المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

‌الطبقة السابعة

ص: 5

‌أبان بن يزيد

(1)

‌اسمه ونسبه:

أبان بن يزيد العطار، أبو يزيد البصري.

روى عن: الحسن البصري وقتادة ويحيى بن أبي كثير وعمرو بن دينار.

روى عنه: عبد الله بن المبارك، ووكيع، ويحيى القطان، وأبو داود الطيالسي، ويزيد بن هارون، وعفان بن مسلم، وجماعة.

‌ثناء أهل العلم عليه:

قال أحمد بن حنبل: ثبت في كل مشايخه.

وقال أيضاً: هو أثبت من عمران القطان.

قال يحيى بن معين: ثقة، كان يحيى بن سعيد يروي عنه وكان أحب إليه من همام، وهمام أحب إليّ.

(1)

مصادر الترجمة:

تهذيب الكمال (139)، الجرح والتعديل (2/ 299 رقم 1098)، العلل ومعرفة الرجال (1682)، سير أعلام النبلاء (7/ 431).

ص: 7

قال أبو حاتم: أبان العطار أحب إليّ من شيبان ومن أبي هلال، وفي يحيى بن أبي كثير أحب إليّ من همام.

وقال العجلي: بصري ثقة.

وقال النسائي: ثقة.

قال ابن حجر: ثقة له أفراد، من السابعة.

قلت روى له البخاري في ستة مواضع تعليقاً كلها عن قتادة وأحدها عن يحيى بن أبي كثير وهي (44، 287، 678، 1516، 3688، 3906).

ص: 8

‌الحديث الأول

(1)

:

606 -

قال أبو داود رحمه الله (1029): حدثنا محمد بن العَلاء ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا هشَامٌ الدَّسْتُوائِيُّ ثنا يحيى بن أبي كثيرٍ ثنا عِيَاضٌ ح وثنا مُوسَى بن إسماعيل ثنا أبَانُ ثنا يحيى عن هِلَال بن عِيَاضٍ عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلّى أحدكم فلم يَدْرِ زَادَ أمْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وهو قَاعِدٌ فإذا أتَاهُ الشَّيْطَانُ فقال: إِنَّكَ قد أحْدَثْتَ فَلْيَقُلْ كذَبْتَ إلا ما وَجَدَ ريحاً بأَنْفِهِ أو صَوْتاً بِأُذُنِهِ» وهذا لفظُ حديث أبَانَ قال أبو دَاود وقال مَعْمَرٌ وَعَلِيُّ بن المُبَارَكِ عِيَاضُ بن هِلَالٍ وقال الأَوْزَاعِيُّ عيَاضُ بن أبي زُهَيْرٍ.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير هلال بن عياض، والصحيح أن اسمه عياض بن هلال، تابعي ذكره ابن حبان في الثقات، تفرد بالرواية عنه يحيى بن أبي كثير عن أبي سعيد الخدري.

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة التبوذكي، مشهور بكنيته وباسمه، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، مات سنة 223، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن أبي كثير الطائي، مولاهم، أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة 132 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم (انظر ترجمته في بابه).

عياض بن هلال، وقيل: ابن أبي زهير الأنصاري، وقال بعضهم: هلال بن عياض، وهو مرجوح، مجهول، من الثالثة، تفرد يحيى بن أبي كثير بالرواية عنه، روى له أصحاب السنن الأربعة.

ص: 9

وأخرجه أحمد (3/ 53) من طريق سويد بن عمرو ويونس بن محمد كلاهما عن أبان بهذا الإسناد.

هكذا قال أبان: (عن يحيى، عن هلال بن عياض، عن أبي سعيد).

خالفه هشام الدستوائي

(1)

، ومعمر

(2)

، وحرب بن شداد

(3)

، والأوزاعي

(4)

، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي

(5)

، وعلي بن المبارك

(6)

.

فقالوا: (عن يحيى بن أبي كثير، عن عياض بن هلال، عن أبي سعيد).

وهذا الوجه هو الذي صححه البخاري في التاريخ، ومسلم في الوحدان، والدارقطني والحاكم وابن حبان والخطيب وغيرهم.

وقد اختلف على عكرمة بن عمار.

فرواه جماعة عنه عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن عياض.

(1)

أبو داود (1029) والترمذي (396) وابن ماجه (1204) والنسائي في الكبرى (586) وأحمد (3/ 12) وأبو يعلى (1241) وابن حبان (2665) والحاكم (1/ 134).

(2)

عبد الرزاق (533)(3463) وأحمد (3/ 37) وابن حبان (2666) والخطيب في الموضح (2/ 344) والحاكم (1/ 135).

(3)

الحاكم (1/ 134).

(4)

النسائي (588) و (589).

(5)

مسلم في المنفردات والوحدان (1/ 158) والنسائي في الكبرى (587).

(6)

الحاكم (1/ 135) والخطيب في الموضح (2/ 345)، وأبو داود تعليقاً (1029).

ص: 10

ورواه مسلم بن إبراهيم الوراق عنه عن يحيى فقال: عن عياض بن هلال، وسيأتي في بابه.

قال ابن خزيمة بعد أن أخرج الطريقين: وهذا هو الصحيح، هذا الشيخ هو عياض بن هلال، روى عنه يحيى بن أبي كثير غير حديث، وأحسب الوهم من عكرمة بن عمار حين قال: عن هلال بن عياض

(1)

.

وقال محمد بن يحيى الذهلي: الصواب عياض بن هلال

(2)

.

وقال ابن حبان: عياض بن هلال ومَن زعم أنه هلال بن عياض فقد وهم

(3)

.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح من حديث يحيى بن أبي كثير عن عياض بن هلال الأنصاري، وإنما أهملاه لخلاف بين أصحاب يحيى بن أبي كثير فيه، فقال بعضهم: هلال بن عياض، وقد حكم أبو عبد الله محمد بن إسماعيل في التاريخ أنه عياض بن هلال الأنصاري سمع أبا سعيد، سمع منه يحيى بن أبي كثير، قاله هشام ومعمر وعلي ابن المبارك وحرب بن شداد

ثم قال: قد حكم إمامان من أئمتنا مثل البخاري وموسى بن هارون بالصحة لقول من أقام هذا الإسناد عن عياض بن هلال الأنصاري

(4)

.

(1)

صحيح ابن خزيمة (1/ 39 - 40 ح رقم 71).

(2)

نقله عنه ابن ماجه في سننه (342).

(3)

كتاب الثقات (5/ 265).

(4)

المستدرك (1/ 158 - 159).

ص: 11

وقال الخطيب في الموضح

(1)

: روى حرب بن شداد، وعلي بن المبارك، وهشام الدستوائي، عن يحيى عن عياض بن هلال وهو أصح، والله أعلم.

(1)

(2/ 310).

ص: 12

‌الحديث الثاني

(1)

:

607 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 211): حدثنا عبد الصمد، ثنا أبان، ثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه:

أن يهودياً دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالةٍ سنخة فأجابه.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد (3/ 270) من طريق عفان عن أبان به، والضياء في المختارة (2494)(2495) من طريق عبد الصمد وعفان به.

هكذا قال أبان عن قتادة عن أنس: أن يهودياً هو الذي دعا النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه همام

(2)

فرواه عن قتادة عن أنس فقال: إن خياطاً دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام

وكذلك رواه ثمامة بن عبد الله بن أنس

(3)

، وإسحاق بن عبد الله بن

(1)

رجال الإسناد:

عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري مولاهم التنوري، صدوق ثبت في شعبة، من التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.

قتادة بن دعامة: تقدم.

(2)

أحمد (3/ 180)(3/ 290) وأبو يعلى (2883) وابن حبان (5293).

إهالة سنخة قال ابن الأثير في النهاية (1/ 81): كل شيء من الأدهان مما يؤتدم به إهالة، وقيل: هو ما أذيب من الألية والشحم، والسنخة: المتغيرة الريح.

(3)

البخاري (5435).

ص: 13

أبي طلحة

(1)

، وثابت البناني

(2)

، وعاصم الأحول

(3)

، وعبد العزيز بن صهيب

(4)

خمستهم عن أنس.

ولفظ ثمامة: غلام له أي: للنبي صلى الله عليه وسلم خياط.

ولفظ عبد العزيز بن صهيب: خياط آل المطلب.

وقال الباقون: رجلاً خياطاً.

وقد تابعهم أبان أيضاً في رواية عفان.

قال الإمام أحمد عقب حديث عفان: وقد قال أبان أيضاً: إن خياطاً

(5)

.

(1)

البخاري (5436) ومسلم (2041)(144).

(2)

مسلم (2041)(145).

(3)

مسلم (2041)(145).

(4)

أبو يعلى (3916).

(5)

أحمد (3/ 270) ومن طريقه الضياء (2495).

ص: 14

‌الحديث الثالث

(1)

:

608 -

قال الإمام أحمد (4/ 149): حدثنا سويد بن عمرو الكلبي ويونس قالا: حدثنا أبان، قال: حدثنا قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه:

أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنكح الوليان فهو للأول منهما، وإذا باع من رجلين فهو للأول منهما» .

وقال يونس: إذا باع الرجل بيعاً من رجلين.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح.

والحديث أخرجه البيهقي (7/ 139) من طريق موسى بن إسماعيل عن أبان بهذا الإسناد.

هكذا قال أبان: (عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر).

(1)

رجال الإسناد:

سويد بن عمرو الكلبي، أبو الوليد الكوفي العابد، ثقة، من كبار العاشرة، مات سنة 203 أو 204، أفحش ابن حبان القول فيه ولم يأتِ بدليل، روى له مسلم.

يونس بن محمد بن مسلم البغدادي، أبو محمد المؤدب، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.

قتادة بن دعامة: تقدم.

الحسن بن أبي الحسن البصري اسم أبيه يسار، ثقة فقيه فاضل مشهور

، رأس الطبقة الثالثة، مات سنة 110 وقد قارب 90 عاماً، روى له البخاري ومسلم.

ص: 15

خالفه همام

(1)

، وهشام الدستوائي

(2)

، وحماد بن سلمة

(3)

، وسعيد بن بشير

(4)

، وسلام بن أبي المطيع

(5)

، وسعيد بن أبي عروبة

(6)

في إحدى الروايتين عنه

(7)

فرووه (عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب).

وكذلك رواه الأشعث

(8)

، ويونس بن عبيد

(9)

عن الحسن عن سمرة.

قال ابن أبي حاتم في العلل (1210): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سعيد بن أبي عروبة وأبان فقالا: عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر.

(1)

أبو داود (2088) وابن ماجه (2344) وأحمد (5/ 8، 11).

(2)

أبو داود (2088) والنسائي في الكبرى (5397) و (5398) وأحمد (5/ 11، 12، 18) والطيالسي (945) وابن الجارود (622) والطبراني في الكبير (6839) والحاكم (2/ 35) والبيهقي (7/ 141) وقال الحاكم: (على شرط البخاري ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي، والروياني في مسنده (810).

(3)

أبو داود (2088) وأحمد (5/ 18 - 19، 22) والدارمي (2240) والطبراني في الكبير (6840) والبيهقي (17/ 141).

(4)

ابن ماجه (2191) والبيهقي (7/ 141) والطبراني في مسند الشاميين (2651).

(5)

الطبراني في الكبير (6843) وأبو نعيم في الحلية (6/ 189 - 190).

(6)

الترمذي (1110) والنسائي في الكبرى (6278) وأحمد (5/ 8) والحاكم (2/ 175) وقال الترمذي: هذا حديث حسن والعمل على هذا عند أهل العلم

(7)

فقد رواه سعيد بن أبي عروبة مثل رواية أبان والشافعي في المسند (ص 290) وعبد الرزاق (10629) والطبراني في الكبير (959، 960) والبيهقي (7/ 140) ورواه مرة أخرى على الشك فقال: عن عقبة أو سمرة عند ابن ماجه (2190).

(8)

ذكره البيهقي في المعرفة (13702).

(9)

الطبراني في الأوسط (5479).

ص: 16

ورواه همام، وهشام الدستوائي، وحماد بن سلمة، وسعيد بن بشير فقالوا: عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا زوج الوليان فهو للأول» فقالا: عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح، لأن ابن أبي عروبة حدّث به قديماً فقال: عن سمرة وبأخرةٍ شكّ فيه.

وقال البيهقي في السنن الكبرى (7/ 141): هذا الاختلاف وقع من ابن أبي عروبة في إسناد هذا الحديث، وقد تابعه أبان العطار عن قتادة في قوله: عن عقبة بن عامر، والصحيح رواية مَنْ رواه عن سمرة بن جندب.

وقال في معرفة السنن والآثار (10/ 71):

كان ابن أبي عروبة يشك فيه فتارة يرويه عن عقبة بن عامر، وتارة عن سمرة بن جندب، وتارة عن أحدهما بالشك، والصحيح رواية همام وهشام وحماد بن سلمة وغيرهم عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك رواه الأشعث، عن الحسن عن سمرة.

وقال في السنن الصغرى (6/ 107): والأصح عن سمرة بن جندب.

وتقدم الحديث في باب سعيد بن أبي عروبة، (575).

ص: 17

‌إبراهيم بن طهمان

(1)

‌اسمه ونسبه:

إبراهيم بن طهمان بن شعبة الخراساني، أبو سعيد الهروي.

ولد بهراة، سكن نيسابور وقدم بغداد وحدّث بها ثم سكن مكة حتى مات بها، ولد في آخر زمن الصحابة الصغار.

‌شيوخه:

روى عن: ثابت البناني، وسماك بن حرب، ومحمد بن زياد الجمحي صاحب أبي هريرة، والأعمش، ومنصور، وأبي إسحاق السبيعي، ويحيى بن سعيد الأنصاري وخلق سواهم، منهم: شعبة وسفيان الثوري.

روى عنه: صفوان بن سليم وهو من شيوخه، وأبو حنيفة، وشعبة، وابن عيينة، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وشيبان النحوي وهو أكبر منه، وخلق.

(1)

مصادر الترجمة:

تهذيب الكمال (182)، تهذيب التهذيب (1/ 37)، سير أعلام النبلاء (7/ 378)، العلل ومعرفة الرجال (3551)، الجرح والتعديل (2/ 107).

ص: 18

‌ثناء أهل العلم عليه:

قال أحمد: ثقة في الحديث وهو أقوى حديثاً من أبي جعفر الرازي كثيراً، حدثنا عنه ابن مهدي.

قال ابن المبارك: صحيح الحديث.

وقال أبو حاتم: ثقة. وقال أيضاً: حسن الحديث صدوق روى عنه شعبة وابن عيينة.

وقال يحيى بن معين: لا بأس به.

وقال عثمان بن سعيد الدارمي: كان ثقة في الحديث، ولم يزل الأئمة يشتهون حديثه ويرغبون فيه ويوثقونه.

وقال إسحاق بن راهويه: كان صحيح الحديث حسن الرواية كثير السماع، ما كان بخراسان أكثر حديثاً منه وهو ثقة.

وقال أبو داود: ثقة وكان من أهل سرخس فخرج يريد الحج فقدم نيسابور فوجدهم على قول جهم، فقال: الإقامة على هؤلاء أفضل من الحج فنقلهم من قول جهم إلى الإرجاء.

وقال أبو زرعة: كنت عند أحمد بن حنبل فذكر إبراهيم بن طهمان وكان متكئاً من علة فاستوى جالساً، وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ.

وقال أحمد: كان مرجئاً شديداً على الجهمية.

ثم قال أحمد: حدثني رجل من أصحاب ابن المبارك قال: رأيت ابن المبارك في المنام ومعه شيخ مهيب، فقلت: مَنْ هذا معك؟ قال: أما تعرف هذا سفيان الثوري، قلت: من أين أقبلتم؟ قال: نحن نزور

ص: 19

كل يوم إبراهيم بن طهمان، قلت: وأين تزورونه؟ قال: في دار الصدِّيقين: دار يحيى بن زكريا.

‌المآخذ التي عليه:

أنه مرجاء.

قال صالح بن محمد الحافظ: ثقة حسن الحديث، يميل شيئاً إلى الإرجاء في الإيمان، حبّب الله حديثه إلى الناس، جيد الرواية.

وقال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: سمعت ابن عيينة يقول: ما قدم علينا خراساني أفضل من أبي رجاء عبد الله بن واقد الهروي، فقلت له: فإبراهيم بن طهمان؟ قال: كان ذاك مرجئاً.

وتقدم قول أبي داود.

الرد على هذا:

قال أبو الصلت: لم يكن إرجاؤهم هذا المذهب الخبيث أن الإيمان قول بلا عمل، وأن ترك العمل لا يضر بالإيمان، بل كان إرجاؤهم أنهم يرجون لأهل الكبائر الغفران رداً على الخوارج وغيرهم الذين يكفِّرون الناس بالذنوب، وكانوا يرجئون ولا يكفرون بالذنوب.

‌وفاته:

مات في مكة سنة 163، وقيل: سنة 158.

قال ابن حجر: ثقة يغرب، وتكلم فيه للإرجاء، ويقال: إنه رجع عنه، من السابعة.

ص: 20

‌الحديث

(1)

:

609 -

قال البيهقي في السنن الكبرى (5/ 262): حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب النيسابوري ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا إبراهيم بن طهمان عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ أتى هذا البيت يعني الكعبة فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات، وأحمد بن محمد بن عبد الوهاب النيسابوري هو المناطقي الرملي ترجمه السمعاني في الأنساب

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن الحسين بن داود بن علي بن الحسين العلوي من أولاد الحسن بن علي رضي الله عنه. قال الذهبي: الإمام السيد المحدث الصدوق مسند خراسان. وقال الحاكم: هو ذو الهمة العالية والعبادة الطاهرة، مات سنة 401 هـ. (السير 14/ 98 - 99) تراجم شيوخ البيهقي ص 435 - 439.

أحمد بن محمد بن عبد الوهاب: تقدم في التعليق.

محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ الكبير، أبو جعفر البغدادي نزيل مكة، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 276 وله 88 سنة، روى له أبو داود.

يحيى بن أبي بكير الكرماني، كوفي الأصل، نزل بغداد، ثقة، من التاسعة، مات سنة 198، روى له البخاري ومسلم.

منصور بن المعتمر: ثقة ثبت. انظر ترجمته في بابه.

هلال بن يساف الأشجعي الكوفي، ثقة من الثالثة، روى له مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.

أبو حازم الأشجعي، سلمان الكوفي، ثقة من الثالثة، مات على رأس المائة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 21

(12/ 440)، وابن الأثير في اللباب (3/ 259)، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وينظر إرشاد القاصي الداني إلى تراجم شيوخ الطبراني (171) وروى له البيهقي ثلاثة أحاديث هذا أحدها، روى عنه أبو نعيم في الحلية (4/ 182) وفي تاريخ أصبهان (1/ 72) وقد توبع، فقد رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (2/ 277) عن يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن طهمان به.

هكذا قال إبراهيم: (عن منصور، عن هلال، عن أبي حازم، عن أبي هريرة.

خالفه جماعة من أصحاب منصور فقالوا: (منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة) ولم يذكروا هلالاً في الإسناد، منهم: شعبة

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، وجرير بن عبد الحميد

(3)

، وأبو الأحوص

(4)

، وأبو عوانة

(5)

، ومسعر

(6)

، وشيبان

(7)

، والفضيل بن عياض

(8)

، وسفيان بن عيينة

(9)

، وزهير بن معاوية

(10)

وغيرهم

(11)

.

(1)

البخاري (1819).

(2)

البخاري (1820) ومسلم (1350).

(3)

مسلم (1350).

(4)

مسلم (1350).

(5)

مسلم (1350).

(6)

مسلم (1350).

(7)

أبو عوانة (3142).

(8)

النسائي (5/ 114) وفي الكبرى (3606) وابن خزيمة (2514) وأبو نعيم في الحلية (8/ 326).

(9)

الترمذي (810).

(10)

الدارقطني في العلل (11/ 180).

(11)

إسرائيل، وشريك، وأبو حماد الحنفي، وعبد الحميد بن الحسين، وهريم وغيرهم، ذكرهم الدارقطني في العلل (11/ 180).

ص: 22

قال الدارقطني: يرويه منصور بن المعتمر واختلف عنه فرواه مسعر والثوري وزهير بن معاوية وأبو حماد الحنفي وأبو عوانة وأبو الأحوص وعبد الحميد بن الحسين وشريك وفضيل بن الحسن وابن عيينة وإسرائيل وهريم عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة.

وخالفهم إبراهيم بن طهمان، فرواه عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، ولم يتابع إبراهيم بن طهمان عليه، والأول هو الصواب

(1)

.

(1)

العلل (11/ 180 رقم 2206).

ص: 23

‌أفلح بن حميد

أفلح بن حميد بن نافع الأنصاري البخاري مولاهم، أبو عبد الرحمن المدني، يقال له: ابن صغيراء.

‌شيوخه:

روى عن: القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأبي بكر ابن حزم، وسليمان بن عبد الرحمن بن جندب وغيرهم.

روى عنه: ابن وهب، وأبو عامر العقدي، ووكيع، وأبو نعيم، وحماد بن زيد، والثوري وغيرهم.

قال أحمد بن حنبل: صالح. وقال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: ثقة لا بأس به. وقال النسائي: ليس به بأس.

وقال ابن حبان: كان مكفوفاً.

وقال أبو داود: قال أحمد: لم يحدّث عنه يحيى يعني القطان.

قال ابن حجر: ثقة، من السابعة.

ص: 24

روى له البخاري مع المكرر ستة أحاديث كلها عن القاسم بن محمد وهي (258، 1485، 1597، 1609، 1612، 1696، وهو حديثنا هذا، ط البغا). ومسلم سبعة أحاديث (1/ 256، 450، 2/ 846، 957، 939، 957، 964).

ص: 25

‌الحديث

(1)

:

610 -

قال البخاري رحمه الله (1696): حدثنا أبو نعيم، حدثنا أفلح، عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت:

فتلت قلائد بدن النبي صلى الله عليه وسلم بيديّ، ثم قلدها وأشعرها وأهداها، فما حرم عليه شيء كان أحل له.

‌التعليق:

والحديث أيضاً أخرجه البخاري (1699) ومسلم (1321)(362) وأبو داود (1757) عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن أفلح به.

وأخرجه النسائي (5/ 170، 173) من طريق وكيع وقاسم بن يزيد، وأخرجه ابن ماجه (3098) من طريق حماد بن خالد، وإسحاق بن راهويه (925) من طريق أبي معاوية عن أفلح.

وأخرجه أحمد (6/ 78) من طريق أبي أحمد الزبيري، وإسحاق بن راهويه (1925) من طريق أبي معاوية، وأبو نعيم في المستخرج على

(1)

رجال الإسناد:

أبو نُعيم: الفضل بن دكين الكوفي، واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير التميمي، مولاهم الأحول، أبو نعيم المُلائي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 218، وقيل: 219، وكان مولده سنة 130، وهو من كبار شيوخ البخاري، وروى له مسلم.

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة. قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة 106 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

ص: 26

صحيح مسلم (3051) من طريق القعنبي وأبي عامر العقدي، وابن حبان (4003) من طريق ابن وهب، وابن أبي شيبة (36079) من طريق حماد بن خالد كلهم عن أفلح به.

هكذا قال أفلح عن القاسم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر هديه.

خالفه عبد الله بن عون

(1)

، وعبد الرحمن بن القاسم

(2)

، وأيوب السختياني

(3)

فرووه عن القاسم عن عائشة ولم يذكروا الإشعار.

وقد روى عن عائشة جماعة لم يذكر أحد منهم الإشعار، منهم: عروة بن الزبير

(4)

، وعمرة بنت عبد الرحمن

(5)

، والأسود بن يزيد النخعي

(6)

، ومسروق

(7)

، وأبو قلابة

(8)

، وغيرهم.

فذكر الإشعار غير محفوظ في حديث عائشة، وإن كان مذكوراً في حديث غيرها، لذا أنكر الإمام أحمد رحمه الله حديث أفلح هذا الذي يذكر فيه الإشعار.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: لم يحدّث يحيى القطان عن

(1)

البخاري (1705) ومسلم (1321).

(2)

مسلم (1321).

(3)

مسلم (1321) وأحمد (6/ 129)(216).

(4)

البخاري (1698) ومسلم (1321)(360).

(5)

البخاري (1700) و (2317) ومسلم (1321)(369).

(6)

البخاري (1703) ومسلم (1321)(366).

(7)

البخاري (1704) و (5566) ومسلم (1321)(370).

(8)

مسلم (1321)(363).

ص: 27

أفلح، وروى أفلح حديثين منكرين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر، وحديث: وقت لأهل العراق ذات عرق

(1)

.

‌علة الوهم:

قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قلّد هديه وأشعره في غير حديث فلما ذكر أفلح في حديثه هذا التقليد ذكر معه الإشعار وهو غير محفوظ في حديث عائشة، والله تعالى أعلم.

‌تنبيه:

قد ورد في رواية لعمرة عن عائشة ذكر الإشعار إلا أنها وهم من عثمان بن عمر وسيأتي في بابه.

‌الخلاصة:

روى أفلح عن القاسم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر هديه.

وخالفه مَنْ هو أثبت منه في القاسم فلم يذكروا الإشعار وحديثهم في الصحيح.

وكذلك رواه خمسة من كبار أصحاب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولم يذكروا الإشعار وحديثهم في الصحيح.

(1)

تهذيب التهذيب (1/ 320) مقدمة فتح الباري (1/ 391) وكلاهما للحافظ ابن حجر.

لكن قال الحافظ في مقدمة الفتح: (لم يخرج له البخاري شيئاً من هذا وللّه الحمد).

قلت: بل هو عند البخاري ومسلم كما سبق .. إلا أن يكون قد تبادر إلى ذهن الحافظ معنى آخر لكلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر. وقد أخرج ابن حبان وابن أبي شيبة هذا الحديث بهذا اللفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر في باب إشعار الهدي، والله تعالى أعلم.

ص: 28

وهم أفلح في ذكره الإشعار في حديث عائشة وهو ثابت في حديث غيرها من الصحابة.

وهذا يرجح ما ذكره الإمام أحمد رحمه الله.

أما وجه إخراج البخاري ومسلم رحمهما الله هذا الحديث في الصحيح فربما كان بالنظر إلى أن لفظة الإشعار ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأفلح بن حميد ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة.

أما قول الحافظ في مقدمة الفتح: إن البخاري لم يخرج له حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر فوهم منه، والله تعالى أعلم.

ص: 29

‌إسرائيل

‌اسمه ونسبه:

إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني أبو يوسف الكوفي.

روى عن: سماك بن حرب، وسليمان الأعمش، وعاصم الأحول، وأبي حصين، وعبد الملك بن عمير، ومنصور، ومحمد بن جحادة، وجماعة.

روى عنه: عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وعبد الرزاق، وأبو داود الطيالسي، وأبو أحمد الزبيري، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويزيد بن زريع، وخلق.

‌ثناء أهل العلم عليه:

قال يحيى القطان: إسرائيل فوق أبي بكر بن عياش.

وقال أحمد بن حنبل: كان شيخاً ثقة، وكان يعجب من حفظه.

وقال أحمد ويحيى بن معين: كان القطان لا يحدّث عن إسرائيل ولا شريك.

وقال يحيى بن معين: ثقة.

ص: 30

وقال أبو داود: قلت لأحمد: إسرائيل إذا انفرد بحديث يحتج به؟ قال: إسرائيل ثبت الحديث، كان يحيى يحمل عليه في حال أبي يحيى القتات، قال: روى عنه مناكير.

وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ثقة.

وقال العجلي: كوفي ثقة.

وقال ابن عدي: كثير الحديث مستقيم الحديث وقد حدّث عنه الأئمة ولم يتخلف أحد في الرواية عنه

وقال ابن حجر: ثقة تكلم فيه بلا حجة، من السابعة.

قلت: روى له البخاري نحو سبعين حديثاً اثنين وأربعين منها عن جده أبي إسحاق

(1)

، وروى له مسلم نحو ستة عشر حديثاً.

(1)

البخاري (126، 168، 390، 498، 778، 2108، 1356، 1559، 1747، 1816، 2228، 2307، 2552، 2635، 2877، 3113، 3139، 3167، 3255، 3332، 3352، 3384، 3386،. 6364، 6692، 6852، 7073). مسلم (1/ 204، 239، 322، 379، 794، 2/ 867، 3/ 1330، 1479، 1480، 4/ 1723، 1768، 1823، 1852، 1872، 2284، 2310).

ص: 31

‌الحديث الأول

(1)

:

611 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (7/ 229): أخبرنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أنبأنا إسرائيل، عن منصور، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم إذا ذبح شفرته وليرح ذبيحته» .

(1)

رجال الإسناد:

إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني، نزيل دمشق، ثقة حافظ رمي بالنصب، من الحادية عشرة، مات سنة 259، روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي.

عبيد الله بن موسى بن باذام العبسي الكوفي، أبو محمد، ثقة كان يتشيع، من التاسعة، قال أبو حاتم: كان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم، مات سنة 213 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، أبو عتاب الكوفي، ثقة ثبت وكان لا يدلس، من طبقة الأعمش، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.

خالد بن مهران أبو المنازل البصري الحذاء، ثقة يرسل، من الخامسة، عاب عليه بعضهم دخوله في عمل السلطان، روى له البخاري ومسلم.

أبو قلابة: عبد الله بن زيد بن عمرو، أبو عامر الجرمي، البصري، ثقة فاضل كثير الإرسال، من الثالثة، مات بالشام هارباً من القضاء سنة 104 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

أبو أسماء الرحبي: عمرو بن مرثد الدمشقي، ثقة، من الثالثة، روى له مسلم والبخاري في الأدب.

أبو الأشعث الصنعاني، شراحيل بن آدة، ويقال: آدة جد أبيه، وهو ابن شرحبيل بن كليب ثقة، من الثانية، شهد فتح دمشق، روى له البخاري في الأدب.

ص: 32

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير إبراهيم بن يعقوب وهو ثقة وقد توبع في روايته هذه.

وأخرجه النسائي في الكبرى (4500) بهذا الإسناد.

وأخرجه أبو عوانة (7744) من طريق عمار بن رجاء وأبي أمية.

ورواه البيهقي في شعب الإيمان (10561) من طريق أحمد بن حازم ثلاثتهم عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل بهذا الإسناد.

هكذا رواه إسرائيل فقال: (عن منصور، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه جرير بن عبد الحميد

(1)

، وزائدة بن قدامة

(2)

فروياه عن (منصور، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس).

وهم إسرائيل فزاد في الإسناد أبا أسماء الرحبي.

وكذلك رواه سفيان الثوري

(3)

وشعبة

(4)

وإسماعيل بن إبراهيم

(1)

مسلم (1955) والنسائي (7/ 229) وفي الكبرى (4501).

(2)

أبو عوانة (7737) والنسائي (8658).

(3)

مسلم (1955).

(4)

مسلم (1955).

ص: 33

(ابن علية)

(1)

، وهشيم

(2)

، وعبد الوهاب الثقفي

(3)

، وحفص بن غياث

(4)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(5)

، ويزيد بن زريع

(6)

، وأبو جعفر الرازي

(7)

، ووهيب بن خالد

(8)

، والأعمش

(9)

فقالوا: (عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد) لم يذكروا أبا أسماء الرحبي في الإسناد.

وكذلك رواه أيوب السختياني

(10)

، والمثنى بن سعيد الطائي

(11)

، وعاصم الأحول

(12)

عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد.

قال أبو عوانة عقب الحديث: كذا قال وهو خطأ

(13)

.

وقال البيهقي: كذا قال إسرائيل، وخالفه جرير رواه عن منصور نحو رواية الثوري وغيره عن خالد

(14)

.

وقال البزار: «هذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن

(1)

مسلم (1955).

(2)

مسلم (1955).

(3)

مسلم (1955).

(4)

ابن الجارود في المنتقى (899).

(5)

ابن حبان (5883).

(6)

ابن حبان (5884) والنسائي (7/ 230) وفي الكبرى (4503) وأبو عوانة (7546).

(7)

الطبراني في الكبير (7114).

(8)

الطبراني في الكبير (7115) وتصحف في المطبوع إلى (وهب).

(9)

الطبراني (7117) والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 278).

(10)

أبو عوانة (7745).

(11)

البزار (3472).

(12)

البزار (3472).

(13)

مسند أبي عوانة (5/ 49).

(14)

شعب الإيمان (21/ 200).

ص: 34

شداد بن أوس، ورواه عن خالد جماعة منهم مَنْ سمّينا، ورواه الأعمش أيضاً عن خالد الحذاء، ولا نعرف له طريقاً عن شداد إلا خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد»

(1)

.

قلت: كذا قال، وقد رواه غير خالد الحذاء عن أبي قلابة كما سبق.

وقد روى أبو عوانة من طريق أبي حفص الأبار عن الأعمش عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث أو أبي أسماء عن شداد هذا الحديث هكذا على الشك

(2)

ولا أدري الشك هو من الأعمش أو ممن دونه في هذا الإسناد، فالله أعلم.

(1)

مسند البزار (8/ 394).

(2)

أبو عوانة (7741).

ص: 35

‌الحديث الثاني

(1)

:

612 -

قال ابن ماجه رحمه الله (136): حدثنا علي بن محمد ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة بن زُفر عن عبد الله رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي عبيدة ابن الجراح: «هذا أمين هذه الأمة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير علي بن محمد وهو ثقة، وقد توبع، وأخرجه النسائي في الكبرى (8196) وفي فضائل الصحابة من طريق قاسم، والشاشي في مسنده (803)(804) من طريق خلف بن الوليد الجوهري، وعبيد الله بن موسى، ثلاثتهم عن إسرائيل بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (1/ 414) عن أسود بن عامر وخلف بن الوليد عن إسرائيل به.

(1)

رجال الإسناد:

علي بن محمد بن إسحاق الطنافسي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة 233، وقيل: 235 روى له النسائي في مسند علي وابن ماجه.

يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي، أبو زكريا، ثقة حافظ فاضل، من كبار التاسعة، مات سنة 203، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن عبد الله بن عبيد، أبو إسحاق السبيعي، ثقة مكثر عابد، من الثالثة، اختلط بأخرة، مات سنة 129 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.

صلة بن زُفر العبسي، أبو العلاء الكوفي، تابعي كبير، من الثانية، ثقة جليل، مات في حدود سنة 70، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن مسعود: صحابي جليل.

ص: 36

هكذا قال إسرائيل: (عن أبي إسحاق، عن صلة، عن ابن مسعود).

خالفه شعبة

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، وزكريا بن أبي زائدة

(3)

فقالوا: (عن أبي إسحاق، عن صلة، عن حذيفة).

وكذلك رواه يحيى بن آدم عن إسرائيل

(4)

أيضاً فقال: (حذيفة).

قال المزي: قال أبو مسعود الدمشقي: هكذا قال يحيى بن آدم فيه: (عن إسرائيل عن أبي إسحاق، عن صلة عن حذيفة) ويحيى إمام، وقال غيره: عن إسرائيل عن أبي إسحاق، عن صلة عن ابن مسعود، وحذيفة أصح

(5)

.

قلت: وكذا رواه يحيى عن إسرائيل فقال: (عن حذيفة) كما سبق.

وقد ذكر الدارقطني هذا الحديث في التتبع

(6)

فصحح أنه حذيفة فقال: أخرجا جميعاً يعني البخاري ومسلماً حديث شعبة عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة

وأخرجه مسلم للثوري عن أبي إسحاق مثله، وخالفهما إسرائيل فرواه عن أبي إسحاق عن صلة عن عبد الله بن مسعود ولا يثبت قول إسرائيل.

(1)

البخاري (3745)(4381)(7254) ومسلم (2420) وابن ماجه (135).

(2)

مسلم (2420) وابن ماجه (135) والترمذي (3796) وغيرهم.

(3)

ابن أبي شيبة (12/ 136) و (14/ 551) والطحاوي في شرح المشكل (2510) وابن حبان (7000).

(4)

البخاري (4380).

(5)

تحفة الأشراف (2/ 651 ترجمة 3350).

(6)

التتبع ح (52).

ص: 37

قال الحافظ معقباً: فقد وافقهما على تصحيحه عن حذيفة

(1)

.

قلت: فلا داعي أن يورده في كتاب التتبع.

وقال الدارقطني في العلل: (يرويه إسرائيل عن أبي إسحاق عن صلة عن ابن مسعود، وتابعه الثوري.

ورواه شعبة عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة، ويشبه أن يكون الصحيح حديث ابن مسعود

(2)

.

قلت: وفي قوله هذا نظر فإنه لم يتفطن إلى ما ذكره في التتبع من أن الثوري تابع شعبة وليس كما قال هنا تابع إسرائيل ولعله لذلك رجح رواية إسرائيل، والصحيح أن الثوري قد قال في حديثه:(حذيفة) كما في مسلم وغيره

(3)

.

لذا قال ابن حجر: «ورجح الدارقطني في العلل هذه، وفيه نظر فإن شعبة قد روى أصل الحديث عن أبي إسحاق قال عن حذيفة كما في الباب أيضاً، وكأن البخاري فهم ذلك فاستظهر برواية شعبة، والذي يظهر أن الطريقين صحيحان، فقد رواه ابن أبي شيبة والإسماعيلي في رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن صلة، عن حذيفة»

(4)

.

(1)

هدي الساري (14/ 367 المطبوع مع الفتح).

(2)

العلل (5/ 113 - 114).

(3)

الترمذي (3796) وابن ماجه (135) وأحمد (5/ 385) وابن سعد في الطبقات (3/ 412) وأبو بكر الخلال في السنّة (347) من طريق وكيع، ومسلم (2420) والنسائي في الكبرى (8197) وأبو عوانة كما في إتحاف المهرة (4/ 229) من طريق أبي داود الحفري، وأبو عوانة من طريق محمد بن يوسف الفريابي ثلاثتهم وكيع وأبو داود الحفري والفريابي عن سفيان.

(4)

فتح الباري (8/ 94).

ص: 38

‌الحديث الثالث

(1)

:

613 -

قال ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1787): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا يحيى بن آدم، نا إسرائيل، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه البزار (1726) من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل به.

هكذا قال إسرائيل: (عن عاصم، عن شقيق، عن ابن مسعود).

وخالفه أبو بكر ابن عياش

(2)

، وقيس بن الربيع

(3)

، وورقاء

(4)

،

(1)

رجال الإسناد:

أبو بكر ابن أبي شيبة: انظر ترجمته في بابه.

يحيى بن آدم.

عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود الأسدي الكوفي المقراء، صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون، من السادسة، مات سنة 128.

شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن مسعود: صحابي مشهور جليل من السابقين.

(2)

ابن حبان (7260) والطبراني في الكبير (2130) والآجري في الشريعة (1114) والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 44).

(3)

الدارقطني في العلل (13/ 422) تعليقاً.

(4)

أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (372).

ص: 39

وسليمان بن معاذ

(1)

، وعمرو بن أبي قيس

(2)

، وشريك

(3)

.

فقالوا: (عن عاصم، عن شقيق، عن جرير بن عبد الله البجلي).

وكذلك رواه سلمة بن كهيل

(4)

، والحكم بن عتيبة

(5)

عن أبي وائل شقيق، عن جرير.

وكذلك رواه عبد الرحمن بن هلال

(6)

، وموسى بن عبد الله بن هلال العبسي

(7)

، وقيس بن أبي حازم

(8)

، وزر بن حبيش

(9)

عن جرير.

فتتابع الرواة في الطبقات كلها في أنه من مسند جرير بن عبد الله.

لذا قال البزار: «هذا الحديث أحسب أن إسرائيل أخطأ فيه، إذ رواه عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله، لأن أصحاب عاصم يروونه عن عاصم عن أبي وائل عن جرير»

(10)

.

قال الدارقطني وسئل عن حديث أبي وائل عن جرير عن

(1)

الطيالسي في مسنده (671) وابن عدي في الكامل (3/ 273).

(2)

الطبراني في الكبير (2311).

(3)

أحمد (4/ 363).

(4)

الطبراني (2302) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 182).

(5)

الطبراني (2314).

(6)

أحمد (4/ 363) والطبراني (2438) والحاكم (4/ 91/ 6978).

(7)

أحمد (4/ 363).

(8)

الطبراني (2284).

(9)

الآجري في الشريعة (1115).

(10)

مسند البزار (5/ 138) وكشف الأستار (3/ 308).

ص: 40

النبي صلى الله عليه وسلم: «المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة» فقال: يرويه عاصم بن أبي النجود، واختلف عنه: فرواه أبو بكر ابن عياش وورقاء وقيس بن الربيع وسليمان بن معاذ وعمرو بن أبي قيس عن عاصم عن أبي وائل عن جرير.

ورواه إسرائيل بن يونس عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود ووهم فيه والصواب جرير

(1)

.

‌علة الوهم:

سلك به الجادة إذ إن أبا وائل شقيق بن سلمة من كبار أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه.

(1)

العلل (13/ 442) وانظر أيضاً: العلل (5/ 102).

ص: 41

‌الحديث الرابع

(1)

:

614 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 428): حدثنا أسود بن عامر، حدثنا إسرائيل، عن الأعمش ومنصور، عن إبراهيم، عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه قال:

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار فخرجت علينا حية فتبادرناها فسبقتنا فدخلت الجحر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وُقِيتْ شرَّكمْ كما وُقِيتُمْ شرَّها» .

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط الشيخين.

وأخرجه البزار (1477) والشاشي (324) من طريق أسود بن عامر بهذا الإسناد.

ورواه النسائي في التفسير (662) وفي الكبرى (11642) من

(1)

رجال الإسناد:

أسود بن عامر الشامي نزيل بغداد يكنى أبا عبد الرحمن ويلقب شاذان، ثقة من التاسعة، مات أول سنة 208، روى له البخاري ومسلم.

الأعمش: سليمان بن مهران، ثقة حافظ عارف بالقراءات. انظر ترجمته في بابه.

منصور بن المعتمر: تقدم انظره في بابه.

إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبو عمران الكوفي الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً، من الخامسة، مات سنة 96 وهو ابن خمسين أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.

علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات بعد عام ستين، وقيل: عام 70، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن مسعود: صحابي مشهور.

ص: 42

طريق يحيى بن آدم عن إسرائيل، وأحمد (1/ 22) عن يحيى بن آدم عن إسرائيل، عن الأعمش وحده به، والبخاري (3317)(4931).

هذا الحديث له إسنادان والذي نحن بصدده حديث الأعمش.

هكذا قال إسرائيل: (عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود).

خالفه حفص بن غياث

(1)

، وأبو معاوية محمد بن خازم

(2)

، وجرير بن عبد الحميد

(3)

، وسليمان بن قرم

(4)

، وسفيان الثوري

(5)

، وأخوه عمر

(6)

، ويحيى بن أبي زائدة

(7)

، وحماد بن شعيب

(8)

، وزيد بن أبي أنيسة

(9)

، وشيبان

(10)

فقالوا: (عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله بن مسعود) ومن هذا الوجه أخرجه الشيخان في الصحيح.

لذا قال النسائي: «خالفه حفص بن غياث، رواه عن الأعمش،

(1)

البخاري (1830) و (4934) ومسلم (2234) و (2235) والنسائي (5/ 208) وفي الكبرى (11643) وفي التفسير (663) وغيرهم.

(2)

مسلم (2234).

(3)

البخاري (2931) ومسلم (2234).

(4)

ذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (4931).

(5)

الدارقطني تعليقاً في العلل (5/ 82).

(6)

المصدر السابق.

(7)

المصدر السابق.

(8)

المصدر السابق.

(9)

الطبراني في الكبير (10148) والأوسط (1184).

(10)

الدارقطني في العلل تعليقاً (5/ 82).

ص: 43

عن إبراهيم، عن الأسود»

(1)

.

وقال الدارقطني: ولم يتابع إسرائيل عن علقمة

(2)

.

وقال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله إلا إسرائيل

(3)

.

وأشار البخاري إلى مخالفة إسرائيل فقال: «وعن إسرائيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله» .

وقال حفص وأبو معاوية وسليمان بن قرم: عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله

(4)

.

‌علة الوهم:

إسرائيل يروي هذا الحديث عن شيخيه الأعمش ومنصور، فحمل رواية الأعمش على رواية منصور، والله تعالى أعلم.

‌الخلاصة:

هذا الحديث يرويه الأعمش ومنصور بن المعتمر.

فأما منصور فيرويه عن إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود

(5)

.

(1)

في السنن الكبرى (6/ 505) وفي التفسير (2/ 487).

(2)

التتبع (ص 234 ح 97).

(3)

في مسنده (4/ 300).

(4)

في صحيحه (6/ 355 عقب الحديث 3317) و (8/ 686 عقب الحديث 4931).

(5)

البخاري (3317) و (4930) و (4931) والنسائي في الكبرى (11642) وفي التفسير (662) من طريق إسرائيل، وأبو يعلى (5374) والطبراني (10160) من طريق شيبان، والطبراني (10159) من طريق ورقاء.

ص: 44

وأما الأعمش فرواه عشرة من أصحابه عنه عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله.

وتفرد إسرائيل فرواه عن الأعمش بمثل رواية منصور فقال: علقمة بدلاً من الأسود فحمل رواية منصور على رواية الأعمش.

لذا أخرج النسائي رواية إسرائيل هذه في الكبرى والتفسير وأشار إلى مخالفته أصحاب الأعمش، وأخرج روايتهم في المجتبى، والله تعالى أعلم

(1)

.

(1)

مع احتمال صحة إسناد إسرائيل لأن الأعمش واسع الرواية فيحتمل أن يرويه عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة، وانظر الاختلاف في هذا الحديث في: العلل للدارقطني (5/ 81 - 84).

ص: 45

‌الحديث الخامس

(1)

:

615 -

قال إسحاق بن راهويه في مسنده (1471)(1472): أخبرنا وكيع نا إسرائيل عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه، عن مسروق أو أبي عطية، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان في صلاته» .

قال إسحاق: أخبرنا النضر بن شميل نا إسرائيل عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه، عن أبي عطية عن عائشة قالت:

سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

(1)

رجال الإسناد:

وكيع بن الجراح الكوفي، ثقة حافظ عابد من كبار التاسعة، روى له البخاري ومسلم. انظره في بابه.

النضر بن شميل المازني أبو الحسن البصري نزيل مرو، ثقة ثبت، من كبار التاسعة، روى له البخاري ومسلم.

إسرائيل: تقدم.

أشعث بن أبي الشعثاء سليم المحاربي الكوفي، ثقة من السادسة، مات سنة 125، روى له البخاري ومسلم.

سليم بن أسود بن حنظلة أبو الشعثاء المحاربي الكوفي، ثقة باتفاق، من كبار الثالثة، مات زمن الحجاج دون المائة، روى له البخاري ومسلم.

مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي، ثقة فقيه عابد مخضرم، من الثانية، مات سنة 62، ويقال: 63، روى له البخاري ومسلم.

أبو عطية الوادعي الهمداني اسمه مالك بن عامر، ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 46

ورواه النسائي (3/ 8) وفي الكبرى (1121) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن أشعث، عن أبي عطية، عن مسروق عن عائشة، وفي الكبرى (526) من طريق مخلد بن يزيد عن إسرائيل مثله.

هكذا قال إسرائيل: (عن أشعث، عن أبيه، عن مسروق، أو عن أبي عطية، عن عائشة) رواه بالشك.

وقال في رواية: (عن أشعث، عن أبيه، عن أبي عطية، عن عائشة) لا يذكر مسروقاً.

وقال ثالثة: (عن أشعث، عن أبي عطية، عن مسروق، عن عائشة) لا يذكر والد أشعث.

خالفه أبو الأحوص سلام بن سليم

(1)

، ومسعر بن كدام

(2)

، وزائدة

(3)

، وشيبان بن عبد الرحمن

(4)

، وأبو حمزة السكري

(5)

، وعمار بن رزيق

(6)

فرووه عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة، لا يذكرون أبا عطية في الإسناد.

ومن هذا الوجه أخرجه البخاري في صحيحه.

(1)

البخاري (718)(3117) وأبو داود (91) والترمذي (590) والنسائي (3/ 8) و (1120).

(2)

ابن حبان (2287).

(3)

النسائي (3/ 8) وفي الكبرى (525)(1119) وأحمد (6/ 70) وإسحاق (1473).

(4)

ابن خزيمة (484)(931) والبيهقي في شعب الإيمان (3125).

(5)

الدارقطني في العلل (14/ 116) تعليقاً.

(6)

المصدر السابق.

ص: 47

وقال الدارقطني في العلل

(1)

إنه هو الصحيح، ورجحه الحافظ في الفتح

(2)

.

وقد رواه عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أشعث، عن أبيه، عن مسروق، فوافق رواية الجماعة

(3)

.

وقال الدارقطني: يرويه أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي، واختلف عنه:

فرواه زائدة، وأبو الأحوص، وأبو حمزة السكري، وعمار بن رزيق عن أشعث عن أبيه عن مسروق عن عائشة.

ورواه إسرائيل بن يونس واختلف عنه:

فقال وكيع عن إسرائيل عن أشعث عن أبيه عن مسروق أو عن أبي عطية عن عائشة.

وقال عبد الله بن صالح العجلي: عن إسرائيل عن أشعث عن أبي عطية عن مسروق عن عائشة، فلم يقل: عن أبيه، وقال: عن مسروق.

وكذلك قال يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن إسرائيل.

والصحيح عن أشعث بن أبي أشعث عن أبيه عن مسروق عن عائشة

(4)

.

(1)

(14/ 279).

(2)

فتح الباري (2/ 234).

(3)

ابن خزيمة (484).

(4)

العلل (14/ 279 - 280).

ص: 48

وقال العقيلي مُعِلّاً طريقاً خالفت رواية الجماعة: ليس بمحفوظ من حديث الأعمش إنما هذا من حديث أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن مسروق عن عائشة

(1)

.

وسيأتي في باب معاوية بن عمرو ح (1004).

(1)

الضعفاء الكبير (3/ 90).

ص: 49

‌الحديث السادس

(1)

:

616 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (8/ 166): أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبيد الله بن موسى قال: أنبأنا إسرائيل، عن إسماعيل بن سميع، عن مالك بن عمير عن صعصعة بن صوحان قال:

قلت لعلي رضي الله عنه: انهنا عما نهاك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: نهاني عن الدباء

(2)

والحنتم وحلقة الذهب ولبس الحرير والقسي والميثرة الحمراء.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

وأخرجه النسائي في الكبرى (9471) أيضاً، وأخرجه البيهقي (8/ 292) من طريق أحمد بن حازم عن عبيد الله بن موسى به.

(1)

رجال الإسناد:

إسحاق بن إبراهيم.

عبيد الله بن موسى العبسي: تقدم.

إسماعيل بن سميع الحنفي، أبو محمد الكوفي، صدوق تكلم فيه لبدعة الخوارج، من الرابعة، روى له مسلم.

مالك بن عمير الحنفي، الكوفي، مخضرم من الثانية، وأورده يعقوب بن سفيان في الصحابة، روى له أبو داود والنسائي.

صعصعة بن صُوحان العبدي، نزيل الكوفة، تابعي كبير مخضرم فصيح ثقة، من الثانية، مات في خلافة معاوية، روى له أبو داود والنسائي.

(2)

الدباء: القرع، كانوا ينتبذون فيها فتتسرع الشدة في الشراب. النهاية (2/ 96).

الحنتم: جرار مدهونة خضر كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة .. وإنما نهى عن الانتباذ فيها لأنها تسرع في الشدة فيها لأجل دهنها. النهاية (1/ 448).

الميثرة: من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج. النهاية (5/ 150).

ص: 50

هكذا قال إسرائيل: (عن إسماعيل بن سميع، عن مالك بن عمير، عن صعصعة، عن علي).

خالفه شعبة

(1)

، وعبد الواحد بن زياد

(2)

، ومروان بن معاوية الفزاري

(3)

، وعباد بن العوام

(4)

، وعلي بن عاصم

(5)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(6)

، وعمار الدهني

(7)

.

فقالوا: (عن إسماعيل بن سميع، عن مالك بن عمير، عن علي).

زاد إسرائيل: صعصعة بن صوحان في الإسناد.

وسئل الدارقطني عن حديث صعصعة بن صوحان عن علي: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والحنتم والنقير والجعة ونهاني عن خاتم الذهب ولبس الحرير والقسي والميثرة الحمراء.

قال: «هو حديث يرويه مالك بن عمير الحنفي وقد اختلف عليه:

فرواه محمد بن فضيل عن إسماعيل بن سميع عن مالك بن عمير قال: سمعت صعصعة عن علي.

(1)

أحمد (1/ 138) والضياء في المختارة (711) وابن عساكر في تاريخ دمشق (24/ 81).

(2)

النسائي (8/ 166) و (8/ 302) وفي الكبرى (5122)(9473) وأبو داود (3697) وأحمد (1/ 138) والبيهقي (8/ 292).

(3)

النسائي (8/ 166) وفي الكبرى (9472).

(4)

ابن أبي شيبة (23779) والضياء في المختارة (712).

(5)

أحمد (1/ 119).

(6)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (24/ 81).

(7)

ابن المقراء في معجمه (1/ 11/ 20) وذكره الدارقطني في العلل كما سيأتي.

ص: 51

وخالفه عباد بن العوام ومروان بن معاوية الفزاري فروياه عن إسماعيل بن سميع عن مالك بن عمير عن علي.

وكذلك رواه عمار الدهني عن مالك بن عمير قال: كنت جالساً عند علي فجاءه صعصعة بن صوحان وهو الصواب»

(1)

.

‌علة الوهم:

أن صعصعة بن صوحان هو الذي سأل علياً فوهم إسرائيل ومحمد بن فضيل فجعلاه من رواية صعصعة عن علي.

(1)

العلل (3/ 245 - 246).

ص: 52

‌الحديث السابع

(1)

:

617 -

قال الإمام الترمذي رحمه الله (1323): حدثنا هنَّادٌ حدثنا وكيعٌ عن إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال بن أبي مُوسَى عن أنَس بن مالكٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ سألَ القَضَاءَ وُكِلَ إلى نفسِهِ ومَن أُجْبِرَ عليه يُنْزِلُ الله عليه مَلَكاً فيُسَدِّدُهُ» .

‌التعليق:

هذا إسناد لا بأس به.

وأخرجه ابن ماجه (2309) وأحمد (3/ 118) والضياء في المختارة (1580) وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 290) من طريق وكيع، وأبو داود (3578) والحاكم (4/ 192) من طريق محمد بن كثير، وأحمد (3/ 220) من طريق أسود بن عامر ثلاثتهم (وكيع، ومحمد بن كثير، وأسود بن عامر) عن إسرائيل به، وعند أبي داود (بلال) غير منسوب.

وأخرجه أبو بكر الضبي الملقب بوكيع في أخبار القضاة (ص 62)

(1)

رجال الإسناد:

هناد بن السري بن مصعب التميمي، الكوفي، ثقة من العاشرة روى له مسلم.

وكيع: انظر ترجمته في بابه.

عبد الأعلى بن عامر الثعلبي كوفي، صدوق يهم، من السادسة، روى له أصحاب السنن الأربعة.

بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، قاضي البصرة، مقبول مقل، من الخامسة، مات سنة نيف وعشرين بعد المائة، روى له الترمذي واستشهد به البخاري في الصحيح.

ص: 53

من طريق أبي غسان والحارث بن منصور كلاهما عن إسرائيل به.

وأخرجه البيهقي (10/ 100) من طريق أبي غسان عن إسرائيل به وفيه: (بلال بن أبي بردة).

هكذا قال إسرائيل: (عن عبد الأعلى، عن بلال بن أبي موسى، عن أنس).

خالفه أبو عوانة

(1)

فقال: (عن عبد الأعلى، عن بلال بن مرداس، عن خيثمة، عن أنس).

ورجح الترمذي والدارقطني حديث أبي عوانة.

قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وهو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى.

وقال الدارقطني: «يشبه أن يكون القول قول أبي عوانة»

(2)

.

وقال البخاري في التاريخ: «بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة البصري روى أبو عوانة عن عبد الأعلى الثعلبي عن بلال»

(3)

.

ونحوه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل

(4)

.

والله تعالى أعلم.

(1)

الترمذي (1324) وأبو داود تعليقاً (3578) والبيهقي (10/ 100) وفي الصغرى (4151) ووكيع في أخبار القضاة (ص 62، 63) والبخاري في التاريخ الكبير تعليقاً (2/ 109).

(2)

العلل (12/ 80 رقم 2444).

(3)

التاريخ الكبير (2/ 109).

(4)

(2/ 397).

ص: 54

‌الحديث الثامن

(1)

:

618 -

قال أبو عوانة رحمه الله (1613): حدثنا العباس بن محمد قال: ثنا يحيى بن أبي بكير، قال: ثنا إسرائيل، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«لا تجزاء صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير عباس وهو ثقة حافظ.

وأخرجه البيهقي (2/ 88) و (2/ 117) والطوسي في مختصر الأحكام (248) والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 155) كلهم من طريق يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل بهذا الإسناد.

هكذا قال إسرائيل: (عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر).

(1)

رجال الإسناد:

عباس بن محمد بن حاتم الدوري البغدادي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة 271 وله 88 سنة، روى عنه أصحاب السنن الأربعة.

يحيى بن أبي بكير الكرماني، نزيل بغداد، ثقة، من التاسعة، مات سنة 208 أو 209، روى له البخاري ومسلم.

الأعمش: سليمان بن مهران (انظر ترجمته في بابه).

طلحة بن نافع الواسطي، أبو سفيان الإسكاف نزل مكة، صدوق من الرابعة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 55

خالفه شعبة

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، وسفيان بن عيينة

(3)

، وأبو معاوية الضرير

(4)

، ومحمد بن فضيل

(5)

، ووكيع

(6)

، وعيسى بن يونس

(7)

، وعبد الله بن إدريس

(8)

، وأبو أسامة حماد بن أسامة

(9)

، وحماد بن سعيد المازني

(10)

، وعبيد الله بن موسى

(11)

، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي

(12)

، ويعلى بن عبيد

(13)

، ومحمد بن ربيعة

(14)

،

(1)

أبو داود (855) وابن خزيمة (592) وابن حبان (1893) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 195) وأبو القاسم البغوي في الجعديات (735) والبيهقي (2/ 117) وابن عبد البر في التمهيد (23/ 412) وأبو داود الطيالسي (613) وأحمد (4/ 119)(4/ 122).

(2)

عبد الرزاق (2856)(7336) وابن خزيمة (666) والطحاوي في شرح المشكل (3899) والبيهقي (2/ 88).

(3)

الحميدي (454) والطبراني في الكبير (17/ 582).

(4)

الترمذي (265) والدارقطني (1/ 348) وأبو عوانة (1611) وابن الجارود (195) وابن خزيمة (591) وابن حبان (1892) وابن أبي شيبة (1/ 287).

(5)

ابن الجارود (195) وابن خزيمة (591) و (666) وابن حبان (1892) والطوسي (245).

(6)

ابن ماجه (870) وابن خزيمة (591) وابن أبي شيبة (1/ 287) وابن خزيمة (1611).

(7)

النسائي (2/ 214) وفي الكبرى (699).

(8)

ابن خزيمة (666) والدارقطني (1/ 348).

(9)

الدارقطني (1/ 348).

(10)

الدارقطني (1/ 348).

(11)

ابن الجارود (195) وأبو عوانة (167) والدارقطني (1/ 348) والبيهقي (2/ 88).

(12)

الدارقطني (1/ 348).

(13)

الدارمي (1327) وابن الجارود (195) وأبو عوانة (1612) والطبراني (17/ 214) والدارقطني (1/ 348) والبيهقي في شعب الإيمان (3130).

(14)

ابن الجارود (195) وأبو عوانة (1611).

ص: 56

والفضيل بن عياض

(1)

، وجرير بن عبد الحميد

(2)

، وزائدة بن قدامة

(3)

، وأبو عوانة وضاح اليشكري

(4)

، وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة

(5)

فقالوا: (عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر

(6)

، عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا وهم لا شك فيه من إسرائيل أو ممن دونه إذ لا يحتمل مخالفة تسعة عشر راوياً فيهم أئمة من كبار أصحاب الأعمش مثل الثوري وشعبة وغيرهم.

لذا أعلّه ابن خزيمة وعباس الدوري والدارقطني وغيرهم.

قال الدارقطني وسئل عن حديث أبي معمر عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تجزاء صلاة

» فقال: يرويه الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود، حدّث به عنه شعبة والثوري وأصحاب الأعمش.

وخالفهم إسرائيل بن يونس، فرواه عن الأعمش عن عمارة، عن أبي عمار عن أبي مسعود

(7)

، والصواب عن أبي معمر.

وأغرب إسرائيل بإسناد آخر عن الأعمش عن أبي سفيان عن

(1)

النسائي (2/ 183) وفي الكبرى (1100) وأبو نعيم في الحلية (8/ 116).

(2)

الطوسي (246).

(3)

الطبراني (17/ 580).

(4)

الطبراني (17/ 581).

(5)

الطحاوي (3900) في شرح المشكل.

(6)

عبد الله بن سخبرة الأزدي أبو معمر الكوفي، ثقة من الثانية، روى له البخاري ومسلم.

(7)

لم أجده.

ص: 57

جابر، تفرد به يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل

(1)

.

وقال عباس بن محمد (الراوي عن يحيى): هذا حديث لم يروه إلا يحيى بن أبي بكير وهو حديث غريب جداً.

وأورد الخطيب بسنده عن ابن خزيمة قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن حاتم الدوري بخبر خطأ كان يفتخر به قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إسرائيل ثم أورد حديث الباب

(2)

.

ثم قال الخطيب: تفرد برواية هذا الحديث هكذا عن الأعمش إسرائيل بن يونس، ولا نعلم رواه عن إسرائيل إلا يحيى بن أبي بكير وخالفه غير واحد فرووه عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وذاك المحفوظ الصحيح

(3)

.

(1)

العلل (6/ 176).

(2)

تاريخ بغداد (14/ 150).

(3)

المصدر السابق.

ص: 58

‌أبو بكر ابن عياش

(1)

‌اسمه وكنيته:

أبو بكر ابن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الحناط المقراء مولى واصل بن حيان الأحدب، أخو الحسن بن عياش.

اختلف في اسمه إلى أربعة عشر قولاً، وقال المزي: والصحيح أن اسمه كنيته، ولد سنة 95.

قرأ القرآن وجوّده ثلاث مرات على عاصم بن أبي النجود.

روى عن: عاصم، وأبي إسحاق السبيعي، وحبيب بن أبي ثابت وهو من كبار شيوخه، وحميد الطويل، والأعمش، وهشام بن حسان، ومنصور بن المعتمر وخلق.

روى عنه: ابن المبارك، ووكيع، وأحمد بن حنبل، وأبو داود الطيالسي، وإسحاق، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وابن أبي شيبة، وأبو نعيم، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن معين وخلق كثير.

(1)

مصادر الترجمة:

تاريخ بغداد (14/ 374 - 387)، سير أعلام النبلاء (8/ 495 - 508)، الكامل لابن عدي في ترجمته، الصفات لابن سعد (6/ 386)، معرفة الرجال لابن معين رواية ابن محرز (1/ 69، 82)، معرفة القراء الكبار للذهبي (50) وانظر بقية المصادر في حاشية السير.

ص: 59

‌ثناء أهل العلم عليه:

قال ابن المبارك: ما رأيت أحداً أسرع إلى السنّة من أبي بكر ابن عياش.

وقال يحيى بن معين: ثقة.

وقال أحمد بن حنبل: ثقة، ربما غلط، صاحب قرآن وخير.

ذكر لأحمد بن يونس حديثاً أنكروه من حديث أبي بكر عن الأعمش؟ قال: كان الأعمش يضربهم ويشتمهم ويطردهم ويأخذ يد أبي بكر فيجلس معه في زاوية، فقال رجل: ولمَ يفعل ذا؟ قال: لحال القرآن.

قال ابن سعد: ثقة صدوق عارف بالحديث والعلم إلا أنه كثير الغلط.

وقال أبو داود: ثقة.

وقال العجلي: كوفي ثقة، ونقل عنه ابن حجر قوله: كان ثقة صاحب سنّة وكان يخطاء بعض الخطأ.

وقال ابن حبان: كان أبو بكر ابن عياش من الحفاظ المتقنين .. وكان يحيى القطان وعلي بن المديني سيئان الرأي فيه وذلك أنه لما كبر ساء حفظه فكان يهم إذا روى، والخطأ والوهم شيئان لا ينفك عنهما بشر، والصواب في أمره مجانبة ما علم أنه أخطأ فيه، والاحتجاج بما يرونه سواء وافق الثقات أو خالفهم لأنه داخل في جملة أهل العدالة.

وقال ابن عدي: هو في رواياته عن كل مَنْ روى عندي لا بأس

ص: 60

به، وذلك أني لم أجد له حديثاً منكراً يرويه عنه ثقة، إلا أن يروي عنه ضعيف.

قال الذهبي: صدوق ثبت في القراءة، لكنه في الحديث يغلط ويهم، وقد أخرج له البخاري وهو صالح الحديث.

‌المآخذ التي عليه:

قال يحيى القطان: لو كان أبو بكر ابن عياش بين يدَي ما سألته عن شيء.

وقال عمرو بن علي: كان يحيى بن سعيد إذا ذكر عنده أبو بكر ابن عياش كلح وجهه.

قال أبو نعيم: لم يكن في شيوخنا أكثر غلطاً من أبي بكر ابن عياش.

وقال ابن محرز عن ابن معين: رجل صدوق، ولكنه ليس بمستقيم الحديث.

وقال الدارمي: كان ابن نمير يضعف أبا بكر ابن عياش في الحديث، قلت: كيف حاله في الأعمش؟ قال: هو ضعيف في الأعمش وغيره.

قال الفضل بن زياد عن أحمد: أبو بكر يضطرب في حديث هؤلاء الصغار، فأما حديثه عن أولئك الكبار ما أقربه عن أبي حصين وعاصم وإنه ليضطرب عن أبي إسحاق أو نحو ذا

قال مهنا بن يحيى: سألت أحمد أيهما أحب إليك إسرائيل أو

ص: 61

أبو بكر ابن عياش؟ فقال: إسرائيل، قلت: ولمَ؟ قال: لأن أبا بكر كان كثير الخطأ جداً.

قلت: كان في كتبه خطأ. قال: لا، إذا كان حدّث من حفظه.

وقال الدارمي: أبو بكر والحسن بن عياش ليسا بذاك في الحديث، وهما من أهل الصدق والأمانة.

‌وفاته:

توفي أبو بكر ابن عياش سنة 193 وله نحو 96 سنة.

قال في التقريب: ثقة حافظ إلا أنه لما كبر ساء حفظه وكتابه صحيح، من السابعة.

ص: 62

‌الحديث الأول

(1)

:

619 -

قال الإمام الترمذي رحمه الله (1640): حدثنا يحيى بن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيُّ الْكُوفِيُّ حدثنا أبو بَكر ابن عيَّاشٍ عن حُمَيْدٍ عن أنَسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«القَتْلُ في سَبِيلِ الله يُكَفِّرُ كُلَّ خَطِيئةٍ» فقال جبرِيلُ: إلا الدَّيْنَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إلا الدَّيْن» .

‌التعليق:

هذا إسناد ضعيف يحيى بن طلحة ضعيف.

وأخرجه الترمذي في العلل (501).

هكذا قال أبو بكر ابن عياش، عن حميد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«القتل في سبيل الله يكفِّر كل خطيئة» فقال جبريل: إلا الدَّين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إلا الدَّين» .

خالفه أبو خالد الأحمر

(2)

، وأبو إسحاق الفزاري

(3)

، ومعتمر

(4)

، وإسماعيل بن جعفر

(5)

، عبد الله بن المبارك

(6)

، فقالوا: (عن حميد،

(1)

رجال الإسناد:

يحيى بن طلحة بن أبي كثير اليربوعي الكوفي، لين الحديث، من العاشرة، روى عنه الترمذي.

حميد بن أبي حميد الطويل، ثقة مدلس وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الأمراء، من الخامسة، مات سنة 142، وقيل: 143 وهو قائم يصلي، روى له البخاري ومسلم.

(2)

مسلم (1877).

(3)

البخاري (2795).

(4)

أبو يعلى (3797).

(5)

الترمذي (1643).

(6)

الجهاد لابن المبارك (26).

ص: 63

عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا وأن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيُقتل مرة أخرى» .

وكذلك رواه قتادة

(1)

، ومعاوية بن قرة

(2)

، وثابت البناني

(3)

عن أنس.

لذا قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي بكر إلا من حديث هذا الشيخ.

وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فلم يعرفه وقال: أرى أنه أراد حديث حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس أحد من أهل الجنة يسره أن يرجع إلا الشهيد» .

‌علة الوهم:

دخل عليه حديث في حديث.

فالقتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدَّين، ثابت من حديث أبي قتادة الأنصاري

(4)

، وعبد الله بن عمرو بن العاص

(5)

، وأبي أمامة

(6)

.

(1)

البخاري (2817) ومسلم (1877).

(2)

ابن حبان (4661).

(3)

أحمد (3/ 126) وأبو يعلى (3498) وأبو عوانة (7328).

(4)

مسلم (1885) والترمذي (1712).

(5)

مسلم (1886).

(6)

ابن ماجه (2778).

ص: 64

‌الحديث الثاني

(1)

:

620 -

قال الإمام ابن ماجه رحمه الله (967): حدثنا علقمة بن عمرو الدارمي، حدثنا أبو بكر ابن عياش، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير علقمة وهو صدوق.

هكذا رواه أبو بكر ابن عياش، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن كعب بن عجرة.

خالفه سفيان بن الثوري

(2)

، وأبو خالد الأحمر

(3)

، وقران بن تمام الأسدي

(4)

، وخالد بن الحارث

(5)

، والليث بن سعد

(6)

،

(1)

رجال الإسناد:

علقمة بن عمرو بن الحصين العطاردي، أبو الفضل الكوفي، صدوق له غرائب، من الحادية عشرة، روى له ابن ماجه.

محمد بن عجلان المدني، صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، مات سنة 148، روى له مسلم والبخاري تعليقاً (انظر ترجمته في بابه).

(2)

عبد الرزاق (3334) والدارمي (1377) والطحاوي (5567) والطبراني (19/ 3441) والطوسي في مختصر الأحكام (2/ 314).

(3)

ابن خزيمة (444).

(4)

أحمد (4/ 242).

(5)

الطبراني (19/ 336).

(6)

الترمذي (387).

ص: 65

وعبد الملك بن جريج

(1)

، وسفيان بن عيينة

(2)

.

فقالوا: عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري بلفظ:«إذا توضأت فأحسنت وضوءك ثم عمدت إلى المسجد فأنت في صلاة فلا تشبك بين أصابعك» .

إلا أنهم اختلفوا في إسناده فرواه الليث وابن جريج وابن إسحاق وابن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد، عن رجل من بني كعب عن كعب.

ورواه الباقون بمثل إسناد أبي بكر ابن عياش.

ورواه يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة فذكره بنحوه

(3)

.

ورواه أيضاً عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة

(4)

.

والضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي ثمامة عن كعب بن عجرة

(5)

.

وهم أبو بكر ابن عياش فروى الحديث بالمعنى ومعناه صحيح فإذا كان المنع من تشبيك الأصابع قبل الصلاة فمن الأوْلى أن يكون ذلك في الصلاة.

(1)

أحمد (4/ 242).

(2)

الطبراني (19/ 335).

(3)

ابن حبان (2149) والحاكم (1/ 216) وابن خزيمة (440).

(4)

ابن حبان (2150) والبيهقي (3/ 23).

(5)

البيهقي (3/ 230).

ص: 66

‌الحديث الثالث

(1)

:

621 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 408): حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا أبو بكر وحسين بن محمد قال: ثنا أبو بكر ابن عياش، عن أبي حصين عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«إذا أعتق الرجل أمته ثم تزوجها بمهر جديد كان له أجران» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله رجال الشيخين.

وأخرجه الطيالسي أبو داود (501) من طريق أبي بكر الخياط ومن طريقه البيهقي (7/ 128)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 560) وابن حجر في التغليق (4/ 397) والبزار (2979) من طريق فضالة بن الفضل، وأبو نعيم في الحلية (8/ 308) من طريق عبد الحميد بن صالح ثلاثتهم عن أبي بكر ابن عياش بهذا الإسناد.

ورواه ابن حزم في المحلى (9/ 505) من طريق يحيى بن

(1)

رجال الإسناد:

أسود بن عامر الشامي، نزيل بغداد ويلقب شاذان، ثقة، من التاسعة، مات سنة 208، روى له البخاري ومسلم.

حسين بن محمد بن بهرام التميمي المروذي، نزيل بغداد، ثقة، من التاسعة، مات سنة 213 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي، أبو حصين، ثقة ثبت سني وربما دلس، من الرابعة، مات سنة 127، روى له البخاري ومسلم.

أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، ثقة، من الثالثة، مات سنة 104، روى له البخاري ومسلم.

ص: 67

عبد الحميد الحماني عن أبي بكر ابن عياش.

وذكره البخاري تعليقاً بصيغة الجزم (9/ 126 رقم 5083) قال: وقال أبو بكر عن أبي حصين عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أعتقها ثم أصدقها» ، وليس في حديث البزار:(مهر جديد).

وقد وهم أبو بكر ابن عياش في هذا الحديث في الإسناد وفي المتن.

أولاً: في الإسناد:

هكذا قال أبو بكر: (عن أبي حصين، عن أبي بردة، عن أبي موسى .. ).

خالفه شعبة

(1)

فقال: (عن أبي حصين، عن عامر الشعبي، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والحديث في الصحيحين وغيرهما من طرق عن صالح بن صالح بن حيان

(2)

، ومطرف بن طريف

(3)

عن عامر الشعبي، عن أبي بردة به.

وكذلك رواه الفضل بن يزيد

(4)

، وفراس

(5)

عن الشعبي عن أبي بردة به.

لذا قال الدارقطني: والقول قول شعبة

(6)

.

(1)

أبو عوانة (306) وابن مردويه (135) في جزء فيه أحاديث ابن حيان كلاهما من طريق محمد بن منهال عن يزيد بن زريع به.

(2)

البخاري (97)(2547)(3011)(3446) ومسلم (154).

(3)

البخاري (2544).

(4)

البزار (3155).

(5)

أحمد (4/ 405).

(6)

العلل (7/ 200 رقم 1289).

ص: 68

وقال أبو نعيم: تفرد به أبو بكر عن أبي حصين

(1)

.

ثانياً: في المتن:

زاد: (بمهر جديد).

خالفه شعبة فلم يذكر مهراً، ولفظه:«مَنْ كانت له جارية فأدّبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها كان له أجران» هذه رواية أبي عوانة مختصرة.

وفي الرواية الأخرى قال: «ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل كانت له جارية فأدّبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها» .

قال ابن المنهال وهو راوي هذا الحديث عن يزيد بن زريع عن شعبة: وأنسيت الباقي.

وهذا الذي نسيه ابن المنهال جاء في رواية صالح بن صالح ومطرف ومَن تابعهم عن الشعبي فقالوا: (ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة يطؤها فأدّبها فأحسن تأديبها وعلّمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران).

ولم يذكر أحدٌ ممن روى هذا الحديث المهر بل جعلوا عتقها صداقها.

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل صداقها عتقها

(2)

، ولم

(1)

الحلية (8/ 358).

(2)

البخاري (371، 947)، (5086) باب مَنْ جعل عتق الأمة صداقها، ومسلم (1365).

ص: 69

يُذكر أنه صلى الله عليه وسلم أمهرها.

قال ابن حزم: في هذا لفظ سوء انفرد به يحيى الحماني وهو ضعيف جداً عن أبي بكر ابن عياش وهو ضعيف، والخبر مشهور من رواية الثقات ليس فيه بمهر جديد أصلاً

(1)

.

وقال البيهقي: وهذه الزيادة في رواية أبي بكر ابن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

وقال الحافظ: أفادت هذه الطريق ثبوت الصداق فإنه لم يقع التصريح به في الطريق الأولى بل ظاهرها أن يكون العتق نفس المهر، وقد وصل طريق أبي بكر ابن عياش أبو داود الطيالسي في مسنده، ووصله من طريقه أيضاً الحسن بن سفيان والبزار في مسنديهما عنه ولفظه عنده: ثم تزوجها بمهر جديد، وكذا أخرجه يحيى بن عبد الحميد الحماني عن أبي بكر بهذا اللفظ، ولم يقع لابن حزم إلا من رواية الحماني فضعّف هذه الزيادة به ولم يصب. وذكر الإسماعيلي أن فيه اضطراباً على أبي بكر ابن عياش كأنه عنى في سياق المتن لا في الإسناد وليس ذلك الاختلاف اضطراباً لأنه يرجع إلى معنى واحد وهو ذكر المهر

(3)

.

قلت: بل اختلف على أبي بكر ابن عياش فلم يذكر فضالة بن الفضل الكوفي في حديثه عنه المهر.

(1)

المحلى (9/ 505).

(2)

معرفة السنن والآثار (5/ 257 رقم 4108) ط. العلمية.

(3)

الفتح (9/ 128).

ص: 70

وقال الألباني: هذه الزيادة غير ثابتة بل هي منكرة أو شاذة لمخالفة أبي بكر مَنْ هو أوثق منه بدرجات

(1)

.

‌علة الوهم:

سلوك الجادة فقد روى أبو حصين عن أبي بردة عن أبي موسى غير حديث، ومنها ما رواه أبو بكر نفسه عنه مثل حديث:«لا نكاح إلا بولي»

(2)

، وحديث:«مَنْ سمع النداء فارغاً صحيحاً فلم يجب فلا صلاة له»

(3)

، وغيرها والله أعلم

(4)

.

(1)

السلسلة الضعيفة (3364).

(2)

المستدرك (2/ 172).

(3)

المستدرك (1/ 246) والبيهقي (3/ 154).

(4)

عبد الرزاق (8169) والطحاوي في شرح المشكل (1/ 344).

ص: 71

‌الحديث الرابع

(1)

:

622 -

قال ابن حبان في صحيحه (387): أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا أبو بكر ابن عياش عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر رضي الله عنه قال:

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين مرة يقول: «كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من شيء فهوى امرأة فراودها على نفسها وأعطاها ستين ديناراً، فلما جلس منها بكت وأرعدت فقال لها: ما لكِ؟

فقالت: والله إني لم أعمل هذا العمل قط وما عملته إلا من حاجة.

قال: فندم ذو الكفل، وقام دون أن يكون منه شيء، فأدركه الموت من ليلته، فلما أصبح وجدوا على بابه مكتوباً: إن الله قد غفر لك».

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن

(1)

رجال الإسناد:

الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الإمام الحافظ الثبت أبو العباس الشيباني الخراساني، صاحب المسند. (السير 14/ 157).

قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي، أبو رجاء البغلاني، يقال: اسمه يحيى، وقيل: علي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة 240 عن 90 عاماً، روى له البخاري ومسلم.

الأعمش: سليمان بن مهران: تقدم.

عبد الله بن عبد الله الرازي مولى بني هاشم القاضي أبو جعفر، أصله كوفي، صدوق من الرابعة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

ص: 72

سفيان صاحب المسند وهو إمام حافظ ثبت من أقران أبي يعلى، وقال عنه ابن أبي حاتم: صدوق، وعبد الله بن عبد الله الرازي. قال الترمذي في جامعه (4/ 272): هو كوفي وكانت جدته سرية لعلي بن أبي طالب، وروى عنه عبدة الضبي والحجاج بن أرطأة وغير واحد من كبار أهل العلم.

ورواه أبو نعيم في الحلية (4/ 297) من طريق قتيبة بن سعيد عن أسباط بن محمد وأبي بكر ابن عياش عن الأعمش، ومن طريق سنيد بن داود عن أبي بكر ابن عياش عن الأعمش.

والمحفوظ من رواية أسباط خلاف ذلك كما سيأتي ولعله وهم من أحد الرواة.

هكذا قال أبو بكر ابن عياش: (عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر).

خالفه أسباط بن محمد

(1)

، وشيبان بن عبد الرحمن

(2)

، وأبو عبيدة ابن معن

(3)

، ويحيى بن عيسى الرملي

(4)

، ومحمد بن فضيل

(5)

،

(1)

الترمذي (2496) وفي العلل الكبير (618) وأحمد (2/ 23) وأبو يعلى (5726) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 58) تعليقاً، والبيهقي في شعب الإيمان (7109) والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 25) وابن عساكر في تاريخ دمشق (17/ 379).

(2)

الحاكم (4/ 254) وابن عساكر (17/ 381).

(3)

أبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 365) ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (7108) وذكره البخاري في التاريخ الكبير تعليقاً (4/ 56).

(4)

ابن أبي شيبة في مصنفه (34209) موقوفاً.

(5)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (17/ 380).

ص: 73

والفضل بن موسى الشيباني

(1)

، والعلاء بن راشد

(2)

فقالوا: (عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعد مولى طلحة عن ابن عمر).

قال الترمذي في السنن (4/ 567): هذا حديث حسن وقد رواه شيبان وغير واحد عن الأعمش نحو هذا ورفعوه، وروى بعضهم عن الأعمش فلم يرفعه.

وروى أبو بكر ابن عياش هذا الحديث عن الأعمش فأخطأ فيه، وقال: عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عمر وهو غير محفوظ.

وقال في العلل (1/ 334): سألت محمداً يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: أبو بكر ابن عياش يهم فيه.

وقال البيهقي في شعب أبو بكر ابن عياش يهم فيه (5/ 413): روى أبو بكر ابن عياش هذا الحديث عن الأعمش فأخطأ فيه.

وقال أبو نعيم في الحلية (4/ 298): غريب من حديث سعيد لم يروه عنه إلا الأعمش ولا عنه إلا أبو بكر ابن عياش وأسباط، ورواه غيرهما عن الأعمش فقال بدل سعيد: عن سعد مولى طلحة.

وقال المزي في تهذيب الكمال (2217): رواه أبو بكر ابن عياش عن الأعمش فأخطأ فيه. وقال عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عمر وهو غير محفوظ.

(1)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (17/ 380).

(2)

ذكره الدارقطني في العلل (13/ 186).

ص: 74

وقال الدارقطني في العلل (13/ 186): يرويه الأعمش واختلف عنه:

فرواه أسباط بن محمد ومحمد بن فضيل وأبو عبيدة بن معن والعلاء بن راشد عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن سعيد مولى طلحة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش بهذا الإسناد موقوفاً.

وقال أبو بكر ابن عياش: عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ووهم في قوله: سعيد بن جبير، والصواب: عن سعيد مولى طلحة.

وقال الثوري عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث ولم يتابع على هذا القول.

‌أثر الوهم في الإسناد:

سعيد بن جبير تابعي ثبت فقيه إمام وحديثه في الصحيحين بخلاف سعد أو سعيد مولى طلحة، ويقال: طلحة مولى سعد.

قال أبو حاتم: لا يعرف إلا بحديث واحد (وهو هذا الحديث) وذكره ابن حبان على عادته في توثيق المجاهيل في الثقات.

وقال ابن حجر في التقريب: مجهول.

ص: 75

‌الحديث الخامس

(1)

:

623 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 512): حدثنا أسود بن عامر، أنا أبو بكر ابن عياش، عن الأعمش، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَنْ سألكم بالله فأعطوه، ومَن دعاكم فأجيبوه، ولو أهدي إليَّ كراع لقَبِلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الحاكم (1/ 413) من طريق الأسود بن عامر به.

هكذا قال أبو بكر ابن عياش عن الأعمش، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: «مَنْ سألكم بالله فأعطوه، ومَن دعاكم فأجيبوه

».

خالفه شعبة

(2)

، وأبو حمزة السكري

(3)

، وأبو معاوية محمد بن خازم

(4)

، ووكيع

(5)

، وعيسى بن يونس

(6)

، وسفيان الثوري

(7)

،

(1)

رجال الإسناد:

أسود بن عامر: تقدم قريباً.

الأعمش: تقدم.

سلمان أبو حازم الأشجعي الكوفي، ثقة من الثالثة، مات على رأس المائة، روى له البخاري ومسلم.

(2)

البخاري (2568).

(3)

البخاري (5178).

(4)

أحمد (2/ 424) وابن أبي شيبة (2028) وإسحاق (203).

(5)

أحمد (2/ 424) و (2/ 481) والبيهقي (6/ 169) و (7/ 273).

(6)

إسحاق بن راهويه في مسنده (202).

(7)

الدارقطني في العلل تعليقاً (11/ 187).

ص: 76

وجرير بن عبد الحميد

(1)

، وأسباط بن محمد

(2)

.

فرووه عن الأعمش بهذا الإسناد فقالوا: (لو أهدي إليّ ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت) ولم يذكروا أول الحديث: «مَنْ سألكم فأعطوه ومَن دعاكم فأجيبوه» .

وهذه الألفاظ (مَنْ سألكم بالله فأعطوه) محفوظة في رواية الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما

(3)

.

وقيل: الأعمش عن إبراهيم التيمي، عن مجاهد، عن ابن عمر

(4)

.

وقد نبه إلى هذا الوهم الإمام الدارقطني في العلل فقال: يرويه الأعمش، واختلف عنه:

فرواه شعبة والثوري وأبو معاوية الضرير وعيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة

ورواه أبو بكر ابن عياش عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة وزاد فيه ألفاظاً وهي قوله: «مَنْ سألكم بالله فأعطوه، ومَن

(1)

إسحاق (203).

(2)

ابن حبان (5291) والبغوي في شرح السنة (6/ 105).

(3)

أبو داود (5109) والنسائي (5/ 82) وأحمد (2/ 68)(2/ 99) وابن حبان (3408) والطيالسي (1895) وعبد بن حميد (806) والروياني (1419) والطبراني (13465).

(4)

ابن حبان (3409).

ص: 77

دعاكم فأجيبوه» وهذه الألفاظ إنما تعرف عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنه

(1)

.

‌علة الوهم:

دخل عليه حديث في حديث، فقد روى أبو بكر ابن عياش عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ سألكم بالله فأعطوه ومَن دعاكم فأجيبوه»

(2)

.

ورواه أيضاً من طريق ليث عن مجاهد عن ابن عمر

(3)

.

ومن طريق ثابت عن مجاهد عن ابن عمر

(4)

.

فأدخل حديث الأعمش وغيره عن مجاهد عن ابن عمر في حديث الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة، والله تعالى أعلم.

(1)

العلل (11/ 187).

(2)

تهذيب الآثار (1/ 69 رقم 106 مسند عمر بن الخطاب).

(3)

أحمد (2/ 95).

(4)

تهذيب الآثار (1/ 71 رقم 112).

ص: 78

‌الحديث السادس

(1)

:

624 -

قال ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 237): حدثنا أبو بكر ابن عياش عن حصين، عن مجاهد قال:

ما رأيت ابن عمر يرفع يديه إلا في أول ما يفتتح.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم رجال الشيخين.

وأخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار (1/ 556) من طريق أحمد بن عبد الجبار، والطحاوي من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس في شرح معاني الآثار (1/ 225) كلاهما عن أبي بكر ابن عياش به.

هكذا قال أبو بكر ابن عياش عن حصين، عن مجاهد، أنه ما رأى ابن عمر يرفع يديه إلا في افتتاح الصلاة.

وهذا مخالف لما رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر حين يفتتح الصلاة وإذا كبّر للركوع، وإذا رفع من الركوع.

هكذا رواه سالم بن عبد الله بن عمر

(2)

، ونافع

(3)

، ومحارب بن

(1)

رجال الإسناد:

حصين بن عبد الرحمن السلمي، الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخر، من الخامسة، مات سنة 136 وله 93 سنة، روى له البخاري وغيره.

مجاهد بن جبر المخزومي المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، من الثالثة، مات سنة 101 أو 102 أو 103 أو 104 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.

(2)

البخاري (735)(736)(738) ومسلم (390).

(3)

أبو داود (741) وأحمد (557) والبخاري في جزء رفع اليدين (522)(73).

ص: 79

دثار

(1)

، ورواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنه من فعله قال: ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام البخاري: حدثنا عياش قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا عبيد الله عن نافع أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبّر ورفع يديه وإذا ركع رفع يديه وإذا قال: سمع الله لمَن حمده رفع يديه وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

وروى الحميدي وأحمد عن الوليد بن مسلم عن زيد بن واقد يحدّث عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا أبصر رجلاً يصلي لا يرفع يديه كلما خفض ورفع حصبه

(3)

.

وروي عن مجاهد أنه كان يرفع يديه

(4)

.

لذا أنكر يحيى بن معين والإمام البخاري وشيخه صدقة بن الفضل والبيهقي حديث أبي بكر ابن عياش هذا.

قال البخاري: قال يحيى بن معين: حديث أبي بكر عن حصين إنما هو توهم لا أصل له.

وقال البخاري: ألا ترى أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يرمي

(1)

أبو داود (743).

(2)

البخاري (739).

(3)

الحميدي (615) ومن طريقه البخاري في جزء رفع اليدين (14) والدارقطني (1/ 289) والبيهقي في المعرفة (1/ 562) وأحمد كما في التمهيد (24/ 120) وتاريخ جرجان (1/ 476) والتلخيص الحبير (1/ 220) وأخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث (1/ 218).

(4)

معرفة السنن والآثار (1/ 57).

ص: 80

مَنْ لا يرفع يديه بالحصى، فكيف يترك ابن عمر شيئاً يأمر به غيره وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعله

(1)

.

