المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الأضحية (1) ‌ ‌[مناسبة كتاب الأضحية لكتاب الذبائح] أَوْرَدَ الْأُضْحِيَّةَ عُقَيْبَ الْذِّبَائِحِ؛ - النهاية في شرح الهداية - السغناقي - جـ ٢٣

[الحسام السغناقي]

فهرس الكتاب

‌كتاب الأضحية

(1)

[مناسبة كتاب الأضحية لكتاب الذبائح]

أَوْرَدَ الْأُضْحِيَّةَ عُقَيْبَ الْذِّبَائِحِ؛ لِأَنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْذَّبْحِ؛ [غَيْرَ]

(2)

أَنَّ الْأُوْلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ حِلاًّ، فَإِنَّ فِي الْذَّكَاةِ] الْاخْتِيَارِيَّةُ

(3)

، وَهِيَ الْأَصْلُ لَا يَحِلُّ الْمَذْبُوْحُ إِلَّا بِهِ

(4)

، وَالْأُضْحِيَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ جِوِازًا،] وَخُرُوْجًا عَنْ الْعُهْدَةِ

(5)

(6)

(7)

، فَإِنَّ الْأُضْحِيَةَ لَا يَجُوْزُ وَلَا يَخْرُجُ الْمُكَلَّفُ بِهَا عَنْ الْعُهْدَةِ إِلَّا بِهِ؛ لِأَنَّ إِرَاقَةَ الدِّمَاءِ بِهِ يَحْصُلُ، وَهِيَ الْمَأْمُوْرُ] بِهِ]

(8)

وُجُوْبًا

(9)

فِيْ الْأُضْحِيَةِ، [فَكَانَ]

(10)

الْأَوَّلُ أَعَمُّ أَثَرًا، وَالْخُصُوْصُ أَبَدًا يَكُوْنُ بَعْدَ الْعُمُوْمِ

(11)

(12)

.

(1)

الْكِتَاب: يُطلَقُ على ما يُكتَبُ فيه، والقرآن، والتوراة، والدَّواةُ، والصحيفة، والفرْض، والحُكْمُ، والقَدَر، وهو هُنا مصْدَرٌ، يُقالُ: كَتَبَ يكتُبُ كِتَابَاً وكِتَابَةً، وهو الًّصُّحُف الْمَجْمُوْعَةُ. يُنْظَر: النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 147)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب للمُطَرِّزي (ص 400)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص 128).

(2)

في (ب): (إِلَّا).

(3)

في (أ): (الاخْتِيَارُ بِهِ).

(4)

يُنظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 49)، تحفة الملوك للرازي (1/ 220)، العناية شرح الهداية (9/ 486).

(5)

الْعُهْدَة: تَأْتِيْ بِمَعَانٍ، وَهِيَ هَنَا بِمَعْنَى: الذِّمَةِ، أَيْ: ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ. يُنْظَر: مختار الصحاح للرازي (ص 220)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 435).

(6)

في (أ): (وَخُرُوْجُهَا بِهِ عَنْ الْعَمْدِ).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 505)، البناية شرح الهداية (12/ 4).

(8)

في (أ): (مُوَرِّثُهُ).

(9)

- الْوَاجِب لُغَةً: مِنْ الْوُجُوْبِ، وَهُوَ السُّقُوْطُ، يُقَالُ: وَجَبَ الْحَائِطُ: إذَا سَقَطَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} ، أَيْ: سَقَطَتْ. يُنْظَر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري (1/ 232)، لسان العرب لابن منظور (1/ 794).

- الْوَاجِب اصْطِلَاحًا: مَا طَلَبَ الشَّارِعُ فِعْلَهُ طَلَبَاً جَازِمَاً بِدَلِيْلٍ ظَنِّيٍّ. يُنْظَر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (2/ 301)، التعريفات للجرجاني (ص 249).

(10)

في (أ): (وَكَانَ).

(11)

وَالْخُصُوْصُ أَبَدًا يَكُوْنُ بَعْدَ الْعُمُوْمِ: هذه من القواعد الأصولية عند الأحناف؛ لأنهم يشترطون في الخاص أن يأتي بعد العام، ويكون متصلاً به، فإذا تقدَّم الخاص يكون العام ناسخاً له. يُنْظَر: الفصول في الأصول للجصَّاص (1/ 383 ومابعدها)، المحصول للرازي (3/ 106 - 107).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 504)، البناية شرح الهداية (12/ 3)، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين (6/ 311 - 312).

ص: 1

[محاسن الأضحية]

ثُمَّ مِنْ/ مَحَاسِنِ الْأُضْحِيَّةِ: هِيَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ شُكْرَ كُلِّ مَا أَنْعَمَ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ النِّعْمَةِ، كَشُكْرِ نِعْمَةِ الْعَقْلِ بِالْإِيْمَانِ، وَشُكْرِ نِعْمَةِ سَلَامَةِ الْبَدَنِ بِأَدَائِهِ فِيْ طَاعَتِهِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَشُكْرِ نِعْمَةِ الْمَالِ بِالزَّكَاةِ؛ فَكَانَ {عَلَى}

(1)

هَذَا مِنْ قَضِيَّةِ الْقِيَاسِ

(2)

بِسَائِرِ أَنْوَاعِ الشُّكْرِ أَنْ يَجُوْدَ بِرُوْحِهِ فِيْ شُكْرِ نِعْمَةِ الرُّوْحِ

(3)

، وَلَمَّا لَمْ يَحْسُنْ الْجُوْدُ بِرُوْحِهِ شُكْرًا لِهَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيْمَةِ لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَذْبَحَ مَا هُوَ أَشْبَهَ بِهِ، وَالْأَهْلِيُّ

(4)

مِنْ النَّعَمِ

(5)

أَشْبَهَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِيْ حَقِّ النَّاسِ كَافَّةً، فَمِنْ الْحُسْنِ فِيْهِ أَنْ لَا يَجُوْزُ التَّضْحِيَةُ بِالصِّغَارِ مِنْ النَّعَمِ؛ لِأَنَّ الصِّغَارَ مِنْ النَّعَمِ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ تَكْلِيْفِ الْعِبَادِ، فَلَا يَجُوْزُ أَنْ يَفْدِيْ بِهَا مَنْ دَخَلَ تَحْتَ التَّكْلِيْفِ.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

- الْقِيَاسُ لُغَةً: التَّقْدِيْر، قَاسَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ قَدَّرَهُ عَلَى مِثَالِهِ. وَيُقَالُ: قَاسَ النَّعْلَ: إِذَا قَدَّرَهُ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 263)، الكليات للكفوي (ص 713).

- الْقِيَاسُ اصْطِلَاحَاً: رَدُّ فَرْعٍ إِلَى أَصْلٍ بِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ بَيْنَهُمَا، وَقِيْلَ: حَمْلُ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ بِعِلَّةِ الْأَصْلِ. يُنْظَر: العدة في أصول الفقه للقاضي أبي يَعْلَى الفرَّاء (1/ 174).

(3)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 62).

(4)

الْأَهْلِيّ: مِنْ الدَّوَابِّ مَا أَلِفَ الْمَنَازِلَ وَاسْتَأْنَسَهَا، وَهُوَ عَكْسُ الْوَحْشِيِّ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 28)، لسان العرب (11/ 29).

(5)

النَّعَم: هِيَ الْمَالُ الرَّاعِيَةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مَا يَقَعُ هَذَا الِاسْمُ عَلَى الْإِبِلِ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 314)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 613).

ص: 2

[من محاسن الأضحية في حق أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة]

وَمِنْ مَحَاسِنِ الْأُضْحِيَّةِ خُصُوْصًا فِيْ حَقِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ: هِيَ أَنَّ الْقَرَابِيْنَ

(1)

تُقَامُ بِالدِّمَاءِ الْمُرَاقَةِ فِيْ الْأَرَاضِيْ دُوْنَ اللُّحُوْمِ الطَّيِّبَةِ ذَاتِ الْمَرَاضِيْ، [فَإِنَّ]

(2)

اللُّحُوْمَ بَاقِيَةٌ عَلَى مُلْكِ الْمَالِكِ سَوَاءٌ كَانَتْ لُحُوْمَ الشِّيَاهِ أَوْ الْبَقَرَاتِ ذَاتِ التَّأَهُّلِ، وَهَذَا مِنْ خَوَاصِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْكَاشِفِ لِلْغُمَّةِ، فَإِنَّ قَرَابِيْنَ سَائِرِ الْأُمَمِ كَانَتْ تَأْكُلُهَا النَّارُ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا الْأَخْيَارُ وَلَا الْأَشْرَارُ

(3)

.

(1)

الْقَرَابِيْن: جَمْعُ قُرْبَانُ، وَهُوَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 495)، لسان العرب (1/ 664).

(2)

في (ب): (بأن).

(3)

يُشِيْرُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ الْطَّبَرَانِيُّ فِيْ "الْمُعْجَمِ الْأَوْسَطِ" بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ حَاصَرَ أَهْلَ مَدِينَةٍ حَتَّى خَافَ أَنْ يَفْتَحَهَا، وَخَشِيَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَقَالَ: أَيَّتُهَا الشَّمْسُ، إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ، وَأَنَا عَبْدٌ مَأْمُورٌ، عَزَمْتُ عَلَيْكِ إِلَّا رَكَدْتِ عَلَيَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ قَالَ: فَحَبَسَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى فَتْحَ الْمَدِينَةَ، وَكَانُوا إِذَا أَصَابُوا غَنَائِمَهُمْ قَرَّبُوهَا لِلْقُربَانِ، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا، فَلَمَّا أَصَابُوا مَا أَصَابُوا وَضَعُوهُ، فَلَمْ تَجِيءُ النَّارُ تَأْكُلُهُ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا لَنَا لَا تُقْبَلُ قُرُبَاتُنَا؟ قَالَ: فِيكُمْ غُلُول، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَيْفَ لَنَا أَنْ نَعْلَمَ عِنْدَ مَنِ الْغُلُولُ؟ قَالَ: أَنْتُمُ اثْنَا عَشَرَ سِبْطًا، فَيُبَايُعُنِي رَأْسُ كُلِّ سِبْطٍ، قَالَ: فَبَايَعَهُ رَأْسُ كُلِّ سِبْطٍ، فَلَصِقَتْ كَفُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِكَفِّ أَحَدِهِمْ، فَقَالَ: عِنْدَكُمُ الْغُلُولُ قَالَ: كَيْفَ أَنْ أَعْلَمَ عِنْدَ مَنْ هُوَ؟ قَالَ: فَبَايَعَهُمْ رَجُلًا رَجُلًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَلَصِقَتْ كَفَّهُ بِكَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ، عِنْدِكَ الْغُلُولُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ذَلِكَ مَا هُوَ؟ قَالَ: رَأْسُ ثَوْرٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَعْجَبَنِي فَغَلَلْتُهُ، فَجَاءَ بِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ الْغَنَائِمِ، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلْتُهُ» ، فَقَالَ كَعْبٌ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ:«صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، هَكَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ حَدَّثَكُمْ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ نَبِيٍّ كَانَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ كَعْبٌ:«يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، صَاحِبُ مُوسَى، فَأُخْبِرُكُمْ أَيُّ مَدِينَةٍ هِيَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «هِيَ مَدِينَةُ أَرِيحَا» .

- قال الطبراني: لم يروِ هذا الحديث عن عبيدالله بن عمر إلا مبارك بن فضالة. يُنْظَر: المعجم الأوسط للطبراني رقم (6600)(6/ 352).

- قال الحاكم: هذا حديث غريب صحيح ولم يُخَرِّجاه. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم رقم

(2618)(2/ 151).

ص: 3

وَأَمَّا فِيْ شَرِيْعَتِنَا بَقِيَتْ الْقَرَابِيْنُ عَلَى مُلْكِنَا رَحْمَةً عَلَيْنَا وَفَضْلاً؛ وَاكْتُفِيَ مِنْ الْعَبْدِ بِمَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ بَلْ يَأْكُلُ ذَلِكَ كُلِّيَّةً وَيَقْبَلُهُ رَبُّهُ؛ وَهَذَا وَاللهُ أَعْلَمُ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُكَثِّرَ قَرَابِيْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِيَكُوْنَ فِدَاءً لَهُمْ يَوْمَ النُّشُوْرِ] وَبُعْثِرَ

(1)

مَا فِيْ الْقُبُوْرِ، فَمَنْ تَقَاعَدَ بَعْدَ هَذَا عَنْ إِقَامَةِ هَذَا الْخَيْرِ وَأَبْطَأَ عَنْ السَّيْرِ كَانَ {كَأَنَّ}

(2)

اللهَ تَعَالَى يُخَاطِبُ الْعَبْدَ فَيَقُوْلُ:] اكْتَفَيْتُ

(3)

مِنْكَ بِأَنْ تَتَقَرَّبَ إِلَيَّ بِمَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ وَبِمَا يَتَنَاوَلُهُ كَلْبُكَ ثَمَّ بَخِلْتَ عَلَيَّ بِذَلِكَ، فَمَا أَنْتَ أَبْخَلَكَ وَمَا أَضْيَقَ صَدْرَكَ، عَصَمَنَا اللهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُمْ عَمَّا يُوْجِبُ النَّقِيْصَةَ وَمَا تُوَرِّطُ فِيْ الْمَهْوَاةِ النَّفْسُ الْحَرِيْصَةُ.

ثُمَّ يُحْتَاجُ هَاهُنَا إَلَى بَيَانِ الْأُضْحِيَّةِ لُغَةً وَشَرْعًا، وَشَرَائِطِهَا

(4)

، وَرُكْنِهَا

(5)

، وَسَبَبِهَا

(6)

، وَبَيَانِ وَصْفِ الْقُدْرَةِ فِيْهَا، وَحُكْمِهَا

(7)

.

(1)

في (أ): (ويُقْبَرُ).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

في (ب): (ابتغيتُ).

(4)

- الشَّرْطُ لغة: إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ فِيْ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ شُرُوْطٌ. يُنظر: القاموس المحيط (ص 673).

- الشَّرْطُ اصْطِلَاحًا: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوْدِهِ وُجُوْدٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ. يُنْظَر: البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (4/ 437)، الإبهاج في شرح المنهاج (2/ 158).

(5)

- الرُّكْنُ لُغَة: رُكْنُ الشَّيْءِ جَانِبُهُ الْأَقْوَى، وَهُوَ يَأْوِيْ إِلَى رُكْنٍ شَدِيْدٍ؛ أَيْ: إِلَى عِزٍّ وَمَنَعَةٍ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 128).

- الرُّكْنُ اصْطِلَاحاً: رُكْنُ الشَّيْءِ مَا يَقُوْمُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ، وَهُوَ جُزْءُهُ الدَّاخِلُ فِيْ حَقِيْقَتِهِ، فَلَا وُجُوْدَ لِذَلِكَ الشَّيْءِ إِلَّا بِهِ، كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوْعِ وَالسُّجُوْدِ لِلْصَّلَاةِ. يُنْظَر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (3/ 344)، التحبير شرح التحرير في أصول الفقه (7/ 3134).

(6)

- السَّبَبُ لُغَةً: الْحَبْلُ، وَمَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ. يُنْظَر: القاموس المحيط (ص 96).

- السَّبَبُ اصْطِلَاحًا: كُلُّ وَصْفٍ ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٍ دَلَّ الدَّلِيْلُ عَلَى كَوْنِهِ مُعَرِّفًا لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُوْدِهِ الْوُجُوْدُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ. يُنْظَر: التحبير شرح التحرير (3/ 1066)، الإبهاج في شرح المنهاج (2/ 158).

(7)

- الحُكْمُ لُغَةً: الْمَنْعُ وَالْقَضَاءُ، يُقَالُ: حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِكَذَا، أَيْ: مَنَعْتُهُ مِنْ خِلَافِهِ، وَحَكَمْتُ بَيْنَ النَّاسِ: قَضَيْتُ بَيْنَهُمْ وَفَصَلْتُ، وَمِنْهُ الْحِكْمَةُ لِأَنَّهَا تَمْنَعُ صَاحِبَهَا عَنْ أَخْلَاقِ الْأَرَاذِلِ وَالْفَسَادِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي (1/ 145)، القاموس المحيط (ص 1095).

- الْحُكْمُ اصْطِلَاحًا: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: مَدْلُوْلُ خِطَابِ الشَّرْعِ وَأَثَرُهُ، وَعِنْدَ الْأُصُوْلِيِّيْنَ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمًدُ رضي الله عنه: الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ خِطَابُ الشَّرْعِ وَقَوْلُهُ، وَالسَّبَبُ فِيْ الْاخْتِلَافِ بَيْنَ التَّعْرِيْفَيْنِ: أَنَّ الْفُقَهَاءَ نَظَرُوْا إِلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُتَعَلِّقِ وَهُوَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ، وَعُلَمَاءُ الْأُصُوْلِ نَظَرُوْا إِلَيْهِ مِنْ نَاحِيَةِ مَصْدَرِهِ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى فَالْحُكْمُ صِفَةٌ لَهُ. يُنْظَر: شرح الكوكب المنير لابن النجار (1/ 333).

ص: 4

وَأَمَّا بَيَانُ وَقْتِهَا، وَمَا يَجُوْزُ فِيْهَا وَمَا لَا يَجُوْزُ، فَمَذْكُوْرٌ فِيْ الْكِتَابِ

(1)

.

[تعريف الأضحية]

أَمَّا اللُّغَةُ: فَالْأُضْحِيَّةُ اسْمٌ شَاةٍ

(2)

وُنُحْوِهَا، تُذْبَحُ يَوْمَ الْأَضْحَى، وَهِيَ أُفْعُوْلَةٌ كَالْأُرْوِيَةِ، وَهِيَ الْأَنْثَى مِنْ] الْوُعُوْلِ

(3)

(4)

، وَكَانَ فِيْهَا وَاوٌ وَيَاءٌ، [قَلَبُوْا الْوَاوَ يَاءً]

(5)

، فَأَدْغَمُوْهَا فِيْ الْيَاءِ؛ لِاجْتِمَاعِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ مَعَ سَبْقِ السُّكُوْنِ، وَكَسَرُوْا الْحَاءَ؛ لِتَسْلَمَ الْيَاءُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَضَاحِيٍّ بِالتَّشْدِيْدِ، عَلَى أَفَاعِيْلٍ، كَالْأَرَاوِيِّ فِيْ جَمْعِ الْأُرْوِيَةِ.

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ

(6)

: وَفِيْهَا أَرْبعُ لُغَاتٍ، أُضْحِيَّةٌ وَإِضْحِيَّةٌ وَضَحِيَّةٌ عَلَى فَعِيْلَةٌ، وَالْجَمْعُ ضَحَايَا، كَهَدِيَّةٍ وَهَدَايَا، وَأَضْحَاةٌ، وَالْجَمْعُ أَضْحَى، كَأَرْطَاةٍ وَأَرْطَى

(7)

.

(1)

الْكِتَاب: الْمُراد بِهِ هُنا "مختصر القدوري". يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 208).

(2)

شَاة: الشَّاةُ مِنْ الْغَنَمِ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، وَهُوَ فِيْ مَعْنَى الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْجِنْسِ، وَأَصْلُ الشَّاةِ شَاهَةٌ؛ لِأَنَّ تَصْغِيْرَهَا شُوَيْهَةٌ، وَالْجَمْعُ شِيَاهٌ بِالْهَاءِ فِيْمَا دُوْنَ الْعَشْرِ، فَإِذَا جَاوَزَتِ الْعَشْرَ فَبِالتَّاءِ، فَإِذَا كَثُرَتْ قِيْلَ: هَذِهِ شَاءٌ كَثِيْرَةٌ، وَجَمْعُ الشَّاءِ شَوِيٌّ. يُنْظَر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (6/ 2238)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 328).

(3)

في (ب): (الوعل).

(4)

الوُعُوْلُ: جَمْعُ وَعْلٍ، وَيُجْمَعُ عَلَى الْأَوْعَالِ، وَهِيَ الشَّاءُ الْجَبَلِيَّةُ، وَقَدْ اسْتَوْعَلَتْ فِيْ الْجِبَالِ، يُقَالُ: وَعِلٌ وَوَعْلٌ. يُنْظَر: كتاب العين للخليل بن أحمد (2/ 2499).

(5)

سقطت في (ب).

(6)

الأَصْمَعِيُّ: عبد الملك بن قُريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع أبو سعيد الباهلي البصري، الإمام العلامة الحافظ حجة الأدب لسان العرب صاحب اللغة والنحو والغريب والإخبار والمُلَح، حدَّث عنه خلق كثير منهم ابن معين وقد وثَّقَه، له تصانيف كثيرة منها: الإبل، الفرق، خلق الإنسان وغيرها، تُوُفِّيَ سنة 215 هـ وقيل: 216 هـ. يُنْظَر: لسان الميزان لابن حجر (7/ 504)، تاريخ دمشق لابن عساكر (37/ 60)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمِزِّي (18/ 387)، سير أعلام النبلاء للذهبي (10/ 175 - 181)، الأعلام للزركلي (4/ 162).

(7)

يُنْظَر: إصلاح المنطق لابن السكيت (1/ 130)، تحرير ألفاظ التنبيه للنووي (1/ 161، 162)، المصباح المنير (2/ 358).

ص: 5

قَالَ الْفَرَّاءُ

(1)

: الْأَضْحَى يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ

(2)

.

وَأَمَّا شَرْعًا: فَالْأَضْحِيَّةُ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ مَخْصُوْصٍ، وَهُوَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالضَأْنُ وَالْمَعْزُ، بِسِنٍّ مَخْصُوْصٍ، وَهُوَ الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ، يُذْبَحُ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، فِيْ يَوْمٍ مَخْصُوْصٍ وَهُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى، عِنْدَ وُجُوْدِ شَرَائِطِهَا وَسَبَبِهَا

(3)

.

[شرائط الأضحية]

وأمّا شرائطها: فنوعان؛ شرائط الوجوب وشرائط الأداء

(4)

.

[شرائط وجوب الأضحية]

وَأَمَّا شَرَائِطُ الْوُجُوْبِ: الْيَسَارُ الَّذِيْ يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوْبُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

(5)

، وَالْإِسْلَامُ، وَالْوَقْتُ وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ، حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَلَدًا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ لَا تَجِبُ الْأُضْحِيَّةُ لِأَجْلِهِ

(6)

، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِيْ وَسَطِ أَيَّامِ النَّحْرِ لَا تَجِبُ الْأُضْحِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوْبَ يَتَأَكَّدُ فِيْ آخِرِ الْوَقْتِ، وَكَذَا مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ وُجُوْبِ الْأُضْحِيَّةِ

(7)

.

(1)

الْفَرَّاءُ: العلاَّمة، يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور أبو زكريا الفرَّاء، مولى بني أسد من أهل الكوفة، صحِبَهُ الكسائي وأخذ عنه، كان أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب، سمَّاه بعضهم أمير المؤمنين في النحو، حَدَّثَ عن خّلْقٍ منهم أبي بكر بن عيَّاش وسفيان بن عيينة، وروى عنه سلمة بن عاصم وغيره، ذكَرَهُ ابن حبان في الثقات، له مصنفات؛ منها: المقصور والممدود، معاني القرآن، والمؤنث والمذكر، تُوُفِّيَ سنة 207 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (10/ 118 - 121)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (16/ 224)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان (6/ 176)، البُلغة في تراجم أئمة النحو (1/ 313)، الأعلام للزركلي (8/ 146).

(2)

يُنْظَر: مختار الصحاح (1/ 183).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 2)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 265)، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/ 197).

(4)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 81)، تكملة فتح القدير (9/ 506)، تكملة البحر الرائق (8/ 197).

(5)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (9/ 506)، الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار (ص 645)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 516)

(6)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 82)، تكملة فتح القدير (9/ 506).

(7)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 82).

ص: 6

وَأَمَّا الْبُلُوْغُ وَالْعَقْلُ فَهَلْ يُشْتَرَطُ؟

فَعِنْدَ أَبِيْ حَنِيْفَةَ وَأَبِيْ يُوْسُفُ

(1)

-رحمهما الله- لَيْسَ بِشَرْطٍ، حَتَّى يَجِبُ عَلَى الصَّغِيْرِ إِذَا كَانَ غَنِيًّا فِيْ مَالِهِ، حَتَّى لَوْ ضَحَّى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِهِ لَا يَضْمَنُ

(2)

(3)

.

وَعِنْدَ مَحَمَّدٍ

(4)

وَزُفَرَ

(5)

: لَا يَجِبُ عَلَى الصَّغِيْرِ حَتَّى يَضْمَنَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِيْ تِلْكَ الصُّوْرَةِ

(6)

.

(1)

أَبُو يُوْسُف: يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، الكوفي، البغدادي، محدِّثٌ، حافظٌ، فقيهٌ، أُصُوليٌ، مجتهد، عالمٌ بالتفسير والمغازي وأيام العرب، ولد بالكوفة، وتفقه على أبي حنيفة، وسمع من عطاء بن السائب وطبقته، وروى عنه مُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِيّ وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وولي القضاء ببغداد لثلاثة من الخلفاء العباسيين المهدي والهادي وهارون الرشيد، ودُعِيَ بقاضي القضاة، من مصنَّفاته: كتاب الخراج، المَبْسُوط في فروع الفقه الحنفي ويُسَمَّى بالأصل، كتاب في أدب القاضي على مذهب أبي حَنِيفَةَ، وأمالٍ في الفقه، وتوفي ببغداد، قال بشر بن الوليد: تُوُفِّيَ أبو يوسف يوم الخميس، خامس ربيع الأول، سنة اثنتين وثمانين ومائة، ودفن في مقابر قريش بكرخ بغداد بقرب أم جعفر زبيدة، ومن أنبل أقواله: العلم بالخصومة والكلام جهل، والجهل بالخصومة والكلام علم. يُنْظَر: التاريخ الكبير للبخاري (8/ 397)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي (9/ 201)، تاريخ بغداد (14/ 242)، سير أعلام النبلاء (8/ 538).

(2)

- الضَّمَانُ لُغَةً: الالْتِزَامُ، وَالْغُرْمُ، وَالْكَفَالَةُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْهَا. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 185)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 364)، لسان العرب (1/ 575).

- الضَّمَانُ اصْطِلَاحًا: عُرِّفَ بِعِدَّةِ عِبَارَاتٍ مِنْهَا: (هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ رَدِّ مِثْلِ الْهَالِكِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا)، (ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي حَقِّ الْمُطَالَبَةِ). يُنْظَر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 252)، غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر (4/ 6)، تحفة الفقهاء (3/ 237)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 10).

(3)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 82)، فتاوى قاضيخان (3/ 231)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 64).

(4)

مُحَمَّد: أبو عبدالله، مُحَمَّد بن الحسن بن فَرْقَد، من موالي بني شيبان، إمام بالفقه والأصول، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، أصله من قرية حرستة، في غوطة دمشق، وولد بواسط، ونشأ بالكوفة، فسمع من أبي حَنِيفَةَ وغَلَبَ عليهِ مذهبه وعُرف به، وانتقل إلى بغداد، فولاه الرشيد القضاء بالرقة ثُمَّ عزله، ولما خرج الرشيد إلى خراسان صحبه، فمات في الري، قال الشَّافِعِي: لو أشاء أن أقول نزل القرآن بلغة مُحَمَّد بن الحسن، لقلت، لفصاحته، ونعته الخطيب البغدادي بإمام أهل الرأي، له كتبٌ كثيرة في الفقه والاصول، منها (الْمَبْسُوط) في فروع الفقه، و"الزيادات" و "الجامع الكبير" و "الجامع الصغير" و "الآثار" و "السير"، توفي بالري سنة 189 هـ/. يُنْظَر: تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 18)، تاريخ بغداد (2/ 172)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 42).

(5)

زُفَر: أبو الهذيل الكوفي، زُفَر بن الهذيل بن قيس من بلعنبر، كان من أصحاب أبي حَنِيفَةَ، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، روى عنه شداد بن حكيم البَلْخِي، وأهل الكوفة، وكان زُفَر متقنًا حافظًا قليل الخطأ، وكان أقيس أصحابه وأكثرهم رجوعا إلى الحق إذا لاح له، ومات بالبصرة سنة 158 هـ. يُنْظَر: ثقات ابن حبان (6/ 339)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 243)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان (2/ 371).

(6)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 82)، فتاوى قاضيخان (3/ 231)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 64).

ص: 7

وَلَكِنْ إِذَا ضَحَّى مِنْ مَالِ الصَّغِيْرِ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْإِرَاقَةُ، فَأَمَّا التَّصَدُّقُ بِاللَّحْمِ فَتَطَوُّعٌ، وَمَالُ الصَّغِيْرِ لَا يَحْتَمِلُ التَّبَرُّعَ، وَيُصْرَفُ فِيْ حَوَائِجِ الصَّغِيْرِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِ الْأَشْيَاءِ لَوْ اسْتَبْدَلَ بِهَا؛ كَمَا فِيْ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ

(1)

.

[شرائط أداء الأضحية]

وَأَمَّا شَرَائِطُ الْأَدَاءِ: فَالْوَقْتُ، وَلَوْ ذَهَبَ الْوَقْتُ تَسْقُطُ الْأُضْحِيَّةُ، إِلَّا أَنَّ فِيْ حَقِّ الْمُقِيْمِيْنَ بِالْأَمْصَارِ

(2)

يُشْتَرَطُ {شَرْطٌ}

(3)

آخَرُ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُوْنَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيْدِ، كَذَا فِيْ "التُّحْفَةِ"

(4)

(5)

.

[ركن الأضحية]

وَأَمَّا رُكْنُهَا: فَذَبْحُ مَا يَجُوْزُ ذَبْحُهُ فِيْ الْأُضْحِيَّةِ

(6)

بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ [فِيْ]

(7)

أَيَّامِهَا؛ لِأَنَّ رَكْنَ الشَّيْءِ/ مَا يَقُوْمُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ

(8)

، وَالْأُضْحِيَّةُ إِنَّمَا تَقُوْمُ بِهَذَا الْفِعْلِ فَكَانَ رُكْنًا.

[سبب وجوب الأضحية، ووصف القُدْرَة فيها]

وَأَمَّا سَبَبُهَا: وَهُوَ الْمُهِمُّ فِيْ هَذَا [الْكِتَابِ]

(9)

؛ فَإِنَّ سَبَبَ وُجُوْبِ الْأُضْحِيَّةِ وَوَصْفُ الْقُدْرَةِ فِيْهَا بِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَمُيَسَّرَةٌ لَمْ يُذْكَرْ لَا فِيْ أُصُوْلِ الْفِقْهِ وَلَا فِيْ فُرُوْعِهِ

(10)

.

(1)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 82)، فتاوى قاضيخان (3/ 231)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 64).

(2)

الأَمْصَار: جَمْعُ مِصْر، وَهِيَ هُنَا الْبَلْدَةُ الْكَبِيْرَةُ، وَكُلُّ بَلَدٍ عَظِيْمٍ فَهُوَ مِصْرٌ، نَحْوَ الْبَصْرَةِ وَبَغْدَادُ وَالْكُوْفَةُ.

يُنْظَر: جمهرة اللُّغة لابن دريد (2/ 744)، تحرير ألفاظ التنبيه (1/ 327).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

التُّحْفَة: هُو "تُحْفَةُ الْفُقَهَاءِ"، لأبي بكر، لمحمد بن أحمد بن أبي أحمد، علاء الدين السمرقندي الْمُتَوَفَّى سَنَة 540 هـ، والكتاب طبعته دار الكتب العلمية ببيروت سنة 1405 هـ.

(5)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 83)، تكملة فتح القدير (9/ 506).

(6)

يُنْظَر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 266)، تكملة البحر الرائق (8/ 197)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 516).

(7)

في (ب):) على).

(8)

يُنْظَر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (3/ 344)، التحبير شرح التحرير (7/ 3134).

(9)

في (ب): (الباب (.

(10)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (9/ 506)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 312).

ص: 8

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَأَقُوْلُ وَبِاللهِ التَّوْفِيْقُ: أَنَّ سَبَبَ وُجُوْبِ الْأُضْحِيَّةِ الْوَقْتُ، وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ، وَالْغِنَى شَرْطُ الْوُجُوْبِ

(1)

.

وِإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِنِسْبَتِهِ الْحُكْمَ إِلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ، إِذْ الْأَصْلُ فِيْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ أَنْ يَكُوْنَ حَادِثًا بِهِ سَبَبًا، وَكَذَا إِذَا لَازَمَهُ فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِهِ

(2)

[كَمَا]

(3)

عُرِفَ، ثُمَّ هَاهُنَا تَكَرُّرُ وُجُوْبِ الْأُضْحِيَّةِ بِتَكَرُّرِ الْوَقْتِ [ظَاهِرٌ، كَذَلِكَ]

(4)

الْإِضَافَةُ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: يَوْمَ الْأَضْحْى، كَمَا يُقَالُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْعِيْدِ، وإن كان الأصل هو إضافة الحكم إلى سببه كما في صلاة الظّهر، ولكن قد يضاف السّبب إلى حكمه كما في يوم الجمعة، ومثل هذه الإضافة لم يوجد في حق المال فلا يكون {المال}

(5)

سببها، ألا ترى أنّه لا يقال أضحية المال ولا مال الأضحيّة

(6)

.

والدّليل على هذا أيضاً ما ذكره الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي/

(7)

في تعليل وجوب الأضحيّة: هذه قربة يضاف إليها وقتها، فتكون واجبة فيه كالجمعة، وبيان الوصف أنه يقال: يوم الأضحى

(8)

.

(1)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 63)، العناية شرح الهداية (9/ 505)، البناية شرح الهداية (12/ 3)، تكملة فتح القدير (9/ 506).

(2)

السَّبَبَ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِنِسْبَتِهِ الْحُكْمَ إِلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ، إِذْ الْأَصْلُ فِيْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ أَنْ يَكُوْنَ حَادِثًا بِهِ سَبَبًا، وَكَذَا إِذَا لَازَمَهُ فَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِهِ: قاعدتان في مَعْرِفَة سبب الحُكْم، الأُوْلى: يُعْرَفُ السَّبَبُ بِنِسْبَةِ الْحُكْمِ إِلَيْهِ وَتَعَلُّقِهِ بِهِ، والثانية: يُعْرَفُ السَّبَبُ بِمُلَازَمَتِهِ لِلْحُكْمِ وَتَكَرُّرِهِ بِتَكَرُّرِه. يُنْظَر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (2/ 343).

(3)

في (ب): (لِما (.

(4)

في (أ): (ظاهره كذلك).

(5)

سقطت من (أ).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 505)، البناية شرح الهداية (12/ 3)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 312).

(7)

شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: هو أبو بكر، مُحَمَّد بن أحمد بن أبي سهل، السَّرَخْسِي، من أهل سَرَخْس بلدة في خراسان، ويلقب بشمس الأئمة، كان إمامًا في فقه الحنفية، وعلاَّمة حجة متكلمًا ناظرًا أصوليًّا مجتهدًا في المسائل، أخذ عن الحلواني وغيره، توفي سنة 483 هـ، من تصانيفه:(الْمَبْسُوط) في شرح كتب ظاهر الرواية في الفقه، و (الأصول) في أصول الفقه. يُنْظَر: الفَوَائِد البهية في تراجم الحنفية لعبدالحي اللكنوي (ص 158)، الجواهر المضية (2/ 28)، الأَعْلَام للزركلي (6/ 208).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 9)، البناية شرح الهداية (12/ 3).

ص: 9

والدّليل أيضاً على أن سببها الوقت: عدم جواز التّقديم على وقتها فإنّ ذلك يدلّ على أنّ سببها الوقت كالصّلاة

(1)

.

فإن قلتَ: فلو كان السّبب لوجوبها الوقت لوجب على الفقير كما يجب على الغَنِيِّ كالصّلاة.

قلتُ: الوقت سبب، لكن شرطها الغِنى؛ لأنّها وظيفة ماليّة؛ فتوقَّفَ وجوبُها على وجود الغِني، كصدقة الفطر فإن سببها الرأسُ

(2)

، والغِنى شَرْطُها؛ ولأنّ الوجوبَ الماليَّ لا يلزم أن يكون سبب وجوبه في جميع الصورِ المالُ

(3)

.

وقال الإمام شمس الأئمة

(4)

، في أوّل الأضحية: اعلم بأنّ القرب المالية نوعان؛ نوع بطريق التمليك كالصدقات، ونوع بطريق الإتلاف {كالعتق}

(5)

، ويجتمع في الأضحيّة معنيان؛ فإنّه تقرُّبٌ بإراقة الدّم وهي إتلاف، ثم بالتصدّق باللّحم وهو تمليك مال

(6)

.

[وصف القدرة المشروطة في الأضحية]

وأمّا الثّاني

(7)

: فإنّ القدرة المشروطة في وجوبها؛ القدرة الممكنة لا الميسرة؛ بدليل ما ذُكِر في "فتاوى قاضي خان"

(8)

: أن موسرًا اشترى شاة للأضحية في أوّل أيّام النّحر حتى مضت أيام النّحر ثم افتقر كان عليه أن يتصدق بعينها أو بقيمتها ولا يسقط عنه الأضحية

(9)

.

(1)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 505)، البناية شرح الهداية (12/ 3).

(2)

أبو بكرٍ الكاساني/ أطلق عليها: زكاة الرأس. يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 69).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 505)، البناية شرح الهداية (12/ 3 - 4).

(4)

هو: السرخسي، وسبق التعريف به.

(5)

سقطت من (أ) و (ب)، وأضفتها من المبسوط نفسُه؛ لمناسبتها للسياق.

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 9)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 2)، تكملة البحر الرائق (8/ 197).

(7)

يقصد به قوله: (ووصف القدرة فيها).

(8)

قَاضِي خَان: هو حسن بن منصور بن أبي القاسم محمود بن عبد العزيز، فخر الدين، المعروف بقاضي خان الأوزجندي الفرغاني: فقيه حنفي، من كبار فقهاء الأحناف، روى عنه: العلامة جمال الدين محمود بن أحمد الحصيري، قيل تُوُفِّيَ سنة 592 هـ، وإلى سنة 589 هـ كان له إملاء في ذلك العام، من تصانيفه: الفتاوى المعروفة باسمه وهو مطبوع، طبعته دار الكتب العلمية بلبنان، بعناية سالم مصطفى البدري، في ثلاث مجلدات، وله تصانيف أخرى؛ منها: الأمالي، والواقعات، وشرح الزيادات، وشرح الجامع الصغير، وغيرها. يُنْظَر: سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء (21/ 231)، الفَوَائِد البهيَّة في تراجم الحنفية (ص 209)، الأَعْلَام للزركلي (2/ 224).

(9)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 232)، العناية شرح الهداية (9/ 505)، البناية شرح الهداية (12/ 3).

ص: 10

فلو كانت القدرة ميسّرة لاشترط دوام القدرة، كما في الزكاة والعُشْرِ

(1)

والخَرَاجِ

(2)

، {حيث}

(3)

يسقط الزكاة بهلاك النصاب، [والعُشْرُ]

(4)

بهلاك الخارج، {والخَرَاجُ}

(5)

إذا اصطلم

(6)

الزّرعَ آفةٌ

(7)

.

فإن قلت: لو كان وجوبها بالقدرة الممكنة لوجب على من يملك قيمة ما يصلح [للأضحية]

(8)

؛ لأنّ ذلك أدنى ما يتمكّن به {المكلّف}

(9)

من فعلها، ولَمَا اشترط النصاب، كمن أدرك الجزء الآخر من وقت الصّلاة ببلوغه أو بإسلامه، حيث تجب عليه الصّلاة.

قُلْتُ: اشتراط النصاب لا ينافي كونها ممكنة، كما في صدقة الفطر، فإن وجوبها بالقدرة الممكنة، ومع ذلك اشترط النصاب، وهذا؛ لأن السّبب وإن كان غير المال ولكن الشّرط المالُ، فبالنّظر إلى الشّرط صارت وظيفة ماليّة، فيُشتَرَطُ الغِنَى كما في صدقة الفطر

(10)

.

والدّليل على هذا: صريح ما ذكره الإمام التمرتاشي

(11)

في زكاة "الجامع الصّغير"

(12)

في تعليل المسألة، فقال: أن من ملك ما لا يبلغ قيمته مائتي درهم وهو فاضل عن حاجته الأصليّة غير معدّ للتجارة لا تجب الزّكاة، ولكن حرمت عليه الصدقة ووجب عليه صدقة [الفطر]

(13)

والأضحيّة ونفقة الأقارب، وعلَّل فقال: لأن ههنا، أيْ: في الزّكاة، الواجب من نما المال، وذلك لا يتصوّر بدون النامي، والواجب ثمة إغناء الفقير وإراقة الدّم، وهو يعتمد المكنة وذا بالمال الفارغ، والله أعلم

(14)

، وقد كنت كتبت هذا في مجموعٍ لي مفردٍ ولكن هذا خلاصة ذلك.

(1)

العُشْرُ: الْجُزْءُ مِنْ أَجْزَاءِ العَشَرَة، وَالْجَمْعُ أَعْشَارٌ، وَمِنْهُ فِي الزَّكَاةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» أخرجه البخاري برقم (1386). يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 746)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 410)، طِلْبَةُ الطَّلَبَة في الاصطلاحات الفقهية (ص 18).

(2)

الخَرَاجُ: مايحْصُلُ ويَخْرُجُ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ أَوِ الغُلَامِ أَوِ الْعَيْنِ. وَمِنْهُ سُمِّيَ مَا يَأْخُذُ السُّلْطَانُ خَرَاجًا، فَيُقَالُ: أَدَّى فُلَانٌ خَرَاجَ أَرْضِهِ، وَأَدَّى أَهْلُ الذِّمَّةِ خَرَاجَ رُءُوسِهِمْ؛ يَعْنِي: الْجِزْيَةَ. يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب

(ص 156)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 166).

(3)

سقطت من (ب).

(4)

في (ب):) وفي العشر (.

(5)

سقطت من (ب).

(6)

اصْطَلَمَ: الاصْطِلَامُ الاسْتِئْصَالُ، اصْطُلِمَ الْقَوْمُ: إِذَا أُبِيْدُوْا. يُنْظَر: طِلبة الطلبة (ص 164)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم للحِمْيَرِي (6/ 3816).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 505)، البناية شرح الهداية (12/ 3)، تكملة فتح القدير (9/ 507).

(8)

في (أ): (الْأُضْحِيَة (.

(9)

سقطت في (ب).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 505)، البناية شرح الهداية (12/ 3)، تكملة الطوري على البحر الرائق (8/ 198).

(11)

التُّمُرْتَاشِيُّ: أبو محمد، أحمد بن محمد آيدغمش التُّمُرتاشي الخوارزمي، ظهير الدين الحنفي، عالم بالحديث، نسبته إلى تمرتاش من قرى خوارزم، مفتي خوارزم، حوالَيْ سنة 600 هـ، من تصانيفه: شرح الجامع الصغير، الفتاوى. يُنظَر: الجواهر المضيَّة في طبقات الحنفية (1/ 61)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1221)، الأعلام للزركلي (1/ 97)، معجم المؤلفين (1/ 167).

(12)

الْجَامِعُ الصَّغِيْرُ: هو "شَرْحُ الْجَامِعُ الصَّغِيْرُ فِي الْفُرُوْعِ"، للتمرتاشي، شرح فيه "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن، وهو مخطوط في (شستربتي) بآيرلندا برقم (5203). يُنظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 563)، الأعلام للزركلي (1/ 97).

(13)

في (أ):) الفطرة (.

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (3/ 102)، فتاوى قاضيخان (3/ 229)، االجامع الصغير وشرحه النافع الكبير للكنوي (1/ 124).

ص: 11

وأمّا حكمها: فما هو {الحكم}

(1)

في سائر الواجبات وهو الخروج عن عهدة الواجب في الدنيا، والوصول إلى مثوبات الله تعالى {وتقدّس}

(2)

بفضله في العقبى

(3)

(4)

.

إذا ثبت هذا جئنا إلى لفظ الكتاب

(5)

:

[حكم الأضحية والأدلة عليه]

قال: (الأضحيّة واجبة)

(6)

، قال مشائخنا: فالأضحيّة عندنا وإن كانت واجبة فليس وجوبها كوجوب صدقة الفطر.

ألا ترى أنّ العلماء لم يختلفوا في وجوب صدقة الفطر وقد اختلفوا/ في وجوب الأضحيّة

(7)

، رُوِيَ عن محمّد/: أنّ من مات وعليه زكاة وصدقة الفطر وأضحيّة وحجة الإسلام وكفارة اليمين فأوصى أن يؤدّوا عنه فإنّه يجوز ذلك كلّه من الثّلث، وإن لم يبلغ ذلك ثلث ماله فإنّهم إنما يبدأون بالآكد فالآكد، [وزكاة]

(8)

المال أوجب من صدقة الفطر، فيبدأ بالزكاة، وحَجّة الإسلام كالزكاة، وبعدهما يبدأ بصدقة الفطر، وبعدها يبدأ بالكفارة، وبعد الكفارة بالأضحية، كذا {ذكَرَه}

(9)

في "الذّخيرة"

(10)

(11)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

العُقْبَى: مَا يَعْقُبُ بَعْدَ الشَّيْء وَعَلَى أَثَره، وعَاقِبَةُ كُلِّ شَيْءٍ آخِرُهُ، وقَوله أَرْجُو عُقبى الله: أَي ثَوَابه فِي الْآخِرَة. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 99)، مختار الصحاح (ص 213)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 419).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 505)، البناية شرح الهداية (12/ 4)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 516).

(5)

الكتاب: الْمُرادُ به هُنا "مختصر القدوري". يُنْظَر: مختصر القدوري (208).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 219).

(7)

اختلف العلماء في حكم الأضحية على أقوال:

- مذهب الحنفية: الوجوب، وهو قول أبي حنيفة ومحمد وزُفَر ورواية عن أبي يوسُف-رحمهم الله، وعن أبي يوسف رواية بأنها سُنَّة.

- مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة: أنها سُنَّة مؤكدة، وشعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، ينبغي لمن قدر عليها أن يحافظ عليها.

- وعند المالكية قول بأنها: واجبة على من وجد سعة من الرجال والنساء. يُنظَر: مختصر القدوري (ص 208)، المبسوط للسرخسي (12/ 8)، المجموع شرح المهذَّب (8/ 382)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص 81)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 418)، الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (2/ 118)، المغني لابن قدامة (9/ 435)، شرح منتهى الإرادات (1/ 612).

(8)

في (ب):) زكاة (.

(9)

سقطت في (أ).

(10)

الذَّخِيْرَةُ: "ذخيرة الفتاوى"، المشهورة ب"الذخيرة البرهانية"، لأبي المعالي، محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مازه، البخاري، برهان الدين، المتوفى سنة 616 هـ، و"الذخيرة البرهانية" مختصرة من كتابه "المحيط البرهاني" لابن مازه، وهذه الفتاوى لها نسخ متعددة، منها نسخة مصورة بمكتبة المخطوطات بجامعة الإمام محمد ابن سعود بالرياض، تحت الرقم (3867 ف)، عن مكتبة تشستربيتي بدبلن بإيرلندا.

(11)

بحثت عنه في المحيط البرهاني فلم أجده.

ص: 12

(لأنّهما لا يختلفان في الوظائف الماليّة كالزكاة)

(1)

، وصدقة الفطر؛ لأنّهما يستويان في ملك المال، وإنّما الفرق بينهما في البدني؛ لأنّ المسافر تلحقه المشقة في الأداء بالبدن

(2)

.

[تعريف العتيرة]

العتيرة: ذبيحة كانت تُذْبَحُ في رجب يتقرب بها أهل [الجاهلية]

(3)

والمسلمون في صدر الإسلام [فنُسِخَ]

(4)

، كذا في"الْمُغْرِب"

(5)

(6)

.

(وصار كالعتيرة)

(7)

، يعني: أن كل دم لا يجب على المسافر لا يجب على المقيم كالعتيرة

(8)

.

ثم الأضحية غير واجبة على المسافر بالاتفاق

(9)

ينبغي أن لا تكون واجبة على المقيم أيضاً

(10)

.

(وذلك يؤذن بالوجوب)

(11)

، كيوم الجمعة؛ وذلك لأنّ إضافة الوقت إليها لا يتحقّق إلا وأن تكون موجودةً فيه، [ولا]

(12)

تكون موجودةً فيه لا محالة إلا أن تكون واجبةً؛ لجواز أن يجتمع النّاس على ترك ما ليس بواجبٍ، ولا يجتمعون على ترك الواجب، وإذا اجتمعوا على ذلك لم يخرج من أن يكون موجودًا فيه استحقاقاً، ولجواز الأداء فيه لا [يصير]

(13)

الوقت مضافاً إليه، كسائر الأيام يجوز فيها الصوم ثم لا يسمّى شهر الصّوم إلا رمضان، فعرفنا أنّ إضافة الوقت إلى القربة يدلّ على وجوبها فيه، كذا في "المبسوط"

(14)

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1463).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 8)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 3)، البناية شرح الهداية (12/ 6).

(3)

في (أ):) المجاهد (، وما أثبتُّه من (ب)، يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 330).

(4)

في حاشية (أ): (ثم نُسِخَ: أَصَحّ).

(5)

الْمُغْرِبْ: هو "الْمُغْرِبْ في ترتيب الْمُعْرَب"، لأبي الفتح، ناصر بن عبدالسيد أبي المكارم ابن علي، برهان الدين الخوارزمي المطَرِّزي، الْمُتَوفَّى سنة (610 هـ)، حقق الْكِتَاب وعلَّقَ عليه جلال الأسيوطي، وطبعته دار الكتب العلمية، يقول في مقدمة الْكِتَاب: ترجمتُه بكتاب " الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب" لغرابة تصنيفه ورصانة ترصيفه وإلى الله سبحانه وتعالى أبتهل في أن ينفعني به وأئمةَ الإسلام ويجمعني وإياهم ببركات جمعه في دار السلام.

(6)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب المعرب (ص 330).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1463).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 8)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 16)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 2).

(9)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 81)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 457 - 458).

(10)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 16)، البناية شرح الهداية (12/ 6).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1463).

(12)

في (ب): (وأن).

(13)

في (ب): (يكون).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 9).

(15)

الْمَبْسُوْط: لمحمد بن أحمد بن أبي سهل، شمس الأئمة السرخسي، الْمُتَوفَّى سنة 483 هـ، وهو شرحٌ لكتاب "الكافي" للحاكم الشهيد، وهو مطبوعٌ، نَشَرَتْهُ دار المعرفة ببيروت في 30 جزءًا، عام 1414 هـ.

ص: 13

(بالنّظر إلى الجنس)

(1)

، أي: بالنّظر إلى جنس المكلفين به؛ لأنّهم لا يجتمعون على ترك الواجب ظاهراً، ويجوز أن يجتمعوا على ترك ما ليس بواجب

(2)

.

(غير أن الأداء يختصّ)

(3)

، إلى آخره؛ هذا جواب عن قولهم:(ولأنها لو كانت واجبة على المقيم لوجبت على المسافر)

(4)

، يعني: إنّما لم تجب على المسافر الأضحية بسبب أسبابٍ؛ أي: شرائط تختصّ بالأضحية (يشق على المسافر استحضارها)

(5)

، وهي: تحصيل الشّاة، والاشتغال بذبحها، فسقط عن المسافر تخفيفاً؛ والسّفر يؤثر في التخفيف

(6)

(7)

.

وكذلك يجب عليه رعاية فراغ الإمام عن صلاة الأضحى في حقّ أهل المصر على وجه لم يبق عليه من واجبات الصّلاة، حتّى أنه لو ذبح قبل أن يتشهد الإمام لا يجوز

(8)

.

وفي "الحاوي"

(9)

: لو ذبح بعدما تشهّد الإمام قبل أن يسلم لا يجوز، وفي رواية جاز، وقد أساؤوا رعاية طلوع الفجر الثاني من يوم النّحر في حق أهل السّواد

(10)

(11)

، ورعاية الحرية والعقل والبلوغ واليسار، فيسقط [عن]

(12)

المسافر ما هو [أدنى]

(13)

حرجًا من الأضحية مع كونه أقوى وجوباً منها، [كجواز]

(14)

التيمّم عند زيادة ثمن الماء التي لا يبلغ قيمة الأضحيّة ولا [عُشْرَها]

(15)

، فأولى أن يسقط عنه وجوب الأضحية، وهي أدنى وجوباً وأقوى حرجاً من زيادة ثمن الماء أولى

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 3)، العناية شرح الهداية (9/ 508)، البناية شرح الهداية (12/ 8).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

والسَّفَرُ يُؤَثِّرُ في التَّخْفِيْفِ: هذا مثال من الأمثلة على قاعدة: (التخفيفات الشرعية)، التي تندرجُ تحت القاعدة الفقهية الكُلِّيَّة الكُبْرى:(الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيْر)، فقد رخَّص الشارع الحكيم للمسافر الفطر في رمضان والجمع والقصر للصلاة، والأُضْحِيَةَ؛ لِأنَّ السَّفَر مَظِنَّةُ المشقَّة. ويُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 257).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 9)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 63)، العناية شرح الهداية (9/ 508).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 8)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 3).

(9)

الحَاوِيْ: هو "حاوي الحصيري في الفروع الحنفية" للشيخ، الإمام: محمد بن إبراهيم بن أنوش الحصيري، الحنفي، تلميذ: شمس الأئمة السرخسي، المتوفى: سنة 505 هـ، والكتاب مخطوط، له عِدَّةُ نُسَخ، منها نسخة في مكتبة البلدية في الاسكندرية بمصر، ورقم الحفظ (الفقه الحنفي 22). يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 624)، الأعلام للزركلي (5/ 295)، خزانة التراث- فهرس المخطوطات (75/ 265).

(10)

أهلُ السَّواد: هم أهل القُرَى. يُنْظَر: طِلْبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص 55)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 229).

(11)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 461)، تكملة على البحر الرائق (8/ 200).

(12)

في (ب): (من).

(13)

في (ب): (الأدنى).

(14)

في (ب): (كوجوب).

(15)

في (أ): (عسرها).

(16)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 508)، البناية شرح الهداية (12/ 8 - 9).

ص: 14

(والمراد بالإرادة: ما هو ضدّ السّهو)

(1)

، فكأن معنى قوله عليه السلام:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيْ»

(2)

، {أي}

(3)

: من قصد التضحية التي هي واجبة، [كقول من قال]

(4)

: «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِل»

(5)

(6)

.

[أدلة القائلين بعدم وجوب الأضحية]

فإن قلت: ما جوابنا عمّا تمسّك به أبو يوسف

(7)

والشّافعي

(8)

؛ بقوله عليه السلام: «كُتِبَتْ عَلَيَّ الْأُضْحِيَةُ وَلَم تُكْتَبْ عَلَيْكُم»

(9)

، قال أيضاً عليه السلام: «خُصِّصْتُ بِثَلَاثَةٍ، وَهِيَ لَكُمْ سُنَّةٌ

(10)

: الْأَضْحَى وَصَلَاةُ الضُّحَى وَالْوِتْر»

(11)

، وقال:«ضَحُّوا فَإِنَّها سُنَّةُ أَبِيْكُمْ إِبْرَاهِيْمَ عليه السلام»

(12)

، وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما:«أَنَّهُمَا كَانَا لَا يُضَحِّيَانِ السَّنَةَ وَالسَنَتَيْنِ مَخَافَةَ أَنْ يَرَاهَا النَّاسُ وَاجِبَةً»

(13)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(2)

أخرجه مسلم (3/ 1565) كتاب (الأضحية) باب (نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة، وهو مريد التضحية، أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً) برقم (1977): عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» .

(3)

سقطت من (أ).

(4)

هكذا في النسختين، وكان الأولى أن يقول مثلًا: كقوله عليه السلام، ولعلها سهوٌ من الناسخ.

(5)

إشارة إلى الحديث الذي أخرجه مسلم (2/ 579)، (كتاب الجمعة) برقم (844): عن نافع، عن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» .

- وأخرجه البخاري (2/ 2) برقم (877) عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، بلفظ «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ» .

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق وحاشية الشلبي (6/ 3)، العناية شرح الهداية (9/ 509)، البناية شرح الهداية (12/ 9).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 8).

(8)

يُنْظَر: الأم للشافعي (2/ 243)، مختصر المزني (8/ 391).

(9)

أخرجه أحمد في "مسنده"(5/ 85) باب (مسند عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب) برقم (2916): عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا، وَأُمِرْتُ بِالْأَضْحَى، وَلَمْ تُكْتَبْ»

- وأخرجه أحمد أيضاً برقم (2917) بلفظ قريبٍ منه، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كُتِبَ عَلَيَّ النَّحْرُ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ، وَأُمِرْتُ بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا» .

- في كلا الحديثين الراوي عن عكرمة: جابر الجعفي، قال الشوكاني في نيل الأوطار: في إسناده: جابر الجعفي، ضعيف جدًا.

- وقال الذهبي في ميزان الاعتدال: جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي الكوفي، أحد علماء الشيعة

، إلى أن قال: وقال النسائي وغيره: متروك. يُنْظَر: نيل الأوطار للشوكاني (5/ 131 - 132)، ميزان الاعتدال (1/ 379).

(10)

- السُنَّةُ لُغَةً: السِّيْرَةُ والطَّرِيقَةَ حَمِيْدَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَمِيْدَة. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (5/ 2139)، القاموس المحيط (1/ 1207).

- السُنَّةُ اصطِلَاحًا: تُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ، وَهِيَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: اسْمٌ لِلْطَّرِيْقَةِ الْمَرْضِيَّةِ الَّتِيْ سَلَكَهَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَمٌ فِي الدِّيْنِ كالصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، مِنْ غَيْرِ افْتِرَاضِ وَلَا وُجُوْبٍ. يُنْظَر: التعريفات للجرجاني (ص 122)، الكليات للكفوي (ص 497).

(11)

أخرجه أحمد في مسنده (3/ 485) باب (مسند عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب) برقم (2050): عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:«ثَلاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: الْوَتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَصَلاةُ الضُّحَى» .

- وأخرجه الدارقطني في السنن (2/ 337) برقم (1613)، والحاكم في المستدرك (1/ 441) برقم (1119)، والبيهقي في الصغرى (2/ 222) برقم (1810)، والبيهقي في الكبرى (2/ 658) برقم (4145).

- ووقع عند الدارقطني والحاكم: «وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ» بدل «وَصَلَاةِ الضُّحَى» .

- وفي إسناده: أبو جناب الكلبي- يحي بن أبي حية- ضعَّفه ابن سعد ويحي بن سعيد القطان وابن حاتم وغيرهم، وقال عنه البيهقي: ضعيفٌ، وكان يزيد بن هارون يصدِّقُه ويرميه بالتدليس.

يُنْظَر: تهذيب الكمال (31/ 284).

(12)

أخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 1045) باب (ثواب الأضحية) برقم (3127): عن زيد بن أرقم، قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: «سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ» قَالُوا: فَمَا لَنَا فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «بِكُلِّ شَعَرَةٍ، حَسَنَةٌ» قَالُوا: " فَالصُّوفُ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «بِكُلِّ شَعَرَةٍ مِنَ الصُّوفِ، حَسَنَةٌ» .

- وأخرجه أحمد في المسند (23/ 34) برقم (19283)، البيهقي في الكبرى (9/ 439) برقم (19017).

- قال البيهقي: أخبرنا أبو سعد الماليني، أنبأ أبو أحمد بن عدي، قال: سمعت ابن حماد، يقول: قال البخاري: عائذ الله المجاشعي عن أبي داود روى عنه سلام بن مسكين، لا يصح حديثه.

- قال الألباني: ضعيف جداً. يُنْظَر: صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (7/ 127).

(13)

أخرجه البيهقي في الصغرى (2/ 222)، (باب الضحايا) برقم (1813): عن أبي سريحة يعني حذيفة بن أسيد الغفاري، قال:«أَدْرَكْتُ أَبَا بَكْرٍ، أَوْ رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يُضَحِّيَانِ. فِي بَعْضِ حَدِيثِهِمْ: كَرَاهِيَةَ أَنْ يُقْتَدَىَ بِهِمَا» ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي فَيَظُنُّ مَنْ رَآهُمَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ.

- وأخرجه البيهقي في الكبرى (9/ 444) برقم (19034).

- صححه ابن حجر في الدراية (2/ 215)، والألباني في إرواء الغليل (4/ 355).

ص: 15

والدّليل عليه أيضًا من المعنى: أنّه يحلّ له التّناول منه وإطعام الغني، ولو كان واجبًالم يحلّ التناول كما في جزاء الصيد ونحوه

(1)

.

[الجواب على أدلة القائلين بعدم وجوب الأضحية]

قلت: لا حجّة لهم في قوله عليه السلام: «وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُم» ، فإنا نقول: فإنها غير مكتوبة بل هي واجبة، فالمكتوب ما يكون فرضاً يكفر جاحده

(2)

، كما في قوله تعالى:{{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ}

(3)

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}

(4)

الآية، فقد كان رسول الله عليه السلام مخصوصاً بكون الأضحيّة مكتوبة عليه كما قال

(5)

.

وأمّا قولُهُ عليه السلام: «ضَحُّوْا» فهو أمر يفيد الوجوب

(6)

.

وقولُهُ: «فِإِنَّها سُنَّةُ أَبِيْكُمْ» أي: طريقته، فالسنّة: الطّريقة في الدين،/ وذلك لا ينفي الوجوب

(7)

.

وتأويل حديث أبي بكر وعمر: أنّهما لا يضحيّان في حالة الإعسار مخافة أن يراها النّاس واجبة على المعسرين أو في حال السّفر

(8)

.

وأما إباحة التناول [للمضحّي]

(9)

والأغنياء فبإذن من له الحق، فإنّه بالتضحية يجعلها لله تعالى، وقد قال الله تعالى:{فَكُلُواْ مِنْهَا}

(10)

؛ فلما أبيح له التناول وهو غني فَلَأَنْ يباح له الإطعام للأغنياء وهم غير المضحِّى أولى، إلى هذا أشار في "المبسوط"

(11)

.

[الاختلاف في تفسير العتيرة]

(وهي شاة تقام في رجب على ما قيل)

(12)

، في هذا اللّفظ إشارة إلى الاختلاف في تفسير العتيرة، وقد ذكرنا من "الْمُغْرِب" ما يوافق تفسير العتيرة في الكتاب

(13)

، وذكر تفسيرها في "الإيضاح"

(14)

على غير ذلك الوجه فقال: العتيرة هي ما كان الرّجل إذا ولدت له النّاقة أو الشّاة ذبح أول ولد فأكل وأطعم

(15)

، وذكر الرجبية

(16)

على وفق تفسير العتيرة في الكتاب

(17)

، والعقيقة

(18)

معروفة، وهذه دماء ثلاثة كانت في الجاهليّة نسختها

(19)

الأضحية

(20)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 8).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 8)، تكملة فتح القدير (9/ 509)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 17).

(3)

سقطت من (ب).

(4)

سورة البقرة الآية (183).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 8 - 9).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 8)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 62)، تكملة فتح القدير (9/ 509).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 8)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 62)، البناية شرح الهداية (12/ 11).

(8)

يُنْظر: المبسوط للسرخسي (12/ 9)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 63)، العناية شرح الهداية (9/ 509).

(9)

في (ب): (للمضحِّين).

(10)

سورة الحج الآية (36).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 9).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(13)

الْكِتَاب: الْمُرادُ به هُنَا: كتاب الأضحية، من كتاب "الهداية شرح البداية". يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(14)

الإيضاح: "الْإِيضاح في شرح التجريد"، لأبي الفضل، عبد الرحمن بن مُحَمَّد بن أميرويه، الْكَرْمَاني: فقيه حنفي، مولده بِكَرْمَان، ووفاته بمرو، سنة 543 هـ، والكتاب مخطوط في ثلاث مجلدات، له عِدَّةُ نُسَخ، وَمِنْهُ نُسْخَةٌ في معهد المخطوطات العربية في القاهرة بمصر، ورقم الحفظ:(فقه حنفي 37) عن دار الكتب المصرية. يُنْظَر: الأَعْلَام للزركلي (3/ 327)، خزانة التراث- فهرس المخطوطات (75/ 282).

(15)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 69)، العناية شرح الهداية (9/ 509)، البناية شرح الهداية (12/ 6).

(16)

الرَّجَبِيَّة: مِنْ ذَبَائِحِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ نَسَخَهَا الْأَضْحَى، وَيُسّمِّيْها الْبَعْضُ الْعَتِيرَة، قال أبو عُبَيْد: وَأما العتيرة فَإِنَّهَا الرجبية وَهِي ذَبِيحَة كَانَت تذبح فِي رَجَب يتَقرَّب بهَا أهل الْجَاهِلِيَّة ثُمَّ جَاءَ الْإِسْلَام فَكَانَ على ذَلِك حَتَّى نسخ بعد. يُنْظَر: غريب الحديث للقاسم بن سلام (1/ 195)، الفائق غريب الحديث والأثر (3/ 79)، الْمُغْرب في ترتيب المعرب (ص 202).

(17)

الْكِتَاب: الْمُرادُ به هُنا " كتاب الهداية شرح البداية"، وذلك بقوله:(وَالْعَتِيْرَةُ مَنْسُوْخَةٌ، وَهِيَ: شَاةٌ تُقَامُ فِي رَجَبَ عَلَى مَا قِيْلَ). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(18)

الْعَقِيْقَة: الشَّعْرُ الَّذِي يُولَدُ عَلَيْهِ كُلُّ مَوْلُودٍ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الشَّاةُ الَّتِي تُذْبَحُ عَنِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ أُسْبُوعِهِ عَقِيقَةً. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (4/ 1527)، الْمُغْرب في ترتيب المعرب (ص 353).

(19)

- النَّسْخُ لُغَةً: يَأْتِيْ بِمَعْنَى التَّبْدِيْل والْإِزَالَةُ وَالنَّقْل، يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ، أَيْ: أَزَالَتْهُ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 309)، لسان العرب (3/ 61).

- النَّسْخُ اصطِلَاحَاً: بَيَانٌ لِمُدَّةِ الْحُكْمِ الْمَنْسُوْخِ فِي حَقِّ الشَّارِعِ، وَتَبْدِيْلاً لِذَلِكَ الْحُكْمِ بِحُكْمٍ آخَرَ فِي حَقِّنَا عَلَى مَا كَانَ مَعْلُوْمَاً عِنْدَنَا لَوْ لَمْ يَنْزِلْ النَّاسِخُ. يُنْظَر: أصول السرخسي (2/ 54)، الكافي شرح البزدوي (3/ 1492 - 1493).

(20)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 69)، العناية في شرح الهداية (9/ 509).

ص: 16

(وبالإقامة؛ لما بيّنا)

(1)

، وهو قوله:(غير أنّ الأداء يختصّ بأسباب يشُقُّ على المسافر استحضارُها)

(2)

.

(واليَسَار؛ لما روينا)

(3)

، وهو قوله عليه السلام:«مَنْ وَجَدَ سَعَةٍ وَلَم يُضَحِّ»

(4)

الحديث.

(وسنبيّن مقداره)

(5)

أي: مقدار الوقت.

[حكم الأضحية عن الولد]

(ورُوِيَ عنه

(6)

أنّه لا يجب عن ولده)

(7)

، أي: سواء كان الولد صغيراً أو كبيراً.

(وهو ظاهر الرواية

(8)

(9)

، والفتوى على ظاهر الرواية، كذا في "فتاوى قاضي خان"/

(10)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

أخرجه أحمد في المسند (14/ 24) باب (مسند أبي هريرة رضي الله عنه برقم (8273): عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» .

- وأخرجه ابن ماجه (2/ 1044) برقم (3123)، عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ:«مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» .

- قال في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه: هذا إسناد فيه مقال، عبد الله بن عياش وان روى له مسلم فإنما روى له في المتابعات والشواهد، فقد ضعفه أبو داود، والنسائى، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن يونس: منكر الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات. يُنْظَر: مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (3/ 222).

- وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه برقم (3123).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(6)

عن أبي حنيفة/.

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(8)

ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ: عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُصْطَلَحٌ فِقْهِيٌّ، يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَيْضَاً: ظَاهِرْ الْمَذْهَبِ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا: مَا فِي "الْمَبْسُوْطِ" وَ "الْجَامِعِ الْكَبِيْرِ" وَ "الْجَامِعِ الصَّغِيْرِ" وَ "السِّيَر الْكَبِيْرِ" مِنَ الْمَسَائِلِ، وَجَمِيْعُهَا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ/. يُنْظَر: التعريفات للجرجاني (ص 143)، موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم للتهانوي (2/ 1146).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1464).

(10)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 231)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 3).

ص: 17

هذا الذي ذكره فيما إذا لم يكن للولد الصّغير مالٌ؛ لأنّه ذكر في "المبسوط" و"الذّخيرة": وإذا كان الرجل غنيًا وله أولاد صغار وليس للأولاد مالٌ؛ فليس عليه أن يضحّي عن أولاده، في ظاهر الرّواية، وروى الحسن عن أبي حنيفة -رحمهما الله- أنّ ذلك عليه

(1)

.

وإن كان للأولاد مالٌ؛ فقال بعض مشائخنا: على الأب والوصيِّ أن يضحِّى من ماله عند أبي حنيفة/ على قياس صدقة الفطر

(2)

، والأصحُّ: أنّه لا يجب ذلك

(3)

، وليس له أن يفعله من ماله؛ لأنّه إن كان المقصود الإتلاف؛ فالأب لا يملكه في مال الولد كالعتق، وإن كان المقصود التصدُّق باللّحم بعد إراقة الدَّمِ [فذاك]

(4)

تطوّع غير واجب، ومال الصبي لا يحتمل صدقة التطوّع

(5)

.

[انتفاع الصغير بأضحيته من ماله]

(ويأكل منه)

(6)

؛ أي: ويأكل الصّغير من المضحَّى من ماله (ويبتاع بما بقي ما ينتفع بعينه)

(7)

، كالغربال

(8)

والمنخل

(9)

، وهذا الذي ذكره في جلد الأضحيّة من غير خلاف أحد فإنّه جائز

(10)

.

وأمّا في لحم الأضحيّة: لو أراد أن يبيع لحم الأضحيّة ليتصدّق بثمنها ليس له ذلك، وليس في اللّحم إلا أن يطعم [أو]

(11)

يأكل، فصار حاصل الجواب في الجلد أنّه {لو باعه بشيء ينتفع بعينه يجوز، و}

(12)

لو باعه بشيء لا ينتفع به إلا بعد استهلاكه لا يجوز، وفي اللّحم لا يجوز أصلاً؛ سواءً باع بشيء ينتفع به أو باعه بشيء لا ينتفع به إلا بعد استهلاكه

(13)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 12)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 456).

(2)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 82)، فتاوى قاضيخان (3/ 231)

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 12)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 456).

(4)

في (ب): (فذلك).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 12 - 13).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1465).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(8)

الْغِرْبَال: غَرْبَلَ الشَّيْءَ؛ إذا نَخَله، والغِرْبالُ: مَا غُرْبِلَ بِهِ، وغَرْبَلتُ الدَّقِيْقَ وغَيْرُه، فهو الَّذِي ينقي بِهِ الطَّعَام، وقيل هوالْمُنْخُل الْوَاسِع الثقوب. يُنْظَر: جمهرة اللغة (2/ 1123)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (5/ 1780)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 25)، لسان العرب (11/ 491)

(9)

الْمُنْخُل: بضم الخاء وفتحها، ما يُنْخَلُ به، وتَنْخِيلُك الدقيقَ بالمُنْخُل لِتَعْزِل نُخَالَتَهُ عَنْ لُبابه. يُنْظَر: القاموس المحيط (ص 1061)، لسان العرب (11/ 651).

(10)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 82)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 3)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 187).

(11)

في (ب): (و).

(12)

ما بين القوسين سقط من (ب).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 470 - 471).

ص: 18

وذكر شيخ الإسلام/

(1)

: أنّ الجواب في اللّحم كالجواب في الجلد إن باعه بشيء ينتفع {به}

(2)

بعينه يجوز، وهكذا روى ابن سماعة

(3)

عن محمّد، كذا في "الذّخيرة"

(4)

.

[الاشتراك في الأضحية إذا كان نصيب الفرد أقل من السُّبُع]

(وكذا إذا كان نصيب أحدهم أقلّ من السُّبْع)

(5)

، أي: لا يجوز من صاحب الكثير كما لا يجوز من صاحب القليل، فلا يجوز منهما جميعًا، حتّى أنّ الرّجل إذا مات وترك امرأةً وابنًا وبقرةً فضحيا بها يوم العيد، أي: لم يجز؛ لأنّ نصيب المرأة أقلّ من السُّبع فلم يجز نصيبها، ولم يجز نصيب الابن أيضاً؛ كذا في "المبسوط" و"الذّخيرة"

(6)

.

[حكم التضحية بالبدنة بين الاثنين مناصفة]

(ولو كانت البدنة بين اثنين نصفين يجوز [في]

(7)

الأصحّ)

(8)

، هذا احتراز عن قول بعض المشائخ؛ فإنّهم قالوا: لا يجزئهما؛ لأن لكلّ واحد منهما ثلاثة أسباع ونصفُ سُبعٍ، ونصف السُّبعِ لا يجوز في الأضحيّة، فإذا لم يجز [النصف]

(9)

[لم]

(10)

يجز الباقي، وقال بعضهم: يجوز، وبه أخذ الفقيه أبو الليث

(11)

والصّدر الشهيد

(12)

-رحمهما الله-

(13)

.

(1)

شَيْخُ الإسلام: الْمُرادُ بِهِ: أبو بكر، محمد بن الحسين بن محمد، البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، أو خواهر زاده، فقيه، كان شيخ الأحناف فيما وراء النهر، من تصانيفه:"المبسوط" و "المختصر" و "التجنيس" في الفقه، تُوُفِّيَ بِبُخَارَى سنة 483 هـ، قال بدر الدين العيني في كتابه "البناية شرح الهداية": وقال شيخ الإسلام خواهر زاده في " مبسوطه ": وأما اللحم فالجواب فيه كالجواب في الجلد، إن باعه بالدراهم تصدق بثمنه، وإن باعه بشيء آخر ينتفع به كما في الجلد. يُنْظَر: الأعلام للزركلي (6/ 100)، الفوائد البهية للكنوي (ص 163 - 164)، البناية شرح الهداية (12/ 54).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

ابْن سَمَاعَة: هو أبو عبدالله، محمد بن سماعة بن عبيد الله وقيل عبدالله بن هلال التيمي، الكوفي، صاحب أبي يوسف ومحمد، حافظ للحديث، ثقة، ولي القضاء للرشيد ببغداد، وضعف بصره؛ فعزله المعتصم، له مصنفاتٍ؛ منها (النوادر) عن أبي يوسف، توفي سنة (233 هـ). يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (10/ 646)، الأعلام للزركلي (6/ 153).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 471)، البناية شرح الهداية (12/ 54).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1465).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 12)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 478).

(7)

في (أ): (وفي).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1465).

(9)

في (أ): (البعض).

(10)

في (ب): (لا).

(11)

الْفَقِيْهُ أَبُوْ اللَّيْثِ: هو أبو الليث، نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الفقيه، المعروف بإمام الهدى، تفقه على الفقيه أبو جعفر الهندواني وهو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة، توفي ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة 373 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (16/ 322)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 196)، الأعلام للزركلي (8/ 27).

(12)

الصَّدْرُ الشَّهِيْد: هو أبو محمد، عمر بن عبدالعزيز بن عمر بن مازة، حسام الدين، الحنفي، المعروف بالصدر الشهيد فقيه، أصولي، من أكابر الحنفية، تفقه على والده برهان الدين الكبير عبد العزيز، وناظَرَ العلماء، ودرس للفقهاء، وكان الملوك يصدرون عن رأيه، من تصانيفه: شرح الجامع الصغير، والفتاوى الكبرى، والفتاوى الصغرى، وشرح أدب القاضي، والواقعات الحسامية، وغيرها، توفي شهيداً بسمرقند في صفر سنة 536 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (20/ 97)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 391)، الفوائد البهية في تراجم الحنفية (ص 149)، الأعلام للزركلي (5/ 501).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 478).

ص: 19

ووجه ذلك: أنّ نصف السُّبْع وإن لم يكن أضحيّة فهي قربة تبعًا للأضحيّة فلا يصير لحمًا، كذا في "الذّخيرة"

(1)

.

[كيفية قسمة لحم الأضحية]

(ولو اقتسموا جزافاً

(2)

لا يجوز)

(3)

؛ لأنّ في القسمة معنى التّمليك، فلم يجز {ذلك}

(4)

مجازفة عند وجود الجنس والوزن

(5)

.

قال

(6)

: ولا يجوز التّحليل أيضاً؛ لأنّه في معنى الهبة، وهبة المشاع

(7)

فيما يقسم لا يجوز، إلى هذا أشار في "الإيضاح"

(8)

.

(إلا إذا كان معه شيء من الأكارع والجلد)

(9)

، يعني: إذا كان مع أحدهما بعض اللحم مع الأكارع، ومع الآخر البعض مع الجلد حتّى يصرف الجنس إلى خلاف الجنس

(10)

.

[اشترى أضحية يريد أن يضحي بها عن نفسه، ثم اشترك فيها ستة معه]

(والاشتراك هذه/ صفته)

(11)

، أيْ: البيع بطريق التموّل

(12)

.

وفي "المبسوط": والاشتراكُ بهذه الصِّفةِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ هذا رجوعٌ منه عن بعض ما تقرَّبَ به، وذلكَ حرامٌ شرعًا

(13)

، وجه الاستحسان

(14)

: {أنّه}

(15)

لو [أشركهم]

(16)

معه في الابتداء بأن اشتروا جُملةً جاز، فكذلك إذا [أشركهم]

(17)

بعد الشِّراء قبل [إتمام]

(18)

المقصود؛ وهذا لأن الإنسان قد يبتلي بهذا

(19)

، على ما ذكره في الكتاب

(20)

.

(1)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(2)

جُزَافَاً: الجَزْفُ والجُزَاف: الْمَجْهُولُ الْقَدْرِ، الْمَبْنِيُّ عَلَى الْحَدْسِ وَالتَّخْمِيْنِ. يُنْظَر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 269)، معجم لغة الفقهاء (1/ 163).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1466).

(4)

سقطت من (أ).

(5)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 19)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 317)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 517).

(6)

لم يبين من الذي قال، ولم أجد هذه الجملة في الهداية، ولكن وجدتها بِنَصِّها في كتاب "مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر"، ولكن بدون قوله:(قال). يُنْظَر: مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 517).

(7)

الْمُشَاع: يَأْتِي بِمَعَانٍ، وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى: الْغَيْرُ مَقْسُوْمٍ وَلَا مَعْزُوْلٍ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (3/ 1240)، لسان العَرَب (8/ 191).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 511)، البناية شرح الهداية (6/ 317)، تكملة البحر الرائق (8/ 198).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1466).

(10)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 18)، العناية شرح الهداية (9/ 511)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 187).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1466).

(12)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 20)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 4).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 15).

(14)

- الاسْتِحْسَان لُغَةً: مِن الْحُسْن ضِدُّ الْقُبْحِ، فَالِاسْتِحْسَانُ ضِدُّ الاسْتِقْبَاحِ، واسْتَحْسَنَ الشَّيْء: عَدَّهُ واعْتَقَدَهُ حَسَنَاً. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 246)، التعريفات للجرجاني (ص 18)، لسان العرب (2/ 552).

- الاسْتِحْسَان اصطِلَاحَاً: عَرَّفَهُ الْجُمْهُوْرُ بِأَنَّهُ: الْعُدُوْلُ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ نَظَائِرِهَا لِدَلِيْلٍ خَاصٍّ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ. يُنْظَر: المهذب في علم أصول الفقه (3/ 992).

(15)

سقطت من (ب).

(16)

في (أ): (أشركتم).

(17)

في (أ): (أشركتم).

(18)

في (ب): (تمام).

(19)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 15).

(20)

الكتاب: الْمُراد به هُنا "الهداية شرح البداية"، وذلك بقوله:(أنه قد يجد بقرة سمينة يشتريها ولا يظفر بالشركاء وقت البيع، وإنما يطلبهم بعده فكانت الحاجة إليه ماسة فجوزناه دفعا للحرج، وقد أمكن). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1466).

ص: 20

[اشترى أضحيةً ثم باعها واشترى مثلها]

(لأنّ بالشّراء للتضحية لا يمتنع البيع)

(1)

.

وقال في "المبسوط": [وإذا]

(2)

اشترى أضحيّة ثم باعها واشترى مثلها فلا بأس بذلك؛ لأن بنفس الشّراء لا يتعيّن الأضحية قبل أن يُوْجِبَهَا

(3)

.

(أنّه يكره الإشتراك بعد الشّراء لما بيَّنَّا)

(4)

، أراد به قوله:(لأنّه أعدّها للقربة فيمنع عن بيعها)

(5)

، إلى آخره.

[بداية وقت ذبح الأضحية]

(ووقت الأضحيّة يدخل بطلوع الفجر من يوم النّحر إلا أنّه لا يجوز لأهل الأمصار الذّبحُ [حتّى]

(6)

يصلّي الإمام)

(7)

، وهذه العبارة تشير إلى ما ذكره في "المبسوط" بقوله: فمن ضحّى قبل الصّلاة في المصر لا يجزئه؛ لعدم الشّرط لا لعدم الوقت؛ ولهذا جازت التضحية في القرى بعد انشقاق الفجر، ودخول الوقت لا يَختلِفُ في حق أهل الأمصار والقرى، وإنّما يختلفون في وجوب الصّلاة فليس على أهل القرى صلاة العيد

(8)

.

[الخلاف في بداية وقت ذبح الأضحية]

(وما رويناه حجة على مالك

(9)

والشّافعي

(10)

-رحمهما الله- في نفي الجواز بعد الصّلاة قبل نحر الإمام)

(11)

، أراد به قوله عليه السلام: «[وَمَنْ]

(12)

ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِيْنَ»

(13)

، وهو بعمومه يتناول ما قبل نحر الإمام وما بعده

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1466).

(2)

في (ب): (ولو).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 13).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1466).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

في (ب): (حين).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 219).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 10).

(9)

يُنْظَر: الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 423)، القوانين الفقهية (ص 125).

(10)

الصحيح من مذهب الشافعي/: أنَّهُ لا يشترط نحر الإمام. يُنْظَر: الأم للشافعي (243 - 244)، الوسيط في المذهب (7/ 139).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1467).

(12)

في (ب): (مَنْ).

(13)

أخرجه البخاري (7/ 101) كتاب (الأضاحي) باب (قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة ضَحِّ بالجذع من الْمَعْز) برقم (5556): عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ضَحَّى خَالٌ لِي، يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ، قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعْزِ، قَالَ:«اذْبَحْهَا، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ» ثُمَّ قَالَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ» .

- وأخرجه مسلم (3/ 1552) برقم (1961).

(14)

أقوال المذاهب في وقت ذبح الأضحية:

- مذهب الحنفية: يجوز في حق أهل الأمصار بعد فراغ الإمام من الصلاة والخطبة، فمن ذبح قبل ذلك لم يُجْزه، وأما في القرى والبوادي فمن طلوع الفجر الثاني.

- مذهب المالكية: لا يجوز ذبحها إلا بعد صلاة الإمام وخطبتيه وذبحه.

- مذهب الشافعية: إذا طلعت الشمس يوم النحر ومضي قدر صلاة العيد وخطبتين، فمن ذبح بعد هذا الوقت أجزأه، سواء صلى الإمام أم لا، وسواء صلى المضحي أم لا، وسواء كان من أهل الأمصار أو من أهل القرى أو البوادي أو المسافرين، وسواء ذبح الإمام ضحيته أم لا.

- مذهب الحنابلة: لا يجوز الذبح إلا بعد صلاة الإمام، ولو لم يذبح الإمام، ويستوي في ذلك أهل القرى والأمصار، وقال في المغني: والصحيح، إن شاء الله تعالى، أن وقتها في الموضع الذي يصلى فيه بعد الصلاة؛ لظاهر الخبر، والعمل بظاهره أولى، فأما غير أهل الأمصار والقرى، فأول وقتها في حقهم قدر الصلاة والخطبة بعد الصلاة؛ لأنه لا صلاة في حقهم تعتبر، فوجب الاعتبار بقدرها. يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 83)، المبسوط للسرخسي (12/ 10)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 423)، القوانين الفقهية (ص 125)، الحاوي الكبير (15/ 85)، المجموع شرح المهذب (8/ 389)، المغني لابن قدامة (13/ 384)، العدة شرح العمدة (ص 296).

ص: 21

(ولو ضحّى بعدما صلَّى أهلُ المسجدِ ولم يُصَلِّ أهْلُ الجَبَّانَةِ

(1)

(2)

، ومعنى هذا: أنّ الإمام يخرج بالنّاس إلى الجَبَّانَةِ ويستخلف من يصلّي بالضَّعَفَةِ في الجامع، هكذا فعله علي رضي الله عنه حين قدم الكوفة

(3)

(4)

.

(أجزأه استحسانًا؛ لأنها صلاةٌ معتبرةٌ حتى لو اكتفيا بها أجزأتهم)

(5)

، قيّد بالاستحسان؛ لأنّه لا يجزئه قياساً، وذلك لأنّ اعتبار جانب أهل الجَبَّانَةِ يمنع الجواز، واعتبار جانب أهل المسجد يُجوِّزُ ذلك، وفي العبادات يؤخذ بالاحتياط

(6)

.

(وكذا على عَكْسِهِ)

(7)

، أي: لو ضحّى بعدما صلّى أهل الجبّانة ولم يصلّ أهل المسجد يجوز استحساناً لا قياسًا، كما كان في عكسه.

(1)

الْجَبَّانَة: الْمُصَلَّى الْعَامُّ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْقِفَارِ الذِيْ يُصَلَّى فِيْهِ الْعِيْدُ وَنَحْوَه. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 80)، مختار الصحاح (1/ 53)، البناية شرح الهداية (12/ 25).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1467).

(3)

أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 5) باب (القوم يصلون في المسجد، كم يصلون؟) برقم (5814): حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ، قَالَ: قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: إِنَّ ضَعَفَةً مِنْ ضَعَفَةِ النَّاسِ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ إِلَى الْجَبَّانَةِ «فَأَمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، رَكْعَتَيْنِ لِلْعِيدِ، وَرَكْعَتَيْنِ لِمَكَانِ خُرُوجِهِمْ إِلَى الْجَبَّانَةِ» .

- وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3/ 434) برقم (6260) من طريق الشافعي، عن ابن عُلَيَّة به.

- قال ابن حجر في "المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية": هذا اسناده ضعيف. يُنْظَر: المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (5/ 148)، تقريب التهذيب لابن حجر (ص 464) رقم (5685)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 291).

(4)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 261) و (5/ 73)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 462)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 83).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1467).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 11)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 462)، العناية شرح الهداية (9/ 512).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1467).

ص: 22

(وقيل: هو جائز قياسًا واستحسانًا)

(1)

، وقوله:(هو) إشارة إلى العكس، يعني: إذا ضحّى بعدما صلّى أهل الجبّانة يجوز قياسًا واستحسانًا، وإن لم يصل أهل المسجد، والفرق في هذا بين الأولى والثّانية هو: أن المسنون في العيد الخروج إلى الجَبَّانَةِ وأهْلُ الجَبَّانَةِ هم الأصل وقد صلّوا، فيجوز قياساً واستحساناً، كذا في "المبسوط"

(2)

.

وإن كانت البلدةُ بلدةً لا يُصلَّى فيها صلاة العيد إِما لعدمِ السُّلْطانِ أو لِغَلَبَةِ أهْلِ الفِتْنَةِ؛ فإنّهم يُضَحُّوْنَ في اليوم الأوَّلِ بعد الزَّوال

(3)

؛ فإن قبل ذلك الصّلاة [مرجوة]

(4)

، فإن فاتت الصّلاة إمّا سهوًا أو عمدًا جاز لهم التضحية في هذا اليوم، فإن خرج الإمام إلى الصّلاة من الغد أو بعد الغد فضحّى النّاس قبل أن يصلّي الإمام أو بعدما صلّى، جاز؛ لأنّ الشّمس إذا زالت في اليوم الأوّل فات الوقت المسنون، وإنما يصلّى الإمام في اليوم الثّاني والثّالث على وجه القضاء فلا يظهر ذلك في حق التضحية

(5)

.

ولو صلّى الإمام صلاة العيد على غير وضوء ولم يُعلم به حتّى ذبح النّاس [جازت]

(6)

أضحيتهم، سواء علموا قبل تفرق النّاس أو بعد تفرقهم، ومتى عَلِمَ الإمامُ ذلكَ، ونادى للصلاة ليعيدها، فمن ذبح قبل أن يعلم ذلك -يعني نداء الإمام- أجزاه، ومن ذبح بعد العلم، إن ذبح قبل الزّوال لا يجوز، وإن ذبح بعد الزّوال جاز؛ لأنّه مضى [مدة] وقت الإعادة، كذا في "الذّخيرة" و "فتاوى قاضي خان"

(7)

.

وذكر في "الإيضاح": ولو صلّى الإمام ولم يخطب جاز الذّبح؛ لأنّ صحّة الصّلاة لا تعلق [لها]

(8)

بالخطبة فكان الذّبح صحيحًا بعدها

(9)

.

(1)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 11)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 462)، العناية شرح الهداية (9/ 512 - 513).

(3)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 462)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 4)، البناية شرح الهداية (12/ 23).

(4)

في (ب): (موجودة).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 461 - 462)، البناية شرح الهداية (12/ 23).

(6)

في (ب): (جازَ من).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 461)، فتاوى قاضيخان (3/ 229 - 230).

(8)

في (أ): (بها).

(9)

يُنْظَر: الفتاوى الهندية (5/ 295)، تكملة البحر الرائق (8/ 200)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 1).

ص: 23

[الخلاف في نهاية وقت الذبح]

(وقال الشّافعي

(1)

/: ثلاثة أيّام بعده)

(2)

، أي: بعد يوم النحر؛ أي: يجوز عنده في اليوم الرابع وهو آخر أيّام التّشريق

(3)

، وعندنا لا يجوز، فكان وقت الأضحيّة عنده أربعة أيّام وهي جميع أيّام النّحر والتشريق، وهذا ضعيف؛ فإنّ هذه القربة تختص بأيّام النّحر دون أيّام التّشريق، ألا ترى أنّ الأفضل أداؤها في اليوم الأول وهو العاشر من ذي الحجّة وهو يوم النحر [لا]

(4)

يوم التشريق، إلى هذا أشار/ في "المبسوط"

(5)

(6)

.

