المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يوسف بن تغري بردي   أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن تغري - النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة - المقدمة

[ابن تغري بردي]

فهرس الكتاب

يوسف بن تغري بردي

أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن تغري بردي بن عبد الله الظاهري الحنفي (حوالي 812 ج 874 هـ) ، مؤرخ مسلم.

ولد بالقاهرة في دار الأمير منجك اليوسفى بجوار مدرسة السلطان حسن.

توفي والده الأمير الكبير تغري بردي المذكور بدمشق على نيابتها في محرّم سنة 815 هـ، فربّاه زوج أخته قاضي القضاة ناصر الدين محمد بن العديم الحنفي إلى أن مات ابن العديم المذكور في 819 هـ، فتولى تربيته قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني الشافعي، وحفّظه القرآن العزيز إلى أن كبر وانتشا وترعرع، وحفظ مختصر القدوري في الفقه، وطلب العلم وتفقه بالشيخ شمس الدين محمد الرومي الحنفي، وبقاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء الحنفي قاضي مكة وغيرهم. وأخذ النحو عن الشيخ تقيّ الدين الشّمنّي الحنفي. وأخذ التصريف عن الشيخ علاء الدين الرومي وغيرهم. وقرأ المقامات الحريرية على قوام الدين الحنفي وأخذ عنه العربية أيضاً وقطعة جيّدة من علم الهيئة. وأخذ البديع والأدبيّات عن شهاب الدين أحمد بن عربشاه الدمشقيّ الحنفيّ وغيره.

كما وأفاد من علماء كثيرين أمثال المقريزي وعبد الرحمن الزركشي وتسلم منهم إجازة الرواية.

وكان ولعاً بعلم التاريخ فلازم مؤرّخي عصره مثل قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني، والشيخ تقي الدين المقريزي، واجتهد في ذلك إلى الغاية، وساعده جودة ذهنه، وحسن تصوّره، وصحيح فهمه، حتى برع ومهر وكتب وحصّل وصنّف وألّف وانتهت إليه رئاسة هذا الشأن في عصره.

آثاره

ومن مصنفاته: النجوم الزاهرة، المنهل الصافي، حوادث الدهور، مورد اللطافة، البشارة، البحر الزاخر وغيرها.

ص: -1

[الجزء الأول]

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة لكتب التراث العربى

بقلم السيد الدكتور محمد عبد القادر حاتم وزير الثقافة والإرشاد القومى إن الأمم العظيمة لا ترضى، ولا تستطيع، أن تنسلخ عن تاريخها، وتاريخها هو وعاء ثقافتها وحضارتها، فى حقب هذا التاريخ نشأت ونمت وتطوّرت، واجتازت محنا، وحققت مجدا. وكما أن سجل هذه الأحداث تشهد به الآثار الباقية من عمارة ومشروعات فإن الكلمة المكتوبة كانت منذ قديم سجلا لتراث الأمم، سردا لتاريخها، وتصويرا لآمالها وعواطفها شعرا ونثرا، وتسجيلا للآراء السائدة فى عصورها المختلفة، مما يرتفع أحيانا الى مرتبة الحكمة والمذهب الفلسفى، ومما لا يزيد على أن يكون خطرات لأفراد.

ونهضتنا الحاضرة، التى انبثقت فى جميع ميادين الحياة، منذ فجر 23 يوليو سنة 1952، لم تتنكر لماضى أمتنا العربية، ولم تغفل تراثنا الاسلامى العريق.

ففى الوقت الذي تعمل فيه على التطوّر تحت راية العلم، وفى ركبه الزاحف، ترعى تراثها العريق الذي كانت أشعته تضىء ظلام العالم فى أيام ازدهار ماضينا.

فكما أن رئيسنا وقائد ثورتنا يعلن فى" الميثاق الوطنى" أن العلم هو السلاح الحقيقى للإرادة الثورية، ومن هنا الدور العظيم الذي لا بد للجامعات ولمراكز العلم على مستوياتها المختلفة أن تقوم به...... والعلم هو السلاح الذي يحقق النصر الثورى، يعلن كذلك أن العمل العظيم الذي تمكن الشعب من إنجازه بالثورة الشاملة ذات الاتجاهات المتعدّدة، قد تحقق بفضل ضمانات تمكن النضال الشعبى من توفيرها، ومنها وعيه العميق بالتاريخ وأثره على الإنسان المعاصر من ناحية، ومن ناحية أخرى لقدرة هذا الإنسان على التأثير فى التاريخ؛ ومنها إيمان لا يتزعزع بالله، وبرسله، ورسالاته القدسية التى بعثها بالحق والهدى إلى الإنسان فى كل زمان ومكان.

وأن مشعل الحضارة انتقل من بلد إلى بلد، لكنه فى كل بلد كان يحصل على زيت جديد يقوى به ضوءه على امتداد الزمان.

وأن شعبنا، إلى جانب ما قام به من تحمل المسئولية المادية والعسكرية فى صدّ أول موجات الاستعمار الأوربى، وردّ غزوات التتار، قد تحمل كذلك المسئولية الأدبية فى حفظ التراث الحضارى العربى وذخائره الحافلة.

وأنه يتعين علينا أن نذكر دائما أن الطاقات الروحية التى تستمدها الشعوب من مثلها العليا النابعة من أديانها السماوية، أو من تراثها الحضارى، قادرة على صنع المعجزات.

وفى ضوء هذه التوجيهات تقوم المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر بمساهمتها فى نشر التراث العربى، كجزء من برامجها التى تساهم فيها بنشر الثقافة الحديثة بجميع فروعها.

وهى فى ذلك تقدم هذه الخدمة الثقافية للأمة العربية فى جميع أجزاء الوطن العربى الكبير، فإن هذا التراث ثمرة العقول العربية فى خمسة عشر قرنا من الزمان، وفى جميع الوطن العربى من غربيه إلى شرقيه، ومن شماليه إلى جنوبيه، متضمنا ما كتبه أسلافنا فى إفريقيا وآسيا وأوروبا نفسها فى الأندلس العظيمة.

وحسبنا فى بيان أهمية هذا التراث أنه باللغة العظيمة التى تجمعنا- نحن العرب جميعا- وأنه يتصل بتاريخنا، نحن العرب جميعا.

