الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبقة الثالثة
الحسن بن أبي الحسن البصري
الحسن بن أبي الحسن واسم أبيه يسار البصري، أبو سعيد مولى الأنصار مولى زيد بن ثابت، وقيل: جابر بن عبد الله، وقيل: أبو اليسر وأمه خيرة مولاة أم سلمة.
ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر رضي الله عنه، نشأ بالمدينة وسمع عثمان يخطب مرات، وكان يوم الدار ابن أربع عشرة سنة.
روى عن: عثمان وعمران بن حصين وجندب وابن عمر وابن عباس والمغيرة بن شعبة وأنس وجابر وطائفة من الصحابة والتابعين.
روى عنه: قتادة وأيوب وابن عون ويونس بن عبيد وخالد الحذاء وحميد الطويل وهشام بن حسان وجرير بن حازم وطائفة.
ثناء أهل العلم عليه:
قال ابن سعد: كان جامعاً عالماً رفيعاً ثقة حجة مأموناً عابداً ناسكاً كثير العلم فصيحاً جميلاً وسيماً
…
قال خالد بن رياح الهذلي: سئل أنس بن مالك عن مسألة فقال:
سلوا مولانا الحسن، فقيل له في ذلك فقال: إنه قد سمع وسمعنا فحفظ ونسينا.
وقال سليمان التيمي: الحسن شيخ أهل البصرة.
مات في رجب سنة 110 وقد قارب التسعين عاماً.
قال ابن حجر في التقريب: ثقة فقيه فاضل مشهور وهو رأس الطبقة الثالثة.
روى له البخاري نحو أربعين حديثاً
(1)
شيوخه فيها ثمانية عشرة من الصحابة واثنان من كبار التابعين هما الأحنف بن قيس وأبي رافع نفيع بن رافع روى عنهما أربعة أحاديث، وروى له مسلم (25) حديثاً
(2)
.
(1)
الأحاديث هي (31، 47، 291، 600، 783، 923، 1040، 1048، 1062، 1063، 2704، 2927، 3145، 3207، 3321، 3404، 3463، 7151).
(2)
انظر روايات المدلسين في صحيح البخاري ص 144 وما بعده، ورواياتهم في صحيح مسلم (ص 84).
الحديث
(1)
:
474 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 229): حدثنا هشيم وإسماعيل بن إبراهيم، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أوصاني خليلي بثلاث، قال هشيم: فلا أدعهن حتى أموت، بالوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والغسل يوم الجمعة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وذكر أبو حاتم أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة
(2)
.
وأخرجه أحمد أيضاً (2/ 233) و (2/ 254) و (2/ 260) و (2/ 328) و (2/ 473) والطيالسي (2471) وأبو يعلى (6226) و (6227) وابن عدي في الكامل (3/ 187) والدولابي في الكنى والأسماء (1/ 372) وأبو نعيم في الحلية (6/ 200) والطبراني في الأوسط (7144)، من طرق عن الحسن به.
(1)
رجال الإسناد:
هُشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي، أبو معاوية ابن أبي حازم الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، مات سنة 183 وقد قارب الثمانين، روى له البخاري ومسلم.
إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري، المعروف بابن علية، ثقة حافظ، مات سنة 193 وهو ابن 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.
يونس بن عبيد بن دينار العبدي، أبو عبيد البصري، ثقة ثبت فاضل ورع، مات سنة 139، روى له البخاري ومسلم.
(2)
المراسيل لابن أبي حاتم (111) قاله عند ذكر هذا الحديث.
هكذا قال الحسن البصري رحمه الله عن أبي هريرة في (الغسل يوم الجمعة) ضمن ما أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه فذكروا بدلاً منه: (ركعتَيْ الضحى)، منهم:
أبو عثمان النهدي
(1)
، وأبو رافع الصائغ
(2)
، ومجاهد
(3)
، وأبو سعيد من أزد شنوءة
(4)
، وعبد الرحمن بن الأصم
(5)
، وزاذان
(6)
، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن
(7)
، وسليمان بن أبي سليمان
(8)
، ومعبد بن عبد الله بن هشام
(9)
، وأبو الربيع المدني
(10)
، وجعدة بن هبيرة
(11)
، وأبو زرعة بن عمرو
(12)
، وعطاء
(13)
، ومكحول
(14)
، وشهر بن حوشب
(15)
،
(1)
البخاري (1178) ومسلم (721).
(2)
مسلم (721).
(3)
أحمد (2/ 311).
(4)
أبو داود (1432).
(5)
أحمد (2/ 459).
(6)
أحمد (2/ 402).
(7)
ابن خزيمة (1222).
(8)
أحمد (2/ 505) والدارمي (1745) وابن خزيمة (1223).
(9)
أحمد (2/ 526).
(10)
الترمذي (760).
(11)
الطبراني في الأوسط (1769).
(12)
الطبراني في الأوسط (2708).
(13)
أبو يعلى (6369) وتمام الرازي في الفوائد (1280).
(14)
الطبراني في مسند الشاميين (1911) وابن عساكر في تاريخ دمشق (49/ 503).
(15)
إسحاق بن راهويه في مسنده (149).
وأبو المنيب الخرشي
(1)
، وجلاس بن عمرو
(2)
، وأبو مريم
(3)
، والعوام بن حوشب
(4)
، وعوف الأعرابي
(5)
، والقاسم
(6)
، وغالب بن شعوذ الأزدي
(7)
وغيرهم.
وهم الحسن رحمه الله فجعل مكان ركعتَيْ الضحى غسل الجمعة.
وقد رواه عنه قتادة على الوجه الصحيح وذكر أن الحسن كان يحدّث به كذلك ثم نسي فقال: غسل الجمعة بدلاً من ركعتَيْ الضحى كما سيأتي.
وقد روى مسلم من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر
(8)
. وانظر ح (726).
علة الوهم:
السهو والنسيان.
قال الإمام أحمد (2/ 271): حدثني عبد الرزاق، حدثنا معمر،
(1)
الطبراني في الأوسط (3225) وفي مسند الشاميين (1217).
(2)
الأوسط (6976).
(3)
مسند الشاميين (1911).
(4)
القطيعي في جزء الألف دينار (230) وأبو نعيم في حلية الأولياء (8/ 213).
(5)
أبو حسين البغدادي في حديث شعبة (10).
(6)
تاريخ دمشق (11/ 471) و (55/ 100).
(7)
تاريخ دمشق (8/ 442).
(8)
في صحيحه (722).
عن قتادة، عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لست بتاركهن في حضر ولا سفر: نوم على وتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتَيْ الضحى
(1)
.
قال: ثم أوهم الحسن بعد فجعل مكان الضحى غسل يوم الجمعة.
والقائل: ثم أوهم الحسن هو قتادة.
وقد تابع قتادة حماد الفسطاط فرواه عن الحسن بذكر ركعتَيْ
(2)
الضحى.
تنبيه:
الحسن البصري رحمه الله لم ينفرد بذكر غسل الجمعة بل تابعه على ذلك محمد بن سيرين
(3)
، وحميد الكندي
(4)
، ومعروف
(5)
، وخالد الربعي
(6)
، فرووه عن أبي هريرة بذكر غسل الجمعة بدلاً من ركعتَيْ الضحى ولولا أن قتادة ذكر أن الحسن وهم في هذا ما ذكرته في هذا الكتاب، والله تعالى أعلم.
(1)
وهو في المصنف لعبد الرزاق (4850) وأخرجه أحمد من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.
(2)
الطبراني في الأوسط (3507).
(3)
تمام الرازي في الفوائد (123) والصيداوي في معجم الشيوخ (1/ 267) وابن عساكر (12/ 7).
(4)
الطبراني في الأوسط (1999).
(5)
الطبراني في الصغير (498) الروض الداني.
(6)
تاريخ بغداد (7/ 429).
زيد بن أسلم
زيد بن أسلم العدوي، أبو أسامة، ويقال: أبو عبد الله المدني مولى عمر بن الخطاب.
روى عن: أبيه وابن عمر وأبي هريرة وأنس وعائشة وأم الدرداء وجماعة.
روى عنه: أولاده الثلاثة أسامة وعبد الله وعبد الرحمن، ومالك وابن عجلان، وابن جريج، وعبيد الله بن عمر، وأيوب وسفيان الثوري وابن عيينة وجماعة.
قال مالك عن ابن عجلان: ما هبت أحداً قط هيبتي من زيد بن أسلم.
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة من أهل العلم والعفة وكان عالماً بتفسير القرآن.
وقال أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وغيرهم: ثقة.
وقال عبيد الله بن عمر: لا أعلم به بأساً إلا أنه كان يفسر القرآن برأيه.
وقال ابن عيينة: كان زيد بن أسلم رجلاً صالحاً، وكان في حفظه شيء.
قال الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: زيد بن أسلم قد سمع من ابن عمر ولم يسمع من أبي هريرة وهو من أهل المدينة.
توفي بالمدينة سنة 143.
قال ابن حجر: ثقة عالم وكان يرسل، من الثالثة.
روى له البخاري (74) حديثاً ومسلم (37) حديثاً
(1)
.
(1)
روايات المدلسين في صحيح البخاري (ص 61)، ورواياتهم في صحيح مسلم (ص 37).
الحديث
(1)
:
475 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (2/ 680 ح 987 (24)):
حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ مَيْسَرَةَ الصَّنْعَانِيَّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أنَّ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ أَخْبَرَهُ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الجَنَّةِ وإِمَّا إِلَى النَّارِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ فَالإِبِلُ، قَالَ:«وَلَا صَاحِبُ إبِلٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ لَا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلاً وَاحِداً تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَعَضُّهُ بِأَفْوَاهِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ
(1)
رجال الإسناد:
سويد بن سعيد بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه فأفحش فيه ابن معين القول، من قدماء العاشرة، مات سنة 240 وله 100 سنة، روى له مسلم.
حفص بن ميسرة العُقيلي أبو عمر الصنعاني، نزيل عسقلان ثقة ربما وهم، من الثامنة، مات سنة 181، روى له البخاري ومسلم.
زيد بن أسلم العدوي مولى عمر أبو عبد الله وأبو أسامة المدني، ثقة عالم وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة 136، روى له البخاري ومسلم.
فَالْبَقَرُ وَالغَنَمُ؟ قَالَ: «وَلَا صَاحِبُ بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤدِّي مِنْها حقَّها إلا إذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بُطِحَ لها بقاعِ قَرْقَرٍ لا يَفْقِدُ منها شيئاً لَيْسَ فيها عَقْصَاءُ ولا جَلْحَاءُ وَلَا عَضْبَاءُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الجَنَّةِ وإِمَّا إِلَى النَّارِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ فَالْخَيْلُ؟ قَالَ: «الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ وهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، فأمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْراً وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللّهِ في ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا فَهِيَ لَهِ سِتْرٌ، وأمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَهْلِ الإِسْلَامِ فِي مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ المَرْجِ أوْ الرَّوضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ وَكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا حَسَنَاتٌ وَلَا تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفاً أوْ شَرَفَيْنِ إِلَّا كَتَبَ اللّهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا وَأَرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ وَلَا مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهَا إِلَّا كَتَبَ اللّهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ فَالْحُمُرُ؟ قَالَ: «مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الْحُمُرِ شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الآيَةِ الْفَاذَّةُ الْجَامِعَةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [الزلزلة: 7، 8]» .
وحَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِي أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ إِلَى آخِرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا، وَلَمْ يَقُلْ: مِنْهَا حَقَّهَا، وذَكَرَ فِيهِ لَا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصِيلاً وَاحِداً، وقَالَ: يُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ وَجَبْهَتُهُ وَظَهْرُهُ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير سويد بن سعيد من رجال مسلم وهو متابع.
وأخرجه البغوي في شرح السنن (1562) من طريق مسلم به.
وأخرجه أبو داود (1659) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (2224) وابن عبد البر في التمهيد (17/ 147) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم به وروايتهم مختصرة.
ورواه البيهقي (7/ 3) من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم به.
هكذا قال زيد بن أسلم عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:(كلما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها).
خالفه سهيل بن أبي صالح
(1)
، فرواه عن أبيه أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه:(كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها).
وكذلك رواه بكير بن عبد الله الأشج
(2)
، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
(1)
مسلم (987)(26) وأبو داود (1658) وأحمد (2/ 383) والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (1082)، (1083) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (222) و (2223).
(2)
البخاري تعليقاً (1460) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (2227) من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير.
وكذلك رواه الأعمش
(1)
، عن المعرور بن سويد عن أبي ذر فقال:(كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها).
قال النووي: قوله: (كلما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها) هكذا هو في جميع الأصول في هذا الموضع.
قال القاضي عياض: قالوا: هو تغيير وتصحيف وصوابه ما جاء بعده في الحديث الآخر من رواية سهيل عن أبيه، وما جاء في حديث المعرور بن سويد عن أبي ذر: كلما مرّ عليه أخراها ردّ عليه أولاها، وبهذا ينتظم الكلام
(2)
.
قال الحافظ: كذا في أصل مسلم: كلما مرّت عليه أولاها ردّت عليه أخراها.
قال القاضي عياض: هو تغيير وتصحيف
…
وأقره النووي على هذا وحكاه القرطبي وأوضح وجه الرد بأنه إنما يرد الأول الذي قد مرّ قبل، وأما الآخر فلم يمر بعد فلا يقال فيه: رد، ثم أجاب بأنه يحتمل أن المعنى أن أول الماشية إذا وصلت إلى آخرها تمشي عليه تلاحقت بها أخراها، ثم إذا أرادت الأولى الرجوع بدأت الأخرى بالرجوع فجاءت الأخرى أول حتى تنتهي إلى آخر الأولى وكذا وجهه الطيبي فقال: إن المعنى أن أولاها إذا مرت على التتابع إلى أن تنتهي إلى الأخرى ثم ردت الأخرى من هذه الغاية وتبعها ما يليها إلى أن تنتهي أيضاً إلى الأولى
(3)
.
(1)
البخاري (1460).
(2)
شرح صحيح مسلم (7/ 65) والديباج على مسلم (3/ 60) وطرح التثريب (4/ 12) ونيل الأوطار (4/ 174).
(3)
فتح الباري (3/ 268 - 269) عقب الحديث (1402).
سالم بن أبي الجعد
سالم بن أبي الجعد، رافع الأشجعي مولاهم الكوفي.
روى عن: علي بن أبي طالب وأبي مرزن وأبي سعيد وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وجابر وأنس وغيرهم.
روى عنه: الحكم بن عتيبة، وعمرو بن دينار، وقتادة، وأبو إسحاق السبيعي، وحصين بن عبد الرحمن السلمي، ومنصور وجماعة.
قال ابن معين وأبو زرعة والنسائي: ثقة.
وقال العجلي: تابعي ثقة، وقال إبراهيم الحربي: مجمع على ثقته.
قال ابن حجر: ثقة وكان يرسل كثيراً، من الثالثة، مات سنة 97 أو 98، وقيل: مائة، وقيل بعد ذلك ولم يثبت أنه تجاوز المائة.
قلت: قال ذلك لأن أبا بكر ابن خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مات سالم بن أبي الجعد سنة 99 أو 100 وهو ابن مائة وخمس عشرة سنة
(1)
.
(1)
التعديل والتجريح (3/ 1122).
روى له البخاري
(1)
نحو (37) حديثاً.
وروى له مسلم
(2)
نحو (18) حديثاً.
(1)
البخاري (141، 246، 254، 262، 263، 277، 685، 894، 1958، 2831، 2909، 2946، 2947، 3098، 3109، 3383، 4616، 4870، 5270، 5316، 5819، 5843، 6734) ط الدكتور البغا.
(2)
مسلم (1/ 254، 266، 324، 396، 550، 556، 2/ 590، 654، 1222، 1236، 1457، 1484، 3/ 1683، 4/ 1799، 1800، 2033، .. ).
الحديث
(1)
:
476 -
قال الإمام البخاري في صحيحه (3114): حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن سليمان ومنصور وقتادة أنهم سمعوا سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال:
ولد لرجل منا من الأنصار غلام فأراد أن يسمِّيه محمداً، قال شعبة في حديث منصور: إن الأنصاري قال: حملته على عنقي فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث سليمان: ولد له غلام فأراد أن يسميه محمداً قال: «سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي، فإني إنما جعلت قاسماً أقسم بينكم» .
وقال حصين: بعثت قاسماً أقسم بينكم.
وقال عمرو: أخبرنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت سالماً عن جابر أراد أن يسميه القاسم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«تسمُّوا باسمي ولا تكنوا بكنيتي» اه.
(1)
رجال الإسناد:
هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم، أبو الوليد الطيالسي البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 227 وله 94 سنة، روى له البخاري ومسلم.
شعبة بن الحجاج: أمير المؤمنين في الحديث. انظر ترجمته في بابه.
سليمان: هو الأعمش. انظر ترجمته في بابه.
منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، أبو عتاب الكوفي، ثقة ثبت وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
قتادة بن دعامة: انظر ترجمته في بابه.
سالم بن أبي الجعد رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة وكان يرسل كثيراً، من الثالثة، مات سنة 97 أو 98 وقيل: 100، روى له البخاري ومسلم.
التعليق:
ورواه مسلم (2133) من طريق شعبة عن سليمان ومنصور وقتادة وحصين بن عبد الرحمن كلهم عن سالم بن أبي الجعد.
ورواه أحمد (3/ 385) من طريق منصور عن سليمان به.
هكذا قال سالم بن أبي الجعد عن جابر أن الأنصاري سمّى ولده محمداً.
خالفه محمد بن المنكدر
(1)
فرواه عن جابر وفيه أن الأنصاري سمّى ولده القاسم وهو الصحيح للتالي:
1 سالم اختلف عليه في هذا الحديث.
فرواه شعبة عن الأعمش ومنصور وقتادة ثلاثتهم عن سالم فقال فيه: محمداً كما سبق
(2)
.
ورواه شعبة عن قتادة عن سالم فقال: القاسم
(3)
.
ورواه الثوري عن الأعمش عن سالم وقال فيه: القاسم
(4)
.
(1)
رواه البخاري (6186) و (6189) ومسلم (2133)(7) من طريق سفيان بن عيينة قال: سمعت ابن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ولد لرجل منا غلام فسمّاه القاسم فقالوا: لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعمك عيناً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال:«سمِّ ابنك عبد الرحمن» .
(2)
كما هو في حديث الباب (3114) وأحمد (3/ 298) من طريق محمد بن جعفر وحجاج.
(3)
البخاري (3114) ورواه أيضاً الطيالسي (1730) عن شعبة فقال: القاسم.
(4)
البخاري (3115).
ورواه معمر عن منصور عن سالم وقال فيه: القاسم
(1)
.
ورواه جرير
(2)
وزياد البكائي
(3)
عن منصور عن سالم فقالوا فيه محمداً فاختلفت رواية معمر عن جرير وزياد في روايتهم عن منصور.
ورواه خالد بن عبد الله الطحان
(4)
، وهشيم
(5)
عن حصين عن سالم فقال فيه: القاسم وخالفهم غيره
(6)
فرواه عن حصين عن سالم فقال فيه: محمداً.
2 أن الأنصار إنما أنكروا على صاحبهم تسمية ولده القاسم لأنه أراد أن يكنى باسم ابنه فيقال له: أبا القاسم.
3 محمد بن المنكدر في الجملة أحفظ من سالم بن أبي الجعد ومقدّم عليه فكيف وقد اختلف على سالم ولم يختلف عليه في هذا الحديث.
4 اختلاف الأمصار، فسالم بن أبي الجعد كوفي، وجابر بن عبد الله مدني وكذا محمد بن المنكدر مدني لزم جابراً حتى مات
(7)
.
قال ابن حجر: «حديث جابر ذكره (البخاري) من طرق وبيَّن البخاري الاختلاف على شعبة هل أراد الأنصاري أن يسمي ابنه محمداً
(1)
عبد الرزاق (19867) وأحمد (3/ 370) وعبد بن حميد (1112).
(2)
مسلم (2133)(3).
(3)
أحمد (3/ 385).
(4)
البخاري (6187).
(5)
أحمد (3/ 303).
(6)
مسلم (2133)(4).
(7)
قال ابن المنكدر: دخلت على جابر بن عبد الله وهو يموت فقلت: اقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام.
أو القاسم، وأشار إلى ترجيح أنه أراد أن يسميه القاسم برواية سفيان الثوري له عن الأعمش فسمّاه القاسم، ويترجح أنه أيضاً من حيث المعنى لأنه لم يقع الإنكار من الأنصار عليه إلا حيث لزم من تسمية ولده القاسم أن يصير يكنى أبا القاسم»
(1)
.
قلت: الاختلاف ليس على شعبة وحده كما بيّنّا فلذلك اختلف على منصور وحصين، فشعبة ومنصور وحصين ثلاثتهم رووه عن سالم مرة اسمه القاسم ومرة محمد.
أما ذكر الإمام البخاري للوجهين فهو كما قال الحافظ في توجيهه حديثاً آخر غير هذا: (إن البخاري إنما نظر إلى أصل الحديث لا إلى النقص والزيادة في ألفاظ الرواة
…
)
(2)
.
وسيأتي الحديث في باب شريك بن عبد الله، ح (1214)، وفي باب رفاعة ح (1198).
(1)
فتح الباري (6/ 218).
(2)
الفتح (8/ 35).
عبد الرحمن بن أبي ليلى
عبد الرحمن بن أبي ليلى، واسمه يسار، ويقال: بلال، ويقال: داود بن بلال بن بليل الأوسي الأنصاري، أبو عيسى الكوفي.
ولد لست سنين بقين من خلافة عمر، وذكر الذهبي في السير أنه قيل: إنه ولد في خلافة الصدِّيق.
روى عن: عمر وعلي وأبي ذر وابن مسعود وأبي أيوب ومعاذ بن جبل.
روى عنه: عمرو بن مرة والحكم بن عيينة وحصين بن عبد الرحمن وعبد الملك بن عمير والأعمش.
قال ابن معين: ثقة.
وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة.
قال عبد الله بن الحارث بن نوفل: ما ظننت أن النساء ولدن مثله.
قال ابن حجر: ثقة من الثانية، اختلف في سماعه من عمر.
قلت: وضعته مع أحاديث الطبقة الثالثة لانفراده في طبقته.
روى عنه البخاري ثلاثة وثلاثين حديثاً مع المكرر منها اثنا عشر حديثاً عن كعب بن عجرة وهما في الأساس حديثان كررهما في مواضع مختلفة حديث حلقه رأسه للأذى، حديث في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وسبعة أحاديث عن علي بن أبي طالب، والبقية عن البراء وأم هانئ وحذيفة وحديثاً عن أبي أيوب (البخاري 759، 768، 786، 1052، 1122، 1125، 1621، 1629، 1719، 1720، 1722، 1847، 2177، 2945، 3190، 3502، 3927، 3954، 3955، 5495، 5955، 5966، 6041، 6330). ومسلم واحد وعشرون حديثاً (مسلم 181، 275، 406، 471، 474، 596، 678، 719، 820، 957، 961، 1201، 1317، 2040، 2055، 2067، 2693، 2727، 2799، 2999، 3005)
الحديث
(1)
:
477 -
قال الإمام الترمذي رحمه الله (552): حدثنا محمد بن عبيد المحاربي يعني الكوفي، حدثنا علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلى، عن عطية ونافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال:
صلّيت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر، فصلّيت معه في الحضر الظهر أربعاً وبعدها ركعتين، وصلّيت معه في السفر الظهر ركعتين وبعدها ركعتين والعصر ركعتين ولم يصلِّ بعدها شيئاً والمغرب في الحضر والسفر سواء ثلاث ركعات لا تنقص في الحضر ولا في السفر وهي وتر النهار وبعدها ركعتين.
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به لحال عطية الكوفي.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن عبيد بن محمد بن واقد المحاربي النحاس الكوفي، صدوق، من العاشرة، مات سنة 251 وقيل قبل ذلك، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
علي بن هاشم بن البريد الكوفي، صدوق يتشيع، من صغار الثامنة، مات سنة 180، وقيل: 181، روى له مسلم.
عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني ثم الكوفي، ثقة من الثانية، اختلف في سماعه من عمر، مات بوقعة الجماجم سنة 83، وقيل: إنه غرق، روى له البخاري ومسلم.
عطية بن سعد بن جنادة العوفي الكوفي، أبو الحسن، صدوق يخطاء كثيراً، وكان شيعياً مدلساً، من الثالثة، مات سنة 111، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه والبخاري في الأدب المفرد.
نافع أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 117 أو بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1254) من طريق مالك بن سعيد وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر (3) من طريق عبيد الله بن موسى كلاهما عن ابن أبي ليلى بهذا الإسناد.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 418) من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع الحناط عن ابن أبي ليلى ولم يذكر نافعاً في الإسناد.
هكذا رواه الجماعة عن ابن أبي ليلى عن عطية ونافع، عن ابن عمر رضي الله عنه.
وخالفه الحجاج بن أرطأة
(1)
، وأشعث بن سوار
(2)
، ومحمد بن عطية
(3)
فقالوا: (عن عطية، عن ابن عمر) ولم يذكروا نافعاً في الإسناد.
وقد وهمه في هذا الإمام البخاري وابن خزيمة.
قال البخاري: «لا أعرف لابن أبي ليلى حديثاً هو أعجب إليّ من هذا، ولا أروي عنه شيئاً»
(4)
.
وقال ابن خزيمة: «وابن أبي ليلى واهم في جمعه بين نافع وعطية»
(5)
.
ووهم ابن أبي ليلى ظاهر، فقد روى الإمام مالك عن نافع أنه عبد الله بن عمر لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئاً
(1)
الترمذي (551).
(2)
ابن خزيمة (1254).
(3)
مسند ابن عمر لأبي أمية (1).
(4)
الترمذي عقب الحديث (552).
(5)
في صحيحه (2/ 247).
قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل فإنه كان يصلي على الأرض وعلى راحلته حيث توجهت
(1)
.
أما رواية ابن أبي ليلى عن عطية فهي محفوظة وقد تابعه عليها غير واحد كما تقدم وهي مما أنكرت على عطية فالصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ترك راتبة السنن القبلية أو البعدية في السفر وكذلك كان ابن عمر لا يصليها.
فروى عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة قال: فصلّى لنا الظهر ركعتين ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه التفاتة نحو حيث رأى ناساً قياماً فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبِّحون، قال: لو كنت مسبِّحاً لأتممت صلاتي يا ابن أخي، إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
…
(21)} [الأحزاب: 21]
(2)
.
وروى الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر كان لا يسبِّح في السفر سجدة قبل صلاة المكتوبة ولا بعدها حتى يقوم من جوف الليل، وكان لا يترك القيام من جوف الليل
(3)
.
وروى عاصم بن عبد الله أن حفص بن عاصم بن عمر أخبره أنه
(1)
الموطأ (1/ 110) ومن طريقه البيهقي (1/ 225).
(2)
مسلم (689) وابن خزيمة (1257).
(3)
ابن خزيمة (1258).
سأل عبد الله بن عمر عن تركه السبحة في السفر، فقال له عبد الله: لو سبّحت ما باليت أن أتم الصلاة
(1)
.
لذا أعلّ حديث الباب الإمامان مسلم وابن خزيمة بما هو معروف عن ابن عمر رضي الله عنه من حديثه وفعله.
قال مسلم: «فهذه الأسانيد صحاح كل واحد منها ثابت على انفراده، وهم جماعة، منهم: حفص بن عاصم بن عمر
(2)
، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله، وعثمان بن عبد الله بن سراقة
(3)
، ووبرة بن عبد الرحمن
(4)
حكوا ذلك عن ابن عمر ترك النبي صلى الله عليه وسلم السبحة في السفر قبل المكتوبة وبعدها، ونافع حكى ترك ابن عمر ذلك»
(5)
.
وقال ابن خزيمة: «وقد روى الكوفيون أعجوبة عن ابن عمر إني خائف أن لا تجوز روايتها إلا تبين علتها، لا إنها أعجوبة في المتن إلا أنها أعجوبة في الإسناد في هذه القصة، رووا عن نافع وعطية بن سعد العوفي عن ابن عمر قال: صلّيت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر
…
الحديث، وهذا خبر لا يخفى على عالم بالحديث أن هذا غلط وسهو عن ابن عمر، قد كان ابن عمر رحمه الله ينكر التطوع في السفر ويقول: لو كنت متطوعاً ما باليت أن أُتم الصلاة، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبلها ولا بعدها في السفر. ثم ساق حديث حفص وغيره مما سبق.
(1)
ابن خزيمة (1259).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
أحمد (2/ 18) وعبد بن حميد في المنتخب (844) وابن خزيمة (1255) و (1256).
(4)
النسائي (3/ 138).
(5)
التمييز (ص 181).
ثم قال ابن خزيمة: فابن عمر رحمه الله ينكر التطوع في السفر بعد المكتوبة ويقول: لو كنت مسبِّحاً لأتممت الصلاة، فكيف يرى النبي صلى الله عليه وسلم يتطوع بركعتين في السفر بعد المكتوبة من صلاة الظهر ثم ينكر على مَنْ يفعل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وسالم وحفص بن عاصم أعلم بابن عمر وأحفظ لحديثه من عطية بن سعد.
قال ابن خزيمة: فخبر سالم وحفص يدلان على أن خبر عطية عن ابن عمر وهم، وابن أبي ليلى واهم في جمعه بين نافع وعطية في خبر ابن عمر في التطوع في السفر
(1)
.
الخلاصة:
اشتمل حديث الباب على وهمين:
الأول: لعطية العوفي في روايته عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة السنن الراتبة في السفر، ولو روى ذلك ابن عمر لما خالفه فهو واهم على ابن عمر في هذا، وعطية ليس على شرطنا لكن ذكرناه هنا استطراداً.
الثاني: وهم ابن أبي ليلى في جمعه لنافع مولى ابن عمر مع عطية العوفي فهذا وإن كان ثابتاً عن عطية إلا أنه خلاف ما صحّ من رواية نافع عن ابن عمر كما تقدم، والله تعالى أعلم.
(1)
صحيح ابن خزيمة (2/ 244 - 246).
عبد الملك بن عمير
عبد الملك بن عمير بن سويد بن جارية القرشي، ويقال: اللخمي، ويقال: أبو عمر الكوفي.
روى عن جابر بن سمرة، وجندب، وعبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة وخلق.
روى عنه الأعمش، وسليمان التيمي، وأبو عوانة، وشعبة، والثوري، وزيد بن أبي أنيسة، وإبراهيم النخعي، وجماعة.
قال علي بن المديني: له نحو مائتي حديث.
قال ابن معين: مخلط.
وقال إسحاق بن منصور: ضعّفه أحمد جداً.
وقال أحمد: عبد الملك مضطرب الحديث جداً مع قلة روايته، ما أرى له خمسمائة حديث وقد غلط في كثير منها.
وقال أبو حاتم: ليس بحافظ وهو صالح الحديث، تغير حفظه قبل موته.
وقال البخاري: سُمع عبد الملك بن عمير يقول: إني لأحدث بالحديث فما أترك منه حرفاً، وكان من أفصح الناس.
وقال ابن نمير: كان ثقة ثبتاً في الحديث.
وقال ابن الرقي عن ابن معين: ثقة إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين.
وقال ابن حجر: ثقة فقيه تغير حفظه وربما دلس، من الثالثة، مات سنة 136 وله 103 سنة.
الحديث
(1)
:
478 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 226): حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن سلمة عن عبد الملك بن عمير، حدثنا إياد بن لقيط، عن أبي رمثة قال:
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعنده ناس من ربيعة يختصمون في دم فقال: «اليد العليا، أمك وأباك وأختك وأخاك، وأدناك أدناك» قال: فنظر فقال: «مَنْ هذا معك يا أبا رمثة؟» قال: قلت: ابني، قال:«أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه» .
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير إياد بن لقيط فمن رجال مسلم.
(1)
رجال الإسناد:
يونس بن محمد بن مسلم البغدادي، أبو محمد المؤدب، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.
حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة عابد، من كبار الثامنة، مات سنة 167، روى له البخاري ومسلم (راجع تحفة الأشراف (1/ 11) حديث رقم 7)، والفتح (11/ 26 ح 440).
عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمي الكوفي، ثقة فقيه تغير حفظه وربما دلس، من الثالثة، مات سنة 136 وله 103 سنة، روى له البخاري ومسلم.
إياد بن لقيط السدوسي، ثقة، من الرابعة، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
أبو رمثة البلوي، ويقال: التيمي، ويقال: التميمي، ويقال: هما اثنان، قيل: اسمه رفاعة بن يثربي، ويقال عكسه، ويقال: عمارة بن يثربي، ويقال: حيان بن وهيب، وقيل: جندب، وقيل: خشخاش، صحابي، قال ابن سعد: مات بإفريقية.
وقد تابع حماد بن سلمة في رواية هذا الحديث على هذا الوجه غير واحد من الثقات، منهم:
هشيم
(1)
، وجرير بن حازم
(2)
، وأبو عوانة
(3)
، وشعيب بن صفوان
(4)
، وعبيد الله بن عمرو الرقي
(5)
.
فهذا يدل على أن الوهم ليس في طبقة حماد
(6)
.
وقد وهم عبد الملك بن عمير في متن هذا الحديث في موضعين:
الأول: قوله: إن أبا رمثة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع ابنه.
وقد خالفه الثقات ممن رووا هذا الحديث أيضاً عن إياد بن لقيط فقالوا: إن أبا رمثة كان مع أبيه، وهم:
(1)
أحمد (4/ 163) وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (2/ 227) والترمذي في الشمائل (44) وابن الجارود في المنتقى (770).
(2)
الدارمي (2433) وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (2/ 228).
(3)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1140) وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (2/ 227).
(4)
الطبراني في الكبير (22/ 724) ووقع عنده عبد الله بن عمير وهو تصحيف.
(5)
ابن سعد في الطبقات (1/ 427).
(6)
قال ابن أبي حاتم في العلل (1438): سمعت علي بن الحسن يقول: قال لي أحمد بن حنبل: غلط هُشيم في هذا في موضعين، قال: أبو رمثة التيمي وإنما هو التميمي، وقال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي ابن لي، وإنما هو: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي أبٌ لي (وقد تصحفت كلمة أب إلى ابن) قلت: لم يتفرد هشيم بذلك بل تابعه على هذه الرواية جمع من الثقات كما ذكرنا، والصحيح أن الوهم هو من عبد الملك بن عمير.
سفيان الثوري
(1)
، وعبيد الله بن إياد بن لقيط
(2)
، وعبد الملك بن سعيد بن أبجر
(3)
، وعلي بن صالح
(4)
، وقيس بن الربيع
(5)
، وصدقة بن أبي عمران
(6)
، ومسعر
(7)
.
وتابعهم في ذلك عبد الغفار بن القاسم أبو مريم إلا أنه متروك
(8)
.
وقد تابع عبد الملك بن عمير أن أبا رمثة أتى النبي صلى الله عليه وسلم مع ابنه أبو إسحاق الشيباني وهو ثقة، إلا أنه أيضاً وهم في هذا
(9)
.
الثاني: قوله: إن المختصمين في الدم من بني ربيعة.
وقد جاء في رواية سفيان الثوري، وشعبة، وأبي عوانة، وأبي الأحوص عن أشعث عن الأسود بن هلال، عن ثعلبة بن زهدم اليربوعي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في أناس من الأنصار فقالوا: يا رسول الله هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع قتلوا فلاناً في
(1)
أحمد (2/ 226) والحميدي (890) وأبو داود (4208).
(2)
أحمد (2/ 226) وأبو داود (4206) والدارمي (2/ 199) والطبراني (22/ 720) وابن حبان (5595) والحاكم (2/ 425).
(3)
أبو داود (4207) وأحمد (4/ 163) والطبراني (22/ 715، 716) والشافعي في المسند (2/ 98) والحميدي في مسنده (890) والنسائي (8/ 53).
(4)
أحمد (2/ 227) والطبراني (22/ 721).
(5)
أحمد (2/ 227).
(6)
الطبراني (22/ 723، 723).
(7)
أبو نعيم في الحلية (7/ 231).
(8)
الطبراني في الكبير (22/ 714).
(9)
أحمد (4/ 163).
الجاهلية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهتف بصوته:«ألا لا تجني نفس على الأخرى»
(1)
.
وقد روى حديث الباب المسعودي عن إياد بن لقيط وذكر أنهم بنو يربوع
(2)
.
(1)
أخرج رواياتهم النسائي (8/ 53 - 54).
وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (12/ 63 ح 7106): فهذا الحديث شبيه في سياقته بحديث أبي رمثة، وأظنهما كانا معاً في ذلك المجلس أبو رمثة والرجل من يربوع، فمن هذا كله ترجح أن القصة في بني يربوع لا في ربيعة. وانظر: تتمة كلامه في هذا الموضوع.
(2)
أحمد في المسند (2/ 226).
أبو إسحاق السبيعي
اسمه ونسبه:
عمرو بن عبد الله بن ذي يُحمد، وقيل: عمرو بن عبد الله بن علي الهمداني الكوفي الحافظ.
ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان ورأى علياً رضي الله عنه فهو من جلّة التابعين.
روى عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، منهم: معاوية بن أبي سفيان، وعدي بن حاتم، وابن عباس، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن عمرو بن العاص وغيرهم.
وروى أيضاً عن جلّة من التابعين، منهم: علقمة، ومسروق، والضحاك بن قيس، وعبد الله بن عتبة المسعودي، وعمرو بن ميمون، وعاصم بن ضمرة، وعمر بن سعد بن أبي وقاص وغيرهم.
روى عنه: محمد بن سيرين وهو من شيوخه، والزهري وقتادة وهما من أقرانه، ومنصور والأعمش وشعبة والثوري وإسماعيل بن أبي خالد ومسعر ومالك بن مغول وولده يونس وحفيده إسرائيل، وزائدة وجرير بن حازم وخلق كثير.
ثناء أهل العلم عليه وسعة علمه:
قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: ثقة، وكذلك قال النسائي.
قال أبو حاتم: هو يشبه الزهري في الكثرة.
قال علي بن المديني: روى أبو إسحاق عن سبعين رجلاً أو ثمانين لم يروِ عنهم غيره، وأحصيت مشيخته نحواً من ثلاثمائة شيخ.
وقال أيضاً: إنه سمع من ثمانية وثلاثين صحابياً.
وقال الأعمش: كان أصحاب ابن مسعود إذا رأوا أبا إسحاق قالوا: هذا عمرو القاراء الذي لا يلتفت.
قال سفيان: اجتمع الشعبي وأبو إسحاق فقال له الشعبي: أنت خير مني يا أبا إسحاق، قال: لا والله بل أنت خير مني وأسَن مني.
وقال الحسن بن ثابت: سمعت الأعمش يعجب من حفظ أبي إسحاق لرجاله الذين يروي عنهم.
وقال جرير بن عبد الحميد: كان يقال: مَنْ جالس أبا إسحاق فقد جالس علياً رضي الله عنه.
وقيل لشعبة: أسمع أبو إسحاق من مجاهد؟ قال: وما كان يصنع به هو أحسن حديثاً من مجاهد ومن الحسن وابن سيرين.
قال ابن رجب: قال الميموني: قلت لأبي عبد الله: كان أبو إسحاق قد تغير؟ قال: إي والله هؤلاء الصغار زهير وإسرائيل يزيدون في الإسناد وفي الكلام
(1)
.
(1)
شرح علل الترمذي (2/ 710 - 711).
وقال ابن هاني: سألت أحمد: أيما أثبت عندك في حديث أبي إسحاق؟ قال: شعبة ثم سفيان الثوري، قال: زهير وإسرائيل ويونس بن أبي إسحاق بآخره
(1)
.
وقال أبو داود: سمعت أحمد قال: زهير وزكريا وإسرائيل ما أقربهم في أبي إسحاق، في حديثهم عنه لين، لا أراه إلا من أبي إسحاق هو السبيعي.
عبادته:
قال أبو بكر ابن عياش: سمعت أبا إسحاق يقول: ما أقلّت عيني غمضاً منذ أربعين سنة.
قال يونس: كان أبي يقرأ كل ليلة ألف آية.
وقال أبو الأحوص: قال لنا أبو إسحاق: يا معشر الشباب اغتنموا يعني قوتكم وشبابكم قلّما مرّت بي ليلة إلا وأنا أقرأ فيها ألف آية، وإني لأقرأ البقرة في ركعة، وإني لأصوم الأشهر الحرم وثلاثة أيام من كل شهر والاثنين والخميس.
وقال العلاء بن سالم: ضعف أبو إسحاق قبل موته بسنتين، فما كان يقدر أن يقوم حتى يقام، فإذا استتم قائماً قرأ وهو قائم ألف آية.
رواياته:
روى له البخاري نحو مائة وخمسين حديثاً، ومسلم (54)
(1)
سؤالات ابن هاناء للإمام أحمد (2/ 220).
حديثاً، انظر روايات المدلسين في صحيح البخاري (ص 454) ورواياتهم في صحيح مسلم (ص 265).
وفاته:
توفي أبو إسحاق في سنة 127 يوم دخول الضحاك بن قيس الكوفة وله نحوٌ من 93 سنة، وقيل: سنة 129، والله تعالى أعلم.
قال ابن حجر: ثقة مكثر عابد، من الثالثة، اختلط بأخرة.
الحديث الأول
(1)
:
479 -
قال أبو داود رحمه الله (1992): حدثنا النُّفَيْليُّ ثنا زُهَيْرٌ ثنا أبو إسحاق عن مُجَاهِدٍ قال: سُئِلَ ابن عُمَرَ كَمْ اعْتَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: مَرَّتَيْنِ فقالت عائِشَةُ: لقد عَلِمَ ابن عُمَرَ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قد اعْتَمَرَ ثَلاثاً سِوَى التي قَرَنَها بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير النفيلي من رجال البخاري.
وأخرجه البيهقي (5/ 10) من طريق أبي داود به، وأخرجه أحمد (2/ 70) عن حسن بن موسى، وعبد بن حميد (809) عن مالك بن إسماعيل كلاهما عن زهير به.
وتابعه شريك بن عبد الله القاضي وذلك ما رواه أحمد (2/ 139) عن إسحاق بن يوسف عن شريك عن أبي إسحاق به.
هكذا قال أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر قال: (اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين).
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، أبو جعفر النفيلي الحراني، ثقة حافظ من كبار العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري.
زهير بن معاوية بن جريج أبو خيثمة الجعفي الكوفي، نزيل الجزيرة، ثقة ثبت إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة، من السابعة، مات سنة 172 أو 173 أو 174 وكان مولده سنة مائة، روى له البخاري ومسلم.
مجاهد بن جبر أبو الحجاج المخزومي المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، من الثالثة، مات سنة 102 أو 103 وله 53 سنة، روى له البخاري ومسلم.
خالفه منصور بن المعتمر
(1)
فقال عن مجاهد عن ابن عمر أنه قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعاً إحداهن في رجب
…
الحديث.
فقالت عائشة: يرحم الله أبا عبد الرحمن يعني ابن عمر ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط.
فجعل أبو إسحاق الخلاف بين عبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهما في عدد عُمَر النبي صلى الله عليه وسلم وأن ابن عمر قال: (عمرتين وخالفته عائشة فقالت: ثلاثاً).
والصحيح هو ما رواه منصور أنهما اتفقا على أنها أربعٌ وواحدة منها التي قرنها في حجة الوداع وأن عائشة إنما أنكرت عليه قوله: (في رجب).
لذا قال البيهقي: «كذا رواه أبو إسحاق عن مجاهد والرواية الثانية عن منصور عن مجاهد ليس فيها هذا
(2)
.
علة الوهم:
ما رواه البخاري من طريق إبراهيم بن يوسف عن أبيه، عن أبي إسحاق قال: سألت مسروقاً وعطاء ومجاهداً فقالوا: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج، وقال: سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما يقول: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين»
(3)
.
(1)
البخاري (1775)(4253) ومسلم (1255).
(2)
السنن الكبرى (5/ 10) وانظر: ضعيف سنن أبي داود للألباني (10/ 184).
(3)
في صحيحه (1781) تفرد به الإمام البخاري.
فاشتبه على أبي إسحاق فحمل متن حديث البراء على حديث ابن عمر رضي الله عنهما، والله تعالى أعلم.
الحديث الثاني
(1)
:
480 -
قال أبو داود رحمه الله (228): حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الترمذي (118)(119) من طريق الأعمش وسفيان الثوري، وابن ماجه (581)(582)(583) من طريق أبي بكر ابن عياش وأبي الأحوص والثوري، وعبد الرزاق (1082) من طريق الثوري، والنسائي في الكبرى (9003)(9004)(9005) من طريق الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد، ومطرف بن طريف، وأحمد (6/ 43)(6/ 102)(6/ 106)(6/ 109)(6/ 146)(6/ 171)(6/ 214) من طريق الأعمش وزهير والثوري وشريك وإسماعيل بن أبي خالد وإسرائيل، وإسحاق بن راهويه (1512، 1516، 1517، 1518) من طريق
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن كثير العبدي البصري، ثقة لم يصب من ضعفه، من كبار العاشرة، مات سنة 223 وله 90 عاماً، روى له البخاري ومسلم. وفي الزهرة: روى عنه البخاري ثلاثة وستين حديثاً.
سفيان هو الثوري. انظر ترجمته في بابه.
أبو الأسود الديلي، ويقال: الدؤلي البصري، ويقال: عمرو بن ظالم، ويقال: عمرو بن عثمان أو عثمان بن عمرو، ثقة فاضل مخضرم، من الثانية، مات سنة 69، روى له البخاري ومسلم.
الثوري وزهير وإسرائيل وأبي بكر ابن عياش، وأبو حنيفة في مسنده (1/ 157) والدارقطني في أطراف الغرائب (5902) والبيهقي (1/ 201) من طريق الثوري، وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (1680) من طريق زهير، وابن أبي شيبة (1/ 22) من طريق الثوري، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 125) من طريق زهير كلهم عن أبي إسحاق به.
هكذا قال أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء.
خالفه إبراهيم النخعي
(1)
وعبد الرحمن بن الأسود
(2)
فروياه عن الأسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة.
وهذا هو المحفوظ في لفظ الحديث وكذا روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
منها: ما رواه أبو سلمة ابن عبد الرحمن قال: سألت عائشة: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقد وهو جنب؟ قالت: نعم ويتوضأ
(3)
.
وما رواه عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ للصلاة
(4)
.
وما رواه ابن عمر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
(1)
مسلم (305).
(2)
أحمد (6/ 221) ومسلم في التمييز (42) والدارمي (784) والبيهقي (1/ 24).
(3)
البخاري (286) ومسلم (305).
(4)
البخاري (288).
سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: «نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب»
(1)
.
وما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه كانت تصيبه الجنابة بالليل فيريد أن ينام، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ ثم ينام
(2)
.
وما رواه عبد الله بن أبي قيس قال: سألت عائشة عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث قلت: كيف يصنع في الجنابة أكان يغتسل قبل أن ينام أم ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل، ربما اغتسل فنام وربما توضأ فنام، قلت: الحمد للّه الذي جعل في الأمر سعة
(3)
.
وحديث أبي إسحاق هذا أخرجه مسلم
(4)
من طريق زهير ولم يذكر هذه اللفظة: (ولا يمس ماء) قال الحافظ: كأنه حذفها عمداً.
وكذلك رواه شعبة
(5)
عن أبي إسحاق ولم يذكر هذه اللفظة.
وذكر أبو حاتم أن شعبة كان يتقي هذا الحديث
(6)
.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: سألت سفيان يعني الثوري عن هذا الحديث فأبى أن يحدثني وقال: هو وهم
(7)
.
(1)
البخاري (287)(289)(290) ومسلم (306)(25).
(2)
ابن ماجه (586) وأحمد (3/ 55) وأبو يعلى (1365).
(3)
مسلم (307).
(4)
مسلم (739)(129).
(5)
البخاري (1146) وإسحاق (1513).
(6)
العلل لابن أبي حاتم (115).
(7)
الأوسط لابن المنذر (2/ 91).
وأبى علي بن الجعد أن يحدّث به، وقال: ليس العمل عليه
(1)
.
وقال أحمد بن حنبل: ليس بصحيح
(2)
.
وقال أيضاً: أبو إسحاق روى عن الأسود حديثاً خالف فيه الناس فلم يقل أحد: عن الأسود مثل ما قد قال، فلو أحال على غير الأسود
(3)
.
وقال مسلم: «هذه الرواية عن أبي إسحاق خاطئة، وذلك أن النخعي وعبد الرحمن بن الأسود جاءا بخلاف ما روى أبو إسحاق»
(4)
.
قال أبو داود عقب الحديث: حدثنا الحسن بن علي الواسطي قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم يعني حديث أبي إسحاق.
وقال الترمذي: وقد روى غير واحد عن الأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ قبل أن ينام.
وهذا أصح من حديث أبي إسحاق عن الأسود.
وقد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبة والثوري وغير واحد ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق
(5)
.
(1)
مسند ابن الجعد (1764).
(2)
التلخيص الحبير (1/ 140).
(3)
المغني لابن قدامة (1/ 304).
(4)
التمييز (181).
(5)
سنن الترمذي (1/ 203).
وقال ابن رجب: وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث من السلف على إنكاره على أبي إسحاق، منهم: إسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر ابن أبي شيبة، ومسلم بن الحجاج، وأبو بكر الأثرم، والجوزجاني، والترمذي، والدارقطني.
وحكى ابن عبد البر عن سفيان الثوري أنه قال: هو خطأ.
وقال أحمد بن صالح المصري الحافظ: «لا يحل أن يروى هذا الحديث، يعني أنه خطأ مقطوع به فلا تحل روايته من دون بيان علته»
(1)
.
وقال البيهقي عقب الحديث: (أخرجه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس دون قوله: (قبل أن يمس ماء) وذلك لأن الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة وتوهموها مأخوذة من غير الأسود، وأن أبا إسحاق ربما دلّس فرأوها من تدليساته، واحتجوا على ذلك برواية إبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن الأسود بخلاف رواية أبي إسحاق)
(2)
.
وقال الحافظ في الفتح (3/ 32): إن الحفاظ قد أنكروا هذا الحديث على أبي إسحاق ثم قال: وقال الترمذي: يرون هذا غلطاً من أبي إسحاق، وكذا قال مسلم في التمييز، وقال أبو داود في رواية أبي الحسن ابن العبد عنه: ليس بصحيح
(3)
ثم روى عن يزيد بن هارون أنه قال: هو وهم.
(1)
فتح الباري لابن رجب (1/ 362).
(2)
السنن الكبرى (202).
(3)
وذكر ذلك في النكت الظراف (11/ 380).
ثم قال الحافظ: وأظن أن أبا إسحاق اختصره.
وكذا قال النووي في شرح مسلم (3/ 218).
وقال الحافظ في التلخيص (1/ 141): وأما ما رواه أصحاب السنن من حديث الأسود أيضاً عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب لا يمس ماء، فقال أحمد: إنه ليس بصحيح، وقال أبو داود: هو وهم، وقال يزيد بن هارون: هو خطأ، وأخرج مسلم الحديث دون قوله: ولم يمس ماء، وكأنه حذفها عمداً لأنه علّلها في كتاب التمييز، وفي علل الأثرم: ولو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم وحده لكفى، فكيف وقد وافقه عبد الرحمن بن الأسود وكذلك روى عروة وأبو سلمة عن عائشة، وقال ابن مفوز: أجمع المحدثون على أنه خطأ من أبي إسحاق. كذا قال وتساهل في نقل الإجماع. اه.
وقد علّل بعض أهل العلم وهم أبي إسحاق في هذا الحديث أنه اختصر الحديث الذي رواه عن الأسود عن عائشة في صفة قيام النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل. كذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 32) والقاضي أبو بكر ابن العربي في شرح الترمذي (1/ 181 - 182) وتبعه في ذلك المباركفوري في التحفة (1/ 115).
وانظر كلام الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: (1/ 204 - 206).
وتأول بعض أهل العلم قوله: (لا يمس ماء) أي: للغسل، وهذا لا ينافي الوضوء قبل النوم، وممن تأوله كذلك إسحاق بن راهويه في مسنده (3/ 851) فقال عقب الحديث: أي: لا يغتسل.
ونقل ذلك التأويل البيهقي (1/ 202) عن أبي العباس ابن شريح
واستحسنه حيث قال أبو العباس: أما حديث عائشة فإنما أرادت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمس ماء للغسل، وأما حديث عمر فمرّ فيه ذكر الوضوء وبه نأخذ.
وقد جمع ابن قتيبة في (اختلاف الحديث) على أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل الأمرين لبيان الجواز كما ذكر الحافظ في التلخيص.
وكذلك قال ابن التركماني في الجوهر النقي فقال: (يحمل الأمر بالوضوء على الاستحباب وفعله عليه السلام على الجواز فلا تعارض، ويؤيد ذلك ما في صحيح ابن حبان عن عمر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال: «نعم، ويتوضأ إن شاء»
(1)
، والله تعالى أعلم.
وكذلك قال ابن حزم في المحلى (1/ 87) أن أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء فهو ندب، ثم استدل بهذا الحديث إلا أنه وهم فظن. أن أهل الحديث وهموا سفيان الثوري، وإنما وهموا أبا إسحاق.
وقال ابن القيم: أما حديث أبي إسحاق من رواية الثوري وغيره فأجمع مَنْ تقدم من المحدثين ومَن تأخر منهم أنه خطأ منذ زمان أبي إسحاق إلى اليوم، وعلى ذلك تلقوه منه وحملوه عنه، وهو أول حديث أو ثان مما ذكره مسلم في كتاب التمييز له مما حمل من الحديث على الخطأ.
وذلك أن عبد الرحمن بن يزيد وإبراهيم النخعي وأين يقع أبو
(1)
ابن حبان (1216) وهو في مسلم (306).
وانظر: التمهيد (17/ 40) وعمدة القاري (7/ 202) وتحفة الأحوذي (1/ 322) وشرح السنّة (2/ 36).
إسحاق من أحدهما، فكيف باجتماعهما على مخالفته رويا الحديث بعينه عن الأسود بن يزيد عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً فأراد أن ينام توضأ وضوءه للصلاة.
فحكم الأئمة برواية هذين الفقيهين الجليلين عن الأسود على رواية أبي إسحاق عن الأسود
…
، ثم عضدوا ذلك برواية عروة وأبي سلمة ابن عبد الرحمن وعبد الله بن أبي قيس عن عائشة، وبفتوى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بذلك حين استفتاه.
وبعض المناظرين من الفقهاء الذين لا يعتبرون الأسانيد ولا ينظرون الطرف يجمعون بينهما بالتأويل فيقولون: لا يمس ماء للغسل، ولا يصح هذا وفقهاء المحدثين وحفاظهم على ما أعلمتك.
وقد روى مسلم الحديث بكماله في كتاب الصلاة وقال فيه: وإن لم يكن جنباً توضأ للصلاة وأسقط منه وهم أبي إسحاق
(1)
.
(1)
حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (1/ 261 - 262).
الحديث الثالث
(1)
:
481 -
قال أبو داود الطيالسي في مسنده (2175): حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا الوداك يحدّث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
لما أصبنا سبي خيبر سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل، فقال:«ليس من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله عز وجل أن يخلق شيئاً لم يمنعه شيء» .
التعليق:
هذا إسناد على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الوداك فهو من رجال مسلم.
ورواه الطحاوي في شرح المعاني (3/ 34) وفي المشكل (3705) من طريق الطيالسي به، ورواه ابن حبان (4191) من طريق محمد بن كثير عن شعبة عن أبي إسحاق به.
هكذا رواه شعبة عن أبي إسحاق وفيه أن هذا كان في غزوة خيبر.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 34) من طريق مؤمل، عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق به، وقال فيه:(خيبر) وهذا وهم والظاهر أنه من أبي إسحاق.
(1)
رجال الإسناد:
شعبة: انظر ترجمته في باب شعبة.
أبو إسحاق: تقدم.
أبو الوداك: جبر بن نوف الهمداني البكالي، كوفي صدوق يهم، من الرابعة، روى له مسلم.
فقد رواه منصور بن المعتمر
(1)
وسفيان الثوري
(2)
في رواية عن أبي إسحاق السبيعي ووقع فيه (يوم حنين).
وكذلك رواه يونس بن عمرو عن أبي الوداك عن أبي سعيد فقال: يوم حنين
(3)
.
الخلاصة:
اختلف في هذا الحديث على أبي إسحاق السبيعي.
فرواه عنه شعبة وسفيان الثوري وقالا فيه: إن هذا كان في غزوة خيبر.
ورواه عنه منصور بن المعتمر وسفيان الثوري فقالا فيه: إن هذا كان في غزوة حنين.
وكل ذلك وهم والصحيح هو أن ذلك كان في غزوة بني المصطلق وتسمى أيضاً غزوة المريسيع كما أخرجه البخاري ومسلم
(4)
(1)
أخرجه ابن طهمان في مشيخته (94).
(2)
أخرجه أحمد (3/ 49) وأبو يعلى (1153) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به.
(3)
أخرجه أحمد (3/ 47، 82).
ورواه مسلم (1438)(133) من طريق علي بن أبي طلحة عن أبي الوداك مختصراً، ولفظه: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل.
(4)
البخاري (2542، 4138) ومسلم (1438).
وقد عقد عليه البخاري باباً سمّاه (باب مَنْ ملك من العرب رقيقاً فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية) وغزوة خيبر كان سبيها من اليهود، وجاء في بعض ألفاظ حديث أبي سعيد:(وأصبنا كرائم العرب وطالت علينا العزبة). وانظر: الفتح (9/ 310).
في صحيحيهما من حديث محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وقال القاضي فيما نقله عنه النووي في شرح مسلم: قال أهل الحديث: هذا أولى من رواية موسى بن عقبة أنه كان في غزوة أوطاس
(1)
.
(1)
غزوة حنين تسمى أيضاً غزوة أوطاس. وانظر: زاد المعاد (3/ 465).
قلت: رواية موسى بن عقبة عند البخاري (7409) وأحمد (3/ 72) وفيه غزوة بني المصطلق، وأخرجه مسلم (1438)(126) ولم يسق لفظه.
الحديث الرابع
(1)
:
482 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 402): حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن يحيى بن الحصين، عن أمه قالت:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات يخطب في حجة الوداع يقول: «يا أيها الناس اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع ما أقام فيكم كتاب الله عز وجل» .
التعليق:
هذا إسناد على شرط مسلم.
هكذا قال أبو إسحاق: (عن يحيى بن الحصين، عن أمه).
وخالفه زيد بن أبي أنيسة
(2)
، وشعبة
(3)
.
فقالا: (عن يحيى بن الحصين، عن جدته أم الحصين).
علة الوهم:
سلك به الجادة.
(1)
رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح: ثقة من رجال الشيخين. انظر ترجمته في بابه.
إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني الكوفي، ثقة تكلم فيه بلا حجة، من السابعة، مات سنة 160 وما بعدها، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن الحصين الأحمسي، ثقة، من الرابعة، روى له مسلم.
أم الحصين الأحمسية، صحابية شهدت حجة الوداع، روى لها مسلم.
(2)
مسلم (1298)(311)(312) من طريقين عن زيد، وأحمد (6/ 402).
(3)
أحمد (6/ 402، 403).
وأن الجدة من الأمهات، والغالب أن رواية الابن عن أمه وليس عن جدته.
الحديث الخامس
(1)
:
483 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 297): حدثنا هارون بن معروف قال عبد الله وأظن أني سمعته منه قال: حدثنا ابن وهب، حدثني جرير بن حازم قال: سمعت أبا إسحاق الهمداني يقول: حدثني عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا فيمسح عواتقنا وصدورنا ويقول: «لا تختلف صفوفكم فتختلف قلوبكم، إن الله وملائكته يُصلُّون على الصف الأول أو الصفوف الأولى» .
التعليق:
هذا حديث صحيح، وإسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن عوسجة وهو ثقة، وثقه النسائي، وقال العجلي: تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
والحديث رواه كذلك ابن خزيمة في صحيحه (1552) من طريق عيسى بن إبراهيم، وابن أبي حاتم في العلل (406) عن حرملة كلاهما عن ابن وهب به.
(1)
رجال الإسناد:
هارون بن معروف المروزي، أبو علي الخزاز الضرير، نزيل بغداد، ثقة، من العاشرة، مات سنة 231 وله 74 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري الفقيه، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات سنة 197 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.
جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، أبو النضر البصري، ثقة وله أوهام إذا حدّث من حفظه، من السادسة، مات سنة 170، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن عوسجة الهمداني الكوفي، ثقة، من الثالثة، قتل بالزاوية مع ابن الأشعث، روى له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
وقد تابع جرير بن حازم عمار بن رزيق
(1)
، وأبو بكر ابن عياش
(2)
فرووه عن أبي إسحاق السبيعي بهذا الإسناد.
وقد وهم أبو إسحاق السبيعي في قوله: (حدثني عبد الرحمن بن عوسجة) بينهما طلحة بن مصرف.
وأبو إسحاق السبيعي كان قد اختلط في آخره وسماع عمار بن رزيق وأبي بكر ابن عياش منه بعد الاختلاط
(3)
.
ورواية جرير بن حازم عنه لا يدرى أقبل الاختلاط أم بعده.
وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه أبي إسحاق السبيعي، عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة
(4)
.
(1)
أحمد (4/ 298 - 299) وابن أبي شيبة (1/ 378).
(2)
أحمد (4/ 299).
(3)
قال ابن رجب: قال الميموني: قلت لأبي عبد الله: كان أبو إسحاق قد تغير؟ قال: إي والله هؤلاء الصغار زهير وإسرائيل يزيدون في الإسناد وفي الكلام. شرح علل الترمذي (2/ 710).
وقال أبو حاتم في العلل (1/ 34 - 35): سماع أبي بكر من أبي إسحاق ليس بذاك.
(4)
الترمذي (1957) وقد اقتصر على الشق الأول من الحديث ولم يذكر ما جاء في هذا الحديث، وحديث البراء قد أخرجه مطولاً أحمد (4/ 285) من طريق محمد بن طلحة عن طلحة بن مصرف به.
وتابعه خديج بن معاوية، فرواه عن أبي إسحاق، عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة
(1)
.
وقد روى شعبة
(2)
، ومحمد بن طلحة
(3)
، ومنصور بن المعتمر
(4)
، وزبيد بن الحارث
(5)
، والحسن بن عبيد الله النخعي
(6)
، والأعمش
(7)
، وعبد الرحمن بن زبيد اليامي
(8)
، وحماد بن أبي سليمان
(9)
، ومحمد بن طلحة بن مصرف
(10)
، وزيد بن أبي أنيسة
(11)
وغيرهم كلهم رووه عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب.
قال ابن أبي حاتم في العلل (343): سألت أبي عن حديث رواه ابن وهب، عن جرير بن حازم عن أبي إسحاق الهمداني، قال: حدثني عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا فيمسح عواتقنا وصدورنا ويقول: «لا تختلف صفوفكم فتختلف قلوبكم
…
»
(12)
.
(1)
الحاكم (1/ 572).
(2)
أحمد (4/ 304) وابن خزيمة (1551) وابن الجارود (316) وابن ماجه (997) والحاكم (1/ 573).
(3)
أحمد (4/ 285).
(4)
الحاكم (1/ 571 - 572) من طريق الثوري وزائدة بن قدامة وجرير وغيرهم عن منصور، وأبو داود (664) والنسائي (2/ 89) كلاهما من طريق أبي الأحوص عن منصور.
(5)
الحاكم (1/ 572) وابن حبان (850).
(6)
الحاكم (1/ 572).
(7)
الحاكم (1/ 572).
(8)
الحاكم (1/ 573) والطبراني في الدعاء (1720).
(9)
الحاكم (1/ 573).
(10)
الحاكم (1/ 573) والطبراني في الدعاء (1718).
(11)
الحاكم (1/ 273).
(12)
انظر رواياتهم في: المستدرك (1/ 774 - 775)، والطبراني في الدعاء (1719 - 1724).
قال أبي: هذا خطأ إنما يروونه عن أبي إسحاق، عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الحديث السادس
(1)
:
484 -
قال الإمام أبو داود (1797): حدثنا يحيى بن مَعِينٍ قال: ثنا حَجَّاجٌ ثنا يُونُسَ عن أبي إسحاق عن الْبَرَاء بن عَازِبٍ قال: كنت مع عَلِيٍّ حين أَمَّرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الْيَمَنِ قال: فَأَصَبْتُ معه أوَاقِيَ فلما قَدِمَ عَلِيٌّ من الْيَمَنِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد فَاطِمَةَ رضي الله عنها قد لَبِسَتْ ثِيَاباً صَبِيغاً وقد نَضَحَتْ الْبَيْتَ بِنَضُوحٍ فقالت: ما لك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أَمَرَ أصْحَابَهُ فَأَحَلُّوا، قال: قلت لها: إني أَهْلَلْتُ بِإهْلَال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فأَتَيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: «كَيْفَ صَنَعْتَ؟» فقال: قلت: أَهْلَلْتُ بِإهْلَال النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«فإِنِّي قد سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ» قال: فقال لي: «انْحَرْ من الْبُدْنِ سَبْعاً وَسِتِّينَ أو سِتًّا وسِتِّينَ وأمْسِكْ لِنَفْسِكَ ثَلَاثاً وَثَلَاثِينَ أو أرْبَعاً وَثَلاثِينَ وأَمْسِكْ لي من كل بَدَنَةٍ منها بَضْعَةً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه النسائي (5/ 148) وفي الكبرى (3705)(3726)
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن معين بن عون، أبو زكريا البغدادي، ثقة حافظ مشهور، إمام الجرح والتعديل، من الطبقة العاشرة، مات سنة 233 بالمدينة النبوية وله بضع وسبعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
حجاج بن محمد المصيصي الأعور، ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد وقبل موته، من الطبقة التاسعة، مات سنة 206، روى له البخاري ومسلم.
يونس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، صدوق يهم قليلاً، من الخامسة، مات سنة 152 على الصحيح، روى له مسلم.
والروياني في مسنده (306) والطبراني في الأوسط (6307) والبيهقي (5/ 15) وفي معرفة السنن والآثار (3/ 520) كلهم من طريق حجاج بن محمد به.
هكذا قال يونس عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإني قد سقت الهدي وقرنت» .
وقوله: «وقرنت» لم يأتِ في حديث جابر وأنس اللذين ذكرا خبر النبي صلى الله عليه وسلم مع علي رضي الله عنه.
ففي حديث جابر قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بمَ أهللت؟» فقال: أهللت بما أهلّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت»
(1)
.
وفي حديثه
(2)
الطويل عن مسلم وغيره: (وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حلّ ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت فأنكر ذلك عليها .. فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشاً على فاطمة الذي صنعته مستفتياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج؟» قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهلّ به رسول الله، قال:«فإن معي الهدي فلا تحل» .
وفي حديث أنس رضي الله عنه أن علياً قدم من اليمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «بمَ أهللت؟» فقال: أهللت بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«لولا أن معي الهدي لأحللت»
(3)
.
(1)
البخاري (1651).
(2)
مسلم (1218).
(3)
البخاري (1558) ومسلم (1250).
قال البيهقي: كذا في هذه الرواية: (وقرنت) وليس ذلك في حديث جابر بن عبد الله حين وصف قدوم علي رضي الله عنه وإهلاله، وحديث جابر أصح سنداً وأحسن سياقة ومع حديث جابر حديث أنس بن مالك
…
، وفيه وفي حديث جابر جعل العلة من امتناعه من التحلل كون الهدي معه، والقارن لا يحل من إحرامه حتى يحل منهما جميعاً سواء كان معه هدي أو لم يكن، ودلّ ذلك على خطأ تلك اللفظة، والله تعالى أعلم
(1)
.
وقال الهيثمي: للبراء حديث في الصحيح بغير هذا السياق، وليس فيه ذكر القران
(2)
.
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا يونس تفرد به حجاج بن محمد
(3)
.
قلت: والحمل في هذه اللفظة على أبي إسحاق وقد روى زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن أبي أسماء الصيقل عن أنس رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرخ بالحج، فلما قدمنا مكة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة ثم قال:«لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة ولكني سقت الهدي وقرنت»
(4)
.
(1)
السنن الكبرى (5/ 15).
(2)
مجمع الزوائد (3/ 237).
(3)
الأوسط (6/ 246).
(4)
أحمد (3/ 266)(3/ 1045) وأبو يعلى (4345) والطبراني في الأوسط (1069) والضياء في المختارة (3/ 230).
قال الهيثمي: هو في الصحيح خلا قوله: «وقرنت الحج والعمرة» وفيه أبو أسماء الصيقل لم أجد مَنْ روى عنه غير أبي إسحاق
(1)
.
(1)
مجمع الزوائد (3/ 235).
مجاهد بن جبر
مجاهد بن جبر المكي، أبو الحجاج القرشي المخزومي مولى السائب بن أبي السائب المخزومي ويقال: مولى ابنه عبد الله بن السائب.
ولد سنة 21 في خلافة عمر بن الخطاب.
روى عن علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير وأبي سعيد الخدري.
روى عنه أيوب وعطاء وعكرمة وابن عون وعمرو بن دينار والأعمش ومنصور وجماعة.
قال سلمة بن كهيل: ما رأيت أحداً أراد بهذا العلم وجه الله تعالى إلا عطاءً وطاوساً ومجاهداً.
وقال مجاهد: قرأت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية أسأله فيمَ نزلت وكيف أُنزلت.
وقال قتادة: أعلم مَنْ بقي بالتفسير مجاهد.
وقال مجاهد: قال لي ابن عمر: وددت أن نافعاً يحفظ حفظك.
قال يحيى بن بكير: مات سنة 101 وهو ابن 83 سنة، وقال أبو نعيم: مات سنة 102، وقال جماعة: مات سنة 103، وقيل: 104، وقال ابن حبان: مات بمكة سنة 102 أو 103 وهو ساجد.
قال ابن حجر: إمام في التفسير وفي العلم، من الثالثة.
الحديث
(1)
:
485 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (6265): حدثنا أبو نعيم حدثنا سيف قال: سمعت مجاهداً يقول: حدثني عبد الله بن سَخْبَرة أبو معمر قال: سمعت ابن مسعود يقول:
علّمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفَّيه التشهد كما يعلّمني السورة من القرآن: التحيّات للّه والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام يعني على النبي صلى الله عليه وسلم.
التعليق:
وأخرجه مسلم (402)(59) عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن أبي نعيم به ولم يسق لفظه بل أحال على ما قبله.
ورواه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (894) وأبو عوانة (2026).
(1)
رجال الإسناد:
الفضل بن دكين، واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير التيمي مولاهم الأحول أبو نُعيم الملائي مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 218، وقيل: 219 وكان مولده سنة ثلاثين، وهو من كبار شيوخ البخاري، وروى له مسلم.
سيف بن سليمان المخزومي المكي، ثقة ثبت، رمي بالقدر، سكن البصرة أخيراً، ومات بعد سنة 150، من السادسة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن سَخْبرة الأزدي أبو معمر الكوفي، ثقة، من الثانية، مات في إمارة عبد الله بن زياد، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه أحمد (1/ 414) وابن أبي شيبة (1/ 292) وأبو يعلى (5347) والبيهقي (2/ 138) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3797) كلهم من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين.
ورواه النسائي (2/ 241) من طريق إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيم به غير أنه حذف آخره وهو قوله: (وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا: السلام على النبي).
هكذا جاء في بقية المصادر من دون لفظة: (يعني) والتي قالها الإمام البخاري.
ورواه البزار (1799) من طريق أبي أسامة عن سيف عن مجاهد به وحذف آخره.
ورواه الشاشي (895) والطحاوي في شرح المشكل (3798) كلاهما من طريق عثمان بن الأسود عن مجاهد عن عبد الله بن مسعود، ولم يذكر أبا معمر.
ومجاهد لم يدرك ابن مسعود، إنما يرويه عن أبي معمر.
وقال البزار (5/ 201): هذا الحديث لا نعلمه يروى من حديث أبي معمر عن عبد الله إلا من هذا الوجه ولا نعلم رواه عن مجاهد إلا سيف بن سلمان.
هكذا قال مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم: (السلام عليك أيها النبي) بلفظ المخاطب، فلما مات قالوا: (السلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
وكل مَنْ روى التشهد عن عبد الله بن مسعود لم يذكر أنهم كانوا يقولون بعد موته صلى الله عليه وسلم: (السلام على النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد رواه عن ابن مسعود كلٌّ من:
أبي وائل شقيق بن سلمة
(1)
، وأبي الأحوص عوف بن مالك
(2)
، والأسود بن يزيد
(3)
، وأبي عبيدة ابن عبد الله بن مسعود
(4)
، وعلقمة بن قيس النخعي
(5)
.
وكذلك كل مَنْ روى التشهد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر التفريق في السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في حياته عن بعد مماته، منهم:
ابن عباس
(6)
، وأبو موسى الأشعري
(7)
، وجابر بن عبد الله
(8)
، وابن عمر
(9)
، وعائشة
(10)
، وسلمان الفارسي
(11)
.
(1)
البخاري (831، 835، 6230، 7381) ومسلم (402)(56 - 58).
(2)
الترمذي (1105) والنسائي (2/ 238) وابن ماجه (895) وأحمد (1/ 413) وابن حبان (1950).
(3)
الترمذي (289) والنسائي (2/ 237) وابن ماجه (899) وابن خزيمة (702) وابن حبان (1950).
(4)
أحمد (1/ 413) وابن ماجه (899).
(5)
أبو داود (970) وأحمد (1/ 22) والدارمي (1341) وابن حبان (1960) والدارقطني (1/ 353) والبيهقي (2/ 174) والطحاوي في شرح المشكل (3795).
(6)
مسلم (403).
(7)
مسلم (404).
(8)
النسائي (2/ 243) وابن ماجه (902) والحاكم (1/ 267) وقال: على شرط مسلم.
(9)
أبو داود (971) وأحمد (2/ 68) والطحاوي (1/ 263) والدارقطني (1/ 351) والبيهقي (2/ 139) وعبد الرزاق (3073) مرفوعاً وموقوفاً.
(10)
مالك في الموطأ (205) و (206) والبيهقي (2/ 144) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (1006)(1007).
(11)
البزار (2535).
بل إن أبا بكر
(1)
وعمر
(2)
رضي الله عنهما كانا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يعلِّمان الناس التشهد وهما على المنبر فكان فيه: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) بكاف المخاطب.
وقد أخبر علقمة بن قيس النخعي صاحب ابن مسعود أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده فعلّمه التشهد في الصلاة كما علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله ولم يعلمه ابن مسعود أن يقول غير: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)
(3)
، وذكر علقمة أن عبد الله كان يعلّم رجلاً التشهد فذكره نحو ذلك
(4)
مما يدل على وهم في حديث عبد الله بن سخبرة إما منه أو من مجاهد، وقد رجح الطحاوي أن الوهم فيه من مجاهد لأنه روى هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود دون أن يذكر فيه أبا معمر عبد الله بن سخبرة.
قال الطحاوي: «فإن قال قائل: هذا حديث منكر لأنه يوجب أن يتشهد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بما عامة الناس يتشهدون خلافه لأنهم يتشهدون فيقولون في تشهدهم: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) بعد موته كما كانوا يتشهدون في حياته.
(1)
رواه ابن أبي شيبة (1/ 292، 293) والطحاوي (1/ 264) وفي شرح المشكل (3803) من طريق أبي نعيم عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن ابن عمر قال: كان أبو بكر يعلِّمنا التشهد على المنبر كما يعلِّمون الصبيان
…
(2)
مالك (1/ 90) والشافعي (1/ 237) وعبد الرزاق (3067)(3069) وابن أبي شيبة (1/ 93) والطحاوي (1/ 261) وفي شرح المشكل (3797)، والحاكم (1/ 266) والبيهقي (2/ 144) وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي وهو كما قالا.
(3)
أبو داود (970) وأحمد (1/ 422) والطيالسي (375) وابن حبان (1961) وغيرهم.
(4)
البزار (10581).
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنا قد أنكرنا من ذلك مثل الذي أنكره، فقال: من أين جاء هذا الخلاف لما الناس عليه، أمن قبل أبي معمر فهو رجل جليل المقدار مقبول الرواية، أو ممن دونه من رواة هذا الحديث؟ فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أنا قد كشفنا عن ذلك فوجدناه ممن دونه من رواة هذا الحديث.
كما حدثنا أبو أمية، قال: حدثنا عبد الله بن موسى العبسي قال: حدثنا عثمان بن الأسود عن مجاهد عن عبد الله بن مسعود
…
الحديث، ولم يذكر أبا معمر في حديثه، فدلّ ما ذكرنا أن هذه الزيادة المخالفة لما الناس عليه كانت ممن دون أبي معمر. ومما يدفع في هذا الحديث أن يكون مستعملاً ويوجب التمسك بما الناس عليه في صلواتهم من تشهدهم الذي يتشهدون به فيها، ثم أورد أحاديث دالة على ما ذكره.
(1)
.
ثم يذكر الطحاوي رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا زار البقيع يسلم على أهله بلفظ المخاطب فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين»
(2)
.
(1)
شرح مشكل الآثار (9/ 410 - 414).
(2)
مسلم (249).
فائدة:
أما وجه إخراج الإمام البخاري رحمه الله لهذا الحديث فإنه إنما أخرجه في كتاب الاستئذان باب (الأخذ باليدين) وذلك لما جاء في الحديث: (وكفي بين كفَّيه)، وأخرج الأحاديث الأخرى في باب التشهد فتدبر ذلك. ولذلك نظائر عند الإمام البخاري.
وأما الإمام مسلم فإنه لم يسق لفظه، والله تعالى أعلم.
واغتر بهذا ابن الملقن فقال: وفي آخر الحديث فائدة جليلة أن الإشارة والخطاب بقوله: السلام عليك، إنما كان في حياته وأنه يقال بعد وفاته ما ذكره، فتنبّه له
(1)
.
علة الوهم:
1 روى مجاهد عن ابن عمر نحو ذلك وهو ما رواه أبو بكر الشافعي من طريق خارجة بن مصعب عن شعبة عن أبي بشر عن مجاهد قال: كنت آخذاً بيد عبد الله بن عمر وهو يطوف بالبيت وهو يعلِّمني التحية فذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التحيّات للّه والصلوات والطيبات، السلام على النبي ورحمة الله. قال: وكنا نقول هذا في حياته فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
…
)
(2)
.
2 روى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء أن أصحاب
(1)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح (29/ 107).
(2)
الغيلانيات (234) وإسناده ضعيف، خارجة بن مصعب قال الحافظ: متروك، ويلاحظ هنا أنه قلب الحديث فجعل قوله: السلام على النبي في حياته وبلفظ المخاطب بعد وفاته.
النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسلِّمون والنبي صلى الله عليه وسلم حي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. فلما مات قالوا: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته
(1)
.
والله تعالى أعلم.
(1)
المصنف (3075).
محمد بن سيرين
محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر ابن أبي عمرة البصري من سبي عين التمر الذين أسرهم خالد بن الوليد.
روى عن: مولاه أنس بن مالك وأبي قتادة وأبي سعيد وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس وعائشة وجماعة من الصحابة وكبار التابعين.
روى عنه: الشعبي وثابت وأيوب وابن عون وعاصم الأحول وقتادة وداود بن أبي هند وطائفة.
قال ابن سعد: كان ثقة مأموناً عالياً رفيعاً فقيهاً إماماً كثير العلم ورعاً وكان به صمم.
وقال ابن حبان: كان من أورع أهل البصرة وكان فقيهاً فاضلاً حافظاً متقناً يعبِّر الرؤيا، رأى ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
مات في شوال سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم وهو ابن سبع وسبعين سنة.
قال ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت عابد كبير القدر كان لا يرى الرواية بالمعنى، من الثالثة.
الحديث
(1)
:
486 -
قال الإمام ابن ماجه رحمه الله (111): حدثنا علي بن محمد، ثنا عبد الله بن إدريس عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال:
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها فمر رجل مقنع رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا يومئذٍ على الهدى» فوثبت فأخذت بضبعي عثمان ثم استقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: هذا؟ قال: «هذا» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير علي بن محمد وهو ثقة وتابعه غير واحد.
وأخرجه أحمد (4/ 243) وفي فضائل الصحابة (722) من طريق يزيد بن هارون، وفي (824) من طريق سعيد بن أبي عروبة، وابن أبي شيبة (12/ 41) من طريق ابن علية، وابن عساكر في تاريخ دمشق (39/ 276) من طريق يزيد وعبد الله بن إدريس وأبي أسامة كلهم عن هشام عن محمد بن سيرين به.
(1)
رجال الإسناد:
علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة 233، وقيل: 235، روى له النسائي في مسند علي وابن ماجه.
عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأزدي أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الثامنة، مات سنة 92 وله بضع وسبعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
هشام بن حسان الأزدي القردوسي، أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، مات سنة 147 أو 148، روى له البخاري ومسلم.
كعب بن عجرة الأنصاري المدني، أبو محمد، صحابي مشهور، مات بعد عام 50 وله نيف وسبعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
وقد تابع هشاماً مطر الوراق وقتادة وابن عون.
فأخرجه أحمد (4/ 242) وفي فضائل الصحابة (721) من طريق مطر الوراق، وابن عساكر في تاريخه (39/ 276 - 277) من طريق قتادة وابن عون ثلاثتهم عن محمد بن سيرين به.
هكذا قال محمد بن سيرين: عن كعب بن عجرة.
وخالفه أبو الأشعث شراحيل بن آدة
(1)
وجبير بن نفير
(2)
فقالوا: عن كعب بن مرة أو (مرة بن كعب على خلاف في اسمه).
وكذلك رواه كهمس عن عبد الله بن شقيق عن هرمي بن الحارث وأسامة بن خريم فقالا: (مرة البهزي)
(3)
.
ورواه قتادة عن عبد الله بن شقيق فقال: (مرة البهزي)
(4)
.
ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة فقال: (مرة بن كعب)
(5)
.
ورواه أبو صالح الخولاني فقال: (كعب بن مرة البهزي)
(6)
.
(1)
الترمذي (3704) وأحمد (4/ 236) والحاكم (3/ 102) وابن شبة في أخبار المدينة (3/ 323) وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
(2)
أحمد (4/ 236).
(3)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1380) وابن حبان (1914) وأحمد (5/ 33، 35) وابن أبي شيبة (12/ 40 - 41) وابن أبي عاصم في السنّة (1396) والطبراني في الكبير (20/ 752).
(4)
أحمد في فضائل الصحابة (720) وابن عدي في الكامل (4/ 168) وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (2/ 387)، والحاكم (4/ 433).
(5)
ابن شبة في أخبار المدينة (3/ 324).
(6)
الطبراني في مسند الشاميين (1/ 381) وابن عساكر (39/ 275).
قال ابن عساكر: والصحيح عندي قول مَنْ قال: مرة بن كعب
(1)
.
وقد روى الطبراني من طريق يحيى بن السكن عن أبي قحذم عن أبي قلابة عن أبي الأشعث فقال: عن كعب بن عجرة وذكر الحديث إلا أن إسناده ضعيف لضعف يحيى وأبي قحذم وقد صحّ من رواية أبي قلابة قول: (مرة البهزي).
قال حنبل: ثنا أبو عبد الله، ثنا يزيد، ثنا هشام، عن محمد، عن كعب بن عجرة قال:(كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر فتنة).
قال أبو عبد الله: (أخطأ فيه: إنما هو كعب بن مرة)
(2)
.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا همام، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن كعب بن عجرة قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها فمرّ رجل مقنع الرأس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا وأصحابه يومئذٍ على الهدى» فمرّ عثمان قال: فأخذت بمنكبه فقلت: هذا؟ قال: «نعم» .
قال أبي: (يقال هذا الحديث عن كعب بن مرة البهزي)
(3)
.
علة الوهم:
محمد بن سيرين لم يسمع من كعب بن عجرة كما قال أبو
(1)
تاريخ دمشق (39/ 273).
(2)
المنتخب من العلل للخلال (ص 202 رقم 112).
(3)
العلل لابن أبي حاتم (2652) والحديث أخرجه ابن عساكر (39/ 1276).
حاتم
(1)
فمن هنا دخل الوهم عليه وربما كان الوهم من الواسطة بينهما، والله تعالى أعلم.
(1)
المراسيل لابن أبي حاتم (187) وكعب بن عجرة مات في المدينة سنة 51، وقيل: سنة 52 في خلافة عمر.
نعيم بن المجمر
اسمه ونسبه:
نُعيم بن عبد الله المجمر، أبو عبد الله المدني، مولى آل عمر بن الخطاب، سمي المجمر لأنه كان يجمر المسجد.
روى عن: أنس وجابر وأبي هريرة وجالسه مدة، وسمع من ابن عمر وجماعة.
روى عنه: العلاء بن عبد الرحمن، وسعيد بن أبي هلال، ومالك بن أنس، وفليح بن سليمان، وهشام بن سعد وجماعة.
روى سعيد بن أبي مريم عن مالك سمع نعيماً المجمر يقول: جالست أبا هريرة عشرين سنة.
وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: نعيم بن المجمر جالس أبا هريرة عشرين سنة أو قريباً من عشرين.
وثقه يحيى بن معين ومحمد بن سعد وأبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
وقال ابن حجر: ثقة، من الثالثة.
روى له البخاري خمسة أحاديث أربعاً منها من رواية الإمام مالك عنه وخامسها الحديث التالي وسادساً في المتابعات، وروى له مسلم حديثين البخاري (136، 766، 1781، 5399، 6714، 7049 في المتابعات) ومسلم (1/ 216، 305).
الحديث
(1)
:
487 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (136): حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث، عن خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن نُعيم بن المجمر، قال: رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
«إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء فمَن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه مسلم (246) من طريق عمارة بن غزية وسعيد بن أبي هلال كلاهما عن نعيم بن المجمر به.
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي مولاهم المصري وقد ينسب إلى جده، ثقة في الليث وتكلموا في سماعه من مالك، من كبار العاشرة، مات سنة 231 وله 77 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري، ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، من السابعة، مات في شعبان سنة 175، روى له البخاري ومسلم.
خالد بن يزيد الجمحي، أبو عبد الرحيم المصري، ثقة فقيه، من السادسة، مات سنة 139، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن أبي هلال الليثي مولاهم أبو العلاء المصري، قيل: مدني الأصل صدوق لم أرَ لابن حزم في تضعيفه سلفاً إلا أن الساجي حكى عن أحمد أنه اختلط، من السادسة، مات بعد سنة 130 وقيل قبلها، وقيل: قبل سنة 150، روى له البخاري ومسلم.
نُعيم بن عبد الله المدني مولى آل عمر يعرف بالمجمر وكذا أبوه ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
ورواه أبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (577) وابن حبان (1049) وأبو عوانة (603) والبيهقي (1/ 57) وفي شعب الإيمان (2742) والطحاوي (1/ 40) كلهم من طرق عن نعيم به.
وأخرجه الإمام أحمد (2/ 334) من طريق فليح بن سليمان عن نعيم به وأبان علة الحديث.
هكذا رواه نعيم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فمَن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل» .
وفي رواية فليح بن سليمان قال نعيم: (لا أدري قوله: مَنْ استطاع أن يطيل غرته فليفعل من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة).
وذهب بعض أهل العلم أن هذا من قول أبي هريرة أدرجه نعيم في الحديث واستدلوا على ذلك بما يلي:
أولاً: رُوي هذا الحديث عن أبي هريرة من دون ذكر هذه الزيادة، وممن رواها عنه كذلك:
أبو حازم الأشجعي
(1)
، وعبد الرحمن بن يعقوب الجهني
(2)
، وجابر بن زيد
(3)
، وأبو زرعة ابن عمرو بن جرير البجلي
(4)
، وأبو صالح السمان
(5)
.
(1)
مسلم (247) وابن ماجه (4282) وأبو نعيم (579، 580، 581).
(2)
مسلم (249) وابن ماجه (306) وأبو نعيم (582) والنسائي (1/ 93) وابن خزيمة (6).
(3)
مسند الربيع (43).
(4)
أبو نعيم في حلية الأولياء (7/ 206).
(5)
مسند الشهاب (290).
وكذلك رواه عدد من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا هذه الزيادة منهم: حذيفة
(1)
، وعبد الله بن عباس
(2)
، وأبو سعيد الخدري
(3)
، وعبد الله بن مسعود
(4)
، وعبد الله بن بسر المازني
(5)
، وأبو الدرداء
(6)
، وأبو ذر
(7)
، وأبو أمامة
(8)
، ومعاوية، وأنس بن مالك.
قال المنذري: «وقد قيل إن قوله: «فمَن استطاع
…
» إلى آخره إنما هو مدرج من كلام أبي هريرة موقوف عليه ذكره غير واحد من الحفاظ».
وقال الحافظ في الفتح (1/ 236): قوله: «فمَن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» ظاهره أنه بقية الحديث لكن رواه أحمد من طريق فليح عن نعيم وفي آخره قال نعيم: لا أدري قوله: «فمَن استطاع
…
» إلخ من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة، ولم أرَ هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه، والله تعالى أعلم.
(1)
مسلم (248).
(2)
الطيالسي في مسنده (2711)، وأحمد (1/ 281).
(3)
مسند الحارث (77 زوائد الهيثمي) والطبراني في الأوسط (5852).
(4)
أحمد (1/ 403) و (1/ 451) وابن ماجه (284) وأبو يعلى (5048)(5300) والطيالسي (361) وابن حبان (1047)(7240) والبزار (1810).
(5)
الترمذي (607) وأحمد (4/ 189) والضياء في المختارة (95) والطبراني في الأوسط (4).
(6)
عبد الله بن المبارك في المسند (103) والحاكم (2/ 520) وابن عبد البر في التمهيد (20/ 261).
(7)
عبد الله بن المبارك في المسند (103) وابن عبد البر في التمهيد (20/ 261).
(8)
أحمد (5/ 261).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكان أبو هريرة يغسل يديه إلى العضدين من الوضوء ويقول: مَنْ استطاع أن يطيل غرته فليفعل، وروي عنه أنه كان يمسح عنقه ويقول: هو موضع الغل، وهذا وإن استحبه طائفة من العلماء اتباعاً له فقد خالفهم في ذلك آخرون
…
، والوضوء الثابت عنه صلى الله عليه وسلم الذي في الصحيحين وغيرهما من غير وجه ليس فيه أخذ ماء جديد للأذنين ولا غسل ما زاد على المرفقين والكعبين ولا مسح العنق، ولا قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ استطاع أن يطيل غرته فليفعل، بل هذا من كلام أبي هريرة جاء مدرجاً في بعض الأحاديث، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إنكم تأتون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء» وكان يتوضأ حتى يشرع في العضد والساعد. قال أبو هريرة: مَنْ استطاع أن يطيل غرته فليفعل، وظنّ مَنْ ظن أن غسل العضد من إطالة الغرة، وهذا لا معنى له فإن الغرة في الوجه لا في اليد والرجل وإنما في اليد والرجل الحجلة والغرة لا يمكن إطالتها فإن الوجه يغسل كله لا يغسل الرأس ولا غرة في الرأس، والحجلة لا يستحب إطالتها وإطالتها مثلة
(1)
.
وذكر ابن الملقن أن بعض شيوخه من شرّاح الصحيح ذكر أن قوله: «فمَن استطاع» مدرج ولم يوافقه على ذلك. قال رحمه الله:
(1)
توحيد الألوهية (1/ 279 - 280) ومجموع الفتاوى (1/ 279) وذكره مختصراً ابن القيم في حادي الأرواح (1/ 428) وزاد المعاد (1/ 196).
«رأيت من شرح هذا الموضع من هذا الكتاب من شيوخنا ادعى أن قوله: «فمَن استطاع» إلى آخره من قول أبي هريرة أدرجه آخر الحديث، وفي هذه الدعوى بعد عندي»
(1)
.
وقال أيضاً في هذا الحديث: رواه مع أبي هريرة سبعة من الصحابة ذكرهم ابن مندة في مستخرجه: ابن مسعود وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وأبو أمامة الباهلي وأبو ذر الغفاري وعبد الله بن بسر المازني وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم
(2)
.
قلت: ذكرنا روايتهم عدا جابر بن عبد الله لم أقف على روايته.
وقال العيني: المرفوع منه إلى قوله: «من آثار الوضوء» وباقي ذلك من قول أبي هريرة أدرجه في آخر الحديث، وقد أنكر ذلك بعض الشارحين فقال: وفي هذه الدعوى بعد عندي قلت: ليس فيها بعد وكيف وقد رواه أحمد رحمه الله من طريق فليح عن نعيم وفي آخره قال نعيم: لا أدري قوله: «فمَن استطاع
…
» إلى آخره من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة رضي الله عنه، وقد روى هذا الحديث عشرة من الصحابة وليس في رواية واحد منهم هذه الجملة وكذا رواه جماعة عن أبي هريرة وليس في رواية أحد منهم غير ما وجد في رواية نعيم عنه فهذا كله أمارة الإدراج، والله تعالى أعلم
(3)
.
(1)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 33).
(2)
التوضيح (4/ 27) ونقله عنه العيني في عمدة القاري (2/ 247).
(3)
عمدة القاري (2/ 429).
الطبقة الرابعة
إسماعيل بن أبي خالد
اسمه ونسبه:
إسماعيل بن أبي خالد، أبو عبد الله البجلي الأحمسي مولاهم الكوفي، اسم ابنه هرمز، وقيل: سعد، وقيل: كثير.
روى عن: عبد الله بن أبي أوفى، وأبي جحيفة، وعمرو بن حريث، وله صحبة، وعداده في صغار التابعين.
وروى أيضاً عن قيس بن أبي حازم، والشعبي، وزيد بن وهب، وزر بن حبيش، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، ونزل إلى أبي إسحاق وسلمة بن كهيل وخلق.
روى عنه: الحكم بن عتيبة ومالك بن مغول وشعبة والسفيانان وشريك وجرير وجماعة.
قال سفيان الثوري: حفاظ الناس ثلاثة: إسماعيل بن أبي خالد، وعبد الملك بن أبي سليمان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وإسماعيل أعلم الناس بالشعبي وأثبتهم فيه.
قال يحيى بن سعيد: كان سفيان به معجباً.
وعن أبي إسحاق قال الشعبي: إسماعيل يحسو العلم حسواً.
وقال أحمد بن حنبل: ابن أبي خالد يشرب العلم شرباً.
وقال سفيان بن عيينة: كان أقدم طلباً وأحفظ للحديث من الأعمش.
وقال يعقوب بن سفيان: كان أميًّا حافظاً ثقة.
وقال هشيم: كان إسماعيل فاحش اللحن كان يقول: حدثني فلان عن أبوه.
قال الذهبي: كان محدث الكوفة في زمانه مع الأعمش، بل هو أسند من الأعمش.
قال ابن حجر: ثقة ثبت من الرابعة، مات سنة 146.
روى له البخاري (101) حديث، ومسلم (46)
(1)
.
(1)
روايات المدلسين في صحيح البخاري (ص 138)، وفي صحيح مسلم (ص 84).
الحديث
(1)
:
488 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 32): حدثنا يزيد، أخبرنا إسماعيل، عن سالم البراد، عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«مَنْ صلّى على جنازة فله قيراط، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما القيراط؟ قال: مثل أحد» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير سالم البراد وهو تابعي ثقة، وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم: كان من خيار المسلمين. وقال عطاء بن السائب: حدثني سالم البراد وكان أوثق عندي من نفسي
(2)
.