وقال أيضاً: ولو تحقق حديث مجاهد أنه لم يرَ ابن عمر رفع يديه، لكان حديث طاووس وسالم ونافع ومحارب بن دثار وأبي الزبير حين رأوه أوْلى لأن ابن عمر رضي الله عنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن يخالف الرسول مع ما رواه أهل مكة واليمن والعراق أنه كان يرفع يديه.

وقال البيهقي: وقد تكلم في حديث أبي بكر ابن عياش محمد بن إسماعيل البخاري وغيره من الحفاظ.

قال: وقال صدقة يعني ابن الفضل: إن الذي روى حديث مجاهد أنه لم يرفع يديه إلا في أول التكبيرة كان صاحبه قد تغير بآخره، يريد أبا بكر ابن عياش.

‌علة الوهم:

قال البيهقي: هذا الحديث في القديم كان يرويه أبو بكر ابن عياش عن حصين عن إبراهيم عن ابن مسعود مرسلاً وموقوفاً.

ثم اختلط عليه حين ساء حفظه فروى ما قد خولف فيه

(2)

.

(1)

جزء رفع اليدين (522).

(2)

معرفة السنن (1/ 556).

ص: 81

‌الحديث السابع

(1)

:

625 -

قال الإمام النسائي (1/ 200): أخبرنا أبو بكر ابن إسحاق قال: حدثنا الأسْوَدُ بن عامر قال: حدثنا أبو بكر ابن عياش عن عبد المَلِكِ بن أبي سُلَيْمَانَ عن عطَاءٍ عن صَفْوانَ بن يَعْلَى عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إنَّ الله عز وجل ستِّيرٌ

(2)

فإذا أرادَ أحدكم أن يَغْتَسِلَ فلْيَتَوارَ بشيء».

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه أبو داود (4013) وأحمد (4/ 224) والطبراني في الكبير (22/ 670) والبيهقي (1/ 198) وفي الأسماء والصفات (157) وفي شعب الإيمان (6/ 161) من طريق الأسود بن عامر به.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن إسحاق الصنعاني، أبو بكر، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة 270، روى عنه مسلم.

الأسود بن عامر الشامي، نزيل بغداد، يلقب شاذان، ثقة، من التاسعة، مات سنة 208، روى له البخاري ومسلم.

عبد الملك بن أبي سليمان العزرمي، صدوق له أوهام، من الخامسة، مات سنة 145، روى له مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.

عطاء بن أبي رباح القرشي مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة 114 على المشهور، روى له البخاري ومسلم.

صفوان بن يعلى بن أمية التميمي المكي، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

يعلى بن أمية، صحابي مشهور.

(2)

كذا عنده، وعند الباقين حيي ستير.

ص: 82

هكذا قال أبو بكر: (عن عبد الملك، عن عطاء، عن صفوان، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه زهير بن معاوية

(1)

وأسباط بن محمد

(2)

فقالا: (عن عبد الملك، عن عطاء، عن يعلى بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكرا صفوان.

وكذلك رواه ابن أبي ليلى

(3)

عن عطاء، عن يعلى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر صفوان.

ورواه عبدة بن سليمان

(4)

عن عبد الملك عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر يعلى ولا عطاء.

ورواه ابن جريج

(5)

عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذه الروايات كلها مرسلة وهي تخالف رواية أبي بكر ابن عياش الموصولة، وقد ذكر ابن أبي حاتم أن أحمد بن يونس قد رواه عن أبي بكر ابن عياش، عن عبد الملك، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً

(6)

.

وقد رجح أبو حاتم وأبو زرعة وأبو داود الحديث المرسل.

(1)

أبو داود (4012) والنسائي (1/ 200) والبيهقي (1/ 198).

(2)

ذكره أبو زرعة كما في العلل لابن أبي حاتم (2/ 329/ 2509).

(3)

أحمد (4/ 224) وهناد في الزهد (1359).

(4)

هناد بن السري في الزهد (1360).

(5)

عبد الرزاق (1111).

(6)

العلل (24).

ص: 83

قال ابن أبي حاتم بعد أن ذكر لوالده حديث أبي بكر ابن عياش الموصول والمرسل قال: قلت لأبي: هذا المتصل محفوظ؟

قال: ليس بذاك

(1)

.

وقال أبو زرعة: لم يصنع فيه أبو بكر شيئاً، وكان أبو بكر في حفظه شيء، والحديث حديث الذي رواه زهير وأسباط بن محمد عن عبد الملك عن عطاء، عن يعلى بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

وقال أبو داود عقب الحديث: والأول أتم، يعني حديث زهير.

(1)

العلل (24).

(2)

العلل (2509).

ص: 84

‌الحديث الثامن

(1)

:

626 -

قال الإمام الترمذي رحمه الله (1384): حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو بكر ابن عياش، عن أبي حصين، عن مجاهد، عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال:

نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعاً، إذا كانت لأحدنا أرض أن يعطيها ببعض خراجها أو بدراهم وقال:«إذا كانت لأحدكم أرض فليمنحها أخاه أو ليزرعها» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2125) وفي مسنده (80) ومن طريقه الطبراني في الكبير (4356) عن أبي بكر ابن عياش به ولم يذكر (الدراهم).

ورواه ابن الأثير في أسد الغابة (2/ 224) من طريق الترمذي.

(1)

رجال الإسناد:

هناد بن السري بن مصعب التميمي، أبو السري الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى له مسلم.

أبو حصين: عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي، ثقة ثبت سني وربما دلس، من الرابعة، مات سنة 127 ويقال بعدها، روى له البخاري ومسلم.

مجاهد بن جبر أبو الحجاج المخزومي مولاهم المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، من الثالثة، مات سنة 101 أو 102 أو 103 أو 104 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.

رافع بن خديج: صحابي مشهور.

ص: 85

هكذا قال أبو بكر ابن عياش عن أبي حصين، عن مجاهد، عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تكرى الأرض ببعض خراجها أو بدراهم.

خالفه أبو عوانة

(1)

فرواه عن أبي حصين بهذا الإسناد ولم يذكر الدراهم.

وهم أبو بكر ابن عياش في ذكر الدراهم.

وقد صحّ جواز كراء الأرض بالذهب والفضة، والدراهم من جنسها.

فقد روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث حنظلة بن قيس عن رافع بن خديج قال: حدثني عماي أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بما ينبت على الأربعاء أو شيء يستثنيه صاحب الأرض فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقلت لرافع: فكيف هي بالدينار والدرهم؟ فقال رافع: ليس بها بأس بالدينار والدرهم

(2)

.

لذا قال ابن حجر: «أما ما رواه الترمذي من طريق مجاهد عن رافع بن خديج في النهي عن كراء الأرض ببعض خراجها أو بدراهم، فقد أعلّه النسائي بأن مجاهداً لم يسمع من رافع. قلت: وراويه أبو بكر ابن عياش في حفظه مقال، وقد رواه أبو عوانة وهو أحفظ منه عن شيخه فلم يذكر الدراهم، وقد روى مسلم من طريق سليمان بن يسار

(1)

النسائي (7/ 35) وفي الكبرى (4595).

(2)

البخاري (2346) باب كراء الأرض بالذهب والفضة.

ص: 86

عن رافع بن خديج في حديثه: (ولم تكن يومئذ ذهب ولا فضة)

(1)

انتهى كلام الحافظ.

وقال الألباني: صحيح، لكن ذكر الدراهم شاذ

(2)

.

(1)

فتح الباري (5/ 25).

(2)

صحيح سنن الترمذي (2/ 53 رقم 1415).

ص: 87

‌الحديث التاسع

(1)

:

627 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 281): حدثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: أنا أبو بكر عن أبي إسحاق، قال:

قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ قال: لا لأن الله عز وجل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ

(84)} [النساء: 84] إنما ذاك في النفقة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير سليمان، وهو ثقة جليل.

وأخرجه ابن جرير في تفسيره (3176) من طريق أبي كريب عن أبي بكر بن عياش به.

هكذا قال أبو بكر ابن عياش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب أن التهلكة في النفقة.

خالفه أصحاب أبي إسحاق فرووه عنه بهذا الإسناد فقالوا، فقال:

(1)

رجال الإسناد:

سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبد الله بن عباس البغدادي الهاشمي الفقيه، ثقة جليل. قال أحمد بن حنبل: يصلح للخلافة، من العاشرة، مات سنة 219 وقيل بعدها، روى له البخاري في خلق أفعال العباد وأصحاب السنن.

عمرو بن عبد الله بن عبيد الهمداني أبو إسحاق السبيعي، ثقة مكثر عابد، اخلتط بأخرة، مات سنة 129 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 88

لا، ولكن التهلكة أن يذنب الذنب فيلقى بيده فيقول: لا تقبل لي توبة.

هكذا رواه جماعة عن أبي إسحاق، منهم: سفيان الثوري

(1)

، وشعبة

(2)

، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق

(3)

، وأبو الأحوص سلام بن سليم

(4)

، والحسين بن واقد المروزي

(5)

.

قال الحافظ: وجاء عن البراء بن عازب في الآية تأويل آخر أخرجه ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عنه بإسناد صحيح عن أبي إسحاق قال: قلت للبراء: أرأيت قول الله عز وجل: { .. وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ

(195)} [البقرة: 195]، هو الرجل يحمل على الكتيبة فيها ألف؟ قال: لا، ولكنه الرجل يذنب فيلقى بيده فيقول: لا توبة لي. وعن النعمان بن بشير نحوه والأول أظهر لتصدير الآية بذكر النفقة فهو المعتمد في نزولها وأما قصرها عليه ففيه نظر لأن العبرة بعموم اللفظ، على أن أحمد أخرج الحديث المذكور من طريق أبي بكر ابن عياش عن أبي إسحاق بلفظ آخر

، فلعل للبراء فيه جوابين والأول من رواية الثوري وإسرائيل وأبي الأحوص ونحوهم وكل منهم أتقن من أبي بكر فكيف مع اجتماعهم وانفراده

(6)

.

(1)

ابن جرير الطبري في تفسيره (3175).

(2)

الطحاوي في شرح المشكل (12/ 103) والبيهقي (9/ 45) وفي شعب الإيمان (7094).

(3)

ابن جرير (3176) والحاكم (2/ 275) وقال: صحيح على شرط الشيخين، والبيهقي في شعب الإيمان (7093).

(4)

ابن جرير (2173).

(5)

ابن جرير (2177).

(6)

فتح الباري (8/ 185).

ص: 89

‌علة الوهم:

1 ضعف رواية أبي بكر ابن عياش عن أبي إسحاق، قال أبو حاتم: سماع أبي بكر من أبي إسحاق ليس بذاك القوي

(1)

.

2 روى هذا الجواب الذي قاله أبو بكر عن حذيفة بن اليمان

(2)

، وابن عباس

(3)

.

(1)

العلل لابن أبي حاتم (1/ 35).

(2)

البخاري (4516).

(3)

تفسير ابن جرير (2/ 200).

ص: 90

‌الحديث العاشر

(1)

:

628 -

قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (2567): حدثنا أبو كُريب، حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر ابن عياش عن الأعمش عن منصور عن ربعي بن حِراش عن عبد الله بن مسعود يرفعه قال:

«ثلاثة يحبهم الله: رجل قام من الليل يتلو كتاب الله، ورجل تصدّق صدقة بيمينه يخفيها أراه قال عن شماله، ورجل كان في سرية فانهزم أصحابه فاستقبل العدو» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه في العلل الكبير (626) بنفس الإسناد.

وأخرجه الطبراني في الكبير (10486) من طريق أبي كريب بهذا الإسناد.

هكذا رواه أبو بكر ابن عياش فقال: عن الأعمش، عن منصور، عن ربعي، عن عبد الله بن مسعود.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، أبو كُريب الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 247 وله 87 سنة، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي، ثقة حافظ فاضل، من كبار التاسعة، مات سنة 203، روى له البخاري ومسلم.

الأعمش: تقدم.

منصور بن المعتمر: تقدم.

ربعي بن حراش أبو مريم العبسي الكوفي، ثقة عابد مخضرم، من الثانية، مات سنة 100 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 91

وهم فيه فجعله من مسند ابن مسعود رضي الله عنه.

والصحيح هو ما رواه شعبة

(1)

وشيبان

(2)

وجرير بن عبد الحميد

(3)

فقالوا: (عن منصور، عن ربعي، عن زيد بن ظبيان، عن أبي ذر).

كذلك رواه سفيان الثوري، عن منصور عن ربعي، عن رجل عن أبي ذر.

رواه عنه مؤمل بن إسماعيل

(4)

.

وكذلك رواه أبو حفص الأبار عن منصور عن ربعي عن أبي ذر

(5)

.

(1)

الترمذي (2568) والنسائي (3/ 207 - 208) و (5/ 84) وفي الكبرى (1314) وأحمد (5/ 153) وابن خزيمة (2456، 2564) وابن حبان (3349)(4771) والحاكم (1/ 416) وابن أبي شيبة (5/ 289) والبزار (4027).

(2)

ذكره الترمذي تعليقاً والدارقطني في العلل (1103).

(3)

ابن حبان (3350) والبزار (4028) من طريق إسحاق بن إبراهيم وآدم بن أبي إياس، والمروزي في قيام الليل (251) من طريق يحيى بن يحيى إلا أنه عنده عن زيد بن ظبيان أو غيره.

(4)

أحمد (5/ 153)، والنسائي في الكبرى (1315). وانظره في باب سفيان الثوري.

(5)

البزار (4029) ولم يذكر زيد بن ظبيان.

ص: 92

ورواه الأسود بن شيبان، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبي ذر

(1)

.

ورواه سعيد الجريري عن أبي العلاء ابن الشخير، عن ابن الأحمس، عن أبي ذر

(2)

.

قال الترمذي عقب الحديث (4/ 601): (هذا حديث غريب من هذا الوجه وهو غير محفوظ، والصحيح ما روى شعبة وغيره عن منصور عن ربعي بن حراش عن زيد بن ظبيان عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ابن عياش كثير الغلط).

وقال في العلل الكبير (627): سألت محمداً يعني البخاري فقال: الصحيح هو هذا حديث أبي ذرّ

(3)

.

قال الدارقطني في العلل (5/ 50): (يرويه أبو بكر ابن عياش عن الأعمش عن منصور عن ربعي عن ابن مسعود ووقع فيه وهم وليس هذا من حديث ابن مسعود وإنما هو من حديث أبي ذر).

وقال في (6/ 242): ورواه الأعمش عن منصور عن ربعي، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك أبو بكر ابن عياش عن الأعمش ووهم والصواب حديث زيد بن ظبيان.

(1)

أحمد (5/ 176) والطيالسي (468) والبزار (3908) والطبراني في الكبير (1637) والحاكم (2/ 88 - 89) والطحاوي في شرح المشكل (7/ 214).

(2)

أحمد (5/ 151) وابن أبي عاصم في الجهاد (127) وابن جرير في تهذيب الآثار (110 مسند علي) وعبد الله بن المبارك في الجهاد (47) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (7/ 213).

(3)

أي: رواية شعبة عن منصور.

ص: 93

‌الحديث الحادي عشر

(1)

:

629 -

قال الطبراني في الأوسط (8104): حدثنا موسى بن هارون، نا إسحاق بن راهويه، نا يحيى بن آدم، عن أبي بكر ابن عياش، عن أبي إسحاق، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل؟ فقال: «ليس من كل الماء يكون الولد، لو أراد الله أن يخلق شيئاً لم يمنعه شيء» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير موسى بن هارون وهو ثقة حافظ. قال الخطيب: كان ثقة عالماً حافظاً، وقال أبو بكر ابن موسى: ما رأينا في حفّاظ أهيب ولا أورع من موسى بن

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن هارون بن عبد الله الحمال، ثقة حافظ كبير بغدادي، من صغار الحادية عشرة، مات سنة 294.

إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو محمد بن راهويه المروزي، ثقة حافظ مجتهد قرين أحمد بن حنبل، مات سنة 238 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن آدم: تقدم.

أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله بن عبيد، ثقة مكثر عابد

(انظر ترجمته في بابه).

القاسم بن مخيمرة، أبو عروة الهمداني، الكوفي نزيل الشام، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة 100، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

أبو الوداك: جبر بن نوف الهمداني البكالي، كوفي صدوق يهم، من الرابعة، روى له مسلم.

ص: 94

هارون، ونعته الذهبي بالإمام الحافظ الكبير الحجة الناقد، وقد توبع في طبقة أخرى، فقد رواه الترمذي في العلل الكبير (284) عن أبي كريب عن أبي بكر ابن عياش به.

هكذا رواه أبو بكر ابن عياش: (عن أبي إسحاق، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد).

خالفه شعبة

(1)

فرواه عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا الوداك يحدّث عن أبي سعيد الخدري ....

فذكر سماع أبي الوداك من أبي سعيد بدون واسطة بينهما.

وكذلك رواه سفيان الثوري

(2)

، ومنصور بن المعتمر

(3)

، ومطرف بن طريف الحارثي

(4)

، وعمر بن عبيد بن أمية الطوسي

(5)

، وشريك

(6)

، وإسرائيل

(7)

فقالوا: (عن أبي إسحاق، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد).

زاد أبو بكر: القاسم بن مخيمرة في الإسناد.

وقد رُوي هذا الحديث من طرق أخرى عن ابن عباس، فقد رواه

(1)

الطيالسي في مسنده (2175) والطحاوي (3/ 34) وابن حبان (4191).

(2)

أحمد (3/ 49) وأبو يعلى (1153).

(3)

ابن طهمان في مشيخته (94).

(4)

الطحاوي (3/ 33) وأبو عوانة (4350) والطحاوي في شرح المشكل (3704) وابن البختري (268).

(5)

أحمد (3/ 59)، (3/ 93).

(6)

أحمد (3/ 28) و (3/ 62).

(7)

ابن بطة في الإبانة (1441).

ص: 95

كذلك علي بن أبي طلحة

(1)

، ويونس بن عمرو

(2)

، ومجالد

(3)

.

ولم يأتِ ذكر القاسم بن مخيمرة إلا في هذا الإسناد وهو وهم.

لذا قال الطبراني عقب الحديث: «لم يدخل أحد ممن روى هذا الحديث بين أبي إسحاق وأبي الوداك القاسم بن مخيمرة إلا أبو بكر ابن عياش، تفرد به يحيى بن آدم»

(4)

.

وقال الإمام البخاري: «هذا حديث غير محفوظ، والصحيح عن أبي الوداك عن أبي سعيد، وقد أدخلوا بين أبي إسحاق وأبي الوداك رجلاً»

(5)

.

وقال الدارقطني: يرويه أبو إسحاق السبيعي واختلف عنه:

فرواه منصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، ومطرف بن طريف، وعمر بن عبيد عن أبي إسحاق عن أبي الوداك عن أبي سعيد.

ورواه أبو بكر ابن عياش عن أبي إسحاق عن القاسم بن مخيمرة عن أبي الوداك وليس بمحفوظ، والصحيح عن أبي إسحاق عن أبي الوداك

(6)

.

(1)

مسلم (1438).

(2)

أحمد (3/ 47).

(3)

أحمد (3/ 26) والحميدي (748) وسعيد بن منصور (228) وابن أبي عاصم في السنن (364)(365).

(4)

الأوسط (8/ 103) قلت: لم ينفرد به يحيى بن آدم بل تابعه أبو كريب عند الترمذي في العلل (284).

(5)

الترمذي في العلل الكبير (284).

(6)

العلل (11/ 349/ 2332).

ص: 96

‌الحديث الثاني عشر

(1)

:

630 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (3/ 12): أخبرني محمد بن عُبَيْد قال: حدثنا ابن عَيَّاش عن مُغيرةَ عن الحرث الْعُكْلِيِّ عن ابن نُجَيٍّ قال: قال عَلِيٌّ:

كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مَدْخلان: مَدْخَلٌ باللَّيْلِ ومَدْخَلٌ بالنَّهَارِ فكُنْتُ إذ دخلْتُ باللَّيْلِ تَنَحْنَحَ لي.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن نجي وهو تابعي وثقه النسائي وابن حبان. وقال البخاري وابن عدي: فيه نظر، وضعّفه الدارقطني وغيره.

وهو عند النسائي في الكبرى (1136) وفي خصائص علي (117) بنفس الإسناد، وأخرجه ابن ماجه (3708) عن أبي بكر ابن أبي شيبة وهو عند ابن أبي شيبة في مصنفه (25676) وأخرجه أحمد

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي الكوفي الأحدب، ثقة يحفظ، من الحادية عشرة، مات سنة 204، روى له البخاري ومسلم.

مغيرة بن مقسم الضبي مولاهم، أبو هشام الكوفي الأعمى، ثقة متقن إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم، من السادسة، مات سنة 136 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

الحارث بن يزيد العكلي الكوفي، ثقة فقيه، من السادسة إلا أنه قديم الموت، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن نجي بن سلمة الحضرمي الكوفي، صدوق، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 97

(1/ 80) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 5، 6) من طريق يحيى بن حبان وغيره، وابن عدي في الكامل (4/ 234) من طريق حميد الخزاز كلهم عن أبي بكر ابن عياش به، ورواية الإمام أحمد مطولة وفي آخرها قول جبريل عليه السلام:(إنّا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة).

وقد وهم أبو بكر ابن عياش في سند الحديث ومتنه.

أولاً: في الإسناد:

هكذا قال أبو بكر ابن عياش: (عن المغيرة، عن الحارث العكلي، عن ابن نجي، عن علي).

خالفه جرير بن عبد الحميد

(1)

فقال: (عن المغيرة، عن الحارث، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن نجي، عن علي).

وكذلك رواه عمارة بن القعقاع

(2)

، وزيد بن أبي أنيسة

(3)

عن الحارث، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن نجي، عن علي).

أسقط أبو بكر أبا زرعة من الإسناد.

رواه شعبة عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن نجي عن علي

(4)

.

(1)

النسائي (3/ 12) وفي الكبرى (1134)(8501) وخصائص علي (116) وأبو يعلى (592) وابن خزيمة (904).

(2)

النسائي (8500) والبيهقي (2/ 247) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 7) وابن خزيمة (904) والبزار (881)(882) إلا أنه أسقط الحارث من الإسناد.

(3)

النسائي (8499).

(4)

البزار (880).

ص: 98

ثانياً: في المتن:

قال: (فإذا دخلت بالليل تنحنح لي).

رواه جرير فقال: (كانت لي ساعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة من السحر آتيه فيها، فإذا أتيته استأذنته فإن وجدته يصلي سبَّح فدخلت، وإن وجدته فارغاً أذن لي.

قال ابن خزيمة: «رواه عمارة بن القعقاع ومغيرة بن مقسم جميعاً عن الحارث العكلي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن عبد الله بن نجي عن علي» .

وقال جرير: عن المغيرة، عن الحارث وعمارة عن الحارث يسبّح، قال أبو بكر ابن عياش عن المغيرة: يتنحنح.

ثم أورده من طريق يوسف بن موسى عن جرير، ومن طريق الدورقي عن أبي بكر ابن عياش كلاهما عن المغيرة، ومن طريق معلى بن أسد عن عبد الواحد عن عمارة بن القعقاع.

فكأن أبا بكر ابن عياش قد تابع الجماعة هنا فذكر أبا زرعة في الإسناد.

ولا شك أن رواية الجماعة أوْلى، ولم يذكر ابن خزيمة الروايات الأخرى عن أبي بكر ابن عياش.

لذا قال الطحاوي: إن مكان التنحنح المذكور فيه التسبيح المذكور في الحديث الثاني يعني حديث عمارة وكان ذلك هو أولى عندنا لأن الآثار التي روتها العامة من أهل العلم فيما ينوب الرجل من

ص: 99

الصلاة مما يستعملونه فيه هو التسبيح وأن الذي يستعمله النساء في مثل ذلك هو التصفيق

(1)

.

وقال البيهقي: وأما الحديث الذي روي عن علي رضي الله عنه قال: كانت لي ساعة من السحر

فهو حديث مختلف في إسناده ومتنه، فقيل: سبّح، وقيل: تنحنح، ومداره على عبد الله بن نجي الحضرمي قال البخاري: فيه نظر، وضعفه غيره، وفيما مضى

(2)

كفاية عن روايته

(3)

.

‌تنبيه:

روى البزار (882) عن أبي كامل الجحدري عن عبد الواحد بن زياد، عن عمارة بن القعقاع هذا الحديث وفيه:(تنحنح) وهو وهم، فقد رواه النسائي والطحاوي كلاهما عن أبي كامل فقالا: سبّح، وكذلك رواه

(4)

جماعة عن عبد الواحد فقالوا: سبّح

(5)

.

قال الدارقطني في العلل

(6)

: وسئل عن حديث عبد الله بن نجي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تمثال» فقال: هو حديث يرويه الحارث العكلي، واختلف عنه فرواه مغيرة بن مقسم وعمارة بن القعقاع واختلف عنهما عن الحارث العكلي، فأما حديث المغيرة فرواه جرير بن عبد الحميد عنه عن الحارث العكلي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن عبد الله بن نجي وخالفه أبو بكر ابن عياش فرواه عن المغيرة عن الحارث عن عبد الله بن نجي.

(1)

شرح المشكل (5/ 8).

(2)

من الأحاديث الدالة على التسبيح.

(3)

السنن الكبرى (2/ 247).

(4)

النسائي في الكبرى (8500) والطحاوي (5/ 7).

(5)

انظر حديثهم عند أحمد (1/ 77) وابن خزيمة (903).

(6)

العلل (3/ 257 - 258).

ص: 100

لم يذكر بينهما أبا زرعة، واختلف عن عمارة بن القعقاع فرواه عبد الواحد بن زياد عن عمارة عن الحارث العكلي عن أبي زرعة عن عبد الله بن نجي حدّث به عنه أبو سعيد مولى بني هاشم وإسحاق بن عمر بن سليط، وقال مسدد: عن عبد الواحد عن عمارة عن أبي زرعة لم يذكر بينهما الحارث، ورواه زيد بن أبي أنيسة عن الحارث العكلي عن أبي زرعة عن عبد الله بن نجي عن علي، وروي عن أبي إسحاق السبيعي وجابر الجعفي عن ابن نجي وهو غريب عنهما، ويقال: إن عبد الله بن نجي لم يسمع هذا من علي وإنما رواه عن أبيه عن علي وليس بقوي في الحديث».

ص: 101

‌زائدة بن قدامة

(1)

‌اسمه ونسبه:

زائدة بن قدامة بن الصلت الثقفي الكوفي.

شيوخه:

روى عن: زياد بن علاقة، وعاصم بن أبي النجود، وسماك بن حرب، وأبي إسحاق السبيعي، وحصين، ومنصور، والأعمش، وسليمان التيمي وجماعة.

روى عنه: عبد الله بن المبارك، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وسفيان بن عيينة وجماعة.

‌ثناء أهل العلم عليه:

قال عثمان بن زائدة الرازي: قدمت الكوفة فقلت لسفيان: مَنْ

(1)

مصادر الترجمة:

طبقات ابن سعد (6/ 378)، تهذيب الكمال ترجمة (1935)، سير أعلام النبلاء (7/ 355)، تاريخ ابن معين رواية الدوري (3/ 441)، تهذيب التهذيب (571)، الجرح والتعديل (2777).

ص: 102

ترى أن أسمع منه؟ قال: عليك بزائدة وابن عيينة.

وقال أبو أسامة: حدثنا زائدة وكان من أصدق الناس وأبرِّهم.

وقال أبو داود: حدثنا زائدة وكان لا يحدّث قدريًّا ولا صاحب بدعة يعرفه.

وقال أحمد بن حنبل: المتثبتون في الحديث أربعة: سفيان وشعبة وزهير وزائدة.

وقال أحمد بن الحسن الترمذي عن أحمد: إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبال ألَّا تسمعه عن غيرهما إلا حديث أبي إسحاق.

قلت: ذلك أن حديثهما عنه كان بعد أن اختلط.

وقال الدوري: قلت ليحيى: فزائدة بن قدامة؟ قال: هو أثبت من زهير.

وقال عثمان الدارمي ليحيى: زهير أحب إليك في الأعمش أو زائدة؟ فقال: كلاهما، ثقة. التهذيب.

وقال الذهلي: ثقة حافظ.

وقال أبو حاتم: ثقة صاحب سنّة وهو أحب إليّ من أبي عوانة وأحفظ من شريك وأبي بكر ابن عياش، وكان عرض حديثه على الثوري.

قال ابن حجر: ثقة ثبت صاحب سنّة، من السابعة، مات سنة 160 وقيل بعدها.

روى له البخاري (28) حديثاً مع المكرر ولم يخرج له شيئاً عن

ص: 103

أبي إسحاق السبيعي وهي كالتالي (266، 369، 546، 646، 655، 687، 894، 958، 1006، 1011، 1262، 1852، 1953، 2383، 2628، 3153، 6013، 6510، 6732، 6999). وروى له مسلم (46) حديثاً.

ص: 104

‌الحديث الأول

(1)

:

631 -

قال الإمام ابن خزيمة في صحيحه (714): حدثنا محمد بن يحيى، نا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، نا عاصم بن كليب الجرمي، أخبرني أبي أن وائل بن حجر رضي الله عنه أخبره قال:

قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي؟ قال: فنظرت إليه يصلي فكبّر فذكر بعض الحديث وقال: ثم قعد فافترش رجله اليسرى ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم قبض ثنتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير كليب والد عاصم وهو تابعي ثقة.

وأخرجه النسائي (2/ 126 - 127) من طريق عبد الله بن

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري، ثقة حافظ جليل، من الحادية عشرة، مات سنة 258 على الصحيح وله 86 سنة، روى له البخاري.

معاوية بن عمرو بن المهلب بن عمرو الأزدي البغدادي، ثقة من صغار التاسعة، مات سنة 214 على الصحيح وله 86 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عاصم بن كليب بن شهاب الجرمي الكوفي، صدوق رمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين، روى له مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.

كليب بن شهاب والد عاصم، صدوق من الثالثة، ووهم مَنْ ذكره في الصحابة.

ص: 105

المبارك، وأحمد (4/ 318) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، وابن الجارود (208) من طريق عبد الرحمن بن مهدي والنسائي أيضاً في (3/ 37) وفي الكبرى (1191) وابن حبان (1860) من طريق أبي الوليد الطيالسي، والطبراني في الكبير (22/ 82) من طريق معاوية بن عمرو، والدارمي (1357) والبيهقي (2/ 132) من طريق معاوية بن عمرو.

كلهم عن زائدة به وفيه: (ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها).

ورواه أبو داود (727) من طريق أبي الوليد الطيالسي، وابن خزيمة (480) والبخاري في رفع اليدين (67) والبيهقي (2/ 27 - 28، 29) من طريق زائدة مختصراً.

هكذا قال زائدة عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر:(ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها).

خالفه أصحاب عاصم فلم يذكروا تحريك الإصبع في التشهد، إنما قالوا: كان يشير بإصبعه السبابة، منهم:

شعبة

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، وعبد الواحد بن زياد

(3)

، وسفيان بن

(1)

أحمد (4/ 316 - 317) وابن خزيمة (697) و (698) والطبراني في الكبير 22/ (83).

(2)

النسائي (3/ 35) وفي الكبرى (1187) وعبد الرزاق (2522) وأحمد (4/ 317) و (4/ 318) والطبراني في الكبير (22/ 78) والطحاوي (1/ 196).

(3)

أحمد (4/ 316) والبيهقي (2/ 72).

ص: 106

عيينة

(1)

، وزهير بن معاوية

(2)

، وعبد الله بن إدريس

(3)

، وأبو الأحوص سلام بن سليم

(4)

، وبشر بن المفضل

(5)

، وقيس بن الربيع

(6)

، وأبو عوانة وضاح اليشكري

(7)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(8)

، ومحمد بن فضيل

(9)

، وموسى بن أبي كثير

(10)

، وقيس بن الربيع

(11)

، وعنبسة بن سعيد

(12)

، وغيلان بن جامع

(13)

، وعبيدة بن حميد

(14)

.

ولفظ شعبة وعبد الواحد بن زياد: وأشار بالسبابة.

ولفظ الثوري: ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى وقبض سائر أصابعه.

ولفظ ابن عيينة: وأشار بالسبابة يدعو.

(1)

النسائي (3/ 34 - 35) وفي الكبرى (1186) والحميدي (885) والطبراني (22/ 78) و (85) وابن خزيمة (713) وسقط من إسناد المطبوع.

(2)

أحمد (4/ 318 - 319) والطبراني (22/ 84) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 437).

(3)

ابن ماجه (912) وابن خزيمة (713) وابن الجارود (202) وابن حبان (1945).

(4)

الطيالسي (1020) والطبراني (22/ 80).

(5)

النسائي (3/ 35 - 36) وفي الكبرى (1188) وأبو داود (726)(957) وابن ماجه (810)(867) والطبراني (22/ 86).

(6)

الطبراني (22/ 791).

(7)

الطبراني (22/ 901) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 432).

(8)

البيهقي (2/ 131) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 432).

(9)

ابن خزيمة (713).

(10)

الطبراني (22/ 19).

(11)

الطبراني (22/ 79).

(12)

الطبراني (22/ 87).

(13)

الطبراني (22/ 88).

(14)

الخطيب (1/ 436).

ص: 107

ولفظ زهير: وقبض ثلاثين وحلق حلقة ثم رأيته يقول هكذا وأشار زهير بسبابته الأولى وقبض إصبعين وحلق الإبهام على السبابة الثانية.

ولفظ بشر بن المفضل: وقبض ثنتين وحلق ورأيته يقول هكذا، وأشار بشر بالسبابة من اليمنى وحلق الإبهام والوسطى.

ولفظ عبد الله بن إدريس: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد حلق الإبهام والوسطى ورفع التي تليهما يدعو بها في التشهد.

وقد أخرجه ابن ماجه في باب الإشارة في التشهد.

ولفظ خالد الواسطي وقيس بن الربيع: وأشار بالسبابة.

ولفظ أبي عوانة: ودعا بالسبابة، وزاد أبو الأحوص: يشير بها.

وقد وردت أحاديث أخرى توافق رواية الجماعة.

فقد روى مسلم في الصحيح من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابة

(1)

.

وفي رواية عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها

(2)

.

وفي رواية علي بن عبد الرحمن المعاوي عن ابن عمر قال: كان

(1)

مسلم (579)(115).

(2)

مسلم (579)(114).

ص: 108

رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى

(1)

.

وفي حديث عبد الله بن الزبير: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بإصبعه

(2)

.

وفي رواية: وأشار بإصبعه السبابة

(3)

، وزاد النسائي: لا يجاوز بصره إشارته

(4)

.

وروى حجاج بن محمد عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن محمد بن عجلان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بإصبعه إذا دعا ولا يحركها

(5)

.

وعقد عليه أبو عوانة في مسنده (باب بيان الإشارة بالسبابة إلى القبلة ورمي البصر إليها وترك تحريكها في الإشارة).

وجاء في حديث أبي حميد الساعدي قال: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يعني للتشهد فافترش رجله

(1)

مسلم (579)(116).

(2)

مسلم (579)(112).

(3)

مسلم (579)(113).

(4)

في الكبرى (1198) وفي المجتبى (3/ 39).

(5)

أبو داود (989) والنسائي (3/ 37) وأبو عوانة (2017) والبيهقي (2/ 131) وإسناده حسن وقد صرّح ابن جريج بالتحديث عند النسائي وأبي عوانة، ورواه عبد الرزاق (3242) عن ابن جريج قال: حدثت عن عامر به.

ص: 109

اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بإصبعه يعني السبابة

(1)

.

وجاء في حديث مالك بن نمير الخزاعي عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى وهو يشير بإصبعه

(2)

.

وفي رواية أخرى له: رافعاً بإصبعه السبابة قد حناها شيئاً وهو يدعو

(3)

.

وجاء في حديث عبد الرحمن بن أبزى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشير بإصبعه السباحة في الصلاة

(4)

.

وفي رواية له قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة فدعا وضع يده اليمنى على فخذه ثم كان يشير بإصبعه إذا دعا.

لذا قال ابن خزيمة رحمه الله عقب الحديث: «ليس في شيء من الأخبار يحركها إلا في هذا الخبر زائدة ذكره»

(5)

.

وقال البيهقي: «فيحتمل أن يكون المراد بالتحريك الإشارة بها لا تكرير تحريكها»

(6)

.

(1)

الترمذي (293) وقال: حسن صحيح.

(2)

ابن خزيمة (715).

(3)

أبو داود (991) والنسائي (3/ 39) وابن خزيمة (716) والبيهقي (2/ 131) وأحمد (3/ 471).

(4)

أحمد (3/ 471).

(5)

في صحيحه (1/ 354).

(6)

السنن الكبرى (2/ 132).

ص: 110

وقال أبو عوانة باب بيان الإشارة بالسبابة ورمي البصر إليها وترك تحريكها

(1)

.

وقال البيهقي أيضاً: «وروينا أنه كان يشير بإصبعه إذا دعا لا يحركها»

(2)

.

ومما يدل على أن المراد بتحريك السبابة الإشارة لا تكرير تحريكها أن النسائي عقد في سننه المجتبى (باب موضع البصر عند الإشارة وتحريك السبابة)

(3)

أورد فيه حديث ابن عجلان عن عامر بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن الزبير السابق وفيه: وأشار بالسبابة لا يجاوز بصره إشارته، فتفرد زائدة وإن كان ثقة ثبت ومخالفته لسبعة عشر راوياً منهم أئمة ثقات بل أكثرهم كذلك يدل على وهمه، والله تعالى أعلم.

وقال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في رده على مَنْ قال: إن زائدة بن قدامة ثقة، وإن الشيخ الألباني قد صحح هذه الزيادة، فأجابه قائلاً: إن الشيخ الألباني قد حكم على زيادة تفرد بها زائدة في حديث آخر وخالف فيها راويين بالشذوذ، وهو في هذا الحديث قد خالف خمسة عشر راوياً، فإذا لم تكن هذه الزيادة شاذة فليس في الدنيا شاذ

(4)

.

ثم إن كثيراً ممن يقلدون الشيخ الألباني في الأخذ بهذا يخالفونه في طريقة تحريك الأصبع.

فقد ذكر الشيخ أبو إسحاق الحويني أن الشيخ الألباني رآه يحرك

(1)

مسند أبي عوانة (1/ 532).

(2)

معرفة السنن والآثار (2/ 29).

(3)

(3/ 39).

(4)

من مقال على الشبكة العنكبوتية (ملتقى أهل الحديث).

ص: 111

إصبعه في التشهد يعني يرفعها ويخفضها فقال: أراك تحرك إصبعك بهذه الطريقة فهل عندك في ذلك سنّة؟

فأجابه الحويني: إنما هو من كتابكم صفة الصلاة.

فقال الألباني: إنما قلت: يحركها، ولم أقل: يرفعها ويخفضها فهذا رفع وخفض، وأراه كيف يحركها، فهو يحركها يمنة ويسرة في مكانها سريعاً

(1)

.

وكذلك حكم على هذه الزيادة بالشذوذ محققو مسند الإمام أحمد، والله تعالى أعلم.

(1)

الشبكة العنكبوتية ومن لقاء في قناة الحكمة.

ص: 112

‌الحديث الثاني

(1)

:

632 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 264): حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى قال: حدثني جبر بن عبد الله، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«يكفي أحدكم مد في الوضوء» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أبو داود تعليقاً (95) فقال: رواه سفيان عن عبد الله بن عيسى قال: حدثني جبر بن عبد الله.

هكذا قال زائدة: (عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن جبر بن عبد الله، عن أنس بن مالك).

خالفه عبد الرحمن بن مهدي

(2)

، ومعاوية بن هشام

(3)

فقالا:

(1)

رجال الإسناد:

معاوية بن عمرو بن المهلب بن عمرو الأزدي، أبو عمرو البغدادي، ثقة من صغار التاسعة، مات سنة 214 على الصحيح وله 86 سنة، روى له البخاري ومسلم.

سفيان الثوري: تقدم.

عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، أبو محمد الكوفي، ثقة فيه تشيُّع، من السادسة، مات سنة 130، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عبد الله بن جابر، وقيل: جبر بن عتيك الأنصاري المدني، ثقة من الرابعة، روى له البخاري ومسلم.

(2)

أبو يعلى (4309).

(3)

أبو عوانة (629) وقال عن عبد الله بن جبر نسبه إلى جده، وسقط من المطبوع عبد الله بن عيسى، وسفيان إنما يرويه عن عبد الله بن عيسى لا عن عبد الله بن جبر.

ص: 113

(عن سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن جبر، عن أنس بن مالك).

وكذلك رواه شريك بن عبد الله

(1)

وأبو خالد الدالاني

(2)

عن عبد الله بن عيسى فقالا: (عبد الله بن جبر).

ورواه شعبة

(3)

، ومسعر بن كدام

(4)

، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر عن أنس بن مالك.

قلب زائدة اسمه فقال: (جبر بن عبد الله) والصحيح: (عبد الله بن عبد الله بن جبر).

وقد روى أبو العميس

(5)

عن عبد الله بن عبد الله بن جبر عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد جبراً فلما دخل سمع النساء يبكين

الحديث.

فوافق الجماعة في أن اسم التابعي هو عبد الله بن عبد الله بن جبر.

قال البخاري: «عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك الأنصاري المدني .. ، وروى ابن أبي الزناد ومالك ومسعر وشعبة وأبو العميس

(1)

أبو داود (95) والترمذي (609).

(2)

أبو يعلى (4307).

(3)

البخاري (264) ومسلم (325)(50).

(4)

البخاري (201) ومسلم (325)(51) وأبو عوانة (628) كلهم من طريق أبي نعيم، وعند البخاري ومسلم (حدثني ابن جبر) وعند أبي عوانة (شيخ من الأنصار يقال له: عبد الله بن جبر).

(5)

النسائي (3194) وابن سعد في الطبقات (3/ 469) وابن أبي شيبة (1780) وغيرهم.

ص: 114

وعبد الله بن عيسى عن عبد الله بن عبد الله بن جبر هو من بني معاوية»

(1)

.

لذا فإن قول أبي داود عقب الحديث: «رواه سفيان عن عبد الله بن عيسى حدثني جبر بن عبد الله» .

المعني بها رواية زائدة عنه، فحمل الوهم على زائدة أظهر لأن عبد الرحمن بن مهدي ومعاوية خالفاه فروياه عن سفيان على الوجه الصحيح.

وقال الحافظ: هو من مقلوب الأسماء

(2)

.

وقال أيضاً: والصواب عبد الله بن عبد الله بن جبر

(3)

.

(1)

التاريخ الكبير (5/ 126) ونحوه في الجرح والتعديل (5/ 91).

(2)

تهذيب التهذيب (5/ 247).

(3)

الأطراف (1/ 343).

ص: 115

‌زهير بن محمد

‌اسمه ونسبه:

زهير بن محمد التميمي العنبري، أبو المنذر الخراساني المروزي، نزيل الشام ثم مكة، وقيل: إنه هروي.

روى عن: موسى بن وردان صاحب أبي هريرة، وابن أبي مليكة، وعمرو بن شعيب، وابن المنكدر، وزيد بن أسلم، وعبد الرحمن بن القاسم وجماعة.

وعنه: الوليد بن مسلم، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي وخلق.

قال يحيى بن معين: ثقة، وقال مرة: صالح.

وروى حنبل عن أحمد: ثقة.

وقال عثمان الدارمي، وصالح البغدادي، ثقة صدوق، زاد عثمان له أغاليط كثيرة.

وقال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حفظه سوء، وكان حديثه بالشام، أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه، فما حدّث من حفظه ففيه أغاليط، وما حدّث من كتبه فهو صالح.

ص: 116

وقال النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس به بأس، وعند عمرو بن أبي سلمة عنه مناكير.

وقال البخاري: ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح.

وقال الإمام أحمد: وذكر رواية الشاميين عن زهير بن محمد قال: يروون عنه أحاديث مناكير هؤلاء، ثم قال: أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة عبد الرحمن بن مهدي وأبو عامر أحاديث مستقيمة صحاح

وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطاء ويخالف.

قال ابن حجر: رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، ضعف بسببها، من السابعة.

قلت: روى له البخاري حديثين هما (5318، 5875، ط البغا) من رواية أبي عامر العقدي عنه.

وروى له مسلم أيضاً حديثين (188، 211) من رواية يحيى بن أبي بكير عنه ولم يخرجا له شيئاً من رواية أهل الشام عنه.

ص: 117

‌الحديث

(1)

:

633 -

قال الإمام أحمد (2/ 134): ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا زُهَيْرُ بن محمَّد عن مُوسَى بن جُبَيْرٍ عن نافعٍ مولى عبد الله بن عُمَر عن عبد الله بن عُمَر أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«إن آدَمَ صلى الله عليه وسلم لمَّا أهبَطَه الله تعالى إلى الأرضِ قالتِ الملائِكَةُ: أي ربِّ { .. أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)} [البقرة: 30] قالوا: ربَّنا نحْنُ أطْوَعُ لك من بني آدمَ، قال الله تعالَى للملائِكَةِ: هَلُمُّوا مَلَكين من الملائِكَةِ حتى يُهْبَطَ بهمَا إلى الأرضِ فنَنْظُرَ كيفَ يَعْملَانِ، قالوا: ربَّنَا هارُوتُ ومَارُوتُ، فأُهبِطا إلى الأرضِ ومُثِّلَتْ لهما الزُّهْرَةُ امرأةً من أحسَنِ البشَرِ فجاءتْهُما فسألَاهَا نفسَها فقالت: لا والله حتى تَكَلَّما بهذه الكلمَةِ من الإشراكِ، فقالا: والله لا نُشرك بالله أبداً، فذهبَتْ عنهما ثمّ رجعَتْ بصبي تحمِلُهُ فسألَاهَا نفسَهَا، قالت: لا والله حتى تقْتُلا هذا الصبي، فقالا: والله لا نقْتُلُهُ أبداً، فذهبَتْ ثمّ رجعَتْ بقدَحِ خمْرٍ فسألَاهَا نفسَهَا قالت: لا والله حتى تشْرَبا هذا الخمْر، فشَرِبا فسكرا فوقعَا عليها وقتَلا الصبي، لما أفاقا قالت المرأةُ: والله ما تركْتُما شيئاً مِمَّا أبَيْتُماه عليّ إلا قد فَعَلتما حين سكِرْتُما، فخُيِّرا بين عذاب الدُّنْيا والآخرَةِ فاختارا عذابَ الدُّنْيا» .

(1)

رجال الإسناد:

يحيى بن أبي بكير واسمه نسر الكرماني الكوفي الأصل نزل بغداد، ثقة من التاسعة، مات سنة 208 أو 209، روى له البخاري ومسلم.

موسى بن جبير الأنصاري المدني الحذاء، نزيل مصر، مستور، من السادسة، روى له أبو داود وابن ماجه.

ص: 118

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم رجال الشيخين غير موسى بن جبير ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 451) وقال: يخطاء ويخالف، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله.

وأخرجه عبد بن حميد (787) وابن حبان (6186) والبزار (2938 كشف) والبيهقي (10/ 4) في شعب الإيمان (160) والخلال في العلل (المنتخب 194) وابن السني في عمل اليوم والليلة (657) كلهم من طريق يحيى بن أبي بكير بهذا الإسناد.

وتابعه معاذ بن خالد العسقلاني فرواه عن زهير بهذا الإسناد كما في العلل لابن أبي حاتم (1699).

هكذا قال زهير: (عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه سعيد بن سلمة فقال: (عن موسى بن جبير، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر به).

أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (161) فأصاب في قوله: (عن موسى بن عقبة) وأخطأ أيضاً في رفعه فالمحفوظ إنما هو من حديث ابن عمر عن كعب الأحبار قوله.

هكذا رواه سفيان الثوري، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن ابن عمر، عن كعب

(1)

.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (97) ومن طريقه ابن جرير الطبري في تفسيره (4/ 168) وابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 190 رقم 1006).

ورواه البيهقي في شعب الإيمان (162) من طريق محمد بن يوسف الفريابي عن الثوري به، وذكره السيوطي في الدر المنثور (1/ 239) ونسبه إلى ابن المنذر وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في العقوبات.

ص: 119

وتابعه عبد العزيز بن المختار

(1)

فرواه عن موسى بن عقبة كرواية الثوري.

لذا حكم الإمام أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي على حديث زهير بالنكارة.

قال حنبل: حدثني أبو عبد الله، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا زهير، عن موسى بن جبير، عن نافع، عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن آدم لما أهبط إلى الأرض

» الحديث.

قال أبو عبد الله: هذا منكر، إنما يُروى عن كعب

(2)

.

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه معاذ بن خالد العسقلاني عن زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن آدم أهبطه الله إلى الأرض

» الحديث.

قال أبي: هذا حديث منكر

(3)

.

وقال البيهقي: تفرد به زهير بن محمد عن موسى بن جبير، عن نافع. ورواه موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن كعب قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم فذكر بعض هذه القصة وهذا أشبه

(4)

.

(1)

الطبري في تفسيره (1685).

(2)

منتخب العلل للخلال (194).

(3)

العلل لابن أبي حاتم (1699).

(4)

السنن الكبرى (10/ 5).

ص: 120

وقال أيضاً: ورويناه من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عمر موقوفاً عليه وهو أصح فإن ابن عمر إنما أخذه من كعب

(1)

.

(1)

شعب الإيمان (1/ 441 ح 161).

ص: 121

‌زهير بن معاوية (أبو خيثمة)

‌اسمه ونسبه:

زهير بن معاوية بن حُديج بن الرُّحيل بن زهير بن خيثمة الجعفي، أبو خيثمة الكوفي، سكن الجزيرة.

إمام حافظ ثقة ثبت بالإجماع.

روى عن: أبي إسحاق السبيعي وسليمان التيمي وعاصم الأحول والأسود بن قيس وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري وخلق كثير.

وعنه: عبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، وأبو داود الطيالسي، ويحيى بن آدم وغيرهم.

قال معاذ بن معاذ: والله ما كان سفيان بأثبت من زهير.

وقال شعيب بن حرب: كان زهير أحفظ من عشرين مثل شعبة.

وقال بشر بن عمر الزهراني، عن ابن عيينة: عليك بزهير بن معاوية فما بالكوفة مثله.

وقال أحمد بن حنبل: كان من معادن الصدق.

وقال يحيى بن معين: ثقة.

ص: 122

وقال أبو زرعة: ثقة إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط.

وقال العجلي: ثقة مأمون.

وقال النسائي: ثقة ثبت.

وقال أبو حاتم: زهير أحب إلينا من إسرائيل في كل شيء إلا في حديث أبي إسحاق فقيل له: فزائدة وزهير؟

قال: زهير أتقن من زائدة وهو أحفظ من أبي عوانة، وزهير حافظ متقن صاحب سنّة وهو أحب إليّ من جرير وخالد الواسطي.

وقال ابن منجويه: مات سنة (177) وكان حافظاً متقناً وكان أهل العراق يقدمونه في الإتقان على أقرانه.

وقال ابن سعد: توفي آخر سنة (72) وكان ثقة ثبتاً مأموناً كثير الحديث.

قال ابن حجر: ثقة ثبت إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة، من السابعة.

قلت: روى له البخاري مع المكرر نحواً من (51) حديثاً، تسعة عشر منها من حديثه عن أبي إسحاق

(1)

وستة من حديثه عن حميد الطويل

(2)

وخمسة من حديثه عن يحيى بن سعيد.

(1)

البخاري (40، 155، 249، 976، 1591، 2588، 2772، 2874، 3359، 3419، 3740، 3764، 3840، 3920، 4142، 4285، 4590، 4620، 4724، ط البغا).

(2)

البخاري (692، 1944، 2015، 2863، 2717، 6136).

ص: 123

‌الحديث الأول

(1)

:

634 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 266): حدثنا أحمد بن عبد الملك، حدثنا زهير، حدثنا حميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه قال:

كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها! فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أُحد أو مثل الجبال ذهباً ما بلغتم أعمالهم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبد الملك من رجال البخاري وقد أثنى عليه أحمد بن حنبل وأبو حاتم وغيرهما.

وقد تابعه في روايته هذه عن زهير أحمد بن يونس

(2)

قاله يحيى بن معين

(3)

.

والحديث أخرجه كذلك الضياء في المختارة (2046) وابن

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني، أبو يحيى الأسدي، ثقة تكلم فيه بلا حجة، من العاشرة، مات سنة 221، روى له البخاري.

حميد بن أبي حميد الطويل: تقدم.

(2)

أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي الكوفي، ثقة حافظ من كبار العاشرة، مات سنة 227 وله 94 سنة، روى له البخاري ومسلم.

(3)

في تاريخه (1/ 390 رواية الدوري).

ص: 124

عساكر في تاريخ دمشق (35/ 270) كلاهما من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن أحمد بن عبد الملك به.

هكذا رواه زهير، عن حميد الطويل، عن أنس، والصحيح إنما هو حميد، عن الحسن البصري قاله يحيى بن معين، وأبو حاتم، وهكذا رواه أبو غسان عن زهير بن معاوية

(1)

.

ورواه جرير بن حازم، عن الحسن البصري

(2)

.

قال يحيى بن معين في تاريخه: «حدّث زهير عن حميد، عن الحسن قال: وقع بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف كلام. هذا هو الصواب، قال يحيى: حدثني به أبو غسان.

وأما أحمد بن يونس فحدّث به عن زهير، عن حميد، عن أنس قال: وقع بين خالد وعبد الرحمن كلام، قال يحيى: فقلت لأحمد بن يونس: إنما هو عن حميد، عن الحسن، فقال أحمد: هكذا وقع في كتابي».

وقال ابن أبي حاتم في العلل (2590): «وسألت أبي عن حديث رواه زهير عن حميد، عن أنس قال: كان بين خالد

إلخ .. قال أبي: هذا خطأ، إنما هو حميد، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مرسل».

(1)

تاريخ ابن معين (1/ 390).

(2)

تاريخ دمشق (35/ 270).

ص: 125

‌الحديث الثاني

(1)

:

635 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 346): حدثنا أسود بن عامر، حدثنا زهير، عن واصل بن حيان البجلي، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«الكمأة دواء للعين، وإن العجوة من فاكهة الجنة، وإن هذه الحبة السوداء قال ابن بريدة: يعني الشونيز الذي يكون في الملح دواءٌ من كل داء إلا الموت» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5676) من طريق أسود بن عامر به.

هكذا رواه زهير فقال: (عن واصل بن حيان، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه).

(1)

رجال الإسناد:

الأسود بن عامر أبو عبد الرحمن الشامي نزيل بغداد، ويلقب شاذان، ثقة، مات سنة 208، روى له البخاري ومسلم.

واصل بن حيان الأحدب الأسدي الكوفي بياع السابري، ثقة ثبت، مات سنة 120، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي، أبو سهل المروزي قاضيها، ثقة، مات سنة 105، وقيل: 115 وله 100 سنة، روى له البخاري ومسلم.

بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الأسلمي، قيل: اسمه عامر وبريدة لقبه، صحابي أسلم قبل بدر، مات سنة 63، وحديثه في الصحيحين.

ص: 126

خالفه محمد بن عبيد الطنافسي

(1)

، ويعلى بن عبيد

(2)

، وعبدة بن سليمان

(3)

، ومحمد بن عبد الله بن نمير

(4)

فقالوا: (عن صالح بن حيان

(5)

، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه).

فذكر أئمة الحديث وحفّاظه أن زهيراً أخطأ في إسناد هذا الحديث فقال: (واصل) والصحيح هو (صالح بن حيان) كما رواه غير واحد عنه، بل قال بعضهم: إن زهيراً لم يدرك واصلاً.

قال أبو حاتم كما في العلل لابنه (2/ 232): (أخطأ زهير مع إتقانه هذا هو صالح بن حيان وليس هو واصل، وصالح بن حيان ليس بالقوي هو شيخ، ولم يدرك زهير واصلاً).

وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 686):

(قال أحمد وأبو داود: انقلب على زهير اسم صالح بن حيان فقال: واصل، يعني إنما يروي عن صالح بن حيان فسماه واصلاً.

وقال ابن معين: سمع منهما معاً فجعلهما واحداً، وسماه واصل بن حيان.

وقال أبو حاتم: زهير مع إتقانه أخطأ في هذا ولم يسمع من واصل بن حيان ولم يدركه، إنما سمع من صالح بن حيان).

(1)

أحمد (5/ 351) والروياني في مسنده (23) والفاكهي في أخبار مكة (1011).

(2)

الروياني (59).

(3)

ابن عدي في الكامل (4/ 1371).

(4)

أبو يعلى كما في إتحاف الخيرة (5287).

(5)

صالح بن حيان القرشي الكوفي، ضعيف من السادسة، روى له ابن ماجه في التفسير.

ص: 127

قال ابن رجب: وهذا يوافق قول أحمد وأبي داود ويخالف قول ابن معين.

فعلى قول يحيى يتوقف في رواية زهير عن واصل بن حيان حتى يعرف الحديث عند غيره عن واصل.

وأما على قول أحمد ومَن وافقه فروايات زهير عن واصل ضعيفة ولا بد لأنها عن صالح بن حيان من غير تردد، وصالح بن حيان القرشي فيه ضعف، وواصل بن حيان ثقة. اه.

‌أثر الوهم:

واصل بن حيان ثقة من رجال الشيخين، وصالح بن حيان ضعيف، فوهم زهير فقلب الإسناد من ضعيف إلى إسناد صحيح على شرط الشيخين.

وقد جاء الحديث مختصراً على الحبة السوداء بإسناد رجاله رجال الصحيح وذلك فيما أخرجه أحمد (5/ 354) عن زيد بن الحباب عن حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه.

وقوله: «الكمأة دواء للعين» قد أخرجه البخاري في صحيحه (5708) ومسلم في صحيحه (2049) من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين» .

وقوله: «إن هذه الحبة السوداء

» قد أخرجه البخاري في صحيحه (5687، 5688) من حديث عائشة وأبي هريرة بلفظ: «إن

ص: 128

هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام» قلت: وما السام؟ قال: «الموت» .

وأخرجه مسلم (2215) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وقوله: «العجوة من فاكهة الجنة» فقد أخرجه الترمذي (2068) والنسائي في الكبرى (6671) وابن ماجه (3455) من طرق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: « .. والعجوة من الجنة وهي شفاء من السم» وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وأخرجه أحمد (3/ 48) وابن ماجه (3453) من طريق شهر بن حوشب عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم.

ص: 129

‌الحديث الثالث

(1)

:

636 -

قال أبو داود رحمه الله (970): حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ثنا زهير، ثنا الحسن بن الحُرِّ عن القاسم بن مخيمرة قال: أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله فعلّمه التشهد في الصلاة فذكر مثل دعاء حديث الأعمش:«إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير الحسن بن الحر، وهو ثقة. وأخرجه الطيالسي (275) وابن الجعد في مسنده (2953) عن زهير به.

وأخرجه أحمد (1/ 422) من طريق يحيى بن آدم، والدارمي (1341) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، وابن حبان (1961) من طريق عبد الرحمن بن عمرو البجلي، والدارقطني (1/ 353) من طريق

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل، أبو جعفر النفيلي الحراني، ثقة حافظ، من كبار العاشرة، مات سنة 234، روى له البخاري.

زهير: تقدم.

الحسن بن الحر بن الحكم الجعفي أو النخعي الكوفي أبو محمد نزيل دمشق، ثقة فاضل، من الخامسة، مات سنة 130، روى له أبو داود والنسائي.

القاسم بن مخيمرة أبو عروة الهمداني الكوفي نزيل الشام، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة 100، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات سنة 60 وقيل بعد 70، روى له البخاري ومسلم.

ص: 130

موسى بن داود، والحاكم في معرفة علوم الحديث (70) من طريق عاصم بن علي، والبيهقي (2/ 174) من طريق يحيى بن يحيى بن عبد الرحمن النيسابوري، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 275) وفي شرح مشكل الآثار (3800) من طريق أبي نعيم وأبي غسان، وأحمد بن عبد الله بن يونس، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (2/ 38) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، والخطيب في الفصل للوصل (1/ 109 - 113) من طريق يحيى بن أبي بكير وغيره كلهم عن زهير بن معاوية به.

هكذا رواه زهير عن الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: «إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك

».

خالفه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان

(1)

فرواه عن الحسن بن الحر بهذا الإسناد وفصل كلام النبي صلى الله عليه وسلم من قول ابن مسعود.

فقال في آخر الحديث: وقال ابن مسعود: إذا فرغت من هذا فقد فرغت من صلاتك فإن شئت فاثبت وإن شئت فانصرف.

ورواه حسين بن علي الجعفي

(2)

، ومحمد بن عجلان

(3)

،

(1)

ابن حبان (1962) والطبراني في الكبير (9924) والأوسط (4389) ومسند الشاميين (164) والدارقطني (1/ 354) والحاكم في معرفة علوم الحديث (77) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 110 - 112) وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 54).

(2)

أحمد (1/ 450) وابن أبي شيبة (1/ 291) وابن حبان (1963) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3799) والطبراني في الكبير (9925) والدارقطني (1/ 352) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 113).

(3)

الطبراني في الكبير (9923) والدارقطني (1/ 322) والخطيب (1/ 114).

ص: 131

ومحمد بن أبان

(1)

عن الحسن بن الحر هذا الحديث فاكتفوا بذكر المرفوع ولم يذكروا آخر الحديث الذي هو من قول ابن مسعود.

وهم زهير فأدرج كلام عبد الله بن مسعود في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في رواية الجماعة عنه.

ورواه شبابة بن سوار

(2)

عن زهير بمثل رواية ابن ثوبان فميّز قول ابن مسعود من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه أحمد بن يونس

(3)

، وأحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني

(4)

، وأبو بلال الأشعري

(5)

ثلاثتهم عن زهير دون ذكر آخر الحديث الذي هو من قول ابن مسعود.

وروى هذا الحديث أصحاب عبد الله بن مسعود فلم يذكر أحد منهم هذه الزيادة المدرجة وهو قوله: «فإذا قضيت» ، منهم: أبو وائل شقيق بن سلمة الأزدي

(6)

، وعبد الله بن سخبرة

(7)

، وأبو الأحوص عوف بن مالك

(8)

، والأسود بن يزيد

(9)

، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود

(10)

.

(1)

الدارقطني (1/ 352) إلا أن ابن حبان ذكر في صحيحه (5/ 295) أنه ضعيف.

(2)

الدارقطني (1/ 353) والبيهقي (2/ 174) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 110).

(3)

الطبراني في الكبير (9925).

(4)

الطبراني (9925).

(5)

الطبراني (9925).

(6)

البخاري (831)(835)(6230)(6328)(7381) ومسلم (402)(56 - 58).

(7)

البخاري (6265) ومسلم (402)(59).

(8)

الترمذي (1105) وابن ماجه (899) والنسائي (2/ 238) وأحمد (1/ 413) وابن حبان (1950)(1951).

(9)

الترمذي (289) والنسائي (2/ 237) وابن ماجه (899) وابن خزيمة (702)(708) وابن حبان (1950).

(10)

أحمد (1/ 413) وابن ماجه (899).

ص: 132

لذا قال ابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي والخطيب وغيرهم إن آخر الحديث إنما هو مدرج من قول ابن مسعود.

عقد ابن حبان في صحيحه باب ذكر البيان بأن قوله: «فإذا قلت هذا فقد قضيت ما عليك، إنما هو قول ابن مسعود ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أدرجه زهير في الخبر»

(1)

.

وقال الدارقطني: «رواه زهير بن معاوية عن الحسن بن الحر فزاد في آخره كلاماً وهو قوله: (إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت صلاتك .. ) فأدرجه بعضهم عن زهير في الحديث ووصله بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وفصله شبابة عن زهير وجعله من كلام عبد الله بن مسعود، وقوله أشبه بالصواب من قول مَنْ أدرجه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأن ابن ثوبان رواه عن الحسن بن الحر كذلك وجعل آخره من قول ابن مسعود، ولاتفاق حسين الجعفي وابن عجلان ومحمد بن أبان في روايتهم عن الحسن بن الحر على ترك ذكره في آخر الحديث مع اتفاق كل مَنْ روى التشهد عن علقمة وغيره عن عبد الله بن مسعود على ذلك، والله أعلم»

(2)

.

وقال أيضاً في موضع آخر: «ورواه الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة عن علقمة عن عبد الله.

حدّث به عنه محمد بن عجلان والحسين بن علي الجعفي وزهير بن معاوية وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.

فأما ابن عجلان وحسين الجعفي فاتفقا على لفظه.

(1)

صحيح ابن حبان (5/ 293) ثم ذكر عقبه حديث ابن ثوبان.

(2)

في السنن (1/ 352).

ص: 133

وأما زهير فزاد عليهما في آخره كلاماً أدرجه بعض الرواة عن زهير في حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: «إذا قضيت هذا أو فعلت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم» .

ورواه شبابة بن سوار عن زهير ففصل بين لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه عن زهير. قال ابن مسعود هذا الكلام.

وكذلك رواه ابن ثوبان عن الحسن بن الحر وبيّنه وفصل كلام النبي صلى الله عليه وسلم من كلام ابن مسعود وهو الصواب»

(1)

.

وقال الحاكم: «هكذا رواه جماعة عن زهير وغيره عن الحسن بن الحر، وقوله: إذا قلت هذا، مدرج في الحديث من كلام عبد الله بن مسعود فإن سنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقضي بانقضاء التشهد والدليل عليه (ثم أورد حديث ابن ثوبان) ثم قال: فقد ظهر لمَن رزق الفهم أن الذي ميّز كلام عبد الله بن مسعود من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتى بالزيادة الظاهرة، والزيادة من الثقة مقبولة»

(2)

.

وقال يحيى بن يحيى النيسابوري بعد أن روى هذا الحديث عن أبي خيثمة زهير بن معاوية إلى قوله: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين).

قال أبو خيثمة: وزادني في هذا الحديث بعض أصحابنا عن الحسن: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

قال أبو الحسن: بلغ حفظي عن الحسن في بقية الحديث: (إذا

(1)

العلل (5/ 127 - 128).

(2)

معرفة علوم الحديث (ص 200).

ص: 134

فعلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئته أن تقعد فاقعد)

(1)

.

قال البيهقي معقباً: هذا حديث قد رواه جماعة عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، وأدرجوا الحديث في أوله، وقد أشار يحيى بن يحيى إلى ذهاب بعض الحديث عن زهير في حفظه عن الحسن بن الحر، ورواه أحمد بن يونس عن زهير وزعم أن بعض الحديث انمحى من كتابه أو حرق، ورواه شبابة بن سوار عن زهير وفصل آخر الحديث من أوله وجعله من قول عبد الله بن مسعود وكأنه أخذه عنه قبل ذهابه مِنْ حفظه أو من كتابه.

ثم قال البيهقي: «أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنبأنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال: وهم زهير في روايته عن الحسن بن الحر وأدرج في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس من كلامه»

(2)

.

وقال البيهقي في المعرفة: قد ذهب الحفاظ إلى أن هذا وهم وأن قوله: إذا فعلت هذا

من قول ابن مسعود فأدرج في الحديث

(3)

.

قال الخطيب: كذا روى هذا الحديث أبو داود الطيالسي عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، ووافقه عليه موسى بن داود الضبي، وأبو النضر هاشم بن القاسم الكناني، ويحيى بن أبي بكير الكرماني، وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، وأحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وعلي بن الجعد البغدادي، فرووه سبعتهم

(4)

عن زهير كرواية أبي داود عنه.

(1)

السنن الكبرى (2/ 174).

(2)

المصدر السابق.

(3)

معرفة السنن والآثار (2/ 38).

(4)

بل اثنا عشر كما سبق في التخريج.

ص: 135

وقوله في المتن: فإذا قلت ذلك فقد تمت صلاتك، وما بعده إلى آخر الحديث، ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قول ابن مسعود أدرج في الحديث، وقد بيّنه شبابة بن سوار في روايته عن زهير بن معاوية وفصل كلام ابن مسعود من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك رواه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحر مفصلاً مبيناً.

وذكر الشهادتين أيضاً مدرج، وكان زهير قد ذهب من كتابه فكان ربما رواه عن رجل عن الحسن بن الحر وربما أدرجه

(1)

.

وقال النووي في الخلاصة: اتفق الحفاظ على أنها مدرجة.

وقد ذكر أهل الحديث حديث زهير هذا مثالاً للمدرج

(2)

.

وقال الألباني: هذه الزيادة معلّة بعلتين:

الأولى: عدم تثبت زهير بن معاوية من حفظها فكان تارة يرفعها بإدراجها في الحديث لا صراحة وعليه أكثر الرواة عنه، وتارة يوقفها مصرحاً بأنها من قول ابن مسعود في رواية شبابة الثقة.

والأخرى: شذوذها عن رواية الجماعة من أصحاب ابن مسعود الذين رووا الحديث عنه دون هذه الزيادة

(3)

.

(1)

الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 103 - 104).

(2)

مقدمة ابن الصلاح (1/ 97) والنكت على ابن الصلاح (2/ 815) وتدريب الراوي (1/ 268) وفتح المغيث (1/ 244) واليواقيت والدرر (2/ 22) وتوضيح الأفكار (2/ 63).

(3)

صحيح سنن أبي داود (4/ 122).

ص: 136

‌علة الوهم:

قد بيّنه يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس وهما ممن روى هذا الحديث عن زهير فذكرا أن زهير قد ذهب عليه بعض هذا الحديث فاستعاده من بعض أصحابه وذلك لأنه انمحى من كتابه فرواه عنه شبابة بن سوار وهو على الوجه الصحيح، ورواه اثنا عشر من أصحابه على الوهم مما يجعل حمل الوهم على زهير لا على غيره في هذا الحديث، والله تعالى أعلم.

‌أثر الوهم:

1 استدل به الحنفية

(1)

على صحة صلاة مَنْ أحدث عمداً في الجلسة الأخيرة للتشهد ويكون حدثه كسلامه.

2 أن التشهد والسلام ليسا فرضين.

(1)

شرح مشكل الآثار (9/ 412) وعمدة القاري (24/ 109) وشرح فتح القدير (1/ 276) وتبيين الحقائق (1/ 204).

ص: 137

‌الحديث الرابع

(1)

:

637 -

قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 212): حدثنا روح بن الفرج قال: ثنا عمرو بن خالد قال: ثنا زهير بن معاوية قال: ثنا أبو إسحاق، عن مالك بن الحارث قال:

صلّى بنا عبد الله بن عمر بالمزدلفة صلاة المغرب بإقامة ليس معها أذان ثلاث ركعات ثم سلّم ثم قال: الصلاة، ثم قام فصلّى العشاء ركعتين ثم سلّم فقال له مالك بن الحارث: ما هذه الصلاة يا أبا عبد الرحمن؟ قال: صلّيت هاتين الصلاتين مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المكان ليس معهما أذان.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير روح بن الفرج ثقة من أوثق الناس رفعه الله بالعلم والصدق، شيخ الطحاوي في القراءات

(2)

.

هكذا قال زهير بن معاوية: (عن أبي إسحاق، عن مالك بن الحارث، عن ابن عمر).

(1)

رجال الإسناد:

روح بن الفرج القطان أبو الزنباع المصري، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة 282 وله 84 سنة.

عمرو بن خالد بن فروخ بن سعيد التميمي، ويقال: الخزاعي، نزيل مصر، ثقة، من العاشرة، مات سنة 229، روى له البخاري.

أبو إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله بن عبيد، ثقة مكثر عابد، انظره في بابه.

مالك بن الحارث السلمي الرقي، ويقال: الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة 94، روى له مسلم.

(2)

انظر طبقات الفقهاء (ص 98) ووفيات الأعيان (2/ 291).

ص: 138

خالفه شعبة

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، وإسرائيل

(3)

، وشريك

(4)

، وأبو الأحوص

(5)

، وحديج بن معاوية

(6)

فقالوا: (عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مالك

(7)

، عن ابن عمر).

قلب زهير عبد الله بن مالك إلى مالك بن الحارث ولم يتابع على ذلك.

وزهير بن معاوية ممن سمع من أبي إسحاق بأخرة، وشعبة وسفيان من أوثق الناس في أبي إسحاق وشريك سماعه من أبي إسحاق قديم.

قال ابن رجب: قال الميموني: قلت لأبي عبد الله: كان أبو إسحاق قد تأخر؟ قال: إي والله هؤلاء الصغار زهير وإسرائيل يزيدون في الإسناد وفي الكلام

(8)

.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: زهير سمع بآخره من أبي

(1)

أحمد (2/ 78)، (2/ 152) والبخاري في التاريخ الكبير تعليقاً (5/ 203) والطحاوي (8/ 212) وأبو نعيم في الحلية (7/ 187).

(2)

الترمذي (887) وأبو داود (1929) وأحمد (2/ 18) وأبو يعلى (5792) والطحاوي (2/ 212) والبيهقي (1/ 401) ومحمد بن الحسن الشيباني في كتاب الحجة على أهل المدينة (1/ 439).

(3)

البيهقي (1/ 401).

(4)

أبو داود (1930) والبيهقي (1/ 401) وجمع شريك سعيد بن جبير مع عبد الله بن وائل.

(5)

ذكره الدارقطني تعليقاً في العلل (4/ 72/ ب).

(6)

المصدر السابق.

(7)

عبد الله بن مالك بن الحارث الهمداني الكوفي، مقبول من الثالثة، روى له أبو داود والترمذي.

(8)

شرح علل الترمذي (2/ 710).

ص: 139

إسحاق، وقال: زهير وزكريا وإسرائيل ما أقربهم من أبي إسحاق في حديثهم عنه لين، ولا أراه إلا من أبي إسحاق

(1)

.

قال البرذعي: سمعت أبا زرعة يقول: سماع يونس وزكريا وزهير عن أبي إسحاق بعد الاختلاط

(2)

.

والله تعالى أعلم، وتقدم الحديث في باب سفيان الثوري

(3)

فانظره.

(1)

سؤالات أبي داود للإمام أحمد (ص 309 - 310).

(2)

سؤالات البرذعي لأبي زرعة (2/ 346).

(3)

ح رقم (23).

ص: 140

‌الحديث الخامس

(1)

:

638 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 469): حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن مجاشع رضي الله عنه قال:

قدمت بأخي معبد على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفتح فقلت: يا رسول الله جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة، فقال:«ذهب أهل الهجرة بما فيها» قلت: على أي شيء تبايعه؟ قال: «على الإسلام والإيمان والجهاد» .

قال: فلقيت معبداً بعد وكان أكبرهما فسألته فقال: صدق مجاشع.

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط البخاري، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبد الملك بن واقد من رجال البخاري.

وأخرجه أبو عوانة (7227) من طريق عمرو بن خالد، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2617) من طريق النفيلي، والطبراني في الكبير (20/ 766) من طريق أبي جعفر النفيلي وعمرو بن خالد.

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني، أبو يحيى الأسدي، ثقة تكلم فيه بلا حجة، من العاشرة، مات سنة 221، روى له البخاري.

عاصم بن سليمان الأحول، ثقة من الرابعة، مات سنة 140، روى له البخاري ومسلم.

أبو عثمان النهدي: عبد الرحمن بن مل مشهور بكنيته مخضرم من كبار الثانية، ثقة ثبت عابد، مات سنة 95 وقيل بعدها، وعاش 130 سنة وقيل أكثر، روى عنه البخاري ومسلم.

ص: 141

كلاهما عن زهير به فيه أن اسم أخيه (معبد).

ورواه البخاري في صحيحه (4305) و (4306) عن عمرو بن خالد عن زهير به، إلا أن البخاري اكتفى بقوله:(بأخيه) ولم يذكر اسمه لعلمه بوهمه، ثم في آخر الحديث قال: فلقيت أبا معبد بعد وكان أكبرهما.

هكذا قال زهير في روايته هذه عن عاصم أن أخا مجاشع بن مسعود اسمه (معبد) ووهم في قوله.

وخالفه محمد بن فضيل

(1)

وعلي بن مسهر

(2)

وعمرو بن أبي قيس

(3)

فرووه عن عاصم فقالوا: (أبا معبد) وهذا هو الصحيح.

فإن كنيته أبو معبد واسمه مجالد بن مسعود.

وكذلك رواه خالد الحذاء

(4)

عن أبي عثمان عن مجاشع فقال: جاء بأخيه مجالد.

وأبو عامر العقدي عن قرة بن خالد عن مجاشع فقال كذلك

(5)

.

وهم زهير فيما رواه عنه عمرو بن خالد وأبو جعفر النفيلي فقال: معبد، وقد رواه الإمام البخاري من طريق عمرو فحذف ذلك عمداً واكتفى بقوله: بأخيه.

(1)

البخاري (2963) و (2964) ومسلم (1863).

(2)

مسلم (1863).

(3)

أبو عوانة (7225).

(4)

البخاري (3078) و (3079) وأحمد (5/ 71).

(5)

معجم الصحابة (1045).

ص: 142

وروى أبو غسان عن زهير هذا الحديث فقال: جاء مجاشع بأخيه مجالد، فأصاب اسمه هنا

(1)

.

قال الدارقطني: «يرويه أبو عثمان النهدي واختلف عنه:

فرواه خالد الحذاء عن أبي عثمان عن مجاشع قال: جئت بأخي مجالد بن مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه عاصم الأحول عن أبي عثمان عن مجاشع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بأخي أبي معبد.

قال ذلك علي بن مسهر عن عاصم.

وقال زهير عن عاصم عن أبي عثمان: حدثني مجاشع جئت بأخي معبد.

وقول علي بن مسهر أصح»

(2)

.

قلت: ورواه إسماعيل بن زكريا عن عاصم عن أبي عثمان عن مجاشع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أبايعه على الهجرة فوهم إنما أتاه بأخيه

(3)

.

‌تنبيه:

قال الإمام أحمد في مسنده (3/ 468): حدثنا بكر بن عيسى قال: حدثنا أبو عوانة عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن

(1)

الحاكم في المستدرك (3/ 616).

(2)

في العلل (14/ 21).

(3)

انظر الحديث في: صحيح مسلم (1863).

ص: 143

مجاشع بن مسعود قال: انطلقت بأخي معبد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه تابع رواية زهير فوهم.

إلا أن أبا عوانة روى في مسنده (7228) هذا الحديث من طريق بكر بن عيسى أيضاً قال: حدثنا أبو عوانة عن عاصم به قال: جئت بأخي أبي معبد.

فكان الوهم إنما هو في رواية المسند وليس من أبي عوانة، والله أعلم.

ص: 144

‌سعيد بن أبي أيوب

‌اسمه ونسبه:

سعيد بن أبي أيوب، واسمه مقلاص الخزاعي مولاهم، أبو يحيى المصري.

روى عن: عقيل بن خالد، ويزيد بن أبي حبيب، ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل وجماعة.

روى عنه: ابن جريج وهو أكبر منه، وابن المبارك وابن وهب وغيرهم.

وثقه يحيى بن معين والنسائي وابن سعد وزاد كان ثبتاً، وغيرهم، وقال أحمد: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال ابن وهب وابن يونس: كان فقيهاً.

قال ابن حبان: ليس له عن تابعي سماع صحيح، وروايته عن زيد بن أسلم وأبي حازم إنما هي كتاب، مات سنة 161 أو 162.

قال ابن حجر: ثقة ثبت من السابعة.

ص: 145

‌الحديث

(1)

:

639 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 527): حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد، حدثني ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«خير الصدقة ما كان منها عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمَن تعول» .

فقيل: مَنْ أعول يا رسول الله؟

قال: «امرأتك ممن تعول، تقول: أطعمني وإلا فارقني، وجاريتك تقول: أطعمني واستعملني، وولدك يقول: إلى مَنْ تتركني» .

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن عجلان من رجال مسلم.

وأخرجه النسائي في الكبرى (9211) والدارقطني (3/ 295 -

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن يزيد المكي، أبو عبد الرحمن المقراء، أصله من البصرة أو الأهواز، ثقة فاضل، أقرأ القرآن نيفاً وسبعين سنة، مات سنة 213 وقد قارب المائة، وهو من كبار شيوخ البخاري، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن عجلان المدني، صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة 148، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، أبو عبد الله أو أبو أسامة المدني، ثقة عالم وكان يرسل، من الثالثة، مات سنة 136، روى له البخاري ومسلم.

ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة 101، روى له البخاري ومسلم.

ص: 146

296) والبيهقي (7/ 470) كلهم من طريق عبد الله بن يزيد عن سعيد به.

هكذا قال سعيد عن ابن عجلان عن زيد، عن أبي صالح عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: مَنْ أعول يا رسول الله؟ قال: «امرأتك ممن تعول

».

خالفه مغيرة بن عبد الرحمن

(1)

فرواه عن ابن عجلان بهذا الإسناد وفصله فجعل أول الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً وآخره من قول أبي هريرة موقوفاً عليه.

قال: قال زيد: فسئل أبو هريرة: مَنْ تعول يا أبا هريرة؟ قال: امرأتك تعول، تقول: أنفق عليّ أو طلِّقني، وعبدك يقول: أطعمني واستعملني، وابنك يقول: إلى مَنْ تذرني.

وقد روى الإمام البخاري هذا الحديث من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قالوا: يا أبا هريرة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، هذا من كيس أبي هريرة

(2)

.

وكذلك رواه سفيان بن عيينة

(3)

عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة وقال في آخره: قال: سعيد، ثم يقول: أبو هريرة إذا حدّث بهذا الحديث يقول ولدك: أنفق عليّ

الحديث.

(1)

النسائي في الكبرى (9210).

(2)

البخاري (5355) من طريق حفص بن غياث، وأحمد (2/ 252) من طريق أبي معاوية، والبيهقي (7/ 471) من طريق أبي أسامة ثلاثتهم عن الأعمش به.

(3)

الشافعي (2/ 63) ترتيب المسند، والبيهقي (7/ 470).

ص: 147

ورواه هشام بن سعد

(1)

عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة وقال في آخره: سئل أبو هريرة مَنْ تعول؟ قال: امرأتك

ورواه سفيان عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة وفيه: قال أبو هريرة: تقول امرأتك

(2)

.

هؤلاء فصلوا المرفوع من الموقوف على أبي هريرة.

وروى المرفوع منه فقط جمع من أصحاب أبي هريرة، منهم: سعيد بن المسيب

(3)

، وعروة بن الزبير

(4)

، وعطاء

(5)

، وابن سيرين

(6)

، وهمام

(7)

، ومحمد بن زياد القرشي

(8)

، ومحمد بن أبي سلمة

(9)

، والقاسم مولى يزيد

(10)

، وقيس بن أبي حازم

(11)

.

لذا قال البيهقي عقب الحديث: هكذا رواه سعيد بن أبي أيوب عن ابن عجلان، ورواه ابن عيينة وغيره عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه وجعل آخره من قول أبي هريرة.

(1)

أحمد (2/ 524).

(2)

ابن الجارود (751).

(3)

البخاري (1426)(5356).

(4)

البخاري (1428) تعليقاً.

(5)

عبد الرزاق (16403) وأحمد (2/ 230).

(6)

عبد الرزاق (16404) وأحمد (2/ 278).

(7)

عبد الرزاق (16405).

(8)

أحمد (2/ 288).

(9)

أحمد (2/ 501).

(10)

أحمد (2/ 362).

(11)

مسلم (1042).

ص: 148

وقال الحافظ في الفتح (9/ 500): (وقع في رواية النسائي من طريق محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح به فقيل: مَنْ أعول يا رسول الله؟ قال: «امرأتك» الحديث، وهو وهم، والصواب ما أخرجه من وجه آخر عن ابن عجلان به وفيه: فسئل أبو هريرة مَنْ تعول يا أبا هريرة).

وقد وهم في ذلك أيضاً عاصم بن بهدلة فرواه عن أبي صالح عن أبي هريرة وجعل الحديث كله مرفوعاً.

أخرجه ابن خزيمة في صحيحه

(1)

.

والله تعالى أعلم.

(1)

انظر ح (586).

ص: 149

‌سليمان بن كثير

‌اسمه ونسبه:

سليمان بن كثير العبدي، أبو داود، ويقال: أبو محمد البصري.

روى عن: حصين بن عبد الرحمن، والزهري، وحميد الطويل، وعمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم.

روى عنه: أخوه محمد بن كثير، وعبد الرحمن بن مهدي، وعفان، ويزيد بن هارون وغيرهم.

قال يحيى بن معين: ضعيف.

وقال النسائي: لا بأس به إلا في الزهري فإنه يخطاء عنه.

وقال أبو حاتم: يكتب حديثه.

وقال العجلي: جائز الحديث لا بأس به.

وقال العقيلي: مضطرب الحديث عن الزهري وهو في غيره أثبت.

وقال ابن حبان: كان يخطاء كثيراً، وأما روايته عن الزهري فقد اختلطت عليه صحيفته فلا يحتج بما ينفرد به عن الثقات.

ص: 150

وقال ابن عدي: لم أسمع أحداً قال في روايته عن غير الزهري شيئاً، قال: وله عن الزهري وعن غيره أحاديث صالحة ولا بأس به.

نعته الذهبي فقال: إمام مشهور ثقة.

قال ابن حجر: لا بأس به في غير الزهري.

قلت: لم يخرج له البخاري فيما وجدت إلا حديثاً واحداً واستشهد به في ستة مواضع

(1)

، ومسلم حديثاً واحداً في المتابعات (1684).

(1)

و (191، 1016، 1283، 1779، 6129، 6599).

ص: 151

‌الحديث

(1)

:

640 -

قال أبو محمد الدارمي في سننه (33): أخبرنا محمد بن كثير، عن سليمان بن كثير، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم إلى جذع قبل أن يجعل المنبر فلما جعل المنبر حنَّ ذلك الجذع حتى سمعنا حنينه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده عليه فسكن.

‌التعليق:

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الطبراني في الأوسط (5950) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ من طريق محمد بن كثير، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4184) و (4185) من طريق مسلم بن إبراهيم الأزدي، وأبي كامل الفضل بن حسين الجحدري، وابن عدي في الكامل (3/ 288) والواسطي في تاريخ واسط (1/ 162) وابن مردويه في جزء من حديث أبي الشيخ (72) من طريق علي بن عاصم، والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 576) من طريق سعيد بن سليمان كلهم عن سليمان بن كثير بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن كثير العبدي، البصري، ثقة لم يصب من ضعفه، من كبار العاشرة، مات سنة 223 وله 90 سنة، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: انظر ترجمته في بابه.

سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، من كبار الثانية، روى له البخاري ومسلم.

ص: 152

هكذا قال سليمان بن كثير: (الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن جابر).

لكن قال أبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني: إن هذا الإسناد وهم والصحيح هو (يحيى بن سعيد، عن حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك، عن جابر).

كذا رواه سليمان بن بلال

(1)

، ومحمد بن جعفر بن كثير

(2)

، وسويد بن عبد العزيز

(3)

.

وكذلك رواه سليمان بن كثير

(4)

أيضاً.

قال الطبراني في الأوسط (6/ 109): لم يروِ هذا الحديث عن الزهري إلا سليمان بن كثير، وكذلك قال ابن عدي في الكامل (3/ 288).

وقال ابن أبي حاتم في العلل (566): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سليمان بن كثير عن الزهري، وعن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع نخلة فحنّت. وذكر الحديث.

فقالا: هذا وهم، إنما هو يحيى بن سعيد عن حفص بن عبيد الله عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

البخاري (3585).

(2)

البخاري (918) ولم يسمِّه البخاري هنا بل قال: يحيى بن سعيد أخبرني ابن أنس أنه سمع جابراً وذلك لأن محمد بن جعفر كان يهم في اسمه فيقول: (عبيد الله بن حفص بن أنس).

(3)

ذكره الدارقطني في العلل (13/ 359).

(4)

الدارمي (34).

ص: 153

فأما حديث الزهري فهو عمن حدثه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

وقال أيضاً في العلل (573): (سألت أبي عن حديث رواه سليمان بن كثير عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر الحديث.

ورواه أيضاً سليمان بن كثير، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبي: جميعاً عندي خطأ، أما حديث الزهري فإنه يُروى عن الزهري عمّن سمع جابراً عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يسمي أحداً، ولو كان سمع من سعيد لبادر إلى تسميته ولم يكنّ عنه.

وأما حديث يحيى بن سعيد فإنما هو ما يرويه عامة الثقات عن يحيى، عن حفص بن عبيد الله بن أنس، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصحيح).

وسئل الدارقطني في العلل (13/ 358 - 359): «عن حديث سعيد بن المسيب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخطب إلى جذع نخلة

الحديث.

فقال: يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري واختلف عنه:

فرواه سليمان بن كثير عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عن جابر، وخالفه محمد بن جعفر بن أبي كثير.

(1)

رواه عبد الرزاق في المصنف (5253) عن معمر، عن الزهري، عن رجل سماه، عن جابر.

ص: 154

رواه عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن حفص بن أنس عن جابر.

ورواه سويد بن عبد العزيز عن يحيى بن سعيد عن حفص بن عبيد الله بن أنس عن جابر وهو الصواب.

‌علة الوهم:

1 ضعف رواية سليمان بن كثير عن شيخه الزهري، يقال: اختلطت عليه صحيفته التي كتبها عن الزهري فلذلك ضعّف أهل الحديث روايته عن الزهري.

قال النسائي: ليس به بأس إلا في الزهري فإنه يخطاء عليه.

وقال العقيلي: مضطرب الحديث عن ابن شهاب وهو في غيره أثبت.

وقال الحافظ: وقال الذهبي نحو ذلك قبله.

وقال ابن حبان: كان يخطاء كثيراً، وروايته عن الزهري فقد اختلطت عليه صحيفته فلا يحتج بشيء ينفرد به

(1)

.

2 أن الزهري يرويه عمّن حدثه عن جابر.