فلقد قال الرئيس جمال عبد الناصر فى" الميثاق الوطنى":

" يكفى أن الأمة العربية تملك وحدة اللغة التى تصنع وحدة الفكر والعقل

ويكفى أن الأمة العربية تملك وحدة التاريخ التى تصنع وحدة الضمير والوجدان".

والله الموفق فيما نقصد وما نعمل.

الدكتور محمد عبد القادر حاتم

القاهرة فى المحرم سنة 1383 هـ يونيه (حزيران) 1963 م بسم الله الرّحمن الرّحيم كتاب النجوم الزاهرة

تصدير

هذا كتاب كبير يؤرخ لمصر منذ الفتح الإسلامى من سنة 20 هـ إلى خلال سنة 872 هـ ألفه جمال الدين يوسف بن تغرى بردى الأتابكى القاهرى المولد والوفاة.

وقبل أن يصدر القسم الأدبى بدار الكتب الجزء الأوّل من هذا الكتاب كان المستشرق الهولندى «يونبل» قد نشر منه بين سنتى (1851، 1855) مجلدين كبيرين يشتملان على الأحداث من سنة 20 هـ إلى سنة 365 هـ، ومن بعده نشر المستشرق الإمريكي «وليم پوپر» عشرة مجلدات تبدأ من حيث انتهى سلفه المستشرق الهولندى وتنتهى إلى آخر الكتاب أى سنة 872 هـ، غير أنها تنقصها الأحداث من سنة 565 هـ إلى سنة 800 هـ.

وحين استقبل القسم الأدبى بدار الكتب المصرية العمل فى هذا الكتاب استقبله بإضافات جديدة:

1-

فقد استأنس بمخطوطة جديدة.

2-

وحرّر من متنه الكثير بالرجوع إلى الأمهات المنقول عنها.

3-

وضم إليه دراسات علمية جديدة عن الأماكن المذكورة فيه.

4-

وعرض لمغلقه بالشروح الكثيرة.

5-

ثم أضاف إلى كل جزء فهرسا جامعا خاصا به.

ص: 1

ولقد تسلمت المؤسسة الكتاب بأجزائه التى لم يتم تحقيقها- فيما تسلمته من القسم الأدبى- وكان منهجها فيه بعد أن لم تجد له مخطوطات أخرى:

1-

أن تصوّر الأجزاء التى طبعت منه محذوفا منها فهارسها.

2-

وأن تصوّر الأجزاء المحققة ليكون الكتاب كله على نسق واحد.

3-

وأن تضم الفهارس كلها فى قسم مستقل.

4-

وأن تضم إلى هذا القسم الأخير تصحيح ما وقع فى الأجزاء التى طبعت من الكتاب من أخطاء، وكذلك الاستدراكات التى تهدى إليها إعادة النظر فى الكتاب.

وبهذا يخرج الكتاب كاملا بفهارس موحدة جامعة.

والله ولى التوفيق ها

المحرّم سنة 1383 هـ المؤسسة المصرية العامة يونيه (حزيران) 1963 م للتأليف والترجمة والطباعة والنشر

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على خاتم رسله سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وبعد، فهذا هو الجزء الأوّل من كتاب «النجوم الزاهرة» لأبى المحاسن بن تغرى بردى الذي تقوم بطبعه دار الكتب المصرية مع بقية الموسوعات العلمية والأدبية والتاريخية فى عهد حامل لواء النهضة فى مصر حضرة صاحب الجلالة مولانا المليك المعظم «فؤاد الأوّل» حفظه الله. وإنا نضعه بين أيدى القرّاء بعد أن بذلنا الجهد فى سبيل إصداره على هذا النحو خاليا، على ما نعتقد، من التحريف والتصحيف اللذين ملئ بهما أصلاه، وهما النسخة الأوربية والنسخة الفتو غرافية اللتان اعتمدنا عليهما كمصدرين لطبع هذا الكتاب.

وصفه

هو كتاب كبير جمّ الفائدة فى تاريخ مصر مرتب على السنين، ابتدأ فيه مؤلفه بفتح عمرو بن العاص من سنة 20 هـ (640 م) إلى أثناء سنة 872 هـ (1367 م) وقد ذكر فيه من ولى مصر من الملوك والسلاطين والنوّاب ذكرا وافيا مع ذكر ملوك الأطراف بطريق إجمالىّ، آتيا فى كل سنيه على ما وقع من الحوادث المهمة، ومن

ص: 3

توفى من رجالات الأمة الإسلامية. وقد انفرد بعد أبى بكر «1» بن عبد الله بن أيبك مؤرّخ مصر بإشارته فى آخر كل سنة إلى زيادة النيل ونقصانه، حتى كاد يكون كتابه المرجع الوحيد لحضرة صاحب السعادة الأستاذ أمين سامى باشا فى كتابه:

«تقويم النيل» .

ومن الأصل العربى لهذا الكتاب نسخ فى الأستانة وبرلين وغوطا وأبسالا وبطرسبورج وباريس والمتحف البريطانى.

ترجمته الى اللغات الأوربية

وقد ترجم هذا الأثر الجليل الى اللغة اللاتينية والى لغات أوروبية أخرى عدّة مرات «2» .

ترجمته إلى اللغة التركية

ولما فتح السلطان سليم العثمانى مصر واطلع على هذا الكتاب أمر بنقله إلى التركية فنقله شمس الدين أحمد بن سليمان بن كمال باشا قاضى العسكر بالأناضول يومئذ فترجم فى منزله جزءا وبيضه المولى حسن المعروف بآشجي زاده ثم عرضه على السلطان فى الطريق فأعجبه وأمر بنقله هكذا الى تمامه «3» .

ص: 4

اختصاره

وقد لخص المؤلف كتابه وسماه «الكواكب الباهرة من النجوم الزاهرة» وذكر أنه اختصره حذرا من أن يختصره غيره على تبويبه وفصوله واقتدى فى ذلك بجماعة من العلماء المؤلفين كالذهبى والمقريزى وغيرهما «1» .