[حكم الذبح ليلاً]

(ويجوز الذّبح في لياليها، إلا أنه يُكْرَه لاحتمال الغلط في ظلمة الليل)

(7)

، أيْ: في ليال أيّام النّحر

(8)

، وهاهنا قيد لابدّ من معرفته، وهو: أنّ المراد بليالي أيّام النّحر هاهنا الليلتان المتوسطتّان لا غير، فلا يدخل فيه لا الليلة الأولى وهي ليلة العاشر من ذي الحجّة ولا ليلة الرابع من يوم النّحر، وذلك؛ لأن وقت الأضحية إنّما (يدخل بطلوع الفجر من يوم النّحر)، على ما ذكر في الكتاب

(9)

، وهو اليوم العاشر، ويفوت بغروب الشّمس من يوم الثّاني عشر، فلا يجوز حينئذٍ في ليلة النّحر لا محالة، ولا في ليلة التّشريق المحض

(10)

، و {لو}

(11)

لم يُذْكَرْ هذا القيد لوقع النّاس في الغلط بالنّظر إلى ظاهر لفظ الكتاب

(12)

، إذ لفظ الجمع وإضافة الليالي إلى أيّام النّحر يفيدان الجواز في ليلة العاشر، والحكم بخلافه، إلى هذا أشار في "الذّخيرة"

(13)

.

(1)

يُنْظَر: الأم (3/ 588 - 589)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص 81)، الحاوي الكبير للماوردي (15/ 124).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1467).

(3)

أَيَّامُ التَّشْرِيْقِ: هِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، وسُمِّيَتْ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَضَاحِي تُشّرَّقُ فِيْهَا، أَيْ: تُقَدَّدُ وتُشَرَّرُ فِي الشَّمْسِ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِمْ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرَ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يُنْحَرُ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 274)، مختار الصحاح (ص 164).

(4)

في (أ): (إلى).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 9)، تحفة الفقهاء (3/ 83)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 65).

(6)

أقوال المذاهب في تحديد أيام ذبح الأضحية:

- مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة: ثلاثة أيام، يوم النحر ويومين بعده، فيكون آخر وقت الذبح هو آخر اليومين الأولين من أيام التشريق.

- مذهب الشافعية: أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام بعده، فيكون آخر وقت الذبح هو آخر أيام التشريق.

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 83)، المبسوط للسرخسي (12/ 9)، المدونة للإمام مالك (1/ 550)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 420)، الحاوي الكبير (15/ 124)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص 81)، المغني لابن قدامة (13/ 386)، العدة شرح العمدة (ص 296 - 297).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1468).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 19)، تحفة الفقهاء (3/ 83)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 5).

(9)

الْكِتَاب: الْمُرادُ به هنا "مختصر القُدُوري". يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 208).

(10)

لَيْلَة التَّشْرِيْق الْمَحْض: هِيَ لَيْلَةُ الرَّابِعِ عَشَر، فَيَوْمُ الرَّابِعِ عَشَرَ يَوْمُ تَشْرِيْقٍ فَقَطْ، أَيْ: لَيْسَ يَوْمُ نَحْرٍ وَتَشْرِيْقٍ، إِلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، على ماسَبَقَ بَيَانُهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْخِلافِ في تَحْدِيْدِ أَيَّمِ الذَّبْحِ.

(11)

سقطت من (ب).

(12)

الْكِتَاب: هو كتاب الهداية شرح البداية، حيث ذكر جواز الذبح في الليالي بقوله:(ويجوز الذّبح في لياليها، إلا أنه يُكْرَه لاحتمال الغلط في ظلمة الليل). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1468).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 463)، العناية شرح الهداية (9/ 513)، البناية شرح الهداية (12/ 29).

ص: 24

ثم لم يذكر في الكتاب

(1)

دليل جواز الذّبح في لياليها، وذكره في "الإيضاح"، [وقال]

(2)

: وأمّا اللّيالي فهي تبع للأيّام فصارت أوقاتًا للذّبح فيجوز فيها، إلا أنّه يكره الذّبح فيها لتعذّر استيعاب الذّبح على الصفة [المسنونة]

(3)

فإنه ربّما يزيد وربّما ينقص

(4)

.

[تفضيل التضحية في أيام النحر على التصدق بثمن الأضحية]

(والتضحية فيها)

(5)

، أي: في أيّام النّحر (أفضل من التصدّق بثمن الأضحية؛ لأنّها تقع واجبة أو سنة)

(6)

، أي: واجبة في ظاهر [رواية]

(7)

أصحابنا، وسنة في أحد قولي أبي يوسف

(8)

وفي قول الشّافعي

(9)

- رحمهما الله -

(10)

.

فإنْ قُلْتَ: في لفظ الكتاب

(11)

اشتباهٌ، وهو أنّ قوله:(والتضحية فيها أفضل من التصدّق)

(12)

، لو كان في حق الغني لا يستقيم قوله:(أفضل)

(13)

، إذ لا يجوز عنه التصدّق مقام التضحية في أيّام النحر أصلاً؛ لوجوب التضحية عليه عينًا، فبعد ذلك [كيف]

(14)

يصحّ في حقّه استعمال أَفْعَلُ التَّفْضِيْل

(15)

، ولو كان هذا في حق الفقير لا يستقيم التعليل بقوله؛ [لأنّها تقع]

(16)

واجبة أو سنّة لَمَّا أنّ التضحية عن الفقير لا تقع واجبة ولا سنة بل تقع تطوعًا محضاً.

(1)

الْكِتَاب: المراد به هنا "الهداية شرح البداية"؛ لأنَّهُ لم يذكُر الذبح في الليل لا في "مختصر القدوري" ولا في "بداية المبتدي"، وإنَّما ذَكَرَهُ في "الهداية".

(2)

في (ب): (قال).

(3)

في (أ): (المستوية).

(4)

لم أجد هذا الكلام بنصَّه، وقد وجدت مايفيد معناه كاملاً في البدائع، وما يفيد أغلبه في البناية. يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 60)، البناية شرح الهداية (12/ 29).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1468).

(6)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(7)

في (أ): (الرواية).

(8)

يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 208)، المبسوط للسرخسي (12/ 8)، تحفة الفقهاء (3/ 81).

(9)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 577)، المجموع شرح المهذَّب (8/ 382)، التنبيه في الفقه الشافعي (ص 81).

(10)

وقد سبق بيان الخلاف في مسألة حكم الأضحية في أول الباب عند قوله: (الأضحية واجبة).

(11)

الكِتَاب: الْمُراد به هنا كتاب "الهداية شرح البداية"؛ لأن قوله: (والتضحية فيها أفضل من التصدّق) ليس في "مختصر القدوري" ولا "بداية المبتدي". وَيُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1468).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1468).

(13)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(14)

في (ب): (فكيف).

(15)

أَفْعَلُ التَّفْضِيْل: هو قولُهُ: (أفضل).

(16)

في (ب): (لأنه يقع).

ص: 25

قُلْتُ: إرادة مطلق وقوع التضحية أفضل ممّن ضحّى، سواء كان المضحّى فقيرًا أو غنياً؛ لأنّ التضحية في حقهما أفضل من التصدّق، أمّا في حقّ الفقير فظاهر على ما نذكر، وأمّا في حق الغني فلمَّا كانت [الأضحية]

(1)

عليه واجبة كانت جهة الأفضلية فيها ثابتة أيضاً، وهذا كما لو [قلت]

(2)

: صوم رمضان في وقته أفضل من قضائه، لاشكّ في استقامة هذا اللّفظ، مع أنّ الصّوم على الصّحيحِ المقيمِ فرضٌ عينًا، وعلى المريض والمسافر ليس بفرضٍ عينًا أداؤه، بل الأفضل لهما الصّوم في وقته إذا لم [يتضرّرا]

(3)

به زيادة ضرر يُخاف [منها]

(4)

، لكن لما كانت جهة الأفضلية شاملة للفريقين من تركه استقام ذلك، فكذا هنا

(5)

.

ثم لما كانت الأضحيّة بطريق الأصالة على الغنى؛ علل المسألة بتعليل يستقيم في حقه، إعمالاً للأصل، ومثل هذا الذي ذكره [من]

(6)

الرّواية مذكور في "المبسوط" أيضاً، {فقال}

(7)

: والأضحية أحب إليّ من التصدّق بمثل قيمتها، والمراد في أيّام النّحر؛ لأنّ الواجب التّقرب بإراقة الدَّمِ [ولا]

(8)

يحصل ذلك بالتصدق

(9)

، ثم قال: ففي حق الموْسِرِ الذي يلزمه ذلك لا إشكال أنه لا يجوز له التصدّق بقيمته؛ لأنّه لا قيمة لإراقة الدّم، وإقامة المتَقَوِّمِ مقام ما ليس بمتقوِّم لا يجوز، وإراقة الدّم خالص حق الله تعالى، ولا وجه للتّعليل فيما هو خالص حق الله تعالى

(10)

.

وأمّا في حقّ الفقير فالتضحيّة أفضل؛ لِما فيه من الجمع بين التقرب بإراقة الدم والتصدّق؛ ولأنّه يتمكن من [التقرب]

(11)

بالتصدّق في سائر الأوقات، ولا يتمكن من التقرب بإراقة الدّم إلا في هذه الأيّام؛ فكان أفضل

(12)

.

(فنزلت منزلة الطّواف والصّلاة في حق الآفاقي

(13)

(14)

، أي: الطّواف تطوّعًا أفضل من صلاة التطوّع في حق الآفاقي.

(1)

في (ب): (التضحية).

(2)

في (ب): (قلنا).

(3)

في (ب): (يُتضرر).

(4)

في (أ): (ههنا).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 513).

(6)

في (ب): (في).

(7)

سقطت من (ب).

(8)

في (أ): (فلا).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 13).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

في (أ): (التقربات).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 14).

(13)

الْآفَاقِيّ: نِسْبَةً إِلَى الْآفَاقِ، جَمْعُ أُفُق، وَالْأُفُقُ: أَطْرَافُ الْأَرْضِ وَنَوَاحِيْهَا، وَالْآفَاقِيُّ: مَنْ كَانَ خَارِجَ الْمَوَاقِيْتِ الْمَكَانِيَّةِ لِلْحَرَمِ. يُنْظَر: الْمُغِرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 27)، النهاية لابن الأثير (1/ 56)، معجم لغة الفقهاء (1/ 36).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1468).

ص: 26

وأمّا في حق أهل مكة فالصّلاة أفضل لما ذكره من المعنى، وهو أنّ الطّواف يفوت في حق الآفاقي فكان هو أفضل من الصّلاة التي لا [تفوت]

(1)

وهي صلاة التطوّع

(2)

.

[لم يذبح أضحيته حتى مضت أيام النحر]

(ولو لم يضحّ حتى مضت أيّام النّحر: إن كان أوجب على نفسه أو كان فقيراً تصدّق بها حيّة)

(3)

، وهذا القيد: وهو قيد الإيجاب على نفسه في حق بقاء وجوب التصدّق عليه وهو غني بعد مضي أيّام النّحر غير مفيد؛ لأنّه يجب عليه قضاؤها بالتصدّق عند مضي الوقت وإن لم يوجب على نفسه؛ لأنه ذكر في "المبسوط" بقوله: وأمّا بعد مضي أيّام النّحر فقد سقط معنى التقرب بإراقة الدم؛ لأنها لا تكون قربة إلا في مكان مخصوص وهو الحرم، أو في زمان مخصوص/ وهو أيّام النّحر، ولكن يلزمه التصدّق بقيمة الأضحية إذا كان ممّن تجب عليه الأضحية؛ لأنّ تقربه في أيّام النّحر كان باعتبار معنى الماليّة فيبقى بعد مضيها، [والتقرب]

(4)

في المال في غير أيّام النّحر يكون بالتصدّق، ولأنّه يتقرب بشيئين: إراقة الدّم والتصدّق باللّحم، وقد عجز عن أحدهما وهو قادر على الآخر، فيأتي بما يقدر عليه

(5)

.

وكذا ذكر أيضاً في "الذّخيرة"، وقال: ثم وجوبها بآخر الوقت حتّى أن من كان موسراً في أيّام النّحر [فلم]

(6)

يضحّ ومضى الوقت وافتقر بعد مضي أيّام النّحر لم يسقط عنه التصدّق بقيمة الشّاة حتّى لزمه الإيصاء بها

(7)

، ولكن فائدة ذلك القيد في حق وجوب التصدق بها حيّة صحيحة لا في حق التصدّق بقيمتها؛ لأنّه لو تصدّق بقيمتها في هذه الصورة يجوز أيضاً؛ لأنّه ذكر في الفصل الثّالث من أضحيّة "الذّخيرة" أنّ: من قال: لله عليّ أن أضحي شاة، فإن كان موسراً فعليه أن يضحّى شاتين، إلا أن يعني به ما يجب عليه؛ وهذا لأنّ النذر إيجاب، والإيجاب ينصرف إلى غير الواجب ظاهراً، ولكن يحتمل الصرف إلى الواجب تأكيدًا له

(8)

.

(1)

في (أ): (يفوت).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 13)، البناية شرح الهداية (12/ 31)، رد المحتار على الدر المختار (2/ 502).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(4)

في (أ): (والتقربات).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 14).

(6)

في (ب): (وَلَم).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 475).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 460).

ص: 27

[الواجب على من نذر أن يذبح أضحية]

ألا ترى أنّ من قال لله عليّ حجّة كان عليه حجتان، حجّة الإسلام وما يوجبه على نفسه بالنذر

(1)

، إلا إذا عنى بما لا يجاب ما هو واجب عليه، كذا ههنا، وإن كان فقيراً فعليه شاة فإن أيسر كان عليه شاتان، ما وجب بالنّذر وما وجب باليسار

(2)

.

وإذا نذر ذبح شاة لا يأكل منها الناذر ولو أكل فعليه قيمة ما أكل

(3)

، إلى أن قال: ولو لم يتصدّق بتلك الشاة التي أوجبها ولم يذبحها حتّى مضى أيّام النّحر تصدّق بعينها حيّة؛ لأنّه وقع [اليأس]

(4)

عن التقرب بالإراقة، وقد بقي العين مستحق [الصَّرْف]

(5)

إلى الله، [والتصَدُّقُ]

(6)

طريق لذلك، فيلزمه التصدّق بعينها، وإن تصدّق بقيمتها أجزاه أيضاً؛ لأنّ الواجب ههنا التصدّق بعينها، والتصدّق بقيمتها مثل التصدّق بعينها فيما هو المقصود فيجوز

(7)

.

وقوله: ([أو]

(8)

كان فقيراً)

(9)

، يعني:{لو}

(10)

أوجب الفقير على نفسه، أو اشترى شاة بنية الأضحية، وما يتعلّق بهذه المسألة من المسائل [يأتي]

(11)

في تفريع قوله: (ولو اشتراها سليمة ثم تعيَّبَت)

(12)

، إلى آخره، إن شاء الله تعالى.

وقوله: (كالجمعة تُقْضَى بعد فواتها ظهراً)

(13)

، والجامع بينهما من حيث إنّ قضاء ما وجب عليه في الأداء يجنسٍ غير جنسِ الأداء

(14)

.

(1)

- النَّذْرُ لُغَةً: أَصْلُهُ مِنْ الْإِنْذَار، وهو: الْإِعْلَامِ وَالإبْلَاغِ، وَهُو هُنَا: مِنْ نَذَرْتُ أَنْذِرْ، وأَنْذُرُ نَذْراً، إِذَا أوجبتَ عَلَى نفسِك شَيْئًا تبرُّعا. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 826)، النهاية لابن الأثير (5/ 39).

- النَّذْرُ اصْطِلَاحًا: إِيْجَابُ عَيْنِ الْفِعْلِ الْمُبَاحِ عَلَى النَّفْسِ، بِالْقَوْلِ؛ تَعْظِيْماً لِلَّهِ تَعَالَى. يُنْظَر: التعريفات للجرجاني (ص 240)، معجم لغة الفقهاء (1/ 477).

(2)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 460).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

في (أ): (النَّاس).

(5)

في (ب): (التصَدّق).

(6)

في (أ): (والتصرُّف).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 464).

(8)

في (أ): (وإن).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(10)

سقطت من (أ).

(11)

في (أ): (ما).

(12)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1468).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 514)، البناية شرح الهداية (12/ 32).

ص: 28

[ما لا يُجْزِئُ في الأضحية]

(ولا يضحّى بالعمياء)

(1)

، إلى آخره، لمَّا ذكر ما يجوز به الأضحية شرع في بيان ما لا يجوز به الأضحيّة، والأصل في هذا أن العيب الفاحش مانعٌ؛ لقوله تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ}

(2)

، واليسير من العيب غير مانع؛ لأنّ الحيوان [قلَّما]

(3)

ينجو من العيب اليسير، واليسيرُ ما لا أثر له في لحمها، ولِلْعوَرِ أثَرٌ في ذلك؛ لأنّه لا يبصر بعينٍ واحدةٍ من العَلَفِ

(4)

ما يبصر بالعينين، وعند قِلَّةِ العَلَفِ يتبين العَجَفُ

(5)

، ثم العينُ والأُذُنُ منصوصٌ على اعتبارهما، فإذا كانت [مقطوعة]

(6)

الأُذُنِ لم تجز لانعدامِ شرطٍ منصوص، وإذا كانت مقطوعة الطَّرَفِ فكذلك بالطَّريق الأَوْلَى، كذا في "المبسوط"

(7)

.

[المراد بالمنسك]

المنْسِك: بالكسر

(8)

: الموضع الذي يذبح فيه

(9)

، والفتح

(10)

: قياسٌ من نَسَكَ للهِ نُسُكاً ومَنْسَكاً إذا ذبح لوجهه

(11)

.

[المراد بالنِّقْي]

النِّقْي: المخُّ، ومنه: «نَهَى {عَنْ}

(12)

أَنْ يُضَحَّى [بِالْعَجْفَاءِ]

(13)

الَّتِيْ لَا تُنْقِيْ»

(14)

أي: ليس بها نِقْيٌ من شدة عَجَفِهَا

(15)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(2)

سورة البقرة الآية (267).

(3)

في (ب): (قلَّ ما).

(4)

العَلَف: اسْمٌ لِمَا يُوضَعُ للدَّوابِّ لِتأْكُلَهُ، وَالْجَمْعُ: عِلَافٌ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِيْ يُوضَعُ فِيْهِ العَلَفُ يُسَمَّى: الْمِعْلَفْ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 355)، مختار الصحاح (ص 216)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 425).

(5)

العَجَف: الْهُزَالُ، وَالْعَجْفَاءُ: الْهَزِيْلَة، وَالْجَمْعُ: عِجَافٌ، بِالْكَسْرِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. يُنْظَر: محتار الصحاح (ص 201)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 394).

(6)

في (ب): (مقصوصة).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 15).

(8)

مَنْسِك: بكسر السين.

(9)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 490)، مختار الصحاح (ص 309).

(10)

مَنْسَك: بفتح السين.

(11)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 490)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 603).

(12)

سقطت من (أ).

(13)

في (أ): (بالعجفات).

(14)

هذا حديْثٌ أَوْرَدَهُ بالْمَعْنَى، وأصلُهُ كما أخرجه النسائي في الكبرى (4/ 339) كتاب (الضحايا) باب (العجفاء) برقم (4445)، وفي الصغرى (7/ 215) برقم (4371) بسنده عن عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ-، وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ يَقُولُ:«لَا يَجُوزُ مِنَ الضَّحَايَا: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» .

- وأخرجه أبو داوود في السنن (4/ 427) برقم (2802)، وقال: تُنْقِي: ليس لها مُخٌّ. وأخرجه الترمذي (4/ 85) برقم (1497)، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح. وأخرجه ابن ماجه (2/ 1050) برقم (3144).

(15)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 506).

ص: 29

[المراد باستشراف العين والأُذُن]

(«واسْتَشْرِفُوا الْأُذُنَ وَالْعَيْنَ»

(1)

(2)

؛ أي: تأمَّلوا [سلامتَهُما]

(3)

من آفةِ جَدْعٍ

(4)

أَوْ عَوَرٍ

(5)

، أو اطْلُبُوْهُما شرِيْفَتَيْنِ بالتَّمامِ والسَّلامَةِ، كذا في "الْمُغْرِب"

(6)

.

[التضحية بمقطوعة الأُذُن أو الذَّنَبِ]

(وإن قطع من الأُذُنِ أو الذَّنَبِ الثُّلُث أو أقلَّ: أجزأَهُ)

(7)

، وذكر الصّدر الشّهيد في الأضاحي هو الأصحّ

(8)

.

(1)

أخرج أبو داوود (3/ 97)، كتاب (الضحايا) باب (مايكره من الضحايا) برقم (2804) بسنَدٍ فِيْهِ قِصَّةٌ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَيْنِ، وَلَا نُضَحِّي بِعَوْرَاءَ، وَلَا مُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا خَرْقَاءَ، وَلَا شَرْقَاءَ» قَالَ زُهَيْرٌ: فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: أَذَكَرَ عَضْبَاءَ؟ قَالَ: «لَا» . قُلْتُ: فَمَا الْمُقَابَلَةُ؟ قَال: «يُقْطَعُ طَرَفُ الْأُذُنِ» . قُلْتُ: فَمَا الْمُدَابَرَةُ؟، قَالَ:«يُقْطَعُ مِنْ مُؤَخَّرِ الْأُذُنِ» . قُلْتُ: فَمَا الشَّرْقَاءُ؟ قَالَ: «تُشَقُّ الْأُذُنُ» . قُلْتُ: فَمَا الْخَرْقَاءُ؟ قَالَ: «تُخْرَقُ أُذُنُهَا لِلسِّمَةِ» .

- وأخرجه الترمذي (4/ 86) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي في الصغرى (7/ 216) برقم (4372)، وابن ماجه (2/ 1050) برقم (3143).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1468).

(3)

في (ب): (سَلَامَتَهَا).

(4)

جَدْع: الجَدْعُ هُوَ: القَطْعُ أَوْ الاسْتِئْصَالُ، وَهُوَ أَكْثَرُ مَايُطلَقُ عَلَى قَطْعُ الأنْفِ، ويُطْلَقُ أَيْضَاً عَلَى قَطْعِ الْأُذُنُ وَالْيَدُ وَالشَّفَةُ. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 141)، مختار الصحاح (ص 54).

(5)

عَوَر: العَوَرُ فِي الْعَيْنَيْنِ هُوَ: ذَهَابُ حِسِّ إِحْدَاهُمَا. يُنْظَر: القاموس المحيط (ص 446)، لسان العرب (4/ 612).

(6)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 274)، الفائق في غريب الحديث (2/ 233).

(7)

هذه العبارة ناقصة هنا، وقد أوردها صاحب الهداية في المطبوع عن الجامع الصغير، فقال:(ففي الجامع الصغير عنه: وإن قطع من الذَّنَبِ أو الأُذُن أو العَيْن أو الأَلْيَة الثُّلُث أو أقل: أجزأه). يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 473)، الهداية شرح بداية المبتدي (4/ 1469).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 35)، فتاوى قاضيخان (3/ 241).

ص: 30

وهذا الذي ذكره {هو}

(1)

رواية هشام

(2)

عن محمد -رحمهما الله-

(3)

اعتبارًا بالوصيّة، فإن الثلث في الوصيّة كالذي دونه

(4)

.

(ويُرْوَى عنهُ الرُّبُع)

(5)

، يعني: إذا كان الذّاهب الرُّبُع لا يجوز؛ لأنّ للرُّبُعِ حُكْمُ [الكُلِّ]

(6)

وهو رواية ابن شجاع

(7)

عن أبي حنيفة -رحمهما الله-

(8)

.

(ويُرْوَى الثُّلُث)

(9)

، يعني: إذا كان الذاهب الثُّلُث لا يجوز، وإِن كان أَقَلَّ من الثُّلُثِ يجوز؛ لأنّ النبي عليه السلام سمَّى الثُّلُثَ كثيرًا في قوله:«الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثِيْرٌ»

(10)

، وهو رواية بِشْرٍ

(11)

عن أبي حنيفةَ/، كذا في "المبسوط"

(12)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

هِشَام: هو هشام بن عبيدالله الرازي، أحد أئمة السُّنَّة، تفقه على أبي يوسف ومحمد بن الحسن، روى عن: مالك وابن أبي ذئب وحماد بن زيد، وغيرهم، وحدَّثَ عنه: بقية بن الوليد وأبو حاتم، وجماعة، قال هشام: لقيت ألفًا وسبع مائة شيخ أصغرهم عبدالرزاق قال أبو حاتم: صدوق، وما رأيت أحدًا أعظم قدرًا، ولا أجل من هشام ابن عبيد الله بالري، قال الصيمري: غير أنه كان لينًا في الرواية، من تصانيفه:"النوادر" و "صلاة الأثر"، تُوُفِّيَ سنة 221 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (10/ 446)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 205)، الفوائد البهية للكنوي (ص 223).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 16)، البناية شرح الهداية (12/ 35).

(4)

يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 473)، المبسوط للسرخسي (12/ 16)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 75).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح بداية المبتدي (4/ 1469).

(6)

في (ب): (الكمال).

(7)

ابْنْ شُجَاع: أبو عبدالله، محمد بن شجاع الثَّلْجِيّ، البغدادي، الحنفي، يُعْرَفُ بابن الثَّلْجِيِّ، كان فقيه العراق في وقته، والمقّدَّم في الفقه والحديث، صاحب ورَعٍ وعِبادة، روى عن يحي بن آدَم وإسماعيل بن عُلَيَّة وو كيع، وغيرهم، وروى عنه: يعقوب بن شيبة ومحمد بن أحمد بن يعقوب، وآخَرِين، وتفقَّهَ على الحسن بن أبي مالك والحسن بن زياد، وكان مضَّعَّفَاً في الحديثِ، ويُرْمَى بالاعتزال والابتداع، من مصنفاته:"تصحيح الآثار" و "كتاب النوادر" و "كتاب المضاربة"، تُوُفِّيَ فجأَةً سنة 267 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (12/ 379 وما بعدها)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 60)، الفوائد البهية للكنوي (ص 171).

(8)

يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 473)، المبسوط للسرخسي (12/ 16)، البناية شرح الهداية (12/ 36).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح بداية المبتدي (4/ 1469).

(10)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(4/ 3) كتاب (الوصايا) باب (الوصية بالثُّلُثْ) برقم (2744) بسنده، عن عامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عن أَبِيْه رضي الله عنه، قالَ: مَرِضْتُ، فَعَادَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا يَرُدَّنِي عَلَى عَقِبِي، قَالَ:«لَعَلَّ اللَّهَ يَرْفَعُكَ وَيَنْفَعُ بِكَ نَاسًا» ، قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ، وَإِنَّمَا لِي ابْنَةٌ، قُلْتُ: أُوصِي بِالنِّصْفِ؟ قَالَ: «النِّصْفُ كَثِيرٌ» ، قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟ قَالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ» ، قَالَ: فَأَوْصَى النَّاسُ بِالثُّلُثِ، وَجَازَ ذَلِكَ لَهُمْ.

- وأخرجه مسلم (3/ 1250) برقم (1628).

(11)

بِشْر: هو أبو الوليد، بشر بن الوليد بن خالد، الكِندي، والكِنْدي نِسْبة إلى قبيلة كِنْدَة باليمن، فقيه حنفي، قاضي العراق، وهو أحد أصحاب أبي يوسف خاصة، وعنه أخذ الفقه، سَمِع: مالكاً وحماداً بن زيد وغيرهما، روى عنه: أبو يعلى الموصلي وأبو القاسم البغوي وأبو العباس الثقفي وغيرهم، وثَّقَهُ أبو داود والدارقطنيُّ، تُوُفِّيَ في ذي القعدة سنة 238 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (10/ 673 وما بعدها)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 166)، الفوائد البهية للكنوي (ص 54).

(12)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (5/ 409)، المبسوط للسرخسي (12/ 16)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 75).

ص: 31

(وقيل: معناه قَوْلِي قَرِيبٌ مِن [قَولِكَ]

(1)

(2)

، أي: قولي الذي هو القول الأوّل، وهو الأكثر من الثلث مانع [لا]

(3)

ما دونه كان أقرب إلى قول أبي يوسف الذي هو أن الأكثر/ من النصف إذا بقي أجزأه بالنّسبة إلى قول من يقول أنّ الرُّبُعَ مانعٌ أو الثُّلُث {مانِع}

(4)

(5)

.

(وفِيْ كَوْنِ النِّصْفِ مانِعًا رِوَايَتَانِ)

(6)

، يعني: لو كان الذاهب نصفًا والباقي نصفًا أيضًا؛ ذكر في الكتاب

(7)

أنّ فيه روايتين

(8)

، وذكر في "المبسوط" أنه يمنع الجواز مطلقاً، فقال: وجه قول أبي يوسف أنّ القلّة والكثرة من الأسماء المشتركة، فإذا كان الذّاهب أقلَّ من النِّصف؛ قلنا: إذا قابلتَ الذَّاهب بالباقي كان الباقي أكثر، وإذا كان الذّاهبُ أكثر من النّصفِ، فإذا قابلتَه بالباقي كان الذاهب أكثر، وإذا كان الذّاهب النّصف سواء لا يجوز؛ لأنّه لمَّا استوى المانِعُ والْمُجَوِّزُ يترجَّحُ المانعُ احتياطًا

(9)

(10)

.

(1)

في (ب): (ذلك).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح بداية المبتدي (4/ 1469).

(3)

في (أ): (إلا).

(4)

سقطت من (أ).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 515)، البناية شرح الهداية (12/ 37).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح بداية المبتدي (4/ 1469 - 1470).

(7)

الْكِتَاب: المراد به هنا "كتاب الهداية شرح البداية"؛ لأن قوله: (وفِيْ كَوْنِ النِّصْفِ مانِعًا رِوَايَتَانِ) غير موجود لا في "مختصر القدوري" ولا "بداية المبتدي".

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 6)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (2/ 520)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 324).

(9)

لمَّا استوى المانِعُ والْمُجَوِّزُ يترجَّحُ المانعُ احتياطًا: قاعدة فقهية، معناها: إذا اجتمع في مسألةٍ دليلان، أحدهما مانعٌ من الجواز، والآخر يجيز الحكم، وكان الدليلان متساويان في القوة؛ يترجح جانب المانع، ومثالها: ما ذكره المؤلف: إذا كانت الأضحية مقطوعة الأُذُن فإن كان الذّاهب من الأذن الأقلَّ جازت التّضحية بها، وأمّا إن كان الذّاهب والباقي متساويين فلا تجزئ الأضحية بها لاستواء المانع والمجوِّز. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (9/ 291 - 292).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 16)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 75)، البناية شرح الهداية (12/ 38).

ص: 32

فأمّا [الشَّقُ]

(1)

في الأُذُنِ فهو عيبٌ يسيرٌ، ألا ترى أنّه يفعل ذلك للعلامة بمنزلة السِّمَة

(2)

، فلا يمنع الجواز

(3)

.

ومن العلماء من قال: لا يجوز؛ لِما رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِالشَّرْقَاءِ والْخَرْقَاءِ والْمُقَابَلَةِ والْمُدَابَرَةِ»

(4)

، فالشرقاء: أن يكون الخَرْقُ في أُذُنِها طُولاً، والخرقاء: أن يكون عرضاً، والمقابلة قطعٌ في مُقَدَّمِ أُذُنِهَا، والمدابرة قطعٌ في مؤَخَّرِ أُذُنِهَا، وتأويل ذلك عندنا إذا كان بعضُ الأُذُنِ مقطوعًا وكان الذَّاهبُ أكثر من الثُّلُثِ لِما قلنا

(5)

.

[المُراد بالكبش الأَجَمِّ، والأمْلَح]

يُقَال: كبشٌ أَجَم؛ أي: لا قرن له، والأنثى: جَمَّاءُ، وجَمْعُها جُمٌ

(6)

.

وكَبْشٌ أمْلَحٌ: فيه مُلْحَةٌ وهي بياضٌ تَشُقُّهُ شُعَيْراتٌ سُوْدٌ، وهي مِنْ [لونِ]

(7)

المِلْحِ

(8)

.

[المُراد بالوِجَاءِ]

والوِجَاءُ: على فِعَالٍ؛ نوعٌ من الخِصَاءِ؛ وهو أن تَضْرِبَ العُرُوقَ بِحَدِيدَةٍ وتَطْعَنَ فيها مِنْ غَيْرِ إِخْراجِ البَيْضَتَيْنِ، يُقَالُ: كَبْشٌ مَوْجُوءٌ؛ إذا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ

(9)

.

[المُراد بالسَّكَّاء]

(السَّكَّاءُ)

(10)

: من السَّكَك، وهو صِغَرُ الأُذُن، ورَجُلٌ أَسَكُّ، وعَنْزٌ سَكَّاءُ؛ وهِيَ عِنْدَ الفُقَهَاءِ: التي لا أُذُنَ لها إِلَّا الصِّمَاخَ

(11)

، كذا في "المغرب"

(12)

.

(1)

في (ب): (النِّصْف).

(2)

السِّمَة: بِكَسْرِ السِّيْنِ وَتَخْفِيْفِ الْمِيْمِ، هِيَ الْعَلَامَةُ تُجْعَلُ فِي أُذُنِ الدَّابَّةِ بِالْكَيِّ حَتَّى تُعْرَف. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 295)، لسان العرب (12/ 635).

(3)

يُنْظَر: الأصل للشيباني ط قطر (5/ 409)، المبسوط للسرخسي (12/ 16)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 467).

(4)

سبق تخريجه (ص 131).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 16)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 76)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 325).

(6)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرب (ص 99)، مختار الصحاح (ص 61).

(7)

في (ب): (نوع).

(8)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 473).

(9)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 518).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(11)

الصِّمَاخ: الْخَرْقُ وَالثَّقبُ الْبَاطِنُ الَّذِي يُفْضِي فِي الْأُذُنِ إِلَى الرَّأْسِ، وَقِيْلَ: هُوَ الْأُذُنُ نَفْسُهَا، وَالسِّيْنُ لُغَةٌ فِيْهِ. يُنْظَر: الفائق في غريب الحديث (2/ 100)، مختار الصحاح (ص 179).

(12)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 254).

ص: 33

[الفقيرٌ إذا أوجب على نفسه أضحيةً بدون تعيينها، فاشترى صحيحةً ثم تعيَّبَت]

(وعلى الفقير بشرائه بنيّة الأضحيّة فتعيّبت)

(1)

، أي: فتعيبّت هذه الشّاة المشتراة بنيّة الأضحية، ثم بِتَعَيُّبها لا يضمن الفقير لِمَا نقص من قيمتها؛ لأنّ نقصانها لم يكن من فعله فصار كنقصان النصاب في الزّكاة بعد حَوَلانِ الحَوْلِ، فإنّه لو انتقص النِّصَابُ بعدما وجبت فيه الزكاة يسقط من الزكاة بقدره ولا يضمن ربُّ المال؛ لأنّ نقصانه لم يكن من فعله، ثم الجامع بينهما أنّ محلّ الوجوب [فيهما]

(2)

جميعًا المال لا الذِّمَّة، حتّى سقط الوجوب بهلاك ذلك المال المعيّن فيهما جميعًا؛ [فكذا في]

(3)

النقصان ينتقص الواجب بقدره من غير ضمان

(4)

.

وذكر في "الإيضاح": ولو اشترى أضحية سمينة فَعَجَفَت عنده لم يجزه إن كان موسراً، وإن كان معسراً جاز؛ لأنّ الموسر يجب عليه الأضحية في ذمّته فلا يخرج عن العهدة إلا إذا كان الفعل على وصف الواجب، وأمّا الفقير فما وجب في ذمّته شيء، ولكن بإيجابه [تلك]

(5)

العين، ولو هلكت العين لم يلزمه شيء، فكذا إذا انتقص

(6)

.

ولو [كان الفقير أوجب]

(7)

على نفسه أضحية لم يجز هذه؛ لأنّها وجبت في ذمّته بإيجابه فصار كالغني

(8)

.

[اشترى شاة بنيَّة الأضحية ولم يُوجِب بلسانه]

وقوله: (وعلى الفقير بشرائه بنيّة الأضحية)

(9)

، ذكر في "الذّخيرة": هذا فصل اختلفت فيه الروايات؛ فإشارة "الزّيادات"

(10)

على قول بعض المشائخ رحمهم الله أنّها تصير واجبة للأضحية موسرًا كان المشتري أو معسرًا

(11)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1471).

(2)

في (أ): (فيها).

(3)

في (ب): (بِكَذا مِن).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 6)، العناية شرح الهداية (9/ 516)، الجوهرة النيرة على مختصر القُدُوْري (2/ 188).

(5)

في (ب): (ذلك).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 467)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 76)، شرح مختصر الطحاوي للجصاص (7/ 364).

(7)

في (ب): (أوجب الفقير).

(8)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 76).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1471).

(10)

الزِّيَادَات: كتابٌ لِمُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِيّ/، ولا يزال مخطوطاً، وقد جمع بعضه أبو يعقوب، يُوسُف بن علي بن مُحَمَّد الجرجاني، الحنفي في كتاب (خزانة الأكمل في الفروع) وهو مطبوع في أربع مجلدات، طبعته دار الكتب العلمية، وذكر أنه محيط بجل مصنفات الأصحاب بدأ بـ:"كافي الحاكم"، ثُمَّ "بالجامعين"، ثُمَّ "بالزيادات"، ثُمَّ "بمجرد ابن زياد" و "المنتقى" و "الكرخي" و "شَرْح الطَّحَاوِيِّ" و "عيون المسائل"، وغير ذلك. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 962)، الأعلام للزركلي (6/ 80).

(11)

يُنْظَر: خِزانة الأكمل للجُرْجاني (3/ 512)، البناية شرح الهداية (12/ 43).

ص: 34

وفي "النّوادر"

(1)

: عن أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- أنّها لا تصير واجبة بالشّراء بنية الأضحية موسرًا كان أو معسرًا، وذكر شيخ الإسلام/ أن المشتري إذا كان موسراً لا تصير واجبة بالشّراء بنيّة الأضحية باتّفاق الروايات، وإن كان معسرًا ففي ظاهر رواية أصحابنا تجب

(2)

، وروى الزعفراني

(3)

عن أصحابنا أنّها لا تجب

(4)

.

وأشار شمس الأئمة في شرحه إلى ما ذكره الزّعفراني، واتفقوا على أنها بمجرّد النية للأضحية لا تصير واجبًا، حتّى أنّ من كان له شاة فنوى أن يضحّي [بهذه]

(5)

الشّاة ولم يذكر بلسانه شيئًا أنّها لا تصير واجبة للأضحية

(6)

، ثمّ إذا وجبت عليه بإيجابه صريحًا أو بالشّراء بنيّة الأضحية إذا كان المشتري فقيرًا على قول من يقول به؛ فقيل {أن}

(7)

يذبحها {و}

(8)

يتصدق بعينها على المساكين، [فإن]

(9)

تصدّق في أيّام النّحر فعليه مثلها مكانها؛ لأنّ الواجب عليه التضحية والإراقة؛ وإنما ينتقل إلى الصدقة إذا وقع اليأس عن التضحية بمُضِيِّ هذه الأيّام

(10)

، فقبل مُضِيِّ هذه الأيام تعينت الإراقة واجبةً، فإذا تصدّق بها فقد فوت ما وجب عليه فلزمه مثلها، وإن لم يشْتَرْ مثلها حتّى مضت أيّام النّحر تصدق بقيمتها لأنّه وقع اليأس عن التّضحية والإراقة؛/ {لأن الإراقة}

(11)

إنما عُرفت قربة في زمان مخصوص فتسقط بمضيّ ذلك الزّمان كتكبيرات التّشريق والوقوف بعرفة وما أشبهه، [وانتقلت]

(12)

إلى الصدقة، ولا تجزئ الصّدقة الأُوْلى التي كانت في أيّام النّحر؛ لأنّه تصدق قبل سبب الوجوب فلا يجزئه عمّا يلزمه من [التصدُّق]

(13)

بعد ذلك، ولو لم يتصدق بتلك الشاة التي أوجبها ولم يذبحها حتّى مضت أيّام النحر تصدق بعينها حيَّة؛ وقد ذكرناه، ولو ضلَّت أو سرقت، إلى أن قال: على الموسر ذبح أحديهما وعلى الفقير ذبحهما؛ لأنّ الوجوب على الفقير بالشّراء، والشّراء قد تعدّد فيتعدّد الوجوب، والوجوب على الغني بإيجاب الشّرع، والشّرع لم يوجب إلا أضحيّة واحدة، كذا في "الفتاوى الظهيرية"

(14)

(15)

.

(1)

النَّوَادِر: مسائل النوادر هي المسائل المروية عن أصحاب المذهب لكن ليست في كتب ظاهر الرواية وإنما قيل لها غير ظاهر الرواية: لأنها لم ترو عن مُحَمَّد بروايات ظاهرة صحيحة ثابتة. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1282).

(2)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 459)، البناية شرح الهداية (12/ 43)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 7).

(3)

الزَّعْفَرَانِيّ: أبو عبدالله، الحسن بن أحمد بن مالك الزعفراني، الفقيه، الحنفي، مُرَتِّبُ مسائل كتاب "الجامع الصغير في الفروع" لمحمد بن الحسن، من تصانيفه: كتاب الصلاة، الضحايا، وغيرها، تُوُفِّيَ تقريباً سنة 610 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 189 - 190)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1433 - 1434)

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 459)، العناية شرح الهداية (9/ 516)، البناية شرح الهداية (12/ 43)

(5)

في (ب): (هذه).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 13)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 459)، خزانة الأكمل للجُرجاني (3/ 512).

(7)

سقطت من (ب).

(8)

سقطت من (أ).

(9)

في (ب): (وإن).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 43).

(11)

سقطت من (أ).

(12)

في (ب)(انتقَلَت).

(13)

في (أ): (النصف).

(14)

الْفَتَاوَى الظَّهِيْرِيَّة: لأبي بكر، محمد بن أحمد القاضي، الفقيه الأصولي، الحنفي، ظهير الدين، الْمُتوَفَّى سنة 619 هـ، ذكر فيها: أنه جمع كتابا من الواقعات والنوازل، مما يشتد الافتقار إليه، وفوائد غير هذه، وقد حققته الدكتورة شادية عبدالشكور بن عبدالله تجار الشاهي، في رسالة علمية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وحتى الآن لم يُطبَع. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1226)، معجم المؤلفين (8/ 303).

(15)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 13 - 14)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 459)، البناية شرح الهداية (12/ 44).

ص: 35

وقد ذكرنا اختيار شمس الأئمة و الزّعفراني: بأنّ الفقير إذا اشترى شاة بنيّة الأضحية لا يجب عليه بمجرّد الشِّراء

(1)

.

[أضجع أضحيةً للذبح فتعيَّبَت أثناء ذلك]

(فانكسر رجلها)

(2)

، لا فائدة في تخصيص انكسار الرِّجل؛ لأنّها لو تعيّبت بالعيوب المذكورة من اعوِرار العين وانقطاع الأُذُن فالحكم كذلك

(3)

؛ لأنّه ذكر في "المبسوط": وإن أصابها شيء من هذه العيوب في اضطرابها [حين]

(4)

أضجعها للذّبح وذبحها على مكانها

(5)

، فالحكم هكذا (أجزاه استحساناً)

(6)

، وإنّما قيّد بقوله: استحساناً؛ لأنّه في القياس لا يجزئه؛ لأن تأدِّي الواجب بالتضحية لا بالإضجاع وهي معيبة عند التّضحية

(7)

، فصار كما لو كانت كذلك قبل حالة الإضجاع

(8)

.

وفي الاستحسان يجزئه؛ لأنّ هذا لا يستطاع الامتناع منه فقد ينقلب السكين من يده فيصيب عينها فيجعل ذلك عفواً لدفع الحرج؛ ولأنّه أضجعها ليتقرّب بإتلافها فتلف جزء منها في هذه الحالة من عمل التقرّب فلا يمتنع الجواز بخلاف ما قبل الإضجاع

(9)

.

وعن أبي يوسف/ قال: إذا أصابها ذلك في يوم النّحر، ثم ضحى بها بعد ذلك بيوم أو يومين جاز؛ لأنّه جاء وقت إتلافها تقرباً فتَلَفُ جزءٍ منها في هذه الحالة لا يمنع الجواز، كذا في "المبسوط"

(10)

.

[الْمُراد بالجَذَع من الأنْعام]

(والجَذَع من الضأْن ما تمَّت له ستة أشهر في مذهب الفقهاء)

(11)

وإنّما قيّد بمذهب الفقهاء؛ لأنّ عند أهل اللغة: الجَذَعُ من الشّاة ما تمَّت له سَنَة؛ كذا بخط الإمام [الزّرنوجي]

(12)

/

(13)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 13)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 459)، البناية شرح الهداية (12/ 43).

(2)

في المطبوع من الهداية شرح البداية: (فانكسرت رجلها). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1471).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 516)، البناية شرح الهداية (12/ 44)

(4)

في (أ): (حتى).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 17).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1471).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 17)، العناية شرح الهداية (9/ 516).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 17)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 76)، العناية شرح الهداية (9/ 516).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 17)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 76)، البناية شرح الهداية (12/ 45).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 17)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 76)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 7).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1472).

(12)

في (ب): (الزرنوخي).

(13)

الزُّرْنُوْجِي: برهان الدين، ويُقال: برهان الإسلام الزرنوجي من أهل القرن السادس للهجرة، ومن تلامذة برهان الدين صاحب الهِدَايَة في فروع الفقه، له في المواعظ والتصوف كتاب تعليم المتعلم طريق التعلم، وكان حيَّاً قبل عام 593 هـ، قال في هدية العارفين: توفى في حدود سنة 610 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 312)، هدية العارفين (1/ 14)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 425)، اكتفاء القنوع بما هو مطبوع (ص 190).

ص: 36

وفي "الْمُغْرِبْ": الجذع من البهائم قبل الثَّنِيِّ، إلا أنّه في الإبل قبل السنة الخامسة، ومن البقر والشّاة في السنة الثّانية، ومن الخيل في الرّابعة، وعن الزُّهري: الجَذَع من المعز لسنة ومن الضأن لثمانية أشهر

(1)

، ثم [الثَّنِيُّ]

(2)

من الإبل الذي أثنى؛ أي ألقى ثنيته، وهو ما استكمل السنة الخامسة ودخل في السّادسة، ومن الظّلف ما استكمل الثّانية ودخل في الثّالثة، ومن الحافر ما استكمل الثالثة ودخل في الرّابعة وهو في كلّها بعد الجذع

(3)

.

وقال بعضهم فيه شعر:

الثَّنَايا ابْنُ حَوْلٍ وابْنُ ضَعْفٍ وابْنُ خَمْسٍ مِنْ ذَوِيْ ظُلْفٍ وخُفٍّ

(4)

[تبعيَّة المولود بين الأهلي والوحشي]

(لأنّها [هي]

(5)

الأصل في التبعية)

(6)

، وذكر في "الإيضاح": لأنّ جانبها مرجح على جانب الفحل؛ لأنّه يتخلق فيها

(7)

.

[إذْن الورثة لشركاء مورِّثهم بالأضحية المشتَرَكة بذبحها عنه وعن الشركاء]

(وقالت الورثة)

(8)

أي: الكبار منهم.

(لأنّه تبرع بالإتلاف فلا يجوز عن غيره كالإعتاق عن الميت)

(9)

وإذا لم يجز في نصيبه لم يجز في نصيب الشركاء، وفي الاستحسان يجوز؛ لأنّ معنى القربة حصل في إراقة الدّم، فإنّ التبرّع من الوارث عن مورثه بالقرب المالية صحيح؛ (كالتصدُّق)

(10)

، وإنّما لا يجوز العتق لما فيه من (إلزام الولاء)

(11)

وذلك غير موجود في الأضحية

(12)

.

وعلى هذا إذا كان أحد الشركاء أم ولد ضحّى عنها مولاها، أو صغيرًا ضحّى عنه أبوه، ولا خلاف أنّه ليس على الْمُوْلِي أن يضحّي عن أحد من مماليكه، فإن تبرّع ذلك جاز، [وإذا]

(13)

جعله شريكًا في بَدَنَةٍ ففيه قياس واستحسان؛ كذا في "المبسوط"

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرب (ص 84).

(2)

في (ب): (المثنى).

(3)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرب (ص 77).

(4)

يُنْظَر: دستور العلماء (1/ 260)، كشاف اصطلاحات الفنون (1/ 542).

(5)

في (أ): (في).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1472).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 17)، العناية شرح الهداية (9/ 516 - 517)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 189).

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1473).

(10)

يُنْظَر: الْمَرْجِع السابق.

(11)

يُنْظَر: الْمَرْجِع السابق.

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 12)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 72).

(13)

في (ب): (وإن).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 12)، الأصل للشيباني ط قطر (5/ 406 - 407)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 326).

ص: 37

وبهذا يُعلم أنّ معنى قوله: (ولو ذبحها عن صغير في الورثة أو أُمُّ ولدٍ: جاز)

(1)

، أي: لو كان أحد الشركاء صغيرًا أو أُمَّ ولدٍ.

[الانتفاع بالأضحية]

([ويأكل]

(2)

من لحم الأضحية ويطعم الأغنياء والفقراء)

(3)

، إلى قوله:(جاز أن يؤكله غنياً)

(4)

، وهذا الذي ذكره في أضحية الغني بدون النّذر، وأمّا في الأضحية المنذورة سواء كانت من الغني أو الفقير فليس لصاحبها أن يأكل ولا أن يؤكل الغني؛ لأن سبيلها التصدّق، وليس للمتصدّق أن يأكل من صدقته، إلى هذا أشار في "الذّخيرة"، وقال: إذا نذر ذبح شاة لا يأكل منها الناذر، ولو أكل فعليه قيمة ما أكل

(5)

.

وقوله: (لِمَا روينا)

(6)

، أراد به قوله عليه السلام:«فَكُلُوْا مِنْهَا وَادَّخِرُوْا»

(7)

.

[المراد بالقانع والمعتر]

وقوله: (والإطعام)

(8)

، معطوف/ على قوله:(الأكل والادخار)

(9)

، أي:(الجهات ثلاث)

(10)

، إلا أن [الاثنين]

(11)

ثبتا بالحديث، والثّالثة: وهي الإطعام ثبتت بالكتاب

(12)

.

القَانِع: السّائِل من القُنُوْعِ لا مِنَ القَنَاعَة

(13)

، والمُعْتَرّ: الذي يتعرض للسؤال ولا يسأل

(14)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(2)

في (أ): (يأكل).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1473).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 460)، العناية شرح الهداية (9/ 518).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1473).

(7)

هذا الحديث أورده بالمعنى، وأخرج مسلمٌ في "صحيحه"(3/ 1562)، كتاب (الضحايا)، باب (ماكان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث) بِسَنَدِه: عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ:«كُلُوا، وَتَزَوَّدُوا، وَادَّخِرُوا» .

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1473).

(9)

يُنْظَر: المَرْجِع السابق.

(10)

يُنْظَر: المَرْجِع السابق.

(11)

في (أ): (الاثنتين).

(12)

بقوله تعالى: {وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} ، سورة الحج الآية (36).

(13)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 425)، النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 114).

(14)

يُنْظَر: الفائق في غريب الحديث (1/ 145)، مختار الصحاح (ص 204).

ص: 38

[حكم الانتفاع بجِلْد الأضحية ولحمها أو بيعهما والاستفادة من ثمنهما]

كـ (الجِراب

(1)

والغِرْبال)

(2)

، وكذا له أن يشتري بجلد الأضحيّة ثوباً يلبسه، (ولا يشتري)

(3)

له الخَلّ والمدى، وكذلك لا يشتري به اللّحم ولا بأس ببيعه بالدّراهم ليتصدّق بها، وليس له أن يبيعها بالدّراهم لينفقها على نفسه

(4)

.

وفي "الأجناس"

(5)

: لو أراد بيع لحم الأضحية ليتصدّق بثمنها ليس له ذلك وليس له في اللّحم إلا أن يطعم أو يأكل

(6)

.

فصار حاصل الجواب في الجِلْد: أنّه لو باعه بشيء ينتفع به بعينه يجوز، ولو باعه بشيء لاينتفع به إلا بعد ما استهلكه لا يجوز، وفي اللّحم: لا يجوز أصلاً، سواء باع بشيء ينتفع به بعينه أو باعه بشيء لا ينتفع به إلا بعد استهلاكه، وذكر شيخ الإسلام: أن الجواب في اللّحم كالجواب في الجِلْد؛ إن باعه بشيء ينتفع به بعينه يجوز، وتأيّد هذا القول بما روى ابن سماعة عن محمّد: أنّه لو اشترى باللّحم ثوبًا فلا بأس بلبسه، كذا في "الذّخيرة"

(7)

.

(1)

الْجِرَابُ: وِعَاءُ الزَّادِ، مِنْ جِلْدٍ، وَجَمْعُهُ: جُرُبٌ وَ أَجْرِبَة. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صِحاح الآثار (1/ 144)، مختار الصحاح (ص 55).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1473).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 14)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 81)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 182).

(5)

الْأَجْنَاس: هو كتاب الأجناس في فروع الفقه الحنفي، لأبي العباس، أحمد بن محمد الناطفي، الحنفي، الْمُتَوَفَّى سنة 446 هـ، جَمَعَها غير مرتَّبة، ثُمَّ رتَّبَها علي بن محمد الجُرجاني، والكتاب تحت الطبع بتحقيق كُلٍّ من عبدالله بن سعد الطخيس و كريم بن فؤاد اللمعي، وستقوم بنشره دار المأثور بالمدينة النبوية. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 1)، الأعلام للزركلي (1/ 213).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 470)، شرح مختصر الطحاوي للجصاص (7/ 339 - 340).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 470 - 471)، العناية شرح الهداية (9/ 518).

ص: 39

[المراد بالأبازير]

الأبازير: التّوابل، ديك [افزار]

(1)

، جمع أَبزار بالفتح

(2)

.

وقولُه: (في الصّحيح)

(3)

احتراز عمّا ذكره في "الذّخيرة" مُحَالاً إلى "الأجناس"، وقد ذكرناه.

(لأنّ القربة انتقلت إلى بَدَلِهِ)

(4)

، ولأنّ معنى التموُّل سقط عن الأضحية، فإذا تموّلها بالبيع وجب التصدّق، كذا في "الإيضاح"

(5)

.

[أُجْرةُ جزَّار الأضحية]

(ولا يعطي أُجرة الجزار من الأضحية)

(6)

؛ لأنّه في معنى البيع؛ لأنّ كل واحد منها معاوضة؛ لأنّه إنما يعطى الجزار مقابلة جَزْرِه والبيع مكروه

(7)

؛ فكذا ما هو في معناه

(8)

.

[الانتفاع بصوف الأضحية ولبنها]

(كما في الصُّوف)

(9)

، أي: كما يكره له الانتفاع بصوفها؛ وهذا لأنّ اللّبن يتولّد من عينِها وقد جعلها للقُرْبة فلا يصرف شيئاً منها [إلى]

(10)

منفعة نفسه قبل أن [تبلغ]

(11)

محلّها، ولكنّه ينضح ضرعها بالماء البارد حتّى [يتقلّص]

(12)

اللّبن فلا [يتأدّى]

(13)

به، [إلا أنّ]

(14)

هذا إنما ينفع إذا كان بقرب من أيّام النّحر، فأمّا إذا كان بالبعد فلا يفيد هذا؛ لأنّه ينزل ثانياً وثالثاً {بعد}

(15)

ما يتقلّص، ولكن ينبغي أن يحلبها ويتصدّق باللّبن [كالهدي]

(16)

إذا عطب قبل أن يبلغ محلّه فإن عليه أن يذبحه ويتصدّق بلحمه، كذا في "المبسوط"

(17)

.

(1)

في (أ): (افراز).

(2)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرب (ص 46).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1473).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 15 - 16)، العناية شرح الهداية (9/ 518)، البناية شرح الهداية (12/ 55).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(7)

- الْمَكْرُوْهُ لُغَةً: ضِدُّ الْمَحْبُوْبِ، وَكَرِهُتُ الشَّيْءَ: إذَا لَمْ تُرِدْهُ وَلَمْ تَرْضَهُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 437)، النهاية لابن الأثير (4/ 169).

- الْمَكْرُوْهُ اصطلاحًا: يُقَسِّمُ الحنفية المكروه إلى قسمين، هما:

القسم الأوَّل: مَكْرُوْهٌ تَنْزِيْهًا: وَهُوَ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ الْكَفَّ عَنْهُ طَلَبَاً غَيْرَ جَازِمٍ، أَوْ هُوَ مَا يُثَابُ تَارِكُهُ وَلَا يُعَاقَبُ فَاعِلُهُ، وَهَذَا التعريف موافق لتعريف الجمهور للمكروه.

القسم الثَّانِي: مَكْرُوْهٌ تَحْرِيْمَاً: مَا طَلَبَ الشَّارِعُ الْكَفَّ عَنْهُ بِجَزْمٍ بِدَلِيْلٍ ظَنِّيٍّ فِيْهِ شُبْهَةٌ. يُنْظَر: شرح التلويح على التوضيح للتفتازاني (2/ 252)، تكملة فتح القدير (10/ 4)، التعريفات للجرجاني (ص 228).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 14)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 81)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 9).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1474).

(10)

في (ب): (في).

(11)

في (أ): (يبلغ).

(12)

في (ب): (ينقلص).

(13)

في (ب): (يتأذَّى).

(14)

في (أ): (لأن).

(15)

سقطت من (أ).

(16)

في (ب): (كالذي).

(17)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 15)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 78)، البناية شرح الهداية (12/ 56).

ص: 40

وذكر في "الإيضاح": [ومِن]

(1)

أصحابنا من قال: {بأن هذا}

(2)

-أي: كراهة حلب لبن الاضحيّة وجزّ صوفها- في الشّاة أو في النّاقة التي أوجبها [وليست]

(3)

بواجبة، كالمعسر إذا اشترى أضحية، فأمّا الموسر إذا عيَّنَ أضحية فلا بأس بالحلب والجزّ؛ لأنّ الوجوب لم يتعيّن فيها، وإنّما هو واجب في ذمته، ويسقط عنه بالذّبح، فقبل الذّبح صارت هذه وغيرها سواء

(4)

.

[استحباب ذبح المُضَحِّي أضحيته بيده]

(والأفضل أن يذبح أضحيته بيده)

(5)

وإن أمر غيره لم يضره؛ لِمَا رُوِيَ عَن النَّبِيِّ عليه السلام: أَنَّهُ سَاقَ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَنَحَرَ مِنْهَا بِيَدِهِ نَيِّفَاً

(6)

وَسِتِّيْنَ، ثُمَّ أَعْطَى الْحَرْبَةَ عَلِيَّاً رضي الله عنه فَنَحَرَ الْبَاقِيْ

(7)

، ولأنّ الذّبح عبادة فكان مباشرته بنفسه أفضل

(8)

.

(«فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ»)

(9)

، وتمام الحديث:«أَمَا إِنَّهُ يُجَاءُ بِدَمِهَا وَلَحْمِهَا فَيُوْضَعُ فِي مِيْزَانِكِ وَسَبْعُوْنَ ضِعْفَاً» ، فقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه

(10)

: هذا لآل محمّد خاصة أم لآل محمّد والمسلمين عامة؟ {فقال عليه السلام: «لِأَهْلِ مُحَمَّدٍ خَاصَةً وَلِلْسُلِمِيْنَ عَامَّةً»

(11)

(12)

، هذا كلّه من "الإيضاح"

(13)

.

(1)

في (أ): (من).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

في (أ): (وليس).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 470)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 78)، البناية شرح الهداية (12/ 56 - 57).

(5)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 220).

(6)

نيِّفاً: النَّيِّف: يُخَفَّفُ ويُشَدَّدُ، يُقَالُ: عَشَرَةٌ وَنَيِّفْ، وَكُلُّ مَا زَادَ عَلَى الْعِقْدِ فَهُوَ نَيِّفٌ حَتَى يَبلُغَ العِقْدُ الثَّانِي، وَعَنْ الْمُبَرِّدِ: النَّيِّفُ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى ثَلَاثٍ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 514)، مختار الصحاح (ص 322)

(7)

أخرج مسلم في "صحيحه"(2/ 886)، كتاب (الحج)، باب (حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1218)، بسنده من حديث جابر رضي الله عنه الطويل، وفيه:«ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ، فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ» .

(8)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 79)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 190)، اللباب في شرح الكتاب (3/ 236).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1474).

(10)

في (أ): رحمه الله.

(11)

هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1/ 241)، باب (في الترغيب في الأضحية والعمل في أيام العشرة)، برقم (355)، بسنده عن علي رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يا فاطمةُ قُوْمِي فاشْهَدِي أُضْحِيَتَكِ فَإِنَّ لَكِ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِهَا مَغْفِرَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ، أَما إِنَّهُ يُجَاءُ بِدَمِهَا وَلَحْمِهَا فَيُوْضَعُ فِي مِيْزَانِكِ سَبْعِيْنَ ضِعْفَاً» ، فَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا لِآلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً فَإِنَّهُمْ أَهْلٌ لِمَا اخْتُصُّوا بِهِ مِنَ الخَيْرِ أَوْ لِآلِ مُحَمَّدٍ وَالْمُسْلِمِيْنَ عَامَّةً؟ قَالَ: «لِآلِ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً وَالْمُسْلِمِيْنَ عَامَّةً» .

- هذا الحديث بهذا اللفظ قال عنه الألباني: موضوع. يُنْظر: ضعيف الترغيب والترهيب للألباني (1/ 338).

(12)

مابين القوسين سقط من (ب).

(13)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 79)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 190)، اللباب في شرح الكتاب (3/ 236).

ص: 41

[تابعٌ لمسألةِ ما لو غلط رجلان فذبح كلٌّ منهما أضحية الآخر]

(حتى وجب عليه أن يضحّي بها بعينها في أيّام النّحر)

(1)

، أي: فيما إذا كان المضحّي فقيراً، (ويكره أن يبدل بها غيرها)

(2)

، أي: فيما إذا كان غنيًا؛ هكذا وجدت بخطّ شيخي

(3)

/

(4)

.

(آذِنًا له)

(5)

، ثم الإذن دلالة كالإذن صريحًا، كما في شرب ماء السقاية ونظائره.

(فصار كما لو باع أضحيته)

(6)

، يعني} أنَّه

(7)

لو باع أضحيته واشترى بثمنها غيرها؛ فلو كان غيرها أنقص من الأولى يتصدّق بما فضل على الثّانية

(8)

، ولو لم يشتر حتّى مضت أيّام النّحر يتصدّق بثمنها [كلّه]

(9)

(10)

.

[رجلان غلط كلُّ واحدٍ منهما فذبح أضحية الآخر ولم يحللا بعضهما]

(ومن أتلف لحم أضحية غيره)

(11)

، هذا يتّصل بما قبله، يعني عند تشاحِّهما عن التّحليل، كان كلّ واحد منهما متلفاً لحم أضحية صاحبه، ومن أتلف أضحية غيره كان لصاحب اللّحم أن يضمن المتلِفُ قيمة لحم أضحيته [ثم]

(12)

يتصدّق بتلك القيمة فكذلك ههنا

(13)

.

وقولُه: (كان الحُكْم ما ذكرناه)

(14)

أراد به قوله: (وإن تشاحّا فلكل منهما أن يضمن صاحبه قيمة لحمه)

(15)

، (والله أعلم)

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1475).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

شَيُخِيْ: لم يتبين لي على وجه التحديد من هو، ولكن السغناقي/ من عادته عند إطلاق هذا اللفظ يريد به شيخه: الإمام، محمد بن محمد بن نصر البلخي، حافظ الدين الكبير، الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 693 هـ.

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 519)، حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 271).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1475).

(6)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1476).

(7)

سقطت من (أ).

(8)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 78)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 10)، العناية شرح الهداية (9/ 519 - 520).

(9)

في (أ): (كلَّها).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 519 - 520)، البناية شرح الهداية (12/ 63).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1476).

(12)

في (ب): (لم).

(13)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 21)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 9)، اللباب في شرح الكتاب (3/ 237).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1476).

(15)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(16)

يُنْظَر: المرجع السابق.

ص: 42

‌كتابُ الكراهية

[مناسبة كتاب الكراهية لكتاب الأضحية]

أورد الكراهية بعد الأضحية؛ لأنّ عامّة مسائل كلّ [واحدٍ]

(1)

منهما لم [تَخْلُ]

(2)

من أصل أو فرع يَرِدُ فيه الكراهية.

ألا [ترى]

(3)

أن في وقت الأضحية/ من ليالي أيّام النّحر، وفي التصرّف في الأضحية بجَزِّ الصُّوْف وحَلْب اللّبن، وفي إقامة غيره مقامه كما في ذبح الكِتابِيِّ، وغيرها من المسائل كيف تحققت الكراهة، وفي كتاب الكراهية أيضاً كذلك

(4)

.

[الاختلاف بين الفقهاء في عنوان الكتاب، وسببه]

ثم إنما اختصّ هذا الكتاب هُنَا وفي "الجامع الصّغير"

(5)

، و"شرح الطّحاوي"

(6)

بلفظ الكراهية

(7)

.

(1)

في (أ): (واحدةٍ).

(2)

في (ب): (يَخْلُ).

(3)

في (ب): (يُرَى).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 4)، البناية شرح الهداية (12/ 65)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (2/ 523).

(5)

الجَامِعْ الصَّغِيْر: لمحمد بن الحسن الشيباني، وهو من أصول كتب المذهب الحنفي، وقد تعدَّدت مؤلفات العلماء في شرحه وبيان دقائقه ومعانيه، وما ذلك إلا لعظيم منفعته وقدره، وهو مطبوع في جزء واحد مع شرحه "النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير" لمحمد عبد الحي بن محمد عبد الحليم الأنصاري اللكنوي الهندي، أبو الحسنات، المتوفى سنة 1304 هـ، طبَعَتْهُ دار عالم الكتب ببيروت. ويُنْظَر أيضاً: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 563)، الأعلام للزركلي (6/ 80).

(6)

الطَّحَاوِي: هو أبو جعفر، أحمد بن مُحَمَّد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي، فقيه انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر، وُلِدَ ونشأ في طحا من صعيد مصر، وتفقَّه على مذهب الشَّافِعِي، ثُمَّ تحول حنفيًّا، ورحل إلى الشام سنة 268 هـ فاتصل بأحمد بن طولون، فكان من خاصته، وتوفي بالقاهرة سنة، وكتابُهُ هذا "شرح الطحاوي": كتابٌ شَرَح فيه "الجامع الصغير في الفروع" لمحمد بن الحسن الشيباني، ولم أجِدْهُ لا مطبوعاً ولا مخطوطاً، ولكن تُوْجَد مِنْه بعض النُقُول في كتب الفقه الحنفي، ومِن تصانيفه أيضاً:"شرح معاني الآثار" في الحديث، و"بيان السنة" رسالة، وكتاب "الشفعة" وغيرها. يُنْظَر: الفهرست لابن النديم (ص 257)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 102)، لسان الميزان لابن حجر (1/ 274)، الأَعْلَام للزركلي (1/ 206).

(7)

يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 476)، شرح مختصر الطحاوي للجصاص (8/ 517).

ص: 43

وفي بعض الكتب بلفظ الحَظْر والإباحة، كما هو المذكور في "الإيضاح" و"التحفة" و"التتمة"

(1)

و"فتاوى قاضي خان"

(2)

.

وفي بعض الكتب بلفظ الاستحسان، كما هو المذكور في "المبسوط" و"الذّخيرة" و"الْمُغْنِي"

(3)

؛ لَمَّا أن مسائل هذا الكتاب من أجناس مختلفة ليست من جنس واحد كمسائل الأضحية وغيرها فلقّب في هذه المواضع باسم معنى ذلك الاسم يوجد في عامة مسائله من الكراهية والحظر والإباحة والاستحسان، وخُصَّ في "المبسوط" بالاستحسان، وإن كان القياس ثابتًا في مقابلته؛ لَمَّا أنّ المعمول فيه جانب الاستحسان

(4)

.

ثم محاسن مسائل هذا الكتاب راجعة إلى ما هو المذكور من محاسن كل جنس في كتابه، وكذلك سببها وركنها وشرطها وحكمها.

[تعريف الكراهية لُغَةً واصطلاحًا]

وأمّا معنى الكراهية لُغَةً: فَضِدّ الرضى والإرادة

(5)

(6)

، وفي "المصادر"

(7)

الكراهة والكراهية: بدل دشوار داشتن.

(1)

التَّتِمَّة: هو كتاب "التَّتِمَّة في الفتاوى"؛ لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبدالعزيز بن عمر بن مازه، البخاري الْمُتَوَفَّى سنة 616 هـ، وهو كتابٌ جمع فيه مصنِّفُه ما وقع إليه من الحوادث والواقعات، وضَمَّ إليها ما في الكتب من المشكلات، وجمع في كل مسألة روايات مختلفة. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 823)، معجم المؤلفين (3/ 796)، الفوائد البهية (ص 336).

(2)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 331)، فتاوى قاضيخان (3/ 301).

(3)

الْمُغْنِي: لم أعرفه، إلَّا أنَّ عند الحنفية كتابٌ يُقالُ له "المغني" لأحمد بن الأضرب الحلبي، وهو شرحٌ لكتاب "مجمع البحرين وملتقى النهرين" لابن الساعاتي، ولكني لم أجد "المغني" لا مطبوعًا ولا مخطوطًا. وُيُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1599).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 145)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 473)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (2/ 523).

(5)

يُنْظَر: طِلْبَة الطلَبَة في الاصطلاحات الفقهية (ص 161)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 437).

(6)

قال أبو محمد العيني في كتابه "البناية شرح الهداية": والكراهية ليست بضد الإرادة عندنا، فإن الله سبحانه وتعالى كاره للكفر والمعاصي، أي ليس براض بهما ولا يوجب لهما، فإن الكفر والمعاصي بإرادة الله سبحانه وتعالى بمشيئته، وعند المعتزلة: ضد الكراهية الإرادة أيضا، كما عرف في أصول الكلام. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 65).

(7)

الْمَصَادِر: هو كتابٌ لأبي عبدالله، حسين بن أحمد، وقيل: محمد بن أحمد بن حسين الزَّوْزَني، شارح المعلقات، عالم بالأدب، قاض، من أهل زَوْزَنْ -بين هراة ونيسابور-، توُفِّيَ سنة 486 هـ، وكتابه "المصادر": هو معجمٌ للمصادر في اللغة العربية، مرتبٌ على حروف المعجم، وهو لازال مخطوطاً، منه نسخة في معهد دراسات الثقافة الشرقية بجامعة طوكيو برقم (2187). ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1703، 1740)، الأعلام للزركلي (2/ 231).

ص: 44

وأمّا معناها عند أهل الفقه: فما هو المذكور في الكتاب

(1)

.

[حكم لبن الحيوان مأكول اللحم وغير مأكول اللحم]

قوله: (واللّبن متولّد من اللّحم فأخَذَ حكمه)

(2)

، أي: "فيما [لم]

(3)

يختلف ما هو المطلوب من كلّ واحد منهما"، فلابدّ من ذكر هذه الزيادة، وإلا يلزم نقضاً على هذا الأصل لبن الخيل على قول أبي حنيفة/ في رواية هذا الكتاب

(4)

، حيث جعل شرب لبنه حلالاً ممّا لا بأس به، وأكل لحمه محرماً مع أن هناك لبن الخيل متولّد من لحمه أيضاً فلم يأخذ لبنه حكمه لحمه؛

[الخلاف في حكم أكل لحم الخيل]

لما أنّ المقصود من تحريم لحمه عدم تقليل آلة الجهاد ولا يوجد ذلك في اللّبن كان شربه ممّا لا بأس به لذلك

(5)

(6)

.

(1)

الْكِتَاب: الْمُراد به هُنَا "بداية المبتدي"، وذلك بقوله:(المروي عن محمد/ أن كل مكروه حرام، إلا أنه لَمَّا لَم يجد فيه نَصًّا قاطعًا لم يطلق عليه لفظ الحرام، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف: أنه إلى الحرام أقرب). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 221).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1477).

(3)

في (أ): (لا).

(4)

الكتاب: المراد به هنا "الهداية شرح البداية" وذلك بقوله: (ولأبي حنيفة قولُه تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَة} خرج مخرج الامتنان والأكل من أعلى منافعها، والحكم لا يترك الامتنان بأعلى النعم ويمتن بأدناها، ولأنه آلة إرهاب العدو فيكره أكله احتراما له، ولهذا يضرب له بسهم في الغنيمة، ولأن في إباحته تقليل آلة الجهاد، وحديث جابر مُعَارَض بحديث خالد رضي الله عنه، والترجيح للمحرم، ثم قيل: الكراهة عنده كراهة تحريم، وقيل كراهة تنزيه، والأول أصح، وأما لبنه فقد قيل: لا بأس به لأنه ليس في شربه تقليل آلة الجهاد). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1457 - 1458).

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 10)، العناية شرح الهداية (10/ 5)، البناية شرح الهداية (12/ 67).

(6)

اختلف الفقهاء في حكم أكل لحم الخيل:

- أبو حنيفة: مكروه، قيل كراهة تحريم، وقيل كراهة تنزيه، ورجَّح صاحب الهداية كما سبق أنها للتحريم، وذلك بقوله في "الهداية" (4/ 1458):(ثم قيل: الكراهة عنده كراهة تحريم، وقيل كراهة تنزيه، والأول أصح).

- مالك: الكراهة.

- أبو يوسف ومحمد بن الحسن والشافعي وأحمد: الإباحة.

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 233)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 185)، عيون المسائل لعبد الوهاب المالكي (ص 496)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 436)، الحاوي الكبير للماوردي (15/ 142)، المجموع شرح المهذب للنووي (9/ 4)، المغني لابن قدامة (9/ 411)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (10/ 363).

ص: 45

[المُراد بالجرجرة في قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما يجرجر في بطنه نار جهنم»]

الْجَرْجَرَةُ: بانك كردن وريختن؛ فعلى الأوّل قوله: «نَارَ جَهَنَّمَ»

(1)

بالرّفع؛ وعلى الثّاني بالنَّصْب، كذا وجدتُ بخط شيخي/، واختار في "الْمُغْرِب" النَّصْب، فقال: هكذا كان محفوظًا من الثقات بنصب الراء، [ومعناه]

(2)

: يردّدها؛ من جرجر الفحل إذا ردد صوته في حنجرته

(3)

.

[الشرب بآنية الذهب والفضة والادِّهان منهما]

(لأنّه في معناه)

(4)

أي: لأن الادِّهان من آنية الذّهب في معنى الشّرب منها؛ لأنّ كلاًّ منهما استعمال لها، والْمُحرَّم هو الاستعمال

(5)

.

[قولٌ في صورة الادِّهان المُحَرَّم]

[

]

(6)

قيل صورة الادِّهان المحرم هو: أن يأخذَ [آنية الذّهب أو الفضّة]

(7)

ويصبّ الدُّهْن [

]

(8)

على الرأس [

]

(9)

، أمّا إذا أدخل يده فيها وأخذ الدّهن ثم صبّه [

]

(10)

[على الرأس من اليد]

(11)

لا يُكره؛ كذا ذكره صاحب "الذّخيرة" في "الجامع الصّغير"

(12)

(13)

، [

]

(14)

(15)

.

(1)

جزءٌ من حديثٍ أخرجه البخاري (7/ 113)(كتاب الأشربة)(باب أنية الفضة) برقم (5634): عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» .

- وأخرجه مسلم (3/ 1634) برقم (2065).

(2)

في (أ): (معناه).

(3)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 86).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1477).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 6)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 159)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 46)،

(6)

زيادة في هامش (أ): (قَوْلُهُ: (وَالادِّهَان».

(7)

في هامش (أ): (الْآنِيَةَ الْمُحَرَّمَةَ).

(8)

زيادة في هامش (أ): (مِنْهُ).

(9)

زيادة في هامش (أ): (بِالذَّات).

(10)

زيادة في هامش (أ): (مِنْهَا).

(11)

في هامش (أ): (مِنْهَا عَلَيْهِ).

(12)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 46)، العناية شرح الهداية (10/ 6) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 11).

(13)

الجَامِع الصَّغِيْر: هو شرحٌ لـ "الجامع الصغير للشيباني"، لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر ابن مازه البخاري المتوفى سنة 616 هـ، ولعلَّهُ هو الذي يقصده ابن نجيم في "البحر الرائق" (2/ 33) بقوله:(وفي النهاية معزياً إلى الجامع الصغير البرهاني)، وذكر القرشي في الجواهر المضية أنَّ مِنْ جُمْلَةِ شُرَّاحِ "الجامع الصغير":(برهان الدين صاحب المحيط)، وقال في "كشف الظنون" في معرِض حديثه عن شروح "الجامع الصغير":(وفي الحقائق أن لصاحب المحيط، وللإمام المحبوبي، وللأفطس، جوامع مرتبة)، فلعلَّهُ هو المقصود بذلك، وهناك نسخةٌ مخطوطة في المكتبة الظاهريَّة في دمشق بسوريا، محفوظَةٌ برقم: 383، بهذا العنوان، ومؤَلِّفُهَا: برهان الدين إمام الحرمين، فلعَلَّهُ ذلك. وَيُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 449)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 563)، هدية العارفين (2/ 404)، الفوائد البهية للكنوي (ص 205)، خزانة التراث بمركز الملك فيصل (61/ 664).

(14)

زيادة في هامش (أ): (وأرى أنه مخَالِف لِمَا ذُكِر في الْمِكْحَلة، فإن الكُحْل لا بد وأن ينفصل عنها حين الاكتحال، ومع ذلك فقد ذُكِر في المحرمات).

(15)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 6).

ص: 46

[المُراد بالمُفَضَّض]

المُفَضَّض: أي المرصّعُ بالفضّة

(1)

، يعني: سيم كوفت.

[الشُّرْبُ في الإناء المُفَضَّض]

(ويجوز الشّرب في الإناء المُفَضَّض عند أبي حنيفة/)

(2)

، هذا إذا وضع فمه على العود دون الفضّة، وكرهه أبو يوسف/

(3)

.

(وقيل: هذا)

(4)

، أي: الفم؛ أي يتقي موضع الفم وموضع اليد

(5)

.

(وفي السّرير والسَّرْج

(6)

موضع الجلوس)

(7)

، أي: يتقي موضع الجلوس

(8)

.

(وقول محمّد/ مروي مع أبي حنيفة/)

(9)

، هكذا ذكره القاضي الإمام الإِسبيجابي

(10)

(11)

.

(ويُرْوَى مع أبي يوسف/)

(12)

، هكذا ذكره القاضي الإمام أبو عاصم العامري/

(13)

(14)

.

(1)

يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 240).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 221).

(3)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 160)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 46 - 47)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 282).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1478).

(5)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 160)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 11)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 282).

(6)

السَّرْج: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا: رَحْلُ الدَّابَةِ، وَالْجمع سُرُوجٌ، وَأَسْرَجْتُهَا: شَدَدْتُ عَلَيْهَا السَّرْجَ، فَهِيَ مُسْرَجٌ. يُنْظَر: لسان العرب (2/ 297)، تاج العروس للزبيدي (6/ 36).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1478).

(8)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 160)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 11)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 282).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1478).

(10)

الإِسْبِيْجَابِي: هو علاء الدين أو بهاء الدين علي بن مُحَمَّد بن اسماعيل السمرقندي الْإِسْبِيجَابِي، المعروف بشيخ الاسلام، لم يكن بما وراء النهر في زمانه من يحفظ مذهب أبي حنيفةَ ويعرفهُ مثلهُ، عمَّر في نشر العلم، وسماع الحديث، تفقَّه على صاحب الهِدَايَة، من مصنَّفَاته:"شرح مختصر الطحاوي"، "الْمَبْسُوط"، تُوُفِّيَ سنة 535 هـ.

يُنْظَر: الجواهر المضية في تراجم الحنفية (2/ 592)، الفَوَائِد البهية للكنوي (ص 509).

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 71)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 11)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 282).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1478).

(13)

أَبُوْ عَاصِم الْعَامِرِي: هو القاضي الإمام أبو عاصم محمد بن أحمد العامري المروزي، من كبار أئمة أصحاب أبى حنيفة/ في الفقه والتفسير والفتيا، رُوِيَ أنه قال يوماً: لو فقدتُ كتبَ أبى حنيفة/ لأمليتها من نفسي حفظاً، له تصانيف وشروح للفقه مقبولة، منها:"المختلفات القديمة للمشائخ"، تولى قضاء مرو مُدَّةً، تُوُفِّيَ بمرو سنة 415 هـ. يُنْظَر: الأنساب للسمعاني (9/ 160)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1638).

(14)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 47)، البناية شرح الهداية (12/ 71)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 282).

ص: 47

[المُراد بالمُضّبَّب]

يُقَالُ: بابٌ مُضَبَّبٌ؛ أي مشدودٌ بالضِّبَابِ جمعُ ضَبَّةٍ، وهي حديدتة العريضة التي يُضَبُّ} بها

(1)

، ومنه ضَبَّ أسنانهُ بالفِضَّةِ إذا [شدَّها]

(2)

بها، كذا في "الْمُغْرِب"

(3)

.

[استعمال المُضَبَّب بالذهب والفضة من الآنية وغيرها]

وذكر في "الذّخيرة" الضّبَّة: الذَّهب العريض أو الفِضَّة العريضة يجعل على وجه الباب، وما أشبه ذلك

(4)

.

(ولأبي حنيفة/ أن ذلك تابع ولا معتبر بالتوابع)

(5)

.

[أرسل أجيراً له فاشترى لحماً وأخبره من أين اشتراه]

وحُكِيَ أنّ هذه المسألة وقعت في دار أبي جعفر الدّوانقي

(6)

بحضرة أبي حنيفة [وأئمة]

(7)

عصره رحمهم الله، فقالت الأئمة: يكره، فقيل لأبي حنيفة رضي الله عنه

(8)

[ما تقول]

(9)

؟ فقال: إن وضع فمه على الفضّة يكره، وإلا فلا، فقيل له: ما الحجّة فيه؟ فقال: أرأيت لو كان في الأصبع خاتم فضة فشرب من كفِّه أَيُكْرَه؟ فوقف كلّهم وتعَجَّبَ أبو جعفر، كذا ذكره الإمام المحبوبي/

(10)

(11)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

في (أ): (سدَّدها).

(3)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 304).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 47).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1478).

(6)

أَبُوْ جَعْفَر الدَّوَانِقِي: والدوانيقي، هو الخليفة أبو جعفر المنصور، ثاني خلفاء بني العباس، واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، كان يُعْرَف بالدوانيقي، اشتهر بتشييد مدينة بغداد التي تحولت لعاصمة الدولة العباسية، وكان حازماً قوياً وذكيَّاً، تولى الخلافة بعد وفاة أخيه السفاح حتى وفاته سنة 185 هـ، ببئر ميمون من مكة وهو مُحْرِم. يُنْظَر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (11/ 244)، نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر (2/ 292)، المعارف لابن قتيبة (ص 377).

(7)

في (أ): (بأئمة).

(8)

في (ب): رضي الله عنه.

(9)

في (أ): (ما تقوله).

(10)

الْمَحْبُوْبِي: هو أبو الفضل، جمال الدين، عبيدالله بن إبراهيم بن أحمد بن عبدالملك، العبادي المحبوبي البخاري الحنفي، يتصل نسبه إلى الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري رضي الله عنه، انتهت إليه معرفة المذهب، وهو المعروف بأبي حنيفة الثاني، تُوُفِّيَ سنة 630 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 336)، سير أعلام النبلاء (22/ 346)، الوافي بالوفيات (19/ 229).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 8)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 311)، تكملة البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/ 212).

ص: 48

(ومن أرسل أجيراً له مجوسيّاً أو خادمًا فاشترى لحمًا فقال اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم: وسعه أكله)

(1)

، إلى أن قال:(وإن قال غير ذلك: لم يسعه أكله)

(2)

.

فإن قلت: هذه المسألة مناقضة لمسألة ذكرها بعدها [وهي]

(3)

قوله: (ولا [يُقْبَل]

(4)

في الديانات إلا العَدْل)

(5)

، أراد بالعَدْل: المسلم الْمَرْضِيّ على ما ذكر بعده.

ثم قال: (ومنها: الحلّ والحرمة)

(6)

، أي: ومن الدّيانات الحلّ والحرمة، وقد شرط هناك/ في [قبول]

(7)

خَبَر الْمُخْبِر في الدّيانات الإسلام؛ كما لو أخبر بأنّ هذا حلال أو حرام، وذكر [ههنا]

(8)

قبول خبر المخبر في الحلّ والحرمة وإن كان المخبر مجوسيًّا.

وإنّما قلت: إن ههنا [اخْبَارٌ]

(9)

في الحلّ والحرمة؛ لأنّ قوله: (اشتريته من يهوديّ أو نصرانيّ أو مسلم)، معناه: أن هذا لحم حلال لك أكله.

وقوله: (اشتريته من غيرهم)، معناه: أن هذا لحمٌ حرامٌ عليك أكله، فقبل خبره في هذا وإن كان مجوسياً، فما وجه دفع هذه المناقضة؟.

[قبول قول المجوسي في الحِلِّ والحُرمة فيما إذا كان إخباره عن الحِلِّ والحرمة ضِمْنِيَّاً لا قصديَّاَ]

قلت: أنهما يترايان متناقضتين على ما ذكرت، ولكن عند التّحقيق لا مناقضة بينهما؛ وذلك لأنّ فيما نحن بصدده وهو إخبار المجوسي [بأني]

(10)

: (اشتريته من يهوديّ) إلى آخره؛ إثبات الحِلِّ ضمنيّ، وكذلك لو قال:(اشتريته من غيرهم) إثبات الحرمة فيه ضمنيّ، [فأمّا]

(11)

لو قال بأن: (هذا حلال) أو بأن: (هذا حرام)؛ إثبات الحلّ والحرمة فيهما قصديٌّ، فلم يلزم فيما [يثبت]

(12)

الحكم في شيء ضمنا لزومه فيما ثبت قصدًا؛ كوقف المنقول فإنّه يصحّ ضمنًا لغير المنقول ولا يصحّ قصدًا، وكبيع الشرب وغيره، والدّليل على التغاير بينهما هو أنه جعل [قول]

(13)

المجوسي [بأني]

(14)

(اشتريته من يهودي أو نصراني أو مسلم أو اشتريته من غيرهم) من قبيل الإخبار في المعاملات، و [جعل]

(15)

خبر المخبر بأن: (هذا حلال)[أو]

(16)

بأنّ: (هذا حرام) من قبيل الإخبار في الدّيانات، وتغايرهما بهذا الطريق ليس إلا باعتبار أنّ ثبوت الحِلّ والحُرمة في مسألتنا هذه ضمنيّ وهناك قصديّ

(17)

، ولم يعتبر الإمام أبو منصور [الخَزْواني]

(18)

/

(19)

هذا التغاير بينهما حيث اشترط ههنا أيضاً في قبول خبره العدالة؛ ذكره الإمام المحبوبي في "الجامع الصّغير"

(20)

؛ فقال: (قال الإمام الزاهد أبو منصور [الخزواني]

(21)

: هذا إذا كان المخبر عدلاً، وإن كان غير عدل؛ فإن وقع في قلبه أنّه صادق وسعه أكله وإلا فلا)، فجعل الضِمْنِيّ بمنزلة القَصْدِيّ في اشتراط العدالة في قبول خبره

(22)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 221).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

في (أ): (وهو).

(4)

في (ب): (تُقْبَل).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1480).

(7)

في (أ): (قبوله).

(8)

في (أ): (هنا).

(9)

في (أ): (اختار).

(10)

في (ب): (بأن).

(11)

في (ب): (وأما).

(12)

في (أ): (ثبت).

(13)

في (أ): (قوله).

(14)

في (أ): (بل).

(15)

في (أ): (مثل).

(16)

في (أ): (و).

(17)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 11)، البناية شرح الهداية (12/ 79)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 530).

(18)

في (أ): (الحرواني).

(19)

لم أجد ترجمةً له، والخَزْواني: وتنطق أيضاً الخَژَوانى نِسبةً إلى خَزْوان أو خَژَوان، بزاى غير الصافية المنقوطة بثلاث، وهي قرية من قرى بُخَارَى. يُنْظَر: معجم البلدان (2/ 370)، الأنساب للسمعاني (5/ 124).

(20)

الْجَامِع الصَّغِير: هو شرحٌ لـ "الجامع الصغير للشيباني"، لِأبي الفضل، جمال الدين، عبيدالله بن إبراهيم بن أحمد بن عبدالملك، المحبوبي، البخاري، الحنفي، الْمُتَوَفَّى سنة 630 هـ، وهو غير مطبوع. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 563)، الفوائد البهية للكنوي (ص 108)، هدية العارفين (1/ 649)

(21)

في (أ): (الحرواني).

(22)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 11)، البناية شرح الهداية (12/ 79).

ص: 49

[إذن المَوْلى لعبده في التجارة وقبول قوله فيها وفي الهدايا]

(ويجوز أن يُقْبَلَ في الهديّة والإذن قول العبد)

(1)

، أي: في أن [يجعل]

(2)

المولى عبْدَهُ مأْذونًا في التجارة

(3)

.

وقوله: (لِمَا قلنا)

(4)

راجع إلى قوله: (لأنّ الهدايا تبعث عادة على أيدي هؤلاء)

(5)

، إلى آخره.

[خبَر وقول المستور في الديانات]

(جرياً على مذهبه

(6)

أنّه يجوز القضاء به)

(7)

، فإنّ المستور في هذا الخبر كالعدل عنده، وهو ظاهر على مذهبه، فإنّه يجوز القضاء بشهادة المستورين إذا لم يطعن الخصم

(8)

.

(وفي ظاهر الرّواية: هو والفاسق سواء)

(9)

، وهو الأصحّ؛ لأنّه لابدّ من اعتبار أحد شرطي الشهادة ليكون الخبر ملزمًا، وقد سقط اعتبار العدد فلم يبق إلا اعتبار العدالة، وإذا ثبت أنّ العدالة شرطٌ؛ قلنا: ما كان شرطًا لا [يُكتفى]

(10)

بوجوده ظاهراً؛ كمن قال لعبده: إن لم تدخل الدّار اليوم فأنت حرٌّ، [ثم مضى]

(11)

اليومُ فقال العبد: لم أدخل، وقال المولى: دخلتَ، فالقول قول المولى؛ لأنّ عدم الدّخول شرطٌ فلا يكفي ثبوته ظاهراً لنزول العتق

(12)

.