(1)

تهذيب التهذيب (4/ 189).

ص: 155

‌أبو الأحوص سلَّام بن سُليم

(1)

‌اسمه ونسبه:

سلَّام بن سُليم الحنفي مولاهم أبو الأحوص الكوفي.

روى عن: زياد بن علاقة، وسماك بن حرب، وأبي إسحاق السبيعي، وأشعث بن أبي الشعثاء، والأعمش، ومنصور، وعطاء بن السائب وجماعة.

روى عنه: عبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن آدم، وأبو داود الطيالسي، ووكيع، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وابنا أبي شيبة وجماعة.

‌ثناء أهل العلم عليه:

قال أبو بكر ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: ثقة متقن.

وقال الدارمي: قلت ليحيى: أبو الأحوص أحب إليك أو أبو بكر ابن عياش؟ قال: ما أقربهما.

(1)

مصادر الترجمة:

العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد (3147)(3149) والجرح والتعديل (1121) وتهذيب الكمال (2640) وسير أعلام النبلاء (8/ 81).

ص: 156

وقال أحمد بن حنبل: ليس به بأس.

وقال مرة: هو ثقة ربما أخطأ الشيء.

وقال أبو زرعة والنسائي: ثقة.

وقال أبو زرعة أيضاً: صدوق، دون زهير وزائدة في الإتقان.

وقال ابن سعد: كان كثير الحديث صالحاً فيه.

وقال العجلي: كوفي ثقة وكان صاحب سنّة واتباع .. وكان حديثه نحو أربعة آلاف حديث.

وقال عبد الرحمن بن مهدي: هو أثبت من شريك.

وقال ابن حجر: ثقة متقن صاحب حديث، مات سنة 179، من السابعة.

قلت: روى له البخاري نحو العشرين حديثاً

(1)

. ومسلم نحو اثنين وخمسين حديثاً

(2)

.

(1)

البخاري (718، 940، 1081، 1093، 1507، 2701، 2870، 3036، 3117، 4192، 4441، 4880، 5223، 5394، 5672، 6031، 6079، 6264، 6806، 6816، 7050) ط البغا.

(2)

مسلم (1/ 11، 43، 58، 68، 123، 200، 226، 228، 239، 258، 262، 325، 358، 374، 380، 411، 433، 445، 464، 483، 511، 529، 554، 2/ 589، 591، 604، 654، ..... ، 3/ 1242، 1472، 1494، 1659، 4/ 1718، 1733، 1826، 1962، .... ، 2239، 2284).

ص: 157

‌الحديث الأول

(1)

:

641 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (5443): حدثنا مُسَدَّدٌ حدثنا أبو الأحوص حدثنا سعيدُ بن مسرُوقٍ عن عَبَايَة بن رِفَاعَة عن أبيه عن جدِّه رافع بن خديجٍ قال:

قلت للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّنا نلقَى العدوَّ غداً وليسَ معَنا مُدًى؟ فقال: «ما أنْهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسمُ الله فكلوا ما لم يكُنْ سنٌّ ولا ظُفُرٌ وسأُحَدِّثُكُم عن ذلك، أمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وأمَّا الظُّفْرُ فمُدَى الحَبَشَةِ» وتَقَدَّم سَرَعَانُ الناس فأصَابُوا من الْغَنَائِمِ والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في آخرِ الناس فنصَبُوا قُدُوراً فأمرَ بها فأُكْفِئَتْ وقسَمَ بينَهُمْ وعَدَلَ بعِيراً بِعَشْرِ شِيَاهٍ ثُمَّ ندَّ بعيرٌ من أوائِلِ القَوْمِ ولم يكُنْ معَهُم خيْلٌ فرمَاهُ رَجُلٌ بسَهْمٍ فحبَسَهُ الله فقال: «إنَّ لهذِهِ البَهَائِمِ أوابِدَ كأوَابِدِ الوَحْشِ فما فَعَلَ منها هذا فَافْعَلُوا مِثْلَ هذا» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

(1)

رجال الإسناد:

مسدد بن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري، ثقة حافظ، يقال: إنه أول مَنْ صنّف المسند بالبصرة، من العاشرة، مات سنة 228، روى له البخاري.

سعيد بن مسروق الثوري، والد سفيان، ثقة من السادسة، مات سنة 126 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج الأنصاري الزرقي، أبو رفاعة المدني، ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

رفاعة بن رافع بن خديج الأنصاري الحارثي المدني، ثقة من الثالثة، روى له البخاري.

رافع بن خديج بن رافع بن عدي الحارثي الأوسي الأنصاري (صحابي) أول مشاهده أُحد ثم الخندق، مات سنة 73 أو 74 وحديثه في الصحيحين.

ص: 158

وأخرجه ابن أبي شيبة (5/ 387) وفي مسنده (63) عن أبي الأحوص به.

وأخرجه أبو داود (2821) والترمذي (1491)(1492)(1600) والنسائي (7/ 226) وفي الكبرى (4125)(4493) والطبراني في الكبير (4385) والبيهقي (9/ 247) والدارقطني في أطراف الغرائب (3/ 64) وابن عبد البر في التمهيد (5/ 152) من طرق عن أبي الأحوص به.

هكذا قال أبو الأحوص: (عن سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن أبيه، عن جده رافع بن خديج).

خالفه جمع من أصحاب سعيد بن مسروق فقالوا: (عن سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن جده رافع بن خديج)، منهم: ابنه سفيان الثوري

(1)

، وشعبة

(2)

، وأبو عوانة

(3)

، وعمر بن عبيد الطنافسي

(4)

، وإسماعيل بن مسلم

(5)

، وعمر بن سعيد بن مسروق

(6)

، ومبارك بن سعيد بن مسروق

(7)

، وزائدة بن قدامة

(8)

، وداود بن عيسى

(1)

البخاري (2507) و (5506)(5509) ومسلم (1968).

(2)

البخاري (5503) ومسلم (1968) وأحمد (3/ 464).

(3)

البخاري (2488)(3075)(5498).

(4)

البخاري (5544).

(5)

مسلم (1968).

(6)

الشافعي في مسنده (ص 340) والحميدي (411) وأبو عوانة (7776) والطبراني في الكبير (4391) والبيهقي (9/ 747).

(7)

الطبراني في الكبير (4393).

(8)

مسلم (1968).

ص: 159

الكوفي

(1)

، والإمام أبو حنيفة

(2)

، وحبيب بن حبيب

(3)

، وحسان بن إبراهيم

(4)

، وإسرائيل

(5)

، ومندل بن علي

(6)

، وحماد بن شعيب الحماني

(7)

.

زاد أبو الأحوص: رفاعة بن رافع في الإسناد والد عباية فجعله من رواية رفاعة عن أبيه عن جده، والصحيح أنه من رواية رفاعة عن جده.

وتابعه على ذلك حسان بن إبراهيم في رواية عند البيهقي

(8)

وقد تقدم أنه تابع الجماعة كما هو عند الطبراني.

قال الترمذي: «رواه سفيان الثوري قال: حدثنا أبي عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عباية عن أبيه وهذا أصح، وعباية قد سمع من رافع»

(9)

.

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن أبيه، عن جده رافع بن

(1)

الطبراني في الكبير (4386) والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 26) والإسماعيلي في معجم شيوخه (1/ 334).

(2)

في مسنده (120) والطبراني في الكبير (4387).

(3)

الطبراني (4388).

(4)

الطبراني (4389).

(5)

الطبراني (4390).

(6)

الطبراني (4392).

(7)

المصدر السابق.

(8)

في السنن الكبرى (9/ 247).

(9)

سنن الترمذي (4/ 69 ح 1491).

ص: 160

خديج

قال أبي: روى هذا الحديث الثوري وغيره ولم يقولوا فيه: عن أبيه، قلت: فأيهما أصح؟ قال: الثوري أحفظ

(1)

.

وقال الدارقطني: تفرد به أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن عباية، عن أبيه، عن جده، وغيره يرويه عن سعيد عن عباية عن جده لا يذكر أباه

(2)

.

وقال الألباني: «ذكر أبي عباية في الإسناد شاذ، ورواية الجماعة أولى لكثرتهم وشهرتهم بالضبط والحفظ، لا سيما وفيهم ابن سعيد بن مسروق وهو الإمام سفيان الثوري والابن أضبط لحديث أبيه من غيره لكثرة ملازمته إياه، والله سبحانه وتعالى أعلم»

(3)

.

وقال أبو بكر ابن أبي شيبة: «لم يقل أحد في هذا السند عن أبيه غير أبي الأحوص»

(4)

.

قلت: وأبو الأحوص قال أبو حاتم: صدوق دون زائدة وزهير في الإتقان، وقال أيضاً: شريك وأبو عوانة وجرير كلهم أحب إلي من أبي الأحوص

(5)

.

وانظر: فتح الباري (9/ 625).

أما وجه إخراج الإمام البخاري حديث أبي الأحوص فإنه والله

(1)

العلل لابن أبي حاتم (1616).

(2)

أطراف الغرائب والأفراد (3/ 64).

(3)

صحيح سنن أبي داود (8/ 170).

(4)

فتح الباري (9/ 625).

(5)

الجرح والتعديل (4/ 2560).

ص: 161

أعلم أخرجه هنا لتصريح أبي الأحوص بسماعه من سعيد بن مسروق فقد رواه شعبة وأبو عوانة عن سعيد بالعنعنة وكذلك رواه وكيع وقبيصة عن سفيان الثوري عن أبيه، ورواه عنه يحيى القطان بالتحديث مثل رواية أبي الأحوص فذكرها متابعة لرواية يحيى عن سفيان.

ثم إن البخاري أخرج حديث أبي الأحوص في موضع واحد وأتبعه مباشرة بحديث عبيد الطنافسي وأخرج الرواية الصحيحة في ثمانية مواضع من حديث شعبة وسفيان وأبي عوانة وعبيد كما تقدم، والله تعالى أعلم.

ص: 162

‌الحديث الثاني

(1)

:

642 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (4/ 193): أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا عاصم بن يوسف قال: حدثنا أبو الأحوص، عن طلحة بن يحيى بن طلحة، عن مجاهد، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: «هل عندكم شيء؟» فقلت: لا، قال:«فإني صائم» ثم مرّ بي بعد ذلك اليوم، وقد أهدي إليّ حيس فخبأت له منه وكان يحب الحيس، قالت: يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس فخبأت لك منه، قال:«ادنيه، أما إني قد أصبحت وأنا صائم» فأكل منه، ثم قال:«إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وهو عند النسائي في الكبرى (2631) بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

عمرو بن منصور النسائي، أبو سعيد، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، روى له النسائي.

عاصم بن يوسف اليربوعي، أبو عمرو الخياط الكوفي، ثقة، من كبار العاشرة، مات سنة 220، روى له البخاري.

طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني، نزيل الكوفة، صدوق يخطاء، من السادسة، مات سنة 148، روى له مسلم.

مجاهد بن جبر أبو الحجاج المخزومي مولاهم المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، من الثالثة، مات سنة 101 أو 102 أو 103 أو 104 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 163

وقد وهم أبو الأحوص في سند الحديث ومتنه.

أولاً: في الإسناد:

في قوله: (عن طلحة بن يحيى، عن مجاهد، عن عائشة).

خالفه عبد الواحد بن زياد

(1)

، ووكيع

(2)

، وعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني

(3)

، وشعبة

(4)

، وسفيان الثوري

(5)

، ويحيى بن سعيد القطان

(6)

، وإسماعيل بن زكريا

(7)

، والقاسم بن معن

(8)

، ويعلى بن عبيد

(9)

، وجعفر بن عون

(10)

، وأبو نعيم

(11)

، وأبو معاوية محمد بن خازم

(12)

، وأبو أسامة حماد بن أسامة

(13)

، وعيسى بن يونس

(14)

.

هؤلاء كلهم رووه عن طلحة بن يحيى فقالوا: (عن طلحة، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن أم المؤمنين عائشة) وأكثرهم رووه مختصراً.

(1)

مسلم (1154).

(2)

مسلم (1154).

(3)

أبو نعيم في المستخرج على مسلم (2618).

(4)

ابن خزيمة (2141) وابن حبان (3625) والدارقطني (2/ 175).

(5)

أبو داود (2455) والترمذي (734) وأبو عوانة (2841) والدارقطني (2/ 175) والبيهقي (4/ 23).

(6)

أحمد (6/ 49) والنسائي في الكبرى (2635)، وابن خزيمة (2143) وأبو نعيم (2618).

(7)

أبو يعلى (4596) وابن حبان (3630).

(8)

النسائي في الكبرى (2637).

(9)

أبو عوانة (2838).

(10)

أبو عوانة (2840).

(11)

أبو عوانة (2840).

(12)

أبو يعلى (4563) وأبو نعيم (2618).

(13)

أبو عوانة (2842).

(14)

إسحاق بن راهويه في مسنده (1023).

ص: 164

وقد ذكرنا ذلك في باب سفيان بن عيينة ح (115) حيث زاد في المتن: ولكن أصوم يوماً مكانه.

قال عباس بن محمد: سمعت يحيى بن معين يقول في حديث طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «هل عندكم شيء؟» بعضهم يرويه عن طلحة بن يحيى عن مجاهد عن عائشة، وإنما الحديث عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين

(1)

.

ثانياً: في المتن:

أدرج كلام مجاهد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

جاء بيانه في رواية عبد الواحد بن زياد التي أخرجها الإمام مسلم في صحيحه من طريقه عن طلحة بن يحيى، قال: حدثتني عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: «هل عندكم شيء

» الحديث. قال طلحة: فحدثت مجاهداً بهذا الحديث فقال: ذاك بمنزلة الرجل يُخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها.

فظهر بذلك أن آخر الحديث إنما هو من كلام مجاهد فأدرجه أبو الأحوص في الحديث المرفوع، وزاد مجاهداً في السند لهذا، والله تعالى أعلم.

(1)

تاريخ ابن معين برواية الدوري (3/ 220) وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 134).

ص: 165

‌الحديث الثالث

(1)

:

643 -

قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (3024): حدثنا هناد، حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: قال عبد الله:

أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ عليه وهو على المنبر فقرأت عليه من سورة النساء حتى إذا بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41] غمزني رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت إليه وعيناه تدمعان.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير هناد وهو ثقة من رجال مسلم.

قال قتيبة بن سعيد: ما رأيت وكيعاً يعظم أحداً تعظيمه لهناد. وسئل أحمد عمّن يكتب بالكوفة؟ فقال: عليكم بهناد.

(1)

رجال الإسناد:

هناد بن السري ابن مصعب التميمي، أبو السري الكوفي، ثقة من العاشرة، مات سنة 243 وله 91 سنة، روى له مسلم والبخاري في أفعال العباد، وروى له الباقون.

سليمان بن مهران الأسدي: تقدم، انظره في بابه.

إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي الفقيه، ثقة إلا أنه يرسل كثيراً، من الخامسة، مات سنة 96 وهو ابن خمسين أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.

علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات بعد الستين، وقيل: بعد السبعين، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن مسعود: صحابي جليل.

ص: 166

وأخرجه النسائي في الكبرى (8076) وابن ماجه (4194) من طريق هناد عن أبي الأحوص به.

وأخرجه ابن خزيمة (1454) من طريق الحسن بن الربيع عن أبي الأحوص به، وقال: كذا يقول أبو الأحوص.

هكذا قال أبو الأحوص: (عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود).

خالفه سفيان الثوري

(1)

، وحفص بن غياث

(2)

، وعبد الواحد بن زياد العبدي

(3)

، وعلي بن مسهر

(4)

، وإبراهيم بن سليمان

(5)

فقالوا: (عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة بن عمرو السلماني، عن عبد الله بن مسعود).

وكذلك رواه فضيل بن عمرو

(6)

، وإبراهيم بن مهاجر

(7)

(عن إبراهيم، عن عبيدة بن عمرو، عن ابن مسعود رضي الله عنه.

قال الترمذي عقب الحديث (5/ 221): هكذا روى أبو الأحوص عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، وإنما هو إبراهيم

(8)

(1)

البخاري (505).

(2)

البخاري (5049) ومسلم (800).

(3)

البخاري (5056).

(4)

مسلم (800).

(5)

سعيد بن منصور (1/ 218 رقم 53) إلا أنه رواه مرسلاً فقال: عن عبيدة أن

(6)

الطبراني في الأوسط (1587) والصغير (204).

(7)

الطبراني في الكبير (8462).

(8)

إبراهيم هو النخعي.

ص: 167

عن عبيدة

(1)

عن عبد الله. اه.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1703): سألت أبي عن حديث رواه أبو الأحوص عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله وذكر الحديث؟

قال أبي: هذا حديث يخالفونه فيه يقولون: الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أصح.

وقال الدارقطني في العلل (5/ 181 - 182): والمحفوظ عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله.

وقال أيضاً: وأصحها حديث الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله.

وقال البزار (4/ 322): هذا الحديث رواه (عن الأعمش المفضل

(2)

بن محمد وأبو الأحوص بهذا الإسناد ورواه غيرهما عن الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة) اه.

‌علة الوهم:

قد روى إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم النخعي، عن علقمة عن ابن مسعود، رواه عنه شعبة

(3)

والمفضل بن محمد النحوي

(4)

.

(1)

عبيدة هو ابن عمرو السلماني المرادي، أبو عمرو الكوفي، تابعي كبير مخضرم فقيه ثبت، مات سنة 72 أو بعدها، والصحيح أنه مات قبل سنة سبعين، روى له البخاري ومسلم.

(2)

البزار (1510) و (1564) والطبراني في الكبير (8463).

(3)

الطبراني في الكبير (8465).

(4)

البزار (1543) والطبراني (8465).

ص: 168

وكذلك رواه مغيرة بن مقسم الضبي

(1)

عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود فالطريقان والله أعلم محفوظان عبيدة عن ابن مسعود، وعلقمة عن ابن مسعود.

لكن الأعمش يرويه من طريق عبيدة. هذا هو المحفوظ من حديثه، ودخل الوهم على أبي الأحوص لأن غير الأعمش يرويه من طريق علقمة، والله تعالى أعلم.

(1)

البزار (1510) و (1564) والطبراني (8463).

ص: 169

‌الحديث الرابع

(1)

:

644 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (8/ 319): أخبرنا هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي بردة بن نيار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«اشربوا في الظروف ولا تسكروا» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح وهو عند النسائي أيضاً في السنن الكبرى (9187) بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (23940) عن أبي الأحوص به.

وأخرجه الطيالسي (1369) ومن طريقه البيهقي (8/ 298) عن أبي الأحوص به.

(1)

رجال الإسناد:

هناد بن السري: تقدم انظر الحديث السابق.

سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي الكوفي، أبو المغيرة، صدوق وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة فكان ربما تلقن، من الرابعة، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي، أبو عبد الرحمن الكوفي، ثقة عابد من الرابعة، روى له البخاري وأصحاب السنن.

عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي، تابعي ثقة سمع من أبيه، وحديثه في الصحيحين، مات سنة 79.

أبو بردة بن نيار البلوي، صحابي، اسمه هانئ، وقيل: الحارث بن عمرو، وقيل: مالك بن هنيدة.

ص: 170

وأخرجه ابن قانع في معجم الصحابة (1187) من طريق هناد، والطبراني في الكبير (22/ 522) من طريق سهل بن عثمان ومسدد وابن أبي شيبة، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 288) من طريق علي بن معبد ويحيى بن عبد الحميد كلهم عن أبي الأحوص به.

هكذا قال أبو الأحوص: (عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بردة بن نيار عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اشربوا في الظروف ولا تسكروا»).

ولفظه عند الطحاوي «إني كنت نهيتكم عن الشرب في الأوعية فاشربوا فيما بدا لكم ولا تسكروا» ولفظه عند الطيالسي: «اشربوا ولا تسكروا» .

خالفه أيوب بن جابر، ومحمد بن جابر فقالا:(عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة). ولفظ أيوب بن جابر

(1)

«ونهيتكم عن هذه الأشربة في هذه الأوعية فاشربوا فيما بدا لكم» .

ولفظ محمد بن جابر: «نهيتكم عن الظروف فاشربوا فيما شئتم ولا تشربوا مسكراً»

(2)

، وفي لفظ:«فاشربوا فيما شئتم ولا تسكروا»

(3)

.

(1)

أحمد (5/ 357) وأيوب بن جابر هو ابن سيار الحنفي ضعفه جماعة، وقال أحمد بن حنبل: يشبه حديثه أهل الصدق. وقال في التقريب: ضعيف، وأول الحديث:«كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام فكلوا وأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن الشرب في هذه الأوعية فاشربوا فيما بدا لكم» .

(2)

الدارقطني (4/ 259).

(3)

الطبراني في الأوسط (2966) لكن رجح الدارقطني اللفظ الأول.

ص: 171

وكذلك رواه شريك بن عبد الله النخعي فجعله من رواية ابن بريدة عن أبيه.

فقال: (عن سماك، عن ابن بريدة، عن أبيه)

(1)

، أسقط القاسم من الإسناد.

وقال في رواية أخرى: (عن سماك، عن القاسم بن مخيمرة، عن ابن بريدة، عن أبيه)

(2)

.

قلب القاسم بن عبد الرحمن إلى القاسم بن مخيمرة.

ولفظه: «كنت نهيتكم عن الظروف فانتبذوا فيما بدا لكم واجتنبوا كل مسكر» .

وهم أبو الأحوص في هذا الحديث في موضعين:

الأول: في إسناده فقال: (سماك، عن القاسم، عن أبيه، عن أبي بردة بن نيار) وإنما هو سماك، عن القاسم، عن ابن بريدة، عن أبيه.

وهذا هو المحفوظ في هذا الإسناد، ابن بريدة عن أبيه بريدة بن حصيب الأسلمي. كذا رواه جماعة عن ابن بريدة عن أبيه بريدة منهم:

محارب بن دثار

(3)

، وعلقمة بن مرثد

(4)

، وسلمة بن كهيل

(5)

،

(1)

النسائي (8/ 319) وفي الكبرى (5188) من طريق يزيد بن هارون.

(2)

ابن ماجه (3405) من طريق إسحاق بن يوسف.

(3)

مسلم (3/ 1563 ح رقم 1977) و (3/ 1584 رقم 977).

(4)

مسلم (3/ 3/ 1563 ح رقم 1977) و (3/ 1584 رقم 977).

(5)

أحمد (5/ 356) والطبراني في الأوسط (4912).

ص: 172

وعطاء بن أبي مسلم الخراساني

(1)

، والمغيرة بن سبيع

(2)

، والزبير بن عدي

(3)

، وحماد بن أبي سليمان

(4)

، وعيسى بن عبيد الكندي

(5)

.

الثاني: في المتن قوله: «اشربوا في الظروف ولا تسكروا» .

وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وكنت نهيتكم عن الظروف فانتبذوا فيما بدا لكم واجتنبوا كل مسكر» وفي لفظ: «ولا تشربوا مسكراً» وهو من ضمن حديث كما سيأتي فاختصره أبو الأحوص فوقع في الوهم، والله تعالى أعلم.

قال النسائي عقب الحديث: (وهذا حديث منكر غلط فيه أبو الأحوص سلام بن سليم، لا نعلم أن أحداً تابعه عليه من أصحاب سماك بن حرب، وسماك ليس بالقوي، كان يقبل التلقين، قال أحمد بن حنبل: كان أبو الأحوص يخطاء في هذا الحديث)

(6)

اه.

ونحو ذلك في السنن الكبرى (5187).

(1)

أبو نعيم في المستخرج (2193) والطبراني (1152) وفي الأوسط (168) والروياني في مسنده (64).

(2)

النسائي (4/ 89) وفي الكبرى (2160).

(3)

النسائي (7/ 234) و (8/ 310) وفي الكبرى (4159)(5161) وأبو عوانة (7884) ووقع عند النسائي في المجتبى (أبي إسحاق بن الزبير بن عدي) وإنما هو (أبي إسحاق عن الزبير بن عدي).

(4)

النسائي (8/ 311) وفي الكبرى (5164) والطبراني في الأوسط (238) ووقع عند النسائي في المجتبى (جابر بن أبي سليمان) والصحيح كما في الكبرى والطبراني حماد بن أبي سليمان، وقال الطبراني في الأوسط: لم يروِ هذا الحديث عن حماد بن أبي سليمان إلا عبد الله بن بكير.

قلت: بل رواه عنه حماد بن سلمة كما هو هنا عند النسائي.

(5)

النسائي (8/ 311) وفي الكبرى (5165).

(6)

انظر: بيان الوهم والإيهام (4/ 53) والتنقيح (3/ 482) وتهذيب الكمال (35/ 272).

ص: 173

وقال الدارقطني (4/ 258): وهم فيه أبو الأحوص في إسناده ومتنه، وقال غيره عن سماك، عن القاسم، عن ابن بريدة عن أبيه:(ولا تشربوا مسكراً). اه.

وقال أبو زرعة في العلل لابن أبي حاتم (2/ 24 رقم 1549): (وهم أبو الأحوص فقال: عن سماك، عن القاسم، عن أبيه، عن أبي بردة فقلب من الإسناد موضعاً وصحف في موضع.

أما القلب: فقوله: عن أبي بردة، أراد عن ابن بريدة، ثم احتاج أن يقول: ابن بريدة عن أبيه، فقلب الإسناد بأسره وأفحش في الخطأ. وأفحش من ذلك وأشنع تصحيفه في متنه:«اشربوا في الظروف ولا تسكروا» .

وقد روى هذا الحديث عن ابن بريدة، عن أبيه: أبو سنان ضرار بن مرة، وزبيد اليامي، عن محارب بن دثار وسماك بن حرب، والمغيرة بن سبيع وعلقمة بن مرثد والزبير بن عدي وعطاء الخراساني وسلمة بن كهيل، كلهم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم:«نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية ولا تشربوا مسكراً»

(1)

.

وفي حديث بعضهم قال: «واجتنبوا كل مسكر» ولم يقل أحد منهم: ولا تسكروا.

(1)

أخرجه مسلم في صحيحه (977) على هذا الوجه الصحيح.

ص: 174

وقد بان وهم حديث أبي الأحوص من اتفاق هؤلاء المسمى على ما ذكرنا من خلافه). اه.

وقال الدارقطني في العلل (6/ 25 رقم 955): وهم فيه أبو الأحوص على سماك، وإنما روى هذا الحديث سماك عن القاسم عن ابن بريدة عن أبيه.

ووهم أيضاً في متنه في قوله: ولا تسكروا، والمحفوظ عن سماك أنه قال:«كل مسكر حرام» .

وقال ابن أبي حاتم أيضاً في العلل (1551): سمعت أبا زرعة يقول: سمعت أحمد بن حنبل رحمه الله يقول: حديث أبي الأحوص، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة خطأ الإسناد والكلام.

فأما الإسناد: فإن شريكاً وأيوب ومحمد ابنَيْ جابر روياه عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الناس. اه.

وقال العقيلي في الضعفاء (1/ 114) بعد أن روى هذا الحديث من طريق أيوب بن جابر عن سماك ولفظه: (اشربوا فيما بدا لكم ولا تسكروا).

قال: لم يتابعه عليه أحد ولا أصل له من حديث سماك ولا يصح في هذا المتن شيء.

وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (3/ 254): وقد نقموا على أبي الأحوص حديثه، وذكر هذا الحديث.

ص: 175

وقال في موضع آخر (1/ 454): ليس هذا بصحيح، وانظر ح (1208).

‌الدلالة الفقهية:

ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن غير الخمر من الأنبذة المسكرة لا يحرم إلا قدر المسكر منه ولا يحد شاربه إلا إذا سكر.

قال في المبسوط في كتاب الأشربة: ولو شرب منه ولم يسكر فلا حد عليه عندنا.

وقال الشافعي رحمه الله: يلزمه الحد، لأن الحد يجب بشرب قطرة من الخمر، وفي الدردي: قطرات من الخمر.

قال في فتح القدير (10/ 98 - 99): إن حرمة هذه الأشربة دون حرمة الخمر حتى لا يكفر مستحلها ويكفر مستحل الخمر، لأن حرمتها اجتهادية وحرمة الخمر قطعية.

ولا يجب الحد بشربها حتى يسكر، ويجب بشرب قطرة من الخمر.

وقال العيني في البناية في شرح الهداية (6/ 324): قوله: (والمعتبر في القدح المسكر) يعني في الأشربة المحرمة غير الخمر المعتبر في القدح الذي يحصل به السكر.

وفي حاشية ابن عابدين (12/ 126) قوله: (أو سكر من نبيذ ما) أي: من أي شراب كان غير الخمر إذا شربه لا يحد به إلا إذا سكر.

ثم قال مقيداً مخالفة محمد صاحب أبي حنيفة لإمامه:

قال: قول محمد: (إن ما أسكر كثيره حرم قليله) أنه لا يلزم من حرمة قليله أن يحد به بلا إسكار كالخمر، خلافاً للأئمة الثلاثة، وأن

ص: 176

استدلالهم على الحد بقليله بحديث مسلم: (وكل مسكر خمر) لا يدل على ذلك لأنه محمول على التشبيه البليغ كزيد أسد، والمراد به ثبوت الحرمة ولا يلزم منه ثبوت الحد بلا إسكار

ولا دليل لهم على ثبوت الحد بقليله سوى القياس ولا يثبت الحد به، نعم الثابت الحد بالسكر منه) اه.

هذا ما جاء في كتب الأحناف.

قال ابن قدامة في المغني (8/ 306): يجب الحد على مَنْ شرب قليلاً من المسكر أو كثيراً، ولا نعلم بينهم خلافاً في ذلك في عصير العنب غير المطبوخ، واختلفوا في سائرها.

فذهب إمامنا إلى التسوية بين عصير العنب وكل مسكر.

وهو قول الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة والأوزاعي ومالك والشافعي.

وقالت طائفة: لا يحد إلا أن يسكر، منهم: أبو وائل والنخعي وكثير من أهل الكوفة وأصحاب الرأي. اه.

قال البيهقي في المعرفة (13/ 23): قال الشافعي: (قال لي بعض الناس: الخمر حرام والسكر من كل الشراب ولا يحرم المسكر حتى يسكر منه، ولا يحد مَنْ شرب نبيذاً مسكراً حتى يسكره).

فقيل لبعض مَنْ قال هذا القول: كيف خالفت ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عن عمر وروي عن علي، ولم يقل أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلافه؟

قال: روينا فيه عن عمر أنه شرب فضل شراب رجل وحده.

ص: 177

قلنا: رويتموه عن رجل مجهول عندكم لا تكون روايته حجة.

ثم استطرد البيهقي في بيان ضعف هذا الأثر ثم ذكر رحمه الله قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام» .

ثم قال: والذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اشربوا ولا تسكروا» أخطأ في الرواية. اه.

قال الماوردي في الحاوي الكبير (13/ 387): فأما الأنبذة المسكرة سوى الخمر فقد اختلف الفقهاء في إجراء تحريم الخمر عليها:

فذهب الشافعي ومالك وفقهاء الحرمين إلى أن ما أسكر كثيره من جميع الأنبذة قليله حرام، يجري عليه حكم الخمر في التحريم والنجاسة والحد، وهو قول أكثر الصحابة.

وذهب كثير من فقهاء العراق إلى إباحته فأباح بعضهم جميع الأنبذة من غير تفصيل.

وقال أبو حنيفة: أما عصير العنب إذا لم يمسه طبخ فهو الخمر الذي يحرم قليله وكثيره ويحكم بنجاسته ووجوب الحد في شربه

أما ما عمل من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير والذرة فجميعه حلال طبخ أو لم يطبخ، أسكر أم لم يسكر، ولا حد فيه حتى يسكر ويحرم منه القدح المسكر .. ).

ص: 178

‌الحديث الخامس

(1)

:

645 -

قال ابن ماجه رحمه الله (3175): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا أبو الأحوص عن عاصم، عن الشعبي، عن محمد بن صيفي رضي الله عنه قال:

ذبحت أ السلام عليك أيها النبي ن بمروة فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني بأكلهما.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير صحابي الحديث.

وهو عند ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 389)، (8/ 248).

وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 151) من طريقه.

هكذا رواه أبو الأحوص فقال: (عن عاصم، عن الشعبي، عن محمد بن صيفي).

(1)

رجال الإسناد:

أبو بكر ابن أبي شيبة: انظره في بابه.

عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، ثقة، من الرابعة، لم يتكلم فيه إلا القطان فكأنه بسبب دخوله في الولاية، مات بعد سنة 140، روى له البخاري ومسلم.

عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، من الثالثة، مات بعد المائة وله نحو 80 سنة، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن صيفي بن سهل بن الحارث الأنصاري الخطمي، صحابي مدني نزل الكوفة، روى له النسائي وابن ماجه.

ص: 179

خالفه شعبة

(1)

، وعبد الواحد بن زياد

(2)

، وحماد بن زيد

(3)

، ومعمر

(4)

، ويزيد بن هارون

(5)

، وعبد الله بن المبارك

(6)

، وثابت بن يزيد الأحول

(7)

فرووه عن (عاصم، عن الشعبي، عن محمد بن صفوان).

وقال بعضهم: (صفوان بن محمد) وأظن الشك فيه هنا من عاصم.

وقد رواه أيضاً أبو بكر ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص فقال فيه محمد بن صفوان، فوافق رواية الجماعة

(8)

.

وقد رواه داود بن أبي هند عن الشعبي فقال: عن محمد بن صفوان بمثل رواية الجماعة عن عاصم

(9)

.

(1)

الطيالسي (1277) ط التركي، وأحمد (3/ 471) والطبراني في الكبير (19/ 527) والبيهقي (9/ 320).

(2)

أبو داود (2822) وابن قانع في معجم الصحابة (967) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 3) وقال: محمد بن صفوان أو صفوان بن محمد.

(3)

أبو داود (2822) وابن حبان (5887).

(4)

عبد الرزاق (8692) إلا أنه قال: صفوان ابن فلان أو فلان بن صفوان.

(5)

ابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 850 مسند عمر) والبيهقي (9/ 320) إلا أنه قال: عن صفوان بن محمد أو محمد بن صفوان.

(6)

البخاري في التاريخ الكبير (1/ 13).

(7)

البخاري في التاريخ الكبير (1/ 13).

(8)

الطبراني في الكبير (19/ 528).

(9)

رواه أحمد (3/ 471) والدارمي (2014) والنسائي (7/ 197)، (7/ 225) وفي الكبرى (4489) وابن ماجه (3244) وابن أبي شيبة (5/ 390) و (8/ 248) والبيهقي (9/ 321) والطبراني في الكبير (19/ 525، 526) والحاكم (4/ 235) وقال: (حديث صحيح على شرط مسلم مع الاختلاف فيه على الشعبي) ووافقه الذهبي.

ص: 180

ورواه حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن الشعبي فقال: عن محمد بن صفوان

(1)

.

قال الدارقطني: مَنْ قال: ابن صيفي فقد وهم، والصحيح أنه محمد بن صفوان.

ثم قال: «الصحيح في حديث الأ السلام عليك أيها النبي ن محمد بن صفوان، فأما محمد بن صيفي فهو الذي روى حديث عاشوراء حدّث به عنه الشعبي»

(2)

.

وكذلك رجح أنهما اثنان محمد بن سعد صاحب الطبقات وابن عبد البر وابن الأثير، وأبو حاتم وابن أبي خيثمة والمزي وابن حجر وغيرهم

(3)

.

والوهم في هذا الإسناد من أبي الأحوص أو أبي بكر ابن أبي شيبة، فالله أعلم.

وأخرج الترمذي في العلل الكبير (433) من طريق عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الشعبي عن جابر بن عبد الله أن رجلاً من قومه صاد أرنباً أو أ السلام عليك أيها النبي ن فذبحهما بمروة فتعلقهما حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بأكلهما.

قال: تابعه شعبة عن جابر الجعفي عن الشعبي عن جابر.

وقال داود بن أبي هند: عن الشعبي عن محمد بن صفوان عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

الطبراني (19/ 529).

(2)

العلل (14/ 89 - 90 رقم 3386).

(3)

انظر: الاستيعاب لابن عبد البر، أسد الغابة (5/ 91 - 92) وتهذيب الكمال (25/ 395) وتهذيب التهذيب (9/ 331).

ص: 181

وتابعه حصين إلا أنه قال: أو صفوان بن محمد.

فسألت محمداً عن هذا الحديث فقال: (حديث الشعبي عن جابر غير محفوظ، وحديث محمد بن صفوان أصح) اه.

وقال في التاريخ الكبير (1/ 14): وقال محمد بن جعفر: عن شعبة عن جابر عن الشعبي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح جابر.

وقال الحافظ في الإصابة (6/ 17): وأخرج البغوي من طريق الأعمش وغيره عن الشعبي عن محمد بن صيفي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأ السلام عليك أيها النبي ن، وقال البغوي: هذا وهم والصواب محمد بن صفوان.

‌علة الوهم:

روى الشعبي عن محمد بن صيفي الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء: «هل منكم مَنْ صام اليوم؟» قلنا: منا مَنْ صام ومنا مَنْ لم يصم، قال:«فأتِمُّوا يومكم هذا»

(1)

، فربما من هنا دخل الوهم على أبي الأحوص.

(1)

أحمد (4/ 388)، وابن خزيمة (2091) وابن حبان (3617) وابن ماجه (1735) والنسائي في الكبرى (2629).

ص: 182

‌الحديث السادس

(1)

:

646 -

قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (982): حدثنا سلام، عن عبد العزيز بن رفيع قال: سمعت ذكوان أبا صالح يقول:

كان الضيف إذا نزل بأبي الدرداء قال: أمقيم فنرعى أو منطلق فنعلِف؟ فإن قال: منطلق، قال: أخبرك بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله ذهب أهل الأموال بالدنيا والآخرة يصلُّون كما نصلي ويجاهدون كما نجاهد ويذكرون كما نذكر ويتصدقون وليس عندنا ما نتصدق.

فقال لي: «ألا أخبرك بشيء إذ فعلته لم يدركك مَنْ جاء بعدك ولحقت مَنْ سبقك؟ تكبر الله في دبر كل صلاة أربعاً وثلاثين، وتسبِّحه ثلاثاً وثلاثين، وتحمده ثلاثاً وثلاثين، فإنك إذا فعلت ذلك لحقت مَنْ سبقك ولم يلحقك مَنْ جاء بعدك إلا مَنْ قال مثل ما قلت» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه ابن أبي شيبة (13/ 453) والطبراني في الدعاء (709) من طريق أبي الأحوص بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

عبد العزيز بن رفيع الأسدي، أبو عبد الله المكي، نزيل الكوفة، ثقة من الرابعة، مات سنة 130 وقيل بعدها وقد جاوز 90 عاماً، روى له البخاري ومسلم.

ذكوان، أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة 101، روى له البخاري ومسلم.

ص: 183

هكذا رواه أبو الأحوص (عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي الدرداء).

إلا أن أهل الحديث قالوا: الصحيح هو ما رواه سفيان الثوري

(1)

(عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي عمر الصيني، عن أبي الدرداء).

ورواه شعبة

(2)

ومالك بن مغول

(3)

(عن الحكم بن عتيبة، عن أبي عمر الصيني، عن أبي الدرداء).

وقد استوفينا الكلام على هذا الحديث في باب جرير بن عبد الحميد

(4)

فانظره لزاماً.

(1)

عبد الرزاق (3187) والنسائي في الكبرى (9977) وغيرهم.

(2)

أحمد (6/ 446) والنسائي (9978) والطبراني في الدعاء (710) وابن أبي شيبة (10/ 235).

(3)

أحمد (5/ 196).

(4)

انظر ح (864).

ص: 184

‌الحديث السابع

(1)

:

647 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 365): حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش، عن أبي وائل عن أبي جميلة، عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:

أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبايعه، فقلت: هات يدك واشترط عليّ وأنت أعلم بالشرط.

فقال: «أبايعك على أن لا تشرك بالله شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتنصح المسلم وتفارق المشرك» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نخيلة، وتحرف في المطبوع في المسند إلى أبي جميلة وهو صحابي.

وأخرجه النسائي (7/ 148) وفي الكبرى (7799) من طريق الحسن بن الربيع عن أبي الأحوص به.

وجاء عند النسائي (أبي نخيلة) على الصواب.

(1)

رجال الإسناد:

يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي فقيه حافظ فاضل، من كبار التاسعة، مات سنة 203، روى له البخاري ومسلم.

الأعمش: سليمان بن مهران، ثقة حافظ ورع. انظر ترجمته في بابه.

شقيق بن سلمة الأسدي أبو وائل الكوفي، ثقة من الثانية، مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله مائة سنة، روى له البخاري ومسلم.

أبو نخيلة البجلي، صحابي له رواية عن جرير بن عبد الله حَسْبُ روى له البخاري في الأدب المفرد والنسائي.

جرير بن عبد الله بن جابر البجلي، صحابي مشهور، يقال له يوسف هذه الأمة.

ص: 185

هكذا قال أبو الأحوص: (عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أبي نخيلة، عن جرير بن عبد الله).

خالفه شعبة

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، وأبو شهاب الحناط عبد ربه بن نافع

(3)

، وأبو ربعي

(4)

.

فقالوا: (عن الأعمش، عن أبي وائل، عن جرير بن عبد الله) ولم يذكروا بينهما أحداً.

وكذلك رواه مغيرة بن مقسم

(5)

، وعاصم بن بهدلة

(6)

، وسلمة بن كهيل

(7)

، عن أبي وائل، عن جرير بن عبد الله.

قال محمد بن عباس: سألت يحيى بن معين عن حديث حسن بن الربيع عن أبي الأحوص، عن الأعمش، عن أبي وائل عن أبي جميلة قال: قال جرير: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أبايعه.

فقال يحيى: لا أحفظ فيه أبو جميلة، إنما هو عن أبي وائل عن جرير.

قلت ليحيى: مَنْ أبو جميلة هذا؟ قال: لا أعرفه

(8)

.

(1)

النسائي (7/ 147) وفي الكبرى (7798) وأحمد (4/ 358) والطبراني في الكبير (2317) وابن عبد البر في التمهيد (16/ 349).

(2)

عبد الرزاق (9821) وأحمد (4/ 360).

(3)

الطبراني (2315).

(4)

الطبراني (2316).

(5)

النسائي في الكبرى (7797).

(6)

أحمد (4/ 357، 358، 363، 364) والطبراني (2306، 2307، 2308، 2309) وأبو نعيم في الحلية (8/ 318).

(7)

الطبراني (2303).

(8)

تاريخ ابن معين برواية الدوري (3/ 575).

ص: 186

‌علة الوهم:

روى منصور بن المعتمر

(1)

هذا الحديث عن أبي وائل عن أبي نخيلة عن جرير، أما الأعمش ومَن تابعه فإنما يروونه عن أبي وائل عن جرير، فساق أبو الأحوص سند منصور في حديث الأعمش، والله تعالى أعلم.

(1)

النسائي (7/ 148) وفي الكبرى (7800).

ص: 187

‌الحديث الثامن

(1)

:

648 -

قال الإمام النسائي (7/ 40): أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص عن طارق، عن سعيد بن المسيب عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال:

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة وقال: «إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو يزرعها، أو رجل منح أرضاً فهو يزرع ما مُنح، أو رجل استكرى أرضاً بذهب أو فضة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وهو عنده في الكبرى (4617) وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (22430) وفي مسنده (2449) عن أبي الأحوص به. وأخرجه أبو داود (3400) عن مسدد، وابن ماجه (2449) عن هناد كلاهما عن أبي الأحوص به. والبيهقي (6/ 133) والطبراني في الكبير (4269) وابن عبد البر في التمهيد (3/ 38) والطحاوي في شرح معاني الآثار (7/ 105) كلهم من طرق عن أبي الأحوص به.

(1)

رجال الإسناد:

قتيبة بن سعيد بن جميل أبو رجاء البغلاني، ثقة ثبت، من العاشرة، روى له البخاري ومسلم (انظر ترجمته في بابه).

طارق بن عبد الرحمن البجلي الأحمسي الكوفي، صدوق له أوهام، من الخامسة، روى له البخاري ومسلم.

سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، من كبار الثانية، مات بعد عام 90 وقد ناهز الثمانين، روى له البخاري ومسلم.

رافع بن خديج صحابي.

ص: 188

هكذا قال أبو الأحوص عن طارق عن سعيد عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة وقال: «إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض

».

خالفه إسرائيل

(1)

فرواه عن طارق عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً ثم قال: قال سعيد إنما يزرع ثلاثة

أدرج أبو الأحوص كلام سعيد بن المسيب في الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم وميّزه إسرائيل.

وقد روى سفيان الثوري

(2)

عن طارق قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: لا يصلح الزرع غير ثلاث. فرواه بنحوه فجعله من كلام سعيد.

لذا قال النسائي عقب الحديث: «ميّزه إسرائيل عن طارق فأرسل الكلام الأول وجعل الأخير من قول سعيد»

(3)

.

وقال ابن حجر: «بيّن النسائي أن المرفوع منه النهي عن المحاقلة والمزابنة وأن بقيته مدرج من كلام سعيد بن المسيب، وقد رواه مالك في الموطأ والشافعي عنه عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قوله»

(4)

.

(1)

النسائي (7/ 40) وفي الكبرى (4618).

(2)

النسائي (7/ 41) وفي الكبرى (4619).

(3)

المجتبى (7/ 40) وفي الكبرى (3/ 96).

(4)

فتح الباري (5/ 26) وانظر: الموطأ (1436) ومسند الشافعي (2/ 316).

ص: 189

‌شعيب بن أبي حمزة

‌اسمه ونسبه:

شعيب بن أبي حمزة واسمه دينار الأموي مولاهم أبو بشر الحمصي.

روى عن: الزهري، ونافع، وابن المنكدر، وهشام بن عروة، وأبي الزناد، وغيرهم.

روى عنه: ابنه بشر، وبقية بن الوليد، والوليد بن مسلم، وأبو اليمان، وغيرهم.

قال ابن معين: شعيب من أثبت الناس في الزهري، كان كاتباً له.

وقال أحمد بن حنبل: رأيت كتب شعيب فرأيتها مضبوطة مقيدة ورفع مَنْ ذكره.

وقال أيضاً: ثبت صالح الحديث.

وقال ابن معين أيضاً: ثقة مثل يونس وعقيل يعني في الزهري وكتب عن الزهري إملاء للسلطان.

ص: 191

وقال الخليلي: كان كاتب الزهري وهو ثقة متفق عليه حافظ أثنى عليه الأئمة.

وقال أبو داود: كان أصح حديثاً في الزهري بعد الزبيدي.

مات سنة 162، وقيل: 163، وقد جاوز السبعين.

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: سألت أبي عن شعيب بن أبي حمزة كيف سماعه من الزهري أليس عرض؟ قال: لا حديثه يشبه حديث الإملاء، قلت: كيف هو؟ قال: صالح، ثم قال: الشأن فيمن سمع من شعيب، كان شعيب رجلاً ضيقاً في الحديث، قلت: كيف سماع أبي اليمان منه؟ قال: كان يقول: أخبرنا شعيب، قلت: فسماع ابنه؟ قال: كان يقول: حدثني أبي، قلت: سماع بقية؟ قال: شيء يسير، ثم سمعته يقول: لما حضرت شعيب بن أبي حمزة الوفاة جمع جماعة بقية وبشراً ابنه فقال: هذه كتبي ارووها عني.

رواياته في الصحيحين: روى له البخاري نحو مائتين وأربعة وستين حديثاً أكثرها من روايته عن أبي اليمان عنه عن الزهري.

ومسلم ما يقرب من خمسة وعشرين حديثاً.

ص: 192

‌الحديث الأول

(1)

:

649 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (2047): حدثنا أبو اليَمَان حدثنا شُعَيْب عن الزُّهْرِيِّ قال: أخبرني سعيد بن المسَيَّب وأبو سلَمة ابن عبد الرحمن أنَّ أبا هُرَيرة رضي الله عنه قال:

إنَّكُمْ تقُولُونَ: إنَّ أبا هُرَيرة يُكثِرُ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: ما بَالُ المُهَاجِرِينَ والأنصَارِ لا يُحَدِّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثلِ حديث أبي هريرةَ وإنَّ إخْوَتِي من المُهَاجرينَ كان يشْغَلُهُم صَفْقٌ بالأسْواقِ وكنتُ ألزَمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على مِلْءِ بَطْنِي فأشْهَدُ إذا غَابُوا وأحفظُ إذا نَسُوا وكان يشْغَلُ إخْوَتِي من الأنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ وكُنْتُ امْرَأً مِسْكيناً من مساكينِ الصُّفَّةِ أَعِي حين يَنْسَوْنَ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ يُحَدِّثُهُ: إنه لَنْ يَبْسُطَ أحدٌ ثَوْبَهُ حتى أقْضِيَ مَقَالَتِي هذه ثُمَّ يَجْمَعَ إليه ثَوْبَهُ إلا وَعَى ما أقُولُ فبَسَطْتُ نَمِرَةً عليَّ حتى إذا قَضَى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقَالَتَهُ جَمَعْتُهَا إلى صَدْرِي فما نَسِيتُ من مَقَالَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شَيْءٍ.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

(1)

رجال الإسناد:

الحكم بن نافع البهراني، أبو اليمان الحمصي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت يقال: إن أكثر حديثه عن شعيب مناولة، من العاشرة، مات سنة 222، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: تقدم.

سعيد بن المسيب: تقدم.

أبو سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة 94 أو 104 وكان مولده سنة بضع وعشرين، روى له البخاري ومسلم.

ص: 193

وأخرجه مسلم (2492) من طريق أبي اليمان ولم يسق لفظه وكذلك أحمد (3/ 240)، ورواه النسائي في الكبرى (5866) والطبراني في مسند الشاميين (3026) وأبو نعيم في الحلية (1/ 381) من طريق بشر بن شعيب كلاهما عن شعيب به.

هكذا قال شعيب عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة:(فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء).

خالفه يونس

(1)

بن يزيد فرواه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فقال:(فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئاً حدثني به).

وكذلك رواه سفيان بن عيينة

(2)

، ومعمر

(3)

عن الزهري، عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة فقال:(فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئاً سمعته منه).

رواه شعيب بالمعنى فإن ظاهر روايته أنه ما نسي من تلك المقالة شيئاً.

ورواية سفيان ومَن تابعه أنه ما نسي شيئاً من حديث النبي صلى الله عليه وسلم من بعد هذه المقالة إلى ذلك اليوم.

وقد رواه إبراهيم بن سعد عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة فقال: (فوالذي بعثه بالحق ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا)

(4)

.

وهذا قريب من قول يونس، فقوله:(من مقالته) مثل قوله: (بعد

(1)

مسلم (2492) وابن حبان (7153).

(2)

البخاري (7354) ومسلم (2492).

(3)

مسلم (2492) والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 201).

(4)

البخاري (2350).

ص: 194

ذلك اليوم) ثم قال: إلى يومي هذا، وهذا بخلاف رواية شعيب فإنه قال:(من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء).

وقد جاءت عدة روايات موافقة لرواية الجماعة عن أبي هريرة، منها:

1 حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله: إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساه، قال:«إبسط رداءك» فبسطته فغرف بيديه ثم قال: «ضمه» فضممته فما نسيت شيئاً بعده

(1)

.

2 حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة عن أبي هريرة قال: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوء الحفظ قال: «افتح كساءك» قال: ففتحته، قال:«ضمه» قال: فما نسيت بعد شيئاً

(2)

.

3 حديث أبي الربيع المدني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبسطت ثوبي عنده ثم أخذه فجمعه على قلبي فما نسيت بعده حديثاً

(3)

.

4 وما رواه الحسن البصري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من رجل يأخذ ما فرض الله ورسوله كلمة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً فيجعلهن في طرف ردائه فيتعلمهن ويعلمهن؟» قال أبو هريرة: فقلت: أنا يا رسول الله، قال:«فابسط ثوبك» قال: فبسطت ثوبي فحدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «ضم إليك»

(1)

البخاري (119).

(2)

أبو يعلى (6219) وابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 332).

(3)

الترمذي (3834).

ص: 195

فضممت ثوبي إلى صدري فإني أرجو أن لا أكون نسيت حديثاً سمعته منه بعد

(1)

.

قال الحافظ: «ووقع في رواية ابن عيينة وغيره عن الزهري: (فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئاً سمعته منه) وفي رواية يونس عند مسلم: (فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئاً حدثني به) وهذا يقتضي عدم النسيان بالحديث.

ووقع في رواية شعيب: (فما نسيت من مقالته تلك من شيئاً) وهذا يقتضي عدم النسيان بتلك المقالة فقط، لكن سياق الكلام يقتضي ترجيح رواية يونس ومَن وافقه لأن أبا هريرة نبّه به على كثرة محظوظة من الحديث فلا يصح حمله على تلك المقالة وحدها»

(2)

.

قلت: أما الإمام البخاري فإنه أخرج حديث شعيب هذا في كتاب البيوع.

قال الحافظ في شرحه: «والمقصود منه قول أبي هريرة: إن أخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق»

(3)

.

وأخرج حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة في كتاب العلم وفيه: (فما نسيت شيئاً بعده) والله تعالى أعلم.

(1)

أحمد (2/ 334).

(2)

فتح الباري (1/ 215).

(3)

الفتح (4/ 289 ح 2047).

ص: 196

‌الحديث الثاني

(1)

:

650 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (3158): حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال: حدثني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه:

أنه أخبره أن عمرو بن عوف الأنصاري وهو حليف لبني عامر بن لؤي وكان شهد بدراً أخبره:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة ابن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافقت صلاة الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما صلّى بهم الفجر انصرف فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم وقال: «أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء؟» قالوا: أجل يا رسول الله، قال:«فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله لا الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على مَنْ كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

(1)

رجال الإسناد:

الحكم بن نافع: تقدم.

الزهري: محمد بن مسلم بن شهاب: تقدم.

عروة بن الزبير: تقدم مراراً.

المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري صحابي وأبوه صحابي، مات سنة 94 وحديثه في الصحيحين.

ص: 197

وأخرجه مسلم (2962)(6) من طريق أبي اليمان به مقروناً مع صالح بن كيسان، وأبو عبيد في كتاب الأموال (83) عن أبي اليمان، وقال: عمرو بن عوف ولم يقل الأنصاري.

هكذا قال شعيب: (عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، عن عمرو بن عوف الأنصاري).

خالفه معمر

(1)

، ويونس بن يزيد

(2)

، وموسى بن عقبة

(3)

، وصالح بن كيسان

(4)

، وعُقيل بن خالد

(5)

، وهشام بن سعد

(6)

فقالوا: (عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة، عن عمرو بن عوف) ولم يقولوا: الأنصاري لأنه من المهاجرين وذكره ابن سعد في طبقات البدريين من المهاجرين.

قال الحافظ ابن حجر: «قوله: (الأنصاري) المعروف عند أهل المغازي أنه من المهاجرين وهو موافق لقوله هنا حليف لبني عامر بن لؤي لأنه يشعر بكونه من أهل مكة، ويحتمل أن يكون وصفه بالأنصاري بالمعنى الأعم ولا مانع أن يكون أصله من الأوس والخزرج نزل مكة وحالف بعض أهلها فبهذا الاعتبار يكون أنصارياً مهاجراً.

(1)

البخاري (4015) من طريق عبد الله بن المبارك وهو عنده في الزهد (502).

(2)

البخاري (4015) ومسلم (2961)(6).

(3)

البخاري (6425).

(4)

مسلم (2961) وأحمد (4/ 137) والنسائي في الكبرى (8767) والبيهقي (9/ 191).

(5)

الطبراني في الكبير (17/ 41).

(6)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1767).

ص: 198

ثم ظهر لي أن لفظة الأنصاري وهم وقد تفرد بها شعيب عن الزهري، ورواه أصحاب الزهري كلهم عنه بدونها في الصحيحين وغيرها، وهو معدود في أهل بدر باتفاقهم»

(1)

.

وقال ابن سعد بعد أن ذكره في طبقاته في باب مَنْ شهد بدراً من المهاجرين، قال:

«عُمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو

(2)

وكان من مُولدي مكة وكان موسى بن عقبة وأبو معشر ومحمد بن عمر (الواقدي) يقولون: عمير بن عوف، وكان محمد بن إسحاق يقول: عمرو بن عوف.

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: لما هاجر عمير بن عوف من مكة إلى المدينة نزل على كلثوم بن الهدم.

ثم قال: وشهد عمير بن عوف بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومات بالمدينة في خلافة عمر رضي الله عنه وصلّى عليه عمر»

(3)

.

(1)

فتح الباري (6/ 262).

(2)

قال ابن الأثير في أسد الغابة (4/ 246): هكذا جعله ابن إسحاق مولى وجعله غيره حليفاً، وقيل: إنه سكن المدينة ولا عقب له، روى عنه المسور بن مخرمة حديثاً واحداً.

(3)

الطبقات الكبرى (3/ 407) ونقله عنه ابن الملقن في التوضيح (21/ 95).

ص: 199

‌الحديث الثالث

(1)

:

651 -

قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه (6073): حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال: حدثني عوف بن مالك بن الطفيل هو ابن الحارث وهو ابن أخي عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لأمها:

أن عائشة حُدِّثت أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة: والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها، قالت: أهو قال هذا؟ قالوا: نعم، قالت: هو للّه عليّ نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبداً.

فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة فقالت: لا والله لا أشفع فيه أبداً ولا أتحنث إلى نذري، فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وهما من بني زهرة وقال لهما: أنشدكما الله لما أدخلتماني على عائشة فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة فقالا: السلام عليك ورحمة الله وبركاته أندخل؟ قالت عائشة: أدخلوا، قالوا: كلنا؟ قالت: نعم ادخلوا كلكم ولا تعلم أن معهما ابن الزبير، فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا ما كلمته وقبلت منه ويقولان: إن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

رجال الإسناد:

الحكم بن نافع: تقدم.

الزهري: محمد بن مسلم بن شهاب: إمام حافظ متفق على جلالته وإتقانه (انظر ترجمته في بابه).

عوف بن الحارث بن الطفيل بن سخبرة الأزدي، مقبول، من الثالثة.

ص: 200

نهى مما قد علمت من الهجرة فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهما وتبكي وتقول: إني نذرت والنذر شديد فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير وأعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتى تبل دموعها خمارها.

‌التعليق:

الحديث أخرجه كذلك أحمد (4/ 327) عن أبي اليمان به.

هكذا رواه شعيب فقال: (عن الزهري، عن عوف بن مالك بن الطفيل).

خالفه معمر

(1)

، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر

(2)

، والأوزاعي

(3)

، وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي

(4)

.

فقالوا: (عن الزهري، عن عوف بن الحارث بن الطفيل).

قال علي بن المديني: (والصواب عندي وهو المعروف عوف بن الحارث بن الطفيل)

(5)

.

(1)

عبد الرزاق (15851) وأحمد (4/ 328) والطبراني (20/ 24).

(2)

البخاري في الأدب المفرد (397) والطبراني (20/ 25) والطحاوي في شرح المشكل (12/ 343).

(3)

الطبراني في الكبير (20/ 26) وأبو نعيم في الحلية (2/ 49) من طريق عبد الله بن كثير القاري، والإسماعيلي فيما ذكره الحافظ في الفتح (10/ 493) وخالفه الوليد بن مسلم فرواه عن الأوزاعي فقال:(الطفيل بن الحارث) فوهم، أخرجه أحمد (4/ 328).

(4)

الطبراني في الكبير (20/ 27) ويعقوب بن سفيان (1/ 402) والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 61).

(5)

الفتح (10/ 493) وعمدة القاري (22/ 142).

ص: 201

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: «وقال إبراهيم الحربي في كتاب النهي عن الهجران بعد أن أورد من طريق معمر وشعيب وصالح والأوزاعي كما تقدم

(1)

، ومن طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن الزهري عن عوف بن الحارث بن الطفيل ومن طريق النعمان بن راشد عن الزهري عن عروة عن المسور هذا وهم قال وكذا وهم الأوزاعي في قول الطفيل بن الحارث وصالح في قوله: عوف بن الطفيل بن الحارث، وأصاب معمر وعبد الرحمن بن خالد في قولهما: عوف بن الحارث بن الطفيل كذا قال.

ثم قال: الذي عندي أن الحارث بن سخبرة الأزدي قدم مكة ومعه امرأته أم رومان بنت عامر الكنانية فحالف أبا بكر الصديق ثم مات فخلف أبو بكر على أم رومان فولدت له عبد الرحمن وعائشة وكان لها من الحارث الطفيل بن الحارث فهو أخو عائشة لأمها وولد الطفيل بن الحارث عوفاً، انتهى.

ثم قال الحافظ: (فعلى هذا يكون الذي أصاب في تسميته صالح بن كيسان، وأما معمر وعبد الرحمن بن خالد فقلباه والأول هو الذي صوّبه علي بن المديني، وقد اختلف على الأوزاعي، فالرواية التي ذكرها الحربي عنه هي رواية الوليد بن مسلم، وأخرجه الإسماعيلي من رواية ابن كثير عن الأوزاعي على وفق رواية معمر وابن خالد، وأما شعيب في رواية أحمد قلب الحارث أيضاً فسماه مالكاً

(1)

في رواية الأوزاعي: (الطفيل بن الحارث وكان من أزد شنوءة وكان أخاً لها من أمها أم رومان) وفي رواية صالح: (عوف بن الطفيل بن الحارث وهو ابن أخي عائشة لأمها)، وفي رواية معمر:(عوف بن الحارث بن الطفيل) نقلاً من الفتح (10/ 493).

ص: 202

وحذفه البخاري في رواية أبي ذر فأصاب وسكت عن تسمية جده)

(1)

اه.

وقال صاحب الإكمال لرجال أحمد (1/ 214): الطفيل بن الحارث الأزدي وعنه الزهري، كذا وقع في بعض الروايات، وفي بعضها قال الزهري: حدثني عوف بن مالك بن الطفيل، وفي بعضها قال: حدثني عوف بن الحارث بن الطفيل عن عائشة وهذه الرواية هي الصواب.

وقد تابع الزهري في رواية الجماعة غير واحد فقالوا: (عوف بن الحارث بن الطفيل)، منهم:

عامر بن عبد الله بن الزبير

(2)

، وهشام بن عروة

(3)

، ومحمد بن عبد الرحمن بن حصين

(4)

، وعبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة

(5)

، مما يدل على وهم شعيب في قوله:(عوف بن مالك بن الطفيل).

وقد ذكره البخاري في تاريخه الكبير (7/ 57) فسماه عوف بن الحارث بن الطفيل.

وكذلك سماه أبو حاتم فيما ذكره عنه ابنه في الجرح والتعديل

(1)

فتح الباري (10/ 492 - 493).

(2)

إسحاق بن راهويه (1120) وابن حبان في صحيحه (5568) والطحاوي في شرح المشكل (10/ 170) والطبراني في الأوسط (3/ 31) و (4/ 125).

(3)

الحاكم في المستدرك (4/ 10) وابن حبان (7109).

(4)

الطبراني في الكبير (23/ 288).

(5)

الطبراني في الأوسط (7/ 371).

ص: 203

(7/ 14)، وابن حبان في الثقات (5/ 275)، والكلاباذي في رجال صحيح البخاري (2/ 587) وأبو عبد الله الحاكم في كتاب تسمية مَنْ أخرجهم البخاري ومسلم (1/ 159) وغيرهم

(1)

.

وقد وافق شعيب رواية الجماعة عن الزهري وذلك فيما رواه يعقوب بن سفيان

(2)

ومن طريقه البيهقي

(3)

عن أبي اليمان، أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري أخبرني عوف بن الحارث بن الطفيل أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة: والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها

إلخ.

(1)

ابن الأثير في اللباب في تهذيب الأنساب (2/ 107) وصاحب الإكمال لرجال أحمد (1/ 214) والمزي وابن حجر في تهذيبيهما، وغيرهم.

(2)

في المعرفة والتاريخ (1/ 207) مقروناً مع عبيد الله بن أبي زياد الرصافي جد حجاج ابن أبي منيع.

(3)

البيهقي (6/ 61) وفي السنن الصغرى (5/ 312) مقروناً مع عبيد الله بن أبي زياد إلا أن يكون أبو اليمان قد حمل رواية شعيب على رواية عبيد الله بن أبي زياد الرصافي، فالله أعلم.

ص: 204

‌الحديث الرابع

(1)

:

652 -

قال أبو داود رحمه الله (192): حدثنا موسى بن سهل أبو عمران الرملي، حدثنا علي بن عياش، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، قال: حدثني محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:

كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار.

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير موسى بن سهل وهو ثقة كما في التقريب وقد تابعه غير واحد من الثقات.

وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم: صدوق ثقة.

وأخرجه النسائي (1/ 108) وفي الكبرى (188) وابن خزيمة (13) وابن الجارود (24) والطحاوي (1/ 67) وابن حبان (1134) وابن المنذر في الأوسط (1/ 225) والطبراني في الأوسط (4663) والصغير

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن سهل بن قادم، أبو عمران الرملي، نسائي الأصل، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة 262، روى له أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة.

علي بن عياش الحمصي: انظر ترجمته في بابه.

محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهُدير، التيمي المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة 130 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

ص: 205

(670)

ومسند الشاميين (2973) والحازمي في الاعتبار (ص 158) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (405) وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 136) وابن حزم في المحلى (1/ 247) وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 51) و (60/ 414) كلهم من طريق شعيب بن أبي حمزة به.

هكذا قال شعيب عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار.

خالفه سفيان بن عيينة

(1)

، ومعمر

(2)

، وابن جريج

(3)

، وأيوب السختياني

(4)

، وجرير بن حازم

(5)

، وأسامة بن زيد

(6)

، وروح بن القاسم

(7)

، وعلي بن زيد

(8)

، وأبو علقمة عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة

(9)

، وابن سمعان

(10)

، ويونس بن عبيد

(11)

كلهم عن محمد بن المنكدر عن جابر فقال: دعت امرأة من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على شاة فأكل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فحضرت الصلاة فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عاد إلى بقيتها فأكلوا فحضرت العصر فلم يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1)

الترمذي (80) وابن ماجه (489) وأحمد (3/ 307) والبيهقي (1/ 154).

(2)

عبد الرزاق (639)(640) وابن حبان (1132)(1136).

(3)

أبو داود (191) وأحمد (3/ 322) وعبد الرزاق (639) وابن حبان (1130) وابن حزم في المحلى (1/ 331).

(4)

ابن حبان (1137).

(5)

أبو يعلى (2160) وابن حبان (1138)(1145).

(6)

البيهقي (1/ 156).

(7)

الطحاوي (1/ 25) وابن حبان (1139).

(8)

أحمد (3/ 304) وأبو يعلى (196).

(9)

ابن حبان (1135).

(10)

البيهقي في معرفة السنن والآثار (1292).

(11)

الطبراني في الأوسط (4974).

ص: 206

هذا لفظ أيوب ورواه ابن جريج وجرير بن حازم وأسامة بن زيد وابن سمعان وروح بن القاسم وابن عيينة ومعمر نحو رواية أيوب.

وكذلك رواه عبد الله بن محمد بن عقيل

(1)

، وعمرو بن دينار عن جابر

(2)

.

وقال الطبراني: لا يروي هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا شعيب بن أبي حمزة تفرد به علي بن عياش.

وقد ذكر أهل العلم له ثلاث علل:

العلة الأولى: قال أبو داود: هذا اختصار من الحديث الأول

(3)

وهو: (قربت للنبي صلى الله عليه وسلم خبزاً ولحماً فأكل ثم دعا بوضوء فتوضأ به ثم صلّى الظهر ثم دعا بفضل طعامه فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ)

(4)

.

العلة الثانية: قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 63 رقم 168): سألت أبي عن حديث رواه علي بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر

فسمعت أبي يقول: هذا حديث مضطرب المتن، إنما هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتفاً ولم يتوضأ، كذا رواه الثقات

(1)

الترمذي (80) وأحمد (3/ 374) والحميدي (1266) والطيالسي (1670) وابن ماجه (489).

(2)

ابن ماجه (489).

(3)

قال الحافظ في التلخيص (1/ 146): وقال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه نحوه، وزاد: يمكن أن يكون شعيب حدّث به من حفظه فوهم فيه، وقال ابن حبان نحواً مما قاله أبو داود.

(4)

رواه أبو داود (191) وأحمد (3/ 322) من طريق ابن جريج عن محمد بن المنكدر عن جابر.

ص: 207

عن ابن المنكدر عن جابر، ويحتمل أن يكون شعيب حدّث به من حفظه فوهم فيه.

وقال ابن حبان في صحيحه (3/ 417): مختصر قد اختصره شعيب بن أبي حمزة متوهماً لنسخ إيجاب الوضوء مما مست النار خلا لحم الجزور فقط.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/ 311) شارحاً لإعلال أبي داود وغيره هذا الحديث بالاختصار:

قال أبو داود وغيره: إن المراد بالأمر هنا الشأن والقصة لا مقابل النهي وأن هذا اللفظ مختصر من حديث جابر المشهور في قصة المرأة التي صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فأكل منها ثم توضأ وصلّى الظهر ثم أكل منها وصلّى العصر ولم يتوضأ، فيحتمل أن تكون هذه القصة وقعت قبل الأمر بالوضوء مما مست النار وأن وضوءه لصلاة الظهر كان عن حدث لا بسبب الأكل من الشاة.

وقال الشيخ ابن دقيق العيد في كتابه الإمام: الذي ذكره أبو داود أقرب مما قاله أبو حاتم فإن المتنين متباعدا اللفظ، أعني قوله:(آخر الأمرين)، وقوله:(أكل كتفاً ثم صلّى ولم يتوضأ) ولا يجوز التعبير بأحدهما عن الآخر، والانتقال عن أحدهما إلى الآخر إنما يكون عن غفلة شديدة، وأما ما ذكره أبو داود من أنه اختصار من حديثه الأول فأقرب لأنه يمكن أن يكون عبّر بهذه العبارة عن معنى الرواية الأخرى

(1)

.

العلة الثالثة: قال الحافظ في التلخيص (1/ 116): قال الشافعي

(1)

البدر المنير (2/ 413).

ص: 208

في سنن حرملة: لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر إنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل.

وقال البخاري في الأوسط: ثنا علي بن المديني، قال: قلت لسفيان: إن أبا علقمة الفروي روى عن ابن المنكدر عن جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل لحماً ولم يتوضأ) فقال: أحسبني سمعت ابن المنكدر قال: أخبرني مَنْ سمع جابراً)

(1)

.

قال البيهقي في معرفة السنن والآثار (1/ 446): «وهذا الذي قاله الشافعي محتمل وذلك لأن صاحبَيْ الصحيح لم يخرجا هذا الحديث من جهة محمد بن المنكدر عن جابر في الصحيح، مع كون إسناده على شرطهما ولأن عبد الله بن محمد بن عقيل قد رواه أيضاً عن جابر.

ورواه عنه جماعة، إلا أنه قد روى عن حجاج بن محمد وعبد الرزاق ومحمد بن بكر عن ابن جريج عن ابن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله فذكروا هذا الحديث.

فإن لم يكن ذكر السماع فيه وهماً من ابن جريج، فالحديث صحيح على شرط صاحبَيْ الصحيح، والله أعلم».

وقد خالف هؤلاء الأئمة بعض المتأخرين فصححوا الحديث.

منهم: ابن حزم فقال في المحلى (1/ 244): لولا حديث

(1)

رواه أحمد في المسند (3/ 307) قال: حدثنا سفيان، سمعت ابن المنكدر غير مرة يقول عن جابر، وكأني سمعته يقول: أخبرني مَنْ سمع جابراً، فظننته سمعه من ابن عقيل وابن المنكدر وعبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل لحماً ثم صلّى ولم يتوضأ).

ص: 209

شعيب بن أبي حمزة الذي ذكرنا لما حلّ لأحد ترك الوضوء مما مست النار.

وقال في رده على القول بأن هذا الحديث مختصر من حديث آخر: هذا قول بالظن والظن أكذب الحديث بل هما حديثان كما وردا.

وكذلك صحح هذا الحديث الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه سنن الترمذي (1/ 121 - 122) والألباني فأخرجه في صحيح سنن أبي داود.

‌الدلالة الفقهية:

استدل بهذا الحديث فريقان من أهل العلم:

الفريق الأول:

مَنْ قال: إن أكل شيء من اللحم لا ينقض الوضوء.

وهذا قول الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأصحابهم.

قال صاحب المهذب (2/ 56):

وكذلك أكل شيء من اللحم لا ينقض الوضوء، والدليل على أنه لا ينقض الوضوء ما روى جابر رضي الله عنه قال:(كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار)

(1)

.

الفريق الثاني:

مَنْ قال: إن أكل شيء من اللحم لا ينقض الوضوء عدا لحم الجزور.

(1)

وهذا ناسخ لما أخرجه مسلم في صحيحه (351) من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الوضوء مما مسّت النار» وروى مثله عن أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما (352).

ص: 210

قال في المغني (1/ 191):

(وما عدا لحم الجزور من الأطعمة لا وضوء فيه سواء مسّته النار أو لم تمسه

).

وذهب جماعة من السلف إلى إيجاب الوضوء مما غيّرت النار، منهم: ابن عمر وزيد بن ثابت وأبو طلحة وأبو موسى وأبو هريرة وأنس وعمر بن عبد العزيز والحسن والزهري لما روى أبو هريرة وزيد وعائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «توضؤوا مما مست النار» ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم» .

وقول جابر: (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار) انتهى.

فاستدل بعموم هذا الحديث مَنْ لم يرَ نقض الوضوء بأكل لحم الجزور أو لحم أي شيء من اللحم.

واستدل به مَنْ قال: إن لحم الجزور ناقض للوضوء وبأنه خاص خرج من عموم هذا الحديث وهو الصحيح.

ص: 211

‌الحديث الخامس

(1)

:

653 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (2/ 170) رقم (991): أخبرنا عَمْرُو بن عُثْمان قال: حدثنا بقِيَّةُ وأبو حَيْوَة عن ابن أبي حمزة قال: حدثنا هشَامُ بن عُرْوة عن أبيه عن عائشة:

أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاةِ المغرِبِ بسُورَةِ الأعراف فرَّقَهَا في رَكْعَتَيْن.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

وأخرجه النسائي أيضاً في السنن الكبرى (1063) بهذا الإسناد.

هكذا قال شعيب بن أبي حمزة: (عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة).

خالفه وكيع

(2)

، ويحيى بن سعيد القطان

(3)

، وشعيب بن

(1)

رجال الإسناد:

عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي أبو حفص الحمصي، صدوق من العاشرة، مات سنة 250، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من الثامنة، مات سنة 197 وله 87 سنة، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

شريح بن يزيد الحضرمي، أبو حيوة الحمصي المؤذن، ثقة من التاسعة، مات سنة 203، روى له أبو داود والنسائي.

هشام بن عروة: تقدم.

عروة بن الزبير: تقدم.

(2)

أحمد (5/ 418) وابن خزيمة (518) وابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 269) وفي مسنده (143) ووقع فيه (وزيد) والصحيح (أو زيد) والطبراني في الكبير (4823).

(3)

أحمد (5/ 185).

ص: 212

إسحاق

(1)

، وأبو معاوية الضرير

(2)

، وعبدة بن سليمان

(3)

، ومحمد بن بشر

(4)

، وعقبة بن خالد

(5)

، ومحاضر بن المورع

(6)

، والليث بن سعد

(7)

، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي

(8)

، وأبو أسامة حماد بن أسامة

(9)

فقالوا: (عن هشام، عن أبيه، عن أبي أيوب أو زيد بن ثابت)، وبعضهم قال: عن زيد وحده وهو الصحيح وهشام كان يشك فيه.

وكذلك رواه ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بطولى الطوليين.

أخرجه البخاري في صحيحه

(10)

وزاد أبو داود قلت: ما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف والأخرى الأنعام.

ورواه حماد بن سلمة عن هشام فقال فيه: (زيد بن ثابت أو أبو زيد)

(11)

.

(1)

ابن خزيمة (518).

(2)

الطبراني (3893).

(3)

ابن أبي شيبة (1/ 269) وفي مسنده (143) والدارقطني في العلل (6/ 127).

(4)

الدارقطني في العلل (6/ 127).

(5)

الطبراني في الكبير (3892)(4824).

(6)

ابن خزيمة (517) والحاكم (1/ 237).

(7)

الطبراني في الكبير (4825).

(8)

الترمذي في العلل الكبير (108).

(9)

ابن خزيمة (518).

(10)

البخاري (764) وأبو داود (812).

(11)

الطحاوي (1/ 211) وتقدم في باب حماد بن سلمة، ح (270).

ص: 213

فتابع رواية الجماعة عن هشام إلا أنه وهم فقال: (أبو زيد) والصحيح أبو أيوب.

ورواه عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن زيد بنحوه

(1)

.

وقد جاء ما يبين أن عروة سمعه من مروان ثم سمعه من زيد نفسه، وهو ما رواه الطحاوي قال: حدثنا الربيع بن سليمان الخبري، قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا حيوة قال: أخبرنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يقول: أخبرني زيد بن ثابت أنه قال لمروان بن الحكم: ما يحملك أن تقرأ في صلاة المغرب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} وسورة أخرى صغيرة فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب بأطول الطول وهي آلمص»

(2)

.

قال ابن الملقن: إسناده حسن وذكره ابن السكن في سننه الصحاح وقال: وهو حديث مختلف فيه

(3)

.

قلت: يريد أن غيره رواه عن أبي أيوب أو زيد بالشك.

وقد رجح الإمام البخاري أن الصحيح من حديث هشام هو أبو أيوب أو زيد.

قال الترمذي: سألت محمداً عن حديث محمد بن عبد الرحمن

(1)

شرح معاني الآثار (1/ 211) والنسائي (2/ 169 - 170) وابن حبان (1836) والطبراني في الكبير (4813)(4821).

(2)

شرح معاني الآثار (1/ 218).

(3)

البدر المنير (3/ 183).

ص: 214

الطفاوي عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي أيوب وزيد بن ثابت قالا: فذكر الحديث.

فقال: الصحيح عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي أيوب أو زيد بن ثابت.

هشام بن عروة يشك في هذا الحديث، وصحح هذا الحديث عن زيد بن ثابت»

(1)

.

وقال ابن رجب عن رواية شعيب هذه إن أبا حاتم الرازي قال: إنه خطأ

(2)

.

وقال ابن حجر: ورواه النسائي من وجه آخر عن هشام عن أبيه عن عائشة وهو معلول

(3)

.

لذا قال الدارقطني: «وسئل عن حديث عروة بن الزبير عن أبي أيوب وزيد بن ثابت قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما قرأ في الركعتين الأوليين من المغرب بالأعراف فقال: يرويه هشام بن عروة واختلف عنه فقال محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام عن أبيه عن أبي أيوب وزيد وخالفه أصحاب هشام، منهم: عبدة بن سليمان ومحمد بن بشر ووكيع وغيرهم فقالوا: عن هشام عن أبيه عن أبي أيوب أو زيد بن ثابت وهو الصحيح عن هشام فإنه كان يشك في هذا الحديث والصحيح من هذا الحديث زيد بن ثابت ولم يسمعه عروة منه إنما

(1)

العلل الكبير (108).

(2)

فتح الباري (4/ 428).

(3)

التلخيص الحبير (1/ 176).

ص: 215

سمعه من مروان عن زيد بن ثابت بين ذلك ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عروة قال: أخبرني مروان بن الحكم عن زيد بن ثابت

(1)

.

‌تنبيه:

1 وهم في هذا الحديث أيضاً حماد بن سلمة فقال: إن مروان كان يقرأ في المغرب بسورة يس كما وهم فيه عقبة بن خالد فقال: الأنفال بدل الأعراف، انظره في بابيهما، وكذلك محمد بن عبد الرحمن الطفاوي فقال:(عن أبي أيوب وزيد)

(2)

.

2 قال ابن خزيمة: لا أعلم أحداً تابع محاضر بن المورع بهذا الإسناد. قال أصحابه: هشام في هذا الإسناد عن زيد بن ثابت أو عن أبي أيوب، شك هشام.

قلت: تابعه مروان عن زيد وحده، وعقبة بن خالد والليث بن سعد

(3)

.

(1)

العلل (6/ 127).

(2)

انظر حديث حماد (270)، وعقبة بن خالد (816)، وحديث الطفاوي أخرجه الترمذي في العلل الكبير (108).

(3)

سبق تخريج أحاديثهم.

ص: 216

‌شيبان النحوي

(1)

‌اسمه ونسبه:

شيبان بن عبد الرحمن النحوي مولى لبني تميم وأصله بصري نزيل الكوفة ثم بغداد.

روى عن: الحسن البصري، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة، وسماك بن حرب، وثابت، وأشعث بن أبي الشعثاء، وعاصم بن بهدلة، وخلق.

روى عنه: أبو حنيفة وهو من أقرانه، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وعبيد الله بن موسى، ومعاوية بن هشام، وآدم بن أبي إياس وخلق.

‌ثناء أهل العلم عليه:

قال أحمد بن حنبل: ثبت في كل المشايخ.

(1)

مصادر الترجمة:

الطبقات الكبرى 6/ 377، الجرح والتعديل 4/ 355، تهذيب الكمال ترجمة (2770)، سير أعلام النبلاء 7/ 406، تهذيب التهذيب 4/ 373.

ص: 217

وقال يحيى بن معين: شيبان ثقة وهو صاحب كتاب، وقال أيضاً: شيبان أحب إليَّ من معمر في قتادة.

وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث.

وقال أحمد: شيبان أحب إليّ من الأوزاعي في يحيى بن أبي كثير وهو صاحب كتاب صحيح.

وقال أبو حاتم: حسن الحديث صالح الحديث يكتب حديثه

قال ابن حجر: ثقة صاحب كتاب، من السابعة.

روى له البخاري

(1)

مع المكرر ستة وخمسين حديثاً، ومسلم

(2)

ثمانية وأربعين حديثاً.

(1)

البخاري (132، 177، 201، 316، 353، 531، 594، 609، 612، 615، 725، 842، 996، 1003، 1043، 1149، 1265، 1974، 2473، 2482، 2629، 2654، 2686، 2912، 3044، 3076، 3160، 3348، ..... ، 6522، 6569، 6706، 6960).

(2)

ومسلم (1/، 44، 107، 116، 151، 275، 376، 385، 404، 422، 440، 467، 509، ..... ، 2187، 2250، 3023).

ص: 218

‌الحديث الأول

(1)

:

654 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (5/ 230 ح 2615)(2616): حدثنا عبد الله بن مُحَمَّدٍ حدثنا يُونُس بن مُحَمَّدٍ حدثنا شَيْبَانُ عن قَتَادة حدثنا أنَسٌ رضي الله عنه قال:

أُهْدِيَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم جُبَّةُ سُنْدُسٍ وكان يَنْهَى عن الْحَرِيرِ فعَجِبَ الناس منها فقال: «والَّذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده لمَنَادِيلُ سعْدِ بن مُعَاذٍ في الجَنَّةِ أحْسَنُ من هذا» وقال سعيدٌ عن قَتادَة عن أنَسٍ: إنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن محمد من رجال البخاري.

وأخرجه مسلم (2465) وأحمد (3/ 229) وأبو يعلى (3112) وعبد بن حميد (1200) كلهم من طريق يونس بن محمد عن شيبان به.

هكذا قال شيبان عن قتادة عن أنس: (وكان ينهى عن الحرير).

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر الجعفي، أبو جعفر البخاري المعروف بالمُسندي، ثقة حافظ، جمع المسند، من العاشرة، مات سنة 229، روى عنه البخاري والترمذي.

يونس بن محمد بن مسلم البغدادي، المؤدب، ثقة ثبت من صغار التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.

قتادة: تقدم.

ص: 219

ويفهم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلبسها.

خالفه سعيد بن أبي عروبة

(1)

، وعمر بن عامر السلمي

(2)

فروياه عن قتادة فقالا: (قبل أن ينهى عن الحرير فلبسها .. ).

ورواه شعبة عن قتادة فلم يذكر فيه وكان ينهى عن الحرير، ولم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لبسه

(3)

.

وبنحو روايته رواه عاصم بن عمر عن قتادة عن أنس

(4)

.

فليس في روايتهما ترجيح لحديث شيبان أو ابن أبي عروبة.

وقد روي من طرق أخرى عن أنس بما يوافق رواية سعيد وهو ما رواه الترمذي وغيره من طريق محمد بن عمرو، حدثنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: قدم أنس بن مالك فأتيته فقال: مَنْ أنت؟ فقلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: فبكى وقال: إنك لشبه سعد وإن سعداً كان من أعظم الناس وأطولهم وأنه بُعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم جبة من ديباج منسوج فيها الذهب فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فقام أو قعد فجعل الناس يلمسونها فقالوا: ما رأينا كاليوم ثوباً قط، فقال:«أتعجبون من هذا لمناديل سعد في الجنة خير مما ترون» .

(1)

أحمد (3/ 207)(3/ 234) والطحاوي (4/ 247) وابن حبان (7038) والبيهقي (3/ 274) والبخاري تعليقاً (2616).

(2)

رواه النسائي في الكبرى (9614) والبزار (2712 كشف)، ورواه مسلم ولم يسق لفظه إلا أنه قال فيه:(ولم يذكر فيه وكان ينهى عن الحرير).

(3)

مسلم (2486) وأحمد (3/ 209)(3/ 237) والطيالسي (1990) وأبو يعلى (3226).

(4)

أحمد (3/ 238).

ص: 220

قال الترمذي: هذا حديث صحيح

(1)

.

وروى النسائي قال: حدثنا يوسف بن سعيد قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً يقول: لبس النبي صلى الله عليه وسلم قباء من ديباج أهدي ثم أوشك أن نزعه

(2)

.

وروى الطحاوي بإسناد صحيح من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أنه سمع عقبة بن عامر يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعليه فروج حرير فصلّى فيه ثم انصرف فنزعه وقال: «لا ينبغي لباس هذه للمتقين»

(3)

.

قال الطحاوي: هذه الآثار تدل أن لبس الحرير كان مباحاً وأن النهي عن لبسه بعد إباحته.

وروى الإمام أحمد من طريق يونس وإسحاق بن عيسى عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك أنه قال: إن ملك الروم أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم مستقة فلبسها فجعل القوم يقولون: يا رسول الله أنزلت عليك هذه من السماء؟ فقال: «وما يعجبكم منها فوالذي نفسي بيده إن منديلاً من مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها .. »

(4)

.

وروى وكيع في أخبار القضاة قال: حدثنا علي بن حرب

(1)

الترمذي (1723) والنسائي (8/ 199) وأحمد (3/ 122) وفي فضائل الصحابة (1495) وابن سعد (3/ 435) وابن أبي شيبة (12/ 144) وابن حبان (7037)، وقال الألباني حسن صحيح.

(2)

سنن النسائي (8/ 200) وقال الألباني: صحيح (5303).

(3)

شرح معاني الآثار (4/ 247).

(4)

أحمد (3/ 229) والطيالسي (2057) وأبو يعلى (3980) وابن سعد (1/ 456).

ص: 221

الموصلي حدثنا المغلس بن زياد العامري، حدثنا عامر بن عبيدة قال: كتبنا إلى أنس بن مالك نسأله عن الحرير، فقال: ما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لبسه إلا ما كان من عمر وابنه، ولقد خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعليه جبة ديباج فجعل الناس يلمسونها ويعجبون من حسنها فقال:«أتعجبون من حسن هذا، والله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن منها»

(1)

.

والله تعالى أعلم.

لذا قال البيهقي بعد أن أورد حديث سعيد قال: «أخرجاه في الصحيح من وجه آخر عن قتادة دون اللفظة التي أتى بهَا سعيد بن أبي عروبة أن ذلك قبل أن ينهى عن الحرير وهي أشبه بالصحة من رواية مَنْ روى وكان ينهى عن الحرير»

(2)

.

وظاهر صنيع الإمام البخاري ترجيح رواية شيبان فقد أخرجها موصولة، وذكر رواية ابن أبي عروبة تعليقاً وذلك لأنه ذكر مصدر الهدية وأن المهدي هو أكيدر دومة وهو ما ترجم عليه الباب فقد عقد عليه (باب قبول الهدية من المشركين) فهو إنما أورد رواية ابن أبي عروبة هنا تعليقاً لتعلقها بما عقد عليه الباب وتعقب ابن التركماني البيهقي فقال بعد أن ذكر أن حديث شيبان أخرجه الشيخان قال: وحديث ابن أبي عروبة رواه يحيى بن أبي طالب جعفر بن الزبرقان قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا سعيد عن قتادة، وقد تقدم ذكر يحيى بن أبي طالب هذا وأن موسى بن هارون قال عنه: أشهد أنه

(1)

أخبار القضاة (2/ 42).

(2)

السنن الكبرى (3/ 274).

ص: 222

يكذب، وعبد الوهاب الخفاف وإن وثق وخرج له مسلم فقد قال فيه البخاري والنسائي والباجي: ليس بالقوي. قال الذهبي: ضعفه أحمد، فكيف يكون ما ورد بهذا الطريق أشبه بالصحة مما ورد بطريق الشيخين مع جلالته وسلامة رجاله من الجرح»

(1)

.

ولم يتفطن ابن التركماني أن عبد الوهاب لم ينفرد به بل تابعه روح بن عبادة عند أحمد

(2)

، ومحمد بن سواء عند الطحاوي

(3)

وابن حبان

(4)

.

ورواية أحمد

(5)

عن شيخه عطاء دون وساطة وكان أحمد يقدمه في حديث سعيد بن أبي عروبة.