اهتمام علماء أوروبا بنشره

ولما كان هذا الكتاب من أهمّ المصادر التاريخية، اهتم بنشره علماء أوروبا فنشر المستشرق جونبل الهولاندى منه مجلدين ضخمين فى أربعة أجزء بمطبعة بريل فى مدينة ليدن من سنة 1851- 1855 م؛ ويبتدئ الجزء الأوّل من سنة 20 من الهجرة لغاية سنة 253 هـ، والجزء الثانى من سنة 254- 365 هـ. وقد صدّرهما بمقدّمة وملاحظات باللغة اللاتينية. ونشر المستشرق وليم بوبر العالم الإمريكي منه عشرة مجلدات مع مقدّمة باللغة الانجليزية لكل جزء من أجزائه، وطبعت بجامعة كاليفورنيا من سنة 1909- 1915 ومن سنة 1916- 1923 وسنة 1926 وسنة 1929، وتشتمل على السنين من سنة 365- 566 هـ ومن سنة 801- 872 هـ.

ويتبين من هذا أن باقى الأجزاء التى تشتمل على السنين من سنة 567- 800 هـ لم تطبع بعد.

اهتمام دار الكتب المصرية بنقل نسخة منه

ولذا اهتمت دار الكتب المصرية بنقل نسخة منه بالتصوير الشمسى عن النسخة الخطية المحفوظة بمكتبة أياصوفيا بالآستانة تحت رقمى 3498، 3499

ص: 5

وهى محفوظة بدار الكتب تحت رقم 1343 تاريخ، وتشمل سبعة مجلدات ينقصها المجلد الثانى، وبيانها كالآتى:

المجلد

الأوّل: القسم الأوّل- من سنة 20- 146 هـ: القسم الثانى- من سنة 147- 254 الثالث: القسم الأوّل- من سنة 524- 637: القسم الثانى- من سنة 637- 675 الرابع: القسم الأوّل- من سنة 676- 723: القسم الثانى- من سنة 723- 745 الخامس: القسم الأوّل- من سنة 746- 782: القسم الثانى- من سنة 783- 799 السادس: القسم الأوّل- من سنة 800- 815: القسم الثانى- من سنة 816- 836 السابع: القسم الأوّل- من سنة 836- 854: القسم الثانى- من سنة 854- 872

اهتمام الحكومة المصرية بطبعه

ولما كان اهتمام علماء أوروبا بنشر هذا الكتاب وطبعه بلغ شأنا كبيرا لأنه خاص بتاريخ مصر وهى أكبر دولة شرقية إسلامية لها من الحضارة والمدنية ما لم يبلغه سواها من الأمم الشرقية الأخرى، كان جديرا بحكومة الدولة المصرية أن تقوم بطبع هذا الكتاب على نفقتها، ولذا أشار رئيس الحكومة وقتئذ ساكن الجنان المغفور له عبد الخالق ثروت باشا على دار الكتب المصرية بطبع هذا الكتاب القيّم

ص: 6

ضمن مطبوعاتها، فلبت طلبه وباشرت طبعه بمطبعتها لا سيما بعد أن حصلت على نسخة منه بالتصوير الشمسى.

العناية التامة بتصحيحه

ولذلك قام القسم الأدبى بترقيمه وضبطه وتصحيحه، متوخّيا فيه تحقيق الأعلام وأسماء البلدان والوقائع بمراجعة المصادر التاريخية المطبوعة والمخطوطة لتحرّى الصواب مع كتابة التعليقات وذكر المراجع. وطالما وفّق فى مراجعته إلى أكثر الكتب التى نقل عنها المؤلف، لتكون هذه الطبعة أصح نسخة يعوّل عليها.

ويجدر بنا أن نذكر أسماء الكتب التى نقل عنها المؤلف وراجعناها فيما صححناه من كتابه مع بعض المصادر الأخرى التى اعتمدنا عليها فى تصحيح هذا الكتاب:

(1)

تاريخ ابن كثير المسمى بالبداية والنهاية- نسخة فتوغرافية محفوظة بدار الكتب تحت رقم 1110 تاريخ.

(2)

تاريخ الإسلام للذهبى- نسخة مخطوطة تحت رقم 42 تاريخ.

(3)

عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان للعينى- نسخة فتو غرافية تحت رقم 1584 تاريخ.

(4)

مرآة الزمان للحافظ شمس الدين يوسف بن قزأوغلى- نسخة فتوغرافية تحت رقم 551 تاريخ.

(5)

فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم- نسخة طبعة أوروبا رقم 1129 تاريخ.

(6)

تاريخ الرسل والملوك للطبرى- نسخة طبعة أوروبا.

(7)

التاريخ الكامل لابن الأثير- نسخة طبعة أوروبا.

ص: 7

(8)

فضائل مصر للكندى- نسخة طبعة أوروبا.

(9)

الطبقات الكبرى لابن سعد- نسخة طبعة أوروبا.

(10)

المشتبه فى أسماء الرجال للذهبى- نسخة طبعة أوروبا.

(11)

فتوح البلدان للبلاذرى- نسخة طبعة أوروبا.

(12)

معجم البلدان لياقوت- نسخة طبعة أوروبا.

(13)

معجم ما استعجم للبكرى- نسخة طبعة أوروبا.

(14)

ولاة مصر وقضاتها للكندى- نسخة طبعة بيروت.

(15)

أسد الغابة فى معرفة الصحابة لابن الجزرى- نسخة طبعة مصر.

(16)

الإصابة فى تمييز الصحابة لابن حجر العسقلانى- نسخة طبعة مصر.

(17)

تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلانى- نسخة طبعة مصر.

(18)

مروج الذهب للمسعودى- نسخة طبعة بولاق.

(19)

الخطط للمقريزى- نسخة طبعة بولاق.

(20)

وفيات الأعيان لابن خلكان- نسخة طبعة بولاق.

(21)

صحيح مسلم- نسخة طبعة بولاق.

(22)

حوادث الدهور لابن تغرى بردى المؤلف- الجزء الأوّل بالتصوير الشمسى تحت رقم 2397 تاريخ.

وما الى ذلك من المصادر الأخرى من كتب التاريخ والأدب واللغة لضبط الأعلام والأماكن وتصحيح العبارات. وقد خصصنا فهرسا شاملا لكل هذه الكتب التى راجعناها فى نهاية هذا الجزء مع فهارس أخرى.

ص: 8

ترجمة المؤلف

كتبها تلميذه وصديقه أحمد بن حسين التركمانى المعروف بالمرجى بآخر كتاب «المنهل «1» الصافى» للمؤلف وقد كتبه بخطه، قال:

ذكر نبذة من ترجمة مؤلف هذا التاريخ أسبغ الله عليه ظلاله، وختم بالصالحات أعماله.