وأخرجه الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 143) من طريق الإمام أحمد به، والترمذي في العلل الكبير (ص 148) عن أحمد بن منيع عن يزيد بن هارون به.
وأخرجه أحمد (2/ 16) والخطيب في الموضح (2/ 143) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وابن أبي شيبة (3/ 320) من طريق وكيع ومحمد بن بشر، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 109) من طريق
(1)
رجال الإسناد:
يزيد بن هارون بن زاذان السلمي، مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة 206 وقد قارب 90 عاماً، روى له البخاري ومسلم.
سالم البراد، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من الثانية، روى له أبو داود والنسائي.
(2)
الجرح والتعديل (4/ 190 رقم 819) وتهذيب الكمال (2143).
محمد بن بشر، والدولابي في الكنى والأسماء (2/ 56) من طريق عبد الله بن المبارك أربعتهم عن إسماعيل بن أبي خالد بهذا الإسناد.
هكذا قال إسماعيل: (عن سالم البراد، عن ابن عمر).
خالفه عبد الملك بن عمير
(1)
، والقاسم بن أبي بزة
(2)
فقالا: (عن سالم البراد، عن أبي هريرة).
وصحح هذا الوجه علي بن المديني والبخاري وغيرهم لأن ابن عمر أنكر على أبي هريرة هذا الحديث لما سمعه منه فهو من حديث أبي هريرة وليس من حديثه.
قال علي بن المديني في العلل (ص 420): رواه سنان، عن عبد الملك بن عمير عن سالم البراد عن أبي هريرة.
ورواه ابن أبي خالد عن سالم البراد عن ابن عمر.
والحديث عندي حديث أبي هريرة، وحديث ابن أبي خالد وهم.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 274) قال لنا موسى: حدثنا أبو عوانة سمع عبد الملك بن عمير عن سالم البراد، عن أبي هريرة قوله.
وقال ابن أبي خالد سمع سالماً أبا عبد الله البراد سمع ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
(1)
أحمد (2/ 458) وإسحاق بن راهويه (434) كلاهما من طريق شعبة عن عبد الملك بن عمير به، وذكره البخاري في التاريخ الكبير (4/ 108) تعليقاً.
(2)
البخاري في التاريخ الكبير (4/ 108) تعليقاً، والدارقطني في العلل (11/ 6) وابن عدي في الكامل (5/ 2008).
وهذا لا يصح لأن الزهري قال عن سالم: إن ابن عمر أنكر على أبي هريرة حتى سأل عائشة
(1)
.
وقال الترمذي في العلل الكبير (ص 148 رقم 257): سألت محمداً عن حديث سالم البراد عن ابن عمر فقال: رواه عبد الملك بن عمير عن سالم البراد عن أبي هريرة وهو الصحيح، وحديث ابن عمر ليس بشيء، ابن عمر أنكر على أبي هريرة حديثه).
وقال الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة (8/ 435): (أعلّ البخاري هذا الحديث
…
، وقد راج هذا السند على الحافظ الضياء فأخرج هذا الحديث في (المختارة) وهو معلول كما ترى).
قلت: وما قاله هؤلاء الأئمة محتمل، لكن لا يمكننا الجزم بوهم إسماعيل في هذا الحديث فقط لأن ابن عمر أنكره، إذ ما المانع أن يحدّث به ابن عمر بعد أن سمعه من أبي هريرة وصدقته عائشة واعتذر بقوله:(لقد فرطنا في قراريط كثيرة) إذ ليس شرطاً فيما حدّث به الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون سمعه منه مباشرة بل كان يحدّث بعضهم بعضاً ثم يحدّثون به عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كثير في حديث ابن عباس وأبي هريرة وغيرهما رضي الله عنهما إذ كان ابن عباس صغيراً، وصحب أبا هريرة النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر وفي هذا يقول البراء بن
(1)
رواه البخاري في صحيحه (1323) ومسلم (945)(55) من طريق جرير بن حازم عن نافع قال: حُدِّث ابن عمر أن أبا هريرة يقول: مَنْ تبع جنازة فله قيراط، فقال: أكثر أبو هريرة علينا، فصدقت يعني عائشة أبا هريرة وقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، فقال ابن عمر: لقد فرّطنا في قراريط كثيرة.
والذي حدّث ابن عمر هو خباب أبو السائب المدني صاحب المقصورة كما جاء في رواية أخرى لمسلم (945)(56). وانظر: الفتح (3/ 193).
عازب رضي الله عنه: ما كل ما نحدثكم به سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كان يحدّث بعضنا بعضاً، وكلنا كنا لا نكذب.
قال الشيخ العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المسند: هذا الحديث من مراسيل الصحابة يقيناً، فإن عبد الله بن عمر إنما سمعه من أبي هريرة ومن عائشة حين صدقت أبا هريرة وكانوا يصدقون بعضهم بعضاً فيروي أحدهم ما سمع من أخيه ثقة به وتصديقاً.
إلا أن هذا الحديث محفوظ عن أبي هريرة وقد خالفه ثقتان فالقول قولهما، والله تعالى أعلم.
الخلاصة:
متن الحديث صحيح وقد أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفي بعض ألفاظه: «مَنْ تبع جنازة فصلّى عليها فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان القيراط أعظم من أُحد» .
سلمة بن كهيل
اسمه ونسبه:
سلمة بن كهيل بن حصين الحضرمي، أبو يحيى الكوفي.
ولد سنة 47 ومات يوم عاشوراء سنة 121، وقيل: 122، وقيل:123.
دخل على ابن عمر وزيد بن أرقم، وروى عن أبي جحيفة وجندب، وابن أبي أوفى، وأبي الطفيل وجماعة.
روى عنه: إسماعيل بن أبي خالد والأعمش وزيد بن أبي أنيسة وشعبة والثوري ومنصور وحماد بن سلمة وجماعة.
قال سفيان: حدثنا سلمة بن كهيل وكان ركناً من الأركان.
قال أحمد: متقن للحديث.
وقال ابن معين: ثقة.
وقال أبو حاتم: ثقة متقن.
وقال النسائي: ثقة ثبت.
وقال أبو زرعة: ثقة مأمون ذكي.
وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة ثبت في الحديث وكان فيه تشيُّع قليل.
وقال جرير: لما قدم شعبة البصرة قالوا له: حدِّثنا عن ثقات أصحابك، فقال: إن حدثتكم عن ثقات أصحابي فإنما أحدثكم عن نفر يسير من هذه الشيعة: الحكم بن عتيبة، وسلمة، وحبيب بن أبي ثابت، ومنصور.
وقال طلحة بن مصرف: ما اجتمعنا بمكان إلا غلبنا هذا القصير على أمرنا يعني سلمة بن كهيل.
قال ابن حجر: ثقة يتشيع، من الرابعة.
الحديث
(1)
:
489 -
قال البخاري في صحيحه (2426): حدثنا آدم حدثنا شعبة، وحدثني محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن سلمة سمعت سويد بن غَفَلة قال:
لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقال: أخذت صرة مائة دينار فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «عرِّفها حولاً» فعرّفتها حولاً فلم أجد مَنْ يعرفها، ثم أتيته فقال:«عرِّفها حولاً» فعرّفتها فلم أجد، ثم أتيته ثلاثاً فقال:«احفظ وعاءها وعددها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها» فاستمتعت بها، فلقيته بعد بمكة فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولاً واحداً.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
(1)
رجال الإسناد:
آدم بن أبي إياس عبد الرحمن العسقلاني، أصله خراساني يكنى أبا الحسن، نشأ ببغداد، ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة 221، روى له البخاري. (انظر ترجمته في الطبقة التاسعة).
شعبة بن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث (انظر ترجمته في بابه).
محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، بندار، ثقة، من العاشرة، مات سنة 252 وله بضع وثمانون سنة، روى له البخاري ومسلم.
سويد بن غفلة أبو أمية الجعفي، مخضرم، من الثانية، من كبار التابعين، قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وسلم وكان مسلماً في حياته ثم نزل الكوفة ومات سنة 80 وله 130 سنة، روى له البخاري ومسلم.
أُبي بن كعب بن قيس
…
ابن النجار الأنصاري الخزرجي أبو المنذر سيد القراء من فضلاء الصحابة، وحديثه في الصحيحين.
وأخرجه مسلم في صحيحه (1723) من طريق غندر وأبي بكر ابن نافع كلاهما عن شعبة به.
وقد تابع شعبة جمع فرووه عن سلمة كذلك، منهم:
سفيان الثوري، والأعمش، ووكيع، وحماد بن سلمة، وعبد الله بن جعفر الرقي، وزيد بن أبي أنيسة، وحديث هؤلاء كلهم أخرجه مسلم في صحيحه (1723)
(1)
.
هكذا قال سلمة في حديثه: إن اللقطة يعرِّفها صاحبها ثلاثة أعوام.
وفي حديث حماد بن سلمة عنه (عامين أو ثلاثة).
وهذا وهم من سلمة بن كهيل كما ذكر أهل العلم، وقد سأله شعبة كما في حديث الباب فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولاً واحداً، ثم يظهر بعد ذلك تثبت بعد تردده فقال: عاماً.
فقد روى مسلم (1723)(10) من طريق بهز عن شعبة في هذا الحديث.
قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرِّفها عاماً واحداً وهذا هو الموافق للأحاديث الصحيحة منها حديث زيد بن خالد الجهني
(2)
، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص
(3)
.
(1)
وانظره في باب عمارة بن غزية فقد وهم في الإسناد فقال: (عن سلمة بن كهيل، عن صعصعة بن صوحان) بدلاً من سويد بن غفلة.
(2)
أخرجه البخاري (2427، 2428) ومسلم (1722).
(3)
أبو داود (1708) و (1710) وأحمد (2/ 180) ضمن حديث طويل.
قال الحافظ في الفتح (5/ 79): قوله: (فلقيته بعد بمكة) القائل شعبة، والذي قال: لا أدري، هو شيخه سلمة بن كهيل، وقد بيّنه مسلم من رواية بهز بن أسد عن شعبة أخبرني سلمة بن كهيل واختصر الحديث، قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرِّفها عاماً واحداً، وقد بيّنه أبو داود الطيالسي في مسنده
…
وأغرب ابن بطال فقال: الذي شكّ فيه هو أبي بن كعب والقائل هو سويد بن غفلة، انتهى. ولم يصب في ذلك وإن تبعه جماعة منهم المنذري بل الشك فيه من أحد رواته وهو سلمة
…
وجمع بعضهم بين حديث أبي بن كعب وحديث زيد بن خالد فإنه لم يختلف عليه في الاقتصار على سنة واحدة فقال: (يحمل حديث أبي بن كعب على مزيد الورع عن التصرف في اللقطة والمبالغة في التعفف عنها وحديث زيد على ما لا بد منه أو لاحتياج الأعرابي واستغناء أُبيّ) انتهى.
الدلالة الفقهية:
1 دلّ هذا الحديث على أن اللقطة تعرَّف ثلاثة أعوام لكن لم يقل بذلك أحد من أئمة الفتوى إلا رواية عن عمر رضي الله عنه.
قال في الفتح (5/ 79): (قال المنذري: لم يقل أحد من أئمة الفتوى: إن اللقطة تعرّف ثلاثة أعوام إلا شيء جاء عن عمر.
قال الحافظ: وقد حكاه الماوردي عن شواذ من الفقهاء وحكى ابن المنذر عن عمر أربعة أقوال يعرِّفها ثلاثة أحوال، عاماً واحداً ثلاثة أشهر، ثلاثة أيام ويحمل ذلك على عظم اللقطة وحقارتها، وزاد ابن حزم عن عمر قولاً خامساً وهو أربعة أشهر. وجزم ابن حزم وابن
الجوزي بأن هذه الزيادة غلط قال: والذي يظهر أن سلمة أخطأ فيها ثم تثبت واستذكر واستمر على عام واحد ولا يؤخذ إلا بما لم يشك فيه راويه) انتهى كلام الحافظ.
2 ذهب جمهور الفقهاء إلى أن مدة التعريف سنة، وبذلك قال الأئمة الأربعة.
قال في المغني (6/ 320): في قدر التعريف وذلك سنة، روي ذلك عن عمر وعلي وابن عباس وبه قال ابن المسيب والشعبي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، وروي عن عمر رواية أخرى أنه يعرّفها ثلاثة أشهر وعنه ثلاثة أعوام لحديث أبي بن كعب.
الخلاصة:
حديث أبي بن كعب رضي الله عنه صحيح متفق عليه إلا أن سلمة بن كهيل وهم في روايته أن اللقطة تعرَّف ثلاثة أعوام.
وقد ذكر البخاري أن شعبة سأله بعد ذلك فرواه على الشك فقال: لا أدري ثلاثة أعوام أو عاماً واحداً.
ثم بيّن مسلم أن سلمة بعد ذلك صار يقول: عرِّفها عاماً واحداً وهذا هو الموافق لغيره من الأحاديث الصحيحة وعمل أهل العلم، والله تعالى أعلم.
سليمان التيمي
سليمان بن بلال التيمي القرشي مولاهم، أبو محمد، ويقال: أبو أيوب المدني، نزل في التيم فنسب إليهم.
روى عن: زيد بن أسلم، وعبد الله بن دينار، وصالح بن كيسان، وحميد الطويل، وابن عجلان، وهشام بن عروة، ويحيى بن سعيد، وجعفر الصادق، وجماعة.
روى عنه: عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وأبو عامر العقدي، وإسماعيل بن أبي أويس وأخوه أبو بكر والقعنبي وجماعة.
قال ابن معين: ثقة صالح.
وقال أيضاً: إنما وضعه عند أهل المدينة أنه كان على السوق، وكان أروى الناس عن يحيى بن سعيد.
وقال أبو طالب عن أحمد: لا بأس به، ثقة.
وقال الذهلي: ما ظننت أن عند سليمان بن بلال من الحديث ما عنده حتى نظرت في كتاب ابن أبي أويس، فإذا هو قد تبحر حديث المدنيين.
وقال ابن سعد: كان بربرياً جميلاً عاقلاً حسن الهيئة وكان يفتي بالبلد وولي خراج المدينة وكان ثقة كثير الحديث.
مات سنة 177 بالمدينة.
قال ابن حجر: ثقة عابد، من الرابعة.
الحديث الأول
(1)
:
490 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 415): حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا جرير عن سليمان التيمي، عن قتادة، عن أبي غلاب حِطّان بن عبد الله الرقاشي، عن أبي موسى رضي الله عنه قال:
علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قمتم إلى الصلاة فليؤمكم أحدكم، وإذا قرأ الإمام فأنصتوا» .
التعليق:
وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه مسلم في صحيحه (404)(63)، وأبو داود (973)، وابن ماجه (847)، وأبو عوانة (1696، 1697)، والدارقطني (1/ 330)، والبيهقي (2/ 155)، وأبو نعيم الأصبهاني في مستخرجه (898) من طرق عن جرير عن سليمان به. وقد تابعه المعتمر بن سليمان فرواه عن أبيه كذلك كما عند أبي عوانة وأبي داود.
(1)
رجال الإسناد:
علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم، أبو الحسن ابن المديني البصري ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله حتى قال البخاري: ما استصغرت نفسي إلا عند علي بن المديني
…
، من العاشرة، مات سنة 234 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
جرير بن عبد الحميد: تقدم، انظره في بابه.
يونس بن جبير الباهلي، أبو غلاب البصري ثقة، من الثالثة، مات قبل المائة بعد التسعين، أوصى أن يصلي عليه أنس بن مالك، روى له البخاري ومسلم.
حطان بن عبد الله الرقاشي البصري، ثقة، من الثانية، مات في ولاية بشر على العراق بعد السبعين، روى له مسلم.
ولم يسق مسلم لفظه وإنما قال بعد أن أخرج الحديث من طريق آخر عن قتادة قال: (وفي حديث جرير عن سليمان التيمي عن قتادة من الزيادة: (وإذا قرأ فأنصتوا) وليس في حديث أحد منهم) وليس مراد مسلم رد هذه الزيادة فقد روى عنه قوله، تريد أحفظ من سليمان.
وقد أعلّ الأئمة النقاد هذه الزيادة وقالوا: إن سليمان قد وهم فيها على قتادة إذ خالفه أصحاب قتادة الثقات الذين رووا هذا الحديث ولم يذكروا فيه هذه الزيادة، منهم:
هشام الدستوائي
(1)
، وسعيد بن أبي عروبة
(2)
، وأبو عوانة
(3)
، ومعمر
(4)
، وشعبة
(5)
، وأبان
(6)
، وهمام
(7)
، وعدي بن أبي عمارة
(8)
، وحماد بن سلمة
(9)
، والحجاج بن الحجاج الباهلي
(10)
.
وقد سبق قول مسلم: إن هذه الزيادة تفرد بها سليمان التيمي.
وقال أبو داود عقب الحديث: (وقوله: (فأنصتوا) ليس بمحفوظ لم يجاء به إلا سليمان التيمي في هذا الحديث).
وقال الدارقطني في سننه (1/ 330): (رواه هشام الدستوائي، وسعيد، وشعبة، وهمام، وأبو عوانة، وأبان، وعدي بن أبي عمارة
(1)
مسلم (404)(63).
(2)
مسلم (404)(63).
(3)
مسلم (404)(62).
(4)
مسلم (404)(64) وعبد الرزاق (3065) وأحمد (4/ 393) وأبو عوانة (1684).
(5)
أبو عوانة (1684).
(6)
أبو عوانة (1684) والطحاوي (1/ 221).
(7)
الطحاوي (1/ 265، 238).
(8)
ذكره الدارقطني في السنن (1/ 330).
(9)
ذكرهما البيهقي في جزء (القراءة خلف الإمام).
(10)
ذكرهما البيهقي في جزء (القراءة خلف الإمام).
كلهم عن قتادة فلم يقل أحد منهم: (وإذا قرأ فأنصتوا) وهم أصحاب قتادة الحفاظ عنه).
وقال البيهقي في السنن: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: سمعت أبا علي الحافظ
(1)
يقول: خالف جرير عن التيمي أصحاب قتادة كلهم في هذا الحديث، والمحفوظ عن قتادة رواية هشام الدستوائي، وهمام وسعيد بن أبي عروبة ومعمر بن راشد وأبي عوانة والحجاج بن الحجاج ومَن تابعهم على روايتهم يعني دون هذه اللفظة.
ثم قال البيهقيّ: ووهن أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمهم الله هذه الزيادة في هذا الحديث
(2)
.
وقال البيهقي أيضاً: قال أبو عبد الله: إن أبا المعتمر سليمان التيمي رحمه الله أحد أئمة أهل البصرة إتقاناً وورعاً وهو قريب من قتادة في الإسناد والمتن، ورواية الأقران بعضهم يرتفع فيها الوهم، قال: فإن من العادة أن المستفيد المبتداء يضبط الخبر عن العالم بخلاف ما يضبطه مَنْ هو مثله من أقرانه في المذاكرة، وقد وجدنا كافة الثقات المشهورين من أصحاب قتادة بالرواية عنه وملازمته وحفظ حديثه والتمييز بين ما دلس فيه وما سمع من شيوخه قد خالفوا سليمان التيمي في ذكره هذه اللفظة مثل شعبة بن الحجاج وحماد بن سلمة
(1)
أبو علي الحافظ: هو الحسين بن علي بن يزيد بن داود النيسابوري الحافظ الإمام محدث الإسلام أحد جهابذة الحديث، شيخ الحاكم، قال الحاكم: هو واحد عصره في الحفظ والإتقان والورع والمذاكرة والتصنيف، ولد سنة 277 وتوفي سنة 349، انظر: تاريخ بغداد (8/ 71 - 72) وتذكرة الحفاظ (3/ 902) وسير أعلام النبلاء (16/ 51).
(2)
السنن الكبرى (2/ 156) وجزء القراءة خلف الإمام.
وأبي هلال الراسبي وعمر بن إبراهيم وأبان بن يزيد وغيرهم كما ذكره أبو علي
(1)
اه.
وقال الدارقطني في الإلزامات والتتبع:
وقد خالف التيمي جماعة، منهم: هشام الدستوائي، وشعبة، وسعيد، وأبان، وهمام، وأبو عوانة، ومعمر، وعدي بن أبي عمارة.
رووه عن قتادة ولم يقل أحد منهم: (وإذا قرأ فأنصتوا).
وقد روى عن عمر بن عامر عن قتادة متابعة التيمي، وعمر ليس بالقوي تركه يحيى القطان
(2)
وفي اجتماع أصحاب قتادة على خلاف التيمي دليل على وهمه، والله تعالى أعلم.
قال أبو الفضل ابن عمار الشهيد: وقوله: (وإذا قرأ فأنصتوا) هو عندنا وهم من التيمي ليس بمحفوظ لم يذكره الحفاظ من أصحاب قتادة مثل سعيد ومعمر وأبي عوانة والناس
(3)
.
وأخرج الحديث البزار في مسنده (2/ 89) من طريق جرير والمعتمر وقال: وقد روى هذا الحديث جماعة عن قتادة بهذا الإسناد، ولا نعلم أحداً قال فيه:(وإذا قرأ الإمام فأنصتوا) إلا التيمي، إلا حديثاً
(1)
الخلافيات للبيهقي (مختصره 2/ 124).
(2)
رواه الدارقطني (1/ 330) ومن طريقه البيهقي (2/ 156) من طريق سالم بن نوح عن عمر بن عامر، وقال الدارقطني: سالم بن نوح ليس بالقوي.
قلت: سالم بن نوح، وعمر بن عامر. قال في التقريب عنهما: صدوق له أوهام.
(3)
علل الحديث في كتاب الصحيح (1/ 78).
حدثناه محمد بن يحيى القطيعي قال: أخبرنا سالم بن نوح عن عمر بن عامر
…
) الحديث. اه.
وانظر: العلل للدارقطني (7/ 252 - 255).
وسيأتي الكلام على هذه الزيادة في باب محمد بن عجلان، ح (1280)، فانظره.
الحديث الثاني
(1)
:
491 -
قال الإمام أحمد (3/ 117): حدثنا أسباط بن محمد، ثنا التيمي، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال:
كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت «الصلاة وما ملكت أيمانكم، الصلاة وما ملكت أيمانكم» حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغَرغِرُ بها صدره، وما يكاد يفيضُ بها لسانه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
والحديث أخرجه ابن ماجه (2697) من طريق أحمد بن المقدام، عن المعتمر بن سليمان: سمعت أبي يحدّث عن قتادة عن أنس به، وأبو يعلى (2990، 2933) من طريق المعتمر، وابن سعد في الطبقات (2/ 253) عن أسباط به.
ورواه الضياء في المختارة (2420 - 2425) من طريق أبي شهاب عبد ربه بن نافع وزهير بن معاوية وجرير والمعتمر بن سليمان كلهم عن سليمان التيمي به، وابن عساكر في تاريخه (7/ 62).
هكذا قال سليمان: (عن قتادة، عن أنس).
(1)
رجال الإسناد:
أسباط بن محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة القرشي، مولاهم أبو محمد، ثقة ضُعف في الثوري، مات سنة 200، روى له البخاري ومسلم.
قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه، مات سنة بضع عشرة ومائة، روى له البخاري ومسلم.
خالفه سعيد بن أبي عروبة
(1)
وأبو عوانة
(2)
فقالا: (عن قتادة، عن سفينة مولى أم سلمة، عن أم سلمة).
ورواه همَّام
(3)
«عن قتادة، عن أبي الخليل، عن سفينة، عن أم سلمة) زاد في الإسناد رجلاً.
وقد اختلف فيه أيضاً على سليمان.
فرواه سفيان الثوري وزهير وغيرهما عن سليمان عن أنس
(4)
.
وقال النسائي: سليمان التيمي لم يسمع هذا الحديث من أنس.
قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 110): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه المعتمر بن سليمان عن أبيه (سليمان التيمي) عن قتادة، عن أنس قال: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت: الصلاة وما ملكت أيمانكم.
قال أبي: نرى أن هذا خطأ، والصحيح حديث همام، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن سفينة، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
أحمد (6/ 290، 315) والنسائي في الكبرى (7098) وابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 166 مسند علي) وأبو يعلى (6936).
(2)
الطبراني في الكبير (23/ 690) ويعقوب بن سفيان في المعرفة (3/ 354) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/ 227) والبيهقي في الدلائل (7/ 205).
(3)
النسائي (7100) والطبراني في الكبير (23/ 691) و (897) وأبو يعلى (6979) وابن سعد في الطبقات (2/ 254) وعبد بن حميد (1542) وابن ماجه (1625) وأحمد (6/ 311، 321).
(4)
النسائي في الكبرى (7094) والضياء في المختارة (2155، 2156) وابن سعد في الطبقات (2/ 253).
وقال أبو زرعة: رواه سعيد بن أبي عروبة فقال: عن قتادة، عن سفينة، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال: وابن أبي عروبة أحفظ، وحديث همام أشبه زاد همام رجلاً.
وقال الدارقطني: رواه سعيد بن أبي عروبة وأبو عوانة عن قتادة عن سفينة عن أم سلمة.
وقال همام: عن قتادة عن أبي الخليل عن سفينة عن أم سلمة وهذا أصح، والله تعالى أعلم»
(1)
.
وكذا صحح البيهقي رواية همام
(2)
.
قال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 631 - 632): (قال أبو بكر الأثرم في كتاب الناسخ والمنسوخ: كان التيمي من الثقات، ولكن كان لا يقوم بحديث قتادة.
وقال أيضاً: لم يكن التيمي من الحفاظ من أصحاب قتادة وذكر له أحاديث وهم فيها عن قتادة وذكر منها هذا الحديث، ثم قال: وإنما رواه قتادة عن أبي الخليل عن سفينة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أي الأثرم): وهذا خطأ فاحش) اه.
(1)
الضياء في الأحاديث المختارة (7/ 37).
(2)
دلائل النبوة (7/ 205).
الحديث الثالث
(1)
:
492 -
قال الإمام النسائي رحمه الله (8/ 335): أخبرني أَحْمَدُ بن عَلِيِّ بن سَعِيد بن إبراهيم قال: حدثنا الْقَوَارِيرِيُّ قال: حدثنا مُعْتَمِرُ بن سُلَيْمَانَ عن أبيه عن مُحَمَّدٍ عن عَبِيدَةَ عن ابن مَسْعُودٍ قال: أَحْدَثَ الناس أَشْرِبَةً ما أَدْرِي ما هِيَ فما لي شَرَابٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَة أو قال: أَرْبَعِينَ سَنَةً إلا الْمَاءُ وَالسَّوِيقُ غير أنَّهُ لم يذكر النَّبِيذَ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله رجال الصحيح غير شيخ النسائي أحمد بن علي وهو ثقة حافظ.
وأخرجه النسائي في الكبرى بنفس الإسناد (6846).
هكذا قال سليمان التيمي: (عن محمد، عن عبيدة، عن ابن مسعود).
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن علي بن سعيد بن إبراهيم المروزي القاضي، ثقة حافظ، من الثانية عشرة، مات سنة 292 وله نحو من تسعين سنة، روى له النسائي.
عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري، أبو سعيد البصري نزيل بغداد، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة 235 وله 85 سنة، روى له البخاري ومسلم.
معتمر بن سليمان التيمي، أبو محمد البصري، ثقة من كبار التاسعة، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن سيرين الأنصاري البصري، ثقة عابد كبير القدر، من الثالثة، مات سنة 110، روى له البخاري ومسلم.
عبيدة بن عمرو السلماني، أبو عمرو الكوفي، تابعي كبير مخضرم فقيه ثبت، كان شريح إذا أشكل عليه شيء يسأله، مات سنة 72 أو بعدها، والصحيح أنه مات قبل سنة سبعين، روى له البخاري.
عبد الله بن مسعود، صحابي مشهور.
خالفه عبد الله بن عون
(1)
، ويونس بن عبيد
(2)
، ومنصور بن زاذان
(3)
، وأيوب السختياني
(4)
، ويحيى بن عتيق
(5)
، وهشام بن حسان
(6)
فقالوا: (عن محمد بن سيرين، عن عبيدة) لم يذكروا ابن مسعود.
ولا شك أن رواياتهم مقدَّمة على رواية سليمان فإن أوثق الناس في محمد بن سيرين هما: أيوب وابن عون كما قال علي بن المديني
(7)
والدارقطني
(8)
.
وظاهر صنيع النسائي تقديم روايتهم على رواية التيمي فقد أورد حديث سليمان ثم أعقبه بحديث ابن عون ويونس ومنصو
(9)
(*).
(1)
النسائي (8/ 335).
(2)
النسائي في الكبرى (6847).
(3)
النسائي في الكبرى (6847).
(4)
ابن سعد (6/ 95).
(5)
ابن سعد (6/ 95).
(6)
عبد الرزاق (17020) وابن سعد (6/ 95) وابن أبي شيبة (23761).
(7)
العلل لابن المديني (ص 64) وشرح علل الترمذي (2/ 688).
(8)
شرح علل الترمذي (2/ 689) وزاد الدارقطني سلمة بن علقمة ويونس بن عبيد.
(9)
*) قال ابن رجب في شرح العلل: تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث بدأ بما هو غلط، ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له.
صالح بن كيسان
صالح بن كيسان المدني، أبو محمد، ويقال: أبو الحارث مولى بني غفار مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز.
رأى ابن عمر وابن الزبير، وقد قال يحيى بن معين: إنه سمع منهما.
روى عن سالم بن عبد الله بن عمر، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، ونافع مولى ابن عمر، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج وجماعة، ونزل إلى الزهري وهو أكبر منه وإلى ابن عجلان وإلى أبي الزناد وهما أصغر منه.
روى عنه: عمرو بن دينار وهو أكبر منه، وموسى بن عقبة وهو من طبقته، وابن عجلان وابن إسحاق وابن جريج ومالك ومعمر وجماعة.
سئل عنه أحمد بن حنبل فقال: بخ بخ.
وقال ابن معين: ليس في أصحاب الزهري أثبت من مالك ثم صالح بن كيسان.
وقال أبو حاتم: أحب إليّ من عقيل لأنه حجازي وهو أسن، رأى ابن عمر وهو ثقة يعد من التابعين.
وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث.
وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: معمر أحب إليّ، وصالح ثقة.
وكذلك وثقه النسائي وابن خراش والعجلي وابن حبان وجماعة.
قال ابن حجر: ثقة ثبت فقيه، من الرابعة.
الحديث الأول
(1)
:
493 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (7449): حدثنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(1)
رجال الإسناد:
عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو الفضل البغدادي قاضي أصبهان، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة 260 وله 70 سنة، روى له البخاري ومسلم.
يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو يوسف المدني، نزيل بغداد، ثقة فاضل، من صغار التاسعة، مات سنة 188، روى له البخاري ومسلم.
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو إسحاق المدني نزيل بغداد، ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة 185، روى له البخاري ومسلم.
صالح بن كيسان المدني، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، ثقة ثبت فقيه، من الرابعة، مات بعد سنة ثلاثين أو بعد الأربعين، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أبو داود المدني، مولى ربيعة بن الحارث، ثقة ثبت عالم، من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
هكذا روى صالح بن كيسان عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث اختصام الجنة والنار وفيه: (فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحداً وإنه ينشاء للنار مَنْ يشاء فيلقون فيها
…
).
خالفه أبو الزناد عبد الله بن ذكوان
(1)
فرواه عن الأعرج عن أبي هريرة وقال فيه: (فأما النار فلا تمتلاء فيضع قدمه عليها فتقول: قط قط فهنالك تمتلاء ويزوى بعضها إلى بعض).
ورواه معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة وفيه: (فأما النار فلا تمتلاء حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله فتقول: قط قط قط، فهناك تمتلاء ويزوى بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن الله ينشاء لها خلقاً)
(2)
.
ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن أنس وفيه: (لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط بعزتك وكرمك.
ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشاء الله لها خلقاً فيسكنهم فضل الجنة)
(3)
.
(1)
مسلم (2846).
(2)
البخاري (4850) ومسلم (2846).
(3)
مسلم (2848).
ورواه أيوب
(1)
وهشام
(2)
عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وفيه: (فأما الجنة فإن الله عز وجل لا يظلم من خلقه أحداً وإنها ينشئ لها من خلقه ما شاء، وأما النار فيلقون فيها وتقول: هل من مزيد ويلقون فيها وتقول: هل من مزيد حتى يضع ربنا عز وجل فيها قدمه فهنالك تمتلاء وينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط).
ورواه شعبة
(3)
وشيبان
(4)
عن قتادة عن أنس ولفظه: (لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول: قط قط).
وكذلك رواه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة
(5)
، وعمار بن أبي عمار عن أبي هريرة
(6)
.
لذا أنكر بعض أهل العلم قوله في هذا الحديث: (إنه ينشاء للنار مَنْ يشاء فيلقون فيها) وإنه انقلب على راويه، والصحيح كما رواه همام بن منبه وغيره عن أبي هريرة:(وأما الجنة فإن الله ينشاء لها خلقاً، وأما النار فإن الله لا يظلم من خلقه أحداً).
قال ابن الملقن: «قال أبو الحسن: لا أعلم في شيء من
(1)
النسائي (11522) وأحمد (2/ 276).
(2)
أحمد (2/ 507).
(3)
البخاري (4848).
(4)
البخاري (7449).
(5)
الترمذي (2557) وأحمد (2/ 368).
(6)
الدارمي (2849) وإسحاق (121).
الأحاديث أنه ينشاء للنار إلا في هذا الحديث، والمعروف أنه للجنة وأنه يضع قدمه في جهنم»
(1)
.
قال ابن القيم: وأما الحديث الذي قد ورد في صحيح البخاري في قوله: (وأما النار فينشاء الله خلقاً آخرين) فغلط وقع من بعض الرواة انقلب عليه الحديث، وهو إنما ساقه البخاري في الباب نفسه، وأما الجنة فينشاء الله لها خلقاً آخرين. ذكره البخاري رحمه الله مبيناً أن الحديث انقلب لفظه على مَنْ رواه بخلاف هذا»
(2)
.
وقال أيضاً: «الروايات الصحيحة ونص القرآن يرده فإن الله سبحانه وتعالى أخبر أنه يملأ جهنم من إبليس وأتباعه فإنه لا يعذب إلا مَنْ قامت عليه حجته وكذّب رسله، قال تعالى:{ .. كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)} {قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ
…
(9)} ولا يظلم الله أحداً من خلقه»
(3)
.
(4)
.
ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذا الحديث مما انقلب على بعض الرواة
(5)
.
(1)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح (33/ 356) وعمدة القاري (25/ 137).
(2)
حادي الأرواح (1/ 258).
(3)
حادي الأرواح (1/ 278).
(4)
أحكام أهل الذمة (2/ 1107 - 1108).
(5)
زاد المعاد (1/ 439).
وقال العيني: «قال الكرماني: واعلم أن هذا الحديث مر في سورة ق بعكس هذه الرواية، قال ثمة: وأما النار فتمتلاء ولا يظلم الله من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن الله ينشاء لها خلقاً. كذا في صحيح مسلم، وقيل: هذا وهم من الراوي إذ تعذيب غير العاصي لا يليق بكرم الله تعالى بخلاف الإنعام على غير المطيع.
ثم قال الكرماني: لا محذور في تعذيب الله مَنْ لا ذنب له إذ القاعدة القائلة بالحسن والقبح العقليين باطلة فلو عذّبه لكان عدلاً والإنشاء للجنة لا ينافي الإنشاء للنار والله يفعل ما يشاء فلا حاجة إلى الحمل على الوهم»
(1)
.
قلت: نعم للّه أن يفعل ما يشاء لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، إلا أنه في هذه الرواية حكمنا بوقوع الوهم لأنه ظاهر وهمه فقد خالفه غيره ولو اتفق الرواة على ما جاء في هذه الرواية، لكان ما قاله صحيحاً.
وقال الحافظ: «وجزم ابن القيم بأنه غلط واحتج بأن الله تعالى أخبرنا أن جهنم تمتلاء من إبليس وأتباعه.
وكذا أنكر الرواية شيخنا البلقيني واحتج بقوله: { .. وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)} [الكهف: 49] ثم قال: وحمله على أحجار تلقى في النار أقرب من حمله على ذي روح يعذب بغير ذنب، انتهى. ويمكن التزام أن يكونوا من ذوي الأرواح ولكن لا يعذَّبون كما في الخزنة
…
»
(2)
.
(1)
عمدة القاري (25/ 137).
(2)
فتح الباري (13/ 437).
علة الوهم:
جاء في الحديث ذكر الجنة والنار وأن الجنة ينشاء الله خلقاً فيُسكنهم فضل الجنة فوهم أحد الرواة فذكر النار بدلاً من الجنة، والله تعالى أعلم.
الحديث الثاني
(1)
:
494 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 403): حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي عن صالح بن كيسان قال: حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب، أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«ليس الكذّاب الذي يُصلح بين الناس فَيَنْمِي خيراً أو يقول خيراً» وقالت: لم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته أو حديث المرأة زوجها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه مسلم (2605) عن عمرو الناقد عن يعقوب بن إبراهيم به.
(1)
رجال الإسناد:
يعقوب بن إبراهيم: تقدم، انظر الحديث السابق.
إبراهيم بن سعد: تقدم في الحديث السابق.
حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني ثقة من الثانية، مات سنة 105 على الصحيح، وقيل: إن روايته عن عمر مرسلة، روى له البخاري ومسلم.
أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط الأموية، أسلمت قديماً وهي أخت عثمان لأمه، صحابية لها أحاديث، ماتت في خلافة علي رضي الله عنه، روى لها البخاري ومسلم.
وأخرجه النسائي في الكبرى (8642) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2918) والبيهقي (10/ 197) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 258) كلهم من طريق يعقوب به.
وخالفه يونس بن يزيد
(1)
، ومعمر بن راشد
(2)
فروياه عن الزهري بهذا الإسناد وقالا في آخره قال ابن شهاب: ولم أسمع يُرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث
…
ففصلا كلام الزهري من الحديث المرفوع، وأدرجه صالح بن كيسان فجعله كله من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أخرج الإمام البخاري هذا الحديث في صحيحه
(3)
من طريق صالح بن كيسان عن الزهري مقتصراً على الشطر الأول المرفوع دون الزيادة التي هي من قول الزهري، فكأن البخاري رحمه الله حذفها عمداً.
وكذلك أخرجه إسحاق (2330) من طريق النضر عن صالح دون ذكر الزيادة.
هكذا فصل يونس كلام النبي صلى الله عليه وسلم من كلام الزهري وهو من ألزم الناس له، كان الزهري إذا قدم أيلة نزل على يونس وإذا سار إلى المدينة زامله يونس.
وقد روى هذا الحديث عن الزهري جمع من أصحابه دون ذكر هذه الزيادة، منهم:
(1)
مسلم (2605).
(2)
الخطيب في الفصل للوصل (1/ 274، 275).
(3)
من طريق إبراهيم بن سعد، وأخرجه النسائي في الكبرى (8642) من طريق إبراهيم بن سعد عن صالح مدرجاً قول الزهري في المرفوع.
معمر
(1)
، ومالك
(2)
، وسفيان بن عيينة
(3)
، وشعيب بن أبي حمزة
(4)
، وأيوب السختياني
(5)
، وعبد الرحمنبن إسحاق
(6)
، وسفيان بن حسين
(7)
، وعقيل بن خالد
(8)
، وعبد الله بن أبي زياد
(9)
، ومحمد بن أبي حفصة
(10)
، والأوزاعي
(11)
، وبرد بن سنان
(12)
، ويحيى بن عتيق
(13)
وغيرهم كما سيأتي.
وكذلك رواه عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن أم كلثوم بنت عقبة ولم يذكر هذه الزيادة
(14)
.
قال الحافظ في الفتح (5/ 300): (وهذه الزيادة مدرجة، بيَّن
(1)
مسلم (2605) وعبد الرزاق (20196) وإسحاق (2335) والبخاري في الأدب المفرد (385) وأبو داود (4919) والترمذي (1938) وعبد بن حميد (1590) وابن جرير في تهذيب الآثار (3/ 133 مسند علي) والطبراني (25/ 184) والطيالسي (1671).
(2)
ابن حبان (5733) والطحاوي في شرح المشكل (2916) والطبراني (25/ 186) وفي الأوسط (8655).
(3)
أبو داود (4920) والطبراني (25/ 200).
(4)
الطحاوي (2917) والطبراني (25/ 168) وفي مسند الشاميين (3068).
(5)
الطحاوي (2920) والطبراني (25/ 195) وفي الأوسط (3020) و (5058) والدولابي في الأسماء والكنى (1556) والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 380).
(6)
أحمد (6/ 430) والطبراني (25/ 190).
(7)
الطبراني (25/ 183).
(8)
الطبراني (25/ 189).
(9)
الطبراني (25/ 187).
(10)
الطبراني (25/ 191).
(11)
الطبراني (25/ 198).
(12)
الطبراني (25/ 198).
(13)
الطبراني (25/ 201) وفي الأوسط (5373).
(14)
الطبراني (25/ 202).
ذلك مسلم في روايته من طريق يونس عن الزهري فذكر الحديث قال: وقال الزهري، وكذا أخرجها النسائي مفردة من رواية يونس وقال: يونس أثبت في الزهري من غيره، وجزم موسى بن هارون وغيره بإدراجها).
وقال الدارقطني في العلل (15/ 358): يُقال: إن هذا ليس من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام الزهري ومَن قال فيه، قالت: ولم يرخص
…
فقد وهم وإنما هو قال: يعني الزهري.
وقال ابن حبان في المجروحين (2/ 147): (وأما الناس فإنهم رووا هذا الخبر عن الزهري بإسناده عن حميد عن أمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الكذاب الذي يُصلح بين اثنين فينمي خيراً فقط» هكذا رواه مالك ومعمر وعقيل ويونس).
وقال الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 267): قال موسى بن هارون وقد ذكرنا أنه وقع في هذا الحديث وهم غليظ ولعمري إنه لوهم غليظ جداً، لأن هذا الكلام إنما هو قول الزهري أنه لم يسمع يرخص في الكذب إلا في الثلاث خصال، وإنما روى الزهري عن حميد عن أمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ليس بالكاذب مَنْ أصلح بين الناس فقال خيراً أو نمى خيراً» ليس في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من هذا.
واتفق على هذه الرواية أيوب السختياني ومالك بن أنس وصالح ابن كيسان وموسى بن عقبة ومحمد بن عبد الله بن أبي عتيق ومعمر بن راشد والنعمان بن راشد وعُقيل بن خالد ويونس بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة وعبد الرحمن بن إسحاق ومحمد بن الوليد الزبيدي وسفيان بن حسين
…
قال موسى: وإنما هذا قول ابن شهاب وليس هو متصلاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن ذلك يونس بن يزيد في عقب حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومعمر أيضاً قد ذكر قول الزهري في عقب حديث النبي صلى الله عليه وسلم رواه عبد الرزاق.
ثم قال الخطيب معقباً على قول موسى:
فأما قول موسى بن هارون: إن يونس بن يزيد فصل بين الكلامين وبيَّن أن قوله: (ولم أسمعه يرخص) كلام ابن شهاب، وأن معمراً رواه كذلك، فلعمري إن الأمر على ما قال ويقوي في نفسي أن الصواب معهما والقول قولهما، والله أعلم
(1)
.
(وسبق الحديث في باب ابن جريج ح (284) فانظره لزاماً).
فائدة:
قول الزهري: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث، قد جاء مرفوعاً من حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل الكذب إلا في ثلاث: يحدّث الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليُصلح بين الناس»
(2)
.
الأثر الفقهي:
تبين مما سبق أن الترخيص في الكذب في الصور المذكورة في
(1)
الفصل للوصل (1/ 272).
(2)
رواه الترمذي (1939) وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (3/ 133) مسند علي وأحمد (6/ 454، 459، 461) والطبراني في الكبير (24/ 420) وإسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب.
الحديث إنما هو من قول الزهري، ومع ذلك فقد استدل بهذا الحديث بعض أهل العلم.
قال النووي: قال القاضي: لا خلاف في جواز الكذب في هذه الصور، واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها ما هو.
فقالت طائفة: هو على إطلاقه، وأجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع للمصلحة، وقالوا: الكذب المذموم ما فيه مضرة، واحتجوا بقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم: { .. بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ
…
(63)} [الأنبياء: 63]، { .. إِنِّي سَقِيمٌ (89)} [الصافات: 89] وقوله: إنها أختي
…
وقال آخرون منهم الطبري: لا يجوز الكذب في شيء أصلاً، قالوا: وما جاء من الإباحة في هذا المراد به التورية واستعمال المعارض لا صريح الكذب.
الحديث الثالث
(1)
:
495 -
قال النسائي في الكبرى (6339): أخبرنا أبو داود سليمان بن سيف الحراني قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أن قبيصة بن ذؤيب أخبره:
أن الجدة جاءت إلى أبي بكر الصديق تسأله حقها فقال: ما أعلم لك شيئاً وسأسأل الناس، فلما صلّى الناس الصبح سألهم فقال المغيرة بن شعبة: أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس.
فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟
فقال محمد بن سلمة: أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها ذلك، فأعطاها ذلك أبو بكر.
قال ابن شهاب: لا أدري أي الجدّتين هي.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير شيخ النسائي سليمان بن سيف وهو ثقة حافظ.
(1)
رجال الإسناد:
سليمان بن سيف بن يحيى بن درهم الطائي مولاهم، أبو داود الحراني، ثقة حافظ من الحادية عشرة، مات سنة 272، روى له النسائي.
يعقوب بن إبراهيم: تقدم.
إبراهيم بن سعد: تقدم.
الزهري: تقدم.
قبيصة بن ذؤيب الخزاعي أبو سعيد أو أبو إسحاق المدني نزيل دمشق من أولاد الصحابة وله رؤية، مات سنة بضع وثمانين، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال صالح بن كيسان: (عن الزهري سمعت قبيصة
…
).
وخالفه مالك بن أنس
(1)
الإمام، وأبو أويس
(2)
فقالا: (عن الزهري، عن عثمان بن إسحاق بن خرشة، عن قبيصة بن ذؤيب).
ورواه سفيان بن عيينة
(3)
فقال: عن الزهري، عن رجل، عن قبيصة.
وهم صالح بن كيسان بذكره سماع الزهري هذا الحديث من قبيصة، والصحيح أنه لم يسمعه منه بينهما عثمان بن إسحاق بن خرشة.
وقد رواه أصحاب الزهري عنه بالعنعنة ولم يذكروا سماعاً، منهم:
سفيان بن عيينة
(4)
في رواية، والأوزاعي
(5)
، ومعمر
(6)
، وإسحاق بن راشد
(7)
، وشعيب بن أبي حمزة
(8)
، ويونس بن يزيد
(9)
،
(1)
أبو داود (2894) والترمذي (2101) وابن ماجه (2724) والنسائي في الكبرى (6345) وأحمد (4/ 225) وأبو يعلى (119) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6019) وابن الجارود (959) والطبراني في الكبير (511) وهو في الموطأ (2/ 513 رقم 1076).
(2)
ابن عبد البر في التمهيد (11/ 95).
(3)
الترمذي (2100) والنسائي (6345) والمروزي في مسند أبي بكر (129).
(4)
الترمذي (2100) وسعيد بن منصور في سننه (80) وابن أبي شيبة (31272) والحاكم (4/ 376).
(5)
النسائي (6340) والحاكم في معرفة علوم الحديث (1/ 15).
(6)
النسائي (6341) وعبد الرزاق (19083) وأحمد (4/ 225) والطبراني (511) و (1067).
(7)
النسائي (6342).
(8)
النسائي (6343) والطبراني في مسند الشاميين (3226).
(9)
النسائي (6344).
وأشعث بن سوار
(1)
هؤلاء كلهم قالوا: عن الزهري عن قبيصة.
لذا قال النسائي: الزهري لم يسمعه من قبيصة
(2)
.
وقال ابن عبد البر: «وأما رواية مالك لهذا الحديث عن ابن شهاب عن عثمان بن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب فلم يتابعه أحد على ذلك إلا أبو أويس، ولم يجوِّده وجاء به على وجهه غيرهما من بين أصحاب ابن شهاب.
قال محمد بن يحيى الذهلي: حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق، حدثنا أبو أويس قال: أخبرني محمد بن شهاب أن عثمان بن إسحاق بن خرشة حدّثه عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر الصديق.
ورواه معمر ويونس وأسامة بن زيد وسفيان بن عيينة فيما روى عنه ابن أبي شيبة كلهم عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق، لم يدخلوا بين ابن شهاب وبين قبيصة أحداً.
وقال محمد بن يحيى: رواه ابن عيينة عن الزهري عمّن حدّثه عن قبيصة ومرة قال: سمعت الزهري يحدّث عن رجل عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر، قال محمد: والحديث حديث مالك وأبي أويس لإدخالهما بين ابن شهاب وقبيصة عثمان بن إسحاق بن خرشة، قال: وقد حدثني أبو صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن عثمان بن
(1)
الطبراني في الكبير (512).
(2)
السنن الكبرى (4/ 74 عقب الحديث 6342).
إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب أن عمر بن الخطاب كان أول مَنْ ورث الجدّتين وجمع بينهما في الميراث.
قال: وهذا مختصر من حديث معمر ومالك وأبي أويس
(1)
.
علة الوهم:
أن الزهري أحياناً كان لا يذكر الواسطة بينه وبين قبيصة وأحياناً يذكره كما صرّح بذلك سفيان
(2)
، ولم يجوِّده عنه إلا أهل المدينة مالك وأبو أويس، وعثمان بن إسحاق بن خرشة
(3)
، فلو رواه صالح بالعنعنة كما رواه بقية أصحاب الزهري لسلم من الوهم، والله تعالى أعلم.
(1)
التمهيد (11/ 94 - 95).
(2)
قال الترمذي (2100): حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري قال مرة: قبيصة، وقال مرة: رجل عن قبيصة بن ذؤيب قال: جاءت الجدة
…
اه.
(3)
عثمان بن إسحاق بن خرشة القرشي العامري المدني، وثقه ابن معين في رواية الدوري، من الخامسة، روى له أصحاب السنن. التقريب (4481).
أبو سفيان طلحة بن نافع
اسمه ونسبه:
طلحة بن نافع الإسكاف أبو سفيان الواسطي، ويقال: المكي الإسكاف.
روى عن: جابر وابن عباس وأنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم.
روى عنه: الأعمش وهو راويته، وحصين بن عبد الرحمن، ومحمد بن إسحاق، وأبي بشر جعفر بن أبي وحشية، وشعبة حديثاً واحداً، وغيرهم.
قال أحمد: ليس به بأس.
قال أبو حاتم وأبو زرعة: أبو الزبير أحب إلينا منه.
وقال النسائي: ليس به بأس.
وقال ابن عدي: ليس به بأس، روى عنه الأعمش أحاديث مستقيمة.
قال شعبة: لم يسمع أبو سفيان من جابر إلا أربعة أحاديث، وكذلك قال علي بن المديني.
قال ابن حجر معقباً: لم يخرج له البخاري سوى أربعة أحاديث عن جابر وأظنها التي عناها شيخه ابن المديني منها حديثان في الأشربة قرنه بأبي صالح، وفي الفضائل حديث اهتزّ العرش كذلك وفي تفسير الجمعة قرنه بسالم بن أبي الجعد.
قال ابن حجر: صدوق، من الرابعة.
الحديث
(1)
:
496 -
قال أبو داود رحمه الله (2731): حدثنا سعيد بن منصور، ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه قال:
كنت أميح أصحابي الماء يوم بدر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وهو في سنن سعيد بن منصور (2466) وأخرجه البيهقي (9/ 31) من طريق أبي داود.
وأخرجه ابن أبي شيبة (7/ 355) عن أبي معاوية به، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 207) والأوسط (2/ 1031/ 823) عن مسدد عن أبي معاوية، وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 217) وابن ماكولا في تهذيب مستمر الأوهام (2/ 216) والذهبي في تذكرة الحفاظ (1/ 43) من طرق عن أبي معاوية به. وأخرجه ابن عساكر (11/ 216) من طريق سفيان عن الأعمش به.
(1)
رجال الإسناد:
سعيد بن منصور بن شعبة، أبو عثمان الخراساني، ثقة مصنف، وكان لا يرجع عما في كتابه لشدة وثوقه به، مات سنة 227 وقيل بعدها، من العاشرة، روى له البخاري ومسلم.
أبو معاوية: محمد بن خازم. انظر ترجمته في بابه.
طلحة بن نافع الواسطي، أبو سفيان الإسكاف، نزل مكة، صدوق، من الرابعة، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال أبو سفيان عن جابر: (كنت أميح أصحابي الماء يوم بدر) وفي بعض الروايات (أمنح).
وخالفه أبو الزبير
(1)
فروى عن جابر رضي الله عنه قال: «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، قال جابر: لم أشهد بدراً ولا أُحداً منعني أبي، فلما قتل عبد الله يوم أُحد لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قط» .
قال محمد بن سعد: «ذكرت لمحمد بن عمر هذا الحديث فقال: هذا وهم من أهل العراق، وأنكر أن يكون جابر شهد بدراً»
(2)
.
قلت: ومع ذلك ذكره فيمن شهد بدراً من الأنصار
(3)
.
ولذا ذكره ابن ماكولا في تهذيب مستمر الأوهام وأعقبه بحديث أبي الزبير عن جابر أنه لم يشهد بدراً ولا أُحداً.
ولذا لم يذكره البخاري ولا الضياء فيمن شهد بدراً
(4)
.
(1)
مسلم (1813) وأحمد (3/ 329) وأبو يعلى (2241) وأبو عوانة (6960).
(2)
تاريخ دمشق (11/ 217).
(3)
الطبقات الكبرى (3/ 574).
(4)
البداية والنهاية (3/ 326).
عاصم الأحول
اسمه ونسبه:
عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، مولى بني تميم، ويقال: مولى عثمان بن عفان، وقيل: لبني أمية، كان محتسباً بالمدائن.
روى عن: أنس بن مالك، وعبد الله بن سرجس، ورُفيع أبي العالية، ومعاذة، وعمرو بن سلمة الجرمي، وعبد الله بن شقيق، وأبي قلابة الجرمي، والشعبي، والحسن، وابن سيرين، وجماعة.
روى عنه: قتادة، وداود بن أبي هند، وسليمان التيمي، وشعبة، والثوري، ومعمر، وهشيم، وحماد بن زيد، وخلق كثير.
قال سفيان الثوري: حفاظ البصرة ثلاثة: سليمان التيمي وعاصم الأحول وداود بن أبي هند.
وقال شعبة: عاصم أحب إليّ من قتادة، في أبي عثمان النهدي، لأنه أحفظهما.
وقال حفص بن غياث: إذا قال عاصم: زعم. فهو الذي ليس فيه شك.
وقال أحمد بن حنبل: عاصم الأحول من الحفاظ للحديث، ثقة.
وقال يحيى بن معين وأبو زرعة وعلي بن المديني والعجلي وغيرهم: ثقة.
وزاد ابن المديني في رواية: ثبت.
وخالفهم القطان.
قال علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد وذكر عنده عاصم الأحول فقال: لم يكن بالحافظ.
وقال عباس الدوري عن يحيى بن معين: كان يحيى بن سعيد يضعف عاصماً الأحول.
مات سنة 142.
قال ابن حجر: ثقة، من الرابعة، لم يتكلم فيه إلا القطان وكأنه بسبب دخوله في الولاية.
الحديث
(1)
:
497 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 59): حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عاصم، عن أبي تميمة الهجيمي، عمّن كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم قال:
كنت رديفه على حمار فعثر الحمار فقلت: تعس الشيطان، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت: تعس الشيطان تعاظم الشيطان في نفسه وقال: صرعته بقوتي، فإذا قلت: باسم الله، تصاغرت إليه نفسه حتى يكون أصغر من ذباب» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي تميمة فمن رجال البخاري.
وهو عند عبد الرزاق في المصنف (20899) ومن طريقه البغوي في شرح السنّة (3384).
وأخرجه الضياء في المختارة (1413) من طريق عبد الله بن المبارك بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرزاق: ثقة حافظ مصنف شهير (انظر ترجمته في بابه).
معمر بن راشد الأزدي: ثقة ثبت فاضل. انظر ترجمته في بابه.
عاصم بن سليمان الأحول: أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، من الرابعة، لم يتكلم فيه إلا القطان وكأنه بسبب دخوله في الولاية، مات بعد سنة 140، روى له البخاري ومسلم.
أبو تميمة: طريف بن مجالد الهجيمي، ثقة، من الثالثة، مشهور بكنيته، مات سنة 97 أو نحوها، روى له البخاري.
وأخرجه شعبة
(1)
وسفيان الثوري
(2)
عن عاصم، عن أبي تميمة، عن رديف النبي صلى الله عليه وسلم أو عن رجل عن ردف النبي صلى الله عليه وسلم.
هكذا رواه عاصم فقال: (عن أبي تميمة، عن رديف النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه خالد الحذاء
(3)
، فقال: (عن أبي تميمة، عن أبي المليح
(4)
، عن رديف النبي صلى الله عليه وسلم.
أسقط عاصم أبا المليح في رواية معمر وابن المبارك عنه، وأبهمه ورواه بالشك في رواية شعبة والثوري، والله تعالى أعلم.
(1)
أحمد (5/ 59، 71).
(2)
أحمد (5/ 365) والضياء في المختارة (1414).
(3)
أبو داود (4982) والنسائي في الكبرى (10388) وفي عمل اليوم والليلة (554) وأبو يعلى في معجمه (700) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1068) والطحاوي في شرح المشكل (318) والطبراني في الكبير (516) وفي الدعاء (2010) والضياء في المختارة (1412) والحاكم (4/ 292) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي وعبد الله بن المبارك ومحمد بن حمران.
(4)
أبو المليح ابن أسامة بن عمير، ثقة من الثالثة، مات سنة 98، وقيل: 108، روى له البخاري ومسلم.
أبو حصين عثمان بن عاصم
اسمه ونسبه:
عثمان بن عاصم بن حصين بن كثير بن زيد بن مرة، أبو حصين الأسدي الكوفي. قال ابن سعد: هو من جشم بن الحارث ثم من أسد بني خزيمة.
روى عن: جابر بن سمرة وابن عباس وابن الزبير وأنس وأبي سعيد الخدري وغيرهم.
روى عنه: شعبة والثوري ومحمد بن حجارة ومالك بن مغول وزائدة وشريك وابن عيينة وخلق.
قال أبو نعيم: حدثنا سفيان عن أبي حصين: أسدي شريف ثقة ثقة كوفي.
قال ابن مهدي: أربعة من أهل الكوفة لا يختلف في حديثهم فمَن اختلف عليهم فهو مخطاء: منصور وأبو حصين وسلمة بن كهيل وعمرو بن مرة.
وقال أحمد: كان صحيح الحديث، قيل له: أيما أصح حديثاً هو أو أبو إسحاق؟ قال: أبو حصين أصح حديثاً بقلة حديثه.
وقال العجلي: كان شيخاً عالياً وكان صاحب سنّة.
وقال أيضاً: كوفي ثقة وكان عثمانياً رجلاً صالحاً.
وقال ابن معين وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة والنسائي: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.
قال ابن عبد البر: أجمعوا أنه ثقة حافظ.
وقال ابن حجر: ثقة ثبت سني، وربما دلس، من الرابعة، كان يقول: إن عاصم بن بهدلة أكبر منه بسنة واحدة.
الحديث
(1)
:
498 -
قال الإمام النسائي (3/ 212):
أخبرنا عُبَيْدُ اللَّهِ بن سَعِيدٍ عن إسحاق بن سُلَيْمَانَ عن أبي سِنَانٍ عن أبي حَصِينٍ عن شَقِيقٍ عن حُذَيْفَةَ قال: كنا نُؤْمَرُ بالسِّوَاكِ إذا قُمْنَا من اللَّيْلِ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم رجال الصحيح.
وأخرجه البزار (2860) وابن عدي في الكامل في ترجمة أبي سنان (3/ 363) من طريق أبي سنان به، وقد توبع.
وأخرجه النسائي (3/ 212) من طريق إسرائيل عن أبي حصين عن شقيق مرسلاً لم يذكر حذيفة.
هكذا قال أبو حصين عن شقيق عن حذيفة: كنا نؤمر بالسواك إذا قمنا من الليل.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن سعيد بن يحيى اليشكري نزيل نيسابور، ثقة مأمون سني، من العاشرة، مات سنة 241، روى له البخاري ومسلم.
إسحاق بن سليمان الرازي، أبو يحيى، كوفي الأصل، ثقة فاضل، من التاسعة، مات سنة 200 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن سنان البرجمي، أبو سنان الشيباني الأصغر الكوفي، نزيل الري، صدوق له أوهام، من السادسة، روى له مسلم.
شقيق بن سلمة الأسدي أبو وائل الكوفي، ثقة، من الثالثة، مخضرم، تقدم مراراً.
خالفه منصور بن المعتمر
(1)
، وحصين بن عبد الرحمن
(2)
، والأعمش
(3)
، وسعيد بن مسروق
(4)
.
فرووه عن شقيق عن حذيفة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه.
فجعلوه من فعله صلى الله عليه وسلم وليس من أمره.
علة الوهم:
1 أبو حصين لم يروِ عن شقيق بن سلمة غير هذا الحديث فليس له اختصاص فيه بخلاف منصور وحصين والأعمش.
قال البزار: ولا نعلم روى أبو حصين عن أبي وائل عن حذيفة إلا هذا الحديث.
2 قد جاء أمره صلى الله عليه وسلم بالسواك في غير حديث، منها: حديث ابن عباس: (كنا نؤمر بالسواك حتى ظننا أنه سينزل فيه)
(5)
.
وحديث أبي هريرة مرفوعاً: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء»
(6)
.
وفي رواية مسلم: «عند كل صلاة» .
(1)
البخاري (245)(889) ومسلم (255) والنسائي (1/ 18)(3/ 212).
(2)
البخاري (1136) ومسلم (255) والنسائي (3/ 212).
(3)
مسلم (255) والنسائي (3/ 212).
(4)
الطبراني في الصغير (1043).
(5)
ابن أبي شيبة (1793).
(6)
البخاري (887) ومسلم (252).
عمرو بن دينار
عمرو بن دينار أبو محمد الأثرم الجمحي المكي مولى ابن باذان، ويقال: باذان عامل كسرى على اليمن.
أحد أعلام التابعين.
روى عن: ابن عمر وابن عباس وجابر وأبي هريرة وابن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص وخلق من الصحابة والتابعين.
روى عنه: أيوب وقتادة وابن جريج وجعفر الصادق ومالك وشعبة والحمادان والسفيانان وجماعة.
قال شعبة: لم أرَ مثله يعني في التثبت.
وقال ابن نجيح: ما كان عندنا أحد أفقه ولا أعلم من عمرو بن دينار.
وقال ابن عيينة: ثقة ثقة ثقة، كان أعلم أهل مكة، كان قد جزّأ الليل ثلاثة أجزاء: ثلثاً ينام، وثلثاً يدرس حديثه، وثلثاً يصلي.
وقال أيضاً: كان ثقة ثبتاً كثير الحديث صدوقاً عالماً وكان مفتي أهل مكة في زمانه.
وقال النسائي: ثقة ثبت.
قال ابن عيينة: مرض عمرو بن دينار فعاده الزهري فلما قام الزهري قال: ما رأيت شيخاً أنص للحديث الجيد من هذا الشيخ.
قال ابن حجر: ثقة ثبت، من الرابعة.
الحديث
(1)
:
499 -
قال أبو داود رحمه الله (4572): حدثنا محمد بن مسعود المصيصي، ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع طاووساً عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنهما:
أنه سأل عن قضية النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
(2)
فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين امرأتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح
(3)
فقتلتها وجنينها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنينها بغُرة
(4)
وأن تُقتل.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن مسعود وهو ثقة وقد توبع.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن مسعود بن يوسف النيسابوري، نزيل طرسوس والمصيصة، ثقة عارف، من الحادية عشرة، مات سنة 247، روى له أبو داود.
الضحاك بن مخلد بن مسلم الشيباني أبو عاصم النبيل البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 212 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم (انظره في بابه).
ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز. انظره في بابه.
طاووس بن كيسان اليماني أبو عبد الرحمن الحميري يقال: اسمه ذكوان وطاووس لقبه، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة 106 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
(2)
أي: في دية الجنين.
(3)
المِسطح: بكسر الميم: عود من أعواد الحباء. قاله ابن الأثير في النهاية (2/ 365).
(4)
الغرة: العبد نفسه أو الأمة، وأصل الغرة البياض الذي يكون في وجه الفرس، والغرة عند الفقهاء: ما بلغ ثمنه عشر الدية من العبيد والإماء، وإنما تجب الغرة في الجنين إذا سقط ميتاً، فإن سقط حياً ثم مات ففيه الدية كاملة.
النهاية لابن الأثير (2/ 353).
وأخرجه الدارمي (3381) وابن ماجه (2641) وابن حبان (6021) والدارقطني (3/ 115 - 117) والبيهقي (8/ 114) من طريق أبي عاصم به، والنسائي (8/ 21 - 22) من طريق حجاج بن محمد، وأحمد (1/ 364) من طريق عبد الرزاق ومحمد بن بكر البرساني، والدارقطني (3/ 116) من طريق محمد بن بكر (وسقط من مطبوع الدارقطني عمر) كلهم عن ابن جريج به.
هكذا قال عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه في قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة وأن تُقتل.
وخالفه ابن طاووس
(1)
فرواه عن أبيه بهذا الإسناد قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية في المرأة وفي الجنين بغرة.
وهم عمرو بن دينار في قوله: (وأن تقتل) والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالدية وجعلها على عاقلة القاتلة كما قال ابن طاووس عن أبيه وهو أعلم بحديث أبيه لملازمته له، وعمرو مكي وطاووس من اليمن.
وقد روى قصة هاتين المرأتين الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة وأن دية المرأة على عاقلتها
(2)
.
(1)
عبد الرزاق (18339) من طريق معمر، (18342) من طريق ابن جريج.
(2)
البخاري (6910) ومسلم (1681)(36).
وروى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: إن امرأة قتلت ضرتها بعمود فسطاط فأتي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى على عاقلتها بالدية وكانت حاملاً فقضى في الجنين بغرة
(1)
.
وقد روى حديث الباب سفيان بن عيينة
(2)
عن عمرو بن دينار ولم يذكر أن تقتل المرأة.
وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه في قصة حمل بن مالك قال: فأسقطت غلاماً قد نبت شعره ميتاً وماتت المرأة فقضى على العاقلة بالدية.
وقال ابن عباس: كان اسم إحداهما مليكة والأخرى أم عطيف
(3)
.
لذا قال أبو داود عقب الحديث: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري، حدثنا سفيان عن عمرو، عن طاووس قال: قام عمر رضي الله عنه على المنبر فذكر معناه لم يذكر: (وأن تقتل)
(4)
.
(1)
مسلم (1682)(37)(38).
(2)
أبو داود (4573) وعبد الرزاق (18343) والطبراني (3482) والدارقطني (3/ 117) والحاكم (3/ 775).
(3)
أبو داود (4574) والنسائي (8/ 51 - 52) وابن حبان (6019) والبيهقي (8/ 115) كلهم من طريق أسباط بن نصر عن سماك عن عكرمة به.
ورواه عبد الرزاق (18356) عن ابن جريج عن رجل عن عكرمة مرسلاً. وقال: اسم القاتلة أم عفيف ابنة مسروح من بني سعد بن هذيل، والمقتولة مليكة بنت عويمر من بني لحيان من هذيل.
(4)
أبو داود (4573).
قال الخطابي في معالم السنن: وفيه دليل على أن القتل إذا وقع بما يقتل مثله غالباً من خشب أو حجر أو نحوهما ففيه القصاص كالحديد، إلا أن قوله:(وأن تقتل) لم يذكر في غير هذه الرواية.
وقد راجع ابن جريج عمرو بن دينار في قوله: (وأن تقتل) وذكر له أن ابن طاووس خالفه، وقد جاء في رواية المسند عند أحمد
(1)
فقلت لعمرو: أخبرني ابن طاووس عن أبيه كذا وكذا، فقال: لقد شككتني.
وقال المنذري: «وقوله: (وأن تقتل)، لم يذكر في غير هذه الرواية، وقد روي عن عمرو بن دينار أنه شكّ في قتل المرأة بالمرأة»
(2)
.
قال الشيخ أحمد شاكر: «ويظهر أن هذا التشكيك كان له عند عمرو أثره، فروى الحديث مرة أخرى دون هذا الحرف الذي شكّ فيه»
(3)
.
قال البيهقي عقب الحديث: كذا قال (وأن تقتل)، يعني المرأة القاتلة، ثم شكّ فيه عمرو بن دينار، والمحفوظ أنه قضى بديتها على العاقلة
(4)
.
قال ابن القيم: «وفي النسائي فقضى في حملها بغرة وأن تقتل بها وكذلك قال غيره أيضاً، والصحيح أنه لم يقتلها.
(1)
(1/ 364).
(2)
مختصر سنن أبي داود (6/ 367).
(3)
حاشيته على المسند (ح 3439).
(4)
السنن الكبرى (8/ 114).
ثم قال: وفي هذا الحكم أن شبه العمد لا يوجب القود وأن العاقلة تحمل الغرة تبعاً للدية وأن العاقلة هم العصبة وأن زوج القاتلة لا يدخل معهم وأن أولادها أيضاً ليسوا من العاقلة»
(1)
.
(1)
زاد المعاد (5/ 10).
قتادة بن دعامة
اسمه ونسبه:
قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز بن عمرو بن ربيعة، أبو الخطاب السدوسي البصري، ولد أكمه، وكان مولده سنة ستين.
روى عن: عبد الله بن سرجس وأنس بن مالك وأبي الطفيل وسعيد بن المسيب وأبي العالية وعكرمة مولى ابن عباس وخلق.
روى عنه: أيوب وشعبة ومعمر وابن أبي عروبة ومسعر بن كدام وعمرو بن الحارث وجماعة من الأئمة.
قال له شيخه سعيد بن المسيب بعد أن اختبر حفظه: ما أظن الله خلق مثلك.
وقال أيضاً: ما أتاني عراقي أحسن من قتادة.
وقال سفيان الثوري: ما كان في الدنيا مثل قتادة.
وقال ابن سيرين: قتادة أحفظ الناس.
قال معمر: قلت للزهري: أقتادة عندك أعلم أم مكحول؟ قال: لا، بل قتادة.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: قتادة أحفظ من خمسين مثل حميد الطويل.
قال أبو حاتم: صدق ابن مهدي.
وقال قتادة: ما قلت لمحدث قط: أعِد عليّ، وما سمعت أذناي شيئاً قط إلا وعاه قلبي.
قال ابن حجر: ثقة ثبت يقال: ولد أكمه، وهو رأس الطبقة الرابعة.
وقال أبو حاتم: سمعت أحمد بن حنبل وذكر قتادة، فأطنب في ذكره فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه وقال: قلّ ما تجد مَنْ يتقدمه، أما المثل فلعل.
المآخذ التي عليه:
1 التحديث عن كل أحد.
قال الشعبي: قتادة حاطب ليل.
وقال معتمر بن سليمان عن أبي عمرو ابن العلاء: كان قتادة وعمرو بن شعيب لا يغث عليهما شيء يأخذان عن كل أحد.
2 التدليس.
قال أبو داود: حدّث قتادة عن ثلاثين رجلاً لم يسمع منهم.
قال إسماعيل القاضي: سمعت علي بن المديني يضعّف أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب تضعيفاً شديداً وقال: أحسب أن أكثرها بين قتادة وسعيد فيها رجال.
وقال ابن حبان: كان من علماء الناس بالقرآن والفقه ومن حفّاظ
أهل زمانه. مات بواسط سنة 117 كان مدلساً على قدر فيه.
وذكره ابن حجر في طبقات المدلسين في المرتبة الثالثة وقال: كان حافظ عصره، وهو مشهور بالتدليس، وصفه به النسائي وغيره.
روى له البخاري (274) حديثاً منها (112) حديثاً صرح فيها بالسماع و (162) عنعن فيها منها (72) حديثاً من حديث شعبة عنه
(1)
. وروى له مسلم (322) حديثاً، منها (62) صرح فيها بالسماع، (160) بالعنعنة
(2)
.
(1)
روايات المدلسين في صحيح البخاري (ص 483).
(2)
روايات المدلسين في صحيح مسلم (274).
الحديث الأول
(1)
:
500 -
قال أبو عيسى الترمذي (3234): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، أبو بكر بُنْدار، ثقة، من العاشرة، مات سنة 252 وله بضع وثمانون سنة، روى له البخاري ومسلم.
معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري، وقد سكن اليمن، صدوق ربما وهم، من التاسعة، مات سنة 200، روى له البخاري ومسلم.
هشام بن أبي عبد الله بن سنبر الدستوائي البصري، ثقة ثبت وقد رمي بالقدر، من كبار السابعة.
عبد الله بن زيد بن عمرو أبو عامر الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة فاضل كثير الإرسال، من الثالثة، مات بالشام هارباً من القضاء سنة 104 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
خالد بن اللجلاج العامري، أبو إبراهيم حمصي، وقيل: دمشقي، صدوق فقيه، من الثانية، قال البخاري: سمع من عمر، أخطأ مَنْ عدّه في الصحابة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير خالد بن اللجلاج وهو تابعي فقيه فاضل، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال ابن إسحاق عن مكحول: كان ذا سن وصلاح، وقال أبو مسهر: كان يفتي مع مكحول.
والحديث أخرجه كذلك أبو يعلى (2608)، وابن أبي عاصم في السنّة (469)، والآجري في الشريعة (ص 496)، والقزويني في أخبار قزوين (2/ 363) كلهم من طريق معاذ بن هشام بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
هكذا رواه قتادة فقال: (عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن ابن عباس).
خالفه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر
(1)
، والأوزاعي
(2)
، ويزيد بن يزيد بن جابر
(3)
فقالوا: (عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عائش).
(1)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2585) وفي السنة (467) والدارمي (2145) والترمذي في العلل الكبير (660) والطبراني في مسند الشاميين (597) وابن عبد البر في التمهيد (24/ 323) والحاكم (1/ 702 رقم 1912).
(2)
ابن قانع في معجم الصحابة (658) وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 479) وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 457) وابن عبد البر في التمهيد (24/ 322) والطبراني في مسند الشاميين (598).
(3)
أحمد (4/ 66) و (5/ 378)، ابن عساكر (34/ 464) و (34/ 465) إلا من قال: عن، فزاد رجلاً فقال: عن عبد الرحمن بن عائش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه مكحول
(1)
، وابن أبي زكريا
(2)
عن عبد الرحمن بن عائش.
وقتادة لم يسمع من أبي قلابة إلا أحرفاً كما قال أبو حاتم، وقال:(إنما وقع إليه كتاب من كتب أبي قلابة فتصحف عليهم ابن عائش إلى ابن عباس).
وقال ابن حجر في التهذيب في ترجمة خالد بن اللجلاج: (روى عن ابن عباس فيما قيل، والمحفوظ: عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي) اه.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (26): سألت أبي عن حديث رواه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«رأيت ربي عز وجل» وذكر الحديث في إسباغ الوضوء ونحوه.
قال أبي: هذا رواه الوليد بن مسلم
(3)
وصدقة عن ابن جابر، قال: كنا مع مكحول، فمرّ به خالد بن اللجلاج فقال مكحول: يا أبا إبراهيم حدِّثنا، فقال: حدّثني ابن عائش الحضرمي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبي: هذا أشبه، وقتادة يقال: لم يسمع من أبي قلابة إلا أحرفاً فإنه وقع إليه كتاب من كتب أبي قلابة فلم يميزوا بين عبد الرحمن بن عائش وبين ابن عباس.
(1)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2586) وفي السنة (468).
(2)
المصدر السابق.
(3)
الدارمي (2145).
قال أبي: وروى هذا الحديث جهضم بن عبد الله اليمامي وموسى بن خلف العمّي عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده ممطور، عن أبي عبد الرحمن السكسكي، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
قال أبي: وهذا أشبه من حديث ابن جابر.
وقال يعقوب بن أبي يعقوب: حدثنا أبو زرعة قال: قلت لأحمد بن حنبل: إن ابن جابر يحدّث عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش عن النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت ربي في أحسن صورة» .
ويحدّث به قتادة عن أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس فأيهما أحب إليك؟
قال: حديث قتادة هذا ليس بشيء والقول ما قال ابن جابر
(2)
.
وقال المزي وابن حجر: خالد بن اللجلاج العامري، ويقال: مولى بني زهرة أبو إبراهيم الحمصي، ويقال: الدمشقي روى عن ابن عباس فيما قيل والمحفوظ عن عبد الرحمن بن عباس الحضرمي
(3)
.
وقال الدارقطني في «العلل» 6/ 54 - 57 وقد سئل عنه: رواه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن خالد بن اللجلاج، قال: سمعت عبد الرحمن بن عائش قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ذلك الوليد بن
(1)
الطبراني في الكبير (20/ 216).
(2)
تاريخ دمشق (34/ 473).
(3)
تهذيب التهذيب (3/ 99) وتهذيب الكمال (8/ 161).
مسلم، وحماد بن مالك، وعمارة بن بشير، عن ابن جابر، وكذلك قال الأوزاعي: عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: عن خالد بن اللجلاج، وقال يزيد بن يزيد بن جابر، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عائش، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ذلك زهير بن محمد، عنه.
وقال خارجة بن مصعب: عن يزيد بن يزيد، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عياش، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد ابنَ عائش.
ورواه أبو قلابة عن خالد بن اللجلاج واختلف عنه، فرواه قتادة واختلف عليه فيه أيضاً، فقال يوسف بن عطية الصفار: عن قتادة، عن أنس بن مالك، ووهم فيه.
وقال هشام الدستوائي من رواية المقدَّمي، عن معاذ بن هشام، عن أبيه: عن قتادة، عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووهم في قوله: ابن عباس، وإنما أراد ابن عياش عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال القواريري وأبو قدامة وغيرهم: عن معاذ بن هشام، عن أبيه عن قتادة، عن أبي قلابة، عن خالد، عن ابن عباس.
ورواه أيوب عن أبي قلابة، واختلف عن أيوب، فرواه أنيس بن سوار الجرمي، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الله بن عائش، ورواه عدي بن الفضل، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس.
ورواه حميد الطويل، عن بكر، عن أبي قلابة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
مرسلاً، وروى هذا الحديث يحيى بن أبي كثير فحفظ إسناده، فرواه جهضم بن عبد الله القيسي، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جده أبي سلام واسمه ممطور، عن عبد الرحمن الحضرمي، وهو عبد الرحمن بن عائش، قال: حدثنا مالك بن يخامر، قال: حدثنا معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه موسى بن خلف العمي، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، فقال: عن أبي عبد الرحمن السكسكي، وإنما أراد: عن عبد الرحمن، وهو ابن عائشٍ، وقال: عن مالك بن يخامر، عن معاذ، فعاد الحديث إلى معاذ بن جبل.
وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل نحو هذا، ورواه الحجاج بن دينار، عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي ليلى، ورواه سعيد بن سويد القرشي الكوفي، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ.
قال: ليس فيها صحيح، وكلها مضطربة. انتهى كلام الدارقطني.
الحديث الثاني
(1)
:
501 -
قال أبو داود رحمه الله (779): حدثنا مُسَدَّدٌ ثنا يَزِيدُ ثنا سَعِيدٌ ثنا قَتَادَةٌ عن الْحَسَنِ أنَّ سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ وَعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ تَذَاكَرَا فَحَدَّثَ سَمُرَةُ بن جُنْدُبٍ أنَّهُ حَفِظَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سَكْتَتَيْنِ سَكْتَةً إذا كَبَّرَ وسَكْتَةً إذا فَرَغَ من قراءة: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} فَحَفِظَ ذلك سَمُرَةُ وَأَنْكرَ عليه عِمْرَانُ بن حُصَيْنٍ فَكَتَبَا في ذلك إلى أُبَيِّ بن كَعْبٍ وكان في كِتَابِهِ إِلَيْهِمَا أو في رَدِّهِ عَلَيْهِمَا أنَّ سَمُرَةَ قد حَفِظَ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير مسدد من رجال البخاري إلا أنه منقطع لأن الحسن البصري مختلف في سماعه من سمرة، وقيل: إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة.
ورواه الطبراني في الكبير (18/ 310) من طريق مسدد به.
(1)
رجال الإسناد:
مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مَستورد الأسدي البصري، ثقة حافظ، يقال: إنه أول مَنْ صنّف المسند بالبصرة، مات سنة 228، روى له البخاري.
يزيد بن زريع البصري أبو معاوية، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة 181، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن أبي عروبة أبو النضر البصري، ثقة حافظ له تصانيف، كثير التدليس واختلط، وكان من أثبت الناس في قتادة، من السادسة، مات سنة 156، وقيل: 157، روى له البخاري ومسلم.
الحسن بن أبي الحسن البصري الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور وكان يرسل كثيراً ويدلس وهو رأس الطبقة الثالثة، مات سنة 116 وقد قارب التسعين، روى له البخاري ومسلم.
ورواه الطبراني في الكبير (6875) من طريق محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة وفيه: وسكتة إذا كبّر وسكتة إذا فرغ من قراءة السورة).
ورواه أبو داود (780) والترمذي (251) وابن ماجه (844) والبيهقي (2/ 196) من طريق عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به وفيه قال: سعيد، قلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته، وإذا فرغ من القراءة، ثم قال بعد، وإذا قال:{ .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} .
ورواه البيهقي (2/ 196) من طريق مكي بن إبراهيم عن سعيد عن قتادة له وفيه: (سكتة حين يكبّر والأخرى حين يفرغ من القراءة عند الركوع ثم قال الأخرى يعني المرة الأخرى سكتة حين يكبّر وسكتة إذا قال: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
…
(7)}.
هكذا قال قتادة عن الحسن: (وسكتة إذا فرغ من قراءة: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}).
خالفه يونس بن عبيد
(1)
، وأشعث بن عبد الملك الحمداني
(2)
، وحميد الطويل
(3)
فقالوا: (إن السكتة الثانية كان إذا فرغ من قراءة الفاتحة والسورة التي بعدها).
(1)
أبو داود (777) وابن ماجه (845) وأحمد (5/ 21) والدارقطني (1/ 336) والبيهقي (2/ 196) وأحمد (5/ 12).
(2)
أبو داود (778).
(3)
أحمد (5/ 15) و (5/ 20) و (5/ 21) وابن أبي شيبة (1/ 276) والدارمي (1243) والبخاري في القراءة خلف الإمام (278) والدارقطني (1/ 309) والبيهقي (2/ 196).
قال يونس: (وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسورة عند الركوع).
وقال أشعث: (وإذا فرغ من القراءة كلها).
وقال حميد: (وسكتة إذا فرغ من القراءة).
وفي رواية: (إذا فرغ من السورة الثانية قبل أن يركع).
ورواه هوذة بن خليفة
(1)
عن عوف قال: بلغني عن الحسن عن سمرة فذكر الحديث وفيه: (وسكتة إذا فرغ من قراءة السورة).
وهم قتادة في قوله: (إن السكتة الثانية كانت بين قراءة الفاتحة والسورة)، وإنما هي بعد قراءة الفاتحة والسورة.
وقد ذكر سعيد بن أبي عروبة كما تقدم (في رواية عبد الأعلى ومكي بن إبراهيم عنه) أن قتادة كان يقول أولاً: إن السكتة إذا فرغ من القراءة ثم قال بعد ذلك أنها بعد قول: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
…
(7)}).
ورواه شعبة
(2)
، وسعيد بن بشير
(3)
، وبحر السقاء
(4)
. ثلاثتهم عن قتادة مختصراً إلى قوله سكتتين: ولم يفصلوا.
قال الألباني: قوله: إن السكتة الثانية إذا فرغ من قراءة { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
…
(7)} شاذ، والصواب: أنها بعد الفراغ من القراءة كلها كما في
(1)
مسند الروياني (867).
(2)
أبو الحسين محمد بن المظفر البغدادي في حديث شعبة (121).
(3)
الطبراني في مسند الشاميين (2652).
(4)
الطبراني في الكبير (18/ 311).
الروايتين السابقتين وكذلك كان قتادة يقول قديماً، ثم خالف فقال: بعد قراءة: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
…
(7)} فكأنه نسي
(1)
.
وقد رجح الإمام الترمذي أن السكتة الثانية بعد الفراغ من القراءة كلها بعد أن روى هذا الحديث من طريق عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة وفيه: فقلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته وإذا فرغ من القراءة، ثم قال بعد ذلك: وإذا قرأ: { .. وَلَا الضَّالِّينَ (7)} قال: وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه.
قال الترمذي: حديث سمرة حديث حسن وهو قول غير واحد من أهل العلم: يستحبون للإمام أن يسكت بعدما يفتتح الصلاة، وبعد الفراغ من القراءة، وبه يقول أحمد وإسحاق وأصحابنا
(2)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وللناس في سكتات الصلاة أقوال:
أحدها: أنه لا سكوت فيها كقول مالك، ولا يستحب عنده استفتاح ولا استعاذة ولا سكوت لقراءة الإمام.
والثاني: أنه ليس فيها إلا سكوت واحد للاستفتاح كقول أبي حنيفة.
الثالث: أن فيها سكتتين كما في حديث السنن، لكن روى فيه أنه يسكت إذا فرغ من القراءة وهو الصحيح، وروي إذا فرغ من الفاتحة. فقالت طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد: يستحب ثلاث سكتات، وسكتة الفاتحة جعلها أصحاب الشافعي وطائفة من أصحاب أحمد ليقرأ
(1)
ضعيف سنن أبي داود (9/ 302 - 303).
(2)
سنن الترمذي (2/ 31 ح 251).
المأموم الفاتحة، والصحيح أنه لا يستحب إلا سكتتان فليس في الحديث إلا ذلك، وإحدى الروايتين غلط وإلا كانت ثلاثاً وهذا هو المنصوص عن أحمد وأنه لا يستحب إلا سكتتان، والثانية بعد الفراغ من القراءة للاستراحة والفصل بينها وبين الركوع
(1)
.
هكذا قال ابن تيمية أن إحدى الروايتين غلط وأن الصحيح هو السكتة بعد الفراغ من القراءة كلها وخالفه تلميذه ابن القيم فقال: «وكان له سكتتان: سكتة بين التكبير والقراءة، واختلف في الثانية فروي أنها بعد الفاتحة، وقيل: إنها بعد القراءة وقبل الركوع، وقيل: هي سكتتان غير الأولى فتكون ثلاثاً. والظاهر إنما هي اثنتان فقط، وأما الثالثة فلطيفة جداً لأجل تراد النفس ولم يكن يصل القراءة بالركوع بخلاف السكتة الأولى فإنه كان يجعلها بقدر الاستفتاح والثانية قد قيل: إنها لأجل قراءة المأموم فعلى هذا ينبغي تطويلها بقدر قراءة الفاتحة، وأما الثالثة فللراحة والنفس فقط وهي سكتة لطيفة فمَن لم يذكرها لقصرها ومَن اعتبرها جعلها سكتة ثالثة فلا اختلاف بين الروايتين وهذا أظهر ما يقال في هذا الحديث
…
ثم قال: قال سمرة بن جندب: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين: سكتة إذا كبّر وسكتة إذا فرغ من قراءة: { .. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}
(2)
.
وفي بعض طرق الحديث: فإذا فرغ من القراءة سكت وهذا كالمجمل واللفظ الأول مفسر مبين ولهذا قال أبو سلمة ابن
(1)
مجموع الفتاوى (22/ 338 - 339).
(2)
زاد المعاد (1/ 208).
عبد الرحمن: للإمام سكتتان فاغتنموا فيهما القراءة بفاتحة الكتاب إذا افتتح الصلاة وإذا قال: { .. وَلَا الضَّالِّينَ (7)}
(1)
.
علة الوهم:
أن الإمام قد يسكت سكتة لطيفة إذا فرغ من قوله: { .. وَلَا الضَّالِّينَ (7)} حتى يفرغ المأمومون من التأمين.
أثر الوهم:
قال الإمام النووي: وهذه الرواية لا تخالف السابقتين بل يحصل من المجموع إثبات السكتات الثلاث، والله تعالى أعلم
(2)
.
(1)
ضعيف سنن أبي داود (9/ 301).
(2)
المجموع (3/ 395).
الحديث الثالث
(1)
:
502 -
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (2280): حدثنا أحمد بن أبي عبيد الله السليمي البصري، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد عن قتادة، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الرؤيا ثلاث: فرؤيا حق، ورؤيا يحدّث بها الرجل نفسه، ورؤيا تحزين من الشيطان، فمَن رأى ما يكره فليقم فليصلِّ وكان يقول: يعجبني القيد
(2)
وأكره الغل، القيد ثبات في الدين، وكان يقول: مَنْ رآني فإني أنا هو فإنه ليس للشيطان أن يتمثل بي، وكان يقول: لا تقص الرؤيا إلا على عالمٍ أو ناصح».
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أحمد شيخ الترمذي وهو ثقة وهو متابع فقد أخرجه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 165) من طريق عباس بن الوليد النرسي عن يزيد بن زريع به.
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن أبي عبيد الله: بشر السَّلمي الوراق بصري يكنى أبا عبد الله ثقة من العاشرة، مات بعد الأربعين، روى له الترمذي والنسائي.
يزيد بن زُريع البصري أبو معاوية، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة 182، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن أبي عروبة. تقدم، وانظر ترجمته في بابه.
(2)
يعجبني القيد: قال العلماء: إنما أحب القيد لأنه في الرجلين، وهو كف عن المعاصي والشرور وأنواع الباطل، وأما الغل فموضعه العنق وهو صفة أهل النار.
وأخرجه النسائي في الكبرى (10746) عن أحمد بن أبي عبيد الله مختصراً ولم يذكر قول: (يعجبني القيد وأكره الغل
…
).
وأخرجه مسلم في صحيحه (2263) من طريق إسحاق بن إبراهيم عن معاذ بن هشام عن أبيه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي عن قتادة به ولم يسق لفظه.
ورواه النسائي في الكبرى (7654) من طريق إسحاق بن إبراهيم وساق لفظه.
هكذا قال قتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة: (الرؤيا ثلاث: فرؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ورؤيا تحزين من الشيطان، وكان يقول: يعجبني القيد وأكره الغل، القيد ثبات في الدين).
خالفه عوف الأعرابي
(1)
وأيوب السختياني
(2)
فروياه عن محمد بن سيرين بهذا الإسناد وجعلا آخر هذا الحديث وهو قوله: (يعجبني القيد، وفي رواية: أحب القيد وأكره الغل، القيد ثبات في الدين) من قول أبي هريرة وكذلك رواه هشام بن حسان عن أيوب في رواية له
(3)
.
وقد ذكر الإمامان البخاري ومسلم أن هذا القول أدرجه بعض الرواة في الحديث وكذا قال أبو عوانة والخطيب البغدادي وابن حجر.
(1)
البخاري (7017).
(2)
مسلم (2263) وعبد الرزاق (20352) وأحمد (2/ 265) والترمذي (2291) من طريق معمر عن أيوب، وابن حبان (6040) من طريق سفيان بن عيينة عنه.
(3)
التمهيد لابن عبد البر (1/ 287).
وقال مسلم بعد أن أخرج الحديث من طريق قتادة عن ابن سيرين قال: «وأدرج في الحديث قوله: وأكره الغل
…
إلى تمام الكلام».
وقال الخطيب في الفصل للوصل (1/ 170): جميع هذا المتن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ذكر القيد والغل فإنه من قول أبي هريرة أدرجه هؤلاء الرواة في الحديث وبيّنه معمر بن راشد في روايته عن أيوب عن محمد بن سيرين.
وقال الحافظ في الفتح (12/ 410): وأخرج أبو عوانة في صحيحه من طريق عبد الله بن بكر عن هشام قصة القيد وقال: الأصح أن هذا من قول ابن سيرين، وقد استوفينا البحث في باب هشام بن حسان ح (604) فانظره.
محارب بن دثار
اسمه ونسبه:
محارب بن دثار بن كردوس بن قرواش السدوسي الكوفي الفقيه قاضي الكوفة.
روى عن: ابن عمر وجابر بن عبد الله وعبد الله بن يزيد الخطمي والأسود بن يزيد وجماعة وليس حديثه بالكثير.
روى عنه: زبيد اليامي، وأبو إسحاق الشيباني، والأعمش، وشعبة، والثوري، وخلق.
قال سفيان: ما يخيل إليّ أنني رأيت زاهداً أفضله على محارب بن دثار.
وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وغيرهم.
مات سنة 116.
قال ابن حجر: ثقة إمام زاهد، من الرابعة.
الحديث
(1)
:
503 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 299): حدثنا محمدُ بن جعفرٍ وحَجَّاج، قالا: حدثنا شعبةُ، عن مُحارِب بن دِثَارٍ.
سمعتُ جابرَ بن عبد الله الأنصاريَّ قال: أقبَلَ رجلٌ من الأنصار ومعه ناضِحانِ له، وقد جَنَحَتِ الشمسُ، ومعاذٌ يُصلِّي المغربَ، فدخل معه الصَّلاةَ، فاستَفْتَحَ معاذٌ البقرةَ أو النساءَ مُحارِبٌ الذي يشكُّ فلما رَأَى الرجلُ ذلك، صلَّى ثم خرج. قال: فبلغه أنَّ معاذاً نالَ منه قال حجَّاجٌ: يَنالُ منه قال: فَذَكَرَ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: «أفَتَّانٌ أنتَ يا مُعاذُ، أفَتَّانٌ أنتَ يا مُعاذُ» أو: فاتِنٌ فاتِنٌ فاتِنٌ؟ وقال حجاج: أفاتنٌ أفاتنٌ أفاتنٌ؟ «فلَوْلا قَرَأْتَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} فصلّى وراءك الكبير وذو الحاجة أو الضعيف» ، أحسب محارباً الذي يشك في الضعيف.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه البخاري (705) عن آدم بن أبي إياس، وابن الجعد (720) وعبد بن حميد (1102) عن سعيد بن الربيع وأبو داود
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر الهذلي البصري المعروف بغندر، ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة، من التاسعة، مات سنة 193 أو 194، روى له البخاري ومسلم.
حجاج بن المنهال الأنماطي أبو محمد السلمي البصري، ثقة فاضل، من التاسعة، مات سنة 216 أو 217، روى له البخاري ومسلم.
شعبة بن الحجاج: ثقة حافظ متقن أمير المؤمنين في الحديث، انظر ترجمته في بابه.
الطيالسي (1728) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 213) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو عوانة (1780) من طريق أبي داود الطيالسي، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 11) من طريق علي بن الجعد كلهم (آدم وابن الجعد وسعيد بن الربيع والطيالسي وعبد الصمد بن عبد الوارث) عن شعبة به.
وكلهم قال: (المغرب) وحذفها البخاري أظنه عمداً لعلمه بوهمه فيها.
ورواه سفيان الثوري
(1)
، وسعيد بن مسروق
(2)
، ومسعر بن كدام
(3)
، والشيباني
(4)
، ومحمد بن بشر
(5)
كلهم عن محارب بن دثار وفيه: (صلاة المغرب).
وعند ابن الجعد قال شعبة: قلت لمحارب: أي صلاة كانت؟ قال: المغرب.