قال الأثرم: قال الإمام أحمد: كان عالماً بسعيد.

قال يحيى بن أبي طالب: قال أحمد بن حنبل: كان عبد الوهاب بن عطاء من أعلم الناس بحديث سعيد بن أبي عروبة.

قال يحيى: وبلغنا أن عبد الوهاب كان مستملي سعيد

(6)

.

فإذا استوى الإسنادان إلى شيبان وابن أبي عروبة نظرنا لنعلم أيهما أصح.

لم يتابع أحدٌ شيبان في قوله: (وكان ينهى عن الحرير) وقد تابع

(1)

الجوهر النقي بهامش السنن الكبرى (3/ 274).

(2)

المسند (3/ 207 ح رقم 13148).

(3)

شرح معاني الآثار (4/ 247).

(4)

في صحيحه (7038).

(5)

(3/ 234) والبيهقي (3/ 274).

(6)

تهذيب الكمال ترجمة (4193).

ص: 223

عمر بن عامر ابن أبي عروبة كما تقدم.

وروى من طرق أخرى عن أنس بما يوافق رواية ابن أبي عروبة فهي أشبه بالصحة كما قال البيهقي.

‌الخلاصة:

أورد الإمام البخاري رحمه الله حديث شيبان عن قتادة عن أنس موصولاً وفيه: (وكان ينهى عن الحرير) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلبس هذه الهدية.

وأورد حديث سعيد بن أبي عروبة تعليقاً ولم يسق لفظه لأنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لبسها وقال في حديثه: (قبل أن ينهى عن الحرير).

أخرج البخاري الحديثين في باب قبول الهدية من المشركين وليس في حديث شيبان مصدر الهدية لذا أعقبه ما يفيد مصدر الهدية وهو حديث سعيد ذكره تعليقاً لمخالفته حديث شيبان.

ومما يدل أيضاً على ترجيح البخاري لرواية شيبان أنه عقد في صحيحه (باب مَنْ مس الحرير من غير لبس)

(1)

أورد فيه حديث أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فجعلنا نلمسه ونتعجب منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أتعجبون من هذا

» إلخ.

وقد أوردته في جملة الأحاديث التي يذكرها البخاري تعليقاً لعلة فيها فانظره في كتابي (منهج الإمام البخاري في عرض الحديث المعل) يسّر الله إتمامه.

(1)

(10/ 291 ح رقم 5836).

ص: 224

‌الحديث الثاني

(1)

:

655 -

قال الإمام البخاري في صحيحه (2809): حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا حسين بن محمد أبو أحمد، حدثنا شيبان، عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه:

أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قتل يوم بدر أصابه سهمٌ غَرْب

(2)

فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء.

قال: «يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى» .

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح.

وأخرجه أحمد في المسند (3/ 260) والبيهقي (9/ 167).

هكذا رواه شيبان عن قتادة، عن أنس فقال:(إن أم الربيع بنت البراء).

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري، ثقة حافظ جليل، من الحادية عشرة، مات سنة 258 على الصحيح وله 86 سنة، روى عنه البخاري.

حسين بن محمد بن بهرام التميمي، أبو أحمد المروذي، نزيل بغداد، ثقة من التاسعة، مات سنة 213 أو بعدها بسنة أو بسنتين، روى له البخاري ومسلم.

قتادة: تقدم. انظره في بابه.

(2)

سهم غرب، أي: لا يعرف من أين أتى أو جاء على غير قصد من راميه.

ص: 225

خالفه سعيد بن أبي عروبة

(1)

فرواه عن قتادة عن أنس فقال: (إن الربيع بنت النضر).

وهذا هو الصحيح والمذكور في كتب أسماء الصحابة والسير وغيرها وهم شيبان في اسمها في موضعين:

الأول: قوله: أم الربيع، وإنما هي الربيع.

والثاني: قوله: بنت البراء، وإنما هي بنت النضر

(2)

.

وقد روى حماد بن سلمة هذا الحديث عن ثابت عن أنس فقال: (الربيع) ولم ينسبها

(3)

.

قال ابن سعد: حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عامر بن تميم بن عدي بن النجار.

وأمه أم حارثة واسمها الربيع بنت النضر بن ضمضم بن زيد بن حزم بن جندب بن عامر بن عدي بن النجار، وهي عمة أنس بن مالك بن النضر خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

.

(1)

الترمذي (3174) والطبري في تفسيره (16/ 38) وابن خزيمة في كتاب التوحيد (2/ 872 رقم 588).

والحديث أخرجه كذلك البخاري (3982، 6550، 6567) من طريق قتادة عن أنس ولم يذكر اسمها بل قال: أم حارثة.

(2)

انظر: أسد الغابة (7/ 109) والإصابة (4/ 301) وفضائل الصحابة للنسائي (1/ 56) والطبقات الكبرى (3/ 510).

(3)

أحمد (3/ 272) والطبراني في الكبير (3234)، وانظر ح (238).

(4)

الطبقات الكبرى (3/ 510).

ص: 226

قال ابن الأثير في جامع الأصول: الذي وقع في كتب النسب وأسماء الصحابة أن أم حارثة بن سراقة هي الربيع بنت النضر عمة أنس

(1)

.

وقال أيضاً

(2)

: «قوله: (إن أم الربيع بنت البراء) كذا لجميع رواة البخاري، وقال بعد ذلك:(وهي أم حارثة بن سراقة) وهذا الثاني هو المعتمد والأول وهم نبّه عليه غير واحد من آخرهم الدمياطي وقال: قوله: أم الربيع بنت البراء وهم وإنما هي الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك بن النضر وهي أم حارثة بن سراقة بن الحارث.

ووقع في رواية ابن خزيمة أن الربيع بنت البراء بحذف أم فهذا أشبه بالصواب.

فلعله كان فيه الربيع عمة البراء فإن البراء بن مالك أخو أنس بن مالك فكل منهما ابن أخيها أنس بن النضر.

ثم قال الحافظ: والظاهر أن لفظ: (أم وبنت) وهم، والخطب فيه سهل، ولا يقدح ذلك في صحة الحديث ولا في ضبط رواته، وقد وقع في رواية سعيد بن أبي عروبة

(3)

التي ضبط فيها اسم الربيع بنت النضر وهم في اسم ابنها فسمّاه الحارث بدل حارثة» اه.

(1)

جامع الأصول (12/ 397).

(2)

المصدر السابق.

(3)

أخرجه الترمذي (3174) وقد جاء كذلك في الطبعة المكملة لطبعة أحمد شاكر فقال: (إن الربيع بنت النضر أتت النبي صلى الله عليه وسلم وكان ابنها الحارث بن سراقة .. ) ثم ذكره على الصحيح فقال: (فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أخبرني عن حارثة) وفي طبعة الدكتور بشار (5/ 234) جاء اسمه على الصحيح فقال: (وكان ابنها حارثة بن سراقة) وليس (الحارث بن سراقة).

ص: 227

وقال العيني في عمدة القاري (14/ 107): قوله: (إن أم الربيع بنت البراء) كذا وقع لجميع رواة البخاري وهذا وهم نبّه عليه غير واحد آخرهم الحافظ الدمياطي والصواب أنها أم حارثة ابن سراقة

إلى آخره، بمثل ما ذكر ابن حجر واستشهد كذلك بقول ابن الأثير

وقال ابن الملقن: قوله (أن أم الربيع بنت البراء) غير جيد، إنما هي: أم حارثة بن سراقة

، الربيع بنت النضر أخت أنس بن النضر، وهي عمة أنس بن مالك نبه على ذلك الإسماعيلي في مستخرجه وأبو نعيم وغيرهما

(1)

.

‌الخلاصة:

الحديث صحيح والوهم في اسم والدة حارثة لا يؤثر ولا يقدح في صحة الحديث، وقد ذكر الحافظ سبب اختيار البخاري لرواية شيبان على رواية سعيد بن أبي عروبة لأن قتادة مدلس وقد جاء في رواية شيبان عن قتادة سماع قتادة لهذا الحديث من أنس بينما رواية سعيد بالعنعنة.

قال الحافظ في الفتح (6/ 27): إنما اختار البخاري رواية شيبان على رواية سعيد لتصريح شيبان في روايته بتحديث أنس لقتادة وللبخاري حرص على مثل ذلك إذا وقعت الرواية عن مدلس أو معاصر، وقد قال هو في تسمية مَنْ شهد بدراً:(وحارثة بن الربيع وهو حارثة بن سراقة) فلم يعتمد على ما وقع في رواية شيبان أنه حارثة ابن أم الربيع بل جزم بالصواب والربيع أمه وسراقة أبوه).

(1)

التوضيح (17/ 388) مع بعض الاختصار.

ص: 228

‌الحديث الثالث

(1)

:

656 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (1/ 180): أخبرنا أبو بكر ابن إسحاق، قال: حدثنا الحسن بن موسى، قال: حدثنا شيبان، عن قتادة عن الحسن عن أمه عن عائشة رضي الله عنها قالت:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع.

‌التعليق:

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أم الحسن البصري، روى لها مسلم في صحيحه، وذكرها ابن حبان في الثقات، لذا فقول الحافظ في التقريب (مقبولة) غير مقبول.

والحديث أخرجه كذلك أحمد (6/ 280) عن الحسن بن موسى به.

والطبراني في الأوسط (9312) من طريق آدم عن شيبان به.

وقال الطبراني: لم يروه عن قتادة عن الحسن عن أمه عن عائشة إلا شيبان.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن إسحاق الصّغاني ويقال: الصاغاني، أبو بكر، نزيل بغداد، ثقة ثبت من الحادية عشرة، مات سنة 270، روى له البخاري ومسلم.

الحسن بن موسى الأشيب، أبو علي البغدادي قاضي الموصل وغيرها، ثقة، من التاسعة، مات سنة 209 أو 210، روى له البخاري ومسلم.

الحسن بن أبي الحسن البصري، واسم أبيه يسار، ثقة فقيه فاضل مشهور، رأس الطبقة الثالثة، مات سنة 110 وقد قارب التسعين، روى له البخاري ومسلم.

خيرة أم الحسن البصري، مولاة أم سلمة، مقبولة، من الثانية، روى لها مسلم.

ص: 229

وقد وهم في هذا الإسناد شيبان على قتادة فرواه هكذا عن قتادة عن الحسن عن أمه خيرة عن عائشة رضي الله عنها.

خالفه أصحاب قتادة فرووه عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها.

هكذا رواه همام بن يحيى العوذي

(1)

، وأبان بن يزيد العطار

(2)

، وسعيد بن أبي عروبة

(3)

، وهشام الدستوائي

(4)

، وشعبة

(5)

، والحكم بن عبد الملك

(6)

.

ورواه كذلك حماد بن سلمة عن قتادة عن صفية أو معاذة على الشك

(7)

.

قال ابن أبي حاتم في العلل (41): سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه شيبان النحوي عن قتادة، عن الحسن عن أمه عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد؟

قال أبي: هذا خطأ، إنما هو قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أشبه.

(1)

أبو داود (92) وأحمد (6/ 121) وأبو يعلى (4858) وابن المنذر في الأوسط (643) والطحاوي (2/ 49) وابن ماجه (268) وأبو عبيد في الطهور (111).

(2)

أخرجه أحمد (6/ 121) والطحاوي (2/ 49) والبيهقي (1/ 195) وأبو داود تعليقاً عقب الحديث (92).

(3)

النسائي (1/ 179 - 180) وأحمد (6/ 234) وإسحاق بن راهويه (1270).

(4)

الدارقطني (1/ 94).

(5)

الدارقطني في العلل (12/ 133).

(6)

الدارقطني في العلل (12/ 131).

(7)

أحمد (6/ 219) من طريق بهز عن حماد بن سلمة، وانظر ح (261) في باب حماد.

ص: 230

قال أبو زرعة: من حديث قتادة حديث صفية بنت شيبة عن عائشة صحيح.

ورواه يونس بن عبيد عن الحسن عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا عندي أشبه.

وقال العقيلي في الضعفاء (2/ 149): هذا يرويه قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح وهو الصحيح. اه.

وقال الدارقطني في العلل (12/ 132) والقول قول مَنْ قال: عن قتادة عن صفية بنت شيبة، عن عائشة.

ص: 231

‌الحديث الرابع

(1)

:

657 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 19): حدثنا حسين، قال: حدثنا شيبان، عن قتادة، وحدّث عن أبي الصديق، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ابن أخي قد غرِب بطنه فقال: «اسقِ ابن أخيك عسلاً» قال: فسقاه فلم يزده إلا شدة فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فقال له النبي صلى الله عليه وسلم في الثالثة: «اسقِ ابن أخيك عسلاً، فإن الله عز وجل قد صدق وكذب بطن ابن أخيك» قال: فسقاه فعافاه الله عز وجل.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وأخرجه النسائي في الكبرى (6706) من طريق يونس بن محمد عن شيبان به.

هكذا قال شيبان: (عن قتادة، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد).

خالفه شعبة

(2)

، وسعيد بن أبي عروبة

(3)

فقالا: (عن قتادة، عن أبي المتوكل علي بن داود الناجي، عن أبي سعيد).

(1)

رجال الإسناد:

حسين بن محمد بن بهرام التميمي المروذي نزيل بغداد، ثقة من التاسعة، مات سنة 213 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

بكر بن عمرو، وقيل: ابن قيس أبو الصديق الناجي، بصري ثقة من الثالثة، مات سنة 108، روى له البخاري ومسلم.

أبو سعيد الخدري: صحابي مشهور.

(2)

البخاري (5716) ومسلم (2217) والنسائي في الكبرى (6705).

(3)

البخاري (5684) ومسلم (2217).

ص: 232

وهم شيبان فقال: (أبو الصديق) والصحيح (أبو المتوكل).

وخالف أيضاً في المتن وقال: إن ابن أخيه هو الذي اشتكى بطنه، وقال شعبة وسعيد: إن أخاه هو الذي اشتكى بطنه.

قال النسائي: خالفه شيبان في إسناده ومتنه

(1)

.

وقال الحافظ: والذي يظهر ترجيح طريق أبي المتوكل لاتفاق الشيخين عليها شعبة وسعيد أولاً ثم البخاري ومسلم ثانياً

(2)

.

(1)

السنن الكبرى (4/ 163 ح 6705).

(2)

فتح الباري (10/ 168).

ص: 233

‌الحديث الخامس

(1)

:

658 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 267): حدثنا هاشم، قال: حدثنا شيبان، عن عاصم، عن خيثمة والشعبي، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي قوم تسبق أيمانهم شهادتهم وشهادتهم أيمانهم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الحارث في مسنده (1036 بغية الباحث) من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، ومن طريقه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (829) وأبو نعيم في حلية الأولياء (2/ 78)، (4/ 125)، والبزار في مسنده (3247) من طريق عمر بن شبّة عن أبي أحمد الزبيري، وتمام الرازي في الفوائد (274) من طريق سهيل بن عبد الرحمن، كلهم من طريق شيبان به.

(1)

رجال الإسناد:

هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي مولاهم البغدادي أبو النضر، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 207 وله 93 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود الأسدي مولاهم الكوفي، أبو بكر المقراء صدوق له أوهام حجة في القراءة وحديثه في الصحيحين مقرون من السادسة، مات سنة 128، روى له البخاري ومسلم.

خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي الكوفي، ثقة وكان يرسل، من الثالثة، مات بعد سنة 80، روى له البخاري ومسلم.

عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، من الثالثة، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد سنة 100 وله نحو 80 سنة.

ص: 234

هكذا رواه شيبان فقال: (عن عاصم، عن خيثمة والشعبي، عن النعمان بن بشير).

خالفه حماد بن سلمة

(1)

، وزائدة بن قدامة

(2)

، وأبو بكر ابن عياش

(3)

، وزيد بن أبي أنيسة

(4)

، وورقاء بن عمر اليشكري

(5)

فقالوا: (عن عاصم، عن خيثمة، عن النعمان بن بشير) لم يذكروا الشعبي.

قال البزار: (لا نعلم أحداً جمع خيثمة والشعبي إلا شيبان، وهذا الحديث رواه عن عاصم جماعة وكل مَنْ رواه عن عاصم رواه عن خيثمة عن النعمان إلا شيبان) اه.

‌علة الوهم:

عامر الشعبي من أكثر أصحاب النعمان بن بشير رضي الله عنه رواية عنه.

وقد روى شيبان عن عاصم عن خيثمة والشعبي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث: «الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور متشابهات»

(6)

.

فربما من هنا دخل عليه الوهم، والله أعلم.

(1)

أحمد (4/ 267).

(2)

أحمد (4/ 276) وابن أبي شيبة (12/ 177) وابن أبي عاصم في السنّة (1477) والطحاوي (4/ 152) وفي شرح المشكل (2467) والبزار (3245).

(3)

أحمد (4/ 277) والطحاوي (4/ 152).

(4)

الطبراني في الأوسط (1142) وابن حبان (6727).

(5)

البزار (3246) وهو في كشف الأستار (2767).

(6)

أخرجه أحمد (4/ 267)، وأخرجه البخاري (2051) ومسلم (1599) من طريق الشعبي وحده عن النعمان.

ص: 235

‌عبد الرحمن بن يزيد بن جابر

عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، أبو عتبة الشامي الداراني.

روى عن: مكحول، والزهري، وزيد بن أسلم، والقاسم بن عبد الرحمن، ونافع وجماعة.

وعنه: ابنه عبد الله، وبشر بن بكر، والوليد بن مسلم، ويحيى بن حمزة وغيرهم.

وثقه ابن معين وابن سعد والنسائي والعجلي وغيرهم.

وقال أحمد: ليس به بأس.

وقال أبو داود: من ثقات الناس.

وقال أبو حاتم: صدوق لا بأس به، ثقة.

وقال علي بن المديني: يعد في الطبقة الثانية من فقهاء الشام بعد الصحابة، مات سنة 154 أو 155 أو 156.

قال ابن حجر: ثقة.

ص: 236

روى عنه البخاري

(1)

ثمانية أحاديث، وعلق له حديثاً واحداً، وفي بعضها كان يقول عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وربما قال عبد الرحمن بن جابر، وربما قال ابن جابر.

(1)

البخاري (1234، 1843، 3411، 3442، 5268، 6456، 6673، 7022، 3252 تعليقاً).

ص: 237

‌الحديث

(1)

:

659 -

قال ابن ماجه رحمه الله (4317): حدثنا هشام بن عمار، ثنا صدقة بن خالد، ثنا ابن جابر، قال: سمعت سليم بن عامر يقول: سمعت عوف بن مالك الأشجعي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أتدرون ما خيّرني ربي الليلة؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، قال:«فإنه خيّرني بين أن يُدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة» قلنا: يا رسول الله أُدعُ الله أن يجعلنا من أهلها، قال:«هي لكل مسلم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

والحديث أخرجه البخاري في التاريخ الكبير، تعليقاً (8/ 42)،

(1)

رجال الإسناد:

هشام بن عمار بن نصير السلمي الدمشقي الخطيب، صدوق مقراء كبر فصار يتلقن فحديثه القديم أصح، من كبار العاشرة، وقد سمع من معروف الخياط لكن معروف ليس بثقة، مات سنة 245 على الصحيح وله 92 سنة، روى له البخاري.

صدقة بن خالد الأموي مولاهم، أبو العباس الدمشقي، ثقة من الثامنة، مات سنة 191 وقيل: ثمانين ومائة أو بعدها، روى له البخاري.

عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، أبو عتبة الشامي الداراني، ثقة من السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومئة، روى له البخاري ومسلم.

سُليم بن عامر الكلاعي، ويقال: الخبائري، أبو يحيى الحمصي، ثقة من الثالثة، غلط مَنْ قال: إنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة 130، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.

عوف بن مالك الأشجعي، أبو حماد، ويقال غير ذلك، صحابي مشهور من مسلمة الفتح وسكن دمشق ومات سنة 73، روى له البخاري ومسلم.

ص: 238

وابن خزيمة في التوحيد (2/ 638 - 639)، وابن أبي عاصم في السنّة (820)، والآجري في الشريعة (794)، والطبراني في الكبير (18/ 126) وفي مسند الشاميين (575)، وابن مندة في الإيمان (932)، والحاكم في المستدرك (1/ 14، 66).

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواته كلهم ثقات على شرطهما جميعاً، وليس له علة وليس في أخبار الشفاعة:(هي لكل مسلم).

وقال الذهبي: على شرطهما.

ونحو ذلك قال في الموضع الثاني (1/ 66).

وقال ابن مندة: وهذا حديث مشهور عن ابن جابر، ويقول: سمعت سليم بن عامر يقول: سمعت عوفاً، وهو ثابت على رسم مسلم وغيره، وسليم أحد الثقات في الشاميين أدرك أبا بكر الصديق رضي الله عنه.

ورُوي عن معاوية بن صالح وجابر بن غانم، عن سليم، عن معدي كرب عن عوف من وجه لا يثبت، وحديث ابن جابر أصح وأوْلى، وعند سليم بن عامر عن عوف بن مالك غير هذا الحديث).

هكذا صحح الحاكم وابن مندة والذهبي وغيرهم هذا الحديث.

إلا أن بعض أئمة الحديث قالوا: إن رواية سليم بن عامر: عن عوف بن مالك مرسلة لذا فإن قول عبد الرحمن بن يزيد في هذا الحديث عن سليم بن عامر سمعت عوف بن مالك وهمٌ منه.

فقد خالفه جابر بن غانم، ومعاوية بن صالح، ومحمد بن الوليد الزبيدي، فذكروا الواسطة بين سليم بن عامر وعوف بن مالك.

ص: 239

فقد رواه جابر بن غانم

(1)

ومعاوية بن صالح

(2)

فقالا: (عن سليم بن عامر، عن معدي كرب، عن عوف بن مالك).

ورواه الزبيدي، عن سليم بن عامر، عن معدي كرب، عن أبي راشد الحبراني، عن عوف بن مالك

(3)

.

لذا قال ابن خزيمة عقب الحديث: (وأنا أخاف أن يكون قوله: سمعت عوف بن مالك وهماً).

وقال ابن أبي حاتم في العلل (2127): سألت أبي عن حديث رواه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سليم بن عامر قال: سمعت عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة؟

قال أبي: هذا خطأ، أخطأ فيه ابن جابر، لم يسمع سليم بن عامر من عوف بن مالك شيئاً، بينه وبين عوف نفسين، رواه فرج بن فضالة، عن الزبيدي، عن سليم بن عامر، عن معدي كرب بن عبد كلال، عن أبي راشد الحبراني، عن عوف بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصحيح.

وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/ 211): سليم بن

(1)

ابن أبي عاصم في السنّة (851) والطبراني في الكبير (18/ 57) ويعقوب بن سفيان في المعرفة (2/ 337).

وذكره البخاري في التاريخ الكبير (8/ 41) عن يحيى بن صالح، سمع جابر بن غانم، عن سليم بن عامر، عمن سمع معدي كرب، عن معدي كرب به.

وذكره أبو حاتم في العلل لابنه وسمى الرجل المبهم أبا راشد (2127).

(2)

ابن خزيمة في التوحيد (2/ 640).

(3)

ذكره ابن أبي حاتم في العلل (2127)، وانظر: مسند الشاميين (1832).

ص: 240

عامر أبو يحيى الحمصي الكلاعي روى عن أبي الدرداء وأبي أمامة وعوف بن مالك مرسل لم يلقه، روى عنه صفوان بن عمرو

سمعت بعض ذلك من أبي وبعضه من قبلي.

ص: 241

‌عبد العزيز الماجشون

‌اسمه ونسبه:

عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سلمة ميمون، ويقال: دينار المدني، أبو عبد الله الفقيه نزيل بغداد.

روى عن: أبيه وعمه يعقوب وابن المنكدر والزهري، وعبد الرحمن بن القاسم، وزيد بن أسلم، وحميد الطويل، ويحيى بن سعيد الأنصاري وجماعة.

روى عنه: الليث بن سعد وزهير بن معاوية وهما من أقرانه، وابنه عبد الملك، وابن مهدي، ووكيع، وابن وهب، وأبو داود الطيالسي، وجماعة.

وثقه أبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم.

وقال أحمد بن صالح: كان صاحب سنّة ثقة.

قيل لابن معين: الماجشون مثل ليث وإبراهيم بن سعد؟ قال: لا هو دونهما، إنما كان رجلاً يقول بالقدر والكلام ثم تركه وأقبل إلى السنّة ولم يكن من شأنه الحديث فلما قدم بغداد كتبوا عنه، فكان بعد يقول: جعلني أهل بغداد محدثاً، وكان صدوقاً ثقة.

ص: 242

قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وأهل العراق أروى عنه من أهل المدينة، وتوفي ببغداد سنة 164.

قال ابن حجر: ثقة فقيه مصنف، من السابعة.

روى له البخاري عشرين حديثاً

(1)

وعلق له حديثين، ومسلم عشرة أحاديث

(2)

.

(1)

البخاري (124، 194، 299، 871، 1755، 2315، 2513، 2833، 3233، 3405، 3476، 3494، 3527، 3544، 4159، 4558، 5295، 5767، 5870، 6130، 2018 تعليقاً، 6991 تعليقاً).

(2)

ومسلم (771، 1211، 1284، 2107، 2373، 2457، 2579، 2637، 2720، 2984).

ص: 243

‌الحديث الأول

(1)

:

660 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 327): حدثنا وكيع، قال: حدثني عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي سفيان بن أخنس، عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت خالته قال:

سقتني سويقاً ثم قالت: لا تخرج حتى تتوضأ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «توضؤوا مما مست النار» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أبي سفيان بن أخنس، لم يروِ عنه إلا راوٍ واحد وهو أبو سلمة ابن عبد الرحمن لذا قال ابن حجر في التقريب:(مقبول) وذكره ابن حبان في الثقات.

وعبيد الله بن عبد الله لم ينسب هنا، والمشهورون من شيوخ الزهري من اسمه عبيد الله بن عبد الله ثلاثة وكلهم ثقات من رجال الشيخين، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور.

(1)

رجال الإسناد:

وكيع: انظر ترجمته في بابه.

الزهري: محمد بن مسلم بن شهاب القرشي الزهري، متفق على جلالته وإتقانه

، انظر ترجمته في بابه.

عبيد الله بن عبد الله: مجهول.

أبو سفيان ابن سعيد بن المغيرة بن الأخنس الثقفي المدني، مقبول، من الثالثة، روى له أبو داود والنسائي.

ص: 244

وليس لأي منهم رواية عن أبي سفيان بن أخنس، وقد وهم في قوله:(عبيد الله بن عبد الله) عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة كما سيأتي.

هكذا قال عبد العزيز: (عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي سفيان بن أخنس، عن أم حبيبة).

خالفه معمر

(1)

، وشعيب بن أبي حمزة

(2)

، وأبان بن يزيد العطار

(3)

، وابن أبي ذئب

(4)

، ومحمد بن الوليد الزبيدي

(5)

، وعبد الرحمن بن عبد العزيز الامامي

(6)

، وابن جريج

(7)

، وبكر بن سوادة

(8)

، وصالح بن كيسان

(9)

، ومحمد بن إسحاق

(10)

، وعثمان بن حكيم

(11)

، ويونس بن يزيد الأيلي

(12)

، وعقيل بن خالد

(13)

، وعمرو بن

(1)

عبد الرزاق (665) وأحمد (6/ 327) وإسحاق (2057) والطبراني في الكبير (23/ 462).

(2)

أحمد (6/ 328) والطبراني (23/ 467).

(3)

أحمد (6/ 326).

(4)

أحمد (6/ 327) و (6/ 426) وأبو يعلى (7145) وإسحاق بن راهويه (2051).

(5)

النسائي (1/ 107) وفي الكبرى (186).

(6)

ابن أبي شيبة (1/ 50 - 51) والطبراني في الكبير (23/ 464).

(7)

الطبراني في الكبير (23/ 463).

(8)

الطبراني (23/ 465).

(9)

الطبراني (23/ 466) وفي الأوسط (167).

(10)

الطبراني (23/ 468).

(11)

ابن أبي شيبة (1/ 50 - 51) والطبراني (23/ 469) وقد سقط من مصنف ابن أبي شيبة أبو سلمة ابن عبد الرحمن من الإسناد.

(12)

الطبراني في الكبير (23/ 488).

(13)

ذكره الدارقطني في العلل تعليقاً (15/ 285).

ص: 245

الحارث

(1)

، وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم

(2)

هؤلاء كلهم قالوا: (عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سفيان ابن سعيد، عن أم حبيبة).

وكذلك رواه زمعة بن صالح (عن الزهري، عن أبي سلمة، عن رجل، عن أم حبيبة)

(3)

.

ورواه يحيى بن أبي كثير (عن أبي سلمة، عن أبي سفيان، عن أم حبيبة)

(4)

.

وهم عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة أو مَنْ دونه في الإسناد فقال: (عبيد الله بن عبد الله) ولم ينسبه، والصحيح كما رواه الجماعة عن الزهري وتابعه يحيى بن أبي كثير أنه من رواية أبي سلمة عن أبي سفيان بن أخنس عن خالته أم حبيبة أم المؤمنين، وأبو سفيان ليس له إلا هذا الحديث الواحد ولم يذكر أهل التراجم راوياً له غير أبي سلمة، والله تعالى أعلم.

قال العقيلي: وقال معمر وعقيل وصالح بن كيسان وشعيب عن الزهري عن أبي سلمة، عن أبي سفيان ابن سعيد بن الأخنس عن أم حبيبة وهذه الرواية أولى

(5)

.

(1)

المصدر السابق.

(2)

المصدر السابق.

(3)

الطيالسي (1598).

(4)

أبو داود (195) وأحمد (6/ 326).

(5)

ضعفاء العقيلي (4/ 390).

ص: 246

وقال الدارقطني: وعند الزهري في هذا الحديث أسانيد

، وعنده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سفيان بن سعيد بن الأخنس عن أم حبيبة

(1)

.

وقال أيضاً عندما سئل عن حديث أبي سفيان ابن سعيد عن أم حبيبة

الحديث. قال: يرويه الزهري واختلف عنه:

فرواه صالح بن كيسان، ويونس بن يزيد، وعقيل، وعمرو بن الحارث، وبكر بن سوادة، وابن جريج، ومحمد بن إسحاق، وابن أبي ذئب، والزبيدي، وشعيب، وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وعبد الرحمن بن عبد العزيز الامامي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي سفيان بن سعيد الأخنس عن أم حبيبة.

واختلف عن معمر ....

والصحيح من ذلك ما رواه صالح بن كيسان ومَن تابعه عن الزهري عن أبي سلمة، عن أبي سفيان، عن أم حبيبة.

وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن أبي سفيان، عن أم حبيبة)

(2)

.

(1)

العلل (8/ 302) وانظر العلل (6/ 13).

(2)

العلل (15/ 285 - 286).

ص: 247

‌الحديث الثاني

(1)

:

661 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (5/ 38): أخبرنا الفَضْلُ بن سَهْلٍ قال: حدثنا أبو النَّضْرِ هاشمُ بن القاسِمِ قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلَمة عن عبد الله بن دينَارٍ عن ابن عُمَرَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الذي لا يُؤدِّي زكاةَ مالِهِ يُخَيَّلُ إليه مَالُهُ يومَ القِيَامَةِ شُجَاعاً أقرَعَ له زَبِيبَتَانِ قال: فيَلْتَزِمُهُ أو يُطَوِّقُهُ قال يقول: أنا كنزُكَ أنا كنزُكَ» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وهو عند النسائي في الكبرى (2272) بهذا الإسناد.

وأخرجه أحمد (2/ 98)(2/ 156) وابن خزيمة (2257) والعقيلي في الضعفاء (2/ 248) وابن عبد البر في التمهيد (17/ 196) من طريق (أبي النضر، وحجين بن المثنى، وأسد بن موسى، ويحيى بن عباد، وموسى بن داود) كلهم عن عبد العزيز بهذا الإسناد.

هكذا قال عبد العزيز: (عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر).

(1)

رجال الإسناد:

الفضل بن سهل بن إبراهيم الأعرج، صدوق، من الحادية عشر، مات سنة 255 وقد جاوز السبعين، روى له البخاري ومسلم.

هاشم بن القاسم بن سلم الليثي البغدادي أبو النضر، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 207 وله 73 سنة، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن دينار العدوي، المدني مولى ابن عمر، ثقة، من الرابعة، مات سنة 127، روى له البخاري ومسلم.

ص: 248

خالفه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار

(1)

فقال: (عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ووافقه مالك بن أنس

(2)

فقال: (عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة) موقوفاً.

وكذلك رواه القعقاع بن حكيم

(3)

، وعاصم بن أبي النجود

(4)

عن أبي صالح عن أبي هريرة.

والحديث مشهور عن أبي هريرة وكذلك رواه عنه جماعة منهم: عبد الرحمن الأعرج

(5)

، وهمام

(6)

، ومحمد بن العلاء

(7)

، وعبد الرحمن الحرقي

(8)

، وسعيد المقبري

(9)

، والحسن البصري

(10)

.

وإعراض الإمام البخاري عن حديث عبد العزيز الماجشون مع علو إسناده وجودة رجاله ينباء عن ضعفه عنده.

لذا قال النسائي عقب الحديث في الكبرى: عبد العزيز بن أبي

(1)

البخاري (1403)(4565) والنسائي (5/ 38)(5).

(2)

الموطأ (598) ومن طريقه البيهقي في المعرفة (2211) وأبو القاسم البغوي في حديث مصعب (58).

(3)

النسائي في الكبرى (11217) وأحمد (2/ 379) وابن خزيمة (2245) وابن حبان (3258) والحاكم (1/ 389).

(4)

أحمد (2/ 279).

(5)

البخاري (4659).

(6)

البخاري (6957).

(7)

ابن حبان (3254).

(8)

ابن ماجه (1786).

(9)

ابن الجعد (2833).

(10)

أحمد (2/ 485).

ص: 249

سلمة أثبت عندنا من عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، ورواية عبد الرحمن أشبه عندنا بالصواب والله أعلم، وإن كان عبد الرحمن ليس بذاك القوي في الحديث

(1)

.

وقال العقيلي: وحديث مالك أوْلى.

وقال ابن عبد البر: ورواه عبد العزيز بن الماجشون عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وهو عندي خطأ في الإسناد

(2)

.

وقال في الاستذكار: والمحفوظ فيه حديث أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً، وحديث عبد العزيز الماجشون عندي فيه خطأ في الإسناد لأنه لو كان عند عبد الله بن دينار عن ابن عمر ما رواه عن أبي صالح عن أبي هريرة أبداً

(3)

.

وقال الحافظ: كذا رواه عبد الرحمن وتابعه زيد بن أسلم

(4)

عن أبي صالح عند مسلم وساقه مطولاً، وكذا رواه مالك عن عبد الله بن دينار

وخالفهم عبد العزيز بن أبي سلمة فرواه عن

(1)

عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، مولى ابن عمر، صدوق يخطاء، من السابعة، روى له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.

(2)

التمهيد (17/ 196).

(3)

الاستذكار (3/ 177).

(4)

مسلم (987)(24) وتابعه سهيل بن أبي صالح فرواه عن أبيه كذلك عند مسلم (987)(26) ولفظه «ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعل صفائح يحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» .

«وما من صاحب غنم

» وذكر الإبل والمعز

ص: 250

عبد الله بن دينار أخرجه النسائي ورجحه

(1)

لكن قال ابن عبد البر: رواية عبد العزيز خطأ بيِّن لأنه لو كان عند عبد الله بن دينار عن ابن عمر ما رواه عن أبي صالح أصلاً. وفي هذا التعليل نظر، وما المانع أن يكون له فيه شيخان، نعم الذي يجري على طريقة أهل الحديث أن رواية عبد العزيز شاذة لأنه سلك الجادة، ومَن عدل عنها دلّ على مزيد حفظه

(2)

.

أما قول الحافظ: إن النسائي رجح رواية عبد العزيز بن أبي سلمة فأحسب أنه بناه على ما قال الحافظ ابن رجب أن النسائي يبدأ بما هو غلط ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له

(3)

.

قلت: وهذا ليس على اطراده فإنه أحياناً يقدم الصحيح ويؤخر المعلول وأحياناً يقدم المعلوم ويؤخر الصحيح. وفي كتابنا هذا أمثلة لكلا الحالين وهنا نص في الكبرى كما سبق بترجيح رواية عبد الرحمن.

والذي يدل على ترجيح روايته أمور:

الأول: أن عبد العزيز الماجشون لم يتابعه أحد في روايته هذه في حين أن عبد الرحمن وافقه الإمام مالك.

الثاني: الحديث محفوظ من طريق أبي صالح فقد رواه عنه كذلك القعقاع بن حكيم، وعاصم بن أبي النجود، وزيد بن أسلم، وسهيل بن أبي صالح، وكذلك محفوظ من طريق أبي هريرة عند البخاري وغيره من حديث الأعرج وهمام وتابعهم آخرون كما تقدم.

(1)

بل رجح الرواية الأخرى.

(2)

فتح الباري (3/ 270).

(3)

شرح علل الترمذي (2/ 625).

ص: 251

الثالث: أن عبد الله بن دينار عن ابن عمر جادة معروفة، بخلاف الأخرى مما يدل على أن راويها ضبطها.

الرابع: لا يخفى سعة اطلاع ومعرفة الإمام البخاري وإعراضه عن هذه الرواية مع علو إسنادها لم يكن إلا لما فيها من وهم، وكذلك لو كان عند عبد الله بن دينار عن مولاه ابن عمر ما رغب عنها إلى الأخرى، والله تعالى أعلم.

ص: 252

‌عتبة بن عبد الله

‌اسمه ونسبه:

عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو العميس المسعودي الكوفي.

روى عن: أبيه، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وإياس بن سلمة بن الأكوع، وقيس بن سلم، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وابن أبي مليكة.

روى عنه: محمد بن إسحاق وهو من أقرانه، وشعبة، وابن عيينة، ووكيع، وحفص بن غياث، وجماعة.

وثقه أحمد وابن معين وابن سعد، وقال أبو حاتم: صالح الحديث.

قال البخاري عن علي بن المديني: له نحو أربعين حديثاً.

قال ابن حجر: ثقة، من السابعة.

ص: 253

‌الحديث الأول

(1)

:

662 -

قال أبو داود رحمه الله (467): حدثنا القَعْنَبِيُّ ثنا مالِكٌ عن عامر بن عبد الله بن الزُّبَيْر عن عَمْرِو بن سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عن أبي قَتَادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء أحدكم المسجدَ فليُصَلِّ سجدتَيْن من قبلِ أن يجلس» .

وقال أيضاً رحمه الله (468): حدثنا مُسَدَّدٌ ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا أبو عُمَيْس عُتبة بن عبد الله عن عامر بن عبد الله بن الزُّبَيْر عن رجل من بني زُرَيْقٍ عن أبي قَتَادة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، وزَادَ: ثُمَّ ليَقْعُدْ بَعْدُ إن شاء أو لِيَذْهب لحاجَتِهِ.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، والرجل الذي من بني زريق هو عمرو بن سليم كما ذكره جماعة عن عامر كما سيأتي.

ورواه أحمد (5/ 311) عن وكيع عن أبي العميس به دون الزيادة.

هكذا قال عتبة بن عبد الله: (عن عامر بن عبد الله، عن رجل من

(1)

رجال الإسناد:

مسدد بن مسرهد الأسدي البصري، ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة 228، روى له البخاري ومسلم.

عبد الواحد بن زياد العبدي البصري، ثقة في حديثه عن الأعمش، يقال: من الثامنة، مات سنة 176، روى له البخاري ومسلم.

عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو الحارث المدني، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة 121، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن سليم بن خلدة الزرقي، ثقة من كبار التابعين، مات سنة 104، يقال: له رواية، روى له البخاري ومسلم.

ص: 254

بني زريق عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا جاء أحدكم المسجد فليُصلِّ سجدتين من قبل أن يجلس ثم ليقعد بعد إن شاء أو ليذهب لحاجته» .

خالفه جماعة من أصحاب عامر بن عبد الله بن الزبير فقالوا: عن عامر، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس» ولم يذكروا زيادة: «ثم ليقعد بعد إن شاء أو ليذهب لحاجته» ، منهم:

الإمام مالك بن أنس

(1)

، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند

(2)

، ويحيى بن سعيد الأنصاري

(3)

، وزيد بن أبي أنيسة

(4)

، وابن جريج

(5)

، ومحمد بن عجلان

(6)

، وزياد بن سعد

(7)

، ومحمد بن إسحاق

(8)

، وعبد الله بن أبي بكر

(9)

، وعثمان بن أبي سليمان

(10)

، وعبد الرزاق

(11)

،

(1)

البخاري (444) ومسلم (714) والترمذي (317) وأبو داود (467) وغيرهم.

(2)

البخاري (1163).

(3)

النسائي (519) وابن خزيمة (1827) وابن حبان (2495).

(4)

ابن حبان (2498).

(5)

ابن حبان (2499) والطحاوي مقروناً مع ابن عجلان (7515) في شرح المشكل، وزاد في رواية ابن حبان (أو يستخبر).

(6)

أحمد (5/ 296) وابن خزيمة (1827) والحميدي (421) وأبو عوانة (1238) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5715) وعبد الله بن المبارك في مسنده (618) وفي الزهد (1291).

(7)

ابن خزيمة (1827).

(8)

ابن خزيمة (1827).

(9)

ابن خزيمة (1827).

(10)

أحمد (5/ 305) والحميدي (426) وأبو عوانة (1238) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5713).

(11)

في المصنف (1673).

ص: 255

وأبو الأسود

(1)

، ومحمد بن الوليد الزبيدي

(2)

، وفليح بن سليمان

(3)

، وعبيد الله بن عمر العمري

(4)

.

وكذلك رواه محمد بن يحيى بن حبان

(5)

، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة مرفوعاً ولم يذكر هذه الزيادة.

ورواه سهيل بن أبي صالح

(6)

عن عامر بن عبد الله، عن عمرو بن سليم عن جابر بن عبد الله مرفوعاً ولم يذكر هذه الزيادة إلا أنه وهم في قوله: عن جابر وسيأتي في بابه، انظر ح (582).

هذا في المتن، أما في الإسناد فلم يحفظ عمرو بن سليم الزرقي فقال: رجل من بني زريق ومما يدل على أنه لم يحفظ الحديث أنه رواه عنه وكيع دون ذكر الزيادة ولم يسمِّ أيضاً الرجل الذي من بني زريق.

‌علة الوهم:

1 اختلاف الأمصار، فعامر بن عبد الله بن الزبير مدني، لذا كانت رواية أهل بلده المدنيين كالإمام مالك بن أنس، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن عجلان،

(1)

الطبراني في الكبير (3280) والأوسط (8958) وأبو نعيم في حلية الأولياء (3/ 168).

(2)

أبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين (66).

(3)

الدارمي (1365).

(4)

الطبراني في الأوسط (9175).

(5)

مسلم (714).

(6)

أبو يعلى (2117) والترمذي في العلل الكبير (111) والطحاوي (5715) وغيرهم.

ص: 256

ومحمد بن إسحاق، وعبد الله بن أبي بكر، وعبيد الله بن عمر، وفليح بن سليمان أصح من رواية عتبة بن عبد الله وهو من أهل الكوفة.

2 أن معناه صحيح لا يخالف أصل الحديث وهو أن مَنْ أتى المسجد في غير وقت صلاة فبعد تحية المسجد إن شاء قعد وإن شاء ذهب لحاجته، ولعلها أدرجت في الحديث فرواها بعض الرواة مرفوعة، والله تعالى أعلم.

‌فائدة:

وهم في هذا الحديث أيضاً سهيل بن أبي صالح فرواه عن عامر بن عبد الله عن عمرو بن سليم، عن جابر، فوهم في جعله من مسند جابر وقد نبّه إلى وهمه علي بن المديني والترمذي والدارقطني وغيرهم.

ووهم فيه أيضاً ابن جريج فزاد في المتن: (أو يستخبر) فقال: قبل أن يجلس أو يستخبر، انظر ح (293).

ونبّه على هذا الوهم وعلى وهم سهيل الألباني، وفاته أن يذكر وهم عتبة بن عبد الله وحديثه عند أبي داود وهو المعني به

(1)

.

والله تعالى أعلم.

(1)

صحيح سنن أبي داود (2/ 265 - 266).

ص: 257

‌الحديث الثاني

(1)

:

663 -

قال ابن ماجه رحمه الله (2803): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن أبي العُميس، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن أبيه عن جده: أنه مرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال قائل من أهله: إن كنا لنرجو أن تكون وفاته قتل شهادة في سبيل الله.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن شهداء أمتي إذاً لقليل، القتل في سبيل الله شهادة، والمطعون شهادة، والمرأة تموت بجُمْع شهادة يعني الحامل، والغرق والحرق والمجنوب يعني ذات الجنب شهادة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن جابر بن عتيك.

وهو في المصنف لابن أبي شيبة (5/ 332 - 333) ومسنده

(1)

رجال الإسناد:

أبو بكر ابن أبي شيبة: (انظر ترجمته في بابه).

وكيع: انظر ترجمته في بابه.

أبو العميس: هو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي، المسعودي الكوفي، ثقة من السابعة، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عبد الله بن جابر، وقيل: جبر بن عتيك الأنصاري المدني ثقة من الرابعة، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن جبر بن عتيك الأنصاري المدني، مقبول، من الرابعة، روى له النسائي وابن ماجه.

جابر بن عتيك بن قيس الأنصاري صحابي جليل، اختلف في شهوده بدراً، مات سنة 61 وله 91 سنة، روى له أبو داود والنسائي.

ص: 258

(898)

ومن طريقه أخرجه أيضاً ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1972).

وأخرجه الطبراني في الكبير (1780) وابن عبد البر في التمهيد (19/ 206) من طريق وكيع به.

تابعه أبو أسامة وغيره عن أبي العميس بهذا الإسناد. قاله الحافظ في الإصابة (1/ 437) وابن الأثير في أسد الغابة (1/ 391).

هكذا رواه أبو العميس فقال: (عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن أبيه، عن جده أنه مرض فعاده النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه مالك

(1)

فقال: (عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث بن عتيك

(2)

وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه عن جابر بن عتيك أن عبد الله بن ثابت لما مات قالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيداً

الحديث.

قال الحافظ ابن حجر في التهذيب: كذا يقوله أبو العميس وخالف مالك فقال: عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث بن عتيك عن جابر بن عتيك أنه أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد عبد الله بن ثابت فوقعت المخالفة بينهما في ثلاثة أشياء:

(1)

في الموطأ (1/ 233 - 234) ومن طريقه الشافعي في مسنده (1/ 199) وأحمد (5/ 446) وأبو داود (3111) والنسائي (4/ 13) وفي الكبرى (1973)(7529) والطحاوي (4/ 291) وابن حبان (3189) والطبراني (1779) والحاكم (1/ 350) والبيهقي (4/ 69 - 70) وأبو داود (3111) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2141) وغيرهم.

(2)

عتيك بن الحارث بن عتيك الأنصاري المدني، مقبول، من الرابعة، روى له أبو داود والنسائي.

ص: 259

في اسم جد عبد الله بن عبد الله، وفي تسمية شيخه هل هو أبوه وهو صاحب الترجمة أو غيره، وفي اسم الذي عاده النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رجحوا رواية مالك

أما عبد الله بن جبر فلم يذكر المزي من خبره شيئاً، وذكره ابن مندة في الصحابة برواية جعفر بن عون

(1)

، وليس فيها دلالة على صحبته، ولم أرَ له مع ذلك ذكراً عند أحد ممن صنّف في الرجال، وفي ذلك إشارة إلى أن الرواية لغيره فترجح رواية مالك) اه.

وقال في الإصابة (1/ 437): (ورواية مالك هي المعتمدة ويرجحها ما روى أبو داود والنسائي من طريق محمد بن إبراهيم التيمي عن ابن جابر بن عتيك عن أبيه مرفوعاً: إن من الغيرة ما يبغض الله

الحديث، وإسناده صحيح).

قلت: ويؤيده ما رواه عبد الرزاق (6695) عن ابن جريج قال: أخبرت خبراً رفع إلى أبي عبيدة ابن الجراح صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى عبد الله بن ثابت أبا الربيع يعوده في مرضه فتوفي حين أتاه في الآخرة منهما الحديث وفيه: فقمن بناته يبكين فقال لهن جبر بن عتيك: لا تؤذين رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال ابن عبد البر: «هكذا يقول أبو العميس في إسناد هذا الحديث والصواب ما قاله مالك فيه»

(2)

.

(1)

أخرجه النسائي (3194) من طريق أحمد بن سليمان عن جعفر بن عون.

(2)

التمهيد (19/ 207).

ص: 260

‌علة الوهم:

جابر بن عتيك راوي هذا الحديث كان في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد عبد الله بن ثابت فدخل الوهم على أبي العميس من هذا الوجه، والله أعلم.

ص: 261

‌عبد العزيز بن مسلم

‌اسمه ونسبه:

عبد العزيز بن مسلم القسملي مولاهم، أبو زيد المروزي ثم البصري، يقال: أصلهم من مرو.

روى عن: عبد الله بن دينار وحصين بن عبد الرحمن، وأبي إسحاق السبيعي، والأعمش، وابن عجلان وغيرهم.

روى عنه: عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبو عامر العقدي، ومسلم بن إبراهيم وغيرهم.

وثقه يحيى بن معين وابن نمير وأبو حاتم والعجلي وابن شاهين وغيرهم.

قال الذهبي: ثقة عابد، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أوهم فأفحش.

قال ابن حجر: ثقة عابد ربما وهم، مات سنة 167.

قلت: ليس في رجال الشيخين من اسمه عبد العزيز بن مسلم

ص: 262

غيره روى له البخاري ثلاثة عشر حديثا مع المكرر كلها عن عبد الله بن دينار غير حديثين أحدهما عن الأعمش والآخر عن حصين (100، 1045، 1135، 2283، 3383، 4223، 5163، 5216، 5343، 5636، 6272، 6764، 6821).

ومسلم حديثاً واحداً (526).

ص: 263

‌الحديث

(1)

:

664 -

قال أبو يعلى في مسنده (1596): حدثنا عبد الواحد بن غياث، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل قال:

أتيت المدينة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما جاء بك؟» قال: قلت: لتعلِّمني كلمات إذا أخذت مضجعي، قال:«اقرأ: قل يا أيها الكافرون، فإنها براءة من الشرك» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم رجال الصحيح غير عبد الواحد بن غياث قال أبو زرعة: ثقة، قال الخطيب: كان ثقة قدم بغداد وحدّث بها، وذكره ابن حبان في الثقات.

ورواه ابن حبان في كتاب الثقات (1080) من طريق أبي يعلى به.

هكذا رواه عبد العزيز بن مسلم فقال: (عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه زهير بن معاوية، وإسرائيل بن يونس، وزيد بن أبي أنيسة،

(1)

رجال الإسناد:

عبد الواحد بن غياث البصري، صدوق من صغار التاسعة، مات سنة 240 وقيل قبل ذلك، روى له أبو داود.

أبو إسحاق السبيعي: تقدم انظره في بابه.

فروة بن نوفل الأشجعي، مختلف في صحبته، والصواب أن الصحبة لأبيه، وهو من الثالثة، قتل قبل المائة في خلافة معاوية، روى له مسلم.

ص: 264

وإسماعيل بن أبي خالد، وأشعث بن سوار وغيرهم فقالوا: (عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفل، عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم.

وهم عبد العزيز فقال: إن فروة بن نوفل هو الذي لقي النبي صلى الله عليه وسلم فأوهم أنه من الصحابة، والصحيح أنه من التابعين وأن الصحبة إنما هي لأبيه (وقد استوفينا البحث في هذا الحديث في باب شعبة ح (45) فانظره لزاماً).

لذا قال ابن حبان عقب الحديث: (القلب يميل إلى أن هذه اللفظة ليست بمحفوظة من ذكر صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنا نذكره في كتاب التابعين أيضاً لأن ذلك الموضع به أشبه، وعبد العزيز بن مسلم القسملي ربما أوهم فأفحش).

وقال العلائي في جامع التحصيل (1/ 252): (قال أبو حاتم وغيره: ليست له صحبة وحديثه مرسل ولأبيه صحبة).

ص: 265

‌فضيل بن غزوان

‌اسمه ونسبه:

فضيل بن غزوان بن جرير الضبي مولاهم أبو الفضل الكوفي، والد محمد.

روى عن: أبي حازم الأشجعي، وأبي زرعة البجلي، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعكرمة، ونافع مولى ابن عمر، وجماعة.

روى عنه: ابنه محمد بن فضيل، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن المبارك، ووكيع، ويحيى القطان، وغيرهم.

وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين.

قال يعقوب بن سفيان: سني ثقة (المعرفة والتاريخ 3/ 112).

وقال العجلي: كوفي ثقة وكان عثمانياً.

وقال ابن حجر: ثقة من كبار السابعة.

ص: 266

‌الحديث

(1)

:

665 -

قال أبو داود رحمه الله (1212): حدثنا محمد بن عبيد المحاربي، حدثنا محمد بن فضيل، عن أبيه، عن نافع وعبد الله بن واقد:

أن مؤذن ابن عمر قال: الصلاة، قال: سر، سر، حتى إذا كان قبل غيوب الشفق نزل فصلّى المغرب، ثم انتظر حتى غاب الشفق وصلّى العشاء ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به أمر صنع مثل الذي صنعت، فسار في ذلك اليوم، والليلة مسيرة ثلاث.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير المحاربي وهو ثقة.

وأخرجه الدارقطني (1/ 392) من طريق أبي داود به، ومن طريق وكيع وجرير بن عبد الحميد عن الفضيل بن غزوان به.

هكذا قال محمد بن فضيل عن أبيه عن نافع وعبد الله بن واقد:

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن عبيد بن محمد بن واقد المحاربي، أبو جعفر وأبو يعلى النخاس الكوفي، صدوق من العاشرة، مات سنة 251 وقيل قبل ذلك، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

محمد بن فضيل بن غزوان الضبي، أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق عارف رمي بالتشيع، من التاسعة، مات سنة 195، روى له البخاري ومسلم.

نافع أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 117 أو بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر العدوي المدني مقبول، من الرابعة، مات سنة 119، روى له مسلم.

ص: 267

إن ابن عمر إذا جدّ به السير فجمع بين المغرب والعشاء أخّر المغرب حتى قبل غيوب الشفق صلاه ثم انتظر حتى يغيب الشفق فيصلي العشاء.

خالفه أصحاب نافع فقالوا: إنه جمع بين الصلاتين المغرب والعشاء بعد غياب الشفق، منهم:

يحيى بن سعيد الأنصاري

(1)

، وعبيد الله بن عمر

(2)

، وموسى بن عقبة

(3)

، ومالك

(4)

، وأيوب السختياني

(5)

، وعمر بن محمد بن زيد

(6)

، وابن جريج

(7)

، وعبد العزيز بن أبي رواد

(8)

، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز

(9)

، وعبد الله بن العلاء

(10)

، وعبد الله بن عمر العمري أخو عبيد الله

(11)

، ومحمد بن إسحاق

(12)

.

وكذلك رواه أصحاب ابن عمر رضي الله عنه: ابنه سالم

(13)

،

(1)

أحمد (2/ 80) وأبو عوانة (2389) والدارقطني (1/ 390).

(2)

مسلم (703) والترمذي (555) وأحمد (2/ 4) و (2/ 80).

(3)

أحمد (2/ 80) والنسائي (1/ 289) والدارقطني (1/ 391).

(4)

أحمد (2/ 7).

(5)

عبد الرزاق (4402) وأحمد (2/ 51) وأبو داود (1207) وأبو عوانة (2386) والبيهقي (3/ 159).

(6)

أبو عوانة (2388) والدارقطني (1/ 390) والبيهقي (3/ 156).

(7)

عبد الرزاق (4401) وأحمد (2/ 150).

(8)

عبد الرزاق (4400).

(9)

الطبراني في الأوسط (3223).

(10)

أبو داود تعليقاً (1213) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 162 - 163 - 164).

(11)

أحمد (2/ 106).

(12)

عبد بن حميد في المنتخب (746).

(13)

البخاري (1106) ومسلم (703).

ص: 268

وأسلم العدوي

(1)

، وعبد الله بن دينار

(2)

، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب

(3)

.

وهم الفضيل بن غزوان في قوله: إن ابن عمر صلّى المغرب قبل غياب الشفق ثم صلّى العشاء بعد أن غاب الشفق فكأنَّ الجمع صوري وهو أنه أخر المغرب إلى آخر وقته ثم صلّى العشاء في أول وقته.

وقد تابعه على ذلك عبد الرحمن بن يزيد بن جابر

(4)

، وعطاف بن خالد

(5)

، وقد أشار إلى مخالفة فضيل بن غزوان أبو داود فقال: ورواه عبد الله بن العلاء عن نافع قال: حتى إذا كان عند ذهاب الشفق نزل فجمع بينهما.

قال أبو داود: رواه عاصم بن محمد عن أخيه، عن سالم. ورواه ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب أن الجمع بينهما من ابن عمر كان بعد غيوب الشفق.

وقال البيهقي: «ورواية الحفاظ من أصحاب نافع أوْلى بالصواب»

(6)

.

(1)

البخاري (1805)(3000).

(2)

أبو داود (1217).

(3)

النسائي (1/ 287) والشافعي (1/ 77) في الأم، وأحمد (2/ 12) والحميدي (680) والطحاوي (1/ 161) والبيهقي (3/ 161).

(4)

أبو داود (1212) تعليقاً (1213) وأحال على حديث فضيل بن غزوان، والدارقطني (1/ 392) والنسائي (1/ 287).

(5)

النسائي (1/ 287 - 288) والدارقطني (1/ 392).

(6)

السنن الكبرى (3/ 160).

ص: 269

‌فليح

‌اسمه ونسبه:

فليح بن سليمان بن أبي المغيرة واسمه رافع، ويقال: نافع بن حنين الخزاعي، أبو يحيى المدني، مولى آل زيد بن الخطاب، وفليح لقب غلب عليه واسمه عبد الملك.

وقد اختلف فيه، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: يختلفون فيه، وليس به بأس، وقال الساجي: هو من أهل الصدق ويهم، وقال الحاكم أبو عبد الله: اتفاق الشيخين يقوي أمره.

وقال ابن عدي: لفليح أحاديث صالحة يروي عن الشيوخ من أهل المدينة أحاديث مستقيمة وغرائب، وقد اعتمده البخاري في صحيحه، وروى عنه الكثير وهو عندي لا بأس به.

وضعّفه آخرون.

قال يحيى بن معين: ليس بالقوي ولا يحتج بحديثه وهو دون الدراوردي.

وقال مرة: ضعيف، ما أقربه من أبي أويس، وقال: وهم يكتبون حديثه ويشتهونه.

ص: 271

وقال ابن المديني: ضعيف.

وقال أبو داود: ليس بشيء.

وقال النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بالقوي.

لذا توسط ابن حجر فقال في التقريب: صدوق كثير الخطأ، وقال في الهدي معقباً على قول ابن عدي: لم يعتمد عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما، وإنما أخرج له أحاديث أكثرها في المناقب وبعضها في الرقاق» اه.

قلت: أكثر عنه البخاري فروى عنه ستة وخمسين حديثاً تقريباً، المكرر منها ثلاث أو أربع وبعضها في الأحكام وهي كالتالي:

(59، 157 - 354، 419، 454، 716، 791، 834، 862، 943، 1225، 1227، 1479، 1527، 2018، 2221، 2249، 2269، 2518، 2554، 2637، 2640، 2687، 2949، 3057، 3080، 3081، 3259، 3454، 3793، 3802، 4006، 4107، 4139، 4328، 4469، 4503، 4527، 5090، 5144، 5290، 5298، 5320، 5589، 5684، 5699، 5917، 6103، 6131، 6215، 6241، 6313، 6851، 6987، 7028، 7081).

أما مسلم فلم يخرج له سوى خمسة أحاديث هي:

(240، 839، 891، 2382، 2770)

(1)

.

(1)

تمّ استخراجها باستخدام الحاسوب (الجامع الكبير لكتب التراث).

ص: 272

‌الحديث الأول

(1)

:

666 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 483): حدثنا سريج، قال: حدثنا فليح عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي، عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إن الشيطان إذا سمع النداء ولَّى وله حصاص، فإذا سكت المؤذن أقبل حتى يخطر بين المرء وقلبه لينسيه صلاته، فإذا شكّ أحدكم في صلاته فليسلّم ثم ليسجد سجدتين وهو جالس.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير سلمة بن صفوان وهو ثقة، روى عنه الإمام مالك ووثقه النسائي وابن حبان.

هكذا قال فليح: (عن سلمة بن صفوان، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وفيه: أن السجدتين كانتا بعد السلام).

خالفه محمد بن إسحاق

(2)

فرواه عن سلمة بن صفوان بهذا

(1)

رجال الإسناد:

سريج بن النعمان بن مروان الجوهري، أبو الحسن البغدادي، أصله من خراسان، ثقة يهم قليلاً، من كبار العاشرة، مات يوم الأضحى سنة 217، روى له البخاري.

سلمة بن صفوان بن سلمة الأنصاري الزرقي المدني، ثقة من السادسة، روى له ابن ماجه.

أبو سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، ثقة مكثر من الثالثة، مات سنة 94 أو 104، روى له البخاري ومسلم.

(2)

ابن ماجه (1217) والدارقطني (1/ 374 - 375) والبيهقي (2/ 340) وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 56 الجزء المفقود).

ص: 273

الإسناد فقال في آخره: (فليسجد سجدتين قبل أن يسلّم ثم يسلّم).

وكذلك رواه الزهري

(1)

، ويحيى بن أبي كثير

(2)

، ومحمد بن عمرو بن علقمة

(3)

، وعمر بن أبي سلمة

(4)

، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج

(5)

جميعهم عن أبي سلمة عن أبي هريرة فقالوا: (فليسجد سجدتين وهو جالس) وفي رواية للزهري ويحيى بن أبي كثير قبل التسليم.

وجاء في العلل للدارقطني «أنه سئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلّى أحدكم فلا يدري أصلّى أربعاً أم ثلاثاً فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلّم» .

فقال: «يرويه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة واختلف في متنه: فرواه عمر بن يونس عن عكرمة بن عمار عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال فيه: (ويسجد سجدتين ثم يسلّم).

ورواه شيبان وعلي بن المبارك وهشام والأوزاعي وغيرهم عن يحيى ولم يذكروا فيه التسليم قبل ولا بعد.

وكذلك قال الزهري عن أبي سلمة.

(1)

البخاري (1232) ومسلم (389) وأبو داود (1031) و (1032) وابن ماجه (1216) وزاد أبو داود وابن ماجه السجدتين قبل التسليم.

(2)

البخاري (1231) وأحمد (389) والدارقطني (1/ 374) وزاد الدارقطني: ثم يسلّم.

(3)

ابن خزيمة (1020).

(4)

الطبري في تهذيب الآثار (1/ 56 الجزء المفقود).

(5)

المصدر السابق (1/ 57).

ص: 274

ورواه محمد بن إسحاق عن سلمة بن صفوان عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال فيه: (ثم يسلّم) كما قال عكرمة بن عمار عن يحيى وهما ثقتان وزيادة الثقة مقبولة.

ورواه فليح بن سليمان عن سلمة بن صفوان عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال فيه: (وليسلّم ثم ليسجد سجدتين وهو جالس) وهذا خلاف ما رواه ابن إسحاق»

(1)

.

‌علة الوهم:

قد روي سجود السهو بعد السلام في حديث أبي هريرة وغيره، فمن هنا دخل الوهم على فليح بن سليمان، والله تعالى أعلم.

‌الخلاصة:

رواية أبي سلمة عن أبي هريرة في سجدتَيْ السهو قبل السلام كما جاء في رواية الزهري، ويحيى بن أبي كثير، وسلمة بن صفوان فيما رواه عنه محمد بن إسحاق.

وخالف فليح فرواها عن سلمة بن صفوان وجعلها بعد السلام وهذا وهم منه، والله أعلم، وهو كما جاء في ترجمته كثير الخطأ وقد روي عن أبي هريرة في كون سجدتَيْ السهو بعد السلام في غير هذا السياق.

وكلا الأمرين ثابت عنه صلى الله عليه وسلم.

(1)

العلل (9/ 279 - 281).

ص: 275

‌الحديث الثاني

(1)

:

667 -

قال ابن حبان رحمه الله (4124): أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا سريج بن النعمان، قال: حدثنا فليح بن سليمان، عن عبد الجبار بن نُبيهبن وهب، عن أبيه عن أبان بن عثمان عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ولا يُخطب عليه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير شيخ ابن حبان وهو ثقة حافظ، وعبد الجبار بن نبيه لم يروِ عنه غير فليح. وذكره ابن حبان في الثقات.

هكذا قال فليح بن سليمان عن عبد الجبار بن نبيه، عن أبيه، عن أبان

(ولا يخطب ولا يُخطب عليه).

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران أبو العباس السراج الثقفي مولاهم الخراساني النيسابوري شيخ الإسلام محدث خراسان صاحب المسند الكبير على الأبواب والتاريخ وغير ذلك، ولد سنة 313. السير (14/ 388 - 398) التذكرة (2/ 731).

محمد بن رافع القشيري النيسابوري، ثقة عابد، من الحادية عشرة، مات سنة 245، روى له البخاري ومسلم.

سريج بن النعمان بن مروان الجوهري: تقدم.

عبد الجبار بن نبيه بن وهب، ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 135).

نبيه بن وهب بن عثمان العبدري المدني، ثقة من صغار الثالثة، مات سنة 129، روى له مسلم.

أبان بن عثمان بن عفان الأموي، مدني ثقة من الثالثة، مات سنة 105، روى له مسلم والبخاري في الأدب.

ص: 276

خالفه أبو عامر العقدي

(1)

فرواه عن عبد الجبار بن نبيه به فقال: (لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب).

زاد فليح: (ولا يُخطب عليه).

وقد رواه عن نبيه بن وهب جمع لم يذكروا هذه الزيادة وهي قوله: «ولا يخطب عليه» منهم:

نافع مولى عبد الله بن عمر

(2)

، وأيوب بن موسى

(3)

، وسعيد بن أبي هلال

(4)

، وعبد الأعلى بن نبيه بن وهب

(5)

، وبكير بن عبد الله الأشج

(6)

.

ولم يختلف عليهم وقد رواه عن نافع جمع من أصحابه لم يذكر أحد منهم هذه الزيادة.

(1)

الطحاوي (2/ 368).

(2)

مسلم (1409) والشافعي (1/ 316) وأحمد (1/ 57) وأبو داود (1840) والنسائي (5/ 192) وابن ماجه (1966) وابن حبان (4123)(4128).

(3)

مسلم (1409).

(4)

مسلم (1409).

(5)

ابن حبان (4125).

(6)

ابن حبان (4127).

ص: 277

‌الحديث الثالث

(1)

:

668 -

قال البزار (384 كشف الأستار): حدثنا سليمان بن عبيد الله الغيلاني، ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، ثنا فليح بن سليمان، ثنا عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أسفروا بالفجر فإنه أعظم لأجركم أو للأجر» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير عمر بن قتادة بن النعمان وهو تابعي، وذكره ابن حبان في الثقات ولم يروِ عنه غير ابنه عاصم. ورواه الطبراني في الكبير (19/ 161) من طريق أبي عامر العقدي عن فليح به.

هكذا رواه فليح بن سليمان فقال: (عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

رجال الإسناد:

سليمان بن عبيد الله بن عمرو بن جابر الغيلاني المازني، أبو أيوب البصري، صدوق من الحادية عشرة، مات سنة 246 أو 247، روى له مسلم.

عبد الملك بن عمرو القيسي، أبو عامر العقدي، ثقة من التاسعة، مات سنة 204 أو 205، روى له البخاري ومسلم.

عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي الأنصاري، أبو عمر المدني، ثقة عالم بالمغازي، من الرابعة، مات بعد عام 120، روى له البخاري ومسلم.

عمر بن قتادة بن النعمان الظفري، الأنصاري المدني، مقبول من الثالثة، روى له الترمذي (حديثاً واحداً 3036).

قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر الأنصاري الظفري، صحابي شهد بدراً، وهو أخو أبي سعيد لأمه، مات سنة ثلاثة وعشرين على الصحيح.

ص: 278

خالفه محمد بن إسحاق

(1)

، ومحمد بن عجلان

(2)

، ويزيد بن عياض

(3)

، فرووه (عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج).

وكذلك رواه زيد بن أسلم

(4)

عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج.

قال البزار: لا نعلم أحداً تابع فليحاً على هذه الرواية.

وزاد في نصب الراية (1/ 236) نقلاً عن البزار: وإنما يرويه محمد بن إسحاق ومحمد بن عجلان عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج وهو الصواب.

(1)

الترمذي (154) والطيالسي (959) وعبد بن حميد (422) وأحمد (3/ 465) وابن حبان (1490) والدارمي (1217) والطبراني في الكبير (4286)(4287)(4288) والطبراني في الأوسط (9289) والبيهقي (1/ 457) وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح).

(2)

النسائي (1/ 272) وفي الكبرى (1530) وعبد الرزاق (2159) والدارمي (1218) وأحمد (3/ 465) وابن حبان (1491) والشافعي (1/ 75) والحميدي (4009).

(3)

ابن الجعد في مسنده (2957) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 275).

(4)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2090).

ص: 279

‌الحديث الرابع

(1)

:

669 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 335): حدثنا أبو عامر، حدثنا فليح، عن هلال بن علي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«مَنْ آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان، فإن حقاً على الله أن يدخله الجنة هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها» قالوا: يا رسول الله أفلا نخبر الناس؟ قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه يفجر أو تفجر أنهار الجنة» شكّ أبو عامر.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أيضاً أحمد (2/ 339) من طريق فزارة بن عمر وأبو نعيم في حلية الأولياء (9/ 46) من طريق عبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن فليح بهذا الإسناد.

وأخرجه ابن حبان (4611) و (7390) من طريق إسحاق بن راهويه عن أبي عامر العقدي بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

هلال بن علي بن أسامة العامري المدني وقد نسب إلى جده، ثقة، من الخامسة، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري النجاري، يقال: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن أبي حاتم: ليست له صحبة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 280

هكذا روى أبو عامر وعبد الرحمن بن مهدي وفزارة بن عمر هذا الحديث عن فليح فقالوا: (عن هلال بن علي، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة).

وخالفهم يحيى بن صالح

(1)

، ومحمد بن فليح

(2)

، وسريج بن النعمان الجوهري

(3)

، وعبد الله بن وهب

(4)

، ويونس بن محمد

(5)

، فقالوا: عن فليح (عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة).

ورواه يونس بن محمد

(6)

عن فليح فقال: (عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، أو ابن أبي عمرة، عن أبي هريرة) رواه هكذا على الشك.

والوهم في هذا من فليح فإنه كان يشك فيه.

قال الإمام أحمد: «حدثنا يونس، حدثنا فليح، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار أو ابن أبي عمرة، قال فليح: ولا أعلم إلا ابن أبي عمرة فذكر الحديث.

قال: ثم حدثنا به فلم يشك يعني فليحاً قال: عطاء بن

(1)

البخاري (2790).

(2)

البخاري (7423).

(3)

أحمد (2/ 335) والحاكم (1/ 80) والبيهقي (9/ 15) والبغوي في شرح السنّة (610).

(4)

الحاكم (1/ 80).

(5)

أحمد (2/ 335).

(6)

أحمد (2/ 335) والبيهقي (9/ 158 - 159).

ص: 281

يسار»

(1)

.

والصحيح من هذا هو هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، كما هو عند البخاري في صحيحه.

ولأن محمد بن جحادة قد رواه كذلك عن عطاء عن أبي هريرة

(2)

فتابع فليحاً على هذه الرواية وهي آخر ما استقر عليه فليح.

قال الحافظ في الفتح (6/ 12): «قوله عن عطاء بن يسار، كذا أكثر الرواة عن فليح، وقال أبو عامر العقدي: عن فليح عن هلال عن عبد الرحمن بن أبي عمرة بدل عطاء بن يسار أخرجه أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه وهو وهم من فليح في حال تحديثه لأبي عامر، وعند فليح بهذا الإسناد حديث غير هذا سيأتي فلعله انتقل ذهنه من حديث إلى حديث، وقد نبّه يونس بن محمد في روايته عن فليح على أنه كان ربما شك فيه، فأخرج أحمد عن يونس عن فليح عن هلال، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة أو عطاء بن يسار عن أبي هريرة فذكر هذا الحديث. قال فليح: ولا أعلمه إلا ابن أبي عمرة، قال يونس: ثم حدثنا به فليح قال عطاء بن يسار ولم يشك، وكأنه رجع إلى الصواب فيه، ولم يقف ابن حبان على هذه العلة فأخرجه من طريق أبي عامر، وقد وافق فليحاً على روايته إياه عن هلال عن عطاء عن أبي هريرة محمد بن جحادة عن عطاء» .

‌علة الوهم:

روى البخاري في صحيحه (2793) من طريق فليح عن هلال عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قاب

(1)

أحمد (2/ 335) والبيهقي (9/ 158 - 159).

(2)

الترمذي (2529) وأحمد (2/ 292) وأبو الشيخ في العظمة (3/ 1069).

ص: 282

قوس في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب» وقال: «لغدوة أو روحة في سبيل الله خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب» وكلا الحديثين في بيان فضل الجنة، فالحديث الأول يرويه هلال عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة، وهذا الحديث يرويه هلال عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة، فمن هنا دخل الوهم والشك على فليح وهو ما أشار إليه الحافظ في الفتح، والله تعالى أعلم.

ص: 283

‌الحديث الخامس

(1)

:

670 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 421): حدثنا فزارة بن عمرو قال: أنا فليح عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه

(2)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها فأرمل فيها المسلمون واحتاجوا إلى الطعام فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر إبلهم فأذن لهم فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، قال: فجاء فقال: يا رسول الله إبلهم تحملهم وتبلغهم عدوهم ينحرونها، بل ادعُ يا رسول الله بغبرات الزاد فادعُ الله عز وجل فيها بالبركة، قال:«أجل» قال: فدعا بغبرات الزاد فجاء الناس بما بقي معهم فجمعه ثم دعا الله عز وجل فيه بالبركة ودعا بأوعيتهم فملأها.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير فزارة بن عمرو لم يروِ عنه غير الإمام أحمد، وقال الحسيني في الإكمال: فيه نظر، وقد توبع.

(1)

رجال الإسناد:

فزارة بن عمرو، أبو الفضل عن الأشجعي وفليح بن سليمان وإبراهيم بن سعد، وعنه أحمد، فيه نظر. (تعجيل المنفعة 853).

سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بآخره، روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، وروى له مسلم، من السادسة، مات في خلافة المعتمد.

ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة 101، روى له البخاري ومسلم.

(2)

سقط من المطبوعة (عن أبيه) وذكره ابن كثير في البداية والنهاية (6/ 113) عن الإمام أحمد، وفيه: سهيل بن أبي صالح عن أبيه.

ص: 284

وأخرجه ابن مندة في الإيمان (36) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي، وفي (89) من طريق المعافى بن سليمان.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (49) من طريق المعافى بن سليمان.

وأخرجه الأصبهاني في دلائل النبوة (12) من طريق أبي غزية كلهم عن فليح به.

هكذا قال فليح: (سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة).

خالفه عبد العزيز بن أبي حازم

(1)

، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي

(2)

، وإسماعيل بن جعفر

(3)

فقالوا: (عن سهيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة) أدخلوا بين سهيل بن أبي صالح وأبيه الأعمش.

وكذلك رواه حفص بن غياث

(4)

، وأبو معاوية

(5)

، ووكيع

(6)

، وقتادة بن الفضل

(7)

أربعتهم عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

(1)

أبو عوانة (15).

(2)

النسائي في السنن الكبرى (8796) جاء غير منسوب في رواية النسائي وجزم المزي بأنه الدراوردي.

(3)

الدارقطني في العلل (1502) تعليقاً.

(4)

أبو نعيم في دلائل النبوة (325).

(5)

مسلم (27)(45) وأحمد (3/ 11) وفيه: عن أبي هريرة أو أبي سعيد شكّ الأعمش.

(6)

ابن مندة في الإيمان (35) والبغوي في شرح السنّة (53).

(7)

أبو عوانة (14).

ص: 285

وقرن أبو معاوية ووكيع أبا سعيد الخدري مع أبي هريرة

(1)

.

قال الدارقطني رحمه الله: يرويه سهيل بن أبي صالح واختلف عليه:

فرواه فليح بن سليمان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، وخالفه عبد العزيز بن أبي حازم والدراوردي وإسماعيل بن جعفر فرووه عن سهيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.

ورواه حفص بن غياث وقتادة بن الفضل

(2)

عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.

وخالفهم أبو أسامة وعبد الرحمن بن مغراء فروياه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو جابر بن عبد الله

وقال وكيع وأبو معاوية الضرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري أو أبي هريرة

والمحفوظ عن أبي صالح عن أبي هريرة، وحديث فليح بن سليمان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وهم منه، والصحيح قول مَنْ قال: عن سهيل عن الأعمش»

(3)

.

‌علة الوهم:

لزم فليح الجادة فقال: عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة.

(1)

والشك من الأعمش كما هو مصرّح في روايتهم فكأن الأعمش شك عند تحديثهم وجزم عند تحديث حفص وقتادة، والله أعلم.

(2)

في المطبوع الفضيل وهو تصحيف.

(3)

العلل (8/ 188 - 190).

ص: 286

‌الحديث السادس

(1)

:

671 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 338): حدثنا يونس، حدثنا فليح، عن أيوب بن عبد الرحمن، عن يعقوب بن أبي يعقوب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ولكن افسحوا يفسح الله لكم» .

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات لكن اختلف فيه على فليح.

فرواه عنه يونس، وسريج بن النعمان

(2)

بهذا اللفظ.

خالفهما محمد بن سنان

(3)

، وعبد الملك بن عمرو

(4)

فروياه عنه

(1)

رجال الإسناد:

يونس بن محمد بن مسلم البغدادي، أبو محمد المؤدب، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.

أيوب بن عبد الرحمن بن صعصعة، وقيل: أيوب بن عبد الله بن عبد الله بن أبي صعصعة، صدوق، من السادسة، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.

يعقوب بن أبي يعقوب المدني، صدوق، من الثالثة، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.

(2)

أحمد (2/ 483) وابن أبي شيبة (25579) وسريج بن النعمان بن مروان الجوهري، أبو الحسن البغدادي، أصله من خراسان، ثقة يهم قليلاً، من رجال البخاري.

(3)

البخاري في التاريخ الكبير (1/ 420/ 1344).

محمد بن سنان الباهلي، ثقة ثبت من كبار العاشر، من رجال البخاري.

(4)

أحمد (2/ 523)، عبد الملك بن عمرو القيسي، أبو عامر العقدي، ثقة من رجال الشيخين.

ص: 287

بنفس الإسناد بلفظ: «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن افسحوا يفسح الله لكم» .

وهذا اللفظ هو الصواب وهو الموافق للحديث الصحيح الذي رواه الشيخان من طرق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه ولكن تفسّحوا وتوسّعوا»

(1)

.

وحديث جابر عند مسلم: «لا يُقيمنَّ أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه»

(2)

وهناك تباين في معنى الحديثين، ففي الحديث الأول نهى الرجل أن يقوم من مجلسه لغيره ولو كان ابتداءً من نفسه.

وفي الحديث الثاني نهى الرجل أن يقيم الرجل من مقعده ثم يجلس فيه.

وقد اختلف على فليح في هذا الحديث فرواه عنه الثقات بنفس الإسناد بهذين اللفظين المختلفين لفظاً ومعنى مما يدل على وهمه فيه، والله أعلم.

أما النهي عن أن يقوم الرجل للرجل من مجلسه، فقد أخرجه البخاري في صحيحه (6270) موقوفاً على ابن عمر ولفظه:(نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر، ولكن تفسّحوا وتوسّعوا وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه). ولفظه

(1)

رواه البخاري (6269، 6270) ومسلم (2177).

(2)

(ولكن يقول: افسحوا) أخرجه مسلم (2178).

ص: 288

عند مسلم: (وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه) أما المرفوع فسنده ضعيف واختلف في لفظه.

وقد رواه الطيالسي (871) وأبو داود (4827) وأحمد (5/ 44) وابن أبي شيبة (8/ 584) والحاكم (4/ 272)، والبيهقي (3/ 332) كلهم من طريق شعبة عن عبد ربه بن سعيد، عن أبي عبد الله مولى آل بردة

(1)

عن سعيد بن أبي الحسن البصري أن أبا بكرة دخل عليهم في شهادة فقام له رجل عن مجلسه فقال أبو بكرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قام لك رجل من مجلسه فلا تجلس» أو قال: «لا تقيم رجلاً من مجلسه ثم تجلس فيه» هذا لفظ الطيالسي.

ولفظ أبي داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذا، ونحوه لفظ أحمد ولفظ الحاكم:«لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يقعد فيه» .

(1)

إسناد الحديث ضعيف لجهالة أبي عبد الله مولى آل أبي موسى الأشعري.

ص: 289

‌الحديث السابع

(1)

:

672 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي في السنن الكبرى (9713): أخبرني هلال بن العلاء، قال: ثنا معافى بن سليمان، قال: ثنا فليح بن سليمان المدني عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه .. » وساق الحديث

(2)

.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

هكذا قال فليح: (عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة).

خالفه شعبة

(3)

، ومالك

(4)

، وسفيان بن عيينة

(5)

، وإسماعيل بن

(1)

رجال الإسناد:

هلال بن العلاء بن هلال بن عمر الباهلي، أبو عمرو الرقي، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 280 وقد قارب المائة، روى له النسائي.

معافى بن سليمان الجزري، صدوق، من العاشرة، مات سنة 234، روى له النسائي.

العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الخرقي، المدني، صدوق ربما وهم، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين، روى له مسلم.

عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني مولى الحرقة، ثقة من الثالثة، روى له مسلم.

(2)

تتمة الحديث: «لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، فما أسفل من الكعبين ففي النار، لا ينظر الله إلى مَنْ جرّ إزاره بطراً» .

(3)

أبو داود (4093) وأحمد (3/ 5) و (3/ 44) والطيالسي (2228) وأبو عوانة (8605).

(4)

الموطأ (2/ 914) وأبو عوانة (8602)(8603) وابن عدي في الكامل (5/ 218).

(5)

النسائي في الكبرى (9715) وابن ماجه (3573) وأحمد (3/ 6) وأبو عوانة (8604) وأبو يعلى (980) والحميدي (737) وابن حبان (5446) والبيهقي في شعب الإيمان (6133).

ص: 290

جعفر

(1)

، ويزيد بن أبي حبيب

(2)

، وعبيد الله بن عمر العمري

(3)

، ومحمد بن إسحاق

(4)

، وورقاء بن عمر اليشكري

(5)

، وابن جريج

(6)

، ومحمد بن عجلان

(7)

، والدراوردي

(8)

فقالوا:

(عن العلاء، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري).

وصحح هذا الوجه النسائي وابن عدي والدارقطني.

قال أبو عبد الرحمن النسائي عقب الحديث: هذا الحديث خطأ، وفليح بن سليمان ليس بالقوي) ثم ساق رواية مَنْ خالفه.

وقال ابن عدي: «والعلاء بن عبد الرحمن اضطرب في هذا الحديث فرواه عنه يزيد بن أبي أنيسة عن نعيم بن المجمر عن ابن عمر.

ورواه خبيب وفليح بن سليمان عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، وهاتان الروايتان خطأ، والصحيح عنه ما رواه شعبة والدراوردي وغيرهما عن العلاء، عن أبيه عن أبي سعيد»

(9)

.

(1)

النسائي (9714) وابن عساكر في تاريخه (13/ 399).

(2)

النسائي (9716).

(3)

النسائي (9717).

(4)

أحمد (3/ 30) و (3/ 52) وابن أبي شيبة (8/ 391).

(5)

الطبراني في الأوسط (5204) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (381) إلا أنه قرنه مع أبي هريرة.

(6)

الدارقطني في العلل (11/ 69).

(7)

المصدر السابق (11/ 277).

(8)

ابن عدي في الكامل (5/ 217) تعليقاً.

(9)

الكامل (5/ 217).

ص: 291

وقال الدارقطني: يرويه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه واختلف عنه:

فرواه فليح بن سليمان عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة.

وتابعه سعيد بن عامر عن شعبة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة.

وخالفه أصحاب شعبة غندر ومعاذ رووه عن شعبة عن العلاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري.

وكذلك رواه عبد الله بن عمر وابن جريج وابن عيينة ومحمد بن إسحاق وورقاء ويزيد بن أبي حبيب عن العلاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري، وهو الصواب

(1)

.

‌علة الوهم:

روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار»

(2)

فمن هنا دخل عليه الوهم فجعل حديث الباب أيضاً من حديث أبي هريرة بدلاً من أبي سعيد الخدري، والله أعلم.

(1)

العلل (11/ 69) ونحوه في (11/ 277).

(2)

البخاري (5787).

ص: 292

‌الحديث الثامن

(1)

:

673 -

قال الدارقطني رحمه الله (3/ 99): نا القاضي الحسين بن إسماعيل نا أبو موسى محمد بن المثنى نا عثمان بن عمر عن فليح عن أبي حازم عن سهل بن سعد:

أن وليدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حملت من الزنا فسئلت مَنْ أحبلكِ؟ قالت: أحبلني المقعد. فسئل عن ذلك فاعترف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إنه لضعيف عن الجلد» فأمر بمائة عثكول فضربه بها ضربة واحدة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات، وأخرجه البيهقي (8/ 230) من طريق الدارقطني، وأخرجه كذلك من طريق جعفر بن أحمد بن محمد عن أبي موسى محمد بن المثنى به.

هكذا قال فليح: (عن أبي حازم، عن سهل بن سعد).

(1)

رجال الإسناد:

الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن سعد بن أبان الضبي البغدادي المحاملي القاضي، نعته الذهبي فقال: القاضي الإمام العلامة المحدث الثقة مسند الوقت أبو عبد الله

ولد أول سنة 235، قال الخطيب: كان فاضلاً ديِّناً (السير 15/ 258).

محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، أبو موسى البصري المعروف بالزمن، ثقة ثبت، من العاشرة، روى له البخاري ومسلم.

عثمان بن عمر: تقدم.

أبو حازم الغفاري مولاهم النمار المدني، مقبول من الثالثة، روى له البخاري في خلق أفعال العباد والنسائي.

سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي، صحابي مشهور، ولأبيه صحبة.

ص: 293

خالفه زيد بن أبي أنيسة

(1)

فقال: (عن أبي حازم، عن أبي أمامة).

وكذلك رواه أبو الزناد

(2)

، ويحيى بن سعيد الأنصاري

(3)

، والزهري

(4)

، ويعقوب بن عبد الله بن الأشج

(5)

أربعتهم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف.

لذا قال الدارقطني عقب الحديث: كذا قال، والصواب عن أبي حازم عن أبي أمامة ابن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم

(6)

.

وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: سألت أبي عن حديث زيد بن أبي أنيسة عن أبي حازم عن أبي أمامة: أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد زنى فسأله فاعترف.

قلت لأبي: مَنْ أبو أمامة هذا؟ قال: هو أبو أمامة ابن سهل بن حنيف ليس هو أبو أمامة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم

(7)

.

‌علة الوهم:

روى أبو حازم عن سهل بن سعد قصة أخرى غير هذه في إقامة حد الزنا.

(1)

النسائي في الكبرى (7300) و (7301) والطبراني في الأوسط (6600).

(2)

النسائي (7302)(7304) والدارقطني (3/ 100) والبيهقي (8/ 230).

(3)

النسائي (7303)(7304) والدارقطني (3/ 100) والبيهقي (8/ 230).

(4)

النسائي (7307) و (7308) وأبو داود (4472) وابن الجارود (817) والبيهقي (1/ 62).

(5)

النسائي (7309).

(6)

الدارقطني (3/ 99) ونقله ابن الملقن في البدر المنير (8/ 635) وابن حجر في التلخيص الحبير (4/ 59).

(7)

العلل ومعرفة الرجال (3/ 312 رقم 5390).

ص: 294

وهو ما أخرجه أبو داود

(1)

من طريق عبد السلام بن حفص قال: حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أتاه فأقرّ عنده أنه زنى بامرأة سمّاها له، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت فجلده الحد وتركها.

وتابعه عباد بن إسحاق

(2)

فرواه عن أبي حازم عن سهل بن سعد بنحوه.

فوهم فليح أدخل حديثاً في حديث، وقصة زنى الشيخ المقعد يرويه أبو حازم عن أبي أمامة، والله تعالى أعلم.

(1)

أبو داود (4437) والطبراني في الكبير (5924) والبيهقي (8/ 1228).

(2)

أحمد (5/ 1339) والطحاوي في شرح المشكل (4942) والطبراني في الكبير (5767) والبيهقي (8/ 251) وابن عدي في الكامل (6/ 309)(4/ 303).

ص: 295

‌الليث بن سعد

(1)

‌اسمه ونسبه:

الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري أحد الأئمة الأعلام، قيل: إن أصله من أصبهان.

ولد سنة أربع وتسعين ومات في شعبان سنة 175 في يوم الجمعة.

روى عن: عطاء ونافع وابن أبي مليكة وسعيد المقبري وهو من أوثق الناس فيه والزهري وخلق من التابعين.

روى عنه: محمد بن عجلان وهشام بن سعد وهما من شيوخه، وابن لهيعة وابن المبارك وشبانة وحجين بن المثنى وسعيد بن أبي مريم وخلق غيرهم.