قال كاتب هذه النسخة تلميذ المؤلف، وغرس نعمه، وأكبر محبّيه، وأصغر خدمه «أحمد بن حسين التركمانى الحنفى الشهير بالمرجى» لطف الله به:

لما اتصلت بخدمة مؤلف هذا الكتاب الجناب العالى المولوىّ الأميرىّ الكبيرىّ الفاضلىّ الكاملىّ الرئيسىّ الأوحدىّ العضدىّ الذّخرىّ النصيرىّ؛ نادرة الزمان، وعين الأعيان، وعمدة المؤرّخين، ورأس الرؤساء المعتبرين، وأهّلنى لكتابة هذا التاريخ، فضلا وإحسانا منه وصدقة علىّ. استوعبته كتابة ومطالعة وتأمّلا، فلم أر فيه مثله فى زمانه، لاختبارى ما اشتمل عليه من المحاسن التى لم توجد فى مثله من أبناء عصره، من لطيف المحاضرة، وفكاهة المنادمة، والعقل التامّ، وكرامة الأصالة الكريمة، والحرمة الوافرة، والعظمة الزائدة، وحسن الخلق، وبشاشة الوجه، وحسن الملتقى، والشكالة الحسنة التى يضرب بها المثل. وعلى ما قلته بلسان التقصير، وأعظم من ذلك من الأوصاف الجميلة التى لو استوعبها منطلق اللسان لملأ منها كتبا مجلدة، جميع من جالسه وحاضره من المتردّدين الى بابه، ومشنّفى أسماعهم بحسن

ص: 9

منادمته وخطابه؛ فأحببت ألا يخلو مثل هذا التاريخ من ترجمة مثل هذا المؤرّخ، إذ جرت العادة أن المؤرّخين لا يترجمون أنفسهم؛ ورأيت من بعض ما يجب على أن أذكر نبذة من ذكر بعض أحواله على سبيل الاختصار فأقول:

هو يوسف بن تغرى بردى بن عبد الله الأمير جمال الدين أبو المحاسن بن الأمير الكبير سيف الدين تغرى بردى اليشبغاوى الظاهرى أتابك العساكر بالديار المصرية، ثم كافل المملكة الشامية. سألته عن مولده فقال:

مولدى بالقاهرة بدار الأمير منجك «1» اليوسفى بجوار مدرسة السلطان حسن، فى حدود سنة اثنتى عشرة وثمانمائة تقريبا.

قلت: وتوفى والده الأمير الكبير تغرى بردى المذكور بدمشق على نيابتها فى محرّم سنة خمس عشرة وثمانمائة، فربّاه زوج أخته قاضى القضاة ناصر الدين محمد بن «2» العديم الحنفى الى أن مات ابن العديم المذكور فى سنة تسع عشرة وثمانمائة، وتزوّج بأخته شيخ الإسلام قاضي القضاة جلال الدين «3» عبد الرحمن البلقينى الشافعى، فتولى تربيته وحفّظه القرآن العزيز الى أن كبر وانتشا وترعرع، وحفظ مختصر القدورى فى الفقه، وطلب العلم وتفقه بالشيخ شمس الدين محمد الرومى الحنفى، وبقاضى القضاة

ص: 10

بهاء الدين أبى البقاء الحنفى قاضى مكة، وبقاضى القضاة بدر الدين محمود «1» العينى الحنفى. وأخذ النحو عن شيخنا العلامة تقىّ الدين «2» الشّمنّى الحنفى، ولازمه كثيرا وتفقه عليه أيضا. وأخذ التصريف عن الشيخ علاء الدين الرومى وغيرهم. وقرأ المقامات الحريرية على العلامة قوام الدين «3» الحنفى وأخذ عنه العربية أيضا وقطعة جيّدة من علم الهيئة. وأخذ البديع والأدبيّات عن العلامة شهاب الدين أحمد «4» بن عربشاه الدمشقىّ الحنفىّ وغيره. وكتب عن شيخ الاسلام حافظ عصره شهاب الدين أحمد «5»

ص: 11

ابن حجر كثيرا من شعره، وحضر دروسه، وانتفع بمجالسته. وعن قاضى القضاة جلال الدين «1» أبى السعادات بن ظهيرة قاضى مكة من شعره وشعر غيره. وعن العلامة بدر الدين «2» بن العليف، والشيخ قطب الدين أبى الخير «3» بن عبد القوى شاعرى مكة كثيرا من شعرهما. وكتب عن شعراء عصره واجتهد وحصل ونثر ونظم وبرع فى عدّة علوم وشارك فى عدّة فنون.

ثم حبّب اليه علم التاريخ فلازم مؤرّخى عصره مثل قاضى القضاة بدر الدين محمود العينى، والشيخ تقىّ الدين «4» المقريزى، واجتهد فى ذلك الى الغاية، وساعده جودة ذهنه، وحسن تصوّره، وصحيح فهمه، حتى برع ومهر وكتب وحصّل وصنّف وألّف وانتهت اليه رياسة هذا الشأن فى عصره.

ص: 12

سمع الحديث واستجاز، ومن مسموعاته العوالى كتاب «السنن لأبى داود» على المشايخ الثلاثة المسندين المعمرين: زين الدين عبد الرحمن «1» بن يوسف بن أحمد بن الطحان الدمشقى الحنبلى المشهور بابن قريج (بقاف وجيم مصغر) ، وعلاء الدين على «2» ابن إسماعيل بن محمد بن بردس البعلبكى الحنبلى أيضا، وشهاب «3» الدين أحمد بن عبد الرحمن المشهور بابن الناظر الصاحبة الحنبلى أيضا. وكتاب «جامع الترمذى» سمعه على الشيخين الأخيرين ابن بردس وابن ناظر الصاحبة بعد موت ابن الطحان، وسمع عليهما أيضا «شمائل المصطفى للترمذى» ومشيخة الفخر بن البخارى، و «مسند ابن عباس» ، وقطعة كبيرة من «مسند أحمد» فى عدّة مجالس.

