المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[باب (1) الإجارة على أحد الشرطين] (2) لما ذكر الإجارة (3) على شرط (4) واحد - النهاية في شرح الهداية - السغناقي - جـ ٢٠

[الحسام السغناقي]

فهرس الكتاب

‌[باب

(1)

الإجارة على أحد الشرطين]

(2)

لما ذكر الإجارة

(3)

على شرط

(4)

واحد من غير تعلق [بالشرط]

(5)

حتى أفسد الإجارة ما كان شرطا على خلاف مقتضى العقد

(6)

، ذكر في هذا الباب على أحد

الشرطين؛ لأن الاثنين بعد الواحد فإذا قال للخياط: إن خطت هذا الثوب

(1)

الباب لغة: معروف، والفعل منه التبويب، والجمع أبواب وبيبان والباب مدخل البيت وما يسد به المدخل من خشب ونحوه، ومن الكتاب القسم يجمع مسائل من جنس واحد يقال هذا من باب كذا جمعه.

انظر: لسان العرب لابن منظور (1/ 223) المعجم الوسيط (1/ 75) مجمع اللغة العربية (إبراهيم مصطفى/ أحمد الزيات/ حامد عبد القادر/ محمد النجار).

اصطلاحا: الباب اسم لجملة مختصة من الكتاب مشتملة على فصول غالبا.

انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (1/ 114).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

الإجارة لغة: اسم للأجرة وهي كراء الأجير، وقد أجره إذا أعطاه أجرته من بابي ضرب وطلب فهو آجر والإجارة: من أجر يأجر، وهو ما أعطيت من أجر في عمل.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 20)، لسان العرب لابن منظور (4/ 10).

اصطلاحا: عبارة عن عقد على تمليك المنافع بعوض وهو المال.

انظر: التعريفات للجرجاني (1/ 10)، اللباب في شرح الكتاب للميداني (2/ 88).

(4)

الشرط لغة: العلامة والجمع شروط وشرائط، والشرط: إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه.

انظر: القاموس المحيط للفيروزآبادى (1/ 673).

اصطلاحا: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. وقيل الشرط: ما يتوقف عليه وجود الشيء ولم يكن داخلا فيه. وقيل: يلزم من انتفائه انتفاء المشروط، ولا يلزم من وجوده وجود المشروط.

انظر: التحبير شرح التحرير (3/ 1067)، غاية الوصول في شرح لب الأصول (ص: 13)، البناية شرح الهداية (2/ 217).

(5)

في (ب) الشرطين.

(6)

العقد لغة: عقد الحبل عقدا، وهي العقدة ومنها عقدة النكاح، والعقد العهد وعاقده عاهده والجمع عقد وعقد الحبل والبيع والعهد فانعقد.

انظر: لسان العرب (3/ 296)، والمغرب في ترتيب المعرب (1/ 323)، مختار الصحاح (ص: 214).

اصطلاحا: ربط أجزاء التصرف بالإيجاب والقبول شرعا.

انظر: التعريفات للجرجاني (1/ 153).

ص: 1

[حكم الإجارة على الشرطين]

فارسيا

(1)

فبدرهم إلى آخره، وجنس هذه المسائل على ثلاثة أوجه: فواحد من الأوجه الثلاثة: غير جائز بالاتفاق

(2)

، وهو ما إذا قال للخياط: إن خطته اليوم [فلك درهم]

(3)

، وإن خطته غدا فلا شيء لك.

وثانيهما: جائز بالاتفاق، وهو ما إذا قال للخياط: إن خطته خياطة رومية

(4)

فلك درهم

(5)

وإن خطته خياطة فارسية

(6)

فلك نصف درهم أو يقول: إن خطته قباء

(7)

فلك درهم وإن خطته قميصا فلك نصف درهم، فعلى قول [أبي حنيفة]

(8)

(9)

الأول

(1)

أي منسوبة إلى صنعة فارس وهي التي تكون فيها الخياطة غرزة غرزة.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 322).

(2)

اتفاق كل من أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني.

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 185) العناية شرح الهداية (9/ 131).

(3)

في (ب) فبدرهم ما ذكر في (أ) هو الصحيح

(4)

أي منسوبة إلى صنعة الروم وهي التي تكون الخياطة فيها غرزتين.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 322).

(5)

الدرهم اسم للمضروب المدور من الفضة كالدينار من الذهب وقيل الدرهم جزء من اثني عشر جزءا من الأوقية وقطعة من فضة مضروبة للمعاملة. والتقدير المعاصر للدرهم عند الحنفية (3،125) جرام، وعند الجمهور (2،975) جرام تقريبا.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 163) و المعجم الوسيط (1/ 282)، المكاييل والموازين الشرعية د/ علي جمعه (1/ 19).

(6)

خياطة فارسية أي منسوبة إلى صنعة فارس وهي التي تكون فيها الخياطة غرزة غرزة.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 322)

(7)

والقباء، ممدود، من الثياب: الذي يلبس مشتق من ذلك لاجتماع أطرافه، والجمع أقبية. وقبى ثوبه: قطع منه قباء.

انظر: لسان العرب (15/ 168)

(8)

في (أ) أبو يوسف و في (ب) أبو حنيفة والمثبت ما ذكر في (ب) كما في مبسوط السرخسي.

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 100).

(9)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 186)؛ والعناية شرح الهداية (9/ 111).

ص: 2

العقد فاسد

(1)

كله، وهو قول زفر

(2)

، والشافعي

(3)

-رحمهما الله-، وهو القياس

(4)

، ثم رجع أبو حنيفة رحمه الله فقال: الشرطان جائزان

(5)

.

وهو قول أبي يوسف

(6)

، ومحمد

(7)

-رحمهما الله-.

وثالثهما: مختلف فيه وهو أن يقول: إن خطته اليوم فلك درهم، وإن خطته غدا فلك نصف درهم وكل من قال بالجواز قاسه على الوجه الثاني، أما وجه الأول فإنه

(1)

الفساد لغة: فسد: الفساد: نقيض الصلاح، فسد يفسد ويفسد الفساد. وفسد الشيء إذا أباره.

انظر: لسان العرب (3/ 336).

اصطلاحا: ما كان مشروعا بأصله غير مشروع بوصفه، وهو مرادف للبطلان وقيل الفاسد ما يكون مشروعا بأصله دون وصفه. والفاسد عند الحنفية: ما يكون مشروعا بأصله دون وصفه، وقد يطلق الفاسد على الباطل؛ لأنه أعم؛ إذ كل باطل فاسد، ولا عكس.

انظر: التعريفات للجرجاني (ص: 166)، شرح التلويح على التوضيح (2/ 246)، العناية شرح الهداية:(6/ 4449) البناية شرح الهداية: (8/ 139)، اللباب في شرح الكتاب:(2/ 24).

(2)

زفر بن الهذيل بن قيس العنبري البصري روى عن: الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وابن إسحاق، وحجاج بن أرطأة، وأبي حنيفة، وجماعة روى عنه: حسان بن إبراهيم الكرماني، وأبو يحيى أكثم بن محمد، وأبو نعيم، وعبد الواحد بن زياد، وطائفة ولد سنة عشر ومائة وتوفي بالبصرة سنة ثمان وخمسين ومائة وله ثمان وأربعين سنة.

انظر: تاريخ الإسلام ت بشار (4/ 51)، وسير أعلام النبلاء للذهبي (7/ 144)، والجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 243).

(3)

انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي للعمراني (7/ 408).

(4)

القياس لغة: قاس الشيء يقيسه قيسا وقياسا واقتاسه إذا قدره على مثاله، وقيل رد الشيء إلى نظيره انظر: لسان العرب (6/ 187)، والمعجم الوسيط (2/ 770).

اصطلاحا: مساواة الفرع للأصل في علة حكمه وقيل عبارة عن المعنى المستنبط من النص؛ لتعديه الحكم من المنصوص عليه إلى غيره، وهو الجمع بين الأصل والفرع في الحكم.

انظر: شرح التلويح على التوضيح (2/ 104)، التعريفات للجرجاني (ص: 181).

(5)

جاز: الموضع سلكه وسار فيه يجوز، جوازا و أجازه خلفه وقطعه واجتاز سلك. جاز البيع أو النكاح إذا نفذ وأجازه القاضي إذا نفذه وحكم ومنه المجيز الوكيل أو الوصي لتنفيذه ما أمر به.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 95)، مختار الصحاح المادة جوز (ص: 64).

(6)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 186)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 443).

(7)

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 443).

ص: 3

مخاطرة؛ لأنه في صورة القمار

(1)

، وكان فاسدا بالاتفاق؛

(2)

[و]

(3)

لأنه يصير تقدير كلامه كأنه قال: لك أجر درهم على خياطته، أو لا شيء، [ولو]

(4)

قال: ذلك كان العقد فاسدا، وكان له أجر مثله لا يجاوز به درهم، فهذا مثله كذا في المبسوط

(5)

(6)

، وكذا إذا خيره بين ثلاثة أشياء بأن قال: آجرتك هذه الدابة

(7)

إلى الكوفة بكذا، أو إلى بغداد بكذا، أو إلى واسط

(8)

بكذا، وكله جائز عند أصحابنا

(9)

، [وهذا كله]

(10)

في أنواع الخياط، والصبغ

(11)

، والزراعة

(12)

.

(1)

القمار: من القمر الذي يزاد تارة، وينقص أخرى، وسمي القمار قمارا لأن كل واحد من المقامرين ممن يجوز أن يذهب ماله إلى صاحبه، ويجوز أن يستفيد مال صاحبه فيجوز الازدياد والانتقاص في كل واحد منهما فصار قمارا.

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (5/ 323)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 227).

(2)

انظر: البناية شرح الهداية: (3/ 351).

(3)

في (ب) و.

(4)

في (ب) أو.

(5)

مبسوط السرخسي نحو: خمسة عشر مجلدا. وهو: شمس الأئمة: محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي.

المتوفى: سنة 483، ثلاث وثمانين وأربعمائة. أملاه: من خاطره، من غير مطالعة كتاب، وهو في السجن بأوزجد، بسبب كلمة كان فيها من الناصحين. وذكر فيه: حسب حاله في آخر كل كتاب من الكتاب.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1580).

(6)

انظر المبسوط (16/ 44 - 16/ 45).

(7)

الدابة ما يدب على الأرض، والمراد من دابة فلان فرسه وحماره وبغله.

انظر: العناية شرح الهداية (6/ 164)، المعجم الوسيط (1/ 2).

(8)

مدينة واسط: إنما سميت واسط؛ لأنها وسط بين الكوفة والبصرة. وهي ليست قديمة، بناها الحجاج بن يوسف، وتقع محافظة واسط في الجزء الجنوبي من المنطقة الوسطى من العراق. تحدها من الشمال العاصمة بغداد ومن الشمال الشرقي محافظة ديالى ومن الشرق إيران ومن الجنوب الشرقي محافظة ميسان.

انظر: آكام المرجان في ذكر المدائن المشهورة في كل مكان (1/ 41)، موقع مدينة واسط على الانترنت.

(9)

المقصود بأصحابنا هم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني.

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 247)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (1/ 486)، البناية شرح الهداية (1/ 162).

(10)

في (ب) وكذا هذا.

(11)

الصبغ: صبغ الثوب بصبغ حسن وصباغ وهو ما يصبغ به ومنه الصبغ والصباغ والصبغة: ما يصبغ به وتلون به الثياب والصباغ: معالج الصبغ، وحرفته الصباغة. وثياب مصبغة إذا صبغت.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (1: 263)، مختار الصحاح (1: 172)، لسان العرب (8/ 437).

(12)

الزراعة، بفتح الزاي وتشديد الراء، قيل هي الأرض التي تزرع لحب زرعا وزراعة بذره والأرض حرثها للزراعة والله الزرع أنبته ونماه حتى بلغ غايته ويقال زرع له بعد شقاوة استغنى بعد فقر

انظر: لسان العرب (8/ 141)، المعجم الوسيط (1/ 293).

ص: 4

فإن قال: [للزارع]

(1)

إن زرعتها بغير كراب

(2)

فلك ربع الخارج، وإن زرعتها بكراب فلك ثلثه، وإن زرعتها بكرابين فلك نصفه، وأي ذلك [عمل فيه]

(3)

شرطه كذا، ذكره الإمام التمرتاشي

(4)

(5)

، غير أنه لا بد من اشتراط الخيار

(6)

في البيع

(7)

بخلاف الإجارة، يعني إنما يفارق عقد الإجارة البيع من حيث اعتبار شرط الخيار فإنه إذا باع أحد [العبدين]

(8)

لم يصح إلا بشرط الخيار، وجوزوا عقد الإجارة في إحدى المنفعتين من غير شرط الخيار؛ لأن الأجرة لا تجب بالعقد، وإنما تجب بالعمل، فإذا أخذ في أحد العملين فقد صار معلوما كذا في الإيضاح

(9)

(10)

.

(1)

في (ب) للمزارع.

(2)

الكراب: كربت الشمس دنت للغروب ومنه الكروبيون والكروبية بتخفيف الراء المقربون من الملائكة وكرب الأرض كرابا قلبها للحرث والكراب وهو قلب الأرض من حد دخل.

انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (1/ 154)، والمغرب في ترتيب المعرب (1/ 404).

(3)

في (ب) عمله فله.

(4)

هو أحمد بن إسمعيل التمرتاشي الحنفي، مفتي خوارزم. المتوفى: سنة 600. كذا سمى نفسه في أول: شرحه (للجامع الصغير).

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 61)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1221)

(5)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 323).

(6)

الخيار: الاصطفاء، وكذلك التخير والخيار: الاسم من الاختيار، وهو طلب خير الأمرين: إما إمضاء البيع أو فسخه.

انظر: لسان العرب (4/ 267).

(7)

البيع لغة: بيع: البيع: ضد الشراء، والبيع: الشراء أيضا، وهو من الأضداد. وبعت الشيء: شريته، أبيعه بيعا ومبيعا، وهو شاذ وقياسه مباعا. والابتياع: الاشتراء.

انظر: لسان العرب (8: 23).

اصطلاحا: مبادلة مال بمال بالتراضي أو البيع تمليك مال بمال.

انظر: اللباب في شرح الكتاب (2/ 3).

(8)

في (ب) العقدين.

(9)

الإيضاح في الفروع للإمام، أبي الفضل: عبد الرحمن بن محمد الكرماني، الحنفي.

المتوفى: سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 211)

(10)

انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (3/ 40).

ص: 5

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين البيع؟ فالنكاح

(1)

مع أن الشرط كما يفسد البيع [يفسد]

(2)

الإجارة، ثم مثل هذا الشرط يفسد البيع والنكاح، ولا يفسد الإجارة، فإنه لو قال: بعت منك هذا العبد بألف درهم أو هذه الجارية بمائة دينار

(3)

، أو زوجتك أمتي هذه بمائة درهم، أو ابنتي فلانة بمائة دينار، فقال: قبلت، كان باطلا

(4)

، ولا يبطل عقد الإجارة على الفارسية، والرومية على ما ذكرنا

(5)

.

قلت

(6)

: إنما وقع الفرق بينهما من حيث أن الأجر لا يجب بنفس العقد، وإنما يجب بالعمل و [عندهما]

(7)

العمل ما يلزمه من البدل

(8)

معلوم فصار كأنه حينئذ وقع العقد عليه ابتداء؛ وذلك لأن عقد الإجارة في حق المعقود عليه كالمضاف.

(1)

النكاح لغة: أصل النكاح في كلام العرب الوطء، وقيل للتزوج نكاح لأنه سبب للوطء المباح. وقيل: النكاح الوطء وقد يكون العقد، تقول: نكحتها ونكحت هي أي تزوجت؛ وهي ناكح في بني فلان أي ذات زوج منهم.

انظر: لسان العرب (2/ 626).

اصطلاحا: عقد يفيد ملك المتعة قصدا وقيل: عقد وضع لتمليك منافع البضع.

انظر: العناية شرح الهداية (3/ 187)، اللباب شرح الكتاب (3/ 3).

(2)

في (ب) بفساد.

(3)

الدينار: اسم لقطعة من الذهب المضروبة المقدرة بالمثقال والدينار هو المثقال من الذهب ومقداره 4،25 جرام.

انظر: المبدع في شرح المقنع لابن مفلح (7/ 434)، المكاييل والموازين الشرعية د. علي جمعة (1/ 19).

(4)

الباطل لغة: بطل الشيء يبطل بطلا وبطولا وبطلانا: ذهب ضياعا وخسرا، فهو باطل.

انظر: لسان العرب (11/ 56)، القاموس المحيط (ص: 966).

اصطلاحا: الباطل ما ليس بمشروع بأصله ووصفه فيقال لحم باطل إذا صار بحيث لا يبقى له صلاحية الغذاء.

انظر: التقرير والتحبير (2/ 155).

(5)

أي ما ذكره المصنف في باب الاجارة حكم الاجارة على الفارسية والرومية.

(6)

هذا جواب من المؤلف الامام السغناقي على هذا الاعتراض.

(7)

في (أ) عندهم و في (ب) عندهما والمقصود بعندهما أي عند أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني.

(8)

البدل: بدل الشيء غيره يقال: بدل و بدل كشبه وشبه ومثل ومثل. وأبدل الشيء بغيره وبدله الله تعالى من الخوف أمنا، وتبديل الشيء أيضا تغييره، واستبدل الشيء بغيره وتبدله به إذا أخذه مكانه.

انظر: مختار الصحاح (ص: 30)، لسان العرب (11/ 48).

ص: 6

وإنما ينعقد عند إقامة العمل، وعند ذلك لا جهالة في المعقود عليه بخلاف البيع، والنكاح، [والعقد]

(1)

هناك ينعقد؛ [لازما]

(2)

في الحال والبدل يستحق بنفس العقد، [وإذا]

(3)

لم يكن معلوما عند العقد كان العقد فاسدا، إن خطته اليوم فبدرهم، وإن خطته غدا فبنصف درهم، [فعند]

(4)

أبي حنيفة رحمه الله الشرط الأول جائز، والثاني فاسد.

[أحكام الأجرة]

(وعندهما

(5)

الشرطان جائزان)، (وعند زفر رحمه الله الشرطان فاسدان)

(6)

. وهو القياس؛ لأنه لو قال في البيع إن أعطيت الثمن إلى شهر فعشرة دراهم، وإن أعطيته إلى شهرين فخمسة عشر درهما، كان العقد فاسدا كله؛ للتردد بين التسميتين

(7)

؛ ولأنه اجتمع في اليوم وفي الغد تسميتان، أما في اليوم فلأن العقد المضاف إلى الغد ثابت في [اليوم]

(8)

؛ لأن الغد ذكر

(9)

للترفيه لا للإضافة، بدليل أنه لو أفرد العقد في الغد خطه غدا بنصف درهم، يثبت هذا العقد في اليوم حتى لو خاطه اليوم يستحق نصف

(1)

في (ب) فالعقد.

(2)

في (أ) لأن ما وفي (ب) لازما وهو الصحيح.

(3)

في (ب) فإذا.

(4)

في (ب) عند.

(5)

أي عند أبي يوسف والشيباني.

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 285)، الجامع الصغير (1/ 443)، العناية شرح الهداية (9/ 131) اللباب في شرح الكتاب (2/ 98).

(6)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 285)، العناية شرح الهداية (9/ 131)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 98).

(7)

التسمية الأولى: لو قال في البيع إن أعطيت الثمن إلي شهر فعشرة دراهم.

التسمية الثانية: وإن أعطيته إلى شهرين فخمسة عشر درهما كان العقد فاسدا كله.

(8)

في (ب) الغد.

(9)

لأنه ساقطة من (أ).

ص: 7

درهم، وأما في الغد [فإن]

(1)

العقد المنعقد في اليوم باق؛ لأن ذكر اليوم [كان]

(2)

للتعجيل

(3)

لا للتوقيت، بدليل أنه [لو]

(4)

أفرد العقد في اليوم

(5)

بأن قال: خطه اليوم بدرهم كان للتعجيل لا للتوقيت حتى لو خاطه في الغد استحق الأجر، فصح ما قلنا

(6)

إنه اجتمع في اليوم وفي الغد تسميتان، فيفسد العقد قياسا على ما لو قال: خطه اليوم بدرهم، أو [نصف]

(7)

درهم.

وإنا نقول

(8)

: لزمت الجهالة في البيع بسبب الجهالة في الثمن وقت العقد للزومه في الحال، وأما في الإجارة إنما يجب الأجر عند إقامة العمل ولا جهالة عند ذلك، بخلاف البيع على ما قلنا، وبخلاف الفصل الأول، فهناك إنما أفسدنا العقد [لمعنى]

(9)

القمار، وذلك غير موجود هاهنا؛ لأنه في اليومين شرط الأجر له على نفسه. وبخلاف ما لو قال: خط هذا الثوب غدا بنصف درهم، فخاطه [في]

(10)

اليوم استحق الأجر [له على نفسه، وبخلاف ما لو قال: خط هذا]

(11)

بدرهم فخاطه في الغد استحق الأجر المسمى؛ لأن مقصود الأجر العمل عند الأفراد دون الأجل، ومطلق العقد لا يقتضي أجلا، علم أنه أراد به ترفيه العامل فيه في الفصل الأول لا إعلام العقد للحال، فيثبت العقد حالا، ثم يؤجل العمل بعد ثبوت العمل، كالبيع بألف إلى أجل فأما في مسألتنا هذه فقد ذكر الحال

(1)

في (ب) فلأن.

(2)

ساقط من (ب).

(3)

التعجيل عجل: العجل والعجلة: السرعة خلاف البطء. واستعجله طلب عجلته. وتقول: أعجله و عجله تعجيلا أي استحثه. وتعجل من الكراء كذا. و عجل له من الثمن كذا تعجيلا أي قدم.

انظر: لسان العرب (11/ 425)، ومختار الصحاح (ص: 201).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

بدرهم ساقطة من (أ).

(6)

الضمير راجع للسغناقي.

(7)

في (ب) بنصف.

(8)

أي السغناقي.

(9)

في (أ) بمعنى وفي (ب) لمعنى وهو الصحيح.

(10)

ساقطة من (ب).

(11)

في (ب) وإن كان لا يرى هذا الفصل وكذا قوله خطه اليوم.

ص: 8

بدرهم، فيفسد لذلك إلى هذا أشار في المبسوط

(1)

والأسرار

(2)

(3)

، والفوائد الظهيرية

(4)

(5)

؛ لأن الخياطة شيء واحد، أي في شيء واحد كالقميص مثلا؛ لأنه ذكر [في]

(6)

صورة المسألة في الفوائد الظهيرية

(7)

[وغيرها]

(8)

في القميص. وقال: رجل دفع إلى خياط ثوبا ليخيط قميصا وقال: إن خطته اليوم فلك درهم، وكان هذا على هذا التقدير احترازا على المسألة الأولى، وهي قوله:(إن خطت هذا الثوب فارسيا فبدرهم، وإن خطته روميا فبدرهمين) وهو جائز بلا خلاف.

[إن خطت هذا الثوب فارسيا فبدرهم، وإن خطته روميا فبدرهمين]

(وقد ذكر بمقابلته بدلان)، أي قال: على أن يكون الأجرة، إما درهما، أو نصف درهما على البدل، أي على أن يكون أحدهما بدل الآخر، (فيجتمع في كل يوم تسميتان)؛ وذلك لأن قوله:(إن خطته اليوم فبدرهم) باق إلى الغد كما ذكرنا، وقوله:(وإن خطته غدا فبنصف درهم) ثابت في الغد ابتداء على وجه التصريح، فاجتمع في الغد تسميتان، إحداهما بالبقاء، والثانية بالابتداء، ولهذا لم يجوز أبو حنيفة رحمه الله في الغد لهذا المعنى، وأما اجتماع التسميتين في اليوم وهو أن ذكر الغد للترفيه

(9)

، فلما كان

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 44 - 16/ 45).

(2)

الأسرار، في الأصول والفروع للشيخ، العلامة، أبي زيد: عبيد الله بن عمر الدبوسي، الحنفي.

المتوفى: سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة (430) وهو: مجلد كبير.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 81).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 44 - 16/ 45).

(4)

الفوائد الظهيرية في الفتاوى. لظهير الدين، أبي بكر: محمد بن أحمد بن عمر. المتوفى: سنة 619، جمع فيها: فوائد الجامع الصغير الحسامي. وأتمه: في ذي الحجة، سنة 618. وهي: غير (فتاوى الظهيرية) مخطوط لم احصل عليه.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1298)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 20).

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 44 - 16/ 45).

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 101).

(8)

في (أ) وغيره وفي (ب) وغيرها وهو الصحيح.

(9)

ر ف هـ: رجل رافه ومترفه مستريح ومنه التمتع الترفه ورفه نفسه أراحها ترفيها. ورجل رافه أي وادع وهو في رفاهة من العيش أي سعة ورفه عن الغريم إذا نفس عنه وأنظره ويقال أيضا رفه علي أي أنظرني وأصله من الرفه.

انظر: مختار الصحاح (ص: 126)، لسان العرب (9/ 174)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 194).

ص: 9

[فهو]

(1)

للترفيه كان قوله: (وإن خطته غدا فبنصف درهم) ثابتا في اليوم أيضا، وأما التسمية الأخرى فثابتة في اليوم بصريح ذكر اليوم، فاجتمع في اليوم تسميتان أيضا بهذا الطريق، (ولهما

(2)

أن ذكر اليوم للتأقيت) [لما كان للتأقيت]

(3)

كان قوله: (إن خطته اليوم فبدرهم) مقتصرا على اليوم، فبانقضاء اليوم لا يبقى العقد إلى الغد، بل ينقضي بانقضاء الوقت، فلا يجتمع تسميتان في الغد

(4)

، (وذكر [في]

(5)

الغد)؛ للإضافة، وفي نسخة للتعليق، والمراد به الإضافة؛ لأن الإجارة قد ذكرنا أنها لا يصح تعليقها، ولكن تصح إضافتها إلى وقت في المستقبل، وإذا كان عقدا مضافا إلى الغد لا يكون ثابتا في الحال من [كل]

(6)

وجه فلا تجتمع تسميتان في حق اليوم أيضا، هذا على ما اقتضاه تقرير الكتاب

(7)

، وهو موافق لما ذكر في الفوائد الظهيرية

(8)

.

وأما على تقرير الأسرار

(9)

وغيره فهذا التقرير مخالف [له]

(10)

فإنه ذكر في الأسرار إبقائها بقولين لما ثبت أن العقد واحد، وذكر اليوم لاستعمال العمل، ومتى لم يعمل كان العقد باقيا أبدا، وكانت تسميته النصف إذا [أخر]

(11)

[لخط]

(12)

البعض

(1)

في (ب) هو.

(2)

ولهما: أي لأبي يوسف ومحمد -رحمهما الله.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 325).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

تعليق (فيصح الشرطان).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

اي كتاب الهداية.

(8)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 133) والمبسوط للسرخسي (15/ 101).

(9)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 140)، العناية شرح الهداية (9/ 133)، العناية شرح الهداية (9/ 133).

(10)

ساقطة من (أ).

(11)

في (ب) أجر.

(12)

في (ب) يخيط.

ص: 10

لا لتسمية جديدة؛ لأن التسمية الأولى باقية و [كانت]

(1)

الغنية

(2)

بها واقعة عن تسمية أخرى، وغير واقعة عن [الخط]

(3)

إذا أجر في الجامع الصغير

(4)

(5)

لشمس الأئمة رحمه الله، وأبو يوسف، ومحمد رحمهما الله استحسنا

(6)

، وقالا

(7)

: جهالة البدل لا يفسد العقد نفسه، بل للمنازعة

(8)

التي يمكن بينهما، وهذه الجهالة لا تفضي إلى المنازعة ثم البدل في باب الإجارة لا يجب بنفس العقد، بل لإقامة العمل، وعند ذلك

(9)

ما يجب عن العمل معلوم سواء خاطه اليوم، أو غدا.

(1)

في (ب) كان.

(2)

الغنية، بالضم والكسر، والغنوة والغنيان، مضمومتين.

والغني: ذو الوفر واستغنى الله تعالى: سأله أن يغنيه. وغناه الله تعالى، وأغناه، وما له عنه غنى ولا مغنى ولا غنية ولا غنيان، مضمومتين: بد.

انظر: القاموس المحيط (1/ 1319).

(3)

في (ب) الخطأ.

(4)

وهو: لشمس الأئمة: محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي. . لزم الإمام شمس الأئمة أبا محمد عبد العزيز الحلواني حتى تخرج به وصار أنظر أهل زمانه المتوفى: سنة 483، ثلاث وثمانين.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 28)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1580).

(5)

انظر: اللباب في شرح الكتاب (2/ 98)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 139).

(6)

الاستحسان لغة: مأخوذ من الحسن وهو ضد القبح، واستحسن الشيء أي عده حسنا.

انظر: مختار الصحاح (1/ 73).

اصطلاحا: أن يعدل الإنسان عن أن يحكم في المسألة بمثل ما حكم به في نظائرها إلى خلافه لوجه أقوى يقتضي العدول عن الأول ويلزم عليه أن يكون العدول عن العموم إلى التخصيص وعن المنسوخ إلى الناسخ استحسانا.

انظر: كشف الاسرار شرح اصول البزدوي (4/ 3).

(7)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 139).

(8)

المنازعة: نازعه منازعة جاذبه في الخصومة. وبينهم نزاعة بالفتح أي خصومة في حق. والتنازع التخاصم. والنزاعة والمنزعة: الخصومة. والمنازعة في الخصومة: مجاذبة الحجج فيما يتنازع فيه الخصمان. وقد نازعه منازعة ونزاعا: جاذبه في الخصومة.

انظر: مختار الصحاح (1/ 308)، لسان العرب (8/ 351 - 352).

(9)

أي العمل.

ص: 11

(ولأن التعجيل والتأخير مقصودان)، يعني أن المعقود عليه هو العمل، [ولكنه]

(1)

بصفة التعجيل والتعجيل، والتأخير وصف مقصود فصار باختلاف الفرض كالنوعين من العمل، كما في الخياطة الفارسية، والرومية، كذا في الأيضاح

(2)

، (ولا يمكن حمل اليوم على التأقيت؛ لأن فيه فساد العقد؛ لاجتماع الوقت [والعمل] (

(3)

، وقد مرت

(4)

، فإنا لو نظرنا إلى ذكر اليوم يكون الأجير أجير وحد

(5)

، ولو نظرنا إلى ذكر العمل كان الأجير أجير مشترك، فحكمهما مختلف، فيفسد العقد عند [جميعهما]

(6)

، ومن هذه [الضرورة]

(7)

عدلنا عن العمل بحقيقة اليوم التي هي للتأقيت إلى المجاز الذي هو للتعجيل وهو الزيادة في الأجر على اعتبار الخياطة في اليوم، والنقصان على اعتبار التأخير.

وإذا ثبت هذا ثبت أن العقد المضاف إلى الغد لم يثبت في اليوم، فلم تجتمع في اليوم تسميتان، فلم يكن الأجر مجهولا في اليوم، وأما المضاف إلى اليوم فيبقى إلى الغد؛ لأنه لم

(1)

في (ب) لكن.

(2)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 132)، و البناية شرح الهداية (10/ 325).

(3)

في (ب) للعمل.» كما في مسألة المخاتيم المخاتيم جمع مختوم وهو الصاع سمى به؛ لأنه يختم أعلاه كي لا يزداد أو ينقص، ومن استأجر رجلا ليخبز له هذه العشرة المخاتيم اليوم بدرهم فهو فاسد عند أبي حنيفة، وقالا: هو جائز ذكره في إجارات المبسوط لأنه يجعل المعقود عليه العمل حتى إذا فرغ منه نصف النهار فله الأجر كاملا، وإن لم يفرغ في اليوم فعليه أن يعمله في الغد لأن المعقود عليه هو العمل، وإذا كان المعقود عليه هو العمل وهو معلوم جاز العقد ويجعل ذكر الوقت للاستعجال لا لتعليق العقد به فكأنه استأجره للعمل على أن يفرغ منه في أسرع الأوقات، والحمل على هذا مما لا بد منه دفعا للجهالة لتصحيح العقد، ولأبي حنيفة أن المعقود عليه مجهول لتردده بين أمرين كل منهما صالح لذلك، لأن ذكر الوقت يوجب كون المنفعة معقودا عليها، وذكر العمل يوجب كونه معقودا عليه، وليس أحدهما أولى من الآخر، والجهالة المفضية إلى النزاع تفسد العقد.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 110)، والبناية شرح الهداية (10/ 300).

(4)

وقد مرت في كتاب الإجارات باب الإجارة الفاسدة: ومن استأجر رجلا ليخبز له هذه العشرة المخاتيم من الدقيق اليوم بدرهم.

(5)

الصواب واحدا.

(6)

في (ب) جمعهما.

(7)

في (ب) الصورة.

ص: 12

ينقض بانقضاء اليوم، لما أن اليوم لم يكن للتاقيت فيجتمع في الغد تسميتان بأجر درهم، ونصف درهم، فكان الأجر مجهولا. إلى هذا أشار في الفوائد الظهيرية

(1)

. وذكر في المبسوط

(2)

اجتمع في اليوم الثاني تسميتان درهم، أو نصف درهم، وكان العقد فاسدا، كما لو قال: خطه بدرهم، أو نصف درهم.

بيان ذلك: أن موجب التسمية الأولى عند الخياطة غدا الدرهم لو اقتصر عليه، فهو بالتسمية الثانية يضم الثاني إلى الأول في الغد، مع بقاء الأول، فيجتمع تسميتان بخلاف اليوم الأول، فليس فيه إلا تسمية واحدة، وهي الدرهم؛ لأن تسمية نصف درهم في الغد لا موجب لها في اليوم. حتى لو قال: استأجرتك غدا لتخيطه بنصف درهم فخاطه اليوم فلا أجر له، فلهذا صح الشرط الأول دون الثاني بخلاف الخياطة الرومية، والفارسية؛ لأنه لا يجتمع تسميتان في واحد من العملين، حتى لو قال:(خطه خياطة رومية بدرهم) فخاطه خياطة فارسية كان مخالفا، هذا على الرواية التي [لو قال له خط هذا الثوب اليوم بدرهم فخاطه غدا يجب المسمى، أما على الرواية التي]

(3)

يجب أجر المثل نقول: التسمية الأولى لها موجب في اليوم، فهو أجر المثل، أي على تقدير عدم خياطته في اليوم، فهو بتسميته نصف درهم، قصد [تعيين]

(4)

موجب تلك التسمية مع بقائها، وذلك [فاسد]

(5)

كما في قوله: إن خطته غدا فلا شيء لك بخلاف الخياطة الرومية، والفارسية؛ لأنه ليس لأحد العقدين موجب في العمل الآخر، فكانا عقدين مختلفين كل واحد منهما ببدل مسمى معلوم فيه، فلهذا افترقا

(6)

.

(1)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 186)، و درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 237).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 101).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) تغيير.

(5)

في (ب) فارسية.

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 101 - 102).

ص: 13

(وفي الجامع الصغير

(1)

(2)

، لا يزاد على درهم، ولا ينقص من نصف درهم)، والمخالفة بين الأولى ورواية الجامع الصغير ظاهرة؛ لأن في الأولى لا يزاد أجر المثل على نصف درهم وفي رواية الجامع الصغير لا يزاد أجر المثل على درهم.

وذكر في الإيضاح

(3)

: واختلفت الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله إذا خاطه في اليوم الثاني، وذكر في الأصل

(4)

والجامع الصغير

(5)

أنه يجب أجر المثل (لا يزاد على الدرهم ولا ينقص من نصف درهم)

(6)

، وذكر عن أبي يوسف [و]

(7)

عن أبي حنيفة

(8)

-رحمهما الله- أن له في اليوم الثاني أجر مثله لا يزاد على نصف درهم، [ثم]

(9)

قال: وهذه الرواية هي الصحيحة، فوجهها أن الإجارة الفاسدة

(10)

يجب فيها أجر المثل لا يزاد على المستحق، والمسمى في اليوم الثاني نصف درهم، فأما الدرهم فهو مسمى في اليوم الأول

(1)

الجامع الصغير، في الفروع للإمام، المجتهد: محمد بن الحسن الشيباني، الحنفي. المتوفى: سنة 187، سبع وثمانين ومائة. وهو كتاب، قديم، مبارك. مشتمل على: ألف وخمسمائة واثنتين وثلاثين مسألة، كما قال البزدوي. وذكر الاختلاف: في مائة وسبعين مسألة، ولم يذكر: القياس والاستحسان إلا في مسألتين. والمشايخ يعظمونه حتى قالوا: لا يصلح المرء للفتوى، ولا للقضاء إلا إذا علم مسائله. .

انظر: كشف الظنون عن اسامي الفنون (1/ 563).

(2)

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير، (1/ 443).

(3)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 186)، العناية شرح الهداية (9/ 134).

(4)

الأصل في الفروع للإمام، المجتهد: محمد بن الحسن الشيباني، الحنفي. المتوفى: سنة تسع وثمانين ومائة. و هو المبسوط. سماه به؛ لأنه صنفه أولا، وأملاه على أصحابه، رواه عن الجوزجاني، وغيره.

انظر: كشف الظنون عن اسماء الفنون (1/ 81).

(5)

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (1/ 447).

(6)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 200).

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 186)، البناية شرح الهداية (10/ 324).

(9)

ساقطة من (ب).

(10)

الإجارة الفاسدة، وهي التي فاتها شرط من شروط الصحة فحكمها الأصلي هو ثبوت الملك للمؤاجر في أجر المثل لا في المسمى بمقابلة استيفاء المنافع المملوكة ملكا فاسدا؛ لأن المؤاجر لم يرض باستيفاء المنافع إلا ببدل.

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 218).

ص: 14

[قال إن أسكنت في هذا الدكان عطارا فبدرهم أو حدادا فبدرهمين]

لا يجاوز به نصف درهم عند أبي حنيفة رحمه الله، هو الصحيح

(1)

، وأما عندهما فالصحيح أنه ينقص من نصف درهم، ولا يزاد عليه ذكره في الإيضاح

(2)

.

(إن سكنت في هذا الدكان عطارا

(3)

فبدرهم، وإن سكنت حدادا

(4)

فبدرهمين)، واللفظ سكنت من السكنى لا من الإسكان وانتصاب عطارا وحدادا على الحال لا على المفعول به على ما مر من رواية المغرب

(5)

(6)

، وتصحيح شيخي

(7)

رحمه الله، ولفظ المبسوط، والإيضاح [يدل على صحة هذا، فقال: في الإيضاح فقال:]

(8)

أجرتك هذه الدار شهرا على أنك إن قعدت فيها حدادا فأجرها عشرة، وإن بعت فيها البز

(9)

فأجرها خمسة.

(1)

الصحيح لغة: ضد السقيم والمريض يقال صححت الكتاب والحساب تصحيحا: إذا كان سقيما فأصلحت خطأه.

انظر: لسان العرب المادة صح (2/ 507).

اصطلاحا: الصحيح ما يكون مشروعا بأصله ووصفه.

انظر: شرح التلويح على التوضيح (2/ 246)، أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء (ص: 75).

(2)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 135)، و اللباب في شرح الكتاب (2/ 98).

(3)

أي حال كونك عطارا.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 328).

(4)

أي حال كونه حدادا.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 328).

(5)

المطرزي ناصر الدين أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم عبد السيد بن علي الخوارزمي الاديب الحنفي الشهير بالمطرزي ولد سنة 538 وتوفى سنة 610 عشر وستمائة من تصانيفه الافصاح في شرح المقامات للحريري. الاقناع لما حوى تحت القناع. تلخيص اصلاح المنطق لابن السكيت. المصباح في النحو. المغرب في ترتيب المعرب في اللغة تكلم فيه على الألفاظ التى يستعملها الفقهاء من الغريب.

انظر: هدية العارفين (2/ 48/ 8).

(6)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 389).

(7)

المقصود بشيخه محمد بن محمد بن نصر البخاري.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 213).

(8)

ساقطة من (ب).

(9)

البزاز والبزازة حرفته البز عند أهل الكوفة ثياب الكتان والقطن لا ثياب الصوف والخز.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 42).

ص: 15

وقوله: بعت لا يتصور إلا في الثلاثي المجرد

(1)

. وفي المبسوط

(2)

ولو استأجرت بيتا على أنه إن سكنه بزازا [فأجرها]

(3)

خمسه، وإن سكنه قصارا

(4)

فأجره عشرة جاز، وأي الأجرين فعل استحق المسمى [فيه]

(5)

عند أبي حنيفة رحمه الله، وهذا القول قوله الآخر، وأما قوله [الأول]

(6)

كقولهما، وكذلك إن استأجر بيتا على أنه إن سكن فيه فبدرهم، وإن سكن فيه حداد فبدرهمين، فهو جائز، يعني أطلق السكنى في أحد الطرفين، وقيد الطرف الآخر بإسكان الحداد، ويحتمل الخلاف يعني ذكر هذه في الجامع الصغير

(7)

بالجواز مطلقا من غير ذكر الخلاف فيحتمل أن يكون هذا قول الكل، ويحتمل أن يكون هذا قول أبي حنيفة رحمه الله[خاصة]

(8)

كما في نظائرها من المسائل، هكذا ذكر في الذخيرة

(9)

(10)

.

(1)

الأسماء المتصلة بالأفعال المصدر وهو الاسم الذي يصدر عنه الفعل، وبناؤه (من الثلاثي المجرد) يتفاوت كثيرا إلا أن الغالب في متعدي فعل فعل، وفي لازمه فعول، وفي لازم فعل بالكسر.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 529).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 45).

(3)

في (ب) فأجره.

(4)

يقال قصر الثياب أن يجمعها القصار فيغسلها وحرفته القصارة بالكسر.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 385).

(5)

في (ب) منه.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

انظر: الجامع الصغير (1/ 443).

(8)

ساقطة من (أ).

(9)

الذخيرة للشيخ، الإمام، العلامة، برهان الدين: محمود بن تاج الدين: أحمد بن الصدر، الشهيد، برهان الأئمة: عبد العزيز بن عمر بن مازه البخاري الحنفي. المتوفى: سنة 616. وهو: ابن أخي الصدر، الشهيد: حسام الدين. وسماه: الذخيرة.

وكثيرا ما يغلط فيه الطلبة، فيظنون أن صاحب (المحيط البرهاني الكبير) أيضا، رضي الدين: محمد بن محمد السرخسي، وليس كذلك.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1619).

(10)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 421).

ص: 16

(أما في هذه المسائل فيجب الأجر بالتخلية

(1)

والتسليم فيبقى الجهالة) يعني إذا كان يجب الأجر بالتخلية كان الأجر مجهولا وقت الوجوب؛ لأنه لا يدري أن التخلية وقعت للحداد فيجب عشرة، أو للخياطة فيجب خمسة، وهذا الحرف أي هذا المعنى إشارة إلى قوله:(يجب الأجر بالتخلية والتسليم، فتبقى الجهالة، ولو احتيج إلى الإيجاب بمجرد التسليم) بأن لم يسكن أصلا، ومضت المدة (يجب أقل الأجرين؛ للتيقن به) وقال: بعض مشايخنا

(2)

: متى سلم ولم يوجد السكنى من المستأجر أصلا يجعل التسليم لهما؛ لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر فيجب نصف كل واحد من البدلين وهو سبعة ونصف فيما إذا كان أقل البدلين خمسة، وأكثرها عشرة. كذا في الذخيرة

(3)

والجامع الصغير البرهاني

(4)

(5)

والله أعلم بالصواب.

(1)

التخلية لغة: خلا المكان والشيء يخلو خلوا وخلاء وأخلى إذا لم يكن فيه أحد ولا شيء فيه، وهو خال. انظر: لسان العرب (14/ 237).

اصطلاحا: أن يخلي البائع بين المبيع وبين المشتري برفع الحائل بينهما على وجه يتمكن المشتري من التصرف فيه فيجعل البائع مسلما للمبيع، والمشتري قابضا له، وكذا تسليم الثمن من المشتري إلى البائع.

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 244).

(2)

المشايخ: من لم يدرك إمام المذهب رحمهم الله.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 98).

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 422).

(4)

لم أقف عليه.

(5)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 186).

ص: 17

[باب إجارة العبد]

(1)

[السفر بالعبد المستأجر للخدمة]

لما فرغ من بيان أحكام تتعلق بالحر شرع في بيان أحكام تتعلق بالعبد، إذ العبد منحط الدرجة عن الحر، فانحط ذكره عن ذكر الحر كذلك (لأن خدمة السفر اشتملت على زيادة مشقة فلا ينتظمها الإطلاق (

(2)

لمولاه؛ لأنه صار غاصبا

(3)

له بالإخراج، ولا أجر عليه يعني وإن رده إلى مولاه سالما.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

أي إطلاق العقد.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 331).».

فإن قيل: هو في ملك منافعه ينزل منزله المولى في منافع عبده، وللمولى أن يسافر بعبده، فلماذا لا يكون له أن يسافر بأجيره للخدمة؟.

[قاعدة فقهية: الأجر والضمان لا يجتمعان]

قلنا: إنما يسافر المولى بعبده؛ لأنه يملك رقبته، وهو لا يملك رقبة أجيره، وإنما يملك منافعه بالعقد، والمسمى في العقد استخدامه في الكوفة، فلا يكون له أن يجاوز ذلك، ألا ترى أنه يزوج عبده بملك رقبته، ولا يدل ذلك على أن يزوج أجيره، وإن سافر به فهو ضامن الضمان لغة: ضمن الضمين الكفيل ضمن الشيء وبه ضمنا وضمانا: كفل به. وضمنه إياه: كفله.

انظر: لسان العرب (13/ 257).

شرعا: التزام شخص بأداء ما وجب على غيره من حقوق مالية.

انظر: العناية شرح الهداية (7/ 219).

(3)

الغصب لغة: غصب: الغصب: أخذ الشيء ظلما. غصب الشيء يغصبه غصبا، واغتصبه، فهو غاصب، وغصبه على الشيء: قهره.

انظر: مختار الصحاح (ص: 227)، لسان العرب (1/ 648).

شرعا: هو إزالة يد المالك عن ماله المتقوم على سبيل المجاهرة والمغالبة.

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 143).

ص: 18

لأن الأجر والضمان لا يجتمعان

(1)

؛ لأن المعقود عليه منافع العبد بالكوفة، ولا يتصور وجود ذلك بعد إخراجه من الكوفة، وكذلك لو استأجره بالكوفة، ولم يشترط الخدمة بالكوفة فهو على الخدمة بالكوفة أيضا، وليس له أن يسافر به؛ لأن مطلق العقد ينصرف إلى المتعارف

(2)

؛ ولأن الظاهر من حال صاحب العبد أنه يريد الاستخدام في مكان العقد حتى لا يلزمه مؤنه

(3)

الرد.

(1)

القاعدة: (الأجر والضمان لا يجتمعان).

الأجر: هو بدل المنفعة عن مدة ما، والضمان: هو الغرامة لقيمة العين المنتفع بها أو نقصانها، ولا يجتمع الأجر والضمان في محل واحد من أجل سبب واحد في اتحاد الجهة، لأن الضمان يقتضي التملك، والمالك لا أجر عليه، والأجر يقتضي عدم التملك، وبينهما منافاة.

والأصل في هذا أن كل موضع لا يصير ضامنًا فالأجر واجب، وفي كل موضع يصير ضامنًا، فلا أجر عليه. وهذه القاعدة تشهد لمذهب الحنفية فقط، وعند غيرهم من الأئمة لا اعتبار لهذه القاعدة، ويجتمع الأجر والضمان، كالغاصب الذي انتفع بالمغصوب وهلك، فإنه يضمنه وعليه الأجرة.

انظر: الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية (ص: 51)، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (1/ 547).

(2)

القاعدة: ألفاظ ورود القاعدة:

مطلق الإذن ينصرف إلى المتعارف.

ومطلق اللفظ في الإقرار ينصرف إلى المعتاد.

وفي لفظ: مطلق العقد ينصرف إلى المتعارف -أو يتقدّر بدلالة العرف.

وفي لفظ: مطلق التّسمية محمول على المتعارف بين الناس. أو مطلق اللفظ -في مخاطباتهم.

وفي لفظ: مطلق التّسمية في العقد تنصرف إلى المتعارف.

وفي لفظ: مطلق التّسمية ينصرف إلى ما هو المعروف بالعرف.

هذه القواعد تندرج وتتفرّع على قاعدة (العادة محكَّمة)، فهذه القواعد تبيّن أثر العرف وعادة الناس في معاملاتهم وتصرّفاتهم القوليّة، فالإذن بعمل شيء ما إذا كان مطلقًا عن الشّروط فهو ينصرف ويتقيّد بالمتعارف في مثل ذلك التّصرّف، وكذلك إذا أقرّ إقرارًا مطلقًا بأمر ما فهو ينصرف إلى المتعارف المعتاد في مثله، وإذا أطلق لفظ عقد كبيع أو نكاح أو إجارة أو هبة أو غير ذلك فإنّه ينصرف دائمًا إلى المتعارف المعمول به بين الناس في العادة، وكذلك بالنّسبة للمذكور في اليمين إلا إذا وجد صارف.

انظر: موسوعة القواعد الفقهية (10/ 657).

(3)

مؤنة: اسم لما يتحمله الإنسان من ثقل النفقة التي ينفقها على من يليه من أهله وولده.

انظر: التعريفات (ص: 196).

ص: 19

وربما [يزيد]

(1)

[ذلك]

(2)

على الأجر فيتعين موضع العقد مكان الاستيفاء بدلالة الحال كذا في المبسوط

(3)

والذخيرة.

(4)

[الفرق بين مسألة الإجارة ومسألة الصلح]

فإن قلت: ما الفرق بين مسألة الإجارة وبين مسألة الصلح

(5)

على الخدمة؟ فإن المدعي يملك أن يخرج إلى السفر بالعبد، وصورة الصلح أن من ادعى دارا [و]

(6)

صالحه المدعى عليه على خدمة عبده سنة كان له أن يخرج بالعبد إلى السفر وهو لم يملك رقبة العبد، ومع ذلك جاز له أن يخرج به إلى السفر، والمسألة في الفصل الثامن عشر من إجارات الذخيرة

(7)

.

قلت: قد ذكر هذه المسألة الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي

(8)

رحمه الله في أواسط باب الصلح في العقار من كتاب الصلح، وقال: وله أن يخرج [بالعبد]

(9)

(1)

في (ب) يربوا.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 54).

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 454).

(5)

الصلح لغة: اسم بمعنى المصالحة التي هي المسالمة، وهي خلاف المخاصمة.

انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: 144)، المغرب في ترتيب المعرب (ص: 270).

اصطلاحا: عقد وضع لرفع المنازعة.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 3)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 162).

(6)

في (ب) أو.

(7)

قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني في «شرح كتاب الصلح» : لم يرد بقوله يخرج بالعبد إلى أهله أن يسافر به، وإنما أراد به أن يخرج به إلى أهله في القرى، وأقر البلد قال رحمه الله: وهذا كما قلنا في باب الإجارة من استأجر عبدا للخدمة ليس له أن يسافر به، وله أن يخرج إلى أهله في القرى وما فيه البلدة.

وكان الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله يفرق بين مسألة الصلح وبين مسألة الإجارة وكان يقول في مسألة الصلح: لصاحب الخدمة أن يسافر بالعبد، وليس للمستأجر أن يسافر بالعبد المستأجر للخدمة.

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 454).

(8)

انظر: المبسوط للسرخسي (20/ 153).

(9)

في (ب) العبد.

ص: 20

من المصر

(1)

[إلى أهله]

(2)

، ثم قال: وكان شيخنا

(3)

رحمه الله يقول في الفرق بين هذا وبين مسألة الإجارة تأويل ما قال في كتاب الصلح أن أهل المدعي [إذا كان]

(4)

في بعض القرى القريبة [من]

(5)

المصر، والمدعى عليه يعلم ذلك، أو كان هو على جناح السفر، والمرجوع إلى أهله، وقد أعلم ذلك المدعى عليه فحينئذ يكون هو راضيا [بإخراجه]

(6)

العبد إلى أهله؛ لأن الإنسان إنما يستخدم العبد في أهله.

وتأويل ما قال في كتاب الإجارات أنه إذا لم يكن ذلك معلوما للآجر عند عقد الإجارة فلا يكون هو راضيا بإخراج العبد وتكليفه خدمة السفر؛ لأن الخدمة في السفر أشق منه في الحضر، ثم قال رحمه الله: والذي يتراءى لي من الفرق بين الفصلين [أن في]

(7)

باب الإجارة مؤنة الرد على الآجر بعد انتهاء العقد؛ لأن المنفعة في النقل كانت له من حيث [أنه]

(8)

يقدر حقه في الأجر، [والمستأجر]

(9)

إذا سافر بالعبد فهو يريد أن يلزم المؤاجر ما لم يلتزم به من مؤنة الرد.

(1)

المصر لغة: الحاجز بين الشيئين أو بين الأرضين.

انظر: المعجم الوسيط (2/ 873).

المصر اصطلاحا: ما لا يسع أكبر مساجده أهله.

انظر: التعريفات (ص: 216).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

يقصد السرخسي بقوله «شيخنا» الإمام شمس الأئمة الحلواني.

انظر: المبسوط للسرخسي (1/ 85).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

في (أ) في وفي (ب) من والأولى ما ذكر في (ب).

(6)

في (ب) بإخراج.

(7)

في (ب) في أن.

(8)

في (ب) له.

(9)

في (ب) فالمستأجر.

ص: 21

وأما هاهنا -يعني في الصلح- فمؤنة الرد ليست على المدعى عليه؛ لأنه يزعم أنه [ملك]

(1)

الخدمة بغير شيء، فهو كالموصي له بالخدمة مؤنة الرد عليه دون الوارث، فالمدعي هاهنا بإخراجه إلى أهله يلتزم مؤنة الرد؛ لا [أنه يلزم]

(2)

المدعى عليه شيئا، فلهذا كان له أن يخرجه

(3)

(ولهذا جعل السفر عذرا) يعنى إذا استأجر غلاما ليخدمه في المصر، وأراد المستأجر أن يسافر فهو عذر في فسخ

(4)

الإجارة؛ لأنه [لا]

(5)

يتمكن من المسافرة بالعبد لما ذكرنا

(6)

، ولو منع من السفر يتضرر المستأجر؛ فلهذا جعل عذرا

(7)

له كذا في الجامع الصغير لقاضي خان

(8)

(9)

.

(1)

في (ب) يملك.

(2)

في (ب) أن يلتزم.

(3)

انظر المبسوط للسرخسي (20/ 154).

(4)

الفسخ لغة: يطلق على عدة معاني منها النقض الرفع والقطع والإزاله يقال فسخ العقد نقضه ورفعه.

انظر: لسان العرب (3/ 44)، مختار الصحاح (ص: 239).

شرعا: لا يخرج الاستعمال الفقهي لكلمة الفسخ عن مدلولها اللغوي عند الفقهاء وعلى هذا فقد عرفه ابن نجم بأنه حل ارتباط العقد وعرفه الكاساني بقوله: فسخ العقد رفعه من الأصل وجعله كأن لم يكن.

انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم (1/ 292)، بدائع الصنائع (2/ 295).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

أي أن الخدمة في السفر أشق منه في الحضر.

(7)

أي السفر عذرا له.

(8)

الحسن بن منصور بن أبي القاسم محمود بن عبد العزيز الأوزجندي المعروف بقاضي خان تفقه على الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن إسمعيل والإمام ظهير الدين أبي الحسن علي بن عبد العزيز المرغيناني ونظام الدين أبي إسحاق إبراهيم بن علي المرغيناني تفقه عليه شمس الأئمة محمد بن عبد الستار الكردري توفي ليلة الإثنين خامس عشر رمضان سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة وله الفتاوي أربعة أسفار كبار وشرح الجامع الصغير في مجلدين كبيرين. مخطوط لم أحصل عليه.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 205)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 962).

(9)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 139)، البناية شرح الهداية (10/ 331).

ص: 22

[استأجر عبدا محجورا عليه شهرا وأعطاه الأجر]

(كما في الركوب)[يعني]

(1)

إذا استأجر دابة ليركب بنفسه ليس له أن يركب غيره للتفاوت بين ركوب الراكبين، فكذلك هاهنا لما تعينت الخدمة في الحضر ليس [له]

(2)

أن يستخدم في السفر (للتفاوت بين الخدمتين)، وكذلك لو أطلق في الركوب ثم ركب بنفسه، أو أركب غيره [يتعين هو]

(3)

فبعد ذلك ليس له أن يغير من ركبه أولا؛ لأنه يعني هو للركوب. (ومن استأجر عبدا محجورا

(4)

عليه شهرا إلى آخره) والجواب في الصبي المحجور كذلك، فإن الصبي المحجور إذا أجر نفسه، وسلم من العمل، كان له الأجر؛ لأنه غير محجور عما ينفعه، ولهذا يملك قبول الهبة

(5)

، وجواز الإجارة بعد الفراغ محض منفعة، ثم قيل الأجر الذي يجب في هاتين الصورتين أجر المثل، فإن أعتق المولى في نصف المدة نفذت الإجارة، ولا خيار للعبد، وأجر ما مضى للمولى، وأجر ما يستقبل العبد، وإن أجره المولى، ثم أعتقه في نصف المدة، فللعبد الخيار، فإن فسخ الإجارة فأجر ما مضى للمولى، وإن أجاز فأجر ما يستقبل للعبد،

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

الحجر لغة: المنع ومنه حجر عليه القاضي في ماله إذا منعه من أن يفسده فهو محجور عليه.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 103)، ولسان العرب (4/ 167).

الحجر شرعا: منع مخصوص وهو المنع من التصرف قولا لشخص مخصوص، وهو المستحق للحجر بأي سبب كان.

الأسباب الموجبة للحجر ثلاثة: الصغر والرق والجنون.

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 75).

(5)

الهبة لغة: هي التبرع بما ينفع الموهوب له يقال وهب له مالا وهبا وهبة وموهبة، وقد يقال وهبه مالا ولا يقال وهب منه.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 497).

شرعا: تمليك العين مع المنفعة بلا عوض.

انظر: اللباب في شرح الكتاب (2/ 171)، البناية شرح الهداية (10/ 159).

ص: 23

والقبض للمولى؛ لأنه هو العاقد، كذا ذكره الإمام قاضي خان

(1)

، والإمام التمرتاشي

(2)

.

(والقياس أن لا يجوز) يعني وإن سلم العبد عن العمل، وفرغ عنه لا يجب الأجر على المستأجر قياسا؛ لأن المستأجر فصار غاصبا [للعبد]

(3)

بالاستعمال، والأجر لا يجب على الغاصب (كما إذا هلك العبد) يعني إذا هلك العبد وقت استعمال المستأجر إياه بغير إذن المولى تجب القيمة دون الأجر بالاتفاق

(4)

؛ لأنه لما كان استعماله بغير إذن المولى صار المستأجر غاصبا للعبد، والأجر مع الضمان لا يجتمعان.

فإن قيل: يشكل هذا بما لو دفع الأرض إلى عبد محجور عليه مزارعة

(5)

ليزرعها العبد ببذره، وهلك العبد في عمل المزارعة، [فأنه]

(6)

لا يضمن.

قلنا: إن البذر لما كان من العبد يصير العبد مستأجرا للأرض، ولا يصير صاحب الأرض غاصبا للعبد؛ لأن من كان البذر من قبله يكون مستأجرا حتى لو كان البذر من قبل صاحب الأرض، وهلك العبد في عمل [المزراعة]

(7)

يضمن صاحب الأرض، والجواب في

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (27/ 20)، البناية شرح الهداية (10/ 332)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 199).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (27/ 20)، البناية شرح الهداية (10/ 332)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 199).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

أي اتفاق أبو حنيفة وصاحبيه.

انظر: البناية شرح الهداية (5/ 176).

(5)

المزارعة لغة: مفاعلة من الزرع.

انظر: لسان العرب (8/ 141).

شرعا: هي عقد على الزرع ببعض الخارج.

انظر: الهداية (4/ 337).

(6)

في (أ) وأنه وفي (ب) فأنه.

(7)

في (أ) الزراعة وفي (ب) المزارعة، وما ذكر في (ب) أولى.

ص: 24

الصبي المحجور كذلك، والمعنى فيه أبين، إذ لا ضمان فيه كذا في الفوائد الظهيرية

(1)

، ولكن ذكر في الذخيرة

(2)

إذا هلك المحجور من العمل في هذه الصورة، إن كان المحجور صبيا، فعلى عاقلة

(3)

المستأجر ديته، وعليه الأجر فيما عمل قبل الهلاك، وإن كان المحجور عبدا فعلى المستأجر قيمته، ولا أجر عليه فيما عمل له العبد؛ لما ذكرنا

(4)

.

[من غصب عبد وآجر العبد نفسه]

(ومن غصب عبدا، وأجر العبد نفسه) قيد بإجارة العبد نفسه؛ لأنه لو أجر الغاصب بالعبد كان [له الأجر لا للمالك]

(5)

، ولا ضمان عليه بالاتفاق

(6)

، (وقالا

(7)

: هو ضامن) (لأنه أكل مال المالك بغير إذنه) فيكون ضامنا [كالزيادة]

(8)

المتولدة من العين المغصوبة إذا أتلفها الغاصب.

وقوله: (على ما مر) إشارة إلى قوله: (وجه الاستحسان أن التصرف نافع إلى آخره

(9)

[وهذا]

(10)

غير محرز) [أي غير محرز]

(11)

للمولى؛ لأن الإحراز إنما يكون بيد

(1)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 343) البناية شرح الهداية (10/ 251).

(2)

الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)(6/ 73).

(3)

العاقلة لغة: هي الجماعة التي تغرم الدية وهم عشيرة الرجل أو أهل ديوانه أي الذين يرتزقون من ديوان على حدة.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 324).

اصطلاحا: أهل ديوان لمن هو منهم وقبيله، يحميه ممن ليس منهم.

انظر: التعريفات (ص: 146).

(4)

لو دفع الأرض إلى عبد محجور عليه مزارعة ليزرعها العبد ببذره وهلك العبد في عمل المزارعة فإن لا يضمن.

(5)

في (ب) الأجر له المالك.

(6)

اتفاق أبو حنيفة وصاحبيه.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 332).

(7)

المقصود بقالا أي (أبو يوسف ومحمد الشيباني).

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 445).

(8)

في (ب) للزيادة.

(9)

وجه الاستحسان أن التصرف نافع على اعتبار الفراغ سالما ضار على اعتبار هلاك العبد، والنافع مأذون فيه كقبول الهبة، وإذا جاز ذلك لم يكن للمستأجر أن يأخذ منه.

انظر: الهداية (3/ 245).

(10)

ساقطة من (أ).

(11)

ساقطة من (أ).

ص: 25

المالك، أو بيد نائب المالك، ويد الغاصب ليست بيد للمالك، ولا يد نائبه، وكذلك يد العبد ليست يد المالك، ولا يد نائبه؛ لأنه في يد الغاصب حتى أنه مضمون على الغاصب، ولما لم يكن [محزرا]

(1)

للمالك لم يكن معصوما له، وليس بمعصوم لإنسان لا يكون مضمونا له كالمسروق في يد السارق بعد القطع، ولأن الأجرة بدل المنفعة، وحكم البدل حكم الأصل

(2)

ولو أتلف الغاصب المنفعة لا يضمن، وإن كان المغصوب منه أحق منها فكذا إذا أتلف بدلها، ولأن الغاصب لو أجرها كان الأجر له ولا ضمان عليه إذا تناوله، فإذا أجر العبد نفسه ففعله من وجه كفعل الغاصب؛ لأنه في ضمانه ومن وجه فعله كفعل المالك؛ لأن المولى هو المالك لرقبته، وما تردد بين أصلين يوفر [عليه]

(3)

حظهما، فرجحنا جانب المالك عند بقاء الأجر في يده. [و]

(4)

قلنا: المالك أحق [به]

(5)

، ورجحنا جانب الغاصب في حق الضمان.

(1)

في (ب) محجورا.

(2)

القاعدة: [البدل - العوض]

أولًا: ألفاظ ورود القاعدة: حكم البدل حكم المبدل. وفي لفظ: حكم العوض حكم المعوض. وفي لفظ: حكم البدل حكم الأصل. وفي لفظ: حكم البدل إنما يعتبر عند العجز عن الأصل. وفي لفظ: لا عبرة للبدل مع القدرة على الأصل.

معنى هاتين القاعدتين ومدلولهما:

الثلاث القواعد الأُولى مفادها: أن البدل أو العوض يأخذ حكم مبدله والمعوض عنه وهو المعبر عنه بالأَصل. فإن كان الأَصل واجبًا كان البدل واجبًا. وإن كان المعوض عنه أو المبدل منه مندوبًا كان عوضه وبدله مندوبًا وهكذا. والقاعدتان الأُخريان تفيدان حكمًا آخر وقيدًا في اعتبار البدل وإعطائه حكم أصله، وهو أن البدل لا يعتبر إلا عند العجز عن أصله وأما مع القدرة على الأَصل فلا اعتبار للبدل؛ لأنه إنما يسمي بدلًا إذا لم يمكن الإِتيان بالمبدل منه وهو أصله، حتى لا يكون جمعًا بين البدل وأصله.

انظر: موسوعة القواعد الفقهية (3/ 164).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

ساقطة من (أ).

ص: 26

وقلنا: لا ضمان فيه على الغاصب إذا أكله؛ لأن الأصل في ضمانه كالبيع إذا اكتسب في يد البائع إن استهلكه البائع لا يضمن شيئا عند أبي حنيفة رحمه الله، وإن كان قائما رده على المشتري كذا هاهنا كذا ذكره الإمام المحبوبي

(1)

وغيره

(2)

.

[حكم قبض العبد للأجرة]

(ويجوز قبض العبد الأجر في قولهم جميعا (

(3)

خروج العهدة بأدائه إليه، وهذا الجواب فيما إذا أجر العبد نفسه؛ لأنه لما كان مؤجرا نفسه [فللمؤاجر]

(4)

قبض الأجرة؛ لأنه عاقد.

وأما إذا أجره المولى فليس للعبد أن يقبض الأجرة إلا بوكالة من المولى؛ لأن القبض من حقوق العقد، فيثبت للعاقد كذا في الإيضاح

(5)

.

وقوله (على ما مر) إشارة إلى قوله: (والنافع مأذون به كقبول الهبة؛ لأن الشهر المذكور أو لا ينصرف إلى ما يلي العقد)؛ لأنه لو أفرده بالذكر كان العقد واقعا على الشهر الذي يعقب العقد لما عرف أن الأوقات في حق الإجارات بمنزلة الأوقات في حق اليمين.

(1)

المحبوبي -عبيد الله بن ابراهيم بن أحمد بن عبد الملك ابن عمر بن عبد العزيز العبادي بضم العين المخففة نسبة إلى عبادة ابن الصامت جمال الدين المحبوبي البخاري الفقيه الحنفي ولد سنة 546 وتوفى سنة 630 ثلاثين وستمائة من تصانيفه شرح الجامع الصغير للشيباني في الفروع.

انظر: هدية العارفين (1/ 649).

(2)

انظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 141).

(3)

المقصود بجميعا (أي أبي حنيفة وأبو يوسف ومحمد الشيباني).

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 445).» وفائدته تظهر في حق خروج المستأجر عن عهدة الأجرة، فإنه يحصل [له] ساقطة من (أ).

(4)

في (أ) للمؤاجر وفي (ب) فللمؤجر ما ذكر في (ب) أولى.

(5)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 199)، العناية شرح الهداية (9/ 140)، البناية شرح الهداية (10/ 333).

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 142).

ص: 27

إذا حلف لا يكلم فلانا شهرا، ثم لما تعين الشهر الأول لما يلي العقد، والشهر الثاني معطوف عليه، والمعطوف غير المعطوف عليه عرفنا أن مراده وشهرا بعد هذا الشهر بخمسة، فيتناول الشهر الثاني لا محالة.

وكذلك لو استأجر ثلاثة أشهر شهرين بدرهمين، وشهرا بخمسة، فالأوّلان [بدرهمين]

(1)

فالقول قول المستأجر، أي لا تجب الأجرة، وإن جاء به أي بالعبد وهو صحيح، فالقول قول المؤاجر، أي يجب الأجر (لأنهما اختلفا في أمر محتمل فترجح بحكم الحال)، وهذا المعنى وهو أن الحال معلوم متفق عليه، فعند الاشتباه يرد المختلف فيه إلى المتفق عليه.

فإن قلت: الحال يصلح للدفع لا للاستحقاق، ثم لو جاء المستأجر بالعبد وهو صحيح، فالقول قول [المؤجر]

(2)

حتى يستحق المؤجر مطالبة المستأجر بالأجرة، فالحال حينئذ كانت موجبة للاستحقاق فليست لها هذه الصفة فما وجهه؟

قلت: لم يثبت [للمؤجر]

(3)

استحقاق [الأجرة لمجرد]

(4)

الحال هاهنا، بل سبب وجوب استحقاق الأجر هنا العقد، وتسليم العبد إليه في المدة، ولكن المستأجر يدعي ما ينافي الوجوب معترضا بعد ظهور السبب الموجب للاستحقاق، والظاهر يكفي شاهد للمؤجر في إنكاره.

وإن اختلفا في قدر الانقطاع فقال المستأجر: عشرة أيام، وقال المؤجر: خمسة، فالقول [للمستأجر]

(5)

، والبينة

(6)

للمؤجر، أصله الاختلاف في جريان ماء الطاحونة،

(1)

في (أ) للدرهمين وفي (ب) بدرهمين ما ذكر في (ب) أولى.

(2)

في (ب) الآجر.

(3)

في (ب) للمؤاجر.

(4)

في (ب) الأجر بمجرد.

(5)

في (ب) قول المستأجر.

(6)

البينة شاهدان أو يمينه.

انظر: البناية شرح الهداية (1/ 460).

ص: 28

وانقطاعه، فإن مستأجر الرحى

(1)

إذا اختلف مع صاحب الرحى في جريان [الماء]

(2)

في المدة، فإن القول قول من يشهد له الحال، وكذا لو أعتق جارية ولها ولد، فقال المولى: أعتقتك بعدما ولدت، والولد ملكي وقالت الجارية: لا بل أعتقني قبل الولادة، وقد عتق ولدي بإعتاقي، فالقول قول من كان الولد في يده، واعتبار اليد ليس إلا بحكم الحال، وكذا لو باع شجرا فيه ثمار، ثم قال البائع: بعت الأشجار دون الثمار، والمشتري يقول: اشتريت الأشجار مع الثمار، قالوا: ننظر إن كانت الثمار في يد البائع، فالقول قوله، وإن كانت في يد المشتري، فالقول [للمشتري]

(3)

هذا كله مما ذكره الإمام التمرتاشي

(4)

، والمحبوبي

(5)

-رحمهما الله-.

(1)

الرحى الحجر العظيم، والرحى: معروفة التي يطحن بها، والجمع أرح وأرحاء ورحى ورحي وأرحية.

انظر: لسان العرب (14/ 312).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (ب) قول المشتري.

(4)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 335)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 142).

(5)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 335)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 142).

ص: 29

[باب الاختلاف]

(1)

(2)

[اختلاف المتعاقدين في الإجارة]

لما ذكر أحكام اتفاق المتعاقدين وهو الأصل، ذكر في هذا الباب أحكام اختلافهما وهو الفرع؛ لأن الاختلاف إنما يكون بأمر عارض (فالقول لصاحب الثوب)؛ أي مع يمينه وقال ابن أبي ليلى رحمه الله

(3)

(4)

: القول قول الصباغ؛ لأنهما اتفقا على الإذن في الصبغ، ثم رب الثوب يدعي عليه خلافا ليضمنه، أو ليثبت الخيار لنفسه، وهو منكر لذلك، فالقول قول المنكر، ولكنا نقول الإذن يستفاد من جهة رب الثوب (ومعناه ما مر من قبل)؛ أي قبل باب الإجارة الفاسدة في مسألة:(ومن دفع إلى خياط ثوبا؛ ليخيطه قميصا بدرهم، فخاطه قباء).

فإن قلت

(5)

: كيف يتوازنان، فهناك كان المؤجر والمستأجر متفقين على قول صاحب الثوب بأنه أمر للخياط بخياطة القميص، ثم خالفه المؤجر فخاطه قباء، وهاهنا اختلفا في أصل المعقود عليه [بأن]

(6)

كان أمره بخياطة قباء، أو بخياطة [قميص]

(7)

، فعند اختلاف صورة المسألة كيف اتحد الجواب؟

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

الاختلاف هو: تخالف الأمران واختلفا: لم يتفقا. وكل ما لم يتساو، فقد تخالف واختلف.

انظر: لسان العرب (9/ 91).

(3)

هو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، أبو عبد الرحمن الكوفي رحمه الله ولد سنة أربع وسبعين للهجرة وأخذ عنه سفيان الثوري، وقال الثوري: فقهاؤنا ابن أبي ليلى وابن شبرمة وكانت بينه وبين أبي حنيفة رضي الله عنه وحشة يسيرة الفقيه قاضي الكوفة فيه مقال، مات سنة ثمان وأربعين ومائة.

انظر: وفيات الأعيان (4/ 179).

(4)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 143)، انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (2/ 398): انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 637).

(5)

هذا اعتراض من السغناقي.

(6)

في (ب) بأنه.

(7)

هكذا في المخطوط (أ) و (ب) والصواب قميصا.

ص: 30

قلت

(1)

: اختلفت صورتا المسألتين ابتداء، ولكن اتحدتا انتهاء؛ لأنه ذكر هذا الحكم هنا بعد حلف صاحب الثوب، ولما [حلف]

(2)

كان القول قوله، وكانت هذه المسألة حينئذ نظيرة تلك المسألة، فكان حكم هذه المسألة كحكم تلك المسألة؛ لذلك إن شاء ضمن قيمة الثوب أبيض، وإن شاء أخذ الثوب، وأعطاه الأجر، ووجهه أن الصباغ في أصل الصبغ موافق لصاحب الثوب، وفي الصفة مخالف، لا يجاوز به المسمى؛ لأنه رضي بالمسمى في بعض النسخ، أي نسخ القدوري

(3)

(4)

، يضمنه من الضمان، أي يضمن صاحب الثوب قيمة زيادة الصبغ للصباغ، فالأولى أعني قوله: لا يجاوز به المسمى ظاهر الرواية، والثانية أعني قوله يضمن ما زاد الصبغ فيه رواية ابن سماعة

(5)

محمد

(6)

-رحمهما الله- ووجهه ظاهر الرواية أن الصبغ آلة

(7)

للعمل المستحق على الصباغ بمنزلة الحوض والصابون في عمل الغسال، فلا يصير صاحب الثوب مشتريا للصبغ حتى تعتبر القيمة عند فساد السبب.

(1)

هذا جواب من السغناقي (يعترض ويجيب).

(2)

في (ب) حلفه.

(3)

مختصر القدوري في فروع الحنفية. للإمام أبي الحسين: أحمد بن محمد القدوري، البغدادي، الحنفي. المتوفى: سنة 428، ثمان وعشرين وأربعمائة.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1631).

(4)

انظر: مختصر القدوري (ص: 102).

(5)

محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي أبو عبد الله أحد الثقات الإثبات حدث عن الليث بن سعد وأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن وكتب النوادر عن أبي يوسف ومحمد وروى الكتب والأمالي توفى ابن سماعة في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وله مائة سنة وثلاث سنين كان مولده سنة ثلاثين ومائة.

انظر: الجواهر المضية (1/ 404)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1240 - 241).

(6)

البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (8/ 39).

(7)

وتنسب كل آلة إلى القوة التي تحركها فيقال الآلة البخارية والآلة الكهربائية وآلة التنبيه بوق في السيارة ينبه السائر أو الغافل.

انظر: المعجم الوسيط (1/ 33).

ص: 31

ووجهه رواية محمد أن الصبغ في الثوب بمنزلة عين مال قائم حكما حتى [يصبغ]

(1)

ثوب إنسان بصبغ الغير. واتفقا على بيعه، فإن صاحب الثوب يصرف في الثمن بقيمة ثوب أبيض، وصاحب الصبغ بقيمة الصبغ، و لم يكن الصبغ المتصل بالثوب في حكم عين مالٍ قابلٍ للبيع لما كان له من الثمن حصته، ولكن الأصح ما ذكره في ظاهر الرواية حريف

(2)

الرجل معامله، وقيل: حريف الرجل من بينه وبين معامله أخذا وعطاء كالخياط، يخيط [لك]

(3)

الثوب بأجره، ففعل ذلك مرارا، فقال في الذخيرة

(4)

. والتتمة

(5)

(6)

دفع إلى قصار ثوبا؛ ليقصره، ولم يذكر أجرا لم يذكر جوانبها في إجارات الأصل، وفي غير رواية الأصول فيها ثلاثة أقوال: على قول أبي حنيفة رحمه الله هو متبرع

(7)

وعلى قول أبي يوسف رحمه الله كذلك، إلا أن يكون خليطه، وتفسيره المسألة على قول أبي يوسف إذا كان الرجل يعامل قصارا، كأن يدفع إليه الثوب بأجر، ويقاطعه، فدفع إليه ثوبا في هذه النوبة، ولم يقاطعه، فقصره، فله أجر [مثل]

(8)

عمله، وجعل الدفع المطلق بناء على المعاملة السابقة ما لم يثبت الرجوع عنها

(9)

وعلى قول

(1)

في (ب) لو انصبغ.

(2)

الحرفة: بالكسر اسم من الاحتراف الاكتساب وحريف الرجل معامله ومنه رجل له حريف من الصيارفة.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 112).

(3)

في (ب) له.

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 639).

(5)

تتمة التتمة: للشيخ، منتخب الدين، أبي الفتوح: أسعد بن محمد العجلي، الأصفهاني، الشافعي.

المتوفى: سنة ستمائة. وعليها: الاعتماد في الفتوى بأصفهان قديما.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 1).

(6)

انظر: منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه (ص: 162)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (3/ 478).

(7)

وهذا هو القول الأول.

(8)

ساقطة من (ب).

(9)

وهذا هو القول الثاني.

ص: 32

محمد

(1)

رحمه الله إن اتخذ دكانا، وانتصب لعمل القصارة بالأجر يجب الأجر وإلا فلا

(2)

. قال شيخ الإسلام رحمه الله

(3)

(4)

-: وعليه الفتوى، وفي الكافي

(5)

(6)

القول قول المنكر للإجارة؛ لأن المنافع لا تقوم إلا بالعقد بخلاف ما لو دفع إلى آخر عينا ثم اختلفا

(7)

، فقال الدافع: قرض، وقال الآخر: هبة، يعني كان القول قول من يدعي القرض؛ لأن العين متقوم بنفسه فالآخذ يدعي الإبراء عن قيمته، والجواب عن استحسانهما أن الظاهر للدفع، والحاجة إلى الاستحقاق، ونظير هذا دار في يد رجل يزعم أنه ملكه، فالقول قوله، وإن كان غيره يدعيها، ولا ينتزع من يده بغير حجة. فلو بيعت دار بجنبها، وأراد أن يأخذها بالشفعة

(8)

، فقال المشتري: إن تلك الدار ليست لك بملك، وإنما نسكنها بإجارة أو إعارة فلا شفعة لك، فقال ذو اليد الدار ملكي،

(1)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 339).

(2)

وهذا هو القول الثالث.

(3)

شيخ الإسلام علي بن محمد بن إسماعيل بن علي بن أحمد بن محمد بن إسحاق الاسبيجابي، شيخ الإسلام، السمرقندي. ولد يوم الإثنين 454. تفقه عليه صاحب "الهداية". ولم يكن بما وراء النهر في زمانه من يحفظ المذهب ويعرفه مثله. وظهر له الأصحاب، وعمر في نشر العلم، وسماع الحديث. توفي بسمرقند يوم الإثنين 535. وله "شرح مختصر الطحاوي".

انظر: تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: 213)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1627).

(4)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 339).

(5)

الكافي في: فروع الحنفية للحاكم، الشهيد: محمد بن محمد الحنفي. المتوفى: سنة 334، أربع وثلاثين وثلاثمائة.

جمع فيه: كتب محمد بن الحسن (المبسوط)، وما في جوامعه. وهو: كتاب معتمد في نقل المذهب.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1378).

(6)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 339).

(7)

أي اختلف العاقدان.

(8)

الشفعة لغة: الزيادة. والشفعة والشفعة في الدار والأرض: القضاء بها لصاحبها.

انظر: لسان العرب (8/ 184).

شرعا: تملك المنفعة بما قام على المشتري بالشركة، أو الجوار وسميت الشفعة في الشرع لما فيها من ضم المشتراة إلى عقار الشفيع وقيل الشفعة تملك العقار جبرا على المشتري بما قام عليه.

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 274)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 106).

ص: 33

ولا حق لأحد فيها، ولي الشفعة، فإنه لا يملك الأخذ بالشفعة حتى يثبت ملكه في هذه الدار بالبينة؛ لأن الملك إذا كان ثابتا له بظاهر اليد، ولكن الظاهر حجة لدفع الاستحقاق لا للاستحقاق، وحاجته إلى الاستحقاق لما في يد المشتري بالشفعة، فلا يملك من طريق الظاهر بدون الحجة كذا هنا كذا في أدب القاضي للصدر الشهيد

(1)

(2)

رحمه الله والله أعلم.

(1)

الإمام، برهان الأئمة: عمر بن عبد العزيز بن مازه، المعروف: بالحسام، الشهيد. المتوفى: قتيلا، سنة ست وثلاثين وخمسمائة. وقد شرح أدب القاضي، على مذهب أبي حنيفة.

انظر: هدية العارفين (1/ 783).

(2)

انظر: شرح أدب القاضي للخصاف الصدر الشهيد (4/ 51).

ص: 34

[باب فسخ الإجارة]

(1)

فتأخير هذا الباب ظاهر المناسبة؛ لأن فسخ العقد يعقب العقد لا محالة (فوجد بها عيبا يضر بالسكنى (

(2)

كان في الدار حائط للحمال، لكن لا ينتفع به في سكناها، وسقط ذلك الحائط ليس له ولاية الفسخ؛ لأن المعقود عليه المنفعة، فإذا لم يتمكن الخلل فيها لم يثبت الخيار، وكذلك لو كان المستأجر عبدا للخدمة فسقط شعره، أو ذهبت إحدى عينيه، وذلك لا يضره بالخدمة، لم يثبت له الخيار كذا في الإيضاح

(3)

.

(وأنها توجد شيئا فشيئا، وكان هذا عيبا حادثا قبل القبض، فيوجب الخيار كما في البيع) وبهذا يدفع شبهة ترد على الإجارة من جانب البيع، وهي أن يقال إن عقد الإجارة عقد لازم كالبيع، ثم إن العيب إذا حدث في البيع بعدما قبضه المشتري ليس للمشتري أن يرده، فكان ينبغي أن لا يرد بسبب العيب

(4)

الحادث بعد القبض في الإجارة

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

تكملة المسئلة (فله الفسخ).

انظر: الهداية (3/ 246).» وإنما قيد بالإضرار؛ لأنه إذا كان عيبا، ولكن لا يضر بالسكنى نحو ما [إذا] ساقطة من (أ).

(3)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 196)، البناية شرح الهداية (10/ 341).

(4)

العيب لغة: الوصمة والنقيصة، والجمع أعياب وعيوب، ورجل عياب وعيابة وعيب: كثير العيب، يقال: عيب الشيء فعاب: إذا صار ذا عيب فهو معيب، أو هو: ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة.

انظر: لسان العرب (1/ 633)، مختار الصحاح (1/ 222).

واصطلاحا: يختلف تعريف العيب اختلاف أقسامه، قال النووي: حدودها مختلفة، فالعيب المؤثر في البيع الذي يثبت بسببه الخيار: هو ما نقصت به الملكية أو الرغبة أو الغبن، والعيب في الكفارة: ما أضر بالعمل ضررا بينا، والعيب في الأضحية: هو ما نقص به اللحم، والعيب في النكاح: ما ينفر عن الوطء ويكسر ثورة التواق، والعيب في الإجارة: ما يؤثر في المنفعة تأثيرا يظهر به تفاوت الأجرة.

انظر: تهذيب الأسماء واللغات (4/ 53).

ص: 35

أيضا، والحكم أن للمستأجر أن يفسخ الإجارة بسبب [العيب]

(1)

الحادث [في الإجارة]

(2)

، فأجاب عنه بهذا، وتفسير الجواب هو أنهما مختلفان صورة، ولكن يتفقان معنى، وهو أن العيب [في الإجارة]

(3)

وإن كان بعد القبض صورة، فهو قبل القبض معنى، لا لما أن المنافع فيها -وهي المعقود عليها- توجد شيئا فشيئا [فكان]

(4)

العيب الحادث فيها -وإن كان بعد قبض الدار- فهو قبل قبض المعقود عليه الذي لم يوجد بعد ذلك، وكان هذا عيبا حادثا بعد العقد قبل القبض، وأنه يوجب الخيار في البيع، فكذلك في الإجارة.

[الأسباب المبيحة لفسخ الإجارة]

وذكر هذا المعنى في شرح الطحاوي

(5)

(6)

على وجه الفرق، [فقال]

(7)

: ولو حدث به عيب بعدما عقد عقد الإجارة فإنه يرده به أيضا بخلاف البيع، فإن في البيع إذا حدث به عيب بعد القبض فليس له أن يرده به، والفرق بينهما [أن]

(8)

عقد الإجارة عقد يرد على المنفعة، فإذا حدث العيب قبل استيفاء المنفعة فكأنه حدث بعد العقد قبل القبض، وفي البيع إذا حدث بعد العقد قبل القبض فإنه يرده به، فكذلك هاهنا (ومن أصحابنا من قال إن العقد لا ينفسخ لأن المنافع فاتت على وجه [لا]

(9)

يتصور عودها). وذكر

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) الحادث.

(4)

في (أ) وكان وفي (ب) فكان والأولى ما ذكر في (ب).

(5)

شيخ الإسلام، بهاء الدين (علاء الدين): علي بن محمد السمرقندي، الأسبيجابي. المتوفى: سنة 535، خمس وثلاثين وخمسمائة. قال الأسبيجابي في آخر شرحه: وكان الإمام، أبو الحسن: علي بن أبي بكر ينشر هذه المسائل، إلا أنه لم يجعلها في تصنيف، ولم يجمعها في مؤلف. وهذا الكتاب شرح لمختصر الطحاوي.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1627)

(6)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 196) العناية شرح الهداية (9/ 144).

(7)

في (ب) وقال.

(8)

ساقطة من (ب).

(9)

ساقطة من (ب).

ص: 36

في الذخيرة

(1)

وإن انقطع الماء عن الرحى في بعض المدة نحو أن [استأجره رحي ماء]

(2)

كل شهر بأجر [معلوم]

(3)

، فانقطع الماء عنها في بعض الشهر، فلم يعمل فللمستأجر الخيار، هكذا ذكر في الأصل

(4)

وهذا نص أن الإجارة لا تنفسخ بانقطاع الماء عن الرحى؛ لأن المعقود عليه وهو منفعة الطحن، وإن فاتت قبل القبض، إلا أن العود

(5)

موهوم، ومثله لا يوجب انفساخ العقد، بل يثبت الخيار للعاقد، كالعبد المستأجر إذا أبق

(6)

في مدة الخيار، فإن لم يفسخ حتى عاد الماء لزمه الإجارة فيما بقي من الشهر؛ لزوال الموجب للفسخ، ويدفع عنه الأجر بحساب ذلك، أي حساب ما انقطع من الماء في الشهر حتى إذا انقطع الماء عشرة أيام يسقط الأجر بحصته عشرة أيام من الشهر وذلك ثلث المسمى وقال في الأصل: الماء إذا انقطع [الشهر]

(7)

كله، ولم يفسخها المستأجر حتى مضى الشهر، فلا أجر عليه في ذلك، وإذا نقص الماء من الرحى فللمستأجر حق الفسخ، وإن كان غير فاحش فليس له حق الفسخ؛ لأن مدة الإجارة لا تخلوا عن نقصان غير فاحش غالبا، ويخلو عن نقصان فاحش غالبا.

قال القدوري في شرحه

(8)

: إذا صار يطحن أقل من نصف طحنه فهو نقصان فاحش (وعن محمد رحمه الله

(9)

- أن الآجر لو بناها ليس للمستأجر أن يمتنع) أي

(1)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 505).

(2)

في (ب) رجلا ما.

(3)

في (ب) مسمى.

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 505).

(5)

ساقطة من (أ) هو وما في (أ) هو الصحيح.

(6)

أبق: الإباق: هرب العبيد وذهابهم من غير خوف ولا كد عمل أبق العبد: هرب من بابي ضرب وطلب إباقا فهو آبق وهم أباق. وفي غاية البيان قال في المبسوط: الإباق: تمرد في الانطلاق وهو من سوء الأخلاق.

انظر: انيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء (1/ 68)، لسان العرب (10/ 3).

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 505).

(9)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 144)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 196).

ص: 37

[انهدام الدار المستأجرة]

فيما إذا خربت الدار لو بناها الآجر ليس للمستأجر أن يمتنع عن استدامة [عقد]

(1)

الإجارة وذكر في الذخيرة

(2)

. هذا فصل اختلف أصحابنا فيه بعضهم، قالوا: ينفسخ العقد بانهدام

(3)

الدار، وانقطاع الماء عن الرحى، وانقطاع الشرب عن الأرض إذا لم يمكنه أن يزرع، واستدل هذا القائل بما ذكر في كتاب البيوع، ولو سقطت الدار كلها فله أن يخرج سواء كان صاحب الدار شاهدا، أو غائبا فهذا إشارة إلى أن عقد الإجارة ينفسخ بانهدام الدار؛ لأنه لو لم ينفسخ العقد [لشرط]

(4)

حضرة صاحب الدار

(5)

.

ومنهم من قال: لا ينفسخ العقد بانهدام الدار، و به كان يفتي شمس الأئمة

(6)

، وشيخ الإسلام ولكن يثبت للمستأجر حق الفسخ بغيبة الآجر، واستدل هذا القائل بما روى هشام

(7)

عن محمد رحمهما الله فيمن استأجر فانهدم، ثم بناه الآجر، فليس للمستأجر أن يمتنع ولا للآجر، وفيه إشارة إلى أن العقد لا ينفسخ بانهدام الدار؛ وهذا لأن المنفعة غير فائتة من كل وجه، فإن الانتفاع بالعرصة

(8)

يمكن من وجه، بأن تضرب قيمته منها، [و]

(9)

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 499).

(3)

أصل الهدم ما انهدم. يقال: هدمت هدما، والمهدوم هدم، وسمي منزل الرجل هدما لانهدامه مصدر هدم البناء (والهدم) بالتحريك ما انهدم من جانب الحائط والبئر.

انظر: لسان العرب (12/ 604)، المغرب في ترتيب المعرب (ص: 502).

(4)

في (ب) بشرط.

(5)

لأنه رد بعيب وهو لا يصح إلا بحضرة المالك بالإجماع، واستدل على ذلك بقوله: لأن المعقود عليه قد فات وهي المنافع المخصوصة قبل القبض فشابه فوات المبيع قبل القبض وموت العبد المستأجر.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 144).

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 136).

(7)

هشام بن عبيد الله الرازي: فقيه حنفي، من أهل الري. أخذ عن أبي يوسف ومحمد، صاحبي الإمام أبي حنيفة. قال لقيت الفا وسبع مائة شيخ وأنفقت في العلم سبع مائة ألف درهم وقال أبو حاتم صدوق ما رأيت أعظم قدرا منه بالري ومن أبي مسهر بدمشق.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 206)، الأعلام للزركشي (8/ 87).

(8)

العرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، والجمع العراص والعرصات.

انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (3/ 1044)، القاموس المحيط (ص: 623).

(9)

في (أ) أو و في (ب) و والاولى ما ذكر في (ب).

ص: 38

إن فاتت المنفعة من كل وجه، إلا أنها ما فاتت على سبيل التأبيد، إنما فاتت على وجه يحتمل العود، فأشبه إباق العبد المستأجر، وذلك لا يوجب انفساخ العقد، ونص في إجارات الأصل في باب الرحى أن الإجارة [في الرحى]

(1)

لا تنفسخ بانقطاع الماء عنها.

وفي فتاوى الفضلي

(2)

(3)

المؤاجرة إذا نقض الدار المستأجرة برضا المستأجر أو بغير رضاه مستأجر لا ينتقض الإجارة، لأن الأصل باق، قال

(4)

: هذا بمنزلة ما لو غصب الدار المستأجرة من المستأجر، وهناك لا تنتقض الإجارة، بل [يسقط]

(5)

الأجر عن المستأجر ما دامت الدار في يد الغاصب، ومن المشايخ من قال: ينفسخ العقد بانهدام الدار، ثم يعود بالبناء، ومثل هذا جائز، ألا ترى أن الشاة المبيعة إذا ماتت في يد البائع ينفسخ [العقد، ثم إذا دبغ جلدها يعود العقد بقدره، كذا ها هنا، وإن بنى المؤاجر الدار كلها قبل الفسخ]

(6)

فللمستأجر أن يفسخ العقد إن شاء، هكذا ذكر في النوادر

(7)

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

فتاوى الفضلي أبي عمرو: عثمان بن إبراهيم الأسدي، الحنفي.

المتوفى: سنة 508، ثمان وخمسمائة.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1227).

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 499).

(4)

المقصود به الفضلي.

(5)

في (أ) سقط و في (ب) يسقط وما ذكر في (ب) اولى.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

مسائل النوادر. وهي مسائل مروية عن أصحاب المذهب، وهم: وأبو يوسف، ومحمد -رحمهم الله تعالى، وهي تنسب إلى محمد بن حسن الشيباني كالكيسانيات، والهارونيات، والجرجانيات.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1282)

ص: 39

وهو يخالف رواية هشام عن محمد رحمهم الله [في مسألة البيت

(1)

]

(2)

.

[موت أحد المتعاقدين في الإجارة]

ووجه هذه الرواية أن العقد قائم فيها؛ لأن الدار إذا كانت جديدة تكون أبرد في بعض الأوقات، وأحر في [بعضها]

(3)

، وقال محمد رحمه الله

(4)

في السفينة المستأجرة: إذا نقضت فصارت ألواحا، ثم ركبت، [و]

(5)

أعيدت سفينة لم يجبر على تسليمها إلى المستأجر، قال محمد رحمه الله: لا تشبه هذه الدار؛ لأن السفينة بعد القبض إذا أعيدت صارت سفينة أخرى، ألا ترى أن من غصب من آخر ألواحا جعلها سفينة ينقطع حق المالك. فأما عرض الدار لا تتغير بالبناء عليها (وإذا مات أحد المتعاقدين وقد [عقد]

(6)

الإجارة لنفسه انفسخت).

(1)

ذكر في «النوادر» ، وإنه يخالف راوية هشام عن محمد في مسألة البيت.

ووجه هذه الرواية: أن التغير قائم فيها؛ لأن الدار إذا كانت جديدة تكون أبرد في بعض الأوقات وأحر في بعضها وعلى قياس هذه الرواية ينبغي أن يكون للمستأجر حق الفسخ إذا سقط بعض البناء وبناه الآخر قبل الفسخ، ويجوز أن يكون بينهما فرق فيتأمل.

وقال محمد رحمه الله: في السفينة المستأجرة إذا أنقضت وصارت ألواحا، ثم ركبت واعتدت سفينة لم يجبر على تسليمها إلى المستأجر، قال محمد: ولا يشبه هذا الدار؛ لأن السفينة بعد النقض إذا اعتدت صارت سفينة أخرى، ألا ترى أن من غصب من آخر ألواحا وجعلها سفينة ينقطع حق المالك فأما عرصة الدار لا تتغير بالبناء عليها.

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 499 - 500).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) بعض الأوقات.

(4)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 197).

(5)

في (ب) أو.

(6)

في (ب) عقدت والصحيح ما ذكر في (أ) كما في الهداية.

ص: 40

فإن قلت: هذا الذي ذكره ينقض طردا

(1)

وعكسا

(2)

أما الطرد: فهو أنه إذا استأجر دابة إلى مكان مسمى، فمات صاحب الدابة في وسط الطريق كان للمستكري أن يركب الدابة إلى المكان المسمى بالأجر، وكذلك إذا استأجر أرضا للزراعة فزرعها، ثم مات لا تنتقص الإجارة.

ففي هاتين الصورتين وجد موت أحد [المتعاقدين]

(3)

لنفسه، ولم تفسخ الإجارة، فانتقض طرد المسألة وأما عكسها ففي صورة موت الموكل في الإجارة، فإنه لو مات الموكل ينفسخ عقد الإجارة مع أن تقييد المسألة لانفساخ عقد الإجارة بموت أحد المتعاقدين يؤذن أن لا ينفسخ عند موت غير المتعاقدين، والموكل غير المتعاقدين، ومع ذلك ينفسخ عقد الإجارة بموته، والمسائل في الذخيرة

(4)

، وفتاوى قاضي خان

(5)

(6)

، فانتقض عكس المسألة.

(1)

طرد: طرده يطرده طردا وطردا وطرده واطرد الشيء: تبع بعضه بعضا وجرى. واطرد الأمر: استقام. واطردت الأشياء إذا تبع بعضها بعضا.

انظر: لسان العرب (3/ 267).

(2)

عكس لغة: عكس الشيء يعكسه عكسا فانعكس: رد آخره على أوله. العكس: في والعكس: عبارة عن رد الشيء إلى سننه، أي على طريقه الأول، مثل عكس المرآة، إذا ردت بصرك بصفائها إلى وجهك بنور عينك.

انظر: لسان العرب (6/ 144).

في اصطلاح الفقهاء: عبارة عن تعليق نقيض الحكم المذكور بنقيض علته المذكورة، ردا إلى أصل آخر، كقولنا: ما يلزم بالنذر يلزم بالشروع،: ما لم يلزم بالنذر لم يلزم بالشروع، فيكون العكس على هذا ضد الطرد. العكس: هو التلازم في الانتقاء بمعنى كلما لم يصدق الحد لم يصدق المحدود، وقيل: العكس عدم الحكم لعدم العلة. وقيل أي إثباتا ونفيا.

أنظر: التعريفات للجرجاني (1/ 153)، التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام (3/ 288).

(3)

في (أ) العاقدين وفي (ب) المتعاقدين وما ذكر في (ب) أولى.

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 509).

(5)

الحسن بن منصور بن أبي القاسم محمود بن عبد العزيز الأوزجندي، الفرغاني، المعروف بـ"قاضي خان"، فخر الدين. تفقه على أبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي نصر الصفاري، وظهير الدين أبي الحسن علي بن عبد العزيز المرغيناني، وغيرهما. وله "الفتاوي" في أربعة أسفار وشرح "الجامع الصغير" وشرح "الزيادات" وشرح "أدب القاضي" للخصاف. توفي ليلة النصف من رمضان سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.

انظر: تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 151)، الاعلام للزركلي (2/ 224).

(6)

انظر: فتاوي قاضي خان (2/ 155).

ص: 41

قلت: أما الأولى فإنما لا [تنقض]

(1)

الإجارة بموت صاحب الدابة؛ لأن الحال حالة الضرورة، والعذر، والإجارة تنعقد ابتداء بالعذر، فإن من استأجر سفينة شهرا فمضت المدة، والمستأجر في وسط البحر، فإنه ينعقد بينهما إجارة مبتدئة، فلما يبقى حالة الضرورة، والعذر بالطريقة الأولى، ومواضع الضرورة والأعذار مستثناة عن الأصول، وبيان العذر أنه يخاف على نفسه وماله لأنه لا يجد دابة أخرى في وسط المفازة

(2)

، ولا يكون ثمة قاض حتى يرفع الأمر إليه، فيؤاجر الدابة منه، حتى قال مشايخنا: لو وجد ثمة دابة أخرى يحمل عليها متاعه تنتقض الإجارة، وكذا لو كان الموت في موضع ثمة قاضي تنتقض الإجارة؛ لأنه لا ضرورة إلى إبقاء الإجارة مع وجود ما ينافي البقاء، وهو موت المؤاجر، وكذلك الجواب عن فصل الأرض المزروعة إنما يبقى عقد الإجارة في جواب الاستحسان للحاجة إلى دفع الضرر، فإن مثل هذه الحاجة يعتبر لإثبات عقد الإجارة ابتداء حتى إذا مضت المدة، والزرع يقل بعقد بينهما عقد الإجارة إلى وقت الإدراك [لدفع]

(3)

الضرر، فلأن يجوز [إثبات]

(4)

العقد لدفع الضرر أولى، والمستحسن من القياس لا يورد نقصا على القياس، كذا في المبسوط

(5)

، والذخيرة.

(1)

في (ب) ينتقض.

(2)

المفازة الموضع المهلك مأخوذة من فوز بالتشديد، لأنها مظنة الموت وقيل من فاز إذا سلم ونجا وسميت به تفاؤلا بالسلامة.

انظر: المصباح المنير (1/ 250).

(3)

في (أ) بدفع في (ب) لدفع والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) إبقاء.

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 5).

ص: 42

وأما ما ادعيته من الإيذان [فإن]

(1)

تقييد

(2)

انفساخ العقد بموت أحد المتعاقدين يؤذن أن لا ينفسخ عند موت [غير]

(3)

المتعاقدين، فنعم كذلك، إلا أن ذلك الغير يجب أن يكون غير الموكل؛ وذلك لأن المعنى الموجب لانفساخ العقد عند موت أحد المتعاقدين إذا كان العقد لأنفسهما موجود هاهنا، وهو بقاء عقد الإجارة لغير من وقع له عقد الإجارة، [وذلك لا يجوز وذكر في الذخيرة

(4)

كل من وقع له عقد الإجارة]

(5)

إذا مات تنفسخ الإجارة بموته، ومن لم يقع له العقد لا ينفسخ العقد بموته، وإن كان عاقدا كالوكيل، والأب، والوصي؛ وهذا لأن موت من وقع له العقد إنما يوجب انفساخ العقد لأن ابتداء العقد انعقد موجبا [للاستحقاق]

(6)

عليه، فإذا مات وثبت الملك للوارث لو بقينا العقد يكون الاستحقاق واقعا على الوارث، فيكون خلاف ما وقع عليه العقد ابتداء، فأما إذا لم يقع له العقد لو بقينا العقد بعد موته يكون الاستحقاق على وفاق ما وجد العقد لأن المستحق عليه قائم، وكذا المستحق، ثم انفساخ عقد الإجارة عند موت أحد المتعاقدين مذهبنا خلاف للشافعي رحمه الله.

وقال الشافعي

(7)

: لا ينتقض لا بموتهما، ولا بموت أحدهما، إلا في خصلة واحدة، وهي ما إذا شرط على الخياط أن يخيط بنفسه فمات الخياط، وهو بناء على

(1)

في (أ) لأن وفي (ب) فإن وما ذكر في (ب) أولى.

(2)

المقيد لغة: موضع الخلخال من القدم والموضع الذي تقيد فيه الدابة والقيد حبل ونحوه يجعل في رجل الدابة وغيرها فيمسكها.

انظر: المعجم الوسيط (2/ 769).

اصطلاحا: ما قيد لبعض صفاته مثل أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة.

انظر: التعريفات (ص: 225)، شرح التلويح على التوضيح (1/ 119).

(3)

غير ناقصة من (أ).

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 509).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

في (ب) الاستحقاق.

(7)

انظر: الأم للشافعي (4/ 37).

ص: 43

أصله أن المنافع جعلت كالأعيان القائمة، ثم العقد على العين لا يبطل بموت أحد [العاقدين]

(1)

، فكذلك [العقد]

(2)

على المنافع؛ وهذا لأنها لما جعل كالعين قد تم الاستحقاق في الكل، وبموت [الأجير]

(3)

لا يتغير ذلك؛ لأن وارثه يخلفه فيما كان مستحقا [له]

(4)

.

ولنا طريقتان:

أحدهما: في موت المؤاجر: فنقول المستحق بالعقد المنافع التي تحدث على ملك المؤاجر، وقد فات ذلك بموته، فتبطل الإجارة؛ لفوات المعقود عليه.

وبيان ذلك: أن رقبة الدار تنتقل إلى الوارث، والمنفعة تحدث على ملك صاحب الرقبة

(5)

لما أن الإجارة تتحدد في حق المعقود عليه بحسب ما يحدث من المنفعة، وليس [له]

(6)

ولاية إلزام العقد في ملك الغير.

والطريق الآخر في موت المستأجر: أنه لو بقي العقد بعد موته إنما يبقى على أن يخلفه الوارث، والمنفعة المجردة لا تورث.

ألا ترى أن المستعير

(7)

إذا مات لا يخلفه وارثه في المنفعة، وقد بينا أن المستعير مالك المنفعة، وفي حكم التوريث لا فرق بين الملك ببدل، وبغير بدل، كالعين.

(1)

في (ب) المتعاقدين.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (ب) المستأجر.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 153).