كان كبير الديار المصرية ورئيسها وعالمها وأمير مَنْ بها في عصره

(1)

مصادر الترجمة:

تاريخ دمشق (50/ 341 وما بعده)، سير أعلام النبلاء (8/ 136)، تاريخ الإسلام (11/ 303)، تهذيب الكمال (24/ 255).

ص: 296

حتى أن القاضي والنائب من تحت أمره ومشورته.

وكان الشافعي يتأسف على فوات لقياه.

وقال الشافعي: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.

وقال: الليث أتبع للأثر من مالك.

وقال ابن سعد: كان قد استقل بالفتوى في زمانه وكان ثقة كثير الحديث صحيحه وكان سرياً من الرجال سخياً نبيلاً.

وله ترجمة وافية في المصادر المذكورة.

ص: 297

‌الحديث الأول

(1)

:

674 -

قال الإمام مسلم في صحيحه (2/ 1014 ح 1396): حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح جميعاً عن الليث بن سعد، قال قتيبة: حدثنا ليث عن نافع، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:

إن امرأة اشتكت شكوى فقالت: إن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس، فبرأت ثم تجهزت تريد الخروج فجاءت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسلّم عليها فأخبرتها ذلك فقالت: إجلسي فكلي ما صنعت وصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن عبد الله فهو من رجال مسلم.

(1)

رجال الإسناد:

قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي، أبو رجاء البغلاني، ثقة ثبت، مات سنة 240 عن 90 سنة، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن رمح بن المهاجر التجيبي، مولاهم أبو عبد الله المصري، ثقة ثبت من العاشرة، ت سنة 242 روى عنه مسلم وابن ماجه.

نافع أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.

إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس المطلبي الهاشمي المدني، صدوق، روى له مسلم.

ص: 298

وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه (3222) من هذه الطريق.

ورواه ابن أبي شيبة (7518) و (33522) من طريق شبابة بن سوار، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/ 64) من طريق عبد الله بن وهب كلاهما عن الليث بهذا الإسناد.

هكذا رواه قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح وشبابة وابن وهب عن الليث عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

واختلف فيه على الليث.

فرواه عنه حجاج بن محمد

(1)

، وقتيبة بن سعيد في رواية

(2)

، وعبد الله بن وهب

(3)

، وعبد الله بن صالح

(4)

بدون ذكر ابن عباس في الإسناد قالوا: (عن الليث، عن نافع، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن ميمونة).

قال البخاري: ولا يصح فيه ابن عباس

(5)

.

وقال البزار: رواة أهل مصر لا يدخلون فيه ابن عباس.

قال النووي: هذا الحديث مما أنكر على مسلم بسبب إسناده، وقال الحفاظ: ذكر ابن عباس فيه وهم، وصوابه عن إبراهيم بن عبد الله

(1)

أحمد (6/ 333، 334).

(2)

النسائي (2/ 33) وفي الكبرى (770) والبيهقي (10/ 83).

(3)

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (603).

(4)

إسحاق بن راهويه (2037).

(5)

التاريخ الكبير (1/ 302).

ص: 299

عن ميمونة من غير ذكر ابن عباس، وكذلك رواه البخاري في صحيحه»

(1)

.

قلت: لم يروه البخاري في صحيحه، بل في التاريخ الكبير كما تقدم.

وقد تابع الليث بن سعد ابن جريج واختلف عليه فرواه عن نافع عن إبراهيم عن ابن عباس عن ميمونة

(2)

.

ورواه مرة ثانية بدون ذكر ابن عباس

(3)

.

والله تعالى أعلم.

قلت: وكنت ظننت أن ما في صحيح مسلم إنما هو تصحيف لكلمة (بن) ب (عن) فإبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس هكذا اسمه فربما هو خطأ من نسّاخ صحيح مسلم فقالوا: إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس بدلاً من ابن عباس

(4)

.

لكن قول البخاري: ولا يصح فيه عن ابن عباس.

وقول المزي في تحفة الأشراف (12/ 485): وهو في عامة النسخ من صحيح مسلم عن ابن عباس عن ميمونة

(5)

.

(1)

شرح صحيح مسلم (9/ 166).

(2)

عبد الرزاق (9135) وأحمد (6/ 334) والنسائي في الكبرى (3881).

(3)

أحمد (6/ 334) وأبو يعلى (7113) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 302) والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 126) والطبراني في الكبير (1028).

(4)

خاصة وأن البيهقي بعد أن أخرج الحديث في الكبرى (10/ 83) من طريق قتيبة بن سعيد عن الليث عن نافع، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد قال: اشتكت امرأة ولم يذكر ابن عباس وقال: رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة.

(5)

وقال ابن حجر في التهذيب: وقد نبّه المزي في الأطراف على أن روايته عن ميمونة بإسقاط ابن عباس ليس في (صحيح مسلم).

ص: 300

وكذلك أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (32512) عن شبابة، والطبراني في الكبير (13/ 1029) من طريق عبد الله بن صالح كلاهما عن الليث بمثل إسناد مسلم.

هذا كله أبطل ما في ظني من تصحيف، والله أعلم.

ص: 301

‌الحديث الثاني

(1)

:

675 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (7/ 114): أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن ابن الهاد؛ عن عمرو بن قهيد الغفاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن عُدي على مالي؟ قال: «فانشد بالله» قال: فإن أبوا عليّ؟ قال: «فانشد بالله» قال: فإن أبوا عليّ؟ قال: «فانشد بالله» قال: فإن أبوا عليّ؟ قال: «فقاتل فإن قُتِلت ففي الجنة، وإن قَتلت ففي النار» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين على وهم في اسم أحد رجاله.

وهو عند النسائي في الكبرى (3545).

وأخرجه الإمام أحمد (2/ 339) من طريق يونس بن محمد عن الليث بهذا الإسناد.

والبخاري في تاريخه تعليقاً (7/ 197) من طريق عبد الله بن صالح عن الليث به.

(1)

رجال الإسناد:

قتيبة بن سعيد: تقدم.

يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي أبو عبد الله المدني، ثقة مكثر من الخامسة، مات سنة 239، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن قهيد بن مطرف كذا وقع عند النسائي، صوابه عمرو عن قهيد، وعمرو هو ابن أبي عمرو مولى المطلب.

ص: 302

هكذا قال الليث: (عن يزيد بن الهاد، عن عمرو بن قهيد، عن أبي هريرة).

والصحيح هو: (عن يزيد بن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن قهيد، عن أبي هريرة).

كما نبّه على ذلك الإمام البيهقي

(1)

والحافظان المزي

(2)

وابن حجر

(3)

رحمهما الله.

وقد رواه سليمان بن بلال

(4)

، ويحيى بن عبد الله بن سالم

(5)

فقالا: عن عمرو بن أبي عمرو

(6)

، عن قهيد بن مطرف

(7)

، عن أبي هريرة.

وقال البخاري في تاريخه في ترجمة قهيد: قهيد بن مطرف الغفاري، قال إسماعيل بن أبي أويس: حدثني ابن وهب، عن يحيى بن عبد الله بن سالم، عن عمرو مولى المطلب، عن قهيد بن مطرف عن أبي هريرة: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أراد أحد مالي؟ قال: «أنشده الله والإسلام ثلاثاً» قال: قد فعلت، قال:«قاتل دون مالك»

(1)

السنن الكبرى (8/ 336).

(2)

تهذيب الكمال (22/ 194).

(3)

التقريب (5133) وتهذيب التهذيب (3/ 299).

(4)

البخاري في التاريخ الكبير (7/ 197) كما سيأتي إلا أنه قال: عن أبي قهيد.

(5)

البخاري في التاريخ الكبير (7/ 197) تعليقاً.

(6)

عمرو بن أبي عمرو ميسرة مولى المطلب المدني أبو عثمان، ثقة ربما وهم، من الخامسة، مات بعد الخمسين، روى له البخاري ومسلم.

(7)

قهيد بن مطرف الغفاري ويقال: عمرو بن قهيد، قيل: لقهيد صحبة، روى له النسائي.

ص: 303

قال: إن قُتلت؟ قال: «في الجنة» قال: فإن قَتلت؟ قال: «في النار»

(1)

.

ثم قال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال: نا سليمان، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أبي قهيد الغفاري عن أبي هريرة.

وقال عبد الله: حدثني الليث حدثني ابن الهاد، عن عمرو بن قهيد بن مطرف عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

ثم قال البخاري رحمه الله: وفيما وجدت في كتاب أحمد في مسنداته عن ابن أبي أويس قال: حدثني عبد العزيز بن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي، عن أخيه الحكم عن أبيه

(2)

عن قهيد الغفاري أنه حدثه قال: سأل سائل

الحديث. اه.

وذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/ 147) في ترجمته هذا الحديث.

وقد اختلف على الليث.

فرواه شعيب بن الليث

(3)

، وعبد الله بن الحكم

(4)

، وأبو سلمة الخزاعي

(5)

عن الليث عن ابن الهاد، عن قهيد بن مطرف الغفاري عن

(1)

التاريخ الكبير (7/ 197).

(2)

المطلب بن عبد الله بن حنطب (وأخرجه البيهقي وغيره كما سبق).

(3)

النسائي (7/ 114) والبيهقي (8/ 336).

(4)

البيهقي (8/ 336) مقروناً بشعيب.

(5)

أحمد (2/ 360).

ص: 304

أبي هريرة. بإسقاط عمرو بن أبي عمرو.

قال البيهقي: كذا وجدته والصواب عن ابن الهاد عن عمرو بن أبي عمرو عن قهيد.

ورواه عبد الله بن صالح عن الليث، عن ابن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن قهيد

(1)

.

قال الحافظ المزي عقبها: هذه الرواية هي الصواب إن شاء لله.

وتابعه ابن حجر في التهذيب في ترجمة عمرو بن قهيد.

وقد رواه عبد العزيز بن عبد المطلب المخزومي عن أخيه الحكم بن المطلب عن أبيه عن قهيد الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

والحديث أخرجه مسلم في صحيحه من طريق محمد بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أن يأخذ مالي؟ قال: «فلا تعطه مالك» قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: «قاتله» قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: «فأنت شهيد» قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: «هو في النار»

(3)

.

(1)

تهذيب الكمال (22/ 185).

(2)

أحمد (3/ 423) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1026) والبيهقي (8/ 36) وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 38) وأبو نعيم في معجم الصحابة (2/ 368) والطبراني في الكبير (19/ 39).

(3)

ص: 305

‌علة الوهم:

ومنشأ وهم الليث فيما يظهر لي أنه حدّث بهذا الحديث من حفظه فقد قال شعيب ابنه: قيل لليث: أمتع الله بك إنا نسمع منك الحديث ليس في كتبك؟ فقال: أوَكل ما في صدري في كتبي؟ لو كتبت ما في صدري ما وسعه هذا المركب

(1)

.

(1)

تاريخ دمشق (50/ 356)، وتهذيب الكمال (24/ 269).

ص: 306

‌الحديث الثالث

(1)

:

676 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (8/ 277): أخبرنا أبو عاصم، قال: حدثنا القاسم بن كثير المقراء، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه:

«اللهم إني أعوذ بك من فتنة القبر، وفتنة الدجال، وفتنة المحيا والممات» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات وهو عند النسائي في الكبرى (7954) هكذا قال الليث بن سعد: (عن يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه عمرو بن الحارث

(2)

فقال: (عن يزيد بن أبي حبيب، عن

(1)

رجال الإسناد:

خشيش بن أصرم بن الأسود، أبو عاصم النسائي، ثقة حافظ، من الحادية عشرة، مات سنة 253، روى له أبو داود والنسائي.

القاسم بن كثير بن النعمان الإسكندراني، أبو العباس القاضي، صدوق، من العاشرة، مات سنة 220، روى له الترمذي والنسائي.

يزيد بن أبي حبيب المصري، أبو رجاء واسم أبيه سويد، ثقة فقيه وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة 128 وله نحو من 80 عاماً، روى له البخاري ومسلم.

سليمان بن يسار الهلالي المدني مولى ميمونة، وقيل: أم سلمة، ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة، من كبار الثالثة، مات بعد سنة 100 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.

(2)

النسائي (8/ 278) وفي الكبرى (7961) وانظر: تهذيب الآثار لابن جرير مسند ابن عباس (1/ 251).

ص: 307

سليمان بن سنان المزني، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

لذا قال النسائي عقب الحديث: «هذا خطأ، والصواب سليمان بن سنان»

(1)

، وينبغي أن يكون يزيد بن أبي حبيب عن سليمان بن سنان وليس هذا من حديث سليمان بن يسار والله أعلم»

(2)

.

‌علة الوهم:

يزيد بن أبي حبيب يروي عن سليمان بن يسار وسليمان بن سنان وهما من نفس الطبقة وكلاهما يروي عن الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، والوهم في هذا الإسناد من الليث أو ممن دونه، وإنما حمّلناه إياه لكون الاختلاف في طبقته، والله أعلم.

(1)

سليمان بن سنان المزني المدني، نزيل مصر، ثقة من الثالثة، روى له النسائي.

(2)

السنن الكبرى (4/ 463).

ص: 308

‌الحديث الرابع

(1)

:

677 -

قال أبو داود رحمه الله (1469): حدثنا أبو الوليد الطيالسي وقتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن موهب الرملي بمعناه أن الليث حدثهم عن عبد الله بن أبي مُليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص، وقال يزيد: عن ابن أبي مليكة عن سعيد بن أبي سعيد، وقال قتيبة: هو في كتابي عن سعيد بن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ليس منا مَنْ لم يتغن بالقرآن» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

وأخرجه أبو عوانة (3874) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 348) والقضاعي في مسند الشهاب (1197) عن عبد الله بن صالح، والقضاعي في مسند الشهاب (1193) من طريق عيسى بن حماد (زغبة)، وأخرجه الطحاوي (3/ 349) من طريق عبد الله بن الحكم وشعيب بن الليث، أربعتهم: (عبد الله بن صالح، وعيسى بن حماد،

(1)

رجال الإسناد:

هشام بن عبد الملك الباهلي، أبو الوليد الطيالسي، البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 227 وله 94 سنة، روى له البخاري ومسلم.

قتيبة بن سعيد: تقدم.

يزيد بن خالد بن يزيد بن موهب الرملي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة 232 أو بعدها، روى عنه أبو داود والنسائي وابن ماجه.

عبد الله بن عبيد الله بن أبي مُليكة بن عبد الله بن جدعان، أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن أبي نهيك المخزومي المدني، ويقال عبيد الله، وثقه النسائي، من الثالثة، روى له أبو داود.

ص: 309

وعبد الله بن الحكم، وشعيب بن الليث) عن الليث به وفيه:(سعيد بن أبي سعيد).

هكذا قال الليث: (عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، عن سعيد بن أبي سعيد).

خالفه عمرو بن دينار

(1)

، وابن جريج

(2)

، وسعيد بن حسان المخزومي

(3)

، وحسام بن المصك

(4)

وعمر بن قيس

(5)

، فقالوا (عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، عن سعد)

وقد رواه جماعة عن الليث فقالوا (سعد) منهم:

أبو الوليد الطيالسي

(6)

، وقتيبة بن سعيد

(7)

، ويزيد بن خالد

(8)

، ويزيد بن موهب

(9)

، وشبابة

(10)

، وحجاج

(11)

، وأبو النضر هاشم بن القاسم

(12)

.

(1)

أبو داود (4171) والحميدي (76) وأحمد (1/ 179) وابن أبي شيبة (8738)(29942) والدارمي (1490) وأبو يعلى (748) والبزار (1234) وعبد الرزاق (1417) والحاكم (1/ 758) والبيهقي (10/ 230) والضياء في المختارة (971).

(2)

الحميدي (77) والحاكم (1/ 758) والضياء (970).

(3)

أبو داود الطيالسي (201) وأحمد (1/ 172) والدورقي في مسند سعد (127) وأبو عوانة (3872) وابن أبي شيبة (8739) والقضاعي في مسند الشهاب (1194).

(4)

أبو عوانة (3872) والقضاعي في مسند الشهاب (1190).

(5)

الدارقطني في العلل (4/ 388).

(6)

أبو داود (1469) والدارمي (3488) والبيهقي (10/ 230).

(7)

أبو داود (1469).

(8)

أبو داود (1469).

(9)

ابن حبان (120).

(10)

أبو عوانة (3873).

(11)

أحمد (1/ 175).

(12)

أحمد (1/ 175) والقزويني في التدوين في أخبار قزوين (2/ 268).

ص: 310

ورواه جماعة عن الليث على الشك فقال: (عن سعيد بن أبي سعيد، أو سعد) منهم:

يزيد بن خالد

(1)

، وعيسى بن حماد

(2)

، وعبد الله بن صالح كاتب الليث

(3)

، وابنه شعيب بن الليث

(4)

، وعبد الله بن الحكم

(5)

.

وهذا الاختلاف إنما هو من الليث بن سعد نفسه فكان في مصر يقول: عن سعيد بن أبي سعيد أما في العراق فكان يقول: عن سعد.

قال عبد الله بن صالح كاتب الليث: قال لنا الليث بالعراق: عن سعد بن أبي وقاص، وأما هاهنا فكذا قال، وكذا في أصل كتابه

(6)

.

وذكر ذلك الإمام البخاري أيضاً.

قال الترمذي: قال محمد: وكان الليث بن سعد يروي هذا عن ابن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك ويقول: عن سعيد بن أبي سعيد، ثم رجع فقال: عن سعد بن أبي وقاص، هكذا قال عبد الله بن صالح

(7)

.

(1)

الضياء في المختارة (969).

(2)

الضياء في المختارة (969).

(3)

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 310).

(4)

الطحاوي (3/ 310).

(5)

الطحاوي (3/ 310).

(6)

أبو عوانة (2/ 472).

(7)

العلل الكبير (651).

ص: 311

وقال أبو زرعة: في كتاب الليث في أصله سعيد بن أبي سعيد ولكن لقن بالعراق عن سعد

(1)

.

وقال الدارقطني: «واختلف عن الليث في ذكر سعد بن أبي وقاص، فأما الغرباء عن الليث فرووه عنه على الصواب، وأما أهل مصر فرووه وقالوا: عن سعيد بن أبي سعيد، ومنهم مَنْ قال: عن سعيد أو سعد

ثم قال: والصواب قول عمرو بن دينار وابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن أبي نهيك عن سعد»

(2)

، والله تعالى أعلم.

وذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة: وقال سعيد بن أبي سعيد، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في التغني بالقرآن، والصواب عن ابن أبي نهيك عن سعد وليست لسعيد بن أبي سعيد صحبة

(3)

.

وقال الحاكم: وقد اتفقت رواية عمرو بن دينار وابن جريج وسعيد بن حسان عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن أبي نهيك وقد خالفهما الليث بن سعد فقال: عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن أبي نهيك.

(1)

العلل لابن أبي حاتم (538).

(2)

العلل (4/ 389 - 390).

(3)

الإصابة (3/ 287) في القسم الرابع وهم الذين ذكروا في الصحابة على سبيل الوهم والغلط وليست لهم صحبة.

ص: 312

‌الحديث الخامس

(1)

:

678 -

قال أبو داود رحمه الله (1585): حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«المتعدي في الصدقة كمانعها» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعد بن سنان ضعّفه أحمد كما في العلل رواية ابنه عبد الله (2/ 517) ووثقه أحمد بن صالح فقال: ثقة ليس في قلبي من حديثه شيء. ذكره أبو حفص الواعظ في تاريخ أسماء الثقات (1/ 104) ووثقه يحيى بن معين كما في الجرح والتعديل (4/ 251).

وقال ابن حجر: صدوق له أفراد. وقال البخاري: صالح مقارب الحديث كما سيأتي.

وأخرجه الترمذي (646) وفي العلل (182) والبيهقي (4/ 97)

(1)

رجال الإسناد:

قتيبة بن سعيد: تقدم.

يزيد بن أبي حبيب المصري: تقدم.

سعد بن سنان، ويقال: سنان بن سعد الكندي المصري، وصوّب الثاني البخاري وابن يونس، صدوق له أفراد، من الخامسة، روى له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

ص: 313

وعبد الكريم القزويني في أخبار قزوين (2/ 158) من طريق قتيبة بهذا الإسناد.

ورواه ابن ماجه (1808) والقضاعي في مسند الشهاب (107) من طريق عيسى بن حماد المصري، والبيهقي (4/ 97) من طريق يحيى بن بكير كلاهما عن الليث بن سعد بهذا الإسناد.

وذكر البيهقي أيضاً أن عبد الله بن صالح كاتب الليث يرويه عنه بهذا الإسناد.

ورواه ابن خزيمة (2335) عن عيسى بن إبراهيم عن عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث والليث بن سعد فقال: (سنان بن سعد) حمل ابن وهب إسناد أحدهما على الآخر كما قال ابن عدي في الكامل (799).

هكذا قال الليث بن سعد (عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس بن مالك).

خالفه عمرو بن الحارث

(1)

، وابن لهيعة

(2)

فقالا:

عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك).

وكذلك روى جماعة (غير هذا الحديث) عن يزيد فقالوا (سنان بن سعد) منهم:

(1)

ابن خزيمة (2335) وابن عدي في الكامل (3/ 356) والبيهقي (4/ 97) وذكره الترمذي تعليقاً (646).

(2)

القضاعي في مسند الشهاب (106) وابن سعد (1/ 467) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 292) وابن عدي في الكامل (3/ 356) وذكره الترمذي تعليقاً (646).

ص: 314

محمد بن إسحاق

(1)

، وسعيد بن أبي أيوب

(2)

، وعبد الرحمن بن الحارث

(3)

، وابن عقبة

(4)

، وعمرو بن الحارث

(5)

، وابن لهيعة

(6)

.

وكذلك قال الليث بن سعد في إحدى الروايتين عنه كما قال البخاري

(7)

.

وقد رجح الإمام البخاري وغيره رواية الجماعة.

وقد سأل الترمذي البخاري عن هذا الحديث فقال: «الصحيح عندي سنان بن سعد وهو صالح مقارب الحديث، وسعد بن سنان خطأ، إنما قاله الليث»

(8)

.

وقال البخاري في تاريخه: «قال سعيد بن أبي أيوب وعمرو بن الحارث وابن عقبة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد.

وقال الليث مرة عن يزيد عن سنان بن سعد، ثم عامة ما روى

(1)

ابن ماجه (273) وابن أبي شيبة (25422) والبخاري في التاريخ الكبير (4/ 163) والبيهقي في شعب الإيمان (11060).

(2)

البخاري في التاريخ الكبير (4/ 163) والأوسط (1/ 300 رقم 1455) والحاكم في المستدرك (4/ 184).

(3)

عبد الله بن وهب في الجامع (1/ 300).

(4)

البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 300).

(5)

البخاري في الأدب المفرد (401) و (424) وابن ماجه (3987)(4056)(4214) وابن خزيمة (2430).

(6)

ابن ماجه (3987)(4056) والحاكم (4/ 485).

(7)

في الأوسط (1/ 300) كما سيأتي.

(8)

علل الترمذي الكبير (182).

ص: 315

الليث عن يزيد عن سنان بن سعد

(1)

.

قال ابن حبان: أرجو أن يكون الصحيح سنان بن سعد وقد اعتبرت حديثه فرأيت ما روى عن سنان بن سعد يشبه أحاديث الثقات، وما روى عن سعد بن سنان وسعيد بن سنان فيه المناكير كأنهما اثنان والله أعلم

(2)

.

قلت: سعيد بن سنان وسعد بن سنان هما واحد وإنما يضطرب في اسمه الليث فتارة يسميه هكذا وتارة يوافق الجماعة كما ذكره البخاري وتارة يقول: ابن سنان.

فروى شبابة

(3)

عن الليث عن يزيد حديثين فقال فيهما: (سعيد بن سنان).

ورواه يونس بن محمد عن الليث عن يزيد فقال: (عن ابن سنان عن أنس بن مالك)

(4)

.

وروى عبد الله بن صالح عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب فقال: عن سعيد بن سنان عن أنس

(5)

.

قال الخطيب: لعمرو بن الحارث أحايث كثيرة رواها عن يزيد بن

(1)

التاريخ الأوسط (1/ 300).

(2)

الثقات (4/ 336) ونحوه في مشاهير علماء الأمصار (1/ 122).

(3)

أبو يعلى (4253)، (4254) أحدهما: عظم الجزاء مع عظم البلاء، والآخر: إذا أراد الله بعبده خيراً عجل له العقوبة في الدنيا

(4)

أبو يعلى (4255)(4256).

(5)

الطبراني في كتاب طرق حديث: مَنْ كذب عليّ (124).

ص: 316

أبي حبيب عن هذا الشيخ وسماه في جميعها سنان بن سعد، ووافقه عبد الله بن لهيعة على ذلك

ولليث بن سعد أحاديث كثيرة عن يزيد بن أبي حبيب عن هذا الشيخ سمّاه في جميعها سعد بن سنان.

وروى محمد بن إسحاق بن يسار عن يزيد بن أبي حبيب عنه أحاديث فسمّاه فيها سعيد بن سعيد بزيادة ياء

(1)

.

‌فائدة:

قال العقيلي: حدثنا محمد بن عيسى قال: سمعت محمد بن علي الوراق قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: في أحاديث يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس قال: روى خمسة عشر حديثاً منكرة كلها ما أعرف منها واحداً.

حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: سعد بن سنان تركت حديثه، ويقال: سنان بن سعد، وحديثه غير محفوظ حديث مضطرب. وسمعته مرة أخرى يقول: يشبه حديثه حديث الحسن لا يشبه حديث أنس

(2)

.

وقال ابن أبي عدي: ثنا ابن أبي عصمة ثنا أحمد بن يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لم أكتب أحاديث سنان بن سعد لأنهم اضطربوا فيها فقال بعضهم: سعد بن سنان، وسنان بن سعد

ثم أورد الأحاديث التي اختلف فيها ثم قال: وهذه الأحاديث متونها

(1)

موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 168).

(2)

ضعفاء العقيلي (2/ 118).

ص: 317

وأسانيدها والاختلاف فيها يحمل بعضها بعضاً، وليس هذه الأحاديث مما يجب أن يترك أصلاً لما ذكره ابن حنبل أنه ترك هذه الأحاديث للاختلاف الذي فيه من سعد بن سنان أو سنان بن سعد لأن في الأحاديث وفي أسانيدها ما هو أكثر اضطراباً مما في هذه الأسانيد ولم يتركه أحد أصلاً بل أدخلوه في مسندهم وتصانيفهم

(1)

.

قلت: ما ذكره العقيلي سبباً لترك الإمام أحمد أحاديث سنان بن سعد أوْلى مما ذكره ابن عدي، والله أعلم.

(1)

الكامل (3/ 358).

ص: 318

‌محمد بن جعفر بن أبي كثير

‌اسمه ونسبه:

محمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي مولاهم المدني.

روى عن: زيد بن أسلم، وحميد الطويل، وهشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وجماعة.

روى عنه: عبد الله بن نافع، وسعيد بن أبي مريم، وخالد بن مخلد وغيرهم.

وثقه ابن معين والعجلي، وقال ابن المديني: معروف، وقال النسائي: صالح، وقال أيضاً: مستقيم الحديث.

قال ابن حجر: ثقة، من السابعة.

ص: 319

‌الحديث

(1)

:

679 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (918): حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: أخبرني يحيى بن سعيد قال: أخبرني ابن أنس أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:

كان جذع يقوم إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار، حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

ورواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4180) و (4181) و (4182) من طريق يزيد بن سنان، وحسين بن نصر، وابن حجر في تغليق التعليق (2/ 362) ومن طريق محمد بن مسكين كلهم عن سعيد بن أبي مريم عن محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن حفص بن أنس به.

(1)

رجال الإسناد:

سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي بالولاء، أبو محمد المصري، وقد ينسب إلى جد جده، ثقة ثبت فقيه، من كبار العاشرة، مات سنة 224 وله 80 سنة، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري مولاهم المدني، أخو إسماعيل وهو الأكبر، ثقة، من السابعة، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، أبو سعيد القاضي، ثقة ثبت من الخامسة، مات سنة 144 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك، يقال فيه: عبيد الله بن حفص ولا يصح وهو صدوق، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 320

هكذا قال محمد بن جعفر: (عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن حفص بن أنس عن جابر).

خالفه سليمان بن بلال

(1)

، وسليمان بن كثير

(2)

، وسويد بن عبد العزيز

(3)

فقالوا: (عن يحيى بن سعيد، عن حفص بن عبيد الله بن أنس، عن جابر).

قلب محمد بن جعفر اسمه فسماه عبيد الله بن حفص بن أنس، لذا لم يتابعه البخاري في وهمه وقال ابن أنس: وأبهم اسمه هنا وذكر اسمه في رواية سليمان بن بلال.

قال أبو مسعود في الأطراف: «أخطأ محمد بن جعفر فيه، فلم يسمه البخاري لذلك ونبّه على رواية سليمان وهي الصواب»

(4)

.

قال البخاري: «حفص بن عبيد الله بن أنس سمع منه يحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن أبي كثير، وقال بعضهم: عبيد الله بن حفص ولا يصح عبيد الله»

(5)

.

قال الحافظ: «ابن أنس هو حفص بن عبيد الله بن أنس كما سيأتي في الرواية المعلقة ونسب في هذه إلى جده، قال أبو مسعود الدمشقي في الأطراف: إنما أبهم البخاري حفصاً لأن محمد بن جعفر بن أبي كثير يقول عبيد الله بن حفص فيقلبه، قلت: كذا رواه أبو

(1)

البخاري (3585).

(2)

الدارمي (34) في إحدى الروايتين عنه، وانظر الرواية الثانية في بابه.

(3)

ذكره الدارقطني في العلل (13/ 359).

(4)

تهذيب الكمال (19/ 28) وتهذيب التهذيب (7/ 8) وتغليق التعليق (2/ 362) وتقريب التهذيب (4311) وعمدة القاري (16/ 129).

(5)

التاريخ الكبير (2/ 360).

ص: 321

نعيم في المستخرج من طريق محمد بن مسكين عن ابن أبي مريم شيخ البخاري فيه، ولكن أخرجه الإسماعيلي من طريق أبي الأحوص محمد بن الهيثم عن ابن أبي مريم فقال: عن حفص بن عبيد الله على الصواب

(1)

، وقلبه أيضاً عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عن يحيى بن سعيد أخرجه الإسماعيلي من طريقه وقال الصواب فيه: حفص بن عبيد الله، وفي تاريخ البخاري: حفص بن عبيد الله بن أنس، وقال بعضهم: عبيد الله بن حفص ولا يصح عبيد الله»

(2)

.

وقد صحح هذا الوجه أبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني.

قال أبو حاتم: يرويه عامة الثقات عن يحيى بن سعيد، عن حفص بن عبيد الله بن أنس عن جابر»

(3)

.

وكذا قال أبو زرعة

(4)

والدارقطني

(5)

.

قلت: وقد روى غير واحد من الثقات أحاديث عنه ذكر أن اسمه حفص بن عبيد الله بن أنس، منهم:

يحيى بن أبي كثير

(6)

، وأسامة بن زيد الليثي

(7)

، وموسى بن سعد

(8)

، وخلف بن خليفة

(9)

، ومحمد بن إسحاق

(10)

، وموسى بن

(1)

أي: أن محمد بن جعفر رواه مرة أخرى على الصواب.

(2)

فتح الباري (2/ 400) ومثله قال العيني في عمدة القاري (6/ 217).

(3)

العلل لابن أبي حاتم (573).

(4)

العلل لابن أبي حاتم (566).

(5)

في علله (13/ 359).

(6)

البخاري (1057)(1059) ط. البغا.

(7)

مسلم (897).

(8)

مسلم (624).

(9)

الضياء في المختارة (1898).

(10)

الحاكم (1/ 433).

ص: 322

سعد

(1)

، وعمران بن نافع

(2)

، ومحمد بن أبي حميد

(3)

، وعلقمة بن مرثد

(4)

، وغيرهم.

(1)

ابن حبان (1516).

(2)

ابن حبان (2943).

(3)

أبو داود (2237).

(4)

ابن ماجه (3469).

ص: 323

‌محمد بن أبي حفصة

‌اسمه ونسبه:

محمد بن أبي حفصة ميسرة، أبو سلمة ابن ميسرة المدني، نزيل البصرة.

روى عن: أبي جمرة الضبعي، والزهري وقتادة وابن جدعان وجماعة.

روى عنه: سفيان الثوري، وحماد بن زيد، وابن المبارك، وروح بن عبادة وغيرهم.

قال ابن معين: ثقة، وقال مرة: ليس بالقوي.

وضعفه يحيى القطان والنسائي.

وقال أبو داود: ثقة غير أن يحيى بن سعيد لم يكن له فيه رأي.

وقال ابن عدي: هو من الضعفاء الذين يكتب حديثهم.

وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطاء.

وقال علي بن المديني: ليس به بأس، قال: وقلت ليحيى بن

ص: 324

سعيد: هل كتبت عنه؟ فقال: كتبت حديثه كله ثم رميت به بعد، وهو نحو صالح بن أبي الأخضر.

قال الذهبي: روى له الشيخان في المتابعات ما أظن أن واحداً منهما جعله حجة

(1)

.

قال ابن حجر: صدوق يخطاء، من السابعة.

(1)

قلت: وهو كما قال فأخرج له البخاري حديثين في المتابعات (1515، 4032 ط. البغا) وتعليقاً في ثلاثة أحاديث (521)(1951)(5920)، وروى له مسلم في المتابعات ثلاثة أحاديث (944)(1306)(1351).

ص: 325

‌الحديث الأول

(1)

:

680 -

قال الإمام أحمد (4/ 39): حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا محمد بن أبي حفصة قال: حدثنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وعباد بن تميم عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«لا وضوء إلا فيما وجدت الريح أو سمعت الصوت» .

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح رجاله كلهم رجال الشيخين.

وعلقه البخاري في صحيحه عقب الحديث (2056) بصيغة الجزم إلا أن محمد بن أبي حفصة وهم في اختصاره لهذا الحديث فحصر نقض الوضوء بوجود الريح، وقد روى هذا الحديث سفيان بن عيينة عن ابن شهاب الزهري وفيه تخصيص الشك بمَن كان داخل الصلاة رواه البخاري ومسلم

(2)

وغيرهما ولفظه عندهما عن سعيد بن المسيب وعباد بن تميم عن عمه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: «لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» .

(1)

رجال الإسناد:

روح بن عبادة بن العلاء بن حسان القيسي، أبو محمد البصري، ثقة فاضل له تصانيف، من التاسعة، مات سنة 205 أو 207، روى له البخاري ومسلم (انظر ترجمته في بابه).

محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري القرشي: انظره في بابه.

سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، من كبار الثانية. قال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه، مات بعد سنة 90 وقد قارب 80 سنة.

(2)

البخاري (137، 177، 2056) ومسلم (361).

ص: 326

ومحمد بن أبي حفصة وثقه يحيى بن معين ولكن ضعف روايته عن الزهري فقال: صويلح ليس بالقوي

(1)

.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 296): اختصر ابن أبي حفصة هذا المتن اختصاراً مجحفاً، فإن لفظه يعم ما إذا وقع الشك داخل الصلاة وخارجها.

ورواية غيره من أثبات أصحاب الزهري تقتضي تخصيص ذلك بمَن كان داخل الصلاة، ووجهه أن خروج الريح من المصلي هو الذي يقع له غالباً بخلاف غيره من النواقض فإنه لا يهجم عليه إلا نادراً وليس المراد حصر نقض الوضوء بوجود الريح

(2)

. اه.

(1)

الجرح والتعديل (7/ 241).

(2)

ووهم شعبة أيضاً في هذا الحديث، انظره في بابه.

ص: 327

‌الحديث الثاني

(1)

:

681 -

قال ابن حبان رحمه الله (2283): أخبرنا الهيثم بن خلف الدوري قال: حدثنا الربيع بن ثعلب قال: حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن محمد بن ميسرة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس الكلب» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات.

هكذا قال محمد بن ميسرة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس كلب» .

خالفه أصحاب محمد بن زياد فقالوا: (رأس حمار) منهم: شعبة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، ومعمر، وأيوب السختياني وغيرهم كثير وقد استوفينا البحث في باب شعبة ح (36) فانظره.

(1)

رجال الإسناد:

الهيثم بن خلف بن عبد الرحمن بن مجاهد أبو محمد الدوري البغدادي، نعته الذهبي فقال: متقن ثقة وكان من أوعية العلم ومن أهل التحري والضبط، مات سنة 307 هـ. السير (14/ 261) تذكرة الحفاظ (2/ 765).

الربيع بن ثعلب البغدادي أبو الفضل المروزي، ثقة عابد، قال ابن معين: رجل صالح، وقال صالح جزرة: صدوق ثقة من عباد الصالحين. الجرح والتعديل (3/ 57)، تاريخ بغداد (8/ 418).

إبراهيم بن سلمان بن رزين أبو إسماعيل المؤدب الأردني نزيل بغداد مشهور بكنيته، صدوق يُغرب، من التاسعة، روى له ابن ماجه.

محمد بن زياد الجمحي أبو الحارث المدني، نزيل البصرة، ثقة ثبت ربما أرسل.

ص: 328

‌الحديث الثالث

(1)

:

682 -

قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 152): حدثنا إبراهيم بن أبي داود، قال: حدثنا المقدمي محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«إذا سأل أحدكم جاره أن يضع خشبة في جداره فلا يمنعه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير شيخ الطحاوي، وهو ثقة، وقد توبع.

وأخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 378) من طريق محمد بن منهال وعمرو بن علي الصيرفي عن يزيد بن زريع به.

(1)

رجال الإسناد:

إبراهيم بن أبي داود، سليمان بن داود، أبو إسحاق الأسدي الكوفي الأصل الصوري المولد البرلسي الدار، أحد الحفاظ المجودين الثقات الأثبات، روى عنه الطحاوي فأكثر، مات عصر عام 270 هـ.

محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي، أبو عبد الله الثقفي مولاهم البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة 234 هـ، روى له البخاري ومسلم.

يزيد بن زريع البصري، أبو معاوية، يقال له: ريحانة البصرة، ثقة ثبت من الثامنة، مات سنة 182، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: إمام ثقة ثبت، وقد تقدم.

حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثانية، مات سنة 105 هـ على الصحيح، وقيل: إن روايته عن عمر مرسلة.

ص: 329

وقد وهم محمد بن أبي حفصة في هذا الإسناد على الزهري فقال: (عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة).

خالفه مالك، وسفيان، ومعمر في رواية، ويونس بن يزيد، وأبو أويس، وسليمان بن كثير، وزياد بن سعد، وسفيان بن حسين، وعبد الله بن بديل

(1)

.

فرووه (عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة).

قال الدارقطني في العلل (10/ 293): ورواه محمد بن أبي حفصة، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة ووهم فيه

ثم قال: والمحفوظ، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة.

وقد تقدم البحث في هذا الحديث في باب معمر ح (184) فانظره.

(1)

سبق تخريج رواياتهم في باب معمر.

ص: 330

‌الحديث الرابع

(1)

:

683 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 528): حدثنا روح ثنا محمد بن أبي حفصة ثنا الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله» قال: فلما قام أبو بكر وارتد مَنْ ارتد أراد أبو بكر قتالهم، قال عمر: كيف تقاتل هؤلاء القوم وهم يصلُّون؟! قال: فقال أبو بكر: والله لأقاتلن قوماً ارتدوا عن الزكاة والله لو منعوني عناقاً مما فرض الله ورسوله لقاتلتهم، قال: عمر: فلما رأيت الله شرح صدر أبي بكر لقتالهم عرفت أنه الحق.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

هكذا قال محمد بن أبي حفصة عن الزهري، عن عبيد الله، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُمرت أن أقاتل الناس

».

وفيه قال عمر: (كيف تقاتل هؤلاء القوم وهم يصلُّون؟).

(1)

رجال الإسناد:

روح بن عبادة: تقدم.

الزهري: تقدم.

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، من الثالثة، مات سنة 94 هـ، وقيل: 98 هـ، وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 331

خالفه جمع من أصحاب الزهري فرووه عنه بهذا الإسناد فقالوا: إن أبا هريرة قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر وكفر مَنْ كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله

»، منهم:

شعيب بن أبي حمزة

(1)

، وعقيل بن خالد

(2)

، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر

(3)

، ومعمر بن راشد

(4)

، ومحمد بن الوليد الزبيدي

(5)

.

وهم محمد بن أبي حفصة فجعل المرفوع من الحديث وهو قوله: «أُمرت أن أقاتل الناس .. » من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم زاد لفظة شاذة وهي قوله: إن عمر قال: (كيف تقاتل هؤلاء القوم وهم يصلُّون).

(1)

البخاري (1399)(1456).

(2)

البخاري (7284) ومسلم (20).

(3)

البخاري تعليقاً (1456).

(4)

الشافعي في مسنده (1/ 208) وعبد الرزاق (10022) وأحمد (1/ 48) و (1/ 107).

(5)

النسائي (6/ 5) وابن مندة في الإيمان (216).

ص: 332

‌محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري

‌اسمه ونسبه:

محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الحارثي الزهري أبو عبد الله المدني، ابن أخي الزهري.

روى عن: أبيه وعمه، وصالح بن عبد الله بن أبي فروة وغيرهم.

روى عنه: محمد بن إسحاق وهو أكبر منه، وعبد الرحمن بن إسحاق، ومات قبله، والدراوردي، وإبراهيم بن سعد، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد وغيرهم.

وثقه أحمد وابن معين. قاله الآجري عن أبي داود في سؤالاته.

وقال ابن عدي: لم أرَ بحديثه بأساً، ولا رأيت له حديثاً منكراً، وقال الساجي: صدوق تفرد عن عمه بأحاديث لم يتابع عليها.

وقال أبو طالب عن أحمد: لا بأس به، وقال مرة: صالح الحديث.

وقال عثمان الدارمي عن يحيى: ضعيف، وقال ابن أبي خيثمة عنه: ليس بذاك القوي، وقال مرة: صالح.

ص: 333

وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه.

قال الذهبي في الميزان: صدوق صالح الحديث وثقه أبو داود، وقال ابن معين وأبو حاتم: ليس بالقوي، وفي رواية الدارمي عن ابن معين: ضعيف، وجعله محمد بن يحيى الذهلي في أصحاب الزهري مع أسامة بن زيد الليثي وابن إسحاق وفليح.

قال العقيلي: وقد روى ابن أخي الزهري ثلاثة أحاديث لم نجد لها أصلاً عند الطبقة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة، منها:

حديثه عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي معافى إلا المجاهرون» .

قلت: هذا الحديث متفق عليه أخرجه البخاري ومسلم

(1)

.

قال ابن حجر: صدوق له أوهام، من السابعة.

(1)

البخاري (5721 ط البغا) ومسلم (2990).

ص: 334

‌الحديث

(1)

:

684 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 404): حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن أخي ابن شهاب، عن عمه قال: أخبرني عروة بن الزبير:

أن عياض بن غنم وهشام بن حكيم بن حزام مرّا بعامل حمص وهو يُشَمِّسُ أنباطاً في الشمس فقال أحدهما للعامل: ما هذا يا فلان؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«إن الله تبارك وتعالى يعذب الذين يُعَذِّبون الناس في الدنيا» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الطبراني في الكبير (22/ 440) من طريق أحمد.

هكذا رواه محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري: (عن الزهري، عن عروة أن عياض بن غنم وهشام بن حكيم بن حزام مرّا بعامل حمص

).

(1)

رجال الإسناد:

يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو يوسف المدني، نزيل بغداد، ثقة فاضل، من صغار التاسعة، مات سنة 208، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: محمد بن مسلم، إمام فقيه حافظ، انظر ترجمته في بابه.

عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات قبل سنة 100، وقيل: سنة 94 على الصحيح، ومولده في خلافة عثمان، روى له البخاري ومسلم.

ص: 335

خالفه شعيب بن أبي حمزة

(1)

، والزبيدي

(2)

، ومعاوية بن يحيى

(3)

فرووه عن الزهري، عن عروة أن هشام بن حكيم بن حزام

(4)

وجد عياض بن غنم وهو على حمص يشمس ناساً من النبط في أداء الجزية فقال له هشام: (ما هذا يا عياض؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول .. فذكر الحديث).

ورواه يونس عن الزهري، عن عروة بن الزبير: أن هشام بن حكيم وجد رجلاً وهو على حمص يشمس ناساً من النبط في أداء الجزية فقال: ما هذا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يعذّب الذين يعذبون الناس في الدنيا» أخرجه مسلم في صحيحه (2613)(119) وهذا الرجل هو عياض بن غنم.

وتابعه معاوية بن يحيى عن الزهري عن عروة فقال: إن هشام بن حكيم وهو عياض بن غنم فصرح هنا باسمه

(5)

.

وهم محمد بن عبد الله في متن هذا الحديث في موضعين:

(1)

أخرجه أحمد (3/ 404) عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن شعيب به، وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3111).

(2)

أخرجه ابن حبان في صحيحه (5612).

(3)

الطبراني في الكبير (22/ 441).

(4)

هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي وأمه زينب بنت العوام أخت الزبير، أسلم هو وأبوه عام الفتح وكان رجلاً مهيباً، قال الزهري: وكان يأمر بالمعروف في رجال معه.

قال أبو نعيم: استشهد بأجنادين، وتعقبه الحافظ فقال: هذا غلط فإن الذي قتل بأجنادين هشام بن العاص أخو عمرو بن العاص، أما هشام بن حكيم هذا فقد صحّ أنه كان بحمص وعياض بن غنم وال عليها وذلك بعد أجنادين بمدة طويلة.

(5)

الطبراني في الكبير (22/ 441).

ص: 336

الأول: جعل عامل حمص رجلاً آخر غير عياض بن غنم.

الثاني: جعل الحديث لعياض بن غنم وهشام بن حكيم.

وخالفه غيره من أصحاب الزهري كما سبق فجعلوا الحديث حديث هشام بن حكيم وأن عياض بن غنم هو عامل حمص

(1)

وهو الصحيح، ويدل على ذلك التالي:

1 ما رواه صفوان بن عمرو السكسكي عن شريح بن عبيد الحضرمي وغيره، قال: جلد عياض بن غنم صاحب دارا حين فتحت، فأغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضب عياض ثم مكث ليالي فأتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه ثم قال هشام لعياض: ألم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن من أشد الناس عذاباً أشدهم عذاباً في الدنيا للناس»

(2)

إلخ.

2 صح أن عياض بن غنم كان والياً على حمص وهشام بن حكيم كان بها كما ذكر الحافظ في التهذيب وكما جاء في ترجمة عياض، والله أعلم.

(1)

عياض بن غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة القرشي، صحابي، أسلم قبل الحديبية وشهدها، وكان بالشام مع ابن عمه أبي عبيدة ابن الجراح في خلافة عمر بن الخطاب، ويقال: إنه كان ابن امرأته ولما توفي أبو عبيدة استخلفه بالشام فأقره عمر وهو الذي فتح الجزيرة وصالحه أهلها وكان صالحاً فاضلاً سمحاً وكان يسمى زاد الركب يطعم الناس زاده فإذا نفذ نحر لهم جمله.

أسد الغابة (4/ 315)، الإصابة (6155)، تاريخ دمشق (47/ 264 - 285).

(2)

أخرجه أحمد (3/ 403) وإسناده ضعيف لانقطاعه. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 234): في الصحيح طرف منه من حديث هشام فقط، رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أني لم أجد لشريح بن عبيد بن عياض وهشام سماعاً وإن كان تابعياً.

ص: 337

‌ابن أبي ذئب

‌اسمه ونسبه:

محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري، أبو الحارث المدني.

روى عن: عكرمة وسعيد المقبري ونافع، وخاله الحارث بن عبد الرحمن، والزهري، ومحمد بن المنكدر وجماعة.

روى عنه: سفيان الثوري ومعمر وهما من أقرانه، وابن المبارك ويحيى القطان وشبابة ووكيع وجماعة.

قال أحمد: ثقة صدوق أفضل من مالك بن أنس إلا أن مالكاً أشد تنقية للرجال منه.

وقال ابن معين: ثقة وكل مَنْ روى عنه ابن أبي ذئب ثقة إلا جابراً البياضي.

وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق إلا أن روايته عن الزهري خاصة، تكلم الناس فيها فطعن بعضهم فيها بالاضطراب، وذكر بعضهم أن سماعه منه عرض، والعرض عند جميع مَنْ أدركنا صحيح.

ص: 338

وقال النسائي: ثقة.

وقال علي بن المديني: ثقة.

وقال أبو زرعة: مدني قرشي مخزومي ثقة.

وقال الشافعي: ما فاتني أحد فأسفت عليه ما أسفت على الليث وابن أبي ذئب.

وله ترجمة مطولة في السير (7/ 139 وما بعده) فقد كان قوّالاً للحق.

قال ابن حجر: ثقة فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة 158 أو 159.

رواياته في الصحيحين:

روى له البخاري نحو خمسة وخمسين حديثاً

(1)

منها 28 حديثاً عن سعيد المقبري وستة وعشرين حديثاً عن الزهري، وروى له مسلم أربعة عشر حديثاً

(2)

.

(1)

البخاري منها (119، 134، 144، 247، 321، 359، 610، 697، 762، 843، 866، 868، 870، 887، 978، 979، 1023، 1038، 1123، 1165، 1247، 1319، 1589، 1804، 954، 1977، 2284، 2317، 2427، 2549، 3115، 6098 ..... ، 6293، 6446، 6729، 6770، 6840، 6888).

(2)

ومسلم (1/ 126، 137، 2/ 798، 977، 1137، 1139، 3/ 1237، 1246، 1267، 1286، 1454، 1534، 4/ 1749، 2049).

ص: 339

‌الحديث الأول

(1)

:

685 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (6016): حدثنا عاصم بن علي، حدثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد، عن أبي شريح رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن» قيل: ومَن يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه» .

تابعه شبابة وأسد بن موسى، وقال حميد بن الأسود وعثمان بن عمر وأبو بكر ابن عياش وشبيب بن إسحاق عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد (4/ 31) من طريق حجاج بن محمد، وفي (6/ 385) من طريق يزيد بن هارون، وأبو داود الطيالسي (1437) والطبراني في الكبير (22/ 487) من طريق

(1)

رجال الإسناد:

عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، أبو الحسن التيمي مولاهم، صدوق ربما وهم، من التاسعة، مات سنة 221، روى له البخاري.

سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري، أبو سعيد المدني، ثقة من الثالثة، مات في حدود سنة 120 وقيل قبلها وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

أبو شريح الخزاعي الكعبي اسمه خويلد بن عمرو أو عكسه، وقيل: عبد الرحمن بن عمرو، صحابي نزل المدينة، مات سنة 68 على الصحيح.

ص: 340

آدم بن أبي إياس، والبيهقي في شعب الإيمان (9087)، والطبراني في الكبير (22/ 487) من طريق عاصم بن علي وأسد بن علي، والخلال في العلل (المنتخب 160) من طريق حجاج ويزيد بن هارون، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 42) من طريق حجاج، وعلقه البخاري في صحيحه (6016) من طريق شبابة بن سوار وأسد بن موسى، ووصله ابن حجر في التغليق (90، 91) من طريق شبابة، وأخرجه الذهبي في حق الجار (1/ 113) عن جماعة، وابن البختري (767) من طريق عبد الصمد بن النعمان، والطبراني في مكارم الأخلاق عن أسد بن موسى (كما في عمدة القاري 22/ 109) كلهم عن ابن أبي ذئب به.

هكذا رواه عاصم بن علي، وحجاج بن محمد، وآدم بن أبي إياس، والطيالسي، ويزيد بن هارون، وشبابة بن سوار، وأسد بن موسى، وعبد الصمد، ثمانيتهم عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي شريح.

خالفهم ثلاثة عشر راوياً فرووه عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فجعلوه من مسند أبي هريرة، وهم:

عبد الله بن وهب

(1)

، وروح بن عبادة

(2)

، وإسماعيل بن عمر الواسطي

(3)

، وعثمان بن عمر

(4)

، وحميد بن الأسود

(5)

، وأبو بكر ابن

(1)

المروزي في تعظيم الصلاة (622) والحاكم (4/ 165).

(2)

أحمد (4/ 31) ومن طريقه الخلال في علله (المنتخب 160) وذكره الدارقطني في التتبع ص 186، والعلل (8/ 160).

(3)

أحمد (2/ 288).

(4)

أحمد (2/ 336) والخلال في العلل (160).

(5)

ذكره البخاري تعليقاً عقب الحديث (6016).

ص: 341

عياش

(1)

، وشعيب بن إسحاق

(2)

، وإسماعيل بن أبي أويس

(3)

، وعبد الحميد بن سليمان

(4)

، وابن أبي فديك

(5)

، ومعن بن عيسى

(6)

، وأبو عامر العقدي

(7)

، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي

(8)

.

وجلّ هؤلاء ثقات فالاختلاف من ابن أبي ذئب نفسه فكأنه مرة يجعله من مسند أبي شريح ومرة أخرى يجعله من مسند أبي هريرة.

وذكر الإمام أحمد والدارقطني أن ابن أبي ذئب حدّث بالمدينة فقال: أبو هريرة، وحدّث في بغداد فقال: أبو شريح.

ولا شك أن حديثه في بلده أصح لأنه يحدّث في حضور كتبه وأصوله لذا صحح الدارقطني حديثه عن أبي هريرة فقال:

يرويه جماعة من العراقيين عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي شريح.

ورواه جماعة ممن سمعه من ابن أبي ذئب بالمدينة عن المقبري عن أبي هريرة، وحديث أبي هريرة أشبه بالصواب

(9)

.

(1)

علقه البخاري (6016) وابن أبي حاتم في العلل (2203).

(2)

البخاري تعليقاً (6016).

(3)

الحاكم (1/ 10).

(4)

الحسن بن سفيان في الأربعين (6).

(5)

الحسن بن سفيان في الأربعين (6) والإسماعيلي في مستخرجه كما في الفتح (10/ 44) والخطيب في الموضح (2/ 250).

(6)

الإسماعيلي في مستخرجه كما في الفتح (10/ 444) والدارقطني في العلل (8/ 160) تعليقاً.

(7)

المصدر السابق.

(8)

عزاه الحافظ إلى الحاكم.

(9)

العلل (7/ 38).

ص: 342

وقال أيضاً: حدّث به ابن أبي ذئب مرة عن أبي شريح الخزاعي وهو عن أبي هريرة محفوظاً

(1)

.

وذكر الإمام أحمد الاختلاف ولم يرجح في رواية مهنا، وذكر ابن أبي حاتم عنه صحة الطريقين، وذكر الحافظ أن صنيع البخاري يقتضي تصحيح الوجهين وقال: وإن كانت الرواية عن أبي شريح أصح كما سيأتي، وقال أبو حاتم: يحتمل أن يكونا جميعاً صحيحين.

قال مهنا: سألت أحمد عن حديث ابن أبي ذئب: هو خطأ عنهما؟ قال: لا أدري، ولكن مَنْ روى عنه بالمدينة يقول: عن ابن أبي ذئب عن أبي هريرة، ومَن سمع ببغداد قال: عن أبي شريح

(2)

.

ونقل الحافظ عن أبي معين الرازي عن أحمد مثل ذلك ثم قال شارحاً: ومصداق ذلك أن ابن وهب وعبد العزيز الدراوردي وأبا عمرو العقدي وإسماعيل بن أبي أويس وابن أبي فديك ومعن بن عيسى إنما سمعوا من ابن أبي ذئب بالمدينة وقد قالوا كلهم فيه: عن أبي هريرة، وقد أخرجه الحاكم من رواية ابن وهب ومن رواية إسماعيل ومن رواية الدراوردي، وأخرجه الإسماعيلي من رواية معن والعقدي وابن أبي فديك، وأما حميد بن الأسود وأبو بكر ابن عياش اللذان علقه البخاري من طريقهما فهما كوفيان وسماعهما من ابن أبي ذئب بالمدينة لما

(1)

العلل (8/ 160).

(2)

علل الخلال (247 المنتخب).

ص: 343

حجا، وأما عثمان بن عمر فهو بصري، وقد أخرج أحمد الحديث عنه كذلك. وأما شعيب بن إسحاق فهو شامي وسماعه من ابن أبي ذئب أيضاً بالمدينة.

وقد أخرجه أحمد أيضاً عن إسماعيل بن عمر فقال: عن أبي هريرة وإسماعيل واسطي.

وممن سمعه ببغداد من ابن أبي ذئب يزيد بن هارون وأبو داود الطيالسي وحجاج بن محمد وروح بن عبادة وآدم بن أبي إياس وقد قالوا كلهم: عن أبي شريح وهو في مسند الطيالسي كذلك، وعند الإسماعيلي من رواية يزيد، وعند الطبراني من رواية آدم، وعند أحمد من رواية حجاج وروح بن عبادة، ويزيد واسطي سكن بغداد، وأبو داود وروح بصريان، وحجاج بن محمد مصيصي وآدم عسقلاني، وكانوا كلهم يقدمون بغداد ويطلبون بها الحديث، وإذا تقرر ذلك فالأكثر قالوا فيه:(عن أبي هريرة) فكان ينبغي ترجيحهم، ويؤيده أن الراوي إذا حدّث في بلده كان أتقن لما يحدّث به في حال سفره، ولكن عارض ذلك أن سعيداً المقبري مشهور بالرواية عن أبي هريرة فمَن قال: عنه (عن أبي هريرة) سلك الجادة فكانت مع مَنْ قال عنه: (عن أبي شريح) زيادة علم ليست عند الآخرين، وأيضاً فقد وجد معنى الحديث من رواية الليث عن سعيد المقبري عن أبي شريح كما سيأتي بعد باب فكانت فيه تقوية لمَن رواه عن ابن أبي ذئب فقال فيه:(عن أبي شريح)، ومع ذلك فصنيع البخاري يقتضي تصحيح الوجهين، وإن كانت الرواية عن أبي شريح أصح

(1)

.

(1)

فتح الباري (10/ 443 - 444).

ص: 344

قلت: والذي يظهر لي والله أعلم أن رواية مَنْ قال: (عن أبي هريرة) هي الصواب وذلك لما يلي:

1 الذين قالوا فيه (عن أبي شريح) إنما سمعوه من ابن أبي ذئب وهو يحدّث في بغداد بخلاف مَنْ قال فيه: (عن أبي هريرة) وهم أهل بلده أو ممن سمع منه في المدينة كما قرر الحافظ فيما تقدم، ومن المعلوم أن حديثه في بلده أصح لأنه يحدّث في حضور كتبه وأصوله.

ثم إن في حديث أهل العراق عن ابن أبي ذئب كلاماً.

قال الإمام مسلم في حديث اختلف فيه على ابن أبي ذئب: («فأما ابن أبي ذئب فلم يذكر ابن أبي فديك السعاية عنه في خبره وهو سماع الحجازيين فلعل ابن أبي بكير

(1)

حين ذكر عنه السعاية كان قد لقن اللفظ لأن سماعه عن ابن أبي ذئب بالعراق فيما نرى، وفي حديث العراقيين عنه وهم كثير)

(2)

، وقد سبق كلام الدارقطني أن العراقيين هم الذين يقولون:(أبي شريح).

2 روى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة مَنْ لا يأمن جاره بوائقه»

(3)

.

وروى عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن عبيد الله قال: سمعت

(1)

يحيى بن أبي بكير الكرماني، كوفي الأصل نزيل بغداد.

(2)

التمييز ص 191 وشرح علل الترمذي (2/ 780).

(3)

مسلم (46)(73).

ص: 345

أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه»

(1)

.

أما قول الحافظ: (فمَن قال: عنه عن أبي هريرة سلك الجادة) هذا إذا كان الخلاف منهم، أما والخلاف هو من ابن أبي ذئب فليس الأمر كما قال.

أما تصحيح الوجهين ففيه نظر لأن ابن أبي ذئب لم يجمعهما ولو مرة واحدة مع أن الذين رووه عنه أكثر من عشرين راوياً، ولم يروِ عنه أهل المدينة الوجه الآخر.

‌علة الوهم:

روى سعيد المقبري عن أبي شريح رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته» قيل: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: «يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه»

(2)

.

فمن هنا والله أعلم دخل الوهم على ابن أبي ذئب فإن في حديث أبي شريح هذا أيضاً حق الجار وكلاهما يرويه عن شيخه سعيد المقبري، والله تعالى أعلم.

‌الخلاصة:

اختلف في هذا الحديث على ابن أبي ذئب، فرواه أهل العراق

(1)

ابن المبارك في الزهد (702) والبر والصلة (220) والزهد لابن السري (1033).

(2)

البخاري (6019) ومسلم (48).

ص: 346

عنه فقالوا: (عن أبي شريح) وكذلك مَنْ سمع منه في العراق، ورواه عنه أهل المدينة وقالوا:(عن أبي هريرة) وهذا رواية أكثر أصحابه عنه، ورجح بعض أهل العلم الوجه الأول ورجح بعضهم الوجه الثاني ورأى بعضهم احتمال تصحيح الوجهين.

والإمام البخاري ذكر الأول موصولاً والثاني تعليقاً، وجهالة اسم الصحابي أو الاختلاف فيه لا يضر الحديث شيئاً فالصحابة كلهم عدول، والله تعالى أعلم.

ص: 347

‌الحديث الثاني

(1)

:

686 -

قال الإمام أحمد (1/ 193): حدثنا حجاج ويزيد المعنى، قالا: أخبرنا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة:

أن عبد الرحمن بن عوف أخبر عمر بن الخطاب وهو يسير في طريق الشام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إن هذا السَّقَمَ عُذِّب به الأمم قبلكم فإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوها عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه» .

قال: فرجع عمر بن الخطاب من الشام.

‌التعليق:

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

(1)

رجال الإسناد:

حجاج بن محمد المصيصي الأعور، أبو محمد، ترمذي الأصل، نزل بغداد ثم المصيصة، ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات ببغداد سنة 206، روى له البخاري ومسلم.

يزيد بن هارون بن زاذان السلمي مولاهم، أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة 206 وقد قارب التسعين، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: تقدم.

سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أحد الفقهاء السبعة، كان ثبتاً عابداً فاضلاً، من كبار الثالثة، مات في آخر سنة 106 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي، أبو محمد المدني، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبة، مشهور، مات سنة بضع وثمانين، روى له البخاري ومسلم.

ص: 348

وأخرجه الطبراني في الكبير (267) من طريق عاصم بن علي، وابن حبان (2918) من طريق يزيد بن هارون كلاهما عن ابن أبي ذئب بهذا الإسناد.

هكذا قال ابن أبي ذئب: (عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة .. ).

خالفه مالك فقال: (عن الزهري، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة .. )

(1)

.

وعن الزهري، عن سالم بن عبد الله أن عمر إنما انصرف .. )

(2)

.

ومن هذا الوجه أخرجه الشيخان في الصحيح.

ورواه بشر بن عمر عن مالك عن الزهري عن سالم وعبد الله بن عامر

(3)

به. وكذلك رواه محمد بن إسحاق

(4)

ويونس بن يزيد

(5)

عن الزهري عن عبد الله بن عامر بن ربيعة وسالم بن عبد الله به.

وهم ابن أبي ذئب فجعله من رواية سالم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، والصحيح أن الزهري رواه عن سالم وعبد الله بن عامر جميعاً لا أنّ سالماً رواه عن عبد الله بن عامر.

(1)

البخاري (5730) و (6973) ومسلم (2219)(100) وهو في الموطأ لمالك (2/ 896 ح رقم 24) باب ما جاء في الطاعون.

(2)

البخاري (6973) ومسلم (2219)(100) وهو في الموطأ ح رقم 25.

(3)

ذكره الدارقطني في العلل (4/ 255) والحافظ في الفتح (10/ 186) وعزاه إلى الدارقطني في غرائب مالك.

(4)

أخرجه البرتي في مسند عبد الرحمن بن عوف (178/ 1).

(5)

ذكره الدارقطني في العلل (4/ 255).

ص: 349

وقد ذكر العقيلي هذه الرواية وقال: هذا وهم وغلط

(1)

.

وقال ابن عبد البر: «وقد وهم في هذا الحديث ابن أبي ذئب فرواه عن ابن شهاب عن سالم عن عبد الله بن ربيعة ولم يتابع عليه.

وإنما هو عن ابن شهاب عن سالم وعبد الله بن عامر جميعاً، لا أن سالماً رواه عن عبد الله بن عامر بن ربيعة.

وقول ابن أبي ذئب ذلك وهم وغلط إن صح ذلك عن ابن أبي ذئب، وقد جوَّد مالك لفظ حديثَيْ ابن شهاب جميعاً عن سالم وعن عبد الله بن عامر»

(2)

.

وقال الحافظ: ورواية سالم هذه منقطعة لأنه لم يدرك القصة ولا جده عمر ولا عبد الرحمن بن عوف، وقد رواه ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سالم فقال: عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عبد الرحمن أخبر عمر

الحديث.

أخرجه الطبراني، فإن كان محفوظاً فيكون ابن شهاب سمع أصل الحديث من عبد الله بن عامر وبعضه من سالم عنه، واختصر مالك الواسطة بين سالم وعبد الرحمن والله أعلم»

(3)

.

(1)

الضعفاء (4/ 402).

(2)

التمهيد (10/ 66).

(3)

فتح الباري (10/ 186).

ص: 350

‌الحديث الثالث

(1)

:

687 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 242): حدثنا حجاج، أخبرنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري، عن رجل من بني سالم، عن أبيه، عن جده، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«لا يتطهر رجل في بيته ثم يخرج لا يريد إلا الصلاة إلا كان في صلاة حتى يقضي صلاته، ولا يخالف أحدكم بين أصابع يديه في الصلاة» .

‌التعليق:

وهذا إسناد وهم فيه ابن أبي ذئب.

أخرجه الطيالسي في مسنده (1159 ط. التركي)، وابن خزيمة في صحيحه (443) ومن طريقه البيهقي (3/ 230) من طريق ابن أبي فديك ثلاثتهم: حجاج وأبو داود الطيالسي وابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب به.

وعند الطيالسي (مولى لبني سالم) بدلاً عن رجل من بني سالم.

والصحيح هو كما رواه أنس بن عياض

(2)

، وعبد العزيز بن

(1)

رجال الإسناد:

حجاج بن محمد المصيصي الأعور: تقدم.

سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري، أبو سعد المدني، ثقة، من الثالثة، تغير قبل موته بأربع سنين، مات في حدود سنة 120، روى له البخاري ومسلم.

(2)

ابن خزيمة (442) والطبراني في الكبير (19/ 333) والطحاوي في شرح المشكل (5564).

ص: 351

محمد

(1)

، وعيسى بن يونس

(2)

، فقالوا:(عن سعد بن إسحاق، عن أبي سعيد المقبري، عن أبي ثمامة، عن كعب بن عجرة).

وكذلك رواه داود بن قيس

(3)

عن سعد بن إسحاق إلا أنه أسقط أبا سعيد المقبري.

فقال ابن خزيمة في صحيحه (1/ 228): (يشبه أن يكون الصحيح ما رواه أنس بن عياض، لأن داود بن قيس أسقط من الإسناد أبا سعيد المقبري، فقال: عن سعد بن إسحاق عن أبي ثمامة.

وابن أبي ذئب قد بيّن أن المقبري سعيد بن أبي سعيد إنما رواه عن رجل من بني سالم وهو عندي سعد بن إسحاق، إلا أنه غلط على سعد بن إسحاق فقال: عن أبيه عن جده كعب.

وداود بن قيس وأنس بن عياض جميعاً قد اتفقا على أن الخبر إنما هو عن أبي ثمامة. اه.

وقد اختلف في هذا الحديث اختلافاً شديداً على سعيد المقبري ولذلك ضعفه بعضهم كما أشار الحافظ في الفتح (1/ 566).

وصححه البعض لشواهده، وممن صححه ابن خزيمة، وقال المنذري في الترغيب: رواه أحمد وأبو داود بسند جيد، وكذا صححه الألباني في تحقيقه لسنن أبي داود (3/ 93 - 97) ومحققو المسند (3/ 28) والله أعلم.

(1)

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5565).

(2)

ذكره البيهقي تعليقاً (3/ 230).

(3)

أبو داود (562) وأحمد (4/ 241) وابن خزيمة (441) وعبد بن حميد (369) وابن حبان (2036) والطبراني في الكبير (19)(332).

ص: 352

‌الحديث الرابع

(1)

:

688 -

قال الإمام النسائي في الكبرى (9280): أخبرنا الحسين بن عيسى قال: نا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب، عن محمد بن زيد بن قنفذ عن سالم بن عبد الله:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«إن كان في شيء ففي المسكن والمرأة والفرس والسيف» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد بن زيد من رجال مسلم.

وهم ابن أبي ذئب فيه في موضعين: في إسناده وفي متنه.

هكذا قال ابن أبي ذئب: (عن الزهري، عن محمد بن زيد بن قنفذ، عن سالم بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

رجال الإسناد:

حسين بن عيسى بن حمدان الطائي، أبو علي البسطامي القوسي، نزيل نيسابور، صدوق صاحب حديث، من العاشرة، مات سنة 247، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك الديلي مولاهم المدني، صدوق، من صغار الثامنة، مات سنة 200 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

ابن شهاب: الزهري: تقدم.

محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمي المدني، ثقة من الخامسة، روى له مسلم.

ص: 353

خالفه شعيب بن أبي حمزة

(1)

، ومالك

(2)

، ويونس بن يزيد

(3)

، وسفيان بن عيينة

(4)

، وصالح بن كيسان

(5)

، وعقيل بن خالد

(6)

، وعبد الرحمن بن إسحاق

(7)

، ومعمر

(8)

، وأبو أويس

(9)

، وموسى بن عقبة

(10)

وغيرهم، فقالوا:(عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر) وقرن بعضهم حمزة مع سالم.

زاد ابن أبي ذئب في الإسناد محمد بن زيد بن قنفذ وأسقط عبد الله بن عمر فرواه مرسلاً.

أما في المتن: فزيادة (السيف)، ورواية الجماعة الزهري قالوا: الشؤم في ثلاثة: في المرأة والفرس والدار ولم يذكر أحد منهم السيف.

وكذلك الاختصار المخل، فلا يُدرى ما هو الشيء.

قال الحافظ: صرّح شعيب عن الزهري بإخبار سالم له، وشذّ ابن أبي ذئب فأدخل بين الزهري وسالم محمد بن زيد بن قنفذ

(11)

.

(1)

البخاري (2858) ومسلم (2225).

(2)

البخاري (5093) ومسلم (2225) والنسائي (6/ 220) وفي الكبرى (9276).

(3)

البخاري (5753) ومسلم (2225) والنسائي (9277).

(4)

مسلم (2225) والنسائي (6/ 220) وفي الكبرى (4409).

(5)

مسلم (2225).

(6)

مسلم (2225).

(7)

مسلم (2225).

(8)

عبد الرزاق (19527) وأحمد (2/ 36).

(9)

أحمد (2/ 115) و (2/ 136) والنسائي (9282).

(10)

النسائي في الكبرى (9284).

(11)

فتح الباري (6/ 60).

ص: 354

لذا قال النسائي عقب الحديث: خالفه شعيب بن أبي حمزة ومعمر وسفيان.

‌علة الوهم:

جاء ذكر السيف في حديث آخر رواه الزهري عن سالم عن أبيه ثم أعقبه بحديثه عن أم سلمة فذكره.

فقد روى عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار» .

قال الزهري: فحدثني أبو عبيدة ابن عبد الله بن زمعة أن جدته زينب حدثته عن أم سلمة أنها كانت تعد هؤلاء الثلاثة وتزيد معهن السيف

(1)

.

ورواه معمر عن الزهري وفيه قال: وقالت أم سلمة: والسيف

(2)

.

(1)

أخرجه ابن ماجه (1995) عن يحيى بن خلف أبي سلمة، عن بشر بن المفضل به.

قال في مصباح الزجاجة (2/ 120): هذا إسناد صحيح على شرط مسلم فقد احتج بجميع رواته، ورواه الشيخان من حديث أم سلمة فلم يذكرا فيه السيف.

(2)

عبد الرزاق (19527).

ص: 355

‌الحديث الخامس

(1)

:

689 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 430): حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن نوفل بن معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«من فاتته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الشافعي (1/ 28) والطيالسي (1237) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (953) و (954) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (8/ 218) وابن حبان (1468) وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 154) والبيهقي (1/ 445) وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 389) من طريق (ابن أبي فديك، وعثمان بن عمر، وعبد الله بن موسى بن إبراهيم) عن ابن أبي ذئب به.

وهم ابن أبي ذئب في الإسناد والمتن.

(1)

رجال الإسناد:

عبد الملك بن عمرو القيسي، أبو عامر العقدي، ثقة من التاسعة، مات سنة 204 أو 205، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: تقدم.

أبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني، ثقة فقيه عابد، من الثالثة، مات قبل المائة سنة 94 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.

نوفل بن معاوية بن عروة بن صخر الديلمي، صحابي من مسلمة الفتح، عاش إلى خلافة يزيد، وعُمِّر 120 سنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 356

أولاً: في الإسناد:

هكذا قال ابن أبي ذئب: (عن الزهري، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن، عن نوفل بن معاوية).

خالفه صالح بن كيسان

(1)

، وعبد الرحمن بن إسحاق

(2)

فقالا: (عن الزهري، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن مطيع

(3)

، عن نوفل بن معاوية).

أسقط ابن أبي ذئب (عبد الرحمن بن مطيع) وهو ابن أخت نوفل بن معاوية من الإسناد.

ثانياً: في المتن:

وخالفهم ابن أبي ذئب في المتن حيث قالوا: (من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله) والصلاة هي صلاة العصر كما رواه عراك بن مالك عن نوفل بن معاوية

(4)

، وله شاهد من حديث بريدة

(5)

، ومن حديث ابن عمر

(6)

.

وحديث ابن أبي ذئب عام في كل صلاة، والله تعالى أعلم.

(1)

البخاري (3602) ومسلم (2886).

(2)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (955) وابن قانع في معجم الصحابة (3/ 154) والبيهقي في شعب الإيمان (2843) والمزي في تهذيب الكمال (17/ 408).

(3)

عبد الرحمن بن مطيع بن الأسود بن حارثة العدوي المدني، يقال: له صحبة، وذكره أبو نعيم في التابعين، روى له البخاري ومسلم.

(4)

النسائي (1/ 237) وابن أبي شيبة (1/ 242) وابن قانع (3/ 155).

(5)

البخاري (553).

(6)

مسلم (626).

ص: 357

‌الحديث السادس

(1)

:

690 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (1/ 164): حدثنا يزيد، أخبرنا ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال:

كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف فنبتدر في الآجام

(2)

فلا نجد إلا قدر موضع أقدامنا.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير مسلم بن جندب وهو تابعي ثقة ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدينة، وابن حبان في الثقات. وقال العجلي: مدني تابعي ثقة.

وأخرجه أبو يعلى (680) والشاشي (52) والضياء في المختارة (886) من طريق يزيد بن هارون.

وأخرجه أبو داود الطيالسي (188) ومن طريقه ابن خزيمة (1840) والحاكم (1/ 291) والبيهقي (3/ 191) عن ابن أبي ذئب، والدارمي (1545) من طريق عبيد الله بن موسى، والبيهقي (3/ 191) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، والضياء في المختارة (304) من طريق عمرو بن الهيثم بن قطن (أبو قطن) كلهم عن ابن أبي ذئب بهذا الإسناد.

(1)

رجال الإسناد:

يزيد بن هارون السلمي الواسطي، ثقة متقن عابد. انظر ترجمته في بابه.

مسلم بن جندب الهذلي المدني القاضي، ثقة فصيح قاراء، من الثالثة، مات سنة 106، روى له الترمذي والبخاري في خلق أفعال العباد.

(2)

الآجام: الأبنية المرتفعة.

ص: 358

خالف هؤلاء يحيى بن آدم

(1)

فرواه عن ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب، عمّن حدثه عن الزبير.

ورواية يحيى بن آدم أصح فإن مسلم بن جندب لا يعلم له سماع من الزبير فالزبير قديم الوفاة إذ توفي عام 36 في رجب وتوفي مسلم بن جندب عام 106 بينهما سبعون عاماً.

قال ابن خزيمة: مسلم هذا لا أدري أسمع من الزبير أم لا

(2)

؟

قال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه وفيه رجل لم يسم

(3)

.

قال الشيخ أحمد شاكر: إسناده ضعيف لانقطاعه، مسلم بن جندب تابعي ثقة لكنه لم يدرك الزبير

(4)

.

‌أثر الوهم:

أخرج الحديث الحاكم في مستدركه من طريق الطيالسي وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي، والصحيح أن في إسناده مجهولاً كما تقدم.

‌الخلاصة:

روى هذا الحديث عن ابن أبي ذئب ستة من الحفاظ، فرواه خمسة منهم عن ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن الزبير، وهذا إسناد ظاهره الصحة فإن مسلم بن جندب تابعي روى عن غير واحد

(1)

أحمد (1/ 167).

(2)

في صحيحه (3/ 170).

(3)

مجمع الزوائد (2/ 186).

(4)

مسند الإمام أحمد (3/ 6 ح 1411).

ص: 359

من الصحابة منهم حكيم بن حزام المتوفى عام 54 أو بعدها، وحبيب الهذلي المتوفى سنة 42، وعبد الله بن ساعدة بن عائش الأنصاري المتوفى سنة 100، وابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم أجمعين.

ورواه عنه يحيى بن آدم عن مسلم عن رجل عن الزبير وروايته أصح من رواية الجماعة، والحمل في هذا على ابن أبي ذئب فكلهم ثقات حفّاظ، والله تعالى أعلم.

ص: 360

‌الحديث السابع

(1)

:

691 -

قال ابن ماجه رحمه الله (800): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا شبابة، ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري، عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أبو داود الطيالسي (2334) عن ابن أبي ذئب به، وأخرجه أحمد (2/ 328) و (2/ 453) وابن الجعد (2838) وابن خزيمة (1503) وابن حبان (1607) و (2278) والحاكم (1/ 213) من طرق عن ابن أبي ذئب بهذا الإسناد.

هكذا قال ابن أبي ذئب: (عن المقبري، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة).

(1)

رجال الإسناد:

أبو بكر ابن أبي شيبة: ثقة حافظ صاحب تصانيف (انظر ترجمته في بابه).

شبابة بن سوار المدائني، أصله من خراسان، ثقة حافظ رمي بالإرجاء، من التاسعة، مات سنة 204 أو نحو 205، روى له البخاري ومسلم.

سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري، أبو سعد المدني، ثقة من الثالثة، تغير قبل موته بأربع سنين، مات في حدود سنة 120 أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.

سعيد بن يسار أبو الحباب المدني، ثقة متقن، من الثالثة، مات سنة 117 وقيل: قبلها بسنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 361

خالفه الليث بن سعد

(1)

فقال: (عن المقبري، عن أبي عبيدة، عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة).

أسقط ابن أبي ذئب أبا عبيدة من الإسناد، وقد رجح الدارقطني حديث الليث

(2)

.

وسيأتي الحديث في باب محمد بن عجلان فقد تابع ابن أبي ذئب، انظر ح (1286).

ولعل الوهم من المقبري فقد رواه عنه أهل بلده (ابن أبي ذئب، وابن عجلان) بدون ذكر أبي عبيدة، ورواه عنه الليث بن سعد وهو مصري بزيادة أبي عبيدة وهو رجل مجهول، والله تعالى أعلم.

وقال الحاكم عقب الحديث: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد خالف الليث بن سعد ابن أبي ذئب فرواه عن المقبري، عن أبي عبيدة، عن سعيد بن يسار.

(1)

أحمد (2/ 307)(2/ 340)(2/ 453) وابن خزيمة (1491) والحارث في مسنده (127 زوائد الهيثمي).

(2)

العلل (11/ 8 رقم 2086) وقال: زاد في الإسناد رجلاً مجهولاً.

ص: 362

‌الحديث الثامن

(1)

:

692 -

قال ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 218 رقم 338 مسند عمر): حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم القرشي، حدثنا ابن أبي فديك، حدثني ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد:

أنه قال لعبد الله بن عمر: إنا نجد في كتاب الله عز وجل قصر صلاة الخوف ولا نجد قصر صلاة السفر؟

فقال عبد الله: إنا وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يعمل عملاً عملنا به.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير أمية هو تابعي ثقة وقد تقدم في باب عبد الله بن وهب.

هكذا قال ابن أبي ذئب: (عن الزهري، عن أمية بن عبد الله، عن ابن عمر).

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين، أبو عبد الله المصري، صاحب الشافعي. قال ابن أبي حاتم: روى عنه أبي وكتبت عنه وهو صدوق ثقة أحد فقهاء مصر. وقال النسائي: صدوق لا بأس به. وقال مرة: ثقة وبنو عبد الحكم كلهم ثقات. الجرح والتعديل (7/ 300) تاريخ دمشق (53/ 355) وما بعده.

محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك الديلي المدني، صدوق، من صغار الثامنة، مات سنة 200 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

ابن شهاب الزهري: تقدم.

أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد المكي، ثقة من الثالثة، مات سنة 87، روى له النسائي وابن ماجه.

ص: 363

خالفه الليث بن سعد

(1)

، ومعمر

(2)

، ويونس بن يزيد في أصح الروايتين

(3)

، وفليح بن سليمان

(4)

، وعقيل بن خالد

(5)

، ومحمد بن راشد

(6)

فقالوا: (الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أمية بن عبد الله عن ابن عمر).

أسقط ابن أبي ذئب عبد الله بن أبي بكر من الإسناد.

وقد سبق في باب الإمام مالك بن أنس ح (156) إذ إنه كذلك أسقط عبد الله بن أبي بكر من الإسناد، وفي باب عبد الله بن وهب ح (924) إذ رواه عن يونس بن يزيد فاختلط عليه شيخ الزهري في هذا الحديث فقال: عبد الملك بن أبي بكر بدلاً من عبد الله بن أبي بكر فانظره لزاماً.

(1)

النسائي (3/ 117) وفي الكبرى (1892) وابن ماجه (1066) وأحمد (2/ 94) وابن خزيمة (946) وابن حبان (1451) و (3735) والحاكم (1/ 258) وابن عبد البر في التمهيد (11/ 163) وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 289).

(2)

عبد الرزاق (4276) وأحمد (2/ 148) والهروي في ذم الكلام (2/ 162).

(3)

البخاري في التاريخ الكبير (5/ 55) تعليقاً، والهروي في ذم الكلام (2/ 162) وابن عبد البر في التمهيد (11/ 163) وابن عساكر (9/ 89).

(4)

البخاري في التاريخ الكبير (5/ 57) تعليقاً، والدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (6) تعليقاً.

(5)

الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك (6) تعليقاً.

(6)

ابن عساكر (1/ 289).

ص: 364

‌محمد بن مطرف

‌اسمه ونسبه:

محمد بن مطرِّف بن داود بن مطرف بن عبد الله بن سارية الليثي، أبو غسان المدني، ويقال: محمد بن طريف، والأول أصح، يقال: إنه مولى عمر بن الخطاب، قدم بغداد وحدّث بها ونزل عسقلان الشام.

روى عن: زيد بن أسلم، وأبي حازم سلمة بن دينار، ومحمد بن المنكدر، وسهيل بن أبي صالح، وابن عجلان، وغيرهم.

روى عنه: سفيان الثوري وهو من أقرانه، وإبراهيم بن أبي عبلة وهو أكبر منه، وابن المبارك، وابن وهب، والوليد بن مسلم وجماعة.

وثقه يزيد بن هارون وأحمد بن حنبل وأثنى عليه، ويحيى بن معين، وزاد شيخ ثبت، والجوزجاني ويعقوب بن شيبة، وأبو حاتم وغيرهم.

وقال أبو داود والنسائي وأبو حاتم مرة: ليس به بأس.

وقال علي بن المديني: كان شيخاً وسطاً صالحاً.

وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يغرب.

قال ابن حجر: ثقة من السابعة، مات بعد سنة 160.

ص: 365

روى له البخاري سبعة وعشرين حديثاً

(1)

أكثرها من روايته عن سعيد بن أبي مريم عن أبي حازم سلمة بن دينار، ورى له مسلم ثمانية أحاديث

(2)

.

(1)

البخاري (631، 896، 898، 1818، 1907، 2224، 2430، 2544، 3084، 3269، 4241، 4829، 4887، 5094، 5128، 5314، 5653، 6575، 5689، 5838، 6128، 6138، 6177، 6212، 6233، 6337، 6903).

(2)

ومسلم (669، 1509، 1790، 2007، 2141، 1091، 2669، 2754).

ص: 366

‌الحديث

(1)

:

693 -

قال الإمام أحمد (6/ 71): حدثنا حسين، ثنا محمد بن مطرف عن أبي حازم، عن عروة بن الزبير أنه سمع عائشة رضي الله عنها تقول:

كان يمر بنا هلال وهلال ما يوقد في بيت من بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار.

قال: قلت: يا خالة فعلى أي شيء كنتم تعيشون؟

قالت: على الأسودين

(2)

: التمر والماء.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

ورواه أيضاً الإمام أحمد (6/ 86) ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (9939) عن علي بن عياش وحسين بن محمد، والطبراني في الأوسط (1589) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (858) وأبو نعيم في

(1)

رجال الإسناد:

حسين بن محمد بن بهرام التميمي، أبو أحمد أو أبو علي المروذي، نزيل بغداد، ثقة، من التاسعة، مات سنة 213 أو نحوها، روى له البخاري ومسلم.

سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج التمار المدني القاضي، مولى الأسود بن سفيان، ثقة عابد، من الخامسة، مات في خلافة المنصور، روى له البخاري ومسلم.

عروة بن الزبير بن العوام، ثقة فقيه مشهور (تقدم مراراً).

(2)

قال أبو عبيد القاسم بن سلام: إنما السواد للتمر خاصة دون الماء، فنعتهما جميعاً بنعت أحدهما، وكذلك تفعل العرب في الشيئين يكون أحدهما مضموماً مع الآخر، ولهذا قال الناس العمرين وإنما هي أبو بكر وعمر.

غريب الحديث (4/ 318).

ص: 367

الحلية (3/ 257) من طريق علي بن الجعد، كلاهما علي بن الجعد وعلي بن عياش تابعا حسين بن محمد فروياه عن محمد بن مطرف بهذا الإسناد.

هكذا رواه محمد بن مطرف فقال: (عن أبي حازم، عن عروة بن الزبير، عن عائشة).

خالفه عبد العزيز بن أبي حازم

(1)

، وهشام بن سعد

(2)

، وإسماعيل بن جعفر

(3)

فقالوا: (عن أبي حازم، عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة).

ذكروا يزيد بن رومان بين أبي حازم وعروة وأسقطه محمد بن مطرف.

ورواية عبد العزيز بن أبي حازم

(4)

عن أبيه لوحدها مقدّمة على رواية محمد بن مطرف لأنه أعرف بحديث أبيه في الجملة، فكيف وقد تابعه غيره عليها

(5)

، لذ اختار الشيخان روايته عن أبيه في هذا الحديث، إضافة إلى ذلك ليس لأبيه أبي حازم رواية، عن عروة مباشرة، والله أعلم.

(1)

البخاري (2567) و (6459) ومسلم (2972)(28).

(2)

عبد بن حميد في المنتخب (1510) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (859) وتمام الرازي في الفوائد (1025) وابن جرير في تهذيب الآثار (1018 مسند عمر).

(3)

الخطيب في تاريخ بغداد (7/ 327).

(4)

عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار المدني، صدوق فقيه، من الثامنة، روى له البخاري ومسلم.

(5)

هشام بن سعد المدني، صدوق له أوهام ورمي بالتشيع، من كبار السابعة، مات سنة 160 أو قبلها، روى له مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.

وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري الزرقي، ثقة ثبت، مات سنة 180، روى له البخاري ومسلم.

ص: 368

‌أبو حمزة السكري

‌اسمه ونسبه:

محمد بن ميمون المروزي، عالم مرو.

روى عن: زياد بن علاقة، وعبد العزيز بن رفيع، وأبي إسحاق، والأعمش، ومنصور، وجماعة.

روى عنه: ابن المبارك، وأبو تميلة، والفضل الشيباني وآخرون، خاتمتهم نعيم بن حماد.

وثقه ابن معين والترمذي

(1)

والنسائي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات.

وقال ابن المبارك: صحيح الكتاب، وقال أيضاً: صاحب حديث.

قال أحمد: مَنْ سمع من أبي حمزة السكري قبل أن يذهب بصره فهو صالح

(2)

.

ونقل الذهبي عن أبي حاتم قوله: لا يحتج به

(3)

.

(1)

في سننه (3/ 646).

(2)

سؤالات أبي داود للإمام أحمد (561).

(3)

ميزان الاعتدال (8245).

ص: 369

وقال ابن عبد البر: ليس بالقوي.

قال الذهبي: صدوق إمام مشهور.

وقال ابن حجر: ثقة فاضل، من السابعة، مات سنة 167 أو 168.

روى له البخاري سبعة وعشرين حديثاً كلها عن الأعمش إلّا حديثين أحدهما عن عاصم والآخر عن عثمان بن موهب، وكلها من رواية البخاري عن شيخه عبدان واسمه عبد الله بن عثمان عن أبي حمزة

(1)

، وروى له مسلم حديثاً واحداً

(2)

.

(1)

البخاري (272، 447، 1806، 2229، 2895، 2942، 3010، 3108، 3366، 3656، 3839، 4130، 4227، 4543، 4710، 4883، 5324، 5933، 5966، 6056، 6231، 6690، 6786، 6878، 6943، 6969، 6982).