[قول العبد والحُرِّ والأَمَة في الديانات]

(ويُقْبَل فيها)

(13)

، أي: في الدّيانات (قول العبد والحُرِّ والأَمَةِ)

(14)

؛ لأنّ في أمور الدّين خبر العبد كخبر الحُرِّ كما في رواية الأخبار؛ وهذا لأنّه يلتزم بنفسه ثم يتعدى منه إلى غيره فلا يكون هذا من باب الولاية على الغير

(15)

، وبالرِّقِّ يخرج من أن يكون أهلاً للولاية، فأمّا [ما]

(16)

فيه التزام يستوي العبد والحُرُّ لكونه مخاطباً، ورواية النِّساء من الصّحابة كانت مقبولة كرواية الرِّجَال، قال عليه السلام:«إِنَّكُمْ تَأْخُذُوْنَ ثُلُثَيْ دِيْنِكُمْ مِنْ عَائِشَةَ»

(17)

، هذا كلّه [في]

(18)

"المبسوط"

(19)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 221).

(2)

في (أ): (جعل).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 73)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 311).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1479).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

الضمير هنا يرجع إلى أبي حنيفة وذلك لقوله قبل هذه الجملة: (ولا يقبل فيها قول المستور في ظاهر الرواية، وعن أبي حنيفة/: أنه يقبل قوله فيها). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1479).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1479).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 163)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 477)، العناية شرح الهداية (10/ 10).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1479).

(10)

في (ب): (يكفي).

(11)

في (ب): (فمضى).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 163)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 477)، العناية شرح الهداية (10/ 10).

(13)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 221).

(14)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(15)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 163)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 476)، العناية شرح الهداية (10/ 11).

(16)

في (ب): (فيما).

(17)

هذا الحديث أُوْرِدَ هُنَا بالمعنى، وقد جاء بألفاظ متعددة منها:«خُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ الْحُمَيْرَاءِ» ، «خُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ الْحُمَيْرَاءِ عَائِشَةَ» ، «خُذُوْا شَطْرَ دِيْنِكُمْ عَنْ الْحُمَيْرِاءِ» ، قال ابن حجر: لا أعرف له إسنادًا، ولا رأيتُهُ في شيء من كتب الحديث إلا في "النهاية" لابن الأثير ذكره في مادة "ح م ر"، ولم يذكر من خرَّجه، ورأيتُهُ في "الفردوس" بغير لفظه، وذكره عن أنس بغير إسناد بلفظ:«خُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ الْحُمَيْرَاءِ» . يُنْظَر: كشف الخفا ومزيل الإلباس للعجلوني (1/ 431).

- وقال ابن القيم: وكل حديث فيه «يَاحُمَيْرَاءُ» أو ذِكْرُ «الْحُمِيْرَاءِ» فهو كَذِب مُخْتَلَق. يُنْظَر: المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن القيم (ص 60).

- وقال الملا علي القاري: لا يُعْرَفُ له أصل. يُنْظَر: المصنوع في معرفة الحديث الموضوع (ص 98).

- وقد أورده الديلمي في فردوس الأخبار (2/ 265) باب (الخاء) برقم (2650) بدون إسناد: عن أنس بن مالك بلفظ: «خُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ» ، وقال في كشف الخفاء: قال القاري: لكن في الفردوس من غير إسناد «وَخُذُوْا ثُلُثَ دِيْنِكُمْ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ» ، لكن معناه صحيح. يُنْظَر: كشف الخفا ومزيل الإلباس للعجلوني (1/ 431).

(18)

في (أ): (من).

(19)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 163)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 476).

ص: 50

[خبر الفاسق أو المستور عن نجاسة الماء]

(ولو كان أكبر رأيه أنّه كاذب يتوضأ} به

(1)

ولا يتيمم)

(2)

وفي "المشارع"

(3)

: فإن لم يترجّح أحد [الوجهين]

(4)

فالأصل الطّهارة

(5)

.

[خبر الواحد العدل في الحِلِّ والحُرمة إذا تضَمَّن زوال المُلك أو إذا لم يتضمَّنْه]

وقولُه: (لما قلنا)

(6)

إشارة إلى قولِه: (أمّا التحري مجرّد ظنّ)

(7)

فكان فيه احتمال الخطأ

(8)

.

(ومنها)

(9)

، أي: ومن الدّيانات (الحِلّ والحُرْمَة إذا لم يكن فيه زوال الملك)

(10)

، أي: يقبل خبر الواحد

(11)

العدل في} الحِلِّ و

(12)

الحرمة إذا لم يكن ما أخبره بالحرمة متضمنًا زوال الملك؛ وأمّا إذا تضمّنه فلا يقبل

(13)

.

(1)

سقطت من (أ).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1480).

(3)

الْمَشَارِع: هو كتاب "مشارع الشارع" في فروع الحنفية، لأبي حفص، عمر بن محمد النَّسَفِي، نجم الدين، الْمُتَوَفَّى سنة 537 هـ. يُنْظَر: تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص 228 - 229)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (3/ 249)، الأعلام للزركلي 3/ 249).

(4)

في (ب): (الطرفين).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 477)، العناية شرح الهداية (10/ 11)، البناية شرح الهداية (12/ 78)

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1480).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 477)، العناية شرح الهداية (10/ 11)، البناية شرح الهداية (12/ 78)

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1480).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

- خَبَرُ الْوَاحِد لُغَةً: الْخَبَرُ: مِنْ الْخُبْرُ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ، والْخَبَر: النَّبَأ، وَالْجَمْعُ أَخْبَار، الْوَاحِدُ (الْآحَادُ): مِنْ الْوَحْدَةُ، وَهِيَ الِانْفِرَادُ، تَقُولُ: رَأَيْتُهُ وَحْدَهُ، وَيُقَالُ: جَاءُوْا آحَادَاً آحَادَاً؛ أيْ: فُرَادَى.

- وَبَعْدَ التَّرْكيْبِ يَكُوْنُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُ لِخَبَرُ الْوَاحِد (الآحَادُ): مَايُنْبِئُ بِهِ وَيَنْقُلُهُ الْفَرْدُ مِنْ الْأَخْبَارِ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 87، 334)، القاموس المحيط (1/ 382)، مقاييس اللغة لابن فارس (6/ 90).

- خَبَرُ الْوَاحِد (الآحَادُ) اصْطِلَاحًا: عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِتَعْرِيْفَاتٍ، مِنْهَا: كُلُّ خَبَرٍ يَرْوِيهِ الْوَاحِدُ أَوْ الِاثْنَانِ فَصَاعِدًا لَا عِبْرَةَ لِلْعَدَدِ فِيهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ دُونَ الْمَشْهُورِ وَالْمُتَوَاتِرِ. يُنْظَر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (2/ 370)، تيسير التحرير لأمير بادشاه (3/ 37).

(12)

سقطت من (أ).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 479)، العناية شرح الهداية (10/ 11)، البناية شرح الهداية (12/ 79)

ص: 51

أمّا الذي تضمنه فكما إذا أخبر رجل عدل أو امرأة للزّوجين بأنّهما ارتضعا من امرأة واحدة؛ حيث} لا يُقْبَلُ

(1)

في إثبات هذه الحُرمة إخبار مخبر حتّى يشهد رجلان/ أو رجل وامرأتان في الحكم؛ لأنّ ثبوت هذه الحرمة متضمّن زوال الملك، فلا يقبل فيه خبر الواحد، [وأمّا]

(2)

الإخبار بالحُرمة [الذي]

(3)

لا [يتضمّن]

(4)

زوال الملك فمثل الإخبار بحرمة الطّعام والشّراب حيث يقبل فيه خبر الواحد

(5)

.

وفي "فتاوى قاضي خان": (رجلٌ تزوج امرأة فأخبره مسلم ثقة رجل أو امرأة [أنّهما]

(6)

ارتضعا من امرأة واحدة، قال في الكتاب

(7)

: أحبّ إليّ أن يتنزّه ويطلقها} ويعطيها

(8)

نصف المهر إن لم يكن دخل بها

(9)

، ولا [تثبت]

(10)

الحرمة بخبر الواحد عندنا ما لم يشهد به رجلان أو رجل وامرأتان

(11)

، وعلى قول الشّافعي/ تثبت حرمة [الرضاعة]

(12)

بشهادة الأربع من النساء

(13)

، وإنّما يتنزّه احتياطاً لمكان حُرمة الوطء فيطلقها كيلا [تبقى]

(14)

معلقة)

(15)

، (وإن لم يطلقها ولم يتنزه وسعه ذلك؛ لأنّ ملك النكاح لا [يبطل]

(16)

بهذه الشّهادة)

(17)

، (فلو أن مسلمًا اشترى لحمًا وقبَضَه، فأخبره مسلم ثقة أنّه ذبيحة المجوسي فإنه لا يسع للمشتري أن [يأكل]

(18)

، ولا أن يطعم غيره

(19)

؛ لأن المخبِر أخبره بحرمة العين وبطلان الملك، وحرمة العين حق الله} تعالى

(20)

فيثبت بخبر الواحد، وأمّا بطلان الملك لا يثبت بخبر الواحد، وليس من ضرورة ثبوت الحرمة بطلان الملك [فتثبت]

(21)

الحُرمة مع بقاء الملك بخلاف ما تقدم؛ لأن بقاء النكاح لا يتصوّر مع ثبوت الحرمة المؤبدّة، فإذا لم يبطل النكاح بخبر الواحد لا [تثبت]

(22)

الحُرمة، وإذا ثبت الحُرمة مع بقاء ملك اليمين ههنا؛ لا يمكنه الردّ على بائعه ولا أن يحبس الثمن [على]

(23)

البائع إذا لم يبطل البيع)

(24)

.

(1)

سقطت من (أ).

(2)

في (ب): (فأما).

(3)

في (ب): (التي).

(4)

في (ب): (تتضمَّن).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 11)، البناية شرح الهداية (12/ 78 - 79)، تكملة البحر الرائق (8/ 213).

(6)

في (ب): (بأنهما).

(7)

الْكِتَاب: الْمُراد بِهِ هنا: "الأصل -المبسوط-" لمحمد بن الحسن الشيباني، قال فيه:(فأَحَبُّ إليّ أن يتنزَّه عنها ويطلقها، ويعطيها نصف الصداق إن لم يكن دخل بها). يُنْظَر: الأصل للشيباني (2/ 249).

(8)

سقطت من (أ).

(9)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (2/ 249)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 478).

(10)

في (أ): (يثبت).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (5/ 138)، فتاوى قاضيخان (3/ 319)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 479).

(12)

في (ب): (الرضاع).

(13)

يُنْظَر: الأم للشافعي (6/ 95)، الحاوي الكبير (11/ 404)، التنبيه في الفقه الشافعي (271).

(14)

في (أ): (يبقى).

(15)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 319).

(16)

في (ب): (تبطل).

(17)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 319)، المبسوط للسرخسي (5/ 138)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 478 - 479).

(18)

في (ب): (يأكله).

(19)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (2/ 249).

(20)

سقطت من (أ).

(21)

في (أ): (فيثبت).

(22)

في (أ): (تثبت).

(23)

في (ب): (عن).

(24)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 319)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 478 - 479).

ص: 52

[المُراد بلفظ الغِنَاء]

الغِنَاءُ: بِكَسرِ [الغَيْن]

(1)

: السَّمَاع، وبِفَتحِها: الكِفَايَةُ

(2)

، وكلاهما ممدودان، وبِكَسْرِها غير ممدود: اليَسَارُ، كذا في "الصِّحَاحِ"

(3)

(4)

، وكان شيخي/ في الضّابط بين المعنيين: مقصور} و

(5)

ممدود [بادا]

(6)

و

(7)

ممدود مقصور [بادا]

(8)

.

[إجابة الدعوة إلى الوليمة أو الطعام]

(لأنّ إجابة الدعوة سُنَّةٌ)

(9)

، إلى قوله:(كصلاة الجنازة واجب الإقامة)

(10)

.

فإنْ قُلْتَ: كيف قاس السُّنَّة على الواجب؛ والواجب لو لم يترك لقوته لما اقترنت به من المعصية لا يلزم أن لا يترك السنة بسبب ما اقترنت بها من المعصية لضعفها؟

[أجاب دعوةً إلى وليمةٍ ووجد فيها مُنْكَراً]

قلتُ: [نعم]

(11)

كذلك؛ إلا أن هذه سنة ورد الوعيد على تاركها على ما قال عليه السلام: «مَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ»

(12)

فكانت هذه السنة في قوّة الواجب؛ فيثبت الحكم فيها على وفاق ما ثبت في الواجب [فثبت]

(13)

الحكم حينئذ في السُّنَّةِ بطريق الدّلالة

(14)

.

(1)

في (أ): (العَين).

(2)

فِي الْمَطْبُوْع: (بالفتح: النَّفْع)، وفي الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب:(بالفتح والمد: الإِجزاء والكِفَاية). يُنْظَر: الصِّحاح تاج اللغة وصِحاح العربية (6/ 2449 - 2450)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 377).

(3)

الصِّحَاح: هو كتاب"الصِّحاح تاج اللغة وصِحاح العربية"، لِمُؤلِّفِه: أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، الْمُتَوَفَّى سنة 393 هـ، وهو مطبوع بتحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، ونشَرَتْه دار العلم للملايين بيروت في ستة أجزاء.

(4)

يُنْظَر: الصِّحاح تاج اللغة وصِحاح العربية (6/ 2449 - 2450).

(5)

سقطت من (أ).

(6)

في (أ): (باد).

(7)

سقطت من (أ).

(8)

في (أ): (باد).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1480).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

سقطت من (أ).

(12)

أخرجه مسلم مرفوعاً (2/ 1055) كتاب (النكاح) باب (الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة) برقم (1432)، بِلِفْظِه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا، وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ» .

- وأخرجه البخاري موقوفاً (7/ 25) كتاب (النكاح) باب (من ترك الدعوة فقد عصى اللهَ ورسولَه) برقم (5177)، بِلَفْظِهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم» .

(13)

في (ب): (فيثبت).

(14)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 13)، العناية شرح الهداية (10/ 12)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 348).

ص: 53

(ولو علم قبل [الحضور]

(1)

لايحضر»

(2)

، سواء كان مُقْتَدَىً أو لم يكن؛ لأنّه لم يلزمه حق الدّعوة؛ لأنّها ليست بمسنونة

(3)

.

وحُكِىَ عن الشيخ أبي حفص الكبير/

(4)

: (إذا كان ممّن لا يُحْتَرَم ولا يُتْرَك المعصية لأجْلِهِ فالتَّرْك والامتناع من الإجابة أولى؛ لقوله عليه السلام: «مَن كثَّر سَوَادَ قومٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»

(5)

(6)

.

(1)

في (ب): (الْحُصُوْلِ).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1480).

(3)

يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 482)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 87)، تحفة الملوك (ص 225).

(4)

أبُوْ حَفْصٍ الْكَبِيْر: هو أحمد بن حفص، الحنفي، يُعْرَفُ بأبي حفصٍ الكبير، أستاذُهُ شريك بن عبد الله النخعي، من أهل بُخارَى، وتفقَّهَ أيضاً على أبي يوسُف، وأخَذَ عن محمد بن الحسن، تكرر ذكره بالكنية فى الهداية، ولَهُ أصحاب وأتباع كثيرون، كان في زمن محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح، تُوُفِّيَ سنة 217 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 544، 249)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 94).

(5)

أخرجه أبو يعلى الموصلي، "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي (4/ 346) باب (مايوجب القصاص)، و "إتحاف الخِيَر الْمَهَرة بزوائد المسانيد العَشَرة" للبوصيري (4/ 135) برقم (3297).

- وأخرجه علي بن معبد، "نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي (3/ 346).

- والحديث ضعيف لأن فيه انقطاع، فعمرو بن الحارث وُلِد سنة 93 هـ، لم يدرك ابن مسعود الذي تُوُفِّيَ سنة 32 هـ.

- ويشهد له ما أخرجه ابن المبارك في "كتاب الزهد والرقائق" بسَنَدِه موقوفاً على أبي ذر الغفاري (2/ 12) باب (استماع اللهو): أَنَّ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ، دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلَمَّا حَضَرَ إِذَا هُوَ بِصَوْتٍ فَرَجَعَ فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَدْخُلُ؟ فَقَالَ: «أَسْمَعُ فِيهِ صَوْتًا، وَمَنْ كَثَّرَ سَوَادًا كَانَ مِنْ أَهْلِهِ، وَمَنْ رَضِيَ عَمَلًا كَانَ شَرِيكَ مَنْ عَمِلَهُ» .

- قال الزيلعي في نصب الراية: وفي الباب حديث: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ، وقد رُوِيَ من حديث ابن عمر، ومن حديث حذيفة، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث أنس. يُنْظَر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (4/ 346 - 347).

(6)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 87)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 78)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 128).

ص: 54

[المُراد باللهو واللَّعِبِ والغِناء الْمُحَرَّم]

(ودلت المسالة على أنّ الملاهي كلّها حرام)

(1)

لأنّ محمّداً/ أطلق اسم اللَّعِب والغِناء بقوله: فوجد ثمة اللَّعِب والغِناء، فاللّعب [وهو]

(2)

اللّهو؛ حرام بالنصّ، قال النبي عليه السلام:«لَهْوُ الْمُؤْمِنِ بَاطِلٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ تَأْدِيْبَهُ فَرَسَهُ» ، وفي رواية:«مُلَاعَبَتَهُ بِفَرَسِهِ وَرَمْيِهِ عَنْ قَوْسِهِ وَمُلَاعَبَتِهِ مَعَ أَهْلِهِ»

(3)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1480).

(2)

في (أ): (فهو).

(3)

أخرج أبوداوود في "سُنَنِهِ"(4/ 167) كتاب (الجِهاد) باب (في الرمي) برقم (2513) قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَّامٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ اللهَ عز وجل يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالرَّامِيْ بِهِ، وَمُنْبِلَهُ، وَارْمُوْا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوْا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تركَبُوْا، لَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ إِلَّا ثَلَاثٌ: تَأْدِيْبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتُهُ أَهْلَهُ، وَرَمْيُهُ بِقَوْسِهِ وَنَبْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ، فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا، أَوْ قَالَ: كَفَرَهَا» .

- وأخرجه النسائي (4/ 318) برقم (4404)، والترمذي (4/ 174) برقم (1637)، وابن ماجه (2/ 940) برقم (2811).

- قال الألباني: اسنادُهُ ضعيفٌ. يُنْظَر: ضعيف أبي داود للألباني (2/ 304).

- وأخرج الحاكم في المستدرك بسنده (2/ 104) كتاب (الجهاد) برقم (2468): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«كُلُّ شَيْءٍ مِنْ لَهُوِ الدُّنْيَا بَاطِلٌ إِلَّا ثَلَاثَةٌ، انْتِضَالُكَ بِقَوْسِكَ، وَتَأْدِيبُكَ فَرَسَكَ، وَمُلَاعَبَتُكَ أَهْلَكَ، فَإِنَّهَا مِنَ الْحَقِّ» وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «انْتَضِلُوا وَارْكَبُوا، وَإِنْ تَنْتَضِلُوا أَحَبُّ إِلَيَّ، إِنَّ اللَّهَ لَيُدخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً الْجَنَّةَ، صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِيهِ الْخَيْرَ، وَالْمُتَنَبِّلُ، وَالرَّامِيَ بِهِ» .

- قال ابن الْمُلَقِّن في "مختصر استدرَاك الحافِظ الذّهبي على مُستدرَك أبي عبد اللهِ الحَاكم": (قال: على شرط مسلم). يُنْظَر: مختصرُ استدرَاك الحافِظ الذّهبي على مُستدرَك أبي عبد اللهِ الحَاكم (2/ 595) رقم (216).

ص: 55

وهذا الذي ذكره ليس من هذه الثلاث [فكان]

(1)

باطلاً

(2)

.

ثم الكلام في الغِناء: قال بعضهم دلت المسألة على أن مجرّد الغِناء والاستماع إليه معصية

(3)

؛ لقوله عليه السلام: «اسْتِمَاعُ الْمَلَاهِيْ مَعْصِيَةٌ، وَالْجُلُوْسُ عَلَيْهَا فِسْقٌ، وَالتَّلَذُّذُ بِهَا مِنْ الْكُفْرِ»

(4)

، إنّما قال ذلك على وجه التشديد

(5)

، وإنْ سمِعَ بَغْتَةً فلا إثم عليه، ويجب عليه أن [يجتهد]

(6)

كل الجهد حتى لا [يستمع]

(7)

(8)

.

ومنهم من قال: إذا كان يتغنى ليستفيد به نظم القوافي ويصير فصيح اللّسان لا بأس

(9)

.

ومنهم من قال: إذا كان وحده [يتَغَنَّى]

(10)

لدفع الوحشة عن نفسه [فلا]

(11)

بأس به، وبه أخذ شمس الأئمة السرخسي/

(12)

.

(1)

في (ب): (وكان).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 14)، البناية شرح الهداية (12/ 87)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 13).

(3)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 128 - 126)، فتاوى قاضيخان (3/ 308)، البناية شرح الهداية (12/ 88).

(4)

أخرجه العراقي في "تخريج أحديث الإحياء" وقال: وَلأبي الشَّيْخ من حَدِيثٍ مُرْسلًا: «الِاسْتِمَاعُ إِلَى الْمَلَاهِيْ مَعْصِيَةٌ

الحَدِيث». يُنْظَر: المغني عن حمل الأسفار في الأسفار، في تخريج ما في الإحياء من الأخبار (ص 743).

- وأورده الشوكاني في "نيل الأوطار" عن أبي يعقوب محمد بن إسحاق النيسابوري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. يُنْظَر: نيل الأوطار للشوكاني (8/ 113).

- وقال ابن القيم في "إغاثة اللهفان": وأبلغ من ذلك أنهم قالوا: إن السماع فسق، والتلذذ به كفر، هذا لفظهم، ورووا فى ذلك حديثًا لا يصح رَفْعُهُ. يُنْظَر: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان (1/ 227).

(5)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 308)، البناية شرح الهداية (12/ 88).

(6)

في (ب): (يجهد).

(7)

في (ب): (يسمع).

(8)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 308).

(9)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 76)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 14)، فتاوى قاضيخان (3/ 339).

(10)

في (ب): (وتغَنَّى).

(11)

في (ب): (لا).

(12)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 76)، البناية شرح الهداية (12/ 88)، تكملة البحر الرائق (8/ 215).

ص: 56

وإنما المكروه على قول هذا القائل ما يكون على سبيل اللّهو

(1)

، واستدل هذا القائل بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ فإنه كان من زهّاد الصّحابة؛ [ثم]

(2)

كان يتغنّى في مرضه وكان لا يفعل ذلك تلهيًا [ولكن]

(3)

يدفع الوسواس عن نفسه

(4)

(5)

.

وذكر شيخ الإسلام/

(6)

أن جميع ذلك مكروه عند علمائنا

(7)

، ويحتج بقوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}

(8)

الآية؛ جاء في التفسير أنّ المراد به الغناء

(9)

(10)

.

(1)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 76)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 14)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 380).

(2)

في (ب): (و).

(3)

في (ب): (بل كان).

(4)

الذي وردت به الآثار أنَّ الذي كان يتغنَّى هو البراء بن مالك رضي الله عنه أخو أنس بن مالك رضي الله عنه، فقد أخرج الحاكم في الْمُستدرك على الصحيحين (3/ 330) باب (ذِكْرُ البراءِ بنِ مالكٍ الأنصاريّ أَخِ أنَسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنهم برقم (5272)، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ يَحْيَى الْمُقْرِئُ، بِبَغْدَادَ، ثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، ثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَخِيهِ الْبَرَاءِ وَهُوَ مُسْتَلْقٍ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى يَتَغَنَّى فَنَهَاهُ، فَقَالَ: أَتَرْهَبُ أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي، وَقَدْ تَفَرَّدْتَ بِقَتْلِ مِائَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ سِوَى مَنْ شَرِكَنِي فِيهِ النَّاسُ؟» .

- قال الحاكِم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخَرِّجَاهُ، ووافقه الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (3/ 330).

- قال الشيخ مقبل الوادعي/ تعالى: أبو قلابة، عبدالملك بن محمد الرقاشي، ليس من رجالهما، ثم هو ضعيف. ينْظَر: المستدرك على الصحيحين بتحقيق الشيخ مقبل الوادعي (3/ 357).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 76، 13/ 157)، البناية شرح الهداية (12/ 88).

(6)

شَيْخُ الإِسْلَامِ: الْمُراد بِهِ هُنا على ماذكر صاحب المحيط البرهاني في الفقه النعماني (13/ 157): هو شيخ الإسلام خواهر زاده.

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 76، 13/ 157)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 14)، حاشية الشرنبلالي على درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 380).

(8)

سورة لقمان الآية (6).

(9)

قال ابن كثيرٍ في كتابه "تفسير القرآن العظيم": (قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْغِنَاءُ، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إلا هو، يرددها ثلاث مرات.

- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا حُمَيْد الْخَرَّاطُ، عَنْ عَمَّارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قَالَ: الْغِنَاءُ.

- وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وعِكْرِمة، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وَمُجَاهِدٌ، وَمَكْحُولٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعَلِيُّ بْنُ بَذيمة.

- وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أُنْزِلَتْ هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم?} فِي الْغِنَاءِ وَالْمَزَامِيرِ). يُنْظَر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 330 - 331)، جامع البيان في تأويل القرآن للطبري (20/ 127).

(10)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 76)، البناية شرح الهداي (12/ 88)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 348 - 349).

ص: 57

وأمّا حديث أنس فهو محمول على ما إذا كان ينشد الأشعار المباحة وهي الأشعار التي فيها الموعظة والحكمة، ولا بأس بإنشاد مثل هذه الأشعار

(1)

.

ثم لو كان في الشِّعْرِ صفة المرأة} إن

(2)

كانت امرأة بعينها وهي/ حيّة يُكْرَه، وإن كانت ميتة لا يُكْرَه، وإن كانت} امرأة

(3)

مرسلة لا يُكْرَه

(4)

، هذا كلّه من "الذّخيرة" و"الجامع الصّغير" لقاضي خان و "فتاويه" و "الجامع الصّغير" للإمام المحبوبي

(5)

، والله أعلم.

فصل في اللُّبس

(6)

[لبس الحرير والذهب للرجال والنساء]

لَمَّا ذَكَر مقدّمات مسائل الكراهية ذكر ما يتوارد على الإنسان ممّا يحتاج إليه بالفصول، فقدَّم اللبس على الوطء

(7)

والاستبراء

(8)

؛ لأنّ الاحتياج إلى اللبس أشد منه إلى الوطء

(9)

.

(«هذان مُحَرَّمان»

(10)

(11)

أي: هذان جِنْسان مُحَرَّمان، فثبوت الحُرمة فيما عيّنه بطريق العبارة، وفي غيره من جِنْسِهِ بطريق الدّلالة

(12)

.

(1)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 76، 13/ 157 - 158)، البناية شرح الهداي (12/ 89)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 349).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 76، 13/ 157 - 158)، البناية شرح الهداي (12/ 89)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 349).

(5)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 89).

(6)

اللُّبْس: مِنْ (لَبِسَ الثَّوْبَ يَلْبَسُهُ)؛ بِالفَتْح، (لُبْسًا) بِالضَّمِّ، ويُقالُ: اللِّبَاس، الْمَلْبَس، اللِّبْس. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 287)، القاموس المحيط للفيروزآبادى (ص 572).

(7)

الوطء: من وطَئ الشيء برجله وطْئًا، وهو شرْعاً:(وَطْءُ الْمَرْأَةِ) أي: جِماعُها، ويُطْلَق على النكاح. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 530)، القاموس المحيط (ص 246).

(8)

الاستبراء: طلب البراءة، وهو شرعًا: التربص بالمرأة مدة بسبب ملك اليمين حدوثًا، أو زوالًا، لبراءة الرحم، أو تعبدًا، وعند الحنفية: طلب براءة رحم الجارية من الحمْل. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 41)، القاموس الفقهي لسعدي أبوحبيب (ص 35).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 17)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 531).

(10)

جزءٌ من حديثٍ أخرجه أبو داود (6/ 165) كتاب (اللباس) باب (في الحرير للنساء) برقم (4057) بِسَنَدِه: عن عبدِ الله بن زُرَير، أنه سمعَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ يقول: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذَ حريراً فجعلَه في يمينه، وأخذ ذهباً فجعله في شِمَالِه، ثم قال:«إنَّ هذينِ حَرَامٌ على ذُكُورِ أُمَّتي» .

- وأخرجه النسائي في الكُبرى (8/ 357) برقم (9382)، وفي الصُّغْرى (8/ 160) برقم (5144)، وابن ماجه (2/ 1189) برقم (3595) بزيادة لفظ «حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» .

- قال الألباني في صحيح الجامع: صحيح. يُنْظَر: صحيح الجامع الصغير وزياداته للألباني (1/ 451).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1481).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 18)، البناية شرح الهداية (12/ 97).

ص: 58

[المراد بلبس المكفوف بالحرير]

(والمكفوف

(1)

بالحرير

(2)

(3)

يعني بابلي بر نهاده بحرير.

[توسُّد الحرير والنوم عليه]

(وقالا

(4)

: يكره)

(5)

، والرجل والمرأة في ذلك سواءٌ، بِخِلافِ اللبس، كذا في "الخلاصة"

(6)

(7)

.

(لهما العمومات)

(8)

وهي ما ذكر من قوله: (نهى عن لبس الحرير

(9)

(10)

، وقوله: («إنما يلبسه من لا خلاق له في الآخرة»

(11)

(12)

.

(1)

المكفوف: يُقال: ثوبٌ مُكَفَّف؛ أي: كُفَّ جَيْبَه وأطراف كُمَّيْه بِشَيء مِن الدِّيْبَاج. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 443).

(2)

الحرير: الإِبْرَيْسَمُ المطبوخ، وسُمِّيَ الثوبُ الْمُتَّخَذُ مِنْه حَريراً، ويُقال: ثوبٌ من إِبْرَيْسَم؛ أي: من أحسن الحرير. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 120)، القاموس الفقهي لسعدي أبوحبيب (ص 11).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 221).

(4)

قالا: أي: (قال أبو يوسف ومحمد يُكرَه توسُدُه). يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 240).

(5)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 221).

(6)

الخُلَاصَةُ: هو كتاب "خلاصة الفتاوى"، للشيخ الإمام، افتخار الدين، طاهر بن أحمد بن عبدالرشيد، البخاري، الْمُتَوَفَّى سنة 542 هـ، وهو كتاب، مشهور، مُعْتَمد عند الفقهاء، وهو تلخيصٌ "للخزانة" و"الواقعات" و"كتاب النصاب"، وهو مخطوط، ومِنْه نُسخة من ضِمْن مخطوطات جامعة الملك سعود في الرياض برقمٍ عامٍ (1515). يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 718)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 265)، الأعلام للزركلي (3/ 220).

(7)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 158)، العناية شرح الهداية (10/ 18)، البناية شرح الهداية (12/ 99)، الفتاوى الهندية (5/ 331).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1482).

(9)

أخرجه البخاري (7/ 150) كتاب (اللباس) باب (افتراش الحرير) برقم (5837) بسنده: عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ» .

- ومُسْلِم (3/ 1638) برقم (2067).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1481).

(11)

أخرجه البخاري (2/ 4) كتاب (الجُمُعَة) باب (يلبسُ أُحْسَنَ مايجِد) برقم (886) بِسَنَدِه: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ، فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ» ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه، مِنْهَا حُلَّةً، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا» فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه، أَخًا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكًا.

- ومُسْلِم (3/ 1638) برقم (2068).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1481).

ص: 59

وما روي عن عمر رضي الله عنه أنّه استقبل جيشاً من الغزاة رجعوا بغنائم ولبسوا الحرير فلمّا وقع بصره عليهم أعرض؛ فقالوا: لِمَ أعرضت عنّا؟ قال: لأني أرى عليكم ثياب أهل النّار

(1)

(2)

.

[الْمُراد بالمِرْفَقَة]

المِرْفَقَة: بكسر الميم وسادة الاتكاء

(3)

.

[استعمال اليسير من الحرير كالْعَلَم في عرض الثوب]

(ولأنّ القليل من الملبوس مباح كالأعلام

(4)

، وكذا القليل من اللبس والاستعمال)

(5)

، فكان هذا نظير النجاسة؛ فإن قليلَها عفوٌ في زمانٍ كثيرٍ فيكون كثيرُها عفوًا في زمانٍ قليلٍ

(6)

.

[الْمُراد بالنَّمُوذَج]

النَّمُوذَج: بِالفَتْحِ، والأُنْمُوذَج: بِالضَمِّ؛ تَعْرِيبُ نَمُوذَهْ

(7)

(8)

.

[الحِكْمَة من إباحة اليسير من الحرير في الملبوس]

وهو أن يَعْلَم بهذا المقدار لذة ما وعد له في الآخرة منه ويرغب في تحصيل سبب يوصله إليه

(9)

.

(لا فصل [فيما]

(10)

روينا)

(11)

وهو قوله عليه السلام: «هذان محرمان على ذكور أمتي»

(12)

.

(1)

بحثت عن هذا الأثر ولم أجده.

(2)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 39)، العناية شرح الهداية (10/ 19)، فتح القدير للكمال ابن الهمام (10/ 19).

(3)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 214).

(4)

الأعلام: جَمْعُ عَلَم، والعَلَمُ: رَسْمُ الثوبِ، وعَلَمهُ رَقْمُه في أَطرافهِ، وَقَدْ أَعْلَمَه: جَعَل فيهِ عَلامةً وجَعَل لَهُ عَلَماً، وأَعْلَمْتُ الثوبَ: جَعَلْتُ له عَلَمًا مِنْ طِرَازٍ وَغيْرهِ، وهيَ الْعَلَامَةُ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 83)، لسان العرب (12/ 420).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1482).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 15)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 534).

(7)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 508).

(8)

النَمُوذَجٌ والْأُنْمُوذَجُ: ما يدُلُّ علَى صفَةِ الشَّيءِ، قالَ الصَّغَانِيّ: النَّمُوذَجُ: مِثَالُ الشَّيءِ الذِي يُعْمَلُ عَلَيهِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 625).

(9)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 101).

(10)

في (ب): (لِما).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1483).

(12)

سبق تخريجه (ص 168).

ص: 60

[الْمُراد بالخّزِّ]

الخَزُّ: اسمٌ لِثَوْبٍ سَدَاهُ حرير ولُحْمَتَهُ صُوفُ حيوان في الماء

(1)

.

(ولأنّ الثّوب إنما يصير ثوباً بالنَّسْج، والنَّسْجُ باللُّحْمة فكانت هي المعتبرة دون السَّدَي)

(2)

وهذا لأنّ الحكم إذا تعلّق بعلة ذات وصفين يضاف الحكم إلى آخرهما واللُّحْمَةُ آخرهما، فعلى هذا يجوز لبس العتابي

(3)

ونحوه، هذا أحد وجهي التعليل في المسألة

(4)

.

والثّاني أنّ اللُّحْمَة تكون على ظاهر الثوب يُرى ويُشاهد ويلاقي البشرة فكان تزينًا بالحرير فعلى قضية هذا الوجه الثّاني يكره لبس العتابي لكون سداه ظاهرًا، كذا في "الجامع الصّغير"

(5)

لقاضي خان-رحمه الله

(6)

.

فصار حاصل هذه المسألة على ثلاثة أوجه:

(1)

قال في المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 43): ذكر الحاكم في "المنتقى": لا بأس بلُبس الخَزّ، والخَزُّ اسمٌ لدابة تكون في البحر يكون على جلدها خَزٌ، وإنَّه ليس من جُمْلة الحرير، والْمُحَرَّم على الرِّجال لُبْسُ الحرير لا لُبْسُ غيْرِه، انتهى. ويُنْظَر: القاموس الفقهي (ص 116)، معجم لغة الفقهاء (ص 195)، لسان العرب (5/ 345).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1484).

(3)

العَتَابِيّ: نوعٌ من الثياب منها الحرير والقطن مختلفات الألوان، وسُمِّيَت بذلك نِسْبَةً إلى أحد أحفاد أميّة واسمُهُ عتّاب، سُمِّيَت باسمِهِ محلة ببغداد هي العتّابية. يُنْظَر: رحلة ابن جبير (ص 180)، الروض المعطار في خبر الأقطار (ص 408)، تكملة المعاجم العربية (7/ 140).

(4)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 131)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 39)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 15).

(5)

الجامع الصغير: للحسن بن منصور الأوزجندي، الشهير بقاضيخان المُتّوَفَّى سنة 592 هـ، وهو شرحٌ لكتاب"الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن الشيباني، ولا يزال هذا الكتاب مخطوطاً، ومِنْهُ نسخة بمكتبة عاطف بتركيا تحت رقم (857)، وقد حُقِّقَ أجْزَاءٌ منه في بحوثٍ مُقدَّمةٍ لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وحتى الآن لم تُطْبَعْ. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 563)، الأعلام للزركلي (2/ 224).

(6)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 131)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (4/ 15)، البناية شرح الهداية (12/ 107).

ص: 61

[لُبْسُ ما سداه حرير ولحمته غير حَرِيرٍ في الحرب وغيره]

أحدها: أن يكون سَدَاهُ حريرًا ولُحْمَتَه غير حرير؛ وهذا لا بأس به في الحرب وغيره؛ لأنّ السَّدى} يصير

(1)

مستورًا باللُّحْمَة حتّى أنه لو لم [يكن]

(2)

مستوراً باللُّحْمَة يكره ذلك على ما ذكرنا من أحد الوجهين

(3)

.

[لُبْسُ ما سداه غيرُ حريرٍ ولُحْمَتَه حَرِيرٌ في الحرب وغيره]

والثاني: أن تكون لُحْمَته حريراً وسَدَاه غير حرير؛ وهذا يباح في الحرب دون غيره؛ لأن اللُّحْمَة هي المرئية في الحرب، ولُبْس الحرير من كلّ وجه يباح في الحرب للرجل عندهما

(4)

لكون الحرير أهيب في عين العدو من غيره فهذا أولى

(5)

.

[لُبْسُ ما يكون حريراً كُلُّهُ في الحرب وغيره]

والثالث: ما يكون حريراً كلّه وهو الديباج، لا يجوز لبسه في غير الحرب بالاتّفاق، وهل يجوز لبسه في الحرب؟ عند أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز وعندهما يجوز، كذا ذكره الإمام المحبوبي/

(6)

.

[لُبْسُ ما يكون غَالِيَ الثَّمَنِ من اللِّباس]

وذكر هشام عن محمّد -رحمها الله-: أنّه لم يَرَ باللّباس المرتفع جدًا بأسًا، قال: خَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ عليه السلام ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيْمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَرُبَّمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيْمَتُهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ} عَلَيْهِ

(7)

يَوْمًا وَعَلَيْهِ رِدَاءُ خَزٍّ فَقَالَ عليه السلام: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدِ أَحَبَّ أَنْ يَرَى آثَارَ [نِعْمَتِهِ]

(8)

عَلَيْهِ»

(9)

، وَأَبُوْ حَنْيِفَةَ/ كَانَ يَرْتَدِيْ بِرِدَاءٍ قِيْمَتُهُ أَرْبَعُمَائِةِ دِيْنَارٍ، وَأَبَاحَ اللهُ [تَعَالَى]

(10)

الزِّيْنَةَ [بِقَوْلِهِ]

(11)

: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ?}

(12)

، كَذَا ذَكَرَهُ فِيْ "الذّخيرة"

(13)

.

(1)

سقطت من (أ).

(2)

في (ب): (يَصِر).

(3)

يُنْظَر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (8/ 550)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 131)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 39).

(4)

عندهما: أي؛ عند أبي يوسُفَ ومُحَمد بن الحسن، وذلك بقول صاحب البداية:(ولا بأس بتوسده والنوم عليه عند أبي حنيفة، وقالا: يكره، ولا بأس بلبس الحرير والديباج في الحرب عندهما). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 221).

(5)

يُنْظَر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (8/ 550)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 40)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 15).

(6)

يُنْظَر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (8/ 550)، المبسوط للسرخسي (30/ 283)، مختصر القدوري (ص 240).

(7)

سقطت من (أ).

(8)

في (أ): (رحمته).

(9)

أخرج الترمذي (5/ 123) باب (ما جاء إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده) برقم (2819) بِسَنَدِه: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» .

- قال الترمذي: وفي الباب عن أبي الأحوص، عن أبيه، وعمران بن حصين، وابن مسعود، ثم قال: هذا حديث حسن.

- قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخَرِّجاه، ووافقه الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 150).

(10)

في (ب): (سبحانه).

(11)

في (أ): (لقوله).

(12)

سورة الأعراف الآية (32).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 42)، العناية شرح الهداية (10/ 21)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 532).

ص: 62

قيل للشّيخ

(1)

/: أليس روي عن عمر رضي الله عنه أنّه كان يلبس قميصًا عليه كذا كذا رُقعة؟ قال إنما فعل عمر رضي الله عنه[ذلك]

(2)

لحكمة؛ [وهي]

(3)

أنه كان أمير المؤمنين ولو لبس ثيابًا نفيسة واتخذ لنفسه ألوانًا من الأطعمة فعُمَّالُهُ وحَشَمُه يقتدون به في ذلك، وربّما لا يكون لهم مال فيأخذون من المسلمين، فإنما اختار ذلك لهذه المصلحة؛ ولأنّ ما روي عن النبي عليه السلام في لباسه وذلك دليل الجواز ولا كلام فيه

(4)

.

[لُبْسُ الْمُعَصْفَر والْمُزَعْفَر من الثياب للرجال]

وفي "المنتقى"

(5)

كان أبو حنيفة [/]

(6)

يكره للرجال أن تلبس الثوب الْمُعَصْفَر

(7)

والْمُزَعْفَر

(8)

، كذا في "الذّخيرة"

(9)

.

(1)

للشيخ: هو أبو حنيفة/. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 108)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 229).

(2)

في (أ): (كذلك).

(3)

في (ب): (وهو).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 43)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 229)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 755).

(5)

الْمُنْتَقَى: كتابٌ في الفقه الحنفي، لِأبي الفضل، مُحمد بن محمد بن أحمد، المروزي البلخي، الشهير بـ"الحاكم الشهيد"، وَلِيَ القضاء ببُخارى، ثم ولاَّه صاحب خراسان وزارته، وقُتِلَ شهيداً نحسبُهُ سنة 334 هـ، جمع فيه مصنفه نوادر المذهب الحنفي، بعد مطالعته في ثلاثمائة جزء مؤلف، والكتاب مفقود حسب ما أشار في الطبقات السُّنِّيَّة حيث قال: ولا يوجد "المنتقى" في هذه الأعصار. يُنْظَر: الطبقات السُّنِّيَّة في تراجم الحنفية (1/ 45)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1851)، الفوائد البهية في تراجم الحنفية (ص 305)، الأعلام للزركلي (7/ 19 - 20).

(6)

في (ب): رضي الله عنه.

(7)

الْمُعَصْفَر: عَصْفَرْتُ الثوبَ؛ صَبَغْتُهُ بِالْعُصْفُرِ، فهو مُعَصْفَرٌ اسمُ مَفعُولٍ، والعُصْفُر: نبات صَيفِي، يُسْتَعمل زهرُهُ تابلاً، ويُسْتَخرَجُ مِنْهُ صبغ أَحْمَر يصْبغ بِهِ الْحَرِير وَنَحْوه. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 414)، المعجم الوسيط (2/ 605).

(8)

الْمُزَعْفَر: الَّذِي صُبِغَ بالزعفران من الثِّيَاب. يُنْظَر: الفائق في غريب الحديث (2/ 110)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 312).

(9)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 42)، البناية شرح الهداية (12/ 108)، تكملة البحر الرائق (8/ 216).

ص: 63

[لُبْسُ الذهب للرِّجال]

[لُبْسُ الخاتَم من الفِضَّة للرِّجال](لما روينا)

(1)

[وهو]

(2)

قوله عليه السلام: «هَذَانِ مُحَرَّمَانِ عَلَى ذُكُوْرِ أُمَّتِيْ»

(3)

.

(إلا بالخاتم)

(4)

، (من الفضّة)

(5)

هذا إذا لم يرد به التزين، وذكر الإمام المحبوبي/: وإن تَخَتَّم بالفضة قالوا: إنْ قَصَد [به]

(6)

التَّجَبُّر يُكرَه، وإن قصد [به]

(7)

الختم ونحوه لا يُكْرَه

(8)

.

(وقد جاء في إباحة ذلك)

(9)

أي: في إباحة التختم بخاتم فضة، (آثار)

(10)

وهي ما ذكره الإمام/ المحبوبي/ حيث قال: فقد كان لرسول الله عليه السلام خاتم فضة فَصُّهُ مِنْهُ

(11)

، ونَقْشُ خَاتَمِه: محمّدٌ رسولُ الله، محمدٌ سَطْرٌ [ورسولُ سَطْرٌ]

(12)

والله سَطْرٌ

(13)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1484).

(2)

في (ب): (هو).

(3)

سبق تخريجه (ص 168).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 222).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

في (أ): (بها).

(7)

في (أ): (بها).

(8)

يُنْظَر: مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 535)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 359).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1484).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1484).

(11)

أخرجه البخاري (7/ 156) كتاب (اللباس) باب (فَصِّ الخَاتَم) برقم (5870) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدًا، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ خَاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ» وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ: سَمِعَ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

(12)

سقطت من (أ).

(13)

أخرجه البخاري (4/ 82) كتاب (اللباس) باب (ما ذُكِرَ من دِرْع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه وقدحه، وخاتمه، .... ) برقم (3106) بِسَنَدِه: عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَعَثَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الكِتَابَ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ نَقْشُ الخَاتَمِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولُ سَطْرٌ، وَاللَّهِ سَطْرٌ»

ص: 64

وعن معاذ رضي الله عنه: أنّه كان له خاتم من فضّة ونّقْشُهُ محمدٌ رسولُ اللهِ؛ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام: [«مَا نَقْشُ خَاتَمِكَ يَا مُعَاذُ؟» فَقَالَ: مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ]

(1)

فَقَالَ عليه السلام: «آمَنَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ مُعَاذٍ حَتَّى خَاتَمُهُ» ، ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ النَّبِيُّ عليه السلام مِنْ مُعَاذٍ فَوَهَبَهُ مِنْهُ، فَكَانَ فِيْ يَدِهِ عليه السلام إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، ثُمَّ كَانَ فِيْ يَدِ أَبِيْ بَكْرٍ رضي الله عنه إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، ثُمَّ كَانَ فِيْ يَدِ عُمَرَ رضي الله عنه إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، ثُمَّ كَانَ فِيْ يَدِ عُثْمَانَ رضي الله عنه حَتَّى وَقَعَ مِنْ يَدِهِ فِيْ الْبِئْرِ فَأَنْفَقَ مَالاً عَظِيْمًا فِيْ طَلَبِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ، وَوَقَعَ الْخِلَافُ وَالتَّشْوِيْشُ بَيْنَهُمْ مِنْ حِيْنَ وَقَعَ الْخَاتَمُ فِيْ الْبِئْرِ

(2)

.

(1)

مابين المعقوفتين سقط من (ب).

(2)

أصل هذا الأثر من حديثين:

- الأول: أخرجه ابن وهب في الجامع في الحديث مرفوعاً (ص 696 - 697) برقم (600)، قال: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَهُ، " أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ وَرِقٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَا مُعَاذُ، مَا هَذَا الْخَاتَمُ؟» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَكْتُبُ كُتُبًا إِلَى النَّاسِ فَأَفْرُقُ أَنْ يُزَادَ فِيهَا وَيُنقَصَ مِنْهَا، وَاتَّخَذْتُ خَاتَمًا أَخْتِمُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا نَقْشُهُ؟» ، فَقَالَ مُعَاذٌ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عليه السلام، فَقَالَ:«آمَنَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ مُعَاذٍ حَتَّى خَاتَمُهُ» ثُمَّ أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ عليه السلام، فَتَخَتَّمَهُ.

- وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 369)، وقال الشوكاني في دُرِّ السحابة في مناقب القرابة والصحابة

(ص 386): وأخرج ابن سعد عن محمد بن عبدالله بنِ عُمر بن عثمان- مرسلاً - عنه صلى الله عليه وسلم: «آمَنَ مِنْ مُعَاذٍ كُلُّ شَيءٍ حَتَّى خَاتَمَهُ» .

- الثاني: أخرجه البخاري (7/ 158) كتاب (اللباس) باب (هل يُجْعَل نَقْشُ الخاتَم ثلاثةَ أَسْطُر) برقم (5879)، بِسَنَدِه: عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي يَدِهِ، وَفِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَفِي يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ، جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ قَالَ: فَأَخْرَجَ الخَاتَمَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَطَ، قَالَ: فَاخْتَلَفْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَعَ عُثْمَانَ، فَنَزَحَ البِئْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ» .

ص: 65

وفي آخر حديث نعمان بن بشير؛ فقال عليه السلام: «اتَّخِذْهُ مِنْ الوَرِقِ وَلَا تَزِدْهُ عَلَى مِثْقَالٍ وَتَخَتَّمْ بِالْيَمِيْنِ»

(1)

.

(ويجعل الفَصَّ إلى باطن كَفِّه)

(2)

، وفي "الجامع الصّغير" لقاضي خان/: وإذا تختم بالفضّة ينبغي أن يكون الفصُّ إلى باطن الكف لا إلى ظهرها بخلاف النساء، ويجعله في اليد اليسرى، وقوله عليه السلام:«اجْعَلْهَا فِيْ يَمِيْنِكَ»

(3)

كان في الابتداء ثم صار ذلك من علامات أهل البغي

(4)

.

[شَدُّ الأسنان بالذَّهَب والفضة]

(وعن أبي يوسف/: مثل قول كلٍّ منهما

(5)

(6)

فإنّ المشائخ رحمهم الله اختلفوا في قول أبي يوسف/، منهم من ذكر قوله مع أبي حنيفة [/]

(7)

، [هكذا]

(8)

ذكر الكرخي

(9)

، وذكر في "الإملاء"

(10)

قوله مع محمّد/

(11)

.

(1)

لم أقف عليه مرويَّاً عن النعمان بن بشير ولا بهذا اللفظ، وإنما الذي وجدتُهُ هو ما أخرجه أبو داود، والترمذي بزيادةٍ، والنسائي؛ ثلاثتهم عن ابن بُريدة.

- فقد أخرجه أبو داود (6/ 281) كتاب (الخاتم) باب (في خاتم الحديد) برقم (4223) بِسَنَدِه: عن عبدِ الله بنِ مسلم أبي طَيْبةَ السُّلميِّ المروزيِّ، عن عبدِ الله بنِ بُريدة عن أبيه: أن رجلاً جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعليه خاتِمٌ من شَبَهٍ، فَقَالَ لَهُ:«مَا لِيْ أَجِدُ مِنْكَ رِيْحَ الْأَصْنَامِ؟» فَطَرَحَهُ، ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيْدٍ، فَقَالَ:«مَا لِيْ أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ؟» فَطَرَحَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ الله، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أتَّخِذْهُ؟ قَالَ:«اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ، وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا» ، وإسناده ضعيفٌ لِضَعْفِ عبدِ الله بنِ مسلم أبي طَيْبةَ السُّلميِّ المروزيِّ، قال عنه ابن حبان في "الثقات": يخطئ وَيُخَالف. يُنْظَر: الثقات لابن حبان (7/ 49).

- وأخرجه الترمذي (4/ 218) برقم (1785) وقال: هذا حديثٌ غريب.

- والنسائي في الصُّغرى (8/ 172) برقم (5195)، وفي الكُبرى (8/ 386) برقم (9442) وقال: هذا حديثٌ مُنْكَر.

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1485).

(3)

لم أقف عليه.

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 50)، البناية شرح الهداية (12/ 118)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 361).

(5)

أي: مثل قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن -رحمهما الله-، حيث قال في الهداية في شرح البداية:("ولا تشد الأسنان بالذهب وتشد بالفضة" وهذا عند أبي حنيفة، وقال محمد: لا بأس بالذهب أيضًا، وعن أبي يوسف مثل قول كل منهما). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1485).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1485).

(7)

في (أ): رضي الله عنه.

(8)

في (ب): (هذا).

(9)

الكرخي: هو عبيد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم أبو الحسن الكرخي، فقيهٌ حنفي، انتهت إليه رياسة الحنفية بالعراق، كان كثير الصوم والصلاة صبورا على الفقر والحاجة، تُوُفَّيَ بالفالِج سنة 340 هـ، من تصانيفه:"شرح الجامع الصغير"و"شرح الجامع الكبير"، ومختصرٌ في فروع الفقه الحنفي يُعْرَفُ بـ"مختصر الكرخي"، وشَرَحَهُ الإمام أبو الحسين أحمد بن محمد القدوري، وهذا الشرح لايزال مخطوطًا، ومِنْهُ نُسخةٌ في مكتبة (داماد إبراهيم باشا) باسطنبول برقم (563)، وقد حُقِّقَت أجزاءٌ منه في مشروعٍ لنيل درجة الدكتوراة من المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام بالرياض، وحتى الآن لم تُطْبَع. ويُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 337)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1634)، الأعلام للزركلي (4/ 193)

(10)

الإملاء: هنا "إملاء" أبي يوسُف برواية بشر بن الوليد القاضي، وهو يحتوي على ستةٍ وثلاثين كتاباً مما فرَّعَهُ أبو يوسُف، قال أبو محمد العيني في كتابه "البناية شرح الهداية":(وقال الكرخي/ في "مختصره": قال بشر عن أبي يوسف/ في كتاب الأشربة من "الإملاء": ولو أن رجلا تحركت ثنيته ولم تسقط فخاف سقوطها فشدها بذهب أو فضة لم يكن به بأس في قول أبي حنيفة/ في رواية). يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 119)، الفهرست لابن النديم (ص 253).

- قال حاجي خليفة: (الأمالي جَمْعُ إملاء، وهو: أن يقعد عالِمٌ وحَوْلَهُ تلامذتَهُ بالمحابر، والقراطيس، فيتكلم العالم بما فتح الله سبحانه وتعالى عليه من العلم، ويكتبه التلامذة، فيصير كتابا، ويسمونه: الإملاء، والأمالي، وكذلك كان السلف من: الفقهاء، والمحدثين، وأهل العربية، وغيرها، في علومهم، فاندرست لذهاب العلم والعلماء، وإلى الله المصير)، وقال ابن عابدين في شرح مقدمة "الدر المختار":(والأمالي: جمع إملاء، وهو ما يقوله العالم بما فتح الله تعالى عليه من ظهر قلبه ويكتبه التلامذة وكان ذلك عادة السلف). يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 160)، رد المحتار على الدر المختار (1/ 69).

(11)

يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 477)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 132)، البناية شرح الهداية (12/ 119).

ص: 66

واستدلّ أبو حنيفة/ بعموم قوله عليه السلام: «هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُوْرِ أُمَّتِيْ»

(1)

، والعام المتفق على قبوله يترجّح على الخاص المختلف في قبوله

(2)

، ولعلّ رسول الله عليه السلام خَصّ عَرْفَجَة

(3)

بذلك كما خَصَّ الزبير بن العوام بِلُبْس الحرير لِحَكَّة كانت به

(4)

(5)

.

(1)

سبق تخريجه (ص 168).

(2)

العامٌ الْمُتَّفَقٌ على قَبوُلِهِ يتَرَجَّح على الخاصٌّ الْمُخْتَلَفٌ في قَبُولِهِ: قاعدة فقهية، معناها: إذا كان اللفظ العام قد اتفق المجتهدون على قبوله والعمل بمدلوله، ثم جاء لفظ خاص معارض؛ فإن اللفظ العام المتفق على قبوله يترجح على ذلك الخاص، عند أبي حنيفة رحمه الله، والمسألةُ التي أوردها المؤلِّف في الشرْح من تطبيقات ذلك، فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى اعتبر هذا الخبر رخصة خاصة لعرفجة، فلم يجوِّز أن يستعمل الرجل الذهب في شيء، وعند غير أبي حنيفة يجوز للرجل أن يتخذ أنفاً أو سناً من ذهب أو يضبِّب أسنانه ويشدَّها بذهب. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 162)، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (1/ 292)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (7/ 360 - 361).

(3)

عَرْفَجَة: هو عرفجة بن أسعد بن كرب، وقِيْل بن صفوان التيمي، وقِيْلَ التميمي، وهو بَصْرِيّ، وهو الذي أُصِيْب أنْفُهُ يوم الكلاب في الجاهلية. يُنْظَر: الطبقات الكُبرى لابن سعد (7/ 45)، أسد الغابة لابن الأثير (3/ 518).

- أخرج أبو داود في سُنَنِه (6/ 287) كتاب (الخاتَم) باب (في ربطِ الأسنان بالذهب) برقم (4232) بِسَنَدِه: عن عبدِ الرحمن بن طرَفَةَ أن جده عَرْفَجَةَ بن أسعدٍ قُطِعَ أنفُه يوم الكُلاب فاتَّخَذ أَنْفَاً من وَرِقٍ، فأنتنَ عليه، فأمرَهُ النبي صلى الله عليه وسلم فاتَّخّذَ أَنْفَاً مِن ذَهَب.

- وأخرجه الترمذي (4/ 240 - 241) برقم (1770)، وقال: هذا حديث حسن غريب.

- والنسائي في الكُبرى (8/ 363) برقم (9400، 9401)، وفي الصُّغْرى (8/ 163) برقم (5161، 5162).

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 151) كتاب (اللباس) باب (ما يُرَخَّص للرِّجال مِن الحرير لِلْحِكَّة) برقم (5839) بِسَنَدِه: عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي لُبْسِ الحَرِيرِ، لِحِكَّةٍ بِهِمَا» .

- وأخرجه مسلم (3/ 1646) برقم (2076).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 51 - 52)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 16)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 536).

ص: 67

(وقد اندفعت بالفضّة وهي الأدنى)

(1)

؛ لأن استعمال الفضّة للرجال أهون، حتّى جاز للرجل التختم بالفضّة دون الذّهب.

(والضّرورة فيما روي)

(2)

أي من حديث عرفجة

(3)

.

[الخِرْقة التي تُحْمَل فيُمسَح بها العَرَق]

(لم تندفع في الأنف دونه) أي دون الذّهب، أي لم تندفع ضرورة جعل الأنف بدون اتخاذه من الذّهب؛ لأنّه لما اتخذ الأنف من الفضّة فأنتن [فلذلك]

(4)

احتيج إلى جعل الأنف من الذّهب، فَجُوِّزَ اتخاذهُ الأنفَ من الذّهبِ ضرورةً، ولا كلام في الضرورات

(5)

.

(وكذا [التي]

(6)

يمسح بها الوضوء)

(7)

أي: يكره أيضًا.

وذكر بعض المتأخرين من مشائخنا أنّ المسلمين قد استعملوا هذا في عامة البلدان مناديل الوضوء والخِرَق لدفع الأذى عن الثياب النفيسة، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وقد جاء في الحديث أنّ النبي عليه السلام كان يمسح وضوءه بالخرقة في بعض الأوقات

(8)

، فلم يكن بِدْعة

(9)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1486).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1486).

(3)

سبق تخريجُهُ (ص 178).

(4)

في (ب): (فكذلك).

(5)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 132)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 159)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 16).

(6)

في (ب): (الذي).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 222).

(8)

أخرج الترمذي في سُنَنِه (1/ 74 - 75) أبواب (الطهارة) باب (المنديل بعد الوضوء) برقم (53) بِسَنَدِه: عَنْ أَبِي مُعَاذٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خِرْقَةٌ يُنَشِّفُ بِهَا بَعْدَ الوُضُوءِ» .

- ثُمَّ قال الترمذي بعد ذلك: حديث عائشة ليس بالقائم، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء، وأبو معاذ يقولون: هو سليمان بن أرقم، وهو ضعيف عند أهل الحديث.

- وقال الحاكم في المستدرك: أبو معاذ هذا هو الفضل بن ميسرة بصري، روى عنه يحيى بن سعيد وأثنى عليه، وهو حديث قد روي عن أنس بن مالك وغيره ولم يُخَرِّجاه. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 256).

- وقال الدارقطني في سُنَنِه: أبو معاذ هو سليمان بن أرقم، وهو متروك. يُنْظَر: سنن الدارقطني (1/ 197).

- وقد ضَعَف إسناده الألباني. يُنْظَر: ضعيف سنن الترمذي للألباني (1/ 5).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 16)، البناية شرح الهداية (12/ 124)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 313).

ص: 68

وحاصله: أن كلّ ما فُعِلَ على وجه التجبر فهو مكروه وبدعة، وما فُعِلَ لحاجة وضرورة لا يكره، وهو نظير التربع في الجلوس والاتكاء، إن فعل ذلك تجبراً يُكْرَه، وإن فعل لحاجة وضرورة لا يُكْرَه، هذا كلّه من "الجامع الصّغير" لقاضي خان والمحبوبي

(1)

.

[المراد بالرَّتِيْمَة]

الرَّتِيْمَةُ: خيط التذكرة يعقد بالأصبع، وكذلك الرَّتَمَةُ، قال الشّاعر

(2)

:

إذا لم تكن حاجاتنا في نفوسكم

فليس بِمُغْنٍ عنك عَقْدُ الرَّتَائِمِ

[المراد بالرَّتْم]

والرَّتْمُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، وأنشد ابن السِّكِّيْتِ

(3)

:

(لا يَنْفَعَنْكَ الْيَوْمَ إنْ هَمَّتْ بِهِمْ

كَثْرَةُ مَا تُوْصِي وَتَعْقَادُ الرَّتَمْ)

(4)

وقال:} معناه

(5)

أن الرجل} كان

(6)

إذا خرج في سفرٍ عَمَدَ إلى هذا الشجر فشدّ بعض أغصانه ببعض فإذا رجع وأصابه على تلك الحالة قال: (لم تخنِّي امرأتي) وإن أصابه وقد انحلّ قال: (خانتني)

(7)

، هكذا المروي عن الثقات، إلا أنّ الليث ذكر الرَّتَمَ بمعنى الرَّتِيْمَةِ، كذا في "الْمُغْرِب"

(8)

.

ثم قولُه: (إن همَّت بهم)

(9)

أي: إن قصدت بفاحشة.

وقولُه: (تَعْقَادُ)

(10)

مصدرٌ بمعنى العَقْد؛ للمبالغة على وزن التفعال، كالتسيار والتهذار والتلعاب، بمعنى السير والهذر واللعب، فكان الرَّتَمُ مجروراً بالإضافة، والله أعلم.

(1)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 158)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 127 - 128)، البناية شرح الهداية (12/ 124)

(2)

لم أعرفه.

(3)

ابن السِّكِّيْت: هو أبو يوسُف، يعقوب بن إسحاق بن السِّكِّيت، إمام في اللغة والأدب، أصله من خوزستان (بين البصرة وفارس) تعلم ببغداد، استجاب لدعوة المتوكل العباسي لمنادمته وقد نهاه بعض أصحابه عنها فلم يستجب، فعهد إليه المتوكل بتأديب أولاده، وجعله في عداد نُدَمائه، ثم قتله، لسببٍ مجهول، سنة 244 هـ، له مصنفاتٌ عديدة منها:"إصلاح المنطق"و"الألفاظ"و"غريب القرآن"، وغيرها. يُنْظَر: طبقات النحويين لأبي بكر الأشبيلي (ص 202)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 81)، الأعلام للزركلي (8/ 195).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1486).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

يُنْظَر: إصلاح المنطق لابن السِّكِّيْتِ (1/ 51).

(8)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 202)، مختار الصحاح (ص 118).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1486).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

ص: 69

‌فصل في الوطء والنظر واللّمس

ولا يجوز أن

(1)

ينظر الرجل إلى الأجنبية)

(2)

إلى آخره، والحاصل أنّ نظر الرجل إلى المرأة ينقسم إلى أربعة أقسام: نظرُهُ إلى زوجته ومملوكته، ونظره إلى ذوات محارمه، ونظره إلى إماء الغير، ونظره إلى الحُرة الأجنبيّة

(3)

.

[معنى قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}]

ثم في مسائل النَّظَر قياس واستحسان، بيان هذا: أن المرأة من قرنها

(4)

إلى قدمها عورة، وهو القياس الظّاهر، وإليه أشار عليه السلام فقال:«الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ مَسْتُوْرَةٌ»

(5)

، ثم أبيح/ النظر إلى بعض المواضع منها للحاجة والضّرورة، فكان ذلك استحسانًا لكونه أرفق بالنّاس

(6)

.

(قال علي وابن عبّاس رضي الله عنهم: ما ظهر منها: الكحل والخاتم

(7)

، والمراد: موضعهما)

(8)

، وإنّما قيّد بقول علي وابن عبّاس؛ لأنّ عائشة رضي الله عنها تقول: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}

(9)

إِحْدَى عَيْنَيْهَا

(10)

، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: الْمُرَادُ مِنْهُ خُفُّهَا ومِلاءَتُها، واستدلّ ابن مسعود رضي الله عنه بقوله عليه السلام:«النِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ بِهِنَّ يَصِيْدُ الرِّجَالَ»

(11)

،

(1)

سقطت من النسختين.

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 222)

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 148)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 118 - 119)

(4)

قرنها: القَرْن يأتي في معانٍ عِدَّةٍ، وهو هُنا بمعنى: الجانب الأعلى من الرأس. يُنْظَر: القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص 1223).

(5)

الحديث بهذا اللفظ قال عنه ابن حجَر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية: لم أَجِدْه لكنَّ أوَّله عند التِّرْمذي عن ابن مسعود مرفوعًا.

- فقد أخرج الترمذي في سُنَنِه (3/ 468) كتاب (الرضاع) باب (ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات) برقم (1173) بِسَنَدِه: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«المَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ» ، ثم قال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

- وصححه الألباني. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1/ 303).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 145)،

(7)

- الرواية عن علي: قال الزيلعي في نَصْب الراية: وأما الرواية عن عليٍّ فَغَريبٌ، وقال ابن حَجَر في الدراية: أمَّا عليٌ فلم أجِد ذلِك عنْهُ. يُنْظَر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (4/ 239)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/ 225).

- أما الرواية عن ابن عباس: رواها ابن جرير الطبري في تفسيره "جامع البيان في تأويل آي القرآن"(19/ 156)، قال: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٌ ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثَنَا مُسْلِمٌ الْمُلَائِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} قَالَ: هِيَ الْكُحْلُ وَالْخَاتَمُ، انْتَهَى. وهي ضعيفةٌ لأن فيها مسلم الملائي، قال عنه النسائي في "الضعفاء والمتروكون": متروك الحديث، وقال ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكون": قال أحمد ضعيف الحديث لا يكتب حديثه، قال الفلاس: منكر الحديث جدا، وقال يحيى: لا شيء، وقال السعدي: غير ثقة، وقال النسائي وعلي بن الجنيد: متروك وقال البخاري: ضعيف ذاهب الحديث لا أروي عنه، قال ابن حبان: اختلط في آخر عمره فكان لا يدري ما يحدث به تركه أحمد ويحيى، وقال علي بن الجنيد: متروك. يُنْظَر: الضعفاء والمتروكون للنسائي (ص 97)، الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (3/ 118).

- وأخرجها البيهقي في السُّنَن الكُبرى (2/ 319) برقم (13494)، عن جعفر بن عون ثنا مسلم الْمُلائيُّ بهِ، وبِسَنَدٍ آخر عن ابن عباس، في (2/ 319) برقم (3216).

- وأخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف عن سعيد ابن جبير من كلامِه (3/ 547) برقم (17015) بلفظ: «الْخَاتَمُ، وَالْخِضَابُ، وَالْكُحْلُ» .

- وأخرجها عبدالرزاق في تفسيره عن قتادة (2/ 433) برقم (2022).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1487).

(9)

سورة النور الآية (31).

(10)

المشهور في كتب التفسير أن قول عائشة رضي الله عنها في تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هو: القُلْب (السوار)، والفتخة (الفتخ)، والمشهور فيها أيضًا أن قول ابن مسعود رضي الله عنه في معناها: الثياب، وقيل الرداء. يُنْظَر: جامع البيان للطبري (19/ 157)، تفسير"تأويلات السُّنَّة" للماتريدي (7/ 544)، الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي (6/ 180)، فتح القدير للشوكاني (4/ 31).

- وقد ذَكَر في "مجمع الأنهر" ما نّصُّهُ: (وفي المنتقى تمنع الشابة عن كشف وجهها لئلا يؤدي إلى الفتنة وفي زماننا المنع واجب بل فرض لغلبة الفساد. وعن عائشة رضي الله عنها جميع بدن الحرة عورة إلا إحدى عينيها فحسب؛ لاندفاع الضرورة). يُنْظَر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 81)، البناية شرح الهداية (12/ 128).

(11)

أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 178) كتاب (الحدود وغيرها الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما) برقم (3571): عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: «الْخمرُ جِمَاع الْإِثْم وَالنِّسَاء حبائل الشَّيْطَان وَحب الدُّنْيَا رَأس كل خَطِيئَة» ، ثم قال المنذري: ذَكَرَه رزين ولم أرَهُ في شيء من أُصُوله، وضّعَّفَهُ الألباني. يُنْظَر: ضعيف الترغيب والترهيب للألباني (2/ 113) رقم (1414).

- وأخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 106) برقم (1253)، وقال العراقي في الْمُغني عن حمل الأسفار: أخرجه الْأَصْفَهَانِي فِي التَّرْغِيب والترهيب من حَدِيث خَالِد بن زيد الْجُهَنِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ جَهَالَة. يُنْظَر: الْمُغني عن حمل الأسفار في الأسفار (ص 986).

- وأخرجه ابن أبي شيبة في المُصّنَّف (7/ 106) برقم (34552)، وأبو داود في الزهد (ص 160) برقم (160)، كلاهُما من كلام ابن مسعود رضي الله عنه وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وجميع الروايات ليس فيها قول:«بهن يصيد الرجال» .

ص: 70

وقال: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِيْ} فِتْنَةً

(1)

أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ»

(2)

(3)

.

وجرى في مجلسه يومًا: ما خير ما للرجال من النساء وما خير ما للنساء من الرجال؟ فلما رجع عليٌ إلى بيته أخبر فاطمةَ رضي الله عنها؛ فقالت: خير ما للرجال من النساء أن لا يَرَوْهُنَّ وخير ما للنساء من الرجال أن لا يَرَيْنَهُم، فلما أخبر رسول الله عليه السلام بذلك قال: «{هِيَ}

(4)

[بَضْعَةٌ]

(5)

مِنِّي»

(6)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 8) كتاب (النكاح) باب (ما يُتَّقَى من شُؤْم المرأة) برقم (5096) بِسَنَدِه: عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» .

- ومُسلم في صحيحه (4/ 2098) برقم (2741).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 152).

(4)

سقطت من (أ).

(5)

في (أ): (نصف).

(6)

أخرج البزار في مسنده "البحر الزخَّار"(2/ 159 - 160) مُسْنَد (علي بن أبي طالب رضي الله عنه باب (مما رَوَى عَلِي ابن زيد، عن سَعِيد بن الْمُسَيِّب، عن عَلِي) برقم (526) بِسَنَدِه: عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلْمَرْأَةِ؟ فَسَكَتُوا، فَلَمَّا رَجَعْتُ قُلْتُ لِفَاطِمَةَ: أَيُّ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلنِّسَاءِ؟ قَالَتْ: أَلَّا يَرَاهُنَّ الرِّجَالُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«إِنَّمَا فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي» ، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلم له إسنادًا عن علي رضي الله عنه إلا هذا الإسناد.

- ولكن أوْرَدَ أبو نُعَيْم في حِلْيَة الأولياء (2/ 40) بسنَدٍ آخر عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا خَيْرٌ لِلنِّسَاءِ؟» فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فَسَارَّ عَلِيٌّ إِلَى فَاطِمَةَ

الحديث، ثُمَّ قال أبو نُعَيم: رواه سعيد بن الْمُسَيِّب، عن علي نحوه.

- وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار، وفيه من لم أعرفه. يُنْظَر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (9/ 203).

- وضَعَّفَه الهندي في كنز العُمَّال. يُنْظَر: كنز العُمَّال في سنن الأقوال والأفعال (16/ 602).

- وأما الجزء الأخير من الحديث وهي قوله: «هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي» ، فقد أخرج البخاري (5/ 29) كتاب (أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب (مناقب فاطمة عليها السلام برقم (3767) بِسَنَدِه: عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي» ، ومُسْلِم في صحيحه نحوه (4/ 1903) برقم (2449).

ص: 71

فدلّ أنّه لا يباح النّظر إلى شيء من بدنها

(1)

.

ولأنّ حرمة النّظر لخوف الفتنة، وعامَّةُ محاسنها في وجهها، [والفتنة]

(2)

في النظر إلى وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء، بنحو هذا تستدل عائشةُ رضي الله عنها، ولكنّها تقول هي لا تجد بُدَّاً من أن [تمشي]

(3)

في الطّريق فلابدّ من أن تفتح {إحدى}

(4)

عينيها لتبصر الطّريق، فيجوز لها أن تكشف إحدى عينها لهذه الضّرورة، والثّابت بالضّرورة لا يَعْدُو موضع الضّرورة

(5)

، ولكنّا نأخذ بقول علي وابن عبّاس رضي الله عنهم؛ فقد جاءت الأخبار في الرخصة في النّظر إلى وجهها وكفها، من ذلك ما روي أن امرأةً عرضت نفسها على رسول الله عليه السلام فنظر إلى وجهها ولم يَرَ فيها رَغْبَةً

(6)

(7)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 145).

(2)

في (ب): (فخوف الفتنةُ).

(3)

في (أ): (يمشي).

(4)

سقطت من (أ).

(5)

الثَّابِتُ بِالضَّرُوْرَةِ لَا يَعْدُوْ مَوْضِعَ الضَّرُوْرَة: قاعدة فقهية، معناها: أن الثابت بالضرورة يقدر بقدرها، فإذا اضطر الإنسان لأمرٍ ما منهيٌّ عنه شرعًا فيبيح له الشرع ذلك بالقدر الذي يدفعُ عنه الاضطرار، ولا يتعدَّاهُ إلى غيره، ومثالها زيادة على ما ذَكَرَهُ المؤلف/: أن الطبيب ينظر من العورة بقدر الحاجة للعلاج، ولا يباح له ما زاد على ذلك. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 543)، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (1/ 281).

(6)

أخرجه البخاري (7/ 14) كتاب (النكاح) باب (النظر إلى المرأة قبل التزويج) برقم (5126) بِسَنَدِه: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ [ص: 15]: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ:«هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟» قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا» فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، قَالَ:«انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي - قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ» فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ، ثُمَّ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ:«مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟» قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا - عَدَّدَهَا - قَالَ: «أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» .

- وأخرجه مُسْلِمٌ في صحيحه (2/ 1040) برقم (1425).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 152).

ص: 72

ولمَّا قال عمر رضي الله عنه في خطبته: ألا لا تغالوا في صدقة النساء فإنّها لو كانت مكرمة عند الله أو أتقاكم لكان الأولى بها رسول الله عليه السلام فوالله ما خطب رسول الله عليه السلام أكثر من أربعمائة [أوقية

(1)

(2)

ونَشّ

(3)

، فقامت [امرأة]

(4)

[سفعاء]

(5)

(6)

الخدين وقالت: أنت تقول برأيك أم سمعته من رسول الله عليه السلام فإنَّا نّجِدُ في كتاب الله تعالى [خلاف]

(7)

ما تقول: قال الله تعالى: {وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَىهُنَّ قِنطَارا فَلَا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيًْ?ا}

(8)

، فبكى عمر رضي الله عنه فقال: كلّ النّاس أفقه من عمر حتّى النساء في البيوت

(9)

، فذكر الراوي أنّها كانت [سفعاء]

(10)

الخدّين؛ وهذا بيان أنّها كانت مسفرة عن وجهها

(11)

.

(1)

أُوْقِيَّة: الْأُوْقِيَّةُ بالْتَّشْدِيْدِ، مِعْيَارٌ لِلوَزْنِ، جَمْعُهَا أَوَاقِي، وَيَخْتَلِفُ مِقْدَارُهَا شَرْعَاً بِاخْتِلَافِ الْمَوْزُوْنِ، وَهِيَ مِنْ غَيْرِ الْذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَرْبَعُوْنَ دِرْهَمَاً. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 669)، مختار الصحاح (ص 344)، معجم لغة الفقهاء (1/ 115).

(2)

في (أ): (وأوقية).

(3)

نَشّ: النَّشُّ: عشرون درهماً، وهو نصف أوقيَّة لأنَّهم يسمُّون الأربعين درهماً أوقيَّة، ويسمُّون العشرين نَشًّا، وقال في "الْمُغْرِب": وَكَذَلِكَ نِصْفُ كُلِّ شَيْءٍ يُقَالُ نَشُّ الدِّرْهَمِ وَنَشُّ الرَّغِيفِ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (3/ 1021)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 492)، معجم لغة الفقهاء (ص 479).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

في (ب): (شفعا)،

(6)

سَفْعَاء: السُفْعَةُ في الوجه: سوادٌ في خدَّي المرأة الشَّاحِبة، كأن النار سفعت خدَّيْها، وقَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ حُمْرَة يعلوها سَواد. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (3/ 1230)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 226)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (5/ 3105).

(7)

في (أ): (بخلاف).

(8)

سورة النساء الآية (20).

(9)

أخرج البيهقي في السُّنَن الكُبْرى (7/ 380) كتاب (الصَّداق) باب (لا وقت في الصداق كَثُر أو قَلَّ) برقم (14336) بِسَنَدِه بِلَفْظ: ثنا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: «أَلَا لَا تُغَالُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُنِي عَنْ أَحَدٍ سَاقَ أَكْثَرَ مِنْ شَيْءٍ سَاقَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ سِيقَ إِلَيْهِ إِلَّا جَعَلْتُ فَضْلَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ» ثُمَّ نَزَلَ، فَعَرَضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مِنْ قَرِيبٍ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكِتَابُ اللهِ تَعَالَى أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَوْ قَوْلُكَ؟ قَالَ: «بَلْ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، فَمَا ذَاكَ؟» قَالَتْ: نَهَيْتَ النَّاسَ آنِفًا أَنْ يُغَالُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَىهُنَّ قِنطَارا فَلَا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيًْ?ا} ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:«كُلُّ أَحَدٍ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ لِلنَّاسِ:«إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تُغَالُوا فِي صَدَاقِ النِّسَاءِ أَلَا فَلْيَفْعَلْ رَجُلٌ فِي مَالِهِ مَا بَدَا لَهُ» ، قال البيهقي: هذا منقطع.

- وأخرجه سعيد بن منصور في سُنَنِه قريباً من هذا اللفظ (1/ 195) برقم (598).

- والحديث فيه: مجالد بن سعيد، قال عنه النسائي: كوفي ضعيف، وضّعَّفَه يحي بن سعيد القطان ويحي بن معين، وقال عنه ابن حِبَّان: وكان رديء الحفظ يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل لا يجوز الاحتجاج به. يُنْظَر: الضعفاء والمتروكون للنسائي (ص 95)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/ 361 - 362)، المجروحين لابن حِبَّان (3/ 10).

- وأما حديث (سفعاء الخدين) فلم أقف عليه مقروناً بهذه القِصَّة، وإنما أخرج مسلم في صحيحه () كتاب (صلاة العيدين) برقم (885) وفيه: ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَقَالَ:«تَصَدَّقْنَ، فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ» ، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ، فَقَالَتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» ، قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ، يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ.

(10)

في (ب): (شفعا).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 152 - 153).

ص: 73

ولَمَّا ناولت فاطمةُ رضي الله عنها أَحَدَ ولدَيْها بِلالًا أو أَنَسًا قال: رأيت كفّها {كأنها}

(1)

فِلْقَة قَمَر

(2)

؛ فدلّ أنّه لا بأس بالنظر إلى الوجه والكف، وأمّا خوف الفتنة فقد يكون بالنّظر إلى ثيابها أيضاً

(3)

.

قال القائل

(4)

[

]

(5)

:

عجوزٍ تَرَجَّى أن تكون فَتِيَّةً وقد

لَحَتِ الجنبان واحدودب الظهر

تدُسُّ إلى العطَّارِ مَيْرَة

(6)

أهلِها

وهل يُصْلِح العطار ما أفسد الدَّهْرُ

وما غرَّني إلا خِضَابٌ

(7)

بكفِّها

وكُحْلٌ بعينيها وأثوابها الصُّفْرُ

ثم لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك؛ فكذلك إلى وجهها وكفها، وإذا خاف الشّهوة لم ينظر من غير حاجة لقوله عليه السلام لعلي رضي الله عنه: «لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ الْأُوْلَى لَكَ [وَالْأُخْرَى]

(8)

عَلَيْكَ»

(9)

يعني بالأخرى: أن يبصرها عن شهوة

(10)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

لم أجده.

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 153)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 30).

(4)

قيل: أن القائل هو رجُلٌ يقال له: أبو العاج الكلبي. يُنْظَر: بلاغات النساء لابن طيفور (ص 99).

(5)

في (أ): (شِعْر).

(6)

مِيْرَة: الْمِيْرة الطعام، يُقال:(مارَ أَهْلَه) أي: أتاهم بالطعام. يُنْظَر: الْمُغرب في ترتيب المْمثعرب (ص 477)، مختار الصحاح (ص 301).

(7)

خِضاب: اسمٌ لِمَا يُختضبُ به من الحَنَّاءِ ونحوه في الكَفِّ وغيرها، وكُل ما غُيِّر لونهُ، فهو مَخْضُوبٌ، وخَضِيبٌ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 92)، لسان العرب (1/ 357).

(8)

في النسختين: (والثانية)، وما أثبَتُّه هو الموافق للفظ الحديث، ويدل عليه أنه هو الْمُراد للمؤلِّف قولُه بعد ذلك:(يعني بالأخرى: أن يبصرها عن شهوة).

(9)

أخرَجَ أبو داود في سُنَنِه (3/ 481) كتاب (النكاح) باب (ما يُؤْمَر به من غضِّ البَصَر) برقم (2149) بِسَنَدِه: عن ابن بُرَيْدَة عن أبيه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: «يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُوْلَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةَ» ، إسناده ضعيفٌ، فيه: عمر بن ربيعة الإيادي، قال عنه ابن أبي حاتم: سمعت أبي - أبو حاتم- يقول ذلك، وسألته عنه فقال: منكر الحديث،. يُنْظَر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 109)، المغني في الضعفاء للذهبي (2/ 466).

- وأخرجه الترمذي (5/ 101) برقم (2777)، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شُرَيك.

- وقال الحاكم في المستدرك: صحيح على شرط مسلم، ولم يُخَرِّجَاه، ووافَقَهُ الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين لِلحاكِم (2/ 212).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 153).

ص: 74

وجاء رجل إلى رسول الله عليه السلام فقال: إِنِّيْ نَظَرْتُ إِلَى امْرَأَةٍ فَاشْتَهَيْتُهَا فَأَتْبَعْتُهَا نَظَرِيْ فَأَصَابَ رَأْسِيْ جِدَارٌ؛ فَقَالَ عليه السلام: «إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ عُقُوْبَتَهُ فِيْ الدُّنْيَا»

(1)

(2)

.

[النَّظر إلى الصغيرة ومَسُّها]

(والصّغيرة إذا كانت لا تُشْتَهَى يباح مسّها والنّظر إليها)

(3)

؛ لأنّه ليس لبدنها حكم العورة

(4)

.

والأصل فيه ما روي أنّ النبي عليه السلام كان يُقَبِّلُ زُبَّ الحَسَن والحُسَين رضي الله عنهما في صغرهما، ورُوِيَ أنه كان يأخذ ذلك من أحدهما فيجرُّه والصبيُّ يضحك

(5)

، ولأن العادة الظاهرة ترك التكليف لستر عورتها قبل أن تبلغ حدّ الشّهوة، هذا كلّه من "المبسوط"

(6)

.

(1)

رُوِيَ هذا الحديث بألفاظٍ متعددة أقربها إلى ما أورده المؤلِّف بقِصَّتِه ما أخرجه البيهقي في القضاء والقدر (ص 243) باب (قول الله عز وجل: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ?} ..... ) برقم (324) بِسَنَدِه: عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ يُبَايِعُ النَّاسَ وَإِنِّي أَرْفَعُ أَغْصَانَهَا عَنْ رَأْسِهِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ وَوَجْهُهُ يَسِيلُ دَمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكُتُ. قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْتُ مِنْ مَنْزِلِي فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ فَأَتْبَعْتُهَا بَصَرِي فَأَصَابَ وَجْهِي الْجِدَارُ فَأَصَابَنِي مَا تَرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ شَرًّا أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ الْقِيَامَةَ كَأَنَّهُ عَيْرٌ» .

- وأخرج الطبراني في الأوسط نحوه (5/ 280) برقم (5315) وورد فيه أنَّ صاحب القصة هو أبو تميمة الهُجَيْمِي.

- والحديث له طُرق متعددة يرتقي بمجموعها للصحة، وقد صححه الحافظ بن حجر في فتح الباري، والألباني في السلسلة الصحيحة. يُنْظَر: فتح الباري لابن حجر (8/ 124)، سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (3/ 220)

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 153).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (222).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 155)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 31)، منحة السلوك شرح تحفة الملوك (ص 410).

(5)

أخرج الطبراني في المعجم الكبير (3/ 51) باب (بقية أخبار الحسن بن علي-رضي الله عنهما) برقم (2658) قال: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَسَوِيُّ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعُرَنِيُّ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:«رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَّجَ مَا بَيْنَ فَخِذَيِ الْحُسَيْنِ وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ» .

- وأخرجه البيهقي في الكُبرى (1/ 215) برقم (651) وفيه: أن الذي جاء هو الحَسَن رضي الله عنه، وقال البيهقي: فهذا إسنادُهُ ليس بالقوي.

- وقد ضعَّفَ هذا الحديث ابن الْمُلَقِّن في البدر المنير (2/ 478 - 479)، والألباني في إرواء الغليل (6/ 213).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 155)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 31).

ص: 75

[النَّظَر إلى المخطوبة]

(لقوله عليه السلام: «[أبْصِرْهَا]

(1)

»)

(2)

والخِطَاب للمُغِيرة بن شُعْبة رضي الله عنه؛ فإنّه لما أراد أن يتزوج امرأة قال له النبي عليه السلام: «أَبْصِرْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» ، هكذا رواية "المبسوط"

(3)

، [وأمّا]

(4)

رواية "الفائِقِ"

(5)

فإن النبي عليه السلام قال للمُغِيرة بن شُعْبة وخطب امرأة: «لَوْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»

(6)

(7)

.

(1)

في (ب): (أبْصَرْتَها).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1488).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 155)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 122)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 31).

(4)

في (أ): (أمَّا).

(5)

الفائق: هو كتاب "الفائق في غريب الحديث والأَثَر"، لِأَبي القاسم، محمود بن عمر بن أحمد، جار الله الزمخشري صاحب تفسير "الكشَّاف عن حقائق غوامض التنزيل"، الْمُتُوَفَّى 538 هـ، وكتابُهُ "الفائق" من أجود الكُتُب في فَنِّهِ، فصاحِبُه من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب والبلاغة، وهو مطبوع في أربعة أجزاء، طَبَعَتْهُ دار المعرفة بلبنان، بتحقيق علي البجاوي و محمد أبو الفضل إبراهيم. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1217)، الأعلام للزركلي (7/ 178).

(6)

أخرجَه الترمذي في سُنَنِه (3/ 389) كتاب (النكاح) باب (ماجاء في النَّظَر إلى المخطوبة) برقم (1087) بِسَنَدِه: عَنْ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» ، قال الترمذي: هذا حديثٌ حَسَن.

- وأخرجه النسائي في الكُبرى (5/ 162) برقم (5328)، وفي الصُّغْرى (6/ 69) برقم (3235)، ابن ماجه (1/ 599 - 600) برقم (1865، 1866).

- وصححه الألباني. يُنْظَر: صحيح الجامع الصغير وزياداته (1/ 209).

(7)

يُنْظَر: الفائق في غريب الحديث والأثر للزمخشري (1/ 29)، تحفة الفقهاء (3/ 334)، البناية شرح الهداية (12/ 135).

ص: 76

‌‌

[المراد بقوله: «يُؤْدَم بينكما»]

الأُدْمُ والإِيْدَام: الإصلاح والتّوفيق، من أَدَمِ الطّعام وهو إصلاحه بالإدام وجعله موافقاً للطّاعم.

لو: هذه في معنى ليت،/ ومن ثم أجيب بالفاء، كأنه قيل: ليتك نظرت إليها، والغرضُ الحثُّ [على]

(1)

النَّظَرِ.

والهاء في («فَإِنَّهُ»)

(2)

: راجعة إلى مصدر «نَظَرْتَ» ؛ كقولهم: من أحسن كان خيراً له.

(«أَنْ يُؤْدَمَ»)

(3)

: أَصْلُهُ (بأن يؤدم)؛ فحذفت الباء، والمعنى: فإنّ النّظر أولى بالإصلاح وإيقاع الأُلْفة والوِفَاق بينكما

(4)

.

[نَظَر الطبيب للمرأة الأجنبية، كَنَظَر الخافضة والختَّان]

الخفض للجارية: كالخَتْنِ

(5)

لِلْغُلام، وجاريةٌ مخفوضة: أي: مختونة

(6)

.

(كنظر الخافِضة والخَتَّان)

(7)

يعني: أنّهما ينظران إلى العورة لأجل الضّرورة؛ لأنّ الختان سنة، وهو من جملة الفطرة في حق الرجال لا يمكن تركها، وهو مكرمة في حق النساء أيضاً

(8)

.

[نَظَر القابِلة إلى موضع الفرج حال الولادة]

ومن العذر أيضًا لإباحة النّظر حالة الولادة، فإنّ المرأة تنظر إلى موضع الفرج وغيره من المرأة؛ لأنّه لابدّ من قابِلَةٍ

(9)

تَقْبُل الولد وبدونها يُخَافُ الهلاكُ على الولد، وقد جوّز رسول الله عليه السلام شهادة القابلة على الولادة

(10)

؛ [فذلك دليلٌ]

(11)

على أنّه يباح لها النَّظَر، كذا في "المبسوط"

(12)

.

(1)

في (ب): (إلى).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1488).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1488).

(4)

ما سبَقَ يُنْظَر في: الفائق في غريب الحديث والأثر للزمخشري (1/ 29).