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

العارية لغة: منسوبة إلى العارة، وهو اسم من الإعارة. تقول: أعرته الشيء أعيره إعارة وعارة. العارية، بالتشديد، كأنها منسوبة إلى العار لأن طلبها عار وعيب.

انظر: لسان العرب (4/ 619).

اصطلاحا: هي تمليك المنافع بغير عوض. وكان الكرخي يقول: هي إباحة الانتفاع بملك الغير).

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 3)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 201)، التعريفات (ص: 146).

ص: 44

[شرط الخيار في الإجارة]

ولهذا قلنا: لو مات الموصى له بالخدمة تبطل الوصية؛ لأن المنفعة لا تورث، والدليل عليه أنه لو أوصى برقبة عبده لإنسان وبخدمة لآخر فرد الموصى له بالخدمة الوصية، كانت الخدمة لصاحب الرقبة دون ورثة الموصي؛ لأن المنفعة المجردة لا تورث وهذا لأن الوراثة خلافة، فلا يتصور ذلك إلا فيما تبقى وتبين ليكون ملك المورث في الوقت الأول، ويخلفه الوارث فيه في الوقت الثاني، والمنفعة الموجودة في حياة المستأجر لا تبقى، لتورث والتي تحدث بعده لم تكن مملوكة له؛ ليخلفه الوارث فيها، فالملك لا يسبق الوجود، وإذا ثبت انتفاء الإرث تعين بطلان العقد فيه، كعقد النكاح يرتفع بموت الزوج؛ لأن وارثه لا يخلفه فيه، كذا في المبسوط

(1)

. (لأنه ينتقل بالموت إلى الوارث، وذلك لا يجوز) أي لأن الملك بالإرث فيما يثبت فيه الإرث إنما يثبت للوارث بطريق الانتقال من المورث إلى الوارث، وذلك لا يتصور في المنفعة والأجرة المملوكة؛ لأن عقد الإجارة ينعقد ساعة فساعة على المنافع، فلو قلنا بذلك يصير ملك الوارث مستحقا بالعقد على الوارث في المنافع، فهو لا يجوز؛ لأن استحقاق الشيء على غير [العاقد]

(2)

إنما يصح فيما بقي، كما في الأعيان لا في المنافع.

فإن قيل: لما كانت الإجارة تتحدد في حق المعقود عليه بحسب ما يحدث من المنفعة ينبغي أن يعمل إجازة الوارث فيه؛ لأن العين [الذي]

(3)

يحدث فيه المنفعة صار ملكه، كما في تصرف الفضولي

(4)

.

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 154).

(2)

في (ب) العاقدين.

(3)

في (ب) التي.

(4)

الفضولي لغة: من الرجال المشتغل بالفضول أي الأمور التي لا تعنيه.

انظر: لسان العرب (6/ 144).

الفضولي شرعا: من لم يكن وليا ولا وصيا ولا أصيلا ولا وكيلا.

انظر: التعريفات للجرجاني (1/ 167).

ص: 45

قلنا: إنما يعمل إجازته؛ لأنه لم يتوقف على حقه عند العقد، فلا يتوقف على إجازته، والفقه فيه ما بينا أن الوارث إنما يقوم مقام المورث في أملاكه، لا في أقواله، ولا في عقوده التي عقدها لنفسه

(1)

، وعليه كما إذا وهب شيئا ومات قبل التسليم، أو وكل رجلا ببيع ماله فلم يبعه حتى مات الموكل، فإن الوارث لا يقوم مقام المورث في هاتين المسألتين؛ لما قلنا: إنه لا يقوم مقامه في أقواله، وهذا بخلاف النكاح، حيث لا يبطل النكاح أمته بموت المولى لأن ملك النكاح في حكم ملك العين، [ولا]

(2)

يثبت للوارث بملكه رقبة الأمة حق ما بقي حق الزوج كما لو باعها المولى، لا يبطل النكاح إلى هذا أشار في المبسوط

(3)

، والأسرار

(4)

، ويصح بشرط الخيار في الإجارة.

(وقال الشافعي

(5)

رحمه الله: لا يصح) صورته ما ذكر في المبسوط، فقال رجل تكارى دارا سنة على أنه [ها هنا]

(6)

بالخيار ثلاثة أيام، فهو جائز عندنا، وفي أحد قولي الشافعي لا يجوز بناء على الأصل الذي بينا له أن جواز الإجارة بطريق أن المنافع جعلت كالأعيان القائمة، وإنما يكون ذلك إذا اتصل ابتداء المدة بالعقد، وباشتراط الخيار ينعدم ذلك؛ لأن ابتداء المدة من حين سقط الخيار، وإن جعل ابتداء

(1)

القاعدة: يقوم الوارث مقام مورّثه في كل شيء.

والحقوق قد تكون أموالًا يورثها، وقد تكون ديونًا عليه، وقد تكون حقوقًا معنوية تتعلق بالميت كحد القذف فالوارث يقوم مقام مورثه في كل شيء، ولهذا هذه القاعدة ظاهرها يدخل فيها كل شيء؛ لأن العلماء اختلفوا في بعض الأشياء، والمصنف رحمه الله اختار ما اختاره جمع من أهل العلم في هذه القاعدة أنه يقوم مقامه في كل شيء لعموم الأدلة التى جاءت، منها قوله:"ومن ترك مالًا فهو لورثته" أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الفرائض (8/ 409)، ومسلم في صحيحه في كتاب الفرائض (5/ 62) كلاهما من حديث أبي هريرة رضى الله عنه بلفظ:"فمن توفي وعليه دين فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته". وهذا عام في كل حق.

انظر: شرح القواعد السعدية (ص: 270).

(2)

في (ب) فلا.

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 154).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 154).

(5)

انظر: الأم للشافعي (3/ 158).

(6)

ساقطة من (أ).

ص: 46

المدة من وقت العقد فشرط الخيار [فيه]

(1)

غير ممكن أيضا؛ لأن الخيار [غير]

(2)

مشروط الفسخ، ولابد من أن يتلف شيء من المعقود عليه في مدة الخيار، وذلك مانع من الفسخ.

وحجتنا فيه أنه عقد معاوضة مال بمال فيجوز شرط الخيار فيه كالبيع وتأثيره أنه لما كان المقصود بالعقد المال قد يقع بغتة قبل أن يروى المرء النظر فيه فهو محتاج إلى شرط الخيار فيه؛ ليدفع الغبن

(3)

فيه عن نفسه، والإجارة في هذا كالبيع.

ألا ترى: أنه في الرد بالعيب يجعل كالبيع، فكذلك في الرد بخيار الشرط، وأنه يحتمل الفسخ بالإقالة كالبيع، ويعتمد لزومه تمام الرضاء، بخلاف النكاح، ثم إن كان ابتداء المدة من وقت العقد فالمنفعة لا تدخل في ضمان المستأجر إلا بالاستيفاء، وما يتلف قبل ذلك يتلف لا في ضمانه، فلا يمنعه من الفسخ، وإن استغل بالاستيفاء سقط خياره عندنا

(4)

.

[وقوله]

(5)

: (ولو كان للمؤاجر فلا يمكنه التسليم [أيضا) لأن المستأجر إذا استأجر دارا هذا الشهر مثلا فعلى المؤجر التسليم]

(6)

شهرا بكماله، فلما مضى بعض [الشهر]

(7)

لا يمكنه التسليم على الكمال (ولنا

(8)

أنه عقد معاملة) هذا احتراز عن

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

غبن: الغبن، بالتسكين، في البيع، والغبن، بالتحريك، في الرأي والغبن في البيع والشراء: الوكس، غبنه يغبنه غبنا هذا الأكثر أي خدعه.

انظر: لسان العرب (13/ 309 - 310)، القاموس المحيط (ص: 1219).

(4)

أي عند السرخسي في المبسوط.

انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 150).

(5)

في (ب) قوله.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

أي للمرغيناني صاحب الهداية.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 247).

ص: 47

النكاح، فإن مطلق المعاملة تصرف إلى المعاوضات، وفي بعض النسخ

(1)

أنه عقد معاملة، أي معاوضة؛ لأن فيها مقابل العوضين

(2)

.

وأما النكاح، فالمال فيه ليس بمقصود، فلا يكون من باب المعاوضة (والمقابلة لا يستحق القبض فيه في المجلس) احترازا عن الصرف والسلم، فإن قبض البدل شرط في المجلس، فلم يجز فيه شرط الخيار.

[فوات بعض المعقود عليه في الإجارة]

وقوله: (بخلاف البيع) متعلق بقوله: (وفوات

(3)

بعض المعقود عليه [أي فوات بعض المعقود عليه]

(4)

في الإجارة لا يمنع الرد بالخيار، بخلاف البيع).

فإن فوات بعض المعقود عليه [في البيع]

(5)

يمنع الرد [بخيار العيب، والشرط لما أن التكليف إنما شرع بحسب الوسع

(6)

، والطاقة،]

(7)

[ففي البيع رد]

(8)

المبيع كما هو ممكن، فاشترط فيه عدم فوات بعض المعقود عليه للرد؛ لإمكانه، ولم يشترط في الإجارة

(1)

أي نسخ الهداية.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 247)، البناية شرح الهداية (10/ 346).

(2)

أي المبيع أو الثمن.

(3)

فوت: الفوت: الفوات. فاتني كذا أي سبقني وفاتني الأمر فوتا وفواتا: ذهب عني. وفاته الشيء، وأفاته إياه غيره وتفاوت الشيئان أي تباعد ما بينهما تفاوتا.

انظر: لسان العرب (2/ 69).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

القاعدة: التكليف بحسب الوسع. وفي لفظ: التكليف ثابت بقدر الوسع.

معنى هذه القاعدة ومدلولها: التكليف لغة: من الفعل كلَّف يكلِّف وهو الأمر بما يشق، وتكلف الشيء تجشمه وتحمله بمشقة، والتكليف: تحمل المشاق. والمعلوم من الشرع أن التكليف بحسب الوسع أي طاقة الإنسان وقدرته فالله عز وجل لم يكلفنا بما يشق علينا ويعسر علينا فعله، قال سبحانه وتعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} الآية 286 من سورة البقرة. والأدلة على ذلك كثيرة جدًّا.

من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها: التكاليف الشرعية كلها من صلاة وصيام وزكاة وحج وجهاد وغيرها إنما يكون فعلها والأمر بها بالقدرة الميسرة للعبد، وإذا شق أمر على المكلف ولم يمكنه فعله بسبب مرض أو سفر أو غير ذلك من الأعذار انتقل الأمر إلى القدرة الممكنة والرخصة فمن لم يجد الماء أو لم يستطع استعماله لبرد أو مرض تيمم.

انظر: موسوعة القواعد الفقهية (2/ 459).

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

في (ب) في البيع برد.

ص: 48

ذلك؛ لعدم إمكانه حتى إنه إذا اشترى شيئا ولم يعلم بأنه معيب ثم حدث في يد المشتري عيب آخر لم يجز له الرد بالعيب.

لفوات بعض المعقود عليه بالعيب الحادث (فيشترط فيه دونها) أي ويشترط رد الكل في عقد البيع، لإمكانه لا في عقد الإجارة؛ لعدم إمكانه (ولهذا يجبر المستأجر على القبض) أي عندنا خلافا للشافعي

(1)

رحمه الله (إذا سلم المؤاجر بعد مضي بعض المدة) أي مدة الإجارة؛ لأن تسليم الكل كما هو غير ممكن بالإجارة، وعلى هذا الأصل أيضا، ما ذكره في المبسوط

(2)

بقوله: وإذا استأجر دارا سنة، فلم يسلمها إليه حتى مضى شهر، وقد طلب التسليم أو لم يطلب، ثم تحاكما لم يكن للمستأجر أن يمتنع من القبض في باقي السنة عندنا، ولا للمؤاجر أن يمنعه من ذلك.

وقال الشافعي

(3)

رحمه الله: للمستأجر أن يفسخ العقد فيما بقي وهو بناء على الأصل الذي بينا أن عنده المنافع في حكم الأعيان القائمة، فإذا فات بعض ما يتناوله العقد قبل القبض يجبر فيما بقي لاتحاد الصفقة. [فإنها]

(4)

تفرقت عليه قبل التمام وذلك مثبت حق الفسخ.

كما [إذا]

(5)

اشترى شيئين فهلك أحدهما قبل القبض، وعندنا عقد الإجارة في حكم عقود متفرقة حتى يتجدد انعقادهما بحسب ما يحدث من المنفعة، فلا يتمكن تفرق الصفة مع تفرق العقود، وفوات [المعقود]

(6)

عليه [لا يؤثر]

(7)

في عقد آخر،

(1)

انظر: الأم للشافعي (4/ 32).

(2)

المبسوط للسرخسي (15/ 136).

(3)

انظر: الحاوي الكبير (7/ 392 - 393)، المجموع شرح المهذب (15/ 9).

(4)

في (ب) وإنما.

(5)

في (ب) لو.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

ساقطة من (ب).

ص: 49

[بخلاف]

(1)

البيع يوضحه أنه لو استأجر دارين فانهدمت أحدهما بعد قبضهما لا يتخير في الأخرى، والمنافع بقبض الدار لم يدخل في ضمانه، فقد تفرقت الصفقة عليه قبل التمام؛ لأن تمام الصفقة بدخول المعقود عليه في ضمانه، ومع ذلك لا يثبت له حق الفسخ، فكذلك إذا كان الانهدام قبل القبض.

[فسخ الإجارة بالأعذار]

(وتفسخ الإجارة بالأعذار) (عندنا وقال الشافعي

(2)

رحمه الله: لا تفسخ) أي بعذر وبغير عذر، وإنما تفسخ بعيب

(3)

، كما في البيع

(4)

، وعند شريح

(5)

(6)

تفسخ بعذر، وبغير عذر، حتى روى أنه خاصم إليه بقال قد أجره رجل بيتا، [وألقى]

(7)

إليه مفتاحه في وسط الشهر. قال شريح: هو بريء من البيت، فإن عنده الإجارة لا يتعلق بها اللزوم

(8)

، ولكل واحد منهما أن يتفرد بفسخه؛ لأنه عقد على المعدوم كالعارية،

(1)

في (ب) خلاف.

(2)

انظر: الأم للشافعي (4/ 32).

(3)

لأن المنافع عنده بمنزلة الأعيان حتى يجوز العقد عليها فأشبه البيع.

انظر: الحاوي الكبير (7/ 392 - 393)، المجموع شرح المهذب (15/ 9).

(4)

مذهب الشافعية: أن الإجارة لا تفسخ بالأعذار، سواء كانت إجارة عين أو ذمة، وسواء كان العذر للمؤجر أو للمستأجر، كما إذا استأجر دابة للسفر عليها فمرض، أو حماما فتعذر عليه الوقود، وكما لو مرض المؤجر وعجز عن الخروج مع الدابة، أو أكرى داره وأهله مسافرون، فعادوا واحتاج إلى الدار، فلا فسخ في شيء من ذلك، حيث لا خلل في المعقود عليه وإنما الفسخ فيما ينقص المنفعة من العيوب، أو ما يؤدي إلى فوات المنفعة بالكلية، أو ما يمنع من استيفاء المنفعة شرعا.

انظر: الوسيط (4/ 196 - 197)، روضة الطالبين (5/ 239 - 240)، نهاية المحتاج (5/ 315 - 316).

(5)

أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية بن عامر كان من كبار التابعين، واستقضاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الكوفة، فأقام قاضيا خمسا وسبعين سنة وكان أعلم الناس بالقضاء، ذا فطنة وذكاء ومعرفة وعقل ورصانة وكانت وفاة القاضي شريح سنة سبع وثمانين وهو ابن مائة سنة.

انظر: وفيات الأعيان (2/ 463).

(6)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 347).

(7)

في (ب) فألقي.

(8)

لزم: ألزم الشيء أثبته وأدامه.

انظر: لسان العرب (12/ 541)، المعجم الوسيط (2/ 823).

ص: 50

والجواز [للحاجة]

(1)

، ولا حاجة إلى إثبات صفة اللزوم، ولسنا نأخذ بهذا؛ لأنها معاوضة، فيجب النظر للجانبين، ولا نظر بدون صفة اللزوم.

وكان ما قاله الشافعي رحمه الله [على]

(2)

مقابلة ما قاله شريح، ونحن فصلنا بينهما، فإن أبا حنيفة

(3)

رحمه الله أخذ بمذهب شريح من وجه، وقال: إن ألقى إليه المفتاح بعذر له فهو برئي من البيت، والعذر أن يريد سفرا، أو يمرض فتقوم من البيت، يفلس، فيقوم من السوق، فشريح رحمه الله جعل هذا العقد في نهاية الضعف، والشافعي رحمه الله جعله في غاية القوة، وفي هذا العقد دليل القوة والضعف، فيجب العمل بهما؛ وذلك لأن العقد عقد معاوضة، وهو دليل قوته [القوة والضعف صحبة العمل بهما وذلك لأن العقد عقد معاوضة وهو دليل قوته]

(4)

، وعدم ما يضاف إليه العقد دليل ضعفه، وما تجادله الدليلان يوفر حظه عليهما، فلدليل القوة قلنا: لا ينفسخ بغير عذر، ولدليل الضعف قلنا: يفسخ بالعذر عملا بهما بقدر الإمكان، ولأن معنى النظر للجانبين به [متحقق]

(5)

؛ لأنه عند الفسخ بعذر يقصد دفع الضرر عن نفسه، وعند الفسخ بغير عذر يقصد الأضرار بالغير، وكان النظر للجانبين فيما قلنا، كذا ذكره الإمام الحبوبي

(6)

.

(1)

في (ب) إلى الحاجة.

(2)

في (ب) في.

(3)

المبسوط للسرخسي (15/ 79).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

في (ب) يتحقق.

(6)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 147)، البناية شرح الهداية (10/ 347).

ص: 51

[عجز العاقد]

(إذ لمعنى يجمعهما، وهو عجز العاقد عن المضي في موجبه إلا بتحمل ضرر زايد لم يستحق به) فإن عندنا جواز هذا العقد له للحاجة، ولزومه؛ لتوفير المنفعة على المتعاقدين، فإذا آل الأمر إلى الضرر أخذنا فيه بأصل القياس. وقلنا: العقد في حكم

[من أعذار فسخ الإجارة موت الولد]

المضاف في حق المعقود عليه، والإضافة في عقود التمليكات تمنع اللزوم في الحال

(1)

، كالوصية

(2)

، كذا في المبسوط

(3)

، أنه فصل مجتهد فيه؛ لأن فيه خلاف الشافعي على ما ذكرنا

(4)

(ومنهم

(5)

من وقف فقال: إذا كان العذر ظاهرا) بأن ماتت المرأة أو اختلفت فيما (إذا استأجر طباخا ليطبخ طعام الوليمة (

(6)

أصح

(1)

القاعدة: الإضافة في عقود التمليكات تمنع اللزوم في الحال.

معنى هذه القاعدة ومدلولها: الإضافة: المراد بها هنا إسناد تمام العقد إلى وقت مستقبل أو شرط أو خيار. فتدل هذه القاعدة على أن الإضافة في عقود التمليكات كالبيع والإجارة والوصية والتدبير تمنع لزوم العقد حالًا وتؤخر لزومه إلى مجيء الوقت أو وجود الشرط أو إسقاط الخيار.

من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها: الوصية عقد مضاف إلى ما بعد الموت فلا يلزم إلا بعد وفاة الموصي. والتدبير عتق مضاف إلى ما بعد الموت فلا يتم إلا بعد موت السيد المعتِق.

انظر: موسوعة القواعد الفقهية (1/ 2/ 207).

(2)

الوصية لغة: وصي: وصيت الشيء بالشيء أصيه من باب وعد وصلته ووصيت إلى فلان توصية وأوصيت إليه إيصاء.

انظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 662).

شرعا: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت.

انظر: التعريفات (ص: 252).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 2).

(4)

على ما ذكرنا في انفساخ الإجارة بالأعذار.

(5)

ومنهم: أي ومن المشايخ، من وفق أي بين روايتي الجامع الصغير والزيادات، فقال إن كان العذر ظاهرا، بأن اختلفت المرأة أو ماتت فيما إذا استأجر لطبخ طعام الوليمة، أو مات الولد إذا استأجره ليختنه أو برأت يدا إذا استأجر لقطعها من الأكلة أو سكن وجع سنه إذا استأجر لقلعه، لا يحتاج إلى القضاء، وإن كان غير ظاهر كالدين يحتاج إلى القضاء لظهور العذر.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 349).

(6)

الوليمة كل طعام صنع لعرس وغيره.

انظر: مختار الصحاح (ص: 345)، المعجم الوسيط (2/ 1057).» أو مات الولد إذا استأجر الختان ليختنه، وجعل الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله ما ذكره في الزيادات للإمام، المجتهد: محمد بن الحسن الشيباني، الحنفي. المتوفى: سنة تسع وثمانين ومائة.

وهو المبسوط. سماه به، لأنه صنفه أولا، وأملاه على أصحابه، رواه عن الجوزجاني، وغيره.

ثم صنف: (الجامع الصغير)، ثم (الكبير)، ثم (الزيادات)، و (السير الكبير)، و (الصغير).

وهذه هي المراد بالأصول، وظاهر الروايات في كتب الحنفية لم أقف عليه.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 81).

ص: 52

[وقال في]

(1)

إجارات المبسوط

(2)

في باب انتقاض الإجارة، وليس للمستأجر أن يفسخ البيع، وإن كان على المؤاجر دين فحبس في دينه باعه؛ لأن عليه في إبقاء العقد ضررا لم يلتزم ذلك بالعقد، وهو الحبس إلى سقوط حق المستأجر عن العين.

ثم قال

(3)

: وظاهر ما يقول هاهنا يدل على أنه يبيعه بنفسه، فيجوز، وقد ذكر في الزيادات أنه يرفع الأمر إلى القاضي؛ ليكون هو الذي يفسخ الإجارة، ويبيعه هو الأصح (لأنه فصل مجتهد فيه، فيتوقف على إمضاء القاضي) كالرجوع في الهبة، وجعله الإمام قاضي خان [والمحبوبي]

(4)

قول من [يؤمن]

(5)

أصح، فقال: وإذا تحقق العذر ومست الحاجة إلى البعض هل يتفرد صاحب العذر بالنقض، أو يحتاج إلى القضاء، أو إلى الرضا، [و]

(6)

اختلفت الروايات فيه، والصحيح أن العذر إذا كان ظاهرا يتفرد، وإن كان مشتبها لا يتفرد، ثم إذا أراد القاضي، فسخ الإجارة لأجل الدين اختلفوا فيه، فقال بعضهم: يبيع الدار أولا فينفذ بيعه، فتفسخ الإجارة ضمنا لبيعه.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر المبسوط للسرخسي (16/ 3).

(3)

أي السرخسي في المبسوط.

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 3).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

في (ب) يؤمر.

(6)

ساقطة من (ب).

ص: 53

[لأجل الدين]

وقال بعضهم: تفسخ الإجارة أولا ثم يبيع، ولو أظهر المستأجر في الدار شيئا من أعمال الشر كشرب الخمر

(1)

، وأكل الربا

(2)

، أو الزنا

(3)

، واللواط

(4)

، فإنه يؤمر بالمعروف، وليس للمؤاجر، ولا للجيران أن يخرجوه من الدار.

وفي الذخيرة

(5)

فإن صاحب الدار يمنع المستأجر عن ذلك بطريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن لا يصير ذلك عذرٌ في فسخ الإجارة.

[استأجر دابة ليسافر عليها ثم بدا له من السفر]

يقال: بداله في هذا الأمر بد محدود، أي سأله فيه رأي، وهو ذو بدوات

(6)

(وإن بدا للمكاري: فليس ذلك بعذر إلى آخره (تكملة المسألة: من استأجر دابة ليسافر عليها ثم بداله من السفر فهو عذر وإن بدا للمكاري فليس ذلك بعذر ولو مرض المؤاجر فقعد فكذا الجواب ومن أجر عبده ثم باعه فليس بعذر.

انظر: بداية المبتدي (ص: 192).».

(1)

الخمر: ومنها الخمر وهي النيء من ماء العنب مهموز الآخر وقبله ياء معتلة وفارسيته خام وفي اشتقاق الخمر كلام قيل سميت بها لأنها تخمر العقل بالتشديد أي تغطيه ومنه اختمار المرأة بخمارها أي تغطيه.

انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: 157).

اصطلاحا: النيء من العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 44).

(2)

الربا لغة: ربا: ربا الشيء يربو ربوا ورباء: زاد ونما. وأربيته: نميته. وقيل الزيادة.

انظر: لسان العرب (14/ 304)، المعجم الوسيط (1/ 326).

اصطلاحا: هو الفضل الخالي عن العوض المشروط في البيع.

انظر: العناية شرح الهداية (7/ 3).

(3)

الزنا لغة: زنى يزني زنا وزاناها مزاناة وزنا وزناه تزنية نسبه إلى الزنا وهو ولد زنية ولزنية بالفتح والكسر وخلافه ولد رشدة ولرشدة.

انظر المغرب في ترتيب المعرب (1/ 211).

الزنا: فهو اسم للوطء الحرام في قبل المرأة الحية في حالة الاختيار في دار العدل، ممن التزم أحكام الإسلام.

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 33).

(4)

اللواط: عمل عمل قوم لوط أي أتى ذكر في دبر الذكر.

انظر: البناية شرح الهداية (6/ 308)، اللباب في شرح الكتاب (3/ 191).

(5)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 349).

(6)

يقال: بدا لي في هذا الأمر بداء أي تغير رأيي عما كان عليه، وفلان ذو بدوات إذا بدا له الرأي بعد الرأي.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 349).

ص: 54

وروى بشر

(1)

عن أبي يوسف

(2)

رحمه الله أنه قال: إذا امتنع رب الدابة من الخروج، فهذا لا يكون عذرا له، وإن مرض فهو عذر [له]

(3)

؛ لأنه يقول: غيري لا يشفق على دابتي، ولا يقوم تعاهدها كقيامي، وإذا تعذر عليه الخروج للمرض يلحقه في إبقاء العقد ضرر لم [يلزمه]

(4)

بالعقد (ولو مرض المؤاجر) أي المكاري، والمسألة التي قبل هذا في [يد]

(5)

المكاري، وهذه في مرضه، فعلى رواية الأصل

(6)

لا فرق بينهما في أنهما لا يعذران، وعلى رواية الكرخي

(7)

(8)

: فيما إذا مرض المكاري بعذر، وفي مجرد البداء، ولا يعذر، وهذا التفصيل موافق لما روى بشر عن أبي يوسف على ما ذكرنا من رواية المبسوط

(9)

(ومن آجر عبده ثم باعه فليس بعذر)[أي بيعه ليس بعذر]

(10)

في فسخ

(1)

بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المريسي مولى زيد بن الخطاب أخذ الفقه عن أبي يوسف القاضي وبرع فيه ونظر في الكلام والفلسفة قال الصيمري فيما جمعه ومن أصحاب أبي يوسف خاصة بشر بن غياث المريسي وله تصانيف وروايات كثيرة عن أبي يوسف وكان من أهل الورع والزهد وكان أبو يوسف يذمه قال وهو عندي كإبرة الرفاء طرفها دقيق ومدخلها ضيق وهى سريعة الإنكسار.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 164).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 4)، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 146).

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

في (ب) يلتزمه.

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (5/ 278).

(7)

عبيد الله بن الحسين الكرخي مات سنة أربعين وثلاثمائة، وكان مولده سنة ستين ومائتين، وإليه انتهت رياسة العلم في أصحاب أبي حنيفة، وكان ورعا. وعنه أخذ أبو بكر أحمد بن علي الرازي وأبو بكر الدامغاني وأبو علي الشاشي وأبو عبد الله البصري وأبو القاسم علي بن محمد التنوخي.

انظر: طبقات الفقهاء (1/ 142).

(8)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 4).

(9)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 4).

(10)

ساقطة من (ب).

ص: 55

الإجارة؛ لأنه لا ضرر [عليه]

(1)

في إبقاء العقد إلا قدر ما التزمه عند العقد، وهو الحجر على نفسه من التصرف في المستأجر إلى انتهاء المدة، فإن باعه مع هذا هل يجوز؟

اختلف ألفاظ الروايات فيه، قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله

(2)

في شرح إجارات الأصل، والصحيح من الروايات أن البيع موقوف على سقوط حق المستأجر، وليس للمستأجر أن يفسخ البيع، وإليه مال الصدر الشهيد

(3)

حتى قالوا: لو استغنى فقيه عن بيع المستأجر قبل مضي أيام الفسخ يكتب في جوابه في حق المستأجر لا ولو جاء أيام الفسخ ينفذ بيع الآجر، وتنفسخ الإجارة في الصحيح من الجواب وللمستأجر حق الحبس

(4)

لاستيفاء الأجرة، وهذا إذا لم يكن له عذر في البيع، وإن كان على المؤاجر دين فحبس في دينه فباعه فهذا عذرا؛ لأن عليه في إبقاء العقد ضررا لم يلتزمه بأصل العقد، وهو الحبس في المجلس إلى وقت سقوط حق المستأجر، فيكون عذرا له في الفسخ؛ لدفع الضرر عن نفسه إليه، أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:«إذا استقبلك بلاء فاجعل مالك دون نفسك»

(5)

.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 3).

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 350)، ومجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (2/ 401).

(4)

في (ب) الفسخ.

(5)

حدثنا محمد بن المثنى، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، قال: شيعنا جندبا إلى خص المرتب فقلنا: أوصنا قال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل وأوصيكم بالقرآن فإنه نور الليل المظلم وهدي النهار فاعملوا به على ما كان من جهد أو فاقة فإن عرض بلاء فقدم مالك دون نفسك فإن تجاوزتها البلية فقدم مالك ونفسك دون دينك، واعلم أن المحروب من حرب دينه، وأن المسلوب من سلب دينه وأنه لا غنى بعد النار ولا فقر بعد الجنة وإن النار لا يفك أسيرها ولا يستغني فقيرها".

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 294) حديث رقم 2315، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 181) باب في إدمان تلاوة القرآن حديث رقم 1837.

درجة الحديث: هذا الحديث صحيح موقوف.

انظر: المطالب العالية لابن حجر العسقلاني (13/ 149).

ص: 56

فإن قيل: ينبغي أن لا يحبسه القاضي إذا علم أن حق المستأجر تعلق بماله بل يؤخر [الحبس]

(1)

إلى أن تنقضي الإجارة.

قلنا: القاضي لا يصدقه في أنه لا وفاء له إلا من [عند]

(2)

المستأجر فيحبسه لهذا كذا في الذخيرة

(3)

، والجامع الصغير

(4)

للإمام المحبوبي.

[استأجر الخياط غلاما فأفلس وترك العمل]

(وإذا استأجر الخياط غلاما)[أي]

(5)

ليخيط معه (فأفلس الخياط (

(6)

، فلا يتحقق الإفلاس فيه علم بهذا أن المراد من إفلاس الخياط [هو الخياط]

(7)

الذي يعمل لنفسه، حيث يحتاج فيه إلى شراء الثياب؛ ليخيطها، ويبيعها على أن الخياط الذي يعمل لغيره بأجر قد يتحقق إفلاسه بأن يظهر خيانته عند الناس، [فيمتنعون عن تسليم الثياب إليه، أو يلحقه ديون كثيرة، ويصير بحال أن الناس]

(8)

لا يأتمنونه على أمتعتهم كذا في الذخيرة

(9)

.

[استأجر غلاما ليخدمه في المصر ثم سافر]

(ومن استأجر غلاما يخدمه في المصر، ثم سافر فهو عذر) وإن قال: المؤاجر للقاضي: إنه لا يريد السفر، ولكنه يريد فسخ الإجارة، وقال المستأجر: أنا أريد السفر، فالقاضي يقول للمستأجر: مع من تخرج؟، فإن قال: مع فلان، وفلان، فالقاضي يسألهم أن فلانا هل يخرج معكم، وهل استعد للخروج، فإن قالوا: نعم، ثبت العذر [وإلا]

(10)

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

في (ب) ثمن.

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 501).

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 501).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

تكملة المسئلة: وترك العمل فهو عذر وإن أراد ترك الخياطة وإن يعمل في الصرف فهو ليس بعذر.

انظر: البداية (1/ 192).» كذا في الذخيرة انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 501).

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

ساقطة من (ب).

(9)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 501).

(10)

في (ب) ومالا.

ص: 57

فلا؛ وهذا لأن الخروج لا بد له من الاستعداد. قال الله تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً}

(1)

.

وبعض مشايخنا قالوا: القاضي يحكم بزيه، وثيابه فإن كانت ثيابه ثياب السفر يجعله مسافرا، وهذا لأن الزي [والسيما]

(2)

حجة يجب العمل بها عند اشتباه الحال، وبعضهم قالوا: إذا أنكر المؤاجر السفر، فالقول قوله، وبعضهم قالوا: القاضي يحلف المستأجر بالله إنك عزمت على السفر، وإليه مال الكرخي

(3)

والقدوري

(4)

(5)

رحمهما الله.

وكذلك لو خرج من المصر، ثم عاد يحلف بالله أنك قد خرجت قاصدا إلى [الموضع]

(6)

الذي ذكرت، ولو أراد رب العبد أن يسافر لا يكون له ذلك عذرا له في فسخ الإجارة، [لأنه يملكه]

(7)

إبقاء المعقود عليه من غير أن يحبس نفسه في مكان معين بأن يخرج إلى السفر، ويخلى بين المستأجر وبين العبد، كذا في الذخيرة

(8)

، [والله أعلم]

(9)

.

(1)

سورة [التوبة: 46].

(2)

في (أ) والسيما له و في (ب) والسيما والمثبت ما ذكر في (ب).

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 500).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 4).

(4)

هو الإمام، أبي الحسين: أحمد بن محمد القدوري، البغدادي، الحنفي، المتوفى: سنة 428، ثمان وعشرين وأربعمائة.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1631).

(5)

انظر: مختصر القدوري (ص: 105).

(6)

في (ب) الموقع.

(7)

في (أ) لا يمكنه في (ب) لأنه يملكه والصواب ما ذكر في (ب).

(8)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 500).

(9)

ساقط من (أ).

ص: 58

[مسائل منثورة]

(1)

(2)

[تعريف: حصد الزرع]

حصد الزرع: جزه من باب طلب، وضرب، وحصائد الزرع جمع حصيد، وحصيدة، وهما الزرع المحصود، [وأريد ها هنا]

(3)

ما يبقى في الأرض من أصول القصب المحصود في الأرض، كذا في المغرب

(4)

. (لأنه غير متعد في هذا التسبيب (السبب لغة: كل شيء يتوصل به إلى غيره.

انظر: لسان العرب (1/ 458)، المعجم الوسيط (1/ 411).

السبب اصطلاحا: كل وصف ظاهر منضبط دل الدليل السمعي على كونه معرفا لحكم شرعي. وقيل السبب عبارة عن وصف ظاهر منضبط، دل الدليل الشرعي على كونه معرفا لثبوت حكم شرعي طرديا كان: كجعل زوال الشمس سببا للصلاة، أو غير طردي: كالشدة المطربة.

انظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (4/ 170)، التحبير شرح التحرير (3/ 1066).» لأنه حصل الشرط لا على وجه التعدي، ومحصل الشرط إذا لم يكن متعديا لا يكون ضامنا (كمن حفر بئرا في دار نفسه) فوقع فيها إنسان فمات، حتى لو كان متعديا بأن سقاه سقيا لا يتحمله الأرض متعدى إلى أرض جاره يضمن؛ لأنه لم يكن منتفعا بملكه فيما فعل، بل كان متعديا.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

مسائل منثورة: أي هذه مسائل منثورة أي متفرقة أو مسائل شتى: من عادة المصنفين أن يذكروا في آخر الكتاب ما شذ وندر من مسائل في الأبواب السالفة في فصل على حدة، تكثيرا للفائدة ويترجموا عنه بمسائل منثورة أو مسائل شتى أو مسائل متفرقة أو مسائل لم تدخل في الأبواب.

انظر: العناية شرح الهداية (3/ 168)، البناية شرح الهداية (4/ 496).

(3)

في (ب) له هي.

(4)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 117).

ص: 59

وفي جمع الناطفي

(1)

(2)

أخرج الحداد الحديد من الكير

(3)

، وذلك في حانوته

(4)

، ووضعها على الفلاة، وضربها بمطرقة، فخرج شررها إلى طريق العامة، وأحرق شيئا ضمن و [لو]

(5)

لم يضرب، لكن أخرج الريح شررها فأحرق شيئا لم يضمن، ولو وضع جمرةً في الطريق فأحرقت شيئا يضمن، ولو دفعته الريح إلى شيء فأحرقه لا يضمن، كذا ذكره الإمام قاضي خان

(6)

، والتمرتاشي

(7)

[قيل]

(8)

هذا إذا كانت الريح هادنة بالنون من هدن، أي سكن، وفي نسخة هادئة من هدأ بالهمز [أي]

(9)

سكن

(10)

، وهذا القول الذي ذكره من تفصيل الهادية، والمضطربة اختيار شمس الأئمة السرخسي

(11)

رحمه الله.

(1)

الأحكام، في الفقه الحنفي للشيخ، الإمام، أبي العباس: أحمد بن محمد الناطفي، الحنفي.

المتوفى: سنة 446، ست وأربعين وأربعمائة. رتب على: ثمانية وعشرين بابا.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 1).

(2)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 147)، والدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)(6/ 89).

(3)

كير: الكير: كير الحداد، وهو زق أو جلد غليظ ذو حافات، وأما المبني من الطين فهو الكور. ابن سيده: الكير الزق الذي ينفخ فيه الحداد، والجمع أكيار وكيرة.

انظر: لسان العرب (5/ 157)، والقاموس المحيط (1/ 473).

(4)

حنت: الحانوت، معروف، وقد غلب على حانوت الخمار، وهو يذكر ويؤنث والحانوت أيضا: الخمار نفسه وكانت العرب تسمي بيوت الخمارين الحوانيت.

انظر: لسان العرب (2/ 26).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 354).

(7)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 354).

(8)

في (ب) وقيل.

(9)

في (أ) أي و في (ب) أي والصواب ما ذكر في (ب).

(10)

انظر: لسان العرب (13/ 211).

(11)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 105).

ص: 60

[إذا أقعد الخياط أو الصباغ من يطرح عليه]

(إذا أقعد الخياط أو الصباغ من يطرح عليه العمل بالنصف: فهو جائز (

(1)

فيقعد في دكانه رجلا حاذقا؛ ليتقبل القصار العمل من الناس، ويعمل ذلك الرجل على أن ما أصابا من شيء فهو بينهما نصفان، وهذا في القياس فاسد، لأن رأس مال صاحب الدكان المنفعة، والمنافع لا تصح رأس مال الشركة

(2)

، ولأن المتقبل للعمل [إن]

(3)

كان صاحب الدكان، فالعامل أجيره بالنصف، وهو مجهول؛ لأن الأجرة إذا كانت نصف ما يخرج من عمله كانت مجهولة لا محالة، وإن كان المتقبل هو العامل فهو مستأجر لموضع جلوسه من دكانه بنصف ما يعمل، وذلك مجهول أيضا.

(1)

يعني: إذا كان الخياط أو الصباغ معروفا وهو رجل مشهور عند الناس وله جاه ولكنه غير حاذق فأقعد في دكانه رجلا حاذقا ليتقبل صاحب الدكان العمل من الناس ويعمل الحاذق وجعلا ما يحصل من الأجرة بينهما نصفين جاز استحسانا.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 149).» وصورة المسألة إذا كان للقصار، أو للصباغ دكان معروف، وهو رجل مشهود عند الناس، وله جار ولكنه غير حاذق حذق: الحذق والحذاقة: المهارة في كل عمل.

انظر: لسان العرب (10/ 40).

(2)

الشركة لغة: الشركة والشركة سواء: مخالطة الشريكين. يقال: اشتركنا بمعنى تشاركنا، وقد اشترك الرجلان وتشاركا وشارك أحدهما الآخر.

انظر: لسان العرب (10/ 448).

اصطلاحا: الشركة نوعان: شركة الملك وشركة العقد. (فشركة الملك) أن يشترك رجلان في ملك مال، وذلك نوعان: ثابت بغير فعلهما كالميراث، وثابت بفعلهما، وذلك بقبول الشراء، أو الصدقة أو الوصية. والحكم واحد، وهو أن ما يتولد من الزيادة يكون مشتركا بينهما بقدر الملك، وكل واحد منهما بمنزلة الأجنبي في التصرف في نصيب صاحبه.

(وأما شركة العقد) فالجائز منها أربعة أقسام: المفاوضة، والعنان، وشركة الوجوه، وشركة التقبل.

انظر: المبسوط للسرخسي (11/ 151)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 313).

(3)

ساقطة من (أ).

ص: 61

والطحاوي

(1)

(2)

رحمه الله أخذ في هذه المسألة بالقياس، وقال: القياس عندي أولى من الاستحسان، [وفي الاستحسان]

(3)

يجوز هذا؛ لأن هذا، وشركة التقبل

(4)

في العمل ما بدالهما سواء، فيصير رأس مال أحدهما التقبل، ورأس مال الآخر العمل، وكل واحد منهما يجب به الأجر، فجاز.

وإنما قلنا أن [تصحيحه]

(5)

ممكن؛ لأنهما شرطا أن [يكون]

(6)

الخارج من عمل التلميذ بينهما على الشركة، ولا صحة لذلك إلا بعد إثبات الشركة في التقبل، فتثبت الشركة في التقبل اقتضاء، إذ ليس في كلامهما إلا تخصيص أحدهما بالتقبل، والآخر بالعمل، وتخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه

(7)

، فأمكنا إثبات الشركة

(1)

أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك بن سلمة بن سليم بن سليمان ابن حباب الأزدي الحجري المصري أبو جعفر الطحاوي الفقيه الإمام الحافظ تكرر ذكره في الهداية ولد سنة تسع وعشرين ومائتين ومات سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة صحب المزني وتفقه به ثم ترك مذهبه وصار حنفي المذهب وكان ثقة ثبتا.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 102).

(2)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 150)، البناية شرح الهداية (10/ 356).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

وشركة التقبل من قبول أحدهما العمل وإلقائه على صاحبه. (وسميت شركة التقبل) من تقبل العمل التقبل: مصدر تقبل. تعهد العمل، والتزامه شركة التقبل عند الحنفية: أن يتفق صانعان على أن يتقبلا الأعمال، ويكون الكسب بينهما. وكل ما تقبله أحدهما يلزمهما، وتسمى شركة صنائع، وأعمال، وأبدان.

انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (1/ 100)، والمغرب في ترتيب المعرب (1/ 372).

(5)

في (ب) فيه فصحيحه.

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

القاعدة: تخصيص الشيء بالذكر، مفهوم المخالفة.

ألفاظ ورود القاعدة: تخصيص الشيء بالذكر يدل على نفي الحكم عما عداه في متفاهم الناس وعرفهم، لا في خطابات الشارع. وفي لفظ: لا يجوز الاحتجاج بالمفهوم في كلام الناس في ظاهر المذهب كالأدلة وفي لفظ: تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على أن الحكم فيما عداه بخلافه وفي لفظ: تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه. قواعد أصولية فقهية.

معنى هذه القواعد ومدلولها: هذه القواعد تتعلق بمسألة من المسائل الأصولية الخلافية بين الحنفية وجمهور الأصوليين من غيرهم. حيث إن غير الحنفية يرون الاحتجاج بمفهوم المخالفة، وهو ما يسميه الحنفية: تخصيص الشيء بالذكر، ويستدل غير الحنفية بهذا المفهوم في كثير من المواضع -مذكورة في مظانها من كتب أصول الفقه- ولكن الحنفية يخالفونهم في ذلك ويقولون: إن ما عدا المخصوص مسكوت عنه فيبقى حكمه على ما دل عليه الدليل العام. ولكن الحنفية من جهة أخرى يُعمل جمهورهم مفهوم المخالفة في كلام الناس، وأعرافهم وإن كان ابن نجيم -كما هو مذكور أعلاه- يخالف في ذلك ويرى أن ظاهر المذهب على عدم العمل بالمفهوم مطلقًا. انظر: موسوعة القواعد الفقهية (2/ 247).

ص: 62

في التقبل اقتضاء، فكأنهما اشتركا في التقبل، فلو صرحا بشركة التقبل ثم تقبل أحدهما وعمل الآخر يجوز، فكذا هنا؛ لأنه في شركة التقبل في العمل إذا غاب أحدهما، أو مرض ولم يعمل، وعمل الآخر، فالأجر بينهما؛ لأن الأجر بالتقبل وقد استويا فيه، فكذا هنا، كذا في الجامع الصغير للإمام التمرتاشي [والمحبوبي]

(1)

(2)

رحمه الله الوطاءة يشترونها لي [كسردة والدثار جامه كه برجامه ديكربوسند]

(3)

. كذا في تاج الإسلامي، ورد الزاد معتاد عند البعض، هذا جواب إشكال مقدر، وهو أن يقال مطلق العقد محمول على العادة، وفي عادة المسافرين أنهم يأكلون من الزاد، ولا يردون شيئا مكانه.

فقال في جوابه: العرف مشترك، [فإنه]

(4)

معتاد عند البعض، [فكان]

(5)

العمل بالإطلاق أولى، وهو أن المكاري قبل الحمل المسمى من موضع إلى موضع، وإنما يكون ذلك برد ما انتقص من الزاد لأن ذلك عادة عند البعض وعرفهم، ويتصرف المطلق إلى المتعارف وبيان هذا السؤال والجواب فيما ذكره في شرح الأقطع

(6)

(7)

.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 147)، العناية شرح الهداية (9/ 150)، البناية شرح الهداية (10/ 355).

(3)

لغة فارسية ومعناها: يفسر معنى كلمة كسرده ودثار؛ أنه بمعنى ثوب فوق ثوب.

(4)

في (ب) بأنه.

(5)

في (ب) وكان.

(6)

لأحمد بن محمد بن محمد أبو نصر الأقطع الفقيه الحنفي البغدادي درس الفقه على أبي الحسين ابن القدوري حتى برع فيه وأتقن الحساب ومال إلى حدث فظهرت سرقه على الحدث فاتهم بأنه شاركه فيها فقطعت يده اليسرى وخرج من بغداد إلى الأهواز وأقام برام هرمز وشرح مختصر القدوري شرحا حسنا وكان يدرس هناك إلى أن توفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة. له شرح مختصر القدوري.

انظر: الوافي بالوفيات للصفدي 8/ 78، الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي 2/ 361، تاج التراجم لابن قطلوبغا السودوني 104.

(7)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 151)، البناية شرح الهداية (10/ 357)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 96).

ص: 63

[استأجر بعيرا ليحمل عليه مقدارا من الزاد فأكل منه في الطريق]

وقال: وإن استأجر بعير ليحمل عليه مقدارا من الزاد فأكل منه في الطريق: جاز [له]

(1)

أن يرد عوض ما أكل).

وقال بعض أصحاب الشافعي رحمه الله

(2)

: لا يستبدل [الزاد]

(3)

دليلنا أنه استحق عليه حمل قدر من الزاد، فإذا نقص كان له رد بدله كالماء، ولأن ما شرط حمله وزنا إذا نقص له، ومثله أصله المتاع.

فإن قيل: مطلق العقد محمل على العرف أصله نقد البلد، والعرف أنهم يأكلون ولا يردون بدله، ويشربون الماء، ويردون بدله، فحمل العقد على المعتاد.

قيل له: إذا شرطوا حمل وزن معلوم فلم يطلقوا العقد، بل سوا المعقود عليه، ثم [بدأه]

(4)

العادة منقسمة قد يردون، وقد لا يردون فلم يصح الرجوع إلى العادة مع انقسامها، والله أعلم.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر: مختصر المزني (8/ 226)، الحاوي الكبير (7/ 420).

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

في (ب) بعده.

ص: 64

[بسم الله الرحمن الرحيم‌

‌ كتاب المكاتب]

(1)

أورد عقد الكتابة بعد عقد الإجارة لمناسبة أن كل واحد منهما عقد يستعاد به المال بمقابلة ما ليس بمال على وجه يحتاج فيه إلى ذكر العوض بالإيجاب، والقبول بطريق الأصالة، وبهذا وقع الاحتراز عن البيع، والطلاق

(2)

، والإعتاق.

وقدم عقد الإجارة؛ لأنه أشبه بعقد البيع من حيث التمليك والشرائط، وجريانه في غير المولى وعبده، فلما قدم البيوع وما يتبعها قدم أيضا ما يشبهها، ثم من محاسن عقد الكتابة أن كل واحد من المولى والعبد يصل في الجري [على]

(3)

موجب العقد إلى [ما تمناه]

(4)

من أمور العاجلة، ومبتغاة من أمور الآجلة، فإن المولى كما يجوز بدل الكتابة بالإرفاق، كذلك يحرز ثواب الإعتاق، وكذلك العبد، كما ينال شرف الحرية الدنيوية كذلك يبلغ إلى اكتساب أسباب السعادة العقباوية على وجه ينبغي به تحمل بعض المنة

(5)

، ويتصون به ما يوجب ضعف المنة، فإن العبد يظن أنه عتق بسعي نفسه، مع أن المولى يصل إلى ثواب عتقه، ولهذا كان الولاء للمولى، وإن حصل العتق بأداء

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

الطلاق لغة: اسم بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم (ومنه){الطلاق مرتان} [البقرة: 229].

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 293).

اصطلاحا: عبارة عن حكم شرعي برفع القيد النكاحي بألفاظ مخصوصة.

انظر: العناية شرح الهداية (3/ 463)، البناية شرح الهداية (5/ 280).

(3)

في (ب) لما.

(4)

في (أ) منحناه وفي (ب) ما تمناه وما ذكر في (ب) أصح.

(5)

ومن عليه يمن منا: أحسن وأنعم، والاسم المنة.

انظر: لسان العرب (13/ 417).

ص: 65

حطام الدنيا، ومن محاسنه أيضا الاستنان [بنفسه]

(1)

، ما عامل الله تعالى به عباده فإن الخلق [كلهم]

(2)

عبيد الله وإماؤه لكن أعطاهم من حرية اليد والملك الظاهر بقدر ما ينبغي في فكاك رقبتهم، فإن كل واحد منا رهين

(3)

كسبه. قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}

(4)

وهو يسعى في خلاص نفسه، وبدل كفايته الوفاء بعهد الله تعالى بإتمار أوامره، والإنزجار عن نواهيه، والثبات على العبادة، والإيمان [باليقين]

(5)

قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}

(6)

. فعند ذلك حاله وفاء بدل الكتابة، فمن وفي بعهده فقد أدى بدل الكتابة، واستحق الخلاص، ومن لم يف ذلك عياذًا بالله لم يواف المناص

(7)

، وكذلك هاهنا إن نفس العبد وكسبه لمولاه، ثم جعل المولى جزاء عتقه في ملكه بملكه نيلا [لما]

(8)

يرجوه في عقباه، فيرجو من الله الكريم أن يتساهل بنا فيما عاملنا [في]

(9)

بدل الكتابة، ويجعلنا من الذين أوفوا بعهودهم، ووصلوا إلى ما أعد الله [لهم]

(10)

من الكرامات العلية بوفودهم فإن حكما من أحكامه في بدل الكتابة يقوى

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

الرهن لغة: رهن الشيء دام وثبت فهو (راهن) وبابه أيضا قطع.

انظر: مختار الصحاح (ص: 130).

شرعا: جعل الشيء محبوسا بحق يمكن استيفاؤه من الرهن كالديون.

انظر: العناية شرح الهداية (10/ 135)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 54).

(4)

سورة [المدثر: 38].

(5)

في (أ) بالنفس وفي (ب) باليقين.

(6)

سورة [الحجر: 99].

(7)

(المناص) الملجأ والمفر.

انظر: المعجم الوسيط (2/ 963).

(8)

في (ب) لم.

(9)

في (ب) من.

(10)

ساقطة من (أ).

ص: 66

رجاءنا عنده، وذلك أن من قال لعبده أد إلي ألفا وأنت حر فاكتسب العبد، وسعى في تحصيل الألف على ما أمره المولى به، وأتى به إلى المولى فالشرع أبدل المولى قابلا لما أتى به، وحكم بحرية العبد حتى لو رده المولى. وقال: لا أقبل، لا يعتبر رده، فلما جعل الله تعالى عبده [قابلا]

(1)

[يسعي]

(2)

مملوكه [له]

(3)

، كيلا يجبر في سعيه مع [لومه]

(4)

ونقصانه، كان الله تعالى أحق أن يقبل، ولا يخير عبده مع كرمه وكمال برهانه حتى يوافق حكمه مع عباده حكمه الذي شرع بين عباده، فإن فضل الله تعالى ورحمته هو المرجو منه، وكرمه الواسع هو المرغوب فيه، ثم يحتاج هاهنا إلى معرفة سبعة أشياء معرفة معنى الكتابة لغة، وشرعا، وسببها [وركنها]

(5)

، وشرطها، وحكمها، وألفاظها.

[معنى الكتابة في اللغة والشرع]

أما اللغة: فإن مدار التركيب دال على الجمع والضم، ومنْهُ كَتَبَ النّعْلَ والْقِربَةَ أي خَرَزَهَا، والْكُتْبُ الْخُرَزُ، والوَاحِدَة كُتْبَهُ، ومنه فعل الكتابة [لما فيه]

(6)

من جمع الحروف، والكلمات، والكتيبة للجيش لانضمام البعض إلى البعض

(7)

.

وأما شرعا: فإنها عبارة عن عقد بين المولى والعبد بلفظ الكتابة، أو بلفظ يؤدي معناه من كل وجه على ما يجئ على أداء العبد مالا معلوما بمقابلة عتق يحصل له عند أدائه

(8)

.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

في (أ) لسعي وفي (ب) يسعى والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) كونه.

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 400).

(8)

العناية شرح الهداية (9/ 152)، البناية شرح الهداية (10/ 358).

ص: 67

فإن قلت: إذا علق

(1)

المولى عتقه بأداء المال يحصل له العتق عند أدائه، فعلى هذا لا يبقى الفرق بين الكتابة، وتعليق العتق بالمال.

قلت: وقع الاحتراز

(2)

عن التعليق بقولنا: فإنه عبارة عن عقد بين المولى والعبد، وهو عبارة عن الإيجاب والقبول، وذلك غير مشروط في التعليق، فإن التعليق يتم بالمولى بخلاف الكتابة، فإنه عقد معاوضة، فلا بد من الإيجاب والقبول بينهما، وكذلك وقع الاحتراز عن الإعتاق على مال [وقولنا]

(3)

بلفظ الكتابة، أو بلفظ يؤدي معناه من كل وجه، فإن الإعتاق على مال يحصل بقوله أعتقتك على ألف درهم، وقبل العبد كان إعتاقا على مال، ولا يكون كتابة.

فإن قلت: ما الفرق بين الإعتاق على مال وبين الكتابة من حيث الحكم، فإنهما يتشابهان فإن في كل [واحد]

(4)

منهما حصول المال [للمولى بمقابلة حصول العتق للعبد.

(1)

علق: الشيء بالشيء فتعلق به ويقال علق بابا على داره إذا نصبه وركبه وعلق القاضي الحكم لم يقطع.

انظر: والمغرب في ترتيب المعرب (1/ 326)، المعجم الوسيط (2/ 622).

(2)

الحرز: حرز الشيء بالغ في حفظه ومنه احترز منه توقاه تحرز منه احترز الحرز الوعاء الحصين يحفظ فيه الشيء والمكان المنيع يلجأ إليه.

انظر: مختار الصحاح (ص: 70)، المعجم الوسيط (1/ 166).

(3)

في (أ) بقولهما وفي (ب) وقولنا والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

ساقطة من (أ).

ص: 68

[أسباب الكتابة]

قلت: الفرق بينهما هو أن عقد الكتابة]

(1)

عقد معاوضة يقال، ويفسخ ولا يملك المولى بيعه بخلاف الإعتاق على مال، فإن ذلك [يمين]

(2)

بالإعتاق من جانب المولى حتى إن المكاتب يملك كتابة عبده، ولا يملك الإعتاق على مال ذكره في المبسوط

(3)

،

وهذا فرق ظاهر، ثم معنى الضم مراعى؛ [ما]

(4)

فيه ضم جهة اليد إلى حرية الرقبة، فإن العبد يصير حرا [هذا]

(5)

في الحال، ثم ينضم إلى هذه الحرية حرية الرقبة عند أداء بدل الكتابة، أو فيه ضم المولى العبد إلى نفسه في إثبات صفة المالكية يدا، فإن العبد بعقد الكتابة صار مالكا نفسه، وكسبه [هذا]

(6)

حتى يختص بالتصرف في نفسه، وكسبه.

وأما سببها: فهو الرغبة الباعثة للمولى والعبد على مبتغاهما الذي ذكرناه عند

(7)

ذكر المحاسن في نيل المولى [بدل] الكتابة، والعبد لشرف الحرية.

[أركان الكتابة]

وأما ركنها، فالإيجاب، والقبول.

[شرط الكتابة]

وأما شرطها على الخصوص: فقيام الرق في المحل، وكون المسمى معلوم القدر، والجنس أيضا، إلا أنه ليس من شرطهما على الخصوص. وأما كون بدلها مؤجلا ومنجما

(8)

ليس بشرط عندنا.

[حكم الكتابة]

وأما حكمها: فمن جانب العبد انفكاك الحجر في الحال، وثبوت حرية اليد حتى يصير العبد أخص بمنافعه ورقبته، ويذهب للتجارة حيث شاء، ولهذا لا يملك المولى منعه عن السفر حتى لو شرط عليه أن لا يخرج من البلدة كان باطلا.

وحكم العقد ما يثبت بالعقد المطلق، وهذا الحكم يثبت فيه بمطلق العقد، [فكان]

(9)

حكمه وحكمهما في الثاني ثبوت حرية الرقبة، إذا أدى بدل الكتابة حتى إن

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

في (ب) بمعنى.

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 185).

(4)

في (ب) لأن.

(5)

في (ب) يدا.

(6)

في (ب) يدا.

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

التنجيم: من نجمت المال إذا أديته نجوما ومنه تنجيم المكاتب ونجوم الكتابة. تنجيم الدين: هو أن يقدر عطاؤه في أوقات معلومة متتابعة مشاهرة أو مساناة، ومنه تنجيم المكاتب ونجوم الكتابة، وأصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها، فتقول إذا طلع النجم: حل عليك ما لي أي الثريا.

انظر: لسان العرب (12/ 570).

(9)

في (ب) وكان.

ص: 69

المكاتب يعتق عند أداء بدل الكتابة، سواء قال له المولى في عقد الكتابة على أنك إن أديت إلي كذا فأنت حر أو لم يقل ذلك، واقتصر على قوله كاتبتك.

وأما من جانب

(1)

المولى فحكمها في الحال ثبوت ولاية المطالبة للمولى ببدل الكتابة، وفي الثانية حقيقة الملك في البدل إذا قبضه.

[ألفاظ الكتابة]

وأما ألفاظها: فقد قال محمد رحمه الله في الجامع الصغير

(2)

: رجل (قال لعبده: قد جعلت عليك ألفا تؤدها إلي نجوما أول النجم كذا وآخره كذا، فإذا أديتها فأنت حر، فإن عجزت فأنت رقيق:[فهو مكاتب] (

(3)

إذا قال لعبده أد إلي ألف درهم كل شهر مائة، وأنت حر قال: هذا مكاتب وهو جائز، كما لو قال لغيره: أد إلي ألف درهم وهذا العبد، لك يكون بيعا، ولو قال لعبده: قد كاتبتك على مائة دينار، قد كاتبتك على مائة درهم، فقال: قبلت الأول له ذلك، ولو قال: قبلت ولم يبين فهو على الآخر، كذا في الذخيرة

(4)

، والمغني

(5)

(6)

وغيرهما.

(1)

في (ب) حيث.

(2)

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (1/ 462).

(3)

في البداية: فإن هذه مكاتبة.».

[مشروعية الكتابة وما تنعقد به]

وفي الوصايا انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (3/ 419).

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 96).

(5)

عمر بن محمد بن عمر، الشيخ، جلال الدين الخبازي له حواشي على "الهداية" وكتاب "المغني" في أصول الفقه. وكان فقيها عابدا ومات لخمس بقين من ذي الحجة، سنة إحدى وتسعين وستمائة، في عشر السبعين.

قال الذهبي: قال أبو العلاء الفرضي: صنف الخبازي في الفقه، والأصلين. ومات عن اثنتين وستين سنة.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 398)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1: 220 - 221).

(6)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 96).

ص: 70

[آثار المكاتبة]

[قوله]

(1)

: (وإنما هو أمر ندب

(2)

هو الصحيح) هذا احتراز عن قولين آخرين، أحدهما قول داود

(3)

(4)

، ومن تابعه، فإنهم يقولون: إذا طلب العبد من مولاه أن يكاتبه، وقد علم المولى فيه خيرا يجب عليه أن يكاتبه؛ لأن الأمر وهو قوله تعالى:{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}

(5)

يفيد الوجوب، والثاني قول بعض مشايخنا فإنهم يقولون هذا الأمر، وهو قوله:{فَكَاتِبُوهُمْ} ؛ لبيان الإباحة لا للندب، كقوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}

(6)

وقوله: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}

(7)

مذكور على وفاق العادة، والعادة أن المولى إنما يكاتب عبده إذا علم فيه خيرا، وإنا نقول هذا ضعيف فإنه إذا حمل على هذا لم يكن مفيدا شيئا، وكلام الله تعالى منزه عن هذا، ولكنا نقول: الأمر قد يكون للندب، والإباحة ثابتة بدون هذا الشرط، والندب متعلق بهذا الشرط [وإنما]

(8)

يندب المولى؛ لأن يكاتبه إذا علم فيه خيرا، كذا في المبسوط

(9)

.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

الندب لغة: ندبا وندوبة وندوبا، فهو نديب: صارت فيه ندوب. وندبه إلى الأمر، كنصره: دعاه، وحثه وقيل المندوب الرسول.

انظر: القاموس المحيط (ص: 137)، المعجم الوسيط (2/ 910).

شرعا: ما أثبت فاعله، ولم يعاقب تاركه مطلقا.

انظر: التحبير شرح التحرير (2/ 978).

(3)

داود بن علي الأصبهاني الظاهري الفقيه أبو سليمان مولده سنة مائتين وقيل اثنتين ومائتين بالكوفة ونشأ ببغداد وفيها مات سنة سبعين ومائتين وإنما قيل له الأصبهاني لأن أمه أصبهانية.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 419)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1423).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 3).

(5)

سورة [النور: 33].

(6)

سورة [المائدة: 2].

(7)

سورة [النور: 33].

(8)

في (ب) فإنما.

(9)

انظر المبسوط: المبسوط للسرخسي (8/ 3).

ص: 71

وفيه اختلاف الصحابة، أي [وفي]

(1)

وقت عتق العبد اختلاف الصحابة رضي الله عنهم، فإن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في أن المكاتب متى يعتق فكان ابن عباس

(2)

رضي الله عنهما يقول: «كما أخذ الصحيفة من مولاه يعتق»

(3)

، يعني بنفس العبد؛ لأن الصحيفة عند ذلك تكتب، فكأنه جعل الكتابة واردة على الرقبة، كالعتق يجعل وقال: يعتق بالقبول، وهو غريم للمولى فيما عليه من بدل الكتابة، وكان ابن مسعود

(4)

رضي الله عنه يقول: «إذا أدى قيمة نفسه [يعتق]

(5)

فو غريم للمولى في الفضل»

(6)

، فكأنه اعتبر وصول قدر مالية الرقبة إلى المولى؛ ليندفع الضرر عنه.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو العباس القرشي الهاشمي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كني بابنه العباس، وهو أكبر ولده، وأمه لبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية، وهو ابن خالة خالد بن الوليد. وكان يسمى البحر، لسعة علمه، ويسمى حبر الأمة.

انظر: أسد الغابة (3/ 291).

(3)

لم اقف على تخريجه إلا على هذا اللفظ: فمذهب ابن عباس أنه يعتق كما أخذ الصحيفة من مولاه يعني؛ يعتق بنفس العقد وهو غريم المولى بما عليه من بدل الكتابة، ومذهب ابن مسعود أنه يعتق إذا أدى قيمة نفسه.

انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري (4/ 224).

(4)

عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر أبو عبد الرحمن الهذلي حليف بني زهرة، كان أبو مسعود قد حالف في الجاهلية عبد بن الحارث بن زهرة، وأم عبد الله بن مسعود أم عبد بنت عبد ود بن سواء من هذيل أيضا توفي سنة ثلاث وثلاثين.

انظر: أسد الغابة ط العلمية (3/ 381).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

حدثنا يوسف عن أبيه عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود رضى الله عنه قال إذا أدى قيمة رقبته فهو غريم.

أخرجه أبو يوسف الحنفي في كتابه الآثار 190 في المكاتب والمدبر وأم الولد رقم 861، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 112) باب المكاتب متي يعتق رقم 4720، والبيهقي في السنن الكبري (10/ 549) كتاب العتق باب ما جاء في المكاتب يصيب حدا رقم 21659.

ص: 72

[متى يعتق العبد]

وكان علي رضي الله عنه يقول: «يعتق بقدر ما أدى»

(1)

، فكأنه يعتبر القبض بالكل، وهو بناء على قوله: يعتق الرجل من عبده ما شاء، وكان زيد بن ثابت

(2)

رضي الله عنه يقول: «هو عبد ما بقي عليه درهم»

(3)

، وبه أخذ جمهور الفقهاء

(4)

.

وقالوا: لا يعتق ما لم يود جميع البدل، والدليل عليه ما ذكره من الحديث. وأما المعنى فيه فهو أن موجب العقد مالكية اليد في حق المكاتب، والمنافع للمكاتب، فإنه

(1)

يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أنه يعتق بقدر ما أدى.

أخرجه البيهقي في السنن الكبري (10/ 549) كتاب العتق باب ما جاء في المكاتب يصيب حدا رقم 21657.

(2)

زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد وكان عمره لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة إحدى عشرة سنة، وكان يوم بعاث ابن ست سنين، وفيها قتل أبوه. واستصغره رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، فرده، وشهد أحدا، وقيل: لم يشهدها، وإنما شهد الخندق أول مشاهده وتوفي سنة خمس وأربعين.

انظر: أسد الغابة (2/ 346).

(3)

أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، أنبأ أبو نصر العراقي، ثنا سفيان بن محمد الجوهري، ثنا علي بن الحسن، ثنا عبد الله بن الوليد، ثنا سفيان، عن طارق بن عبد الرحمن، قال: سمعت الشعبي يقول: كان زيد بن ثابت يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم".

أخرجه البيهقي في سننه (10/ 549) كتاب العتق باب ما جاء في المكاتب يصيب حدا رقم 21658، وأبي يوسف في الآثار 190 في المكتاب والمدبر وأم الولد رقم 862.

(4)

عزو القول الفقهي.

الحنفية وفيه: -قال أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى وابن شبرمة وعثمان البتي ومالك والشافعي والأوزاعي والليث المكاتب عبد ما بقي عليه درهم لا يعتق إلا بأداء جميع الكتابة.

انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي الحنفي (4/ 432).

المالكية: وفيه: والمكاتب عبد ما بقي عليه شيء من كتابته إن أداه عتق وإن عجز رق.

انظر- الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر (2/ 988).

الشافعية وفيه: قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: يروى أن من كاتب عبده على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو رقيق أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن زيد بن ثابت قال في المكاتب هو عبد ما بقي عليه درهم. (قال الشافعي -رحمه الله تعالى-): وبهذا نأخذ وهو قول عامة من لقيت.

انظر: الأم للشافعي (8/ 56).

الحنابلة انظر -الكافي في فقه الإمام أحمد لابن قدامة 2/ 340 وفيه: لا يعتق المكاتب حتى يبرأ من مال الكتابة، بالأداء أو الإبراء.

ص: 73

كان مملوكا يدا، ورقبة فهو بعقد الكتابة، تثبت له مالكية اليد بعوض؛ لأن مالكية اليد من كرامات بني آدم، وهو مع الرق أهل لبعض الكرامات.

ألا ترى أنه أهل لمالكية النكاح، ومالكية [اليد]

(1)

تفضل عن مالكيته الرقبة، ألا ترى أن الراهن يثبت للمرتهن

(2)

ملك اليد، وأن الغاصب يضمن بتفويت اليد، فكذلك بالكتابة تثبت له مالكية اليد.

فأما العتق، فمتعلق بشرط الأداء، والشرط مقابل المشروط جملة، ولا يقابله جزءا لأن ثبوت الحكم عند وجود الشرط نظير ثبوت الحكم بالعلة

(3)

، فلهذا لا يعتق شيء منه ما لم يؤد جميع البدل، كذا في المبسوط

(4)

.

(ويعتق بأدائه، وإن لم يقل المولى إذا أديتها فأنت حر) وقال الشافعي

(5)

رحمه الله: لا يعتق ما لم يقل كاتبتك، على كذا على أنك إن أديته إلي فأنت حر، وحاصل الاختلاف راجع إلى تفسير الكتابة.

فعندنا تفسير [ها]

(6)

شرعا هو الجمع حرية اليد إلى حرية الرقبة عند الأداء، لا لضم النجم إلى النجم.

وعند الشافعي

(7)

رحمه الله تفسيرها شرعا ضم نجم إلى نجم، لا ضم حرية إلى حرية، فيجعل كالمنصوص، ولو نص عليه به لا يعتق بأن قال: ضربت عليك ألفا

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

المرتهن: الذي يأخذ الرهن.

انظر: مختار الصحاح (ص: 130).

(3)

كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (1/ 124) قواطع الأدلة في الأصول (1/ 74).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 206).

(5)

انظر: الأم للشافعي (8/ 50).

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

انظر: الأم للشافعي (8/ 50).

ص: 74

على أن تؤديها إلي في كل شهر، كذا فإن ثمة لا يعتق، فكذا هنا، كذا في مبسوط شيخ الإسلام رحمه الله

(1)

.

ولا يجب حط شيء من البدل وعلى قول الشافعي رحمه الله يستحق عليه حط ربع البدل وهو قول عثمان

(2)

رضي الله عنه؛ ظاهر قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} .

فإن مطلق الأمر للوجوب، وحجتنا فيه أن العقد يوجب البدل، فلا يجوز أن يكون موجبا إسقاط البدل إذ الشيء لا يتضمن ضده، والقياس لنا فإنه عقد معاوضة، فلا يستحق به حط شيء من البدل كسائر المعاوضات، أو يعتبر أحد العوضين بالآخر، والمراد بالآية الندب دون الحتم

(3)

، فإنه معطوف على الأمر المذكور في قوله:

{فَكَاتِبُوهُمْ} ، فذاك ندب، وليس بحتم، إذ لا يجب عليه أن يكاتب عبده، وإن علم فيه خيرا، فكذلك قوله تعالى:{وَآتُوهُمْ} ؛ لأن حكم المعطوف حكم المعطوف عليه، كذا في المبسوط

(4)

.

وليس هذا مثل قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}

(5)

في حق [التمسك]

(6)

بالعطف؛ لأن تلك الآية مشتملة على جملتين، كل واحدة منهما مستندة بنفسها غير

(1)

انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (4/ 24).

(2)

لما روي عن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه أنه غضب على عبد له وقال لأعاقبنك ولأكاتبنك على نجمين.

انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (8/ 418).

أخرجه البيهقي [10/ 320 - 321]، كتاب المكاتب: باب مكاتبة الرجل عبده أو أمته على نجمين فأكثر بمال صحيح.

(3)

حتم: الحتم: القضاء؛ قال ابن سيده: الحتم إيجاب القضاء وحتمت عليه الشيء: أوجبت.

انظر: لسان العرب (12/ 113)، المعجم الوسيط (1/ 155).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 207).

(5)

سورة [البقرة: 43].

(6)

في (ب) التمليك.

ص: 75

مرتبطة بالضمير الراجع إلى ما قبلها، فلا يصح الاستدلال هناك بالعطف، وأما هاهنا فالثانية مرتبطة بالأولى برجوع الضمير إلى ما قبلها، [ولم]

(1)

تكن مستندة بنفسها، فصح الاستدلال بالعطف.

[حكم اشتراط تعجيل المال أو تأجيله في الكتابة]

([قال]

(2)

ويجوز [أن يشترط المال حالا، ويجوز]

(3)

مؤجلا و منجما) (وقال الشافعي

(4)

: لا يجوز حالا [غير مؤجل] (

(5)

الأداء في ثاني الحال، [فقال]

(6)

العبد: هو الذي يلتزم الأداء هاهنا، وهو يخرج من يد مولاه مفلسا

(7)

، فلا بد من أجل يقدر به على تسليم بدل الكتابة؛ لأنه لم يكن قبل العقد من أهل الملك، فبعقد الكتابة يصير من أهل الملك يدا بخلاف عقد السلم، فإن السلم إليه [فهو]

(8)

الذي يلتزم الأداء، وهو كان من أهل الملك قبل العقد، فأنزل قادرا على تسليم المسلم فيه، ولا تحتاج إلى الأجل.

ونحن نظرنا في الموضع إلى حال المعقود به، والمعقود عليه، وأجمعنا على أن القدرة على أن يكون المعقود به ملكا للعاقد، ليس بشرط لصحة العقد، والقدرة على المعقود عليه ملكا شرط لصحة العقد، فإنه إذا لم يملك الثمن، واشترى أشياء يجوز شراءه، وأما إذا لم

(1)

في (ب) فلم.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

انظر: الحاوي الكبير (18/ 146).

(5)

في الهداية: (ولا بد من نجمين).» وحاصل الخلاف في الموضعين، أعني الكتابة والسلم راجع بيننا وبين الشافعي رحمه الله إلى شيء آخر، وهو أنه نظر في الموضعين إلى حال العاقد في [حق] ساقطة من (أ).

(6)

في (ب) وقال.

(7)

أفلس الرجل إذا لم يبق له مال، يراد به أنه صار إلى حال يقال فيها ليس معه فلس والإفلاس حالة تترتب على توقف التاجر عن الوفاء بديونه.

انظر: لسان العرب (6/ 166)، المعجم الوسيط (2/ 700).

(8)

في (ب) هو.

ص: 76

يملك المعقود عليه فباع ملك غيره، ثم اشتراه، وسلمه لا يجوز، [ثم]

(1)

هاهنا بدل الكتابة معقود به، وهو الذي يؤدى بعد العقد، فلا تتوقف صحة العقد على القدرة على تسليمه، وفي السلم المعقود عليه مسلم فيه، فتتوقف صحة العقد على القدرة على تسليمه، فلا بد من الأجل

(2)

؛ ليقدر على اكتساب المسلم فيه في تلك المدة، وتسليمه إلى رب السلم.

فإن [قيل]

(3)

: لما ثبت دليل كل واحد من الطرفين على وجه يصلح للإثبات ما ادعينا نحن، والخصم كان [الدليلان]

(4)

متعارضين على السواء، فمن أين يثبت رجحان دليلنا على دليل الخصم بعد ذلك؟.

قلت: رجحان دليلنا

(5)

على دليله ظاهر

(6)

؛ وذلك لأن ما استدللنا به دائر بين شرط الجواز وعدمه، وما استدل به الخصم دائر بين علامة غالب الوجود وعدمه، والشرط أكثر تأثيرا في الحكم من العلاقة، مع أن هذه العلاقة التي ذكرها الخصم لو انعدمت فإنها غير جائرة في صحة العقد.

بيان هذا، هو أن الخصم يقول لا تجوز الكتابة إلا مؤجلا بمقدار نجمين، لما أن الظاهر من حال العبد أنه مفلس؛ لأنه لم يكن مالكا لشيء من الأشياء قبل عقد الكتابة، [وقد]

(7)

التزم الأداء بالعقد، فيجب أن يكون قادرا على الأداء؛ [حتى]

(8)

يتحقق ما قصد إليه المولى في هذا العقد، وهو حصول بدل الكتابة [له]

(9)

.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

الأجل: مدة الشيء، وأجل الشيء يأجل، فهو آجل وأجيل: تأخر، وهو نقيض العاجل. والأجيل: المؤجل إلى وقت.

انظر: مختار الصحاح (ص: 14)، لسان العرب (11/ 11).

(3)

في (ب) قلت.

(4)

في (أ) الدليل وفي (ب) الدليلان وهو الصحيح الذي يوافق مع ما بعده.

(5)

أي الحنفية.

(6)

أي دليل الشافعي.

(7)

في (ب) فقد.

(8)

في (ب) حين.

(9)

ساقطة من (ب).

ص: 77

(بخلاف عقد السلم) فإن [المسلم]

(1)

إليه جزء من أهل الملك، فبالتزامه هذا العقد يعلم أنه قادر على تسليم المسلم إليه، وإنا نقول [عدم]

(2)

قدرة العبد ممتدا إلى مقدار نجمين ليس بأمر لازم؛ لأن من الجائز أن يرزق العبد فور عقد الكتابة مالا عظيما بطريق الهبة.

والزكاة

(3)

، أو بالتجارة [الفاخرة]

(4)

، ولئن سلم [إفلاسه]

(5)

، فإفلاسه واقع حق المعقود به؛ [لما]

(6)

في حق المعقود عليه، وذلك غير جائز لصحة العقد؛ لأن المفلس لو اشترى أموالا عظيمة [يصح]

(7)

شراؤه وإن لم يكن هو مالكا للشيء من الثمن.

وأما السلم فيجب أن يكون مؤجلا لا محالة؛ لأن الأجل هناك قائم مقام الملك المسلم فيه، وهو المعقود عليه، وملك المعقود عليه شرط لصحة العقد كما في البيع، فإنه لا يجوز البيع، إلا أن يكون المبيع مملوكا [مقدور التسليم لزوما]

(8)

، وما كان قائما مقامه وهو الأجل أيضا ينبغي أن يكون شرطا لصحة العقد؛ لأن الأصل إذا كان شرطا لصحة شيء كان الذي يقوم مقامه عند عدمه شرطا أيضا كالتيمم لجواز الصلاة عند عدم

(1)

في (أ) السلم وفي (ب) المسلم والصواب ما ذكر في (ب).

(2)

في (ب) بعد.

(3)

الزكاة لغة: الزيادة والنماء. والزكاة: زكاة المال معروفة، وهو تطهيره، والفعل منه زكى يزكي تزكية إذا أدى عن ماله زكاته غيره.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 209)، لسان العرب (14/ 358)، المعجم الوسيط (1/ 396).

اصطلاحا: أداء حق يجب للمال يعتبر في وجوبه الحول والنصاب لأنها توصف بالوجوب، وهو من صفات الأفعال دون الأعيان، وقد يطلق على المال المؤدى ولا يصح الإيتاء إلا في العين.

انظر: العناية شرح الهداية (2/ 153).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

في (ب) لأنه.

(7)

في (أ) فصح وفي (ب) يصح والصواب ما ذكر في (ب).

(8)

في (ب) مقدرا المسلم له.

ص: 78

الوضوء حتى [لو أدى]

(1)

عنه غيره لا يعتق؛ لأن [أداء]

(2)

البدل إنما يعتبر بعد انعقاد العقد [ولا]

(3)

ينعقد العقد حين لم يقبله أحد، فلا يحصل العتق بالأداء كما لو كاتب ما في بطن أمته، فجاء رجل وأدى عنه المال لم يعتق، ثم يرد المال على صاحبه؛ لأنه أداه المقصود ولم يحصل ذلك المقصود، ولأنه أداه باعتبار سبب باطل، كذا في المبسوط

(4)

.

[ألزم عبده بألف يؤديها نجوما فإن أداها فهو حر وإلا فهو رقيق]

[قوله]

(5)

(ومن قال لعبده: جعلت عليك ألف درهم تؤديها إلي نجوما أول النجم كذا، [وآخره كذا]

(6)

فإذا أديتها فأنت حر إلى قوله). (لأنه أتى بتفسير الكتابة).

فإن قلت: لما كان (قوله: لعبده جعلت عليك ألفا تؤديها إلى نجوما) معنى الكتابة، فما معنى (قوله: فإذا أديتها فأنت حر) فإن ذلك حكم يثبت [بعقد]

(7)

الكتابة، ذكره، أو لم يذكره على ما ذكر قبل هذا في الكتاب

(8)

(بقوله: ويعتق بأدائه، وإن لم يقل المولى إذا أديتها فأنت حر؛ لأن موجب العقد يثبت من غير التصريح به) قلت: لا بل يشترط قوله: (فإذا أديتها فأنت حر)[هاهنا]

(9)

، وإن لم يشترط ذلك في قوله: كاتبتك على ألف درهم؛ وذلك لأن كون هذا اللفظ تفسير الكتابة باعتبار هذا اللفظ، فإنه إذا لم يأت (بقوله: فإذا أديتها فأنت حر، وإن عجزت فأنت رقيق) لم يكن آتيا بتفسير الكتابة، فلا يقوم هو حينئذ مقام صريح لفظ الكتابة، وقد صرح بهذا الذي

(1)

في (أ) أداه وفي (ب) لو أدى والصحيح ما ذكر في (ب).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) لم.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 52).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

المقصود به الهداية.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 250).

(9)

ساقطة من (ب).

ص: 79

ذكره الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في الجامع الصغير

(1)

، فقال:(ثم قوله: فإذا أديت فأنت حر) لا بد منه هاهنا، بخلاف ما لو قال: كاتبتك على ألف درهم بنجومها؛ كذا لأن قوله: جعلت عليك ألف درهم على أن تؤديها إلي نجوما تحتمل معنى الكتابة، وتحتمل معنى الضريبة

(2)

، فالمولى يفادي عبده الضريبة، ولا يتعين جهة الكتابة [ما لم يقل، فإذا أديت فأنت حر.

وفي قوله: كاتبتك، ينعدم هذا الاحتمال، وتتغير جهة الكتابة]

(3)

بالتصريح به، وموجب الكتابة للحرية عند أداء البدل، فسواء صرح به، أو لم يصرح كان ذلك ثابتا بالعقد.

وأما قوله: (وإن عجزت فأنت رقيق فهو)[فضل]

(4)

غير محتاج إليه هاهنا، ولا في الكتابة، وإنما ذكره [لتفسيرها، وحث]

(5)

العبد على أداء المال عند النجوم، والمكاتبة صحيحة بدونه، فهذه مكاتبة حتى لا يجوز بيعه، ويجوز فسخها بالتراضي، ولو أدى بعض البدل لم يبق محلا للتكفير، بخلاف المعلق عتقه بأداء المال فإن هذه الأحكام تنعكس في حقه؛ لأن التنجيم بدل على الوجوب؛ لأن التنجيم يستعمل للتيسير، وذلك في المال، ولا يجب المال إلا في الكتابة؛ لأن المولى لا يستوجب على عبده دينا إلا في الكتابة، فعرفنا أن المولى قصد بهذا التنجيم إيجاب المال بطريق الكتابة، كذا ذكره شيخ الإسلام

(6)

رحمه الله[وفي نسخ أبي حفص

(7)

رحمه الله].

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 143).

(2)

الضريبة: الضريبة مؤنث الضريب والمضروب بالسيف والقطعة من الصوف أو الشعر أو القطن تنقش ثم تدرج وتشد بخيط ثم تغزل. وقيل ما يؤدي العبد إلى سيده من الخراج المقرر عليه؛ وهي فعيلة بمعنى مفعولة، وتجمع على ضرائب.

انظر: لسان العرب (1/ 550 - 548).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) فصل.

(5)

في (أ) للتفسير وحب وفي (ب) لتفسيرها حث والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

سبق ترجمته.

(7)

عمر بن محمد بن معمر بن أحمد بن يحيى بن حسان أبو حفص بن أبي بكر المؤدب بن طبرزذ الدارقزي.

أخو أبي البقاء. سمع بإفادة أخيه الكثير وبنفسه وعمر وحفظ الأصول وكانت بخط أخيه إلا القليل. سمع هبة الله بن الحصين وأبا المواهب بن ملوك وأبا غالب بن البناء. ولد سنة ست عشرة وخمسمائة وتوفي في تاسع رجب سنة سبع وستمائة.

انظر: تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (15/ 286).

ص: 80

لا يكون مكاتبة

(1)

. قال فخر الإسلام رحمه الله في المبسوط

(2)

: هو الأصح بدليل أنه لو قال: إذا أديت إلي ألفا في هذا الشهر فأنت حر، لا يكون كتابة كذا هاهنا، والتنجيم ليس من خصائص الكتابة حتى يجعل تفسير الكتابة؛ لأنه قد يدخل في سائر الديون، وقد يخلو الكتابة عنه، وذكر لفظ تختص

(3)

الكتابة [له]

(4)

لم يوجد هاهنا، [ولا]

(5)

كتابة (وأما عدم الخروج من ملكه فلما رويناه).

وهو قوله: عليه السلام «المكاتب عبد ما بقى عليه درهم» وينعدم ذلك أي المساواة بتأويل التساوي، ويتحقق بتأخره، أي يتحقق المساواة بتأخره العتق؛ (لأنه يثبت للمولى) نوع دين فينبغي أن يثبت للعبد (نوع مالكيه) قضية للمساواة، (ويثبت له في الذمة) أي ويثبت للمولى (حق) فإن أعتقه أي فإن أعتق المولى مكاتبه قبل أداء بدل الكتابة عتق بناء عليه، أي بناء على الوصول إلى البدل من جانبه، لما بيناه وهو قوله: ([لأنها]

(6)

صارت أخص بأجزائها، إذ لو لم يجعل [كذلك]

(7)

لأتلفه المولى (

(8)

على تأويل أنه ملكه، والله أعلم.

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 145).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 146).

(3)

به ناقصة من (أ).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

في (ب) فلا يكون.

(6)

في (ب) بها والصحيح ما ذكر في (أ).

(7)

في (ب) وذلك.

(8)

توضيح المسئلة: لأنها صارت أخص بأجزائها توسلا إلى المقصود بالكتابة وهو الوصول إلى البدل من جانبه وإلى الحرية من جانبها بناء عليه، ومنافع البضع ملحقة بالأجزاء والأعيان "وإن جنى عليها أو على ولدها لزمته الجناية" لما بينا "وإن أتلف مالا لها غرم" لأن المولى كالأجنبي في حق أكسابها ونفسها، إذ لو لم يجعل كذلك لأتلفه المولى فيمتنع حصول الغرض المبتغى بالعقد.

انظر: الهداية (3/ 251)[أي] ساقطة من (ب).

ص: 81

[فصل في المكاتبة الفاسدة]

(1)

أخر الفاسدة عن الصحيح؛ لأن الفاسدة ناقصة عن الصحيحة وضعا

(2)

، فكانت منحطة الرتبة عن الصحيحة وضعا، فالكتابة فاسدة، فيجب على العبد قيمة نفسه، كذا في المبسوط

(3)

(4)

[على ما يجيء]

(5)

(وصار كما إذا كاتبه على ثوب، أو دابة) حيث تفسد الكتابة به للجهالة

(6)

، فكذا هاهنا.

فإن قلت: يشكل هذا إنما، إذا كاتبه على عبد، حيث يصح به الكتابة، فيجب عليه قيمة عبد وسط، وإن كان العبد مجهولا في نفسه حتى لم يصح التوكيل بشراء العبد مطلقا قلت: جواب هذا، وأمثاله يجيء بعد هذا في [هذا]

(7)

الفصل في قوله: وإذا كاتبه على حيوان غير موصوف.

فإن قلت: فلما وجب في الكتابة على عبد مجهول قيمة العبد الوسط حتى لو أتى بالعبد الوسط أو بقيمته يجبر المولى على القبول. لم لا تجوز الكتابة على قيمة ابتداء.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

وضعا: أي مكانة.

انظر: مختار الصحاح (ص: 341)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 663).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 8).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

لأنه لم يبين جنسها فإنها تفسد وتفحش الجهالة.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 161)، البناية شرح الهداية (10/ 372).

(7)

ساقطة من (ب).

ص: 82

[حكم الكتابة على خمر]

قلت: الفرق بينهما هو أن القيمة بتسمية العبد تجب حكما لا قصدا

(1)

؛ لأنه نص على تسمية العبد، وهاهنا تسمية القيمة تثبت قصدا، حيث نص على تسمية القيمة، فكانت مقصودة، وقد ثبت الشيء حكما لغيره، وإن كان لا يثبت قصدا، كذا في الذخيرة

(2)

(فإن أدى [الخمر]

(3)

عتق).

وفي المبسوط

(4)

فإن أداه قبل أن يترافعا إلى القاضي، وقد كان، قال له: أنت حر إذا أديته، أو لم يعلمه، فإنه يعتق؛ لأن هذا العقد منعقد مع فساده فيعتق بالأداء، وعليه قيمة نفسه؛ لأن العقد فاسد فيلزمه رد رقبة لأجل الفساد، وقد [يتعذر]

(5)

رده بنفوذ العتق فيه، فيلزمه قيمته كالمشتري شراء فاسدا إذا أعتق المبيع بعد القبض.

(وقال زفر رحمه الله: لا يعتق إلا [بأداء]

(6)

قيمة نفسه؛ لأن البدل [هو]

(7)

القيمة (

(8)

على ما ذكره في المبسوط

(9)

، والذخيرة

(10)

.

(1)

القصد: قصد القاف والصاد والدال أصول ثلاثة، يدل أحدها على إتيان شيء وأمه، والآخر على اكتناز في الشيء وقيل قصد: القصد: استقامة الطريق. قصد يقصد قصدا، فهو قاصد.

انظر: مقاييس اللغة (5/ 95)، لسان العرب (3/ 353)، مختار الصحاح (ص: 254).

(2)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 94).

(3)

في (أ) للحر وفي (ب) الخمر وهو الصحيح كما في الهداية.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 251).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 214).

(5)

في (ب) تعذر.

(6)

في (ب) أذا.

(7)

في (أ) بين وفي (ب) هو وهو الصحيح كما في الهداية.

(8)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 214).» أي في الكتابة الفاسدة، كما في البيع الفاسد، وقوله:(وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يعتق بأداء الخمر، ويعتق بأداء القيمة) وهذا الحكم الذي ذكره هو ظاهر الرواية عند علمائنا الثلاثة هم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد.

(9)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 214).

(10)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 97).

ص: 83

فعلى هذا كان من حقه أن لا يخص أبا يوسف، وأن لا يذكر بكلمة [عنه (وصار]

(1)

كما إذا كاتبه على ميتة، أو دم) يعني أنه إذا كاتبه على ميتة، أو دم فهو إنما يعتق عند أداء [الميتة]

(2)

، [أو]

(3)

الدم إذا كان قال له إذا أديت الميتة، [أو الدم]

(4)

فأنت حر، وأما إذا لم ينص على ذلك فلا يعتق بأداء الميتة، والدم؛ لأن العقد لم ينعقد أصلا، فتعتبر فيه التعليق.

وذكر في الذخيرة

(5)

، وقال أبو يوسف

(6)

: ينبغي [على]

(7)

(قول أبي حنيفة رحمه الله إذا قال: إن أديت إلي الخمر فأنت حر) أنه إذا أدى عتق ولا شيء عليه (ولا فضل في ظاهر الرواية) أي لا تفضيل في مسألة الكتاب على الخمر، [فإنه]

(8)

إذا كاتبه على خمر ثم أدى العبد الخمر إنما يعتق العبد بأداء الخمر فيما إذا قال المولى: إن أديتها فأنت حر، وأما إذا لم يقل ذلك لا يعتق بأداء الخمر، كما هو المروي عن أبي حنيفة

(9)

رحمه الله، وليس كذلك في ظاهر الرواية، بل إذا كاتبه على خمر يعتق في ظاهر الرواية بأداء الخمر سواء كان قال في عقد الكتابة على الخمر [إن]

(10)

أديتها فأنت حر، أو لم يقل.

وقوله: (كي لا يبطل حقه في العتق أصلا، فتجب بالغة ما بلغت).

فإن قيل: ما وجه قول كيلا يبطل حقه في العتق بعد ذلك ما نفذ العتق بأداء الخمر، والكلام فيه كيف يتصور بطلان حقه في العتق.

(1)

في (ب) عروضا.

(2)

في (أ) المسمى وفي (ب) الميتة والأولى ما ذكر في (ب).

(3)

في (أ) و وفي (ب) أو وهو الصحيح.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 97).

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 211).

(7)

في (ب) في.

(8)

في (ب) بأنه.

(9)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 212).

(10)

في (ب) أي.

ص: 84

قلنا: يحتمل أن القاضي يرى صحة ما روي عن أبي حنيفة رحمه الله أنه إذا كاتبه على الخمر ولم يقل إن أديتها فأنت حر فأدى العبد الخمر لا يعتق، فلو قضى القاضي بتلك الرواية يبطل حقه في العتق.

ثم قوله: (كي لا يبطل حقه في العتق) لا يصلح تعليلا لقوله: والعبد رضي بالزيادة؛ لأنه يحتمل أن يكون العبد غير راض بالزيادة على المسمى، وإن بطل حقه في العتق؛ لأن ذلك نفع مشوب بالضرر؛ [لأن]

(1)

تحمل الزيادة ضرر عليه، وإن كان عتقه نفعا له، وكم من عبد لا يرضى بنفس العتق في بعض أوقات عزة الطعام من غير وجوب بدل العتق عليه، فأولى أن لا يرضى عند إيجاب الزيادة على المسمى، والأولى في تعليل ذلك، أن يقال: والعبد رضي بالزيادة على المسمى؛ لأن العبد لما عقد عقد الكتابة الفاسدة مع المولى كان قابلا وجوب قيمته على نفسه بالغا ما بلغت؛ لأن ذلك موجب عقد الكتابة الفاسدة، وهو [إن]

(2)

أقدم عليه باختياره ورضاه، وكان قابلا قيمة نفسه، ثم قيمته قد تربو المسمى، [فكان]

(3)

راضيا بالزيادة على المسمى ضرورة، وفيما إذا كاتبه على قيمته يعتق بأداء القيمة؛ لأنه هو البدل ذكر القيمة، ولم يذكر أن القيمة بأي شيء يعرف.

وذكر في مبسوط شيخ الإسلام

(4)

رحمه الله، والذخيرة

(5)

. أن كون المؤدي قيمة العبد إنما يعرف بأحد الأمرين:

(1)

في (ب) لا.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (ب) وكان.

(4)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 377).

(5)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 164)، البناية شرح الهداية (10/ 377).

ص: 85

إما أن يتصادقا على [أن]

(1)

ما أدى قيمته، فيثبت كون المؤدي قيمته بتصادقهما؛ لأن الحق فيما بينهما لا يعدوهما، فصار كضمان الغصب، والبيع الفاسد

(2)

.

وإما بتقويم المقومين، ثم لو اختلف المقومون فإن اتفق [اثنان]

(3)

منهم على شيء يجعل ذلك قيمة له، وإن اختلفا في ذلك فلا يعتق ما لم يؤد أقصى القيمتين؛ لأن شرط العتق لا يثبت إلا بيقين

(4)

(5)

.

[حكم الكتابة على ثوب أو دآبة]

فإن قلت: الكتابة على قيمته الفاسدة، وكذلك الكتابة على ثوب، أو على دابة فاسدة [يجئ]

(6)

ذكرهما في الكتاب ثم كيف افترق حكمه القيمة والثوب في العتق، [كما]

(7)

يعتق بأداء القيمة ولا يعتق بأداء الثوب مع استوائهما في فساد الكتابة.

قلت: قد ذكر الفرق بينهما في الكتاب، وأوضح ذلك الفرق في الذخيرة

(8)

، فقال: والفرق بينهما في الكتابة شيئين معاوضة وتعليق عتق بأداء العوض إما معاوضة، فلوجود العوض من الجانبين.

وأما تعليق عتق بأداء العوض فإن حد التعليق أن يتعلق بزوال الحر بشرط يوجد في المستقبل، وفي الكتابة تعليق وقوع العتق بأداء ما صار عوضا.

قلنا: والقيمة تصلح عوضا؛ لأنها [معلومة الجنس ويصير معلوم]

(9)

القدر عند الأداء وإذا صح عوضا وهو ملفوظ به تعلق العتق بأدائه وأما الثوب فلا يصلح عوضا

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

هذا هو الأمر الأول.

(3)

في (ب) الاثنان.

(4)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 164)، البناية شرح الهداية (10/ 377).

(5)

هذا الأمر الثاني.

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

في (ب) حتى.

(8)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 94).

(9)

في (ب) الجنس ونصيبه معلومة.

ص: 86

لأنه مجهول الجنس والقدر، [وما لا]

(1)

يصلح عوضا في المعاوضات، لا يتعلق العتق بأدائه في الكتابة؛ لأن عتق المكاتب معلق بأداء العوض [في المعاوضات]

(2)

، [فلذلك]

(3)

لا يعتق بأداء الثوب

(4)

، وأمكن اعتبار معنى العقد و [هو]

(5)

المعاوضة، وأثر الجهالة في الفساد يعني لا في إبطال العقد، وهذا جواب إشكال وهو أن يقال: إن القيمة مجهولة كجهالة الثوب، فينبغي أن يؤثر ملك الجهالة في إفساد العقد على وجه لا يعتق بأداء القيمة، كما لا يعتق بأداء الثوب.

فإن قلت: لو كان ما ذكره في الذخيرة هو أن في الكتابة معنى التعليق معولا لوجب أن يقع العتق بأداء الثوب في الكتابة على الثوب كما في قوله: إن أديت إلي ثوبا فأنت حر، فأدى إليه ثوبا، أي ثوب كان يعتق.

قلت: الفرق بينهما هو أن التعليق في الكتابة إنما يثبت في ضمن صحة المعاوضة، فلما لم يصلح الثوب عوضا في الكتابة على الثوب لم يبق التعليق الثابت في ضمنه، فلا يعتق.

وأما في قوله: (إن أديت) فالتعليق ثابت نصا لا في ضمن المعاوضة، فيتعلق بما سمى لا بما يصلح عوضا، وقد أدى ما يطلق عليه اسم الثوب، [فيعتق]

(6)

، [ثم]

(7)

لم يذكر محمد رحمه الله فيما إذا كاتبه على ثوب لو أدى قيمة نفسه، هل يعتق

(1)

في (ب) فلا.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) وكذلك.

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 94).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

في (ب) فتعين.

(7)

في (ب) و.

ص: 87

[أو]

(1)

لا؟، [وذكر]

(2)

فيما إذا كاتبه على حكمه، أو على حكم العبد أنه لا تجوز الكتابة ولو أدى قيمته لا يعتق.

قال شيخ الإسلام

(3)

: لا فرق بين المسألتين؛ لأن في المسألتين جميعا ما سماه لا يصلح عوضا؛ لأنه مجهول القدر، والجنس.

ثم قال: لا يعتق في تلك المسألة بأداء القيمة، فكذلك في مسألة الثوب، والأصل عند علمائنا الثلاثة

(4)

أن المسمى متى كان لا يصلح عوضا لجهالة القدر، أو لجهالة الجنس، فإنه لا يعتق العبد بأداء القيمة، ولا تنعقد هذه الكتابة أصلا لا على المسمى، ولا على القيمة، كذا في الذخيرة

(5)

.

[كاتبه على شيء بعينه لغيره]

(لأنها لا تتعين في المعاوضات، فيتعلق بدراهم دين في الذمة (

(6)

؛ لأن الألف يجب في ذمته، والتدبير في أداء ما في ذمته إليه، كذا في المبسوط

(7)

.

(1)

في (ب) أم.

(2)

في (ب) ويذكر.

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 94)، العناية شرح الهداية (9/ 165)، البناية شرح الهداية (10/ 377).

(4)

المقصود من الثلاثة (أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد الشيباني).

(5)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 94)، العناية شرح الهداية (9/ 165)، البناية شرح الهداية (10/ 377).

(6)

الذمة: الأمان وأهل الذمة أهل العقد. ويقال أهل الذمة لأنهم أدوا الجزية فأمنوا على دمائهم، وأموالهم.

انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (5/ 1926)، مقاييس اللغة (2/ 346).» حتى لو قال العبد: كاتبني على ألف درهم على أن أعطيها من مال فلان، فالعقد جائز، وهذا الشرط لغو لغو: لغا قال باطلا وألغى الشيء أبطله اللغة أصلها لغي أو لغو، وجمعها لغى ولغات أيضا.

انظر: مختار الصحاح (ص: 283)، لسان العرب (15/ 250).

(7)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 12).

ص: 88

(وعن أبي حنيفة رحمه الله

(1)

رواه الحسن رحمه الله أنه يجوز حتى إذا ملكه وسلم يعتق) يعني لو كانت المكاتبة فاسدة لما عتق بأدائه، كما لو كاتبه على ثوب؛ لأن المسألة مصورة في [لفظة]

(2)

الكتابة من غير لفظ التعليق.

بأن قال: كاتبتك على هذا الشيء المعين وهو لغيره، ولم يقل: إن أديته إلي فأنت حر، فإنه لو قال ذلك يعتق أيضا، لكن لوجود الشرط في التعليق لا باعتبار الكتابة، فإن الكتابة إذا فسدت من كل وجه لا يعتق بأداء المسمى كما في الثوب بخلاف الكتابة على الخمر، فإن الكتابة لم تفسد هناك من كل وجه على ما ذكرنا في الكتاب

(3)

.

فلذلك عتق بأداء الخمر (فأشبه الصداق (

(4)

غيره في النكاح صداقا يصح التسمية حتى لو لم يجز صاحب العبد كان للمرأة أن ترجع على الزوج بقيمة ذلك العبد، لا بمهر المثل، ولو فسدت التسمية لرجعت عليه بمهر المثل، والجامع بينهما كون كل واحد منهما عوض ما ليس بمال.

(قلنا

(5)

: العين في المعاوضات معقود عليه، والقدرة على المعقود عليه شرط للصحة) المراد من العين هذه بدل الكتابة.

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 11)، العناية شرح الهداية (9/ 166).

(2)

في (ب) لفظ.

(3)

على ما مر في الكتابة الفاسدة.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 251).

(4)

الصداق لغة: صداق المرأة مهرها.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 264).

اصطلاحا: هو المال يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة منافع البضع، إما بالتسمية أو بالعقد. وله أسام: المهر، والنحلة، والأجر، والفريضة، والعقر.

انظر: العناية شرح الهداية (3/ 316).» يعني لو سمي [عقد] في (ب) عبد.

(5)

أي المرغيناني في الهداية.

انظر: الهدايه (3/ 1305).

ص: 89

فإن قلت: أين ذهب قولنا أن لبدل الكتابة حكم الثمن في البيع، وعن هذا جوزنا الكتابة الحالية على ما مر

(1)

.

فلما كان كذلك لا يشترط القدرة على بدل الكتابة لصحة عقد الكتابة، كما لا يشترط القدرة على الثمن لصحة البيع.

قلت: نعم كذلك إلا أن البدل في الكتابة له شبهة الثمن لما ذكرت

(2)

ولما أن التصرف فيه بالاستبدال جائز وأيضا له شبهة المبيع من وجه آخر، وهو أن العجز عن تسميته يوجب حق الفسخ، كما في البيع إذا عجز عن تسليم المبيع، ثم لو كان ذلك عينا صار عقد الكتابة بمنزلة بيع المقايضة

(3)

، فصار للبدل حكم [المبيع]

(4)

من وجه حتى يشترط القدرة على التسليم

(5)

، وإذا كان غير عين ألحقناه بالثمن؛ حتى لا يشترط القدرة عليه عملا بالشبهين (لأن القدرة على ما هو المقصود بالنكاح ليس بشرط) وهو منافع البضع

(6)

، حتى أنه لو [يزوج]

(7)

رضيعة يصح، فعلى ما هو تابع، وهو الصداق أولى أن لا يشترط القدرة عليه بدليل صحة النكاح مع نفي الصداق؟ بخلاف البيع، [فإنه]

(8)

يجوز

(1)

من أنها لا تتعين في المعاوضات فيتعلق بدراهم دين في الذمة فتجوز.

(2)

أي ذكرت أن البدل هو القيمة وقد ذكره في باب البيع.

(3)

القيض لغة: العوض. المقايضة المطلقة هو بيع عين بعين من القيض وهو المثل والعوض وهما قيضان أي كل واحد منهما عوض الآخر قال ذلك في مجمل اللغة.

انظر: لسان العرب (7/ 225)، طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: 145).

اصطلاحا: وهو بيع العين بالعين، وبيع العين بالدين، وبيع الدين بالدين، وهو بيع الثمن المطلق بالثمن المطلق كبيع الدراهم والدنانير بالدراهم والدنانير.

انظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 134).

(4)

في (ب) للبيع.

(5)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 166)، البناية شرح الهداية (10/ 379).

(6)

البضع: اسم منها بمعنى الجماع وقد كني بها عن الفرج في قولهم ملك فلان بضع فلانة إذا عقد بها. انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 45).

(7)

في (ب) تزوج.

(8)

في (ب) لأنه.