هكذا قال محارب بن دثار عن جابر: إنها صلاة المغرب.
خالفه عمرو بن دينار
(6)
، وأبو الزبير
(7)
، وعبيد الله بن مقسم
(8)
فرووه عن جابر فقالوا: العشاء، لذا حذف الإمام البخاري رحمه الله هذه اللفظة من حديث شعبة عن محارب وهو قوله:(المغرب) مع أن
(1)
النسائي (2/ 168) وأحمد (3/ 300) من طريق عبد الرحمن بن مهدي.
(2)
ابن أبي شيبة (3605) وأبو عوانة (1780).
(3)
النسائي في الكبرى (11664) وأبو نعيم في الحلية (7/ 263).
(4)
الطبراني في الأوسط (7787) والشيباني هو سليمان.
(5)
المصدر السابق (2661).
(6)
البخاري (701) ومسلم (465) وأحمد (3/ 308).
(7)
مسلم (465).
(8)
ابن خزيمة (1634) والبخاري تعليقاً (705).
أصحاب شعبة أثبتوها في حديثه هذا، منهم: محمد بن جعفر وحجاج وأبو داود الطيالسي وعبد الصمد بن عبد الوارث وسعيد بن الربيع.
وقال عقب الحديث
(1)
: «قال عمرو وعبيد الله بن مقسم وأبو الزبير عن جابر قرأ معاذ في العشاء بالبقرة وتابعه الأعمش عن محارب» .
قلت: وقد رواه جرير عن الأعمش عن محارب فقال: العشاء
(2)
الآخرة، ورواه ابن فضيل
(3)
عن الأعمش عن محارب، ويحيى بن سعيد
(4)
عن الأعمش عن محارب ولم يذكرا أي صلاة هي.
فائدة:
روى الإمام أحمد (3/ 300) عن وكيع عن سفيان أنها صلاة الفجر وهذا وهم من وكيع خالفه عبد الرحمن بن مهدي فرواه عن سفيان فقال: المغرب، وهو المحفوظ من حديث محارب بن دثار كما تقدم، والله تعالى أعلم. وانظر ح (350)، (1098)، (1111).
(1)
البخاري (705).
(2)
النسائي (2/ 172) وفي الكبرى (1069)(11652).
(3)
النسائي (2/ 97).
(4)
النسائي في الكبرى (11673).
أبو الزبير المكي
اسمه ونسبه:
محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم أبو الزبير المكي مولى حكيم بن حزام.
روى عن جابر وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وعبد الله بن عمرو وعائشة وجماعة.
روى عنه عطاء بن أبي رباح وهو من شيوخه، والزهري وأيوب وسلمة بن كهيل والأعمش وهشام بن عروة وعبيد الله بن عمر وشعبة والسفيانان ومالك وابن عجلان وابن جريج وخلق كثير.
قال ابن عيينة عن أبي الزبير: كان عطاء يقدِّمني إلى جابر أحفظ لهم الحديث.
وقال أيضاً: ما تنازع أبو الزبير وعمرو بن دينار قط عن جابر إلا زاد عليه أبو الزبير.
وقال محمد بن عثمان: سألت علي بن المديني عن أبي الزبير فقال: ثقة ثبت.
وقال عثمان بن سعيد: سألت يحيى يعني القطان أيما أحب إليك أبو الزبير أو ابن المنكدر؟ فقال: كلاهما ثقة.
وقال ابن عون: ما أبو الزبير بدون عطاء بن أبي رباح.
وقال يحيى بن معين: ثقة، وقال مرة: صالح، وقال النسائي: ثقة، وقال العجلي: تابعي ثقة، وقال أحمد: قد احتمله الناس ليس به بأس.
وخالفهم آخرون.
قال أحمد بن حنبل: كان أيوب السختياني يقول: حدثنا أبو الزبير وأبو الزبير أبو الزبير، قلت لأبي: كأنه يضعفه؟ قال: نعم.
وقال نعيم بن حماد: سمعت ابن عيينة يقول: حدثنا أبو الزبير وهو أبو الزبير أي: كأنه يضعفه.
وقال هشيم: سمعت من أبي الزبير، فأخذ شعبة كتابي فمزقه.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: أبو الزبير يحتاج إلى دعامة.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن أبي الزبير؟ فقال: روى عنه الناس، قلت: يحتج بحديثه؟ قال: إنما يحتج بحديث الثقات.
قال ابن عدي: وقد حدّث عنه شعبة أحاديث أفراداً كل حديث ينفرد به رجل عن شعبة، وروى مالك عن أبي الزبير أحاديث، وكفى بأبي الزبير صدقاً أن يحدّث عنه مالك، فإن مالكاً لا يروي إلا عن ثقة، ولا أعلم أحداً من الثقات تخلّف عن أبي الزبير إلا وقد كتب عنه
وهو في نفسه ثقة إلا أن يروي عنه بعض الضعفاء فيكون ذلك من جهة الضعيف.
قال ابن حجر: صدوق إلا أنه يدلس، من الرابعة.
الحديث الأول
(1)
:
504 -
قال أبو داود رحمه الله (2185): حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع قال: كيف ترى في رجل طلّق امرأته حائضاً
(2)
؟
قال: طلّق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ عبد الله بن عمر طلّق امرأته وهي حائض، قال عبد الله: فردّها عليَّ ولم يرها شيئاً، وقال:«إذا طهرت فليطلِّق أو ليمسك» .
قال ابن عمر: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ
…
(1)} [الطلاق: 1] في قبل عدتهن.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن صالح المصري، أبو جعفر الحافظ المعروف بابن الطبري، ثقة حافظ، روى عنه البخاري، أثنى عليه البخاري وأحمد وابن المديني وغيرهم.
عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري، أبو بكر الصنعاني، صاحب المصنف. انظره في بابه.
ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، ثقة فقيه فاضل. انظره في بابه.
عبد الرحمن بن أيمن ويقال: مولى أيمن المخزومي مولاهم المكي، من رجال مسلم. قال المزي: ذكره غير واحد من رجال مسلم وليس له عندهم رواية.
(2)
قيل: اسمها آمنة بنت غفار، وقيل: بنت عمار، وفي مسند أحمد أن اسمها النوار.
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (15/ 65) من طريق أبي داود.
وأخرجه الشافعي (2/ 33) من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز، وأحمد (2/ 80 - 81) من طريق روح بن عبادة، وعبد الرزاق (10960) ثلاثتهم:(عبد الرزاق، وروح، وعبد المجيد) عن ابن جريج عن أبي الزبير وفيه: (ولم يرها شيئاً).
ورواه مسلم (1471) والنسائي (6/ 139) وفي الكبرى (5585) وابن الجارود (733) وأبو عوانة (4526) من طريق حجاج بن محمد، والشافعي (1/ 101) من طريق مسلم بن خالد الزنجي، وسعيد بن سالم، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 51) من طريق أبي عاصم، والبغوي في شرح السنّة (9/ 203) من طريق الشافعي عن مسلم وسعيد بن سالم كلهم:(حجاج، ومسلم، وسعيد بن سالم، وأبو عاصم) عن ابن جريج عن أبي الزبير ولم يذكروا هذه اللفظة: (ولم يرها شيئاً).
وقد روى هذا الحديث جماعة من الأئمة الثقات عن ابن عمر ولم يذكروا هذه الزيادة، منهم: نافع مولى ابن عمر
(1)
، وسالم بن عبد الله بن عمر
(2)
، ويونس بن جبير
(3)
، وسعيد بن جبير
(4)
، وأنس بن سيرين
(5)
، وعبد الله بن دينار
(6)
، وطاووس
(7)
وغيرهم.
(1)
البخاري (5251) ومسلم (1471).
(2)
البخاري (4908) ومسلم (1471).
(3)
البخاري (5258) ومسلم (1471).
(4)
البخاري (5253).
(5)
البخاري (5252) ومسلم (1471).
(6)
مسلم (1471).
(7)
مسلم (1471).
لذا أنكر أئمة أهل الحديث ونقّاده هذه الزيادة على أبي الزبير.
قال أبو داود عقب الحديث (2/ 442): «روى هذا الحديث عن ابن عمر يونس بن جبير، وأنس بن سيرين، وسعيد بن جبير، وزيد بن أسلم، وأبو الزبير، ومنصور، عن أبي وائل معناهم كلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلّق وإن شاء أمسك.
وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر
…
والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير» انتهى كلامه رحمه الله.
وقال الخطابي: (قال أهل الحديث: لم يروِ أبو الزبير حديثاً أنكر من هذا
…
)
(1)
.
وقال ابن عبد البر: قوله: (ولم يرها شيئاً) منكر عن ابن عمر، لما ذكرنا عنه أنه اعتدّ بها، ولم يقله أحد غير أبي الزبير.
وقد رواه عنه جماعة جلّة فلم يقل ذلك واحد منهم، وأبو الزبير ليس بحجة فيما خالفه فيه مثله فكيف بخلاف مَنْ هو أثبت منه؟
ولو صحّ لكان معناه عندي والله أعلم: ولم يرها على استقامة، أي: ولم يرها شيئاً مستقيماً لأنه لم يكن طلاقه لها على سنّة الله ورسوله.
هذا أولى المعاني بهذه اللفظة إن صحّت.
(1)
معالم السنن (3/ 96) وفتح الباري (9/ 354).
وكل مَنْ روى هذا الخبر من الحفاظ لم يذكروا ذلك، وليس مَنْ خالف الجماعة الحفاظ بشيء فيما جاء به
(1)
.
وقال الإمام الشافعي: نافع أثبت من أبي الزبير، والأثبت من الحديثين أولى أن يؤخذ به إذا تخالفا، وقد وافق نافعاً غيره من أهل الثبت
(2)
.
قال البيهقي: وبسط الشافعي القول في ذلك وحمل قوله: (لم يرها شيئاً) على أنه لم يعده شيئاً صواباً غير خطأ يؤمر صاحبه أن لا يقيم عليه.
ألا ترى أنه يؤمر بالمراجعة ولا يؤمر بها الذي طلّقها طاهراً، كما يقال للرجل: أخطأ في فعله وأخطأ في جواب أجاب به: لم يصنع شيئاً، يعني لم يصنع شيئاً صواباً
(3)
.
وقال ابن رجب الحنبلي: وهذا مما تفرد به أبو الزبير عن أصحاب ابن عمر كلهم مثل ابنه سالم ومولاه نافع، وأنس، وابن سيرين، وطاووس، ويونس بن جبير، وعبد الله بن دينار، وسعيد بن جبير، وميمون بن مهران وغيرهم.
وقد أنكر العلماء هذه اللفظة على أبي الزبير من المحدثين والفقهاء وقالوا: إنه تفرد بما خالف الثقات فلا يقبل تفرده، فإن في رواية الجماعة عن ابن عمر ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم حسب عليه الطلقة من وجوه كثيرة.
(1)
التمهيد (15/ 65) وفتح الباري (10/ 474).
(2)
اختلاف الحديث ص 261.
(3)
معرفة السنن والآثار (11/ 29) وفتح الباري (9/ 354 - 355).
وكان ابن عمر يقول لمَن سأله عن الطلاق في الحيض: إن كنت طلّقت واحدة أو اثنتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بذلك يعني بارتجاع المرأة وإن كنت طلّقت ثلاثاً فقد عصيت ربك وبانت منك امرأتك
(1)
.
وفي رواية أبي الزبير زيادة أخرى لم يتابع عليها وهي قوله: ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصَوا الْعِدَّةَ
…
(1)} [الطلاق: 1] ولم يذكر ذلك أحد من الرواة عن ابن عمر، وإنما روى عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنه كان يتلو هذه الآية رواية للحديث، وهذا هو الصحيح
(2)
.
الدلالة الفقهية:
استدل أهل الظاهر وبعض أهل العلم بقوله: (ولم يرها شيئاً) إلى أن الطلاق في الحيض لا يقع.
وممن روي عنه هذا القول: داود وابن حزم
(3)
ونصره ابن تيمية
(4)
وابن القيم
(5)
وحكاه الخطابي عن الخوارج والروافض
(6)
.
(1)
أخرجه مسلم (1471)(3).
(2)
جامع العلوم والحكم (ص 61) شرح حديث: «مَنْ أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» .
(3)
المحلى (10/ 161 - 170).
(4)
مجموع الفتاوى (32/ 22 - 23، 81، 99).
(5)
زاد المعاد (5/ 222 - 238) وتهذيب السنن (3/ 95 وما بعده).
(6)
نيل الأوطار (7/ 7).
وذهب جمهور أهل العلم إلى أن هذا الطلاق يقع.
قال ابن عبد البر
(1)
: وعلى هذا فقهاء الأمصار وجمهور علماء المسلمين، وإن كان الطلاق عند جميعهم في الحيض مكروهاً، بدعة غير سنّة.
ولا يخالف الجماعة في ذلك إلا أهل البدع والجهل الذين يرون الطلاق لغير السنّة غير واقع ولا لازم، وقد روي ذلك عن بعض التابعين
(2)
، وهذا شذوذ لم يعرج عليه أحد من أهل العلم. اه.
قال أبو عبيدة: الوقوع هو الذي عليه العلماء مجمعون في جميع الأمصار حجازهم وتهامهم ويمنهم وشامهم وعراقهم ومصرهم
(3)
.
وحكى ابن المنذر ذلك عن كل مَنْ يحفظ قوله من أهل العلم إلا ناساً من أهل البدع لا يعتد بهم
(4)
.
وقال الإمام أحمد في رواية أبي الحارث، وسئل عمّن قال: لا يقع الطلاق المحرم بأنه يخالف ما أمر به؟
فقال: هذا قول سوء رديء، ثم ذكر قصة ابن عمر وأنه احتسب بطلاقه في الحيض
(5)
.
(1)
الاستذكار (6/ 144).
(2)
روى عبد الرزاق (10925) عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه أنه كان لا يرى طلاقاً ما خالف وجه الطلاق، ووجه العدة أنه كان يطلّقها واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها. اه. قلت: قوله هذا يحمل أنه لا يراه سائغاً أو حسناً، والله أعلم.
(3)
جامع العلوم والحكم لابن رجب (ص 62).
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.
قال ابن قدامة: فإن طلّق للبدعة وهو أن يطلقها حائضاً أو في طهر مسها فيه أثم ووقع طلاقه في قول عامة أهل العلم.
قال ابن المنذر وابن عبد البر: لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال.
وحكاه أبو نصر عن ابن علية وهشام بن الحكم والشيعة
(1)
.
وحكى النووي وقوع الطلاق عن العلماء كافة، وقال: شذّ بعض أهل الظاهر فقال: لا يقع طلاقه
(2)
.
فائدة:
أطال ابن القيم رحمه الله الكلام في نصرة عدم وقوع الطلاق، وأقوى ما استدل به هو حديث الباب.
وكان مما ذكر أن هذا الطلاق محرّم منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، وكما أن النكاح المنهي عنه لا يصح فكذلك الطلاق.
وأن الشارع قد حجر على الزوج أن يُطلق في حال الحيض فلو صحّ طلاقه لم يكن للحجر معنى، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد» وهذا الطلاق الذي ليس عليه أمره صلى الله عليه وسلم مردود باطل، ونحو هذا من المعارضات.
ويجاب عن هذا كله بما عقده البخاري في صحيحه (9/ 351) باب (إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق).
قال: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن أنس بن سيرين
(1)
المغني (7/ 100).
(2)
طرح التثريب (7/ 88).
قال: سمعت ابن عمر قال: طلّق ابن عمر امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:«ليراجعها» قلت: تحتسب؟ قال: «فمه»
(1)
.
وعن قتادة عن يونس بن جبير عن ابن عمر قال: «مُره فليراجعها» ، قلت: تحتسب؟ قال: «أرأيت إن عجزت أو استجمعت»
(2)
.
قال البخاري: وحدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال: حُسبت عليّ تطليقة.
وهذا نص صحيح صريح من صاحب القصة أنها حُسبت عليه تطليقة وأن الشارع حسبها عليه.
وما جاء في حديث أبي الزبير: (ولم يرها شيئاً) أنكرها عليه أهل الحديث، وعلى افتراض صحتها فيتعين الجمع بينهما كما هو مقرر في علم الأصول فيحمل قوله:(ولم يرها شيئاً) لم يرها شيئاً صواباً إذ لا يتصور أن ابن عمر رضي الله عنهما يروي قول النبي صلى الله عليه وسلم أنها لم يحسبها عليه طلقة ثم هو يقول بأنها حسبت عليه طلقة أو يحسبها على نفسه بل ويفتي بذلك مَنْ سأله كما سبق ذكره، والله تعالى أعلم.
(1)
أخرجه مسلم (1471)(7)(12).
(2)
أخرجه مسلم (1471)(9).
الحديث الثاني
(1)
:
505 -
قال أبو عيسى الترمذي (920): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن ابن عباس وعائشة:
(أن النبي صلى الله عليه وسلم أخّر طواف الزيارة إلى الليل).
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وهو في العلل الكبير له (230).
وأخرجه أبو داود (2000) وأحمد (1/ 282) وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير (8) وفي طبقات المحدثين بأصبهان (14) وأبو نعيم في الحلية (7/ 96) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3525) كلهم من طرق عن سفيان به.
وقال الترمذي عقبه: (هذا حديث حسن صحيح).
إلا أن الصحيح أن الحديث معلول لأمرين:
1 مخالفته الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف نهاراً.
2 أبو الزبير مدلس ولم يصرح هنا بالسماع.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، أبو بكر بندار، ثقة، مات سنة 252 وله بضع وثمانون سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن مهدي: تقدم انظره في بابه.
سفيان، تقدم انظره في بابه.
قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/ 64): وعندي أن الحديث ليس يصح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما طاف يومئذ نهاراً، وإنما اختلفوا هل صلّى الظهر بمكة أو رجع إلى منى فصلاها بها بعد أن فرغ من طوافه
…
وأبو الزبير مدلس ولم يذكر هاهنا سماعاً من عائشة، وقد عُهد يروي عنها بواسطة ولا أيضاً من ابن عباس فقد عهد كذلك يروي عنه بواسطة وإن كان قد سمع منه
…
، والخلاف في رد حديث المدلس حتى يعلم اتصاله أو قبوله حتى يعلم انقطاعه إنما هو إذا لم يعارضه ما لا شك في صحته وهذا فقد عارضه ما لا شك في صحته.
وقال ابن القيم في زاد المعاد (2/ 276 - 277) بعد أن ذكر قول ابن القطان: ويدل على غلط أبي الزبير على عائشة أن أبا سلمة ابن عبد الرحمن روى عن عائشة أنها قالت: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر.
قال البيهقي: وأصح هذه الروايات حديث نافع عن ابن عمر، وحديث جابر، وحديث أبي سلمة عن عائشة، يعني أنه طاف نهاراً.
وقال العيني في عمدة القاري (10/ 68): هذا يعارض ما رواه ابن عمر وجابر وعائشة رضي الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه طاف يوم النحر نهاراً، والحديثان عن ابن عمر وجابر عند مسلم، أما حديث ابن عمر فإنه أخرجه من طريق عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر ثم رجع فصلّى الظهر بمنى.
ورواه أبو داود والنسائي أيضاً.
وأما حديث جابر فإنه أخرجه من رواية جعفر بن محمد عن جابر في الحديث الطويل وفيه: (ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلّى بمكة الظهر) الحديث.
وأما حديث عائشة فأخرجه أبو داود من طريق ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلّى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي التشريق.
فهذه الأحاديث تدل على أنه طاف طواف الزيارة يوم النحر نهاراً.
الزهري
(1)
اسمه ونسبه:
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشي الزهري الفقيه الحافظ المدني أحد الأئمة الأعلام وعالم الحجاز والشام.
وأمه عائشة بنت عبد الله الأكبر ابن شهاب ويكنى أبا بكر.
ولد سنة خمسين وطلب العلم في أواخر عصر الصحابة وله نيف وعشرون سنة. ومات في رمضان سنة 124 وله 72 سنة.
حديثه:
روى عن: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن جعفر، وأنس بن مالك، وجابر، والمسور بن مخرمة، وسهل بن سعد،
(1)
مصادر الترجمة:
الطبقات الكبرى (1/ 158) وتاريخ دمشق (55/ 294 وما بعده) وتهذيب الكمال (26/ 419) وتهذيب التهذيب (9/ 395 وما بعده) وتاريخ الإسلام (8/ 27) والمعرفة والتاريخ (1/ 350) والتاريخ الكبير (1/ 220) وحلية الأولياء (3/ 360 وما بعده) وطبقات الفقهاء (1/ 47).
وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وأبي أمامة، وغيرهم من الصحابة وخلق من التابعين.
وروى عنه من الكبار: عمر بن عبد العزيز، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وعمرو بن شعيب، وزيد بن أسلم.
حفظه وسعة علمه:
قال الليث: قال ابن شهاب: ما استودعت قلبي شيئاً قط فنسيته.
وقال مالك: قال الزهري: ما استفهمت عالماً قط ولا رددت على عالم شيئاً قط.
وقال عبد الرحمن بن إسحاق: عن الزهري: ما استعدت حديثاً قط.
وقال إبراهيم بن سعد عن أبيه: ما أرى أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع ما جمع ابن شهاب.
قال أيوب: ما رأيت أحداً أعلم من الزهري.
قال البخاري: قال لي الأويس: حدثنا مالك قال: حدثنا ابن شهاب بحديث فيه طول، قلت: أعِد أما كنت تحب أن يعاد عليك؟ فقال: لا، فقلت: أكنت تكتب؟ قال: لا.
قال معمر: سمعت الزهري يقول: مسّت ركبتي ركبة سعيد بن المسيب ثمان سنين.
قال مالك بن أنس عن الزهري قال: خدمت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة حتى إن كان خادمه ليخرج فيقول: مَنْ بالباب؟ فتقول الجارية:
غلامك الأعمش، فتظن أني غلامه وإن كنت لأخدمه حتى لأستقي له وضوءه.
وقال مالك عن الزهري: تبعت سعيد بن المسيب في طلب حديث ثلاثة أيام.
قال الليث بن سعد: قال الزهري: ما صبر أحد على العلم صبري ولا نشره أحد نشري، فأما عروة بن الزبير فبئر لا تكدره الدلاء، وأما ابن المسيب فانتصب للناس فذهب اسمه كل مذهب.
قال جعفر بن ربيعة لعراك: مَنْ أعلم مَنْ رأيت؟ قال: أعلمهم بالحلال ابن المسيب، وأغزرهم حديثاً عروة، ولا نشأ أن نقع من عبيد الله بن عبد الله بن عتبة على علم لا تسمع إلا منه إلا وقعت، وأعلم من هؤلاء كلهم عندي ابن شهاب لأنه جمع علمهم إلى علمه.
من حكمه وأقواله:
قال يونس بن يزيد: سمعت الزهري يقول: إن هذا العلم إن أخذته بالمكاثرة غلبك ولم تظفر منه بشيء ولكن خذه مع الأيام والليالي أخذاً رفيقاً تظفر به.
وقال أيضاً: ما أحدث الناس مروءة أعجب إليّ من الفصاحة.
وقال معمر عن الزهري: ما عبد الله بشيء أفضل من العلم.
وقال أبو رزين: سمعت الزهري يقول: أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه.
وقال محمد بن عجلان عن الزهري: فضل العالم على المجتهد
مائة درجة ما بين كل درجة خمسمائة سنة خطو الفرس الجواد المضمر.
وقال القاسم بن هزان سمع الزهري يقول: لا يوثق الناس بعلم عالم لا يعمل.
وقال يونس: قال الزهري: إياك وغلول الكتب، قلت: وما غلولها؟ قال: حبسها عن أهلها.
وقال أبو بكر الخلال: سمعت الزهري يقول: حضور المجلس بلا نسخة ذل.
وقال معمر عن الزهري قال: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب.
وقال أبو عبيدة عن أبي يحيى عن الزهري: استكثروا من شيء لا تمسه النار، قيل: وما هو؟ قال: المعروف.
الحديث الأول
(1)
:
506 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (1295): حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثَيْ مالي؟ قال: «لا» فقلت: بالشطر؟ فقال: «لا» ثم قال: «الثلث والثلث كبير أو كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكفّفون الناس
…
» الحديث.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن يوسف من رجال البخاري.
وأخرجه البخاري (3936) و (4409) من طريق إبراهيم بن سعد، وفي (5668) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة، ومسلم (1648) من
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن يوسف التنيسي، أبو محمد الكلاعي، أصله من دمشق، ثقة متقن من أثبت الناس في الموطأ، من كبار العاشرة، مات سنة 218، روى له البخاري.
مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو عبد الله المدني الفقيه، إمام دار الهجرة، رأس المتقنين وكبير المتثبتين، من السابعة، مات سنة 179 وكان مولده سنة 93، روى له البخاري ومسلم.
عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة 104، روى له البخاري ومسلم.
سعد بن أبي وقاص: صحابي مشهور.
طريق إبراهيم بن سعد، وسفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، كلهم عن الزهري به. وهو في الموطأ لمالك (2/ 763).
وأخرجه أبو داود (2864) وسعيد بن منصور (330) من طريق سفيان، وأخرجه أبو عوانة (5764 - 5771) من طريق إبراهيم بن سعد وعبد العزيز بن أبي سلمة وسفيان بن عيينة ومالك ويونس بن يزيد وسعيد بن عبد العزيز، وابن حبان (6025) من طريق مالك، والشاشي (84) من طريق ابن عيينة، والطحاوي في شرح المشكل (13/ 219) من طريق ابن عيينة كلهم عن الزهري به.
هكذا قال الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه: (أفأتصدق بثلثَيْ مالي).
خالفه سعد بن إبراهيم
(1)
، وهاشم بن هاشم
(2)
، وبكير بن مسمار
(3)
، وجرير بن زيد
(4)
فرووه عن عامر بن سعد عن أبيه سعد فقالوا: (أفأوصي).
وكذلك رواه مصعب
(5)
، وعائشة
(6)
، ومحمد
(7)
ثلاثتهم عن أبيهم سعد بن أبي وقاص فقالوا: (أوصي).
(1)
البخاري (2742) ومسلم (1628).
(2)
البخاري (2744).
(3)
النسائي (6/ 243).
(4)
أحمد (1/ 184) والدورقي في مسند سعد (27) وأبو عوانة (5787).
(5)
مسلم (1628)(6)(7) وأبو عوانة (5776 - 5781).
(6)
البخاري (5659).
(7)
النسائي (6/ 242) وأبو عوانة (5778).
وكذلك رواه حميد بن عبد الرحمن الحميري عن ثلاثة من ولد سعد كلهم يحدثه عن أبيه. وفيه: (أفأوصي بمالي كله)
(1)
.
وكذلك رواه عروة بن الزبير
(2)
وأبو عبد الرحمن السلمي
(3)
كلاهما عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: مرضت مرضاً شديداً عادني فيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «هل أوصيت الحديث
…
»
(4)
.
وروت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سعداً يعوده فقال له سعد: يا رسول الله أوصي بثلثي مالي
…
إلخ.
وقد روي عن الزهري بمثل رواية الجماعة.
رواه عنه معمر
(5)
، وابن عيينة
(6)
بلفظ: (أفأوصي) مما يدل على أن الزهري كان يرويه بالمعنى فمرة بلفظ: (أتصدق) ومرة بلفظ: (أوصي).
وقد فات هذا ابن عبد البر فذكر أن الزهري لم يختلف عليه في هذا اللفظ وهو قوله: (أفأتصدق).
قال ابن عبد البر
(7)
: «أما حديث ابن شهاب فلم يختلف عنه أصحابه لا ابن عيينة ولا غيره أنه قال فيه: أفأتصدق بمالي كله أو
(1)
مسلم (1628)(8)(93).
(2)
النسائي (6/ 243) وأبو عوانة (5789).
(3)
النسائي (6/ 243) وأبو عوانة (5789) والطيالسي (194) وسعيد بن منصور (332).
(4)
النسائي (6/ 243).
(5)
عبد الرزاق (16357) وعبد بن حميد (133) وابن حبان (7261).
(6)
أبو يعلى (747) وابن سعد (3/ 144) وابن حبان (4249).
(7)
التمهيد (8/ 377).
بثلثي مالي، ولم يقل: أفأوصي، فإن صحت هذه اللفظة قوله:(أفأتصدق)، كان في ذلك حجة قاطعة لما ذهب إليه جمهور أهل العلم في هبات المريض وصدقاته وعتقه أن ذلك من ثلثه لا من جميع ماله وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وعامة أهل الحديث وحجتهم حديث عمران بن حصين.
ثم قال: وقال بعض أهل العلم: إن عامر بن سعد هو الذي قال في حديث: سعد (أفأتصدق بثلثي مالي أو بمالي)، وأما مصعب بن سعد فإنما قال:(أفأوصي)، ولم يقل:(أفأتصدق).
والذي أقوله: إن ابن شهاب هو الذي قال عن عامر بن سعد في هذا الحديث: (أفأتصدق)، لأن غير ابن شهاب رواه عن عامر فقال فيه:(أفأوصي)، كما قال مصعب بن سعد وهو الصحيح إن شاء الله
(1)
.
فائدة:
1 وهم في هذا الحديث ثلاثة من الأئمة، فالزهري قال:(أفأتصدق) والصحيح (أفأوصي). وسعد بن إبراهيم
(2)
قال: (يرحم الله سعد بن عفراء) والصحيح (سعد بن خولة)، وسفيان بن عيينة
(3)
قال: (عام فتح مكة) والصحيح (عام حجة الوداع).
2 الصدقة تختلف في أحكامها عن الوصية ما يوصي به المرء لينفذ بعد موته وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «الثلث والثلث كثير» .
(1)
التمهيد (8/ 377 - 378).
(2)
البخاري (2742)، وانظره في بابه ح (518).
(3)
انظر ح (144).
أما الصدقة فقد تصدق أبو بكر بماله كله وأتى عمر بنصف ماله ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يجوز للمرء أن يرجع في صدقته، ويجوز له أن يغير وصيته وغير ذلك من الأحكام.
الحديث الثاني
(1)
:
507 -
قال البخاري رحمه الله في صحيحه (5868): حدثني يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب قال: حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه أنه رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورِق يوماً واحداً، ثم إن الناس اصطنعوا الخواتم من ورق ولبسوها، فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه فطرح الناس خواتيمهم.
قال البخاري: تابعه إبراهيم بن سعد وزياد وشعيب عن الزهري، وقال ابن مسافر عن الزهري: أرى خاتماً من ورق.
التعليق:
هذا إسناد على شرط الشيخين.
وأخرجه مسلم في صحيحه (2093)(59) من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري به.
وفي (2093)(60) من طريق زياد بن سعد به.
وأخرجه أحمد (3/ 226)، (3/ 223)، (3/ 225) من طريق زياد بن سعد، وإبراهيم بن سعد، وشعيب بن أبي حمزة، ورواه أبو عوانة في
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي، مولاهم المصري، وقد ينسب إلى جده، ثقة في الليث، وتكلموا في سماعه من مالك، من كبار العاشرة، مات سنة 232 وله 77 سنة، روى له البخاري ومسلم.
الليث بن سعد: انظره في بابه.
يونس بن يزيد الأيلي: انظره في بابه.
الزهري: تقدم.
مستخرجه (5/ 490) من طريق عقيل بن خالد، وأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (363) من طريق محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري كلهم عن الزهري به.
فهؤلاء ستة من أصحاب الزهري رووه عنه هكذا وتابعهم عبد الرحمن بن خالد بن مسافر.
ذكره البخاري عقب الحديث تعليقاً مما يدفع الوهم عمّن دون الزهري في هذا الحديث.
وقد حكم أهل الحديث على وهم الزهري في هذا الحديث لأمرين:
الأول: الثابت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب فاتخذه الناس، فرمى به، واتخذ خاتماً من ورق
(1)
.
الثاني: الثابت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورق وكان في يده حتى مات وليس فيه أنه طرحه
(2)
.
قال البيهقي: ويشبه أن يكون ذكر الورق في هذه القصة وهماً
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه (5865) ومسلم (2090) من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
(2)
روى البخاري في صحيحه (5873) من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق وكان في يده، ثم كان بعد في يد أبي بكر، ثم كان بعد في يد عمر، ثم كان بعد في يد عثمان، حتى وقع في بئر أريس، نقشه محمد رسول الله.
ورواه مسلم (2091)(54).
سبق إليه لسان الزهري فحمل عنه على الوهم، فالذي طرحه هو خاتمه من ذهب، ثم اتخذ بعد ذلك خاتمه من ورق.
ورواية ابن عمر تدل على أن الذي جعله في يمينه هو خاتمه من ذهب ثم طرحه
(1)
.
وقال ابن عبد البر: وهذا غلط عند أهل العلم، والمعروف أنه إنما نبذ خاتماً من ذهب لا من الورق.
وقال ابن بطال: خالف ابن شهاب رواية قتادة
(2)
وثابت
(3)
وعبد العزيز بن صهيب
(4)
في كون الخاتم الفضة استقر في يد النبي صلى الله عليه وسلم يختم به الخلفاء بعده، فوجب الحكم للجماعة، وأنه وهم الزهري فيه
(5)
.
قال ابن عساكر: وهذا كما قال البيهقي رحمه الله فإن الخاتم الذي طرح النبي صلى الله عليه وسلم كان من ذهب ويدل على ذلك، ثم سرد حديث ابن عمر وغيره
(6)
.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم: قال القاضي عياض: قال جميع أهل الحديث: هذا وهم من ابن شهاب، فوهم من خاتم الذهب إلى خاتم الورق، والمعروف من روايات أنس من غير طريق ابن
(1)
السنن الكبرى (4/ 143) وفتح الباري (10/ 327).
(2)
البخاري (5872).
(3)
صحيح مسلم (2095).
(4)
البخاري (5874).
(5)
فتح الباري (10/ 320).
(6)
تاريخ دمشق (4/ 180 - 188).
شهاب اتخاذه صلى الله عليه وسلم خاتم فضة ولم يطرحه، وإنما طرح خاتم الذهب كما ذكره مسلم في باقي الأحاديث
(1)
.
وقال ابن حجر في الفتح (10/ 319 - 320): هكذا روى الحديث الزهري عن أنس واتفق الشيخان على تخريجه من طريقه، ونسب فيه إلى الغلط لأن المعروف أن الخاتم الذي طرحه النبي صلى الله عليه وسلم بسبب اتخاذ الناس مثله إنما هو خاتم الذهب كما صرّح به في حديث ابن عمر
(2)
.
قال النووي تبعاً لعياض
(3)
: قال جميع أهل الحديث هذا وهم من ابن شهاب، لأن المطروح ما كان إلا خاتم الذهب.
وذهب بعض أهل العلم إلى تأويل هذا التعارض.
قال الحافظ في الفتح: وحاصل الأجوبة ثلاثة:
أحدها: قاله الإسماعيلي، فإنه قال بعد أن ساقه: إن كان هذا الخبر محفوظاً فينبغي أن يكون تأويله أنه اتخذ خاتماً من ورِق على لون من الألوان وكره أن يتخذ غيره مثله فلما اتخذوه رمى به حتى رموا به، ثم اتخذ بعد ذلك ما اتخذه ونقش عليه ما نقش ليختم به.
ثانيها: أشار إليه الإسماعيلي أيضاً أنه اتخذه زينة فلما تبعه الناس فيه رمى به، فلما احتاج إلى الختم اتخذه ليختم به.
وبهذا جزم المحب الطبري
…
(1)
شرح صحيح مسلم (14/ 70) وعمدة القاري (2/ 30).
(2)
أخرجه البخاري (5865) ومسلم (2090).
(3)
لم يقل النووي ذلك بل نقله عن عياض وارتضى تأويل الحديث كما سيأتي.
ثالثها: قال ابن بطال: خالف ابن شهاب رواية قتادة وثابت وعبد العزيز لكن قال المهلب: قد يمكن أن يتأول لابن شهاب ما ينفي عنه الوهم وإن كان الوهم أظهر، وذلك أنه يحتمل أن يكون لما عزم على اطراح خاتم الذهب اصطنع خاتم الفضة بدليل أنه كان لا يستغني عن الختم على الكتب إلى الملوك وغيرهم من أمراء السرايا والعمال، فلما لبس خاتم الفضة أراد الناس أن يصطنعوا مثله فطرح عند ذلك خاتم الذهب فطرح الناس خواتيم الذهب.
ثم قال الحافظ: ولا يخفى وهي هذا الجواب والذي قاله الإسماعيلي أقرب مع أنه يحدث فيه أن يستلزم اتخاذ خاتم الورق مرتين
…
وقد نقل عياض نحواً من قول ابن بطال قائلاً: قال بعضهم: يمكن الجمع بأنه لما عزم على تحريم خاتم الذهب اتخذ خاتماً من فضة فلما لبسه أراه الناس في ذلك اليوم ليعلموا إباحته ثم طرح خاتم الذهب وأعلمهم تحريمه فطرح الناس خواتيمهم من الذهب.
فيكون قوله: (فطرح خاتمه وطرحوا خواتيمهم) أي: التي من الذهب.
ثم أشار إلى أن رواية ابن شهاب لا تحتمل هذا التأويل، فأما النووي فارتضى هذا التأويل وقال: هذا هو التأويل الصحيح وليس في الحديث ما يمنعه
(1)
.. ، وأيده الكرماني بأنه ليس في الحديث أن الخاتم المطروح كان من ورق بل هو مطلق فيحمل على خاتم الذهب
(1)
شرح صحيح مسلم (14/ 70).
أو على ما نقش عليه خاتمه، قال: ومهما أمكن الجمع لا يجوز توهيم الراوي.
ثم ذكر الحافظ وجهاً رابعاً وصفه بأنه ليس فيه تغيير ولا زيادة اتخاذ، فقال:
رابعاً: أنه اتخذ خاتم الذهب للزينة فلما تتابع الناس فيه وافق وقوع تحريمه فطرحه ولذلك قال: «لا ألبسه أبداً» وطرح الناس خواتيمهم تبعاً له، وصرّح بالنهي عن لبس خاتم الذهب كما تقدم، ثم احتاج إلى الخاتم لأجل الختم به فاتخذه من فضة ونقش فيه اسمه الكريم فتبعه الناس أيضاً في ذلك فرمى به حتى رمى الناس تلك الخواتيم المنقوشة على اسمه لئلا تفوت مصلحة نقش اسمه بوقوع الاشتراك، فلما عدمت خواتيمهم برميها رجع إلى خاتمه الخاص به فصار يختم به، ويشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«إنا اتخذنا خاتماً ونقشنا فيه نقشاً فلا ينقش عليه أحد» انتهى كلام الحافظ.
تنبيه:
روى ابن حبان في صحيحه من طريق ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري هذا الحديث وفيه: (أنه خاتم من ذهب) وهو وهم انظره في باب إسحاق بن إبراهيم (بن راهويه). ح (1057).
الحديث الثالث
(1)
:
508 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (2233)(128): حدثني عمرو بن محمد الناقد، حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
«اقتلوا الحيّات وذا الطفيتين
(2)
والأبتر
(3)
، فإنهما يسقطان الحمل ويلتمسان البصر
(4)
».
قال: فكان ابن عمر يقتل كل حيّة وجدها، فأبصره أبو لبابة بن عبد المنذر أو زيد بن الخطاب وهو يطارد حيّة، فقال: إنه قد نُهي عن ذوات البيوت
(5)
.
التعليق:
هذا إسناد على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد (2/ 9) والحميدي (620) عن سفيان به.
(1)
رجال الإسناد:
عمرو بن محمد بن بكير الناقد، أبو عثمان البغدادي، ثقة حافظ وهم في حديث، من العاشرة، مات سنة 232، روى له البخاري ومسلم.
سفيان بن عيينة: تقدم في بابه.
(2)
ذي الطفيتين: جنس من الحيّات يكون على ظهره خطان أبيضان.
(3)
الأبتر: هو قصير الذنب أو مقطوعه، قال النضر بن شميل: هو صنف من الحيّات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها.
(4)
يلتمسان البصر: يخطفان البصر ويطمسانه إذا وقع بصرهما على بصر الإنسان، وقيل: يقصران البصر باللسع.
(5)
ذوات البيوت: اللاتي يوجدن في البيوت، وعن مالك تخصيصه ببيوت المدينة، وقيل: يختص ببيوت المدن دون القرى.
وأخرجه أبو داود (5252)، وأبو يعلى (5469)، والطحاوي في شرح المشكل (2930) وابن حبان (5645) من طرق عن سفيان بن عيينة به.
هكذا رواه سفيان عن الزهري بالشك فقال فيه: عن أبي لبابة أو زيد بن الخطاب.
وقد تابعه على هذه الرواية الزبيدي
(1)
، ويونس
(2)
، ومعمر
(3)
، وإسحاق الكلبي
(4)
، وشعيب بن أبي حمزة
(5)
.
وخالفهم صالح بن كيسان
(6)
، ومحمد بن عبد الله بن مسلم
(7)
، وعبد الغني بن أبي عقيلة
(8)
، وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع
(9)
، وابن أبي حفصة
(10)
، وزمعة بن صالح
(11)
.
(1)
مسلم (2233)(129).
(2)
مسلم (2233) والبخاري معلقاً بصيغة الجزم (3299).
(3)
مسلم (2233) والبخاري تعليقاً (3299) عن عبد الرزاق عن معمر.
(4)
البخاري تعليقاً (3299).
(5)
الطبراني في مسند الشاميين (3159).
(6)
مسلم (2233)(130) والبخاري تعليقاً (3299) وابن حبان (5643) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (305).
(7)
الطحاوي في شرح المشكل (2931).
(8)
المصدر السابق (2930).
(9)
البخاري تعليقاً (3299) والطبراني في الكبير (4499)، (4645) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (304).
(10)
البخاري تعليقاً (3299).
(11)
الطبراني في الكبير (4646) قال أبو نعيم في الحلية (1/ 367): رواه إبراهيم بن سعد وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وزمعة بن صالح عن الزهري عن أبي لبابة وزيد بلا شك.
فرووه عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر بدون شك فقالوا: عن أبي لبابة وزيد بن الخطاب.
وهذا هو الوجه الثاني من الاختلاف على الزهري.
الوجه الثالث: رواه معمر
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
فرووه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه ابن عمر فقالوا: عن أبي لبابة وحده وهؤلاء الرواة عن الزهري كلهم ثقات، وروى كل وجه من هذه الأوجه الثلاثة جماعة مما يدل على أن هذا الاختلاف من الزهري نفسه فمرة يرويه على الشك، ومرة يذكرهما جميعاً، ومرة يذكر أبا لبابة وحده.
وقد ذكر الحميدي عقب الحديث (620) أن الزهري كان دائماً يذكره على الشك، فقال: قال سفيان: (كان الزهري أبداً يقول فيه: زيد أو أبو لبابة).
قلت: بل كان يذكر الأوجه الثلاثة كما سبق، وقد ذكر البخاري في صحيحه هذه الأوجه الثلاثة واختار الوجه الثالث وهو بذكر أبي لبابة وحده فرواه موصولاً وذكر الباقي تعليقاً.
قال البخاري (3297): حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا هشام بن يوسف، حدثنا معمر عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يقول: «أُقتلوا الحيّات، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يطمسان البصر ويستسقطان الحبل» .
(1)
البخاري (3297) من طريق هشام بن يوسف عنه.
(2)
ابن حبان (5645).
قال عبد الله: فبينا أنا أطارد حيّة لأقتلها فناداني أبو لبابة: لا تقتلها، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بقتل الحيّات، فقال: إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت وهي العوامر.
وقال عبد الرزاق عن معمر: فرآني أبو لبابة أو زيد بن الخطاب.
وتابعه يونس وابن عيينة وإسحاق الكلبي والزبيدي.
وقال صالح وابن أبي حفصة وابن مجمع عن الزهري عن سالم عن ابن عمر: (فرآني أبو لبابة وزيد بن الخطاب) اه.
ومما يدل على أن ذكر أبي لبابة وحده هو الصواب، وأن الرواية التي جمع فيها الزهري أبا لبابة وزيد بن الخطاب أو ذكرهما على الشك وهم أن نافعاً
(1)
مولى ابن عمر وابن أبي مليكة
(2)
قد رويا هذا الحديث عن ابن عمر فذكرا أبا لبابة وحده.
وقد ذكر نافع قصة الحديث وهو أن أبا لبابة ابن عبد المنذر الأنصاري وكان مسكنه بقباء فانتقل إلى المدينة فكلم ابن عمر ليفتح له باباً في داره يستقرب به إلى المسجد فبينا عبد الله بن عمر جالساً معه يفتح خوخة له، إذا هم بحية من عوامر البيوت فأرادوا قتلها وفي رواية فقال عبد الله: التمسوه فاقتلوه، فقال أبو لبابة: لا تقتلوه
…
الحديث.
(1)
البخاري (3312) ومسلم (2233)(131)(132)(133)(134)(135)(136).
(2)
البخاري (3310).
هكذا أخرجه مسلم في صحيحه من حديثَيْ ليث ويحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع
(1)
.
وقد جاء عند أحمد وغيره سبب تحول أبي لبابة من مسكنه فقال لما تاب الله على أبي لبابة قال: يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر قومي وأساكنك
…
(2)
.
قال الحافظ في الفتح (6/ 349): وهو يرجح ما جنح إليه البخاري من تقديمه لرواية هشام بن يوسف عن معمر المقتصرة على ذكر أبي لبابة وحده.
قال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 30): هو أبو لبابة صحيح لم يشك فيه نافع وغيره.
(1)
مسلم (2233)(131)، (135) وأخرجه ابن الجعد في مسنده (1580) من طريق شعبة عن عبد ربه عن نافع.
(2)
أحمد (3/ 452).
الحديث الرابع
(1)
:
509 -
قال أبو داود (1020) وابن خزيمة في صحيحه (1040) واللفظ له: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
سلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ركعتين، فقال له ذو الشمالين من خزاعة حليف لبني زهرة: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ قال: «كلٌّ لم يكن» فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: «أصدق ذو اليدين؟» قالوا: نعم. فأتمّ ما بقي من صلاته ولم يسجد سجدتَيْ السهو حين يقنه الناس.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير محمد بن كثير وقد توبع.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري ثقة حافظ جليل، من الحادية عشرة، مات سنة 258 على الصحيح وله 86 عاماً، روى له البخاري.
محمد بن كثير بن أبي عطاء الثقفي الصنعاني، أبو يوسف نزيل المصيصة، صدوق كثير الغلط، من صغار التاسعة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي، أبو عمرو الفقيه، ثقة جليل، من السابعة، مات سنة 157، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: تقدم مراراً.
سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب القرشي المخزومي، تابعي كبير مشهور مات بعد التسعين، روى له البخاري ومسلم.
أبو سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة 94 أو 104، روى له البخاري ومسلم.
أخرجه أبو يعلى (5834) من طريق مبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي به.
وأخرجه الدارمي (1497) وابن حبان (2684) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به وزاد ابن حبان: (أبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث).
ورواه النسائي (3/ 24) وفي الكبرى (564) من طريق يونس عن الزهري عن أبي سلمة وحده عن أبي هريرة.
ورواه عبد الرزاق (3441) والنسائي في الكبرى (565)(1153) من طريق معمر عن الزهري، عن أبي سلمة وأبي بكر ابن سليمان بن أبي حثمة عن أبي هريرة.
ورواه ابن حبان (2685) من طريق معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
ورواه النسائي في الكبرى (566) والبيهقي (2/ 358) من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن أبي بكر ابن سليمان بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هكذا قال الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعبد الله بن عبد الله عن أبي هريرة: (ذو الشمالين).
وخالفه يحيى بن أبي كثير
(1)
، وسعد بن إبراهيم
(2)
عن أبي سلمة عن أبي هريرة فقالا: (ذو اليدين).
(1)
مسلم (573) وابن خزيمة (1038).
(2)
البخاري (1169).
وكذلك رواه محمد بن سيرين
(1)
وأبو سفيان مولى ابن أبي أحمد
(2)
، وعراك بن مالك
(3)
وضمضم بن جوس
(4)
عن أبي هريرة فقالوا: (ذو اليدين).
وكذلك رواه عمران بن حصين
(5)
فقال: (بسيط اليدين) وفي رواية: (رجل يقال له: الخرباق) وهو اسم ذو اليدين كما قيل.
وكذلك رواه شعيب بن مطير عن أبيه مطير ومطير حاضر يصدقه بمقالته قال: كنت يا أبتاه أخبرتني أنك لقيت ذا اليدين بذي خشب فأخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى بها إحدى صلاتي العشائين فصلّى بهم ثم سلّم
…
فلحقه ذو اليدين فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة
…
(6)
.
ورواه ابن جريج عن عبد الله بن عبد الله بن أبي مليكة عن عبيد بن عمير فذكر الحديث وفيه: (ذو اليدين)
(7)
.
ورواه عمرو بن دينار
(8)
وابن طاووس
(9)
كلاهما عن طاووس مرسلاً فقال: ذو اليدين.
(1)
البخاري (468) و (482)(1228) ومسلم (573) وابن الجارود (243) وابن حبان (2249).
(2)
مسلم (573) وابن خزيمة (1037).
(3)
النسائي في الكبرى (1156).
(4)
ابن حبان (2687).
(5)
مسلم (574)(102).
(6)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2655) و (2656).
(7)
عبد الرزاق في مصنفه (3444).
(8)
عبد الرزاق (3445).
(9)
عبد الرزاق (3446).
لذا قال أهل العلم بأن الإمام الزهري قد وهم في هذا الحديث في موضعين:
الأول: قوله في أول الحديث: (ذو الشمالين)، ثم قوله عن النبي صلى الله عليه وسلم:(أصدق ذو اليدين) فكأنه جعلهما واحداً والصحيح أنه ذو اليدين لأن ذا الشمالين استشهد في بدر.
(1)
.
وأما (ذو اليدين) فيحيى بن أبي كثير يقول في حديثه: رجل من بني سليم وشعيب بن مطير يروي عن أبيه عن ذي اليدين
(2)
.
ووهم مَنْ قال في حديث أبي هريرة: (ذو الشمالين) فإن صاحب هذا (ذو اليدين) وهو غير المقتول ببدر. انتهى كلامه.
وتعليل الوهم في ذكر ذي الشمالين بأن أبا هريرة راوي الحديث إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر
(3)
وهو يقول في بعض الروايات: (بينما أنا
(1)
معرفة السنن والآثار (3/ 310) والسنن الكبرى (2/ 366) وانظر ترجمته في أسد الغابة.
(2)
قيل: اسمه الخرباق، مات في خلافة معاوية، وروى عنه هذا الحديث ابنه مطير بن الخرباق ورواه عن مطير ابنه شعيب بن مطير. التمهيد (1/ 368) ونصب الراية (2/ 73).
(3)
قال الشافعي: أبو هريرة إنما صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر.
وقال أبو هريرة: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه خيبر بعدما افتتحوها. المعرفة (3/ 309).
أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
فكيف يكون صاحب القصة ذي الشمالين وهو قد استشهد قبل ذلك بسنين.
وقال ابن عبد البر
(2)
: لم يتابع الزهري على قوله: إن المتكلم ذو الشمالين لأنه قتل يوم بدر فيما ذكره أبو إسحاق وغيره واسمه عمير بن عمرو، قال: وقد اضطرب الزهري في حديث ذي اليدين اضطراباً أوجب أهل العلم بالنقل تركه من روايته خاصة وقد غلطه فيه مسلم ولا أعلم أحداً من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عوّل على حديث الزهري في قصة ذي اليدين وكلهم تركوه لاضطرابه وأنه لم يقم له إسناداً ولا متناً وإن كان إماماً عظيماً في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه بشر، والكمال للّه تعالى، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم» اه.
وقال السهيلي في الروض الأنف: لم يروه أحد هكذا إلا الزهري، وهو غلط عند أهل الحديث وإنما هو ذو اليدين السلمي، واسمه خرباق، وذو الشمالين قتل ببدر، والحديث شهده أبو هريرة وكان إسلامه بعد بدر بسنتين ومات ذو اليدين السلمي في خلافة معاوية، وروى عنه هذا الحديث ابنه مطير بن الخرباق، ورواه عن مطير ابنه شعيب بن مطير
(3)
.
وقال ابن حجر في الفتح (3/ 96): قول أبي هريرة: (صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر في أن أبا هريرة حضر القصة، وحمله الطحاوي
(1)
النووي في شرح مسلم (5/ 72) وهو في التمهيد (1/ 365 - 366) بتصرف.
(2)
في التمهيد (1/ 365 - 366) بتصرف.
(3)
نصب الراية (2/ 73).
على المجاز فقال: إن المراد به صلّى بالمسلمين، وسبب ذلك قول الزهري: إن صاحب القصة استشهد ببدر
(1)
فإن مقتضاه أن تكون القصة وقعت قبل بدر وهي قبل إسلام أبي هريرة بأكثر من خمس سنين.
لكن اتفق أئمة الحديث كما نقله ابن عبد البر وغيره على أن الزهري وهم في ذلك، وسببه أنه جعل القصة لذي الشمالين وذو الشمالين وهو الذي قتل ببدر
…
، وأما ذو اليدين فتأخر بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة لأنه حدّث بهذا الحديث بعد النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرجه الطبراني وغيره وهو سلمي واسمه الخرباق.
ثم قال: وقد اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذي اليدين ونصّ على ذلك الشافعي رحمه الله في اختلاف الحديث. اه.
وقال البيهقي في السنن الكبرى (2/ 367): وقد قال بعض الرواة في حديث أبي هريرة: (فقال ذو الشمالين: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ وشيخا الصحيحين البخاري ومسلم لم يصححا شيئاً من تلك الروايات لما فيها من الوهم الظاهر، وكان شيخنا أبو عبد الله الحافظ يعني الحاكم رحمه الله يقول: كل مَنْ قال ذلك فقد أخطأ فإن ذا الشمالين تقدم موته ولم يعقب وليس له راو.
الموضع الثاني: قوله: (ولم يسجد سجدتَيْ السهو).
(1)
روى عبد الرزاق (3441) ومن طريقه البيهقي (2/ 341) عن معمر عن الزهري قوله عقب الحديث: وكان ذلك قبل بدر ثم استحكمت الأمور بعد.
فقد وهم أهل العلم الزهري في قوله هذا وعلى رأسهم الإمام مسلم حيث قال في كتابه: (التمييز ص 183):
وخبر الزهري هذا في قصة ذي اليدين وهم غير محفوظ لتظاهر الأخبار الصحاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا.
حدثنا عمرو الناقد، ثنا سفيان، ثنا أيوب، سمعت ابن سيرين يقول، سمعت أبا هريرة، وساقه في هذا.
حدثنا أبو كريب، ثنا أبو أسامة، ثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر.
حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران.
كل هؤلاء ذكروا في حديثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سها في صلاته يوم ذي اليدين، سجد سجدتين بعد أن أتمّ الصلاة.
فقد صحّ بهذه الروايات المشهورة المستفيضة في سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين أن الزهري واهم في روايته إذ نفى ذلك في خبره من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال البيهقي في المعرفة (3/ 302): وفي متن هذا الحديث تقصير من وجهين:
أحدهما: في ذكر ذي الشمالين وإنما هو ذو اليدين، وذو الشمالين تقدم موته ممن قتل ببدر.
والآخر: في ترك ذكر سجدتَيْ السهو فيه، وكان الزهري لا يحفظهما في حديثهم، وكان قد بلغه ذلك من وجه آخر
(1)
.
روى عنه معمر هذا الحديث ثم قال في آخره: قال الزهري ثم سجد سجدتين بعدما فرغ. اه.
قلت: وقد دفع بعض أهل العلم هذا الوهم عن الزهري فقالوا جواباً للعلة الأولى: إنها كانت واقعتين، صاحب الوقعة الأولى (ذو الشمالين) وكانت قبل بدر وأرسل حديثها أبو هريرة. والثانية:(ذو اليدين) وكانت بعد بدر وشهدها أبو هريرة.
قال في الفتح (3/ 97): وقد جوّز بعض الأئمة أن القصة وقعت لكل من ذي الشمالين، وذي اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين فأرسل إحداهما وهي قصة ذي الشمالين، وشاهد الأخرى وهي قصة ذي اليدين، وهذا محتمل من طريق الجمع.
أما العلة الثانية: فجوابها أن الزهري قال في بعض روايات الحديث: (إن أحداً من شيوخه، أي: ابن المسيب وأبا سلمة وعبيد الله بن عبد الله) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد سجدتين وهو جالس في تلك الصلاة) فهذا هو كلام الزهري فأدرجه بعضهم في الحديث وهماً منه أنه من كلام أبي هريرة فالحمل فيه على مَنْ هو دون الزهري.
قال ابن خزيمة في صحيحه (2/ 124): باب ذكر خبر روي في قصة ذي اليدين أدرج لفظه الزهري في متن الحديث، فتوهم مَنْ لم
(1)
قلت: وهذا الاحتمال ضعيف لأنه في حديث الباب وغيره جمعهما حيث قال أول الحديث: فقال له ذو الشمالين: أقصرت الصلاة؟ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أصدق ذو اليدين؟» .
يتبحر في العلم ولم يكتب من الحديث إلا نتفاً أن أبا هريرة قال تلك اللفظة التي قالها الزهري في آخر الخبر
(1)
.
وقال ابن رجب في فتح الباري (6/ 458): الذي يظهر والله أعلم أن الزهري روى هذا الحديث عن سعيد وأبي سلمة وغيرهما من غير ذكر سجود السهو بنفي ولا إثبات، وأن الزهري أتبع ذلك بقوله من عنده (لم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ للسهو).
فهذا مما أرسله الزهري وأدرجه في الحديث، فمَن اقتصر على هذا القدر من حديث الزهري ووصله فقد وهم لأنه أسند المدرج بانفراده. اه.
وقد نقل النووي في المجموع أن السجود للسهو في الزيادة والنقصان هو قول جميع علماء السلف والخلف، والله تعالى أعلم.
أثر الوهم:
قال أبو عوانة في مسنده (1/ 513): قال بعض الناس: ذو اليدين وذو الشمالين واحد ويحتجون بحديث رواه الزهري فقال فيه: فقام ذو الشمالين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله؟ ويطعنون في هذا الحديث بأن ذا الشمالين قتل يوم بدر وأن أبا هريرة لم يدركه لأنه أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين أو أربع وليس كما يقولون،
(1)
رواه الدارمي (1/ 420) وابن خزيمة (1042) من طريق عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن يونس عن الزهري به، وقال في آخر الحديث: ولم يحدثني أحد منهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد سجدتين وهو جالس في تلك الصلاة وذلك فيما نرى والله أعلم من أجل الناس يقنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استيقن.
وذلك أن ذا اليدين ليس هو ذو الشمالين لأن ذا اليدين رجل قد سمّاه بعضهم الخرباق عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم ومات بذي خشب على عهد عمر.
وذو الشمال هو ابن عمرو حليف لبني زهرة وقد صحّ في هذه الأحاديث أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة والطاعن في هذا الحديث يحتج أيضاً بأن الكلام منسوخ في الصلاة وأنه يعيد الصلاة إذا كان ذلك منه مثل ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
الحديث الخامس
(1)
:
510 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 47): حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري عن ابن المسيب قال:
لما مات أبو بكر بُكي عليه فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الميت يعذَّب ببكاء الحي» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وهو في المصنف لعبد الرزاق (6680).
وأخرجه أحمد (1/ 45) وابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 1208 - 1209) وابن شبة في أخبار المدينة (2/ 241) ثلاثتهم من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري به.
هكذا قال الزهري: (عن سعيد بن المسيب، عن عمر).
خالفه قتادة فقال: (عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، عن عمر) ومن هذا الوجه أخرجه البخاري
(2)
ومسلم
(3)
في الصحيح.
وكذلك رواه الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عمر
(4)
.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرزاق بن همام الصنعاني، ثقة حافظ مصنف شهير. انظر ترجمته في بابه.
معمر بن راشد الأزدي، ثقة ثبت فاضل. انظر ترجمته في بابه.
سعيد بن المسيب: تقدم في الحديث السابق.
(2)
البخاري (1292).
(3)
مسلم (927)(17).
(4)
مسلم (927)(18).
ورواه الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عمر، عن عمر
(1)
.
ونافع، عن ابن عمر، عن عمر
(2)
.
وأبو بكر ابن حفص عن ابن عمر عن عمر
(3)
.
قال الدارقطني وسئل عن حديث ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الميت يعذَّب بالنياحة عليه.
فقال: «هو حديث يرويه عن ابن عمر جماعة، منهم: سعيد بن المسيب واختلف عنه:
فرواه قتادة عن ابن المسيب عن ابن عمر عن عمر.
وخالفه الزهري فرواه عن سعيد بن المسيب عن عمر ولم يذكر فيه ابن عمر
(4)
.
قلت: قصر الزهري في إسناده، فسعيد بن المسيب لم يدرك ذلك، إنما هو يرويه عن ابن عمر ولعل سعيداً كان يحدّث به تارة يذكر ابن عمر وتارة يرسله.
(1)
الترمذي (1003) والنسائي (4/ 15 - 16).
(2)
أبو يعلى (155) و (158).
(3)
مسند ابن الجعد (568).
(4)
العلل (2/ 58 - 59).
الحديث السادس
(1)
:
511 -
قال الإمام أبو داود رحمه الله (3290): حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر ثنا عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري، عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الترمذي (1524) من طريق أبي صفوان، والنسائي (7/ 26) من طريق ابن وهب وعبد الله بن المبارك وعثمان بن عمر وأبي صفوان وأبي ضمرة، وابن ماجه (2125) من طريق ابن وهب، وأحمد (6/ 247) عن عثمان بن عمر، والبيهقي (10/ 69) من طريق ابن المبارك وغيره، كلهم عن يونس بن يزيد عن الزهري به.
إلا أن أئمة الحديث وحذّاقه أعلوه بتدليس الزهري وأنه لم يسمعه
(1)
رجال الإسناد:
إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن الهذلي أبو معمر القطيعي، أصله هروي، ثقة مأمون من العاشرة، مات سنة 236، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة 181 وله 63 سنة، روى له البخاري ومسلم.
يونس بن يزيد: تقدم، انظره في بابه.
أبو سلمة ابن عبد الرحمن: تقدم. انظر حديث رقم (4).
من أبي سلمة، وممن قال بذلك: الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي وغيرهم.
قال الترمذي عقب الحديث: هذا حديث لا يصح لأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة.
قال: سمعت محمداً يعني البخاري يقول: روى غير واحد منهم موسى بن عتبة وابن أبي عتيق عن الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال محمد: والحديث هو هذا.
وقال الحافظ في الفتح (11/ 587): وحكى الترمذي عن البخاري أنه قال: لا يصح.
وقال الإمام أحمد في رواية حنبل: هذا حديث منكر.
وقال أبو داود عقب الحديث: سمعت أحمد بن شبويه يقول: قال ابن المبارك يعني في هذا الحديث: حدَّث أبو سلمة، فدلّ على أن الزهري لم يسمعه من أبي سلمة. وقال أحمد بن محمد: وتصديق ذلك ما حدثنا أيوب يعني ابن سليمان.
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أفسدوا علينا هذا الحديث.
قيل له: وصحّ إفساده عندك؟ وهل رواه غير ابن أبي أويس؟ قال: أيوب كان أمثل منه، يعني أيوب بن سليمان بن بلال وقد رواه أيوب. اه.
وقال النسائي: وقد قيل: إن الزهري لم يسمع هذا من أبي سلمة ثم ذكر النسائي أن الصحيح هو الزهري عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة. وقال النسائي: وسليمان بن أرقم متروك الحديث.
وكذلك قال البيهقي.
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (3/ 512): قال شيخنا (الحافظ المزي) هذا الإسناد رواته كلهم ثقات، لكن الحديث غير صحيح لأن له علة توجب ضعفه، وقد حكى بعضهم الاتفاق على ضعفه.
قال الخطابي في معالم السنن: لو صحّ هذا الحديث لكان القول به واجباً والمصير إليه لازماً، إلا أن أهل المعرفة بالحديث زعموا أنه حديث مقلوب وهم فيه سليمان بن أرقم فرواه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة فحمله عنه الزهري وأرسله عن أبي سلمة ولم يذكر فيه سليمان بن أرقم ولا يحيى بن أبي كثير. اه
(1)
.
قلت: ومما يدل على أن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة ما رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة (3/ 4) ومن طريقه البيهقي (10/ 69) من طريق عنبسة بن خالد، عن يونس، عن ابن شهاب، حدّث أبو سلمة ابن عبد الرحمن عن عائشة به.
قال البيهقي: هذا يدل على أنه لم يسمعه من أبي سلمة
(2)
.
(1)
وانظر كتابي: (كشف اللثام) المسألة 63.
(2)
وذكره ابن حجر في طبقات المدلسين (1/ 45) وقال: وصفه الشافعي والدارقطني وغير واحد بالتدليس.
وقد رواه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 2) وابن عدي في الكامل، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 3) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري: وبلغني عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن قالت عائشة: موقوفاً.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 185): حديث عائشة وحديث عمران بن حصين
(1)
حديثان مضطربان لا أصل لهما عند أهل العلم بالحديث.
لأن حديث عائشة إنما يدور على سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث، وعنه رواه ابن شهاب لا يصح عنه غير ذلك
…
اه.
وقال الحافظ في الفتح (11/ 587): رواته ثقات، لكنه معلول، فإن الزهري رواه عن أبي سلمة ثم بيّن أنه حمله عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة فدلّسه بإسقاط اثنين وحسن الظن بسليمان وهو عند غيره ضعيف باتفاقهم.
الدلالة الفقهية:
دلّ حديث الباب أن النذر في معصية لا يلزم الوفاء به، وكفارته كفارة يمين.
وبهذا قال الأحناف والحنابلة وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه.
(1)
انظر التلخيص الحبير (4/ 175 - 176) فقد ذكر حديث عمران، وحديث أبي هريرة وابن عباس وغيرها من أحاديث الباب وبيَّن الاختلاف فيها ثم قال: وقد صحح هذا الحديث الطحاوي وابن السكن.
قال في المغني: وروي هذا عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حصين وسمرة بن جندب
(1)
.
قال الترمذي في سننه (4/ 88): وقال قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: (لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين) وهو قول أحمد وإسحاق، واحتجا بحديث الزهري عن أبي سلمة عن عائشة.
وقال: هذا حديث لا يصح لأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة. اه.
قال ابن قدامة في المغني (9/ 3): نذر المعصية لا يحل الوفاء به إجماعاً ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نذر أن يعصي الله فلا يعصه» ولأن معصية الله لا تحل في حال ويجب على الناذر كفارة يمين.
روي هذا عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حصين وسمرة بن جندب، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه.
وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا كفارة عليه.
وروي هذا عن مسروق والشعبي وهو مذهب مالك والشافعي
(2)
. اه.
(1)
قال ابن حجر في فتح الباري (11/ 587): وعن أحمد والثوري وإسحاق وبعض الحنفية وبعض الشافعية والحنفية أن فيه كفارة.
(2)
وبه قال بعض الحنفية والحنابلة وهو رواية عن أحمد، ونسبه غير واحد إلى الجمهور. انظر: فتح الباري (11/ 587) والتنقيح لابن عبد الهادي (3/ 511) والفقه الإسلامي وأدلته (3/ 482).
والراجح في هذه المسألة والله أعلم أن نذر المعصية لا كفارة فيه لأن الحديث فيه ضعيف والذمم بريئة لا تثبت إلا بحديث صحيح للأدلة التالية:
1 أن النذر هو التزام قربة أو طاعة، وهذا التزام معصية فلا ينعقد بل هو باطل لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا نذر إلا فيما يبتغى به وجه الله»
(1)
ولأن حكم المنذور وجوب المنذور به، ووجوب فعل المعصية حرام فلا ينعقد فيه شيء كاليمين غير المنعقدة.
2 أن مَنْ حلف على فعل معصية فلا يجوز الوفاء بها ولا شيء عليه وكذلك النذر.
3 الأحاديث الصحيحة الواردة في نذر ليس فيه قربة لم يذكر فيها الكفارة ولو وجدت لبيّنها، منها:
ما رواه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نذر أن يطيع الله فليطعه، ومَن نذر أن يعصيه فلا يعصه»
(2)
.
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي إسرائيل حين نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم: «مروه فليتكلم وليجلس وليستظل وليُتِم صومه»
(3)
.
(1)
أبو داود (3273، 3274) وأحمد (2/ 185).
(2)
البخاري (11/ 585 ح رقم 6700).
(3)
البخاري (11/ 658 ح رقم 6704).
وقال صلى الله عليه وسلم للمرأة التي نذرت أن تنحر ناقته إن نجاها الله عليها: «بئس ما جزيتها، لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد»
(1)
.
(1)
رواه مسلم (11/ 99)، وانظر: كتابي كشف اللثام عن الأحاديث الضعيفة في الأحكام المعمول بها عند الأئمة الأعلام، ح رقم (63).
الطبقة الخامسة
أيوب السختياني
اسمه ونسبه:
أيوب بن أبي تميمة، واسمه كيسان السختياني، أبو بكر البصري مولى عنزة، ويقال: جهينة، عداده في صغار التابعين، مولده سنة 68 عام توفي ابن عباس، وقد رأى أنس بن مالك ولم توجد له رواية عنه مع كونه أدركه وهو ابن بضع وعشرين سنة.
روى عن: سالم بن عبد الله بن عمر، وأبي الشعثاء جابر بن زيد، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، ونافع، والقاسم بن محمد وخلق.
روى عنه: محمد بن سيرين وعمرو بن دينار والزهري وقتادة وهم من شيوخه.
ويحيى بن أبي كثير وحميد الطويل والأعمش وشعبة والسفيانان والحمادان وخلق.
قال البخاري عن علي بن المديني: له نحو ثمانمائة حديث.
قال الحسن البصري: أيوب سيد شباب أهل البصرة.
قال الحميدي: لقي ابن عيينة ستة وثمانين من التابعين، وكان يقول: ما رأيت مثل أيوب.
قال ابن معين: أيوب ثقة، وهو أثبت من ابن عون، وإذا اختلفا فأيوب أثبت.
قال محمد بن سعد: كان ثقة ثبتاً في الحديث جامعاً كثير العلم حجة عدلاً.
وقال النسائي: ثقة ثبت.
وقال أبو حاتم: هو أحَب إليّ في كل شيء من خالد الحذاء وهو ثقة لا يسأل عن مثله وهو أكبر من سليمان التيمي لا يبلغ التيمي منزلة أيوب.
قال مالك بن أنس: كنا ندخل على أيوب فإذا ذكرنا له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى حتى نرحمه.
قال ابن حجر: ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة.
وله ترجمة مطولة في السير (6/ 15 - 26).
الحديث
(1)
:
512 -
قال أبو داود رحمه الله (333): حدثنا موسى بن إسماعيل، أخبرنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر قال:
دخلت في الإسلام فأهمّني ديني فأتيت أبا ذر فقال أبو ذر: إني اجتويت المدينة فأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود وبغنم فقال لي: «اشرب من ألبانها» قال حماد: وأشك في أبوالها هذا قول حماد.
فقال أبو ذر: فكنت أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف النهار وهو في رهط من أصحابه وهو في ظل المسجد فقال أبو ذر: فقلت: نعم هلكت يا رسول الله، قال:«وما أهلكك؟» قلت: إني كنت أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور فأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فجاءت به جارية سوداء بعس يتخضخض ما هو بملآن فتسترت إلى بعيري فاغتسلت ثم جئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر إن الصعيد الطيب طهور وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك» .
(1)
رجال الإسناد:
موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة التبوذكي، ثقة ثبت من صغار التاسعة، مات سنة 223، روى له البخاري ومسلم.
حماد بن سلمة: انظره في بابه.
أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر الجرمي أبو قلابة البصري، ثقة فاضل كثير الإرسال والتدليس، من الثالثة، مات بالشام هارباً من القضاء سنة 104 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير الرجل من بني عامر وهو عمرو بن بجدان سماه خالد الحذاء في حديثه هذا عن أبي قلابة وهو تابعي مجهول الحال كما في التقريب لم يروِ عنه غير أبي قلابة.
وأخرجه البيهقي (1/ 217) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 938) كلاهما من طريق أبي داود به.
ورواه الطيالسي (484) عن حماد بن سلمة وحماد بن زيد عن أيوب به، وفيه:(وأمرني أن أشرب من ألبانها وأبوالها) ومن طريقه الخطيب (2/ 939) فلعله ساقه بلفظ حماد بن سلمة.
وأخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي المتوفى سنة 282 في جزء أحاديث أيوب (46) عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب به، وفيه:(وأمرني أن أشرب من ألبانها وأبوالها) قال حماد: ثم إن أيوب كان يقول: ألبانها ولا يذكر أبوالها.
وكذلك جاء في رواية الطيالسي والخطيب إلا أنه بلفظ: (ثم سكت أيوب عند أبوالها) ولعل الصحيح (ثم سكت أيوب عن أبوالها) فتصحفت (عن) إلى (عند).
هكذا قال أيوب: (عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر، عن أبي ذر).
وقال خالد الحذاء
(1)
: (عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر).
(1)
أبو داود (332) والترمذي (124) وابن حبان (1311) وأحمد (5/ 155) وعبد الرزاق (913) والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 317) والدارقطني (1/ 187) والحاكم (1/ 176) وابن خزيمة (2292) والبيهقي (1/ 1/ 212).
وعمرو بن بجدان عامري كما ذكر البخاري
(1)
وغيره، فكأن أيوب نسي اسمه فنسبه فقال: رجل من بني عامر.
وما كنت لأخرج هذا الحديث في كتابي هذا لولا أن أبا داود رحمه الله عقب الحديث ذكر أن قوله: (وأبوالها) وهم ونسبه لحماد بن سلمة.
قال أبو داود: «رواه حماد بن زيد ولم يذكر أبوالها، قال أبو داود: هذا ليس بصحيح وليس في أبوالها إلا حديث أنس تفرد به أهل البصرة»
(2)
.
هكذا قال. وقد علمت مما سبق أن حماد بن زيد تابع حماد بن سلمة في قوله: وأبوالها كما ذكر سليمان بن حرب ثم قال: قال حماد يعني ابن زيد: ثم إن أيوب كان يقول: ألبانها ولا يذكر أبوالها.
فإن كان في هذه اللفظة وهم فقد براء منه حماد بن سلمة، فالله أعلم.
فإن هذا الحديث لم يروه عن أبي قلابة إلا أيوب وخالد الحذاء، وخالد روايته لم يذكر فيها الشرب من ألبانها.
والحديث أخرجه عن أيوب كذلك معمر
(3)
، وسعيد بن أبي عروبة
(4)
، وسفيان الثوري
(5)
، وابن علية
(6)
إلا أنهم لم يذكروا الشرب لا من الألبان ولا من الأبوال.
(1)
التاريخ الكبير (6/ 317).
(2)
سنن أبي داود (1/ 171).
(3)
عبد الرزاق (912).
(4)
أحمد (5/ 146 - 147).
(5)
أحمد (5/ 155) والنسائي (1/ 171) وابن حبان (1313) والدارقطني (1/ 186).
(6)
أحمد (5/ 146) وابن أبي شيبة (1/ 156 - 157) والدارقطني (1/ 187).
وقد رجح أبو زرعة
(1)
والدارقطني
(2)
رواية مَنْ قال: أبو قلابة عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
علة الوهم:
وقد جاء أمره صلى الله عليه وسلم لقوم من عكل اجتووا المدينة فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها.
وقد رواه أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح
(3)
ورواه البخاري من طرق عن أنس رضي الله عنه
(4)
.
فلعله من هنا دخل الوهم على أيوب من حيث أنه يروي كلا الحديثين حديث أنس وحديث أبي ذر.
الخلاصة:
روى حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر عن أبي ذر هذا الحديث وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره في البدو وأمر له بذود وغنم وأمره أن يشرب من ألبانها وأبوالها.
وأنكر أبو داود على حماد قوله: (وأبوالها) وقال: إنه ليس في
(1)
العلل لابن أبي حاتم (1).
(2)
في العلل (6/ 254).
(3)
البخاري (333) ومسلم (1671) عن أيوب عن أبي رجاء مولى أبي قلاب عن أبي قلابة.
(4)
(3018)(5198)(4193).
أبوالها إلا حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. واستدل بأن حماد بن زيد رواه عن أيوب ولم يذكر البول.
هكذا قال، لكنا وجدنا أن حماد بن زيد قد ذكر (أبوالها) وبيَّن أن أيوب كان يذكره ثم سكت عنه فبرئ حماد بن سلمة من الوهم وإن كان ثم وهم فحمله على أيوب أوْلى، وقد روى هذا الحديث خالد الحذاء عن أبي قلابة فذكر الرجل المبهم في رواية أبي داود وهو عمرو بن بجدان فجوّد إسناده، والله تعالى أعلم.
جعفر بن إياس بن أبي وحشية (أبو بشر)
جعفر بن إياس وهو ابن أبي وحشية اليشكري، أبو بشر الواسطي، بصري الأصل.
روى عن: عبيدة بن شرحبيل اليشكري وله صحبة، وسعيد بن جبير وعطاء وعكرمة ومجاهد وجماعة.
روى عنه: أيوب والأعمش وهما من أقرانه، وشعبة وداود بن أبي هند وخالد الواسطي وأبو عوانة وجماعة.
وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والعجلي وغيرهم.
قال البرديجي: كان ثقة وهو أثبت الناس في سعيد بن جبير، مات سنة 123، وقيل:124.
قال ابن حجر: ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير، وضعّفه شعبة في حبيب بن سالم وفي مجاهد، من الخامسة.
الحديث الأول
(1)
:
513 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (1267): حدثنا أبو النعمان، أخبرنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما:
أن رجلاً وقصه بعيره ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اغسلوه بماء وسدر وكفِّنوه في ثوبين ولا تمسوه طيباً ولا تخمِّروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبداً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه مسلم (1206)(99) و (100) من طريق هشيم وأبي عوانة وضاح اليشكري، وأخرجه أبو عوانة في مسنده (3111) من طريق أبي عوانة به، وأخرجه أحمد (1/ 328) من طريق أبي عوانة كلاهما أبو عوانة وهشيم عن أبي بشر به، وفيه:(ملبداً)، وأخرجه أبو عوانة (3109) من طريق شعبة به، وفيه:(ملبداً).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن الفضل السدوسي، أبو النعمان البصري، لقبه عارم، ثقة ثبت تغير في آخر عمره، من صغار التاسعة، مات سنة 223 أو 224، روى له البخاري ومسلم.
وضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي البزاز أبو عوانة مشهور بكنيته، ثقة ثبت من السابعة، مات سنة 175 أو 176، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن جبير الأسدي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه من الثالثة، قتل بين يدي الحجاج سنة 95 ولم يكمل الخمسين، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ملبداً).
خالفه أصحاب سعيد بن جبير فرووه عنه بهذا الإسناد فقالوا: (ملبياً)، منهم:
أيوب السختياني
(1)
، وعمرو بن دينار
(2)
، والحكم بن عتيبة
(3)
، وقتادة
(4)
، وحبيب بن أبي ثابت
(5)
، وعبد الكريم الجزري
(6)
، وإبراهيم بن أبي حرة
(7)
، وسالم الأفطس
(8)
، وأبو مريم
(9)
، وعطاء بن السائب
(10)
، ومطر الوراق
(11)
، ومنصور بن المعتمر
(12)
.
وهم أبو بشر في قوله: (ملبداً) إنما هو كما رواه الجماعة عن سعيد بن جبير: (ملبياً).
وقد رواه أبو بشر مرة أخرى فقال: (ملبياً).
(1)
البخاري (1265)(1366)(1268)(1850) ومسلم (1206)(94)(95).
(2)
البخاري (1268)(1849) ومسلم (1206).
(3)
البخاري (1839).
(4)
أحمد (1/ 286) مقروناً مع أيوب.
(5)
الطبراني في الكبير (12361) وأبو نعيم في الحلية (4/ 300).
(6)
أحمد (1/ 333).
(7)
الشافعي (1/ 205) وأحمد (1/ 221) والحميدي (467) وأبو عوانة (3093) والبيهقي (5/ 54) وغيرهم.
(8)
الطبراني في الصغير (215) والخطيب في تاريخه (6/ 153).
(9)
الطبراني في الكبير (12533).
(10)
الطبراني (12535)(12536)(12537).
(11)
أبو عوانة (3113)(3114) والطبراني (12541).
(12)
مسلم (1206) وأبو عوانة (3116).
هكذا رواه عنه:
أبو عوانة
(1)
، وهشيم
(2)
، وشعبة
(3)
، وخلف بن خليفة
(4)
.
وقد بيَّن شعبة أن أبا بشر كان يضطرب في هذا الحديث فقد روى مسلم من طريقه هذا الحديث وفيه: (فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسل بماء وسدر وأن يكفَّن في ثوبين ولا يمس طيباً، خارج رأسه) قال شعبة: «ثم حدثني به بعد ذلك خارج رأسه ووجهه فإنه يُبعث يوم القيامة ملبداً»
(5)
.
(1)
البخاري (1267).
(2)
البخاري (1851) وأحمد (1/ 216) والنسائي (5/ 195).
(3)
الطبراني (12542).
(4)
النسائي (5/ 197).
(5)
مسلم (1206)(101) وأحمد (1/ 285).
وفي رواية النسائي: (اغسلوه بماء وسدر وكفِّنوه في ثوبين) ثم قال على إثره خارجاً رأسه قال: (ولا تمسوه طيباً فإنه يُبعث يوم القيامة ملبياً)، قال شعبة: فسألته بعد عشر سنين فجاء بالحديث كما كان يجيء به إلا أنه قال: (ولا تخمروا وجهه ورأسه)
(1)
.
وحمل بعض أهل العلم الوهم في هذا على مَنْ دونه في الإسناد.
فقد رواه عفان عن أبي عوانة عن أبي بشر وجاء فيه: قال عفان: أخطأ أبو عوانة يعني في قوله ملبداً
(2)
.
وقال حنبل: سمعت أبا عبد الله يعني الإمام أحمد يقول: قال هشيم في حديث المحرم يوم القيامة: ملبداً، والناس يقولون: ملبياً
(3)
.
ولم أجد مَنْ تابع أبا بشر في قوله: (ملبداً) إلا فضيل بن عمرو فقد رواه عن سعيد بن جبير على الشك فقال: (ملبياً) أو قال: (ملبداً)
(4)
.
وقد وهم في هذا الحديث أربعة من حفاظ الحديث وهم: أبو بشر، وسفيان الثوري، وعبيد الله بن موسى، وإسرائيل.
فأما أبو بشر ففي قوله: (ملبداً)
(5)
وأيضاً قوله في بعض رواياته: (ولا تخمروا وجهه) وأما سفيان فقد رواه عن عمرو بن دينار فقال: (ولا تخمروا رأسه ولا وجهه) وخالفه عشرة من أصحاب عمرو بن دينار فلم يذكروا الوجه. وقد سبق في بابه ح (2).
وإسرائيل رواه عن منصور بن المعتمر فقال: (ولا تخمروا وجهه)، والصحيح رأسه.
وأما عبيد الله بن موسى فرواه عن إسرائيل عن منصور عن سعيد بن جبير، ومنصور إنما يرويه عن الحكم عن سعيد بن جبير
(6)
.
واستدرك الدارقطني فقط حديث إسرائيل من جهة الإسناد ولم يتعرض للباقي.
والله الموفق إلى الصواب، والحمد للّه رب العالمين.
(1)
النسائي (5/ 196).
(2)
مسند أبي عوانة (2/ 272) عقب الحديث (3111).
(3)
تهذيب الكمال (30/ 286) في ترجمة هشيم.
(4)
الطبراني (12534).
(5)
البخاري (1267).
(6)
مسلم (1206)(103) وانظر ح (933).
الحديث الثاني
(1)
:
514 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (8/ 179): أخبرنا قتيبة قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب وكان فصه في باطن كفه فاتخذ الناس خواتيم من ذهب فطرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم فطرح الناس خواتيمهم واتخذ خاتماً من فضة فكان يختم به ولا يلبسه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه في الكبرى (9551) عن قتيبة به، وفي المجتبى أيضاً (8/ 195) وفي الشمائل (89) وأخرجه أحمد (2/ 68) من طريق عفان و (2/ 96) من طريق يحيى بن حماد، وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 470) من طريق عفان ومن طريق خالد بن خراش، وأخرجه ابن حبان (5500) من طريق قتيبة، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 262) وفي شرح المشكل (1410) من طريق أبي الوليد الطيالسي،
(1)
رجال الإسناد:
قتيبة بن سعيد بن طريف الثقفي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة 240 عن 90 سنة، روى له البخاري ومسلم (انظر ترجمته في بابه).
وضاح اليشكري الواسطي البزاز، أبو عوانة، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة 175 أو 176، روى له البخاري ومسلم.
نافع أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 117 أو بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (362) والبغوي (3135) من طريق أحمد بن عبدة كلهم عن أبي عوانة به.
هكذا قال أبو بشر عن نافع عن ابن عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من فضة فكان يختم به ولا يلبسه.
وخالفه أصحاب نافع فرووه عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً ولم يذكروا هذه اللفظة: (ولا يلبسه)، منهم: عبيد الله بن عمر
(1)
، وأيوب بن موسى
(2)
، وعبد العزيز بن أبي رواد
(3)
، وعبد الحميد بن جعفر الأنصاري
(4)
، وعمر بن محمد
(5)
، وعبد الله بن عطاء
(6)
، ومحمد بن إسحاق
(7)
، وأسامة بن زيد
(8)
، ومعمر بن زياد
(9)
.
قال ابن كثير: فأما الحديث الذي رواه الترمذي في الشمائل (وذكره) فإنه حديث غريب جداً، وفي السنن من حديث ابن جريج عن الزهري عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه)
(10)
.
(1)
البخاري (5865) ومسلم (2091)(54) والنسائي (8/ 178).
(2)
مسلم (2091)(55) والنسائي (8/ 178).
(3)
أبو داود (4227) وأحمد (2/ 34) وعبد الرزاق (19475) وابن سعد (1/ 477) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (356).
(4)
أحمد (2/ 86)، (2/ 128) وأبو الشيخ في أخلاق النبي (357).
(5)
أحمد (2/ 60) وعمر بن محمد هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
(6)
أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (346).
(7)
أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (344).
(8)
أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (345) و (356).
(9)
النسائي (8/ 178).
(10)
البداية والنهاية (6/ 5).
وقال الألباني رحمه الله: صحيح دون قوله: (ولا يلبسه)، فإنه شاذ
(1)
.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: (هذه الزيادة غريبة وهي غلطة من أبي بشر)
(2)
.
(1)
سنن النسائي (5218).
(2)
مختصر الشمائل (1/ 57).
حصين بن عبد الرحمن
اسمه ونسبه:
حصين بن عبد الرحمن السلمي، أبو الهذيل الكوفي ابن عم منصور بن المعتمر، ولد في زمن معاوية في حدود سنة 43 وذكر أنه شهد عرس والد منصور على أم منصور.
روى عن عمارة بن رويبة الصحابي، وجابر بن سمرة، وأبي وائل شقيق بن سلمة، وعبد الله بن أبي قتادة، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، ومجاهد، وجماعة.
روى عنه: الأعمش، وسليمان التيمي، وجرير بن حازم، وخالد الواسطي، وجرير بن عبد الحميد، وأبو عوانة، وهشيم، وخلق كثير.
قال أحمد بن حنبل: ثقة مأمون من كبار أصحاب الحديث.
وقال يحيى بن معين: ثقة.
وقال أبو زرعة: ثقة، قيل له: يحتج بحديثه؟ قال: إي والله.
قال أبو حاتم: ثقة في الحديث وفي آخر عمره ساء حفظه.
واختلف هل اختلط حصين.
قال يزيد بن هارون والنسائي
(1)
: إنه اختلط، وكذلك قال ابن معين.
وقال علي بن المديني: لم يختلط إنما ساء حفظه
(2)
وهذا معنى كلام أبي حاتم.
قال ابن حجر: ثقة تغير حفظه في الآخر، من الخامسة.
(1)
في السنن الكبرى (6/ 32).
(2)
قال العقيلي: حدثنا محمد حدثنا الحسن قال: قلت لعلي: حصين؟ قال: حصين حديثه واحد وهو صحيح، قلت: فاختلط؟ قال: لا ساء حفظه وهو على ذاك ثقة.
الحديث
(1)
:
515 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 83): حدثنا عبد الله بن محمد عن حصين قال: أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد، وسمعته أنا من عبد الله بن محمد عن عبد الله بن إدريس عن حصين عن عمرو بن مرة عن عباد بن عاصم عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة قال: «الله أكبر كبيراً ثلاثاً والحمد للّه كثيراً ثلاثاً وسبحان الله بكرةً وأصيلاً ثلاثاً اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير شيخ عمرو بن مرة مجهول وقد اختلف في اسمه كما سيأتي.
وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (2396)(2460)(29142) عن أبي أويس، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن محمد بن أبي شيبة: أبو بكر ابن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ صاحب تصانيف، من العاشرة، مات سنة 235، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الثامنة، مات سنة 192 وله بضع وسبعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق الحجلي، أبو عبد الله الكوفي الأعمى، ثقة عابد كان لا يدلس ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة 118 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
عباد بن عاصم: لم يترجمه الحافظ ابن حجر في التعجيل وهو ليس من رجال التقريب.
(2/ 641 مسند عمر) من طريق ابن إدريس، والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 488) تعليقاً من طريق يحيى بن موسى عن ابن إدريس، والبزار في مسنده (3446) من طريق محمد بن فضيل كلاهما ابن إدريس ومحمد بن فضيل عن حصين بهذا الإسناد.
وأخرجه العراقي في أماليه (1/ 63) من طريق الإمام أحمد عن ابن أبي شيبة به.
وأخرجه ابن خزيمة (469) من طريق ابن إدريس ومحمد بن فضيل كلاهما عن حصين.
هكذا قال حصين: (عن عمرو بن مرة، عن عباد بن عاصم، عن نافع بن جبير، عن أبيه).
وخالفه شعبة
(1)
فقال: (عن عمرو بن مرة، عن عاصم العنزي، عن نافع بن جبير، عن أبيه).
قال ابن خزيمة: وعاصم العنزي، وعباد بن عاصم مجهولان، لا يدري مَنْ هما ولا يعلم الصحيح ما روى حصين أو شعبة
(2)
.
(1)
أبو داود (764) وابن ماجه (807) وابن خزيمة (468) وابن الجارود (180) وأحمد (4/ 85) وأبو يعلى (7398) وابن الجعد (105) والطيالسي (947) والبزار (3445) وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 643 مسند عمر) والحاكم (1/ 360) والبيهقي (2/ 35) والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 488) تعليقاً، والعراقي في أماليه (1/ 61) والطوسي في مختصر الأحكام (225) والبيهقي في شعب الإيمان (3134).
(2)
صحيح ابن خزيمة (1/ 239)(468).
قلت: الصحيح هو ما ذكره شعبة ولم يختلف عليه، أما حصين فقد اختلف عليه.
فقيل عنه: عمار بن عاصم، وقيل: عباد بن عاصم.
قال البزار
(1)
: قال ابن فضيل: عن حصين عن عمرو عن عباد بن عاصم.
وقال زائدة: عن حصين عن عمرو عن عمار بن عاصم.
قال البخاري بعد أن ذكر قول شعبة: وقال يحيى بن موسى، حدثنا ابن إدريس سمع حصيناً عن عمرو بن مرة عن عباد بن عاصم
…
، وقال عمرو بن محمد: حدثنا عبد الله بن صالح سمع عمراً عن حصين مثله، وقال أبو الوليد: حدثنا أبو عوانة
(2)
عن حصين، عن عمرو سمع عمار بن عاصم العنزي .. وهذا لا يصح
(3)
.
وقال ابن الجارود: واختلف عن حصين عن عمرو بن مرة، فمنهم مَنْ قال: عن عمار بن عاصم، ومنهم مَنْ قال: عمارة، وقال ابن إدريس: عن حصين عن عمرو عن عباد بن عاصم
(4)
.
قال الدارقطني بعد أن ذكر الاختلاف على عمرو بن مرة: والصواب من ذلك مَنْ قال عن عاصم العنزي، عن نافع بن جبير، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
(5)
.
(1)
مسند البزار (8/ 367).
(2)
الطبراني في الكبير (1571).
(3)
التاريخ الكبير (6/ 488) ونحوه في (6/ 37).
(4)
المنتقى (1/ 55).
(5)
العلل (13/ 427) ونقله عنه الحافظ العراقي في أماليه (1/ 70).
قلت: هكذا رجح الدارقطني حديث شعبة وذكر البخاري وابن خزيمة وابن الجارود الاختلاف على عمرو بن مرة دون ترجيح. ومما يقوي حديث شعبة أن أصحابه لم يختلفوا عليه فقد رواه عنه: عبد الرحمن بن مهدي، ووهب بن جرير، ومحمد بن جعفر، وعمرو بن مرزوق، والطيالسي، وأبو الوليد، وعلي بن الجعد، ويزيد بن هارون، وشبابة، وزيد بن الحباب كلهم قالوا عنه: عاصم العنزي.
واختلف على حصين.
فقال عنه ابن إدريس وابن فضيل: عباد بن عاصم.
وقال عنه أبو عوانة
(1)
، وزائدة
(2)
، وعباد بن العوام
(3)
: عمار بن عاصم.
ومنهم مَنْ قال: عمارة
(4)
.
مما يدل على أن بعض هذا الاختلاف منه، والله تعالى أعلم.
تنبيه:
روى هذا الحديث أيضاً عن عمرو بن مرة: مسعر بن كدام فقال: عن رجل من عنزة ولم يسمه، هكذا رواه عنه وكيع بن
(1)
انظره في بابه ح (727).
(2)
ذكره البزار في مسنده (8/ 367) تعليقاً.
(3)
ابن حبان في الثقات (7/ 258) تعليقاً.
(4)
ابن الجارود في المنتقى (1/ 55) تعليقاً.
الجراح
(1)
، ومحمد بن بشر
(2)
، ويحيى بن سعيد القطان
(3)
.
وخالفهم يزيد بن هارون
(4)
فرواه عن شعبة ومسعر جميعاً عن عمرو بن مرة فقال: (عن رجل من عنزة يقال له: عاصم) فأدخل رواية شعبة في رواية مسعر، والله تعالى أعلم.
(1)
ابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 644/ 951) وأحمد (4/ 80).
(2)
ابن جرير (2/ 644/ 952).
(3)
أحمد (4/ 80).
(4)
انظر ح (1042).
الحكم بن عتيبة
اسمه ونسبه:
الحكم بن عتيبة الكندي مولاهم أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله الكوفي.
روى عن: أبي جحيفة السوائي، وشريح القاضي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وشقيق بن سلمة، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، وطاووس، وعكرمة، ومجاهد، وخلق سواهم.
روى عنه: الأعمش، ومنصور، وزيد بن أبي أنيسة، ومسعر، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو إسحاق الشيباني، والأوزاعي، وشعبة، وجماعة.
هو من أقران إبراهيم النخعي ولدا في عام واحد وهو 47، وقيل: سنة 50.
قال يحيى بن أبي كثير وعبادة بن لبابة: ما بين لابتيها أفقه من الحكم.
وقال ابن مهدي: الحكم ثقة ثبت ولكن يختلف يعني حديثه.
وقال أحمد: أثبت الناس في إبراهيم الحكم ثم منصور.
