويونس بن عبد الأعلى
(5)
، وإبراهيم بن بشار
(6)
، وسعدان بن نصر
(7)
، وأحمد بن حماد
(8)
، وأبو بكر ابن أبي شيبة
(9)
.
وهم عبد الرزاق في قوله: (عن أبيه)، والصحيح:(عن بعض أهله).
وقد ذكر سفيان أن ابن جريج
(10)
كان يقول في حديثه: حدثنا كثير عن أبيه، فسأله سفيان فصرّح أنه لم يسمعه من أبيه إنما سمعه من بعض أهله مما يدل على وهم عبد الرزاق.
علة الوهم:
1 روى عبد الرزاق في مصنفه (2387) عن عمرو بن قيس
(1)
البيهقي في معرفة السنن والآثار (3/ 194) وفي اختلاف الحديث (1/ 512).
(2)
المسند (6/ 399) وأبو داود (2016) والمزي في تهذيب الكمال (في ترجمة كثير بن المطلب).
(3)
في مسنده (578) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 702) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 702).
(4)
أبو يعلى (7173).
(5)
ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 301) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2607) وفي شرح معاني الآثار (1/ 416).
(6)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 461).
(7)
البيهقي (3/ 194).
(8)
ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (الجزء المفقود)(1/ 301).
(9)
في مصنفه (15039) ويعقوب بن سفيان في المعرفة (3/ 51).
(10)
انظره في باب ابن جريج، ح (288).
قال: أخبرني كثير بن كثير بن المطلب عن أبيه، عن جده فذكر الحديث
(1)
.
ثم أتبعه برواية سفيان عن كثير بن كثير فربما دخل عليه الوهم من هذا الباب.
2 ابن جريج شيخ عبد الرزاق كان يرويه عن كثير عن أبيه فأدخل عبد الرزاق إسناد ابن جريج في إسناد سفيان، والله تعالى أعلم.
(1)
ورواه الطبراني في الكبير (20/ 680) من طريقه.
الحديث الخامس عشر
(1)
:
428 -
قال ابن ماجه رحمه الله (2676): حدثنا أحمد بن الأزهر، حدثنا عبد الرزاق عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«النار جُبارٌ
(2)
والبئر جبار».
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن الأزهر شيخ ابن ماجه وهو صدوق حسن الحديث.
وروى عنه البخاري في غير الجامع، ومسلم خارج الصحيح، وروى عنه ابن خزيمة من أصل كتابه.
قال مكي بن عبدان: سألت مسلم بن الحجاج عن أبي الأزهر، فقال: أُكتب عنه.
قال الحاكم أبو عبد الله: وهذا رسم مسلم في الثقات.
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن الأزهر بن منيع، أبو الأزهر العبدي النيسابوري، صدوق كان يحفظ ثم كبر فصار كتابه أثبت من حفظه، من الحادية عشرة، مات سنة 263، روى له النسائي وابن ماجه.
همام بن منبه بن كامل الصنعاني، أخو وهب بن منبه، ثقة، مات سنة 132 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
(2)
(النار جبار) النار يوقدها الرجل في ملكه لأرب له فيها فتطير لها الريح فتشعلها في بناء أو متاع لغيره من حيث لا يملك ردها فيكون هدراً غير مضمون عليه. (الخطابي).
وقال العلامة مغلطاي: قال أبو عبد الله الحاكم: هو في إجماعهم ثقة، وقال في تاريخ نيسابور: هو محدث عصره.
وقد تابعه جماعة عند أبي داود والنسائي وغيرهم.
وأخرجه أبو عوانة (6366) عن أبي الأزهر ومحمد بن إسحاق بن شبويه المكي، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني، وأبو داود (4594) عن محمد بن المتوكل العسقلاني، والنسائي في الكبرى (5789) عن أحمد بن سعيد، والبيهقي (8/ 344) من طريق أحمد بن يوسف السلمي ومن طريق أحمد بن منصور الرمادي، وابن حزم في المحلى (11/ 20) من طريق أحمد بن منصور كلهم عن عبد الرزاق.
ورواه أبو داود (4594) ومن طريقه أبو عوانة (6367) من طريق عبد الملك الصنعاني عن معمر به وفيه: «النار جبار» .
وكذلك أخرجه ابن أبي عاصم في الديات (1/ 43) من طريق سلمة عن عبد الرزاق.
هكذا قال معمر عن همام، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:«النار جبار» وفي رواية: «النار جبار والبئر جبار» .
والحديث محفوظ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: «العجماء جرحها جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» هكذا أو نحوه رواه عامة أصحاب أبي هريرة، منهم:
سعيد بن المسيب
(1)
، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن
(2)
، وأبو
(1)
البخاري (1499) ومسلم (1710)(45) وهو في مصنف عبد الرزاق (7704) عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة ومن طريقه أحمد (2/ 274).
(2)
البخاري (6912) ومسلم (1710)(45)(46).
صالح ذكوان السمان
(1)
، ومحمد بن زياد الجمحي
(2)
، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
(3)
، ومحمد بن سيرين
(4)
، وعبد الرحمن الأعرج
(5)
.
لذا حكم حفاظ الحديث على وهم هذه اللفظة وأنها تصحفت من البئر إلى النار.
قال يحيى بن معين: أصله البير جبار، ولكنه صحفه معمر
(6)
.
قال الحافظ: يؤيد ما قال ابن معين اتفاق الحفاظ من أصحاب أبي هريرة على ذكر البئر دون النار
(7)
.
وقال الإمام أحمد: «أهل اليمن يكتبون النار (النير) ويكتبون البير يعني مثل ذلك، وإنما لقن عبد الرزاق النار جبار»
(8)
.
(9)
.
(1)
البخاري (2355).
(2)
البخاري (6913) ومسلم (1710)(46).
(3)
مسلم (1710)(45).
(4)
النسائي (5/ 45، 46) وفي الكبرى (5377) وأحمد (2/ 228، 411، 493، 499) وإسحاق (510) وأبو يعلى (6024، 6046).
(5)
الشافعي في السنن (ص 429) وأحمد (2/ 382) والحميدي (1080) والدارمي (2290) وأبو يعلى (6378) وأبو عوانة (6368)(6369).
(6)
التمهيد (7/ 26) وفتح الباري (12/ 257).
(7)
فتح الباري (12/ 255).
(8)
سنن الدارقطني (3/ 153).
(9)
علل الدارقطني (11/ 165).
قال البيهقي: يعني فهو تصحيف
(1)
.
وقال الأثرم: ذكر لأحمد حديث: «النار جبار» ، فقال: هذا باطل ليس من هذا شيء، ثم قال: ومَن يحدّث به عن عبد الرزاق؟ قلت: حدثني به أحمد بن شبويه، قال: هؤلاء سمعوا بعدما عمي كان يلقن فلقّنه وليس هو في كتابه، وقد أسندوا عنه أحاديث ليست في كتبه كان يلقنها بعدما عمي»
(2)
.
وقال ابن هاناء: (سمعت أبا عبد الله يقول: حديث عبد الرزاق حديث أبي هريرة: «النار جبار» إنما هو (البئر جبار) وإنما كتبنا كتبه على الوجه وهؤلاء الذين كتبوا عنه سنة ست ومائتين إنما ذهبوا إليه وهو أعمى فلقن فقبله ومر فيه)
(3)
.
وقال ابن المنذر: «هذا تصحيف، وإنما هو الحديث الذي يروى أنه قال: «البئر جبار» وذلك أن أهل اليمن يميلون النار فكتبها بعضهم بالياء فرواه القاراء مصحفاً»
(4)
.
قال ابن العربي: اتفقت الروايات المشهورة على التلفظ بالبئر وجاءت رواية شاذة بلفظ: (النار جبار)
(5)
.
(1)
السنن الكبرى (8/ 344).
(2)
الدارقطني في سننه (3/ 153) وابن عساكر في تاريخ دمشق (39/ 135) وابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 579 - 580) والذهبي في الميزان (4/ 340) ونحوه ذكره البيهقي (8/ 344) من طريق حنبل بن إسحاق عن الإمام أحمد.
(3)
مسائل ابن هانيء (2/ 202) والدارقطني (3/ 153) وفي العلل (11/ 165) والبيهقي (8/ 345).
(4)
غريب الحديث للخطابي (1/ 601).
(5)
فتح الباري (12/ 255) وعمدة القاري (24/ 70).
لكن قال ابن عبد البر: لم يأتِ ابن معين على قوله بدليل وليس بهذا ترد أحاديث الثقات
(1)
.
فتعقبه الحافظ في الفتح فقال: قلت: لا يعترض على الحفاظ الثقات بالاحتمالات ويؤيده ما قال ابن معين اتفاق الحفاظ من أصحاب أبي هريرة على ذكر البئر دون النار، وقد ذكر مسلم أن علامة المنكر في حديث المحدث أن يعمد إلى مشهور بكثرة الحديث والأصحاب فيأتي عنه بما ليس عندهم وهذا من ذاك، ويؤيده أيضاً أنه وقع عند أحمد من حديث جابر بلفظ:«والجب جبار»
(2)
.
قلت: اتفق أهل الحديث على أن لفظ: «النار جبار» إلا أنهم اختلفوا ممن الوهم هل هو من معمر أو من عبد الرزاق.
والذي يجعله من معمر دليله ما يلي:
1 أن عبد الرزاق لم ينفرد بذلك بل تابعه عليه عبد الملك الصنعاني وهشام بن يوسف.
قال أبو عوانة: كان يقال: غلط فيه عبد الرزاق، وإنما هو (البئر جبار) فجعله (النار) ثم وافقه عليه عبد الملك عن معمر
(3)
.
وقال الخطابي: لم أزل أسمع أصحاب الحديث يقولون: غلط فيه عبد الرزاق إنما هو (البئر جبار) حتى وجدته لأبي داود عن
(1)
فتح الباري (12/ 255) وهو بنحوه في التمهيد (7/ 26) والاستذكار (8/ 146).
(2)
فتح الباري (12/ 256).
(3)
في مسند أبي عوانة (4/ 158).
عبد الملك الصنعاني عن معمر فدلّ على أن الحديث لم ينفرد به عبد الرزاق
(1)
.
وقال محمد بن حماد: قال أحمد بن حنبل: لم أجد هذا الحرف في كتاب عبد الرزاق يعني (النار جبار) وأخبرني السكري أنه وجد هذا الحرف باليمن في كتاب هشام بن يوسف
(2)
.
2 أن معمراً شكّك في هذه اللفظة (النار) عقب روايته لها، كما في رواية أحمد بن منصور الرمادي عن عبد الرزاق، قال عبد الرزاق: قال معمر: لا أراه إلا وهماً
(3)
.
3 أن الذين قالوا الوهم من عبد الرزاق قالوا: إنه صحفها، لكن عبد الرزاق جمع كما في رواية أحمد بن الأزهر وأحمد بن سعيد بين لفظي (النار والبئر) مما ينفي أن تكون إحداهما مصحفة من الأخرى.
والذي يجعل هذا الوهم من عبد الرزاق أن عبد الرزاق كان يروي هذا الحديث عن معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العجماء جرحها جبار والمعدن جبار والبئر جبار»
(4)
.
وأحمد لم يكن يرضى أن يحدثه عبد الرزاق إلا من كتابه.
ثم إن عبد الرزاق عَمِيَ في آخر عمره فصار يتلقن فلقن هذا فحدّث به، والله تعالى أعلم، وانظر ح (1204) باب سفيان بن حسين.
(1)
معالم السنن (4/ 716).
(2)
مشيخة ابن البخاري (2/ 1237).
(3)
الدارقطني (3/ 152) والبيهقي (8/ 344) وفي الصغرى (7/ 436).
(4)
أحمد (2/ 319 ح 8252).
علة الوهم:
1 روى ابن عدي في الكامل قال: «ثنا عبد الله بن محمد بن يوسف، ثنا محمد بن شبويه، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النار جبار» .
قال ابن عدي: وهذا المتن قوله: «النار جبار» هو بهذا الإسناد الذي تقدم.
وقال ابن حنبل: «ليس هذا الحديث في كتب عبد الرزاق قوله: «النار جبار» ، يعني عن معمر عن همام عن أبي هريرة»
(1)
.
فلعله من هنا دخل الوهم على معمر فإن النار جبار إنما يرويه هو عن الزهري عن أنس.
2 ورد عن بعض السلف أن النار جبار، فقد روى وكيع عن عبد العزيز بن حصين عن يحيى بن يحيى الغساني قال: أحرق رجل بيتاً في مراح له فخرجت شرارة من نار حتى أحرقت شيئاً لجاره، قال: فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز فكتب إلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العجماء جرحها جبار» وأرى أن النار جبار
(2)
.
(1)
الكامل (6/ 281).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة (27858).
الحديث السادس عشر
(1)
:
429 -
قال عبد الرزاق في المصنف (11/ 429): أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:
«هذا جبريل وهو يقرأ عليك السلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا نرى» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
والحديث رواه من طريق عبد الرزاق أحمد (6/ 150) وإسحاق بن راهويه (856) وعبد بن حميد في المنتخب (1480) والنسائي (7/ 69) وفي الكبرى (8901) والطبراني في الكبير (23/ 87).
هكذا قال عبد الرزاق: (عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة).
خالفه عبد الله بن المبارك
(2)
، وهشام بن يوسف
(3)
فقالا:
(1)
رجال الإسناد:
معمر بن راشد الأزدي، أبو عروة البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئاً وكذا فيما حدّث به بالبصرة، من كبار السابعة، مات سنة 154 وله 58 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: تقدم.
عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
(2)
البخاري (6249) والترمذي (3881).
(3)
البخاري (3217).
(عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن عائشة).
وقد أخرج البخاري في صحيحه هاتين الروايتين عن معمر وأعرض عن رواية عبد الرزاق.
وكذلك رواه يونس بن يزيد الأيلي
(1)
، وشعيب بن أبي حمزة
(2)
، والنعمان بن راشد
(3)
، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر
(4)
، والواقدي
(5)
، فرووه عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة.
وكذلك رواه زكريا بن أبي زائدة وسفيان بن عيينة وغيرهم عن عامر الشعبي، عن أبي سلمة عن عائشة
(6)
.
لذا قال النسائي عقب الحديث عن رواية عبد الرزاق: هذا خطأ
(7)
.
(1)
البخاري (3768).
(2)
البخاري (6201) ومسلم (2447) والنسائي (7/ 69).
(3)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3018) والطبراني في الكبير (23/ 86) وذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (6249)، وابن حجر في تغليق التعليق (5/ 124).
(4)
الطبراني في الكبير (23/ 88).
(5)
الطبقات الكبرى (8/ 79) والواقدي متروك.
(6)
الحميدي (277) وابن أبي شيبة (25694) و (32286) وأحمد (6/ 112) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3012) وأبو داود (5232) وابن ماجه (3696) والترمذي (2693) وغيرهم.
(7)
المجتبى (7/ 69 - 70) وفي الكبرى (6/ 102).
الحديث السابع عشر
(1)
:
430 -
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (1851): حدثنا يحيى بن موسى، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن موسى فهو من رجال البخاري.
والحديث أخرجه الترمذي في الشمائل (159) وفي العلل الكبير (570)، وابن ماجه (3319)، وعبد بن حميد (13)، والطحاوي في شرح المشكل (4450)، والحاكم (4/ 122)، والضياء في المختارة (82، 83)، والبزار (275)، والبيهقي في شعب الإيمان (5939) من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد، وقال الحاكم:(صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي.
وهذا الحديث كان عبد الرزاق يهم فيه فتارة يذكر عمر وتارة يرويه
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن موسى البلخي، أصله من الكوفة، ثقة، من العاشرة، مات سنة 240، روى له البخاري.
زيد بن أسلم العدوي مولى عمر، أبو عبد الله وأبو أسامة المدني، ثقة عالم وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة 136، روى له البخاري ومسلم.
أسلم العدوي مولى عمر، ثقة مخضرم، من الثانية، مات سنة 80 وقيل بعد سنة ستين وهو ابن 114، روى له البخاري ومسلم.
عن زيد بن أسلم عن أبيه ولا يذكر عمر وتارة يقول: أحسبه عن عمر، وهو في المصنف (19568) بدون ذكر عمر.
قال الترمذي عقب الحديث: (هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق عن معمر، وكان عبد الرزاق يضطرب في رواية هذا الحديث فربما ذكر فيه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وربما رواه على الشك فقال: أحسبه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وربما قال: عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً).
وقال أبو داود في مسائله عن الإمام أحمد (1877): سألت أحمد عن حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«كلوا الزيت وادهنوا به فإنها شجرة مباركة» ، فقال: هذا حدثنا به عبد الرزاق عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، ليس فيه عمر)
(1)
.
وقال الترمذي في العلل الكبير (1/ 306): سألت محمداً يعني البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث مرسل، قلت له: رواه أحد عن زيد بن أسلم غير معمر؟ قال: لا أعلمه.
وقال يحيى بن معين (في تاريخه برواية الدوري 3/ 142): حدّث معمر، عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا الزيت وادهنوا به .. » ليس هو بشيء، إنما هو عن زيد مرسلاً.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1520): سمعت أبي يقول: روى عبد الرزاق عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن معمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«كلوا الزيت وائتدموا به» .
(1)
ولذلك لم يخرجه أحمد في مسنده ولا أبو داود في سننه.
ورواه الترمذي (1851) عن أبي داود سليمان بن معبد عن عبد الرزاق عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر فيه عمر، وهو كذلك في مصنفه (19568).
حدّث مرة عن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا رواه دهراً، ثم قال بعد: زيد بن أسلم، عن أبيه، أحسبه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم لم يمت يعني عبد الرزاق حتى جعله عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك)
(1)
.
وقال ابن عسكر: فقال لعبد الرزاق فتى من أهل مرو يقال له: أحمد بن سعيد: هذا الحديث كنت لا ترفعه؟ قال: ذلك على ما حدثنا وهذا على ما نحدث
(2)
.
قال الخطيب في الكفاية بعد أن أورده: (اختلاف الروايتين في الرفع والوقف لا يؤثر في الحديث ضعفاً لجواز أن يكون الصحابي يسند الحديث مرة ويرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويذكره مرة على سبيل الفتوى ولا يرفعه، فحفظ الحديث عنه على الوجهين معاً، وقد كان سفيان بن عيينة يفعل هذا كثيراً في حديثه)
(3)
.
قلت: ويشهد له ما رواه زمعة بن صالح عن زياد بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر مرفوعاً
(4)
.
(1)
ولم يرجح بين هذه الروايات، وانظر: الصحيحة للألباني (379).
(2)
الضياء في المختارة (1/ 175)
(3)
الكفاية في علم الرواية (1/ 417).
(4)
أخرجه الطبراني في الأوسط (9196) والبيهقي في شعب الإيمان (5939) تعليقاً.
الحديث الثامن عشر
(1)
:
431 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 429): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري حدثني محمود بن لبيد رضي الله عنه:
أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقل مجة مجها النبي صلى الله عليه وسلم من دلو كان في دارهم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الصحابي، روى له البخاري.
والحديث عند عبد الرزاق في مصنفه (19600).
هكذا قال عبد الرزاق: (عن معمر، عن الزهري، عن محمود بن لبيد).
خالفه عبد الله بن المبارك
(2)
، ورباح بن يزيد القرشي
(3)
، والواقدي
(4)
، فقالا:(عن معمر، عن الزهري، عن محمود بن الربيع).
(1)
رجال الإسناد:
معمر بن راشد: تقدم.
الزهري: تقدم في بابه.
محمود بن لبيد بن عقبة بن رافع الأوسي الأشهلي أبو نعيم المدني، صحابي صغير وجل روايته عن الصحابة، مات سنة 96 وقيل 97 وله 99 سنة، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد
(2)
البخاري (839) و (6059).
(3)
العلل برواية عبد الله بن أحمد عن أبيه (3/ 44) وابن عساكر في تاريخه (57/ 111).
(4)
ابن عساكر في تاريخ دمشق (57/ 113).
وكذلك رواه أصحاب الزهري، منهم:
إبراهيم بن سعد
(1)
، والأوزاعي
(2)
، ويونس بن يزيد
(3)
، ومالك بن أنس
(4)
، وعبد الرحمن بن نمر
(5)
، والزبيدي
(6)
.
وقد رواه عبد الرزاق مرة أخرى فقال: (عن معمر، عن الزهري، عن محمود بن الربيع) وافق رواية الجماعة، رواه عنه كذلك جمع من أصحابه، منهم:
عبد بن حميد
(7)
، ومحمد بن رافع
(8)
، وعبد الأعلى
(9)
، وابن أبي السري
(10)
، وعبد الرحمن بن عمر
(11)
، ويعقوب بن حميد
(12)
، وأحمد بن يوسف السلمي
(13)
.
وذكر علي بن المديني
(14)
، وأبو نعيم
(15)
، وابن الأثير
(16)
، وابن
(1)
البخاري (1185).
(2)
مسلم 1/ 456، رقم (265) وأبو عوانة (1284).
(3)
مسلم: المصدر السابق.
(4)
التمهيد (10/ 158).
(5)
الطبراني (18/ 54) وفي مسند الشاميين (2898) والفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 172).
(6)
النسائي في الكبرى (5865) والطبراني في مسند الشاميين (1706) وابن عساكر في تاريخه (57/ 111).
(7)
مسلم 1/ 456 رقم (264).
(8)
مسلم 1/ 456 رقم (264).
(9)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1932).
(10)
ابن حبان (1292) والطبراني (18/ 561).
(11)
تاريخ دمشق (57/ 11).
(12)
الآحاد والمثاني (1934).
(13)
تاريخ دمشق (57/ 111).
(14)
تحفة التحصيل (1/ 296) والمراسيل لابن أبي حاتم (1/ 199).
(15)
رجال مسلم (2/ 240) وقال: وهو ابن خمس سنين.
(16)
أسد الغابة (5/ 121).
عبد البر
(1)
وغيرهم أن محمود بن الربيع هو الذي عقل مجة مجها النبي صلى الله عليه وسلم.
علة الوهم:
كون الاثنين من صغار الصحابة واسم كلٍّ منهما محمود.
(1)
الاستيعاب (3/ 1378).
الحديث التاسع عشر
(1)
:
432 -
قال أبو داود رحمه الله (3569): حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن حرام بن محيصة عن أبيه:
أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدته، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات. وهو في مصنف عبد الرزاق (18437) ومن طريقه أخرجه أحمد (5/ 436) وابن حبان (6008) والطبراني في الكبير (5469) والدارقطني (3/ 154 - 155) والبيهقي (8/ 342) وابن عبد البر في التمهيد (11/ 88) من طرق عن عبد الرزاق.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن معمر، عن الزهري، عن حرام بن محيصة، عن أبيه).
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان الخزاعي، أبو الحسن ابن شبويه، ثقة، من العاشرة، مات سنة 230، روى له أبو داود.