ص: 90

البيع عند الإجازة، فإن اشترى شيئا بمال الغير، وأجاز صاحب المال يجوز؛ لأن صاحب المال صار مقرضا المال من العبد، فيصير الغير من إكسابه.

وذكره الإمام قاضي خان

(1)

(عن محمد عن أبي حنيفة رحمه الله[أنه]

(2)

لا يجوز اعتبارا بحال عدم الإجازة) يعني إذا لم يجز صاحب العين على ما قال في الكتاب، وهو قوله: وكذلك إن كاتبه على شيء يعينه لغيره لم يجز (والجامع)[أي]

(3)

المعنى الجامع [بين]

(4)

المقيس عليه، وهو عقد الكتابة على عين الغير الذي لم يلحقه الإجارة، وبين المقيس وهو الكتابة على عين الغير الذي لحقه الإجارة (أنه) أي عقد الكتابة (لا يفيد ملك المكاسب) أي في الحال (ولا حاجة فيما إذا كان البدل عينا معينا) أي لا حاجة إلى الأداء [منه]

(5)

إذا كان ذلك البدل عينا معينا للغير؛ لأنه إذا كان عينا للغير لا ينعقد العقد، ومتى لم ينعقد لم يحتج إلى الأداء منه؛ لأن الاحتياج إلى الأداء منه إنما يكون إذا صح العقد [فصار]

(6)

العبد أحق بمكاسبه ليصل به إلى مقصوده عند الأداء، وهو العتق، فلما فسد العقد من كل وجه لا يحصل العتق بأدائه.

وقد ذكر هذا المعنى في الجامع الصغير

(7)

لصدر الإسلام رحمه الله، فقيل:[أما]

(8)

الكتابة على شيء بعينه لغيره فاسدة؛ لأنه لا يفيد ما هو المقصود بالعقد؛ لأن المقصود من العقد الكتابة صيرورته

(9)

أحق بنفسه، وبمكاسبه إذ أوجب عليه أداء بدل

(1)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 166)، البناية شرح الهداية (10/ 379).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (أ) بينهما وفي (ب) أي والصواب ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) عن.

(5)

في (ب) فيه.

(6)

في (ب) وصار.

(7)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 166)، البناية شرح الهداية (10/ 379).

(8)

في (ب) إن.

(9)

ص ي ر: صار الشيء كذا من باب باع وصيرورة أيضا والصيرورة مصدر صار يصير وصيرته أنا كذا أي جعلته.

انظر: مختار الصحاح (ص: 181)، لسان العرب (4/ 477).

ص: 91

الكتابة [من مكاسبه]

(1)

فإنه ما لم يصير أحق بنفسه، وبمكاسبه لا يقدر أن يؤدي بدل الكتابة من مكاسبه، فلا يصير أحق بمكاسبه، فلا يعقد العقد؛ لأن كل عقد لا يفيد مقصوده، لا ينعقد

(2)

.

[مسألة الكتابة على الأعيان]

قوله: (والمسألة فيه) أي هذه المسألة [التي]

(3)

كلامنا فيها مصورة فيما (إذا كان بدل الكتابة عينا معينا) للغير إنما قيد بقوله: (معينا) بعد قوله: (عينا) احترازا عن الدراهم، والدنانير المعينة، فإنها وإن عينت لا تتعين، [وكان]

(4)

مراده هاهنا من العين المعين ما سوى الدراهم، والدنانير من العروض إذا كان معينا على (ما بيناه) إشارة إلى قوله:

(1)

في (ب) بمكاسبه.

(2)

القاعدة: تقاعد التّصرّف عن تحصيل مقصوده

ألفاظ ورود القاعدة:

كلّ تصرّف تقاعد عن تحصيل مقصوده فهو باطل. أو بطل من أصله.

وفي لفظ: كلّ تصرّف كان من العقود كالبيع أو غير العقود كالتّعزيرات، وهو لا يحصل مقصوده فإنّه لا يشرع ويبطل إن وقع.

وفي لفظ: كلّ عقد لا يفيد مقصوده يبطل.

وفي لفظ: كلّ تصرّف لا يترتّب عليه مقصوده لا يُشرع.

معنى هذه القواعد ومدلولها: تصرفات المكلّفين الّتي يقومون بها تنبني عليها أحكام ومقاصد وفوائد يقصدها ويريدها المكلّفون من وراء تصرّفاتهم. ولكن إذا وُجد تصرّف لا ينبني عليه المقصود منه فإن هذا التّصرف باطل، والشّرع لا يعتبره ولا يرتّب عليه حكمًا. ويُنظر قواعدٍ حرف الهمزة القاعدة رقم.

أمثلة هذه القواعد ومسائلها:

اشترى سلعة على أن لا يملكها، فالعقد باطل؛ لأنّ عقد البيع إنّما شرع لملك البدلين، فإذا كان المشتري لا يملك ما يشتريه فالعقد تقاعد عن تحصيل المقصود منه فهو باطل.

ومنها: إذا تزوّج امرأة على أن لا يطأها، فالعقد باطل كذلك، لأنّ المقصود من النّكاح حلّ الوطء لتحصيل الولد والإعفاف.

ومنها: عدم صحّ بيع الحرّ؛ لأنّه ليس بمال. ولا يقع تحت اليد.

انظر: الفروق للقرافي (3/ 260)، موسوعة القواعد الفقهية (8/ 364).

(3)

في (أ) إليه وفي (ب) التي والصواب ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) فكان.

ص: 92

(ومراده شيء [يتعين بالتعيين] (

(1)

شيخ الإسلام، والذخيرة

(2)

، ففيه روايتان.

في رواية يجوز، وهي رواية كتاب الشرب

(3)

وفي رواية لا يجوز، وهي رواية آخر كتاب المكاتب في الأصل، كذا في الذخيرة

(4)

، (وهي مسألة الكتابة على [الأعيان] (

(5)

(وقد ذكرنا وجه الروايتين يعني الجواز وعدم الجواز في كفاية المنتهى وهو كتاب صنفه المصنف رحمه الله كتاب حافل عظيم لم يقع في هذه الديار، قيل: إنه موجود في بلاد الهند وأحاله عليه ولم يذكره هنا لطول الكلام فيه.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 381).» وإن أحاله ولم يورده؛ لأن كلا الوجهين مطول غاية التطويل،

(1)

في (أ) يتغير بالتغيير وفي (ب) يتعين بالتعيين.» قال ذلك، أو لم يقل، أي قوله:(إن أديت إلي ألفا فأنت حر فيعتق بأداء المشروط) كما لو كاتبه على خمر فأداها.

(ولو كاتبه على عين في يد المكاتب، ففيه روايتان): أي على عين معين سوى الدراهم، والدنانير؛ لأنه إذا كانت في يد العبد دراهم، أو دنانير من كسبه بأن كان عبدا مأذونا، واكتسب الدراهم، أو الدنانير، فكاتبه على تلك الدراهم، أو الدنانير اتفقت الروايات على أن الكتابة جائزة، كذا في مبسوط انظر: العناية شرح الهداية (9/ 167)، البناية شرح الهداية (10/ 381).

(2)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 166)، البناية شرح الهداية (10/ 379).

(3)

هذا الكتاب لأحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عمرو الطبري الحنفي توفى ببغداد سنه 340 أربعين وثلاثمائة. وله شرح الجامع الصغير للشيباني في الفروع.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1429)، هدية العارفين (1/ 62).

(4)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 167)، البناية شرح الهداية (10/ 381).

(5)

في (ب) الإعتاق والصحيح ما ذكر في (أ).» وهي ما ذكر قبيل هذا بقوله: (وكذلك إن كاتبه على شيء بعينه لغيره لم يجز).

وعن أبي حنيفة رحمه الله رواه الحسن أنه يجوز (وقد ذكرنا وجه الروايتين في كفاية المنتهى هذا الكتاب على بن أبي بكر بن عبد الحليل الإمام برهان الدين الفرعاني المرغيناني الفقيه الحنفي المتوفى سنة 593. وله أيضا بداية المبتدى في الفروع. التجنيس والمزيد وهو لأهل الفتوى غير عنيد. شرح الجامع الكبير للشيباني في الفروع. وكفاية المنتهى في شرح بداية المبتدى له.

انظر: هدية العارفين (1/ 702).

ص: 93

وذلك الوجهان نذكر أن في الذخيرة

(1)

بتمامها، وأنا أذكر ما هو للحاصل منهما، فوجه رواية عدم الجواز هو أنا متى جوزنا الكتابة [على العين لا يخلو، إما أن يجعل العبد أحق بهذا العين، أو لا، فإن لم يجعل العبد أحق به لم تجز هذه الكتابة]

(2)

لانعدام موجب الكتابة في الحال؛ ولأن العين قبل الكتابة كان مملوك المولى رقبة، ويدا، فمتى بقي كذلك بعد الكتابة لا يستفيد المولى بهذه الكتابة شيئا لا ملك الرقبة، ولا ملك التصرف، فكان بمنزلة ما لو اشترى شيئا من العبد المأذون، ولا دين عليه، فإنه [لا يجوز]

(3)

، ولو جعلنا العبد أحق به لا يجوز أيضا؛ لأنه لا يتحقق [معنى]

(4)

الكتابة. لأن تفسير الكتابة شرعا: إيجاب حريتين على سبيل التعاقب، وهو إثبات [حرية]

(5)

الرقبة مرتبا على حرية

(6)

[العبد]

(7)

بطريق التعاقب، ولو جوزنا الكتابة على العين ثبتت الحريتان معا لا على سبيل التعاقب، فيكون إعتاقا على مال، ولا يكون كتابة؛ وذلك أن العبد إذا صار أحق بالعرض، أو لا يصير العرض مملوكا [للمولى]

(8)

على الحقيقة بنفس العقد، وإذا ملكه بنفس العقد [يعتق العبد]

(9)

، كما فرغا من العقد فيثبت حرية اليد، والرقبة معا لا على سبيل الترادف، فلا يكون كتابة بخلاف ما لو كاتبه على

(1)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 167)، البناية شرح الهداية (10/ 381).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) يجوز.

(4)

في (أ) مع وفي (ب) معنى والصواب ما ذكر في (ب).

(5)

في (ب) حرمة.

(6)

في (ب) حرمة.

(7)

في (ب) اليد.

(8)

ساقطة من (ب).

(9)

ساقطة من (أ).

ص: 94

الدراهم التي في يده لأنا لو جوزنا الكتابة على هذه الدراهم [الذي في يده]

(1)

، وجعلنا العبد أحق بها [يتحقق]

(2)

معنى الكتابة.

لأن العقد لا [يتعلق]

(3)

بعينها، وإنما يتعلق العقد بمثلها دينا في الذمة؛ لأن الدراهم، والدنانير لا يتعينان في عقود المعاوضات، وما ثبت دينا في ذمة العبد للمولى فإنما يملكها المولى على الحقيقة بالقبض، وإذا توقف حقيقة الملك في الدين على القبض بتحقيق معنى الكتابة، فإنه تثبت حرية اليد للحال، وحرية الرقبة في الثاني بخلاف العين على ما قلنا

(4)

، وأما وجه رواية الجواز، فهو أن الكتابة على دراهم في يد العبد تجوز، ويصير العبد أحق به، فكذلك يجوز على عين في يده، ويصير المكاتب أحق به، ومتى صار أحق به أفادت الكتابة فائدتها، فيجوز.

أما قوله: إن الكتابة على العين لا تجوز؛ لأنه يثبت [الحريتان]

(5)

معا، فيكون إعتاقا على مال لا كتابة.

قلنا: إنما كان هذا هكذا أن لو جعلنا بدل الكتابة رقبة [القبض]

(6)

، ونحن لا نجعل كذلك، بل يجعل بدل الكتابة ملك التصرف في القبض، فيثبت للمولى بعقد الكتابة ملك التصرف في العوض، وملك التصرف يصلح عوضا.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

في (ب) فيتحقق.

(3)

في (ب) يتحقق.

(4)

عند أداء المكاتب جميع بدل الكتابة.

(5)

في (أ) للحريتان وفي (ب) الحريتان والصواب ما ذكر في (ب).

(6)

في (ب) العرض.

ص: 95

ألا ترى أن رب المال إذا اشترى من المضارب

(1)

من مال المضاربة، ولا ربح في مال المضاربة صح الشراء باعتبار ملك اليد [والتصرف، وإذا صلح ملك اليد]

(2)

، والتصرف عوضا، كما يصلح ملك الرقبة عوضا جعلنا بدل الكتابة هاهنا ملك التصرف لا ملك الرقبة، بل تبقى الرقبة على ملك المولى إنما فعلنا هكذا [تصحيحا]

(3)

للكتابة؛ [لأنه]

(4)

على هذا التقدير يثبت للمولى ملك التصرف بعد العتق فيثبت [حرية اليد للمكاتب]

(5)

بنفس العقد وتثبت حرية الرقبة بعدما [ثبت]

(6)

ملك الرقبة للمولى بالقبض فتثبت الحريتان على سبيل الترادف، فجعلنا كذلك تصحيحا للكتابة بقدر الإمكان (لأن العبد المطلق يصلح بدل الكتابة، [وينصرف] إلى الوسط، فكذا يصح مستثنى منه، وهو الأصل) يعني أن كل [ما]

(7)

يصح بدلا في المعاوضات يصلح استثناءه والعبد يصلح البدل الكتابة، فيجب أن يصلح استثناؤه من بدل الكتابة، وهما يسلمان هذا الأصل، ولكن يقولان ذلك فيما صح استثناؤه من غير أن يورد فساد العقد، [وهاهنا]

(8)

الاستثناء لا يصح؛ لأن استثناء العبد من الدنانير لا يصح؛ لاختلاف الجنس.

(1)

المضاربة لغة: بضم الميم وفتح الراء مصدر ضارب، ولعلها مشتقة من الضرب في الأرض، وهو السفر فيها للتجارة.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 281)، لسان العرب (1/ 544).

اصطلاحا: دفع النقد إلى من يعمل فيه على أن ربحه بينهما على ما شرطا.

انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: 148)، العناية شرح الهداية (8/ 446)، البناية شرح الهداية (10/ 42).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (ب) صحيحا.

(4)

في (ب) ولأنه.

(5)

في (ب) للمكاتب حرية اليد.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

في (ب) مالا.

(8)

في (ب) وحجتنا.

ص: 96

ولو استثني العبد من الدنانير إنما يصح استثناؤه بحسب قيمة العبد، لا بحسب نفس العبد، وقيمة العبد لا تصلح أن يكون بدل الكتابة، بل به يفسد الكتابة على ما مر

(1)

، فكذلك لا يصلح استثناؤه.

والفرق ظاهر بين العبد وبين قيمة العبد، فإن الكتابة على العبد صحيحة يصرف ذلك إلى العبد الوسط، والكتابة على قيمته فاسدة، وكذلك تسميته المهر في النكاح على عبد صحيحه، وعلى قيمة عبد فاسدة.

فإن الجهالة في العبد جهالة في الوصف لا جهالة في القدر بخلاف القيمة، فإن الجهالة فيها جهالة [متفاحشة]

(2)

من حيث القدر، والجنس، والوصف فيفسدها العقد.

ومعناه أن تبين الجنس كالغرس، والعبد، ولا يبين النوع كالتركي، والهندي، والصفة بأنه جيدا، أو رديء، وينصرف إلى الوسط؛ لأن الأصل في الحيوان المجهول إذا وجب دينا في الذمة أنه ينصرف إلى الوسط، كما في الزكاة، والدية

(3)

، [والوصية]

(4)

.

والمعنى في ذلك: أن الصرف إلى الوصف عمل [بالوصف]

(5)

؛ لأن الوسط بين الجيد والرديء، ونظر للجانبين، ثم الوسط عند أبي حنيفة رحمه الله في العبد الذي قيمته أربعون درهما.

(1)

فيما لو كانت الكتابة على قيمة العبد.

(2)

في (ب) هنا فاحشة.

(3)

الدية لغة: مصدر ودى القاتل المقتول إذا أعطى وليه المال الذي هو بدل النفس ثم قيل لذلك المال الدية تسمية بالمصدر.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 480).

شرعا: اسم للمال الذي هو بدل النفس.

انظر: العناية شرح الهداية (10/ 270)، البناية شرح الهداية (13/ 382).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

في (أ) بالوصف وفي (ب) بالوصفين والصواب ما ذكر في (ب).

ص: 97

وقال أبو يوسف -ومحمد رحمها الله-: هو على قدر غلا السعر، ورخصه، ولا ينظر في قيمة الوسط إلى قيمة المكاتب؛ لأن عقد الكتابة عقد إرفاق، فالظاهر أن يكون البدل على أقل من قيمة المكاتب

(1)

.

فإن قلت: كيف جعل هذا العبد جنسا

(2)

واحدا، وجعل في الوكالة

(3)

أجناسا مختلفة حتى لم يجوز الوكالة شراء العبد مطلقا؟

قلت: كان العمل في حق العبد عملا بالشبهين بالنظر إلى الموضعين، حيث ألحق بالجنس الواحد إذا سمي في عقد هو معاوضة المال بما ليس بمال، وألحق بالأجناس المختلفة إذا سمي في عقد هو معاوضته المال بالمال، وإنما فعل هكذا؛ لأن العبد في أنواعه لسبب فحش التفاوت

(4)

فيما بينهم بمنزلة الأجناس المختلفة، ولكن هو في ماهية اسم العبد، وفي حق ما يطلب منه في المنفعة الخاصة بالعبد جنس واحدا، ثم في معاوضة المال بالمال يجري المضايقة

(5)

، والمماكسة

(6)

، [فألحق بالأجناس]

(7)

المختلفة؛ ليكون العمل

(1)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 168)، البناية شرح الهداية (10/ 383).

(2)

جنس: الجنس: الضرب من كل شيء، وهو من الناس ومن الطير ومن حدود النحو والعروض والأشياء والجنس أعم من النوع، ومنه المجانسة والتجنيس فالناس جنس والإبل جنس والبقر جنس والشاء جنس فهو أعم من النوع فالحيوان جنس والإنسان نوع.

انظر: لسان العرب (6/ 43)، المعجم الوسيط (1/ 140).

(3)

الوكالة لغة: بفتح الواو وكسرها، الاسم من وكل فلانا، فوض إليه أمرا من الأمور.

انظر: لسان العرب (11/ 734).

شرعا: عبارة عن إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف معلوم.

انظر: العناية شرح الهداية (7/ 499)، البناية شرح الهداية (9/ 216).

(4)

تفاوت الشيئان تباعد ما بينهما وقيل التفاوت الإختلاف وقيل تفاوت الشيئان اختلفا في التقدير ويقال تفاوت الرجلان تباينا في الفضل والخلق اختلف ولم يكن سويا.

انظر: لسان العرب المادة: فوت (2/ 69)، المعجم الوسيط (2/ 705).

(5)

الضيق: نقيض السعة، ضاق الشيء يضيق ضيقا وتضيق وتضايق وضيقه الضيق الشيء الضيق.

أي كل واحد منهما يضيق على الآخر في أمور العقد.

انظر: لسان العرب (10/ 208)، البناية شرح الهداية (5/ 171).

(6)

(مكس) الشيء مكسا نقص ماكسه في البيع مماكسة طلب منه أن ينقص الثمن ونابذه وحاجه والمماكسة والمكاس في معناه.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 444)، المعجم الوسيط (2/ 881).

(7)

في (ب) الحق الأجناس.

ص: 98

فيه بأحوط الأمرين على ما هو موضوعه في المضايقة في معاوضة المال بما ليس بمال، يجري المساهلة، والمسامحة

(1)

ألحق بالجنس عملا بما هو موضوعه من المساهلة، ولما كان كذلك لو كاتب [العبد]

(2)

على ثوب، أو دابة لا يصح؛ لعدم [تعين]

(3)

الجنس، الثوب أجناس مختلفة، وما هو مجهول [للجنس]

(4)

لا يثبت دينا في الذمة في شيء من المعاوضات كما في النكاح، وإن أدى إليه ثوبا لم يعتق؛ لأنا لا نعلم بأداء المشروط حقيقة.

فإن قيل: المسمى ثوب، وهذا الاسم حقيقة لما أدى، فينبغي أن يعتق، وإن لم يكن هذا هو البدل حكما، كما لو كاتبه على خمر.

قلنا: نعم المسمى ثوب، ولكن الثياب متفاوتة تفاوتا فاحشا، فلا وجه لتعين هذا الثوب مسمى؛ لأنه لو [تيقن]

(5)

لم يكن للمولى أن يرجع عليه بشيء آخر، فإنه مال متقوم وقد سلم له، وفي هذا ضرر عليه، فلدفع الضرر عنه لا يتعين هذا مسمى، ولأن هذا بمنزلة الاسم المشترك، وفي المشترك لا يتعين شيء بمطلق الاسم، ولا عموم الاسم المشترك، فلهذا لا يعتق بأداء الثوب، إلى هذا أشار في المبسوط

(6)

، والذخيرة

(7)

، ومثلها يتحمل في الكتابة؛ لأنها تثبت على المسامحة، فتعتبر جهالة البدل، [أي جهالة

(1)

الإسماح: يقال: سمح وأسمح إذا جاد وأعطى عن كرم وسخاء؛ وقيل: إنما يقال في السخاء سمح والمسامحة: المساهلة. وتسامحوا: تساهلوا. وسمح وتسمح: فعل شيئا فسهل فيه.

انظر: مختار الصحاح (ص: 153)، لسان العرب (2/ 489).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) تغير.

(4)

في (ب) الجنس.

(5)

في (ب) تغير.

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 8).

(7)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 93 - 94)

ص: 99

وصف البدل]

(1)

بجهالة الأجل فيه، فإنه يصح بأن قال: كاتبتك إلى الحصاد، أو إلى الدياس

(2)

.

وفي المبسوط

(3)

ولو كاتبها على ألف إلى القطاف، أو إلى الحصاد، أو إلى الدياس، أو [إلى]

(4)

نحو ذلك من الأجل جاز استحسانا، وفي القياس لا يجوز؛ لأن عقد الكتابة لا يصح إلا بتسمية [المال]

(5)

كالبيع، وهذه الآجال المجهولة إذا شرطت في أصل البيع فسد بها العقد، فكذلك في الكتابة.

ولكنه استحسن فقال: الكتابة فيما يرجع إلى البدل بمنزلة العقود المبنية على التوسع في البدل، كالنكاح، والخلع

(6)

، ومثل هذه الجهالة في الأجل لا يمنع صحة التسمية في الصداق، فكذلك في الكتابة؛ وهذا لأن الجهالة المستدركة

(7)

في [الأجل نظيره الجهالة المستدركة في]

(8)

البدل، وهو جهالة الصفة بعد تسمية الجنس، فكما لا تمنع [ذلك]

(9)

صحة التسمية في الكتابة، فكذلك هذا (ولنا أنه معاوضة مال بغير مال)

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

الدياس: هو الدائس الذي يدوس الطعام ويدقه ليخرج الحب منه. والدوائس: البقر العوامل في الدوس.

انظر: لسان العرب (6/ 90).

(3)

انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (3/ 423).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

في (ب) البدل.

(6)

الخلع لغة: خلع الملبوس نزعه يقال خلع ثوبه عن بدنه وخلع نعله عن رجله وخالعت المرأة زوجها واختلعت منه إذا افتدت منه بمالها فإذا أجابها إلى ذلك فطلقها قيل خلعها.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 151)، مختار الصحاح (ص: 95).

شرعا: عبارة عن أخذ مال من المرأة بإزاء ملك النكاح بلفظ الخلع.

انظر: العناية شرح الهداية (4/ 211)، البناية شرح الهداية (5/ 506).

(7)

استدرك: ما فات تداركه والشيء بالشيء تداركه به أصلح خطأه أو أكمل نقصه أو أزال عنه لبسا.

انظر: المعجم الوسيط (1/ 281).

(8)

ساقطة من (ب).

(9)

ساقطة من (ب).

ص: 100

أي بالنظر إلى جانب العبد لما أن البدل مقابل بما يثبت للعبد من صفة المالكية، وفك للحجر، وذلك ليس بمال، أو مال، أي بالنظر إلى جانب

(1)

[المولى]

(2)

؛ لأن رقبة العبد تخرج عن ملك المولى بمقابلة بدل الكتابة، ورقبة العبد مال في حق المولى، لكن هذه المقابلة على وجه الإسقاط لا على وجه إثبات الملك للغير.

فإن شيئا من المال لا يدخل في ملك المكاتب، فكان بمنزلة حصول البضع للمرأة في الخلع، فينبني على المسامحة فيتحمل فيها للجهالة اليسيرة، وإذا قبضها عتق، أي وإذا قبض قيمة الخمر عتق، وبه صرح الإمام قاضي خان رحمه الله وغيره في شروح الجامع الصغير ولو أداها عتق، أي أدى العبد المسلم الخمر؛ لأن العقد وقع على الخمر، وهو مسلم وقع العقد فاسدا من الابتداء، فلا يجب قيمة الخمر، ولكن في الكتابة معنى تعليق العتق بالأداء، فإذا وجد الشرط وهو أداء الخمر يعتق، إلى هذا أشار الإمام قاضي خان

(3)

.

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين ما إذا كاتب المسلم عبده على الخمر ابتداء يعتق العبد بأداء الخمر، وإن وقع العقد فاسدا، أو فيما نحن فيه، وهو ما إذا كاتب النصراني عبده الكافر على خمر ثم أسلم أحدها، فأدى الخمر لا يعتق، مع أن القياس [يقتضي]

(4)

أن يعتق هاهنا بأداء الخمر بالطريق الأولى لأن العقد في الابتداء تأكد انعقاده على الخمر.

(1)

تكرار في (ب) لما أن البدل مقابل بما يثبت للعبد من صفة المالكية، وفك للحجر، وذلك ليس بمال، أو مال، أي بالنظر إلى جانب.

(2)

في (ب) العبد.

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 385).

(4)

في (ب) لا يقتضي.

ص: 101

قلت: الفرق بينهما هو أن الكتابة في عقد المسلم على الخمر انعقدت مع الفساد، فيعتق بأداء البدل المشروط؛ لما فيه من معنى التعليق لما ذكرنا

(1)

، ويكون عليه قيمة نفسه، وأما هاهنا فالكتابة انعقدت صحيحة على تقدير أداء بدل يصح أداؤه، وقامت القيمة مقام الخمر، ولم يوجد هاهنا [معه]

(2)

التعليق بأداء الخمر [حتى يعتق]

(3)

بأداء الخمر، إلى هذا أشار الإمام التمرتاشي رحمه الله في الجامع الصغير، وقد بيناه من قبل، وهو ما ذكره في أول هذا الفصل بقوله: فإن أدى الخمر عتق، وقال زفر رحمه الله: لا يعتق

(4)

[إلى آخره والله تعالى أعلم بالصواب]

(5)

.

(1)

عند ذكر الكتابة على خمر قال: وإن كاتبه على خمر أو خنزير لم يجز؛ لأن القابل مسلم وهو ليس من أهل أن يلتزم في ذمته الخمر بالعقد ولكنه إن أدى الخمر عتق؛ لأن الكتابة انعقدت مع الفساد فيعتق بأداء البدل المشروط وعليه قيمته؛ لأن رقبته سلمت له بحكم عقد فاسد فيلزمه قيمته.

(2)

في (ب) معنى.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

وقال زفر: لا يعتق. وهذا لأن عقد الكتابة تضمن تعليق العتق بأداء البدل المشروط، فإذا وجد البدل وقع العتق. وذكر التمرتاشي أنه لو أدى الخمر لا يعتق فكان في العتق بأداء الخمر روايتان. والفرق على إحداهما بينها وبين المسلم إذا كاتب عبده على خمر فأداها إلى مولاه فإنه يعتق أن في هذه المسألة انقلبت الكتابة إلى قيمة الخمر ولم يبق الخمر بدل هذا العقد لأنه انعقد صحيحا على الخمر ابتداء وبقي على القيمة صحيحا بعد الإسلام، ولا يتصور بقاؤه صحيحا والخمر بدل فيه، فبقاؤه صحيحا دليل على أن الخمر لم يبق بدلا فلا يعتق. وفي مسألة المسلم وقع العقد فاسدا بسبب كون الخمر بدلا وبقي كذلك فلا حاجة إلى إخراجها عن البدلية، وإذا بقي بدلا عتق بأدائها.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 170)، البناية شرح الهداية (10/ 386).

(5)

ساقطة من (أ).

ص: 102

[باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله]

(1)

[شرط المولى على المكاتب أن لا يخرج من الكوفة]

لما ذكر أحكام الكتابة الصحيحة والفاسدة شرع في بيان ما يجوز للمكاتب أن

يفعله أو لا يفعله (فإن شرط عليه أن لا يخرج من الكوفة، فله أن يخرج [من الكوفة]

(2)

استحسانا) (لأن هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد).

فإن قلت: لا ملائمة

(3)

بين المعلل وعلته

(4)

لأن هذه العلة تقتضي أن يفسد عقد الكتابة كما إذا شرط في البيع ما يخالف مقتضى العقد على ما مر في البيوع كل شرط يخالف مقتضى العقد إلى أن قال: فهو مفسد للعقد.

فحينئذ لا يكون للعبد أن يمضي على موجب الكتابة من السفر و غيره، وهاهنا استدل بهذه العلة على أن يمضي على موجب عقد الكتابة، فكان الاستدلال بها على ما إذا ادعاه من الحكم عكس ما يقتضيه علته.

قلت: هذا التعليل؛ لبيان أن هذا الشرط باطل في نفسه، وليس بصحيح، ثم الشرط الباطل في عقد الكتابة على نوعين:

أحدهما: ما هو المتمكن في صلب

(5)

العقد، فهو مفسد لعقد الكتابة.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

اللائمة: الملامة يقال: ما زلت أتجرع فيك (اللوائم). و (الملاوم) جمع ملامة (ألام) فلان أتى بما يلام عليه أو صار ذا لائمة فهو مليم.

انظر: مختار الصحاح (ص: 286) المعجم الوسيط (2/ 847).

(4)

العلة: لغة: عبارة عن معنى يحل بالمحل فيتغير به حال المحل بلا اختيار، ومنه يسمى المرض علة؛ لأنه بحلوله يتغير حال الشخص من القوة إلى الضعف. وقيل هي المعنى الجالب للحكم.

انظر: التعريفات (ص: 154)، المعجم الوسيط (2/ 623)، العدة في أصول الفقه (1/ 175).

(5)

صلب العقد أي أصل العقد. والصلب في الأصل من الظهر ما كان فيه الفقار وهو أصله ومعظمه.

انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: 109).

ص: 103

والثاني: ما هو غير متمكن في صلبه، فهو ليس بمفسد، وهذا الشرط الذي ذكره وهو أن لا يخرج من الكوفة ليس يتمكن في صلب العقد فلا يفسده، ولما لم يفسده كان على المكاتب أن يمضي على موجب كتابته، وهو جواز السفر له، والدليل على هذا التقرير ما ذكره في المبسوط

(1)

بعد ما ذكر صورة المسألة [هذه]

(2)

، كان هذا الشرط باطلا؛ لأنه خلاف موجب العقد، فإن مالكية اليد تثبت له حق الاستبداد

(3)

بالخروج [إلى حيث شاء]

(4)

، والمقصود بالعقد يمكنه من ابتغاء

(5)

المال، وذلك بالضرب في [الأرض]

(6)

. قال الله تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}

(7)

.

فكل شرط يمنعه من ذلك فهو خلاف موجب العقد، فكان باطلا، وعند سفيان الثوري

(8)

رحمه الله يصح هذا الشرط؛ لأنه مفيد كالمودع إذا قال للمودع: أحفظها في بيتك دون بيت غيرك، صح كذا هذا، وإذا لم يصح هذا الشرط عندنا لا يبطل العقد بهذا الشرط؛ لأن هذا الشرط وأداء ما تم به العقد، والشرط الفاسد في الكتابة لا يفسد العقد إذا لم يكن متمكنا في صلبه، وإنما يفسد إذا تمكن في صلبه لمعنى،

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 209).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

(استبد) بكذا تفرد به. وقولهم لا (بد) من كذا أي لا فراق منه، وقيل لا عوض.

انظر: مختار الصحاح (ص: 30).

(4)

في (أ) شيئا والصحيح ما ذكر في (ب) إلى حيث شاء.

(5)

بغي: بغيته طلبته بغاء بالضم وهذه بغيتي أي مطلوبي ويقال أبغني ضالتي أي اطلبها لي ومنه قوله في شروط السير فإن بغى أحدهما صاحبه في شيء من هذا الكتاب أي طلب له شراء وأراد له.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 48).

(6)

في (أ) الأصل والصحيح ما ذكر في (ب) الأرض.

(7)

سورة [المزمل: 20].

(8)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 210).

ص: 104

وهو أن الكتابة تشبه البيع من وجه، وهو أنها يحتمل الفسخ في الابتداء، وتشبهه النكاح من وجه، وهو أنها [لا]

(1)

تحتمل الفسخ بعد تمام المقصود بالأداء، فيوفر حظهما عليهما فلشبهها بالبيع تبطل بالشرط الفاسد إذا تمكن في صلبها، ولشبهها بالنكاح لا تبطل بالشرط الفاسد إذا لم يتمكن ذلك في صلبها، ولأن هذا العقد مع احتماله الفسخ مبني على التوسع

(2)

، فلتحقيق معنى التوسع قلنا

(3)

: الشرط إذا لم يتمكن في صلبه يكون لغوا بخلاف البيع، فإنه مبني على التضييق

(4)

، ثم المعنى من المتمكن في صلب العقد هو أن يكون الفساد معنى في البدلين، وهنا لا فساد في بدل الكتابة (كما إذا شرط خدمة مجهولة).

بأن قال: كاتبتك على أن تخدمني مدة

(5)

، أو زمانا

(6)

، أما لو كاتبه على أن يخدمه شهرا، القياس أن لا يجوز؛ لجهالة جنس الخدمة، فإن الخدمة قد تكون في البيت، وقد

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

التوسيع: خلاف التضييق تقول: وسع الشيء فاتسع. و استوسع أي صار واسعا. و توسعوا في المجلس تفسحوا. والوسع الطاقة والقوة.

انظر: مختار الصحاح (ص: 338)، المعجم الوسيط (2/ 1032).

(3)

أي عند السرخسي في المبسوط.

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 210).

(4)

التضييق: ضيقا وضيقا انضم بعضه إلى بعض فلم يتسع لما فيه وقصر عنه ويقال ضاقت حيلته وضاق بالأمر وضاق به ذرعا وضاق صدره به تألم أو ضجر منه أو شق عليه وعجز عنه.

انظر: المعجم الوسيط (1/ 548).

(5)

مده: فامتد من باب رد. والمادة الزيادة المتصلة. ومد الله في عمره ومده في غيه أي أمهله وطول له. ومدة من الزمان برهة منه.

انظر: مختار الصحاح (ص: 292).

(6)

زمن: الزمن والزمان: اسم لقليل الوقت وكثيره، وفي المحكم: الزمن والزمان العصر، والجمع أزمن وأزمان وأزمنة. وزمن زامن: شديد. وأزمن الشيء: طال عليه الزمان.

انظر: لسان العرب (13/ 199).

ص: 105

[لا يتزوج المكاتب إلا بإذن المولى]

تكون خارج البيت وعن هذا قال مشايخنا

(1)

ذكر القياس في الكتابة يكون، وكذا في الإجارة، يعني أن هناك أيضا لا يجوز الإجارة قياسا في هذه الصورة، وفي الاستحسان يجوز؛ لأن أعمال الخدمة معلومة فيما بين الناس عرفا

(2)

، والمعروف فيما [بين]

(3)

الناس كالمشروط

(4)

، ولهذا جازت الإجارة، وإن لم يبين نوع الخدمة، كذا في الذخيرة

(5)

(والتزوج ليس وسيلة إليه) أي إلى المقصود، ولأن حكم المالكية إنما تثبت به يدا ليتمكن من أداء بدل الكتابة، فكل عقد لا يوصله إلى ذلك لا يثبت له حكم المالكية في ذلك، بل يكون هو كالعبد (ولا يتزوج إلا بإذن المولى) كذا في المبسوط

(6)

[المجاهز]

(7)

عند العامة الغني من التجار، فكأنه أريد المجهز وهو الذي يبعث التجار بالجهاز، وهو فاخر المتاع، أو يسافر به، فحرف إلى المجاهز كذا في المغرب

(8)

(ولا يتكفل)(لأنه تبرع محض)

(9)

، إلا أن كفالته ككفالة العبد المحجور عليه يصح في حقه بعد العتق.

(1)

المشايخ: من لم يدرك إمام المذهب رحمهم الله.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 98).

(2)

المعروف: ضد المنكر. والعرف: ضد النكر. يقال: أولاه عرفا أي معروفا. والمعروف والعارفة: خلاف النكر انظر: مختار الصحاح (ص: 207)، لسان العرب (9/ 239).

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

القاعدة: المعروف عرفا كالمشروط شرطا، وهذه من أهم القواعد، وهي متممة لقاعدة: العادة محكمة ومعنى المعروف عرفا كالمشروط شرطا: أن العرف السائد بين الناس إذا اتفقوا عليه في شيء ما فإنه يعتبر في الشرع كالشرط، فإذا اتفق الناس على شيء أو كان بينهم عرفا، فإنه يعتبر شرطا، ولا بد أن يوف هذا الشرط.

انظر: شرح القواعد الفقهية (1: 237) القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير (1/ 298)، القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه (7/ 7).

(5)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 101).

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 225).

(7)

في (ب) الجاهز.

(8)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 97).

(9)

المحض: كل شيء خلص حتى لا يشوبه شيء يخالطه. محض فلان في نسبه محوضة كان خالص النسب.

انظر: المعجم الوسيط (2/ 856).

ص: 106

وأما في الحال ([ولا]

(1)

يملكه بنوعيه) سواء كان بأمر المكفول عنه، أو بغير أمره، أما إذا كان بغير أمره فظاهر (لأنه تبرع محض) ولا يكون له الرجوع بما أدى، فصار كالهبة وإن كان بأمره كذلك أيضا؛ لأن الكفيل متى أدى يصير مقرضا بما أدى إلى المكفول عنه، والإقراض تبرع؛ لأنه أعاده حكما، بدليل إن قبض البدل ليس بشرط في المجلس، ولو كان معاوضة [لشرط]

(2)

قبضه فيه؛ لكونه صرفا

(3)

، وكذا الكفالة بالنفس [أيضا لا تصح]

(4)

؛ لأنه تبرع محض من غير عوض يحصل له، ولا يقال إنه التزم فعلا في ذمته، وهو التسليم، [وتسليم]

(5)

النفس مما لا يتعلق به المال، فكان متصرفا فيما هو خالص [حقه]

(6)

، فيجوز.

لأنا نقول: إن الكفالة متى صحت قد تتعدى إلى المال؛ لأنه ربما يعجز عن تسليم النفس، [للحبس]

(7)

على ذلك، ومتى حبس عجز عن الكسب فيتصل ضرر هذا الالتزام [بكسبه]

(8)

، فكان بمنزلة الكفالة بالمال، فلا يجوز، وسواء كان بإذن المولى، أو بغير إذنه؛ لأنه لا ملك للمولى في منافعه، ومكاسبه، فوجود إذنه فيما هو تبرع لعدمه، كذا في المبسوط

(9)

.

(1)

في (أ) فلا وفي (ب) ولا والصحيح ما ذكر في (ب) كما في الهداية.

(2)

في (ب) شرط.

(3)

صرف: الصرف: رد الشيء عن وجهه، صرفه يصرفه صرفا فانصرف. وصارف نفسه عن الشيء: صرفها عنه والصرف: التقلب والحيلة. يقال: فلان يصرف ويتصرف ويصطرف لعياله أي يكتسب لهم. وقولهم: لا يقبل له صرف ولا عدل؛ الصرف: الحيلة.

انظر: مختار الصحاح (ص: 175)، لسان العرب (9/ 190).

(4)

في (ب) لا تصح أيضا.

(5)

في (ب) وتسلم.

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

في (ب) فنحبس.

(8)

في (ب) لكسبه.

(9)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 60).

ص: 107

[مسألة تزويج الأمة]

(وإن زوج أمته جاز) (لأنه اكتساب [للمال]

(1)

، [لأنه يكتسب]

(2)

به المهر) ويسقط عن نفسه نفقتها.

فإن قلت: لما ملك المكاتب تزويج أمته بهذه العلة، ينبغي أن تملك المكاتبة تزويج نفسها بالطريق الأولى، أما المساواة فباعتبار وجود هذه العلة فيها؛ لأنها تكتسب [به]

(3)

المهر، وتسقط نفقتها

(4)

عن نفسها، وأما الأولوية فإن في تزويج الأمة إنما تسقط نفقة الأمة عن مولاها، إذا بوأها المولى بيتا، وأما إذا لم ينوها فلا يسقط، وأما المكاتبة فإنها تستحق النفقة على زوجها، وإن لم ينوها المولى شيئا بخلاف المدبرة، وأم الولد، والمسألة في فتاوى قاضي خان

(5)

وغيرها، ومع ذلك ذكر في [باب]

(6)

جناية رقيق المكاتب، وولده من كتاب عتاق المبسوط

(7)

أن المكاتب لا يزوج بغير إذن المولى.

(1)

في (ب) للحال.

(2)

في الهداية: فأنه يتملك.

(3)

في (ب) بها.

(4)

النفقة لغة: اسم من الإنفاق وما ينفق من الدراهم ونحوها والزاد وما يفرض للزوجة على زوجها من مال للطعام والكساء والسكنى والحضانة ونحوها وجمعها نفقات ونفاق ما ينفقه الإنسان على عياله.

انظر: لسان العرب (10/ 358)، المعجم الوسيط (2/ 942).

شرعا: اسم بمعنى الإنفاق، وهو عبارة عن الإدرار على الشيء بما به يقوم بقاؤه.

انظر: العناية شرح الهداية (4/ 378)، البناية شرح الهداية (5/ 659).

(5)

إذا كانت أمة إن بوأها المولى بيتا فلها النفقة وإلا فلا وكذا المدبرة وأم الولد والمتبوأة أن يخلي بينها وبين زوجها ولا يستخدمها المولى وإن بوأها المولى بيتا ثم بدا له أن يستخدمها كان له ذلك فإن بوأها بيتا كانت تسير إلى المولى في أوقات وتخدمه من غير استخدامه لا تسقط نفقتها والمكاتبة إذا تزوجت بإذن المولى فهي كالحرة ولا تحتاج إلى التبوئة.

انظر: فتاوي قاضي خان (1/ 207).

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

لا يتزوج المكاتب بغير إذن مولاه؛ لأن انفكاك الحجر عنه في عقود الاكتساب، وليس في التزوج اكتساب المال بل فيه التزام المهر والنفقة ولأن حكم المالكية إنما يثبت له يدا ليتمكن من أداء بدل الكتابة فكل عقد لا يوصله إلى ذلك لا يثبت له حكم المالكية في ذلك بل يكون هو كالعبد لا يتزوج إلا بإذن مولاه.

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 225).

ص: 108

قلت: نعم، كذلك كان ينبغي أن يملك ذلك؛ لأنه اكتساب [للمهر]

(1)

في حقها، ولكن الجواب فيه هو أن رقبتها باقية على ملك المولى، فيمنع ذلك بثبوت؛ ولاية الاستبداد لها بالتزويج، ولأن فيه تغييب رقبتها فإن النكاح عيب فيها، وربما تعجز، فينبغي هذا العيب في ملك المولى، ثم هذا التزويج ليس لاكتساب المال، بل للتحصين

(2)

، والعفة

(3)

، فإن مقصودها من تزويج نفسها [شيئا]

(4)

آخر سوى المال، فلذلك لم يكن هذا العقد مما تناوله الملك [الثابت]

(5)

بالكتابة، ولهذا وقع الفرق بين هذا وبين تزويج الأمة، كذا في المبسوط

(6)

.

(1)

في (أ) المهر وفي (ب) للمهر والصواب ما ذكر في (ب).

(2)

التحصين لغة: المنع واحد الحصون يقال: حصن حصين بين الحصانة. وحصن القرية تحصينا بنى حولها. وتحصن العدو. وأحصن الرجل إذا تزوج فهو محصن وأحصنت المرأة عفت، وأحصنها زوجها فهي محصنة.

انظر: مختار الصحاح (ص: 75).

شرعا: المنع من الخروج والبروز عن مظان الريبة.

انظر: البناية شرح الهداية (6/ 97)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (3/ 102).

(3)

العفة: الكف عما لا يحل عف عن الحرام يعف بالكسر عفة وعفا وعفافة أي كف فهو عف وعفيف والمرأة عفة وعفيفة وأعفه الله. واستعف عن المسألة أي عف. وتعفف تكلف العفة وقيل العفة ترك الشهوات من كل شيء وغلب في حفظ الفرج مما لا يحل.

انظر: مختار الصحاح (ص: 213)، لسان العرب (9/ 253)، المعجم الوسيط (2/ 611).

اصطلاحا: هيئة للقوة الشهوية متوسطة بين الفجور، الذي هو إفراط هذه القوة، والخمود الذي هو تفريطها، فالعفيف من يباشر الأمور على وفق الشرع والمروءة.

انظر: التعريفات (ص: 151).

(4)

في (أ) بيع وفي (ب) شيئا وهو الصحيح.

(5)

في (ب) واثباته.

(6)

لا يتزوج المكاتب بغير إذن مولاه؛ لأن انفكاك الحجر عنه في عقود الاكتساب، وليس في التزوج اكتساب المال بل فيه التزام المهر والنفقة ولأن حكم المالكية إنما يثبت له يدا ليتمكن من أداء بدل الكتابة فكل عقد لا يوصله إلى ذلك لا يثبت له حكم المالكية في ذلك بل يكون هو كالعبد لا يتزوج إلا بإذن مولاه، وكذلك لا يزوج عبده؛ لأنه تعييب للعبد وليس باكتساب للمال.

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 225).

ص: 109

وذكر فيه أيضا بعد ذكر مسألة تزويج الأمة بأنه جائز؛ لأنه اكتساب المال، ثم قال

(1)

: فإن قيل هذا موجود في ابنته، ومع ذلك لا يملك تزويجها.

قلنا

(2)

: نعم، ولكن ابنته مملوكة المولى، وأمته ليست بمملوكة للمولى حتى ينفذ عتق المولى في ابنته دون أمته، ولو عجز، وقد حاضت ابنته حيضه لا يجب على المولى فيها استبراء

(3)

جديد، ويلزم [في]

(4)

ذلك أمته، ومكاتبته، أما لو زوج المكاتب عبده امرأة لا يجوز على ما يجيء في الكتاب

(5)

؛ لأنه ليس من اكتساب المال في شيء، بل فيه إتلاف [المال من غير عوض يحصل له، فإن رقبة العبد تصير مشغولة بالمهر، والنفقة من غير مال]

(6)

يحصل له.

فإن قلت: ما تقول في مكاتب زوج أمته من عبده، فإن فيه اجتمع الدليل الذي يجوز مع الدليل الذي لا يجوز، إذ بالنظر [إلى]

(7)

تزويج الأمة يجوز، وبالنظر إلى تزويج العبد لا يجوز [له]

(8)

.

(1)

أي قال السرخسي في المبسوط.

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 225).

(2)

المقصون من قلنا أي السرخسي في المبسوط.

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 225).

(3)

استبرأ: من النجس والبول استنقى منه ومن الدين والذنب طلب البراءة منه والشيء تقصى بحثه ليقطع الشبهة عنه استبرأ المرأة: إذا لم يطأها حتى تحيض؛ وكذلك استبرأ الرحم.

انظر: لسان العرب (1/ 33)، المعجم الوسيط (1/ 46).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

أي كتاب الهداية.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 255).

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

في (أ) أذ والصحيح ما ذكر في (ب) إلى.

(8)

ساقطة من (أ).

ص: 110

قلت: روى عن أبي يوسف

(1)

رحمه الله، [أنه يجوز]

(2)

فوجهه أن فيه اكتساب المال من غير ضرر يلحق، فكان جائزا، وإنما قلنا ذلك؛ لأن فيه اكتساب الولد من غير زيادة ضرر يلحق؛ لأن المهر لا يجب على المولى، ونفقتها كانت عليه قبل النكاح، فلم يكن فيه زيادة ضرر لم يكن، وفيه اكتساب مال.

ولكن في ظاهر الرواية قال: لا يجوز لما أن الداخل تحت الكتابة تجارة، واكتساب مال، وتزويج العبد أمته ليس باكتساب مال، وحصول الولد موهوم وهو ليس باكتساب له في الحال، وفيه نوع ضرر؛ لأنه ربما يبيع الأمة فلا يبطل النكاح، فيجب على العبد نفقتها، وهي أمه الغير، كذا في الذخيرة

(3)

.

لأنه [يوجب]

(4)

فوق ما هو ثابت له؛ لأن الإعتاق [على]

(5)

مال فوق الكتابة؛ لأن الكتابة معاوضة حتى تقال وتفسخ ولا يعتق في الحال، بخلاف الإعتاق [على]

(6)

مال، فإن حقيقة العتق حصل له في الحال بنفس القبول من غير توقف إلى أداء المال، وهذا غير ثابت للمكاتب ففي [تجويزه]

(7)

إطلاق أمر للمكاتب فوق ما هو حاله،

(1)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 197)، العناية شرح الهداية (9/ 177)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 224).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 110).

(4)

في (ب) موجب.

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

في (ب) في.

(7)

في (ب) تزويجه.

ص: 111

وذلك لا يجوز؛ لأن فيه إثباتا كالغيرة

(1)

لما لا يملكه، وبخلاف تعليقه العتق.

[حكم تعليق الشرط بالعتق]

فإن قال المكاتب لعبده: إن أديت إلي ألفا فأنت حر فإنه أيضا، لا يصح؛ لأنه تعليق عتق بالشرط مقصودا، وهذا غير ثابت للمكاتب مقصودا، وإنما يثبت له ضمنا؛ [لثبوت فك للحجر عن الاكتساب بالكتابة، فلا يملك إيجابه مقصود]

(2)

الغيره؛ لأنه غير ثابت له مقصودا، والإنسان

(3)

إنما يملك إيجاب الشيء لغيره بقدر ما يثبت له، ولكن ليس للمكاتب أن يكاتب ولده، ولا والديه؛ لأنهم دخلوا في كتابته تبعا، والمكاتب لا يكاتب، ولأنهم بمنزلة [مملوك المولى]

(4)

حتى لا يبيعهم، [فكما لا يكاتب]

(5)

نفسه، فكذلك لا يكاتبهم، كذا في المبسوط

(6)

، والذخيرة

(7)

.

(فإن أدى الثاني قبل أن يعتق الأول فولاؤه

(8)

للمولى) (لأن له فيه نوع ملك) لأن المكاتب الثاني مكاتب المولى بواسطة المكاتب الأعلى؛ لأنه لولا كتابته [للمكاتب]

(9)

(1)

الغيرة بالكسر: الميرة. وقد غار أهله يغيرهم غيارا، أي يميرهم وينفعهم يقال: غارني الرجل يغيرني ويغورني، إذا وداك من الدية. والاسم الغيرة أيضا بالكسر، وجمعها غير. وقيل الغيرة بالفتح مصدر قولك: غار الرجل على أهله يغار غيرا وغيرة وغارا ورجل غيور وغيران وامرأة غيور وغيرى. وتغايرت الأشياء اختلفت. وغير بمعنى سوى والجمع أغيار وهي كلمة يوصف بها ويستثنى. فإن وصفت بها أتبعتها ما قبلها. وإن استثنيت بها أعربتها بالإعراب الذي يجب للاسم الواقع بعد إلا. وذلك أن أصل غير صفة والاستثناء عارض.

انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (2/ 776)، مختار الصحاح (ص: 232).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

تكرار في (ب) لأنه غير ثابت له مقصودا، والإنسان إنما يملك إيجاب الشيء لغيره لأنه.

(4)

في (ب) مملوكين.

(5)

في (أ) ولا لا يكاتبهم والصحيح ما ذكر في (ب) فكما لا يكاتب.

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 229).

(7)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 23).

(8)

الولاء لغة: النصرة والمحبة مشتق من الولي، وهو القرب.

انظر: مختار الصحاح (ص: 345)، لسان العرب (15/ 408).

شرعا: عبارة عن التناصر بولاء العتاقة أو بولاء الموالاة.

انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)(6/ 119)، اللباب في شرح الكتاب (3/ 136).

(9)

في (ب) المكاتب.

ص: 112

الأعلى لما قدر المكاتب الأعلى على كتابته، فالحكم كما يضاف إلى العلة، كذلك يضاف إلى علة العلة

(1)

، ولأن الدليل على أن للمولى فيه نوع ملك ما ذكره في باب ما لا يثبت النسب فيه من أم الولد من كتاب العتاق للمبسوط

(2)

، بقوله: وإذا وطئ الرجل أمة لمكاتبه، فولدت ولدا فادعاه وصدقه المكاتب، فهو ولده بالقيمة، وعليه العقر

(3)

؛ لأن له حق التمليك في كسب المكاتب، وذلك بمنزلة [الغرور]

(4)

(5)

، أو أقوى منه، فكما يثبت النسب هناك كذلك يثبت هاهنا، إلى أن قال

(6)

: ثم عند تصديق المكاتب لا يصير للجارية أم ولد له؛ لأن حق الملك ثابت له في كسبه، وذلك كاف لإثبات نسب الولد.

(1)

توضيح: الحكم كما يضاف إلى العلة يضاف إلى علة العلة عند تعذر الإضافة إلى العلة كما في العبد إذا اشترى شيئا يثبت الملك للمولى، فإنه يثبت الملك للمولى لتعذر إثباته للعبد لعدم الأهلية.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 392).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 176).

(3)

العقر: بالضم، ما تعطاه المرأة على وطء الشبهة، وأصله أن واطئ البكر يعقرها إذا اقتضها. فسمي ما تعطاه للعقر عقرا ثم صار عاما لها وللثيب، وجمعه الأعقار. وقيل: العقر المهر. وقيل: عقر المرأة دية فرجها إذا غصبت فرجها. وقيل: عقر المرأة ثواب تثابه المرأة من نكاحها، وقيل: هو صداق المرأة.

انظر: لسان العرب (4/ 595).

(4)

في (ب) المغرور.

(5)

الغرور لغة: بالضم ما (اغتر) به من متاع الدنيا وقيل الغرور الباطل؛ وما اغتررت به من شيء، فهو غرور.

انظر: لسان العرب (5/ 13)، مختار الصحاح (ص: 226).

اصطلاحا: هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى، ويميل إليه الطبع.

انظر: التعريفات (ص: 161).

(6)

أي قال السرخسي في المبسوط.

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 176).

ص: 113

ألا ترى أن بعجزه ينقلب حقيقة ملك، فلا حاجة به إلى التملك، وليس للأب في مال الولد ملك، ولا حق ملك، ولا يمكن إثبات النسب منه إلا باعتبار تملك الجارية، [فلذلك]

(1)

صارت جارية الولد أم ولد للأب عند دعوة الولد منها.

وذكر في الذخيرة

(2)

في الفصل الخامس من المكاتب فإن أعتق الثاني بأداء مكاتبته ننظر إن كان الأول مكاتبا حال عتق الثاني، فإن [الولد لا]

(3)

يثبت لولي المكاتب الأعلى، [فإن]

(4)

كان حرا فالولاء يثبت للمكاتب الأعلى لا لمولاه؛ وهذا لأن المكاتب الأعلى كما صار مكاتبا للثاني فمولاه صار مكاتبا للثاني من وجه؛ لأن لكل واحد منهما حق الملك في كسب المكاتب الثاني، فالكتابة داخلة تحت كتابة الأول، فيكون حاصله بإذن المولى، فيقدر ما للمولى من حق الملك في كسبه يصير منقولا إلى المولى فيصير المولى مكاتبا له من وجه، ويقدر ما للمكاتب الأول يصير مكاتبا له، إلا أن حق المكاتب في كسبه أرجح من حق المولى؛ لأن له حق الملك، وحق التصرف، وللمولى حق الملك، وليس له حق التصرف.

فإذا أمكن إثبات الولاء منهما [بأن كان الأول من أهل الولاء حال عتق الثاني، كان إثبات الولاء منه]

(5)

أولى؛ لرجحان حقه على حق المولى، وإذا لم يكن الأول من أهل الولاء بأن كان مكاتبا أثبتناه من مولاه.

وفي المبسوط

(6)

فإن أدى الثاني قبل الأول كان ولاؤه لمولى الأول؛ لأن الأول صار معتقا له، والإعتاق يعقب الولاء، وهو ليس بأهل للولاء؛ لأنه رقيق بعد فيخلفه فيه أقرب

(1)

في (ب) ولذلك.

(2)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 194).

(3)

في (ب) الولاء.

(4)

في (ب) وإن.

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 228).

ص: 114

الناس إليه، وهو مولاه كالعبد، المأذون إذا اشترى شيئا يملكه مولاه بهذا الطريق، وهو أن الشراء موجب للملك، فإذا لم يكن المشتري من أهل الملك [خلفه]

(1)

في الملك أقرب الناس إليه وهو المولى (وتصح إضافة الإعتاق إليه) أي إلى المولى [الأصل]

(2)

(في الجملة) فيقال: مولى زيد أو معتق زيد بطريق المجاز، وإن كان معتق معتقه، ولهذا يدخل معتق المعتق في الاستئمان على مواليه (كما في العبد إذا اشترى شيئا) يعني (يثبت الملك للمولى) لتعذر إثباته للعبد؛ لأنه ليس من أهل الملك على ما ذكرنا

(3)

؛ لأن المولى جعل معتقا، أي بطريق المباشرة حكما، لما أن العقد انتقل إلى المولى؛ لعدم صلاحية المكاتب للإعتاق، فلما صار المولى معتقا لم ينتقل الولاء منه إلى غيره بخلاف جر الولاء، فإنه ثمة مولى الجارية ليس بمعتق الولد مباشرة، بل تسبيبا باعتبار إعتاق الأم، والأصل أن الحكم لا يضاف إلى المسبب إلا عند تعذر الإضافة إلى العلة، والتعذر عند عدم عتق الأب، فإذا عتق زالت الضرورة، فتحول الولاء إلى قوم الأب، إلى هذا أشار في مبسوط شيخ الإسلام

(4)

.

(وأما الثالث فلأنه تنقيص العبد، وتعييب له (المسألة كاملة كما في الهداية:"وإن أعتق عبده على مال أو باعه من نفسه أو زوج عبده لم يجز" لأن هذه الأشياء ليست من الكسب ولا من توابعه. أما الأول فلأنه إسقاط الملك عن رقبته وإثبات الدين في ذمه المفلس فأشبه الزوال بغير عوض، وكذا الثاني لأنه إعتاق على مال في الحقيقة. وأما الثالث فلأنه تنقيص للعبد وتعييب له وشغل رقبته بالمهر والنفقة، بخلاف تزويج الأمة لأنه اكتساب لاستفادته المهر.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 255).» ولهذا لو اشترى عبدا فوجده ذا زوجة يمكن من الرد بالعيب، كذا في الأصح على ما مر إشارة إلى قوله: (وإن زوج

(1)

في (ب) يخلفه.

(2)

في (ب) الأصلي.

(3)

إن العبد لا يملك وإنما يكون ملكه لمولاه.

(4)

انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (4/ 286).

ص: 115

أمته جاز) (لأنه اكتساب المال ولأن في تزويج الأمة والكتابة نظرا له (

(1)

بقوله: والكتابة أنظر له في البيع؛ لأن البيع يزول ملكه عن الغير قبل وصول البدل إليه، وبالكتابة لا يزول ملكه عنه إلا بعد وصول المال إليه، وتسقط نفقة عنه في الحال، وإذا تعذر وصول المال إليه؛ لعجزه يفسخ الكتابة، فكان عبدا له على حاله، وإذا ملك الوصي البيع ملك الكتابة بالطريق الأولى.

فإن قلت: فعلى هذا كان ينبغي أن يملك الوصي كتابة عبد الصغير عند وجود الدين في الشركة

(2)

، كما يملك بيع التركة مع وجود الدين على ما ذكره في وصايا هذا الكتاب بقوله: وإذا باع الوصي عبدا من [التركة] بغير [محضر من الوارث]

(3)

فهو جائز، ثم هاهنا لو كاتب [القاضي]

(4)

عبدا من التركة لا يجوز وإن كانت الورثة صغارا إذا كان على الميت دين، إن كان لا يحيط بماله فما وجهه؟

(1)

في (ب) إليه.» أي للصغير أما في تزويج الأمة فلما ذكر (أنه اكتساب لاستفادته المهر).

وأما في الكتابة فلما ذكر في المبسوط انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 213).

(2)

الشركة والشركة سواء: مخالطة الشريكين. يقال: اشتركنا بمعنى تشاركنا، وقد اشترك الرجلان وتشاركا وشارك أحدهما الآخر.

انظر: لسان العرب (10/ 448).

شرعا: هي عبارة عن اختلاط نصيبين فصاعدا بحيث لا يعرف أحد النصيبين من الآخر.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (3/ 312)، العناية شرح الهداية (6/ 152).

(3)

في (ب) محصوص الغرماء.

(4)

في (ب) الوصي.

ص: 116

قلت: وجهه هو أنا لو صححنا كتابة الوصي لا يخلو إما أن يصحح لأجل الغريم

(1)

، أو لأجل اليتيم

(2)

، أو لأجل الميت، وكل ذلك لا يصح، فلا يصح كتابته؛ وذلك لأن حق الغريم مقدم، وما لم يصل إليه كمال حقه لا يسلم شيء من التركة إلى الوارث، فلا يمكن تصحيح كتابته للغريم، إذ ليس للموصي عليه ولاية، ولا لليتيم؛ لأنه لا يسلم إليه شيء إلا بعد قضاء الدين ولا للميت؛ لأن حقه في تفريغ ذمته، ويتأخر ذلك بكتابته، فلذلك لم يجر بخلاف البيع، فإن [المالية]

(3)

باقية كما كانت، وحق الغريم في [مالية]

(4)

التركة لا في عينها، إلا أن يستوفي الغريم من بقية التركة، فحينئذ ينفذ الكتابة؛ لأن المانع قد زال، وكذلك إن كان مكان الدين وصية بالثلث؛ لأنه لا ولاية للموصي على الموصى له في كتابة نصيبه، إلى هذا أشار في المبسوط

(5)

.

(وقاسه على المكاتب، واعتبره بالإجارة) أي أبو يوسف

(6)

رحمه الله قاس المأذون على المكاتب، فإن المكاتب يجوز له أن يزوج أمته، فكذلك المأذون، وكذلك اعتبر التزويج بالإجارة، فإن للمأذون أن [يؤاجر]

(7)

أمته، وعبده، فكذلك يجوز له أن [يزوج]

(8)

أمته، ثم استعمل لفظ القياس في العينين:

(1)

الغريم: غرم يغرم غرما وغرامة، وأغرمه وغرمه. والغرم: الدين. ورجل غارم: عليه دين والغريم: الذي له الدين والذي عليه الدين جميعا، والجمع غرماء.

انظر: لسان العرب (12/ 436).

(2)

اليتم: الانفراد؛ واليتيم: الفرد. واليتم واليتم: فقدان الأب واليتم في الناس من قبل الأب، وفي البهائم من قبل الأم ولا يقال لمن فقد الأم من الناس يتيم واليتيم الذي مات أبوه فهو يتيم حتى يبلغ، فإذا بلغ زال عنه اسم اليتم، والجمع أيتام ويتامى ويتمة.

انظر: لسان العرب (12/ 645)، المعجم الوسيط (2/ 1063).

(3)

في (ب) المالكية.

(4)

في (ب) مالكية.

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 28).

(6)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 177)، البناية شرح الهداية (10/ 395).

(7)

في (ب) يؤاجر.

(8)

في (ب) يؤجر.

ص: 117

وهما: المأذون

(1)

، والمكاتب، ولفظ الاعتبار في الفعلين، وهما: التزويج، والإجارة؛ لأن المماثلة بين هذين العينين ظاهرة، إذ في كل منهما فك الحجر، وإطلاق التصرف، فكان شرط القياس موجودا، واستعمل لفظ القياس [لذلك]

(2)

.

وأما في هذين الفعلين فالمماثلة بينهما من حيث الفعلة لا غير، لما أن الإجارة من المعاوضات المالية من الجانبين؛ لأن المنفعة حكم المالية

(3)

.

ألا ترى أن الحيوان لا يثبت دينا في الذمة بمقابلة المنافع، كما لا يثبت دينا بمقابلة الأموال الحقيقية في البيع، فكان استعمال لفظ الاعتبار هناك أليق (وهذا ليس بتجارة) إشارة إلى تزويج الأمة؛ لأن التجارة اسم لمبادلة المال بالمال، وتزويج الأمة ليس كذلك، فلا يملكه المأذون [له]

(4)

بخلاف المكاتب فإنه يملكه ([لأن المكاتب يملك]

(5)

الاكتساب، وهذا اكتساب) لأن الاكتساب اسم لما يوصل به إلى المال، وتزويج الأمة يصل المولى إلى المهر، فكان اكتسابا، وإنما كان هكذا؛ لأن المكاتب ملحق بالأحرار في استبداده بالتصرف، واكتساب نفسه.

(1)

المأذون لغة: أذن بالشيء إذنا وأذنا وأذانة: علم. وفي التنزيل العزيز: فأذنوا بحرب من الله ورسوله؛ أي كونوا على علم. وآذنه الأمر وآذنه به: أعلمه.

انظر: لسان العرب (13/ 9).

شرعا: فك الحجر وإسقاط الحق فإن المولى إذا أذن لعبده في التجارة أسقط حق نفسه الذي كان العبد لأجله محجورا عن التصرف في مال المولى قبل إذنه.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 281)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 223).

(2)

في (ب) كذلك.

(3)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 177)، البناية شرح الهداية (10/ 395).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

في الهداية: فأما المكاتب يتملك.

ص: 118

والأصل في هذا أن كل من كان تصرفه عاما في التجارة وغيرها يملك تزويج الأمة في حق الغير، كالأب، والوصي، والجد، والمفاوض

(1)

، والمكاتب، والقاضي، وأمين القاضي

(2)

، وكل من كان تصرفه خاصا في التجارة، كالمضارب، وشريك العنان

(3)

.

(والمأذون لا يملك تزويج الأمة عند أبي حنيفة، ومحمد -رحمهما الله-) كذا ذكر الإمام قاضي خان

(4)

، والمحبوبي

(5)

؛ ولأنه أي

(6)

ولأن تزويج الأمة إذ هي مبادلة المال بالمال، أي الإجارة مبادلة المال بالمال؛ لأن المنافع في باب الإجارة مال على ما ذكرنا؛ ولأن المنافع في باب الإجارة يصلح مهرا في النكاح، مع أن النكاح شرع ابتغاؤه بالمال؛ لقوله تعالى:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}

(7)

.

فعلم بهذا أن المنافع في باب الإجارة لها حكم المال من كل وجه، فلم يلزم من جواز تصرف المأذون [له]

(8)

في الإجارة جواز تصرفه في تزويج الأمة؛ لما أن تزويج

(1)

المفاوض: (فوض) إليه الأمر تفويضا رده إليه. وقوم (فوضى) بوزن سكرى أي متساوون لا رئيس لهم. و (تفاوض) الشريكان في المال اشتركا فيه أجمع وهي شركة (المفاوضة). و (فاوضه) في أمره أي جاراه. و (تفاوض) القوم في الأمر أي فاوض بعضهم بعضا.

انظر: مختار الصحاح (ص: 244).

(2)

أمين القاضي هو نائب القاضي.

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 402).

(3)

شركة (العنان) أن يشتركا في شيء خاص دون سائر أموالهما كأنه عن لهما شيء فاشترياه مشتركين فيه.

انظر: مختار الصحاح (ص: 220).

(4)

انظر: فتاوي قاضي خان (1/ 169).

(5)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 394)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 158).

(6)

أي ولأن التزويج ليس من التجارة م: (لا يملك هؤلاء كلهم تزويج العبد) ش: أي المكاتب والمأذون والمضارب والمفاوض وشريك العنان؛ لأن تزويج العبد ليس من التجارة؛ لأنه ليس مبادلة المال بالمال ولا هو من اكتساب المال.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 396).

(7)

انظر: سورة [النساء: 24].

(8)

ساقطة من (أ).

ص: 119

الأمة نظير الكتابة من حيث أن كلاهما مبادلة المال بغير المال، لا نظير الإجارة، ثم المأذون له لا يملك الكتابة، [فيجب أن لا يملك الكتابة]

(1)

، فيجب أن لا يملك تزويج الأمة. [والله اعلم]

(2)

.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

ساقطة من (ب).

ص: 120

[فصل في بيان من يدخل في الكتابة]

(1)

(2)

[أذا اشترى المكاتب أباه أو أمه]

لما ذكر مسائل من هو داخل في الكتابة بطريق الأصالة

(3)

له. ذكر في هذا الفصل مسائل من يدخل فيها بطريق التبعية

(4)

، وما يتبعها، والتبع يتلوا الأصل.

قوله: (وإذا اشترى المكاتب أباه، أو ابنه دخل في كتابته)[وكذلك لو اشترى أمه، وهؤلاء يدخلون في كتابته بطريق التبعية، ثم اعلم أن الأقوى الدخول في كتابته]

(5)

تبعا الولد المولود في كتابته، ثم الولد المشتري، ثم الوالدان، فعلى هذا الترتيب ظهرت الأحكام حتى إن الولد المولود في كتابته يظهر في حقه جميع أحكام الكتابة بطريق التبعية، فإنه يحرم بيعه حال حياته، [ويقبل بدل الكتابة منه على نجوم الأب، وكذلك الولد المشتري في حق حرمة البيع حال حياة]

(6)

المكاتب، ولكن يقبل منه بدل الكتابة بعد موت الأب حالا، ولا يمكن من السعاية على نجوم [الأب]

(7)

؛ ليظهر نقصان حاله عن حال المولود في التبعية، ثم الأب دون المشتري حتى إنه يحرم بيعه حال حياة ابنه

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

أي هذا فصل في بيان من يدخل في الكتابة، وبين فيما مضى من يدخل أصلا. وهاهنا يبين من يدخل تبعا، والتبع يلي الأصل.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 397).

(3)

أصل الشيء جعل له أصلا ثابتا يبنى عليه.

انظر: المعجم الوسيط (1/ 20).

شرعا: عبارة عما يبني عليه غيره ولا يبني هو على غيره، أو ما يثبت حكمه بنفسه ويبني عليه غيره وجمعه أصول.

انظر: التعريفات (ص: 28)، البناية شرح الهداية (1/ 132).

(4)

التبعية كون الشيء تابعا لغيره تبع: تبع الشيء تبعا وتباعا في الأفعال وتبعت الشيء تبوعا: سرت في إثره؛ واتبعه وأتبعه وتتبعه قفاه وتطلبه متبعا له وكذلك تتبعه وتتبعته تتبع.

انظر: لسان العرب (8/ 27)، المعجم الوسيط (1/ 82).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

في المحيط البرهاني في الفقه النعماني: الأم.

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 124).

ص: 121

المكاتب، ولم يقبل منه بدل الكتابة بعد موته لا حالا، ولا مؤجلا؛ ليظهر نقصان ابنته في التبعية عن الولد المشترك، وعن الولد المولود في الكتابة، [وإنما كان هكذا؛ لأن التبعية للولد المولود في الكتابة]

(1)

ثابتة بالملك.

وبالبعضية

(2)

الثابتة حقيقة وقت ثبوت العقد وأما الولد المشتري فتبعيته بالملك، وبالبعضية بينهما في حق العبد من [حيث]

(3)

الحكم والاعتبار، لا من حيث الحقيقة؛ لأن [بعد]

(4)

الانفصال لا بعضيه بينهما من حيث الحقيقة.

وأما الوالدان فإنما يتبعان الولد باعتبار الملك لا باعتبار البعضيه، فإنهما ليس ببعض من الولد فلذلك انحطت تبعيتهما عن تبعية الولد المشتري، وعن تبعية الولد المولود، إلى هذا أشار في الذخيرة

(5)

. دخل في كتابته حتى يمتنع بيعه، ثم إنما قيد [بقوله]

(6)

: (دخل في كتابته) ولم يقل: صار مكاتبا؛ لأنه لو كان مكاتبا أصالة، ليثبت كتابته بعد عجز المكاتب الأصلي، وليس كذلك، بل يعجز [الداخل بعجز]

(7)

الأصلي حتى إذا عجز المكاتب بيع الأب، أن كتابة الداخل بطريق التبعية لا بطريق الأصالة.

فإن قلت: لو كان دخل المشتري في كتابة المكاتب هاهنا لوجب أن يسقط من بدل الكتابة ما يخصه إذا اعتق المولى الداخل في كتابة المكاتب، كما إذا كاتب رجل عبده

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

بعض: بعض الشيء: طائفة منه، والجمع أبعاض وبعضته تبعيضا: جزأته، تبعض: تجزأ.

انظر: لسان العرب (7/ 119)، القاموس المحيط (ص: 637).

اصطلاحا: اسم لجزء مركب تركب الكل منه ومن غيره.

انظر: التعريفات (ص: 46).

(3)

في (ب) موجب.

(4)

في (أ) نفذ وفي (ب) بعد والصحيح ما ذكر في (ب) لأنه يوافق ما ذكر في المحيط البرهاني.

(5)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 124).

(6)

في (ب) لقوله.

(7)

في (ب) الرجل بعجز.

ص: 122

على نفسه، وولده الصغار، ثم إذا عتق المولى أحد الأولاد الصغار [رفع]

(1)

عنه بحصة قيمة المعتق من بدل الكتابة، ولم يرفع هاهنا.

قلت: إنما كان كذلك؛ لأن العقد هناك مضاف إلى الكل مقصودا، وإن كان أولاد المكاتب هناك إتباعا له من وجه أيضا حتى يعتقون بعتقه، ويردون إلى الرق بعجزه، ولكن جهة المقصود به في الأولاد باقية أيضا باعتبار إضافة المولى العقد إليهم، إن كان القابل هو الأب، وأما هاهنا وهو الولد المشتري، أو الولد المولود في الكتابة [فتبقى]

(2)

من كل وجه، فلذلك إذا عتقه المولى لا يسقط شيء من البدل؛ لكونه تبعا من كل وجه، وشيء من البدل [لكونه تبعا من كل شيء من البدل و]

(3)

لا يقابل التبع.

[المسائل التي يتناولها عقد الكتابة من اثنين أو أكثر]

اعلم أن جنس هذه المسائل التي يتناولها عقد الكتابة من اثنين، أو أكثر على سبعة أوجه: كتابة العبدين مقصود، أو كتابة العبدين مع كفالة كل واحد منهما عن الأجر، وكتابة العبدين مع شرط إن أديا عتقا، وإن عجزا ردا إلى الرق، وكتابة العبد [الحاضر]

(4)

عن نفسه، وعن [الغائب]

(5)

، وكتابة العبد على نفسه، وولده الصغار،

وكتابة الأب، أو الولد تبعا لولده، أو أبيه، وهو على نوعين: أحدهما -الولد المشتري.

والثاني- الولد المولود [في]

(6)

الكتابة وهو السابع، فكل واحد منهما مختص بحكم على حدة، [يمتاز]

(7)

به عن الآخر.

(1)

في (ب) وقع.

(2)

في (ب) البيع.

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

في (أ) للحاضر وفي (ب) الحاضر والأولى ما ذكر في (ب).

(5)

في (أ) المكاتب وفي (ب) الغائب والأولى ما ذكر في (ب).

(6)

في (أ) به، وفي (ب) في وهو الصحيح لمناسبته سياق الكلام.

(7)

في (أ) ممتاز وفي (ب) يمتاز والأولى ما ذكر في (ب).

ص: 123

أما [الأول: وكاتبه]

(1)

العبدين من غير كفالة وشرط بأن يكاتبهما على ألف درهم مكاتبة واحدة، ولم يزد على هذا، فحكمه أنه إذا أدى أحدهما حصته من المال يعتق، ولا يعتق الآخر، وكذلك إذا عجز أحدهما لا يكون ذلك عجزا في حق الآخر.

وأما الثاني: فأن يكاتب عبدين له مكاتبة واحدة على ألف درهم، وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه، ففي هذه الصورة كان كل واحد منهما كفيلا عن الآخر [وهذا]

(2)

وفي الثالث لو أدى أحدهما ما بحصة من الألف لا يعتق بخلاف الأول.

أما الوجه الثالث: فهو أن يقول [المولى]

(3)

: أن أديا عتقا، وإن عجزا ردا في الرق، فحكمه أنه لا يعتق واحد منهما ما لم يصل إلى المولى جميع الألف بخلاف الأول.

وأما الوجه الرابع: وهو ما إذا كاتب الرجل عبدا له على نفسه، وعلى عبد له غائب بألف درهم جاز ذلك استحسانا، وكذلك الوجه الخامس وهو أن يكاتب عبده على نفسه، وولده الصغار، فإنه يجوز، ولكن الفرق بين هذين الوجهين وهو أنه إذا مات الحاضر ليس للمولى أن يطالب الغائب بشيء من البدل وفي الوجه الخامس إذا مات

الأب ولم يؤد شيئا [يتبع]

(4)

أولاده في المكاتبة على النجوم بمنزلة الولد المولود في الكتابة بخلاف الوجه الرابع.

وأما الوجه السادس: فهو الولد المشتري في حالة الكتابة.

والوجه السابع: وهو الولد المولود في الكتابة، فقد ذكرنا التفاوت بينهما من الذخيرة

(5)

، في هذا الفصل.

(1)

في (ب) الولد فكتابة.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) للمولى.

(4)

في (ب) يسعي.

(5)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 123).

ص: 124

وأما الفرق بين الوجه الخامس وبين هذين الوجهين فهو أن الأولاد الصغار للمكاتب قبل عقد الكتابة لا يدخلون في كتابة بدون عقده عليهم.

وأما الولد المشتري والولد المولود في الكتابة فإنهما يدخلان في كتابته بدون العقد، وفي ساير الأحكام حكم الوجه الخامس مثل حكم الوجه السادس، والسابع، هذا كله مما التقطته من المبسوط

(1)

.

[الحكم لو اشترى المكاتب ذا رحم محرم منه لأولاد له]

(وله

(2)

أن للمكاتب كسبا لا ملكا (

(3)

.

(ولأن هذا قرابة) أي قرابة الأخوة، (فألحقناها بالثاني في العتق) أي ألحقنا قرابة الأخوة بثاني المذكورين في القرابة، وهو قرابة الولاء في حق العتق حتى إذا ملك الحر أخاه يعتق كما يعتق والده، أو ولده إذا ملكه (وبالأول في الكتابة) أي ألحقنا قرابة الأخوة بأول المذكورين في القرابة، وهو قرابة بني الأعمام في حق الكتابة حتى إذا ملك المكاتب أخاه لا يكاتب عليه، كما إذا ملك المكاتب ابن عمه فإنه لا يكاتب عليه، وإنما فعلنا، [هكذا]

(4)

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 168).

(2)

وله: أي ولأبي حنيفة رحمه الله.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 398).

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 256).

(3)

المسألة كاملة كما في الهداية: وإن اشترى ذا رحم محرم منه لأولاد له لم يدخل في كتابته عند أبي حنيفة. وقالا: يدخل اعتبارا بقرابة الولاد إذ وجوب الصلة ينتظمهما ولهذا لا يفترقان في الحر في حق الحرية. وله أن للمكاتب كسبا لا ملكا، غير أن الكسب يكفي الصلة في الولاد حتى أن القادر على الكسب يخاطب بنفقة الوالد والولد ولا يكفي في غيرهما حتى لا تجب نفقة الأخ إلا على الموسر.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 256).» والدليل على أنه لا ملك للمكاتب على الحقيقة أن الصدقة تحل له، وإن أصاب كثيرا، ولا يملك الهبة، ولا يفسد نكاح امرأته إذا اشتراها كذا في الأسرار انظر: البناية شرح الهداية (10/ 398)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)(6/ 104).

(4)

المسألة كاملة كما في الهداية: ولأن هذه قرابة توسطت بين بني الأعمام وقرابة الولاد فألحقناها بالثاني في العتق، وبالأول في الكتابة وهذا أولى؛ لأن العتق أسرع نفوذا من الكتابة حتى إن أحد الشريكين إذا كاتب كان للآخر فسخه، وإذا أعتق لا يكون له فسخه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 256).

ص: 125

للعمل بالشبهين؛ وذلك لأنا لو ألحقنا هذه القرابة، وهي قرابة الأخوة بالأولاد في حق الكتابة وقلنا: بأن الأخ يتكاتب على المكاتب إذا اشتراه [وجب عليه]

(1)

أيضا أن يقول: إذا ملك الحر أخاه يعتق عليه أيضا، فحينئذ يلزم ألغا العمل بشبه قرابة بني الأعمام، فلا يبقى حينئذ قرابة الأخوة متوسطة بين قرابتين؛ لأن المتوسط هو ذو حظ من الجانبين مما لم يعمل بها لم يبق المتوسط متوسطا.

وذكر في الذخيرة

(2)

وأبو حنيفة رحمه الله بقول علة صيرورة حال المملوك بمنزلة حال المالك شيئا، قرابة محرمة للنكاح، وحقيقة الملك على ما قال عليه السلام «من ملك ذا راحم محرم منه عتق عليه»

(3)

، فقد جعل العلة شيئين القرابة المحرمة للنكاح، وحقيقة الملك، وهذه العلة بجملتها وجدت في حق الحر سواء ملك أخاه، أو ابنه، أو أباه؛ لأن [للحر]

(4)

ملك حقيقة، وقد وجدت القرابة المحرمة للنكاح، وقد وجدت علة العتق في حقهم، فيعتقون.

وأما المكاتب فقد وجد عليه العتق فيما إذا كان المشتري ابنه، أو والده؛ لأنه وجدت القرابة المحرمة للنكاح، وهذا ظاهر، ووجدت حقيقة الملك أيضا حكما؛ لأنه انضم إلى حق الملك الولاء، وللولاء زيادة أثر في إيجاب الصلة ليس ذلك لمجرد القرابة المحرمة للنكاح حتى إن الأب [مستحق]

(5)

النفقة

(6)

، وإن كان كسوبا

(7)

ويستحق النفقة عند

(1)

في (ب) وجب علينا.

(2)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 121).

(3)

عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ملك ذا رحم محرم عتق» أخرجه النسائي في السنن الكبرى للنسائي (5/ 13) كتاب (العتق) باب (من ملك ذا رحم عتق عليه) رقم الحديث (4877) قال النسائي لا نعلم أن أحدا روى هذا الحديث عن سفيان غير ضمرة، وهو حديث منكر، والله أعلم.

(4)

في (ب) الخر له.

(5)

في (ب) يستحق.

(6)

النفقة لغة: اسم من الإنفاق وما ينفق من الدراهم ونحوها والزاد وما يفرض للزوجة على زوجها من مال للطعام والكساء والسكنى والحضانة ونحوها وجمعها نفقات ونفاق ما ينفقه الإنسان على عياله. انظر: لسان العرب (10/ 358)، المعجم الوسيط (2/ 942). شرعا: اسم بمعنى الإنفاق، وهو عبارة عن الإدرار على الشيء بما به يقوم بقاؤه.

انظر: العناية شرح الهداية (4/ 378)، البناية شرح الهداية (5/ 659).

(7)

الكسب لغة: كسبه يكسبه كسبا وكسبا، وتكسب واكتسب: طلب الرزق، أو كسب: أصاب، واكتسب: تصرف واجتهد.

انظر: مختار الصحاح (ص: 269)، لسان العرب (1/ 716)، القاموس المحيط (ص: 130).

اصطلاحا: هو المفضي إلى اجتلاب نفع أو دفع ضرر، ولا يوصف فعل الله بأنه كسب؛ لكونه منزها عن جلب نفع أو دفع ضرر.

انظر: التعريفات (ص: 184).

ص: 126

[الحكم لو اشترى المكاتب أم ولده]

اختلاف الدين وإذا انضم إلى حق الملك ماله زيادة أثر في إيجاب الصلة التحق الحق بالحقيقة، ومن حكم حقيقة الملك [أن]

(1)

يصير المملوك بمثل حال المالك إذا كان ذا رحم محرم منه، وكذا هاهنا وفيما إذا كان المشتري أخا لم يوجد علة العتق في حق المكاتب؛ لأنه إن وجدت القرابة المحرمة للنكاح لم توجد حقيقة الملك لا حقيقة و [لا]

(2)

حكما، وأما حقيقة فلا إشكال. وأما حكما واعتبارا فلأنه لم ينضم إلى حقيقة الملك ما له أثر في إيجاب زيادة الصلة؛ لأن الموجب لزيادة الصلة الولاءة، وقد انعدم الولاء في قرابة الأخ، فلم يلتحق الحق

(3)

بالحقيقة، بل بقي مجرد الحق مع القرابة المحرمة للنكاح، وإنه ليس بعلة تامة لضرورة المشتري بمثل حال المشتري (وإذا اشترى أم ولده دخل ولدها في الكتابة ولم يجز بيعها) (ومعناه: إذا كان معها ولدها إلى آخره (

(4)

، وإن ملكها وحدها قال: أبو حنيفة رحمه الله: له أن يبيعها، وقال: أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله- ليس له أن يبيعها، كذا في المبسوط

(5)

، والذخيرة

(6)

.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

ساقطة من (أ) الولاء.

(4)

أي وإذا اشترى أم ولده دخل ولدها في الكتابة ولم يجز بيعها.» والأصل في هذا هو أن المكاتب إذا اشترى امرأته لا يبطل النكاح؛ لأن حقيقة الملك في رقبتها لا يثبت للمكاتب لقيام الرق المنافي فيه، إنما يثبت له ملك اليد، وبملك اليد لا يبطل النكاح، وله أن يبيعها ما لم تلد منه؛ لأن النكاح ليس لسبب لاستحقاق الصلة، فلا يمتنع عليه البيع بسببه.

فإن ولدت منه امتنع بيعها لثبوت حق الولد، وكذلك المكاتبة يشتري زوجها، فله أن يطأها بالنكاح؛ لأنها لم تملك رقبته حقيقة ثم إن امرأة المكاتب إذا ولدت قبل أن يشتريها المكاتب، ثم ملكها المكاتب بوجه من الوجوه فلا يخلو إما أن ملكها مع الولد، أو وحدها، فإن ملكها مع الولد فليس له أن يبيعها بالإجماع أي اجماع أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد الشيباني.

(5)

انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (4/ 102).

(6)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 157).

ص: 127

فلما ذكرنا أشار إلى ما ذكره في أول الفصل بقوله: (لأنه من أهل أن يكاتب إن لم يكن من أهل الإعتاق) وإن لم يكن معها ولد أي وقت شرائها، أي اشترى أم ولده، ولم [يشترط]

(1)

ولدها معها (لأن كسب المكاتب موقوف) أي بين أن يؤدي المكاتب بدل الكتابة فيعتق، وما فضل من بدل الكتابة كان للمكاتب

(2)

.

وبين أن يعجز فيعود هو وماله للمولى

(3)

، ولهذا لو اشترى امرأته لا يفسد النكاح ولو كان ملكه ثانيا لفسد، ولهذا لا تصح تبرعاته، (فلا يتعلق به) أي كسب للمكاتب (ما لا يحتمل الفسخ) وهو الاستيلاد

(4)

، أذ لو تعلق لكان كسب المكاتب غير محتمل للفسخ، أو كان الاستيلاد محتملا للفسخ

(5)

، فينفسخ بانفساخ الكتابة، فحينئذ يلزم أن يجعل الشيء الذي لا يقبل [الفسخ]

(6)

من جملة الشيء الذي يقبل الفسخ بطريق التبعية، وذلك لا يجوز؛ لأن الذي لا يقبل الفسخ أقوى، فلا يكون تبعا لما هو دونه.

(1)

في (أ) يشتر وفي (ب) يشترط وهو الصحيح لمناسبته سياق الكلام.

(2)

هذا هو الوقف الأول.

(3)

هذا هو الوقف الثاني.

(4)

الاستيلاد لغة: طلب الولد.

انظر: المعجم الوسيط (2/ 1056).

شرعا: طلب الولد من الأمة. وفي العرف هو تصيير الجارية أم ولد يقال: فلان استولد جاريته إن صيرها أم ولده انظر: التعريفات (ص: 22)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 123).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

تكملة المسئله بشكل أوضح: وكلاهما لا يجوز. والتحرير أن كسبه موقوف وكل موقوف يقبل الفسخ فكسب المكاتب يقبل الفسخ، وما يقبل الفسخ لا يجوز أن يتعلق به ما لا يقبل الفسخ كالاستيلاد، لأن ما لا يقبله أقوى من الذي يقبله والأقوى لا يجوز أن يكون تبعا للأدنى.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 401).

ص: 128

وذكر في شرح الأقطع

(1)

؛ لأن حق الاستيلاد مما لا يلحقه الفسخ، ومال المكاتب موقوف فلم يجز أن يتعلق به ما [لا]

(2)

يلحقه الفسخ.

[الحكم لو ولد للمكاتب ولد من أمة له]

(وإن ولد له ولد من أمة له دخل في كتابته)(لما بينا) إشارة إلى قوله: (لأنه من أهل أن يكاتب [وإن]

(3)

لم يكن من [الإعتاق] (

(4)

، وكذا ذكر في فتاوى قاضي خان

(5)

، والمغني

(6)

، وقال: المكاتب لا يملك وطئ أمته، ولما لم يملك وطئ أمته فكيف يتحقق له ولد من أمته حتى يدخل في كتابته.

قلت: نعم، كذلك إلا أن المكاتب في ملك مكاسبه يدا بمنزلة الحر، وذلك القدر من الملك كاف لثبوت النسب له، وعدم حل الوطء غير مانع لثبوت النسب عند الدعوة فيما له نوع ملك، أو حق التملك، كما إذا استولد المولى مكاتبته، فإن وطئها حرام بعد الكتابة، ثم إذا ادعى ولدها يثبت النسب، وكأحد الشريكين في الأمة، فإنه لا يحل له وطئ الأمة المشتركة، ومع ذلك لو جاءت الأمة بولد فادعاه أحد الشريكين،

(1)

لم أقف عليه.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (أ) له وفي (ب) وإن والصحيح ما ذكر في (ب) كما في الهداية.

(4)

في الهداية: أهل العتق.».

فإن قلت: فقد ذكر في أصول الفقه أن المكاتب لا يملك التسري التسري: قال أبو حنيفة ومحمد: هو أن يطأها ويحصنها ويمنعها من الخروج والبروز سواء طلب منها الولد أو لم يطلب وقال أبو يوسف: طلب الولد مع التحصين شرط، وجه قوله: إن الإنسان يطأ جاريته ويحصنها ولا يقال لها: سرية وإنما يقال ذلك إذا كان يطلب منها الولد أو تكون أم ولده وقيل التسري: إعداد الأمة أن تكون موطوءة بلا عزل.

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 101)، التعريفات (ص: 58)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 69).

(5)

انظر: فتاوى قاضي خان (01/ 182).

(6)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 182)، البناية شرح الهداية (10/ 402).

ص: 129

يثبت النسب منه، وكذلك الأب إذا وطئ جارية ابنه فولدت فادعاه يثبت [النسب]

(1)

وليس له إلا حق التملك.

ولا شك أن الأب في جارية الأبن، أدنى ملكا من المكاتب في جاريته بدليل أن للابن أن يطأ جارية نفسه، ولا يحل لمولى المكاتب أن يطأ جارية مكاتبه، فلما ثبت بالنسب من الأب من الجارية [ابنه عند الدعوة؛ فلأن يثبت النسب للمكاتب من جاريته]

(2)

عند الدعوة بالطريق الأول.

والدليل على أن المكاتب مثل الحر في ادعاء النسب ما ذكره في باب دعوة المكاتب من مكاتب المبسوط

(3)

بقوله

(4)

: جارية بين حر ومكاتب ولدت ولدا، فادعاه المكاتب، قال: الولد ولده، وللجارية أم ولد له، ويضمن نصف عقرها، ونصف قيمتها للحر يوم علقت

(5)

منه، ولا يضمن من قيمة الولد شيئا؛ لأن المكاتب بما له من حق الملك في كسبه يملك الدعوة كالحر، فبقيام الملك له في نصفها هاهنا ثبت نسب الولد منه من وقت العلوق

(6)

، وثبت لها حق أمية الولد في حقه امتناع البيع تبعا لثبوت حق الولد، ويصير متملكا نصيب صاحبه منها [من]

(7)

حين علقت، فيضمن نصف عقرها، ونصف قيمتها، ولا يضمن من قيمة الولد شيئا؛ لأنه حادث على ملكه، و [الحر]

(8)

في نظير هذا لا يكون ضامنا شيئا من قيمة الولد، فكذلك المكاتب (فلا ينقطع بالدعوة اختصاصه) أي

(1)

في (ب) الملك.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 74).

(4)

أي السرخسي.

(5)

علقت المرأة علوقا من حد علم أي حبلت وهو تعلق مائه برحمها وأعلقها زوجها أي أحبلها.

انظر: طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: 56).

(6)

العلوق: التي لا تحب زوجها، ومن النوق التي لا تألف الفحل ولا ترأم الولد.

انظر: لسان العرب (10/ 268).

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

في (أ) للحر وفي (ب) الحر والمثبت ما ذكر في (ب).

ص: 130

اختصاص المكاتب بكسبه (وكذلك إذا ولدت المكاتبة ولد) أي من زوجها، يعني أن المكاتبة إذا ولدت ولدا من زوجها يدخل الولد في حكم كتابة الأم تبعا؛ لأنه لما دخل ولد المكاتب في كتابة الأب تبعا [فهنا]

(1)

أولى؛ لأن حرية الأم، ورقبته تسريان إلى ولدها بخلاف حرية الأب، ورقبته، فإنها لا تسريان إلى ولده، ثم لما دخل ولد المكاتبة في كتابة الأم هنا لم يجز بيعه، كما لا يجوز بيع أمه [بطريق]

(2)

التأكيد؛ لكونها مكاتبة، فكذا لا يجوز بيع ولدها؛ لدخوله في كتابتها، وهذا معنى قوله:(لأن حق امتناع البيع ثابت فيها، مؤكدا فيسري إلى الولد).

ثم قوله

(3)

: (مؤكدا) في كتاب ([الاحتراز]

(4)

عن ولد الآبقة) حيث لا يجوز بيعها، ويجوز بيع ولدها لما أن امتناع البيع في الآبقة غير مؤكد، فلا يسري إلى الولد لما أن الإباق ليس مما يبقى دائما كالإعتاق، سعيه، والرقبة، والإسلام، فلا يكون مؤكد، وكذلك قوله: مؤكدا يقع احتراز عن كونها مستأجرة، وجانية، فإن الأمة بعد [وجود]

(5)

هذه الأوصاف فيها لا يجوز بيعها مطلقا، بل مقرونا بشيء آخر، لكنها غير مؤكدة لما قلنا، ولذلك لا تسري إلى الولد، وعن هذا قالوا

(6)

: الأوصاف العادة الشرعية في الأمهات تسري إلى الأولاد، فقولهم: العادة للاحتراز عن هذه الأوصاف والشرعية للاحتراز عن أوصافها الخلقية كالبياض، والسواد، والحمرة، والطول، والقصر

(7)

.

(1)

في (ب) فهاهنا.

(2)

في (ب) طريق.

(3)

أي الميرغناني صاحب الهداية.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 256).

(4)

في الهداية: واحترز به.

(5)

في (أ) مجوب وفي (ب) وجود والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

أي أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد الشيباني.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 256).

(7)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 182)، البناية شرح الهداية (10/ 403).

ص: 131

قوله رحمه الله: دخل في كتابتها (في بعض النسخ

(1)

دخل في كتابتهما، وكان كسبه لها) أي في الدخول يتبعها ولكن [في]

(2)

أداء الكسب يتبع [بيع]

(3)

أمه لزيادة وجود دلالة التبعية في حقها؛ لأنه يتبعها في الرقبة، والحرية دون الأب، فكذلك في أداء الكسب، والوجه [هو]

(4)

الأول؛ لأن الدخول في الكتابة باعتبار أداء الكسب لمن تبعه، فلما أدى كسبه إلى أمه، فكذلك تبعها في الدخول.

فإن قلت: ما الفرق بين هذه المسألة وبين ما إذا دخل ولدهما الصغير في كتابتهما، ثم قتله قاتل خطأ، وكانت [قيمته للأبوين]

(5)

جميعا يستعينان بها في الكتابة، ولا تختص بهما الأم، وفي مسألتنا كان كسب الولد للأم خاصة.

قلت: إنما كان كذلك؛ لأن تلك المسألة متصورة فيما إذا قبل الوالدان الكتابة عليه، وحالهما في ذلك على السواء، إذ لا ولاية لواحد منهما عليه، ولا يمكن جعل تلك القيمة للمولى؛ لأن الولد صار مكاتبا بقبولهما، فلم يبق للمولى سبيل على كسبه، وعلى قيمة رقبته، [ولا بد]

(6)

من أن تؤخذ القيمة عنه فتكون للأبوين؛ لأنهما كانا ينفقان عليه في حياته، وكانا أحق بحضانته.

وأما الولد المولود بينهما بعد الكتابة فإن كسبه، أو قيمته للأم خاصة؛ لأن ثبوت الكتابة في حق الولد هاهنا بطريق التبعية، وجانب الأم [يرجح]

(7)

في ذلك؛ لأنه جزء

(1)

وفي بعض نسخ الهداية دخل في كتابتهما وكسبه لهما والأوجه دخل في كتابتهما؛ لأن فائدة الدخول هو الكسب.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 183)، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/ 57).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

في (ب) قيمة الأبوين.

(6)

في (ب) فلابد.

(7)

في (ب) يترجح.

ص: 132

منها، [وهنا]

(1)

ثبوت الكتابة في حق الولد بالقبول، والقبول منهما جميعا، فلذلك كانت قيمته لهما جميعا، كذا في باب كتابة العبد على نفسه من مكاتبه المبسوط

(2)

.

(وإن تزوج المكاتب بإذن مولاه امرأة زعمت أنها حرة إلى آخره (

(3)

إنما يثبت كما يثبت، لقوله: الأمة أنها حرة فكذلك يثبت لقول: غيرها بأن زوجها منه حر على أنها حرة، فإن الأب يرجع بقيمة الولد على المزوج في الحال؛ لأن ضمان الغرور كضمان الكفالة، والحر مؤاخذ بضمان الكفالة في الحال، وإن كان الذي غرة منها عبدا، أو مدبرا، أو مكاتبا فلا رجوع له عليهم حتى يعتقوا سواء كان العبد مأذونا له، أو لم يكن؛ لأن المأذون له إنما يؤاخذ لضمان التجارة في الحال، لا بضمان الكفالة فيتأخر إلى عتقهم، وهذا إذا زوجها الغار

(4)

.

(وأما إذا أراد الرجل أن [يزوج]

(5)

امرأة فأخبره رجل أنها حرة، ولم يزوجها أباه وتزوجها الرجل على أنها حرة) فإذا هي أمة وقد ولدت ضمن الزوج قيمة [الولد]

(6)

؛ لأنه مغرور، و (لا يرجع) الزوج (على المخبر) بشيء؛ لأنه ما التزم شيئا، إنما أخبره بخبر كان كذبا، وذلك لا يثبت له حق الرجوع، كما لو أخبره أن الطريق آمن

(1)

في (ب) وهناك.

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 25).

(3)

تكملت قوله إلى آخره: فولدت منه ولدا ثم استحقت فأولادها عبيد ولا يأخذهم بالقيمة، وكذلك العبد يأذن له المولى بالتزويج، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: أولادها أحرار بالقيمة.

انظر: بداية المبتدي (ص: 194).» ثم الغرور الغرور لغة: بالضم ما (اغتر) به من متاع الدنيا وقيل الغرور الباطل؛ وما اغتررت به من شيء، فهو غرور.

انظر: لسان العرب (5/ 13)، مختار الصحاح (ص: 226).

اصطلاحا: هو سكون النفس إلى ما يوافق الهوى، ويميل إليه الطبع.

انظر: التعريفات (ص: 161).

(4)

المقصود به الذي حصل منه الغرر.

(5)

في (ب) يتزوج.

(6)

في (ب) الولاءة.

ص: 133

فسلك فأخذه اللصوص (ولكن يرجع بقيمة الولد على الأمة إذا أعتقت؛ لأنها غرته حين زوجت نفسها على أنها حرة، [وضمان]

(1)

الغرور كضمان الكفالة).

(ولا يأخذهم بالقيمة) أي: لا يأخذ المكاتب أولاده بقيمة يؤديها إلى المستحق (وقال محمد

(2)

رحمه الله: أولادها أحرار بالقيمة) كما في الحر، وكذلك قول زفر

(3)

رحمه الله، [ثم]

(4)

على قول محمد إن كان التزويج من هؤلاء، أعني العبد، والمدبر، والمكاتب بإذن السيد

(5)

، فعليهم قيمة الولد، والمهر في الحال، وإن كان بغير إذن السيد فعليهم قيمة الولد، والمهر بعد العتق؛ لأن كل دين وجب على المملوك بسبب مأذون فيه من جهة المولى يؤاخذ به في الحال، وكل دين وجب عليه لسبب غير مأذون فيه من جهة المولى، فإنما يؤاخذ [به]

(6)

بعد العتق، وإذا تزوجها وهو يعلم أنها أمة، أو تزوجها وهو يحسب أنها حرة، ولم يغره فيها أحد فأولاده أرقاء؛ لأن هذا ظن

(7)

(1)

في (أ) وصار وفي (ب) وضمان والصحيح ما ذكر في (ب) كما في الهداية.

(2)

انظر: بداية المبتدي (ص: 194).

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 404).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

السيد: المالك والملك والمولى ذو العبيد والخدم والمتولي للجماعة الكثيرة وكل من افترضت طاعته ولقب تشريف يخاطب به الأشراف من نسل الرسول وأطلق حديثا في بعض الدول على كل فرد وسيد كل شيء أشرفه وأرفعه يقال القرآن سيد الكلام جمعه سادة وسيائد.

انظر: المعجم الوسيط (1/ 461).

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

الظن لغة: العلم دون يقين. والظن شك ويقين إلا أنه ليس بيقين عيان، إنما هو يقين تدبر، فأما يقين العيان فلا يقال فيه إلا علم، وهو يكون اسما ومصدرا، وجمع الظن الذي هو الاسم ظنون.

انظر: مختار الصحاح (ص: 197)، لسان العرب (13/ 272).

اصطلاحا: هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض، ويستعمل في اليقين والشك. وقيل: الظن: أحد طرفي الشك بصفة الرجحان.

انظر: التعريفات (ص: 144).

ص: 134

منه، والظن لا يغني من الحق شيئا، ولأن الموجب لحرية الولد الغرور، ولم يتحقق الغرور هاهنا، هذا كله في باب العبد من نكاح المبسوط

(1)

.

وذكر في شروح الجامع الصغير لشمس الأئمة، وفخر الإسلام وقاضي خان، والإمام الكسائي

(2)

رحمهم الله

(3)

أن قيمة الأولاد عند محمد يؤديها العبد، والمكاتب بعد العتق، لا في الحال، إلى هذا أيضا أشار في الكتاب

(4)

بقوله: (لأن حق المولى هناك مجبور بقيمة ناجزة، وهاهنا بقيمة متأخرة إلى ما بعد العتق) لأنه شارك الحر في سبب ثبوت هذا الحق، وهو الغرور، فشاركه في حكمه، وهو حرية الأولاد، بل حاجة المملوك إلى حرية ولده أظهر من حاجة الحر؛ لأنه ربما يتطرق بها إلى حرية نفسه، وإذا ألزم هذا الشرط من الحر ضمن المملوك أولى فإذا ضمن قيمة الولد عند محمد رحمه الله، يرجع بذلك عليها؛ لأن الغرور حصل منها (وهذا ليس في معناه؛ لأن حق المولى هناك مجبور إلى آخره (

(5)

منه وإنما يصير رقيقا باتصاله برحم الأمة

(6)

، وهنا ماء العبد رقيق كنفسه، والحاجة إلى إثبات الحرية لمائه وما لا يصلح لإبقاء ما كان [على ما قال]

(7)

يصلح لإيجاب ما لم يكن يوضحه أن الحاجة هناك إلى

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (5/ 121).

(2)

أبو العلاء اسمه نصر بن أحمد الفقيه الكسائي نزيل همدان قال الحافظ عبد الخالق بن أسد الحنفي في آخر معجم شيوخه سمعت الفقيه أبا العلاء نصر بهمدان وقد سئل عن الحلف بالقرآن فقال لا ينعقد يمين الحالف.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 274).

(3)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 183)، البناية شرح الهداية (10/ 405).

(4)

المقصود بالكتاب أي كتاب الهداية.

(5)

قوله إلى آخره: لأن حق المولى مجبور بقيمة ناجزة وهاهنا بقيمة متأخرة إلى ما بعد العتق فيبقى على الأصل ولا يلحق به.