وقال ابن معين وأبو حاتم: ثقة، وزاد النسائي: ثبت.
قال ابن سعد: كان ثقة فقيهاً عالماً رفيعاً كثير الحديث.
قال ابن حجر: ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة 113 وله بضع وستون سنة.
روى له البخاري (54) حديثاً، ومسلم (40) حديثاً.
الحديث
(1)
:
516 -
قال الإمام أبو داود في سننه (3529): حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة وعثمان بن أبي شيبة المعنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، عن عمارة بن عمير، عن أمه، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«ولد الرجل من كسبه من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم» .
قال أبو داود: حماد بن أبي سليمان زاد فيه: (إذا احتجتم) وهو منكر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أم عمارة بن عمير كما في هذه الرواية (والصحيح أنها عمته) وهي مجهولة لم يروِ عنها غير عمارة بن عمير ولم يترجم لها المزي ولا ابن حجر في التهذيب وفروعه.
(1)
رجال الإسناد:
عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري، أبو سعيد البصري نزيل بغداد، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة 235 على الأصح وله 85 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي أبو الحسن ابن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ شهير وله أوهام، من العاشرة، مات سنة 239 وله 83، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن جعفر الهذلي البصري المعروف بغندر، ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة، مات سنة 193 أو 194، روى له البخاري ومسلم.
شعبة بن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث. انظر ترجمته في بابه.
عمارة بن عمير التيمي، كوفي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات بعد المائة وقيل: قبلها بسنتين، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه أحمد (6/ 127) وابن أبي شيبة (7/ 158) عن محمد بن جعفر به.
وأخرجه الحاكم (2/ 45 - 46) من طريق محمد بن جعفر، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وأخرجه أبو داود الطيالسي (1580) وابن أبي شيبة (7/ 158) وإسحاق بن راهويه في مسنده (1655)(1656) والبيهقي (4/ 480) من طرق عن شعبة به (ووقع في مطبوع المستدرك عن أبيه وهو خطأ).
هكذا قال الحكم بن عتيبة: (عن عمارة بن عمير، عن أمه، عن عائشة).
خالفه إبراهيم النخعي
(1)
، والأعمش
(2)
فقالا: (عن عمارة بن عمير، عن عمته، عن عائشة).
قال الترمذي عقب أن أورده من طريق الأعمش قال: هذا حديث حسن صحيح، وقد روى بعضهم هذا عن عمارة بن عمير عن أمه عن عائشة، وأكثرهم قالوا: عن عمته عن عائشة.
(1)
أبو داود (3528) والنسائي (7/ 240 - 241) وفي الكبرى (6043) والدارمي (2537) وإسحاق (1508)(1657) وابن حبان (4259) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 406) والبيهقي (7/ 479 - 480) والحاكم (2/ 46) وأحمد (6/ 31) وسقط من مطبوع المجتبى إبراهيم من الإسناد.
(2)
النسائي (7/ 241) وفي الكبرى (6044) وابن ماجه (2290) والحميدي (246) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 406) والترمذي (1358).
وقال الدارقطني بعد أن ذكر الاختلاف: والصحيح حديث منصور عن إبراهيم عن عمارة عن عمته عن عائشة
(1)
، وانظر ح (1193).
(1)
العلل (14/ 251 - 3600).
خالد الحذاء
اسمه ونسبه:
خالد بن مهران الحذاء، أبو المنازل البصري مولى قريش، وقيل: مولى بني مجاشع.
قال خالد الواسطي: قال خالد الحذاء: ما حذوت نعلاً قط ولا بعتها إلا أني تزوجت امرأة من بني مجاشع في الحذائين فنسبت إليهم. ذكره الإمام أحمد في العلل (460) وقال محمد بن سعد: لم يكن بحذاء ولكن كان يجلس إليهم، عداده في صغار التابعين رأى أنس بن مالك.
روى عن: أبي عثمان النهدي، وعبد الله بن شقيق، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعكرمة، وابن سيرين وأخته حفصة بنت سيرين وجماعة.
روى عنه: محمد بن سيرين شيخه، وأبو إسحاق السبيعي وهو أكبر منه، والأعمش ومنصور وهما من أقرانه، وشعبة والسفيانان والحمادان.
قال أحمد بن حنبل: ثبت.
وقال يحيى بن معين والنسائي: ثقة.
قال عباد بن عباد: أراد شعبة أن يضع من خالد الحذاء، فأتيته أنا وحماد بن زيد فقلت له: أجننت؟ قال: أنت أعلم، قال: وتهددناه فأمسك.
قال يحيى بن آدم: قلت لحماد بن زيد: ما لخالد الحذاء في حديثه؟ قال: قدم علينا قدمة من الشام فكأنا أنكرنا حفظه.
وقال عبد الله بن أحمد: حدثني أبي قال: قيل لإسماعيل بن علية في حديث، فقال: كان خالد يرويه فلم يكن يلتفت إليه، ضعّف ابن علية أمره يعني الحذاء.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.
قال محمد بن سعد: وكان خالد ثقة رجلاً مهيباً لا يجتراء عليه أحد وكان كثير الحديث، وقال: ما كتبت شيئاً قط إلا حديثاً طويلاً فلما حفظته محوته.
مات سنة 142.
قال ابن حجر: ثقة يرسل، من الخامسة.
وذكره الحافظ في المرتبة الأولى من مراتب المدلسين روى له البخاري (85) رواية ومسلم (47) رواية
(1)
(1)
روايات المدلسين في صحيح البخاري (ص 57) وفي صحيح مسلم (ص 77).
الحديث
(1)
:
517 -
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه (3/ 1333 رقم 1709): وحدثني إسماعيل بن سالم أخبرنا هشيم أخبرنا خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:
أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا يعضه بعضنا بعضاً فمَن وفى منكم فأجره على الله ومَن أتى منكم حداً فأقيم عليه فهو كفارته ومَن ستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له.
(1)
رجال الإسناد:
إسماعيل بن سالم الصانع البغدادي نزيل مكة، ثقة، من العاشرة، روى له مسلم.
هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة 183 وقد قارب 80 عاماً، روى له البخاري ومسلم.
خالد بن مهران أبو المنازل البصري الحذاء قيل له ذلك: لأنه كان يجلس عندهم، وقيل: لأنه كان يقول: أحذ على هذا النحو، وهو ثقة يرسل، من الخامسة، وقد أشار حماد بن زيد إلى أن حفظه تغير لما قدم من الشام وعاب عليه بعضهم دخوله في عمل السلطان، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة فاضل كثير الإرسال، من الثالثة، مات بالشام هارباً من القضاء سنة 104 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
شراحيل بن آدة أبو الأشعث الصنعاني الجرمي ويقال: آدة جد أبيه وهو ابن شرحبيل بن كليب، ثقة، من الثانية، فتح دمشق، روى له مسلم.
عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي، صحابي مشهور، أحد البعثاء، بدري، مات بالرملة سنة 34 وله 72 سنة وقيل: عاش إلى خلافة معاوية وحديثه في الصحيحين.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد (5/ 313) وابن مندة في الإيمان (491) والبيهقي (10/ 245) من طريق هشيم بهذا الإسناد.
وقد تابعه على روايته هذه عن خالد سفيان الثوري
(1)
وشعبة
(2)
وعبد الوهاب بن عبد المجيد
(3)
ومحمد بن أبي عدي
(4)
ووهيب بن خالد
(5)
ومحمد بن الحسن بن هلال (محبوب)
(6)
كلهم عن خالد بهذا الإسناد.
واختلف فيه على خالد الحذاء.
فرواه عنه إسماعيل بن إبراهيم
(7)
(ابن علية)، ويزيد بن زريع
(8)
، وحماد بن زيد
(9)
، وعبد الواحد بن زياد
(10)
، وهشيم
(11)
نفسه عن خالد
(1)
ابن أبي عاصم في السنّة (1/ 102) وأبو عوانة (6348) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 427).
(2)
الطيالسي (578) وأحمد (5/ 313)(5/ 320) وأبو عوانة (6349) وابن أبي عاصم في السنّة (2/ 453) وابن مندة في الإيمان (489).
(3)
ابن ماجه (2603) والطحاوي (6/ 168) وابن أبي عاصم (2/ 453) وابن مندة في الإيمان (491).
(4)
ابن ماجه (2603) وابن أبي عاصم في السنّة (2/ 453).
(5)
ابن أبي عاصم (2/ 453) وابن مندة (490).
(6)
أبو عوانة (6347).
(7)
أحمد (5/ 313) وابن مندة في الإيمان (491).
(8)
ابن أبي عاصم (2/ 452) وابن مندة (491) وابن حبان (4405) وابن عبد البر في التمهيد (23/ 297).
(9)
ابن عبد البر في التمهيد (23/ 297).
(10)
المصدر السابق (23/ 297).
(11)
المصدر السابق (23/ 297).
الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن عبادة بن الصامت، مما يدل على أن الاضطراب فيه من خالد ثلاثة أمور:
1 أن هؤلاء الرواة كلهم ثقات فالاختلاف منه.
2 جاء في رواية ابن علية ما يدل على شكه هل الحديث من رواية أبي الأشعث أو أبي أسماء، فقال: قال خالد: (أحسبه عن أبي أسماء).
3 جاء في رواية يزيد بن زريع رجوعه عن قوله: (أبي الأشعث) إلى (أبي أسماء).
قال يزيد: كان خالد حدثنا به قبل ذلك عن أبي الأشعث فقلت لخالد: كيف كنت حدثتنيه عن أبي الأشعث؟ فقال: غيِّره اجعله عن أبي أسماء عن عبادة
(1)
.
لذا قال أبو الفضل ابن عمار الشهيد: «هذا حديث اختلف فيه على خالد فرواه جماعة عن خالد هكذا (يعني كما عند الإمام مسلم).
وقال آخرون: عن خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن عبادة.
والاضطراب إنما هو من خالد.
ورواه محمد بن المنهال الضرير عن يزيد بن زريع قال: قلت لخالد: كنت حدثتنا عن أبي الأشعث؟ قال: غيِّره واجعله عن أبي أسماء عن عبادة.
أخبرنا أبو المثنى معاذ بن المثنى عن محمد بن المنهال الضرير، ثنا يزيد بن زريع، ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء
(1)
ابن مندة في الإيمان (2/ 559 عقب الحديث 491) وابن عمار الشهيد (22).
الرحبي، قال محمد: قال يزيد بن زريع: وكان حدثنا به قبل ذلك عن أبي الأشعث الصنعاني قال: قلت لخالد الحذاء: كنت حدثتنا به عن أبي الأشعث الصنعاني، قال: غيِّره واجعله عن أبي أسماء عن عبادة بن الصامت، قال: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء
…
(1)
.
علة الوهم:
التحديث من غير كتاب.
قال فهد بن حيان: كان خالد ثقة رجلاً مهيباً لا يجتراء عليه أحد وكان كثير الحديث وقال: ما كتبت شيئاً قط إلا حديثاً طويلاً فلما حفظته محوته
(2)
.
الخلاصة:
الحديث صحيح وهذا الاختلاف لا يضر إنما هو انتقال من ثقة إلى ثقة، وقد أخرجه مسلم من طريق أبي إدريس الخولاني ومن طريق الصنابحي عن عبادة بن الصامت.
أما وجه إخراج مسلم لهذه الرواية وإعراضه عن الرواية الأخرى لأن أكثر أصحاب خالد الحذاء إنما يروونه عن طريق أبي الأشعث، ومنهم: سفيان وشعبة، وربما لم يقف على رجوع خالد في حديث يزيد بن زريع أو رأى أن قوله:(أبي الأشعث) أصح، والله تعالى أعلم.
(1)
علل أحاديث كتاب الصحيح (22).
(2)
تهذيب الكمال ترجمة (1639).
سعد بن إبراهيم
اسمه ونسبه:
سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، أبو إسحاق قاضي المدينة.
رأى ابن عمر وجابراً، وروى عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وأنس بن مالك، وأبي أمامة بن سهل، وعبد الله بن شداد بن الهاد، وسعيد بن المسيب، وخلق كثير.
روى عنه ابنه الحافظ إبراهيم بن سعد، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأيوب السختياني، وشعبة، والسفيانان والحمادان وجماعة.
ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة وقال: كان ثقة كثير الحديث.
وقال أحمد بن حنبل: ثقة فاضل.
وقال ابن معين وأبو حاتم والنسائي والعجلي وغير واحد: ثقة.
كان شعبة إذا ذكر سعد بن إبراهيم قال: حدثني حبيبي سعد بن إبراهيم، يصوم الدهر ويختم القرآن في كل ليلة.
قال ابن حجر: ولي قضاء المدينة وكان ثقة فاضلاً عابداً، من الخامسة، مات سنة 125.
الحديث الأول
(1)
:
518 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (2742): حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا بمكة وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها، قال:«يرحم الله ابن عفراء» قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: «لا» قلت: فالشطر؟ قال: «لا» قلت: الثلث؟ قال: «فالثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم، وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك، وعسى الله أن يرفعك فينتفع بك ناس ويضر بك آخرون، ولم يكن له يومئذ إلا ابنة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه النسائي (6/ 245) وفي الكبرى (6455) وأحمد (1/ 173) والدورقي في مسند سعد (7) وأبو يعلى (803) والبزار
(1)
رجال الإسناد:
أبو نعيم: الفضل بن دُكين الكوفي، أبو نعيم الملائي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 218، وقيل: 219 وكان مولده سنة 130 وهو من كبار شيوخ البخاري، وروى له مسلم.
سفيان الثوري: تقدم.
عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة 104، روى له البخاري ومسلم.
(1136)
، وأبو عوانة (5772) والبيهقي (9/ 18) كلهم من طريق سفيان الثوري، وقرن أحمد مسعر بن كدام معه عن سعد بن إبراهيم به.
هكذا قال سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن سعد بن أبي وقاص في هذا الحديث: (يرحم الله ابن عفراء) وفي رواية: (سعد بن عفراء)
(1)
.
خالفه الزهري
(2)
فرواه عن عامر بن سعد عن سعد فقال: (سعد بن خولة) وهو الصحيح.
وكذلك رواه حميد بن عبد الرحمن الحميري قال: حدثني ثلاثة من بني سعد بن أبي وقاص كلهم يحدث عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على سعد يعوده بمكة، قال: فبكى سعد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما يبكيك؟» قال: خشيت أن أموت بأرضي التي هاجرت منها كما مات سعد بن خولة
(3)
.
ورواه جابر بن زيد عن سعد بن أبي وقاص قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع يعودني .. الحديث وفيه: (سعد بن خولة)
(4)
.
ورواه وهب بن جرير قال: سمعت عمي جرير بن زيد يحدّث
(1)
النسائي (6/ 242) وفي الكبرى (6455) وأحمد (1/ 173) وأبو يعلى (803) والدورقي (7) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان.
(2)
البخاري (1295)(3936)(4409)(6373)(6733).
(3)
مسلم (1628) وابن خزيمة (2335).
(4)
مسند الربيع (680).
عن عامر بن سعد عن أبيه قال: مرضت بمكة. فذكر الحديث وفيه: (سعد بن خولة)
(1)
.
ويؤيد ذلك ما رواه عمر بن عبد الله بن الأرقم أن سبيعة بنت الحارث أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدراً فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل ..
(2)
.
وروى الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قال: توفي سعد بن خولة في حجة الوداع
(3)
.
قال ابن الملقن: قوله: (يرحم الله ابن عفراء) قال الداودي: أراه غير محفوظ، والصواب (ابن خولة) ولعل الوهم أتى من سعد بن إبراهيم راويه عن عامر، والزهري أحفظ
(4)
.
قال الحافظ ابن حجر: قوله: (يرحم الله ابن عفراء) كذا وقع في هذه الرواية.
وفي رواية أحمد والنسائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله سعد بن عفراء» ثلاث مرات، قال الداودي: قوله: ابن عفراء غير محفوظ.
(1)
الدورقي في مسند سعد (87).
(2)
البخاري (3991) ومسلم (1484).
(3)
رواه ابن عبد البر في التمهيد (8/ 394) قال ابن حجر: وهو الثابت في الصحيح خلافاً لمن قال: إنه مات في الهدنة مع قريش سنة سبع.
(4)
التوضيح (17)(186).
وهو حميد بن عبد الرحمن عن ثلاثة من ولد سعد، وجرير بن زيد عن عامر بن سعد، وبكير بن مسمار عن عامر بن سعد.
وقال الدمياطي: هو وهم، والمعروف ابن خولة. قال: ولعل الوهم من سعد بن إبراهيم فإن الزهري أحفظ منه وقال فيه: (سعد بن خولة).
قلت: وقد ذكرت آنفاً مَنْ وافق الزهري وهو الذي ذكره أصحاب المغازي وذكروا أنه شهد بدراً ومات في حجة الوداع»
(1)
.
وقال العيني نحو ذلك
(2)
.
ونقل الكرماني في شرحه عن التيمي أنه قال: يحتمل أن يكون لأم سعد اسمان: خولة وعفراء. وقال الكرماني: ويحتمل أن تكون خولة اسمها وعفراء صفته، أو خولة اسم أبيه وعفراء اسم أمه لاختلافهم في أنه خولة أو خولي
(3)
.
قلت: عقد البخاري رحمه الله في صحيحه (باب رثى النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن خولة) وأخرج حديث الزهري في ستة مواضع من صحيحه، وأخرج حديث سعد بن إبراهيم في موضع واحد فقط وهو الذي ذكرناه، فأشار إلى وهم سعد بإشارة لطيفة، والله تعالى أعلم، وسبق الحديث برقم (506).
(1)
فتح الباري (5/ 364). وانظر: إرشاد الساري (ص 288).
(2)
عمدة القاري (14/ 33).
(3)
شرح الكرماني (12/ 61)، وشرح الزرقاني (4/ 82).
الحديث الثاني
(1)
:
519 -
قال أبو داود رحمه الله (710): حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:
كنت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة، قال شعبة: أحسبها قالت: وأنا حائض.
التعليق:
هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه الطيالسي (1560 ط التركي) عن شعبة به، ومن طريقه البيهقي (2/ 275).
وأخرجه أحمد (6/ 98) و (6/ 176) من طريق محمد بن جعفر وحجاج كلاهما عن شعبة به.
وظاهره أن الشك في قوله: (أحسبها قالت: وأنا حائض) من قول شعبة.
إلا أن رواية الطيالسي ومحمد بن جعفر وحجاج عن شعبة ذكرت أن الشاك هو شيخه سعد بن إبراهيم.
(1)
رجال الإسناد:
مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي، أبو عمرو البصري، ثقة مأمون مكثر عمي بآخره، من صغار التاسعة، مات سنة 222 وهو أكبر شيخ لأبي داود، روى له البخاري ومسلم.
شعبة بن الحجاج، ثقة حافظ متقن، أمير المؤمنين في الحديث. انظر ترجمته في بابه.
عروة بن الزبير بن العوام، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 94 على الصحيح ومولده في أوائل خلافة عثمان، روى له البخاري ومسلم.
قال الطيالسي ومحمد بن جعفر: قال شعبة: قال سعد: وأحسبه قال: وهي حائض.
وقال حجاج: قال شعبة: سعد الذي شك.
هكذا رواه سعد بن إبراهيم، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة وهي حائض).
خالفه الزهري
(1)
، وهشام بن عروة
(2)
، وأبو بكر بن حفص
(3)
، وعراك بن مالك
(4)
، وعطاء بن أبي رباح
(5)
، وتميم بن أبي سلمة
(6)
، وأبو الأسود
(7)
هؤلاء السبعة رووه عن عروة عن عائشة ولم يذكروا أنها كانت حائضاً.
وكذلك رواه الأسود بن يزيد النخعي
(8)
، ومسروق
(9)
، والقاسم بن محمد
(10)
، وأبو سلمة بن عبد الرحمن
(11)
رووه عن عائشة ولم يذكروا كلمة: (وأنا حائض).
(1)
البخاري (383) و (515) ومسلم (512).
(2)
البخاري (512)(997).
(3)
مسلم (512).
(4)
البخاري (384).
(5)
أحمد (6/ 65) والطيالسي (1555) وعبد الرزاق (2373).
(6)
مسلم (744)(134) وعبد الرزاق (4614) وأحمد (6/ 152، 205) وإسحاق (605).
(7)
ذكره أبو داود تعليقاً.
(8)
البخاري (508) ومسلم (512).
(9)
البخاري (511)(514)(6276) ومسلم (512).
(10)
البخاري (519).
(11)
البخاري (382)(513)(1209) ومسلم (512).
وكذلك رواه عطاء عن عائشة
(1)
.
لذا قال أبو داود عقب الحديث: (ورواه الزهري وعطاء وأبو بكر ابن حفص وهشام بن عروة وعراك بن مالك وأبو الأسود وتميم بن سلمة كلهم عن عروة عن عائشة.
وإبراهيم عن الأسود عن عائشة، وأبو الضحى عن مسروق عن عائشة، والقاسم بن محمد وأبو سلمة عن عائشة، لم يذكروا: وأنا حائض) اه.
وقال الألباني في صحيحه لسنن أبي داود (3/ 292): إسناده صحيح على شرط الشيخين إلا أن قوله: وأحسبها
…
إلخ شاذ وقد أشار إلى ذلك المصنف بقوله ....
ومقصود المصنف بيان شذوذ ما في الرواية المتقدمة وأحسبها قالت: وأنا حائض، فإن اتفاق هؤلاء الرواة الثقات جميعاً على تركها مما يدل على شذوذها، لا سيما وأن راويها الذي تفرد بها لم يجزم بها وإنما أوردها ظناً منه لا خبراً ولا جزماً) اه.
علة الوهم:
قد جاء في بعض روايات الصحيح
(2)
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي
(1)
أحمد (6/ 95) وأبو يعلى (4819) لكن قال الدارقطني في العلل الأول، يعني يذكر عروة بينه وبين عائشة أصح.
(2)
روى مسلم (514) من طريق طلحة بن يحيى عن عبيد الله بن عبد الله قال: سمعته عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعليّ مرط وعليه بعضه إلى جنبه.
وروى البخاري (518) ومسلم (513) من طريق عبد الله بن شداد قال: سمعت ميمونة تقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا إلى جنبه نائمة فإذا سجد أصابني ثوبه وأنا حائض.
التطوع في بيته وبعض نسائه إلى جانبه وهي حائض فربما من هنا دخل الوهم على سعد بن إبراهيم.
الدلالة الفقهية:
حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين وغيرهما دلّ على جواز أن تكون المرأة بين الرجل وقبلته يصلي إليها.
لكن تفرد سعد بن إبراهيم بزيادة مفادها جواز ذلك وإن كانت حائضاً وهو وهم منه وقد ذكره على الظن وخالفه بقية أصحاب عروة وكذلك كل مَنْ روى هذا الحديث عن عائشة.
وقد روى عبد الله بن عبد الله عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل وهي إلى جانبه وهي حائض. وهذا خلاف حديث الباب أنها معترضة بين يديه.
وكذلك روى عن ميمونة رضي الله عنها.
وعقد البخاري في صحيحه باب إذا صلّى إلى فراش فيه حائض روى فيه حديثين كلاهما من طريق الشيباني عن عبد الله بن شداد.
ولفظ الأول منهما قال: أخبرتني خالتي ميمونة بنت الحارث قالت: كان فراشي حيال مصلى النبي صلى الله عليه وسلم فربما وقع ثوبه عليّ وأنا على فراشي.
ولفظ الثاني قال: سمعت ميمونة تقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا إلى جنبه نائمة فإذا سجد أصابني ثوبه وأنا حائض.
قال ابن حجر في الفتح (1/ 593): (الظاهر أن المصنف قصد بيان صحة الصلاة ولو كانت الحائض بجنب المصلي ولو أصابتها ثيابه
لا كون الحائض بين المصلي وبين القبلة، وتعبيره بقوله: إلى أعم من أن تكون بينه وبين القبلة، فإن الانتهاء يصدق على ما إذا كانت أمامه أو عن يمينه أو عن شماله، وقد صرّح في الحديث بكونها كانت إلى جانبه) اه.
قلت: كذا قال الحافظ: إن مراد البخاري صحة الصلاة ولو كانت الحائض بجنب المصلي وفيه نظر، ومقصود البخاري والله أعلم صحة الصلاة ولو كانت الحائض بين المصلي وقبلته.
قال ابن رجب في شرح البخاري (2/ 727): والمقصود هنا منه أن الصلاة إليها لا تبطل الصلاة، ولكن لم يخرج البخاري لفظاً صريحاً في الصلاة إلى فراش الحائض، بل في إحدى روايتيه: أنها كانت نائمة إلى جنبه وفي الثانية: أن فراشها كان حيال مصلاه، والمراد أنه كان محاذياً له ومقابلاً، وهذا يصدق بكونه إلى جانبه عن يمينه أو عن شماله، ويشهد لذلك قولها في تمام الحديث:(فربما وقع ثوبه عليّ وأنا على فراشي) وهذا إنما يكون إذا كانت إلى جانبه، أما لو كانت بين يديه فمن أين كان يقع بعض ثيابه عليها.
وبكل حال، فالصلاة إلى المرأة الحائض كالصلاة إلى الطاهر إلا عند مَنْ يرى أن مرور الحائض يقطع الصلاة دون الطاهر، وأن وقوف المرأة واضطجاعها في قبلة المصلي كمرورها فيها. اه، والله تعالى أعلم.
سعيد الجريري
اسمه وكنيته:
سعيد بن إياس الجريري أبو مسعود البصري.
روى عن: أبي الطفيل عامر بن واثلة، وأبي عثمان النهدي، وأبي نضرة العبدي، وعبد الله بن شقيق وخلق.
روى عنه: شعبة والثوري ومعمر وابن علية وابن المبارك والحمادان: حماد بن سلمة وحماد بن زيد، وخلق.
قال أحمد بن حنبل: هو محدث أهل البصرة.
وقال ابن معين: ثقة.
وقال النسائي: هو أثبت عندنا من خالد الحذاء. وقال أيضاً: ثقة أنكر أيام الطاعون.
قال أبو حاتم: تغير حفظه قبل موته فمَن كتب عنه قديماً فهو صالح وهو حسن الحديث.
قال يحيى القطان عن كهمس: أنكرنا الجريري أيام الطاعون.
قال الآجري: عن أبي داود: أرواهم عن الجريري ابن علية، وكل مَنْ أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد.
قال أحمد بن حنبل: سألت ابن علية أكان الجريري اختلط؟ قال: لا كبر الشيخ فرق.
توفي سنة 144.
قال ابن حجر: كان قد اختلط قبل موته بثلاث سنين ورآه يحيى بن سعيد القطان وهو مختلط ولم يكن اختلاطه فاحشاً، من الخامسة.
الحديث الأول
(1)
:
520 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (2928)(93): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد:
أن ابن صياد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة؟ فقال: «درمكة بيضاء
(2)
، مسك خالص».
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نضرة من رجال مسلم.
وهو في مصنف ابن أبي شيبة (33956).
هكذا قال الجريري: عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه أن ابن صياد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة.
خالفه أبو مسلمة سعيد بن يزيد بن مسلمة
(3)
فرواه عن أبي نضرة
(1)
رجال الإسناد:
أبو بكر ابن أبي شيبة: انظره في بابه.
حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي، أبو أسامة، مشهور بكنيته، ثقة ثبت ربما دلس، وكان بآخره يحدث من كتب غيره، من كبار التاسعة، مات سنة 201 وله 80 سنة، روى له البخاري ومسلم (وانظره في بابه).
أبو نضرة: المنذر بن مالك بن قُطعة العبدي العوفي، البصري، أبو نضرة، مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، مات سنة 108 أو 109، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
(2)
درمكة بيضاء مسك خالص: قال العلماء: معناها أنها في البياض درمكة وفي الطيب مسك، والدرمك: هو الدقيق الحواري الخالص البياض.
(3)
مسلم (2928)(92) فأجابه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق» .
عن أبي سعيد فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سأل ابن صياد عن تربة الجنة.
وكذلك رواه حماد بن سلمة
(1)
عن الجريري أيضاً بنفس الإسناد وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سأل ابن صياد.
وهذا أصح عندي خلافاً لما نقله القاضي عياض
(2)
عن بعض أهل العلم أن الرواية التي فيها أن ابن صياد هو الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم أصح وذلك للتالي:
1 أنّ أبا مسلمة لم يختلف عليه في هذا الحديث بخلاف الجريري فقد رواه حماد بن سلمة عنه بخلاف رواية أبي أسامة، وهذا الاختلاف إنما هو من الجريري فإنه قد اختلط وسماع حماد بن سلمة منه قديماً قبل أن يختلط
(3)
.
2 روى سالم بن نوح عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي
(1)
أحمد (3/ 4) و (3/ 24) وعبد بن حميد (876) وأبو يعلى (1218).
من طريق روح قال عبد بن حميد: روح بن عبادة، وقال أبو يعلى: روح بن أسلم، ولم ينسبه أحمد، إلا أن أحمد إنما يروي عن روح بن عبادة، والأول من رجال الشيخين، والثاني ضعيف روى له الترمذي، وكلاهما روى عن حماد بن سلمة.
(2)
قال القاضي عياض: قال بعض أهل النظر الرواية الثانية أظهر.
(3)
قال النسائي في السنن الكبرى (6/ 85): حماد بن سلمة في الجريري أثبت من عيسى بن يونس لأن الجريري كان قد اختلط وسماع حماد بن سلمة منه قديم قبل أن يختلط.
وقال العجلي: سعيد بن إياس الجريري، ثقة اختلط بآخره، روى عنه في الاختلاط يزيد بن هارون وابن المبارك وابن أبي عدي، إنما الصحيح عنه حماد بن سلمة وإسماعيل بن علية وعبد الأعلى من أصحهم سماعاً سمع منه قبل أن يختلط بثمان سنين وسفيان وشعبة صحيح. الثقات ص 181.
سعيد حديثاً وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يسأل وابن صياد يجيب
(1)
.
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما ترى؟» قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«خلط عليك الأمر؟» ثم قال له صلى الله عليه وسلم: «إني قد خبأت لك خبئاً» فقال ابن صياد: هو الدخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اخسأ فلن تعدو قدرك»
(2)
.
أما ما نقله القاضي عياض
(3)
والأبي
(4)
في شرح مسلم عن بعض أهل النظر قولهم: الرواية الثانية أظهر، فهو خلاف ما رجحه مسلم رحمه الله كما يظهر من صنيعه إذ ذكر حديث أبي مسلمة أولاً ثم ذكر حديث الجريري، والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
الجريري كان قد اختلط وسماع أبي أسامة منه بعد الاختلاط بخلاف حماد بن سلمة فإنه سمع منه قديماً فروايته عنه أصح، وكذا رواه أبو مسلمة، والله تعالى أعلم.
(1)
مسلم (2925) من طريق سالم بن نوح عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر في بعض طرق المدينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتشهد أني رسول الله؟» فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آمنت بالله وملائكته وكتبه ما ترى؟» قال: أرى عرشاً على الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ترى عرش إبليس على البحر، وما ترى؟» قال: أرى صادقين وكاذباً أو كاذبين وصادقاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لَبِس عليه، دعوه» .
(2)
مسلم (2930)(95).
(3)
شرح مسلم للنووي (18/ 52).
(4)
في شرحه لمسلم (9/ 377).
الحديث الثاني
(1)
:
521 -
قال أبو داود رحمه الله (1526): حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن ثابت وعلي بن زيد وسعيد الجريري عن أبي عثمان النهدي أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فلما دنوا من المدينة كبّر الناس ورفعوا أصواتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا موسى ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟» فقلت: وما هو؟ قال: «لا حول ولا قوة إلا بالله» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
ورواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5788) من طريق أسد بن موسى عن حماد بن سلمة به.
(1)
رجال الإسناد:
موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة التبوذكي، ثقة ثبت، مات سنة 223، روى له البخاري ومسلم.
حماد بن سلمة بن دينار: ثقة عابد أثبت الناس في ثابت. انظر ترجمته في بابه.
ثابت بن أسلم البناني أبو محمد البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين، روى له البخاري ومسلم.
علي بن زيد بن عبد الله بن جدعان التيمي البصري، أصله حجازي، ضعيف من الرابعة، روى له مسلم.
عبد الرحمن بن مل أبو عثمان النهدي مشهور بكنيته مخضرم من كبار الثانية، ثقة ثبت عابد، مات سنة 95 وقيل بعدها، وعاش 130 سنة وقيل أكثر، روى له البخاري ومسلم.
ورواه الربيع بن حبيب البصري في مسنده (825) عن حماد بن سلمة عن ثابت وحده عن أبي عثمان به. وفيه: (إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم).
ورواه أحمد (4/ 418) من طريق يزيد بن هارون عن الجريري عن أبي عثمان النهدي ولفظه: (إن الذي تنادون دون رؤوس ركابكم).
ورواه الترمذي (3461) من طريق أبي نعامة السعدي واسمه عبد ربه، عن أبي عثمان النهدي ولفظه:(إن ربكم ليس بأصم ولا غائب، هو بينكم وبين رؤوس رحالكم) وهذه ألفاظ شاذة منكرة.
فقد خالفهم خالد الحذاء فرواه عن أبي عثمان فقال: (إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)
(1)
.
ورواه عاصم الأحول
(2)
عن أبي عثمان فقال: (إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنه معكم سميع قريب) وفي رواية: (إنه سميع قريب وهو معكم).
وفي رواية حماد بن زيد
(3)
عن عاصم: (إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته).
(1)
مسلم (2704) وأحمد (4/ 402) والنسائي (7680) والبزار (2994) والبيهقي في الدعوات الكبير (266) وهو عند البخاري في صحيحه (6610) مختصراً إلى قوله: إنما تدعون سميعاً بصيراً.
(2)
البخاري (2992)(4205) ومسلم (2704) وأبو داود (1528) وأحمد (4/ 394)(4/ 417) وعبد الرزاق (9244)(9246) والنسائي (7679).
(3)
البزار (2990).
ورواه أيوب السختياني عن أبي عثمان فقال: (إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً ولكن تدعون سميعاً بصيراً)
(1)
.
وسليمان التيمي ولفظه: (إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً)
(2)
.
وقد روي الحديث مختصراً على قوله: (ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة
…
).
فاقتصرنا هنا على مناط البحث وهو قوله: (إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) وهذا اللفظ هو الصواب وهو بمعنى قوله تعالى: { .. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} [ق: 16]، والله تعالى أعلم.
قال الألباني: «منكر بهذا اللفظ وقد تفرد به علي بن زيد وهو ابن جدعان وهو سياء الحفظ»
(3)
.
قلت: لو كان هو الذي تفرد بها لم أخرجه هنا لكن كما تقدم من تخريج الحديث فقد رواه أحمد من طريق أخرى عن الجريري وحده، ورواه الربيع بن حبيب من طريق حماد عن ثابت وحده، ورواه الترمذي من طريق أبي نعامة السعدي بهذا فاشتركوا جميعاً في الوهم، والله تعالى أعلم.
(1)
البخاري (6384)(7384) ومسلم (2704) وابن حبان (1804) وابن أبي عاصم في السنّة (618).
(2)
البخاري (6409) ومسلم (2704) وأبو داود (1527) وأحمد (4/ 407) وابن أبي عاصم في السنّة (619).
(3)
صحيح سنن أبي داود (5/ 257).
سليمان بن مهران الأعمش
اسمه ومولده ونشأته:
سليمان بن مهران، ويكنى أبا محمد ويلقب بالأعمش، وقد كان يكره أن يقال له: الأعمش.
ولد سنة ستين، وقيل: إحدى وستين سنة مقتل الحسين، في طبرستان في قرية يقال لها: ديناوند، وجاء به أبوه إلى الكوفة وهو صغير، وكان أعمش العينين ولذلك لقب بالأعمش، ولعل عمش عينيه اشتد في آخره، أو أنه فقد بصره لما قاله أبو خالد الأحمر: كنا عند الأعمش فسألوه عن حديث فقال لابن المختار: ترى أحداً من أصحاب الحديث؟ فغمض عينيه فقال: ما أرى أحداً يا أبا محمد، فحدّث به.
وقد كان سهيل بن أبي صالح يسمِّيه: سليمان الأعمى
(1)
.
(1)
الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 342) والجرح والتعديل (4/ 146) والتاريخ الكبير للبخاري (2/ 37) وتاريخ ابن معين برواية الدولابي (3/ 399) وتاريخ بغداد (9/ 3) ومشاهير علماء الأمصار لابن حبان (ص 111) والثقات له (4/ 302) وسير أعلام النبلاء (6/ 226 وما بعده) تهذيب الكمال (2570) وحلية الأولياء (5/ 49 وما بعده) معرفة الثقات للعجلي (1/ 432).
طلبه للعلم:
قال علي بن المديني: سمعت ابن عيينة وقيل له: منصور طلب الحديث قبل أو الأعمش؟ قال: متقاربين.
وقال أبو داود: طلب منصور الحديث قبل الجماجم والأعمش طلب بعد الجماجم، وكانت وقعة دير الجماجم سنة 82 مما يدل أنه طلب العلم وله نحو عشرين عاماً.
ثناء العلماء عليه:
قال الأعمش: دخلت على مجاهد فلما خرجت من عنده تبعني بعض أصحابه فقال: سمعت مجاهداً يقول: لو كانت بي قوة لاختلفت إلى هذا يعني الأعمش.
قال إسحاق بن راشد: كان الزهري إذا ذكر أهل العراق ضعف عليهم، قال: قلت: إن بالكوفة مولى لبني أسد يروي أربعة آلاف حديث، قال: أربعة آلاف؟ قال: قلت: نعم إن شئت جئتك ببعض علمه، قال: فجاء به، فأتيت به، قال: فجعل يقرأ وأعرف التغيير فيه، وقال: والله إن هذا لعلم ما كنت أرى أحداً يعلم هذا.
قال عاصم الأحول: قلت للقاسم بن عبد الرحمن: مَنْ أعلم أهل الكوفة بحديث عبد الله يعني ابن مسعود؟ قال: سليمان الأعمش.
قال شعبة: ما شفاني أحد من الحديث ما شفاني الأعمش.
وكان شعبة إذا سمع ذكر الأعمش قال: المصحف المصحف.
وقال أبو حفص عمر بن علي الفلاس: كان الأعمش يسمى المصحف لصدقه.
وقال عيسى بن يونس: ما رأينا في زماننا مثل الأعمش ولا الطبقة الذين كانوا قبلنا، وما رأينا الأغنياء والسلاطين في مجلس قط أحقر منهم في مجلس الأعمش، وهو محتاج إلى درهم.
قال أبو السري سهل بن حليمة: سمعت ابن عيينة يقول: سبق الأعمش أصحابه بأربع خصال: كان أقرأهم للقرآن، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض، ونسيت أنا واحدة.
قال ابن سعد: كان الأعمش صاحب قرآن وفرائض وعلم بالحديث.
وقال علي بن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة فذكرهم وفيهم الأعمش.
وقال العجلي: كان الأعمش ثقة ثبتاً في الحديث، وكان كثير الحديث وكان عالماً بالقرآن ولم يكن في زمانه من طبقته أكثر حديثاً منه، وكان فيه تشيُّع.
وقال يحيى القطان: كان من النسّاك وهو علَّامة الإسلام.
وقال ابن معين: أجود الأسانيد: الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة عن ابن مسعود.
فقال له رجل: الأعمش مثل الزهري؟
قال: برئت من الأعمش أن يكون مثل الزهري، الزهري يرى العرض والإجازة ويعمل لبني أمية، والأعمش فقير صبور مجانب للسلطان ورع عالم بالقرآن.
شيوخه:
للأعمش شيوخ كثيرون، وذكر أكثرهم الحافظ المزي في تهذيبه.
ورأى الأعمش أنس بن مالك رضي الله عنه ولم يثبت له سماع منه، وروى عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، وروى عن خلق من التابعين منهم إبراهيم التيمي وإبراهيم النخعي وخيثمة بن عبد الرحمن وسالم بن أبي الجعد وسعيد بن جبير وأبي وائل شقيق بن سلمة وعامر الشعبي ومجاهد بن جبر وغيرهم كثير.
الرواة عنه:
روى عن: الأعمش خلق كثير، ذكر عدداً وافراً منهم الحافظ المزي وسنذكر بعضهم هنا.
روى عنه: الحكم بن عتيبة وزبيد اليامي وأبو إسحاق السبيعي: وهم من شيوخه، وسليمان التيمي: وهو من أقرانه، وشعبة وسفيان الثوري: وهما من أثبت الناس فيه، وجرير بن عبد الحميد وأبو أسامة وابن عيينة وعبد الواحد بن زياد وأبو عوانة، وأبو معاوية الضرير: وهو من أكثر الناس حديثاً عنه.
وقد قسم النسائي أصحاب الأعمش إلى طبقات هي
(1)
:
الطبقة الأولى: يحيى القطان، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج.
الطبقة الثانية: زائدة بن قدامة، ويحيى بن أبي زائدة، وحفص بن غياث.
(1)
سير أعلام النبلاء (6/ 248).
الطبقة الثالثة: أبو معاوية محمد بن خازم، وجرير بن عبد الحميد، وأبو عوانة.
الطبقة الرابعة: قطبة بن عبد العزيز، ومفضل بن مهلهل، وداود الطائي، وفضيل بن عياض، وعبد الله بن المبارك.
الطبقة الخامسة: عبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس، ووكيع بن الجراح، وحميد بن عبد الرحمن، وعبد الله بن داود، والفضل بن موسى، وزهير بن معاوية.
الطبقة السادسة: أبو أسامة، وعبد الله بن نمير، وعبد الواحد بن زياد.
الطبقة السابعة: عبيدة بن حميد، وعبدة بن سليمان.
وهو في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، روى له البخاري (129) حديثاً صرح فيها بالسماع، (246) حديثاً عنعن فيها
(1)
، وروى له مسلم (21) حديثاً صرح فيها بالسماع (257) عنعن فيها
(2)
.
وفاته:
توفي الأعمش رحمه الله سنة 148، وقيل: سنة 147 بالكوفة وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وقيل: ابن سبع وثمانين سنة في شهر ربيع الأول، أي: بعد منصور بن المعتمر بنحو ستة عشرة سنة.
(1)
روايات المدلسين في صحيح البخاري (ص 313).
(2)
روايات المدلسين في صحيح مسلم (ص 109).
الحديث الأول
(1)
:
522 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (1/ 231 ح رقم 275): وحدثنا أبو بَكْرِ ابن أبي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بن الْعَلَاءِ حدثنا أبو مُعَاوِيَةَ ح وحدثنا إسحاق أخبرنا عِيسَى بن يُونُسَ كلاهما عن الأَعْمَشِ عن الْحَكَمِ عن عبد الرحمن بن أبي لَيْلَى عن كَعْب بن عُجْرَةَ عن بِلَالٍ أنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ على الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ، وفي حديث عِيسَى حدثني الْحَكَمُ حدثني بِلَالٌ وحدثنيه سُوَيْدُ بن سَعِيدٍ حدثنا عَلِيٌّ يَعْنِي ابن مُسْهِرٍ عن الْأَعْمَشِ بهذا الإسناد وقال في الحديث: رأيتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه النسائي (1/ 75) وأحمد (6/ 12) والبزار (1358) وابن خزيمة (180) وأبو عوانة (715)(716) والشاشي (951)(954)(955) والطبراني (1060)(1061) والبيهقي (1/ 61) من طريق أبي معاوية.
(1)
رجال الإسناد:
أبو بكر ابن أبي شيبة: تقدم.
محمد العلاء: انظر ترجمته في بابه.
أبو معاوية: محمد بن خازم: تقدم. انظره في بابه.
إسحاق هو ابن راهويه: تقدم.
عيسى بن يونس: انظره في بابه.
الحكم بن عيينة: تقدم انظره في بابه.
عبد الرحمن بن أبي ليلى: تقدم انظره ضمن الطبقة الثالثة.
ورواه النسائي (1/ 75) وأحمد (6/ 14) والبزار (1358) وابن خزيمة (180) وأبو عوانة (714) والشاشي (949)(951) والطبراني (1061) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (265) والبيهقي (1/ 271) من طريق عبد الله بن نمير.
وأخرجه أبو عوانة (717) والروياني (754) والطبراني (1061) من طريق محمد بن فضيل، وأخرجه ابن ماجه (561) وأبو عوانة (716) من طريق عيسى بن يونس، والترمذي (101) من طريق علي بن مسهر، والشاشي (950) من طريق زائدة (953) من طريق حماد بن شعيب.
سبعتهم: أبو معاوية وعيسى بن يونس وعلي بن مسهر ومحمد بن فضيل وعبد الله بن نمير وزائدة وحماد بن شعيب، عن الأعمش بهذا الإسناد.
هكذا قال الأعمش: (عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب، عن بلال).
خالفه شعبة
(1)
، وأبان بن تغلب
(2)
، وزيد بن أبي أنيسة
(3)
، ومنصور بن المعتمر
(4)
، وعبد الله بن محرر
(5)
، ومحمد بن
(1)
النسائي (1/ 76) وأحمد (6/ 13) والبزار (1370) والشاشي (956) و (962) والطبراني (1088) والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 137) والطيالسي (1116) والروياني (733).
(2)
الحميدي (150) والطبراني (1087) والشاشي (957) وأبو علي الصباح في مسند بلال (12).
(3)
أحمد (6/ 14) والشاشي (958).
(4)
البزار (1368) والطبراني (1090).
(5)
عبد الرزاق (735) والطبراني (1089).
عبد الرحمن بن أبي ليلى
(1)
، وواصل بن حيان
(2)
، ومطرف بن طريف
(3)
، وخلف بن السري
(4)
، والحسن بن عمارة
(5)
، ومحمد بن عبد الله العزرمي
(6)
، وجابر بن كيسان
(7)
، وعبد العزيز بن عبد الله
(8)
، وعبيد الله بن زياد
(9)
وغيرهم
(10)
.
فرووه (عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال).
زاد الأعمش في الإسناد كعب بن عجرة.
وقد تابعهم الأعمش:
فرواه سفيان الثوري
(11)
، وشريك
(12)
عن الأعمش عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال.
لكن ذكر أبو زرعة أن الصحيح من رواية الأعمش بذكر كعب بن عجرة فحمل الوهم في عدم ذكره على سفيان وشريك
(13)
.
(1)
الحميدي (150) والشاشي (959) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (716).
(2)
الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد (2/ 279).
(3)
المصدر السابق.
(4)
المصدر السابق.
(5)
المصدر السابق.
(6)
المصدر السابق.
(7)
المصدر السابق.
(8)
المصدر السابق.
(9)
الشاشي (958).
(10)
الحجاج بن أرطأة، وعمر بن عامر، وأبو شيبة إبراهيم بن عثمان الواسطي ذكرهم الدارقطني في العلل (7/ 174).
(11)
عبد الرزاق (736) وأحمد (6/ 13)(6/ 15).
(12)
الشاشي (960).
(13)
العلل لابن أبي حاتم (11).
وخالفه أبو حاتم فقال: الصحيح من حديث الأعمش عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال بلا كعب
(1)
.
وكذلك قال أبو عمار الشهيد
(2)
.
قلت: الأعمش كان يضطرب في هذا الحديث وقد روى عنه على وجه آخر، فرواه زائدة
(3)
، وعمار بن زريق
(4)
، وحفص بن غياث
(5)
، وروح بن مسافر، وعافية بن يزيد القاضي، وموسى بن محمد الأنصاري، وهريم بن سفيان، والقاسم بن معين، وأبو كدينة يحيى بن المهلب
(6)
فقالوا: (عن الأعمش عن الحكم عن ابن أبي ليلى، عن البراء بن عازب عن بلال).
فجعلوا البراء بن عازب بدلاً من كعب بن عجرة.
وقد صحح أبو حاتم وأبو زرعة وابن عمار الشهيد حديث شعبة ومَن تابعه بدون ذكر كعب بن عجرة في الإسناد.
قال ابن أبي حاتم: (سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سفيان الثوري وشريك عن الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال في المسح على الخفين؟
(1)
المصدر السابق.
(2)
علل الأحاديث في صحيح مسلم ص 72 حيث قال: وحديث الثوري عندنا أصح من غيره.
(3)
أحمد (6/ 15) والنسائي (1/ 75) والبزار (1355) وابن خزيمة (183) وأخطأ محقق الكتاب فغيّر البراء إلى كعب ظناً منه أن في المخطوط خطأ وأشار إلى أن في الأصل البراء.
(4)
البزار (4/ 198) والبيهقي في المعرفة (1/ 163).
(5)
النسائي (1/ 77).
(6)
انظر: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 279) والعلل للدارقطني (7/ 172).
قالا: ورواه أيضاً عيسى بن يونس وأبو معاوية وابن نمير عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه زائدة عن الأعمش عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء عن بلال عن النبي صلى الله عليه وسلم، قلت لهما: فأي هذا الصحيح؟
قال أبي: الصحيح من حديث الأعمش عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال بلا كعب.
قلت لأبي: فمن غير حديث الأعمش؟
قال: الصحيح ما يقول شعبة وأبان بن تغلب وزيد بن أبي أنيسة أيضاً عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال بلا كعب، وقال أبي: الثوري وشعبة
…
قلت لأبي زرعة: أليس شعبة وأبان بن تغلب وزيد بن أبي أنيسة يقولون: عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال بلا كعب.
قال أبو زرعة: الأعمش حافظ، وأبو معاوية وعيسى بن يونس وابن نمير وهؤلاء قد حفظوا عنه، ومن غير حديث الأعمش الصحيح عن ابن أبي ليلى عن بلال بلا كعب، ورواه منصور وشعبة وزيد بن أبي أنيسة وغير واحد، إنما قلت: من حديث الأعمش)
(1)
. اه.
وقال ابن عمار الشهيد: وهذا حديث قد اختلف فيه على الأعمش.
(1)
العلل لابن أبي حاتم (12).
فرواه أبو معاوية وعيسى وابن فضيل وعلي بن مسهر وجماعة هكذا
(1)
.
ورواه زائدة بن قدامة وعمار بن زريق عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن بلال، وزائدة ثبت متقن.
ورواه سفيان الثوري عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال لم يذكر بينهما لا كعباً ولا البراء، وروايته أثبت الروايات.
وقد رواه عن الحكم غير الأعمش أيضاً شعبة ومنصور بن المعتمر وأبان بن تغلب وزيد بن أبي أنيسة وجماعة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال كما رواه الثوري عن الأعمش، وحديث الثوري عندنا أصح من حديث غيره
(2)
.
وانظر: العلل للدارقطني (7/ 171 - 176).
الخلاصة:
اختلف على الأعمش في هذا الحديث فمرة يزيد في الإسناد كعب بن عجرة بين ابن أبي ليلى وبلال، ومرة يزيد فيه البراء بن عازب، وثالثة يرويه بدون ذكرهما كرواية شعبة والآخرين. ولا شك أن أولى الروايات هو ما رواه عنه سفيان الثوري بموافقه رواية شعبة، لذا فالحديث مرسل لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يلقَ بلالاً، وقد تكلم
(1)
وهم عبد الله بن نمير، وزائدة، وحماد بن شعيب كما تقدم. وذكر الدارقطني في العلل (7/ 172) أيضاً أبا زهير عبد الرحمنبن مغراء، وأبا عبيدة بن معن، وأبا حمزة السكري، وأبا إسحاق الفزاري.
(2)
علل الأحاديث في كتاب صحيح مسلم (7).
في حديث الأعمش عن الحكم بن عتيبة، فنقل ابن رجب ذلك قال: «حكى ابن البراء في كتاب العلل عن علي بن المديني قال: الأعمش كثير الوهم في أحاديث هؤلاء الصغار مثل الحكم وسلمة بن كهيل وحبيب بن أبي ثابت وأبي إسحاق وما أشبههم.
قال يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني: حديث الأعمش عن الصغار كأبي إسحاق وحبيب وسلمة ليس بذلك.
عن ابن المديني عن يحيى بن سعيد قال: كان سفيان الثوري يحفظ عن الصغار والكبار، يعني أن الأعمش ليس كذلك.
قال يعقوب بن شيبة: الحكم بن عتيبة هو من صغار شيوخ الأعمش وليس هو من صغار شيوخ شعبة»
(1)
.
(1)
شرح علل الترمذي (2/ 800).
الحديث الثاني
(1)
:
523 -
قال ابن ماجه رحمه الله (675): حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع، ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب العبدي عن خباب رضي الله عنه قال:
شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنا.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
ورواه الحميدي في مسنده (153) عن وكيع، ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 185) والشاشي في مسنده (1017) وابن حبان في صحيحه (1480) والطبراني في الكبير (3676) من طرق عن وكيع به.
ورواه البزار (2136) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، والطبراني في الكبير (3677) من طريق يحيى بن عيسى التميمي وفي (3678) من طريق شريك، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 21) من
(1)
رجال الإسناد:
علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة 233، وقيل: 235، روى عنه ابن ماجه.
وكيع بن الجراح، ثقة حافظ عابد، انظر ترجمته في بابه.
أبو إسحاق: عمرو بن عبد الله بن عبيد أبو إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة عابد مكثر. انظره في بابه.
حارثة بن مضرب العبدي الكوفي، ثقة، من الطبقة الثانية، روى له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
خباب بن الأرت التميمي، أبو عبد الله، صحابي من السابقين إلى الإسلام.
طريق يحيى بن سعيد الأموي كلهم عن الأعمش بهذا الإسناد.
وعند الخطيب (عن حارثة بن مضرب وغيره) وعند البزار (عن حارثة بن مضرب عن بعض أصحابه عن خباب).
هكذا قال الأعمش: (عن أبي إسحاق، عن حارثة، عن خباب).
خالفه أبو الأحوص سلام بن سليم
(1)
، وزهير بن معاوية
(2)
، وسفيان الثوري
(3)
، وشعبة
(4)
، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي
(5)
، ويونس بن أبي إسحاق
(6)
، وزكريا بن أبي زائدة
(7)
، وزياد بن خيثمة
(8)
، والرحيل بن معاوية
(9)
، وشريك بن عبد الله
(10)
، ومفضل بن صدقة
(11)
، فقالوا:(عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن خباب).
(1)
مسلم (619)(189).
(2)
مسلم (619)(190).
(3)
أحمد (5/ 110) وعبد الرزاق (2055) والحميدي (152) والطحاوي (1/ 185) والشاشي (1019) وأبو عوانة (1011) وأبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة (338) وابن عبد البر (5/ 5).
(4)
أحمد (5/ 108) والطيالسي (1052) وأبو عوانة (1010) والطبراني في الكبير (3699).
(5)
البزار (2134) والشاشي (1021) و (1023) والطبراني (3700).
(6)
البزار (2134) والطبراني (3703) وابن المنذر في الأوسط (2/ 358) والبيهقي (1/ 348).
(7)
البيهقي (2/ 104).
(8)
الطحاوي (1/ 185).
(9)
الشاشي (1020).
(10)
الطبراني في الكبير (3702) وأبو نعيم في كتاب الصلاة (339).
(11)
ابن مردويه في جزء من أحاديث أبي الشيخ (87).
وهم الأعمش في هذا الإسناد فأبدل سعيد بن وهب
(1)
بحارث بن مضرب، وقد رجح أبو حاتم
(2)
وأبو زرعة
(3)
رواية الجماعة عن أبي إسحاق إلا أن أبا زرعة حمل الوهم على وكيع، ولم ينفرد وكيع بهذا عن الأعمش فقد تابعه غير واحد كما سبق بيانه، وقد روى وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق هذا الحديث فقال: عن سعيد بن وهب.
علة الوهم:
1 كثرة رواية أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب.
2 روى أبو إسحاق السبيعي عن حارثة غير حديث فمنها قصة مبارزة علي وحمزة وعبيدة في غزوة بدر، وحديث خباب في النهي عن تمني الموت، وحديث في إسلام فرات بن حيان، وحديث في قتل ابن النواحة، وكتاب عمر إلى أهل الكوفة وغير ذلك
(4)
، وفي برنامج الحاسب عند طلب أحاديث أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب ذكر له (229) حديثاً.
وعند طلب أحاديث أبي إسحاق عن سعيد بن وهب يذكر (70) حديثاً.
(1)
سعيد بن وهب الهمداني، كوفي، ثقة مخضرم من الثانية، مات سنة 75 أو 76، روى له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم.
(2)
العلل لابن أبي حاتم (375).
(3)
المصدر السابق.
(4)
أبو داود (2652) و (2665) و (2762) والترمذي (970)(2483) وابن ماجه (4163) والنسائي في الكبرى (823) و (4758) و (4879) وابن خزيمة (899)(2290) وابن الجارود (1058) وابن حبان (2257) و (4758) و (4879) والبيهقي (3/ 276) و (4/ 118) و (6/ 77) و (8/ 197) و (8/ 216) و (9/ 147) و (9/ 200) و (9/ 356) وغيرها.
الحديث الثالث
(1)
:
524 -
قال ابن ماجه رحمه الله في سننه (2156): حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين راكباً في سرية فنزلنا بقوم فسألناهم أن يَقْرُونا فأبوا فلدغ سيدهم فأتونا فقالوا: أفيكم أحدٌ يرقي من العقرب؟ فقلت: نعم، ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنماً، قالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة، فقبلناها، فقرأت عليه الحمد سبع مرات فبراء وقبضنا الغنم فعرض في أنفسنا منها شيء، فقلنا: لا تعجلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدمنا ذكرت له الذي صنعت فقال:«أوَما علمت أنها رقية اقتسموها واضربوا لي معكم سهماً» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي نضرة من رجال مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.
وأخرجه الترمذي (2063) وأحمد (3/ 10) وابن حبان (6112) وابن أبي شيبة (8/ 53 - 54) والنسائي في الكبرى (10869) وابن
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي، أبو عبد الرحمن، لقبه درة العراق، ثقة حافظ فاضل، من العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري ومسلم.
أبو معاوية الضرير الكوفي: انظره في بابه.
الأعمش: سبق.
جعفر بن إياس: تقدم في أول هذه الطبقة.
أبو نضرة: المنذر بن مالك بن قُطعة العبدي العوفي البصري، مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، مات سنة 108 أو 109، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
السني في عمل اليوم والليلة (636) والدارقطني (3/ 63) كلهم من طرق عن أبي معاوية عن الأعمش به.
وتابع أبا معاوية يعلى بن عبيد
(1)
، وجرير بن عبد الحميد
(2)
فرووه عن الأعمش بهذا الإسناد.
هكذا رواه الأعمش (عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه شعبة
(3)
، وأبو عوانة
(4)
، وهشيم
(5)
فرووه (عن جعفر بن إياس، عن أبي المتوكل
(6)
، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا الوجه أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح.
لذا قال ابن ماجه عقب الحديث: والصواب أبو المتوكل.
وقال الترمذي في جامعه عقب الحديث (2064) بعد أن أخرجه من طريق شعبة: (وهذا أصح من حديث الأعمش، عن جعفر بن إياس، وهكذا روى غير واحد هذا الحديث عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن أبي المتوكل عن أبي سعيد، وجعفر بن إياس هو جعفر بن أبي وحشية).
(1)
عبد بن حميد في المنتخب (864) والنسائي في الكبرى (7532) و (10866) والدارقطني (3/ 63).
(2)
ابن حبان (617) وابن السني في عمل اليوم والليلة (636) والحاكم (1/ 559).
(3)
البخاري (5736) ومسلم (2201) والترمذي (2064).
(4)
البخاري (2276، 5749).
(5)
مسلم (2201).
(6)
أبو المتوكل الناجي: علي بن داود، ويقال: ابن دؤاد، البصري مشهور بكنيته، ثقة، من الثالثة، مات سنة 108، وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.
وقال أبو زرعة كما في العلل لابن أبي حاتم (2565): وهم فيه الأعمش، إنما هو عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الدارقطني في العلل (11/ 333): «يرويه أبو بشر جعفر بن أبي وحشية واختلف عنه، فرواه الأعمش، عن أبي بشر، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.
وخالفه شعبة وهشيم فروياه عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد وهو الصحيح».
هكذا اجتمع قول هؤلاء الأئمة على أن الأعمش وهم في هذا الإسناد في قوله: أبي نضرة وقالوا الصحيح هو: أبو المتوكل.
إلا أن الحافظ ابن حجر كان له رأي آخر فقد قال في الفتح (4/ 455): والذي يترجح في نقدي أن الطريقين محفوظان لاشتمال طريق الأعمش على زيادات في المتن ليست في رواية شعبة ومَن تابعه
(1)
، فكأنه كان عند أبي بشر عن شيخين فحدّث به تارة عن هذا وتارة عن هذا). والله تعالى أعلم.
(1)
منها:
1 تحديده عدد الركب وأن سفرهم هذا كان جهاداً، بينما ذكر الباقون:(أن نفراً انطلقوا في سفرة سافروها) وليس في سياقهم ما يُشعر أن السفر كان جهاداً.
2 صرّح الأعمش أن المصاب كانت من لدغة عقرب.
3 بيَّن الأعمش في روايته أن الذي رقى هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وكان هو أمير السرية كما عند الدارقطني.
4 بيَّن الأعمش في روايته أن أبا سعيد هو الذي حدّد الجعل فقال: (غنماً) ثم بيَّن عددها فقال: (ثلاثين) وهو مناسب لعدد السرية.
الحديث الرابع
(1)
:
525 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (3/ 256): أخبرنا أحمد بن نصر، قال: حدثنا عمرو بن محمد قال: حدثنا عثام بن علي، قال: حدثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير أحمد بن منصور وهو ثقة حافظ.
وأخرجه النسائي في الكبرى (405) و (1343) عن قتيبة بن سعيد، وابن ماجه (288) عن سفيان بن وكيع، كلاهما عن عثام بن علي عن الأعمش بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن نصر بن زياد النيسابوري الزاهد المقراء، ثقة فقيه حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة 245، روى له الترمذي والنسائي.
عمرو بن محمد بن بكير الناقد، أبو عثمان البغدادي، نزل الرقة، ثقة حافظ، وهِمَ في حديث، من العاشرة، مات سنة 232، روى له البخاري ومسلم.
عثَّام بن علي بن هُجير العامري الكلابي، أبو علي الكوفي، صدوق، من كبار التاسعة، مات سنة 194 أو 195، روى له البخاري.
حبيب بن أبي ثابت، قيس، ويقال: هند بن دينار الأسدي مولاهم أبو يحيى الكوفي، ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس، من الثالثة، مات سنة 119، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن جبير الأسدي مولاهم الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، قتل بين يدي الحجاج سنة 95 ولم يكمل الخمسين، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال الأعمش: (عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس).
خالفه سفيان الثوري
(1)
، وحصين بن عبد الرحمن
(2)
، وزيد بن أبي أنيسة
(3)
، وحمزة الزيات
(4)
، وأبو خالد
(5)
.
فرووه (عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه عن جده ابن عباس).
إلا أن زيداً وحمزة لم يذكرا علياً في الإسناد بل قالا: عن محمد بن علي، عن ابن عباس.
وكذلك رواه منصور بن المعتمر
(6)
، والمنهال بن عمرو
(7)
كلاهما عن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه عبد الله بن عباس).
وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده
(8)
.
لذا قال النسائي عقب الحديث: (هذا حديث منكر).
(1)
النسائي (3/ 236) وفي الكبرى (1344) وأحمد (1/ 350).
(2)
مسلم (763)(191) والنسائي في الكبرى (403) وفي المجتبى (3/ 237) وأبو داود (58) و (1353) و (1354).
(3)
النسائي في الكبرى (404) وفي المجتبى (3/ 237).
(4)
الطبراني في الكبير (10654).
(5)
تاريخ بغداد (7/ 332) قال: أبو خالد الذي كان في بني دالان.
(6)
أبو عوانة (2/ 321) والطبراني في الكبير (10649).
(7)
أبو يعلى (2545) والطحاوي (1/ 286) والطبراني (10648) وأبو نعيم في الحلية (3/ 208).
(8)
الترمذي (3419) وابن خزيمة (1119) والطبراني (1119).
قال ابن رجب في فتح الباري (3/ 509) تعقيباً على قول النسائي:
(نكارته من قبل إسناده، وروايات الأعمش عن حبيب فيها منكرات، فإن حبيب بن أبي ثابت إنما يروي هذا الحديث عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده).
ومما يدل على أن الحديث إنما هو من حديث حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي عن أبيه عن جده ما ذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 18) قال: سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة عن الحجاج عن حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن أبي طالب، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام من الليل فذكر الحديث في صلاة الليل.
قال أبي: هذا خطأ، إنما هو محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه عن جده، والوهم من حماد.
الحديث الخامس
(1)
:
526 -
قال الإمام الترمذي رحمه الله (3249): حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قال عبد الله رضي الله عنه:
كنت مستتراً بأستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر كثيرٌ شحوم بطونهم قليلٌ فِقهُ قلوبهم قرشي وختناه ثقفيان أو ثقفي وختناه قرشيان فتكلموا بكلام لم أفهمه، فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع كلامنا هذا؟ فقال الآخر: إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه وإذا لم نرفع أصواتنا لم يسمعه، فقال الآخر: إن سمع منه شيئاً سمعه كله، فقال عبد الله: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ
…
(22)} إلى قوله: { .. فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [فصلت: 22، 23].
التعليق:
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد (1/ 381) عن أبي معاوية به، وأبو يعلى (5204)
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري بن مصعب التميمي أبو السري الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى له مسلم.
الأعمش: تقدم.
عمارة بن عمير التيمي الكوفي، ثقة ثبت من الرابعة، مات بعد المائة وقيل قبلها بسنتين، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي، أبو بكر الكوفي، ثقة من كبار الثالثة، مات دون المائة سنة 83، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن مسعود الهذلي، أبو عبد الرحمن صحابي جليل من السابقين.
من طريق أبي خيثمة، والطبراني في الكبير (10135) من طريق علي بن مسهر، والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 163) تعليقاً من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، والدارقطني في العلل (5/ 279) من طريق قطبة بن عبد العزيز، وابن أبي حاتم في العلل (1791) تعليقاً من طريق ابن أبي زائدة كلهم عن الأعمش بهذا الإسناد.
هكذا قال أبو معاوية، وأبو خيثمة، وعلي بن مسهر، وأبو نعيم، وقطبة بن عبد العزيز، وابن أبي زائدة:(عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود).
وخالفهم سفيان الثوري
(1)
فقال: (عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن وهب بن ربيعة، عن عبد الله بن مسعود).
وتابعه عبد الله بن بشر الرقي فرواه عن الأعمش كذلك
(2)
.
ومن هذا الوجه أخرجه مسلم وصححه أبو زرعة
(3)
والدارقطني
(4)
.
وقد روجع الأعمش لما ذكر في الإسناد عبد الرحمن بن يزيد قيل له: إن سفيان قال: إنما هو وهب بن ربيعة فرجع إلى قول سفيان.
قال الإمام البخاري: قال قبيصة: قيل للأعمش: إن سفيان
(1)
مسلم (2775) وقال الحافظ في الفتح (8/ 563): وكأن البخاري ترك طريق الأعمش للاختلاف عليه.
(2)
الدارقطني في العلل (5/ 278).
(3)
العلل لابن أبي حاتم (1791).
(4)
العلل (5/ 279).
يقول: إنما هذا عن وهب بن ربيعة، فجعل الأعمش يهمهم في نفسه كأنه يعد حديث عمارة فقال: صدق سفيان
(1)
.
وأسنده الطحاوي والطبراني والدارقطني من طريقين عن قبيصة بن عقبة قال: قال لي قطبة بن عبد العزيز: كنت أنا وسفيان نتذاكر حديث الأعمش فذكرت حديث عبد الله: كنت متعلقاً بأستار الكعبة فقلت: عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله، فقال لي سفيان: عمارة عن وهب بن ربيعة عن عبد الله، فقمت من فوري إلى الأعمش، فقلت: يا أبا محمد عندك حديث عبد الله: كنت متعلقاً بأستار الكعبة؟ فقال: عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد، فقلت: إن سفيان يقول: عمارة عن وهب بن ربيعة، فقال لي: أمهل، فجعل يهمهم كما يهمهم البعير ثم قال: أصاب سفيان
(2)
.
وقال أبو زرعة: كان الأعمش قديماً قال: عن وهب بن ربيعة، والثوري أحفظهم كلهم.
وقال الدارقطني: والقول قول سفيان الثوري وعبد الله بن بشر
(3)
.
قلت: فعلى ضوء ذلك فإن إسناد هذا الحديث لا يكون على شرط الشيخين كما هو ظاهر الإسناد، إنما هو إسناد ضعيف، وهب بن ربيعة الكوفي ليس له إلا هذا الحديث ولم يروِ عنه سوى عمارة بن عمير، لذا قال ابن حجر في التقريب: مقبول.
(1)
شرح مشكل الآثار للطحاوي (1/ 119) واللفظ له، والطبراني في الكبير (10133) والدارقطني (5/ 280).
(2)
العلل لابن أبي حاتم (1791).
(3)
العلل (5/ 279).
والحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم
(1)
من طريق أبي معمر عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود رضي الله عنه، والله تعالى أعلم.
(1)
البخاري (4816)(4817)(7521) ومسلم (2775).
الحديث السادس
(1)
:
527 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 264): حدثنا الأحوص بن جواب، حدثنا عمار بن زريق، عن الأعمش، عن شعبة، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع عمر فلم يجهروا ب «بسم الله الرحمن الرحيم» .
التعليق:
هذا إسناد على شرط مسلم.
والحديث أخرجه كذلك البخاري في التاريخ الكبير (2/ 58)، وابن خزيمة في صحيحه (497)، والترمذي في العلل الكبير (97)، وابن الجعد في مسنده (1373)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 203)، والخطيب في تاريخ بغداد (7/ 334)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 267)، وابن عدي في الكامل (6/ 13) كلهم من طريق عمار بن زريق به.
هكذا قال الأعمش: (عن شعبة، عن ثابت، عن أنس).
(1)
رجال الإسناد:
الأحوص بن جواب الضبي، يكنى أبا الجواب، كوفي، صدوق ربما وهم، من التاسعة، مات سنة 211، روى له مسلم.
عمار بن زُريق الضبي أو التميمي، أبو الأحوص الكوفي، لا بأس به، من الثامنة، مات سنة 159، روى له مسلم.
شعبة بن الحجاج: تقدم. انظره في بابه.
ثابت بن أسلم البُناني، أبو محمد البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين (بعد المائة) وله 86 سنة، روى له البخاري ومسلم.
خالفه حفص بن عمر
(1)
، ومحمد بن جعفر
(2)
، وحجاج بن محمد المصيصي
(3)
، وأبو داود الطيالسي
(4)
، وعقبة بن خالد
(5)
، وعبيد الله بن موسى
(6)
، وعلي بن الجعد
(7)
، ووكيع
(8)
، وأسود بن عامر
(9)
، وزيد بن الحباب
(10)
، وعبد الرحمن بن زياد
(11)
، وبدل بن المحبر
(12)
، ويزيد بن هارون
(13)
، ويحيى بن سعيد القطان
(14)
وغيرهم
(15)
فقالوا: (عن شعبة، عن قتادة، عن أنس).
وكذلك رواه أيوب السختياني
(16)
، وسعيد بن أبي عروبة
(17)
،
(1)
البخاري (743).
(2)
مسلم (399)(5).
(3)
أحمد (3/ 177).
(4)
مسلم (399)(51).
(5)
النسائي (2/ 135).
(6)
ابن الجارود في المنتقى (183) والدارقطني في سننه (1/ 315).
(7)
ابن حبان (1799) والطحاوي (1/ 202) والدارقطني (1/ 314).
(8)
ابن خزيمة (495) وابن أبي شيبة (1/ 315).
(9)
الدارقطني (1/ 314).
(10)
المصدر السابق.
(11)
الطحاوي (1/ 202).
(12)
البيهقي (2/ 51).
(13)
الدارقطني (1/ 315).
(14)
البيهقي (2/ 51).
(15)
ذكرهم الدارقطني وهم: (معاذ بن معاذ، ومحمد بن بكر البرساني، وبشر بن عمر، ويزيد بن هارون، وآدم بن أبي أياس، وأبو النضر، وخالد المزرفي، وقراد أبو نوح).
(16)
ابن الجارود (182).
(17)
النسائي (2/ 135) وابن خزيمة (496) وابن الجارود (181).
وعبدة
(1)
، وهمام
(2)
، وحماد بن سلمة
(3)
، وعمران القطان
(4)
، وشيبان
(5)
، وحميد الطويل
(6)
، وهشام الدستوائي
(7)
، وأبو عوانة
(8)
، والأوزاعي
(9)
، كلهم عن قتادة به.
قال الترمذي عن رواية الأعمش هذه: (هذا وهم، والأصح شعبة، عن قتادة، عن أنس).
وقال أبو حاتم كما في العلل لابنه (229): هذا خطأ، أخطأ فيه الأعمش، إنما هو شعبة، عن قتادة، عن أنس.
قلت لأبي: حدثنا أحمد بن يونس الضبي، عن بعض أصحابه أن شعبة كان عند الأعمش فقال له الأعمش: يا بصري، أي شيء عندكم مما تغربون به علينا؟ فقال شعبة: حدثنا قتادة عن أنس أنه صلّى خلف أبي بكر وعمر فقال: يا بصري أحِلني على غير قتادة، فقال: حدثنا ثابت عن أنس؟
قال أبي: ليس هذا بشيء، لم يحكِ صاحبك عن أحد معروف ثقة يحكي عن شعبة هذا الكلام، والحديث عن شعبة معروف عن قتادة عن أنس.
(1)
مسلم (399)(52).
(2)
البخاري في جزء القراءة.
(3)
الدارقطني (1/ 315) وابن حبان (1800).
(4)
الدارقطني (1/ 315).
(5)
ابن حبان (1799).
(6)
ابن حبان (1798).
(7)
أبو داود (782) وأحمد (3/ 114) وابن أبي شيبة (4145).
(8)
الترمذي (246) وابن خزيمة (491).
(9)
البيهقي (2/ 50).
ونقل ابن حجر في إتحاف المهرة (1/ 537) عن ابن خزيمة قوله: (خبر غريب). وعن البزار قوله: (لا نعلم روى الأعمش عن شعبة غير هذا الحديث ولا نعلمه حدّث به عن الأعمش إلا عمار بن زريق).
وقال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 59) عقب هذا الحديث: وحدثنا أصحاب شعبة عن قتادة عن أنس.
علة الوهم:
الأعمش
(1)
هو من شيوخ شعبة
(2)
والشيوخ عادة يتساهلون في الأخذ عن تلاميذهم، فمن هنا حصل له الوهم، خلاف التلميذ الذي عادة ما كان حريصاً في نقل ما يقوله شيخه، والله تعالى أعلم.
(1)
ولد الأعمش سنة (59) أو (61) على خلاف في ذلك، ومات سنة (145).
(2)
ولد شعبة سنة (82) ومات سنة (160).
الحديث السابع
(1)
:
528 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 196): حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه قال:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا أرضاً كثيرة الضباب، قال: فأصبنا منها وذبحنا، قال: فبينا القدور تغلي بها إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن أمة من بني إسرائيل فقدت وإني أخاف أن تكون هي فاكفئوها» فأكفأناها.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه البزار (1217 كشف الأستار) عن عمرو بن علي عن أبي معاوية به.
وأخرجه أحمد (4/ 196) عن يحيى بن سعيد القطان ووكيع، وابن أبي شيبة (8/ 266) وأبو يعلى (931) وابن حبان (5266) من طريق وكيع، والطحاوي (4/ 197) وفي شرح المشكل (3275،
(1)
رجال الإسناد:
أبو معاوية: محمد بن خازم أبو معاوية الضرير الكوفي، عمي وهو صغير، ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش، وقد يهم في غيره، من كبار التاسعة، مات سنة 195 وله 82 سنة، روى له البخاري ومسلم.
زيد بن وهب الجهني أبو سليمان الكوفي، مخضرم ثقة جليل، مات بعد الثمانين وقيل بعد سنة 96، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن حسنة هو ابن عبد الله بن المطاع، أخو شُرحبيل فيما قيل، صحابي له حديث، روى حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
3276) من طريق عبيد الله بن موسى وحفص بن غياث.
أربعتهم (يحيى ووكيع وعبيد الله وحفص) عن الأعمش بهذا الإسناد.
هكذا رواه الأعمش فقال: (عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة).
وخالفه عدي بن ثابت، وحصين بن عبد الرحمن، فقالوا:(عن زيد بن وهب، عن ثابت بن وداعة) وتابعهم الحكم بن عتيبة فجعله أيضاً من مسند ثابت بن وداعة فقال: (عن زيد بن وهب، عن البراء بن عازب، عن ثابت) وقد سبق بيان ذلك في باب شعبة.
قال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 170): وقال الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث ثابت أصح، وفي نفس الحديث نظر.
وقال أيضاً كما في العلل للترمذي (296): ولم يعرف أن أحداً روى هذا غير الأعمش، وحديث ثابت أصح، وفي نفس الحديث نظر. قال ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا آكله ولا أحرِّمه» وقال ابن عباس: لو كان حراماً لم يؤكل في مائدة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً خالفهم في متنه قالوا: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش فأصبنا ضباباً، قال: فشويت منها ضبًّا، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه، قال: فأخذ عوداً فعدّ به أصابعه ثم قال: «إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض وإني لا أدري أي الدواب هي» قال: فلم يأكل ولم ينهَ.
لهذا قال الإمام البخاري: وفي نفس الحديث نظر، يعني الأمر
بإكفاء القدور في حديث الأعمش يخالف ما جاء في الروايات الأخرى الصحيحة من أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك أكله تقذراً ولم يحرمه أو ينهَ عنه.
فقد روى البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الضب لست آكله ولا أحرِّمه»
(1)
.
ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن خالته أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطاً وسمناً وأضباً، فأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الأقط والسمن وترك الضب تقذراً، قال ابن عباس: فأكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان حراماً ما أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
(1)
البخاري (5536) ومسلم (2027).
(2)
البخاري (2575) ومسلم (1947).
الحديث الثامن
(1)
:
529 -
قال عبد الرزاق في المصنف (6/ 189 رقم 10099): أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن مسروق بن الأجدع قال:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل حالم وحالمة من أهل الذمة ديناراً أو قيمته معافري. قال عبد الرزاق: كان معمر يقول: هذا غلط، قوله: حالمة، ليس على النساء شيء، معمر القائل.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وأخرجه أيضاً في (10/ 330) وقد تقدم في باب أبي معاوية الضرير محمد بن خازم إذ أدخل إسناداً في إسناد.
وقوله: (وحالمة) وهم والظاهر أنه من الأعمش حين حدّث به معمر، إذ لو أن معمراً لم يستنكر هذه اللفظة ويقول: إنها غلط لحملنا الوهم عليه، فقد رواه جماعة عن الأعمش ولم يذكروا هذه اللفظة
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرزاق: انظر ترجمته في بابه.
معمر بن راشد: انظره في بابه.
شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، ثقة من الثانية، مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله مائة سنة، روى له البخاري ومسلم.
مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي، ثقة فقيه عابد مخضرم، من الثانية، مات سنة 62 ويقال: 63، روى له البخاري ومسلم.
وهي: وحالمة، بل قالوا:(من كل حالم) منهم: سفيان الثوري
(1)
، وشعبة
(2)
، ويعلى بن عبيد
(3)
، ويحيى بن عيسى الرملي
(4)
، وعبد الرحمن بن مغراء
(5)
، والمفضل بن مهلهل
(6)
، وأبو معاوية الضرير
(7)
، ووكيع
(8)
، ومروان بن معاوية الفزاري
(9)
فهؤلاء تسعة من الثقات وفيهم: أثبت الناس في الأعمش الثوري وشعبة وأبو معاوية لا يذكرون هذه اللفظة عنه ويذكرها معمر عن الأعمش ويقول: إنها غلط يحمل الوهم على الأعمش فيه فإما أن يكون هو الواهم وإنما هذا من قول غير الأعمش فقد رواه منصور وهو قرين الأعمش عن الحكم قال: كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاذ باليمن: على كل حالم أو حالمة دينار أو قيمته
(10)
.
أو يكون الوهم من الأعمش لما حدّث به معمر وهو الظاهر لما يلي:
ذكر الزيلعي في نصب الراية أن عبد الرزاق يرويه في مصنفه عن
(1)
عبد الرزاق (6841) وأحمد (5/ 230) وأبو داود (1578) وابن خزيمة (2268) وابن الجارود (343).
(2)
الطيالسي (568).
(3)
النسائي (5/ 26) وفي الكبرى (2231) والدارمي (1623) والشاشي (1347) والبيهقي (9/ 193).
(4)
ابن ماجه (1803) وابن حبان (4886).
(5)
ابن خزيمة (2268).
(6)
النسائي (5/ 25 - 26).
(7)
أبو داود (1577)(3035) وابن خزيمة (2268).
(8)
ابن أبي شيبة (3/ 227).
(9)
أبو عبيد في الأموال (64)(993).
(10)
أخرجه أبو داود في المراسيل (117) وأبو عبيد في الأموال (1/ 35).
معمر وسفيان الثوري، والذي أمامنا في المصنف في روايتين كما تقدم إنما عن معمر لا يذكر الثوري.
ثم قال الزيلعي: ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه في كتاب الزكاة، ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده من ثلاث طرق دائرة على الأعمش به.
وظاهره أن رواية إسحاق من ثلاث طرق عن الأعمش بمثل رواية عبد الرزاق عن معمر في قوله: (وحالمة)
(1)
.
والله تعالى أعلم.
علة الوهم:
جاء ذكر الحالمة من حديث أبي نضرة العبدي عن أبي رجاء عن معاذ بن جبل
(2)
.
وفي حديث رواه ابن لهيعة وهو ضعيف عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن أنه مَنْ كان على يهودية أو نصرانية فإنه لا يفتن عنها وعليه الجزية على كل حالم ذكر أو أنثى
…
وفي حديث منصور عن الحكم كما تقدم
(3)
.
والله تعالى أعلم.
(1)
نصب الراية (3/ 445).
(2)
أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (4/ 266).
(3)
أبو عبيد في الأموال (1/ 35).
شريك بن عبد الله النمري
شريك بن عبد الله بن أبي نمر القرشي، وقيل: الليثي، أبو عبد الله المدني: تابعي.
روى عن: أنس، وسعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعكرمة وغيرهم.
وروى عنه: سعيد المقبري وهو أكبر منه، ومالك والثوري، وإسماعيل بن جعفر وجماعة.
قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.
وقال الآجري عن أبي داود: ثقة.
وقال ابن معين والنسائي وابن عدي: ليس به بأس.
وقال النسائي أيضاً: ليس بالقوي.
وقال ابن الجارود: ليس به بأس وليس بالقوي، وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه.
وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ.
قال ابن حجر: صدوق يخطاء، من الخامسة.
الحديث
(1)
:
530 -
قال البخاري رحمه الله في صحيحه (13/ 1478 ح 7517): حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثني سليمان، عن شريك بن عبد الله أنه قال: سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة: إنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم: أيهم هو؟ فقال أوسطهم: هو خيرهم، وقال أحدهم: خذوا خيرهم، فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، فلم يكلموه حتى احتملوه
…
(الحديث وذكر فيه المعراج وجاء فيه): حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار ربُّ العزَّة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى
…
التعليق:
وأخرجه البخاري أيضاً (6/ 579 (3572)) قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثني أخي عن سليمان عن شريك بن عبد الله به.
وأخرجه مسلم (162) ولم يسق لفظه بل قال: (نحو حديث ثابت البناني وقدّم فيه شيئاً وأخّر وزاد ونقص).
وهذا الحديث أنكر العلماء منه لفظتين وحملوا آفة ذلك شريك:
(1)
رجال الإسناد:
عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو الأويسي العامري أبو القاسم المدني، ثقة، من كبار العاشرة، روى له البخاري.
سليمان بن بلال التيمي مولاهم، أبو محمد وأبو أيوب المدني، ثقة، من الثامنة، مات سنة 177، روى له البخاري ومسلم.
الأولى: قوله: (قبل أن يوحى إليه) والمعلوم أن الإسراء كان بعد الوحي والنبوة.
الثانية: قوله: (ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى) وإنما هو جبريل
(1)
.
قال الحافظ في الفتح (13/ 480): قوله: (قبل أن يوحى إليه) أنكرها الخطابي، وابن حزم، وعبد الحق، والقاضي عياض، والنووي. اه.
قال النووي في شرح صحيح مسلم (2/ 209): وقد جاء في رواية شريك في هذا الحديث في الكتاب أوهام أنكرها عليه العلماء، وقد نبّه مسلم على ذلك بقوله:(فقدم وأخّر وزاد ونقص) منها قوله: (وذلك قبل أن يوحى إليه) وهو غلط لم يوافق عليه فإن الإسراء أقل ما قيل فيه: إنه كان بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر شهراً
…
هذا كلام القاضي عياض رحمه الله، وهذا الذي قاله في رواية شريك وأن أهل العلم أنكروها. قد قاله غير واحد.
وقال الحافظ عبد الحق رحمه الله في كتابه (الجمع بين الصحيحين) بعد ذكر هذه الرواية: هذا الحديث بهذا اللفظ من رواية شريك بن أبي نمر عن أنس وقد زاد فيه زيادة مجهولة وأتى فيه بألفاظ غير معروفة، وقد روى حديث الإسراء جماعة من الحفاظ المتقنين والأئمة المشهورين كابن شهاب وثابت البناني وقتادة يعني عن أنس فلم يأتِ أحد منهم بما أتى به شريك، وشريك ليس بالحافظ عند أهل الحديث. اه.
(1)
قاله ابن حزم. انظر: (البحر الذي زخر) للسيوطي، تحقيق د. أنيس بن أحمد الأندونيسي (2/ 637).
قال الحافظ: في الفتح (13/ 483) قال الخطابي: إن الذي وقع في هذه الرواية من نسبة التدلي للجبار عز وجل مخالف لعامة السلف والعلماء وأهل التفسير مَنْ تقدم منهم ومَن تأخر
…
وقال الحافظ أيضاً (13/ 484): قال ابن حزم: لم نجد للبخاري ومسلم
(1)
في كتابيهما شيئاً لا يحتمل مخرجاً إلا حديثين مع إتقانهما وصحة معرفتهما فذكر هذا الحديث وقال: فيه ألفاظ معجمة والآفة من شريك، من ذلك قوله:(قبل أن يوحى إليه) وأنه حينئذ فرض عليه الصلاة، قال: وهذا لا خلاف بين أحد من أهل العلم إنما كان قبل الهجرة بسنة وبعد أن أوحي إليه بنحو اثنتي عشرة سنة. ثم قوله: (إن الجبار دنا فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى) وعائشة رضي الله عنها تقول: إن الذي دنا فتدلى جبريل) اه.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (6/ 159): وفي حديث الإسراء من طريقه ألفاظ لم يتابع عليها وذلك في صحيح البخاري
(2)
.
(1)
مسلم في صحيحه (4/ 1945 رقم 168) والوهم الذي فيه ما جاء فيه من قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم (عندي أحسن نساء العرب وأجملهن أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها؟ قال: «نعم») ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة قبل الفتح بمدة وهي في الحبشة.
(2)
قال المحقق: أما حديث الإسراء الذي أخرجه البخاري من طريقه فقد تفرد فيه بأشياء لم يذكرها غيره وهي معدودة من أوهامه وهي عشرة أشياء:
الأول: أمكنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في السماء.
الثاني: كون المعراج قبل البعثة.
الثالث: كونه مناماً.
الرابع: مخالفته في النهرين.
الخامس: مخالفته في محل سدرة المنتهى.
السادس: شق الصدر عند الإسراء.
السابع: ذكر نهر الكوثر في السماء الدنيا.
الثامن: نسبة الدنو والتدلي إلى الله عز وجل.
التاسع: تصريحه أن امتناعه صلى الله عليه وسلم من الرجوع إلى سؤال ربه كان عند الخامسة.
العاشر: قوله: فعلا به إلى الجبار فقال وهو في مكانه.
وقال ابن حجر في هدي الساري (14/ 410 مطبوع مع الفتح): احتج به الجماعة إلا أن في روايته عن أنس لحديث الإسراء مواضع شاذة.
عبد ربه بن سعيد
اسمه ونسبه:
عبد ربه بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري المدني من بني النجار أخو يحيى بن سعيد.
روى عن: جده قيس، وأبي أمامة ابن سهل، وابن المنكدر، وثابت البناني، وسعيد المقبري وجماعة.
روى عنه: عطاء وهو أكبر منه، وأيوب وهو من أقرانه، ومالك والليث وشعبة وحماد بن سلمة وغيرهم.
قال ابن معين: ثقة مأمون، وكذلك وثقه أحمد بن حنبل والنسائي وأبو حاتم والعجلي وابن سعد وغيرهم.
وقال يحيى القطان: كان حي الفؤاد وقّاداً، مات سنة 140، وقيل:139.
قال ابن حجر: ثقة من الخامسة.
الحديث
(1)
:
531 -
قال الإمام النسائي في السنن الكبرى (4982): أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم قال: ثنا محمد قال: ثنا شعبة قال: سمعت عبد ربه بن سعيد يحدّث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وأخرجه ابن ماجه (2212) عن محمد بن الوليد عن محمد بن جعفر به، وأخرجه أحمد (2/ 78) عن محمد بن جعفر به.
هكذا قال عبد ربه بن سعيد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل باع نخلاً قد أبرت فثمرتها للأول، وأيما رجل باع مملوكاً فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع» .
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن عبد الله بن الحكم بن أبي فروة الهاشمي، يعرف بابن الكردي أبو الحسين البصري، ثقة من العاشرة، روى له مسلم.
محمد بن جعفر الهذلي البصري المعروف بغندر، ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة، من التاسعة، مات سنة 193 أو 194، روى له البخاري ومسلم.
شعبة بن الحجاج: تقدم في بابه.
نافع: أبو عبد الله مولى ابن عمر: تقدم مراراً.
خالفه مالك
(1)
، والليث بن سعد
(2)
، وعبيد الله بن عمر
(3)
، وأيوب السختياني
(4)
فرووا عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل باع نخلاً قد أبرت فثمرتها للأول» . إلا أن يشترط المبتاع.
وروى مالك
(5)
، وعبيد الله بن عمر
(6)
، وأيوب
(7)
، وعبد الله بن عون
(8)
عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنه قوله موقوفاً عليه في بيع العبد.
(9)
.
ثم روى بسنده عن مسدد قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ باع نخلاً قد أبرها فإن ثمرها للذي باعها إلا أن يشترط المشتري»
(1)
البخاري (2204)(2716) ومسلم (1543)(79) وهو في الموطأ (1279) وأبو داود (3434).
(2)
البخاري (2206) ومسلم (1543)(79).
(3)
مسلم (1543)(79).
(4)
مسلم (1543)(79).
(5)
البخاري تعليقاً عقب الحديث (2379) وأبو داود (3434) والبيهقي (5/ 324) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 234).
(6)
النسائي (4986) والخطيب (1/ 234) وابن عبد البر في التمهيد (13/ 284).
(7)
النسائي (4987).
(8)
النسائي (4988).
(9)
التمهيد (13/ 284).
قال: وقال عمر: (مَنْ باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المشتري) وكذلك رواه ابن نمير وعبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر الحديثين قصة النخل مرفوعة وقصة العبد من قول عمر
(1)
.
قال ابن الملقن: «الصحيح من رواية نافع ما اقتصر عليه من التأبير خاصة، وذكر العبد يعني (ومَن ابتاع عبداً وله ماله فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع) يذكر عن ابن عمر عن عمر قوله
…
ثم قال: ولما روى النسائي حديث ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن عمر مرفوعاً لحديث التأبير والعبد قال: هذا خطأ والصواب حديث عمر موقوفاً
(2)
.
وقال الدارقطني: «والصواب عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر قوله»
(3)
.
وقال الخطيب بعد أن ذكر رواية أبي معاوية محمد بن خازم وإسماعيل بن زكريا عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله: «ووهموا في ذلك لأن نافعاً إنما كان يروي الفصل الذي في بيع النخل خاصة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويروي الفصل الآخر الذي في بيع العبد عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب قوله بين ذلك يحيى بن سعيد القطان وبشر بن المفضل في
(1)
المصدر السابق.
(2)
التوضيح لشرح الجامع الصحيح (14/ 503) وحديث محمد بن إسحاق انظره في بابه.
(3)
العلل (2/ 72).
روايتهما عن عبيد الله بن عمر هذا الحديث في سياقة واحدة وميزا أحد الفصلين من الآخر وضبطا إسناده»
(1)
.
وقال الحافظ في الفتح: قال البيهقي: ونافع يروي حديث النخل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث العبد عن ابن عمر عن عمر موقوفاً.
(2)
.
وقد أخبر شعبة عبد ربه أن أيوب السختياني يخالفه.
قال النسائي عقب الحديث: «قال شعبة: فحدثته بحديث أيوب عن نافع أنه حدثني بالنخل عن النبي صلى الله عليه وسلم والمملوك عن عمر فقال عبد ربه: لا أعلمهما جميعاً إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال مرة أخرى: فحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره»
(3)
.
علة الوهم:
روي هذا الحديث مرفوعاً عن ابن عمر رضي الله عنه. هكذا رواه عنه ابنه سالم
(4)
، إلا أن نافع كان يروي قصة النخل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي قصة العبد عن ابن عمر عن عمر موقوفاً عليه.
(1)
الخطيب في الفصل للوصل (1/ 228).
(2)
فتح الباري (4/ 204) وقول البيهقي في السنن الكبرى (5/ 298).
(3)
السنن الكبرى (3/ 179 ح 4982).
(4)
أخرجه البخاري (2379) ومسلم (1543)(80).
فوهم عبد ربه بن سعيد فرواه من طريق نافع مرفوعاً بكلا القصتين، والصحيح أن الذي رفعهما هو سالم.
قال الحافظ: «واختلف على نافع وسالم في رفع ما عدا النخل: فرواه الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعاً في قصة النخل والعبد معاً. هكذا أخرجه الحفاظ عن الزهري.
وروى مالك والليث وأيوب وعبيد الله بن عمر وغيرهم عن نافع عن ابن عمر في قصة النخل، وعن ابن عمر عن عمر قصة العبد موقوفة، كذلك أخرجه أبو داود من طريق مالك بالإسنادين معاً.
ثم قال الحافظ: وجزم مسلم والنسائي والدارقطني بترجيح رواية نافع المفصلة على رواية سالم، ومال علي بن المديني والبخاري وابن عبد البر إلى ترجيح رواية سالم
(1)
.
(1)
فتح الباري (4/ 402).
عبيد الله بن عمر
اسمه ونسبه:
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري القرشي المدني، أبو عثمان.
ولد بعد سنة 70 أو نحوها ولحق أم خالد بنت خالد الصحابية وسمع منها فهو من صغار التابعين.
روى عن: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، ونافع، وسعيد المقبري، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، وعبد الرحمنبن القاسم، وعمرو بن دينار، وخلق كثير.
روى عنه: حميد الطويل وهو من شيوخه، وأيوب ومات قبله، ويحيى بن سعيد الأنصاري وهو أكبر منه، وابن جريج وشعبة والسفيانان والحمادان وخلق كثير.