(5)

الخَتْنُ: من الِختان، وهو موضع القَطْع من ذَكَرِ الغُلام، وفرْجِ الجارية. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 88)، لسان العرب (13/ 138).

(6)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرب (ص 164).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1488).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 156)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 32)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 123).

(9)

قَابِلَةٍ: القَابِلَة: مِنَ النِّساءِ هِي الْمُوَلِّدة، وهِيَ التي تتلَّقَى الوَلَدَ عِنْدَ وِلادَتِهِ وخُرُوجِه مِن رَحِمِ أُمِّهِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 536)، محتار الصحاح (ص 246).

(10)

أخرجه الدارقطني (5/ 416) كتاب (في الأقضية والأحكام وغير ذلك) باب (في المرأة تقتل إذا ارتدت) برقم (4556) بِسَنَدِه: عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاسِطِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ» ، وقال الدارقطني: محمد بن عبد الملك لم يسمعه من الأعمش بينهما رجل مجهول.

- وأخرجه الدارقطني مرَّةً أخرى (5/ 416) برقم (4557) بسنَده: عَن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ» ، وأخرجه البيهقي (4/ 146) برقم (3294)، وقال: قال الدارقطني: أبو عبد الرحمن المدائني رجل مجهول.

- وضعَّفَهُ الألباني. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (8/ 306).

(11)

في (ب): (فدليل).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 156)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 32)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 124).

ص: 77

[نَظَر الطبيب إلى موضع الاحتقان من الرجل حال المداواة]

(لأنّه مداواة)

(1)

أي: لأن الاحتقان

(2)

مداواة، (ويجوز للمرض)

(3)

أي يجوز الاحتقان لأجل المرض، (وكذا)

(4)

يجوز الاحتقان لأجل (الهزال الفاحش)

(5)

فلا بأس بأن يرى ذلك الموضع [للحاقِن]

(6)

؛ فإنّ الهزال الفاحش نوع من المرض يكون آخره الدِّقُّ

(7)

والسِّلُّ

(8)

(9)

.

وذكر شمس الأئمة الحلواني

(10)

/: أن الحقنة إنّما تجوز عند الضّرورة، وإذا لم يكن ثمة ضرورة ولكن فيها منفعة ظاهرة بأن كان يتقوى على الجماع لا يحل عندنا، وإذا كان به هزال فإن كان هزالاً يخشى منه التلف يَحِلّ، وما لا فلا

(11)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1488).

(2)

الاحْتِقَان: مِنَ الحُقْنَة: وهي دواءٌ يُجْعَل في مُؤَخَّرِ الإِنسانِ، وحَقَنَ الْمَرِيضَ: دَاواهُ بِالحُقْنَة، وَاحْتَقَنَ بِنَفْسهِ: تَدَاوَى بِها. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 24)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 135).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1488).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1488).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1488).

(6)

في (أ): (للمحتقن)، وفي (ب):(المختص)، قال في الْمُغْرب:(وقولُهُ: لا بأس بأن يبدي ذلك الموضع لِلْمُحتَقِن؛ صوابُهُ لِلحَاقِن). يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 135).

(7)

الدِّقّ: نوعٌ من الحُمَّى، يُقال لها حُمَّى الدِّقّ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (4/ 1475)، لسان العرب (10/ 101).

(8)

السِّلُّ: هو مرضٌ في الصدر لا يكاد صاحبه يبرأ منه، وهو قروح تحدث في الرئة إما تُعْقِب ذات الرئة أو ذاتَ الجَنْبِ، أو زكامٌ ونوازل، أو سُعَالٌ طويل، وتَلزمُها حُمَّى هادِئةٌ. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 286)، القاموس المحيط (ص 1015).

(9)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 32)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 123)، العناية شرح الهداية (10/ 27).

(10)

شمس الأئمة الحلواني: هو أبو محمد، عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح الحلواني البخاري، الملقب بشمس الأئمة، فقيه حنفي، كان إمام أهل الرأي في وقته ببخارى، أخذ عنه شمس الأئمة السرخسي وفخر الإسلام البزدوي وغيرهم، وله مصنفات عَدَّة منها "المبسوط"و"النوادر"و"شرح أدب القاضي" لأبي يُوسُف، تُوُفِّيَ سنة 448 هـ، وقيل سنة 452 هـ، ودُفِنَ في بُخارى. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (18/ 177)، لسان الميزان (4/ 24)، الجواهر المضية (1/ 318)، الأعلام للزركلي (4/ 13).

(11)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 32 - 33)، البناية شرح الهداية (12/ 139).

ص: 78

وذكر الفقيه أبو اللّيث/: قال محمّد بن مقاتل الرازي

(1)

: لا بأس بأن يتولَّى صاحب الحمَّام عورة إنسان بيده عند التنوير إذا كان يغضّ بصره، كما أنّه لا بأس به إذا {كان}

(2)

يداوي جرحًا أو قرحًا، قال الفقيه

(3)

: وهذا في حالة الضّرورة لا في غيرها، وينبغي لكلِّ أَحَدٍ أن يتولى عانَتَهُ بِيَدِهِ إذا تنوّر

(4)

، [كذا]

(5)

في "الذّخيرة"

(6)

.

ما ينْظُر الرجل إليه من الرَّجُل.

‌[وهل السُّرَّة والرُّكْبَة من العورة

؟]

(خلافاً لِما يقولُه أبو عصمة)

(7)

(8)

وهو أبو عصمة سعد بن معاذ المروزي

(9)

/ فإنّه يقول: أنّ السرة أَحَدَ حَدَّيْ العورة فيكون من العورة كالركبة، وحجّتنا في ذلك ما رُوِيَ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّه كان إذا اتَّزَرَ بدَّى عن سُرَّتِهِ

(10)

(11)

.

(1)

مُحمَّد بن مُقاتِل الرَّازي: قاضي الرَّي، وإمام أصحاب الرأي فيها، ومِن أصحاب محمد بن الحسن، روى عن أبي مطيع عن أبي حنيفة، قال الذَّهَبِيُّ في ميزان الاعتدال: حدَّثَ عَن وكِيْع وطَبَقتِه تُكُلِّمَ فيه ولم يُتْرَك، روى عنه محمد بن جرير الطبري وغيرُه، وسَمِعَ منه البخاري ولم يُحَدِّث عنه، وضَعَّفه ابن حَجَر في التقريب، تُوُفِّيَ سنة 248 هـ. يُنْظَر: ميزان الاعتدال للذهبي (4/ 47)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 134)، لسان الميزان لابن حجَر (5/ 388)، تقريب التهذيب (ص 508).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

الفقيه: أبو الليث السمرقندي، السَّابق ذِكْرُه.

(4)

تَنَوَّر: إطَّلَى بالنُّوْرَةِ، والنُّورَةُ: مِن الحَجَر الذي يُحْرَق ويُسَوَّى مِنه الكِلْسُ وتُضَافُ إِلَيْهِ أَخْلاطٌ ويُحْلَقُ بِه شَعْرُ العَانَةِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 629)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 511)، القاموس المحيط (5/ 244).

(5)

في (أ): (وكذا).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 33)، البناية شرح الهداية (12/ 139).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1489).

(8)

- أقوال المذاهب في حّدَّي عورة الرَّجُل عِنْدَ الرِّجال وما يدخل فيها:

- الحنفية: السُّرَّة ليست بعورة وإنما ما تحتها إلى الرُّكْبَة، والرُّكْبَةُ داخلةٌ في العورة.

- المالكية والشافعية على الصحيح والمختار عند الحنابلة: مابين السُّرَّة والرُّكْبَة وهما ليستا داخلتين في العورة.

- أصحاب الظاهر كابن حزم وغيره: السَّوْءتان فقط.

يُنْظَر: تحفة الملوك (ص 63)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (1/ 95)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 238)، التاج والإكليل لمختصر خليل (2/ 180)، الحاوي الكبير للماوردي (2/ 172)، المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي (1/ 124)، المغني لابن قدامة (1/ 413)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (1/ 449)، المحلَّى بالآثار لابن حزم (2/ 241).

(9)

أبو عِصْمة: سعد بن معاذ المروزي، راوي كتابَيْ التحرِّي والحَجْ عن أبي سليمان، روى عن: علي بن الحسن بن شقيق، وغيره، روى عنه: أبو رجاء محمد بن حمدويه، ونبهان بن إسحاق بن مقداس، وأهل مرو، قال الذهبي في ميزان الإعتدال: مجهول، وحديثُهُ باطل، ذكر في تاريخ الإسلام أنه تُوُفّيَ بمرو حوالي سنة 253 هـ. يُنْظَر: تاريخ الإسلام للذهبي (6/ 89)، ميزان الإعتدال للذهبي (2/ 125)، الجواهر المضية (2/ 257 - 258)، الأصل للشيباني ط قطر (المقدمة/ 99).

(10)

لَمْ أجِدْهُ.

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 146)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 24)، البناية شرح الهداية (12/ 140).

ص: 79

وقوله: (والشّافعي/)

(1)

بالعطف على أبي عصمة في إثبات أن السُّرَّةَ عورة عندهما كأنه وقع سهوًا؛ لوجهين:

أحدهما: ما ذكرنا من تعليل أبي عصمة في إثبات أنّ السُّرَّة عورة بقوله: أنَّهُ أَحَدَ حَدَّيْ العورة فيكون عورة كالرُّكْبَة، هذا التّعليل إنّما يستقيم لمن يقول بأن الرُّكْبَة عورةٌ، والشّافعي/ لا يقول بِكَوْنِ الركبة من العورة

(2)

.

والثّاني: أنّ الشّافعي/ علَّلَ في إثبات أن الركبة ليست بعورة بقوله: أنها حدّ للعورة فلا تكون من العورة {كالسُّرَّة}

(3)

؛ لأن الحد لا يدخل في المحدود، وهذا تنصيص منه على أنّ السُّرَّة ليست بعورة، وهذان التّعليلان في "المبسوط"

(4)

، ولكن في "الأسرار"

(5)

نوع إشارة إلى أنّ الشّافعي/ جعل السُّرَّة من العورة ولم يجعل الرُّكْبَة من العورة

(6)

.

(لأنّه لا معتبر بها)

(7)

أي: لأن الشّأن هو أنّه لا معتبر بالعادة والتعامل فيما ورد فيه (النصّ بخلافه)

(8)

، وإنّما يعتبر التّعامل فيما لا نصّ فيه

(9)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1489).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 147)، العناية شرح الهداية (10/ 28)، البناية شرح الهداية (12/ 141).

(3)

سقطت من (ب).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 147)، العناية شرح الهداية (10/ 28).

(5)

الأسرار: كتابٌ لأبي زيد، عبدالله بن عمر بن عيسى، الدَّبُوسي الحنفي، ينسب إلى دبوسيَّة، وهي قرية بين بخارى وسمرقند، كان من أكابر فقهاء الحنفية، ويُضرَب به المثل في النَّظر واستخراج الحجج، برعَ في علم أصول الفقه، تُوُفِّيَ سنة 430 هـ، له عِدّة مؤلفات منها هذا الْكِتَاب الْأَسْرَارِ وهو كبير جداً، مخطوط في شستربتي بآيرلندا برقم (5150)، حُقِّقَ منه وطُبِع كتاب المناسك في مصر، وهناك مجموعة رسائل علمية لتحقيقه في الجامعة الإسلامية في المملكة العربية السعودية ولكنها لم تُطبَع. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 81)، الأعلام للزركلي (4/ 109).

(6)

الصحيح من مذهب الشافعي كما ذكرنا سابقًا: أن العورة مابين السُّرَّة والرُّكْبَة وهما ليستا داخلتين في العورة، وما سِوَى ذلك فهو وجهٌ ضعيف. يُنْظَر: الحاوي الكبير للماوردي (2/ 172)، المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي (1/ 124).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1489).

(8)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1489).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 146)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (1/ 95)، العناية شرح الهداية (10/ 28).

ص: 80

[الفَخِذُ من العورة]

وأمّا (الفخذ)

(1)

فعورة عندنا، و (أصحاب الظّواهر

(2)

(3)

يقولون: العورة من الرّجل موضع السوءة، فأمّا الفخذ [فليس]

(4)

بعورة؛ لقوله تعالى: {بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا}

(5)

والمراد [منه]

(6)

العورة

(7)

.

ولنا {حديث}

(8)

جَرْهَد

(9)

رضي الله عنه وهو كان يصلّي مكشوف الفخذ فقال له النبي عليه السلام: («وَارِ فَخِذَكَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ»

(10)

(11)

(12)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1489).

(2)

أصحاب الظواهر: هم الذين يأخذون بظاهر النصوص من الكتاب والسُّنَّة، ويُعْرِضون عن التأويل والرأي والقياس، بل يقولون بظاهر الأوامر والنواهي، وأول من قال بهذا القول الإمام الزاهد أبو سليمان، داود بن علي ابن خَلَف الأصبهاني، الْمُلَقَّب بالظاهري، الْمُتَوَفَّى سنة 270 هـ، وانتهج مذهَبَهُ بعض الأئمة، ومِن أعْظَمِ أئِمَّة هذا المذهب الإمام وعالِم الأندلس في عَصْرِه أبو محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حَزْم، الْمَعْروف بابن حَزْم الظاهري، صاحِبُ كتاب "الْمُحَلَّى بالآثار"، الْمُتَوَفَّى سنة 456 هـ. يُنْظَر: الوافي بالوفيات للصفدي (13/ 296) و (20/ 93 وما بعدها)، الأعلام للزركلي (2/ 333) و (4/ 254).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1489).

(4)

في (ب): (ليس).

(5)

سورة الأعراف الآية (22).

(6)

في (ب): (به).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 146)، العناية شرح الهداية (10/ 28).

(8)

سقطت من (ب).

(9)

جَرْهَد رضي الله عنه: هو جرهد بن رزاح وقيل ابن خويلد بن عدي بن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أَسْلم بن أَفْصَى، وكان شريفًا يُكُنَّى أَبا عبد الرَّحمن وكان مِن أَهْل الصُّفَّةِ، وشَهِد الحُدَيْبِيَة، سَكَن المدينة وكان لَهُ دارٌ فيها في زُقَاقِ ابن حُنَيْن، ومات بالمدينة في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان وأول خلافة يزيد بن معاوية. يُنْظَر: الطبقات الكُبرى لابن سعد (4/ 223)، أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (1/ 331).

(10)

أخرجَهُ أبو داود في سُنَنِه (6/ 131) كتاب (الحمَّام) باب (النهي عن التعري) برقم (4014) بِسَنَدِه: عن زُرْعَةَ بنِ عبدِ الرحمن بن جَرْهَدٍ عن أَبِيْه، قال: كانَ جَرْهَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، قال: جَلَسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَنا وفَخِذِيْ مُنكشِفةٌ، فقال:«أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الفَخِذَ عَوْرَةٌ؟» . - وأخرج الترمذي حديثُ جَرْهَد من ثلاث طُرُق، الأوَّل (5/ 110) برقم (2795) وقال: هذا حديث حَسَن ما أرى إسنادَه بمتَّصِل، والثاني (5/ 111) برقم (2796)، والثالث (5/ 111) برقم (2797) وقال: هذا حديث حَسَن غريب من هذا الوجه.

- وصححه الألباني. يُنْظَر: صحيح الجامع الصغير وزيادة (1/ 347).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1489).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 146)، العناية شرح الهداية (10/ 29)، البناية شرح الهداية (12/ 141 - 142).

ص: 81

وأمّا الآية فالمراد بالسَّوْءَة العورة الغليظة، وبه نقول: أنّ العورة الغليظة هي السّوءة، ولكن حكم العورة يثبت فيما حول السوأتين باعتبار القُرْب فيكون حكم العورة فيه أخفّ

(1)

.

فإنْ قُلْتَ: ما جوابنا عمّا تمسّك به الشّافعي/ في أنّ الركبة ليست بعورة من حديث أنس رضي الله عنه؛ وقال أنس: «مَا أَبْدَى رَسُوْلُ اللهِ عليه السلام

(2)

رُكْبَتَهُ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيْسٍ قَطُّ»

(3)

، وإنما قَصَد بهذا [ذِكْر]

(4)

الشمائل، فلو كانت الركبة من العورة لم يكن هذا من جملة الشمائل؛ لأن ستر العورة فرض على كلّ أحد

(5)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 146)، البناية شرح الهداية (12/ 145).

(2)

في (ب): صلى الله عليه وسلم.

(3)

أخرجه الترمذي في سُنَنِه (4/ 654 - 655) أبواب (صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم (2490) بَسَنَدِه: عَنْ زَيْدٍ العَمِّيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَقْبَلَهُ الرَّجُلُ فَصَافَحَهُ لَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ الَّذِي يَنْزِعُ، وَلَا يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ وَجْهِهِ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُهُ وَلَمْ يُرَ مُقَدِّمًا رُكْبَتَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ» ، وقال الترمذي: هذا حديثٌ غريب.

- وأخرجه ابن ماجه في سُنَنِه (2/ 1224) برقم (3716)، بلفظ:«ولم يُرُ مُتُقُدِّمَاً بِرُكْبَتَيْهِ جَلِيْسَاً لَهُ قَطُّ» ، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة: روى الترمذيُّ بعضَه عن سُوُيد بن نصر عن ابن المبارك عن عِمْران بن زيد التَّغْلِبِي عن زيد العَمِّيِّ به وقال: (غريب) انتهى، وهذا الحديث ضعيف من الطريقين؛ لأن مدار الحديث على زيد العَمِّيِّ وهو ضعيف. يُنْظَر: مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للبوصيري (4/ 113).

- وقد ذكَر العراقي في تخريج أحاديث الإحياء بقوله: والترمذي وابن ماجه: «لَمْ يُرَ مُقَدِّمًا رُكْبَتَيْهِ بَين يَدي جليس لَهُ» ، زاد ابن ماجه:«قَطُّ» ، وسَنَدُه ضعيف. يُنْظَر: المغني عن حمل الأسفار في الأسفار للعراقي (ص 848).

- وقد ضَعَّف الألباني الحديث إلا جُمْلة المصافحة فهي عنده ثابتة. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (5/ 637) برقم (2486).

(4)

(ب): (إذا ذكر).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 147)، البناية شرح الهداية (12/ 141).

ص: 82

قُلْتُ: فالمرويّ عنه: «مَا مَدَّ رَسُوْلُ اللهِ عليه السلام رِجْلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيْسٍ قَطُّ»

(1)

وهذا من الشمائل، وإبداء الركبة على ما ذكر في بعض الروايات كناية عن هذا المعنى أيضًا، هذا كله [ممّا]

(2)

أشار إليه في "المبسوط"

(3)

.

[نَظَرُ المرأة إلى الرجُل الأجنبي]

([ووجه]

(4)

الفرق: [وهو]

(5)

أنّ الشّهوة عليهن/ غالبة)

(6)

، تفسير الفرق: هو أنّ الشّهوة لمَّا كانت غالبة عليهنّ قامت غَلَبَةُ الشّهوة مقام المتحقّق؛ لأنّ الغالب يقوم مقام المتحقّق

(7)

في كثير من الصّور، حتّى أنّ وجوب العمل بخبر الواحد والقياس بسبب غَلَبَةِ الصدق وغَلَبَةِ الصحّة لا لحقيقة الصدق والصحّة

(8)

.

وكذلك تجويز أبي حنيفة/ صلاة من كان في السّفينة قاعدًا إنّما كان باعتبار دوران الرّأس غالباً فجعله كدورانه حقيقة

(9)

، ولما اشتهى الرجل في نظره إلى المرأة كانت الشّهوة موجودة من الجانبين، فمن جانب المرأة حكمًا واعتبارًا ومن جانب الرجل حقيقة.

(1)

أورد الغزالي في كتاب إحياء (2/ 366) كتاب (آداب المعيشة وأخلاق النبوة) برقم (5): «مَا رُؤِيَ قطّ مَادًّا رجلَيْهِ بَين أَصْحَابه حَتَّى يضيق بهَا عَلَى أحَدٍ إِلَّا أَن يكون الْمَكَان وَاسِعًا لَا ضيق فِيهِ» .

- قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من حديث أنس، وقال: باطل. يُنْظَر: المغني عن حمل الأسفار في الأسفار للعراقي (ص 848).

(2)

في (ب): (ما).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 147).

(4)

في (أ): (وجه الفرق).

(5)

سقطت من (أ).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1490).

(7)

الْغَالِب يَقُوْمُ مَقَامَ الْمُتَحَقِّق: قاعدة فقهية، معناها: أنه إذا تحقق قيام الحكم في غالب الشيء فإنَّه يُعتبر هذا الحُكْم كالثابت في بقية الشيء، فللأكثر حكم الأغلب، مثال ذلك في بعض فروع الحنفية: مقطوعة الأذن والذَّنَب في الأضحية تجزئ إذا بقي أكثرهما. ويُنْظَر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (1/ 241).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 18)، البناية شرح الهداية (12/ 147)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 371).

(9)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (1/ 156)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/ 109)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (1/ 203).

ص: 83

وأمّا إذا نظرت المرأة إلى الرجل مشتهية والرجل لم ينظر إليها كانت الشّهوة موجودة من جانب واحد وهو جانب المرأة، وأمّا من جانب الرجل فلم توجد الشّهوة أصلاً لا حقيقة؛ لأنّه لم ينظر إليها، ولا حكمًا واعتبارًا؛ لأنّ الشّهوة ليست بغالبة من جانب الرجل حتّى تقوم الغلبة مقام الحقيقة حكمًا، فكانت الشّهوة من جانب المرأة لا غير؛ فلذلك استُحِبَّ لها أن تغضّ بصرها ووجب على الرجل أن يغضّ بصره إذا اشتهى في النّظر إليها

(1)

.

وقوله: (غير موجودة في جانبه حقيقة)

(2)

؛ لأنّه غير ناظر إليها، (واعتباراً)

(3)

أي: غير موجودة اعتباراً لعدم غلبة الشّهوة

(4)

.

[نَظَرُ المرأة من المَرْأة]

([وكذا]

(5)

الضّرورة تحققت إلى الانكشاف فيما بينهنّ)

(6)

أي: في الحمّام

(7)

.

وهذا دليل على أنهن لا يمنعن عن الدّخول في الحمام خلافًا لما يقوله بعض النّاس؛ وذلك لأن العرف الظّاهر في جميع البلدان ببناء الحمامات للنساء وتمكينهنّ من دخول الحمامات دليل على صحّة ما قلنا، وحاجة النساء إلى دخول الحمامات فوق حاجة الرّجل؛ لأنّ المقصود تحصيل الزينة والمرأة إلى هذا أحوج من الرجل، ويتمكّن الرجل من الاغتسال في الأنهار والحياض، والمرأة لا تتمكّن من ذلك، إلى هذا أشار في "المبسوط"

(8)

.

[نَظَر الرَّجُل من أَمَتِهِ التي تحِلُّ لَه وزجَتِه]

(وينظر الرجل من أَمَتِهِ التي تحلّ له)

(9)

قيّد بالحل؛ لأنّ إباحة النّظر إلى جميع بدن أَمَته مَبنيّة على حِلِّ الوطء، وفيما لا يحلّ له مِن أَمَتِه كأَمَتِه المجوسيّة، وأَمَتِه التي هِي أُخْتُه مِن الرَّضاعة كان حكمُها في النَّظَر كأَمَة الغَيْر

(10)

.

(1)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 18)، العناية شرح الهداية (10/ 30)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 371).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1490).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 30)، البناية شرح الهداية (12/ 147).

(5)

في (ب): (فكذا).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1490).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 30)، البناية شرح الهداية (12/ 148).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 147 - 148)، العناية شرح الهداية (10/ 30 - 31)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/ 219).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 222).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 31)، البناية شرح الهداية (12/ 149)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 366).

ص: 84

العَيْر: الحمار الوَحْشِي

(1)

، وإنّما قيّد به؛ لِأَنّ في الأَهْلِيِّ نَوع سِتْر مِن الأَقْتَاب

(2)

والثَّفَر

(3)

.

وفي [شمائل]

(4)

الصِّدِّيْق رضي الله عنه: مَا نَظَرَ إِلَى [عَوْرَتِهِ]

(5)

قَطُّ وَلَا مَسَّهَا بِيَمِيْنِهِ

(6)

، فما ظنك بعورة الغير

(7)

.

(وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: الأَوْلى أن ينظر

(8)

الرَّجُل إلى فَرْج امرأته وقْت الوِقَاع

(9)

، (ليكون أبلغ في تحصيل معنى اللذّة

(10)

(11)

(12)

.

(1)

يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 222)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 439).

(2)

الأَقْتَاب: جمْعُ (قَتَبٍ) بالتحريك بالفتح، وهو: رَحْلٌ صغير على قَدْر السَنام، وأَقْتَبَ البعيرَ إِقْتاباً إِذا شَدَّ عَلَيْهِ القَتَبَ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (1/ 198)، لسان العرب (1/ 661).

(3)

الثَّفَر: هُوَ سَيْرُ مُؤَخَّرة الدَّابَّة، فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ السَّرْجِ يُجْعَلُ تَحْتَ ذَنَبِ الدَّابَّةِ، وأثْفَر الدَّابَّةَ: شَدَّ عَلَيْهَا الثَّفَرَ. يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (73)، مختار الصحاح (ص 49).

(4)

في (ب): (مناقب).

(5)

في (ب): (العورة).

(6)

لم أجِدْهُ عن الصِّدِّيق رضي الله عنه، ولكن أخرجَ ابن ماجه في سُنَنِه (1/ 113) كتاب (الطهارة وسُنَنها) باب (كراهةِ مَسِّ الذَّكَر باليمين) برقم (311) بِسَنَدِه: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ ابْنَ عَفَّانَ، يَقُولُ:«مَا تَغَنَّيْتُ، وَلَا تَمَنَّيْتُ، وَلَا مَسِسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

- وسَنَدُهُ ضعيفٌ، الصَّلُتُ بن دينار ضعَّفَهُ غير واحد من أهل العلم، فقد قال عنه الدارقطني: متروك، وقال المزي في تهذيب الكمال: عن أحمد بن حنبل: متروك الحديث، ترك الناسُ حديثَه. يُنْظَر: تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان (ص 136)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال (13/ 222).

- وقال الألباني: ضعيفٌ جِدَّاً يُنْظَر: صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (1/ 383).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 148 - 149).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1491).

(9)

الوِقاع: مُوَاقَعَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَه إِذَا بَاضَعَهَا وَخَالَطَهَا، وَوَاقَعَ المرْأَة وَوَقَعَ عَلَيْهَا: جَامَعَهَا، فَهُوَ مِنْ كِنَايَاتِ النِّكَاحِ. يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (الواو مع القاف)، لسان العرب (8/ 405).

(10)

- قال الزيلعي في نصْب الراية (4/ 248): قُلْتُ: غريب جداً.

- وقال ابن حجَر في الدراية (2/ 955): لم أجِدْهُ.

- وقال أبو محمد العيني في البناية شح الهداية (12/ 152): هذا لم يثبت عن ابن عمر أصلاً لا بَسَنَدٍ صحيح ولا بِسَنَدٍ ضعيف.

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1491).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 148 - 149)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 26)، البناية شرح الهداية (12/ 152).

ص: 85

وعن أبي يوسف/ في الأمالي

(1)

قال: سألت أبا حنيفة/ عن الرَّجُل يمسّ فَرْج امرأته أو تمسّ {هي}

(2)

فرْجه ليتحرّك [عليها]

(3)

؛ هل {ترى}

(4)

بذلك بأسًا؟ قال: لَأَرْجو أن يعظُم الأجر، كذا في "الذّخيرة"

(5)

.

[نَظَرُ الرَجُل من ذوات محارِمِه]

(ولا ينظر إلى ظَهْرِها وبطْنِها)

(6)

ولا {أن}

(7)

يمسّ ذلك منها، وقال الشّافعي/ في القديم: لا بأس بذلك، وجعل حالها كحال الجنس في النّظر

(8)

، وهذا ليس بصحيح؛ فإن حكم الظِّهَار

(9)

ثابت بالنَّصّ

(10)

.

وصُوْرتُه: أن يقول لامرأته: (أنتِ عَليَّ كَظَهْر أُمِّي)، وهو مُنْكر من القَوْل وزُوْر؛ لِمَا فيه من تشبيه المحلَّلَة بالْمُحَرَّمة، فلو كان النَّظَر إلى ظَهْر الأُمِّ حلالاً [له]

(11)

لكان هذا تشبيه مُحلَّلَة بِمُحَلَّلَة، فإذا ثَبَت هذا في الظَّهْر ثَبَت في [البَطْن]

(12)

؛ لِأنَّه أقرب إلى الْمَأْتَى، وإلى أن يكون مُشْتَهَى مِنها، والجَنْبان كذلك

(13)

.

(1)

الْأَمَالِيْ: هو كتاب"الأمالي في الفقه"، للقاضي أبي يوسُف صاحب الإمام أبي حنيفة -رحمهما الله-، وهو من كتُب النوادر في فقه المذهب الحنفي والتي أملاها أبو يوسُف من مذهب أبي حنيفة/، وهو لا يزال مفقوداً. ويُنْظَر: أسماء الكتب لرياض زاده (ص 54)، الأعلام للزركلي (8/ 193).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

في (أ): (عليهما).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 26)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 19)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 367).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 222).

(7)

سقطت من (ب).

(8)

نهاية المطلب في دراية المذهب (12/ 31)، الوسيط في المذهب (5/ 32)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (9/ 129 - 130).

(9)

الظِّهار: مِنْ ظاهَر الرَّجُل يُظَاهِرُ ظِهارًا ومظاهَرةً، والظِّهارُ والْمُظاهَرة مصدران لقول: ظَاهَرَ الرَّجُل مِن امْرَأَتِه؛ أَيْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَمِّيْ، وهو شرعًا: تشبيهُ المسلمُ زَوْجَتَهُ أو تشبيْهُ جُزْءٍ شائِعٍ مِنْها بِعُضْوٍ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْه مِنْ أَعْضَاءِ امْرَأَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ نَسَبَاً، أَو مُصَاهَرةً، أَو رِضَاعَاً. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبَة في الاصطلاحات الفقهية (ص 25)، النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 165)، القاموس الفقهي لسعدي أبو حبيب (ص 239).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 149)، العناية شرح الهداية (10/ 31 - 32)،

(11)

سقطت من (أ).

(12)

في (أ): (النَّظَر).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 149)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 27)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 285).

ص: 86

({وَلَايُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}

(1)

(2)

ذكر الزينة هنا مبالغة في النّهي عن إبداء مواضعها كما في قوله تعالى: {وَلَاالْقَلَائِدَ}

(3)

في حرمة تعرض محلها

(4)

.

(والمراد -والله أعلم- مواضع الزينة، وهي ما ذُكِر في الكتاب

(5)

(6)

أي: من الوجه والرأس إلى آخره.

وإنّما قلنا أن هذه مواضع الزينة؛ لأنّ الرأس موضع التّاج

(7)

والإكليل

(8)

، والشّعر موضع العِقَاص

(9)

، والعُنُق موضع القلادة، والصّدر كذلك؛ فالقلادة والوشاح

(10)

قد ينتهي إلى الصّدْر، والأُذُن موضع القُرْط

(11)

، والعَضُد موضع الدُّمْلُوج

(12)

، والسّاعد موضع السِّوار، والكف موضع الخاتم والخِضاب، والسّاق موضع الخَلْخَال

(13)

، والقدم موضع الخضاب، كذا في "المبسوط"

(14)

.

(1)

سورة النور آية (31).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1491).

(3)

سورة المائدة الآية (2).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 149)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 19)، البناية شرح الهداية (12/ 153 - 154).

(5)

الْكِتَاب: الْمُراد به هُنا: مختصر القدوري، وذلك بقوله:(ويَنظُر الرَّجُل مِن ذواتِ مَحارِمِه إلى الوجهِ والرَّأسِ والصَّدرِ والسَّاقَين والعَضُدَين). يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 241).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1491).

(7)

التَّاج: جَمْعُ: تِيْجان، وهو ما يُصَاغ لِلمُلوكِ مِن الذَّهَب والجَوْهَر ويُوضَعُ على رُؤوسِهم، وقد توَّجَه: إذا أَلْبَسَه التَّاجْ، ويُقَال: أَنَّهُ خاصٌّ بالعَجَم، ولهذا يُقال: العَمائم تِيجَان العَرَب. يُنْظَ: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 199)، مختار الصحاح (ص 47)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 78).

(8)

الإِكْلِيْل: الْمُرادُ به هُنا: شِبْهُ عِصابة تُزَيَّن بالجوَاهر، وهِي شَبِيْهة بالتَّاج، حتى أَنَّ بَعْضَهم عَدَّ التَّاجَ إكْلِيْلاً، يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 272)، القاموس المحيط (ص 182)، لسان العرب (2/ 219).

(9)

العِقاص: سَيْرٌ أو خيطٌ يُجْمَعُ به الشَّعْرُ وأطراف ذَوائِب الشَّعْر. يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعرب (ص 352)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 422).

(10)

الوِشاح: الْمُراد به هُنا: شئ يُنْسَجُ مِن أَدِيم عَرِيْضاً ورُبَّما يُرَصَّعُ بِالجَواهر والخَرَز، وتَشُدُّه الْمَرْأَة بَيْن عاتِقَيْها يُنْظَر: الصحاح للجوهري (1/ 415)، النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 187).

(11)

القُرْط: ما يُعَلَّقُ على شحْمَةِ الأُذُن مِنَ الْحُلِيِّ. يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 408)، مختار الصحاح (ص 251)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 498).

(12)

الدُّمْلُوج: والدُّمْلُج: وهو نوعٌ من الحُلِيُّ يوضَعُ في العَضُد، ويُسَمَّى أيضاً: الْمِعْضَد. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (1/ 316)، طِلْبَة الطَّلَبة في الاصطلاحات الفقهية (ص 89)، الُمُغْرب في ترتيب الْمُعرب (ص 185).

(13)

الْخَلْخَال: حِلْيَةٌ كالسِّوار تلبَسُهُ النِّساءُ في أَرْجُلِهِن، يُقال: تخَلْخَلَت المرأة: لَبِسَت الْخَلْخَل. يُنْظَلر: لسان العرب (11/ 221)، معجم لغة الفقهاء (1/ 199).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 149)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 27)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 155).

ص: 87

فإنْ قُلْتَ: لما كان الرجل ينظر من ذوات محارمه إلى مواضع الزينة كلّها كان ينبغي أن ينظر إلى ظهرها أيضاً لأنّ ظهرها موضع القراميل

(1)

، كما في هذه المواضع التي هي مواضع الزّين.

قُلْتُ: ينظر إلى القراميل ولكن لا ينظر إلى ظهرها بدون حائل، بخلاف سائر مواضع الزَّيْن؛ [لأن أمر]

(2)

القراميل على خلاف أمر سائر الحلي؛ لأنّ القراميل لا يقع إلا فوق اللباس؛ ويجوز النّظر إلى الثّوب الواقع/ على الظّهر والبطن للأجانب فضلاً عن هؤلاء، إلا إذا كان يصف لرقتة فحينئذ لا يحلّ النّظر إليه، فلا يحلّ النّظر إلى القراميل الواقعة عليه

(3)

.

ثم هذا الذي ذكره في حق المحارم مواقع الزينة الخفية، وكذلك مواقع الزينة الظّاهرة، الوجه موقع الكحل في عينيه، والخضاب بالوسمة

(4)

في حاجبيه وشاربيه، والغمرة

(5)

في خديه والكف والقدم، وقد ذكرناه، إلى هذا أشار في "الكشاف"

(6)

(7)

؛ لوجود المعنيين وهما الضّرورة وقلّة الرغبة فيه؛ أي: في المحرم، وهذا إشارة إلى ما ذكره بقوله:(فلو حُرِّمَ النّظر إلى هذه المواضع أدّى إلى الحرج، وكذا الرغبة تَقِل للحرمة المؤبدة)

(8)

(9)

.

(1)

القَرامِيْل: والقَرامِل: ما وَصَلَت وشّدَّت به المرأة شَعْرها مِن صُوْفٍ أَو إبريسم أو شَعْر، وقد رخَّص فيه الفقهاء إلا أن يكون من الشَّعْر. يُنْظَر: الفائق في اللغة للزمخشري (2/ 186)، لسان العَرب (11/ 727).

(2)

في (أ): (لأمر).

(3)

يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (3/ 230)، البناية شرح الهداية (12/ 154).

(4)

الوسْمَة: والوَسِمَة: لُغَتان، نبتٌ يُخْتَضَبُ بِوَرَقِه، و قِيْلَ أنَّه يُسَمَّى: الْعِظْلِم. يُنْظَر: الصِّحاح للجوهري (5/ 1988)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 417)، لسان العرب (12/ 637).

(5)

الغَمْرَة: المراد بها هُنا: طِلاءٌ يُتَّخَذ مِن نَباتٍ أصفَر باليَمَن يُعْرفُ بالوَرْس، يُقَال: غَمَّرَت المرْأَة وجْهَها تَغْمِيرًا: أي طَلَتْ وجْهَها لِيَصْفُو لَوْنُها. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 336).

(6)

الكشَّاف: هو "الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل"، للعلامة أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشرى المُتَوَفَّى سنة 538 هـ، مطبوع في أربعة مجلدات طَبَعته دار الْكِتَاب العربي بيروت عام 1407 هـ.

(7)

يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (3/ 230 - 231).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1491).

(9)

يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (3/ 231)، البناية شرح الهداية (12/ 155)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 539).

ص: 88

وقولُه: (في الأصحّ)

(1)

متعلّق بقولِه: (أو سِفَاح)

(2)

؛ لأنّ اختلاف المشائخ في المصاهرة بالزنا لا في المصاهرة بالنكاح؛ لأنّه ذكر في "المبسوط" بعدما ذكر حكم ذوات المحارم بالنّسب [والمحرمة]

(3)

بالرضاع؛ فقال: وكذلك [المحرمة]

(4)

بالمصاهرة؛ لأنّ الله تعالى سوَّى بينها بقوله: {فَجَعَلَهُ?نَسَباوَصِهْرا}

(5)

، إلا أنّ مشائخنا رحمهم الله يختلفون فيما إذا كان ثبوت حرمة المصاهرة بالزنا؛ فقال بعضهم: لا يثبت به حِلُّ المسِّ والنّظر؛ لأنّ ثبوت الحرمة بطريق العقوبة على الزاني لا بطريق [النّعمة]

(6)

؛ ولأنّه {قد}

(7)

جرّب مرة فظهرت خيانته فلا يؤتمن ثانياً، والأصحّ أنّه لا بأس بذلك؛ لأنّها محرمة عليه على التأبيد، ولا بأس بالنّظر إلى محاسنها كما لو [كان]

(8)

ثبوت حرمة المصاهرة بالنكاح، ولا يجوز أن يقال: ثبوت الحرمة بطريق العقوبة ههنا؛ لأنّا إنّما نثبت الحرمة ههنا بالقياس على النكاح فإذا جعلناها بطريق العقوبة لم تكن تلك الحرمة، وإثبات الحرمة ابتداءً بالرأي لا يجوز

(9)

.

[مّسُ المواضع التي يجوز للرَّجُل النَّظر إليها من ذوات المحارم]

(ولا بأس بأن يمسَّ ما جاز أن ينظر إليه منها)

(10)

لِمَا رُوِيَ أنّ النبي عليه السلام كان يقبّل رأس فاطمة رضي الله عنها ويقول: «أَجِدُ مِنْهَا [رَائِحَةَ]

(11)

الْجَنَّةِ»

(12)

، وكان إذا قَدِم مِن [سَفَره]

(13)

بدأ بها فعانقها وقبّل رأسها

(14)

، وقال عليه السلام:«مَنْ قَبَّلَ رِجْلَ أُمِّهِ فَكَأَنَّمَا قَبَّلَ عَتَبَةَ الْجَنَّةِ»

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1491).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

في (ب): (والمحرمية).

(4)

في (ب): (المحرمية).

(5)

سورة الفرقان الآية (54).

(6)

في (ب): (الحرمة).

(7)

سقطت من (ب).

(8)

في (ب): (كانت).

(9)

يُنظر: المبسوط للسرخسي (10/ 150)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 28)، العناية شرح الهداية (10/ 34).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1491).

(11)

في (ب): (ريح).

(12)

أخرج أبو داود في سُنَنِه (7/ 505 - 506) كتاب (الأدب) باب (القيام) برقم (5217) بِسَنَدِه: عن أُمِّ المؤمنين عائشةَ، أنها قالت:«ما رأيتُ أحَداً كان اْشْبَهَ حديثاً وكلاماً برسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِن فاطمةَ، كانت إذا دَخَلَتْ عليه قام إليها، فأخذ بيدها، وقبَّلَهَا، وأجلسَها في مجلسه، وكان إذا دَخَلَ عليها قامَتْ إليه فاخذتْ بيدِه فقبَّلَتْه، وأجلسَتْه في مَجْلِسها» .

- وأخرجه الترمذي (5/ 700) برقم (3872)، النسائي في الكُبرى (8/ 291) برقم (9193).

- وقال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخَرِّجاه، ثم قال الذهبي: بل صحيح. يُنْظَر: المستدرَك على الصحيحين للحاكم (3/ 167) رقم (4732).

- وصحَّحَهُ الألباني. يُنْظَر: صحيح الأدب المفرد (ص 355).

- أمَّا قولُهُ «أَجِدُ مِنْها رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» ؛ فلم أعثر على هذه الجُمْلَة.

(13)

في (ب): (سفر).

(14)

أورده ابن أبي الدنيا في كتاب "النَّفَقَة على العِيال"(1/ 239) باب (حمْل الوِلْدان وشَمِّهِم وتقبيلِهِم) برقم (224): حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ فَضْلِ بْنِ مُوسَى، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَبَّلَ رَأْسَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها» ، وهو حديثٌ مُرْسَل.

- وأورد أيضاً بعْدَه (1/ 390) برقم (225): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا رَجَعَ مِنْ مَغَازِيهِ قَبَّلَ فَاطِمَةَ» ، وهو أيضاً مُرْسل.

(15)

لَم أجِدْهُ.

ص: 89

[الْمَحْرَم للمرأة في السَّفَر]

(«لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ {وَلَيَالِيْهَا إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُوْ مَحْرَمٍ مِنْهَا}

(1)

»

(2)

(3)

، وكلمة "فوق"[ههنا]

(4)

صلة؛ فإن حرمة المسافرة ثابتة في ثلاثة أيام أيضاً، [فكان]

(5)

نظير قوله تعالى: {فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَاتَرَكَ}

(6)

(7)

.

(فإن احتاجت إلى الإركاب والإنزال فلا بأس [بأن]

(8)

يمسّها {وراء}

(9)

ثيابها)

(10)

؛ لِمَا رُوِيَ أن رجلًا جاء إلى [النَّبِيِّ]

(11)

عليه السلام فَقَالَ: إِنَّ أُمِّيْ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ؛ فَغَضِبَ رَسُوْلُ اللهِ عليه السلام

(12)

فَقَالَ: «أَكَانَتْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ حِيْنَ حَمَلَتْكَ؟ أَكَانَتْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ حِيْنَ أَرْضَعَتْكَ حَوْلَيْنِ؟» ، إلى أن قال الرجل: أَرَأَيْتَ لَوْ حَمَلْتُهَا عَلَى عَاتِقِيْ وَحَجَجْتُ بِهَا الْبَيْتَ أَكُنْتُ قَاضِيًا حَقَّهَا؟ فَقَالَ: «لَا، وَلَا طَلْقَةٌ»

(13)

، ولأن بسبب الستر ينعدم معنى العورة؛ وبالمحرميّة ينعدم معنى الشّهوة فلا بأس بمسها في الإركاب والإنزال؛ كما في حقّ الجنس، كذا في "المبسوط"

(14)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

- أخرج مسلم في صحيحه (2/ 976) كتاب (الحج) باب (سفر المرأة مع محرم إلى الحج) برقم (418) بِسَنَدِه: عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» .

- وأخرج البخاري في صحيحه (3/ 558) كتاب (الحج) باب (حج النساء) برقم (1864) بِسَنَدِه: عَنْ قَزَعَةَ، مَوْلَى زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ، وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، قَالَ: أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ: - يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي:«أَنْ لَا تُسَافِرَ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا صَوْمَ يَوْمَيْنِ الفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِي، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» .

- وأخرجه مسلم في صحيحه (2/ 976) برقم (416).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1492).

(4)

في (ب): (هنا).

(5)

في (ب): (وكان).

(6)

سورة النساء الآية (11).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 34)، البناية شرح الهداية (12/ 158).

(8)

في (ب): (أن).

(9)

سقطت من (ب).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1492).

(11)

في (ب): (رسول).

(12)

في (ب): صلى الله عليه وسلم.

(13)

- أوْرَدَهُ الزمخشري في تفسيره " الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل" عند تفسير قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّاتَعْبُدُواْ إِلَّاإِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الآية، من سورة الإسراء، وقال الزيلعي: لم أجِدْهُ. يُنْظَر: الكشَّاف للزمخشري وبحاشيته تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (2/ 659).

- وقال ابن حَجَر في كتابه "الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف"، حديث رقم (282): لم أَجِدْه. يُنْظَر: الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف لابن حَجَر (ص 98).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 150 - 151)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 28)، البناية شرح الهداية (12/ 159).

ص: 90

[نَظَر الرَّجُل مِن مملوكة غيره، ومَّسُّها، والسَّفَرُ والخَلْوةُ بِهَا]

(علاها بالدُّرَّة)

(1)

أي: ضَرَب علاوتها؛ أيْ: رَأْسها.

(الضّرورة فيهنّ)

(2)

أي: الضّرورة التي لا مدفع لها، وفي (المحارم مجرد الحاجة)

(3)

اعتبر نفس الحاجة لا الضرورة

(4)

.

(ولا بأس بأن يمسّ ذلك)

(5)

أي: المواضع التي يجوز النّظر إليها.

(ولم يفصّل)

(6)

أي: بين وجود الشّهوة وعدمها سواء كان في النّظر أو في المسّ، وقال

(7)

: رجل أراد أن يشتري جارية لا باس [بأن يمسّ]

(8)

ساقها وذراعها وصدرها وينظر إلى صدرها وساقها مكشوفين

(9)

.

[نَظَر الخَصِيِّ إلى الأجنبيَّةِ كالفَحْل]

(الخَصِيُّ)

(10)

مِثْلُهُ، يقال: خَصَاهُ؛ أي نزع خصيتيه، يَخْصِيْهِ خِصَاءً على فِعَال، والإخصاءُ في معناه خطأٌ، وأمّا الخَصْيُ على فَعْلٍ فقياسٌ؛ {وإن لم نسمعه، كذا في "الْمُغْرِب"

(11)

(12)

، [وذُكِرَ]

(13)

في "الإيضاح".

وقد رُوِيَ عن عائشة رضي الله عنها أنّها سُئِلَتْ عن الخَصِيِّ؛ فقالت: أَنَّهُ رَجُلٌ مُثِّلَ بِهِ والْمُثْلَةُ لَا تُحِلُّ مَا حُرِّمَ عَلَى غَيْرِهِ

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1493).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1493).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1493).

(4)

يُنْظَر: الأصل للشيباني ط قطر (2/ 234 - 235)، العناية شرح الهداية (10/ 36)، البناية شرح الهداية (12/ 162).

(5)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 223).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1493).

(7)

الذي قال هو: محمد بن الحسن الشيباني، حيث قال في الهداية شرح البداية (4/ 1493):(وأطْلَقَ أيضًا في الجامع الصغير وَلَم يُفَصِّل).

(8)

في (ب): (أن يمسّها).

(9)

لم أجده في الجامع الصغير، ولكن قال في البناية شرح الهداية:(لأنه قال في " الأصل الجامع ": عن محمد عن يعقوب، عن أبي حنيفة رحمه الله في الرجل يريد شراء جارية فلا بأس بأن يمس ساقها، وصدرها، وذراعها، وينظر إلى ذلك كله مكشوفا، انتهى. فدل على جواز من يريد الشراء بالاشتهاء؛ لأن إطلاق اللفظ يشمل ذلك). يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 163)، العناية شرح الهداية (10/ 37).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 223).

(11)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 161).

(12)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(13)

في (ب): (وكذا).

(14)

- قال الزيلعي في نصْب الراية (4/ 250): قُلْتُ: غريب.

- وقال ابن حجَر في الدِراية (2/ 230): لم أَجِدهُ عَنْهَا.

- ولكن كما ذَكَرا في نصب الراية والدراية فقد أخرَج ابن أبي شيبة (6/ 423) كتاب (السِّيَر) باب (ما قالوا في خِصاء الخَيل والدَّواب مَن كَرِهَهُ) برقم (32586): حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خِصَاءُ الْبَهَائِمِ مُثْلَةٌ ثُمَّ تَلَا: {وَلَأمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} .

- وأخرجه عبدالرزاق في مصنَّفِه (4/ 458) برقم (8448) بِسَنَدِه إلى شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ.

ص: 91

[نَظَر المُخنَّث إلى الأجنبية]

(وكذا الْمُخَنَّثُ في الرَّدِيء من الأفعال)

(1)

قيد بالرَّدِيء من الأفعال؛ وهو أن يُمَكِّنُ غيرَهُ مِن نَفْسِه؛ احترازًا عن الْمُخَنَّث الذي في أعضائه لين وفي لسانه تَكَسُّرٌ بأصل الخلقة ولا يشتهي النساء، ولا يكون مُخَنَّثاً في الرديء من الأفعال، فإنّه قد رخَّصَ بعضُ مشائخنا في ترك مِثْلِهِ مع النساء؛ استدلالاً بقوله تعالى:{أَوِ التَّابِعِينَ غَيْر ِأُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ}

(2)

قيل: هو المخنَّث الذي لا يشتهي النساء، وقيل: هو المجبوب الذي جفّ ماؤه، وقيل: المراد منه الأَبْلَهُ الذي لا يدري ما يصنع بالنساء إنما [هَمُّهُ]

(3)

بطنُه

(4)

.

وفي هذا كلام أيضاً فإنّه إذا كان شاباً يُنَحَّى عن النساء، وإنّما ذلك إذا كان شيخًا كبيرًا قد ماتت شهوته فحينئذ يرخّص في ذلك، والأصحّ أن يقول: قوله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ} / من المتشابه، وقوله تعالى:{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ}

(5)

مُحْكَم، فنأخذُ بالْمُحْكَم فنقول: كلّ من كان من الرجال لا يحلّ لها أن تُبْدِي موضع الزينة الباطنة بين يديه، ولا يحلّ له أن ينظر إليها إلا أن يكون صغيراً، فحينئذ لا بأس بذلك، كذا في "الذّخيرة"

(6)

.

(يؤخذ فيه بمُحْكَم كتاب الله المُنْزَل فيه)

(7)

وهو قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ}

(8)

.

(والطّفل الصغير مُستَثْنَى بالنصّ)

(9)

وهو قوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}

(10)

.

وقد رُوِيَ أنه كان في بيت أم سلمة رضي الله عنها مُخَنَّثٌ فلما حاصر رسول الله عليه السلام الطائف قال لعُمَر

(11)

بن أمِّ سَلَمَة: إذا فتح الله علينا الطائف دلَلْتُكَ على ابنةَ غَيْلَانَ فإنّها تُقْبِلُ بأربعٍ وتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فقال عليه السلام:«أَوَهَذَا يَعْرِفُ هَذَا؟ لَا يَدْخُلْ عَلَيْكُنَّ»

(12)

، كذا في "الإيضاح"

(13)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1494).

(2)

سورة النور الآية (31).

(3)

في (أ): (هِمَّتُهُ).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 34 - 35).

(5)

سورة النور الآية (30).

(6)

يُنظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 35)، المبسوط للسرخسي (10/ 158)، البناية شرح الهداية (12/ 165).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1494).

(8)

سورة النور الآية (30).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1494).

(10)

سورة النور الآية (31).

(11)

الذي في الصحيح أنَّه عبدالله بن أُمَيَّة أخِ أُم سلمة.

(12)

أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 159) كتاب (اللباس) باب (إخراج الْمُتَشَبِّهِين بِالنِّساء مِن البُيُوت) برقم (5887) بِسَنَدِه: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَهَا وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنْ فَتَحَ اللَّهُ لَكُمْ غَدًا الطَّائِفَ، فَإِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلَانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَدْخُلَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَيْكُنَّ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: (تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ، يَعْنِي أَرْبَعَ عُكَنِ بَطْنِهَا، فَهِيَ تُقْبِلُ بِهِنَّ، وَقَوْلُهُ: وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، يَعْنِي أَطْرَافَ هَذِهِ العُكَنِ الأَرْبَعِ، لِأَنَّهَا مُحِيطَةٌ بِالْجَنْبَيْنِ حَتَّى لَحِقَتْ، وَإِنَّمَا قَالَ بِثَمَانٍ، وَلَمْ يَقُلْ بِثَمَانِيَةٍ، وَوَاحِدُ الأَطْرَافِ، وَهُوَ ذَكَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ثَمَانِيَةَ أَطْرَافٍ).

(13)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 165).

ص: 92

[الْمُراد بقوله: «تُقْبِلُ بأربعٍ وتُدْبِرُ بِثَمَانٍ»]

معنى قوله: «تُقْبِلُ بأربعٍ وتُدْبِرُ بِثَمَانٍ» الْمُراد منه: عُكَنُ البطن، (العُكَنُ) جمع [عُكْنَة]

(1)

، وهي الطَيُّ الذي يكون في البطن من السِّمَنِ

(2)

، أي: هن أربعٌ إذا أقبلَت، وثمانٌ إذا أدبرَت؛ لأن [لكل عُكْنّةٍ]

(3)

طرفين إلى جنبها

(4)

.

[نَظَر العَبْد إلى سيِّدَتِه]

(والْمُراد بالنَّصّ)

(5)

أي: بقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}

(6)

إلا ما دون الغِلْمان، فكان الغِلْمان مخاطَبين بقوله تعالى:{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ}

(7)

فلذلك لم يجُزْ للمملوك أن ينظر إلى سيّدته

(8)

.

فإنْ قُلْتَ: لا يصحّ حَمْلُ قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}

(9)

على الإماء؛ لوجهين:

أحدهما: أن إباحة نظر الإماء إلى سيّدتهن استُفيدت من قوله تعالى في تلك الآية: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}

(10)

، ثم لو حملت هذه الآية على الإماء يلزم فيه تكرار محض.

والثاني: أن الإماء لو لم تكن مرادة من قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} وجب أن لا [تكون]

(11)

مرادة من قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} أيضاً؛ وذلك لأنّ البيان بالحُكْم إنما يكون في موضع الإشكال؛ ولا يشكل لِأَحَد أن للأَمَة أن تنظُر إلى مولاتِها كما للأجنبيّات، والْمُلْكُ إنْ لم يزِد توسعةً ينبغي أن لا يزيد [تضييقاً، والْمَرْوِي]

(12)

عن أم سلمة موافق لما ذكرت، فإنه رُوِيَ عن أم سلمة رضي الله عنها أنّه كان لها مكاتب فلما انتهى إلى آخر النجوم قالت له: أتقدر على الأداء؟ فقال: نعم، فاحتجبت منه وقالت: سمعت رسول الله عليه السلام يقول: «إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ فَأَدَّى آخِرَ النُّجُوْمِ فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ»

(13)

، والمعنى أيضاً يعود إليه؛ وهو أن بينهما سبباً مُحَرِّماً للنكاح ابتداءً وبقاءً فكان كالمَحْرَمِيَّة.

(1)

في (أ): (العُكْنة).

(2)

يُنظر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 355)، الصحاح للجوهري (6/ 2165).

(3)

في (ب): (كل عكرة).

(4)

يُنْظَر: غريب الحديث للقاسم بن سلام (2/ 259)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 131).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1494).

(6)

سورة النور الآية (31).

(7)

سورة النور الآية (30).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 166).

(9)

سورة النور الآية (31).

(10)

سورة النور الآية (31).

(11)

في (ب): (يكون).

(12)

في (ب): (تضعيفاً، والمراد).

(13)

أخْرَجَه أبو داود في سُنَنِهِ (6/ 72) كتاب (العتاق) باب (في الْمُكَاتَب يؤدِّيْ بعض كتابته) برقم (3928) بِسَنَدِهِ: عن نَبْهَانَ مكاتَبِ أمِّ سَلَمَةَ، قال: سَمِعْتُ أمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: قَالَ لَنَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ فَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّيْ فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ»

- وأخرجه ابن ماجه (2/ 842) برقم (2520).

- وأخرجه الترمذي (3/ 554) برقم (1261) بِلَفْظ: «إِذَا كَانَ عِنْدَ مُكَاتَبِ إِحْدَاكُنَّ مَا يُؤَدِّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» ، وقال: هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيح.

- وضَعَّفَهُ الألباني. يُنْظَر: ضعيف سنن الترمذي للألباني (1/ 149).

ص: 93

قلتُ: أما الوجه الأوّل الذي فيه دعوى التكرار؛ قلنا ليس كذلك، فإنّ المراد من قوله تعالى:{أَوْ نِسَائِهِنَّ}

(1)

الحرائر المسلمات؛ لأنّه ليس للمؤمنة أن تتجرد بين يدي مُشْرِكة أو كِتَابِيَّة؛ كذا عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، والظّاهر أنّه عني بنسائهن مَنْ في صحبتهنّ من الحرائر، والنساء كلهنّ سواء في حِلِّ {نَظَر}

(2)

بعضهنّ إلى بعض، فالْمُراد من {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}

(3)

الإماء؛ كما قاله سعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير والموضع موضع [الإشكال]

(4)

وهو الجواب عن الوجه الثاني؛ لأنّ حال الأَمَةِ يقرُبُ من حال الرجال، حتّى تسافر بغير مَحْرَمٍ، فكان يشكل أنّه هل يباح لها التكشف بين يدي أَمَتِها؟ ولم يزل هذا الإشكال بقوله تعالى:{أَوْ نِسَائِهِنَّ} ؛ لأنّ مطلق هذا اللّفظ يتناول الحرائر دون الإماء، وحديث أُمِّ سَلَمة محمولٌ على الاحتجاب [لمعنى]

(5)

زوال الحاجة.

فإن قيل: ذلك [يحتاج]

(6)

إلى المعاملة معه بالأخذ والإعطاء فتُبْدي وجهها وكفها وقد زال ذلك بالأداء فاحتجبت منه، وأمّا حُرْمَةُ الْمُناكَحَةِ التي بينهما على عرضية الزّوال، فكانت في حقه بمنزلة منكوحة الغير أو مُعْتَدَّتِه؛ ولأن وجوب السِّتْرِ عليها لمعنى خوف الفتنة، وذلك موجود ههنا، وإنّما ينعدم ذلك [بالمَحْرَمِيَّة]

(7)

؛ لأن الحرمة المؤبدة تقلل الشهوة، وأمّا الملك فلا يقلل الشهوة بل [يحملها]

(8)

على رفع الحشمة فكان أدعى إلى خوف الفتنة ووجوب السِّتْر، هذا كله مما أشار إليه في "المبسوط" و"الكشَّاف"

(9)

.

وقوله: (قال سَعِيْد

(10)

(11)

أطلق اسم السَّعِيد ولم يقيِّده بالنِّسْبة ليَصِحّ تناوُلُه للسَّعِيْدَين

(12)

، على ما ذكرنا من رواية "المبسوط"

(13)

.

(1)

سورة النور الآية (31).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

سورة النور الآية (31).

(4)

في (ب): (إشكال).

(5)

في (ب): (بمعنى).

(6)

في (ب): (تحتاج).

(7)

في (أ): (بالحرمة).

(8)

في (أ): (يحملهما).

(9)

يُنظر: المبسوط للسرخسي (10/ 157)، الكشاف للزمخشري (3/ 229 - 233)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 34).

(10)

قال: (لا تغرنكم سورة النور فإنها في الإناث دون الذكور)، قال الزيلعي في نصب الراية (4/ 251): غريب بهذا اللفظ، ومعناه ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 538) كتاب (النكاح) باب (في قوله:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} برقم (16910): حَدَّثَنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ:«لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} إِنَّمَا عَنَى بِهِ الْإِمَاءَ، وَلَمْ يَعْنِ بِهِ الْعَبِيدَ» .

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1494).

(12)

السَّعِيْدَيْن: سعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير رضي الله عنهما.

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 157)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 33 - 34).

ص: 94

والمراد من قوله: (وغيرهما)

(1)

: سَمُرة {بن}

(2)

جُنْدب، فإنه كان يقولُ كقَولِ السَّعِيْدَين، ذَكَرَهُ في ["التّيْسِيْر"]

(3)

(4)

.

[الإذْنُ في العَزْل عَن الأَمَة]

(ولو كانت/ تحته أَمَةُ غيرِه فقد ذكرناه في النكاح)

(5)

وهو قوله: «وإذا تزوّج أَمَةً فالإذْنُ في العزل إلى المولى)

(6)

عند أبي حنيفة/، وعن أبي يوسف ومحمّد -رحمهما الله- أنّ الإذْنَ إليها)

(7)

إلى آخره، والله أعلم.

فصل في الاستبراء {وغيره}

(8)

[سبب تأخير هذا الفصل إلى هُنا]

{أخَّر}

(9)

الاستبراء عن مُطْلَق الوطء؛ لأنّ الاستبراء احتراز عن وطءٍ مُقَيَّدٍ، فالمقيد بمنزلة الْمُرَكَّب، والمطلق بمنزلة الْمُفْرَد، والمركّب مُؤَخَّرٌ عن المفرد

(10)

.

‌‌

[حكم من أنكر وجوب الاستبراء]

وفي "فتاوى قاضي خان"/: رَجُلٌ أنكر وجوب الاستبراء؛ اختلف المشائخ فيه، قال بعضهم: يَكْفُر؛ لأنّه أنكر ما فيه إجماع المسلمين، وقال عامة المشائخ رحمهم الله: لا يَكْفُر؛ لأنّ ظاهر قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}

(11)

يقتضي إباحة الوطء مطلقاً، وإنما عُرِفَ وجوب الاستبراء بالخبر فلا يكفر جاحده

(12)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1494).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

في (ب): (التفسير)، والتَّيْسِيْر: هو: التيسير في التفسير لنجم الدين أبي حفص، عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل أبي حفص نجم الدين النسفي، عالمٌ بالأصول والتفسير والأدب والتاريخ، من فقهاء الحنفية، توفي سنة 537 هـ، بسمرقند، وكتابه التفسير لازال مخطوطًا في مكتبة أحمد الثالث برقم (1756) ويوجد له نسخة على شكل مايكرو فيلم في جامعة الملك عبدالعزيز. يُنْظَر: الفوائد البهية (ص 150)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (34 - 35)، معجم المؤلفين (7/ 305 - 306).

(4)

يُنظر: مدارك التنزيل في التفسير للنسفي (2/ 501)، ولم يذكر قول سمرة بن جندب. ويُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 38)، البناية شرح الهداية (12/ 167).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 65).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (2/ 511).

(8)

سقطت من (أ).

(9)

سقطت من (ب).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 40)، البناية شرح الهداية (10/ 40)، تكملة البحر الرائق (8/ 222).

(11)

سورة النساء الآية (3).

(12)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (2/ 186)، البناية شرح الهداية (12/ 170)، لسان الحُكَّام في معرفة الأحكام لابن الشِّحْنَة (ص 359).

ص: 95

اللَّمْسُ: مِن حَدّ نَصَر وضَرَب.

[بيانُ غَريب حديث سبايا أوْطاس]

و) «أَوْطَاس»

(1)

(2)

: موضع على ثلاثِ مراحِل مِن مَكَّة، كانت بِهِ وقْعَة لِلنّبي عليه السلام

(3)

.

) «الحَبَالَى» )

(4)

: جَمْعُ الحَبْلى

(5)

.

و) «الحَيَالَى» )

(6)

: جمع الحايل وهي التي لا حَبَل بها، وقيل: إنّما قال ههنا «الحَيَالَى» ليزاوج «الحَبَالَى»

(7)

، والقياس أن يقال: الحوايِل؛ لأنّها جمْعُ حايِل، ونظيرُه: الغَدايا والعَشايا، والقياس: الغدوات

(8)

.

[الْمُراد باستبراء الجارية]

استبراء الجارية: طلب براءة رحمها من الحمل، ثم قيل: الاستبراء عبارة عن التعرف والتبَصُّر احتياطاً

(9)

.

وفي قوله: («حَتَّى يُسْتَبْرَأْنَ»)

(10)

الصّوابُ بِالْهَمْزَ، كذا في "الْمُغْرِب"

(11)

.

(1)

أخرج أبو داود في سُنَنِه (3/ 486) كتاب (النكاح) باب (في وطء السبايا) برقم (2157) بِسَنَدِه: عن قيس ابن وهب، عن أبي الودَّاك عن أبي سعيدٍ الخدري -ورفعَه- أنَه قال في سَبايا أوطاس:«لا تُوْطَأ حَامِلٌ حتى تَضَعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَمْلٍ حتَّى تحيضَ حَيْضةً» .

- قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يُخَرِّجاه، وسَكت عنه الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 212).

- وصحَّحَه الألباني. يُنْظَر: صحيح أبي داود (6/ 371).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(3)

قال ياقوت الحَمَوي: وأوطاس: وادٍ في ديار هوازِن فيه كانت وَقْعَةُ حُنَيْن لِلنَّبي صلى الله عليه وسلم بِبَني هوازن. يُنْظَر: معجم البلدان لياقوت الحموي (1/ 281).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(5)

يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة في الاصطلاحات الفقهية (ص 44)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرب (ص 109).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(7)

يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة في الاصطلاحات الفقهية (ص 44)

(8)

يُنْظَر: غريب الحديث للخطَّابي (3/ 620)، الصحاح للجوهري (6/ 2444).

(9)

يُنْظر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 41 - 42).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(11)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 42).

ص: 96

[دليلُ وجوب الاستبراء هو حديث أوطاس]

(أفاد وجوب الاستبراء على المولى)

(1)

فإنّه إذا قيل: لا تضرب فلان؛ يكون ذلك نهيًا للضّارب عن الضّرب لا خطابًا للمضروب

(2)

.

[سببُ الاستبراء وعِلَّتِه والحِكْمَة مِن تَشْريعِه]

(وكان السّبب استحداث ملك الرقبة المؤكد باليد)

(3)

والحِكْمَة في ذلك: تَعَرُّف براءة الرَّحِم، وصيانَتُهُ ماءَ نَفْسِهِ عن الخَلْط بماءٍ آخَرَ، والتحرّز عن أنْ يَصيرَ ساقياً زرعَ غيرِه

(4)

.

[ولكن الحكم]

(5)

يثبت بثبوت علته؛ ولهذا قُلْنا: إذا اشتراها من امرأةٍ أو صَبِيٍّ باعها أَبُوهُ، أو اشتراها وهي بِكْرٌ، أو اشتراها من مملوك يلزمه الاستبراء؛ لوجود العلّة الموجبة، وهي حدوث ملك الحل بسبب ملك الرقبة

(6)

.

وعن أبي يوسف/ أنّه قال: إذا كان يتيقن بفراغ رحمها من ماء البائع فليس عليه فيها استبراء واجب؛ لأنّ الاستبراء كاسمه [لِتَبَيُّنِ]

(7)

فراغ الرَّحِم، وقاس بالمطلقة قبل الدّخول أنّه لا يلزمها العِدَّة؛ لأن المقصود من العِدَّة في حال الدّخول [تبَيُّنِ]

(8)

فراغ الرَّحِم، ولكنّا نقول هذه حِكْمة الاستبراء، والحُكم يتعلّق بالعِلَّة لا بالحِكْمَة

(9)

.

ثم اشتغال رحمها بالماء عند [الشِّراء]

(10)

لا يمكن معرفته حقيقة؛ فيتعلّق الحكم شرعًا بالسّبب الظّاهر وهو حدوث ملك الحل بسبب ملك الرقبة، فدار الحكم معه وجودًا وعدمًا للتّيسير على النّاس، كذا في "المبسوط"

(11)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 146)، العناية شرح الهداية (10/ 41)، البناية شرح الهداية (12/ 172).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 146)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (10/ 222)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 21).

(5)

في (ب): (ولكنه يثبت).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 146)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 21 - 22).

(7)

في (ب): (لتبيين).

(8)

في (ب): (تبيين).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 146)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 21 - 22).

(10)

في (أ): (المشتري).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 146)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (10/ 222)، البناية شرح الهداية (12/ 172).

ص: 97

[وُجوب الاستبراء بأي سبب كان من أسباب المُلك]

(والكتابة)

(1)

بأن كاتب عبده على جارية.

(وكذلك يجب على المشتَرِي من مال الصَّبِي)

(2)

بأن باعه أبواه أو وصيّة.

و (المملوك)

(3)

، أيْ: يجب الاستبراء فيما إذا اشترى الجارية من عبد مأذون في التجارة.

وكذلك يجب الاستبراء على المولى في جارية اشتراها من [عبده]

(4)

المديون في جواب الاستحسان على {قول}

(5)

أبي حنيفة/، [وصورة]

(6)

ذلك ما [ذكره]

(7)

في "المبسوط" فقال: فإن اشتراها من عبدٍ له تاجر فلا استبراء عليه إن كانت قد حاضت حيضة بعدما اشتراها العبد، ولا دين عليه؛ لأنّ المولى مَلَكَ رقبتها من وقت شِراء العبد وقد حاضت بعد ذلك حيضة فيكفيه ذلك من الاستبراء؛ كما لو اشتراها له وكيله فحاضت في يد الوكيل حيضة

(8)

.

وإن كان على العبد دين يحيط برقبته وبما في يده، فكذلك الجواب عند أبي يوسف ومحمّد -رحمهما الله-؛ لأنّ عندهما دين العبد لا يمنع ملك المولى في كسبه [ولهذا]

(9)

لو أعتقه جاز عتقه

(10)

.

فأما عند أبي حنيفة/ ففي القياس كذلك؛ لأن العبد ليس من أهل أن يثبت له عليها ملك الحلّ بسبب ملك الرقبة، ولا يثبت ذلك للغرماء أيضاً بسبب دينهم، والمولى أحقّ بها حتّى يملك استخلاصها لنفسه بقضاء الدّين من موضع آخر، فإذا حاضت بعدما صار المولى أحق بها يجتزئُ بتلك الحيضة من الاستبراء، ولكنّه استحسن فقال: عليه أن يستبرئها بعدما يشتريها من العبد؛ لأنّه قبل الشّراء كان لا يملك رقبتها عنده حتّى إذا أعتقها لم ينفذ عتقه فإنما حدث له ملك الحلّ بسبب ملك الرقبة حين اشتراها فعليه أن يستبرئها

(11)

.

(وممّن لا يحلّ له وطؤها)

(12)

أي: لو/ اشتراها من رجل لا يحل له وطئها يجب الاستبراء على المشتري، فصورة ذلك: ما إذا اشترى جارية من بائع ورثها من ابنه الذي استمتع بها أو اشتراها من ورثها من ابنه الذي استمتع بها أو اشتراها من بائع كانت الجارية أختًا له من الرضاعة

(13)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

في (ب): (عبد).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

في (ب): (فصورة).

(7)

في (ب): (ذُكِرَ).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 150 - 151)، الأصل للشيباني ط قطر (2/ 533)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 21).

(9)

في (ب): (فلهذا).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 151)، الأصل للشيباني ط قطر (2/ 533)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 21).

(11)

يُنظر: المبسوط للسرخسي (13/ 151)، البناية شرح الهداية (12/ 175).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(13)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 21)، العناية شرح الهداية (10/ 43)، البناية شرح الهداية (12/ 175).

ص: 98

[الحيضة المُعتبرة في الاستبراء]

([وكذا]

(1)

لا يُجْتَزَأُ بالحيضة التي اشتراها في أثنائها)

(2)

أي في أثناء الحيضة، إلا في رواية عن أبي يوسف فإنّها كما طهرت من هذه الحيضة فله أن يطأها لتيقن فراغ رحمها بناء على أصله

(3)

.

لكنا نقول الشرع ألزمها الاستبراء [بحيضة]

(4)

والحيضة لا تتجزأ، وقد تعذّر الاحتساب من الاستبراء بما مضى منها قبل الشراء فلا يحتسب بجميعها منه

(5)

، كما لو طلّق امرأة في حالة الحيض لا يحتسب بهذه الحيضة من العدّة، ولئن كان يحتسب بما بقي من الحيضة بعد الشراء من الاستبراء فعليه كمالُها من حيضة أخرى، وإذا وجب جزءٌ من الحيضة الثّانية وجب كلّه

(6)

.

[استبراء الآبقة، ونظائرها]

(ولا يجب الاستبراء إذا رجعت [الآبقة]

(7)

(8)

إلى أن قال ([ولها]

(9)

نظائر)

(10)

، وحاصل ذلك أنّ الأمة إذا لم تخرج من مِلْك المولى ولكنّها خرجت من [يده]

(11)

ثمّ عادت إليه لا يجب الاستبراء

(12)

.

ومن [نظائر ذلك]

(13)

ما إذا كاتَبَ أَمَتَهُ ثم عجزت ورُدَّت في الرِّق لا يلزمه الاستبراء

(14)

.

وكذلك لو باع جارية على أنّه بالخيار ثلاثة أيّام وسلّم إلى المشتري ثم أبطل البيع في مدّة الخِيارِ لا يلزمه الاستبراء

(15)

.

(1)

في (ب): (و كذلك).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1495).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 147)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (10/ 222 - 223)، العناية شرح الهداية (10/ 43).

(4)

في (أ): (الحيضة).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 147)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 172)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (1/ 465)

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 147).

(7)

في (ب): (الأربعة).

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 223).

(9)

في (ب): (و بها).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(11)

في (أ): (مدَّة).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 148)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 22)، البناية شرح الهداية (12/ 178)

(13)

في (ب): (نظائره).

(14)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (2/ 188)، المبسوط للسرخسي (13/ 148 - 149)، البناية شرح الهداية (12/ 178).

(15)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (2/ 188)، المبسوط للسرخسي (13/ 149)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 22).

ص: 99

وكذلك إذا باع الْمُدَبَّرة أو أُم الولد وسَلَّم إلى المشتري ثم استردها من المشتري قبل الوطء لا يلزمه الاستبراء، فإن استردّها بعدما وطئها المشتري يلزمه الاستبراء

(1)

.

وهذا الذي [ذكره]

(2)

في الإباق فيما إذا أبقت ولم تخرج من دار الإسلام

(3)

(4)

.

وأمّا لو أبقت ودخلت في دار الحرب

(5)

ثمّ أخرجت إلى دار الإسلام بغنيمة أو شراء وأخذها المولى قال أبو حنيفة/ لا يجب عليه الاستبراء، وقال صاحباه

(6)

يجب، كذا في "فتاوى قاضي خان"/

(7)

.

[حُرْمَة دواعي الوطء وقت الاستبراء لإفضائها إلى الوطء]

({وحَرُمَ}

(8)

الوطء حُرِّم الدَّواعي؛ لِإِفْضَائِها إليه)

(9)

أي: لإفضاء الدّواعي إلى الوطء؛ كما إذا ظاهر من امرأته؛ لمَّا حَرُم عليه وطؤها حَرُم عليه دواعيه، بخلاف الحيض فإنّ الْمُحَرَّم بسبب الحيض استعمال موضع الأذى كما وقعت الإشارة إليه بالنصّ، ولا يوجد ذلك في التقبيل والمسّ، كذا في "المبسوط"

(10)

.

(1)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (2/ 188)، المبسوط للسرخسي (13/ 151)، البناية شرح الهداية (12/ 179).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

دَار الْإِسْلَام: هِيَ الدَّارُ الَّتِيْ تَكُوْنُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ فِيْهَا ظَاهِرَةً. يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 130).

(4)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (2/ 188)، العناية شرح الهداية (10/ 44)، البناية شرح الهداية (12/ 177).

(5)

دَار الْحَرْب: اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ فِيْ تَحْدِيْدِهَا، وَالْأَقْرَبُ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا: بِلَادُ الْمُشْرِكِيْنَ الَّتِيْ تَكُوْنُ أَحْكَامُ الْكُفْرِ فِيْهَا ظَاهِرَةً، وَلَا صُلْحَ بَيْنَ أَهْلِهَا وَبَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ. وَيُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 131)، لسان العرب (1/ 303)، معجم لغة الفقهاء (1/ 205).

(6)

صاحباه: صاحبا أبي حنيفة/ وهُما: القاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني -رحمهما الله-.

(7)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (2/ 188)، العناية شرح الهداية (10/ 44)، البناية شرح الهداية (12/ 178).

(8)

في المطبوع: (وحُرْمَة).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 146)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 22)، البناية شرح الهداية (12/ 179 - 180).

ص: 100

[الدَّواعي في المَسْبِيَّة]

(ولم يذكر الدّواعي في المَسْبِيَّةِ، وعن محمّد/ أنّها لا تحرم)

(1)

وهذا من أعجب المسائل حيث يثبت الحكم في الفرع أكثر ممّا يثبت في الأصل، حيث لم تحرم الدّواعي في المسبيَّة التي ورد نصّ الاستبراء فيها، ثم تعدى منها إلى المشتراة وغيرها [بمعنى]

(2)

النَّص فأثبت حرمة الوطء ودواعيه [فكان]

(3)

فيه إثبات الحكم في الفرع أكثر مما هو في الأصل، ولكن ذلك باعتبار اقتضاء الدّليل ذلك على ما هو المذكور في الكتاب

(4)

(5)

.

[الاستبراء في الحامل]

(وإن ارتفع حيضها [تركها]

(6)

(7)

أي: {إن}

(8)

ارتفع حيضها لا بالإياس ولا بالصّغر بأن امتد طهرها في أوان الحيض يجب عليه أن يتركها ولا يطأها

(9)

.

(حتّى إذا تبيّن أنّها ليست بحامل وقع عليها)

(10)

أي جامعها؛ لأنّ المقصود تبيّن فراغ رحمها من ماء البائع [ليتيقن]

(11)

بصحّة البيع ووقوع الملك للمشتري فيها وقد حصل ذلك إذ مضى من المدّة ما لو كانت حبلى ظهر ذلك بها

(12)

.

(وليس في ذلك تقديرٌ)

(13)

بشيء فيما يُرْوَى عن أبي حنيفة وأبي يوسف-رحمهما الله-، إلا أن مشائخنا قالوا: تبيُّن ذلك بشهرين أو ثلاثة أشهر، وعن زُفَر سنتان

(14)

؛ لأنّه أكثر مدّة الحبل، وكان أبو مطيع

(15)

/ يقول: يستبرئها بتسعة أشهر هي مدّة الحبل في النساء عادة، والأوّل أصحّ، وهو أن يتركها مدّة [ما]

(16)

لو كانت حبلى ظهر ذلك كما في شهرين [أو]

(17)

ثلاثة؛ لأن نصب المقادير بالرأي لا يكون وليس في ذلك نصّ، كذا في "المبسوط"

(18)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(2)

في (أ): (معنى).

(3)

في (ب): (وكان).

(4)

الكتاب: المراد به هنا كتاب " الهداية شرح البداية"، وذلك بقوله بعد ذِكْر الْمَسبيَّة:(لأنها لا يحتمل وقوعها في غير الْمِلك، لأنه لو ظهر بها حَبَلٌ لا تصح دعوة الحربي، بخلاف الْمُشتراة على ما بَيَّنَّا)، وقد قال في الْمُشتراة:(والرغبة في المشتراة قبل الدخول أصدق الرغبات فتفضي إليه). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(5)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 120)، العناية شرح الهداية (10/ 45 - 46)، فتح القدير لابن الهمام (10/ 45 وما بعدها).

(6)

في (أ): (تركنا).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(8)

سقطت من (ب).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 147)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 255)، العناية شرح الهداية (10/ 47).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(11)

في (ب): (يقتضي).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 147)، العناية شرح الهداية (10/ 47).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 147)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 255)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 23).

(15)

أبو مطيع: هو الحكم بن عبد الله بن مسلمة بن عبد الرحمن القاضي الفقيه، المعروف بأبي مطيع البلخي، صاحِبُ أبي حنيفة وراوي كتاب الفقه الأكبر عنه، وروى عن جماعة منهم ابن عون ومالك بن أنس، وروى عنه جماعة منهم أحمد بن منيع وخلاد بن أسلم الصفار، تولى القضاء بِبَلْخ ستة عشر سنة، وكان كفيفاً، وقد ضعَّفَه جمع من الْمُحّدِّثين كيحي بن معين والبخاري والنسائي، تُوُفِّيَ سَنَة 197 هـ. يُنْظَر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 263)، الكامل في الضعفاء لابن عدي (2/ 501)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 265 - 266)

(16)

سقطت من (ب).

(17)

في (ب): (و).

(18)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 147)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 255)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 23).

ص: 101

[الحيلة في إسقاط الاستبراء]

(ولو كانت)

(1)

أي: ولو كانت تحت المشتري حرة (فالحيلة: إن يزوّجها البائع قبل الشراء)

(2)

ثم يشتريها {المشتري}

(3)

ويقبضها، أو يزوّجها (المشتري قبل القبض ممّن يوثق به)

(4)

ثم يقبضها (ثمّ يطلق الزّوج)

(5)

، ثم إنّ التّزويج وإن كان قبضاً حكمًا ولكن ليس بقبض ممكِّن من الوطء، والقبض الممكِّن {من الوطء}

(6)

جزء العلة فلابدّ منه ومن الملك فلابدّ أن يقع الاستبراء بعدها

(7)

.

وذكر في "فتاوى قاضي خان": ويشترط أن يكون طلاق الزّوج بعد قبض المشتري، فإن طلّقها قبل القبض كان على المشتري أن يستبرئها/ إذا قبضها في أصحّ الروايتين عن محمّد/؛ لأنّه إذا طلّقها قبل القبض، فإذا قبضها والقبض بحكم العقد بمنزلة العقد فيصير كأنّه اشتراها في هذه الحالة وهي ليست في نكاح ولا عدّة، فيلزمه الاستبراء

(8)

.

ثم قيد بقوله: (ممّن يوثق به)

(9)

؛ لأنّه إذا لم يوثق به ربّما لا يطلقها فلا يجزئ الاحتيال في إسقاط الاستبراء بهذه الحيلة.

وذكر في "فتاوى قاضي خان"/: وإذا اشترى جارية وأراد أن يزوّجها قبل القبض وخاف أنّه لو زوّجها من عبده أو أجنبي ربّما لا يطلقها الزّوج، فالحيلة له أن يزوّجها على أن يكون أمرها بيده يطلقها متى شاء

(10)

.

(كما إذا كانت مُعْتدَّة)

(11)

، يعنى: إذا اشترى أَمَة مُعْتدَّة وقبضها وانقضت عدّتها بعد القبض لا يجب الاستبراء؛ لأن عند استحداث المِلك المؤكد بالقبض لم يكن فرْجها حلالاً للمشتري، فلما لم يجب الاستبراء وقت استحداث الملك لم يجب بعده لعدم [تجدد]

(12)

السّبب؛ لأنّ الحيض يمتد شطر عمرها؛ أي يقرب من شطر عمرها وهو عشرة أيّام في كلّ شهر فكان قريباً بخمسة عشر يومًا وهو نصف الشّهر

(13)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

سقطت من (ب).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1497).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 24)، العناية شرح الهداية (10/ 47)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 217).

(8)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (2/ 186)، البناية شرح الهداية (12/ 183).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1496).

(10)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (2/ 187)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 24)، البناية شرح الهداية (12/ 183).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1497).

(12)

في (ب): (تجرد).

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 47)، البناية شرح الهداية (12/ 183 - 184)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 24).

ص: 102

[لهُ أمَتان أُخْتان فقَبَّلَهُما بشهوة]

(ومن له أمتان أختان فقبَّلهما بشهوة فإنّه لا يجامع واحدةً منهما)

(1)

، قيَّد بقوله:(قبَّلهما)؛ لأنّه إذا لم يُقبِّلهما أصلاً كان له أن يُقَبِّل ويَطَأ أيتهما شاء، سواء كان [اشتراهما]

(2)

معاً أو كان اشتراهما على التّعاقب.

وإن كان قبَّل واحدة منهما كان له أن يطأ [الْمُقَبَّلَة]

(3)

دون الأخرى، وأمّا إذا كان قبَّلهما فالحكم [ما ذَكَره]

(4)

(5)

.

وقيَّد بقوله: (بشهوة)؛ لأن تقبيلهما إذا لم يكن عن شهوة صار كأنّه لم يقبلهما أصلاً

(6)

.

وفي "المبسوط": وإذا وطِئ الرّجلُ أَمَتَه ثم اشترى أختها كان له أن يطأ الأولى وليس له أن يطأها الثّانية؛ لأنّه إذا وطِئ الثّانية يصير جامعًا بين الأختين وطئاً بملك اليمين وذلك لا يحلّ لظاهر قوله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}

(7)

.

وكان في هذا الفصل اختلاف بين عثمان وعلي رضي الله عنهما فكان عثمان رضي الله عنه يقول: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، يَعْنِيْ قَوْلُهُ:{أَوْمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}

(8)

وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، يَعْنِيْ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}

(9)

، [فكان]

(10)

يتوقف فيه، وكان عَلِيٌّ رضي الله عنه يُرجِّحُ التّحريم

(11)

؛ لأنّه إن كان المراد الجمع بينهما وطئا فهو نصٌّ خاصٌّ، وإن كان المراد الجمع بينهما نكاحاً فالنكاح سبب مشروع للوطء فحرمة الجمع بينهما نكاحاً دليل على حرمة الجمع بينهما وطئاً، فأخذنا بقول عليٍّ رضي الله عنه احتياطاً لتغليب الحرمة على الإباحة

(12)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 223).

(2)

في (ب): (استرقَّهما).

(3)

في (أ): (المستقبلة).

(4)

في (ب): (ما ذُكِر).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 48 - 49)، البناية شرح الهداية (12/ 186 - 187)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/ 225).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 49)، البناية شرح الهداية (12/ 187)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/ 225).

(7)

سورة النساء الآية (23).

(8)

سورة المؤمنون الآية (6).

(9)

سورة النساء الآية (23).

(10)

في (ب): (كان).

(11)

أخْرَج مالك في الموطأ (2/ 538) كتاب (النكاح) باب (ما جاء في كراهية إصابة الأختين بِمِلْك اليمين والمرأة وابنتها) برقم (34) بِسَندِه: عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَنِ الْأُخْتَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، فَأَمَّا أَنَا فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَصْنَعَ ذَلِكَ، قَالَ: فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ثُمَّ وَجَدْتُ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ لَجَعَلْتُهُ نَكَالًا، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أُرَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ.

- قال أيمن صالح شعبان في "جامع الأصول" في تعليقه على الحديث: إسناده صحيح. يُنْظَر: جامع الأصول في أحاديث الرسول لمجد الدين أبو السعادات (11/ 496) رقم (9059).

- وأخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 483) برقم (16264) بِسَنَده: غُنْدَرٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عُثْمَانَ، عَنْ الْأُخْتَيْنِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ، وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ، وَلَا آمُرُكَ، وَلَا أَنْهَاكَ، فَلَقِيَ عَلِيًّا بِالْبَابِ فَقَالَ: عَمَّنْ سَأَلْتَهُ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: لَكِنِّي أَنْهَاكَ، وَلَوْ كَانَ لِي عَلَيْكَ سَبِيلٌ، ثُمَّ فَعَلْتُ ذَلِكَ، لَأَوْجَعْتُكَ.

- وأخرجها البيهقي في السنن الكبرى (7/ 265) برقم (13931)، والدارقطني في سُنَنِه (4/ 426) برقم (3725).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 159)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 264)، البناية شرح الهداية (12/ 187).

ص: 103

وإن لم يكن وطِئ الأولى حتى اشترى الثّانية أو اشتراهما معاً فله أن يطأ أيّتهما شاء؛ لأنّ كلّ واحدة منهما مملوكة له وبوطء إحداهما لا يصير مرتكباً لما هو المحرّم وهو الجمع بينهما وطئا فله أن يطأ أيتهما شاء وإن وطِئ إحداهما لم يكن له أن يطأ الأخرى؛ لأنّه لو وطِئَ الأخرى صار جامعًا معًا بينهما وطئاً

(1)

.

[الجَمْع بين الأُختين المملوكتين]

(وإن [وطئهما]

(2)

فليس له أن يجامع إحداهما)

(3)

إلى قوله: (إلا أن يُمَلِّك فَرْج الأخرى غيرَه بمِلك [يمين]

(4)

أو نكاح)

(5)

ثم لو زوّج إحداهما فله أن يطأ [الثّانية]

(6)

منهما؛ لأنّ المنكوحة صارت فراشاً للزّوج وبثبوت الفراش الصّحيح للزّوج ينعدم أثر وطء المولى حكمًا ولهذا لو جاءت بالولد بعد ذلك لا يثبت النّسب من المولى وإن ادّعى فيكون هذا بمنزلة الطّلاق قبل الدّخول

(7)

.

ولو تزوج إحدى الأختين ثم طلّقها قبل الدّخول كان له أن يتزوّج الأخرى من ساعته فههنا أيضاً له أن يجامع الأخرى، غير أني أحبّ له أن لا يجامعها حتّى تحيض أختها حيضة لقوله عليه السلام:«لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَجْمَعَ مَاءَهُ فِيْ رَحِمِ أُخْتَيْنِ»

(8)

، وكذلك الزّوج يستحب له أن لا يقرب التي تزوج حتى تحيض حيضة لقوله عليه السلام:«لَا يَنْبَغِيْ لِرَجُلَيْنِ يُؤْمِنَانِ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى امْرَأَةٍ فِيْ طُهْرٍ وَاحِدٍ»

(9)

، فإن طلّقها الزّوج وانقضت عدّتها لم ينبغِ للمولى أن يطأ واحدة منهما حتّى يُزوج إحداهما أو يبيع؛ لأنّ حق الزّوج سقط عنها بالطّلاق ولم يبق أثره بعد انقضاء العدة فعاد الحكم الذي كان قبل التزويج، كذا في "المبسوط"

(10)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 159)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 264).

(2)

في (ب): (وطِئها).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1497).

(4)

لم أجد هذه اللفظة من ضمن المتن في أيٍّ من متون الهداية المطبوعة لوحدها أو مع شروحها.

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1498).

(6)

في (ب): (الباقية).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 159).

(8)

قال الزيلعي في نصب الراية (3/ 168): حديثٌ غريب.

- وفي الباب أحاديث: منها ما أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 9) كتاب (النكاح) باب ({وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم}) برقم (5101) بِسَنَدِه: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، أَخْبَرَتْهَا: أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ:«أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ» ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ ذَلِكِ لَا يَحِلُّ لِي» ، قُلْتُ: فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ قَالَ: «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ» ، قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ:«لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ» . وأخرجه مسلم في صحيحه (2/ 1072) برقم (1449).