انظر: الهداية (4/ 44).» ولأن ماء الرجل هناك بصفته حر [فإنه جزء] ساقطة من (ب).

(6)

تعليق (فتأثير الغرور في المنع من ثبوت الرق في مائه بالاتصال برحم الأمة).

انظر: المبسوط للسرخسي (5/ 121).

(7)

ساقطة من (ب).

ص: 135

الترجيح عند التعارض؛ لأن اعتبار جانب مائه يوجب حرية الولد، واعتبار جانب مائها يوجب رق الولد، فجعلنا الغرور [دليلا]

(1)

مرجحا، وهاهنا الحاجة إلى إيجاب الحرية دون الترجيح، وما يصلح مرجحا لا يصلح موجبا، كذا في [نكاح]

(2)

المبسوط

(3)

.

(فيبقى على الأصل، ولا يلحق [به] (

(4)

في حال كتابته بسبب الوطء بغير إذن المولى؛ لأن يؤاخذ به في حال الكتابة عند إذن المولى بالوطء بالطريق الأولى

(5)

.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (5/ 121).

(4)

ساقطة من (أ).» إدخال الغار هاهنا في مجره؛ لأن ذلك نتيجة ما ذكره من الدليل، أي ما لم يكن المولود (بين الرقبتين) في معنى المولود بين حر ورقيق، لما ذكرنا من دليل بقي المولود بين الرقبتين على ما يقتضيه أصل القياس، وهو أن يكون تابعا لأمة، فيبقى رقيقا كهي، ولا يلحق المكاتب بالحر حتى يكون ولده حرا بالقيمة.

[وطئ المكاتب أمة على وجه الملك]

(وإن وطئ المكاتب أمة على وجه الملك) بأن اشترها (بغير إذن المولى) متعلق بقوله: وطئ، أي وطئها بغير إذن المولى أما هو مأذون في تملكها بالشراء، أو غيره؛ لأنه مكاتب، والمكاتب غير ممنوع عن شراء الجارية وغيرها، ثم التقييد بغير إذن المولى إنما يظهر فائدته في حق إثبات مثل هذا الحكم في إذن المولى بالطريق الأولى؛ لأنه لما كان يؤاخذ المكاتب بالعقر العقر لغة: العقر والعقر: العقم، وهو استعقام الرحم، وهو أن لا تحمل (عقره) جرحه وبابه ضرب فهو (عقير) وهم (عقرى) كجريح وجرحى.

انظر: مختار الصحاح (ص: 214)، لسان العرب (4/ 591).

اصطلاحا: العقر مهر المرأة إذا وطئت عن شبهة. والمراد منه المثل.

انظر: البناية شرح الهداية (5/ 430)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (2/ 241).

(5)

تكرار في (ب) لأنه لما كان يؤخذ المكاتب بالعقد في حال كتابته لسبب الوطء بغير إذن المولى؛ لأن يؤاخذ به في حال الكتابة عند إذن المولى بالوطء بالطريق الأولى.

ص: 136

ألا ترى أنه [يفترق]

(1)

هكذا فيما إذا وجد الوطء في النكاح، فإنه لو كان مأذونا بالنكاح فنكحها، ووطئها يؤاخذ بمهرها في الحال، ولو لم يكن مأذونا به لا يؤاخذ بالمهر في الحال، بل يؤخر إلى ما بعد العتق. وأن فائدة قوله: بغير إذن المولى هي الفرق بين الوطء بطريق الملك بالشراء، وبين [الوطء]

(2)

بطريق النكاح، فإن حكم العقر في أنه يؤاخذ به في الحال لا يفرق بين أن يكون مأذونا بالوطء، وبين أن لا يكون مأذونا بالوطء، إذا كان الوطء بطريق الملك بالشراء وأما إذا كان [الوطء]

(3)

بطريق النكاح، فإن حكم العقر [يفرق]

(4)

في حق المؤاخذة على ما ذكرنا

(5)

.

وقوله: (وإن وطئها على وجه النكاح) أي بغير إذن المولى للنكاح، فكذلك المأذون له سواء كان قنا، أو مدبرا، وهذا العقر من موانعها، أي وهذا العقر الذي وجب على

المكاتب بسبب وطئ المشتراه من توابع التجارة، فإنه لو وطئها قبل أن يشتريها كان عليه الحد دون العقر، وما يجب بسبب الشراء يكون ضمان التجارة، وما يترتب عليه حكمه أيضا حكم ضمان التجارة، وإن كان مقابلا بما ليس [بملك]

(6)

. ألا ترى أن العارية والهدية اليسيرة، والضيافة اليسيرة لما كانت من توابع التجارة [التحقت بالتجارة]

(7)

، وإن كان تبرعا حقيقة.

وأما في الفصل الثاني فوجوب العقر باعتبار شبهة النكاح، وذلك ليس من التجارة في شيء، وليس من الكسب أيضا حتى يتناوله حكم الكتابة، فلم يكن التزامه داخلا في ولاية المكاتب بغير أذن المولى فتأخر إلى عتقه، كذا ذكره [الإمام]

(8)

المحبوبي رحمه الله

(9)

[والله اعلم]

(10)

.

(1)

في (أ) يفرق وفي (ب) يفترق والصحيح ما ذكر (ب) يفترق كما في البناية.

(2)

في (ب) الملك.

(3)

في (ب) الملك.

(4)

في (ب) يفترق.

(5)

أي اذا كان مأذونا بالنكاح فنكحها ووطئها يؤاخذ بمهرها في الحال، وإن لم يكن مأذونا به لا يؤاخذ بالمهر في الحال، بل يؤخر إلى ما بعد العتق.

(6)

في (ب) بمال.

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

ساقطة من (أ).

(9)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 406).

(10)

ساقطة من (أ).

ص: 137

[فصل]

(1)

.

مسائل هذا الفصل نوع آخر من جنس مسائل الفصل الأول، [ولذلك]

(2)

فصلها بفصل، ووصلها [بالذكر]

(3)

(وصارت أم ولد له (

(4)

في مبسوط شيخ الإسلام

(5)

.

(وما له من الملك) بفتح اللام، أي والذي (له في الملك يكفي لصحة الاستيلاد بالدعوة) وهذا لأنه لما [كفى]

(6)

للمكاتب ملك أدنى منه في مكاتبته بدليل عدم جواز إعتاقه؛ لصحة الإستيلاد حتى يثبت منه النسب عند الدعوة، [يكفي]

(7)

للمولى ما له من الملك، وهو أقوى بدليل جواز إعتاقه، ولصحة الاستيلاد أولى على ما قدمنا إشارة إلى ما ذكر قبيل فصل الكتابة الفاسدة؛ لقوله:(لأنها صارت أخص بأجزائها توسلا إلى المقصود بالكتابة) ولو [قد]

(8)

. (ولدت ولدا آخر لم يلزم المولى إلا أن [يدعي] (في البداية: يدعيه.» ولا

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

في (أ) فلذلك وفي (ب) ولذلك والأصوب ما ذكر في (ب).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

تكملة المسئلة: فصل: قال: "وإذا ولدت المكاتبة من المولى فهي بالخيار إن شاءت مضت على الكتابة، وإن شاءت عجزت نفسها، وصارت أم ولد له".

انظر: البداية (1/ 195).» سواء صدقته المكاتبة في ذلك، أم كذبته؛ لأن للمولى في رقبتها حقيقة الملك، وللمكاتبة حق الملك فترجحت الحقيقة على الحق، فيثبت من غير تصديق بخلاف ما إذا ادعى ولد أمة المكاتبة، فإن ثمة لا يثبت النسب إلا بتصديق المكاتبة؛ لأن للمولى حق الملك في إكسابها دون حقيقة الملك فيحتاج إلى التصديق كذا [ذكره] ساقطة من (أ).

(5)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 408).

(6)

في (ب) يكفي.

(7)

في (أ) فلأن يكفي وفي (ب) لا يكفي والمثبت ما ذكر في (ب).

(8)

سافطة من (أ).

ص: 138

يقال ينبغي أن يلزم المولى هذا الولد بدون الدعوة؛ لأنه ولد أم الولد، وولد أمه الولد يلزم المولى بدون الدعوة، لأنا نقول ذلك في أم الولد التي [لا]

(1)

يحرم وطئها، وأما أم الولد هذه يحرم الوطء باعتبار بقاء الكتابة، فلذلك لا يلزم نسب ولدها إلا بالدعوة.

وذكر في المبسوط

(2)

لفخر الإسلام، وهذا الذي ذكره بأن نسب الولد الآخر لا يثبت بدون الدعوة فيما إذا مضت الأمة على الكتابة.

[الحكم لو كاتب المولى أم ولده أو مدبرته]

أما إذا لم تمض عليها، بل عجزت نفسها، ثم ولدت ولدا فإنه يلزم المولى بدون الدعوة؛ لأنها صارت أم ولد حل وطئها، فيحكم بثبوت النسب من المولى كسائر أولاد أم الولد (وإذا كاتب المولى أم ولده جاز).

فإن قلت: ينبغي أن لا يجوز على قول أبي حنيفة

(3)

رحمه الله لأن أم الولد غير متقومة عنده وما ليس بمتقوم كيف يؤخذ بمقابلة بدل الكتابة، وهو متقوم؟

قلت: إن لم يكن هي متقومة عنده، لكن هي مملوكة للمولى، وعقد الكتابة ترد على المملوك؛ [ليتوصل]

(4)

به إلى ملك اليد، والمكاتب في الحال والحرية ثاني في الحال، وحاجة أم الولد إلى هذا [كحاجة]

(5)

غيرها يوضحه أن موجب الكتابة مالكية اليد في المنافع، والمكاسب للمكاتب، وأم الولد مملوكة للمولى يدا، وكسبا، فيصح منه إثبات هذه المالكية لها بالبدل ولأن ملكه فيها محترم، وإن لم يكن أم الولد مالا متقوما وقد احتبس ذلك الملك عندها، لمعنى من جهتها فيكون مضمونا عليها عند الاحتباس بالبدل، وإن لم يكن مالا متقوما كالقصاص، فإنه ليس بمال فيتقوم، ثم إذا احتبس نصيب أحد الشريكين عند القاتل يعفو الآخر يلزمه بدله، فكذلك هاهنا جاز أن يؤخذ البدل بالكتابة بالمقابلة،

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (6/ 54).

(3)

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (2/ 306).

(4)

في (أ) ليترسل وفي (ب) ليتوصل وهو المثبت.

(5)

في (ب) الحاجة.

ص: 139

ذلك الملك المحترم وإن لم يكن هو متقوما في نفسه إلى هذين المعنيين

(1)

، إشارة في باب مكاتبة أم الولد من عتاق المبسوط

(2)

.

(غير أنه يسلم لها الأولاد، والإكساب) أي يعتق الأولاد ويخلص لها الاكتساب (لأن الكتابة انفسخت في حق البدل) حتى سقط البدل عن المكاتبة، كما إذا انفسخ عقد الكتابة سقط بدل الكتابة عن المكاتب (وبقيت في حق الإكساب والأولاد) حتى [كانت]

(3)

المكاتبة أحق بأولادها، وإكسابها من المولى، كما عند بقاء الكتابة كاتب المكاتبة أحق بإكسابها، ولكن عتق أولادها هاهنا؛ لأنهم كانوا داخلين في كتابتها بالشراء، أو بالولادة في حالة الكتابة، وقد ذكرنا [أن]

(4)

من دخل في كتابة غيره بطريق التبعية كان له حكم المتبوع، فيعتق بعتق المتبوع.

[ثم]

(5)

معنى قوله: (وبقيت في حق الإكساب والأولاد) أي: وبقيت الكتابة على الأم [في الإكساب، والأولاد بطريق الاستتباع للأولاد، والإكساب، وإن فسخت في حق الأمة أي: بقيت الكتابة على الأم]

(6)

، لا للأم بل لأولادها، وإنما قال هكذا دفعا لشبهة ترد هاهنا، وهي أن القول بالاستتباع

(7)

في الحرية والرقبة بالأم إنما يكون أن لو

(1)

(أحدهما) أن الذمي يعتقد فيها المالية والتقوم ويحرزها لذلك؛ لأنه معتقد جواز بيعها وإنما ينبني في حقهم الحكم على اعتقادهم كما في مالية الخمر. (والثاني) أن ملكه فيها محترم وإن لم يكن مالا متقوما وقد احتبس عندها لمعنى من جهتها فيكون مضمونا عليها عند الاحتباس وإن لم يكن مالا متقوما كالقصاص فإنه ليس بمال متقوم ثم إذا احتبس نصيب أحد الشريكين عند القاتل بعفو الآخر يلزمه بدله ولم يبين مقدار قيمتها وهي أم ولد.

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 168).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 168).

(3)

في (أ) كاتب وفي (ب) كانت وما ذكر في (ب) أولى.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

في (ب) في.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

أي استتباع الأولاد.

ص: 140

كانت الأولاد متصلة بالأم

(1)

في حالة الحرية والرقبة، وهاهنا الأولاد منفصلة عن الأم حال عتق الأم، فكيف يعتق الأولاد بعتق الأم عند موت المولى؟، فأجاب عنها بهذا. وقال

(2)

: عدم العتق للأولاد المنفصلة إنما يكون إذا لم يكن الأولاد داخلة في كتابة الأم بطريق التبعية، وهاهنا دخلت الأولاد في كتابة الأم بطريق التبعية، فلذلك عتقوا بعتقها، فتحقق الكتابة في حق الأولاد، [فهذا]

(3)

المقصود وإن بطلت الكتابة [في حق الأم]

(4)

في حق البدل، (والنظر فيما ذكرنا)، وهو أن ينفسخ الكتابة في حق الأم في حق بدل الكتابة حتى تسقط عنها، ويبقى الكتابة في حقها في حق الأولاد، والإكساب

(5)

.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

أي تاج الشريعة.

انظر: البناية شرح الهداية: (10/ 411).

(3)

في (ب) لهذا.

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

في كتاب النهاية تقديم وتأخير وهذه المسألة كامله كما في البناية شرح الهداية: وقال: عدم العتق للأولاد المنفصلة إنما يكون إذا لم تكن الأولاد داخلة في كتابة الأم بطريقة التبعية، وهاهنا دخلت في كتابتها تبعا لها، فلذلك عتقوا بعتقها وبطلت الكتابة في حق الأم في حق البدل وتبقى في حقها في حق الأولاد والأكساب، وإليه أشار بقوله.

م: (لأن الكتابة انفسخت في حق البدل) ش: أي في حق الأم في حق بدل الكتابة م: (وبقيت) ش: أي الكتابة م: (في حق الأكساب والأولاد؛ لأن الفسخ لنظرها) ش: أي لأن فسخ الكتابة أي بطلانها لأجل نظرها م: (والنظر فيما ذكرنا) ش: وهو سقوط الكتابة في حق البدل وبقاؤها في حق الأولاد والأكساب؛ لأنه على تقدير إنقاصها في حق الأولاد والأكساب تصير الأولاد أرقاء لورثة المولى، وكذا تصير الأكساب ملكا لهم وله نظر لهم في ذلك.

قيل: في كلامه تعالى؛ لأنه علل البطلان بانتفاع بقاء الكتابة من غير فائدة، ثم علله بالنظر لها والمعلول الواحد بالشخص لا يعلل بعلتين مختلفتين.

وأجيب: بأن للكتابة جهتين جهة هي للمكاتب، وجهة هي عليه وعلل الثانية بالأولى.

انظر: البناية شرح الهداية: (10/ 411).

ص: 141

وذكر في باب مكاتبة أم الولد من عتاق المبسوط

(1)

في حق أم الولد التي كوتبت، ولو اشترت ابنا لها عبدا لم يكن لها أن تبيعه؛ لأنه صار داخلا في كتابتها، فإن بالكتابة ثبت لها نوع مالكية، فإذا كان لها نوع مالكية ثبت مثل ذلك لولدها، وقد بينا أن من يكاتب عليها يكون مملوكا للمولى حتى إذا أعتقه [نفذ]

(2)

عتقه، وابنها، وأبوها في ذلك سواء، إلا أنها إذا ماتت عن هذا الابن المشترى، فعند أبي يوسف، ومحمد رحمهما الله يسعى على النجوم كالابن المولود في الكتابة، وعند أبي حنيفة

(3)

رحمه الله في القياس يباع هذا الولد في الكتابة؛ لأنه انفصل عنها قبل ثبوت أمية الولد فيها، فلم يثبت حق أمية الولد لهذا الولد، فيباع بعد موتها في المكاتبة كسائر أكسابها بخلاف المولود في الكتابة فإنه بمنزلتها؛ لأنه انفصل منها، وهي أم ولد مكاتبة وفي الاستحسان إن جاء بالكتابة حالا قبل منه ولم يبع فيها لأنه في الحقيقة جزء منها فيقوم مقامها في أداء الكتابة، إلا أنه ليس بجزء من مكاتبه، فلا يبقى الأصل ببقائه، ولكن يأتي بالمال حالا بخلاف الولد المولود في الكتابة، فإنه جزء من مكاتبه، ولو كانت اشترت أباها، أو أمها فإنه يؤخذ فيهما بالقياس بعد موتها، فيباعان في المكاتبة عند أبي حنيفة رحمه الله لأن الأب والأم ليس بجزء للولد، وامتناع بيعهما عليها في حياتها كان لما لهما من الحق في كسبها وقد انعدم هذا المعنى بموتها؛ لأن حاجتها مقدمة على حاجة أبيها، فلهذا يباعان في مكاتبتها بخلاف الولد، فإنه جزء منها، فيجعل بقاء هذا الجزء كبقائها فيما هو المقصود

(4)

(ولو أدت المكاتبة) بالنصب أي: ولو أدت بدل الكتابة فإن كانت مدبرته إنما وضع المسألة في المدبرة؛ لمناسبة أم الولد التي ذكرها، لما أن هذه الأحكام التي رتبتها عليها لا تختلف بين أن يكون مدبرا، أو مدبرة،

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 167).

(2)

في (ب) بعد.

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 167).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 168).

ص: 142

ولهذا وضع المسألة في المبسوط

(1)

في المدبر وذكر هذه الأحكام؛ لعدم تقدم ذكر أم الولد فيها (وإن مات المولى ولا مال له غيرها) وإنما قيد به؛ لأنه لو كان له مال غيرها وهي تخرج من ثلث المال عتقت بالتدبير، وسقطت عنها المكاتبة؛ لوقوع الاستغناء لها عن أداء المال، وكان هذا بمنزلة ما لو أعتق المولى مكاتبه، كذا في المبسوط

(2)

.

(وقد تلقاها جهتا حرية إلى قوله: فتخير (

(3)

، (فلمحمد رحمه الله أنه قابل البدل بالكل) أي بكل المدبرة؛ لأنه أضاف العقد إلى كلها، فقال: كاتبتك على هذا، وهي محل قابل لهذا العقد، كالقن فتصير كلها مكاتبا، وإذا كان كذلك، وقد سلم لها ثلث نفسها مجانا، فيجب أن يسقط بقدره من الثلث (فصار كما إذا تأخر التدبير عن الكتابة) يعني أنه لو كاتب عبده أو لا، ثم دبره، ثم مات، ولا مال سواه فإنه سقط عنه ثلث بدل الكتابة بالاتفاق؛ لأنه عتق ثلثه بالتدبير، فيجب أن يكون فيما إذا سبق التدبير الكتابة كذلك، كذا في المبسوط

(4)

.

(ولهما أن جميع البدل مقابل بثلثي رقبتها إلى أن قال: لأنها استحقت حرية الثلث (تكملته: ولهما أن جميع البدل مقابل بثلثي رقبتها، فلا يسقط منه شيء؛ وهذا لأن البدل وإن قوبل بالكل صورة وصيغة لكنه مقيد بما ذكرنا معنى وإرادة؛ لأنها استحقت حرية الثلث.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 258).».

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 195).

(2)

سبق العزو إليه في الصفحة السابقة.

(3)

التكمله: وقد تلقتها جهتها حرية ببدلين: معجله بالتدبير ومؤجل بالكتابة فتخير.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 258).» لأن في التأخير فائدة لجواز أن يكون أداء أكثر المالين أيسر باعتبار الأجل، وأداء أقل المالين أعسر؛ لكونه حالا فكان في التأخير فائدة، وإن كان حبس المال متحدا، كذا في مبسوط فخر الإسلام انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 196).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 195).

ص: 143

فإن قلت: ما جوابها عما لو قال محمد رحمه الله: وهذا القول منهم، وهو أن المستحق بالتدبير لا يرد عليه عقد الكتابة غير مستقيم؛ لأن المدبر إذا كوتب، ثم أدى جميع بدل كتابته في حياته يعتق عليه، ولو كان المستحق بالتدبير إن لم يرد عليه الكتابة لما عتق بالأداء؛ لأنه حينئذ يكون عقد الكتابة باطلا، وفيه لا يعتق المكاتب وإن أدى، كما لو كاتبه على ثوب، أو ميتة، فأدى الثوب، أو الميتة، فإنه لا يعتق، ولأن استحقاق المدبر ثلثه بالتدبير، كاستحقاق أم الولد جميعها بالاستيلاء، ثم لو كانت أم ولده صحت الكتابة، ووجب المال فعرفنا أن هذا الاستحقاق لا يمنع ورود عقد الكتابة عليه.

قلت: هما [بقولان]

(1)

كتابة المدبر، وأم الولد، إنما صحت قبل الموت؛ لأن الاستحقاق غير متعدد لجواز أن [يموتا]

(2)

قبل موت المولى.

[وأما إذا مات المولى]

(3)

والمدبر يخرج من الثلث فقد بطلت الكتابة وكذلك في أم الولد لأنه إذا مات المولى فقد تقرر استحقاقها جميع نفسها فبطلت الكتابة فعلم بهذا أن بدل الكتابة بمقابلة ما وراء المستحق بالتدبير وذلك لأنه موجب الكتابة ثبوت ما لم يكن ثابتا في المكاتب، والبدل بمقابلة ذلك لا بمقابلة ما هو ثابت؛ لأن التدبير موجب استحقاق شيء لها، فلا يتصور استحقاق ذلك ثابتا بالكتابة فمن ضرورة ذلك كان البدل بمقابلة ما للمدبر وراء ذلك، كما في مسألة الطلاق المذكورة في الكتاب

(4)

، وإذا ثبت أن بدل الكتابة بمقابلة ما وراء المستحق بالتدبير وشيء من ذلك لم يسلم للمدبر بموت المولى فلا يسقط عنه شيء من بدل الكتابة؛ لأن البدل مقابل بالكل إذ لا استحقاق عنده، أي عند

(1)

في (أ) لقولان وفي (ب) بقولان والأولى ما ذكر في (ب).

(2)

في (ب) يكونا.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

أن التدبير يوجب استحقاق شيء له فلا يتصور استحقاق ذلك بالكتابة ليكون البدل بمقابلته بل بمقابلة ما وراء ذلك، بمنزلة ما لو طلق امرأته اثنتين ثم طلقها ثلاثا بألف كان الألف كلها بإزاء التطليقة الثالثة.

انظر: المبسوط (7/ 195).

ص: 144

عقد الكتابة، فإذا

(1)

عتق بعض الرقبة بعد ذلك بالتدبير سقط بحصته من بدل الكتابة، وإن دبر مكاتبه صح، وكذلك الحكم في تدبيره مكاتبته، لكن ذكر لفظ التأنيث لما ذكرنا من المناسبة، فإن شاءت عجزت نفسها، وصارت مدبرة، وهذا فصل اختلف المشايخ فيه، وهو أن المكاتب إذا أراد أن يعجز نفسه، فقال المولى: لا أعجزك، هل يفسخ الكتابة.

روى عن الفقيه أبي بكر البلخي

(2)

أنه قال: سمعت أبا نصر محمد بن سلمه

(3)

رحمه الله أنه قال: إذا رأى المولى إن يعجزه فله ذلك، ولا تنفسخ الكتابة بتعجيزه، [فكان]

(4)

يقول المولى يقول له: إن أعجزتك على أن أستكسبك و أشغلك بالكسب، ويكون الكسب لي خاصة، ولي أن لا أعجزك، وأستكسبك فيكون الكسب لي ولذلك قال الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله: وإنه خلاف ما ذكره أصحابنا

(5)

في كتبهم

(6)

، فإنهم قالوا للعبد: أن يعجز نفسه؛ وذلك لأن النفقة بعد التعجيز، وفسخ الكتابة تكون على المولى، وكذلك جنايته على المولى، وفي حال الكتابة كل ذلك على العبد، فللعبد أن يعجز نفسه، ويفسخ الكتابة؛ حتى لا يلزمه ذلك، والحاصل أن الكتابة من جانب المكاتب على قول محمد بن سلمه لازمة، وعلى ما يقول أصحابنا في كتبهم غير لازمة.

(1)

في (ب) وإن.

(2)

محمد بن أحمد أبو بكر الإسكاف البلخي إمام كبير جليل القدر أستاذ أبي جعفر الفقيه الهندواني وأبو بكر الأعمش محمد بن سعيد وبه انتفع وعليه تخرج ويأتي تمام ترجمته في الكنى رحمه الله تعالى.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 28).

(3)

محمد بن سلمة ويكنى أبا عبد الله. مولى لباهلة. وكان يسكن حران. وكان صدوقا ثقة إن شاء الله. وكان له فضل ورواية وفتوى. مات في آخر سنة إحدى وتسعين ومائة في خلافة هارون.

انظر: الطبقات الكبرى (7/ 336).

(4)

في (ب) وكان.

(5)

سبق العزو إليه.

(6)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 105).

ص: 145

كذا في «الذخيرة»

(1)

(2)

. لما بينا إشارة إلى قوله: (تلقاها جهتا حرية) بناء على ما ذكرنا أراد به قوله: (أما الخيار ففرع تجزؤ الإعتاق إلى آخره (

(3)

قيمتها [على]

(4)

قول أبي حنيفة

(5)

رحمه الله، وكذلك على قولهما فإنهما لما قالا

(6)

(الأقل منهما) أي من ثلثي مال الكتابة وثلثي قيمتها كان قائلين بالثلثين الذي هو أقل منهما أي من ثلثي بدل الكتابة، بخلاف ما إذا كاتب مدبرته، وهي المسألة التي قبل هذه، فإن الخيار هناك على [قول]

(7)

أبي حنيفة رحمه الله: [قاس]

(8)

بين ثلثي قيمتها، وبين جميع مال الكتابة لا ثلثي مال الكتابة، وكذلك على قول أبي يوسف رحمه الله.

إنما ينبغي في الأقل من ثلثي قيمتها، ومن جميع مال الكتابة، فكان الخلاف هناك في الموضعين في الخيار، وفي المقدار

(9)

وأما هاهنا فالخلاف في الخيار لا غير، وأما المقدار،

(1)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 105).

(2)

تعليق على المسألة (على ما يقوله أصحابنا رحمهم الله في كتبهم غير لازمة وإن كانت الكتابة مؤجلة منجمة فكسب المكاتب نجما واحدا قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: يرد في الرق، وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يرد في الرق ما لم يكسب نجمين. فوجه قول أبي يوسف رحمه الله: أن النجم الثاني جعل وقتا لأداء ما وجب بالأول فلا يتم عجزه عن النجم الأول إلا بالثاني، ولهما ذكرنا من وجهين: أنه تمكن الخلل في المعقود عليه، وأن هذا معنى العيب).

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 105).

(3)

تكملة: أما الخيار ففرع تجزؤ الإعتاق، والإ عنده لما بقي الثلثان رقيقا.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 258).» أما المقدار فمتفق عليه، وهو القول بالثلثين سواء كان ذلك في بدل الكتابة [أو] في (أ) أولى وفي (ب) أو والأولى ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) في.

(5)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 84).

(6)

أي عند أبي حنيفة وأبي يوسف: وقالا تسعى في أقل منهما.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 258).

(7)

في (ب) أي.

(8)

ساقطة من (ب).

(9)

تعليق فأبو يوسف مع أبي حنيفة في المقدار، ومع محمد في نفي الخيار.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 258).

ص: 146

وهو القول الثلثين من أي مال كان، فقولهم جميعا ثم على قول محمد رحمه الله لا يحتاج إلى الفرق.

فإن قوله: في المسألتين على نسق واحد، وهو أن يسعى في الأقل من ثلثي مال الكتابة، وثلثي قيمتها من غير [ضمان]

(1)

، وهما تحتاجان إلى الفرق، وذكر الفرق لهما في تلك المسألة بقوله:(بخلاف ما إذا تقدمت الكتابة) ووجهه ما بينا

(2)

أراد به قوله: (إن

(3)

البدل مقابل بالكل إلى آخره) لكنها تفسخ برضاء العبد، كما إذا باع المولى المكاتب أو أجره برضاه، فإنه يجوز، والظاهر رضاه، ثم أنزل هذا الظاهر منزله الواقع حتى انفسخت الكتابة، وإن لم يوجد منه الرضاء؛ [لأنا نبقي]

(4)

الكتابة في حقه، أي في حق الإكساب بتأويل المكسوب أو المال نظرا للمكاتب، وإنما ذكر هذا لدفع شبهة يرد على قوله:(مع سلامة الإكساب له).

وهي أن يقال: ينبغي أن لا يسلم الإكساب له، بل يجب أن يكون تلك الإكساب للمولى لأن تلك الإكساب إكساب عبده، كما إذا عجز المكاتب نفسه وعادا إلى الرق، والإكساب في يده كانت الإكساب للمولى، [و]

(5)

علل هناك بأن تلك الإكساب إكساب عبده، وهاهنا أيضا كذلك فيجب أن يكون للمولى الجامع أن في كل منهما انفساخ الكتابة.

(1)

في (ب) حساب.

(2)

بخلاف ما إذا تقدمت الكتابة وهي المسألة التي تليه لأن البدل مقابل بالكل إذ لا استحقاق عنده في شيء فافترقا.

انظر: الهداية (3/ 258).

(3)

في (ب) لأن.

(4)

في (ب) لا يبقى.

(5)

في (ب) وبه.

ص: 147

فأجاب عنه بقوله: (لأنا نبقي الكتابة في حق) الإكساب نظرا للمكاتب فلما [بقينا]

(1)

الكتابة في حق الإكساب، كان للمكاتب أحق بإكسابه لا المولى، كما في حال قيام الكتابة حقيقة حتى أن المولى لو أعتق العبد الذي اشتراه مكاتبته حال قيام الكتابة لا ينفذ إعتاقه، هكذا ذكر في آخر الفصل السادس من مكاتب الذخيرة

(2)

.

[كاتبه على ألف درهم إلى سنة فصالحه على خمسمائة معجلة]

(وفي القياس لا يجوز؛ لأنه اعتياض عن الأجل، وهو ليس بمال، والدين مال، فكان ربا (

(3)

المالية حتى اختص بالبيوع، بل هو أحد نوعي البيع الذي هو حرام على ما ذكرنا من رواية المبسوط

(4)

.

والبيع هو مبادلة المال بالمال

(5)

فعلى هذا ينبغي أن لا يكون ما ذكره ربا؛ لأن الأجل ليس بمال.

قلت: الربا يجري في البياعات لا باعتبار اقتضائه المالية، بل لوجود حد الربا وهو ما ذكره في الكتاب في باب الربا بقوله: (الربا هو الفضل المستحق لأحد المتعاقدين في

(1)

في (ب) بقيت.

(2)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 123).

(3)

المسألة كاملة كما في الهداية: وإن كاتبه على ألف درهم إلى سنة فصالحه على خمسمائة معجلة، فهو جائز استحسانا. وفي القياس لا يجوز لأنه اعتياض عن الأجل وهو ليس بمال والدين مال فكان ربا، ولهذا لا يجوز مثله في الحر ومكاتب الغير. وجه الاستحسان أن الأجل في حق المكاتب مال من وجه؛ لأنه لا يقدر على الأداء إلا به فأعطي له حكم المال وبدل الكتابة مال من وجه حتى لا تصح الكفالة به فاعتدلا، فلا يكون ربا.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 259).».

فإن قلت: قوله: (فكان ربا) كيف يصلح نسخه لما ذكر قبله من التعليل بأن أحد العوضين ليس بمال، وهو يقتضي أن لا يكون ذلك ربا؛ لأن الربا يختص بالأعواض العوض: البدل والخلف والجمع أعواض.

انظر: لسان العرب (7/ 192)، المعجم الوسيط (2/ 637).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (13/ 126).

(5)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 183)، البناية شرح الهداية (8/ 3).

ص: 148

المعاوضة الخالي عن عوض شرط فيه (

(1)

(2)

يكون لرجل على مكاتب الغير ألف إلى سنة فصالحه على خمسمائة معجلة لا يجوز (لا يقدر على الأداء إلا به) أي بالأجل (وبدل الكتابة مال من وجه) يعني ليس بمال من وجه آخر.

وقوله: (حتى لا تصح الكفالة به) نتيجة أنه ليس بمال من وجه (فاعتدلا فلا يكون ربا لوجود) المساواة إذ الربا هو الفضل الخالي عن العوض في عقود المعاوضة على ما

(1)

انظر: العناية شرح الهداية (7/ 8)، البناية شرح الهداية (8/ 267).» وهذا كما ترى لم يشترط فيه المال، بل الشرط فيه أن يخلو المستحق عن العوض في عقود المعاوضة، وعقد الكتابة عقد معاوضة، ولهذا يقال وتفسخ، وقد استحق الدين هنا وهو مال خال عن العوض في عقد المعاوضة؛ لأن الأجل ليس بمال، فلا يصلح عوضا للمال.

فقد جاء ما ذكره في حد الربا، فكان ربا، ألا ترى أن الشروط المفسدة للبيع ملحقة بالربا باعتبار وجود هذا الحد الذي ذكره في الربا، ولهذا لا يجوز مثله في الحر بأن كان لرجل حر دين مؤجل فصالحه على نصفه معجلا لم يجز، ومكاتب الغير وهو [حر] ساقطة من (ب).

(2)

فيه نقص في النهاية والمسألة كاملة: وإن كاتبه على ألف مؤجل فصالحه على نصف حال صح والقياس أن لا يجوز؛ لأنه اعتياض عن الأجل وهو ليس بمال والدين مال فكان ربا ولهذا لا يجوز مثله في الحر ومكاتب الغير وجه الاستحسان أن الأجل في حق المكاتب مال من وجه؛ لأنه لا يقدر على الأداء إلا به فأعطى له حكم المال، وبدل الكتابة مال من وجه حتى لا تصح الكفالة به فاعتدلا فلا ربا ولأن عقد الكتابة عقد من وجه دون وجه؛ لأنه تعليق العتق بشرط الأداء ولأنه شرع مع المنافي؛ إذ الأصل أن لا يجري هذا العقد بين المولى وعبده إذ العبد وما في يده لمولاه والأجل أيضا ربا من وجه فيكون شبهة الشبهة فلا يعتبر بخلاف العقد بين الحرين؛ لأنه عقد من كل وجه فكان ربا بالأجل فيه شبهة ولأن الصلح أمكن جعله فسخا للكتابة السابقة وتجديد العقد على خمسمائة حالة.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 163).

ص: 149

ذكرنا

(1)

، فلما وجد الاعتدال في العوضين انتفى الربا؛ لانعدام حده، أو (لأن عقد الكتابة عقد من وجه دون وجه) والربا إنما يجري في العقد من كل وجه كالبيع، والإجارة.

أما وجه عدم العقد في الكتابة فإن فيه معنى اليمين؛ لأنه تعليق للعتق بشرط الأداء، ولأنه شرع مع المنافي؛ لأن الأصل أن لا يجري العقد بين المولى وعبده؛ لأن معنى العقد هو أن [لا]

(2)

يملك بعقده شيئا لم يملكه قبل العقد، والعبد وما في يده لمولاه فلا يتحقق بهذا العقد ما هو المقصود من العقد، فلم يكن عقد فلما لم يكن عقدا فلا يجري فيه الربا؛ لأن الربا إنما يجري في العقود، وقد مر في باب الربا.

[و]

(3)

قوله: (ولا ربا بين المولى وعبده)(والأجل ربا من وجه) أي فضل من وجه دون وجه، وحكم الربا إنما يجري في الفضل من كل وجه.

[أما وجه]

(4)

أنه ليس بفضل ظاهر؛ لأنه ليس بمال، ولا له حكم المال، وفضل الربا إنما يكون في المال، أو فيما له حكم المال، وأما وجه أنه فضل من وجه فإنه قد يزاد المال بزيادة الأجل، فلم يكن فضلا من كل وجه فلا يكون فيه حكم الربا؛ لأنه ظهر النقصان في الموضعين، أعني كونه عقدا، وكونه فضلا، فلو كان النقصان في أحد الموضعين لكان شبهة، ولما ظهر في الموضعين جميعا صار شبهة، الشبهة أو تقول [من]

(5)

الربا يقتضي المجانسة، إذ هي أحد وصفي الربا، ولا مجانسة بين خمسمائة، وبين الأجل، والمال في عقد هو عقد من وجه دون وجه، كأن ذلك شبهة الشبهة، فالمعتبر هو الشبهة دون النازل عنها.

(1)

في باب الربا.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

في (ب) أن.

ص: 150

فإن قلت: فعلى قوله

(1)

(ولأن عقد الكتابة عقد من وجه دون وجه) لما أن ذلك عقد جرى بين المولى وعبده، ولا ربا بين المولى وعبده يشكل ما ذكره في آخر صلح المبسوط

(2)

من عدم جواز بيع المولى من مكاتبة درهما بدرهمين، فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه ربا.

قلت: ذاك في صريح الربا، والمكاتب كالأجنبي من وجه، فيجري بينهما صريح [الربا]

(3)

، فأما هذا وهو حط بعض المال بمقابل تعجيل المال ليس بصريح الربا، ولهذا ظهر الاختلاف بين الصحابة في جوازه بين الحرين، فجوزه ابن عباس رضي الله عنهما، وأبطله زيد رضي الله عنه، وابن عمر رضي الله عنهما، وإنما فيه شبهة الربا، فكان ضعيفا فيما بين الحرين، [فلهذا]

(4)

لم [يظهر]

(5)

بين المولى والمكاتب، [فلذلك]

(6)

لو كانت للمكاتب ألف درهم فصالحه بزيادة على أن أخره سنة فهو جائز، ومثله لا يجوز بين الحرين؛ لأن زيادة المال بمقابلة زيادة الأجل بمنزلة حط بعض المال بمقابلة حط الأجل فيما بقي؛ وهذا لأن الكتابة عقد إرفاق، والمقصود إيصاله إلى العتق لا حقيقة المعاوضة، فلهذا أجرى بينهما من التوسع فيما يؤدي إلى تحصيل هذا المقصود ما لا يجري من الحرين. كذا في آخر صلح المبسوط

(7)

[في الجامع

(8)

] الصغير للحبوبي

(9)

.

(1)

أي المرغيناني صاحب الهداية.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 259).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (20/ 166).

(3)

في (ب) المال.

(4)

في (ب) فلذلك.

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

في (ب) كذلك.

(7)

انظر: المبسوط للسرخسي (21/ 31).

(8)

في (ب) والجامع الصغير.

(9)

انظر: المبسوط للسرخسي (21/ 31).

ص: 151

(ولم تجز الورثة (

(1)

ضرر التأجيل كضرر الإبطال.

[كاتب المريض عبده على ألفي درهم إلى سنة وقيمته ألف ومات]

ألا ترى أن المريض إذا أجل دينا له على أجنبي يعتبر من الثلث، كما لو إبراء كذا في المبسوط

(2)

، فإنه يؤدي بثلثي الألفين وهو ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون [وثلث درهم]

(3)

، والباقي إلى أجله، وهو ستمائة وستة وستون وثلثا درهم؛ لأن له، أي للمريض يجوز أن يترك تحصيل ما زاد على قيمة العبد، فيجوز له أيضا أن يترك وصف ما زاد على القيمة وهو التعجيل لأنه لما جاز له ترك أصله جاز له ترك وصفه بالطريق الأولى.

ألا ترى أنه لو كاتبه على قدر قيمته يجوز، فالزيادة

(4)

على قيمته لا تعتبر من ماله وإنما تعتبر من ماله الألف، فلا يصح في ذلك تأجيل في ثلثي الألف، ويصح في الزيادة كما لو خالع امرأته على مال، فإنه يصح تأجيله من جميع المال؛ لأن له أن يطلقها بدون مال.

وفي المبسوط

(5)

ومن أصل محمد رحمه الله أن ما زاد على ثلثي قيمته كان المريض متمكنا من أن لا يتملكه أصلا، فإذا تملكه مؤجلا لا يثبت للأولياء حق الاعتراض [على الأجل فيه]

(6)

.

(1)

تكملة: وإذا كاتب المريض عبده على ألفي درهم إلى سنة وقيمته ألف ثم مات ولا مال له غيره ولم تجز الورثة فإنه يؤدي ثلثي الألفين حالا والباقي إلى أجله أو يرد رقيقا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد يؤدي ثلثي الألف حالا والباقي إلى أجله.

انظر: بداية المبتدي (ص: 195).» أي التأجيل؛ لأن المريض لم يتصرف في حق الورثة إلا في حق التأجيل، فكان لهم أن يردوا؛ لأنه بتأجيل المال أخر حق الورثة إلى مضي الأجل، وفيه ضرر عليهم، فلا يصح فيما هو من حقهم [لما أن] في (ب) لأن.

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 67).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) والزيادة.

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 68).

(6)

في (ب) أصله.

ص: 152

حتى أجري عليها أحكامه الإبدال من حق الأخذ بالشفعة، وجريان بيع المرابحة

(1)

، وحق الحبس في المطالبة، بيان ذلك أن رجلا إذا باع دارا [قيمتها]

(2)

ألف بألفين، فإن الشفيع يأخذ الدار بجميع المسمى، وهو الألفان لا بالقيمة، وكذلك لو باعها المشتري مرابحة يبيعها مرابحة على ألفين، ولو أدى المشتري ألفا وماطله في الألف الآخر كان [البائع

(3)

] أن يحبسه، وحق الورثة يتعلق بالبدل، فكذلك بالبدل؛ وذلك لأن بدل الكتابة قوبل بمال متقوم، فلذلك كان لحكم البدل حكم المبدل في تعلق حق الورثة، ويصير كأن قيمته كانت ألفي درهم، فلا [يصلح]

(4)

تأجيله إلا في ثلث الألفين [خلاف]

(5)

بدل الخلع؛ لأنه قوبل بما ليس بمال، فلا يتعلق به حق الورثة، ولم يتعلق حق الورثة بالبدل، وهو منفعة البضع (ونظير هذا إذا باع المريض داره إلى آخره (

(6)

البيع؛ لما بينا من المعنى أراد به ما ذكره من الدليل في الطرفين من قوله: (لأن له أن يترك الزيادة إلى آخره) (أد ثلثي القيمة، حالا أو يرد رقيقا في قولهم جميعا (تكملة: وإن كاتبه على ألف إلى سنة وقيمته ألفان ولم تجز الورثة يقال له أد ثلثي القيمة حالا أو ترد رقيقا في قولهم جميعا.

انظر: بداية المبتدي (ص: 195).».

(1)

بيع المرابحة: المرابحة بمثل الثمن الأول وزيادة وقيل نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح. انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 3) العناية شرح الهداية (6/ 495)، البناية شرح الهداية (8/ 231).

(2)

في (ب) ثمنها.

(3)

في (ب) للبائع.

(4)

في (ب) يصح.

(5)

في (ب) بخلاف.

(6)

تكمله (ونظير هذا إذا باع المريض داره بثلاثة آلاف إلى سنة وقيمتها ألف ثم مات ولم تجز الورثة فعندهما يقال للمشتري أد ثلثي جميع الثمن حالا والثلث إلى أجله وإلا فانقض البيع، وعنده يعتبر الثلث بقدر القيمة لا فيما زاد عليه لما بينا من المعنى).

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 259).» أي أصل اختلافهم هذا في مريض باع (دار قيمتها ألف بثلاثة آلاف إلى سنة إلى آخره وعنده يعتبر الثلث بقدر القيمة) أي يقال للمشتري إما أن يجعل ثلثي القيمة وهي الألف حالا وإلا [قل بعض] في (ب) فانتقض.

ص: 153

والفرق لمحمد

(1)

بين المسألة الأولى، وبين هذه المسألة أن الزيادة في المسألة الأولى على القيمة كانت حق المريض حتى كان يملك إسقاطها، فكذا كان يملك تأجيلها.

وأما هاهنا فتوقفت الكتابة على أقل من قيمته، فلا يملك [المريض]

(2)

إسقاط ثلثي القيمة، فكذا لا يملك تأجيله لأن المحاباة هنا في القدر، وهو إسقاط ألف درهم، والتأخير هو تأجيل ألف [درهم]

(3)

، فاعتبر الثلث هاهنا أي يصح تصرف المريض في ثلث قيمته، وهو ستمائة وستة وستون وثلثا درهم في حق الإسقاط، وفي حق التأخير، لكنه لما سقط ذلك الثلث لم يبق التأخير أيضا، ولم يصح تصرفه في ثلثي القيمة، وهو ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث درهم لا في حق الإسقاط، ولا في حق التأخير، فلذلك كان للورثة حق مطالبة ثلثي [القيمة

(4)

]، وهو ما ذكرناه حالا.

وذكر الإمام قاضي خان في هذه الصورة؛ لأن المحاباة في القدر والتأجيل، لأنه تبرع بإسقاط أحد الألفين، وتأخير الألف الآخر، فيصح في الثلث، ويبطل في الزيادة، [هكذا]

(5)

من الجامع الصغير

(6)

لقاضي خان، [والله أعلم]

(7)

.

(1)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 164).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) أخرى.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

ساقطة من (ب)

(6)

لم أقف عليه.

(7)

ساقطة من (أ).

ص: 154

[باب من يكاتب عن العبد]

(1)

لما فرغ من ذكر أحكام تتعلق بالأصيل في الكتابة ذكر في هذا الباب أحكاما تتعلق بالنائب [فيها]

(2)

، وقدم أحكام الأصيل؛ لأن الأصل هو أن يتصرف المرء لنفسه (وإذا كاتب الحر عن عبد بألف درهم) أي قبل الحر الأجنبي عقد الكتابة لمولى العبد عن عبده فضوليا

(3)

.

(وصورة المسألة: أن يقول الحر لمولى العبد إلى آخره (

(4)

حكم التبرع في العبد القابل بالطريق الأولى، يعني أن قبول الحر بدل الكتابة، بقوله:(على إني إن أديت إليك ألفا فهو حر) تبرع على ما ذكر في الكتاب، فأولى أن يكون قبول العبد [عن]

(5)

عبد آخر بدل الكتابة تبرعا بالطريق الأولى (فكاتبة المولى على هذا يعتق بأدائه) أي بأداء القابل (بحكم الشرط) يعني أن هذه الكتابة نافذة في حق ما يجب للعبد بالكتابة، وهو [حرمة]

(6)

البيع، ونفوذ عتقه بأداء هذا القابل، وموقوفة على إجازة العبد في حق لزوم البدل (فلما قبل العبد صار مكاتبا).

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

في (ب) هاهنا.

(3)

الفضولي لغة: من الرجال المشتغل بالفضول أي الأمور التي لا تعنيه.

انظر: لسان العرب (6/ 144).

شرعا: من لم يكن وليا ولا وصيا ولا أصيلا ولا وكيلا.

انظر: التعريفات للجرجاني (1/ 167).

(4)

تكملة إلى آخره: كاتب عبدك على ألف درهم على أني إن أديت إليك ألفا فهو حر.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 259).» وقيد بالحر؛ للاحتراز عن المسألة التي تليها، وهي قوله:(وإذا كاتب العبد عن نفسه وعن عبد آخر لمولاه)[أو لإثبات] في (ب) ولإثبات.

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

في (ب) حرية.

ص: 155

فإن قال العبد: لا أقبله، ثم أدى القابل الألف لم يعتق؛ لأنه ارتد العقد برده كذا روي عن محمد كذا ذكره الإمام التمرتاشي

(1)

رحمه الله (لأن الكتابة كانت موقوفة على إجازته) أي إجازة العبد؛ لأنه عقد جرى بين فضولي ومالك، فيتوقف [على]

(2)

إجازة من له الإجازة كالفضولي إذا قبل عقد النكاح للغائب فإذا قبل كان مكاتبا؛ لأن الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء، ولو وكله العبد بذلك [بعد]

(3)

عقده عليه، فكذا إذا أجاز بعد العقد؛ وهذا لأن بدل الكتابة لا يجب في ذمة القابل؛ لأنه جعل نفسه معبرا عن العبد، فإنه أضاف العقد إليه، فقال للمولى: كاتبه، ولأنه لم يضمن البدل ولو ضمنه لم يلزم، فإن كفالة الحرية ببدل الكتابة باطل، فبدون الضمان كيف يلزمه، وإذا لم يلزمه البدل لا يمكن التزامه العبد قبل قبوله فيوقف على قبوله كذا في الجامع الصغير لشمس الأئمة السرخسي

(4)

.

(لأنه لا شرط) حتى يعتق بوجود الشرط في تعليق العتق، أي (في توقف تعليق العتق بأداء القابل) أي لعقد الكتابة وقيل:(هذه هي صورة مسألة الكتاب) يعني هي الصورة التي لم يقل فيها (على إني أن أديت إليك ألفا فهو حر).

(1)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 164)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)(6/ 109).

(2)

في (أ) إلى وفي (ب) على والأولى ما ذكر في (ب).

(3)

في (ب) نفذ.

(4)

وإن كاتب الحر على عبد لرجل على إن ضمن عنه المكاتبة لم يجز؛ لأنه لم يجب البدل بقبول الحر على العبد ولا يمكن إيجاب بدل الكتابة على الحر ابتداء بقبوله ولأن الحر لا يضمن عنه ما لم يجب عليه ولو ضمن عنه لسيده ما كان واجبا عليه من بدل الكتابة لم يجز فإذا ضمن ما لم يجب عليه أولى وكذلك إن كان هذا العبد ابنا لهذا الحر، وهو صغير أو كبير؛ لأنه لا ولاية للحر على ولده المملوك في إلزام المال عليه فهو كالأجنبي في ذلك وكذلك عبد وابن له صغير لرجل واحد كاتب الأب على ابنه لم يجز؛ لأن لما لم يدخل في الكتابة لم يلزمه البدل، وليس له ولاية على الابن في إلزام البدل إياه لكونه مملوكا إلا أنه إن أدى الأب عنه في الوجهين يعتق استحسانا لما بينا.

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 16).

ص: 156

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين البيع؟، فإن في البيع يتوقف العقد [على]

(1)

إجازة المجيز فيما له وفيما عليه، وهاهنا لا يتوقف فيما له؟ وإنما يتوقف فيما عليه.

قلت: لأن هذا يملك المولى إيجاب ما يثبت له بعقد الكتابة وهو العتق بغير رضاه، [وللأجنبي كذلك]

(2)

يملك إيجاب الحرية للمكاتب بأن يؤدي بدل كتابته، فيعتق بأدائه، فلذلك اعتبر قبول الأجنبي هاهنا فيما له إن [لم]

(3)

تعتبر فيما عليه [فلما]

(4)

اعتبر فيما يجب له عتق بأدائه بخلاف البيع، فإن القول بالنفاذ فيما يجب له دون ما يجب عليه غير ممكن؛ لأنه معاوضة من كل وجه، فيقتضي المساواة من الجانبين، فلذلك توقف هناك فيما له وفيما عليه.

وكذلك لو قال في صورة المسألة: كاتب عبدك عني بألف درهم مكاتبة تصح الكتابة، ويقع [العتق]

(5)

عن المأمور به في هذه الصورة كلها.

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين قوله: أعتق عبدك عني بألف درهم، فأعتقه

(6)

يقع العتق عن الآمر، وهاهنا تقع الكتابة عن المأمور.

قلت: وجه الفرق يجيء بعيد هذا في تقرير المسألة؛ لأنه متبرع؛ لأنه لم يأمره بالأداء، ولا هو مضطر في أدائه، وهل له أن يسترد ما أدى إلى المولى؟

قلنا: إن أداه بحكم الضمان وهو أن يقول: كاتب عبدك على ألف [درهم]

(7)

على إني ضامن يرجع عليه؛ لأنه أدى بضمان فاسد فإن الكفالة ببدل الكتابة، لا تصح،

(1)

في (أ) إلى وفي (ب) على والأولى ما ذكر في (ب).

(2)

في (ب) والأجنبي نفذ.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

فإن هناك ناقص من (أ).

(7)

ساقطة من (أ).

ص: 157

وإن أدى بغير ضمان لا يرجع؛ لأنه متبرع حصل له مقصودة، وهو عتق العبد، فلا يرجع كمن تبرع بأداء الثمن عن المشتري، وتم تبرعه، وهذا إذا أدى كل بدل الكتابة، وإن أدى البعض له أن يرجع سواء أدى بضمان، أو بغير ضمان، إن أدى بضمان فلما مر

(1)

، وإن أدى بغير ضمان فكذلك؛ لأنه لم يحصل غرضه وهو العتق، فكان حكم الأداء موقوفا، فيرجع كمن تبرع بأداء الثمن في بيع موقوف كان له أن يسترد من البائع، لهذا المعنى بخلاف ما لو قبل العبد الكتابة، ثم تبرع إنسان عنه ببعض بدل الكتابة، حيث لا يرجع؛ لأن ثمة حصل مقصود آخر وهو براءة ذمة المكاتب عن بعض البدل، وهنا لم يكن في ذمة العبد شيء حتى يبرأ بأدائه هذا إذا أراد أن يرجع قبل إجازة العبد، وإن أجاز الكتابة حتى نفذت عليه، ثم أراد الحر أن يرجع بما أدى [إن أدى]

(2)

بحكم الضمان يرجع، وإن أدى بغير ضمان لا يرجع، سواء أدى الكل، أو البعض؛ لأنه متى أجاز نفذت [الكتابة]

(3)

من الابتداء، فوقع الأداء مبرئا ذمة المكاتب عن بدل الكتابة، فيحصل مقصود المتبرع فلا يرجع هذا إذا قال الحر للمولى كاتب عبدك على [ألف على]

(4)

، [وإن قال: أعتقه بألف فهو على أربعة:

إما أن يقول: أعتق عبدك بألف درهم]

(5)

ولم يزد أو يقول: أعتق عبدك عني بألف درهم أو يقول: أعتق عبدك بألف درهم علي أو يقول: أعتق عبدك عن نفسك بألف درهم علي.

ففي الأول: [لا يجب]

(6)

على الفضولي شيء إذا عتقه، ولو أدى، له أن يسترد ولو استهلك كان له أن يضمنه؛ لأن الأمر بالإعتاق متردد بين أن يقع عن

(1)

في قوله: كاتب عبدك على ألف درهم على أني إن أديت إليك ألفا فهو حر.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

في (ب) بألف درهم.

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

في (ب) يجب.

ص: 158

المأمور، أو عن الآمر، ووقوعه عن المالك أصل، وعن غيره عارض، وإذا وقع العتق عن المأمور لم يجب المال على الآمر؛ لأن الولاء يثبت للمعتق فهو المنتفع بملك نفسه، فلا يستوجب البدل على غيره.

وفي الوجه الثاني: إذا أعتقه المأمور يقع العتق عن الآمر، ويلزمه المال عند علمائنا الثلاثة

(1)

استحسانا، كأنه قال للمولى: بعه مني بألف، ثم كن وكيلي بإعتاقه بخلاف ما لو قال: كاتب عبدك عني بألف درهم مكاتب، فإن الكتابة لا يقع عن الآمر، ولا يثبت البيع لسبب هذا الأمر.

والفرق أن العتق أقوى من الملك من حيث أن الملك يحتمل النقض بعد ثبوته، والعتق لا يحتمل، فيكن إثبات الملك تبعا [للعين]

(2)

؛ لأن الأعلى يستتبع الأدنى، فإما الملك والكتابة فيستويان من حيث أن كل واحد منهما يحمل النقض بعد ثبوته، ثم الملك يترجح عليه؛ [لأنه]

(3)

يملك بحقيقة الملك من التصرف ما لا يملك بالكتابة، فكان الملك فوق الكتابة، ومن ضرورته تعدد إثبات الملك للآمر تبعا للكتابة؛ لأن الأدنى لا يستتبع الأعلى، وفي الوجه [الثاني]

(4)

ذكر شمس الأئمة السرخسي

(5)

رحمه الله والصدر الشهيد

(6)

في شرح العتاق من هذا الكتاب (أن رجلا لو قال لغيره: أعتق أمتك على ألف درهم علي) وأعتقها

(7)

لم يلزمه شيء من المال؛ لأن الولاء لا يثبت للمأمور، فهو المنتفع بملكه، فلا يستوجب البدل على غيره.

(1)

المقصود بالثلاثة أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله.

انظر: البناية شرح الهداية (1/ 680).

(2)

في (ب) للعتق.

(3)

في (ب) لا.

(4)

في (ب) الثالث.

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 99).

(6)

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (2/ 312)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 252).

(7)

وهذا هو الوجه الثالث.

ص: 159

بخلاف ما لو قال لزوج المرأة: طلق [امرأتك]

(1)

على ألف [درهم]

(2)

علي؛ أنه لا منعة للزوج في إيقاع الإطلاق، بل هو مبطل لملكه بعوض التزمه غيره نصا.

وذكر شيخ الإسلام

(3)

رحمه الله أن المال يلزم الآمر بالإعتاق ويقع عنه؛ لأن قوله: على إيجاب ضمان على نفسه، ولا صحة له إلا بعد وقوع العتق عن الآمر، فإن العتق إذا وقع عن المأمور لا يجب شيء على الآمر، فيثبت الأمر بالعتق عن نفسه بمقتضى صحة إيجاب الضمان عليه، ويصير كأنه قال: أعتق عبدك عني بألف درهم.

وفي الوجه الرابع: لا يلزمه [المال]

(4)

إذا أعتق، وللآمر أن يسترده إذا أداه إليه.

كقوله: كل طعامك بعوض يجب علي، بخلاف قوله: طلق امرأتك عن نفسك بألف علي، حيث يلزمه الألف إذا طلق، فالفرق ما مر

(5)

هذا كله مما ذكر في الجامع الصغير للإمام المحبوبي محالا إلى الجامع الكبير

(6)

ومبسوط شيخ الإسلام

(7)

.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 423).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

عند ذكر الأوجه الأربعة.

(6)

انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (4/ 232).

(7)

انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (4/ 232).

ص: 160

[كاتب المولى عبدا عن نفسه وعن عبد آخر لمولاه وهو غائب]

(وإذا كاتب العبد عن نفسه (

(1)

؛ لعدم الولاية عليه) كما لو جمع بين عبده وعبد غيره وباعهما من رجل.

وجه الاستحسان أنه أمكن [تنفيذ]

(2)

تصرفه في حق الغائب بأن يجعل حق الغائب [مطلقا]

(3)

بأداء الحاضر، كما لو كاتب الحاضر بألف، ثم قال له: إن أديتها ففلان آخر حر، وأنه [لا]

(4)

يتوقف على إجازة الغائب، فكذلك هاهنا إذا نفذ لا يتوقف على قبول الغائب، ولا يؤاخذ الغائب بشيء من بدل الكتابة، ولو رد الكتابة وأجازه لا يعتبر ولو اكتسب شيئا ليس للمولى أن يأخذه من يده، وليس للمولى أن يبيعه من غيره، ولو أبرأه المولى، أو وهبه بدل الكتابة لا يصح، إذ ليس له عليه شيء من البدل، ولو أبرأ الحاضر عن البدل، أو [وهبه]

(5)

له عتقا جميعا كذا ذكره الإمام المجبوبي

(6)

وغيره [كالأمة]

(7)

إذا كوتبت دخل أولادها في كتابتها.

فإن قلت: قد ظهر الفرق بين العبد الغائب في مسألتنا وبين أولاد الأمة التي كوتبت في مسألتين:

(1)

المسألة كاملة كما في الهداية: وإذا كاتب العبد عن نفسه وعن عبد آخر لمولاه وهو غائب، فإن أدى الشاهد أو الغائب عتقا" ومعنى المسألة أن يقول العبد كاتبني بألف درهم على نفسي وعلى فلان الغائب، وهذه كتابة جائزة استحسانا. وفي القياس: يصح على نفسه لولايته عليها ويتوقف في حق الغائب لعدم الولاية عليه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 260).» أي قبل العبد عقد الكتابة من مولاه عن نفسه (ويتوقف في حق الغائب الغائب: غيبا وغيبة وغيبوبة وغيابا خلاف شهد وحضر يقال غاب فلان بعد وغاب فلان عن بلاده سافر وغابت الشمس وغيرها غربت واستترت عن العين والشيء في الشيء توارى فيه ويقال غاب عنه الأمر خفي.

انظر: المعجم الوسيط (2/ 667).

(2)

في (ب) تقيد.

(3)

في (ب) معلقا.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

في (أ) كلامه وفي (ب) وكالأمة والأولى ما ذكر في (ب).

(6)

انظر: البناية (10/ 424).

(7)

في (ب) وهب.

ص: 161

إحداهما: أن المولى إذا أعتق [العبد]

(1)

الغائب بطلت حصته من المكاتبة، ويجب على الحاضر حصته لا غير، وأما الولد المولود في الكتابة إذا أعتقه المولى لا يسقط شيء من البدل.

والثانية: أن المولى إذا أعتق العبد الحاضر نفذ عتقه، وبطلت عنه الكتابة، ولا يعتق العبد الغائب وأما الولد المولود في الكتابة فيعتق عند إعتاق المكاتب، فيجب أن نظهر الفرق بينهما في مسألتنا أيضا، وهو أن لا يكون العبد الغائب مكاتبا بطريق التبعية لمكاتبة العبد الحاضر.

[قلت]

(2)

: أما في المسألة الأولى إنما لم يسقط شيء من بدل الكتابة عند إعتاق الولد المولود في الكتابة؛ لأن الولد هناك لم يكن مقصودا بعقد الكتابة فإنه لم يكن موجودا وقت العقد بل دخل فيها تبعا فلا يسقط بفواته شيء من البدل والعبد الغائب مقصود [بالعقد كالحاضر]

(3)

، وقد استفاد الحرية لا بجهة الكتابة، فينقسم البدل، وحاصله أن العبد الغائب تبع من وجه من حيث أنه لا ضرر على الغائب في انعقاد العقد في حقه كما انعقد في حق الحاضر، وأصل من وجه، من حيث أن عقد الكتابة أضيف [إليهما]

(4)

مقصودا، بقوله: كاتبني بألف درهم على نفسي، وعلى فلان الغائب، فكان بدل الكتابة منقسما عليهما في أصل العقد، فلذلك سقطت حصته من المكاتبة، ووجب على الحاضر حصته لا غير، لكن الغائب لا يؤاخذ به؛ لأنه لم يوجد منه القبول.

وأما الولد المولود في الكتابة فتبع من كل وجه فلا يسقط شيء من البدل بفوات البيع، وهذا هو الجواب عن المسألة الثانية، فإن الولد المولود في الكتابة لما كان

(1)

ساقطة من (أ)

(2)

في (ب) قلنا.

(3)

في (ب) العبد كالعبد الحاضر.

(4)

في (أ) إليها وفي (ب) إليهما والأولى ما ذكر في (ب).

ص: 162

تبعا للمكاتب من كل وجه لم يسقط من الأمة المكاتبة شيء من بدل الكتابة بإعتاق الولد؛ لأن الإبدال

(1)

لا يقابل الإتباع

(2)

، وكذلك يعتق الولد عند إعتاق المكاتب تحقيقا للتبعية.

وأما دخول العبد الغائب في كتابة الحاضر فلما ذكرنا أنه لا ضرر عليه في دخوله في عقد الكتابة بهذا الطريق الذي قلنا فيدخل من غير لزوم بدل الكتابة عليه. إلى

هذا أشار في المبسوط

(3)

و الجامع الصغير

(4)

للإمام المحبوبي.

([فله]

(5)

أن يأخذه بكل البدل) أي وللمولى أن يأخذ العبد الحاضر بكل البدل، ويخير المولى على القبول، هذا جواب الاستحسان.

وأما القياس فللمولى أن لا يقبل؛ لأنه متبرع غير مطالب بشيء من البدل، [ولأن]

(6)

البدل يسقط بموت من عليه حين لم يترك [وفاء]

(7)

، وانفسخ العقد فبقي الغائب عبدا، قنا للمولى: ولكنه استحسن فقال: ليس للمولى أن لا يقبل منه فيعتقان جميعا بأداء هذا الغائب؛ لأن حكم العقد ثبت في حق الغائب فيما لا يضر به لكنه بمنزلة البيع بحكم العقد في حق الحاضر كذا في المبسوط

(8)

.

(1)

الأصل في الإبدال جعل شيء مكان شيء آخر.

انظر: لسان العرب (11/ 48).

(2)

تبع: تبع الشيء تبعا وتباعا في الأفعال وتبعت الشيء تبوعا: سرت في إثره؛ واتبعه وأتبعه وتتبعه قفاه وتطلبه متبعا له.

انظر: لسان العرب (8/ 27).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 14).

(4)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 425).

(5)

في (ب) وله.

(6)

في (ب) لأن.

(7)

في (ب) فإن.

(8)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 15).

ص: 163

(وأما الغائب فلأنه ينال به شرف الحرية) لأن الكتابة نفذت في حق الغائب على جواب الاستحسان، فيعتبر نافذة في حق غير المولى أيضا، إلا أنه يقبل منه المال حالا ولا يمكن من السعاية على نجوم الحاضر، نص عليه محمد

(1)

رحمه الله في رواية المكاتب؛ وذلك لأن الأجل كان ثابتا للحاضر حقًا للحاضر، فلا يثبت حق لغيره، كمن اشترى دارا بثمن مؤجل، ثم أراد الشفيع أن يأخذها فإنه يأخذها بثمن حال؛ وهذا لأن الأجل وصف للدين إنما يثبت فيما يثبت فيه الدين مؤجلا، وليس في ذمة الغائب حق فلا يثبت الأجل في حقه أيضا، كذا ذكره الإمام المحبوني

(2)

رحمه الله.

(وصار كمعير الرهن) صورته، استعار

(3)

رجل عينا من آخر ليرهنه بدين عليه لرجل فأخذه ورهنه، ثم احتاج المعير إلى استخلاص عينه، والمستعير لا يستخلص، وأدى المعير دين المستعير؛ ليأخذ عينه، فإن المعير يرجع على المستعير بذلك الدين الذي أداه إلى المرتهن لأجله، وإن لم يأمره المستعير بأداء الدين فلا يكون المعير متبرعا بما أدى؛ لأنه مضطر في أدائه ليصل إلى عينه، ولم يكن ذلك إلا بأداء الدين، فلذلك يرجع على المستعير بما أدى، [وخير]

(4)

المرتهن على القبول (وإن لم يكن الدين على المعير (

(5)

، وإن لم يكن على الغائب دين.

وذكر الإمام قاضي خان

(6)

رحمه الله، فيجبر على القبول، ولا يكون أجنبيا كولد المكاتب إذا أدى بدل الكتابة يجبر على القبول. (فإن قبل العبد الغائب، أو لم يقبل

فليس ذلك منه بشيء) أي لا يؤثر قبوله في لزوم بدل الكتابة عليه؛ لأنه ليس للمولى أن

(1)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 425).

(2)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 425).

(3)

استعار: طلب العارية. واستعاره الشيء واستعاره منه: طلب منه أن يعيره إياه.

انظر: لسان العرب (4/ 618)، المعجم الوسيط (2/ 636).

(4)

في (ب) ويخير.

(5)

أي معير الرهن.» فكذلك هاهنا يجبر المولى على القبول أي القبول من الغائب.

(6)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 118).

ص: 164

يأخذ الغائب بشيء أجاز الغائب، أو لم يجز، وكذلك رده لا يؤثر في حق رد عقد الكتابة عن الحاضر، بل عقد الكتابة لازم للحاضر، وإن رده الغائب.

[كاتبت الأمة عن نفسها وعن ابنين لها صغيرين]

(وإذا [كاتبت]

(1)

الأمة عن نفسها) أي قبلت عقد الكتابة عن نفسها ([وعن]

(2)

ابنين صغيرين لها (

(3)

المسألة في الأمة فائدة سوى ما ذكره الفقيه أبو جعفر

(4)

(5)

رحمه الله في كشف الغوامض بقوله: [إن]

(6)

لهذه الرواية أي رواية الجامع الصغير من الفائدة ما ليس في مكاتب المبسوط، فإن هناك [وضع]

(7)

المسألة فيمن كاتب عبده على نفسه وأولاده الصغار، فلولا رواية الجامع الصغير لكان لقائل أن يقول للأب على الصغير من الولاية ما ليس للأم، فرواية الجامع تبين أن ذلك كله سواء عن ابنين صغيرين لهما، وإنما قيد بالصغير؛ ليثبت الجواز على الإطلاق على القياس، والاستحسان كذا وجد بخط شيخي رحمه الله

(8)

، ولكن

(1)

في (أ) كاتب وفي (ب) كاتبت وهو الصحيح.

(2)

في (ب) على.

(3)

تكملة المسألة: فهو جائز.

انظر: بداية المبتدي (ص: 196).» والحكم في العبد كذلك، وليس في [وضع] في (ب) موضع.

(4)

كشف الغوامض في الفروع. لأبي جعفر الهنداوني، الفقيه. ذكر فيه: بعض ما أورده محمد، في:(الجامع الصغير). وتوفي: سنة 963، ثلاث وستين وتسعمائة.

انظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1493).

(5)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 427).

(6)

في (ب) وأن.

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

المقصود من شيخه هو برهان الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر المرغيناني صاحب الهداية وهذه المسألة كامله قال: "وإذا كاتب العبد عن نفسه وعن عبد آخر لمولاه وهو غائب، فإن أدى الشاهد أو الغائب عتقا" ومعنى المسألة أن يقول العبد كاتبني بألف درهم على نفسي وعلى فلان الغائب، وهذه كتابة جائزة استحسانا. وفي القياس: يصح على نفسه لولايته عليها ويتوقف في حق الغائب لعدم الولاية عليه. وجه الاستحسان أن الحاضر بإضافة العقد إلى نفسه ابتداء جعل نفسه فيه أصلا والغائب تبعا، والكتابة على هذا الوجه مشروعة كالأمة إذا كوتبت دخل أولادها في كتابتها تبعا حتى عتقوا بأدائها وليس عليهم من البدل شيء وإذا أمكن تصحيحه على هذا الوجه ينفرد به الحاضر فله أن يأخذه بكل البدل لأن البدل عليه لكونه أصلا فيه، ولا يكون على الغائب من البدل شيء لأنه تبع فيه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 260).

ص: 165

ما ذكره في الجامع الصغير لقاضي خان

(1)

يدل على أن انعقاد عقد الكتابة في حق الولدين الصغيرين جواب الاستحسان لا جواب القياس كما في المسألة الأولى.

ثم فائدة وضع المسألة في الصغيرين دون الصغير شيء ترتبتُ

(2)

ما ذكره من الجواب بقوله: (وأيهم أدى لم يرجع على صاحبه، ويعتقون)[لأنه]

(3)

لولا هذا الوضع كان لقائل أن يقول في مثل هذا الوضع إذا أدى أحد الابنين ينبغي أن لا يعتق الابن الآخر، [لأنه]

(4)

لا أصالة بينهما ولا تبعية، بخلاف الأمة وابنها، فإن أداء [الأم]

(5)

كأداء ابنها بطريق أن الابن يتبعها أنها تستتبعه، وكذلك أداء الابن كأداء أمه؛ لأنه لما دخل في كتابتها بطريق التبعية صار أداء البيع كأداء الأصل.

وأما أداء هذا الابن ليس كأداء أخيه لما أنه لا تبعية بينهما، ولهذا وضع هذه المسألة في المبسوط

(6)

في الأولاد الصغار؛ ليفيد هذه الفائدة، لكن اختار في الجامع الصغير

(7)

لفظ التثنية؛ لأنه أقل ما يتحقق فيه هذه الفائدة على ما بينا في المسألة الأولى، وهي:

قوله: (وإذا كاتب العبد عن نفسه، وعن عبد آخر لمولاه غائب إلى آخره) وهي: أولى بذلك من الأجنبي، أي لما جاز مثل هذا العقد في حق الأجنبي على ما ذكره في المسألة الأولى، فأولى أن يجوز عقد الأمة في حق ولدها؛ لأن ولدها أقرب إليها من الأجنبي، [والله أعلم بالصواب]

(8)

.

(1)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 427).

(2)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 427).

(3)

في (ب) لأنهم.

(4)

في (أ) لأن وفي (ب) لأنه والأولى ما ذكر في (ب).

(5)

في (ب) الإمام.

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 23).

(7)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 427).

(8)

ساقطة من (أ).

ص: 166

[باب كتابة العبد المشترك]

(1)

ذكر كتابة رجلين بعد كتابة رجل؛ لأن الاثنين بعد الواحد. قوله: (أن يكاتب نصيبه) أي نصيب المأذون، وأصله أن الكتابة تتجزأ عنده

(2)

خلافا لهما

(3)

. أي أصل قوله:

(إن المال للذي قبض عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما هو بينهما

(4)

(

(5)

كان كله مكاتبا، والإذن بكتابة نصيبه إذن بكتابة الكل، فيصير البدل لهما جميعا، كما لو كاتباه جميعا [يكون]

(6)

مكاتبا بينهما، ثم لو عجز وفي يده إكساب كاتب الإكساب بينهما، فكذا هنا.

ومن أصل أبي حنيفة رحمه الله أن الكتابة تتجزأ كالإعتاق، وإذا كاتب أحدهما اقتصرت الكتابة على نصيب المكاتب وليس للآخر حق النقض؛ لأنه فعل بإذنه، والإذن بالقبض إذن للمكاتب بالأداء، فيصير الشريك الآذن متبرعا بنصيبه من الكسب من المكاتب فيصير المكاتب أحق به، فإذا أدى يختص به القابض، أو يقول: لما أذن أحدهما صاحبه [لكتابة]

(7)

نصيبه صار نصيب المكاتب مكاتبا، وبقي نصيب الآذن عبدا كما كان، فحين الكسب كان هذا كسب مملوك بعضه مكاتب وبعضه عبد، فما كان من

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

أي: أبو حنيفة رحمه الله تعالى.

(3)

أي: أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.

(4)

أي مكاتب بينهما.

(5)

أي أن الكتابة تتجزأ عند الإمام -أبي حنيفة-، وعندهما أبو يوسف ومحمد -لا تتجزأ.

انظر: تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم (8/ 64).

وأصل الخلاف في الإعتاق هل يتجزأ أم لا؛ لأن الكتابة شعبة من شعبه إذ هي تفيد الحرية في الحال يدا وفي المآل رقبة فيقتصر على نصيبه عنده.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي للزيلعي (5/ 166).».

وذلك لأنه لما كان لا تتجزأ الكتابة عندهما كان بكتابة أحدهما [نصيبه] في (ب) نفسه.

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

في (ب) بكتابة.

ص: 167

كسب المكاتب فهو لمكاتب، وما كان من كسب العبد فهو لمولاه، فمتى أذن الذي لم يكاتب شريكه بقبض بدل الكتابة فقد أذن لعبده بقضاء دينه من الكسب الذي يكون له، فيصير الآذن متبرعا بنصيب نفسه من الكسب على العبد، ثم على الشريك، فإذا تم تبرعه بقبض الشريك لم يرجع، ويصير بمنزلة ما لو وهب من مكاتبه شيئا، ثم المكاتب ملكه من غيره بعوض وعجز فإن [قبل]

(1)

المتبرع له [بأداء له]

(2)

أن يرجع بما تبرع به إذا لم يحصل مقصوده من التبرع كمن تبرع بأداء الثمن عن المشتري، ثم هلك المبيع قبل القبض، أو استحق يرجع بما تبرع به؛ لأن المقصود من التبرع وهو سلامة البيع للمشتري لم يحصل، وكذا لو تبرع بالمهر عن الزوج، ثم جاءت الفرقة من جهتها قبل الدخول يرجع بما تبرع [به]

(3)

؛ لأن مقصود المتبرع سلامة منفعة البضع للزوج ولم يحصل، فهاهنا أيضا مقصود الإذن بالتبرع إن سلم للمكاتب رقبته بالعتق ولم يحصل بالعجز، فينبغي أن يرجع.

(4)

(1)

في (ب) قيل.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

ذكر ابن نجيم الحنفي أيضا وجه قول الإمام ووجه قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى فقال: (وجه قول الإمام أن المكاتب نصف كسبه له فإذا أذن للمكاتب أن يصرفه بدينه صح إذنه وتم بقضاء دينه به فكان المقبوض للقابض فإن عجز المكاتب لا يرجع الآذن بذلك وإن لم يحصل مقصوده وهو الحرية؛ لأن المتبرع عليه هو العبد، ولو رجع يرجع على العبد والمولى لا يستوجب على عبده دينا بخلاف ما إذا تبرع شخص بقضاء الثمن، ثم استحق أو هلك قبل القبض أو انفسخ البيع أو تبرع بقضاء مهره وحصلت الفرقة من جهة المرأة حيث يرجع بالمهر والثمن؛ لأن ذمة البائع والمرأة صلحت لوجوب الدين المتبرع عليها فأمكن الرجوع، ولو كان الشريك بالإذن مريضا وأدى من كسبه قبله صح من الثلث؛ لأنه تبرع بعين ماله وفي الأول بالمنافع فالمتبرع بالمنافع يعتبر من جميع المال وبالعين من الثلث وجه قولهما أن الإذن بكتابة نصيبه إذن بكتابة كله فإذا كاتبه صار كله مكاتبا نصيبه بالأصالة ونصيب شريكه بالوكالة فهو مكاتب لهما والمقبوض بينهما قيد بقوله أذن؛ لأنه لو كاتبه بغير إذن شريكه صار نصيبه مكاتبا وللساكت أن يفسخ بالإجماع قبل أن يؤدي بدل الكتابة دفعا للضرر عن نفسه بخلاف ما إذا باع نصيبه حيث لا تفسخ؛ لأنه لا ضرر فيه؛ لأنه لم يخرج نصيبه من يده وبخلاف العتق وتعليق العتق بالشرط حيث لا يفسخ؛ لأنه لا يقبل الفسخ وفي العتابية).

انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (8/ 65)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 166).

ص: 168

قلنا: المتبرع عليه هاهنا هو المكاتب من وجه من حيث أن مقصود الإذن عتقه [و]

(1)

بعد العجز صار موقوفا له من كل وجه والمولى لا يستوجب على عبده دينا ولا عينا خصوصا إذا خرج عن يده بالتسليم إلى المكاتب، بخلاف الزوجة، والبائع؛ لأن ذمتهما محل صالح لوجوب دين المتبرع، فيثبت له حق الرجوع إذا لم يحصل مقصوده، كذا ذكره الإمام المحبوبي، وقاضي خان

(2)

.

(وفائدة الإذن أن لا يكون له حق الفسخ) وإنما ذكر هذا؛ لئلا يتوهم أن ما ذكره في صورة المسألة. بقوله: (وإذا كان العبد بين رجلين أذن أحدهما لصاحبه أن يكاتب نصيبه) في حق جواز كتابة نصيب من العبد، وليس كذلك فإن أحد الشريكين لو كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه صحت الكتابة، ونفذت بالإجماع، لكن عند أبي حنيفة رحمه الله مقتصرا في نصيبه، وعندهما

(3)

في الكل؛ وذلك لأن الكتابة إما معاوضة، أو تعليق، وأي الأمرين اعتبرنا يصح في نصيبه، وإن كان بغير إذن شريكه، فإنه لو باع أحدهما نصيبه، أو أعتق [، أو دبر، أو علق]

(4)

نصيبه بأداء المال ليس للساكت أن يفسخه

(5)

.

فإن قلت: وردت هاهنا حينئذ شبهة على هذا الأصل ورودا ظاهرا، وهي أن الكتابة إما أن يعتبر فيها معنى المعاوضة، أو معنى الإعتاق، أو معنى تعليق بأداء المال، فلو

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 198)، البناية شرح الهداية (10/ 430).

(3)

أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

المحيط البرهاني في الفقه النعماني لابن مازة الميرغيناني (4/ 144) وفيه: (وأجمعوا على أنه لو باع أحدهما نصيبه أو أعتق أو دبر، أو علق عتق نصيبه بأداء المال إنه ليس للساكت أن يفسخه. والوجه في ذلك: أن المكاتب بكتابة نصيب نفسه وإن تصرف في خالص ملكه إلا أنه ألحق بغيره وهو الساكت ضررا فإنه بسبب كتابته يبطل على الساكت حق البيع في نصيبه؛ لأن نصيب المكاتب بالكتابة صار حرا يدا للحال وحرية اليد مانعة جواز البيع كحرية الرقبة.

ص: 169

وجد شيء من هذه التصرفات من أحد الشريكين بغير إذن صاحبه ليس للآخر ولاية الفسخ، فمن أين يثبت ولاية الفسخ هاهنا إذا وجدت الكتابة من أحد الشريكين بغير إذن صاحبه للشريك الساكت، مع أن عقد الكتابة لا يخلو من أحد هذه الأشياء؟

قلت: [بمعنى]

(1)

فقهي [اختص]

(2)

ذلك بالكتابة دون سائر التصرفات؛ وذلك لأن المكاتب بكتابة نصيب نفسه وإن تصرف في خالص ملكه إلا أنه ألحق لشريكه الساكت ضررا فإنه بسبب كتابته يبطل على الساكت حق البيع في نصيبه؛ لأن نصيب المكاتب بالكتابة صار حرا يدا للحال، وحرية اليد مانعة جواز البيع كحرية الرقبة، فكان إضرارا بالساكت، والكتابة قابلة للفسخ وكل تصرف صدر من المالك، وقد وقع أضرارا بالعين، وأنه يحل الفسخ كان لمن توجه عليه الضرر فسخه

(3)

.

ألا ترى أن المرأة إذا زوجت نفسها من غير كفء كان للأولياء حق الاعتراض، وإن تصرفت في خالص ملكها؛ لأنها ألحقت بما تصرفت ضرر بالأولياء، فكذا هنا، بل أولى؛ لأن الكتابة أقبل للفسخ من النكاح فأن النكاح لا يفسخ إلا بقصور في ولاية العاقد، والكتابة تفسخ بتراجعها من غير قصور في ولاية العاقد، وليس هذا كمن باع أحدهما نصيبه؛ لأنه ليس في بيع أحدهما نصيبه ضرر على صاحبه؛ لأن بسبب هذا البيع لا يبطل على صاحبه حق البيع في نصيبه حتى أن في أي موضع كان في بيع أحدهما [نصيبه ضرر على صاحبه كان لصاحبه حق فسخ بيعه، فإن الدار إذا كانت بين اثنين باع أحدهما]

(4)

نصف ثلث معلوم من رجل كان للآخر حق الفسخ؛ حتى لا يتفرق نصيبه في الدار زيادة تفرق وليس كما لو أعتق أحدهما نصيبه، أو دبره؛ لأن كل واحد

(1)

في (ب) لمعنى.

(2)

في (ب) احص.

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 144).

(4)

ساقطة من (ب).

ص: 170

منهما لا يقبل الفسخ، وليس كما لو علق نصيبه بأداء المال؛ لأنه لا يحتمل الفسخ؛ لأنه يمين

(1)

.

وحاصله أن عدم ولاية الفسخ لتصرف أحد الشريكين إنما يحصل بأحد شيئين، إما بانعدام الضرر عن الشريك الساكت كما في البيع، أو بأن تصرفه [مما]

(2)

لا يقبل الفسخ، وإن كان فيه ضرر للساكت كما في الإعتاق فاجتمع في عقد الكتابة ما يجوز الفسخ، وهو تحقق الضرر، مع كونه قابلا للفسخ، فينفسخ الساكت لذلك إذا وجد بغير إذنه هذا كله [مما]

(3)

أشار إليه في الذخيرة

(4)

هذا الذي ذكرنا فيما إذا كاتب أحد الشريكين.

وإذا كاتب الشريكان عبدهما مكاتبة واحدة وأدى إلى أحدهما حصته لم يعتق نصيبه منه ما لم يؤد جميع بدل الكتابة إليهما؛ لأن عقد الكتابة واحد في حق المكاتب، فلا يعتق شيء منه بأداء [بعض]

(5)

البدل، كما لو كان الرجل واحد وهذا؛ لأن المقبوض غير سالم للقابض بل لشريكه أن يستوفي منه نصفه؛ لأنه مال وجب لهما بسبب واحد عوضا عما هو مشترك بينهما فكان أداؤه إلى أحدهما كأدائه إليهما، وإن أعتقه أحدهما جاز؛ لأنه مالك نصيبه متمكن من إعتاقه بعد الكتابة، كما كان متمكنا منه قبل ذلك وكذلك إذا وهب له نصيبه من المكاتبة أو أبرأه [عنه]

(6)

عتق؛ لأنه لو كان مالكا لجميعه كان معتقا له بإبرائه عن جميع البدل، [فكذلك]

(7)

إذا كان مالكا [لبعضه]

(8)

كان معتقا

(1)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 144).

(2)

في (ب) فيما.

(3)

في (ب) كما.

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 144 - 145).

(5)

في (ب) البعض من.

(6)

في (ب) منه.

(7)

في (ب) وكذلك.

(8)

في (ب) لنصفه.

ص: 171

[لحصته]

(1)

بإبرائه إياه عن حصته من البدل بمنزلة ما لو قال: أنت حر بخلاف ما لو استوفي [حصته]

(2)

وهذا؛ لأن ما أسقطه بالهبة، والإبراء نصيبه خاصة، فيتحقق [به براءة]

(3)

ذمة المكاتب عن نصيبه فأما المستوفي [فليس]

(4)

بنصيبه خاصة حتى كان لشريكه أن يشاركه فلا يتم براءة ذمته عن نصيبه بهذا الاستيفاء، وكذلك إن سلم الشريك [القابض]

(5)

ما قبض [أو]

(6)

كان قبض نصيبه بإذن شريكه؛ لأنه لا يتم سلامة المقبوض له بهذا أيضا حتى لو عجز الغلام كان المأخوذ بينهما.

[جارية بين رجلين كاتباها فوطئها أحدهما فجاءت بولد فادعاه]

ثم المكاتب بالخيار بعد إعتاق أحدهما إياه إن شاء عجز ويكون الشريك بالخيار بين التضمين، والسعاية في نصف القيمة والعتق في قول أبي حنيفة وبين العتق والسعاية إن كان المعتق معسرا؛ لأن بتعجيزه نفسه انفسخت الكتابة [فيكون]

(7)

حكمه حكم عبد مشترك بين اثنين يعتقه أحدهما، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله يضمن المعتق إن كان موسرا، أو يسعى العبد في نصف قيمته إن كان معسرا كما هو مذهبه في العبد المشترك وعلى قول محمد رحمه الله يضمن الأقل من نصف القيمة، ونصف ما بقي من المكاتبة، وكذلك يسعى العبد في الأقل عند عسرة المعتق كذا في المبسوط

(8)

.

(1)

في (ب) لنصيبه.

(2)

في (ب) نصيبه.

(3)

في (ب) لبداه.

(4)

في (أ) ليس وفي (ب) فليس.

(5)

في (ب) للقابض.

(6)

في (ب) فكان.

(7)

في (ب) مصادقة.

(8)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 32 - 33).

ص: 172

(فوطئها أحدهما فجاءت بولد، وادعاه (

(1)

.

(صحت دعوته؛ لقيام ملكه ظاهرا (

(2)

وطئها الثاني وجاءت بالولد وادعاه الثاني كانت دعوته [مصادفة]

(3)

لملكه من حيث الظاهر؛ لأن الظاهر هو أن يمضي على كتابتها، وكان وطئه واقعا في ملكه؛ لأن الذي حدث من العجز إنما حدث فيها بعد صحة الدعوى، فلا يبطل حكم السبب الثابت ظاهرا، كما [في]

(4)

ولد المغرور

(5)

، فإن ولد المغرور حر بالقيمة؛ لأنه حين استولدها كانت حرة في الظاهر، [وحكم]

(6)

بأنه حر

(1)

المسألة كاملة كما في البداية: وإذا كانت جارية بين رجلين كاتباها فوطئها أحدهما فجاءت بولد فادعاه ثم وطئها الآخر فجاءت بولد فادعاه ثم عجزت فهي أم ولد للأول.

انظر: بداية المبتدي (ص: 196).» أي صحت دعوته، ويثبت النسب (ثم وطئها الآخر فجاءت بولد فادعاه) أي صحت دعوته أيضا، وثبت النسب كما في المدبرة فإنه يقتصر أمومية الولد في المدبرة المشتركة على نصيبه بالإجماع توضيح المسألة: لأنه لما ادعى أحدهما الولد صحت دعوته لقيام الملك له فيها وصار نصيبه أم ولد له، لأن المكاتبة لا تقبل النقل من ملك إلى ملك فتقتصر أمومية الولد على نصيبه كما في المدبرة المشتركة.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 261).

(2)

توضيح المسألة: وإذا ادعى الثاني ولدها الأخير صحت دعوته لقيام ملكه ظاهرا.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 261).» قيد بقوله ظاهرا؛ لأنه بالنظر إلى بقاء الكتابة ملك الثاني باق فيها، وبالنظر إلى التعجيز لم يبق ملكه فيها، والظاهر أنها تمضي على كتابتها فيكون ملك الثاني باقيا فيها؛ لأن استيلاد المكاتبة لما كان يتجزأ عند أبي حنيفة رحمه الله كان استيلاد الأول مقتصرا على نصيبه غير متناول لنصيب الساكت، فكان نصيب الساكت باقيا على حاله، [فلما] في (أ) قائما وفي (ب) فلما والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

في (ب) مصادقة.

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

ولد المغرور: وهو ولد من يطأ امرأة معتمدا على ملك يمين أو نكاح فتلد منه ثم تستحق.

انظر: تكملة فتح القدير للكمال ابن الهمام (8/ 298).

(6)

في (ب) ويحكم.

ص: 173

الأصل، والابن ابنه، والذي حدث من الاستحقاق ظهر بعده، فلا تبطل الحرية الثابتة من حيث الظاهر، فكذلك هاهنا (ويضمن شريكه) أي شريكه الثاني كمال عقرها [قصاصا]

(1)

.

وذكر في المبسوط

(2)

ولم يذكر حكم العقر، ثم قال: لأنه على رواية هذا الكتاب

(3)

يوجب نصف العقر على الثاني، ونصف العقر على الأول، فيكون أحدهما قصاصا بالآخر.

ثم قال

(4)

: وقد بينا في كتاب الدعوى

(5)

أن الأصح وجوب جميع العقر على الثاني، ثم يكون النصف بالنصف قصاصا، ويبقى للأول نصف العقر على الثاني.

وقد بين قول أبي يوسف، ومحمد -رحمهما الله- هناك أيضا أنه حين استولدها أحدهما صار الكل أم ولد له وهي مكاتبته، فلا يصح الاستيلاد من الثاني بعد ذلك، ولا يثبت النسب منه بالدعوة

(6)

.

وذكر الإمام قاضي خان رحمه الله وحاصل الاختلاف راجع إلى أن الاستيلاد في مكاتبة يتجزأ عند أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما

(7)

لا يتجزأ وأجمعوا

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 38).

(3)

أي كتاب المبسوط.

(4)

أي السرخسي في المبسوط.

(5)

الدعوى لغة: تطلق على عدة معان منها: الطلب: تقول: ادعيته، أي طلبته لنفسي، ويقال: لي في هذا الأمر دعوى ودعاوى أي مطالب. والدعاء: ومنه قوله تعالى: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} (يونس: من الآية 10). أي: دعاؤهم. والتمني: تقول: ادعيت الشيء أي: تمنيته. والزعم: يقال: ادعيت الشيء، أي: زعمته لي حقا كان أو باطلا. والإخبار: يقال: فلا يدعي بكرم فعاله، أي: يخبر بذلك عن نفسه.

انظر: المصباح المنير للفيومي (1/ 195)، لسان العرب (4/ 257).

اصطلاحا: هي طلب أحد حقه من آخر في حضور القاضي، ويقال له المدعي، وللآخر المدعى عليه.

انظر: مجلة الأحكام العدلية (ص: 320)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 329).

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 38).

(7)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 129).

ص: 174

على أنه لا يتجزأ في القنة

(1)

، ويتجزأ في المدبرة لهما

(2)

أن تكميل الاستيلاد واجب ما أمكن، ولهذا يكمل في القنة، وأمكن تكميله هاهنا [تفسخ]

(3)

الكتابة؛ لأن الكتابة إذا انفسخت تصير قنة، واستيلاد القنة لا يتجزأ؛ ولا أبي حنيفة رحمه الله لا وجه لتكميل الاستيلاد إلا بتكميل نصيب صاحبه، والمكاتب لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك، ولا وجه لفسخ الكتابة؛ لأن المكاتب قد يرضى بحرية عاجلة [بجهة]

(4)

الكتابة، [ولا يرضى بحرية آجلة بجهة الاستيلاء، فإذا لم يتمحض الفسخ منفعة لا ينفسخ إلا بفسخ المكاتبة

(5)

]

(6)

.

ولهذا قلنا: إن الأب إذا استولد مكاتبه ابنه لا يصح، وإن أمكن تصحيحه بفسخ الكتابة إذا عرفنا هذا [القول]

(7)

إذا صارت كلها أم ولد للأول عندهما لا يصح استيلاد الثاني؛ لأنه استولد أم ولد الغير، وإذا لم يثبت نسب ولد الثاني عندهما لا يضمن الثاني قيمة الولد، ويضمن الثاني عقدا كاملا للأول؛ لأنه أقر أنه وطئ أم ولد الغير، ويضمن الأول نصف قيمتها، ونصف عقرها للثاني؛ لأنه استولد جارية مشتركة بينه وبين غيره. وعند أبي حنيفة رحمه الله استيلاد الأول قبل العجز اقتصر على نصيبه، فيصح استيلاد الثاني؛ لأنه صادف ملكه من حيث الظاهر إلى آخره

(8)

(1)

القنة: العبد إذا ملك هو وأبواه يستوي فيه الاثنان والجمع والمؤنث.

انظر: مختار الصحاح للرازي (1/ 261).

(2)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 137).

(3)

في (أ) لا نفسخ وفي (ب) تفسخ والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) بخصة.

(5)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 199).

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

في (ب) يقول.

(8)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (3/ 104).

ص: 175

قوله: (وقيمة الولد) أي ويضمن شريكه الثاني لشريكه الأول قيمة ولده؛ لأنه تبين أنه استولد مملوكة الغير؛ لأنه بعد العجز لما صارت كلها أم ولد للأول كان استيلاد الثاني استيلادا لأم ولد الغير.

فإن قيل: فعلى هذا ينبغي أن لا يضمن الثاني قيمة الولد للأول عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن حكم ولد أم الولد حكم أمه، ولا قيمة لأم الولد عند أبي حنيفة، فكذا لابنها.

قلنا: قد قيل هذا الجواب على قولهما

(1)

. وأما عند أبي حنيفة رحمه الله فينبغي أن لا يضمن شيئا من قيمة الولد؛ لأن حكم الولد حكم الأم، فلا يضمن بأسباب الضمان، وقال أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله-: هي أم الولد الأول

(2)

. وقال الإمام المحبوبي

(3)

: وعندهما [حين]

(4)

استولدها أحدهما صارت أم ولد له، وهي مكاتبة له كلها حتى يعتق بأداء بدل الكتابة إلى المستولد الأول، والاستيلاد من الآخر بعد ذلك باطل؛ لأن (أمومية الولد يجب تكميلها بالإجماع

(5)

ما أمكن) ولهذا يكمل هي في القنة بالإجماع للإمكان، وفي المكاتبة ممكن أيضا؛ لأن الكتابة قابلة للفسخ فيفسخ الكتابة؛ وذلك لأن الاستيلاد طلب الولد، وأنه يقع بالفعل والفعل لا يتجزأ، فكذلك ما يثبت بالفعل، أو لقول الاستيلاد إثبات النسب، وأنه لا يتجزأ في الحقيقة فوجب تكميله إذا أمكن (وقد أمكن)

(1)

أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.

(2)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 200)، البناية شرح الهداية لبدر الدين العيني (10/ 433).

(3)

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (1/ 455).

(4)

في (أ) حتى.

(5)

أي إجماع كل من أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 200)، البناية شرح الهداية (10/ 433).

ص: 176

[هنا]

(1)

؛ لأن الكتابة تحتمل الفسخ والاستيلاد لا يحتمله الفسخ، فرجحنا الاستيلاد على الكتابة

(2)

.

قوله: (فتفسخ فيما لا يتضرر به للمكاتب) أي فيفسخ الكتابة فيما لا يضرر به المكاتب، وهي أمومة الولد؛ لأنه لا ضرر لها في كونها أم الولد، بل لها فيه نفع حيث لم يبق محلا للابتذال بالبيع، والهبة (وتبقى الكتابة فيما وراءه) أي فيما وراء ما انفسخ في حق ما [لا]

(3)

يتضرر بالانفساخ، وهي كونها أحق بإكسابها، وإكساب ولدها، وسقوط الحد عن الثاني في وطئه التدبير أي الكتابة ([تخالف]

(4)

التدبير) من حيث أن الكتابة قابلة للفسخ، والتدبير غير قابل للفسخ، فلذلك إذا استولد الشريك الثاني بعد استيلاد الأول المدبرة المشتركة بينهما صح استيلاده.

(لأنا قلنا: أن أمومة الولد يجب تكميلها ما أمكن) وهاهنا لا إمكان، فلذلك يجري الاستيلاد هاهنا ضرورة بخلاف المكاتبة، وهذا جواب منهما لما قاس أبو حنيفة رحمه الله هذه المسألة على استيلادهما للمدبرة المشتركة بينهما

(5)

، ذكره الإمام

(1)

في (أ) هناك وفي (ب) هنا والصحيح ما ذكر في (ب).

(2)

لأن الكتابة تحتمل الفسخ والاستيلاد لا يحتمله فرجحنا الاستيلاد فكملناه وفسخنا الكتابة في حق التمليك وهي لا تتضرر به، والكتابة تنفسخ فيما لا يتضرر به المكاتب وتبقى فيما وراءه ولهذا يجوز عتقه عن الكفارة بخلاف ما لو استولد مدبرة مشتركة فإنه لا يكمل ويقتصر على نصيبه؛ لأنه لا يمكن تكميلها؛ إذ التدبير يمنع النقل من ملك إلى ملك، ولا يقال لم لا تنفسخ الكتابة ضمنا لصحة الاستيلاد؟ لأنا نقول في انفساخها ضرر ببطلان حقها في الكتابة والكتابة لا تنفسخ فيما يتضرر به المكاتب ولأبي حنيفة رحمه الله أن الاستيلاد يقبل التجزي إذا وقع في محل لا يقبل النقل كالمدبرة بين اثنين إذا استولدها أحدهما فإنه يتجزأ ويقتصر الاستيلاد على نصيبه.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 167) تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (8/ 66).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) بخلاف.

(5)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 200).

ص: 177

المحبوبي

(1)

رحمه الله فقال: [قال]

(2)

أبو حنيفة رحمه الله: إن استيلاد أحد الشريكين في المكاتبة المشتركة يقتصر على نصيبه؛ لأنا أجمعنا أن المدبرة إذا كانت مشتركة فاستولدها أحدهما يقتصر الاستيلاد، ولا يشيع في الكل، فلما قبل الاستيلاد التجزي بالتدبير يقبل التجزي أيضا بالكتابة [أيضا]

(3)

؛ لأن المعنى يجمعهما، وهو أن بالتدبير خرجت من أن يكون قابلة للنقل من ملك إلى ملك، وكذا بالكتابة تخرج عن كونها قابلة، لذلك ولهذا لا يجوز بيع المكاتب، ولا بيع المدبر، ولا وجه إلى فسخ الكتابة؛ لأنه إنما يصار إليه عند الضرورة، والضرورة هاهنا منعدمة، ولهذا لا تفسخ الكتابة في استيلاد الأب جارية ابنه (وبخلاف بيع المكاتب) أي لا يفسخ الكتابة لضرورة تجويز البيع وبخلاف فسخها لضرورة الاستيلاد؛ لأن المكاتب يتضرر بفسخ الكتابة بدون رضاه في البيع وقد قلنا: إنه يفسخ فيما لا يتضرر به المكاتب

(4)

. فلذلك قلنا: بأنه لا يجوز بيع المكاتب بدون رضاه، غير أنه لا يجب الحد عليه للشبهة، وهي شبهة أنها مكاتبة بينهما، بدليل ما ذكره أبو حنيفة رحمه الله، أو أنها يبقى مكاتبة بينهما فيما يتضرر به بالإجماع على ما ذكرنا.

وفي وطئ مكاتبته لا يجب الحد، وإن كانت مشتركة بينه وبين آخر، وإذا بقيت الكتابة أي فيما يتضرر يفسخ الكتابة، كما في عدم كونها أحق بإكسابها (وصار كلها مكاتبه له) أي للأول.

(قيل: يجب عليها نصف بدل الكتابة) وذكر الإمام قاضي خان

(5)

، ثم عندهما لما صار كلها أم ولد للأول قبل العجز اختلف المشايخ بعد ذلك.

(1)

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 456).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 168)، العناية شرح الهداية (9/ 201)، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (8/ 66).

(5)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 168).

ص: 178

قال الشيخ الإمام أبو منصور الماتريدي رحمه الله

(1)

تبقى مكاتبه بنصف بدل الكتابة؛ لأن الكتابة لما انفسخت في نصيب الثاني سقط نصف بدل الكتابة، فتبقى مكاتبة بالنصف.

وقال عامة المشايخ: تبقى مكاتبه بجميع بدل الكتابة؛ [لأن انفساخ الكتابة]

(2)

أمر ضروري، فلا يظهر فيما عدا التملك، فبقي العقر الأول كما كان

(3)

ولهذا أوجب أبو يوسف رحمه الله نصف قيمتها مكاتبة.

(وقيل: يجب كل البدل) أي كل بدل الكتابة عليها [للمستولد]

(4)

الأول (إلا في حق التملك ضرورة) وهي [تكامل]

(5)

الاستيلاد (وفي إبقائه) أي في عقد الكتابة (في حقه) أي في حق نصف بدل الكتابة (نظر للمولى) وهو المستولد الأول؛ لظهور اختصاصه على ما بينا، أي في تعليل قول أبي حنيفة رحمه الله (ويضمن الأول لشريكه في قياس قول أبي يوسف رحمه الله نصف قيمتها مكاتبه) يعني في قياس قوله: في إعتاق المكاتب بين اثنين فإن عنده يضمن المعتق قيمة نصيب شريكه مكاتبا (وعند محمد رحمه الله يضمن الأقل من نصف [القيمة]

(6)

، ومن نصف ما بقي من بدل المكاتبة) ففي قياس تلك المسألة ينبغي أن يكون الحكم هكذا في هذه المسألة يضمن الأقل من [نصف قيمتها]

(7)

، أي مكاتبة يجب أقلهما؛ لأنه متيقن، ولأنه لو بقي من البدل

(1)

محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي كان يقال له إمام الهدى له كتاب التوحيد وكتاب المقالات وكتاب بيان أوهام المعتزلة وكتاب تأويلات القرآن وهو كتاب لا يوازيه فيه كتاب بل لا يدانيه شيئ من تصانيف من سبقه في ذلك الفن مات سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة وقبره بسمرقند.

انظر: الجواهر المضيئة للقرشي (2/ 131 - 132)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 249 - 250).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 168).

(4)

في (ب) للمشتري.

(5)

في (ب) كامل.

(6)

في البداية: قيمتها.

(7)

في (ب) نصيبها.

ص: 179

درهم يكون حصته نصف درهم، وقد يملكها أحدهما بالاستيلاد، فيستحيل أن يجب عليه نصف القيمة وهو خمسمائة درهم إذا كانت قيمتها ألف درهم، وقد وصل إليه جميع بدل نصيبه من هذه الرقبة إلا نصف درهم، فلهذا أوجبنا الأقل. كذا ذكره صدر الإسلام

(1)

.