ومن مسموعاته العوالى أيضا كتاب «فضل الخيل» للحافظ شرف الدين الدمياطى سمعه على الحافظ تقىّ الدين المقريزى بسماعه على الشيخ المسند ناصر الدين محمد بن يوسف بن طبرزد الحراوى بسماعه من مؤلفه، وله مسموعات كثيرة بالطالع والنازل.

ص: 13

وأجازه بالقاهرة حافظ العصر شيخ الاسلام قاضى القضاة شهاب الدين أحمد ابن حجر، والشيخ الحافظ تقي الدين أحمد بن على بن عبد القادر المقريزى الشافعى، والحافظ العلامة أبو محمد محمود بن أحمد العينى الحنفى، وأحمد بن عبد الرحمن بن أحمد الحنبلى، وأبو ذرّ عبد الرحمن «1» بن محمد الزركشى الحنبلى، وعز الدين عبد «2» الرحيم ابن الفرات الحنفى، وإبراهيم بن «3» صدقة بن إبراهيم بن إسماعيل الصالحى الحنبلى، ومحمد بن يحيى بن محمد الحنبلى، وأحمد بن محمد بن محمد الحنفى، وأحمد بن محمد بن إبراهيم الفيشى «4» المالكى، والمسند محمد بن عبد «5» الله الرشيدى، وعبد الله «6» بن محمد الميمونى

ص: 14

وعبد الله بن أحمد «1» القمنى، وجلال الدين عبد الرحمن «2» بن على بن عمر بن الملقّن، والحافظ أبو النعيم زين الدين رضوان «3» بن محمد بن يوسف العقبى المستملى، وقاضى القضاة بدر الدين محمد «4» أحمد بن محمد بن محمد، والعلامة شمس الدين «5» محمد النواجى، والشيخ عز الدين أحمد «6» بن إبراهيم بن نصر الله الحنبلى، ومحمد «7» بن على بن أحمد الشهير بابن المغيربى وآخرون.

ص: 15

وبالحجاز قاضى القضاة جلال الدين أبو السعادات أحمد بن محمد بن ظهيرة الشافعى المكى، وقاضى القضاة بهاء الدين محمد أبو البقاء الحنفى المكى، وشاعرا مكة بدر الدين بن العليف، والشيخ أبو الخير بن عبد القوى وغيرهم.

وأجازه من حلب العلامة شهاب الدين أحمد «1» بن أبى بكر المرعشى الحنفى، وابن الشماع وغيرهما.

وبرع فى فنون الفروسية كلعب الرمح ورمى النشّاب وسوق البرجاس ولعب الكرة والمحمل. وأخذ هذه الفنون عن عظماء هذا الشأن، وفاق فيهم على أنداده، وساد على أقرانه علما وعملا؛ هذا مع الديانة والصيانة والعفّة عن المنكرات والفروج والاعتكاف «2» عن الناس، وترك الترداد الى أعيان الدولة حتى ولا الى السلطان؛ مع حسن المحاضرة، ولطيف المنادمة، والحشمة الزائدة، والحياء الكثير، واتساع الباع فى علوم الآداب والتاريخ وأيام الناس، قلّ أن يخلو مجلسه من مذكّرات العلوم، جالسته كثيرا وتأدّبت بتربيته، وحسن رأيه وسياسته وتدبيره. يضرب به المثل فى الحياء والسكون، ما سمعته شتم أحدا من غلمانه، ولا من حاشيته، ولا تكبّر على أحد من جلسائه قط، كبيرا كان أو صغيرا، جليلا كان أو حقيرا.

وصحب بعض الأصلاء الأعيان كالقاضى كمال الدين بن البارزى، وقاضى القضاة شهاب الدين بن حجر وغيرهما من العلماء والرؤساء، ونكرّر ترداد غالبهم الى بابه، وحضروا مجلسه كثيرا وأحبّوه محبة زائدة.

ص: 16

هذا مع ما اشتمل عليه من الكرم الزائد، والميل الى الخير، ومحبته أهل العلم والفضل والصلاح، والإحسان اليهم بما تصل القدرة اليه.

وله اليد الطولى فى علم النغم والضروب والإيقاع حتى لعلّه لم يكن فيه مثله فى زمانه، انتهت اليه الرياسة فى ذلك وكتب كثيرا وحصّل وصنّف وألّف.

ومن مصنفاته هذا الكتاب الجليل وهو المسمى ب «المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى» فى سبعة مجلدات، هذه الستة ومجلد آخر يسمى «بالكنى» استوعب فيه ذكر الأعيان المشهورين بكنيتهم على هذا الشرط، وهو من أوّل دولة الترك ومختصره المسمى «بالدليل الشافى على المنهمل الصافى» ومختصره سماه «مورد اللطافة فى ذكر من ولى السلطنة والخلافة» وذيل على الإشارة للحافظ الذهبى مختصرا سماه «بالبشارة فى تكملة الإشارة» وكتاب «حلية الصفات فى الأسماء والصناعات» مرتبا على الحروف، يشتمل على مقاطيع وتواريخ وأدبيات، بديع فى معناه، وغير ذلك. كل ذلك فى عنفوان شبيبته.

ونرجو، إن أطال الله عمره وفسح فى أجله، ليملأنّ خزائن من العلوم والمصنفات فى كل فنّ، لعلمى باتساع باعه فى التصنيف والتأليف.

ومن شعره ما أنشدنى من لفظه لنفسه- حفظه الله تعالى- فى مليح اسمه «حسن» قوله:

طرفه الأحور زاه شاقنى

وبه قد ضاع علمى بالوسن

جوره عدل علينا فى الهوى

كلّ فعل منه لى فهو حسن

ص: 17

وله أيضا:

تجارة الصبّ غدت

فى حبّ خود كاسده

ورأس مالى هبة

لفرحتى بفائده

وله أيضا:

أيبك قطز يعقبو بيبرس ذو الإكمال

بعدو قلاوون بعدو كتبغا المفضال

لاجين بيبرس برقوق شيخ ذو الإفضال

ططر برسباى جقمق ذو العلا إينال

ترجمة المؤلف عن الضوء اللامع فى أعيان القرن التاسع للسخاوى «1»