- وأخرج أبو داود في سُنَنِه (3/ 558) برقم (2243) بِسَنَدِه: عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوْزٍ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَسْلَمْتُ وتَحْتي أُختَانِ، قَالَ:«طَلِّقْ أيتَهُمَا شِئْثَ» . وأخرجه الترمذي في سُنَنِه (3/ 428) برقم (1129)، (1130)، وقال: هذا حديث حسن. وأخرجه ابن ماجه في سُنَنِه (1/ 627) برقم (1951).

- وقال الألباني: قلت: حديث حسن؛ كما قال الترمذي، وصححه ابن حبان والبيهقي، واحتجّ به الإمام الأوزاعي وترك رأيه لأجله، ورُوِيَ العمَلُ به عن عُمَرَ وعلي-رضي الله عنهما. يُنْظَر: صحيح أبي داود للألباني (7/ 12).

(9)

لم أجِدْه بهذا اللفظ، ولكن أورد ابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال"(3/ 506) باب (الخليل بن مرة)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمد بن هارون البرقي، حَدَّثَنا أحمد بن عَمْرو الطاهر، حَدَّثَنا ابن وهب أخبرني الخليل بن مرة عَن أَبَان بْن أَبِي عياش، عَن أَنَس عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال:«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يَغْشِيَنَّ رَجُلانِ امْرَأَةً فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ» .

- قال ابن القيسراني في "ذخيرة الحفاظ": رواهُ الخَليل بن مُرَّة عن أَبَان بن أبي عَيَّاش عن أنس، والخليل عِنْدَه مَنَاكِير، وأَبَان مَتروك الحديث. يُنْظَر: ذخيرة الحفاظ لابن القيسراني (4/ 2382 - 2383) برقم (5527).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 159 - 160)، الأصل للشيباني (2/ 537).

ص: 104

(وكذا الكتابة كالإعتاق في هذا)

(1)

أي أنّه يحلّ وطء الأخرى.

وفي "المبسوط": هذا الجواب في الكتابة مشكل؛ لأنّها بالكتابة لا تخرج عن ملك المولى حتى لا يلزمه استبراء جديد بعد العجز ولم يحِلَّ فرجها لغيره/ [وكان]

(2)

ينبغي أن لا يحلّ له وطء الأخرى ولكن [قال]

(3)

مِلْكُ المولى يزول بالكتابة [ولهذا]

(4)

يلزمه العقد بوطئها [فكان]

(5)

وطئه إياها وطئاً في غير ملك حتّى لا ينفك عن عقوبة أو غرامة وقد سقطت العقوبة فتجب الغرامة فيجعل زوال ملك الحلّ عنها بالكتابة كزواله بتزويجها فيحل له أن يطأ الأخرى

(6)

.

(وكل امرأتين لا يجوز الجمع بينهما [نكاحاً فيما ذكرنا]

(7)

(8)

كما إذا كانت إحداهما عمّه الأخرى أو خالتها (بمنزلة الأختين)

(9)

.

(وذكر الطّحاوي)

(10)

أي: في شرح الآثار

(11)

(12)

.

[تقبيل الرَّجُل فَم الرَّجُل أو يَده أو شيئاً مِنْه أو معانقته]

(«نَهَى عَنْ الْمُكَامَعَةِ

(13)

» -وَهِيَ الْمُعَانَقَةُ-

(14)

(15)

، وعن عطاء

(16)

/ سئل ابن عبّاس رضي الله عنهما عن المعانقة فقال: أوّل من عانق إبراهيم خليل الرّحمن عليه السلام، كان بمكة فأقبل إليها ذو القرنين فلما كان بالأبطح

(17)

قيل له: في هذه البلدة إبراهيم خليل الرحمن، {فقال ذو القرنين: ماينبغي لي أن أركب في بلدة فيها خليل الرحمن}

(18)

فنزل ذو القرنين ومشى إلى إبراهيم فسلّم عليه إبراهيم واعتنقه، [فكان]

(19)

هو أوّل من عانق

(20)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1498).

(2)

في (أ): (فكان).

(3)

في (أ): (حِلُّ).

(4)

في (ب): (ولكن قال).

(5)

في (ب): (وكان).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 160)، العناية شرح الهداية (10/ 51).

(7)

في (ب): (فيما ذكرنا نكاحاً).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1498).

(9)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

شَرْح الْآثَار: المقصود به هنا كتاب "شرح معاني الآثار" في الحديث، لأبي جعفر، أحمد بن محمد بن سلامة ابن سلمة الأزديّ الطحاوي، الْمُتَوَفَّى سنة 321 هـ، ذَكَر فيه: أنه سأله بعض أصحابه تأليفه في الآثار المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحكام التي يتوهم أهل الإلحاد والضعفة، أن بعضها ينقض بعضًا، لقلة علمهم بناسخها ومنسوخها، وهو مطبوع في خمسة أجزاء أحدها للفهارس، طَبعَتْه دار عالَم الكتُب، عام 1414 هـ، بتحقيق وتقديم: محمد زهري النجار ومحمد سيد جاد الحق. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1728)، الأعلام للزركلي (1/ 206).

(12)

يُنْظَر: شرح معاني الآثار للطحاوي (4/ 6901)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 25)، منحة السلوك شرح تحفة الملوك (ص 415).

(13)

الْمُكَامَعَة: كامَعَ المرأَة: ضاجَعَها، والكِمْعُ والكَمِيعُ: الضَّجِيعُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلزَّوْجِ: هُوَ كَمِيعُها، والْمُكامَعةُ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا: هِيَ أَن يُضاجِع الرجُلُ الرجلَ أو المرأة المرأة فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا سِتْرَ بَيْنَهُمَا. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 440)، مختار الصحاح للجوهري (ص 273)، لسان العرب (8/ 313).

(14)

- أخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفِه (4/ 42) كتاب (النكاح) باب (في مباشَرةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ والْمَرْأةِ الْمَرْأَةَ) برقم (17597) قال: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ الْحَجَرِيِّ الْهَيْثَمِ، عَنْ عَامِرٍ الْحَجَرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَيْحَانَةَ، صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَنْهَى عَنْ مُعَاكَمَةِ، أَوْ مُكَاعَمَةِ، الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، أَوْ مُعَاكَمَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ فِي شِعَارٍ لَيْسَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ» .

- وأخرج أبو داود في سُنَنِه حديث «الْمُكَامَعَة» فقط (6/ 159) كتاب (اللباس) باب (من كرهه) برقم (4049) بِسَنَدِه: عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ يَعْنِي الْهَيْثَمَ بْنَ شَفِيٍّ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي يُكْنَى أَبَا عَامِرٍ رَجُلٌ مِنَ الْمَعَافِرِ لِنُصَلِّيَ بِإِيلْيَاءَ وَكَانَ قَاصَّهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْأَزْدِ يُقَالُ: لَهُ أَبُو رَيْحَانَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ أَبُو الْحُصَيْنِ: فَسَبَقَنِي صَاحِبِي إِلَى الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَدِفْتُهُ فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَسَأَلَنِي هَلْ أَدْرَكْتَ قَصَصَ أَبِي رَيْحَانَةَ قُلْتُ: لَا، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَشْرٍ، عَنِ الوَشْرِ، وَالْوَشْمِ، وَالنَّتْفِ، وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَعَنْ مُكَامَعَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِي أَسْفَلِ ثِيَابِهِ حَرِيرًا، مِثْلَ الْأَعَاجِمِ، أَوْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا مِثْلَ الْأَعَاجِمِ، وَعَنِ النُّهْبَى، وَرُكُوبِ النُّمُورِ، وَلُبُوسِ الْخَاتَمِ، إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْخَاتَمِ» .

- وأخرجه النسائي في الكُبرى (8/ 332) برقم (9313) وفي الصُّغرى (8/ 143) برقم (5091).

- وضعَّفَه الألباني. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (14/ 92) برقم (6539).

(15)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1498).

(16)

عَطَاء: هو أبو محمد، عطاء بن أبي رباح، واسمُ أبي رباح هو: أَسْلَم، مَوْلَى آل أبي ميسرة بن أبي خُثَيْم الفهري، نَشَأ بمكة، كان ثقةً فقيهاً عالماً كثير الحديث، من سادات التابعين، روى عن أبي هريرة وابن عباس وجابر وغيرهم من الصحابة، وروى عنه سليمان بن موسى الأشدق ووقيس بن سعد وغيرهما، كان من أعلم الناس بالمناسك، انتهت فتوى أهل مكة إليه وإلى مجاهد في زمانهما، وُلِدَ سنة 27 هـ، وأختُلِفَ في سنة وفاته فقيل: 114 هـ، وقيل: 115 هـ. يُنْظَر: الطبقات الكُبرى لابن سعد (6/ 20 - 22)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 330 - 331)، الثقات لابن حِبَّان (5/ 199).

(17)

الأَبْطَح: كُلُّ مَسِيْلٍ فيه دِقَاقُ الحصى فهو أَبْطَح، والْمَقصود به هُنا: وادٍ يُضافُ إلى مكة وإلى منى، لأن المسافة بينه وبينهما واحدة، وربما كان إلى منى أقرب، وهو الْمُحَصَّب، وهو خَيْفُ بني كنانة، وذكر بعضهم أنه إنما سمّي أبطح؛ لأن آدم عليه السلام بَطَّح فيه. يُنْظَر: معجم البلدان لياقوت الحموي (1/ 74)، طِلْبَة الطَّلَبة في الاصطلاحات الفقهية (ص 32).

(18)

مابين القوسين سقط من (أ).

(19)

في (ب): (وكان).

(20)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 25)، العناية شرح الهداية (10/ 51)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 318).

ص: 105

والشيخ الإمام أبو منصور

(1)

/ وَفَّقَ {بين}

(2)

الأحاديث فقال: المكروه من المعانقة ما كان على وجه الشّهوة، فأمّا على وجه البر والكرامة فجائز

(3)

.

وقال شمس الأئمة السرخسي/: وبعض المتأخّرين رخصوا [تقبيل]

(4)

يد العالِمِ أو الْمُتَوَرِّع على سبيل التَّبَرُّك

(5)

، فإنّ أبا بكر رضي الله عنه حين دخل على النبي عليه السلام بعدما قُبِض قبَّل ما بين عينيه

(6)

(7)

.

(1)

الإمام أبو منصور: هو محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي، وقد سبق الحديث عنه عند الكلام عن عقيدة السِّغْناقيِّ/.

(2)

سقطت من (أ).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 25)، العناية شرح الهداية (10/ 51)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 318).

(4)

في (أ): (لتقبيل).

(5)

تقبيل يد العالِمِ أو الْمُتَوَرِّع على سبيل التَّبَرُّك: قال الألباني/: (وأما تقبيل اليد، ففي الباب أحاديث وآثار كثيرة، يدل مجموعها على ثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنرى جواز تقبيل يد العالم إذا توفرت الشروط الآتية: 1 - أن لا يتخذ عادة بحيث يتطبع العالم على مد يده إلى تلامذته، ويتطبع هؤلاء على التبرك بذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وإن قُبِّلَت يده فإنما كان ذلك على النُّدْرة، وما كان كذلك فلا يجوز أن يُجْعل سنة مستمرة، كما هو معلوم من القواعد الفقهية

إلخ). يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها للألباني (1/ 302).

(6)

أخرج ابن ماجه في سُنَنِه (1/ 520) كتاب (الجنائز) باب (ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم برقم (1627) بِسَنَدِه: حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ امْرَأَتِهِ، ابْنَةِ خَارِجَةَ بِالْعَوَالِي، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: لَمْ يَمُتِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إِنَّمَا هُوَ بَعْضُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ عِنْدَ الْوَحْيِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَقَالَ:«أَنْتَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُمِيتَكَ مَرَّتَيْنِ، قَدْ وَاللَّهِ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، وَعُمَرُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يَمُوتُ حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِيَ أُنَاسٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَثِيرٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُول? قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْ?ا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} ، قَالَ عُمَرُ: فَلَكَأَنِّي لَمْ أَقْرَأْهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ.

- قال الألباني في هذه الرواية: صحيح إلا جملة الوحي. يُنْظَر: صحيح وضعيف سنن ابن ماجه للألباني (4/ 127) رقم (1627).

- وأخرج البخاري في صحيحه بنحوه (2/ 71) برقم (1241)، دون لفظ «بين عينيه» .

- وعند أحمد في الْمُسنَد بنحوه أيضاً (43/ 35) برقم (25841)، بلفظ «وقَبَّل جبهتَه» بَدَل «بين عينيه» .

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 25)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 318).

ص: 106

وعن سفيان

(1)

: تقبيل يد العالِم سُنَّة وتقبيل يد غيره لا يرخص

(2)

(3)

.

قال الصّدر الشهيد/: وهو المختار

(4)

.

(1)

سُفْيان: هو الثوري، أبو عبدالله، سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، من بني ثور بن عبد مناة، من مضر، أمير المؤمنين في الحديث، سيِّد أهل زمانه في علوم الدين والزهد والتقوى والورع، كان آية في الحفظ، وُلِدَ ونشأ في الكوفة، طَلَبَه الخليفة المنصور العباسي للوِلاية فأبى، ثم خرج من الكوفة إلى مكة والمدينة وسكن فيهما، ثُمَّ توارى واستخفى عن الأنظار بعد أن طلَبَه الخليفة المهدي، وتُوُفِّيَ مستخفياً في البصرة سنة 161 هـ، من مصنفاته:"الجامع الكبير"و "الجامع الصغير" كلاهما في الحديث، وكتاب في الفرائض. يُنْظَر: الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 350)، وفيات الأعيان لابن خلّكان (2/ 386)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (10/ 219).

(2)

أورد الإمام أحمد في كتابه "الورع" برواية المروزي (ص 158) باب (ما جاء في قُبْلة اليد) برقم (479): عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: (لَا بَأْسَ بِهَا لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ وَأَكْرَهُهَا عَلَى دُنْيَا).

- وأورد ابن الْمُقْرِئ في كتابه "الرخصة في تقبيل اليد"(ص 70) برقم (10) قال: حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ قَزَعَةَ الْعَسْقَلَانِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ: نَا رَوَّادٌ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: «تَقْبِيلُ يَدِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ سُنَّةٌ» ، وأوردها أيضاً بِسَنَدٍ آخر (ص 76) برقم (16) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرَّازِيُّ قَالَ: نَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ قَالَ: نَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: نَا مُصْعَبُ بْنُ مَاهَانَ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ:«تَقْبِيلُ يَدِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ سُنَّةٌ» .

(3)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 118)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 25)، العناية شرح الهداية (10/ 51).

(4)

لم أجِد هذا الجُمْلة عن الصدر الشهيد/، وإنما وجَدْتُ في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" لبرهان الدين ابن مازة/ ما نَصُّهُ:(وإن قَبَّل يد غير العالِم، وغير السلطان العادِل أراد به تعظيم المسلم وإكرامه فلا بأس به، وإن أراد به عبادة له أو يسأل منه شيئا من عَرَض الدنيا فهو مكروه، وكان الصدر الشهيد يفتي بالكراهة في هذا الفصل من غير تفصيل)، وهذا يُفيد معنىً مُغايراً لِمَا ذُكِر في الشَّرح، والسغناقي/ كثيراً ما ينقُل عن "الذخيرة البرهانية" لبرهان الدين ابن مازة/، وهو مختصر لكتابه " المحيط البرهاني"، فلَعَلَّ السغناقي/ وهِمَ في ذلك، أو هو خطأ مِن النُّسَّاخ، أو غير ذلك، والله أعلم. يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 118).

- وقال في "الفتاوى الهندية": (وكان الصدر الشهيد يفتي بالكراهة في هذا الفصل من غير تفصيل، كذا في الذخيرة)، ثم قال بعد ذلك:(تقبيل يد العالم والسلطان العادل جائز ولا رخصة في تقبيل يد غيرهما هو المختار كذا في الغِيَاثِيَّة). يُنْظَر: الفتاوى الهندية (5/ 369).

ص: 107

وأمّا ما ينقلون من تقبيل الأرض بين العلماء حرام لا إشكال فيه والفاعل والراضي به آثم؛ لأنه يشبه عبادة الوثن، وذَكَر الصّدر الشهيد أنّه لا يكفر بهذا السجود لو سجد؛ لأنّه يريد به التحيَّة دون العبادة

(1)

(2)

.

وذكر شمس الأئمة السّرخسي في باب (ما يخطر على بال الْمُكْرَه غير ما أُكْرِهَ عليه) مسألةً، وقال: المسألة تدلّ على أنّ السجود لغير الله تعالى على وجه التعظيم كفر

(3)

.

وذكر الفقيه أبو الليث/ أن [القُبْلَةَ]

(4)

على خمسة أوجه؛ قُبْلة الرّحمة كقُبْلة الوالد [ولده]

(5)

، وقبَّل النبي عليه السلام الحسن بن علي رضي الله عنهما

(6)

، وقُبْلة التَّحِيَّة كقُبْلة المؤمنين يقبِّل بعضهم بعضاً، وقُبْلة الشَّفَقَة كقُبْلة الولد والدته، وقُبْلة المودَّة كقُبْلة الرجل أخاه أو أخته على الجبهة، وقُبْلة الشَّهوة كقُبْلة الرَّجُل للزوجة والأَمَة، وزاد بعضهم قُبْلة الديانة وهي قُبْلة الحجر الأسود

(7)

.

(1)

قال محمد بن مفلح الحنبلي/: (وأما السجود إكرامًا وإعظامًا فلا يجوز كما دلت عليه الأخبار المشهورة، وأما تقبيل الأرض فقال صاحب النظم: يكره كراهة شديدة؛ لأنه يشبه السجود لكنه ليس بسجود؛ لأن السجود الشرعي وضع الجبهة بالأرض على طهارة لله تعالى وحده إلى جهة مخصوصة، وهذا إنما يصيب الأرض منه فمه وذلك لا يجزئ في السجود

انتهى كلامه، وهذا لا يفعل غالبًا إلا للدنيا، وقد ذكر صاحب النظم أنه يكره الانحناء مسلما وذكر أبو بكر بن الأنباري الحنبلي: المشهور في قوله تعالى: {وَخَرُّواْ لَهُ? سُجَّدا} أنهم سجدوا ليوسف إكرامًا وتحيَّةً، وأنه كان يحيي بعضهم بعضًا بذلك وبالانحناء، فحَظَرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. يُنْظَر: الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح (2/ 260 - 261).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 25)، منحة السلوك شرح تحفة الملوك (ص 415)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (8/ 226).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 130)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 25)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 383).

(4)

في (ب): (التقبيل).

(5)

في (ب): (لولده).

(6)

أخرجه البخاري في صحيحه (8/ 7) كتاب (الأدب) باب (رحمة الولد وتقبيله ومعانقته) برقم (5997) بِسَنَدِه: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ:«مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» .

- وأخرجه مسلم (4/ 1808) برقم (2318).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 25)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 286)، البناية شرح الهداية (12/ 195 - 196).

ص: 108

[القِيام للغير تعظيماً واحتراماً]

وأمّا القيام تعظيمًا للغير

(1)

فقد جاء في الحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه أنّ النبي عليه السلام خرج متوكئاً على عصاً فقمنا له فقال عليه السلام: «لَا تَقُوْمُوْا كَمَا تَقُوْمُ الْأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا»

(2)

، وعن أنس رضي الله عنه: رُوِيَ أنّ النَّبِيَّ عليه السلام كَانَ يَكْرَهُ الْقِيَامَ

(3)

.

(1)

القيام للغَيْر: قال شيخ الإسلام ابن تيمية/: (لم تكن عادة السلف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين: أن يعتادوا القيام كلَّما يرَوْنه عليه السلام كما يفعله كثير من الناس؛ بل قد قال أنس بن مالك: «لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانُوْا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُوْمُوْا لَهُ؛ لِمَا يَعْلَمُوْنَ مِنْ كَرَاهَتِهِ لِذَلِكَ»، ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبه تلقِّيًا له كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام لعكرمة، وقال للأنصار لَمَّا قدم سعد بن معاذ: «قُوْمُوْا إِلَى سَيِّدِكُمْ»، وكان قد قدم ليحكم في بني قريظة؛ لأنهم نزلوا على حكمه، والذي ينبغي للناس: أن يعتادوا اتباع السَّلَف على ما كانوا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم خير القرون، وخير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم فلا يعْدِل أحدٌ عن هدي خير الورى وهدي خير القرون إلى ما هو دونه، وينبغي للمُطَاع أن لا يُقِرَّ ذلك مع أصحابه، بحيث إذا رأوه لم يقوموا له إلا في اللقاء المعتاد، وأما القيام لِمَن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقِّيًا له فحَسَن، وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام، ولو تُرِك لاعْتَقَد أن ذلك لترك حقِّه أو قصد خفْضِهِ، ولم يعلم العادة الموافقة للسُّنَّة، فالأصلح أن يقام له؛ لأن ذلك أصلح لذات البين وإزالة التباغض والشحناء، وأما من عَرَف عادة القوم الموافقة للسنة: فليس في ترك ذلك إيذاءٌ له، وليس هذا القيام المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»، فإن ذلك أن يقوموا له وهو قاعد ليس هو أن يقوموا لمجيئه إذا جاء؛ ولهذا فرَّقوا بين أن يُقال: قُمْتُ إليه وقُمْتُ لَهُ، والقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف القائم للقاعد، وقد ثبت في صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا صَلَّى بهم قاعدًا صلَّوْا قِيَامًا أَمَرَهُمْ بِالْقُعُوْدِ، وَقَالَ: «لَا تُعَظِّمُوْنِيْ كَمَا يُعَظِّمُ الْأَعَاجِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا»، وقد نهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعد؛ لِئَلا يتشبه بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قُعُود، وجِمَاعُ ذلك كلِّه الذي يصلح اتباع عادات السلف وأخلاقهم، والاجتهاد عليه بحسب الإمكان، فمن لم يعتقد ذلك، ولم يعرف أنه العادة، وكان في ترك معاملته بما اعتاد من الناس من الاحترام مفسدة راجحة: فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما كما يجب فعل أعظم الصلاحين بتفويت أدناهما). يُنْظَر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 374 - 376).

(2)

أخرجه أبو داود في سُنَنِه (7/ 516) كتاب (الأدب) باب (الرَّجُل يقوم للرَّجُل يُعظِّمه بذلك) برقم (5230) قال: حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُميبر، عن مِسْعَرٍ، عن أبي العَنْبسِ، عن أبي العَدَبَّسِ، عن أبو مَرْزوقٍ، عن أبي غالبٍ عن أبي أُمامةَ، قال: خَرَجَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم متوكئاً على عَصاً، فَقُمْنَا إليه، فقال:«لا تَقُومُوا كما تَقُومُ الأعَاجمُ، يُعَظمُ بعضُها بعضًا» .

- قال ابن حِبَّان: أبو مرزوق عن أبي غالب روى أحدهما عن الآخر رويا مالا يتابعان عليه لا يجوز الاحتجاج بهما لانفرادهما عن الأثبات بما خالف حديث الثقات. يُنْظَر: المجروحين لابن حِبَّان (3/ 159) برقم (1283).

- وضَعَّفَه الألباني، وقال: وفي إسناده اضطراب وضَعْفٌ وجَهالَةٌ. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (1/ 521).

(3)

أخرج الترمذي في سُنَنِه (5/ 90) أبواب (الآداب) باب (ما جاء في كراهية قيام الرَّجُل للرَّجُل) برقم (2754) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:«لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ» ، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

- قال الألباني: وإسناده صحيح على شرط مسلم. يُنْظَر: السلسلة الصحيحة للألباني (1/ 698).

ص: 109

وعن الشيخ الحكيم أبي القاسم

(1)

/ أنه كان إذا دخل عليه أحد من الأغنياء يقوم له [ويُعَظِّمُه]

(2)

ولا يقوم للفقراء وطلبة العلم فقيل له في ذلك فقال: لأن الأغنياء يتوقعون منّي {ذلك}

(3)

التعظيم فلو تركت تعظيمهم [تضرروا]

(4)

، والفقراء وطلبة العلم لا يطمعون [مني]

(5)

ذلك، وإنّما يطمعون جواب السّلام والتكلّم معهم في العلم ونحوه، فلا يتضرّرون بترك القيام، كذا في "الجامع الصّغير" للإمام المحبوبي/، والله أعلم {بالصواب}

(6)

(7)

.

(1)

الحكيم أبي القاسم: هو أبو القاسم، إسحاق بن محمد بن إسمعيل بن إبراهيم بن زيد، القاضي، الحكيم السمرقندي، تولى قضاء سمرقند طويلاً، وحُمِدَت سيرته، ولُقِّب بالحكيم لكثرة حكمته ومواعظه، روى عن عبد الله ابن سهل الزاهد وعمرو بن عاصم المروزي، روى عنه عبد الكريم بن محمد الفقيه السمرقندي في جماعة، يُعَدُّ من أشهر تلاميذ الماتريدي، من تصانيفه:"السواد الأعظم" في الرد على أصحاب الهوى، وله رسالة صغيرة في الإيمان، تُوُفِّيَ في العاشر من مُحَرَّم سنة 342 هـ وقيل 345 هـ. يُنْظَر: الفوائد البهية للكنوي (ص 44)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 139)، الأعلام للزركلي (1/ 296).

(2)

في (أ): (ويُعَظِّم).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

في (ب): (ضرُّوا).

(5)

في (أ): (مع).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 25)، البناية شرح الهداية (12/ 199)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 318).

ص: 110

‌فصل في البيع

[سبب تأخير هذا الفصل إلى هُنا]

أخَّر فصل البيع عن فصل الأكل والشرب واللبس والوطء لأن أثر تلك الأفعال متّصل ببدن الإنسان وهذا لا، وما كان أكثر اتصالًا كان أحق بالتقديم

(1)

.

[الْمُراد بالعَذِرَة]

(العَذِرَةُ)

(2)

: رجيع الآدمي

(3)

.

[قبول خبر الواحد في المعاملات على أي وصْف]

(على أي وصفٍ كان)

(4)

أي: بعد أن كان عاقلًا مميّزًا سواء كان حرًا أو عبدًا، مسلمًا أو كافرًا، رجلًا أو امرأةً

(5)

.

(لما مرّ من قَبْل)

(6)

، أيْ: في فصل الأكل والشرب في مسألة: (ومن أرسل أجيرًا له مجوسيًا)

(7)

؛ وهذا لأن خبر الواحد في المعاملات [مقبول]

(8)

من غير شرط العدالة

(9)

دفعًا للحرج، ولهذا يعتمد على قول الدّلَّال

(10)

[ويشتري]

(11)

منه عادة من غير رجوع إلى صاحب المال

(12)

.

[العَمَل بأكبر الرأي كمقام العمل باليقين]

(وإن كان [أكبر]

(13)

رأيه {أنه}

(14)

كاذب: لم [يسَعَ]

(15)

له أن يعرض)

(16)

أي: يتعرض؛ (لأن أكبر الرأي يقام مقام اليقين)

(17)

.

وقال محمّد/ في "الأصل"

(18)

: [وأكبر]

(19)

الرأي مجوّز للعمل فيما هو [أكبر]

(20)

من هذا كالفُرُوْج وسفْك الدِّماء

(21)

، فإن من تزوّج امرأة فأدخلها عليه إنسان وأخبره أنّها امرأتُه وسعه أن يعتمد خبره إذا كان ثقة عنده، أو كان في [أكبر]

(22)

رأيه أنه صادق فيغشاها

(23)

.

(1)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 53)، البناية شرح الهداية (12/ 201)، فتح القدير لابن الهمام (10/ 53).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 223).

(3)

يُنْظَر: القاموس المحيط (4/ 554)، القاموس الفقهي لسعدي أبو حبيب (ص 245).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1500).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 53)، البناية شرح الهداية (12/ 202)، فتح القدير لابن الهمام (10/ 54).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1500).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 221)، الهداية شرح البداية (4/ 1478).

(8)

في (أ): (مقبولة).

(9)

خَبَر الواحد في المعاملات مقبول من غير شرط العدالة: قاعدة أصوليَّة، معناها ومفادها: أن خبر الشخص الواحد في المعاملات مقبول، سواء أكان المخبر رجلاً أم امرأة، حرًا أم عبدًا، كبيرًا أم صبيًّا مميزًا، والعِلَّة في ذلك: أن المعاملات بين الناس يحكم فيها بالعرف والعادة الجارية بين الناس، وهي لكثرتها ودوامها واستمرارها تدعو حاجة الناس الْمُلِحَّة إليها إلى رفع الحرج وعدم التشديد؛ لأنه لو اشترط في كل معاملة جارية بين الناس شاهدان عدلان لوقع الناس في الحرج والضيق، مثالها: إذا أرسل إنسان هدية لآخر مع ابنه الصبيّ، جاز له قبولها؛ لِعَادة الناس في ذلك. يُنْظَر: أصول السرخسي (1/ 326)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (3/ 272).

(10)

الدَّلَّال: الذي يجمع بين البيِّعَيْن، فهو واسِطَةٌ بين الْمُتبايعين، والاسمُ الدَّلالة والدِّلالة، والدِّلالة: مَا جَعَلْتَهُ للدَّليل أَو الدَّلَّال، وَقَالَ ابْنُ دُرَيد: الدَّلالة، بِالفَتحِ، حِرْفة الدَّلَّال. يُنْظَر: لسان العرب (11/ 249)، القاموس الفقهي لسعدي أبو حبيب (ص 183).

(11)

في (ب): (ويستبين).

(12)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 483 - 484)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 12)، العناية شرح الهداية (10/ 53)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 530).

(13)

في (أ): (أكثر).

(14)

سقطت من (أ).

(15)

في (أ): (ينبغِ).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1500).

(17)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1500).

(18)

الأصل: هو كتاب "الأصل في الفروع"، للإمام محمد بن الحسن الشيباني، صاحب أبي حنيفة، ويُعْرَف أيضاً "بالمبسوط"، سمَّاهُ بذلك لأنه صنفه أولاً، وأملاه على أصحابه، وهو على اسمه أصلٌ في معرفة المذهب، وهو أحد كتب ظاهر الرواية عند الحنفية، وهو مطبوع عِدَّة طبعات أحدها طبعة دار ابن حزم في بيروت عام 1433 هـ، بتحقيق ودراسة الدكتور محمد بوينوكالن، في 12 جزء. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 81).

(19)

في (أ): (وأكثر).

(20)

في (ب): (أكثر).

(21)

يُنْظَر: الأصل للشيباني ط قطر (2/ 159)، المبسوط للسرخسي (10/ 177)، العناية شرح الهداية (10/ 56).

(22)

في (أ): (أكثر).

(23)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 177)، العناية شرح الهداية (10/ 56)، فتح القدير لابن الهمام (10/ 57).

ص: 111

وكذلك لو دخل رجلٌ على غيره ليلاً وهو شاهرٌ سيفه أو مادٌّ رُمْحَهُ يشتدّ نحوه فإن صاحب المنزل [يُحَكِّم]

(1)

رأيه/ فإن كان أكبر رأيه أنّه لِصٌّ قَصَدَ قَتْلَهُ وأَخْذَ مالِه وخاف أنّه إنْ صاحَ به [يُبادره]

(2)

بالضّرب فلا بأس بأن يشتد عليه بالسّيف ويتغدَّى عليه قبل أن [يتعشَّى]

(3)

هو به

(4)

، وإن كان [أكبر]

(5)

رأيه أنّه هارب من اللصوص لا ينبغي أن يعجل بقتله

(6)

.

وإنْ قَتَلَهُ وفي [رأيه]

(7)

أنه لص ثم تبين أنّه رجل صالح؛ القياس أن يُقْتَصَّ، وفي الاستحسان عليه الدية، وهي مسألة كتاب الإكراه، فعلم بهذا أن فيما هو أهم الأمور وهو الدماء والفروج جاز العمل فيها [بأكبر]

(8)

الرأي عند الحاجة مع أنّ الغلط إذا وقع لا يمكن تداركه ففيما دون ذلك أولى، ولما كان كذلك إذا كان [أكبر]

(9)

رأيه أنّه كاذب لم ينبغِ له أن [يتعرض لشيء]

(10)

من ذلك؛ لأنّ [أكبر]

(11)

الرّأي فيما لا يوقف عليه كاليقين

(12)

.

والأصل فيه قوله عليه السلام لوَابِصَةَ بْنِ مَعْبَد

(13)

رضي الله عنه: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى صَدْرِكَ وَاسْتَفْتِ قَلْبَكَ فَمَا حَكَّ فِيْ صَدْرِكَ فَدَعْهُ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ بِهِ»

(14)

، وقال عليه السلام: «الْإِثْمُ [حَزَّازُ]

(15)

(16)

الْقُلُوْبِ»

(17)

.

(1)

في (أ): (بِحُكم).

(2)

في (أ): (تَبَادَرَه).

(3)

في (أ): (يظفر).

(4)

ويتغدَّى عليه قبل أن يتعشَّى هو به: هذه الجُمْلَة أصلها من الْمَثَل العربي: (تَغَدَّ بالْجَدْيِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَشَّى بِكَ)، وهو مَثَلٌ يُضْرَب في أخذ الأمر بالحزم والمبادرة. يُنْظَر: حياة الحيوان الكبرى للدميري (1/ 266)، مجمع الأمثال للنيسابوري (1/ 139).

(5)

في (أ): (أكثر).

(6)

يُنْظَر: الأصل للشيبانيى (2/ 260)، المبسوط للسرخسي (10/ 177)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 498).

(7)

في (أ): (رواية).

(8)

في (أ): (بأكثر).

(9)

في (أ): (أكثر).

(10)

في (ب): (يعترض بشيء).

(11)

في (أ): (أكثر).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 56)، البناية شرح الهداية (12/ 202 - 203).

(13)

وَابِصَة بْن مَعْبَد: هو الصحابي الجليل وابصة بن معبد بن عُتبة بن الحارث الأسدي، يُكَنَّى أبا سالم وقيل أبو سعيد، وَفَد على النبي صلى الله عليه وسلم سنة 9 هـ، سكن الكوفة ثُمَّ تحَوَّل إلى الرَّقَّة، فأقام بها إلى أن مات، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عن ابن مسعود، وأُم قيس بنت محصن، وغيرهم، وروى عنه ابناه: عمرو وسالم، والشعبي، وزياد ابن أبي الجعد، وغيرهم. يُنْظَر: أسد الغابة (4/ 651)، الإصابة في تمييز الصحابة (6/ 461).

(14)

أخرج أحمد في مسنده (29/ 527) كتاب (مسند الشاميين) باب (حديث وابصة بن معبد) برقم (18001) قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ الزُّبَيْرِ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مِكْرَزٍ، عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنَ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، وَإِذَا عِنْدَهُ جَمْعٌ، فَذَهَبْتُ أَتَخَطَّى النَّاسَ، فَقَالُوا: إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ، فَقُلْتُ: أَنَا وَابِصَةُ، دَعُونِي أَدْنُو مِنْهُ، فَإِنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ، فَقَالَ لِي:«ادْنُ يَا وَابِصَةُ، ادْنُ يَا وَابِصَةُ» ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ، فَقَالَ:«يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ مَا جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْهُ، أَوْ تَسْأَلُنِي؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأَخْبِرْنِي، قَالَ:«جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهَا فِي صَدْرِي، وَيَقُولُ:«يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ» .

- وأخرجه الدارمي في سُنَنِه (3/ 1649) برقم (2575)، الطبراني في معجمه الكبير (22/ 148) برقم (403).

- الحديث بهذا الإسناد ضعيف، فيه الزبير أبي عبدالسلام، لم يسمع من أيوب بن عبدالله بن مكرز، قال المزي في تهذيب الكمال:(قال البخاري: أَيُّوب بن عَبد اللَّهِ بن مكرز من بني عامر بْن لؤي، وكَانَ رجلا خطيبا، عن ابن مسعود، ووابصة، روى عنه الزبير أَبُو عبد السلام، ويُقال: إنه مُرْسِلٌ)، ثم قال المزي بعد ذلك:(وَقَال حماد بْن سلمة (4): أخبرنا الزبير عبد السلام، عن أيوب ابن عَبد اللَّهِ بْن مكرز، ولم يسمعه منه، قال: حدثني جلساؤه وقد رأيته، عَن وابصة الأسدي: فِي البر والإثم). يُنْظَر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي (3/ 479 - 480).

(15)

في (أ): (حزان).

(16)

حزَّاز: على وزن فعَّال، مِنَ الحَزّ وهو القَطْع، ومعناه في الأَثَر المذكور: الأُمُور التِي تَحُزُّ فِي القُلُوب؛ أَيْ: تَحُكُّ وتُوهِم أَنْ تكُون مَعَاصِي لِفَقدِ الطمَأنِينَة إلَيهَا. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 123)، مختار الصحاح (1/ 71).

(17)

أورده بهذا اللفظ الغزالي في "إحياء علوم الدين"(1/ 18) كتاب (العلم) باب (بيان العلم الذي هو فرض كفاية) قال: وقال صلى الله عليه وسلم: «الإثم حَزَّاز القلوب» .

- قال السُّبْكِي في طبقات الشافعية: لم أجِد لهُ سنداً. يُنْظَر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (6/ 287).

- وقال العراقي: أخرجه البيهقي في شُعَب الإيمان من حديث ابن مسعود، ورواه العَدنِي في مسنده موقوفاً عليه. يُنْظَر: المغني عن حمل الأسفار في الأسفار (ص 27).

- ولكن بعد تتبع قول العراقي وجدت أن البيهقي أخرجه في شُعَب الإيمان بسندين، وبلفظٍ مختلف عن السابق:

الأول: مرفوع (7/ 307) برقم (5051) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْإِثْمُ حَوَازُ الْقُلُوبِ، وَمَا مِنْ نَظْرَةٍ إِلَّا وَلِلشَّيْطَانِ فِيهَا مَطْمَعٌ» .

الثاني: موقوف (9/ 410) برقم (6892) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، نا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سِنَانٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «الْإِثْمُ حَوَازُ الْقُلُوبِ فَإِذَا حَزَّ فِي قَلْبِ أَحَدِكُمْ شَيْئًا فَلْيَدَعْهُ» .

- وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" بسندين كلاهما موقوفين على ابن مسعود رضي الله عنه. يُنْظَر: المعجم الكبير للطبراني (9/ 149) رقم (8748)، (8749).

- وقد صحح أسانيده الألباني، ولكنه رجَّح الرفع. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (6/ 221 - 222).

ص: 112

أَيْ: على المرء أن يترك ما حزّ في قلبه تحرزًا عن الإثم

(1)

.

(إلا أن يكون مثلُه لا يملك مثل ذلك فحينئذ يستحب له أن يتنزه)

(2)

ولا يتعرض [بشراء]

(3)

، وذلك كدّرة يراها في يد فقير، أو يرى كتاباً في يد جاهل لم يكن في آبائه مَن هو أهلٌ له، فالذي يسبق إلى قلب كلٍّ أنه سارق لذلك العين، كذا في "المبسوط" و"الجامع الصّغير" للإمام المحبوبي/

(4)

.

(فإن كان الذي أتاه بها)

(5)

أي: بالجارية؛ لأنّ هذا كله مبني على قوله: (ومن علم بجارية أنّها لفلان فرأى آخر يبيعها)

(6)

أي: {إن}

(7)

أتى العبدُ أو الأَمَةُ بالجارية فقال العبد أو الأمة لغيره: إنِّي وهبتها منك أو بعتها منك؛ فليس للآخر أن يقبلها منه ولا أن يشتريها منه حتى يسأله عن ذلك؛ لأنّ المنافي للملك وهو الرِّق معلوم فيه، فما لم يعلم دليلاً مطلقاً للتصرف في حق من رآه في يده لا يحلّ له [الشراء]

(8)

منه؛ لأنّه عالم أنّه لغيره، ويد المملوك ليس بمطلق للتصرف قبل الإذن من المولى؛ لأنّ المملوك لا ملك [له]

(9)

فعُلِم أنّ الملك فيه لغيره

(10)

.

[في بيع وشراء المملوك والأَمَة والصَّبِي]

(وإن لم يكن له رأي لم يشترِها؛ لقيام الحاجر)

(11)

بالراء المهملة؛ أي: المانع، يعني أن الحاجر عن التصرف {ظاهر}

(12)

، فما لم يترجّح جانب الصدق بنوع دليل لا تعمل به

(13)

.

وكذا الغلام الذي لم يبلغ حرًا كان أو مملوكًا فيما يخبر {أنه}

(14)

أذن له في بيعه، أو أن فلانًا بعث معه إليه هدية أو صدقة، فإن كان [أكبر]

(15)

رأيه بأنه صادق وسعه أن يصدقه للعادة الظّاهرة في بعث الهدايا على أيدي المماليك والصبيان وفي النزوع عن العادة الظّاهرة حرج بيِّن، وإن كان [أكبر]

(16)

رأيه أنّه كاذب لم ينبغِ له أن يقبل منه شيئًا؛ لأنّ [أكبر]

(17)

الرأي فيما لا يوقف على حقيقته كاليقين

(18)

(19)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 173).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1500).

(3)

في (ب): (لشراء).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 174)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 486 - 487)، العناية شرح الهداية (10/ 56).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1500).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 223).

(7)

سقطت من (أ).

(8)

في (أ): (المشترى).

(9)

في (أ): (به).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 174)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 487)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 26).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1500).

(12)

سقطت من (ب).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 174)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 26)، العناية شرح الهداية (10/ 57)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 487).

(14)

سقطت من (ب).

(15)

في (أ): (أكثر).

(16)

في (أ): (أكثر).

(17)

في (أ): (أكثر).

(18)

أَكْبَر الرأي فيما لا يُوْقَف على حقيقته كاليقين: قاعدة فقهية، معناها: أن الأمور التي لا تعلم حقيقتها، أو لا يمكن الوقوف عليها بدليل قطعي، وقد غلب على ظن المجتهد فيها حكم مبني على الاحتياط، فيجب عليه أن يعمل بموجب هذا الظن والرأي الغالب؛ لأن الوقوف على اليقين والحقائق في أكثر الأحكام متعذر، ومثالها: من كان أكبر رأيه أنه تسحر والفجر طالع فالمستحب له أن يقضي احتياطًا للعبادة. يُنْظَر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (3/ 31)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 253).

(19)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 174 - 175)، الأصل للشيباني (2/ 256)، فتاوى قاضيخان (3/ 323).

ص: 113

وكان شيخنا الإمام يعني شمس الأئمة الحلواني/، يقول: الصبي إذا أتى بقَّالاً

(1)

بفلوس يشتري منه وأخبره أن أُمَّهُ أمرته بذلك فإن طلب الصابون ونحوه فلا بأس ببيعه {منه}

(2)

وإن طلب الزبيب وما يأكله الصبيان عادة ينبغي أن لا يبيعه منه لأنّ الظاهر أنه كاذب فيما يقوله وقد عثر على فلوس أُمِّه فيريد أن يشتري بها حاجةَ نفسه، كذا في "المبسوط"

(3)

.

[خَبَرُ الثِّقَة بموت الزَّوج أو تطليقُه]

(ولو أن امرأة أخبرها ثقة)

(4)

إلى قوله: (فلا بأس بأن تعتَدَّ ثم تتزوج)

(5)

، وهذا في الأخبار وأمّا في الشّهادة فلا يصحّ وإن كان الشّاهد اثنين؛ حيث لا يقضي القاضي بالفرقة؛ لأنّه قضاء على الغائب

(6)

.

وذكر في الفصل الرابع من فصول الإمام الأستروشني

(7)

: إذا شهد على الطّلاق والزّوج غائب لايقبل؛ لعدم الشّهادة على الخصم، ولو كان الزّوج حاضراً يقبل، وإن لم توجد دعوى المرأة بطريق [الحسبة]

(8)

وهذا في الشّهادة عند القاضي

(9)

.

(1)

بَقَّالاً: البقَّال: بيَّاعُ الأَطْعِمَةِ، وخُصُوصَاً البُقُول، وهِيَ عَامِّيَّة. يُنْظَر: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، للحِمْيَري (1/ 591)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (1/ 967).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 175)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 488)، فتاوى قاضيخان (3/ 320).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 223).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 26)، البناية شرح الهداية (12/ 205 - 206).

(7)

الأستروشني: هو أبو الفتح، وقيل: أبو جعفر، مُحَمَّد بن محمود بن حسين، مجد الدين الأسروشني، وقيل: الأستروشني نسبة إلى "أسروشنة"، وهي بلدة في شرقي سمرقند، فقيه حنفي، أخذ عن أبيه، وعن صاحب الهِدَايَة، وعن السيد ناصر الدين السمرقندي، وظهير الدين محمد بن أحمد البخارِي وغيرهم، من تصانيفه:"الفصول" في المعاملات، و"جامع أحكام الصغار" في الفروع، و"الفتاوى"، و"قرة العينين في إصلاح الدارين"، تُوُفِّيَ سنة 632 هـ.

يُنظر: الفَوَائِد البهية (ص 200)، معجم المؤلفين (11/ 317)، اللباب في تهذيب الأنساب (1/ 54).

(8)

في (أ): (الحسنة).

(9)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 26)، البناية شرح الهداية (12/ 205 - 206).

ص: 114

أمّا إذا قالوا لامرأة الغائب أن زوجك طلقك أو أخبرها بذلك واحدٌ عدلٌ فإذا انقضت عدَّتُها حَلَّ لها أن تتزوج بزوج آخر

(1)

.

وذكر في "التتمة": إذا شهد اثنان أن فلان بن فلان طلق امرأته والزوج غائب

لا يقبل، وإن [شهدا]

(2)

عند المرأة حلّ لها أن تعْتَدَّ وتتزوّج [بزوج]

(3)

آخر، وكذا إذا شهد عندها رجلٌ عدلٌ ووقع في قلبها أنه صادق

(4)

.

(لأنّ القاطع طارئ ولا منازع)

(5)

، هذان القيدان مفيدان [إذ]

(6)

لو كان الْمُفْسِدُ مقارنًا لا يُقْبَل خبر [مخبر]

(7)

حتّى يشهد بذلك عدلان

(8)

، على ما يجيء في تعليل مسألة:(ولو أخبرها مخبر أنّ أصل النكاح كان فاسدًا)

(9)

إلى أن قال: (لأنّه أخبر بفساد/ مقارن)

(10)

، وكذلك أيضاً في تلك المسألة لَمَّا أقدم على العقد كان دليلاً على إنكار ما أخبره المخبر بفساد أصل العقد فيكون منازعاً للمخبر في خبره فلا يقبل حتّى يشهد شاهدان

(11)

.

(بخلاف ما إذا كانت المنكوحة صغيرة فأُخْبِرَ الزوجُ أنّها ارتضعت من أمّه)

(12)

أي: بعد النكاح (حيث يقبل قول الواحد فيه؛ لأنّ القطع [طارئ]

(13)

(14)

فلم يثبت المنازعة في (الإقدام الأوّل)

(15)

فيقبل خبر الواحد

(16)

.

فإن قلتَ: لو قبل خبر الواحد من هذا الوجه في إفساد النكاح بعد الصحّة، ووجهٌ آخر فيه يقتضي أن لا يقبل خبر الواحد وهو أنّ الملك الثّابت للغير فيها لا يبطل بخبر الواحد، كما لو اشترى لحمًا ثم أخبر مخبر أنّه ذبيحة مجوسي، حيث لا يبطل بهذا الخبر ملك المشتري، فلا يرجع بالثّمن على البائع؛ لأنّ ملك الغير لا يبطل بخبر الواحد.

(1)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 494)، فتاوى قاضيخان (3/ 324 - 325)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 26).

(2)

في (ب): (شهدا).

(3)

في (أ): (زوج).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني لبرهاني في الفقه النعماني (7/ 494)، البناية شرح الهداية (12/ 206).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1501).

(6)

في (أ): (أن).

(7)

في (أ): (المخبر).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 205).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1501).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1501).

(11)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 494)، فتاوى قاضيخان (3/ 324).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1501).

(13)

في (أ): (طارٍ).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1501).

(15)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(16)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 494)، فتاوى قاضيخان (3/ 324)، البناية شرح الهداية (12/ 205)

ص: 115

قُلتُ: نعم كذلك؛ إلا أنّ قيام الملك للغير في الحال ليس بدليلٍ موجبٍ بل باستصحاب الحال

(1)

، وإنما عُرِفَ ثبوته وبقاؤه باستصحاب الحال وخبر الواحد أقوى من استصحاب الحال

(2)

(3)

.

وأمّا الإخبار بأنه ذبيحة مجوسي ليس بخبر بالمفسد الطارئ بل هو خبر بفساد البيع من الأصل والإقدام على الشّراء منازعة منه بصحّة البيع فلا يقبل خبر المخبر فيه بدون شهادة شاهدين، وكذلك فيما تقدم صحّة النكاح يثبت في الابتداء بدليل موجب له وهو العقد الذي عاينه فلا يبطل ذلك بخبر الواحد

(4)

.

ومن القاطع الطّارئ أيضًا: ما لو قالت المرأة إنه طلقني بعد النكاح، أو ارتد عن الإسلام والعياذ بالله وسِعَهُ أن يعتمد خبرها ويتزوجها؛ لأنها أخبرت بحِلِّها له لسبب محتمل، وأمّا إذا أقرَّت بعد النكاح أنه كان مرتدًا حين تزوجني، أو إني كنت أخته من الرضاعة لا يعتمد خبرها؛ لأنّه خلاف المعلوم

(5)

.

وإذا أخبرت بالحرمة بسبب عارض بعد النكاح من رضاع أو غير ذلك [وثبتت]

(6)

على ذلك؛ فإن كانت ثقة مأمونة أو غير ثقة إلا أن [أكبر]

(7)

رأيه أنها صادقة فلا بأس بأن يتزوّجها لما ذكرنا من أنّ الملك الثابت للغير في الحال ليس بدليل موجب بل باستصحاب الحال إلى آخر ما ذكرنا، إلى هذا أشار في استحسان "المبسوط"

(8)

.

(1)

- الاسْتِصْحَاب لُغَةً: اسْتِفْعَالٌ مِنْ الصُّحْبَةِ، وَهُوَ اللُّزُوْمُ، يُقَالُ: اسْتَصْحَبْتُ فُلَانًا إِذَا لَزِمْتُهُ. يُنْظَر: معجم لغة الفقهاء (1/ 62).

- الْاسْتِصْحَابُ اصْطِلَاحًا: الْحُكْمُ بِبَقَاءِ أَمْرٍ مُحَقَّقٍ غَيْرِ مَظْنُونٍ عَدَمُهُ وَهُوَ بِمَعْنَى إبْقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ. يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية (ص 339) المادة (1683)، التعريفات للجرجاني (ص 22).

(2)

خبر الواحد أقوى من استصحاب الحال: قاعدة أصولية، قال ابن الهمام: خبر الواحد أقوى من استصحاب الحال لكون الاستصحاب حجة دافعة لا مثبِّتة أصلًا، بخلاف خبر الواحد. يُنْظَر: فتح القدير لابن الهمام (10/ 58).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 180)، البناية شرح الهداية (12/ 205 - 206)، فتح القدير لابن الهمام (10/ 57 - 58).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 180)، البناية شرح الهداية (12/ 205 - 206).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 180)، فتاوى قاضيخان (3/ 325)، الفتاوى الهندية (5/ 313).

(6)

في (ب): (ويثبت).

(7)

في (أ): (أكثر).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (10/ 180)، الأصل للشيباني (3/ 132)، فتاوى قاضيخان (3/ 325).

ص: 116

[استيفاء الدَّيْن من ثَمَن الخَمْر، أو أيِّ كَسْبٍ مُحَرَّمٍ]

(بخلاف ما تقدم)

(1)

أراد به قوله: (لو قالت جارية: كنت أَمَةً لفلان، فأعتقني)

(2)

، أو قالت امرأة (لرجل: طلقني زوجي وانقضت عدتي فلا بأس بأن يتزوّجها)

(3)

؛ (لأنّ القاطع طارئ)

(4)

(5)

.

(فإنه يكره لصاحب الدَّيْن أن يأخذ منه)

(6)

(7)

، وعن محمّد/ قال: هذا إذا كان القضاء والاقتضاء بالتّراضي، فإن كان بقضاء القاضي بأن كان القاضي قضى عليه بهذا الثمن ولم يعلم القاضي بكونه ثمن الخمر يطيب له ذلك بقضائه، ثم إنما حرم عند الاقتضاء بالتّراضي؛ لقوله عليه السلام:«إِنَّ الَّذِيْ حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ أَكْلَ ثَمَنِهَا»

(8)

، وقال عليه السلام:«لَعَنَ اللهُ فِيْ الْخَمْرِ عَشْرًا»

(9)

، وذَكَر من العَشْر آكِلُ ثمنها؛ وهذا لأنّ العقد على الخمر غير منعقد في حق المسلمين والثمن المقبوض مستحق الرد على البائع شرعًا، [فكان]

(10)

كالمغصوب في يده، ومن قضى دينه بالدّراهم المغصوبة لا يحلّ للقابض أن يقبضه إذا علم به

(11)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1501).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 325)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 26)، البناية شرح الهداية (12/ 208).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 223 - 224).

(7)

يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 480)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 126).

(8)

أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1206) كتاب (المساقاة) باب (تحريم بيع الخمر) برقم (1579) قال: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ -رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ- أَنَّهُ جَاءَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، وَاللَّفْظُ لَهُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ السَّبَإِيِّ، مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، عَمَّا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟» قَالَ: لَا، فَسَارَّ إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«بِمَ سَارَرْتَهُ؟» ، فَقَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ:«إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا» ، قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا. حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

(9)

أخرج الترمذي في سُنَنِه (3/ 581) كتاب (أبواب البيوع) باب (النهي أنْ يُتَّخَذ الخمر خلاًّ) برقم (1295) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِي لَهَا، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ» ، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

- وأخرجه ابن ماجه (2/ 1122) برقم (3381).

- وصححه الألباني. يُنْظَر: غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للألباني (ص 54) برقم (60).

(10)

في (ب): (وكان).

(11)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 128)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 126)، البناية شرح الهداية (12/ 208 - 209).

ص: 117

ثم كما إن ثمن الخمر حرام كُلُّه فكذلك كسب الْمُغَنِّيَة

(1)

، حتى قال بعض مشائخنا: كسب الْمُغَنِّيَة كالمغصوب لا يحلّ أخذه

(2)

.

وعلى هذا قالوا: لو مات رجل وكسبه من بيع الباذِق

(3)

أو الظلم أو أخذ الرشوة إن تورَّع الورثة عن ذلك فهو أولى، ويردون على أربابها إن عرفوهم، وإن لم يعرفوهم تصدقوا بها؛ لأن سبيل الكسب الخبيث التصدّق إذا تعذر الرد، كذا ذكره الإمام المحبوبي/ في "الجامع الصّغير"

(4)

.

[مسائل الاحتكار]

(ويكره الاحتكار

(5)

(6)

إلى آخره، واعلم أنّ الكلام في الاحتكار في ستّة مواضع:

[تعريف الاحتكار]

الأوّل: في تفسيره لغة

(7)

، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْ حَكَرَ، أَيْ: حَبَسَ، يُقَالُ: حَكَرَ الشَّيْءَ، أَيْ: حَبَسَهُ، فَاحْتِكَارُ الطَّعَامِ: حَبْسُهُ مُتَرَبِّصًا لِلْغَلَاءِ

(8)

.

(1)

يُنْظَر: عيون المسائل للسمرقندي (ص 381)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 63)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 27).

(2)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 63)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 27)، منحة السلوك شرح تحفة الملوك (ص 423).

(3)

البَاذِقْ: مِنْ ماءِ وعَصِيْر الْعِنَبِ مَا طُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ فَصَارَ شَدِيدًا، وقِيْلَ: هو مُعَرَّب، وهو اسمُ الخَمْر بالفَارِسِيَّة، ولكن المطّرِّزي في "الْمُغْرِب" ضَعَّفَ ذلك. يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرب (ص 41)، النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 111).

(4)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 334)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 63)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 27).

(5)

إختلفت أقوال الفقهاء في حكم الاحتكار على قولين رئيسيين:

- القول الأول: التحريم، وهو مذهب الجمهور من الشافعية والمالكية، والحنابلة والظاهرية، وبعض الحنفية، وغيرهم.

- القول الثاني: مكروه كراهة تحريم، وهذا مذهب جمهور الحنفية.

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 27)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (6/ 398)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 129)، المدونة (3/ 313)، مواهب الجليل شرح مختصر خليل (4/ 227)، مغني المحتاج للشربيني الشافعي (2/ 392)، المهذب للشيرازي (2/ 64)، المغني لابن قدامه (4/ 166)، كشاف القناع للبهوتي (3/ 187)، الْمُحلَّى لابن حزم (7/ 572).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(7)

- الاحتكار اصطلاحًا: قِيْلَ: هُوَ حَبْسُ أَقْوَاتِ الْبَشَرِ وَالْبَهَائِمِ مُتَرَبِّصًا لِلْغَلَاءِ، وَقَالَ أَبُوْ يُوْسُفَ: كُلُّ مَا أَضَرَّ بِالْعَامَّةِ حَبْسُهُ فَهُوَ احْتِكَارٌ وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ ثَوْبًا. يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 162)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 321).

(8)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرب (ص 135)، القاموس المحيط (1/ 378)، لسان العرب (4/ 208).

ص: 118

[محل الاحتكار المُحَرَّم]

والثاني: في بيان محلّ الاحتكار الحرام؛ {وهو}

(1)

الحنطة والشّعير والتِّبْن، وما هو من أقوات الآدميين والدّواب

(2)

.

[كيفية الاحتكار]

والثّالث: في كيفية الاحتكار، [فما]

(3)

يشتريه الرجل من فسطاط المسلمين؛ أي: مدينتهم

(4)

، ويحبسه عنهم فهو حرام؛ لأنّ ما أُحضر عند [فسطاطٍ]

(5)

يتعلّق {به}

(6)

حق العامة، فإذا أراد واحد أن يختص به فقد قصد إبطال حق العامة [فيمنع]

(7)

منه، فأمّا ما [جلبه]

(8)

من أرضه وحبسه لا بأس به

(9)

.

[المُدَّة التي يُعْتَبَر فيها مُحْتَكِرَاً]

والرّابع: بيان المدة، وقد قالوا إذا تحقق الاحتكار يأثم قَلَّت مدة الامتناع من البيع أو كثرت؛ لأنّ الإثم للإضرار وقد وُجد، ولا يعزّر ما لم تطل المدّة؛ لأنّ التعزير عند إظهار الجناية/ وذلك بعد المدة الكثيرة، واختلفوا في تلك المدة على ما هو المذكور

(10)

(11)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 241)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 129)، تحفة الملوك للرازي (ص 235).

(3)

في (أ): (ممَّا).

(4)

فُسْطَاطٌ: كُلُّ مَجْمَع لِلنَّاس يجتمعون حَوْلَهُ يُسَمَّى فسطاطاً، وكُلُّ مَدِيْنَة فُسْطَاط، ومِنْه سُمِّيَت مَدِيْنَة الفُسْطَاطِ بِمِصْر، وعَلَيْهِ فَكُلُّ مَدِيْنَة فُسْطَاط، وَفِيهِ لُغَاتٌ:(فُسْطَاطٌ) و (فُسْتَاطٌ) و (فُسَّاطٌ) بِتَشْدِيدِ السِّينِ، وَكَسْرِ الْفَاءِ لُغَةٌ فِيهِنَّ فَصَارَتْ سِتَّ لُغَاتٍ. يُنْظَر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 445)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 390)، مختار الصحاح (ص 239).

(5)

في (ب): (الفسطاط).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

في (ب): (فيمتنع).

(8)

في (أ): (عليه).

(9)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 129)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (10/ 378)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 28).

(10)

أي المذكور في كتاب الهداية، وذلك بقوله:(ثم قيل: هي مقدرة بأربعين يوما لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ تَعَالَى، وَبَرِئَ اللهُ مِنْهُ»، وقيل بالشهر؛ لأن ما دونه قليل عاجل، والشهر وما فوقه كثير آجل، وقد مر في غير موضع، ويقع التفاوت في المأثم بين أن يتربص العزة وبين أن يتربص القحط والعياذ بالله، وقيل المدة للمعاقبة في الدنيا إما يأثم وإن قلت المدة). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1502).

(11)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (10/ 378 - 379)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 28)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (6/ 398).

ص: 119

[الموقف من المحْتَكِر، وعقوبته]

والخامس: أنّه يؤمر بالبيع

(1)

، ولا يجوز التسعير

(2)

(3)

، على ما يجيء.

والسّادس: في بيان العقوبة المتعلّقة به، فقد قال مشايخنا أن القاضي إذا رُفِعَ إليه هذا الأمر (يأمر المحتَكِر ببيع ما فَضَل [من]

(4)

قُوْته وقوت [أهله]

(5)

(6)

، (وينهاه عن الاحتكار)

(7)

إلى آخره، كذا ذكره الإمام فخر الإسلام

(8)

والمحبوبي -رحمهما الله-

(9)

.

(1)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 129)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (10/ 379).

(2)

- التَّسْعِيْرُ لُغَةً: سَعَّرْتُ الشَّيْءَ تَسْعِيرًا قَدَّرتُ وجَعَلْتُ لَهُ سِعْرًا مَعْلُومًا يَنْتَهِي إلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ سَعَّرَ النَّارَ: إِذَا رَفَعَهَا؛ لِأَنَّ السِّعْرَ يُوْصَفُ بِالْارْتِفَاعِ. يُنْظَر: مختار الصحاح للرازي (ص 148)، الفائق في غريب الحديث للزمخشري (2/ 179)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 277).

- التَّسْعِيْرُ اصْطِلَاحًا: تَقْدِيْرُ الْحَاكِمِ ثَمَنَ السِّلْعَةِ إِذَا تَعَدَّى أَرْبَابُهَا فِيْ الْقِيْمَةِ تَعَدِّيًا فَاحِشًا، بِمَشُورَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ. يُنْظَر: مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 548)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (6/ 400)، الكليات للكفوي (ص 578).

(3)

الأصل في حُكْمِ التَّسْعِير عند الفقهاء على قولين:

- القول الأول: الأصل في التسعير الحُرْمَة، وهو قول جمهور الفقهاء، ومنهم الظاهرية.

- القول الثاني: الأصل في التسعير أَنَّه مكروهٌ كراهة تحريم، وهو قول الحنفية.

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 129)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 28)، الكافي في فقه أهل المدينة (2/ 730)، القوانين الفقهية (ص 169)، مغني المحتاج للشربيني الشافعي (2/ 392)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي للبغوي (3/ 584)، المغني لابن قدامه (4/ 164)، كشاف القناع للبهوتي (3/ 187)، المحلى لابن حزم (7/ 537).

(4)

هكذا في النسختين، وفي المطبوع من المتن مفردًا أو من ضمن الشروح (عن).

(5)

في (ب): (عِيَاله).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1503).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(8)

فَخْرُ الإِسْلام: هو أبو الحسن، علي بن مُحَمَّد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد البزدوي، فَخْرُ الإِسْلام، فقيه، أُصولي، مُحَدِّث، مُفَسِّر، تُوُفِّي سنة 482 هـ، ودُفِنَ بسمرقند، من تصانيفه:"الْمَبْسُوط" و "شرح الجامع الكبير للشيباني" في فروع الفقه الحنفي، وله فى أصول الفقه كتاب كبير مشهور باسمه. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 372)، تاج التراجم (ص 14)، الفوائد البهية (ص 124)، سِيَر أعلام النبلاء (18/ 603).

(9)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 129)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (10/ 379)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 28).

ص: 120

[تَلَقِّي الرُّكْبان، والتلبيس عليهم في السِّعْر]

(فإن لبَّس فهو مكروه في الوجهين)

(1)

أي: الإضرار وعدم الإضرار

(2)

.

(«وَبَرِئَ اللهُ مِنْهُ»

(3)

(4)

أي: خذله الله

(5)

.

[تسعير السُّلْطان]

(ولا ينبغي للسُّلطان أن يسعّر على النّاس)

(6)

، ولكن السّلف الصّالحين كانوا يريدون [السَّعة]

(7)

للمسلمين، حتّى حُكِيَ عن أبي حفص الكبير/ أنَّ سِعْر الطّعام قد [علا]

(8)

ببخارى

(9)

في عهده، وكان أبو حفص/ يدفع الدّراهم إلى أُمَنائه ليقوموا على الطُّرُقِ خارج البلدة ثم الرُّسْتاقي

(10)

إذا جاء بالطّعام يقولون له بكم تريد أن تبيع طعامك [فكان]

(11)

يقول بسعر الْجُوْلَق

(12)

[فيقولون]

(13)

له سعر الجُوْلَق خمسون درهمًا لكلّ وِقْرٍ

(14)

من الحِنْطَة

(15)

، فخذ ههنا عشرة دراهم وبع طعامك في الجُوْلَق بأربعين درهمًا، ففعلوا ذلك حتّى وقع الخبر في الْمِصْر أنّ الطّعام قد رخص، [فصار]

(16)

ثمن وِقْرِ الحِنْطَة أربعين، فنقلوا طعاماً كثيراً، واجتمع الطّعام الكثير بالجُوْلَق [فرخُص]

(17)

الطّعام بحسن نِيَّتِه، كذا ذكره الإمام المحبوبي

(18)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1502).

(2)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (10/ 380)، العناية شرح الهداية (10/ 58)، حاشية ابن عابدين على الدر المختار (6/ 399).

(3)

جزءٌ من حديثٍ أخرجه أحمد في "مسنده"(8/ 481) كتاب (مسند المكثرين من الصحابة) باب (مسند عبدالله بن عمر رضي الله عنهما برقم (4880) قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَبَرِئَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ، وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى» .

- قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: في إسناده مقال. يُنْظَر: فتح الباري لابن حجر (4/ 348).

- وقال الألباني: وهو حديث منكر؛ كما قال أبو حاتم في "العلل"، وقد أعله كثير من الحفاظ بـ (أصبغ) هذا، والعلة من شيخه المجهول، وقد أخطأ بعضهم فقوى الحديث. يُنْظَر: علل الحديث لابن أبي حاتم (3/ 664 - 665)، سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (7/ 1089).

- وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2/ 14) برقم (2165) بسند آخر: عمرو بن الحصين العقيلي، حدثنا أصبغ ابن زيد الجهني، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن ابن عمر، وقال الذهبي: عمرو بن الحصين العقيلي تركوه، وأصبغ بن زيد الجهني فيه لين. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 14).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1502).

(5)

يُنْظَر: حاشية ابن عابدين على الدر المختار (6/ 398).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(7)

في (ب): (الشفعة).

(8)

في (ب): (غلا).

(9)

بُخَارَى: مَدِيْنَةٌ عَظِيْمَةٌ مِنْ أَعْظَمِ مُدُنِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، تَتَخَلَّلُهَا الْأَنْهَارُ، عَظِيْمَةُ الْبَسَاتِيْنِ، وَيُنْسَبُ إِلَيْهَا خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِن أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِيْنَ فِي فُنُوْنٍ شَتَّى. يُنْظَر: معجم البلدان للحموي (1/ 353 - 355).

(10)

الرُّسْتاقي: مِنْ رُسْتاق، وهو فارسيٌ مُعَرَّب، وهو السَّوادُ والقُرى، أي ما كان خارج الْمُدُن، فالرُّستاقِيُّ هو القادِم من خارج المدينة كالجُلَّب. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (4/ 1481)، تاج العروس للزبيدي (25/ 333 - 334)، لسان العرب (10/ 116).

(11)

في (أ): (وكان).

(12)

الجُوْلق: مُفْرَد جَوَالِق، وِعاءٌ كبيرٌ يُوْضَعُ فيه الْحُبوبُ والطَّحِين. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (4/ 1454)، تاج العروس (25/ 129)، تكملة المعاجم العربية (2/ 257).

(13)

في (ب): (فيقول).

(14)

الوِقْرُ: بالكسر الحِمْلُ، وأكثر ما يُستَعْمَل الوِقْرُ في حِمْلِ البَغْلِ والحمارِ، والوَسْقُ في حملِ البعيرِ، ولهذا فبعضهم يُسَمُّونَ الوَسْق الوِقْر. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 848)، (6/ 132)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعرب (ص 533)، لسان العرب (10/ 379).

(15)

الحِنْطَة: البُرُّ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (3/ 1121)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (1/ 663)

(16)

في (ب): (وصار).

(17)

في (ب): (ورخص).

(18)

لم أجِد هذه الحِكاية.

ص: 121

[عَجْزُ القاضي عن صيانة الحقوق إلا بالتسعير]

(ويتعدَّون عن القيمة تعدِّياً فاحشاً)

(1)

بأن يبيعوا قفيزًا

(2)

بمائة وهو [يُشْتَري]

(3)

بخمسين فيُمْنَعون منه دفعًا للضّرر عن المسلمين، فأمّا المتقارب فليس به بأس

(4)

.

(وكذا عندهما)

(5)

؛ لأنّه حجر على قوم مجهولين لا يصحّ، كذا ذكره الإمام فخر الإسلام

(6)

.

[أُجْرَةُ حَمْل الخَمْر للذِّمِّيِّ، وما يُقاسُ عليها]

(ومن حمل لذمي خمراً فإنّه يطيب له الأجر عند أبي حنيفة/ [وقالا يكره]

(7)

(8)

، وعلى هذا الخلاف إذا استأجر من مسلم دابة أو سفينة لينقل عليها خمرًا، ولو استأجره ليرعى له خنازير؛ ذكر شيخ الإسلام

(9)

يجب أن يكون على الاختلاف أيضاً

(10)

.

(وليس الشرب من ضرورات الحمل)

(11)

؛ لأنّ الشرب قد يوجد بدون الحمل، ولا الحمل من ضرورات الشرب؛ لأن الحمل قد يوجد للإراقة وللصّب في الخَلِّ ليتخلل فلم تكن المعصية من لوازم الحمل بل المعصية تحصل باختيار الفاعل فلم يوجب كراهة الحمل فصار كما لو استأجره لعصر العنب أو [لقطفه]

(12)

، وهذا قياس، وقولهما استحسان

(13)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1503).

(2)

قَفِيْزَاً: القَفِيْزُ: مِكْيَالٌ، وَالْجَمْعُ: أَقْفِزَةٌ و قُفْزَانٌ، وهو ثُلْثُ الَوسْق، وَقِيلَ: هو مِكْيالٌ تتواضَعُ الناسُ عَلَيه. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرب (ص 421)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 660)، لسان العرب (5/ 395).

(3)

في (ب): (مُشْتَرَى).

(4)

المحيط البرهاني في الفقه النعماني (10/ 379)، العناية شرح الهداية (10/ 59)، حاشية ابن عابدين على الدر المختار (6/ 400).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1503).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 28)، البناية شرح الهداية (12/ 219).

(7)

في المطبوع: (وقال أبو يوسف ومحمد: يكره له ذلك). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224)، الهداية شرح البداية (4/ 1504).

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(9)

لعَلَّ المقصود به هنا محمد بن الحسن الشيباني/، فقد قال في كتاب "الأصل":(وكذلك الدابة في هذا، يستأجرها الذمي من المسلم ليحمل عليها خمرًا، وكذلك السفينة فهو مثل ذلك). يُنْظَر: الأصل للشيباني (4/ 17).

(10)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (4/ 17)، المبسوط للسرخسي (16/ 38 - 39)، البناية شرح الهداية (12/ 222).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1505).

(12)

في (ب): (لقطعه).

(13)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 29)، البناية شرح الهداية (12/ 224)، رد المحتار لابن عابدين (6/ 392).

ص: 122

وقال محمّد/ في "الأصل": لو آجر المسلم دارًا من ذمي ليسكنها فإن شرب فيها الخمر أو عبد فيها الصّليب لم يلحق المسلم إثمٌ {في}

(1)

شيء من ذلك؛ لأنّ المعصية في قصد المستأجر دون قصد ربّ الدّار فلا إثم عليه

(2)

.

وذكر الإمام السّرخسي/ في باب الإجارة الفاسدة: وهو كمن باع جارية ممّن لا يستبرئها أو يأتيها في غير المأتى لم يلحق البائع إثمٌ بشيء من فعل المشتري، وكذا قال فيمن باع غلامًا من فاسق يقصد الفاحشة به

(3)

.

ولو كان مستأجر الدّار مسلمًا فظهر منه فسق في الدّار، وكان يجمع النّاس على الشرب فيها، منعه ربّ الدار على سبيل النهي عن المنكر، فإنّه فرض على كلّ مسلم صاحب الدار وغيره فيه سواء، وليس لرب الدّار أن يخرجه منها مسلمًا كان أو ذميًا؛ لأنّ عقد الإجارة لازم لا يفسخ إلا بعذر، والعذر ضررٌ يزول بفسخ الإجارة وهذا ليس من ذلك، {أرأيت لو كان باعه الدّار كان يفسخ البيع بما ظهر منه لا سبيل له إلى ذلك}

(4)

فكذا الإجارة، كذا ذكره فخر الإسلام والمحبوبي

(5)

.

[وضْعُ المال عند البقَّال خوفاً من ضياعه، بِقَصْد التَّمَوُّن]

(ومن وضع درهمًا عند بقّال يأخذ منه ما شاء يُكْره له ذلك)

(6)

، ومعنى المسألة:[أن رجلاً فقيرًا]

(7)

له درهم يخاف أن لو كان في يده يهلك أو يصرف إلى حاجة، لكن حاجته إلى المعاملة مع البقال أمَسُّ من غيرها، كما في شراء التوابل والملح والكبريت، وليس له فلوس حتّى يشتري بها ما [يُسْتَحَبُّ]

(8)

له من الحاجة كلّ ساعة، فيعطى [الدّراهمَ]

(9)

البقَّال لِأَنْ يأخذ منه ما يحتاج إليه مما ذكرنا بحسابه جزءًا فجزءًا حتّى يستوفي ما يقابل [الدّراهم]

(10)

، وهذا الفعل منه مكروه؛ لأنّ حاصل هذا الفعل راجع إلى أن يكون هو قرضًا فيه جَرُّ نفْعٍ وهو مكروه

(11)

.

(1)

سقطت من (أ).

(2)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (4/ 17)، المبسوط للسرخسي (16/ 39)، المحيط البرهاني البرهاني في الفقه النعماني (11/ 348).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (16/ 39)، البناية شرح الهداية (12/ 221)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 29).

(4)

مابين المعقوفتين سقط من (ب).

(5)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (3/ 465)، المبسوط للسرخسي (15/ 135).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(7)

في (ب): (فقيرٌ له درهمٌ).

(8)

في (ب): (اسْتُحِبَّ).

(9)

في (ب): (الدِّرْهم).

(10)

في (ب): (الدرهم).

(11)

يُنْظَر: الفتاوى الهندية (5/ 368)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 29 - 30)، البناية شرح الهداية (12/ 232).

ص: 123

وإنّما {قلنا}

(1)

ذلك؛ لأنّه لما وضع [الدّرهم]

(2)

عنده لهذا المقصود كان هو مقرضاً إياه درهمًا لوجود تمليك الدرهم وانعدام ما يقابله في الحال مع شرط (أن يأخذ منه ما [شاء]

(3)

حالاً فحالاً)

(4)

في الزمان الثّاني وهو عين القرض فكان/ للمقرِض فيه نفعٌ فيُكْره، ولكن الحيلة فيه لو أراد ذلك (أن يستودع)

(5)

البقّال درهمًا (ثم يأخذ منه ما شاء)

(6)

فإذا ضاع فهو وديعة ولا شيء عليه؛ لأنّه إذا أودعه فليس بقرض، ثم لما أخذ المودِعُ من البقَّال شيئاً فشيئاً يملكه ما أعطاه جزءًا فجزءًا بمقابلة ما يأخذه فيحصل له المقصود [من]

(7)

غير [كراهة]

(8)

، إلى هنا أشار في "الإيضاح"

(9)

والله أعلم.

‌فصلٌ {مسائل متفرقة}

(10)

[المقصود بتعشير المصحف، وما يدخل فيه، وفائدته]

تعشير المصاحف: جَعْلُ الْعَوَاشِر فيها

(11)

.

(قالوا: في زماننا لابدّ للعجم

(12)

من دلالة)

(13)

، فإن مشائخنا لم يروا به بأساً؛ لأنّ العجم لا يمكنهم التعلّم والتّلاوة إلا بالنَّقْط

(14)

(15)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

في (أ): (الدراهم).

(3)

في (أ): (شاءه).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1506).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(7)

في (أ): (ومن).

(8)

في (أ): (كراهته).

(9)

يُنْظَر: الفتاوى الهندية (5/ 368)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 29)، البناية شرح الهداية (12/ 232).

(10)

سقطت من (أ).

(11)

التَّعْشِيْرُ: جَمْعُ الْعَوَاشِرِ فٍي الْمُصْحَفِ، وَهُوَ كِتَابَةُ الْعَلَامَةِ عِنْدَ مُنْتَهَى عَشْرِ آيَاتٍ. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 62)، البناية شرح الهداية (12/ 234).

(12)

الْعَجَمُ: خِلَافُ الْعَرَبِ، الْوَاحِدُ عَجَمِيُّ، وَمَنْ فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (5/ 1980)، لسان العرب (1/ 586).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1506).

(14)

النَّقْطُ: منِ نَقَطَ الحَرْفَ يَنْقُطُه نَقْطاً: أَعْجَمَه، وَالِاسْمُ النُّقْطة، وَاحِدَةُ النُّقَط، ونقَّط الْمَصَاحِفَ تنْقِيطاً؛ جَعَلَ النُّقَطَ عَلَى الْحُرُوْف. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (3/ 1165)، لسان العرب (7/ 417).

(15)

يُنظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 127)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 30)، البناية شرح الهداية (12/ 236).

ص: 124

وعلى هذا [كَتْبُ]

(1)

أسامي السور وعدد الآي، فهو وإن كان إحداثًا فهو بدعة

(2)

حسنة، وكم من شيء يختلف باختلاف الزمان والمكان، كذا ذكره الإمام التُّمُرْتَاشِي/

(3)

.

[تحلية المصحف]

{(وقد ذكرناه من قبلُ)

(4)

أَيْ: في فصل العُرَاةِ من الصّلاة

(5)

وفي أوائل فصل الأكل والشرب من الكراهة

(6)

(7)

.

[استخدام الخصيان]

(وهو مُثْلَةٌ

(8)

محرَّمة)

(9)

ولا بأس [بثقب]

(10)

إذن الطّفل من البنات، [ذكره]

(11)

في "الخلاصة"

(12)

.

(1)

في (أ): (كَتْبُه).

(2)

- الْبِدْعَةُ لُغَةً: مِنْ أَبْدَعَ الْشَّيْءَ؛ أَيْ: اخْتَرَعَهُ لَا عَلَى مِثَالٍ سَابِقٍ.

- الْبِدْعَةُ شَرْعًا: طَرِيْقَةٌ فِيْ الدِّيْنِ مُخْتَرَعَةٌ تُضَاهِيْ الشَّرِيْعَةَ، يُقْصَدُ بِالسُّلُوْكِ عَلَيْهَا الْمُبَالَغَةُ فِيْ التَّعَبُّدِ للهِ سُبْحَانَهُ، أَوْ مَا يُقْصَدُ بِالطَّرِيْقَةِ الشَّرْعِيَّةِ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 30)، الاعتصام للشاطبي (1/ 47 - 48).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 236)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 30)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 283).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1506).

(5)

وذلك عند قوله في بداية المبتدي: (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُنْقَشَ الْمَسْجِدُ بِالْجصِّ وَالْسَّاجِ وَمَاءِ الْذَّهَبِ). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 20).

(6)

وذلك عند قوله في الهداية: (أَمَّا الْتَّمْوِيْهُ الَّذِي لَا يَخْلُصُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1478).

(7)

مابين المعقوفتين سقط من (ب).

(8)

مُثْلَةٌ: مَثَلَ بِهِ مُثْلَةً، وَذَلِكَ بِأَنْ يُجْدَعَ الْمَقْتُولُ أَوْ يُسْمَلَ أَوْ يُقَطِّعَ بَعْضُ أَعْضَائِهِ أَوْ يُسَوِّدَ وَجْهَهُ، ويُنَكِّلَ بِهِ. يُنْظَر: طلبة الطلبة (ص 80)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 462)، مختار الصحاح (ص 290).

(9)

يُنْظَر: الهداية (4/ 1507).

(10)

سقطت من (أ).

(11)

في (ب): (ذُكِرَ).

(12)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 242)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 95)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 167).

ص: 125

[خصاء البهائم]

(ولا بأس بإخصاء البهائم)

(1)

والصّواب بِخِصَاِء البهائم وقد ذكرناه غير مرّة

(2)

.

[عيادة اليهودي والنصراني]

(ولا بأس بعيادة اليهودي والنصراني)

(3)

قيّد بهما؛ لأن في عيادة المجوس اختلافاً على ما نذكر.

(«عَادَ يَهُوْدِيًّا مَرِضَ بِجِوَارِهِ»)

(4)

، وقال {له}

(5)

: «قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهَ مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ» ، فنظر المريض إلى أبيه اليهودي فقال له {أبُوْهُ}

(6)

: أجبه، فأجابه بشهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله، ثم مات، فقال عليه السلام: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِيْ [أَنْقَذَ]

(7)

بِيْ نَسْمَةً مِنْ النَّارِ»

(8)

؛ ولأنا نُدِبْنا إلى أن نؤلفهم وندعوهم إلى الإسلام بأحسن الطرق وعيادته من ذلك

(9)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(2)

منها ما سبق في (فصلٌ في الوطء والنظر واللمس)، عند مسألَةِ: نَظَر الخَصِيِّ إلى الأجنبية، وأنَّهُ كالفَحْل.

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1507).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

في (أ): (أَبْعَدَ).

(8)

أخرج البخاري في صحيحه (2/ 94) كتاب (الجنائز) باب (إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلى عليه، وهل يُعْرَض على الصبي الإسلام) برقم (1356) بِسَنَدِه: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ:«أَسْلِمْ» ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ:«الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ» .

(9)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 344)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 127 - 128)، البناية شرح الهداية (12/ 244).

ص: 126

[عيادة المجوسي]

وأما عيادة المجوس؛ منهم من قال لا بأس به؛ لِمَا قلنا، وقال بعضهم لا يجوز ذلك؛ لأنّ المجوس أبعد عن الإسلام من اليهود والنصارى ولهذا لا تحلّ ذبيحة الجوس ونكاحهم

(1)

.

[عيادة الفاسق]

واختلفوا في عيادة الفاسق أيضاً، والأصحّ أنه لا بأس به؛ لأنّه مسلم والعيادة من حقوق المسلمين

(2)

.

[تعزية المجوسي]

وفي "النّوادر": جار يهودي أو مجوسي فمات ابن له أو قريب ينبغي أن يعزيه ويقول أخلف الله عليك خيراً منه وأصلحك، فكان معناه: أصلحك الله بالإسلام؛ يعني رزقك الإسلام ورزقك ولدًا مسلمًا

(3)

.

[قول: (أسألك بمعقد العز من عرشك) في الدعاء]

(ولا ريب في كراهية الثانية؛ لأنه من القعود)

(4)

والله لا يوصف بالقعود، والمعروف هنا العبارة الأولى وهو مكروه أيضاً؛ (لأنّه يُوْهِمُ تَعَلُّقَ عِزِّهِ بالعرش)

(5)

والعرش حادث فما يتعلّق به يكون حادثًا {أيضًا}

(6)

، [والله]

(7)

تعالى متعال عن تعلّق عِزِّه بشيء

(8)

.

(لأنّه مأثور عن النبي عليه السلام

(9)

فإنّه روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال: «اثْنَا عَشْرَ رَكْعَةً مَنْ صَلَّاهَا فِيْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَقَرَأَ فِيْ كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتَحِةَ الْكِتَابِ وَسُوْرَةً وَتَشَهَّدَ فِيْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ وَيَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَيَقُوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ {لَهُ}

(10)

الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِ وَيُمِيْتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُوْلُ: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْأَلُكَ [بِمَعْقِدِ]

(11)

الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ وَبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ وَجَدِّكَ الْأَعْلَى وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ)

(12)

أَنْ تَقْضِيَ حَاجَتِيْ، {ثُمَّ يَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ يَمِيْنًا وَشِمَالًا}

(13)

، فَإِنَّ اللهَ عز وجل

(14)

يَقْضِيْ حَاجَتَهُ»، ثم قال {النَّبِيُّ}

(15)

عليه السلام: «لَا تُعَلِّمُوْهَا السُّفَهَاءَ [لِأَنَّهَا]

(16)

دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ»

(17)

، والأحوط جواب الكتاب

(18)

، هذا كلّه من "الجامع الصّغير" لقاضي خان والتُّمُرْتاشي والمحبوبي

(19)

رحمهم الله

(20)

.

(1)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 63)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 30)، الفتاوى الهندية (5/ 348).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 30)، منحة السلوك شرح تحفة الملوك (ص 419)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 319).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 30 - 31)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 388)، الفتاوى الهندية (5/ 348).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1508).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1508).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

في (ب): (وأنه).

(8)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 126)، المحيط البرهاني (7/ 511)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 164).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1508).

(10)

سقطت من (ب).

(11)

في (ب): (بمقعد).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1508).

(13)

ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(14)

في (ب): (تعالى).

(15)

سقطت من (ب).

(16)

في (ب): (فإنها).

(17)

أخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير"، باب (القول والدعاء عقيب صلاة الليل النَّفْل) برقم (443) قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، مِنْ أَصْلِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ خِدَاشٍ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تُصَلِّي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ تَشَهَّدُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا جَلَسْتَ فِي آخِرِ صَلَاتِكَ فَأَثْنِ عَلَى اللَّهِ عز وجل وَصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ كَبِّرْ وَاسْجُدْ، وَاقْرَأْ وَأَنْتَ سَاجِدٌ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكُ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعَاقَدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ، وَاسْمِكَ الْأَعْظَمِ، وَجَدِّكَ الْأَعْلَى، وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ، ثُمَّ تَسْأَلُ بَعْدُ حَاجَتَكَ، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَسَلِّمْ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ، وَاتَّقِ السُّفَهَاءَ أَنْ تُعَلِّمُوهَا فَيَدْعُونَ رَبَّهُمْ فَيُسْتَجَابَ لَهُمْ» .

- قال ابن الجوزي في "الموضوعات": هذا حديث موضوع بلا شك، وإسناده مخبط كما ترى، وفي إسناده عمر ابن هارون، قال يحيى ابن معين فيه: كذاب، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المعضلات ويدعى شيوخًا لم يَرَهُم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهى عن القراءة في السجود. يُنْظَر: الموضوعات لابن الجوزي (2/ 143).

(18)

الْكِتَاب: هنا هو كتاب الهداية شرح البداية، وذلك بقوله:(ولكنا نقول: هذا خبر واحد فكان الاحتياط في الامتناع). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1508).

(19)

يُنْظَر: البناية (12/ 248).

(20)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 126)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 511)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 164).

ص: 127

[قبض الملتقط الهبة أو الصدقة للقيط]

(ومن كان في يده لقيط لا أب له فإنّه يجوز [قبضُهُ]

(1)

الهِبَةَ له)

(2)

، إعلم أن قوله:(لا أب له) ليس بشرط لازم في حق هذا الحكم؛ لأنّه ذكر في كتاب الهبة في صغيرة لها زوج هي عنده يعولها ولها أب فوُهِبَ لها؛ أنها لو قبضت أو قبض لها أبوها أو زوجها أن ذلك جائز فلم يمتنع صحة قبض الزوج لها بقيام الأب؛ لأنّه لما كان نفعًا محضاً كان تحقيق معناه في فتح باب الإصابة من كل وجه: من وجه الولاية ومن وجه العَوْل والنّفقة ومن وجه العقل والتمييز [فثبت]

(3)

أنّ عدم الأب ليس بلازم، كذا ذكره فخر الإسلام/

(4)

.

[المقصود بالقِنْيَة]

(القِنْيَة)

(5)

أصلُ مالٍ للنَّسْل لا للتجارة

(6)

.

({و}

(7)

نوع آخر: ما كان من ضرورات حال/ الصغار وهو شراء ما لابدّ للصّغير منه وبيعه وإجارة الصّغار {و}

(8)

ذلك جائز)

(9)

إلى أن قال: ([و]

(10)

الْمُلتَقِطِ)

(11)

.

{فإن قلتَ: هذه الرواية مناقضة لروايةٍ بعدها بخطوط بقوله: (ولا يجوز للملتقط}

(12)

أن يؤاجره)

(13)

حيث لم يجوّز هناك إجارة الْمُلْتَقِطِ {اللَّقِيْطَ}

(14)

وأجاز هنا، وهو ظاهر التّناقض، فما وجهه؟.

قلتُ: له وجوه:

أحدها: أن كلّ واحد من هاتين الروايتين محمولة على حالةٍ، فجواز إجارة الملتقط محمول على ما إذا لم يكن فيه ضرورة، {وعدم جوازها محمول على ما إذا تحقّقت الضّرورة؛ بدليل وقوعه في النّوع الذي فيه تعداد ضرورة}

(15)

، دفعًا للتناقض

(16)

.

(1)

في (ب): (قبض).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(3)

في (ب): (فيثبت).

(4)

يُنظر: العناية شرح الهداية (10/ 65)، فتح القدير لابن الهمام (10/ 66)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 49).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (1510).

(6)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 425).

(7)

سقطت من (ب).

(8)

سقطت من (أ).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1510).

(10)

في (أ): (في).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1510).

(12)

مابين القوسين سقط من (أ).

(13)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(14)

سقطت من (أ).

(15)

مابين القوسين سقط من (ب).

(16)

يُنظر: العناية شرح الهداية (10/ 66)، البناية شرح الهداية (12/ 265)، تكملة فتح القدير (10/ 66).

ص: 128

والثّاني: أن في كلّ واحدة [منها]

(1)

روايتين؛ لأنّه ذكر في كلّ واحد من الملتقط والأم رواية جواز الإجارة؛ لأنّه ذكر الإمام التُّمُرْتاشِي في "الجامع الصّغير": والأم لو آجرته يجوز إذا كان في حجرها، وكذا ذو الرّحم المحرم [منه]

(2)

(3)

، وفي القُدُوْرِيِّ

(4)

: للملتقِط أن يسْلِمه في صناعة [و]

(5)

يؤاجره

(6)

.

والثّالث: أن معنى قوله: (وإجارة الصغار) تسليمهم في الصناعة حتى يكون من جنس ما لابدّ منه للصغار

(7)

.