(وإذا كان الثاني لم يطأها ولكن دبرها) أي بعدما استولدها الأول (أما عندهما

(2)

فظاهر) أي بطلان تدبير الثاني ظاهر [عندهما]

(3)

؛ لعدم الملك (لأن المستولد الأول تملكها) وانفسخت الكتابة (قبل العجز) فلا يصح تدبير الثاني؛ لأن تدبير أم ولد الغير لا يصح وإنما، يشكل على قول أبي حنيفة رحمه الله، حيث يجوز الاستيلاد من الثاني، ولا يجوز التدبير منه، والفرق أن الثانية قبل العجز هو الملك بطريق الظاهر، وذلك يكفي لثبات النسب دون التدبير، ألا ترى أنه لو اشترى أمة استولدها (ثم استحقت بطل التدبير) فبهذا افترقا

(4)

كذا ذكره الإمام المحبوبي ([وكمل]

(5)

الاستيلاد على ما بينا) أي في تعليل قول أبي حنيفة رحمه الله، وهو قوله: (وتبين أن الجارية كلها أم ولد

(1)

تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي (5/ 168) وفيه: (قال الأتقاني ثم عندهما لما صار كلها أم ولد للأول قبل العجز تبقى مكاتبة ولكن اختلف المشايخ قال بعضهم بنصف بدل الكتابة وقال بعضهم بجميع بدل الكتابة والأول قول الشيخ الإمام أبي منصور الماتريدي؛ لأن الكتابة لما انفسخت في نصيب الثاني سقط نصف بدل الكتابة وحصلت البراءة عن نصف البدل فصارت مكاتبة بالنصف فصار عتقها معلقا بأداء النصف والثاني قول عامة المشايخ؛ لأن انفساخ الكتابة أمر ضروري ثبت في حق التمليك ضرورة تكامل الاستيلاد فلا يظهر فيما عدا ذلك أعني في حق سقوط نصف بدل الكتابة فيبقى العقد الأول كما كان، ولهذا جعل أبو يوسف ومحمد ذلك بمنزلة تملك المكاتبة،. . . . .).

(2)

أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

توضيح المسألة وإذا كان الثاني لم يطأها ولكن دبرها أي بعدما استولدها الأول ثم عجزت بطل التدبير؛ لأنه لم يصادف الملك أما عندهما أي عند أبي يوسف ومحمد فظاهر لأن المستولد تملكها قبل العجز فانفسخت الكتابة قبل التدبير فلا يصح تدبيره. وأما عند أبي حنيفة رحمه الله فلأنه بالعجز تبين أنه تملك نصيبه من وقت الوطء فتبين أنه أي التدبير مصادف ملك غيره، والتدبير يعتمد الملك أي غير المدبر في التدبير يعتمد ظاهر الملك، فلا يصح بدونه.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 436).

(5)

في (ب) وكل.

ص: 180

[للأول]

(1)

؛ لأنه زال المانع من الانتقال) لقيام المصحح وهو الملك في المكاتبة (وهذا قولهم جميعا) لأن استيلاده كان عند قيام الكتابة فيصح استيلاد المكاتبة بالإجماع (ووجهه ما بيناه) أي في تعليل القولين

(2)

.

وقد ذكرنا قول أبي حنيفة رحمه الله، وأما قولهما

(3)

، وهو قوله: (لأنه لما ادعى الأول صار كلها أم ولد له إلى آخره

(4)

والجواب فيه) أي في إعتاق أحد الشريكين ألقن المشترك، على الخلاف في الرجوع، فإن عند أبي حنيفة رحمه الله إذا ضمن الساكت المعتق، فالعتق يرجع على العبد، وعندهما لا يرجع العتق على العبد

(5)

.

(وفي الخيارات) فإن عند أبي حنيفة رحمه الله[إذا ضمن الشريك]

(6)

الساكت بين الخيارات الثلاث إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد، وإن شاء ضمن شريكه قيمة نصيبه، وعندهما ليس له إلا الضمان مع اليسار والسعاية، مع الإعسار وغيرها، وهو الولاء، وترديد الاستسعاء

(7)

، فإن عند أبي حنيفة رحمه الله إن أعتق الساكت، أو استسعى فالولاء بينهما، وإن ضمن المعتق فالولاء للمعتق، وعندهما الولاء للمعتق في الوجهين جميعا، أعني تضمين المعتق، وأستسعى العبد.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 203).

(3)

أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.

(4)

تكملة قوله إلى آخره: لأنه لما ادعى الأول الولد صارت كلها أم ولد له لأن أمومية الولد يجب تكميلها بالإجماع ما أمكن، وقد أمكن بفسخ الكتابة لأنها قابلة للفسخ فتفسخ فيما لا تتضرر به المكاتبة وتبقى الكتابة فيما وراءه، بخلاف التدبير لأنه لا يقبل الفسخ، وبخلاف بيع المكاتب لأن في تجويزه إبطال الكتابة إذ المشتري لا يرضى ببقائه مكاتبا. وإذا صارت كلها أم ولد له فالثاني وطئ أم ولد الغير.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 261).

(5)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 437).

(6)

في (ب) فالشريك.

(7)

استسعاء: استسعاء العبد إذا عتق بعضه ورق بعضه هو أن يسعى في فكاك ما بقي من رقه فيعمل ويكسب ويصرف ثمنه إلى مولاه، فسمي تصرفه في كسبه سعاية.

انظر: لسان العرب (14/ 386)، القاموس المحيط (1/ 1295).

ص: 181

وأما ترديد الاستسعاء فإنهما لا يريان الاستسعاء مع اليسار، ويقولان: إن كان المعتق موسرا يضمن نصيب الساكت، وإن كان معسرا يسعى العبد لنصيب الساكت

(1)

.

وأبو حنيفة رحمه الله يراه كما هو مسألة يتجزأ الإعتاق فإنه إذا أعتق نصف عبد مشترك بينهما يعتق نصيبه عند أبي حنيفة رحمه الله لا غير، وعندهما يعتق الكل، يعني كما أن مسألة يجري الإعتاق وعدمه على الخلاف، فكذلك هذه الأشياء الثلاثة وهي الرجوع، والخيارات، والولاء على الخلاف أيضا، [فكان]

(2)

فيه إشارة إلى أن الخلاف في هذه الأشياء الثلاثة بناء على مسألة تجزى الإعتاق وعدمه.

(فأما قبل العجز فليس له أن يضمن المعتق عند أبي حنيفة رحمه الله) يعني إنما قيد حكم الضمان لعجز المكاتبة في المسألة بقوله: (وإن كانا كاتبها ثم أعتقها أحدهما وهو موسر، ثم عجزت ضمن المعتق لشريكه إلى آخره (

(3)

من أصل أبي حنيفة رحمه الله أن العتق يتجزأ فكان إعتاق نصف المكاتبة لا يورث الفساد في نصف الساكت زيادة على ما أوردته الكتابة ما دامت مكاتبة؛ لأن أثر إعتاق النصف عنده أن يصير النصف الآخر بمنزلة المكاتب، وهي كانت مكاتبة قبل الإعتاق، فكان إعتاق المعتق محققا لكتابتها فلا يضمن المعتق قبل العجز؛ لأنه لا يظهر أثر الإعتاق فيها؛ لبقاء نصيب الساكت كما كان، فإذا عجزت حينئذ ظهر أثر الإعتاق فيها؛ لأنه لما عجزت المكاتبة وصارت أمة أوجب الإعتاق السابق فسادا في نصيب الساكت، كما يوجب في

(1)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 204)، البناية شرح الهداية (10/ 437).

(2)

في (ب) وكان.

(3)

وإن كانا كاتباها ثم أعتقها أحدهما وهو موسر ثم عجزت يضمن المعتق لشريكه نصف قيمتها ويرجع بذلك عليها عند أبي حنيفة، وقالا: لا يرجع عليها.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 262).». [لأن] ساقطة من (ب).

ص: 182

[الهبة]

(1)

وهو أنه أفسد عليه باب التمليك بالبيع والهبة وغيرها، وهو فساد فيها، وصار ذلك الإعتاق السابق تعديا الآن فيضمن لصاحبه نصف قيمتها ويرجع عليها بما ضمن [لما]

(2)

ذكرنا من أصله أن المعتق إذا ضمن يرجع بذلك على العبد؛ لأن الباقي لم يعتق بإعتاقه وإنما يعتق بالضمان، ومنفعة أدائه يعود إليها فيرجع عليها (وعندهما لما كان الإعتاق لا يتجزأ بعتق الكل) للحال، وانعدم قيمة نصيبه للحال أيضا ولا يرجع عليها بما [غرم؛ لأن الكل]

(3)

عتق بإعتاقه عندهما؛ لأن الإعتاق لا يتجزأ.

(4)

كذا في شروح

(5)

الجامع الصغير

(6)

البيع وأشباهه، وهي: الهبة، والصدقة، والإرث، والوصية، والاستخدام، وأمثاله، وهي: الإجارة، والعارية، [والوطئ]

(7)

والإعتاق، وتوابعه وهي: الكتابة، والاستيلاد [والتدبير]

(8)

، والإعتاق على مال (وإذا ضمنه لا يتملكه بالضمان) وهذا الضمان ضمان حلوله لا ضمان تملك كما في غصب المدبر وذكر الإمام قاضي خان وقيمة أم الولد ثلث قيمتها قنا؛ لأن منافع المملوك ثلاثة: الاستخدام، والاسترباح بالبيع، وقضاء الديون من ماليته بعد الموت، وبالتدبير تفوت [منفعة واحدة وهي]

(9)

منفعة الاسترباح، [فينتقض ثلث قيمته، وبالاستيلاد تفوت منفعتان منفعة الاسترباح]

(10)

،

(1)

في (أ) القنة وفي (ب) الهبة ولعل الأولى ما ذكر في (ب).

(2)

في (أ) إنما وفي (ب) لما.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 204)، البناية شرح الهداية (10/ 437).

(5)

في (ب) شرح.

(6)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (3/ 9)، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (4/ 262).

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

ساقطة من (أ).

(9)

ساقطة من (ب).

(10)

ساقطة من (ب).

ص: 183

ومنفعة قضاء الديون بعد الموت، وتبقى منفعة واحدة وهي منفعة الاستخدام، فيوزع القيمة على ذلك.

(وإن أعتقه أحدهما أولا كان للآخر الخيارات (

(1)

.

(فإذا دبر لم يبق له خيار التضمين) و لأنه بمباشرة التدبير يصير مشتريا للمعتق عن الضمان لمعنى وهو أن نصيبه كان قنا حتى أعتق العتق، فكان تضمينه إياه متعلقا بشرط تمليك العين بالضمان، وقد فوت ذلك بالتدبير بخلاف الأول، فهناك نصيبه كان مدبرا حين

(2)

أعتق المعتق فلا يكون شرط التضمين تمليك العين منه. كذا ذكره الإمام المحبوبي رحمه الله.

(3)

فإن قلت: لا يشترط تمليك العين في جميع الضمانات بل يكون الضمان بدون تمليك لعين كما في غصب المدبر فلم [أشترط]

(4)

هاهنا وهو فيما إذا أعتقه أحد الشريكين أولا ثم دبره الآخر تمليك [العتق]

(5)

في حق التضمين، بل كان ينبغي أن يضمن المدبر للمعتق؛ لأن المعتق أتلف مالية العبد بالإعتاق، كما إذا قدم المدبر تدبيره على إعتاق المعتق حيث يضمن المدبر المعتق لهذا. فيبقى على الأصل.

(1)

وإن أعتقه أحدهما أولا كان للآخر الخيارات الثلاث عنده، فإذا دبره لم يبق له خيار التضمين وبقي خيار الإعتاق والاستسعاء لأن المدبر يعتق ويستسعى "وقال أبو يوسف ومحمد: إذا دبره أحدهما فعتق الآخر باطل" لأنه لا يتجزأ عندهما فيتملك نصيب صاحبه بالتدبير.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 263).» أي الخيارات (الثلاث) وهي: خيار التضمين، وخيار الإعتاق، وخيار الاستسعاء انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (5/ 169)، العناية شرح الهداية (9/ 203).

(2)

في (ب) حتى.

(3)

البناية شرح الهداية (10/ 439).

(4)

في (ب) يشترط.

(5)

في (ب) العين.

ص: 184

قلت: إعلم أن التدبير إذا كان سابقا، فالمحل وقت الإعتاق لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك، فثبت له ولاية تضمين المعتق لا بشرط التمليك. أما إذا كان الإعتاق سابقا فالمحل وقت الإعتاق كان قابلها للنقل من ملك إلى ملك، فيثبت له ولاية التضمين بشرط النقل، فإذا دبره بعد ذلك تعذر النقل فيتعذر التضمين؛ لأن حق التضمين ثبت مقيدا بهذا الشرط، وهو نظير ما لو غصب الرجل عبدا فدبره المولى، ثم أبق أو مات لا يكون له حق التضمين؛ لأن حق التضمين [ثبت]

(1)

بشرط التمليك [وإذا]

(2)

فات الشرط تعذر التضمين.

أما لو غصب مدبرا فأبق، أو مات ضمن الغاصب؛ لأن حق التضمين ثبت لا بشرط التمليك؛ لأنه لم يكن محلا للتمليك وقت الغصب كذا في الجامع الصغير لقاضي خان

(3)

.

فحصل من هذا كله أن الضمان تعلق بالتمليك إذا كان المحل يحتمل التمليك، كما إذا سبق الإعتاق، أو غصب ألقن فمات، أو أبق فيهما وأما إذا كان المحل لا يحتمل التمليك فيعلق الضمان بمجرد الحيلولة بين المالك والمملوك لا بالتمليك (كما إذا غصب مدبرا فأبق)

(4)

أو مات وأما إذا علق الضمان في أصله بالتمليك ثم اعترض فيه ضمان الحيلولة، ترى الضامن لضمان التمليك عن ضمانه؛ لأن شرط التضمين لم يبق، وهو فيما إذا غصب الغاصب ألقن فدبره المالك لم يبق الغاصب ضامنا؛ لأن ضمانه في الابتداء انعقد بشرط التمليك فلم يبق ذلك الشرط، فلا يبقى المشروط وهو الضمان بخلاف ما إذا غصب المدبر

(1)

في (أ) سبب وفي (ب) ثبت.

(2)

في (أ) إذا وفي (ب) وإذا.

(3)

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (1/ 511).

(4)

وأما إذا لم يكن المحل قابلا له وقت الإعتاق كما إذا تقدم التدبير فالضمان يتعلق بمجرد الحيلولة بين المالك والمملوك لا بالتمليك، فإذا اعترض ضمان الحيلولة على ما تعلق بالتمليك سقط الضمان لفوات شرطه، فصار مفوت الشرط بتفويته مبرئا لصاحبه عما لزمه، وبقي له خيار الإعتاق والاستسعاء لأن المدبر يعتق ويستسعى.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 205).

ص: 185

ابتداء، حيث يبقى ضامنا؛ لأن ضمانه انعقد لا بشرط التمليك فيبقى كذلك، فكان غاصب المدبر ومعتق المدبر من أحد الشريكين بمنزلة من له أرض خراج فعطلها عن الزراعة مع [تملكه]

(1)

للزراعة يجب عليه الخراج؛ لتفويته النماء التقديري؛ لأن وجوب الخراج هنا متعلق بالنماء التقديري فأنزل صاحب الأرض منزلة صاحب النماء الحقيقي في حق وجوب الخراج؛ لأنه هو الذي فوته باختياره، فكذلك هاهنا أنزل غاصب المدبر، ومعتق المدبر منزله المتملك للمدبر في حق الضمان.

وأما إذا زرعها ونبت الزرع، ثم أصطلم

(2)

الزرع آفة لا يجب عليه الخراج؛ لأنه لما زرع تعلق وجوب الخراج بالنماء الحقيقي وهو حقيقة الخارج، فلما هلك الخارج لم يبق وجوب الخراج؛ لأن وجوب [الخراج]

(3)

في هذه الصورة تعلق بالنماء الحقيقي فلما لم يبق النماء الحقيقي [فات]

(4)

شرط وجوب الخراج ففات المشروط، وهو وجوب الخراج، فكان هذا نظير من أعتق أحد الشريكين ثم دبره الآخر، أو غصب ألقن، ثم دبره المالك؛ لأن المعتق حين أعتق كان ضامنا بشرط ضمان التمليك، فلما دبره الآخر خرج ضمانه عن ضمان التمليك فلم يبق ذلك الشرط، فلا يبقى المشروط وهو الضمان، كما في اصطلام الزرع في الخراج.

وقال الإمام المحبوبي رحمه الله: هذا الذي ذكرنا [كله]

(5)

قول أبي حنيفة رحمه الله، وأما على قولهما

(6)

التدبير لا يتجزأ، فإذا دبر أحدهما أولا كان الكل مدبرا له

(1)

في (أ) تمكنه وفي (ب) تملكه.

(2)

اصطلم: أي استأصلته، والاصطلام: الاستئصال، وهو القلع من الأصل. واسطلم الزرع آفة: أي استأصله حر شديد أو برد شديد أو نحو ذلك فلا خراج.

انظر: لسان العرب (1/ 800)، العناية شرح الهداية (6/ 39)، البناية شرح الهداية (7/ 232).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) فإن.

(5)

في (ب) أصله.

(6)

أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.

ص: 186

وهو ([ضامن]

(1)

نصف قيمته) لشريكه (موسرا كان أو معسرا) لأنه يملك نصيب صاحبه وإعتاقه الآخر بعد ذلك باطل (وإن أعتقه أحدهما) أولا فهو حر كله من قبله (فتدبير الآخر) بعد ذلك (باطل (

(2)

[والله تعالى أعلم]

(3)

.

(1)

في (ب) من.

(2)

لأن الإعتاق لا يتجزأ.» وإن كان المعتق موسرا ضمن نصف قيمته لشريكه، وإن كان معسرا يسعى الغلام في نصف قيمته انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (4/ 239).

(3)

ساقطة من (أ).

ص: 187

[باب موت المكاتب، وعجزه، وموت المولى]

(1)

تأخر باب أحكام هذه الأشياء وهي موت المكاتب، وعجزه، وموت المولى ظاهر التناسب؛ لأن هذه الأشياء متأخرة عن عقد الكتابة، فكذا بيان أحكامها.

اعلم أن المكاتب إذا مات عن مال وعليه دين أو جناية وله أولاد أحرار من امرأة حرة، وأولاد ولدوا في المكاتبة من أمته، وأولاد اشتراهم، بدأ بالدين، ثم بالجناية، ثم بالكتابة؛ لأن الحقوق قد اجتمعت في [المعين]

(2)

، وتفاوتت في القوة، يبدأ بالأقوى فالأقوى

(3)

كما يبدأ في التركة بالجهاز، ثم بالدين، ثم بالوصية، وأصله قوله تعالى:{وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: 3].

والدين أقوى من الجناية؛ لأنه كان مالا متقررا في ذمته في حياته والجناية لا تتعلق بذمته إلا بقضاء القاضي أو بفوت الدفع بموته والمال خلف عن ذمته في ثبوت الحق فيه فما كان أسبق تعلقا بذمته، وكان متقررا في نفسه فهو أقوى، ثم الجناية أقوى من الكتابة؛ لأن الكتابة ليست بدين متقرر، فإنه يتمكن من إسقاطها عن نفسه بأن يعجز نفسه.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

في (ب) العين.

(3)

من الْأُصُول الَّتِي عَلَيْهَا مدَار كتب الْحَنَفِيَّة إِن الْحَادِثَة إِذا وَقعت وَلم يجد المؤول فِيهَا جَوَابا ونظيرا فِي كتب أَصحَابنَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَه أَن يستنبط جوابها من غَيرهَا إِمَّا من الْكتاب أَو من السّنة أَو غير ذَلِك مِمَّا هُوَ الْأَقْوَى فالأقوى فَإِنَّهُ لَا يعد وَحكم هَذِه الْأُصُول.

انظر: قواعد الفقه (ص: 22).

ص: 188

والضعيف لا يزاحم القوي

(1)

، فلهذا قدمت الجناية، ثم بعد هذا الكتابة، وإذا أديت الكتابة حكم بحريته في حال حياته [وحرية]

(2)

كل من كان تبعا له في الكتابة، فلهذا كان الباقي ميراثا لجميع أولاده كذا في باب [موت]

(3)

المكاتبة من عتاق المبسوط

(4)

.

[لنجمه]

(5)

(6)

هو الطالع، ثم سمي الوقت المضروب، ومنه قول الشافعي رحمه الله:

(1)

[الضعيف - القوي]

أولًا: ألفاظ ورود القاعدة:

الضعيف لا يفسد القوي.

وفي لفظ: "الضعيف لا يظهر في مقابلة القوي".

وفي لفظ: "الضعيف لا يعارض القوي".

وفي لفظ: "الضعيف لا ينوب عن القوي".

وفي لفظ: "الضعيف لا يدفع القوي ولكن يندفع به".

وفي لفظ: "لا يظهر الضعيف في مقابلة القوي"، وتأتي في قواعد حرف لا - إن شاء الله.

معنى هذه القواعد ومدلولها.

الأحكام الشرعية والأدلة الشرعية ليست كلها في رتبة واحدة، ولكن بعضها أقوى من بعض، إذ منها الحكم الذي هو ضعيف في أثره أمام حكم آخر أقوى منه في أثره.

فمفاد هذه القواعد: أن الحكم الضعيف في أثره لا عمل له بجانب ذي.

انظر: موسوعة القواعد الفقهية (6/ 266).

(2)

في (أ) وحيات وفي (ب) وحرية والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

في (ب) موات.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 216).

(5)

في (ب) لنجم.

(6)

التنجيم لغة: مصدر نجم يقال: نجمت المال عليه إذا وزعته، كأنك فرضت أن يدفع عند طلوع كل نجم نصيبا، ثم صار متعارفا في تقدير دفعه، بأي شيء قدرت ذلك. وكانت العرب تؤقت بطلوع النجوم؛ لأنهم ما كانوا يعرفون الحساب. وإنما يحفظون أوقات السنة بالأنواء، وكانوا يسمون الوقت الذي يحل فيه الأداء نجما لوقوعه في الأصل في الوقت الذي يطلع فيه النجم، واشتقوا منه فقالوا: نجمت الدين بالتثقيل إذا جعلته نجوما.

ويطلق التنجيم أيضا على النظر في النجوم.

واصطلاحا: هو علم يعرف به الاستدلال بالتشكلات الفلكية على الحوادث السفلية. ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن هذه المعاني.

انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (14/ 52).

ص: 189

أقل التأجيل نجمان

(1)

، أي شهران، ثم سمي به ما يؤدي فيه من الوظيفة، ومن حديث: عمر رضي الله عنه «أنه حط عن مكاتب له أول نجم حل عليه»

(2)

، أي أول وظيفة من وظائف بدل الكتابة، ثم اشتقوا منه، فقالوا: نجم الدية أداها نجوما، ومنه قول التنجيم ليس بشرط، ويقول: نجمت المال إذا أديته نجوما نجوما، قال زهير

(3)

(4)

:

[شعر]

ينجمها قوم لقوم غرامة

ولم يهريقوا بينهم ملء محجم

(5)

.

كذا في الصحاح

(6)

والمغرب

(7)

. (كإمهال الخصم الدفع) فإن المدعي عليه إذا [توجه]

(8)

عليه الحكم فادعى الدفع وقال لي بينة حاضرة أنه يؤخر يوما، أو يومين، أو

(1)

انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب (19/ 342)، النجم الوهاج في شرح المنهاج (10/ 537).

(2)

عن بن عباس أن عمر رضي الله عنه كاتب عبدا له يكنى بأبي أمية فجاءه بنجمه حين حل فقال أذهب فاستعن به في مكاتبتك فقال يا أمير المؤمنين لو تركته حتى يكون آخر نجم قال إني أخاف ألا أدرك ذلك ثم قرأ {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} قال عكرمة وكان أول نجم أدى في الإسلام.

أخرجه البيهقي في سننه الكبري (10/ 329) كتاب المكاتب باب ما جاء في تفسير قوله عز وجل {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} حديث رقم 21460، وابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 388) كتاب الجهاد من كان يحط عن المكاتب أول نجمة رقم 21345.

(3)

هو: زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رياح المزني، من شعراء الجاهلية وحكمائهم، ولد في "مزينة" ونشأ في أسرة أدب وشعر فكان أبوه شاعرا وخاله شاعرا وأخته سلمى شاعرة، وكذلك ابنه كعب صاحب "بانت سعاد".

انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة الدينوري (1/ 137)، الأعلام للزركلي (3/ 52).

(4)

هذا هو تعريف التنجيم لغة كما جاء في كتب اللغة العربية.

وأما اصطلاحا: هو علم يعرف به الاستدلال بالتشكلات الفلكية على الحوادث السفلية (2). ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن هذه المعاني.

انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (14/ 52).

(5)

انظر: جمهرة أشعار العرب لأبي اليزيد القرشي (91).

(6)

انظر: الصحاح للجوهري (5/ 2039).

(7)

انظر: المغرب للخوارزمي (457).

(8)

في (أ) قومه وفي (ب) توجه والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 190

ثلاثة لا يزاد عليه، وجعلوا

(1)

هذا التقدير من باب التعجيل دون التأخير. فكذا هاهنا كذا ذكره الإمام المحبوبي

(2)

.

والأصل فيه قصة موسى عليه السلام مع معلمه، حيث قال في الثالثة:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}

(3)

وكذلك قدر صاحب الشرع مدة الخيار ثلاثة أيام للاختيار إذا توالا على المكاتب نجمان رد في الرق علقه بهذا الشرط، والمعلق بالشرطين لا ينزل عند وجود أحدهما

(4)

(5)

.

(1)

يعني إن لم يكن له مال سيصل في ثلاثة أيام فسخ القاضي الكتابة أو فسخ المولى برضا المكاتب وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وقال أبو يوسف لا يعجزه حتى يتوالى عليه نجمان.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 226)، البناية شرح الهداية (10/ 442)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (5/ 169).

(2)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 442).

(3)

سورة [الكهف: 78].

(4)

القاعدة: المعلق بالشرط أو الشرطين.

أولا: ألفاظ ورود القاعدة:

المعلق بالشرط لا يثبت حكمه في بعض المحل بوجود بعض الشرط.

ومنها: المعلق بالشرط لا ينزل إلا بعد وجود الشرط بكماله.

ومنها: المعلق بالشرطين ينزل عند وجودهما من غير مراعاة الترتيب.

ثانيا: معنى هذه القواعد ومدلولها:

هذه القواعد مع اختلاف ألفاظها فمدلولها متحد.

ومفادها: أن الشرط المعلق عليه قد يكون شيئا واحدا وقد يكون متعددا

وبناء على ذلك فإنه إذا كان الشرط متعددا فإنه لا يثبت حكمه إلا إذا وجد الشرط بتمامه وكماله، ولا يثبت حكم الشرط في جزء من المحل أو بعضه إذا وجد بعض الشرط. بل لا بد من تحقق الشرط كله واحدا أو متعددا.

وإذا كان المعلق عليه شرطين أو أكثر فلا يشترط لتحقق الحكم وقوعهما مترتبين، بل إن شرط تحقق الحكم وقوع الشرطين أو الشروط وتحققها سواء وقعا بترتيب أو غير ترتيب إلا إذا كان الشرط الثاني مترتبا وقوعه على الشرط الأول فيجب الترتيب وإلا لم يقع الحكم.

انظر: موسوعة القواعد الفقهية (10/ 764 - 765).

(5)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 206)، البناية شرح الهداية (10/ 442).

ص: 191

كذا ذكره فخر الإسلام رحمه الله

(1)

.

وأولى المدد ما توافق عليه العاقدان، يعني أنه إذا تم النجم الأول صار المال حالا، والعجز عن البدل في الحال لا يثبت إلا بعد ضم تأجيل مدة تحقيقا (لإبلاء الأعذار)[وتمكينا]

(2)

له من الأداء ([وأحق الآجال ما تواضع]

(3)

عليه العاقدان) فإن مضى النجم الثاني ولم يؤد المال تحقق العجز عن أدائها فيفسخ لوجود مدة التأجيل التي اتفق عليها العاقدان

(4)

(فيفسخ إذا لم يكن راضيا بدونه) أي فيفسخ المولى الكتابة إذا لم يكن راضيا لبقاء الكتابة بعد ذلك النجم الذي شرطه، أو فيفسخ القاضي إذا لم يكن المولى راضيا بدون ذلك النجم على ما ذكرنا من اختلاف الروايتين من الذخيرة

(5)

أن المكاتب إذا عجز عن أداء بدل الكتابة، وأراد المولى أن يفسخ -وإن لم يرض المكاتب بالفسخ- فيفسخ المولى العقد بنفسه، ففيه روايتان، في رواية لا يصح فسخه، ويحتاج فيه إلى قضاء القاضي، وفي رواية يصح فسخه، والآثار متعارضة، هذا جواب عما تمسك به أبو يوسف رحمه الله بقول: علي رضي الله عنه،

(6)

فإن الأثر المروي عن ابن عمر -رضي الله

(1)

فخر الإسلام هو: علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد أبو الحسن المعروف بفخر الإسلام البزدوي الفقيه الإمام الكبير بما وراء النهر صاحب الطريقة على مذهب أبي حنيفة أبو العسر ومن تصانيفه المبسوط إحدى عشر مجلدا وشرح الجامع الكبير والجامع الصغير وله في أصول الفقه كتاب كبير مشهور ومفيد توفي سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة رحمه الله تعالى.

انظر: الجواهر المضية للقرشي (1/ 372)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 205»، الأعلام للزركلي (4/ 328).

(2)

في (ب) وتمكنا.

(3)

في الهداية شرح بداية المبتدي: وأولى المدد ما توافق.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 264).

(4)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 206).

(5)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 104).

(6)

عن علي قال إذا تتابع على المكاتب نجمان فدخل في السنة فلم يؤد نجومه رد في الرق.

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 394) كتاب الجهاد من رد المكاتب إذ عجز رقم 21413، والبيهقي في سننه (10/ 342) كتاب العتق باب عجز المكاتب رقم 21549.

درجة الأثر: إسناده ضعيف من أجل الحارث وفيه أيضا تدليس الحجاج وقد عنعن.

ص: 192

عنهما

(1)

يعارض على ما ذكره في الكتاب (فسقط الاحتجاج بها) أي بالآثار المتعارضة؛ لأن الحديثين إذا تعارضا وجهل تاريخها يسقطا فيصار إلى ما بعدهما من الحجة فبقي ما قالا من الدليل بقوله: إن شئت الفسخ قد تحقق إلى آخره سالما عن المعارض فيثبت الفسخ به، وبقوله: إن في حديث علي رضي الله عنه بيان أن حق الفسخ يثبت للمولى بكسر نجمين وليس فيه نفي حق الفسخ [عند]

(2)

كسر نجم واحد، بل هو مسكوت عنه فيكون موقوفا إلى قيام الدليل وقد قام الدليل وهو ما روينا من حديث ابن عمر رضي الله عنهم، فإن ذلك كالمروي عن النبي عليه السلام؛ لأن ما يقوله الصحابي من المقادير يحمل على السماع لأنه لا يدركه القياس إلى هذا أشار الإمام المحبوبي

(3)

.

[الحكم لو أخل المكاتب بنجم]

يقال: أخل الفارس بمركزه إذا ترك موضعه الذي عينه له الأمير، ثم استعمل أخل هاهنا في ترك أداء وظيفة بدل الكتابة في الوقت الذي اتفقا على تعيينه في أدائها (عند غير السلطان (

(4)

وفي حديث علي رضي الله عنه وهو «قوله: إذا اجتمع على المكاتب نجمان قد خلا رد في الرق»

(5)

وكذلك في حديث ابن عمر رضي الله عنهما

(1)

في (ب) لا.

(2)

تكملة المسألة: فإن أخل بنجم عند غير السلطان فعجز فرده مولاه برضاه فهو جائز؛ لأن الكتابة تفسخ بالتراضي من غير عذر، فبالعذر أولى. ولو لم يرض به العبد لا بد من القضاء بالفسخ؛ لأنه عقد لازم تام فلا بد من القضاء أو الرضاء كالرد بالعيب بعد القبض.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 264).

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (2/ 97)، العناية شرح الهداية (2/ 188).

(4)

في (ب) عن.» أي عند غير القاضي (ولو لم يرض به العبد لا بد من القضاء بالفسخ).

وفي المبسوط انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 207).

(5)

أخرجه بن أبي شيبة، كتاب البيوع والأقضية، باب من رد المكاتب إذا عجز، حديث رقم [21413].

انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4/ 394).

درجة الحديث: سنده ضعيف.

قال الحافظ في "التلخيص"(4/ 217): "قال ابن أبي شيبة: أخبرنا عباد بن العوام عن حجاج عن حصين الحارثي عن علي قال: "إذا تتابع على المكاتب نجمان، فلم يؤد نجومه، رد إلى الرق".

قلت: وهذا سند ضعيف، من أجل الحجاج وهو ابن أرطاة، فإنه مدلس وقد عنعنه.

انظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (6/ 180).

ص: 193

دليل على أن للمولى أن يفسخ الكتابة عند عجز المكاتب من غير أن يحتاج فيه إلى المرافعة إلى القاضي فيكون حجة على ابن أبي ليلى؛ لأنه يقول: لا يرد في الرق إلا بقضاء القاضي، فإن العجز لا يتحقق بدون القضاء؛ [فإن]

(1)

المال [غاد]

(2)

ورائح، وجعل هذا العجز نظير العين عن الوصول إلى امرأته ثم الفرقة هناك لا تكون إلا بقضاء القاضي، ولكنا نقول

(3)

: العقد تم بتراضيهما، والمولى [ما]

(4)

رضي بلزوم هذا العقد إلا بشرط، فإذا فات عليه ذلك الشرط يتمكن من فسخه؛ [لانعدام]

(5)

رضاه به بخلاف النكاح فإنه لا يعتمد تمام الرضاء، وبخلاف الرد بالعيب بعد القبض؛ لأن المشتري يتفرد بالرد بالعيب قبل القبض؛ لفوت شرطه، فهو أصل لنا. فأما بعد القبض وقد قامت الدلالة لنا على تمام الصفقة بالقبض، وبعد تمام الصفقة لا يتفرد بالفسخ لحاجته إلى نقض القبض التام، ونقل الضمان إلى البائع

(6)

.

وقد ذكرنا اختلاف الروايتين من الذخيرة

(7)

فيما إذا عجز المكاتب عن أداء بدل الكتابة، ولم يرض بالفسخ، ففسخ المولى العقد بنفسه ففيه روايتان: في رواية لا يصح فسخه بدون قضاء القاضي به وفي رواية يصح.

وجه الرواية التي قال القاضي: ليس بشرط إن هذا عيب تمكن في أحد العوضين قبل تمام العقد؛ لأن تمام الكتابة بالأداء، لأن تمام العقد لوقوع الفراغ عن استيفاء أحكامه،

(1)

في (ب) لأن.

(2)

في (أ) غال وفي (ب) غد والصحيح ما ذكر في ب.

(3)

أي يقول السرخسي في المبسوط.

(4)

في (ب) لما.

(5)

في (ب) لا يعدم.

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 208).

(7)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 104).

ص: 194

فيشبه من هذا الوجه بما لو وجد المشتري معيبا قبل القبض، وهناك ينفرد المشتري بالفسخ ولا يحتاج فيه إلى قضاء القاضي، فهنا كذلك.

وجه الرواية الأخرى: أن هذا عيب تمكن في أحد العوضين [بعد]

(1)

القبض؛ لأن المكاتب يعقد المكاتبة فصار [عوضا]

(2)

في يده، فأشبه من هذا الوجه ما لو وجد المشتري بالمشترى عيبا بعد القبض، وهناك المشتري لا يتفرد بالفسخ، كذا [هنا]

(3)

(4)

.

(لأنه كان موقوفا عليه) أو على مولاه لأنه إن أدى بدل الكتابة فكسبه للمكاتب، وإن عجز فللمولى (فهو ميراث لورثته (

(5)

في العتق من أحداث قوة المالكية، وذلك لا يتصور في الميت، ولا يجوز أن يستند العتق إلى حال حياته؛ لأن المعتق بالشرط لا يسبق الشرط، وفي إسناده إلى حال حياته إثبات العتق المعلق بالشرط قبل وجود الشرط وهو الأداء، وهذا بخلاف ما إذا مات المولى؛ لأن المولى ليس بمعقود عليه،

(1)

في (ب) قبل.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (أ) هناك وفي (ب) هنا والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 104 - 105).

(5)

لأنه: أي لأن الكسب: كان موقوفا عليه أو على مولاه: لأنه إن أدى بدل الكتابة فهو له وإلا فلمولاه.» أي لورثته الأحرار (ويعتق أولاده) أي أولاد المولودون في حال الكتابة، أو المشترون في حال الكتابة.

[الحكم لو مات المكاتب وله مال]

(إما أن يثبت) أي العتق (لا وجه إلى الأول (المسألة كاملة: قال: "فإن مات المكاتب وله مال لم تنفسخ الكتابة وقضى ما عليه من ماله وحكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته وما بقي فهو ميراث لورثته ويعتق أولاده" وهذا قول علي وابن مسعود رضي الله عنهما، وبه أخذ علماؤنا رحمهم الله. وقال الشافعي رحمه الله: تبطل الكتابة ويموت عبدا وما تركه لمولاه، وإمامه في ذلك زيد بن ثابت رضي الله عنه ولأن المقصود من الكتابة عتقه وقد تعذر إثباته فتبطل، وهذا لأنه لا يخلو إما أن يثبت بعد الممات مقصودا أو يثبت قبله أو بعده مستندا، لا وجه إلى الأول لعدم المحلية، ولا إلى الثاني لفقد الشرط وهو الأداء، ولا إلى الثالث لتعذر الثبوت في الحال والشيء يثبت ثم يستند.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 264).» وهو أن يعتق المكاتب بعد الموت، لعدم المحلية، وذلك لأن الميت ليس محل للعتق ابتداء [لما] في (أ) المدة وفي (ب) لما والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 195

بل هو عاقد والعقد يبطل بهلاك المعقود عليه لا بموت العاقد؛ ولأنه لو بقى العقد بعد موت المولى يعتق بالأداء إلى الوراثة، وصار المولى [معتقا]

(1)

له ويجوز أن يكون الميت معتقا [ولا يجوز أن يكون معتقا]

(2)

.

ألا ترى أنه لو قال لعبده: أنت حر بعد موتي كان صحيحا، ولو قال: بعد موتك كان لغوا، وكذلك لو أوصى بأن يعتق عبده بعد موته كان صحيحا، وإذا أعتق كان المولى هو المعتق حتى يكون الولاء له

(3)

.

(ولنا أنه عقد معاوضة) قيد به احتراز عن [النكاح، والوكالة وغيرهما (لا يبطل بموت أحد المتعاقدين) وقيد به احتراز عن]

(4)

عقد الإجارة لأن عقد الإجارة عقد معاوضة، ولكن يبطل بموت أحد المتعاقدين، وعقد الكتابة عقد معاوضة لا يبطل بموت المولى ينبغي أن لا يبطل بموت العاقد الآخر أيضا كالبيع، وعكسه الإجارة

(5)

.

ثم إنما قلنا: إذا لم ينفسخ [بموت]

(6)

أحد العاقدين ينبغي أن لا يفسخ بموت العاقد الآخر كما في البيع، [قضيته مطلق]

(7)

المعاوضة التسوية بين المتعاقدين، والخصم لا ينازع في هذا ولكنه يدعي أن في موت المكاتب فوات المعقود عليه، وليس كذلك فإن المعقود عليه ما يسلم للعاقد بمطلق العقد، والرقبة لا يسلم له بمطلق العقد أما

(1)

ف (أ) متعلق وفي (ب) معتقا والصحيح ما ذكر في (ب).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 208).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

والجامع بينهما، أي بين موت المولى وموت المكاتب في عدم البطلان، الحاجة إلى إبقاء العقد لإحياء الحق، يعني إذا جاز إبقاء العقد بعد موت المولى لحاجته إليه ليصل إلى مقصوده وهو الولاء، فكذا يجوز إبقاء العقد بعد موت المكاتب لحاجته ليصل إلى مقصوده، وهو شرف الحرية.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 447).

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

في (ب) لما أن قبضه.

ص: 196

السالم له [مالكية]

(1)

اليد وهي المعقود عليه، وقد سلمت [له]

(2)

بنفس العقد [وإضافته]

(3)

العقد إلى الرقبة لا يدل على أن المعقود عليه هو الرقبة، كما تضاف الإجارة إلى الدار والمعقود عليه المنفعة والرجوع عند الفساد بقيمة الرقبة، ليس لأن المعقود عليه هو الرقبة، ولكن لأن ما هو المعقود عليه لا يتقوم بنفسه وهو مالكية اليد فيصار إلى قيمة أقرب الأشياء إليه كما في الخلع يصار إلى رد المقبوض عند فساد التسمية؛ لأن ما هو المعقود عليه غير متقوم، ثم إذا جاز أن يجعل المولى بعد الموت كالحي حكما حتى يصير معتقا، فكذلك يجوز أن يبقى المكاتب حيا حكما حتى يؤدي كتابته فيصير حرا؛ وهذا لأن المملوكية أليق بحال الميت من المالكية؛ [لأن المملوكية]

(4)

عبارة عن الضعف، والمالكية ضرب قوة والضعيف بحال الميت أليق من القوة.

والدليل على جواز إبقاء المملوكية بعد موته لحاجته أن كفن العبد بعد موته على مولاه، ولا سبب لاستحقاقه عليه سوى المملوكية، والأصح أن نقول: نحن إنما نبقي المالكية بعد موت المكاتب كما بينا أن بعقد الكتابة يثبت له مالكية اليد في مكاسبه، وبه يتمكن من أداء الكتابة، فتبقى تلك المالكية بعد موته؛ لأن حاجته إلى تحصيل الحرية لنفسه فوق حاجة مولاه إلى الولاء.

فإذا جاز إبقاء المالكية بعد موت المولى لحاجته إلى الولاء، فكذلك يجوز إبقاء مالكية المكاتب بعد موته لحاجته [إلى]

(5)

الحرية ثم بقاء صفة المملوكية تكون تبعا [لا]

(6)

مقصودا

(7)

.

(1)

في (ب) فمالكية.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (ب) وإضافة العقد.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 209).

ص: 197

ومن أصحابنا من يقول: لا نجعله حرا بعد الموت، ولكنا نسند حريته إلى حال حياته؛ لأن بدل الكتابة كان في ذمته والدين بالموت يتحول من الذمة إلى التركة؛ لأن الذمة لا تبقى محلا صالحا للدين بعد الموت، ولهذا حل الأجل بالموت. وإذا تحول بدل الكتابة إلى التركة فرغت الذمة منه، وفراغ ذمة المكاتب [من حيث حريته]

(1)

.

إلا أنه لا يجوز الحكم بحريته [ما لم يصل المال إلى المولى، فإذا وصل المال إلى المولى حكم بحريته]

(2)

في آخر جزء من أجزاء حياته فإن قيل: لو قذفه قاذف بعد أداء بدل الكتابة فإنه لا يحد قاذفه عندكم، ولو حكم بحريته في حال حياته لحد قاذفه.

قلنا: هذا شيء نثبته حكما للاستحقاق الثابت بالكتابة، ولتحقق الضرورة فيه، والثابت بالضرورة لا يعدوا موضعها فلا يظهر به حريته مطلقا في حال الحياة

(3)

، ولا يصير محصنا باعتبار حرية ثبتت باعتبار الضرورة، والحد لا يجب بقذف غير المحصن، مع

(1)

الصحيح موجبة حريته كما في المبسوط.

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 209).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

القاعدة: الثابت بالضرورة

ألفاظ ورود القاعدة: الثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة أو مواضعها.

وفي لفظ: الثابت بالضرورة يتقدر بقدرها.

وفي لفظ: الثابت بالضرورة يتقدر بقدر الضرورة.

وفي لفظ: ما ثبت لعذر يزول بزواله. أو ما جاز لعذر بطل بزواله. وتأتي في حرف الميم إن شاء الله.

معنى هذه القواعد ومدلولها:

فمفاد هذه القاعدة: أنه إذا كانت الحاجة -وهي أدنى من الضرورة- تقدر بقدرها وتزول بزوالها فبطريق أولوي أن الثابت بالضرورة يقدر بقدرها ويزول بزوالها.

من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:

إن المضطر يأكل من الميتة بقدر سد رمقه أي بمقدار ما يدفع عن نفسه خطر الهلاك جوعًا.

ومنها: أن الطبيب ينظر من العورة بقدر الحاجة.

انظر: موسوعة القواعد الفقهية (2/ 543)، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (1/ 281).

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 209).

ص: 198

أن الحدود تدرأ بالشبهات والحرية تثبت مع الشبهة، فكذلك الميراث فإنه يثبت مع الشبهات ومن ضرورة الحكم بموته حرا أن يكون ما بقى من كسبه ميراثا لورثته، كذا في المبسوط

(1)

.

(حتى لزم العقد في جناية) أي جنابة المولى فإن المولى لا يتمكن من فسخه رعاية لحق العبد وأما العقد من جانب العبد غير لازم حتى [يتمكن]

(2)

من فسخ الكتابة بدون رضا المولى بالتعجيز (والموت [أنفي]

(3)

للمالكية منه) أي من الموت؛ لأن المالكية قدرة، والمملوكية عجز والموت عجز، [فكان]

(4)

بين الموت [والموت عجز]

(5)

، والمالكية منافاة.

وقوله: (أو تسند الحرية إلى ما قبل الموت (

(6)

(فينزل حيا تقديرا) كما أنزلنا الميت حيا في حق بقاء التركة على حكم ملكه فيما إذا كان عليه دين مستغرق، وفي حق التكفين والتجهيز وتنفيذ الوصايا في الثلث

(7)

، فكذا هنا أنزلناه حيا قضاء لحاجته (أو تستند الحرية بإسناد سبب الأداء) وهو عقد الكتابة.

(وإن ترك ولدا مشترى قيل له: إما أن تؤدي الكتابة حالة أو [ترد]

(8)

رقيقا).

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 208 - 209).

(2)

في (ب) يمكن.

(3)

في (أ) ينفي وفي (ب) أنفى والصحيح ما ذكر في (ب) لموافقته ما ذكر في الهداية.

(4)

في (ب) وكان.

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

أو تستند الحرية باستناد سبب الأداء الذي هو عقد الكتابة إلى ما قبل الموت.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 265)، البناية شرح الهداية (10/ 448).» إشارة إلى قول بعض أصحابنا الذي ذكره من المبسوط انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 209).

(7)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 210)، البناية شرح الهداية (10/ 448).

(8)

في (أ) ترده وفي (ب) ترد والصحيح ما ذكر في (ب) ترد.

ص: 199

اعلم أن التبعية للولد المولود أكثر من التبعية للولد المشتري، والتبعية للوالد المشتري [أكثر]

(1)

من التبعية [للوالد]

(2)

المشترى. وقد ذكرناه؛ وذلك لأن التبعية للولد المولود في الكتابة ثابت بالملك والبعضية الثابتة حقيقة وقت ثبوت العقد إلى آخره

(3)

على ما ذكرنا، ولهذا يملك المولى إعتاقه بخلاف ساير الكتابة فيثبت أنه ملحق بالولد المولود في الكتابة لا بالإكساب. (وكذلك إن كان هو وابنه مكاتبين كتابة واحدة) أي يرثه ابنه وقيد بقوله: كتابة واحدة احترازا عما لو كان مكاتبين، كل واحد منهما بعقد على حده، فإن هناك لا يرثه الابن كذا ذكره الإمام المحبوبي

(4)

، وقال: وإن كان الولد [مفردا]

(5)

بكتابته ما دامها بعد موت الأب قبل قضاء مكاتبته، أو بعده ولم يرثه؛ لأنه مقصود بالكتابة، فإنما يعتق من وقت أداء البدل مقصودا عليه؛ لأن الإسناد للضرورة، ولا ضرورة في حقه هاهنا، فإذا لم يستند عتقه كان عبدا عند موت أبيه، فلهذا لا يرثه، وإن كان كبيرا جعلا [كشخص]

(6)

واحد، لاتحاد عقد الكتابة فيهما؛ وهذا لأن الكتابة لما كانت واحدة

(1)

في (أ) أكبر، وفي (ب) أكثر والصحيح ما ذكر في (ب) لموافقته ما ذكر في المحيط البرهاني.

(2)

في (ب) للولد.

(3)

بأن التبعية للولد المولود في الكتابة أكثر وذلك أن التبعية للولد المولود في الكتابة ثابت بالملك، وبالبعضية الثابتة حقيقة وقت ثبوت العقد، ووقت ثبوت حكم الكتابة، أما بالملك؛ فلأن الولد المولود في الكتابة كالمملوك للأم حتى كان لها استكتاب الولد كما لو كان مشترى والمملوك تابع للمالك حتى يصير مسافرا بسفره ومقيما بإقامته والكتابة بالبعضية الثابتة بينهما حقيقة وحكما، فإن الولد ينفصل من الأم والأم مكاتبة وتبعية الولد المشترى دون تبعية الولد المولود؛ لأن تبعية المشترى ثابتة بالملك وبالبعضية الثابتة بينهما من حيث الحكم والاعتبار لا من حيث الحقيقة، لأن بعد الانفصال لا بعضية بينهما من حيث الحقيقة، وإنما يثبت حكما تبعا لسبب حرمة المناكحة، فإنها حكم البعضية، فالتبعية من المشترى ثابت بالملك وبالبعضية الثابتة من حيث الحكم والاعتبار لا من حيث الحقيقة فكانت تبعية المشترى دون تبعية الولد المولود في الكتابة وتبعية الأم والأب دون تبعية الولد المشترى لأب الأم والأب صارا تابعين.

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 123).

(4)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 452)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 458).

(5)

في (ب) منفردا.

(6)

في (ب) لشخص.

ص: 200

نجومها واحدة فإنهما تعتقان معا إن أديا ويردان معا في الرق إن لم يؤديا وقت عتق العبد في آخر جزء من أجزاء حياته فيعتق الابن معه في تلك الحالة أيضا فيرثه، لذلك

(1)

.

(وإذا مات المكاتب وله ولد من حره إلى آخره (

(2)

وموالى الأب إلى آخره (

(3)

فيكون مولى لموالي الأم، وإذا أدى بدل الكتابة ظهر له [ولاءه]

(4)

في جانب الأب، فينجر ولاؤه إلى موالي الأب؛ لأن الولاء كالنسب والنسب إنما يثبت من قوم الأم عند تعذر إثباته من الأب، حتى لو ارتفع المانع من إثباته منه، بأن أكذب الملاعن نفسه يعود النسب إليه، فكذلك الولاء.

(1)

لأنه لما أدى بدل الكتابة حكم بعتق المكاتب في آخر جزء من أجزاء حياته فحكم بعتق ابنه في ذلك الوقت لأنه تابع له وكذلك لأن كل واحد منهما كشخص واحد لكون العقد واحدا فإذا حكم بعتق أحدهما في وقت حكم بعتق الآخر في ذلك الوقت.

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 458).

(2)

تكملة المسألة: وإن مات المكاتب وله ولد من حرة وترك دينا وفاء بمكاتبته فجنى الولد فقضي به على عاقلة الأم لم يكن ذلك قضاء بعجز المكاتب.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 265).» يريد بهذا الفرق بين هذه المسألة وبين المسألة التي تليها وهي. (قوله: وإن اختصم [مولى الإم] في (أ) الإمام وفي (ب) موالي الأم والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

وإن اختصم موالي الأم وموالي الأب في ولائه فقضى به لموالي الأم فهو قضاء بالعجز.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 265).».

وصورتها مكاتب مات وله ولد حر من امرأة حرة وترك دينا على الناس وفاء بمكاتبته، فإن ولاء ولده لموالي الأم. أما بقاء الكتابة فلما له من المال المنتظر؛ لأن الدين مال باعتبار مآله، ولكن لا يحكم بعتقه إلا عند أداء بدل الكتابة، وما لم يحكم بعتقه لا يظهر لولده ولاء في جانب [الأب] في (ب) ابنه.

(4)

في (أ) ولا وفي (ب) ولاءه والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 201

[مات وله ولد من حرة وترك دينا وفاء بمكاتبته ثم جنى الولد]

(وإن كان الولد جنى جناية وقضى القاضي بموجب الجناية على عاقلة الأم لم يكن ذلك قضاء بعجز المكاتب) وفسخ الكتابة (وإن اختصم موالي الأم وموالي الأب في ولاء الولد وميراثه بعد موت الولد فقضى القاضي بالولاء لموالي الأم يكون ذلك قضاء بعجز المكاتب (

(1)

صيانة القضاء [عن البعض]

(2)

انفساخ الكتابة، وصيانة الكتابة عن الفسخ واجبة أيضا رعاية لحق المكاتب، لكن صيانة القضاء أولى؛ لأن القضاء بالميراث صحيح بالإجماع

(3)

فإنه صادف فصلا مجتهدا فيه فإن الاختلاف بين موالي الأب وموالي الأم في

(1)

هذه هي المسألة الثانية، صورتها مات هذا الولد بعد الأب واختصم موالي الأب وموالي الأم، فقال موالي الأم مات رقيقا والولاء لنا، وقال موالي الأب مات حرا والولاء لنا م:(فقضى به) ش: أي بولايته م: (لموالي الأم فهو قضاء بالعجز) ش: فتفسخ الكتابة اقتضاء م: (لأن هذا الاختلاف في الولاء مقصود) ش: لأن كلا من الفريقين قصدهم الولاء.

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 453).» وفسخ الكتابة، والفرق أن القاضي ما قضى بعجز المكاتب، وفسخ الكتابة نصا في الموضعين، وليس من ضرورة القضاء بموجب الجناية على عاقلة الأم القضاء بفسخ الكتابة، فإن القضاء على غير من وجب عليه جائز يعارض الكفالة والتحمل، فيجعل في حق موالي الأب كان القضاء على الأم كان بعارض أمر ولا يجعل قضاء بفسخ الكتابة بخلاف الفصل الثاني؛ لأن القاضي قضى بكونه مولى لموالي الأم إذ الخصومة وقعت فيها، ومن ضرورته القضاء بفسخ الكتابة، أو يقول: إن القضاء بالولاء والميراث لموالي الأم يتضمن القضاء بفسخ الكتابة اقتضاء؛ لأن الكتابة لو لم تنفسخ بحكم حريته في آخر جزء من أجزاء حياته، ويصير الولد لموالي الأب ويسترد من موالى الأم ما أخذوا من الميراث، ومن ضرورة ذلك بطلان قضاء القاضي بالولاء، والميراث لموالي الأم، وصيانة القضاء عن البعض واجب ما أمكن، وأكثر ما فيه أن [في] في (ب) من.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 213).

ص: 202

الحقيقة راجع إلى قيام الكتابة، وانتقاضها عند موت المكاتب عن وفاء، فموالي الأم زعموا أنه مات عبدا، وانفسخت الكتابة بموته، وصار ولاء الولد لنا [لا]

(1)

يتحول عنا، وهو قول بعض الصحابة

(2)

.

وموالي الأب زعموا أن الكتابة لم تنفسخ بموته عن وفاء فيؤدي الكتابة حتى يعتق وينتقل الولاء إلينا، وهو قول بعض الصحابة، فإذا قضى القاضي بالولاء لموالي الأم كان قضاء في فصل مجتهد فيه

(3)

، فنفذ بالإجماع

(4)

(5)

وصيانة قضاء متفق عليه أولى من إمضاء كتابه اختلف الصحابة في بقائها، وأما القضاء بالعقل لا يتضمن فسخ الكتابة بل القضاء به تقرير حكم الكتابة، وإن من ضرورة قيام الكتابة أن يكون الولاء ملحقا بموالي الأم، والعقل عليهم مع احتمال أن يعتق الأب [

(6)

فجر] الولاء فلم يكن من ضرورة القضاء عليهم وهو [يحتمل]

(7)

تقرير الكتابة أن يجعل فسخا من غير ضرورة؛ وذلك لأن قضاء القاضي بإرش الجناية على عاقلة الأم لا يوجب [تقدير]

(8)

ولاء الولد لهم، وفسخ كتابة المكاتب من حكم تقرير ولاء الولد لموالي الأم، فإذا لم يحصل ذلك بمجرد القضاء بإرش الجناية عليهم لا يكون ذلك قضاء بفسخ الكتابة بخلاف ما إذا

(1)

في (ب) ولا.

(2)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 166).

(3)

انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: 459).

(4)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 213).

(5)

وحاصله أن ثبوت التعجيز للقضاء بالولاء لموالي الأم فالتعجيز ثابت ضمنا، وإنما نفذ هذا القضاء لأن المكاتب عند بعض الصحابة يموت عبدا وإن ترك وفاء، فكان قضاء في فصل مجتهد فيه وهو نافذ إجماعا فتجب رعايته وإن لزم منه بطلان الكتابة لأنها مختلف فيها فصيانته أولى.

انظر: تكملة در المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)(6/ 116).

(6)

في (ب) فيجر.

(7)

في (أ) محتمل وفي (ب) يحتمل.

(8)

في (ب) تغير.

ص: 203

كانت الخصومة في الولاء، وقضى به القاضي لموالي الأم، فإن ذلك يوجب [تقدير]

(1)

الولاء لموالي الأم؛ لوجود قضاء القاضي فيه قصدا، ومن ضرورته فسخ الكتابة.

ثم في مسألة الإرث: إذا ظهر للولد، ولاء من قبل الأب عند أداء البدل، فهو إلى الأم لا يرجعون بما عقلوا من جناية الولد في حياة المكاتب على موالي الأب؛ لأنه إنما حكم بعتق الأب في آخر جزء من أجزاء حياته ولا يستند عتقه إلى أول عقد الكتابة، [فكان]

(2)

موالي الأم عند حياته مواليه على الحقيقة، فلم يرجعوا بما عقلوا على موالي الأب ويرجعون بما عقلوا من جنايته بعد موت الأب قبل أداء [كتابته]

(3)

؛ لأن عتق الأب لما [استند]

(4)

إلى حال حياته، فتبين أن ولاءه كان لموالي الأب في ذلك الوقت وموالي الأم كانوا مجبرين على الأداء، فيرجعون بما أدوا

(5)

كالملاعن إذا أكذب نفسه بعدما جنا الولد، وعقل جنايته قوم أمه رجعوا به على عاقلة الأب؛ لأنه تبين ثبوت نسبه من ذلك الوقت، وإنما لم يعمل بطريق

(6)

التبيين في الكتابة حتى لم يقل برجوع موالي الأم بما عقلوا على موالي الأب؛ لأنا إنما حكمنا بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته في الحقوق المستحقة له بعقد الكتابة؛ لأن ذلك ثبت ضرورة انتهاء عقد الكتابة وليس عقل جناية الولد من حكم تلك الكتابة، فلا يظهر فيه حكم الإسناد.

ألا ترى أن المكاتب إذا مات عن ولد مولود في الكتابة، ثم مات قريب له، ثم أدى [الكتابة]

(7)

ابنه فإنه لا يرثه من هذا القريب شيئا؛ لما أن (الاستيلاد)

(8)

إنما يظهر

(1)

في (ب) تقرير.

(2)

في (ب) فإن.

(3)

في (ب) الكتابة.

(4)

في (أ) استبداد وفي (ب) استند والصحيح ما ذكر في (ب) استند.

(5)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 454).

(6)

في (ب) تعلق.

(7)

في (أ) الولد كتابته وفي (ب) الكتابة.

(8)

في (ب) الإسناد.

ص: 204

فيما هو من حكم تلك الكتابة خاصة؛ لأنه لا يثبت إلا فيما يتحقق فيه الضرورة، وعقل جناية الولد ليس من حكم تلك الكتابة فلا يظهر فيه حكم الاستبداد

(1)

، أو التبين.

كذا في شروح الجامع الصغير لشمس الأئمة، وقاضي خان، والمحبوبي رحمهم الله

(2)

، هذا الذي ذكرنا فيما إذا مات المكاتب عن وفاء، أو عن ولد مولود في الكتابة، وأما إذا مات المكاتب لا عن وفاء قال الاسكاف

(3)

رحمه الله: تنفسخ الكتابة حتى لو تطوع إنسان بأداء بدل الكتابة عنه لا يقبل منه.

وقال أبو الليث

(4)

(5)

رحمه الله: لا تنفسخ الكتابة ما لم يقض بعجزه حتى لو تطوع بالكتابة قبل القضاء جاز عنه، ويعتق. كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه

الله-

(6)

.

(1)

في (ب) الإسناد.

(2)

انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (4/ 376).

(3)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 173)، البناية شرح الهداية (10/ 454) تكملة در المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)(6/ 116).

(4)

أبو الليث: هو نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو الليث الفقيه السمرقندي المشهور بإمام الهدى، علامة من أئمة الحنفية، ومن الزهاد، له تصانيف كثيرة منها:"تفسير القرآن" و"عمدة العقائد" و"بستان العارفين" و"تنبيه الغافلين" و"خزانة الفقه" و"شرح الجامع الصغير" و"عيون المسائل" و"مختلف الرواية" وغيرها، توفي سنة 373 هـ، وقيل غير ذلك.

انظر: الفوائد البهية للكنوي (220)، الجواهر المضيئة للقرشي (2/ 196)، الأعلام للزركلي (8/ 27).

(5)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 173)، البناية شرح الهداية (10/ 454)

(6)

انظر: رد المختار على الدر المختار لابن عابدين (6/ 113).

ص: 205

[حكم ما أدى المكاتب من الصدقات إلى مولاه]

(وما أدى المكاتب من الصدقات إلى مولاه، ثم عجز فهو طيب للمولى) لأن المكاتب تملك لجهة وانتقل إلى المولى بجهة أخرى [فاختلف]

(1)

السبب، إلى هذا أشار عليه السلام

فيما أهدت إليه بريرة

(2)

، وكانت مكاتبة فقال:«هي لها صدقة، ولنا هدية»

(3)

. وصار كالفقير يموت عن صدقات أخذها يطيب ذلك لوارثه الغني. وكذا الفقير لو صار غنيا طاب له ما أخذ من الصدقات حال فقره. وكذا ابن السبيل إذا وصل إلى ماله كذا ذكره الإمام التمرتاشي

(4)

. ([لتبدل]

(5)

الملك).

فإن قيل: إن ملك الرقبة كان للمولى فكيف يتحقق تبدل الملك؟ قلنا: ملك الرقبة

(6)

للمولى كان معلوما في مقابلة ملك اليد للمكاتب [حتى]

(7)

كان التصرف للمكاتب لا للمولى، وكان للمكاتب أن يمنعه عن التصرف في ملكه ولم يكن للمولى أن يمنع المكاتب عن التصرف في ملكه، وهذا آية كمال ملك اليد للمكاتب، ونقصان ملك الرقبة للمولى، إذ المكاتب هو الذي يتصرف فيه تصرف الملاك لا المولى، ثم بالعجز ينقلب

(8)

الأمر، وينعكس القصد [وليس]

(9)

هو إلا تبدل الملك للمولى.

(10)

وذكر الإمام قاضي خان، والإمام المحبوبي وهذه المسألة على وجهين

(11)

:

إما يعجز المكاتب قبل أداء الصدقة إلى مولاه.

(1)

في (أ) واختلف وفي (ب) فاختلف.

(2)

بريرة: مولاة لعائشة رضي الله عنها. قيل: كانت مولاة لقوم من الأنصار، وقيل لآل عتبة بن أبي إسرائيل، وقيل غير ذلك. اشترتها عائشة رضي الله عنها فأعتقتها، وكانت تخدم عائشة قبل أن تشتريها.

انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (8/ 50)

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه في باب قبول الهدية، وخرجه مسلم في صحيحه باب إباحة الهدية للنبي.

انظر: صحيح البخاري (3/ 155)، صحيح مسلم (2/ 755).

(4)

انظر: البناية شرح الهداية (10/ 456).

(5)

في (ب) لبدل.

(6)

في (ب) كان.

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

تكرار كلمة ينقلب في (ب).

(9)

في (ب) فليس.

(10)

انظر: العناية شرح الهداية (13/ 108)، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم (8/ 17).

(11)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 173).

ص: 206

أو بعده، فإن عجز بعدما أدى فالمقبوض طيب للمولى يأكله بالإجماع؛ لأن سبب الملك قد تبدل، واختلاف الأسباب ينزل منزلة اختلاف الأعيان.

أصله حديث بريده رضي الله عنه والمعنى فيه: أن الخبث

(1)

كان بسبب أنه كان من أوساخ الناس وقد بطل ذلك بتبدل السبب بخلاف الفقير إذا أباح لغني، أو هاشمي

(2)

عين ما أخذ من مال الزكاة من طعام أنه

(3)

لا يحل؛ لأن الملك لم يتبدل، وإن عجز المكاتب وفي يده صدقات، وزكاة أخذها هل يحل لمولاه تناولها [وهو]

(4)

غني أو هاشمي؟.

ذكر في كتاب المكاتب في آخر باب ضمان المكاتب إنه طيب في الوجهين جميعا أما على قول محمد

(5)

رحمه الله فلا يشكل أنه يحل؛ لأن المذهب عنده أن المكاتب إذا عجز يملك المولى إكسابه ملكا مبتدأ، ولهذا أوجب نقض الإجارة في المكاتب إذا أجر أمته ظئرا

(6)

، ثم عجز، فكذلك في مسألتنا وجب أن يحل كما في مسألة الأداء.

(1)

(خ ب ث): (الأخبثان) في الحديث الغائط والبول يقال خبث الشيء خبثا وخباثة خلاف طاب في المعنيين يقال شيء خبيث أي نجس أو كريه الطعم والرائحة هذا هو الأصل ثم استعمل في كل حرام (ومنه) خبث بالمرأة إذا زنى بها وفي التنزيل {الخبيثات للخبيثين} [النور: 26].

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 137).

(2)

هم بنو هاشم: وهم ولد عبد المطلب بن هاشم عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحمزة وأبو طالب والعباس وضرار والفيداق والزبير والحارث والمقوم وجحل وأبو لهب وقثم.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 504).

(3)

في (ب) لأنه.

(4)

في (أ) وهي وفي (ب) هو والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 214)، البناية شرح الهداية (10/ 456).

(6)

ظئر: هي التي ترضع. وقيل: الظئر بهمزة ساكنة ويجوز تخفيفها الناقة تعطف على ولد غيرها ومنه قيل للمرأة الأجنبية تحضن ولد غيرها ظئر وللرجل الحاضن ظئر أيضا.

انظر: لسان العرب (7/ 260)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 388).

ص: 207

وأما أبو يوسف رحمه الله يجعل العجز تأكيدا لجانب حق المولى، فلا يطيب له؛ لأن عنده المكاتب إذا عجز لا يملك المولى إكسابه ملكا مبتدأ، بل كان له نوع ملك في إكسابه وبالعجز يتأكد ذلك الحق ويصير المكاتب فيما مضى كالعبد المأذون، ولهذا قال: المكاتب [إذا آجر]

(1)

أمته [ظئرا]

(2)

، ثم عجز لا تنفسخ الإجارة

(3)

.

والصحيح: أنه يطيب له عند الكل؛ لأنه [لا جلب

(4)

]

(5)

في الصدقة، [وإنما]

(6)

حرمت على الغني، والهاشمي كرامة لهما، وصيانة لهما عن الذل الحاصل بقبول الصدقة من غير ضرورة.

[جنى العبد فكاتبه مولاه ولم يعلم بالجناية ثم عجز]

(وإذا جنى العبد فكاتبه مولاه ولم يعلم بالجناية، ثم عجز) يقال لمولاه: إدفعه، أو أفتد لأن المولى لم يصير مختارا للفداء لعقد الكتابة؛ لأنه لم يكن عالما بالجناية وقت الكتابة، إلا أنه تعذر [عليه]

(7)

الدفع بفعله [احترازا عما لو تعذر الدفع بدون فعله بأن مات لا يجب على المولى شيء لا القيمة، ولا الأرش]

(8)

، فيغرم قيمته كما [لو]

(9)

باع

(1)

في (ب) أجر.

(2)

في (ب) ظير له.

(3)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 173)، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم (8/ 72).

(4)

جلب: جلب الشيء جاء به من بلد إلى بلد للتجارة جلبا والجلب المجلوب (ومنه) نهى عن تلقي الجلب وعبد جليب جلب إلى دار الإسلام. والجلب: سوق الشيء من موضع إلى آخر.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 86)، لسان العرب (1/ 268).

(5)

في (ب) لا جيب.

(6)

في (ب) إنما.

(7)

في (ب) عنه

(8)

ساقطة من (ب).

(9)

ساقطة من (ب).

ص: 208

وهو لا يعلم بالجناية. إلا أن المانع من الدفع على شرف الزوال فلم ينتقل حق ولي الجناية من العبد إلى القيمة، فإذا عجز زال المانع من الدفع [فيخير بين الدفع]

(1)

والفداء

(2)

.

اعلم أن المكاتب إذا جنا جناية خطأ فإنه يسعى في الأقل من قيمته ومن أرش الجناية؛ لأن دفعه متعذر بسبب الكتابة، وهو أحق بكسبه، وموجب الجناية عند تعذر الدفع على من يكون الكسب له، والواجب هو الأقل من القيمة ومن أرش الجناية، ألا ترى أن في جناية المدبر وأم الولد يجب على المولى الأقل من قيمتها، ومن أرش الجناية؛ لأنه أحق بكسبها كذا في باب جناية رقيق المكاتب من إعتاق المبسوط

(3)

.

فعلم بهذا إن موجب جناية المكاتب لازم على نفسه دون سيده؛ لأن تعذر الدفع باعتباره.

(ولم يقض به) أي لموجب الجناية، ولا فرق بين المسألتين في الصورة والحكم إلا أن في الأولى كانت الجناية قبل عقد الكتابة، وهاهنا وجدت الجناية بعد عقد الكتابة، (وإن قضي به عليه في كتابته ثم عجز) أي وإن قضي بموجب الجناية على المكاتب في حال كتابته (فهو دين (

(4)

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

إذا جنى العبد فكاتبه مولاه ولم يعلم بالجناية لم يجعل مختارا للفداء ويجب عليه قيمته. أما الأول فلعدم علمه بالجناية. وأما الثاني فلأن الدفع قد تعذر بفعله وهو الكتابة كما لو باعه وهو لا يعلم بالجناية فإن عجز خير المولى بين الدفع والأداء والفداء لأن هذا: أي أحد هذين الأمرين موجب جناية العبد في الأصل، والموجب الأصلي لا يترك إلا بمانع، فإن الأصل عبارة عن حالة مستمرة لا تتغير إلا بأمور ضرورية والمانع عنه حال الكتابة قائم، أما عن الفداء فلما مر من عدم العلم، وأما عن الدفع فلتعذره بالكتابة، فأما إذا عجز فقد زال المانع، وإذا زال المانع عاد الحكم الأصلي.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 215).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 219).

(4)

يعني إذا قضى بموجب الجناية على المكاتب في حال كتابته وهو الأقل من قيمته ومن الأرش فهو دين عليه يباع فيه؛ لأن الحق انتقل من الرقبة إلى القيمة بالقضاء، وهذا عند علمائنا الثلاثة، وقال زفر تجب عليه قيمته ولا يباع وهو قول أبي يوسف أولا.

انظر: تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (8/ 72).» أي قدر أي قيمة المكاتب دين على المكاتب وفي قول زفر انظر: العناية شرح الهداية (9/ 215).

ص: 209

الجواب في الفصلين، واحد يباع في قيمته إلا أن يقضي المولى عنه؛ لأن المكاتب ليس [بحمل]

(1)

للدفع، وجنايته لا تتعلق برقبته ولكنها، توجب للقيمة كجناية المدبر، وأم الولد.

إلا أن هناك القيمة على المولى؛ لأن الحق في كسبها له، وهاهنا القيمة على المكاتب في ذمته؛ لأن الحق في كسبه له، فإذا عجز كان دينا عليه يباع فيه كسائر الديون، وحاصل أن جناية المكاتب عندنا لا يصيره مالا إلا بالقضاء، أو بالموت عن وفاء، أو بالصلح عن رضا.

وعند زفر

(2)

رحمه الله وهو قول أبي يوسف أولا [موجب]

(3)

جنايته قيمته؛ لأن المانع من الدفع قائم وهو الكتابة، ولنا أن الأصل في جنايات الرقيق الدفع، وإنما تجب القيمة عند العجز عن الدفع، والمانع من الدفع هاهنا متردد؛ لاحتمال انفساخ الكتابة، فلا يصير مالا إلا بقضاء، أو رضاء، أو إذا تحولت إلى القيمة دينا في ذمته بقضاء القاضي يبع فيه.

(4)

فأما إذا عجز قبل قضاء القاضي فقد تقرر موجب الجناية في رقبته لإمكان الدفع فيدفعه المولى، أو يفديه كما لو جنا بعد العجز وهو نظير المغصوب فأبق، فإن قضى القاضي بقيمته، ثم رجع كان ملكا للغاصب، وإن لم يقض حتى رجع كان ملكا للمغصوب منه، وبه فارق المدبر، وأم الولد؛ لأنه ليس فيهما توهم الدفع، فإن التدبير والاستيلاد ليس بعرض [للفسخ]

(5)

، فلهذا كان موجب الجناية في الابتداء هو القيمة.

(6)

إلى هذا أشار الإمام قاضي خان

(7)

، والمحبوبي

(8)

.

(1)

في (ب) حل.

(2)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 216)، العناية شرح الهداية (9/ 216).

(3)

في (ب) يوجب.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (27/ 62).

(5)

في (ب) الفسخ.

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (27/ 62).

(7)

سبق ترجمته.

(8)

سبق ترجمته.

ص: 210

(ولم يثبت الانتقال) أي انتقال الحق من الدفع إلى القيمة

(1)

إبطال حق المكاتب بفتح التاء [إذا الكتابة سبب الحرية، وسبب حق المرء حقه، يعني أن الحرية حق العبد والكتابة سببها، فتكون الكتابة]

(2)

[حقه]

(3)

والحق لا يبطل بالموت، كما إذا كان للرجل دين على آخر.

قوله

(4)

: (وقيل له أد المال إلى ورثة المولى على نجومه).

[كاتب المريض عبده على ألفي درهم إلى سنة وقيمته ألف ومات]

فإن قلت: ما وجه الفرق بين هذا وبين ما تقدم في قوله: (وإذا كاتب المريض عبده على ألفين إلى سنة وقيمته ألف [درهم]

(5)

ثم مات ولا مال له غيره فإنه يؤدي ثلثي [الألفين]

(6)

حالا). وكذا ذكر فيما بعده (أدى ثلثي القيمة حالا أو يرد رقيقا) وذكر هاهنا أن المكاتب [يؤدي]

(7)

بدل الكتابة إلى ورثة المولى على نجومه، أي مؤجلا لا حالا

(8)

.

قلت: وجه الفرق مقرون فيهما في وضع المسألة، حيث وضع المسألة هناك في المريض، وهاهنا أطلق فكان محمولا على حالة الصحة؛ لأن ذلك هو المطلق من الأحوال، والمرض من العوارض

(9)

وبه صرح في المبسوط

(10)

.

(1)

سقط من (ب) إلى.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) حقها.

(4)

أي صاحب البداية.

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

في (ب) القيمة.

(7)

لما ساقطة من (أ).

(8)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 216) البناية شرح الهداية (10/ 458).

(9)

العرض: من أحداث الدهر من الموت والمرض ونحو ذلك؛ قال الأصمعي: العرض الأمر يعرض للرجل يبتلى به؛ قال اللحياني: والعرض ما عرض للإنسان من أمر يحبسه من مرض أو لصوص. والعرض: ما يعرض للإنسان من الهموم والأشغال. يقال: عرض لي يعرض وعرض يعرض لغتان. والعارضة: واحدة العوارض، وهي الحاجات. والعرض والعارض: الآفة تعرض في الشيء، وجمع العرض أعراض، وعرض له الشك ونحوه من ذلك.

انظر: لسان العرب (7/ 169).

(10)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 67).

ص: 211

وحاصله أن [تصرف]

(1)

المريض كما يثبت الخسارة بثلث المال في حق الإسقاط، وكذلك الخصم تصرفه في حقه التأجيل في الثلث، وتصرف الصحيح لما صح في حق بدل الكتابة [في حق الإسقاط، فكذلك صح تصرفه في كله في حقه فيحق التأجيل، فلذلك لم يبطل التأجيل في كل بدل الكتابة]

(2)

بموت المولى إذا كانت الكتابة في حال الصحة.

وقال في أول باب مكاتبة المريض من مكاتبة المبسوط

(3)

: وإذا كاتب

(4)

عبده في مرضه على مكاتبة مثله [ولا]

(5)

مال له [غيره]

(6)

، ثم مات المولى فإنه يقال للمكاتب: عجل الثلثين من المكاتبة، والثلث عليك إلى الأجل، فإن لم يعجل رد رقيقا؛ لأن التأجيل تبرع منه والتبرع في مرضه بالتأخير كتبرعه بالإسقاط فلا يصح إلا في ثلثه بخلاف ما إذا كاتبه في صحته؛ لأن تأجيله هناك [صحيح]

(7)

مطلقا؛ لكونه مالكا للتبرع، فالإسقاط في صحته، فلا يبطل الأجل بموت المولى؛ لأنه حق المكاتب.

(إلا أن الورثة يخلفونه في الاستيفاء) أي بهذا القدر لا يتغير الحق كما إذا كان له دين على رجل ومات رب الدين.

(1)

في (ب) يعرف.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 67).

(4)

أي وإذا كاتب الرجل عبده.

(5)

في (ب) لا.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

في (ب) يصح.

ص: 212

[هل ينفذ عتق أحد الورثة للمكاتب]

(فإن أعتقه أحد الورثة لم ينفذ عتقه) ([لأنه]

(1)

لم يملكه) فإن المعتق منهم أضاف العتق إلى ما لا يملكه فلا ينفذ منه ولا يسقط به حصته من البدل أيضا؛ لأنه أضاف التصرف إلى ما لا يملكه فلا يظهر حكمه فيما يملك كأحد الشريكين في العبد إذا أعتق

نصيب شريكه يكون لغوا منه، فلا يفسد الرق به في نصيبه (وإن أعتقوه جميعا [عتق] (

(2)

هذا جواب الاستحسان.

وأما في القياس فلا ينفذ إعتاقهم أيضا كما لا ينفذ إعتاق واحد منهم ولا يسقط حقهم في بدل الكتابة؛ لإضافتهم التصرف إلى ما لا ليس بملك لهم، وفي الاستحسان لهم، يعتق، ويجعل هذا بمنزلة الإقرار منهم باستيفاء بدل الكتابة، ومعنى هذا أن المكاتب إنما يعتق بعد موت المولى؛ [لإبقاء]

(3)

جميع بدل الكتابة.

وقولهم: هو حر يكون إقرارا منهم بما تحصل به الحرية له وهو إبقاء بدل الكتابة بخلاف ما إذا قال ذلك بعضهم؛ لأنه لا يعتق شيء منه بإبقاء نصيب أحدهم من بدل

الكتابة، فلا يتضمن كلامه [الإقرار باستيفاء نصيبه.

يوضحه أن عتق جميع المكاتب مسقط لبدل الكتابة عنه، فيمكن إعمال كلامهم]

(4)

بطريق المجاز وهو أن يكون إسقاطا منهم لبدل الكتابة، ومع تعذر العمل بحقيقة الكلام يعمل بمجازه إذا أمكن بخلاف ما إذا أعتق بعضهم؛ لأن عتق البعض ليس بمسقط عنه شيئا من بدل الكتابة بخلاف ما إذا عتق كله فقد تعذر العمل بحقيقة كلامه، ومجازة في ملكه، فلهذا كان لغوا، كذا في باب مكاتبة المكاتب من إعتاق المبسوط

(5)

[والله أعلم]

(6)

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

ساقطة من (أ).» وسقط عنه بدل الكتابة.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 266).

(3)

في (ب) بإبقاء.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (7/ 230)

(6)

ساقطة من (أ).

ص: 213

[كتاب الولاء]

(1)

إيراد كتاب الولاء بعد ذكر المكاتب ظاهر التناسب؛ لأنه أثر من آثار التعاقب، وفيه أيضا تفاؤل لما عسى يحصل من إخماد ثمرة التكسب

(2)

وهو المرجح لا يراد هنا دون عيب الإعتاق، إذ ذاك ثابت هناك من غير تردد على الإطلاق.

وأما إيراد ولاء الموالاة فلأن له مشاركة بولاء العتاقة في اللفظ والحكم. أما اللفظ فظاهر فإن كلا منهما يسمى ولاء، وكذلك الحكم فإن كلا منهما سبب الإرث.

أما محاسن الولاء ظاهرة، فإن فيه مجازات الإحسان بالإحسان، وهي سنة من سنن الرحمن، وما سن الله تعالى من الإحسان فهو حسن [لذاته]

(3)

؛ ولأن فيه شكر المنعم، وحسن شكر المنعم بالغ [مبلغ لا مجرى فيه الفسخ]

(4)

؛ ولأن فيه تقوية الضعيف نصره اللهيف

(5)

، والتحاما بلحمة الانتساب لا يأوي ولا يوفيه أحد بالأقرب إليها. أشار النبي عليه السلام في قوله:«وإن مات ولم يدع وارثا كنت أنت عصبت»

(6)

.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

التكسب: الكسب طلب الرزق وأصله الجمع كسب يكسب كسبا وتكسب واكتسب.

انظر: لسان العرب لابن منظور (5/ 717)، مختار الصحاح للجوهري (3/ 123).

(3)

في (أ) ذاته وفي (ب) لذاته والصحيح المثبت ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) مبلغا لا يجري فيه الشح.

(5)

اللهيف: لهف من باب فهم أي حزن وتحسر وكذا التلهف على الشيء. والملهوف المظلوم يستغيث واللهيف المضطر. واللهفان المتحير. انظر: مختار الصحاح (ص: 286).

(6)

أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع فرأى رجلا يباع، فساوم به ثم تركه، فاشتراه رجل فأعتقه، ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني اشتريت هذا فأعتقته، فما ترى فيه؟ قال:"أخوك ومولاك"، قال: ما ترى في صحبته؟ قال: "إن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفرك فهو خير لك وشر له"، قال: ما ترى في ماله؟ قال: "إن مات ولم يدع وارثا فلك ماله".

أخرجه: البيهقي في سننه (6/ 240)، كتاب الميراث باب الميراث بالولاء حديث رقم 12162، والدارمي في سننه (2/ 468)، كتاب الميراث باب الولاء حديث رقم 3012.

وأعله بيحيى بن أبي أنيسة وأسند تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن المديني وابن معين قال وأخوه زيد بن أبي أنيسة ثقة وقال في أخيه يحيى هكذا إنه كذاب ووافقهم بن عدي على ذلك وقال هذا الحديث ليس بمحفوظ.

انظر: نصب الراية (4/ 152) درجة الحديث: هذا الحديث قال عنه البيهقي: هكذا جاء مرسلا.

انظر: السنن الكبرى للبيهقي (6/ 240).

ص: 214

[تعريف الولاء وأنواعه]

وقوله: «الولاء لحمة كحلمة النسب»

(1)

فيحتاج هاهنا إلى بيان الولاء لغة، وشرعا، وسببه، وحكمه، وأوصافه.

أما اللغة: فإن الولاء مشتق من الولي، وهو القرب، وحصول الثاني بعد الأول من غير فصل، وسمي ولاء العتاقة والموالاة [به]

(2)

؛ لأن حكمهما وهو الإرث يقرب ويحصل عند وجود شرطه من غير فصل.

وقيل: الولاء والولاية بالفتح النصرة والمحبة، إلا أنه اختص في الشرع بولاء العتق وولاء الموالاة

(3)

.

وأما شرعا: فالولاء عبارة عن التناصر سواء كان ذلك ولاء عتاقة، أو ولاء موالاة ومن آثار التناصر

(4)

العقل، والإرث

(5)

، وعن هذا قال في المبسوط

(6)

: المطلوب

(1)

عن ابن عمر، رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب» أخرجه: الحاكم في المستدرك (4/ 379) كتاب الفرائض حديث رقم 7990، وابن حبان في صحيحه (11/ 326) كتاب البيع باب البيع المنهي عنه ذكر العلة من أجلها نهي عن بيع الولاء وعن هبته حديث رقم 4950، والدارمي في سننه (2/ 333) كتاب البيع باب بيع الولاء حديث رقم 2572، والبيهقي في السنن الصغرى 4/ 210 كتاب العتق باب الولاء حديث رقم 3434، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (7/ 508) كتاب العتق الولاء حديث رقم 6053.

درجة الحديث: وأعله بيحيى بن أبي أنيسة وأسند تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن المديني وابن معين قال وأخوه زيد بن أبي أنيسة ثقة وقال في أخيه يحيى هكذا إنه كذاب ووافقهم بن عدي على ذلك وقال هذا الحديث ليس بمحفوظ انتهى.

انظر: نصب الراية (4/ 152).

وقال عنه الحاكم: هذا الحديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.

انظر: المستدرك على الصحيحين (4/ 379).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

انظر: طلبة الطلبة للنسفي (1/ 65)، المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 496).

(4)

التناصر: تناصر القوم: أيد بعضهم بعضا، وتعاونوا على النصر "تناصر الحلفاء على العدو - {ما لكم لا تناصرون} " سورة الصافات الآية 25.

انظر: مختار الصحاح (1/ 311).

(5)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 175)، البناية شرح الهداية (11/ 4)

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 81).

ص: 215

بكل واحد منهما التناصر، وقد كانوا في الجاهلية يتناصرون بأسباب منها الحلف

(1)

، والممالحة

(2)

فالشرع قرر حكم التناصر بالولاء.

وأما ما ورد من الحديث: «نهي عن بيع الولاء وعن هبته»

(3)

، فيحتمل أن يراد به صلاحية كون المعتق وارثا، أو أن يراد به بيع ما يحصل من تركه المعتق، وهو معدوم، فلا يجوز بيعه.

وأما سببه

(4)

: فما ذكر في الكتاب، ويذكر أيضا ما يوضحه.

وأما حكمه: فذكر في الذخيرة

(5)

حكم هذا الولاء الإرث.

وأما أوصافه: فكل من حصل له العتق من جهة إنسان ثبت ولاء العتق منه سواء شرط الولاء، أو لم يشترط، أو تبرأ عنه، وسواء كان الإعتاق ببدل، أو بغير بدل، وسواء حصل العتق بالإعتاق، أو بالقرابة

(6)

، أو بالكتابة عند الأداء، أو بالتدبير، أو الاستيلاد بعد الموت، وسواء كان العتق حاصلا ابتداء، أو بجهة الواجب ككفارة

(7)

(1)

الحلف: العهد يكون بين القوم وقد حالفه أي عاهده و تحالفوا تعاهدوا.

انظر: مختار الصحاح (1/ 78)، لسان العرب (9/ 53).

(2)

الممالحة: هي المراضعة وقد ملحت فلانة لفلان أي أرضعت له. فالممالحة لفظة مولدة وليست من كلام العرب.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 445)، لسان العرب (2/ 605).

(3)

عن ابن عمر رضي الله عنهما، يقول:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء، وعن هبته» .

أخرجه البخاري في صحيحه (2/ 896) كتاب البيع باب بيع الولاء وهبته حديث رقم 2398، وأخرجه في موضع آخر من صحيحه وذلك في كتاب الميراث باب اثم من تبرأ من مواليه 8/ 154 حديث رقم 6756، ومسلم في صحيحه (2/ 490) كتاب البيع باب النهي عن بيع الولاء وهبته حديث رقم 3157.

(4)

أي سبب الولاء.

(5)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني للميرغيناني (4/ 175).

(6)

فإن من يملك القريب يعتق عليه ويثبت الولاء بإجماع أهل العلم.

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 175)، البناية شرح الهداية (11/ 3).

(7)

الكفارة عبارة عن الفعلة إذ الخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة أي تسترها وتمحوها على وزن فعالة للمبالغة كقتالة وقرابة، وهي من الصفات الغالبة في باب الاسمية. وأصل اشتقاقه من الكفر وهو الستر، ومنه الكافر لأنه يستر الإيمان ويظهر الكفر والزارع أيضا، لأنه يستر الحب في الأرض.

انظر: البناية شرح الهداية (5/ 542).

ص: 216

اليمين

(1)

، وما أشبهها؛ لأن ظاهر قوله عليه السلام:«الولاء لمن أعتق»

(2)

(3)

عام؛ لأنه ذكره بكلمة من ثم المعنى في الإرث هو أن المعتق بالإعتاق [أحيى]

(4)

المعتق حكما؛ لأن الرقيق هالك حكما. ألا ترى أنه لا يثبت في حقه كثير من الأحكام التي تعلقت بالأحياء نحو القضاء

(5)

، والشهادة

(6)

، والسعي إلى الجمعة، والخروج إلى العيدين، وأشباه ذلك، وبالإعتاق تثبت هذه الأحكام في حقه، [فكان]

(7)

الإعتاق سببا لثبوت أحكام

(1)

اليمين: لغة: الأول: القوة، والقدرة، ومنه قوله تعالى:"لأخذنا منه باليمين" الثاني: اليد اليمنى، ومنه قوله تعالى:"فراغ عليهم ضربا باليمين"، الثالث: الحلف، والقسم، الرابع: العهد والميثاق، ومنه قوله تعالى:"وإن نكثوا أيمانهم"، والجمع أيمن وأيمان قيل إنما سميت بذلك لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب ضرب كل امرئ منهم يمينه على يمين صاحبه وإن جعلت اليمين ظرفا لم تجمعه لأن الظروف لا تكاد تجمع واليمين يمين الإنسان وغيره.

انظر: الصحاح للجوهري (6/ 2221)، مختار الصحاح (1/ 350)، المصباح المنير للفيومي (2/ 681).

اصطلاحا: تقوية أحد طرفي الخبر بذكر الله تعالى أو صفة من صفاته.

انظر: التعريفات للجرجاني (1/ 259).

(2)

متفق عليه.

انظر: صحيح البخاري (1/ 98)، صحيح مسلم (2/ 1141).

(3)

عن عائشة، قالت: اشتريت بريرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«اشتريها، فإن الولاء لمن أعتق» وأهدي لها شاة، فقال:«هو لها صدقة ولنا هدية» قال الحكم: «وكان زوجها حرا» وقول الحكم مرسل وقال ابن عباس: «رأيته عبدا» .

أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 2482) كتاب الميراث باب الولاء لمن أعتق وميراث اللقيط حديث رقم 6373، ومسلم في صحيحه (2/ 1141) كتاب العتق باب إنما الولاء لمن أعتق حديث رقم 1504.

(4)

في (ب) أحيا.

(5)

القضاء: لغة: القضاء: الحكم، والجمع الأقضية، وقضى عليه يقضي قضاء وقضية.

انظر: لسان العرب (15/ 186).

اصطلاحا: هو: الحكم بين الناس بالحق، والحكم بما أنزل الله عز وجل.

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 2).

(6)

الشهادة: خبر قاطع، وقد شهد، كعلم وكرم، وقد تسكن هاؤه. وشهده، كسمعه، شهودا: حضره، وشهده شهودا أي حضره، فهو شاهد. وقوم شهود أي حضور، وهو في الأصل مصدر.

انظر: مختار الصحاح للرازي (1/ 169)، لسان العرب (3/ 239) والمعجم الوسيط (1/ 292).

اصطلاحا: إخبار صدق بإثبات حق بلفظ الشهادة في مجلس القضاء فتخرج شهادة الزور فليست شهادة انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (4/ 206)، البناية شرح الهداية (9/ 100)، الفتاوى الهندية (3/ 450).

(7)

في (ب) وكان.

ص: 217

الأحياء في حقه، فكان إحياء حكما، فكان المعتق بمنزلة الأب له حكما فيرث منه كما يرث الأب. كذا في الذخيرة

(1)

.

(الولاء نوعان): أي الولاء المستعمل في اصطلاح الشرع نوعان (ولاء عتاقة، ويسمي ولاء نعمه) وإنما سمي [ولاء]

(2)

الإعتاق، ولاء النعمة اقتداء بكتاب الله تعالى {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}

(3)

أي أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعمت عليه بالعتق؛ والآية في زيد بن الحارثة

(4)

مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم [كذا في المبسوط

(5)

]

(6)

.

(وسببه العتق على ملكه في الصحيح) هذا احتراز عن قول أكثر أصحابنا، [وأنهم]

(7)

يقولون سبب هذا الولاء الإعتاق. واستدلوا بقوله عليه السلام: «الولاء لمن أعتق»

(8)

. ولكنه ضعيف، فإن من ورث قريبه [فعتق]

(9)

عليه كان مولى له ولا

(1)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني للميرغيناني (4/ 175).

(2)

في (ب) بولاء.

(3)

سورة [الأحزاب: 37].

(4)

هو الصحابي زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي نسبا، القرشي الهاشمي بالولاء، الحجازي، أبو أسامة، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهر مواليه. وقع في السبي فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد، فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم قبل النبوة، فأعتقه وتبناه حتى نزل تحريم التبني، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين جعفر بن أبي طالب، وهو من السابقين للإسلام، وهاجر إلى المدينة وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر. وعينه الرسول صلى الله عليه وسلم أميرا على غزوة مؤتة فاستشهد سنة ثمان من الهجرة، وله مناقب كثيرة.

انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني (2/ 518)، الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر (2/ 542)، تهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 28).

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 81).

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

في (ب) فإنهم.

(8)

سبق تخريجه في الصفحه قبل الماضية.

(9)

في (ب) يعتق.

ص: 218

[إعتاق]

(1)

هنا والأصح أن سببه العتق على ملكه؛ لأن الحكم يضاف إلى سببه. يقال: ولاء العتاقة، ولا يقال: ولاء العتاقة كذا في المبسوط

(2)

والذخيرة

(3)

.

وأما قوله عليه السلام: «الولاء لمن أعتق» [فكان]

(4)

الولاء هناك أيضا للعتق لا للإعتاق؛ لأن في الإعتاق عتقا لا على العكس

(5)

، [فكان]

(6)

قول من قال سببه العتق متناولا للصورتين، فكان أولى ولأن الغنم بالغرم

(7)

(8)

، أي فيه تحقيق مقابلة الغنم بالغرم من حيث أنه يعقل جنايته، ويرث ماله لإطلاق ما ذكرناه، وهو قوله عليه السلام: «الولاء

(1)

في (ب) عتاق.

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 81).

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني للميرغيناني (4/ 175).

(4)

في (ب) وكان.

(5)

«الولاء لمن أعتق» ضعيف فإن من يملك القريب يعتق عليه ويثبت الولاء بإجماع أهل العلم وفيه نظر؛ لأن عندهم إذا ملك قريبه يعتق عليه، ولا يثبت الولاء لعدم الإعتاق، نص عليه تاج الشريعة وغيره، فكيف يقول: ويثبت الولاء بإجماع أهل العلم. والأوجه أن يقال: جعل العتق سببا أولى لعمومه بخلاف الإعتاق، ولأن في الإعتاق عتقا بدون عكس، والاستدلال بما فيه العموم أولى.

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 3).

(6)

في (ب) وكان.

(7)

القاعدة: الغنم بالغرم.

الغرم: هو ما يلزم المرء لقاء شيء، من مال أو نفس.

والغنم: هو ما يحصل له من مرغوبه من ذلك الشيء.

انظر: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (1/ 543).

(8)

الغنم: لغة الغنم. والغنم والغنيمة والمغنم: الفيء. يقال: غنم القوم غنما، بالضم. الفوز بالشيء من غير مشقة والغنيمة ويقال (الغنم بالغرم) مقابل به فالذي يعود عليه الغنم من شيء يتحمل ما فيه من غرم جمعه غنوم.

انظر: لسان العرب لابن منظور (12/ 445)، المعجم الوسيط (2/ 664).

الغرم: ما ينوب الإنسان في ماله من ضرر بغير جناية منه أو خيانة.

انظر: المعجم الوسيط (2/ 651)

وهي من القواعد الفقهية ومعناها أن ما ينال نفع شيء يتحمل ضرره.

ودليل هذه القاعدة، قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه".

ص: 219

لمن أعتق»، وما ذكره من المعقول؛ لأن معنى الإعتاق لا يختلف لسبب أخذ المال يُقال: عبده سائب، أي معتق لا ولاء بينه وبين معتقه.

(فإن شرط أنه سائبه (

(1)

هو يرثه؛ لأنه عتق على معتق الأم مقصودا، وإنما قلنا: أنه صار معتقا مقصود؛ لأن الجنين جزء من الأم، والمولى أوقع الإعتاق على جميع أجزائها مقصودا، فيكون معتقا للجنين الذي هو جزءها مقصودا أيضا كذا ذكره شيخ الإسلام

(2)

.

وإن أعتق العبد [جر]

(3)

الأب ولاء ابنه، وفي جر الولاء روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال:«إذا كانت الحرة تحت مملوك فولدت عتق الولد بعتقا»

(4)

، فإذا أعتق أبوهم جر الولاء، وبه نأخذ؛ لأن الولد جزء من أجزائها، وهي حرة بجميع أجزائها فينفصل الولد منها حرا، ثم الولاء كالنسب والولد ينسب إلى أبيه بالنسب.

(1)

السائبة: العبد كان الرجل إذا قال لغلامه أنت سائبة فقد عتق، ولا يكون ولاؤه لمعتقه ويضع ماله حيث شاء ولا عقل بينهما، والسائبة أيضا الناقة التي كانت تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه.

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 9).» أي أعتق رجل عبده، وشرط أن لا يرثه (فالشرط باطل (لأنه مخالف للنص فلا يصح.» [بل] ساقطة من (ب).

(2)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 176).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

قال عمر: «إذا كانت الحرة تحت المملوك فولدت له غلاما فإنه يعتق بعتق أمه، وولاؤه لموالي أمه، فإذا أعتق الأب، جر الولاء إلى موالي أبيه» .

أخرجه الدارمي في سننه (2/ 492) كتاب الميراث باب جر الولاء حديث رقم 3172، والبيهقي في سننه (10/ 306) كتاب الميراث باب ما جاء في جر الولاء حديث رقم 21305، وابن أبي شيبة في مصنفه 6/ 292 كتاب الميراث مملوك تزوج حرة، ثم إنه أعتق بعدما ولدت له أولادا، لمن يكون ولاء ولده؟ رقم 31536.

درجته: قال عنه ابن الملقن والبيهقي: وهذا الأثر رواه البيهقي ومنه نقلته، ثم قال: هذا منقطع. قال: وقد روي موصلا فذكره من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عنه أنه قال:«إذا تزوج المملوك الحرة فولدت فولدها يعتقون بعتقها ويكون ولاؤهم لولاء أمهم، فإذا أعتق الأب جر الولاء» .

انظر: البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير لابن الملقن (9/ 722)، السنن الكبري للبيهقي (10/ 306).

ص: 220

فكذلك في الولاء يكون منسوبا إلى من ينسب إليه أبوه، والأب بعد العتق ينسب بالولاء إلى معتقه، فكذلك ولده.

واستدل

(1)

على إثبات [جر]

(2)

الولاء بحديث الزبير

(3)

أيضا فإنه أبصر بخيبر فتيه لعسا أعجبه ظرفهم، وأمهم مولاة لرافع بن خديج

(4)

، وأبوهم عبد لبعض الحرقة من جهينة، أو لبعض أشجع الحرقة

(5)

بضم الحاء المهملة، وفتح الراء لقب لبطن من جهينة

(6)

، فاشترى الزبير أباهم فأعتقه، ثم قال:«انتسبوا إلي، وقال رافع: بل هم موالي فاختصما إلى عثمان رضي الله عنه فقضى بالولاء للزبير»

(7)

(8)

.

(1)

أي استدل السرخسي في المبسوط على إثبات جر الولاء.

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 87).

(2)

في (ب) جزء.

(3)

هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد القرشي الأسدي، ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم أول من سل سيفا في سبيل الله تعالى، أحد المبشرين بالجنة، شهد بدرا والحديبية والمشاهد كلها، مات مقتولا سنة: 36 هـ، وله من العمر "67" سنة.

انظر ترجمته في: الاستيعاب لابن عبد البر 2/ 510 - 516"، الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر العسقلاني 2/ 54.

(4)

هو رافع بن خديج بن رافع بن عدي الأنصاري الأوسي الحارثي، أبو عبد الله، صحابي جليل، شهد أحدا وما بعدها، مات سنة: 74 هـ، بالمدينة متأثرا من انتقاض جرح أحدثه به سهم يوم أحد، وله من العمر "86" سنة.

له ترجمة في الاستيعاب لابن عبد البر (2/ 479)، والإصابة لابن حجر (2/ 362).

(5)

الحرقة: لقب لبطن من قبيلة جهينة. انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 112).

(6)

جهينة: قبيلة معروفة تقع مواطنها شمال غرب المدينة المنورة وفي المثل وعند جهينة الخبر اليقين.

انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (5/ 2096).

(7)

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنبأ أبو الوليد ثنا عبد الله ثنا أبو قدامة عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير ورافع بن خديج اختصموا إلى عثمان رضي الله عنهم في مولاة لرافع بن خديج كانت تحت عبد فولدت منه أولادا فاشترى الزبير العبد فأعتقه فقضى عثمان رضي الله عنه بالولاء للزبير رضي الله عنه.

أخرجه البيهقي في سننه الكبرى (10/ 306) كتاب الميراث باب ما جاء في جر الولاء رقم 21307، وعبد الرزاق في مصنفه (9/ 42) كتاب الولاء باب الرجل يلد الأحرار وهو عبد ثم يعتق رقم 16284، وابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 292) كتاب الميراث مملوك تزوج حرة، ثم إنه أعتق بعدما ولدت له أولادا، لمن يكون ولاء ولده؟ رقم 31539.

درجته: قال ابن الملقن: رواه البيهقي، وقال: هذا هو المشهور عنه.

انظر: خلاصة البدر المنير لابن الملقن 2/ 458، السنن الكبرى للبيهقي (10/ 306).

(8)

ولأن الولد جزء من أجزائها وهي حرة بجميع أجزائها فينفصل الولد منها حرا ثم الولاء كالنسب والولد ينسب إلى أبيه بالنسب فكذلك في الولاء يكون منسوبا إلى من ينسب إليه أبوه والأب بعد العتق ينسب بالولاء إلى معتقه فكذلك ولده.

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 87).

ص: 221

وفي هذا دليل على أن الولد منسوب إلى موالي أمه ما لم يظهر له ولاء من جانب أبيه فإذا ظهر بالعتق جر الأب ولاء الولد إلى مواليه؛ وهذا لأن في النسب الولد منسوب إلى أمة إذا لم يكن له نسب من أبيه للضرورة كالولد من الزنا، وولد الملاعنة

(1)

بعدما انقطع نسبه من أبيه، ثم إذا ظهر له نسب من جانب الأب بأن أكذب الملاعنة نفسه صار الولد منسوبا إليه، فكذلك في الولاء يقال رجل اللعس

(2)

إذا كان في شفته سمره ومنه حديث الزبير ينشد بيت ذي الرمة.

لمياء في شفتيها حوة لعس

وفي اللثات وفي أنيابها شنب

(3)

اللمي سمرة دون اللعس [والحوه السواء]

(4)

والشنب برد الفم والأسنان، وقيل: الرقة والعذوبة.

وقوله: فتيه لعسا، بيان لملاحتهم. وقوله: أعجبه ظرفهم، أي ملاحتهم، وقيل: كياستهم، فمن كان بهذا اللون فهو كيس عادة. كذا في المبسوط

(5)

، والمغرب

(6)

.

(1)

اللعان: لغة الطرد والإبعاد من الخير وبابه قطع وقيل: الطرد والإبعاد من الله، ومن الخلق السب والدعاء، واللعنة الاسم، والجمع لعان ولعنات. ولعنه يلعنه لعنا: طرده وأبعده. ورجل لعين وملعون، والجمع ملاعين؛ عن سيبويه.

انظر: مختار الصحاح للرازي (1/ 283) لسان العرب (13/ 387).

اصطلاحا: هو الطريق الذي يتم بواسطته اتهام الزوج زوجته بالزنا أو بنفي انتساب الولد إليه الولد.

انظر: التعريفات للجرجاني (1/ 246).

(2)

[لعس] اللعس: لون الشفة إذا كانت تضرب إلى السواد قليلا، وذلك يستملح. يقال: شفة لعساء وفتية ونسوة لعس.

وربما قالوا: نبات ألعس، وذلك إذا كثر وكثف، لأنه حينئذ يضرب إلى السواد.

انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (3/ 975)، لسان العرب (6/ 207).

(3)

البيت وهو لذي الرمة في ديوانه ص 32؛ والخصائص 3/ 291؛ والدرر 6/ 56؛ ولسان العرب 1/ 507.

(4)

في (ب) والجره السواد.

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 87).

(6)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 425).

ص: 222

[ولاء المكاتب]

(أو ولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر) أي ولدا أحد الولدين ما بين إعتاق الأم، وولادة أحد الولدين أقل من ستة أشهر بيوم مثلا أي يعتق التوأمان مقصودا

أيضا؛ لأن التوأمين خلقا من ماء واحد، فمن ضرورة التيقن بوجود أحدهما حين أعتقت التيقن بوجود الآخر، فحصل من هذا أن الرجل إذا أعتق أمه وولدها، أو كانت حبلى حين أعتقها، أو أعتقت [فولدت]

(1)

بعد العتق لأقل من ستة أشهر، وولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر بيوم، وقد أعتق الأب رجل آخر لا ينجر ولاءه إلى الأب أبدا، بل كان الولد مولى للذي أعتقه مع أمه دون من أعتق أباه.