حرام بن سعد أو ابن ساعدة ابن مُحَيِّصة بن مسعود الأنصاري وقد ينسب إلى جده، ثقة، من الثالثة، روى له أصحاب السنن الأربعة.
محيصة بن مسعود بن كعب الخزرجي ابن سعد المدني، صحابي معروف، روى له أصحاب السنن.
خالفه وهيب بن خالد
(1)
وأبو مسعود الزجاج
(2)
فقالا: (عن معمر، عن الزهري، عن حرام بن محيصة) ولم يقولا: (عن أبيه).
وكذلك رواه أصحاب الزهري عنه فلم يقولوا: (عن أبيه)، منهم:
مالك بن أنس
(3)
، والليث بن سعد
(4)
، وسفيان بن عيينة
(5)
، ويونس بن يزيد
(6)
، والنعمان بن راشد
(7)
، وصالح بن كيسان
(8)
، وعقيل بن خالد
(9)
، وشعيب بن أبي حمزة
(10)
، وإسماعيل بن أمية
(11)
، وعبد الله بن عيسى
(12)
، والأوزاعي
(13)
.
بل قال الحميدي في روايته عن سفيان: قال سفيان: هذا الذي
(1)
الطبراني في الكبير (5470) وأشار إليه الدارقطني (3/ 154) والبيهقي (8/ 342).
(2)
الدارقطني تعليقاً (3/ 154) والبيهقي (8/ 342).
(3)
الموطأ (2/ 747) والشافعي (2/ 107) وأحمد (5/ 435 - 436) والطحاوي (3/ 203) والدارقطني (3/ 156) والبيهقي (8/ 341) والطبراني (5470).
(4)
ابن ماجه (2332).
(5)
الشافعي في السنن المأثورة (525) والحميدي (878) وأحمد (5/ 436) وابن الجارود (796) والبيهقي (8/ 342) وعبد الله بن المبارك في مسنده (139).
(6)
الدارقطني (3/ 155).
(7)
الطبراني (5470).
(8)
الدارقطني تعليقاً (3/ 155).
(9)
المصدر السابق.
(10)
المصدر السابق.
(11)
النسائي في الكبرى (5786).
(12)
النسائي (5786) والبيهقي في الصغرى (3505).
(13)
الحاكم في المستدرك (2/ 55 ح 2303) والنسائي في الكبرى (5785).
لا شك فيه، وأُراه قد ذُكر عن أبيه
(1)
.
وكذلك رواه سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وحرام بن محيصة أن ناقة للبراء
(2)
.
وتابعه سفيان بن حسين
(3)
وزمعة بن صالح
(4)
فروياه عن الزهري كذلك.
ورواه قتادة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وحده
(5)
.
فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث أنه لا يذكر عن أبيه.
لذا قال بعض أهل الحديث عن هذه الرواية إنها وهم، وحمل محمد بن يحيى الذهلي الوهم فيها على معمر، وحمل أبو داود الوهم فيها على عبد الرزاق وهو الأظهر لمخالفة وهيب وأبي مسعود الزجاج عبد الرزاق كما تقدم.
قال الدارقطني: خالفه وهيب وأبو مسعود الزجاج عن معمر فلم يقولا: عن أبيه.
قال ابن عبد البر: (قال أبو داود: ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولم يتابع
(1)
أي: أنه لا يشك في أن الزهري لم يقل: (عن أبيه) ثم عرض برواية عبد الرزاق عن معمر.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
الدارقطني (3/ 155).
(4)
الروياني في مسنده (418).
(5)
الدارقطني (3/ 155).
أحد عبد الرزاق على روايته عن حرام بن محيصة عن أبيه. ذكره أبو داود في كتابه المفرد)
(1)
.
وقال أيضاً: (ولم يتابع عبد الرزاق على ذلك وأنكروا عليه قوله فيه: (عن أبيه)، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال: حدثنا محمد بن بكر بن عبد الرزاق النمار قال: سمعت أبا داود يقول: لم يتابع أحد عبد الرزاق على قوله في هذا الحديث: عن أبيه)، هكذا قال أبو داود لم يتابع عبد الرزاق، وقال محمد بن يحيى الذهلي: لم يتابع معمر على ذلك فجعل محمد بن يحيى الخطأ من معمر وجعله أبو داود من عبد الرزاق على أن محمد بن يحيى لم يروِ حديث معمر هذا ولا ذكره في كتابه علل حديث الزهري إلا عن عبد الرزاق لا غير.
ثم قال محمد بن يحيى: اجتمع مالك والأوزاعي ومحمد بن إسحاق وصالح بن كيسان وابن عيينة على رواية هذا الحديث عن الزهري عن حرام ولم يقولوا: أبيه. إلا معمراً فإنه قال فيه: عن أبيه فيما حدثنا عنه عبد الرزاق إلا أن ابن عيينة جمع إلى حرام سعيد بن المسيب)
(2)
.
وقال الدارقطني عقب الحديث: خالفه أي: عبد الرزاق وهيب وأبو مسعود الزجاج عن معمر فلم يقولا: عن أبيه.
(1)
التمهيد (11/ 88).
(2)
التمهيد (11/ 81 - 82) ثم قال ابن عبد البر: وهذا الحديث وإن كان مرسلاً فهو حديث مشهور أرسله الأئمة وحدّث به الثقات واستعمله فقهاء الحجاز وتلقوه بالقبول.
قلت: وممن صححه الشافعي والبيهقي. انظر: البدر المنير (1919)، والتلخيص، ومعرفة السنن والآثار (6/ 485).
ثم ساق رواية مالك ويونس وقال: وكذلك رواه صالح بن كيسان والليث ومحمد بن إسحاق وعقيل وشعيب ومعمر من غير رواية عبد الرزاق. اه.
وقال عبد الحق في أحكامه: لم يتابع معمر على قوله: عن أبيه
(1)
.
وقال ابن حجر: (ورواه معمر عن الزهري عن حرام عن أبيه ولم يتابع عليه)
(2)
.
وقال ابن عبد البر أيضاً: (ولم يتابع عبد الرزاق على ذلك وأنكروا عليه قوله فيه: عن أبيه)
(3)
.
علة الوهم:
رواه عبد الرزاق على الجادة بذكر أبيه، والصحيح في رواية الزهري هذه بدون ذكر أبيه كما رواه مالك وسفيان ويونس وغيرهم، وكذلك رواه معمر في غير رواية عبد الرزاق عنه.
وقد روى عبد الرزاق
(4)
عن معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه في كسب الحجام حديثاً، فمن هنا دخل الوهم على عبد الرزاق، والله تعالى أعلم.
(1)
البدر المنير (9/ 20).
(2)
التلخيص الحبير (4/ 86).
(3)
التمهيد (11/ 81).
(4)
ابن الجارود في المنتقى (583).
وكذلك رواه مالك عن الزهري وأبي داود (3422) وابن أبي ذؤيب عنه، وابن ماجه (2166) وسفيان بن عيينة، والشافعي في مسنده (1/ 190) وغيرهم.
الحديث العشرون
(1)
:
433 -
قال النسائي رحمه الله (7/ 67): أخبرنا محمد بن رافع النيسابوري الثقة المأمون قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت:
(اجتمعن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلن فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلن لها: إن نساءك، وذكر كلمة معناها ينشدنك العدل في ابنة أبي قُحافة، قالت: فدخلَتْ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مع عائشة في مِرْطها فقالت له: إن نساءك أرسلنني وهن ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«أتحبيني؟» ، قالت: نعم، قال:«فأحبِّيها» ، قالت: فرجعَتْ إليهن فأخبرتهن ما قال فقلن لها: إنك لم تصنعي شيئاً فارجعي إليه، فقالت: والله لا أرجع إليه فيها أبداً وكانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً فأرسلن زينب بنت جحش، قالت عائشة: وهي التي كانت تُساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أزواجك أرسلنني وهن ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، ثم أقبلت عليّ تَشْتِمُني فجعلتُ أراقب النبي صلى الله عليه وسلم وأنظر طَرْفَه هل يأذن لي من أن أنتصر منها، قالت: فشتمتني حتى ظننت أنه لا يكره أن أنتصر منها فاستقبلتها فلم ألبث أن أفحمتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها ابنة أبي بكر» ، قالت عائشة: فلم أرَ امرأة خيراً ولا
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن رافع النيسابوري: ثقة عابد، من الحادية عشرة، مات سنة 245، روى له البخاري ومسلم.
معمر: تقدم.
الزهري: تقدم.
عروة بن الزبير بن العوام: تقدم.
أكثر صدقة ولا أوصل للرحم وأبذل لنفسها في كل شيء يُتقرب به إلى الله تعالى من زينب ما عدا سَوْرة من حدة كانت فيها توشك منها الفَيْئة).
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وهو في مصنف عبد الرزاق (20925) ومن طريقه أحمد (6/ 151) وإسحاق (871) وأيضاً النسائي في الكبرى (8894).
وأخرجه ابن حبان (7105) من طريق ابن أبي السري، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3016) من طريق سلمة بن شبيب كلاهما عن عبد الرزاق به.
وأخرجه البغوي في شرح السنّة (14/ 164) من طريق إسحاق الدبري عن عبد الرزاق به.
هكذا رواه عبد الرزاق فقال: (عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة).
خالفه محمد بن عمر الواقدي
(1)
، وموسى بن أعين
(2)
فقالا: (عن معمر، عن الزهري، عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة).
وهذا هو الموافق لما في الصحيحين.
(1)
ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 171).
(2)
ذكره ابن حجر في الفتح (5/ 208).
فقد رواه يونس
(1)
وشعيب بن أبي حمزة
(2)
، وصالح بن كيسان
(3)
ويعقوب بن عطاء
(4)
عن الزهري عن محمد بن عبد الرحمن عن عائشة.
لذا قال النسائي عقب الحديث: (هذا خطأ والصواب الذي قبله) يعني حديث شعيب وصالح.
ونقل الحافظ في الفتح (5/ 208) عن الذهلي والدارقطني قولهما (المحفوظ من حديث الزهري، عن محمد بن عبد الرحمن عن عائشة).
وهناك وهم آخر وهو قوله: (وكانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقًّا) فقد أدرجه الراوي هنا وسط الحديث وقد بيّن أحمد وإسحاق وسلمة بن شبيب وإسحاق الدبري في روايتهم عن عبد الرزاق أنه من قول الزهري وكذلك هو في مصنف عبد الرزاق.
فالحمل فيه على محمد بن رافع، والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
رواه عبد الرزاق على الجادة.
(1)
مسلم (2442) والبيهقي (7/ 299).
(2)
أحمد (6/ 88) والبخاري في الأدب المفرد (559) والنسائي (7/ 66 - 67) وفي الكبرى (8893).
(3)
مسلم (2442) والنسائي (7/ 64 - 65) وفي الكبرى (8892).
(4)
الطبراني في الأوسط (927) مختصراً.
الحديث الحادي وعشرون
(1)
:
434 -
قال عبد الرزاق في المصنف (20959): أخبرنا معمر، عن ابن خثيم، عن صفية بنت شيبة، [عن أم سلمة]
(2)
رضي الله عنها قالت:
لما قدم المهاجرون المدينة أرادوا أن يأتوا النساء في
(3)
أدبارهن في فروجهن فأنكرن ذلك فجئن إلى أم سلمة فذكرن لها ذلك، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ
…
(223)} [البقرة: 223]، صماماً واحداً.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد (6/ 310) عن عبد الرزاق به.
وأخرجه الطبراني في الكبير (23/ 837) والبيهقي في شعب الإيمان (4992) كلاهما عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.
هكذا رواه عبد الرزاق عن معمر فقال: (عن ابن خثيم، عن صفية، عن أم سلمة).
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن عثمان بن خثيم، القاري المكي أبو عثمان، صدوق، من الخامسة، مات سنة 132، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدرية، لها رؤية، وحدثت عن عائشة وغيرها من الصحابة، وفي البخاري التصريح بسماعها من النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر الدارقطني إدراكها، روى لها البخاري ومسلم.
(2)
أم سلمة سقط من المطبوعة وهو مثبت من مصادر التخريج.
(3)
كذا في المطبوع ولعل الصحيح: (من).
خالفه سفيان الثوري
(1)
، ووهيب بن خالد
(2)
، وعبد الرحيم بن سليمان
(3)
، وروح بن القاسم
(4)
، والقاسم بن معن
(5)
.
فقالوا: (عن ابن خثيم، عن عبد الرحمن بن سابط، عن حفصة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة).
وكذلك رواه عبد الرزاق عن معمر في رواية له
(6)
.
قال الدارقطني في العلل (15/ 256): وسئل عن حديث حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر عن أم سلمة فذكر الحديث.
فقال: يرويه عبد الله بن عثمان بن خثيم، واختلف عنه:
فرواه الثوري ووهيب وروح بن القاسم ومعمر وعبد الرحيم بن سليمان والقاسم بن معن عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة.
وخالفهم أبو حنيفة فرواه عن ابن خثيم فوهم في إسناده في موضعين فقال: عن يوسف بن ماهك مكان ابن سابط، وقال: عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل: حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر وأسقط أم سلمة). اه
(1)
الترمذي (2979) وأحمد (6/ 318) و (6/ 318 - 319) وابن أبي شيبة (4/ 230) وأبو يعلى (6972) والطبري في تفسيره (4345) و (4346) و (4347) والدارقطني في العلل (14/ 256 - 257).
(2)
أحمد (6/ 305) والدارمي (1119) والطبري في تفسيره (4348) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 42) وفي شرح مشكل الآثار (6129).
(3)
الطبري في تفسيره (4344).
(4)
البيهقي (7/ 195).
(5)
ذكره الدارقطني في العلل (15/ 256).
(6)
تفسير عبد الرزاق (265) ومن طريقه أحمد (6/ 310).
الخلاصة:
روى عبد الرزاق عن معمر هذا الحديث بإسنادين:
الأول: (معمر عن ابن خثيم، عن ابن سابط، عن حفصة، عن أم سلمة).
وقد تابعه على هذا الإسناد غير واحد ممن تقدم ذكره من الثقات.
الثاني: (معمر عن ابن خثيم، عن صفية، عن أم سلمة).
ولم يتابعه على هذا الإسناد أحد.
وهذا الحديث لم يروه عن معمر غير عبد الرزاق وقد رواه عنه بكلا الإسنادين، ولم يتعين ممن الوهم في هذا، وحملناه على عبد الرزاق لأمرين:
الأول: ذكر الدارقطني أن معمراً قد تابع الجماعة في إسناد هذا الحديث؛ ولعل هذا الحديث كان عنده من طرق أخرى غير طريق عبد الرزاق.
الثاني: روى الإمام أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن خثيم، عن ابن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن، عن أم سلمة.
قال عبد الله: قال أبي: وفي موضع آخر: معمر، عن ابن خثيم عن صفية بنت شيبة.
هكذا جاءت الرواية في المسند وكأنه حمل الاختلاف على عبد الرزاق.
علة الوهم:
روى معمر عن ابن خثيم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت { .. يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ
…
(59)} [الأحزاب: 59]، خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية
(1)
.
فمعمر روى عن ابن خثيم حديثين في شأن نساء الأنصار:
الأول: في إتيان النساء في فرجها من ناحية الدبر.
وهذا من طريق حفصة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة.
الثاني: في حجاب النساء.
وهذا من طريق صفية عن أم سلمة.
فروى عبد الرزاق الحديث الأول بالإسناد الثاني، والله تعالى أعلم.
(1)
أبو داود (4101) من طريق محمد بن عبيد عن ثور عن معمر به.
الحديث الثاني والعشرون
(1)
:
435 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 89): ثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
رأى النبي صلى الله عليه وسلم على عمر ثوباً أبيض فقال: «أجديد ثوبك أم غسيل» .
فقال: فلا أدري ما ردّ عليه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إلبس جديداً وعش حميداً ومت شهيداً» وأظنه قال: «ويرزقك الله قرة عين في الدنيا والآخرة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين إلا أنه معلول.
والحديث أخرجه عبد الرزاق (20382) ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (723) وابن ماجه (3558) والنسائي في الكبرى (10143) وفي عمل اليوم والليلة (311) وأبو يعلى (5545) وابن حبان (6897) والطبراني في الكبير (13127) وفي الدعاء (399) والترمذي في العلل (1/ 373) وابن السني في عمل اليوم والليلة (269) والبيهقي في الدعوات الكبير (434).
كلهم من طريق عبد الرزاق به.
(1)
رجال الإسناد:
تقدموا.
والحديث أعله الأئمة النقاد:
قال النسائي في السنن الكبرى (6/ 86): (هذا حديث منكر، أنكره يحيى بن سعيد القطان على عبد الرزاق، لم يروه عن معمر غير عبد الرزاق.
وقد روي هذا الحديث عن معقل بن عبد الله، واختلف عليه فيه، فروي عن معقل عن إبراهيم بن سعد عن الزهري مرسلاً، وهذا الحديث ليس من حديث الزهري والله أعلم). اه.
وقال يحيى بن معين كما في الكامل لابن عدي (5/ 1948): (هو حديث منكر، ليس يرويه أحد غير عبد الرزاق).
وقال البزار: (لا نعلم رواه بهذا الإسناد إلا عبد الرزاق، ولم يتابع عليه).
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (4/ 82): قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ: لا أعلم أحداً رواه عن الزهري غير معمر وما أحسبه بالصحيح.
وقال أبو داود: (سمعت أحمد ذكر حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عمر ثوباً جديداً قال: «لبست جديداً
…
؟».
فقال: كان يحدّث به عبد الرزاق من حفظه فلا أدري هو في كتابه أم لا؟ وجعل أبو عبد الله ينكره.
قال أبو عبد الله: (وكان حديث أبي الأشهب عنده يعني
عبد الرزاق عن سفيان، وكان يغلط فيه يقول: عن عاصم بن عبيد الله عن أبي الأشهب)
(1)
.
مراد الإمام أحمد أن عبد الرزاق روى هذا الحديث بإسنادين كلاهما منكر:
الإسناد الأول: هو ما جاء في حديث الباب.
الثاني: عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم بن عبيد الله عن أبي الأشهب. كذا قال الإمام أحمد.
وقد أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء (400) عن حفص بن عمر المهرقاني
(2)
، وأبي مسعود الرازي
(3)
، وزهير بن محمد المروزي
(4)
ثلاثتهم عن عبد الرزاق عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به
(5)
.
وذكره البخاري في التاريخ الكبير (3/ 356) (عن ابن إدريس قال: ذهبت مع إسماعيل بن أبي خالد إلى أبي الأشهب زياد بن زاذان فحدّث بحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إلبس جديداً» .
وروى عبد الرزاق عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن سالم.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود ص 435.
(2)
قال فيه أبو زرعة وأبو حاتم: صدوق. الجرح والتعديل (3/ 184).
(3)
اسمه أحمد بن الفرات، ثقة حافظ. التقريب.
(4)
زهير بن محمد بن فهير المروزي، ثقة. التقريب.
(5)
وقال ابن حجر بعد أن ساق الحديث وذكر أنه عند الطبراني، قال: وقال الطبراني: وهم فيه عبد الرزاق وحدّث به بعد أن عمي، والصحيح عن معمر عن الزهري، ولم يحدث بأنه عند عبد الرزاق إلا هؤلاء الثلاثة.
وعن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى أبو نعيم عن سفيان عن إسماعيل عن أبي الأشهب وهذا أصح بإرساله). اه.
قلت: وقد رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 329) عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي الأشهب مرسلاً.
وقال الترمذي في العلل الكبير (694): (سألت محمداً يعني البخاري عن هذا الحديث؟ قال: قال سليمان الشاذكوني: قدمت على عبد الرزاق فحدثنا بهذا الحديث عن معمر، عن الزهري، عن سالم عن أبيه، ثم رأيت عبد الرزاق يحدّث بهذا الحديث عن سفيان الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم عن ابن عمر
(1)
.
قال محمد: وقد حدّثونا بهذا عن عبد الرزاق عن سفيان أيضاً، قال محمد: وكلا الحديثين لا شيء).
ونقل ابن حجر في التهذيب في ترجمة عبد الرزاق عن حمزة الكناني قوله: لا أعلم أحداً رواه عن الزهري غير معمر، وما أحسبه بالصحيح.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1460): وسمعت أبي يقول: روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى على عمر ثوباً غسيلاً أو جديداً فقال: «عشت حميداً
…
».
(1)
رواه البيهقي في الدعوات الكبير (435) والبخاري في الأوسط كما سيأتي، وفي الكنى والأسماء (1/ 333).
قال أبي: هذا حديث ليس له أصل من حديث الزهري، ولم يرضَ عبد الرزاق حتى أتبع هذا شيء أنكر من هذا فقال: حدثنا الثوري عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله وليس لشيءٍ من هذين أصل.
قال أبي: وإنما هو معمر عن الزهري مرسل أن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن أبي حاتم أيضاً في العلل (1470): وسألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري
…
إلخ.
قال أبي: ورواه عبد الرزاق أيضاً عن الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، عن سالم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
فأنكر الناس ذلك، وهو حديث باطل، فالتُمِس الحديث هل رواه أحد؟ فوجدوه قد رواه ابن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي الأشهب النخعي، عن رجل من مزينة، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله
(1)
.
قال البيهقي في الدعوات الكبير (2/ 205) بعد أن ذكر رواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، ثم عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم قال رحمه الله: «هذا المتن بهذا الإسناد أشبه وهو أيضاً غير محفوظ والصواب عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي الأشهب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
(1)
وقد ذكره البخاري في التاريخ الكبير كما سبق، وذكره في الأوسط (2/ 33) وقال:(وهذا مرسل لا يصح).
وقال الدارقطني في العلل (220): والصواب عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي الأشهب النخعي مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهم فيه عبد الرزاق عن الثوري.
وأبو الأشهب هذا هو زياد بن زاذان مولى بني هلال. قاله البخاري رحمه الله» اه.
وأبى ذلك بعض أهل الحديث، فأخرجه ابن حبان في صحيحه، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح.
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار: هذا حديث حسن غريب.
ثم قال بعد أن ذكر كلام النسائي: ووجدت له شاهداً في مصنف ابن أبي شيبة من حديث أبي الأشهب واسمه جعفر بن حبان
(1)
وهو من رجال الصحيح، وهذا يدل على أن للحديث أصلاً وأقل درجاته أن يوصف بالحسن. اه.
قلت: وهذا الشاهد الذي ذكره الحافظ هو ما أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 329) وابن أبي شيبة (8/ 453) عن عبد الله بن إدريس، عن أبي الأشهب، عن رجل من مزينة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا مرسل
(2)
.
قال في المطالب العالية (15/ 763): هذا مرسل أو منقطع.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية (6/ 203): «رجال إسناده واتصاله على شرط الصحيحين وقد قبل الشيخان تفرد معمر عن الزهري في غير ما حديث»
(3)
.