يوسف بن تغرى بردى الجمال أبو المحاسن بن الأتابكى بالديار المصرية، ثم نائب الشام اليشبغاوى الظاهرىّ القاهرىّ الحنفىّ. ولد فى شوّال تحقيقا سنة ثلاث عشرة وثمانمائة تقريبا بدار منجك اليوسفى، جوار المدرسة الحسنيّة، ومات أبوه بدمشق على نيابتها وهو صغير، فنشأ فى حجر أخته عند زوجها الناصرىّ بن العديم الحنفىّ، ثم عند الجلال البلقينى، لكونه كان خلفه عليها. وحفظ القرآن، ثم فى كبره- فيما زعم- مختصر القدورى وألفية النحو وإيساغوجى، واشتغل يسيرا وقال إنه قرأ فى الفقه على الشمس والعلاء الروميين، وفى الصرف على ثانيهما، وكذا اشتغل فى الفقه على العينى وأبى البقاء بن الضياء المكى والشمنى ولازمه أكثر، وعليه اشتغل فى شرح الألفية لابن عقيل والكافياجى

ص: 18

وعليه حضر فى الكشاف والزين قاسم، واختص به كثيرا وتدرّب به، وقرأ فى العروض على النّواجى، والمقامات الحريرية على القوام الحنفى، وعليه اشتغل فى النحو أيضا بل أخذ عنه قطعة جيدة من علم الهيئة، وقرأ أقراباذين فى الطب على سلام الله، وفى البديع وبعض الأدبيات على الشهاب بن عربشاه، وكتب عن شيخنا من شعره وحضر دروسه وانتفع، فيما زعم، بمجالسته؛ وكذا كتب بمكة عن قاضيها أبى السعادات بن ظهيرة من شعره وشعر غيره، وعن البدر بن العليف وأبى الخير بن عبد القوىّ وغيرهم من شعراء القاهرة؛ وتدرّب كما ذكر فى الفنّ بالمقريزى والعينى وسمع عليهما الحديث، وكذا بالقلعة عند نائبها تغرى برمش الفقيه على بن الطحان وابن بردس وابن ناظر الصاحبة، وأجاز له الزين الزركشى وابن الفرات وآخرون. وحج غير مرة أوّلها فى سنة ست وعشرين، واعتنى بكتابة الحوادث من سنة أربعين، وزعم أنه أوقف شيخه المقريزى على شىء من تعليقه فيها فقال: دنا الأجل، إشارة إلى وجود قائم بأعباء ذلك بعده، وأنه كان يرجع إلى قوله فيما يذكره له من الصواب بحيث يصلح ما كان كتبه أوّلا فى تصانيفه، بل سمعته يرجح نفسه على من تقدّمه من المؤرّخين من ثلاثمائة سنة بالنسبة لاختصاصه دونهم بمعرفة الترك وأحوالهم ولغاتهم، ورأيته إذ أرّخ وفاة العينى قال فى ترجمته: إن البدر البغدادى الحنبلى قال له وهما فى الجنازة: خلا الجوّ، إشارة إلى أنه تفرّد؛ وما رأيته ارتضى وصفه له بذلك من حينئذ فقط، فانه قال إنه رجع من الجنازة فأرسل له ما يدل على أن العينى كان يستفيد منه، بل سمعته يصف نفسه بالبراعة فى فنون الفروسية كلعب الرمح ورمى النشّاب وسوق البرجاس ولعب الكرة والمحمل ونحو ذلك.

ص: 19

وبالجملة فقد كان حسن العشرة، تامّ العقل- إلا فى دعواه فهو حمق- والسكون، لطيف المذاكرة، حافظا لأشياء من النظم ونحوه، بارعا حسبما كنت أتوهّمه فى أحوال الترك ومناصبهم وغالب أحوالهم، منفردا بذلك لا عهد له بمن عداهم، ولذلك تكثر فيه أوهامه، وتختلط ألفاظه وأقلامه، مع سلوك أغراضه، وتحاشيه عن مجاهرة من أدبر عنه بإعراضه، وما عسى أن يصل اليه تركى!.

وقد تقدّم عند الجمالى ناظر الخاص بسبب ما كان يطريه به فى الحوادث، وتأثّل منه دنيا، وصار بعده الى جانبك الجداوى فزادت وجاهته، واشتهرت عند أكثر الأتراك ومن يلوذ بهم من المباشرين وشبههم فى التاريخ براعته. وبسفارته عند جانبك خلص البقاعى من ترسيمه حين ادعى عليه عنده بما فى جهته لجامع الفكّاهين، لكون البقاعى ممن كان يكثر التردّد لبابه، ويسامره بلفظه وخطابه؛ وربما حمله على إثبات مالا يليق فى الوقائع والحوادث مما يكون موافقا لغرضه، خصوصا فى تراجم الناس وأوصافهم، لما عنده من الضّغن والحقد، كما وقع له فى أبى العباس الواعظ وابن أبى السعود. وكان إذا سافر يستخلف فى كتابة الحوادث ونحوها التقىّ القلقشندى.

وقد صنف المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى فى ستة مجلدات تراجم خاصة على حروف المعجم من أوّل دولة الترك؛ والدليل الشافى على المنهل الصافى؛ ومورد اللطافة فيمن ولى السلطنة والخلافة؛ والبشارة فى تكملة الإشارة للذهبى؛ وحلية الصفات فى الأسماء والصناعات، مشتمل على مقاطيع وتواريخ وأدبيات، رتبه على حروف المعجم وغير ذلك «1» .

ص: 20

وفيها الوهم الكثير والخلط الغزير مما يعرفه النقاد، والكثير من ذلك ظاهر لكل. ومنه السّقط فى الأنساب كتسمية الحجار أحمد بن نعمة مع كون نعمة جدّه الأعلى. وكحذفه ما يتكرر من الأسماء فى النسب أو الزيادة فيه بأن يكون فى النسب ثلاثة محمدين فيجعلهم أربعة، أو أربعة فيجعلهم خمسة. والقلب كأن يكون المترجم طالبا لواحد فيجعله شيخا له. والتصحيف والتحريف كالغرافى بالفاء والغين المعجمة يجعله مرة بالقاف، ومرة بالعين والقاف مخففا، وكالحسامية بالخسابية، وتسعين بسبعين وعكسه، وابن سكّر حيث ضبطه بالشين المعجمة، وفريد الدين بمؤيد الدين. والتغيير كسليمان من سلمان وعكسه، وعبد الله من أبى عبد الله، وسعد من سعد الله، وثبا «1» حيث جعله عليا، وعبد الغفار صاحب الحاوى حيث جعله عبد الوهاب، وابن أبى جمرة الولى الشهير حيث جعله محمدا، وصلاح الدين خليل بن السابق أحد رؤساء الشام سماه محمدا، وعبد الرحمن البوتيجى الشهير جعله أبا بكر، وأحمد بن على القلقشندى صاحب صبح الأعشى سمى والده عبد الله.