أما إذا كان الولد منفصلا عنها فهو مملوك لمالك الأم، فيتناول العتق مقصودا، والولد إذا صار مقصودا بولاء العتق لا يكون تبعا للأب. وكذلك إن كانت حبلى به على ما ذكرنا

(2)

إلى هذا أشار في المبسوط

(3)

.

(لأن الجنين غير قابل لهذا الولاء مقصودا) بخلاف ولاء العتاقة، فإن الجنين يصير مقصودا بالإعتاق، وبالولاء؛ لأنه محل لإضافة العتق إليه، وبعدما صار مقصودا بالولاء لا يمكن أن يجعل تابعا لغيره في الولاء. أما هاهنا لا يثبت للجنين ولا نفسه، وإن كان موجودا في البطن؛ لأنه ليس بمحل العقد [المولاة]

(4)

عليه؛ لأن تمام عقد الموالاة بالإيجاب والقبول وليس لأحد ولاية الإيجاب والقبول على الجنين، [فكان]

(5)

تابعا في الولاء فيجعل تابعا للأب لأن الأب هو الأصل في الولاء، ولو كان لهما أولاد صغار ولدوا قبل الإسلام فأسلم الأب على يدي رجل [ووالاه ثم أسلمت المرأة على يدي

(1)

في (ب) وولدت.

(2)

أي عند ذكر الأمه إن كانت حبلى حين أعتقها، أو أعتقت فولدت بعد العتق لأقل من ستة أشهر، وولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر بيوم، وقد أعتق الأب رجل آخر لا ينجر ولاه إلى الأب أبدا، بل كان الولد مولى للذي أعتقه مع أمه دون من أعتق أباه.

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 89).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 87).

(4)

في (أ) الولاية وفي (ب) الموالاة والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

في (ب) وكان.

ص: 223

آخر]

(1)

ووالته [فإن]

(2)

ولاء الأولاد لموالي الأب بالإجماع

(3)

لأن الأب [حين]

(4)

عقد الولاء على نفسه فقد عقد على ولده الصغير [تبعا له]

(5)

وله

(6)

مباشرة العقد على الصغير حتى إن ولاء الصغير إذا كان ثابتا للصغير بعقد الأم بأن أسلمت قبل الأب ووالت رجلا [فأسلم]

(7)

الأب بعد ذلك موالا

(8)

رجلا ينجر ولاء الولد إلى الأب.

[وإذا]

(9)

كان ولاء الصغير ثابتا [أولى للمولى]

(10)

الأب تابعا لأن يبقى كذلك على حاله بعد إسلام المرأة وموالاتها رجلا آخر كان أولى كذا في الذخيرة

(11)

.

(بخلاف الأول (

(12)

إذا ولدت لأقل من ستة أشهر فإن الأب إذا أعتق هناك لا يجر ولاء ابنه، وهاهنا يجر الولاء لقوله عليه السلام «الولاء لحمه كلحمة النسب

(13)

» أي تشابك ووصلة كوصلة كذا في المغرب

(14)

.

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

في (ب) فولاء.

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 188).

(4)

في (ب) من.

(5)

في (ب) لقوله.

(6)

أي وله ولاية مباشرة العقد على ولهه الصغير فينفذ عقده على الصغير.

(7)

في (ب) فإذا أسلم.

(8)

في (ب) ووالى.

(9)

في (ب) فإذا.

(10)

في (ب) أولا لموالي.

(11)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 189).

(12)

أي الفصل الأول، وهو ما إذا أعتقها وهي حامل، أو ولدت لأقل من ستة أشهر، فإن العتق فيه ثبت مقصودا فلا ينتقل الولاء فيه ألبتة.

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 11)[وهو فيما] في (ب) وفيما.

(13)

سبق تخريجه صفحة 260.

(14)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 423).

ص: 224

«لا يباع، ولا يوهب» أي لا يباع الولاء، ولا يوهب، وبهذا نأخذ دون ما روى عن سليمان بن يسار

(1)

: «أنه كان مولى لميمونة بنت الحارث

(2)

، فوهبت ولاه لابن عباس»

(3)

؛ وهذا لأن الهبة عقد تمليك فيستدعي شيئا مملوكا يضاف إليه عقد الهبة؛ ليصبح التمليك وليس للمعتق على معتقه شيء مملوك، وعلى هذا لو تصدق بولاء العتاقة، [أو]

(4)

أوصى به لإنسان فهو باطل.

وكذلك لو باع فهو باطل لما قلنا؛ ولأن البيع يستدعي مالا متقوما، والولاء ليس بمال متقوم، [وكذلك]

(5)

لا يورث الولاء في نفسه ولكن يورث به كالنسب، والإرث قد يثبت فيما لا يحتمل البيع، والهبة، كالقصاص.

وإذا كان الولاء لا يورث [فلأن لا]

(6)

يتحقق فيه البيع، والهبة أولى وكان شريح رحمه الله يقول:«الولاء بمنزلة المال»

(7)

، ولسنا نأخذ بهذا.

(1)

هو: أبو عبد الله ويقال أبو أيوب، ويقال أبو عبد الرحمن سليمان بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أخو عطاء، وعبد الملك، وعبد الله، سمع ابن عباس، وأبا هريرة، وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابن شهاب، وعمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري.

انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (72/ 229)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال (12/ 100)، تهذيب التهذيب (4/ 228).

(2)

هي ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن روبية بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية، أخت أم الفضل زوجة العباس، وخالة عبد الله بن العباس، وخالة خالد بن الوليد، تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم توفيت رضي الله عنها في عام إحدى وخمسين، ولها ثمانون عاما.

انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (4/ 1917)، و"الإصابة" لابن حجر (8/ 322).

(3)

حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس وكان مكاتبا.

أخرجه سعيد بن منصور في سننه (1)(1/ 117) كتاب البيع باب النهي عن بيع الولاء رقم 280، وابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 299) كتاب البيع من رخص في هبة الولاء رقم 31617.

(4)

في (ب) أي.

(5)

في (ب) ولذلك.

(6)

في (ب) فلا.

(7)

حدثنا هشيم قال أخبرنا أبو إسحاق الشيباني عن الشعبي عن شريح أنه كان يقول الولاء بمنزلة المال.

أخرجه سعيد بن منصور في سننه (1)(1/ 114) كتاب البيع باب الرجل يعتق فيموت ويترك ورثة ثم يموت المعتق رقم 268، وابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 291) كتاب الميراث رجل مات وترك ابنه وأباه ومولاه ثم مات المولى وترك مالا رقم 31530.

ص: 225

وفائدة هذا الاختلاف أن ميراث المعتق بالولاء بعد المعتق يكون لابن المعتق دون أبنته عندنا وعند شريح بين الابن والابنة للذكر مثل حظ الأنثيين هو يقول الولاء أثر من آثار الملك وكأنه بالعتق يزول بعض الملك ويبقى بعضه، فهذا معنى قوله: الولاء بمنزلة المال، ولكنه ضعيف، فإن النبي عليه السلام قال:«الولاء لحمة كلحمة النسب»

(1)

والنسب لا يورث وإنما يورث به فكذلك الولاء وهذا لأن ثبوت الولاء للمعتق بإحداث قوة المالكية في المعتق ونفي المملوكية فكيف يكون الولاء جزءا من الملك هذا كله من ولاء المبسوط

(2)

.

(فإذا صار أهلا عاد الولاء إليه كولد الملاعن) أي العبد في مسألتنا في حق [جر]

(3)

الولاء إلى نفسه حيث يثبت الولاء إليه بعد أن لم يكن له نظير مسألة ولد الملاعن نسب [إليه الولد]

(4)

بعد الأكذاب

(5)

بعد أن لم يكن الانتساب إليه، وأما في حق رجوع قوم الأم على قوم الأب بما عزموا من جناية الولد فيفترقان على ما يجيء في الكتابة بقوله: (ولا يرجعون على عاقلة الأب بما عقلوا إلى آخره (

(6)

عن موت أو طلاق إلى آخره

(7)

، يتعلق بقوله: فإذا صار أهلا عاد الولاء إليه) يعني أن الأمة إذا ولدت بعد عتقها لأكثر

(1)

سبق تخريجه صفحة 260.

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 83).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) الولد إليه الولد.

(5)

أي أكذب الملاعن نفسه عاد انتساب الولاء إليه.

(6)

لأنهم حين عقلوه كان الولاء ثابتا لهم، وإنما يثبت للأب مقصودا لأن سببه مقصود وهو العتق، بخلاف ولد الملاعنة إذا عقل عنه قوم الأم ثم أكذب الملاعن نفسه حيث يرجعون عليه، لأن النسب هنالك يثبت مستندا إلى وقت العلوق وكانوا مجبورين على ذلك فيرجعون.

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 15).».

وقوله: (بخلاف ما إذا أعتق [المعتدة] في (ب) المدة.

(7)

تكملة المسألة (بخلاف ما إذا أعتقت المعتدة عن موت أو طلاق فجاءت بولد لأقل من سنتين من وقت الموت أو الطلاق حيث يكون الولد مولى لموالي الأم وإن أعتق الأب لتعذر إضافة العلوق إلى ما بعد الموت والطلاق البائن لحرمة الوطء وبعد الطلاق الرجعي لما أنه يصير مراجعا بالشك فأسند إلى حالة النكاح فكان الولد موجودا عند الإعتاق فعتق مقصودا).

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 268).

ص: 226

من ستة أشهر ثم أعتق الأب يجر ولاء ابنه من موالي الأم إلى ولاء نفسه بخلاف ما إذا ولدت الأمة المعتدة [لتمام السنة]

(1)

عن موت أو طلاق سواء كان طلاقا بائنا أو رجعيا [بعد عتقها لأكثر من سنتين]

(2)

ثم أعتق زوجها في الطلاق لا يجر ولاء ابنه إلى موالي نفسه وإن كانت الولادة بعد عتقها [بأكثر]

(3)

من ستة أشهر وذلك لأن الحل ليس بقائم في العدة من طلاق بائن أو موت، فلا سندًا لعلوقه إلى ما بعد الطلاق بل يستند إلى ما قبل الطلاق وهو وقت الإعتاق فلما وجد الحمل وقت العتاق كان إعتاق الأمة متناولا للحمل مقصودا.

وقد ذكرنا أن العتق إذا تناول الجنين مقصودا (لا ينجر الولاء إلى موالي الأب) بعد ذلك وإن وجد عتق الأب إلى هذا أشار في المبسوط.

(4)

وقال: وإذا أعتق الرجل أمه وولدت بعد العتق لأقل من ستة أشهر وقد أعتق الأب رجل آخر، كان الولد مولى الذي أعتق مع أمه؛ لأن الجنين بإعتاقها يعتق مقصودا وقد تيقنا بوجود العلوق في وقت العتاق، فأما إذا ولدت لأكثر من ستة أشهر فلم يتيقن [بوجود]

(5)

هذا الولد حين أعتقت فكان مولى لموالي الأم تبعا. وهذا؛ لأن [الحمل]

(6)

إذا كان قائما بين الزوجين فإنما يسند العلوق إلى أقرب الأوقات، إذ لا ضرورة في الإسناد إلى ما وراءه إلا إذا كانت معتدة من موت أو طلاق، فحينئذ إذا جاءت [به]

(7)

لتمام سنتين منذ يوم مات أو طلق فالولد مولى لموالي الأم؛ لأن [الحمل]

(8)

ليس بمقائم في المعتدة من طلاق باين أو موت.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) لأكثر.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 89).

(5)

في (ب) وجود.

(6)

في (أ) الحل وفي (ب) الحمل.

(7)

ف (أ) له وفي (ب) له والصحيح ما ذكر في (ب) لموافقته ما ذكر في المبسوط.

(8)

في (أ) الحل وفي (ب) الحمل.

ص: 227

ويسند العلوق إلى أبعد الأوقات لضرورة الحاجة إلى إثبات النسب وإذا حكمنا بذلك ظهر أن الولد كان موجودا في البطن حين أعتقت، وكذلك إذا كانت معتدة من طلاق رجعي لأنا [نثبت]

(1)

الرجعة بالشك، ومن ضرورة إثبات النسب إلى سنتين من غير أن يجعل مراجعا الحكم بأن العلوق قبل الطلاق وإن جاءت به لأكثر من سنتين كان الولد مولى لموالي الأب فصار مرجعا ليتيقنا أن العلوق حصل بعد الطلاق، وإن كانت أقرت بانقضاء العدة فإن جاءت [بالولد]

(2)

لأقل من ستة أشهر بعد ذلك، وإتمام سنتين منذ طلق، فالولد مولى لموالي الأم لأنا علمنا مجازفتها في الإقرار بانقضاء العدة [حين]

(3)

أقرت وهي حامل فيستند العلوق إلى أبعد الأوقات، ولا يصير مرجعا إلا أن تكون جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلق، فحينئذ يصير مرجعا؛ لأن إقرارها بانقضاء العدة صار لغوا [حين]

(4)

تيقنا أنها كانت حاملا يومئذ، وكان ولاء الولد لموالي الأب؛ لأنا لم نتيقن بكونه موجودا في البطن حتى أعتقت، ولا يصير مقصودا بالولاء إلا بذلك.

قلت: [وبذلك]

(5)

كله

(6)

يعلم أن الصحيح من لفظ الكتاب [في قوله بخلاف]

(7)

ما إذا أعتقت المعتد [من]

(8)

موت أو طلاق فجاءت بولد لسنتين من وقت الموت أو الطلاق كما هو لفظ المبسوط

(9)

ووقع في عامة النسخ فجاءت بولد لأكثر من

(1)

في (أ) لا نثبت وفي (ب) نثبت.

(2)

في (أ) بالرد وفي (ب) بالولد والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

في (أ) حتى وفي (ب) حين والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

في (أ) حتى وفي (ب) حين والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

في (ب) وبهذا.

(6)

ساقطة من (أ) أن.

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

في (ب) عن.

(9)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 90).

ص: 228

سنتين وهو لا يستقيم لأن قوله [كما]

(1)

أنه [يصير]

(2)

راجعا بالشك ينفي هذا لأنها إذا جاءت بولد لأكثر من سنتين يثبت الرجعة لا محالة ويكون الولد مولى لموالي الأب. على ما ذكرنا

(3)

في المبسوط

(4)

.

وحاصله أن العلوق لا يتصور بعد الموت والطلاق البائن على أي وقت كانت الولادة بعدهما ثم ذلك بعد لو ولدت الأمة ولدا بعد العتق لا يخلو عن ثلاثة أوجه.

أما إن ولدت ولدا بعد العتق لأقل من ستة أشهر أو أكثر منه إلى تمام السنتين أو أكثر من سنتين ففي الأول كان الولد مولى لموالي الأم لا ينتقل منهم لوجود الولد وقت العتق لا محالة فكان عتقه مقصودا فلا ينتقل وفي هذا حكم الموت والطلاق البائن والطلاق الرجعي سواء، وكذلك في الوجه الثاني حكم هذه الأشياء الثلاثة واحد فيما إذا كانت الأمة معتدة حيث يكون الولد مولى لموالي الأم فلا ينتقل إلى موالي الأب.

[تزوج من العجم بمعتقة من العرب فولدت له أولادا لمن ولاؤهم]

وأما في الوجه الثالث: وهو ما إذا ولدت الأمة ولدا لأكثر من سنتين من وقت الموت والطلاق البائن والطلاق الرجعي [ففيه يخالف حكم الطلاق الرجعي حكم الموت والطلاق البائن، ففي الطلاق الرجعي كان]

(5)

الولد مولى لموالي الأب لتيقننا بمراجعته فكان علوق الولد بعد الطلاق فكان مولى لموالي الأب، وفي الموت والطلاق البائن كان الولد منسوبا إلى الأم لا إلى الأب لعدم تصور العلوق أكثر من سنتين فلذلك كان الولد مولى لموالي الأم فلا ينتقل عنهم وهو العتق أي عتق الأب مقصود غير مستند إلى وقت سابق فكذلك حكمه؛ لأن النسب هناك يثبت مستند إلى وقت

(1)

في (ب) لما.

(2)

في (أ) ليصير وفي (ب) يصير.

(3)

لتيقننا أن العلوق حصل بعد الطلاق.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 90).

(5)

ساقطة من (ب).

ص: 229

العلوق فتبين بإكذابه نفسه أنه ثابت النسب منه حين علق، وقوم الأم كانوا مجبرين على أداء الأرش

(1)

ولا يكونون متبرعين في ذلك، فلذلك يرجعون كذا في المبسوط.

(2)

العجم [جمع]

(3)

العجمي وهو خلاف العربي وإن كان فصيحا كذا في المغرب

(4)

.

(ومن تزوج من العجم) أي غير العرب (بمعتقه من العرب إلى آخره (

(5)

وإذا كانت الأم معتقة إنسان والأب حر مسلم نبطي

(6)

[لم]

(7)

يعتقه أحد فالولد مولى لموالي الأم في قول أبي حنيفة -[ومحمد]

(8)

رحمهما الله- وكذلك إن كان الأب والى رجلا وعند أبي يوسف رحمه الله في الفصلين لا يكون الولد مولى

(1)

الأرش: دية الجراحات. وأرشت بين القوم تأريشا: أفسدت. وتأريش الحرب والنار: تأريثهما. والأرش من الجراحات: ما ليس له قدر معلوم.

انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (3/ 995)، مختار الصحاح (ص: 17)، لسان العرب (6/ 263).

(2)

انظر: انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 91).

(3)

في (أ) جميع وفي (ب) جمع والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 306).

(5)

ومن تزوج من العجم بمعتقة من العرب فولدت له أولادا فولاء أولادها لمواليها عند أبي حنيفة رحمه الله وهو قول محمد رحمه الله". وقال أبو يوسف: حكمه حكم أبيه، لأن النسب إلى الأب كما إذا كان الأب عربيا، بخلاف ما إذا كان الأب عبدا لأنه هالك معنى.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 268).».

وفي المبسوط انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 88 - 89).

(6)

النبط: جيل من الناس بسواد العراق الواحد نبطي يقال: رجل نبطي ونباطي ونباط مثل يمني ويماني ويمان وقيل: النبطي العامي.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: 453)، مختار الصحاح (ص: 303).

(7)

في (أ) لم وفي (ب) ثم والصحيح ما ذكر في (ب) لموافقته في المبسوط.

(8)

ساقطة من (أ).

ص: 230

لموالي الأم ولكنه منسوب إلى قوم أبيه [قال]

(1)

وكيف ينسب إلى قوم أمه وأبوه حر له عشيرة وموالي بخلاف ما إذا كان [الأب]

(2)

عبدا وتقرير هذا من وجهين:

أحدهما: أن العبد رقيق بجميع أجزائه وماؤه جزء منه فإنما تثبت الحرية لمائه [باتصاله]

(3)

برحمها فلهذا كان الولد [موالي]

(4)

لمواليها حتى يعتق الأب، وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا. ألا ترى أنه لو كان حرا عربيا كان الولد منسوبا إلى قوم أبيه ولا يكون مولى لموالي أمه فكذلك إذا كان أعجميا لأن العرب والعجم في حرية الأصل سواء.

والثاني: أن الرق تلف حكما، وإذا كان الأب عبدا كان حال هذا الولد في الحكم كحال من لا أب له فيكون منسوبا إلى موالي الأم وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا لأن الحرية حياة باعتبار صفة المالكية والعرب والعجم فيه سواء.

وجه قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- أن ولاء العتاقة ولاء نعمة وهو [قوي معتبر]

(5)

في الأحكام، والحرية والنسب في حكم العجم ضعيف.

ألا ترى أن حريتهم تحتمل الإبطال بالاسترقاق بخلاف حرية العرب، لأن العجم ضيعوا أنسابهم، ألا ترى أن تفاخرهم ليس بالنسب ولكن تفاخرهم كان قبل الإسلام بعمارة الدنيا وبعد الإسلام بالدين وإليه أشار سلمان رضي الله عنه

(6)

حين قيل سلمان ابن من قال

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

في (أ) للأب وفي (ب) الأب والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

في (ب) لمائه باتصاله.

(4)

في (ب) الأب.

(5)

في (ب) مولى.

(6)

أبو عبد الله سلمان الفارسي رضي الله عنه ويعرف بسلمان الخير، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصله من فارس، وهو الذي أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق لما اجتمع الأحزاب، وتوفي سنة 35 هـ، وقيل: سنة 36 هـ.

انظر: أسد الغابة لابن الأثير 2/ 328 - 332، والإصابة لابن حجر 3/ 141 - 142.

ص: 231

سلمان ابن الإسلام

(1)

فإذا ثبت هذا الضعف في جانب الأب كان هذا وما لو كان الأب عبدا سواء وكذلك إن كان الأب مولى موالاة، لأن ولاء الموالاة ضعيف لا يظهر في مقابلة ولاء العتاقة فوجوده كعدمه، فأما إذا كان الأب عربيا فله نسب معتبر ألا ترى أن الكفاءة

(2)

بالنسب تعتبر في حق العرب ولا تعتبر في حق العجم والأصل في النسبة النسب فإذا كان في جانب الأب نسب معتبرٌ أو ولاء قوي كان الولد منسوبا إليه، وإذا عدم ذلك كان الولد مولى لموالي الأم.

واستدل أبو يوسف رحمه الله بعربية تزوجها رجل من الموالي فولدت له أبنا فإن الولد ينسب إلى قوم أبيه دون قوم أمه فكذلك إذا كان معتقة لأن كونها عربية وكونها معتقه سواء كما سوينا بينهما في جانب الأب ولكن أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله فرقا بينهما وقالا في الفرق لأن العربية لم تجر عليها نعمة عتاق ومعنى هذا أن الأم إذا كانت معتقة فالولد ينسب إلى قومها بالولاء، والنسبة بالولاء قوية معتبرة شرعا، وإذا كانت

(3)

(1)

كان بين سعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي شيء، فقال سعد وهم في مجلس: انتسب يا فلان فانتسب، وقال لآخر: انتسب، ثم قال لآخر: انتسب، ثم قال لآخر حتى بلغ سلمان، فقال: ما أعرف لي أبا في الإسلام ولكن سلمان ابن الإسلام، فقال عمر رضي الله عنه: قد علمت قريش أن الخطاب كان أعزهم في الجاهلية وأنا عمر ابن الإسلام أخو سلمان بن الإسلام، أو ما سمعت أن رجلا انتمى إلى تسعة آباء في الجاهلية فكان عاشرهم في النار، وما انتمى رجل إلى رجل في الإسلام وترك ما فوق ذالك فكان معه في الجنة).

انظر: جامع الأحاديث للسيوطي (13/ 413).

درجة الأثر: أخرجه عبد الرزاق (20942) من طريق معمر، عن قتادة، وعلي بن زيد بن جدعان، قالا:. . .، وهو منقطع.

انظر: سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 544).

(2)

الكفاءة: لغة: -الكاف والفاء والهمزة أصلان يدل أحدهما على التساوي في الشيئين، ويدل الآخر على الميل والإمالة والاعوجاج، فالأول: كافأت فلانا، إذا قابلته بمثل صنيعه. والكفء: المثل. قال الله تعالى: {ولم يكن له كفؤا أحد} والتكافؤ: التساوي. وقيل المماثلة في القوة والشرف ومنه الكفاءة في الزواج أن يكون الرجل مساويا للمرأة في حسبها ودينها وغير ذلك وللعمل القدرة عليه وحسن تصريفه.

انظر: مختار الصحاح (1/ 270)، لسان العرب (1/ 139).

اصطلاحا: مساواة مخصوصة بين الزوجين، أو المماثلة بين الزوجين في خصوص أمور.

انظر: تكملة در المختار لمحمد الحصكفي (3/ 84)، تكملة البحر الرائق لابن نجيم (3/ 137)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لشيخي زاده (1/ 500).

(3)

ص: 232

عربية فلو انتسب الولد إلى قومها إنما ينسب بالنسب والانتساب بالنسبة إلى الأم ضعيف جدا وكذلك بواسطة الأم إلى أبيها حتى لا تستحق العصوبة بمثل هذا النسب.

فلهذا رجحنا جانب الأب لأن النسبة إليه بالنسب وإن كان نسبه ضعيفا يستحق به العصوبة.

(ومن تزوج من العجم) أي تزوج رجل مسلم من العجم لم يعتقه أحد (بمعتقة العرب فولاء أولادها لمواليها) حتى لو ترك هذا الولد عمه أو خاله [أو]

(1)

معتق أبيه فعندهما مال هذا الولد لمعتق أمه أو عصبة

(2)

معتق أمه بطريق الولاء وعند أبي يوسف رحمه الله المال لذوي أرحامه

(3)

بطريق الإرث.

(وقال أبو يوسف رحمه الله حكمه حكم أبيه) فلا يكون [له]

(4)

ولاء عتاقة بل يورث ماله بين ذوي أرحامه (كما إذا كان الأب عربيا) يعني والأم معتقة لا يكون ولاءه لموالي أمه

(5)

(لأنه هالك معنى

(6)

.) لأنه غير مالك شيئا ولأن الرق أثر الكفر

(1)

العصبات لغة: وعصبة الرجل بنوه وقرابته لآبيه والعصبة الذين يرثون الرجل عن كلالة من غير والد ولا ولد. فاما في الفرائض فكل من لم تكن له فريضة مسماة فهو عصبة إن بقي شئ بعد الفرائض أخذ.

انظر: لسان العرب لابن منظور (1/ 605)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (1/ 182).

(2)

في (أ) و وفي (ب) أو والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

الأرحام: لغة: الأرحام: جمع رحم وأصله: مكان تكوين الجنين في بطن أمه، ثم أطلق على القرابة مطلقا، سواء كانوا أقارب من جهة الأب، أو من من جهة الأم لأن الرحم يجمعهم.

انظر: لسان العرب (12/ 233) المعجم الوسيط (1/ 335).

اصطلاحا: وهم: كل قرابة ليس بعصبة ولا ذي فرض. يحرز جميع المال عند الانفراد، مثل أولاد البنات، وأولاد الأخوات وبنات الإخوة والجد الرحمي (غير الصحيح) والجدة الرحمية -غير الصحيحة- والخال والخالة، ونحوهم من كل قريب ليس عصبة ولا صاحب فرض.

انظر: تكمل رد المختار لابن عابدين الحنفي (5/ 504).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

لأن النسب إلى الآباء. فإن قيل: لما كان النسب إلى الآباء وجب أن يستوي الأب الحر والعبد وليس كذلك.

أجاب بأن العبد هالك معنى لأنه لا يملك شيئا ولأنه أثر الكفر والكفر موت حكمي، قال الله تعالى {أومن كان ميتا فأحييناه} [الأنعام: 122] فصار حال هذا الولد في الحكم حال من لا أب له فينسب إلى موالي الأم، وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا لأن الحرية حياة باعتبار صفة المالكية، والعرب والعجم فيه سواء.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 224).

(6)

المسألة: وقال أبو يوسف: حكمه حكم أبيه، لأن النسب إلى الأب كما إذا كان الأب عربيا، بخلاف ما إذا كان الأب عبدا لأنه هالك معنى.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 268).

ص: 233

والكفر موت والنسب في حق العجم ضعيف ألا ترى أن حريتهم تحتمل الإبطال بالاسترقاق الخلاف في مطلق المعتق لأن وضع المسألة في المبسوط وإذا كانت الأم معتقة إنسان والأب حر مسلم نبطي كما ذكرنا

(1)

.

فإن قلت: ففي قوله: (والنسب في حق العجم ضعيف) في تعليلها إيذان بأنهما إنما يرجحان ولاء العتاقة إذا كانت المعتقة معتقة العرب لأن الولاء لحمة كلحمة النسب، والنسب في حق العرب قوي فكذلك معتقهم يحكي حكاية النسب وكان قويا فيترجح حينئذ معتق العرب على المنسوب في العجم لا مطلق العتق.

قلت: ذلك الضعف والقوة فيما إذا كان [في]

(2)

جانب الأب حتى إن الأب إذا كان عربيا والأم معتقة إنسان فولاء الولد لقوم الأب بالاتفاق، وأما في جانب الأم فالقوة لمجرد كونها معتقة على نسب العجم. ألا ترى أنهما تعرضا لمطلق ولاء العتاقة بأنه قوي فقال لها إن ولاء العتاقة قوي حتى ظهرت قوته بأن [الناس]

(3)

يتفاخرون في العتاقة؛ فإن من له أب واحد في الحرية لا يكون كفوا لمن له أبوان في الحرية

(4)

على ما مر في النكاح،

(1)

قال: إذا كانت الأم معتقة إنسان والأب حر مسلم نبطي لم يعتقه أحد فالولد مولى لموالي الأم في قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله تعالى- وكذلك إن كان الأب والي رجلان وعند أبي يوسف -رحمه الله تعالى- لا يكون الولد مولى لموالي الأم، ولكنه منسوب إلى قوم أبيه. قال: وكيف ينسب إلى قوم أمه، وأبوه حر له عشيرة وموال، بخلاف ما إذا كان الأب عبدا وتقرير هذا من وجهين:

أحدهما: أن العبد رقيق بجميع أجزائه، وماؤه جزء منه فإنما تثبت الحرية لمائه لاتصاله برحمها فلهذا كان الولد مولى لمواليها حتى يعتق الأب، وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا، ألا ترى أنه لو كان حرا عربيا كان الولد منسوبا إلى قوم أبيه، ولا يكون مولى لموالي أمه، فكذلك إذا كان أعجميا؛ لأن العرب والعجم في حرية الأصل سواء.

والثاني: أن الرق تلف حكما فإذا كان الأب عبدا، كان حال هذا الولد في الحكم كحال من لا أب له، فيكون منسوبا إلى مولى الأم. وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا؛ لأن الحرية حياة باعتبار صفة المالكية والعرب والعجم فيه سواء.

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 88).

(2)

في (ب) من.

(3)

في (أ) الإنسان وفي (ب) الناس والصحيح المثبت ما ذكر في (ب).

(4)

وأما في النسب فليس كذلك.

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 19).

ص: 234

ولا يتفاخرون في حق [الإنساب]

(1)

حتى لم يقل في حق النسب إذا كان له أب واحد في الخلافة أو الإمارة ولا يكون كفوا لمن له أبوان [فيهما]

(2)

بل هما سواء في الكفاءة. فعلم بهذا أنهما يرجحان بمجرد ولاء العتاقة سواء كان معتق العرب أو العجم على نسب العجم فصح قوله الخلاف في مطلق المعتقة

(3)

.

(وقال أبو يوسف رحمه الله مواليهم موالي أبيهم) وأجمعوا

(4)

على أنهما لو كانا معتقين أو كان الأب معتقا والأم موالي المولات أو كان الأب عربيا والأم معتقة كان الولد تبعا للأب لأبي يوسف رحمه الله أن الولاء بمنزلة النسب.

(5)

قال عليه السلام: «الولاء لحمة كلحمة النسب»

(6)

.

وفي حقيقة النسب يضاف إلى الأب في الشرف والدناءة فكذلك في الولاء ولهما أن ولاء العتاقة أقوى من ولاء الموالاة بوجهين:

أحدهما: من حيث الانفساخ وعدم الانفساخ على ما ذكره في الكتاب

(7)

.

والثاني: من حيث التقدم والتأخر فإن مولى العتاقة ينعدم على ذوي الأرحام ومولى الموالاة مؤخر عنهم ولأدنى لا يصلح معارضا [للأعلى]

(8)

إلى هذا أشار الإمام قاضي خان

(9)

.

(1)

في (أ) الإكساب وفي (ب) الأنساب والصحيح ما ذكر في (ب).

(2)

في (أ) فيها وفي (ب) فيهما والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 19).

(4)

أي أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن حسن رحمهم الله.

(5)

انظر: العناية شرح الهداية (13/ 133).

(6)

سبق تخريجه ص 260.

(7)

لأنه لا يلحقه الفسخ، وولاء الموالاة يلحقه الفسخ فلا يجوز رفع الأقوى بالأضعف.

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 171).

(8)

في (ب) لا القوي.

(9)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 225).

ص: 235

([ولو]

(1)

كان الأبوان (

(2)

[لقوله]

(3)

عليه السلام: «الولاء لحمة كلحمة النسب»

(4)

التعصيب جعل إنسان عصبة ومنه قوله: والذكر يعصب الأنثى أي يجعلها عصبة كذا في المغرب

(5)

.

(وهو أحق بالميراث من العمة والخالة) أي مولى العتاقة آخر العصابات (وهو مقدم على ذوي الأرحام

(6)

وهو قول علي رضي الله عنه (

(7)

(8)

.

(1)

في (أ) وإن وفي (ب) ولو.

(2)

ولو كان الأبوان معتقين فالنسبة إلى قوم الأب لأنهما استويا والترجيح لجانبه لشبهه بالنسب أو لأن النصرة به أكثر.

قال: وولاء العتاقة تعصيب وهو أحق بالميراث من العمة والخالة.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 269).» أي الوالدان لشبهة بالنسب انظر: العناية شرح الهداية (9/ 225).

(3)

في (ب) قال.

(4)

سبق تخريجه ص 260.

(5)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 317).

(6)

يقول الميرغيناني: وولاء العتاقة تعصيب وهو أحق بالميراث من العمة والخالة لقوله عليه الصلاة والسلام للذي اشترى عبدا فأعتقه هو أخوك ومولاك إن شكرك فهو خير له وشر لك وإن كفرك فهو خير لك وشر له.

انظر: الهداية شرح البداية (3/ 273).

(7)

روي عن علي تقديمه على ذوي الأرحام يعني مولى العتاقة، قلت: غريب عن علي، وأخرجه عبد الرزاق عن زيد بن ثابت، فقال: أخبرنا معمر عن قتادة عن زيد بن ثابت كان يورث الموالي دون ذوي الأرحام، انتهى. وأخرج عن علي خلاف ذلك، فقال: أخبرنا الثوري أخبرني منصور عن حصين عن إبراهيم، قال: كان عمر، وابن مسعود يورثان ذوي الأرحام دون الموالي، قلت: فعلي بن أبي طالب؟ فقال: كان أشدهم في ذلك، انتهى.

انظر: نصب الراية (4/ 154).» وهو قولنا، وكان ابن مسعود رضي الله عنه «يقول هو مؤخر عن ذوي الأرحام» عبد الرزاق عن الثوري قال أخبرني منصور عن حصين عن إبراهيم قال كان عمر وبن مسعود يورثان [ذوي] الأرحام دون الموالي قال فقلت فعلي بن أبي طالب قال كان أشدهم في ذلك.

أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (9/ 18) كتاب الميراث باب ميراث ذي القرابة رقم 16197.

(8)

يقول السرخسي: وكان بن مسعود رضي الله عنه يقول مؤخر عن ذوي الأرحام لقوله صلى الله عليه وسلم للمعتق في معتقه وإن مات ولم يدع وارثا كنت أنت عصبته فقد شرط لتوريثه عدم الوارث وذوو الأرحام من جملة الورثة.

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 81).

ص: 236

فإن قلت: لو قال قائل [قد]

(1)

دل الدليل على إنه مؤخر من ذوي الأرحام كما قال ابن مسعود رضي الله عنه وذلك أن النبي عليه السلام قال: «[للمعتق]

(2)

في معتقه وإن مات ولم يدع وارثا كنت أنت [عصبته]

(3)

»

(4)

، فقد شرط [لتوريثه]

(5)

عدم الوارث وذووا الأرحام من جملة الورثة ولأنه عليه السلام قال: «الولاء لحمة كلحمة النسب»

(6)

وما يشبه الشيء لا يزاحمه ولا يقدم عليه بل يخلفه عند عدمه فما جوابنا عنه

(7)

.

قلت: نعم كذلك إلا أن ما ذكر في الكتاب من حديث ابنة حمزة

(8)

دال على ما قلنا وهو ما روى أن ابنة حمزة أعتقت عبدا فمات المعتق وترك ابنته «فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف ماله للبنت ونصفه لبنت حمزة والباقي بعد نصيب

(1)

في (ب) لو.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (أ) عصبه في (ب) عصبته.

(4)

لم أجده مروي عن ابن مسعود ولكن بعد الرجوع الى كتب السنن والآثار وجده مروي عن ابن عباس.

عن بن عباس أن رجلا مات ولم يدع وارثا إلا غلاما له كان أعتقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل له أحد قالوا لا إلا غلاما له كان أعتقه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه له.

أخرجه أبو داود في سننه (3/ 124) كتاب الميراث باب في ميراث ذوي الأرحام حديث رقم 2905، وعبد الرزاق في مصنفه (9/ 16) كتاب الميراث باب ميراث المولى مولاة رقم 16191.

وأخرجه البيهقي بلفظ آخر فقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس ثنا يحيى انا يزيد عن أشعث بن سوار عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع فرأى رجلا يباع فساوم به ثم تركه فاشتراه رجل فأعتقه ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني اشتريت هذا فاعتقته فما ترى فيه قال أخوك ومولاك قال ما ترى في صحبته قال إن شكرك فهو خير له وشر لك وإن كفرك فهو خير لك وشر له قال ما ترى في ماله قال إن مات ولم يدع وارثا فلك ماله هكذا جاء مرسلا.

السنن الكبرى للبيهقي (6/ 240) كتاب الميراث باب الميراث بالولاء حديث رقم 12162.

درجة الحديث: مرسل كما جاء في التخريج.

(5)

في (ب) لورثه.

(6)

سبق تخريجه ص 260.

(7)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 81).

(8)

هي عمارة بنت حمزة بن عبد المطلب بن هاشم (ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: هي أمامة بنت حمزة التي اختصم فيها علي بن أبي طالب وجعفر وقال: (أنا أحق بها لأن خالتها عندي)، فإن أمها هي سلمى بنت عميس وزيد بن حارثة وصي حمزة. فسلمها النبي لجعفر حيث إن خالتها متزوجة من جعفر. وقيل: هي ابن لحمزة يدعى عمارة وليست أنثى وقيل: إن اسمها أيضا: أم ورقة وقيل: أم الفضل.

انظر: الطبقات الكبري لابن سعد (8/ 159)، أسد الغابة لابن الأثير (7/ 196)، الإصابة لابن حجر (8/ 242).

ص: 237

صاحب الفرض للعصبة»

(1)

فتبين بهذا أن المعتق عصبة ورد الباقي على صاحب الفرض عند عدم العصبة مقدم على حق ذوي الأرحام، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يرد ما بقى على الابنة بل جعله للمعتقة. عرفنا أنها عصبته مقدمة على حق ذوي الأرحام.

وفي حديثه إشارة إلى هذا فإنه قال: «كنت أنت عصبته»

(2)

فتبين بهذا اللفظ أن مراده ولم يدع وارثا هو عصبته.

وقوله عليه السلام: «الولاء كالنسب»

(3)

دليلنا عند التحقيق لأن المعتق يضاف إلى [ولاء العتاقة العتق بالولاء من حيث أنه سبب لإحيائه فإن الحرية حياة والرق تلف حكما، فكان تعصيب] كالأب الذي هو المسبب لإيجاد الولد فتستحق العصوبة بهذه الإضافة كما تستحق العصوبة بالأبوة، فأما قرابة ذوي الأرحام فلا يستحق بها الإضافة على كل حال، والإنسان لا يضاف إلى عمته وخالته حقيقة، [وكان]

(4)

مؤخرا عن الولاء، وكان الولاء خلفا عن

(1)

أن مولى لابنة حمزة مات وترك ابنته وبنت حمزة فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف وابنة حمزة النصف.

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (24/ 356) حديث رقم 885، السنن الكبرى للبيهقي (10/ 510).

كتاب الميراث باب الميراث بالولاء حديث رقم 21490: هذا مرسل، وقد روي من أوجه أخر مرسلا، وبعضها يؤكد بعضا.

وأخرجه النسائي من وجه آخر: عن عبد الله بن شداد (أن أبنة حمزة أعتقت مملوكا لها فمات) فذكر الحديث وقال هذا أولى بالصواب.

السنن الكبري للنسائي (4/ 86) كتاب البيوع توريث المولى مع ذي الرحم حديث رقم 6397.

درجة الحديث: مرفوع وقيل مرسل.

انظر: المعجم الكبير للطبراني (24/ 356).

(2)

عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع فرأى رجلا يباع فساوم به ثم تركه فاشتراه رجل فأعتقه ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني اشتريت هذا فاعتقته فما ترى فيه قال أخوك ومولاك قال ما ترى في صحبته قال إن شكرك فهو خير له وشر لك وإن كفرك فهو خير لك وشر له قال ما ترى في ماله قال إن مات ولم يدع وارثا فلك ماله هكذا جاء مرسلا.

أخرجه البيهقي السنن الكبرى (6/ 242) كتاب الميراث باب الميراث بالولاء حديث رقم 12175.

(3)

سبق تخريجه ص 260.

(4)

في (ب) فكان.

ص: 238

الأبوة في حكم الإضافة فتستحق [بها]

(1)

العصوبة، ثم تقدم العصبة

(2)

على ذوي الأرحام، فكذلك مقدم مولى العتاقة على ذوي الأرحام كذا في المبسوط

(3)

.

هو أخوك [أي]

(4)

من حيث الدين إن شكرك فهو خير له لأنه ثبات له بمقابلة شكره في الآجلة ويستحق الثناء في العاجلة وشر [لك]

(5)

لأنك حرمت عما يصل إليك من الثواب بسبب كفرانه وإن كفرك فهو خير لك لأن ثواب الكفران يصل إليك وشر له لأن عقاب الكفران يلزمه. ولم يترك وارثا أي وارثا هو عصبته على ما ذكرنا بدليل الحديث الثاني وهو حديث ابنة حمزة رضي الله عنها، فهو أولى، أي العصبة من النسب أولى، لما ذكرنا أي لما ذكرنا من تأويل قوله صلى الله عليه وسلم:«لو مات ولم يترك وارثا كنت أنت عصبته» .

(تأويله) أي تأويل، قوله

(6)

: (وإن لم يكن له عصبة

(7)

فميراثه للمعتق، إذا لم يكن هناك صاحب فرض ذو حال، أما إذا كان فله الباقي (أي فله الباقي بعد فرضه.».

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

المقصود من العصبة أي الورثة كما في المبسوط.

(3)

مولى العتاقة آخر العصبات مقدم على ذوي الأرحام وهو قول علي -رضي الله تعالى عنه-، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: مؤخر عن ذوي الأرحام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم «للمعتق في معتقه وإن مات لم يدع وارثا كنت أنت عصبته» ، فقد شرط لتوريثه عدم الوارث وذوو الأرحام من جملة وقال: صلى الله عليه وسلم «الولاء لحمة كلحمة النسب» ، وما أشبه الشيء لا يزاحمه ولا يقدم عليه، بل يخلفه عند عدمه، ولكنا نحتج بما روي «أن بنت حمزة رضي الله عنها أعتقت عبدا فمات المعتق وترك بنتا فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف المال للبنت ونصفه لبنت حمزة رضي الله عنها، والباقي بعد نصيب صاحب الفرض للعصبة» ، فتبين بهذا أن المعتق عصبة ورد الباقي على صاحب الفرض عند عدم العصبة مقدم على حق ذوي الأرحام، ثم لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي على البنت بل جعله للمعتقة، عرفنا أنها عصبة مقدم على ذوي الأرحام. وفي حديثه عليه الصلاة والسلام إشارة إلى هذا فإنه قال كنت أنت عصبته، فتبين بهذا اللفظ أن مراده ولم يدع وارثا هو عصبة.

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 81 - 82).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

في (أ) ذلك وفي (ب) لك والصحيح المثبت لك.

(6)

أي صاحب البداية.

(7)

أي عصبة من النسب.

ص: 239

أعلم أن لهذه الجملة تأويلين:

أحدهما: معنى قوله: (صاحب فرض ذو حال)[أي ذو حال]

(1)

سوى حال الفرض كالأب والجد فإن له حالا سوى حال الفرض وهي العصوبة (أما إذا كان فله الباقي) أي، أما إذا كان هناك صاحب فرض له حال سوى حال الفرض كالأب له حال العصوبة فللأب الباقي (بعد فرضه) فلا شيء للمعتق حينئذ.

والثاني: وهو الأوجه هو أن معنى قوله: (وإن لم يكن له عصبة من النسب فميراثه للمعتق) أي، وكل ميراثه للمعتق (وتأويله) أي تأويل قوله:(كل ميراثه للمعتق إذا لم يكن هناك صاحب فرض ذو حال) أي ذو حال واحد كبنت المعتق مثلا أما إذا كان صاحب فرض ذو حال واحد كبنت المعتق (فله الباقي) أي فللمعتق الباقي بعد فرضه أي بعد فرض صاحب الفرض

(2)

.

[مدة الحمل]

ففي التأويل الأول: كان الضمير أن في فله الباقي بعد فرضه راجعا إلى قوله: (صاحب فرض ذو حال).

وفي التأويل الثاني: كان الضمير في فله راجعا إلى المعتق المذكور في قوله: (فميراثه للمعتق) والضمير في قوله: (بعد فرض) راجعا إلى قوله: [الباقي]

(3)

(صاحب فرض ذو حال (كرر في (ب) هذه الجملة (وفي التأويل الثاني: كان الضمير في فله راجعا إلى المعتق المذكور في قوله فميراثه للمعتق والضمير في قوله بعد فرض راجعا إلى قوله: الباقي صاحب فرض ذو حال).» وإنما قلنا أن التأويل الثاني أوجه؛ لأنه علل قوله: (فله الباقي بعد فرضه) بقوله: (لأنه عصبة على ما رويناه (انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 269).» وهو إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر العناية شرح الهداية (9/ 226).

(3)

ساقطة من (أ).

ص: 240

«ولو مات ولم يترك وارثا كنت أنت عصبته»

(1)

فلهذا يقطع بالحكم بصحة التأويل الثاني. يقال للقرابة والقبيلة ثبت النسبة.

وقوله: وهذا إشارة إلى، قوله:(فميراثه للمعتق) وصورة الحر قد بيناها وهي ما ذكر من قوله: (وإن ولدت بعد عتقها لأكثر من ستة أشهر إلى أن قال جر

(2)

الأب ولاء ابنه) وأما صورة جر ولائه معتقهن فهي ما ذكره في الذخيرة

(3)

فقال صورته امرأة اشترت عبدا وتزوج العبد بمعتقه قوم بإذن المرأة [فحدث]

(4)

له منها أولاد فولاء الولد يكون لموالي الأم لأنه تعذر إثبات الولاء من جانب الأب لكون الأب عبدا فيثبت من جانب الأم، فلو أن المرأة أعتقت هذا العبد جر العبد ولاء الولد إلى نفسه وجرت هي ذلك إلى نفسها وهذا لأن الأصل في ولاء الولد الأب لأن الولاء لحمة كلحمة النسب وإنما ثبت من الأم ضرورة تعذر إثباته من جانب الأب لكونه عبدا [وإذا]

(5)

أعتق جر ولاء ولده إلى نفسه كما إذا أكذب الملاعن نفسه وصورة جر [ولاء]

(6)

معتق المعتق: امرأة اشترت عبدا وأعتقته ثم إن هذا العبد المعتق اشترى عبدا ثم إن العبد الثاني تزوج [بمعتقة]

(7)

قوم وحدث [لها منه]

(8)

أولاد فإن ولاء الأولاد لموالي الأم فلو أن المعتق أعتق هذا العبد جر هذا العبد ولاء ولده ثم جر المعتق الأول ذلك إلى نفسه

(1)

سبق تخريجه صفحة 285.

(2)

تكملة المسألة: فإن ولدت بعد عتقها لأكثر من ستة أشهر ولدا فولاؤه لموالي الأم فإن أعتق الأب جر ولاء ابنه وانتقل عن موالي الأم إلى موالي الأب.

انظر: بداية المبتدي (ص: 198).

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 177).

(4)

في (ب) وحدث.

(5)

في (ب) فإذا.

(6)

في (ب) الولاء.

(7)

في (أ) لمعتقه وفي (ب) بمعتقه والصحيح ما ذكر في (ب).

(8)

في (ب) لها.

ص: 241

ثم جرت المرأة ذلك إلى نفسها، فالأب يجر ولاء الولد إلى نفسه بالإجماع

(1)

، وأما الجد هل يجر ولاء حافده؟

ففي ظاهر رواية

(2)

أصحابنا

(3)

لا يجر سواء كان الأب حيا أو ميتا وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يجر وصورة ذلك عبد تزوج بمعتقة قوم وجاء له منها ولد ولهذا العبد أب حي فأعتق الأب بعد ذلك وبقى العبد عبدا على حاله ثم مات العبد وهو [أب]

(4)

هذا الولد ثم مات الولد ولم يترك وارثا يجر ميراثه، كان ميراثه لموالي الأم ولو جنى كان يجعله على [عاقلة]

(5)

موالي الأم عند علمائنا [ولم]

(6)

يجر الولد ولاء حافده إلى مواليه وإنما [كان]

(7)

كذلك لأنه تعذر إثبات الولاء من الجد لما ذكرنا أن الولاء ألحق بالنسب شرعا.

والنسب إنما يثبت من الجد إذا ثبت من الأب ألا ترى أن نسب ولد الزنا إذا لم يثبت من الزاني لا يثبت من الجد؟ وهنا لا يثبت ولاء [ولد]

(8)

الولد من أبيه لكونه

(1)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 177).

(2)

ظاهر الرواية: وهي مسائل مروية عن أصحاب المذهب، وهم: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد -رحمهم الله تعالى-. ويلحق بهم: زفر، والحسن بن زياد، وغيرهما، ممن أخذ من أبي حنيفة، ويسمى هؤلاء: المتقدمين. ثم هذه المسألة التي سميت: مسائل الأصل، وظاهر الرواية، هي ما وجدت في كتب محمد التي هي:(المبسوط)، و (الزيادات)، و (الجامع الصغير)، و (الكبير)، و (السير). وإنما سميت بظاهر الرواية: لأنها رويت عن محمد، برواية الثقات، فهي: إما متواترة، أو مشهورة عنه.

انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (2/ 1282).

(3)

المشهور عند إطلاقها أنهم: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن.

(4)

في (أ) أن في (ب) أب والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

في (ب) عقله على.

(6)

في (ب) ويجر الولد.

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

ساقطة من (ب).

ص: 242

عبدا [و لا]

(1)

يثبت من جده

(2)

[و]

(3)

ينسب إليها أي إلى المرأة المعتقة وينسب إلى مولاها أي إلى معتقها يعني أن المرأة كما ينسب إليها ولاء معتقها فكذلك [إليها]

(4)

ينسب ولاء [معتق]

(5)

معتقها (بخلاف النسب) أي لا ينسب الولد إلى الأم يعني أن ولاء العتاقة يثبت من جانب النساء ولا يثبت النسب من جانب النساء، ووجه الفرق بينهما بالحديث والمعقول أما الحديث فهو ما ذكرنا من حديث ابنة حمزة، وقد ذكرناه فتبين بذلك الحديث أن المرأة تكون عصبة لمعتقها، وأما المعقول فهو أن سبب النسبة إلى الولاء أحداث قوة المالكية بالعتق وقد يتحقق ذلك منها كما تحقق من الرجل، بخلاف النسب فإن سببه وهو الفراش، يثبت [في النكاح في]

(6)

الأصل والمرأة لا تساوي الرجل في ملك النكاح لأنها بصفة الأنوثة مملوكة نكاحا فلا يكون مالكه نكاح وإذا ثبت أنها أصل في هذا الولاء كان ميراث معتقها لها فكذلك ميراث [معتق]

(7)

معتقها، لأن معتق المعتق ينسب إلى معتقه بالولاء وهي مثل الرجال في الولاء؛ لأن سببه العتق على ما بيناه فتستوي هي بالرجل في استحقاق ذلك (لأن الولاء لا يورث) أي لا يجري في الولاء الإرث لأنه لو كان استحقاق المال فيه الإرث لكان للذكر مثل حظ الأنثيين كما في ساير المواريث، ولكن يجري فيه الخلافة والخلافة إنما تتحقق بمن تحقق به النصرة والنصرة إنما تكون بالابن دون الابنة ألا ترى أن النساء لا يدخلن في العاقلة عند تحمل الأرش؛ لعدم النصرة منهن حتى لو ترك المولى أبا وابنا.

(1)

في (ب) فلا.

(2)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 177).

(3)

في (ب) من.

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

في (ب) بالنكاح وهو.

(7)

ساقطة من (ب).

ص: 243

صورته ما ذكره في المبسوط

(1)

امرأة أعتقت عبدا ثم ماتت وتركت ابنها وأباها ثم مات العبد فميراثه للابن خاصة في قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- وهو قول أبي يوسف الأول ثم رجع فقال لأبيها السدس والباقي للابن وجه قول أبي يوسف رحمه الله أن الأبوة تستحق بها كالبنوة، ألا ترى أن الأب عصبة عند عدم الابن واستحقاق الميراث بالولاء ينبني على العصوبة ووجود الابن لا يكون موجبا حرمان الأب أصلا عن الميراث ألا ترى أنه لم يصر محروما عن ميراثها بهذا فكذلك عن ميراث معتقها فهذا شبه الاستحسان من أبي يوسف، وأما القياس بما قاله أبو حنيفة ومحمد -رحمهما الله-؛ لأن أقرب [العصبة]

(2)

المعتق يقوم مقام [المعتق]

(3)

بعد موته في ميراث المعتق، والابن هو العصبة دون الأب واستحقاق الأب السدس منها بالفريضة دون العصوبة فهو كاستحقاق الابنة نصف ما لها [بالفريضة]

(4)

مع الأب [وذلك]

(5)

لا يكون سببا لمزاحمتها مع الأب في ميراث معتقها فكذلك هاهنا. (وكذلك الولاء لابن المعتقه حتى يرثه دون أختها).

وفي المبسوط

(6)

امرأة أعتقت عبدا ثم ماتت وتركت ابنها وأخاها ثم مات العبد ولا وارث له غيرهما فالميراث للابن؛ لأنه أقرب [عصباتها]

(7)

يقدم على الأخ بالإرث عنها فكذلك في [الخلافة في]

(8)

ميراث معتقها وإن جنى جناية فعقله عن عاقلة الأخ

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 85).

(2)

في (ب) عصبة.

(3)

في (ب) العتق.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

في (أ) وكذلك وفي (ب) وذلك والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 85).

(7)

في (ب) عصبتهما.

(8)

ساقطة من (ب).

ص: 244

لأن جناية معتقها كجنايتها وجنايتها على قوم أبيها [فكذلك]

(1)

جناية معتقها وابنها ليس من قوم أبيها، واستدل عليه بحديث إبراهيم

(2)

عن علي ابن أبي طالب والزبير ابن العوام رضي الله عنهما اختصما إلى عمر رضي الله عنه في مولى لصفية بنت عبد المطلب [مات]

(3)

فقال علي: عمي [أي هي]

(4)

عمتي وأنا أرث مولاها وأعقل عنه وقال الزبير: أمي وأنا أرث مولاها فقضى عمر بالميراث للزبير وبالعقل على علي رضي الله عنه

(5)

.

(6)

وذكر في الذخيرة

(7)

، وإذا مات المعتق ولم يترك إلا ابنت المعتق فلا شيء لبنت المعتق في ظاهر رواية عن أصحابنا وميراث المعتق لبيت المال، وبعض مشايخنا

(8)

كانوا

(1)

في (ب) وكذلك.

(2)

هو أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي أحد الأئمة المشاهير، كان تابعيا رأى عائشة رضي الله عنها ودخل عليها صغيرا، ولم يثبت له منها سماع. روى عن مسروق وعلقمة وشريح وغيرهم. عرف بحدة الذهن والبراعة في الفقه. قال الشعبي: ما ترك أحدا أعلم منه. كان شيخا لحماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة.

توفي سنة 96 هـ وقيل 95 هـ.

انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان (1/ 6)، الأعلام للزركلي (1/ 80).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

عن علي بن أبي طالب والزبير بن العوام رضى الله عنهما اختصما إلى عمر رضى الله عنه في مولى لصفية رضى الله عنها فقال علي أنا عصبة عمتي وأنا أعقل عن مواليها وأرثه ثم قال الزبير أمي وأنا أرث مولاها فقضى عمر للزبير بالميراث وقضى بالعقل على علي بن أبي طالب.

أخرجه سعيد بن منصور في سننه (1/ 116) حديث رقم كتاب 274، الآثار لأبي يوسف الحنفي (1/ 170).

(6)

وقال الشعبي شهدت على الزبير أنه ذهب بموالي صفية وشهدت على جعدة بن هبيرة أنه ذهب بموالي أم هانئ رضي الله عنها وكان ابنا لها فخاصمه على المبسوط، ميراث مولاها فبهذين الحديثين يثبت أن ميراث المعتق يكون لابن المعتقة وإن كان عقل جنايته على قوم أبيها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصدق والصواب وإليه المرجع والمآب.

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 87).

(7)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 180).

(8)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 24).

ص: 245

يفتون في هذه المسألة بدفع المال إلى ابنت المعتق لا بطريق الإرث بل لأنها أقرب إلى الميت من بيت المال

(1)

ألا ترى أنها لو كانت ذكرا [كانت]

(2)

تستحق المال وليس في زماننا بيت المال وإنما كانت بيت المال في زمن الصحابة رضي الله عنهم [أجمعين]

(3)

والتابعين فإنه لو صرف ذلك إلى سلطان الوقت [أو]

(4)

القاضي فالظاهر أنهم لا يصرفون ذلك إلى مصارفه وهكذا كان [يفتي القاضي]

(5)

الإمام أبو بكر الرازي

(6)

ببخارى والقاضي الإمام صدر الإسلام، وذكر القاضي الإمام عبد الواحد في فرائضه

(7)

أن

(8)

الفاضل عن سهام الزوج والزوجة لا يوضع في بيت المال اليوم لما قلنا بل يدفع إليهما لأنهما أقرب إلى الميت من غيرهما فكان الصرف إليهما أولى وكذا الابن والابنة من

(1)

قال ابن نجم المصري: (كيف وأنه ليس في زماننا بيت المال وإنما كان كذلك في زمن الصحابة إذا دفع ذلك إلى سلطان الوقت أو القاضي لا يصرفون إلى مصرفه.

انظر: البحر الرائق (8/ 569).

(2)

كانت ساقطة من (أ).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) و.

(5)

في (أ) يفتي القاضي في (ب) القاضي.

(6)

هو أحمد بن علي، أبو بكر الرازي، الإمام الكبير، المعروف بالجصاص، انتهت إليه رئاسة الحنفية ببغداد، قال الخطيب:"كان إمام أصحاب أبي حنيفة في وقته، وكان مشهورا بالزهد والدين والورع"، له مصنفات كثيرة، منها:"أحكام القرآن" و"شرح الجامع" لمحمد بن الحسن، و"شرح مختصر الكرخي" و"شرح مختصر الطحاوي" و"شرح الأسماء الحسنى"، وله كتاب مفيد في أصول الفقه، وكتاب "جوابات المسائل"، و"المناسك"، توفي سنة 370 هـ ببغداد.

انظر: الجوهر المضيئة للقرشي (1/ 84)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 96)، الطبقات السنية للغزي (1/ 122).

(7)

عبد الواحد الشيباني: كان من كبار فقهاء ما وراء النهر وكان يرجع إليه في أكثر الوقائع والنوازل.

انظر: الفوائد البهية (1/ 113).

(8)

في (ب) أي.

ص: 246

الرضاع

(1)

، إذا لم يكن للميت غيرهما يصرف ماله إليهما ثم

(2)

ولاء العتاقة كما يجري بين المسلمين [فكذلك]

(3)

يجري بين الذميين حتى أن ذميا إذا أعتق عبدا ذميا كان ولاء ولد العبد له؛ لأن الذمي يرث من الذمي بالنسب فكذلك بالولاء الذي هو لحمة كلحمة النسب، ويستوي أن يكون العبد والمولى يهوديين أو نصرانيين أو أحدهما يهوديا والآخر نصرانيا وإن كان المعتق قد أسلم أو كان مسلما في الأصل فميراثه لبيت المال إذا لم يكن للمعتق عصبة من المسلمين أما إذا كان له عصبة من المسلمين فميراثه لعصبته وعقل المعتق عليه لأنه تعذر إيجابه على بيت المال لأن بيت المال ليس عاقله مولاه فلا يكون عاقلته وتعذر إيجابه على المعتق وعاقلته لأن العقل إنما يكون بالتناصر، والتناصر في غير العرب إنما يكون باتفاق [المله]

(4)

فيتعين (أن يكون عليه الولاء للكبير) أي [لأكبر]

(5)

أولاد المعتق والمراد أقربهم نسبا لا أكبرهم سنا [كذا]

(6)

في المغرب

(7)

.

وذكر شيخ الإسلام رحمه الله أي

(8)

الأقرب إلى الميت من حيث النسب لا الكبر من حيث السن والعمر.

(1)

الرضاع:- لغة: الرضاع والرضاعة مصدر للفعل رضع، رضع، (وهو شرب اللبن من الضرع أو الثدي) رضع الصبي وغيره يرضع مثال ضرب يضرب، لغة نجدية ويقال للمولود رضيع ومرضع، ويقال للمرأة التي ترضع ولدها امرأة مرضع ومرضعة.

انظر: مختار الصحاح للرازي (1/ 123)، لسان العرب (8/ 125)، المصباح المنير للفيومي (1/ 229).

اصطلاحا: (مص من ثدي آدمية في وقت مخصوص). أو هو (مص الرضيع من ثدي الآدمية في مدة الرضاع).

انظر: تكملة رد المحتار لابن عابدين الحنفي (3/ 209)، التعريف للجرجاني (1/ 114).

(2)

إن ناقص من (أ).

(3)

في (ب) كذلك.

(4)

في (أ) المسألة وفي (ب) الملة والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

في (أ) كبر وفي (ب) لأكبر والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

ساقطة من (أ).

(7)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 399).

(8)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 28).

ص: 247

ألا ترى أن المعتق إذا مات وترك ابنين أكبر وأصغر ثم مات المعتق [فالولاء]

(1)

بين الاثنين نصفان لاستوائهما في القرب إلى الميت من حيث النسب، [و]

(2)

نوع من المعنى يدل عليه وهو [أن]

(3)

الولاء بعد موت المعتق إنما يستحق بالعصوبة لا بالفرض فيستحقه أقرب العصبات إليه من حيث النسب لا الأكبر من حيث السن. كولاية النكاح لما كانت تستحق بالعصوبة يستحقه أقرب العصبات إلى المرأة من حيث النسب لا [الأكبر]

(4)

من حيث السن فكذا في الولاء [والله أعلم بالصواب]

(5)

.

(1)

في (أ) والولاء وفي (ب) فالولاء والصحيح ما ذكر في (ب) لسياق الكلام.

(2)

في (أ) في وفي (ب) و والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

في (أ) أي وفي (ب) أن والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

ساقطة من (أ).

ص: 248

‌فصل في ولاء الموالاة

(1)

[بيان ولاء الموالاة لغة وشرعا وبيان شرائطه وأحكامه]

قد ذكرنا وجه المناسبة وقدم ولاء العتاقة على الموالاة؛ لأن ولاء العتاقة أقوى لأنه غير قابل للتحول والانتقال في جميع الأحوال بخلاف ولاء الموالاة. فإن للمولى فيه أن ينتقل فيه قبل العقل ولأن الأحياء الحكمي وجد في ولاء العتاقة ولم يوجد هو في ولاء الموالاة أصلا، ولأن ولاء العتاقة متفق عليه في أنه سبب للإرث ولأنه مقدم على ذوي الأرحام بخلاف ولاء الموالاة فيحتاج هاهنا إلى بيان ولاء الموالاة لغة وشرعا وبيان شرائطه وأحكامه.

أما اللغة: فقد ذكرناها في ولاء العتاقة [بأن]

(2)

الولاء مشتق من الولي وهو القرب فسمي به لأن المولى الأسفل وهو الكافر الذي أسلم يقرب نفسه وماله إلى المولى الأعلى الذي هو المسلم الأصلي بعقد المولاة [معه]

(3)

.

وأما بيانه شرعا: فقد ذكر في الذخيرة

(4)

هو أن يسلم الرجل على يدي رجل فيقول للذي أسلم على يديه أو لغيره واليتك على أني إن مت فميراثي لك وإن جنيت فعقلي عليك وعلى عاقلتك وقبل الآخر منه فهذا [هو]

(5)

تفسير ولاء الموالاة.

وأما شرائطه: فثلاث:

(1)

(ولاء الموالاة سببه العقد) ولهذا يضاف إلى موالاة وهي العقد والأصل في الإضافة إضافة المسبب إلى السبب كما يضاف الولاء إلى العتاقة؛ لأن سببه العتق.

انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر للكليبولي الحنفي (2/ 427).

(2)

في (ب) فإن.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 187).

(5)

ساقطة من (أ).

ص: 249

أحديها: أن يكون مجهول النسب بأن لا ينسب هو إلى غيره أما نسبة غيره إليه فغير مانع.

والثانية: أن لا يكون له ولاء عتاقة ولا ولاء موالاة مع أحد أو بيت المال، وقد عقل عنه.

والثالثة: أن لا يكون عربيا إلى هذا أشار الإمام التمرتاشي وغيره

(1)

.

وأما أحكامه: فهي أنه إذا جنى الأسفل جناية فعقله على عاقلة المولى الأعلى وإن مات الأسفل يرثه الأعلى، وإن مات الأعلى لا يرث الأسفل منه إلا إذا شرط ميراث المولى الأعلى لنفسه ويدخل في هذا العقد أولاده الصغار ومن يولد له بعد ذلك فإن كبر بعض الأولاد وأراد فسخ العقد لم يكن له إن كان عقل عن أحدهم إلا برضاء المولى وقبل أن يعقل عنه له الفسخ وليس كذلك ساير العقود الذي يلي الأب على الصغير لأنه عقد ضمان

(2)

ولا يثبت هذه الأحكام بمجرد الإسلام بدون عقل الموالاة كذا في الذخيرة

(3)

والجامع الصغير [للإمام التمرتاشي]

(4)

(5)

.

(1)

وأن يكون حرا عاقلا بالغا وحكمه أن يثبت به الإرث إذا مات وأن يعقل عنه إذا جنى ويدخل فيه أولاده الصغار ومن يولد له بعد عقد الموالاة، ولو عقد مع الصغير أو مع العبد لا يجوز إلا بإذن الأب والمولى، وعند بعضهم لا يشترط أن يكون مجهول النسب ويشترط أن لا يكون الأسفل عربيا لأن تناصر العرب بالقبائل فأغنى عن الموالاة وكونه أسلم على يده ليس بشرط لصحة هذا العقد.

انظر: تبيين الحقائق للزيلعي الحنفي (5/ 180).

(2)

الضمان لغة: ضمن الضمين الكفيل ضمن الشيء وبه ضمنا وضمانا: كفل به. وضمنه إياه: كفله.

انظر: لسان العرب (13/ 257).

شرعا: التزام شخص بأداء ما وجب على غيره من حقوق مالية.

انظر: العناية شرح الهداية (7/ 219).

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 187).

(4)

في (أ) للتمرتاشي وفي (ب) للإمام التمرتاشي.

(5)

انظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي الحنفي (2/ 289)، المحيط البرهاني لابن مازة الميرغيناني (4/ 625).

ص: 250

وذكر في المبسوط

(1)

والإسلام [على]

(2)

يديه ليس بشرط لصحة عقد المولاة وإنما ذكر على سبيل العادة وسواء أسلم على يديه أو أتاه مسلما وعاقده عقد الولاء كان مولى له وكذا الإسلام على يديه [ليس بكاف لثبوت ولاء الموالاة إلا على قول الروافض فإنهم يقولون بمجرد الإسلام على يديه يكون]

(3)

مولى له لأنه أحياه بإخراجه من ظلمة الكفر لأن الكفار كالموتى في حق المسلمين. فهو كما لو أحياه بالعتق وعلى هذا يزعمون أن الناس مولى علي رضي الله عنه وأولاده [فإن]

(4)

السيف كان بيده وأكثر الناس أسلموا من هيبته وهذا باطل عندنا فإن الله تعالى هو الذي أحياه بالإسلام بأن هداه لذلك وبيانه في قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ}

(5)

أي كافر فرزقناه الهدى

(6)

.

وقال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ}

(7)

يعني بالإسلام فدل أن المنعم بالإسلام هو الله تعالى فلا يجوز أن يضاف ذلك إلى الذي عرض عليه الإسلام لأنه بما صنع نائب عن الشرع مباشر [لما]

(8)

يحق عليه الله تعالى فهو في حقه كغيره من المسلمين لا يكون مولى له ما لم يعاقده عقد الولاء ثم من أين لهم

(9)

هذا التحكم لأن أكثر الناس أسلموا من هيبة علي رضي الله عنه وهو كان صغيرًا حين أسلم الكبار من الصحابة وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما كانا مقدمين عليه في أمور القتال وغير القتال. لا يخفى ذلك على من

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 91 - 92).

(2)

في (أ) في وفي (ب) على والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

سورة [الأنعام: 122].

(5)

في (أ) لأن وفي (ب) فإن والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (5/ 51).

(7)

سورة [الأحزاب: 37].

(8)

في (ب) بما.

(9)

أي الروافض.

ص: 251

[تأمل]

(1)

في أحوالهم ولكن الروافض قوم بهت لا يحترزون عن الكذب بل بناء مذهبهم على الكذب.

(فميراثه للمولى) أي للمولى الأعلى وهو المسلم الأصلي، وأما إذا مات الأسفل والأعلى ميت فميراثه لأقرب الناس عصبة إلى الأعلى كما في ولاء العتاقة كذا في الذخيرة

(2)

.

(وقال الشافعي رحمه الله

(3)

الموالاة ليس بشيء) أي ليس بشيء موجب للإرث والعقل، والشافعي أخذ بقول الشعبي

(4)

فإنه كان يقول لا ولاء إلا ولاء ذي نعمة يعني العتاق

(5)

ونحن أخذنا بقول إبراهيم النخعي رحمه الله

(6)

(7)

.

(1)

في (ب) يتأمل.

(2)

انظر: المحيط البرهاني لابن مازة الميرغيناني (4/ 187).

(3)

انظر: الحاوي الكبير (12/ 366).

(4)

هو: عامر بن شراحيل أبو عمرو الشعبي الكوفي من أعلام التابعين. روى عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة وغيرهم. وعنه الأعمش وأشعث بن سوار وأبو حنيفة وغيرهم. ولد لست سنين مضت من خلافة عمر. ومات سنة (103 هـ)، أو سنة (104 هـ)، أو سنة (107 هـ).

انظر: تاريخ بغداد للبغدادي (14/ 143)، وفيات الأعيان (3/ 12)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (5/ 65).

(5)

حدثنا وكيع قال ثنا حسن بن صالح عن مطرف عن الشعبي قال لا ولاء إلا لذي نعمة.

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 6/ 297 كتاب الفرائض من قال إذا أسلم على يديه فليس له من ميراثه شيء رقم 31578.

(6)

إبراهيم النخعي: هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبو عمران. أحد أعلام التابعين. رأى جماعة من الصحابة، ولم يصح له سماع منهم. فكان يرسل عن بعضهم. قال الذهبي في الميزان:"استقر الأمر على أن إبراهيم حجة. وأنه إذا أرسل عن ابن مسعود وغيره فليس بحجة" مات بالكوفة سنة (96 هـ) وله من العمر تسع وأربعون سنة.

انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي (1/ 59)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (1/ 177)، و"شذرات الذهب" للعكري (1/ 378)، و"غاية النهاية في طبقات القراء" لابن الجزري (1/ 29).

(7)

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال إذا أسلم الرجل على يدي رجل ووالاه فانه يرثه ويعقل عنه.

انظر: المبسوط للشيباني (4/ 182).

ص: 252

لحديث أبي الأشعث

(1)

حيث سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رجل أسلم على يديه ووالاه فمات وترك مالا فقال عمر رضي الله عنه: «ميراثه لك فإن أبيت فلبيت المال»

(2)

، وهكذا أيضا روى عن ابن عباس رضي الله عنه

(3)

وابن مسعود رضي الله عنه وأيد أقاويل الصحابة حديث تميم الداري

(4)

رضي الله عنه.

(1)

ابن سليمان بن أشعث الإمام المتقن الحافظ أبو الأشعث العجلي البصري. سمع حماد بن زيد، وحزم بن أبي حزم، وعبد الله بن جعفر المديني، ويزيد بن زريع، وجماعة. حدث عنه: البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وخلق كثير. قال النسائي: ثقة. وقال ابن خزيمة: كان صاحب حديث. وقال أبو حاتم: محله الصدق. قال أبو الأشعث: ولدت قبل موت المنصور بسنتين. مات في صفر، سنة ثلاث وخمسين ومائتين.

انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 78) وتاريخ بغداد للبغدادي (6/ 381)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (1/ 81)، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (3/ 140)، سير أعلام النبلاء للذهبي (9/ 554).

(2)

حدثنا بن إدريس عن ليث عن أبي الأشعث عن مولاه قال سألت عمر عن رجل أسلم على يدي قال أنت أحق الناس بميراثه ما لم يترك وارثا فإن لم يترك وارثا ففي بيت المال.

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 296) كتاب الميراث في الرجل يسلم على يدي رجل ثم يموت من قال يرثه رقم 31581.

(3)

حدثنا وكيع قال ثنا الربيع بن أبي صالح الأسلمي عن رجل سماه أن رجلا من أهل السواد يقال له حشي أتى عليا ليواليه فأبى أن يواليه قال فأتى العباس أو بن العباس فوالاه.

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 296) كتاب الميراث في الرجل يسلم على يدي رجل ثم يموت من قال يرثه رقم 31582.

(4)

هو الصحابي تميم بن أوس بن خارجة الداري، أبو رقية، كني بابنته رقية، لأنه لم يولد له غيرها. كان نصرانيا ثم أسلم سنة تسع من الهجرة، وروي له تسعة عشر حديثا. وكان بالمدينة ثم انتقل إلى بيت المقدس بعد مقتل عثمان، وكان كثير التهجد، وهو أول من قص على الناس، استأذن عمر رضي الله عنه فأذن له، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في فلسطين بيت عينون. مات في فلسطين سنة 40 هـ.

انظر: الإصابة لابن حجر (7/ 118)، الاستيعاب لابن عبد البر (1/ 193)، تهذيب الأسماء للنووي (1/ 138).

ص: 253

قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم «عن الرجل يسلم على يدي رجل إلى آخره»

(1)

(2)

على ما هو المذكور في الكتاب في الحالتين هاتين أي في محياه عقلا وفي مماته [وارثا]

(3)

؛ لأنه مستحق لأن ورثة بيت المال مجهول إعتاقهم والمجهول لا يصح أن

(1)

عن تميم الداري، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يسلم على يدي الرجل، فقال:"هو أولى الناس بمحياه ومماته".

أخرجه أبو داود في سننه (3/ 127) كتاب الفرائض باب في الرجل يسلم على يدي الرجل حديث رقم 2918، والدارقطني في سننه 4/ 181 كتاب الرضاع حديث رقم 33، والحاكم في المستدرك (2/ 239) كتاب العتق حديث رقم 2869، والبيهقي في سننه (10/ 297) كتاب العتق باب ما جاء في علة حديث روي فيه عن تميم الداري مرفوعا حديث رقم 21249، وسعيد بن منصور في سننه (1/ 99) باب من أسلم على الميراث قبل أن يقسم حديث رقم 202، وأحمد في مسنده (28/ 144) حديث رقم 16944.

درجة الحديث: إسناده ضعيف لانقطاعه، عبد الله بن موهب -ويقال: ابن وهب- لم يدرك تميما، صرح بذلك أبو نعيم الفضل بن دكين والشافعي، والنسائي، والترمذي، وأبو زرعة الدمشقي.

انظر: مسند أحمد (28/ 144).

(2)

اختلف العلماء فيمن أسلم على يدي رجل من المسلمين هل يرث منه أم لا؟

وذلك على قولين:

القول الأول: فقال الشعبي كقول الحسن: لا ميراث للذي أسلم على يديه ولا ولاء له، وميراث المسلم إذا لم يدع وارثا لجماعة المسلمين. وإلى هذا ذهب الشعبي، وهو قول ابن أبي ليلى ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد.

انظر: المبسوط للسرخسي الحنفي (8/ 91 - 92)، الأم للشافعي (7/ 140)، المغني لابن قدامة الحنبلي (6/ 434).

وحجتهم:

قوله صلى الله عليه وسلم (الولاء لمن أعتق).

سبق تخريجه.

فنفى الميراث عن غير المعتق كما نفى عنه الولاء.

القول الثاني: إذا أسلم على يديه الرجل ووالاه فإنه يرثه ويعقل عنه وله أن يتحول عنه إلى غيره ما لم يعقل عنه، فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحول إلى غيره. هذا هو قول النخعي وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد.

انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي الحنفي 4/ 444، بدائع الصنائع للكاساني الحنفي 4/ 170.

وحجتهم: بحديث تميم الداري عن تميم الداري (أن النبى صلى الله عليه وسلم قال في رجل أسلم على يدي رجل: هو أحق الناس بمحياه ومماته).

سبق تخريجه.

(3)

في (ب) أرثا له أنه.

ص: 254

يكون مستحقا لما عرف في مصارف الصدقات (وإن كان له وارث فهو أولى منه، وإن كانت عمه أو خاله) أي لا يكون لمولى الموالاة شيء [وإن]

(1)

قيل كان ينبغي أن يكون للمولى الثلث كما لو أوصى بكل ماله لآخر وله وارث معروف فيصح في الثلث؛ لأنه خالص حقه بملك وضعه فيمن شاء قلنا نعم ولكنه [بعقد]

(2)

الولاء ما وضع [له]

(3)

شيئا من ماله فيه وإنما جعله وارثا عنه وفي سبب الوراثة ذو القرابة يترجح لأن الإرث بالقرابة أقوى؛ لأن القرابة متفق على ثبوتها شرعا وإن اختلفوا في الإرث لها، وعقد الولاء مختلف في ثبوته شرعا ولا يظهر الضعيف في مقابلة القوي، فلا يظهر استحقاق المولى معه بهذا السبب في شيء من المال أعني بسبب الإرث بخلاف الوصية بالثلث فإنها خلافة في المال مقصودا يوضحه أن التملك بالوصية غير التملك بالإرث.

ألا ترى أن الموصي له لا يرد بالعيب ولا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصي بخلاف الوارث فلا يمكن جعل الثلث له لا بطريق الوصية؛ لأنه ما أوجب له ذلك ولا بطريق الإرث ليترجح استحقاق القريب عليه، [ولابد]

(4)

من شرط الإرث والعقل أي في عقد ولاء الموالاة بأن يقول واليتك على أن يرثني، ويعقل عني كما ذكر في الكتاب (وهو قوله: ووالاه على أن يرثه ويعقل عنه).

ثم أعلم أن شرط الإرث والعقل كما هو مشروط لفظا على ما ذكرنا

(5)

فكذلك مشروط وجودا فإن من شرط أرث المولى الأعلى من الأسفل هو أن لا يكون للأسفل وارث بالقرابة كما ذكره من شرط العقل أن يكون المولى الأعلى عاقلا بالغا حرا فإن موالاة الصبي باطلة يعني إذا أسلم على يدي صبي ووالاه؛ لأنه بالعقد يلتزم

(1)

في (ب) فإن.

(2)

في (ب) لعقد.

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

في (ب) ولا.

(5)

أي ذكرنا أنه لا بد من شرط الإرث والعقل وذلك بأن يقول: واليتك على أني إن حييت عقلت عني، وإن حييت عقلت عنك، وإن مت ورثتني، وإن مت ورثتك.

ص: 255

تصرفه في الحال والصبي ليس من أهل النصرة ولهذا لا يدخل في العاقلة وهو ليس من أهل الالتزام أيضا بخلاف ما إذا أسلم على يدي امرأة ووالاها؛ لأن المرأة من أهل الالتزام بالعقد ومن أهل اكتساب سبب الولاء بالعتق فكذلك بالعقد وكذلك لو والى جل عبدا لم يجز إلا أن يكون بإذن المولى فحينئذ يكون مولى له؛ لأنه عقد التزام [النصرة]

(1)

والعبد لا يملكه بنفسه إلا بإذن مولاه فإن كان بإذنه فحينئذ يكون عقده كعقد مولاه فيكون الولاء للمولى كما لو اعتق عبدا من كسبه بإذن مولاه؛ وهذا لأن المقصود النصرة والميراث بعد الموت ونصرة العبد لمولاه وهو ليس بأهل للملك بالإرث فلهذا يجعل المولى خلفا عنه فيما هو [من]

(2)

حكم هذا العقد، وإن والى صبيا بإذن أبيه أو وصيته يجوز؛ لأن عبارة الصبي إذا كان يعقل معتبرة في العقود، والتزامه بالعقد بإذن وليه صحيح فيما لا يكون محض مضرة كالبيع والشراء، لأنه أهل لولاء العتاقة بنفسه إذا صح [سببه]

(3)

.

ألا ترى أنه إذا ورث قريبه [يعتق]

(4)

عليه ويكون مولى له فكذا حكم ولاء الموالاة بخلاف العبد. هذا كله من المبسوط

(5)

.

إلا أنه يشترط في هذا، أي في فسخ عقد الموالاة أن يكون بمحضر من الآخر كما في عزل الوكيل.

فإن قلت: معنى اشتراط حضرة الوكيل في حق العزل ظاهر وهو تضرر الوكيل لسبب الضمان عند رجوع الحقوق عليه إذا كان يعدم من مال الموكل على ما مر في

(1)

في (ب) للنصرة.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (ب) سيده.

(4)

في (ب) ويعتق.

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 95 - 96).

ص: 256

الوكالة. فما معنى شرط توقف الفسخ هاهنا إلى حضرة كل واحد من المولى الأعلى والأسفل؟ قلت: [فهذا]

(1)

أيضا وجهان من المعنى:

أحدهما: ما اختاره في المبسوط

(2)

وقال إن يمكن كل واحد منهما من الفسخ باعتبار أن العقد غير لازم بنفسه لا باعتبار أنه غير منعقد بنفسه [ثم]

(3)

في فسخ أحدهما إلزام الآخر حكم الفسخ في عقد كان منعقدا في حقه فلا يكون ألا بمحضر منه لما عليه من الضرر

(4)

. إن لو ثبت حكم الفسخ في حقه قبل علمه وهو نظير الخطاب بالشرعيات فإنه لا يظهر حكم الخطاب في حق المخاطب من لا يعلم [به]

(5)

لدفع الضرر. بجعل نفس إلزام أحدهما حكم الفسخ على الآخر بدون علمه ضررا لأن فيه جعل عقد الرجل العاقل البالغ [كلا]

(6)

عقد وهو إبطال العقل وكان ضررا فلا يجوز بدون العلم.

والثاني: ما ذكره في الذخيرة

(7)

من [الضرر]

(8)

بطريق التفصيل فقال فسخ أحدهما هذا العقل بغير محضر من صاحبه يتضمن أضرار بصاحبه، أما إذا كان الفسخ

(1)

في (ب) هذا.

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 97).

(3)

ثم زائده في (أ) وهو الصحيح أنها زائده كما في المبسوط.

(4)

الضرر: لغة: الضرر، وهو ضد النفع. والمضرة: خلاف المنفعة. وضره يضره ضرا وضر به وأضر به وضاره مضارة وضرارا بمعنى؛ والاسم الضرر. الضرر الضيق والعلة تقعد عن جهاد ونحوه.

انظر: لسان العرب لابن منظور (4/ 482). المعجم الوسيط (1/ 538).

اصطلاحا: هو أن تلحق الأذى بغيرك ابتداءا، في نفسه، أو عرقه، أو ماله، وقيل الضرر، أن يدخل على غيره ضررا بما ينتفع هو به، وقيل أيضا، الضرر أن يضر به من لا يضره.

انظر: الكليات للكوفي الحنفي (1/ 578).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

في (ب) كل.

(7)

انظر: المحيط البرهاني لابن مازة الميرغيناني (4/ 188).

(8)

في (ب) الصورة.

ص: 257

من الأسفل؛ فلأنه ربما يموت الأسفل [فيجب]

(1)

الأعلى أن ماله صار ميراثا له فيتصرف فيه فيصير مضمونا عليه، وأما إذا كان الفسخ من الأعلى؛ فلأن الأسفل ربما يعتق [عبيدا]

(2)

على [حياته]

(3)

عقل عبيده على مولاه

(4)

.

ولو صح فسخ الأعلى يجب العقل على الأسفل بدون علمه فيتضرر، ولأجل هذا المعنى. شرط أبو حنيفة ومحمد -رحمهما الله- في [المشروط له]

(5)

الخيار أن يكون الفسخ بمحضر من صاحبه حتى يصح الفسخ

(6)

. لأنه فسخ [حكمي]

(7)

بمنزلة العزل الحكمي في الوكالة

(8)

. فإن

(9)

[عزل]

(10)

الوكيل حال غيبته لا يصح مقصودا ويصح حكما [بعتق]

(11)

العبد الذي وكله ببيعه

(12)

.

فإن قيل: لماذا يجعل صحة العقد مع الثاني موجبة فسخ العقد الأول قلنا: لأن الولاء كالنسب والنسب مادام ثابتا من إنسان لا يتصور ثبوته من غيره فكذلك الولاء فعرفنا أن من ضرورة صحة العقد مع الثاني بطلان العقد الأول كذا في المبسوط

(13)

.

(1)

في (ب) فيحسب.

(2)

في (ب) عبدا.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 187).

(5)

في (ب) المبسوط وله.

(6)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 187).

(7)

في (أ) حكم في (ب) حكمي والصحيح ما ذكر في (ب).

(8)

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 270).

(9)

في (ب) وإن.

(10)

في (ب) عمل.

(11)

في (ب) لعتق.

(12)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 231).

(13)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 97).

ص: 258

وكذا لا يتحول ولده

(1)

، أي لا يتحول ولده إلى غيره بعد الكبر لأن ولاء الأب تأكد بعقل الجناية وتأكد التبع بتأكد الأصل، وكما ليس للأب أن يتحول عنه بعدما عقل جنايته

(2)

. فكذلك ليس لولده ذلك إذا كبر كذا في المبسوط

(3)

[والله أعلم]

(4)

.

(1)

أي ولاء ولده.

(2)

أي لا يتحول إلى غيره.

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (8/ 93).

(4)

ساقطة من (أ).

ص: 259

‌كتاب الإكراه

لما ذكر كتاب الولاء وأقوى الولاء من ولاء العتاقة وهو من آثار العتق والعتق من المواضع التي لا يؤثر فيها الإكراه، أو لأنه لما ذكر ولاء العتاقة لمناسبة كتاب المكاتب، وذكر ولاء الموالاة لمناسبة ولاء العتاقة لما ذكرنا لاق إيراد كتاب الإكراه لمناسبة ولاء الموالاة إذ في كل منهما [يغير]

(1)

حال المخاطب من الحرمة إلى الحل فإن بالإكراه يتغير حال المخاطب الذي هو المكره من حرمة المباشرة إلى حلها في عامة المواضع فكذلك يعقد ولاء الموالاة بتغير حال المخاطب الذي هو المولى الأعلى من حرمة تناول مال المولى الأسفل بالإرث إلى حله.

[تعريف الإكراه وما يثبت به حكمه]

أعلم أن المراد من بيان الإكراه والغصب [و]

(2)

الجنايات بيان أحكامها ثم محاسن حكم الإكراه ظاهرة إذ ببيان حكم الإكراه يتبين غاية أثر رأفة الله تعالى في حق

العباد حيث لا [يؤاخذ]

(3)

عبادة لسبب الإكراه الصادر من أهل العناد بمباشرتهم فيما لا يرتفع حرمته أبد الآباد، بل جعل المباشرة في بعض مواضع الحرمات من فروض الديانات [فيصير]

(4)

مباشرتها بمنزلة مباشرة الحلال الأصلي وإن كانت في أصلها من المحظورات وذلك كل دليل على عموم رأفته وشمول رحمته فيحتاج هاهنا إلى بيان الإكراه لغة وشرعا وشرطه وحكمه وأنواعه.

أما لغة: فإن الإكراه عبارة عن حمل إنسان على شيء يكرهه.

يقال: أكرهت فلانا إكراها. أي: حملته على أمر يكرهه

(5)

.

(1)

في (ب) تغير.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (أ) يوجد وفي (ب) لا يؤاخذ والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) ويصير.

(5)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 407).

ص: 260

وأما شرعا: فقد ذكر في المبسوط

(1)

.

(الإكراه اسم لفعل يفعله المرء [بغيره]

(2)

فينتفي به رضاه أو يفسد به اختياره) من غير أن ينعدم به الأهلية في حق المكره أو سقط عنه الخطاب، لأن المكره مبتلى والابتلاء يقرر الخطاب.

وذكر في الإيضاح

(3)

الإكراه فعل يوجد من المكره فيحدث في المحل مضي [ليصير]

(4)

به مدفوعا إلى الفعل الذي طلب منه.

وذكر في الوافي

(5)

(6)

الإكراه عبارة عن تهديد القادر غيره على ما هدده بمكروه على أمر بحيث ينتفي به الرضا. [ولك]

(7)

أن تختار من هذه الثلاثة أيهم شئت.

[شرط الإكراه]

وأما شرطه: (فأن يكون الإكراه من السلطان عند أبي حنيفة رحمه الله) وعندهما

(8)

إذا جاء من غير السلطان ما يجئ من السلطان فهو إكراه صحيح شرعا. والاختلاف على هذا الوجه مذكور في الإكراه في الزنا.

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 38).

(2)

في (ب) لغيره والصحيح ما ذكر في (أ).

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 39).

(4)

في (ب) فيصير.

(5)

الوافي، في الفروع للإمام، أبي البركات: عبد الله بن أحمد، حافظ الدين، النسفي، الحنفي. المتوفى: سنة 710، عشر وسبعمائة. وهو: كتاب مقبول، معتبر. أوله:(الحمد لمن من على عباده بإرسال رسله. . . إلخ). قال: كان يخطر ببالي إبان فراغي، أن أؤلف كتابا جامعا لمسائل:(الجامعين)، و (الزيادات). حاويا لما في:(المختصر)، و (نظم الخلافيات). مشتملا على: بعض مسائل الفتاوى، والواقعات. فألفته، وأتممته: في أسرع وقت. وسميته: (بالوافي).

انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (2/ 1997).

(6)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 39).

(7)

في (ب) وذلك والصحيح ما ذكر في (أ).

(8)

فقال: لا يتحقق الإكراه إلا من السلطان، ثم في عصرهما قد ظهرت القوة لكل متغلب فقالا: يتحقق الإكراه من غير السلطان، وجه قولهما أن المعتبر خوف التلف على نفسه وذلك يتحقق إذا كان المكره قادرا على إيقاع ما هدد به سلطانا كان أو غيره، بل خوف التلف هنا أظهر؛ لأن المتغلب يكون مستعجلا لما قصده لخوفه من العزل.

انظر: المبسوط للسرخسي (9/ 59).

ص: 261

[حكم الإكراه وأنواعه]

وأما حكمه: فالإكراه متى حصل بوعيد تلف على فعل من الأفعال نقل الفعل من المكره إلى المكره فيما يصلح أن يكون المكره آلة للمكره فيه فصار كأن المكره فعل

ذلك بنفسه.

ومتى حصل الإكراه بوعيد تلف على قول من الأقوال. إن كان قولا يستوي فيه الجد والهزل

(1)

كالطلاق والعتاق فحكمه أن المكره يعتبر آلة للمكره في حق الإتلاف، وينتقل الإتلاف إلى المكره وفي حق [التلفظ]

(2)

الذي لا يصلح أن يكون المكره آلة يعتبر مقصودا على المكره، ولهذا كان الولاء للمكره في فصل العتق ويرجع بالضمان على المكره وإن كان قولا لا يستوي فيه الجد والهزل كالبيع والإجارة والإقرار. فحكم الإكراه فساد ذلك القول [فكذلك]

(3)

إذا كان قولا يستوي فيه الجد والهزل إلا أنه لا يتعلق بثبوته باللفظ. [فحكم الإكراه فساده حتى لا يصح دون المكره ولا يتعلق ثبوتها باللفظ]

(4)

حتى أن من قصد أن يكفر والعياذ بالله فقبل أن يقر به كان كافرا هذا إذا حصل الإكراه بوعيد تلف، وإن حصل الإكراه بالحبس والتقييد على فعل من الأفعال فلا حكم له ويجعل كأنه فعل ذلك الفعل بغير إكراه ومتى حصل الإكراه بالحبس والتقييد على قول أن كان قولا لا يستوي فيه الجد والهزل فحكمه فساد ذلك القول، وإن كان قولا يستوي فيه الجد والهزل فلا حكم له ويجعل كأن المكره باشر ذلك باختياره.

(1)

الهزل: لغة: نقيض الجد، هزل يهزل هزلا وهزل الرجل في الأمر إذا لم يجد.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 504) لسان العرب لابن منظور (11/ 696).

اصطلاحا: اصطلاحا: ألا يراد باللفظ المعنى الحقيقى، ولا المعنى المجازى، بل يراد به غيرهما.

انظر: التلويح على التوضيح للتفتازاني الحنفي (2/ 187).

(2)

في (ب) اللفظ.

(3)

في (ب) وكذلك.

(4)

ساقطة من (ب).

ص: 262

وأما أنواعه: فالإكراه في أصله على نوعين

(1)

:

أما إن كان ملجئا أو غير ملجئ فالإكراه الملجأ هو الإكراه بوعيد تلف النفس أو بوعيد تلف عضو من الأعضاء فهو معتبر شرعا سواء حصل الإكراه على القول أو على الفعل.

والإكراه الذي هو غير ملجئ هو الإكراه بالحبس والتقييد فإن حصل ذلك الإكراه [على فعل]

(2)

من الأفعال فهو غير معتبر شرعا ويجعل كأن المكره فعل ذلك الفعل بغير إكراه

(3)

.

وإن حصل على قول من الأقوال [إن]

(4)

كان قولا يستوي فيه الجد والهزل فهو غير معتبر شرعا، ويجعل كأن المكره فعل ذلك من غير إكراه، وإن كان قولا لا يستوي فيه الجد والهزل فهو إكراه معتبر شرعا كذا في الذخيرة والمغني

(5)

.

وذكر في شرح الأقطع

(6)

أن الإكراه معتبر فيه أربع شرائط:

1 -

صفة المكره وهو أن يكون قادرا على إيقاع [الفعل]

(7)

ما توعد [له]

(8)

ولهذا استوى فيه السلطان وغيره.

(1)

والإكراه عند الحنابلة نوعان:

- إكراه بحق.

- وإكراه بدون حق.

فإذا كان الإكراه بدون حق فحينئذٍ لا يعتبر يمينًا، لكن إذا كان الإكراه بحق، فإنه يكون يمينًا معتبرًا شرعًا ويجب عليه أن يصدق، كأن يأبى أن يحلف وطلب منه أبوه أن يحلف وأكرهه على الحلف في القضاء، وقال له: إن هذا شيء فيه إحقاق حق وإبطال باطل، فهذه يمين شرعية مع أنه مكره ولا يريدها.

انظر: شرح زاد المستقنع للشنقيطي (9/ 401).

(2)

في (ب) فعلى.

(3)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 175).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 239).

(6)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 176).

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

في (ب) به.

ص: 263

2 -

وصفة المكره وهو أن يغلب على ظنه أن المكره يوقع ما توعد به وإن غلب على ظنه أن لا يفعل [له]

(1)

لم يكن مكرها.

3 -

وصفة ما توعد به فتارة يتوعد بالقتل وبإتلاف عضو وتارة بالحبس أو [القيد]

(2)

وقد ذكرناه وصفة ما أكره على إيقاعه فتارة يكون لحق الله تعالى وتارة يكون لحق المكره وتارة يكون لحق آدمي آخر.

وذكر في المبسوط

(3)

هذا المعنى بعبارة أخرى فقال ثم في الإكراه يعتبر معنى في المكره ومعنى في الكره ومعنى فيما أكره عليه ومعنى فيما أكره به.

فالمعتبر في المكره تمكنه من إيقاع ما هدد به فإنه إذا لم يكن متمكنا [من]

(4)

ذلك فإكراهه هذيان

(5)

وفي المكره أن يكون خائفا على نفسه من جهة المكره [خائفا]

(6)

في إيقاع ما هدد به عاجلا لأنه [لا]

(7)

يصير [ملجأ]

(8)

محمولا طبعا إلا

(9)

بذلك وفيما أكره به أن يكون متلفا أو مزمنا أو متلفا عضوا أو موجبا غما [ينعدم] الرضاء باعتباره.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

في (ب) التقييد.

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 39).

(4)

حرف من ناقص من (أ).

(5)

هذي: الهذيان: كلام غير معقول مثل كلام المبرسم والمعتوه. هذى يهذي هذيا وهذيانا: تكلم بكلام غير معقول في مرض أو غيره، وهذى إذا هذر بكلام لا يفهم، وهذى به: ذكره في هذائه، والاسم من ذلك الهذاء.

ورجل هذاء وهذاءة: يهذي في كلامه أو يهذي بغيره.

انظر: لسان العرب (15/ 360).

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

في (ب) لم.

(8)

في (أ) محلها وفي (ب) ملجأ والصحيح ما ذكر في (ب).

(9)

في (أ) يعدم وفي (ب) ينعدم والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 264

4 -

وفيما أكره عليه أن يكون المكره ممتنعا [عنه]

(1)

قبل الإكراه إما لحقه أو لحق آدمي آخر أو لحق الشرع، وبحسب اختلاف هذه الأحوال يختلف الحكم في الكتاب لتفصيل هذه الجملة وقد ابتلي محمد رحمه الله بسبب تصنيف هذا الكتاب

(2)

على ما حكي عن ابن سماعة رحمه الله

(3)

قال:

(4)

لما صنف هذا الكتاب سعى به بعض حساده وقال إنه صنف كتابا سماك فيه لصا غالبا [واغتاظ]

(5)

لذلك وأمر بإحضاره فأتاه الشخص وأنا معه فأدخله على الوزير أولا في حجرته فجعل الوزير يعاتبه في ذلك، وأنكره محمد رحمه الله أصلا فلما علمت السبب أسرعت الرجوع إلى داره وتسورت حائط [بعض]

(6)

الجيران لأنهم كانوا سمروا على بابه فدخلت داره وفتشت الكتب حتى وجدت كتاب الإكراه فألقيته في جب في الدار؛ لأن الشرط أحاطوا بالدار قبل خروجي منها فلم يمكنني أن أخرج، واختفيت في موضع حتى دخلوا وحملوا جميع كتبه إلى دار الخليفة بأمر الوزير [ففتشوا فلم]

(7)

يجدوا شيئا مما ذكره الساعي [لهم]

(8)

فندم الخليفة على ما صنع به واعتذر إليه ورده بجميل، فلما كان بعد أيام أراد محمد أن يعيد تصنيف الكتاب فلم يجبه

(1)

في (ب) منه.

(2)

أي ابتلي محمد الشيباني عند تصنيف كتاب الإكراه من كتاب المبسوط للشيباني.

(3)

ابن سماعة: هو: محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال التيمي، الكوفي، صاحب أبي يوسف ومحمد. حدث عن: حدث عن الليث بن سعد وأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن وكتب النوادر عن أبي يوسف ومحمد وروى الكتب والأمالي. روى عنه: محمد بن عمران الضبي، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء. وصنف التصانيف. قال ابن معين: لو أن المحدثين يصدقون في الحديث كما يصدق ابن سماعة في الفقه، لكانوا فيه على نهاية. توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

انظر: تاريخ بغداد للبغدادي (3/ 298)، تهذيب التهذيب لابن حجر (9/ 204) سير أعلام النبلاء للذهبي (9/ 49).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 40).

(5)

في (ب) فاغتاظ.

(6)

في (ب) يعني.

(7)

في (ب) ففتشوه ولم.

(8)

ساقطة من (أ).

ص: 265

خاطره إلى مراده فجعل يتأسف على ما فاته من هذا الكتاب ثم أمر بعض وكلائه أن يأتي بعامل ينقي البئر، لأن ماءها قد تغير فلما نزل العامل في البئر وجد هذا الكتاب على آجرة

(1)

أو حجر بنا من طي البئر فسر محمد بذلك، وكان يخفي الكتاب زمانا ثم أظهره فعد هذا من مناقب محمد رحمه الله

(2)

.

(توعد به) أي خوفه كذا في الديوان

(3)

يفعله المرء أي المكره بكسر الراء بغيره أي بالمكره بفتح الراء فينتقي به أي بالفعل أو بالحبس أي بالحبس الممتد، [وإن]

(4)

حكم الحبس بيوم يجئ (بخلاف ما إذا أكره بضرب سوط أو حبس يوم).

أي حينئذ لا يكون مكرها في البيع أيضا حتى لو أكرهه على البيع بضرب سوط فباعه يكون بيعه صحيحا، لأنه لا يبالي به بالنظر إلى العادة، وذلك أن الجهال [يتهازلون]

(5)

فيما بينهم بضرب سوط أو سوطين كذا في المبسوط

(6)

.

(إلا إذا كان الرجل صاحب منصب) هذا استثناء عن، قوله:(بخلاف ما إذا أكره بضرب سوط) يعني إلا إذا كان المكره رجلا صاحب منصب أي صاحب عز ومرتبه كالقاضي وعظيم البلدة، فحينئذ يكون بيعه بالإكراه بضرب سوط أو حبس يوم بيع مكره فكان فاسدا. كما في بيع المكره بالقتل.

وقوله: (وكذا الإقرار) معطوف على قوله: (والإكراه بهذه الأشياء يعدم الرضا فيفسد) أي والإقرار أيضا يفسد بالإكراه بهذه الأشياء؛ وذلك لأن الإقرار إنما صار حجة في غير الإكراه (لترجح جنبة الصدق إلى آخره). يعني أن الإقرار بالإكراه بالضرب

(1)

قيل: الآجر الطين وقيل ما ارتفع على الأرض من طين ونحوه.

انظر: لسان العرب (1/ 562)، البناية شرح الهداية (12/ 448).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 39 - 40).

(3)

لم أقف عليه.

(4)

في (ب) فإن.

(5)

في (ب) يتهازمون.

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 49).

ص: 266

الشديد أو بالحبس الممتد ليس بإقرار وأما إذا أكره على الإقرار بضرب سوط أو حبس يوم وأقر فهو إقرار كما في البيع، وقد ذكرنا أن الإكراه بالضرب والحبس في حق الأقوال التي لا يستوي الجد والهزل كالبيع، والإقرار إكراه.

أما إذا أكرهه بضرب سوط أو حبس يوم فلا يكون إكراها في جميع الصور إلا إذا كان صاحب منصب كما ذكرنا [وذكر]

(1)

في الذخيرة

(2)

ولو هدده بضرب سوط أو حبس يوم [ليقر]

(3)

لفلان [بألف]

(4)

درهم [وأقر]

(5)

، فهذا إقرار مكره قياسا وفي الاستحسان هذا إقرار طائع لأن الإنسان لا يلتزم ضرر ألف درهم بحبس يوم أو قيد يوم فيترجح جوانب الطواعية.

في هذه الصورة قال محمد رحمه الله وليس في ذلك تقدير لازم بل ذلك على حسب ما يرى الحاكم

(6)

. لأن أحوال الناس في ذلك متفاوتة، فالشرفاء ولأجلة من العلماء [والكبراء]

(7)

يستنكفون عن [ضرب سوط]

(8)

واحد وعن حبس يوم واحد أكثر مما يستنكف غيرهم عن ضرب أسواط أو حبس أيام.

فلذلك لم يقدر في ذلك تقريرا بل فوضه إلى رأي القاضي ليبني الأمر على حال من ابتلي به.

(1)

في (ب) وكذا.

(2)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (9/ 18).

(3)

في (أ) له تقر وفي (ب) ليقر والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) الف.

(5)

في (ب) فأقره.

(6)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 235).

(7)

في (أ) الكبيرا وفي (ب) الكبراء والصحيح ما ذكر في (ب).

(8)

في (أ) ضرر وفي (ب) ضرب سوط والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 267

وعن هذا قال بعض مشايخنا

(1)

رحمهم الله إن هذا مما ذكر من الجواب إن هذا إقرار طواعية فلذلك في حق أوساط الناس وفي حق السرقة.

أما إذا كان الرجل من أشراف الناس بحيث يستنكف أن يضرب بسوط واحد على ملاء الناس أو يقرك أذنه في مجلس السلطان فإنه يكون مكرها؛ لأن مثل هذا الرجل يؤثر ألف درهم على ما يلحقه من الهوان والذل بهذا القدر [من الحبس]

(2)

.