ولمَّا [لم يتهيأ]

(8)

التّوفيق بين الروايتين لبعضهم غيروا لفظ الكتاب بقوله: (وإجارة الأظآر

(9)

، والأوّل أصحّ؛ لأنّه موافق لرواية "الجامع الصّغير" للإمام المحتاط في لفظه فخر الإسلام البزدوي/، ووجه دفع التناقض ما ذكرنا

(10)

.

(1)

في (ب): (منهما).

(2)

في (ب): (ينفد).

(3)

يُنظر: رد المحتار على الدر المختار (6/ 390)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 34)، البناية شرح الهداية (12/ 266)،

(4)

الْقُدُوْرِي: هو أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر، القدوري، البغدادي، تفقه على أبي عبدالله الجرجاني، روى الحديث وكان صدوقاً، روى عن عبيد الله بن محمد الحوشبي، ومحمد بن علي بن سويد المؤدب وروى عنه الخطيب والقاضي أبو عبد الله الدامغاني، انتهت إليه رئاسة المذهب الحنفي بالعراق، من تصانيفه:"المختصر" المعروف باسمه، وله "شرح مختصر الكرخي"، تُوُفِّيَ ببغداد سنة 428 هـ. يُنْظَر: تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص 99)، سير أعلام النبلاء (17/ 574 - 575)، الطبقات السنية في تراجم الحنفية (2/ 19)، الفوائد البهية للكنوي (ص 30).

(5)

في (ب): (أو).

(6)

يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 134)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 34)، البناية شرح الهداية (12/ 266)،

(7)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 265)، العناية شرح الهداية (10/ 66)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 34).

(8)

في (ب): (تهيأ).

(9)

الْأَظْآر: جَمْعُ ظِئْر، وهو الْحَاضِنَةُ ولحَاضِنُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ تَحْضُنُ وَلَدَ غَيْرِهَا: ظِئْرٌ، وَلِلرَّجُلِ الْحَاضِنِ: ظِئْرٌ أَيْضًا. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرضب (ص 324)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 388)، لسان العرب (4/ 515).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 265)، العناية شرح الهداية (10/ 66)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 34).

ص: 129

[تأجير العمِّ للصبي]

(ولا يجوز للعم ذلك)

(1)

يعني: وإن كان في حجره.

[تأجير الصبي نفْسَه]

(ولو أجَّر الصبي نفسه لا يجوز)

(2)

أي: لا يلزم.

[جعل الراية في عنق العبد]

(ويُكره أن يجعل في عنق عبده الراية

(3)

ويُرْوَى: الدابَّة)

(4)

رايةُ الغلامِ: غِلٌّ يُجْعَل في [عنُقِهِ]

(5)

علامة يُعلم بها أنه آبق، وأمّا الدّاية [بالدّال]

(6)

فغلط، كذا في "الْمُغْرِب"

(7)

.

(فيُكْرَهُ كالإحراق بالنار)

(8)

قالوا: هذا كان في زمانهم عند قلة الإباق، أما في زماننا لا بأس به لغلبة الإباق خصوصاً في الهنود، كذا ذكره الإمام قاضي خان/

(9)

.

[التداوي بالحُقنة]

(ولا بأس بالحقنة يريد به التداوي)

(10)

قيّد به؛ لأنه لو أراد بها التسمين لا يباح.

(وقد ورد بإباحته)

(11)

أي: بإباحة التداوي (الحديث)

(12)

، وهو ما رُوِيَ عن النبي عليه السلام أنه قال: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللهِ فَإِنَّ اللهَ {تَعَالَى}

(13)

مَا خَلَقَ دَاءً إَلَّا وَقَدْ خَلَقَ لَهُ دَوَاءً إِلَّا السَّامَ وَالْهَرَمَ»

(14)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1511).

(5)

في (أ): (عينه).

(6)

في (أ): (بالدالَّة).

(7)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 225).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1511).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 32)، العناية شرح الهداية (10/ 66)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 320).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1511).

(12)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(13)

سقطت من (ب).

(14)

ورد بأسانيد، منها: ما أخرج أبو داود في سُنَنِه (6/ 5) كتاب (الطب) باب (الرجل يتداوى) برقم (3855) قال: حدَّثنا حفصُ بنُ عَمَرَ النَّمريُّ، حدَّثنا شُعبةُ، عن زياد بنِ عِلاقة عن أسامةَ بنِ شَريكٍ، قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه كأنما على رؤوسِهُم الطيرُ، فَسَلَّمتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فجاء الأعرابُ مِن هَاهُنا وهَاهُنا، فقالوا: يا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، أَنَتَدَاوَى؟ فقال:«تَدَاوَوْا، فإنَّ الله عز وجل لم يَضَعْ دَاءً إلا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غيرَ داءٍ واحدٍ الهرَمُ» .

- وأخرجه الترمذي (4/ 383) برقم (2038) وقال: وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي خزامة، عن أبيه، وابن عباس وهذا حديث حسن صحيح.

- وأخرجه النسائي في الكبرى (7/ 79) برقم (7511)، وابن ماجه (2/ 1137) برقم (3436).

- وصححه الألباني. يُنْظَر: صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 565) برقم (2930).

ص: 130

والأمر بالتوكل [محمول]

(1)

على التّوكل عند اكتساب الأسباب ثم التوكل بعده على الله دون الأسباب، قال الله تعالى لمريم [عليها السلام]

(2)

: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}

(3)

والله عز وجل قادر على أن يرزقها من غير هَزٍّ، كذا ذكره فخر الإسلام والمحبوبي -رحمهما الله-

(4)

.

[التداوي بالمُحرَّم]

(إلا أنّه لا ينبغي أن يستعمل المحرَّمَ كالخمر)

(5)

، وفي "التهذيب"

(6)

: يجوز للعليل شرب البول والدّم والميتة للتّداوي؛ إذا أخبره طبيب مسلم أن شفاءه فيه، ولم يجد من المباح ما يقوم مقامه، وإن قال الطّبيب يتعجَّل شفاؤك به؟ فيه وجهان، وهل يجوز شرب القليل من الخمر للتداوي؟ فيه وجهان، كذا ذكره الإمام التمرتاشي/

(7)

.

وذكر في "الذّخيرة": وما قاله الصدر الشهيد/ بأن الاستشفاء بالحرام حرام فهو غير مُجْرىً على إطلاقه؛ [فإن]

(8)

الاستشفاء بالمحرّم إنما لا يجوز إذا لم يعلم أنّ فيه شفاء، أما إذا علم أن فيه شفاءً [وليس]

(9)

له دواء آخر غيره موجود يجوز الاستشفاء

(10)

.

ومعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه: أن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرّم عليكم

(11)

، يحتمل أن عبد الله قال ذلك في داء عرف له دواء غير المحرّم؛ لأنه حينئذٍ يستغني بالحلال عن الحرام، ويجوز أن يقال تنكشف الحرمة عند الحاجة فلا يكون الشفاء بالحرام وإنّما يكون بالحلال

(12)

.

(1)

في (أ): (مجموله).

(2)

في النسختين: رضي الله عنها.

(3)

سورة مريم الآية (25).

(4)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 171)، العناية شرح الهداية (10/ 66)، البناية شرح الهداية (12/ 271).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1511).

(6)

التهذيب: هو كتاب "التهذيب في فقه الإمام الشافعي"، لأبي محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي، الشافعي، الْمُتَوَفَّى سنة 516 هـ، وهو مطبوع، طبعَتْهُ دار الكتب العلمية بلبنان، بتحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض، عام 1408 هـ، في ثمانية أجزاء.

(7)

يُنْظَر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي (8/ 72)، المجموع شرح المهذب للنووي (9/ 51)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (8/ 14)، البناية شرح الهداية (12/ 271)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 389).

(8)

في (أ): (وأن).

(9)

في (ب): (فليس).

(10)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 82)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 49)، وذكره في البناية شرح الهداية (12/ 271).

(11)

أخرجه البخاري في صحيحه (7/ 110) كتاب (الأشربة) باب (شراب الحلواء والعسل) موقوفاً: وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فِي السَّكَرِ:«إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ» .

(12)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 82)، العناية شرح الهداية (10/ 67)، رد المحتار على الدر المختار (5/ 228).

ص: 131

[رِزْقُ القاضي]

(بعث عتاب بن أسيد رضي الله عنه

(1)

إلى مكة وفرض له

(2)

(3)

أي: فرض أربعين أُوقِيَّةً في السَّنَةِ

(4)

، والأُوقِيَّةُ بالتشديد أربعون درهمًا

(5)

.

(1)

عتاب بن أُسَيْد رضي الله عنه: هو الصحابي الجليل أبو عبد الرحمن وقيل: أبو محمد، عَتَّاب بن أَسِيد بن أبي العِيص بن أُمَيَّة بن عبد شَمْس القُرَشيّ الأمويّ، أسلم يوم الفتح، واستعمله النبيّ صلى الله عليه وسلم على مكة عام الفتح يوم خروجه إِلى حُنَيْن، وقُبِضَ النبي صلى الله عليه وسلم وهو عامل عليها، وأقرَّه أبو بكر رضي الله عنه عليها إِلى أن مات بها في سنة 13 هـ، يوم موت أبي بكر الصدِّيق، وكان من سادات قُرَيْش خَيِّراً صالحاً. يُنْظَر: تهذيب الكمال (19/ 272)، أسد الغابة لابن الأثير (3/ 452)، الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (4/ 356).

(2)

قال الزيلعي في "نصب الراية"(4/ 286): غريب.

- وقال ابن حجر في "الدراية"(2/ 242): لم أجد ذلك.

- وأخرج الحاكم في المستدرك (3/ 687) كتاب (الفضائل) باب (ذِكْر فضائل عَتَّاب بن أُسَيد رضي الله عنه برقم (6524) قال: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْعَتَكِيُّ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَقْرَبَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدٍ رضي الله عنه وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ يَقُولُ: «وَاللَّهِ مَا أَصَبْتُ فِي عَمَلِي هَذَا الَّذِي وَلَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا ثَوْبَيْنَ مُعَقَّدَيْنِ فَكَسَوْتُهُمَا كَيْسَانَ مَوْلَايَ» ، وسكت عنه.

- وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 54) برقم (244)، وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(17/ 161) برقم (423)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 578) برقم (13023).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1511).

(4)

قال الزيلعي في "نصب الراية"(4/ 286): وذكر أصحابنا أنه عليه السلام فرض له سنة أربعين أوقية، والأوقية أربعون درهما.

- وأخرج البيهقي في السنن الكبرى (6/ 578) كتاب (جِماع أبواب تفريق ما أُخِذ من أربعة أخماس الفَيء غير الْمُوجف عليه) باب (ما يكون للوالي الأعظم ووالي الإقليم من مال الله، وما جاء في رزق القضاة وأجر سائر الولاة) برقم (13022) قال: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أنا جَعْفَرٌ الْخَلَدِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ الرَّازِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحُصَيْنِ الرَّقِّيُّ ابْنُ بِنْتِ مَعْمَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ الْمَهْرَانِيُّ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الضَّبُعِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّسَوِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ الْحُصَيْنِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«اسْتَعْمَلَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكَّةَ، وَفَرَضَ لَهُ عُمَالَتَهُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ فِضَّةٍ» .

- وأورده الفاكهاني في "أخبار مكة"(3/ 134) برقم (1936) قال: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحُصَيْنِ الرَّقِّيُّ، ابْنُ بِنْتِ مَعْمَرٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رضي الله عنهما، قَالَ:«اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ، رضي الله عنه، عَلَى مَكَّةَ وَفَرَضَ لَهُ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ فِضَّةٍ» ، وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ كَانَ قَدْ وَلِيَ مَكَّةَ.

(5)

دِرْهَمَاً: الدِّرْهَمُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَكَسْرُ الْهَاءِ لُغَةٌ فِيْهِ، جَمْعُهُ دَرَاهِم، وَهُوَ قِطْعَةٌ نَقْدِيَّةٌ مِن الْفِضَّةِ وَزْنُهُ (2، 979) غِرَامَاً، وَالْدِّرْهَمُ الَّذِي تُوْزَنُ بِهِ الْأَشْيَاءُ مِقْدَارُهُ (3، 171) غِرَامَاً. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 104)، معجم لغة الفقهاء (1/ 250).

ص: 132

وتكلّموا أنّه عليه السلام من أي مال رَزَقَه

(1)

ولم تكن يومئذ الدواوين ولا بيت المال [فإنّ]

(2)

الدّواوين وضعت في زمن عمر رضي الله عنه؟، فقيل: إنّما رزقه من الفيء مما أفاء الله {تعالى}

(3)

، وقيل: من المال الذي أخذ من نصارى [بني]

(4)

نجران ومن الجزية التي أخذها من مجوس هجر

(5)

.

[مصدر رزق القاضي]

وعن أبي بكر رضي الله عنه أنّه كان يأخذ كل يوم درهمًا وثلثي درهم

(6)

، وعن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ كفايته

(7)

، قال الصّدر الشّهيد: إن استعفّ فتنزّه كان أفضل، قال الله تعالى:{وَمَن كَانَ غَنِيّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}

(8)

، والآية وإن كان نزولها في وصيّ اليتيم ولكن الوصي عامل/ لليتيم [فيثبت]

(9)

ذلك الحكم في كلّ من يعمل لغيره بطريق الحسبة

(10)

، فقد روي عن عثمان رضي الله عنه {أنه}

(11)

احتسب ولم يأخذ

(12)

.

(1)

- الرّزَقُ لُغَةً: العطاء والْمَنْحُ، يُقالُ:(رَزَقَهُ اللهُ رِزْقَاً) بِمَعْنَى: أَعْطَاهُ عَطَاءً، وجَمْعُهُ أرْزَاق. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (4/ 1481)، معجم مقاييس اللغة (2/ 388)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (4/ 2488).

- الرِّزْقُ في اصطلاح الفقهاء: عَرَّفَه علاء الدين الحصكفي في "الدر المختار" فقال: الرِّزْقَ مَا يُفْرَضُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْكِفَايَةِ مُشَاهَرَةً أَوْ مُيَاوَمَةً. يُنْظَر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (6/ 641).

(2)

في (ب): (وإن).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

هكذا في النسختين.

(5)

يُنْظَر: نَصْب الراية للزيلعي (4/ 286)، العناية شرح الهداية (10/ 67)، البناية شرح الهداية (12/ 273 - 274).

(6)

لم أجدها، وقد أخرج ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/ 137) باب (ذِكْر بيعة أبي بكر) قال: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ وَعَلَى رَقَبَتِهِ أَثْوَابٌ يَتَّجِرُ بِهَا فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالا لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: السُّوقَ، قَالا: تَصْنَعُ مَاذَا وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ أُطْعِمُ عِيَالِي؟ قَالا لَهُ: انْطَلِقْ حَتَّى نَفْرِضَ لَكَ شَيْئًا، فَانْطَلَقَ مَعَهُمَا فَفَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ شَطْرَ شَاةٍ وماكسوه فِي الرَّأْسِ وَالْبَطْنِ، فَقَالَ عُمَرُ: إِلَيَّ الْقَضَاءُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَإِلَيَّ الْفَيْءُ، قَالَ عُمَرُ: فَلَقَدْ كَانَ يَأْتِي عَلَيَّ الشَّهْرُ مَا يَخْتَصِمُ إِلَيَّ فِيهِ اثْنَانِ.

- قال ابن حجر في "فتح الباري" والعيني في "عمدة القاري": إسناده مُرْسَل ورجاله ثقات. يُنْظَر: فتح الباري لابن حجر (4/ 305)، عمدة القاري للعيني (11/ 185).

- وقال الألباني: وهذا إسناد معضل ضعيف عطاء بن السائب تابعى صغير وكان اختلط. يُنْظَر: إرواء الغليل للألباني (8/ 233).

(7)

أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 460) كتاب (السير) باب (ما قالوا في عدل الوالي وقسمه قليلاً كان أو كثيراً) برقم (32914) قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «إِنِّي أَنْزَلَتْ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللَّهِ مَنْزِلَةَ مَالِ الْيَتِيمِ، إِنِ اسْتَغْنَيْتَ مِنْهُ اسْتَعْفَفْتَ، وَإِنْ افْتَقَرْتَ أَكَلَتَ بِالْمَعْرُوفِ» .

- وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(3/ 209) بنفس السند.

- قال ابن حجر في "فتح الباري": وسنده صحيح. يُنْظَر: فتح الباري لابن حجر (13/ 151).

(8)

سورة النساء الآية (6).

(9)

في (ب): (فبقي).

(10)

يُنْظَر: البناية (12/ 275)

(11)

سقطت من (أ).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (16/ 102)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (12/ 186)، البناية في شرح الهداية (12/ 275).

ص: 133

هذا كلّه فيما إذا كان بيت المال حلالاً جمع بحق، وأمّا إذا كان حراماً جمع بباطل لم [يحلّ]

(1)

أخذه؛ لأن سبيل الحرام والغصب ردُّهُ على أهله وليس ذلك بمال عامة المسلمين

(2)

.

[مقدار رزق القاضي]

(وهذا فيما يكون كفاية)

(3)

يعني إذا أخذ القاضي رَزَقَه على وجه الكفاية بأن يُقلّد القضاء ابتداء من غير شرط ثم [رَزَقَه]

(4)

الوالي كفاية له؛ لاحتباسه بالقضاء عن الكسب، أمّا إذا أخذ على وجه الشّرط بأن قال في ابتداء تقلّد القضاء: إنما أقبل القضاء إن رَزَقَني الوالي [كذا]

(5)

في كل شهر أو في كل سنة بمقابلة قضائي بين النّاس وإلا فلا أقبل [فهو]

(6)

باطل؛ (لأنّه استئجار على الطّاعة)

(7)

فلا يجوز

(8)

.

[استوفى القاضي رزق سنة ثم عُزِل في أثناءها]

(ولو استوفى رِزْقَ سنة وعُزِل قبل استكمالها، قيل: هو على [اختلاف]

(9)

معروف في نفقة المرأة)

(10)

يعني على قول {محمّد}

(11)

: يجب ردّ حِصَّة ما بقي من السنة، وعلى قول أبي يوسف/: لا يجب، وقاسوا على نفقة الزّوجة إذا استعجلت نفقة السنة فمات الزوج في نصف السنة ردت نفقة ما بقي؛ عند محمد/، هذا كله من "الجامع الصّغير" لشمس الأئمة

(12)

وفخر الإسلام

(13)

-رحمهما الله-، وغيرهما

(14)

.

(1)

في (ب): (يجُز).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 33)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 555)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 389).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1511).

(4)

في (ب): (يرزقه).

(5)

في (أ): (كذا كذا).

(6)

في (أ): (وهو).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1511).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 275)، الدر المختار وحاشية بن عابدين (6/ 389 - 390).

(9)

في (ب): (خلاف).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1512).

(11)

سقطت من (أ).

(12)

"الجامع الصغير" لشمس الأئمة: هو "شرح الجامع الصغير" في الفروع، لأبي بكر، مُحَمَّد بن أحمد بن أبي سهل، السَّرَخْسِي، شمس الأئمة المتوفى سنة 483 هـ، شرح فيه "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن الشيباني، وهو مخطوط، ومنه نسخة في لجنة إحياء المعارف النعمانية بحيدرآباد بالهند. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 563).

(13)

"الجامع الصغير" لفخر الإسلام: هو "شرح الجامع الصغير" في الفروع، لعلي بن محمد البزدوي، فخر الإسلام، الْمُتَوَفَّى سنة 482 هـ، شرح فيه "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن الشيباني، وهو مخطوط، ومنه نسخة في خزانة فيض الله أفندي بإسطنبول، برقم (753)، وقد حُقِّقَت بعضُ أجزاءه في مشروع علمي في جامعة أم القرى. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 563).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 67 - 68)، البناية شرح الهداية (12/ 276)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 34).

ص: 134

[سفر الأمة وأم الولد بغير مَحْرم]

(ولا بأس [أن]

(1)

تسافر الأَمَةُ وأُمُّ الوَلَدِ بغير محرم)

(2)

إلى آخره، ذكر في "التتمة": كانت هذه الإباحة في الابتداء أمّا الآن فيكره لهما أيضًا، وأحاله إلى آخر كراهية شيخ الإسلام/، والله أعلم

(3)

.

[كتاب]

(4)

إحياء الموات

[المقصود بإحياء الموات]

[مناسبة كتاب إحياء الموات لِمَا قَبْله]

ذكر إحياء الموات بعد الكراهية؛ إما لأن في إحياء الموات مسائل ما يكره وما لا يكره كمسائل الكراهية

(5)

، وإمّا لأنّ الإحياء ههنا هو الإحياء صورة لا حقيقة؛ لأنّ المراد منه: هو [التسبُّبَ]

(6)

للحياة النامية

(7)

، [فكذا]

(8)

المراد من [الكراهة]

(9)

ما هو قريب إلى الحرمة صورةً لا حقيقة الحرمة التي هي [الكراهية]

(10)

الكاملة الحقيقية

(11)

.

[محاسن إحياء الموات]

ثم محاسن إحياء الموات ظاهرة؛ لأنّ فيه [حسنا]

(12)

أصليًّا إلا عند اقتضاء الحكمة ضدّه كما في ضده وهو إماتة الحي فإن [فيها]

(13)

قبحًا أصلياً إلا عند اقتضاء الحكمة ضدّها، فالاعتبار للأمر الأصلي؛ ولأن في إحياء الموات إنبات أرض هامدة، وإثبات طراوة زائدة، وإصلاح ما أفسده الزمان بمرور الأيّام، والتسبيب للخصب في أقوات الأنام، وعمارة الأرض الغامرة، وتليين ما خشن من الأماكن الواعرة، وإظهار وصف من أوصاف الجنان بحيث تلتذ به أعين الغلمان والقِيَان

(14)

من إجراء الأنهار تحت أشجار النخيل والرُّمَّان متكئين على فرش بطائنها من إستبرق

(15)

وجنى الجنتين دان، فنعيم العاجلة نموذج الآجلة، ولا ينكر حسن صفة الجنان، فكذا حسن ما أشبه بها من العمران، قال أبو نصر/

(16)

: المراد من الحياة ههنا {الحياة}

(17)

النامية، قال الله تعالى:{فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}

(18)

، وإنّما سُمِّيَ مواتًا لبطلان الانتفاع بها تشبيهًا بالحيوان إذا مات وبطل الانتفاع به

(19)

.

(1)

في (ب): (بأن).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 224).

(3)

يُنظر: فتاوى قاضيخان (3/ 309)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 34)، البناية شرح الهداية (12/ 276).

(4)

في (أ): (باب).

(5)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 34)، البناية شرح الهداية (12/ 278)، تكملة فتح القدير (10/ 68).

(6)

في (ب): (التسبيب).

(7)

- إحياء الْمَوَاتُ لُغَةً: الْإِحْيَاءُ: جَعْلُ الْشَّيْءِ حَيَّاً، وَالْمَوَاتُ: مَا لَا رُوْحَ فِيْهِ وَلَا حَيَاة. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 301)، القاموس المحيط (1/ 1278).

- إحياء الْمَوَاتُ اصطلاحًا: تعَدَّدَت العبارات فيه، مِنْهَا: ماذكره المؤلف بقوله: التَّسَبُّبُ للحياة النامية، ومنها: التَّسَبُّبُ بِاسْتِصْلَاحِ الْأَرَاضِيْ الْمَوَاتِ وَجَعْلِهَا صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ. ويُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 278)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 431).

(8)

في (ب): (فكذلك).

(9)

في (ب): (الكراهية).

(10)

في (ب): (الكراهة).

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 278)، العناية شرح الهداية (10/ 68).

(12)

في (أ): (حسَّاً).

(13)

في (ب): (فيه).

(14)

القِيَان: جَمْعُ قَيْنَة، وَهِيَ الْأَمَةُ مُغَنِّيَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ، وَكَثِيرًا مَا تُطْلق عَلَى الْمُغَنِّية مِنَ الْإِمَاءِ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 264)، النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 135).

(15)

إِسْتَبْرَق: لَفْظَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ مُعَرَّبة أَصْلُهَا اسْتَبْرَه، وَهُوَ مَا غَلُظ مِنَ الْحَرِيرِ والإبْرَيْسَم. يُنْظَر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 47)، مختار الصحاح (ص 33).

(16)

أبو نصر: لم أجد ما يدل عليه تحديدًا، ولعلَّهُ أبو نصر الأقطع صاحب "شرح مختصر القدوري"، وسيأتي الكلام عنه بمشيئة الله تعالى.

(17)

سقطت من (ب).

(18)

سورة فاطر الآية (9).

(19)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 34)، البناية شرح الهداية (12/ 278)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 431).

ص: 135

[من أسباب عدم الانتفاع بالأراضي]

ثم أسباب عدم الانتفاع بالأراضي أنواع على ما هو المذكور في الكتاب

(1)

.

وقوله: (وما أشبه ذلك)

(2)

بأن صارت سَبِخَة

(3)

أو غلبت [الرمال]

(4)

عليها (أو كان {مملوكاً}

(5)

في دار الإسلام)

(6)

هذا الذي ذكره قول بعض المشايخ

(7)

، وقد ذكر في "الذّخيرة": والأراضي المملوكة إذا انقرض أهلها فهي كاللّقطة، وقيل: كالموات

(8)

.

(إذا وقف إنسان من أقصى العامر فصاح)

(9)

، وفي "الذّخيرة": الفاصل بين القريب والبعيد [مروي]

(10)

عن أبي يوسف/ قال: يقوم رجل جَهُوْرِيُّ الصوت من أقصى العمرانات على مكان عال وينادي بأعلى صوته فإلى المواضع الذي لا يسمع صوته فيه يكون بعيدًا

(11)

، وعن أبي يوسف/ في رواية أخرى: أن البعيد قدر غَلْوَة

(12)

(13)

.

(1)

الكتاب: المراد به هنا "مختصر القدوري"، وذلك بقوله:(الموات: ما لا ينتفع به من الأرض لانقطاع الماء عنه أو لغلبه الماء عليه أو ما أشبه ذلك مما يمنع الزراعة فما كان منها عاديا لا مالك له أو كان مملوكا في الإسلام لا يعرف له مالك بعينه وهو بعيد من القرية). يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 140).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 225).

(3)

سَبِخَة: الْأَرضُ الَّتِي تَعْلُوْهَا الْمُلُوْحَةُ وَلَا تَكَادُ تُنْبِتُ إِلَّا بَعْضَ الشَّجَرِ، فَهِيَ ذَاتُ مِلْحٍ وَنَزٍّ، وَجَمْعُهَا: سِبَاخٌ. يُنْظَر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 333)، مختار الصحاح (ص 141).

(4)

في (أ): (الرمل).

(5)

سقطت من (أ).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 225).

(7)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (3/ 66)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 34)، العناية شرح الهداية (10/ 69).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 73)، البناية شرح الهداية (12/ 279)، العناية شرح الهداية (10/ 69).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 225).

(10)

في (ب): (يُرْوى).

(11)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 73)، النُّتف في الفتاوى (2/ 627)، فتاوى قاضيخان (3/ 75).

(12)

غَلْوَة: قِيْلَ: طَلْقُ فَرَسٍ، وَهُوَ أَمَدُ جَرْيِهِ، وقِيْلَ: قَدْرُ رَمْيَة بِسَهْمٍ، يُقَالُ:(غَلَا بِسَهْمِهِ غَلْوًا أَوْ غَالَى بِهِ غِلَاءً) إذَا رَمَى بِهِ أَبْعَد مَا قَدَرَ عَلَيْهِ. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 134)، النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 383)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 374).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 73)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 557).

ص: 136

[المقصود بِعَادِيِّ الأرض]

(ومعنى العاديّ: ما قَدُمَ خَرَابُهُ) يعني: لا أن يكون منسوبًا إلى عاد كما هو مقتضاه

(1)

.

وقال في "المبسوط": وعن طاووس

(2)

قال: قال رسول الله عليه السلام: «إِنَّ عَادِىَّ الْأَرْضِ لله وِلِلرَّسُوْلِ فَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ»

(3)

، والمراد منه: الموات من الأرض، سمّاها عادِيًّا على معنى أنّها خربت على عهد عاد، وفي العادات الظاهرة ما يوصف بطول مضي الزمان عليه ينسب إلى عاد فمعناه: ما تقدم خرابه فيما يعلم أنه لا حَقَّ لأحدٍ فيه

(4)

.

وقوله: (وإذا لم يعرف مالكه)

(5)

من/ تتمة قول محمد/، [ينبغي]

(6)

(إذا لم يعرف مالكه يكون لجماعة المسلمين)

(7)

كمن مات وترك مالاً ولم يترك وارثاً فلا يكون [لواحد]

(8)

أن [يتملك]

(9)

على التخصيص

(10)

.

(1)

يُنْظَر: تبيين الحقائق وحاشية الشلبي (6/ 35)، البناية شرح الهداية (12/ 278 - 279)، العناية شرح الهداية (10/ 69)،

(2)

طاووس: أبو عبدالرحمن، طاووس بن كيسان اليماني، الفقيه، القدوة، عالم اليمن، الحافظ، كان من أبناء الفرس الذين جهزهم كسرى لأخذ اليمن له، قيل: هو مَوْلى بَحِيْر بن رَيْسَان الحِمْيَري، وقيل: بل وَلَاؤُهُ لِهَمْدَان، سَمِعَ من: زيد بن ثابت، وعائشة، وأبي هريرة، وزيد بن أرقم، وغيرهم، وروى عن ابن عباس ومن كِبار أصحابه، وروى عنه خَلْقٌ، منهم: عطاء، ومجاهد، وابنه عبد الله، وابن شهاب، وحديثه في دواوين الإسلام، وهو حجة باتفاق، تُوُفَّيَ سنة 106 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (5/ 39 وما بعدها)، تهذيب الكمال للمزي (13/ 357 وما بعدها).

(3)

أخرجه أبو يوسُف في "كتاب الخراج"(ص 77) فصل (في موات الأرض في الصلح والعنوة وغيرهما) قال: وَحَدَّثَنِي لَيْثٌ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَادِيٌّ الأَرْضِ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ثُمَّ لَكُمْ مِنْ بَعْدُ؛ فَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِمُحْتَجِرٍ حَقٌّ بَعْدَ ثَلاثِ سِنِينَ» .

- قال الألباني: منكر بهذا التمام. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (2/ 29).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 168).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1513).

(6)

في (ب): (يعني).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1513).

(8)

في (ب): (الواجد).

(9)

في (ب): (يتملَّكَه).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 280)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1093).

ص: 137

[شرط إحياء الموات]

(فيدار الحكم عليه)

(1)

أي: على القريب الذي هو دليل الارتفاق

(2)

(3)

.

فالحاصل: أن عند أبي يوسف/ [يدار]

(4)

الحكم على القرب والبعد، وعند محمّد/ على وجود حقيقة الارتفاق وعدمها

(5)

.

[إذن الإمام في الإحياء]

(ثم من أحياه بإذن الإمام مَلَكَه، وإن أحياه بغير إذنه لم يملكه عند أبي حنيفة/، وقالا: يملكه)

(6)

، كان شيخي

(7)

/ يقول في هذه المسألة: فالمشروعات على نوعين:

أحدهما: نَصْبُ الشّرع، والآخر: إِذْنٌ [بالشّرع]

(8)

.

فنصب الشرع كقوله عليه السلام: «مَنْ قَاءَ [أَوْ رَعَفَ]

(9)

فَي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ»

(10)

، والإذن بالشّرع كقوله عليه السلام: «مَنْ قَتَلَ قَتِيْلاً فَلَهُ سَلَبُه

(11)

»

(12)

أي: للإمام ولاية أن يأذن للغازي بهذا القول، فلذلك إلى يومنا هذا من قتل قتيلاً لا يكون له السّلب إلا أن يأذن الإمام به، فكذلك قوله عليه السلام:«مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ»

(13)

من قبيل الإذن بالشّرع عند أبي حنيفة/، وعندهما من قبيل نصب الشّرع، فلما كان هذا الحديث محتملاً لهذين المعنيين لم يصلح معارضًا لقوله: عليه السلام: «لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلَّا مَا طَابَتْ {بِهِ}

(14)

نَفْسُ إِمَامِهِ»

(15)

(16)

؛ لأن ذلك لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا فترجح ما قاله

(17)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1513).

(2)

الارْتِفَاق: الانْتِفَاعُ، وَارْتَفَقَ بِهِ: انْتَفَعَ بِهِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 156)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 213)، محتار الصحاح (ص 126).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 69 - 70)، البناية شرح الهداية (12/ 281)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 432).

(4)

في (ب): (مدار).

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 35)، البناية شرح الهداية (12/ 280 - 281)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 432).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 225)

(7)

شَيُخِيْ: لم يتبين لي على وجه التحديد من هو، ولكن السغناقي/ من عادته عند إطلاق هذا اللفظ يريد به شيخه: الإمام، محمد بن محمد بن نصر البلخي، حافظ الدين الكبير، الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 693 هـ.

(8)

في (ب): (الشرع).

(9)

في (أ): (ورعف).

(10)

أخرجه ابن ماجه في "سُنَنِه"(1/ 385) كتاب (إقامة الصلاة والسنة فيها) باب (ما جاء في البناء على الصلاة) برقم (1221) بلفظه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ أَوْ قَلَسٌ أَوْ مَذْيٌ، فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ» .

- قال ابن حجر: لفظ ابن ماجه وأعله غير واحد بأنه من رواية إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة. يُنْظَر: التلخيص الحبير لابن حجر (1/ 496).

- وضعَّفَهُ الألباني. يُنْظَر: ضعيف الجامع الصغير وزيادته (1/ 783).

(11)

سَلَبُه: السَّلَبُ الْمَسْلُوبُ وَعَنْ اللَّيْثِ وَالْأَزْهَرِيِّ: كُلُّ مَا عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ اللِّبَاسِ فَهُوَ سَلَبٌ، قال القدوري في "مختصره":(والْسَّلَبُ: مَا عَلَى الْمَقْتُوْلِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ وَمَرْكَبِهِ). يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 234)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 254)، لسان العرب (1/ 471).

(12)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(4/ 92) كتاب (فرض الخُمُس) باب (من لم يخمس الأسلاب، ومن قتل قتيلا) برقم (3142) بِسَنَدِهِ: عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ

وفيه قال: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ»

الحديث.

- وأخرجه مسلم في "صحيحه"(3/ 1370) برقم (1751).

(13)

أخرجه أبو داود في "سُنَنِه"(4/ 680) كتاب (الخراج) باب (في إحياء الموات) برقم (3073) قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُوْسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَن سَعِيْدِ بْنِ زَيْدٍ، عَن الْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَحْيَا أَرْضَاً مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرقٍ ظَالِمٍ حَقٌ» .

- وأخرجه الترمذي (3/ 654) برقم (1378)، وقال: هذا حديث حسن غريب. وقد رواه بعضهم، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مُرْسَلا.

- وقال ابن الملقن: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي "سنَنه" بِإِسْنَاد صَحِيح رِجَاله رجال الصَّحِيح. يُنْظَر: البدر المنير لابن الملقن (6/ 766).

- وصححه الألباني. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (5/ 353 - 354).

(14)

سقطت من (ب).

(15)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 20) باب (الحاء) (حبيب بن مسلمة الفهري

) برقم (3533) قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، قَالُوا: ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: نَزَلْنَا دَابِقَ وَعَلَيْنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَبَلَغَ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ أَنَّ بَنَّهُ صَاحِبَ قُبْرُصَ خَرَجَ يُرِيدُ بِطَرِيقِ أَذْرِبِيجانَ وَمَعَهُ زُمُرُّدٌ وَيَاقُوتٌ وَلُؤْلُؤٌ وَذَهَبٌ ودِيبَاجٌ فِي خَيْلٍ فَقَتَلَهُ وَجَاءَ بِمَا مَعَهُ، فَأَرَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنْ يُخَمِّسَهُ، فَقَالَ حَبِيبٌ: لَا تَحْرِمْنِي رِزْقًا رَزَقَنِيهِ اللهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ، فَقَالَ مُعَاذٌ: يَا حَبِيبُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا لِلْمَرْءِ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إِمَامِهِ» ، وأخرجه أيضاً في "المعجم الأوسط"(7/ 23) برقم (6739).

- قال الزيلعي في "نصب الراية": رواه الطبراني، وفيه ضعف من حديث معاذ. يُنْظَر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيلعي (4/ 290).

- قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه عمرو بن واقد، وهو متروك. يُنْظَر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (5/ 331).

- وقال الألباني: ضعيفٌ جداً. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (12/ 771).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1513).

(17)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 70)، تكملة فتح القدير (10/ 70).

ص: 138

(كما في سائر المغانم)

(1)

أي: المغانم التي لم تقسم بعد

(2)

.

[مِلْكُ رقبة الأرض بالإحياء]

(فلو أحياها ثم تركها فزرعها غيرُهُ فقد قيل: الثاني أحق بها)

(3)

، إلى أن قال: (والأصح: أنّ الأوّل [ينزعها]

(4)

(5)

، وأصل هذا أن من أحيا أرضًا ميتة قال بعض المشايخ/: يثبت ملك الاستغلال دون ملك الرقبة، فمنهم الفقية أبو القاسم أحمد البلخي

(6)

وعامة المشائخ رحمهم الله يقولون بملك رقبتها، كذا في "الذّخيرة"

(7)

.

(لأنّه ملكها بالإحياء على ما نطق به الحديث؛ إذ الإضافة فيه بلام التمليك)

(8)

، وهو قوله عليه السلام:«مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ»

(9)

.

فإن قيل: وقد يضاف إلى المنتفع بغير ملكه؛ كما رُوِيَ أنّه عليه السلام مَرَّ بحائط [فَقَالَ]

(10)

: «لِمَنْ هَذَا؟» ، قال رافع بن خديج

(11)

: لِيْ يَا رَسُوْلَ اللهِ اسْتَأْجَرْتُهُ

(12)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1514).

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 285).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1514).

(4)

في (ب): (يزرعها).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1514).

(6)

أبو القاسم أحمد البَلْخِي: هو أبو القاسم، أحمد بن عصمة، الصَّفَّار، الْبَلْخِي، الفقيه، المحَدِّث، تفقَّهَ على أبي جعفر الهندواني، وسمع منه الحديث، وأخذ عن نصير بن يحي عن محمد بن سماعة عن أبي يوسف، وروى عنه الحسن بن صديق الوزغجني، وتفقه عليه أبو حامد أحمد بن الحسين المروزي، تُوُفِّيَ سنة 336 هـ، وقيل: 326 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 78)، الفوائد البهية للكنوي (ص 26).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 75)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 67)، العناية شرح الهداية (10/ 71)، البناية (12/ 287).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1514).

(9)

سبق تخريجه (ص 272).

(10)

في (ب): (فقال له).

(11)

رافع بن خديج رضي الله عنه: هو الصحابي الجليل، أبو عبدالله، رافع بن خديج بن رافع بن عدي، الأنصاري، الخزرجي، شهد أُحُدَاً والمشاهِد إلا بدراً لصغره، وأصابه سهم في يوم أحد، فانتزعه، فبقي النصل في لحمه إلى أن مات، روى مجموعة من الأحاديث، وكان عالماً بالمزارعة والمساقاة، حَدَّثَ عنه من الصحابة ابن عمر، والسائب ابن يزيد وغيرهما، وروى عنه من التابعين جَمْعٌ، منهم: بشير بن يسار، وحنظلة بن قيس، والسائب بن يزيد، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، ونافع العمري، وابْنُهُ رفاعة بن رافع، وحفيدُهُ عباية بن رفاعة، وتُوُفِّيَ رضي الله عنه سنة 74 هـ، وهو ابن 86 سنة. يُنْظَر: أسد الغابة لابن الأثير (2/ 38)، سير أعلام النبلاء (3/ 181).

(12)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(4/ 263) باب (الراء)(ابن رافع بن خديج، عن أبيه) برقم (4354) قال: حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنِ ابْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مَرَّ بِحَائِطٍ فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ:«لِمَنْ هَذَا؟» قُلْتُ: هُوَ لِي قَالَ: «مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟» قُلْتُ: اسْتَأْجَرْتُهُ قَالَ: «لَا تَسْتَأْجِرْهُ بِشَيْءٍ» .

- وأخرجه أبو يوسُف في "الآثار"(ص 189) برقم (859) وفيه: «لَا تَسْتَأْجِرَنَّهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ» .

- هذا الحديث من رواية أبي حنيفة/، فقد قال ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكون": أبو حنيفة، قال سفيان الثوري: ليس بثقة، وقال يحيى بن معين: لا يكتب حديثه، وقال مرة اخرى: هو أنبل من أن يكذب، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث وهو كثير الغلط والخطأ على قلة روايته، وقال النضر بن شميل: هو متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غلط وتصحيف وزيادات، وله أحاديث صالحة وليس من أهل الحديث. يُنْظَر: الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي (3/ 163).

- قال الألباني/: وأبو حنيفة أيضاً ضعيفٌ. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (8/ 456).

ص: 139

قلنا: الأصل هو الملك في الإضافة وغيره عارض فلا يعارض الأصل بالعارض.

[أحيا أرضاً ثم أحاط به الإحياء من جميع جوانبها على التعاقب]

(ومن أحيا أرضاً ميتة ثم أحاط الإحياء بجوانبها الأربعة على التّعاقب)

(1)

يعني: أن رجلاً إذا أحيا أرضاً مواتاً ثم جاء آخر وأحيا إلى جنبها أرضاً والأوّل ساكت حتّى أحاطوا جوانبها الأربعة كيف يكون الطّريق إلى صاحب الأرض الأوّل؟ قال: آخر أرض أحياها صاحبها [تترك له]

(2)

فيها [طريق]

(3)

إلى أرضه؛ لأنّه حين سكت عن الأوّل والثّاني والثّالث صار الباقي طريقاً له، فإذا أحياه الرّابع فقد أحيا طريقه من حيث المعنى، فيكون له فيه طريق، كذا في "الذّخيرة"

(4)

.

[تملُّك الذَّمِّي الأرضَ بالإحياء كما في الاستيلاء]

(حتى الاستيلاءُ على أصْلِنا)

(5)

أي: كما أن المسلم يملك مال الكافر بالاستيلاء {عندنا خلافاً للشافعي/

(6)

(7)

.

فكذلك الكافر أيضاً يملك مال الكافر بالاستيلاء}

(8)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1514).

(2)

في (ب): (يترُكُ به).

(3)

في (ب): (طريقاً).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 75)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 67)، العناية شرح الهداية (10/ 71).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1514).

(6)

يُنْظَر: مختصر المزني (8/ 380)، المجموع شرح المهذب للنووي (19/ 343).

(7)

أقوال المذاهب في تَمَلُّك الكافر الحربي لمال المسلم بالاستيلاء:

- القول الأول: ذهَبَ الحنفية ورواية عن أحمد: إلى أن الكفار الحربيين يملكون أموال المسلمين بالاستيلاء بشرط أن يحرزوها بدارهم، وإذا لم يحرزوها بدارهم فلا يملكونها.

- القول الثاني: المالكية رواية عن أحمد: إلى أنهم يملكونها بالاستيلاء سواء أحرزوها بدارهم أم لم يحرزوها.

- القول الثاني: ذهَبَ الشافعيُّ: إلى أن الكفار الحربيين لا يملكون مال المسلم بالاستيلاء، حتى وإن أحرزوها بدارهم.

يُنْظَر: تحفة الملوك (ص 187)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (3/ 260)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 473)، الذخيرة للقرافي (3/ 433)، مختصر المزني (8/ 380)، المجموع شرح المهذب (19/ 343)، المغني لابن قدامة (13/ 121 - 122)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (4/ 159).

(8)

مابين المعقوفتين سقط من (أ).

ص: 140

[تحجير الأرض وصورتُهُ]

({و}

(1)

التحجير [الإعلام]

(2)

(3)

، وصورة التحجير: أن يمر الرجل بموضع من الموات ويقصد إحياء ذلك الموضع ولم يمكنه الإحياء للحال؛ [لانعدام آلات]

(4)

الإحياء للحال فيعلم هناك بعلامة فيضع حول ذلك الموضع الأحجار، [أو يحصد]

(5)

ما فيها من الحشيش والشّوك ويجعل حولها، أو يغرس حولها أغصانًا يابسة، وكذلك إذا [نَقَّى]

(6)

الأرض من الحشيش أو أحرق ما فيها من الشّوك فهذا تحجير وليس بإحياء، كذا في "الذّخيرة"

(7)

.

وذكر في "المبسوط": واشتقاق الكلمة من الحَجْر وهو المنع، فإن من أعلم في موضع من الموات علامة فكأنّه يمنع الغير من إحياء ذلك الموضع فسُمِّى فعلُهُ تحجيراً

(8)

.

(أو يعلمونه [لحَجْر]

(9)

غيرهم)

(10)

أي: أو يعلمون الموات [بشيء]

(11)

آخر سوى الأحجار لمنع غيرهم

(12)

.

[مدَّة التحجير]

(«لَيْسَ لِمُتَحَجِّرٍ بَعْدَ ثَلاثِ سِنِيْنَ حَقٌّ»

(13)

(14)

والأصحّ: لِمُحْتَجِرٍ مِنْ: احْتَجَرَ الْأَرْضَ، {أَيْ}

(15)

: أعْلَمَ عَلَمًا فِيْ حُدُوْدِهَا لِيَحُوْزَهَا وَيَمْنَعَهَا، كذا في "الْمُغْرِب"

(16)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

في (أ): (للإعلام).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1514).

(4)

في (ب): (لعدم الآلات).

(5)

سقطت من (أ).

(6)

في (أ)(بقي).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 74)، المبسوط للسرخسي (23/ 167 - 168)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 35).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 167)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 67)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 35).

(9)

في (ب): (بحَجَر).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1514).

(11)

في (ب): (بحجَرٍ).

(12)

يُنظر: البناية شرح الهداية (12/ 288)،

(13)

أخرجه أبو يوسف في كتابه "الخراج"(ص 77) فصل (في موات الأرض في الصلح والعنوة وغيرهما) قال: وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِمَارَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِمُحْتَجِرٍ حَقٌّ بَعْدَ ثَلاثِ سِنِينَ» .

- قال الزيلعي في "نصب الراية": والحسن بن عمارة ضعيف، وسعيد عن عمر فيه كلام. يُنْظَر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيلعي (4/ 290).

- وقال ابن حجر في "الدراية": وإسنادُهُ واهٍ. يُنْظَر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر (2/ 244).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1514).

(15)

سقطت من (أ).

(16)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 112).

ص: 141

[التحجير بحفر ذراع أو ذراعين من البئر]

(وفي الأخير)

(1)

، وهو حفر البئر {قد}

(2)

(ورد الخبر)

(3)

وهو ما روي عن النبي عليه السلام أنّه قال: «مَنْ حَفَرَ [مِنْ بِئْرٍ]

(4)

مِقْدَارَ ذِرَاعٍ فَهُوَ مُتَحَجِّر» كذا وجدت بخط شيخي/

(5)

.

[المراد بالمُسَنَّاة]

(المُسنّاة)

(6)

مَا يُبْنَى لِلسَّيْلِ لِيَرُدَّ الْمَاءَ

(7)

.

(حَوَّطَها)

(8)

ديوار كرد مرويرا.

(أو سَنَّمَها)

(9)

بمرزة نهاد.

[كيفية الإحياء]

وذكر شمس الأئمة السّرخسي/ أنّ الإحياء أن يجعلها صالحة للزراعة بأن كربها

(10)

أو ضرب عليها المسنَّاة أو حفر لها بئراً، كذا في "الذّخيرة"

(11)

.

[المراد بحصائد الزرع]

حصائد الزّرع: جَمْعُ {حَصِيْدٍ}

(12)

وَحَصِيْدَةٍ، وهما الزرع المحصود

(13)

.

[إحياء ما قرب من العامر]

(ومطرحاً لحصائدهم)

(14)

: أي موضع إلقاء الزّرع المحصود [للكدس

(15)

(16)

وغيره.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1515).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1515).

(4)

في (ب): (بئراً).

(5)

قال الزيلعي: قوله: (وفي الأخير ورد الخبر)، قلت: قال السغناقي في "الشرح الأخير": هو حفر البئر، ورد فيه الخبر، وهو قوله عليه السلام:«مَنْ حَفَرَ مِنْ بِئْرٍ مِقْدَارَ ذِرَاعٍ، فَهُوَ مُحْتَجِرٌ» ، وهذا الحديث ما رأيته، ولا أعرفه، ولم أر مَن ذَكَره. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (4/ 291)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 75).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1515).

(7)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 262)، لسان العرب (14/ 406).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1515).

(9)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1515).

(10)

كَرَبَها: كَرَبَ الْأَرْضَ: قَلَبَهَا لِلْحَرْثِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 435)، مختار الصحاح (ص 267).

(11)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 75 - 76)، المبسوط للسرخسي (23/ 168).

(12)

سقطت من (ب).

(13)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 127)، الصحاح للجوهري (6/ 2165).

(14)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 225).

(15)

لِلْكَدْسِ: الكُدْس والكَدْس: العَرَمَة مِنَ الطَّعَامِ وَالتَّمْرِ وَالدَّرَاهِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَكْدَاس. يُنْظَر: لسان العرب (6/ 192)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 433).

(16)

في (ب): (الكدس).

ص: 142

[المراد بالعَطَن]

والعَطَنُ والمَعْطِنُ: مناخ الإبل ومبركها حول الماء

(1)

.

[حريم الآبار]

يُقال: ينضح الزّرع بالنّاضح: أي يسقى الزّرع بالنّاضح وهو السَّانِيَة

(2)

، وإنما قدر حَرِيْم

(3)

بئر العطن بأربعين ذراعاً/ وحريم بئر الناضح بستين [ليُفْرَق]

(4)

بين ما يسقى منه باليد في العطن وبين ما يسقى منه بالناضح وهو البعير، كذا في "الْمُغْرب"

(5)

.

(ثم قيل: الأربعون من كلّ الجوانب)

(6)

أي: من كلّ الجوانب الأربع بأن يكون من كلّ جانب عشرة أذرع؛ لأنّ ظاهر لفظ الحديث وهو ما رواه الحسن

(7)

أن رسول الله عليه السلام قال: «مَنْ حَفَرَ بِئْرَاً فَلَهُ مَا حَوْلَهَا أَرْبَعُوْنَ ذِرَاعَاً عَطَنًا لِمَاشِيَتِه»

(8)

بجميع الجوانب {الأربع}

(9)

(10)

.

(1)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 348).

(2)

السَّانِيَة: الْبَعِيْرُ يُسْنَى عَلَيْهِ؛ أَيْ: يُسْتَقَى مِنْ الْبِئْرِ، وَقِيْلَ: مِنْ بَعِيرٍ وَغَيْرِهِ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (1/ 411)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 262)، لسان العرب (14/ 404).

(3)

حَرِيْم: حَرِيْمُ الرَّجُلِ: نِسَاؤُهُ، حَرِيْمُ الْعَيْنِ أَو الْبِئْرِ وَغَيْرِهَا: مَاحَوْلَهُمَا وَيُحِيْطُ بِهِمَا مِنْ مَرَافِقِهِمَا وَحُقُوْقِهِمَا، وَيَمْلِكُهُ مَنْ يَمْلِكُهُمَا. يُنظر: مختار الصحاح (ص 71)، معجم لغة الفقهاء (ص 179).

(4)

في (أ): (ليُعْرَفَ).

(5)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 348)، (ص 495).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1515).

(7)

الحَسَن: هو أبو سعيد، الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، قيل: هو مَوْلى زيد بن ثابت الأنصاري، كان من سادات التابعين وكبرائهم، كان علماً عابداً، وزاهداً ورِعَاً، رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه، روى عن: عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن سمرة، وخلق من الصحابة والتابعين، وروى عنه: يونس بن عبيد، وابن عون، وحميد الطويل، وثابت البناني، وغيرهم كثير، تُوُفِّيَ في أوَل رجب سنة 110 هـ. يُنْظَر: صفة الصفوة (2/ 137)، وفيات الأعيان لابن خلكان (2/ 70)، سير أعلام النبلاء (4/ 563).

(8)

أخرجه ابن ماجه في "سُنَنِه"(2/ 831) كتاب (الرهون) باب (حريم البئر) برقم (2486) قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ابْنُ عَمْرِو بْنِ سُكَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، ح وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْمَكِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ» .

- قال البوصيري في "مصباح الزجاجة": مدار الحديث فيه على إسماعيل بن مسلم المكي، وقد تركه ابن مهدي وابن المبارك ويحيى القطان والنسائي، وضعفه البخاري وابن الجارود والعقيلي وغيرهم. يُنْظَر: مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للبوصيري (3/ 85).

- وضعَّفَهُ الألباني. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (1/ 504).

(9)

سقطت من (أ).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 161 - 162)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 77)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 36).

ص: 143

والأصحّ: أنّ المراد أربعون ذراعًا (من كلّ جانب)

(1)

، فإنّ المقصود دفع الضّرر عن صاحب البئر الأوّل؛ لكي لا يحفر أحد في حريمه بئراً أخرى فيتحوّل إليها ماء بئره، وهذا الضّرر لا يندفع بعشرة أذرع من كلّ جانب، فإنّ الأراضي تختلف في الصّلابة والرّخاوة، وفي مقدار أربعين ذراعاً من كلّ جانب يُتَيَقَّنُ بدفع هذا الضّرر، كذا في "المبسوط"

(2)

.

(وله: ما رويناه من غير فصل)

(3)

أي: بين بئر العطن وبئر الناضح، وهو قوله عليه السلام: «مَنْ حَفَرَ بِئْرَاً فَلَهُ [مِمَّا]

(4)

حَوْلَهَا أَرْبَعُوْنَ ذِرَاعَاً عَطَنًا لِمَاشِيَتِه»

(5)

.

فإن قيل: لَمَّا قَيَّد في ذلك الحديث أربعين ذراعاً بالعَطَن بقوله عليه السلام: «عَطَنًا لِمَاشِيَتِه» ؛ فكيف [تكون]

(6)

رواية ذلك الحديث من غير فَصْل بين العَطَن والنَّاضِح؟

قلنا: ذكر ذلك اللّفظ للتّغليب لا [للتقييد]

(7)

، فإنّ الغالب في [انتفاع]

(8)

الآبار في الفلوات

(9)

هذا الطّريق، فيكون {ذِكْرُ العَطَن}

(10)

ذكراً لجميع الانتفاعات؛ كما في قوله تعالى: {وَذَرُواْ الْبَيْعَ}

(11)

قيد بالبيع لَمَّا أن الغالب في ذلك اليوم البيع، و [كذلك]

(12)

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا}

(13)

الآية، والوعيد ليس بمخصوص بالأكل ولكن الغالب من أمره الأكل فأخرجه على ما عليه الغالب

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1515).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 162)، العناية شرح الهداية (10/ 73 - 74)، البناية شرح الهداية (12/ 295 - 296).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1516).

(4)

في (ب): (مَا).

(5)

سبق تخريجه (ص 279).

(6)

في (أ): (يكون).

(7)

في (أ): (للتقليد).

(8)

في (أ): (ابتغاء).

(9)

الفَلَوَات: جَمْعُ فَلَاة، وَهِيَ الْمَفَازَةُ مِنَ الْأَرْضِ، وَقِيْلَ: الْأَرْضُ الْوَاسِعَةُ الْمُقْفِرَةُ الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 243)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 481)، معجم لغة الفقهاء (1/ 349).

(10)

سقطت من (ب).

(11)

سورة الجمعة الآية (9).

(12)

في (ب)(كذا).

(13)

سورة النساء الآية (10).

(14)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 36)، العناية شرح الهداية (10/ 74)، البناية شرح الهداية (12/ 297 - 298).

ص: 144

[من الأصول عند أبي حنيفة]

(والعام المتفق على قبوله والعمل به أولى عنده من الخاص المختلف في قبوله والعمل به

(1)

(2)

ولهذا رجّح قوله عليه السلام: «مَا أَخْرَجَت الْأَرْضُ فَفِيْهِ الْعُشْرُ»

(3)

على قوله عليه السلام: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ»

(4)

وعلى قوله: «لَيْسَ فِي الْخَضْرَوَاتِ»

(5)

.

(1)

مِنْ الأُصُول عند أبي حنيفة/: العامُّ المتَّفَق على قبوله والعمل به يُرجَّح على الخاصِّ المختَلَف في قبوله والعمل به، قال أبو محمد العيني في كتابه "البناية":«والعام المتفق على قبوله) ش: وهو قوله: «مَنْ حَفَرَ بِئْرَاً فَلَهُ مِمَّا حَوْلَهَا أَرْبَعُوْنَ ذِرَاعَاً عَطَنًا لِمَاشِيَتِه» ، وعمومه مستفاد من كلمة:«مَنْ» لأنها تفيد العموم، وكونه متفقا على قبوله؛ لأن له موجبين: أحدهما: أن يكون الحريم أربعون ذراعا، والثاني: أن لا يكون زائداً عليه، لأنه ذكر بكلمة «مِن» وهي للتبعيض، والتبيين ممتنع عليه الزيادة، وهي قد عملا بأحد الموجبين، وإن لم يعملا بالموجب الآخر وهو ممتنع الزيادة، وفي الستين يكون أربعون وزيادة، وهذا كما اعتبر في باب العُشْر قوله صلى الله عليه وسلم:«مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَفِيْهِ الْعُشْر» للاتفاق على قبوله، وترك العمل بقوله صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ فِيْمَا دُوْنَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» للاختلاف في قبوله، م:(والعمل به) ش: أي بالعام المتفق على قبوله، م:(أولى عنده) ش: أي عند أبي حنيفة/، م:(من الخاص المختلف في قبوله والعمل به) ش: أراد بالخاص حديث الزهري، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «حَرِيْمُ الْعَيْن

» إلى آخره). يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 298)، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (1/ 292)، فتح القدير لابن الهمام (10/ 75).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1516).

(3)

قال الزيلعي في "نصب الراية": غريب بهذا اللفظ، وبمعناه ما أخرجه البخاري عن الزهري عن سالم عن ابن عمر

إلخ. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (2/ 384).

- فقد أخرج البخاري في "صحيحه"(2/ 126) كتاب (الزكاة) باب (العشر فيما يسقى من ماء السماء

) برقم (1483) بِسَنَدِهِ: عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ» .

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(2/ 116) كتاب (الزكاة) باب (زكاة الورِق) برقم (1447) بِسَنَدِهِ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» .

- وأخرجه مسلم في "صحيحه"(2/ 673) برقم (979).

(5)

أخرجه الترمذي في "سننه"(3/ 21) باب (ما جاء في زكاة الخضروات) برقم (638) قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ عَنِ الخَضْرَوَاتِ وَهِيَ البُقُولُ؟ فَقَالَ:«لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ» ، قال الترمذي: إسناد هذا الحديث ليس بصحيح، وليس يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، وإنما يُروى هذا عن موسى بن طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مُرْسَلاً، والعمل على هذا عند أهل العلم؛ أن ليس في الخضروات صدقة.

ص: 145

وقوله: (تركناه)

(1)

أي: تركنا القياس.

[مقدار حريم العين]

{(حفظناه)

(2)

أي: حفظنا القياس}

(3)

.

(لما [روينا]

(4)

(5)

وهو قوله عليه السلام: «{حَرِيْمُ}

(6)

الْعَيْنِ خَمْسُمائة ذِرَاعِ»

(7)

(8)

.

[المراد بالذِّراع، ومقدارها]

(والذِّرَاعُ

(9)

: هي المُكَسَّرَةُ)

(10)

، فالذراع الْمُكَسَّرَةُ سِتُّ قَبَضَاتٍ وهي ذراع العَامَّةِ، وإنما [وُصِفَتْ]

(11)

بذلك؛ لأنّها نقصت عن ذراع الْمَلِك بقبضةٍ، وهو بعض الأكاسرة وكانت ذراعه سَبْعَ قَبَضاتٍ، كذا في "الْمُغْرِب"

(12)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1516).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

مابين القوسين سقط من (ب).

(4)

في (ب): (رويناه).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1516).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

قال الزيلعي في "نصب الراية": غريب. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (4/ 292).

- وقال ابن حجر في "الدراية": لم أجده هكذا. يُنْظَر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر (2/ 245).

- وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه"(4/ 389) كتاب (البيوع والأقضية) باب (في حريم الآبار كم يكون ذراعًا؟) برقم (21355): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ:«حَرِيمُ بِئْرِ الْبَدِيءِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ الْعَادِيَّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ الزَّرْعِ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ» . قَالَ الزُّهْرِيُّ: «وَبَلَغَنِي أَنَّ حَرِيمَ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ» .

- وأخرجه البيهقي في "الكبرى" بسند آخر عن الزهري (6/ 257) برقم (11869) وفيه: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: «وَسَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ: حَرِيمُ الْعُيُونِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ» .

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 162)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 78)، تحفة الفقهاء (3/ 323).

(9)

الْذِّرَاعُ: الْيَدُ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ، لَكِنَّهَا مِنَ الْإِنْسَانِ: مِنْ الْمِرْفَقِ إِلَى أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 191)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 207).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1516).

(11)

في (ب): (وُضِعَت).

(12)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 191).

ص: 146

وذكر في "الحصائل"

(1)

: ذراع الْمَلِك أطول [الذرعان]

(2)

وهي سبع قبضات كلّ قبضة أربعة أصابع، فذراع العامّة أربعة وعشرون أصبعًا وذراع الْمَلِك ثمان [وعشرون]

(3)

أصبعًا.

(وقد بيّنا من قبل)

(4)

أي: بيَّنَّا الوجه في أن الخمسمائة [معتبر]

(5)

من كلّ جانب، لأنّه لم يذكر بيان الذراع الْمُكَسَّرة فيما تقدم

(6)

.

[إذا حفر بئراً في حد حريم بئر الرجل الأول]

(للأول أن يصلحه ويَكْبِسَه)

(7)

أي: يصلحه بالكَبْس؛ فيكون العطف عطف تفسير كقولك: {أعجبني زيد وكرَمُه؛ أي}

(8)

: أعجبني كرم زيد

(9)

.

(ولو أراد أخذ الثاني فيه)

(10)

أي: لو أراد صاحب البئر الأولى أن يؤاخذ الحافر الثّاني بسبب حفره في حريم الأوّل بأيّ شيء يؤاخذ

(11)

.

(قيل:)

(12)

يأمر الثّاني (بكبسه)

(13)

، (وقيل:)

(14)

لا، بل (يضمنه النقصان، ثم يكبسه بنفسه كما إذا هدم جدار غيره)

(15)

أي يضمنه النقصان ويبني الجدار بنفسه

(16)

.

(1)

الحَصَائِل: هو كتاب "الحَصائِل في الْمَسَائِل" لأبي حفص، عمر بن محمد النسفي، الحنفي، نجم الدين، الْمُتَوَفَّى سنة 537 هـ. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 668)، هدية العارفين (1/ 783).

(2)

في (أ): (الذراعان).

(3)

في (أ): (وعشرون وأربعون)، وفي (ب):(وأربعون)، وما دوَّنَّاه هو المتفق حسابيَّاً مع سياق النص.

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1516).

(5)

في (ب): (يُعتبر).

(6)

قد خالف العيني في "البناية" قول السغناقي هذا واعتبره وهماً، وذلك بقوله:(م: (وقد بيناه من قبل) ش: أشار به إلى ما ذكره في كتاب الطهارة من قوله: (بذراع الكرباس وتوسعة للأمر على الناس) فإنها هي المكسرة، قال السغناقي/: قد بينا الوجه في أن الخمسمائة يعتبر من كل جانب، لأنه لم يذكر بيان الذراع المكسرة فيما تقدم، وتبعه الكاكي/ على ذلك وهي أو كلاهما في ذلك وهماً فاحشاً). يُنظر: البناية (12/ 300 - 301).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1517).

(8)

مابين المعقوفتين سقط من (ب).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 76)، فتاوى قاضيخان (3/ 76)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 37).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1517).

(11)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 37).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1517).

(13)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(14)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(15)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(16)

يُنْظَر: الجوهرة النيِّرة على مختصر القدوري (1/ 364)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 37)، العناية شرح الهداية (10/ 76).

ص: 147

(وذَكَر طريق معرفة النّقصان)

(1)

وهو أن يقوم ما قبل الحفر ويقوم ما بعد الحفر فيضمن نقصان ما بينهما.

(يجعل الحفر تحجيرا، ً وهو بسبيل منه)

(2)

فصار الحفر التّام (بغير إذن الإمام)

(3)

بمنزلة من حفر بئراً نحو ذراع بإذنه [فإنّه]

(4)

يكون ذلك تحجيراً ولم يثبت له الملك [بذلك]

(5)

القدر [فكذلك]

(6)

الحفر التّام بدون إذن الإمام؛ لأنّ في الحفر التّام وإن وجدت العلة لكن الشّرط وهو إذن الإمام لم يوجد فلم تعمل العلة عملها فلا يثبت الملك فيبقى تحجيراً، وبالتحجير لا يكون متعدياً فلا يضمن بالاتفاق

(7)

.

(وإن كان لا يملكه بدونه)

(8)

أي: بدون الإذن.

(وما عطب في الثّانية ففيه الضّمان)

(9)

أي: يضمن الحافر الثّاني لا الأوّل، كذا في "فتاوى قاضي خان"/

(10)

.

[حفر بئراً وراء حريم البئر الأولى فذهب ماءها]

(لأنّه غير متعدّ في حفرها)

(11)

كالتّاجر إذا كان له حانوتٌ، واتخذ آخر بجنبه حانوتًا لمثل ذلك التجارة، فكسدت تجارة الأوّل بذلك، لم يكن له أن يخاصم الثّاني

(12)

.

[جهات حريم البئر الثاني]

(وللثّاني الحريم من الجوانب الثلاثة دون الجانب الأول)

(13)

، وفي "المبسوط": ثم استحقاق الحريم من كلّ جانب في الموات من الأراضي ممّا لا حقّ لأحد فيه، فأمّا فيما هو حق الغير فلا، حتى لو حفر إنسان بئرًا فجاء آخرُ وحفر بئرًا على منتهى حَدِّ حريمه فإنّه لا يستحق الحريم من الجانب الذي هو حريم صاحب البئر الأولى [وإنّما]

(14)

يستحق من [الجوانب الأُخَر]

(15)

مما لا حق لأحد فيه؛ لأنّ في ذلك الجانبِ/ {الأوّلُ}

(16)

قد سبق إليه وثبت [استحقاقه]

(17)

[به؛ كما]

(18)

قال عليه السلام: «مِنَى مَنَاخُ مَنْ سَبَق»

(19)

فلا يكون لأحدٍ أن يُبْطِل حقّه ويشاركه فيه

(20)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1517).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

في (ب): (فثَمَّة).

(5)

في (أ): (لذلك).

(6)

في (ب): (فذلك).

(7)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 302)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 560)، تكملة البحر الرائق (8/ 241).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1517).

(9)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(10)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 76)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 37)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 560).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1517).

(12)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 76)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 37)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 560).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1517).

(14)

في (أ): (فإنما).

(15)

في (ب): (الجانب الآخر).

(16)

سقطت من (ب).

(17)

في (أ): (استحقاق).

(18)

في (ب): (كما هو).

(19)

أخرجه أبو داود في "سُنَنِه"(3/ 368 - 369) كتاب (المناسك) باب (تحريم مكة) برقم (2019) قال: حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهديٍّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ يُوْسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَلَا نَبْنِيْ لَكَ بِمِنىً بَيْتَاً، أَوْ بِنَاءً، يُظِلُّكَ مِنَ الشَّمْسِ؟ فَقَالَ:«لَا، إِنَّما هُوَ مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ إلَيهِ» .

- وأخرجه الترمذي في "سُنَنِه"(3/ 219) برقم (881)، عن وكيع، وقال: هذا حديث حسن.

- وأخرجه ابن ماجه في "سُنَنِه"(2/ 1000) برقم (3006، 3007).

- قال الحاكم في "المستدرك": هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 638).

- وضَعَّفَهُ سَنَدَه الألباني. يُنْظَر: ضعيف أبي داود للألباني (2/ 190).

(20)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 163)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 37)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 364).

ص: 148

[المراد بالقناة]

(والقناة)

(1)

: مجرى الماء تحت الأرض

(2)

؛ يعني: كاريز

(3)

.

[حريم الشجر]

(وهو مقدّر بخمسة أذرع، به ورد الحديث)

(4)

؛ فإن رجلاً غرس شجرة في أرض فلاة فجاء آخر فأراد أن يغرس شجرة أخرى [بجنب]

(5)

شجرته فشكا صاحب الشجرة الأولى إلى النبي عليه السلام فجعل له النبي عليه السلام من الحريم خمسة أذرع، وأطلق الآخر فيما وراء ذلك

(6)

.

وهذا حديث صحيح مشهور، كذا في "مبسوط شيخ الإسلام"

(7)

/

(8)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 225).

(2)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 425 - 426).

(3)

قال في "العناية": (والقناة: مجرى الماء تحت الأرض، تسمى بالفارسية: كاريز). يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 76)

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1517).

(5)

في (أ): (بحيث).

(6)

أخرجه أبو داود في "سُنَنِه"(5/ 482 - 483) كتاب (الأقضية) باب (أبواب القضاء) برقم (3640) قال: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ، حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، وَعَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: اخْتَصَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ فِي حَرِيمِ نَخْلَةٍ فِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا، «فَأَمَرَ بِهَا فَذُرِعَتْ، فَوُجِدَتْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، وَفِي حَدِيثِ الْآخَرِ، فَوُجِدَتْ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَقَضَى بِذَلِكَ» قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: «فَأَمَرَ بِجَرِيدَةٍ مِنْ جَرِيدِهَا فَذُرِعَتْ» .

- قال الزيلعي في "نصب الراية": سكت عنه أبو داود، ثم المنذري بعده. يُنْظَر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (4/ 239).

- وصحح إسناده الألباني. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (7/ 482 - 483).

(7)

مبسوط شيخ الإسلام: لأبي بكر، محمد بن الحسين بن محمد، البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، أو خواهر زاده، الْمُتَوَفَّى بِبُخَارَى سَنَة 483 هـ، والكتاب غير مطبوع. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1580)، الأعلام للزركلي (6/ 100)، هدية العارفين (2/ 76).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 78)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 38)، البناية شرح الهداية (12/ 304).

ص: 149

[حريم النهر]

(ومن كان له نهر في أرض غيره)

(1)

إلى آخره، وفي "شرح الطّحاوي": ولو أن نهرًا لرجل وأرضاً على شط النّهر لآخر فتنازعا في الْمُسنَّاة فإن كان بين الأرض وبين النهر حائل كالحائط ونحوه فالمسناة لصاحب النّهر بالإجماع، ولو لم يكن بينهما حائل قال أبو حنيفة رضي الله عنه

(2)

هي لصاحب الأرض ولصاحب النّهر فيها حق حتّى أنّ صاحب الأرض إذا أراد رفعها أي هدمها كان لصاحب النّهر منعه من ذلك، وقال أبو يوسف ومحمّد -رحمهما الله- المسناة لصاحب النّهر

(3)

.

وفي "كشف الغوامض"

(4)

: أن الاختلاف في نهرٍ كبير لا يحتاج إلى كَرْيِهِ

(5)

في كلّ حين، أمّا الأنهار الصغار {التي}

(6)

[يُحتاج]

(7)

إلى كَرْيِهَا في كلّ وقت فلها حريم بالاتفاق

(8)

.

(فيكون له الحريم؛ اعتباراً بالبئر)

(9)

وهذا لأنّ استحقاق الحريم لأجل الحاجة؛ وصاحب النّهر محتاج إلى ذلك كصاحب البئر والعين، ومتى كان المعنى في المنصوص عليه معقولاً يتعدى الحكم بذلك المعنى إلى الفروع

(10)

.

(وله

(11)

: أنّ القياس يأباه على ما ذكرناه)

(12)

وهو قوله: (ولأنّ القياس يأبى استحقاق الحريم؛ لأن عمله في موضع الحفر)

(13)

أي: الاستحقاق بالعمل وهو الحفر، ولا عمل في غير موضع الحفر فلا يستحق

(14)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 225).

(2)

في (ب): (/).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 77).

(4)

كشف الغوامض: هو كتاب "كشف الغوامض" لأبي جعفر، مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد، البلخي، الهندواني، الفقيه، ذكر فيه بعض ما أورده محمد الشيباني في "الجامع الصغير"، تُوُفِّيَ سنة 362 هـ. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1493)، هدية العارفين (2/ 47).

(5)

الكَرْيُ: هُوَ الْحَفْرُ، يُقَالُ:(كرَيْتُ النَّهْرَ كَرْيًا)، أَيْ: حَفَرْتُهُ. يُنْظَر: طِلْبَة الطلبة (ص 106)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 438).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

في (ب): (تحتاج).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 39)، العناية شرح الهداية (10/ 77)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1100).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1518).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 176)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 38)، العناية شرح الهداية (10/ 77).

(11)

أي: لأبي حنيفة/.

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1518).

(13)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1516).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 77)، البناية شرح الهداية (12/ 298)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1100).

ص: 150

(والحاجة إلى الحريم فيه فوقها إليه في النّهر)

(1)

أي: الحاجة إلى الحريم في البئر [يتناول]

(2)

القليب أو الجب فوق الحاجة إلى الحريم في حق [النهر]

(3)

؛ لأنّ الحاجة إلى الحريم في البئر متحقّقة في الحال [وهنا]

(4)

الحاجة موهومة باعتبار الكَرْيِ وقد يحتاج إلى ذلك وقد لا يحتاج، ثم هناك الانتفاع لا يتأتي بدون الحريم وهنا يتأتي؛ إلا أنّه يلحقه في ذلك بعض الحرج [في]

(5)

نقل الطين والمشي في وسط النّهر؛ فإذا لم يكن هذا في معنى المنصوص يؤخذ فيه بأصل القياس

(6)

.

ألا ترى أن من بنى قصراً بمفازة

(7)

لا [يستحق]

(8)

بذلك حريمًا وإن كان يحتاج إلى ذلك لإلقاء الكناسة

(9)

فيه؛ وهذا لأنّ استحقاق الحريم لا يكون بدون التّقدير فيه، ونصب المقادير بالرأي لا يكون، كذا في "المبسوط"

(10)

.

(ووجه [البناء)

(11)

يعني]

(12)

لَمَّا ثبت من أصلهما أنّ صاحب النّهر الذي جعل نهره في أرض موات استحق حريم البئر عندهما كان الظّاهر شاهدًا له عند المنازعة وهو معنى قوله: (أن باستحقاق الحريم تثبت اليد عليه)

(13)

أي: بسبب استحقاق الحريم باتخاذ النهر يثبت اليد على الحريم عندهما كما ثبت يده على النّهر بالحفر، فعند المنازعة القول قول صاحب اليد عندهما ولما كان لا يستحق بالنّهر حريمًا عند أبي حنيفة/ كان الظّاهر شاهداً لصاحب الأرض؛ وهذا معنى قوله:(وبعدم استحقاقه)

(14)

أي: بعدم استحقاق صاحب النهر الحريم (تنعدم)

(15)

يد صاحب النّهر على الحريم (والظّاهر يشهد لصاحب الأرض)

(16)

؛ وذلك لأن أرضه في يده وملكه بلا منازعة أحد، والحريم من جنس الأرض صالح لما يصلح له الأرض وليس من جنس النهر ومن حيث الانتفاع، كما أنّ صاحب النهر يمسك الماء بالحريم في نهره فصاحب الأرض يدفع الماء بالحريم عن أرضه فقد استويا في استعمال الحريم، وترجَّح جانب [صاحب]

(17)

الأرض من الوجه الذي قررنا فكان الظّاهر شاهدًا له فله أن يغرس ما بدا له من الأشجار، ولكن ليس له أن يهدمه؛ لأنّ [لصاحب]

(18)

النّهر حقّ استمساك الماء في نهره به؛ فلا يكون له أن يبطل حقّه بهدمه، بمنزلة حائطٍ [لرجل]

(19)

ولآخر عليه جذع؛ لا يكون لصاحب الحائط أن يهدم الحائط وإن كان مملوكًا له لمراعاة حق صاحب الجذع؛ فكذلك ههنا، كذا في "المبسوط"

(20)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1518).

(2)

في (ب): (بتأويل).

(3)

في (أ): (البئر).

(4)

في (أ): (وهي).

(5)

في (أ): (وفي).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 176)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 38)، البناية شرح الهداية (12/ 307).

(7)

مَفَازَة: مَصْدَرٌ مِيْمِيٌ مِنْ فَازَ، وَهِيَ صَحْرَاء، أَرْضٌ مُقْفِرَة، الْمَهْلَكَة، سُمِّيَتْ كَذَلِكَ تَفَاؤُلَاً بِالْفَوْزِ؛ أَي: الْنَّجَاةِ.

يُنْظَر: الزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر الأنباري (1/ 444)، معجم اللغة العربية المعاصرة (3/ 1752).

(8)

في (ب): (يتحقق).

(9)

الكُنَّاسَة: كَنَسَ الْبَيْتَ: كَسَحَهُ بِالْمِكْنَسَةِ؛ أَيْ: كَسَحَ الْقُمَامَةَ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَالْكُنَّاسَةُ: مُلْقَاهَا؛ أَيْ: مُلْقَى الْقُمَامَة. يُنْظَر: العين للخليل بن أحمد (5/ 312)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 448).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 176 - 177)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 38)، البناية شرح الهداية (12/ 307)

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1518).

(12)

في (أ): (الشافعي).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1518).

(14)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(15)

يُنْظَر: المرجع الهداية شرح البداية (4/ 1518).

(16)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(17)

سقطت من (أ).

(18)

في (ب): (صاحب).

(19)

في (ب): (الرجل).

(20)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 177)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 191)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 38).

ص: 151

(والقضاء في موضع الخلاف قضاء ترك)

(1)

أي: لا قضاء ملك واستحقاق

(2)

؛ وإنما ذكر هذا لأنّ صاحب النهر لو أقام بَيِّنَةً بعد هذا على أنّ المسنّاة مِلْكُه تُقْبَل بَيِّنَتُه ولو كان قضاء ملك لَمَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُه؛ وذلك لأن الأصل أن من صار مقضيًا عليه في حادثة لا يصير مقضيًّا {له}

(3)

في تلك الحادثة

(4)

، إلا إذا كان القضاء قضاء ترك يصير مقضيًا له بعد إقامة البَيِّنَة

(5)

.

(ولا نزاع فيما به استمساك الماء)

(6)

هذا جواب/ عن قولهما: (أنّ الحريم في يد صاحب النهر بإمساك الماء)

(7)

(8)

.

[مسنَّاة بين نهر وأرض وعليها شغل لأحدهما]

(أمّا إذا كان لأحدهما عليه)

(9)

أي: على الْمُسَنَّاة؛ [على تأويل]

(10)

الحريم، (ذلك فصاحب الشُّغْل أولى)

(11)

أي: إذا كان غرس لصاحب الأرض كانت الْمُسَنَّاة له من غير خلاف، وإذا كان طين ملقى لصاحب النّهر كانت الْمُسَنَّاة لصاحب النهر من غير خلاف، ([وأمّا]

(12)

إلقاء [الطين]

(13)

فقد قيل: أنّه على الخلاف)

(14)

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1518).

(2)

الْقَضَاءُ فَيْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ قَضَاءُ تَرْكٍ لَا قَضَاءُ مِلْكٍ وَاسْتِحْقَاق: قاعدة فقهية، مؤداها: أن الفرق بين قضاء الترك وبين قضاء الملك -الإلزام- أن في قضاء الملك: من صار مقضيًا عليه في حادثة لا يصير مقضيًا له بعد ذلك في تلك الحادثة أبدًا، وفي قضاء الترك يجوز، فعلى المثال المذكور؛ لو أقام صاحب النهر بيِّنَة بعد هذا على أن المسنَّاة ملكه تُقبل بيِّنته، ولو كان قضاء ملك؛ أي: إلزام لَمَا قبلت بينته. يُنْظَر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر لابن مكي الحنفي (2/ 330).

(3)

سقطت من (ب).

(4)

مَنْ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِيْ حَادِثَةٍ، لَا يَصِيْرُ مَقْضِيًّا لَهُ فِيْ تِلْكَ الْحَادِثَةِ: قاعدة الفقهية، معناها: الْمُدَّعِي أمام القضاء في حادثة أو قضيّة لا يكون مدَّعَى عليهِ في نفس الحادثة أو القضيّة، وكذلك الْمُدَّعى عليهِ -وهو الْمَقْضِيِّ عليهِ- لا يكونُ مُدَّعيًا -أي مقضيًّا له- في نفس القضيّة أو الحادثة. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (11/ 1020).

(5)

يُنْظَر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (2/ 330)، العناية شرح الهداية (10/ 78)، البناية شرح الهداية (12/ 309).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1518).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 78)، البناية شرح الهداية (12/ 309)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 437).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(10)

في (ب): (بتأويل).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(12)

في (ب): (أمَّا).

(13)

في (أ): (الطينة).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(15)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 38)، البناية شرح الهداية (12/ 310 - 311)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 561).

ص: 152

وذكر في "الأسرار" في تعليل قول أبي حنيفة/: وأمّا الحاجة فيحتمل أن يكون الجواز عند أبي حنيفة/ أن لصاحب النّهر حق المرور وإلقاء الطين ولا يملك أصل الرقبة، فيكون لصاحب الأرض حق الغرس والانتفاع بوجه لا يفسد عليه النهر ومنافعه [وبذلك]

(1)

الطّريق ظهر العمل في النّاس من غير نكير

(2)

.

[مقدار حريم النهر]

(ثم عن أبي يوسف/ أن حريمه مقدار نصف بطن النّهر من كلّ جانب)

(3)

، وهو [اختيار]

(4)

الطّحاوي، حتّى إذا كان عرض النهر بقدر ثلاثة أذرع من الجانبين جميعًا من كلّ جانب ذراع ونصف، (وعن محمّد/ مقدار بطن النّهر)

(5)

، وهو [اختيار]

(6)

الكرخي/، أي: يستحق من كلّ جانب بقدر عرض النهر، (وهذا أرفق بالنّاس)

(7)

أي: بالنّاس الذين هم أهل النّهر

(8)

، والله أعلم.

[فصول]

(9)

في مسائل الشرب

(10)

{فصل في المياه}

(11)

[مناسبة الفصل لِكتاب إحياء الموات]

لَمَّا ذكر كتاب إحياء الموات ذكر هاهنا ما يتعلّق به من مسائل الشّرب؛ لأنّ الإنسان إذا أحيا الموات يحتاج إلى الشّرب؛ فذكر أحكامه في هذه الفصول

(12)

.

[تقديم فصل المياه]

وقدم فصل المياه على فصل الكَرْي؛ لأنّ المقصود هو الماء فقدّمه لأصالته

(13)

.

[المقصود بالشفة]

(الشَّفَة)

(14)

: واحد الشفاه، وأصلها شَفَهَة؛ سقطت الهاء تخفيفاً، والجمع: شِفَاه؛ بالهاء، وتصغيرها: شفيْهة؛ على الأصل

(15)

، ويقال:[هم]

(16)

أهلُ الشَّفَة؛ أي: الذين لهم حق الشّرب بشفاهم وأنْ يسقوا دوابهم، كذا في "الطِّلْبَة"

(17)

و "الْمُغْرِب"

(18)

.

(1)

في (أ): (بذلك).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 38).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(4)

في (أ): (اعتبار).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(6)

في (أ): (اعتبار).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 39)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 195)، الجوهرة النير على مختصر القدوري (1/ 365).

(9)

في (أ): (فصل).

(10)

قال أبو محمد، بدر الدين العيني في كتابه "البناية": هذه الفصول كلها ليست بمذكورة في "البداية"؛ لأنها ليست في "الجامع الصغير" و "مختصر القدوري"، وإنما ذكرها شيخ الإسلام المعروف بـ "خواهر زاده" في "شرح كتاب الشرب". يُنظر: البناية شرح الهداية (12/ 312).

(11)

سقطت من (أ).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 79)، البناية شرح الهداية (12/ 312)، تكملة فتح القدير (10/ 79).

(13)

يُنْظَر: المراجع السابقة.

(14)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 225).

(15)

يُنْظَر: طِلْبَة الطلبة (ص 156).

(16)

سقطت من (أ).

(17)

الطِّلْبَة: هو كتاب "طِلْبَة الطَّلَبة"، في اللغة، على ألفاظ كتب أصحاب الحنفية، للشيخ: أبي حفص، عمر بن محمد النسفي، نجم الدين، الْمُتَوفَّى سنة 537 هـ، وهو مطبوع في المطبعة العامرة، مكتبة المثنى ببغداد. ويُنظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1114).

(18)

يُنْظَر: طِلْبَة الطلبة (ص 156)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 279 - 280).

ص: 153

[المقصود بالوادي]

فجمع الوادي على الأودية على غير قياس، كأنه جمع ودي؛ مثل سري وأسرية للنّهر، وأصل التركيب يدل على الجري والخروج، فسمّى الوادي به؛ لأن الماء يدي فيه، أي: يجري ويسيل، فكان فيه إطلاق لاسم الحال على المحل، كذا في "الصحاح" وغيره

(1)

.

[الانتفاع بمياه الأنهار]

(كجَيْحُوْن

(2)

(3)

وهو نهر خوارزم

(4)

، (وسيحون

(5)

(6)

نهر التُّرْك

(7)

، (ودجلة)

(8)

نهر بغداد

(9)

، (والفرات)

(10)

نهر الكوفة

(11)

.

(1)

يُنْظَر: الصحاح للجوهري (6/ 2521)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 521).

(2)

جَيْحُوْن: بالواو، نهرٌ عظيم، وهو نهر بَلْخ، ويخرج من شرقيها، من إقليم يتاخم بلاد التُّرْك، ويجري غرباً حتى يمر ببلاد خراسان، ثم يخرج بين بلاد خوارزم ويجاوزها حتى يصب في بحيرتها. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 82)، المصباح المنير (1/ 115).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(4)

خُوَارِزْم: إقليم عظيم منقطع برأسه من وراء نهر جيحون بخراسان وليست منها، وهي في الوضع مدينتان، واحدة على الضفة الشرقية من النهر تُسَمَّى درغاشا، والأخرى على الضفة الغربية وتُسَمَّى الجرجانية. يُنْظَر: معجم البلدان (5/ 45)، خريدة العجائب وفريدة الغرائب (ص 123).

(5)

سَيْحُوْن: بالواو، نهر عظيم يجري من حدود بلاد الترك ويصب في بحيرة خوارزم، يُقال له نهر التُّرْك، ويُعَرِّفُه البعض بنهر الشاش، ويُقال في بعض المراجع أنه نهر بالهند. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 267)، المصباح المنير (1/ 229)، مختار الصحاح (1/ 158).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(7)

التُّرْك: بلاد واسعة عظيمة، وهي ما يُعرف ببلاد تركستان، وأول حدهم من جهة بلاد المسلمين فاراب؛ ولاية وراء نهر سيحون، ويمتدون إلى بلاد الصين شرقاً. يُنْظَر: معجم البلدان (2/ 23).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(9)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 177).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(11)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 384).

ص: 154

[المقصود بضفة النهر]

ضَفَّةُ النَّهْر: جَانِبُهُ؛ بالكسر والفتح

(1)

، كذا في "الْمُغْرِب"

(2)

.

[الشركة في الماء والكلأ والنار]

(«النَّاسُ شُرَكَاءُ فِيْ ثَلَاثٍ»

(3)

.

فإن قلتَ: كان القياس أن يقال: في ثلاثةٍ، تغليباً للمذكّر على المؤنّث؛ لأنّ الأصل هو المذكّر.

قُلتُ: الاستعمال في فصيح الكلام إذا لم يُذْكر المعدود أن يُذْكر على لفظ المؤنّث، كما في قولِه عليه السلام:«مَنْ صَامَ رَمضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّال»

(4)

؛ الحديث، [والصّوم]

(5)

إنّما يتحقّق في الأيّام لا في اللّيالي، والتّأنيث باعتبار اللّيالي، ولكن {لمَّا}

(6)

لم يذكر المعدود وهو الأيّام ذكره مؤنثاً، والمعنى فيه هو النظر إلى لفظ الأعداد وهو مؤنّث

(7)

.

(1)

أي: بكسر الضاد، وفتحها.

(2)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 309).

(3)

أخرج أبو داود في "سُنَنِه"(5/ 344) كتاب (البيوع) باب (في منع الماء) برقم (3477) قال: حدَّثنا علي بنُ الجَعْدِ اللؤلؤيُّ، أخبرنا حَرِيزُ بنُ عثمانَ، عن حِبَّانَ ابن زَيدٍ الشَّرْعَبيِّ، عن رجل مِن قَرْنٍ، (ح) وحدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونس، حدَّثنا حَريزُ بن عثمان، حدَّثنا أبو خِداشٍ -وهذا لفظ عليٍّ- عن رجل من المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: غزوتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً أسمعه يقولُ: «الْمُسْلِمُوْنَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَأِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ» .

- وأخرجه ابن ماجه (2/ 826) برقم (2472) عن ابن عباس رضي الله عنه.

- قال البوصيري في "الزوائد": هذا إسناد ضعيف عبد الله بن خراش ضعفه أبو زرعة والبخاري والنسائى وابن حبان وغيرهم. يُنْظَر: مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للبوصيري (3/ 80).

- وصحح الألباني إسناد أبي داود (عن رجل). يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (6/ 7 - 8)، صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1138).

- وانْظُر: الهداية شرح البداية (4/ 1520).

(4)

أخرج مسلم في "صحيحه"(2/ 822) كتاب (الصيام) باب (استحباب صوم ستة أيام من شوال إتْباعاً لرمضان) برقم (1164) بِسَنَدِهِ: عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْخَزْرَجِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» .

(5)

في (أ): (فالصوم).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 79)، وقال أبو محمد العيني، في كتابه "البناية": فيه نَظَر؛ لأن ههنا معدودٌ وهو قولُهُ عليه السلام: «فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ» ، وأما حديث صوم «رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتَّةٍ مِنْ شَوَّال» فلم يذكر المعدود فيه، فلا يصح التنظير. يُنظر البناية (12/ 315).

ص: 155

[نوع الشركة في الماء والكلأ والنار]

ثم في قولِه عليه السلام: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ

(1)

وَالنَّارِ» لم يرد به شركة الْمِلْك، إنّما أراد به الإباحة في الماء الذي لم يحرز نحو الحياض والعيون والآبار والأنهار لكلّ أحد أن يشرب منها ويسقي دوابه وإن كان فيه [انقطاع]

(2)

ذلك الماء، إلى آخر ما ذكر من الكتاب

(3)

[في]

(4)

أحكام المياه من الأنواع الأربعة

(5)

.