(1)
وقد سبق في كلام البخاري في التاريخ الكبير أن اسمه زياد بن زاذان.
(2)
وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 329) عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي الأشهب أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عمر
…
(3)
العلة فيه هنا من عبد الرزاق.
ثم قد روى البزار هذا الحديث من طريق جابر الجعفي وهو ضعيف عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله موقوفاً مثله سواء.
وقد وقع ما أخبر به في هذا الحديث فإنه رضي الله عنه قتل شهيداً وهو يصلي الفجر في محرابه في المسجد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام.
والحديث صححه أيضاً من المعاصرين أحمد شاكر في تعليقه على المسند (5620) والألباني في الصحيحة (352).
الخلاصة:
هذا الحديث ذكر الإمام أحمد والبخاري وأبو حاتم ويحيى بن معين والنسائي والترمذي والطبراني والبيهقي وغيرهم أن عبد الرزاق وهم فيه، وخالفهم مَنْ ذكرنا من الخلف فصححوه بناءً على ظاهر السند.
وفي هذا الكتاب أحاديث كثيرة ظاهر سندها على شرط الشيخين أو أحدهما وقد أعله أئمة الحديث النقاد وهم أعرف وأعلم في هذا الفن من غيرهم، فالتسليم لقولهم واتباعهم فيما ذكروه أوْلى وأسلم، والله تعالى أعلم.
الحديث الثالث والعشرون
(1)
:
436 -
قال الإمام أبو يعلى في مسنده (3571): حدثنا مؤمل بن إهاب، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل في عمرة القضاء وابن رواحة بين يديه وهو يقول:
خلوا بني الكفارعن سبيله قد أنزل الرحمن في تنزيله
بأن خير القتل في سبيله
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير مؤمل بن إهاب وهو صدوق وقد توبع.
وأخرجه أيضاً أبو يعلى (3579) من طريق أبي بكر ابن زنجويه محمد بن عبد الملك، والبزار (2099 كشف الأستار) من طريق سلمة بن شبيب، والحسين بن مهدي، ومحمد بن سهل بن عسكر، والبيهقي (10/ 228) من طريق أبي الأزهر السلفي، والفاكهي في أخبار مكة (3/ 163) من طريق الحسن بن علي ومحمد بن شبويه، وابن حبان (452) من طريق ابن أبي السري، والبغوي في شرح السنة (3405) من طريق محمد بن يحيى الذهلي، وابن عساكر في تاريخ دمشق
(1)
رجال الإسناد:
مؤمل بن إهاب الربعي العجلي أبو عبد الرحمن الكوفي، نزيل الرملة، أصله من كرمان، صدوق له أوهامه، من الحادية عشرة، مات سنة 254، روى له أبو داود والنسائي.
(28/ 101) من طريق إبراهيم بن أبي سويد، كلهم عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.
هكذا قال عبد الرزاق: (معمر، عن الزهري، عن أنس).
خالفه أبو بكر المقدمي
(1)
، ويحيى بن عبد الحميد الحماني
(2)
، وعبد الله بن أبي بكر
(3)
، وقطن بن نسير
(4)
فقالوا: (عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابت عن أنس).
وقد رواه عبد الرزاق أيضاً كذلك فقال في رواية أخرى له: (عن جعفر، عن ثابت، عن أنس).
ورواه عنه هكذا غير واحد من أصحابه، منهم:
إسحاق بن منصور
(5)
، وخشيش بن أصرم
(6)
، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه
(7)
، ومحمد بن يحيى الذهلي
(8)
، وعبد بن حميد
(9)
.
وذكر الدارقطني أنه قيل: إن عبد الرزاق قد وهم في هذا الإسناد
(1)
أبو يعلى (3394).
(2)
الطبراني في الأوسط (8161) وهو في مجمع البحرين (150) وأبو نعيم في حلية الأولياء (6/ 292) وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 99).
(3)
ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 100).
(4)
البيهقي (10/ 228) وابن عدي في الكامل (2/ 148).
(5)
الترمذي (2847).
(6)
النسائي في الكبرى (3856).
(7)
النسائي (5/ 211) وفي الكبرى (3876) وأبو يعلى (3440) والضياء في المختارة (1590).
(8)
ابن خزيمة (2680) والمختارة (1591).
(9)
في المنتخب (1255) ومن طريقه ابن عساكر (28/ 99).
الذي خالف به الجماعة وأن المحفوظ في هذا الإسناد إنما هو جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس.
(1)
.
قلت: وهذا الوجه هو الذي أخرجه الترمذي والنسائي في السنن.
قال الترمذي عقب الحديث: «هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث أيضاً عن معمر عن الزهري عن أنس نحو هذا.
وروي في غير هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه، وهذا أصح عند بعض أهل الحديث لأن عبد الله بن رواحة قتل يوم مؤتة وكانت عمرة القضاء بعد ذلك»
(2)
.
وقد تعقبه في قوله: إن عمرة القضاء كانت بعد غزوة مؤتة الذهبي وابن حجر وذلك لأن عمرة القضاء كانت في أول ذي القعدة سنة 7 هـ، ومعركة مؤتة كانت في جمادى الأولى سنة 8 هـ الموافق أغسطس أو سبتمبر سنة 629 م»
(3)
.
لذا قال الذهبي: كلا، بل مؤتة بعدها بستة أشهر جزماً
(4)
.
(1)
العلل (12/ 194 رقم 2608).
(2)
في السنن (5/ 127 - 128) وقال الحافظ: سنده حسن. الإصابة (4/ 85).
(3)
الرحيق المختوم (ص 431) و (ص 435) رحمة للعالمين (2/ 241).
(4)
سير أعلام النبلاء (1/ 236).
(1)
.
قال أبو زرعة: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: فحديث أنس بن مالك دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وابن رواحة آخذ بغرزه؟ فقال: وهذا أيضاً يعني ليس له أصل قلت: يا أبا عبد الله ليس له أصل؟ قال: ما أدري ما أقول لك، فأنكره، فقلت له: فكان يحفظ؟ قال: كان يحفظ حديث معمر
(2)
.
وقال أبو الميمون: أخبرنا أبو زرعة قال: سألت أحمد بن حنبل عن حديث أنس بن مالك: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وابن رواحة آخذ بغرزه، قال: لو قلت: إنه باطل ورده رداً شديداً
(3)
.
(1)
فتح الباري (7/ 502) قلت: وقد رواه ابن عساكر في تاريخه (28/ 103) من طريق محمد بن أحمد بن محبوب عن الترمذي وفيه قال: عمرة القضاء.
(2)
تاريخ دمشق (28/ 102).
(3)
تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 455) وتاريخ دمشق لابن عساكر (28/ 102).
الحديث الرابع والعشرون
(1)
:
437 -
قال عبد الرزاق في المصنف (20045): عن معمر، عن الزهري، عن السائب بن يزيد قال: لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عبد الله بن السعدي فقال:
ألم أحدث أنك تلي لعمل من أعمال المسلمين ثم تعطى عمالتك فلا تقبلها؟ قال: إني بخير ولي رقيق وأفراس وأنا غني عنها، وأحب أن يكون عملي صدقة على المسلمين، فقال عمر: لا تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطيني العطايا، فأقول: يا نبي الله أعطه غيري، حتى أعطاني مرة، فقلت: يا نبي الله أعطه غيري، فقال:«خذه يا عمر فإما أن تتموله وإما أن تصَّدَّق به، وما آتاك الله من هذا المال وأنت غير مشوف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد (1/ 40) عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
الزهري: تقدم.
السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، وقيل غير ذلك في نسبه، يعرف بابن أخت النمر، صحابي صغير له أحاديث قليلة، وحُجَّ به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، ولاه عمر سوق المدينة، مات سنة 91 وقيل قبل ذلك، وهو آخر مَنْ مات من الصحابة بالمدينة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن السعدي القرشي العامري واسم أبيه وقدان وقيل غير ذلك، صحابي يقال: مات في خلافة عمر، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن معمر، عن الزهري، عن السائب بن يزيد أن عمر قال لابن السعدي).
خالفه سفيان بن عيينة
(1)
فقال: (عن معمر، عن الزهري، عن السائب بن يزيد، عن حويطب بن عبد العزى، عن ابن السعدي، عن عمر).
أسقط عبد الرزاق حويطب بن عبد العزى بين السائب بن يزيد وعمر بن الخطاب.
وكذلك رواه أصحاب الزهري عنه، منهم:
شعيب بن أبي حمزة
(2)
، وعمرو بن الحارث
(3)
، وسفيان بن عيينة
(4)
، وعقيل بن خالد
(5)
، ويونس بن يزيد الأيلي
(6)
، ومحمد بن الوليد الزبيدي
(7)
، والحكم بن عبد الله
(8)
.
(1)
الحميدي (21) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 46).
(2)
البخاري (7163).
(3)
ابن خزيمة (2366) والطحاوي في شرح المشكل (5984) وابن عساكر في تاريخه (15/ 352) وهو في صحيح مسلم (1045) إلا أنه أسقط حويطباً من الإسناد. انظره في باب مسلم.
(4)
النسائي (5/ 103) وفي الكبرى (2386) والبزار (244) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (5/ 21) وابن عساكر (15/ 351) وجاء عند البيهقي: سمعت سفيان يحدّث به فلم أحفظه وحفظه معمر. وعند ابن عساكر: حدثوني عن الزهري وأظن أني قد سمعته ولم أحفظه.
(5)
ابن خزيمة (2365).
(6)
الخطيب في تاريخ بغداد (7/ 273) تعليقاً.
(7)
النسائي (5/ 104) وفي الكبرى (2387) وابن عساكر (15/ 153).
(8)
ذكره النووي في شرح مسلم (7/ 135).
هؤلاء رووه عن الزهري عن السائب، عن حويطب، عن ابن السعدي، عن عمر.
قال الدارقطني في العلل: هو حديث رواه الزهري ويزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد
(1)
.
فأما الزهري فجوّد إسناده، رواه عن السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي، عن عمر.
رواه عن الزهري كذلك شعيب بن أبي حمزة، وعمرو بن الحارث، ويونس بن يزيد، وعقيل، وسفيان بن عيينة، وبينه معمر بن راشد.
واختلف عن معمر:
فرواه مروان الفزاري ولم يقم إسناده، وتابعه عبد الرزاق عن معمر فقالا: عن الزهري عن السائب بن يزيد أن عمر قال لابن السعدي ولم يذكرا فيه حويطباً، وكذلك قال ابن المبارك عن معمر إلا أنه قال: عن السائب عن عبد الله بن السعدي عن عمر ولم يذكر حويطباً.
وسيأتي الكلام عليه مفصّلاً في باب الإمام مسلم بن الحجاج، انظر ح رقم (1342)، وانظر ح (796).
(1)
العلل (2/ 171 - 172).
الحديث الخامس والعشرون
(1)
:
438 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 270 ح رقم 7664): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«ما أدركتم فصلُّوا وما فاتكم فاقضوا» ، قال معمر: ولم يذكر سجوداً.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وهو في مصنف عبد الرزاق (3399) هكذا قال عبد الرزاق في حديث الزهري:«وما فاتكم فاقضوا» ورواه عنه أحمد هكذا.
لكن رواه عبد الرزاق أيضاً بلفظ: «وما فاتكم فأتموا»
(2)
.
ورواه عنه كذلك أحمد بن حنبل
(3)
، ومحمد بن يحيى الذهلي
(4)
، وأحمد بن يوسف السلمي
(5)
، والحسن بن علي الخلال
(6)
.
وذكر أبو داود أن معمراً يرويه بلفظ: «فأتموا»
(7)
.
(1)
رجال الإسناد:
تقدم.
(2)
في مصنفه (3102) و (3404).
(3)
في المسند (7662).
(4)
ابن الجارود (306).
(5)
أبو عوانة في مسنده (1233)(1273)(1541).
(6)
الترمذي (328).
(7)
أبو داود (572).
ورواه يزيد بن زريع عن معمر بلفظ (فأتموا)
(1)
.
وكذلك رواه أكثر أصحاب الزهري، منهم:
ابن أبي ذئب
(2)
، وشعيب بن أبي حمزة
(3)
، ويونس بن يزيد
(4)
، وإبراهيم بن سعد
(5)
، وعقيل بن خالد
(6)
، ومحمد بن أبي حفصة
(7)
، وإبراهيم بن أبي عبلة
(8)
، والزبيدي
(9)
، ويحيى القطان
(10)
، ويزيد بن الهاد
(11)
.
وخالفهم سفيان بن عيينة فرواه بلفظ: «فاقضوا» ، وقد استوفيناه في بابه فانظره
(12)
.
والظاهر أن عبد الرزاق يخلط بين هذين اللفظين.
فروى مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: «وما فاتكم فأتموا»
(13)
.
ورواه أحمد عن عبد الرزاق بهذا الإسناد بلفظ: «فاقضوا»
(14)
.
(1)
الترمذي (327).
(2)
البخاري (636) و (908).
(3)
البخاري (908).
(4)
مسلم (602) وأبو داود (572).
(5)
مسلم (602).
(6)
أحمد (2/ 452) والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام (111).
(7)
أحمد (2/ 239).
(8)
الطبراني في مسند الشاميين (73).
(9)
أبو داود تعليقاً (572).
(10)
البخاري في جزء القراءة خلف الإمام (109).
(11)
البخاري في القراءة (109).
(12)
أحمد (2/ 270 رقم 7663) والبخاري في جزء القراءة (110)، انظر حديث رقم (146).
(13)
مسلم (602)(153).
(14)
أحمد (2/ 318).
الحديث السادس والعشرون
(1)
:
439 -
قال عبد الرزاق في المصنف (15998): أخبرنا معمر عن إسماعيل بن أمية عن عثمان بن أبي حاضر قال:
حلفت امرأة من أهل ذي أصبح فقالت: مالي في سبيل الله وجاريتها حرة إن لم يفعل كذا وكذا لشيء كرهه زوجها فحلف زوجها ألا يفعله فسئل عن ذلك ابن عمر وابن عباس فقالا: أما الجارية فتعتق وأما قولها مالي في سبيل الله فتتصدق بزكاة مالها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
وأخرجه البيهقي (10/ 68) من طريق أبي الأزهر وعبد الرحمن بن بشير عن عبد الرزاق به.
هكذا قال عبد الرزاق عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن عثمان بن أبي حاضر.
(1)
رجال الإسناد:
معمر: تقدم.
إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة 144 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
عثمان بن حاضر الأزدي، أبو حاضر القاص، ويقال: عثمان بن أبي حاضر، وهو وهم، صدوق، من الرابعة، روى له أبو داود وابن ماجه.
ورواه سفيان الثوري
(1)
عن إسماعيل بن أمية فقال عن عثمان بن حاضر.
وروى جماعة أحاديث أخرى عن عثمان فنسبوه فقالوا: عثمان بن حاضر، منهم:
عمرو بن ميمون
(2)
، وإسماعيل بن علية
(3)
، والحكم بن أبان
(4)
، وأبو السوار السلمي
(5)
، وزمعة بن صالح
(6)
، وقتادة بن الفضيل
(7)
وحمل بعض أهل العلم الوهم على عبد الرزاق.
قال أبو الحسن الميموني عن أحمد بن حنبل: عثمان بن حاضر المعروف، وعبد الرزاق أظنه غلط فقال: عثمان بن أبي حاضر
(8)
.
وترجمه البخاري
(9)
وابن أبي حاتم
(10)
فقالا: عثمان بن حاضر.
(1)
ابن أبي شيبة في مصنفه (12529).
(2)
أبو داود (1864) وابن ماجه (3134) وأبو يعلى (2493) وعبد بن حميد (719) والطحاوي في شرح المشكل (11/ 19).
(3)
تفسير الطبري (16/ 11).
(4)
تفسير ابن أبي حاتم (968) و (6182).
(5)
الطبراني في المعجم الكبير (12919).
(6)
الدارمي (139) والهروي في ذم الكلام وأهله (157).
(7)
البيهقي في شعب الإيمان (10381).
(8)
تهذيب الكمال (19/ 350) وتهذيب التهذيب (7/ 101).
(9)
التاريخ الكبير (6/ 217 رقم 2212).
(10)
الجرح والتعديل (6/ 147 - 148) وقال أبو زرعة: يماني حميري ثقة.
الحديث السابع والعشرون
(1)
:
440 -
قال عبد الرزاق في المصنف (9171): عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عرفجة قال:
قلت لابن عمر: إني أريد أن آتي الطور قال: إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى ودع عنك الطور فلا تأته.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عرفجة وهو تابعي لا بأس بحديثه.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عرفجة).
خالفه علي بن المديني
(2)
، وأبو بكر ابن أبي شيبة
(3)
، وابن أبي عمر العدني
(4)
، وأحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي
(5)
، وابن أبي
(1)
رجال الإسناد:
سفيان بن عيينة: تقدم (انظر ترجمته في بابه).
عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم الجمحي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة 120، روى له البخاري ومسلم.
عرفجة بن عبد الله الثقفي أو السلمي، مقبول، من الثالثة، روى له النسائي.
(2)
البخاري في التاريخ الكبير (7/ 203).
(3)
في مصنفه (2/ 150 رقم 7539).
(4)
أخبار مكة للفاكهي (2/ 94 رقم 1193).
(5)
أخبار مكة للأزرقي (2/ 65).
الوزير
(1)
فقالوا: (عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طلق بن حبيب، عن قزعة).
وكذلك رواه ورقاء بن عمر
(2)
، وابن جريج
(3)
عن عمرو بن دينار عن طلق بن حبيب عن قزعة.
(1)
عمر بن شبة في أخبار المدينة كما في الرد على الأخنائي لابن تيمية (1/ 176).
(2)
البيهقي في شعب الإيمان (4174).
(3)
عبد الرزاق (9164) وأخبار مكة للفاكهي (1194).
الحديث الثامن والعشرون
(1)
:
441 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 57): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال
(2)
ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن».
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات.
هكذا قال عبد الرزاق (عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري).
خالفه عبد الله بن مسلمة
(3)
، وإسماعيل بن أبي أويس
(4)
، وعبد الله بن يوسف
(5)
، ومعن
(6)
، وابن القاسم
(7)
، وإسحاق بن عيسى الطباع
(8)
،
(1)
رجال الإسناد:
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، انظر ترجمته في بابه.
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري المدني، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري.
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري المازني، ثقة، من السادسة، مات في خلافة المنصور، روى له البخاري.
(2)
شعف الجبال: رؤوسها، وشعفة كل شيء: أعلاه. التمهيد (19/ 219).
(3)
البخاري (19) وأبو داود (4267).
(4)
البخاري (3300).
(5)
البخاري (7088).
(6)
النسائي (8/ 123) وفي الكبرى (11767).
(7)
النسائي (8/ 1230) وفي الكبرى (11767) وأبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن (156).
(8)
أحمد (3/ 43).
وأحمد بن أبي بكر
(1)
، وأبو مصعب
(2)
، وعبد الله بن المبارك
(3)
، فرووه (عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي سعيد) وهو في الموطأ لمالك كذلك
(4)
.
وكذلك رواه عبد العزيز بن أبي سلمة بن الماجشون
(5)
فقال: عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي سعيد.
قلب عبد الرزاق (عبد الرحمن بن عبد الله) إلى (عبد الله بن عبد الرحمن).
علة الوهم:
سفيان بن عيينة رحمه الله كان يقلب اسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة فيسميه عبد الله بن عبد الرحمن.
وقد روى عبد الرزاق (1865) عن سفيان حديثاً في فضل التأذين فقال فيه سفيان: عبد الله بن عبد الرحمن
(6)
.
ومن هنا والله أعلم دخل الوهم على عبد الرزاق إذ إن مالكاً لم يختلف عليه في تسمية عبد الرحمن بن عبد الله كما قال الدارقطني، وقد
(1)
ابن حبان (5958).
(2)
الموطأ روايته (2/ 149 رقم 2043)، والبغوي في شرح السنّة (4227).
(3)
في مسنده (261).
(4)
الموطأ (2/ 970) ورواية ابن القاسم (393) وسويد بن سعد (584).
(5)
البخاري (3600)، (6495).
(6)
انظر باب سفيان بن عيينة ح (111).
وكان سفيان يهم في اسمه فقد روى نعيم بن حماد (726) عن ابن عيينة عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري حديث الباب.
ذكرنا رواية عشرة من أصحابه الثقات كلهم رووا عن مالك هذا الحديث فقالوا: عبد الرحمن بن عبد الله.
وسيأتي الحديث في كتاب عبد الله بن نمير
(1)
فقد رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري فقال: عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن أبيه وخالفه كثرة فرووه على الصواب.
(1)
انظر ح (918).
الحديث التاسع والعشرون
(1)
:
442 -
قال عبد الرزاق رحمه الله في المصنف (4861): عن مالك، عن ميمون بن ميسرة، عن أبي مرة مولى عقيل، عن أم هاناء رضي الله عنها قال: سمعتها تقول:
ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوب فسلّمت وذلك في الضحى فقال: «مَنْ هذا؟» ، فقلت: أم هاناء بنت أبي طالب، قال:«مرحباً بأم هاناء» ، فلما فرغ من غسله صلّى ثمان ركعات ملتحفاً في ثوب واحد، ثم انصرف، فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي أنه قاتل فلان بن أمية رجلاً قد أجرته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«قد أجرنا مَنْ أجارت أم هاناء» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ميمون بن ميسرة فليس من رجال التهذيب، وذكره البخاري في التاريخ الكبير (7/ 338) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 235) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا
(1)
رجال الإسناد:
مالك بن أنس: تقدم انظر ترجمته في بابه.
ميمون بن ميسرة: ذكره البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.
يزيد، أبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب، ويقال: مولى أخته أم هاناء، مدني، وقيل: اسمه عبد الرحمن، مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
أم هاناء بنت أبي طالب الهاشمية، اسمها فاختة، وقيل: هند، لها صحبة وأحاديث، ماتت في خلافة معاوية، روى لها البخاري ومسلم.
تعديلاً، وذكرا أنه روى عن أبي هريرة وروى عنه يعلى بن عطاء، وقال يحيى بن معين في تاريخه (4/ 328): ليس يحدّث عنه غير يعلى بن عطاء.
وأخرجه أيضاً عبد الرزاق (9439) والطبراني في الكبير (24/ 1018) من طريقه بهذا الإسناد.
هكذا قال عبد الرزاق: (عن مالك، عن ميمون بن ميسرة، عن أبي مرة، عن أم هاناء).
خالفه أصحاب مالك في روايتهم للموطأ يحيى بن يحيى
(1)
الليثي، وأبو مصعب الزهري
(2)
، ومحمد بن الحسن
(3)
، والقعنبي
(4)
، وكذلك رواه عن مالك:
عثمان بن عمر العبدي
(5)
، وعبد الله بن يوسف
(6)
، وإسماعيل بن أبي أويس
(7)
، وعبد الله بن وهب
(8)
.