وهو ثقة ثبت عند الجميع. قال ابن معين: ثقة حافظ متفق عليه، وقدمه يحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وأحمد بن صالح المصري على مالك وأيوب في نافع.
قال أحمد: عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية.
وقدمه يحيى بن معين على الزهري في القاسم عن عائشة.
مات سنة 147، وقيل: 144 أو 145.
قال ابن حجر: ثقة ثبت، قدمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على الزهري عن عروة عنها، من الخامسة.
الحديث
(1)
:
532 -
قال الترمذي (1484): حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة، عن عبيد الله بن عمر، عن صيفي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن لبيوتكم عمّاراً فحرجوا عليهن ثلاثاً فإن بدا لكم بعد ذلك منهن شيء فاقتلوهن» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد (3/ 27) عن عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر بهذا الإسناد.
هكذا قال عبيد الله: (عن صيفي، عن أبي سعيد).
خالفه مالك
(2)
، ومحمد بن عجلان
(3)
فقالا: (عن صيفي، عن أبي السائب، عن أبي سعيد).
(1)
رجال الإسناد:
هناد بن السري التميمي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى عنه مسلم.
عبدة بن سليمان الكلابي، أبو محمد الكوفي، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة 187 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
صيفي بن زياد الأنصاري مولاهم أبو زياد أو أبو سعيد المدني، ثقة، من الرابعة، روى له مسلم.
(2)
مسلم (2236) وهو في الموطأ (2/ 976) وأبو داود (5259).
(3)
مسلم (2236) وأبو داود (5258) وأحمد (3/ 41) وغيرهم.
أسقط عبيد الله بن عمر أبا السائب من الإسناد.
وكذلك رواه أسماء بن عبيد
(1)
عن السائب، عن أبي سعيد، إلا أنه وهم فقال: السائب وإنما هو أبو السائب.
قال الترمذي: هكذا روى عبيد الله بن عمر هذا الحديث عن صيفي عن أبي سعيد الخدري.
وروى مالك بن أنس هذا الحديث عن صيفي عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث قصة، حدثنا بذلك الأنصاري، حدثنا معن، حدثنا مالك، وهذا أصح من حديث عبيد الله بن عمر، وروى محمد بن عجلان عن صيفي نحو رواية مالك
(2)
.
وقال الدارقطني في الأفراد: كذا رواه عبيد الله بن عمر عن صيفي عن الخدري، وإنما رواه صيفي عن أبي السائب عن الخدري
(3)
.
لكن ذكر أبو حاتم
(4)
أن عبيد الله بن عمر تابع مالكاً فذكر أبا السائب ولم أقف على روايته هذه، وقد رواه اثنان من الثقات عن عبيد الله بدون ذكر أبي السائب.
(1)
مسلم (2236).
(2)
في جامعه عقب الحديث (1484).
(3)
أطراف الغرائب والأفراد (5/ 66 رقم 4688).
(4)
العلل لابن أبي حاتم (2466) وتقدم في باب أسماء بن عبيد.
عمرو بن مرة
اسمه ونسبه:
عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق بن الحارث بن سلمة بن كعب، أبو عبد الله المرادي ثم الحجلي الكوفي الأعمى.
روى عن: عبد الله بن أبي أوفى، وأبي وائل، وسعيد بن المسيب، وابن أبي ليلى، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وسالم بن أبي الجعد وخلق.
روى عنه: أبو إسحاق السبيعي وهو من طبقته ومنصور والأعمش وزيد بن أبي أنيسة وحصين بن عبد الرحمن وشعبة والثوري وخلق.
قال علي بن المديني: له نحو مائتي حديث.
قال حفص بن غياث: ما سمعت الأعمش يثني على أحد إلا على عمرو بن مرة فإنه كان يقول: كان مأموناً على ما عنده.
وقال شعبة: ما رأيت أحداً من أصحاب الحديث إلا يدلس إلا عمرو بن مرة وابن عون.
وثقه ابن معين وأثنى عليه أحمد ووثقه، وقال أبو حاتم: صدوق ثقة كان يرى الإرجاء.
مات سنة 116، وقيل:118.
قال ابن حجر: ثقة عابد وكان لا يدلس ورمي بالإرجاء من الخامسة.
الحديث
(1)
:
533 -
قال الإمام الترمذي (671): حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا وائل يحدث عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه النسائي (5/ 67) وفي الكبرى (2319) و (9196) وأحمد (6/ 99) وإسحاق (1645) وابن الجعد (77) كلهم من طريق شعبة به.
هكذا قال عمرو بن مرة: (عن أبي وائل، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، أبو موسى البصري المعروف بالزمن، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة 252، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن جعفر الهذلي البصري المعروف بغندر، ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة. انظره في بابه، روى له البخاري ومسلم.
شعبة: أمير المؤمنين في الحديث. انظر ترجمته في باب.
شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، ثقة من الثانية، مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله مائة سنة، روى له البخاري ومسلم.
خالفه منصور بن المعتمر
(1)
، والأعمش
(2)
فقالا: (عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه جرير بن حازم
(3)
، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأبو الزبير
(4)
، عن حبيب بن ثابت، عن مسروق، عن عائشة موقوفاً.
وهم عمرو بن مرة فأسقط مسروقاً من الإسناد والصواب ثبوته في هذا الحديث لاتفاق منصور والأعمش وحديثهما في الصحيحين ولمتابعة أبي الضحى وحبيب بن ثابت.
واختلف في سماع أبي وائل من عائشة.
قال الأثرم لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: «أبو وائل سمع من عائشة؟ قال: ما أدري ربما أدخل بينه وبينها مسروق في غير شيء وذكر حديث: إذا أنفقت المرأة»
(5)
.
لذا قال الترمذي: هذا أصح من حديث عمرو بن مرة عن أبي وائل، وعمرو بن مرة لا يذكر في حديثه عن مسروق.
(1)
البخاري (1425)(1439)(1441) ومسلم (1024).
(2)
البخاري (1437)(1439)(1440) ومسلم (1024).
(3)
أبو يعلى (4359) والطبراني في الأوسط (2739).
(4)
النسائي في الكبرى (9199).
(5)
المراسيل لابن أبي حاتم (1/ 88) وجامع التحصيل (1/ 197) وتحفة التحصيل (1/ 198).
وقال الحافظ: أخرجه الترمذي
(1)
بالإسنادين، وقال: إن رواية منصور والأعمش لذكر مسروق فيه أصح.
وقال: مشيراً إلى وهم في رواية أحد رواة الصحيح، وقد ذكر أبو علي الجياني أنه وقع في رواية أبي إسحاق المستملي عن الفربري في هذا الحديث منصور عن أبي وائل ومسروق عن عائشة بواو بدل عن قال: «والصواب الأول ولا يحفظ لأبي وائل عن عائشة، قلت: أما كونه الصواب فصواب لاتفاق الرواة في البخاري على أنه من رواية أبي وائل عن مسروق
(2)
. وكذا أخرجه مسلم وغيره من رواية منصور، وأما النفي فمردود فقد أخرج الترمذي من رواية أبي وائل عن عائشة حديثين:
أحدهما: ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجه من رواية أبي وائل عن مسروق عن عائشة.
والثاني: إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها
(3)
، وهذا جميع ما في الكتب الستة لأبي وائل عن عائشة.
وأخرج ابن حبان في صحيحه من رواية شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عائشة حديث: «ما من مسلم يشاك شوكة فما دونها إلا رفعه الله بها درجة» وفي بعض هذا ما يرد على إطلاق أبي علي» اه
(4)
، والله تعالى أعلم.
(1)
في سننه (2/ 50 ح 672).
(2)
فتح الباري (3/ 304).
(3)
أبو داود الطيالسي (1536) ومن طريقه الترمذي (2397) وانظره في باب الطيالسي.
(4)
المصدر السابق (11/ 175).
محمد بن جحادة
محمد بن جحادة، ويقال: الأيامي الكوفي.
روى عن: أنس، وعن أبيه وأبي صالح السمان، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وأبي الزبير، ونافع، وجماعة.
روى عنه: شعبة وزهير بن معاوية، والسفيانان وجماعة.
وثقه أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي والنسائي. وقال أبو داود: كان لا يأخذ عن كل أحد وأثنى عليه.
مات سنة 131.
قال ابن حجر: ثقة، من الخامسة.
الحديث
(1)
:
534 -
قال ابن ماجه رحمه الله (3261): حدثنا جعفر بن مسافر، ثنا صاعد بن عبيد الجزري، ثنا زهير بن معاوية، ثنا محمد بن جحادة، ثنا عمرو بن دينار المكي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الغائط فأتي بطعام فقال رجل: ألا آتيك بوضوء؟ قال: «أريد الصلاة؟!» .
التعليق:
هذا إسناد لا بأس به، وصححه الألباني في صحيحه لابن ماجه وقال: حسن صحيح.
ورواه ابن عدي في الكامل (3/ 192) من طريق زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن جحادة به.
(1)
رجال الإسناد:
جعفر بن مسافر بن راشد التنيسي، أبو صالح الهذلي، صدوق ربما أخطأ، من الحادية عشرة، مات سنة 254، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
صاعد بن عبيد البجلي أبو محمد أو أبو سعيد الحراني، مقبول، من كبار العاشرة، روى له الترمذي وابن ماجه.
زهير بن معاوية بن خديج، أبو خيثمة الجعفي الكوفي، نزيل الجزيرة، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة 172 أو 173 أو 174 وكان مولده سنة 100، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم الجمحي، مولاهم، ثقة ثبت من الرابعة، مات سنة 126، روى له البخاري ومسلم.
عطاء بن يسار الهلالي، أبو محمد المدني، مولى ميمونة، ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، من صغار الثانية، مات سنة 94 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال محمد بن جحادة: (عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن أبي هريرة).
خالفه سفيان بن عيينة
(1)
، وحماد بن زيد
(2)
، ومحمد بن مسلم الطائفي
(3)
، وأيوب السختياني
(4)
، وحماد بن سلمة
(5)
، وزمعة بن صالح
(6)
، وداود بن عمرو
(7)
، وروح بن القاسم
(8)
، وابن جريج
(9)
فقالوا: (عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس).
وكذلك رواه شعبة
(10)
عن عمرو بن دينار عمّن سمع ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فجعله من مسند ابن عباس.
وتابع عمرو بن دينار ابن جريج.
فرواه ابن جريج
(11)
، عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس.
وروى أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس نحوه
(12)
.
(1)
مسلم (374).
(2)
مسلم (374).
(3)
مسلم (374).
(4)
أحمد (1/ 359) وعبد بن حميد (690).
(5)
الطيالسي (2765) وأبو عوانة (768) وأبو نعيم في الحلية (6/ 254).
(6)
أبو نعيم في الحلية (8/ 331).
(7)
ابن الجعد في مسنده (1637).
(8)
أبو عوانة (772) وابن حبان (5208).
(9)
مسلم (374).
(10)
الطيالسي (2766) وابن الجعد (1638).
(11)
مسلم (374).
(12)
أبو داود (3760) والترمذي (1847) والنسائي (1/ 89) وعبد بن حميد (690) وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهم محمد بن جحادة فجعل الحديث من مسند أبي هريرة وإنما هو من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
ووهم أيضاً بذكر عطاء في الإسناد.
وقال ابن عدي: هكذا حدّث به زياد عن ابن جحادة عن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة، وتابعه على ذلك زهير بن معاوية وعندي أنهما أخطآ على ابن جحادة أو الخطأ من ابن جحادة عن عمرو بن دينار، فإن هذا الحديث لا يرويه عن ابن جحادة غيرهما، وقد روى هذا الحديث أصحاب عمرو بن دينار الأثبات مثل حماد بن زيد وابن عيينة وغيرهما عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس وهو الصواب. اه.
وقال الدارقطني في العلل (8/ 295) عندما سئل عن حديث روي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط فذكر الحديث.
فقال: يرويه عمرو بن دينار واختلف عنه فرواه محمد بن جحادة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة.
قال ذلك زهير بن معاوية وزياد البكائي، والصواب عن عمرو بن دينار عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس اه.
وقال الدارقطني في أطراف الغرائب (5/ 230) تفرد به ابن جحادة عن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة، والصواب عن عمرو عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس.
وقال ابن أبي حاتم (23): «سألت أبي عن حديث رواه زهير
عن أبي جحادة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة. الحديث.
قال أبي: هذا خطأ، إنما هو عمرو بن دينار عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت لأبي: الوهم من زهير.
قال: لا، هو من ابن جحادة.
قلت لأبي: من أين أصله؟
قال: كوفي ثقة صدوق
…
».
سيأتي في باب قبيصة ح (953) فانظره.
منصور بن المعتمر
اسمه ونسبه:
منصور بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة، أبو عتاب السلمي الكوفي.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: هو من بني بهشة بن سلم من رهط العباس بن مرداس السلمي.
عده الذهبي في الطبقة الرابعة من التابعين.
روى عن: أبي وائل، وربعي بن خراش، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، والشعبي وطائفة.
روى عنه: أيوب، وحصين بن عبد الرحمن وهو ابن عمه، والأعمش وسليمان التيمي وهم من أقرانه، وشعبة والثوري وشيبان النحوي ومعمر وجماعة.
قال ابن مهدي: لم يكن بالكوفة أحفظ من منصور.
وقال الثوري: ما بالكوفة آمن على الحديث من منصور.
وقدّم يحيى بن معين منصور على الأعمش وعلى الحكم ومغيرة، وقدّم أحمد الحكم على منصور في إبراهيم النخعي.
وقال ابن معين: منصور أحب إليَّ من حبيب بن أبي ثابت ومن عمرو بن مرة ومن قتادة. قيل ليحيى: فأيوب قال: هو نظيره عندي.
سئل أبو حاتم عن الأعمش ومنصور قال: الأعمش حافظ يخلط ويدلس ومنصور أتقن لا يخلط ولا يدلس.
قال العجلي: كوفي ثقة ثبت في الحديث كان أثبت أهل الكوفة، وكأن حديثه القدح لا يختلف فيه أحد متعبد، رجل صالح، وكان فيه تشيع قليل، ولم يكن بغال، وكان قد عمش من البكاء وصام ستين سنة وقامها، وقالت فتاة لأبيها: يا أبتِ الأسطوانة التي كانت في دار منصور ما فعلت؟ قال: يا بنية ذاك منصور يصلي بالليل فمات.
قال ابن سعد وغيره: مات سنة 132.
قال ابن حجر: ثقة ثبت وكان لا يدلس من طبقة الأعمش.
الحديث الأول
(1)
:
535 -
قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي (3/ 245): أخبرنا محمد بن قدامة عن جرير عن منصور، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} وكان إذا سلّم وفرغ قال: سبحان الملك القدوس، ثلاثاً، طوّل في الثالثة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن قدامة وهو ثقة. وأخرجه في الكبرى (10575) وفي عمل اليوم والليلة (739) بهذا الإسناد.
هكذا قال منصور: (عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن قدامة بن أعين الهاشمي مولاهم المصيصي، ثقة، من العاشرة، مات سنة 250، روى له أبو داود والنسائي.
جرير بن عبد الحميد. انظره في بابه.
سلمة بن كهيل الحضرمي، أبو يحيى الكوفي، ثقة من الرابعة، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي مولاهم الكوفي، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن أبزى منصور الخزاعي مولاهم، صحابي صغير وكان في عهد عمر رجلاً وكان على خراسان لعلي، روى له البخاري ومسلم.
خالفه شعبة
(1)
فقال: (عن سلمة بن كهيل، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه).
أسقط منصور ذرًّا من الإسناد.
لذا قال النسائي: رواه منصور عن سلمة بن كهيل ولم يذكر ذرًّا.
قال الإمام أحمد: «منصور إذا نزل إلى المشايخ اضطرب إلى أبي إسحاق والحكم وحبيب بن أبي ثابت وسلمة بن كهيل، وفي حديث أم سلمة في الوتر خالف فيه، وحديث ابن أبزى خالف فيه
(2)
.
ولا يقال: إن الوهم فيه من سلمة بن كهيل فهو من الأثبات المتقنين حتى قال عبد الرحمن بن مهدي: أربعة بالكوفة لا يختلف في حديثهم، فمَن اختلف عليهم فهو يخطاء ليس هم، منهم: سلمة بن كهيل
(3)
.
علة الوهم:
1 الرواية عن صغار شيوخه أو أقرانه، وكان غير واحد من أهل الحديث إذا حدّث عن كبار شيوخه أتقن وليس في صغار شيوخه كذلك.
(1)
الطيالسي (548) وأحمد (3/ 406) والنسائي (3/ 245) وفي الكبرى (1435)(10573) وفي عمل اليوم والليلة (737)(738) والبغوي في الجعديات (487) وأبو نعيم في الحلية (7/ 281) وابن قانع في المعجم (8/ 150) وقرن شعبة زيد مع سلمة بن كهيل.
(2)
مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح (1545) وشرح علل الترمذي (2/ 801).
(3)
الجرح والتعديل (4/ 170) وتهذيب الكمال (ترجمة 6796) ومنصور وأبو حصين وعمرو بن مرة. وقال سفيان: حدثنا سلمة بن كهيل وكان ركناً من الأركان.
قال علي بن المديني: حديث الأعمش عن الصغار كأبي إسحاق وحبيب وسلمة ليس بذلك.
وقال يحيى بن سعيد القطان: كان شعبة إذا جاء حديث الصغار لم يحفظ.
وقال ابن المديني أيضاً: وكان سفيان بن عيينة أيضاً حديثه عن الصغار ليس بذاك
(1)
.
2 الاعتماد على الحفظ دون الكتابة.
قال شعبة: قال منصور: ما كتبت حديثاً قط.
(1)
شرح علل الترمذي لابن رجب (2/ 800).
الحديث الثاني
(1)
:
536 -
قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (3/ 239): أخبرنا قتيبة قال: حدثنا جرير عن منصور، عن الحكم، عن مقسم، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بخمس وسبع لا يفصل بينهما بسلام ولا بكلام.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وهو في الكبرى (1403) بهذا الإسناد.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (1891) عن جرير بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في الكبرى (432) وعبد الرزاق (4668) وأحمد (6/ 310) و (6/ 321) والطبراني في الكبير (617) من طريق يحيى بن آدم وعبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
قتيبة بن سعيد: انظر ترجمته في بابه.
جرير: تقدم. انظر الحديث السابق.
منصور: تقدم.
الحكم بن عتيبة: تقدم.
مقسم بن بجرة مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى ابن عباس للزومه له، صدوق وكان يرسل، من الرابعة، مات سنة 101، وما له في البخاري سوى حديث واحد.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3083) والنسائي في الكبرى (433) والطبراني في الكبير (23/ 895) من طريق مخلد بن يزيد، والخطيب في تاريخه (5/ 137 - 138) من طريق مؤمل بن إسماعيل كلاهما عن سفيان الثوري عن منصور عن الحكم عن مقسم، عن ابن عباس، عن أم سلمة بزيادة ابن عباس في الإسناد.
وأخرجه النسائي (3/ 239) وفي الكبرى (1404) من طريق إسرائيل عن منصور عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس عن أم سلمة.
ورواه ابن ماجه (1192) من طريق زهير بن معاوية عن منصور وليس فيه ابن عباس.
هكذا قال منصور: (عن الحكم، عن مقسم، عن أم سلمة).
وفي رواية عن مقسم عن ابن عباس عن أم سلمة.
خالفه شعبة
(1)
، وسفيان بن الحسين
(2)
فقالا: (عن الحكم، عن مقسم، عن الثقة، عن عائشة وميمونة).
وذكرا في ذلك قصة.
(1)
النسائي في الكبرى (1406) من طريق يزيد بن زريع عن شعبة عن الحكم قال: قلت لمقسم: إني أسمع الأذان فأوتر بثلاث ثم أخرج إلى الصلاة خشية أن تفوتني. قال: إن ذلك لا يصلح إلا بسبع أو خمس، فحدثت بذلك مجاهداً ويحيى بن الجزار فقالا: سله عمّن؟ قال: فسألته فقال: عن الثقة عن الثقة، عن عائشة وميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه أحمد (6/ 193) عن سعيد القطان عن شعبة به.
(2)
النسائي (3/ 239) وفي الكبرى (1405) من طريق يزيد عن سفيان بن الحسين عن مقسم قال: الوتر سبع ولا أقل من خمس. قال الحكم: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: عمّن ذكره؟ فقلت: لا أدري، قال الحكم: فحججت فلقيت مقسماً فقلت: عمّن؟ فقال: عن الثقة عن عائشة وميمونة.
وتابعهما حجاج بن أرطأة
(1)
فرواه عن الحكم، عن ابن عباس، عن عائشة وميمونة.
فجعله في مسند عائشة وميمونة وأسقط نفساً في الإسناد.
قال الإمام أحمد: منصور إذا نزل إلى المشايخ اضطرب، إلى أبي إسحاق والحكم وحبيب بن أبي ثابت، وسلمة بن كهيل، وفي حديث أم سلمة في الوتر خالف فيه
(2)
.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه علي بن ميمون الرقي عن مخلد بن يزيد الحراني، عن سفيان، عن منصور عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع وخمس ولا يفصل بينهن بتسليم ولا كلام؟ قال أبي: هذا حديث منكر
(3)
.
وانظر: العلل للدارقطني.
(1)
الدارقطني في العلل (15/ 206 رقم 3951).
(2)
مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح (3/ 153).
(3)
العلل لابن أبي حاتم (450).
هشام بن عروة
اسمه ونسبه:
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو المنذر وقيل: أبو عبد الله.
رأى ابن عمر ومسح رأسه ودعا له، وسهل بن سعد، وجابر وأنس.
روى عن: أبيه وعمه عبد الله بن الزبير وزوجته فاطمة بنت عمه المنذر وطائفة من كبراء التابعين، منهم: أبو سلمة ابن عبد الرحمن، وابن المنكدر، وخلق.
روى عنه: أيوب وعبيد الله بن عمر ومالك وشعبة والسفيانان والحمادان ويحيى القطان وابن مهدي وخلق كثير، لحق البخاري بقايا أصحابه كعبيد الله بن موسى.
قال ابن سعد: كان ثقة ثبتاً كثير الحديث.
وقال أبو حاتم: ثقة إمام في الحديث.
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت لم ينكر عليه شيء إلا بعدما
صار إلى العراق فإنه انبسط في الرواية عن أبيه، فأنكر ذلك عليه أهل بلده، والذي نرى أن هشاماً تسهل لأهل العراق، فقد كان لا يحدّث عن أبيه إلا بما سمعه منه فكان تسهله أنه أرسل عن أبيه مما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه.
مات سنة 146، وقيل: 145، وقد بلغ سبعاً وثمانين سنة.
قال ابن حجر: ثقة فقيه ربما دلس، من الخامسة.
الحديث الأول
(1)
:
537 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (2518): حدثنا عبيد الله بن موسى عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مُراوح عن أبي ذر رضي الله عنه قال:
سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله وجهاد في سبيله» قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: «أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها» قلت: فإن لم أفعل؟ قال: «تعين ضائعاً أو تصنع لأخرق» قال: فإن لم أفعل؟ قال: «تدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
ورواه البخاري في الأدب المفرد (226) وابن الجارود في المنتقى (969) من طريق يحيى بن سعيد القطان، وأبو عوانة (178) من طريق عبيد الله بن موسى وجعفر بن عون، وابن أبي شيبة (26648) والبزار (4038) من طريق عبد الله بن نمير، والبيهقي (6/ 273) و (9/ 272) و (10/ 373) من طريق عبيد الله بن موسى وابن حبان (4310) من طريق عمرو بن الحارث.
(1)
رجال الإسناد:
عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي الكوفي، ثقة كان يتشيع، من التاسعة، مات سنة 213 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
عروة بن الزبير: تقدم مراراً.
أبو مراوح الغفاري، ويقال: الليثي المدني، قيل: له صحبة، وإلا فثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
والخرائطي في مكارم الأخلاق (50) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم ووكيع كلهم عن هشام بن عروة به وفيه: (تعين ضائعاً).
وأخرجه مسلم (84) من طريق حماد بن زيد، والحميدي (131) من طريق سفيان بن عيينة، وأحمد (5/ 150)(5/ 171) من طريق سفيان ويحيى القطان، وابن شاذان في مشيخته (8) ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (4343) من طريق عبيد الله بن موسى، والمروزي في البر والصلة (274) (275) وهناد في الزهد (1066) والبغوي في شرح السنة (2418) من طرق عن هشام وفيها:(تعين صانعاً) وهي تصحيف عندهم لأن بعض مَنْ رواه هنا قد رواه بلفظ: (ضائعاً وقد ذكر أهل العلم أن هشاماً رواه بلفظ ضائعاً).
هكذا قال هشام، عن أبيه عروة، عن أبي مراوح، عن أبي ذر:(تعين ضائعاً) بالمعجمة من الضياع.
خالفه حبيب بن عروة
(1)
، وعبد الله بن أبي جعفر
(2)
فروياه عن عروة به فقالا: (تعين صانعاً) بالصاد المهملة من الصناعة.
وكذلك رواه أبو الزناد عبد الله بن ذكوان
(3)
، ويزيد بن رومان
(4)
عن عروة به.
(1)
مسلم (84) من طريق معمر عن الزهري عن حبيب مولى عروة به، وهو عند عبد الرزاق (20298) وأحمد (5/ 163) وأبو عوانة (180) والبيهقي (6/ 81).
(2)
الطبراني في الأوسط (8723) وذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق (12/ 84).
(3)
البزار (4039) وابن عساكر في تاريخه (12/ 3).
(4)
تاريخ دمشق (12/ 84).
قال علي بن المديني: الزهري يقول: (الصانع) بالصاد المهملة، ويرون أن هشاماً صحّف في ضائعاً
(1)
.
وقال الدارقطني: عن معمر كان الزهري يقول: صحف هشام، قال الدارقطني: وكذا رواه أصحاب هشام عنه بالضاد المعجمة وهو تصحيف والصواب ما قاله الزهري
(2)
.
وقال البيهقي: قال هشام في حديثه تعين الضائع، أخرجاه في الصحيح من حديث هشام
(3)
.
وقال النووي: قال القاضي عياض رحمه الله: روايتنا في هذا من طريق هشام بالمعجمة: (فتعين ضائعاً) وكذلك في الرواية الأخرى: (فتعين الضائع) من جميع طرقنا عن مسلم في حديث هشام
(4)
.
وقال أبو عمرو ابن الصلاح: (تعين صانعاً)، هذا هو الصحيح في نفس الأمر، ولكنه ليس رواية هشام بن عروة إنما روايته بالمعجمة وكذا جاء مقيداً من غير هذا الوجه في كتاب مسلم في رواية هشام
(5)
.
وقال ابن حجر: قوله: (تعين ضائعاً) بالضاد المعجمة لجميع الرواة في البخاري كما جزم به عياض وغيره وكذا هو في مسلم إلا في
(1)
شرح النووي على صحيح مسلم (2/ 175) وفتح الباري (5/ 149).
(2)
المصدر السابق.
(3)
شعب الإيمان (4/ 7 ح 4210).
(4)
شرح مسلم (2/ 75).
(5)
المصدر السابق، وصيانة صحيح مسلم (1/ 262).
رواية السمرقندي وجزم الدارقطني وغيره بأن هشاماً رواه هكذا دون مَنْ رواه عن أبيه، وقال أبو علي الصدفي ونقلته من خطه: رواه هشام بن عروة بالضاد المعجمة، والصواب بالمهملة كما قال الزهري
(1)
.
وقال الزركشي في التنقيح: قوله: ضائعاً بالضاد هكذا رواية هشام التي رواها البخاري من جهته أي: ذا ضياع من فقر أو عيال
(2)
.
وقال السيوطي: وقد ذكره ضمن أمثلة المصحف في المتن: وحديث أبي ذر: (تعين صانعاً) صحفه هشام بن عروة بالمعجمة والتحتية
(3)
.
وقال في حاشيته على البخاري قوله: (تعين ضائعاً) بالضاد المعجمة بالاتفاق للاتفاق على أن هشاماً إنما رواه بالمعجمة وقد نسبه الزهري إلى التصحيف ووافقه الدارقطني لمقابلته بالأخرق
(4)
.
وقد رجح أهل العلم حديث حبيب مولى عروة وقد تابعه لأن سياق الرواية تدل عليه فإن مقابل الصانع الأخرق.
قال القاضي عياض: وهو صواب الكلام لمقابلته بأخرق وإن كان المعنى من جهة معونة الضائع أيضاً صحيحاً
(5)
.
والله تعالى أعلم.
(1)
فتح الباري (6/ 500).
(2)
مرقاة المفاتيح (6/ 500).
(3)
تدريب الراوي (2/ 194).
(4)
مرقاة المفاتيح (6/ 500).
(5)
شرح مسلم (2/ 75).
الحديث الثاني
(1)
:
538 -
قال أبو داود رحمه الله في سننه (2056): حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا زهير عن هشام بن عروة، عن عروة، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها:
أن أم حبيبة قالت: يا رسول الله هل لك في أختي؟ قال: «فأفعل ماذا؟» قالت: أفتنكحها، قال:«أختك؟» قالت: نعم، قال:«أوَتحبين ذلك؟» قالت: لست بمخلية
(2)
بك وأحب مَنْ شركني في خير أختي، قال:«فإنها لا تحل لي» قالت: فوالله لقد أخبرت أنك تخطب دُرَّة أو ذرَّة [شك زهير] بنت أبي سلمة، قال:«بنت أبي سلمة؟» قلت: نعم، قال:«أما والله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلّت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها ثويبة، فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن» .
التعليق:
هذا إسناد على شرط البخاري، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله النفيلي من رجال البخاري (وقد تقدم في باب سفيان بن عيينة).
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، أبو جعفر النفيلي الحراني، ثقة حافظ من كبار العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري.
زهير بن معاوية بن خديج، أبو خيثمة الجعفي الكوفي، نزيل الجزيرة، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة 172 أو 173 أو 174 وكان مولده سنة مائة، روى له البخاري ومسلم.
هشام بن عروة: تقدم.
(2)
بمخلية بك، أي: منفردة بك.
ورواه ابن الجارود (680) من طريق زهير بن معاوية به.
وأخرجه أحمد (6/ 291) وأبو يعلى (7001) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم عن هشام بن عروة بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (6/ 309) وابن أبي شيبة (4/ 288 - 289) وابن ماجه (1939) والطبراني في الكبير (23/ 904) من طريق عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة بهذا الإسناد.
ورواه أبو نعيم في المستخرج على مسلم (3391) من طريق أحمد عن أبي معاوية وابن نمير معاً عن هشام به.
هكذا رواه زهير بن معاوية، ومحمد بن خازم، وعبد الله بن نمير عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة.
فجعله هشام هنا من مسند أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها.
خالفهم سفيان بن عيينة
(1)
، وأبو أسامة حماد بن أسامة
(2)
، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة
(3)
، وزهير بن معاوية
(4)
، وأنس بن عياض
(5)
، وعبدة بن سليمان
(6)
، وحماد بن سلمة
(7)
، ومعمر
(8)
، وابن جريج
(9)
،
(1)
البخاري (5106) من طريق الحميدي وهو في مسنده (307).
(2)
مسلم (1449).
(3)
مسلم (1449).
(4)
مسلم (1449) ولم يسق إسناده وإنما أحال إلى إسناد أبي أسامة.
(5)
الشافعي في مسنده (2/ 20) ترتيب السندي، والبيهقي (7/ 75) وهو في الأم للشافعي (5/ 142) وأبو عوانة (4399).
(6)
النسائي (6/ 96).
(7)
ابن حبان (4110).
(8)
عبد الرزاق (13947) ومن طريقه الطبراني في الكبير (23/ 418).
(9)
المصدر السابق.
وأبو أويس الأصبحي
(1)
، والليث بن سعد
(2)
وغيرهم.
فرووه عن هشام، عن عروة، عن زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة فجعله هشام هنا من مسند أم المؤمنين حبيبة بنت أبي سفيان وهذا هو الصحيح وهو الموافق لرواية الزهري، وقد أخرجه أيضاً الشيخان في الصحيح
(3)
عنه.
وكذلك رواه عِراك بن مالك عن زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة فذكرت الحديث مختصراً
(4)
.
قال أبو نعيم: «رواه مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة، وعن سويد بن سعيد عن ابن أبي زائدة، وعن الناقد عن الأسود بن عامر عن زهير كلهم عن هشام فقالوا: عن أم حبيبة ولم يقولوا: عن أم سلمة.
رواه الليث وابن إسحاق عن هشام فقالا: عن أم حبيبة»
(5)
.
علة الوهم:
هشام بن عروة ثقة ثبت إلا أن مالكاً وغيره
(6)
أنكر عليه بعض أحاديثه لما ذهب إلى العراق.
(1)
الطبراني في الكبير (23/ 417).
(2)
ذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (5106) وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (69/ 132).
(3)
البخاري (5101)(5107)(5372) ومسلم (1449).
(4)
البخاري (5123).
(5)
في المستخرج على صحيح مسلم (4/ 123).
(6)
انظره في ترجمته في التهذيب (30/ 238).
وهذا الحديث رواه عنه بعض أهل العراق هكذا وخالفهم غيرهم.
قال الحافظ: هذا مما أخطأ فيه هشام بن عروة بالعراق، وحديث ابن إسحاق والليث عنه وهو بالمدينة هو الأصح والموافق لحديث الزهري»
(1)
.
(1)
أطراف المسند (9/ 440).
يحيى بن سعيد الأنصاري
اسمه ونسبه:
يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو بن سهل بن ثعلبة الأنصاري البخاري أبو سعيد المدني القاضي.
روى عن: أنس بن مالك والسائب بن يزيد وأبي أمامة بن سهل بن حنيف وسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد ونافع وعمرة بنت عبد الرحمن وخلق.
روى عنه: الزهري وابن أبي ذئب وشعبة ومالك والثوري وابن عيينة وحماد بن سلمة وعبد العزيز الماجشون وجرير بن حازم والأوزاعي وخلق كثير.
قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث حجة ثبت.
قال جرير بن عبد الحميد: لم أرَ أنبل منه.
قال ابن المديني: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من الزهري ويحيى بن سعيد وأبي الزناد وبكير الأشج.
وقال الثوري: كان أجل عند أهل المدينة من الزهري.
عدّه الثوري في الحفاظ، وابن عيينة في محدثي الحجاز الذين يجيئون بالحديث على وجهه، وابن المديني من أصحاب صحة الحديث وثقاته ممن ليس في النفس من حديثهم شيء، وابن عمار في موازين أهل الحديث.
قال ابن حجر: ثقة ثبت.
الحديث الأول
(1)
:
539 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 452): حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا يحيى أن محمد بن إبراهيم التيمي أخبره أن عيسى بن طلحة بن عبيد الله أخبره أن عمير بن سلمة الضمري أخبره، عن رجل من بهز:
أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد مكة حتى إذا كانوا في بعض وادي الروحاء وجد الناس حمار وحش عقيراً فذكروه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أقروه حتى يأتي صاحبه» فأتى البهزي وكان صاحبه فقال: يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقسمه في الرفاق وهم محرمون
…
التعليق:
هذا إسناد على شرط البخاري ومسلم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في مسنده (550) عن يزيد به، ومن طريقه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1382)، وأخرجه الطحاوي (2/ 172) من طريق يزيد بن سنان، والطبراني في الكبير (5283) من
(1)
رجال الإسناد:
يزيد بن هارون بن زاذان السلمي، مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة 206 وله 90 عاماً، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد الله المدني، ثقة له أفراد، مات سنة 120، روى له البخاري ومسلم.
عيسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي، أبو محمد المدني، ثقة فاضل، مات سنة 100، روى له البخاري ومسلم.
عمير بن سلمة الضمري، مدني، له صحبة وحديث.
طريق إدريس بن جعفر القصار، والبيهقي (5/ 188) من طريق محمد بن رمح البزاز كلهم عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.
وقد تابع يزيد بن هارون مالك بن أنس
(1)
، ويونس بن راشد
(2)
، وعباد بن العوام
(3)
فرووه عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد.
هكذا قال يحيى بن سعيد: (عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة، عن رجل من بهز) عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه يزيد بن الهاد
(4)
، وعبد ربه بن سعيد
(5)
، ويحيى بن أبي كثير
(6)
فقالوا: (عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعلوا بين عمير بن سلمة والنبي صلى الله عليه وسلم أحداً.
وقد رواه يحيى بن سعيد الأنصاري أيضاً هكذا فيما رواه هشيم
(7)
وحماد بن زيد
(8)
وعلي بن مسهر
(9)
وسفيان بن عيينة
(10)
.
(1)
في الموطأ (1/ 351) ومن طريقه عبد الرزاق (8339) والنسائي (5/ 183) وفي الكبرى (3800) وابن حبان (5111) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 231) والبيهقي (6/ 171) و (9/ 322).
(2)
الخطيب في الأسماء المبهمة (ص 419).
(3)
الدارقطني في العلل (4/ 209).
(4)
النسائي (7/ 205) وفي الكبرى (4856) والطحاوي (2/ 172) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (72) وابن حبان (5112) وابن قانع (726) والحاكم (3/ 623 - 624).
(5)
الدارقطني في العلل (4/ 209) وابن عبد البر في التمهيد (23/ 343).
(6)
الدارقطني في العلل (4/ 209).
(7)
أحمد (3/ 418).
(8)
البيهقي (9/ 243) وابن عبد البر في التمهيد (23/ 342).
(9)
ذكره ابن عبد البر عنه في التمهيد (23/ 342).
(10)
الخطيب في الأسماء المبهمة (6/ 420).
ورواه كذلك يزيد بن هارون
(1)
فيما رواه عنه عبد الله بن روح المدائني وهذا خلاف رواية الجماعة عن يزيد.
وهذا كله من يحيى بن سعيد فتارة يرويه عن عمير بن سلمة الضمري، وأحياناً يزيد: البهزي، وهذا لا يضر في هذا الحديث فكلاهما صحابيان.
قال الدارقطني في العلل (4/ 109): بعد أن ذكر الاختلاف.
وبعضهم قال: عن عمير بن سلمة عن رجل من بهز.
والصواب: قول مَنْ قال: عمير بن سلمة، كذلك رواه يزيد بن الهاد وعبد ربه، ويحيى بن أبي كثير عن محمد).
وقال ابن أبي حاتم في العلل (898): حديث ابن الهاد أشبه، لأن في حديث ابن الهاد ذكر البهزي، والحديث عن عمير، وكان المجني على الحمار البهزي
(2)
.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (6/ 533): (عمير بن سلمة الضمري رضي الله عنه قال: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: عمير عن البهزي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن الأثير في أسد الغابة (2/ 356): ورواه حماد بن زيد وهشيم وعلي بن مسهر ولم يذكروا البهزي، ورواه ابن الهاد عن محمد عن عيسى عن عمير ولم يذكر البهزي).
(1)
التمهيد (23/ 342).
(2)
أي الذي صاد الحمار البهزي وجاء أن اسمه زيد بن كعب السلمي كما في غوامض الأسماء المبهمة (2/ 873) وتوضيح المشتبه (1/ 620).
وقال الحافظ: (هكذا رواه مالك وتابعه غيره، وظاهر هذا يعطي أن عمير بن سلمة رواه عن البهزي وليس كذلك بل عمير بن سلمة حضر القصة وشاهدها كلها فقد رواه الليث بن سعد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن عمير بن سلمة قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر هذا الحديث.
وكذا رواه عبد ربه بن سعيد عن محمد بن إبراهيم.
وكذا رواه حماد بن زيد وغير واحد عن يحيى بن سعيد شيخ مالك)
(1)
.
قال ابن عبد البر في التمهيد (23/ 343): فالحديث لعمير بن سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما قال حماد بن زيد وتابعه على ذلك جماعة، منهم: هشيم وعلي بن مسهر ويزيد بن هارون .. ، ومما يدلك على صحة رواية حماد بن زيد ومَن تابعه عن يحيى بن سعيد على ما ذكرنا أن يزيد بن الهادي وعبد ربه بن سعيد رويا هذا الحديث عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة الضمري قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث يزيد بن الهاد: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال موسى بن هارون: والصحيح عندنا أن هذا الحديث رواه عمير بن سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بينه وبينه فيه أحد، وذلك بيِّن في رواية يزيد بن الهاد وعبد ربه بن سعيد. قال موسى بن هارون: ولم يأتِ ذلك من مالك، ولكن إنما جاء ذلك من يحيى بن سعيد كان يرويه أحياناً فيقول فيه: عن البهزي وأحياناً لا يقول فيه: عن البهزي،
(1)
النكت على ابن الصلاح (2/ 588).
وأظن المشيخة الأولى كان ذلك جائزاً عندهم وليس هو رواية عن فلان وإنما هو عن قصة فلان، هذا كله كلام موسى بن هارون.
قال ابن عبد البر: البهزي اسمه زيد بن كعب وقد ذكرناه في الصحابة
(1)
.
وتعقبهما الحافظ ابن حجر فقال: «وفي هذا الاعتذار نظر، فقد رواه الدارقطني في العلل من طريق عباد بن العوام ويونس بن راشد كلاهما عن يحيى بن سعيد فقال في روايته: إن البهزي حدّثه ويحتمل أن يكون ذلك وهماً منهما ظنًّا أن قوله: عن البهزي على سبيل الرواية فروياه بالمعنى فقالا: حدثه»
(2)
.
(1)
في الاستيعاب (2/ 558 رقم 856) وقول موسى بن هارون ذكره ابن حجر في النكت على ابن الصلاح (2/ 588).
(2)
تقريب التهذيب (8/ 130).
الحديث الثاني
(1)
:
540 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 30): حدثنا ابن نمير، حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبيه، أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري وأبيه فهما من رجال البخاري.
هكذا رواه يحيى فقلب إسناده فقال: (عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن أبيه)، والصحيح كما رواه مالك هو عن:(عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد) وبهذا الإسناد أخرجه البخاري
(2)
.
وقد صحح هذا الإسناد الشافعي وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وغيرهم
(3)
. ثم وجدت أن الوهم من عبد الله بن نمير فانظره في بابه ح (918).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي أبو عبد الرحمن، ثقة حافظ فاضل، من العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري: تقدم في باب سفيان بن عيينة.
عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة: تقدم في باب سفيان.
(2)
في صحيحه (19، 3300، 7088).
(3)
انظره في باب سفيان بن عيينة، ح (111).
يحيى بن أبي كثير
اسمه ونسبه:
يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي، واسم أبيه صالح، وقيل: يسار، وقيل: نشيط، وكان مولى لعلي.
روى عن: أنس بن مالك، وعن أبي أمامة الباهلي وذلك في صحيح مسلم لكنه مرسل، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعبد الله بن أبي قتادة، وأبي قلابة الجرمي، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة ونافع مولى ابن عمر وخلق.
روى عنه: الأوزاعي، ومعمر، وهشام الدستوائي، وشيبان النحوي، وهمام، وأبان بن يزيد، وجرير بن حازم وخلق كثير.
هو في طبقة الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري، بل قدمه شعبة وأحمد على الزهري.
قال أيوب: ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى بن أبي كثير.
وقال يحيى القطان: سمعت شعبة يقول: يحيى بن أبي كثير أحسن حديثاً من الزهري.
وقال أحمد بن حنبل: يحيى بن أبي كثير من أثبت الناس، إنما يُعد مع الزهري ويحيى بن سعيد، فإذا خالفه الزهري فالقول قول يحيى.
وقال أبو حاتم: هو إمام لا يروي إلا عن ثقة، وقد نالته محنة وضرب لكلامه في ولاة الجور.
قال ابن حبان: كان من العباد، إذا حضر جنازة لم يتعش تلك الليلة.
المآخذ التي عليه:
قال العقيلي: كان يذكر بالتدليس.
وقال أبو حاتم: روى عن أنس مرسلاً وقد رأى أنساً يصلي في المسجد الحرام رؤية ولم يسمع منه.
وقال حسين المعلم: قال لي يحيى: كل شيء عن أبي سلّام إنما هو كتاب.
قال همّام: ما رأيت أصلب وجهاً من يحيى بن أبي كثير، كنا نحدثه بالغداة فيروح بالعشي فيحدثناه، وقال مرة: قلبه عنا.
قال ابن حجر: ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل.
وجعله ابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين، روى له البخاري (136)، حديثاً ومسلم (88) حديثاً
(1)
.
(1)
روايات المدلسين في صحيح البخاري (ص 271) وفي صحيح مسلم (ص 85).
الحديث الأول
(1)
:
541 -
قال الإمام مسلم رحمه الله (1/ 203 رقم 223): حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا حبان بن هلال، حدثنا أبان، حدثنا يحيى أن زيداً حدّثه أن أبا سلام حدثه عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
وأخرجه أحمد (5/ 342) و (5/ 344) والدارمي (653) وابن أبي
(1)
رجال الإسناد:
إسحاق بن منصور الكوسج المروزي ثقة ثبت من الحادية عشرة، روى له البخاري ومسلم.
حبان بن هلال أبو حبيب البصري ثقة ثبت من التاسعة، روى له البخاري ومسلم.
أبان بن يزيد العطار البصري، ثقة ثبت من السابعة، روى له البخاري ومسلم.
زيد بن سلام بن أبي سلام ممطور الحبشي، ثقة من السادسة، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
أبو سلام، ممطور الأسود الحبشي، ثقة يرسل، من الثالثة، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
أبو مالك الأشعري، قيل: اسمه عبيد، وقيل: عبد الله، وقيل: عمرو، وقيل: كعب بن كعب، وقيل: عامر بن الحارث، صحابي، مات في طاعون عمواس سنة 18، حديثه عنه مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
شيبة (1/ 6) و (11/ 45) والترمذي (3527) والنسائي في عمل اليوم والليلة (168) وابن سعد في الطبقات الكبرى (4/ 358) وأبو عوانة (600) وابن مندة في الإيمان (211) والطبراني في الكبير (3423) والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (435) و (436) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (1619) والبيهقي في السنن (1/ 42) وفي الدعوات الكبير (125) وفي شعب الإيمان (12)(2709) والبغوي في شرح السنة (148) من طرق عن أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد.
هكذا قال يحيى بن أبي كثير: (عن زيد، عن أبي سلام، عن أبي مالك الأشعري).
خالفه معاوية بن سلام
(1)
فقال: (عن زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، عن أبي مالك الأشعري).
أسقط يحيى بن أبي كثير عبد الرحمن بن غنم من الإسناد.
وقد رواه يحيى بن ميمون العطار عن يحيى بن أبي كثير
(2)
عن زيد بن سلام، عن أبي سلام عن عبد الرحمن الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه مرسل فعبد الرحمن بن غنم الأشعري لم يثبت له سماع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
النسائي (5/ 605) وابن ماجه (280) وأبو عوانة (601) وابن حبان (844) والطبراني في الكبير (3424) وفي مسند الشاميين (2874).
(2)
أحمد (5/ 244) وذكره ابن الأثير في أسد الغابة (6/ 208) وقال: أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. وقال ابن مندة: الصواب أبو مالك. رواه أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير فقال عن أبي مالك.
قال أبو الفضل ابن عمار الشهيد: «بين أبي سلّام وبين أبي مالك في إسناد هذا الحديث عبد الرحمن بن غنم الأشعري، رواه معاوية عن أخيه زيد، ومعاوية أعلم عندنا بحديث أخيه زيد بن سلّام من يحيى بن أبي كثير»
(1)
.
وقال الدارقطني: «وأخرج مسلم عن إسحاق بن منصور عن حبان بن هلال عن أبان عن يحيى عن زيد بن سلام، عن أبي سلام عن أبي مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان» .
خالفه معاوية بن سلام رواه عن أخيه زيد بن سلام عن أبي سلام عن عبد الرحمن بن غنم أن أبا مالك حدثهم بهذا
(2)
.
وقال ابن القطان
(3)
: وذكر من طريق مسلم حديث أبي مالك: «الطهور شطر الإيمان» . ولم يعرض له بشيء واكتفى بأنه من كتاب مسلم، والذي لأجله ذكرناه هو انقطاع ما بين أبي سلام وأبي مالك فقد قال الدارقطني وغيره: إنه منقطع وأنه إنما يرويه عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك وذلك أن معاوية بن سلام يخالف فيه يحيى بن أبي كثير
…
، وقد نبّه الناس على انقطاع ما بين أبي سلام وأبي مالك في هذا الحديث وعدوه من الأحاديث المنقطعة في كتاب مسلم.
وقال ابن رجب: «وقد رجح هذه الرواية بعض الحفاظ وقال: معاوية بن سلام أعلم بحديث أخيه زيد من يحيى بن أبي كثير ويقوي
(1)
علل الأحاديث في كتاب الصحيح (1/ 45).
(2)
التتبع (ص 96، 97).
(3)
بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (2/ 377).
ذلك أنه قد روي عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك من وجه آخر وحينئذٍ فتكون رواية يحيى منقطعة»
(1)
.
ودافع الإمام النووي عن هذا الحديث باحتمال أن أبا سلام سمع هذا الحديث من أبي مالك ومن عبد الرحمن بن غنم فقال: الظاهر من حال مسلم أنه علم سماع أبي سلام لهذا الحديث من أبي مالك فيكون أبو سلام سمعه من أبي مالك وسمعه أيضاً من عبد الرحمن بن غنم وكيف كان فالمتن صحيح
(2)
.
وذكر العلائي استدراك الدارقطني وإجابة النووي ثم قال: «ورجح بعضهم قول الدارقطني بأن أبا مالك الأشعري توفي في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة وقد قالوا في رواية أبي سلام عن علي وحذيفة وأبي ذر: إنها مرسلة فروايته عن أبي مالك أولى بالإرسال»
(3)
.
قلت: وما ذهب إليه ابن عمار الشهيد والدارقطني ظاهر الصحة فأبو مالك الأشعري توفي في خلافة عمر بن الخطاب في طاعون عمواس سنة 518
(4)
.
وقال شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم طعن معاذ وأبو عبيدة وأبو مالك في يوم واحد، وقال ابن سعد: توفي أبو مالك في خلافة عمر
(5)
.
(1)
جامع العلوم والحكم (1/ 211).
(2)
شرح مسلم (3/ 100).
(3)
جامع التحصيل (ص 137).
(4)
الوافي بالوفيات (24/ 262) وتهذيب التهذيب (12/ 239) والبداية والنهاية (7/ 94).
(5)
تاريخ الإسلام (3/ 185) و (5/ 291).
قال الذهبي: فعلى هذا رواية أبي سلام ومن بعده عن أبي مالك مرسلة منقطعة وهذا الإرسال كثير في حديث الشاميين
(1)
.
قلت: وفي رواية يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام كلام.
قال يحيى بن معين: «قدم معاوية بن سلام على يحيى بن أبي كثير فأعطاه كتاباً فيه أحاديث زيد بن سلام ولم يقرأه ولم يسمعه منه»
(2)
.
(3)
.
وقال حسين المعلم: قال لي يحيى بن أبي كثير كل شيء عن أبي سلام إنما هو كتاب
(4)
.
وخالف أبو حاتم فأثبت سماعه منه
(5)
.
وقد صرّح يحيى بن أبي كثير في هذا الحديث بالتحديث عن زيد بن سلام، فيكون هذا الحديث مما سمعه منه ويكون أكثر حديثه عنه من كتاب كما صرّح بنفسه وذكره ابن معين وغيره، والله تعالى أعلم.
(1)
تاريخ الإسلام (5/ 280).
(2)
تاريخه برواية الدوري (3/ 8).
(3)
المصدر السابق (4/ 207).
(4)
تهذيب التهذيب (11/ 236).
(5)
المراسيل (1/ 241).
الخلاصة:
متن الحديث صحيح لا مطعن فيه كما قال الإمام النووي، وأما السند فالظاهر فيه الانقطاع كما قال ابن عمار الشهيد والدارقطني وابن القطان وابن رجب والذهبي وغيرهم، ومن المعاصرين الشيخ مقبل الوادعي
(1)
والشيخ ربيع بن هادي المدخلي
(2)
، والله تعالى أعلم.
(1)
في تحقيقه كتاب التتبع (159).
(2)
في كتابه بين مسلم والدارقطني (69).
الحديث الثاني
(1)
:
542 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (8/ 162): أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا حرب بن شداد، قال: حدثنا يحيى قال: حدثني أبو شيخ الهنائي، عن أخيه حمان:
أن معاوية عام حج جمع نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة فقال لهم: أنشدكم بالله هل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبوس الذهب؟ قالوا: نعم، قال: وأنا أشهد.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي شيخ وهو تابعي ثقة، ذكره ابن سعد في طبقاته (7/ 155) في الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة، وقال: كان ثقة وله أحاديث، وقال العجلي: بصري تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وغير أخيه حمان وهو مجهول.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، المعروف بالزمن، مشهور بكنيته واسمه، ثقة ثبت من العاشرة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري، أبو سهل البصري، صدوق ثبت في شعبة، من التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.
حرب بن شداد اليشكري، أبو الخطاب البصري، ثقة من السابعة، مات سنة 161، روى له البخاري ومسلم.
أبو شيخ الهُنائي البصري، قيل اسمه حيوان أو خيوان بن خالد، ثقة، من الثالثة، روى له أبو داود والنسائي.
ورواه النسائي في الكبرى (51456) أيضاً بنفس الإسناد، وأحمد (4/ 96) والطبراني في الكبير (19/ 831) من طريق عبد الصمد به.
وقد اختلف على يحيى بن أبي كثير في هذا الإسناد كما سيأتي.
هكذا رواه هنا يحيى بن أبي كثير فقال: (عن أبي شيخ الهنائي، عن أخيه حمان، عن معاوية).
وخالفه قتادة
(1)
، وبيهس بن فهدان
(2)
، ومطر الوراق
(3)
فرووه عن: (أبي شيخ الهنائي عن معاوية به).
أدخل يحيى بن أبي كثير حمان في الإسناد.
هكذا قال هنا: (حمان)، وقال في رواية أخرى:(أبي حمان)
(4)
وقال مرة (ابن حمان)
(5)
مما يدل على اضطرابه فيه.
قال النسائي في المجتبى (8/ 163): قتادة أحفظ من يحيى وحديثه أولى بالصواب
(6)
.
وقال في الكبرى: (قتادة أحسن من يحيى بن أبي كثير وحديثه أولى بالصواب)، والله تعالى أعلم.
(1)
أبو داود (1794) والنسائي (8/ 161) وفي الكبرى (9453) وأحمد (4/ 92) وعبد بن حميد في المنتخب (419) والطحاوي في شرح المشكل (3250) والطبراني في الكبرى (19/ 825)(827)(828).
(2)
النسائي (8/ 163) وأحمد (4/ 98) والطبراني (19/ 829).
(3)
النسائي (8/ 161 - 162).
(4)
النسائي (8/ 162).
(5)
النسائي (8/ 163).
(6)
جاء في المطبوع (عمارة) وكذا جاء في الكبرى كما ذكره المحقق.
وقال أبو حاتم الرازي في العلل (1/ 484): رواه يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو شيخ، عن أخيه حمان، عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أدخل أخاه وهو مجهول فأفسد الحديث.
وقال الدارقطني في العلل (7/ 74): اضطرب يحيى بن أبي كثير فيه والقول عندنا قول قتادة وبيهس بن فهدان، والله أعلم
(1)
.
(1)
وانظر بيان الوهم والإيهام (2/ 417).
الحديث الثالث
(1)
:
543 -
قال أبو داود رحمه الله (3360): حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة، حدثنا معاوية يعني ابن سلام عن يحيى بن أبي كثير، أخبرنا عبد الله أن أبا عياش أخبره أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول:
(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة).
قال أبو داود: ورواه عمران بن أبي أنس عن مولى لبني مخزوم عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين عدا أبي عياش فمن رجال أصحاب السنن، ذكره ابن حبان في الثقات وصحح الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم حديثه هذا وقال الدارقطني ثقة، وأخرج حديثه مالك في الموطأ.
وأخرجه الشاشي (167) والطحاوي (4/ 6) وفي شرح المشكل (6171) والدارقطني (3/ 49) والضياء في المختارة (953) والحاكم
(1)
رجال الإسناد:
الربيع بن نافع: أبو توبة الحلبي، نزيل طرسوس، ثقة حجة عابد، روى له البخاري ومسلم.
معاوية بن سلَّام، ابن أبي سلَّام، أبو سلام الدمشقي، وكان يسكن حمص، ثقة، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن يزيد المخزومي، المدني، المقراء الأعور، مولى الأسود بن سفيان، من شيوخ الإمام مالك، ثقة، روى له البخاري ومسلم.
أبو عياش: زيد بن عياش، المدني، صدوق من رجال أصحاب السنن، وثقه ابن حبان والدارقطني.
(2/ 38 - 39) والطبراني في مسند الشاميين (2846) والبيهقي (5/ 294) والدولابي في الكنى والأسماء (2/ 807) كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير به، وقد تابع معاوية بن سلام حرب بن شداد.
هكذا قال يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن يزيد عن ابن عباس عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة.
خالفه مالك بن أنس
(1)
، وإسماعيل بن أمية
(2)
، وأسامة بن زيد
(3)
، والضحاك بن عثمان
(4)
، وداود بن الحصين
(5)
فرووه عن عبد الله بن يزيد بهذا الإسناد ولم يذكروا: (نسيئة).
وكذلك رواه عمران بن أبي أنس عن أبي عباس عن سعد بن أبي وقاص
(6)
.
قال الدارقطني عقب الحديث: وخالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد رووه عن عبد الله بن يزيد ولم يقولوا فيه: نسيئة، واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى
(1)
الموطأ (2/ 624) والشافعي في مسنده (2/ 159) وأحمد (1/ 175) وأبو داود (3359) والترمذي (1225) والنسائي (7/ 268) وفي الكبرى (6137) وابن ماجه (264) والضياء في المختارة (954) وأبو يعلى (825) وابن حبان (825) والبيهقي (5/ 94) والطيالسي (214) وغيرهم.
(2)
النسائي (7/ 268) وعبد الرزاق (14186) والحميدي (75) وأحمد (1/ 179) والضياء (2/ 40) والحاكم (2/ 40) والبيهقي (5/ 294).
(3)
الطحاوي في شرح المعاني (614).
(4)
ذكره الدارقطني تعليقاً (3/ 49).
(5)
معجم الشيوخ (157) وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 15) والدارقطني في العلل (4/ 399).
(6)
الدارقطني (3/ 149) وفي العلل (4/ 399).
يدل على ضبطهم للحديث وفيهم إمام حافظ وهو مالك بن أنس».
وقال البيهقي بعد أن ذكر كلام الدارقطني: (والعلة المنقولة في هذا الخبر تدل على خطأ هذه اللفظة).
وقال النووي في المجموع (10/ 431) معقباً على كلام الدارقطني:
وهذا الذي ذكره الدارقطني حجة على تصويب رواية مالك ومَن تابعه.
ويحتمل على طريقة الفقهاء أن يحكم بصحتهما جميعاً لثقة روايتهما وتكونا واقعتين مرة نهى عنه نسيئة ومرة نهى عنه مطلقاً، وأن بعض الرواة زاد ما أسقطه الآخر ولا تنافي إلا من جهة المفهوم والمنطوق مقدّم عليه.
لكن النظر الحديثي هنا أقوى والظاهر مع مَنْ أسقط لفظ النسيئة.
قال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 173): هكذا قال نسيئة والصواب عندي ما قال مالك وقد وافقه إسماعيل بن أمية على إسناده ولفظه وفي حديث أسامة بن زيد وإن خالفهما في الإسناد ما يعضد المعنى الذي جاء به مالك وإسماعيل.
الدلالة الفقهية:
استدل بعض فقهاء الأحناف أن النهي في بيع الرطب بالتمر إنما هو لعلة النسيئة.
قال الطحاوي: أصل هذا الحديث فيه ذكر النسيئة، زاده يحيى بن أبي كثير على مالك بن أنس فهو أولى.
وقد روى هذا الحديث عبد الله بن يزيد على مثل ما رواه يحيى بن أبي كثير أيضاً.
ثم قال: وقد روى عمران بن أبي أنس أن مولى لبني مخزوم حدّثه أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الرجل يسلف الرجل الرطب بالتمر إلى أجل؟ فقال سعد: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا.
قال الطحاوي: فهذا عمران بن أبي أنس، وهو رجل متقدم معروف قد روى هذا الحديث كما رواه يحيى، فكان ينبغي في تصحيح معاني الآثار أن يكون حديث عبد الله بن يزيد لما اختلف عنه فيه أن يرتفع ويثبت حديث عمران هذا فيكون هذا النهي الذي جاء في حديث سعد هذا إنما هو لعلة النسيئة لا لغير ذلك. اه
(1)
.
وقال صاحب بدائع الصنائع (5/ 188):
ولأبي حنيفة رحمه الله الكتاب الكريم والسنّة المشهورة، أما الكتاب فعمومات البيع، وأما السنّة المشهورة فحديث أبي سعيد الخدري وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما حيث جوّز رسول الله صلى الله عليه وسلم الحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والتمر بالتمر مثلاً بمثل عاماً مطلقاً من غير تخصيص ولا تقييد
…
أما الحديث الذي احتج به الجمهور فمداره على زيد بن عياش وهو ضعيف، أو يؤول فيحمل على بيع الرطب بالتمر نسيئة توفيقاً بين الدلائل. اه.
(1)
شرح معاني الآثار للطحاوي (4/ 6 - 7) والبدائع للكاساني (5/ 188) والجوهر النقي لابن التركماني بهامش السنن الكبرى للبيهقي، وشرح مشكل الآثار للطحاوي (15/ 475).
فائدة:
في إنكار الأئمة هذه الزيادة على يحيى بن أبي كثير إفادة في أنه ليس كل ما زاد الثقات مقبول.
وقد ذكر هذا الحديث من أمثلة الزيادات التي لم تقبل.
وانظر: النكت على مقدمة ابن الصلاح للحافظ ابن حجر في النوع السادس عشر من مقدمة زيادات الثقات
(1)
.
(1)
(2/ 181).
يزيد بن خصيفة
اسمه ونسبه:
يزيد بن عبد الله بن خصيفة بن عبد الله بن يزيد الكندي المدني.
روى عن: السائب بن يزيد وأبيه، وعروة بن الزبير، وبسر بن سعيد، ويزيد بن قسيط.
روى عنه: مالك والثوري وابن عيينة وسليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر رحمهم الله.
قال أحمد وأبو حاتم والنسائي: ثقة.
وقال ابن معين: ثقة حجة.
وقال ابن سعد: كان عابداً ناسكاً كثير الحديث ثبتاً.
وقال الآجري عن أبي داود قال أحمد: منكر الحديث.
مات بعد سنة 130.
قال ابن حجر: ثقة من الخامسة.
الحديث
(1)
:
544 -
قال الإمام مسلم في صحيحه (1/ 328 ح رقم 444): حدثنا يحيى بن يحيى وإسحاق بن إبراهيم قال يحيى: أخبرنا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي فَرْوَةَ عن يَزِيدَ بن خُصَيْفَةَ عن بُسْرِ بن سَعِيدٍ عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أيّمَا امْرأَةٍ أصَابَتْ بَخُوراً فلا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن محمد من رجال مسلم.
وأخرجه أبو نعيم (989) في المستخرج على صحيح مسلم من طرق عن عبد الله بن محمد بن أبي فروة به.
وأخرجه أبو داود (4175) والنسائي (8/ 154) و (8/ 190) وفي الكبرى (9424) وأبو عوانة (1300) وأحمد (2/ 304) والبيهقي (3/ 333) وفي معرفة السنن والآثار (5995) والبغوي في شرح السنّة (1861) والدارقطني في العلل (9/ 80) كلهم من طريق محمد بن عبد الله عن يزيد بن خصيفة بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن يحيى النيسابوري: تقدم.
إسحاق بن إبراهيم هو إسحاق بن راهويه: تقدم انظره في بابه.
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة الأموي، المدني، صدوق، من الثامنة، عمر 100 سنة، مات سنة 190، روى له مسلم.
هكذا قال يزيد بن خصيفة: (عن بسر بن سعيد، عن أبي هريرة).
خالفه بكير بن عبد الله الأشج
(1)
، ويعقوب بن عبد الله الأشج
(2)
، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب
(3)
فقالوا: (عن بسر بن سعيد، عن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود).
قال النسائي: لا أعلم أحداً تابع يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد على قوله عن أبي هريرة، وقد خالفه يعقوب بن عبد الله الأشج رواه عن زينب الثقفية.
وقال ابن أبي حاتم: هذا خطأ، إنما هو بسر بن سعيد عن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود
(4)
.
وقال الدارقطني: «والقول قول مَنْ أسنده عن زينب»
(5)
.
أما وجه إخراج مسلم لحديثه فإن من منهجه أن يخرج الرواية الصحيحة ثم قد يتبعها بما فيه مخالفة لها.
علة الوهم:
سلوك الجادة: لم يروِ بسر بن سعيد عن زينب الثقفية غير هذا الحديث الواحد.
(1)
مسلم (444).
(2)
النسائي (8/ 154) وفي الكبرى (9425) من طريق وهيب بن خالد وسيأتي في بابه ح (731).
(3)
الطبراني في الكبير (24/ 724).
(4)
العلل لابن أبي حاتم (347) وانظر أيضاً: (211).
(5)
العلل (9/ 80).
وروى بسر بن سعيد عن أبي هريرة غير حديث
(1)
منها حديث: «لن ينجي أحداً منكم عمله» وحديث في صدقة الزروع والثمار، وحديث:«مَنْ أحب لقاء الله أحب الله لقاءه» ، والله تعالى أعلم.
(1)
انظر: تحفة الأشراف (12206 - 12210).
يزيد بن الهاد
اسمه ونسبه:
يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، أبو عبد الله المدني، ابن عم عبد الله بن شداد بن الهاد، كان أعرج من رجليه جميعاً يجمع بينهما، عداده في صغار التابعين.
روى عن: عمير مولى أبي اللحم وله صحبة، وثعلبة بن أبي مالك القرطبي وله رؤية، وعمارة بن خزيمة بن ثابت، ونافع، وسهيل بن أبي صالح، وأبي إسحاق السبيعي، ويحيى بن سعيد الأنصاري وجماعة.
روى عنه: يحيى بن سعيد وهو من شيوخه، ومالك والليث وابن عيينة وأبو ضمرة وأنس بن عياض وإبراهيم بن سعد وجماعة.
قال ابن معين والنسائي ومحمد بن سعد: ثقة، وزاد ابن سعد: كثير الحديث، وقال أحمد بن حنبل: لا أعلم به بأساً.
وقال أبو حاتم: ابن الهاد أحب إليّ من عبد الرحمن بن الحارث، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وهو ومحمد بن عجلان متساويان وهو في نفسه ثقة.
توفي بالمدينة سنة 139.
الحديث الأول
(1)
:
545 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (3/ 113): أخبرنا قتيبة قال: حدثنا بكر يعني ابن مضر، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أتيت الطور فوجدت كعباً فمكثت أنا وهو يوماً أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثني عن التوراة
…
فخرجت فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري، فقال: من أين جئت؟ قلت: من الطور، قال: لو لقيتك من قبل أن تأته لم تأته، قلت له: ولمَ؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي ومسجد بيت المقدس» .
التعليق:
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه الضياء في المختارة (396) من طريق النسائي وهو في الكبرى له (1754) والحديث قد رواه مالك في الموطأ (1/ 108 -
(1)
رجال الإسناد:
قتيبة بن سعيد. انظره في بابه.
بكر بن مضر بن محمد بن حكيم المصري، ثقة ثبت من الثامنة، مات سنة 173 أو 174، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد الله المدني، ثقة له أفراد، من الرابعة، مات سنة 120 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
أبو سلمة بن عبد الرحمن: تقدم مراراً.
109) عن يزيد بن الهاد ومن طريقه أحمد (6/ 7) وابن حبان (2772) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (581، 590) وابن الأثير في أسد الغابة (1/ 407) وابن حبان (2772) والبيهقي في الصغرى (631).
ورواه الحميدي (944) ويعقوب بن سفيان في المعرفة (2/ 294) والطحاوي في مشكل الآثار (589) من طريق الليث بن سعد، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1001) من طريق عبد العزيز بن محمد، ويعقوب بن سفيان (2/ 294) والطحاوي (583، 591) من طريق نافع بن يزيد، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1210) من طريق الواقدي عن عبد الله بن جعفر خمستهم قد تابعوا مالك وبكر بن مضر على روايتهما عن يزيد بن الهاد.
هكذا رواه يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أنه لقي بصرة بن أبي بصرة فحدّثه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والمحفوظ في هذا الحديث أنه من مسند والده أبي بصرة الغفاري واسمه جميل بن بصرة
(1)
وقيل: حميل بن بصرة، بالحاء
(2)
.
فقد رواه يحيى بن أبي كثير
(3)
عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: لقيت أبا بصرة فذكر الحديث.
(1)
كذا ذكره البخاري في التاريخ الكبير (3/ 123) بالجيم.
(2)
قال البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 121) قال علي (بن المديني): سألت رجلاً من غفار فقال: اسمه حميل، ومَن قال: جميل فهو خطأ.
وانظر: الاستيعاب (1/ 405).
(3)
الطحاوي في شرح المشكل (586).
وكذلك رواه زيد بن أسلم
(1)
، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة فقال: جميل بن بصرة وقال بعضهم: حميل بن بصرة.
وكذلك رواه عبد الملك بن عمير عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أبا بصرة لقي أبا هريرة
(2)
.
ورواه يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي بصرة الغفاري قال: لقيت أبا هريرة
…
(3)
.
قال ابن عبد البر في التمهيد (23/ 37) بعد أن ذكر الحديث:
لا أعلم أحداً ساق هذا الحديث أحسن سياقة من مالك عن يزيد بن الهاد ولا أتم معنى منه فيه، إلا أنه قال فيه:(بصرة بن أبي بصرة) ولم يتابعه أحد عليه، وإنما الحديث معروف لأبي هريرة:(فلقيت أبا بصرة الغفاري).
كذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي أسامة عن أبي هريرة، كذلك رواه سعيد بن المسيب وسعيد المقبري عن أبي هريرة كلهم يقول فيه:(فلقيت أبا بصرة الغفاري) ولم يقل واحد منهم: (فلقيت بصرة بن أبي بصرة) كما في حديث مالك عن يزيد بن الهادي، وأظن
(1)
البخاري في التاريخ الكبير (3/ 123) والأوسط (1/ 122) وأبو يعلى (6558) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 294) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1002) والطحاوي (582)(584)(585) والطبراني في الكبير (2157 - 2159) وابن عبد البر في التمهيد (23/ 47).
(2)
الطيالسي (1348) وأحمد (6/ 6).
(3)
أحمد (6/ 397) والطبراني (2161).
الوهم فيه جاء من قبل مالك أو من قبل يزيد بن الهاد، والله تعالى أعلم
(1)
.
جزم ابن عبد البر في الاستيعاب أن الوهم هو من قبل يزيد بن الهاد فقال: هذا الحديث لا يوجد هكذا إلا في الموطأ (لبصرة من أبي بصرة)، وإنما الحديث لأبي هريرة، فلقيت أبا بصرة
…
وأظن الوهم جاء فيه من يزيد بن الهاد، والله تعالى أعلم.
وتعقبه ابن الأثير في أسد الغابة فقال: قول أبي عمر: لا يوجد هكذا إلا في الموطأ وهم منه فإنه قد رواه الواقدي عن عبد الله بن جعفر عن ابن الهاد مثل رواية مالك عن بصرة بن أبي بصرة، فبان بهذا أن الوهم من ابن الهاد أو من محمد بن إبراهيم، فإن أبا سلمة قد روى عنه غير محمد فقال: عن أبي بصرة، والله تعالى أعلم.
وقال ابن حجر في تهذيبه (1/ 473) في ترجمة بصرة وقد ذكر له هذا الحديث: (لكن تفرد به يزيد بن الهاد عن أبي سلمة عن أبي هريرة بذلك.
ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن أبي بصرة، وكذلك رواه سعيد بن المسيب وسعيد المقبري وغير واحد عن أبي هريرة وهو المحفوظ).
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 405): بعد أن ذكر الاختلاف في اسم أبي بصرة قال: (ومَن قال فيه: لقيت بصرة من أبي بصرة فليس بشيء).
(1)
وقد ذكرنا في التخريج مَنْ تابع الإمام مالك في روايته عن يزيد بن الهاد بما يتبين أن الوهم ليس من مالك.
الحديث الثاني
(1)
:
546 -
قال الإمام النسائي رحمه الله (1/ 183): أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود بن إبراهيم قال: حدثنا إسحاق وهو ابن بكر بن مضر قال: حدثني أبي عن يزيد بن عبد الله وهو ابن أسامة بن الهاد عن أبي بكر وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت:
إن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف وأنها استحيضت لا تطهر فذكر شأنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليست بالحيضة ولكنها ركضة من الرحم لتنظر قدر قرئها التي كانت تحيض لها فلتترك الصلاة ثم تنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير شيخ النسائي وهو ثقة وقد توبع.
(1)
رجال الإسناد:
الربيع بن سليمان بن داود الجيزي، أبو محمد الأزدي المصري الأعرج، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة 256، روى له أبو داود والنسائي.
إسحاق بن بكر بن مضر بن محمد المصري، أبو يعقوب، صدوق فقيه، من العاشرة، مات سنة 218، روى له مسلم.
بكر بن مضر بن محمد بن حكيم المصري، ثقة ثبت من الثامنة، مات سنة 173 أو 174 وله نيف وسبعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري البخاري، المدني القاضي، اسمه وكنيته واحد، وقيل: إنه يكنى أبا محمد، ثقة عابد، من الخامسة، مات سنة 120 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.
عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية أكثرت عن عائشة، ثقة من الثالثة، ماتت قبل المائة ويقال بعدها، روى لها البخاري ومسلم.
وهو عند النسائي أيضاً في (1/ 120 - 121) وفي الكبرى (218) به.
وأخرجه أحمد (6/ 128 - 129) والطحاوي (1/ 98) والبيهقي (1/ 349 - 350) وفي المعرفة (2208) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم.
وأخرجه أبو عوانة (940) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، والبيهقي (1/ 349) من طريق ابن أبي حازم كلاهما عن يزيد بن الهاد به.
هكذا قال يزيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة في حديث أم حبيبة بنت جحش: (لتنظر قدر قرئها التي كانت تحيض
…
وتغتسل عند كل صلاة).
خالفه الزهري
(1)
فرواه عن عمرة عن عائشة ولم يذكر: (فلينظر قدر قرئها وأن تغتسل عند كل صلاة) بل جاء صريحاً عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة ولكنه شيء فعلته هي.
وقد استوفينا البحث فيه في باب محمد بن إسحاق ح (309) فانظره لزاماً.
وهم يزيد في روايته هذه في موضعين:
الأول: قوله لتنظر قدر قرئها التي كانت تحيض لها، فذِكر القرء بمعنى المحيض ليس محفوظاً من حديث عائشة رضي الله عنها
(1)
البخاري (327) ومسلم (334).
لأنها كانت تقول الأقراء: الأطهار، كما أخرجه الطبري عنها بإسناد صحيح ولو كانت روت هذا اللفظ في هذا الحديث لما خالفته وفسرت القرء بالأطهار
(1)
.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: وقد روى غير الزهري هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل لكل صلاة .. والزهري أحفظ منه، وقد روى فيه شيئاً يدل على أن الحديث غلط قال: تترك الصلاة قدر أقرائها وعائشة تقول: الأقراء: الأطهار
(2)
.
وأشار الحافظ ابن رجب إلى هذه العلة أيضاً وأن عائشة ما كانت لتخالف ما ترويه
(3)
.
الثاني: قوله تغتسل عند كل صلاة مرفوعاً والصحيح أنها جعلته من نفسها.
(1)
في تفسيره (4700).
(2)
الأم (1/ 245) ط د. أحمد حسون.
(3)
شرح علل الترمذي (2/ 798 - 799).
الطبقة السادسة
إسماعيل بن أمية
اسمه ونسبه:
إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي.
روى عن: سعيد بن المسيب، ونافع، وعكرمة، وسعيد المقبري، والزهري، وجماعة.
روى عنه: ابن جريج، والثوري، وابن إسحاق، ومعمر، وابن عيينة، وجماعة.
قال ابن عيينة: لم يكن عندنا قرشيان مثل إسماعيل بن أمية، وأيوب بن موسى وقال أيضاً: كان حافظاً للعلم مع ورع وصدق.
وقال أحمد: إسماعيل أكبر من أيوب وأحب إليّ، وفي رواية: أقوى وأثبت.
وقال ابن معين والنسائي وأبو زرعة وأبو حاتم: ثقة.
وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث، مات سنة 144.
وقال ابن حبان: مات سنة 139 في حبس داود بن علي، وكذلك قال غير واحد.
قال ابن حجر: ثقة ثبت، من السادسة.
الحديث الأول
(1)
:
547 -
قال مسلم في صحيحه (2789): حدثني سريج بن يونس وهارون بن عبد الله قالا: حدثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج: أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: «خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثّ فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة فيما بين العصر إلى الليل» .
التعليق:
والحديث أخرجه أحمد في مسنده (2/ 327)، وأبو يعلى
(1)
رجال الإسناد:
سريج بن يونس بن إبراهيم البغدادي، أبو الحارث العابد مروزي الأصل ثقة، روى له البخاري ومسلم.
هارون بن عبد الله بن مروان، أبو موسى البزار، ثقة حافظ، من رجال مسلم.
حجاج بن محمد: انظره في بابه.
ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، انظره في بابه.
أيوب بن خالد بن صفوان بن أوس بن جابر الأنصاري، كان ينزل برقة. قال الأزدي: أيوب بن خالد ليس حديثه بذاك، تكلم فيه أهل العلم بالحديث وكان يحيى بن سعيد ونظراؤه لا يكتبون حديثه. اه ولم يخرج له البخاري وأخرج له مسلم هذا الحديث فقط.
عبد الله بن رافع المخزومي، أبو رافع المدني، مولى أم سلمة، ثقة من رجال مسلم.
(6132)
، وابن خزيمة (1731)، والنسائي في الكبرى (11010) وفي التفسير (30)، والبيهقي في الأسماء والصفات (812) وفي السنن الكبرى (9/ 3)، وابن جرير الطبري في التفسير (304332) وفي التاريخ (1/ 21)، وابن أبي حاتم في التفسير (1/ 103)، وابن مندة في التوحيد (58)، وابن حبان في صحيحه (6161) كلهم من طريق حجاج.
وأخرجه ابن معين في تاريخه برواية الدوري (3/ 52 رقم 210) ومن طريقه الدولابي في الكنى (1/ 157) عن هشام بن يوسف عن ابن جريج به.
والطبراني في الأوسط (3232) من طريق محمد بن ثور عن ابن جريج به.
وأخرجه الحاكم في (معرفة علوم الحديث) رقم (63) من طريق إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن أيوب بن خالد به.
وذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 413، 414) من طريق إسماعيل بن أمية به.
وأخرجه النسائي في الكبرى (11392) وفي تفسيره (412) من طريق الأخضر بن عجلان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة به.
إلا أن غير واحد من أئمة الحديث ونقاده قد أعلُّوه، منهم: البخاري وعلي بن المديني والبيهقي، وجعلوه من كلام كعب الأحبار كما رجح البخاري، ورأى ابن المديني أن الوهم فيه من إسماعيل بن أمية كما سيأتي.
قال البخاري في التاريخ الكبير (1/ 413 - 414) وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب، وهو أصح. اه.
وقال البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 251): هذا حديث قد أخرجه مسلم في كتابه وزعم بعض أهل العلم بالحديث أنه غير محفوظ لمخالفته ما عليه أهل التفسير وأهل التواريخ. اه.
وقال أيضاً (2/ 255): قال علي بن المديني: وما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى.
قلت: (القائل هو البيهقي): وقد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الرندي عن أيوب بن خالد، إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف
(1)
، وروى عن بكر بن الشرود عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن أيوب بن خالد وإسناده ضعيف. انتهى.
وقال ابن بهادر: وجعلوا من دلائل الوضع أيضاً أن يخالف نص الكتاب كما قال علي بن المديني في حديث إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن أبي رافع عن أبي هريرة يرفعه .. ، قال: لعل إسماعيل سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى
…
(2)
.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/ 99): هذا الحديث من غرائب (صحيح مسلم) وقد تكلم عليه ابن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ وجعلوه من كلام كعب الأحبار وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعاً.
(1)
قلت: تابعه حجاج بن محمد عند أبي يعلى (6132) فرواه عن أيوب بن خالد به. ورواه عن حجاج سريج بن يونس.
(2)
في النكت على مقدمة ابن الصلاح (2/ 269) وانظر: توجيه النظر إلى أصول الأثر (1/ 331) و (1/ 505) ونقد المنقول (1/ 78) والأسرار المرفوعة (1/ 456).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (17/ 236): وأما الحديث الذي رواه مسلم في قوله: (خلق الله التربة يوم السبت) فهو حديث معلول قدح فيه أئمة الحديث كالبخاري وغيره، وقال البخاري: الصحيح أنه موقوف على كعب الأحبار، وقد ذكر تعليله البيهقي أيضاً، وبيّنوا أنه غلط ليس مما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مما أنكر الحذّاق على مسلم إخراجه إياه. اه.
وقال أيضاً في الفتاوى (18/ 18 - 19): هذا الحديث طعن فيه مَنْ هو أعلم من مسلم مثل يحيى بن معين ومثل البخاري وغيرهما وذكر البخاري أن هذا من كلام كعب الأحبار
…
لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام. وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة، فلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد وهكذا هو عند أهل الكتاب وعلى ذلك تدل أسماء الأيام وهذا المنقول الثابت في أحاديث وآثار أخر، ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره الجمعة لكان قد خلق في الأيام السبعة وهذا خلاف ما أخبر به القرآن، مع أن حذّاق علم الحديث يثبتون علة هذا الحديث من غير هذه الجهة. اه.
قال المناوي في فيض القدير (3/ 448): قال بعضهم: هذا الحديث في متنه غرابة شديدة فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر خلق السموات وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام، وهذا خلاف القرآن لأن الأربعة خلقت في أربعة أيام ثم خلقت السموات في يومين.
وكذلك ضعفه ابن القيم في المنار المنيف (ص 84 - 86).
وقال ابن جرير الطبري في تاريخه (1/ 37 - 41) بعد أن ذكر أخباراً عن السلف عن اليوم الذي ابتدأ الله عز وجل في خلق السموات والأرض وذكر عن عبد الله بن سلام وابن عباس وأبي بكر رضي الله عنهم
أنه يوم الأحد، ثم ذكر حديث الباب والذي فيه: أنه ابتدأ الخلق يوم السبت.
ثم قال مرجحاً القول الأول وهو يوم الأحد قال: والقول الأول أصح مخرجاً وأولى بالحق، لأنه قول أكثر السلف.
وقال ابن جرير أيضاً في (1/ 34 - 35): واختلف السلف في اليوم الذي ابتدأ الله عز وجل في خلق السموات والأرض، فقال بعضهم: ابتدأ في ذلك يوم الأحد.
(ثم ذكر مَنْ قال ذلك فذكر عبد الله بن سلام، وكعباً، والضحاك، ومجاهداً).
وقال آخرون: اليوم الذي ابتدأ الله فيه ذلك يوم السبت.
قال: قال أبو إسحاق: يقول أهل التوراة: ابتدأ الله الخلق يوم الأحد، وقال أهل الإنجيل: ابتدأ الله الخلق يوم الاثنين، ونقول نحن المسلمون فيما انتهى إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابتدأ الله الخلق يوم السبت.
قال: وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال كل فريق من هذين الفريقين اللذين قال أحدهما: ابتدأ الله الخلق في يوم الأحد، وقال الآخر منهما: ابتدأ في يوم السبت.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول مَنْ قال: اليوم الذي ابتدأ الله تعالى ذكره فيه خلق السموات والأرض يوم الأحد، لإجماع السلف من أهل العلم على ذلك اه.
ثم ردّ على قول ابن إسحاق بمخالفته لما أخبر الله عز وجل أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام.
وقد صحّح هذا الحديث العلامة عبد الرحمن المعلمي في الأنوار الكاشفة وأجاب عن علل هذا الحديث وحاول الجمع بين الآيات والأحاديث فانظره: (188 - 193).
الحديث الثاني
(1)
:
548 -
قال أبو داود رحمه الله (2072): حدثنا مسدد بن مسرهد، ثنا عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية عن الزهري قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء فقال له رجل يقال له: ربيع بن سبرة: أشهد على أبي أنه حدّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نهى عنها في حجة الوداع.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه البيهقي (7/ 204) وابن عبد البر في التمهيد (10/ 104) من طريق أبي داود، وأخرجه أحمد (3/ 404) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه، والطبراني في الكبير (6532) من طريق مسدد كلاهما مسدد وعبد الصمد عن عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية به.
هكذا قال إسماعيل عن الزهري، عن ربيع بن سبرة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة في حجة الوداع.
(1)
رجال الإسناد:
مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي البصري، ثقة حافظ، يقال: إنه أول مَنْ صنّف المسند بالبصرة، من العاشرة، مات سنة 228، روى له البخاري.
عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم أبو عبيدة التنوري، ثقة ثبت رمي بالقدر ولم يثبت عنه، من الثامنة، مات سنة 180، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: محمد بن مسلم، انظره في بابه.
الربيع بن سبرة بن معبد الجهني المدني، ثقة من الثالثة، روى له مسلم.
سبرة بن معبد الجهني والد الربيع، له صحبة، وأول مشاهده الخندق، وكان ينزل المروة ومات بها في خلافة معاوية.
خالفه معمر
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وصالح بن كيسان
(3)
، ويونس بن يزيد
(4)
، وبحر السقاء
(5)
، ومحمد بن إسحاق
(6)
فرووه عن الزهري بهذا الإسناد فقالوا: (عام الفتح)، وفي رواية (يوم الفتح).
ورواه حماد بن زيد عن أيوب
(7)
، عن الزهري عن رجل عن أبيه فقال:(في زمن الفتح) قال: وزعم معمر أنه الربيع بن سبرة.
وكذلك رواه عمارة بن غزية
(8)
، وعبد العزيز
(9)
، وعبد الملك
(10)
ابنا الربيع بن سبرة، وعمرو بن الحارث
(11)
، أربعتهم عن الربيع بن سبرة عن أبيه فقالوا:(عام الفتح).
ورواه أبو حنيفة
(12)
عن يونس عن أبيه عن الربيع بن سبرة عن
(1)
مسلم (1406) وأحمد (3/ 404) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (3555) وأبو داود (2073) والطبراني في الكبير (6529) إلا أن مسلماً وأبا داود روياه مختصراً فلم يقولا: عام الفتح.
(2)
مسلم (1406) وأبو نعيم في المستخرج (3258) وابن عبد البر في التمهيد (10/ 102) ورواية مسلم مختصرة بلفظ: (نهى عن نكاح المتعة) وعند أبي نعيم من طريق الحميدي ويحيى بن عبد الحميد وعلي بن المديني عن سفيان (عام الفتح).
(3)
مسلم (1406) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (3260).
(4)
مسلم (1406) مختصراً، والطبراني في الكبير (6534).
(5)
الطبراني (6533).
(6)
الطبراني (6527) إلا أنه زاد في الإسناد عمر بن عبد العزيز بين الزهري والربيع بن سبرة.
(7)
الطبراني في الكبير (6535) وابن عبد البر في التمهيد (10/ 103).
(8)
مسلم (1406).
(9)
مسلم (1406).
(10)
مسلم (1406).
(11)
الطبراني في الكبير (6524).
(12)
الطبراني (6536).
أبيه فقال: (في فتح مكة).
قال البيهقي: كذا قال إسماعيل، ورواية الجماعة عن الزهري أولى
(1)
.
ثم استدل بحديث سلمة بن الأكوع عن أبيه رضي الله عنه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها
(2)
.
قال البيهقي: وعام أوطاس وعام الفتح واحد، فأوطاس وإن كانت بعد الفتح فكانت في عام الفتح بعده بيسير.
قال ابن حجر: قال السهيلي: وقد اختلف في وقت تحريم نكاح المتعة، والمشهور في تحريمها أن ذلك كان في غزوة الفتح كما أخرجه مسلم من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه، وفي رواية عن الربيع أخرجها أبو داود أنه كان في حجة الوداع، قال: ومَن قال من الرواة كان في غزوة أوطاس فهو موافق لمَن قال عام الفتح. اه. قال الحافظ معقباً: فتحصل مما أشار إليه ستة مواطن: خيبر، ثم عمرة القضاء، ثم الفتح، ثم أوطاس، ثم تبوك، ثم حجة الوداع
…
ثم قال: وإذا تقرر ذلك فلا يصح من الروايات شيء بغير علة إلا غزوة الفتح .. وأما حجة الوداع فهو اختلاف على الربيع بن سبرة، والرواية عنه بأنها في الفتح أصح وأشهر
(3)
.
(1)
السنن الكبرى (7/ 204).
(2)
مسلم (1405) والبيهقي (7/ 1404).
(3)
فتح الباري (9/ 169 - 170). وانظر: التمهيد (10/ 104 وما بعده).
ورجح الألباني أيضاً رواية الجماعة وأن إسماعيل بن أمية وهم في هذا الحديث
(1)
.
علة الوهم:
روى معمر وسفيان وعبدة بن سليمان وغيرهم عن عبد العزيز بن عمر عن ربيع بن سبرة عن أبيه هذا الحديث فقال: (حجة الوداع) إلا أن الزهري كان يقول في حديثه هذا عن ربيع بن سبرة: (عام الفتح) فلعل إسماعيل بن أمية كان عنده أيضاً حديث عبد العزيز بن عمر ومن هنا دخل عليه الوهم، والله تعالى أعلم.
(1)
الإرواء (6/ 313).
أيوب بن موسى
اسمه ونسبه:
أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص القرشي الأموي، أبو موسى المكي ابن عم إسماعيل بن أمية.
روى عن: نافع والزهري ومكحول وعطاء بن أبي رباح وجماعة.
روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري وهو من أقرانه، وهشام بن حسان، ومالك وشعبة والثوري والأوزاعي وابن جريج وابن عيينة وغيرهم من الأكابر.
قال علي بن المديني: له نحو أربعين حديثاً.
وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي والعجلي وغيرهم.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وأثنى عليه ابن عيينة، مات سنة 132.
قال ابن حجر: ثقة.
الحديث
(1)
:
549 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 11): ثنا سُفْيَانُ ثنا أيُّوبُ بن مُوسَى عن نَافِعٍ:
خَرَجَ ابن عُمَرَ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَأَخْبَرُوهُ أنَّ بِمَكَّةَ أمْراً فقال: أُهِلُّ بِالْعُمْرَةِ فَإِنْ حُبِسْتُ صَنَعْتُ كما صَنَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ فلما سَارَ قَلِيلاً وهو بِالْبَيْدَاءِ قال: ما سَبِيلُ الْعُمْرَةِ إِلَّا سَبِيلُ الْحَجِّ أُوجِبُ حَجًّا، وقال: أُشْهِدُكُمْ أني قد أوْجَبْتُ حَجًّا فإنّ سَبِيلَ الْحَجِّ سَبِيلُ الْعُمْرَةِ فَقَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعاً وَبَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةِ سَبْعاً وقال: هَكَذَا رأيت رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَعَلَ أتى قُدَيْداً فَاشْتَرَى هَدْياً فَسَاقَهُ معه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 124) من طريق سفيان به.
هكذا قال أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى هديه من قديد فساقه معه.
خالفه الليث بن سعد
(2)
، وأيوب السختياني
(3)
، وعبيد الله بن
(1)
رجال الإسناد:
سفيان بن عيينة: انظره في بابه.
نافع: أبو عبد الله مولى ابن عمر: تقدم مراراً.
(2)
البخاري (1640).
(3)
البخاري (1693) ومسلم (1227).
عمر
(1)
، وعبد العزيز بن أبي رواد
(2)
، وموسى بن عقبة
(3)
فرووه عن نافع فذكروا أن ابن عمر هو الذي اشترى هديه من قديد وليس النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم ساق هديه من ذي الحليفة قرب المدينة، وقديد موضع قرب مكة.
وقد أخرج البخاري ومسلم من طريق الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة
(4)
.
وقد روى يحيى بن اليمان عن الثوري عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى هديه من قديد
(5)
.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث الثوري إلا من حديث يحيى بن اليمان، وروى عن نافع أن ابن عمر اشترى من قديد وهذا أصح، وكذلك حكم عليه أبو زرعة بالوهم
(6)
. انظره في باب يحيى بن اليمان، ح (1327).
(1)
مسلم (1230) وأحمد (2/ 54).
(2)
أحمد (2/ 151) والبيهقي (4/ 354).
(3)
البخاري (1708).
(4)
البخاري (1691).
(5)
الترمذي (907) وابن ماجه (3102) وغيرهم.
(6)
العلل لابن أبي حاتم (797).
جرير بن حازم
(1)
اسمه ونسبه:
جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله بن شجاع الأزدي ثم العتكي، وقيل: الجهضمي، أبو النضر البصري.
شيوخه:
روى عن: الحسن وابن سيرين وأبي رجاء العطاردي وهو أكبر شيخ له وحديثه عنه في الصحيحين، ونافع مولى ابن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وسالم بن عبد الله، وطاوس، وأبي إسحاق، وحميد الطويل، والأعمش، وشعبة وهو أصغر منه، وجماعة.
روى عنه: أيوب والأعمش وهشام بن حسان ويزيد بن أبي
(1)
مصادر الترجمة:
تهذيب الكمال (895) وسير أعلام النبلاء (7/ 98 - 103) والكامل لابن عدي ترجمة حديث الضعفاء للعقيلي (243) والعلل ومعرفة الرجال لأحمد (3912) والطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 275) وإكمال تهذيب الكمال لمغلطاي ترجمة جرير بن حازم، الثقات لابن حبان (6/ 145) ومشاهير علماء الأنصار لابن حبان (1255) وغيرها.
حبيب وهم من شيوخه، والثوري والليث بن سعد وهما من أقرانه، وابن وهب ويحيى القطان وابنه وهب وخلق كثير.
ثناء أهل العلم:
قال ابن حبان: كان شعبة يقول: ما رأيت بالبصرة أحفظ من رجلين: هشام الدستوائي وجرير بن حازم.
قال قراد: سمعت شعبة يقول: عليك بجرير بن حازم فاسمع منه.
قال الدوري عن يحيى بن معين: كان يحيى بن سعيد القطان يقول: جرير بن حازم ثقة وكان يرضاه.
قال وهب بن جرير: كان شعبة يأتي أبي فيسأله عن أحاديث الأعمش فإذا حدّثه قال: هكذا والله سمعته من الأعمش.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ثقة.
وقال البخاري: هو صحيح الكتاب، إلا أنه ربما وهم في الشيء.
وقال موسى بن إسماعيل: ما رأيت حماد بن سلمة يكاد يعظم أحداً تعظيمه جرير بن حازم.
وقال أبو حاتم: صدوق صالح قدم هو والسري بن يحيى مصر وجرير أحسن حديثاً منه والسري أحلى منه.
وقال أحمد بن عدي: جرير بن حازم من أجلة أهل البصرة ورفعائهم، وزيد بن درهم والد حماد بن زيد اشتراه جرير بن حازم
فولد له حماد بن زيد وحماد بن زيد مولاه وأبوه، وقد حدّث عن جرير الكبار أيوب السختياني والليث بن سعد نسخة طويلة.