[تفصيل الشركة في الكلأ والحشيش والشجر]

وأمّا الكلأ والحشيش: إذا نبت في أرض إنسان بغير إنبات يكون مباحاً لكلّ من يأخذه إلا أنّه لا يدخل أرضه إلا بإذنه، فإن كان لا يجد ذلك في موضع آخر يقول لصاحب الأرض إما أن تحتش وتدفع إِلَيَّ وإما أن [تأذن]

(6)

لي بالدخول، بخلاف الشّجر فإن الشّجر إذا نبت في أرض إنسان بغير إنبات يكون لصاحب الأرض

(7)

.

[الفرق بين الشجر والكلأ والحشيش]

والشّجر: ماله ساق نحو السوسن

(8)

والشوك

(9)

.

والكلأ والحشيش: مالا ساق له إذا نبت بل ينبسط على وجه الأرض

(10)

.

(1)

الْكَلَأ: هُوَ الْعُشْبُ الَّذِي تَرْعَاهُ الدَّوَابُّ رَطْبَاً كَانَ أَوْ يَابِسَاً، وَقِيْلَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى ذِيْ سَاقٍ وَغَيْرِهِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 444)، مختار الصحاح (ص 271).

(2)

في (ب): (انتفاع).

(3)

الكتاب: المراد به هنا الهداية شرح البداية، وذلك بقوله: (اعلم أن المياه أنواع

). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1519).

(4)

في (أ): (من).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 164)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 189)، فتاوى قاضيخان (3/ 59).

(6)

في (أ): (يأذَنَ).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 165)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 193)، فتاوى قاضيخان (3/ 59).

(8)

السَّوْسَن: نَبَاتٌ يُشْبِهُ الرَّيَاحِينَ عَرِيضُ الْوَرَقِ وَلَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ فَائِحَةٌ كَالرَّيَاحِينِ، وَيَعْتَبِرُهُ بَعْضُهُم مِنْ الرَّيَاحِيْن. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 295)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 264)

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 165)، فتاوى قاضيخان (3/ 59)، العناية شرح الهداية (10/ 79).

(10)

يُنْظَر: المراجع السابقة.

ص: 156

وأمّا الحشيش الذي أنبته صاحب الأرض؛ بأن [سقى]

(1)

أرضه وكَرَّبها فأنبت الحشيش فيها لدوابه فهو أحقّ بذلك، وليس لأحد أن ينتفع بشيء منه إلا برضاه؛ لأنّه حصل بكسْبه {والكَسْب للمكتَسِب}

(2)

(3)

.

[تفصيل الشركة في النار]

وأمّا بيان الشّركة في النّار: أن من أوقد نارًا في صحراء لاحق لأحد فيه، فلكل أحد أن ينتفع بناره من حيث الاصطلاء

(4)

بها وتجفيف الثياب وأن يعمل بضوئها

(5)

.

فأمّا إذا أراد أن يأخذ من ذلك الجَمْر فليس له ذلك إذا منعه صاحب النّار؛ لأنّ ذلك حطب أو فحم قد أحرزه الذي أوقد النّار، وإنّما الشركة التي أثبتها رسول الله عليه السلام

(6)

في النّار، والنّار جوهر الحَرِّ دون الحطب والفحم، فإن أخذ من ذلك الجمر نُظِر؛ فإن كان ذلك ممّا له قيمة إذا جعله/ صاحبه فحماً كان له أن [يسترده]

(7)

منه، وإن لم يكن له قيمة لم يكن له أن يستردّه؛ لأنّ النّاس لا يمنعون هذا القدر [عادة]

(8)

والمانع يكون متعنتًا، والمتعنّت ممنوع شرعًا من التعنت، كذا في "المبسوط" و "فتاوى قاضي خان"/

(9)

.

(1)

في (ب): (يسقي).

(2)

مابين القوسين سقط من (ب).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 165)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 70)، العناية شرح الهداية (10/ 79 - 80).

(4)

الاصْطِلَاءُ: يُقَالُ: اصْطَلَى يَصْطَلِيْ: إِذَا اسْتَدْفَأَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:{لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} ، أَيْ: تَسْتَدْفِئُوْنَ، أَصْلُ الطَّاءِ تَاءٌ فَأُبْدِلَ مِنْهَا هُنَا طَاءً، لِأَنَّ الطَّاءَ مُطْبَقَةٌ وَالصَّادَ مُطْبَقَةٌ فَكَانَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا حَسَنًا، وَمَعْنَاهُ يَسْتَدْفِئُونَ مِنَ الْبَرْدِ. يُنْظَر: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (6/ 3817)، تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (13/ 157).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 165)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 71)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 39).

(6)

في (ب): صلى الله عليه وسلم.

(7)

في (ب): (يَسْترِد).

(8)

في (ب): (على عادة).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 165 - 166)، فتاوى قاضيخان (3/ 59)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 39).

ص: 157

[شبهة الشركة في الماء المحرز في الأواني، تمنع حد السرقة]

وذكر في "شرح الطّحاوي": وأمّا النّار فإنّه إذا أوقد رجل ناراً أو سراجاً فليس له أن يمنع أحداً من الاستضاءة بضوءه والاصطلاء بناره

(1)

.

(إلا أنّه بقيت فيه شبهة الشركة؛ نظراً إلى الدّليل، وهو ما رويناه)

(2)

وهو قولُه عليه السلام: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ» (حتى لو سرقه إنسان)

(3)

(لم تقطع يده)

(4)

(5)

.

فإن قلتَ: [فبهذا]

(6)

الاعتبار ينبغي أن لا يقطع في الأشياء كلّها؛ لأنّ قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعا}

(7)

يورث شبهة بهذا الطّريق.

قلتُ: ليس هذا نظير ذلك؛ لأنّ الذي نحن فيه تخصيص للشّركة في [الأشياء]

(8)

المخصوصة بعد ثبوت الشّركة عمومًا في تلك الآية، فلو لم يعمل بمعنى الشركة في العموم لم يلزم عدم الإعمال في خصوص الشّركة.

ألا [ترى]

(9)

أنّ عموم قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعا} لم يورث شبهة في سقوط حدّ الزنا فإنّه لو زنى بِأَمَةِ الغير يجب حدّ الزّنا، وأورثت الشّركة الخاصّة شبهة في سقوط الحدّ حتّى لو زنا بِأَمَةٍ مشتركة بينه وبين غيره لم يجب الحدّ؛ وذلك لأنّا لو عملنا بعموم قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعا} يلزم انسداد أبواب الحدود، كلّها ويبطل العمل بالآيات التي لا تحتمل إلا وجهًا واحدًا من نحو قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}

(10)

وقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}

(11)

وهو لا يصحّ؛ لأنّ العمل [بخبر]

(12)

الواحد وهو {قوله}

(13)

عليه السلام: «ادْرَءُوْا الْحُدُوْدَ بِالشُّبُهَاتِ»

(14)

إنّما {يصحّ}

(15)

أن لو بقي الكتاب معمولاً عند العمل بخبر الواحد وإلا فلا، وههنا لو عملنا بعموم قوله تعالى:{خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعا}

(16)

[إعمالاً]

(17)

للشبهة الثّانية [بالحديث]

(18)

يبطل خاص الكتاب فلا يصحّ ذلك

(19)

.

(1)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (3/ 72)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 193)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 39).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1520).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 165)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 71)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 40).

(6)

في (ب): (فهذا).

(7)

سورة البقرة الآية (29).

(8)

في (ب): (الأسباب).

(9)

في (أ)(يُرى).

(10)

سورة النور الآية (2).

(11)

سورة المائدة الآية (38).

(12)

في (أ): (نحو).

(13)

سقطت من (أ).

(14)

قال الزيلعي: غريب بهذا اللفظ. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (3/ 333).

- وأخرج الترمذي (4/ 33) أبواب (الحدود) باب (ما جاء في درء الحدود) برقم (1424) قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ أَبُو عَمْرٍو البَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ادْرَءُوا الحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي العَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي العُقُوبَةِ» ، قال الترمذي: حديث عائشة لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث محمد بن ربيعة، عن يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه وكيع، عن يزيد بن زياد نحوه، ولم يرفعه ورواية وكيع أصح، وقد رُوِي نحو هذا عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا مثل ذلك ويزيد بن زياد الدمشقي ضعيف في الحديث.

- وقال البيهقي: وفيه ضعف ورواية وكيع أقرب إلى الصواب. يُنْظَر: السنن الكبرى للبيهقي (8/ 4013).

- وضعَّفَ الألباني المرفوع. يُنْظَر: إرواء الغليل للألباني (8/ 25).

(15)

سقطت من (ب).

(16)

سورة البقرة الآية (29).

(17)

في (أ): (عمالاً).

(18)

في (ب): (للحديث).

(19)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 80)، البناية شرح الهداية (12/ 318)، تكملة فتح القدير لابن الهمام (10/ 80).

ص: 158

[كيفية المنع عن الماء المحرز في الأواني]

(بخلاف الماء المُحْرَز في الإناء، حيث يقاتله بغير سلاح)

(1)

هذا إذا كان معه ماء كثير

(2)

، فإن لم يكن كثيراً فهو على وجهين:

أحدهما: أن يكون الماء مقدار ما يرد [رمقهما]

(3)

، أو كان [يكفي له من أحدهما]

(4)

، فإن كان يكفي لرد [رمقهما]

(5)

كان للمضطّر أن يأخذ منه البعض ويترك البعض، وإن كان لا يكفي إلا لأحدهما فإنه يترك الماء على المالك

(6)

.

[حق الشفة إذا كان يأتي على الماء كله]

(والشَّفَة إذا كان يأتي على الماء كُلِّه)

(7)

أي: شرب النّاس والدّواب إذا كان يفني الماء كله ويستأصله.

(وقيل: له أن يمنع اعتبارًا بِسَقْي المزارع)

(8)

وأكثرهم على هذا، وفي "المبسوط": وأكثرهم على أن له أن يمنع في مثل هذه الصورة؛ لأنّ الشفة مالا يضر بصاحب النّهر والبئر، فأمّا ما يضر ويقطع حقه فله أن يمنع ذلك؛ اعتباراً بسقي الأرض والشّجر والزرع، فله أن يمنع من يريد أن يسقي شجره وزرعه من نهره أو قناته أو بئره أو عينه، وليس لأحد أن يفعل ذلك إلا بإذنه؛ إمّا لأنّه يريد أن يُسَوِّي نفسه بصاحب الحق فيما هو المقصود فالنّهر والقناة إنّما يُشَق لهذا المقصود، وليس لغير المستحق أن يسوي نفسه بالمستحق فيما هو المقصود، بخلاف الشَّفة فذلك تَبَعٌ غير مقصود، أو لأنّه يحتاج إلى أن يحفر نهراً من هذا النّهر إلى أرضه فيكسر به ضِفَّة النّهر، وليس له أن يكسر ضفة نهر الغير، وكذلك في البئر ليس لأحد أن يتصرف في حريم بئر الغير

(9)

.

وإن كان قد اتخذ [مشجرة]

(10)

أو [خضرة]

(11)

في داره فأراد أن يسقى ذلك يحمل الماء إليه بالجرّة لسقي ذلك، فقد استقصى فيه بعض المتأخّرين من أئمة بَلْخ

(12)

وقالوا: ليس له ذلك إلا بإذن صاحب النّهر، والأصحّ أنّه لا يمنع من هذا المقدار؛ (لأنّ الناس يتوسعون فيه)

(13)

والمنع منه يُعَدّ (من الدناءة)

(14)

وقد قال عليه السلام: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُوْرِ وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا

(15)

»

(16)

(17)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1521).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 166)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 70)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 40).

(3)

في (أ): (ريقهما).

(4)

هكذا في النسختين، وفي "الفتاوى الهندية"، نقلاً عن "النهاية":(يكفي لأحدهما)، وهو أصوَب للسِّيَاق.

(5)

في (أ): (ريقهما).

(6)

يُنْظَر: رد المحتار على الدر المختار (6/ 441)، الفتاوى الهندية (5/ 392).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1521).

(8)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 169 - 170)، فتاوى قاضيخان (3/ 59 - 60)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 68 - 69).

(10)

في (ب): (شجرة).

(11)

في (أ): (حظيرة).

(12)

بَلْخ: مدينة من أعظم مدن خُراسان، بل قيل أنها مدينة خراسان العظمى، فهي أثر مدن خُراسان ذِكْراً، وأكثرها خيرا وأوسعها غلّة، تحمل غلّتها إلى جميع خُراسان وإلى خُوارزم. يُنْظَر: البلدان لليعقوبي (ص 116)، معجم البلدان للحموي (1/ 479).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1521).

(14)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(15)

سَفْسَافَهَا: السَّفْسَافُ: الرَّدِيء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْأَمْرُ الْحَقِيْرُ، وَهُوَ ضِدُّ الْمَعَالِي وَالْمَكَارِمِ، وَأَصْلُهُ مَا يَطِيرُ مِنْ غُبَارِ الدَّقِيْقِ إِذَا نُخِلَ، وَالتُّرَابِ إِذَا أُثِيرَ. الصحاح للجوهري (4/ 1375)، النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 374).

(16)

أخرج الطبراني في "الأوسط"(3/ 210) باب (الألف)(من اسمه إبراهيم) رقم (2940) قَال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ابْنُ شَرِيكٍ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: نا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا» .

- وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"، بلفظ:«إِنَّ اللَّهَ عز وجل كَرِيْمٌ يُحِبُّ الْكُرَمَاءَ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا» ، وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه، إلا أنه قال:«يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ» ، ورجال الكبير ثقاتٌ. يُنْظَر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (8/ 188).

- وصححه الألباني. يُنْظَر: تحقيق كتاب "صفة الفتوى والمفتي والمستفتي"(ص 93).

(17)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 170)، فتاوى قاضيخان (3/ 61).

ص: 159

[التوضؤ بماء السقاية]

واختلفوا في التوضؤ بماء السِّقاية؛ جَوَّز بعضهم، وقال بعضهم: إن كان الماء كثيراً يجوز وإلا فلا، وكذا كلّ ما أعدّ للشرب، حتّى قالوا في الحياض التي أعدت للشّرب لا يجوز فيه التوضؤ ويمنع منه وهو الصّحيح، ويجوز أن يحمل ماء السّقاية إلى بيته ليشرب أهله، كذا في "المبسوط" و"فتاوى قاضي خان"/

(1)

.

[انقطاع شركة الشرب عند دخول الماء المقاسم]

(لأنّ الماء متى دخل في المقاسم)

(2)

أي: لأنّ الماء لَمَّا دخل في قسمة رجل بعينه (انقطعَت شَرِكَة الشُّرْب بواحدة)

(3)

أي: انقطعَتْ شَرِكَة شُرْب غيرِه عن ذلك الماء بالكُلِّيّة

(4)

.

(فلا يمكنه [التسييل]

(5)

فيه)

(6)

أي: لا يمكن بغير صاحب النّهر [التسييل]

(7)

في ذلك [المسيل]

(8)

، والله أعلم بالصّواب

(9)

/، [

]

(10)

.

‌فصلٌ في كَرْيِ الأنهار

[مناسبة الفصل لفصل مسائل الشُّرْب قَبْلَه]

لَمَّا فرغ من ذكر مسائل الشُّرب احتاج إلى ذكر مؤنة كَرْيِ الأنهار التي كان الشُّرْب منها، و {لكن}

(11)

لمَّا كانت مؤنة كَرْيِ النّهر أمراً زائدًا على النّهر إذ النّهر يوجد بدون مَؤُنَةِ الكَرْيِ كالنّهر العام أخَّرَ ذِكْرَهُ فقال: (الأنهار ثلاثة)

(12)

(13)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 170)، فتاوى قاضيخان (3/ 60).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1521).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1521).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 40)، العناية شرح الهداية (10/ 81)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 439).

(5)

في (ب)(التسبيل).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1521).

(7)

في (ب): (التسبيل).

(8)

في (أ): (المسيلة).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 40)، العناية شرح الهداية (10/ 81)، البناية شرح الهداية (12/ 321).

(10)

في حاشية (أ): (وفي "الذّخيرة": إذا ملأ عبد أو صبي الكوز من ماء الحوض وأراق بعضه في الحوض لا يحل لأحد أن يشرب من ذلك الحوض؛ لأنه خلط ملكه بالماء المباح؛ ولأنه لا يمكن تمييزه، وكذا لو جاء بالكوز من ماء مباح لا يحل لأبويه أن يشربا منه إذا كانا غنيين؛ لأن الماء صار مملوكًا له ولا يحل لهما الأكل من ماله من غير حاجة). وَيُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 321 - 322)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 439).

(11)

سقطت من (أ).

(12)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 81)، تكملة فتح القدير (10/ 81).

ص: 160

[أقسام الأنهار ثلاثة]

فوجه الانحصار عليها ظاهر؛ وذلك لأن النّهر إما أن يكون عامَّاً أو خاصاً أو مركباً منهما بأن يكون ذا حَظٍّ من الجانبين؛ أي يكون فيه وصف العموم ووصف الخصوص.

[القسم الأول: النهر العامّ]

أمّا الأوّل: فكالفُرات والدّجلة والسّيحون والجيحون

(1)

.

[القسم الثاني: النهر المُرَكَّب]

وأمّا الْمُركَّب منهما: وهو قوله: (ونهر مملوك دخل ماؤه تحت القسمة إلا أنّه عام)

(2)

؛ فذكر في "مبسوط شيخ الإسلام"/: {وهو}

(3)

كخُتْفَر

(4)

[وفراور

(5)

(6)

وحرام كام

(7)

في بخارى، [أو]

(8)

مرورود

(9)

[بمرو

(10)

(11)

(12)

.

[ثُمَّ]

(13)

[مؤنة]

(14)

كَرْيِ النّهر العام لو احتيج إليه فعلى السّلطان ينفق عليه من بيت المال

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (3/ 72)، العناية شرح الهداية (10/ 81 - 82)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 564).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(3)

سقطت من (ب).

(4)

خُتْفَر: هَكَذَا ضَبَطَهُ الذَّهَبِيّ فِي "الْمُشْتَبِه"، قَرْيَةٌ من قُرى بُخَارَى. يُنْظَر: المشتبه في للذهبي (1/ 198)، تاج العروس للزبيدي (11/ 137).

(5)

فَرَاوَر: نَاحِيَةٌ قَرِيْبَةٌ مِنْ بُخَارَى، وَهِيَ تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: فَرَاوَر الْعُلْيَا وَفَرَاوَر السُّفْلَى، وَفِي بَعْضِ الْمَرَاجِعِ: فَرَاوَز؛ بِالزَّاي. يُنْظَر: المسالك والممالك للإصطخري (ص 311)، الأنساب للسمعاني (5/ 66)، معجم البلدان للحموي (2/ 350).

(6)

في (ب): (وفراون).

(7)

حَرَامَ كَام: مِنْ أَنْهَارِ بُخَارَى، عَلَى طَرَفِهِ قَرْيَةُ وَنَنْدُوْن، مِنْ قُرَى بُخَارَى. يُنْظَر: الأنساب للسمعاني (13/ 365)، معجم البلدان للحموي (5/ 385).

(8)

في (ب): (و).

(9)

مَرْوُرُوْد: تقع في خُرَاسان، بين مَرْو وبلْخ، افتُتِحت في خلافة عثمان رضي الله عنه. يُنْظَر: البلدان لليعقوبي (ص 121)

(10)

مَرْو: أشهر مدن خُرَاسان، وقصبتها. يُنْظَر: معجم البلدان للحموي (5/ 113).

(11)

في (ب): (في مرو).

(12)

لم أجدها.

(13)

في (ب): (ثَمَّة)

(14)

في (أ): (نه).

(15)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 81)، فتاوى قاضيخان (3/ 71)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 72).

ص: 161

ومؤنة كَرْيِ النّهر المركَّب من العام والخاص وهو النّهر الثّاني فعلى أهل النّهر إذا امتنعوا {أجبرهم الإمام

(1)

.

[القسم الثالث: النهر الخاصّ]

(وأمّا)

(2)

النهر (الثّالث)

(3)

: فهو النهر (الخاص)

(4)

يكون كَرْيُه على أهل النّهر وإن امتنعوا}

(5)

لا يجبرهم

(6)

.

وتكلَّموا في النّهر الخاص؛ قال بعضهم: إن كان النّهر [لعشرة]

(7)

فما دونها، أو عليه قرية واحدة [يفيءُ]

(8)

ماؤُهُ فيها فهو نهر خاصّ يستحق به الشفعة، وإن كان النّهر لِمَا فوق العشرة فهو نهر عام، وقال بعضهم:[إن]

(9)

كان النّهر لما دون الأربعين فهو نهر خاص، وإن كان [لأربعين]

(10)

فهو نهر عام، وبعضهم جعلوا الحد الفاصل في المائة وبعضهم في الألف، وأصح ما قيل فيه: أنه يفوّض إلى رأي المجتهد حتّى يختار أي الأقاويل شاء، كذا في "فتاوى قاضي خان"/

(11)

.

[الفاصل بين النهر العام والخاص]

(والفاصل بينهما)

(12)

أي: بين النّهر العام والخاص (استحقاق الشفعة {به}

(13)

وعدمه)

(14)

(15)

، وقد ذكر ذلك في الشفعة وقال:(الشرب الخاص)

(16)

الذي يستحقّ به الشفعة (أن يكون نهراً لا تجري فيه السّفن وما تجري فيه فهو نهر عام، وهذا عند أبي حنيفة ومحمّد -رحمهما الله-، وعن أبي يوسف/: الخاصّ أن يكون نهراً يسقي منه قَرَاحَان

(17)

أو ثلاثة وما زاد على ذلك فهو عام)

(18)

(19)

.

(1)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 81)، فتاوى قاضيخان (3/ 72)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 72).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

مابين القوسين سقط من (ب).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 81)، فتاوى قاضيخان (3/ 72)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 40 - 41).

(7)

في (ب): (بعشرة).

(8)

في (ب): (يعني).

(9)

في (ب): (لمَّا).

(10)

في (ب): (الأربعين).

(11)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 72)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (11/ 133)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 441).

(12)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(13)

سقطت من (ب).

(14)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(15)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 40 - 41)، البناية شرح الهداية (12/ 323)،)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 441).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1395)

(17)

القَرَاحُ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْخَالِصْ، وَمِن الْأَرْضِ: كُلُّ قِطْعَةٍ عَلَى حِيَالِهَا لَيْسَ فِيْهَا شَجَرٌ وَلَا شَائِبُ سَبْخٍ وَلَا بِنَاءٌ؛ فَهِيَ مُخْلَاةٌ لِلزَّرْعِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 406)، المعجم الوسيط (2/ 724).

(18)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1395).

(19)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (14/ 133)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (5/ 240)، البناية شرح الهداية (12/ 323).

ص: 162

[كري النهر العام إذا لم تكفه مؤونة بيت المال]

(إلا أنّه يُخْرَجُ له)

(1)

أي: [للكَرْي]

(2)

؛ (ويجعل مؤنته على [المياسير]

(3)

الذين لا يطيقونه بأنفسهم)

(4)

كما يفعل في تجهيز الجيوش فإنّه يُخْرِجُ من كان يطيق القتال ويجعل مؤنته على الأغنياء؛ كذا ههنا

(5)

.

[كري النهر المركّب]

(ويقابله عِوَضٌ)

(6)

وهو حصته من الشّرب، (فلا يعارض به)

(7)

أي: فلا يعارض الضّرر العام بالضّرر الخاص، [بل]

(8)

يغلب جانب الضّرر العام فيجعل ضرراً، ويجب [السّعي]

(9)

في إعدامه وإن بقي الضرر الخاص، مع أن ذلك الضّرر في الخاص مجبور بعوض يقابله وهو حصّة من الشرب

(10)

.

([الانبثاق]

(11)

(12)

(13)

ويران شُدن بند آب.

[كري النهر الخاص]

(قيل: يُجْبَر الآبي)

(14)

وهو قول أبي بكر الإسكاف

(15)

، (وقيل: لا يُجْبَر)

(16)

وهو قول [أبي بكر بن أبي سعيد البلخي]

(17)

(18)

، كذا في "فتاوى قاضي خان"

(19)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522).

(2)

في (ب): (الكَرْي).

(3)

في (أ): (المباشر).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522).

(5)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (3/ 72)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 40)، مجمع الأنهر شرح ملتقلى الأبحر (2/ 564).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(8)

في (أ): (بأن).

(9)

في (ب): (السَّقْيُ).

(10)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 40 - 41)، العناية شرح الهداية (10/ 82)، البناية شرح الهداية (12/ 325).

(11)

في (ب): (الانبشاق).

(12)

الانْبِثَاق: مَصْدَرٌ مِنْ بَثَقَ وَانْبَثَقَ، يُقَالُ: بَثَقَ الْمَاءَ بَثْقَاً؛ أي: فَتَحَهُ، بِأَنْ خَرَقَ الشَّطَّ وَالسِّكْرَ، وَانْبَثَقَ الماء؛ أَيْ: انْفَجَرَ، وَابْتَثَقَ هُوَ: إِذَا جَرَى بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ فَجْرٍ، وَالْبثْقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا وَسُكُوْنِ الثَّاءِ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 78)، النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 95)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 36).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522)

(14)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(15)

أبي بكر الإسكاف: هو أبو بكر، محمد بن أحمد، الإسكاف البَلْخِي، من فقهاء الأحناف، إمام كبير جليل القدر، أخذ الفقه عن محمد بن سلمة وعن أبي سليمان الجوزجاني، وتفَقَّهَ عليه أبو بكر الأعمش محمد بن سعيد وأبو جعفر الهندواني، له تصانيفٌ؛ منها:"شرح الجامع الكبير للشيباني"، تُوُفِّيَ سنة 333 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 28)، الفَوَائِد البهية للكنوي (ص 160).

(16)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(17)

هكذا في النسختين، والصواب:(أبي بكر بن سعيد البَلْخِي). يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 72)، البناية شرح الهداية (12/ 325)، الفتاوى الهندية (5/ 389).

(18)

أبي بكر بن سعيد البَلْخِي: هو أبو بكر، محمد بن سعيد بن محمد بن عبد الله البَلْخِي، الفقيه، المعروف بالأعمش، من تلاميذ أبي بكر الإسكاف، وذُكِر أن وفاته كانت سنة 340 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 56)، الفوائد البهية للكنوي (ص 160).

(19)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 72)، العناية شرح الهداية (10/ 82)، البناية شرح الهداية (12/ 325).

ص: 163

ثم ما ذكره من إجبار الآبِي فيما إذا كَرَى البعض وأبَى البعض، حينئذ يُجْبَر الآبِي على قول البعض

(1)

.

وأمّا إذا امتنع الكلّ عن الكَرْي واتفقوا {على}

(2)

ترك الْكَرْي، ففي ظاهر المذهب: لا يجبرهم الإمام على ذلك، {كما}

(3)

لو امتنعوا عن عمارة أراضيهم ودورهم، وقد قال بعض المتأخرين من أصحابنا رحمهم الله: يجبرهم على ذلك لِحَقِّ [أصحاب الشّفة]

(4)

في النهر، كذا في "المبسوط"

(5)

.

(لأنّ كلَّ واحدٍ من الضّررين خاصٌّ)

(6)

، فلو كان أحدهما عامًا لأُجْبِرَ دفعًا للضّرر العام عن صاحبه؛ كما في النّهر الثّاني، ثم كلّ واحد من هذين الضررين بِعِوَض؛ لأنّ ما يلحق الآبِي من الضّرر بِعِوَضٍ، لأنّه يسقي أرضه، وما يلحق [بقية]

(7)

[شركائه]

(8)

من الضّرر {فهو}

(9)

[بعوض]

(10)

أيضاً لأنه أمكنهم أن يرفعوا الأمر إلى الحاكم حتّى يأذن لهم بحفر نصيبه على أن يستوفوا {نصيبه}

(11)

من الشرب {أو}

(12)

بأن يستوفوا منه قيمة ما أنفقوا في نصيبه من الكَرْي، كذا في "مبسوط شيخ الإسلام"/

(13)

.

(بخلاف ما تقدم)

(14)

وهو الإجبار في النّهر الثاني فإن [مَنْ]

(15)

أبى مِنْ أهله يُجْبَر عليه هناك؛ لأن إحدى [الجنبتين]

(16)

هناك عام والأخرى خاص فيجبر الآبي دفعًا للضّرر العام عن غيره، وأمّا ههنا فكلتا [الجنبتين]

(17)

خاص فاستويا فلا يجبر

(18)

.

(1)

يُنظر: المبسوط للسرخسي (23/ 175)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 81)، العناية شرح الهداية (10/ 82).

(2)

في (أ): (عن).

(3)

سقطت من النسختين وأدرجتها من المطبوع لضرورتها للسياق.

(4)

في (ب): (صاحب الشُّفْعَة).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 175)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 81 - 82)، البناية شرح الهداية (12/ 326).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522)

(7)

في (ب): (ببعض).

(8)

في (أ): (شُرَكاء).

(9)

سقطت من (ب).

(10)

في (ب): (يعوض).

(11)

سقطت من (ب).

(12)

سقطت من (ب).

(13)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (3/ 72)، البناية شرح الهداية (12/ 326)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 564).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522)

(15)

سقطت من (ب).

(16)

في (أ): (الجنتين).

(17)

في (أ): (الجنتين).

(18)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 81)، العناية شرح الهداية (10/ 82).

ص: 164

(ولا جَبْرَ لحق [الشَّفَةِ]

(1)

(2)

هذا جواب إشكالٍ، وهو أن في كَرْيِ النّهر الخاص إحياءُ حَقِّ [الشفة]

(3)

للعامة فيكون في الترك ضرر عام فينبغي أن يُجْبَر الآبي على الكَرْيِ دفعًا لضرر أهل الشّفة، وهو قول بعض المتأخرين من مشايخنا

(4)

.

وفي ظاهر الرواية لا يُجْبَر الآبِي لحق أهل [الشَّفَة]

(5)

كما لو امتنع جميع أهل النّهر عن كَرْيِه حيث لا/ يجبرون على الكَرْي [لحق]

(6)

أهل الشَّفَة، إلى هذا أشار في "مبسوط شيخ الإسلام" و"الذّخيرة"

(7)

.

[الخلاف في مؤونة كري باقي النهر المشترك لمن جاوز أرضه]

(فإذا [جاوز]

(8)

أرض رَجُلٍ رُفِعَ عنه، وهذا عند أبي حنيفة/)

(9)

وبِقَوْلِ أبي حنيفة/ أخذوا في الفتوى، كذا في "فتاوى قاضي خان"/

(10)

.

(لأنّ [لصاحب]

(11)

الأعلى حقاً [في]

(12)

الأسفل)

(13)

حتّى لو باع رجل في الأسفل أرضاً كان للأعلى الشُّفْعَة فكانت [مؤنة الأسفل]

(14)

على الأعلى [أيضاً]

(15)

كما يكون على غيره من شركاء النهر؛ لأنّ الغُرْمَ بإزاء الغُنْم

(16)

.

(فلا يَلْزَمُهُ إنفاعُ غيره)

(17)

، والصّوابُ:(نفع غيره)؛ لأنّ الإنفاع في معنى النّفع غير مسموعٍ

(18)

، كذا وجدت بخطّ الإمام تاج الدين [الزُّرْنوخي]

(19)

/

(20)

(21)

.

(1)

في (أ): (السعه).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(3)

في (ب): (الشُّفْعة).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 82)، فتاوى قاضيخان (3/ 72)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41).

(5)

في (أ): (السَّعَه).

(6)

في (أ): (بحق).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 82)، فتاوى قاضيخان (3/ 72)، العناية شرح الهداية (10/ 83).

(8)

في (ب): (جاوزوا).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(10)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 72 - 73)، الأصل للشيباني (8/ 157 - 158)، الفتاوى الهندية (5/ 390).

(11)

في (أ): (صاحب).

(12)

في (ب): (على).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522).

(14)

في (أ): (يوماً لأسفل).

(15)

في (أ): (أرضاً).

(16)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (8/ 158)، المبسوط للسرخسي (23/ 174)، البناية شرح الهداية (12/ 327)، الفتاوى الهندية (5/ 390).

(17)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522)

(18)

قال أبو محمد العيني في كتابه "البناية": (قلت: لا يلزم أن تكون الهمزة هنا للتعدية لكون النفع متعديا بدون الهمزة، بل يجوز أن يكون للتعريض من باب أبعته فإن باع متعد، ولما قصدوا منه التعريض أدخلوا الهمزة عليه على قصد أن يكون المفعول معرضا لأصل الفعل، فإن معنى أبعته عرضته للبيع وجعلته منتسبا إليه وكذلك هنا يكون المصدر فلا يلزمه أن يجعل غيره معرضا للنفع ولا منتسبا إليه، وقد جاء أنفع الرجل، قاله أبو زيد، ولكن بمعنى الجر في النفقات، وهو الوصي وهو نفع جمعته بالفتح وهو الوصي). يُنْظَر: البناية (12/ 327).

(19)

هكذا في النسختين، والصواب (الزرنوجي). يُنْظَر: تكملة فتح القدير (10/ 83).

(20)

الزُّرْنُوْجِي: هو النُّعْمَان بن إِبْرَاهِيم بن الْخَلِيل الزُّرْنُوجي، تَاج الدّين، أديب، من أهل بخارى، والزرنوجي نِسْبَةً إلى زُرْنُوج من بلاد ماوراء النهر، تَفَقَّهَ على الشيخ زكي الدين القراحي، وله شَرْحُ المقامات، وسمَّاه الموضح، تُوُفِّيَ بِبُخَارَى يوم الجمعة فى عاشوراء سنة 640 هـ، رحمه الله تعالى. يُنظر: الجواهر الْمُضِيَّة في طبقات الحنفية (2/ 201، 312)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص 311)، الأعلام للزركلي (8/ 35).

(21)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (10/ 83)، العناية شرح الهداية (10/ 83)، البناية شرح الهداية (12/ 327).

ص: 165

(وليس على صاحب المسيل عمارته)

(1)

أي: ليس على من هو في أعلى النّهر عمارة أسفل النّهر بسبب [حق]

(2)

تسييل الماء له، وهذا جواب عن قولهما:(لاحتياجه إلى تسييل ما فضل من الماء فيه)

(3)

قلنا: مع ذلك لا يلزمه شيء من عمارة ذلك الموضع باعتبار تسييل الماء فيه

(4)

.

ألا ترى أنّ من له {حقُّ}

(5)

تسييل ماء سطحه على سطح جاره لا يلزمه شيء من عمارة سطح جاره بهذا الحق فكذلك ههنا، ثم هو متمكّن من دفع الضّرر عن نفسه بدون [كَرْي]

(6)

أسفل النّهر بأن يسُدّ فوّهة النهر من أعلاه إذا [استغنى]

(7)

عن الماء فعرفنا أنّ الحاجة المعتبرة في إلزام مؤنة الكَرْي الحاجة إلى سقي الأراضي

(8)

.

[هل يُلْزَمُ أهل الشَّفَة بالكَرْي]

(وليس على أهل الشّفة من الكَرْي شيء؛ لأنّهم لا يُحْصَوْن)

(9)

فمؤنة الكَرْي [لا تستحق]

(10)

على قوم لا يُحْصَوْن؛ لأنّهم لا يستحقون الشُّفْعَةَ [بحق]

(11)

[الشفة]

(12)

حتّى يلزم الغُرْمُ بإزاء الغُنْمِ؛ ولأنّ أهل الشفة جميع أهل الدّنيا فلا يمكن جمعهم في الكَرْي؛ (ولأنّهم اتباع)

(13)

والمؤنة على الأصول لا على الاتباع، ألا ترى أنّ المؤنة في القتيل الموجود في المحلّة على عاقلة أصحاب الخطة بدون المشترين والسكان، هذا كلّه من "المبسوط" وغيره

(14)

، والله أعلم بالصّواب.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522).

(2)

في (ب): (حتى).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 174)، تحفة الفقهاء (3/ 320)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41).

(5)

سقطت من (أ).

(6)

في (ب): (كِرَاء).

(7)

في (أ): (استصفى).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 174)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 565).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522).

(10)

في (ب): (لا يُسْتَحَق).

(11)

في (أ): (نحو).

(12)

في (ب): (الشُّفْعة).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1522).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 174)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41)، تكملة البحر الرائق (8/ 244).

ص: 166

‌فصل

في الدعوى والاختلاف والتصرف فيه

[مناسبة خَتْمِ فصول الشرب بهذا الفصل]

لَمَّا قَرُبَ فراغ بيان مسائل الشُّرْب [خَتَمَهُ]

(1)

بفصل يشتمل على مسائل شَتَّى من مسائل الشُّرْب

(2)

.

[حكم دعوى الشرب بغير أرض]

(ويصحّ دعوى الشّرب بغير أرض استحساناً)

(3)

ففي ذِكْرِه استحسانًا دليل على أنّ في القياس لا يصحّ هذه الدّعوى

(4)

، وقد ذكره في شُرْب "المبسوط" وقال: ولو ادّعى شِرْباً في يد رجل أنّه له بغير أرض فإنه ينبغي في القياس أن لا يقبل منه ذلك؛ لأنّ شرط صحة الدعوى إعلام الْمُدَّعِي في الدّعوى والشّهادةِ، والشِّرْبُ مجهولٌ جهالةً لا تقبل الإعلام، ولأنّه يطلب من القاضي أن يقضي له بالمِلْكِ في الْمُدَّعَى إذا أثْبتَ دعواه بالبيّنة، والشِّرْبُ لا يحتمل التّمليك بغير أرض فلا يسمع القاضي فيه الدّعوى والخصومة، كالخمر في حق المسلمين، ولكن في الاستحسان تقبل بِبَيِّنَةٍ ويَقْضِي به؛ لأن الشِّرْبَ مرغوبٌ فيه مُنْتَفَعٌ به، وقد يكون [الاستحقاق]

(5)

فيه للإنسان منفرداً عن الأرض بالميراث والوصيّة، وقد يبيع الأرض بدون الشِّرْب فيبقى له الشِّرْب وحده، فإذا [استولى]

(6)

عليه غيرُهُ كان له أن يدفعَ الظُّلْمَ عن نفسه [بإثبات]

(7)

حقه بالبينة

(8)

.

[نهر لرجلٍ يجري في أرض آخر، فأراد الآخر منْعَه]

(فأراد صاحبُ الأرض أن لا يجري النّهرُ في أرضه؛ تُرِكَ على حالِه)

(9)

أي: لم يكن له ذلك بل يُتْرَكُ على حاله، وبهذا صرّح في "المبسوط"

(10)

.

(فإن لم يكن في يده)

(11)

بأن لم يكن مستعملاً بإجراء مائه فيه أو لم يكن أشجاره في طرفَيِ النّهر

(12)

.

(أن هذا النّهر له)

(13)

أي: لهذا الْمُدَّعِيْ الذي يدّعي رقبة النهر، (أو أنّه قد كان له مجراه في هذا النهر يسوقه)

(14)

أي: إن لم تكن له بيِّنَة على أصل النّهر ولكن له بيّنة تشهد أنه قد كان له مجراه في هذا النّهر [يسوقه]

(15)

إلى [أرضه]

(16)

حتّى يَسْقِيها أَجَزْتُ ذلك؛ لأنّهم شَهِدوا له بِحَقٍّ مُستَحَقِّ في النّهر في الْمَجْرَى، كذا في "المبسوط"

(17)

.

(1)

في (أ): (قَسَمَهُ).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 84)، تكملة فتح القدير (10/ 84).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226)

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 186)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 99)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41).

(5)

في (أ): (الاستحسان).

(6)

في (أ): (استوى).

(7)

في (أ): (بإيثار).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 186)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 70)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226)

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 186)، الأصل للشيباني (8/ 163)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 85)، تكملة فتح القدير (10/ 85)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(14)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1523).

(15)

في (أ): (يسوقُها).

(16)

في (ب): (أرضها).

(17)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 186)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41)، العناية شرح الهداية (10/ 85).

ص: 167

(مِلْكاً له)

(1)

أي: فيما إذا كان له ملك الرقبة، (أو حقاً مستحقاً فيه)

(2)

أي: فيما إذا كان له حق [التسييل]

(3)

من غير ملك الرقبة.

(وعلى هذا: [المَصَبّ

(4)

(5)

(6)

يعني: آب [رود]

(7)

، (فحكم الاختلاف)

(8)

أي: اختلاف المدّعيَيْن

(9)

.

[نهر بين قوم اختصموا في الشرب منه]

(كان الشرب بينهم على قدر أراضيهم

(10)

؛ لأنّ المقصود)

(11)

بالشرب سقي الأراضي، والحاجة إلى ذلك تختلف بقلة الأراضي وكثرتها فالظاهر أنّ حق كلّ واحد منهم من الشرب بقدر أرضه وقدر حاجته/ والبناء على الظّاهر واجب حتّى يتبيّن خلافه

(12)

.

فإن قيل: قد استووا في إثبات اليد [على]

(13)

الماء الذي في النّهر والمساواة في اليد [توجب]

(14)

المساواة في الاستحقاق عند الاشتباه؟

قلنا: لا؛ كذلك، فاليد [لا تثبت على]

(15)

الماء في النهر لأحد حقيقة وإنّما ذلك بالانتفاع بالماء، والظّاهر أن من له [عشر]

(16)

قطاع لا يكون مثل انتفاع من له قطعة واحدة، ثم الماء لا يمكن إحرازه بإثبات اليد عليه وإنما إحرازه بسقي الأراضي فإنما يثبت اليد عليه بحسب ذلك، وهذا (بخلاف الطّريق)

(17)

إذا اختصم فيه الشركاء فإنّهم يستوون في ملك رقبة الأرض ولا يعتبر في ذلك سَعَةُ الدّار وضِيقُها؛ (لأنّ)

(18)

الطّريق عين [تثْبُتُ]

(19)

اليد عليه، و (المقصودُ التطَرُّقُ)

(20)

فيه، {والتَّطَرُّقُ فيه}

(21)

إلى الدّار الواسعة وإلى الدّار الضيقة بصفة واحدة، كذا في "المبسوط"

(22)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

في (ب): (التسبيل).

(4)

الْمَصَبّ: هُنَا مَوضِع الصَّبِّ؛ أي: صَبِّ الْمَاءِ وَجَرْيِهِ، وَمَصَبُّ النَّهْرِ: حَيْثُ يَلْتَقِيْ مَاؤُهُ بِمَاء الْبَحْر أَو الْبحيرَة. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 330)، المعجم الوسيط (1/ 505)، معجم اللغة العربية المعاصرة (2/ 1261).

(5)

في (ب): (الصَّبُّ).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(7)

في (ب): (رهه).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41)، المبسوط للسرخسي (23/ 186)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 73).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226)

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 172)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 41 - 42)، البناية شرح الهداية (12/ 331).

(13)

في (أ): (عن).

(14)

في (أ): (يُوجِبُ).

(15)

في (أ): (لا يثبت عن).

(16)

في (ب): (عشرة).

(17)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(18)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(19)

في (أ): (ثبت).

(20)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(21)

سقطت من (ب).

(22)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 172)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 42)، البناية شرح الهداية (12/ 331).

ص: 168

[الفرق بين الاختصام في الشرب والاختصام في الطريق المشترك]

السَّكْرُ

(1)

: بَسْتُن آب، من حدّ نصر.

(لم يكن له ذلك)

(2)

الضّمير راجع إلى مصدر (يَسْكُر)

(3)

أي: لم يكن للأعلى السَّكْرُ (ولكنه يشرب بحصته)

(4)

أي: من غير سَكْرٍ

(5)

.

(فإن تراضوا على أن يَسْكُرَ الأعلى النّهرَ حتّى يشرب بحصّته)

(6)

جاز ذلك؛ لأنّ المانع حقهم وقد انعدم بتراضيهم

(7)

.

فإنْ قُلتَ: لم يذكر حكم ما إذا لم يمكن للأعلى سقي أرضه بدون السَّكْرِ ولم يتراض [الشركاء]

(8)

على سَكْرِ الأعلى ولم يصطلحوا؛ ماذا يفعل الأعلى في سقي أرضه؛ فما حكمه لو كان هكذا؟.

قُلتُ: ذكر في "فتاوى قاضي خان": ولو كان الماء في النّهر بحيث لا يجري إلى أرض كلّ واحد منهم إلا بالسّكر فإنّه يبدأ بأهل الأسفل حتى يرووا ثم بعد ذلك لأهل الأعلى أن يسكروا ليرتفع الماء إلى أراضيهم

(9)

.

وذكر في شرب "المبسوط": وعن ابن مسعود رضي الله عنه: «أَهْلُ أَسْفَلِ النَّهْرِ أُمَرَاءُ عَلَى أَهْلِ أَعْلَاهُ حَتَّى يَرْوَوا»

(10)

، وفيه دليل على أنّه ليس لأهل الأعلى أن يُسَكِّروا النّهر ويحبسوا الماء عن أهل الأسفل؛ لأنّ حقهم جميعًا ثابت فلا يكون لبعضهم أن يمنع حق الباقين

(11)

.

(1)

السَّكْرُ: مصدرُ سَكَرْتُ النهرَ أَسْكُرُهُ سَكْراً، إذا سَدَدْته، فَهُوَ مَا يُسَكَّرُ به الْمَاءُ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 687)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (5/ 3134)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 253).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 172)، العناية شرح الهداية (10/ 85)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 445).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 172 - 173)، الأصل للشيباني (8/ 151)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 308).

(8)

في (ب): (الشريكان).

(9)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 62)، البناية شرح الهداية (12/ 332)، العناية شرح الهداية (10/ 86).

(10)

أخرجه أبو يوسف في "الخراج"(ص 115) فصل (في من اتخذ مَشْرَعَةً في أرضه على شاطئ نهر) موقوفاً، قال: وَحَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَهْلُ الأَسْفَلِ مِنَ الشُّرْبِ أُمَرَاءٌ عَلَى أعلاء حَتَّى يَرْوَوْا»

- وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(9/ 236) باب (العين) برقم (9154) بِلَفْظِهِ، قال: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَلَطِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، ثنا أَبُو الْعُمَيْسِ، عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «أَهْلُ الشُّرْبِ أُمَرَاءُ عَلَى أَهْلِ أَعْلَاهُ» .

- قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني في الكبير، وإسناده منقطع. يُنْظَر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (4/ 161).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 163)، العناية شرح الهداية (10/ 86)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 444).

ص: 169

وفيه دليل على أنّه إذا كان الماء في النّهر بحيث لا يجري في أرض كلّ واحد منهم إلا بالسَّكْر، فإنّه يبدأ أهل الأسفل حتّى يرووا، ثم بعد ذلك لأهل الأعلى أن يُسَكِّرُوا؛ وهذا لأنّ في السَّكْرِ إحداث شيء في وسط النّهر الْمُشْتَرَك، فلا يجوز ذلك ما بقي حق جميع الشركاء، وحق أهل الأسفل ثابت ما لم يرووا، فكان لهم أن يمنعوا أهل الأعلى من السَّكْرِ، ولهذا سماهم أُمَراء؛ لأنّ لهم أن يمنعوا أهل الأعلى من السَّكْرِ، وعليهم [طاعتهم]

(1)

في ذلك، ومن يلزمك طاعته فهو أميرك

(2)

.

بيانه في قوله عليه السلام: «صَاحِبُ الدَّابَّةِ [الْقَطُوْفِ

(3)

(4)

أَمِيْرٌ عَلَى الرَّكْبِ»

(5)

؛ لأنّه يأمرهم بانتظاره وعليهم طاعته لحق الصحبة في السّفَر

(6)

.

(1)

في النسختين: (طاعته)، وما دوَّنتُهُ أنسب للسِّيَاق وموافقٌ للمطبوع.

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 163)، العناية شرح الهداية (10/ 86)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 444).

(3)

القَطُوْف: الْقَطُوْفُ مِن الدَّوَابِّ: الْبَطِيء، وَقِيْلَ: الضَّيِّقُ الْمَشْيِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 155)، لسان العرب (9/ 286).

(4)

في (أ): (العطوف).

(5)

أخرج الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(10/ 377) باب (الشين)(شبيب بن شيبة أبو معمر الخطيب) قال: خْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ شَيْبَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ فِي مَوْكِبِ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رُوَيْدًا فَإِنِّي أَمِيرٌ عَلَيْكَ، فَقَالَ: وَيْلَكَ، أَمِيرٌ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَقْطَفُ الْقَوْمِ دَابَّةً أَمِيرُهُمْ» ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَعْطُوهُ دَابَّةً، فَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْنَا مِنْ أَنْ يَتَأَمَّرَ عَلَيْنَا.

- قال الألباني: وهذا إسناد ضعيف مرسَل، معاوية بن قرة؛ تابعي ثقة، وشبيب بن شيبة؛ وهو: أبو معمر البصري الخطيب البليغ؛ ضعيف؛ كما قال النسائي والدارقطني، وفي "التقريب": صدوق يَهِمُ في الحديث. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (6/ 565).

- وأورد ابن القيسراني في "ذخيرة الحفاظ"(1/ 352)، والذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/ 152): عن الْمُعلى بن هِلَال: عَن ابْن أبي نجيح، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا كَانَ الْقَوْمُ فِي سَفَرٍ، كَانَ أَمِيرُهُمْ أَقْطَفُهُمْ دَابَّة» ، وقالا: فيه معلَّى بن هلال، كذَّاب.

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 163).

ص: 170

وفيه حكاية أبي يوسف/ حين ركب مع الخليفة يومًا فتقدَّمه الخليفةُ لجودة دابته، فناداه: أَيُّهَا الْقَاضِيْ إِلْحَقْ [بِيْ]

(1)

، قَالَ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ إِنَّ دَابَّتَكَ إِذَا حُرِّكَتْ طَارَتْ وَإِذَا تُرِكَتْ سَارَتْ، وَ {إنَّ}

(2)

دَابَّتِيْ إِذَا حُرِّكَتْ [قَطَفَتْ]

(3)

وَإِذَا تُرِكَتْ وَقَفَتْ، فَانْتَظِرْ لِيْ فَإِنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ:«صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْقَطُوْفِ أَمِيْرٌ عَلَى الرَّكْبِ» فَأَمَرَ [بِأَنْ]

(4)

يُحْمَلَ أبو يوسُف/ على [جَنِيْبَةٍ

(5)

(6)

لَهُ، وقال: حَمْلِيْ إِيَّاكَ عَلَى هَذَا أَهْوَنُ مِنْ تَأَمُّرِكَ عَلَيَّ

(7)

(8)

.

يُقَالُ: تأمَّرَ عَلَيْهِ؛ أي: تَسَلَّط

(9)

.

[معنى الضرر بالنهر، والضرر بالماء]

(ومعنى الضّرر بالنّهر ما بينَّاه من كسر ضِفَّتِه، وبالماء أن يتغيّر عن سَنَنِه

(10)

الذي كان يجري عليه)

(11)

وإذا لم يُغَيِّر الماء عن سَنَنِه، ولا يمنع جريان الماء بنصب الرَّحَى

(12)

كما كان [يجري]

(13)

قبل ذلك، وإنّما يضع الرَّحَى في ملك خاصّ {له}

(14)

؛ فإذا كان [بهذه]

(15)

الصفة [فله]

(16)

أن يفعل ذلك بغير [رضا]

(17)

الشركاء؛ لأنّه إنما يُحْدِثُ ما [يُحْدِثُهُ]

(18)

من الأبنية في خالص ملكه، وبسبب الرَّحَى لا يَنْتَقِصُ الماءُ، ثم يَنْتَفِعُ صاحب الرَّحَى بالماء مع بقاء الماء على حاله، [فمن]

(19)

يمنعه من ذلك يكون متعنتًا قاصدًا إلى الإضرار به لا دافعًا [الضّرر]

(20)

عن نفسه، فلا يلتفت إلى تعنُّتِه

(21)

.

(1)

في (أ): (في).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

في (أ): (قَطَنَت).

(4)

في (ب): (أنْ).

(5)

جَنِيْبَة: الْجَنِيْبَة: مِن الْجَنْبِ، وَهِيَ الْفَرَسُ وَ الدَّابَّةُ الَّتِيْ تَكُوْنُ عَارِيَةً لَيْسَ عَلَيْهَا ثَقِيْلُ حِمْلٍ وَتَسِيْرُ بِجَنْبِ دَابَّةِ الرَّجُلِ الَّتِيْ يَرْكَبُهَا، فِإِذَا تَعِبَتْ فَرَسُهُ أَوْ دَابَّتُهُ انْتَقَلَ إِلَيْهَا. يُنْظَر: الفائق في غريب الحديث للزمخشري (1/ 224)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 93).

(6)

في (أ): (حسنية).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 163).

(8)

قد ذكرتُ عند تخريج هذا الحديث قِصَّتَةُ، وأما القصة بهذه الكيفية فلم أجدها.

(9)

يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 582)، القاموس المحيط (1/ 344).

(10)

سَنَنِه: السَّنَنْ: الطَّرِيْقَةُ، وَسَنَنُ الْمَاءِ: طَرِيْقُهُ، وَكَيْفِيَّتُهُ فِي جَرَيَانِهِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 261)، مختار الصحاح (ص 155).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(12)

الرَّحَى: الحَجَر الْعَظِيمُ، مُؤَنَّثَةٌ، وَهِيَ: حَجَرُ الطَّاحُوْنَةِ الَّتِي يُطْحَنُ بِهَا. يُنْظَر: لسان العرب (14/ 312)، معجم لغة الفقهاء (1/ 220)

(13)

في (ب): (جرى).

(14)

سقطت من (أ).

(15)

في (أ): (هذه).

(16)

في (أ): (وله).

(17)

في (أ): (رضاء).

(18)

في (أ): (يُحْدِثُ).

(19)

في (ب): (فمتى).

(20)

في (أ)(للضرر).

(21)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 173)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 42)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 566).

ص: 171

وأما إذا كرى لنَصْب الرَّحَى نهراً منه ففيه كسر ضِفَّةِ النّهر وتغيير الماء عن سَنَنِه، ولابدّ أن ينتقص الماء به، وإذا كان يجري على سَنَنِه لا يتبين فيه نقصان وإذا انفرج يتبين فيه النقصان [وإن]

(1)

عاد إلى النهر، كذا في "المبسوط"

(2)

.

[المقصود بالدالية، والسانية، والجِسر، والقنطرة]

(الدَّالِيَة)

(3)

: جِذْعٌ طويل [يُرَكَّبٌ]

(4)

تركيب مَداقِّ الأَرُزِّ، وفي رأسه مِغْرَفَةٌ [كبيرة يُسْتَقَى]

(5)

بها

(6)

.

(والسَّانِيَة)

(7)

: البعيرُ يُسْنَى عليه؛ أي: [يُسْتَقَي]

(8)

من البئر

(9)

، وقد ذكرناه

(10)

.

الجِسْر: اسمٌ لِمَا يُوضَع ويُرْفَع ممّا يكون مُتَّخَذَاً مِنَ الخَشَبِ والأَلواحِ

(11)

.

والقَنْطَرَةُ: مِمَّا يُتَّخَذُ مِنَ الآجُرِّ/ والحَجَرِ يكونُ مَوضُوعًا لا يُرْفَعُ

(12)

، وكُلُّ ذلك يُحْدِثُه من يتخذُهُ في مِلْكٍ مشتَرَكٍ فلا يملِكُ إلا بِرِضاهُم سواءٌ كان منهم أو من غيرهم، كذا في "المبسوط"

(13)

.

وذكر في "الْمُغْرِب": القَنْطَرَة: ما يُبْنَى على الماء للعُبُور، والجِسْرُ: عامٌّ

(14)

، فإن الجِسْرَ: ما يُعْبَرُ به النّهرُ وغيرُه مَبْنِيَّاً كان أو غيرَ مَبْنِيّ، والفَتْحُ لُغَةٌ

(15)

.

(1)

في (ب): (وإذا).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 179).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(4)

في (ب): (مُرَكَّبُ).

(5)

في (أ): (كثيرة يُسْقَى).

(6)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 183).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1523).

(8)

في (أ): (يُسْقَى).

(9)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 262).

(10)

في باب (زكاة الزروع والثمار).

(11)

يُنْظَر: الكليات لأبي البقاء الكفوي (ص 355).

(12)

يُنْظَر: الكليات لأبي البقاء الكفوي (ص 355).

(13)

يُنظر: المبسوط للسرخسي (23/ 179)

(14)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 418).

(15)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 90).

ص: 172

[نهر لرجل يأخذ من خاص بين قَوْم، أراد أن يقنطر عليه ويستوثق]

(ويُسْتَوْثَق منه)

(1)

أي: [يُشَدُّ]

(2)

جانبي القنطرة من النّهر

(3)

.

(ولا ضرر بالشركاء)

(4)

الواو للحال؛ لأنّ الكلام فيه

(5)

.

[كذا القسمة بالكُوَى يمنع من أي شيئ يحدثه في كُوَاهُ يضر بالشركاء]

[المقصود بالكُوَّة]

الكُوَّةُ: ثَقْبُ البيت، والجَمْعُ: كِواءٌ بالمد، [وكِوىً]

(6)

أيضاً [مقصوراً]

(7)

مثل: بدرة وبدر، والكُوَّةُ بالضّم لُغَةٌ، ويُجْمَعُ على كُوىً، ويُسْتَعَارُ الكُوَى لِمَفَاتِحِ الماءِ إلى المزارعِ والجَداوِلِ؛ فيُقَالُ: كُوَى النَّهْرِ، كذا في "الصِّحاح" و"الْمُغْرِب"

(8)

، الكُوَّةُ: مهري آب.

وقولُهُ: (وكذا إذا كانت القسمة بالكُوَى)

(9)

أي: لا يكون له أن يوسع الكُوَّة.

(وكذا إذا أراد يؤخّرها)

(10)

أي: الكُوَّة.

(فيجعلها في أربعة أذرع منه)

(11)

أي: من فم النّهر، وهذا التّقديرُ اتِّفاقِيٌّ، والعِبْرَةُ للاحتباس

(12)

.

وصورة هذا: إذا كانت الألواحُ التي فيها الكُوَّةُ في فم النّهر أراد أن يؤخرها عن ضفّة النّهر فيجعلها في وسط النّهر ويدع فُوْهَةَ النّهر بغير لوحٍ، كذا في "الذّخيرة"

(13)

.

(بخلاف ما إذا أراد أن يسفِّلَ كُوَاه)

(14)

يعني: [مع ترْنَهَد]

(15)

، يعني: أراد أن يضع الكُوَّة أعمق عما كانت وهي في ذلك الموضع (أو يرفعها)

(16)

يعنى: إلى وجه الأرض

(17)

.

(ولو كانت القسمة وقعت بالكُوَى فأراد أن يقسم بالأيام: ليس له ذلك)

(18)

أي: فيما إذا لم يرض الآخرون، على ما تجيء هذه المسألة بعينها بُعَيد هذا

(19)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(2)

في (أ): (شَدّ)

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 42)، المبسوط للسرخسي (23/ 182)، الأصل للشيباني (8/ 160).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(5)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 334)، الأصل للشيباني (8/ 160).

(6)

في (ب): (كِوى).

(7)

في (أ): (مقصور).

(8)

يُنْظَر: الصحاح للجوهري (6/ 2478)، الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرب (ص 450).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 182 - 183)، العناية شرح الهداية (10/ 86)، البناية شرح الهداية (12/ 334)

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 92)، العناية شرح الهداية (10/ 87)، البناية شرح الهداية (12/ 334).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(15)

في (ب): (مغتر نهد).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(17)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 182)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 42)، العناية شرح الهداية (10/ 87).

(18)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(19)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 42)، البناية شرح الهداية (12/ 335).

ص: 173

(ولو كان لكلٍّ منهم كُوىً مُسَمَّاةٌ)

(1)

أي: معدودة.

[الزيادة في الكُوى في النهر الأعظم]

(بخلاف ما إذا كانت الكُوَى في النّهر الأعظم)

(2)

يعني: كدِجْلَةَ [والفُرات]

(3)

(4)

.

[رجل له أرضَيْن وأراد نقل شربه إلى الأخرى أو سوقه خلال الأُوْلى إليها]

(إذِ الأرض الأولى تُنَشِّفُ بعضَ الماء)

(5)

أي: تتشرَّبَه (قبل أن يَسْقِي الأخرى)

(6)

.

وهذا الذي ذكره؛ فيما إذا ملأ صاحبُ الأرْضَيْنِ أرضَهُ التي لها حقُّ الشِّرْبِ ثم فتح مُسَنَّاتِها وأجْرَى الماءَ إلى أرضه التي [ليس]

(7)

لها حقُّ الشِّرْب وسقاها بالماء [الذي]

(8)

ملأَ أرضَهُ الأُوْلَى.

وأمّا إذا أجْرَى الماء من الأرض الأولى كما بلغ إلى الأخرى؛ فالتّعليل فيه هو ما علّل به في قِسْمَة "المبسوط" قُبَيْل باب قسمة الدّور بالدّراهم؛ وقال فيه: من كان له أرض [بجنب]

(9)

نهر مشترك، شِرْبها من ذلك النهر، إذا اشترى [بجنب]

(10)

أرضه أرضاً أخرى، وأراد أن يسقي الأرض الأخرى من هذا النهر بإجراء الماء في أرضه لم يكن له ذلك؛ لأنه يستوفي من الماء فوق حقِّهِ، فإنَّ حقَّهُ في هذا النّهر مقدار ما يسقي أرضه، فإذا سقى به أرْضَيْن فهو يستوفي أكثر من حقّه فيُمْنَع من ذلك

(11)

.

(وهو نَظِيرُ طريقٍ مشتَرَكٍ)

(12)

فوجه النّظريَّة بين الطريق والشِّرب: هو أنّه يزيد في الشِّرب ما ليس له منه حقٌّ في الشِّرب ويزيد في الطّريق من المارَّة من ليس له حقٌّ في المرور.

(ساكِنُها غيرُ ساكنِ هذهِ الدَّارِ)

(13)

وقَيَّدَ به؛ لأنّه لو كان ساكن الدّارين واحدًا كان له أن يفتح باباً إلى دار أخرى، ذكره في قسمة "المبسوط" قبيل باب قسمة الدّور بالدّراهم

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

في (ب): (وفُرات).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 42)، البناية شرح الهداية (12/ 335)، الفتاوى الهندية (5/ 396).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(6)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(7)

في (ب): (ليست).

(8)

في (ب): (أروى).

(9)

في (أ): (تحت).

(10)

في (أ): (تحت).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (15/ 24).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(13)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (15/ 24)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 43)، العناية شرح الهداية (10/ 87).

ص: 174

[أراد أعلى الشريكين في الخاص أن يسد بعض كواه كيلا تنزَّ أرضه]

(كَيْلا تَنِزَّ

(1)

(2)

تازغار نشود.

(لِمَا فيه من الضّرر بالآخر)

(3)

وليس لِأَحَدِ الشريكين أن [يتصرف]

(4)

في الْمُشْتَرَك على وجهٍ يُلْحِقُ الضّرر بشريكه، ثم ضرر النَزِّ لا يلحق صاحبَ الأعلى بفعلِ صاحبِ الأسفل؛ بل تكونُ أرضُهُ في أعلى النّهر، وبمقابلة هذا الضّرر له منفعة إذا قلّ الماء، ولو [سدّ]

(5)

بعض الكُوَى [لَحِقَ]

(6)

صاحب الأسفل ضَررُ النُّقْصان بفعلِ صاحبِ الأعلى؛ وهو ممنوع عن ذلك، كما لو أراد أن يَسْكُر النَّهر

(7)

.

[أراد أحد الشريكين قسمة الشرب مناصفة بعد أن كانت بالكُوى]

(وكذا إذا أراد أن يقسم النّهر مناصفة بينهما)

(8)

أي: ليس له ذلك، بعدما كانت القِسْمَةُ بينهما بالكُوَى، وهو أن يقول لشريكه: اجعل لي نصف النّهر ولك [نِصفُه]

(9)

، فإذا كان في حِصّتي سددتُ ما بدا لي منها وأنت في حصتك فتحتها كلّها، فليس له ذلك؛ (لأنّ القِسْمة)

(10)

قد تمت بينهما مَرَّةً (بالكُوَى)

(11)

فلا يكون لِأَحَدِهِما أنْ يطالب بِقِسْمةٍ أُخرى، وفي القسمة الأولى؛ الانتفاع بالماء يُستدام، وفيما [يطالب]

(12)

هذا به يكون انتفاع كلّ واحد منهما بالماء في بعض المدّة، وربّما يضرّ ذلك بصاحب السُّفْل، كذا في "المبسوط"

(13)

.

(وبعد التّراضي لِصاحبِ الأسفلِ أن [يَنْقُضَ]

(14)

ذلك)

(15)

يعني: أقاما على هذا التّراضي زماناً، ثم بدا لصاحب الأسفل أن ينقض فله ذلك؛ لأنّ كلّ واحد منهما مُعِيْرٌ لصاحبه نصيبَهُ من الشِّرْب في نوبته من النّهر، ولِلمُعِيْر أنْ يرجِع متى شاء، وهذا؛ لأنّه لا [يمكن]

(16)

أن يجعل ما تراضيا عليه مبادلة/ [فإن]

(17)

بيع الشِّرْب بالشِّرْب وإجارة الشِّرْب بالشِّرْب باطل

(18)

.

(1)

النَّزُّ: بفتح النون وكسرِها؛ مَا تَحَلَّبَ مِن الأرض مِن الْمَاءِ، وقد نَزَّت الأرضُ، وأَنَزَّتِ: إذا صارتْ ذَاتَ نَزٍّ وَتَحَلَّبَ مِنْهَا النَّزُّ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (3/ 899)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 488).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

في (ب): (ينصرف).

(5)

في (ب): (شدّ).

(6)

في (أ): (لِحَقِّ).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 179).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(9)

في (أ): (نِصفٌ).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(11)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(12)

في (ب): (يطلب).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 179)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 43)، العناية شرح الهداية (10/ 87)

(14)

في (ب): (ينتقِضَ).

(15)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1524).

(16)

في (ب): (يُكره).

(17)

في (أ): (وإنَّ).

(18)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 179 - 180)، العناية شرح الهداية (10/ 87)، البناية شرح الهداية (12/ 337).

ص: 175

[وراثة الشرب، والوصية به]

(والشِّرْب مما يُوْرَث ويُوْصَى بالانتفاع بعينه)

(1)

قيَّدَ بالإيصاء بالانتفاع بعَيْن الشِّرْب احترازاً عن الإيصاء بِبَيْع الشِّرْب؛ فإن ذلك باطل على ما ذَكَر في الكتاب

(2)

.

فإنْ قُلتَ: لَمَّا كان الشِّربُ لا يُمْلَك بالبيع والهِبَة والصّدَقة وهي أسباب الملك؛ كيف يُمْلَكُ بالإرْثِ وهو أيضاً سبب الملك [كهذه]

(3)

الأشياء، وما الفرق بينهما؟

قُلتُ: الفرق بينهما هو: أنّ الورثة خُلَفَاء الميّت فيقومون مقامه في أملاكه وحقوقه، وإنّما لا يجوزُ بيعَهُ وهِبَتَهُ [للغَرَرِ]

(4)

والجَهالةِ، {وهما}

(5)

لا يمنعان قيام الإنسان لغيره فيما ذكرنا، ولا يلزم من عدم جواز البيع والهِبَة والصّدقة عدم جواز الإرْث، ألا ترى أنّ القِصاص والدَّيْن والخَمْر يملك بالإرث وإنْ لم يملك بالبيع ونحوه، فكذلك الشِّرْب، وكذلك الوصيّة بالانتفاع بالشِّرْب جائزة كالإرث؛ لأنّ الوصية أخت الميراث، غاية ما في الباب أنّ في الشِّرْب معنى الغرر والجهالة، أو لعدم الملك فيه في الحال، والوصيّة بهذا السّبب لا تبطل، ألا ترى أنّ الوصيّة بما [يُثْمِرُه]

(6)

نخيلُهُ العامُّ يصحّ؛ فكذلك الوصيّة بالشِّرْب، كذا في "المبسوط"

(7)

.

(والوصيّة بذلك)

(8)

أي: بخلاف الوصيّة ببيع الشِّرْب وصدَقَتِه وهِبَتِه فإنَّ ذلك لا يصحّ، كما لا يصحّ بيعُه وهِبَتُه

(9)

.

[جعل الشرب مسمَّى في النكاح، والخُلْع]

(وكذا لا يصلح مُسمًّى في النكاح)

(10)

يعني: إذا تزوج الرجلُ المرأةَ على شِرْبٍ {بغير}

(11)

أرضٍ فالنكاح جائز وليس لها من الشِّرْب شيء؛ لأن الشِّرْب بدون الأرض لا يحتمل التمليك بعقد المعاوضة

(12)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1525).

(2)

الكتاب: المراد به هُنا "الهداية شرح البداية"، وذلك بقوله بعد ذلك:(بخلاف البيع والهبة والصدقة والوصية بذلك، حيث لا تجوز العقود إما للجهالة أو للغرر، أو لأنه ليس بمال متقوم حتى لا يضمن إذا سقى من شرب غيره، وإذا بطلت العقود فالوصية بالباطل باطلة). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1525).

(3)

في (ب): (لهذه).

(4)

في (ب): (للغرور).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

في (ب): (يُثْمِر).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 183)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 43)، العناية شرح الهداية (10/ 87).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1525).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 183)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 43)، البناية شرح الهداية (12/ 338).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1525).

(11)

سقطت من (ب).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 183 - 184)، الأصل للشيباني (8/ 161)، الفتاوى الهندية (5/ 408).

ص: 176

(ولا في الخُلْع)

(1)

يعني لو [اختلعت]

(2)

امرأة من زوجها على شِرْب بغير أرض كان باطلاً، لا يكون له من الشِّرْب شيء، ولكن الخُلع صحيح، وعليها أن تردّ الْمَهْرَ الذي أخَذَتْ؛ لأنّها أطمعَت الزوجَ بهذه التّسمية فيما هو مرغوب فيه فتصير غارَّةً بهذه التّسمية، والغُرُورُ في الخُلْعِ يُلْزِمُها ردّ ما قبضت كما {لو}

(3)

[اختلعَتْ]

(4)

على ما [ببيتها]

(5)

من المتاع فإذا ليس في بيتها شيءٌ

(6)

.

[جعل الشرب بدل الصلح عن الدعوى]

(ولا يصلح بدل الصّلح عن الدّعوى؛ لأنّه لا يُمْلَك بشيء من العقود)

(7)

وقد بَيَّنَّا أنّ ما {لا}

(8)

يُسْتَحَقُّ من العقود فالصّلح عليه باطل، فصاحب الدّعوى على دعواه

(9)

.

وإن كان الصّلح عليه من قصاص في نفسٍ أو فيما دونها فالصّلح باطل، وجاز العفو،

و [على]

(10)

القاتل الدِّيَة وأرش الجراحة؛ لأنّ الصّلح من القَوَدِ

(11)

على شيء، نظير الخُلْع، هذا كله من "المبسوط"

(12)

.

[بيع الشرب في دَيْن صاحبه في حياته، وبعد مماته]

وقولُه: (والأصحّ)

(13)

احتراز عمّا قال بعضهم فيمن مات هو صاحب الشِّرْب وعليه دين لم [يَبِعْ]

(14)

في دينه إلا أن يكون معه أرض فيباع مع الأرض؛ لأنّ بيع الشِّرْب بدون الأرض لا يجوز حيًّا وميتًا، فتكلّم مشائخنا رحمهم الله في أنّ الإمام ماذا يصنع بهذا الشّرب؟

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1525).

(2)

في (أ): (اختلفت).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

في (أ): (اختلفَت).

(5)

في (أ): (في هيئتها).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 184)، الأصل للشيباني (8/ 161)، الفتاوى الهندية (5/ 408).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1525).

(8)

سقطت من (ب).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 184)، الأصل للشيباني (8/ 161)، الفتاوى الهندية (5/ 408).

(10)

في (أ): (عن).

(11)

الْقَوَد: الْقِصَاصُ، وَيُقَالُ: أقَدْتُ الْقَاتِلَ بِالْقَتِيْلِ: قَتَلْتُهُ بِهِ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 528)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 426)، النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 119).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 184)، الفتاوى الهندية (5/ 408)، العناية شرح الهداية (10/ 88).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1525).

(14)

في (أ): (يبقى).

ص: 177

فمنهم من يقول: يتخذ حوضاً ويجعل فيه ذلك الماء في كلّ [يوم]

(1)

ثم يبيع الماء الذي جمعه في الحوض بثمن معلوم فيقضي به الدّين

(2)

.

قال/

(3)

: والأصحّ عندي أنّه ينظر {إلى}

(4)

صاحب [أرضٍ]

(5)

ليس له شِرْب فيضم ذلك إلى أرضه ويبيعها برضاه، ثمّ ينظر إلى قيمة الأرض بدون الشِّرْب ومع الشِّرْب، فيجعل تفاوت ما بينهما من الثّمن مصروفاً إلى قضاء دين الميّت، وما وراء ذلك لصاحب الأرض، وإن لم يجد ذلك، {إلى آخره، كما ذكر في الكتاب}

(6)

، كذا في "المبسوط"

(7)

.

وذكر شيخ الإسلام في "مبسوطه" في بيع الشّرب في دَيْن صاحبه، فقال: والسّبيل في ذلك أن يقال للمقوِّمين أنّ العلماء لو اتفقوا على جواز بيع الشّرب بلا أرض بكم كان يشتري هذا الشّرب

(8)

.

وهو نظير ما قال بعض أئمة بَلْخ رحمهم الله: أنه إذا زنا بامرأة بشبهة ينظر بكم كانت تُسْتَأجر على الزّنا لو كان الاستئجار عليه [جائزًا]

(9)

فيجعل ذلك عقرها

(10)

.

وهذا [كما]

(11)

قالوا أيضاً في المدبَّر: أن السبيل في معرفة قيمته أن يقال للمقوِّمين بكم يُشْتَرى على أن يكون المشتري {أحق}

(12)

بمنافعه دون رقبته على أن يعتق بموت المولى

(13)

.

(1)

في (ب): (نوبة).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 184)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 105)، الفتاوى الهندية (5/ 405).

(3)

المراد به هُنا: شمس الأئمة السرخسي/. يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 105).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

في (ب): (الأرض الذي).

(6)

ما بين القوسين ليس من كلام السرخسي/ "في المبسوط"، وإنما من كلام السغناقي/، ومراده بالكتاب: هو "الهداية شرح البداية"، ونَصُّ كلام صاحب الهداية هو:(الأصح: أن يضمه إلى أرض لا شرب لها فيبيعها بإذن صاحبها، ثم ينظر إلى قيمة الأرض مع الشرب وبدونه فيصرف التفاوت إلى قضاء الدين، وإن لم يجد ذلك اشترى على تركة الميت أرضا بغير شرب، ثم ضم الشرب إليها وباعهما فيصرف من الثمن إلى ثمن الأرض ويصرف الفاضل إلى قضاء الدين). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1525).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 184)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 105)

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 105)، العناية شرح الهداية (10/ 88)، البناية شرح الهداية (12/ 340)

(9)

في (ب): (جائز).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 340).

(11)

في (ب): (كما لو).

(12)

سقطت من (أ).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 105).

ص: 178

وقال أكثر مشايخنا رحمهم الله: بضم هذا الشّرب إلى جريب من الأرض من أقرب ما يكون من هذا الشّرب فينظر بكم يشتري بدون الشرب فيكون فصل ما بينهما قيمة الشرب

(1)

.

[رجل سقى أرضه أو ملأها ماءً فسال إلى أرض جاره فغرقها أو نزَّت]

وفي "الصِّحاح": يُقَال: مَخَرْتُ الأرضَ؛ أيْ: أَرْسَلْتُ فيها الماءَ

(2)

.

وفي "الذّخيرة" حاكيًا عن الفقيه أبي جعفر/

(3)

: تأويل ما قاله محمّد/: بأنّه لا يضمن فيما إذا سقى أرضه سقياً يسقى مثله في العادة، وأمّا إذا سقى أرضه سقيًا لا يسقى مثله في العرف يضمن، وهو نظير ما لو أوقد نارًا واحترق دار جاره، إن أوقد ناراً يُوْقَدُ مِثلُه في الدّور عُرفًا لا يضمن، وإن كان بخلافه/ ضَمِن، وكذلك إذا نَزَّت أرض جاره، على هذا التّفصيل أيضًا

(4)

.

وكان الشّيخ إسماعيل الزّاهد/

(5)

يقول: إذا سقى أرض نفسه سقيًا معتادًا وتعدى إلى أرض غيره، إنّما لا يضمن إذا كان محقاً في السّقي بأن سقى في نوبته مقدار حقّه، وأمّا إذا سقى في غير نوبته أو {في}

(6)

نوبته زيادة على حقّه يضمن

(7)

.

(1)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 105)، العناية شرح الهداية (10/ 88)، البناية شرح الهداية (12/ 340).

(2)

يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 812).

(3)

الفقيه أبي جعفر: هو محمد بن عبد الله بن محمد، الهِنْدُواني، الفقيه البَلْخي الحنفي، من أعلام أئمة المذهب، كان يُطْلَقُ عليه: أبو حنيفة الصغير؛ من كماله في الفقه، حدَّث عن محمد بن عقيل بن الأزهر مُحَدِّثُ بلْخ، وتتلمذ على أبي بكر الإسكاف، من تلاميذه: أبو الليث نصر بن محمد، من مصنَّفاته:"كشف الغوامض"، تُوُفّي بِبُخارى سنة 362 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (14/ 415)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 86).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 92 - 93)، المبسوط للسرخسي (23/ 186 - 187)، الأصل للشيباني (8/ 163).

(5)

إسماعيل الزّاهد: هو أبو محمد، إسماعيل بن الحسين بن علي بن الحسين بن هارون، الفقيه، الزاهد، البخاري، إمام وقته فى الفروع والفقه، حَدَّث عن محمد بن أحمد البخاري، وبكر بن محمد المروزي، وغيرهما، وأخذ عن أبي بكر محمد بن الفضل عن عبدالله السبذموني عن أبي حفص الصغير عن أبي حفص الكبير، وروى عنه القاضي أبو جعفر السمناني، وغيره، تُوُفِّيَ في شعبان سنة 402 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 147 - 148)، الفوائد البهية للكنوي (ص 46).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 93)، البناية شرح الهداية (12/ 341).

ص: 179

وقيل: إذا سقى أرضه سقياً معتادًا [و]

(1)

تعدّى إلى أرض جاره [وهو]

(2)

يرى ولا يُخبِر جارَه يضمن، [ذكره]

(3)

البقالي

(4)

(5)

.

وقيل أيضًا: إذا سقى أرض نفسه سقيًا معتادًا و تعدّى إلى أرض جاره؛ إن كان الجار قد تقدم إليه بالإحكام فلم يفعل ضمن استحسانًا، كما في الحائط المائل إذا تقدم إلى صاحب الحائط المائل، وإن لم يتقدم إليه بذلك حتى تعدى فلا ضمان عليه

(6)

، والله أعلم.

كتاب الأشربة

[مناسبة كتاب الأشربة لفصول الشرب قبله]

أورد الأشربة بعد الشّرب لأنّهما شعبتا عِرْقٍ واحد لفظاً ومعنى

(7)

؛ فلذلك أُوْرِدَ هكذا في [عامَّة]

(8)

الكتب من "المبسوط" و"الذّخيرة" و"المغني"

(9)

و"التحفة" و"القُدُوْرِي" إلا أنّه قدم الشّرب [على]

(10)

الأشربة؛ إما لأنّ الشّرب في بيان أحكام الشّراب الحلال، والأشربة في بيان أحكام الحرام

(11)

؛ أو لأن ذكر الشّرب كان في تبَعِيَّة ذكر إحياء الموات وهذه في أحكام الأشربة التي هي سبب لإماتة العقل فالحياة قبل الموت

(12)

.

(1)

في (أ): (أو).

(2)

في (ب): (فهو).

(3)

في (أ): (ذكَرَ).

(4)

البَقَّالِي: أبو الفضل، محمد بن محمد بن ابى القاسم البقالى، الخوارزمي، الحنفي، زين المشائخ، المعروف بالآدمي لحفظه كتاب الآدمي في النّحو، مفسر اديب، نحوي، لغوي، أخذ عن الزمخشري وخلَفَهُ في حلَقَتِه، من مصنفاته:"أذكار الصلاة"، "أسرار الكذب"، "الأسنى في شرح أسماء الله الحُسنى"، "جمع التفاريق في الفروع"، وغيرها، تُوُفِّيَ بجُرْجان، قِيْلَ: سنة 576 هـ. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 596)، هدية العارفين (2/ 98)، معجم المؤلفين (11/ 137).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 93)، البناية شرح الهداية (12/ 341)، الفتاوى الهندية (5/ 398).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 93)، العناية شرح الهداية (10/ 88)، الفتاوى الهندية (5/ 398).

(7)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (10/ 88 - 89)، العناية شرح الهداية (10/ 89)، البناية شرح الهداية (12/ 342).

(8)

في (أ): (علم).

(9)

الْمُغني: لم أعرفه.

(10)

في (أ): (عن).

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 342).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 89)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 568)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 448).

ص: 180

[محاسن ذِكْر الأشربة]

ثم محاسن الأشربة ظاهرة، فإنّ المقصود من ذكر الأشربة بيان حرمتها لمعنى أنّها مزيلة للعقل، ولا شبهة لأحد في حُسْنِ تحريم ما يزيل العقل خصوصاً في حقّ هذه الأمّة، فإن العلماء استنبطوا من كتاب الله تعالى ينابيع الحِكَم وكشفوا عن دقائقها غُمَّةَ الظُّلَم [فكانوا]

(1)

إلى عقولهم أحوج من غيرهم

(2)

.

[شبة عدم تحريم الخمر على جميع الخَلْق]

فإن قيل: هلاَّ حُرِّمَت الخمرُ عن الخلق أجمع؛ إذ كُلٌّ محتاج إلى الاستدلال، ولا يتهيأ ذلك إلا بالعقل؟

قلنا: إنّ الأمم الماضية كانت أعمارهم طويلة، وأبدانهم جسيمة، فكانت تحتمل آفة الشّراب ولا يتسارع إليهم السُّكْر، فكان في الحِلِّ صلاحُهُم من تقوية الأبدان وبقاء العقول، وأما هذه الأُمَّة فقصيرة الأعمار، ضعيفة الأفكار، يتسارع إليهم السُّكْر بشُرْبِ شيء منه، فحُرِّمَ القليل لئلا [يدعو]

(3)

شُرْبُ القليل إلى شُرْبِ الكثير، فلذلك كان صلاحُهُم في حُرْمة الخمْر

(4)

.

[شبهة عدم تحريم الخمر في ابتداء الإسلام]

فإن قيل: {هلاَّ}

(5)

حُرِّمَت الخَمْر في ابتداء الإسلام مع وجود هذه الحكمة؟

قلنا: أباح في ابتداء الإسلام [لِيُعايِنُوا]

(6)

الفساد في الخمر، حتّى إذا حُرِّمَ عليهم عرفوا [مِنْهُ الحقَّ]

(7)

لديهم، وليس الخبر كالمعاينة، رُوِيَ أن أصحاب رسول الله عليه السلام قد شَرِبُوا في بعض الأوقات فنزل بهم من البغضاء والآفات حتّى تضرّع عمر رضي الله عنه بالدّعوات ليلحق الخمر بالمحرمات، فأجاب الله تعالى دعاءَه

(8)

، و [أشاع]

(9)

في الخلق بهجتَه وبهاءَه

(10)

.

ثم يُحْتاجُ ههنا إلى معرفة الشّراب لُغَةً وشرعًا، وإلى معرفة الأصول التي يُتَّخَذ منها الأشربة، وإلى معرفة الخمر ومعرفة ما سواها من الأشربة.

(1)

في (ب): (وكانوا).

(2)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (10/ 89)، العناية شرح الهداية (10/ 89)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 568).

(3)

في (ب): (يدعوا).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 342).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

في (أ): (لِتُعايِنُوا).

(7)

في (أ): (مِنَّةَ الحَقِّ).

(8)

يأتي تخريجه عند مسألة: الأدلة من الكتاب على تحريم الخمر وعينها.

(9)

في (أ): (شاع).

(10)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (10/ 89)، البناية شرح الهداية (12/ 342).

ص: 181

[معنى الشَّرَاب لغة وشرعاً]

فالشَّرابُ لُغَةً: اسم لِمَا يُشْرَب، سواءٌ كان حلالاً أو حراماً

(1)

.

وأمّا في استعمال أهل الشّرع: فاسم الشّراب يقع [على ما]

(2)

حُرِّمَ منه

(3)

.

[الأصول التي يُتَّخَذ منها الأشربة]

وأمّا الأصول التي يُتَّخَذُ منها الأَشْرِبة: فالعنبُ، والزّبيبُ، والتّمرُ، والحبوبُ: كالحنطةِ والشّعيرِ [والذُّرَةِ]

(4)

والدُّخْنِ

(5)

، والفواكهُ: كالإجاصِ

(6)

والفِرصادِ

(7)

، والشَّهْدُ

(8)

، والفانيذ

(9)

، والألبان

(10)

.

(1)

يُنْظَر: لسان العرب (1/ 488 - 489)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 271)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 308).

(2)

في (ب): (عمَّا).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 44)، العناية شرح الهداية (10/ 89)، تكملة فتح (10/ 90)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 271).

(4)

في (أ): (والذر).

(5)

الدُّخْنُ: قيل الجاوَرس، أو حَبُّ الجاورس، أو حَبٌّ أصغرُ منه، يشبه الذُّرة، وهو أصغر منها، واحدته دُخْنَة. يُنظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 97)، القاموس المحيط (ص)، لسان العرب (13/ 149)

(6)

الإجاص: نَوْعٌ مِن الْفَوَاكِهِ، وَهُوَ الْمِشْمِشُ وَالْكُمَّثْرَى بِلُغَةِ الشَّامِيِّيْنَ، وَهُوَ مُعّرَّبٌ دَخِيْلٌ لِأَنَّ الْجِيْمَ وَالصَّادَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. يُنظَر: الصحاح للجوهري (3/ 1029)، القاموس المحيط (ص 612).

(7)

الفِرْصادُ: التُّوْتُ، وَوَرَقُهُ يَأْكُلُهُ دُوْدُ الْقَزِّ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ، وَقِيْلَ: التُّوْتُ وَهُوَ الْأَحْمَرُ مِنْهُ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 519)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 385).

(8)

الشَّهْدُ: بِفَتْحِ الشِّيْنِ وَضَمِّهَا: العَسَلُ فِي شَمْعِهَا، وَالْجَمْعُ: شِهَادٌ؛ بِالْكَسْر. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 169)، المصباح المنير (2/ 324).

(9)

الفَانِيذُ: نَوْعٌ مِن الْحَلْوَى يُعْمَلُ مِن النَّشَا وَالقَنْد الَّذِي هُوَ عُصَارَةُ قَصَبِ السُّكَّرِ إِذَا جَمَدَ، فارِسِيٌّ مُعَرَّب. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 481)، القاموس المحيط (1/ 336)، لسان العرب (3/ 368، 503).

(10)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 80)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 448).

ص: 182

[أنواع الأشربة المتخذة من العنب والزبيب والتمر والحبوب والفواكه وغيرها]

أمّا العنب فالْمُتَّخّذُ منه خمسة: الخمر

(1)

والباذِق والمنصَّفُ

(2)

والمثَلَّثُ

(3)

والبختج

(4)

(5)

.

والْمُتَّخّذُ من الزّبيب شيئان: نقيع

(6)

ونبيذ

(7)

(8)

.

(1)

الْخَمْرُ: النِّيءُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ إذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ، أَيْ: رَمَاهُ وَأَزَالَهُ، فَانْكَشَفَ عَنْهُ وَسَكَنَ، وَقِيلَ: هِيَ اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ خَامَرَ الْعَقْلَ أَيْ: غَطَّاهُ، وَاخْتَمَرَتْ الْخَمْرُ: أَدْرَكَتْ وَغَلَتْ، وَخَمَّرْتُ الشَّيْءَ تَخْمِيرًا: غَطَّيْتُهُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 169)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 181).

(2)

الْمُنَصَّف: الْمَطْبُوْخُ مِن مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُهُ، وَبَقِيَ نِصْفُهُ. يُنْظَر: التعريفات للجُرْجاني (ص 235)، معجم لغة الفقهاء (1/ 464).

(3)

الْمُثَلَّث: الْمَطْبُوْخُ مِن مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثَهُ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 49)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (2/ 872).

(4)

الْبُخْتُجْ: الْمَطْبُوخُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ الَّتِي يَذْهَبُ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى ثُلُثُهُ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مِقْدَارُ مَا ذَهَبَ مِنْهُ ثُمَّ يُطْبَخُ أَدْنَى طَبْخَةٍ حَتَّى لَا يَفْسُدَ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَشْتَدَّ وَيَقْذِفَ بِالزَّبَدِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ بُخْته. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 158 - 159)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 37 - 38).

(5)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 80)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 112)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 115).

(6)

النَّقِيْع: شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ نَقْعِ الزَّبِيبِ فِي الْمَاءِ وَيُتْرَكُ أَيَّامَاً فَتَخْرُجُ حَلَاوَتُهُ إلَيْهِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 161)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (10/ 6722).

(7)

نَبِيْذ: وَاحِدُ الأَنبذة، ما يُنْبَذُ فِي جَرَّةِ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهَا، أَيْ: يُلْقَى فِيهَا حَتَّى يَغْلِيَ وَيَشْتَدّ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 480)، لسان العرب (3/ 511).

(8)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 80)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 112)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 121).

ص: 183

والْمُتَّخّذُ من التَّمْر ثلاثةٌ: السَّكَر

(1)

، والفضيخ

(2)

، والنبيذ

(3)

.

والْمُتَّخّذُ من الحبوب والفواكه وغيرهما، شيء واحد حكمًا وإن اختلف اسمًا: من البِتْع لنبيذ العسل

(4)

، والجِعَة لنبيذ الشّعير

(5)

، والْمِزْرِ لنبيذ الذُّرِة

(6)

، ذَكَرها الإمام قاضي خان/ والتُّمُرْتاشِي وغيرهما، فينتهي إلى أَحَدَ عَشَر اسمًا، وأكثر أسماء هذه الأشربة وأحكامها مذكورة في الكتاب

(7)

(8)

.

[المراد بالاشتداد]

قوله/: (إذا غلى واشتدّ)

(9)

المراد بالاشتداد: كونه صالحًا للإسكار

(10)

.