هؤلاء كلهم قالوا: (عن مالك، عن موسى بن ميسرة، عن أبي مرة، عن أم هاناء).
وهم عبد الرزاق فقال: (ميمون بن ميسرة) والصحيح هو (موسى بن ميسرة).
(1)
الموطأ برواية الليثي (1/ 152).
(2)
الموطأ بروايته (402).
(3)
الموطأ بروايته (161).
(4)
الموطأ بروايته (ص 197) والطبراني في الكبير (24/ 1018).
(5)
أحمد (6/ 425).
(6)
الطبراني في الكبير (24/ 1018).
(7)
الطبراني في الكبير (24/ 1018).
(8)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 380).
علة الوهم:
روى عبد الرزاق في المصنف (2494) عن داود بن قيس عن ميمون بن ميسرة قال: صليت مع أبي هريرة فكان يكبّر بنا هذا يعني التكبير إذا ركع وإذا سجد.
فربما من هنا دخل عليه الوهم فروى حديث مالك فقال: (ميمون بن ميسرة) بدلاً من موسى بن ميسرة، والله أعلم.
أثر الوهم:
ميمون بن ميسرة مجهول، ذكره البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكرا عنه أنه روى عن أبي هريرة وروى عنه يعلى بن عطاء. وقال يحيى بن معين: ليس يحدّث عنه غير يعلى بن عطاء
(1)
.
وموسى بن ميسرة الديلي المدني، ثقة، روى له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود.
فوهم عبد الرزاق فتحول الإسناد من إسناد صحيح إلى إسناد ضعيف لجهالة ميمون بن ميسرة، والله تعالى أعلم.
(1)
ونقل عنه في ميزان الاعتدال (1/ 207) وفي لسان الميزان (6/ 278) وفي قوله هذا نظر، فقد روى عنه داود بن قيس كما سبق عند عبد الرزاق، وروى عنه أسامة بن زيد الليثي عنه عن السائب بن يزيد كما في تاريخ دمشق (26/ 358) وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (3/ 321).
الحديث الثلاثون
(1)
:
443 -
قال عبد الرزاق رحمه الله في المصنف (15557): أخبرنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يؤدي شهادته قبل أن يُسأل عنها» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (17/ 294) من طريق محمد بن يوسف الحذافي عن عبد الرزاق بهذا الإسناد.
هكذا قال عبد الرزاق: (مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن زيد بن خالد).
(1)
رجال الإسناد:
مالك بن أنس: تقدم. انظر ترجمته في بابه.
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي، ثقة، من الخامسة، مات سنة 135 وله 70 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن عمرو بن عثمان الأموي، ثقة شريف، من الثالثة، مات بمصر سنة 96، روى له مسلم.
عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري البخاري، يقال: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن أبي حاتم: ليست له صحبة، روى له البخاري ومسلم.
زيد بن خالد الجهني المدني، صحابي مشهور، مات سنة 68 أو 78 وله 85 سنة بالكوفة، وحديثه في الصحيحين.
خالفه الشافعي
(1)
، ومحمد بن الحسن الشيباني
(2)
، وعبد الله بن وهب
(3)
، وعبد الله بن مسلمة القعنبي
(4)
، وعبد الله بن يوسف التنيسي
(5)
، ويحيى بن يحيى الليثي
(6)
، وأبو مصعب الزهري
(7)
، ومعن بن عيسى
(8)
، وإسحاق بن عيسى
(9)
، وابن القاسم
(10)
، وأحمد ابن أبي بكر
(11)
، وعبد الله بن الحكم
(12)
، ومصعب الزبيري
(13)
، وسعيد بن عفير
(14)
، ويحيى بن عبد الله بن بكير
(15)
، ويحيى بن يحيى النيسابوري
(16)
.
هؤلاء كلهم قالوا: (عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن زيد).
(1)
في السنن (530) ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (14/ 270).
(2)
في الموطأ (849).
(3)
أبو داود (3596) والطحاوي (4/ 152).
(4)
الترمذي (2296) وأبو عوانة (641) والطبراني في الكبير (5182).
(5)
البخاري في التاريخ الكبير (1/ 187) والطبراني (5182).
(6)
الموطأ (2/ 720).
(7)
الموطأ (2931).
(8)
الترمذي (2295).
(9)
أحمد (4/ 115).
(10)
النسائي في الكبرى (6029).
(11)
ابن حبان (5078).
(12)
الطبراني (5182) وأبو نعيم في الحلية (6/ 347).
(13)
ذكره ابن عبد البر في التمهيد (17/ 293).
(14)
المصدر السابق.
(15)
المصدر السابق.
(16)
مسلم في صحيحه (1719).
وقال بعضهم: (ابن أبي عمرة) بدلاً من عبد الرحمن بن أبي عمرة وهو كذلك عند مسلم في صحيحه
(1)
.
أسقط عبد الرزاق أبا بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم والد عبد الله من الإسناد، وعبد الله بن أبي بكر ليس له رواية عن عبد الله بن عمرو بن عثمان بينهما والده
(2)
.
وهذا الحديث إنما هو من رواية والده عن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وقد رواه كذلك عبد الرحمن بن إسحاق، وأبي بن عباس بن سهل الساعدي
(3)
كلاهما عن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن عمرو بن عثمان به.
(4)
.
(1)
انظره في باب الإمام مالك، وقد تابع عبد الرزاق في هذا الوهم عبد الرحمن بن غزوان. انظره في بابه ح (1149).
(2)
أحمد (5/ 192).
(3)
الترمذي (2297) وابن ماجه (2364) وأحمد (5/ 193) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 188) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2551) وغيرهم.
(4)
التمهيد (17/ 294).
الحديث الحادي والثلاثون
(1)
:
444 -
قال الإمام عبد الرزاق رحمه الله في المصنف (2/ 533 رقم 4337): عن ابن المبارك، عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه:
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سبع عشرة ليلة يقصر الصلاة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه عبد بن حميد في مسنده (580 المنتخب) عن عبد الرزاق به وقال: عشرين ليلة.
هكذا قال عبد الرزاق عن ابن المبارك عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس: (سبع عشرة ليلة) وفي رواية: (عشرين ليلة).
خالفه عبدان
(2)
(عبد الله بن عثمان)، وحبان
(3)
فروياه عن ابن المبارك بهذا الإسناد فقالا: تسعة عشر يوماً.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن المبارك: انظر ترجمته في بابه.
عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، من الرابعة، لم يتكلم فيه إلا القطان فكأنه بسبب دخوله في الولاية، مات بعد سنة 140، روى له البخاري ومسلم.
عكرمة، أبو عبد الله مولى ابن عباس، ثقة ثبت عالم بالتفسير
…
، من الثالثة، مات سنة 104 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
(2)
البخاري (4298) والبيهقي (3/ 149).
(3)
البيهقي في السنن الكبرى (3/ 149) تعليقاً.
وكذلك رواه أبو عوانة
(1)
، وأبو شهاب الحناط
(2)
(يزيد بن عبد ربه)، وأبو معاوية محمد بن خازم
(3)
، وعبد الواحد بن زياد
(4)
أربعتهم عن عاصم فقالوا: تسعة عشر.
وكذلك رواه حصين بن عبد الرحمن السلمي، وعباد بن منصور
(5)
عن عكرمة عن ابن عباس.
فتابعوا رواية الجماعة عن عاصم ورواية عبدان وحبان عن ابن المبارك.
وخالف حفص فرواه عن عاصم بلفظ: سبعة عشر وسيأتي في بابه ح (774).
قلت: وقد اختلف على أبي عوانة وأبي شهاب الحناط وأبي معاوية فروي عنهم بلفظ: (سبع عشرة) ولكن الصحيح عنهم تسعة عشر.
1 رواية أبي عوانة:
فقد رواه عنه موسى بن إسماعيل التبوذكي ومسدد وشيبان بن فروخ وأبو عمرو النمري بلفظ: تسعة عشر
(6)
.
(1)
البخاري (1080).
(2)
البخاري (4299).
(3)
ابن ماجه (1075).
(4)
البخاري (1080) من طريق أبي عوانة مقروناً مع عاصم.
(5)
البيهقي (3/ 150 - 151) وذكره أبو داود تعليقاً (1230).
(6)
البخاري (1080) وأبو يعلى (2368) وابن المنذر في الأوسط (4/ 357) والبيهقي (3/ 150).
وخالفهم محمد بن سليمان بن حبيب ومعلى بن أسد فقالا: سبعة عشر
(1)
.
2 رواية أبي شهاب الحناط:
فقد رواه عنه أحمد بن يونس وداود بن عمرو بلفظ تسعة عشر أخرجه البخاري في صحيحه والبيهقي
(2)
.
وخالفهما خلف بن هشام البزار فرواه عن أبي شهاب بلفظ: سبعة عشر
(3)
، وما في الصحيح عنه أصح.
3 رواية أبي معاوية الضرير:
فقد رواه عنه جماعة بلفظ: تسعة عشرة، منهم: الإمام أحمد وهناد بن السري وسلم بن جنادة وأبو خيثمة وأحمد بن حرب ومحمد بن يحيى بن ضريس والفضل بن موسى وسراج بن يونس ومجاهد بن موسى
(4)
.
وخالفهم عثمان بن أبي شيبة فرواه عنه بلفظ: سبعة عشر
(5)
.
لذا قال البيهقي: واختلفت هذه الروايات في تسع عشرة وسبع عشرة كما ترى وأصحها عندي والله أعلم رواية مَنْ روى تسع عشرة وهي الرواية التي أودعها محمد بن إسماعيل البخاري في الجامع الصحيح فأخذ من رواية مَنْ رواها ولم يختلف عليه عبد الله بن المبارك
(1)
الدارقطني (2/ 58) والبيهقي (3/ 150).
(2)
البخاري (4299) والبيهقي (3/ 150).
(3)
الدارقطني (2/ 58) والبيهقي (3/ 150).
(4)
أحمد (1/ 224) والترمذي (549) وابن خزيمة (955) والطحاوي (1/ 416) والبيهقي (3/ 150) والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 175).
(5)
البيهقي (3/ 150).
وهو أحفظ مَنْ رواه عن عاصم الأحول، والله أعلم.
ثم قال: ويمكن الجمع بين رواية مَنْ روى تسع عشرة ورواية مَنْ روى سبع عشرة بأن مَنْ رواها تسع عشرة عدّ يوم الدخول ويوم الخروج، ومَن قال: سبع عشرة لم يعدهما
(1)
. والله أعلم.
قال الحافظ: وهو جمع متين
(2)
.
وقال أيضاً: رواية تسعة عشر أرجح الروايات وبهذا أخذ إسحاق بن راهويه ويرجحها أيضاً أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة
(3)
.
(1)
السنن الكبرى (3/ 151).
(2)
التلخيص الحبير (2/ 46).
(3)
فتح الباري (2/ 562).
الحديث الثاني والثلاثون
(1)
:
445 -
قال عبد الرزاق في المصنف (9559): عن إسماعيل بن عياش عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب الكندي قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن للشهيد عند الله تسع خصال أنا أشك يغفر الله ذنبه في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى بحلية الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويزوَّج من الحور العين، ويؤمَّن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار كل ياقوتة خير من الدنيا وما فيها، ويزوَّج ثنتين وسبعين زوجة من حور العين، ويشفَّع في سبعين إنساناً من أقاربه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
وأخرجه الطبراني في الكبير (20/ 629) عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق بالشك قال: تسع أو عشر خصال.
(1)
رجال الإسناد:
إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم، من الثامنة، مات سنة 181 أو 182 وله بضع وسبعون سنة، روى له أصحاب السنن.
بجير بن سعد السحولي الحمصي، ثقة ثبت، من السادسة، روى له أصحاب السنن والبخاري في الأدب المفرد.
خالد بن مِعدان الكلاعي الحمصي، ثقة عابد، يرسل كثيراً، من الثالثة، مات سنة 103 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
المقدام بن معدي كرب بن عمرو الكندي، صحابي مشهور نزل الشام.
وأخرجه أيضاً الطبراني في مسند الشاميين (1120).
هكذا قال عبد الرزاق عن إسماعيل، عن بجير، عن خالد بن معدان، عن المقدام عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إن للشهيد عند الله تسع خصال» .
خالفه هشام بن عمار
(1)
، وإسحاق بن عيسى
(2)
، والحكم بن نافع
(3)
، وإسحاق بن إدريس
(4)
، ويحيى بن يحيى
(5)
.
فرووه عن إسماعيل بن عياش فقالوا: (ست خصال).
ورواه سعيد بن منصور
(6)
، وداود بن عمرو الضبي
(7)
، وداود بن رشيد الخوارزمي
(8)
، والحكم بن موسى
(9)
، ويحيى بن عبد الحميد الحماني
(10)
، عن إسماعيل بن عياش فلم يذكروا عدداً فقالوا:(إن للشهيد عند الله خصالاً).
ورواه بقية بن الوليد
(11)
عن بجير فقال: (ست خصال) فوافق رواية الجماعة عن إسماعيل.
(1)
ابن ماجه (2779).
(2)
أحمد (4/ 131) مقروناً مع الحكم.
(3)
أحمد (4/ 131) والطبراني في مسند الشاميين (1163) قال أحمد: (قال الحكم: ست خصال) وسكت عنه إسحاق.
(4)
ابن أبي عاصم في الجهاد (204).
(5)
البيهقي في شعب الإيمان (4254).
(6)
في سننه (2562).
(7)
الشاشي في مسنده (1259).
(8)
ابن الأثير في أسد الغابة (5/ 269).
(9)
المصدر السابق.
(10)
المصدر السابق.
(11)
الترمذي (1663).
وقد روي من حديث عبادة بن الصامت كذلك فقال: (ست خصال).
رواه الحكم بن نافع، عن إسماعيل بن عياش، عن بجير، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن عبادة بن الصامت
(1)
.
ورواه موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى بن أخي عبادة بن الصامت، عن عبادة
(2)
.
ورواه عن ابن ثوبان عن أبيه بردة، عن مكحول عن كثير بن مرة عن قيس الجذامي فقال:(ست خصال)
(3)
.
وروى ابن وهب عن أيوب عن عبد الوهاب بن بخت المكي عن أبي هريرة فقال: (للشهيد ست خصال)
(4)
.
وقد تابع عبد الرزاق عثمان بن أبي شيبة فرواه عن إسماعيل بن عياش فقال: (تسع خصال)
(5)
.
ورواه أحمد بن نجدة الحوطي عن إسماعيل فقال: (سبع خصال)
(6)
.
(1)
أحمد (4/ 131) والبزار (2696).
(2)
البزار (2715).
(3)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2734) والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 143 - 144) والطبراني في مسند الشاميين (204) وابن الأثير في أسد الغابة (4/ 420) وأحمد (4/ 200) وابن سعد (7/ 426).
(4)
البخاري في التاريخ الكبير (6/ 96 - 97) وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 205).
(5)
الآجري في الشريعة (812).
(6)
ابن أبي عاصم في الجهاد (204).
علة الوهم:
1 اختلاف الأمصار، فإسماعيل بن عياش شامي، وعبد الرزاق من اليمن، لذا كانت رواية أهل بلده الحكم بن نافع
(1)
وهشام بن عمار
(2)
أصح.
2 لم يضبط عبد الرزاق العدد فقال: أنا أشك، كما في حديث الباب، ورواه عنه الطبراني بالشك فقال:(تسع أو عشر خصال).
3 عند إحصاء هذه الخصال نجدها تسع خصال، ولكن أكثر الرواة قالوا: ست خصال، دمجت بعض الخصال ببعض وإن كان ظاهرها تسع خصال، والله تعالى أعلم.
(1)
الحكم بن نافع، أبو اليمان الحمصي، ثقة ثبت وقد أكثر البخاري الرواية عنه في صحيحه، وروى له مسلم.
(2)
هشام بن عمار بن نصير الدمشقي، صدوق مقراء، كبر فصار يتلقن فحديثه القديم أصح، من كبار العاشرة، روى عنه البخاري.
الحديث الثالث والثلاثون
(1)
:
446 -
قال عبد الرزاق في التفسير (1/ 113): حدثنا جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال:
كنت عند ابن عمر فقرأ: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ
…
(284)} إلى قوله تعالى: {قَدِيرٌ} [البقرة: 284] فبكى، قال: فانطلقت حتى أتيت على ابن عباس قلت: يا أبا عباس كنت عند ابن عمر آنفاً فقرأ هذه الآية فبكى، قال: أية آية؟ قال: قلت: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} إلى: {قَدِيرٌ}
…
الحديث.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه ابن جرير (5/ 133) في تفسيره من طريق عبد الرزاق به، وابن مندة في الإيمان (206).
هكذا قال عبد الرزاق: (عن جعفر بن سليمان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، عن ابن عمر).
(1)
رجال الإسناد:
جعفر بن سليمان الضبعي، أبو سليمان البصري، صدوق زاهد لكنه يتشيع، من الثامنة، مات سنة 278، روى له مسلم.
حميد بن قيس المكي الأعرج، ليس به بأس، من السادسة روى له البخاري ومسلم.
مجاهد بن جبر المخزومي المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
قال الدارقطني: وغيره يرويه عن جعفر، عن القاسم بن وهران عن الزهري، عن سعيد بن مرجانة، عن ابن عمر)
(1)
.
وكذلك رواه الوليد بن مسلم
(2)
عن القاسم بن وهران عن الزهري عن سعيد بن مرجانة، عن ابن عمر.
وكذلك رواه يونس بن يزيد
(3)
، وإبراهيم بن سعد
(4)
، ويزيد بن أبي حبيب
(5)
، ثلاثتهم عن الزهري، عن سعيد بن مرجانة به.
ورواه عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن رجل
(6)
.
لذا قال الدارقطني: يرويه جعفر بن سليمان الضبعي، واختلف عنه:
فرواه عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد، عن ابن عمر، ولم يتابع على هذا القول.
وغيره يرويه عن جعفر، عن القاسم بن وهران، عن الزهري، عن سعيد بن مرجانة، عن ابن عمر، وهذا أشبه بالصواب من قول عبد الرزاق
…
والصحيح حديث سعيد بن مرجانة
(7)
.
(1)
العلل (13/ 223 رقم 3120).
(2)
الطبراني في الكبير (1077) وابن عساكر في تاريخ دمشق (49/ 215).
(3)
ابن جرير الطبري في تفسيره (5/ 132) والطحاوي في شرح المشكل (4/ 312).
(4)
الشافعي في السنن المأثورة (1/ 344) ويعقوب بن سفيان في المعرفة (1/ 219) والطبراني (10719) وابن جرير (15/ 131 - 132) والطحاوي في شرح المشكل (4/ 311).
(5)
الطبراني (10769) والطبري (5/ 131 - 132).
(6)
في التفسير (1/ 112) وابن جرير (5/ 133).
(7)
العلل (13/ 223).
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال: كنت عند ابن عمر فقرأ: { .. وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ
…
(284)} [البقرة: 284]، فدخلت على ابن عباس فذكرت ذلك له فقال: يرحم الله ابن عمر، إن هذه الآية حين أُنزلت غمّت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله هلكنا، فنزلت: { .. لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ
…
(286)} [البقرة: 286]، قال أبي: كنت معجباً بهذا الحديث حتى أصبت له عورة رأيت في رواية أبي ظفر عن جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن الزهري عن رجل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبي: وهذا الرجل هو سعيد بن مرجانة، ومنهم مَنْ يروي عن الزهري عن سالم ويخطاء فيه وأكثرهم يقولون: عن سعيد بن مرجانة، فعلمت أن حديث عبد الرزاق خطأ
(1)
.
علة الوهم:
هذا الحديث يرويه معمر عن حميد الأعرج، عن مجاهد، عن ابن عباس
(2)
.
ويرويه جعفر بن سليمان، عن القاسم بن وهران، عن الزهري، عن سعيد بن مرجانة، عن ابن عمر.
وعبد الرزاق يروي هذا الحديث عن معمر وعن جعفر، فدخل عليه إسناد في إسناد، والله تعالى أعلم.
(1)
العلل (1719).
(2)
رواه الإمام أحمد (1/ 332) عن عبد الرزاق عن معمر به.
الخاتمة
وهم المحدث الحافظ الكبير عبد الرزاق الصنعاني فيما وقفنا عليه في ثلاثة وثلاثين حديثاً:
حديثان أخرجهما مسلم في صحيحه في المتابعة وأشار إلى وهم عبد الرزاق فيهما وهما الحديث الأول والحديث الحادي عشر.
وهم في ستة أحاديث على سفيان الثوري، وفي عشرة أحاديث على معمر وهو من أوثق الناس فيه.
وهم في سبعة أحاديث في المتن أربعة منها يتعلق به حكم فقهي:
أحدها: قوله: نقض الشعر في غسل الحيض والجنابة، والصحيح أن السؤال كان عن نقضه للجنابة (انظر ح 1).
ثانيها: ذكره الإشارة بالسبابة في الجلسة بين السجدتين، والصحيح عدم ذكرها (انظر ح 3).
ثالثها: قوله: (النار جبار) وإنما هي (البئر جبار) على خلاف في هذا الحديث هل الوهم من عبد الرزاق أم من شيخه معمر.
رابعها: ذكره الاستدارة في الأذان ووضع الأصبعين في الأذن.
وبضعة عشر حديثاً أو حتى مائة حديث يوهم فيها حافظ يحفظ بضعة آلاف من الحديث ليست بالشيء الكثير (فمصنفه يحتوي على أكثر من واحد وعشرين ألف حديث وأثر).
رحم الله عبد الرزاق وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به في الفردوس الأعلى بمنِّه وفضله ورحمته إنه جواد كريم.