(ولنا أن ركن

(3)

البيع) وهو الإيجاب والقبول (صدر من أهله) وهو المالك العاقل (مضاف إلى محله) وهو المال (والفساد انفقد شرطه)[أي شرط]

(4)

الجواز، (وهو التراضي) وكان البيع فاسدا، وإنما قلنا إن التراضي شرط الجواز قال الله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}

(5)

وتأثير انعدام شرط الجواز في إفساد العقد لا في غيره كانعدام المساواة في باب الربا.

فإن المساواة في [أعلى]

(6)

الأموال الربوية شرط جواز العقد فإذا انعدمت المساواة كان العقد فاسدا.

(1)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 42).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

الركن لغة: جانب الشيء الأقوى، وهو يأوي إلى ركن شديد أي إلى عز ومنعة، كما يطلق على جزء من أجزاء ماهية الشيء التي لا توجد إلا بوجوده.

انظر: انظر: مختار الصحاح للرازي (1/ 128)، لسان العرب لابن منظور (13/ 185)، المعجم الوسيط (1/ 370 - 371)، المصباح المنير للفيومي (1/ 237).

واصطلاحا: ركن الشيء ما لا وجود لذلك الشيء إلا به كالقيام والركوع والسجود للصلاة. هو الداخل في حقيقة الشيء المحقق لماهيته، وقيل: هو: ما يتم به الشيء، وهو داخل فيه. -والماهية هي الحقيقة الكلية المعقولة.

وقولهم: إن الركن داخل في الماهية معناه: أنه جزء من مفهومها يتوقف تعلقها على تعلقه.

انظر: كشف الأسرار على أصول البزدوي (3/ 344)، المهذب في علم أصول الفقه المقارن للنمله (5/ 1963).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

سورة [النساء: 29].

(6)

في (ب) باب الربا في.

ص: 268

فكذا هنا بخلاف البيع بشرط الخيار فإن شرط الخيار يجعل العقد في حق حكمه كالمتعلق بالشرط، والمتعلق بالشرط معدوم قبل الشرط أو يقول لما وجد أصل البيع في محله لم ينعدم ذلك بالكره، وكان ينبغي أن ينفذ كالطلاق إلا أن الشرع [شرط]

(1)

للحل شرطا زايدا وهو التراضي ونهانا بدونه عن التجارة.

فكان لهذا المعنى في غير ما يتم به المنهي عنه فلا يصير به البيع غير مشروع، كما «نهانا عن بيع الحنطة بالحنطة إلا بشرط المماثلة»

(2)

وأنه زايد على ما يتم به البيع وكان نهيا لمعنى في غيره.

فلم يجعل المنهي عنه غير مشروع بل وقع فاسدا لعدم شرط الجواز الزائد شرعا فكذا هنا. فلم يبق الفرق بين هذا النهي وبين النهي عن [بيع]

(3)

الربا إلا أن ما تتعلق به الحرمة هناك اتصل بالمبيع وصفا. وهاهنا اتصل بالبائع

(4)

كذا في المبسوط والأسرار

(5)

.

(أو تصرف فيه تصرفا لا يمكن نقضه) كالتدبير والاستيلاد جاز، إن تصرف المشتري، وكذلك الحكم في الهبة ([ويلزمه]

(6)

القيمة) أي ويلزم المشتري القيمة وفي

(1)

في (ب) شرع.

(2)

لفظ الحديث: حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا أبي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، كيلا بكيل، ووزنا بوزن، فمن زاد أو ازداد، فقد أربى، إلا ما اختلف ألوانه".

أخرجه أحمد في مسنده (2/ 232) حديث رقم 7171 والترمذي في سننه (3/ 541) كتاب البيع باب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلا بمثل وكراهية التفاضل فيه حديث رقم 1239، وأبي يعلى في مسنده (11/ 31) حديث رقم 6169.

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

لأن في البيوع الفاسدة كلها يتعلق النهي بالوصف فيكون مشروعا بأصله غير مشروع بوصفه فيفيد الملك بالقبض.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 183).

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 55)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 183).

(6)

في (أ) ويلزم وفي (ب) ويلزمه والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 269

الذخيرة

(1)

وكان له أي للمالك الخيار في [حق]

(2)

تضمين القيمة إن شاء ضمن المكره قيمته [يوم]

(3)

سلم إلى المشتري والموهوب له، وإن شاء ضمن المشتري والموهوب له. أما تضمين المكره فلأنه أزال [يد]

(4)

المكره عن ماله بغير رضاه لأن تسليم المكره في حق إزالة اليد منقول إلى المكره، وأما تضمين المشتري والموهوب [له]

(5)

لأنهما قبضا ماله لأنفسهما بغير رضاه ثم إنه إن اختار تضمين المشتري والموهوب له كان له الخيار [إن]

(6)

شاء ضمنه قيمته يوم قبض لا يوم [أعتق]

(7)

؛ لأن بالإعتاق أتلف على المولى حقه، لأن للمولى حق الاسترداد وإن صار ملكا للغاصب بخلاف ما سواه من الأشربة الفاسدة إذا أعتق المشتري حتى كان للبائع حق تضمينه ضمنه قيمته يوم قبض لا يوم أعتق لما ذكرنا، (إلا أنه

(8)

لا ينقطع به حق استرداد البائع) هذا استثناء عن (قوله: كما في ساير البياعات الفاسدة)

(9)

.

فإن في سائر البيعات الفاسدة إذا باع المشتري ما [اشتراه بشراء]

(10)

فاسد لم يبق للبائع الأول استرداده، وفي البيع بالكره يبقى وكذا لا يبقى للبائع الأول نقض سائر تصرفات المشتري إلا الإجارة، وفي الإكراه يبقى [فقال]

(11)

في الذخيرة

(12)

والفرق أن في

(1)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 44).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) فيوم.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

في (ب) وإن.

(7)

في (ب) عتق.

(8)

شرح (إلا أنه) ش: استثناء من قوله كما في سائر البياعات الفاسدة، ذكره للفرق بين الإكراه والبيع الفاسد. الضمير في أنه للشأن م:(لا ينقطع به) ش: أي بسبب الإكراه.

(9)

شرح حيث يلزم فيها القيمة بعد القبض والتصرف اللازم.

(10)

في (ب) اشترى.

(11)

في (ب) وقال.

(12)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 45).

ص: 270

سائر البياعات الفاسدة [تصرف]

(1)

المشتري حصل بتسليط المالك فإنه لما سلم إليه فقد سلطه، وهذا التسليط منه [قد]

(2)

صح لكونه طائعا في التسليم فلا يكون له حق القبض بعد ذلك.

أما هاهنا لم يوجد من المكره تسليط على التصرف ولو وجد فهو تسليط فاسد ولهذا كان له حق [القبض]

(3)

.

قال

(4)

ومن جعل البيع الجائر المعتاد بيعا فاسدا إلى آخره

(5)

، أراد به بيع الوفاء

(6)

صورته هي أن يقول البائع للمشتري بعت منك هذا العين بمالك [علي]

(7)

من الدين على أني متى [قضيت]

(8)

الدين فهو لي، [بالدين]

(9)

في الحقيقة رهن المبيع في يد المشتري كالرهن في يد المرتهن لا فرق عندنا بين الرهن وبين هذا لأن المتعاقدين وإن سميا بيعا.

(1)

في (أ) لم يصرف وفي (ب) تصرف والصحيح ما ذكر في (ب).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) النقض.

(4)

أي صاحب الهداية.

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 45).

(5)

تكملة إلى آخره قال رضي الله تعالى عنه: ومن جعل البيع الجائز المعتاد بيعا فاسدا يجعله كبيع المكره حتى ينقض بيع المشتري من غيره، لأن الفساد لفوات الرضا، ومنهم من جعله رهنا لقصد المتعاقدين، ومنهم من جعله باطلا اعتبارا بالهازل ومشايخ سمرقند رحمهم الله جعلوه بيعا جائزا مفيدا بعض الأحكام على ما هو المعتاد للحاجة إليه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 273).

(6)

بيع الوفاء: وصورته أن يقول البائع للمشتري: بعت منك هذا العين بما لك علي من الدين على أني متى قضيت الدين فهو لي، أو يقول بعت منك هذا العين بكذا على أني إن دفعت إليك ثمنك تدفع العين إلي.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 236).

(7)

في (ب) علي به.

(8)

في (ب) قبضت.

(9)

ساقطة من (أ).

ص: 271

ولكن غرضهما الرهن والعبرة في باب التصرفات للمقاصد والمعاني لا للألفاظ [والمباني]

(1)

(2)

حتى قال أصحابنا إن الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة

(3)

، والحوالة بشرط أن لا يبرأ الأصيل كفالة والاستصناع

(4)

إذا صرف فيه الأجل سلم

(5)

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

[العبرة في العقود للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني] العقود جمع عقد، والمراد أن جميع العقود، العبرة والعمل لمعانيها المقصودة منها. وإن تبدل الألفاظ لا يصرفها عن المقاصد التي وضعت لها بالوضع الشرعي. والمراد من المقاصد والمعاني: ما يشمل المقاصد التي تعينها القرائن اللفظية التي توجد في عقد، فتكسبه حكم عقد آخر كانعقاد الكفالة بلفظ الحوالة، وانعقاد الحوالة بلفظ الكفالة إذا اشترط فيها براءة المدين عن المطالبة، أو عدم براءته، وما يشمل المقاصد العرفية المرادة للناس في اصطلاح تخاطبهم، فإنها معتبرة في تعيين جهة العقود، لتصريح الفقهاء بأنه يحمل كلام كل إنسان على لغته وعرفه، وإن خالفت لغة الشرع وعرفه، فتنعقد بعض العقود بألفاظ غير الألفاظ الموضوعة لها، مما يفيد معنى تلك العقود في العرف، كانعقاد البيع والشراء بلفظ الأخذ والعطاء وانعقاد شراء الثمار على الأشجار بلفظ "الضمان" في العرف الحاضر فالاعتبار في الكلام بمعناه لا بلفظه واختلاف الألفاظ والعبارات لا يؤثر في انعقاد العقد إذا كان المعنى المقصود ظاهرا، لأن المقصود هو فهم مراد المتكلم. وتعتبر هذه القاعدة كالجزئي من الكلي من قاعدة "الأمور بمقاصدها" فتلك عامة، وهذه خاصة، وتصلح أن تكون فرعا منها.

انظر: شرح القواعد الفقهية (ص: 55)، الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية (ص: 87)، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (1/ 404).

(3)

الحوالة: لغة اسم من أحال الغريم إذا دفعه عنه إلى غريم آخر وتحويل الماء من نهر إلى نهر والشهادة والكفالة وصك يحول به المال من جهة إلى أخرى. انظر: المعجم الوسيط (1/ 209).

اصطلاحا: نقل الدين من ذمة إلى ذمة. وقيل نقل الدين وتحويله من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه.

انظر: التعريفات للجرجاني (1/ 93)، البحر الرائق لابن نجيم الحنفي (6/ 266).

(4)

الاستصناع: لغة: الصناعة حرفة الصانع وهو الذي يعمل بيده واستصنعه خاتما معدى إلى مفعولين معناه طلب منه أن يصنعه (واصطنع) عنده صنيعة إذا أحسن إليه. واستصنع فلانا كذا طلب منه أن يصنعه له.

انظر المغرب في ترتيب المعرب (1/ 273)، المعجم الوسيط (1/ 252).

اصطلاحا: عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل. انظر: المبسوط للسرخسي (15/ 84)، بدائع الصنائع (5/ 3).

(5)

السلم: لغة: السلم بفتحتين السلف. والسلم أيضا الاستسلام. والسلم شجر من العضاه الواحدة سلمة. وسلمة أيضا اسم رجل. والسلم بفتح اللام واحد السلاليم التي يرتقى عليها. والسلم السلام. وقرأ أبو عمرو: {ادخلوا في السلم كافة} [البقرة: 208] وذهب بمعناها إلى الإسلام. والسلم الصلح بفتح السين وكسرها يذكر ويؤنث. والسلم المسالم.

انظر: مختار الصحاح (1/ 153).

اصطلاحا: هو بيع آجل بعاجل.

انظر: العناية شرح الهداية (7/ 69) اللباب في شرح الكتاب (2/ 42).

ص: 272

ونظائره كثيرة كذا في الفتاوى الظهيريه

(1)

.

ولما كان هذا كالرهن في يد المرتهن لا يملك المرتهن ولا يطلق له الانتفاع إلا بإذن مالكه وهو ضامن لما أكل من ثمره واستهلك من عينه، والدين ساقط بهلاكه في يده إذا كان [به]

(2)

وفاء بالدين ولا ضمان عليه في الزيادة إذا هلك من غير صنعه وللبائع استرداده إذا قضى دينه لا فرق عندنا بينه وبين الرهن في حكم من الأحكام

(3)

.

وكان السيد الإمام أبو شجاع

(4)

على هذا وحين قدم القاضي الإمام علي السعدي رحمه الله

(5)

من بحار السمر قند

(6)

واستغنى [بهذا]

(7)

فكتب أنه رهن وليس

(1)

لم أقف عليه.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 139)، البناية شرح الهداية (11/ 46).

(4)

عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن نصر -بالتحريك-، العلامة أبو شجاع البسطامي، ثم البلخي، [المتوفى: 562 هـ].

ذكره ابن السمعاني فقال: مجموع حسن وجمله مليحة، مفت، مناظر، محدث، مفسر، واعظ، أديب، شاعر، قال: وكان مع هذه الفضائل حسن السيرة، جميل الأمر، مليح الأخلاق، مأمون الصحبة، نظيف الظاهر والباطن، لطيف العشرة، فصيح العبارة، مليح الإشارة في وعظه، كثير النكت والفوائد، وكان على كبر السن حريصا على طلب الحديث والعلم، مقتبسا من كل أحد، قال لي: ولدت في سنة خمس وسبعين وأربعمائة، سمع ببلخ أباه، وأبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي، وإبراهيم بن محمد الإصبهاني، وأبا جعفر محمد بن الحسين السمنجاني وعليه تفقه، وجماعة كبيرة.

انظر: تاريخ الإسلام (12/ 281)، الاعلام للزركلي (5/ 61).

(5)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 46).

(6)

من أكبر المدن وأحسنها وأتمها جمالا، مبنية على شاطئ واد يعرف بوادي القصارين، وكانت تضم قصورا عظيمة. وأصل الاسم "شمر أبو كرب"، ثم حرف الاسم إلى "شمركنت" ثم عربت إلى "سمرقند"، ومعناها وجه الأرض. والموقع: تقع سمرقند في بلاد ما وراء النهر وهي اليوم ثاني مدن جمهورية أوزبكستان في الاتحاد السوفيتي سابقا، وقد كانت عاصمة بلاد ما وراء النهر لمدة خمسة قرون منذ عهد السامانيين إلى عهد التيموريين. وقد أطلق عليها الرحالة المسلمين اسم "الياقوتة" الراقدة على ضفاف نهر زرافشان.

انظر: معجم البلدان (3/ 247).

(7)

في (ب) في هذا.

ص: 273

ببيع ففرح [القاضي]

(1)

السيد الإمام لموافقة فتواه، وسئل القاضي الإمام الحسن الماتريدي

(2)

(3)

عمن باع داره من آخر بثمن معلوم ببيع الوفاء وتقابضا ثم استأجرها من المشتري مع شرائط صحة الإجارة وقبضها ومضت المدة هل يلزمه الأجر؟ فقال لا لأنه عندنا رهن والراهن إذا استأجر الرهن من المرتهن لا يجب [عليه]

(4)

الأجر بهذه الإجارة

(5)

. فكذا هذا ثم ممن [يجعل]

(6)

بيع الوفاء بمنزلة بيع المكره الصدر الشهيد تاج الإسلام [والإمام ظهير الدين والصدر الشهيد حسام الدين فقال أستفتى الصدر الشهيد تاج الإسلام]

(7)

أحمد بن عبد العزيز

(8)

والقاضي الإمام صدر الأئمة والشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني

(9)

والشيخ الإمام علاء الدين المعروف ببدر سمرقند

(10)

. (أندرايك مردي ملكي يدازد يكري بشرط انك هروقتي كه أين بايع بها يوي دهر مشتري بيع بازذهد وقبض كرد يد بدين بيع مبيع ملك مشتري شود. كتب برهان الدين صاحب المحيط عن أبيه الصدر

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

علي بن الحسن بن علي بن محمد بن عفان بن علي بن الفضل بن زكريا بن عثمان ابن خالد بن زيد بن كليب الماتريدي أبو الحسن القاضي سبط شيخ الإسلام أبي منصور الماتريدي تفقه على جده لأمه وتوفي سنة إحدى عشرة وخمس مائة ودفن بحاكرديز إحدى مقابر سمرقند رحمه الله تعالى.

انظر: تاريخ الإسلام (12/ 1083) الجواهر المضية للقرشي (1/ 356).

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 46).

(4)

في (ب) عليهم.

(5)

انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)(5/ 278).

(6)

في (ب) جعل.

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مازه المعروف والده ببرهان الأئمة. وهو أخو عمر بن عبد العزيز، الملقب بالصدر الشهيد حسام الدين. وأحمد هذا أحد مشايخ صاحب "الهداية"، وأجازه برواية مسموعاته ومستجازاته مشافهة، بمدينة بخارى، وكتب ذلك بخطه، وكان من جملة ما حصل لصاحب "الهداية" منه، رواية كتاب "السير" لمحمد بن الحسن، من طريقة شمس الأئمة السرخسي.

انظر: الطبقات السنية للتميمي الداري (1/ 113).

(9)

علي بن عبد العزيز المرغيناني الإمام أبو الحسن ظهير الدين مات يوم الثلاثاء تاسع رجب سنة ست وخمس مائة قبل الزوال وهو أستاذ العلامة فخر الدين قاضي خان تقدم أبوه وهو أحد الأخوة الفضلاء الستة.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 364)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1298).

(10)

محمد بن أحمد بن أبي أحمد، أبو بكر علاء الدين السمرقندي: فقيه، من كبار الحنفية. أقام في حلب، واشتهر بكتابه "تحفة الفقهاء - ط" وله كتب أخرى، منها "الأصول" المتوفي سنة 450 هـ.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 7) الأعلام للزركلى (5/ 317)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 252).

ص: 274

الإمام تاج الدين شودو الله أعلم، وهكذا أجاب ظهير الدين وأما قولهم آكر مشتري مبيع را بكسي ويكر فروشد ببيع صحيح بايع أول دار سدكه يازذكرد جنانكه در بيع مكره ثاني رسد جنانكه)

(1)

بياعات فاسدة. كتب برهان الدين وظهير الدين رشيد، وكتب علاء الدين بيع مشتري درست في بودو هكذا اختاره شيخ الإسلام برهان الدين وأولاده، وهكذا اتفق مشايخ زماننا على أن المشتري شرى جائزا لا يملك البيع من غيره وعليه الفتوى، وسئل الصدر الشهيد عن حكم البيع بشرط الوفاء أجاب محمد

(2)

رحمه الله الفتوى على أن هذا البيع فاسد ويوفر عليه أحكام البيع الفاسد، ولكن هذا البيع الفاسد بمنزلة بيع المكره فإنه فاسد [ولو فسر]

(3)

أحكام البيع الفاسد، ولكن إذا باعه المشتري من المكره من غيره يبقى للبائع الأول حق الاسترداد فكذا هذا، ومنهم من جعله رهنا [لقصد]

(4)

المتعاقدين [فإنهما]

(5)

قصدا أن يكون [المبيع]

(6)

محبوسا بالثمن إلى وقت أدائه فيكون رهنا معنى، ومشايخ سمرقند جعلوه بيعا جائزا [و]

(7)

منهم الإمام نجم الدين النسفي رحمه الله

(8)

فقال: اتفق مشايخنا في هذا الزمان على صحته

(1)

لغه فارسية مع أزبكية ومعناها: إذا وقعت السلعة في ملك أحد لا يجوز له بيعها إلا بعدما يستلمها؛ فإذا وقعت في قبض المشتري صارت ملكا له إذا لم يكن كذلك يكون البيع فاسدا.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (ب) يوفر عليه.

(4)

في (ب) بقصد.

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

في (أ) البيع وفي (ب) المبيع والصحيح ما ذكر في (ب).

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن لقمان، النسفي، ثم السمرقندي. [المتوفى: 537 هـ]

قال ابن السمعاني: كان إماما، فاضلا، مبرزا، متفننا، صنف في كل نوع من العلم، في التفسير، والحديث، والشروط، ونظم "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن، حتى صنف قريبا من مائة مصنف، وورد بغداد حاجا في سنة سبع وخمسمائة، وحدث عن: إسماعيل بن محمد النوحي، وطائفة، وتوفي النوحي سنة إحدى وثمانين.

قال السمعاني: روى لنا عنه: إسماعيل بن أبي الفضل الناصحي، وكتب لي بالإجازة، وقال: شيوخي خمسمائة وخمسون رجلا.

قال ابن السمعاني: ولما وافيت سمرقند، استعرت عدة كتب مما جمعه وصنفه، فرأيت فيها أوهاما كثيرة، خارجة عن الإحصاء، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث وطلبه، ولم يرزق فهمه، وكان له شعر حسن على طريقة الفقهاء والحكماء، وتوفي في ثاني عشر جمادى الأولى، ومولده سنة إحدى أو اثنتين وستين وأربعمائة.

انظر: تاريخ الإسلام ت بشار (11/ 675)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: 219)، الأعلام للزركلي (5/ 60).

ص: 275

بيعا [على]

(1)

ما كان عليه بعض السلف رحمهم الله لأنهما [تلفظا تلفظ]

(2)

البيع من غير ذكر شرط فيه والعبرة للملفوظ دون المقصود

(3)

.

[أثر الإكراه في الضمان]

فإن من تزوج امرأة ومن نيته

(4)

أن يطلقها بعد ما جامعها صح العقد يعني لم يكن متعة

(5)

(6)

. هذا كله من فصول الإمام الاسنروشني

(7)

رحمه الله مقيدا لبعض الأحكام وهو الانتفاع دون البيع من غيره (وكذا إذا أسلم طائعا (فإن كان قبض الثمن طوعا فقد أجاز البيع لأنه دليل الإجازة كما في البيع الموقوف، وكذا إذا سلم طائعا بأن كان الإكراه على البيع لا على الدفع، لأنه دليل الإجازة، بخلاف ما إذا أكره على الهبة ولم يذكر الدفع فوهب ودفع حيث يكون باطلا لأن مقصود المكره الاستحقاق لا مجرد اللفظ، وذلك في الهبة بالدفع، وفي البيع بالعقد على ما هو الأصل فدخل الدفع في الإكراه على الهبة دون البيع.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 273).» أي كان ذلك منه إجازة

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

في (ب) بلفظ.

(3)

انظر: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام للطرابلسي الحنفي (1/ 147).

(4)

النية لغة: مصدر نوى، والاسم النية، بتشديد الياء عند أكثر اللغويين، والتخفيف فيها لغة محكية. وتأتي النية لمعان، منها: القصد، فيقال: نوى الشيء ينويه نية: قصده، كانتواه وتنواه، ومنها: الحفظ، فيقال: نوى الله فلانا: حفظه.

انظر: مختار الصحاح للرازي (1/ 322)، المصباح المنير للفيومي (2/ 631).

اصطلاحا: قصد الطاعة والتقرب إلى الله تعالى في إيجاب الفعل.

انظر: تكملة رد المحتار لابن عابدين (1/ 72).

(5)

المتعة: أن يقول الرجل لامرأته: أتمتع بك كذا من المدة بكذا من البدل، وقيل: نكاح المتعة نوعان: أحدهما: أن يكون بلفظ التمتع، والثاني: أن يكون بلفظ النكاح والتزويج وما يقوم مقامهما.

انظر: المبسوط للسرخسي (5/ 152)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 272).

(6)

قال النسفي: اتفق مشايخ زماننا على صحته بيعا على ما كان عليه بعض السلف؛ لأنهما تلفظا بلفظ البيع بلا ذكر شرط فيه، والعبرة للملفوظ أيضا دون المقصود، فإن من تزوج امرأة ومن نيته أن يطلقها بعد ما جامعها صح العقد.

انظر: معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام للطرابلسي الحنفي (1/ 147).

(7)

محمد بن عمرو أبو جعفر الأستروشني أحد قضاة بخارى وسمرقند روى عن لقمان الإستروشني وهو عمه وأبي الحسين محمد بن المظفر الحافظ البغدادي روى عنه أبو ذر محمد بن جعفر بن محمد المستغفري وكان إماما فاضلا عالما ومات على القضاء بسمرقند سنة أربع وأربع مائة رحمه الله تعالى.

انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي (2/ 105).

ص: 276

للبيع (فوهب ودفع حيث يكون باطلا) أي فاسدا؛ لأنه

(1)

ذكر في المبسوط

(2)

ثم بسبب الإكراه يفسد الهبة، ولكن الهبة الفاسدة توجب الملك بعد القبض كالهبة الصحيحة بناء على أصلنا إن فساد السبب لا يمنع وقوع الملك بالقبض فإذا أعتقها أو دبرها أو استولدها فقد لاقى هذه التصرفات منه ملكه فكانت نافذة وعليه ضمان قيمتها وذكر في الإيضاح

(3)

. ثم فرق بين البيع والهبة فقال: في البيع لابد من الإكراه على الدفع حتى لو أكره على البيع دون الدفع فدفع طائعا جاز البيع (ولو أكرهه على الهبة فوهب ودفع) لم تصح الهبة، والفرق بينهما أن مقصود المكره ما يتعلق به الاستحقاق لا صورة العقد، والهبة في أصل الوضع لا تتعلق بها الاستحقاق إلا بالقبض [فكان]

(4)

الإكراه على الهبة أكراها على الدفع.

فأما البيع فيتعلق به الاستحقاق من غير قبض فلم يكن الإكراه على البيع إكراها على الإقباض فكان الدفع عن اختيار منه وذلك دليل الإجازة.

(وإن ضمن المشتري) أي في صورة الغصب (نفذ كل شراء كان بعد شرائه)(لو تناسخه العقود) أي لو باعه المشتري من آخر وذلك من آخر فعاد الكل إلى الجواز؛ لأن تسليمه أو إجازته إسقاط منه لحقه في استرداد المبيع

(5)

من كل مشتر. فأما البيع إنما كان في ملكه لنفسه، ولكن توقف

(6)

على سقوط حق المكره في الفسخ وبالإجازة سقط حقه فينفذ [البيوع]

(7)

كلها كالراهن إذا باع المرهون فأجاز المرتهن

(1)

أي لأن مقصود المكره الاستحقاق.

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 54).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 110).

(4)

في (ب) وكان.

(5)

ساقطة من (أ) فأما المبيع.

(6)

في (أ) بقوله وفي (ب) نفوذه والصحيح ما ذكر في (ب).

(7)

في (ب) بالبيع.

ص: 277

البيع أو الآخر باع المستأجر فأجازه المستأجر [بعد]

(1)

البيع من جهة المباشر المجيز يكون مسقطا حقه في

(2)

الفسخ [إلا]

(3)

أن يكون تملكا بإجازته، وإذا جازت البيوع كلها كان الثمن للمكره على المشتري الأول ولكل بائع الثمن على المشتري؛ لأن العقد الأول من المكره والمشتري الأول بهذه الإجازة فله أن يطالبه بالثمن، وكل عقد بعد ذلك إنما نفذ بين البائع والمشتري منه فيكون الثمن له.

فإن قلت حينئذ تحتاج هاهنا إلى الفرق في موضعين:

أحدهما: في الفرق بين تضمين البائع المكره بيع أحد الباعة وبين [إجارة البائع]

(4)

المكره بيع أحد الباعة فإن في التضمين يجوز كل بيع بعد بيع ذلك البائع الضامن ويبطل كل بيع قبله، وفي الإجارة ينفذ في الكل كما ذكر في [الكتاب]

(5)

.

والثاني: في الفرق بين إجارة المالك المغصوب منه في الغصب [وبين]

(6)

إجارة البائع المكره في الإكراه.

فإن المغصوب منه إذا أجاز بيع أحد الباعة فإنه ينفذ ما أجازه خاصة دون ما قبله. وفي الإكراه إذا أجاز بيع أحد الباعة [ينفذ البياعات كلها]

(7)

.

قلت: أما الأول فإنما جازت البياعات كلها في إجازة البائع المكره بيع أحد الباعة فلما ذكرنا أن إجازته إسقاط منه لحقه فكان حقه هو المانع فلما سقط حقه عمل

(1)

في (ب) نفذ.

(2)

ساقطة من (ب) حق.

(3)

في (أ) لا وفي (ب) ألا والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) الإجارة.

(5)

في (ب) الكل.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

ساقطة من (ب).

ص: 278

في الكل، كما في إجازة المرتهن بيع الراهن، [وأما]

(1)

في صورة تضمين البائع المكره أحد الباعة فإنما بطل بيع كان قبله لأن استرداد القيمة منه كاسترداد العين فإن القيمة سميت قيمة لقيامها مقام العين ولو استرد العين منه بطل كل بيع كان قبله للاستحقاق. فكذلك إذا استرد القيمة وجاز كل بيع كان بعده لأن الملك قد تقرر بالضمان [حين]

(2)

ضمن القيمة فيتبين أنه باع ملك نفسه فيكون بيعه جائزا حتى إذا ضمن المشتري الأجير بطلب البيوع كلها؛ لأن استرداد القيمة منه كاسترداد العين ويرجع هو على بائعه [كلها]

(3)

بالثمن الذي أعطاه وكذلك كل مشتر يرجع على بائعه حتى ينتهوا إلى البائع المكره؛ لأن البيوع كلها قد انتقضت، وينعكس الحكم لو ضمن الذي أكرهه ورجع هو بتلك القيمة على المشتري الأول حيث جازت البيوع كلها. فكذلك إن ضمن البائع المشتري الأول يرى الذي أكرهه وتمت البيوع الباقية كلها لأن الملك قد تقرر للمشتري الأول من حين قبضه.

فإنما باع ملك نفسه وينفذ بيعه فكذلك كل بائع بعده وأما وجه الفرق في الموضع الثاني وإنا قد ذكرنا وجه جواز البياعات كلها عند إجازة البائع المكره بيع أحد البائع من إسقاط حقه الذي هو المانع، فلذلك جازت البياعات كلها، وأما إذا جاز المغصوب منه بيعا من تلك البيوع فإنه ينفذ ما أجاز خاصة لأن الغصب لا يزيل ملكه وكل بيع من هذه البيوع توقف على إجازته لمصادفته ملكه فيكون إجازته أحد البيوع تمليكا للعين من المشتري بحكم ذلك البيع فلا ينفذ ما سواه، وأما المشتري من المكره كان مالكا فالبيع من كل مشتر صادف ملكه وإنما توقف لنفوذه على سقوط حق المكره في الاسترداد. وفي هذا لا يفترق الحال بين إجازته البيع الأول والآخر فلهذا نفذ

(1)

في (ب) فإما.

(2)

في (أ) حتى وفي (ب) حين والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

ساقطة من (ب).

ص: 279

البيوع كلها بإجازته عقدا منها هذا كله من باب الإكراه على البيع من إكراه المبسوط

(1)

.

(وقوله: لا ينفذ ما كان قبله) أي قبل الضمان (لأنه أسقط حقه) أي بالإجازة، والله أعلم.

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 97).

ص: 280

‌فصل

[حكم الإكراه الواقع في حقوق الله]

لما ذكر حكم الإكراه الواقع في حقوق العباد شرع في بيان حكم الإكراه الواقع في حقوق الله تعالى وإنما قدم حقوق العباد على حقوق الله تعالى لما ذكر في الكتاب في الفصل المتقدم أن حق العبد مقدم لحاجته (وإن أكره على أن يأكل الميتة أو يشرب الخمر، فأكره على ذلك بحبس أو ضرب لم يحل له، المراد) من هذا الضرب

الضرب الخفيف الذي لا يخاف منه تلف النفس أو تلف العضو، لأنه ذكر في المبسوط

(1)

ولو أوعد بضرب سوط أو سوطين لم يسعه تناول ذلك؛ لأنه لا يخاف على نفسه ولا على عضو من أعضائه [بما]

(2)

هدده به إنما يغمه ذلك أو يؤلمه ألما يسيرا والإلجاء لا يتحقق به.

وكذلك كل ضرب لا يخاف منه تلف أو ذهاب عضو في أكثر الرأي، لأن غالب الرأي يقام مقام الحقيقة فيما لا طريق إلى معرفته حقيقة، وقد وقت بعضهم في ذلك أدنى الحد أربعين سوطا وأن يهدد بأقل منها لم يسعه الإقدام على ذلك؛ لأن ما دون ذلك مشروع بطريق التعزير

(3)

، والتعزير يقام على وجه يكون زاجرا لا متلفا ولكنا نقول نصب المقادير بالرأي لا يكون ولا نص في التقدير هاهنا، وأحوال الناس تختلف في احتمال بدنهم للضرب فلا طريق سوى رجوع المكره إلى غالب رأيه فإن وقع

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 48 - 49).

(2)

في (أ) لما وفي (ب) بما وهو الصحيح كما في المبسوط.

(3)

التعزير: لغة: التوقير والتعظيم. وهو أيضا التأديب ومنه التعزيز الذي هو الضرب دون الحد.

انظر: مختار الصحاح للرازي (1/ 207).

وفي الاصطلاح: هو عقوبة غير مقدرة شرعا، تجب حقا الله، أو لآدمي، في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة غالبا.

انظر: المبسوط للسرخسي (9/ 36).

ص: 281

في غالب رأيه إنه لا يتلف به نفسه

(1)

ولا عضو من أعضائه لا يصير ملجئا، وإن خاف على نفسه التلف منه يصير ملجئا فحينئذ يثبت الإباحة.

وذكر في الذخيرة

(2)

[وإن]

(3)

هدده بضرب سوط أو سوطين [فهو]

(4)

غير معتبر إلا أن يقولوا ليضربنك على عينيك أو على المذاكير.

(فإن صبر حتى أوقعوا به) أي قتلوه أو أتلفوا عضو (فهو آثم) أي إذا علم أنه يسعه تناول هذه الأشياء في هذه الحالة أما إذا كان لا يعلم أن ذلك يسعه رجوت أن لا يكون آثما لأنه قصد به التحرر عن ارتكاب الحرام بزعمه، وهذا (لأن في انكشاف الحرمة خفاء) عند تحقق الضرورة دليله خفي (فيعذر بالجهل فيه) كما أن عدم وصول الخطاب إليه قبل أن يشتهر بجعل عذرا له في ترك ما ثبت بخطاب الشرع. يعني الصلاة في حق من أسلم في دار الحرب

(5)

ولم يعلم بوجوبها عليه (وعن أبي يوسف رحمه الله[أنه]

(6)

لا يأثم (

(7)

فلم يتناول من الميتة حتى مات في ظاهر المذهب يكون آثما، وفي رواية أبي يوسف لا يكون آثما فالأصل عند أبي يوسف رحمه الله أن الإثم ينتفي عن المضطر ولا ينكشف الحرمة بالضرورة قال الله تعالى: {فَمَنِ

(1)

أي سوى نفسه.

(2)

انظر: الفتاوي الهندية للشيخ نظام (5/ 38).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (أ) وهو وفي (ب) فهو والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

دار الحرب: هي كل بقعة تكون أحكام الكفر فيها ظاهرة.

انظر: بدائع الصنائع للكاساني الحنفي (7/ 30).

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

يقول الزيلعي: عن أبي يوسف لا يأثم مطلقا لأنه رخصة إذ الحرمة قائمة فيكون أخذا بالعزيمة).

انظر: تبيين الحقائق للزيلعي (5/ 185).» فكذلك هذا فيمن أصابته مخمصة المخمصة: من خمص خمصا وخموصا، ولغة خمصه الجوع أي جعله قميص البطن، وخميص البطن خلاؤها، فالمخمصة هي خلاء البطن والجوع؛ ولكن أصبح يستعمل على المجاعة لما فيها من جوع.

انظر: مختار الصحاح للرازي (1/ 97)، المعجم الوسيط (1/ 256).

ص: 282

اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}

(1)

وقال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

(2)

وهذا لأن الحرمة بصفة أنها ميتة أو خمر وبالضرورة لا ينعدم ذلك فإذا امتنع كان امتناعه من تناول الحرام فلا يكون آثما فيه، وكان إباحة لا رخصة

(3)

لأنه كان مباحا

(4)

في [حالة]

(5)

الضرورة فامتناعه من التناول الحرام فلا يكون إثما فيه وكان إباحة لا رخصه لأنه كان مباحا في حالة الضرورة فامتناعه من التناول حتى تلف كامتناعه من تناول الطعام الحلال حتى تلفت نفسه فيكون آثما في ذلك وصفة الخمر به توجب الحرمة لمعنى الرفق بالتناول وهو أن يمنعه من استعمال عقله ويصده عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة وكذلك لحم الخنزير لما في طبع الخنزير من الانتهاب وللغذاء أثر في الخلق والرفق. هنا في الإباحة عند الضرورة لأن إتلاف البعض أهون من إتلاف الكل وفي الامتناع عن التناول هلاك الكل فيثبت الإباحة في هذه الحالة لهذا المعنى، وكذلك لو أوعده بقطع عضو لأن حرمة الأعضاء كحرمة النفس.

ألا يرى أن المضطر كما لا يباح له قتل إنسان ليأكل من لحمه، لا يباح له قطع عضو من أعضائه والضرر الذي يخاف منه التلف بمنزلة القتل.

(1)

سورة [البقرة: 173].

(2)

سورة [المائدة: 3].

(3)

الرخصة لغة: ترخيص الله للعبد في أشياء خففها عنه. والرخصة في الأمر: وهو خلاف التشديد، وقد رخص له في كذا ترخيصا فترخص هو فيه أي لم يستقص. وتقول: رخصت فلانا في كذا وكذا أي أذنت له بعد نهيي إياه عنه.

انظر: مختار الصحاح (1/ 120)، لسان العرب (7/ 40).

شرعا: عبارة عما وسع للمكلف في فعله لعذر عجز عنه مع قيام السبب المحرم.

انظر: المستصفى للغزالي (1/ 78).

(4)

المباح لغة: الإحلال، يقال: أبحتك الشيء؛ أي أحللته لك. والمباح خلاف المحظور.

انظر: لسان العرب (2/ 416).

شرعا: ما اقتضى خطاب الشرع التسوية بين فعله وتركه، من غير مدح يترتب عليه، ولا ذم.

انظر: شرح مختصر الروضة للصرصري (1/ 386).

(5)

في (ب) حاله.

ص: 283

لما أن فتنة السوط أشد من فتنة السيف والأعضاء في هذا سواء حتى لو أوعده بقطع أصبع أو أنمله يتحقق به الإلجاء، وكل ذلك محترم باحترام النفس تبعا لها هذا كله من المبسوط

(1)

.

[الإكراه على الكفر أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم]

(وقوله: قلنا حالة الاضطرار مستثناة بالنص) وهو قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}

(2)

. والاستثناء من الحرمة يوجب انتفاء الحرمة وهو الإباحة المحضة (وإن

(3)

أكره على الكفر بالله والعياذ بالله إلى آخره (

(4)

وكل شيء جاز له تناول هذه المحرمات من الإكراه. فكذلك يجوز فيه عند الكفر بالله إذا أكره عليه وقلبه مطمئن بالإيمان ثم قال وهذا يجوز في العبادة، فإن حرمة الكفر حرمة ثابتة مضمنة لا تنكشف بحال ولكن مراده أنه يجوز له إجراء كلمة الشرك على اللسان مع طمأنينة القلب بالإيمان (وقوله:[أولى و]

(5)

أحرى) أي أولى أن لا يكون إكراها.

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 48).

(2)

سورة [الأنعام: 119].

(3)

في (ب) وإذا.

(4)

تكملة إلى آخره: أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيد أو حبس أو ضرب لم يكن ذلك إكراها حتى يكره بأمر يخاف منه على نفسه أو على عضو من أعضائه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 274).».

أعلم أن ما اعتبر إكراها في حق إباحة تناول الميتة والخمر والخنزير يعتبر إكراها في حق إجراء كلمة الكفر على اللسان إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان، إلا أن في فصل الكفر إذا صبر حتى قتل كان مأجورا شهيدا، وفي فصل الميتة والخمر إذا صبر حتى قتل كان آثما مأخوذا بدمه.

وذكر في المبسوط انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 50).

(5)

ساقطة من (ب).

ص: 284

وأما ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «ما من كلام أتكلم به يدرؤا عني شبهتين عند ذي سلطان إلا كنت متكلما»

(1)

.

[فإنما]

(2)

هو منه على [طريق]

(3)

بيان الرخصة

(4)

فيما فيه الألم الشديد وإن كان سوطين فأما أن يقال إن السوطين اللذين لا يخاف منهما تلف يوجب الرخصة له في إجراء كلمة الكفر فهذا مما لا يجوز أن يظن بعبد الله ابن مسعود رضي الله عنه [وإنما]

(5)

يحتمل [هذا]

(6)

اللفظ منه على سبيل المثل لبيان الرخصة عن خوف التلف، وقيل السوطان في حقه كان يخاف منهما التلف لضعف بنيته.

فقد كان بهذه الصفة على ما روي أنه صعد شجرة يوما فضحكت الصحابة من دقة ساقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تضحكوا منهما ثقيلتان في الميزان»

(7)

كذا في المبسوط.

(1)

حدثنا علي بن مسهر عن أبي حيان عن أبيه عن الحارث بن سويد عن عبد الله قال ما من كلام أتكلم به بين يدي سلطان يدرأ عني به ما بين سوط إلى سوطين إلا كنت متكلما به.

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 6/ 474 كتاب الفضائل ما قالوا في المشركين يدعون المسلمين إلى غير ما ينبغي أيجيبونهم أم لا ويكرهون عليه رقم 33046. انظر: مصنف ابن أبي شيبة (6/ 474).

درجة الأثر: رواه الطبراني في المعجم الكبير للطبراني حديث رقم 8849 (9/ 171) ورجاله ثقات. انظر: مجمع الزوائد (10/ 217). انظر: مجمع الزوائد (10/ 217).

(2)

في (ب) وإنما.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) الرجعة.

(5)

في (أ) فإنما وفي (ب) وإنما والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

في (ب) على.

(7)

أخرجه أحمد في مسنده (1/ 420) حديث رقم 3991، والبزار في مسنده (8/ 245) حديث رقم 3305، وأبي يعلى في مسنده (9/ 209) حديث رقم 5310، والشاشي في مسنده (2/ 124) حديث رقم 661، والطبراني في المعجم الكبير (19/ 28) حديث رقم 8452، والحاكم في مستدركه (3/ 358) كتاب معرفة الصحابة حديث رقم 5385.

درجة الحديث: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم، وهو ابن أبي النجود، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد -وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم.

انظر: صحيح ابن حبان (15/ 546).

ص: 285

التورية أن يظهر خلاف ما يضمر

(1)

، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفر أورى بغيره

(2)

وفي الصحاح

(3)

يقال: وريت الخبر إذا سترته وأظهرت غيره

(4)

، «وقوله عليه السلام إن عادوا فعد

(5)

» أي إن عادوا إلى الإكراه فعد إلى طمأنينة القلب لا إلى إجراء كلمة الكفر والطمأنينة جميعا على ما زعم البعض لأنه إذا حملنا العود فيهما جميعا كان ذلك أمرا من النبي صلى الله عليه وسلم بإجراء كلمة الكفر فيوهم الإباحة حينئذ لأن أدنى درجات الأمر الإباحة والكفر لا يصير مباحا بالإكراه؛ لأنه من قبيل ما لا يحتمل الإباحة أصلا كذا في مبسوط شيخ الإسلام

(6)

.

(1)

انظر: العناية شرح الهداية (13/ 169).

(2)

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا واستقبل غزو عدو كثير فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبه عدوهم وأخبرهم بوجهه الذي يريد.

أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 1078 كتاب الجهاد والسير باب من أراد غزوة فورى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس حديث رقم 2788.

(3)

الصحاح، في اللغة للإمام، أبي نصر: إسماعيل بن حماد الجوهري، الفارابي. المتوفى: سنة 393، ثلاث وتسعين وثلاثمائة. كان من فاراب. أخذ عن: خاله: إبراهيم الفارابي. وعن: السيرافي. والفارسي. ودخل: بلاد ربيعة، ومضر، فأقام بها مدة في طلب علم اللغة. ثم عاد إلى خراسان، وأقام بنيسابور مدة. فبرز في: اللغة، وتعلم الكتابة، وحسن الخط. ومات: مترديا من سطح داره.

انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (2/ 1073)، الاعلام للزركلي (1/ 313).

(4)

كأنه مأخوذ من وراء الإنسان، كأنه يجعله وراءه حيث لا يظهر. انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للفارابي (6/ 2523).

(5)

عن عمار بن ياسر عن أبيه قال أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما وراءك قال شر يا رسول الله ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال صلى الله عليه وسلم "كيف وجدتد قلبك؟ " قال: مطمئن بالإيمان فقال صلى الله عليه وسلم "فإن عادوا فعد".

أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 389) كتاب التفسير تفسير سورة النحل حديث رقم 3362، والبيهقي في سننه (8/ 208) كتاب المرتد باب المكره على الردة قال الله جل ثناؤه من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا حديث رقم 16673.

درجة الحديث: قال عنه الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

انظر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 389).

(6)

مبسوط خواهر زاده وهو: الإمام، شيخ الإسلام: محمد بن حسين البخاري، الحنفي، المعروف: ببكر خواهر زاده. في: خمسة عشر مجلدا. وتوفي: سنة 483، ثلاث وثمانين وأربعمائة. وقيل: له مبسوطان.

انظر: كشف الظنون لحاجي خلفة (2/ 1580)، الاعلام للزركلي (6/ 100).

ص: 286

خبيب رضي الله عنه [كان]

(1)

(2)

صبر على ذلك حتى صلب. روي أن المشركين أخذوا خبيب بن عدي بن زيد فباعوا من أهل مكة فقالوا له لنقتلنك أو لتذكرن آلهتنا بالخير وتشتم محمدا، فكان يشتم آلهتهم ويذكر محمدا صلى الله عليه وسلم بخير حتى قتلوه. فقال رسول الله عليه السلام:«هو رفيقي في الجنة»

(3)

.

وبهذا يعرف أن المثل المذكور في الكتاب (بقوله: وقال في مثله) صلة أو هو عبارة عن الذات بخلاف ما تقدم، وهو ما ذكر من مسألة الإكراه على أكل الميتة وشرب الخمر حيث قال فيه ([و]

(4)

لا يسعه أن يصبر على ما توعد به) للاستثناء، وهو ما ذكر من قوله تعالى:{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ}

(5)

.

(1)

في (أ) لأن وفي (ب) كان والصحيح ما ذكر في (ب).

(2)

خبيب بن عدي بن مالك بن عامر بن مجدعة بن جحجبي بن عوف بن كلفة ابن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي. شهد بدرا واستشهد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

انظر: الاستيعاب لابن الأثير (2/ 440)، أسد الغابة لابن الأثير (2/ 154)، الإصابة لابن حجر (2/ 225).

(3)

لم أجده بهذا اللفظ.

ولكن وجدت لفظ عند الواقدي في كتاب المغازي قال: -وحدثني قدامة بن موسى، عن عبد العزيز بن رمانة، عن عروة بن الزبير، عن نوفل بن معاوية الديلي، قال: حضرت يومئذ دعوة خبيب، فما كنت أرى أن أحدا ممن حضر ينفلت من دعوته، ولقد كنت قائما فأخلدت إلى الأرض فرقا من دعوته، ولقد مكثت قريش شهرا أو أكثر وما لها حديث في أنديتها إلا دعوة خبيب.

قالوا: لما صلى الركعتين حملوه إلى الخشبة، ثم وجهوه إلى المدينة وأوثقوه رباطا، ثم قالوا: ارجع عن الإسلام، نخل سبيلك قال: لا والله ما أحب أني رجعت عن الإسلام ولو أن لي ما في الأرض جميعا قالوا: فتحب أن محمدا في مكانك وأنت جالس في بيتك؟ قال: والله ما أحب أن يشاك محمد بشوكة وأنا جالس في بيتي. فجعلوا يقولون: ارجع يا خبيب قال: لا أرجع أبدا. قالوا: أما واللات والعزى، لئن لم تفعل لنقتلنك. . . . . . . . . . . .).

انظر: المغازي للواقدي (1/ 305).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

سورة [الأنعام: 119].

ص: 287

[والاستثناء]

(1)

من الحرمة يوجب الإباحة فعلم بهذا أن الامتناع عن التناول هناك لم يكن عزيمة وهنا عزيمة لبقاء الحرمة.

(2)

فإن قيل:

(3)

الله تعالى كما استثنى الميتة [والخنزير]

(4)

والخمر في حالة الاضطرار استثنى في إجراء كلمة الكفر أيضا بقوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}

(5)

بعد قوله: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ}

(6)

[فينبغي أن يكون الإجراء مباحا أيضا للاستثناء.

قلنا

(7)

: في الآية تقديم وتأخير فتقديره من كفر بالله من بعد إيمانه وشرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان]

(8)

.

فالله تعالى ما أباح إجراء كلمة الكفر على لسانهم حالة الإكراه، وإنما وضع عنه العذاب والغضب وليس من ضرورة نفي الغضب وهو حكم الحرمة عدم الحرمة؛ لأنه ليس من ضرورة عدم الحكم عدم العلة كما في شهود الشهر في حق المسافر والمريض فإن السبب موجود والحكم متأخر فجاز أن يكون الغضب منتفيا مع قيام العلة

(1)

في (ب) فالأستثناء.

(2)

انظر: العناية شرح الهداية (13/ 164)، اللباب في شرح الكتاب للميداني (1/ 391).

(3)

هذا اعتراض.

(4)

سورة [النحل: 106].

(5)

سورة [النحل: 106].

(6)

ناقص من (أ) والخنزير.

(7)

الجواب على الاعتراض.

(8)

ساقطة من (ب).

ص: 288

الموجبة للغضب وهو الحرمة فلم يثبت إباحة إجراء كلمة الكفر. كذا في مبسوط شيخ الإسلام

(1)

.

وذكر في التيسير

(2)

وتقدير الآية على التقديم والتأخير وتقديره الكافرون بالله؛ [لأن]

(3)

من هاهنا للجمع لأنه حبس فيصلح للجمع بعدم إيمانهم به ألسنا راجون لقبول الكفر واعتقاده صدورا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم إلا من أكره على الكفر فإنه لا يستحق غضب الله والعذاب العظيم (لأن المكره آلة للمكره (

(4)

. فإن في هذه الأفعال لا يصلح المكره آلة للمكره فإنه لو كان آلة له في التكلم لما وقع الطلاق والعتاق لأن أحدا لا يملك أن يطلق امرأة غيره ولا أن يعتق عبد غيره

(5)

(والقصاص على المكره (أي القتل عمدا.» بكسر الراء وهو الآمر (إن كان عمدا (أي القتل عمدا.»

(1)

انظر: الأصل للشيباني (مقدمة/ 283).

(2)

التيسير في التفسير لنجم الدين، أبي حفص: عمر بن محمد النسفي، الحنفي. المتوفى: بسمرقند، سنة 537، سبع وثلاثين وخمسمائة. أوله:(الحمد الله، الذي أنزل القرآن شفاء. . . إلخ). ذكر: في الخطبة مائة اسم من أسماء القرآن، ثم عرف التفسير والتأويل، ثم شرع في المقصود، وفسر الآيات بالقول، وبسط في معناها كل البسط. وهو من الكتب المبسوطة في هذا الفن.

انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (1/ 461).

(3)

في (أ) ولأنه وفي (ب) لأن والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

تكملة المسألة: فيما يصلح.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 274).» لأنه يصلح أن يكون آلة للمكره بأن يأخذه ويلقيه عليه فيما يصلح آلة له هذا احتراز عن الأكل والتكلم والوطئ توضيح المسألة: قال (وإن أكره على إتلاف مال مسلم) وإن أكره رجل على إتلاف مال مسلم (بأمر يخاف على نفسه أو على عضو من أعضائه جاز له أن يفعل ذلك، لأن مال الغير يستباح للضرورة كما في حالة المخمصة وقد تحققت، ولصاحب المال أن يضمن المكره لأن المكره آلة للمكره فيما يصلح آلة له، والإتلاف من هذا القبيل) لأن المكره يمكنه أن يأخذ المكره ويلقيه على المال فيتلفه. وقوله فيما يصلح احتراز عن الأكل والتكلم والوطء فإنه فيها لا يصلح آلة له إذ الأكل.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 243 - 244)، البناية شرح الهداية (11/ 58).

(5)

ساقطة من (أ) هو.

ص: 289

سواء كان هذا المكره الآمر بالغا عاقلا أو معتوها

(1)

أو غلاما غير بالغ والقود على الآمر كذا في المبسوط

(2)

في باب تعدي العامل من الإكراه

(3)

.

ثم في هذه المسألة أربعة أقوال مشتملة على القسمة العقلية التي لا زيادة عليها عقلا. فقول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- على مقابلة قول زفر وقول أبي يوسف على مقابلة قول الشافعي رحمه الله

(4)

(وللتسبيب في هذا) أي في القتل (كما في شهود القصاص) أي (عنده) فإن الشاهدين لو شهدوا على رجل بالقتل العمد فاقتص الشهود عليه ثم جاء المشهود به حيا يقتل الشاهدان عنده (وقوله: نظر إلى التأثيم (تكملة المسألة: (ولأبي يوسف أن القتل بقي مقصورا على المكره من وجه نظرا إلى التأثيم).

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 275).» يعني أن المكره على القتل إذا أقدم على ما أكره عليه من القتل فإنه يأثم بالإجماع.

(1)

المعتوه: العته في اللغة: نقص العقل من غير جنون أو دهش، والمعتوه المدهوش من غير مس أو جنون.

انظر: الصحاح للفارابي (6/ 2239)، مختار الصحاح للرازي (1/ 200).

اصطلاحا: وهو ناقص العقل من غير صبا ولا جنون فيشبه كلامه وأفعاله تارة بكلام المجانين وأفعالهم وتارة بكلام العقلاء وأفعالهم.

انظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (2/ 396).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 72).

(3)

الإكراه على القتل:

اتَّفق أهل العلم على إثم مَن أُكرِه على القتل فقَتَل، واختلفوا في القصاص منه إذا كان الإكراه تامًّا، فقال المالكية والشافعية والحنابلة: يقتص من المكرِهِ والمستكرَه جميعًا؛ لأن المستكره وجد منه القتل حقيقة، والمُكرَه متسبِّب في القتل، والمتسبب كالمباشر.

وقال أبو حنيفة: يقتص من المكرَه، ولا قصاص على المستكره، وهذا القول رواية عن أحمد وأحد قولَي الشافعي.

أما إن كان الإكراه ناقصًا، فيجب القصاص على المستكره بلا خلاف.

(4)

هذه المسألة كامله حسب كتاب الهداية قال: "والقصاص على المكره إن كان القتل عمدا" قال رضي الله عنه: وهذا عند أبي حنيفة ومحمد، وقال زفر: يجب على المكره. وقال أبو يوسف: لا يجب عليهما. وقال الشافعي: يجب عليهما. لزفر أن الفعل من المكره حقيقة وحسا، وقرر الشرع حكمه عليه وهو الإثم، بخلاف الإكراه على إتلاف مال الغير لأنه سقط حكمه وهو الإثم فأضيف إلى غيره، وبهذا يتمسك الشافعي في جانب المكره، ويوجبه على المكره أيضا لوجود التسبيب إلى القتل منه. انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 275).

ص: 290

[علم]

(1)

أن المكره لم يكن كالآلة من كل وجه (نظرا [إلى]

(2)

الحمل) أي نظر إلى الإكراه.

[الإكراه على القتل]

(ولهما أنه محمول على القتل بطبعه إيثارا لحياة، فيصير آلة للمكره) و ذلك لأن الآلة هي التي تعمل بطبعها كالسيف فإن طبعه القطع عند الاستعمال في محله وكالنار فإن طبعها الإحراق وكالماء فإن طبعه الإغراق، وإذا كان كذلك ففي الجري على موجب الطبع [مشابهة]

(3)

بالآلة ولو استعمل القاتل آلته التي هي السيف في شخص ظلما فقتله يجب القصاص على القاتل فكذا يجب القصاص على المكره هاهنا لكون المكره آلة

(4)

. فيما ذكره من كونه محمولا على القتل بطبعه إيثار الحياة والأولى في تعليلهما، ما أشار إليه في المبسوط

(5)

من دعوى الإجماع [بأن]

(6)

المباشرة للقتل هو المكره الآجر لا المأمور، وذلك لأنا اجمعنا على أن ضمان الإتلاف في المال على الآمر بالإتلاف [لا]

(7)

على المأمور.

علم بهذا أن الإتلاف منسوب إلى الآمر فيما فيه الإتلاف لأنه لا طريق [لنسبته الضمان]

(8)

في المال إلى الآمر سوى أن المأمور جعل آلة للآمر وجعل الآمر مباشرا للإتلاف لا مسببا له، لأن المسبب والمباشر إذا اجتمعا في إتلاف المال فالضمان على

(1)

في (ب) فعلم.

(2)

ساقطة من (أ) إلى.

(3)

في (ب) مستثناه هذه.

(4)

ناقص من (أ) له.

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 74).

(6)

في (ب) فإن.

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

في (ب) لنفسه بالضمان.

ص: 291

المباشر لا على المسبب بالإجماع

(1)

(2)

.

فهاهنا وجب على الآمر علم أنه جعل مباشرا [فإتلاف]

(3)

المال بالاستهلاك وإتلاف الآدمي بالقتل لا يتفاوتان من حيث أنه إتلاف لأن المأمور كما يصلح آلة في إتلاف المال للأمر بأن يأخذه ويلقيه في مال إنسان ويستهلكه.

فكذلك يصلح آلة له في إتلاف الآدمي بهذا الطريق، ولما جعلنا الآمر مباشرا للإتلاف في المال بالإجماع وجب أن نجعله مباشرا في إتلاف الآدمي أيضا لأنهما لا يتفاوتان من حيث الإتلاف، [على ما]

(4)

ذكرنا وإنما قلنا هذا أولى لأن فيه احتجاجا على الخصم بما ساعد [في]

(5)

مثله ولا دليل أقوى من مساعدة الخصم.

فإن قلت: لو كان المكره الآمر بمنزلة المباشر في القتل والمكره المأمور آلة [له]

(6)

لوجب أن لا يجب القصاص على الآمر فيما إذا كان صبيا أو معتوها؛ لأن انتقال فعل

(1)

القاعدة: إذا اجتمع السبب أو الغرور والمباشرة قدمت المباشرة.

من فروعها: لو أكل المالك طعامه المغصوب جاهلا به، فلا ضمان على الغاصب في الأظهر. وكذا لو قدمه الغاصب للمالك على أنه ضيافة فأكله، فإن الغاصب يبرأ. ولو حفر بئرا فرداه فيها آخر أو أمسكه، فقتله آخر، أو ألقاه من شاهق فتلقاه آخر فقده، فالقصاص على المردي والقاتل والقاد فقط. تنبيه: يستثنى من القاعدة صور: منها: إذا غصب شاة، وأمر قصابا بذبحها، وهو جاهل بالحال، فقرار الضمان على الغاصب قطعا، قاله في الروضة. انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 162)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: 135).

(2)

وقوله في المبسوط: وإذا بعث الخليفة عاملا على كورة، فقال لرجل لتقتلن هذا الرجل عمدا بالسيف، أو لأقتلنك، فقتله المأمور، فالقود على الآمر المكره في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، ولا قود على المكره، وقال زفر رحمه الله القود على المكره دون المكره، وقال أبو يوسف أستحسن أن لا يجب القود على واحد منهما، ولكن تجب الدية على المكره في ماله.

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 72).

(3)

في (ب) بإتلاف.

(4)

في (أ) وما وفي (ب) على ما والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

ساقطة من (ب).

ص: 292

المكره إليه لا يكون أقوى من مباشرته بنفسه وفيما باشر الصبي القتل عمدا لا يجب القصاص عليه على ما يجئ في الجنايات إن شاء الله تعالى.

وقد ذكر في المبسوط

(1)

أنه يجب القصاص على الصبي إذا أمر غيره بالقتل العمد بالإكراه على ما ذكرت فما وجهة.

قلت: لما انتقل فعل المأمور إلى الآمر المكره انتقل مع وصفه من العقل والبلوغ فصار ذلك بمنزلة جناية الآمر بيد المأمور في أحكام القتل [ولذلك]

(2)

لم يعتبر عقل الآمر وبلوغه بخلاف ما إذا باشر الصبي القتل بنفسه لأنه لا واسطة [هنا]

(3)

أحد يوصف بالعقل والبلوغ لينتقل [فعله]

(4)

إليه بذلك الوصف [فكان]

(5)

ذلك قتلا حاصلا من الصبي لا غير ولا اعتبار لعمد الصبي في القتل في إيجاب القصاص

(6)

. إلى هذا أشار في المبسوط

(7)

.

(1)

المبسوط للسرخسي (26/ 161).

(2)

في (ب) فلذلك.

(3)

في (ب) هناك.

(4)

في (ب) قوله.

(5)

في (ب) وكان.

(6)

القصاص لغة المماثلة.

انظر: مختار الصحاح (ص: 254).

واصطلاحا: أن يوقع على الجاني مثل ما جنى كالنفس بالنفس والجرح بالجرح. ومنه قوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} سورة البقرة/ 179. وقوله تعالى {كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر} سورة البقرة/ 178. فالقصاص غير الحد لأنه عقوبة مقدرة وجبت حقا للعباد.

انظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (17/ 130).

(7)

انظر: المبسوط للسرخسي (26/ 161).

ص: 293

(كما نقول في الإكراه على الإعتاق) أي من حيث أنه إتلاف مالية العبد بالإعتاق ينتقل إلى المكره حتى وجبت قيمة العبد عليه ومن حيث أنه تكلم ويعاد إعتاق على العبد يقتصر على المكره، لأنه لو انتقل كلامه بالإعتاق إلى المكره الآمر لما عتق العبد.

[إكراه المجوسي على ذبح شاة الغير]

قوله: (وفي إكراه المجوسي) هذا من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول بدليل ما ذكره في الإيضاح

(1)

بالنصب حيث قال وهو كما لو (أكره مجوسيا على ذبح شاة الغير) صار آلة له في معنى الإتلاف ولم يصير آلة له في [حق]

(2)

الذكاة حتى لم يحل تناوله.

وقوله: (ولهما أنه محمول على القتل بطبعه إيثارا لحياة إلى آخره (

(3)

: لو كان كون المأمور محمولا على القتل بطبعه إيثار لحياته بسبب الكره مسقطا وجوب القصاص عن المأمور لكان ينبغي أن يسقط القصاص عمن [عمن أصابته]

(4)

مخمصة فقتل إنسانا وأكل من لحمة حتى بقي حيا؛ لأن كل واحد من المكره ومن أصابته مخمصة مضطر في دفع الهلاك عن نفسه بقتل الغير مؤثر حياته على حياة غيره فمن أين وقع الفرق بينهما حتى وجب القصاص على القاتل الذي أصابته مخمصة ولم يجب على المكره إذا قتل.

(1)

انظر: الاختيار لتعليل المختار للموصلي الحنفي (2/ 116)، تبيين الحقائق للزيلعي (5/ 187).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

تكملة إلى آخره (فيصير آلة للمكره فيما يصلح آلة له وهو القتل بأن يلقيه عليه ولا يصلح آلة له في الجناية على دينه فيبقى الفعل مقصورا عليه في حق الإثم كما نقول في الإكراه على الإعتاق، وفي إكراه المجوسي على ذبح شاة الغير ينتقل الفعل إلى المكره في الإتلاف دون الذكاة حتى يحرم كذا هذا).

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 275).».

فإن قلت اعتراض.

(4)

في (أ) أصابه وفي (ب) عمن أصابته والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 294

قلت: هذا الذي ذكرته مما تشبث به زفر وجوابه هو [أنا إنما]

(1)

أسقطنا القصاص [عن]

(2)

المكره لأنه ملجأ على القتل من جهة غيره، حتى صار بمنزلة الآلة له فأما المضطر فإنه [غير]

(3)

ملجأ إلى ذلك الفعل من [جهة]

(4)

غيره، ليصير هو آلة للملجئ.

ألا ترى أن في المال الضمان واجب عليه فعرفنا به أن حكم الفعل مقصود عليه.

[الإكراه على التوكيل بالطلاق]

(وإن أكرهه على طلاق امرأته إلى آخره (

(5)

وإن أكره بوعيد القتل على الطلاق أو العتاق فلم يفعل حتى قتل لا يأثم لأنه لو صبر على القتل ولم يتلف مال نفسه فيما إذا أكرهه على إتلاف ماله كان شهيدا فلأن لا يأثم إذا امتنع عن إبطال ملك النكاح على المرأة كان أولى (فله إن يضمنه) أي فللمكره المأمور أن يضمن المكره الآمر (موسرا كان أو معسرا) لأن وجوب هذا الضمان باعتبار مباشرة الإتلاف فيكون جبرا [بالحق]

(6)

المتلف عليه، وذلك لا يختلف اليسار [والعسار]

(7)

، (لأن السعاية إنما تجب للتخريج إلى الحرية) كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله

(8)

- فإن المستسعى كالمكاتب عنده (أو لتعليق حق الغير) كما هو مذهبهما؛ لأن عندهما إنما تجب السعاية لتعلق حق غير المعتق بالعبد وههنا لو وجبت لوجبت لتعلق حق المعتق لأنه لا حق هنا لغير المعتق ولا نظير له في الشرع، أو قوله:(حق الغير) إشارة إلى مسألة المريض

(1)

في (ب) إنما إنا.

(2)

في (ب) على.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) حصة.

(5)

تكملة إلى آخره (وإن أكرهه على طلاق امرأته أو عتق عبده ففعل وقع ما أكره عليه).

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 275).». وذكر في فتاوى قاضي خان انظر: فتاوي قاضي خان (3/ 304).

(6)

في (ب) لحق.

(7)

في (ب) والعسرة.

(8)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 246)، البناية شرح الهداية (11/ 63).

ص: 295

والراهن، على ما ذكر في المبسوط

(1)

فقال ولا سعاية على العبد لأنه نفذ العتق فيه من جهة مالكه ولا حق لأحد في ماله بخلاف المريض يعتق عبده وعليه دين، فهناك تجب السعاية عليه لحق الغرماء، وكذلك الراهن إذا أعتق المرهون وهو معسر فإنه يجب السعاية على العبد لحق المرتهن.

وذكر في الذخيرة

(2)

إن مسألة الإعتاق والطلاق على ثلاثة أوجه، وإن الرجل إذا أكره على عتاق عبده بوعيد تلف فقال للعبد أنت حر فهذه المسألة على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن يقول خطر ببالي الإخبار بالحرية فيما مضى [كاذبا]

(3)

وقد أردت ذلك [المرتهن]

(4)

لا إنشاء الحرية، وفي هذا الوجه يعتق العبد في القضاء ولا يعتق فيما بينه وبين ربه لأنه عدل عما أكره عليه وكان طائعا في الإقرار فلا يصدقه القاضي في دعوى الإخبار كاذبا ولا يضمن المكره شيئا لأن العبد إنما عتق بالإقرار طائعا فلا يكون على المكره ضمان لأن المكره [إنما يضمن فيما يضمن]

(5)

إذا أتى المأمور بما أمره على وفق إكراهه.

والثاني: أن يقول خطر ببالي الإخبار كاذبا وتركت ذلك وأردت عتقا مستقبلا كما طلب مني وفي هذا الوجه عتق العبد في القضاء وفيما بينه وبين ربه، وهذا ظاهر ويكون المكره ضامنا قيمة العبد.

والثالث: أن يقول لم يخطر ببالي شيء وقد أتيت بما طلب مني، والجواب في هذا الوجه نظير الجواب في الوجه الثاني والجواب فيما إذا أكره على طلاق امرأته قد سمى لها

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 62).

(2)

انظر: الفتاوي الهندية للشيخ نظام (5/ 42).

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

ساقطة من (ب).

ص: 296

مهرا

(1)

إلا أنه لم يدخل بها نظير الجواب فيما إذا أكرهه على عتق العبد في حق وقوع الطلاق ورجوع الزوج على المكره إلا أن الرجوع هنا بنصف الصداق وثمة بقيمة العبد، بأن جاءت الفرقة من قبلها بأن تمكن ابن زوجها من نفسها من غير كره أو ارتدت والعياذ بالله (بخلاف ما إذا دخل بها) أي لا يرجع الزوج هنا على المكره شيء من المهر لأن الصداق كله قد تقرر على الزوج بالدخول، والمكره [إنما أتلف عليه]

(2)

ملك النكاح، وملك النكاح لا يتقوم بالإتلاف على الزوج عندنا، ولهذا لا نوجب على شاهدي الطلاق بعد الدخول ضمانا عند الرجوع، ولا على المرأة إن ارتدت [من]

(3)

بعد الدخول، ولا على القاتل لمنكوحة الغير خلافا للشافعي فإنه يجعل البضع مضمونا بمهر المثل عند الإتلاف على الزوج

(4)

كما هو مضمون بمهر المثل عند دخوله في ملك النكاح ولكنا نقول البضع ليس بمال متقوم، فلا يجوز أن يكون مضمونا بالمال، لأنه لا

(1)

المهر لغة: الصداق، والجمع مهور؛ وقد مهر المرأة يمهرها ويمهرها مهرا وأمهرها.

انظر: الصحاح للفارابي (2/ 821)، لسان العرب (5/ 184).

اصطلاحا: ما وجب بنكاح أو وطء أو تفويت بضع قهرا. والمهر: هو المال يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة منافع البضع، إما بالتسمية أو بالعقد. وله أسام: المهر، والصداق، والنحلة، والأجر، والفريضة، والعقر. لا خلاف لأحد في صحة النكاح بلا تسمية المهر، قال الله عز وجل {فانكحوا} [النساء: 3] فلو شرطنا التسمية فيه زدنا على النص.

انظر: فتح القدير للكمال بن الهمام (2/ 434)، العناية شرح الهداية (3/ 316).

(2)

في (أ) إنما يكون تلف على وفي (ب) إنما تلف عليه والصحيح ما ذكر في (ب) لموافقته ما ذكر في المبسوط.

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

يقول الماوردي: فأما ضمان الأصل: فقد اختلف قول الشافعي فيه: هل يضمن بما في مقابلته أو به في نفسه على قولين: أحدهما: وهو قوله في الجديد: أنه يضمن بما في مقابلته وهو البضع، وليس للبضع مثل فضمن بقيمته، وقيمته مهر المثل، فيكون الصداق على هذا القول مضمونا على الزوج إن تلف بمهر المثل. والقول الثاني: وهو قوله في القديم أنه يكون مضمونا في نفسه لا بما في مقابلته كسائر الأعيان المضمونة فعلى هذا إن كان الصداق مما له مثل كالدراهم، والدنانير والبر، والشعير، ضمنه بمثله في جنسه، ونوعه، وصفته، وقدره. وإن كان مما لا مثل له كالثياب، والعبيد والمواشي، ضمنه بقيمته.

انظر: الحاوي الكبير للماوردي الشافعي (9/ 420).

ص: 297

مماثلة بين ما هو مال، و ما ليس بمال متقوم، وتقومه عند التملك بالنكاح لإظهار خطر المملوك، وهذا الخطر للمملوك لا [للملك]

(1)

الوارد عليه.

ألا ترى أن إزالة الملك بغير شهود، وبغير ولي صحيح، فلا حاجة إلى إظهار الخطر عند الإتلاف الملك، فلهذا لا يضمن المتلف شيئا كذا في المبسوط

(2)

.

وذكر في الذخيرة

(3)

أن الرجل إذا أكره بوعيد تلف على أن يعتق عبده أو يطلق امرأته التي لم يدخل بها أيهما شاء ففعل المكره أحدهما نفذ ذلك عليه ولزمه الأقل من نصف الصداق ومن قيمة العبد؛ لأنه في التزام الأقل مضطر وفي التزام الأكبر ليس بمضطر والرجوع بسبب الاضطرار فيرجع بالأقل لهذا، وإن كان [الرجل]

(4)

قد دخل بالمرأة وباقي المسألة [بحالها]

(5)

لم يرجع على المكره شيء لأنه إن أوقع الطلاق فلا أشكال لأن المكره بالإكراه على إيقاع الطلاق لم يؤكد عليه مهرا على شرف السقوط، إنما [يكون]

(6)

عليه مجرد ملك النكاح وملك النكاح ليس بمال فلا يضمن بالمال وإن أوقع العتق فلأنه كان يمكنه دفع البلاء بالطلاق وإنه دون العتق لما أن المتلف [به]

(7)

ليس بمال فيجعل طائعا في العتق فلا يكون الرجوع.

(ففعل الوكيل جاز استحسانا (

(8)

وجه الاستحسان أن

(1)

في (ب) للمملوك.

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 63 - 64).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 125).

(4)

في (ب) الزوج.

(5)

في (ب) حالها ثم.

(6)

في (ب) اتلف.

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

تكملة المسألة ولو أكره على التوكيل بالطلاق والعتاق ففعل الوكيل جاز استحسانا.

انظر: بداية المبتدي (1/ 200).» وإنما ذكر هذا؛ لأن القياس أن لا تصح الوكالة مع الإكراه لأن الوكالة تبطل بالهزل فكذا [بالإكراه] في (ب) مع الإكراه.

ص: 298

الإكراه لا يمنع انعقاد البيع ولكنه يوجب فساده فكذا التوكيل ينعقد مع الإكراه والشروط الفاسدة لا تؤثر في الوكالة فإذا لم تبطل [ينفذ]

(1)

تصرف الوكيل (ويرجع على المكره) أي يرجع المكره على الذي أكرهه بما عزم من نصف الصداق [وبقيمة]

(2)

العبد (استحسانا) وإنما قيد به لأن القياس أن لا يرجع عليه لأن الإكراه وقع على الوكالة وزوال الملك لا يثبت بالوكالة، فإن الوكيل قد يفعل وقد لا يفعل فلا يضاف الإتلاف إليه كما في الشاهدين إذا شهدا أن فلانا وكل بعتق عبده فأعتق الوكيل ثم رجعا لم يضمنا وجه الاستحسان، أن غرض الذي أكره زوال ملكه إذا باشر الوكيل وكان الزوال مقصودا له وجعل ما فعل طريق إلى الإزالة فيضمن ولا ضمان على الوكيل لأنه لم يوجد منه إكراه هذا كله من الإيضاح

(3)

.

وقوله: (الوكالة لا تبطل بالشروط الفاسدة) لأن الوكالة من جملة الإسقاطات فيكون قابل للتعليق بالشرط وذلك لأن تصرف الوكيل في مال الموكل قبل التوكيل

(4)

كان موقوفا حق للمالك فهو بالتوكيل أسقط هذا فيكون إسقاطا (والنذر

(5)

لا يعمل فيه الإكراه) أي يصح النذر مع الإكراه (لأنه لا يحتمل الفسخ) وإنما علل

(6)

بهذا لأن كل ما

(1)

في (ب) بعد.

(2)

في (ب) وقيمة.

(3)

انظر: العناية شرح الهداية (13/ 182)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/ 102)، الفتاوي الهندية للشيخ نظام الحنفي (5/ 47).

(4)

في (ب) الوكاله.

(5)

النذر: لغة: هو النحب، وهو ما ينذره الإنسان فيجعله على نفسه نحبا واجبا، يقال: نذر على نفسه الله كذا، ينذر، وينذر، نذرا ونذورا، كما يقال: أنذر وأنذر نذرا، إذا أوجبت على نفسك شيئا تبرعا، من عبادة أو صدقة، أو غير ذلك.

انظر: لسان العرب لابن منظور (5/ 200)، المصباح المنير للفيومي (2/ 599).

اصطلاحا: إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى بالقول شيئا غير لازم عليه بأصل الشرع.

انظر: بدائع الصنائع للكاساني (5/ 82).

(6)

في (ب) يحتمل.

ص: 299

لا يؤثر فيه الفسخ بعد وقوعه لا يؤثر فيه الإكراه من حيث منع الصحة

(1)

؛ لأن المنع عن العمل بعد وجود السبب يضاهي الدفع بعد الثبوت.

وقد ورد في الحديث «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق واليمين»

(2)

والنذر بمعنى اليمين كذا في الإيضاح

(3)

.

وحاصله أن الإكراه لا يفوت الرضاء وأثر عدم الرضا عدم اللزوم فلما انعدم اللزوم تمكن المكره من الفسخ فكان عمل الإكراه في تمكين المكره من الفسخ بعد التحقيق، وهذه الأشياء التي ذكرها من النذر واليمين والظهار وغيرها لا يحتمل الفسخ فلا يعمل الإكراه فيها. أما في الطلاق والعتاق فعمل الإكراه في فسخها معنى [حتى]

(4)

(1)

ضابط: [أن كل ما لا يؤثر فيه الفسخ بعد وقوعه لا يعمل فيه الإكراه من حيث منع الصحة] لأن الإكراه يفوت الرضا وفوات الرضا يؤثر في عدم اللزوم وعدم اللزوم يمكن المكره من الفسخ، فالإكراه يمكن المكره من الفسخ بعد التحقق، فما لا يحتمل الفسخ لا يعمل فيه الإكراه فيصح النذر مع الإكراه، فإن أكره على أن يوجب على نفسه صدقة لزمه ذلك.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 248).

(2)

هذا الحديث قال عنه الزيلعي: قلت هكذا ذكره المصنف وبعض الفقهاء يجعل عوض اليمين العتاق ومنهم صاحب الخلاصة والغزالي في الوسيط وغيرهما وكلاهما غريب وإنما الحديث النكاح والطلاق والرجعة أخرجه أبو داود وابن ماجة في الطلاق والترمذي).

انظر: نصب الراية للزيلعي 3/ 293.

- وأما الرواية المذكورة في كتب السنن فهي: حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن أدرك عن عطاء عن بن ماهك عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة).

أخرجه الترمذي في سننه (3/ 490) كتاب النكاح باب ما جاء في الهزل والجدل في الطلاق حديث رقم 1184، وأبي داود في سننه (2/ 259) كتاب النكاح باب في الطلاق على الهزل حديث رقم 2194، وابن ماجة في سننه (1/ 658) كتاب النكاح باب من طلق أو نكح أو راجع لاعبا حديث رقم 2039، والحاكم في المستدرك (2/ 216) كتاب الطلاق حديث رقم 2799.

درجة الحديث: هذا الحديث قال عنه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.

انظر: المستدرك على الصحيحين للحاكم 2/ 216.

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (4/ 135).

(4)

ساقطة من (ب).

ص: 300

يرجع على المكره ببدل ما فات عنه وهو قيمة العبد ونصف المهر [و]

(1)

كان الطلاق قبل الدخول.

وذكر في المبسوط والإيضاح

(2)

ولو أكره بوعيد تلف حتى جعل على نفسه صدقة لله تعالى، يعني أكره على أن يوجب على نفسه صدقة [لله تعالى]

(3)

أو صوما، أو حجا، أو عمرة، أو غزوة في سبيل الله، أو بدنه، أو شيئا يتقرب به إلى الله تعالى لزمه ذلك، وكذلك إن أكرهه على اليمين بشيء من ذلك، أو لغيره من الطاعات، والمعاصي، والأصل فيه حديث حذيفة رضي الله عنه:

(4)

«أن المشركين لما أخذوه، واستحلفوه على أن لا ينصر رسول الله عليه السلام في غزوة حلف مكرها، ثم أخبر به رسول الله عليه السلام فقال: أوف لهم بعهدهم، ونحن نستعين بالله عليهم»

(5)

.

وقد بينا أن اليمين بمنزلة الطلاق، والعتاق في أن الهزل، والجد فيه سواء، وهذا، لأن فيه منع نفسه عن شيء، وإيجاب شيء على نفسه لحق الله تعالى، فيكون في معنى الطلاق والعتاق الذي يتضمن تحريم الفرج حقا لله تعالى، فيستوي فيه الكره والطوع،

(1)

في (أ) لو وفي (ب) و والصحيح ما ذكر في (ب).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 105 - 106).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

هو: حذيفة بن حسيل "بالتصغير، ويقال: بالتكبير" بن جابر بن ربيعة بن فروة، المعروف باليمان، العبسي. من كبار الصحابة وأجلائهم. شهد الخندق وما بعدها، وشهد حروب العراق. استعمله عمر على "المدائن"؛ فلم يزل بها، حتى مات سنة 36 هـ.

انظر: الاستيعاب لابن الأثير "1/ 334"، الإصابة لابن حجر "1/ 332".

(5)

وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن جميع حدثنا أبو الطفيل حدثنا حذيفة بن اليمان قال ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل قال فأخذنا كفار قريش قالوا إنكم تريدون محمدا فقلنا ما نريده ما نريد إلا المدينة فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر فقال انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم.

أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1414) كتاب الجهاد والسير باب الوفاء بالعهد حديث رقم 1787.

ص: 301

والنذر بمنزلة اليمين في هذا المعنى

(1)

وقال عليه السلام: «النذر يمين»

(2)

، ([فلا]

(3)

رجوع على المكره بما لزمه) لأن التزامه لا يصير منسوبا إلى المكره وإنما ينسب إليه التلف الحاصل به ولا يتلف على شيء بهذا الالتزام ثم المكره إنما ألزمه شيئا يؤمر بالوفاء به فيما بينه وبين ربه من غير أن يجبر عليه في الحكم، ولو ضمن له شيئا كان يجبر على إيفاء ما ضمن في الحكم فيودي إلى أن يلزمه أكثر مما يلزم المكره وذلك لا يجوز (وكذا اليمين والظهار).

وأما اليمين فقد ذكرناها، وأما الظهار فإنه إذا أكرهه على أن يظاهر من امرأته فظاهر كان مظاهرا لأن الظهار من أسباب التحريم يستوي فيه الجد والهزل، وقد كان طلاقا في الجاهلية فأوجب الشرع به حرمة مؤقتة بالكفارة.

فكما أن الإكراه لا يؤثر في الطلاق فكذلك في الظهار فإن أكرهه على أن يكفر ففعل

(4)

لم يرجع بذلك على الذي أكرهه؛ لأنه أمره بالخروج عن حق لزمه، وذلك منه حسنة لا إتلاف شيء عليه بغير حق، وإن أكرهه على عتق عبد بعينه عن ظهار ففعل عتق، وعلى المكره قيمته، لأنه صار متلفا عليه مالية العبد بإكراهه على إبطاله، ولم يكن عتق هذا العبد بعينه مستحقا بل المستحق عليه، كان واجبا في ذمته يؤمر بالخروج عنه فيما بينه، وبين ربه، وذلك في حكم [العين]

(5)

كالمعدوم، فلهذا

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 106).

(2)

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال ثنا بن لهيعة قال ثنا كعب بن علقمة قال سمعت عبد الرحمن بن شماسة يقول أتينا أبا الخير فقال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما النذر يمين كفارتها كفارة اليمين.

أخرجه أحمد في مسنده 4/ 148 حديث رقم 17378، وأبي يعلى في مسنده 3/ 283 حديث رقم 1744، والطبراني في المعجم الكبير 17/ 313 حديث رقم 866.

(3)

في (ب) ولا.

(4)

في (أ) يكفر وفي (ب) عتق وعلى المكره قيمته ففعل والصحيح أنها غير موجوده كما في المبسوط.

(5)

في (ب) الغير.

ص: 302

ضمن المكره القيمة بخلاف الأول

(1)

، فهناك أمره بالخروج عما في ذمته من غير أن يقصد إبطال ملكه في شيء من أعيان ماله، ثم لا يجزئه عن الكفارة هنا؛ لأنه في معنى عتق بعوض، ولو استحق العوض على العبد بالشرط لم يجز عن الكفارة، فكذلك إذا استحق العوض على المكره فإن قال: أنا أبرئه من القيمة حتى يجزيني من الكفارة لم يجز ذلك؛ لأن العتق نقد غير مجزئ عن الكفارة، والموجود بعده إبراء عن الدين، وبالإبراء لا تتأدى الكفارة، فإن قال: أعتقته حين أكرهني وأنا أردت به كفارة الظهار، ولم أعتقه لإكراهه أجزأه عن كفارة الظهار، ولم يكن [له]

(2)

على المكره شيء، لأنه أقر أنه كان طائعا في تصرفه قاصدا إلى إسقاط الواجب عن ذمته، وإقراره حجة عليه

(3)

.

وكذا الرجعة والإتلاف أنه لو أكرهه على الرجعة فراجعها صح النكاح ولو أكرهه بوعيد تلف حتى آلى [من]

(4)

امرأته فهو مولى لأن الإيلاء

(5)

طلاق مؤجل أو [هو]

(6)

يمين في الحال، والإكراه لا يمنع كل واحد منهما فإن تركها أربعة أشهر

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 106).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

انظر: المبسوط (24/ 106).

(4)

في (ب) إلى.

(5)

الإيلاء لغة: آلى يؤلي إيلاء حلف.

انظر: مختار الصحاح (1/ 21).

اصطلاحا: أن يحلف الزوج بالله تعالى، أو بصفة من صفاته التي يحلف بها، ألا يقرب زوجته أربعة أشهر أو أكثر، أو أن يعلق على قربانها أمرا فيه مشقة على نفسه، وذلك كأن يقول الرجل لزوجته: والله لا أقربك أربعة أشهر، أو ستة، أو يقول: والله لا أقربك أبدا، أو مدة حياتي، أو والله لا أقربك ولا يذكر مدة، وهذه صورة الحلف بالله تعالى، أما صورة التعليق، فهو أن يقول: إن قربتك فلله علي صيام شهر، أو حج، أو إطعام عشرين مسكينا، ونحو ذلك مما يكون فيه مشقة على النفس، فإذا قال الزوج شيئا من هذا اعتبر قوله إيلاء.

انظر: بدائع الصنائع للكاساني 3/ 171.

(6)

ساقطة من (أ).

ص: 303

[فبانت]

(1)

منه ولو لم يكن دخل بها وجب عليه نصف المهر، ولم يرجع به على الذي أكرهه لأنه كان متمكنا من أن يقربها في المدة، فإذا لم يفعل، فهو كالراضي بما لزمه من نصف الصداق، وإن قربها كانت عليه الكفارة، ولم يرجع على المكره بشيء؛ لأنه ما جرى على [سنن]

(2)

إكراهه، فإنه بالإكراه منعه عن القربان، وقد أتى بضده؛ ولأنه لزمه كفارة يعني بها، فلا يرجع عليه بضمان يحبس وكذا [ألفي منه]

(3)

باللسان

(4)

. لما ذكر في الكتاب وكذلك الخلع يعني أنه إذا أكره [رجلا]

(5)

على أن يخالع امرأته فخالعها وهو قد دخل بها يصح الخلع ولا يرجع على المكره بشيء وإن كان مهرها الذي تزوجها عليه أكثر من بدل الخلع. لما أن ذلك المهر قد تقرر عليه بالدخول وعن هذا [قال]

(6)

(7)

لو أن رجلا أكره بوعيد تلف حتى خلع امرأته على ألف درهم ومهرها الذي تزوجها عليه أربعة ألاف [درهم]

(8)

وقد دخل بها والمرأة غير مكرهه فالخلع واقع؛ لأن الخلع من جانب الزوج طلاق والإكراه لا يمنع وقوع الطلاق بغير جعل

(9)

،

(1)

في (ب) بانت.

(2)

في (أ) معتبر وفي (ب) سنن والصحيح ما ذكر في (ب) كما في المبسوط.

(3)

في (ب) القربة.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 107).

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

أي السرخسي في المبسوط.

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 85).

(8)

ساقطة من (أ).

(9)

الجعالة لغة: (الجعالة ما يجعل على العمل من أجر أو رشوة الجمع) جعائل والجعل: الاسم، بالضم، والمصدر بالفتح. يقال: جعل لك جعلا وجعلا وهو الأجر على الشيء فعلا أو قولا.

انظر: لسان العرب (11/ 111)، المعجم الوسيط (1/ 126).

شرعا: التزام عوض معلوم على عمل معين معلوم أو مجهول عسر علمه. والجعالة لا تخالف الإجارة إلا في أربعة أحكام:

صحتها على عمل مجهول عسر علمه كرد الضال والآبق، وصحتها مع غير معين وكونها جائزة وكون العامل لا يستحق الجعل إلا بعد تمام العمل.

انظر: حاشية البجيرمي على شرح الخطيب (3/ 219 - 220)

ص: 304

فكذلك بالجعل وللزوج على امرأته ألف درهم لأنها قد التزمت الألف طائعة بأداء ما سلم إليها من البينونة ولا شيء على المكره للزوج لأنه أتلف عليه ملك النكاح، وقد بينا أنه لا قيمة لملك النكاح عند الخروج من ملك الزوج وأنه ليس بمال فلا يكون مضمونا بالمال أصلا بل عند الحاجة إلى الصيانة والمضمون له لمحل المملوك لا الملك الوارد عليه، ولهذا جاز إزالة ثبوت الملك بغير شهود ولا عوض هذا كله من المبسوط

(1)

.

[الإكراه على الزنا]

(إلا أن يكرهه السلطان) أي حينئذ لا حد على المكره إذا زنا وهذا الذي ذكره قوله الآخر، وأما في قوله: الأول يجب الحد على المكره إذا زنا وإن كان المكره سلطانا وهو قول زفر

(2)

ثم رجع وقال لا حد عليه إذا كان المكره سلطانا وهو قولهما.

وجه قوله الأول: أن الزنا من الرجل لا يتصور إلا بانتشار الآلة، ولا تنتشر آلته إلا بلذة، وذلك دليل الطواعية، فمع الخوف لا يحصل انتشار الآلة، وفرق على هذا القول بين الرجل والمرأة وقال المرأة في الزنا محل الفعل، ومع الخوف يتحقق التمكين منها.

ألا ترى أن فعل الزنا يتحقق، وهي نائمة، ومغمى عليها لا تشعر بذلك بخلاف جانب الرجل، وفرق على هذا القول بين الإكراه على الزنا، وبين الإكراه على القتل قال

(3)

:

(4)

لا قود على المكره، وعليه الحد ففي كل واحد من الموضعين الحرمة لا تنكشف بالإكراه، ولكن القتل فعل يصلح أن يكون المكره آلة فيه للمكره فبسبب الإلجاء يصير الفعل منسوبا إلى المكره، ولهذا لزمه القصاص،

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 85).

(2)

(قال رحمه الله أي السرخسي في المبسوط) كان أبو حنيفة رحمه الله يقول أولا لو أن سلطانا، أو غيره أكره رجلا حتى زنى، فعليه الحد، وهو قول زفر رحمه الله، ثم رجع، فقال لا حد عليه إذا كان المكره سلطان).

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 88).

(3)

في (أ) إن وفي (ب) ساقطة والصحيح كما في (ب).

(4)

أي السرخسي في المبسوط.

ص: 305

وإذا صار منسوبا للمكره

(1)

صار المكره آلة له، فأما الزنا ففعل لا يتصور أن يكون المكره فيه آلة للمكره؛ لأن الزنا آلة الغير لا يتحقق ولهذا لا يجب الحد على المكره فبقي الفعل مقصورا على المكره فيلزمه الحد.

ووجه قوله الآخر: إن الحد مشروع للزجر، ولا حاجة إلى ذلك في حالة الإكراه؛ لأنه كان منزجرا إلى أن [يتحقق]

(2)

الإلجاء

(3)

، وخوف التلف على نفسه، [فإنما]

(4)

كان قصده بهذا الفعل دفع الهلاك عن نفسه لا اقتضاء الشهوة فيصير ذلك شبهه في إسقاط الحد [عنه]

(5)

، وانتشار الآلة لا يدل على انعدام الخوف، فقد تنتشر الآلة طبعا بالفحولة التي ركبها الله تعالى في الرجال، وقد تكون ذلك طوعا.

ألا ترى أن النائم تنتشر آلته طبعا من غير اختيار له في ذلك، ولا قصد، ثم على قول الآخر قال أبو حنيفة رحمه الله إن كان المكره غير السلطان يجب الحد على المكره، وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- إذا كان قادرا على إيقاع ما هدده به، فلا حد على المكره

(6)

سواء كان المكره سلطانا أو غيره قيل: هذا اختلاف عصر، فقد كان السلطان مطاعا في عهد أبي حنيفة رحمه الله ولم يكن لغير [السلطان]

(7)

من القوة ما يقدر على الإكراه، فأجاب بناء على ما شاهد في زمانه، ثم تغير حال الناس في عهدهما، وظهر كل متغلب في كل موضع فأجاب بناء على ما شاهدا في زمانهما،

(1)

في (أ) إلى المكره وفي (ب) ساقطة والصحيح كما في (ب).

(2)

في (ب) يحقق.

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 89).

(4)

في (أ) وإنما وفي (ب) فإنما والصحيح ما ذكر في (ب) كما في المبسوط.

(5)

في (أ) عليه وفي (ب) عنه والصحيح ما ذكر في (ب) كما في المبسوط.

(6)

ساقطة من (أ) و.

(7)

ساقطة من (أ).

ص: 306

وقيل: بل هذا اختلاف حكم، ووجه قولهما أن المعتبر في إسقاط الحد هو الإلجاء وذلك بأن يكون المكره قادرا على إيقاع ما هدد به لأن خوف التلف للمكره بذلك يحصل.

ألا [ترى]

(1)

أن السلطان لو هدده، وهو يعلم أنه لا يفعل ذلك [به]

(2)

لا يكون مكرها، وخوف التلف يتحقق عند قدرة المكره على إيقاع ما هدد به بل خوف التلف بإكراه غير السلطان أظهر منه بإكراه السلطان فالسلطان ذوا أناة في الأمور لعلمه أنه لا يفوته وغير السلطان ذو عجلة لعلمه أنه يفوته ذلك بقوة السلطان ساعة فساعة.

وأبو حنيفة رحمه الله يقول: الإلجاء لا يتحقق بإكراه غير السلطان، وإنما يتحقق بإكراه السلطان؛ لأنه لا يتمكن من دفع السلطان عن نفسه بالالتجاء إلى من هو أقوى منه، ويتمكن من دفع اللص عن نفسه بالالتجاء إلى قوة السلطان، فإن [اتفق]

(3)

في موضع لا يتمكن من ذلك، فهو نادر، والحكم إنما ينبني على أصل السبب لا على الأحوال، وباعتبار الأصل يمكن دفع إكراه غير السلطان بقوة السلطان، ولا يمكن دفع إكراه السلطان بشيء، ثم في كل موضع، وجب الحد على المكره لا يجب المهر لها؛ لأن الحد والمهر لا يجتمعان عندنا بسبب فعل واحد خلافا للشافعي رحمه الله

(4)

وفي كل موضع سقط الحد، وجب المهر لأن الواطئ في غير الملك لا ينفك عن حد، أو مهر، فإذا سقط الحد، وجب المهر لإظهار خطر [المحل]

(5)

فإنه [مصون]

(6)

عن

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

في (ب) فإنه.

(3)

في (أ) القوة وفي (ب) اتفق والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

انظر: مختصر المزني (1/ 117).

(5)

في (ب) خطر المهر.

(6)

في (ب) يتصور.

ص: 307

الابتذال

(1)

محترم كاحترام النفوس، [ويستوي في وجوب المهر عند إكراه الرجل على الزنا]

(2)

إن كانت

(3)

أذنت في ذلك، أو استكرهها.

أما إذا استكرهها، فغير مشكل؛ لأن المهر يجب عوضا عما أتلف [عليها]

(4)

ولم يوجد الرضاء منها [لسقوط]

(5)

حقها، وأما إذا أذنت له في ذلك، فلأنه لا يحل لها شرعا أن تأذن في ذلك، فيكون إذنها لغوا لكونها محجورة عن ذلك شرعا بمنزلة أذن الصبي، والمجنون في إتلاف ماله، أو هي متهمة في هذا الإذن لما لها في ذلك الإذن من الحظ، فجعل الشرع إذنها غير معتبر للتهمة، ووجوب المال لصيانة المحل عن الابتذال [و]

(6)

الحاجة إلى الصيانة لا تنعدم بالإذن.

(1)

الابتذال: ضد الصيانة ورجل بذال وبذول إذا كان كثير البذل للمال والبذلة والمبذلة من الثياب ما يلبس ويمتهن ولا يصان.

انظر: لسان العرب (11/ 50).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

ساقطة من (أ) له.

(4)

في (أ) عنها وفي (ب) عليها والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

في (ب) لسقوط.

(6)

في (ب) في.

ص: 308

ألا ترى أنها لو زوجت نفسها بغير مهر، وجب المهر، كذا في المبسوط

(1)

وجعل فخر الإسلام رحمه الله

(2)

في أصول الفقه

(3)

(4)

الزنا بالمرأة [والقتل]

(5)

والجرح من الحرمات التي لا تنكشف ولا تدخلها رخصة بعذر الكره ولا [بغيره]

(6)

؛ لأن دليل الرخصة خوف التلف والمكره والمكره عليه في ذلك سواء فسقط الكره في حق تناول دم المكره عليه للتعارض، وفي الزنا فساد الفراش وضياع النسل وذلك بمنزلة القتل أيضا.

(7)

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 88 - 89 - 90).

(2)

فخر الإسلام هو: علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد أبو الحسن المعروف بفخر الإسلام البزدوي الفقيه الإمام الكبير بما وراء النهر صاحب الطريقة على مذهب أبي حنيفة أبو العسر ومن تصانيفه المبسوط إحدى عشر مجلدا وشرح الجامع الكبير والجامع الصغير وله في أصول الفقه كتاب كبير مشهور ومفيد توفي سنة اثنتين وثمانين وأربع مائة رحمه الله تعالى.

انظر: الجواهر المضية للقرشي (1/ 372)، الأعلام للزركلي (4/ 328)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 205).

(3)

أصول الإمام، فخر الإسلام: علي بن محمد البزدوي الحنفي. المتوفى: سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وهو: كتاب عظيم الشان، جليل البرهان. محتو على: لطائف الاعتبارات، بأوجز العبارات، تأبى على الطلبة مرامه، واستعصى على العلماء زمامه، قد انغلقت ألفاظه، وخفيت رموزه وألحاظه، فقام جمع من الفحول بأعباء توضيحه، وكشف خباياته وتلميحه. منهم:

الإمام، حسام الدين: حسين بن علي الصغناقي، الحنفي.

وسماه: (الكافي).

والشيخ، الإمام، علاء الدين: عبد العزيز بن أحمد البخاري، الحنفي.

وشرحه: أعظم الشروح، وأكثرها إفادة وبيانا.

وسماه: (كشف الأسرار).

انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (1/ 81).

(4)

انظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (4/ 397).

(5)

في (أ) بالقتل وفي (ب) والقتل والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

في (ب) يفيده.

(7)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 186)، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي لعلاء الدين البخاري الحنفي (4/ 397).

ص: 309

ثم إنما قيد فيه بالزنا بالمرأة في عدم الرخصة بعذر الكره؛ لأن المرأة إذا أكرهت على الزنا بالقتل أو القطع رخص لها في ذلك لأن ذلك تعرض لحق محترم بمنزلة ساير حقوق الله تعالى وليس في ذلك معنى القتل لأن نسب الولد عنها لا ينقطع، ولهذا قلنا إنها إذا أكرهت على الزنا بالحبس لا تحد لأن الإكراه الكامل يوجب الرخصة فصار القاصر شبهه بخلاف الرجل، يعني أنه يحد في القاصر [لأن]

(1)

الكامل صار شبهه في حقه فكان القاصر شبهة الشبهة وهي لا تعتبر فيحد أما في حق المرأة، لما كان الكامل رخصة صار القاصر نفس الشبهة فلا يحد لأن الحدود تدرأ بالشبهات، وقد أوفيناه في الوافي

(2)

.

فالقول قوله: (استحسانا، قيد به) لأن في القياس القول قول المرأة حتى يفرق بينهما لأن كلمة الكفر سبب لحصول البينونة كلفظ الطلاق، [ويستوي]

(3)

في ذلك الطائع والمكره ووجه الاستحسان (أن هذه اللفظة غير موضوعة للفرقة)[وإنما تقع الفرقة باعتبار تغير الاعتقاد والإكراه دليل على عدم تغير الاعتقاد فلا تقع الفرقة]

(4)

. كذا في الإيضاح.

(لأنه لما احتمل) أي لما احتمل حالة الإسلام والكفر في حال إجراء كلمة الكفر على اللسان بالإكراه (رجحنا الإسلام في هاتين الحالين).

أما لما [ذكره]

(5)

في الكتاب

(6)

، [و]

(7)

لما ذكر في الإيضاح فقال: [لأن]

(8)

الإسلام يقوم باللسان وبالقلب فإنه لو أسلم بقلبه ولم يتكلم لم يحكم بإسلامه.

(1)

في (ب) يعني أن.

(2)

لم أقف عليه.

(3)

في (ب) فيستوي.

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

في (أ) ذكرنا في (ب) ذكره والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

المقصود من الكتاب هو الهداية.

(7)

في (ب) أو.

(8)

في (أ) إن وفي (ب) لأن والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 310

فإذا أكره فقد وجد أحد الركنين صحيحا وهو الكلام وفي الركن الثاني احتمال فرجحنا جانب الوجود احتياطا، فأما الردة فتحصل بمجرد الاعتقاد.

[من أكره على الردة هل تبين منه امرأته]

ألا ترى أنه لو نوى أن يكفر يصير كافرا وإن لم يتكلم [به]

(1)

، والإكراه دليل دال على عدم تغير الاعتقاد فلم يحكم بالردة احتياطا وحكمنا بصحة الإسلام احتياطا، وهذا في حق الحكم (وأما فيما بينه وبين الله تعالى إذا لم يعتقد فليس بمسلم (

(2)

صحيحا واعتبر بالشبهة لنفي القتل، وكذلك قالوا في الكافر إذا أسلم وله أولاد صغار حكم بإسلامهم تبعا فإن بلغوا كفارا أجبروا على الإسلام ولم [يقتلوا](ولو قال الذي أكره على إجراء كلمة الكفر أخبرت على أمر ماض ولم أكن فعلت) أي ما فعلت في زمان ماض بل أخبرت كاذبا (بانت منه) أي امرأته (حكما لا ديانة) وحاصل ذلك أن الذي أتى به المكره إذا لم يكن على وفق ما أكرهه المكره بل إتيان بغير ما أكره عليه، وذلك الذي أتى به المكره مما يوجب الفرقة بينه وبين امرأته قضاء [قضى]

(3)

القاضي بالفرقة وإلا فلا.

وذكر في المبسوط والذخيرة

(4)

فهذه المسألة على ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يقول [قد]

(5)

خطر ببالي أن أقول لهم قد كفرت بالله أريد الخبر عما مضى فقلت ذلك أريد به الخبر والكذب، ولم أكن فعلت ذلك فيما مضى فهذا مخرج صحيح

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

ولو أكره على الإسلام حتى حكم بإسلامه ثم رجع لم يقتل لتمكن الشبهة وهي دارئة للقتل.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 276).» ولذلك لو رجع عن الإسلام لا يقتل لأنه تمكنت الشبهة [فاعتبر بالإسلام] في (ب) فاعتبرنا الإسلام.

(3)

في (ب) بها.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 129، 130).

(5)

ساقطة من (ب).

ص: 311

فيما بينه وبين ربه، ولا يسعه [أن ينوي]

(1)

ذلك إذا خطر بباله لأن الإنشاء جناية صورة من حيث تبديل التصديق باللسان وإن لم يكن جناية معنى لطمأنينة القلب بالإيمان والأخبار لا يكون جناية صورة ولا معنى. فعليه أن ينوي ذلك إذا خطر بباله ولكن لا يظهره للناس، فإن أظهر هذا المراد للناس بانت منه امرأته في الحكم وإن لم يبين فيما بينه وبين ربه لأنه أقر بأنه أتى بغير ما أكره عليه فقد أكره على الأشياء وهو أتى بالإقرار فكان طائعا في هذا الإقرار، ومن أقر بالكفر طائعا بانت منه امرأته في الحكم، وأما فيما بينه وبين الله تعالى لا تبين منه.

والثاني: أن يقول خطر ببالي الإخبار عن [كفر]

(2)

في الماضي والكذب ولكن لم أرد ذلك بل أردت كفرا مستقبلا جوابا لكلامهم [فقلت]

(3)

قد كفرت بالله أريد به ما طلب مني المكره ولم أرد به الخبر عن الماضي فهذا كافر تبين منه امرأته في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى لأنه بعد ما خطر [هذا]

(4)

بباله قد تمكن من الخروج عما ابتلي به بأن ينوي ذلك، والضرورة تنعدم بهذا التمكن [وإذا]

(5)

لم يفعل ذلك وأنشاء الكفر كان بمنزلة من أجرى كلمة الشرك طائعا، وذلك لأنه [لما]

(6)

خطر بباله الإخبار بالكفر عن الماضي كاذبا كان تمكنه التخلص عما أكره عليه بأقل مما أكره عليه وهو [الإخبار عن الكفر في الماضي]

(7)

كاذبا دون الإنشاء لأن الإنشاء كفر في القضاء، وفيما بينه وبين الله تعالى والإخبار عن الكفر كاذبا في الماضي كفر في القضاء، وأما

(1)

في (ب) أن يترك.