وقال الساجي: ثقة.
وقال العجلي: بصري ثقة.
وقال ابن حبان: كان من الحفاظ المتقنين وأهل الورع في الدين.
المآخذ التي عليه:
سئل يحيى القطان أيما أحب إليك: أبو الأشهب أو جرير بن حازم؟ قال: ما أقربهما لكن جريراً كان أكثر وهماً.
لكن قال عباس الدوري: سألت يحيى بن معين عن جرير بن حازم وأبي الأشهب فقال: جرير أحسن حديثاً منه وأسند.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت يحيى بن معين عن جرير بن حازم فقال: ليس به بأس، فقلت: إنه يحدث عن قتادة عن أنس أحاديث مناكير فقال: ليس بشيء هو عن قتادة ضعيف.
وقال الميموني عن أحمد: كان حديثه عن قتادة غير الناس يوقف أشياء ويسند أشياء.
وقال مهنا بن يحيى: قال أحمد: كان كثير الغلط.
قال الأثرم عن أحمد: كان يحدث بالتوهم، قلت: أكان يحدثهم بالتوهم بمصر خاصة أو غيرها؟ قال: في غيرها وفيها.
وقال أبو عبد الله: أشياء يسندها عن قتادة باطل.
قال الساجي: صدوق حدّث بمصر أحاديث وهم فيها وهي معلومة.
قال ابن حبان: كان يخطاء لأن أكثر ما كان يحدّث من حفظه.
قال الأزدي: صدوق، خرّج عنه بمصر أحاديث مقلوبة لم يكن بالحافظ، حمل رشدين وغيره عنه مناكير.
قال ابن عدي: هو مستقيم الحديث صالح فيه إلا روايته عن قتادة فإنه يروي أشياء عن قتادة لا يرويها غيره، وجرير عندي من ثقات المسلمين، حدّث عن الأئمة من الناس.
قال ابن حجر: ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدّث من حفظه، من السادسة.
الحديث الأول
(1)
:
550 -
قال أبو داود الطيالسي (2028): حدثنا جرير بن حازم، عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» .
التعليق:
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد في العلل (1/ 265) من طريق إسحاق بن عيسى، والترمذي في العلل (1/ 89) من طريق ابنه وهب بن جرير، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4205) من طريق عبد الرحمن بن غزوان، والطبراني في الأوسط (9387) من طريق داود بن منصور، وعبد بن حميد (1259) عن وهب بن جرير، وابن عدي في الكامل (2/ 127) من طريق عبد الرحمن بن عمرو الحراني، والعقيلي في الضعفاء (1/ 198) من طريق عبد الله بن أحمد عن أبيه.
هكذا قال جرير عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» .
وهذا المتن إنما هو محفوظ من رواية يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه أبي قتادة رضي الله عنه.
(1)
رجال الإسناد:
ثابت بن أسلم البناني، أبو محمد البصري، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة بضع وعشرين وله ست وثمانون سنة، روى له البخاري.
هكذا رواه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي
(1)
، وحجاج بن أبي عثمان الصواف
(2)
، ومعمر
(3)
، وشيبان
(4)
، ومعاوية بن سلام
(5)
، وعلي بن المبارك
(6)
، وأبان بن يزيد العطار
(7)
، وأيوب
(8)
، وهمام بن يحيى
(9)
.
وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي قتادة
(10)
.
قال الترمذي في سننه (2/ 395): (قال محمد يعني البخاري وهم جرير بن حازم في حديث ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» .
قال محمد: ويروى عن حماد بن زيد قال: كنا عند ثابت البناني فحدّث حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» فوهم جرير فظن أن ثابتاً حدثهم عن أنس
(11)
.
(1)
البخاري (637).
(2)
مسلم (604).
(3)
مسلم (604).
(4)
مسلم (604).
(5)
ابن خزيمة (1644) وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (1335) والطبراني في مسند الشاميين (2857).
(6)
ابن حبان (1755) وأبو عوانة (1340) وأحمد (5/ 300).
(7)
أبو داود (539) وأحمد (5/ 305)(5/ 307).
(8)
أبو داود (539) تعليقاً، والطبراني في الأوسط (8527).
(9)
أحمد (5/ 308) والدارمي (1268).
(10)
مسلم (604) وابن خزيمة (1526).
(11)
العلل للترمذي (1/ 89).
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع قال: حدثت حماد بن زيد بحديث جرير عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني» فأنكره، قال: إنما سمعه من الحجاج الصواف عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه في مجلس ثابت فظن أنه سمعه يعني من ثابت
(1)
.
وقال أبو داود: (حدثنا أحمد بن صالح حدثنا يحيى بن حسان عن حماد بن زيد قال: كنت أنا وجرير بن حازم عند ثابت البناني، فحدّث حجاج بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة
…
» فظن جرير أنه إنما حدث به ثابت عن أنس)
(2)
.
وذكر هذا الحديث أيضاً صاحب جامع التحصيل
(3)
فتعقبه في التحفة فقال: (ليس هذا في المراسيل في شيء وغاية ما فيه أن جريراً وهم في إسناد هذا الحديث وقد ذكره ابن الصلاح مثالاً لما انقلب إسناده على راويه من غير قصد)
(4)
.
وكذلك ذكره أهل الحديث مثالاً لما انقلب على راويه سهواً من غير قصد
(5)
.
(1)
العلل ومعرفة الرجال (2/ 83)(3/ 128) برواية عبد الله بن أحمد.
(2)
المراسيل لأبي داود (1/ 107).
(3)
جامع التحصيل (1/ 153) للعلائي.
(4)
تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل (1/ 48) لأبي زرعة العراقي.
(5)
فتح المغيث (1/ 277) وشرح نخبة الفكر (1/ 486) وتوضيح الأفكار (2/ 105) وتدريب الراوي (2/ 57)(1/ 294) والشذا الفياح (1/ 230).
الحديث الثاني
(1)
:
551 -
قال أبو داود رحمه الله (2096): حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا حسين بن محمد، ثنا جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه:
أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوَّجها وهي كارهة فخيَّرها النبي صلى الله عليه وسلم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد (1/ 273) والنسائي في الكبرى (5387) وابن ماجه (1875) وأبو يعلى (2526) والطحاوي (4/ 365) وفي شرح المشكل (5746) والدارقطني (3/ 234) كلهم من طريق حسين بن محمد المروذي عن جرير بن حازم بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ شهير وله أوهام، وقيل: كان لا يحفظ القرآن، من العاشرة، مات سنة 239 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.
حسين بن محمد بن بهرام التميمي المروذي، نزيل بغداد، ثقة، من التاسعة، مات سنة 213 أو بعدها بسنة أو سنتين، روى له البخاري ومسلم.
أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العبّاد، من الخامسة، مات سنة 131 وله 65 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عكرمة، أبو عبد الله، مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة ثبت عالم بالتفسير
…
، من الثالثة، مات سنة 104 وقيل بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم مقروناً.
وتابعه سليمان بن حرب فرواه عن جرير كذلك وحديثه عند الخطيب في تاريخ بغداد (8/ 89) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 222).
وهم جرير بن حازم في هذا الإسناد فوصله فقال: (عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس).
خالفه حماد بن زيد
(1)
، وابن علية
(2)
، وسفيان الثوري
(3)
فقالوا: (عن أيوب، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وقد صحح أهل الحديث روايتهم بدون ذكر ابن عباس أي: مرسلاً.
قال أبو داود (2097): (لم يذكر ابن عباس وكذلك رواه الناس مرسلاً، معروف).
وقال الدارقطني: والصحيح مرسل.
وقال البيهقي (7/ 117): أخطأ فيه جرير بن حازم على أيوب السختياني، والمحفوظ عن أيوب عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1255): سألت أبي وسئل أبو زرعة عن حديث رواه حسين المروذي، عن جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رجلاً زوَّج ابنته وهي كارهة ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما.
(1)
أبو داود (2097) وفي المراسيل (220) والبيهقي (7/ 117).
(2)
ذكره أبو حاتم في العلل لابنه (1255).
(3)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 365) وشرح مشكل الآثار (5747).
قال أبي: هذا خطأ، إنما هو كما رواه الثقات عن أيوب، عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مرسل، منهم: ابن علية وحماد بن زيد: أن رجلاً تزوج وهو الصحيح.
قلت: الوهم ممن هو؟
قال: من حسين ينبغي أن يكون، فإنه لم يروه عن جرير غيره
(1)
.
قال أبي: رأيت حسين المروذي ولم أسمع منه.
قال أبو زرعة: حديث أيوب ليس هو بصحيح.
وقال ابن قدامة في المغني: مرسل.
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (3/ 153): والصحيح أنه مرسل.
وقال الطحاوي: هكذا روى هذا الحديث جرير بن حازم وهو رجل كثير الغلط، وقد رواه الحفاظ عن أيوب على غير ذلك، منهم: سفيان الثوري، وحماد بن زيد، وإسماعيل بن علية، ثم أورده من طريق الثوري (أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وبين امرأة زوّجها أبوها وهي كارهة وكانت ثيباً) ثم قال: فثبت بذلك عندهم خطأ جرير في هذا الحديث من وجهين، أما أحدهما: فإدخاله ابن عباس رضي الله عنه، وأما الآخر: فذكر فيه أنها كانت بكراً، وإنما كانت ثيباً) اه.
(1)
قال الخطيب في تاريخ بغداد (8/ 88) معلقاً على قول أبي حاتم: قد رواه سليمان بن حرب عن جرير بن حازم أيضاً كما رواه حسين فبرئت عهدته وزالت تبعته. (ونقله عنه الزيلعي في نصب الراية 3/ 190).
وقد صحح الحديث الموصول ابن القطان
(1)
وابن القيم
(2)
وابن التركماني
(3)
بناءً على أن جرير بن حازم ثقة وقد وصله وتابعه زيد بن حبان
(4)
فرواه عن أيوب كذلك. وكذلك تابعه سفيان الثوري في رواية أيوب بن موسى عنه.
إلا أنه عند النظر في دعواهم، فزيد بن حبان ضعيف. قال أحمد: ترك حديثه وليس يروي عنه. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: لا شيء. وقال معمر الرقي: سمعت منه قبل أن يفسد ويتغير. وقال الدارقطني: ضعيف الحديث
(5)
، ولذا قال ابن حجر في التقريب: صدوق كثير الخطأ وتغير بآخره.
أما ما رواه أيوب بن موسى عن سفيان فقد خالفه وكيع وهو ثقة حافظ من رجال الشيخين، أما أيوب بن موسى هذا الذي يروي عن سفيان فليس من رجال التهذيب وليس له حديث في الصحيحين ولا في السنن عن سفيان، ولا شك أن رواية وكيع أصح.
وقال الحافظ في الفتح (9/ 196): ورجاله ثقات، لكن قال أبو حاتم وأبو زرعة أنه خطأ وأن الصواب إرساله.
وقد أخرجه الطبراني والدارقطني من وجه آخر عن يحيى بن أبي
(1)
الجوهر النقي (7/ 117).
(2)
تهذيب السنن (3/ 40).
(3)
الجوهر النقي (7/ 117).
(4)
ابن ماجه (1875) وابن حبان في المجروحين (1/ 311) وقد أنكر عليه هذا الحديث.
(5)
الدارقطني (3/ 225).
كثير عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما وهما كارهتان.
قال الدارقطني: تفرد به عبد الملك الزماري وفيه ضعف، والصواب عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر بن عكرمة مرسل.
وقال البيهقي: إن ثبت الحديث في البكر حمل على أنها زوجت بغير كفء، والله أعلم.
قال الحافظ: وهذا الجواب هو المعتمد، فإنها واقعة عين فلا يثبت الحكم فيها تعميماً، أما الطعن في الحديث فلا معنى له فإن طرقه يقوي بعضها ببعض.
قلت: وما قاله الحافظ صحيح إلا أنه لا يعني أن حديث الباب صحيح موصول بل الصحيح أنه مرسل كما قال مَنْ تقدم من أئمة الحديث ونقاده، والله تعالى أعلم.
الدلالة الفقهية:
استدل بعض أهل العلم بهذا الحديث على أنه ليس للولي أن يزوج ابنته بكراً كانت أم ثيباً بغير رضاها.
قال في بذل المجهود في حل سنن أبي داود (10/ 103): وفي الحديث دليل على أن الولي لا إجبار له على البالغة ولو كانت بكراً. وبه قال أبو حنيفة رحمه الله.
وخالفه الشافعي وأحمد.
ولأصحابنا هذا الحديث.
قال الخطابي في معالم السنن: ففي هذا الحديث حجة لمَن لم
يرَ نكاح الأب ابنته البكر جائزاً إلا بإذنها، وفيه حجة لمَن رأى عقد النكاح يثبت مع الخيار، غير أن أبا داود ذكر على أثره في هذا الباب أن المعروف من هذا الحديث أنه مرسل غير متصل.
قال ابن قدامة في المغني (6/ 487) مسألة: وإذا زوج الرجل ابنته البكر فوضعها في كفاية فالنكاح ثابت وإن كرهت كبيرة كانت أو صغيرة.
قال: أما البكر الصغيرة فلا خلاف فيها.
قال ابن المنذر: أجمع كل مَنْ يحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز إذا زوّجها من كفء، ويجوز له تزويجها مع كراهتها وامتناعها.
أما البكر البالغة العاقلة فعن أحمد روايتان:
إحداهما: له إجبارها على النكاح وتزويجها بغير إذنها كالصغيرة. وهذا مذهب مالك وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق.
الثانية: ليس له ذلك.
واختارها أبو بكر وهو مذهب الأوزاعي والثوري وأبي عبيد وأبي ثور وأصحاب الرأي وابن المنذر
…
ثم قال: وحديث التي خيّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل، ويحتمل أنها التي زوّجها أبوها من ابن أخيه ليرفع بها خسيسته فتخيرها لذلك. انتهى.
قلت: والذي يظهر أن ليس للولي أن يزوج ابنته البكر أو الثيب
وهي كارهة، ويظهر أن هذا اختيار البخاري رحمه الله فقد عقد في صحيحه (باب إذا زوج الرجل ابنته وهي كارهة فنكاحه مردود).
قال الحافظ (9/ 194): هكذا أطلق، فتشمل البكر والثيب.
الحديث الثالث
(1)
:
552 -
قال الإمام أبو داود رحمه الله (1573): حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، أخبرني جرير بن حازم وسمّى آخر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
ببعض أول هذا الحديث قال: «فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك» .
قال: فلا أدري أعلي يقول: فبحساب ذلك أو رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
إلا أن جريراً قال: ابن وهب يزيد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول. اه.
(1)
رجال الإسناد:
سليمان بن داود بن حماد بن سعد المهري، أبو الربيع ابن أخي رشدين المصري، روى عنه أبو داود والنسائي، وقال ابن يونس: كان زاهداً وكان فقيهاً على مذهب مالك، توفي سنة 253.
ابن وهب، عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري، ثقة حافظ عابد، من الطبقة التاسعة، توفي سنة 197، روى له البخاري ومسلم.
أبو إسحاق، عمرو بن عبد الله بن عبيد، الهمداني، أبو إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة عابد، مكثر، اختلط بأخرة، من الطبقة الثالثة، مات سنة 129 هـ، روى له البخاري ومسلم.
عاصم بن ضمرة السلولي الكوفي، صدوق، من الثالثة.
الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، الكوفي، أبو زهير، صاحب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض، وفي حديثه ضعف، وليس له عند النسائي سوى حديثين.
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح عدا سليمان بن داود وهو ثقة، وثقه أبو داود وقال: قلَّ من رأيته في فضله. ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات. قال في التقريب: ثقة من الحادية عشرة.
وعاصم بن ضمرة السلولي ثقة، وثقه ابن المديني والعجلي. وقال النسائي: ليس به بأس. قال في التقريب: صدوق من الثالثة.
وأخرجه الضياء في المختارة (528) من طريق أبي داود.
وأخرجه البيهقي (4/ 95) وفي السنن الصغرى (3/ 187) وفي معرفة السنن والآثار (3/ 293) من طريق ابن وهب عن جرير به.
هكذا قال جرير: (عن أبي إسحاق، عن عاصم والحارث، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول).
خالفه شعبة
(1)
، وسفيان الثوري
(2)
، وزكريا بن أبي زائدة
(3)
، ومعمر
(4)
، وابن جريج
(5)
، وأبو الأحوص
(6)
، وشريك
(7)
، فقالوا: (عن
(1)
الشافعي في الأم (7/ 170) والبيهقي (4/ 94) وابن زنجويه في الأموال (ص 856) وابن حزم في المحلى (6/ 23).
(2)
عبد الرزاق (6796)(6829)(6842)(7023) وابن أبي شيبة (4/ 30) وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (1122) والشافعي (7/ 170) وابن حزم (6/ 38) والفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 178) والبيهقي (4/ 72).
(3)
الدارقطني (2/ 90) وابن أبي شيبة (4/ 30).
(4)
عبد الرزاق (6794)(6829)(6842).
(5)
عبد الرزاق (6880).
(6)
ابن أبي شيبة (3/ 122) باب في زكاة الإبل وما فيها.
(7)
ابن أبي شيبة (4/ 30) وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 48).
أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي موقوفاً).
ولا شك أن روايتهم هي الصحيحة ولا يقوى جريراً على مخالفتهم خاصة أن شعبة وسفيان قد سمعا من أبي إسحاق قبل الاختلاط مع تقدمهما في هذا الفن وبراعتهما فيه.
لذا قال أبو داود: رواه شعبة وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ولم يرفعوه.
وقال ابن حزم: هذا رواه ابن وهب عن جرير بن حازم، عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور، قرن فيه بين عاصم والحارث، والحارث كذاب، وكثير من الشيوخ يجوز عليهم مثل هذا، وهو أن الحارث أسنده وعاصم لم يسنده فجمعهما جرير وأدخل حديث أحدهما في الآخر.
وقد رواه شعبة وسفيان ومعمر عن أبي إسحاق عن عاصم موقوفاً على علي، وكذلك كل ثقة رواه عن عاصم إنما أوقفه على علي فلو أن جريراً أسند عن عاصم وحده لأخذنا به
(1)
.
ورجح الألباني رحمه الله كذلك الوقف وقال: جرير بن حازم وهم في رفع الحديث فقد ذكر الحافظ في التقريب أن له أوهاماً إذا حدّث من حفظه، والوهم إنما يظهر بمثل هذه المخالفة للحفاظ كما هو ظاهر.
(1)
المحلى (6/ 70) ونقله عنه عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (2/ 167) وذكره الزيلعي في نصب الراية (2/ 329) ونسبه إلى عبد الحق فأخطأ.
الحديث الرابع
(1)
:
553 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله في السنن الكبرى (3299): أنبأنا أحمد بن عيسى عن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة
(2)
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
أصبحت صائمة أنا وحفصة فأهدي لنا طعام فأعجبنا فأفطرنا فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فبادرتني حفصة فقال: «صوما يوماً مكانه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
ورواه ابن عبد البر في التمهيد (12/ 71) من طريق النسائي به.
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن عيسى بن حسان المصري، يعرف بابن التستري، صدوق، تكلم في بعض سماعاته. قال الخطيب: بلا حجة، من العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم، أبو محمد المصري الفقيه، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات سنة 197 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.
يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري: تقدم.
عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية أكثرت عن عائشة، ثقة، من الثالثة، ماتت قبل المائة وقيل بعدها، روى لها البخاري ومسلم.
(2)
جاء في المطبوع من السنن الكبرى طبعة دار الكتب العلمية (عروة) والتصحيح من مصادر التخريج الأخرى، وذكر البيهقي في السنن الكبرى (4/ 281) وابن التركماني في الجوهر النقي أن جريراً يرويه عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة.
وذكر المزي في تحفة الأشراف (17945) رواية النسائي وقال فيها: (عمرة).
ورواه الطحاوي (2/ 109) من طريق أحمد بن عيسى وأحمد بن عبد الرحمن عن ابن وهب به.
ورواه ابن حبان (3517) من طريق حرملة، والطبراني في الأوسط (6433) من طريق حرملة وأبي مصعب عن ابن وهب عن جرير بن حازم به.
هكذا قال جرير: (عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة) خالفه حماد بن زيد
(1)
، وعباد بن العوام
(2)
، ويحيى بن أيوب
(3)
فقالوا: (عن يحيى بن سعيد، عن الزهري، أن عائشة وحفصة
…
مرسلاً).
وكذلك رواه جماعة من أصحاب الزهري الثقات عنه مرسلاً، منهم:
مالك
(4)
، ومعمر
(5)
، وعبيد الله بن عمر
(6)
، وسفيان بن عيينة
(7)
، وابن
(1)
الدارقطني في العلل (15/ 43).
(2)
المصدر السابق.
(3)
المصدر السابق.
(4)
في الموطأ (676) والنسائي في الكبرى (3298) وأحمد في العلل (3/ 249) والطحاوي (2/ 108) والبيهقي (4/ 279).
(5)
عبد الرزاق (7790) وإسحاق (659) والنسائي (3296) وأحمد في العلل (3/ 250).
(6)
النسائي في الكبرى (3297).
(7)
إسحاق (659) وأحمد في العلل (3/ 250) والبيهقي (4/ 280) وابن عبد البر في الاستذكار (10/ 201 - 202).
جريج
(1)
، ويونس بن يزيد الأيلي
(2)
، ومحمد بن الوليد الزبيدي
(3)
، وزياد بن سعد
(4)
، وبكر بن وائل
(5)
.
قال البيهقي في السنن (4/ 281): وجرير بن حازم وإن كان من الثقات فهو واهم فيه وقد خطأه في ذلك أحمد بن حنبل وعلي بن المديني، والمحفوظ عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن عائشة مرسلاً.
ثم ساق بإسناده إلى أبي بكر الأثرم قال: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل: تحفظه عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين؟ فأنكره وقال: مَنْ رواه؟ قلت: جرير بن حازم، فقال: جرير كان يحدّث بالتوهم.
وزاد في الخلافيات (3/ 93) فقلت له: بمصر خاصة أو في غيرها؟ فقال: كان يحدّث بالتوهم في غيرها وفيها.
ثم قال البيهقي: قال أبو عبد الله الحاكم: أشياء عن قتادة أسندها كلها باطل.
وروى البيهقي بسنده أيضاً عن أحمد بن منصور الرمادي قال: قلت لعلي بن المديني: يا أبا الحسن تحفظ عن يحيى بن سعيد عن
(1)
الشافعي في مسنده (1/ 84) وإسحاق (885) وأحمد في العلل (3/ 250) ويحيى بن معين في تاريخه (3/ 260 رواية الدوري) ومسلم في التمييز (ص 217) والطحاوي (2/ 109) والبيهقي (4/ 280) والطوسي في مختصر الأحكام (681).
(2)
ابن وهب في الموطأ (94 - 95) والبيهقي (4/ 279).
(3)
البيهقي (4/ 279) تعليقاً.
(4)
الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 383).
(5)
البيهقي (4/ 279) تعليقاً.
عمرة عن عائشة قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين؟ فقال لي: مَنْ روى هذا؟ قلت: ابن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد، قال: فضحك فقال: مثلك يقول هذا؟ حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن الزهري أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن سعيد إلا جرير بن حازم، تفرد به ابن وهب
(1)
.
قال الدارقطني في العلل (15/ 42): وسئل عن حديث عروة عن عائشة أنها وحفصة أصبحتا صائمتين ....
قال: وكذلك رواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن الزهري مرسلاً عن عائشة، والفرج بن فضالة وجرير بن حازم روياه عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة ووهما فيه.
وخالفهما حماد بن زيد، وعباد بن العوام، ويحيى بن أيوب فرووه عن يحيى بن سعيد عن الزهري مرسلاً.
وقال الثقفي عن يحيى: بلغني عن الزهري عن عائشة مرسلاً
(2)
.
وقال الترمذي: (روى هذا الحديث مالك بن أنس ومعمر وعبيد الله بن عمر وزياد بن سعد وغير واحد من الحفاظ عن الزهري عن عائشة مرسلاً ولم يذكروا فيه عروة عن عائشة وهذا أصح لأنه روى عن ابن جريج قال: سألت الزهري قلت له: أحدثك عروة عن عائشة؟ قال: لم أسمع من عروة من هذا شيئاً، ولكني سمعت في
(1)
قلت: بل تابعه الفرج بن فضالة كما ذكر الدارقطني.
(2)
ونقله عنه القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 286).
خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض مَنْ سأل عائشة عن هذا الحديث)
(1)
.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (12/ 68): حفاظ أصحاب ابن شهاب يروونه مرسلاً، منهم: مالك ومعمر وعبيد الله بن عمر وابن عيينة.
علة الوهم:
اختلاف الأمصار، جرير بن حازم بصري، وشيخه في هذا الحديث يحيى بن سعيد مدني، ثم إنه حدّث به في مصر ورواه عنه ابن وهب المصري ومتكلم في حديث جرير في مصر.
قال الأزدي: جرير صدوق خرج عنه بمصر أحاديث مقلوبة ولم يكن بالحافظ.
والله تعالى أعلم.
(1)
في جامعه (2/ 104 عقب الحديث 735).
ورواية ابن جريج رواها كذلك الترمذي وعبد الرزاق (7791).
الحديث الخامس
(1)
:
554 -
قال أبو داود رحمه الله (173): حدثنا هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، عن جرير بن حازم أنه سمع قتادة بن دعامة، ثنا أنس بن مالك رضي الله عنه:
أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك على قدميه مثل موضع الظفر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ارجع فأحسن وضوءك» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
والحديث أخرجه أيضاً أحمد (3/ 146) وابن ماجه (665) وابن خزيمة (164)، والدارقطني (1/ 108) والبيهقي (1/ 70، 83) وابن عدي (2/ 550) والضياء في المختارة (2416) وأبو عوانة (6902) والطبراني في الأوسط (6525) وأبو يعلى (2944) وأبو نعيم في الحلية (8/ 330) وفي تاريخ أصبهان (1/ 158) كلهم من طريق ابن وهب عن جرير به.
لكن أعله أبو داود فقال: هذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إلا ابن وهب وحده. وقد روى عن معقل بن عبد الله
(1)
رجال الإسناد:
هارون بن معروف المروزي، أبو علي الخزاز، الضرير، نزيل بغداد، ثقة، من الطبقة العاشرة، مات سنة 231، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن وهب: تقدم في الحديث السابق.
قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، تابعي ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه، رأس الطبقة الرابعة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.
الجزري عن أبي الزبير عن جابر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال: «ارجع فأحسن وضوءك»
(1)
.
وقال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن قتادة إلا جرير بن حازم، تفرد به ابن وهب
(2)
.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث جرير عن قتادة لم يروه عنه إلا ابن وهب.
وقال عبد الله بن أحمد: سألت ابن معين عنه؟ فقال: ليس به بأس، فقلت: إنه حدّث عن قتادة عن أنس أحاديث مناكير، فقال: ليس بشيء، هو عن قتادة ضعيف.
وقال الميموني عن أحمد: كان حديثه عن قتادة غير حديث الناس يوقف أشياء ويسند أشياء. ثم أثنى عليه.
وقال ابن عدي: (قد حدّث عنه أيوب السختياني والليث بن سعد وله أحاديث كثيرة عن مشايخه وهو مستقيم الحديث صالح إلا روايته عن قتادة، فإنه يروي عنه أشياء لا يرويها غيره.
وقال أيضاً: تفرد به وهب عن جرير بن حازم ولابن وهب عن جرير غير ما ذكرت من غرائب)
(3)
.
وقال الحافظ: هو ثقة لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدّث من حفظه.
(1)
أخرجه مسلم في صحيحه (243).
(2)
الأوسط (6/ 323).
(3)
الكامل (2/ 126).
وقال الدارقطني: تفرد به جرير بن حازم عن قتادة وهو ثقة، والله تعالى أعلم.
الدلالة الفقهية:
حديث الباب فيه كلام
…
، لكن الحديث صحيح من طريق أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واختلف العلماء فيمن ترك بعض أعضاء الوضوء عمداً أو جهلاً هل يعيد الوضوء لأن الموالاة واجبة فيه أو يبل ذلك الموضع.
فذهب بعض أهل العلم أن الحديث يدل على وجوب الموالاة لقوله صلى الله عليه وسلم: «أحسن وضوءك» ولم يقل: اغسل الموضع الذي تركته.
وقال بعض أهل العلم: هذا الحديث يدل على عدم وجوب إعادة الوضوء لأنه أمر فيه بالإحسان لا بالإعادة، والإحسان يحصل بمجرد إسباغ غسل ذلك العضو وبه قال أبو حنيفة فعنده لا يجب الموالاة في الوضوء.
قال الخطابي: ظاهر معناه إعادة الوضوء في تمام ولو كان تفريقه جائزاً لأشبه أن يقتصر منه على الأمر بغسل ذلك الموضع.
الحديث السادس
(1)
:
555 -
قال الطحاوي في مشكل الآثار (1038): حدثنا يونس، قال: أخبرني ابن وهب، قال: أخبرنا جرير بن حازم، أن قتادة حدّثه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
عقّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حسن وحسين بكبشين.
التعليق:
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير يونس بن عبد الأعلى فهو من رجال مسلم.
والحديث أخرجه أبو يعلى (2945) عن الحارث بن مسكين، وابن حبان في صحيحه (5309) من طريق إبراهيم بن المنذر، والطبراني في الأوسط (1878) من طريق حرملة، والبزار في مسنده (1235/ كشف الأستار) من طريق أحمد بن صالح، وابن عدي في الكامل (2/ 126) والبيهقي (9/ 299) والضياء في المختارة (7/ 85) وابن عساكر في تاريخ دمشق (51/ 97) من طرق كلهم عن جرير به.
هكذا قال جرير بن حازم (عن قتادة، عن أنس).
(1)
رجال الإسناد:
يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة الصدفي، أبو موسى المصري، ثقة من صغار العاشرة، مات سنة 264 وله 96 سنة، روى له مسلم.
عبد الله بن وهب: تقدم.
قتادة بن دعامة: تقدم. انظره في بابه.
خالفه الحجاج بن الحجاج
(1)
فقال: (عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس) وكذلك رواه أيوب السختياني
(2)
، ويحيى بن سعيد الأنصاري
(3)
عن عكرمة، عن ابن عباس.
رواه عن أيوب عبد الوارث بن سعيد
(4)
، ورواه عن يحيى بن سعيد عبد الله بن الأجلح
(5)
، وقد رواه سفيان الثوري
(6)
ومعمر
(7)
وسفيان بن عيينة
(8)
وحماد بن زيد، ووهيب بن خالد وابن علية عن أيوب مرسلاً.
وقال أبو حاتم: أخطأ جرير في هذا الحديث، إنما هو قتادة، عن عكرمة، قال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرسل
(9)
.
(1)
النسائي (7/ 165) وفي الكبرى (4545) وابن طهمان في مشيخته (53) والطبراني في الكبير (2568) وفي الأوسط (8018).
(2)
أبو داود (2841) وابن الجارود (911) و (912) والطبراني في الكبير (2568)(11856) والبيهقي (9/ 299) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1039) وابن حزم في المحلى (7/ 530).
(3)
الطبراني في الكبير (2569)(2570).
(4)
قال أبو حاتم في العلل (1633): هذا وهم حدثنا أبو معمر عن عبد الوارث هكذا، ورواه وهيب وابن علية عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. قال أبو حاتم: وهذا مرسل أصح.
(5)
قال أبو حاتم: هذا خطأ، إنما هو عن عكرمة قوله، من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري. وقال أيضاً: لم تصح رواية يحيى بن سعيد عن عكرمة فإنه لا يرضى عكرمة فكيف يروي عنه. العلل (1632).
(6)
عبد الرزاق (7862).
(7)
عبد الرزاق (7862).
(8)
قال ابن الجارود في المنتقى (912): رواه الثوري وابن عيينة وحماد بن زيد وغيرهم عن أيوب لم يجاوزوا به عكرمة.
(9)
العلل لابن أبي حاتم (1633).
وقال البزار عقب الحديث: لا نعلم أحداً تابع جريراً عليه.
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا جرير، تفرد به ابن وهب.
وقال الضياء في المختارة: ذكر هذا الحديث للإمام أحمد، قال: نعم جرير يخطاء في حديث قتادة
(1)
.
وذكره الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد (963) وقال: تفرد به جرير بن حازم عنه فلم يروه عنه غير ابن وهب
(2)
.
(1)
المختارة (7/ 85).
(2)
أطراف (2/ 139).
الحديث السابع
(1)
:
556 -
قال أبو داود رحمه الله (2583): حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا جرير بن حازم، حدثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال:
كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه ابن سعد (1/ 487) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4/ 21) والضياء في المختارة (2375) وتمام الرازي في الفوائد (2/ 195) وابن عساكر في تاريخه (4/ 214) من طريق مسلم بن إبراهيم.
وأخرجه الترمذي (1691) وفي الشمائل (106) والبغوي (10/ 397) من طريق وهب بن جرير.
والدارمي (2457) من طريق أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي (عارم)، والنسائي (8/ 219) وفي الكبرى (983) وابن سعد (1/ 487) والطحاوي (4/ 21) من طريق عمرو بن عاصم الكادر.
وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (408) وابن عدي في الكامل (2/ 126) والبغوي (10/ 397) من طريق محمد بن أبان.
(1)
رجال الإسناد:
مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي، أبو عمرو البصري، ثقة مأمون مكثر عمي بأخرة، من صغار التاسعة، مات سنة 222، روى له البخاري ومسلم.
وابن سعد (1/ 487) من طريق يونس بن محمد والأسود بن عامر.
والبيهقي (4/ 143) من طريق سهل بن بكار.
والطحاوي في شرح المشكل (4/ 20) من طريق أبي عوانة.
كلهم عن جرير بهذا الإسناد.
هكذا قال جرير: (عن قتادة، عن أنس).
خالفه هشام الدستوائي
(1)
، وأبو جزي نصر بن طريف
(2)
، وشعبة
(3)
فقالوا: (عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن مرسلاً).
وكذلك رواه حجاج عن قتادة فقال: سعيد بن أبي الحسن
(4)
.
وصحح أئمة الحديث أحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو داود والنسائي والدارمي والدارقطني والبيهقي الحديث مرسلاً.
قال أبو داود عقب الحديث: أقوى هذه الأحاديث حديث سعيد بن أبي الحسن والباقية ضعاف.
وقال النسائي: هذا حديث منكر، والصواب قتادة عن سعيد بن أبي الحسن.
(1)
أبو داود (2584) والنسائي (8/ 219) وفي الكبرى (9814) وابن سعد (1/ 487) وابن أبي شيبة (25180) والطحاوي (4/ 21) والترمذي في الشمائل (107) والبيهقي (4/ 143).
(2)
أحمد في العلل ومعرفة الرجال (312)(1288) والعقيلي في الضعفاء (1/ 199) وذكره ابن حجر في التهذيب في ترجمة جرير (2/ 62).
(3)
الضعفاء (1/ 199).
(4)
ابن أبي حاتم في العلل (938) إلا أنه وهم فقال: عن عبد الله بن عمرو كما سيأتي.
وقال الدارمي: هشام الدستوائي خالفه فقال: قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وزعم الناس أنه هو المحفوظ.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: سمعت أبي يقول: قال عفان: جاء أبو جزي إلى جرير بن حازم يشفع لرجل يحدثه جرير، فقال جرير: حدثنا قتادة، عن أنس قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة.
فقال أبو جزي: كذب والله، ما حدثنا قتادة إلا عن سعيد بن أبي الحسن.
قال أبي: وهو قول أبي جزي واسمه نصر بن طريف، وجرير أخطأ
(1)
.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه أبو معاوية الضرير عن حجاج عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن عبد الله بن عمرو قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة.
قال أبي: إنما هو سعيد بن أبي الحسن قال: كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل بلا عبد الله بن عمرو
(2)
.
وقال البيهقي: تفرد به جرير بن حازم عن قتادة، عن أنس، والحديث معلول بما أخبرنا أبو علي الروذباري .. فروى حديث هشام مرسلاً ثم قال: وهذا مرسل وهو المحفوظ
(3)
.
(1)
العلل ومعرفة الرجال (1/ 239 رقم 312) و (1/ 543)(1288) ومن طريقه الدولابي في الكنى والأسماء (1/ 433) والعقيلي في الضعفاء (1/ 199).
(2)
العلل لابن أبي حاتم (938).
(3)
السنن الكبرى (4/ 143).
وقال الدارقطني: «اختلف فيه على قتادة فرواه جرير بن حازم، عن قتادة، عن أنس.
ورواه هشام الدستوائي ونصر بن طريف عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن أخي الحسن مرسلاً وهو الصواب»
(1)
.
قال الحافظ: ورجحه يعني المرسل أحمد وأبو داود، والنسائي وأبو حاتم والبزار والدارمي والبيهقي
(2)
.
وقد توبع جرير بن حازم، تابعه همام بن يحيى وأبو عوانة.
أما رواية همام بن يحيى:
فأخرجها النسائي وابن سعد من طريق عمرو بن عاصم الكلابي عن جرير وهمام عن قتادة به
(3)
.
وهذا إسناده جيد إلا أن هماماً دون هشام وشعبة، ومما يرجح رواية هشام ومَن تبعه ما قاله هشام عن قتادة عقب الحديث قال: قال قتادة: وما علمت أحداً تابعه على ذلك
(4)
.
فكيف يقول قتادة: إنه لم يعلم أحداً تابع سعيد بن أبي الحسن على هذا الحديث وهو يرويه عن أنس كما زعم همام.
سلك همام الجادة في حديثه هذا ويحتمل أن يكون الوهم من عمرو بن عاصم الكلابي. انظره في باب همام، ح (719).
(1)
العلل (12/ 150 رقم 2554).
(2)
التلخيص الحبير (1/ 52).
(3)
النسائي (8/ 219) وفي الكبرى (9813) وابن سعد في الطبقات (1/ 487).
(4)
أبو داود (4518) عن محمد بن المثنى، عن معاذ بن هشام، عن أبيه عن قتادة، وهذا سند على شرط الشيخين.
أما متابعة أبي عوانة
(1)
فهي عند الطحاوي وابن حبان في كتاب المجروحين من طريق هلال بن يحيى بن سلم وهو ضعيف.
قال ابن حبان: كان يخطاء كثيراً على قلة روايته لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، وإنما ذكرته ليعرفه عوام أصحابنا.
وخالف هؤلاء الأئمة الألباني رحمه الله فصحح الحديث فقال:
أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي والبيهقي من طرق عن هشام عن قتادة عن سعيد بن الحسن به مرسلاً وبهذا أعلّ البيهقي حديث أنس فقال: تفرد به جرير بن حازم. ثم قال الألباني: وليس كما قال فقد رواه النسائي عن جرير وهمام قالا: حدثنا قتادة عن أنس به، ورواه الطحاوي عن همام وأبي عوانة عن قتادة به فصحّ الحديث واتصل إسناده والحمد للّه
(2)
.
ولا شك أن ما قاله الأئمة أحمد وأبو حاتم والدارمي وأبو داود والنسائي والدارقطني والبيهقي أولى فهم أعلم بالحديث وعلله ورجاله من غيرهم لا يغرهم ظاهر الإسناد ولا المتابعات.
وقد نقل هشام عن قتادة وهو من أوثق الناس فيه أنه لم يعلم أحداً يرويه غير سعيد بن أبي الحسن وهو يرويه عن قتادة: (قطعت جهيزة قول كل خطيب)
(3)
، والله تعالى أعلم.
(1)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1398) وابن حبان في كتاب المجروحين (3/ 88).
(2)
إرواء الغليل (3/ 305 - 306).
(3)
اجتمع قوم يخطبون في الصلح بين حيين في دم كي يرضوا بالدية فبينما هم كذلك قالت جهيزة ظفر بالقاتل ولي للمقتول فقتله، فقالوا هذا المثل.
علة الوهم:
1 ضعّف جرير بن حازم في روايته عن شيخه قتادة.
قال ابن رجب: روايات جرير عن قتادة خاصة فيها منكرات كثيرة لا يتابع عليها، ذكر ذلك أئمة الحفاظ، منهم: أحمد وابن معين وغيرهما. وذكر منها هذا الحديث
(1)
.
وقال الإمام أحمد: جرير كان يحدّث بالتوهم أشياء عن قتادة يسندها بواطيل
(2)
.
وقال أيضاً: كأن حديثه عن قتادة غير حديث الناس يسند أشياء ويوقف أشياء
(3)
.
وقال عبد الله بن أحمد: سألت ابن معين عنه فقال: ليس به بأس، فقلت: إنه يحدث عن قتادة عن أنس أحاديث مناكير، فقال: ليس بشيء هو في قتادة ضعيف
(4)
.
وقال ابن عدي: له أحاديث كثيرة وهو مستقيم الحديث صالح فيه إلا روايته عن قتادة، فإنه يروي عنه أشياء لا يرويها غيره
(5)
.
2 سلك به الجادة، قتادة عن أنس طريق محفوظة بخلاف قتادة عن سعيد بن أبي الحسن.
(1)
فتح الباري لابن رجب (2/ 125).
(2)
شرح علل الترمذي (2/ 784).
(3)
الضعفاء للعقيلي (1/ 199) وقال عقب ذلك: وسمعته في هذا المجلس يثني عليه ويترحم عليه ويقول: رجل صالح صاحب سنّة وفضل وديانة.
(4)
التهذيب (1/ 294) في ترجمة جرير بن حازم.
(5)
التهذيب (1/ 294) في ترجمة جرير بن حازم.
الحديث الثامن
(1)
:
557 -
قال أبو داود رحمه الله (3860): حدثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا جرير يعني ابن حازم، ثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم ثلاثاً في الأخدعين
(2)
والكاهل
(3)
.
قال معمر: احتجمت فذهب عقلي حتى كنت ألقن فاتحة الكتاب في صلاتي وكان احتجم على هامته.
التعليق:
هذا إسناد على شرط الشيخين.
وأخرجه الترمذي (2051) وفي الشمائل (364) وابن ماجه (3483) وأبو داود الطيالسي (1994) وأحمد (3/ 119، 192) وابن سعد (1/ 446) وابن حبان (6077) وأبو يعلى (3048) والحاكم (4/ 210) والبيهقي (9/ 340) والضياء في المختارة (2385)(2386)(2388) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (816) والبغوي (3234) كلهم من طرق عن جرير بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
مسلم بن إبراهيم الأزدي، أبو عمرو البصري، ثقة مأمون مكثر، عمي بأخرة، من صغار التاسعة، مات سنة 222 وهو أكبر شيخ لأبي داود، روى عنه البخاري ومسلم.
(2)
الأخدعان: عرقان في جانبَيْ العنق. كذا في النهاية، وفي القاموس الأخدع: عرق في المحجمتين وهو شعبة من الوريد.
(3)
الكاهل: ما بين الكتفين. كذا في النهاية وغيره، وهو مقدم الظهر.
وخالفه شعبة فرواه عن نصر القصاب، عن قتادة عن سعيد بن المسيب مرسلاً
(1)
.
وذكر العقيلي أن هماماً رواه عن قتادة كذلك كما سيأتي وهذا ما رجحه بعض أهل العلم على ما في نصر القصاب من كلام.
قال الإمام البخاري: قال عبدان عن أبيه عن شعبة حدثنا نصر القصاب عن قتادة عن سعيد بن المسيب: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في الأخدعين، إن لم يكن هذا نصر بن طريف فلا أدري.
وقال بعضهم: عن قتادة، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
.
ونقله ابن عدي عن البخاري وزاد فيه: (ولا يصح).
وقال العقيلي: حدثنا محمد بن موسى النهرتيري، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا عبدان عن أبيه عن شعبة قال: حدثني نصر القصاب عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في الأخدعين.
هذه رواية عمرو بن عاصم عن همام عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في الأخدعين والكاهل، ورواه جرير بن حازم عن قتادة عن أنس، وحديث همام أولى
(3)
.
قال ابن رجب: وقد أنكر عليه (جرير بن حازم) أحمد ويحيى
(1)
التاريخ الأوسط (2/ 157/ 2143) ومحمد بن المظفر البغدادي في حديث شعبة (13) والتاريخ الكبير (8/ 106).
(2)
الكامل (7/ 33).
(3)
الضعفاء (4/ 298).
وغيرهما من الأئمة أحاديث متعددة يرويها عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكروا أن بعضها مراسيل أسندها.
ومنها: حديثه في قبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت من فضة.
ومنها: حديثه في الحجامة في الأخدعين والكاهل
(1)
.
قلت: مما سبق يتضح اختلاف أهل العلم في حديث جرير، فقد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم.
ونقل ابن رجب عن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين أنهم أنكروا عليه هذا الحديث.
ونقل ابن عدي عن البخاري قوله: (ولا يصح).
وبالنظر إلى المتابعات نجد:
أن هماماً تابع جريراً في روايته هذه فقال: عن قتادة عن أنس.
رواه عن همام هكذا عمرو بن عاصم
(2)
، وعفان بن مسلم
(3)
، وكذلك تابعه الأوزاعي.
رواه تمام قال: أخبرنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي قراءة عليه، ثنا أبو الأصبغ عبد العزيز بن سعيد الهاشمي الدمشقي، ثنا إسحاق بن الضيف، ثنا محمد بن كثير، عن
(1)
شرح علل الترمذي (2/ 785).
(2)
الترمذي (2051) مقروناً مع جرير.
(3)
ابن سعد (1/ 446) وإسناده صحيح.
الأوزاعي، عن قتادة، عن أنس فذكره
(1)
فينظر في إسناده.
أما حديث همام فقد رواه الترمذي عن عبد القدوس بن محمد عن عمرو بن عاصم عن همام وجرير بن حازم.
وذكر العقيلي أن عمرو بن عاصم إنما يرويه عن قتادة عن سعيد وهذا ذكره كما تقدم عقب كلام البخاري فلا أدري أهو قوله أم قول الإمام البخاري.
فإن كان هذا قول البخاري فيكون عبد القدوس بن محمد وهم على عمرو بن عاصم في روايته عن همام.
لكن رواه ابن سعد عن عفان بن مسلم عن عفان وإسناده صحيح، فتكون متابعة همام لجرير صحيحة.
قال الذهبي: حديث احتجم رسول الله على الأخدعين والكاهل، رواه نصر بن طريف أبو جزي عن قتادة عن سعيد بن المسيب مرسلاً وحدّث به شعبة عنه، لم يحدث به عن شعبة إلا عبدان ونصر هذا متروك الحديث
(2)
.
وقال ابن الجوزي: مرض نصر بن طريف فقال لعواده: قد حضر أمري ما ترون وإني كذبت في أحاديث وأستغفر الله، فقالوا: ما أحسن ما صنعت، تبت إلى الله عز وجل، ثم صحّ من مرضه فمر في تلك الأحاديث بعينها
(3)
.
(1)
تمام في الفوائد (90).
(2)
تذكرة الحفاظ (1/ 243).
(3)
الموضوعات (1/ 24) وانظر: الضعفاء للعقيلي (4/ 297) والكامل لابن عدي (7/ 31).
وقال يحيى بن معين: أبو جزي اسمه نصر بن طريف وليس هو بشيء، وقال مرة: ضعيف
(1)
.
وقال البخاري: نصر بن طريف الباهلي أبو جزي سكتوا عنه ذاهب
(2)
ومع ذلك كله فقد رجح أهل العلم روايته في هذا الحديث والذي قبله على رواية جرير بن حازم، والله تعالى أعلم.
(1)
تاريخ ابن معين برواية الدوري (4/ 128)(4/ 144).
(2)
التاريخ الكبير (8/ 105).
الحديث التاسع
(1)
:
558 -
قال أبو عيسى الترمذي (1555): حدثنا محمد بن يحيى الأزدي البصري وأبو عمار وغير واحد، قالوا: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولا يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أبو داود (2611) وعبد بن حميد (652) وابن خزيمة (2538) وابن حبان (4717) وأبو يعلى (2587) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/ 45) والحاكم (1/ 443)(2/ 101) والبيهقي (9/ 156) كلهم من طريق وهب بن جرير بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي البصري نزيل بغداد، ثقة، من كبار الطبقة الحادية عشرة، مات سنة 252.
الحسين بن حريث الخزاعي مولاهم، أبو عمار المروزي، ثقة، مات سنة 244، روى له البخاري ومسلم.
وهب بن جرير بن حازم بن زيد، أبو عبد الله الأزدي البصري، ثقة، مات سنة 209، روى له البخاري ومسلم.
يونس بن يزيد الأيلي: انظره في بابه.
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، مات سنة 94، وقيل: 98، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال جرير: (عن يونس، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس).
خالفه عثمان بن عمر
(1)
فقال: (عن يونس، عن عقيل، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً).
ورواه مندل بن علي العنزي، وحبان بن علي العنزي وهما ضعيفان عن يونس عن عقيل عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس
(2)
فتابعا عثمان بن عمر في كون يونس إنما يرويه عن عقيل ووهما في وصل الحديث.
وقد رواه الليث بن سعد
(3)
، وحيوة بن شريح
(4)
وهما ثقتان ثبتان عن عقيل بن خالد عن الزهري مرسلاً.
وكذلك رواه معمر بن راشد عن الزهري مرسلاً
(5)
.
لذا قال أبو داود: والصحيح أنه مرسل
(6)
.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا يسنده كبير أحد غير جرير بن حازم، وإنما روي هذا الحديث عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وقد رواه حبان بن علي العنزي عن عقيل عن الزهري عن
(1)
البيهقي (9/ 156) تعليقاً كما سيأتي.
(2)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/ 47).
(3)
الطحاوي (2/ 47) وابن أبي حاتم في العلل (1024).
(4)
سعيد بن منصور (2387) ومن طريقه أبو داود في المراسيل (313) عن عبد الله بن المبارك عن حيوة به وسنده على شرط الشيخين، وذكره الترمذي تعليقاً (1555).
(5)
عبد الرزاق (9699).
(6)
سنن أبي داود (3/ 36 ح 2600).
عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه الليث بن سعد، عن عقيل عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً
(1)
.
وقال أبو داود في المراسيل: قد أسند هذا جرير بن حازم ولا يصح
(2)
.
(3)
.
وقال أبو حاتم: مرسل أشبه، لا يحتمل هذا الكلام أن يكون كلام النبي صلى الله عليه وسلم
(4)
.
وقال الحاكم: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والخلاف معه على الزهري من أربعة أوجه.
قال الطحاوي:
(فكان هذا الحديث عندنا مما تفرد به جرير بن حازمٍ عن يونس بن يزيد بهذا الإسناد لا نعلم أحداً شركه فيه ولا نعلم أحداً من أصحاب الزهري رواه عن الزهري غير يونس بن يزيد غير أن أحمد بن شعيب قد كان خالفنا في ذلك وذكر أن هذا الحديث بهذا الإسناد قد شرك يونس بن يزيد فيه عقيل بن خالد فرواه عن الزهري
(1)
سنن الترمذي (4/ 125).
(2)
المراسيل (304).
(3)
السنن الكبرى (9/ 156).
(4)
العلل لابن أبي حاتم (1/ 347 - 1024).
بهذا الإسناد كما رواه عنه يونس بن يزيد وذكر لنا في ذلك ما ذكر أنه أخبره إياه محمد بن سليمان يعني لويناً عن حبان بن علي عن عقيل عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الصحابة أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف» وذكر كلمة معناها أن لا يهزم اثنا عشر ألفا من قلة إذا صبروا وصدقوا.
ثم قال لنا أحمد بن شعيب عند ذلك: وحبان بن علي ليس بالقوي وكان من حجتنا عليه في ذلك بتوفيق الله تعالى أنَّ حبان بن علي إنما أخذ هذا الحديث عن يونس بن يزيد عن عقيل فيما ذكر كما قد حدثنا فهد ثنا يحيى الحماني حدثنا مندل وحبان عن يونس بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الصحابة أربعة وخير السرايا أربعمائة وخير الجيوش أربعة آلاف ولن يؤتى اثنا عشر ألفا من قلة» فعاد هذا الحديث عن حبان عن يونس بن يزيد عن عقيل بإسناده وبمتنه وكان حبان ليس بالقوي في روايته كما ذكر أحمد بن شعيب وكذلك يقول أهل العلم بالأسانيد سواه ومندل أخوه عندهم دونه في ذلك وإذا كان ذلك كذلك عاد الحديث إلى يونس على ما رواه عنه جرير بن حازم بلا شريك له من الثبت في الرواية فيه فإن قال قائل: فهل روى غير مندل وغير حبان هذا الحديث عن عقيل؟ قيل له: نعم قد رواه سواهما عن عقيل الليث بن سعد. وهو من الأمانة في عقيل والثبت والضبط عنه على ما لا خفاء به في ذلك عند أهل العلم بالأسانيد وبرواتها كما قد حدثنا ابن أبي داود حدثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب قال: بلغنا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم ذكر مثل حديث ابن مرزوق عن وهب بن جرير عن أبيه عن يونس عن الزهري
في متنه خاصة دون إسناده فعاد هذا الحديث إلى يونس بن يزيد من رواية جرير موصولا وإلى عقيل من رواية الليث عنه مقطوعاً)
(1)
.
(1)
شرح مشكل الآثار (2/ 46 - 47).
الحديث العاشر
(1)
:
559 -
قال أبو داود رحمه الله (3801): حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي، حدثنا جرير بن حازم، عن عبد الله بن عبيد، عن عبد الرحمن بن أبي عمار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع؟ فقال: «هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد الخزاعي وهو ثقة وقد توبع.
وأخرجه ابن ماجه (3085) من طريق وكيع عن جرير بن حازم به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (4/ 77) والدارمي (1941) وأبو يعلى (2156) وابن الجارود (439) وابن خزيمة (2646) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1641) وفي شرح المشكل (3467)(3468)(3470) وابن عدي في الكامل (2/ 152) والدارقطني
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعي البصري، ثقة من صغار التاسعة، مات سنة 223، روى له أبو داود وابن ماجه.
عبد الله بن عُبيد بن عمير الليثي المكي، ثقة من الثالثة، استشهد غازياً سنة 113، روى له مسلم.
عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار المكي حليف بني جمح الملقب بالقَس، ثقة عابد، من الثالثة، روى له مسلم.
جابر: صحابي مشهور.
(2/ 246) والحاكم (1/ 452) والبيهقي (5/ 183) من طرق عن جرير بن حازم به.
هكذا قال جرير عن عبد الله بن عبيد، عن عبد الرحمن بن أبي عمار عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الضبع: إنه صيد، وجعل فيه كبشاً إذا صاده المحرم.
خالفه ابن جريج
(1)
، وإسماعيل بن أمية
(2)
فروياه عن عبد الله بن عبيد بهذا الإسناد فذكرا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الضبع: إنه صيد ولم يذكرا آخر الحديث: وأنه جعل فيه كبشاً.
وقد صحح يحيى القطان حديثهما وذكر ما يفيد أن جريراً لم يجوِّد الحديث، ونقل على ابن المديني والترمذي والطحاوي وابن عدي كلام يحيى مقرين له.
قال علي بن المديني: قال يحيى بن سعيد: وروى جرير بن حازم هذا الحديث فقال: عن جابر عن عمر، وحديث ابن جريج أصح
(3)
.
(1)
الشافعي في مسنده (1/ 134) وعبد الرزاق (8682) وأحمد (3/ 318) و (3/ 322) والترمذي (851)(1791) والنسائي (5/ 191) و (7/ 200) وفي الكبرى (3819) و (4835) والدارمي (1948) وابن الجارود (438)(890) وابن خزيمة (2645) وابن حبان (3965) والطحاوي (2/ 164) والدارقطني (2/ 245 و 246) والحاكم (1/ 452) والبيهقي (5/ 183)(9/ 318 - 319) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 95).
(2)
ابن ماجه (3236) وأحمد (3/ 297) وعبد الرزاق (8681) وأبو يعلى (2127) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (9/ 93) والدارقطني (2/ 245 - 246) والبيهقي (9/ 318 - 319).
(3)
سنن الترمذي (3/ 208 عقب الحديث 851).
وقال الطحاوي: وقد وجدنا يحيى بن سعيد القطان فيما أجازه لنا هارون بن محمد العسقلاني عن العلائي عنه قد أنكر هذا الحديث فقال: كان يحدّث به عن جابر عن عمر ثم صيّره عن النبي صلى الله عليه وسلم إنكاراً منه إياه على ابن أبي عمار، وموضع يحيى من هذا الأمر موضعه منه»
(1)
.
قال ابن عدي: قال يحيى القطان: كان جرير بن حازم في حديث الضبع يقول: عن جابر عن عمر ثم يجعله بعد عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم
(2)
.
والذي يؤيد قول يحيى القطان ما يلي:
روى مالك
(3)
، وسفيان بن عيينة
(4)
، وعبد الله بن عون
(5)
ثلاثتهم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله: أن عمر رضي الله عنه قضى في الضبع بكبش.
فلو كان عند جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا لما ذكر قضاء عمر.
قال الطحاوي معقباً: فقوّى ما رواه عليه أبو الزبير هذا الحديث ما قاله يحيى بن سعيد فيه.
(1)
شرح مشكل الآثار (9/ 95) وتحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار (6/ 66).
(2)
ابن عدي في الكامل (2/ 125) والذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 18) وابن حجر في تهذيب التهذيب (2/ 62).
(3)
الموطأ (1/ 414) ومن طريقه الشافعي (1/ 134) وعبد الرزاق (8224) والطحاوي في شرح المشكل (91/ 96).
(4)
الطحاوي (9/ 96).
(5)
الطحاوي (9/ 96).
ثم قال الطحاوي: فوجب بذلك رد هذا الحديث إلى مَنْ دون رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
علة الوهم:
1 اختلاف الأمصار، فجرير بن حازم بصري، وشيخه في هذا الحديث مكي، فرواية ابن جريج
(1)
وإسماعيل بن أمية
(2)
وهما مكيان أصح من رواية جرير.
2 أن جريراً وإن كان حافظاً فإن له أوهاماً. قال ابن أبي خيثمة: رأيت في كتاب علي يعني ابن المديني قلت ليحيى: أيما أحب إليك أبو الأشهب أو جرير بن حازم؟ قال: ما أقربهما ولكن جرير كان أكثرهما وهماً
(3)
.
(1)
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل، من السادسة، مات سنة 150 أو بعدها وقد جاوز السبعين، روى له الجماعة.
(2)
إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة 144، روى له الجماعة.
قال سفيان بن عيينة: لم يكن عندنا قرشيان مثل إسماعيل بن أمية وأيوب بن موسى.
(3)
تهذيب الكمال ترجمة رقم (895).
الحديث الحادي عشر
(1)
:
560 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 119): حدثنا وكيع، حدثنا جرير بن حازم عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل من المنبر يوم الجمعة فيكلمه الرجل في الحاجة فيكلمه ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد أيضاً في (3/ 127) و (3/ 213) وأبو داود (1120) والترمذي (517) وفي العلل الكبير (1440) والنسائي (3/ 110) وابن ماجه (1117) والطيالسي (2155) وعبد بن حميد (1260) وأبو يعلى (3452) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (31) وابن أبي شيبة (2/ 127) وابن خزيمة (1838) وابن حبان (2805) والحاكم (1/ 290) والبيهقي (3/ 224) وابن الجوزي في العلل المتناهية (794).
كلهم من طريق: (الطيالسي، ووهب بن جرير، وحجاج بن محمد، وشيبان بن فروخ، والفريابي، ومسلم بن إبراهيم).
كلهم عن جرير بن حازم به.
هكذا قال جرير بن حازم، عن ثابت، عن أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
رجال الإسناد:
وكيع بن الجراح: تقدم. انظر ترجمته في بابه.
ثابت بن أسلم البناني: تقدم.
ينزل من المنبر يوم الجمعة بعدما يخطب فيكلمه الرجل في الحاجة ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي.
إلا أن أهل الحديث قالوا: إن جريراً وهم في متن هذا الحديث وأن الصحيح هو ما رواه حميد الطويل
(1)
، وحماد بن سلمة
(2)
، ومعمر
(3)
، وعمارة بن زاذان
(4)
عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: أقيمت صلاة العشاء الآخرة ذات ليلة فقام رجل فقال: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، فقام معه يناجيه حتى نعس القوم أو قال بعض القوم ثم صلّى ولم يذكر وضوءاً.
وكذلك رواه عبد العزيز بن صهيب
(5)
عن أنس.
وهم جرير فجعله يوم الجمعة بعد نزول الإمام من المنبر والصحيح كما رواه الجماعة بعد إقامة الصلاة.
(1)
البخاري (643) وأبو داود (542) وأحمد (3/ 114).
(2)
مسلم (376) وأبو داود (201).
(3)
الترمذي (518) وعبد الرزاق (1931) وعبد بن حميد (1249).
(4)
أحمد (3/ 239).
(5)
البخاري (6292) ومسلم (376).
وقال الترمذي في العلل الكبير (144): (سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هو حديث خطأ أخطأ فيه جرير بن حازم
…
)
(1)
.
وقال أبو داود عقب الحديث: «الحديث ليس بمعروف عن ثابت، وهو مما تفرد به جرير بن حازم» .
وقد ذكره ابن الصلاح مثالاً للقلب في متن الحديث
(2)
.
وقد صحح بعض أهل العلم هذا الحديث، فصححه العراقي، ومن المعاصرين: أحمد شاكر ومحققو مسند الإمام أحمد، وصححه الألباني في الإرواء (3/ 77) ثم ضعّفه بعد ذلك في صحيح سنن أبي داود، بما ذكره البخاري.
قال العراقي: فيما أعلّ به البخاري وأبو داود الحديث من أن الصحيح كلام الرجل له بعدما أقيمت الصلاة لا يقدح ذلك في صحة حديث جرير بن حازم بل الجمع بينهما ممكن بأن يكون المراد بعد إقامة صلاة الجمعة ونزوله من المنبر فليس الجمع بينهما متعذراً، كيف وجرير بن حازم أحد الثقات المخرج لهم في الصحيح فلا يقر زيادته في كلام الرجل له أنه كان بعد نزوله من المنبر) اه.
قلت: وفي هذا نظر لأنه جاء في بعض روايات مسلم أنها صلاة العشاء.
قال أحمد شاكر: والحق ما قاله العراقي من صحة حديث جرير،
(1)
وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 464).
(2)
النكت على ابن الصلاح (2/ 873).
بل قد يكون حديثه حديثاً آخر فتكون الواقعة التي روى غير الواقعة التي روى غيره. اه.
وانظر: فتح الباري (2/ 124) باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة موافقة المتأخرين لهم أو مخالفتهم، وباب الكلام إذا أقيمت الصلاة (2/ 124 - 125).
حجاج بن حجاج
اسمه ونسبه:
حجاج بن حجاج الباهلي البصري الأحول.
روى عن: أنس بن سيرين، وقتادة، وعبد الرحمن بن القاسم، ويونس بن عبيد وغيرهم.
روى عنه: إبراهيم بن طهمان وهو أروى الناس عنه، وسعيد بن أبي عروبة وهو من أقرانه، ومحمد بن جحادة، ويزيد بن زريع وغيرهم.
وثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والذهبي وابن حجر.
قال ابن خزيمة: هو أحد حفاظ أصحاب قتادة.
وقال أحمد بن حنبل: ليس به بأس.
قال ابن حجر: ثقة، من السادسة.
الحديث
(1)
:
561 -
قال الإمام النسائي رحمه الله (8/ 170): أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله، حدثني أبي، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج وهو ابن الحجاج عن قتادة، عن عبد الملك بن عبيد، عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تختم الذهب.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير عبد الملك بن عبيد روى له النسائي هذا الحديث وحديثاً آخر في البيع.
وأخرجه أيضاً النسائي في (8/ 192) وفي الكبرى (9498).
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد السلمي النيسابوري، صدوق من الحادية عشرة، مات سنة 258، روى له البخاري.
حفص بن عبد الله بن راشد السلمي أبو عمرو النيسابوري، قاضيها، صدوق من التاسعة، مات سنة 209، روى له البخاري.
إبراهيم بن طهمان الخراساني سكن نيسابور ثم مكة، ثقة يُغرب، تكلم فيه للإرجاء ويقال: رجع عنه، من السابعة، مات سنة 168، روى له البخاري ومسلم.
حجاج بن حجاج الباهلي البصري الأحول، ثقة من السادسة، روى له البخاري ومسلم.
قتادة: تقدم.
عبد الملك بن عبيد السدوسي، مجهول الحال، من السادسة، روى له النسائي.
بشير بن نهيك السدوسي، أبو الشعثاء، البصري، ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال حجاج: (عن قتادة، عن عبد الملك بن عبيد، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة).
خالفه شعبة
(1)
فقال: (عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة).
قال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن قتادة إلا شعبة
(2)
.
لذا قال النسائي: «حديث شعبة أولى بالصواب من حديث الحجاج بن الحجاج»
(3)
.
(1)
البخاري (5864) ومسلم (2089) والنسائي (8/ 192) وفي الكبرى (9499).
(2)
الأوسط (3/ 79 ح 2546).
(3)
السنن الكبرى (5/ 447).
حجاج الصواف
اسمه ونسبه:
حجاج بن أبي عثمان الصواف، أبو الصلت ويقال: أبو عثمان الكندي مولاهم البصري.
روى عن الحسن البصري، ويحيى بن أبي كثير، وأبي الزبير وغيرهم.
وعنه الحمادان ويحيى القطان، وهشيم وأبو عوانة ويزيد بن زريع وغيرهم.
قال يحيى القطان: وهو فطن صحيح كيِّس.
وقال أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والترمذي والنسائي: ثقة.
وكذلك وثقه ابن سعد وابن المديني والعجلي وابن حبان وغيرهم.
قال ابن حجر: ثقة حافظ، من السادسة.
الحديث
(1)
:
562 -
قال الإمام أبو داود (1862): حدثنا مُسَدَّدٌ ثنا يحيى عن حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ حدثني يحيى بن أبي كَثِيرٍ عن عِكْرِمَةَ قال:
سمعت الْحَجَّاجَ بن عَمْرٍو الأَنْصَارِيَّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كُسِرَ أو عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ من قَابِلٍ» قال عِكْرِمَةُ: سألْتُ ابن عَبَّاسٍ وأَبَا هُرَيْرَةَ عن ذلك فقَالَا: صَدَقَ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد من رجال البخاري.
وأخرجه ابن ماجه (3077) والنسائي في الكبرى (3844) والمجتبى (5/ 198) وأحمد (3/ 45) والترمذي في العلل الكبير (238) وفي الجامع (940) والدارمي (1894) وابن سعد (4/ 318) والطحاوي في شرح المشكل (2/ 75) وفي شرح المعاني (2/ 249) والطوسي في مختصر الأحكام (4/ 208) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 75) والطبراني في الكبير (3211) وأبو نعيم في حلية الأولياء (1/ 358)
(1)
رجال الإسناد:
مسدد بن مسرهد الأسدي، ثقة حافظ، مات سنة 228، روى عنه البخاري.
يحيى بن سعيد القطان، ثقة متقن حافظ، انظر ترجمته في بابه.
يحيى بن أبي كثير الطائي، اليمامي، ثقة لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.
عكرمة مولى ابن عباس، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة 104، روى له البخاري ومسلم.
حجاج بن عمرو الأنصاري المازني المدني، صحابي شهد صفين مع علي رضي الله عنهما.
والمزي في تهذيب الكمال (5/ 446) كلهم من طرق عن حجاج به.
هكذا قال حجاج: (عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن حجاج، عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي بعض الروايات تصريح بسماع عكرمة.
وخالفه معمر
(1)
، ومعاوية بن سلام
(2)
، وهشام الدستوائي
(3)
، وسعيد بن يوسف
(4)
، ويزيد بن يوسف
(5)
فقالوا: (عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع، عن الحجاج بن عمرو).
لذا حكى الترمذي عن الإمام البخاري أنه رأى حديث معمر ومعاوية بن سلام أصح من حديث حجاج.
قال الترمذي: سمعت محمداً يقول: رواية معمر ومعاوية بن سلام أصح
(6)
.
قال العلائي: وكأنه بسبب الوهم في التصريح فيه بحدثنا وسمعت
(7)
.
(1)
أبو داود (863) والترمذي (940) وابن ماجه (3078) والدارمي (1890) والطبراني في الكبير (3213) والحاكم (1/ 483) والبيهقي (5/ 220) وابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 42).
(2)
الدارمي (1890) والطحاوي (2/ 249) وفي شرح المشكل (617) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 195).
(3)
ابن ماجه (3078).
(4)
الدارمي (1895) والطبراني في الكبير (3214).
(5)
ابن قانع في معجم الصحابة (1/ 195).
(6)
جامع الترمذي (3/ 278 ح 940) والعلل الكبير (238).
(7)
جامع التحصيل (1/ 134).
ونقل البيهقي عن علي بن المديني أنه قال: الحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير أثبت
(1)
.
قلت: وما ذهب إليه البخاري أقرب إلى الصحة إذ خالف حجاج ثلاثة من الثقات فزادوا بين عكرمة والحجاج رجلاً، ويحيى بن أبي كثير مدلس فلربما دلسه حين حدّث به حجاجاً فوهم حجاج فرواه فصرّح فيه بالسماع، والله تعالى أعلم.
(1)
السنن الكبرى (5/ 220).
حميد الأعرج
اسمه ونسبه:
حميد بن قيس الأعرج المكي، أبو صفوان القاراء الأسدي مولى بني أسد بن عبد العزى، وهو قاراء أهل مكة.
روى عن: عطاء وعكرمة ومجاهد والزهري، ومحمد بن المنكدر وغيرهم.
روى عنه: أبو حنيفة النعمان بن ثابت، وهشام بن حسان، والثوري، ومعمر، وابن عيينة وغيرهم.
وثقه أحمد في رواية أبي طالب، وقال في رواية عبد الله: ليس بالقوي في الحديث.
ووثقه يحيى بن معين، وأبو زرعة الرازي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو داود، وابن خراش، وابن سعد وغيرهم.
وقال النسائي: ليس به بأس.
وذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من تابعي أهل مكة وقال: ثقة كثير الحديث.
قال ابن حجر: ليس به بأس.
مات سنة 130 أو بعدها.
الحديث
(1)
:
563 -
قال أبو داود رحمه الله (785): حدثنا قطن بن نُسير، ثنا جعفر، ثنا حميد الأعرج المكي، عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة وذكر الإفك، قالت:
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف عن وجهه وقال: «أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم» {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ
…
(11)} [النور: 11] الآية.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه البيهقي (2/ 43) من طريق أبي داود.
هكذا قال حميد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم» ثم تلا آية الإفك.
خالفه جماعة من أصحاب الزهري فرووه عنه فلم يذكروا الاستعاذة، منهم:
يونس بن يزيد
(2)
، وصالح بن كيسان
(3)
، وفليح بن سليمان
(4)
،
(1)
رجال الإسناد:
قطن بن نُسير البصري الغُبري، صدوق يخطاء، من العاشرة، روى عنه مسلم.
جعفر بن سليمان الضبعي، أبو سليمان البصري، صدوق زاهد لكنه كان يتشيع، من الثامنة، مات سنة 178، روى له مسلم.
محمد بن مسلم بن شهاب الزهري. انظره في بابه.
عروة: تقدم مراراً.
(2)
البخاري (4690)(7500)(7545) ومسلم (2770).
(3)
البخاري (4690) وأبو يعلى (4933).
(4)
البخاري (2660) ومسلم (2775).
ومعمر
(1)
، ويحيى بن سعيد الأنصاري
(2)
، وعبيد الله بن عمر
(3)
، ومحمد بن عبد الله بن أبي عتيق
(4)
، وإسحاق بن راشد
(5)
، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني
(6)
، وأفلح بن عبد الله بن المغيرة
(7)
، وصالح بن أبي الأخضر
(8)
، وابن جريج
(9)
، وعقيل بن خالد
(10)
، ومحمد بن إسحاق
(11)
وغيرهم
(12)
.
كل هؤلاء رووه عن الزهري عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عائشة رضي الله عنها ولم يذكروا الاستعاذة قبل الآية.
وكذلك رواه يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة
(13)
.
(1)
مسلم (2770) وعبد الرزاق (9748) وأحمد (6/ 194) وغيرهم.
(2)
الطبراني في الكبير (23/ 142) والبيهقي في شعب الإيمان (7028).
(3)
الطبراني (23/ 142) والبيهقي (7028).
(4)
الطبراني (23/ 139).
(5)
الطبراني (23/ 141) وابن شبة في أخبار المدينة (681) وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 120).
(6)
الطبراني (23/ 140) وفي مسند الشاميين (2425) وابن عساكر (29/ 332).
(7)
الطبراني (23/ 145)(146) وابن مردويه كما في فتح الباري (7/ 437).
(8)
ابن شبة في أخبار المدينة (1/ 192 رقم 683) والطبراني (23/ 147).
(9)
الطبراني (23/ 138).
(10)
الطبراني (23/ 144).
(11)
الطحاوي (4/ 383) وفي شرح المشكل (7/ 409) والطبري في تفسيره (25856).
(12)
سفيان بن عيينة عند أحمد (6/ 264) وإسماعيل بن رافع ويعقوب بن عطاء وزياد بن سعد عند الطبراني (23/ 139 - 148) فحديثهم كان مختصراً ولم يأتِ فيه ذكر الآية.
(13)
ابن شبة في أخبار المدينة (687).
وعبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة
(1)
.
وهشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة
(2)
.
لذا قال أبو داود عقب الحديث: «هذا حديث منكر، قد روى هذا الحديث جماعة عن الزهري لم يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة من كلام حميد»
(3)
.
ووافقه ابن القطان وابن القيم إلا أنهما حملا الوهم على مَنْ هو دونه في الإسناد: قال ابن القيم: قال ابن القطان: حميد بن قيس أحد الأثبات وإنما علته أنه من رواية قطن بن نسير عن جعفر بن سليمان عن حميد، وقطن وإن كان روى عنه مسلم فكان أبو زرعة يحمل عليه ويقول: روى عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس أحاديث مما أنكر عليه، وجعفر أيضاً مختلف فيه، فليس ينبغي أن يحمل على حميد وهو ثقة بلا خلاف، في شيء جاء به عنه مَنْ يختلف فيه
(4)
.
قلت إنما ذكرته في بابه لأن الاختلاف في طبقته والله أعلم.
(1)
المصدر السابق (687).
(2)
الطبري في التفسير (25857) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة.
(3)
سنن أبي داود (1/ 349 ح 785).
(4)
تهذيب ابن القيم (1/ 379 مع مختصر المنذري).
داود بن الحصين
اسمه ونسبه:
داود بن الحصين القرشي الأموي، أبو سليمان المدني، مولى عمرو بن عثمان بن عفان.
روى عن: أبيه الحصين، ورافع بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، ونافع وعكرمة، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج.
روى عنه: مالك وابن إسحاق، وابنه سليمان بن داود، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير.
وثقه يحيى بن معين وابن سعد والعجلي وأحمد بن صالح المصري والذهبي.
وقال ابن عيينة: كنا نتقي حديث داود بن الحصين. وقال أبو زرعة: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، ولولا أن مالكاً روى عنه لترك حديثه.
قال الذهبي في كتابه مَنْ تكلم فيه وهو موثق: ثقة مشهور له غرائب تستنكر.
وقال ابن المديني: مرسل الشعبي أحب إليّ من داود عن عكرمة عن ابن عباس.
قال ابن حجر: ثقة إلا في عكرمة، ورمي برأي الخوارج، من السادسة، مات سنة 130.
الحديث
(1)
:
564 -
قال الإمام النسائي رحمه الله (3/ 260): أخبرنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن داود بن الحصين، عن الأعرج، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارئ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
مَنْ فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر فإنه لم يفته أو كأنه أدركه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه النسائي أيضاً في الكبرى (1465).
وهو عند مالك في الموطأ (1/ 200 رقم 471) والبيهقي (2/ 485).
ورواه عبد الله بن المبارك في الزهد (1248) عن مالك به.
هكذا قال داود بن الحصين عن الأعرج عن عبد الرحمن بن
(1)
رجال الإسناد:
قتيبة بن سعيد: تقدم.
مالك بن أنس: الإمام. انظره في بابه.
عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أبو داود المدني مولى ربيعة بن الحارث، ثقة ثبت عالم، من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن عبد القاراء المدني، يقال له: رؤية، واختلف في صحبته، توفي عام 88 عن 78 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبدٍ القارئ عن عمر رضي الله عنه موقوفاً: (مَنْ فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر فإنه لم يفته).
خالفه الزهري
(1)
فرواه عن السائب بن يزيد، وعبيد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارئ، عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل» .
ورواه أيضاً مالك
(2)
عن الزهري عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن عبد القاراء عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: (ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر).
وهم داود بن الحصين في قوله: (ما بين أن تزول الشمس إلى صلاة الظهر) لأن هذا زمن قصير لا يمكن المرء أن يقضي فيه حزبه من الليل.
والصحيح هو كما رواه الزهري وأن وقته جميع النهار.
قال ابن عبد البر: «هكذا هذا الحديث في الموطأ عن داود بن الحصين وهو عندهم وهم من داود والله أعلم، لأن المحفوظ من حديث ابن شهاب عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن عبد القارئ عن عمر بن الخطاب قال: (مَنْ نام عن
(1)
مسلم (747) والنسائي (3/ 259) وأبو داود (1313) والترمذي (588) وغيرهم من طريق يونس بن يزيد، ورواه أبو عوانة (2136) من طريق عقيل عن الزهري، ورواه عبد الرزاق (4718) والنسائي في الكبرى (1464) من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القارئ.
(2)
رواه الدارقطني في غرائب مالك كما في التمهيد (12/ 272).
حزبه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل) ومن أصحاب ابن شهاب مَنْ يرويه عنه بإسناده عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عند أهل العلم أولى بالصواب من حديث داود بن حصين حين جعله من زوال الشمس إلى صلاة الظهر لأن ضيق ذلك الوقت لا يدرك فيه المرء حزبه من الليل، ورُبّ رجل حزبه نصف وثلث وربع ونحو ذلك»
(1)
.
(2)
.
(1)
الاستذكار (8/ 19 - 20).
(2)
التمهيد (12/ 272).
زياد بن سعد
اسمه ونسبه:
زياد بن سعد بن عبد الرحمن الخراساني، أبو عبد الرحمن، سكن مكة ثم تحول إلى اليمن، وكان شريك ابن جريج.
روى عن: عمرو بن دينار والزهري وحميد الطويل وأبي الزبير وغيرهم.
روى عنه: مالك وابن جريج وابن عيينة وغيرهم.
قال ابن عيينة: كان عالماً بحديث الزهري.
وقال أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم: ثقة.
وقال النسائي: ثقة ثبت.
وقال ابن المديني: كان من أهل التثبت والعلم.
قال الذهبي: مات كهلاً وموته قريب من موت ابن جريج.
قال ابن حجر: ثقة ثبت، قال ابن عيينة: كان أثبت أصحاب الزهري، من السادسة، روى له البخاري ومسلم.
الحديث
(1)
:
565 -
قال الإمام أبو داود رحمه الله (989): حدثنا إِبْرَاهِيمُ بن الْحَسَنِ المِصِّيصيُّ ثنا حَجَّاجٌ عن ابن جُرَيْجٍ عن زِيَادٍ عن مُحَمَّدِ بن عَجْلَانَ عن عَامِرِ بن عبد الله عن عبد الله بن الزُّبَيْرِ أنَّهُ ذَكَرَ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُشِيرُ بِأُصبعِهِ إذا دَعَا ولا يُحَرِّكُهَا قال ابن جُرَيْجٍ وزاد عَمْرُو بن دِينَارٍ قال: أخبرني عَامِرٌ عن أبيه أنَّهُ رأى النبي صلى الله عليه وسلم يَدْعُو كَذَلِكَ ويَتَحَامَلُ النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليُسْرَى على فَخْذِهِ الْيُسْرَى.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحسن وهو ثقة وقد توبع.
وأخرجه البغوي في شرح السنة (3/ 177) من طريق أبي داود به.
(1)
رجال الإسناد:
إبراهيم بن الحسن بن الهيثم الخثعمي، أبو إسحاق المصيصي المقسمي، ثقة، من الحادية عشرة، روى عنه أبو داود والنسائي.
حجاج بن محمد المصيصي الأعور، ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات سنة 236، روى له البخاري ومسلم.
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج: ثقة فقيه فاضل وكان يدلس (انظر ترجمته في بابه).
زياد بن سعد بن عبد الرحمن الخراساني نزيل مكة ثم اليمن، ثقة ثبت، قال ابن عيينة: كان أثبت أصحاب الزهري، من السادسة، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن عجلان المدني، صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة 148، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي، أبو الحارث المدني، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة 121، روى له البخاري ومسلم.
ورواه النسائي (3/ 37) وفي الكبرى (1193) عن أيوب بن محمد الوزان، وأبو عوانة (2019) عن هلال بن العلاء ويوسف بن مسلم ثلاثتهم عن حجاج به.
هكذا قال زياد بن سعد عن محمد بن عجلان، عن عامر بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن الزبير:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه إذا دعا ولا يحركها).
وخالفه جماعة من أصحاب ابن عجلان فرووه عنه بهذا الإسناد فلم يذكروا: (ولا يحركها)، منهم:
الليث بن سعد
(1)
، وأبو خالد الأحمر
(2)
، وسفيان بن عيينة
(3)
، ويحيى بن سعيد القطان
(4)
، وروح بن القاسم
(5)
، وسليمان بن بلال
(6)
.
وكذلك رواه عثمان بن حكيم
(7)
، وعمرو بن دينار
(8)
، ومخرمة بن بكير
(9)
عن عامر بن عبد الله ولم يذكروا هذه الزيادة.
(1)
مسلم (579)(113).
(2)
مسلم (579)(113).
(3)
الدارمي (1338) وأبو يعلى (6806) والبيهقي (2/ 305).
(4)
أبو داود (990) والنسائي (3/ 39) وفي الكبرى (1198) وأبو يعلى (6807) وابن خزيمة (718) وأبو عوانة (2018) والبزار (2206).
(5)
أبو نعيم في الحلية (3/ 167).
(6)
المصدر السابق تعليقاً.
(7)
مسلم (579)(112) وأبو داود (988).
(8)
أبو عوانة (2016).
(9)
النسائي (2/ 237) وفي الكبرى (745) والبيهقي (2/ 132).
لذا قال ابن القيم: وأما حديث أبي داود عن عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه إذا دعا ولا يحركها، فهذه الزيادة في صحتها نظر، وقد ذكر مسلم الحديث بطوله في صحيحه عنه ولم يذكر هذه الزيادة، وأيضاً فليس في حديث أبي داود عنه أن هذا كان في الصلاة، وأيضاً لو كان في الصلاة لكان نافياً، وحديث وائل بن حجر مثبتاً وهو مقدّم ذكره أبو حاتم في صحيحه
(1)
.
وقال الألباني: إسناده حسن، لكن قوله:(ولا يحركها) زيادة شاذة تفرد بها عن ابن عجلان زياد بن سعد، وخالفه جماعة من الثقات فرووه عن ابن عجلان دون الزيادة، وتابعه ثقتان فروياه عن عامر بن عبد الله بدونها»
(2)
.
(1)
زاد المعاد (1/ 238).
(2)
ضعيف سنن أبي داود (9/ 269).
زيد بن أبي أنيسة
اسمه ونسبه:
زيد بن أبي أنيسة، واسمه زيد أيضاً أبو أسامة الجزري الرهاوي، كوفي الأصل، سكن الرها.
روى عن: أبي إسحاق السبيعي، وعطاء بن أبي رباح، وأبي الزبير، وأبي الزناد، والحكم بن عتيبة، والزهري، وغيرهم.
روى عنه: مالك، ومسعر، وعبيد الله بن عمرو الرقي وهو راويته، وغيرهم.
قال ابن معين: ثقة، وكذلك قال جعفر بن برقان والعجلي.
وقال ابن سعد: كان يسكن الرها وبات بها، وكان ثقة كثير الحديث فقيهاً راوية للعلم.
وقال الآجري عن أبي داود: ثقة. وكذلك قال يعقوب بن سفيان.
وحكى العقيلي عن أحمد قوله: حديثه حسن مقارب وإن فيها لبعض النكرة وهو على ذلك حسن الحديث.
وقال المروذي: سألته عنه فحرك يده وقال: صالح وليس هو بذاك.
وقال أبو داود عن أحمد: ليس به بأس.
مات سنة 125، وقيل: 124 وله 36 سنة.
قال ابن حجر: ثقة له أفراد، من السادسة.
الحديث الأول
(1)
:
566 -
قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه (9/ 335 رقم 4026): أخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بْنُ عبد الله بن يَزِيدَ القَطَّانُ بالرَّقَّةِ قال: حَدَّثَنا حَكِيمُ بن سَيْف الرَّقِّيُ قال: حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللّهِ بن عَمْرٍو عن زَيْدِ بن أَبِي أُنَيْسَةَ عن سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عن عَلْقَمَةَ بن قَيْسٍ قَالَ:
بَيْنَا أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ نمشي بالمدينة قَالَ: فلَقِيَه عُثْمَانُ بن عَفَّانَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ قَالَ: فَقَامَا وتَنحَّيْتُ عَنْهُمَا فلَمَّا رَأَى عبدُ الله أنْ لَيْسَ لهُ حَاجَةٌ يَسِرُّهَا قَالَ: ادْنُ عَلْقَمَةُ، قَالَ: فانْتَهَيْتُ إلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: ألَا نُزَوِّجُكَ يَا عَبْدَ الله جَارِيَةً لَعَلَّهَا أنْ تُذَكِّرَكَ مَا فَاتَكَ؟ قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ الله: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ فَإِنَّا قَدْ كُنَّا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم شَبَاباً فَقَالَ لَنَا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ
(1)
رجال الإسناد:
الحسين بن عبد الله بن يزيد بن الأزرق المالكي القطان، نعته الذهبي فقال: الحافظ المسند الثقة رحّال مصنّف، وثقه الدارقطني، مات سنة 316 (السير 14/ 286).
حكيم بن سيف بن حكيم الأسدي مولاهم أبو عمرو الرقي، صدوق من العاشرة، مات سنة 238، روى له أبو داود والنسائي.
عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الرقي، أبو وهب الأسدي، ثقة فقيه ربما وهم، من الثامنة، مات سنة 180 عن 80 سنة، روى له البخاري ومسلم.
زيد بن أبي أنيسة الجزري أبو أسامة أصله من الكوفة ثم سكن الرها، ثقة له أفراد، من السادسة، روى له البخاري ومسلم.
سليمان بن مهران: الأعمش (انظر ترجمته في بابه).
إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، الكوفي الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً، من الخامسة، مات سنة 96 وله نحو 50 عاماً، روى له البخاري ومسلم.
علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات بعد الستين، وقيل: بعد السبعين، روى له البخاري ومسلم.
اسْتَطَاعَ مِنْكُم البَاءَةَ فَلْيَتَزوَّجْ فَإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَصُمْ فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ وهُوَ الإِخْصَاءُ».
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات.
هكذا قال زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع منكم الباءة فليصم فإنه له وجاء وهو الإخصاء» .
وخالفه أصحاب الأعمش فرووه عن الأعمش ولم يقولوا: (وهو الإخصاء)، منهم:
أبو حمزة السكري
(1)
، وحفص بن غياث
(2)
، وأبو معاوية محمد بن خازم
(3)
، وجرير بن عبد الحميد
(4)
، وعلي بن مسهر
(5)
، وشعبة
(6)
، وسفيان الثوري
(7)
، وسفيان بن عيينة
(8)
، وشيبان النحوي
(9)
، وأحمد بن حرب
(10)
وغيرهم.
(1)
البخاري (1905).
(2)
البخاري (5065).
(3)
مسلم (1400).
(4)
مسلم (1400).
(5)
ابن ماجه (1845).
(6)
النسائي (4/ 170) و (6/ 57) وفي الكبرى (2548) والطيالسي (272).
(7)
الدارمي (2166) والبزار (1504).
(8)
أبو عوانة (3990)(3991).
(9)
أبو عوانة (3992) والشاشي (360).
(10)
النسائي (6/ 58).
وكذلك روي من وجه آخر عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود فانتهى إلى قوله:(وهو له وجاء).
وهم زيد بن أنيسة أو مَنْ هو دونه فزاد: وهو الإخصاء.
لذا قال الحافظ ابن حجر: في رواية ابن حبان: فإنه له وجاء وهو الإخصاء، وهي زيادة مدرجة في الخبر لم تقع إلا في طريق زيد بن أبي أنيسة. وتفسير الوجاء بالإخصاء فيه نظر فإن الوجاء رض الأنثيين والإخصاء سلهما»
(1)
.
وقال العيني: ووقع في رواية مسلم: فإنه له وجاء وهو الإخصاء، وهي زيادة مدرجة في الخبر، وتفسير الوجاء بالإخصاء فيه نظر، فإن الوجاء رض الأنثيين والإخصاء قلعهما
(2)
.
قلت: وقوله في رواية مسلم وهم.
وقال ابن الملقن: ووقع في صحيح ابن حبان في آخر هذا الحديث بعد قوله: (فإنه له وجاء) وهو الإخصاء، ولا أدري ممن هذه الزيادة
(3)
.
(1)
فتح الباري (9/ 110) والتلخيص الحبير (3/ 145).
(2)
عمدة القاري (20/ 68).
(3)
البدر المنير (7/ 493).
الحديث الثاني
(1)
:
567 -
قال الإمام النسائي رحمه الله (2/ 239): أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث أن زيد بن أبي أنيسة الجزري حدّثه أن أبا إسحاق حدّثه عن الأسود وعلقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نعلم شيئاً فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا في كل جلسة: التحيات للّه والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وهو عند النسائي في الكبرى (754) ورواه الطبراني في الأوسط (6521) من طريق ابن وهب به.
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح، أبو الطاهر المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة 250، روى له مسلم.
عبد الله بن وهب بن سلم القرشي مولاهم، أبو محمد المصري الفقيه، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات سنة 197 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري مولاهم المصري أبو أيوب، ثقة فقيه حافظ، من السابعة، مات قديماً قبل سنة 150، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن عبد الله بن عبيد، أبو إسحاق السبيعي، ثقة مكثر عابد. انظر ترجمته في بابه.
الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أبو عمرو أو أبو عبد الرحمن، مخضرم، ثقة مكثر فقيه، من الثامنة، مات سنة 74 أو 75، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال زيد بن أبي أنيسة: (عن أبي إسحاق، عن الأسود وعلقمة، عن عبد الله بن مسعود).
وخالفه أصحاب أبي إسحاق فرووه عن أبي إسحاق عن الأسود وأبي الأحوص وأبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود ولم يذكروا علقمة في الإسناد.
فرواه شعبة
(1)
، وسفيان الثوري
(2)
، وزهير بن معاوية
(3)
، ومعمر
(4)
، وفطر بن خليفة
(5)
، وإسرائيل
(6)
، وأبو الأحوص
(7)
، وزكريا بن أبي زائدة
(8)
، وهشام بن حسان
(9)
، وعبد الرحمن المسعودي
(10)
، والأعمش
(11)
، وشريك
(12)
، وأشعث بن سوار
(13)
،
(1)
النسائي (2/ 238) وفي الكبرى (751) وأحمد (1/ 437) والطيالسي (302) وابن خزيمة (720) وابن حبان (1951) والطحاوي (1/ 263) والطبراني في الكبير (9912) وغيرهم.
(2)
الطبراني في الكبير (9916) وابن الأعرابي في المعجم (1362) و (1407) والنسائي (2/ 239) والشاشي (509).
(3)
ابن حبان (6402) والطبراني (9913) وابن أبي شيبة في مسنده (423).
(4)
عبد الرزاق في المصنف (3063) وأحمد (1/ 408) والطبراني في الكبير (9910).
(5)
ابن أبي شيبة في المسند (422) والطبراني (997).
(6)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 263) والبيهقي (2/ 148).
(7)
الطبراني (9913) وأبو الأحوص هذا هو سلّام بن سليم.
(8)
الطبراني (9913).
(9)
الطبراني (9913).
(10)
الطبراني (9913).
(11)
الطحاوي (1/ 2663) والطبراني (9913).
(12)
الطبراني (9913).
(13)
الطبراني (9913).
وأيوب بن جابر
(1)
، وعمرو بن قيس الملائي
(2)
، وداود بن أبي عبد الله
(3)
، ورقبة بن مصقلة
(4)
وغيرهم.
فقالوا: (عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص الجشمي عوف بن مالك، عن عبد الله بن مسعود).
ورواه سفيان الثوري
(5)
، وزهير بن معاوية
(6)
عن أبي أسحاق عن الأسود عن عبد الله بن مسعود.
وهذا الوجه الثاني أيضاً محفوظ عن أبي إسحاق.
ورواه الثوري
(7)
، والأعمش
(8)
عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص والأسود كلاهما عن ابن مسعود.
(1)
الطبراني (9913).
(2)
الطبراني (9913).
(3)
الطبراني (9913).
(4)
الطبراني (9913).
(5)
الترمذي (289) والنسائي (2/ 237) وفي الكبرى (748).
(6)
الطيالسي (303) والطحاوي (1/ 266) وفي شرح المشكل (3802) والبغوي في الجعديات.
(7)
عبد الرزاق (3061) ومن طريقه أحمد (1/ 423) وابن ماجه (899) وابن حبان (1950) والطبراني (9888)(9909) والبيهقي (2/ 377) وأخرجه الشاشي (504) وابن حبان (1956) من طرق أخرى عن الثوري.
(8)
الدارقطني تعليقاً (5/ 310).
وهذا الوجه أيضاً محفوظ عن أبي إسحاق.
ورواه الثوري
(1)
عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص والأسود وأبي عبيدة عن ابن مسعود.
لذا قال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن أبي إسحاق عن علقمة إلا زيد بن أبي أنيسة، ولا رواه عن زيد بن أبي أنيسة إلا عمرو بن الحارث. تفرد به ابن وهب
(2)
.
وقال الدارقطني بعد أن ذكر الاختلاف على أبي إسحاق في هذا الحديث: «وكل الأقاويل صحاح عن أبي إسحاق إلا ما قال زيد بن أبي أنيسة من ذكر علقمة فإن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة شيئاً»
(3)
.
قلت: ذكر المزي في تهذيبه أن أبا إسحاق روى عن علقمة بن قيس النخعي وحديثه في هذا عند النسائي وابن ماجه، لكن قال الداودي عن يحيى بن معين: إن أبا إسحاق رأى علقمة ولم يسمع منه شيئاً
(4)
.
وقال ابن أبي حاتم: قال أبي وأبو زرعة: أبو إسحاق لم يسمع من علقمة شيئاً
(5)
.
وقال شعبة: رأى علقمة ولم يسمع منه شيئاً، فبلغ ذلك أبا إسحاق فقال: صدق.
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: لم يسمع أبو إسحاق من علقمة شيئاً
(6)
.
(1)
ابن ماجه (899) وأحمد (1/ 413) والشاشي (504) وأبو عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود.
(2)
الأوسط (6/ 321 ح 6521).
(3)
العلل (5/ 312).
(4)
تاريخ ابن معين (2/ 448).
(5)
المراسيل (145).