ملخص أوهام عبد الرزاق
رقم الحديث
اسم شيخه
الوهم
الصحيح
1
سفيان الثوري
أفأنقضه للحيضة والجنابة
أفأنقضه للجنابة
2
سفيان الثوري
يؤذن ويدور ويضع إصبعيه في أذنيه
لم يتابع على هذه الزيادة
3
سفيان الثوري
ذكر الإشارة بالسبابة في الجلسة بين السجدتين
شاذة ومنكرة
4
سفيان الثوري
أن ابن الزبير خرج يستسقي بالناس
أن ابن الزبير أمر عبدالله بن يزيد الخطمي أن يستسقي بالناس
5
سفيان الثوري
معمر وابن جريج والثوري
معمر وابن جريج
6
سفيان الثوري
يزيد بن الأصم عن ابن عباس مرفوعاً
يزيد بن الأصم عن ابن عباس موقوفاً
7
سفيان الثوري
منصور عن جابر عن أبي حازم
منصور عن أبي حازم
8
سفيان الثوري
هلال عن رجل من جهينة عن النبي صلى الله عليه وسلم
هلال، عن رجل من ثقيف، عن رجل من جهينة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
9
ابن جريج
عمر بن سعد
عامر بن سعد
10
ابن جريج
سباع، عن محمد، عن أم كرز
سباع، عن أم كرز
11
ابن جريج
أيمن مولى عروة
أيمن مولى عزة
12
ابن جريج
ابن جريج عن الزهري
ابن جريج أخبرت عن الزهري
رقم الحديث
اسم شيخه
الوهم
الصحيح
13
ابن جريج
إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر مرفوعاً
مدرج من قول ابن عمر
14
ابن عيينة
كثير بن كثير عن أبيه عن جده
كثير بن كثير عن بعض أهله عن جده
15
معمر
النار جبار
العجماء جرحها جبار
16
معمر
عروة عن عائشة
أبو سلمة ابن عبدالرحمن عن عائشة
17
معمر
زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر
زيد بن أسلم عن أبيه مرسلاً
18
معمر
محمود بن لبيد
محمود بن الربيع
19
معمر
الزهري، عن حرام بن محيصة عن أبيه
الزهري، عن حرام بن محيصة
20
معمر
عروة عن عائشة
محمد بن عبدالرحمن بن الحارث عن عائشة
21
معمر
ابن خثيم، عن صفية، عن أم سلمة
ابن خثيم، عن عبدالرحمن بن سابط، عن حفصة بنت عبدالرحمن، عن أم سلمة
22
معمر
الزهري، عن سالم عن ابن عمر
الزهري مرسلاً
23
معمر
معمر، عن الزهري، عن أنس
جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس
24
معمر
السائب بن يزيد عن عمر قال لابن السعدي
السائب، عن حويطب، عن ابن السعدي، عن عمر
25
معمر
وما فاتكم فاقضوا
وما فاتكم فأتموا
26
معمر
عثمان بن أبي حاضر
عثمان بن حاضر
27
ابن عيينة
عمرو بن دينار، عن عرفجة
عمرو، عن طلق بن حبيب عن قزعة
28
مالك
عبدالله بن عبدالرحمن
عبدالرحمن بن عبدالله
رقم الحديث
اسم شيخه
الوهم
الصحيح
29
مالك
ميمون بن ميسرة
موسى بن ميسرة
30
مالك
عبدالله بن أبي بكر، عن عبدالله بن عمرو بن عثمان
عبدالله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو بن عثمان
31
عبدالله بن المبارك
سبع عشرة ليلة
تسعة عشر يوماً
32
إسماعيل بن عياش
تسع خصال
ست خصال
33
جعفر بن سليمان
حميد الأعرج عن مجاهد
القاسم بن وهران، عن الزهري، عن سعيد بن مرجانة
أبو داود الطيالسي
(1)
اسمه ونسبه:
سليمان بن داود بن الجارود، أبو داود الفارسي ثم الأسدي ثم الزبيري مولى آل الزبير بن العوام، ولد سنة 133.
شيوخه:
ومن أبرز شيوخه: شعبة بن الحجاج، وحماد بن سلمة، وأبو عوانة اليشكري، وابن أبي ذئب، وورقاء بن عمر، وروى عن هشام الدستوائي، وحماد بن زيد، وجرير بن حازم، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وزائدة، وإسرائيل، وخلق كثير.
تلاميذه:
روى عنه: جرير بن عبد الحميد وهو من شيوخه، وأحمد بن حنبل، وعمرو بن علي الفلاس، ومحمد بن بشار، ومحمد بن سعد، ويونس بن حبيب وهو راوي مسنده.
(1)
مصادر الترجمة:
تاريخ بغداد (9/ 24) السير (9/ 378) وما بعده) وانظر: حاشية السير لبقية المصادر.
ثناء أهل العلم عليه:
قال وكيع: ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود.
وقال أيضاً: أبو داود جبل العلم.
وقال علي بن المديني: ما رأيت أحفظ من أبي داود.
وقال الفلاس: ما رأيت أحداً أحفظ من أبي داود.
قال الذهبي معلقاً: قال: هذا وقد صحب يحيى القطان وابن مهدي ورافق ابن المديني.
وقال الخطيب: كان حافظاً مكثراً ثقة نساباً.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: أبو داود هو أصدق الناس، وقدّمه يحيى بن معين في شعبة على ابن مهدي.
وقال النسائي: ثقة من أصدق الناس لهجة.
سعة حفظه:
قال عمر بن شبة: كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث وليس معه كتاب.
وقال يونس بن حبيب: قدم علينا أبو داود وأملى علينا من حفظه مائة ألف حديث أخطأ في سبعين موضعاً، فلما رجع إلى البصرة كتب إلينا بأني أخطأت في سبعين موضعاً فأصلحوا.
وقال هو عن نفسه: أسرد ثلاثين ألف حديث ولا فخر، وفي
صدري اثنا عشر ألفاً لعثمان البزي، ما سألني عنها أحد من أهل البصرة فخرجت إلى أصبهان فبثثتها فيهم.
وقال العجلي: بصري ثقة وكان كثير الحفظ رحلت إليه فأصبته، مات قبل قدومي بيوم، وكان شرب البلاذر هو وعبد الرحمن بن مهدي فجذم هو، وبرص عبد الرحمن، فحفظ أبو داود أربعين ألف حديث وحفظ عبد الرحمن عشرة آلاف حديث.
قال ابن حجر: ثقة حافظ غلط في أحاديث، من التاسعة، مات سنة 204. (خت م 4).
وفاته:
توفي بالبصرة سنة 203 أو 204 وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
الحديث الأول
(1)
:
447 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1637): حدثنا شعبة، عن مسلم القُرِّي قال:
دخلنا على أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء فقالت: فعلناها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
التعليق:
وهذا إسناد رجاله رجال الصحيح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5540) من طريق محمود بن غيلان المروزي عن الطيالسي بهذا اللفظ، ورواه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2873) من طريق يوسف بن حنيف عن أبي داود بهذا اللفظ كذلك.
وأخرجه الطبراني في الكبير (24/ 277) من طريق أبي حفص عمرو بن علي عن الطيالسي فقال: (عن المتعة) فقط. ولم يقيده.
(1)
رجال الإسناد:
شعبة: تقدم.
مسلم بن مخراق العبدي القُرِّي البصري، يكنى أبا الأسود، صدوق، من الرابعة، روى له مسلم.
ورواه أبو نعيم في مستخرجه (2873) من طريق عبدة عن أبي داود به فقال: (المتعة) ولم يقيده.
هكذا رواه الطيالسي عن شعبة، عن مسلم القري أنهم سألوا أسماء عن متعة النساء
…
خالفه روح بن عبادة
(1)
فرواه عن شعبة، عن مسلم القري، فذكر أنهم سألوا أسماء عن متعة الحج.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي
(2)
عن شعبة بهذا الإسناد واقتصر على قوله: المتعة، ولم يحدد.
ورواه محمد بن جعفر عن شعبة
(3)
قال: قال مسلم: لا أدري متعة الحج أم متعة النساء.
وهم الطيالسي على شعبة في قوله: (متعة النساء)، والصحيح هو ما رواه روح عن شعبة وأنه متعة الحج.
ويدل على ذلك ما يلي:
1 أنه رواه كذلك عن أسماء في متعة الحج مجاهد بن جبر
(4)
، وعبادة بن المهاجر
(5)
مع ذكر قصة ابن عباس وابن الزبير.
(1)
مسلم (1238) وأحمد (6/ 348) عن روح بن عبادة، عن شعبة عن مسلم القري قال: سألت ابن عباس عن متعة الحج فرخص فيها، وكان ابن الزبير ينهى عنها، فقال: هذه أم ابن الزبير تحدّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيها فادخلوا عليها فاسألوها، قال: فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء فقالت: قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها.
(2)
مسلم (1238).
(3)
مسلم (1238).
(4)
أحمد (6/ 345) و (6/ 349) وابن أبي شيبة (4/ 103) والطبراني في الكبير (24/ 243 و 244).
(5)
أحمد (6/ 350).
2 أنه قد روي من طريق عبد الله مولى أسماء
(1)
وصفية بنت أبي شيبة عن أسماء في متعة الحج (دون ذكر القصة).
3 قول أسماء في هذا الحديث: (فعلناها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومرادها قطعاً متعة الحج
(2)
.
علة الوهم:
1 أن ابن عباس روى عنه أنه كان يرخص في متعة النساء
(3)
.
2 أن مسلم القري روى ذلك على الشك
(4)
، ورواه مرة أخرى فقال: المتعة ولم يقيده
(5)
فظنّ الطيالسي أنها متعة النساء، والله تعالى أعلم.
أثر الوهم:
أخرج هذا الحديث النسائي في السنن الكبرى (3/ 326) في كتاب النكاح في باب نكاح المتعة وقد علمت ما فيه وأنه لا يصح الاستدلال به في هذا الباب، والله تعالى أعلم.
(1)
البخاري (1796).
(2)
مسلم (1236).
(3)
البخاري (5116) ومسلم (1407)(32) وقد كان رخصه أول الإسلام ثم نهى عنه: (انظر: البخاري 5116، 5117، 5119) باب نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخراً
…
(4)
رواه مسلم (1238) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة قال: قال مسلم (القرى): لا أدري متعة الحج أم متعة النساء.
(5)
رواه عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة كما تقدم.
الحديث الثاني
(1)
:
448 -
قال الترمذي رحمه الله (2397): حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا أبو داود، أخبرنا شعبة، عن الأعمش قال: سمعت أبا وائل يقول: قالت عائشة:
ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وهو في مسند الطيالسي (1536) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
هكذا يقول أبو داود: (عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عائشة).
خالفه عبد الله بن المبارك
(2)
، ومحمد بن جعفر
(3)
، ومحمد بن أبي عدي
(4)
، ومعاذ بن معاذ
(5)
.
(1)
رجال الإسناد:
محمود بن غيلان العدوي مولاهم، أبو أحمد المروزي، نزيل بغداد، ثقة من العاشرة، مات سنة 239، روى له البخاري ومسلم.
شعبة: تقدم.
الأعمش: سليمان بن مهران: تقدم.
(2)
البخاري (5646).
(3)
مسلم (2570) وأحمد (6/ 172).
(4)
مسلم (2570).
(5)
مسلم (2570).
فرووه عن شعبة فقالوا: (عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة.
ومن هذا الوجه أخرجه الشيخان.
وقد رواه سفيان الثوري
(1)
، وجرير بن عبد الحميد
(2)
عن الأعمش بإثبات مسروق في الإسناد.
وانظر: سماع أبي وائل من عائشة في باب عمرو بن مرة حديث: إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها
(3)
.
وقد تابع أبو عامر العقدي الطيالسي فرواه عن شعبة ولم يذكر مسروقاً في الإسناد
(4)
.
(1)
البخاري (5646)(5647).
(2)
مسلم (2570).
(3)
ح (533).
(4)
ح (931).
الحديث الثالث
(1)
:
449 -
قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه (3109):
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أبِي الصِّدِّيقِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي القَبْرِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةا رَسُولِ اللَّهِ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير شيخ ابن حبان وهو ثقة، روى عنه ابن حبان (50) حديثاً في صحيحه، وأخرج حديثه الحاكم في (المستدرك 1/ 400 رقم 84/ 9) من طريق أبي علي الحافظ، قال: ووثقه.
هكذا قال أبو داود: (عن شعبة، عن قتادة، عن أبي الصديق، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه جمع من أصحاب شعبة فرووه عنه بهذا الإسناد موقوفاً من قول ابن عمر ولم يرفعوه، منهم:
(1)
رجال الإسناد:
عباس بن عبد العظيم بن إسماعيل العنبري أبو الفضل البصري، ثقة حافظ، من كبار الحادية عشرة، مات سنة 240، روى له مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.
شعبة: تقدم.
قتادة: تقدم.
أبو الصديق الناجي: بكر بن عمرو، وقيل: ابن قيس، بصري ثقة، من الثالثة، مات سنة 180، روى له البخاري ومسلم.
وكيع
(1)
، ومحمد بن جعفر
(2)
، وعبد الله بن المبارك
(3)
، وآدم بن أبي إياس
(4)
، وحفص بن عمر الحوضي
(5)
، وعمرو بن مرزوق
(6)
.
وهذا هو المحفوظ من حديث شعبة، وتابعه هشام الدستوائي
(7)
ورفعه همام بن يحيى
(8)
.
وقد ذكر الدارقطني
(9)
أن المحفوظ عن شعبة وهشام موقوفاً من قول ابن عمر، وكذلك ذكر غير واحد من أهل الحديث أن شعبة كان يوقفه.
قال أبو نعيم: لم يرفعه عن قتادة إلا همام، ورواه شعبة وهشام موقوفاً
(10)
.
وقال البيهقي: تفرد برفعه همام بن يحيى بهذا الإسناد وهو ثقة، إلا أن شعبة وهشاماً الدستوائي روياه عن قتادة موقوفاً
(11)
.
(1)
ابن أبي شيبة (11695).
(2)
الحاكم (1/ 366).
(3)
النسائي في عمل اليوم والليلة (1089) وفي الكبرى (10928).
(4)
الحاكم (1/ 366).
(5)
الطبراني في الدعاء (1209).
(6)
البيهقي (4/ 57).
(7)
البيهقي (4/ 55).
(8)
أحمد (2/ 27) و (2/ 40) وعبد بن حميد (815) والحاكم (1/ 520 و 1353) وغيرهم.
(9)
العلل (2839).
(10)
حلية الأولياء (3/ 102).
(11)
السنن الكبرى (4/ 55).
وقال عبد بن حميد: قال يزيد (يعني ابن هارون): لم يرفع هذا الحديث أحد غير همام
(1)
.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وهمام بن يحيى ثبت مأمون إذا أسند مثل هذا الحديث لا يعلل بأحد إذا أوقفه، وقد أوقفه شعبة.
وقال الذهبي: على شرطهما وقد وقفه شعبة.
قلت: ولم يذكر أحدٌ خلافاً على شعبة، فمخالفة أبي داود لستة من أصحاب شعبة الثقات إضافة إلى ما سبق نقله من أقوال أهل العلم تدل على وهم أبي داود الطيالسي على شعبة، والله تعالى أعلم.
(1)
في مسنده (1/ 259) بعد أن رواه عن همام مرفوعاً عقب الحديث (815).
الحديث الرابع
(1)
:
450 -
قال أبو داود الطيالسي (2212): حدثنا شعبة، عن أنس بن سيرين قال: قال رجل لأنس: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قال: ما رأيته صلّاها.
التعليق:
وهذا إسناد على شرط مسلم.
هكذا رواه الطيالسي عن شعبة عن أنس بن سيرين، عن أنس أنه ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى.
وخالفه غيره من أصحاب شعبة فرووه عن أنس بن سيرين عن أنس به فقال: (ما رأيته صلّاها إلا يومئذ)، وفي روايتهم:(ما رأيته صلّى غير ذلك اليوم)، منهم: آدم بن أبي إياس
(2)
، وعلي بن الجعد
(3)
، ومعاذ بن معاذ العنبري
(4)
، ومحمد بن جعفر
(5)
، وعبد الرحمن بن مهدي
(6)
، وبهز بن أسد
(7)
، ويزيد بن هارون
(8)
،
(1)
رجال الإسناد:
أنس بن سيرين الأنصاري، أبو موسى وقيل: أبو حمزة، وقيل: أبو عبد الله البصري أخو محمد، ثقة من الثالثة، مات سنة 118، وقيل: سنة 120، روى له البخاري ومسلم.
أنس بن مالك: صحابي مشهور.
(2)
البخاري (670).
(3)
البخاري (1179).
(4)
أبو داود (657).
(5)
أحمد (3/ 131).
(6)
أحمد (3/ 184).
(7)
أحمد (3/ 184)، (3/ 291).
(8)
عبد بن حميد في المنتخب (1219).
وبكر بن بكار
(1)
.
فقصر الطيالسي فاختصر الحديث فحذف منه قول أنس: (يومئذ)، وفي رواية:(غير ذلك اليوم).
وسبب قول أنس هذا قد ذكره البخاري وأحمد وغيرهما ضمن الحديث عن شعبة، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك قال: كان رجل ضخم لا يستطيع أن يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أستطيع أن أصلي معك، فلو أتيت منزلي فصلّيت فأقتدي بك، فصنع الرجل طعاماً ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم فنضح طرف حصير لهم فصلّى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل من آل الجارود لأنس: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قال: ما رأيته صلّاها إلا يومئذ، وفي رواية:(ما رأيته صلّى غير ذلك اليوم).
فقول أبي داود الطيالسي: (ما رأيته صلاها) بإطلاق النفي خطأ وهو خلاف ما رواه الجماعة عن شعبة بنفس الإسناد.
(1)
ابن أبي حاتم في العلل (392) إلا أنه وهم فجعله من حديث أنس بن سيرين عن ابن عمر.
الحديث الخامس
(1)
:
451 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1606): حدثنا شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عامر بن أبي أمية أخي أم سلمة رضي الله عنها:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً ثم يغتسل ويصوم.
قال أبو سعيد: فردّ أبو هريرة فتياه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الصحابي، لم يروِ له إلا النسائي.
هكذا قال الطيالسي: (عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عامر).
خالفه يحيى بن سعيد القطان
(2)
، وعبد الله بن المبارك
(3)
،
(1)
رجال الإسناد:
شعبة: تقدم.
قتادة بن دِعامة. انظر ترجمته في بابه.
سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار
…
، مات بعد عام 90 وقد ناهز الثمانين، روى له البخاري ومسلم.
عامر بن أبي أمية حذيفة ويقال: سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي، أخو أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، له صحبة، وروى عن أخته فقط، والنسائي. التقريب (3103).
(2)
أحمد (6/ 306) وأبو يعلى (6999) والطحاوي (2/ 105) وفي شرح مشكل الآثار (547) وابن عبد البر في التمهيد (22/ 41).
(3)
ابن حبان (3500).
ومحمد بن جعفر
(1)
، وحجاج بن محمد المصيصي
(2)
، وعبد الملك بن إبراهيم الجُدِّي
(3)
، ويزيد بن زريع
(4)
، وعمرو بن مرزوق
(5)
.
هؤلاء السبعة رووه عن (شعبة، عن قتادة، عن سعيد، عن عامر، عن أم سلمة).
وكذلك رواه سعيد بن أبي عروبة
(6)
، وهشام الدستوائي
(7)
، وأبان بن يزيد العطار
(8)
، وهمام
(9)
(عن قتادة، عن سعيد، عن عامر، عن أم سلمة).
وكذلك رواه عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب، عن عامر، عن أم سلمة
(10)
.
أسقط الطيالسي أم سلمة من الإسناد، وجعل الحديث من مسند أخيها عامر فوهم لأمرين:
1 لمخالفته أصحاب شعبة في روايته عن شعبة هذا الحديث.
2 لأن عامراً ليس له رواية إلا عن أخته أم سلمة.
(1)
أحمد (6/ 310 - 311).
(2)
أحمد (6/ 310 - 311).
(3)
الطبراني في الأوسط (8455) والكبير (23/ 670).
(4)
الطبراني في الكبير 23/ (672) والمزي في تهذيب الكمال (14/ 13).
(5)
الطبراني في الكبير 23/ (669).
(6)
أحمد (6/ 304) والنسائي في الكبرى (3021) والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 105).
(7)
الطبراني في الكبير (23/ 900).
(8)
الطبراني في الكبير 23/ (668).
(9)
أحمد (6/ 323) والطبراني في الكبير 23/ (671) وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 14).
(10)
الطبراني في الأوسط (8455).
فائدة:
روى الحاكم في معرفة علوم الحديث (1/ 54)
(1)
بسنده عن حجاج بن الشاعر قال: اجتمع أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني في جماعة معهم اجتمعوا فتذاكروا أجود الأسانيد فقال رجل منهم: أجود الأسانيد: شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن عامر أخي أم سلمة، عن أم سلمة.
وقال علي بن المديني: أجود الأسانيد: ابن عون، عن محمد، عن عبيدة، عن علي يعني ابن أبي طالب.
وقال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: الزهري، عن سالم، عن أبيه.
وقال يحيى: الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله يعني ابن مسعود.
وكان قد ذكر الحاكم رحمه الله (1/ 53) قبل هذا أصح الأسانيد، فقال: اختلف أئمة الحديث في أصح الأسانيد .. ثم نقل عن الإمام البخاري قوله: أصح الأسانيد كلها: مالك، عن نافع، عن ابن عمر.
وأصح أسانيد أبي هريرة: أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
ونقل عن أبي بكر ابن أبي شيبة قوله: أصح الأسانيد كلها: الزهري، عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي رضي الله عنه، ونقل عن إسحاق قوله: أصح الأسانيد الزهري عن سالم عن أبيه.
(1)
ورواه ابن عساكر في تاريخه (20/ 59).
الحديث السادس
(1)
:
452 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 209 - 210): حدثنا سليمان، حدثنا شعبة، عن حماد وعبد العزيز بن رُفيع، وعتاب مولى هُرمز ورابع أيضاً سمعوا أنساً يحدّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«مَنْ كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير عتاب وهو صدوق.
ورواه الطبراني في جزء طرق حديث: مَنْ كذب عليّ (127) من طريق أحمد بن حنبل عن أبي داود الطيالسي والقطيعي (21) في جزء الألف دينار من طريق أحمد بن حنبل أيضاً.
ورواه الدارمي (236) عن محمد بن عبد الله عن أبي داود به.
هكذا رواه الطيالسي فقال: (عن شعبة، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أنس).
(1)
رجال الإسناد:
حماد بن أبي سليمان مسلم الأشعري مولاهم أبو إسماعيل الكوفي، فقيه صدوق له أوهام، من الخامسة ورمي بالإرجاء، مات سنة 120 أو قبلها، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
عبد العزيز بن رفيع الأسدي، أبو عبد الله المكي، نزيل الكوفة، ثقة، من الرابعة، مات سنة 130 ويقال بعدها وقد جاوز 90، روى له البخاري ومسلم.
عتاب مولى هرمز أو ابن هرمز، بصري صدوق من الرابعة، روى له ابن ماجه.
خالفه عمرو بن مرزوق
(1)
فرواه (عن شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس) وهو الصواب.
وكذلك رواه هشيم
(2)
، وإسماعيل بن علية
(3)
، وعبد الوارث بن سعيد
(4)
، عن عبد العزيز بن صهيب به.
وقد وافقهم أبو داود في رواية فقد روى ابن الجعد في مسنده عن علي بن مسلم عن أبي داود عن شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس فذكره
(5)
.
قال عبد الله بن أحمد: قال أبي: كذا قال لنا: أخطأ فيه إنما هو عبد العزيز بن صهيب
(6)
.
أما حديث شعبة عن عتاب عن أنس فقد تابعه أسد بن موسى عليه
(7)
.