(2)

مسلم (2938).

ص: 370

‌الحديث الأول

(1)

:

694 -

قال الإمام الترمذي رحمه الله (1371): حدثنا يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، عن أبي حمزة السكري، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الشريك شفيع والشفعة في كل شيء» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 125) والدارقطني (4/ 222) وإسحاق بن راهويه (نصب الراية 4/ 177) والبيهقي (6/ 109) من طريق الفضل بن موسى، وأخرجه الطبراني في الكبير (11244) والبيهقي (6/ 109) من طريق نُعيم بن حماد كلاهما عن أبي حمزة به.

(1)

رجال الإسناد:

يوسف بن عيسى بن دينار الزهري، أبو يعقوب المروزي، ثقة فاضل، من العاشرة، مات سنة 249، روى له البخاري ومسلم.

الفضل بن موسى الشيباني، أبو عبد الله المروزي، ثقة ثبت وربما أغرب، من كبار التاسعة، مات سنة 192، روى له البخاري ومسلم.

عبد العزيز بن رفيع الأسدي أبو عبد الله المكي، نزيل الكوفة، ثقة من الرابعة، مات سنة 130 وقيل بعدها وقد جاوز التسعين، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بن عبد الله بن جدعان، يقال: اسم أبي مليكة زهير التيمي المدني، أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.

ص: 371

هكذا قال أبو حمزة السكري: (عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه شعبة

(1)

، وإسرائيل

(2)

، وأبو بكر ابن عياش

(3)

، وأبو الأحوص

(4)

، وعمرو بن أبي قيس

(5)

فرووه عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا ابن عباس.

لذا قال الترمذي عقب الحديث: هذا حديث لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث أبي حمزة السكري، وقد روى غير واحد عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهذا أصح.

ثم رواه عن هناد عن أبي بكر ابن عياش، وأبي الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه ابن عباس.

ثم قال: (وهكذا روى غير واحد عن عبد العزيز بن رفيع مثل هذا ليس فيه: (عن ابن عباس) وهذا أصح من حديث أبي حمزة، وأبو حمزة ثقة يمكن أن يكون الخطأ من غير أبي حمزة).

وقال الدارقطني: خالفه شعبة وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وأبو بكر ابن عياش فرووه عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلاً وهو الصواب، ووهم أبو حمزة في إسناده. اه.

(1)

ذكره الترمذي تعليقاً.

(2)

عبد الرزاق (14430) والبيهقي (6/ 109).

(3)

الترمذي (1371) م 1.

(4)

الترمذي (1371) م 2.

(5)

الدارقطني تعليقاً (4/ 222).

ص: 372

وقال البيهقي في السنن الكبرى: الصواب مرسل.

وقال في السنن الصغرى (5/ 2120): وحديث أبي حمزي السكري عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعاً: «الشريك شفيع والشفعة في كل شيء» لا يثبت موصولاً، وإنما رواه شعبة وغيره عن عبد العزيز مرسلاً دون ذكر ابن عباس.

وقال في معرفة السنن والآثار (4/ 495): إنما رواه موصولاً أبو حمزة السكري وقد خالفه شعبة وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وأبو بكر ابن عياش فرووه عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلاً وهو الصواب، ووهم أبو حمزة في إسناده.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/ 326): ورجاله ثقات إلا أنه أعل بالإرسال.

وقال البغوي في شرح السنّة (8/ 245): وهذا الحديث غير ثابت مسنداً إنما هو عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.

‌الدلالة الفقهية:

دلّ هذا الحديث على وجوب الشفعة للشريك في كل شيء، وبهذا قال بعض أهل العلم.

وهذا القول مروي عن التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح، والإمام مالك بن أنس والظاهرية.

وروي عن الإمام أحمد كذلك إلا أنها جعلها مخصوصة فيما لا ينقسم ونحو ذلك.

ص: 373

قال الترمذي في سننه (3/ 654): وقال أكثر أهل العلم: إنما تكون الشفعة في الدور والأرضين، ولم يروِ الشفعة في كل شيء.

وقال بعض أهل العلم: الشفعة في كل شيء.

والأول أصح. اه.

قال ابن قدامة في المغني (5/ 311): واختلف عن مالك وعطاء فقالا مرة كذلك، أي: لا شفعة في المنقولات.

ومرة قالا: الشفعة في كل شيء حتى في الثوب.

قال ابن أبي موسى: وقد روي عن أبي عبد الله رواية أخرى: أن الشفعة واجبة فيما لا ينقسم كالحجارة والسيف والحيوان وما في معنى ذلك.

قال أبو الخطاب: وعن أحمد رواية أخرى: أن الشفعة تجب في البناء والغراس وإن بيع مفرداً وهو قول مالك لعموم قوله عليه السلام: «الشفعة فيما لم يقسم» ولأن ابن أبي مليكة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشفعة في كل شيء» .

قال البغوي في شرح السنّة (8/ 245): وذهب بعض أهل العلم إلى أن الشفعة تثبت في جميع الأموال المشتركة من العروض والحيوان لما روي عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/ 436):

أخرج مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر بلفظ: (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك ما لم يقسم ربعة أو حائط لا يحل

ص: 374

له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به).

وقد تضمن هذا الحديث ثبوت الشفعة في المشاع، وصدره يشعر بثبوتها في المنقولات، وسياقه يشعر باختصاصها بالعقار.

وقد أخذ بعمومها في كل شيء في رواية وهو قول عطاء.

وعن أحمد: تثبت في الحيوانات دون غيرها من المنقولات. اه.

أما الظاهرية فقد توسعوا في إيجاب الشفعة للشفيع أكثر من غيرهم.

قال ابن حزم في المحلى (9/ 82):

الشفعة واجبة في كل جزء بيع مشاعاً غير مقسوم بين اثنين فصاعداً من أي شيء كان مما ينقسم ومما لا ينقسم من أرض أو شجرة واحدة فأكثر أو عبد أو ثوب أو أمة أو من سيف أو من طعام أو من حيوان أو من أي شيء بيع لا يحل لمَن له ذلك الجزء أن يبيعه حتى يعرضه على شريكه. اه.

‌علة الوهم:

1 روى أبو حمزة السكري عن محمد بن عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الشريك شفيع والشفعة في كل شيء»

(1)

ومحمد بن عبيد الله هو العزرمي متروك الحديث.

(1)

البيهقي في السنن الكبرى (6/ 109) وابن عدي في الكامل (6/ 99) وتاريخ أصبهان (2/ 231).

ص: 375

فلعله من هنا دخل الوهم على أبي حمزة السكري فذكر ابن عباس في الإسناد كون العزرمي يرويه أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنه.

2 سلك به الجادة فابن أبي مليكة قد أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

وأكثر أحاديثه يذكر الواسطة التي بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.

3 اختلاف الأمصار، محمد بن ميمون من مرو

(2)

وهو محدثها، وشيخه في هذا الحديث مكي سكن الكوفة والذين خالفوه أكثرهم من الكوفة، والله تعالى أعلم.

(1)

قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل (ذكره البخاري تعليقاً باب اتباع الجنائز من الإيمان عقب الحديث رقم 47).

(2)

مرو بلاد بفارس يقال لها: أم خراسان افتتحها حاتم بن النعمان الباهلي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. تاج العروس.

ص: 376

‌الحديث الثاني

(1)

:

695 -

قال البزار (357 كشف الأستار): حدثنا أحمد بن منصور بن سيار، ثنا عتاب بن زياد، ثنا أبو حمزة السكري، عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين» .

قالوا: يا رسول الله، لقد تركتنا نتنافس في الأذان بعدك.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه سيكون بعدي أو بعدكم قوم سفلتهم مؤذنوهم» .

قال البزار: قد روى صدره عن الأعمش جماعة على اضطرابهم فيه، وفي إسنادهم.

وتفرد بأخرة أبو حمزة السكري ولم يتابع عليه.

‌التعليق:

وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 443) من طريق الحسن بن شقيق.

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن منصور بن سيار البغدادي الرمادي أبو بكر، ثقة حافظ طعن فيه أبو داود لمذهبه في الوقف في القرآن، من الحادية عشرة، مات سنة خمس وستين بعد المئتين وله ثلاث وثمانون سنة، روى له ابن ماجه.

عتاب بن زياد الخراساني، أبو عمرو المروزي، صدوق من الحادية عشرة، روى له ابن ماجه.

الأعمش: سليمان بن مهران: انظره في بابه.

ص: 377

ورواه البيهقي (1/ 431)، والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 353) وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 156)(إلا أن الخطيب رواه مختصراً) وابن عساكر في تاريخ دمشق (51/ 153) من طريق عبد الله بن عثمان بن جبلة، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 235) من طريق عتاب بن زياد، كلهم عن أبي حمزة السكري به.

وأخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 258) في ترجمة عيسى بن عبد الله بن سليمان فرواه من طريقه عن يحيى بن عيسى عن الأعمش ثم قال: هذه الزيادة لا تعرف إلا لأبي حمزة السكري وقد جاء بها عيسى هذا عن يحيى بن عيسى عن الأعمش.

هكذا روى هذه الزيادة أبو حمزة السكري عن الأعمش وخالفه عامة أصحاب الأعمش الذين رووا هذا الحديث عنه ولم يذكروا هذه الزيادة، منهم:

سفيان الثوري

(1)

، ومعمر

(2)

، وسفيان بن عيينة

(3)

، وزائدة بن قدامة

(4)

، وأبو الأحوص سلام بن سليم

(5)

، وجرير بن عبد الحميد

(6)

، وأبو معاوية محمد بن خازم

(7)

، وأبو خالد الأحمر

(8)

، ومحمد بن

(1)

عبد الرزاق (1838) وأحمد (2/ 284) والبيهقي (3/ 127).

(2)

عبد الرزاق (1838) وأحمد (2/ 284) وابن خزيمة (1528).

(3)

الشافعي في مسنده (1/ 56) وفي الأم (1/ 141) والحميدي (999).

(4)

الطيالسي (2404) وأحمد (2/ 424) وابن مردويه في جزء أحاديث ابن حيان (6) وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 72).

(5)

الترمذي (207).

(6)

ابن خزيمة (1528).

(7)

الترمذي (207) والطبراني في الأوسط (74).

(8)

ابن خزيمة (1528).

ص: 378

فضيل

(1)

، وسهيل بن أبي صالح

(2)

، وعبد الله بن نمير

(3)

، والأوزاعي

(4)

، وعيسى بن يونس

(5)

، وسلام بن أبي مطيع

(6)

، وصدقة بن أبي عمران

(7)

، وشريك بن عبد الله النخعي

(8)

، ومحمد بن عبيد الطنافسي

(9)

، وقيس بن الربيع

(10)

، وهشيم

(11)

، وعمرو بن عبد الغفار

(12)

، وأبو عوانة

(13)

، وفضيل بن عياض

(14)

، والحسن بن صالح

(15)

، وبحر السقاء

(16)

، ومندل بن علي العنزي

(17)

، وحفص بن

(1)

أبو داود (517) وأحمد (2/ 232).

(2)

ابن خزيمة (1528) والطبراني في الأوسط (4363) و (8549) وفي الصغير (595) والخطيب في تاريخ بغداد (9/ 413) والبخاري في التاريخ الكبير تعليقاً (1/ 78)، والبيهقي (1/ 430).

(3)

أبو داود (518) وأحمد (2/ 382) و (2/ 461).

(4)

الطبراني في الأوسط (527) والصغير (796) والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 242) و (11/ 305) وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 185).

(5)

المصدر السابق.

(6)

الطبراني في الأوسط (8587).

(7)

الطبراني في الصغير (297) وابن عساكر (9/ 72).

(8)

أحمد (2/ 421) وابن الجعد (2118) والطحاوي في شرح المشكل (5/ 432) وابن عدي في الكامل (4/ 12) وابن مردويه في جزء ابن حيان (6).

(9)

أحمد (2/ 424) والبيهقي (1/ 430) وفي شعب الإيمان (3063) وابن البختري (1/ 29).

(10)

ابن مردويه في جزء فيه أحاديث ابن حيان (6).

(11)

الطحاوي في شرح المشكل (5/ 432) وابن مردويه (6) وذكره أبو نعيم في الحلية تعليقاً (7/ 7).

(12)

البيهقي في شعب الإيمان (3063) وابن البختري (1/ 291).

(13)

ذكره أبو نعيم في الحلية (7/ 87).

(14)

أبو نعيم في الحلية (8/ 118).

(15)

ابن عدي في الكامل (2/ 315).

(16)

الكامل (2/ 54).

(17)

أبو نعيم في الحلية (7/ 87) تعليقاً.

ص: 379

غياث

(1)

، وشعبة

(2)

، وحيان بن علي العنزي

(3)

، وأبو الأشهب جعفر بن حيان

(4)

، وأبو شهاب الحناط

(5)

مما يدل على أن هذه الزيادة شاذة غير محفوظة.

وكذلك رواه سهيل بن أبي صالح

(6)

، وأبو إسحاق السبيعي

(7)

، ومحمد بن جحادة

(8)

، ثلاثتهم عن أبي صالح، عن أبي هريرة.

ولم يذكر أحد منهم هذه الزيادة.

وروي هذا الحديث أيضاً عن عائشة

(9)

وأبي أمامة

(10)

وواثلة بن الأسقع

(11)

وابن عمر

(12)

رضي الله عنهم، ولم تأتِ هذه الزيادة في حديث أي منهم.

لذا قال الخليل بن عبد الله القزويني: وهذه اللفظة لا تروى إلا

(1)

الترمذي تعليقاً عقب الحديث (207).

(2)

أبو نعيم في الحلية (7/ 87).

(3)

المصدر السابق.

(4)

المصدر السابق.

(5)

المصدر السابق.

(6)

الشافعي (1/ 58) وعبد الرزاق (1839) وأحمد (2/ 419) وابن خزيمة (1531) وابن حبان (1672) وانظر تعليق أحمد شاكر على المسند (12/ 153 وما بعده).

(7)

الطبراني في الأوسط (3605).

(8)

الطبراني في الأوسط (9486) والصغير (570) وابن عدي في الكامل (2/ 318).

(9)

أحمد (6/ 65) وابن خزيمة (1532) وابن حبان (1671) وإسحاق بن راهويه (1124) والطحاوي (5/ 136).

(10)

أحمد (5/ 260) والطبراني في الكبير (8097).

(11)

الطبراني في الكبير (22/ 204) وتمام الرازي في الفوائد (1212) و (1213).

(12)

البيهقي (1/ 431).

ص: 380

من رواية أبي حمزة، وربما هذا من قول بعض الرواة، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

وقال ابن عبد البر: هذا حديث انفرد به أبو حمزة، وليس بالقوي

(2)

.

وقد أورد الذهبي في الميزان هذا الحديث في ترجمة البزار ونقل أنه أنكر عليه هذه الزيادة، ثم قال نقلاً عن ابن القطان:(وهذه زيادة منكرة، قال الدارقطني: ليست محفوظة) فكأنه كان يرى هذه الزيادة من البزار، لكن تعقبه الحافظ في لسان الميزان (1/ 237) بقوله: لم ينفرد أبو بكر البزار بهذه الزيادة، فقد رواها أبو الشيخ في (كتاب الأذان) له عن إسحاق بن أحمد، عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت أبي يقول: أخبرنا أبو حمزة فذكره.

وقد أثبت ابن عدي هذه الزيادة أنها من حديث أبي حمزة السكري فبرئ البزار من عهدتها.

(1)

الإرشاد (3/ 884).

(2)

التمهيد (22/ 15) قلت: بل هو ثقة.

ص: 381

‌مسعر بن كدام

‌اسمه ونسبه:

مسعر بن كدام بن ظهير بن عبيدة بن الحارث الهلالي العامري أبو سلمة الكوفي أحد الأعلام.

روى عن: عدي بن ثابت، وعمرو بن مرة، والحكم، وقتادة، وعبد الملك بن سليمان، وأبي إسحاق السبيعي، وابن أبي ليلى، وعمير بن سعد صاحب ابن المنكدر وجماعة.

روى عنه: سليمان التيمي وابن إسحاق وهما أكبر منه، وشعبة والثوري ومالك بن مغول وهما من أقرانه، وابن عيينة والقطان ووكيع وخلق.

ثقة ثبت بالإجماع، قدّمه أبو نعيم وأبو حاتم على الثوري وشعبة في التثبت.

وقدّمه يحيى العطار على هشام الدستوائي.

قال شعبة: كنا نسمي مسعراً المصحف.

وقال الثوري: كنا إذا اختلفنا في شيء سألنا عنه مسعراً.

وقال ابن عيينة: كان من معادن الصدق.

ص: 382

وقال ابن عيينة: قالوا للأعمش: إن مسعراً يشك في حديثه؟ قال: شكه كيقين غيره.

ووثقه ابن مهدي ووكيع وأحمد ويحيى بن معين.

قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن مسعر إذا خالفه الثوري فقال: الحكم لمسعر فإنه المصحف.

وقال أبو داود: مسعر صاحب شيوخ روى عن مائة لم يروِ عنهم سفيان.

وقال ابن المديني: قلت ليحيى بن سعيد: أيما أثبت هشام الدستوائي أو مسعر؟ قال: ما رأيت مثل مسعر، وكان مسعر من أثبت الناس.

قال أبو نعيم: لم يخطاء إلا في حديث واحد.

قال ابن حجر: ثقة ثبت فاضل، من السابعة، مات سنة 153 أو 155.

روى له البخاري (24) حديثاً تقريباً

(1)

، مسلم (36) حديثاً تقريباً

(2)

.

(1)

البخاري (198، 432، 735، 786، 1078، 1659، 2160، 2264، 2391، 3237، 3284، 3646، 3832، 4519، 5083، 5292، 5488، 6090، 6106، 6287، 6697، 6707، 6840، 7107).

(2)

ومسلم (1/ 116، 190، 207، 220، 245، 258، 282، 305، 322، 333، 335، 336، 339، 2/ 816، 850، 960، 984، 3/ 1508، 1509، 1539، 1645، 4/ 1725، 1731، 1792، 1802، 1858، 1867، 1927، 2050، 2091، 2282).

ص: 383

‌الحديث

(1)

:

696 -

قال ابن ماجه رحمه الله (3870): حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، ثنا محمد بن بشر، ثنا مسعر، حدثنا أبو عقيل، عن سابق، عن أبي سلام خادم النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«ما من مسلم أو إنسان أو عبد يقول حين يمسي وحين يصبح: رضيت بالله ربًّا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير سابق بن ناجية لم يروِ عنه سوى أبي عقيل فهو مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات.

والحديث صحيح لغيره (تقدم في باب وكيع).

وهو عند ابن أبي شيبة (9/ 78) و (100/ 240 - 241) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (471) والطبراني في الكبير (22/ 921) وفي

(1)

رجال الإسناد:

أبو بكر ابن أبي شيبة: ثقة حافظ. انظر ترجمته في بابه.

محمد بن بشر العبدي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة حافظ من التاسعة، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.

أبو عقيل: هاشم بن بلال، ويقال: ابن سلام الدمشقي قاضي واسط، ثقة من السادسة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

سابق بن ناجية، مقبول، من السادسة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

أبو سلام، ممطور الأسود الحبشي، ثقة يرسل، من الثالثة، روى له مسلم والبخاري في الأدب المفرد.

ص: 384

الدعاء (301) وابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1681) كلهم من طريق محمد بن بشر عن مسعر به.

وأخرجه ابن مردويه في أماليه (1/ 216) من طريق نضر بن مزاحم عن مسعر بهذا الإسناد.

هكذا رواه مسعر فقال: (عن أبي عقيل، عن سابق، عن أبي سلام، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه شعبة

(1)

، وهشيم

(2)

، وروح بن القاسم

(3)

، وإبراهيم

(4)

هؤلاء الأربعة رووه عن أبي عقيل فقالوا: (عن أبي عقيل، عن سابق، عن أبي سلام قال: كنت في مسجد حمص فمرّ رجل فقالوا: هذا رجل خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم

(5)

فقمت إليه فقلت: حدثني حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتداوله بينك وبينه الرجال، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما عبد مسلم يقول حين يصبح

».

وهم مسعر فجعل الحديث من مسند أبي سلَّام عن النبي صلى الله عليه وسلم (وهو بهذا إسناد منقطع).

(1)

أبو داود (5072) والنسائي في الكبرى (9832) وأحمد (4/ 337) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2812) والطبراني في الدعاء (302) والبيهقي في الدعوات الكبير (28) وابن عساكر في تاريخ دمشق (66/ 276) وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 363).

(2)

النسائي في الكبرى (10400).

(3)

ابن عدي في الكامل (4/ 30) في ترجمة شبيب بن سعيد الحبطي، والطبراني في الدعاء (3).

(4)

ابن السني في عمل اليوم والليلة (68).

(5)

واسمه أبو سلمى كما سيأتي.

ص: 385

خالفه شعبة ومَن تابعه فجعلوه عن أبي سلَّام، عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا هو الصحيح.

قال المزي: رواه شعبة وهشيم عن أبي عقيل عن سابق عن أبي سلام عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب

(1)

.

وقال العلائي: «طريق ابن ماجه مرسلة ووقع فيها الوهم من مسعر بقوله: عن أبي سلام خادم النبي صلى الله عليه وسلم عنه»

(2)

.

قال الحافظ: «وعلى هذا فأبو سلام رواه عن الخادم والخادم مبهم .. وحديث شعبة في هذا هو المحفوظ وأبو سلام المذكور هو ممطور الحبشي وهو تابعي»

(3)

.

ويتأيد ما ذكراه بما رواه ابن عساكر في تاريخه في ذكر الواسطة بين أبي سلام والنبي صلى الله عليه وسلم.

فقد روى ابن عساكر في تاريخه (66/ 277) قال: روى الوليد بن مسلم عن ابن جابر وعبد الله بن العلاء، عن أبي سلام الأسود عن أبي سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته في مسجد الكوفة.

وروى هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام قال: حدثني رجل أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

تحفة الأشراف (12050) ومصباح الزجاجة (4/ 150) وتهذيب الكمال (33/ 396).

(2)

جامع التحصيل (1/ 311).

(3)

الإصابة (7/ 185).

ص: 386

ورواه أحمد عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورواه زيد بن يحيى بن عبيد عن عبد الله بن العلاء، عن أبي سلام، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر بسنده عن محمود بن سعيد يقول في الطبقة الأولى وأبو سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حمص.

وبسنده عن أبي أحمد الحاكم قال: فمَن نعرف كنيته ولا نتفق على اسمه أبو سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبسنده عن علي بن عبد الله البغوي قال: أبو سلمة راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكن الكوفة.

وبسنده عن أبي نعيم الحافظ قال: أبو سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، حديثه عند أبي سلام الأسود وعباد بن عبد الصمد وقيل: أبو سلمى اسمه حديث.

‌أثر الوهم:

قول مسعر في هذا الإسناد: أبي سلام خادم النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ظن بعض أهل العلم أن أبا سلام صحابي وذكروه في تراجمهم في طبقات الصحابة.

قال ابن عبد البر: أبو سلام الهاشمي خادم رسول الله ومولاه له صحبة

(1)

.

(1)

الاستيعاب (4/ 1681).

ص: 387

قال في جامع التحصيل بعد أن أورد الحديث: وذكر خليفة بن خياط أبا سلام هذا في الصحابة، وكذلك جزم ابن عبد البر بصحبته

(1)

.

وقال في تهذيب الكمال: أبو سلام ذكره خليفة بن خياط في تسمية الصحابة من موالي بني هاشم

(2)

.

وقال الحافظ في الإصابة: أبو سلام خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو أحمد الحاكم: عداده في موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم وله صحبة، وذكره خليفة بن خياط في تسمية الصحابة من موالي بني هاشم.

وساق الحاكم من طريق مسعر حدثني أبو عقيل عن سابق بن ناجية، عن أبي سلام خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم (وساق الحديث).

ثم ذكر الحافظ حديث شعبة وهشيم وقرر أنه تابعي وليس صحابي

(3)

.

(1)

جامع التحصيل (1/ 311) وتحفة التحصيل (1/ 366).

(2)

(33/ 396).

(3)

الإصابة (7/ 185).

ص: 388

‌هشام الدستوائي

‌اسمه ونسبه:

هشام بن أبي عبد الله الدستوائي واسم أبيه سنبر، البصري الربعي مولاهم، صاحب الثياب الدستوائية، كان يبيع الثياب التي تجلب من دستواء، ودستواء بلدة من أعمال الأهواز.

روى عن: قتادة، ويحيى بن أبي كثير، وشعيب بن الحبحاب، وعاصم بن بهدلة، وأيوب، وغيرهم.

روى عنه: شعبة وهو من أقرانه، وابناه معاذ وعبد الله، وابن المبارك، وابن مهدي، ويحيى القطان، ووكيع، وخلق كثير.

قال شعبة: هشام أحفظ مني عن قتادة.

وقال وكيع وابن المديني: ثبت.

وقال محمد بن سعد والعجلي: ثقة ثبت.

وقدمه أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة في يحيى بن أبي كثير على الأوزاعي وغيره.

ص: 389

وهو عند أهل الحديث من أثبت أصحاب قتادة ثم شعبة وسعيد بن أبي عروبة.

مات سنة 154 وكان أصغر من قتادة بسبع سنين.

قال ابن حجر: ثقة ثبت، وقد رمي بالقدر، من كبار السابعة.

ص: 390

‌الحديث الأول

(1)

:

697 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (268): حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة.

قال: قلت لأنس: أوَكان يطيقه؟!

قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين.

وقال سعيد عن قتادة: إن أنساً حدثهم تسع نسوة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد (3/ 291 - 292) وأبو يعلى (2941) و (3176) و (3203) والنسائي في الكبرى (9033) وابن خزيمة (231) وابن حبان (1208) والبيهقي (7/ 54) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، ثقة من العاشرة، مات سنة 252، روى له البخاري ومسلم.

معاذ بن هشام الدستوائي البصري، قد سكن اليمن، صدوق ربما وهم، من التاسعة، مات سنة 200، روى له البخاري ومسلم.

قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، يقال: ولد أكمه، وهو رأس الطبقة الرابعة، مات سنة بضع وعشرة ومائة، روى له البخاري ومسلم وقد تقدم مراراً.

ص: 391

(734)

و (735) والبغوي في شرح السنّة (270) من طرق عن معاذ بن هشام به.

هكذا قال هشام عن قتادة عن أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه .. وهن إحدى عشرة.

خالفه سعيد بن أبي عروبة

(1)

فرواه عن قتادة حدثنا أنس فقال: (إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة) وهذا هو الصحيح.

خالفه هشام في موضعين:

الأول: قوله: (في الساعة الواحدة).

الثاني: قوله: (وهن إحدى عشرة).

ويؤيد رواية سعيد ما رواه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع نسوة يصيبهن إلا سودة فإنها وهبت يومها وليلتها لعائشة

(2)

.

وما رواه حميد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على جميع نسائه في ليلة ثم يغتسل غسلاً واحداً

(3)

.

فقال: (في ليلة) ولم يقل: (في ساعة).

(1)

البخاري (284)(5067) و (5215) والنسائي (6/ 53 - 54) وفي الكبرى (9034) وابن حبان (1209) والبيهقي (7/ 54) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد.

(2)

النسائي في الكبرى (5307).

(3)

النسائي (1/ 143) وابن أبي شيبة (1/ 147) وأحمد (3/ 99) والطحاوي (1/ 129) وابن حبان (1206)(1207).

ص: 392

وروى معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جدته سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: طاف النبي صلى الله عليه وسلم ليلة على نسائه التسع اللاتي توفي وهن عنده كلما خرج من عند امرأة قال لسلمى: صبي لي غسلاً

(1)

قال ابن خزيمة: لم يقل أحد من أصحاب قتادة: إحدى عشرة إلا معاذ بن هشام عن أبيه

(2)

.

وقد حاول ابن حبان رحمه الله أن يجمع بين القولين فقال في خبر هشام الدستوائي عن قتادة: (وهن إحدى عشرة نسوة)، وفي خبر سعيد عن قتادة:(وله يومئذ تسع نسوة) أما خبر هشام فإن أنساً حكى ذلك الفعل منه صلى الله عليه وسلم في أول قدومه المدينة حيث كانت تحته إحدى عشرة امرأة

(3)

، وخبر سعيد عن قتادة إنما حكاه أنس في آخر قدومه المدينة صلى الله عليه وسلم حيث كان تحته تسع نسوة، لأن هذا الفعل كان منه صلى الله عليه وسلم مراراً كثيرة لا مرة واحدة)

(4)

.

وتعقبه الذهبي وابن الملقن وابن حجر.

قال الذهبي: «قلنا: أول قدومه فما كان له سوى امرأة وهي

(1)

ابن سعد (8/ 192 - 193) من طريق الواقدي وهو ضعيف والصحيح في السنن من غير ذكر عددهن.

(2)

التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن (4/ 588) وفتح الباري (1/ 377) وعمدة القاري (3/ 215).

(3)

كذا في المطبوع، ونقل عنه ابن حجر أن أول قدومه المدينة كان تحته تسع نسوة.

(4)

صحيح ابن حبان (4/ 10).

ص: 393

سودة ثم إلى السنة الرابعة من الهجرة لم يكن عنده أكثر من أربع نسوة فإنه بنى بحفصة وبأم سلمة في سنة ثلاث وقبلها سودة وعائشة، ولا نعلم أنه اجتمع عنده في آن إحدى عشرة زوجة

(1)

، ونحو ذلك قال ابن الملقن

(2)

.

وقال ابن حجر: «وهم ابن حبان في قوله: إن الأولى كانت في أول قدومه المدينة حيث كان تحته تسع نسوة، والحالة الثانية في آخر الأمر حيث اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة، وموضع الوهم منه أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن تحته امرأة سوى سودة ثم دخل على عائشة بالمدينة ثم تزوج أم سلمة وحفصة وزينب بنت خزيمة في السنة الثالثة والرابعة، ثم تزوج زينب بنت جحش في الخامسة ثم جويرية في السادسة ثم صفية وأم حبيبة وميمونة في السابعة، وهؤلاء جميع مَنْ دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور واختلف في ريحانة وكانت من سبي بني قريظة فجزم ابن إسحاق بأنه عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فاختارت البقاء في ملكه والأكثر أنها ماتت قبله في سنة عشر، وكذا ماتت زينب بنت خزيمة بعد دخولها عليه بقليل. قال ابن عبد البر: مكثت عنده شهرين أو ثلاثة، فعلى هذا لم يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع فرجحت رواية سعيد.

لكن تحمل رواية هشام على أنه ضم مارية وريحانة إليهن وأطلق عليهن لفظ نسائه تغليباً

(3)

.

(1)

سير أعلام النبلاء (16 - 100).

(2)

التوضيح لشرح الجامع الصحيح (4/ 588 - 589).

(3)

فتح الباري (1/ 378) ومثله قال العيني في عمدة القاري (3/ 216).

ص: 394

قلت: وروى محمد بن المثنى

(1)

عن معاذ فقال: (أعطي قوة أربعين) فانظره في بابه.

والذي يظهر أن الإمام البخاري يرجح رواية سعيد على رواية هشام بدليل أنه ذكر حديث سعيد في ثلاثة مواضع صحيحة، ولم يذكر رواية هشام إلا في موضع واحد وأعقبها بالإشارة إلى مخالفته سعيد في ذكر العدد ولم يفعل ذلك عقب روايات سعيد، ثم أنه ليس مراد البخاري العدد إنما جاء عرضاً في الحديث، والله تعالى أعلم.

‌فائدة:

وروى هذا الحديث أيضاً معمر

(2)

وأيوب السختياني

(3)

عن قتادة إلا أنهم لم يذكروا عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم في باب سفيان بن عيينة، ح (130).

(1)

انظره في بابه ح (1118).

(2)

الترمذي (140) والنسائي (1/ 143) وأحمد (3/ 185) وعبد الرزاق (1061) وغيرهم.

(3)

معجم الشيوخ (1/ 246) للصيداوي.

ص: 395

‌الحديث الثاني

(1)

:

698 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (2/ 531): حدثنا أزهر بن القاسم، ثنا هشام عن قتادة، عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:

«مَنْ أعتق نصيباً له في مملوك عتق من ماله إن كان له مال» .

‌التعليق:

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أزهر بن القاسم وهو ثقة، وثقه أحمد والنسائي، وشدّد أبو حاتم فقال: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به، وقد توبع.

ورواه البيهقي (10/ 276) من طريق علي بن الحسن عن أزهر بن القاسم به.

ورواه إسحاق بن راهويه (105) عن معاذ بن هشام بهذا الإسناد.

ورواه النسائي في الكبرى (4968) والدارقطني (4/ 126) كلاهما من طريق محمد بن المثنى عن معاذ بن هشام، والنسائي (4967) من طريق أبي عامر العقدي كلاهما معاذ وأبو عامر عن هشام بهذا الإسناد.

هكذا قال هشام: (عن قتادة، عن بشير بن نهيك).

(1)

رجال الإسناد:

أزهر بن القاسم الراسبي أبو بكر البصري نزيل مكة، صدوق من التاسعة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

قتادة بن دعامة: تقدم.

بشير بن نهيك السدوسي، ويقال: السلولي، أبو الشعثاء البصري، ثقة، من الثالثة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 396

خالفه سعيد بن أبي عروبة

(1)

، وجرير بن حازم

(2)

، وشعبة

(3)

، وحجاج بن حجاج الباهلي

(4)

، وأبان بن يزيد العطار

(5)

، وهمام

(6)

، وموسى بن خلف

(7)

، ويحيى بن صبيح

(8)

، وحجاج بن أرطأة

(9)

.

فقالوا: (عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة).

أسقط هشام النضر بن أنس من الإسناد بين قتادة وبشير بن نهيك.

وتابعه على ذلك معمر

(10)

ومعمر ضعيف في قتادة.

وقد رواه مرة هشام فذكر النضر بن أنس في الإسناد.

رواه البيهقي

(11)

من طريق أبي قدامة عن معاذ بن هشام، والخطيب من طريق روح بن عبادة عن هشام

(12)

عن أبيه فذكر النضر بن أنس.

(1)

البخاري (2492)(2527) ومسلم (1503).

(2)

البخاري (2504)(2526) ومسلم (1503).

(3)

مسلم (1503) والبخاري تعليقاً (2527).

(4)

البخاري تعليقاً (2527) وابن حجر في تغليق التعليق (3/ 341).

(5)

البخاري تعليقاً (2527) والنسائي في الكبرى (4965) والطحاوي (5390) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 353).

(6)

الدارقطني (4/ 127) والبيهقي (10/ 276).

(7)

البخاري تعليقاً (2527) والخطيب في الفصل للوصل (1/ 355).

(8)

الحميدي (1093) وأحمد في العلل (6005) والطحاوي في شرح المشكل (5388) وابن حبان (4318).

(9)

الطحاوي (5391).

(10)

عبد الرزاق في مصنفه (16717) وإسحاق (103).

(11)

في السنن الكبرى (10/ 276).

(12)

الفصل للوصل (1/ 357).

ص: 397

قال البيهقي بعد أن أورد حديث الباب: (لم يذكر في إسناده بعض الرواة عن هشام النضر بن أنس وذكره بعضهم).

وقال الدارقطني: لم يذكر يعني هشاماً النضر بن أنس

(1)

.

وذكر الخطيب أن روح بن عبادة ومعاذ بن هشام روياه عن هشام بن أبي عبد الله عن قتادة إلا أن معاذاً لم يذكر في إسناده النضر.

قال الدارقطني في العلل: وسئل عن حديث بشير بن نهيك عن أبي هريرة فذكر الحديث قال: يرويه قتادة واختلف عنه

فإن سعيد بن أبي عروبة وحجاج بن حجاج وجرير بن حازم وأبان العطار وشعبة رووه عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة، وأما هشام الدستوائي فرواه عن قتادة عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة ولم يذكر بينهما أحداً

(2)

.

‌فائدة:

روى قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أفلس الرجل فوجد الرجل سلعته قائمة بعينها فهو أحق بها من الغرماء» .

هكذا رواه عن قتادة جمع من أصحابه منهم: شعبة

(3)

، وسعيد بن

(1)

في سننه (4/ 126).

(2)

العلل (10/ 314 - 316).

(3)

مسلم (1559).

ص: 398

أبي عروبة

(1)

، وجرير بن حازم

(2)

، وهمام

(3)

، وحماد بن سلمة

(4)

، وأبان بن يزيد العطار

(5)

.

واختلف على هشام:

فرواه عنه وكيع

(6)

، وأبو سفيان

(7)

ولم يذكرا النضر بن أنس في الإسناد، وكذلك مسلم بن إبراهيم كما سيأتي.

ورواه عنه ابنه معاذ فذكر النضر بن أنس في الإسناد

(8)

.

ولم يقف الدارقطني على متابعة هشام للجماعة مع أنها في صحيح مسلم، فقال في العلل: وروى هذا الحديث بشير بن نهيك عن أبي هريرة.

واختلف فيه على قتادة، فرواه هشام الدستوائي عن قتادة عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة ولم يذكر بين قتادة وبشير أحداً، واختلف عليه في رفعه فوقفه مسلم بن إبراهيم عن هشام ورفعه غيره.

ورواه ابن أبي عروبة وشعبة وأبان بن يزيد وحماد بن سلمة عن

(1)

مسلم (1559).

(2)

أبو عوانة (5224).

(3)

أحمد (2/ 347).

(4)

أحمد (2/ 285).

(5)

أحمد (2/ 413).

(6)

ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 35).

(7)

عبد الرزاق (15159).

(8)

مسلم (1559) والبيهقي (6/ 46).

ص: 399

قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المحفوظ

(1)

.

(1)

العلل (11/ 172).

ص: 400

‌الحديث الثالث

(1)

:

699 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 277): حدثنا إسماعيل، أخبرنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد بن هشام، عن معدان عن أبي الدرداء رضي الله عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر.

قال: فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فسألته عن ذلك فقال: أنا صببت له وضوءه.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير يعيش بن الوليد وهو ثقة.

وأخرجه أحمد أيضاً في العلل (3/ 348 رقم 5535) عن إسماعيل وفيه (ابن معدان).

(1)

رجال الإسناد:

إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي: أبو بشر البصري المعروف بابن علية، ثقة حافظ من الثامنة، مات سنة 193 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم (انظر ترجمته في بابه).

يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم، أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة 132 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم (انظره في بابه).

يعيش بن الوليد بن هشام بن معاوية الأموي الدمشقي نزيل الجزيرة، ثقة من الثالثة، روى له أبو داود والترمذي والنسائي.

معدان بن أبي طلحة، ويقال: ابن طلحة اليعمري، شامي ثقة، من الثانية، روى له مسلم.

ص: 401

وأخرجه ابن أبي شيبة (9201) عن يزيد بن هارون، والروياني في مسنده (609) عن سفيان بن وكيع عن يزيد بن هارون عن هشام به.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3124) عن إبراهيم بن يعقوب عن يزيد بن هارون به.

هكذا قال هشام: عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، عن معدان، عن أبي الدرداء.

خالفه حسين المعلم

(1)

، وحرب بن شداد

(2)

فقالا: عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد، عن معدان بن طلحة عن أبي الدرداء.

أسقط هشام الأوزاعي من الإسناد.

لذا أعلّ هذه الرواية الإمام أحمد.

قال عبد الله بن أحمد: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد، عن ابن معدان عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر

إلخ. قال: إنما رواه يحيى عن الأوزاعي، عن يعيش، عن معدان، عن أبي الدرداء.

(1)

أبو داود (2381) والترمذي (87) وأحمد (6/ 443) والنسائي في الكبرى (3121) والدارمي (1728) وابن الجارود (8) وابن خزيمة (1957) والروياني (609) وابن حبان (1097) والدارقطني (1/ 158) والحاكم (1/ 426) والبيهقي (1/ 144) والطحاوي (2/ 96).

(2)

ابن خزيمة (1958) ويعقوب بن شيبة في مسند عمر بن الخطاب (1/ 77) والحاكم (1/ 426).

ص: 402

قلت: وهشام قد اختلف عليه في هذا الحديث على أوجه:

فقد رواه عبدة بن عبد الرحيم المروزي عن ابن سهيل عن هشام بمثل رواية حسين المعلم وحرب بن شداد فذكر الأوزاعي

(1)

.

ورواه سليمان بن سلم عن النضر وهو ابن شميل عن هشام عن يحيى عن رجل، عن يعيش بن الوليد، عن معدان

(2)

.

فهنا لم يسمِّ الأوزاعي بل قال: عن رجل.

ورواه عبيد الله بن سعيد السرخسي عن معاذ بن هشام عن أبيه هشام عن يحيى قال: حدثني رجل من إخواننا عن يعيش بن الوليد عن خالد بن معدان

(3)

.

فهنا سمّاه خالد بن معدان، وإنما هو معدان بن أبي طلحة.

ورواه محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي عن هشام، عن رجل من إخواننا، عن يعيش بن الوليد أن ابن معدان

(4)

.

فهنا سمّاه ابن معدان بدلاً من معدان.

وقد أخرج هذه الأحاديث النسائي في باب ذكر الاختلاف على هشام الدستوائي في هذا الحديث.

وقوله: (خالد بن معدان أو ابن معدان) أيضاً وهم.

(1)

النسائي في الكبرى (3123).

(2)

النسائي (3124).

(3)

النسائي (3127).

(4)

النسائي (3128).

ص: 403

فخالد بن معدان هو الكلاعي الحمصي أبو عبد الله وهو ثقة من رجال الشيخين وفي سماعه من أبي الدرداء شك.

ومعدان بن أبي طلحة ثقة من كبار التابعين وهو من رجال مسلم، والحديث محفوظ عنه كما تقدم.

قال الترمذي: سألت محمداً يعني البخاري عن هذا الحديث فقال: جوّد حسين المعلم هذا الحديث

(1)

.

وقال في سننه: وقد جوّد حسين المعلم هذا الحديث، وروى معمر هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير فأخطأ فيه فقال:(عن يعيش بن الوليد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء) ولم يذكر فيه الأوزاعي، وقال:(عن خالد بن معدان) وإنما هو معدان بن أبي طلحة

(2)

.

(1)

العلل الكبير (57).

(2)

(1/ 146) عقب الحديث 87 وانظره في باب معمر، ح (202).

ص: 404

‌هشيم

(1)

‌اسمه ونسبه:

هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي، أبو معاوية بن أبي حازم الواسطي، قيل: إنه بخاري الأصل.

روى عن: أبيه وخاله القاسم بن مهران وعبد الملك بن عمير، وعمرو بن دينار، وإسماعيل بن أبي خالد، وحصين، وحميد الطويل، وخالد الحذاء، والأعمش، وعطاء بن السائب، وهشام بن حسان، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وخلق من التابعين.

روى عنه: شعبة وهو من شيوخه ومالك وسفيان الثوري وهما أكبر منه ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وغيرهم.

ولد سنة 104 وتوفي سنة 183.

(1)

مصادر الترجمة:

الطبقات الكبرى (7/ 313) وتاريخ بغداد (14/ 90 وما بعده)، تهذيب الكمال (30).

ص: 405

‌ثناء أهل العلم:

قال مالك: وهل بالعراق أحد يحسن الحديث إلا ذاك الواسطي يعني هشيماً.

وقال شعبة: إن حدثكم عن ابن عباس وابن عمر فصدِّقوه.

قال يزيد بن هارون: ما رأيت أحفظ من هشيم إلا سفيان الثوري إن شاء الله.

قال محمد بن عيسى الطباع: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: كان هشيم أحفظ من سفيان.

قلت: أحفظ من سفيان.

قال: كان يقوى من الحديث على ما لا يقوى عليه سفيان.

وقال محمد بن عيسى: سمعت وكيعاً يقول: نحُّوا هشيماً وهاتوا مَنْ شئتم يعني في المذاكرة.

وقدّمه أحمد على أبي عوانة في الحفظ، وقدّمه أبو حاتم على يزيد بن هارون.

وقال يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي: هشيم في حصين أثبت من سفيان وشعبة.

وقال ابن أبي شيبة: سألت يحيى بن سعيد مَنْ أحفظ مَنْ رأيت؟ قال: سفيان الثوري ثم شعبة ثم هشيم

(1)

.

(1)

علل الترمذي الكبير (1/ 137).

ص: 406

قال أحمد: ليس أحد أصح سماعاً عن حصين بن عبد الرحمن من هشيم وهو أصح من سفيان.

قال البخاري: هشيم يهم في الإسناد وهو في المقطعات أحفظ

(1)

.

قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث ثبتاً يدلس كثيراً فما قال في حديثه أخبرنا: فهو حجة وما لم يقل فيه: أخبرنا فليس بشيء.

قال أحمد بن حنبل: لم يسمع هشيم من يزيد بن أبي زياد، ولا من عاصم بن كليب، ولا من ليث

وقد حدّث عنهم.

وقيل لأحمد: مَنْ أروى الناس عن يونس؟ فقال: هشيم.

‌عبادته:

قال أحمد: كان هشيم كثير التسبيح ولازمته أربعاً أو خمساً ما سألته عن شيء هيبة له إلا مرتين.

وقال الحسين المروزي: ما رأيت أحداً أكثر ذكراً للّه عز وجل من هشيم.

وقال معروف الكرخي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول لهشيم: (يا هشيم جزاك الله تعالى عن أمتي خيراً).

وروي عن عمرو بن عون قوله: (مكث هشيم يصلي الفجر بوضوء العشاء قبل أن يموت عشرين سنة).

(1)

المصدر السابق (1/ 136).

ص: 407

‌المآخذ التي عليه:

1 ضعف حديثه عن الزهري.

قال الخليلي: «حافظ متقن مخرج يعني حديثه في الصحيحين، تأخر موته، أقلّ الرواية عن الزهري، ضاعت صحيفته، وقيل: إنه ذاكر شعبة وكان يسرد عن الزهري ولم يكن شعبة أدرك الزهري فتناول صحيفته فألقاها في دجلة وكان هشيم يروي عن الزهري من حفظه وكان يدلس»

(1)

.

وقال الهروي: إن هشيماً كتب عن الزهري نحواً من ثلاثمائة حديث فكانت في صحيفته وإنما سمع منه بمكة فكان يظن أن الصحيفة في المحمل وجاءت الريح فرمت الصحيفة فنزلوا فلم يجدوها، وحفظ هشيم منها تسعة أحاديث

(2)

.

قلت: هذا يخالف ما ذكره محمد بن حاتم المؤدب قال: قيل لهشيم: كم كنت تحفظ؟ قال: كنت أحفظ في مجلس مائة ولو سئلت عنها بعد شهر لأجبت

(3)

.

وقال أحمد: جاء هشيم إلى الأعمش ومعه رقعة فيها نحو من ثلاثين حديثاً فسأله عنها فحدثه، فلما أن قام طلبوها منه يعني أصحاب الحديث فدفعها إليهم وذهب فقالوا له: ألا تأخذها؟ قال: قد حفظتها

(4)

.

(1)

الإرشاد (1/ 196).

(2)

تهذيب الكمال (7190).

(3)

المصدر السابق. وقال ابن المبارك: مَنْ غيّر الدهر حفظه فلم يغير حفظ هشيم.

(4)

العلل ومعرفة الرجال (2420).

ص: 408

وقال أحمد أيضاً: كان هشيم سمع من عوف

(1)

فلم يكتبها حتى جاء إلى واسط فكتبها

(2)

.

‌تدليسه:

قد ذكر الإمام أحمد عدداً من الروايات التي دلسها هشيم عن بعض شيوخه ولم يسمعها منهم وأكثرها آثار منها.

فعن سيار أبي الحكم العنزي عن أبي وائل قال: لا يقرأ القرآن جنب ولا حائض

(3)

.

وعن سيار عن عبد الرحمن بن ثروان عن شريح في الرجل يبدأ بالطلاق قبل اليمين

(4)

.

وعن سيار عن الشعبي أنه خرج من الحمام ولم يغسل قدميه

(5)

.

وعن أبي بشر جعفر بن وحشية وهو من أروى الناس عنه عن سعيد بن جبير في أنه رأى امرأة تطوف تعد طوافها بحصى تجعله في كفها، فرمى به من كفها

(6)

.

ولا بأس هنا أن نشير إلى بعض ما ذكره الإمام أحمد باختصار في تدليس هشيم عن مغيرة عن إبراهيم النخعي

(7)

، وعن أبي إسحاق

(1)

عوف هو ابن أبي جميلة، ثقة ثبت.

(2)

العلل (2419).

(3)

العلل ومعرفة الرجال (2127).

(4)

المصدر السابق (2161).

(5)

المصدر السابق (2178) وانظر أيضاً: (2200)(2219).

(6)

المصدر السابق (2211).

(7)

المصدر السابق (2129)(2132)(2176)(2201)(2208).

ص: 409

عن الشعبي

(1)

، وعن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود ولم يسمعه من الأعمش

(2)

، وعن منصور عن الحسن

(3)

، وعن يعلى بن عطاء

(4)

، وعن مجالد

(5)

، ويونس بن عبيد

(6)

وغيرهم

(7)

.

قال ابن حجر: متفق على توثيقه إلا أنه كان مشهوراً بالتدليس، وروايته عن الزهري خاصة ليِّنة عندهم

ثم قال: أما روايته عن الزهري فليس في الصحيحين منها شيء

(8)

.

روى له البخاري (52) حديثاً أكثرها عن أبي بشر، وعدد الأحاديث التي صرح فيها بالسماع (37)، (15) حديثاً رواها بالعنعنة

(9)

. وروى له مسلم (87) حديثاً، (34) صرح فيها بالسماع، و (53) عنعن فيها

(10)

.

(1)

العلل (2129).

(2)

العلل (2155).

(3)

العلل (2168).

(4)

العلل (2171).

(5)

العلل (2172).

(6)

العلل (2174).

(7)

العلل (2148)(2153)(2185)(2192)(2229)(2233 «2243)(2246)(2247)(2252).

(8)

هدي الساري (ص 449).

(9)

انظر روايات المدلسين في صحيح البخاري (561).

(10)

انظر روايات المدلسين في صحيح مسلم (404).

ص: 410

‌الحديث الأول

(1)

:

700 -

قال النسائي في السنن الكبرى (6382): أخبرنا علي بن حجر بن إياس المروزي، قال: أنا هشيم، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا يتوارث أهل ملّتين» .

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.

والحديث أخرجه سعيد بن منصور في سننه (1/ 65 رقم 136) عن هشيم، والطحاوي (3/ 266) والطبراني في الكبير (391) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (38) وابن عبد البر في التمهيد (9/ 171) وابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 285) من طرق عن هشيم به.

وجاء عند سعيد بن منصور عن هشيم قوله: (سمعته أو أخبرته عنه).

(1)

رجال الإسناد:

علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، نزيل بغداد ثم مرو، ثقة حافظ، مات سنة 244 وقد قارب المائة أو جاوزها، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: محمد بن مسلم: تقدم.

علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، زين العابدين، قيل: إنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة حتى مات، ثقة ثبت عابد فقيه فاضل مشهور، قال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل منه، مات قبل المائة سنة 93 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص الأموي، أبو عثمان، ثقة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 411

هكذا رواه هشيم عن الزهري، عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا يتوارث أهل ملتين شتى» .

خالف أصحاب الزهري فإنهم رووا هذا الحديث عن الزهري بنفس هذا الإسناد ولفظه: «لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم» منهم:

ابن جريج

(1)

، وسفيان بن عيينة

(2)

، ومالك

(3)

، وسفيان الثوري

(4)

، ويونس بن يزيد

(5)

، وعبد الله بن عيسى

(6)

، ومعمر

(7)

، والأوزاعي

(8)

، ومحمد بن أبي حفصة

(9)

، وعقيل بن خالد

(10)

، وزمعة بن صالح

(11)

، وعبد الله بن بديل بن ورقاء

(12)

، ويزيد بن

(1)

البخاري (6764).

(2)

مسلم (1614).

(3)

النسائي في الكبرى (6372) و (6373) و (6374) و (6375) إلا أنه قال: عمر بن عثمان بدلاً من عمرو بن عثمان، وانظره في بابه لزاماً.

(4)

النسائي: (6376).

(5)

البخاري (1588) ومسلم (1351).

(6)

الدارمي (3000) والطبراني في الأوسط (5013).

(7)

البخاري (3058) ومسلم (1351)(440) وعبد الرزاق (9851) والنسائي (6379) والدارمي (2998) والبيهقي (6/ 281) وأبو عوانة (5596) وعبد الله بن المبارك (162).

(8)

عبد الرزاق (9851) وأبو عوانة (5597).

(9)

البخاري (4282) ومسلم (1351)(440).

(10)

أبو عوانة (5594) والطبراني (412) والنسائي (6378).

(11)

مسلم (1351).

(12)

الطيالسي (631)، والطبراني (412) وابن عساكر (46/ 287).

ص: 412

عبد الله بن الهاد

(1)

، ويحيى بن سعيد الأنصاري

(2)

، وصالح بن كيسان

(3)

.

فكأن هشيماً رواه بالمعنى، إلا أن دلالة اللفظين متغايرة، فقوله:«لا يتوارث أهل ملتين» دلالته لا يرث أهل الديانات الأخرى من بعضهم فاليهودي مثلاً لا يرث قريبه النصراني أو المجوسي.

قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 286): «وهكذا رواه يزيد بن أسامة بن عبد الله بن الهاد ومعمر ويونس بن يزيد وعبد الله بن بديل وزمعة بن صالح عن الزهري.

وبهذا الإسناد رواه هشيم وسفيان بن حسين الواسطيان عن الزهري إلا أنهما خالفاه في اللفظ».

وقال عبد الله: سمعت أبي يقول: لم يسمع هشيم من الزهري حديث علي بن حسين عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يتوراث أهل ملتين شتى» قال أبي: وقد حدثنا به هشيم

(4)

.

وذكر ابن هانئ في مسائله عن الإمام أحمد نحو ذلك

(5)

.

وقال أبو طالب: قال أبو عبد الله يعني الإمام أحمد: ما صحّ من سماع هشيم عن الزهري إلا أربعة أحاديث يقول: حدثنا الزهري،

(1)

النسائي في الكبرى (6377) والطبراني (412) وابن عساكر (46/ 287).

(2)

الطبراني (412) وابن عساكر (46/ 287) وأبو نعيم في الحلية (3/ 144).

(3)

الطبراني (412).

(4)

العلل ومعرفة الرجال برواية عبد الله (2/ 265 رقم 2202).

(5)

مسائل الإمام أحمد لابن هانئ (2140).

ص: 413

الحديث الطويل حديث الرجم، وحديث صفية، وحديث المجادلة، وحديث ابن عمر:(ما استيسر من الهدي) وما كان غير ذلك يقول: لا أدري من سفيان بن حسين سمعته أو الزهري.

قلت: يقولون: إن شعبة رضي بكتابه؟ قال: لا، ليس هذا بشيء إنما سمع بالموسم فنسي

(1)

.

فظهر بهذا أن هشيماً سمع هذا الحديث من سفيان بن حسين، وسفيان بن حسين ثقة إلا أن حفاظ الحديث قالوا: إن في حديثه عن الزهري ضعفاً كما في ترجمته في التهذيب

(2)

.

وذكر ابن عبد البر في التمهيد (9/ 171) أن هشيماً تفرد برواية هذا الحديث بلفظ: «لا يتوارث أهل ملتين شتى» وقال: (هشيم ليس في ابن شهاب بحجة).

‌علة الوهم:

1 الرواية بالمعنى.

قال الحافظ: وعندي أنه رواه من حفظه بلفظ ظن أنه يؤدي معناه فلم يصب، فإن اللفظ الذي أتى به أعم من اللفظ الذي سمعه، وسبب ذلك أن هشيماً سمع من الزهري بمكة أحاديث ولم يكتبها وعلّق بحفظه بعضها فلم يكن من الضابطين عنه، ولذلك لم يخرج الشيخان من روايته عنه شيئاً.

(1)

المعرفة والتاريخ (2/ 201).

(2)

ضعف روايته عن الزهري أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والنسائي وابن عدي، وقال ابن عدي: يروي عن الزهري أشياء خالف فيها الناس، وقال ابن حبان: يروي عن الزهري المقلوبات وذلك أن صحيفة الزهري اختلطت عليه.

ص: 414

2 جاءت بعض روايات هذا الحديث من غير الزهري بهذا اللفظ، منها:

ما رواه عمرو بن عثمان عن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتوارث أهل ملتين ولا يرث مسلم كافراً ولا كافر مسلماً»

(1)

.

وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: «لا يتوارث أهل ملتين»

(2)

.

بل إن هشيماً نفسه روى عن جويبر عن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتوارث أهل ملتين شيء»

(3)

.

ورواه أيضاً عن يونس عن الحسن عن عمر بن الخطاب موقوفاً

(4)

.

3 هشيم مدلس وجاء في بعض طرق الحديث شكه هل سمعه من الزهري أو أخبر عنه، ولو ذكر سماعه من سفيان بن حسين لربما سلم من الوهم لضعف سفيان بن حسين في الزهري.

4 اختصار الحديث:

قال الإمام أحمد: (أبو عوانة كتابه صحيح وأخباره يجيء بها وطول الحديث بطوله وهشيم أحفظ وإنما يختصر الحديث)

(5)

.

(1)

الحاكم (2/ 240) وقال: (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي.

(2)

أبو داود (2911) وابن ماجه (2731) وسعيد بن منصور (2137) وابن الجارود (967) والدارقطني (4/ 72) وغيرهم.

(3)

سعيد بن منصور (140).

(4)

المصدر السابق (141).

(5)

المعرفة والتاريخ (2/ 101) ط. دار الكتب العلمية.

ص: 415

‌الدلالة الفقهية:

عموم هذا الحديث يدل أن أهل الديانات الأخرى لا يرث بعضهم بعضاً فلا يرث اليهودي النصراني والمجوسي ولا يرثونه.

وبذلك قال الزهري وابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل، وقد علّق الشافعي القول في ذلك بصحته

(1)

.

وذهب الجمهور أن المراد بالملّتين: الإسلام والكفر، والكفر كله ملة واحدة، وقد قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ

(73)} [الأنفال: 73].

ويدل على ذلك ما رواه سعيد بن منصور (141) قال: حدثنا أبو عوانة وهشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال: قال عمر بن الخطاب: (لا نرث أهل الملل ولا يرثونا).

ورواه البيهقي من حديث مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر به، والله أعلم.

(1)

انظر كتابي: النظر فيما علّق الشافعي القول به على صحة الخبر ص 491، ومعالم السنن للخطابي (4/ 181 - 182)، وسبق الحديث في باب مالك فإنه قال:(عمر بن عثمان) بدل عمرو بن عثمان ح (154)، وانظر ح (1359).

ص: 416

‌الحديث الثاني

(1)

:

701 -

قال النسائي في السنن الكبرى (5/ 184 رقم 8616): أخبرني زياد بن أيوب قال: حدثنا هشيم قال: أنبأ يونس عن الحسن قال: حدثنا الأسود بن سريع قال:

كنا في غزاة فأصبنا ظفراً وقتلنا من المشركين حتى بلغ بهم القتل إلى أن قتلوا الذرية، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

«ما بال أقوام بلغ بهم القتل إلى أن قتلوا الذرية، ألا لا تقتلن ذرية ألا لا تقتلن ذرية» .

فقيل: لمَ يا رسول الله أليس هم أولاد المشركين؟

قال: «أوَليس خياركم أولاد المشركين؟» .

‌التعليق:

وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير زياد بن

(1)

رجال الإسناد:

زياد بن أيوب بن زياد البغدادي، أبو هاشم، طوسي الأصل، يلقب دلُّويه، وكان يغضب منها، ولقبه أحمد: شعبة الصغير، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 252 وله 86 سنة، روى عنه البخاري (له في البخاري حديثان).

يونس بن عبيد بن دينار العبدي، أبو عبيد البصري، ثقة ثبت فاضل ورع، من الخامسة، مات سنة 139، روى له البخاري ومسلم.

الحسن بن أبي الحسن البصري واسم أبيه يسار، ثقة فقيه فاضل مشهور وكان يرسل كثيراً ويدلس، قال البزار: كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فيتجوز ويقول: حدثنا وخطبنا يعني قومه الذين حدثوا وخوطبوا بالبصرة، رأس الطبقة الثالثة، مات سنة 110 وقد قارب 90 عاماً، روى له البخاري ومسلم.

الأسود بن سريع التميمي السعدي، صحابي نزل البصرة، ومات في أيام الجمل، وقيل: سنة 42.

ص: 417

أيوب فهو من رجال البخاري وأخرجه الضياء في المختارة (1444) من طريق الحسين بن إسماعيل المحاملي عن زياد به. وقد تابعه في روايته هذه عن هشيم عمرو بن عون عند الحاكم (2/ 123) والبيهقي (9/ 77) إلا أن هشيماً وهم على يونس في هذا الإسناد فأظهر سماع الحسن هذا الحديث من الأسود في قوله (حدثنا) والحسن لم يسمع هذا الحديث من الأسود كما قال ابن المديني وغيره من أئمة أهل الحديث كما سيأتي.

وقد رواه غيره من أصحاب يونس الثقات بالعنعنة، منهم:

إسماعيل بن علية

(1)

، وأبو إسحاق الفزاري

(2)

، ويزيد بن زريع

(3)

، وعبد الوهاب بن عطاء

(4)

، وسعيد بن أبي عروبة

(5)

، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي

(6)

، وسالم بن نوح

(7)

.

هؤلاء الخمسة رووه عن يونس، عن الحسن عن الأسود بن سريع ولم يقولوا:(حدثنا).

ورواه كذلك عن الحسن عن الأسود بن سريع بالعنعنة ولم يقل حدثنا، منهم:

(1)

أخرجه أحمد (3/ 435) وابن أبي شيبة (33131).

(2)

الدارمي (2506) وأبو نعيم في الحلية (8/ 263).

(3)

الطبراني في الكبير (1/ 284 ح 829) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1160).

(4)

البيهقي (9/ 77).

(5)

الطبراني في الكبير (1/ 285 ح 832).

(6)

جزء أبي الطاهر (1/ 26 رقم 49).

(7)

جزء أبي الطاهر (49).

ص: 418

قتادة بن دعامة

(1)

، وأشعث بن عبد الملك

(2)

، وعمارة بن أبي حفصة

(3)

، ومبارك بن فضالة

(4)

، وهشام بن حسان

(5)

، والمعلى بن زياد

(6)

، وعنبسة الغنوي

(7)

، وأبو حمزة العطار إسحاق بن الربيع

(8)

، والسري بن يحيى أبو الهيثم

(9)

، وعبد الله بن بكر المزني

(10)

، وإسماعيل بن مسلم

(11)

هؤلاء كلهم رووه عن الحسن ولم ينسبوا للحسن التصريح بالسماع من الأسود كما رواه أصحاب يونس عن الحسن وخالفهم فيه هشيم، مما يدل على وهم هشيم في هذا، والله تعالى أعلم.

وقد ذكر أئمة الحديث أن الحسن لم يسمع من الأسود بن سريع.

قال علي بن المديني كما في (علله) حيث سئل عن حديث الأسود وهو ابن سريع (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكثروا القتل).

(1)

أحمد (3/ 435)، (4/ 24) والحاكم (2/ 132) والطبراني (832) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1162).

(2)

الطبراني في الكبير (830) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1161).

(3)

الطبراني في الكبير (831).

(4)

الطبراني في الكبير (826).

(5)

الطبراني في الكبير (832).

(6)

الطبراني في الكبير (834) وفي الأوسط (1984).

(7)

الطبراني في الكبير (835) وفي الأوسط (4941).

(8)

أبو يعلى (1/ 444 رقم 938) ط. دار القبلة.

(9)

الضياء في المختارة (1446) وابن حبان (132).

(10)

ابن البختري (1/ 407 مجموع فيه مصنفات ابن البختري).

(11)

ابن عبد البر في التمهيد (18/ 67).

ص: 419

فقال: إسناده منقطع، رواية الحسن عن الأسود بن سريع، والحسن عندنا لم يسمع من الأسود، لأن الأسود خرج من البصرة أيام علي وكان الحسن بالمدينة.

فقلت له: المبارك يعني ابن فضالة يقول: في حديث الحسن عن الأسود، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني حمدت ربي بمحامد، أخبرني الأسود. فلم يعتمد على المبارك في ذلك

(1)

.

وقال أيضاً: الأسود بن سريع قتل أيام الجمل، وإنما قدم الحسن البصرة بعد ذلك

(2)

.

وقد وافق ابن المديني على عدم سماع الحسن من الأسود، يحيى بن معين.

ففي تاريخه برواية الدوري (4094) قال: لم يسمع من الأسود بن سريع.

وقال أبو عبد الله ابن مندة: لا يصح سماعه منه، توفي أيام الجمل سنة اثنتين وأربعين، كما في التهذيب للحافظين المزي، وابن حجر في ترجمة الأسود.

(1)

العلل ص 232: ولم يعتمد على المبارك لأنه كان رفاعاً، ففي ترجمته في التهذيب قال أبو طالب عن أحمد بن حنبل: كان مبارك بن فضالة يرفع حديثاً كثيراً، ويقول في غير حديث عن الحسن قال: حدثنا عمران، وقال: حدثنا ابن مغفل، وأصحاب الحسن لا يقولون ذلك، غيره. وانظر: تحفة التحصيل (1/ 71) والمراسيل لابن أبي حاتم (1/ 39).

وقال ابن حجر في التقريب: صدوق يدلس ويسوي.

قلت: وهذا الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (50، 819) من طريق مبارك بن فضالة بالعنعنة عن الحسن عن الأسود، والله أعلم.

(2)

المعرفة والتاريخ (2/ 54).

ص: 420

ونقل ابن حجر عن الباوردي قوله في معرفة الصحابة عن الحسن قال: (لما قتل عثمان ركب الأسود سفينة وحمل معه أهله وعياله فما رئي بعد) ثم قال الحافظ: (وكل هذا يدل على أن الحسن وأقرانه لم يلحقوه).

ونقل الزيلعي في نصب الراية (1/ 90) تحت عنوان: ذكر كلام البزار في سماع الحسن من الصحابة قال رحمه الله: سمع الحسن البصري عن جماعة من الصحابة وروى عن آخرين ولم يدركهم، وكان صادقاً متأولاً في ذلك، فيقول: حدثنا وخطبنا يعني قومه الذين حُدِّثوا وخوطبوا بالبصرة

وأما قوله: خطبنا ابن عباس بالبصرة، فقد أنكر عليه لأن ابن عباس كان بالبصرة أيام الجمل وقدم الحسن أيام صفين فلم يدركه بالبصرة، وتأول قوله: خطبنا، أي: خطب أهل البصرة.

وكذلك قال: حدثنا الأسود بن سريع، والأسود قدم يوم الجمل فلم يره، ولكن معناه: حدّث أهل البصرة. اه.

وقال الذهبي في السير (4/ 566): وقد روي بالإرسال عن طائفة كعلي وأم سلمة ولم يسمع منهما ولا من أبي موسى، ولا من ابن سريع

ص: 421

‌الحديث الثالث

(1)

:

702 -

قال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (5/ 432): حدثنا أبو أمية، قال: ثنا سريج بن النعمان الجوهري، قال: ثنا هشيم، عن الأعمش، قال: ثنا أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم ثبِّت الأئمة واغفر للمؤذنين» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

هكذا قال هشيم: (عن الأعمش، ثنا أبو صالح، عن أبي هريرة).

خالفه خلق كثير من أصحاب الأعمش الثقات فرووه بالعنعنة ولم يصرِّحوا بسماع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح فقالوا: (عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة)، منهم:

(1)

رجال الإسناد:

أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي أبو أمية الطرسوسي، بغدادي الأصل مشهور بكنيته، صدوق صاحب حديث يهم، من الحادية عشرة، مات سنة 273، روى له النسائي.

سريج بن النعمان بن مروان الجوهري أبو الحسن البغدادي، أصله من خراسان، ثقة يهم قليلاً، من كبار العاشرة، مات يوم الأضحى سنة 217، روى له البخاري.

الأعمش: سليمان بن مهران، تقدم، وانظره في بابه.

أبو صالح: ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة 101، روى له البخاري ومسلم.

ص: 422

سفيان الثوري

(1)

، وأبو معاوية

(2)

، وأبو الأحوص

(3)

، وزائدة

(4)

، وعيسى بن يونس

(5)

، وجرير بن عبد الحميد

(6)

، ومعمر

(7)

، وسهيل بن أبي صالح

(8)

، وأبو خالد الأحمر

(9)

، وسفيان بن عيينة

(10)

، وشريك

(11)

، وحفص بن غياث

(12)

، وفضيل بن عياض

(13)

، وأبو عوانة

(14)

، وعمرو بن عبد الغفار

(15)

، ومحمد بن عبيد

(16)

، وسلام بن أبي مطيع

(17)

، وصدقة بن أبي عمران

(18)

، وبحر السقاء

(19)

،

(1)

عبد الرزاق (1838) وأحمد (2/ 284) و (2/ 461) و (2/ 472) وابن خزيمة (1528) والبيهقي (3/ 127) وذكره الترمذي تعليقاً (207).

(2)

الترمذي (207).

(3)

الترمذي (207).

(4)

أحمد (2/ 424) والطيالسي (3404).

(5)

ابن خزيمة (1528) والطبراني في الصغير (796).

(6)

ابن خزيمة (1528).

(7)

عبد الرزاق (1838) وأحمد (2/ 284) وابن خزيمة (1528).

(8)

ابن خزيمة (1528) والطحاوي (5/ 433) والطبراني في الأوسط (8544) والبيهقي (1/ 430) وفي شعب الإيمان (3062) وذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 78) تعليقاً.

(9)

ابن خزيمة (1528).

(10)

الشافعي في الأم (1/ 159) والحميدي (999) والبغوي في شرح السنّة (2/ 278).

(11)

أحمد (2/ 424) وابن الجعد في مسنده (2118) والطحاوي (5/ 432).

(12)

الطحاوي (5/ 434) والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 301) وذكره الترمذي تعليقاً (207).

(13)

أبو نعيم في الحلية (8/ 118).

(14)

الطحاوي (5/ 434).

(15)

البيهقي (1/ 430) وفي شعب الإيمان (3063).

(16)

أحمد (2/ 424) والبيهقي (1/ 430) وفي شعب الإيمان (3063).

(17)

الطبراني في الأوسط (8582).

(18)

الطبراني في الصغير (297).

(19)

ابن عدي في الكامل (2/ 486).

ص: 423

والحسن بن صالح

(1)

، ومحمد بن فضيل

(2)

، وشعبة

(3)

، وقيس بن الربيع

(4)

، والأوزاعي

(5)

.

وذكر الدارقطني أن ممن رواه كذلك إسرائيل بن يونس، وعبيدة بن حميد، وأبو يحيى الحماني، ووكيع، وزهير، وجرير بن حازم، وعبد الواحد بن زياد، وأبو حمزة السكري، وغيرهم

(6)

.

فجملة هؤلاء الذين رووه عن الأعمش ولم يصرحوا بسماع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح اثنان وثلاثون راوياً.

بل إن محمد بن فضيل

(7)

رواه عن الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح عن أبي هريرة وتابعه إبراهيم بن حميد الرواسي

(8)

.

ورواه عبد الله بن نمير

(9)

وأسباط بن محمد

(10)

وشجاع بن الوليد

(11)

عن الأعمش حُدّثت وفي بعضها نبئت عن أبي صالح، ولا أراني إلا قد سمعته منه عن أبي هريرة على الشك في السماع.

(1)

ابن عدي (2/ 728).

(2)

أحمد (2/ 424) تعليقاً.

(3)

الذهبي في معجم الشيوخ (2/ 229) وذكره الدارقطني في العلل تعليقاً (10/ 193).

(4)

أبو الشيخ في جزء من أحاديثه (6).

(5)

الطبراني في الصغير (796).

(6)

العلل (10/ 192 - 195) وذكر تسعة عشر راوياً رووه عن الأعمش بالعنعنة.

(7)

أبو داود (517) وأحمد (2/ 232) والبيهقي (1/ 430).

(8)

ذكره الدارقطني في العلل (10/ 195).

(9)

أبو داود (518) وفي مسائله لأحمد (ص 293) وأحمد (2/ 382) وابن خزيمة (1529) والبيهقي (1/ 430).

(10)

ذكره الترمذي تعليقاً (207).

(11)

الترمذي في العلل الكبير (91).

ص: 424

مما يدل على وهم هشيم بتصريحه بسماع الأعمش من أبي صالح هذا الحديث.

قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: هشيم لم يسمع حديث أبي صالح: (الإمام ضامن) وذاك أنه قيل لأحمد: إن هشيماً قال فيه: عن الأعمش، قال: حدثنا أبو صالح

(1)

.

وقال يحيى بن معين: قال سفيان الثوري: لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح

(2)

.

وكذلك قال علي بن المديني

(3)

.

وقال ابن خزيمة بعد أن ذكر رواية ابن نمير: أفسد الخبر

(4)

، وقال الدارقطني: أفسد الحديث، وقال البيهقي: هذا الحديث لم يسمعه الأعمش باليقين من أبي صالح.

وقال ابن الجوزي

(5)

: ليس لهذا الحديث أصل، ليس يقول فيه أحد عن الأعمش أنه قال: أنا أبو صالح، والأعمش يحدث عن ضعاف، والدليل على أن الأعمش لم يسمع من أبي صالح حديث محمد بن فضيل.

وخالفهم الشيخان أحمد شاكر

(6)

والألباني

(7)

فصححوا الحديث مستدلين برواية هشيم وأن الأعمش قد صرّح بالسماع مغترين بظاهر الإسناد ولا شك أن قولهم مرجوح، والله تعالى أعلم.

(1)

مسائل أحمد رواية أبي داود (ص 293).

(2)

التاريخ برواية الدوري (3/ 497).

(3)

التلخيص (1/ 207).

(4)

(5)

العلل المتناهية (1/ 433 - 434).

(6)

حاشية الترمذي (1/ 403) ومسند أحمد (12/ 153).

(7)

إرواء الغليل (1/ 231).

ص: 425

‌الحديث الرابع

(1)

:

703 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (5/ 217): أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أنبأنا ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه قال:

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت ومعه الفضل بن عباس وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال، فأجافوا عليهم الباب، فمكث فيه ما شاء الله ثم خرج، قال ابن عمر: كان أول مَنْ لقيته بلالاً قلت: أين صلّى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما بين الأسطوانتين.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وهو عند النسائي أيضاً في الكبرى (3899).

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/ 3) قال: حدثنا هشيم، أخبرنا غير واحد وابن عون، عن نافع به، إلا أن في متنه وهماً وهو قوله:(ومعه الفضل بن عباس).

(1)

رجال الإسناد:

يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح العبدي، ثقة من العاشرة، مات سنة 252 وله 86 سنة، وكان من الحفاظ، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عون بن أرطبان أبو عون البصري، ثقة ثبت فاضل، من أقران أيوب في العلم والسن، من السادسة، روى له البخاري ومسلم.

نافع أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 426

وقد خالف خالد بن الحارث

(1)

هشيماً فرواه عن عبد الله بن عون عن نافع ولم يذكر فيه الفضل.

ورواه أيوب السختياني

(2)

، ومالك

(3)

، وجويرية

(4)

، ويونس بن يزيد

(5)

، وفليح بن سليمان المدني

(6)

، وعبيد الله بن عمر

(7)

وأحاديثهم عند الشيخين في الصحيح، كلهم رووه عن نافع عن ابن عمر ولم يذكروا الفضل بن عباس.

وإجماع هؤلاء الثقات كلهم على ترك ذكر الفضل بن عباس رضي الله عنه فيمن دخل الكعبة مع النبي صلى الله عليه وسلم يدل على وهم مَنْ عدّه فيهم، والله أعلم.

قال الحافظ في الفتح (3/ 468): لم يثبت أن الفضل كان معهم إلا في رواية شاذة.

(1)

مسلم (1329)(392) والنسائي (5/ 216 - 217) و (2/ 392).

(2)

البخاري (468) ومسلم (1329)(388).

(3)

البخاري (505) ومسلم (1329)(389).

(4)

البخاري (504).

(5)

البخاري (2988).

(6)

البخاري (4400).

(7)

مسلم (1329)(391).

ص: 427

‌الحديث الخامس

(1)

:

704 -

قال الإمام أحمد (4/ 344) رحمه الله: حدثنا سريج بن النعمان، حدثنا هشيم قال: أخبرنا داود بن أبي هند قال: حدثني أبو حرب بن أبي الأسود، عن فضالة الليثي رضي الله عنه قال:

أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وعلّمني حتى علّمني الصلوات الخمس لمواقيتهن، قال: فقلت له: إن هذه لساعات أُشْغَلُ فيها فمُرني بجوامع، فقال لي: إن شُغِلت فلا تشغل عن العصرين؛ قلت: وما العصران؟ قال: صلاة الغداة وصلاة العصر.

‌التعليق:

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير الصحابي.

وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (7/ 79 - 80) عن هشيم به.

وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 33) والحاكم

(1)

رجال الإسناد:

سريج بن النعمان بن مروان الجوهري، أبو الحسن البغدادي، أصله من خراسان، ثقة يهم قليلاً، من كبار العاشرة، مات يوم الأضحى سنة 217، روى له البخاري.

داود بن أبي هند القشيري مولاهم، أبو بكر أو أبو محمد البصري، ثقة متقن، كان يهم بآخره، من الخامسة، مات سنة 140 وقيل قبلها، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

أبو حرب بن أبي الأسود الديلي البصري، ثقة، قيل: اسمه محجن، وقيل: عطاء، من الثالثة، مات سنة 108، روى له مسلم.

فضالة الليثي الزهراني، صحابي، وقيل: اسم أبيه عبد الله، وقيل: وهب، له حديث، روى له أبو داود.

ص: 428

(1/ 20) من طريق سعيد بن منصور، وابن حبان (1741) من طريق زكريا بن يحيى كلاهما عن هشيم به، وصححه الحاكم على شرط مسلم (وخالفه الذهبي كما سيأتي).

هكذا قال هشيم: (عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن فضالة).

خالفه خالد بن عبد الله الواسطي

(1)

، وزهير بن إسحاق السلولي

(2)

، وعلي بن عاصم الواسطي

(3)

، ومسلمة بن علقمة

(4)

في رواية

(5)

فقالوا:

(عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عبد الله بن فضالة عن أبيه فضالة).

أسقط عبد الله بن فضالة من الإسناد.

قال ابن أبي حاتم في العلل (296): سألت أبي عن حديث رواه هشيم عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن فضالة الليثي: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت وعلّمني الصلوات الخمس في مواقيتها

الحديث.

(1)

أبو داود (428) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (939) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3/ 33) وابن حبان (1742) والطبراني في الكبير (18/ 826) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 325) والحاكم (1/ 199 - 200) والبيهقي (1/ 466) وابن الأثير في أسد الغابة (4/ 386).

(2)

البخاري في التاريخ الكبير (5/ 170).

(3)

البيهقي (1/ 466) وأبو جعفر ابن البختري (687).

(4)

ابن قانع في معجم الصحابة (2/ 326).

(5)

وفي رواية قال: عن عبد الله بن فضالة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أبا فضالة.

البخاري في التاريخ (5/ 170) وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 135).

ص: 429

قال أبي: ورواه خالد الواسطي، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عبد الله بن فضالة

(1)

الليثي، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبي: حديث خالد أصح عندي.

وقال في الجرح والتعديل (5/ 136 رقم 632):

ورواه خالد الواسطي، وزهير بن إسحاق عن داود، عن أبي حرب، عن عبد الله بن فضالة عن أبيه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أصح، سمعت أبي يقول ذلك.

وقال الذهبي في التلخيص (1/ 199 - 200 بهامش المستدرك): خولف هشيم.

رواه خالد بن عبد الله عن أبي حرب، عن عبد الله بن فضالة عن أبيه.

وقال المزي في التهذيب في ترجمة فضالة (5317): له صحبة .. له عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد في المحافظة على العصرين يعني الصبح والعصر روى عنه ابنه عبد الله بن فضالة، وفي إسناده اختلاف.

‌الخلاصة:

حديث هشيم صحيح إلا أن إسناده منقطع فالصحيح أن بين حرب بن أبي الأسود وفضالة الليثي عبد الله بن فضالة ذكره ابن حبان في الثقات وكان على قضاء البصرة، وقيل: إن له صحبة ورؤية إلا أن روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة

(2)

.

(1)

عبد الله بن فضالة الزهراني الليثي، من أولاد الصحابة، له رؤية، وروايته مرسلة، عاش إلى زمن الوليد بن عبد الملك، روى له أبو داود.

(2)

قال ابن عبد البر في الاستيعاب: واختلف في إتيانه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو عندهم مرسل على أنه قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم ورآه.

ص: 430

أما قول الحاكم (1/ 200): (هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وعبد الله هو ابن فضالة بن عبيد وقد خرّج له في الصحيح حديثان) فوهم:

1 فإن عبد الله بن فضالة: ليس ابن عبيد، قيل: اسم أبي فضالة عبد الله، وقيل: وهب.

2 لم يخرج له مسلم شيئاً كما في ترجمته في تهذيب الكمال والتهذيب والإصابة، والله أعلم.

وقال الذهبي في المغني (1/ 350): عبد الله بن فضالة عن أبيه، ولفضالة صحبة، لا يعرفان، والخبر منكر في وقت الصلاة.

قلت: والحديث صححه الحاكم وابن حبان والسيوطي في الجامع الصغير (3657) والألباني في صحيح أبي داود (2/ 306) والسلسلة الصحيحة (1813).

الحديث ظاهره منكر لأنه يوهم جواز الاقتصار على العصرين وهما الفجر والعصر، لكن يحمل على الترخيص على تركها في جماعة المسجد إن شغل عنها لا على تركها بالكلية.

وصلاة الظهر والمغرب يمكن أن تجمع لما بعدها بخلاف الفجر والعصر، والله أعلم

(1)

.

(1)

لما رواه مسلم في صحيحه (705) عن ابن عباس رضي الله عنه قال: صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر.

قال سعيد بن جبير: فقلت لابن عباس: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.

ص: 431

‌الحديث السادس

(1)

:

705 -

قال الإمام أحمد (1/ 293): حدثنا سُريج، حدثنا هشيم، أخبرنا خالد الحذاء، عن بركة بن العريان المجاشعي قال: سمعت ابن عباس يحدّث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله عز وجل إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه» .

‌التعليق:

هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير بركة المجاشعي وهو تابعي ثقة، وثقه أبو زرعة (الجرح والتعديل 1718) وذكره ابن حبان في الثقات.

وأخرجه الضياء في المختارة (495) من طريق الإمام أحمد به.

إلا أن هشيماً وهم في اسم بركة فقال: (بركة بن العريان).

خالف غيره من الثقات الذين شاركوه في روايته هذا الحديث عن خالد الحذاء فقالوا: (بركة أبو الوليد) وهم:

بشر بن المفضل

(2)

، وخالد بن عبد الله الطحان

(3)

، ويزيد بن

(1)

رجال الإسناد:

سُريج بن النعمان بن مروان الجوهري: تقدم.

خالد بن مِهران أبو المنازل البصري الحذاء، قيل له ذلك لأنه كان يجلس عندهم

، ثقة يرسل، من الخامسة، روى له البخاري ومسلم.

بركة المجاشعي، أبو الوليد البصري، ثقة، من الرابعة، روى له أبو داود وابن ماجه.

(2)

أبو داود (3488) والبيهقي (6/ 13).

(3)

أبو داود (3488) والدارقطني (3/ 7).

ص: 432

زريع

(1)

، ووهيب بن خالد

(2)

، وعلي بن عاصم

(3)

، ومحبوب بن الحسن

(4)

، وعبد الوهاب الثقفي

(5)

.

قال ابن أبي حاتم في العلل (1542): سئل أبو زرعة، عن حديث رواه سعيد بن سليمان الواسطي

(6)

، عن هشيم، عن خالد الحذاء، عن أبي العريان المجاشعي عن ابن عباس قال:(لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها، وإن الله إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه).

فقال أبو زرعة: هذا خطأ، إنما هو عن بركة أبي الوليد، وهم فيه هشيم. اه.

قلت: هكذا قال أبو زرعة إن هشيماً وهم في اسم التابعي الذي روى هذا الحديث عن ابن عباس فقال: أبي العريان المجاشعي إلا أن في حديث الباب جاء اسمه: بركة بن العريان المجاشعي وليس أبا العريان.

ورواه هشيم مرة ثانية فقال: (بركة بن الوليد) وإنما هو بركة (أبو الوليد).

(1)

ابن حبان (4938).

(2)

البخاري في التاريخ الكبير (2/ 147/ 2002).

(3)

أحمد (1/ 247) والضياء في المختارة (494).

(4)

أحمد (1/ 322) والضياء (496) اسمه محمد بن الحسن بن هلال ومحبوب لقبه.

(5)

الضياء في المختارة (9/ 510 رقم 493) وفي السنن المأثورة (269).

(6)

سعيد بن سليمان الضبي أبو عثمان الواسطي، نزيل بغداد، لقبه سعدويه، ثقة حافظ من كبار العاشرة، مات سنة 225 وله 100 سنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 433

أخرجه الطبراني عنه في الكبير (12887) من طريق عمرو بن عوف الواسطي، ثنا هشيم، عن خالد الحذاء، عن بركة بن الوليد عن ابن عباس به.

وقد ترجمه البخاري في التاريخ الكبير: بركة أبي الوليد المجاشعي، وكذا ترجمه ابن أبي حاتم والمزي ولم يذكر أحد منهم بركة بن العريان، والله تعالى أعلم.

وقال ابن حجر في ترجمته في التهذيب: (وقرأت بخط مغلطاي أن ابن خلفون سمّى أباه العريان، والذي رأيت في ابن خلفون: بركة أبو الوليد، ويقال: أبو العريان) اه.

وقال في إتحاف المهرة (7/ 19) في ترجمته: بركة بن العريان المجاشعي أبو الوليد البصري، عن ابن عباس (وذكر حديث الباب).

ص: 434

‌الحديث السابع

(1)

:

706 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (4/ 270): حدثنا هشيم، أخبرنا أبو بشر، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال:

أنا أعلم الناس أو كأعلم الناس بوقت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم للعشاء، كان يصليها بعد سقوط القمر في الليلة الثالثة من أول الشهر.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير حبيب بن سالم فمن رجال مسلم.

والحديث أخرجه كذلك الطيالسي (797) وابن أبي شيبة (1/ 330) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3782، 3783) والحاكم (1/ 194) كلهم من طريق هشيم بهذا الإسناد.

وقد تابع هشيماً على هذا الإسناد رقبة بن مصقلة

(2)

، وسفيان بن حسين

(3)

.

(1)

رجال الإسناد:

أبو بشر: هو جعفر بن إياس، أبو بشر ابن أبي وحشية، ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير، وضعفه شعبة في حبيب بن سالم وفي مجاهد، من الخامسة، مات سنة 125 أو 126، روى له البخاري ومسلم.

حبيب بن سالم الأنصاري مولى النعمان بن بشير وكاتبه لا بأس به، من الثالثة، روى له مسلم.

النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي له ولأبويه صحبة.

(2)

النسائي (1/ 264) وفي الكبرى (1510) والطحاوي في شرح المشكل (3786).

(3)

الدارقطني (1/ 270) وابن عدي في الكامل (2/ 405).

ص: 435

خالفهم شعبة

(1)

وأبو عوانة

(2)

فرووه (عن أبي بشر، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير).

فزادوا بشير بن ثابت بين أبي بشر وحبيب بن سالم.

وكان شعبة يرى أن أبا بشر لم يسمع من حبيب بن سالم.

قال الإمام أحمد: كان شعبة يقول: لم يسمع أبو بشر من حبيب بن سالم.

وقال ابن المديني: سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان شعبة يضعف أحاديث أبي بشر عن حبيب بن سالم.

قال الترمذي: (روى هذا الحديث هشيم عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير ولم يذكر فيه هشيم عن بشير بن ثابت وحديث أبي عوانة أصح عندنا لأن يزيد بن هارون روى عن شعبة عن أبي بشر نحو رواية أبي عوانة)

(3)

. اه.

وحكم ابن العربي بخطأ هشيم في هذه الرواية وإن كان الحديث صحيحاً.

قال ابن العربي في عارضة الأحوذي (1/ 277): (حديث النعمان بن بشير حديث صحيح وإن لم يخرجه الإمامان

، وإن كان

(1)

أحمد (4/ 272) والطحاوي (3781) والدارقطني (1/ 270) والحاكم (1/ 194).

(2)

أبو داود (419) والترمذي (165) والنسائي (1/ 264 - 265) وفي الكبرى (1511) والدارقطني (1/ 269) والحاكم (1/ 194) والطحاوي (3785) والبيهقي (1/ 448).

(3)

عقب الحديث (165).

ص: 436

هشيم قد رواه عن أبي بشر عن حبيب بن سالم بإسقاط بشير، وما ذكرناه أصح يعني حديث أبي عوانة وكذلك رواه شعبة وغيره، وخطأ مَنْ أخطأ في الحديث لا يخرجه عن الصحة)

(1)

.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (5005): وسئل أبو زرعة عن حديث رواه هشيم وسفيان بن حسين

(وذكر حديث الباب).

ورواه مسدد عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبو زرعة: حديث بشير بن ثابت أصح.

قال ابن أبي حاتم: وفق أبو زرعة لما قال وحكم لمسدد بما أتى عن أبي عوانة بزيادة رجل في الإسناد.

وقد حدثنا أحمد بن سنان، عن يزيد، عن شعبة، عن أبي بشر، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم، عن النعمان.