(6)
تهذيب الكمال (4989).
لذا قال المزي: وقيل: إنه لم يسمع منه.
فما ذكره الدارقطني من وهم زيد بن أبي أنيسة صحيح لو أن زيداً ذكر سماعاً لكنه رواه بالعنعنة هنا، وأبو إسحاق سمع كما في ترجمته من ثمانية وثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لكن ذكر حفاظ الحديث أنه لم يسمع من علقمة فالمصير إلى ما قرروه واجب.
وتفرد زيد بذكر علقمة في الإسناد من بين أصحاب الثوري هو وهم، والله تعالى أعلم.
الحديث الثالث
(1)
:
568 -
قال ابن حبان رحمه الله في صحيحه (5448): أخبرنا أبو عروبة، قال: حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن الأغر أبي مسلم عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
أنه وضع يده على عضلة ساقه فقال: «هذا موضع الإزار، فإن أبيت فأسفل، فإن أبيت فلا حق للإزار في الكعبين» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
هكذا رواه زيد بن أبي أنيسة فقال: (عن أبي إسحاق، عن الأغر أبي مسلم، عن حذيفة).
(1)
رجال الإسناد:
أبو عروبة: الإمام الحافظ المعمر الصادق أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر مودود السلمي الجزري الحراني صاحب التصانيف، مفتي أهل حران، مات سنة 318 (سير أعلام النبلاء 14/ 510، والتذكرة 2/ 774).
محمد بن وهب بن عمر بن أبي كريمة أبو المعافى الحراني، صدوق، من العاشرة، مات سنة 243، روى له النسائي.
محمد بن سلمة بن عبد الله الباهلي مولاهم الحراني، ثقة، من التاسعة، مات سنة 191 على الصحيح، روى له مسلم والبخاري في جزء القراءة.
أبو عبد الرحيم: خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رستم الأموي الحراني، ثقة من السادسة، مات سنة 144، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
الأغر أبو مسلم المديني نزيل الكوفة، ثقة من الثالثة، وهو غير سليمان الأغر الذي يكنى أبا عبد الله، وقد قلبه الطبراني فقال: اسمه مسلم ويكنى أبا عبد الله، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
خالفه سفيان الثوري
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وشعبة
(3)
، والأعمش
(4)
، وأبو الأحوص
(5)
، وزكريا بن أبي زائدة
(6)
، وفطر
(7)
، والجراح بن الضحاك
(8)
، ومالك بن مغول
(9)
، وعمار الدهني
(10)
، ومطرف بن طريف
(11)
، وزهير
(12)
.
هؤلاء كلهم رووه عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نذير، عن حذيفة رضي الله عنه.
قلب زيد بن أبي أنيسة (مسلم بن نذير)
(13)
إلى (الأغر أبي مسلم).
قال النسائي في الكبرى (1/ 485) عن حديث الباب: خطأ، وقال عن رواية الجماعة: إنها الصواب.
(1)
ابن حبان (5445)(5449) وذكره الترمذي تعليقاً ح (1783) وأحمد (5/ 400 - 401).
(2)
الحميدي (445) وأحمد (5/ 382) وابن ماجه (3572) والطبراني في الأوسط (9473).
(3)
الطيالسي (426) وذكره الترمذي تعليقاً (1783) وأحمد (5/ 396، 398).
(4)
النسائي (8/ 206) وفي الكبرى (9688).
(5)
الترمذي (1783) والنسائي في الكبرى (9687) وابن ماجه (3572) وابن أبي شيبة (8/ 390 - 391).
(6)
النسائي في الكبرى (9689).
(7)
النسائي في الكبرى (9690).
(8)
الطبراني في الأوسط (1779).
(9)
المصدر السابق (2079).
(10)
الطبراني في الأوسط (9473).
(11)
الطبراني في الصغير (270).
(12)
ابن الجعد (2558) والبغوي في شرح السنّة (3078).
(13)
مسلم بن نُذير ويقال: ابن يزيد، كوفي، يكنى أبا عياض، مقبول، من الثالثة، روى له البخاري في الأدب المفرد والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وخالفه ابن حبان فقال: (سمع هذا الخبر أبو إسحاق عن مسلم بن نذير والأغر أبي مسلم فالطريقان جميعاً محفوظان، إلا أن خبر الأغر أغرب، وخبر مسلم بن نذير أشهر).
قلت: وما ذهب إليه النسائي أصوب حيث لم يتابع زيد على روايته، وزيد وإن كان ثقة فله أفراد.
قال الدارقطني: والصواب عن أبي إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة
(1)
.
(1)
العلل (6/ 84).
الحديث الرابع
(1)
:
569 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (6/ 195): أخبرنا محمد بن وَهْبٍ قال: حدثنا محمد بن سَلَمة قال: حدثني أبو عبد الرَّحيم قال: حدثني زَيْدُ بن أبي أُنَيْسَةَ عن يزيدَ بن أبي حَبيبٍ عن مُحَمَّد بن مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ قال: كتبَ إليه يذْكُرُ أنَّ عُبَيد الله بن عبد الله حدّثه أنَّ زُفَرَ بن أوْس بن الْحَدَثَانِ النَّصْرِيَّ حدّثه أنَّ أبَا السَّنَابِل بن بَعْكك بن السَّبَّاق قال لسُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّة: لَا تَحِلِّينَ حتى يَمُرَّ عليْكِ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ وعَشْراً أقْصَى الأَجلَيْنِ. فأتَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فسأَلَتْهُ عن ذلك فزَعَمَتْ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أفْتَاهَا أن تَنْكِحَ إذا وضعَتْ حَمْلَها، وكَانَتْ حُبْلَى في تسْعَةِ أشْهُرٍ حين تُوُفِّيَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ تحتَ سَعْد بن خَوْلَة فتُوُفِّيَ في حَجَّةِ الودَاعِ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فنكَحَتْ فَتًى من قَوْمِهَا حين وضَعَتْ ما في بَطْنِهَا.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن وهب: تقدم.
أبو عبد الرحيم: تقدم في الحديث السابق.
يزيد بن أبي حبيب المصري، ثقة فقيه وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة 128 وقد قارب الثمانين، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: متفق على إمامته وجلاله. انظره في بابه.
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، من الثالثة، مات سنة 94، روى له البخاري ومسلم.
زفر بن أوس بن الحدثان النصْري بالنون المدني، يقال له: رؤية، أما أبوه فصحابي معروف، روى له النسائي.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5713).
هكذا قال زيد بن أبي أنيسة: (عن يزيد بن حبيب، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن زفر بن أوس).
خالفه الليث بن سعد
(1)
فقال: (عن يزيد بن حبيب، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن ابن الأرقم، عن سبيعة).
وكذلك رواه جماعة عن الزهري منهم:
يونس بن يزيد
(2)
، ومحمد بن الوليد الزبيدي
(3)
، وصالح بن أبي الأخضر
(4)
، ومحمد بن إسحاق
(5)
.
ورواه سفيان عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه أن سبيعة وضعت. مرسلاً
(6)
.
أسقط زيد عبد الله بن عتبة والد عبيد الله من الإسناد، وخالف في راوي الحديث فقال:(زفر بن أوس) وقال الليث والباقون: ابن الأرقم، وهو عمر بن عبد الله بن الأرقم.
تنبيه:
قال ابن الملقن: «وقول الليث: حدثني يزيد، عن ابن شهاب،
(1)
البخاري (5319).
(2)
البخاري (3991) تعليقاً، ومسلم (1484).
(3)
النسائي (6/ 196) وفي الكبرى (5714) وابن حبان (4294).
(4)
إسحاق (2315).
(5)
أحمد (6/ 432).
(6)
البيهقي (7/ 429).
وهو يزيد بن أبي حبيب كما ذكره ابن مسعود في أطرافه وغيره، وصرّح به أبو نعيم والطبراني
(1)
، ورواه النسائي من حديث زيد بن أبي أنيسة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن مسلم به.
وأما الدمياطي فقال: يزيد هذا هو ابن عبد الله بن أسامة بن الهاد فينظر»
(2)
.
فأشار إلى أن زيد بن أبي أنيسة تابع الليث ولم يشر إلى مخالفته، والله تعالى أعلم.
(1)
الطبراني في الكبير (24/ 748).
(2)
التوضيح بشرح الجامع الصحيح (25/ 503).
الحديث الخامس
(1)
:
570 -
قال الطبراني في المعجم الأوسط (687): حدثنا مخلد بن مالك قال: حدثنا محمد بن مسلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا تسبُّوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهباً ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير شيخ الطبراني مخلد بن مالك.
قال أبو حاتم: شيخ. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن حجر في التقريب: لا بأس به.
هكذا رواه زيد فقال: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
(1)
رجال الإسناد:
مخلد بن مالك بن شيبان الحراني، أبو محمد مولى قريش، لا بأس به، من العاشرة، مات سنة 242، روى عنه النسائي في مسند علي.
محمد بن سلمة: تقدم.
أبو عبد الرحيم: تقدم.
الأعمش: انظره في بابه واسمه (سليمان بن مهران).
أبو صالح: تقدم مراراً.
خالفه شعبة
(1)
، وجرير بن عبد الحميد
(2)
، وأبو معاوية
(3)
، ووكيع
(4)
، وأبو بكر ابن عياش
(5)
، وإسرائيل
(6)
، ومحاضر
(7)
، وعبد الله بن داود
(8)
وغيرهم فقالوا: (عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد).
لذا قال الطبراني عقب الحديث: لم يروِ هذا الحديث عن أبي صالح عن أبي هريرة إلا زيد، ورواه شعبة وأصحاب الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وسيأتي الحديث في باب مسلم بن الحجاج ح (1347) فانظره.
(1)
البخاري (3673) ومسلم (2541).
(2)
مسلم (2541).
(3)
أحمد (3/ 10) وأبو داود (4958) والترمذي (3861) وغيرهم.
(4)
مسلم (2541).
(5)
عبد بن حميد (915).
(6)
فوائد تمام (932).
(7)
البخاري تعليقاً (3653).
(8)
المصدر السابق.
الحديث السادس
(1)
:
571 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (7/ 110): أخبرنا معاوية بن صالح الأشعري قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا عبيد الله، عن زيد، عن عمرو بن مرة، عن أبي نضرة، عن أبي برزة قال:
غضب أبو بكر على رجل غضباً شديداً حتى تغير لونه، قلت: يا خليفة رسول الله، والله لئن أمرتني لأضربن عنقه، فكأنما صبّ عليه ماء بارد فذهب غضبه عن الرجل، قال: ثكلتك أمك يا أبا برزة، وإنها لم تكن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير معاوية بن صالح وهو صدوق.
(1)
رجال الإسناد:
معاوية بن صالح بن أبي عبيد الله الأشعري الدمشقي، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 263، روى له النسائي.
عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي، أبو عبد الرحمن القرشي مولاهم، ثقة لكنه تغير بأخرة فلم يفحش اختلاطه، من العاشرة، مات سنة 220، روى له البخاري ومسلم.
عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الرقي، أبو وهب الأسدي، ثقة فقيه ربما وهم، من الثامنة، مات سنة 180 عن 79 عاماً، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق الجملي بفتح الجيم والميم المرادي أبو عبد الله الكوفي الأعمى، ثقة عابد كان لا يدلس ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة 118 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعة العبدي العوفي البصري، مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، مات سنة 108 أو 109، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
وهو عند النسائي أيضاً في الكبرى (3538).
هكذا قال زيد: (عن عمرو بن مرة، عن أبي نضرة، عن أبي برزة).
خالفه شعبة
(1)
فقال: (عن عمرو بن مرة، عن حميد بن هلال، عن أبي برزة).
ورواه يونس بن عبيد
(2)
، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن مطرف، عن أبي برزة).
وتابعه الحسن بن دينار
(3)
عن حميد بن هلال.
وهذا الوجه هو الذي صححه أبو حاتم
(4)
وأبو زرعة
(5)
والنسائي
(6)
والدارقطني
(7)
.
وهم زيد بن أبي أنيسة فقال: عن أبي نضرة، والصحيح هو حميد بن هلال ويكنى أبا نصر.
(1)
النسائي (7/ 110) وفي الكبرى (3539) وابن أبي شيبة في مسنده مسند أبي بكر (1/ 12) والمروزي في مسند أبي بكر (67).
(2)
أبو داود (4363) والنسائي (7/ 110 - 111) وفي الكبرى (3540).
(3)
ذكره الدارقطني تعليقاً، العلل (1/ 238).
(4)
العلل (1347).
(5)
العلل لابن أبي حاتم (1343).
(6)
المجتبى (7/ 11) والكبرى (2/ 306) وقال: هذا الحديث أحسن الأحاديث وأجودها.
(7)
العلل (1/ 237 - 238) وقال: رواه يونس بن عبيد فجوّد إسناده، وحميد بن هلال يكنى أبا نصر ولم يسمع هذا الحديث حميد من أبي برزة.
لذا قال النسائي عقب الحديث: هذا خطأ، والصواب أبو نصر واسمه حميد بن هلال.
علة الوهم:
التشابه بين كنيتي المنذر بن مالك (أبو نضرة) وحميد بن هلال وكنيته (أبو نصر) وكان عمرو بن مرة يحدّث عنه بكنيته لا باسمه كما رواه شعبة عنه فقال عن عمرو بن مرة قال: سمعت أبا نصر يحدث عن أبي برزة .. فذكره.
الحديث السابع
(1)
:
572 -
قال ابن حبان رحمه الله (5434): أخبرنا الحُسَيْنُ بن مُحَمَّد بن أبي مَعْشَر قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن وَهب بن أبي كريمَةَ قال: حدَّثنا محمَّد بن سلَمَة عن أبي عبدِ الرَّحيم عن زيْدِ بن أبِي أُنَيْسَةَ عن يزِيدَ بن أبِي حَبِيبٍ عن حُمَيْدِ بنِ أَبِي الصَّعْبَةِ عَنْ عَبْدِ الله بن زُرَيْرٍ عن عَلِيِّ بن أبِي طَالِبٍ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أخَذَ حَرِيراً فجَعَلَهُ في يَمِينِهِ وذَهَباً فجعَلَهُ في شِمَالِهِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ وقَالَ:
«هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات مع وهم في اسم ابن أبي الصعبة كما سيأتي.
ورواه الطبراني في الأوسط (5161) من طريق عبيد الله بن عمرو
(1)
رجال الإسناد:
الحسين بن محمد بن أبي معشر مودود السلمي الحزني، مفتي أهل حران، الإمام الحافظ المعمر الصادق، ولد بعد سنة 220 وتوفي سنة 318 له كتاب الطبقات وتاريخ الحديث. قال ابن عدي: كان عارفاً بالرجال والحديث. (السير 14/ 510).
محمد بن وهب بن عمر بن أبي كريمة: تقدم.
محمد بن سلمة: تقدم.
أبو عبد الرحيم الحراني: تقدم.
يزيد بن أبي حبيب المصري: أبو رجاء، ثقة فقيه، وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة 228، روى له البخاري ومسلم.
عبد العزيز بن أبي الصعبة: لا بأس به، من الثالثة (س ق).
عبد الله بن زرير: الغافقي المصري، ثقة رمي بالتشيع من الثالثة (د س ق).
عن زيد بن أبي أنيسة عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن زرير عن علي به.
هكذا قال زيد بن أبي أنيسة: (عن يزيد بن أبي حبيب، عن حميد بن أبي الصعبة، عن عبد الله بن زرير، عن علي بن أبي طالب).
وخالفه الليث بن سعد
(1)
، ومحمد بن إسحاق
(2)
فقالوا: عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد العزيز بن أبي الصعبة، عن أبي أفلح الهمداني، عن عبد الله بن زرير، عن علي بن أبي طالب.
وكذلك رواه ابن لهيعة
(3)
عن يزيد بن أبي حبيب إلا أنه قال: أبو علي الهمداني، بدلاً من أبي أفلح الهمداني.
أسقط زيد أبا أفلح الهمداني من الإسناد ووهم في اسم ابن أبي الصعبة فقال: (حميد)
(4)
والصحيح عبد العزيز.
قال الدارقطني في العلل بعد ذكر الاختلاف: «ورواه زيد بن أبي أنيسة عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن زرير أسقط من الإسناد رجلين ابن أبي الصعبة وأبا أفلح»
(5)
.
(1)
النسائي (8/ 160) وفي الكبرى (9446)(9447)(9448) والبزار (886) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4815) والضياء في المختارة (598).
(2)
النسائي (8/ 160) وابن ماجه (3595) وأحمد (1/ 96) وعبد بن حميد (80) وأبو يعلى (272)(325) والبزار (886) والبيهقي (2/ 425) والضياء في المختارة (588)(589).
(3)
الطحاوي (4816).
(4)
حميد بن أبي الصعبة له حديث عند الطبراني في الكبير (5385) وهو تابعي يروي عن سعد بن عبادة. وانظر الجرح والتعديل (982).
(5)
العلل (3/ 260 رقم 394).
قلت: كأنه يعني حديثه عند الطبراني.
وانظر الحديث في باب قتيبة بن سعيد ح (1099) وعبد الله بن المبارك، ح (793).
الحديث الثامن
(1)
:
573 -
قال النسائي في السنن الكبرى (9718): أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال: ثنا علي بن سعيد قال: ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد عن العلاء بن عبد الرحمن عن نعيم المجمر عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (412)(1169) والكبير (12/ 13292) وابن عدي في الكامل (5/ 218) في ترجمة العلاء، كلهم من طريق عبيد الله بن عمرو عن زيد بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة 257 وله 70 سنة، روى عنه النسائي.
علي بن مسروق الكندي الكوفي، صدوق من العاشرة، مات سنة 249، روى له الترمذي والنسائي.
عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الرقي الأسدي، ثقة فقيه ربما وهم، من الثامنة، مات سنة 180 وله 75 سنة، روى له البخاري ومسلم.
زيد: تقدم.
العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الخرقي، صدوق ربما وهم، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين، روى له مسلم.
نعيم بن عبد الله المدني مولى آل عمر يعرف بالمجمر، ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال زيد: (عن العلاء بن عبد الرحمن، عن نعيم، عن ابن عمر).
خالفه شعبة
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، ومحمد بن إسحاق
(3)
، ومالك
(4)
، وعبيد الله بن عمر
(5)
، ويزيد بن أبي حبيب
(6)
، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير
(7)
.
فقالوا: (عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري.
لذا قال النسائي عقب الحديث: هذا خطأ، والمحفوظ حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي سعيد وأبي هريرة
(8)
.
وقال الدارقطني: يرويه العلاء بن عبد الرحمن واختلف عنه:
فرواه زيد بن أبي أنيسة عن العلاء عن نعيم المجمر.
وخالفه أصحاب العلاء فرووه عن العلاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري
(9)
.
(1)
أبو داود (4093) وأحمد (3/ 5، 44، 97) وأبو داود الطيالسي (2222) وأبو عوانة (8605) وابن طهمان في مشيخته (120).
(2)
أحمد (3/ 6) والحميدي (737) وأبو يعلى (980) وأبو عوانة (8604) وابن ماجه (3573) والنسائي (9715) وابن حبان (5446) والبيهقي (2/ 244).
(3)
أحمد (3/ 30، 52) وابن أبي شيبة (8/ 391).
(4)
الموطأ (2/ 914 - 915) وأبو عوانة (8602)(8603) والبيهقي (2/ 244).
(5)
النسائي في الكبرى (9714) وابن حبان (5450).
(6)
النسائي (9716).
(7)
النسائي (9714).
(8)
تحفة الأشراف (6/ 256).
(9)
العلل (13/ 227).
وقال الحافظ: اتفق أكثر أصحاب العلاء عنه على هذا، وخالفهم زيد بن أبي أنيسة فقال: عن العلاء عن نعيم المجمر عن ابن عمر.
وخالف العلاء في الوجهين محمد بن إبراهيم فقال: عن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة وله أصل من حديث أبي هريرة أخرجه البخاري في رواية سعيد المقبري عنه
(1)
.
(1)
الإتحاف (5/ 219).
سعيد بن عبيد
اسمه ونسبه:
سعيد بن عبيد الطائي، أبو الهذيل الكوفي.
روى عن: أخيه عقبة، وسعيد بن جبير، والقاسم المسعودي وغيرهم.
روى عنه: الثوري، وابن المبارك، وعبد الله بن نمير، ووكيع ويحيى القطان وغيرهم.
وثقه أحمد وابن معين، وقال يحيى القطان: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال الآجري عن أبي داود: كان شعبة يتمنى لقاءه. ووثقه العجلي ويعقوب بن سفيان وابن نمير وغيرهم.
قال ابن حجر: ثقة من السادسة.
الحديث
(1)
:
574 -
قال الإمام البخاري رحمه الله (12/ 229 ح 6898): حدثنا أبو نعيم، حدثنا سعيد بن عبيد عن بشير بن يسار:
زعم أن رجلاً من الأنصار يقال له: سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفراً من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها ووجدوا أحدهم قتيلاً وقالوا للذي وُجد فيهم: قد قتلتم صاحبنا، قالوا: ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً.
فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلاً، فقال:«الكبر الكبر» فقال لهم: «تأتون بالبينة على مَنْ قتله؟» قالوا: ما لنا بيِّنة، قال:«فيحلفون» قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُطَلَّ دمه فوداه بمائة من إبل الصدقة.
التعليق:
هذا حديث رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وقد أودعه البخاري في صحيحه وكذلك مسلم إلا أن مسلماً لم يسق لفظه.
(1)
رجال الإسناد:
أبو نُعيم: الفضل بن دكين الكوفي، واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير التيمي مولاهم الأحول، أبو نعيم الملائي، ثقة ثبت، مات سنة 218، وقيل: 219، وكان مولده سنة 130، وهو من كبار شيوخ البخاري، روى له مسلم.
سعيد بن عبيد الطائي، أبو الهذيل الكوفي، ثقة، من السادسة، روى له البخاري ومسلم.
بُشير بن يسار الحارثي، مولى الأنصار، مدني، ثقة فقيه، روى له البخاري ومسلم.
سهل بن أبي حثمة بن ساعدة بن عامر الأنصاري الخزرجي المدني، صحابي صغير، ولد سنة ثلاث من الهجرة، له أحاديث، مات في خلافة معاوية.
ورواه أبو داود (4523) والنسائي (8/ 11 - 12) وأبو عوانة (6040) والدارقطني (3/ 110) والبيهقي (8/ 120) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4590) كلهم من طرق عن سعيد بن عبيد به.
هكذا قال سعيد بن عبيد: عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بأيمان المدعى عليهم اليهود.
خالفه يحيى بن سعيد الأنصاري
(1)
فرواه عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة وجاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بأيمان المدعين فلما لم يحلفوا طلب اليمين من اليهود المدعى عليهم.
وكذلك رواه مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة
(2)
.
ومحمد بن إسحاق عن الزهري، وبشير بن كيسان عن سهل بن أبي حثمة
(3)
.
وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حديث القسامة هذا بنحوه فبدأ بأيمان المدعين
(4)
.
وروى عبد الله بن سمعان قال: أخبرني أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم عن رهط من الأنصار أن عبد الله بن سهل الأنصاري قتل
(1)
البخاري (3173) ومسلم (1669) وأبو داود (4520) والترمذي (1422) والنسائي (8/ 5) وأحمد (4/ 2) وغيرهم.
(2)
البخاري (7192) ومسلم (1669)(6)(8/ 120).
(3)
البيهقي في المعرفة (12/ 175) وقال فيه: (تسمُّون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يميناً فنسلِّمه إليكم).
(4)
النسائي (8/ 12).
بخيبر فذكر الحديث، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بأيمان المدعين فطلب منهم اليمين
(1)
.
وهذا الوجه هو الذي صححه الإمام أحمد ومسلم والبيهقي وابن عبد البر وابن رجب وابن القيم وغيرهم كما سيأتي.
ورجح حديث سعيد بن عبيد في أنه بدأ بالإيمان بالمدعى عليهم وأن البينة على مَنْ ادعى: الإمام البخاري
(2)
والنسائي والطحاوي وغيرهم.
وقال النسائي: لا نعلم أن أحداً تابع سعيد بن عبيد الطائي على لفظ هذا الحديث عن بشير بن يسار. وسعيد بن عبيد ثقة، وحديثه أولى بالصواب عندنا، والله أعلم
(3)
.
وقال الطحاوي: إنما جعل الأيمان في هذا المعنى على اليهود الموجود ذلك القتيل فيهم لا على أولياء ذلك القتيل، وقد شد ذلك حديث أبي سلمة وسليمان على ما روينا من قضاء عمر على الحارث بن الأزمع وقومه، وهذا عندنا مما لا يسع خلافه
(4)
.
قال ابن عبد البر في التمهيد (23/ 209): (وقد حكى الأثرم عن أحمد بن حنبل أنه ضعَّف حديث سعيد بن عبيد هذا عن بشير بن يسار
(1)
عبد الرزاق في المصنف (18260).
(2)
فقدم حديث سعيد في كتاب القسامة ونقل عنه ابن رجب في جامع العلوم والحكم كما سيأتي.
(3)
السنن الكبرى (4/ 212).
(4)
شرح مشكل الآثار (11/ 526).
وقال: الصحيح عن بشير بن يسار ما رواه عنه يحيى بن سعيد قال أحمد: وإليه أذهب).
وقال ابن عبد البر مرجحاً رواية يحيى بن سعيد بعد أن ذكر رواية سعيد بن عبيد الطائي وهو من أهل الكوفة قال: هذه رواية أهل العراق عن بشير بن يسار في هذا الحديث، ورواية أهل المدينة عنه أثبت إن شاء الله وهم به أقعد ونقلهم أصح عند أهل العلم.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/ 232): وقد ذكر الأئمة الحفاظ أن رواية يحيى بن سعيد أصح من رواية سعيد بن عبيد الطائي فإنه أجلّ وأحفظ وأعلم وهو من أهل المدينة وهو أعلم بحديثهم من الكوفيين وقد ذُكِر للإمام أحمد مخالفة سعيد بن عبيد ليحيى بن سعيد في هذا الحديث فنفض يده وقال: ذاك ليس بشيء رواه على ما يقول الكوفيون، وقال: أذهب إلى حديث المدنيين يحيى بن سعيد
(1)
.
ولذلك لم يخرج حديثه في مسنده واكتفى بحديث يحيى بن سعيد.
وقال مسلم في التمييز (ص 144): وغير مشكل على مَنْ عقل التمييز من الحفاظ من نقلة الأخبار ومَن ليس كمثلهم أن يحيى بن سعيد أحفظ من سعيد بن عبيد وأرفع منه شأناً في طريق العلم وأسبابه، فلو لم يكن إلا خلاف يحيى إياه حين اجتمعا في الرواية عن بشير بن يسار لكان الأمر واضحاً في أن أولاهما بالحفظ يحيى بن سعيد ودافع لما خالفه
…
).
(1)
لأن الكوفيين يقولون: لا يحلف إلا المدعى عليه ولا يقضى بشاهد ويمين لأن اليمين لا تكون إلا على المدعي.
ونقله البيهقي في السنن (8/ 120).
وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار (12/ 175): (عن حديث سعيد بن عبيد الطائي) أخرجه مسلم ولم يسق متنه لمخالفته رواية يحيى.
قال مسلم بن الحجاج: (رواية سعيد غلط، ويحيى بن سعيد أحفظ منه).
وقال أيضاً: (لم يسق مسلم متنه لمخالفته رواية يحيى).
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (6/ 321): والصواب رواية الجماعة الذين هم أئمة أثبات أنه بدأ بأيمان المدعين فلما لم يحلفوا ثنّى بأيمان اليهود أي: على رواية يحيى بن سعيد وهذا هو المحفوظ في هذه القصة وما سواه وهم.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى الجمع بين الروايتين والتوفيق بينهما.
(1)
.
(1)
السنن الكبرى (8/ 120) ونحو ذلك قال الحافظان ابن رجب الحنبلي وابن حجر العسقلاني.
قلت: ما ذهب إليه مَنْ حاول التوفيق بين الروايتين هو الأولى، وإن كان لا بد من الترجيح فرواية يحيى بن سعيد الأنصاري أرجح من حديث الباب وذلك للتالي:
1 سعيد بن عبيد تفرد في حديثه عن بشير بدء المدعى عليهم بالأيمان.
وقد روى عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، والزهري، وبشير بن كيسان، عن سهل بن أبي حثمة بمثل رواية يحيى بن سعيد عن بشير عن سهل بن أبي حثمة.
2 أن يحيى بن سعيد أحفظ وأجل وأعلم من سعيد بن عبيد الطائي.
3 يحيى بن سعيد أنصاري من أهل المدينة والقتيل أنصاري ورواة هذا الحديث كلهم من الأنصار فهو أعلم بحديث أهل بلده وشيوخه من سعيد بن عبيد الذي هو من أهل الكوفة. قال الشافعي: القتيل أنصاري والأنصاريون بالعناية أولى بالعلم به من غيرهم.
4 يحيى بن سعيد قد ذكر في حديثه تفاصيل لم يذكرها سعيد بن عبيد الطائي مما يدل على حفظه له، منها:
ذكره اسم الأنصاري القتيل وهو عبد الله بن سهل وعمه الذي وجده مقتولاً وهو محيصة بن مسعود، والقوم الذين رفعوا الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم أخوه عبد الرحمن بن سهل وعماه محيصة وحويصة ابنا
مسعود، وأن عبد الرحمن بدأ بالكلام فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الكبير هو الذي يبدأ بالكلام، وغير ذلك
(1)
.
الدلالة الفقهية:
أولاً: تعريف القسامة:
القسامة: مشتقة من القسم وهو اليمين، سميت قسامة لتكرار الأيمان فيها.
واختلف فيها هل هي اسم للأيمان أو للحالفين بها.
فقال بعض أهل اللغة: هي للحالفين عليها لتعلقها بهم وتعديها إليهم.
وقال الفقهاء: هي اسم للأيمان.
والقسامة مختصة بدعوى الدم دون ما عداها من سائر الدعاوى، وموضع جريانها أن يوجد قتيل لا يوجد قاتله ولا تقوم عليه بينة ويدعي أهل القتيل قتله على واحد أو جماعة مع وجود قرينة تشعر بصدق الولي ويقال لذلك: اللوث، فيكون القول قول المدعي (عند
(1)
ولفظ الحديث قال: (انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود بن زيد إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلاً فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال: كبر كبر، وهو أحدث القوم، فسكت متكلماً فقال: أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم قالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نرَ؟ قال: فتبرئكم يهود بخمسين، فقالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فنقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده.
الجمهور) فيحلف خمسين يميناً ويحكم له بعد أيمانه بما ادعى من القتل.
فإن نكل المدعي رُدّت الأيمان على المدعى عليه فيحلف خمسين يميناً ويبرأ.
ثانياً: ما دلّ عليه الحديث:
دلّ هذا الحديث على تبرئة المدعى عليهم في القسامة وأن البينة على مَنْ ادعى كسائر الحقوق.
وبذلك قال أبو حنيفة وطائفة من أهل الحديث.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص 231):
إن البينة على المدعي أبداً واليمين على المدعى عليه أبداً، وهو قول أبي حنيفة. ووافقه طائفة من الفقهاء والمحدثين كالبخاري، وطردوا ذلك في كل دعوى حتى في القسامة وقالوا: لا يحلف إلا المدَّعى عليه، ورأوا أن لا يقضى بشاهد ويمين لأن اليمين تكون على المدعي، ورأوا أن اليمين لا ترد على المدعي لأنها لا تكون إلا في جانب المُنكر المدعى عليه، واستدلوا في مسألة القسامة بما روى سعيد بن عبيد، حدثنا بشير بن يسار الأنصاري عن سهل بن أبي حثمة (فذكر الحديث).
قال ابن الملقن في الأعلام (9/ 69):
«اختلف أهل العلم فيمن يحلف في القسامة:
فقال مالك والشافعي والجمهور: يحلف الورثة أي: المدعون
ويجب الحق بحلفهم خمسين يميناً. واحتجوا بهذا الحديث الصحيح وفيه التصريح بالابتداء بالمدعي وهو ثابت من طرق كثيرة صحاح لا يندفع.
وقال مالك: الذي أجمعت عليه الأمة قديماً وحديثاً أن المدعين يبدؤون في القسامة ولأن جنبة المدعي صارت قوية باللوث.
قال القاضي: وضعّف هؤلاء رواية مَنْ روى الابتداء بيمين المدعى عليهم.
وقال أهل الحديث: هذه الرواية وهم من الراوي لأنه أسقط الابتداء بيمين المدعى عليهم ولم يذكر رد اليمين، ولأن مَنْ روى الابتداء بالمدعين معه زيادة علم ورواياتها صحاح من طرق كثيرة مشهورة توجب العمل بها ولا يعارضها رواية مَنْ نسي».
سعيد بن أبي عروبة
اسمه ونسبه:
سعيد بن أبي عروبة واسمه مهران العدوي، أبو النضر البصري مولى بني عدي بن يشكر.
روى عن: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والنضر بن أنس، وقتادة، والأعمش، وخلق من التابعين.
روى عنه: الأعمش وهو من شيوخه، وشعبة والثوري، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وابن علية، ويحيى القطان، وخالد بن عبد الله الواسطي وخلق.
ثناء أهل العلم عليه:
قال أبو عوانة: ما كان عندنا في ذلك الزمان أحد أحفظ من سعيد بن أبي عروبة.
وقال أبو داود الطيالسي: كان سعيد بن أبي عروبة أحفظ أصحاب قتادة.
وقال أبو حاتم: كان أعلم الناس بحديث قتادة.
وقال يحيى بن معين: أثبت الناس في قتادة: سعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وشعبة.
وقال أحمد بن حنبل: لم يكن لسعيد كتاب، إنما كان يحفظ ذلك.
تدليسه:
كان سعيد رحمه الله يدلس، فقد روى عن جماعة لم يسمع منهم.
قال أحمد بن حنبل: لم يسمع سعيد بن أبي عروبة من الحكم، ولا من الأعمش، ولا من حماد، ولا من عمرو بن دينار، ولا من هشام بن عروة، ولا من إسماعيل بن أبي خالد، ولا من عبيد الله بن عمر، ولا من أبي بشر (جعفر بن وحشية)، ولا من ابن عقيل، ولا من زيد بن أسلم، ولا من عمر بن أبي سلمة، ولا من أبي الزناد، وقد حدّث عنهم ولم يسمع منهم.
اختلاطه:
اختلط سعيد بن أبي عروبة قبل الهزيمة، وكانت الهزيمة سنة 145 وهي هزيمة إبراهيم بن عبد الله بن حسن الذي خرج على أبي جعفر.
قال العراقي: قد روى لسعيد بن أبي عروبة الشيخان من رواية خالد بن الحارث وروح بن عبادة وعبد الأعلى الشامي وعبد الرحمن بن عثمان البكراوي ومحمد بن سوار السدوسي ومحمد بن أبي عدي ويزيد بن زريع ويحيى بن سعيد القطان عنه.
وروى له البخاري فقط من رواية بشر بن المفضل وسهل بن يوسف وابن المبارك وعبد الوارث بن سعيد ومحمد بن عبد الله الأنصاري وكهمس بن المنهال عنه.
وروى له مسلم فقط من رواية ابن علية وأبي أسامة وسعيد بن عامر الضبعي وسالم بن نوح وأبي خالد الأحمر وعبد الوهاب بن عطاء وعبدة بن سليمان وعلي بن مسهر وعيسى بن يونس ومحمد بن بكر البرساني وغندر، وغيرهم.
قال ابن حجر: ثقة حافظ له تصانيف لكنه كثير التدليس واختلط وكان من أثبت الناس في قتادة، من السادسة.
توفي سنة 156، وقيل:157.
الحديث الأول
(1)
:
575 -
قال الإمام الشافعي كما في المسند (ص 290): أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنكح الوليان فالأول أحق» .
التعليق:
وهذا إسناد على شرط الشيخين من حيث عدالة الرواة.
وأخرجه البيهقي (7/ 140) من طريق الربيع بن سليمان عن الشافعي به.
والحديث أخرجه كذلك ابن أبي شيبة في مصنفه (15987) والطبراني في الكبير (17/ 959) من طريق ابن علية بهذا الإسناد.
ورواه عبد الرزاق (10629) من طريق عثمان بن مطر، والطبراني في الكبير (17/ 960) والبيهقي (7/ 140) من طريق أبي بحر البكراوي كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة بهذا الإسناد.
هكذا قال سعيد: (عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر).
(1)
رجال الإسناد:
إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسم الأسدي، أبو بشر البصري، المعروف بابن علية، ثقة حافظ، من الثامنة، مات سنة 193 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.
قتادة بن دِعامة: تقدم. انظره في بابه.
الحسن بن أبي الحسن البصري واسم أبيه يسار، ثقة فقيه فاضل مشهور .. رأس أهل الطبقة الثالثة، مات سنة 110 وقد قارب التسعين، روى له البخاري ومسلم.
خالفه هشام الدستوائي، وحماد بن سلمة، وهمام، وسعيد بن بشير، وسلام بن أبي المطيع فقالوا:(عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب).
وكذلك رواه أشعث بن عبد الملك الحمداني، ويونس بن عبيد عن الحسن، عن سمرة بن جندب. وقد استوفيناه في باب أبان بن يزيد.
وهذا الحديث كان سعيد بن أبي عروبة يشك فيه فتارة يرويه فيجعله من مسند عقبة، وتارة يرويه على الوجه الصحيح فيقول:(قتادة عن الحسن، عن سمرة)
(1)
، وتارة يشك فيه فيقول:(قتادة، عن الحسن، عن سمرة أو عقبة)
(2)
.
قال ابن أبي حاتم في العلل (1210): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سعيد بن أبي عروبة وأبان فقالا: عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر.
ورواه همام وهشام الدستوائي وحماد بن سلمة وسعيد بن بشير فقالوا: عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا زوج الوليان فهو للأول» .
فقالا: عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح، لأن ابن أبي عروبة حدّث به قديماً فقال: عن سمرة وبأخرةٍ شك فيه.
(1)
الترمذي (1110) والنسائي في الكبرى (6278) وأحمد (5/ 8) والطبراني في الكبير (6842) والحاكم (2/ 175) والبيهقي (7/ 140).
(2)
ابن ماجه (2190) والنسائي في الكبرى (6279) والدارمي (2190) والبيهقي (7/ 140، 141) من طريق خالد بن الحارث وإبراهيم بن طهمان ويزيد بن هارون وغيرهم.
وقال البيهقي في المعرفة (10/ 71): وكان ابن أبي عروبة يشك فيه فتارة يرويه عن عقبة بن عامر، وتارة عن سمرة بن جندب، وتارة عن أحدهما بالشك.
والصحيح رواية همام وهشام وحماد بن سلمة وغيرهم عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه الأشعث عن الحسن عن سمرة
(1)
، وسيأتي الحديث في باب أبان بن يزيد (608).
(1)
وذكر نحو ذلك في السنن الكبرى (7/ 141).
الحديث الثاني
(1)
:
576 -
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله (2154): حدثنا محمد بن بشار وأبو موسى قالا: حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أبي تميمة عن الأشعري يعني أبا موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«مَنْ صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا» وعقد تسعين.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي تميمة وهو تابعي ثقة من رجال البخاري.
وأخرجه أيضاً في (2155) من طريق أبي موسى ومحمد بن عبد الله بن بزيع كلاهما عن ابن أبي عدي به.
وأخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (485) و (486) من
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، بندار ثقة من العاشرة، روى له البخاري ومسلم. انظر ترجمته في بابه.
محمد بن المثنى بن عبيد العنزي أبو موسى البصري الزَّمِنُ، ثقة ثبت، كان هو وبندار فرسَيْ رهان وماتا في سنة واحدة، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، أبو عمرو البصري، الزَّمِنُ ثقة، مات سنة 194 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
قتادة: تقدم.
طريف بن مجالد الهجيمي، أبو تميمة البصري، ثقة من الثالثة، مات سنة 97 أو قبلها أو بعدها، روى له البخاري.
أبو موسى الأشعري: صحابي معروف.
طريق محمد بن بشار، وأبي موسى، وعمرو بن علي الباهلي، والبزار (3062) عن محمد بن المثنى وعمرو بن علي، كلهم عن ابن عدي به.
وتابعه عبد الأعلى فرواه الروياني في مسنده (561) من طريق محمد بن بشار عن ابن أبي عدي وعبد الأعلى كلاهما عن سعيد.
هكذا قال سعيد: عن قتادة، عن أبي تميمة، عن الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه شعبة
(1)
، وهشام الدستوائي
(2)
، وهمام بن يحيى
(3)
فقالوا: (عن قتادة عن أبي تميمة عن الأشعري موقوفاً).
وكذلك رواه سفيان الثوري
(4)
، وعقبة بن عبد الله الأصم
(5)
عن أبي تميمة عن الأشعري موقوفاً.
قال الإمام أحمد: رواه قتادة عن أبي تميمة موقوفاً عليه
(6)
.
قال العقيلي: روى هذا الحديث عن أبي موسى موقوفاً ولا يصح مرفوعاً
(7)
.
قال ابن خزيمة عقب الحديث: لم يسند هذا الخبر عن قتادة غير ابن أبي عدي عن سعيد.
(1)
ابن أبي شيبة (9553) وأحمد (4/ 414) والطيالسي (513) والبيهقي (4/ 300) وابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 304 رقم 488).
(2)
ابن جرير في تهذيب الآثار (1/ 304 رقم 487، 489) مسند عمر.
(3)
عبد بن حميد (563).
(4)
عبد الرزاق (7866).
(5)
عبد الله بن أحمد في زوائده على الزهد (246).
(6)
شعب الإيمان (3/ 404 ح 3891).
(7)
الضعفاء (2/ 218).
قلت: بل أسنده أيضاً عبد الأعلى عن سعيد، فالوهم والحمل منه على سعيد بن أبي عروبة.
وقد روي الحديث أيضاً مرفوعاً من طريقين لا تخلو من كلام فقد رفعه أيضاً عن أبي تميمة أبان بن أبي عياش
(1)
، والضحاك بن يسار
(2)
، والأول متروك
(3)
، والضحاك بن يسار ضعيف
(4)
، ضعّفه أحمد وغيره.
قال ابن خزيمة: سألت المزني عن معنى هذا الحديث فقال: يشبه أن يكون عليه معناه أي: ضيقت عنه جهنم فلا يدخل جهنم ولا يشبه أن يكون معناه غير هذا لأن مَنْ ازداد للّه عملاً وطاعة ازداد عند الله رفعة وعلية وكرامة وإليه قربة. هذا معنى جواب المزني.
(1)
عبد بن حميد (564) والطوسي في مختصر الأحكام (714).
(2)
أحمد (4/ 414) وابن حبان (3584) والطيالسي (514) والعقيلي في الضعفاء (2/ 218).
(3)
التقريب (143).
(4)
قال الآجري عن أبي داود: ضعيف، وقال ابن عدي: لا أعرف له إلا الشيء اليسير. وذكره ابن الجارود والساجي والعقيلي في الضعفاء. تعجيل المنفعة (7/ 194) وضعفه الإمام أحمد كما في العلل ومعرفة الرجال (1/ 70).
الحديث الثالث
(1)
:
577 -
قال أبو يعلى رحمه الله في مسنده (3199): حدثنا عبيد الله حدثنا خالد حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس أو عن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أنهم كانوا يضعون جنوبهم فينامون منهم مَنْ يتوضأ ومنهم مَنْ لا يتوضأ.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه البزار (282 كشف الأستار) وأبو داود في مسائل أحمد (ص 439).
هكذا قال سعيد عن قتادة، عن أنس أو عن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه شعبة
(2)
، وهشام الدستوائي
(3)
، ومعمر بن راشد
(4)
، وأبو
(1)
رجال الإسناد:
عبيد الله بن معاذ العنبري، أبو عمرو البصري، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 237، روى له البخاري ومسلم.
خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم الهجيمي، أبو عثمان البصري، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة 186، روى له البخاري ومسلم.
(2)
مسلم (376) والترمذي (78) وأبو داود في مسائل أحمد (ص 439) والبيهقي (1/ 120) وأحمد (3/ 277) وأبو يعلى (3240) وأبو عوانة (738) والطحاوي في مشكل الآثار (3448) من طريق يحيى القطان وشبابة بن سوار وأبي عامر العقدي وهاشم بن القاسم وخالد بن الحارث.
(3)
أبو داود في السنن (200) وابن أبي شيبة (1/ 132) والدارقطني (1/ 131) والبيهقي (1/ 119 - 120).
(4)
عبد الرزاق (483) والدارقطني (1/ 130 - 131) والبيهقي (1/ 120).
هلال الراسبي
(1)
فرووا هذا الحديث عن قتادة، عن أنس:(ولم يشكوا) ولم يقل أحد منهم: (يضعون جنوبهم).
ولفظ شعبة: سمعت أنساً يقول: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلُّون ولا يتوضؤون. قال: قلت: سمعته من أنس؟ قال: إي والله.
ولفظ هشام: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلُّون ولا يتوضؤون).
ولفظ معمر: (لقد رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطاً ثم يصلُّون ولا يتوضؤون).
ولفظ أبي هلال: (كنا نأتي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ننتظر الصلاة فمنا مَنْ ينعس وينام أو ينعس ثم يصلي ولا يتوضأ).
وقد أشار إلى وهم لفظة الاضطجاع في حديث أنس الإمام أحمد وأبو داود.
قال أبو داود عقب أن أخرج رواية هشام الدستوائي قال: «ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة بلفظ آخر»
(2)
.
وفي مسائل الإمام أحمد لابن هانئ: «وسئل فيمَ يجب من النوم
(1)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (3444) والدارقطني (1/ 1300) وابن الجعد في مسنده (3125).
(2)
سنن أبي داود (1/ 51) يشير إلى هذه الرواية التي أخرجها في مسائله وقال صاحب عون المعبود (1/ 234) فقال: لعله يشير إلى ما أخرجه في أبواب قيام الليل عن قتادة عن أنس بن مالك في هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ
…
(16)}
…
} [السجدة: 16]، قال: كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلُّون. هكذا قال، والأصح ما ذكرنا، والله أعلم.
الوضوء؟ قال: إذا نام ساجداً أو محتبياً أو رأى حلماً، فأما قاعداً أو نوم خفقة فلا يتوضأ.
وقيل له: حديث أنس: أنهم كانوا يضطجعون؟
قال: ما قال هذا شعبة قط.
وقال: حديث شعبة: «كانوا ينامون» وليس فيه يضطجعون، وقال هشام: كانوا ينعسون، وقد اختلفوا في حديث أنس»
(1)
.
وقال الخلال: قلت لأحمد: حديث شعبة: كانوا يضعون جنوبهم؟ فتبسم وقال: هذا بمرة يضعون جنوبهم؟ حديث ابن عباس وجب الوضوء على كل نائم إلا مَنْ خفق برأسه
(2)
.
وحديث أنس هذا قد روي عنه بلفظ آخر وليس فيه: الاضطجاع أو وضع الجنب.
رواه عنه عبد العزيز بن صهيب، وثابت البناني وحميد.
ولفظ عبد العزيز عن أنس قال: أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلاً في جانب المسجد فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم
(3)
.
ولفظ ثابت عن أنس قال: أقيمت صلاة العشاء فقال رجل: لي
(1)
مسائل ابن هاني (1/ 8 رقم 42) والتلخيص الحبير (1/ 119) والمحرر في الحديث (1/ 116) لابن عبد الهادي.
(2)
التلخيص (1/ 119).
(3)
البخاري (642) ومسلم (376).
حاجة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يناجيه حتى نام القوم، أو بعض القوم ثم صلُّوا
(1)
.
ولفظ حميد قال: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء فينامون، أحسبه قال: قعوداً)
(2)
.
وروي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التفريق بين نوم القاعد ونوم المضطجع، فروى ابن أبي شيبة عن حفص عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يرى على مَنْ نام قاعداً وضوء
(3)
.
وعن زيد بن الحباب قال: أخبرني مالك بن أنس قال: أخبرني زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال: مَنْ وضع جنبه فليتوضأ
(4)
.
الخلاصة:
سعيد بن أبي عروبة من أوثق الناس في قتادة، إلا أن هذا الحديث لم يضبطه عنه بدليل أنه رواه عنه على الشك فقال:(عن أنس) أو عن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخالفه شعبة وهشام ومعمر وأبو هلال فلم يذكروا وضع الجنب، فرواية الجماعة وفيهم: شعبة وهشام ومعمر لا شك مقدَّمة على روايته، والله تعالى أعلم.
(1)
مسلم (376).
(2)
مسند الشافعي (1/ 11).
(3)
في المصنف (1402).
(4)
المصنف (1404).
تنبيه:
جاء في رواية أبي نعيم في مستخرجه على صحيح مسلم ما يدل على متابعة سعيد بن أبي عروبة للجماعة.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو محمد ابن حبان، ثنا محمد بن يحيى، ثنا بندار، ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أنس قال:(كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يقومون فيصلُّون ولا يتوضؤون، قلت: سمعته من أنس؟ قال: إي والله).
قال أبو نعيم: رواه مسلم عن يحيى بن حبيب عن خالد بن الحارث
(1)
.
قلت: إنما هذه رواية شعبة وقد تصحفت إلى سعيد، يدل عليه قول أبي نعيم: رواه مسلم عن يحيى بن حبيب عن خالد بن الحارث، يعني حديث شعبة، والله تعالى أعلم.
(1)
المستخرج على صحيح مسلم (1/ 410 رقم 829).
الحديث الرابع
(1)
:
578 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 74): حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه:
أن رجلاً من قومه أعتق شقيصاً له من مملوك فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل خلاصه عليه في ماله وقال: «ليس للّه تبارك وتعالى شريك» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الصحابي.
وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (776) والضياء في المختارة (1409) من طريق الإمام أحمد بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم (775) من طريق الحارث بن أبي أسامة عن عبد الله بن بكر السهمي عن سعيد بهذا الإسناد.
ورواه النسائي في الكبرى (4971) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5383) من طريق إسماعيل بن إبراهيم (ابن علية)، وابن أبي
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي الباهلي، أبو وهب المصري نزيل بغداد، ثقة امتنع من القضاء، من التاسعة، مات سنة 188، روى له البخاري ومسلم.
قتادة: تقدم.
أبو المليح ابن أسامة بن عمير الهذلي، اسمه عامر، وقيل: زيد، وقيل: زياد، ثقة، من الثالثة، مات سنة 98، وقيل: 108، وقيل: بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.
أسامة بن عمير بن عامر الهذلي البصري، صحابي، تفرد ولده عنه، روى له أصحاب السنن الأربعة.
شيبة (6/ 184) والبيهقي (10/ 274) من طريق عباد بن العوام عن سعيد، عن قتادة، عن أبي المليح مرسلاً (لم يذكروا والد أبي المليح).
وصحح الإمام أحمد الرواية المرسلة إلا أنه حمل الوهم فيها على سعيد بن أبي عروبة لا على السهمي.
قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله: أجد في حديث سعيد عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه أن رجلاً أعتق شقصاً، قال: فيه أحد عن أبيه؟ فقال: قاله السهمي وما أراه محفوظاً، روى عدة منهم إسماعيل وغيره ليس فيه عن أبيه وأظن هذا من حفظ سعيد، وأثنى أبو عبد الله على السهمي خيراً
(1)
.
قلت: وقد اختلف على قتادة في هذا الحديث:
فروى الحارث بن أبي أسامة في مسنده (473) قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، ثنا شعبة عن قتادة عن أبي المليح، عن أبيه، فذكر الحديث
(2)
.
وبناءً عليه صحح المحقق الفاضل الرواية الموصولة لأن شعبة من أوثق الناس في قتادة، إلا أن الصحيح أنه تصحف سعيد إلى شعبة. يدل على ذلك التالي:
1 أن أبا نعيم روى هذا الحديث عن الحارث بن أبي أسامة في معرفة الصحابة فقال: سعيد بن أبي عروبة.
2 أن أحداً لم يذكر عبد الله بن بكر السهمي ضمن الرواة عن
(1)
تاريخ بغداد (9/ 421).
(2)
بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (1/ 531 ح رقم 473).
شعبة، منهم: الإمام مسلم والمزي في تهذيب الكمال والذهبي، وقد استقصى رجال شعبة الدكتور محمد بن تركي التركي وذكر طبقاتهم ولم يذكر السهمي منهم فدلّ على أن ما في المطبوع من بغية الباحث من ذكر شعبة تصحيف والصحيح أنه سعيد.
وروى همام
(1)
هذا الحديث عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه موصولاً.
وخالفه هشام وهو أثبت الناس في قتادة عن أبي المليح، ولم يذكر أباه
(2)
.
الخلاصة:
اختلف في هذا الحديث على قتادة:
فرواه همام عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه.
وخالفه هشام فرواه عن قتادة عن أبي المليح، ولم يذكر أباه.
واختلف على سعيد بن أبي عروبة.
فرواه ابن علية وعباد بن العوام كما رواه هشام، وخالفهما عبد الله بن بكر السهمي فرواه موصولاً كما رواه همام، وصحح الإمام
(1)
أبو داود (3933) وأحمد (5/ 75) والنسائي في الكبرى (4970) والطحاوي (3/ 107) وفي شرح مشكل الآثار (5380) و (5381) والطبراني في الكبير (507) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (777) والبيهقي (10/ 273) والضياء في المختارة (1408).
(2)
النسائي في الكبرى (4972) وأحمد (5/ 75) والطحاوي (5384).
أحمد رواية سعيد المرسلة إلا أنه حمل الوهم فيها على سعيد وليس على السهمي (فتابعناه لذلك فجعلناه في بابه).
والله تعالى أعلم.
الحديث الخامس
(1)
:
579 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 6): حدثنا محمد بن جعفر، ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سلمة بن المحبق رضي الله عنه:
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أتى على قربة يوم حنين فدعا منها بماء، وعندها امرأة فقالت: إنها ميتة، فقال:«سلوها أليس قد دبغت؟» فقالت: بلى، فأتى منها لحاجته فقال:«ذكاة الأديم دباغه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
ورواه الطبراني في الكبير (6343) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد به.
قال سعيد: (عن قتادة، عن الحسن، عن سلمة بن المحبق).
وقد وهم سعيد في إسناد هذا الحديث ومتنه.
أولاً: في الإسناد:
قال سعيد: (عن قتادة، عن الحسن، عن سلمة بن المحبق).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن جعفر الهذلي البصري المعروف بغندر، ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة، من التاسعة، مات سنة 193 أو 194، روى له البخاري ومسلم.
الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة فقيه فاضل مشهور، رأس الطبقة الثالثة، مات سنة 116، روى له البخاري ومسلم (انظر ترجمته في بابه).
سلمة بن المحبق: صحابي.
خالفه همام
(1)
، وشعبة
(2)
، وهشام الدستوائي
(3)
فقالوا: (عن قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبق) أسقط ابن أبي عروبة جون من الإسناد.
ثانياً: في المتن:
ذكر أن ذلك كان في غزوة حنين، والصحيح أنها في غزوة تبوك كما في رواية همام وشعبة وهشام.
قال العلائي: قال ابن أبي خيثمة: وبينهما في هذا الحديث جون بن قتادة
(4)
.
وقال علي بن المديني: حديث سلمة بن المحبق أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء في غزوة تبوك، فقال: رواه قتادة عن الحسن عن جون بن قتادة، وجون لم يروِ عنه غير الحسن إلا أنه معروف
(5)
.
قال ابن عساكر مبيناً اضطراب سعيد في هذا الحديث: «ورواه
(1)
أبو داود (4125) وأحمد (3/ 476)(5/ 6) وابن حبان (4542) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1064) والطبراني في الكبير (6340) والدارقطني (1/ 46) والبيهقي (1/ 17).
(2)
أحمد (5/ 6) وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 820 مسند ابن عباس) والدارقطني (1/ 46) وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (2/ 53) وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 33).
(3)
النسائي (7/ 173) وأحمد (3/ 476) والطيالسي (1243) وابن أبي شيبة (24788) وابن المنذر في الأوسط (2/ 262) والطبراني (6342) وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 818) والبيهقي (7/ 173).
(4)
في تحفة التحصيل (1/ 75)(1/ 165).
(5)
تاريخ دمشق (11/ 336).
سعيد بن أبي عروبة عن قتادة فاختلف عليه فيه، فروى عنه عن قتادة عن جون عن سلمة من غير ذكر الحسن.
وروى عنه عن قتادة عن الحسن عن سلمة من غير ذكر جون
(1)
.
ثم ساقه من طريق ابن عدي
(2)
بسنده عن عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم ساقه من طريق الإمام أحمد بدون ذكر جون كما في حديث الباب.
وصحح ابن مندة قول مَنْ قال: (قتادة، عن الحسن، عن جون، عن سلمة) فيما ذكره ابن الأثير
(3)
.
وقد تابع رواية الجماعة هشيم في أصح الروايات عنه وذلك فيما أخرجه ابن أبي شيبة قال: نا هشيم عن منصور عن الحسن عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى في غزوة تبوك على بيت بفنائه قربة معلقة فاستسقى منها فقيل له: إنها ميتة
(4)
الحديث انظره في بابه، ح (708).
(1)
تاريخ دمشق (11/ 331).
(2)
الكامل (2/ 178).
(3)
أسد الغابة (1/ 457).
(4)
مسند ابن أبي شيبة (759) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1063) وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 820) وتاريخ دمشق (11/ 328 - 331) وتهذيب الكمال (5/ 164).
الحديث السادس
(1)
:
580 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 275): حدثنا عبد الله بن بكر قال: ثنا سعيد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس رضي الله عنه:
أن علياً قال للنبي صلى الله عليه وسلم في ابنة حمزة وذكر من جمالها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ابنة أخي من الرضاعة» ثم قال نبي الله: «أما علمت أن الله عز وجل حرّم من الرضاعة ما حرّم من النسب» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله رجال الصحيح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5439) من طريق عبد الله بن بكر به.
ورواه (5440) من طريق غندر عن سعيد عن رجل عن علي بن زيد بهذا الإسناد.
ورواه أبو عوانة (4396) من طريق عبد الله بن بكر ومحمد بن عبد الله الأنصاري عن سعيد به.
ورواه الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 431) من طريق عبد الله بن بكر عن سعيد بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي: تقدم.
علي بن زيد بن عبد الله بن جدعان التيمي البصري أصله حجازي وهو المعروف بعلي بن زيد بن جدعان، ضعيف، من الرابعة، مات سنة 131 وقيل قبلها، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.
هكذا قال سعيد بن أبي عروبة: (عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس).
خالفه سفيان الثوري
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، وإسماعيل بن إبراهيم المعروف بابن علية
(3)
، وعبيد الله بن عمر
(4)
، وعبد الوارث بن سعيد
(5)
.
فقالوا: (عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن علي).
وصحح هذا الوجه الدارقطني:
قال الدارقطني: حدّث به الثوري وابن علية وعبد الوارث عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن علي.
وخالفهم سعيد بن أبي عروبة فرواه عن علي بن زيد عن سعيد عن ابن عباس، والصحيح قول الثوري ومَن تابعه
(6)
.
وقال البزار: لا نعلم أحداً قال: عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن علي إلا سفيان الثوري، وغيره يقول: عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس
(7)
.
(1)
عبد الرزاق (13946) وأحمد (1/ 121 - 122) والبزار (524)(525) والنسائي في الكبرى (5438) وأبو يعلى (381) والطبراني في الكبير (2918).
(2)
الشافعي في مسنده (1/ 306) ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (6/ 80) وابن سعد (1/ 110) و (3/ 11).
(3)
الترمذي (1146) وابن سعد (1/ 110) والضياء في المختارة (2/ 101).
(4)
ابن البختري (261).
(5)
الدارقطني في العلل (3/ 220) تعليقاً.
(6)
العلل (3/ 220 - 221).
(7)
مسند البزار (2/ 159).
هكذا قال وفيما قاله نظر، وقد تابع سفيان غير واحد كما سبق، وسعيد بن أبي عروبة لم يتابعه أحد، والله أعلم.
علة الوهم:
1 لم يسمع سعيد هذا الحديث من علي بن جدعان بل بينهما رجل بيّنه غندر في روايته ودلسه سعيد في رواية الآخرين عنه، لذا قال النسائي: لم يسمعه سعيد عن علي بن زيد
(1)
.
2 روى سعيد بن أبي عروبة
(2)
عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له ابنة حمزة
…
إلخ.
فتوهم أن سعيد بن المسيب أيضاً يرويه كرواية أبي الشعثاء الأزدي جابر بن زيد عن ابن عباس.
والله تعالى أعلم.
(1)
السنن الكبرى (3/ 296).
(2)
أحمد (1/ 275) وأبو عوانة (4396) وابن أبي شيبة (17039)، ورواه البخاري (4812 طبعة البغا) ومسلم (1447) وأحمد (1/ 223) من طرق عن قتادة.
الحديث السابع
(1)
:
581 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (8/ 56): أخبرنا الحسين بن منصور، قال: حدثنا حفص وهو ابن عبد الرحمن البلخي، عن سعيد، عن غالب التمار، عن حميد بن هلال، عن مسروق بن أوس عن أبي موسى رضي الله عنه قال:
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأصابع سواءً عشراً عشراً من الإبل.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات (وقد سبق في باب شعبة).
ورواه النسائي في الكبرى (7045) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة.
(1)
رجال الإسناد:
الحسين بن منصور بن جعفر بن عبد الله السلمي، أبو علي النيسابوري، ثقة فقيه من العاشرة، مات سنة 238، روى له البخاري.
حفص بن عبد الرحمن بن عمر البلخي الفقيه النيسابوري قاضيها، صدوق عابد، رمي بالإرجاء، من التاسعة، مات سنة 199، روى له النسائي.
غالب بن مهران، وقيل: ابن ميمون التمار العبدي، صدوق من السادسة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
حميد بن هلال العدوي، أبو نصر البصري، ثقة عالم توقف فيه ابن سيرين لدخوله في عمل السلطان، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.
مسروق بن أوس ويقال: أوس بن مسروق التميمي، مقبول، من الثانية، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
أبو موسى الأشعري: اسمه عبد الله بن قيس، صحابي مشهور، حديثه في الصحيحين.
وأخرجه أبو داود (4556) من طريق عبدة بن سليمان، وابن ماجه (2654) من طريق النضر بن شميل، وأحمد (4/ 403، 413) عن محمد بن جعفر ومحمد بن بشر والدارقطني (3/ 210 - 211) والبيهقي (8/ 92) وغيرهم.
هكذا رواه سعيد فقال: (عن غالب، عن حميد، عن مسروق، عن أبي موسى).
وخالفه شعبة
(1)
، وابن علية
(2)
، وحنظلة بن أبي صفية
(3)
، وعلي بن عاصم
(4)
، وغالب بن يحيى
(5)
فرووه عن (غالب التمار، عن مسروق، عن أبي موسى) لم يذكروا حميداً في الإسناد.
وقد جاء في رواية شعبة التصريح بسماع غالب الحديث من مسروق.
لذا فإن ذكر حميد في الإسناد إما أن يكون وهماً أو هو من المزيد في الأسانيد، وقد صوّب الدارقطني الألباني رواية شعبة.
قال الدارقطني في العلل (7/ 249): والصواب قول شعبة وابن علية.
وصحح الألباني في الإرواء (7/ 218) رواية شعبة، وذكر أن رواية سعيد شاذة.
(1)
أحمد (4/ 397)(4/ 398) والطيالسي (511) وعلي بن الجعد (1475) والدارمي (2369) وغيرهم، وانظره في باب شعبة.
(2)
الشافعي (2/ 110) وأحمد (4/ 403) وغيرهم. انظره في باب سعيد.
(3)
البخاري في التاريخ الكبير (3/ 45) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (729) والبيهقي تعليقاً (8/ 92).
(4)
الدارقطني (3/ 211).
(5)
المصدر السابق (3/ 211).
ونقل البيهقي (8/ 92) عن علي بن المديني قوله عن حديث ابن علية. كان هذا الحديث عندنا مسنداً متصل الإسناد فلما كان بعد حدثنا محمد بن بشر العبدي (فذكر رواية سعيد بن أبي عروبة) كأنه يشير إلى أنها أظهرت علة حديث شعبة ومَن تابعه.
الترجيح:
1 رواية شعبة، فقد تابعه على روايته إسماعيل بن علية، وحنظلة بن أبي صفية، وعلي بن عاصم، وغالب بن يحيى، بينما لم يتابع سعيد في روايته.
2 لم يختلف عليهم في روايتهم، واختلف على سعيد بن أبي عروبة فقد رواه يزيد بن زريع
(1)
عن سعيد عن غالب، عن مسروق به، ولم يذكر حميداً في الإسناد فوافق رواية الجماعة.
ورواه أبو الأشعث، عن خالد بن الحارث، عن سعيد، عن قتادة، عن مسروق به، فذكر قتادة بدلاً من غالب
(2)
.
3 صرّح شعبة في روايته عن غالب بسماعه هذا الحديث من مسروق بن أوس
(3)
.
الخلاصة:
سعيد بن أبي عروبة من أوثق الناس في قتادة وقد وهم عليه كما
(1)
النسائي (8/ 56) وفي الكبرى (7048).
ويزيد بن زريع ممن سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الاختلاط.
(2)
قال الدارقطني في السنن (3/ 211): تفرد به أبو الأشعث وليس هو عندي بمحفوظ عن قتادة.
(3)
أحمد (4/ 398).
في كتابنا هذا في خمسة أحاديث كان القول فيها كلها لهشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وقد قال شعبة: هشام أحفظ مني عن قتادة
(1)
.
(1)
العلل في معرفة الرجال للإمام أحمد (2542).
سهيل بن أبي صالح
اسمه ونسبه:
سهيل بن أبي صالح، واسمه ذكوان السمان، أبو يزيد المدني مولى جويرية بنت الأحمس الغطفانية.
روى عن: أبيه، وسعيد بن المسيب، وعبد الله بن بريدة، وعبد الله بن دينار، والحارث بن مخلد، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وأبي إسحاق السبيعي، والأعمش وهو من أقرانه، وجماعة.
روى عنه: ربيعة بن عبد الرحمن وهو من شيوخه، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويونس بن عبيد، والأعمش وموسى بن عقبة، ومالك وشعبة والسفيانان والحمادان وجماعة.
قال ابن عيينة: كنا نعد سهيل بن أبي صالح ثبتاً في الحديث.
وقال أحمد بن حنبل: ما أصلح حديثه.
وقال يحيى: أبو صالح له ثلاثة: سهيل وعباد وصالح كلهم ثقة.
وقال ابن سعد والعجلي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال النسائي: ليس به بأس.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به وهو أحب إليّ من عمرو بن أبي عمرو وأحب إليّ من العلاء عن أبيه عن أبي هريرة.
وقال الدوري عن يحيى بن معين: صويلح وفيه لين.
وقال ابن عدي: روى عنه الأئمة وحدّث عن أبيه وعن جماعة عن أبيه، وهذا يدل على تمييز الرجل كونه ميّز ما سمع من أبيه وما سمع من غير أبيه عنه، وهو عندي ثبت لا بأس به مقبول الأخبار.
وقال الذهبي: صدوق مشهور ساء حفظه.
قال ابن حجر: صدوق روى له البخاري مقروناً وتعليقاً وروى له الجماعة.
الحديث الأول
(1)
:
582 -
قال أبو يعلى الموصلي (2117): حدثنا إبراهيم بن الحجاج حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا دخل أحدكم إلى المسجد فليصلِّ ركعتين قبل أن يجلس» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج وقد توبع.
وأخرجه الترمذي في العلل الكبير (111) والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 47) من طريق عبيدة بن حميد، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5717) من طريق محمد بن إسماعيل بن زكريا،، وأبو نعيم في
(1)
رجال الإسناد:
إبراهيم بن الحجاج بن زيد السامي، أبو إسحاق البصري، ثقة يهم قليلاً، من العاشرة، مات سنة 231 أو بعدها، روى عنه النسائي.
حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة عابد، من كبار التاسعة، مات سنة 267، روى له مسلم واستشهد له البخاري في الصحيح (التقريب 1499).
سهيل بن أبي صالح، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له مسلم والبخاري مقروناً وتعليقاً، من السادسة.
عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة 121، روى له البخاري ومسلم.
عمرو بن سليم بن خلدة الأنصاري الزرقي، ثقة من كبار التابعين، مات سنة 104، ويقال: له رؤية.
جابر بن عبد الله: صحابي معروف.
تاريخ أصبهان (1/ 129) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي ثلاثتهم عن سهيل بن أبي صالح بهذا الإسناد.
هكذا قال سهيل بن أبي صالح: (عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن جابر).
خالفه جماعة فقالوا: (عن عامر بن عبد الله، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة) منهم: مالك بن أنس
(1)
، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند
(2)
، ويحيى بن سعيد الأنصاري
(3)
، وزيد بن أبي أنيسة
(4)
، وابن جريج
(5)
، ومحمد بن عجلان
(6)
، وزياد بن سعد
(7)
، ومحمد بن إسحاق
(8)
، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
(9)
، وعثمان بن أبي سليمان
(10)
، وعبد الرزاق
(11)
، ومحمد بن الوليد الزبيدي
(12)
، وعبيد الله بن عمر العمري
(13)
، وأبو العميس عتبة بن
(1)
البخاري (444) ومسلم (714).
(2)
البخاري (1163).
(3)
النسائي (519) وابن خزيمة (1827) وابن حبان (2490).
(4)
ابن حبان (2498).
(5)
ابن حبان (2499) والطحاوي في شرح المشكل (7515).
(6)
أحمد (5/ 296) والحميدي (424) وابن خزيمة (1827) وأبو عوانة (1228) وغيرهم.
(7)
ابن خزيمة (1827).
(8)
ابن خزيمة (1827).
(9)
ابن خزيمة (1827).
(10)
أحمد (5/ 305) والحميدي (426) وأبو عوانة (1238) والطحاوي (5713).
(11)
في مصنفه (1675).
(12)
أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين (66).
(13)
الطبراني في الأوسط (9175).
عبد الله
(1)
، وفليح بن سليمان
(2)
.
وسيأتي هذا الحديث في باب عتبة بن عبد الله (أبي العميس) ح (662) وتقدم في باب (ابن جريج)، ح (293).
قال الترمذي: وقد روى سهيل بن أبي صالح هذا الحديث عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا حديث غير محفوظ، والصحيح حديث أبي قتادة.
وقال علي بن المديني: «حديث سهيل بن أبي صالح خطأ
(3)
.
وقال في العلل الكبير: وحديث مالك وغيره فيه عن أبي قتادة أصح
(4)
.
وقال الدارقطني: وهم سهيل بن أبي صالح في ذكره جابراً.
وقال أيضاً: وغير سهيل يرويه عن عامر عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة وهو الصواب
(5)
.
وقال الخطيب: وهكذا روى خالد بن مصعب عن سهيل وهو وهم، خالف سهيلاً الناس في روايته، وقد رواه مالك بن أنس وزياد بن سعد وربيعة بن عثمان وعثمان بن أبي سليمان وعمر بن عبد الله بن عروة عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة وهو الصواب
(6)
.
(1)
أبو داود (468).
(2)
الدارمي (1365).
(3)
سنن الترمذي (2/ 130 ح 316).
(4)
العلل (6/ 145).
(5)
العلل (10/ 132).
(6)
تاريخ بغداد (3/ 47).
علة الوهم:
قد روى جابر رضي الله عنه حديثين في تحية المسجد فلعله لذلك وهم سهيل، فقد روى الشيخان من طريق محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، قال مسعر: أراه ضحى، فقال:«صلِّ ركعتين» وكان لي عليه دَيْن فقضاني وزادني
(1)
.
وروى مسلم من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصلِّ ركعتين ثم ليجلس»
(2)
.
(1)
البخاري (452) ومسلم (715).
(2)
مسلم (875).
الحديث الثاني
(1)
:
583 -
قال أبو داود رحمه الله (1725): حدثنا يوسف بن موسى، عن جرير عن سهيل، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر بريداً
(2)
إلا ومعها رجل ذو حرمة منها».
التعليق:
هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، إلا أن لفظة (بريد) شاذة.
والحديث أخرجه كذلك ابن خزيمة (2526) والحاكم (1/ 442) من طريق جرير بن عبد الحميد عن سهيل به.
(1)
رجال الإسناد:
يوسف بن موسى بن راشد القطان، أبو يعقوب الكوفي، نزيل الري ثم بغداد، صدوق، مات سنة 253، روى له البخاري.
جرير بن عبد الحميد بن قرط، الضبي، الكوفي، نزيل الري وقاضيها، ثقة، صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه، توفي سنة 188 عن 71 سنة، روى له البخاري ومسلم.
سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، وروى له مسلم.
سعيد بن أبي سعيد: كيسان المقبري، أبو سعد المدني، ثقة تغير قبل موته بأربع سنين، مات سنة 120 وقيل قبلها وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
(2)
البريد: قال ابن خزيمة عقب الحديث: البريد اثنا عشر ميلاً بالهاشمي.
وقال النووي: البريد مسيرة نصف يوم، وقال ابن الأثير: هو أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع. عون المعبود (5/ 153).
ورواه ابن خزيمة (2526) من طريق خالد الواسطي، وابن حبان (2727) من طريق حماد بن سلمة كلاهما عن سهيل به.
هكذا قال سهيل عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة في نهي المرأة أن تسافر بغير محرم (بريداً).
خالفه ابن أبي ذئب
(1)
، ومالك
(2)
، والليث بن سعد
(3)
، وابن عجلان
(4)
، ويحيى بن أبي كثير
(5)
فرووا هذا الحديث عن سعيد بن أبي سعيد به فقالوا: (ثلاثاً)، وفي رواية:(يوم).
وكذلك رواه سهيل مرة أخرى فقال: ثلاثاً.
رواه عنه هكذا بشر بن المفضل
(6)
، وحماد بن سلمة
(7)
، وروح بن القاسم
(8)
، ووهيب بن خالد
(9)
.
وقد اختلف في المسافة التي نهى المرأة أن تسافر فيها بغير محرم فأكثر الروايات ثلاثاً، وقيل: يوم وليلة، وقيل: يومان، وأقل ما فيها ما جاء في هذا الحديث:(مسافة بريد)، وهو مسافة نصف يوم، إلا أنه غير محفوظ وقد اضطرب فيه سهيل بن أبي صالح كما تقدم.
(1)
البخاري (1088).
(2)
مسلم (1339) والبخاري تعليقاً (1088).
(3)
مسلم (1339).
(4)
الحميدي (1006) وابن خزيمة (2525).
(5)
أحمد (2/ 420) والبخاري تعليقاً (1088).
(6)
مسلم (1339).
(7)
أحمد (2/ 347) من رواية عفان عن حماد.
(8)
الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 114).
(9)
المصدر السابق.
قال الحافظ في الفتح (2/ 567): وأقل ما ورد في ذلك لفظ: (بريد) إن كانت محفوظة.
وقال الألباني في الإرواء (3/ 17): رجاله ثقات إلا أن اللفظ شاذ، وقد أشار الحافظ في الفتح إلى أنه غير محفوظ، ولعل الخطأ من جرير وهو ابن عبد الحميد
(1)
فقد قال الحافظ في ترجمته في التقريب: ثقة صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه. فلعله روى الحديث في الآخر من حفظه فأخطأ، والله تعالى أعلم.
الخلاصة:
اختلف في هذا الحديث على سهيل بن أبي صالح فرواه ثلاثة من أصحابه وهم: جرير بن عبد الحميد وخالد بن عبد الله الواسطي وحماد بن سلمة بلفظ: (بريد).
ورواه أربعة من أصحابه وهم: بشر بن المفضل، وحماد بن سلمة، وروح بن القاسم، ووهيب بن خالد بلفظ:(ثلاثاً) وهو المحفوظ، والله أعلم.
مما يدل على أن الوهم من سهيل بن أبي صالح في ذلك، والله تعالى أعلم.
(1)
قلت: قد تابعه خالد الواسطي وحماد بن سلمة كما تقدم وهما ثقتان.
الحديث الثالث
(1)
:
584 -
قال النسائي في السنن الكبرى (5296): أخبرنا محمد بن رافع قال: ثنا عبد الرزاق قال: ثنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وهو في المصنف لعبد الرزاق (13549) ومن طريقه أخرجه أحمد (2/ 280) والحاكم (4/ 371) وابن حزم في المحلى (11/ 367) والحازمي في الاعتبار (ص 200).
وأخرجه الحاكم (4/ 371) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن سهيل به.
هكذا قال سهيل بن أبي صالح: (عن أبيه ذكوان أبو صالح السمان، عن أبي هريرة).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن رافع القشيري النيسابوري، ثقة عابد، من الحادية عشرة، مات سنة 245، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرزاق بن همام الصنعاني، ثقة حافظ مصنف شهير (انظر ترجمته في بابه).
معمر بن راشد: ثقة ثبت فاضل (انظر ترجمته في بابه).
خالفه عاصم بن أبي النجود
(1)
فقال: (عن ذكوان، عن معاوية بن أبي سفيان).
لذا قال النسائي عقب الحديث: «خالفه عاصم بن بهدلة»
(2)
.
وقد صحح البخاري والدارقطني رواية عاصم وأن الحديث حديث معاوية لا أبي هريرة.
قال البخاري: حديث معاوية أشبه وأصح
(3)
.
وقال أيضاً: حديث أبي صالح عن معاوية أصح من حديث أبي صالح عن أبي هريرة
(4)
.
قال الدارقطني: يرويه معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة
(5)
، ورواه أبو بكر بن عياش عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة
(6)
، وغيره
(7)
يرويه عن عاصم عن أبي صالح عن معاوية بن أبي سفيان وهو المحفوظ
(8)
.
(1)
النسائي في الكبرى (5297) وأبو داود (4482) والترمذي (1444) وابن ماجه (2573) وأحمد (4/ 95، 96) وأبو يعلى (7363) والطحاوي (3/ 159) وابن حبان (4446) والحاكم (4/ 372).
(2)
السنن الكبرى (3/ 255).
(3)
علل الترمذي الكبير (421).
(4)
سنن الترمذي (4/ 39 ح 1444).
(5)
قلت: وتابعه سعيد بن أبي عروبة كما سبق.
(6)
ابن حبان (4445) ولكن فيه: عن أبي سعيد الخدري بدل أبي هريرة.
وأخرجه الترمذي (1444) من طريقه عن أبي صالح عن معاوية.
(7)
مثل شعبة وسفيان الثوري.
(8)
العلل (10/ 91).
عاصم بن بهدلة
اسمه ونسبه:
عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود الأسدي مولاهم الكوفي، أبو بكر المقراء، مولده في إمارة معاوية.
روى عن: زر بن حبيش وأبي عبد الله السلمي وقرأ عليهما القراءات، وأبي وائل، وأبي صالح السمان، ومصعب بن سعد وجماعة.
روى عنه: عطاء بن أبي رباح وأبو صالح السمان وهما من شيوخه، والأعمش ومنصور وهما من أقرانه، وشعبة، والسفيانان، والحمادان، وأبان بن يزيد، وخلق كثير.
قال أحمد: كان رجلاً صالحاً قارئاً للقرآن، وكان خيِّراً ثقة، والأعمش أحفظ منه، كان شعبة يختار الأعمش عليه.
وقال أبو زرعة: ثقة.
وقال أبو حاتم: محله عندي الصدق، صالح الحديث، وليس محله أن يقال: هو ثقة، ولم يكن بالحافظ، وقد تكلم فيه ابن علية فقال: كل مَنْ اسمه عاصم سياء الحفظ.
وقال يحيى بن معين: لا بأس به.
وقال يعقوب بن سفيان: في حديثه اضطراب وهو ثقة.
وقال النسائي: ليس به بأس.
وقال الدارقطني: في حفظه شيء.
توفي سنة 128 وحديثه في الصحيحين مقروناً بغيره.
قال ابن حجر: صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون، من السادسة.
الحديث الأول
(1)
:
585 -
قال ابن ماجه رحمه الله (306): حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً.
قال شعبة: قال عاصم يومئذٍ: وهذا الأعمش يرويه عن أبي وائل عن حذيفة وما حفظه، فسألت عنه منصوراً فحدثنيه عن أبي وائل عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.
ورواه أحمد (4/ 246) وعبد بن حميد (396) وابن خزيمة (63) والطبراني في الكبير (20/ 966) من طريق حماد بن سلمة، وعبد بن حميد (399) والطبراني في الكبير (20/ 966) من طريق أبي بكر بن
(1)
رجال الإسناد:
إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، التميمي المروزي، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة 251، روى له البخاري ومسلم.
سليمان بن داود، أبو داود الطيالسي البصري، ثقة حافظ، من التاسعة، روى له مسلم والبخاري تعليقاً (انظر ترجمته في بابه).
شعبة: انظر ترجمته في بابه.
شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، ثقة مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله 100 سنة، روى له البخاري ومسلم.
المغيرة بن شعبة بن مسعود الثقفي، صحابي مشهور أسلم قبل الحديبية، مات سنة 50 على الصحيح.
عياش، وفي (20/ 967) من طريق زيد بن أبي أنيسة، والترمذي في العلل الكبير (7) والبيهقي (1/ 101) من طريق شعبة كلهم عن عاصم بهذا الإسناد.
وتابعه حماد بن أبي سليمان (وقد تقدم في بابه).
هكذا قال عاصم: (عن أبي وائل، عن المغيرة).
خالفه الأعمش
(1)
، ومنصور بن المعتمر
(2)
، والشعبي
(3)
، وعبدة بن معتب الضبي
(4)
، وسيار أبو الحكم
(5)
.
فقالوا: (عن أبي وائل عن حذيفة)
(6)
.
وكذلك رواه خيثمة بن عبد الرحمن وعبد الله السلولي عن حذيفة
(7)
.
وقال الترمذي في العلل الكبير (7): والصحيح ما روى منصور والأعمش.
وقال الإمام أحمد في العلل (457): حدثنا عفان قال: أخبرنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا عاصم بن بهدلة وحماد بن أبي سليمان عن
(1)
البخاري (224) ومسلم (273).
(2)
البخاري (225، 226، 2471) ومسلم (273).
(3)
الطبراني في الأوسط (496) وفي الصغير (752).
(4)
الطبراني في الصغير (1130) والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 272).
(5)
أبو نعيم في الحلية (8/ 316) والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 311) والأصبهاني في تاريخ أصبهان (20/ 311).
(6)
الطبراني في الأوسط (6407).
(7)
أحمد (5/ 391).
أبي وائل عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم
…
قال أحمد: منصور والأعمش أثبت من حماد وعاصم.
وقال الدارقطني في العلل (7/ 95): يرويه عاصم بن أبي النجود وحماد بن أبي سليمان عن أبي وائل عن المغيرة بن شعبة ووهما فيه على أبي وائل.
ورواه الأعمش ومنصور عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب.
وقال البزار (7/ 280): وهذا الحديث قد روي عن حذيفة من غير وجه عن أبي وائل عنه.
وقد قال بعض أصحاب أبي وائل: عن المغيرة بن شعبة.
وقال ابن حجر في الفتح (1/ 329): (وقال الترمذي: حديث أبي وائل عن حذيفة أصح من حديثه عن المغيرة وهو كما قال، وإن جنح ابن خزيمة إلى تصحيح الروايتين لكون حماد بن أبي سليمان وافق عاصماً على قوله: عن المغيرة فجاز أن يكون أبو وائل سمعه منهما فيصح القولان معاً لكن من حيث الترجيح رواية الأعمش ومنصور لاتفاقهما أصح من رواية عاصم وحماد لكونهما في حفظهما مقال).
وقال البيهقي (1/ 101): كذا رواه عاصم بن بهدلة وحماد بن أبي سليمان عن أبي وائل عن المغيرة، والصحيح ما روى منصور والأعمش عن أبي وائل عن حذيفة.
كذا قال أبو عيسى الترمذي وجماعة من الحفّاظ) اه.
وقال يحيى بن معين: وحديث حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة
قوم فبال قائماً، بعضهم يقول: عن عاصم عن أبي وائل عن المغيرة (تاريخ ابن معين رواية الدوري 3/ 572).
قال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 172): قيل: هذا بيان للجواز، وقيل: إنما فعله مَنْ وجع كان بمأبضيه وقيل: فعله استشفاء.
قال الشافعي رحمه الله: والعرب تستشفي من وجع الصلب بالبول قائماً، والصحيح إنما فعل ذلك تنزهاً وبُعداً من إصابة البول فإنه إنما فعل هذا لما أتى سباطة قوم وهو ملقى الكناسة وتسمى المزبلة وهي تكون مرتفعة فلو بال الرجل قاعداً لارتدّ عليه بوله، وهو صلى الله عليه وسلم استتر بها وجعلها بينه وبين الحائط فلم يكن بد من بوله قائماً، والله أعلم.
علة الوهم:
قد روى المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لقضاء حاجته فتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء فصبّ عليه حين فرغ من حاجته
(1)
.
فمن هنا دخل الوهم على عاصم وحماد فجعلا هذا الحديث من حديث المغيرة بدلاً من حذيفة، والله أعلم.
وقد رواه شريك عن عاصم، عن أبي وائل، عن حذيفة
(2)
.
لكن قال البزار: هذا الحديث إنما يرويه أصحاب عاصم عن عاصم عن أبي وائل عن المغيرة، والله أعلم.
(1)
البخاري (182، 203، 206، 363، 388) ومسلم (274).
(2)
البزار (2891) وشريك سياء الحفظ.
الحديث الثاني
(1)
:
586 -
قال ابن خزيمة رحمه الله في صحيحه (2436): حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبدة من رجال مسلم.
هكذا روى عاصم (عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث كله مرفوعاً.
خالفه الأعمش
(2)
، وزيد بن أسلم
(3)
فروياه عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الشطر الأول منه مرفوعاً، وبيّنوا أن قوله:
(1)
رجال الإسناد:
أحمد بن عبدة بن موسى الضبي، أبو عبد الله البصري، ثقة رمي بالنصب، من العاشرة، مات سنة 245، روى له مسلم.
حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي، البصري، ثقة ثبت فقيه، من كبار الثامنة، مات سنة 179 وله 81 سنة، روى له البخاري ومسلم.
ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة 101، روى له مسلم.
(2)
البخاري (5355).
(3)
النسائي (9210) وأحمد (2/ 522).
«تقول امرأتك أنفق عليّ أو طلِّقني
…
» إلخ، إنما هو من قول أبي هريرة نفسه لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وتابعهم أبو الزناد
(1)
فرواه عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة كذلك.
وروى سعيد بن المسيب
(2)
وعروة بن الزبير
(3)
وجمع من أصحاب أبي هريرة المرفوع منه فقط دون الموقوف، وقد استوفينا البحث فيه في باب سعيد بن أبي أيوب ح (639) فانظره لزاماً.
(1)
ابن الجارود في المنتقى (751).
(2)
البخاري (1426) و (5356).
(3)
البخاري (1428) تعليقاً.
الحديث الثالث
(1)
:
587 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله في السنن الكبرى (8309): أخبرنا حفص بن عمر، قال: أنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«لا تسبُّوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير حفص بن عمر وهو صدوق وقد توبع.
فقد رواه الأصبهاني في جزئه (12) عن محمد بن عاصم عن الجعفي عن زائدة به.
هكذا قال عاصم: (عن أبي صالح، عن أبي هريرة).
(1)
رجال الإسناد:
حفص بن عمر بن عبد الرحمن الرازي، أبو عمر المهرقاني، قال أبو زرعة: صدوق ما علمته إلا صدوقاً، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن حبان: صدوق حسن الحديث يغرب، وقال الذهبي في الكاشف: ثقة، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق.
الحسين بن علي بن الوليد الجعفي، الكوفي المقراء: انظر ترجمته في بابه.
زائدة بن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي، ثقة ثبت صاحب سنّة، مات سنة 160 أو 161، روى له البخاري ومسلم.
أبو صالح: ذكوان، تقدم مراراً.
خالفه الأعمش
(1)
، ومحمد بن جحادة
(2)
فقالوا: (عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري.
ومن هذا الوجه أخرجه الشيخان في الصحيح.
قال الحافظ في الفتح: قال علي بن المديني في العلل: رواه الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد، ورواه عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: والأعمش أثبت في أبي صالح من عاصم.
قال الحافظ: فعرف من كلامه أن مَنْ قال فيه عن أبي صالح عن أبي هريرة فقد شذّ وكان سبب ذلك شهرة أبي صالح بالرواية عن أبي هريرة فيسبق إليه الوهم ممن ليس بحافظ، وأما الحفاظ فيميزون ذلك)
(3)
.
وقال الدارقطني: «ورواه زائدة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة، والصحيح عن أبي صالح عن أبي سعيد»
(4)
.
علة الوهم:
سلك به الجادة.
(1)
البخاري (3673) ومسلم (2540).
(2)
أبو يعلى (1087) والطبراني في الأوسط (6567) والصغير (982).
(3)
فتح الباري (7/ 36).
(4)
العلل (10/ 107).
عبد الله بن عون
اسمه ونسبه:
عبد الله بن عون بن أرطبان المزني مولاهم، أبو عون البصري، رأى أنس بن مالك، ومولده سنة 66.
روى عن: محمد بن سيرين وأخيه أنس بن سيرين، والحسن البصري، والشعبي، والقاسم بن محمد، وسعيد بن جبير، ونافع مولى ابن عمر، وجماعة.
روى عنه: الأعمش وداود بن أبي هند وهما من أقرانه، وشعبة والثوري وهشيم وابن علية والقطان ووكيع وجماعة.
قال الثوري: ما رأيت أربعة اجتمعوا في مصر مثل هؤلاء: أيوب ويونس والتيمي وابن عون.
قال ابن مهدي: ما كان بالعراق أحدٌ أعلم بالسنّة منه.
قال ابن المبارك: ما رأيت أحداً أفضل من ابن عون.
وقال شعبة: شكّ ابن عون أحبّ إليّ من يقين غيره.
قال ابن معين: ثبت.
وقال النسائي: ثقة ثبت.
قال أبو حاتم: ثقة وهو أكبر من التيمي.
قال قرة: كنا نتعجب من ورع ابن سيرين فأنساناه ابن عون.
ومناقبه كثيراً جداً.
مات سنة 151 بعد أيوب بعشرين سنة.
وقال ابن حجر: ثقة ثبت فاضل من أقران أيوب في العلم والعمل والسن، من السادسة.
الحديث الأول
(1)
:
588 -
قال الإمام مسلم (3/ 1306 ح 1679): حدثنا نَصْرُ بن عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ حدثنا يَزِيدُ بن زُرَيْعٍ حدثنا عبد الله بن عَوْنٍ عن مُحَمَّد بن سيرينَ عن عبد الرحمن بن أبي بَكْرَةَ عن أبيه قال:
لَمَّا كان ذلك اليَوْمُ قَعَدَ على بَعِيرِهِ وأخَذَ إنْسانٌ بِخِطَامِهِ فقال: «أتَدْرُونَ أيَّ يومٍ هذا؟» قالوا: الله ورسُولُهُ أعْلَمُ، حتى ظننَّا أنَّه سيُسَمِّيه سوى اسمه، فقال:«ألَيْسَ بيَوْمِ النَّحْرِ؟» قلنا: بَلَى يا رسولَ الله، قال:«فأيُّ شَهْرٍ هذا؟» قُلْنا: الله ورسولُه أعلمُ، قال:«أليسَ بذِي الحِجَّةِ؟» قلنا: بَلَى يا رسولَ الله، قال:«فأيُّ بَلَدٍ هذا؟» قُلنا: الله ورسولُهُ أعلمُ، قال: حتى ظننَّا أنَّهُ سيُسَمِّيه سِوَى اسمِهِ، قال:«أليسَ بالبَلْدَةِ؟» قُلْنا: بلى يا رسولَ الله، قال:«فإنَّ دِمَاءَكُمْ وأمْوَالَكُمْ وأعراضَكُمْ عليْكُم حَرَامٌ كحُرْمَةِ يَوْمِكُم هذا في شَهْرِكُمْ هذا في بَلَدِكُم هذا، فَلْيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الغَائِبَ» قال: ثُمَّ انْكَفَأَ إلى كَبْشَيْنِ أمْلَحَيْنِ فَذَبَحْهُمَا وَإِلَى جُزَيْعَة من الغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا.
(1)
رجال الإسناد:
نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، ثقة ثبت، طلب للقضاء فامتنع، من العاشرة، مات سنة 250 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.
يزيد بن زُريع البصري، أبو معاوية، يقال له: ريحانة البصرة، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة 182، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن سيرين الأنصاري، ثقة ثبت عابد كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى، من الثالثة، مات سنة 110، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحمن بن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي البصري، ثقة، من الثانية، مات سنة 96، روى له البخاري ومسلم.
أبو بكرة: نفيع بن الحارث بن كَلَدة بن عمرو الثقفي، صحابي مشهور بكنيته، أسلم بالطائف ثم نزل البصرة ومات بها سنة (51) أو (52).
التعليق:
وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
والحديث أخرجه مسلم أيضاً (1679)(30) من طريق حماد بن مسعدة، والنسائي (7/ 220) من طريق يزيد بن زريع، والترمذي (1520) من طريق أزهر بن سعد السماك، وأحمد (5/ 45) والطحاوي في مشكل الآثار (1458) والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (2/ 47)، وتمام الرازي في الفوائد (129)، والبيهقي في الكبرى (6/ 92) من طريق هوذة بن خليفة وأبو عوانة (6177)(6178) من طريق هوذة بن خليفة، وأشهل بن حاتم.
وقد وهم ابن عون في هذا الحديث فأدرج حديثاً في حديث، فقوله في آخر الحديث:(ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما .. ) ليست من حديث أبي بكرة إنما رواها محمد بن سيرين عن أنس بن مالك في حديث آخر. كذا قال الدارقطني والخطيب والقاضي عياض.
فقد روى هذا الحديث بطوله هكذا عن ابن سيرين قرة بن خالد
(1)
وأيوب السختياني
(2)
ولم يذكرا هذه الزيادة في حديثهما.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح عنهما.
وقد أخرج البخاري في صحيحه حديث ابن عون ولم يذكر فيه هذه الزيادة لعلمه والله أعلم أنها وهم
(3)
.
(1)
البخاري (1741، 7078) ومسلم (1679)(31).
(2)
البخاري (4406، 5550، 447 مطولاً)(3197 مختصراً) ومسلم (1679)(29).
(3)
(1/ 157 ح رقم 67) من طريق بشر بن المفضل عن ابن عون.
وقد أخرج البخاري خطبته صلى الله عليه وسلم يوم النحر من حديث ابن عباس
(1)
وابن عمر
(2)
بنحو من حديث أبي بكرة ولم يذكرا ذلك.
قال الدارقطني في التتبع (ص 220): (وأخرج مسلم من أحاديث يزيد بن زريع وحماد بن مسعدة عن ابن عون عن محمد، عن ابن أبي بكرة عن أبيه في خطبة يوم النحر وفي آخره: (ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا).
وهذا الكلام وهم من ابن عون فيما يقال وإنما رواه ابن سيرين عن أنس. قاله أيوب عنه.
وقد أخرج البخاري حديث ابن عون فلم يخرج هذا الكلام فيه فقطعه قطعه، ولعله صح عنده أنه وهم، والله أعلم. ومسلم أتى به إلى آخره.