والتكرير فيكتب الرجل فى موضعين مرة فى إبراهيم ومرة فى أحمد، وربما تنبه لذلك فيجوّز كونه أخا ثانيا. وإشهار المترجم بما لا يكون به مشهورا حيث يروم التشبه بابن خلكان أو الصفدى فيما يكتبانه بهامش أوّل الترجمة لسهولة الكشف عنه ككتابته مقابل ترجمة أحمد بن محمد بن عبد المعطى جدّ قاضى المالكية بمكة المحيوى عبد القادر ما نصه: ابن طراد النحوى الحجازى. أو وصفه بما لم يتصف به كالصلاح بن أبى عمر حيث وصفه بالحافظ، والجمال الحنبلى بالعلامة، وناصر الدين ابن المخلّطة بقوله: إنه لم يخلف بعده مثله ضخامة وعلما ومعرفة ودينا وعفة. وتعبيره

ص: 21

بما لا يطابق الواقع كقوله فى البرهان بن خضر: تفقه بابن حجر. أو شرحه لبعض الألقاب بما لا أصل له حيث قال فى ابن حجر: نسبة الى آل حجر يسكنون الجنوب الآخر على بلاد الخربة وأرضهم قابس. أو لحنه الواضح وما أشبهه كأزوجه فى زوّجه، والحياة فى الحيا، والمجاز فى المزاح، وأجعزه فى أزعجه، والكيابة فى الكآبة، والحطيط فى الحضيض، ومنتضمة فى منتظمة، وظنين فى ضنين.

بل ويذكر فى الحوادث ما لم يتفق كأنه كان يكتب بمجرّد السماع كقوله فى الشهاب ابن عربشاه- مع زعمه أنه من شيوخه-: إنه استقر فى قضاء الحنفية بحماة فى صفر سنة أربع وخمسين عوضا عن ابن الصوّاف، وإن ابن الصوّاف قدم فى العشر الثانى من الشهر الذي يليه فأعيد فى أواخر جمادى الآخرة، وهذا لم يتفق كما أخبرنى به الجمالى بن السابق الحموى، وكفى به عمدة سيما فى أخبار بلده.

وكقوله عن جانم: إنه لما أمر برجوعه من الخانقاه الى الشام توجه كاتب السر ابن الشّحنة لتحليفه فى يوم الثلاثاء ثامن عشر رمضان سنة خمس وستين، فإن هذا كما قال ابن الشحنة المشار إليه لم يقع. وكقوله: إن صلاح الدين بن الكويز استقرّ فى وكالة بيت المال عوضا عن الشرف الأنصارى فى رجب سنة ثلاث وستين، وفى ظنى أن المستقرّ حينئذ فيها إنما هو الزين بن مزهر. ويذكر فى الوفيات تعيين محالّ دفن المترجمين فيغلط: كقوله فى نصر الله الرويانى: إنه دفن بزاويته، الى غير ذلك من تراجمه التى يقلد فيها بعض المتعصبين كما تقدّم. أو يسلك فيها الهوى، كترجمته لمنصور بن صفىّ وجانبك الجداوى، بل سمعت غير واحد من أعيان الترك ونقادهم العارفين بالحوادث والذوات يصفونه بمزيد الخلل فى ذلك. وحينئذ فما بقى ركون لشىء مما يبديه، وعلى كل حال فقد كان لهم به جمال. وقد اجتمعت به مرارا وكان يبالغ

ص: 22

فى إجلالى اذا قدمت عليه ويخصنى بتكرمة للجلوس، والتمس منى اختصار الخطط للمقريزى، وكتبت عنه ما قال إنه من نظمه فيمن اسمها «فائدة» وهو:

تجارة الصبّ غدت

فى حبّ خود كاسده

ورأس مالى هبة

لفرحتى بفائده

وابتنى له تربة هائلة بالقرب من تربة الأشرف إينال، ووقف كتبه وتصانيفه بها وتعلل قبل موته بنحو سنة بالقولنج واشتدّ به الأمر من أواخر رمضان بإسهال دموىّ بحيث انتحل وتزايد كربه، وتمنى الموت لما قاساه من شدّة الألم إلى أن قضى فى يوم الثلاثاء خامس ذى الحجة سنة أربع وسبعين ودفن من الغد بتربته، وعسى أن يكون كفّر عنه، رحمه الله وعفا عنه وإيانا «1» .

ص: 23

ترجمة المؤلف عن شذرات الذهب فى أخبار من ذهب «1» لابن العماد الحنبلى فى حوادث سنة 874 هـ

جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن الأمير الكبير سيف الدين تغرى بردى الحنفى الإمام العلامة. ولد بالقاهرة سنة اثنتى عشرة وثمانمائة ورباه زوج أخته قاضى القضاة ناصر الدين بن العديم الحنفى إلى أن مات، فتروّج بأخته جلال الدين البلقينى الشافعى فتولى تربيته وحفظ القرآن العزيز. ولما كبر اشتغل بفقه الحنفية وحفظ القدورى وتفقّه بشمس الدين محمد الرومى وبالعينى وغيرهما، وأخذ النحو عن التقىّ الشّمنّى ولازمه كثيرا وتفقه به أيضا، وأخذ التصريف عن الشيخ علاء الدين الرومى وغيره، وقرأ المقامات الحريرية على قوام الدين الحنفىّ وأخذ عنه العربية أيضا وقطعة جيدة من علم الهيئة، وأخذ البديع والأدبيات عن الشهاب بن عربشاه الحنفىّ وغيره،

ص: 24

وحصر على ابن حجر العسقلانى وانتفع به، وأخذ عن أبى السعادات بن ظهيرة وابن العليف وغيرهما.

ثم حبّب إليه علم التاريخ فلازم مؤرّخى عصره مثل العينىّ والمقريزىّ، واجتهد فى ذلك إلى الغاية وساعدته جودة ذهنه وحسن تصوّره وصحة فهمه، ومهر وكتب وحصّل وصنّف وانتهت إليه رآسة هذا الشأن فى عصره، وسمع شيئا كثيرا من كتب الحديث، وأجازه جماعات لا تحصى مثل ابن حجر والمقريزىّ والعينىّ.