(1)

ذكره الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي ح (165).

ص: 437

‌الحديث الثامن

(1)

:

707 -

قال الإمام أحمد (6/ 426): حدثنا هشيم قال: أنا داود بن أبي هند عن النعمان بن سالم، عن عنبسة بن أبي سفيان قال: أخبرتني أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:

مَنْ صلّى في يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير فريضة بني له بيت في الجنة.

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط مسلم.

وأخرجه ابن خزيمة (1185) عن يعقوب بن إبراهيم وزياد بن أيوب، وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (1649) من طريق أبي الربيع، كلهم عن هشيم به.

هكذا قال هشيم: (عن داود بن أبي هند، عن النعمان، عن عنبسة، عن أم حبيبة).

خالفه أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان

(2)

، وبشر بن

(1)

رجال الإسناد:

داود بن أبي هند القشيري مولاهم، أبو بكر أو أبو محمد البصري، ثقة متقن كان يهم بأخرة، من الخامسة، مات سنة 140 وقيل قبلها، روى له مسلم واستشهد به البخاري.

النعمان بن سالم الطائفي، ثقة، من الرابعة والله أعلم، روى له مسلم.

عنبسة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية القرشي الأموي، أخو معاوية، يقال: له رؤية، وقال أبو نعيم: اتفق الأئمة على أنه تابعي، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، مات قبل أخيه، روى له مسلم.

(2)

مسلم (728).

ص: 438

المفضل

(1)

، وإسماعيل بن علية

(2)

، ومحبوب بن الحسن

(3)

، ووهيب

(4)

، وعبيدة بن حميد

(5)

.

فقالوا: (عن داود بن أبي هند، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن عنبسة، عن أم حبيبة).

أسقط هشيم عمرو بن أوس من الإسناد.

وكذلك رواه شعبة

(6)

، عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس به.

وكذلك رواه أبو إسحاق الهمداني

(7)

، وسالم بن منقذ

(8)

، وشهر بن حوشب

(9)

، عن عمرو بن أوس.

قال ابن خزيمة: أسقط هشيم من الإسناد عمرو بن أوس، والصحيح حديث ابن علية وما رواه محبوب بن الحسن

(10)

.

وقال أبو نعيم: لم يذكر هشيم عن النعمان عمرو بن أوس

(11)

.

(1)

مسلم (728).

(2)

أبو داود (1250) وابن خزيمة (1187) وأبو عوانة (2106).

(3)

ابن خزيمة (1186).

(4)

أبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (1648).

(5)

ابن أبي شيبة (2/ 204) والطبراني في الكبير (23/ 449).

(6)

مسلم (728/ 103) وأحمد (6/ 327) وإسحاق (2042).

(7)

النسائي (3/ 362).

(8)

أبو يعلى (7135) والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 37) والطبراني في الكبير (23/ 434).

(9)

البخاري في التاريخ الكبير (3/ 142) و (7/ 36).

(10)

صحيح ابن خزيمة (2/ 203).

(11)

المستخرج على صحيح مسلم (2/ 323).

ص: 439

‌الحديث التاسع

(1)

:

708 -

قال الترمذي في العلل الكبير (519): حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا منصور وهو ابن زاذان عن الحسن قال: حدثنا جون بن قتادة التميمي قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال:

«إن دباغ الميتة طهورها» وفي الحديث قصة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير جون بن قتادة تابعي.

ورواه ابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 820 رقم 1210 مسند ابن عباس) عن محمد بن حاتم المؤذن، وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 328 - 329) من طريق يحيى بن أيوب، وشجاع بن مخلد، ثلاثتهم عن هشيم بهذا الإسناد.

هكذا قال هشيم: (عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن جون بن قتادة قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم .. ).

(1)

رجال الإسناد:

أحمد بن منيع بن عبد الرحمن أبو جعفر البغوي، ثقة حافظ، نزيل بغداد، من العاشرة، مات سنة 244 وله 84 سنة، روى له البخاري ومسلم.

منصور بن زاذان الواسطي، أبو المغيرة الثقفي، ثقة ثبت عابد، من السادسة، مات سنة 229 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة فقيه فاضل مشهور، رأس الطبقة الثالثة، مات سنة 116 وقد قارب التسعين، روى له البخاري ومسلم.

جون بن قتادة بن الأعور بن ساعدة التميمي ثم السعدي البصري، لم تصحَّ صحبته ولأبيه صحبة وهو مقبول، من الثانية، روى له أبو داود والنسائي.

ص: 440

والمحفوظ هو ما رواه همام

(1)

وشعبة

(2)

وهشام

(3)

عن قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبق).

وقد تقدم في باب سعيد بن أبي عروبة ح (579).

وهم هشيم في قوله عن جون: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فعده من الصحابة.

وإنما جون بن قتادة يرويه عن سلمة بن المحبق.

وقد رواه أبو بكر ابن أبي شيبة

(4)

، وزكريا بن يحيى زحمويه

(5)

عن هشيم فذكروا في الإسناد سلمة بن المحبق.

لذا اختلف أهل العلم في مَنْ الواهم في ذلك. فعند ابن مندة وغيره الوهم من هشيم.

قال ابن مندة في معرفة الصحابة: جون بن قتادة التميمي لا تثبت له صحبة ولا رؤية، ذكره بعض الواهمين في الصحابة

(6)

.

وتعقبه أبو نعيم فذكر أن زكريا بن يحيى زحمويه رواه عن هشيم مجوداً، قال ذلك كله المزي، ثم قال: وقد أصاب ابن مندة فيما نسبه إلى هشيم من الوهم لأن ذلك هو المحفوظ عن هشيم رواه غير واحد عنه كذلك، أما رواية زحمويه فشاذة

(7)

.

قلت: لم ينفرد زحمويه بل رواه كذلك ابن أبي شيبة كما تقدم.

(1)

أبو داود (4125) وأحمد (3/ 476) و (5/ 6) وابن حبان (4522) وغيرهم.

(2)

أحمد (5/ 6) وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 820) والدارقطني (1/ 46) وغيرهم.

(3)

النسائي (7/ 173) وأحمد (3/ 476) وابن أبي شيبة (24782) وغيرهم.

(4)

في مسنده (759) ومن طريقه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1063).

(5)

تهذيب الكمال (5/ 164).

(6)

تهذيب الكمال (5/ 164) وانظر: تاريخ دمشق (11/ 338).

(7)

تهذيب الكمال (5/ 164).

ص: 441

قال ابن مندة: «هكذا قال هشيم ورواه جماعة عنه منهم: شجاع بن مخلد وأحمد بن منيع ويحيى بن أيوب

، ورواه قتادة عن الحسن عن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبق وهو الصحيح.

وقال أيضاً: هكذا حدّث هشيم بهذا الحديث لم يجاوز به جون بن قتادة وليس لجون صحبة، رواه غير هشيم عن منصور عن قتادة عن الحسن عن جون عن سلمة بن المحبق وهو الصواب

(1)

.

قال ابن عساكر معقباً: هذا هو المحفوظ عن هشيم في هذا الحديث وهو وهم

(2)

..

‌الخلاصة:

اختلف على هشيم في هذا الحديث فرواه عنه ثلاثة من الثقات من رجال الصحيح من مسند جون بن قتادة وأنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك كما في حديث آخر فجعله صحابياً.

وروى عنه ابن أبي شيبة صاحب المصنف وهو ثقة من رجال الشيخين موافقاً لرواية الجماعة بأن جعله من رواية جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق، وتابعه عليه زحمويه.

فالاختلاف في ذلك من هشيم والله أعلم.

(1)

تاريخ دمشق (11/ 339).

(2)

تاريخ دمشق (11/ 339).

ص: 442

‌الحديث العاشر

(1)

:

709 -

قال النسائي رحمه الله (7/ 279): أخبرنا عمرو بن منصور، قال: حدثنا محمد بن محبوب، حدثنا هشيم، قال: أنبأنا الليث بن سعد عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال:

أصبت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز فأردت أن أبيعها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أفصل بعضها من بعض ثم بعها» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير عمرو بن منصور وهو ثقة ثبت وقد توبع.

وهو عند النسائي في الكبرى (6166).

وأخرجه الطحاوي (4/ 71) وفي شرح مشكل الآثار (6095) من

(1)

رجال الإسناد:

عمرو بن منصور النسائي، أبو سعيد، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، روى له النسائي.

محمد بن محبوب البُناني البصري، ثقة من العاشرة، مات سنة 223، روى له البخاري.

الليث بن سعد: تقدم. انظر ترجمته في بابه.

خالد بن أبي عمران التجيبي، أبو عمر قاضي إفريقية، فقيه صدوق من الخامسة، مات سنة 125، ويقال: 129، روى له مسلم.

حنش بن عبد الله، ويقال: ابن علي بن عمرو السبتي الصنعاني نزيل إفريقية، ثقة من الثالثة، مات سنة 100، روى له مسلم.

فضالة بن عبيد: صحابي.

ص: 443

طريق عمر بن عون الواسطي، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 320) من طريق محمد بن سليمان كلاهما عن هشيم بهذا الإسناد.

هكذا قال هشيم: (عن الليث، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن فضالة).

خالفه قتيبة بن سعيد

(1)

، وهاشم بن القاسم

(2)

، ويونس بن محمد

(3)

، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك

(4)

، وعبد الله بن صالح

(5)

فقالوا: (عن الليث، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن فضالة).

وكذلك رواه أسد بن موسى

(6)

عن الليث عن أبي شجاع، إلا أنه أسقط حنشاً من الإسناد.

وكذلك رواه عبد الله بن المبارك

(7)

، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد به.

أسقط هشيم أبا شجاع سعيد بن يزيد من الإسناد.

(1)

مسلم (1591) والنسائي (7/ 279) وفي الكبرى (6165) وأبو داود (3252) والترمذي (1255) وغيرهم.

(2)

أحمد (6/ 21).

(3)

أحمد (6/ 21).

(4)

ابن قانع في معجم الصحابة (2/ 323).

(5)

الطبراني في الكبير (18/ 774).

(6)

الطحاوي (4/ 72) وفي شرح المشكل (6095) وأشار الطحاوي إلى أنه سقط من كتابه حبيش وهو ثابت.

(7)

مسلم (1591).

ص: 444

قال الطحاوي عقب حديث الباب: حديث الليث الذي بدأناه يعني بذكر أبي شجاع هو الصحيح في هذا الباب من حديثه لأنه كذلك هو عند أهل بلده عنه

(1)

.

‌علة الوهم:

اختلاف الأمصار كما ذكر الطحاوي رحمه الله.

(1)

شرح مشكل الآثار (15/ 378 ح 6095).

ص: 445

‌الحديث الحادي عشر

(1)

:

710 -

قال ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 341): حدثنا هشيم، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

صلّى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس ذات يوم فلما قام ليكبّر قال: «إن أنساني الشيطان شيئاً من صلاتي فالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح (إلا أنه منقطع كما سيأتي).

هكذا قال هشيم (عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي هريرة).

خالفه سفيان الثوري

(2)

، وإسماعيل بن علية

(3)

، وبشر بن

(1)

رجال الإسناد:

سعيد بن إياس الجُريري بضم الجيم، أبو مسعود البصري، ثقة من الخامسة، اختلط قبل موته بثلاث سنين، مات سنة 144، روى له البخاري ومسلم.

المنذر بن مالك بن قُطعة العبدي العوفي البصري، أبو نضرة، مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، مات سنة 108 أو 109، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

(2)

الترمذي (2787) والنسائي (8/ 151) وفي الكبرى (9408) و (9409) وأحمد (2/ 447) وإسحاق (124) وعبد بن حميد (1456) وابن حبان (5583) وعند إسحاق زيادة (أبيه) فقال: عن الطفاوي عن أبيه وهو خطأ فقد رواه مثل أحمد عن وكيع، وسقط الطفاوي من إسناد ابن حبان وقد رواه من طريق إسحاق.

(3)

أبو داود (2174) وأحمد (2/ 540).

ص: 446

المفضل

(1)

، وحماد بن سلمة

(2)

، ومروان بن معاوية الفزاري

(3)

، ويزيد بن زريع

(4)

، ويزيد بن هارون

(5)

، وعدي بن الفضل

(6)

فقالوا: (عن الجريري، عن أبي نضرة، عن شيخ من طفاوة، عن أبي هريرة)، به ضمن حديث طويل ذكره بعضهم مختصراً وانظره في باب هدبة بن خالد فقد رواه عن حماد بن سلمة مطولاً إلا أنه جعله من رواية الطفاوي وجعل له صحبة، (1014).

أسقط هشيم الطفاوي من الإسناد.

قال الدارقطني: وسئل عن هذا الحديث فقال: يرويه سعيد الجريري واختلف عنه:

فرواه هشيم عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي هريرة.

وخالفه الثوري وغيره، ورووه عن الجريري عن أبي نضرة عن الطفاوي، عن أبي هريرة.

وكذا قال عدي بن الفضل عن الجريري، وهو الصواب

(7)

.

(1)

أبو داود (2174) و (4019) والترمذي (2787) وأحمد (2/ 540) والبيهقي (7/ 98).

(2)

أبو داود (2174) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2752) وأبو نعيم في الحلية (1/ 375) وابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 326).

(3)

ابن أبي شيبة (17594).

(4)

البيهقي (7/ 194) وفي شعب الإيمان (7809).

(5)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 328).

(6)

الدارقطني في العلل (1620).

(7)

العلل (9/ 23 رقم 1627).

ص: 447

‌الحديث الثاني عشر

(1)

:

711 -

قال الإمام أحمد (3/ 2): حدثنا هشيم حدثنا أبو بِشر عن المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يُضَيِّفوهم فعَرَضَ لإنسان منهم في عَقْله أو لُدِغ قال: فقالوا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل فيكم من رَاقٍ؟ فقال رجل منهم: نعم، فأتى صاحبهم فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ فأعطي قطيعاً من غنم فأبى أن يقبل حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب، قال: فضحك وقال: «ما يدريك أنها رُقية» قال: ثم قال: «خذوا واضربوا لي بسهم معكم» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه مسلم (2201) والنسائي في الكبرى (7533)(10868) والبيهقي في الدعوات الكبير (520) من طرق عن هشيم.

هكذا قال هشيم: عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد أن الرجل كان مصاباً في عقله أو لديغ، والشك منه.

(1)

رجال الإسناد:

جعفر بن إياس: تقدم.

علي بن داود، أبو المتوكل الناجي البصري مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، مات سنة 108، روى له البخاري ومسلم.

ص: 448

ورواه أبو عوانة

(1)

، وشعبة

(2)

عن أبي بشر بهذا الإسناد فقالوا: (فلدغ سيد ذلك الحي).

وكذلك رواه محمد بن سيرين عن معبد بن سيرين عن أبي سعيد

(3)

فقال: إن سيد ذلك الحي سليم يعني لدغ.

ورواه ابن أبي مليكة عن ابن عباس

(4)

فقال: (لديغ أو سليم).

ورواه الأعمش عن أبي بشر عن أبي نضرة عن أبي سعيد فقال: فلدغ سيدهم

(5)

.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

(وأما ما وقع في رواية هشيم عند النسائي أنه مصاب في عقله أو لديغ فشك من هشيم وقد رواه الباقون فلم يشكوا في أنه لديغ ولا سيما تصريح الأعمش بالعقرب وكذلك ما سيأتي في فضائل القرآن من طريق معبد بن سيرين عن أبي سعيد بلفظ: أن سيد الحي سليم، وكذا في الطب من حديث ابن عباس: أن سيد الحي سليم والسليم هو اللديغ، نعم وقعت للصحابة قصة أخرى في رجل مصاب بعقله فقرأ عليه بعضهم فاتحة الكتاب فبرأ. أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من طريق خارجة بن الصلت عن عمه أنه مرّ بقوم وعندهم رجل مجنون موثق في الحديد فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير فارقِ لنا

(1)

البخاري (2276)(5749).

(2)

البخاري (5736) ومسلم (2201).

(3)

البخاري (5007) ومسلم (220).

(4)

البخاري (5737).

(5)

ابن ماجه (2156) وابن حبان (6118) والحاكم (1/ 746).

ص: 449

هذا الرجل .. الحديث. فالذي يظهر أنهما قصتان لكن الواقع في قصة أبي سعيد أنه لديغ)

(1)

.

‌علة الوهم:

دخل عليه حديث في حديث، وقد أشار إلى ذلك الحافظ، فحديث الرجل المصاب بعقله هو ما رواه الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه قال: أقبلنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتينا على حي من العرب فقالوا: إنا أنبئنا أنكم جئتم من عند هذا الرجل بخير فهل عندكم من دواء أو رقية فإن عندنا معتوهاً في القيود، فرقيته بفاتحة الكتاب فبرأ فأعطوني مائة شاة

(2)

.

والله تعالى أعلم.

(1)

فتح الباري (4/ 455).

(2)

أبو داود (3420)(3896)(3901) وأحمد (5/ 210).

ص: 450

‌همام بن يحيى

‌اسمه ونسبه:

همام بن يحيى بن دينار العوذي المحلمي، أبو بكر أو أبو عبد الله البصري مولى بني عود.

ولد بعد سنة 80 ومات سنة 164 أو 165.

روى عن: الحسن، وأنس بن سيرين، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وزيد بن أسلم، ونافع مولى ابن عمر، وقتادة، وهشام بن عروة وخلق، وينزل إلى سفيان بن عيينة وهو أصغر منه.

روى عنه: سفيان الثوري وهو من أقرانه، وابن المبارك، وابن مهدي، ووكيع، وابن علية، وعفان، وأبو داود الطيالسي وجماعة.

قال يزيد بن هارون: كان همّاماً قوياً في الحديث.

وقال عبد الرحمن بن مهدي: همام عندي في الصدق مثل ابن أبي عروبة.

وقال أحمد بن حنبل: همام ثبت في كل المشايخ، وقال أيضاً:

ص: 451

كان عبد الرحمن يعني ابن مهدي يرضاه.

وقال يحيى بن معين: ثقة صالح وهو في قتادة أحب إليّ من حماد بن سلمة، وأحسنهم حديثاً عن قتادة.

وقال أبو حاتم: ثقة صدوق في حفظه شيء، وهو في قتادة أحب إليّ من سلمان ومن أبان العطار.

وقال أبو زرعة: لا بأس به.

وقال محمد بن سعد: ثقة، ربما غلط.

وقال عبد الله بن المبارك: همام ثبت في قتادة.

وقال يزيد بن زريع: حفظه رديء وكتابه صالح.

وكان يحيى بن سعيد القطان لا يرضاه ولا يحدّث عنه.

قال ابن عدي: همام أشهر وأصدق من أن يذكر له حديث، وأحاديثه مستقيمة عن قتادة، وهو مقدّم في يحيى بن أبي كثير.

وقال عفان: كان همام لا يكاد يرجع إلى كتابه ولا ينظر فيه، وكان يخالف فلا يرجع إلى كتابه، وكان يكره ذلك، قال: ثم رجع بعد فنظر في كتبه فقال: يا عفان كنا نخطاء كثيراً فأستغفر الله.

قال ابن حجر: ثقة ربما وهم، من السابعة.

روى له البخاري مع المكرر نحو (84) حديثاً ومسلم نحو (56) حديثاً.

ص: 452

‌الحديث الأول

(1)

:

712 -

قال أبو داود (2837): حدثنا حفص بن عمر النمري، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه ويُدَمَّى» .

فكان قتادة إذا سئل عن الدم كيف يصنع به قال: إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، وقد حكى البخاري في صحيحه عقب الحديث (5472) ما يدل على سماع الحسن من سمرة حديث العقيقة.

وأخرجه أحمد (5/ 17) من طريق عفان، والبيهقي (9/ 303) من طريق عفان وحفص بن عمر، وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (4/ 319) من طريق أبي داود به.

(1)

رجال الإسناد:

حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة النمري، أبو عمر الحوضي، وهو بها أشهر، ثقة ثبت، عيب بأخذ الأجرة على الحديث، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وعشرين ومائتين، روى له البخاري.

الحسن بن أبي الحسن، يسار الأنصاري مولاهم، أبو سعيد البصري، ثقة فقيه فاضل مشهور، كان يرسل كثيراً ويدلس، رأس الطبقة الثالثة، توفي سنة 110 هـ، روى له البخاري ومسلم.

ص: 453

هكذا قال همام: (يحلق رأسه ويُدَمَّى).

خالفه سعيد بن أبي عروبة

(1)

، وشعبة

(2)

، وسلام بن أبي مطيع

(3)

، وغيلان بن جامع

(4)

، وأبان العطار

(5)

، وحماد بن سلمة

(6)

فرووه عن قتادة أيضاً بنفس الإسناد وقالوا: (يحلق رأسه ويسمى).

وكذلك رواه يونس بن عبيد

(7)

، وأشعث

(8)

، وإياس بن دغفل

(9)

، وإسماعيل بن مسلم

(10)

، ومطر الوراق

(11)

، وأبو حرة واصل بن عبد الرحمن

(12)

عن الحسن عن سمرة فقالوا: (ويسمى).

لذا قال أبو داود: وهذا وهم من همام (ويُدمى) خولف همام في هذا الكلام وهو وهم من همام وإنما قالوا: (ويسمى) فقال همام: (ويدمى).

قال أبو داود: وليس يؤخذ بهذا

(13)

.

(1)

أبو داود (2838) والنسائي (7/ 166) وفي الكبرى (4546) والترمذي (1522) وابن ماجه (3165) وأحمد (5/ 12) وابن أبي شيبة (24254) والحاكم (4/ 237) والبيهقي (9/ 299).

(2)

ابن الجارود في المنتقى (910).

(3)

الطبراني في الكبير (6829) وأبو نعيم (6/ 191) وابن عدي في الكامل (3/ 308).

(4)

الطبراني في الكبير (6830).

(5)

أحمد (5/ 17).

(6)

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1032).

(7)

ابن أبي شيبة (24257).

(8)

ذكره أبو داود تعليقاً عقب الحديث (2838).

(9)

المصدر السابق.

(10)

الترمذي (1522).

(11)

الطبراني في الكبير (6931).

(12)

الطبراني (6936).

(13)

أي: ليس عليه العمل.

ص: 454

وقال أبو داود أيضاً عقب حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: (ويسمي أصح، كذا قال سلام بن أبي مطيع عن قتادة وإياس بن دغفل وأشعث عن الحسن قال: ويسمى، ورواه أشعث عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ويسمى).

وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن العقيقة تذبح ويدمى رأس الصبي أو الجارية؟ قال أبي: لا يدمى

(1)

.

وقال الألباني

(2)

: قوله: ويدمى، شاذ كما يشير إليه المؤلف عقب الرواية الآتية، وما بعده موقوف من قول قتادة وهو منكر عندي لمخالفته للأحاديث الصحيحة التي منها حديث بريدة

(3)

.

وقال الخطابي في معالم السنن: وكره أكثر أهل العلم لطخ رأس المولود بدم العقيقة وقالوا: إنه كان من عمل الجاهلية، كرهه الزهري ومالك وأحمد وإسحاق، وتكلموا في رواية هذا الحديث من طريق همام عن قتادة فقالوا: قوله: (يُدَمَّى) غلط وإنما هو (يُسمَّى) هكذا رواه شعبة عن قتادة، وكذلك رواية سلام بن أبي مطيع عن قتادة. وكذلك رواه أشعث عن الحسن عن سمرة. اه.

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 320):

وأنكر جمهور العلماء ذلك وقالوا: هذا وهم من همام لأنه لم

(1)

مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله (1175) ونقلها ابن القيم في تحفة المودود ص 35.

(2)

صحيح سنن أبي داود (8/ 186).

(3)

قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران. أخرجه أبو داود (2843).

ص: 455

يقل أحد في ذلك الحديث ويدمى غيره، وإنما قالوا: ويسمى.

واحتجوا بحديث سلمان بن عامر الضبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فأهرقوا عنه دماً، وأميطوا الأذى عنه»

(1)

قالوا: فكيف يأمر بإماطة الأذى عنه ويحمل على رأسه الأذى؟

وذكروا حديث أبي بردة الأسلمي قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها.

فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران

(2)

.

وقال في التمهيد: لا أعلم أحداً قال في حديث سمرة: ويدمى مكان ويسمى إلا همّاماً

(3)

.

وقال الحافظ في الفتح (9/ 593):

وقد اختلف فيها أصحاب قتادة فقال أكثرهم: (يسمى) بالسين، وقال همام عن قتادة:(يدمى) بالدال.

قال أبو داود: خولف همام وهو وهم منه ولا يؤخذ به، قال: ويسمى أصح.

واستشكل ما قاله أبو داود بما في بقية رواية همام عنده أنهم سألوا قتادة عن الدم كيف يُصنع به فقال: إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى

(1)

رواه البخاري (9/ 590 رقم 5400).

(2)

أبو داود (2843) والحاكم (4/ 238) وقال: (صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي.

(3)

التمهيد (4/ 319).

ص: 456

يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق

(1)

.

فبعيد مع هذا الضبط أن يقال: إن همّاماً وهم عن قتادة في قوله: (ويدمى) إلا أن يقال: إن أصل الحديث ويسمى وإن قتادة ذكر الدم حاكياً عما كان أهل الجاهلية يصنعونه.

ومن ثم قال ابن عبد البر: لا يحتمل همام في هذا الذي انفرد به، فإن كان حفظه فهو منسوخ.

‌الدلالة الفقهية:

اللفظة التي أنكرت على همام في هذا الحديث وهي قوله: (ويدمى) أنكرها جمهور أهل العلم، وقال به الحسن البصري

(2)

وقتادة

(3)

وابن حزم

(4)

ونسبه ابن حزم إلى ابن عمر رضي الله عنهما

(5)

.

قال ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 320): انفرد الحسن وقتادة بأن الصبي يمس رأسه بقطنة قد غمست في دم، وأنكر جمهور العلماء ذلك. اه.

وقال الحافظ في الفتح (9/ 594): ونقل ابن حزم استحباب التدمية عن ابن عمر وعطاء، ولم ينقل ابن المنذر استحبابها إلا عن الحسن وقتادة بل عند ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الحسن أنه كره التدمية.

(1)

وقاله همام أيضاً في حديثه عند أحمد (5/ 17).

(2)

معالم السنن للخطابي (4/ 126)، فتح الباري (9/ 594)، الاستذكار (5/ 320).

(3)

سنن أبي داود ح (2837)، معالم السنن (4/ 126)، الاستذكار (5/ 420).

(4)

المحلى (7/ 523) قال: يحلق رأسه يوم السابع، ولا بأس بأن يمس بشيء من دم العقيقة.

(5)

المحلى (7/ 525).

ص: 457

‌الحديث الثاني

(1)

:

713 -

قال أبو عيسى الترمذي (1746): حدثنا إسحاق بن منصور، أخبرنا سعيد بن عامر والحجاج بن منهال، قالا: حدثنا همام، عن ابن جريج، عن الزهري عن أنس رضي الله عنه قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. اه.

‌التعليق:

هذا الإسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين كما هو بيِّن.

لذا صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وحسّنه الترمذي، وصححه ابن حبان، إلا أن أئمة أهل الحديث ونقّاده أنكروه.

والحديث أخرجه كذلك أبو داود (19) والنسائي (8/ 178) وفي الكبرى (9542) وابن ماجه (303) والحاكم (1/ 187) والبيهقي (1/ 95) وابن حبان (125 موارد) وتمام في الفوائد (1199) وابن

(1)

رجال الإسناد:

إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، أبو يعقوب التميمي، ثقة ثبت، روى له البخاري ومسلم.

سعيد بن عامر الضُّبعي، أبو محمد المصري، ثقة صالح، قال عنه ابن معين: ثقة مأمون، مات سنة 208، روى له البخاري ومسلم.

حجاج بن منهال الأنماطي، أبو محمد السلمي، مولاهم البصري، ثقة فاضل، مات سنة 216 أو 217، روى له البخاري ومسلم.

ابن جريج: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج: تقدم، انظره في بابه.

الزهري: تقدم.

ص: 458

عساكر في تاريخ دمشق (61/ 232) كلهم من طرق عن همام به.

قال أبو داود: (هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام).

وقال البيهقي: (هذا هو المشهور عن ابن جريج دون حديث همام).

وقال النسائي في الكبرى (5/ 456): (وهذا الحديث غير محفوظ والله أعلم).

وقال ابن عساكر: غريب جداً.

وقد أورد هذا الحديث ابن الصلاح مثالاً للمنكر.

وقال الحافظ ابن حجر (2/ 154 - 155) في نكته على كتاب ابن الصلاح:

(وقد نوزع أبو داود في حكمه عليه بالنكارة، مع أن رجاله من رجال الصحيح، والجواب: أن أبا داود حكم عليه بكونه منكراً لأن همّاماً تفرد به عن ابن جريج، وهما وإن كانا من رجال الصحيح، فإن الشيخين لم يخرجا من رواية همام عن ابن جريج شيئاً لأن أخذه عنه كان لما كان ابن جريج بالبصرة والذين سمعوا من ابن جريج بالبصرة في حديثهم خلل من قبله.

والخلل في هذا الحديث من جهة أن ابن جريج دلس عن الزهري بإسقاط الواسطة وهو زياد بن سعد، ووهم همام في لفظه على ما جزم به أبو داود وغيره، هذا وجه حكمه عليه بكونه منكراً، وحكم النسائي عليه بكونه غير محفوظ أصوب، فإنه شاذ في الحقيقة إذ

ص: 459

المنفرد به من شرط الصحيح لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذاً.

وأما متابعة يحيى بن المتوكل له

(1)

عن ابن جريج فقد تفيد لكن قول يحيى بن معين: لا أعرفه، أراد به جهالة عدالته لا جهالة عينه فلا يعترض عليه بكونه روى عنه جماعة، فإن مجرد روايتهم عنه لا تستلزم معرفة حاله.

وأما ذكر ابن حبان له في الثقات فإنه قال فيه مع ذلك: كان يخطاء وذلك مما يتوقف به عن قبول أفراده.

على أن للنظر مجالاً في تصحيح حديث همام لأنه مبني على أن أصله حديث الزهري عن أنس رضي الله عنه في اتخاذ الخاتم.

ولا مانع أن يكون هذا متن آخر غير ذلك المتن، وقد مال إلى ذلك ابن حبان فصححهما جميعاً.

ولا علة له عندي إلا تدليس ابن جريج فإن وجد عنه التصريح بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته في نقدي، والله أعلم)

(2)

.

قلت: وابن جريج سياء التدليس لا يدلس إلا عن الضعفاء. انظره في ترجمته.

وقال الدارقطني في العلل (12/ 175 - 176): (رواه سعيد بن

(1)

يحيى بن المتوكل الباهلي البصري، أبو بكر، صدوق يخطاء، من التاسعة، ومتابعته رواها الحاكم في المستدرك (1/ 187) وقال:(صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي، ومرادهما والله أعلم تصحيح رواية همام على شرط الشيخين. وكذلك رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 73) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 95) وقال: وهو شاهد ضعيف.

(2)

وانظر: التلخيص (1/ 108)، ونقل ذلك كله عن الحافظ صاحب عون المعبود (1/ 35 - 38).

ص: 460

عامر وهدبة بن خالد عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم

وخالفهم عمرو بن عاصم فرواه عن همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس (أنه كان إذا دخل الخلاء) موقوفاً، ولم يتابع عليه.

ورواه يحيى بن المتوكل ويحيى بن الضريس عن ابن جريج عن الزهري عن أنس نحو قول سعيد بن عامر وتابعه عن همام.

ورواه عبد الله بن الحارث المخزومي وأبو عاصم وهشام بن سليمان وموسى بن طارق عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس (أنه رأى في يد النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب فاضطرب الناس الخواتيم فرمى به النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «لا ألبسه أبداً») وهذا هو المحفوظ والصحيح عن ابن جريج.

ورواه شعيب بن أبي حمزة وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن الزهري نحو رواية ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري).

وأطال الكلام ابن القيم على هذا الحديث، وكان مما قاله

(1)

: (وهمام وإن كان ثقة صدوقاً احتج به الشيخان في الصحيح فإن يحيى بن سعيد كان لا يحدّث عنه ولا يرضى حفظه، وقال يزيد بن زريع: كتابه صالح وحفظه لا يساوي شيئاً، وقال عفان: كان همام لا يكاد يرجع إلى كتابه ولا ينظر فيه وكان يخالف فلا يرجع إلى كتاب وكان يكره ذلك، قال: ثم رجع بعد فنظر في كتبه فقال: يا عفان كنا نخطاء كثيراً

(1)

حاشيته على سنن أبي داود (1/ 26 - 27).

ص: 461

فنستغفر الله عز وجل

(1)

، وقد خولف في هذا الحديث فلعله مما حدّث من حفظه فغلط فيه كما قال أبو داود والنسائي والدارقطني والبيهقي

ثم قال بعد أن ذكر بعض الروايات:

هذه الروايات كلها تدل على غلط همام فإنها مجمعة على أن الحديث إنما هو في اتخاذ الخاتم ولبسه، وليس في شيء منها نزعه إذا دخل الخلاء، فهذا هو الذي حكم لأجله الحفاظ بنكارة الحديث وشذوذه.

والمصحح له لما لم يمكنه دفع هذه العلة حكم بغرابته لأجلها، فلو لم يكن مخالفاً لرواية مَنْ ذكر فما وجه غرابته؟ ولعل الترمذي موافق للجماعة فإنه صححه من جهة السند لثقة الرواة واستغربه لهذه العلة، وهي التي منعت أبا داود من تصحيح متنه فلا يكون بينهما اختلاف، بل هو صحيح السند لكنه معلول، والله أعلم. اه.

وخالف هؤلاء الأئمة بعض أهل الحديث فصحح الحديث لصحة السند وثقة الرواة، وممن صححه الترمذي والحاكم والذهبي، وكذلك صححه المنذري في مختصر سنن أبي داود.

ولا ريب أن الحق مع مَنْ ضعّفه وذكر علته دون مَنْ صححه لظاهر السند، والله أعلم.

(1)

قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 589): قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي قال: قال عفان: ثنا يوماً همام فقلت له: إن يزيد بن زريع حدثنا عن سعيد عن قتادة ذكر خلاف ذلك الحديث، قال: فذهب فنظر في الكتاب ثم جاء فقال: يا عفان ألا تراني أخطاء وأنا لا أعلم، قال عفان: وكان همام إذا حدثنا بقرب عهده بالكتاب فقلّ ما كان يخطاء.

ص: 462

‌الحديث الثالث

(1)

:

714 -

قال أبو داود رحمه الله (3349): حدثنا الحسن بن علي، ثنا بشر بن عمر ثنا همام، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن مسلم المكي عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها، والبر بالبر مدي بمدي، والشعير بالشعير مدي بمدي، والتمر بالتمر مدي بمدي، والملح بالملح مدي بمدي، فمَن زاد أو ازداد فقد أربى، ولا بأس أن يبيع الذهب بالفضة أكثرهما يداً بيد وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير أكثرهما يداً بيد وأما نسيئة فلا» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير مسلم بن يسار

(1)

رجال الإسناد:

الحسن بن علي بن محمد الهذلي، أبو علي الخلال الحلواني، نزيل مكة، ثقة حافظ له تصانيف، من الحادية عشرة، مات سنة 242، روى له البخاري ومسلم.

بشر بن عمر بن الحكم الزهراني، أبو محمد البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة 207، وقيل: 209، روى له البخاري ومسلم.

همام بن يحيى: تقدم.

قتادة بن دعامة السدوسي: ثقة ثبت، تقدم.

صالح بن أبي مريم الضبعي مولاهم، أبو الخليل البصري، وثقه ابن معين والنسائي، وأغرب ابن عبد البر فقال: لا يحتج به، روى له البخاري ومسلم.

مسلم بن يسار البصري، نزيل مكة، أبو عبد الله الفقيه، ويقال له: مسلم سكرة، ومسلم المصبح، ثقة عابد، من الرابعة، مات سنة 100 أو بعدها بقليل، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

شراحيل بن آدة، أبو الأشعث الصنعاني، ويقال: آدة جد أبيه وهو ابن شرحبيل بن كليب، ثقة، من الثانية، شهد فتح دمشق، روى له مسلم.

ص: 463

وهو تابعي ثقة جليل القدر عابد

(1)

.

وأخرجه الخطيب في غريب الحديث (1/ 247) وابن عبد البر في التمهيد (6/ 297) من طريق أبي داود به.

وأخرجه النسائي (7/ 276) وفي الكبرى (6156) من طريق عمرو بن عاصم، والشاشي (1224)(1249) والطحاوي (4/ 4) وفي شرح مشكل الآثار (6104) والدارقطني (3/ 18) والبيهقي (5/ 282)(5/ 291) والخطيب في المتفق (1523) من طريق عفان بن مسلم كلاهما عن همام بهذا الإسناد.

هكذا قال همام: (عن قتادة، عن أبي الخليل، عن مسلم المكي، عن أبي الأشعث، عن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه سعيد بن أبي عروبة

(2)

وهشام الدستوائي

(3)

فقالا: (عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث، عن عبادة موقوفاً).

قال أبو داود: روى هذا الحديث سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي عن قتادة، عن مسلم بن يسار بإسناده.

قال الخطيب: قال موسى بن هارون: وقول همام في إسناده مسلم المكي هو وهم والله أعلم، وهو عندنا مسلم بن يسار،

(1)

له ترجمة واسعة في تاريخ دمشق (58/ 124 - 125).

(2)

النسائي (7/ 276) وفي الكبرى (6155) والشاشي في مسنده (1242) والطحاوي (4/ 4) وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 746 مسند عمر) والبيهقي (5/ 276) وابن عبد البر في التمهيد (4/ 82).

(3)

ذكره أبو داود (3/ 248) عقب الحديث (3349) وابن عبد البر (4/ 83).

ص: 464

قال أحمد بن حنبل: بين مسلم بن يسار ومسلم المكي أن بينهما بوناً

(1)

.

قال ابن عبد البر: «هكذا رواه ابن أبي عروبة وتابعه هشام وكلاهما عندي أحفظ من همام»

(2)

.

وقال ابن حجر: «قال أبو موسى الحمّال: والصواب لمَن رواه قتادة عن مسلم بن يسار عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت، قال الحافظ: وكذا رواه سلمة بن علقمة، ومحمد بن سيرين عن مسلم بن يسار»

(3)

.

قلت: ومما يدل على وهم همام في هذا الإسناد:

1 أن محمد بن سيرين

(4)

رواه عن مسلم بن يسار، ولم يذكر أحدٌ غير همّام أن مسلماً المكي روى هذا الحديث.

2 ذكر حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن أبي قلابة أنه سمع هذا الحديث من أبي الأشعث مع مسلم بن يسار

(5)

.

3 أن هماماً اختلف في هذا الحديث على قتادة فرواه عنه على أوجه عديدة كما يلي:

(1)

المتفق (3/ 1914).

(2)

التمهيد (19/ 180).

(3)

الإصابة (6/ 675).

(4)

أحمد (5/ 320) والنسائي (7/ 274) وفي الكبرى (6154)(6154) والشاشي (1245) والبزار (2734) والبيهقي (5/ 276).

(5)

الشاشي (1243) وابن عبد البر في التمهيد (11/ 180).

ص: 465

همام عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي الأشعث.

ومرة يقول: عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، مما يدل على اضطرابه في هذا الحديث.

4 هماماً يعتمد على حفظه ولا يرجع إلى كتابه.

قال عفان: كان همام لا يكاد يرجع إلى كتابه ولا ينظر فيه، وكان يُخالف فلا يرجع إلى كتابه، وكان يكره ذلك.

قال: ثم رجع بعد فنظر في كتبه وقال: يا عفان كنا نخطاء كثيراً فأستغفر الله.

‌تنبيه:

جاء في تهذيب الكمال في ترجمة (مسلم بن يسار البصري، ويقال: المكي) وإنما قيل هنا يقال: المكي بناءً على رواية همام، وقال ابن حجر في التهذيب:(فرّق ابن حبان بينه وبين المكي، وقد فرّق البخاري بين البصري والمكي) وقد نقل الخطيب عن الإمام أحمد قوله: بين مسلم بن يسار ومسلم المكي، إذ بينهما بون، والله أعلم.

ص: 466

‌الحديث الرابع

(1)

:

715 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (6/ 249): حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة، عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«لا تقطع اليد إلا في ربع دينار» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

هكذا قال همام: (عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة، عن عمرة، عن عائشة) وعمرة هي عمة محمد بن عبد الرحمن بن زرارة.

خالفه حسين المعلم

(2)

فرواه عن (يحيى بن أبي كثير، عن

(1)

رجال الإسناد:

عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري، صدوق، ثبت في شعبة، من التاسعة، مات سنة 207، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم، أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة 132 وقيل قبل ذلك، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري، وأبوه هو ابن عبد الله ويقال: محمد بن عبد الرحمن بن سعد فينسب أبوه إلى جد أبيه، ثقة من السادسة، مات سنة 124، روى له البخاري ومسلم.

عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية أكثرت عن عائشة، ثقة، من الثالثة، ماتت قبل المائة ويقال بعدها، روى لها البخاري ومسلم.

(2)

البخاري (6791).

ص: 467

محمد بن عبد الرحمن بن حارثة الأنصاري

(1)

، عن عمرة، عن عائشة).

ورواه أبو إسماعيل عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن ولم ينسبه

(2)

.

وقد تابع رواية حسين المعلم عبد الله بن يوسف

(3)

فرواه عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة).

‌علة الوهم:

1 الاشتراك في الشيوخ والتلاميذ.

فيحيى بن أبي كثير يروي عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة كما يروي عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، وكلاهما يروي عن عمرة بنت عبد الرحمن وهي أم أحدهما وعمّة الآخر.

2 أن يحيى بن أبي كثير ربما لم ينسبه فظنّ همام أنه ابن زرارة، والله تعالى أعلم.

(1)

محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الأنصاري، أبو الرجال، مشهور بهذه الكنية، وأمه عمرة بنت عبد الرحمن. تهذيب الكمال (5986).

(2)

النسائي (8/ 80) وفي الكبرى (7419).

(3)

النسائي (8/ 80) وفي الكبرى (7418).

ص: 468

‌الحديث الخامس

(1)

:

716 -

قال الإمام أحمد (1/ 213 ح 1829): حدثنا بهز ثنا همام ثنا قَتادة حدثني عَزرة عن الشعبي:

أن الفضل حدّثه أنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة فلم تَرفع راحلته رِجْلها غادية حتى بلغ جَمْعاً، قال: وحدثني الشعبي أن أسامة حدّثه أنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من جَمْعٍ فلم تَرْفع راحلتُهُ رِجْلها غاديةً حتى رمى الجَمرة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عزرة بن عبد الرحمن من رجال مسلم.

ورواه أحمد (5/ 26) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، والبزار (2613) من طريق معاذ بن هشام، والطبراني في الكبير (462)(764) من طريق هدبة بن خالد، والبيهقي 5/ (127) من طريق عفان بن مسلم وعبد الله بن يزيد المقراء، وابن سعد (4/ 64) عن عفان، والطيالسي (635).

كلهم (بهز، وعبد الصمد، ومعاذ، وهدبة، وعفان، وعبد الله بن

(1)

رجال الإسناد:

بهز بن أسد العمي، أبو الأسود البصري، ثقة، ثبت، من التاسعة، مات بعد المائتين، وقيل: قبلها، روى له البخاري ومسلم.

قتادة، تقدم، انظر: ترجمته في بابه.

عزرة بن عبد الرحمن بن زرارة الخزاعي الكوفي، الأعور، ثقة، من السادسة، روى له مسلم.

عامر بن شراحيل الشعبي، ثقة مشهور، فقيه فاضل، من الثالثة، وقد تقدم.

ص: 469

يزيد، والطيالسي)، عن همام بهذا الإسناد وفيه التصريح بسماع الشعبي من أسامة بن زيد والفضل بن العباس.

ورواه الطبراني في الكبير (18/ 764) من طريق عاصم بن علي وقرن معه هدبة بن خالد، وأبو نعيم في الحلية (4/ 352) من طريق العباس بن الفضل الأزرق وعاصم بن علي كلاهما (عاصم والعباس) عن همام به بالعنعنة بين الشعبي وأسامة والفضل ولم يقل: حدثنا.

وقد أنكره يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأبو حاتم.

روى ابن أبي حاتم في المراسيل عن أبيه عن إسحاق بن منصور قال: قلت ليحيى بن معين: قال الشعبي: إن الفضل حدّثه وأن أسامة حدّثه؟ قال: لا شيء، وقال أحمد وعلي: لا شيء

(1)

.

وقال أيضاً: سألت أبي عن حديثين رواهما همام عن قتادة عن عزرة عن الشعبي أن أسامة بن زيد حدّثه أنه كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم عشية عرفة: هل أدرك الشعبي أسامة؟ قال: لا يمكن أن يكون الشعبي سمع من أسامة هذا، ولا أدرك الشعبي الفضل بن عباس

(2)

.

وقال الدوري: سمعت يحيى يقول: لم يسمع الشعبي من أسامة

(3)

.

(1)

المراسيل لابن أبي حاتم (595) وعنه العلائي في تحفة التحصيل (1/ 163).

(2)

المصدر السابق.

(3)

تاريخ يحيى بن معين برواية الدوري (4/ 44).

ص: 470

ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه قوله في العلل: لا يحتمل وينبغي أن يكون بينهما رجل آخر، ولكن كذا حدّث به همام، فلا أدري ما هذا الأمر

(1)

.

وقال الحاكم: الشعبي لم يسمع من صحابي غير أنس، ولم يسمع من عائشة ولا عبد الله بن مسعود ولا من أسامة بن زيد

(2)

.

وهناك علة أخرى في متن الحديث إلا أن حمله على بهز أولى فقد قلب المتن فقال: إن الفضل كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى مزدلفة، ثم كان أسامة رديفه من مزدلفة إلى منى، والصحيح عكسه

(3)

وتابعه على ذلك معاذ بن هشام

(4)

وكذلك قلبه جرير في حديثه عن الأعمش، عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس فانظره في بابه ح (867)، والله تعالى أعلم.

(1)

العلل (795) ونحو ذلك قال في (821)(822).

(2)

معرفة علوم الحديث للحاكم ص 111.

(3)

أن أسامة كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى مزدلفة ثم كان الفضل رديفه من مزدلفة إلى منى.

(4)

وخالفهما جماعة عن همام فانظره في باب بهز ح (857) ومعاذ بن هشام، ح (1002).

ص: 471

‌الحديث السادس

(1)

:

717 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (5/ 308): ثنا عفان ثنا همام ثنا يحيى بن أبي كثير ثنا عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم صلّى على ميِّت فسمعته يقول:

«اللهم اغفر لحيِّنا وميِّتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذَكَرِنا وأُنثانا» قال: وحدثني أبو سلمة ابن عبد الرحمن بهؤلاء الثمان كلمات وزاد كلمتين: «مَنْ أحييتَه منا فأحْيِه على الإسلام ومَن توفَّيْتَه منا فتوفَّهُ على الإيمان» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه أحمد عن عفان (4/ 170) وعن عبد الصمد (5/ 299) كلاهما عن همام بهذا الإسناد.

وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (1086) والطبراني في الدعاء (1171) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (966)(968)

(1)

رجال الإسناد:

عفان بن مسلم: انظر ترجمته في بابه.

يحيى بن أبي كثير الطائي، ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة 132، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري المدني، ثقة من الثالثة، مات سنة 95، روى له البخاري ومسلم.

أبو قتادة الأنصاري: صحابي مشهور.

ص: 472

والبيهقي (4/ 41) والمزي في تهذيب الكمال (33/ 7) من طرق عن همام به.

هكذا قال همام: (عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه).

خالفه هشام بن عبد الله الدستوائي

(1)

، والأوزاعي في رواية

(2)

، وأبان بن يزيد العطار

(3)

، وحرب بن شداد

(4)

، ومحمد بن يعقوب

(5)

فقالوا: (عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه).

قال الترمذي: سمعت محمداً يعني البخاري يقول: أصح الروايات في هذا حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه، وسألته عن اسم أبي إبراهيم فلم يعرفه)

(6)

.

وقال الدارقطني بعد أن ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي

(1)

النسائي (4/ 74) وفي الكبرى (2113) وفي عمل اليوم والليلة (1085) وابن أبي شيبة (3/ 291 - 292) و (10/ 409 - 410) وابن الجارود في المنتقى (540) وأحمد (4/ 170) و (5/ 412) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2188) والدولابي في الكنى (1/ 14 - 15) والطبراني في الدعاء (1166) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7096) والطحاوي في شرح المشكل (970).

(2)

الترمذي (1024) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (969) والنسائي في الكبرى (10923) وعمل اليوم (1084) والبيهقي (4/ 40 - 41) والطبراني في الدعاء (1167) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (7095) وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 348).

(3)

أحمد (4/ 170) و (5/ 308) والمزي في تهذيب الكمال (33/ 6).

(4)

الطبراني في الدعاء (1170).

(5)

الطبراني في الدعاء (1168).

(6)

سنن الترمذي (3/ 344) عقب الحديث (1024).

ص: 473

كثير: وقال همام: عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، والصحيح عن يحيى، قول مَنْ قال عن أبي إبراهيم، عن أبيه، وعن أبي سلمة مرسل

(1)

.

وقال أيضاً: يرويه يحيى بن أبي كثير واختلف عنه:

فرواه محمد بن يعقوب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم عن أبي سلمة عن أبيه.

ورواه الأوزاعي واختلف عنه فقيل: عنه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً.

ورواه غير واحد من البصريين عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأنصاري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح.

وعن أبي سلمة مرسل، وهو الصحيح.

وأبو إبراهيم قيل في الحديث: رجل من بني عبد الأشهل، ومَن قال فيه: إن أبا إبراهيم عبد الله بن أبي قتادة فقد وهم

(2)

.

وقال البيهقي: هذا هو الصحيح حديث أبي إبراهيم الأشهلي موصول، وحديث أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً

(3)

.

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي إبراهيم الأنصاري رجل من بني

(1)

العلل (9/ 324 - 325).

(2)

العلل (4/ 270 - 273 رقم 556).

(3)

السنن الكبرى (4/ 41).

ص: 474

عبد الأشهل قال: حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة على الميت (فذكر الحديث).

قال أبي: أبو إبراهيم هو مجهول هو وأبوه.

قال أبو محمد

(1)

: (وتوهم بعض الناس أنه عبد الله بن أبي قتادة وغلط، فإن أبا قتادة من بني سلمة وأبو إبراهيم رجل من بني عبد الأشهل)

(2)

.

وقد تابعهم همام في رواية رواها عنه هدبة بن خالد فوافق رواية الجماعة عن يحيى عن الأشهلي به

(3)

.

‌علة الوهم:

أشار إليها ابن أبي حاتم والدارقطني، وهو توهم أن أبا إبراهيم الأشهلي هو عبد الله بن أبي قتادة، ونقل ابن أبي عاصم

(4)

عن ابن أبي شيبة قوله: (أبو إبراهيم هو عبد الله بن أبي قتادة) والله تعالى أعلم.

وقد سبق الحديث في باب الأوزاعي فإنه كان يضطرب فيه، وفي باب عكرمة بن عمار فإنه جعله من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها.

والله تعالى أعلم.

(1)

يعني: ابن أبي حاتم.

(2)

العلل لابن أبي حاتم (1076).

(3)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2187).

(4)

الآحاد والمثاني (4/ 204).

ص: 475

‌الحديث السابع

(1)

:

718 -

قال أبو داود (3927): حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام، حدثنا عباس الجريري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«أيما عبد كاتب على مئة أوقية فأداها إلا عشرة أواق فهو عبد.

وأيما عبد كاتب على مئة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد».

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

وأخرجه البيهقي (10/ 324) من طريق أبي داود به.

وأخرجه أحمد (2/ 184)، والدارقطني (4/ 121) من طريق أحمد بن سعيد بن صخر كلاهما عن عبد الصمد به (عند أحمد عباس الجزري).

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن المثنى: ثقة ثبت. انظر ترجمته في بابه، روى له البخاري ومسلم.

عبد الصمد بن عبد الوارث: تقدم.

عباس بن فروخ الجريري: البصري، أبو محمد، ثقة من السادسة، مات بعد سنة 1200، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق من الخامسة، مات سنة 118، روى له أصحاب السنن الأربعة.

شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، ثبت سماعه من جده، من الثالثة، روى له أصحاب السنن الأربعة.

عبد الله بن عمرو بن العاص: صحابي.

ص: 476

وأخرجه النسائي في الكبرى (5009) والحاكم (2/ 218) كلاهما من طريق عمرو بن عاصم، والدارقطني تعليقاً (4/ 121) من طريق عبد الله بن يزيد المقري كلاهما عمرو بن عاصم والمقري عن همام كذلك.

ورواه أبو الوليد الطيالسي

(1)

عن همام فقال: (العلاء الجريري) هكذا قال همام: عباس الجريري

(2)

، وفي رواية (العلاء الجريري)

(3)

، وفي رواية:(الجزري).

قال بعض أهل الحديث إن هذا وهم وأنه ليس عباساً الجريري.

قال أبو داود عقب الحديث: ليس هو عباس الجريري، قالوا: هو وهم ولكنه هو شيخ آخر.

وقال ابن حجر معقباً: فكأن الصواب ما قال أبو الوليد

(4)

.

قال عبد الله بن أحمد: كذا قال عبد الصمد: عباس الجزري كان في النسخة عباس الجريري فأصلحه أبي كما قال عبد الصمد الجزري

(5)

.

والحديث قد روي من طرق أخرى عن عمرو بن شعيب عن أبيه

(1)

النسائي في الكبرى (5008) ط. مؤسسة الرسالة (5026) ط. العلمية.

(2)

عباس بن فروخ الجريري بضم الجيم البصري أبو محمد، ثقة من السادسة، مات قديماً بعد سنة 120، روى له الجماعة. لتقريب (3199).

(3)

العلاء الجريري بضم الجيم مجهول من السابعة، روى له النسائي. التقريب (5297).

(4)

تهذيب التهذيب (8/ 153).

(5)

المسند (2/ 184).

ص: 477

عن جده، رواه يحيى بن أبي أنيسة

(1)

، وسلمان بن سلم

(2)

، وحجاج بن أرطأة

(3)

.

(1)

الترمذي (1260).

(2)

أبو داود (3926).

(3)

ابن ماجه (2519) والنسائي في الكبرى (5007).

ص: 478

‌الحديث الثامن

(1)

:

719 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله (8/ 219): أخبرنا أبو داود قال: حدثنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا همام وجرير قالا: حدثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال:

كان نعلُ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة وقبيعة سيفه فضة وما بين ذلك حلق فضة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، وهو عند النسائي في الكبرى (9813).

وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (1/ 487) عن عمرو بن عاصم به.

هكذا قال عمرو بن عاصم، عن همام وجرير، عن قتادة، عن أنس: كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة وقبيعة سيفه فضة.

أما حديث عمرو بن عاصم عن جرير فقد تابعه غير واحد عن جرير وتقدم في باب جرير بن حازم ح (556).

(1)

رجال الإسناد:

أبو داود السنجي، سليمان بن معبد بن كوسجان، المروزي، ثقة صاحب حديث، رحّال أديب، من الحادية عشرة، مات سنة 257، روى عنه مسلم.

عمرو بن عاصم بن عبيد الله الكلابي، العبسي، أبو عثمان البصري، صدوق في حفظه شيء، من صغار التاسعة، مات سنة 213، روى له البخاري ومسلم.

جرير بن حازم: تقدم. انظر ترجمته في بابه.

ص: 479

أما حديثه عن همام عن قتادة، عن أنس، فقد تفرد به عمرو بن عاصم.

هكذا قال عمرو بن عاصم: عن همام (عن قتادة، عن أنس).

خالفه هشام الدستوائي، وأبو جزي نصر بن طريف وشعبة فقالوا: (عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن مرسلاً وهذا الوجه رجّحه الإمام أحمد وأبو حاتم وأبو داود والنسائي والبزار والدارمي والدارقطني والبيهقي وغيرهم وقد تقدم في باب جرير بن حازم فانظره لزاماً.

والوهم هنا إما من همام أو من عمرو بن عاصم وهو الأقرب، قال عنه ابن معين: صالح، وقال ابن سعد: ثقة، وقال الآجري عن أبي داود: لا أنشط لحديثه، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال بندار: لولا فرقي من آل عمرو بن عاصم لتركت حديثه.

والله تعالى أعلم.

ص: 480

‌ورقاء بن عمر اليشكري

‌اسمه ونسبه:

ورقاء بن عمر بن كليب اليشكري، ويقال: الشيباني، أبو بشر الكوفي، نزيل المدائن، ويقال: أصله من خوارزم.

روى عن: إسماعيل بن أبي خالد، وزيد بن أسلم، والأعمش، وسماك بن حرب، وعاصم بن أبي النجود، وعبد الله بن دينار، وأبي إسحاق السبيعي، وأبي إسحاق الشيباني، وابن المنكدر، وشعبة، وجماعة.

روى عنه: شعبة وهو من أقرانه، وابن المبارك، وابن نمير، ووكيع، وأبو نعيم، وجماعة.

وثقه أحمد ويحيى بن معين، وكان شعبة ومعاذ بن معاذ يثنيان عليه.

وقال أحمد أيضاً: ثقة صاحب سنّة، وضعّف ابن معين وغيره حديثه عن منصور.

قال ابن حجر: صدوق في حديثه عن منصور لين، من السابعة.

ص: 481

‌الحديث

(1)

:

720 -

قال الإمام مسلم رحمه الله (2/ 676 ح رقم 983): وحدثني زهير بن حرب حدثنا علي بن حفص حدثنا ورقاء عن أبي الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال:

بَعثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصَّدَقة فقيل: مَنَعَ ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما يَنْقِمُ ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تَظلمون خالداً قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي عليَّ ومثلها معها» ثم قال: «يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير علي بن حفص فمن رجال مسلم.

(1)

رجال الإسناد:

زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد، ثقة ثبت روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث، من العاشرة، مات سنة 234 وله 74 سنة، وروى له البخاري.

علي بن حفص المدائني، نزيل بغداد، صدوق من التاسعة، روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

عبد الله بن ذكوان القرشي، أبو عبد الرحمن المدني، المعروف بأبي الزناد، ثقة فقيه من الخامسة، مات سنة 136 وقيل بعدها، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، المدني مولى ربيعة بن الحارث، ثقة ثبت عالم، من الثالثة، مات سنة 117، روى له البخاري ومسلم.

ص: 482

وأخرجه الإمام أحمد (2/ 222) عن علي بن حفص ومن طريقه البيهقي (4/ 111).

وأخرجه أبو عوانة (2618) وأبو نعيم (2207) أيضاً من طريق علي بن حفص.

وأخرجه أبو داود (1623) وابن خزيمة (2330) وابن حبان (3273) وأبو عوانة (2619) والدارقطني (2/ 123) والبيهقي (6/ 163 - 164) وابن عساكر في تاريخ دمشق (26/ 312) من طريق شبابة بن سوّار عن ورقاء به.

هكذا قال ورقاء: عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فهي عليّ ومثلها معها» .

خالفه شعيب بن أبي حمزة

(1)

، وعبد الرحمن بن أبي الزناد

(2)

، ومحمد بن إسحاق

(3)

، وأبو أويس عبد الله بن ذكوان الأصبحي

(4)

، وابن جريج

(5)

فرووه عن أبي الزناد بهذا الإسناد فقالوا: (فهي عليه ومثلها معها) ولفظ شعيب في رواية الأكثرين عنه: (فهي عليه صدقة ومثلها معها) زاد (صدقة).

(1)

البخاري (1468).

(2)

البخاري تعليقاً (1468) ووصله أبو عبيد في الأموال (1898) وعبد الله بن أحمد في زوائده على أبيه (2/ 322)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 501) والبيهقي (6/ 164) وابن عساكر في تاريخ دمشق (16/ 246) وابن حجر في تغليق التعليق (3/ 26) والدارقطني (2/ 123) وأبو عوانة (2620) والدولابي في الكنى (2/ 571).

(3)

البخاري تعليقاً (1468) والبيهقي (4/ 111) تعليقاً.

(4)

يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 501) ومن طريقه البيهقي (6/ 164).

(5)

عبد الرزاق في المصنف (6918) و (6826) وابن حجر في تغليق التعليق (3/ 57) والبخاري تعليقاً (1468).

ص: 483

واختلف على موسى بن عقبة.

فرواه النسائي

(1)

عقب حديث شعيب وأحال عليه في اللفظ بقوله: (مثله سواء) يعني بلفظ: (فهي عليه) وكذلك رواه ابن طهمان في مشيخته بلفظ: (فهي عليه ومثلها معها)

(2)

.

وذكر ابن خزيمة

(3)

والبيهقي

(4)

أن موسى بن عقبة قال في روايته عن أبي الزناد: (فهي له ومثلها معها) وقال غير واحد من أهل العلم (أي: فهي عليه).

وقال ابن خزيمة: العرب تقول: (عليه) يعني (له) وسيأتي كلامه.

وكذلك اختلف على محمد بن إسحاق:

فرواه الدارقطني من طريق يونس بن بكير عنه بلفظ: (فهي عليّ ومثلها معه).

وذكر البخاري أن ابن إسحاق تابع شعيباً فقال: (هي عليه ومثلها معه).

ولا شك من تقديم ما ذكره البخاري على رواية الدارقطني لاحتمال أن يكون الوهم فيه من أحد رواته.

أما رواية موسى بن عقبة: (فهي له ومثلها معها) فتحمل على روايته الأخرى: (فهي عليه ومثلها معها) أو تستبعد فيكون القول قول الجماعة، وهو الذي ذهب إليه الإمام البخاري رحمه الله، فقد أخرج

(1)

في المجتبى (5/ 34) وفي الكبرى (2244).

(2)

مشيخة ابن طهمان (23).

(3)

صحيح ابن خزيمة (4/ 49).

(4)

السنن الكبرى (6/ 164).

ص: 484

حديث شعيب، وذكر عقبه أن محمد بن إسحاق، وابن أبي الزناد، وابن جريج قد تابعوه على ذلك.

قال البخاري: «تابعه ابن أبي الزناد عن أبيه، وقال ابن إسحاق عن أبي الزناد: هي عليه ومثلها معها، وقال ابن جريج: حُدثت عن الأعرج بمثله»

(1)

.

وقال أبو عبيد: «فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فأما العباس فصدقته عليه ومثلها معها» يبين لك أنه قد كان أخّرها عنه ثم جعلها دَيْناً عليه يأخذه منه، فهو في الحديث الأول قد تعجّل زكاته منه، وفي هذا أنه قد أخّرها عنه، ولعل الأمرين جميعاً قد كانا.

وقد روى بعضهم حديث العباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وأما صدقة العباس فهي عليّ ومثلها معها» فإن كان هذا هو المحفوظ فهو مثل الحديث الأول الذي ذكرناه عن هشيم ويزيد وإسماعيل بن زكريا في تعجيلها قبل حلها وكلا الوجهين جائز»

(2)

.

وقال الألباني: شاذ بهذا اللفظ

، ورواية الجماعة هي الصواب

(3)

.

وذهب بعض أهل العلم إلى ترجيح رواية ورقاء من حيث المعنى، منهم: ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والبغوي وغيرهم.

قال ابن خزيمة في خبر ورقاء: «وأما العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليّ ومثلها معها، وقال في خبر موسى بن عقبة: أما العباس بن

(1)

صحيح البخاري (3/ 331 فتح الباري ح 1468).

(2)

كتاب الأموال ص 586.

(3)

إرواء الغليل (3/ 250 - 251).

ص: 485

عبد المطلب فهي له ومثلها معها، وقال في خبر شعيب بن أبي حمزة: أما العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عليه صدقة ومثلها معها، فخبر موسى بن عقبة: فهي له ومثلها معها، يشبه أن يكون أراد ما قال ورقاء، أي: فهي له عليّ، فأما اللفظة التي ذكرها شعيب بن أبي حمزة: فهي عليه صدقة، فيشبه أن يكون معناها: فهي له عليّ ما بينت في غير موضع من كتبنا أن العرب تقول: عليه يعني له، وله يعني عليه كقوله جلّ وعلا:{ .. أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)} [الرعد: 25]، فمعنى لهم اللعنة أي: عليهم اللعنة، ومحال أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب صدقة قد وجبت عليه في ماله وبعده ترك صدقة أخرى إذا وجبت عليه والعباس من صليبة بني هاشم ممن حرم عليه صدقة غيره أيضاً فكيف صدقة نفسه، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن الممتنع من أداء صدقته في العسر واليسر يعذَّب يوم القيامة في يوم مقداره خمسين ألف سنة بألوان عذاب قد ذكرناها في موضعها في هذا الكتاب فكيف يكون أن يتأول على النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك لعمه صنو أبيه صدقة قد وجبت عليه لأهل سهمان الصدقة أو يبيح له ترك أدائها وإيصالها إلى مستحقيها، هذا ما لا يتوهمه عندي عالم، والصحيح في هذه اللفظة قوله:(فهي له)، وقوله:(فهي عليّ ومثلها معها) أي: أني قد استعجلت منه صدقة عامين فهذه الصدقة التي أمرت بقبضها من الناس هي للعباس عليّ ومثلها معها أي: صدقة ثانية على ما روى الحجاج بن دينار وإن كان في القلب منه عن الحكم عن حجية بن عدي عن علي بن أبي طالب أن العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك»

(1)

.

(1)

صحيح ابن خزيمة (4/ 48).

ص: 486

وتبعه في ذلك ابن حبان بل إنه أخذ كثيراً مما قاله ولم ينسبه إليه

(1)

.

وقال البيهقي: كما رواه محمد بن إسحاق رواه أبو أويس المدني عن أبي الزناد وكذلك هو عندنا من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه، وحملوه على أنه صلى الله عليه وسلم كان أخّر عنه الصدقة عامين من حاجة بالعباس إليها

(2)

.

والذي رواه ورقاء على أنه كان تسلف منه صدقة عامين، وفي ذلك دليل على جواز تعجيل الصدقة.

فأما الذي رواه شعيب بن أبي حمزة فإنه يبعد من أن يكون محفوظاً لأن العباس كان رجلاً من صليبة بني هاشم تحرم عليه الصدقة فكيف يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عليه من صدقة عامين صدقة عليه.

ورواه موسى بن عقبة عن أبي الزناد فقال في الحديث: فهي له ومثلها معها، وقد يقال:(له) بمعنى (عليه) فروايته محمولة على سائر الروايات، وقد يكون المراد بقوله:(فهي عليه) أي: على النبي صلى الله عليه وسلم ليكون موافقاً لرواية ورقاء، ورواية ورقاء أوْلى بالصحة لموافقتها ما تقدم من الروايات الصريحة بالاستسلام والتعجيل، والله أعلم.

وقال البغوي

(3)

: وقوله في صدقة العباس: فهي عليّ صدقة، فإن هذه اللفظة قلّ المتابعون لشعيب فيها لأن العباس من صليبة بني هاشم

(1)

في صحيحه (8/ 67).

(2)

السنن الكبرى (4/ 111).

(3)

شرح السنّة (6/ 35).

ص: 487

لا تحل له الصدقة فكيف يستأثره بها، وروى غيره: هي عليّ ومثلها معها

ونحو ذلك قال ابن الملقن

(1)

.

وقال ابن الملقن: قال الخطابي: هذه لفظة لم يتابع عليها شعيب بن أبي حمزة، قال: وليس ذلك بجيد ففي البخاري متابعة أبي الزناد عليها لكن يحفظ لفظة: صدقة، وتابعه موسى بن عقبة أيضاً عن أبي الزناد في النسائي

(2)

.

وقال الداودي: المحفوظ (هي له) أي: أنه قد تصدق بصدقته ومثلها معها، وهي أوْلى لأنه رجل من صلب بني هاشم لا تحل له الصدقة

(3)

.

‌الترجيح:

ما ذهب إليه الإمام البخاري وما جاء في صحيحه أرجح وذلك للتالي:

1 تفرد ورقاء بلفظ: (فهي عليّ ومثلها معها)، ولا شك أن رواية الجماعة أوْلى بالأخذ وهم: شعيب، وابن أبي الزناد، وابن جريج، وابن إسحاق، وأبو أويس.

وتابعهم موسى بن عقبة فقال: (فهي له) وقد تقدم أن العرب تقول: عليه يعني له، وله يعني عليه، ولم يقل أحد: إن معنى (فهي له) أي: (فهي عليّ) هذا مع أن أبا زرعة قدّم ورقاء في أبي الزناد على شعيب وعلى ابنه عبد الرحمن، إلا أن الوهم في رواية الواحد أقرب منه إلى الجماعة.

(1)

البدر المنير (5/ 503).

(2)

التوضيح لشرح الجامع الصحيح (10/ 476) وعمدة القاري (9/ 47).

(3)

التوضيح لشرح الجامع الصحيح (10/ 477).

ص: 488

2 ذكر الإمام أحمد عن ورقاء أنه يصحف فقد قال: قال حجاج كان يقول لي ورقاء: كيف هذا الحرف عندك فأقول له: كذا وكذا، قال أبو عبد الله: وهو يصحف في غير حرف.

3 إن الذين قدّموا حديث ورقاء إنما أنكروا لفظه في حديث شعيب وهي قوله: (صدقة) فقالوا: كيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الزكاة منه ويقول: (هي عليه صدقة) والصدقة تحرم على بني هاشم؟

وفي ذلك نظر من وجوه:

أ أن الجماعة قد وافقوا شعيباً في قوله: (فهي عليه) فتقدم روايتهم على مَنْ خالفهم ويحكم على هذه الزيادة بالشذوذ إن كان ولا بد.

ب أن معناها ليس كما ذكروه، بل معنى:(هي عليه صدقة) أي: صدقة واجبة فأداها قبل محلها (ومثلها معها) أي: قدّم أداءها لعام آخر، وهذا المعنى هذا الذي ذكره العيني

(1)

.

ويؤيد هذا المعنى أنه قد ورد من طرق يقوي بعضها بعضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم تعجّل من العباس صدقة سنتين

(2)

.

(1)

عمدة القاري (9/ 97).

(2)

أبو داود (1624) والترمذي (685) وابن ماجه (1795) وأحمد (1/ 104) وابن الجارود (360) وابن خزيمة (2331) والدارقطني (2/ 132) والحاكم (2/ 332) والبيهقي (4/ 111) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، ومن المعاصرين الشيخان أحمد شاكر في تعليقه على المسند (2/ 140 رقم 822) والألباني في الإرواء (3/ 346).

ص: 489

وروى يعقوب بن سفيان من طريق أبي البختري عن علي رضي الله عنه فذكر قصة بعث عمر على الصدقة ومنع العباس وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه، إنا كنا احتجنا فاستسلف العباس صدقة عامين»

(1)

.

وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «هي عليه ومثلها معها» أي: أنه أداها ومثلها معها فيكون قد قدّم صدقة عامين ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هي عليّ ومثلها معها» والله تعالى أعلم، وانظر ح رقم (1159)، (1163).

(1)

المعرفة والتاريخ (1/ 500 - 501) ومن طريقه البيهقي (4/ 111).

ص: 490

‌أبو عوانة

(1)

‌اسمه ونسبه:

الوضاح بن عبد الله اليشكري مولى يزيد بن عطاء الواسطي البزار، كان من سبي جرجان، سكن البصرة.

رأى الحسن ومحمد بن سيرين وسمع من معاوية بن قرة حديثاً واحداً.

روى عن: أشعث بن أبي الشعثاء، والأسود بن قيس، وقتادة، وأبي بشر، وحصين بن عبد الرحمن، والأعمش، ومنصور بن المعتمر، وسهيل بن أبي صالح، وخلق من التابعين.

روى عنه: شعبة ومات قبله، وابن علية، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وسعيد بن منصور، وأبو داود الطيالسي، ويحيى بن يحيى النيسابوري وغيرهم.

(1)

مصادر الترجمة:

تهذيب الكمال (30/ 441)، التاريخ الكبير للبخاري (4/ 2)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (173)، تاريخ بغداد (13/ 462)، الطبقات الكبرى (7/ 287)، معرفة الرجال لابن محرز (1/ 117)، معرفة الثقات للعجلي (2/ 340)، سير أعلام النبلاء (8/ 221)، هدي الساري (449).

ص: 491

‌ثناء العلماء عليه:

قال يحيى القطان: ما أشبه حديثه بحديثهما يعني أبا عوانة بسفيان وشعبة.

وقال: أبو عوانة من كتابه أحب إليّ من شعبة من حفظه.

وقال عفان: كان أبو عوانة صحيح الكتاب، كثير العجم والنقط، وكان ثبتاً، وأبو عوانة في جميع حاله أصح حديثاً من هشيم

(1)

.

وقال يحيى بن معين: ثبت، وقال أيضاً: أبو عوانة أثبت من جرير، وقال: أبو عوانة أحبّ إليّ من إسرائيل وأثبت.

وقال أبو زرعة: بصري ثقة إذا حدّث من كتابه.

وقال أبو حاتم: أبو عوانة أحفظ من حماد.

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي عوانة فقال: كتبه صحيحة، وإذا حدّث من حفظه غلط كثيراً، وهو صدوق ثقة، هو أحب إليّ من أبي الأحوص ومن جرير بن عبد الحميد، وهو أحفظ من حماد بن سلمة.

قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ثقة حجة فيما حدّث به من كتابه، وكان إذا حدّث من حفظه ربما غلط.

وقال الذهبي: استقر الحال على أن أبا عوانة ثقة وما قلنا أنه كحماد بن زيد بل هو أحب إليهم من إسرائيل وحماد بن سلمة وهو أوثق من فليح بن سليمان وله أوهام تجانب إخراجها الشيخان.

قال ابن حجر: ثقة ثبت من السابعة.

قلت: روى له البخاري نحو مائة وعشرين حديثاً مع المكرر.

(1)

جاء في التهذيب من شعبة ورجح المحقق أنه هشيم وهو كذلك في الجرح والتعديل (4/ 2) ترجمة (173).

ص: 492

‌الحديث الأول

(1)

:

721 -

قال البخاري رحمه الله (1420): حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها:

أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: أينا أسرع بك لحوقاً؟ قال: «أطولكن يداً» فأخذوا قصبة يذرعونها فكانت سودة أطولهن يداً، فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقاً به، وكانت تحب الصدقة.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

هكذا رواه الإمام البخاري في صحيحه، والضمير هنا في:(وكانت أسرعنا لحوقاً به) ظاهره عائد على سودة، وقد أخرج البخاري هذا الحديث بنفس الإسناد في التاريخ الأوسط (1/ 413/ 158) فقال:

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن إسماعيل المِنقري، أبو سلمة التبوذكي، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، مات سنة 223، روى له البخاري ومسلم.

فراس بن يحيى الهمداني الخارقي، أبو يحيى الكوفي المكتب، صدوق ربما وهم، من السادسة، مات سنة 129، روى له البخاري ومسلم.

عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، من الثالثة، مات بعد عام 100 وله نحو 80 سنة، روى له البخاري ومسلم.

مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي، أبو عائشة الكوفي، ثقة فقيه عابد مخضرم، من الثالثة، مات سنة 62 أو 63، روى له البخاري ومسلم.

ص: 493

(فكانت سودة أطولنا ذراعاً وأسرعنا لحوقاً به) فكأنما حذف التصريح باسم سودة في الصحيح لعلمه أن هذا وهم وأن الصحيح هو زينب.

والحديث أخرجه كذلك أحمد (6/ 121) وابن سعد في الطبقات (8/ 54) من طريق عفان بن مسلم، والنسائي (5/ 66) وفي الكبرى (2321) وابن حبان (335) من طريق يحيى بن حماد، والبيهقي في دلائل النبوة (6/ 371) من طريق أبي سلمة موسى بن إسماعيل، وفراس بن يحيى المكتب في مسانيده (222) من طريق سهل بن بكار أربعتهم عن أبي عوانة به.

هكذا قال أبو عوانة عن فراس أن سودة رضي الله عنها كانت أول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لحوقاً به.

خالفه سفيان بن عيينة

(1)

فرواه عن فراس فقال: زينب.

وكذلك رواه زكريا بن أبي زائدة

(2)

عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها فقال: زينب.

وكذلك روته عائشة بنت طلحة

(3)

، وعمرة بنت عبد الرحمن

(4)

(1)

فتح الباري (3/ 287).

(2)

الطبراني في الأوسط (6277) وسيأتي بتمامه في علة الوهم.

(3)

مسلم (2452) ولفظه: قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً» قالت: فكنّ يتطاولن أيتهن أطول يداً، فقالت: فكانت أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق.

(4)

أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 108) واللفظ له، والطحاوي في شرح المشكل (210) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3086) والطبراني في الكبير (24/ 133) والحاكم (4/ 35) كلهم من طريق يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه: «يتبعني أطولكن يداً» قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد النبي صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش وكانت امرأة قصيرة يرحمها الله ولم تكن أطولنا فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بطول اليد الصدقة.

قالت: وكانت زينب امرأة صناع اليد فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق في سبيل الله.

والحديث صححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

ص: 494

عن عائشة رضي الله عنها.

وهذا هو الصحيح فإن زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت أول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لحوقاً به إذ ماتت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة عشرين أرسل إليها عمر بن الخطاب اثني عشر ألف درهم كما فرض لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فأخذتها وفرّقتها في ذوي قرابتها وأيتامها ثم قالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد هذا، فماتت وصلّى عليها عمر بن الخطاب

(1)

.

أما سودة بنت زمعة رضي الله عنها فقد اختلف في زمن وفاتها، فذكر ابن سعد أنها توفيت في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة 54 هـ.

رواه ابن سعد بسند صحيح فقال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم عن أبيه فذكره

(2)

.

وروى البخاري في تاريخه بسند صحيح إلى سعيد بن هلال أنه قال: ماتت سودة في خلافة عمر

(3)

.

وهذا رجحه الذهبي فقال: توفيت في آخر خلافة عمر

(4)

.

(1)

أسد الغابة (7/ 128).

(2)

الطبقات الكبرى (8/ 55) ورجاله ثقات رجال الشيخين.

(3)

التاريخ الكبير (1/ 413/ 157).

(4)

تاريخ الإسلام (1/ 288).

ص: 495

وعلى كلٍّ فإن زينب هي أول أزواجه لحوقاً به صلى الله عليه وسلم كما اتفق عليه أهل السير والتاريخ.

قال محمد بن عمر: هذا الحديث وَهْل في سودة وإنما هو في زينب بنت جحش وهي كانت أول نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوقاً به، وتوفيت في خلافة عمر بن الخطاب، وبقيت سودة بنت زمعة فيما حدثنا به محمد بن عبد الله بن مسلم، عن أبيه أن سودة توفيت في شوال سنة 54 بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان.

قال محمد بن عمر: وهذا الثبت عندنا

(1)

.

قال ابن الأثير: كانت زينب أول نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوقاً به كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفيت سنة عشرين»

(2)

.

قال الحافظ ابن حجر: «قوله: (وكانت أسرعنا) كذا وقع في الصحيح بغير تعيين ووقع في التاريخ الصغير للمصنف عن موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد، فكانت سودة أسرعنا

ثم قال: قال ابن بطال: هذا الحديث سقط منه ذكر زينب لاتفاق أهل السير على أن زينب أول مَنْ مات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يعني أن الصواب وكانت زينب أسرعنا

إلخ.

وقرأت بخط الحافظ أبي علي الصيرفي: ظاهر هذا اللفظ أن سودة كانت أسرع وهو خلاف المعروف عند أهل العلم أن زينب أول مَنْ مات من الأزواج

(3)

.

(1)

الطبقات الكبرى (8/ 55) ومحمد بن عمر هو الواقدي.

(2)

أسد الغابة (7/ 128).

(3)

فتح الباري (3/ 286 - 288).

ص: 496

وقال ابن الجوزي: هذا الحديث غلط من بعض الرواة والعجب من البخاري كيف لم ينبّه عليه ولا أصحاب التعاليق ولا الحميدي، ولا علم بفساد ذلك الخطابي فإنه فسره فقال:«لحوق سودة به من أعلام النبوة. وكل ذلك وهم وإنما هي زينب كما رواه مسلم من طريق عائشة بنت طلحة»

(1)

.

ثم قال الحافظ: «وقال الكرماني: يحتمل أن يقال: إن في الحديث اختصاراً أو اكتفاءً بشهرة القصة لزينب، ويؤول الكلام بأن الضمير رجع إلى المرأة التي علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها أول مَنْ يلتحق به، وكانت كثيرة الصدقة» .

قلت: الأول هو المعتمد، وكأن هذا هو السر في كون البخاري حذف لفظ سودة من سياق الحديث لما أخرجه في الصحيح لعلمه بالوهم فيه، وإنما ساقه في التاريخ بإثبات ذكرها ذكر ما يرد عليه من طريق الشعبي أيضاً عن عبد الرحمن بن أبزى قال: صليت مع عمر على أم المؤمنين زينب بنت جحش وكانت أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقاً به)

(2)

اه كلام الحافظ.

وقال البيهقي: «كذا في هذه الرواية أن أسرعهن لحوقاً به كانت سودة، والذي يدل عليه غير هذا الحديث أن زينب كانت أطول يداً بالصدقة وكانت هي أسرع لحوقاً به»

(3)

.

(1)

كشف المشكل (4/ 372) وذكره الحافظ في الفتح (3/ 286) والعيني في عمدة القاري (8/ 282).

(2)

فتح الباري (3/ 286 - 288).

(3)

دلائل النبوة (6/ 371).

ص: 497

‌أثر الوهم:

اغترّ ابن حبان بهذه الرواية فذكر أن سودة أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقاً به

(1)

مع أنه ذكر بعد ذلك حديث عائشة بنت طلحة

(2)

وأن زينب هي المعنية بهذا الحديث.

وكذلك قال الخطابي فإنه ذكر أن لحوق سودة به من أعلام نبوته

(3)

.

(1)

في صحيحه (4/ 557) عقب الحديث 1670.

(2)

في صحيحه (6665).

(3)

كشف المشكل لابن الجوزي (4/ 372).

ص: 498

‌الحديث الثاني

(1)

:

722 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (9/ 95) رقم (5052): حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة عن مغيرة عن مجاهد عن عبد الله بن عَمرو قال:

أنكحني أبي امرأة ذات حَسَب فكان يتعاهد كنَّته فيسألها عن بعلها فتقول: نِعْم الرجل من رجل لم يطأ لنا فِراشاً ولم يُفتش لنا كَنَفاً مذ أتيناه، فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:«الْقَنِي به» فلقيته بعدُ فقال: «كيف تصوم؟» قلت: كل يوم، قال:«وكيف تختم؟» قلت: كل ليلة، قال:«صُم في كل شهر ثلاثة واقرأ القرآن في كل شهر» قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال:«صُم ثلاثة أيام في الجمعة» قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال:«أفطِر يومين وصُم يوماً» قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك، قال:«صُم أفضل الصوم صَوْم داود صيام يوم وإفطار يوم واقرأ في كل سبع ليال مرة» فليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذاك أني كَبِرْتُ وضَعُفْتُ فكان يقرأ على بعض أهله السُّبْعَ من القرآن بالنهار والذي يقرؤه يَعْرِضُهُ من النهار ليكون أخفَّ عليه بالليل وإذا أراد أن يتقوى أفطر أياماً وأحصى وصام أياماً مثلهن كراهية أن يترك شيئاً فارق النبي صلى الله عليه وسلم عليه. قال أبو عبد الله وقال بعضهم: في ثلاث وفي خمس، وأكثرهم على سبع.

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن إسماعيل: تقدم.

مغيرة بن مقسم الضبي، أبو هشام الكوفي الأعمى، ثقة متقن إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم، من السادسة، مات سنة 136 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

مجاهد بن جبر المخزومي المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، من الثالثة، مات سنة 101 أو نحوها وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 499

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وأخرجه النسائي (4/ 209) من طريق يحيى بن حماد.

هكذا قال أبو عوانة عن مغيرة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم:«صم ثلاثة أيام في الجمعة» .

ورواه شعبة

(1)

عن مغيرة (مختصراً) بهذا الإسناد فقال: «صم من الشهر ثلاثة أيام، قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: صم يوماً وأفطر يوماً).

ورواه هشيم عن مغيرة وحصين عن مجاهد به وفيه: «صم في كل شهر ثلاثة أيام

فلم يزل يرفعني حتى قال: صم يوماً وأفطر يوماً»

(2)

.

ورواه جماعة عن عبد الله بن عمرو فلم يذكروا صيام ثلاثة أيام في الجمعة، منهم:

أبو سلمة ابن عبد الرحمن

(3)

، وسعيد بن المسيب

(4)

، وأبو العباس الشاعر

(5)

، وأبو المليح

(6)

، وهلال بن طلحة أو طلحة بن هلال

(7)

.

(1)

البخاري (1978) ومسلم (1159).

(2)

أحمد (2/ 158) وأبو نعيم في الحلية (1/ 286).

(3)

البخاري (1975)(1976) ومسلم (1159).

(4)

البخاري (1976) ومسلم (1159).

(5)

البخاري (1977) و (1979)، ومسلم (1159).

(6)

البخاري (1980).

(7)

أحمد (2/ 205).

ص: 500

وَهِمَ أبو عوانة أو موسى بن إسماعيل في قوله: «صم ثلاثة أيام في الجمعة» لأنها تعني صيام اثني عشر أو ثلاثة عشر يوماً في الشهر، ثم يقول له بعد أن قال: إنه يطيق أكثر من ذلك: «أفطر يومين وصُم يوماً» أي: صيام عشرة أيام وهو إنما يطلب منه أن يزيده.

لذا قال الداودي: «هذا وهم من الراوي، لأن ثلاثة أيام من الجمعة أكثر من فطر يومين وصيام يوم، وهو إنما يدرجه من الصيام القليل إلى الصيام الكثير»

(1)

.

قال الحافظ معقباً: وهو اعتراض متجه فلعله وقع من الراوي فيه تقديم وتأخير، وقد سلمت رواية هشيم من ذلك فإن لفظه: صم في كل شهر ثلاثة أيام، قلت: فإني أقوى أكثر من ذلك، فلم يزل يرفعه حتى قال: صم يوماً وأفطر يوماً

(2)

.

أما الإمام البخاري فإن صنيعه يدل على أنه لم يغفل عن هذا الوهم لذا لم يخرجه في كتاب الصيام، وإنما أورده في كتاب فضائل القرآن في باب (في كم يقرأ القرآن) مع اشتماله على زيادات في الصيام لم ترد في غيره، وكذلك لأن أبا عوانة أثبت الناس في مغيرة فذكر حديثه هنا، والله تعالى أعلم.

‌علة الوهم:

دخل عليه حديث في حديث، وظاهر الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره

(1)

فتح الباري (9/ 96) وعمدة القاري (20/ 59).

(2)

فتح الباري (9/ 96).

ص: 501

بالاقتصار باداء الأمر على ثلاثة أيام من كل شهر، فلما قال: إنه يطيق أكثر من ذلك زاده بالتدرج إلى أن أوصله إلى خمسة عشر يوماً صيام يوم وإفطار يوم.

وقد جاء ذكر صيام ثلاثة أيام من كل جمعة في رواية ليحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة

(1)

لكن نقله بعده إلى صيام يوم وإفطار يوم وأظنه من هنا دخل الوهم على أبي عوانة، والله أعلم.

(1)

رواه البخاري (6134) من طريق حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو قال: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار؟» قلت: بلى، قال: «فلا تفعل قم ونم

، وإن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام فإن لكل حسنة عشر أمثالها فذلك صيام الدهر كله» قال: فشدّدت فشُدد عليّ فقلت: فإني أطيق غير ذلك، قال:«وصم من كل جمعة ثلاثة أيام» قال: فشددت فشدّد عليّ، قلت: أطيق غير ذلك، فقال:«صم صوم نبي الله داود» قلت: وما صوم نبي الله داود؟ قال: «نصف الدهر» وأخرجه النسائي (4/ 210) وأحمد (2/ 198) وابن حبان (3571) والبيهقي (4/ 299) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، وتابعه محمد بن عمرو عند أحمد (2/ 200).

ص: 502

‌الحديث الثالث

(1)

:

723 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (6939): حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن حصين عن فلان قال: تنازع أبو عبد الرحمن وحبان بن عطية فقال أبو عبد الرحمن لحبان: لقد علمت ما الذي جرّأ صاحبك على الدماء يعني علياً قال: ما هو لا أبا لك؟ قال: شيء سمعته يقوله، قال: ما هو؟ قال:

بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير وأبا مرثد وكلنا فارس، قال:«انطلقوا حتى تأتوا روضة حاج» قال أبو سلمة: هكذا قال أبو عوانة حاج، «فإن فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فأتوني بها

» الحديث.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، والرجل المبهم في الإسناد هو سعد بن عبيدة كما في رواية أخرى صرّح البخاري فيها باسمه.

هكذا قال أبو عوانة عن حصين، عن سعد بن عبيدة، عن أبي

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن إسماعيل: تقدم.

حصين بن عبد الرحمن السلمي، أبو الهذيل الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخر، من الخامسة، مات سنة 136 وله 93 سنة، روى له البخاري ومسلم.

فلان: هو سعد بن عبيدة السلمي، أبو حمزة الكوفي، ثقة من الثالثة، مات في ولاية عمر بن هبيرة على العراق، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن حبيب بن رُبيِّعة، أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي المقراء، مشهور بكنيته ولأبيه صحبة، ثقة ثبت من الثانية، مات بعد عام 70، روى له البخاري ومسلم.