(1)
القضاعي في مسند الشهاب (552) والطبراني في طرق حديث: «مَنْ كذب عليّ متعمداً» (1/ 108) وأبو نعيم في المستخرج (68).
(2)
أحمد (3/ 98) وأبو يعلى (3902).
(3)
أحمد (3/ 98) ومسلم في مقدمة صحيحه (2) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (68).
(4)
البخاري (108).
(5)
مسند ابن الجعد (1428).
(6)
جزء الألف دينار (1/ 39).
(7)
الدارمي (235) وابن الجعد (1480) والطيالسي (2083).
الحديث السابع
(1)
:
453 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله في مسنده (1627 ط. التركي): حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت طلحة بن عبد الله بن عوف يحدِّث عن عائشة رضي الله عنها قالت:
أهوى إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبِّلني فقلت: يا رسول الله إني صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وأنا صائم» ، فقبّلها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد (6/ 176) و (6/ 270) من طريق حجاج بن محمد المصيصي عن شعبة به.
هكذا رواه الطيالسي فقال: (عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله بن عوف).
خالفه محمد بن إسحاق
(2)
، ووهب بن جرير
(3)
، والنضر بن
(1)
رجال الإسناد:
سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ولي قضاء المدينة وكان ثقة فاضلاً عابداً، من الخامسة، مات سنة 125 وقيل بعدها وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.
طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري المدني القاضي، ابن أخي عبد الرحمن يلقب بطلحة الندى، ثقة مكثر فقيه، من الثالثة، مات سنة 97 وله 72 سنة، روى له البخاري.
(2)
أحمد (6/ 270) وابن عدي في الكامل (6/ 108).
(3)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 92).
شميل
(1)
فقالوا: (عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله بن معمر، عن عائشة).
هكذا قال محمد بن إسحاق.
وقال وهب بن جرير: طلحة بن عبيد الله بن معمر.
وقال النضر بن شميل: طلحة بن عبيد الله.
نسباه إلى جده.
ورواه محمد بن جعفر
(2)
وابن أبي عدي
(3)
عن شعبة فقالا: طلحة بن عبد الله ولم ينسباه.
وهم الطيالسي فقال: طلحة بن عبد الله بن عوف والصحيح كما رواه الجماعة عن شعبة.
وقد رواه سفيان الثوري
(4)
، وإبراهيم بن سعد
(5)
، وأبو معمر الهذلي
(6)
، وأبو عوانة
(7)
، وزكريا بن أبي زائدة
(8)
.
(1)
أبو يعلى (4532).
(2)
أحمد (6/ 176).
(3)
ابن خزيمة (2004).
(4)
أبو داود (2384).
(5)
الشافعي في السنن (309) وأحمد (6/ 176) و (6/ 269) والبيهقي (4/ 233).
(6)
المزي في تهذيب الكمال (13/ 407) في ترجمة طلحة بن عبد الله بن عثمان.
(7)
النسائي في الكبرى (3050) و (9130) وابن خزيمة (2004) وابن حزم في المحلى (6/ 207 - 208) والمزي في تهذيب الكمال في ترجمة طلحة بن عبد الله بن عثمان، وكذلك نسبه ابن حزم.
(8)
أحمد (6/ 162) وقال عن رجل من قريش من بني تيم يقال له: طلحة.
فقالوا: (عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله بن عثمان التيمي).
ورواه ابن جريج، عن رجل، عن طلحة بن عبد الله بن عثمان به
(1)
.
علة الوهم:
قد تابع الطيالسي حجاج بن محمد فرواه عن شعبة كذلك، وذكر المزي في تهذيبه أن عبد الرحمن بن مهدي رواه عن سفيان الثوري كذلك فقال:(طلحة بن عبد الله بن عوف)
(2)
وعلة الوهم في ذلك يرجع إلى ما يلي:
1 إغفال الراوي عن طلحة أن ينسبه فيكتفي بالقول طلحة بن عبد الله.
2 كثرة رواية طلحة بن عبد الله بن عوف. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.
وقلة رواية طلحة بن عبد الله التيمي
(3)
حيث لم يروِ إلا عن عائشة رضي الله عنها حديثين هذا أحدهما على الخلاف الذي فيه.
(1)
عبد الرزاق في مصنفه (7410).
(2)
رواه أحمد (6/ 179) عنه ولم ينسبه.
وقال ابن حجر في التهذيب: (الأشبه أنه من حديث طلحة بن عبد الله بن عوف لأن عبد الرحمن بن مهدي أحفظ من محمد بن كثير، والله أعلم).
قلت: العدد الكثير من الرواة مقدّم وقد تابع رواية محمد بن كثير عن سفيان الثوري عن سعد بن إبراهيم: الإمام الشافعي وإبراهيم بن حمزة وأبو معمر الهذلي وأكثر أصحاب شعبة كما تقدم، والله أعلم.
(3)
طلحة بن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله بن معمر التيمي المدني.
3 كونهما اشتركا في الشيوخ والتلاميذ إضافة إلى تشابه اسميهما.
فسعد بن إبراهيم قد روى عن كليهما، وكلاهما اشتركا في الرواية عن عائشة رضي الله عنها، والله تعالى أعلم.
أثر الوهم:
الحديث صحيح ولا أثر للوهم في صحة الإسناد فهو انتقال من تابعي ثقة إلى تابعي ثقة وكلاهما من رجال البخاري وإن كان ابن عوف أكثر حديثاً من التيمي، والله تعالى أعلم.
الحديث الثامن
(1)
:
454 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1883)
(2)
: حدثنا شعبة، عن ابن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومَن لم يجد نعلين فليلبس خفَّين» للمحرم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا قال الطيالسي عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وذكر السراويل في حديث ابن عمر وهم.
فالمحفوظ من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «لا يلبس المحرم القميص ولا العمائم ولا السراويل، ولا البرنس، وإن لم يجد نعلين فليلبس الخفَّين وليقطعهما حتى يكونا أسفل الكعبين» .
هكذا رواه سالم
(3)
، ونافع
(4)
، وعبد الله بن دينار
(5)
، عن ابن عمر رضي الله عنه.
(1)
رجال الإسناد:
شعبة: تقدم.
عبد الله بن دينار العدوي، أبو عبد الرحمن المدني، مولى ابن عمر، ثقة من الرابعة، مات سنة 127، روى له البخاري ومسلم.
(2)
طبعة التركي.
(3)
البخاري (5806) ومسلم (1188) وأبو داود (1823).
(4)
البخاري (1542)(5803) ومسلم (1177).
(5)
البخاري (5847)(5853) ومسلم (1177).
لذا قال الدراقطني: إن ذكر السراويل في حديث ابن عمر وهم لأن كل مَنْ رواه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر لم يذكروا فيه السراويل.
قال: وكذلك رواه سالم ونافع عن ابن عمر
(1)
.
علة الوهم:
جاء ذكر لبس السراويل في حديث ابن عباس وجابر بن عبد الله وقد رواهما أبو داود الطيالسي فروى عن شعبة وحماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس: سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات فقال: «مَنْ لم يجد فليلبس خفَّين، ولم يجد إزاراً فليلبس سراويل»
(2)
.
وروى أيضاً عن زهير عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومَن لم يجد نعلين فليلبس خفَّين»
(3)
.
من هنا دخل عليه الوهم، والله تعالى أعلم.
(1)
العلل (13/ 171 رقم 3057).
(2)
في مسنده (2610) والحديث في الصحيحين: البخاري (1841، 1843) ومسلم (1178) وسقط من المطبوع ومسند الطيالسي: ابن عباس وهو مثبت في طبعة التركي (2732).
(3)
مسند الطيالسي (1735) والحديث في مسلم (1175).
الحديث التاسع
(1)
:
455 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله في مسنده (479 ط التركي): حدثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن سلمان الخير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وقد وهم الطيالسي في هذا الإسناد على ابن أبي ذئب فقال:
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري، أبو الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة 158 وقيل: 159، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري المدني، ثقة، من الثالثة، اختلط قبل موته بأربع سنين، وروايته عن عائشة وأم سلمة مرسلة، مات في حدود العشرين وقيل قبلها وقيل بعدها.
كيسان أبو سعيد المقبري المدني، مولى أم شريك، ثقة ثبت، من الثانية، مات سنة 100، روى له البخاري ومسلم.
عبيد الله بن عدي بن الخيار ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي المدني، قتل أبوه ببدر وكان هو في الفتح مميزاً فعُدّ في الصحابة لذلك، وعدّه العجلي وغيره في ثقات كبار التابعين، مات في آخر خلافة الوليد بن عبد الملك، روى له البخاري ومسلم.
(عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن سلمان).
خالفه آدم بن أبي إياس
(1)
، وعبد الله بن المبارك
(2)
، وحجاج بن محمد
(3)
، وعثمان بن عمر
(4)
، وأبو النضر هاشم بن القاسم
(5)
، وشبابة بن سوار
(6)
، وعبيد الله بن عبد المجيد
(7)
، والضحاك بن عثمان
(8)
، وحماد بن مسعدة
(9)
، فرووه (عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عبد الله بن وديعة، عن سلمان رضي الله عنه.
قال أبو حاتم كما في العلل لأبيه (580): (أخطأ أبو داود، حدثنا آدم العسقلاني وغير واحد عن ابن أبي ذئب، عن سعيد، عن أبيه، عن عبد الله بن وديعة
(10)
، عن سلمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ ابن حجر في هدي الساري ص 353: (وهذه رواية
(1)
البخاري (883).
(2)
البخاري (910) والبيهقي (3/ 232).
(3)
أحمد (5/ 438).
(4)
ابن حبان (2776) والبيهقي (2/ 464) و (3/ 342).
(5)
أحمد (5/ 440) والبيهقي (2/ 464) و (3/ 242).
(6)
ابن أبي شيبة (5520) وفي مسنده (457) والطبراني في الكبير (6190) والمزي في تهذيب الكمال (16/ 264).
(7)
الدارمي (1541).
(8)
الطبراني في الكبير (6/ 271) إلا أنه قال: سعيد المقبري عن عبد الله بن وديعة.
(9)
ابن الأثير في أسد الغابة (2/ 490).
(10)
عبد الله بن وديعة بن خدام الأنصاري المدني، مختلف في صحبته، ووثقه ابن حبان، قتل بالحرة، روى له البخاري وابن ماجه.
شاذة لأن الجماعة قد خالفوه، ولأن الحديث محفوظ لعبد الله بن وديعة لا لعبيد الله بن عدي) اه.
وقد رواه أبو داود مرة ثانية فوافق رواية الجماعة.
رواه البزار
(1)
عن عمرو بن علي الفلاس عن أبي داود عن ابن أبي ذئب فقال: (عبد الله بن وديعة).
وقد روى هذا الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه.
فرواه يحيى القطان وسفيان بن عيينة عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري عن أبيه، عن عبد الله بن وديعة عن أبي ذر
(2)
.
والوجهان صحيحان، والله تعالى أعلم.
(1)
في مسنده (6/ 472 ح رقم 2504).
(2)
الحميدي (138) وأحمد (5/ 177) وابن ماجه (1097) وابن خزيمة (1763)(1812) والحاكم (1/ 428 رقم 1074). وانظر: العلل لابن المديني (1/ 89) وللدارقطني (10/ 347).
الحديث العاشر
(1)
:
456 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1302): حدثنا ابن أبي ذئب، عن عبد الله السائب، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه لاعباً ولا جادًّا، وإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه فليردها عليه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات إلا أنه منقطع.
هكذا رواه الطيالسي فقال: (عن ابن أبي ذئب، عن عبد الله بن السائب، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه أصحاب ابن أبي ذئب فقالوا: (عن ابن أبي ذئب، عن عبد الله بن السائب، عن أبيه السائب بن يزيد، عن جده) منهم:
معمر
(2)
، ويحيى بن سعيد القطان
(3)
، وشعيب بن إسحاق
(4)
،
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن عبد الرحمن: تقدم.
عبد الله بن السائب بن يزيد الكندي، أبو محمد المدني، ابن أخت نمر، وثقه النسائي، من الرابعة، مات سنة 126، روى له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي.
يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود، والد السائب، صحابي شهد الفتح واستقضاه عمر، روى حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي.
(2)
أحمد (4/ 221) وعبد بن حميد (437).
(3)
أبو داود (5003) والترمذي (2160) وأحمد (4/ 221).
(4)
أبو داود (5003).
وعبد العزيز الدراوردي
(1)
، وأسد بن موسى
(2)
، وعاصم بن علي
(3)
، وعلي بن نصر الجهضمي
(4)
، ويزيد بن هارون
(5)
، وصفوان بن سليم
(6)
، وسليمان بن بلال
(7)
، وأبو نعيم
(8)
.
قصر الطيالسي في الإسناد فلم يذكر السائب بن يزيد
(9)
والد عبد الله فقال: عن عبد الله بن السائب عن جده، وهذا منقطع والصحيح كما رواه الجماعة.
قال أبو بشر: «هكذا في كتابي عن أبي داود، والناس يقولون: عن ابن أبي ذئب عن أبيه عن جده»
(10)
.
(1)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2867).
(2)
الحاكم (3/ 637) والطحاوي (4/ 243).
(3)
البخاري في الأدب المفرد (241) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 301) والطبراني في الكبير (6641).
(4)
البيهقي (6/ 100).
(5)
أحمد (4/ 221) والبيهقي (6/ 92).
(6)
ابن عساكر في تاريخ دمشق (19/ 71).
(7)
البيهقي في شعب الإيمان (5494).
(8)
تاريخ دمشق (19/ 17).
(9)
السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، ويعرف بابن أخت النمر، صحابي صغير له أحاديث قليلة حجّ به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين وهو آخر مَنْ مات بالمدينة من الصحابة.
(10)
مسند الطيالسي عقب الحديث (1/ 184) وأبو بشر هذا الأصبهاني هو يونس بن حبيب راوي مسند الطيالسي، توفي سنة 267.
الحديث الحادي عشر:
457 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (2412 ط. التركي): حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا أقيمت الصلاة فامشوا وعليكم السكينة فصلُّوا ما أدركتم واقضوا ما فاتكم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وقد تقدم في باب سفيان بن عيينة.
هكذا قال الطيالسي: عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «وما فاتكم فاقضوا» .
خالفه آدم بن أبي إياس
(1)
، وعثمان بن عمر
(2)
، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك
(3)
، وأبو النضر هاشم بن القاسم
(4)
فرووه عن ابن أبي ذئب فقالوا: (وما فاتكم فأتموا).
خالفه هؤلاء الأربعة وتابعه حماد الخياط
(5)
، والصحيح رواية
(1)
البخاري (636) و (908).
(2)
ابن حبان (2146).
(3)
الشافعي في السنن المأثورة (66) والطحاوي (1/ 396) والبيهقي (3/ 93).
(4)
أحمد (2/ 532).
(5)
أحمد (2/ 532) وحماد بن خالد الخياط القرشي، أبو عبد الله البصري، نزيل بغداد، ثقة أمي، روى له مسلم وأصحاب السنن.
الجماعة لأن أكثر أصحاب الزهري يروونه كذلك بلفظ: (فأتموا)، منهم:
شعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد الأيلي، وإبراهيم بن سعد، ومعمر، وعقيل بن خالد، ومحمد بن أبي حفصة، وإبراهيم بن أبي عبلة، والزبيدي، ويحيى، ويزيد بن الهاد، وقد استوفينا ذلك في باب سفيان بن عيينة ح (146) فانظره، والله تعالى أعلم.
وللحديث إسناد آخر فقد رواه أيضاً الطيالسي عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة
(1)
، والطريقان محفوظان كما قال الدارقطني
(2)
، والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
1 اختلاف الأمصار.
2 الرواية بالمعنى إذ المقصود أن المرء يصلي ما فاته من الصلاة مع الإمام، والله تعالى أعلم.
(1)
في مسنده (2460 ط التركي).
(2)
العلل (19/ 332).
الحديث الثاني عشر:
458 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1542): حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري، عن عروة عن عائشة رضي الله عنها:
أن زينب بنت جحش استحيضت سبع سنين، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل وتصلي، فكانت تغتسل عند كل صلاة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا قال أبو داود عن ابن أبي ذئب عن الزهري، عن عروة عن عائشة أن زينب بنت جحش استحيضت ....
خالفه معن بن عيسى
(1)
، ويزيد بن هارون
(2)
، وحسين المروزي
(3)
، وإسحاق المسيبي
(4)
، وعبيد الله بن عبد المجيد
(5)
، وأسد بن موسى
(6)
فرووه عن ابن أبي ذئب فقالوا: (أم حبيبة بنت جحش .. ) وكذلك رواه أصحاب الزهري فقالوا: (أم حبيبة بنت جحش) منهم:
(1)
البخاري (327).
(2)
أحمد (6/ 141) والبيهقي (1/ 170).
(3)
أبو عوانة (933).
(4)
أبو داود (291).
(5)
الدارمي (781).
(6)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 99).
الليث بن سعد
(1)
، وعمرو بن الحارث
(2)
، وإبراهيم بن سعد
(3)
، وسفيان بن عيينة
(4)
، والأوزاعي
(5)
، وعثمان التيمي
(6)
، والنعمان بن المنذر
(7)
، وحفص بن غيلان
(8)
، ويونس بن يزيد
(9)
، ومعمر
(10)
، وسليمان بن كثير
(11)
، وصالح بن أبي الأخضر
(12)
، ومحمد بن إسحاق في رواية
(13)
.
وكذلك رواه عراك بن مالك
(14)
عن عروة عن عائشة فقال: أم حبيبة.
وهم أبو داود الطيالسي في قوله: إن المستحاضة سبع سنين هي زينب بنت جحش وهي إنما هي أختها أم حبيبة بنت جحش.
قال ابن عبد البر: «أم حبيبة بنت جحش أخت زينب بنت جحش وأخت حمنة بنت جحش وأكثرهم يسقطون الهاء فيقولون: أم حبيب،
(1)
مسلم (334).
(2)
مسلم (334).
(3)
مسلم (334).
(4)
مسلم (334) والنسائي (1/ 121)(1/ 184) والحميدي (160) وأبو نعيم (752).
(5)
أحمد (6/ 83) والنسائي (1/ 171) وابن حبان (1353).
(6)
الحاكم (4/ 689 رقم 6907).
(7)
النسائي (1/ 118) وفي الكبرى (212) وأبو عوانة (932) والطحاوي (1/ 99).
(8)
النسائي (1/ 118) وفي الكبرى (218) وأبو عوانة (932) والطحاوي (1/ 99).
(9)
أبو داود (289).
(10)
إسحاق بن راهويه (569) و (2061).
(11)
البيهقي (1/ 350).
(12)
إسحاق (568).
(13)
أبو داود (292) والدارمي (775)(783) وأحمد (6/ 237) والبيهقي (1/ 302) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 98).
(14)
مسلم (334) وأبو داود (279).
كانت تحت عبد الرحمن بن عوف وكانت تستحاض، وأهل السير يقولون: إن المستحاضة حمنة، والصحيح عند أهل الحديث أنهما كانتا تستحاضان جميعاً وقد قيل: إن زينب بنت جحش استحيضت، ولا يصح
(1)
.
قلت: وإن صحّ فإن استحاضتها كانت وقتاً بخلاف أختها، وهي المعنية في حديث الزهري.
وقال الدارقطني: واختلف عن ابن أبي ذئب:
فرواه أبو داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة، وقال: إن زينب بنت جحش استحيضت، ووهم في قوله: زينب.
وخالفه معن بن عيسى ويزيد بن هارون وخالد بن الوليد فرووه عن الزهري وقالوا فيه: إن أم حبيبة بنت جحش
(2)
.
علة الوهم:
1 إن أم حبيبة بنت جحش امرأة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه هي أخت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
2 جاء ذكر زينب بنت جحش في حديث عائشة رضي الله عنها، قالت عائشة: فكانت تغتسل في مركن في حجرة أختها زينب بنت جحش حتى تعلو حمرة الدم الماء
(3)
.
(1)
الاستيعاب (4/ 1928).
(2)
العلل (14/ 102).
(3)
أخرجه مسلم (334) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (749) وابن حبان (1352) وغيرهم.
3 قال الحافظ ابن حجر: وقد حكى ابن عبد البر أن بنات جحش الثلاث كنّ مستحاضات: زينب أم المؤمنين وحمنة زوج طلحة وأم حبيبة زوج عبد الرحمن بن عوف وهي المشهورة منهن بذلك
(1)
.
ثم قال: وكذا وقع في الموطأ أن زينب بنت جحش استحيضت، وجزم ابن عبد البر بأنه خطأ لأنه ذكر أنها تحت عبد الرحمن بن عوف والتي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف إنما هي أم حبيبة أختها. وقال شيخنا الإمام البلقيني: يحمل على أن زينب بنت جحش استحيضت وقتاً بخلاف أختها فإن استحاضتها دامت
(2)
.
(1)
فتح الباري (1/ 411).
(2)
المصدر السابق.
الحديث الثالث عشر
(1)
:
459 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1350 ط التركي): حدثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثنا جعفر بن عمرو بن أمية قال: حدثني أبي:
أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفَّين.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا رواه الطيالسي فقال: (عن حرب بن شداد، عن يحيى، عن جعفر بن عمرو، عن أبيه عمرو).
خالفه عبد الرحمن بن مهدي
(2)
فرواه عن حرب فقال: (عن حرب بن شداد، عن يحيى، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن أبيه عمرو).
(1)
رجال الإسناد:
حرب بن شداد اليشكري، أبو الخطاب البصري، ثقة، من السابعة، مات سنة 161، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن أبي كثير الطائي، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، روى له البخاري ومسلم، انظر ترجمته في بابه.
جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، المدني، أخو عبد الملك بن مروان من الرضاعة، ثقة، من الثالثة، مات سنة 95 أو 96، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله أبو أمية الضمري، صحابي مشهور، أول مشاهده بئر معونة، مات في خلافة معاوية، روى له البخاري ومسلم.
(2)
النسائي (1/ 81) وفي الكبرى (126).
وهكذا رواه جماعة عن يحيى بن أبي كثير، منهم: شيبان، والأوزاعي، وأبان بن يزيد، وعلي بن المبارك، ومعمر.
رووه بذكر أبي سلمة في الإسناد وقد سبق بيان ذلك في باب معمر فانظره هناك
(1)
.
(1)
وهم معمر فلم يذكر جعفر بن عمرو في الإسناد.
الحديث الرابع عشر
(1)
:
460 -
قال النسائي في الكبرى (6801): أخبرنا محمد بن معمر، قال: ثنا أبو داود قال: ثنا حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، أن كلاب بن علي أخبره أن أبا سلمة أخبره أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نهى أن يخلط بين البسر والرطب وبين الزبيب والتمر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات على وهم في إسناده.
وأخرجه ابن حزم في المحلى (7/ 513) من طريق النسائي به.