ومن مصنفاته كتاب المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى فى ستة مجلدات، ومختصره المسمى بالذيل الشافى على المنهل الصافى، ومختصر سماه مورد اللطافة فى ذكر من ولى السلطنة والخلافة، والنجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، وذيل على الإشارة للحافظ الذهبى سماه بالبشارة فى تكملة الإشارة، وكتاب حلية الصفات فى الأسماء والصناعات مرتبا على الحروف، وغير ذلك. ومن شعره:

تجارة الحب غدت

فى حب خود كاسده

ورأس مالى هبة

لفرحتى بفائده

ومنه مواليا فى عدّة ملوك الترك:

أبيك قطز يعقب بيبرس ذو الإكمال

بعدو قلاوون بعدو كتبغا المفضال

لاچين بيبرس برقوق شيخ ذو الإفضال

ططر برسباى چقمق ذو العلا إينال

وتوفى فى ذى الحجة.

حديث ابن إياس عن المؤلف

وقد أشار ابن إياس فى تاريخه (ج 2 ص 118) الى ترجمته عند ذكر وفاته فى حوادث سنة أربع وسبعين وثمانمائة فقال:

ص: 25

«وفيه كانت وفاة الجمالى يوسف بن الأتابكى تغرى بردى اليشبغاوى الرومى نائب الشام. وكان الجمالى يوسف رئيسا حشما فاضلا حنفىّ المذهب وله اشتغال بالعلم، وكان مشغوفا بكتابة التاريخ وألف فى ذلك عدّة تواريخ منها تاريخه الكبير الموسوم بالنجوم الزاهرة؛ والمنهل الصافى؛ ومورد اللطافة فيمن ولى السلطنة والخلافة؛ وله تاريخ فى وقائع الأحوال على حروف الهجاء؛ وله غير ذلك عدّة مصنفات. وكان نادرة فى أولاد الناس. ومولده سنة ثلاث عشرة وثمانمائة» اهـ.

مؤلفاته ولابن تغرى بردى عدا كتاب «النجوم الزاهرة» الكتب الآتية «1» :

1-

مورد اللطافة فيمن ولى السلطنة والخلافة: اقتصر فيه على ذكر الخلفاء والسلاطين بغير مزيد، واستفتح بذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فالخلفاء الراشدين الى الخليفة القائم بأمر الله. ثم ذكر العبيديين ومن خلفهم على مصر الى أيامه.

منه نسخة فى مكتبة محمد الفاتح ومكتبة بشير أغا فى الأستانة، وفى غوطا مع ذيل الى سنة 906 هـ، وفى باريس وأكسفورد وكمبريدچ وتونس. وطبع فى كمبريدچ سنة 1792 م وله ذيول منها:«منهل الظرافة، لذيل مورد اللطافة» بأسماء أمراء مصر الى سنة 884 هـ فى برلين.

2-

منشأ اللطافة، فى ذكر من ولى الخلافة: وهو تاريخ مصر من أقدم أزمانها الى سنة 719 هـ فى باريس.

ص: 26

3-

المنهل الصافى، والمستوفى بعد الوافى: هو معجم لمشاهير الرجال العظام من سنة 650 هـ الى آخر أيام المؤلف، أراد به أن يكون ذيلا للوافى تأليف الصفدى.

منه نسخة فى دار الكتب المصرية فى ثلاثة مجلدات كبيرة صفحاتها نحو 3000 صفحة منقولة عن مكتبة عارف بك بالمدينة. ترجم فيها مئات من الأعيان والعلماء، وأسند كل رواية الى صاحبها.

ومن لطيف ما جاء فى مقدّمته- وقد خالف به أكثر مؤلفى عصره- قوله:

«كنت قد اطلعت على نبذ من سيرهم وأخبارهم (يعنى رجال التاريخ) ووقفت فى كتب التاريخ على الكثير من آثارهم فحملنى ذلك على سلوك هذه المسالك، وإثبات شىء من أخبار أمم الممالك، غير مستدعى الى ذلك من أحد من أعيان الزمان، ولا مطالب به من الأصدقاء والخلّان، ولا مكلّف لتأليفه وترصيفه من أمير ولا سلطان؛ بل اصطفيته لنفسى، وجعلت حديقته مختصة بباسقات غرسى؛ ليكون فى الوحدة لى جليسا، وبين الجلساء مسامرا وأنيسا

الخ» .

وهذا يخالف طريقة سائر المؤلفين فى ذلك العهد، وقد اختصره فى كتاب سماه:«الدليل الشافى على المنهل الصافى» منه نسخة فى مكتبة بشير أغا بالآستانة.

4-

نزهة الرائى فى التاريخ: هو تاريخ مفصل على السنين والشهور والأيام فى عدّة مجلدات، منها الجزء التاسع فى اكسفورد لحوادث سنة 678- 747

5-

حوادث الدهور فى مدى الأيام والشهور: جعله ذيلا على كتاب السلوك للمقريزى بدأ به حيث انتهى ذاك الى سنة 856 هـ، لكنه خالف المقريزى فى طريقته فأطال فى التراجم إلا ما جاء ذكره منها فى المنهل الصافى. منه نسخ فى برلين والمتحف البريطانى وأيا صوفيا.

ص: 27

6-

البحر الزاخر فى علم الأوائل والأواخر: مطوّل فى التاريخ على السنين، منه جزء صغير فى باريس من سنة 32- 71 هـ.

فهارس الكتاب

وإتماما للفائدة وتعميما للنفع قام القسم الأدبى بعمل فهارس وافية لهذا الجزء شملت ذكر الولاة الذين ولوا حكم مصر والأعلام التى وردت فيه والقبائل والأماكن ووفاء النيل وغير ذلك مرتبة على حروف المعجم، وقد بذل كل من حضرتى محمد عبد الجواد الأصمعىّ افندى وعلى أحمد الشهداوىّ افندى المصححين بالقسم الأدبى مجهودا فى هذا الشأن يستحقان عليه الثناء.

أحمد زكى العروى

رئيس قسم التصحيح بنار الكتب المصرية

ص: 28