(2)

في (ب) الكفر.

(3)

في (ب) وقلت.

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

في (ب) فإذا.

(6)

في (أ) مما وفي (ب) لما.

(7)

في (ب) الكفر في الماضي.

ص: 312

فيما بينه وبين ربه فليس بكفر ومتى أمكن للمكره دفع ما أكرهه عليه بأقل مما أكره عليه فأتى بالزيادة يجعل طائعا في الزيادة لأنه لا حاجة [له]

(1)

إلى الزيادة فقد أنشأ كفرا طائعا فيحكم بكفره في القضاء وفيما بينه وبين ربه بخلاف ما إذا لم يخطر بباله الإخبار عن الكفر فيما مضى بالكذب؛ لأن هناك لا يمكنه دفع الإكراه إلا بغير ما أكرهه عليه، [و]

(2)

يجعل مكرها والمكره على إنشاء الكفر لا يكفر في القضاء ولا فيما بينه وبين ربه.

وهو الوجه الثالث: وهو أن يقول: لم يخطر ببالي شيء، ولكن كفرت بالله كفرا مستقبلا، وقلبي مطمئن بالإيمان، فلا تبين منه امرأته استحسانا؛ لأنه لما لم يخطر بباله سوى ما أكره عليه كانت الضرورة متحققة، ومع تحقق الضرورة [يرخص]

(3)

له في إجراء كلمة الشرك مع طمأنينة القلب بالإيمان

(4)

.

وحكم هذا الطائع ما ذكرنا إشارة إلى، قوله:(بانت منه حكما لا ديانة) وذلك لأن الطائع إذا أقر بالكفر فيما مضى، ثم قال: عنيت به الكفر لا يصدقه القاضي لأنه خلاف الظاهر، ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه نوى محتمل لفظه كذا في مبسوط شيخ الإسلام رحمه الله

(5)

.

الصليب: شيء مثلث كالتمثال يعبده النصارى

(6)

، وعلى هذا (إذا أكره على الصلاة للصليب) معناه أن يسجد له، وهذه المسألة على ثلاثة أوجه أيضا. ففي الوجهين لا يكفر في القضاء وفيما بينه وبين الله إذا لم يظهر به، وفي وجه واحد يكفر مطلقا، فإنه إذا لم

(1)

له ناقصة من (أ).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) رخص.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ - 129، 130).

(5)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 179).

(6)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي الحنفي (1/ 478).

ص: 313

يخطر بباله شيء لم تبن امرأته منه، وإن خطر بباله أن يصلي لله، وقد صلى لله [تعالى]

(1)

لا للصليب وهو الوجه الثاني لا يكفر أيضا لا في القضاء، ولا فيما بينه وبين الله تعالى.

فإذا خطر بباله أن يصلي لله وهو مستقبل القبلة، أو غير مستقبل القبلة ينبغي أن يقصد ذلك؛ لأن الصلاة غير مستقبل القبلة تجوز عند الضرورة والأعمال بالنيات، فإن ترك هذا بعدما خطر بباله، وصلى للصليب، كما أكره عليه كفر بالله، وبانت منه امرأته، ويكفر في القضاء، وفيما بينه وبين ربه، وهو الوجه الثالث؛ لأنه بعد ما خطر بباله قد وجد المخرج عما ابتلي به، فإذا لم يفعل [ذلك]

(2)

كان كافرا.

وهذه المسألة تدل على أن السجود لغير الله تعالى على وجه التعظيم لا يجوز وسب محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا على ثلاثة أوجه أيضا.

فإن المكره فيه إذا أجابهم إلى ذلك وشتم محمدا، ولم يخطر بباله شيء لم تبن منه امرأته، وإن خطر بباله رجل من النصارى [يقال له محمد]

(3)

، فإنه شتم محمدا، ويريد به ذلك الرجل، فلا تبين منه امرأته، وإن ترك ما خطر على باله وشتم محمدا، وقلبه كاره لذلك كان كافرا، وتبين منه امرأته، وهو الوجه الثالث؛ لأنه بعدما خطر بباله وقد وجد مخرجا عما ابتلي به فإذا لم يفعل كان كافرا، فإن شتم النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع الضرورة كفر، وكراهته بقلبه لا ينفعه شيئا.

وقد [اضطرب]

(4)

محمد رحمه الله

(5)

في هذه العبارة

(6)

، حيث لم يقل خطر بباله رجل من المسلمين، فقال له محمد: غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قال

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (أ) فقال محمد وفي (ب) يقال له محمد والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

في (ب) اطرف.

(5)

المقصود به: محمد بن الحسن الشيباني الحنفي.

(6)

قال الكرخي أطلق محمد في العبارة وحيث لم يقل من المسلمين لأن شتم النصراني دون المسلم في الحرمة.

انظر: البحر الرائق لابن نجيم (8/ 8).

ص: 314

رجل من النصارى: لأن الشتم في حق النصارى، [أي]

(1)

أهون [منه]

(2)

في حق المسلم كذا في المبسوط، والإيضاح

(3)

.

وبهذا يعلم أن قوله: بانت منه قضاء لا ديانة فيما إذا ظهر نيته، وقال: نويت به الصلاة لله ومحمدا آخر غير النبي عليه السلام؛ لأن القاضي لا يقبل نيته، وقد أتى بغير ما أمر به المكره فكان طائعا في هذا؛ ونيته باطنة، فلذلك تبين منه امرأته قضاء.

وأما إذا لم يقل: نويت به الصلاة لله ومحمدا آخر فلا تبين منه امرأته، لا قضاء، ولا ديانة.

قوله: (لما مر) أراد به قوله: (لأنه أقر أنه مبتدئ بالكفر، هازل به، حيث علم لنفسه مخلصا غيره) لأنه لما خطر بباله شتم محمد النصراني قد وجد مخرجا عما ابتلي به، ثم لما ترك ما خطر على باله وشتم محمدا النبي صلى الله عليه وسلم كان كافرا، وإن وافق المكره المكره فيما أكرهه؛ لأنه إنما وافقه بعدما وجد المخرج عما ابتلي به فكان غير مضطر في موافقته، ومن شتم محمدا النبي صلى الله عليه وسلم من غير اضطرار كان كافرا [والله أعلم]

(4)

.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

في (ب) منه.

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 130 - 131).

(4)

ساقطة من (أ).

ص: 315

‌كتاب الحجر

أورد كتاب الحجر عقيب الإكراه؛ لأن في كل منهما [سلب]

(1)

الولاية

(2)

المختارة عن الجري على موجب اختياره، إلا أن الإكراه أقوى تأثيرا في حق سلب الولاية؛ لأن فيه سلبا [لها]

(3)

عمن له اختيار صحيح، إلا وولاية كاملة بخلاف الحجر فكان هو أحق بالتقديم؛ لقوته ثم محاسن الحجر هي: النظر، والمرحمة في حق المحجور، وفي حق من ينوب عنه؛ لأن المحجور إنما حجر عما يهواه لأسباب تقتضي الحجر عن مبتغاه، [لإن]

(4)

الله تعالى خلق الورى وفاوت بينهم في الحجر، فجعل بعضهم أولى الرأي، والنهي، ومنهم أعلام الهدى، ومصابيح الدجى

(5)

، وجعل بعضهم مبتلى ببعض أسباب الردى فيما يرجع إلى [معاملات]

(6)

الدنيا كالمجنون الذي هو عديم العقل، والمعتوه الذي هو ناقص العقل، فأثبت الحجر عليهما عن التصرفات؛ نظرا من الشرع لهما؛ لأن الظاهر من تصرفهما هو ضرر يلزمها؛ لأنه ليس لهما عقل كامل يرد عنهما،

(1)

في (أ) سلبت وفي (ب) سلب والصحيح ما ذكر في (ب).

(2)

الولاية لغة: بالفتح النصرة والمحبة وكذا الولاء إلا أنه اختص في الشرع بولاء العتق وولاء الموالاة والولاية بالكسر الاسم مثل الامارة والنقابة، لانه اسم لما توليته وقمت به.

انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (6/ 2530)، المغرب في ترتيب المعرب (ص: 496).

شرعا: اختص بولاء العتاقة وولاء الموالاة وهو في الشرع عبارة عن التناصر بولاء العتاقة أو بولاء الموالاة.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 175)، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (8/ 73).

(3)

في (أ) لهما في (ب) لها والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

في (أ) فإن وفي (ب) لأن والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

الدجى: الظلمة وقيل: الدجى سواد الليل مع غيم، وأن لا ترى نجما ولا قمرا.

انظر: مختار الصحاح (ص: 102)، لسان العرب (14/ 249).

(6)

في (أ) معاملة وفي (ب) معاملات والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 316

وتمييز وافر يمنعهما، ومن [يعاملهما]

(1)

باحتياله الكامل يستجد نفعه، ويصلب بيعه، فيلزمهما الضرر، فلا محيص له بعد تحققه، فأثبت الحجر عن نفاذ تصرفهما، [لكي]

(2)

يمنع الضرر عن [الوقوع]

(3)

في أصله وكذلك حجر الصبي، والرقيق.

أما الصبي ففي أول أحواله كالمجنون، وفي آخره كالمعتوه، فما هو المتوقع من ضررهما يتوقع في حق الصبي.

أما الرقيق فإنه يتصرف في مال غيره؛ لأنه لا مال له ولا يستعمل من يتصرف في مال الغير البيعة، مثل استعماله في مال نفسه عادة، فيسد باب التصرف على الرقيق بالحجر؛ لرقه نظرا للمولى.

[تعريف الحجر والأسباب الموجبة له]

وأما حجر المديون، وحجر السفيه

(4)

على قولهما فنظر للمحجور ولغيره على ما يجيء، وإذا ثبت هذا علم أن الحجر في أنواعه مبني على المرحمة، والنظر، ودفع الأذى والضرر، فكان الحجر حسنا لمعنى في نفسه؛ لما أن جماع [أمر]

(5)

الديانة والإسلام في شيئين: التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله، ولا ارتياب لأحد في أن حسن تعظيم

(1)

في (ب) يعاملها.

(2)

في (أ) لكن وفي (ب) لكي والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

في (ب) وقوع.

(4)

السفيه لغة: السفه والسفاه والسفاهة: خفة الحلم، ضد الحلم وأصله الخفة والحركة. وقيل: الجهل وهو قريب بعضه من بعض وسفه الرجل صار سفيها وبابه ظرف وسفاها أيضا بالفتح وسفه أيضا من باب طرب. فإذا قالوا: سفه نفسه وسفه رأيه لم يقولوه إلا بالكسر لأن فعل لا يكون متعديا.

انظر: مختار الصحاح (1/ 149)، لسان العرب (13/ 497).

وشرع: هو خفة تعتري الإنسان فتحمله على العمل بخلاف موجب الشرع والعقل مع قيام العقل، وقد غلب في عرف الفقهاء على تبذير المال وإتلافه على خلاف مقتضى العقل والشرع. وقيل أما السفيه ففيه تأويلان:

أحدهما: أنه الجاهل بالصواب فيما له وعليه، وهذا قول مجاهد.

والثاني: أنه المبذر لماله المفسد له في الجهات المحرمة وهذا أصح وإليه ذهب الشافعي لأنه أليق بمعنى اللفظ.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 259)، البناية شرح الهداية (11/ 88)، الحاوي الكبير (6/ 340).

(5)

في (أ) أهل وفي (ب) أمر والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 317

أمر الله تعالى ذاتي، فكذا شفقته فيحتاج ههنا إلى بيان الحجر لغة، وشرعا وأسبابه، وأنواعه.

أما الأول: فالحجر لغة: المنع، فإنه مصدر

(1)

قولك: حجر عليه القاضي يحجر حجرا إذا منعه من التصرف في ماله

(2)

.

وأما شرعا: فإنه عبارة عن منع مخصوص، وهو المنع من التصرف في حق شخص مخصوص، وهو الصغير، والرقيق، والمجنون

(3)

.

‌وأما أسبابه:

فمصادر هذه الأسامي [وهي]

(4)

: (الصغر، والرق، والجنون).

وأما أنواعه: فهذه الثلاثة بالاتفاق، وهي: الصغير، والرقيق، والمجنون. وألحق بهذه الثلاثة ثلاثة أخرى، وهي: المفتي الماجن

(5)

، والمتطبب الجاهل، والمكاري المفلس

(6)

. وهذا أيضا بالاتفاق على ما حكى عن أبي حنيفة رحمه الله

(7)

.

(1)

المصدر: ما يصدر عنه الشيء وعند علماء اللغة صيغة اسمية تدل على الحدث فقط يقال رجل مصدر قوي الصدر شديده.

انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة (2/ 1279)، المعجم الوسيط (1/ 510).

(2)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 103).

(3)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 75)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار)(6/ 143).

(4)

في (أ) وهو وفي (ب) وهي والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

المفتي الماجن: هو الذي يعلم الناس الحيل وقيل الذي يفتي عن جهل.

انظر: التعريفات للجرجاني (1/ 223).

(6)

المكاري المفلس: هو الذي يكاري الدابة ويأخذ الكراء فإذا جاء أوان السفر ظهر لا دابة له، وقيل المكاري المفلس هو الذي يتقبل الكراء ويؤاجر الإبل وليس له إبل ولا ظهر يحمل عليه ولا مال يشتري به الدواب.

انظر: التعريفات للجرجاني (1/ 228).

(7)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 254)، البناية شرح الهداية (11/ 75).

ص: 318

وأما حجر المديون، والسفيه بعدما بلغ رشيدا فعلى قول أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله-

(1)

.

(ولا يجوز تصرف المجنون المغلوب) وهو الذي لا يفيق زمانا لحال، أي في كل الأحوال، هذا احتراز عن المجنون الذي قد يعقل البيع، ويقصده، فإن تصرفه كتصرف الصبي العاقل على ما يجيء، فيتوقف إلى إجازة الولي

(2)

.

وأما تصرف المجنون المغلوب فلا يجوز أصلا بل يوقف (والصبي ترتقب أهليته) بضم التاء على بناء المفعول، ورفع أهليته، أي ينتظر أهليته.

(ومن باع من هؤلاء) أي الصبي، والعبد؛ والمجنون الذي يجن ويفيق (وهو يعقل البيع) أي يعلم أن البيع سالب للملك، والشراء جالب له (ويقصده) أي ويقصد البيع لإفادة هذا الحكم الذي ذكرنا بأن البيع [سالب]

(3)

، والشراء جالب، هذا احتراز عن بيع الهازل، فإن بيعه ليس لإفادة هذا الحكم. ([فالولي] (

(4)

[وكذا]

(5)

الوصي أيضا بالخيار، فإن له ولاية الإذن كالولي.

(1)

تفصيل المسألة الحجر على الحر العاقل البالغ السفيه المبذر لماله في الخير والشر غير جائز عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز ثم إنهما اختلفا فيما بينهما في أن السفيه إذا بلغ بلغ محجورا أو مطلقا. قال محمد: بلغ محجورا ولا يحتاج إلى حجر القاضي وقال أبو يوسف يبلغ مطلقا ويحتاج إلى حجر القاضي وأجمعوا على أنه يمنع عنه المال إلى أن يبلغ خمسا وعشرين سنة ثم اختلفوا بعد ذلك قال أبو حنيفة لا يمنع عنه ماله بعد خمس وعشرين سنة وقال أبو يوسف ومحمد يمنع عنه ما دام السفه قائما.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 194).

(2)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 75).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (أ) والولي وفي (ب) فالولي والصحيح ما ذكر في (ب).» بالخيار تصور عن المسألة الأسباب الموجبة للحجر ثلاثة الصغر والرق والجنون فلا يجوز تصرف الصغير إلا بإذن وليه ولا تصرف العبد إلا بإذن سيده ولا يجوز تصرف المجنون المغلوب بحال ومن باع من هؤلاء شيئا أو اشترى وهو يعقل البيع ويقصده قالوا لي بالخيار إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحة وإن شاء فسخه وهذه المعاني الثلاثة توجب الحجر في الأقوال دون الأفعال.

انظر: بداية المبتدي (1/ 200).

(5)

في (ب) وكذلك.

ص: 319

ذكره في الذخيرة

(1)

، ثم قال [فيها]

(2)

: وإذا باع الصبي شيئا من ماله أو اشتراء لنفسه قبل الإذن، وهو يعقل البيع والشراء ينعقد تصرفه عندنا، وينفذ بإجازة الولي.

وكذلك الصبي الذي يعقل البيع والشراء إذا [توكل]

(3)

عن غيره بالبيع، والشراء، فباع، واشترى جاز عندنا.

والمذهب عندنا أن الصبي العاقل صحيح العبادة فيما ينفعه من التصرفات سواء كان موليا عليه، أولم يكن كقبول الهبة والإسلام، وفيما يتردد بين الضرر والنفع كالتجارة فهو صحيح العبارة انعقادا لا انفاذا، و [فيما]

(4)

يضره من كل وجه كالطلاق، والعتاق، فهو فاسد العبارة نفاذا، أو انعقادا

(5)

.

ومعنى قول محمد رحمه الله في الكتاب

(6)

(إذا كان الصبي يعقل البيع والشراء) يعني إذا كان يعقل معنى البيع والشراء بأن كان يعرف أن البيع سالب للملك، والشراء جالب، ويعرف الغبن اليسير من الغبن الفاحش لا نفس العبارة، فإن كل صبي إذا لقن البيع والشراء يتلقنهما.

قوله

(7)

: فإن قيل: التوقف عندكم في البيع، أما الشراء فالأصل فيه النفاذ على المباشر، يعني أن حكم الشراء هو النفاذ من غير توقف على ما مر في فصل بيع الفضولي من كتاب البيوع، فكيف قال هاهنا مع ذلك، فينعقد موقوفا على الإجارة.

(1)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 36).

(2)

في (ب) ها هنا.

(3)

في (ب) وكل.

(4)

في (ب) ضمان.

(5)

انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع.

(6)

أي كتاب الهداية.

(7)

انظر: تبيين الحقائق للزيلعي الحنفي (5/ 191).

ص: 320

فأجاب عنه

(1)

بما أجاب في الكتاب، ثم اعلم أن

(2)

الأشكال الذي ذكره إنما يريد على لفظ مختصر القدوري رحمه الله حيث. (قال فيه: ومن باع من هؤلاء

شيئا

(3)

، أو اشترى) أما هاهنا

(4)

لم يذكر قوله: أو اشترى، فلا يرد الإشكال، ولكن جعل المذكور في القدوري

(5)

مذكورا هاهنا، وأورد الإشكال.

(وهذه المعاني الثلاثة، وهي: الصغر، والرق، والجنون توجب الحجر في الأقوال). حتى أوجب التوقف في الأقوال التي يتردد بين النفع والضرر، كالبيع، والشراء بطريق العموم بين الصغير، والمجنون، والعبد.

وأوجب الحجر [عن]

(6)

الأصل بالإعدام في حكم أقوال تتمحض ضررا كالطلاق، والعتاق في حق الصغير، والمجنون دون العبد.

وقوله

(7)

: (دون الأفعال) أي لا يوجب الحجر في الأفعال حتى أن ابن يوم لو انقلب على قارورة إنسان فكسرها يجب الضمان عليه في الحال

(8)

.

(1)

أى الإمام محمد بن الحسن الشيباني.

(2)

ساقطة من (أ) هذه.

(3)

ومن باع من هؤلاء شيئا أو اشتراه وهو يعقل البيع ويقصده فالولي بالخيار: إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحة، وإن شاء فسخه.

انظر: اللباب في شرح الكتاب للميداني الحنفي (2/ 67).

(4)

يقصد بقوله هاهنا أي في الهداية.

(5)

ذكر في مختصر القدوري ومن باع من هؤلاء شيئا أو اشتراه وهو يعقل البيع ويقصده فالوالي بالخيار: إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحة وإن شاء فسخه وهذه المعاني الثلاثة توجب الحجر في الأقوال دون الأفعال فالصبي والمجنون لا تصح عقودهما ولا إقرارهما ولا يقع طلاقهما ولا عتاقهما وإن أتلفا شيئا لومهما ضمانه.

انظر: مختصر القدوري (1/ 95).

(6)

في (ب) من.

(7)

أي صاحب بداية المبتدي.

(8)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 255).

ص: 321

وكذلك العبد، والمجنون إذا أتلفا شيئا لزمهما ضمانه في الحال (لأنه لا مرد لها)[أي للأفعال] (

(1)

.

وقوله

(2)

: (موجودة) بالنصب على الحال، وقوله:(بالشرع) خبر (لأن اعتبارها) أي لأن اعتبار الأقوال إنما يكون [بشرع الشارع والشرع]

(3)

لم يجعل أقوال هؤلاء فيما يتردد بين النفع والضرر معتبرة في حق النفاد، لما [أن]

(4)

القصد وهو إرادة حكم ما باشر من العقود شرط، [و]

(5)

جنس هذا التصرف، ولهذا لم ينفذ بيع الهازل، وليس للصبي، والمجنون قصد؛ لقصور العقل، فلم يوجد المشروط وهو نفاذ هذه العقود؛ لعدم شرطه وهو القصد.

[العقود التي يجريها الصبي والمجنون]

وأما في حق العبد فللزوم الضرر على المولى من غير اختياره، فلذلك توقف إلى إجارة المولى. (إلا إذا كان فعلا يتعلق به حكم يندرئ بالشبهات) هذا الاستثناء من قوله: دون الأفعال، أي هذه المعاني الثلاثة لا توجب الحجر في

(6)

الأفعال حتى وجب الضمان فيما لو أتلفوا مال إنسان، أو نفسه إلا في الفعل الذي يوجب (الحد والقصاص) كالزنا، وشرب الخمر، والسرقة، وقتل نفس معصومة عمدا، فإن ذلك الفعل لو وجد من

(1)

في (ب) إلى الأفعال.» لأن الإتلاف بعد حصوله لا يمكن أن يجعل كالإتلاف (بخلاف الأقوال) أي بخلاف أقوال هؤلاء، وهم: الصغير، والمجنون، والعبد، محجورون عن نفاد الأقوال التي تتردد بين النفع والضر، كالبيع، والشراء تفسيره (بخلاف الأقوال) لأن اعتبارها موجودة بالشرع، والقصد من شرطه، إلا إذا كان فعلا يتعلق به حكم يندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص، فيجعل عدم القصد في ذلك شبهة في حق الصبي والمجنون.

انظر: اللباب في شرح الكتاب (2/ 67).

(2)

أي صاحب الهداية.

(3)

في (ب) الشارع والشارع.

(4)

في (ب) إلى.

(5)

في (ب) في.

(6)

ساقطة من (ب) حق.

ص: 322

الصبي، والمجنون لا يوجب الحدود والقصاص، وأن عدم القصد ثابت في حقهما؛ لقصور عقلهما، فكان ذلك شبهة في وجوب الحدود، والقصاص فلا تجب هي للشبهة. (والصبي، والمجنون لا يصح عقودهما) أي لا ينفذ، فإنه ينعقد موقوفا على ما مر في قوله:(ومن باع من هؤلاء شيئا وهو يعقل البيع ويقصده، فالولي بالخيار) وإنما أعاد هذا [التنساق]

(1)

أحكام القوليات كلها مذكورة في موضع واحد.

وبهذه العبارة يعلم أن المفتي لو سئل عن العقد الموقوف أيجوز أم لا؟، ينبغي أن يجيب [بلا]

(2)

يجوز، ولا يجيب بأنه ينعقد موقوفا، حيث ذكر هاهنا لا يصح عقودهما، ولم يقل تنعقد موقوفة مع أن الحكم فيه كذلك (ولا وقوف [للولي]

(3)

على عدم التوافق) أي بين الصغير وامرأته، فلا يكون واقعا على المصلحة لذلك (فلهذا لا يتوقفان على إجازته) أي أجازة الولي (ولا ينفذان بمباشرته) أي بمباشرة الولي (والحائط المائل بعد الإشهاد) يعني لا قصد من صاحب الحائط في وقوعه (بخلاف [القول] (

(4)

(والقصد من شرطه).

(فأما العبد فإقراره نافذ في حق نفسه) ولهذا يؤاخذ به بعد الحرية (غير نافذ في حق مولاه) حتى لا يؤاخذ به في حال رقبته؛ لقيام المانع، وهو حق المولى؛ لأن موجب إقراره حينئذ يقع في مال المولى دفعا، أو فداء، فلذلك لم يصح إقراره في حقه بخلاف إقراره

(1)

في (ب) النساق.

(2)

في (ب) أن لا.

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

في (ب) القولي.» وأنه يتوقف على القصد (على ما بيناه) أراد به (قوله بخلاف الأقوال) إلى قوله: وهذه المعاني الثلاثة توجب الحجر في الأقوال دون الأفعال" لأنه لا مرد لها لوجودها حسا ومشاهدة، بخلاف الأقوال، لأن اعتبارها موجودة بالشرع والقصد من شرطه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 277).

ص: 323

بالحد، أو القصاص، فإنه يؤاخذ به، وإن كان موجب إقراره يقع في مال المولى أيضا، والفرق بوجهين:

أحدهما: أن في الحد والقصاص نقصان مال المولى، أو هلاكه ثبت في ضمن خبر يرجح جانب صدقه؛ وذلك لأن العبد إذا أقر بالحد والقصاص يقع الضرر أولا في حق نفسه قصدا، والعاقل لا يلتزم الضرر كاذبا ظاهرا، أو لهذا

(1)

صح الأقارير كلها من الحر، فلما ثبت نقصان مال المولى هاهنا بطريق الضمن لم يعتبر عدم التزامه؛ لأن الضمنيات لا يعتبر بخلاف إقراره بالمال، فإنه لو أخذ بموجب إقراره في الحال يقع الضرر في حق المولى قصدا؛ لأنه لا مال للعبد في حقه، والمولى لم يلتزم مع أنه لا ضرر على العبد فيه، فكان متهما في إقراره في حقه فلا يصح في حقه لذلك.

والثاني: أن الحدود والقصاص من خواص الآدمية، والعبد مبقى على أصل الحرية فيها حتى وجبت الصلاة، والصوم عليه، وصح نكاحه، وطلاقه. فكذلك صح إقراره بها؛ أيضا لأنه لا تعلق للمولى به [فيما]

(2)

يختص به الآدمي، بل تعلقه به من حيث المالية لا غير، وعن هذا لم يصح إقرار المولى عليه بالحد، والقصاص، وصح إقراره عليه بضمان المال؛ لوقوع الثاني في حق المولى دون الأول (لما روينا) إن أراد به ما ذكر قبيل هذا كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي، والمعتوه [والله أعلم]

(3)

.

(1)

في (ب) وكذلك.

(2)

في (ب) هنا.

(3)

ساقطة من (أ).

ص: 324

‌باب الحجر للفساد

لما ذكر الحجر من حيث الصغر، والرق، والجنون شرع في بيان الحجر من حيث الفساد؛ لكونه حجرا كهو، وقدم [الأول]

(1)

؛ لأن الصغر، والرق، والجنون من العوارض

(2)

السماوية

(3)

، [والسماوية]

(4)

مقدمة على الكسبية

(5)

؛ [لعرافته]

(6)

في العارضة، [فتقديم]

(7)

ما هو أعرف فيها من المناسبة، أو لأن الأول متفق عليه

(8)

، وهذا الحجر مختلف فيه، ثم

(1)

في (ب) الأولى.

(2)

والعوارض جمع عارضة أي خصلة عارضة أو آفة عارضة من عرض له كذا إذا ظهر له أمر يصده عن المضي على ما كان فيه من حد ضرب ومنه سميت المعارضة معارضة لأن كل واحد من الدليلين يقابل الآخر على وجه يمنعه عن إثبات الحكم ويسمى السحاب عارضا لمنعه أثر الشمس وشعاعها وسميت هذه الأمور التي لها تأثير في تغيير الأحكام عوارض لمنعها الأحكام التي تتعلق بأهلية الوجوب أو أهلية الأداء عن الثبوت ولهذا لم يذكر الشيخوخة والكهولة ونحوهما في جملة العوارض وإن كانت منها لأنه لا تأثير لها في تغيير الأحكام.

انظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (4/ 262).

(3)

العارض السماوي وهي ما ليس للعبد فيها اختيار كالجنون والصغر والعته النسيان والنوم والإغماء والرق والمرض والحيض والنفاس والموت وضد العوارض السماوية سبعة الجهل والسكر والهزل والسفر والسفه والخطأ والإكراه.

انظر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (4/ 263) التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام (1/ 36) تيسير التحرير (1/ 21).

(4)

ساقطة من (ب).

(5)

العوارض المكتسبة هي التي يكون لكسب العباد مدخل فيها بمباشرة الأسباب كالسكر أو بالتقاعد عن المزيل كالجهل. ومن العوارض المكتسبة: الجهل بالشريعة في دار الحرب من مسلم لم يهاجر إلينا، فيعذر بالجهل بالأحكام، ويلحق به جهل الشفيع بالبيع حيث يكون له عذرا، وله حق الشفعة حين يعلم، ويلحق به جهل الأمة إذا عتقت أن لها خيار العتق. ومن العوارض المكتسبة: السفه، والمراد به هنا الإساءة بالتصرف في المال، فيحجر على السفيه في ماله نظرا له. والسفر من أسباب التخفيف. والخطأ كذلك فهو عذر صالح لسقوط حق الله تعالى. والإكراه عذر فإن له رخصا معلومة.

انظر: شرح التلويح على التوضيح (2/ 357) الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية (ص: 227) تيسير التحرير (1/ 21).

(6)

في (ب) لعراضته.

(7)

في (ب) فتقدم.

(8)

أو لأن ناقص من (أ).

ص: 325

اعلم أن مسائل هذا الباب كلها مبنية على قول أبي يوسف، ومحمد لا على قول أبي حنيفة رحمهم الله، فإنه لا يرى الحجر للفساد، والسفه أصلا.

[الحجر للفساد أو السفه]

(قال أبو حنيفة رحمه الله لا يحجر على الحر العاقل البالغ) سواء كان الحجر بسبب الدين، أو بسبب السفه حتى تنفذ تصرفاته بعد الحجر على حسب ما كان ينفذ قبل الحجر، ويخاطب بعد الحجر بما كان يخاطب به قبل الحجر.

(1)

وعندهما

(2)

الحجر على نوعين:

حجر لسبب السفه والفساد.

وحجر لسبب الدين.

أما الحجر لسبب السفه والفساد فعلى نوعين:

أحدهما: لحقه في عقله، فكان سليم القلب، لا يهتدي إلى التصرفات، فيحجر عليه القاضي على قولهما صيانة لماله، فإنه لو لم يحجر عليه ربما يأتي على جميع ماله لقلة هدايته، وسلامة قلبه.

(1)

وتصرفه في ماله جائز وإن كان مبذرا مفسدا يتلف ماله فيما لا غرض له فيه ولا مصلحة.

روي "أن حبان بن منقذ كان يغبن في البياعات فطلب أولياؤه من النبي عليه الصلاة والسلام الحجر عليه، فقال له: إذا ابتعت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام ولم يحجر عليه".

أخرجه: الحاكم في المستدرك 2/ 26 كتاب البيوع حديث رقم 2201، والبيهقي في السنن الكبري 5/ 273 كتاب البيع باب الدليل على أن لا يجوز شرط الخيار في البيع أكثر من ثلاثة أيام حديث رقم 10238.

- ولأنه مخاطب فلا يحجر عليه كالرشيد، ولأنه لا يدفع الضرر عنه بالحجر فإنه يقدر على إتلاف أمواله بتزويج الأربع وتطليقهن قبل الدخول وبعده في كل يوم ووقت، ولا معنى للحجر عليه لدفع الضرر عنه، ولا يندفع، ولأن الحجر عليه إهدار لآدميته وإلحاق له بالبهائم، وضرره بذلك أعظم من ضرره بالتبذير وإضاعة المال، وهذا مما يعزمه ذوو العقول والنفوس الأبية، ولا يجوز تحمل الضرر الأعلى لدفع الضرر الأدنى حتى لو كان في الحجر عليه دفع الضرر العام جاز كالمفتي الماجن، الطبيب الجاهل، والمكاري المفلس لعموم الضرر من الأول في الأديان، ومن الثاني في الأبدان، ومن الثالث في الأموال.

انظر: بداية المبتدي للميرغيناني (1/ 201)، الهداية شرح البداية (3/ 281)، الاختيار تعليل المختار للموصلي الحنفي (2/ 103).

(2)

أى: محمد وأبو يوسف.

ص: 326

والثاني: أن يكون سفيها، مبذرا، مضيعا لماله، أما في الشر بأن يجمع أهل الشراب والفسقة في داره، ويطعمهم، ويسقيهم، ويسرف في النفقة، ويفتح

(1)

باب الجائزة، والعطاء [عليهم]

(2)

، أو في الخير بأن يصرف جميع ما له في بناء المساجد، وأشباه ذلك (فيحجر عليه القاضي عندهما) ثم اختلفا في الحجر بسبب السفه.

قال أبو يوسف رحمه الله: لا يثبت إلا بقضاء القاضي كما في الحجر بسبب الدين، وعند محمد رحمه الله يثبت هذا الحجر لسبب السفه، ولا يتوقف إلى القضاء، والفرق لمحمد أن حجر السفيه لمعنى فيه وهو سوء اختياره لا لحق الغير، وأشبه المجنون، وثمة يحجر بنفس المجنون، ولا يتوقف على القضاء، فكذا هاهنا.

(3)

وأما الحجر بسبب الدين فليس لمعنى فيه، بل لحق الغرماء حتى لا يتلف حقهم بتصرفه، فيتوقف على قضاء القاضي؛ لأن له ولاية عليه، فيعمل حجره. فأما الغريم لا ولاية له، فلا يجوز حجره كذا في الذخيرة.

(4)

وذكر في المبسوط

(5)

: قال أبو حنيفة رحمه الله: الحجر على الحر باطل، ثم قال: ومراده إذا بلغ عاقلا، ثم سفه.

وأما إذا بلغ سفيها فقد ذكر في الذخيرة

(6)

أن العلماء اتفقوا فيه على أنه يمنع عنه [ماله]

(7)

ما لم يبلغ خمسا وعشرين سنة.

(1)

ساقطة من (ب) لهم.

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 163)، بدائع الصنائع للكاساني الحنفي (7/ 169).

(4)

انظر: بدائع الصنائع للكاساني (7/ 169).

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 157).

(6)

ولهذا إذا بلغ الصبي سفيها يمنع عنه ماله إلى خمس وعشرين سنة بلا خلاف، ولهذا حجر على الصبي، والمجنون لكون الحجر مصلحة في حقهما.

انظر: بدائع الصنائع للكاساني (7/ 169)، تبيين الحقائق للزيلعي (5/ 194).

(7)

ساقطة من (ب).

ص: 327

اعلم أن السفيه غير المعتوه، فإن المعتوه هو ناقص العقل، والسفيه هو كامل العقل، إلا أنه لا يجرى على موجب عقله.

وقال في المبسوط

(1)

: السفه هو العمل بخلاف موجب الشرع، وهو إتباع الهوى، وترك ما يدل عليه العقل، [والحجي]

(2)

وأصل المسامحة في التصرفات، والبر والإحسان مندوب إليه شرعا، ولكن بطريق السفه، والتبذير مذموم شرعا، وعرفا. ولهذا لا تنعدم الأهلية

(3)

بسبب السفه، ولا يجوز

(4)

السفه عذرا في إسقاط الخطاب عنه بشيء من الشرائع، ولا في إهدار عبارته فيما يقر به على نفسه من الأسباب الموجب للعقوبة فيما لا عرض له فيه، ولا مصلحة نحو أن يلقيه في البحر، أو يحرقه بالنار.

(وقال أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله-: وهو قول الشافعي رحمه الله يحجر على السفيه

(5)

، ويمنع من التصرف في ماله (انظر: الحاوي الكبير (6/ 354).».

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 157).

(2)

في (ب) الحجر.

(3)

الأهلية لغة: مؤنث الأهلي والأهلية للأمر الصلاحية له والأهلي المنسوب إلى الأهل والأليف من الحيوان.

انظر: المعجم الوسيط (1/ 32).

اصطلاحا: نوعان أهلية الوجوب، وأهلية الأداء.

فأهلية الوجوب هي: صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه.

وأهلية الأداء هي: صلاحية الإنسان لصدور الفعل منه على وجه يعتد به شرعا.

انظر: التلويح على التوضيح 2/ 161، التقرير والتجبير 3/ 164.

(4)

في (ب) يجعل وهو الصحيح كما في المبسوط.

(5)

أما السفيه عند الشافعية ففيه تأويلان:

أحدهما: أنه الجاهل بالصواب فيما له وعليه، وهذا قول مجاهد.

والثاني: أنه المبذر لماله المفسد له في الجهات المحرمة وهذا أصح وإليه ذهب الشافعي لأنه أليق بمعنى اللفظ.

دليلهم: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282]

انظر: الحاوي الكبير (6/ 340).

ص: 328

اعلم أن الحجر بسبب السفه عندهما

(1)

إنما يعمل في حق تصرف ويتصل لماله، [فلا]

(2)

يصح مع الهزل، والكره، [كالبيع، والإجارة، والإقرار بالمال، ولا يصح في حق تصرف يتصل بماله، ولكن يصح مع الهزل، والكره]

(3)

(4)

كالطلاق، والعتاق، والدعوة حتى يصح منه هذه التصرفات بعد الحجر، وكذلك لا يعمل في حق تصرف يتصل بنفسه ولا تعلق له بالمال كالإقرار بالحدود، والقصاص حتى صح الإقرار بهذه الأشياء بعد الحجر.

وقال أبو حنيفة رحمه الله: إذا بلغ الصبي مفسدا لماله فإنه لا يدفع إليه ماله ويجوز تصرفه. كذا في الذخيرة

(5)

. (فيحجر عليه نظرا له [اعتبارا]

(6)

بالصبي) هذا التعليل

(7)

، إنما يصح على قول أبي يوسف، ومحمد -رحمهما الله-

(8)

لا على قول الشافعي، فإن الحجر على السفيه على قول الشافعي رحمه الله بطريق الزجر، والعقوبة عليه لا بطريق النظر له.

(1)

أي محمد وأبو يوسف.

(2)

في (ب) ولا.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

ولا يصح مع الهزل والإكراه كالبيع والإجارة والإقرار بالمال، وما لا يتصل بماله كالإقرار بالحدود والقصاص أو يتصل به، لكنه يصح مع الهزل كالنكاح والطلاق والعتاق، فالحجر لا يعمل فيه حتى صح منه هذه التصرفات بعد الحجر.

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 259).

(5)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 259).

(6)

في (أ) اعتذارا وفي (ب) اعتبارا وهو الصحيح كما في الهداية.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 278).

(7)

فيحجر عليه نظرا له وهو من جملة التعاون على البر فصار كالصبي بل أولى؛ لأن الصبي إنما حجر عليه لتوهم التبذير، وهذا قد تحقق منه ولهذا يمنع ماله في الابتداء إجماعا بطريق النظر له ومنع المال من غير حجر عليه لا يفيد؛ لأن ما منع من يده يتلفه بلسانه فيحجر عليه نظرا له.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (5/ 193).

(8)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 163)، بدائع الصنائع للكاساني الحنفي (7/ 169).

ص: 329

ويتبين هذا الخلاف بينهم فيما إذا كان مفسدا في دينه، مصلحا في ماله، كالفاسق، فعند الشافعي رحمه الله يحجر عليه بهذا النوع من الفساد بطريق العقوبة والزجر، ولهذا لم يجعل الفاسق أهلا للولاية، وعندهما لا يحجر عليه، والفاسق عند أصحابنا أهل للولاية على نفسه على العموم [و]

(1)

على غيره إذا وجد شرط تعدي ولايته إلى غيره كذا في المبسوط

(2)

.

(ولأبي حنيفة رحمه الله أنه مخاطب عاقل، فلا يحجر عليه (

(3)

، فإنه لا يتناول المعتوه مع أن له نوع عقل حتى ينعقد بيعه، وشراؤه موقوفا إلى إجازة الولي كبيع الصبي العاقل، والعبد ليس بمخاطب مطلقا؛ لسقوط الخطابات المالية سببا، وشرطا كالزكاة، وصدقة الفطر، والأضحية، والكفارات المالية، وسقوط بعض الخطابات غير المالية كالحج، وصلاة الجمعة، والعيدين، وخطابات الشهادات، وسقوط خطابات شطر الحدود، والعدد وغيرها.

والثاني: أن المراد من قوله: (أنه مخاطب) أي بالتصرفات المالية بدلالة محل الكلام لأن الكلام في الحجر عن التصرفات المالية كالبيع، والشرى، والهبات، والصدقات، فعندهما

(4)

يحجر [عنها]

(5)

، وعند أبي حنيفة رحمه الله لا يحجر، فحينئذ لا تناول قوله: إنه

(1)

ساقطة من (أ).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 157).

(3)

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 278).».

فإن قلت: هذا الذي ذكره من الكلي يشكل بالعبد فإنه مخاطب عاقل أيضا، ومع ذلك يحجر عليه قلت: عن هذا جوابين:

أحدهما: أنه ذكر المخاطب مطلقا، فيتناول الكامل منه [كالعاقل] ساقطة من (ب).

(4)

أي: أبو يوسف ومحمد.

(5)

في (ب) عنهما.

ص: 330

مخاطب العبد؛ لأنه لا تصرف له في المال؛ لأنه لا مال له إذ لا يملك المال، وإن ملك فلذلك صح، قوله:(أنه مخاطب عاقل) ولكن مع هذا كان الاحتراز عنه أولى، كما احترز

(1)

في المبسوط

(2)

بقوله: إنه حر مخاطب، فيكون مطلق التصرف في ماله كالرشيد.

وذكر فيه قبل هذا: وأما أبو حنيفة رحمه الله استدل بقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا}

(3)

.

فقد نهى الولي عن الإسراف في ماله؛ مخافة أن يكبر، فلا يبقى له عليه ولاية، والتنصيص على زوال ولايته عند عدم الكبر يكون تنصيصا على زوال الحجر عنه بالكبر لأن الولاية عليه للحاجة، وإنما ينعدم الحاجة إذا صار هو مطلق التصرف بنفسه

(4)

.

فإن قلت: ما جواب أبي حنيفة رحمه الله عن النصوص التي تمسكوا في إثبات حجر السفيه كقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}

(5)

.

وهذا تنصيص على إثبات الولاية على السفيه، وأنه مولى عليه، فلا يكون ذلك إلا بعد الحجر عليه.

وقوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} إلى أن قال {وَاكْسُوهُمْ}

(6)

، فهذا أيضا تنصيص على إثبات الحجر عليه بطريق النظر، فإن الولي هو الذي يباشر التصرف في ماله على وجه النظر منه له

(7)

.

(1)

عنه ناقصة من (أ).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 159).

(3)

سورة [النساء: 6].

(4)

انظر: التفسير الكبير للرازي 20/ 136.

(5)

سورة [البقرة: 282].

(6)

سورة [النساء: 5].

(7)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 192).

ص: 331

وروي أن عبدالله بن جعفر رضي الله عنه:

(1)

كان يفني ماله في اتخاذ الصدقات حتى اشترى دارا للضيافة بمائة ألف، فبلغ ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال: لآتين عثمان رضي الله عنه، ولأسألنه أن يحجر عليه، [واهتم]

(2)

بذلك عبدالله. وجاء إلى الزبير رضي الله عنه وأخبره بذلك، فقال: أشركني فيها، فأشركه، ثم جاء [علي]

(3)

إلى عثمان، وسأله أن يحجر عليه، فقال: كيف أحجر [على رجل]

(4)

شريكه الزبير؟، وإنما قال ذلك؛ لأن الزبير كان معروفا بالكياسة في التجارة، فاستدل برغبته في الشركة على أنه لا غبن في تصرفه، فهذا اتفاق منهم على جواز الحجر بهذا السبب، وأن عائشة رضي الله عنها كانت تتصدق بمالها حتى روي أنه كان لها رباع

(5)

ضمت ببيع رباعها؛ لتتصدق بالثمن، فبلغ ذلك

(6)

عبدالله بن الزبير رضي الله عنه، [فقال]

(7)

: لتنتهين عائشة عن بيع رباعها

(8)

، أو لا حجر عليها

(9)

.

(1)

هو: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب، ولد بأرض الحبشة لما هاجر إليها أبواه: جعفر، وأسماء بنت عميس، التي تزوجها أبو بكر بعد وفاة جعفر، ثم علي -بعد أبي بكر-. كانت سنه عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين توفي سنة 80 هـ.

انظر: الإصابة لابن حجر "4/ 40"، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/ 173.

(2)

في (ب) فاهتم.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (ب) عليه و.

(5)

الرباع: جمع ربع وهو دار الإقامة وربع القوم: محلتهم.

انظر: مختار الصحاح (ص: 116)، لسان العرب (8/ 102).

(6)

ساقطة من (ب) إلى.

(7)

في (أ) فقالت وفي (ب) فقال والصحيح ما ذكر في (ب).

(8)

أي منزلها.

(9)

أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأدب باب الهجرة رقم 6073.

انظر: صحيح البخاري (8/ 20).

ص: 332

قلت: أما جوابه

(1)

عن الآيات، فقال: فقيل المراد بالسفيه الصغير، أو المجنون؛ لأن السفه عبارة عن الخفة، وذلك بانعدام العقل و نقصانه، فعليه يحمل قوله تعالى:

{فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا}

(2)

، أي صبيا، أو مجنونا.

وكذلك قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}

(3)

إما أن يكون الصبيان أو المجانين بدليل أنه أثبت ولاية الولي عليه مطلقا، ومن يوجب الحجر على السفيه يقول: بأن ولاية الولي تزول عنه بالبلوغ عن [عقل، أو المراد]

(4)

نهي الأزواج عن دفع المال إلى [النساء]

(5)

، وجعل التصرف إليهن كما كانت العرب تفعله.

ألا ترى أنه قال: أموالكم، وذلك يتناول أموال المخاطبين بهذا النهي لا أموال السفهاء

(6)

.

وأما حديث عبدالله بن جعفر فدليلنا لأن عثمان امتنع من الحجر عليه مع سؤال علي رضي الله عنه، وأكثر ما فيه أنه لم يكن في ذلك التصرف غبن حتى رغب الزبير في الشركة، ولكن [المبذر]

(7)

وإن تصرف [تصرفا واحدا على]

(8)

وجه لا غبن فيه، فإنه يحجر عليه عند من يرى الحجر عليه، [فلما لم يحجر عليه]

(9)

دل أن ذلك على سبيل التخويف وحديث عائشة رضي الله عنها دليلنا أيضا، وأنه لما بلغها قول ابن الزبير

(1)

أي: جواب أبي حنيفة.

(2)

سورة [البقرة: 282].

(3)

سورة [النساء: 5].

(4)

في (أ) عقال وفي (ب) عقل أو المراد والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

في (أ) الفساد وفي (ب) النساء والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 161).

(7)

في (ب) المتفرد.

(8)

في (ب) تصرفات أحدا عن.

(9)

ساقطة من (ب).

ص: 333

حلفت أن لا تكلم ابن الزبير [أبدا]

(1)

، فلو كان الحجر موجبا حكما شرعيا لما استجازت هذا الحلف من نفسها مجازاة على قوله فيما هو حكم شرعي.

وبهذا يتبين أن الزبير إنما قال ذلك كراهة أن يفنى مالها، فتبتلى بالفقر، فتصير عيالا على غيرها بعد ما كان يعولها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمصير إلى هذا أولى ليكون أبعد من سفه السفه، والتبذير إلى الصحابة رضي الله عنهم كذا في المبسوط

(2)

.

(وإلحاقه بالبهائم) لأن الآدمي إنما باين ساير الحيوانات ببيانه، وباعتبار قوله في التصرفات كالحجر على المتطبب الجاهل، [فإن الطبيب الجاهل]

(3)

يسقي الناس في أمراضهم دواء مهلكا وهو يعلم بذلك أو لا يعلم كذا في الذخيرة

(4)

.

(والمفتي الماجن): الذي لا يبالي ما صنع، وما قيل له، ومصدره المجون، والمجانة اسم منه، والفعل من باب طلب كذا في المغرب.

(5)

وذكر في الذخيرة

(6)

المفتي الماجن هو الذي يعلم الناس الحيلا الباطل، بأن يعلم المرأة حتى ترتد، فتبين من زوجها، ويعلم الرجل أن يرتد فيسقط عنه الزكاة، ثم يسلم، ولا يبالي أن يحرم حلالا، أو يحل حراما، فضرر هذا متعد إلى العامة.

(والمكاري المفلس): هو الذي يتقبل الكراء، ويؤاجر الإبل، وليس له إبل، ولا ظهر يحمل عليه، ولا مال يشتري به الدواب، فالناس يعتمدون عليه، ويدفعون [الكراء]

(7)

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 161).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (2/ 347).

(5)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 347).

(6)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 193).

(7)

في (ب) الكر.

ص: 334

إليه، ويصرف هو ما أخذ منهم في حاجته. وإذا جاء أوان الخروج يخفي هو نفسه، فيذهب أموال الناس، وربما يصير ذلك سببا لبقاء عدهم عن الخروج إلى الحج، والغزو، وفساد هذا الشخص متعد أيضا، وإلحاق الضرر بالخاص لدفع الضرر عن العام جائز.

أما ضرر المحجور المختلف فيه غير متعد، بل يقتصر عليه، فلا يكون المحجور المختلف فيه نظير هؤلاء، فجواز الحجر في حق هؤلاء لا يدل على جواز الحجر في المختلف فيه (ولا يصح القياس على منع المال)

(1)

، هذا جواب عن قولهما

(2)

، [ولهذا]

(3)

منع عنه المال، أي إذا بلغ سفيها يمنع عنه المال بالاتفاق، لكنا نقول: إن منع المال منه على طريق بعض مشايخنا ثابت بطريق العقوبة عليه؛ ليكون زجرا له عن التبذير، والعقوبات مشروعة [بالأسباب]

(4)

الحسية.

فأما إهدار القول في التصرفات معنى حكمي، والعقوبات بهذا الطريق غير مشروعة، كالحدود، ولا يدخل عليه إسقاط شهادة القاذف، فإنه متمم لحده عندنا لأنا نقول: إنما كان ذلك تابعا لما هو حسي، وهو إقامة الحد لا مقصودا بنفسه، ولئن ثبت جواز ذلك ولكن لا يمكن إثبات العقوبة بالقياس، بل بالنص وقد ورد النص يمنع المال إلى أن يؤنس منه الرشد، ولا نص في الحجر عليه عن التصرف بطريق العقوبة، مع أن نعمة اليد على المال نعمة زائدة، وإطلاق اللسان في التصرفات نعمة أصلية، فبان جواز إلحاق ضرر يسير في منع نعمة زائدة؛ لتوفير النظر عليه لا يستدل على أنه يجوز إلحاق الضرر

(1)

لأن الحجر أبلغ منه في العقوبة ولا على الصبي لأنه عاجز عن النظر لنفسه وهذا قادر عليه نظر له الشرع مرة بإعطاء آلة القدرة والجري على خلافة لسوء اختياره ومنع المال مفيد لأن غالب السفه في الهبات والتبرعات والصدقات وذلك يقف على اليد.

انظر: الهداية شرح البداية للرشداني الميرغيناني (3/ 287).

(2)

أي: أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.

(3)

في (ب) لهذا.

(4)

في (ب) العقوبات والصحيح ما ذكر في (أ) كما في المبسوط.

ص: 335

العظيم به بتفويت النعمة الأصلية لمعنى النظر [له]

(1)

؛ لأنه لا يجوز إبطال [أعلى]

(2)

النعمتين

(3)

لصيانة الأدنى كذا في المبسوط

(4)

.

(لأن الحجر أبلغ منه في العقوبة) أي لأن الحجر من التصرف أبلغ من منع المال من يده في العقوبة (ومنع المال مفيد) هذا الجواب عن قولهما، ثم هو لا [يفيد]

(5)

.

وقال في الذخيرة

(6)

: وقوله: (بأن منع المال لا يفيد بدون الحجر) عن [التصرف]

(7)

، وقلنا هذا فاسد؛ لأنه لما منع ماله عنه لا يتلف ماله بيده إن كان يتلف ماله بلسانه على قولكم، وقيل: المنع يتلف بيده، ولسانه، فكان المنع مفيدا.

(1)

في (ب) أليه والصحيح ما ذكر في (أ).

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

القاعدة: البينات.

ألفاظ ورود القاعدة:

البينتان حجج فعند إمكان العمل يجب العمل بهما وإلا يرجح.

وفي لفظ: البينات حجج مهما أمكن العمل بها لا يجوز إبطال شيء منها.

وفي لفظ: البينات حجج فيجب العمل بها بحسب الإمكان.

معنى هذه القواعد ومدلولها:

البينات: جمع بينة. وهي أدلة وبراهين على صدق المدعي في دعواه فيجب العمل بها ما أمكن ذلك ولا يجوز إبطال شيء منها -وإن كان ظاهره التعارض أو التناقض؛ لأنه إذا لم يعمل بالبينات خالفنا شرع الله وضاعت الحقوق؛ (لأنه لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءَهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر).

انظر: موسوعة القواعد الفقهية (2/ 125).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 160 - 161).

(5)

في (أ) يعتد وفي (ب) يفيد والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 260)، البناية شرح الهداية (11/ 89).

(7)

في (ب) التصرفات.

ص: 336

[حكم القاضي بالحجر فرفع الحجر قاض آخر]

(وإذا حجر القاضي عليه، ثم رفع إلى قاض آخر فأبطل حجره، وأطلق عنه جاز)(لأن الحجر منه فتوى وليس بقضاء) هذا جواب سؤال ذكره في الذخيرة

(1)

.

وقال فإن قيل: يصرف المحجور عليه بالسفه يجب أن ينفذ على قول أبي حنيفة رحمه الله بعدما قضى القاضي عليه بالحجر؛ لأن جواز تصرف السفيه المبذر مختلف فيه، وقضاء القاضي متى حصل في المختلف فيه صار متفق عليه، كما لو قضى القاضي بجواز بيع المدبر.

[قلت]

(2)

: هذا هكذا إذا وجد القضاء بالمختلف فيه، وعلى قول محمد رحمه الله هذا فتوى وليس بقضاء، فإنه [لم]

(3)

يثبت لسبب هذا القضاء ما لم يكن ثابتا، بل يتبين ما كان ثابتا، فإنه كان محجورا عليه قبل القضاء متى كان مفسدا لماله وهذا هو حد الفتوى، فيكون هذا فتوى عند محمد رحمه الله، وبالفتوى لا يصير المختلف متفقا عليه.

وعند أبي يوسف رحمه الله إن كان يحتاج فيه إلى حكم الحاكم ليصير محجورا عليه فيكون قضاء من هذا الوجه؛ لأنه يثبت بقضائه ما لم يكن ثابتا، إلا أنه فتوى من وجه آخر؛ لأنه لم يوجد شرط القضاء، وهو الدعوى، والإنكار، ولو وجد الدعوى، والإنكار بأن تصرف بعد الحجر، فرفع إلى القاضي، وجرت

(4)

الخصومة بين المحجور وبين [من]

(5)

عاقده، فقضى القاضي عليه بإبطال التصرف، وصحة الحجر، [وأنه]

(6)

يصير متفقا عليه، وكان كالقاضي إذا قضى بجواز بيع المدبر قبل وجود الخصومة في ذلك فإنه لا يصير متفقا عليه؛ لأنه فتوى وليس بقضاء، وبعد وجود الخصومة إذا قضى القاضي صار متفق عليه، فكذا هاهنا بعد إبطاله، أي إبطال القاضي الثاني، ولو روي

(1)

انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 84).

(2)

في (ب) قلنا.

(3)

ساقطة من (أ).

(4)

في (ب) وجوب.

(5)

في (ب) ما.

(6)

في (ب) فإنه.

ص: 337

نفد بالتسديد معناه استمر على تنفيذ الثاني؛ [لا أنه]

(1)

حكم بنفاذه كذا وجدته بخط شيخي

(2)

.

ألا ترى أنه يصير حدا في هذا السن؛ وذلك لأن أدنى مدة البلوغ في حق الغلام اثنتا عشر سنة، [ثم]

(3)

يولد له ابن لستة أشهر؛ لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر، ثم يبلغ ابنه باثنتي عشرة سنة، ثم يولد له ابن لستة أشهر، فيصير جدا بعد خمس وعشرين سنة، فلذلك قدر بخمس وعشرين سنة.

ولو فرضنا مقام ابن البنت يصير جدا في اثنين وعشرين سنة؛ لأن أدنى مدة بلوغ البنت تسع سنين، لكن هذا الذي ذكره عام في [الذكور]

(4)

، والإناث، ولما صار جدا صار فرعه أصلا، [فكان]

(5)

الجد متناهيا في الأصالة، [و]

(6)

إذا لم يونس رشده في سن تناهت أصالته عرفنا أنه انقطع رجاء التأديب منه، [ولا معنى يمنع]

(7)

المال عنه بعد ذلك إذا المنع كان للتأديب، وهو لم يبق محلا للتأديب في حق ماله؛ لأن الحجر دائر بين الضرر والنظر؛ لأنه لما نفذ الحجر لم يصح بيعه بعد الحجر، فبقي ملكه كما كان.

ففي إبقاء الملك له نظر، وفي إهدار قوله ضرر، ومثل هذا لا يترجح أحد الجانبين منه إلا بقضاء القاضي، يوضحه أن السفه ليس بشيء محسوس، وإنما يستدل به بأن يغبن في التصرفات، وقد يكون ذلك للسفه، وقد يكون حيلة لاستجلاب قلوب

(1)

في (ب) لأنه.

(2)

انظر: تبيين الحقائق للزيلعي الحنفي (5/ 194) البناية شرح الهداية (11/ 88).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (أ) الذكورة وفي (ب) الذكور والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

في (ب) وكان.

(6)

ساقطة من (ب).

(7)

في (ب) فلا معنى لمنع.

ص: 338

المجاهرين، وإن [كان]

(1)

محتملا مترددا ألا يثبت حكمه [إلا]

(2)

بقضاء القاضي بخلاف الصغر، والجنون، والعته

(3)

؛ لأن الحجر بهذا السبب مختلف فيه بين العلماء، فلا يثبت إلا بقضاء القاضي كالحجر لسبب الدين، إذ العلة هو السفه بمنزلة الصبا؛ لأنه قد قامت الدلالة لنا على أن السفه في ثبوت الحجر به نظير الصبا، والجنون

(4)

. والحجر هنا يثبت بهما من غير حاجة إلى قضاء القاضي، فكذلك [السفه]

(5)

، والفرق لمحمد رحمه الله

(6)

بين حجر السفه، حيث لا يتوقف إلى قضاء القاضي وبين حجر المديون، حيث [يتوقف]

(7)

إلى قضاء القاضي هو أن حجر السفيه لمعنى فيه وهو سوء اختياره لا لحق الغير فأشبه الجنون، وثمة ينحجر بنفس الجنون، ولا يتوقف على القضاء فكذا هاهنا.

فأما الحجر بسبب الدين ليس لمعنى فيه، بل لحق الغرماء حتى لا يتلف حقهم بتصرفه، فيتوقف على قضاء القاضي؛ لأن له ولاية عليه فيعمل حجره

(8)

.

فأما الغريم [فلا ولاية له]

(9)

، فلا يجوز حجره، ثم الحجر بسبب الدين يخالف الحجر بسبب السفه من وجوه ثلاثة

(10)

:

(1)

في (ب) وإذا.

(2)

في (ب) لا.

(3)

ساقطة من (ب) و.

(4)

فمحمد يقول: قد قامت الدلالة لنا على أن السفيه في ثبوت الحجر به نظير الجنون، والعته والحجر يثبت بهما من غير حاجة إلى قضاء القاضي، فكذلك في السفه وقاس الحجر بسبب الصغر والرق.

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 163).

(5)

في (أ) بالسفه وفي (ب) السفه والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

أي محمد بن حسن الشيباني.

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 195).

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (5/ 195).

(9)

ساقطة من (ب).

(10)

انظر: تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (8/ 91).

ص: 339

أحدهما: هذا وهو أن الحجر لسبب السفه لا يتوقف إلى القضاء عند محمد رحمه الله بخلاف الحجر لسبب الدين، فإنه يتوقف لما قلنا

(1)

.

والثاني: هو أن المحجور بسبب السفه إذا أعتق عبدا، ووجب عليه السعاية فإنه لا يرجع لما يسعى على المولى وإن زوال الحجر والمقضي عليه بالإفلاس إذا أعتق عبدا بما في يده، ووجبت على العبد السعاية [وأدى]

(2)

فإنه يرجع بما يسعى على المولى، بعد زوال الحجر والفرق أن في الحجر بالسفه إنما وجبت السعاية على المعتق صيانة لحق المحجور حتى لا يزول ملكه من غير عوض، فمتى أثبتنا حق الرجوع للعبد لا يحصل هذا المقصود.

أما في الحجر بالدين

(3)

فإنما وجبت السعاية لحق الغرماء لا لحق المولى، وهذا المقصود حاصل، وإن أثبتنا حق الرجوع عليه بما [يسعى]

(4)

، وكان له الرجوع؛ لأنه أدى دينه بعد العتق وهو مضطر في الأداء فيرجع عليه.

والثالث: أن المحجور [عليه]

(5)

بالدين يجوز إقراره بعد زوال الحجر، وكذلك حال قيام الحجر، [وينفذ في]

(6)

المال [المستحدث من المال يريد فيما يستحدث من المال]

(7)

يريد به أن الإقرار الذي كان في حالة الحجر ينفذ بعد زوال الحجر، وينفذ في المال المستحدث في حالة الحجر والمحجور بالسفه لا يجوز إقراره، لا في حالة الحجر، ولا بعد زوال الحجر، لا في القائم، ولا في المال المستحدث [يريد به أن الإقرار الذي كان منه

(1)

أى من أن الحجر بسبب السفه هو: سوء اختياره لا لحق الغير. والحجر لسبب الدين هو لحق الغرماء.

(2)

في (أ) وأد وفي (ب) وأدى والصحيح ما ذكر في (ب).

(3)

أي بسبب الدين.

(4)

في (أ) ينبغي وفي (ب) يسعى والصحيح ما ذكر في (ب).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

في (ب) فيما يستحدث من.

(7)

ساقطة من (ب).

ص: 340

في حالة الحجر لا ينفذ بعد زوال الحجر وكذا لا ينفذ في حق المال المستحدث]

(1)

في حالة الحجر، والفرق في حق نفاد إقرار المحجور بالدين بعد زوال الحجر هو أن السفيه إنما حجر عليه؛ [لسوء]

(2)

اختياره، لا لحق الغير، وكان كالصبي المحجور، وإقرار الصبي المحجور لا يجوز، وإن بلغ وزال الحجر كذا هاهنا.

وأما الحجر بالدين لحق الغرماء حتى لا يبطل حقهم بتصرفه

(3)

، والحجر إذا كان لحق الغير لا لمعنى في المتصرف، ينفذ تصرفه إذا زال حق الغير كالعبد المحجور إذا أقر بدين ثم أعتق فإنه ينفذ ذلك الإقرار.

وأما الفرق في حق صحة الإقرار في المال المستحدث أن القاضي إنما يحجر الغريم عن التصرف فيما في يده؛ حتى لا يبطل حق الغرماء، فلا يتناول إلا ما كان قائما.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

في (ب) بسوء.

(3)

والكلام في الحجر بسبب الدين في موضعين: أحدهما أن من ركبته الديون إذا خيف أن يلجئ ماله بطريق الإقرار، فطلب الغرماء من القاضي أن يحجر عليه عند أبي حنيفة رحمه الله: لا يحجر عليه القاضي، وعندهما يحجر عليه، وبعد الحجر لا ينفذ تصرفه في المال الذي كان في يده عند الحجر، وتنفذ تصرفاته فيما يكتسب من المال بعده، وفي هذا الحجر نظر للمسلمين، فإذا جاز عندهما الحجر عليه بطريق النظر، فكذلك يحجر لأجل النظر للمسلمين وعند أبي حنيفة لا يحجر على المديون نظرا له، فكذلك لا يحجر عليه نظرا للغرماء ولما في الحيلولة بينه، وبين التصرف في ماله من الضرر عليه، وإنما يجوز النظر لغرمائه بطريق لا يكون فيه إلحاق الضرر به إلا بقدر ما، ورد الشرع به وهو الحبس في الدين لأجل ظلمه الذي تحقق بالامتناع من قضاء الدين مع تمكنه منه، وخوف التلجئة ظلم موهوم منه، فلا يجعل كالمتحقق، ثم الضرر عليه في إهدار قوله فوق الضرر في حبسه ولا يستدل بثبوت الأدنى على ثبوت الأعلى كما في منع المال من السفيه مع الحجر عليه ثم هذا الحجر عندهما لا يثبت إلا بقضاء القاضي ومحمد رحمه الله يفرق بين هذا، وبين الأول، فيقول: هنا الحجر لأجل النظر للغرماء فيتوقف على طلبهم، وذلك لا يتم إلا بقضاء القاضي له، والحجر على السفيه لأجل النظر له وهو غير موقوف على طلب أحد، فيثبت حكمه بدون القضاء.

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 164).

ص: 341

وأما السفيه فإنما يحجر القاضي عليه ليبقى ماله عليه، وفي حق هذا المعنى، المال القائم، والذي يستحدث سواء كذا في الذخيرة

(1)

.

[تصرفات المحجور عليه]

(وإن أعتق عبدا) أي بعد الحجر (نفذ عتقه عندهما) وكذلك عند قول أبي حنيفة رحمهم الله أيضا، وتخصيص قولهما هاهنا لا للاحتراز عن أبي حنيفة، فإن عند أبي حنيفة الحكم قبل الحجر وبعده، سواء في نفاذ تصرفات المحجور بسبب السفه؛ لأنه لا تأثير للحجر عنده، بل للاحتراز عن قولهما في سائر التصرفات التي يؤثر فيها الحجر، كالبيع، والشراء، والإقرار بالمال، وللاحتراز عن قول الشافعي على ما ذكر في الكتاب

(2)

.

فإن قلت: يشكل على هذا ما إذا أعتق عبده عن كفارة يمينه، أو ظهاره، فإنه لا ينفذ عتقه، بل عليه أن يصوم كالمعسر إذا حنث في يمينه، أو ظاهر عن امرأته.

قلت: لا يشكل، [لما]

(3)

أن إعتاقه هناك نافذا أيضا، لكن لا يقع إعتاقه عن كفارة يمينه، أو

(4)

ظهاره؛ لأنه لو أعتق عبده يجب على العبد السعاية في قيمته على ما ذكر في الكتاب، ومع وجوب السعاية عليه لا يجوز عتقه من الكفارة؛ لأن بدل السعاية بمنزلة

(1)

انظر: بدائع الصنائع (7/ 169).

(2)

وقال الشافعي: لا ينفذ؛ لأن حجره لصباه فيبقى ببقائه، ولأنه مولى عليه حتى يملك الولي التصرف عليه ويملك حجره فلا يكون واليا للمنافاة وصار كالطلاق والعتاق، بخلاف الصوم والصلاة؛ لأنه لا يقام بالولي، وكذا الوصية على أصله فتحققت الضرورة إلى تنفيذه منه.

انظر: تكملة المجموع شرح المهذب (13/ 345).

(3)

في (أ) إما وفي (ب) لما والصحيح ما ذكر في (ب).

(4)

ساقطة من (أ) كفارة.

ص: 342

العوض عن العتق، وكان [وجود]

(1)

السعاية هناك مانعا عن وقوع إعتاقه عن الكفارة إلى هذا أشار في المبسوط

(2)

.

(والأصل عندهما

(3)

أن كل تصرف يؤثر فيه الهزل يؤثر فيه الحجر، [وما لا]

(4)

فلا).

فإن قلت: يشكل على هذا الكلي عدم صحته يمين السفيه في حق التكفير [بالمال]

(5)

حتى إنه لو حنث في يمينه وهو موسر لا ينفذ القاضي أن يكفر بالمال، وعدم صحة نذره من هدي، أو صدقة، وأنه لو نذر لواحد منهما لا ينفذ له القاضي شيئا من ذلك وقد أثر الحجر في هذه الأشياء مع أن الهزل لا يؤثر فيها

(6)

؛ لقوله عليه السلام: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد

(7)

: واليمين والنذر» منهما في رواية، ومن الملحقات بها في أخرى.

(1)

في (ب) وجوب.

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 170).

(3)

أي: أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.

(4)

في (ب) وإلا.

(5)

ساقطة من (ب).

(6)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 264)، البناية شرح الهداية (11/ 99).

(7)

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة.

أخرجه الترمذي في سننه (3/ 490) كتاب النكاح باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق حديث رقم 1184، وابن ماجة في سننه (1/ 658) كتاب النكاح باب من طلق أو نكح أو راجع لاعبا حديث رقم 2039، وأبي داود في سننه (2/ 259) كتاب النكاح باب في الطلاق على الهزل حديث رقم 2149، والدارقطني في سننه (3/ 256) كتاب النكاح باب المهر حديث رقم 45، والحاكم في المستدرك (2/ 216) كتاب الطلاق حديث رقم 2799، والبيهقي في سننه 7/ 340 كتاب الخلع والطلاق باب صريح ألفاظ الطلاق حديث رقم 14770.

درجة الحديث: قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قال أبو عيسى وعبد الرحمن هو بن حبيب بن أدرك المدني وبن ماهك هو عندي يوسف بن ماهك.

انظر: سنن الترمذي (3/ 490).

ص: 343

وكذلك يشكل على هذا الكلي أيضا وجوب السعاية على العبد الذي أعتقه المحجور بسبب السفه، وعدم وجوبها في الهزل، فإن الرجل إذا أعتق عبده هازلا يعتق ولا يجب السعاية.

(1)

قلت: نعم كذلك، إلا أن القاضي لما حجره عن التصرف في ماله فيما يرجع إلى الإتلاف نظرا له لم ينفذ تصرفه بالنذر في هذه الأشياء؛ لأنه لو لم يمنعه ذلك إذا أوجبه على نفسه لم يحصل المقصود بالحجر؛ لأنه تيسر حينئذ النذر بالتصرف بجميع ماله، ثم [عليه]

(2)

أن يصوم لكل يمين حنث فيها ثلاثة أيام متتابعات

(3)

، وإن كان هو مالكا للمال على ما يجيء. وأما وجوب السعاية فإن الحجر على السفيه لمعنى النظر له فيكون بمنزلة الحجر على المريض لأجل النظر له لغرمائه، وورثته على ما يجيء كذا في المبسوط

(4)

.

وذكر فيه أيضا ثم الحاصل أن السفه لا يجعل كالهزل في جميع التصرفات، ولا كالصبي، ولا كالمريض، ولكن الحجر به لمعنى النظر له، فالمعتبر فيه توفير النظر عليه وبحسبه يلحق ببعض هذه الأصول في كل حادثة النهج بسكون الهاء الطريق الواضح وهو المراد بقوله: (إن الهازل يخرج كلامه لا على نهج كلام العقلاء (وإن أعتق عبدا نفذ عتقه عندهما". وعند الشافعي لا ينفذ. والأصل عندهما أن كل تصرف يؤثر فيه الهزل يؤثر فيه إلخ وما لا فلا، لأن السفيه في معنى الهازل من حيث إن الهازل يخرج كلامه لا على نهج كلام العقلاء لاتباع الهوى ومكابرة العقل لا لنقصان في عقله، فكذلك السفيه والعتق مما لا يؤثر فيه الهزل فيصح منه. والأصل عنده: أن الحجر بسبب السفه بمنزلة الحجر بسبب الرق حتى لا ينفذ بعده شيء من تصرفاته إلا الطلاق كالمرقوق، والإعتاق لا يصح من الرقيق فكذا من السفيه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 279).».

(1)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 264)، البناية شرح الهداية (11/ 99).

(2)

في (ب) علته.

(3)

الصوم إنما يكون عند عدم القدرة على الطعام أو الكسوة أو تحرير رقبة.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 167).

ص: 344

وأما النهج بالتحريك البهر وتتابع النفس من حد علم ذكره في الصحاح

(1)

.

(لإتباع الهوى، [و]

(2)

مكابرة العقل لا لنقصان في عقله) إنما يصح هذا التعليل في حق [السفه]

(3)

لا في حق الهازل كذا ذكره في المبسوط

(4)

وقال قال أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله-: المحجور عليه لسبب السفه في التصرفات كالهازل، فإن الهازل يخرج كلامه [على]

(5)

غير نهج كلام العقلاء؛ لقصده اللعب دون ما وضع الكلام له، لا لنقصان في عقله، فكذلك (السفيه يخرج كلامه [على]

(6)

غير نهج كلام العقلاء لإتباع الهوى، ومكابرة العقل، لا لنقصان في عقله، والأصل عنده) أي عند الشافعي رحمه الله (أن الحجر لسبب السفه بمنزلة الحجر لسبب الرق، حتى لا ينفذ بعده) أي بعد الحجر (شيء من تصرفاته إلا الطلاق، كالمرقوق (

(7)

بالإقرار لها بمنزلة الرق.

وقلنا: لا يجوز أن يجعل هذا نظير الحجر لسبب الرق؛ لأن ذلك الحجر لحق الغير في المحل الذي يلاقيه تصرفه، حتى إن فيما لا حق للغير فيه يكون تصرفه نافذا نحو إقراره

(1)

انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للفارابي (1/ 346).

(2)

في (ب) أو.

(3)

في (أ) نفسه وفي (ب) السفه.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 166).

(5)

في (ب) من.

(6)

في (ب) عن.

(7)

المقصود من المرقوق أي الرق.» ووجهه أن السفه لا يزيل الخطاب، ولا يخرجه من أن يكون أهلا لإلزام العقوبة باللسان باكتساب سببها، [أو] في (ب) و.

ص: 345

بالحد، والقصاص، وهاهنا لاحق [لأحد]

(1)

في المحل الذي يلاقيه تصرفه كذا في المبسوط

(2)

، وشرح الطحاوي

(3)

.

(وعن محمد رحمه الله أنه لا تجب السعاية) جعل هذا القول في المبسوط قول أبي يوسف الآخر وأما في قول محمد رحمه الله، وهو قول أبي يوسف الأول؛ (على العبد أن يسعى في قيمته (

(4)

كذا هاهنا، إلا أنه لا يجب السعاية مستثنى عن، قوله: (فيعتبر بحقيقته (تكملة المسألة "ولو دبر عبده جاز" لأنه يوجب حق العتق فيعتبر بحقيقته إلا أنه لا تجب السعاية ما دام المولى حيا لأنه باق على ملكه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 279).» أي في حقيقة إعتاق المحجور لسبب السفه يجب السعاية على ما مر آنفا، ولا

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 166).

(3)

لأحمد بن علي الوراق، الرازي، الحنفي. وهو: شرح بسيط. في أربع مجلدات. ودأبه: أنه يذكر مسائل (المتن) أولا، ثم يشرح بأن يقول: قال أحمد. أوله: (الحمد رب العالمين. . . إلخ). قال: سألني بعض إخواني عمل شرح (لمختصر الطحاوي)؟ فأجبت قربة لله -تعالى-، إذ كان هذا الكتاب يشتمل على: عامة مسائل الخلاف، وكثير من الفروع.

انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (2/ 1627).

(4)

المسألة كما في الهداية ("و" إذا صح عندهما "كان على العبد أن يسعى في قيمته" لأن الحجر لمعنى النظر وذلك في رد العتق إلا أنه متعذر فيجب رده برد القيمة كما في الحجر على المريض. وعن محمد أنه لا تجب السعاية لأنها لو وجبت إنما تجب حقا لمعتقه والسعاية ما عهد وجوبها في الشرع إلا لحق غير المعتق).

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 279).» ثم قال: وجه قول محمد رحمه الله أن الحجر على السفيه لمعنى النظر له، فيكون بمنزلة الحجر على المريض لأجل النظر لغرمائه، وورثته، ثم هناك إذا أعتق عبدا وجب عليه السعاية لغرمائه، أو في ثلثي قيمته لورثته إذا لم يكن عليه دين، ولا مال له سواه؛ لأن رد العتق واجب لمعنى النظر له، وقد تعذر رده، فكان رده بإيجاب السعاية. انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 167).

ص: 346

يجب السعاية على مدبره في التدبير. والفرق بينهما [هو]

(1)

أن بدل السعاية في التدبير مال مملوك له يستخدمه، فلا يستحق المولى ذلك من مدبره؛ لأن المدبر باق على ملك المولى، [والمولى]

(2)

لا يستوجب على مملوكه دينا فتعذر إيجاب النقصان عليه ألا ترى أنه لو دبر عبده بمال وقبله العبد كان التدبير صحيحا، ولا يجب المال بخلاف ما إذا كاتبه، أو أعتقه على مال؛ لأنه لم يبق على ملكه إما يدا، أو حقيقة. إلى هذا أشار في المبسوط

(3)

.

وفيه أيضا: (وإذا مات) المولى قبل (أن يؤنس منه الرشد يسعى [الغلام]

(4)

في قيمته مدبرا)

(5)

[لأن]

(6)

؛ بموت المولى عتق، فكأنه أعتقه في حياته، فعليه السعاية في قيمته، وإنما لاقاه العتق وهو مدبر، فيسعى في قيمته [مدبرا]

(7)

.

ألا ترى أن مصلحا لو دبر عبدا في صحته، ثم مات وعليه دين يحيط بقيمته إن على العبد أن يسعى في قيمته مدبرا لغرمائه، فهذا [مثله]

(8)

وكذا لو أعتقه بعد التدبير [نفذ]

(9)

عتقه وعليه السعاية في قيمته (ولو جاءت جاريته بولد فادعاه ثبت نسبه إلى أن قال: فالحق المصلح في حقه (تكملة المسألة: ولو جاءت جاريته بولد فادعاه يثبت نسبه منه وكان الولد حرا والجارية أم ولد له وإن لم يكن معها ولد وقال هذه أم ولدي كانت بمنزلة أم الولد لا يقدر على بيعها وإن مات سعت في جميع قيمتها.

انظر: بداية المبتدي (1/ 201).» يعني أن هذا المحجور بالسفه لو مات بعد هذه

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 168).

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 168).

(6)

في (ب) إلا أن.

(7)

ساقطة من (ب).

(8)

في (ب) ملكه.

(9)

في (ب) تعد.

ص: 347

الدعوة كانت الجارية حرة لا سبيل عليها لأحد، وإن مات السفيه [مديونا إلى إلحاقا له بالصلح]

(1)

في حكم الاستيلاد، فإنه يحتاج إلى ذلك؛ لإبقاء نسله، وصيانة [مائه]

(2)

، ويلحق في هذا الحكم بالمريض المديون إذا ادعى نسب ولد جاريته، كان هو في ذلك كالصحيح حتى

(3)

يعتق من جميع المال بموته، ولا يسع هي ولا ولدها في شيء؛ لأن حاجته مقدمة على حق غرمائه بخلاف ما لو أعتقها.

(وأما إذا لم يكن لها ولد، وقال: هذه أم ولدي كانت بمنزلة أم الولد لا يقدر على بيعها، وإن مات سعت في جميع قيمتها) أي في هذه الصورة التي ليس لها ولد لا في الصورة الأولى بمنزلة المريض إذا قال لجاريته: وليس معها ولدي هذه أم ولدي، والفرق بينهما هو أنه إذا كان معها ولد كان ثبوت نسب الولد بمنزلة الشاهد لها في إبطال حق الغير.

[فكذا]

(4)

في دفع حكم الحجر عن تصرفه بخلاف ما إذا لم يكن لها ولد فإنه لا شاهد له هنا، فإقراره لها [لحق]

(5)

الغير بمنزلة إقراره بحقيقة الحرية (فلا يقدر على بيعها) بعد ذلك، ويسعى في قيمتها بعد موته، كما لو أعتقها كذا في المبسوط

(6)

.

في حقه، أي في حق الاستيلاء (فهو على هذا التفصيل) وهو ما ذكرنا من الفرق.

(وصار كالمريض مرض الموت) يعني أن المريض إذا تزوج امرأة بأكثر من صداق مثلها يلزمه هو المسمى (مقدار مهر مثلها (تكملة المسألة وإذا تزوج امرأة جاز نكاحها وإن سمى لها مهرا جاز منه مقدار مهر مثلها وبطل الفضل ولو طلقها قبل الدخول بها وجب لها النصف في ماله.

انظر: بداية المبتدي (1/ 201).» ولا يلزم الزيادة، فكذا هنا إلا أن الزيادة في

(1)

في (ب) إلحاقا له بالمصلحة.

(2)

في (ب) ماله.

(3)

ساقطة من (ب) إنها.

(4)

في (ب) فكذلك.

(5)

في (ب) بحق.

(6)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 169).

ص: 348

المرض يعتبر من الثلث، والزيادة في مسألتنا لا يعتبر أصلا (وكذا إذا تزوج بأربع نسوة) أي يعتبر مهر المثل [لا]

(1)

الزيادة عليه، سواء كان نكاحهن في عقد واحد، أو متفرقة، أو في عقد، أو كل يوم واحدة، يعني [لو]

(2)

تزوج كل يوم [واحدة]

(3)

واحده، ثم طلقها، هكذا يفعل مرارا من غير حصر، فإنه يصح تسمية في (مقدار مهر المثل) ويبطل الزيادة، لما بينا، إشارة إلى قوله: (لأنه من ضرورات النكاح إلى آخره (

(4)

يتلف ماله بهذا الطريق بأن يتزوج [كل]

(5)

يوم امرأة ويطلقها فيجب عليه مقدار مهر مثلها، [فتأخذ]

(6)

المرأة منه ذلك المقدار جبرا، فيتلف ماله بهذا الطريق إذا عجز عن إتلافه بطريق البيع، والهبة، بل هذا

(7)

أضر له من إتلاف ماله بطريق الهبة، إذ هو يكتسب المحمدة بالبر، والإحسان، والمذمة في التزوج، والطلاق.

(1)

في (ب) لأن.

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

تكملة قوله إلى آخره لأنه من ضرورات النكاح "وبطل الفضل" لأنه لا ضرورة فيه، وهذا التزام بالتسمية ولا نظر له فيه فلم تصح الزيادة وصار كالمريض مرض الموت "ولو طلقها قبل الدخول بها وجب لها النصف في ماله" لأن التسمية صحيحة إلى مقدار مهر المثل.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 280).».

وبهذه المسألة يحتج أبو حنيفة رحمه الله أنه لا فائدة في الحجر عليه؛ لأنه لا يفسد باب إتلاف المال عليه، [فإنه] في (ب) وإنه.

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

في (أ) وأخذ وفي (ب) فتأخذ والصحيح ما ذكر في (ب).

(7)

كرر في (أ) بل هذا.

ص: 349

[وقال عليه السلام]

(1)

: «لعن الله كل ذواق مطلاق»

(2)

إلى هذا أشار في المبسوط

(3)

.

[الزكاة في مال السفيه]

(وتخرج الزكاة من مال السفيه)(لأنها واجب عليه) لأن السفيه كامل العقل، فيجب عليه الزكاة عند وجود سائر الشرائط.

وفي المبسوط

(4)

وأما ما وجب على المفسد من أمر أوجبه الله تعالى من زكاة ما له أو حجة الإسلام، أو غير ذلك، فهو والمصلح فيه سواء؛ لأنه مخاطب، وإن كان مفسدا وبسبب الفساد لا يستحق النظر في إسقاط شيء من حقوق الشرع عنه بمنزلة الفاسق الذي يقصر في أداء بعض الفرائض لا يستحق به التخفيف في حكم الخطاب، وهذا بخلاف ما أوجبه على نفسه؛ لا فيما يوجبه على نفسه بسبب التزامه فيمكن فيه معنى التدبير فيما يرجع إلى الدنيا وإن كان فيه معنى النظر له في الآخرة، كما في مباشرة التصدق.

فأما فيما أوجبه الله تعالى [عليه]

(5)

لا يتوهم فيه معنى [التبذير]

(6)

فهو والمصلح فيه سواء.

(وينفق على أولاده، وزوجته، ومن تجب نفقته من ذوي أرحامه) ذكر نفقة ذوي الأرحام مطلقا، ولكن بين الوالدين وبين سائر ذوي الأرحام فرق ذكره في

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

لم أجده بهذا اللفظ، وما وجدته هو:

عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي قال (لا تطلق النساء إلا من ريبة إن الله تبارك وتعالى لا يحب الذواقين ولا الذواقات) أخرجه البزار في مسنده (8/ 71) حديث رقم 3066.

درجة الحديث: هذا إسناد ضعيف، لضعف بشر بن نمير.

انظر: إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (4/ 34).

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 170).

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 171).

(5)

ساقطة من (أ).

(6)

في (أ) التدبر وفي (ب) التبذير الصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 350

المبسوط

(1)

، وقال: لا ينبغي للقاضي أن يأخذ بقوله في ذلك، أي في دفع ماله، أي ذوي أرحامه بوجه الإنفاق حتى يقيم البينة على القرابة، وعشرة القريب؛ لأن إقراره بذلك بمنزلة الإقرار له بدين على نفسه، فلا يكون ملزما إياه شيئا إلا في الوالد، فإنهما إذا تصادقا [على]

(2)

[النسب]

(3)

قبل قولهما فيه؛ لأن كل واحد منهما في تصديق صاحبه يقر على نفسه [بالنسب]

(4)

.

وقد بينا أن السفه لا يؤثر في المنع من الإقرار بالنسب؛ لأن ذلك من حوائجه، ولكن لا يعتبر قوله في عسرة المقر [له]

(5)

حتى يعرف أنه كذلك، كما في عسرة سائر الأقارب.

وكذلك يقبل إقراره بالزوجية؛ لأنه يملك إنشاء التزوج، فيملك الإقرار به، ويجب لها مقدار مهر مثلها، ويعطيها القاضي ذلك؛ لأن وجوب ذلك حكما لصحة النكاح، وإن كان قد مضى بعد إقراره أشهر، ثم أقر أنه كان فرض عليه نفقته في أول تلك الشهور لم يصدق على ما مضى من ذلك؛ لأن هذا إقرار لهما بالدين، فإن نفقة الزوج في الزمان الماضي لا يصير دينا إلا بقضاء القاضي، وإقراره منه بالدين لها باطل (بل يكفر يمينه وظهاره بالصوم) أي يجب على المحجور بالسفه أن يكفر يمينه، وظهاره بالصوم، وإن كان هو مالكا للمال في حال التكفير؛ لأن يده مقصورة على ماله، فهو

(1)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 171).

(2)

في (ب) في.

(3)

في (أ) وفي (ب) السبب والصحيح النسب كما في المبسوط.

(4)

في (أ) وفي (ب) السبب والصحيح النسب كما في المبسوط.

(5)

ساقطة من (أ).

ص: 351

بمنزلة ابن السبيل

(1)

المنقطع عن ماله، وبمنزلة من يكون له دين على إنسان، أو غصب في يده، وهو ما كان يعطيه، فله أن يكفر بالصوم، كذلك هاهنا.

ثم ظهار هذا المفسد من امرأته صحيح، كما [أن]

(2)

طلاقه صحيح، ويجزئه الصوم في ذلك؛ [لقصور]

(3)

يده عن ماله بمنزلة من كان ماله غائبا عنه كذا ذكره في المبسوط

(4)

، ثم قال: فإن قيل: هناك، أي فيما إذا كان ماله غائبا عنه لم يجز له أن يكفر بالصوم.

قلنا: لأن هناك يقدر على إعتاقه عن ظهار، وإن لم يكن في يده، وهنا لا يقدر على ذلك؛ لأنه لو أعتق عبده يجب على العبد السعاية [في]

(5)

قيمته ومع وجوب السعاية عنه لا يجوز عتقه من الظهار.

ألا ترى أن مريضا مصلحا لو أعتق عبده من ظهار، أو قتله، وعليه دين مستغرق، ثم مات يسعى الغلام في قيمته، ولم يجز عن الكفارة للسعاية التي وجبت؛ (لأنها واجب عليه بإيجاب الله تعالى من غير صنعه (هذا شرح لقوله في البداية (فإن أراد حجة الإسلام لم يمنع منها).

انظر: بداية المبتدي (1/ 201) والهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 280).» ولا يتوهم أيضا فيه معنى التدبر.

(1)

ابن السبيل: السبيل الطريق ويذكر ويؤنث كما تقدم في الزقاق قال ابن السكيت والجمع على التأنيث سبول كما قالوا عنوق وعلى التذكير سبل وسبل وقيل للمسافر ابن السبيل لتلبسه به قالوا والمراد بابن السبيل في الآية من انقطع عن ماله والسبيل السبب ومنه قوله تعالى {يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا} [الفرقان: 27] أي سببا ووصلة. يقال للمسافر ابن السبيل لملازمته إياه.

انظر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 216)، لسان العرب (11/ 320)، المصباح المنير (1/ 265).

(2)

في (ب) في.

(3)

في (ب) ليصوم.

(4)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 170).

(5)

ساقطة من (أ).

ص: 352

ثم لما وجب الحج لا يمنع مما يتوسل إليه من الزاد، والراحلة، فيعطى ما يحتاج إليه من الزاد والراحلة؛ لأن ذلك من أصول حوائجه.

[أراد السفيه أن يحج حجة الإسلام]

(ولو أراد عمرة واحدة لم يمنع منها)(استحسانا) وفي القياس لا يعطى نفقة السفر لذلك؛ لأن العمرة عندنا تطوع

(1)

، كما لو أراد الخروج للحج تطوعا بعدما حج حجة الإسلام، ولكنه استحسن. (لاختلاف العلماء في فريضة العمرة (اختلف الفقهاء في حكم العمرة. على قولين:

القول الأول: قال الحنفية العمرة سنة (مؤكدة) مرة واحدة في العمر.

انظر: بدائع الصنائع للكاساني (2/ 226)، العناية شرح الهداية (3/ 139) البناية شرح الهداية (4/ 461).

الأدلة: استدل أصحاب هذا القول بالسنة:

1 -

حديث ابن عمر: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان.

أخرجه: البخاري في صحيحه (1/ 12) كتاب الإيمان باب الإيمان وقول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس حديث رقم 8، ومسلم في صحيحه (1/ 45) كتاب باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام حديث رقم 16. فإنه ذكر الحج مفردا.

2 -

وروى جابر أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«يا رسول الله، أخبرني عن العمرة، أواجبة هي؟ فقال: لا، وأن تعتمر خير لك» .

أخرجه: أحمد في مسنده 2/ 316 حديث رقم 14437، وأبي يعلي في مسنده 3/ 443 حديث رقم 1938، والدارقطني في سننه 2/ 285 كتاب الحج باب المواقيت حديث رقم 223.

3 -

وروى أبو هريرة: «الحج جهاد والعمرة تطوع» .

أخرجه: ابن ماجة في سننه 2/ 995 كتاب الحج باب العمرة حديث رقم 2989، والطبراني في المعجم الأوسط 7/ 17 حديث رقم 6723.

وجه الدلالة: فهذه الأحاديث المشهورة الثابتة الواردة في تعداد فرائض الإسلام لم يذكر منها العمرة.

القول الثاني: قال الشافعية في الأظهر، والحنابلة: العمرة فرض كالحج.

انظر: مختصر المزني (8/ 159)، الكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 463).

استدل أصحاب هذا القول بالقرآن والسنة فأما القرآن: قوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} [سورة البقرة: 196] وجه الدلالة: أي ائتوا بهما تأمين ومقتضى الأمر الوجوب.

وأما السنة: روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قلت: يا رسول الله، هل على النساء جهاد؟ قال: نعم، جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة» .

أخرجه: الدارقطني في سننه 2/ 284 كتاب الحج باب المواقيت حديث رقم 215، والبيهقي في سننه 4/ 350 كتاب الحج باب من قال بوجوب العمرة حديث رقم 8540.» وتعارض الأخبار في ذلك، ولظاهر

(1)

اختلف الحنفية في العمرة هل هي فرض أم تطوع، وكان المؤلف مع من قال بأنها تطوع.

انظر: بدائع الصنائع للكاساني الحنفي 2/ 266، تبيين الحقائق للزيلعي الحنفي 2/ 83.

ص: 353

قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}

(1)

. فهذا منه أخذ بالاحتياط في أمر الدين، وهو من جملة النظر له وليس من التدبر في شيء. ([و]

(2)

لا يمنع من أن يسوق بدنه) (تحرزا عن موضع الخلاف) فالخلاف في أن لا يجعل الهدي بدنه لا في ترك [الشيء]

(3)

فإن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: لا يجزئه إلا بقرة، أو جزور. فإن اصطاد في إحرامه صيدا، أو حلق رأسه من أذى، أو صبغ شيئا يجب فيه الصوم أمره بأن يصوم لذلك، ولم يعط من ماله لما صنع شيئا؛ لأن وجوب هذا لسبب من جهته.

وأصل ذلك السبب جنايته، فلا يستحق باعتباره النظر، فيؤمر بالصوم [كذلك]

(4)

؛ حتى يكون ذلك زجرا عن السفه.

وأما إذا تطيب المحجور في إحرامه بطيب كثيرا، وقبل بشهوة، أو صنع شيئا يلزمه فيه الدم، أو الطعام [مما]

(5)

لا يجوز فيه الصوم، فهذا لازم له يؤدي إذا صار مصلحا، ولا يؤدي [من ماله]

(6)

في حال فساده، وإنما لزمه؛ لأنه مخاطب، ولكن سبب هذا الإلزام منه. فلا يؤدي من ماله في حال فساده، بل يتأخر إلى أن يصير مصلحا بمنزلة المعسر الذي لا يجد شيئا إذا صنع ذلك، أو هو بمنزلة العبد المأذون في الإحرام من جهة مولاه إذا فعل شيئا من ذلك؛ وهذا لأنه لو أدى الحاكم هذا فعليه في كل يوم يفسقه، [فيفني]

(7)

ماله فيه، ولذلك لو جامع امرأته بعدما وقف بعرفة فعليه بدنة يتأخر إلى أن يصير مصلحا، فإن مرض وأوصى بوصايا ذكر الإيصاء مطلقا عن ذكر المرض في

(1)

سورة [البقرة: 196].

(2)

ساقطة من (ب).

(3)

في (ب) السوق.

(4)

في (ب) لذلك.

(5)

في (ب) فيما.

(6)

في (ب) عنه.

(7)

في (أ) فيفي وفي (ب) فيفني والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 354

المبسوط

(1)

، وهو الصحيح لأن تقيد الوصية بعد الموت، فحينئذ لا يتفاوت بين أن يكون وصية في حالة المرض، أو في حالة الصحة.

[مرض السفيه وأوصى بوصايا في القرب]

فقال: والذي بلغ مفسدا إذا أوصى بوصايا والقياس فيه إنها باطلة بمنزلة تبرعاته في حياته، ولكنا يستحسن أن ما وافق الحق وما يتقرب به إلى الله، وما يكون على غير وجه الفسق من الوصية للقرابات ولم يأت بذلك سرف، ولا أمر يستقبحه المسلمون [أنه]

(2)

ينفذ ذلك كله من ثلث ماله؛ لأن الحجر عليه بمعنى النظر حتى لا يتلف ماله، فيبتلى بالفقر الذي هو الموت الأحمر.

وهذا المعنى لا يوجد في وصاياه لأن، أوان وجوبها بعد موته، وبعد ما وقع الاستغناء عن المال في أمر دنياه، فإذا حصلت وصاياه على وجه يكون فيه نظر منه [لأمر أضر به]

(3)

، أو لاكتساب الثناء الحسن بعد موته وجب تنفيذه؛ لأن النظر له في تنفيذ هذه الوصايا، ثم اعلم أن الذي بلغ سفيها والصبي الذي لم يبلغ وهو يعقل ما يصنع، سواء عندنا إلا في أربعة مواضع:

أحدهما: أنه [لا]

(4)

يجوز للأب -[ولو أوصى]

(5)

الأب- أن يتصرف على الصغير، يشتري له مالا ويبيع، ولا يجوز تصرف الأب، ولا وصي الأب على [البالغ]

(6)

السفيه إلا بأمر الحاكم.

والثاني: أنه يجوز نكاحه، ولا يجوز نكاح الصبي العاقل.

والثالث: أنه يجوز طلاقه، وعتاقه، ولا يجوز طلاق الصبي العاقل، ولا عتاقه.

(1)

انظر: المبسوط (24/ 168).

(2)

ساقطة من (أ).

(3)

في (ب) لأمر آخرته.

(4)

ساقطة من (أ).

(5)

في (أ) ولوصي وفي (ب) ولو أوصى والصحيح ما ذكر في (ب).

(6)

في (أ) البائع وفي (ب) البالغ والصحيح ما ذكر في (ب).

ص: 355

والرابع: أن الذي لم يبلغ إذا دبر عبده لا يصح تدبيره، وهذا السفيه إذا دبر عبد له جاز تدبيره؛ لأن التدبير يوجب [حق]

(1)

العتق للمدبر، فيعتبر بحقيقة العتق، إلا أن هناك يجب السعاية في قيمته، وهناك لا يجب وقد [ذكرنا]

(2)

هذا كله من المبسوط، والمغني

(3)

.

(وقد ذكرنا من التفريعات أكثر من هذا) وهو ما ذكرنا من أحكام الحج، وما ذكرنا من الفروق الأربعة بين أحكام المراهق والمحجور بالسفه وغيرها.

(ولا يحجر على الفاسق إذا كان مصلحا لماله عندنا) إلى أن قال (وقال

(4)

الشافعي رحمه الله: يحجر عليه (

(5)

، والعقوبة

(6)

.

ولما كان الحجر عنده

(7)

على سبيل الزجر والعقوبة كان الفاسق مستحقا للزجر، والعقوبة، فيحجر عليه وإن كان مصلحا لماله.

وأما حجة أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله-[فيما]

(8)

ذكره في الكتاب.

(وقد أونس نوع رشد) وهو الإصلاح في المال (فيتناوله النكرة المطلقة) وهي في قوله

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

في (ب) ذكرناه و.

(3)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 167)، العناية شرح الهداية للبابرتي الحنفي (9/ 268)، البناية شرح الهداية للعيني الحنفي (11/ 107).

(4)

المسألة كاملة ولا يحجر على الفاسق إذا كان مصلحا لماله عندنا والفسق الأصلي والطارئ سواء" وقال الشافعي: يحجر عليه زجرا له وعقوبة عليه كما في السفيه.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 281).

(5)

انظر: المجموع شرح المهذب للنووي (13/ 374).» والخلاف مبني على أن الحجر لماذا، فعندنا أي عند أبي يوسف، ومحمد رحمهما الله أن الحجر على السفيه على سبيل الزجر [الزجر له وقال الشافعي رحمه الله على سبيل] ساقطة من (أ).

(6)

انظر: العناية شرح الهداية (9/ 268)، البناية شرح الهداية (11/ 107).

(7)

أي الشافعي.

(8)

في (أ) فما وفي (ب) فيما والصحيح ما ذكر في (ب) لسياق الكلام.

ص: 356

تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا}

(1)

وفي المبسوط

(2)

، فقوله: رشدا منكرا في موضع الإثبات، والنكرة في موضع الإثبات تخص ولا تعم، [وإذا]

(3)

وجد رشدا ما فقد وجد الشرط، فيجب دفع المال إليه. وفي شرح الطحاوي

(4)

الرشد المذكور في [القرآن]

(5)

هو الصلاح في المال لا في الدين، والإعتاق [والله أعلم]

(6)

.

(1)

سورة [النساء: 6].

(2)

انظر: المبسوط للسرخسي (24/ 162).

(3)

في (ب) فإذا.

(4)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 107).

(5)

في (ب) الفرق.

(6)

ساقطة من (أ).

ص: 357

‌فصل في حد البلوغ

لما كان أحد أسباب الحجر الصغر لم يكن بد من [بيان]

(1)

انتهاء حد الصغر، وهذا الفصل في بيانه قوله: (حتى يتم له ثماني عشرة (

(2)

وإذا جاوزت العشرة أسقطت التاء من العشرة في المذكر، وأثبتها في المؤنث، [وكسرت السين، أو سكنها وما ضمت إلى العشرة باق على حاله، أي تثبت الباقي المذكور، وتسقطها في المؤنث]

(3)

، إلا الواحد يقول في المذكر: أحد عشر، وفي المؤنث أحد عشر، وفي الثاني والثانية، والعاشر والعاشرة عادوا إلى أصل القياس، أي يقولون في المذكر الثانية عشر، والتاسع عشر، [في المذكر وفي المؤنث]

(4)

الثانية عشر، والتاسعة عشرة تبنى الاسمين على الفتح، كما في أحد عشر، فعلى هذا الأصل يجب أن يقال في قوله. قيل المراد أن يطعن في التاسعة عشرة، إذا التمييز فيه السنة، فكان التمييز مؤنثا إلا إذا أريد بها العدد، أي عدد السنين، فحينئذ يجوز أن يقال في التاسع عشر، وعنه في الغلام تسع عشرة، أي وعن أبي حنيفة رحمه الله، فلا اختلاف، أي في الرواية فيهما، أي في الغلام، والجارية، وهذا أقل ما قيل فيه، فإن بعضهم قال: اثنان وعشرون، وبعضهم خمس وعشرون، وهو قول عمر رضي الله عنه.

(1)

ساقطة من (ب).

(2)

المسألة كاملة كما في البداية: بلوغ الغلام بالاحتلام والاحبال والإنزال إذا وطئ فإن لم يوجد ذلك فحتى يتم له ثمان عشرة سنة عند أبي حنيفة وبلوغ الجارية بالحيض والاحتلام والحبل فإن لم يوجد ذلك فحتى يتم لها سبع عشرة سنة وهذا عند أبي حنيفة وقالا إذا تم للغلام والجارية خمس عشرة سنة فقد بلغا.

انظر: بداية المبتدي (1/ 202).» بفتح العددين للتركيب، وحذف التأمن ثماني، وإثباتها في عشرة، والشين في عشرة بكسرها، أو إسكانها وكذلك في، قوله: سبع عشرة.

[علامات بلوغ الغلام والجارية]

وذكر في ذيل المغرب انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 426).

(3)

كرر الجملة في (أ).

(4)

في (أ) في المؤنث وفي. وفي (ب) في المذكر وفي المؤنث ز والصحيح ما ذكر في (ب) وهو المثبت.

ص: 358

وقال بعض السلف: ثماني عشرة سنة، وهذا أقل فيما قالوا فوجب أن [تعلق]

(1)

الحكم به؛ لأنه هو المتيقن. كذا في الشرح الأقطع.

لاشتمالها على الفصول [الأربعة التي]

(2)

يوافق واحد منها المزاج لا محالة

(3)

، أي إنما زدنا سنه في حق الغلام؛ ليوافق فصل من فصول السنة مزاجه فيتقوى مزاجه. يقال

(4)

: رهقه، أي دنا منه رهقا، ومنه إذا صلى إلى أحدكم سترة فليرهقها، وصبي مراهق مدان للحكم، كذا في المغرب

(5)

.

[وأشكل]

(6)

أمره في البلوغ، فقال: قد بلغت، فالقول قوله، ثم [قيل]

(7)

إنما يعتبر قوله بالبلوغ فيما إذا بلغ سنة اثنى عشرة سنة، أو أكثر، ولا يقبل فيما دون ذلك.

وذكر في الفصل الخامس من بيوع فتاوى قاضي خان

(8)

صبي يبيع ويشتري وقال: أنا بالغ، ثم قال بعد ذلك لست ببالغ يحتمل البلوغ بأن كان سنه اثني عشرة سنة، أو أكثر، ولا يعتبر جحوده بعد ذلك وإن كان سنه دون ذلك لا يصح اختباره بالبلوغ، ويصح جحوده وكذا ذكر في فتاوى القاضي

(9)

الإمام ظهير الدين رحمه الله والله أعلم.

(1)

في (ب) يعلق.

(2)

في (ب) الذي.

(3)

غير أن الإناث نشوءهن وإدراكهن أسرع فنقصنا في حقهن سنة لاشتمالها على الفصول الأربعة التي يوافق واحد منها المزاج لا محالة.

انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (3/ 281).

(4)

المسألة كما في البداية: وإذا راهق الغلام أو الجارية الحلم.

انظر: بداية المبتدي (1/ 202).

(5)

انظر: المغرب في ترتيب المعرب للخوارزمي (1/ 203).

(6)

في (ب) فأشكل.

(7)

ساقطة من (أ).

(8)

انظر: فتاوي قاضيخان (2/ 142).

(9)

انظر: البناية شرح الهداية (11/ 114).

ص: 359