وقال في العلل (7/ 151) عندما سئل عن هذا الحديث: (يرويه محمد بن سيرين، واختلف عنه فرواه عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين وأتى به بطوله وذكر في آخره ألفاظاً وهم فيها فأدرجها في حديث أبي بكرة وهو قوله: ثم انكفأ: إلى غنيمات فجعل يقسمها بين الناس الشاة والشاتين والثلاثة، وليس هذه الكلمات من حديث أبي بكرة، وإنما رواها محمد بن سيرين عن أنس بن مالك.
كذلك رواها أيوب السختياني وغيره).
وقال في موضع آخر (7/ 157): يرويه ابن عون عن ابن سيرين
(1)
البخاري (1739).
(2)
البخاري (1742).
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ووهم فيه وإنما رواه ابن سيرين عن أنس بن مالك.
كذلك رواه أيوب وهشام عن ابن سيرين وهو الصواب.
وقال القاضي عياض بعد أن ذكر استدراك الدارقطني: (وقد روى البخاري هذا الحديث عن ابن عون فلم يذكر فيه هذا الكلام فلعله تركه عمداً، وقد رواه أيوب وقرة عن ابن سيرين في كتاب مسلم في هذا الباب ولم يذكروا فيه هذه الزيادة.
قال القاضي: (والأشبه أن هذه الزيادة إنما هي في حديث آخر في خطبة عيد الأضحى فوهم فيها الراوي فذكرها مضمومة إلى خطبة الحجة، أو هما حديثان ضمّ أحدهما إلى الآخر، وقد ذكر مسلم هذا بعد هذا في كتاب الضحايا من حديث أيوب
(1)
وهشام
(2)
عن ابن سيرين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى ثم خطب فأمر مَنْ كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد، ثم قال في آخر الحديث: فانكفأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كبشين أملحين فذبحهما فقام الناس إلى غنيمة فتوزعوها، فهذا هو الصحيح وهو دافع للإشكال).
نقل هذا النووي في شرح صحيح مسلم (11/ 172) عن القاضي عياض وسكت كالمؤيد له.
وقال الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (2/ 748):
(1)
البخاري (5549) ومسلم (1962) من طريق أيوب عن ابن سيرين عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر: «مَنْ كان ذبح قبل الصلاة فليعد
…
» ثم انكفأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى كبشين فذبحهما وقام الناس إلى غنيمة فتوزعوها أو قال: فتجزعوها.
(2)
رواه مسلم (1962)(11).
(إلا أن ابن عون زاد في آخر الحديث ألفاظاً وهم فيها فأدرجها في حديث أبي بكرة الكبشين وما بعد ذلك إلى آخر الحديث، وليست هذه من حديث أبي بكرة، وإنما رواها محمد بن سيرين عن أنس بن مالك في حديث آخر، روى ذلك عن محمد أيوب السختياني وغيره.
فأما حديث أبي بكرة فقد رواه قرة بن خالد وأيوب السختياني جميعاً عن ابن سيرين بطوله سوى الكلمات التي أوردها ابن عون في آخر الحديث).
علة الوهم:
المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى في حجة الوداع البدن وليس فيها ذكر كبشين، إنما هي مائة بدنة نحر منها صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ثلاثاً وستين وأمر علياً بنحر باقي البدن.
وقد ضحّى صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة بكبشين أملحين في غير عام حجة الوداع.
وقد روى محمد بن سيرين شيخ ابن عون كلا الحديثين عن أنس بن مالك رضي الله عنه فدخل على ابن عون حديث في حديث، والله تعالى أعلم.
الحديث الثاني
(1)
:
589 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 112): حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا ابن عون، أخبرنا أنس بن سيرين، عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
صنع بعض عمومتي للنبي صلى الله عليه وسلم طعاماً فقال: يا رسول الله إني أحب أن تأكل في بيتي وتصلي فيه، قال: فأتاه وفي البيت فحل من تلك الفحول
(2)
، فأمر بجانب منه فكُنس ورُشَّ، فصلّى وصلّينا معه.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الحميد، وثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات.
روى عنه: ابن ماجه حديثاً واحداً هو هذا الحديث.
(1)
رجال الإسناد:
إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري المعروف بابن علية، ثقة حافظ، من الثامنة، مات سنة 193 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.
أنس بن سيرين الأنصاري، أبو موسى، وقيل: أبو حمزة، وقيل: أبو عبد الله البصري أخو محمد، ثقة، من الثالثة، مات سنة 118، وقيل: 120، روى له البخاري ومسلم.
عبد الحميد بن المنذر بن الجارود العبدي، ثقة من الخامسة، روى له ابن ماجه.
(2)
قال ابن ماجه: الفحل هو الحصير الذي قد اسود (756 ح) وقال أبو عبيد القاسم بن سلَّام: وإنما سمي الحصير فحلاً لأنه يعمل سعف من الفحل من النخيل، وقال ابن الأثير في النهاية (3/ 416): الفحل هاهنا حصير معمول من سعف فحال النخل وهو فحلها وذكرها الذي تلقح منه، فسمي الحصير فحلاً مجازاً.
والحديث أخرجه كذلك ابن أبي شيبة (1/ 398 - 399) وأبو يعلى (4206، 4207) من طريق ابن علية بهذا الإسناد.
وقد تابع ابن علية عبد الله بن المبارك وابن أبي عدي.
فقد أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (3/ 419)، وابن حبان (5295) من طريق عبد الله بن المبارك عن ابن عون به.
وأخرجه ابن ماجه (756) وأحمد (3/ 129) ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (6/ 460) من طريق ابن أبي عدي عن ابن عون به.
هكذا رواه عبد الله بن عون فقال: (عن أنس بن سيرين، عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود، عن أنس بن مالك).
خالفه شعبة
(1)
، وخالد الحذاء
(2)
، وأيوب السختياني
(3)
فرووه (عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك) ولم يذكرا بينهما أحداً، بل جاء في رواية شعبة التصريح بسماع أنس بن سيرين هذا الحديث من أنس بن مالك.
وتابعهم عبد الله بن إدريس فرواه عن ابن سيرين عن أنس
(4)
.
ولو صحت رواية ابن عون لكان في رواية البخاري عن شعبة وخالد الحذاء انقطاعٌ وليس الأمر كذلك فقد صرّح أنس بن سيرين
(1)
البخاري (670، 1179).
(2)
البخاري (6080).
(3)
ذكره الدارقطني في العلل (12/ 8).
(4)
العلل (12/ 8).
بسماعه من أنس بن مالك، فحينئذٍ تكون رواية ابن عون إما وهماً منه أو تكون من (المزيد في متصل الأسانيد) وقد مال الدارقطني إلى كون ابن عون وهم في روايته كما ذكره المزي في تهذيبه فقال: ورجح الدارقطني حديث شعبة على حديث ابن عون.
قلت: ومما يرجح وهم ابن عون في هذا الإسناد أمران:
الأول: أن عبد الحميد بن المنذر ليس معروفاً بالرواية عن أنس بن مالك، وليس له إلا هذا الحديث ولم يرو عنه أيضاً أنس بن سيرين إلا هذا الحديث الواحد.
الثاني: كون ابن الجارود ورد اسمه في متن الحديث إذ كان حاضراً لما كان أنس بن مالك يحدّث بهذا الحديث بل وسأله.
فقد جاء في رواية شعبة (670): (فقال رجل من آل الجارود لأنس: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟).
وقال في الرواية الأخرى (1179): وقال فلان ابن فلان ابن الجارود لأنس: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟
وقد رواه حماد بن زيد عن ابن عون عن ابن سيرين عن أنس فوافق الجماعة
(1)
.
قال الحافظ في الفتح (2/ 158): (أخرج ابن ماجه وابن حبان من رواية عبد الله بن عون عن أنس بن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود عن أنس، فاقتضى ذلك أن في رواية البخاري انقطاعاً وهو مندفع بتصريح أنس بن سيرين عنده بسماعه من أنس فحينئذٍ رواية ابن
(1)
الدارقطني في العلل (11/ 8).
ماجه إما من المزيد في متصل الأسانيد وإما أن يكون فيها وهم لكون ابن الجارود كان حاضراً عند أنس لما حدّث بهذا الحديث وسأله عما سأله من ذلك فظن بعض الرواة أن له فيه رواية).
قال الدارقطني: والقول قول شعبة ومَن تابعه
(1)
.
علة الوهم:
وجود اسمه في متن الحديث وكونه هو السائل عن المسألة فوهم الراوي فيه فجعله في الإسناد بدلاً من المتن، والله تعالى أعلم.
(1)
العلل (11/ 8).
الحديث الثالث
(1)
:
590 -
قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله في السنن الكبرى (8099): أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا الأزرق، عن عبد الله بن عون، عن أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت قال: قال عمر رضي الله عنه:
اقرؤوا القرآن ما اتفقتم عليه فإذا اختلفتم فقوموا.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير محمد بن إسماعيل قال عنه النسائي: ثقة أخرجه النسائي في فضائل القرآن (124).
وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص 355) وفي غريب الحديث (2/ 236) والبيهقي في شعب الإيمان (2066، 2067) وذكره البخاري في صحيحه تعليقاً ح (5061).
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، المعروف أبوه بابن علية، البصري، نزيل دمشق وقاضيها، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة 264، روى له النسائي.
إسحاق بن يوسف بن مرداس المخزومي الواسطي، المعروف بالأزرق، ثقة، من التاسعة، مات سنة 195 وله 78 سنة، روى له البخاري ومسلم.
أبو عمران: عبد الملك بن حبيب الأزدي أو الكندي، أبو عمران الجوني، مشهور بكنيته، ثقة من كبار الرابعة، مات سنة 128 أو قبلها، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن الصامت الغفاري البصري، ثقة، من الثالثة، مات بعد سنة 70، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.
هكذا رواه ابن عون (عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن عمر قوله).
خالفه حماد بن زيد
(1)
، وسلَّام بن أبي مطيع
(2)
، وهمام
(3)
، وأبان
(4)
، والحارث بن عبيد
(5)
، وهارون بن موسى النحوي
(6)
، وحجاج بن فرافصة
(7)
، وسعيد بن زيد
(8)
، وسهيل بن أبي حزم القطعي
(9)
، وحماد بن نجيح
(10)
.
هؤلاء كلهم رووه (عن أبي عمران الجوني، عن جندب بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
البخاري (5060).
(2)
البخاري (5061)(7364).
(3)
البخاري (7365) ومسلم (4667)(4).
(4)
مسلم (2667)(4).
(5)
مسلم (2667)(3) وسعيد بن منصور (2/ 491 رقم 166).
وذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (5060) والبيهقي في الشعب (2064، 2065).
(6)
الدارمي (3362) والنسائي في فضائل القرآن (123) والطبراني في الكبير (1674).
(7)
النسائي في الفضائل (121) والطبراني في الكبير (1675) وأبو نعيم في الحلية (3/ 109)، (8/ 291).
(8)
ذكره البخاري في صحيحه (5061) تعليقاً، وابن حجر في تغليق التعليق (4/ 390) من طريق الحسن بن سفيان، وذكر في الفتح (9/ 102) أن الحسن بن سفيان أخرجه في مسنده من طريق أبي هشام المخزومي، عن سعيد بن زيد أخي حماد بن زيد.
(9)
أبو يعلى (1520) والروياني (968).
(10)
ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (4/ 228).
ورواه شعبة
(1)
، وحماد بن سلمة
(2)
، وعبد الله بن شوذب
(3)
، وأبو عامر الخراز
(4)
موقوفاً على جندب لم يرفعوه.
قال البخاري في صحيحه (9/ 101) عقب الحديث (5061): (تابعه
(5)
الحارث بن عبيد، وسعيد بن زيد، عن أبي عمران، ولم يرفعه حماد بن سلمة وأبان، وقال غندر عن شعبة، عن أبي عمران: سمعت جندباً قوله، وقال ابن عون: عن أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت عن عمر قوله، وجندب أصح وأكثر).
قال الحافظ في الفتح (9/ 102) معقباً: أي: أصح إسناداً وأكثر طرقاً وهو كما قال، فإن الجم الغفير رووه عن أبي عمران عن جندب فالحكم لهم، وأما رواية ابن عون فشاذة لم يتابع عليها).
ثم قال الحافظ: قال أبو بكر بن أبي داود: لم يخطاء ابن عون قط إلا في هذا والصواب عن جندب
(6)
.
ثم قال الحافظ: (ويحتمل أن يكون ابن عون حفظه ويكون لأبي عمران فيه شيخ آخر، وإنما توارد الرواة على طريق جندب لعلوها والتصريح برفعها) اه.
(1)
البخاري تعليقاً عقب الحديث (5060) قال: قال غندر عن شعبة عن أبي عمران: سمعت جندباً
…
قوله، وأخرجه موصولاً أبو عبيد في فضائل القرآن (ص 326) من طريق حجاج عنه.
(2)
البخاري تعليقاً عقب الحديث (5060) والبيهقي في الشعب تعليقاً (2065).
(3)
أبو عبيد في فضائل القرآن (ص 326).
(4)
أشار إليها الدارقطني في العلل كما سيأتي.
(5)
أي: تابع سلام بن أبي مطيع.
(6)
وذكره المزي في تحفة الأشراف (2/ 444)، قلت بل أخطأ في غيره كما حررناه هنا ومنها حديث في صحيح مسلم.
وسئل الدارقطني في العلل (13/ 478) عن هذا الحديث فقال: (يرويه همام بن يحيى وحماد بن سلمة وأبو عامر الخراز عن أبي عمران الجوني عن جندب مرفوعاً.
ورفعه الحارث بن عبيد أبو قدامة، وهارون بن موسى الأعور، وسهيل بن أبي حزم القطعي، والحجاج بن فرافصة، وسلام بن أبي مطيع، واختلف عن همام بن يحيى فرفعه داود بن شبيب عن همام، ورفعه عاصم بن علي عنه. وقيل: عن حماد بن زيد عن أبي عمران عن جندب مرفوعاً.
ورواه ابن عون عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت عن عمر قوله ورفعه عن جندب صحيح) اه.
إلا أن أبا حاتم الرازي خالف فرجح رواية ابن عون.
قال ابن أبي حاتم في العلل (1675): (سألت أبي عن حديث رواه الحارث بن عبيد، عن أبي عمران الجوني، عن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
فقال: روى هذا ابن عون، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت قال: قال عمر، وهذا الصحيح.
قلت: الوهم ممن؟
قال: الحارث بن عبيد).
هكذا قال أبو حاتم، وقوله هذا مرجوح، وقد خالفه أكثر أئمة الحديث منهم البخاري حيث رجح الرواية المرفوعة فأخرجها في صحيحه وقال:(وجندب أصح وأكثر) وأخرجها مسلم في صحيحه كذلك.
وقال الحافظ: إن الجم الغفير رووه عن أبي عمران فالحكم لهم، وإن رواية ابن عون شاذة، والله تعالى أعلم.
ووجه ترجيح أبي حاتم لرواية ابن عون كونه أحفظ وأجل من الحارث
(1)
إلا أن الحارث لم ينفرد بذلك بل تابعه أربعة عشر راوياً رووا هذا الحديث عن جندب ولربما لو استحضر هذا لتغير حكمه، والله أعلم.
(1)
ومما يدل على هذا أن أبا حاتم قال عن حديث أبي سعيد الخدري في الشاة التي اشتراها ليضحي بها فعدا عليها الذئب فقطع إليتها فضحّى بها أبو سعيد.
قال: رواه شعبة وسفيان واختلفا فيه:
قال شعبة: عن جابر عن محمد بن قرظة، عن أبي سعيد.
وقال الثوري: عن جابر، عن قرظة، عن أبي سعيد.
قال: الثوري أحفظ.
والرواية المحفوظة عن الثوري هي كما رواها شعبة وهي عند ابن ماجه (314) وأحمد (3/ 32) من طريق عبد الرزاق ووكيع. ولم أجد رواية الثوري كما ذكر أبو حاتم. ورواية شعبة أخرجها أحمد (3/ 78، 86) والطحاوي (4/ 170) وقد تابعه أبو عوانة وشريك عند الطحاوي (4/ 169) وإسرائيل عن البيهقي (9/ 289).
عبد الله بن عيسى
اسمه ونسبه:
عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، أبو محمد الكوفي.
روى عن: جده عبد الرحمن، وحديثه عنه في الصحيح، وابنه عيسى، وسعيد بن جبير، والزهري، وعكرمة، وغيرهم.
روى عنه: عمه محمد، وكان أكبر من عمه، وإسماعيل بن أبي خالد، وشعبة، والسفيانان الثوري وابن عيينة، وزهير بن معاوية، وجماعة.
قال ابن معين: ثقة. وزاد في رواية: يتشيع.
وقال النسائي: ثقة ثبت.
وقال العجلي: ثقة.
وقال الحاكم: هو من أوثق آل أبي ليلى.
وقال ابن المديني: هو عندي منكر الحديث.
قال ابن حجر: ثقة فيه تشيع، من السادسة.
الحديث
(1)
:
591 -
قال الإمام الدارمي في سننه (2/ 466 ح 3000): أخبرنا محمد بن يوسف، ثنا سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه النسائي في الكبرى (6371) من طريق قاسم بن يزيد الجرمي عن سفيان، وأبو بكر الشافعي في الفوائد (الغيلانيات)(1/ 90)، والطبراني في الأوسط (5009) كلاهما من طريق زائدة عن سفيان بهذا الإسناد.
وتابعه شعبة.
فرواه النسائي في الكبرى (6370) عن محمد بن بشار، عن
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبي مولاهم الفريابي، ثقة فاضل، يقال: أخطأ في شيء من حديث سفيان وهو مقدّم فيه مع ذلك عندهم على عبد الرزاق، من التاسعة، مات سنة 212، روى له البخاري ومسلم.
سفيان: هو الثوري. تقدم في بابه.
الزهري: تقدم في بابه.
علي بن حسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين، ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور، قال الزهري: ما رأيت قرشيًّا أفضل منه، من الثالثة، مات سنة 93 أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عبد الله بن عيسى بهذا الإسناد.
هكذا رواه عبد الله بن عيسى فقال: (عن الزهري، عن علي بن حسين، عن أسامة بن زيد).
خالفه جمع من أصحاب الزهري
(1)
فرووه (عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد).
وهم عبد الله بن عيسى فأسقط ذكر عمرو بن عثمان.
قال أبو بكر الشافعي: ولم يذكر في الإسناد عمرو بن عثمان.
(1)
انظرهم في باب الإمام مالك رحمه الله في هذا الكتاب، وقد وهم مالك فقال:(عمر بن عثمان بدلاً من عمرو بن عثمان) ح (154).
أبو عبد الرحمن المقري
اسمه ونسبه:
عبد الله بن يزيد المخزومي المدني المقراء، الأعور، أبو عبد الرحمن مولى الأسود بن سفيان، ويقال: مولى الأسود بن عبد الأسد.
روى عن: أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، وزيد أبي عياش وغيرهم.
روى عنه: يحيى بن أبي كثير، ومالك، وإسماعيل بن أمية، وأسامة بن زيد الليثي، وغيرهم.
قال أحمد وابن معين والنسائي والعجلي: ثقة.
وقال أبو حاتم: ثقة، فقيل له: حجة؟ قال: إذا روى عنه مالك ويحيى بن أبي كثير وأسامة فهو حجة.
مات سنة 148.
قال ابن حجر: من شيوخ مالك، ثقة.
الحديث
(1)
:
592 -
قال ابن أبي عاصم في السنّة (97): حدثنا أبو الخطاب، ثنا أبو عبد الرحمن المقري، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«عليكم هدياً قاصداً، فإنه مَنْ يشاد الدين غلبه» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.
هكذا رواه أبو عبد الرحمن المقري فقال: (عن عيينة، عن أبيه، عن أبي برزة الأسلمي).
خالفه وكيع، وابن علية، ومحمد بن بكر، وابن أبي عدي، والطيالسي، وأشهل بن حاتم، ويزيد بن هارون في أصح الروايتين عنه فقالوا:(عن عيينة، عن أبيه، عن بريدة الأسلمي)
(2)
.
قلب أبو عبد الرحمن
(3)
اسم الصحابي، وقد استوفينا الكلام على هذا الحديث في باب يزيد بن هارون ح (1037) فانظره.
(1)
رجال الإسناد:
زياد بن يحيى بن حسان، أبو الخطاب الحساني النكري، البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة 254، روى له البخاري ومسلم.
عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني، صدوق، من السابعة، روى له البخاري في الأدب المفرد والباقون.
عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني، بصري، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري في الأدب المفرد والباقون.
(2)
هذا الوهم منه ويحتمل أن يكون من أبي الخطاب، والله أعلم.
(3)
أحمد (4/ 5) وعبد بن حميد في المنتخب (521) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 29) والأوسط (1/ 345) والبزار (2196) وابن حبان (1620) والضياء في المختارة (297).
عبد الكريم بن مالك الجزري
اسمه ونسبه:
عبد الكريم بن مالك الجزري، أبو سعيد الحراني، مولى بني أمية، وأصله من بلد إصطخر، ويقال له: الحضرمي بالحاء وهي من قرى اليمامة وهو ابن عم حصيف.
رأى أنس بن مالك وعداده في صغار التابعين.
روى عن: سعيد بن المسيب وابن أبي ليلى وسعيد بن جبير ومجاهد وطاوس ونافع مولى ابن عمر وغيرهم.
روى عنه: شعبة والثوري وابن عيينة وابن جريج ومالك ومعمر ومسعر وجماعة.
قال الثوري لابن عيينة: أرأيت عبد الكريم الجزري وأيوب وعمرو بن دينار فهؤلاء ومَن أشبههم ليس لأحد فيهم متكلم.
وقال ابن عيينة: كان حافظاً وكان من الثقات لا يقول: إلا سمعت وحدثنا ورأيت، وقال أيضاً: ما رأيت عربيًّا أفضل منه.
وقال أحمد وعلي بن المديني: ثقة ثبت.
وقال ابن عمار والعجلي وأبو زرعة وأبو حاتم وابن نمير والترمذي وغيرهم: ثقة، مات سنة 127.
قال ابن حجر: ثقة متقن، من السادسة.
الحديث
(1)
:
593 -
قال ابن ماجه رحمه الله (1406): حدثنا إسماعيل بن أسد، حدثنا زكريا بن عدي، أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير إسماعيل وقد توبع.
ورواه أحمد (3/ 343) و (3/ 397) من طريق حسين بن محمد وعبد الجبار بن محمد الخطابي وأحمد بن عبد الملك، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 127) وفي شرح المشكل (599) من طريق علي بن معبد، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 27) من طريق حكيم بن
(1)
رجال الإسناد:
إسماعيل بن أبي الحارث أسد بن شاهين البغدادي، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 258، روى له أبو داود وابن ماجه.
زكريا بن عدي بن الصلت التيمي مولاهم أبو يحيى الكوفي، نزيل بغداد، ثقة جليل يحفظ، من كبار العاشرة، مات سنة 211 أو 212، روى له البخاري ومسلم.
عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الرقي، ثقة فقيه ربما وهم، من الثامنة، مات سنة 180 عن 79 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عطاء بن أبي رباح مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة 114 على المشهور، روى له البخاري ومسلم.
سيف، والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 29) تعليقاً من طريق يحيى بن يوسف كلهم من طريق عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم بهذا الإسناد.
هكذا قال عبد الكريم عن عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه حبيب المعلم
(1)
، والربيع بن صبيح
(2)
، وكثير بن شنظير المازني
(3)
، والمثنى بن الصباح
(4)
، والحجاج بن أرطأة
(5)
، وابن جريج
(6)
، وخلاد بن عطاء بن أبي رباح
(7)
فقالوا: (عن عطاء، عن عبد الله بن الزبير).
لذا قال البخاري: «ولا يصح فيه جابر»
(8)
.
قلت: وقد قال يحيى بن معين: حديث عبد الكريم عن عطاء رديء
(9)
.
والله تعالى أعلم.
(1)
أحمد (4/ 5) وعبد بن حميد في المنتخب (521) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 29) والأوسط (1/ 345) والبزار (2196) وابن حبان (1620) والضياء في المختارة (297).
(2)
الطيالسي (1464) والبيهقي في شعب الإيمان (4143).
(3)
ابن عدي في الكامل (6/ 70).
(4)
ذكره الدارقطني في العلل (9/ 398).
(5)
ابن أبي خيثمة في تاريخه (536) والمحاملي في أماليه (295).
(6)
عبد الرزاق في مصنفه (9133) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 29) والأوسط (1/ 244) إلا أنه رواه موقوفاً على ابن الزبير، وقال الدارقطني في العلل (9/ 397) إنه رواه الزنجي بن خالد عن ابن جريج فرفعه.
(7)
الأزرقي في أخبار مكة (2/ 64).
(8)
التاريخ الكبير (4/ 29) والأوسط (1/ 345).
(9)
تهذيب التهذيب (2/ 603) قال ابن عدي: يعني عائشة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبِّلها ولا يُحدث وضوءاً، إنما أراد ابن معين هذا لأنه ليس بمحفوظ.
عُقيل بن خالد
اسمه ونسبه:
عُقيل بن خالد بن عَقيل الأيلي، أبو خالد الأموي، مولى عثمان.
روى عن: أبيه وعمه زياد، ونافع مولى ابن عمر وعكرمة والحسن البصري والزهري وسلمة بن كهيل وجماعة.
روى عنه: الليث بن سعد وابن لهيعة ويونس بن يزيد الأيلي وهو من أقرانه، ويحيى بن أيوب وجماعة.
وثقه أحمد وابن معين والنسائي وأبو زرعة وغيرهم.
قال إسحاق بن راهويه: عقيل حافظ ويونس صاحب كتاب.
وقال ابن معين: أثبت مَنْ روى عن الزهري مالك ثم معمر ثم عُقيل.
وقدّمه أبو حاتم على معمر في الزهري وقال: كان صاحب كتاب.
قال عبد الله بن أحمد: ذكر عند أبي أن يحيى بن سعيد (القطان)
قال: عُقيل وإبراهيم بن سعد، كأنه يضعفهما، فقال: وأي شيء هذا؟ هؤلاء ثقات لم يخبرهم.
مات بمصر سنة 141، وقيل: سنة 144.
قال ابن حجر: ثقة ثبت، من السادسة.
الحديث
(1)
:
594 -
روى الطبراني في الكبير (4/ 146 رقم 3960) من طريق سلامة بن روح، وابن عدي في الكامل (4/ 230) من طريق الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب أخبرني عطاء بن يزيد الليثي أنه سمع أبي بن كعب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين (من جهة الليث).
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (29/ 94) من طريق ابن عدي.
هكذا رواه عقيل (عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي بن كعب).
(1)
رجال الإسناد:
سلامة بن روح بن خالد، أبو روح الأيلي، ابن أخي عُقيل بن خالد يكنى أبا خريق، صدوق له أوهام، وقيل: لم يسمع من عمه وإنما يحدث من كتبه، من التاسعة، مات سنة 197 أو 198، روى له النسائي وابن ماجه، واستشهد به البخاري في الصحيح.
الليث بن سعد: انظره في بابه.
ابن شهاب الزهري: انظره في بابه.
عطاء بن يزيد الليثي المدني، نزيل الشام، ثقة من الثالثة، مات سنة 105 أو 107 وقد جاوز 80 عاماً، روى له البخاري ومسلم.
خالفه غيره من أصحاب الزهري فقالوا: (عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب الأنصاري).
وممن رواه هكذا: مالك
(1)
، وسفيان بن عيينة
(2)
، ويونس بن يزيد
(3)
، والزبيدي
(4)
، ومعمر
(5)
، وصالح بن أبي الأخضر
(6)
، وقيس بن سعد
(7)
.
قال ابن عدي عقب الحديث: (وهذا الحديث هكذا يرويه الليث بن سعد، عن عُقيل، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد، عن أبي بن كعب، وقد روى غير الليث عن عقيل هكذا أيضاً، وإنما يرويه أصحاب الزهري عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب)
(8)
.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (2454): «سألت أبي عن حديث رواه عُقيل عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث
…
» الحديث؟
قال أبي: (أصحاب الزهري يخالفونه، يقولون: عطاء، عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
البخاري (6077) ومسلم (2560).
(2)
البخاري (6237) ومسلم (2560).
(3)
مسلم (2560).
(4)
مسلم (2560).
(5)
مسلم (2560).
(6)
أحمد (5/ 422).
(7)
ابن عساكر في تاريخ دمشق (19/ 57).
(8)
ونقله عن ابن عساكر في تاريخه (29/ 94).
وعن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم أشبه، ولا أعلم أحداً تابع عُقيلاً على هذه الرواية).
وقال الحافظ في الفتح (10/ 495): «هكذا اتفق أصحاب الزهري وخالفهم عُقيل
…
، ولعله سقط عليه لفظ أيوب فصار عن أبي فنسبه من قبل نفسه فقال: أبي بن كعب فوهم في ذلك».
ووهم ابن علية أيضاً فروى هذا الحديث عن عبد الرحمنبن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن زيد عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام أحمد: كذا قال ابن علية عن سعيد بن زيد وإنما هو عطاء بن يزيد
(1)
.
(1)
العلل ومعرفة الرجال (3/ 349).
عمرو بن يحيى المازني
اسمه ونسبه:
عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن الأنصاري المازني المدني.
روى عن: أبيه، وعباد بن تميم، ومحمد بن يحيى بن حبان، وسعيد بن يسار، ومحمد بن عمرو بن عطاء وغيرهم.
روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن أبي كثير وهما من أقرانه، وأيوب ومالك وابن جريج، ووهيب بن خالد، وروح بن القاسم وزائدة، وإسماعيل بن جعفر والحمادان والسفيانان وغيرهم.
قال ابن نمير والنسائي والعجلي وأبو حاتم: ثقة. وزاد أبو حاتم: صالح.
وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث.
وقال ابن معين: صويلح وليس بالقوي.
مات سنة 140.
قال ابن حجر: ثقة، من السادسة.
الحديث
(1)
:
595 -
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه (1/ 487) ح (700): حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عمرو بن يحيى المازني، عن سعيد بن يسار عن ابن عمر قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو موجه إلى خيبر.
التعليق:
هذا إسناد على شرط الشيخين.
وهو في الموطأ لمالك (1/ 150)، ومن طريقه أخرجه الشافعي (196) وأبو داود (1226) والنسائي (2/ 60) والمروزي في السنّة (376) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1571) وابن حبان (2512) والبيهقي (2/ 4) وقد تابع مالكاً وهيب ومحمد بن دينار.
فرواه الطيالسي (1873) وأبو يعلى (5664) من طريق وهيب بن خالد، وابن خزيمة (1268) من طريق محمد بن دينار كلاهما عن عمرو بن يحيى به.
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن يحيى بن بكر بن عبد الرحمن التميمي، أبو زكريا النيسابوري (ريحانة نيسابور)، ثقة ثبت إمام، من العاشرة، مات سنة 226 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.
مالك بن أنس: انظره في بابه.
سعيد بن يسار أبو الحباب، المدني، ثقة متقن، من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.
هكذا قال: (عمرو بن يحيى عن سعيد بن يسار عن ابن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار).
خالفه أبو بكر
(1)
بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال: عن سعيد بن يسار عن ابن عمر، فقال: على بعير.
وخالفه كذلك جمع من أصحاب ابن عمر الذين رووه عنه، منهم: نافع
(2)
، وسعيد بن جبير
(3)
، وعبد الله بن دينار
(4)
، وسالم بن عبد الله بن عمر
(5)
، وعبد الرحمن بن سعد
(6)
، وحفص بن عاصم
(7)
، والقاسم
(8)
، فهؤلاء الأئمة الثقات من أصحاب ابن عمر رضي الله عنه اتفقوا على ذكر الراحلة.
وقال نافع: على ناقته، وقال أبو بكر بن عمر: على بعير، وهم عمرو بن يحيى المازني، والراحلة هي الناقة التي تصلح لأن ترحل، وقيل: الراحلة المركب من الإبل ذكراً كان أو أنثى
(9)
وفي مسلم (2547) من حديث ابن عمر مرفوعاً: «تجدون الناس كإبل مائة لا يجد الرجل فيها راحلة» .
(1)
البخاري (999) ومسلم (700)(39).
(2)
البخاري (1000) و (1095) ومسلم (700)(31)(32).
(3)
مسلم (700)(33).
(4)
البخاري (1096) ومسلم (700)(37)(38).
(5)
البخاري (1098) ومسلم (700)(39).
(6)
أحمد (2/ 40)(2/ 105).
(7)
أبو يعلى (5588).
(8)
الطبراني في مسند الشاميين (773).
(9)
لسان العرب (11/ 77)، مختار الصحاح (1/ 100)، المعجم الوسيط (1/ 334).
لذا أعرض الإمام البخاري عن إيراد هذا الحديث في صحيحه مع أنه عقد له (باب صلاة التطوع على الحمار) أخرج فيه حديث أنس رضي الله عنه في صلاته على حمار حين قدم من الشام
(1)
.
وقال النسائي عقب الحديث: لا نعلم أحداً تابع عمرو بن يحيى على قوله: يصلي على حمار.
وقال الدارقطني في التتبع (3/ 28): أخرج مسلم حديث عمرو بن يحيى عن أبي الحباب عن ابن عمر: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار.
وخالفه أبو بكر بن عمر عن أبي الحباب فقال: على البعير، وكذلك قال جابر
(2)
وغيره
(3)
عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجهما مسلم، ولم يخرج البخاري حديث عمرو بن يحيى وأخرج الآخر، ومَن روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى على حمار فهو واهم، والصواب من فعل أنس، والله أعلم.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم (5/ 211): قال الدارقطني وغيره: هذا غلط من عمرو بن يحيى المازني
…
ثم (قال): وفي الحكم بتغليط رواية عمرو نظر لأنه ثقة نقل شيئاً محتملاً فلعله كان الحمار مرة والبعير مرة أو مرات، لكن قد يقال: إنه شاذ فإنه مخالف
(1)
البخاري (2/ 576 ح رقم 1100).
(2)
البخاري (1099).
(3)
ورواه كذلك عامر بن ربيعة والبخاري (1097) ومسلم (701)، وأنس بن مالك عند أبي داود (1225) وأحمد (3/ 203) والهرماس بن زياد عند أحمد (3/ 485).
لرواية الجمهور في البعير والراحلة والشاذ مردود وهو المخالف للجماعة، والله أعلم. اه.
وقال عبد الحق في الأحكام الوسطى (2/ 22): لم يتابع عمرو بن يحيى على قوله: على حمار، وإنما يقولون: على راحلته.
وقال في البدر المنير (3/ 432): قال عبد الحق تفرد بها والصحيح على راحلته.
ولم يجزم فيه ابن حجر في الفتح (2/ 576) فقال: (وهل يؤخذ منه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى على حمار؟ فيه احتمال، وقد نازع في ذلك الإسماعيلي فقال: خبر أنس إنما هو في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم راكباً تطوعاً لغير القبلة، فإفراد الترجمة في الحمار من جهة السنّة لا وجه له عندي)
(1)
.
الخلاصة:
أن هذا الحديث إسناده صحيح على شرط الشيخين إلا أن في متنه وهماً وهو قوله: (يصلي على حمار) ولم يتابع عمرو بن يحيى المازني في هذا، وقد خالفه في ذلك أبو بكر بن عمر فقال: على
(1)
حديث أنس رواه البخاري في صحيحه (1100) من طريق همام، قال: حدثنا أنس بن سيرين قال: استقبلنا أنساً حين قدم من الشام فلقيناه بعين التمر فرأيته يصلي على حمار ووجهه من ذا الجانب، يعني عن يسار القبلة، فقلت: رأيتك تصلي لغير القبلة، فقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله).
وقد بوّب عليه (باب صلاة التطوع على الحمار) وإنما أخرج فيه حديث أنس لأنه لم يصح عنده حديث عمرو بن يحيى المازني.
بعير، على ما رواه الجمهور، لذلك لم يخرج البخاري هذا الحديث في صحيحه، وأخرج حديث أنس موقوفاً من فعله وعقد له باب (صلاة التطوع على الحمار)
(1)
للدلالة على جواز ذلك وإن لم يصح فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
(1)
وأخرجه النسائي (2/ 60) باب الصلاة على الحمار وأشار إلى تفرد عمرو بن يحيى كما سبق، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2/ 252):(باب إباحة صلاة التطوع في السفر على الحمير، ويخطر ببالي في هذا الخبر دلالة على أن الحمار ليس بنجس وإن كان لا يؤكل لحمه إذ الصلاة على النجس غير جائز). اه.
قرة بن خالد
اسمه ونسبه:
قرة بن خالد السدوسي، أبو خالد، ويقال: أبو محمد البصري.
روى عن: محمد بن سيرين، والحسن البصري، ويزيد بن عبد الله بن الشخير، وأبي رجاء العطاردي، وعمرو بن دينار، وقتادة، وأبي الزبير، وغيرهم.
روى عنه: شعبة وهو من أقرانه، وابن مهدي، ويحيى القطان، ووكيع، وأبو داود الطيالسي وجماعة.
قال البخاري عن علي بن المديني: له نحو مائة حديث.
قال يحيى بن سعيد: كان قرة عندنا من أثبت شيوخنا.
وثقه أحمد بن حنبل وأبو داود والنسائي وابن سعد.
وقال الطحاوي: ثقة متقن ضابط.
وقال ابن حجر: ثقة ضابط، من السادسة، مات سنة 155.
قلت: روى عنه البخاري ثلاثة عشر حديثاً (575، 1654، 2142، 2969، 3725، 3855، 4110، 6525، 6608، 6667، 6737، 7117، مكرر) ط. البغا.
ومسلم ستة عشر حديثاً (17، 93، 640، 705، 1063، 1211، 1393، 1480، 1524، 1679، 1733، 2484، 2780، 2793، 2924، 2967).
الحديث
(1)
:
596 -
قال الإمام مسلم رحمه الله (1/ 490) حديث رقم (705)(51): حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد يعني ابن الحارث، حدثنا قرة، حدثنا أبو الزبير، حدثنا سعيد بن جبير، حدثنا ابن عباس رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
قال سعيد: قلت لابن عباس: ما حمله على ذلك؟
قال: أراد أن لا يحرج أمته.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن حبيب من رجال مسلم وقد توبع.
(1)
رجال الإسناد:
يحيى بن حبيب بن عربي البصري ثقة من العاشرة، مات سنة 248 وقيل بعدها، روى له مسلم.
خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم الهجيمي، أبو عثمان البصري، ثقة ثبت (يقال له: خالد الصدق) من الثامنة، مات سنة 189 ومولده سنة 120، روى له البخاري ومسلم.
قرة بن خالد االسدوسي البصري، ثقة ضابط، من السادسة، مات سنة 155، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي، مولاهم أبو الزبير المكي، صدوق إلا أنه يدلس، من الرابعة، مات سنة 120، روى له البخاري ومسلم.
سعيد بن جبير الأسدي الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، قتل بين يدي الحجاج سنة 95 ولم يكمل الخمسين، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه أحمد (5/ 228)، وابن خزيمة (966)(967) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والشاشي في مسنده (1338) من طريق أبي عامر العقدي، وابن حبان (1591) من طريق النضر بن شميل، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1587) من طريق أبي داود الطيالسي ومعاذ بن معاذ وعبد الرحمن بن مهدي، والبيهقي (3/ 167) من طريق خالد بن الحارث ومعاذ بن معاذ، وأبو عوانة (2394) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وأبي داود الطيالسي وأبي عامر العقدي كلهم عن قرة.
وذكره أبو داود تعليقاً (1210).
هكذا قال قرة بن خالد عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في هذا الحديث (في سفرة سافرها في غزوة تبوك).
خالفه مالك
(1)
، وزهير بن معاوية
(2)
، وسفيان بن عيينة
(3)
، وهشام بن سعد
(4)
، وحماد بن سلمة
(5)
، وسفيان الثوري
(6)
فذكروا أن ذلك كان بالمدينة في غير خوف ولا سفر.
(1)
مسلم (705)(49) وهو في الموطأ (1/ 144) وأخرجه أبو داود (1210) والنسائي (1/ 290) وغيرهم.
(2)
مسلم (705)(50).
(3)
ابن خزيمة (971).
(4)
الطبراني في الكبير (12517) والبيهقي (3/ 167).
(5)
البيهقي (3/ 166) وأبو داود تعليقاً (1210).
(6)
أحمد (1/ 283) وعبد الرزاق (4435) وأبو عوانة (2398) والطبراني في الكبير (12516) وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير (65)(66)(67) وأبو نعيم في الحلية (7/ 88) وقال: مشهور من حديث أبي الزبير، ورواه الثوري عن عدة من شيوخه عن سعيد بن جبير.
ورواه داود بن أبي هند عن أبي الزبير ولم يذكر السفر ولا الإقامة
(1)
.
أما حديث زهير فلفظه: (صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر
…
أراد أن لا يحرج أحداً من أمته).
ولفظ مالك: (صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر).
ولفظ سفيان قال: (صلّيت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانياً وسبعاً جميعاً. قلت: لمَ فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته، قال: وهو مقيم من غير سفر ولا خوف). كذا جاء عند ابن خزيمة من طريق عبد الجبار بن العلاء والمخزومي، ورواه بعضهم إلى قوله: ثمانياً وسبعاً.
ويريد ثمانياً: (الظهر والعصر) وسبعاً: (المغرب والعشاء فإنهن سبع ركعات).
أما حديث هشام بن سعد فلفظه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وجمع بين المغرب والعشاء بالمدينة وهو مقيم على غير خوف ولا شيء اضطره إلى ذلك فقالوا: فلمَ يا أبا عباس؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته).
أما حديث حماد بن سلمة فلفظه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة في غير خوف ولا سفر).
(1)
الطبراني (12519).
أما حديث سفيان فلفظه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة في غير سفر ولا خوف
…
أراد أن لا يحرج أمته).
وهم قرة بن خالد في قوله: (غزوة تبوك) والصحيح أن جمعه صلى الله عليه وسلم بين هؤلاء الصلوات كان وهو مقيم بالمدينة في غير سفر ولا خوف، وقد قال ابن عباس لما سئل عن ذلك: أراد أن لا يحرج أمته.
ومما يؤكد أن جمعه صلى الله عليه وسلم هذا كان بالمدينة كما رواه الجماعة عن أبي الزبير.
ما رواه الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته
(1)
.
وروى سفيان بن عيينة وحماد بن زيد كلاهما عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً الظهر والعصر والمغرب والعشاء
(2)
وهذا لفظ حماد.
وروى عبد الله بن شقيق قال: خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة، فقال ابن عباس: أتعلمني بالسنّة لا أم لك، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
(1)
مسلم (705)(54).
(2)
مسلم (705)(55)(56) وأخرجه البخاري (543) من طريق حماد بن زيد (562) من طريق شعبة.
قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدّق مقالته
(1)
.
كما أن قول ابن عباس رضي الله عنه أراد أن لا يحرج أمته دال دلالة واضحة على وهم مَنْ قال: إن ذلك بالسفر إذ لا معنى لسؤال سعيد بن جبير له على هذا ما دام أنهم في سفر.
علة الوهم:
أدخل قرة بن خالد حديث معاذ في حديث ابن عباس.
فقد روى قرة بن خالد عن أبي الزبير نا عامر بن واثلة أبو الطفيل، ثنا معاذ بن جبل قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء
(2)
.
ورواه زهير بن معاوية
(3)
، ومالك
(4)
، وهشام بن سعد
(5)
، وسفيان الثوري
(6)
كلهم عن أبي الزبير عن عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل بنحوه.
فأدخل حديث أبي الزبير عن عامر عن معاذ في حديث أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وهو يروي الحديثين كليهما، وميز اللفظين ولم يخلطهما مالك وزهير والثوري وهشام بن سعد.
(1)
مسلم (705)(57).
(2)
مسلم (706)(53).
(3)
مسلم (706)(52).
(4)
أبو داود (1206) وأحمد (5/ 237 - 238).
(5)
أبو داود (1208) وأحمد (5/ 233).
(6)
ابن ماجه (1070) وأحمد (5/ 236).
وقد أشار إلى ذلك البيهقي فقال: كأن قرة بن خالد أراد حديث أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ فهذا لفظ حديثه، أو روى سعيد بن جبير الحديثين جميعاً فسمع قرة أحدهما، ومن تقدم ذكره الآخر وهذه أشبه فقد روى قرة حديث أبي الطفيل أيضاً
(1)
.
وقال الألباني: هذا هو الصواب عن أبي الزبير عن سعيد عن ابن عباس لاتفاق جميع الروايات عنه أن ذلك كان في المدينة ولا سفر
…
وأنا أظن أن قرة أو شيخه أبا الزبير دخل عليه حديث في حديث، فقصة معاذ هي التي وقع فيها ذكر تبوك وليس حديث ابن عباس فدخل عليه هذا في هذا
(2)
.
قلت: أبو الزبير بريء من الوهم فقد روى عنه جماعة من الأئمة الحديث باللفظين ولم يخالفهم إلا قرة فالوهم منه، والله تعالى أعلم.
أما وجه إخراج مسلم للحديث فإنه أخرجه في المتابعات فبدأ بحديث الإمام مالك ثم أتبعه بحديث زهير ثم ذكر حديث قرة ربما ليبين علته.
أما أبو داود فإنه لم يخرجه في سننه، وقال بعد أن أخرج حديث مالك: قال أبو داود: ورواه حماد بن سلمة نحوه عن أبي الزبير، ورواه قرة بن خالد عن أبي الزبير قال: في سفرة سافرناها إلى تبوك.
(1)
السنن الكبرى (3/ 167).
(2)
صحيح سنن أبي داود (4/ 272).
الدلالة الفقهية:
دلّ هذا الحديث على جواز تقديم العصر مع الظهر في السفر، وكذلك العشاء مع المغرب، وقد علمت ما فيه من مقال
(1)
.
ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذه الطرق يقوي بعضها بعضاً، والأصل في ذلك كله فعله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فقد جمع الظهر والعصر في وقت الظهر.
قال النووي في المجموع (4/ 371): مذاهب العلماء في الجمع بالسفر:
مذهبنا جوازه في وقت الأولى وفي وقت الثانية، وبه قال جمهور العلماء من السلف والخلف، وحكاه ابن المنذر عن سعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وابن عمر وابن عباس وأبي موسى الأشعري وطاوس ومجاهد وعكرمة ومالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور
…
وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن.
وحكاه البيهقي عن عمر وعثمان وقال: وهو من الأمور المشهورة المستعملة فيما بين الصحابة والتابعين.
وقال الحسن البصري وابن سيرين ومكحول والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز الجمع بسبب السفر بحال، وإنما يجوز في عرفات في وقت الظهر وفي مزدلفة في وقت العشاء بسبب النسك) اه.
ولهذا الحديث الدال على جواز جمع التقديم في السفر شواهد لا
(1)
انظر: التلخيص الحبير (2/ 48 - 50).
تخلو من مقال، وقد نقل الحافظ عن أبي داود قوله ليس في جمع التقديم حديث قائم:
قال أبو داود (1208): حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي الهمداني، حدثنا المفضل بن فضالة والليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل به.
فقد تابع الرملي قتيبة لكن خالفه في الإسناد، فرواه الليث هنا عن هشام بن سعد.
ورواه الدارقطني (1/ 391) والبيهقي (3/ 162) إلا أنه روى هذا الحديث غير واحد عن هشام بن سعد ولم يذكروا التقديم، فقد رواه حماد بن خالد عند أحمد (5/ 233) والفضل بن دكين كما عند عبد بن حميد (122)، وعبد الله بن صالح كما عند الطبراني في الكبير (20/ 58 رقم 103) كلهم عن هشام بن سعد به.
ولفظه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك لا يروح حتى يُبْرِدَ يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء).
وهذا معناه أنه أخّر الظهر إلى العصر.
وقال الحافظ في الفتح (2/ 583): وهشام مختلف فيه، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب أبي الزبير كمالك
(1)
والثوري
(2)
وقرة بن
(1)
الموطأ (1/ 143) ومسلم (2281).
(2)
عبد الرزاق (4398) وأحمد (5/ 230، 236) وابن ماجه (1070).
خالد
(1)
وغيرهم
(2)
فلم يذكروا في روايتهم جمع التقديم. اه. وانظر في باب عثمان بن عمر.
(1)
مسلم (706).
(2)
زهير بن معاوية عند مسلم (706) وعمرو بن الحارث، وأشعث بن سوار، وزيد بن أنيسة عند الطبراني في الكبير (20/ 58 - 59).
العلاء بن المسيب
اسمه ونسبه:
العلاء بن المسيب بن رافع الأسدي الكاهلي الكوفي.
روى عن: خيثمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن مرة، والحكم بن عتيبة، وسهيل بن أبي صالح، وأبي إسحاق الشيباني، وجماعة.
روى عنه: عبد الواحد بن زياد، وزهير بن معاوية، وجرير بن عبد الحميد، ومروان بن معاوية الفزاري، وجماعة.
قال ابن معين: ثقة مأمون.
قال أبو حاتم: صالح الحديث.
وقال ابن عمار: ثقة يحتج به.
قال الحافظ: قال العجلي: ثقة، وأبوه من خيار التابعين.
وقال يعقوب بن سفيان: كوفي ثقة.
وقال ابن سعد: كان ثقة.
وقال الحاكم: له أوهام في الإسناد والمتن.
قال ابن حجر: ثقة ربما وهم، من السادسة.
قلت: روى له البخاري حديثين (3937، 5956، ط. البغا) ومسلم كذلك (2637، 2662)
الحديث
(1)
:
597 -
قال الدارمي رحمه الله في سننه (1324): أخبرنا أبو نعيم ثنا زهير عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة عن طلحة بن يزيد الأنصاري، عن حذيفة رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير طلحة فمن رجال البخاري.
والحديث جاء هنا مختصراً، وقد رواه مطولاً النسائي (2/ 177) و (3/ 226) وفي الكبرى (1370) من طريق حفص بن غياث، والنضر بن محمد المروزي، وأحمد (5/ 400) والبزار (2935) من طريق يحيى بن زكريا، وابن خزيمة (684) من طريق حفص بن
(1)
رجال الإسناد:
الفضل بن دكين الكوفي، أبو نعيم الملائي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 218، وقيل: 219، وهو من كبار شيوخ البخاري، وروى عنه مسلم.
زهير بن معاوية: تقدم مراراً (انظره في بابه).
عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق الجملي المرادي، أبو عبد الله الكوفي الأعمى، ثقة عابد، كان لا يدلس ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة 118 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.
طلحة بن يزيد الأيلي، أبو حمزة مولى الأنصار، نزل الكوفة، وثقه النسائي، من الثالثة، روى له البخاري.
حذيفة بن اليمان، صحابي جليل من السابقين، وأبوه صحابي أيضاً استشهد بأُحد، ومات حذيفة في أوائل خلافة علي رضي الله عنه وحديثه في الصحيحين.
غياث، والحاكم (1/ 321) من طريق زهير، والبيهقي (2/ 109) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 231) من طريق ابن فضيل، والطبراني في الأوسط (5685) وفي الدعاء (524) من طريق جعفر بن زياد الأحمر.
كلهم عن العلاء بن المسيب به.
هكذا رواه العلاء بن المسيب فقال: (عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن يزيد، عن حذيفة).
خالفه شعبة
(1)
فقال: (عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة طلحة بن يزيد، عن رجل من بني عبس، عن حذيفة).
أسقط العلاء بن المسيب الرجل العبسي من الإسناد.
لذا قال النسائي في المجتبى (3/ 226): (هذا الحديث عندي مرسل، وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئاً، وغير العلاء بن المسيب قال في هذا الحديث عن: طلحة عن رجل عن حذيفة).
ونحو ذلك في الكبرى.
وقال البزار في مسنده (7/ 336): ولم يقل العلاء بن المسيب في حديثه: عن رجل من بني عبس وإنما أرسله، والرجل من بني عبس
(1)
أبو داود (874) والنسائي (2/ 199، 231) وفي الكبرى (1379) وأحمد (5/ 398) والبزار (2934) والطحاوي في شرح المشكل (712) والبيهقي (2/ 121 - 122) وابن الجعد (87) وابن المبارك في الزهد (101).
وقال النسائي في الكبرى: (وهذا الرجل يشبه أن يكون صلة بن زفر) وكذا قال ابن صاعد عند ابن المبارك في الزهد.
يرونه صلة، ويشهد لذلك ما رواه الأعمش
(1)
عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة.
(1)
النسائي (2/ 177) وابن ماجه (897).
محمد بن عمرو بن علقمة
اسمه ونسبه:
محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، أبو عبد الله، وقيل: أبو الحسن المدني، صاحب أبي سلمة بن عبد الرحمن وراويته.
روى عن: أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسالم بن عبد الله بن عمر، ونافع مولى ابن عمر وأبيه عمرو بن علقمة، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وجماعة.
روى عنه: مالك وشعبة والثوري وحماد بن سلمة وابن عيينة، وإسماعيل بن جعفر، وأبو أسامة، ويحيى القطان وخلق.
قال أبو حاتم: صالح الحديث يكتب حديثه وهو شيخ.
وقال النسائي: ليس به بأس، وقال في موضع آخر: ثقة.
وقدّمه يحيى بن معين على محمد بن إسحاق، وقدّمه يحيى القطان على سهيل بن أبي صالح.
وقال يحيى القطان أيضاً: محمد بن عمرو رجل صالح ليس بأحفظ الناس للحديث.
وقال لعلي بن المديني لما سأله عنه: تريد العفو أو تشدد؟ قال: قلت: لا بل أشدد، قال: ليس هو ممن تريد، وكان يقول: حدثنا أشياخنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب. قال يحيى: وسألت مالكاً عن محمد بن عمرو فقال فيه نحواً مما قلت لك.
وقال ابن طهمان وابن محرز وابن أبي مريم عن يحيى بن معين: ثقة.
وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ما زال الناس يتقون حديثه، قيل له: وما علة ذلك؟ قال: كان يحدّث مرة عن أبي سلمة بالشيء من رأيه ثم يحدّث به مرة أخرى عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
وقال ابن عدي: له حديث صالح وقد حدّث عنه جماعة من الثقات كل واحد منهم ينفرد عنه بنسخة ويغرب بعضهم على بعض، ويروي عنه مالك غير حديث في الموطأ وأرجو أنه لا بأس به.
قال ابن حجر: صدوق له أوهام، من السادسة.
قلت: روى له البخاري حديثاً واحداً مقروناً مع غيره (1935) وثلاثة أحاديث تعليقاً (749، 3178، 3643).
ومسلم خمسة أحاديث (731، 798، 1386، 1480، 1977) في المتابعات.
الحديث الأول
(1)
:
598 -
قال أبو عوانة رحمه الله (6592): حدثنا أبو أمية، ثنا يعلى بن عبيد، ثنا محمد بن عمرو عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة رضي الله عنهما قال:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وسألته عن أولاد المشركين أنقتلهم معهم؟
قال: «نعم فإنهم منهم» زاد النضر عن محمد بن عمرو قال: ونهى عنهم يوم خيبر.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي أمية.
قال عنه أبو داود: ثقة، وقال أبو بكر الخلال: رجل رفيع القدر
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي أبو أمية الطرسوسي، بغدادي الأصل، مشهور بكنيته، صدوق صاحب حديث يهم، من الحادية عشرة، مات سنة 273، روى له النسائي.
يعلى بن عبيد بن أبي أمية الكوفي، أبو يوسف الطنافسي، ثقة إلا في حديثه عن الثوري ففيه لين، من كبار التاسعة، مات سنة بضع ومائتين وله تسعون سنة، روى له البخاري ومسلم.
الزهري: تقدم.
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، من الثالثة، مات سنة 94، وقيل: 98، وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.
عبد الله بن عباس: صحابي مشهور.
الصعب بن جثامة الليثي، صحابي مات في خلافة الصديق على ما قيل والأصح أنه عاش إلى خلافة عثمان، وحديثه في الصحيح.
جداً، إماماً في الحديث مقدَّماً في زمانه، وقال أبو عبد الله الحاكم: صدوق كثير الوهم، وقد توبع.
وأخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد في زوائده على المسند (4/ 73) من طريق النضر بن شميل عن محمد بن عمرو بهذا اللفظ.
وأخرجه الروياني في مسنده (995) من طريق عبد الوهاب عن محمد بن عمرو به.
وأخرجه ابن حبان (137) من طريق محمد بن عبيد عن أبي أمية الطنافسي عن محمد بن عمرو إلا أنه قال فيه: (يوم حنين).
ورواه المحاملي في أماليه (31) من طريق محمد بن عبد الله عن محمد بن عمرو وقال فيه: (وقد نهى عنه يوم كذا).
هكذا قال محمد بن عمرو عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين أنقتلهم معهم؟ قال:«نعم فإنهم منهم» قال: ونهى عنهم يوم خيبر، وفي رواية:(نهى عنهم يوم حنين)، وفي رواية:(وقد نهى عنه يوم كذا).
خالفه سفيان بن عيينة
(1)
فرواه عن الزهري بهذا الإسناد فقال: سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدار من المشركين يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«هم منهم» قال الزهري: ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والولدان، هكذا فصل سفيان
(1)
أبو داود (2672) وأخرجه البخاري (3013) ومسلم (1745) مقتصرين على المرفوع دون ذكر قول الزهري.
الحديث المرفوع من الموقوف وبيَّن أن آخر الحديث مدرج من قول الزهري.
وقد رواه عن الزهري مقتصراً على المرفوع وهو قوله: «هم منهم» عمرو بن دينار
(1)
، ومعمر
(2)
، ومالك
(3)
، ومسلم بن خالد الزنجي
(4)
، وأسامة بن زيد
(5)
، ومحمد بن إسحاق
(6)
، وعلي بن مسهر
(7)
، ويونس بن يزيد
(8)
.
وكذلك رواه عبد الرحمن بن الحارث عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس
(9)
.
وهم محمد بن عمرو في هذا الحديث في مواضع:
الأول: إدراجه قول الزهري في الحديث.
الثاني: قوله في حديث الباب يوم خيبر، والصحيح أنه يوم حنين كما في روايته الأخرى، وهذا الذي رجحه الحافظ كما سيأتي.
(1)
البخاري (3013) ومسلم (1745)(28).
(2)
مسلم (1745)(27).
(3)
النسائي في الكبرى (8624).
(4)
عبد الله بن أحمد (4/ 73) وابن الجعد (2960) ومن طريقه الطبراني في الكبير (7451)، وأبو عوانة (6593).
(5)
الطبراني (7452).
(6)
الطبراني (7454)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (4/ 72).
(7)
الطبراني (7454).
(8)
الروياني (997).
(9)
عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (4/ 73) والطحاوي (3/ 222) والطبراني (7456).
الثالث: قوله: سألته عن أولاد المشركين أنقتلهم معهم.
فظاهره جواز قصد قتل أولاد المشركين وذراريهم، وليس الأمر كذلك كما جاء في الروايات الأخرى.
فعند سفيان: (سئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم).
ولفظ معمر: (إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين).
ولفظ عمرو بن دينار: (لو أن خيلاً أغارت من الليل فأصابت من أبناء المشركين).
ولفظ مالك: (سئل عن القوم يبيتون فيصيبون الولدان).
ولفظ أسامة بن زيد: (أن الخيل في غشم الغارة تصيب من أولاد المشركين).
ولفظ عبد الرحمن بن الحارث عن عبيد الله بن عبد الله: (يا رسول الله الدار من دور المشركين نصبحها بالغارة فنصيب الولدان تحت بطون الخيل ولا نشعر) فهذه الروايات كلها وأصحها لفظ عبد الرحمن بن الحارث تدل على عدم قصد قتلهم بخلاف رواية محمد بن عمرو.
قال الحافظ: «وقد أخرج ابن حبان في حديث الصعب زيادة في آخره ثم نهى عنهم يوم حنين وهي مدرجة في حديث الصعب وذلك بيِّن في سنن أبي داود فإنه قال في آخره: قال سفيان، قال الزهري، ثم نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والصبيان، ويؤيد كون النهي في غزوة حنين ما سيأتي في حديث رباح بن ربيع
(1)
فقال لأحدهم: الحق خالداً فقل له: لا تقتل ذرية ولا عسيفاً، وخالد أول مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح وفي ذلك العام كانت غزوة حنين»
(2)
.
(3)
.
وعقد الإمام البخاري عقب حديث الصعب هذا (باب قتل الصبيان في الحرب) وأعقبه (باب قتل النساء في الحرب) أخرج فيهما حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان، وفي رواية: فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان
(4)
، والله تعالى أعلم.
(1)
أبو داود (2669) وابن ماجه (2882) والنسائي في الكبرى (8626).
(2)
فتح الباري (6/ 147).
(3)
(6/ 148 ح رقم 3014) ومسلم (1744) باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب.
(4)
(6/ 148 ح رقم 3015).
الحديث الثاني
(1)
:
599 -
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (2768): حدثنا أبو كريب، حدثنا عبدة بن سليمان وعبد الرحيم، عن محمد بن عمرو، حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً مضطجعاً على بطنه فقال: «إن هذه ضجعة لا يحبها الله» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه ابن أبي شيبة (26679) عن عبدة بن سليمان بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (2/ 287) عن محمد بن بشر، وفي (2/ 304) من
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، أبو كريب الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 247 وله 87 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عبدة بن سليمان الكلابي، أبو محمد الكوفي، يقال: اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة 187 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.
عبد الرحيم بن سليمان الكناني، أو الطائي، أبو علي الأشل المروزي، نزيل الكوفة، ثقة، له تصانيف، من صغار الثامنة، مات سنة 187، روى له البخاري ومسلم (ويستدرك على المزي لم يذكره في تهذيب الكمال فيمن روى عن محمد بن عمرو).
أبو سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة 94 أو 104، وكان مولده سنة بضع وعشرون، روى له البخاري ومسلم.
طريق حماد، وابن حبان (5549) والحاكم (4/ 271) من طريق عيسى بن يونس كلهم عن محمد بن عمرو بهذا الإسناد.
هكذا قال محمد بن عمرو: (عن أبي سلمة، عن أبي هريرة).
خالفه يحيى بن أبي كثير
(1)
فقال: (عن أبي سلمة، عن يعيش بن طهفة، ويقال: ابن طخفة، عن أبيه).
وكذلك رواه ابن أبي ذئب
(2)
عن الحارث بن عبد الرحمن قال: كنا عند أبي سلمة فجاء عبد الله بن طخفة الغفاري فقال له أبو سلمة: حدثنا حديث أبيك، فذكر الحديث.
وكذلك رواه زهير بن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن ابن طخفة الغفاري عن أبيه
(3)
.
وهم محمد بن عمرو فرواه على الجادة فقال: أبي سلمة عن أبي هريرة، والصحيح كما سيأتي من قول أئمة الحديث أنه عن ابن طخفة الغفاري عن أبيه.
قال الترمذي عقب الحديث: (وروى يحيى بن أبي كثير هذا الحديث عن أبي سلمة، عن يعيش بن طِهفة عن أبيه، ويقال: طِخْفَة،
(1)
أبو داود (5040) وابن ماجه (752) وأحمد (3/ 429 - 430) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 365) والأوسط (613، 614، 622) وفي الأدب المفرد (1187) والضياء في المختارة (146) وأبو نعيم في الحلية (1/ 373).
(2)
الطيالسي (1339) وأحمد (5/ 426) والبخاري في التاريخ الأوسط (616) والفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 274).
(3)
ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1008) وابن السماك في جزء حنبل (66) وأحمد (5/ 426).
والصحيح طهفة، وقال بعض الحفاظ: الصحيح طخفة، ويقال: طغفة يعيش هو من الصحابة) اه.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 366) في ترجمة طخفة.
وقال محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح
(1)
.
وقال الدارقطني في العلل (9/ 299) حين سئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ورجل نائم على وجهه فركضه برجله وقال: «قم فإن هذه ضجعة يبغضها الله» .
فقال: (يرويه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال ذلك: حماد بن سلمة، وعيسى بن يونس، والنضر بن شميل، وأبو معاوية، وعبدة بن سليمان، والفضل بن موسى السيناني، وشجاع بن الوليد، ومحمد بن بشر. ورواه معمر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم. وغيره يرويه عن أبي سلمة، عن ابن طهفة الغفاري عن أبيه وهو الصواب) اه.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 232) رقم (2186): (وسألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ برجل مضطجع على بطنه فقال:«هذه ضجعة لا يحبها الله» .
قال أبي: له علة.
(1)
وكذا قال في الأوسط (2/ 857 رقم 618).
قلت: وما هي؟
قال: رواه ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن، قال: دخلت أنا وأبو سلمة على ابن طهفة فحدّث عن أبيه قال: مرّ بي وأنا نائم على وجهي
…
وهذا الصحيح) اه.
وقد اضطربوا في اسمه واسم أبيه.
قال ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة طخفة (2/ 230): اختلف فيه اختلافاً كبيراً واضطرب فيه اضطراباً شديداً فقيل طهقة بن قيس: بالهاء، وقيل: طخفة بن قيس: بالخاء، وقيل: طغفة: بالغين، وقيل: طقفة: بالقاف والفاء، وقيل: قيس بن طخفة، وقيل: يعيش بن طخفة عن أبيه، وقيل: عبد الله بن طخفة عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: طهفة عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديثهم كلهم واحد.
قال: كنت نائماً في الصفة على بطني
…
ومن أهل العلم مَنْ يقول: إن الصحبة لعبد الله ابنه وأنه صاحب القصة، حديثه عند يحيى بن أبي كثير وعليه اختلفوا.
وقال المزي في تهذيب الكمال (13/ 375): رواه يحيى بن أبي كثير، وفيه عنه اختلاف طويل عريض. ثم ساق الاختلاف، ثم قال:(وفيه اختلاف غير ذلك).
وقد ذكر البخاري في التاريخ الكبير والأوسط كثيراً من هذا الاختلاف.
وللحديث شواهد منها ما رواه الإمام أحمد (4/ 388) قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني إبراهيم بن ميسرة
عن عمرو بن الشريد أنه سمعه يخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا وجد الرجل راقداً على وجهه ليس على عجزه شيء ركضه برجله وقال: (هي أبغض الرقدة إلى الله عز وجل.
قال ابن كثير في جامع المسانيد (4/ 236 رقم 5192): لم يخرجوه وإسناده قوي على شرط الصحيح.
وقال الهيثمي في المجمع (8/ 101): رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.
وله شاهد آخر رواه البخاري في الأدب المفرد (1188) وابن ماجه (3725) من طريق الوليد بن جميل الدمشقي، أنه سمع القاسم بن عبد الرحمن يحدّث عن أبي أمامة قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجل نائم في المسجد منبطح على وجهه فضربه برجله وقال: «قم واقعد فإنها نومة جهنمية» .
وفي إسناده الوليد بن جميل رضيه ابن المديني ووثقه ابن حبان والذهبي في الكاشف.
وقال ابن حجر: صدوق يخطاء، وقال أبو زرعة: لين الحديث، وقال أبو حاتم: شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة.
الحديث الثالث
(1)
:
600 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 408): حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قال:
قال نافع بن عبد الحارث:
خَرَجْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلَ حائطاً، فقال لي:«أمسِك عليَّ الباب» فجاء حتى جلسَ على القُفِّ، ودلَّى رِجْلَيْه في البئر، فضُرِبَ البابُ، قلت: مَنْ هذا؟ قال: أبو بكر، قلت: يا رسول الله هذا أبو بكر، قال: «ائذَن لَهُ وبَشِّرْهُ بالجَنَّة
…
» الحديث.
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، غير أن الصحابي لم يخرج له البخاري في صحيحه وأخرج له في الأدب المفرد، وأخرج له مسلم.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12/ 55) ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنّة (1147) وفي الآحاد والمثاني (2237) عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (5188) والنسائي في الكبرى (8132) من
(1)
رجال الإسناد:
يزيد بن هارون: انظره في بابه.
أبو سلمة: تقدم مراراً.
نافع بن عبد الحارث بن خالد الخزاعي، صحابي فتحي (أسلم يوم الفتح) وأمَّره عمر على مكة فأقام بها إلى أن مات، روى له مسلم والبخاري في الأدب.
طريق إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمرو به، وابن عساكر في تاريخ دمشق (39/ 134) من طريق يزيد.
هكذا رواه محمد بن عمرو فقال: (عن أبي سلمة، عن نافع بن عبد الحارث).
خالفه صالح بن كيسان
(1)
، وعبد الرحمن بن أبي الزناد
(2)
، ويونس بن يزيد
(3)
فرووه عن (أبي الزناد
(4)
، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث
(5)
، عن أبي موسى).
فالحديث هو حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وليس بحديث نافع بن عبد الحارث.
وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من طريق أبي عثمان النهدي
(6)
وسعيد بن المسيب
(7)
عن أبي موسى.
قال الدارقطني في العلل (7/ 233): والقول قول صالح بن كيسان ومَن تابعه.
(1)
أحمد (4/ 407) والنسائي في الكبرى (8131) وأبو عوانة كما في إتحاف المهرة (10/ 440).
(2)
البخاري في الأدب المفرد (1195) وابن عساكر في تاريخ دمشق (39/ 135).
(3)
ذكره الدارقطني في العلل (7/ 233).
(4)
عبد الله بن ذكوان القرشي، أبو عبد الرحمن المدني المعروف بأبي الزناد، ثقة فقيه من الخامسة، روى له البخاري ومسلم.
(5)
عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث الخزاعي، من أولاد الصحابة، روى عن أبي موسى، ويقال: له أيضاً صحبة، روى له البخاري في الأدب المفرد والنسائي.
(6)
البخاري (3695) و (7262) ومسلم (2403).
(7)
البخاري (3674) و (7097) ومسلم (2403)(29).
الحديث الرابع
(1)
:
601 -
قال أبو يعلى رحمه الله في مسنده (5928 طبعة دار القبلة): حدثنا وهب بن بقية، حدثنا خالد بن عبد الله، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على الحجون عام الفتح فقال: «والله إنكِ لخير أرض الله، ولو لم أخرج منك ما خرجت، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، وإنما أُحِلَّت لي ساعة من نهار، ثم هي من ساعتي هذه حرام لا يعضد شجرها، ولا يحتش خلاها، ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد» .
فقال رجل يقال له: شاه، وزعم الناس أنه العباس فقال: يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لبيوتنا وقبورنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إلا الإذخر» .
التعليق:
هذا إسناد على شرط مسلم، رجاله كلهم رجال الشيخين غير وهب فمن رجال مسلم.
(1)
رجال الإسناد:
وهب بن بقية بن عثمان الواسطي، أبو محمد، يقال له: وهبان، ثقة، من العاشرة، مات سنة 239 وله 95 أو 96 سنة، روى له مسلم.
خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطحان الواسطي المزني مولاهم، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة 182 وكان مولده سنة 110، روى له البخاري ومسلم.
أبو سلمة ابن عبد الرحمن: تقدم.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 261)، (3/ 328) وفي شرح مشكل الآثار (3146) و (4795) و (4796) من طريق حماد بن سلمة والدراوردي والأزرقي في أخبار مكة (2/ 156) من طريق عثمان بن ساج كلهم عن محمد بن عمرو بهذا الإسناد.
هكذا قال محمد بن عمرو: (عن أبي سلمة، عن أبي هريرة).
خالفه الزهري
(1)
فرواه فقال: (عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عدي بن الحميراء).
وخالفه أيضاً في المتن.
فرواه إلى قوله: (ولو لم أخرج منك ما خرجت).
أما الشطر الثاني من الحديث فقد رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة
(2)
وفيه أن السائل هو العباس رضي الله عنه، أما ما جاء في رواية محمد بن عمرو (شاه) فهو وهم، فإن أبا شاه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتبوا له خطبته فقال:(اكتبوا لأبي شاه)
(3)
وهو من أهل اليمن وليس من أهل مكة حتى يقول: (فإنه لبيوتنا وقبورنا).
وقد أخرج الترمذي (3925) هذا الحديث مقتصراً على الشطر الأول من طريق عُقيل عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن
(1)
الترمذي (3975) وابن ماجه (3108) والدارمي (2552) وأحمد (4/ 305) والحاكم (3/ 431) والنسائي في الكبرى (4253) و (4254) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (622) وغيرهم.
(2)
البخاري (6880) ومسلم (1355).
(3)
البخاري (2434) ومسلم (1355)(447).
عدي بن حميراء ثم قال: (هذا حديث حسن صحيح غريب، وقد رواه يونس عن الزهري نحوه.
ورواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وحديث الزهري، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عدي بن حميراء عندي أصح)
(1)
.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (830): (سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بالحزورة فقال: «إنكِ أحب أرض الله إليّ
…
».
فقالا: هذا خطأ، وهم فيه محمد بن عمرو، ورواه الزهري، عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن الحميراء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصحيح).
وقال الدارقطني في العلل (9/ 255): والصحيح عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وقال الحافظ في النكت (2/ 611) بعد أن ذكر حديث عبد الله بن عدي بن الحميراء: (وهو المحفوظ والحديث حديثه وهو مشهور به، وسلك محمد بن عمرو الجادة فقال: عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
علة الوهم:
محمد بن عمرو كثير الحديث عن أبي سلمة، عن أبي هريرة
(1)
وقال الحافظ في الفتح (3/ 67): حديث أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن الحميراء قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً على الحزورة
…
حديث صحيح أخرجه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم.
رضي الله عنه (وقد ساق له أبو يعلى قبل هذا الحديث وبعده أحاديث عديدة بهذا الإسناد) فروى هذا الحديث على الجادة كما قال الحافظ.
ثم أدخل حديثاً في حديث، والله تعالى أعلم.
الخلاصة:
وهم محمد بن عمرو في هذا الحديث في مواضع:
الأول: قوله: (عن أبي سلمة عن أبي هريرة) وإنما هو (عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن الحميراء).
الثاني: أدخل حديثاً في حديث.
الثالث: أخطأ في اسم الصحابي فقال: (شاه) وإنما هو (أبو شاه)
(1)
.
الرابع: قوله: أبو شاه هو الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم استثناء الإذخر، والصحيح أن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
أبو شاه اليماني يقال: إنه كلبي، ويقال: إنه فارسي من الأبناء الذين قدموا اليمن في مَنْ سبق من ذي يزن. الإصابة (4/ 100) وأسد الغابة (6/ 158).
الحديث الخامس
(1)
:
602 -
قال الإمام النسائي رحمه الله (6/ 277): أخبرنا علي بن حجر قال: أنبأنا إسماعيل عن محمد، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لا عمرى فمَن أعمر شيئاً فهو له» .
التعليق:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين وهو عند النسائي في الكبرى (6584).
وأخرجه أحمد (2/ 357) والطحاوي (4/ 92) وفي شرح مشكل الآثار (5470) وابن حبان (5131) من طريق إسماعيل بن جعفر به.
وأخرجه النسائي (6/ 277) وفي الكبرى (6585) من طريق عيسى، وعبدة بن سليمان، وابن أبي شيبة (7/ 138) وعنه ابن ماجه (2379) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة.
وأخرجه البزار (كما سيأتي) من طريق محمد بن بشر كلهم عن محمد بن عمرو بهذا الإسناد.
(1)
رجال الإسناد:
علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي نزيل بغداد ثم مرو، ثقة حافظ، من صغار التاسعة، مات سنة 244 وقد قارب المائة أو جاوزها، روى له البخاري ومسلم.
إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي، أبو إسحاق القاراء، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة 180، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن عمرو: تقدم.
أبو سلمة: تقدم.
هكذا قال محمد بن عمرو: (عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
خالفه يحيى بن أبي كثير
(1)
، ومحمد بن مسلم الزهري
(2)
فقالا: (عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
وكذلك رواه أبو الزبير
(3)
وعطاء عن جابر
(4)
.
(5)
.
وقال الدارقطني: «يرويه محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً أيضاً.
والصحيح عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر»
(6)
.
علة الوهم:
رواه محمد بن عمرو على الجادة إذ كثيراً ما يروي أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(1)
البخاري (2625) من طريق شيبان، ومسلم (1625) من طريق هشام الدستوائي.
(2)
مسلم (1625) من طريق مالك والليث وابن جريج، ومعمر وابن أبي ذئب وغيرهم.
(3)
مسلم (1625)(27)(28).
(4)
مسلم (1625)(31).
(5)
في مسنده كما في حاشية العلل (9/ 285).
(6)
العلل (9/ 285).
مُطَرِّف بن طريف
اسمه ونسبه:
مُطَرِّف بن طريف الحارثي، ويقال: الحارقي، أبو بكر الكوفي، ويقال: أبو عبد الرحمن.
روى عن: الشعبي، وابن أبي ليلى، وحبيب بن أبي ثابت، وسلمة بن كهيل، وأبي إسحاق، وخلق.
روى عنه: الثوري، وابن عيينة، وأبو عوانة، وخالد الواسطي، وهشام، وخلق.
وثقه أحمد وأبو حاتم وأبو داود وجماعة.
قال الشافعي: ما كان ابن عيينة بأحد أشد إعجاباً منه بمطرف.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: أصحاب الشعبي مَنْ أحبهم إليك؟ قال: ليس عندي فيهم مثل إسماعيل يعني ابن أبي خالد، قلت: ثم مَن؟ قال: مُطرِّف.
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت.
وقال يعقوب بن سفيان: ثقة.
وقال ابن حجر: ثقة فاضل.
روى له البخاري ثمانية أحاديث كلها عن الشعبي (111، 2406، 2882، 3635، 4240، 5236، 6507، 6517) ط. البغا.
ومسلم ستة أحاديث (189، 1365، 1599، 1961، 2049، 2586) كلها عن الشعبي عدا واحدة عن الحكم.
الحديث
(1)
:
603 -
قال الإمام النسائي رحمه الله (5/ 263): أخبرنا محمد بن قدامة قال: حدثني جرير عن مُطَرِّف عن الشعبي عن عروة بن مضرس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
التعليق:
هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن قدامة وهو ثقة وقد توبع، وهو عند النسائي في الكبرى (4047).
وأخرجه أبو يعلى (942) من طريق صالح بن عمر، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4688) من طريق موسى بن أعين، والطبراني في الكبير (17/ 384) من طريق أبي عوانة ثلاثتهم عن مطرف به.
(1)
رجال الإسناد:
محمد بن قدامة بن أعين الهاشمي مولاهم المصيصي، ثقة من العاشرة، مات سنة 250 تقريباً، روى له أبو داود والنسائي.
جرير بن عبد الحميد بن قُرْط الضبي الكوفي، نزيل الري وقاضيها، ثقة صحيح الكتاب، مات سنة 188 وله 71 سنة، روى له البخاري ومسلم.
عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، من الثالثة، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المائة وله نحو من ثمانين سنة، روى له البخاري ومسلم.
عروة بن مضرِّس الطائي، صحابي له حديث واحد في الحج، وحديثه في السنن.
وأخرجه ابن حزم في المحلى (7/ 130) من طريق النسائي به.
هكذا قال مطرف عن الشعبي عن عروة بن مضرس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أدرك جمعاً مع الإمام والناس حتى يفيض منها فقد أدرك الحج، ومَن لم يدرك مع الناس والإمام فلم يدرك» .
خالفه أصحاب الشعبي فرووه عنه بهذا الإسناد فقالوا: (مَنْ أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تمّ حجه وقضى تفثه)، منهم:
إسماعيل بن أبي خالد
(1)
، وزكريا بن أبي زائدة
(2)
، وداود بن أبي هند
(3)
، وسيار أبو الحكم العنزي
(4)
، وعبد الله بن أبي السفر
(5)
، ومجالد بن سعيد الهمداني
(6)
.
قال الطحاوي: هذا المعنى لمَن فاته الوقوف بجمع أنه لا حج له
(1)
أبو داود (1950) والترمذي (891) والنسائي (5/ 263) وابن ماجه (3016) وأحمد (4/ 15، 261) والدارمي (1828) والحميدي (900) وابن خزيمة (2820) وابن الجارود (467) والطحاوي (2/ 207) وفي شرح المشكل (4689). وابن عبد البر في التمهيد (9/ 273) وابن حزم في المحلى (7/ 130).
(2)
الترمذي (891) والنسائي (5/ 263) والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 31) وأحمد (4/ 15) والحميدي (901) وابن خزيمة (2820) وغيرهم.
(3)
الترمذي (891) والنسائي (5/ 263) وابن حبان (3851) والطحاوي (2/ 208) وفي شرح المشكل (4691)(4698) والبيهقي (5/ 116).
(4)
النسائي (5/ 263) وتصحف إلى (يسار) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2492) والطبراني في الكبير (17/ 394) وابن البخاري في مشيخته (881)(882).
(5)
النسائي (5/ 264) وأحمد (4/ 261 - 262) والطيالسي (1378) وابن حبان (3850).
(6)
الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4963).
فلم نعلم أحداً جاء به في هذا الحديث عن الشعبي غير مطرف، فأما الجماعة من أصحاب الشعبي فلا يذكرونه فيه، منهم: عبد الله بن أبي السفر وإسماعيل بن خالد
(1)
.
(2)
.
(1)
شرح مشكل الآثار (12/ 109).
(2)
فتح الباري (3/ 529) والتلخيص الحبير (2/ 257).
هشام بن حسان
اسمه ونسبه:
هشام بن حسان الأزدي الفردوسي، أبو عبد الله البصري، ويقال: هو من العتيك ونزل في القراديس، وقيل: هو من مواليهم، قال الذهبي: وهو أشبه فلم يسم له جد مع شهرة هشام ونبله.
قال الذهبي: ما علمت له رواية عن الصحابة والظاهر أنه رأى أنس بن مالك فإنه قد أدركه وهو قد اشتد.
روى عن: الحسن وابن سيرين وأخته حفصة بنت سيرين، وعكرمة، وعطاء، وأنس بن سيرين، ويحيى بن أبي كثير، وهشام بن عروة وجماعة.
روى عنه: شعبة، والسفيانان، والحمادان، وابن جريج، وابن أبي عروبة، ويحيى القطان، ويزيد بن هارون، وابن علية وجماعة.
قال سعيد بن أبي عروبة: ما رأيت أو ما كان أحد أحفظ عن محمد بن سيرين من هشام.
وقال حماد بن زيد: أنبأنا أيوب وهشام وحسبك بهشام.
وقال يحيى القطان: هشام بن حسان في ابن سيرين أحب إليّ من عاصم الأحول وخالد الحذاء، وهو عندي في الحسن دون محمد بن عمرو.
وكان حماد بن سلمة لا يختار على هشام في حديث ابن سيرين أحداً.
وقال يحيى: هشام بن حسان ثقة.
وقال العجلي: ثقة حسن الحديث يقال: إن عنده ألف حديث حسن ليست عند غيره.
وقال أبو حاتم: صدوق يكتب حديثه.
وقال أحمد بن حنبل: صالح، وقيل لأحمد: كيف هشام؟ قال: أخبرك عندي لا بأس به، وما نكاد ننكر عليه شيئاً إلا وجدت غيره. قد رواه إما أيوب وإما عوف.
روى له البخاري (28) حديثاً، ومسلم (51) حديثاً.
الحديث الأول
(1)
:
604 -
قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 507): حدثنا يزيد، أخبرنا هشام، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
قال: وقال:
قال:
«وأحب القيد في النوم وأكره الغل، القيد ثبات في الدين» .
التعليق:
وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده عن النضر بن شميل عن هشام كما في تغليق التعليق لابن حجر (5/ 273).
(1)
رجال الإسناد:
يزيد بن هارون: تقدم انظره في بابه.
هشام بن حسان الأزدي، القردوسي، أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال، لأنه قيل: كان يرسل عنهما، من السادسة، مات سنة 147 أو 148، روى له البخاري ومسلم.
محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر ابن أبي عمرة البصري، ثقة ثبت عابد كبير القدر، من الثالثة، مات سنة 110، روى له البخاري ومسلم.
وأخرجه الخطيب في الفصل للوصل (1/ 167) من طريق علي بن عاصم عن هشام وخالد الحذاء عن محمد بن سيرين به.
ورواه مسلم في صحيحه (2263) من طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفاً ولم يذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه مختصراً الدارمي (2143) و (2144) من طريق مخلد بن حسين، والطحاوي في شرح المشكل (2175) من طريق عبد الله بن بكر السهمي ويزيد بن هارون، والطبراني في الأوسط (2078) من طريق حماد بن سلمة كلهم عن هشام بن حسان به.
ورواه البغوي في شرح السنة (3278) من طريق جرير بن حازم عن أيوب وهشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
هكذا روى يزيد بن هارون، وجرير بن حازم، وعلي بن عاصم، ثلاثتهم عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قال: «وأحب القيد في النوم وأكره الغل
…
».
خالفه عوف الأعرابي، وأيوب السختياني فرووه عن محمد بن سيرين بهذا الإسناد وجعلا آخر هذا الحديث وهو قوله:«وأحب القيد في النوم وأكره الغل، والقيد ثبات في الدين» من قول أبي هريرة لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم.
أما حديث عوف:
فأخرجه البخاري في صحيحه (7017) من طريق معتمر عن عوف قال: حدثنا محمد بن سيرين أنه سمع أبا هريرة يقول: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة وما كان من النبوة فإنه لا يكذب» قال محمد: وأنا أقول هذا: قال: وكان يقال: الرؤيا ثلاث: حديث النفس وتخويف الشيطان وبشرى من الله، فمَن رأى شيئاً يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم فليصلِّ. قال: وكان يكره الغل في النوم وكان يعجبهم القيد، ويقال: القيد ثبات في الدين.
قال البخاري: (وروى قتادة ويونس وهشام وأبو هلال عن ابن سيرين عن أبي هريرة وأدرجه بعضهم كله في الحديث وحديث عوف أبْيَن. وقال يونس: لا أحسبه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
اه.
أما حديث أيوب فقد رواه عنه مفصلاً معمر
(2)
وسفيان بن عيينة
(3)
فذكرا الحديث المرفوع ثم قالا: قال أبو هريرة: وأحب القيد وأكره الغل
…
، فجعلاه من قول أبي هريرة.
ورواه عبد الوهاب الثقفي عن أيوب على الشك فقال: فلا أدري هو في الحديث أم قاله ابن سيرين.
هكذا في رواية محمد بن أبي عمر المكي عنه
(4)
.
(1)
قال الحافظ في الفتح (12/ 409): وقال يونس: لا أحسبه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني أنه شكّ في رفعه، وكذا قال العيني في عمدة القاري (24/ 155).
(2)
مسلم (2263) وعبد الرزاق (2040) وأحمد (2/ 269) والترمذي (2291).
(3)
ابن حبان (6040).
(4)
مسلم (2263).
ورواه قتيبة بن سعيد
(1)
، ونصر بن علي
(2)
، وإسحاق بن راهويه
(3)
عن عبد الوهاب مدرجاً.
ورواه حماد بن زيد
(4)
، وإسماعيل بن علية
(5)
، عن أيوب الحديث كله موقوفاً من قول أبي هريرة.
وقد رواه هشام بن حسان مرة أخرى على الصواب، ففصل وبيّن المرفوع، وجعل قوله:(وأحب القيد) من قول أبي هريرة
(6)
.
وقد ذكر الإمامان البخاري ومسلم أن هذا القول أدرجه بعض الرواة في الحديث وكذا قال أبو عوانة والخطيب البغدادي وابن حجر.
وقال مسلم بعد أن أخرج الحديث من طريق قتادة عن ابن سيرين قال: «وأدرج في الحديث قوله: وأكره الغل .. إلى تمام الكلام» .
وقال الخطيب في الفصل للوصل (1/ 170): جميع هذا المتن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ذكر القيد والغل فإنه من قول أبي هريرة أدرجه هؤلاء الرواة في الحديث وبيَّنه معمر بن راشد في روايته عن أيوب عن محمد بن سيرين.
(1)
أبو داود (5019).
(2)
الترمذي (2270).
(3)
الخطيب في الفصل للوصل (1/ 169).
(4)
مسلم (2263).
(5)
الدارقطني في العلل (10/ 33).
(6)
ابن عبد البر في التمهيد (1/ 287).
وقال الحافظ في الفتح (12/ 410): وأخرج أبو عوانة في صحيحه من طريق عبد الله بن بكر عن هشام قصة القيد وقال: الأصح أن هذا من قول ابن سيرين.
وتكلم في روايته عن الحسن البصري.
قال نعيم بن حماد: سمعت ابن عيينة يقول: لقد أتى هشام أمراً عظيماً بروايته عن الحسن، قيل لنعيم: لمَ؟ قال: لأنه كان صغيراً.
وعن نعيم أيضاً عن سفيان بن عيينة: كان هشام أعلم الناس بحديث الحسن.
وقال سعيد بن عامر: سمعت هشاماً يقول: جاورت الحسن عشر سنين.
قال جرير بن حازم: جلست إلى الحسن سبع سنين لم أخرم منها يوماً واحداً أصوم وأذهب إليه ما رأيت هشاماً عنده قط.
وقال علي بن المديني: كان يحيى بن سعيد وكبار أصحابنا يثبتون هشام بن حسان، وكان يحيى يضعف حديثه عن عطاء، وكان الناس يرون أنه أخذ حديث الحسن عن حوشب.
وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: أربعة كانوا لا يروون الرواية عن هشام عن الحسن: يحيى بن سعيد، وابن علية، ويزيد بن زريع، ووهيب، لا يروون الرواية عن هشام عن الحسن.
قال ابن حجر: ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال لأنه قيل: كان يرسل عنهما.
وقد سبق الحديث في باب قتادة (502) فانظره.
الحديث الثاني
(1)
:
605 -
قال الدارمي رحمه الله في سننه (1680): أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا عيسى بن يونس عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إذا ذرع الصائم القيء وهو لا يريده فلا قضاء عليه، وإذا استقاء فعليه القضاء» .
قال عيسى: زعم أهل البصرة أن هشاماً أوهم فيه. انتهى.
التعليق:
هذا الإسناد صحيح رواته كلهم ثقات رجال الشيخين.
لذا قال الحاكم (1/ 426): (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين).
ووافقه الذهبي، وقال الدارقطني: رجاله ثقات كلهم.
وقال الترمذي: حسن غريب.
والحديث أخرجه أحمد (2/ 498) وأبو داود (2380) والترمذي (720) والنسائي في الكبرى (3130) وابن ماجه (1676) وابن خزيمة (1960، 1961) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 91) وابن الجارود
(1)
رجال الإسناد:
إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم الحنظلي، أبو محمد، المعروف بابن راهويه، إمام ثقة حجة حافظ متقن، وحديثه في الصحيحين، توفي سنة 238.
عيسى بن يونس: انظره في بابه.
محمد بن سيرين: تقدم.
(385)
والدارقطني (2/ 184) والحاكم (1/ 426) والبيهقي (4/ 219) وابن حبان (3518) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4/ 382) وابن حجر في تغليق التعليق (3/ 176) كلهم من طريق عيسى بن يونس عن هشام بن حسان به.
وأخرجه الحاكم (1/ 456) وابن ماجه (1676) من طريق حفص بن غياث عن هشام به، وذكره أبو داود تعليقاً لكن هذا الحديث أعله البخاري وأحمد وأبو داود.
فقد ذكر الترمذي في السنن (3/ 98) عن البخاري قوله: لا أراه محفوظاً.
وقال البخاري في التاريخ الكبير: لم يصح، وإنما يروى هذا عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رفعه
(1)
.
خالفه يحيى بن صالح قال: ثنا يحيى عن عمر بن حكم بن ثوبان سمع أبا هريرة قال: إذا قاء أحدكم فلا يفطر فإنما يخرج ولا يولج. اه.
وقال الترمذي في العلل الكبير (198): سألت محمداً عن هذا الحديث فلم يعرفه إلا من حديث عيسى بن يونس عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة، وقال: ما أراه محفوظاً، وقد روى يحيى بن أبي كثير عن عمر بن الحكم أن أبا هريرة كان لا يرى القيء يفطر الصائم.
وقال أبو داود: نخاف أن لا يكون محفوظاً.
(1)
أبو يعلى (6604) من طريق حفص بن غياث عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة، وعبد الله هذا ضعيف جداً. قاله في الفتح (4/ 177).
وقال الترمذي: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح إسناده.
وقال النسائي: (وقفه عطاء) ثم أورده بإسناده عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة موقوفاً.
وقال البيهقي في المعرفة (3/ 370): تفرد به هشام بن حسان، والذي روي عن ثوبان وأبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر.
قال البخاري (4/ 175): ويذكر عن أبي هريرة أنه يفطر والأول أصح.
قال في الفتح: يشير بذلك إلى ما رواه هو في التاريخ الكبير قال: قال لي مسدد عن عيسى بن يونس
…
الحديث.
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ليس من ذا بشيء.
قال الخطابي: يريد أن الحديث غير محفوظ.
وقال في مسائله عن الإمام أحمد (1864): سمعت أحمد سئل: ما أصح ما فيه؟ يعني في (مَنْ ذرعه القيء وهو صائم)؟
قال: نافع عن ابن عمر.
قلت له: حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة؟
قال: ليس من هذا شيء، إنما هو حديث مَنْ أكل ناسياً يعني وهو صائم فالله أطعمه وأسقاه
(1)
. اه.
(1)
البخاري (1923، 6669).
وقال الحافظ في التلخيص (2/ 201): قال الخطابي: يريد الإمام أحمد أنه غير محفوظ.
وقال مهنا عن أحمد: حدّث به عيسى وليس هو في كتابه وليس هو من حديثه. اه.
وقال الحافظ في التلخيص أيضاً: قال الدارمي: زعم أهل البصرة أن هشاماً أوهم فيه، قال أبو داود: وبعض الحفاظ لا يراه محفوظاً. اه.
وقال ابن القيم في تعليقه على سنن أبي داود (3/ 260): هذا الحديث له علة، ولعلته علة.
أما علته؛ فوقفه على أبي هريرة، وقفه عطاء وغيره.
وأما علة هذه العلة؛ فقد روى البخاري في صحيحه بإسناده عن أبي هريرة أنه قال: إذا قاء فلا يفطر، إنما يخرج ولا يولج.
قال: ويذكر عن أبي هريرة أنه يفطر، والأول أصح. اه.
وصححه الشيخ الألباني في تعليقه على ابن خزيمة وقال: إنما قال البخاري وغيره بأنه غير محفوظ لظنهم أنه تفرد به عيسى بن يونس عن هشام. يريد أنه تابعه حفص بن غياث، ولم يتفطن رحمه الله أنهم أعلُّوه بوهم هشام ولم تخفَ عليهم متابعة حفص بن غياث، ألم ترَ أن أبا داود ذكرها وأعلّها.
الدلالة الفقهية:
دلّ هذا الحديث أن الصائم إذا ذرعه القيء أن صيامه صحيح ولا شيء عليه.
أما مَنْ استقاء عمداً باختياره فعليه القضاء.
قال الترمذي في سننه (3/ 98): والعمل عند أهل العلم على حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه، وإذا استقاء عمداً فليقضِ.
وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. اه.
قال ابن قدامة في المغني (3/ 117): مَنْ استقاء فعليه القضاء لأن صومه يفسد به، ومَن ذرعه القيء فلا شيء عليه. وهذا قول عامة أهل العلم.
قال الخطابي: لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافاً.
وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إبطال صوم مَنْ استقاء عامداً.
وحُكي عن ابن مسعود وابن عباس أن القيء لا يفطر، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام» ولأن الفطر بما يدخل لا بما يخرج.
ولنا ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: .... واستدل بحديث الباب.