وذكره البخاري في التاريخ الكبير (2/ 178) و (7/ 235) تعليقاً قال: قال أبو داود، فذكره وهو في مسند الطيالسي (عن حرب، عن يحيى، عن أبي سلمة .. ) سقط من الإسناد كلاب بن علي (1584 ط التركي).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن معمر الحضرمي، صدوق، من صغار الحادية عشرة، روى له أبو داود والنسائي.
أبو داود الطيالسي: تقدم.
حرب بن شداد اليشكري، أبو الخطاب البصري، من السابعة، مات سنة 161، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن أبي كثير الطائي أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة 132 وقيل قبل ذلك.
كلاب بن علي الحنفي، مجهول، ويقال: هو ثمامة بن كلاب.
هكذا قال أبو داود: (عن حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن كلاب بن علي).
وخالفه عبد الله بن رجاء
(1)
فقال: (عن حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن ثمامة بن كلاب
…
)
(2)
.
وكذلك رواه علي بن المبارك
(3)
عن يحيى بن أبي كثير، قال: ثمامة بن كلاب.
قلب الطيالسي ثمامة بن كلاب إلى كلاب بن علي.
قال البخاري: وقال أبو داود: عن حرب عن يحيى عن كلاب بن علي، وكلاب وهم هاهنا
(4)
.
علة الوهم:
كلاب بن علي الوحيدي من بني عامر هو من نفس طبقة ثمامة بن كلاب، روى عنه منصور بن المعتمر عن ابن أخ جبير بن مطعم حديثاً
(5)
، والله تعالى أعلم.
(1)
البخاري في التاريخ الكبير (2/ 178).
(2)
ثمامة بن كلاب: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال البيهقي: مجهول، ونسبه ابن أبي حاتم يمانياً، وقال ابن حجر: مقبول روى له النسائي هذا الحديث الواحد.
(3)
أحمد (6/ 242) وإسحاق بن راهويه (1248) والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 178) و (7/ 235) تعليقاً.
(4)
التاريخ الكبير (2/ 1172) ونقله عنه ابن حجر في التهذيب (2/ 27).
(5)
انظر حديثه في: مسند البزار (3449) والطبراني في الكبير (2/ 137) وانظر: المطالب العالية (6/ 260، 354).
الحديث الخامس عشر
(1)
:
461 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (727): حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن المغيرة، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح ظاهر خفَّيه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه البيهقي (1/ 291) من طريق الطيالسي به.
هكذا قال الطيالسي: (عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن المغيرة، عن المغيرة بن شعبة).
خالفه علي بن حجر
(2)
، ومحمد بن الصباح البزاز
(3)
،
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان المدني، مولى قريش، صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيهاً، من السابعة، ولي خراج المدينة، مات سنة 174 وله 74 سنة، روى له أصحاب السنن والبخاري تعليقاً ومسلم في المقدمة.
عبد الله بن ذكوان القرشي، أبو عبد الرحمن المدني المعروف بأبي الزناد، ثقة فقيه، من الخامسة، مات سنة 130 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
عروة بن المغيرة بن شعبة الثقفي الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات بعد عام 90، روى له البخاري ومسلم.
المغيرة بن شعبة: صحابي مشهور.
(2)
الترمذي (98) وقال: حديث حسن.
(3)
أبو داود (861) والبخاري في الأوسط (1424) والتاريخ الكبير (8/ 185) والطبراني في الكبير (20/ 882).
وسليمان بن داود الهاشمي
(1)
، وإبراهيم بن أبي العباس
(2)
، وسريج بن النعمان
(3)
(فرووه عن ابن أبي الزناد به وقالوا: (عروة بن الزبير).
قال البيهقي: كذا رواه أبو داود الطيالسي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وكذلك رواه إسماعيل بن موسى عن ابن أبي الزناد، ورواه سليمان بن داود الهاشمي ومحمد بن الصباح وعلي بن حجر عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة، والله تعالى أعلم
(4)
.
قال الشيخ أحمد شاكر: فإن كانت الروايتان محفوظتان وإلا كانت إحداهما: وهماً، والأخرى: صواباً ولا ضرر في ذلك لأنه تردد بين راويين ثبتين: عروة بن الزبير، وعروة بن المغيرة
(5)
.
(1)
أحمد (4/ 247) وابن الجارود في المنتقى (85) والدارقطني (1/ 195) والطبراني (20/ 882).
(2)
أحمد (4/ 247).
(3)
أحمد (4/ 247).
(4)
السنن الكبرى (1/ 291).
(5)
حاشية سنن الترمذي (1/ 166).
الحديث السادس عشر
(1)
:
462 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1601): حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ركعتَيْ الفجر:
«لهما أحب إليّ من حمر النعم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
ورواه أبو عوانة (2143) عن يونس بن حبيب عن أبي داود به.
هكذا قال أبو داود عن أبي عوانة عن قتادة في هذا الحديث: (ركعتَيْ الفجر لهما أحب إليّ من حمر النعم).
خالفه محمد بن عبيد بن حساب
(2)
، وصالح بن عبد الله
(1)
رجال الإسناد:
أبو عوانة: وضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، مات سنة 175 أو 176، روى له البخاري ومسلم.
قتادة: تقدم.
زرارة بن أوفى العامري البصري، قاضيها، ثقة عابد من الثالثة، مات فجأة في الصلاة سنة 93، روى له البخاري ومسلم.
سعد بن هشام بن عامر الأنصاري المدني، ثقة، من الثالثة، استشهد بأرض الهند، روى له البخاري ومسلم.
(2)
مسلم (725).
الترمذي
(1)
، وليث بن حماد
(2)
، ويحيى بن عبد الحميد الحماني
(3)
، وخلف بن هشام
(4)
، وأبو كامل الجحدري
(5)
، وهلال بن يحيى
(6)
، ومسدد
(7)
، ومعلى بن أسد العمي
(8)
، وعمرو بن عون
(9)
.
هؤلاء العشرة رووه عن أبي عوانة بهذا الإسناد فقالوا: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).
وكذلك رواه سعيد بن أبي عروبة
(10)
، وشعبة
(11)
، وسليمان التيمي
(12)
عن قتادة بهذا اللفظ.
علة الوهم:
قال حميد بن أبي عروبة: «وكان قتادة يستمع هذا الحديث فيقول: لهما أحب إليّ من حمر النعم»
(13)
.
قال محرره أبو حمزة: فمن هنا دخل الوهم على الطيالسي، وقد
(1)
الترمذي (416).
(2)
أبو نعيم في المستخرج على مسلم (1643) والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 297).
(3)
أبو نعيم (1643) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4133).
(4)
أبو نعيم (1643) وأبو يعلى (4766).
(5)
أبو نعيم (1643).
(6)
أبو نعيم (1643).
(7)
البيهقي (2/ 470).
(8)
البيهقي في السنن الصغرى (766).
(9)
أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين (71).
(10)
النسائي (3/ 252) وأحمد (6/ 50، 149، 265) وأبو عوانة (2142).
(11)
ابن أبي شيبة (6332).
(12)
مسلم (725) وأحمد (6/ 50).
(13)
مسند أحمد (6/ 149).
روي مثل هذا عن عمر رضي الله عنه رواه ابن أبي شيبة من طريق أبي معشر عن سعيد بن جبير عن عمر قال في الركعتين قبل الفجر: هما أحب إليّ من حمر النعم
(1)
.
(1)
في مصنفه (6326) عن هشيم به.
الحديث السابع عشر:
463 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله في مسنده (2207): حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل؟ قال: «لا عليكم ألَّا تفعلوا فإنما هو القدر» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين
(1)
، غير الطيالسي فهو من رجال مسلم، وروى له البخاري تعليقاً.
هكذا رواه أبو داود الطيالسي عن إبراهيم بن سعد.
خالفه غيره من أصحاب إبراهيم بن سعد فرووا هذا الحديث بهذا الإسناد فقالوا: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال: «إن تفعلوا ذلك لا عليكم ألا تفعلوه، فإنه ليس نسمة قضى الله أن تكون إلا هي كائنة» .
هكذا رواه عن إبراهيم بن سعد كلٌّ من:
سعيد بن منصور
(2)
، ومظفر بن مدرك الخراساني أبو كامل
(3)
، وأبو مروان محمد بن عثمان العثماني
(4)
، وأحمد بن المقدام
(1)
سيق هذا الحديث بنصه في باب إبراهيم بن سعد الزهري.
(2)
في سننه (2217).
(3)
أحمد (3/ 93).
(4)
ابن ماجه (1926).
العجلي
(1)
، وسليمان بن داود الهاشمي
(2)
.
وكذا رواه أصحاب الزهري كلهم، منهم: مالك، ويونس بن يزيد، وعقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، والزبيدي، وغيرهم
(3)
.
وخالفهم الطيالسي فقال: (إنما هو القدر) اختصره ورواه بالمعنى.
(1)
أبو يعلى (1050).
(2)
الدارمي (2/ 148).
(3)
وقد استوفينا الحديث في باب معمر ح (183) فانظره لزاماً، وفي باب إبراهيم بن سعد ح (749) حيث وهم إبراهيم في قوله:(عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد) إنما هو كما رواه مالك بن أنس وشعيب بن حمزة وجماعة عن الزهري، عن عبد الله بن محيريز عن أبي سعيد. أخرجه البخاري (5210)(6613) ومسلم (1438) وغيرهما، أما معمر فقال:(عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد).
الحديث الثامن عشر
(1)
:
464 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1881): حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا عتبة بن حكيم عن حرملة، عن أبي المصبح الحمصي قال:
كنا نسير في صائفة وعلى الناس مالك بن عبد الله الخثعمي فأتى على جابر وهو يمشي يقود بغلاً له فقال له: ألا تركب وقد حملك الله؟ فقال جابر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ اغبرّت قدماه في سبيل الله عز وجل حرّمه الله على النار» أصلِح لي دابتي وأستغني عن قومي. فوثب الناس عن دوابهم فما رأيت نازلاً أكثر من يومئذ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات عدا حصين بن حرملة المهري مجهول ذكره البخاري في التاريخ الكبير (3/ 10) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 191) ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 213) وأخرج حديثه في صحيحه.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن المبارك: انظر ترجمته في بابه.
عتبة بن أبي حكيم الهمداني، أبو العباس الأردني، صدوق يخطاء كثيراً، من السادسة، مات بصور بعد الأربعين، روى له البخاري في خلق أفعال العباد وأصحاب السنن.
حصين بن حرملة المهري: مجهول من أهل الشام (وانظر: تعجيل المنفعة 1/ 97).
أبو مصبح المعتزلي، ثقة نزل حمص، من الثالثة، روى له أبو داود.
وأخرجه البيهقي (9/ 162) وابن عساكر في تاريخ دمشق (56/ 468)، (67/ 237) من طريق الطيالسي به.
هكذا قال أبو داود: (عن عبد الله بن المبارك، عن عتبة بن حكيم، عن حرملة).
وخالفه حبان بن موسى
(1)
، وجعفر بن سليمان الضبعي
(2)
، وسويد بن نصر
(3)
، وحسن بن الربيع
(4)
، والمسيب بن واضح
(5)
، وسعيد بن رحمة بن نعيم
(6)
، وأحمد بن محمد بن مردويه
(7)
فقالوا: (عن عبد الله بن المبارك، عن عتبة بن أبي حكيم، عن حصين بن حرملة.
لذا قال ابن عساكر: كذا رواه أبو داود الطيالسي وأخطأ فيه في موضعين:
قوله: (عتبة بن حكيم) وإنما هو ابن أبي حكيم، وقوله:(حرملة) وإنما هو حصين بن حرملة
(8)
.
(1)
ابن حبان (4604) والطبراني في مسند الشاميين (755).
(2)
أبو يعلى (2075).
(3)
الطبراني في مسند الشاميين (755).
(4)
أحمد (3/ 367).
(5)
ابن أبي عاصم في الجهاد (113) وقال: إسناده حسن.
(6)
ابن المبارك في الجهاد (32) وابن عساكر في تاريخ دمشق (56/ 468) و (67/ 237).
(7)
البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 191) رقم (898).
(8)
تاريخ دمشق (56/ 468).
وقد تابع رواية الجماعة عن ابن المبارك: ابن لهيعة
(1)
فروى حديثاً
(2)
عن عتبة بن أبي حكيم عن حصين بن حرملة عن أبي المصبح عن جابر فوافقهم في كون الشيخ الذي يروي عنه ابن المبارك هو عتبة بن أبي حكيم وشيخه هو حصين بن حرملة.
وقد رواه أيضاً إبراهيم بن إسحاق
(3)
وعلي بن إسحاق
(4)
وأحمد بن الحجاج
(5)
المروزي ثلاثتهم عن ابن المبارك فقالوا: عتبة بن أبي حكيم وحصين بن حرملة.
(1)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 274) والطبراني في الأوسط (8982) ومسند الشاميين (756).
(2)
الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
(3)
أحمد (3/ 352).
(4)
أحمد (3/ 352).
(5)
الطبراني في مسند الشاميين (756)
الحديث التاسع عشر
(1)
:
465 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1607): حدثنا عبد الله بن المبارك، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل المني من ثوبه فيخرج وهو بُقع بُقع.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.
هكذا قال الطيالسي: (عن عبد الله بن المبارك، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه).
خالفه عبدان
(2)
، وأبو كريب
(3)
، وحبان بن موسى
(4)
، وسويد بن نصر
(5)
، ويحيى بن حسان
(6)
فرووه فقالوا: (عن عبد الله بن المبارك، عن عمرو بن ميمون، عن سليمان بن يسار، عن عائشة).
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة ثبت فقيه عالم. انظر ترجمته في بابه.
عمرو بن ميمون الأزدي، مخضرم مشهور، ثقة عابد، من الثالثة، نزل الكوفة، مات سنة 174 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
ميمون بن مهران الجزري، أصله كوفي نزل الرقة، ثقة فقيه وكان يرسل، ولي الحرس من أحمد بن عبد العزيز، من الرابعة، مات سنة 117، روى له مسلم.
(2)
البخاري (229).
(3)
مسلم (289).
(4)
ابن حبان (1381).
(5)
النسائي في الكبرى (388).
(6)
أبو عوانة (528).
وكذلك رواه أصحاب عمرو بن ميمون فقالوا: عن سليمان بن يسار عن عائشة، منهم:
يزيد بن هارون
(1)
، وعبد الواحد بن زياد
(2)
، وزهير بن حرب
(3)
، ومحمد بن بشر
(4)
، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة
(5)
، وسفيان الثوري
(6)
، وأبو معاوية
(7)
، وبشر بن المفضل
(8)
، وعبدة بن سلمان
(9)
، وسليم بن أخضر
(10)
، ويحيى بن حسان
(11)
، وجعفر بن برقان
(12)
.
وهِم الطيالسي فرواه على الجادة فقال: (عمرو بن ميمون عن أبيه).
والصحيح رواية الجماعة وهي في الصحيحين وغيرهما: (عمرو بن ميمون، عن سليمان بن يسار).
(1)
البخاري (230) وابن خزيمة (287) وأبو عوانة (523).
(2)
البخاري (230) و (231) ومسلم (289).
(3)
البخاري (232).
(4)
مسلم (289).
(5)
مسلم (289).
(6)
الدارقطني (1/ 125).
(7)
إسحاق بن راهويه (1134) والطحاوي (1/ 50) والترمذي (117).
(8)
أبو عوانة (528).
(9)
ابن ماجه (536).
(10)
أبو داود (373).
(11)
ابن المنذر في الأوسط (2/ 158) والطحاوي (1/ 49).
(12)
الخطيب في الموضح (1/ 535) ..
الحديث العشرون
(1)
:
466 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (872): حدثنا أبو الأشهب، وجرير بن حازم، وسلمُ بن زُرير، وحماد بن نجيح، وصخر بن جويرية، عن أبي رجاء، عن عمران بن حصين وابن عباس رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نظرت في الجنة فإذا أكثر أهلها الفقراء، ونظرت في النار فإذا أكثر أهلها النساء» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير حماد بن نجيح.
والحديث أخرجه من طريق الطيالسي أبو الشيخ في طبقات
(1)
رجال الإسناد:
أبو الأشهب: جعفر بن حيان السعدي، أبو الأشهب العطاردي البصري، مشهور بكنيته، ثقة، من السادسة، مات سنة 165 وله 95 سنة، روى له البخاري ومسلم.
جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، أبو النضر البصري، والد وهب، ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدّث من حفظه، من السادسة، مات سنة 170، روى له البخاري ومسلم.
سلم بن زَرير العطاردي، أبو بشر البصري، وثقه أبو حاتم، وقال النسائي: ليس بالقوي، من السادسة، مات في حدود سنة 160، روى له البخاري ومسلم.
حماد بن نجيح الإسكاف، السدوسي، أبو عبد الله البصري، صدوق، من السادسة، استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له النسائي وابن ماجه.
صخر بن جويرية مولى بني تميم، قال أحمد: ثقة ثقة، وقال القطان: ذهب كتابه ثم وجده فتكلم فيه لذلك، روى له البخاري ومسلم.
أبو رجاء: عمران بن ملحان، أبو رجاء العطاردي، مشهور بكنيته وقيل غير ذلك في اسم أبيه، مخضرم ثقة معمر، مات سنة 105 وله مائة وعشرون سنة، روى له البخاري ومسلم.
المحدثين (3/ 47)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 308)، والبيهقي في شعب الإيمان (9901)، والخطيب في الفصل للوصل (2/ 878)، وابن أبي حاتم في العلل (1194) من طريق يونس بن حبيب عن أبي داود الطيالسي به.
وقد وهم الطيالسي رحمه الله في جمعه للشيوخ في إسناد واحد فإن بعضهم يروي هذا الحديث عن ابن عباس وبعضهم يرويه عن عمران بن حصين.
وقال الخطيب: كذا روى أبو داود الطيالسي هذا الحديث وخلط في جمعه بين روايات هؤلاء الخمسة.
وذلك أن أبا الأشهب جعفر بن حيان
(1)
، وحماد بن نجيح
(2)
، وصخر بن جويرية
(3)
كانوا يروونه عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس وحده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان سلم بن زرير
(4)
يرويه عن أبي رجاء عن عمران بن حصين وحده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما جرير بن حازم فلا نعلم كيف كان يرويه لأنه لم يقع إلينا حديثه إلا من رواية أبي داود هذه مجموعاً مع رواية غيره.
(1)
مسلم (2737) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 880).
(2)
أحمد (1/ 234) والنسائي في الكبرى (9264) والبيهقي في شعب الإيمان (9899) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 880 - 881).
(3)
أحمد (1/ 234) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 128) والنسائي في الكبرى (9263) والطبراني في الكبير (12765) والبيهقي في الشعب (9899) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 880 - 881).
(4)
البخاري في صحيحه (3241، 6449) وأحمد (4/ 429) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 883 - 884).
وقال أبو حاتم في العلل عقب الحديث (1194): (هذا
(1)
، فإن بعضهم يروي عن أبي رجاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعضهم يروي عن أبي رجاء، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا أعلم واحداً منهم يجمع عن أبي رجاء بين ابن عباس وعمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن أبي حاتم: أبو الأشهب جعفر بن حيان، وحماد بن نجيح، وصخر بن جويرية فإنهم يروون عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يذكرون عمران بن حصين.
وأما سلم بن رزين فإنه يروي عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما جرير بن حازم فلا أدري كيف يروي، فإنه لم يقع عندنا فهذا علة هذا الحديث.
وروى أيوب السختياني، وسعيد بن أبي عروبة، عن أبي رجاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى قتادة، وعوف الأعرابي، عن أبي رجاء، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
كذا في المطبوعة ولعله سقط منه كلمة خطأ.
والحديث عند أبي رجاء عن ابن عباس وعن عمران جميعاً، إلا أنا لا نعلم أحداً اجتمعت له الروايتان عن أبي رجاء غير أيوب السختياني فرواه عن أبي رجاء عن ابن عباس
(1)
، ورواه أيضاً عن أبي رجاء عن عمران بن حصين
(2)
.
وقد رواه سعيد بن أبي عروبة
(3)
، والجعد أبو عثمان، ومطر الوراق
(4)
ثلاثتهم عن أبي رجاء، عن ابن عباس.
ورواه قتادة بن دعامة
(5)
، وعوف الأعرابي
(6)
عن أبي رجاء عن عمران بن حصين) اه. ثمّ سرد رواياتهم.
علة الوهم:
جمع الشيوخ في إسناد واحد وحمل إسناد بعضهم على بعض.
فبعض شيوخ الطيالسي يروي هذا الحديث عن ابن عباس لا يرويه عن غيره.
(1)
مسلم (2737) وأحمد (1/ 359) والترمذي (2602) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 881 - 882).
(2)
النسائي في الكبرى (9260) والبغوي في الجعديات (3049) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 884) كلهم من طريق عبد الوارث بن سعيد عن أيوب به. قال البغوي: خالف أي: عبد الوارث رواية الجميع.
(3)
مسلم في صحيحه (2737) وأحمد (4/ 429) والنسائي في الكبرى (9262).
(4)
الخطيب في الفصل للوصل (2/ 883) وذكرها أبو نعيم في الحلية (2/ 308) والحافظ في الفتح (11/ 279).
(5)
أحمد (4/ 437) والبخاري في التاريخ الكبير (14/ 182) والطبراني في الكبير (18/ 131) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 884).
(6)
البخاري في صحيحه (5198، 6546) والترمذي (2603).
وبعضهم يرويه عن عمران بن حصين لا يرويه عن غيره.
فجمعهم هنا الطيالسي رحمهم الله وأوهم أنهم يروونه عن ابن عباس وعمران بن حصين، والله تعالى أعلم، وانظر ح (811).
* * *
الحديث الحادي والعشرون
(1)
:
467 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله في مسنده (707): حدثنا حماد، عن يونس بن عبيد، عن سعيد الأصلع. عن أبي زُرْعة بن عمرو بن جرير، عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فقال: «غُض بصرك» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير سعيد الأصلع وقد وهم أبو داود الطيالسي في اسمه وإنما هو عمرو بن سعيد الثقفي.
والحديث أخرجه الخطيب في الموضح (2/ 321) من طريق يونس بن حبيب عن أبي داود الطيالسي به في ترجمة عمرو بن سعيد الثقفي، وقال:«هو سعيد الأصلع الذي روى أبو داود الطيالسي حديثه فأخطأ فيه» .
(1)
رجال الإسناد:
حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة، ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بأخرة، من كبار الثالثة، مات سنة 167، روى له البخاري ومسلم.
يونس بن عبيد بن دينار العبدي، أبو عبيد البصري، ثقة ثبت فاضل ورع، من الخامسة، مات سنة 139، روى له البخاري ومسلم.
سعيد الأصلع: راو لا وجود له.