ص: 503

عبد الرحمن السلمي، عن علي رضي الله عنه:(روضة حاج).

خالفه عبد الله بن إدريس

(1)

، ومحمد بن فضيل

(2)

، وخالد بن عبد الله الواسطي

(3)

فرووه عن حصين بهذا الإسناد فقالوا: (روضة خاخ) وكذلك رواه عبيد الله بن أبي رافع

(4)

عن علي رضي الله عنه.

ورواه هشيم

(5)

عن حصين فقال: (روضة كذا) ولم يسمِّها، والصحيح روضة (خاخ) وهي روضة على الطريق بين مكة والمدينة قريبة من المدينة.

قال ابن حجر: روضة خاخ بمعجمتين ومَن قال بمهملة ثم جيم فقد صحّف.

وقال الواقدي: روضة خاخ بقرب ذي الحليفة على بريد من المدينة.

قال حمد الجاسر: روضة خاخ تقع في أسفل النقيع بينه وبين المدينة على مسافة أقل من يوم من المدينة بسير الماشي

(6)

.

قال الحافظ

(7)

: «قوله: قال أبو سلمة: هو موسى بن إسماعيل شيخ البخاري فيه قول: (هكذا)، قال أبو عوانة: حاج فيه إشارة إلى

(1)

البخاري (3983) و (6259).

(2)

مسلم (2494).

(3)

مسلم (2494).

(4)

البخاري (3007)(4890)(4274) ومسلم (2494).

(5)

البخاري (3081) وهشيم كان يصحف فيه بقوله: (حاج) فكأن البخاري حذفها عمداً.

(6)

معجم الأمكنة الوارد ذكرها في صحيح البخاري ص 264.

(7)

فتح الباري (12/ 307).

ص: 504

أن موسى كان يعرف أن الصواب خاخ ولكن شيخه قالها بالجيم وقد أخرجه أبو عوانة في صحيحه من رواية محمد بن إسماعيل الصائغ عن عفان فذكرها بلفظ: حاج بمهملة ثم جيم. قال عفان: والناس يقولون: خاخ. قال النووي: قال العلماء: هو غلط من أبي عوانة وكأنه اشتبه عليه بمكان آخر يقال له: ذات حاج وهو موضع بين المدينة والشام

وزعم السهيلي أن هشيماً كان يقولها أيضاً: حاح وهو وهم أيضاً وقد سبق من طريق هشيم بلفظ: حتى تأتوا روضة كذا، فلعل البخاري كنى عنها أو شيخه إشارة إلى أن هشيماً كان يصحِّفها، وعلى هذا فلم ينفرد أبو عوانة بتصحيفها لكن أكثر الرواة عن حصين قالوها على الصواب».

قال النووي: (روضة خاخ) هي: بخاءين معجمتين هذا هو الصواب الذي قاله العلماء كافة في جميع الطوائف وفي جميع الروايات والكتب ووقع في البخاري من رواية أبي عوانة حاج بحاء مهملة والجيم واتفق العلماء على أنه غلط من أبي عوانة، وإنما اشتبه عليه بذات حاج وهي موضع بين المدينة والشام على طريق الحجيج

(1)

.

(1)

شرح صحيح مسلم (16/ 55).

ص: 505

‌الحديث الرابع

(1)

:

724 -

قال الإمام أبو داود رحمه الله (135): حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:

أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً ثم قال:«هكذا الوضوء فمَن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات.

وأخرجه البيهقي (1/ 79) والبغوي في شرح السنة (228) من طريق أبي داود به.

(1)

رجال الإسناد:

مسدد بن مسرهد: انظره في بابه.

موسى بن أبي عائشة الهمداني مولاهم أبو الحسن الكوفي، ثقة عابد من الخامسة، وكان يرسل، روى له البخاري ومسلم.

عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، من الخامسة، مات سنة 118 روى له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، ثبت سماعه من جده، من الثالثة، روى له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

عبد الله بن عمرو بن العاص: صحابي مكثر.

ص: 506

هكذا قال أبو عوانة (عن موسى بن أبي عائشة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفيه: هكذا الوضوء فمَن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم).

خالفه سفيان الثوري

(1)

فرواه عن موسى بن أبي عائشة بهذا الإسناد ولفظه: «هكذا الوضوء فمَن زاد على هذا فقد أساء وتعدّى وظلم» .

وهم أبو عوانة رحمه الله فزاد: (أو نقص).

وقد أنكر هذه الزيادة أهل العلم لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الوضوء مرة مرة ومرتين مرتين كما في الصحيح وغيره، وممن ضعّف هذه الزيادة الإمام مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح.

قال الحافظ ابن حجر: «وهو مما ذكر مسلم أنه أنكر على عمرو بن شعيب لأن النقص من الثلاث لا يوجب ظلماً ولا إساءة»

(2)

.

وقال السيوطي: «قال ابن المواق: إن لم يكن اللفظ شكاً من الراوي فهو من الأوهام البينة التي لا خفاء لها، إذ الوضوء مرة ومرتين لا خلاف في جوازه والآثار بذلك صحيحة والوهم فيه من أبي عوانة وهو وإن كان من الثقات فإن الوهم لا يسلم منه بشر إلا مَنْ عصم»

(3)

.

(1)

النسائي (1/ 88) وفي الكبرى (89)(90) و (173) وأحمد (2/ 180) وابن ماجه (422) والبيهقي (1/ 79) من طريق يعلى بن عبيد، والبيهقي (1/ 97) تعليقاً، وابن خزيمة (74)، وابن حجر في تغليق التعليق (2/ 96) من طريق أبي بكر الحنفي.

(2)

تغليق التعليق (2/ 97)، فتح الباري (1/ 233).

(3)

عون المعبود (1/ 229).

ص: 507

قال السندي: «وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث: (أو نقص) والمحققون على أنه وهم لجواز الوضوء مرة مرة ومرتين مرتين»

(1)

.

وقال صاحب عون المعبود: «واستشكل الإساءة والظلم على مَنْ نقص عن هذا العدد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين ومرة مرة، وأجمع أئمة الحديث والفقه على جواز الاقتصار على واحدة

(ثم قال) وأجيب عن هذا

، أن الرواة لم يتفقوا على ذكر النقص فيه بل أكثرهم يقتصر على قوله: فمَن زاد، ولذا ذهب جماعة من العلماء بتضعيف هذا اللفظ في قوله:(أو نقص)

(2)

.

وقال الألباني: وقوله: (أو نقص) شاذ ووهم من أبي عوانة وسبحان مَنْ لا ينسى ولا يسهو»

(3)

.

هذا وقد تابع أبا عوانة الحكم بن بشير بن سليمان فرواه عن موسى بن أبي عائشة بهذا الإسناد فقال فيه: «الوضوء ثلاث فمَن زاد أو نقص فقد أساء وظلم»

(4)

.

وكذا وهم فيه أبو أسامة فرواه عن الثوري بهذه الزيادة وخالفه أصحاب الثوري

(5)

.

(1)

في حاشيته على سنن النسائي (1/ 88).

(2)

(1/ 229)، وقوله: أجيب عن هذا

إلى آخره، ذكره الحافظ في الفتح.

(3)

صحيح سنن أبي داود (1/ 230) وانظر: الصحيحة (2980).

(4)

أبو عبيد في الطهور (90) وهذا إسناد رجاله ثقات الحكم بن بشير قال عنه أبو حاتم: صدوق، وكذا ابن حجر في التقريب، إلا أني لم أذكره في كتابي هذا لأن الحكم بن بشير ليس من شرطنا لم يخرج له إلا الترمذي وابن ماجه فهو ليس من رجال الصحيح.

(5)

انظره في باب (حماد بن أسامة، ح 882).

ص: 508

وقد روى ابن عدي من طريق يحيى بن ميمون بن عطاء عن ابن جريج عن عطاء عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وقال: «هذا فرض الوضوء» وتوضأ مرتين مرتين فقال: «مَنْ زاد زاده الله» وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً وقال: «هذا وضوء معشر الأنبياء فمَن زاد فقد أساء وظلم»

(1)

.

وفي إسناده يحيى بن ميمون متروك، وقال أبو زرعة: ليس لهذا الحديث أصل.

وروى الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنه ما يوافق رواية سفيان الثوري وفيه سويد بن عبد العزيز قال الهيثمي: ضعّفه أحمد ويحيى وجماعة ووثقه دحيم

(2)

، والله تعالى أعلم.

‌علة الوهم:

1 رواه على الجادة، فإن التحذير في العبادات وغيرها كما يشمل الزيادة يشمل النقصان.

2 اختلاف الأمصار، فمع كون الإمام سفيان الثوري أحفظ وأتقن فهو وشيخه في هذا الحديث من الكوفة، وأبو عوانة من واسط، والله تعالى أعلم.

فوائد:

قال الإمام أبو عبد الله البخاري: وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن فرض الوضوء مرة مرة، وتوضأ أيضاً مرتين وثلاثاً ولم يزد على ثلاث، وكره

(1)

الكامل (7/ 222).

(2)

الطبراني في الكبير (11092) ومجمع الزوائد (1/ 221).

ص: 509

أهل العلم الإسراف فيه وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قال ابن الملقن: وشذّ بعضهم فأوجب الثلاث، حكاه الشيخ أبو حامد وغيره وحكاه صاحب الإبانة عن ابن أبي ليلى وهو باطل يرده إجماع مَنْ قبله والنصوص الصريحة أيضاً

(2)

.

أراد بعض أهل العلم تبرير قوله: (أو نقص) فقالوا: في مواضع الوضوء، والصحيح كما قال النووي بعدد المرات

(3)

.

احتج بعض أهل العلم بحديث الباب بأنه لا يستحب الزيادة في مواضع الوضوء فلا يزاد فوق المرفق والكعب.

قال ابن الملقن: «وادعى ابن بطال ثم القاضي عياض ثم ابن التين اتفاق العلماء على أنه لا تستحب الزيادة فوق المرفق والكعب»

(4)

وهي دعوى باطلة فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وأبي هريرة وعمل العلماء وفتواهم عليه، فهم محجوجون بالإجماع، واحتجاجهم بالحديث السالف:«مَنْ زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم» لا يصح لأن المراد به الزيادة في عدد المرات أو النقص عن الواجب أو الثواب المرتب على نقص العدد لا الزيادة على تطويل الغرة والتحجيل

(5)

.

(1)

فتح الباري (1/ 232).

(2)

التوضيح بشرح الجامع الصحيح (4/ 10) وفتح الباري (1/ 234).

(3)

شرح صحيح مسلم (3/ 134) والتوضيح (4/ 30).

(4)

شرح ابن بطال (1/ 221) وإكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 44).

(5)

التوضيح (4/ 29 - 30).

الحديث: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء، فمَن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل» .

ص: 510

‌الحديث الخامس

(1)

:

725 -

قال الإمام النسائي رحمه الله في السنن الكبرى (8451): أخبرنا الفضل بن سهل، قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد:

أن رجلاً قال لعلي: يا أمير المؤمنين لمَ ورثت ابن عمك؟ قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب فصنع لهم مدًّا من طعام، قال: فأكلوا حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو كأنه لم يُمَس، ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا وبقي الشراب كأنه لم يُمس أو لم يُشرب، فقال:«يا بني عبد المطلب إني بُعثت إليكم بخاصة وإلى الناس بعامة وقد رأيتم من هذه الآية ما قد رأيتم فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي ووزيري» فلم يقم إليه أحد، فقمت إليه وكنت أصغر القوم سناً فقال: اجلس، ثم قال ثلاث مرات: كل ذلك أقوم إليه فيقول: اجلس حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي ثم قال: أنت

(1)

رجال الإسناد:

الفضل بن سهل بن إبراهيم الأعرج البغدادي، أصله من خراسان، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 255 وقد جاوز السبعين عاماً، روى له البخاري ومسلم.

عفان بن مسلم بن عبد الله الباهلي، أبو عثمان الصفار، ثقة ثبت، قال ابن المديني: كان إذا شكّ في حرف من الحديث تركه، وربما وهم، من كبار العاشرة، روى له البخاري ومسلم.

عثمان بن المغيرة الثقفي مولاهم، أبو المغيرة الكوفي الأعشى وهو عثمان بن أبي زرعة، ثقة من السادسة، روى له البخاري.

أبو صادق الأزدي الكوفي، قيل: اسمه مسلم بن يزيد وقيل: عبد الله بن ناجد، صدوق وحديثه عن علي مرسل، من الرابعة، روى له النسائي وابن ماجه.

ربيعة بن ناجد الأزدي الكوفي، يقال: هو أخو أبي صادق الراوي عنه، ثقة من الثانية، روى له النسائي وابن ماجه.

ص: 511

أخي وصاحبي ووريثي ووزيري فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات، إلا أنه معلول وهو عند النسائي في خصائص علي (66).

وأخرجه الطبري في تاريخه (1/ 543) عن زكريا بن يحيى الضرير عن عفان بن مسلم به.

هكذا قال أبو عوانة: (عن عثمان بن المغيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد عن علي).

قال الإمام أحمد: «هذا مما أخطأ فيه، وقال لنا موسى بن إسماعيل: هكذا حدثنا به أبو عوانة من حفظه وأخطأ فيه، وحدثنا به من كتابه عن عثمان بن المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد

(1)

، عن ميسرة الكندي

(2)

عن علي»

(3)

.

‌علة الوهم:

1 التحديث من الحفظ.

2 أن أبا صادق روى عن ربيعة بن ناجد غير حديث في فضائل علي رضي الله عنه وقريش وغير ذلك

(4)

.

(1)

سالم بن أبي الجعد رافع الغطفاني الأشجعي الكوفي، ثقة، وكان يرسل كثيراً، من الثالثة، روى له الجماعة.

(2)

ميسرة أبو صالح الكندي الكوفي، مقبول من الثالثة.

(3)

المنتخب من العلل للخلال ص 207 - 208.

(4)

أبو يعلى (534) والبزار (758)(759) وابن أبي شيبة (32394)(33712) والنسائي في الكبرى (8488) وفي خصائص علي (103) والطبراني في الأوسط (3521)(3543)(8432) والحاكم (3/ 132 رقم 4662) و (6962).

ص: 512

‌الحديث السادس

(1)

:

726 -

قال الإمام النسائي رحمه الله (4/ 218): أخبرنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو كامل قال: حدثنا أبو عوانة عن عاصم بن بهدلة عن رجل عن الأسود بن هلال عن أبي هريرة قال:

أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى وأن لا أنام إلا على وِتْر وصيام ثلاثة أيام من الشهر.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات إلا أنه ضعيف لجهالة الراوي عن الأسود. وأخرجه في الكبرى (2715).

وقد خولف أبو عوانة في إسناد هذا الحديث ومتنه.

أولاً: في الإسناد:

قال أبو عوانة: (عن عاصم، عن رجل، عن الأسود، عن أبي هريرة).

(1)

رجال الإسناد:

زكريا بن يحيى بن إياس السِّجزي، ثقة حافظ، من الثالثة عشرة، مات سنة 289 هـ وله 94 سنة، روى عنه النسائي.

فضيل بن حسين بن طلحة الجحدري أبو كامل، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة 237 هـ وله أكثر من ثمانين سنة، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود، الأسدي الكوفي المقراء، صدوق له أوهام، حجة في القراءة حديثه في الصحيحين مقرون، من السادسة، مات سنة 128 هـ.

الأسود بن هلال المحاربي، أبو سلام الكوفي، مخضرم ثقة جليل، من الثانية، روى له البخاري ومسلم.

ص: 513

خالفه أبو حمزة السكري

(1)

، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي

(2)

فقالا: (عن عاصم، عن الأسود، عن أبي هريرة).

وصوّب هذا الإسناد الدارقطني كما سيأتي وهو ظاهر صنيع النسائي، زاد أبو عوانة رجلاً مجهولاً في الإسناد، وقد تابعهم أيضاً أبو عوانة في رواية كما ذكر الدارقطني.

ثانياً: في المتن:

ذكر ركعتَيْ الضحى، وخالفه أبو حمزة وشيبان فقالا بدلاً عنها:(والغسل يوم الجمعة).

والمحفوظ من حديث أبي هريرة هو ركعتا الضحى، هكذا رواه عنه جماعة وهو في الصحيحين وغيرهما

(3)

، لكن هذا رواه عاصم عن الأسود وهذا هو الحديث الوحيد للأسود بن هلال عن أبي هريرة لا يعرف له رواية عنه غيرها

(4)

، وتوافق أبي حمزة وشيبان على روايتها عن عاصم يدل على حفظهما، ورواه أبو عوانة على الوجه المحفوظ عن أبي هريرة.

وقد روي أيضاً بلفظ: غسل يوم الجمعة من حديث الحسن البصري عن أبي هريرة على سبيل التوهم أيضاً وهو ما رواه قتادة عن

(1)

النسائي (4/ 218) وفي الكبرى (2713).

(2)

النسائي (4/ 218) وأحمد (2/ 231) والنسائي في الكبرى (2714).

(3)

البخاري (1178) و (1981) ومسلم (721) وأبو داود (1432) وأحمد (2/ 258) وابن خزيمة (1228) والترمذي (760) وغيرهم.

(4)

انظر: تحفة الأشراف (12190).

ص: 514

الحسن عن أبي هريرة: (أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لست بتاركهن في حضر ولا سفر: نوم على وتر وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتَيْ الضحى) ثم قال قتادة: (ثم أوهم الحسن بعد فجعل مكان الضحى غسل يوم الجمعة)

(1)

.

قال الدارقطني وسئل عن حديث الأسود بن هلال عن أبي هريرة قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث: نوم على وتر والغسل يوم الجمعة وصوم ثلاثة أيام من كل شهر.

فقال: يرويه عاصم بن أبي النجود، واختلف عنه:

فرواه أبو حمزة السكري وشيبان بن عبد الرحمن عن عاصم عن الأسود بن هلال عن أبي هريرة.

وروى عن أبي عوانة عن عاصم عن رجل عن الأسود بن هلال عن أبي هريرة.

وروي عن أبي عوانة عن عاصم عن الأسود بن هلال عن أبي هريرة.

وقول أبي حمزة وشيبان أشبه بالصواب

(2)

.

(1)

انظره في بابه ح (474).

(2)

العلل (10/ 313).

ص: 515

‌الحديث السابع

(1)

:

727 -

قال الطبراني رحمه الله في المعجم الكبير (1571): حدثنا محمد بن محمد التمار، ثنا أبو الوليد (ح).

وحدثنا أبو حصين القاضي ثنا يحيى الحماني قالا: ثنا أبو عوانة عن حصين عن عمرو بن مرة، حدثني عمار بن عاصم حدثني نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه:

أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير شيخي الطبراني وهما ثقتان.

وذكره البخاري في التاريخ الكبير تعليقاً (6/ 488) وقال: قال أبو الوليد: حدثنا أبو عوانة فذكره.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن محمد بن حبان أبو جعفر التمار البصري، قال الدارقطني: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ (تراجم شيوخ الطبراني ص 608).

أبو حصين القاضي: محمد بن الحسين بن حبيب الوادعي الكوفي القاضي، قال الدارقطني: ثقة، وقال ابن الصواف: صدوق معروف بالطلب ثقة، وقال الذهبي: المحدث الحافظ الإمام، وقال ابن العماد: كان من حفّاظ الكوفة الثقات. تاريخ بغداد (2/ 229) السير (13/ 569) تراجم شيوخ الطبراني ص 534.

هشام بن عبد الملك الباهلي، أبو الوليد الطيالسي البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة 227 وله 94 سنة، روى له البخاري ومسلم.

يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني الكوفي، حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث، من صغار التاسعة، روى له مسلم.

حصين بن عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخر، من الخامسة، مات سنة 136 وله 93 سنة، روى له البخاري ومسلم.

ص: 516

هكذا قال أبو عوانة: (عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن عمار بن عاصم، عن نافع بن جبير، عن أبيه).

خالفه عبد الله بن إدريس

(1)

، ومحمد بن فضيل

(2)

، وعمر

(3)

فقالوا: (عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن عباد بن عاصم، عن نافع بن جبير، عن أبيه، وهذا هو المحفوظ في رواية حصين وقد سبق في باب حصين إذ خالفه شعبة فقال: (عاصم العنزي) فانظره لزاماً ح (515).

قال البخاري: وقال أبو الوليد: حدثنا أبو عوانة عن حصين عن عمرو سمع عمار بن عاصم العنزي سمع نافعاً عن أبيه رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى، وهذا لا يصح

(4)

.

(1)

ابن خزيمة (469) وابن جرير في تهذيب الآثار (2/ 641 رقم 948 مسند عمر) وابن أبي شيبة (2396)(2460) و (29142) وأحمد (4/ 82) والبخاري في التاريخ الكبير (6/ 37) تعليقاً، وابن الجارود (180) تعليقاً.

(2)

ابن خزيمة (469) والبزار (3455).

(3)

التاريخ الكبير (6/ 488).

(4)

التاريخ الكبير (6/ 1485) بعد أن ذكر الاختلاف على حصين فقال: (وقال يحيى بن موسى: حدثنا ابن إدريس سمع حصيناً عن عمرو بن مرة عن عباد بن عاصم عن نافع عن أبيه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

وقال عمرو بن محمد: حدثنا عبد الله بن صالح سمع عمراً عن حصين مثله.

وقال: أبو الوليد

).

ص: 517

‌وهيب بن خالد

‌اسمه ونسبه:

وُهيب بن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم، أبو بكر البصري صاحب الكرابيس.

ولد عام 107 وتوفي سنة 165 وله نحو 58 سنة، وقيل: مات سنة 169.

روى عن: حميد الطويل وأيوب وخالد الحذاء ويحيى بن سعيد الأنصاري وجعفر الصادق وهشام بن عروة وابن جريج ومنصور وموسى بن عقبة.

روى عنه: عبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، وابن علية، وأبو داود الطيالسي، وسليمان بن حرب وجماعة.

‌ثناء أهل العلم:

قال ابن مهدي: كان من أبصر أصحابه بالحديث والرجال.

وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن وهيب فقال: بخ من أصحاب الحديث.

ص: 518

وقال الفضل بن زياد: سألت أحمد عن وهيب وابن علية إذا اختلفا قال: كان عبد الرحمن يختار وهيباً، قلت: في حفظه؟ قال: في كل شيء، وإسماعيل ثبت.

قال عمرو بن علي: سمعت يحيى بن سعيد يعني القطان ذكره فأحسن الثناء عليه.

وقال أبو حاتم: ما أنقى حديثه، لا نكاد نجده يحدّث عن الضعفاء وهو الرابع من حفاظ البصرة وهو ثقة، ويقال: إنه لم يكن بعد شعبة أعلم بالرجال منه.

وقال ابن المديني: قال يحيى بن سعيد: إسماعيل أثبت من وهيب.

وقال العجلي: ثقة ثبت.

وقال ابن حبان: كان متقناً.

قال ابن حجر: ثقة ثبت لكنه تغير قليلاً بآخره، من السابعة.

قلت: روى له البخاري مع المكرر نحو مائة حديث وواحداً

(1)

، ومسلم نحو ستين حديثاً.

(1)

البخاري (84، 184، 189، 309، 323، 602، 645، 698، 779، 790، 856، 1035، 1044، 1131، 1310، 1321، 1333، 1361، 1375، 1395، 1402، 6419، 6509، 6613، 6705، 6717، 6818، 6842، 6860، 6974، 6990، 7031).

ص: 519

‌الحديث الأول

(1)

:

728 -

قال الإمام أحمد رحمه الله (3/ 75): حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، أو عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى فأتاه جبريل فقال: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من كل حاسد وعين الله يشفيك» .

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط مسلم.

هكذا وهم وهيب بن خالد في اسم الصحابي فرواه على الشك فقال: عن أبي سعيد أو جابر.

وقد رواه محمد بن عبد الرحمن الطفاوي

(2)

، وأبو شهاب الحناط عبد ربه بن نافع

(3)

عن داود، عن أبي نضرة عن أبي سعيد وحده.

وقد أخرجه مسلم في صحيحه

(4)

من طريق عبد العزيز بن صهيب

(1)

رجال الإسناد:

عفان بن مسلم: تقدم.

داود بن أبي هند القشيري مولاهم، أبو بكر أو أبو محمد البصري، ثقة متقن كان يهم بأخرة، من الخامسة، مات سنة 140 أو قبلها، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي العوفي البصري، مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة، مات سنة 108 أو 109، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

(2)

أحمد (3/ 58).

(3)

ابن أبي شيبة (8/ 48)، (10/ 317) وعبد بن حميد في المنتخب (8800) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2904) والطبراني في الدعاء (1091).

(4)

ص: 520

عن أبي نضرة عن أبي سعيد.

فالحديث هو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ولم يأتِ ذكر جابر بن عبد الله رضي الله عنه إلا من هذا الوجه الذي وهم فيه وهيب بن خالد، والله أعلم.

قال الدارقطني في العلل (11/ 326): والصحيح عن أبي سعيد.

ص: 521

‌الحديث الثاني

(1)

:

729 -

قال أبو يعلى رحمه الله (1020): حدثنا العباس بن الوليد النرسي، حدثنا وهيب، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن القاسم بن مخيمرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال:

نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (5/ 233) من طريق موسى بن هارون، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 176) من طريق عبد الأعلى بن حماد كلاهما عن العباس بن الوليد به.

وأخرجه ابن ماجه (1564) من طريق محمد بن عبد الله الرقاشي عن وهيب به مختصراً ولفظه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر).

هكذا قال وهيب: (عن عبد الرحمن بن يزيد، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى على القبور أو يقعد عليها) ووهم في الإسناد والمتن.

(1)

رجال الإسناد:

العباس بن الوليد النَّرْسي بفتح النون وسكون الراء، ثقة من العاشرة، مات سنة 238، روى له البخاري ومسلم.

عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، ثقة من السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومائة، روى له البخاري ومسلم.

القاسم بن مخيمرة أبو عروة الهمداني الكوفي، نزيل الشام، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة 100، روى له مسلم واستشهد به البخاري.

ص: 522

أولاً: في الإسناد:

رواه جماعة فقالوا: (عن عبد الرحمن بن يزيد، عن بسر بن عبيد الله، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي، منهم:

الوليد بن مسلم

(1)

، وعيسى بن يونس

(2)

، وبشر بن بكر

(3)

، وصدقة بن خالد

(4)

، وبكر بن يزيد الطويل

(5)

، ومحمد بن شعيب

(6)

، وأيوب بن سويد

(7)

، ويحيى بن حمزة

(8)

، وعبد الله بن المبارك في رواية

(9)

.

ورواه عبد الله بن المبارك

(10)

في المحفوظ عنه فجعله كذلك من حديث أبي مرثد الغنوي إلا أنه زاد في الإسناد: رجلاً بين بسر بن عبيد الله وواثلة. وانظره في بابه، وليس للقاسم بن مخيمرة عن أبي سعيد غير هذا الحديث.

ثانياً: في المتن:

قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى على القبر.

(1)

مسلم (972) والترمذي (1051) والنسائي (2/ 67) وأحمد (4/ 135) وغيرهم.

(2)

أبو داود (3229).

(3)

أبو عوانة (1180) والحاكم (3/ 221) وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 160).

(4)

ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (316) والطبراني في الكبير 19/ (433) وابن عساكر (59/ 355).

(5)

الدارقطني في العلل تعليقاً (7/ 43) وابن عساكر في تاريخه (10/ 160).

(6)

الدارقطني (7/ 43) تعليقاً.

(7)

المصدر السابق.

(8)

ابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 378).

(9)

الطبراني 19/ (424) والبيهقي (2/ 430).

(10)

انظر ح (791).

ص: 523

ورواية الجماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» .

لذا قال موسى بن هارون وهو أحد رواة هذا الحديث:

قوله: (أن يصلى على القبر) وهم، وإنما هو (أن يصلى إلى القبر)

(1)

. لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى على قبر بعدما دفن من حديث ابن عباس

(2)

، وأبي هريرة

(3)

، وأنس بن مالك

(4)

.

قال البغوي: وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعدهم أنه يجوز أن يصلى على القبر، وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق

(5)

.

قال الدارقطني: ورواه وهيب بن خالد عن ابن جابر بإسناد آخر عن القاسم بن مخيمرة عن أبي سعيد ولم يتابع عليه، والصحيح حديث واثلة عن أبي مرثد

(6)

.

ومع هذا فقد صحح العلامة الألباني رحمه الله الحديث ولم يتفطن لعلته

(7)

.

‌الخلاصة:

روى وهيب هذا الحديث فأخطأ فيه في موضعين: في إسناده

(1)

التمهيد (5/ 234).

(2)

البخاري (819) ومسلم (954).

(3)

البخاري (446)(448)(1272) ومسلم (956).

(4)

مسلم (955).

(5)

شرح السنّة (5/ 368).

(6)

العلل (7/ 43).

(7)

صحيح سنن ابن ماجه (1/ 261) وأحكام الجنائز.

ص: 524

فقال: عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن القاسم بن مخيمرة، عن أبي سعيد، والصحيح أنه عن عبد الرحمن بن يزيد، عن بسر بن عبيد الله عن واثلة، عن أبي مرثد، وقد نبه إلى ذلك الدارقطني.

وفي متنه، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقعد على القبور أو يصلى عليها أو يبنى عليها، وهم في قوله:(أن يصلى عليها) والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى إليها لأن الصلاة على القبر هو صلاة على الميت وهي صلاة بدون ركوع وسجود، وقد نبه إلى هذا الوهم موسى بن هارون.

والله تعالى أعلم.

ص: 525

‌الحديث الثالث

(1)

:

730 -

قال الإمام الترمذي (277): حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا مُعَلَّى بن أسد حدثنا وهيب عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين ونصب القدمين.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه الضياء في المختارة (973) من طريق الترمذي به.

وأخرجه البزار (1111) عن الحسن بن يحيى الأزدي، والطوسي في مختصر الأحكام (265) عن محمد بن المؤمل البصري، والحاكم

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام السمرقندي، أبو محمد الدارمي الحافظ صاحب المسند، ثقة فاضل متقن، من الحادية عشرة، مات سنة 255 وله 64 سنة، روى عنه مسلم.

معلى بن أسد العمي، أبو الهيثم البصري، ثقة ثبت، قال أبو حاتم: لم يخطاء إلا في حديث واحد، من كبار العاشرة، مات سنة 218 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن عجلان المدني، صدوق، روى له مسلم، واستشهد به البخاري في الصحيح (انظر ترجمته في بابه).

محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي أبو عبد الله المدني، ثقة له أفراد، من الرابعة، مات سنة 120 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

(سقط من المزي ذكره في تهذيبه من شيوخ محمد بن عجلان).

عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني، ثقة من الثالثة، مات سنة 104، روى له البخاري ومسلم.

ص: 526

(1/ 271) من طريق علي بن الحسن بن أبي عيسى كلهم عن معلى بن أسد عن وهيب به، وقد توبع.

فقد أخرجه الطبراني في الأوسط (8478) والحاكم (1/ 271) والبيهقي (2/ 107) من طريق عبد الرحمن بن المبارك، والسراج في مسنده (336) من طريق المعلى بن منصور كلاهما عن وهيب بهذا الإسناد.

هكذا قال وهيب: (عن محمد بن عجلان، عن محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خالفه حماد بن مسعدة

(1)

، ويحيى بن سعيد القطان

(2)

، وسليمان بن حيان أبو خالد الأحمر

(3)

، وسفيان الثوري

(4)

، وسفيان بن عيينة

(5)

، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي

(6)

، وأبو ضمرة أنس بن عياض

(7)

، وعلي بن غراب

(8)

.

فرووه عن: (محمد بن عجلان، عن محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك رواه سفيان الثوري

(9)

عن ابن عجلان، عن بكير بن

(1)

الترمذي (277) والضياء في المختارة (974).

(2)

ابن أبي شيبة (1/ 261) والترمذي تعليقاً (277).

(3)

ابن أبي شيبة (1/ 261).

(4)

ابن أبي حاتم في العلل (318) تعليقاً.

(5)

المصدر السابق.

(6)

الدارقطني في العلل (4/ 246/ 616) تعليقاً.

(7)

المصدر السابق.

(8)

المصدر السابق.

(9)

عبد الرزاق (2944).

ص: 527

عبد الله الأشج، عن عامر بن سعد مرسلاً.

وذكر الدارقطني أن وهيب قد روى الوجهين عن ابن عجلان فرواه عفان بن مسلم عن وهيب عن ابن عجلان، عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل: عن أبيه

(1)

.

وكذلك رواه الدارمي عن معلى بن أسد عن وهيب

(2)

.

وقد رجح المرسل الترمذي وأبو حاتم والدارقطني والضياء.

قال الترمذي عقب الحديث: قال عبد الله وقال المعلى: حدثنا حماد بن مسعدة عن محمد بن عجلان، عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين فذكر نحوه ولم يذكر فيه: عن أبيه.

قال أبو عيسى: «وروى يحيى بن سعيد القطان وغير واحد عن محمد بن عجلان، عن محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع اليدين ونصب القدمين، مرسل.

وهذا أصح من حديث وهيب».

وقال أبو حاتم: لا أعلم أحداً وصله سوى وهيب، رواه الثوري وابن عيينة ويحيى بن سعيد وغير واحد عن ابن عجلان، عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً وهو الصحيح

(3)

.

(1)

العلل (4/ 345 - 346).

(2)

العلل (4/ 346).

(3)

العلل لابن أبي حاتم (318).

ص: 528

وقال الضياء: إسناده معلول والراجح إرساله

(1)

.

وقال الطوسي: روى يحيى بن سعيد القطان وغير واحد عن محمد بن عجلان عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.

وهذا أصح من حديث وهيب والله أعلم، وهو الذي أجمع عليه أهل العلم واختاروه

(2)

.

(1)

المختارة (3/ 181 عقب الحديث 973).

(2)

مختصر الأحكام (2/ 142 - 143).

ص: 529

‌الحديث الرابع

(1)

:

731 -

قال أبو عبد الرحمن النسائي (8/ 154): أخبرني هلال بن العلاء بن هلال، قال: حدثنا مُعَلَّى بن أسد، قال: حدثنا وُهيب، عن محمد بن عجلان، عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن بُسر بن سعيد، عن زينب امرأة عبد الله رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إذا شهدت إحداكن صلاة العشاء فلا تمسن طيباً» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم رجال الصحيح غير شيخ النسائي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: صالح، وقال في موضع آخر: ليس به بأس، روى أحاديث منكرة عن أبيه فلا أدري الريب منه أو من أبيه، وقال الذهبي وابن حجر: صدوق.

وأخرجه النسائي في الكبرى أيضاً (9425).

(1)

رجال الإسناد:

هلال بن العلاء بن هلال بن عمر الباهلي، مولاهم أبو عمر الرقي، صدوق، من الحادية عشرة، مات في محرم سنة 280 وقد قارب المائة، روى له النسائي.

معلى بن أسد العمي: تقدم قريباً.

محمد بن عجلان المدني، صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة 148، روى له مسلم والبخاري تعليقاً (انظر ترجمته في بابه).

يعقوب بن عبد الله الأشج، أبو يوسف المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة 122، روى له مسلم والبخاري في خلق أفعال العباد.

بُسر بن سعيد المدني العابد، مولى ابن الحضرمي، ثقة جليل، من الثانية، مات سنة 100، روى له البخاري ومسلم.

زينب بنت معاوية أو ابنة عبد الله بن معاوية، ويقال: زينب بنت أبي معاوية الثقفية، زوج ابن مسعود، صحابية ولها رواية عن زوجها، روى لها البخاري ومسلم.

ص: 530

هكذا قال وهيب: (عن محمد بن عجلان، عن يعقوب بن عبد الله الأشج، عن بسر بن سعيد، عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود).

خالفه يحيى بن سعيد القطان

(1)

، وسفيان الثوري

(2)

، وجرير بن عبد الحميد

(3)

، وسفيان بن عيينة

(4)

، وروح بن القاسم

(5)

فقالوا: (عن محمد بن عجلان، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن بسر بن سعيد، عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود).

وهم وهيب أو من دونه فقلب (بكير بن عبد الله الأشج) إلى يعقوب بن عبد الله الأشج.

وكذلك رواه مخرمة بن بكير

(6)

، وابن جريج

(7)

، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام

(8)

، وعبيد الله بن أبي جعفر

(9)

، وعبد الله بن

(1)

مسلم (443)(142) والنسائي (8/ 189) وفي الكبرى (9426) وابن خزيمة (1680) وأبو عوانة (1448) وغيرهم.

(2)

الطبراني في الكبير (24/ 720) والدارقطني في العلل (9/ 84).

(3)

إسحاق بن راهويه (2399) والنسائي (8/ 154 - 155) وفي الكبرى (9427) والدارقطني في العلل (9/ 84).

(4)

الطبراني (24/ 719) في رواية، ورواه عبد الرزاق (8112) عن سفيان فقال: يعقوب بن عبد الله الأشج.

(5)

البيهقي (130)(3/ 133).

(6)

مسلم (443)(141) وأبو نعيم في المستخرج (687).

(7)

الطبراني في الكبير (24/ 717).

(8)

الطيالسي (1757 ط. التركي) والنسائي (8/ 155) و (8/ 190) وابن سعد في الطبقات الكبرى (8/ 290) وابن حبان (2212) وأحمد (6/ 363) والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 141) والمزي في تهذيب الكمال (25/ 523) والدارقطني في العلل (9/ 86).

(9)

النسائي (8/ 190) وفي الكبرى (9428) وأبو عوانة (1429) والطبراني في الكبير (24/ 722) و (723).

ص: 531

مسلم أخي الزهري

(1)

، عن بكير بن عبد الله الأشج.

فجعلوه أيضاً من رواية بكير بن عبد الله الأشج.

لذا قال النسائي عقب الحديث: حديث يحيى وجرير أوْلى بالصواب من حديث وهيب بن خالد، والله تعالى أعلم

(2)

، وانظر ح (544)، ح (1072).

(1)

الطبراني (24/ 721).

(2)

في المجتبى (8/ 154) وفي الكبرى (5/ 432).

ص: 532

‌الحديث الخامس

(1)

:

732 -

قال ابن حبان في صحيحه (1418): أخبرنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قال: حدثنا وهيب عن يحيى بن سعيد الأنصاري وإسماعيل بن أمية وعبيد الله بن عمر عن محمد بن يحيى بن حَبَّان عن عمه واسع بن حَبَّان عن ابن عمر قال:

رَقِيتُ فوق بيت حَفصة فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم جالساً على مقعدته مستقبل القبلة مستدبر الشام.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير الحسن بن

(1)

رجال الإسناد:

الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز الشيباني الخراساني النسوي صاحب المسند، قال الحاكم عنه: محدث خراسان في عصره مقدماً في الثبت والكثرة والفهم والفقه والأدب، توفي سنة 303 في شهر رمضان. السير (14/ 157).

إبراهيم بن الحجاج بن زيد السامي، أبو إسحاق البصري، ثقة يهم قليلاً، من العاشرة، مات سنة 231، روى عنه النسائي.

يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني أبو سعيد القاضي، ثقة ثبت من الخامسة، مات سنة 144 أو بعدها، روى له البخاري ومسلم.

إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي، ثقة ثبت من السادسة، مات سنة 144 وقيل قبلها، روى له البخاري ومسلم.

عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين بعد المائة، روى له البخاري ومسلم.

محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ الأنصاري المدني، ثقة فقيه من الرابعة، مات سنة 121 وله 94 سنة، روى له البخاري ومسلم.

واسع بن حبان بن منقذ الأنصاري المدني، صحابي ابن صحابي وقيل: بل ثقة، من الثانية، روى له البخاري ومسلم.

ص: 533

سفيان وإبراهيم بن الحجاج وهما ثقتان.

ورواه ابن خزيمة (59) من طريق أبي هشام المخزومي المغيرة بن سلمة وهو ثقة ثبت عن وهيب به، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 234) من طريق إبراهيم بن الحجاج به.

هكذا قال وهيب: عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيد الله بن عمر كلاهما عن محمد بن يحيى عن واسع بن حبان، عن ابن عمر أنه رقى فوق بيت حفصة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل القبلة مستدبر الشام.

خالفه أصحاب يحيى وعبيد الله فرووه عن محمد بن يحيى به فقالوا: مستدبر القبلة ومستقبل الشام (وفي رواية: بيت المقدس) أما رواية إسماعيل بن أمية فلم أقف على مَنْ رواها غير وهيب.

أولاً: يحيى بن سعيد الأنصاري:

هكذا رواه عنه الإمام مالك بن أنس

(1)

، ويزيد بن هارون

(2)

، وسليمان بن بلال

(3)

، وحماد بن سلمة

(4)

، وهشيم

(5)

، وعبد الوهاب الثقفي

(6)

، والأوزاعي

(7)

.

(1)

البخاري (145) وابن حبان (1421).

(2)

البخاري (149).

(3)

مسلم (266).

(4)

أبو نعيم في مستخرجه على مسلم (611).

(5)

ابن خزيمة (59) والدارقطني (1/ 61) والطحاوي (4/ 234) وابن عبد البر في التمهيد (1/ 306).

(6)

ابن خزيمة (59).

(7)

ابن ماجه (322).

ص: 534

فرووه عن يحيى بن سعيد الأنصاري فقالوا: (مستدبر القبلة ومستقبل الشام).

ثانياً: أصحاب عبيد الله بن عمر الذين خالفوا وهيباً، وهم:

أنس بن عياض

(1)

، ومحمد بن بشر العبدي

(2)

، ويحيى بن سعيد القطان

(3)

، وعقبة بن خالد

(4)

، وعبد الأعلى

(5)

، وعبدة بن سليمان

(6)

، وعبد الرزاق

(7)

.

قلب وهيب بن خالد لفظة: (مستدبر القبلة) فجعلها: (مستقبل القبلة).

وقد تابعه في ذلك حفص بن غياث عن يحيى بن سعيد الأنصاري ح (772) أورد حديثه ابن عبد البر ثم أورد حديث مالك قال: وهكذا رواه عبد الوهاب الثقفي وسليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد بلفظ حديث مالك

ثم قال: وهذا إن شاء الله أثبت الروايات في حديث ابن عمر

(8)

.

وسيأتي الحديث أيضاً في باب محمد بن عجلان، ح (1285).

(1)

البخاري (148) و (3102).

(2)

مسلم (266).

(3)

أبو نعيم في المستخرج على مسلم (612) وابن خزيمة (59) والطوسي في مختصر الأحكام (90).

(4)

ابن الجارود في المنتقى (30).

(5)

ابن خزيمة (59).

(6)

الترمذي (11) وأحمد (2/ 12).

(7)

الطبراني في المعجم الكبير (13312).

(8)

التمهيد (1/ 306).

ص: 535

‌الحديث السادس

(1)

:

733 -

قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (281): حدثنا وهيب بن خالد ويزيد بن زريع عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة قال: قلت لابن مسعود: إن الناس يتحدثون أنك كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ فقال:

ما صحبه منا أحد ولكنا فقدناه بمكة فطلبناه في الشعاب وفي الأودية فقلنا: اغتيل، استطير، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا رأيناه مقبلاً فقلنا: يا رسول الله بتنا الليلة بشر ليلة بات بها قوم فقدناك، فقال:«إنه أتاني داعي الجن فانطلقت أقرئهم القرآن» فانطلق بنا فأرانا بيوتهم ونيرانهم، وسألوه الزاد فقال:«كل عظم لم يذكر عليه اسم الله يقع في أيديكم أوفر ما كان لحماً، وكل بعرة علفاً لدوابكم» فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستنجى بهما وقال: «هما زاد إخوانكم من الجن» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير داود من رجال مسلم.

(1)

رجال الإسناد:

يزيد بن زريع البصري أبو معاوية، ثقة ثبت من الثامنة، مات سنة 182، روى له البخاري ومسلم.

داود بن أبي هند القشيري مولاهم البصري، ثقة متقن كان يهم بأخرة، من الخامسة، مات سنة 140 وقيل قبلها، روى له مسلم والبخاري تعليقاً.

عامر بن شراحيل الشعبي أبو عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، من الثالثة، مات بعد المائة وله نحو 80 عاماً، روى له البخاري ومسلم.

علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي، ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات بعد الستين، وقيل: بعد السبعين، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن مسعود: صحابي مشهور.

ص: 536

وأخرجه أبو عوانة في مسنده (3789) وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (996) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 623 - 624) ثلاثتهم من طريق الطيالسي به.

وأخرجه أبو عوانة (586) من طريق يحيى بن غيلان عن يزيد بن زريع به، والخطيب في الفصل للوصل (2/ 631) من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل عن يزيد بن زريع إلا أنه لم يسق لفظه كاملاً بل أحال على ما قبله.

هكذا قال وهيب بن خالد عن داود عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عظم لم يذكر عليه اسم الله» .

خالفه عبد الأعلى بن عبد الأعلى

(1)

، وإسماعيل بن إبراهيم

(2)

(ابن علية)، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة

(3)

، وعلي بن عاصم

(4)

، وعبد الوهاب بن عطاء

(5)

فرووه عن داود بن أبي هند فقالوا: (كل عظم ذكر اسم الله عليه).

‌علة الوهم:

قد ورد من حديث حذيفة رضي الله عنه: (إن الشيطان يستحل

(1)

مسلم (450) وابن خزيمة (82) وابن حبان (6527) والبيهقي (11/ 11) و (1/ 108) والخطيب في الفصل للوصل (2/ 642) و (2/ 630).

(2)

مسلم (450) وأحمد (1/ 436) والبيهقي (1/ 109) والخطيب (2/ 628).

(3)

أحمد (1/ 436) وابن خزيمة (82) وابن حبان (1432) والخطيب (2/ 628).

(4)

الخطيب (2/ 621).

(5)

الخطيب (2/ 632).

ص: 537

الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه)

(1)

.

وهذا عام في كل الشياطين والجن ويخرج منها مَنْ أسلم منهم.

قال النووي: قال بعض العلماء: هذا لمؤمنيهم، وأما غيرهم فجاء في حديث آخر أن طعامهم ما لم يذكر اسم الله عليه

(2)

.

وقال ابن القيم: ولهذا لما سأل الجن الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم الزاد قال: «لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه» فلم يبح لهم طعام الشياطين وهو متروك التسمية

(3)

.

ومن هنا والله أعلم اشتبه على بعض الرواة، فأدخل لفظ هذا في الآخر، والله تعالى أعلم.

‌تنبيه:

1 روى أبو نعيم في المستخرج هذا الحديث من طريق ابن خزيمة عن محمد بن المثنى عن عبد الأعلى، ومن طريق أبي داود الطيالسي عن وهيب ويزيد، وجمع معهم كذلك، رواية بشر بن المفضل وابن أبي عدي فساقها كلها بلفظ حديث أبي داود:«وفيه كل عظم لم يذكر اسم الله عليه» ، وابن خزيمة إنما يروي هذا الحديث عن محمد بن المثنى عن عبد الأعلى بلفظ:«كل عظم ذكر اسم الله عليه» وكذلك رواه مسلم عن محمد بن المثنى، وكذلك رواه ابن حبان (6527) من طريق إسحاق بن إبراهيم والخطيب من طريق جميل بن الحسن عن عبد الأعلى بلفظ:«كل عظم ذكر اسم الله عليه» وعلة وهمه جمع الأسانيد.

(1)

مسلم (2017) وأبو داود (3766) وأبو عوانة (8239).

(2)

شرح صحيح مسلم (4/ 170).

(3)

إغاثة اللهفان (1/ 25).

ص: 538

2 حمل أبو داود الطيالسي رواية يزيد على رواية وهيب، فإن وهيباً هو الذي يروي هذا الحديث كله مرفوعاً وقد فصله يزيد بن زريع

(1)

فروى الحديث مرفوعاً إلى قوله: (ونيرانهم) ثم قال: قال عامر الشعبي وسألوه الزاد قال: (كل عظم لم يذكر اسم الله عليه) وكذلك فصله ابن علية

(2)

.

وقد نبّه إلى هذا الخطيب البغدادي

(3)

ورجح الدارقطني والخطيب أن هذا مدرج وهم فيه بعض الرواة فأدرجه في المرفوع.

3 روى الترمذي هذا الحديث من طريق علي بن حجر عن إسماعيل بن علية واختلف في طبعاته ففي طبعة بشار وطبعة الألباني بلفظ: (لم يذكر) وفي طبعة دار إحياء التراث وتحفة الأحوذي بلفظ: (ذكر).

والصحيح عن إسماعيل بن إبراهيم (ابن علية) هو (كل طعام ذكر اسم الله) كما في بقية المصادر

(4)

.

4 لم أجد مَنْ نبّه على هذا الوهم، لكن قال صاحب تحفة الأحوذي: في رواية مسلم: (كل عظم ذكر اسم الله عليه) يعني يخالف رواية الترمذي وفي هاتين الروايتين تخالف ظاهر ويمكن أن يجمع بينهما بأن المراد بقوله: ذكر اسم الله عليه عند الذبح، وبقوله:

(1)

أبو عوانة (586).

(2)

مسلم (450).

(3)

الفصل للوصل (2/ 625).

(4)

أحمد (1/ 436) والبيهقي (1/ 109) والخطيب (2/ 628).

ص: 539

لم يذكر اسم الله عليه يعني عند الأكل، وإلا فما في الصحيح هو أصح

(1)

.

وفي قوله: تكلف والصحيح هو ما جاء عند مسلم وغيره وقد وهم مَنْ خالف ذلك، والله تعالى أعلم.

(1)

تحفة الأحوذي (9/ 101).

ص: 540

‌الحديث السابع

(1)

:

734 -

قال أبو داود رحمه الله (5068): حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب، ثنا سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:

أنه كان يقول إذا أصبح: «اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور» .

وإذا أمسى قال: «اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين، وقد تقدم في باب حماد بن سلمة، ح (254).

ورواه ابن مندة في التوحيد (351) من طريق منصور بن صقير، والنسائي في الكبرى (10399) من طريق عبد الأعلى بن حماد النرسي كلاهما عن وهيب به.

هكذا قال وهيب عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في هذا الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى: «وإليك النشور» .

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة التبوذكي، ثقة ثبت، من صغار التاسعة، مات سنة 223، روى له البخاري ومسلم.

سهيل بن أبي صالح: تقدم.

ذكوان السمان: تقدم.

ص: 541

خالفه عبد العزيز بن أبي حازم، وروح بن القاسم، وحماد بن سلمة في رواية فقالوا: إذا أصبح يقول: «وإليك النشور» وإذا أمسى يقول: «وإليك المصير»

(1)

.

وقد رواه معلى بن أسد عن وهيب كذلك فقال: (النشور) في الصباح و (المصير) في المساء

(2)

.

وهذا الاختلاف يظهر لي من وهيب.

فقد رواه عبد الأعلى بن حماد عن وهيب فقال: (المصير) في الصباح.

ورواه النسائي عن زكريا بن يحيى قال: حدثنا عبد الأعلى حدثنا وهيب به، وفيه: كان يقول إذا أصبح: «اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور»

(3)

.

وإذا أمسى قال: «بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور» قال: ومرة أخرى: «وإليك المصير» .

ورواه البغوي من طريق عبد الأعلى عن وهيب به فقال: «وإليك المصير»

(4)

في الصباح وفي المساء.

‌الخلاصة:

اختلف على وهيب في هذا الحديث على عدة أوجه:

(1)

تقدم تخريجه في باب حماد بن سلمة فانظره لزاماً.

(2)

البخاري في الأدب المفرد (1105).

(3)

السنن الكبرى (10399).

(4)

شرح السنّة (1325).

ص: 542

1 فرواه موسى بن إسماعيل، ومنصور بن صقير، وعبد الأعلى بن حماد في رواية بلفظ:(وإليك النشور) في الصباح والمساء.

2 ورواه معلى بلفظ: (النشور) في الصباح و (المصير) في المساء، وهذا هو الصحيح، وكذلك رواه عبد الأعلى في رواية له.

3 ورواه عبد الأعلى بلفظ: (المصير) في الصباح والمساء.

والوهم إما أن يكون من وهيب، أو يكون من موسى بن إسماعيل، وعبد الأعلى بن حماد، ومنصور بن صقير، والآخر ضعيف، والآخران من رجال الشيخين، والله تعالى أعلم.

ص: 543

‌الحديث الثامن

(1)

:

735 -

قال البخاري في التاريخ الكبير (5/ 32) والتاريخ الأوسط (1/ 499 ح رقم 233): حدثنا موسى بن إسماعيل وعبد الأعلى، قالا: حدثنا وهيب، عن هشام، عن أبيه، عن رجل عن عبد الله بن أرقم رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:

«ليبدأ بالخلاء قبل الصلاة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح غير الراوي عن عبد الله بن أرقم فهو مجهول.

وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (1997).

ورواه البخاري أيضاً في الأوسط (234) وفي الكبير عن أنس بن عياض عن هشام بمثله.

هكذا قال وهيب: (عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن رجل، عن عبد الله بن الأرقم).

فخالف جماعة من أصحاب هشام بن عروة إذ قالوا: (عن هشام

(1)

رجال الإسناد:

موسى بن إسماعيل المنقري: تقدم.

عبد الأعلى بن حماد بن نصر الباهلي البصري، لا بأس به، من كبار العاشرة، مات سنة 236 أو 237، روى له البخاري ومسلم.

هشام بن عروة: انظر ترجمته في بابه.

عروة بن الزبير: تقدم مراراً.

عبد الله بن أرقم: صحابي معروف، ولّاه عمر بيت المال ومات في خلافة عثمان.

ص: 544

ابن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الأرقم) ولم يذكروا بين عروة وعبد الله بن الأرقم أحداً، وهم:

مالك بن أنس

(1)

، وسفيان بن عيينة

(2)

، وأبو أسامة حماد بن أسامة

(3)

، وأيوب السختياني

(4)

، وحماد بن زيد

(5)

، وزهير بن معاوية

(6)

، ومحمد بن كناسة

(7)

، وأبو معاوية الضرير

(8)

، ويحيى القطان

(9)

، وحفص بن غياث

(10)

، ومعمر بن راشد

(11)

، وسفيان الثوري

(12)

، وأيوب بن موسى

(13)

، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي

(14)

، وعمرو بن علي

(15)

، وعيسى بن يونس

(16)

، وعبد الله بن

(1)

في الموطأ (1/ 159) ومن طريقه الشافعي في المسند (1/ 111) والنسائي (2/ 110 - 111) والطحاوي (1994) والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 33) وابن خزيمة (932) وابن حبان (2071) والبيهقي (3/ 72).

(2)

الحميدي (872) وابن خزيمة (932) والحاكم (1/ 258) وابن ماجه (616) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (640).

(3)

ابن خزيمة (932).

(4)

ابن خزيمة (932).

(5)

ابن خزيمة (1652) والطبراني في الكبير قطعة من الجزء 13 برقم 458.

(6)

أبو داود (88) وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 136) والحاكم (1/ 168) والبيهقي (3/ 72).

(7)

الدارمي (1427) والبيهقي (3/ 72).

(8)

الترمذي (142) والطحاوي (1996).

(9)

أحمد (3/ 483) والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 33) والأوسط (1/ 68/ 263).

(10)

ابن أبي شيبة (2/ 422 - 423).

(11)

عبد الرزاق (1759) والطبراني في المعجم الكبير قطعة من الجزء 13 برقم (453).

(12)

عبد الرزاق (1761) والطبراني في الأوسط (7042).

(13)

عبد الرزاق (1761) والطبراني في الكبير قطعة من الجزء 13 برقم (454).

(14)

الشافعي (1/ 111 - 112).

(15)

ابن خزيمة (932).

(16)

الطحاوي (1995).

ص: 545

نمير

(1)

، ووكيع

(2)

، وقيس بن سعد

(3)

، وعبد الله بن سعيد

(4)

، ومحمد بن إسحاق

(5)

، وشجاع بن الوليد

(6)

، ومرجى بن رجاء

(7)

، وشعبة

(8)

، وحماد بن سلمة

(9)

، وزائدة بن قدامة

(10)

، وأبو الربيع السمان

(11)

.

وكذلك رواه ابن لهيعة

(12)

، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عبد الله بن أرقم، وجاء في روايته ما يدل على سماع عروة هذا الحديث من عبد الله بن الأرقم فقال عروة: كنا مع عبد الله بن الأرقم الزهري وحضرت الصلاة وكان هو يتقدمنا فأذن لنا فخرج إلى الغائط فقيل له: لو صليت ثم خرجت، فذكر الحديث.

وكذلك جاء في رواية سفيان الثوري عن هشام بن عروة قال: كنا معه في سفر.

وجاء في رواية أسد بن موسى عن ابن عيينة

(13)

قال: إن

(1)

الطحاوي (1996).

(2)

ابن عبد البر في التمهيد (22/ 205).

(3)

الطبراني في الأوسط (6949).

(4)

أحمد (4/ 35).

(5)

ابن عبد البر في التمهيد (23/ 203) تعليقاً.

(6)

المصدر السابق.

(7)

تاريخ بغداد (13/ 83) والطبراني في الكبير (460).

(8)

ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 173) تعليقاً، ووصله الطبراني في المعجم الكبير 13/ (455).

(9)

المصدر السابق.

(10)

الطبراني في الكبير قطعة من الجزء 13/ (459).

(11)

المصدر السابق 13/ (462).

(12)

المصدر السابق قطعة من الجزء (13) رقم 466.

(13)

الطبراني قطعة من 13 ح رقم 461.

ص: 546

عبد الله بن أرقم خرج إلى مكة وكان إمامهم.

ورواه عبد الرزاق

(1)

عن ابن جريج عن أيوب بن موسى، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: خرجنا في حج أو عمرة مع عبد الله بن الأرقم الزهري فأقام الصلاة ثم قال: صلُّوا، وذهب لحاجته، فلما رجع ذكر الحديث.

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين وصرح فيه بسماع عروة عن عبد الله بن الأرقم.

والله تعالى أعلم.

(1)

في المصنف (1761).

ص: 547

‌الحديث التاسع

(1)

:

736 -

قال أبو داود الطيالسي رحمه الله (2524 ط. التركي): حدثنا وهيب، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول: لا إله إلا الله» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

هكذا قال وهيب: (سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة).

خالفه جرير بن عبد الحميد، وسفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وخالد الواسطي فقالوا:(عن سهيل، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة).

وكذلك رواه أصحاب عبد الله بن دينار عنه وقد سبق بيان ذلك في باب معمر بن راشد ح (217) فانظره لزاماً.

وهم وهيب فأسقط عبد الله بن دينار بين سهيل بن أبي صالح وأبيه.

(1)

رجال الإسناد:

سهيل بن أبي صالح، تقدم. انظر ترجمته في بابه.

ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني، ثقة ثبت، من الثالثة روى له البخاري ومسلم.

أبو هريرة: تقدم مراراً.

ص: 548

‌الحديث العاشر

(1)

:

737 -

قال أبو عوانة رحمه الله (8223): حدثنا يعقوب بن سفيان قال: ثنا المعلى بن أسد قال: ثنا وهيب عن النعمان بن راشد عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بإناء فيه لبن وعن يمينه رجل أعرابي وعن يساره عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه فشرب منه ثم أعطى الأعرابي وقال: «الأيمن فالأيمن» كذا قال وهيب عن النعمان.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله رجال الصحيح غير يعقوب بن سفيان وهو ثقة حافظ مصنف.

ذكر الدارقطني أن وهيباً يرويه عن معمر والنعمان بن راشد به، وفيه: فقال عبد الرحمن بن عوف: أعطِ أبا بكر، كما سيأتي

(2)

.

خالفه شعيب بن أبي حمزة

(3)

، ومالك

(4)

، ويونس بن يزيد

(5)

،

(1)

رجال الإسناد:

يعقوب بن سفيان الفارسي، أبو يوسف الفسوي، ثقة حافظ من الحادية عشرة، مات سنة 277، روى له الترمذي والنسائي.

معلى بن أسد العمي: تقدم.

النعمان بن راشد الجزري، صدوق سياء الحفظ، من السادسة، روى له مسلم واستشهد به البخاري في الصحيح.

الزهري: محمد بن مسلم. انظر ترجمته في بابه.

(2)

العلل (2581).

(3)

البخاري (2352).

(4)

البخاري (5619) ومسلم (2029).

(5)

البخاري (5612).

ص: 549

ويوسف الماجشون

(1)

، ومحمد بن الوليد الزبيدي

(2)

، وزمعة

(3)

، وسفيان بن حسين

(4)

، وعبد الرحمن بن عباد

(5)

، وأشعث بن سوار

(6)

، وإسماعيل بن مسلم

(7)

، والأوزاعي

(8)

، وعقيل

(9)

، وابن جريج

(10)

، وصالح بن كيسان

(11)

، فرووه عن الزهري، عن أنس فقالوا:(وعن يساره أبو بكر) وزاد أكثرهم فقال عمر: أعطِ أبا بكر.

وكذلك رواه ابن عيينة عن الزهري وزاد فيه زيادات

(12)

.

ورواه عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري عن أنس بمثل رواية الجماعة

(13)

.

لذا قال الدارقطني: رواه وهيب عن معمر والنعمان بن راشد عن الزهري، عن أنس فقال عبد الرحمن بن عوف: أعطِ أبا بكر، ووهم فيه، والصحيح قول مَنْ قال فقال عمر: أعطِ أبا بكر

(14)

.

(1)

النسائي في الكبرى (6862) وأحمد (3/ 231).

(2)

النسائي (6861) وأبو عوانة (8222).

(3)

الطيالسي (2094).

(4)

أبو يعلى (3562).

(5)

أبو يعلى (3564)(3613).

(6)

الدارقطني في العلل (2581) تعليقاً، وأبو نعيم في الحلية (3/ 374).

(7)

المصدر السابق.

(8)

الدارمي (2/ 118) وابن حبان (5336) وأبو عوانة (8222).

(9)

أبو عوانة (8222).

(10)

أبو عوانة (8222).

(11)

أبو عوانة (8221).

(12)

مسلم (2029) والحميدي (1182) وأحمد (3/ 110) وغيرهم.

(13)

مسلم (2029)(126).

(14)

العلل (2581): ورواية وهيب عن معمر لم أقف عليها، لكن رواه عبد الرزاق (19582) وعنه أحمد (3/ 197) وأبو عوانة (8221) عن معمر عن الزهري عن أنس وفيه فقال عمر: يا رسول الله أعطِ أبا بكر.

ص: 550

‌يحيى بن أيوب

‌اسمه ونسبه:

يحيى بن أيوب الغافقي، أبو العباس المصري، ينسب في عداد موالي مروان بن الحكم.

روى عن: يزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن طاووس، 135

وعبد الله بن دينار، وإسماعيل بن أمية، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة وخلق كثير.

روى عنه: ابن جريج وهو من شيوخه، وجرير بن حازم وهو أكبر منه، والليث بن سعد وهو من أقرانه، وابن المبارك وابن وهب وجماعة.

قال يحيى بن معين: ثقة، وقال مرة: صالح.

وقال أبو يعقوب ابن سفيان وإبراهيم الحربي: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الترمذي عن البخاري: صدوق، وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: صالح.

وقال الساجي: صدوق.

ص: 551

وقال النسائي: لا بأس به، وقال مرة: ليس بالقوي.

وقال أبو حاتم: محله الصدق، يكتب حديثه ولا يحتج به

(1)

.

وقال أبو زرعة الرازي: واهي الحديث.

وقال أحمد بن حنبل: سياء الحفظ، وهو دون حيوة وسعيد بن أبي أيوب.

وقال ابن سعد: منكر الحديث.

وذكره ابن عدي في الكامل وساق له بعض ما ينكر ثم قال: له أحاديث صالحة، وهو من فقهاء مصر ومن علمائهم، ولا أرى في حديثه إذا روى عنه ثقة أو يروي هو عن ثقة حديثاً منكراً ما ذكره، وهو عندي صدوق لا بأس به.

قال ابن حجر: صدوق ربما أخطأ، من السابعة، مات سنة 168.

قلت روى له البخاري حديثين في المتابعات

(2)

، وعشرة أحاديث معلقة

(3)

.

(1)

العلل (202).

(2)

البخاري (394، 1767).

(3)

البخاري (238، 546، 625، 794، 1767، 1851، 2349، 3158، 4213، 5523)

ص: 552

‌الحديث

(1)

:

738 -

قال أبو داود رحمه الله (738): حدثنا عبد الملك بن شُعَيب بن الليث حدثني أبي عن جدي عن يحيى بن أيوب عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج عن ابن شهاب عن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة أنه قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبّر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، غير شعيب بن الليث وهو ثقة.

(1)

رجال الإسناد:

عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد الفهمي مولاهم البصري، أبو عبد الله، ثقة من الحادية عشرة، مات سنة 248، روى له مسلم.

شعيب بن الليث بن سعد الفهمي مولاهم، أبو عبد الملك البصري، ثقة نبيل فقيه من كبار العاشرة، مات سنة 149 وله 64 سنة، روى له أبو داود.

الليث بن سعد ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، انظر ترجمته في بابه، روى له البخاري ومسلم.

عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ثقة فقيه فاضل. انظر ترجمته في بابه، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: تقدم، انظر ترجمته في بابه.

أبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني، ثقة فقيه عابد، من الثالثة، مات سنة 94 وقيل غير ذلك، روى له البخاري ومسلم.

ص: 553

هكذا قال يحيى بن أيوب (عن ابن جريج عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبّر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه).

خالفه عبد الرزاق

(1)

، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد

(2)

فرووه عن ابن جريج بهذا الإسناد فقالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبّر حين يقوم، ثم يكبّر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمَن حمده حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد

الحديث.

وكذلك رواه أصحاب الزهري عنه فقالوا عن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث عن أبي هريرة، منهم:

عقيل بن خالد

(3)

، وشعيب بن أبي حمزة

(4)

، ويونس بن يزيد الأيلي

(5)

، ومعمر

(6)

، وصالح بن كيسان

(7)

.

وكذلك رواه شعيب

(8)

، ويونس

(9)

، ومعمر

(10)

عن الزهري عن

(1)

مسلم (392) وابن خزيمة (578) وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (862) وأبو عوانة (1583) و (1592).

(2)

أبو نعيم في المستخرج (864).

(3)

البخاري (789) ومسلم (392).

(4)

البخاري (803) وأبو داود (836).

(5)

البيهقي (2/ 67).

(6)

البيهقي (2/ 67).

(7)

أبو عوانة (1583).

(8)

البخاري (789).

(9)

مسلم (392) وابن حبان (1767).

(10)

ابن خزيمة (579).

ص: 554

أبي سلمة عن أبي هريرة مثل رواية الجماعة عن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث.

وأنكر أبو حاتم أن يكون في حديث أبي بكر هذا عن أبي هريرة رفع اليدين مع التكبير.

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وحدثنا عن وهب بن بيان عن حفص بن النجار عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث قال: كان أبو هريرة يصلي بنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع، وكان يرفع يديه إذا سجد، وكان يرفع يديه إذا نهض من الركعتين فإذا سلّم التفت إلينا وقال: إني أشبهكم صلاة بالنبي صلى الله عليه وسلم.

قال أبي: هذا خطأ، إنما يُروى هذا الحديث أنه كان يكبّر فقط ليس فيه رفع اليدين

(1)

.

وقال الألباني: حديث ضعيف بهذا السياق أخطأ فيه يحيى بن أيوب والصواب فيه كان يكبّر

فقط ليس فيه رفع اليدين كما قال الدارقطني

(2)

وأبو حاتم، وهو الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما

(3)

.

(1)

العلل لابن أبي حاتم (291) وسبق أن صالح بن أبي الأخضر يرويه عن الزهري بمثل رواية الجماعة فلعل الوهم فيه ممن هو دونه في الإسناد، فحفص بن عمر أبو عمران الرازي الواسطي النجار، ضعيف لم يروِ له إلا ابن ماجه في تفسيره. التقريب (1427).

(2)

العلل (9/ 283).

(3)

ضعيف سنن أبي داود (1/ 282).

ص: 555

‌يونس بن يزيد

‌اسمه ونسبه:

يونس بن يزيد بن أبي النجاد، ويقال: ابن مشكال بن أبي نجاد الأيلي، أبو يزيد مولى معاوية بن سفيان، أخو علي وعم عنبسة بن خالد.

روى عن: الزهري، ونافع، وهشام بن عروة، وعكرمة وغيرهم.

روى عنه: الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، وابن وهب، وجرير بن حازم، وابن المبارك، ويحيى بن أيوب وخلق.

قال عبد الرحمن بن مهدي: قال ابن المبارك: كتابه صحيح، قال: وكذا أقول.

وقال عبد الرزاق عن ابن المبارك: ما رأيت أحداً أروى عن الزهري من معمر إلا ما كان من يونس فإنه كتب على الوجه.

وقال ابن معين: أثبت الناس في الزهري: مالك ومعمر ويونس وعقيل وشعيب وابن عيينة.

وقال أيضاً: وقد سئل عن معمر ويونس؟ قال: يونس أسندهما وهما ثقتان جميعاً، وكان معمر أحلى.

ص: 556

وقال أحمد بن صالح المصري: نحن لا نقدم في الزهري على يونس أحداً، وكان الزهري إذا قدم أيلة نزل عليه.

وقال علي بن المديني: أثبت الناس في الزهري: ابن عيينة وزياد بن سعد ثم مالك ومعمر ويونس من كتابه.

وقال حنبل بن إسحاق عن أحمد: ما أعلم أحداً أحفظ لحديث الزهري من معمر إلا ما كان من يونس فإنه كتب كل شيء هناك.

وقال الفضل بن زياد عن أحمد: ثقة.

واختلف عن أحمد في يونس.

قال الميموني: سئل أحمد مَنْ أثبت في الزهري؟ قال: معمر، قيل: فيونس؟ قال: روى أحاديث منكرة.

وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: في حديث يونس عن الزهري منكرات منها عن سالم عن أبيه: فيما سقت السماء العشر.

وقال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: فإبراهيم بن سعد؟ فقال: وأي شيء روى إبراهيم عن الزهري إلا أنه في قلة روايته أقل خطأ من يونس، قال: ورأيته يحمل على يونس قال: وأنكر عليه وقال: كان يجيء عن سعيد بأشياء ليست من حديث سعيد وضعف أمره وقال: لم يكن يعرف الحديث وكان يكتب أرى أول الكلام فيقطع الكلام فيكون أوله عن سعيد وبعضه عن الزهري فيشتبه عليه. قال أبو عبد الله: وعقيل أقل خطأ منه.

وقال أحمد: قال وكيع: رأيت يونس بن يزيد الأيلي وكان سياء الحفظ.

ص: 557

وقال العجلي والنسائي: ثقة، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال يعقوب بن شيبة: صالح الحديث عالم بحديث الزهري.

وقال ابن سعد: كان حلو الحديث كثيره وليس بحجة ربما جاء بالشيء المنكر، مات سنة 179، وقيل: 160 والأول أصح.

قلت: يونس ليس بحافظ وكتابه صحيح وهو أعلم أصحاب الزهري بحديثه كما أوضحته في باب سفيان بن عيينة فانظره لزاماً.

قال ابن حجر: ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً، وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة.

ص: 558

‌الحديث الأول

(1)

:

739 -

قال الإمام البخاري رحمه الله (5753): حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عثمان بن عمر حدثنا يونس عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاثة: في المرأة والدار والدابة» .

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن محمد لم يروِ له إلا البخاري، ورواه البخاري (5772) عن سعيد بن كثير بن عفير عن ابن وهب عن يونس به.

وأخرجه مسلم (2225)(116) من طريق عبد الله بن وهب عن يونس عن الزهري عن حمزة وسالم عن أبيهما عبد الله بن عمر.

(1)

رجال الإسناد:

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر الجعفي، أبو جعفر البخاري المعروف بالمسندي، ثقة حافظ جمع المسند، من العاشرة، مات سنة 229، روى عنه البخاري والترمذي.

عثمان بن عمر بن فارس العبدي، بصري أصله من بخارى، ثقة، قيل: كان يحيى بن سعيد لا يرضاه، من التاسعة، مات سنة 229، روى له البخاري ومسلم.

الزهري: تقدم.

سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني أحد الفقهاء السبعة وكان ثبتاً عابداً فاضلاً، من كبار الثالثة، مات آخر سنة 106 على الصحيح، روى له البخاري ومسلم.

عبد الله بن عمر بن الخطاب: صحابي مشهور.

ص: 559

وأخرجه النسائي في الكبرى (9277) من طريق محمد بن المثنى عن عثمان بن عمر عن يونس به.

وأخرجه ابن وهب في جامعه (644) عن يونس به.

وأخرجه النسائي في الكبرى (9278) والطحاوي في شرح المشكل (2/ 249) من طريق ابن وهب عن يونس ومالك عن الزهري به، وقال: وأحدهما يزيد الكلمة.

هكذا قال يونس عن الزهري عن سالم، وفي رواية: وحمزة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا عدوى ولا طيرة والشؤم في ثلاثة: في المرأة والدار والدابة» وفي رواية: «الفرس» .

خالف كل مَنْ روى هذا الحديث عن الزهري فرووه عنه بهذا الإسناد فقالوا: الشؤم في ثلاثة: المرأة والمسكن والفرس، لا يذكرون فيه العدوى والطيرة، منهم:

مالك بن أنس الإمام

(1)

، وشعيب بن أبي حمزة

(2)

، وسفيان بن عيينة

(3)

، وصالح بن كيسان

(4)

، وعقيل بن خالد

(5)

، وعبد الرحمن بن إسحاق

(6)

، ومعمر بن راشد

(7)

، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله بن

(1)

البخاري (5093) ومسلم (2225) وهو في الموطأ (2/ 972).

(2)

البخاري (2858) ومسلم (2225).

(3)

مسلم (2225) وانظر حديثه في باب: (ابن أبي عمر)، ح (1295).

(4)

مسلم (2225).

(5)

مسلم (2225).

(6)

مسلم (2225).

(7)

النسائي في الكبرى (9282) وعبد الرزاق (19527) وأحمد (2/ 16، 36).

ص: 560

أويس

(1)

، ومحمد بن أبي عتيق

(2)

، وبديل بن ورقاء

(3)

، وعبد الله بن بديل

(4)

، وإسحاق بن راشد

(5)

، وموسى بن عقبة

(6)

، ويحيى بن سعيد القطان

(7)

.

وكذلك رواه القاسم بن مبرور الأيلي

(8)

عن يونس فلم يذكر: لا عدوى ولا طيرة.

ورواه شعبة عن عمر بن محمد بن زيد عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم

(9)

أنه قال: «إن يكن من الشؤم شيء حق ففي الفرس والمرأة والدار» .

ورواه عتبة بن مسلم

(10)

عن حمزة عن أبيه ابن عمر بنحوه لا يذكرون ما ذكره يونس من الزيادة.

وكذلك جاء في حديث سهل بن سعد

(11)

وجابر

(12)

رضي الله عنهما بدون هذه الزيادة.

(1)

النسائي في الكبرى (9278) وأحمد (2/ 115) والطحاوي (4/ 313).

(2)

النسائي (9284).

(3)

أبو يعلى (229).

(4)

الطيالسي (1821).

(5)

النسائي (9275).

(6)

النسائي (9284)(9285).

(7)

النسائي (9285).

(8)

النسائي (9276).

(9)

مسلم (2225)(117).

(10)

مسلم (2225)(115).

(11)

مسلم (2225).

(12)

مسلم (2227).

ص: 561

لذا قال الإمام مسلم بعد أن ذكر حديث مالك وسفيان وصالح وعقيل وعبد الرحمن بن إسحاق وشعيب قال: «لا يذكر أحد منهم في حديث ابن عمر: العدوى والطيرة غير يونس بن يزيد»

(1)

.

وقال الحميدي: «وغير يونس بن يزيد لا يذكر عن الزهري العدوى والطيرة منهم مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن سعد وعقيل وعبد الرحمن بن إسحاق وشعيب بن أبي حمزة

(2)

.

قال الحافظ: «وذكر مسلم أنه لم يقل أحد من أصحاب الزهري عنه في أول هذا الحديث: لا عدوى ولا طيرة إلا يونس بن يزيد، قلت: وقد أخرجه النسائي من رواية القاسم بن مبرور عن يونس بدونها فكان المنفرد بالزيادة عبد الله بن وهب» . اه.

قلت: هذا وهم من الحافظ رحمه الله فقد رواه عثمان بن عمر عن يونس كما تقدم في حديث الباب وهو عند البخاري بذكر هذه الزيادة فلم ينفرد بها عبد الله بن وهب.

‌علة الوهم:

1 روى الزهري عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث: «لا عدوى ولا صفر ولا هامة»

(3)

.

(1)

في صحيحه (4/ 1747).

(2)

الجمع بين الصحيحين (488).

(3)

فتح الباري (10/ 244).

ص: 562

وروى الزهري عن سالم وحمزة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث: الشؤم في ثلاثة

وكلا الحديثين عند يونس

(1)

.

فأدرج حديث أبي هريرة في حديث ابن عمر، والله تعالى أعلم.

2 أن الزهري رحمه الله كان ربما أدرج الشيء في الحديث موضحاً وشارحاً له ولعله فعل ذلك هنا فلم يتفطن لذلك يونس، والله أعلم.

‌الخلاصة:

خالف يونس بن يزيد رحمه الله أربعة عشر راوياً في هذا الحديث عن الزهري فلم يذكروا هذه الزيادة وهي قوله: «لا عدوى ولا طيرة» ، منهم: مالك ومعمر وسفيان وشعيب وعقيل وهم أثبت الناس في الزهري.

ويونس وإن كان عده البعض من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري إذا حدّث من كتابه فإن له أوهاماً ولا بأس من ذكر بعض ما انتقد عليه مما ذكره الحافظ في هدي الساري

(2)

قال: قال أحمد بن حنبل: قال وكيع: كان يونس سياء الحفظ، وقال الميموني: سئل أحمد مَنْ أثبت في الزهري؟ قال: معمر، قيل: فيونس؟ قال: روى أحاديث منكرة، وقال الأثرم عن أحمد: كان يجيء بأشياء يعني منكرة

(1)

مسلم (2220)(101) و (2221)(104) من طريق يونس ومن طريق صالح بن كيسان بلفظ: «لا عدوى ولا طيرة» .

ورواه البخاري (5773)(5777) من طريق شعيب عن الزهري.

(2)

هدي الساري ص 455.

ص: 563

ورأيته يحمل عليه، وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أحمد يقول: في حديث يونس منكرات، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث وليس بحجة وربما جاء بالشيء المنكر.

ثم قال الحافظ معقباً: وثقه الجمهور مطلقاً وإنما ضعّفوا بعض روايته حيث يخالف أقرانه أو يحدّث من حفظه فإذا حدّث من كتابه فهو حجة.

ثم قال: «وقال علي بن المديني: أثبت الناس في الزهري مالك وابن عيينة ومعمر وزياد بن سعد ويونس من كتابه، وقد وثقه أحمد مطلقاً وابن معين والعجلي والنسائي والجمهور واحتج به الجماعة» .

وهنا قد اختلف على يونس فروى هذه الزيادة عنه عبد الله بن وهب وعثمان بن عمر ولم يذكرها القاسم بن مبرور الأيلي

(1)

مما يدل أن يونس كان يحدّث من حفظه ولو كان من كتابه ما اختلف عليه، والله أعلم.

(1)

القاسم بن مبرور الأيلي، صدوق فقيه أثنى عليه مالك، من كبار السابعة، توفي سنة 158 أو 159، روى له أبو داود والنسائي.

ص: 564

‌الحديث الثاني

(1)

:

740 -

قال الإمام مسلم في صحيحه (2/ 967 ح 1329): حدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أخبرني سالم بن عبد الله، عن أبيه قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، ولم يدخلها معهم أحد، ثم أغلقت عليهم.

قال عبد الله بن عمر: فأخبرني بلال أو عثمان بن طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى في جوف الكعبة بين العمودين اليمانيين.

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير حرملة فهو من رجال مسلم.

هكذا قال يونس: (عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة أن بلالاً أو عثمان بن طلحة أخبره

).

(1)

رجال الإسناد:

حرملة بن يحيى بن حرملة بن عمران، أبو حفص التجيبي المصري، صاحب الشافعي، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 243، روى له مسلم.

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم، أبو محمد المصري، الفقيه، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات سنة 197 وله 72 سنة، روى له البخاري ومسلم.

ابن شهاب الزهري: فقيه حافظ متفق على جلالته وتثبته (تقدم مراراً).

سالم بن عبد الله بن عمر: تقدم في الحديث السابق.

عبد الله بن عمر بن الخطاب: صحابي مشهور مكثر.

ص: 565

خالفه الليث بن سعد

(1)

، وعقيل بن خالد

(2)

، وصالح بن أبي الأخضر

(3)

فرووه عن الزهري بهذا الإسناد، وقالوا:(بلالاً) ولم يشكوا.

فهؤلاء ثلاثة رووه عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر بذكر بلالٍ وحده خلاف ما رواه يونس.

ورواه مالك

(4)

، وجويرية

(5)

وأيوب

(6)

، وموسى بن عقبة

(7)

، وفليح

(8)

، وعبيد الله بن عمر

(9)

، وابن عون

(10)

كلهم عن نافع عن ابن عمر يذكر بلال وحده.

ورواه يونس نفسه عن نافع عن ابن عمر كذلك، أي: بذكر بلالٍ وحده

(11)

.

ورواه مجاهد

(12)

، وعمرو بن دينار

(13)

عن ابن عمر بذكر بلال وحده.

(1)

البخاري (1598) ومسلم (1329).

(2)

الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 390).

(3)

الدارقطني في العلل (7/ 183).

(4)

البخاري (505) ومسلم (1329)(388) وقد قال البخاري: أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر.

(5)

البخاري (504).

(6)

البخاري (468) ومسلم (1329)(389).

(7)

البخاري (506)، (1599).

(8)

البخاري (4400).

(9)

مسلم (1329)(391).

(10)

أبو نعيم في مستخرجه على صحيح مسلم (3089).

(11)

البخاري (2988)، (4289).

(12)

البخاري (397).

(13)

صحيح ابن خزيمة (3008).

ص: 566

قال الحافظ في الفتح (3/ 465): والمحفوظ أنه سأل بلالاً كما في رواية الجمهور.

ثم ذكر عن القاضي عياض جزمه بوهم رواية مسلم هذه، والله أعلم.

قال الدارقطني: والصحيح قول مَنْ ذكر بلالاً

(1)

.

‌علة الوهم:

1 أن عثمان بن طلحة ورد اسمه مع بلال وأسامة ضمن مَنْ دخل الكعبة مع النبي صلى الله عليه وسلم.

2 يونس يهم في أحاديث خاصة إذا حدّث من حفظه.

أما وجه إخراج الإمام مسلم لهذا الحديث من هذا الوجه غير المحفوظ، فإن مسلماً ذكره في آخر أحاديث الباب بعد أن ذكر الوجوه المحفوظة موافقاً البخاري، والله تعالى أعلم.

(1)

العلل (7/ 192) وقد ذكر أوجه الاختلاف وأطال البحث فيه (7/ 183 - 194).

ص: 567

‌الحديث الثالث

(1)

:

741 -

قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله (3/ 331 ح رقم 1010): حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا محمد بن بكر، حدثنا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:

(أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يمشون أمام الجنازة).

‌التعليق:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين إلا أنه معلول، والصحيح أنه عن ابن شهاب الزهري مرسل ليس من حديث أنس بن مالك.

والحديث رواه أيضاً ابن ماجه (1483) وأبو يعلى (3608) والطحاوي (1/ 483) كلهم من طريق محمد بن بكر عن يونس به.

وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 484) من طريق أبي زرعة وهب الله بن راشد المؤذن، والطبراني في الأوسط (106) من طريق بكر بن مضر المصري، وابن حبان في المجروحين (2/ 304) من طريق أيوب بن سويد الرملي ثلاثتهم عن يونس بن يزيد به.

(1)

رجال الإسناد:

محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، أبو موسى البصري، المعروف بالزمن، مشهور بكنيته وباسمه، ثقة ثبت، مات سنة 252، روى عنه البخاري 103 أحاديث، ومسلم 772 حديثاً.

محمد بن بكر بن عثمان البُرساني، أبو عبد الله أو أبو عثمان البصري، صدوق قد يخطاء، توفي سنة 204، روى له البخاري ومسلم.

ص: 568

هكذا قال يونس: (عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يمشون أمام الجنازة).

خالفه مالك

(1)

ومعمر

(2)

فقالا: (عن الزهري كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة) هكذا مرسلاً.

وكذلك رواه مرسلاً شعيب بن أبي حمزة وابن جريج وغيرهم وقد استوفينا البحث به في باب سفيان بن عيينة فانظره

(3)

.

قال الترمذي عقب الحديث: سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ أخطأ فيه محمد بن بكر

(4)

، وإنما يروى هذا الحديث عن يونس عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة.

قال الزهري: وأخبرني سالم: أن أباه كان يمشي أمام الجنازة.

قال محمد وهو البخاري: هذا أصح.

قال الألباني في الإرواء (3/ 191) معقباً: (محمد بن بكر مع أنه ثقة محتج به في الصحيحين فإنه لم ينفرد به، بل تابعه أبو زرعة قال: أخبرنا يونس بن يزيد، لكنه زاد في آخره: (وخلفها).

أخرجه الطحاوي بسند صحيح، لا علة له عندي إلا أن يكون الزهري لم يسمعه من أنس، والله أعلم. انتهى.

(1)

الموطأ (1/ 219 رقم 8).

(2)

عبد الرزاق (6259) ومن طريقه الترمذي (1009).

(3)

ح (140).

(4)

بل الوهم من يونس فقد تابع محمد بن بكر ثلاثة رووه عن يونس بمثل روايته كما سبق في التخريج.

ص: 569

قلت: أما الإمام أحمد رحمه الله فقد جعل الوهم من يونس، فقد قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد (ص 408 رقم 1920): سمعت أحمد ذكر له حديث محمد بن بكر البرساني عن يونس عن الزهري عن أنس بن مالك (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة، فقال: هذا يعني الوهم من يونس لعله حدثه حفظاً).

قال ذلك الإمام أحمد لأن يونس بن يزيد في حفظه شيء أما كتابه فصحيح.

قال وكيع: رأيت يونس بن يزيد الأيلي وكان سياء الحفظ.

وذكر ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 765) أن يونس إذا حدّث من حفظه يخطاء.

وقال أحمد أيضاً: يونس كثير الخطأ عن الزهري.

ص: 570

‌الحديث الرابع

(1)

:

742 -

قال ابن ماجه رحمه الله (1043): حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا طلحة بن يحيى، عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء أن تلتمع» يعني في الصلاة.

‌التعليق:

هذا إسناد على شرط الشيخين، من حيث عدالة الرواة.

والحديث أخرجه كذلك أبو يعلى في مسنده (5509) من طريق طلحة بن يحيى عن يونس به.

وتابعه سليمان بن بلال

(2)

فرواه عن يونس بهذا الإسناد.

خالفهما عبد الله بن المبارك

(3)

فرواه عن يونس عن الزهري عن

(1)

رجال الإسناد:

عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، أبو الحسن ابن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ شهير وله أوهام

، من العاشرة، مات سنة 239 وله 83 سنة، روى له البخاري ومسلم.

طلحة بن يحيى بن النعمان بن أبي عياش الزرقي الأنصاري المدني، نزيل بغداد، صدوق يهم، روى له البخاري ومسلم.

سالم بن عبد الله بن عمر: تقدم.

(2)

ابن حبان (2281) والطبراني في الكبير (13139) وفي الأوسط (5294) وأبو الحسين الصيداوي في معجم الشيوخ (1/ 285) وأبو بكر الإسماعيلي في معجم الشيوخ (213).

(3)

النسائي (3/ 7) وأحمد (3/ 441، 5/ 295).

ورواه عبد الرزاق (3257) عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً.

ورواه أيضاً (3258) عن ابن جريج قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن رجلاً حدّثه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 571

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدّثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول .. فذكر الحديث.

فقد اضطرب يونس في هذا الحديث على الزهري.

قال ابن أبي حاتم في العلل (358): سألت أبي عن حديث سليمان بن بلال عن يونس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء في الصلاة

».

فسمعت أبي يقول: وهم يونس بن يزيد، روى بالحجاز عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخطأ فيه.

وروى مرة عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الصحيح.

وقال أيضاً في العلل (357): سألت أبا زرعة عن حديث اختلفت الروايات عن الزهري فيه، فقلت له:

روى سليمان بن بلال وطلحة بن يحيى الأنصاري، عن يونس بن يزيد عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ترفعوا أبصاركم إلى السماء في الصلاة أن تلتمع أبصاركم» .

وروى ابن لهيعة

(1)

، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الزهري أنه كتب إليه عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى ابن المبارك، عن يونس عن الزهري عن عبيد الله أن رجلاً

(1)

أخرجه الطبراني في الكبير (5436) والأوسط (329).

وانظر في باب رفع البصر إلى الصلاة: فتح الباري (2/ 233) عمدة القاري (5/ 308) عون المعبود (3/ 127).

ص: 572

من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدّثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.

قال أبو زرعة: الزهري، عن سالم عن أبيه وهم، والزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد وهم، والحديث حديث ابن المبارك عن يونس وهو الصحيح.

‌علة الوهم:

اختلاف الأمصار، فرواه يونس بن يزيد بالمدينة النبوية فوهم، فإن طلحة بن يحيى وسليمان بن بلال من أهل المدينة، وقد ذكر أبو حاتم أنه حدّث بهذا الحديث في الحجاز فأخطأ، والله أعلم.

ص: 573