أبو زرعة ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي، قيل: اسمه هرم، وقيل: عمرو، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: جرير، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
جرير بن عبد الله بن جابر البجلي، صحابي مشهور يقال له: يوسف هذه الأمة، مات سنة 51 وقيل بعدها، وحديثه في الصحيحين.
هكذا رواه الطيالسي فقال: (عن حماد، عن يونس بن عبيد، عن سعيد الأصلع، عن أبي زرعة بن عمرو .. ).
خالفه أسد بن موسى
(1)
فرواه (عن حماد، عن يونس بن عبيد، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة بن عمرو).
وكذلك رواه سفيان الثوري
(2)
، ويزيد بن زريع
(3)
، وإسماعيل بن علية
(4)
، وهشيم
(5)
، وعبد الوارث
(6)
، وخالد بن عبد الله الواسطي
(7)
، وعبد السلام بن حرب
(8)
، ووهيب بن خالد
(9)
.
رووه (عن يونس، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن جرير بن عبد الله).
قال ابن أبي حاتم: وسألت أبي عن حديث رواه أبو داود الطيالسي، عن حماد بن سلمة، عن يونس بن عبيد، عن سعيد الأصلع، عن أبي زرعة بن جرير، عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فقال: «غض بصرك» .
فسمعت أبي يقول: (هذا خطأ، إنما هو يونس بن عبيد، عن
(1)
الطبراني في الكبير (2407).
(2)
مسلم (2159) وأبو داود (2148) والدارمي (2643).
(3)
مسلم (2159) وأحمد (4/ 358).
(4)
مسلم (2159) وأحمد (4/ 361) والترمذي (2776).
(5)
النسائي في الكبرى (9233) وأحمد (4/ 361).
(6)
الطبراني في الكبير (2405).
(7)
الطبراني في الكبير (2406).
(8)
الطبراني في الكبير (2408).
(9)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 124).
عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن جرير، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
قال ابن حجر: «سعيد الأصلع راوٍ لا وجود له أخطأ فيه أبو داود الطيالسي»
(2)
.
وعمرو بن سعيد القرشي أو الثقفي مولاهم أبو سعيد البصري، ثقة من الخامسة، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد وغيرهما.
(1)
العلل (2558).
(2)
لسان الميزان (3/ 51).
الحديث الثاني والعشرون:
468 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله في مسنده (2839): حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أن فأرة وقعت في سمن جامد لآل ميمونة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤخذ الفأرة وما حولها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي داود من رجال مسلم.
هكذا قال الطيالسي: (عن سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس).
وخالفه عامة أصحاب سفيان فقالوا: (عن سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة).
منهم: الشافعي، وأحمد، والحميدي، وعلي بن المديني، ومسدد، وإسحاق بن راهويه، وقتيبة بن سعيد، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وأبو بكر ابن أبي شيبة، والحسين بن حريث، والحسن بن محمد الزعفراني، وزهير بن حرب، وغيرهم، وقد استوفينا بيان ذلك كله في باب إسحاق بن راهويه، ح (1053).
أسقط الطيالسي ميمونة من الإسناد وهي ثابتة في رواية عامة أصحاب ابن عيينة، وكذلك من رواية أصحاب الزهري: مالك ويونس بن يزيد والأوزاعي وعبد الرحمن بن إسحاق، وقد تقدم ذلك في باب معمر بن راشد ح (186) فانظره لزاماً.
وهناك وهم آخر في المتن وهو قوله: (في سمن جامد) خالفه عامة أصحاب سفيان ولم يتابعه على هذه اللفظة أحد غير أن إسحاق زاد في روايته فقال: (إن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان ذائباً فلا تقربوه) وخالفه أصحاب سفيان فلم يذكروا هذه الزيادة واقتصروا على قولهم: (ألقوها وما حولها وكلوه) وانظره في باب إسحاق، والله تعالى أعلم.
وقد وقع عبد الرحمن بن مهدي في نفس هذا الوهم فرواه عن مالك بهذه اللفظة فقال: (في سمن جامد) وخالفه عامة أصحاب مالك ذكرنا منهم سبعة عشر نفساً فلم يقل أحد منهم: جامد، وانظره في بابه، ح (363).
قال الحافظ: رواه الحميدي والحفاظ من أصحاب ابن عيينة بدونها وجوّدوا إسناده فذكروا فيه ابن عباس وميمونة وهو الصحيح
(1)
.
علة الوهم:
1 الرواية بالمعنى:
استدل أهل العلم بأن قوله صلى الله عليه وسلم: «ألقوها وما حولها» أن السمن
(1)
فتح الباري (1/ 344).
كان جامداً.
قال ابن الملقن: في هذا دلالة على أن السمن كان جامداً لأنه لا يمكن طرح ما حوله من المائع الذائب لأنه عند الحركة يمتزج بعضه ببعض. وقام الإجماع على أن هذا حكم السمن الجامد تقع فيه الميتة فيلقى وما حولها ويؤكل سائره لأنه صلى الله عليه وسلم حكم للسمن الملاصق للفأرة بحكم الفأرة لتحريم الله تعالى الميتة فأمر بإلقاء ما مسها منه، وأما السمن المائع والزيت والخل وسائر المائعات تقع فيها الميتة، ولا خلاف أيضاً بين أئمة الفتوى أنه لا يؤكل منها شيء.
2 التحديث في غير بلده من حفظه:
فراوي مسند أبي داود الطيالسي البصري هو يونس بن حبيب أبو بشر الأصبهاني من أهل أصبهان، وأبو داود حدّث بحفظه في أصبهان.
قال ابن أبي حاتم: سمعت عمر بن شيبة يقول: كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث وليس معه كتاب، وهم في بعضها يقال: تسعمائة حديث أو ألف حديث.
ويونس من أصبهان سمع من الطيالسي عدة مجالس فخرج هذا المسند عنه.
الحديث الثالث والعشرون
(1)
:
469 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (263): حدثنا مهدي بن ميمون، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله [بن مسعود رضي الله عنه] عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله
(2)
. وتلا هذه الآية: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ
…
(68)} [الفرقان: 68].
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
ورواه الخطيب في الفصل للوصل (2/ 836 - 837): من طريقه.
هكذا رواه الطيالسي فقال: (عن مهدي بن ميمون، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن مسعود).
خالفه عفان بن مسلم
(3)
، والحسن بن الربيع البوراني
(4)
فقالا:
(1)
رجال الإسناد:
مهدي بن ميمون الأزدي المِغْوَلي أبو يحيى البصري، ثقة من صغار السادسة، مات سنة 272، روى له البخاري ومسلم.
عاصم بن بهدلة، وهو ابن أبي النجود الأسدي مولاهم الكوفي، أبو بكر المقراء، صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون من السادسة، مات سنة 228.
(2)
بمثل حديث شعبة وفيه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم؟ قال: «الشرك، أن تجعل للّه ندًّا وهو خلقك» قال: ثم أي؟ قال: «تقتل ولدك من أجل أن يأكل مالك» قال: ثم أي؟ قال: «أن تزني بحليلة جارك» .
(3)
أحمد (1/ 462).
(4)
الخطيب في الفصل للوصل (2/ 835).
(عن مهدي بن ميمون، عن واصل، عن أبي وائل، عن ابن مسعود).
وهم أبو داود فقال: (عاصم بن بهدلة) والصحيح أنه (واصل بن حيان) وقد رواه سفيان الثوري
(1)
، وشعبة
(2)
، ومالك بن مغول
(3)
، وسعيد بن مسروق
(4)
عن واصل عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود).
وقد سبق الحديث في باب عبد الرحمن بن مهدي ح (358) فانظره لزاماً.
علة الوهم:
روى شيبان بن عبد الرحمن عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود هذا الحديث موقوفاً.
ورواه شعبة عن عاصم وواصل عن أبي وائل عن ابن مسعود مرفوعاً
(5)
.
ومن هنا دخل الوهم على أبي داود فذكر عاصم في الإسناد والمحفوظ من حديث مهدي بن ميمون عن واصل، والله تعالى أعلم.
(1)
البخاري (4761) و (6811).
(2)
الترمذي (3183) وأبو داود الطيالسي (268) وأحمد (1/ 434 و 464) وأبو نعيم في الحلية (4/ 146).
(3)
النسائي في الكبرى (7125) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 835).
(4)
الخطيب (2/ 838).
(5)
الخطيب في الفصل (2/ 837).
الحديث الرابع والعشرون
(1)
:
470 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (597): حدثنا قريش بن حيان، عن واصل بن سليم قال: أتيت أبا أيوب الأزدي فصافحته فرأى أظفاري طوالاً قال:
أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال: «يسألني أحدهم عن خبر السماء ويدع أظفاره كأظفار الطير يجمع فيها الجنابة والتفث» .
التعليق:
والحديث أخرجه من طريق الطيالسي البيهقي (1/ 175 - 176) والخطيب في الموضح (2/ 540).
وقد وهم الطيالسي في هذا الإسناد فقال: (عن قريش بن حيان، عن واصل بن سليم، عن أبي أيوب).
خالفه وكيع
(2)
، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك
(3)
، وعبد الرحمن بن المبارك
(4)
، وسليمان بن حرب
(5)
فرووه: (عن
(1)
رجال الإسناد:
قريش بن حيان العجلي، أبو بكر البصري، ثقة، من السابعة، روى له البخاري.
واصل بن سليم: روى عن طاوس وعبد الله بن سعيد بن جبير، روى عنه الثوري وجرير. ذكر ذلك أبو حاتم كما في الجرح والتعديل لابنه (9/ 30).
أبو أيوب المراغي الأزدي، اسمه يحيى، ويقال: حبيب بن مالك، ثقة، من الثالثة، مات بعد الثمانين، روى له البخاري ومسلم.
(2)
أحمد (5/ 417) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 128) تعليقاً.
وقد وهم وكيع فجعله من مسند أبي أيوب الأنصاري، انظره في بابه ح (339).
(3)
الطبراني في الكبير (4086) والبيهقي (1/ 175) والشاشي (1140).
(4)
الشاشي (1139) وابن عدي (3/ 1162).
(5)
الشاشي (1138).
قريش بن حيان، عن أبي واصل سليمان بن فروخ، عن أبي أيوب .. ).
وهم الطيالسي في أبي واصل سليمان بن فروخ فأسماه واصل بن سليم
(1)
.
قال ابن أبي حاتم في العلل (2369): سألت أبي عن حديث رواه أبو داود الطيالسي، عن قريش بن حيان، عن واصل بن سليم قال: أتيت أبا أيوب الأزدي فرأى أظفاري طوالاً
…
الحديث. فسمعت أبي يقول: هذا خطأ، ليس هو واصل بن سُليم، إنما هو أبو واصل سليمان بن فروخ، عن أبي أيوب، وليس هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هو أبو أيوب يحيى بن مالك العتكي من التابعين.
قال ابن أبي حاتم: ولم يفهم يونس بن حبيب
(2)
أن أبا أيوب الأزدي هو العتكي فأدخله في مسند أبي أيوب الأنصاري.
وقال الخطيب في الموضح (2/ 54) تعليقاً على كلام أبي حاتم بعد أن ذكره: قد رواه أبو الوليد الطيالسي، عن قريش، عن سليمان بن فروخ، عن أبي أيوب.
وقال البخاري في التاريخ (4/ 30): (سليمان بن فروخ أبو
(1)
قال الهيثمي في المجمع (5/ 168): رواه أحمد والطبراني باختصار ورجالهما رجال الصحيح خلا أبو واصل وهو ثقة.
(2)
ذلك أن مسند الطيالسي ليس من تصنيفه إنما هو عدة مجالس سمعها يونس بن حبيب منه، فجعل هذا الحديث في مسند أبي أيوب الأنصاري.
واصل
(1)
قال: لقيني أبو أيوب، هو الأزدي، مرسل، روى عنه يونس بن حباب).
(1)
سليمان بن فروخ الأزدي أبو واصل عن أبي أيوب، وعنه قريش بن حيان ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن أبي حاتم: روى عن أبي أيوب العتكي وعن الضحاك، وروى عنه قريش وأبو معاوية. (تعجيل المنفعة لابن حجر 1/ 616).
الحديث الخامس والعشرون
(1)
:
471 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1325 ط التركي): حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن المصعب بن جثامة الليثي:
أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم صيد وهو محرم فرده فرأى الكراهية في وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس بنا رد عليك ولكنا حرم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
هكذا قال الطيالسي عن ابن أبي ذئب عن الزهري: (لحم صيد) خالفه يزيد بن هارون
(2)
، وعبد الله بن وهب
(3)
، وعلي بن عاصم
(4)
فرووه عن ابن أبي ذئب به فقالوا: (حمار وحش) يعني حياً وليس مذبوحاً. وهذا هو المحفوظ من حديث ابن أبي ذئب والزهري وقد استوفيناه في باب سفيان بن عيينة ح (90) فانظره لزاماً، وقد ترجم البخاري على حديث الزهري باب إذا أهدى للمحرم حماراً وحشياً حيًّا).
(1)
رجال الإسناد:
ابن أبي ذئب: تقدم.
بقية رجال الإسناد انظرهم في باب سفيان بن عيينة.
(2)
أحمد (4/ 38).
(3)
ابن الجارود في المنتقى (476) والطحاوي (2/ 170).
(4)
الطبراني في الكبير (7433).
الحديث السادس والعشرون
(1)
:
472 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله في مسنده (1451): حدثنا همام، عن عامر الأحول، عن مكحول عن ابن أبي محذورة، عن أبيه قال:
علّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان تسعة عشر حرفاً.
قال أبو بشر: وذكروا أنه عن مكحول، عن ابن محيريز، عن أبي محذورة عن أبيه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات على وهم في اسم أحد رواته، والحديث صحيح.
هكذا قال الطيالسي: (عن همام، عن عامر، عن مكحول، عن ابن أبي محذورة، عن أبي محذورة).
خالفه عفان بن مسلم
(2)
، وسعيد بن عامر
(3)
، وحجاج بن المنهال
(4)
، وأبو الوليد الطيالسي
(5)
، وعبد الله بن المبارك
(6)
، وعبد الصمد بن عبد الوارث
(7)
، وحفص بن عمر الحوضي
(8)
، وموسى بن داود
(9)
، والعباس بن الفضل
(10)
، وعبد الله بن يزيد
(11)
، فرووه فقالوا:(عن همام، عن عامر الأحول، عن مكحول، عن ابن محيريز، عن أبي محذورة).
(1)
رجال الإسناد:
همام بن يحيى بن دينار العوذي البصري، ثقة ربما وهم، من السابعة، مات سنة 164 أو 165، روى له البخاري ومسلم.
عامر بن عبد الواحد الأحول البصري، صدوق يخطاء، من السادسة، روى له مسلم والبخاري في هذه القراءة.
مكحول الشامي، أبو عبد الله، ثقة فقيه كثير الإرسال مشهور، من الخامسة، مات سنة بضع عشرة ومائة، روى له مسلم والبخاري في جزء القراءة.
ابن أبي محذورة: وهم.
أبو محذورة الجمحي المكي المؤذن، صحابي مشهور.
(2)
أبو داود (502) وابن أبي شيبة (1/ 203) وأحمد (3/ 409) والترمذي (192) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (835) والطحاوي (1/ 130) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (792).
(3)
أبو داود (502) وابن خزيمة (377) والبيهقي (1/ 416) والدارمي (1196).
(4)
أبو داود (502) والدارمي (1197) والطبراني في الكبير (6728).
(5)
الدارمي (1197) والطبراني في الكبير (6728) وفي مسند الشاميين (3557) والطحاوي (1/ 130).
(6)
النسائي (2/ 4).
(7)
أحمد (6/ 401).
(8)
الطبراني في الكبير (6728) والطحاوي (1/ 130).
(9)
تمام الرازي في الفوائد (1418) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 130).
(10)
أبو نعيم في حلية الأولياء (5/ 147).
(11)
أبو نعيم في المستخرج على مسلم (835).
وكذلك رواه هشام الدستوائي
(1)
، وسعيد بن أبي عروبة
(2)
، وسهل بن عبد العزيز
(3)
عن عامر الأحول، عن مكحول، عن ابن محيريز، عن أبي محذورة).
وهم الطيالسي فجعله من رواية ابن أبي محذورة عن أبيه
(1)
مسلم (379) والنسائي (2/ 4) وفي الكبرى (1595) والبيهقي (1/ 392).
(2)
الطبراني في الكبير (6730) وفي مسند الشاميين (2162).
(3)
تمام الرازي في الفوائد (1419).
والصحيح أن مكحول يرويه عن عبد الله بن محيريز
(1)
عن أبي محذورة.
علة الوهم:
روى نافع بن عمر الجمحي عن عبد الملك بن أبي محذورة عن ابن محيريز هذا الحديث فلعله من هنا دخل الوهم على أبي داود
(2)
.
وروى إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: أخبرني أبي وجدي جميعاً عن أبي محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده وألقى عليه الأذان حرفاً حرفاً
(3)
.
فلعله من هنا أيضاً دخل الوهم على الطيالسي وانظر ح (1390)، والله تعالى أعلم.
(1)
عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي المكي، كان يتيماً في حجر أبي محذورة بمكة ثم نزل بيت المقدس، ثقة عابد وحديثه في الصحيحين والسنن.
(2)
أبو داود (1505).
(3)
الترمذي (191) وابن خزيمة (378) وقال: عبد العزيز بن عبد الملك لم يسمع هذا الخبر من أبي محذورة إنما رواه عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة.
الحديث السابع والعشرون
(1)
:
473 -
قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (1410 ط. التركي): حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي عن سليمان بن يسار عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: أقبلنا من الروم فلما قربنا من حمص قلنا: لو مررنا بوحشي فسألناه عن قتل حمزة
…
الحديث.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (484) والبيهقي (9/ 97) من طريق الطيالسي بهذا الإسناد.
هكذا قال أبو داود: (عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار
…
(1)
رجال الإسناد:
عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، نزيل بغداد، ثقة فقيه مصنف، من السابعة، مات سنة 164، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني، ثقة من الرابعة، روى له البخاري ومسلم.
سليمان بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة، وقيل: أم سلمة، ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة، من كبار الثالثة، مات بعد المائة وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
عبيد الله بن عدي بن الخيار القرشي النوفلي المدني، قتل أبوه ببدر، وكان هو في الفتح مميزاً فعُدّ من الصحابة لذلك، وعدّه العجلي وغيره في ثقات كبار التابعين، مات في آخر خلافة الوليد بن عبد الله.
وخالفه حجين بن المثنى
(1)
، وأحمد بن خالد
(2)
، فقالا: (عن عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار فلما قدمنا حمص قال لي عبد الله: هل لك في وحشي تسأله
…
وكذلك رواه محمد بن إسحاق
(3)
، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر
(4)
عن عبد الله بن الفضل عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار
…
وهم الطيالسي فجعله من رواية سليمان بن يسار عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، والصحيح أن سليمان إنما يرويه عن جعفر بن عمرو.
قال الحافظ: وقد رواه أبو داود الطيالسي عن عبد العزيز شيخ حجين بن المثنى فيه فقال: عن عبد الله بن الفضل عن سليمان بن يسار عن عبيد الله بن عدي بن الخيار. فذكر الحديث والمحفوظ عن جعفر بن عمرو قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي
…
(5)
.
(1)
البخاري (4072) وأحمد (3/ 501) وابن حبان (7017) والبيهقي (9/ 97).
(2)
الطبراني في الكبير (2949) وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 406، 408).
(3)
الطبراني في الكبير (2947) والأوسط (1800) وابن عدي في الكامل (6/ 112) وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 455) وخليفة بن خياط في تاريخه (1/ 109).
(4)
الطبراني في الكبير (2950) وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 410).
(5)
فتح الباري (7/ 368).
ملخص أوهام أبي داود الطيالسي
رقم الحديث
شيخ الراوي
الوهم
الصحيح
1
شعبة
متعة النساء
متعة الحج
2
شعبة
أبو وائل عن عائشة
أبو وائل عن مسروق عن عائشة
3
شعبة
أبو الصديق عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم
أبو الصديق عن ابن عمر موقوفاً
4
شعبة
ما رأيته صلّاها (يعني الضحى)
ما رأيته صلاها إلا يومئذ
5
شعبة
عن أخي أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن أخي أم سلمة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
6
شعبة
عبدالعزيز بن رفيع
عبدالعزيز بن صهيب
7
شعبة
طلحة بن عبدالله بن عوف
طلحة بن عبدالله بن عثمان
8
شعبة
مَنْ لم يجد إزاراً فليلبس السراويل . . .
ذكر السراويل في حديث ابن عمر وهم (دخل عليه حديث في حديث)
9
ابن أبي ذئب
عبيدالله بن عدي بن الخيار
عبدالله بن وديعة
10
ابن أبي ذئب
عبدالله بن السائب عن جده
عبدالله بن السائب عن أبيه عن جده
11
ابن أبي ذئب
واقضوا ما فاتكم
وأتموا ما فاتكم
12
ابن أبي ذئب
أن زينب بنت جحش استحيضت
أم حبيبة بنت جحش
رقم الحديث
شيخ الراوي
الوهم
الصحيح
13
حرب
يحيى، عن جعفر بن عمرو
يحيى، عن أبي سلمة، عن جعفر بن عمرو
14
حرب
كلاب بن علي
ثمامة بن كلاب
15
ابن أبي الزناد
عروة بن المغيرة
عروة بن الزبير
16
أبو عوانة
لهما أحب إليّ من حمر النعم
خير من الدنيا وما فيها
17
إبراهيم بن سعد
فإنما هو القدر
إنه ليس من نسمة قضى الله أن تكون إلا هي كائنة
18
عبدالله بن المبارك
عتبة بن حكيم عن حرملة
عتبة بن أبي حكيم عن حصين بن حرملة
19
عبدالله بن المبارك
عمرو بن ميمون عن أبيه
عمرو بن ميمون عن سليمان بن يسار
20
أبو الأشهب
سلم بن زرير عن أبي رجاء عن عمران بن حصين وابن عباس أبو الأشهب وحماد وصخر عن أبي رجاء عن عمران بن حصين وابن عباس
سلم بن زرير عن أبي رجاء عن عمران، الصحيح أنهم يروونه عن أبي رجاء عن ابن عباس
21
أبو الأشهب
سعيد الأصلع
عمرو بن سعيد
22
ابن عيينة
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم سمن جامد
عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم سمن
23
مهدي بن ميمون
عن عاصم عن أبي وائل
عن واصل عن أبي وائل
24
قريش بن حيان
واصل بن سليم
أبو واصل سليمان بن فروخ
25
ابن أبي ذئب
لحم صيد
حمار وحش
26
همام
ابن أبي محذورة
عن ابن محيريز
27
عبدالعزيز الماجشون
سليمان، عن عبيدالله بن عدي
سليمان، عن جعفر بن عمرو قال: خرجت مع عبيدالله بن عدي