[تعريف الطلاء]

(الطِّلاءُ)

(11)

: كل ما يُطْلَى به من قَطِرَانٍ أو نحوِهِ، ويُقَالُ لِكُلِّ ما [خَثُرَ

(12)

(13)

من الأشربة طِلاء على الثشبية، حتّى سُمِّي به الْمُثَلَّث، كذا في "الْمُغْرب"

(14)

.

(1)

السَّكَر: شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ النِّيءِ مِنْ مَاءِ التَّمْرِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 160).

(2)

الفَضِيْخ: شَرَابٍ يُتَّخَذُ مِنْ الْبُسْرِ الْمَفْضُوخِ الْمَشْدُوخِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 159)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 391).

(3)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 80)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 112)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 121).

(4)

يُنظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 159).

(5)

يُنظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 159).

(6)

يُنظَر: النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 324)، طِلْبَة الطَّلَبة (ص 159).

(7)

الكتاب: المراد به هُنا "مختصر القدوري". يُنْظَر: مختصر القدوري (ص 204).

(8)

يُنظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 80)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 112)، البناية شرح الهداية (12/ 342 - 343)،

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 226).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 90)، البناية شرح الهداية (12/ 343).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1527).

(12)

خَثُر: خُثُورَةً، بِمَعْنَى: ثَخُنَ وَاشْتَدَّ فَهُوَ خَاثِرٌ، ضِدُّ الرِّقَّةِ، وَالْأَشْهَرُ: خَثَرَ، بِالْفَتْحِ، وَالضَّمُّ لُغَةٌ، وَيَأْتِي بِالْكَسْرِ، وَهُوَ قَلِيْلٌ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 88)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 164).

(13)

في (ب): (ضرَّ).

(14)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 320).

ص: 184

وذكر في [تاج]

(1)

الأسامي

(2)

الطّلاء: [شراب]

(3)

كر دُوبَهْرَ أورفته باشد.

[الخلاف في ماهيَّة الخمر]

(وقال بعضُ النّاس)

(4)

وهو مالك

(5)

والشّافعي

(6)

-رحمهما الله-

(7)

.

(وفي غيرِهِ غيرَهُ)

(8)

أي: واشتهر في غير النَّيِّءِ من ماء العِنب إذا صار/ مُسْكراً غير لفظ الخمر كالْمُثَلَّث والطِّلاء والباذَق والْمُنَصَّف.

[سبب تسميته خمراً]

(وإنّما سُمِّي خَمْرًا لِتَخَمُّرِه)

(9)

أي: لِصيرورته خَمْراً، (لا لمُخامَرَتِه العَقْل)

(10)

أي: لا لِسَتْرِه العَقْل، (على أنّ ما ذكرتم لا ينافي كون الاسم خاصًّا فيه)

(11)

يعني: هَبْ أن الخمر إنّما سميت خمراً لمعنى مُخامرة العَقْل فذلك لا يدلّ على أنَّ كلّ ما يخامر العقل يسمّى خمراً

(12)

.

(1)

في (أ): (باقي).

(2)

تاج الأسامي: في اللُّغَة، في شرح الغريب بالفارسية، وهذا الكتاب تكرر في بعض كتب الأحناف، ولكن لم أجد من ذَكَر مؤلفه، وهو مخطوط، يوجد منه نسخة في المكتبة الوطنية بستراسبورغ، في فرنسا، برقم (4170). يُنْظَر: خزانة التراث (91/ 52).

(3)

في (ب): (شرابي).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1527).

(5)

يُنْظَر: الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 442)، المقدمات الممهدات للقرطبي (1/ 442).

(6)

يُنْظَر: المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي (3/ 370)، روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي (20/ 119)

(7)

اختلف الفقهاء في ما يُطْلَق عليه اسم الخمر حقيقة:

- الحنفية وبعض الشافعية: يُطْلَق عندهم على النَّيِّء من ماء العِنَب خاصةً إذا صار مُسْكِراً.

- المالكية وبعض الشافعية والحنابلة والظاهرية: يُطْلَق عندهم على كل مُسْكِر، من أي شيء كان. يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 117)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 174)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 442)، المقدمات الممهدات للقرطبي (1/ 442)، المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي (3/ 370)، روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي (20/ 119)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (10/ 228)، كشاف القناع على متن الإقناع (6/ 116)، المحلى بالآثار لابن حزم (6/ 176).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1527).

(9)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 4 - 5)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 44)، البناية شرح الهداية (12/ 345 - 346).

ص: 185

ألا ترى أن الفرس الذي يكون أحد شِقَّيْه أبيض والآخر أسود يسمّى أبلق

(1)

، ثم الثّوب الذي يجتمع فيه السّواد والبياض لا يسمّى بهذا الاسم، و [كذلك]

(2)

النجم يسمّى نجمًا لظهوره، قالوا: نَجَمَ؛ أي: ظهر

(3)

، ثم لا يدلُ ذلك على أنّ كلَّ ما يظهر يُسمَّى نجمًا

(4)

.

وإمامُنا فيما ذكرنا من إباحة شُرب الْمُثَلَّثِ عُمَرُ رضي الله عنه، فروى جَابِرُ بْنُ [الحُصَين]

(5)

الأسدي

(6)

أن عمَّارَ بْنَ يَاسِرَ أتاه بكتاب عُمَر يأمره أن يتخذ للنّاس الشّراب من الْمُثَلَّث لاستمراء الطّعام، وكان عمار بن ياسر يقول: لا أدع شُرْبها بعدما رأيتُ {عُمَر}

(7)

يشربُها ويَسقيها النّاسَ

(8)

، وقد كان عُمَرُ رضي الله عنه هو الذي سألَ تحريمَ الخَمْر فلا يُظَنُّ به أنه كان يَشْربُ أو يَسقي النّاسَ ما [يتناولَهُ]

(9)

نَصُّ التّحريم بوجهٍ، ولا يجوز أن يقال إنّما كان يشرب الحُلْوَ منه دون الْمُسْكِر؛ بدليل قوله: قد ذهب بالطّبخ نصيب الشّيطان

(10)

؛ لأنا نقول هذا لا يصحّ؛ لأنّه كان يشربُ ذلك لاستمراء الطّعام وإنّما يحصل هذا المقصود بالمشتدّ منه دون الحُلْو

(11)

.

(وهو كثيرُ النّظير)

(12)

كالقارورة و [الجرجير]

(13)

والأبلق.

(والثّاني: أريد به بيان الحكم)

(14)

أي: المراد من الحديث الثّاني وهو قوله عليه السلام: «[الْخَمْرُ مِنْ]

(15)

هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ»

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الصحاح للجوهري (4/ 1451)، لسان العرب (10/ 25).

(2)

في (أ): (لذلك).

(3)

يُنْظَر: الصحاح للجوهري (5/ 2039)، النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 23 - 24).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 5)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 44)، العناية شرح الهداية (10/ 92).

(5)

في (أ): (حُصَين)

(6)

لم أجد ترجمة له.

(7)

سقطت من (ب).

(8)

لم أجده.

(9)

في (ب): (تناوَلَهُ).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 5).

(11)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1527).

(13)

في (ب): (والحرير).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1527).

(15)

في (أ): (تخمير).

(16)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(3/ 1573) كتاب (الأشربة) باب (بيان أن جميع ما ينبذ، مما يُتخذ من النخل والعنب، يسمَّى خمراً) برقم (1985) بلفظين:

- الأول: بِسَنَدِه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ» .

- والثاني: بِسَنَدِه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: الْكَرْمَةِ وَالنَّخْلَةِ» ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ:«الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ» .

ص: 186

وذكر في "شرح الأقطع"

(1)

: ولو ثبت الحديث لم يكن فيه دليل؛ لأنّ النبي عليه السلام لا يعلمنا الأسامي وإنّما يعلّمنا الأحكام، فكأنّه قال: ما أَسْكَر كثيرُه فحكمُهُ حُكْم الخَمْر في الحُرْمة، وكذلك معنى قوله أنه قال: الخمر من كذا

(2)

.

(والثّاني)

(3)

أي: الثّاني من تعداد العشرة.

[وقت ثبوت اسم الخمر على الشراب]

(وكمالُه بقذف الزَّبَد)

(4)

؛ لأنّ السكون صفة العصير، وما بقي أثر من آثار الأصل كان الحكم له، ألا ترى أن مع بقاء واحد من أصحاب [الخِطَّة

(5)

(6)

في المحلّة

(7)

لا [يعتبر]

(8)

السكان، ثم حكم الحُرْمة والحَدِّ لا يمكن إثباته بالرأي، ولكن طريق معرفتة النّص، والنص إنّما ورد بتحريم الخمر، والخمر مُغايِرة للعصير، ولا [تتم]

(9)

الْمُغَايَرَة مع بقاء شيء من آثار العصير، وقد كان حكم الحِل ثابتًا فيه، وما عُرِف ثُبُوته بيقين لا يُزال إلا بيقين مثلِه، وذلك بعد الغَلَيان والقذف بالزَّبَد، والأصلُ في الحدود اعتبار نهاية الكمال في سببها، كحدّ الزنا والسّرقة لا يجب إلا بعد [كمال]

(10)

[الفعل]

(11)

اسمًا وصورة ومعنًى من كلّ وجه؛ لِمَا في النّقصان من شبهة العَدَمِ والحدودُ تَندَرِئُ بالشُّبُهات؛ ولأنّ تمام تبدل الحالة الأولى بذهاب الغليان، فإنه يَسكُن متى ذهبت طبيعة حال الحلاوة، ولمَّا كان التّمام به كان ناقصاً [قبله]

(12)

، كذا في "المبسوط" و"الأسرار"

(13)

.

(1)

شرح الأقطع: شرحٌ "لمختصر القدوري" في فروع المذهب الحنفي، في مجلدين، للإمام أحمد بن محمد، الحنفي، البغدادي، المعروف بأبي نصر الأقطع، الْمُتَوَفَّى سنة 474 هـ، قال الأقطع: رأيتُ أن أشرحه شرحًا لا أحيد عن حد الاختصار، وهو مخطوط، وهو محفوظ في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية، في الرياض، برقم (0834 - فب). ويُنْظَر: كشف الظنون (2/ 1631)، الأعلام للزركلي (1/ 213).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 16)، العناية شرح الهداية (10/ 93 - 94)، البناية شرح الهداية (12/ 347).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1527).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

الخِطَّة: الْمَكَانُ الْمُخْتَطُّ لِبِنَاءِ دَارٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعِمَارَاتِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 162)، مختار الصحاح (1/ 93).

(6)

في (أ): (الحِطة).

(7)

الْمَحَلَّة: مَنْزِلُ الْقَوْمِ فِي أَيِّ مَكَانٍ كَان. يُنْظَر: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (3/ 1261)، مختار الصحاح (1/ 79).

(8)

في (أ): (تعتبر).

(9)

في (ب): (يتِمُّ).

(10)

في (ب): (لمال).

(11)

في (أ): (العقل).

(12)

في (ب): (قبل).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 13)، البناية شرح الهداية (12/ 348).

ص: 187

(وقيل: يؤخَذ في حُرْمة الشُّرْب بمجرّد الاشتداد احتياطاً)

(1)

، وفي الحدّ بقذف الزّبد احتياطاً أيضاً

(2)

.

[نجاسة وحرمة عين الخمر]

(والثّالث: أنَّ عينها نَجِس) وفي نُسْخَة (أن عينها حرام)

(3)

أي: غير موقوف نجاستها أو حرمتها إلى شيء آخر من السُّكْر وغيره كما في سائر الأشربة؛ فلذلك صار قليلها وكثيرها نجِساً حراماً

(4)

.

[نجاسة عين الخمر]

(غير [مَعلولٍ]

(5)

بالسُّكْر)

(6)

أي: الحُرْمَة والنجاسة غير موقوفة على السُّكْر

(7)

.

[حكم من أنكر حرمة عين الخمر، والأدلة على بطلان قوله]

(وهذا كُفْر)

(8)

أي: الإنكارُ لِحُرْمة عَينِها كُفْر من الْمُنْكِر، وإن كان قائلاً بحرمة السُّكْر منه

(9)

.

قالوا: وهذا القول باطل مخالف [للكتاب]

(10)

والسنّة والإجماع

(11)

؛ فكان كُفرًا منه.

[الأدلة من الكتاب على تحريم الخمر وعينها]

أمّا (الكتاب)

(12)

: فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ}

(13)

إلى قوله: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ 91}

(14)

، ففيه دليل على [حُرْمَتِها]

(15)

من [اثنَيْ]

(16)

عشر وجهًا، على ما هو المذكور في " [التيسير]

(17)

" و"الكشاف"

(18)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1528).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 44)، العناية شرح الهداية (10/ 94)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 448).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1528).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 3)، تحفة الفقهاء (3/ 326)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 115).

(5)

في (ب): (مطول).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1528).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 3)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1117).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1528).

(9)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 326)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 113)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 99).

(10)

في (أ): (لكتاب).

(11)

- الإجماع لُغَةً: مَصْدَرُ أَجْمَعَ، قَالَ ابْنُ فَارِس: الْجِيْمُ وَالْمِيْمُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى تَضَامِّ الشَّيْءِ، ويأتي بمعانٍ: منها: إحكام النية والعزيمة، الاتفاق، تجميع المتفرق. يُنْظَر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس (1/ 479)، التعريفات للجرجاني (ص 10)، الكليات للكفوي (ص 42).

- الإجماع اصطلاحًا: اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بعد وفاته، في عصر من العصور، على حكم شرعي. ويُنْظر: المحصول للرازي (4/ 20)، الإبهاج في شرح المنهاج (2/ 349).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1528).

(13)

سورة المائدة الآية (90).

(14)

سورة المائدة الآية (91).

(15)

في (ب): (أنَّ حُرْمَتَها).

(16)

في (ب): (اثْنا).

(17)

في (ب): (التفسير).

(18)

يُنْظَر: الكشَّاف للزمخشري (1/ 674 - 675)، مدارك التنزيل للنَّسَفي (1/ 473 - 474).

ص: 188

وسبب نزول هذه الآية: سُؤالُ عُمَرَ رضي الله عنه، عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُوْلَ اللهَ عليه السلام

(1)

: الْخَمْرُ مُهْلِكَةٌ لِلْمَالِ مُذْهِبَةٌ لِلْعَقْلِ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَبَيِّنْهَا لَنَا، فَجَعَلَ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِيْ الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، [فَنَزَلَ]

(2)

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسَْ?لُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْم? كَبِير?}

(3)

، فَامْتَنَعَ مِنْهَا بَعْضُ النَّاسِ، [وَقَالَ]

(4)

بَعْضُهُمْ: نُصِيْبُ مِنْ مَنَافِعِهَا وَنَدَعُ الْمَأْثَمَ فِيْهَا، فَيَقُوْلُ عُمَرُ: اللَّهُمَّ زِدْنَا فِيْ الْبَيَانِ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{لَا تَقْرَبُواْ الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى}

(5)

، فَامْتَنَعَ بَعْضُهُمْ، وَقَالُوْا: لَا خَيْرَ لَنَا فِيْمَا يَمْنَعُنَا مِنْ الصَّلَاةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصِيْبُ مِنْهَا فِيْ غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، قَالَ/ {عُمَرُ}

(6)

رضي الله عنه زِدْنَا فِيْ الْبَيَانِ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ}

(7)

إِلَى قَوْلِهِ: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ 91}

(8)

فَقَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا رَبَّنَا

(9)

.

(1)

في (ب): صلى الله عليه وسلم.

(2)

في (ب): (فنَزَلَت).

(3)

سورة البقرة الآية (219).

(4)

في (ب): (قال).

(5)

سورة النساء الآية (43).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

سورة المائدة الآية (90).

(8)

سورة المائدة الآية (91).

(9)

أخرجه أبو داود في "سُنَنِه"(5/ 514) كتاب (الأشربة) باب (في تحريم الخمر) برقم (3670) قال: حدَّثنا عبَّادُ بنُ مُوْسَى الخُتَّليُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ -يَعْنِي ابْنُ جَعْفَرٍ- عَنْ إِسْرَائِيْلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرو عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَابِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيْمُ الْخَمْرِ، قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَاً شِفَاءً، فَنَزَلَت الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} الْآيَة، قَالَ: فدُعِيَ عُمَرُ، فقُرِئَتْ عَلَيْهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ بيِّن لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَاً شِفَاءً، فَنَزَلَت الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ، فَكَانَ مُنَادِيْ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُقِيْمَتِ الصَّلَاةُ نَادَى: أَلَا لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ، فدُعِيَ عُمَرُ فقُرئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانَاً شِفَاءً، فَنَزَلَت هَذِهِ الْآيَةُ:{فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا.

- وأخرجه الترمذي في "سُنَنِه"(5/ 253) برقم (3049)، والنسائي في "الكُبْرى"(5/ 61) برقم (5031).

- قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 305).

- وأخرجه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 442 - 443) برقم (378)، وقال ابن كثير فيه: وقال علي بن المديني: هذا إسناد صالح، وصححه الترمذي. يُنْظَر: تفسير ابن كثير (1/ 578).

ص: 189

ثم إنَّه رِجْسٌ، والرِّجْسُ ما هو محرّم العين، وإنَّه من عمل الشيطان، يعني أن من لا ينتهي منه [مُتابعٌ]

(1)

للشّيطان مُجَانِبٌ لِمَا فيه [رِضَا]

(2)

الرّحمن، وفي قوله:{فهل أنتم منتهون}

(3)

أبلغ ما يكون من الأمر بالاجتناب عنه

(4)

.

[الأدلة من السُّنَّة على تحريم الخمر وعينها]

وأمّا (السُّنّة)

(5)

: فهي ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «لَعَنَ اللهُ فِي الْخَمْرِ عَشْرًا»

(6)

الحديث، وذلك دليل نهاية التّحريم

(7)

.

وقال عليه السلام: «شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ الْوَثَنِ»

(8)

.

(1)

في (أ): (منافع).

(2)

في (أ): (رِضاء).

(3)

سورة المائدة الآية (91).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 2)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 113).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1528).

(6)

سبق تخريجه (ص 244).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 2).

(8)

أخرجه البزار في "مسنده"(6/ 367) كتاب (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما باب (حديث عبد الله بن عمرو بن العاص) برقم (2382) قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ» ، قَالَ الْبَزَّارُ: لَمْ يُدْخِلْ ثَابِتٌ بَيْنَ فِطْرٍ وَمُجَاهِدٍ أَحَدًا.

- وأخرج ابن ماجه في "سُنَنِهِ"(2/ 1120) كتاب (الأشربة) باب (مدمن الخمر) برقم (3375) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مُدْمِنُ الْخَمْرِ، كَعَابِدِ وَثَنٍ» .

- قال البوصيري في مصباح "الزوائد": محمد بن سليمان؛ ضعفه النسائي وابن عدي، وقواه ابن حبان، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج، به وباقي رجال الإسناد ثقات، وله شاهد من حديث أبي موسى، رواه النسائي في الصغرى، ورواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس، ورواه البزار في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو. يُنْظَر: مصباح الزجاجة للبوصيري (4/ 38).

- وحسَّنَةُ الألباني. يُنْظَر: السلسلة الصحيحة للألباني (2/ 289).

ص: 190

وقال: «الْخَمْرُ أُمُّ الْخَبَائِثِ»

(1)

.

وقال: «إِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ قَدَحَاً

(2)

مِنْ خَمْرٍ عَلَى يَدِهِ لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَإِنْ شَرِبَها لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُهُ {أَرْبَعِيْنَ}

(3)

لَيْلَةً، فَإِنْ دَاوَمَ عَلَيْهَا هُوَ كَعَابِدِ الْوَثَنِ»

(4)

.

(1)

أخرج الدارقطني في "سُنَنِه"(5/ 443) كتاب (الأشربة وغيرها) برقم (4613) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الْقَاضِي، قَالَا: نا عَلِيُّ بْنُ أَشْكَابٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، نا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْخَمْرُ أُمُّ الْخَبَائِثِ وَمَنْ شَرِبَهَا لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ فِي بَطْنِهِ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً» ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي عُمَرَ الْقَاضِي.

- وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4/ 81) برقم (3667)، وقال: لمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، إِلَّا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ.

- قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه شباب بن صالح ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر. يُنْظَر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (5/ 72).

- وحَسَّنَه الألباني. يُنْظَر: صحيح الجامع الصغير للألباني (1/ 631).

(2)

قَدَحًا: القَدَحُ بفتحتين هو الذي يُشْرَبُ به، والجمعُ أقداح. يُنظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 403).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

لم أجده بهذا اللفظ، وفي الحديثين السابقين وتخريجهما دلالةٌ على بعض ألفاظه.

ص: 191

[إجماع الأُمَّة على تحريم الخمر وعينها]

والأُمَّةُ [أَجْمَعَت]

(1)

على تحريمها، وكفى بإجماع الأمّة حجّة، وهذه حرمة قوية؛ بأنّه يَكْفُر مُسْتحِلُّها، ويَفْسُق شارِبُها، كذا في "المبسوط" وغيره

(2)

.

(والرِّجْسُ ما هو مُحرَّم العَيْن)

(3)

قال الله تعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنزِير? فَإِنَّهُ? رِجْسٌ}

(4)

والخنزير

(5)

ولحمُهُ محرّم العين بالإجماع، فكذا هنا

(6)

.

[عِلَّة تحريم قليل الخمر]

(وهذا {من}

(7)

خواص الخمر)

(8)

أي: دعوة قليله إلى كثيرة من خواص الخمر

(9)

.

وفي "المبسوط": ما من طعام وشراب إلا ولذّته في الابتداء ولا يزيد على اللذّة في الانتهاء إلا الخمر، فإنّ اللذّة لشاربها [تزداد]

(10)

بالاستكثار منها، ولهذا يزداد حرصه على شربها إذا أصاب منها شيئاً، [فكان]

(11)

القليل {منها داعياً}

(12)

إلى الكثير، فيكون محرمًا كالكثير، ألا ترى أن الزنا لَمَّا حُرِّم شرعًا حُرِّم دواعيه أيضاً، وأن [المشي]

(13)

على {قصْدِ}

(14)

المعصيةِ معصيةٌ

(15)

.

[تحريم الخمر لعينها، ولا يتعدى ذلك إلى غيرها]

(لأنّه خِلافُ السنّة المشهورة)

(16)

وهي قوله عليه السلام: «حُرِّمَتْ {الْخَمْرُ لِعَيْنِهَا وَالسُّكْرُ مِنْ {كُلِّ}

(17)

شَرَابٍ»

(18)

، لَمَّا كانت حُرمتُها لِعَينِها لا يصح التعليل بمعنى الْمُخُامر لِتَعْدِيَةِ حُكمِها إلى غيرها؛ لأن التّعليل حينئذ يكون مخالفاً للنَّصِّ.

(1)

في (ب): (اجتمَعَت).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 3)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 99)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 44).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1528).

(4)

سورة الأنعام الآية (145).

(5)

الخِنْزِيْر: حَيَوَانٌ نَجِسُ الْعَيْنِ، قَبِيْحُ الشَّكْلِ، قَذِرٌ، وَغِذَاؤُهُ الْقَاذُوْرَات. يُنْظَر: معجم لغة الفقهاء (1/ 201).

(6)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 349)

(7)

سقطت من (ب).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1528).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 44)، تكملة فتح القدير لابن الهمام (10/ 101)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 449).

(10)

في (أ): (يزداد).

(11)

في (ب): (وكان).

(12)

سقطت من (ب).

(13)

في (ب): (الشيء).

(14)

سقطت من (أ).

(15)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 3)، العناية شرح الهداية (10/ 95).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1528).

(17)

سقطت من (ب).

(18)

أخرجه العقيلي في "الضعفاء" مرفوعاً (4/ 123) باب (الميم)(محمد بن الفرات الكوفي) قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُرَاتِ الْكُوفِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سُبُوعًا ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَائِطِ مَكَّةَ، فَقَالَ:«هَلْ مِنْ شَرْبَةٍ» ، فَأُتِيَ بِقَعْبٍ مِنْ نَبِيذٍ فَذَاقَهُ، فَقَطَّبَ، قَالَ: فَرَدَّهُ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ آلِ حَاطِبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا شَرَابُ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ: فَرَدَّهُ، قَالَ: فَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ حَتَّى رَغَا، ثُمَّ شَرِبَ، ثُمَّ قَالَ:«حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ جَمِيعًا» ، قَالَ الْعَقِيْلِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ الْفُرَاتِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، حَدَّثَنِي آدَمُ قَالَ: سَمِعْتُ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْفُرَاتِ أَبُو عَلِيٍّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ رَمَاهُ أَحْمَدُ. يُنْظَر: الضعفاء الكبير للعقيلي (4/ 123).

- وأخرجه النسائي بأسانيد متعددة موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنه، وفيها كلام، وأولاها بالصواب كما قال: ما أخرجه في "الكُبْرى"(5/ 109) كتاب (الأشربة) باب (ذكر أخبار التي اعْتَلَّ بها من أباح شُرب الْمُسْكِر) برقم (5176) قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ ذَرِيحٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«حُرِّمَتِ الْخَمْرُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، وَمَا أَسْكَرَ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ» ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ كَانَ يُدَلِّسُ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ ذِكْرُ السَّمَاعِ مِنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، وَرِوَايَةُ أَبِي عَوْنٍ أَشْبَهُ بِمَا حَكَاهُ الثِّقَاتُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

- قال ابن حجر: وأخرجه الدارقطني مِن وجهٍ مرفوعاً ثم قال: الصواب موقوف. يُنْظَر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/ 251).

- وصحَّحَهُ الألباني موقوفاً. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (3/ 363 - 364).

ص: 192

وذكر في "المبسوط": فأقوى ما يُسْتَدل به على عدم جواز تعدية عِلَّة الْمُخامَرة من الخَمْر إلى الْمُثَلَّث وغيره قول [النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

: «حُرِّمَتْ}

(2)

الْخَمْرُ لِعَيْنِهَا وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ»، [وبهذا]

(3)

يتبيّن أن اسم الخمرَ لا يتناولُ سائرَ الأشْرِبة حقيقةً؛ لأنّ عطْف الشيء على نفسه لا يليق [بحكمة]

(4)

الحكيم

(5)

.

[سقوط تقوُّم الخمر، والمنع من إتلافها إلا لغرض صحيح]

(والسّادس: [سقوطُ]

(6)

تَقوُّمِها في حق المسلم حتّى لا يضمن متلفُها)

(7)

(8)

، ثم هل يباح الإتلاف؟

قال الشّيخ الإمام [مجد]

(9)

الأئمة [السُّرْخَكَتِيُّ

(10)

(11)

/: والصّحيح أنه لا يباح الإتلاف إلا لغرض صحيح، بأن كانت عند [الشَّرِيب]

(12)

يشربها غالباً {لو تُرِكَت عنده}

(13)

، حتّى لو كانت عند صالحٍ لا يباح الإتلاف، فإنّها مملوكة {له}

(14)

، وفي بقائها فائدة وهي التخليل، كذا ذكره الإمام المحبوبي

(15)

.

(1)

في (ب): (رسول الله عليه السلام.

(2)

مابين القوسين سقط من أصل (أ).

(3)

في (ب): (وهذا).

(4)

في (أ): (بحُكم).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 15)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 44)، تكملة فتح القدير لابن الهمام (10/ 95).

(6)

في (ب): (من سقوطِ).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1529).

(8)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 99)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 45)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 174).

(9)

في (أ): (مُحمَّد).

(10)

مجد الأئمة السُّرْخَكَتي: أبو بكر، محمد بن عبدالله بن فاعل، السُّرْخَكَتي، نسبة إلى سُرْخَكْت من بلاد سمرقند، كان إماما فاضلا مرجع العلماء، كانت له قوة النظر، وباع طويل، وله طريقة حسنة، سمع أبا المعالي محمد ابن محمد بن زيد الحسيني، تفقه عليه ضياء الدين محمود البندنيجي، وروى عنه جماعة كثيرة من أهل سمرقند، تُوُفِّيَ بسمرقند سنة 518 هـ، وَدُفِنَ ببخارى. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 67)، الفوائد البهية للكنوي (ص 179)، الأنساب للسمعاني (7/ 120).

(11)

في (ب): (السرخكي).

(12)

في (أ): (الشُّرْب).

(13)

سقطت من (أ).

(14)

سقطت من (أ).

(15)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 45)، البناية شرح الهداية (12/ 355).

ص: 193

[حرمة الانتفاع بالخمر]

(والسّابع: حُرْمةُ الانتفاع بها)

(1)

كسقي الدوابِّ، والتّداوي بالاحتقان، والإقطار في الإحليل

(2)

، كذا في "الأوضح"

(3)

(4)

.

[حَدُّ شارب الخمر]

(إلا أنّ حكم القتل قد انْتُسِخ)

(5)

بقوله عليه السلام: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى [مَعَانٍ]

(6)

ثَلَاثٍ»

(7)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1529).

(2)

الإِحْلِيْلُ: مَخْرَجُ الْبَوْلِ مِن الْإِنْسَانِ وَمَخْرَجُ اللَّبَنِ مِن الثَّدْيِ وَالضَّرْعِ، وَإِحْلِيْلُ الذَّكَرِ: ثُقْبُهُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ، وَجَمْعُهُ أَحَالِيْل. يُنظر: لسان العرب (11/ 170)، مختار الصحاح (ص 79).

(3)

الأوضح: "الأوضح" في فروع الفقه الحنفي، شرح على الهداية، في مجلدين، للشيخ، الإمام، أبي بكر، محمد بن أبي الفتح النيسابوري، الحنفي، وهو مخطوط، ومنه نسخة في معهد البيروني للدراسات الشرقية في طشقند، بأوزبكستان، ورقم الحفظ 3271. ويُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 273)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 334)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 202)، خزانة التراث بمركز الملك فيصل (99/ 906).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 96)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 116)، الفتاوى الهندية (5/ 410 - 411).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1529).

(6)

في (أ): (معاني).

(7)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(9/ 5) كتاب (الديات) باب (قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية) برقم (6878) بِلَفْظِهِ: عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالْمُفَارِقُ لِدِينِهِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ» .

- وأخرجه مسلم في "صحيحه"(3/ 1302) كتاب (القسامة والمحاربين والقصاص والديات) باب (ما يباح به دم المسلم) برقم (1676).

ص: 194

[عدم تأثر الخمر بالطبخ، فلا تحل]

[المراد بالباذق، وحكمه](والتاسع: أنّ الطبخ لا يؤثر فيها)

(1)

أي: طبخ الخمر بعدما صارت خمراً

(2)

.

(الباذَقُ)

(3)

: من عصير العنب ما طبخ أدنى طبخة فصار شديدًا، وقولُ من قال: معناه أنّها كلمةٌ فارسيةٌ [عُرِّبَت فلم]

(4)

يعرفها النّبي عليه السلام، [أو]

(5)

أنّه شيءٌ لم يكن في أيامه وإنّما أُحْدِثَ بعدَه ضعيف، كذا في "الْمُغْرِب"

(6)

.

وقيل: هو تعريب باذه، وهو الخمر، كذا في "الفائق"

(7)

.

[الخلاف في حكم شرب الباذق والمُنَصَّف]

(وكلّ ذلك حرام [عندنا]

(8)

إذا غلى واشتدّ وقذف بالزبد)

(9)

أي: عند أبي حنيفة/، (وإذا اشتد)

(10)

أي: عندهما

(11)

، أما إذا كان حلوًا يحل شربه بالاتفاق، كذا في "مبسوط شيخ الإسلام"

(12)

.

(وهو قول بعض المعتزلة

(13)

(14)

وقول بِشر الْمَرِّيْسِي

(15)

، كذا في "مبسوط شيخ الإسلام"

(16)

(17)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1529).

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 360)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 45)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 174).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(4)

في (أ): (غريب علم).

(5)

في (ب): (و).

(6)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 41).

(7)

يُنْظَر: الفائق في غريب الحديث والأثر (1/ 90).

(8)

في (أ): (عنده).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1530).

(11)

عندهما: أي عند أبي يوسف ومحمد بن الحسن -رحمهما الله-، فقد قال صاحب "الهداية" قبل ذلك:(وعندهما: إذا اشتد صار خمرًا، ولا يشترط القذف بالزبد؛ لأن الاسم يثبت به). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1527)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 485).

(12)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 362).

(13)

الْمُعْتَزِلة: فرقة نشأت في أواخر العصر الأموي وازدهرت في العصر العباسي، وقد اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة، ومن معتقداتهم: مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين مخلد في النار ما لم يتُب، خلق القرآن، ومن أبرز شخصياتهم التاريخية: واصل بن عطاء، الجعد بن درهم، وقد اعتنق الخليفة العباسي المأمون الاعتزال على يد بشر المريسي، وأحمد بن أبي دؤاد، فكان ذلك سبباً في فتنة خلق القرآن، التي امتحن بها الإمام أحمد بن حنبل. يُنْظَر: الموسوعة الميسرة في المذاهب والأديان المعاصرة (1/ 64 - 65).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(15)

بِشر الْمَرِّيْسِي: هو أبو عبدالرحمن، بشر بن غياث بن أبي كريمة، المريسي، مولى آل زيد بن الخطاب، كان والدُهُ يهوديَّاً قصاراً صباغاً، وبِشْرٌ كان من أصحاب الرأي، أخذ الفقه عن أبي يوسف القاضي، إلا أنه اشتغل بالكلام، وجرد القول بخلق القرآن، حتى كان عين الجهمية في عصره، وحُكِيَ عنه أقوال شنيعة ومذاهب مستنكرة، فمقته أهل العلم بسببها، وكفَّره أكثرهم لأجلها، وقد أسند من الحديث شيئا يسيراً عن حماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وأبي يوسف القاضي، وغيرهم، له تصانيف عِدَّة، منها:"الإرجاء" و "المعرفة" وغيرها في مذهبه، تُوُفِّيَ ببغداد 218 هـ، وقيل 219 هـ. يُنْظَر: تاريخ بغداد (7/ 531)، سير أعلام النبلاء (10/ 199)، وفيات الأعيان (1/ 277).

(16)

الخلاف في شرب الباذق و المُنّصَّف:

- الحنفية: حلال شربه ما دام حلواً، ومحرم إذا غلى واشتد وقذف بالزبد، فإنه يحرم قليله وكثيره، على خلاف في اشتراط قذف الزَّبَد.

- المالكية والشافعية والحنابلة: أنه كل ذلك محرَّم إذا أسكر.

- بعض المعتزلة، كَبِشْر المريسي: يحل شربه. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 4)، البناية شرح الهداية (12/ 362)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 442)، الذخيرة للقرافي (4/ 113)، الأم للشافعي (6/ 149)، الحاوي الكبير للماوردي (13/ 396)، المغني لابن قدامة (9/ 159)، الكافي في فقه الإمام أحمد (4/ 104).

(17)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 4)، تحفة الفقهاء (3/ 327)، البناية شرح الهداية (12/ 362).

ص: 195

[المراد بنقيع التمر (السَّكَر)، وحكمه]

(وأمّا نقيع التمر)

(1)

فهو أن ينقع التّمر في الماء ويُتْرَك أيّامًا حتّى يَستخْرِج الماءُ حلاوتَهُ فمادام حلوًا يحِلُّ شُرْبه.

(وهو النَّيِّء [من ماء]

(2)

التمر؛ أي: الرُّطَب)

(3)

وإنما فسّر التمر بالرطب {ههنا}

(4)

؛ لَمَّا أن الشراب الْمُتّخذ من التمر اسمه نبيذ التمر لا [السَّكَر]

(5)

فهو حلال عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-

(6)

على ما يجيء في قوله: (وقال في "المختصر"

(7)

: ونبيذ التمر والزّبيب

(8)

(9)

إلى آخره، [وهكذا]

(10)

السَّكَر (حرام مكروه)

(11)

(12)

.

وقوله: (حرام مكروه)

(13)

أي: في حرمته نوع ضعف لَمَّا أنّ حُرْمتَه ليست كحُرْمَة الخمر؛ فلذلك أردف الحُرْمة بالكراهة؛ وذلك لأنّ حُرْمة السَّكَر اجتهادية وحرمة الخمر بالإجماع [قطعية]

(14)

، فموضع الإجماع غير موضع الخلاف، [وأجمعَت]

(15)

الأُمة على تكفير [مستحلّ]

(16)

الخمر، وأجمعوا على أن مستحلّ غير الخمر لا يكفر، فعُلِم بهذا أن حُرمة السَّكَر دُون حُرمة الخمر

(17)

.

(وهو بالمحرم لا يتحقّق)

(18)

أي: الامتنان بالمحرّم لا يتحقّق

(19)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(2)

في (أ): (مرة).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

في (ب): (المسكر).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 20)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 175)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 100).

(7)

المختصر: هو كتاب "مختصر القدوري".

(8)

يُنْظَر: مختصر القدوري (204).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(10)

في (ب): (وهذا).

(11)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 97 - 98)، البناية شرح الهداية (12/ 364)، تكملة فتح القدير (10/ 98).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(14)

في (ب): (قطيعة).

(15)

في (ب): (واجتمعت).

(16)

في (ب): (مُحِلّ).

(17)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (10/ 98)، العناية شرح الهداية (10/ 98)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 285 - 286).

(18)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(19)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 45)، البناية شرح الهداية (12/ 365)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 570).

ص: 196

(ويدل عليه ما رويناه من قَبْل)

(1)

وهو قولُه عليه السلام: «الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ/ الشَّجَرَتَيْنِ، وَأَشَارَ إِلَى الْكَرْمَةِ وَالنَّخْلَةِ»

(2)

.

(والآية محمولة على الابتداء)

(3)

هذا على تقدير أن يكون المراد من قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرا وَرِزْقًا حَسَنًا}

(4)

الامتنان

(5)

، كما {لو}

(6)

قال الخصم

(7)

.

(وقيل: أراد به التّوبيخ)

(8)

يعني: لا الامتنان؛ أي: أنتم بسفاهتكم تتخذون منه [سَكَراً]

(9)

حراماً وتتركون رزقاً حَسَنًا

(10)

.

وقال الإمام المحبوبي ناقلًا عن عَلَم الْهُدى أبي منصور

(11)

-رحمهما الله-: معناه والله أعلم: تتخذون من الحلال الخالِص ما هو حرام، وهو كقوله تعالى:{قُلْ أَرَءَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْق? فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاما وَحَلَالا}

(12)

الآية

(13)

.

وحاصل ذلك فيما ذكره من "الذّخيرة"، وقال في الفصل الثاني من [أشربتة]

(14)

: وما يتخذ الشّراب من التّمر؛ فأنواع ثلاثة: السَّكَر والفَضِيْخُ والنَّبِيذ

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(2)

سبق تخريجه (ص 337).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(4)

سورة النحل الآية (67).

(5)

يُنْظَر: تأويلات أهل السنة للماتريدي (6/ 528 - 529)، الكشاف للزمخشري (2/ 617).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

يُنْظَر: جامع البيان للطبري (17/ 241)، المبسوط للسرخسي (24/ 4)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 45)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 452).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(9)

في (أ): (مُسْكِرًا).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 4)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 114 - 115)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 45).

(11)

علم الهدى أبي منصور: هو محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي، الْمُتَوَفَّى سنة 333 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 130)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (1/ 249)، الفوائد البهية للكنوي (ص 195).

(12)

سورة يونس الآية (59).

(13)

يُنْظَر: تأويلات أهل السنة للماتريدي (6/ 528)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 115).

(14)

في (أ): (أشْربَة).

(15)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 121).

ص: 197

أمّا السَّكَر: فهو [الذي]

(1)

من ماء الرُّطَب، وإنّه حلال مادام حلوًا، وإذا غلا واشتدّ وقذف بالزَّبَد فهو حرام عندنا، ومن النّاس من أباحه، والصّحيح مذهبنا؛ لِمَا رُوِيَ عن [عُمَرَ]

(2)

رضي الله عنه أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ السَّكَرِ، قَالَ: هِيَ الْخَمْرُ لَيْسَ لَهَا كُنْيَةٌ

(3)

، وكذلك كان عَلِيٌّ رضي الله عنه يُشَدِّدُ فِيْ تَحْرِيْمِ السَّكَرِ

(4)

(5)

.

(1)

في (أ): (الَّتِي).

(2)

هكذا في النسختين، والوارد في الآثار أنه:(ابن عمر)، ويأتي عند تخريج هذا الأثر.

(3)

أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 75) كتاب (الأشربة) باب (في السَّكَر ما هو؟) برقم (23831): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ السَّكَرِ؟ فَقَالَ:«الْخَمْرُ، لَيْسَ لَهَا كُنْيَةٌ» .

- وأورده الإمام أحمد في كتابه "الأشربة"(ص 55) برقم (124).

(4)

أخرج الدارقطني في "سُنَنِه"(4/ 196) كتاب (الحدود والديات وغيره) برقم (3321) قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: ثُمَّ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ وَبَرَةَ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: أَرْسَلَنِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى عُمَرَ، فَأَتَيْتُهُ وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَعَلِيُّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَهُمْ مَعَهُ مُتَّكِئُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامُ، وَيَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ انْهَمَكُوا فِي الْخَمْرِ، وَتَحَاقُّوا الْعُقُوبَةَ فِيهِ، فَقَالَ عُمَرُ: هُمْ هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ فَسَلْهُمْ، فَقَالَ عَلِيُّ:«نَرَاهُ إِذَا سَكِرَ هَذِيَ، وَإِنْ هَذِيَ افْتَرَى، وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانِينَ» ، فَقَالَ عُمَرُ: أَبْلِغْ صَاحِبَكَ مَا قَالَ، قَالَ: فَجَلَدَ خَالِدٌ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ إِذَا أُتِيَ بِالرَّجُلِ الضَّعِيفِ الَّذِي كَانَتْ بِهِ الذِّلَّةُ ضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ، قَالَ: وَجَلَدَ عُثْمَانُ أَيْضًا ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِينَ.

- قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 417).

- وضعفه الألباني في "إرواء الغليل"، ثم قال: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال مسلم، غير ابن وبرة الكلبى فلم أعرفه. يُنْظَر: إرواء الغليل للألباني (7/ 111).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 121 - 122).

ص: 198

وأمّا الفَضيخُ: فهو [النَّيِّءُ]

(1)

من ماء البُسْر المذنّب، {وهذا الاسم مشتق من الفضخ وهو الكسر، فالبُسر المذنّب}

(2)

يُكْسَر ويجعل في جُبّ

(3)

ويُصَبُّ عليه الماءُ الحارُّ [ليُخْرِج]

(4)

حلاوتَهُ، فسُمِّي ذلك [فضيخًا]

(5)

لكونه مستخرجًا من البُسْر المفضوخ، وإنه حلالٌ مادام حلوًا، وإذا غلى واشتدّ وقذف بالزّبد فهو حرام عندنا، ولكن ليست حُرْمة السَّكَر و [الفضيخ]

(6)

نظير حرمة الخمر، فإن عند أبي حنيفة/ يجوز بيع السَّكَر ولا يجب [الحَدُّ]

(7)

بشرب القليل منه، وإذا أصاب الثّوبَ أكثر من قدر الدِّرْهَم لا يمنعُ جوازَ الصلاة

(8)

.

وأمّا نَبِيذُ التّمر: فهو التّمر إذا طُبِخ أدنى طبْخَةٍ وغلا واشتدّ وقذف بالزَّبَد، وإنه حلال عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-؛ لاستمراء الطّعام والتّداوي، والسُّكْرُ منهُ حرامٌ، وهو قول محمّد/ أولاً، ثم [رجع]

(9)

وقال: لا يَحِلّ شُرْبُه، وهو قول الشّافعي/

(10)

(11)

.

(1)

في (ب): (الَّتي).

(2)

مابين القوسين سقط من (ب).

(3)

جُبّ: الجُبُّ يَأْتِي عَلَى مَعَانٍ، وَهُوَ هُنَا: الْمَزَادَةُ الْمَجْبُوْبَةُ كَانُوا يَنْتَبِذُون فِيهَا، وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ رَأْسُهَا وَلَيْسَ لَهَا عَزْلَاءُ مِن أَسْفَلِهَا يَتَنَفَّسُ مِنْهَا الشَّرابُ، يُخَيَّطُ بعضُها إِلَى بَعْضٍ. يُنْظَر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 233)، لسان العرب (1/ 249)

(4)

في (ب): (لِتَخْرُج).

(5)

في (ب): (فضْخًا).

(6)

في (أ): (النَّضِيح)، وفي (ب):(الفضخ)، وما دوَّنتُه أصوب للسِّياق.

(7)

سقطت من (أ).

(8)

يُنْظَر: يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 122)، البناية شرح الهداية (12/ 366 - 367)، فتاوى قاضيخان (3/ 89 - 90).

(9)

في (أ): (رجح).

(10)

خلاصة الخلاف في حكم نبيذ التمر:

- أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-: حلالٌ لاستمراء الطعام والتداوي، والسُّكْرُ منه حرام.

- المالكية والشافعية والحنابلة ومحمد بن الحسن من الحنفية: أنه حرام قليله وكثيره. يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 116)، فتح القدير لابن الهمام (10/ 98)، الذخيرة للقرافي (4/ 113)، المعونة على مذهب أهل المدينة (1/ 709)، الحاوي الكبير للماوردي (13/ 376)، نهاية المطلب في دراية المذهب (17/ 325)، الكافي في فقه الإمام أحمد (4/ 104 - 105)، المغني لابن قدامة (9/ 159 - 160).

(11)

يُنظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 122)، البناية شرح الهداية (12/ 367)، فتاوى قاضيخان (3/ 89 - 90).

ص: 199

(وقد بيَّنَّا المعنى من قبل)

(1)

وهو قوله: (ولنا: أنّه رقيقٌ مُلِذٌّ مُطْرِب)

(2)

إلى آخره

(3)

.

[المراد بنقيع الزبيب، وحكمه]

(وأمّا نقيع الزّبيب)

(4)

فقد ذكرنا أنّ ما يُتَّخَذ من الزّبيب شيئيان: نقيع ونبيذ، فالنقيع: هو [أن يُنْقَع]

(5)

الزّبيبُ في الماء ويترك إيّامًا حتى يَسْتَخْرِج الماءُ حلاوتَه، فمادام حلوًا يحلّ بالإجماع، وإن غلى واشتدّ وقذف بالزّبد فحكمه كحكم الباذق

(6)

.

[المراد بنبيذ الزبيب، وحكمه]

وأمّا النّبيذ: فهو [النَّيِّء]

(7)

من ماء الزّبيب إذا طبخ أدنى طبخة، مادام حُلوًا يحِلّ بالإجماع، وإن غلا واشتد وقذف وقذف بالزَّبَد فهو كالْمُثَلَّث، وقد مرَّ بيانه، كذا ذكره الإمام المحبوبي

(8)

.

[من أتلف شيئاً من هذه الأشربة غير الخمر]

(غير أن عنده)

(9)

أي: عند أبي حنيفة/ (يجب قيمتُها لا مثلُها)

(10)

كما إذا أتلف المسلمُ خمرَ الذِّمِّي

(11)

.

[حكم ما سوى المذكور من الأشربة]

(وما سوى ذلك)

(12)

أي: وما سوى ما ذكَرَهُ وهو الخمر، والسَّكَر، ونقيع الزَّبيب، والطلاء وهو الباذق، [والْمُنَّصّف]

(13)

(14)

.

(لا يوجد في غيرِه)

(15)

أي: في غير "الجامع الصّغير"

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

يُنْظَر: يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 98)، البناية شرح الهداية (12/ 367)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1130).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(5)

في (ب): (ما ينقع).

(6)

يُنظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 89)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 121).

(7)

في (ب): (الَّتِي).

(8)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 89)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 121).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1530).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (20/ 27)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 143)، العناية شرح الهداية (10/ 99).

(12)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(13)

في (ب): (وهو الْمُنَصَّف).

(14)

يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 485، 486)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 47)، العناية شرح الهداية (10/ 99).

(15)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1530).

(16)

يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 486)، العناية شرح الهداية (10/ 99)، البناية شرح الهداية (12/ 369).

ص: 200

[من ذهب عقله بالبنج، وبشرب لبن الرماك]

(ومن ذهب عقله بالبَنْجِ

(1)

(2)

أي: وبمنزلة من ذهب عقله بالبَنْج (ولبن الرِّماك

(3)

(4)

فإنّه لا يقع طلاقُه وإقرارُه وبيعُه هناك، فكذا هنا، كذا ذكره فخر الإسلام

(5)

.

وعن أبي حنيفة/ قال: من زال عقله؛ إن علم أنّه بنج حين أكَل يقعُ طلاقُهُ وعِتاقُه، وإن لم يعلم لا يقع

(6)

.

والسُّكْر من هذه الأشربة حرام بالإجماع؛ لأنّ السُّكْر من البَنْجِ حرامٌ مع أنّه مأكول غير مشروب، فَمِن المشروب أولى، كذا ذكره الإمام المحبوبي

(7)

.

(وعن محمّد/ أنّه حرام ويُحَدّ شاربُه إذا سكر منه ويقع طلاقُه)

(8)

، والشيخ الإمام الخزواني/ في الفتاوى

(9)

ذَكَر أنَّ الفتوى على قول محمّد، كذا ذكره الإمام المحبوبي

(10)

.

(وقال فيه أيضاً)

(11)

أي: في "الجامع الصّغير".

(كالكلام في المُثَلَّث العِنَبِي)

(12)

عنده حلالٌ بشرط أن لا يُسْكِر

(13)

.

(1)

البَنْج: مُعَرَّبٌ، ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ، يُسْكِرُ وَقِيلَ: يُسْبِتُ، مُخَبِّطٌ لِلعَقْلِ، مُبْطِلٌ لِلذِّكْرِ، مُسَكِّنٌ لأِوْجاعِ الأَوْرامِ والبُثُورِ وغيرها. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 55)، لسان العرب (2/ 216)، القاموس المحيط (1/ 181).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1531).

(3)

الرِّمَاك: جمع رَمَكة، وهي الأُنثى من الخَيل (الفَرَس). يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 218)، المعجم الوسيط (ص 373).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1531).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 18)، فتاوى قاضيخان (3/ 92)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 572).

(6)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 92)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 38)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 456).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 123)، العناية شرح الهداية (5/ 309)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (5/ 30).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1531).

(9)

لم أهتد إليه.

(10)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 123)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1121)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 456).

(11)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1531).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 119)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 46)، البناية شرح الهداية (12/ 378).

ص: 201

[المراد بالخليطين، وحكمه]

(ولا بأس بالخليطين)

(1)

وهو أن يجمع بين {ماء التمر و}

(2)

ماء الزبيب ويُطبخ أدنى طبخةٍ ويُترك إلى أن يغلي ويشتد، كذا في "الأوضح"

(3)

.

[المراد بالعجوة]

[الْعَجْوَة

(4)

(5)

: التّمر الذي [يغيب]

(6)

فيه الضِّرْس لجودته

(7)

.

[الهدف من النهي عن الخليطين]

(محمول على حالة الشدّة)

(8)

أي: العُسْرَة والقَحْط، يعني أن النهي محمولٌ على أنّ الجمع كان بين التمر والزّبيب في سنة القَحْطِ، فاستُحِب أن لا يجمع إنسان بين النعمتين، بل يأكل أَحَدَهُما ويُؤْثِر بالآخر على جاره، حتى لا يشبع هو وجارُه جائع، وما روينا من الإباحة محمول على حالة/ السّعة بين النّاس، حيث أباح الجمع بين النّعمتين، [هكذا]

(9)

رُوِيَ عن [إبراهيم]

(10)

النَّخعي/

(11)

(12)

، كذا في "مبسوط شيخ الإسلام"/

(13)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 5)، البناية شرح الهداية (12/ 372)، اللباب في شرح الكتاب (3/ 215).

(4)

الْعَجْوَة: اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي تَوْصِيْفِهِ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيْر: نَوْعٌ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينةِ، أَكْبَرُ مِن الصَّيْحَانِيِّ، يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ مِنْ غَرْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ضَرْبٌ مِنْ أَجْوَدِ التَّمْرِ بِالْمَدِيْنَةِ، وَنَخْلَتُهَا تُسَمَّى لِينَةً، وَقِيْلَ غَيْرَ ذَلِكَ. يُنْظَر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 188)، الصحاح للجوهري (6/ 2419).

(5)

في (ب): (والعجوة).

(6)

في (أ): (يثبت).

(7)

يُنْظَر: الجيم لأبي عمرو الشيباني (3/ 82).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1531).

(9)

في (ب): (كذا).

(10)

في (أ): (ابن إبراهيم).

(11)

ابراهيم النخعي: هو أبو عمران، إبراهيم بن يزيد بن قيس، النخعي، الكوفي، اليماني، الإمام، الحافظ، فقيه العراق روى عن: خاله الأسود بن يزيد، ومسروق، وعلقمة بن قيس، وعبيدة السلماني، وخَلْقٌ غيرهم، وروى عنه: الحكم بن عتيبة، وعمرو بن مرة، وحماد بن أبي سليمان، وسماك بن حرب، وغيرهم كثير، وكان بصيراً بعلم ابن مسعود، واسع الرواية، فقيه النفس، كبير الشأن، متوقِّياً، قليل التكلُّف، كثير المحاسن، وصفه بعضهم: بصيرفي الحديث، تُوُفِّيَ سنة 96 هـ، وعُمُرُه 49 سَنَةً على الصحيح. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (4/ 520)، الوافي بالوفيات للصفدي (6/ 108).

(12)

قال الزيلعي في "نصب الراية": قُلْت: الْمُرَادُ بِالشِّدَّةِ هُنَا الْقَحْطُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ "الْآثَارِ" أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِنَبِيذِ خَلِيطِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَإِنَّمَا كُرِهَا لِشِدَّةِ الْعَيْشِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ، كَمَا كُرِهَ السَّمْنُ وَاللَّحْمُ، وَكَمَا كُرِهَ الْإِقْرَانُ، فَأَمَّا إذَا وَسَّعَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، انْتَهَى. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (4/ 301).

- وقد بحثت عنه في كتاب "الآثار" لمحمد بن الحسن وغيره فلم أجده.

(13)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 46)، المبسوط للسرخسي (24/ 5)، العناية شرح الهداية (10/ 101).

ص: 202

[حكم عصير العنب إذا طُبِخ حتى ذهب ثُلُثاه وبقي ثُلُثَه]

(وعصير العنب إذا طُبِخ حتى ذهب ثُلُثاه وبقي ثُلُثَه)

(1)

وهو المدعو بالْمُثَلَّث؛ حلالٌ

(2)

.

([ولنا]

(3)

قوله عليه السلام

(4)

أي: ولأبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-.

[الاختلاف في المفسِد في غير الخمر]

ولهما أيضًا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ}

(5)

الآية، الله تعالى بيّن الحكمة {في تحريم الخمر}

(6)

في هذه الآية؛ وهو الصّد عن ذكر الله تعالى، و [إيراث]

(7)

العداوة، وهذه المعاني لا تحصل بشرب القليل، ولو خلينا وظاهر الآية لَقُلْنَا:[لا]

(8)

يحرم القليل من الخمر أيضًا، ولكن تركنا قضية ظاهر [الآية]

(9)

في قليل الخمر بالإجماع، [ولا إجماع]

(10)

فيما عداه فبقي على ظاهر الآية، وسُئِل أبو بكر

(11)

عن العصير إذا وضع في الشّمس حتّى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، قال: لا بأس به، وهو بمنزلة [طبخه]

(12)

بالنّار، كذا في "الذّخيرة"

(13)

.

(ولأنّ المفسد هو القَدَحُ المسكِر، وهو حرام عندنا)

(14)

أي: لا {ما}

(15)

قبله

(16)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(2)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (4/ 100)، البناية شرح الهداية (12/ 377 - 378)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 176).

(3)

في جميع المطبوع من متون "الهداية" أو شروحها: (ولهما)، وهو الصواب.

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1533).

(5)

سورة المائدة الآية (90).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

في (أ): (إبراز).

(8)

في (ب): (ما).

(9)

في (أ): (الأمر).

(10)

في (أ): (والإجماع).

(11)

أبو بكر: محمد بن الفضل، الفضلي الكُماري، البخاري، إمامًا كبيرًا، وشيخًا فاضلًا، معتمدًا في الرواية، أخذ الفقه عن الاستاذ عبدالله السبذموني، عن أبي حفصٍ الصغير، عن أبيه، عن محمد، تُوُفِّيَ سَنَة 381 هـ. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (2/ 107)، الفوائد البهية للكنوي (ص 184).

(12)

في (أ): (طبخة).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 119).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1531).

(15)

سقطت (ب).

(16)

يُنْظَر: النتف للسغدي (1/ 246)، تحفة الفقهاء (3/ 328)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 117).

ص: 203

فإنْ قلتَ: القدح الأخير إنّما يصير مُسْكِراً بما تَقَدَّمَه لا بانفراده بنفسه، فينبغي على هذا أن يكون كلّه ممّا [تَقَدَّم]

(1)

وتأَخَّر حراماً؛ لاستناد كلّ واحد منهما في التَّقَوِّي إلى الآخَر.

قلتُ: لما وجد السُّكْر بشرب القدح الأخير أضيف الحكم إليه؛ لكونه عِلةً معنًى وحُكمًا، وهذا لأنّ الْمُسْكِر ما يتّصل به السُّكْر بمنزلة [المتخِم]

(2)

من الطّعام، فإنَّ تناوُل الطّعام بقدر ما يُغَذِّيه ويُقَوِّي بدَنَه حلالٌ، وما يُتْخِمُه وهو الأكل فوق الشِّبَع حرامٌ، ثم الْمُحَرَّم منه ما هو الْمُتْخِم وما زاد على الشِّبَع، وإن كان هذا لا يكون متخمًا إلا باعتبار ما تَقدَّمَه، فكذلك في الشَّراب، إلى هذا أشار في "المبسوط"

(3)

.

وسُئِل الشيخ أبو حفص الكبير/ عن هذا فقال: لا يَحِلّ شُرْبُه، فقيل له: خالفتَ أبا حنيفة وأبا يوسف -رحمهما الله-، فقال:{لا، قيل: كيف؟}

(4)

فقال: [لأنّهما]

(5)

إنّما يُحِلَّان للاستمراء، والنّاسُ في زمانِنا إنّما يستعملونَهُ للفُجُور والتَّلَهِّي، ولو شَرِبَه للَّهْو لا يَحِلّ بالإجماع

(6)

.

وذكر أبو يوسف/ في "أماليه": لو أراد [أن يشْرَبَه للسُّكْر]

(7)

فقليلُه وكثيرُه حرام، وقُعودُه لذلك حرام، والمشيُ إليه حرام

(8)

.

وعلى هذا الاختلاف نبيذ التّمر والزّبيب إذا طبخ أدنى طبخة {ثم غلى واشتد وقذف بالزَّبَد، كذا ذكره الإمام المحبوبي/

(9)

.

[المراد بالبُخْتُج، وحكمه]

(والذي يُصَبُّ عليه الماء بعدما ذهب ثُلُثاه بالطبخ حتى يرِقّ، ثم يُطبَخ طبخة:}

(10)

حُكمُه حكم المُثَلَّث)

(11)

لم يذكر اسم هذا الشّراب مع أن له أسامي خمسة؛ البُخْتُج والجُمْهُوري والحميدي وأبو يوسفي ويعقوبي

(12)

.

(1)

في (أ): (يُقَدَّم).

(2)

في (أ): (الْمُنجم).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 9)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 47)، البناية شرح الهداية (12/ 382).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

في (ب): (إنهما).

(6)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 378)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 87)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 456).

(7)

في (ب): (بشُرْبِه السُّكْر).

(8)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 116)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 456)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 456).

(9)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 122)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 45 - 46)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 571).

(10)

مابين المعقوفتين سقط من (أ).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1533 - 1534).

(12)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 120)، فتاوى قاضيخان (3/ 88 - 89)، العناية شرح الهداية (10/ 105).

ص: 204

والبُخْتُج: تعريب بُخْتة؛ أي: مطبوخ، وعن الإمام خواهر زاده: وهو اسم لِمَا حُمِلَ على النّار وطُبِخَ إلى الثُّلُث، كذا في "الْمُغْرب"

(1)

.

وذكر في "الذّخيرة": وأمّا البُخْتُجُ وفارِسِيُّهُ بُخْتة؛ فقد اختلف المشائخ رحمهم الله في أمره، قال الفقيه أبو محمد

(2)

: هو العصير الذي صُبَّ فيه الماءُ وطُبِخَ حتّى ذهب ثُلُثَاه وبقي ثُلُثَه، فيكون الذّاهبُ من العصير أقلَّ من الثُّلُثين، منسوب إلى جمهور النّاس وهو جُلُّهُم، فإن كان تفسيره فما دام حُلْواً يَحِلّ شُرْبُه، وإذا غلى وقذف بالزَّبَد لا يَحِلّ شُرْبُه عند علمائنا جميعًا، وقال بعضهم البُخْتُجُ هو الحُمَيديُّ، منسوبٌ إلى رَجُلٍ اسمه حُمَيد

(3)

، وذكر في "الْمُغْرِب": سُمِّيَ بتصغير الحَمْدِ حُمَيْدُ بنُ هانِئ، ونُسِبَ إليه الحُمَيديُّ، وهو نوع من الأَشْرِبَة

(4)

.

ثم ذكر {صُورتَه}

(5)

في "الذّخيرة" بعدما ذكرَ ما ذكرْتُه؛ فقال: صورته أن يُصَب الماءُ على الْمُثَلَّث حتّى يَرِقّ ويُتْرك حتّى يشتدّ، فإنّه يَحِلّ شُرْبُه عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- ما دون السُّكْر، و [سُمِّيَ]

(6)

هذا النوعُ أبو يوسفي؛ لأن أبا يوسفَ/ كثيراً ما يستعمل هذا، و [هل]

(7)

يشترط لإباحته عندهما بعدما صُبَّ الماءُ فيه أدنى طبخة؟ اختلف المشايخ فيه

(8)

.

ويعقوبي أيضاً كأبو يوسفي؛ لأنّهما عَلَما شخص واحدٍ

(9)

.

(1)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 37).

(2)

أبو محمد: هو الحاكم الكُفِيْنِيّ، على ما ذكر في المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 120)، وهو عبدالله ابن محمد بن محمد، المعروف بالحاكم الكُفِيْنِيّ، نِسْبَةً إلى كُفِيْن، وهى من قرى بخارى، أو موضع ببُخَارى، كان فقيهًا فاضلاً، روى عنه: أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الكَرْمِيْنِي، وغيرُه. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 291)، الأنساب للسمعاني (11/ 129).

(3)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 120)، فتاوى قاضيخان (3/ 88 - 89)، الفتاوى الهندية (5/ 412 - 413).

(4)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 139).

(5)

سقطت من (أ).

(6)

في (ب): (يُسمَّى).

(7)

في (أ): (قيل).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 120)، العناية شرح الهداية (10/ 105)، الفتاوى الهندية (5/ 409)

(9)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 352).

ص: 205

([أو]

(1)

يذهب منهما)

(2)

يعني؛ تارةً يذهب الماء للطافتة أولاً، وتارة يذهب العصير والماء معًا، فلو ذهبا معًا يَحِلّ شُرْبُه كما يَحِلّ شُرْب الْمُثَلَّث، لأنّهما لمَّا ذهبا معًا كان [الذاهب]

(3)

من العصير أيضاً ثُلُثَينِ كالماء، وهناك يجوز شُرْبُه على ما يَجِيء في فَصْل طبخِ العصير؛ فكذلك ههنا، لكن لمَّا [لم يتيقن]

(4)

بذهابهما معًا واحتمل ذهاب الماء أولاً للطافتة قلنا بحُرْمةِ شُرْبه احتياطاً؛ لأنّه إذا ذهب الماء أولاً كان الذّاهب أقلّ من ثُلُثَي العصير وهو حرام عندنا على ما مرّ، وهو الباذق

(5)

.

(فلا يكون الذّاهب ثُلُثَي ماء العنب)

(6)

أي: على القطع {والبتات}

(7)

.

[طبخ العنب ثم عصره]

(ولو طبخ العنب كما هو ثم يعصر: يكتفى بأدنى طبخة في رواية/ عن أبي حنيفة)

(8)

وهو رواية الحسن

(9)

عنه -رحمهما الله-، فقال: أنّه إذا طبخ أدنى طبخة يحلّ شربه إذا غلي واشتدّ، كما في نقيع الزّبيب والتّمر، و {أنكر}

(10)

المتقدِّمون من مشائخنا هذه الرواية، فقد روى الحسن بن أبي مالك

(11)

عن أبي يوسف قال: سمعت أبا حنيفة/ أنّه لا يحلّ ما لم يذهب ثلثاه بالطّبخ، وهذا أصحّ؛ لأنّ الذي في العِنَب هو العصير، وتأثير العصير في الفصل بين العصير والثُّفْل

(12)

، فكما لا يَحِلّ العصيرُ بأدنى طبخةٍ بل بشرط ذهاب الثُّلُثَين، فكذلك العِنَب، كذا في "الذّخيرة"

(13)

.

(1)

في (ب): (و).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(3)

في (أ): (الذاهب).

(4)

في (ب): (تبين).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 105)، البناية شرح الهداية (12/ 386 - 387)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 47).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(7)

سقطت من (ب).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(9)

الحسن: هو أبو علي، الحسن بن زياد، اللؤلؤي، الكوفي، صاحب أبي حنيفة، العلامة، كان يقظًا فقيهًا نبيهًا كريمًا، حَسَن الخُلُق، ولِيَ القضاء ثم استعفى نفسه منه، كان يختلف إلى زفر وأبي يوسف فى الفقه، روى عنه: محمد بن شجاع الثلجي، وعلي الرازي، وعمر بن مهير والد الخصَّاف، ومن تصانيفه:"المجرد لأبي حنيفة" و "أدب القاضي" و "الخصال" و "معاني الإيمان" وغيرها، تُوُفِّيَ سنة 204 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (9/ 544)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 192)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص 150)، الفهرست لابن النديم (ص 254).

(10)

سقطت من (أ).

(11)

الحسن بن أبي مالك: هو أبو مالك، من أصحاب أبي يوسف، وتفقه عليه، وأخذ عنه شيئًا كثيرًا، وتفقه عليه محمد بن شجاع البلخي، وغيره، قال الصَّيْمَريّ: ثقة فى روايته، غزيز العلم، واسع الرواية، وكان أبو يوسف يشبهه بجَمَل يحمل أكثر مما يطيق، تُوُفِّيَ سنة 204 هـ، في السنة التي مات فيها الحسن بن زياد. يُنْظَر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 204)، الفوائد البهية للكنوي (ص 60)، الطبقات السنية في تراجم الحنفية (3/ 50).

(12)

الثُّفْل: ما رَسَبَ وَاسْتَقَرَّ تَحْتَ الشَّيْءِ مِنْ خُثُوْرَةٍ وكُدْرَةٍ، وَأَثْفَلَ الشَّرَابُ: صَارَ فِيْهِ ثُفْلٌ، ويُطْلَقُ أَيْضَاً عَلَى: الْحَبِّ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (4/ 1646)، الفائق للزمخشري (1/ 169)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص 972).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 130 - 131)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (10/ 105)، العناية شرح الهداية (10/ 105 - 106).

ص: 206

[حكم الانتباذ في الدباء والحنتم والمزفَّت والنقير]

(ولا بأس بالانتباذ في الدُّبَّاء)

(1)

إلى أن قال: (في حديث فيه طول)

(2)

وهو ما روى بُريدة

(3)

رضي الله عنه، أنّ رسول الله عليه السلام قال: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ، عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُوْرِ فَزُوْرُوْهَا فَقَدْ أُذِنَ لْمُحَمَّدٍ فِيْ زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، وَلَا تَقُوْلُوْا هُجْرًا

(4)

، وَعَنْ لَحْمِ الْأَضَاحِيْ [أَنْ]

(5)

تُمْسِكُوْهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَأَمْسِكُوْهُ مَا بَدَا لَكُمْ، وَتَزَوَّدُوْا، فَإِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ لِيَتَّسِعَ بِهِ [مُوْسِرُكُمْ]

(6)

عَلَى مُعْسِرِكُمْ، وَعَنْ النَّبِيْذِ فِيْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ فَاشْرَبُوْا فِيْ كُلِّ ظَرْفٍ فَإِنَّ الظَّرْفَ لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يًحَرِّمُهُ»

(7)

(8)

، وفي الحديث دليل جواز نسخ السُّنَّة بالسُّنَّة

(9)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(3)

بُرَيْدَة: هو الصحابي الجليل بريدة بن الحُصيب بن عبد الله بن الحارث بن الأعرج، الأسلمي، يُكنى: أبا عبدالله، عَلَى المشهور، أسلم حين مر به النبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً، هو ومن معه، وكانوا نحو ثمانين بيتاً، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أُحُد، فشهد معه مشاهده، وشهد الحديبية، وبيعة الرضوان تحت الشجرة، نزل البصرة، ثم خرج غازياً إلى خُرَاسان، فأقام بمرو حتى مات ودفن بها، له جُمْلة أحاديث، روى عنه: ابْناهُ عبد الله وسليمان، والشعبي، وأبو المليح بن أسامة، وجماعة، توفي في سنة 62 هـ على الأصح. يُنْظَر: أسد الغابة لابن الأثير (1/ 209)، سير أعلام النبلاء (2/ 469)، تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 621).

(4)

هُجْرًا: فُحْشًا، اسْمٌ مِنْ أَهْجَرَ فِي مَنْطِقِهِ: إِذَا أَفْحَشَ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة للنسفي (ص 160)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 542).

(5)

في (ب): (ألَّا).

(6)

في (ب): (موسعكم).

(7)

أخرجه بهذا اللفظ محمد بن الحسن الشيباني في كتابه "الآثار"(2/ 313) باب (زيارة القبور) برقم (268): مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«نَهَيْنَاكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا؛ فَقَدْ أُذِنَ لِمُحَمَّدٍ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، وَعَنْ لَحْمِ الْأَضَاحِيِّ أَنْ تُمْسِكُوهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَأَمْسِكُوهُ مَا بَدَا لَكُمْ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّا إِنَّمَا نَهَيْنَاكُمْ لِيَتَّسِعَ مُوسِعُكُمْ عَلَى فَقِيرِكُمْ، وَعَنِ النَّبِيذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ، فَانْتَبِذُوا فِي كُلِّ ظَرْفٍ فَإِنَّ ظَرْفًا لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ، وَلَا تَشْرَبُوا الْمُسْكِرَ» .

- والشاهد من هذا الحديث وهو قولُه: «فَانْتَبِذُوا فِي كُلِّ ظَرْفٍ فَإِنَّ ظَرْفًا لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ، وَلَا تَشْرَبُوا الْمُسْكِرَ» ، قد أخرج مسلمٌ في صحيحه (3/ 1585) كتاب (الأشربة) باب (النهي عن الانتباذ في المزفت) برقم (1999) بِسَنَدِه: عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ، فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» .

(8)

يُنظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 9 - 10)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 101)، العناية شرح الهداية (10/ 106).

(9)

قال في السرخسي في "المبسوط": (فقد أُذِنَ في هذه الأشياء الثلاثة بعد ما كان نُهِيَ عنها، وبالإذْن يُنْسخ حُكْم النَّهْي). يُنظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 10).

ص: 207

[المراد بالدُّباء، والحنتم، المزفَّت]

(الدُّبَّاءُ)

(1)

: القرع

(2)

.

(الحَنْتَمُ)

(3)

: جِرَارٌ [حُمْر]

(4)

، وقِيلَ خُضْرٌ يُحْمَلُ فيها الخَمْر إلى المدينة، الواحدةُ: حَنْتَمة

(5)

.

(المُزَفَّتُ)

(6)

: الوِعاءُ الْمَطْلِيُّ بالزُّفْت، وهو القَاُر، كذا في "المبسوط" و"الْمُغْرِب"

(7)

.

[حكم الخمر إذا تخلَّلَت بنفسها، أو بغيرها]

وذكر في "مبسوط شيخ الإسلام"/: إنما نهى عن هذه الأوعية [على الخُصوص]

(8)

؛ لأن الأنْبِذَة تشتدُّ في هذه الظُّروفِ [أكثر]

(9)

ممّا تشتد في غيرها

(10)

.

(وإذا تخلّلت الخمرُ: حَلَّت)

(11)

إلى أن قال: (وقال الشّافعيُّ رضي الله عنه: يُكْرِه تخليلُها)

(12)

(13)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(2)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 504).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(4)

في (أ): (خَمر).

(5)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 503 - 504).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 10)، الْمُغْرب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 503).

(8)

في (ب): (بالخصوص).

(9)

في (أ): (وأكثر).

(10)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 48)، العناية شرح الهداية (10/ 106)، البناية شرح الهداية (12/ 391).

(11)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1535).

(13)

أقوال المذاهب في حكم الخمر إذا تخلَّلَت:

- الحنفية: تكون حلالاً، سواءٌ تخللت بنفسها أو بشيئ طُرِحَ فيها، أو خُلِّلَت بنقلها، كما لو نُقِلَت من الظل إلى الشمس أو العكس.

- المالكية: إذا تخللت من ذاتها طَهُرَت وصارت حلالاً، وكذلك إذا تخللت بنقلها، وأما إذا تخللت بشيئ طُرِحَ فيها: فالأشهر عدم طهارتها وعدم إباحة استخدامها.

- الشافعية: إذا تخللت من ذاتها طَهُرَت وصارت حلالاً، وإذا تخللت بنقلها: فالأصح أنها تطهر، وأما إذا تخللت بشيئ طُرِحَ فيها فلا تطهر ولا يحل استخدامها.

- الحنابلة: إذا تخللت من ذاتها طَهُرَت وصارت حلالاً، وإذا تخللت بنقلها، أو بشيء طُرِحَ فيها: فلا تطهر. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 22)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 113 - 114)، مختصر القدوري (ص 204)، القوانين الفقهية (ص 117)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 443)، الذخيرة للقرافي (4/ 118)، المجموع شرح المهذب للنووي (2/ 575 - 576)، مغني المحتاج للشربيني (1/ 236 - 237)، المغني لابن قدامة (9/ 172)، الإنصاف للمرداوي (1/ 319).

ص: 208

أصل المسألة: أن تحليل الخمر بالعلاج جائز عندنا، ويحلّ تناول الخلّ بعد التخليل، وعند الشّافعي/: التّخليل حرام (بإلقاء شيء)

(1)

في الخمر من ملح أو خلّ، ولا يحلّ ذلك الخلّ (قولاً واحداً)

(2)

، والتّخليل من غير إلقاء شيء فيه بالنّقل من الظِّل إلى الشّمس، [أو]

(3)

إيقاد النّار بالقرب منه، لا يحل عنده أيضاً، ولكن إذا تخلّل فله قولان في إباحة ذلك الخلّ

(4)

.

فوجه الفرق له [بينهما]

(5)

؛ هو أنَّ ما يُلْقَى في الخمر يتنجس بملاقاة الخمر إياه، وما يكون نجساً في نفسه لا يفيد الطّهارة في غيره، بخلاف ما إذا تخلَّلَتْ بنفسها؛ لأنّه لم يوجد هناك تنَجُّس شيءٍ بإلقائه فيها، ولا مباشرة فِعلٍ حرامٍ في [الخمر]

(6)

، فهو نظير الصّيد إذا خرج من الحَرَم بنفسه حَلّ اصطيادُه، ولو أخرجه إنسانٌ لم يَحِلّ، ووجب ردُّه إلى الحَرَم، ومن قَتَل موَرِّثَه يُحْرَم عن الميراث بمباشرته فعلاً حراماً، بخلاف ما إذا مات بنفسه، كذا في "المبسوط"

(7)

.

(ولنا قوله عليه السلام: «نِعْمَ الإدامُ الخَلّ»

(8)

(9)

وهو عام يتناولُ جميع ما ينطلق عليه اسم الخَلّ، فكان متناوِلاً لِخَلٍّ حصل من [تخليلِ الخمر]

(10)

(11)

.

(والإصلاح مباحٌ)

(12)

أي: التّخليل مباح بالدّليل، وإن كان الخصم ينكر إباحة التخليل، (وكذا الصّالح)

(13)

وهو الخلّ، (للمَصَالح)

(14)

بفتح الميم، جمعُ الْمَصْلَحَة

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

في (ب): (و).

(4)

يْنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 22)، تبيين الخقائق شرح كنز الدقائق (6/ 48)، العناية شرح الهداية (10/ 107).

(5)

في (ب): (ما بينهما).

(6)

في (ب): (الخَلِّ).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 22)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 48).

(8)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(كتاب الأشربة) باب (فضيلة الخل والتأدم به) برقم (2051) بِسَنَدِه: عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«نِعْمَ الْأُدُمُ -أَوِ الْإِدَامُ- الْخَلُّ» .

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(10)

في (ب): (التخْليل).

(11)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 48)، شرح مختصر الطحاوي للجصاص (6/ 388)، البناية شرح الهداية (12/ 394).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(13)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(14)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(15)

يُنْظَر: مختار الصحاح للجوهري (ص 178).

ص: 209

(والتَّخْلِيلُ أَوْلَى)

(1)

أي: التّخليل أولى أن يكون مباحًا من الإراقة، [وفي]

(2)

الإراقة إبطال الْمُفْسِد لا غير، وفي التّخليل إحرازُ المال وصيانتُه مع إبطال المفسد.

[أدلة من قال بتحريم تخليل الخمر]

([فيختارُه]

(3)

(4)

أي: [فيختار]

(5)

التخليل على الإراقة

(6)

.

فإنْ قلتَ: لو تمسّك الخصم بدلائل سَمعيّة وعَقليّة؛ وهي:

ما رُوِي عن النبي عليه السلام: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَخْلِيْلِ الْخَمْرِ»

(7)

، [وفي رواية]

(8)

: «نَهَى أَنْ يُتَّخَذَ [الخَمْرُ خَلاًّ]

(9)

»

(10)

(11)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(2)

في (ب): (إذْ في).

(3)

في (ب): (فَنَخْتارُه).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(5)

في (ب): (فَنَخْتارُ).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 48)، الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل أبي حنيفة (ص 98)، البناية شرح الهداية (12/ 395).

(7)

قال العجلوني في "كشف الخفاء": (وفي اللآلئ حديث: «نَهَى عَنْ تَخْلِيْلِ الْخَمْرِ» ، قال الشيخ أبو حامد في باب الرهن: من تعليق أصحابنا يرونه حديثًا، ولا أعرفه بهذا اللفظ إلا أن حديث أبي طلحة: أُخَلِّلُهَا؟ قَالَ: «لَا» ، أقوى من هذا وأوكد؛ لأنه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: ويأتي تخريجه بعدَهُ.

(8)

في (أ): (وأنَّهُ).

(9)

في (أ): (الخَلُّ خمرًا).

(10)

أخرج مسلم في "صحيحه"(3/ 1573) كتاب (الأشربة) باب (تحريم تخليل الخمر) برقم (1983) بِسَنَدِه: عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا، فَقَالَ:«لَا» .

- وأخرج أبو داود في "سُنَنِه"(5/ 518) كتاب (الأشربة) باب (ما جاء في الخمر تُخَلَّل) برقم (3675) قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، قَالَ:«أَهْرِقْهَا» قَالَ: أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: «لَا» .

- وأخرج رواية أبي داود الترمذيُّ في "سُنَنِه"(3/ 580) برقم (1293)،، وقال: وهذا أصح من حديث الليث.

- وصححه الألباني. يُنْظَر: مشكاة المصابيح (2/ 1082).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 22)، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (1/ 77)، الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل أبي حنيفة (ص 98).

ص: 210

ولأنّ التّخليل تَصَرُّفٌ [فيها]

(1)

على قصد التموُّل، فيكون حراماً كالبيع والشِّراء

(2)

.

ولأنّه لو أُلْقِي في الخمر {شيئًا}

(3)

حُلْواً كالسُّكَّر والفانيذ حتّى صارت حلواً {فلم}

(4)

[تطهر]

(5)

هناك بالاتفاق، فكذا بالتّخليل

(6)

، ولأنّ التّخليل ليس بتقليبٍ للعين؛ لأنّه ليس إلى العِباد تقليب [العين]

(7)

، فلا يكون لهم تقليب طبع الخمر، بخلاف ما إذا تخلَّلَت بنفْسِها بِمُضِي الزمان، وهو نظيرُ الشّاب يصير [شيخًا بمضي الزّمان]

(8)

، وبالتّكليف لا يصير شيخًا، [فإذا]

(9)

لم يتبدل طبعُه بهذا التخليل بقِيَتْ صفة الخَمرية فيها

(10)

.

وإن كانت لا [يطهر]

(11)

حسًّا كما إذا أُلْقِي فيها شيءٌ [مِن الحُلْو]

(12)

؛ ما جوابُنا عنه؟

[الإجابة على أدلة من قال بتحريم تخليل الخمر]

قلتُ: أمّا الجواب عن [الحديث]

(13)

؛ فهو: أنّ المراد من النّهي عن التخليل أن يُسْتَعمَلَ الخمرُ استعمال الخَلّ بأن يُؤتَدَم بها، وهو نظير ما رُوِيَ أنّ النبي عليه السلام: نهى عن تحليل الحرام وتحريم الحلال

(14)

، وأنْ تُتَّخَذَ الدّواب كراسي

(15)

، والمرادُ الاستعمال

(16)

.

(1)

في (ب): (فيه).

(2)

يُنظر: المبسوط للسرخسي (24/ 22)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 48)، الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل أبي حنيفة (ص 98).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

في (أ): (تظهر).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 22)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 48).

(7)

في (ب): (للعين).

(8)

في (ب): (بِمُضِيّ الزمان شيخًا).

(9)

في (ب): (وإذا).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 22 - 23).

(11)

في (أ): (يظهر).

(12)

في (ب): (حُلْوٌ).

(13)

في (أ): (الخنزير)، وهذا والعياذ بالله خطأٌ وسهوٌ من الناسخ، عفا الله عنا وعنه.

(14)

أخرج الترمذي في "سُنَنِه"(4/ 220) كتاب (أبواب اللباس) باب (ما جاء في لبس الفراء .. ) قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الفَزَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ هَارُونَ البُرْجُمِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّمْنِ وَالجُبْنِ وَالفِرَاءِ، فَقَالَ:«الحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ» ، قال الترمذي: وفي الباب عن المغيرة وهذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وروى سفيان، وغيره، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان قوله: وكأن الحديث الموقوف أصح، وسألت البخاري عن هذا الحديث، فقال: ما أراه محفوظًا، روى سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان موقوفاً، قال البخاري: وسيف بن هارون مقارب الحديث، وسيف ابن محمد عن عاصم ذاهب الحديث.

- وأخرجه ابن ماجه في "سُنَنِه"(2/ 1117) برقم (3367).

- قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح مفسر في الباب، وسيف بن هارون لم يخرجاه، وقال الذهبي: لم يخرجاه. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 129).

- وحَسَّنَه الألباني. يُنْظَر: صحيح الجامع للألباني (1/ 609).

(15)

أخرجه أحمد في "مسنده"(24/ 400 - 401) كتاب (مسند المكيين) باب (حديث معاذ بن أنس) برقم (15641) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ارْكَبُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ سَالِمَةً، وَايْتَدِعُوهَا سَالِمَةً، وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ» .

- قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 109).

- وصححه الألباني. يُنْظَر: السلسلة الصحيحة للألباني (1/ 60).

(16)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 24)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 48)، البناية شرح الهداية (12/ 396).

ص: 211

«وَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابا مِّن دُونِ اللَّهِ}

(1)

قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتَمٍ

(2)

: مَا عَبَدْنَاهُمْ قَطُّ، [قَالَ]

(3)

النَّبِيُّ عليه السلام: أَلَيْسَ كَانُوْا يَأْمُرُوْنَ وَيَنْهَوْنَ وَيُطِيْعُوْنَهُمْ؟ [قَالَ]

(4)

: نَعَمْ، فَقَالَ/ هُوَ ذَاكَ»

(5)

، [فَقَدْ فَسَّرَ]

(6)

الْاتِّخَاذَ بِالْاسْتِعْمَالِ

(7)

.

(1)

سورة التوبة الآية (31).

(2)

عديُّ بنُ حاتم: هو أبو طريف، وقيل: أبو وهب، عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس، الطائي، وأبوهُ حاتم الطائي الذي يُضْرَب به الْمَثَل في الجود والكرم، كان جواداً شريفاً في قومه، معظَّماً عندهم وعند غيرهم، حاضر الجواب، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة 9 هـ، وقيل: 10 هـ، وكان نصرانياً فأسلم، وثبت هو وقومُه وقت الرِّدَّة، شهد فتوح العراق، ووقعة القادسية، ووقعة مهران، ويوم الجسر، وغيرها، وبعث معه خالد ابن الوليد بالأخماس من الشام إلى أبي بكر الصديق، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة، وروى عنه: الشعبي، ومحل بن خليفة، وسعيد بن جبير، وخيثمة بن عبد الرحمن، وتميم بن طرفة، وغيرهم، سكن الكوفة ومات بها على الأصح سنة 67 هـ، وقيل غير ذلك. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (3/ 162)، أسد الغابة لابن الأثير (3/ 505)، تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 678).

(3)

في (أ): (فإنَّ).

(4)

في (ب): (فقال).

(5)

أخرج الترمذي في "سُنَنِه"(5/ 278) كتاب (أبواب تفسير القرآن) باب (ومن سورة التوبة) برقم (3095) قال: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ غُطَيْفِ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، «فَقَالَ: يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ»، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ:{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابا مِّن دُونِ اللَّهِ} ، قَالَ:«أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ» ، قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرْب، وغُطَيفُ بن أعيَن ليس بمعروفٍ في الحديث.

- وأخرجه الطبراني في "الكبير"(17/ 92) برقم (218) بزيادة لفظ: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ» ، والبيهقي في "الكُبرى" (10/ 198) برقم (20350) يزيادة لفظ:«فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُم» .

- وحسَّنَهُ الألباني. يُنْظر: غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للألباني (ص 19).

(6)

في (ب): (ففسَّر).

(7)

يُنْظَر: يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 24)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 48)، العناية شرح الهداية (10/ 107).

ص: 212

وأمّا الجواب عن قوله: أنّ التّخليل تَصَرُّفٌ فيها على قصد التموُّل، قلنا: لا، كذلك؛ لأنّ التخليل ليس [بتَصَرُّفٍ]

(1)

في الخمر على قصْد تموُّل الخمر، بل هو إتلاف لصِفَة الخمريّة، فبَيْنَ تموُّل الخمر وإتلاف صِفَة الخمريّة منافاةٌ، فما كان الاقتراب من الخمر لإتلاف صفة الخمرية إلا نظير الاقتراب منها [لإراقة]

(2)

عين الخمر، وذلك جائز شرعًا، فكذا هنا

(3)

.

وأمّا إذا أَلْقَى فيها شيئاً من الحلاوات فلا تطهر؛ {لأنّ ذلك ليس بإتلاف لصفة الخمريّة؛ لأنّه ليس من طبع الخمر أن يصير حلوًا، فعرفنا أن معنى الشدة والمرارة قائم فيها، وإن كان لا يظهر}

(4)

لغلبة الحلاوة عليها، وأمّا من طبع الخمر أنّها تصير خلًّا، فيكون التّخليل إتلافاً [لصفة]

(5)

الخمريّة

(6)

.

وقولُه: أن تقليب العَيْن ليس إلى العِبَاد.

[ما يطهر تبعاً لتخلل الخمر]

قُلنا: نحن نُسَلِّم أن تقليب الطّباع ليس إلى العِبَاد، وإنما إليهم إحداث المجاورة بين الخلّ والخمر، فالخلُّ بهذه الصفة يقوى على إتلاف صفة الخمرية بتحولها إلى طبع الخلّ في أسرع الأوقات، فكان هذا أقرب إلى الجواز من الإمساك بدون التّخليل، فإذا جاز الإمساك إلى أن يتخلّلَ؛ فالتّخليل أولى بالجواز، إلى هذا أشار في "المبسوط"

(7)

.

([فأمّا]

(8)

أعلاه وهو {الذي}

(9)

نَقَص)

(10)

أي: انْتقص من النقصان (منه الخمر، قيل: يطهُر تَبَعًا)

(11)

، هكذا حُكِيَ عن الفقيه أبي جعفر/؛ بأنّ الخمر إذا صارت خلًّا طهر [الجُبُّ]

(12)

كلُّه من غير تكلُّف غَسْلِه أولاً بالخلّ، [أو]

(13)

إدارة الخلّ فيه، وبه أخذ أبو اللّيث، وهو اختيار الصّدر الشّهيد

(14)

.

(1)

في (ب): (كتَصَرُّفٍ).

(2)

في (ب): (لا فراقه).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 23)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 48)، البناية شرح الهداية (12/ 395).

(4)

مابين القوسين سقط من (ب).

(5)

في (أ): (لصبَّة).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 23).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق (24/ 23).

(8)

في (ب): (وأما).

(9)

سقطت من (ب).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(11)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(12)

في (ب): (الحَب).

(13)

في (ب): (و).

(14)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 81)، البناية شرح الهداية (12/ 397)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 573).

ص: 213

(وقيل: لا يطهُر)

(1)

؛ لأنّ ما [بداخَل]

(2)

أجزاء [الجُبِّ]

(3)

من أجزاء {الخمر}

(4)

لم {يصر}

(5)

خلًّا بل يَبَسٌ فيه خمراً فيكون نجساً، والحِيلة في ذلك أن يغسل أعلاه بالخلّ حتى يطهر؛ لأنّه إذا غسله بالخلّ فما دخل من أجزاء الخمر يصير خلًّا، فإن لم يفعل كذلك حتّى مَلَأَه من العصير [ينجس]

(6)

العصير، ولا يَحلّ شُرْبُه؛ لأنّه عصيرٌ خالطَهُ خمرٌ، وذُكر عن أبي القاسم

(7)

أن حِيْلَتَه أن يُدار فيه الخلّ حتّى يصيب جميع الظَّرْف، فإذا فعل ذلك فقد طهر وإن لم يتشَرَّب فيه الخلّ، كذا في "الذّخيرة"

(8)

.

[المراد بالدُّرْدي]

ودُرْدِيِّ الزيت وغيرُه: ما يبقى [في]

(9)

أسفله، كذا في "الصحاح"

(10)

.

[حكم دردي الخمر والانتفاع به]

(ويُكْرَه شُرْب دُرْدِيِّ الخمر والامتشاطُ

(11)

به)

(12)

يعني: يُكره شُرْب دُرْدِيِّ الخمر والانتفاع به فلمَّا كُرِه الانتفاع بدُرْدَتِها؛ فَلَأَنْ يُكْرَه الانتفاعُ بنَفْسِ الخمر أَوْلَى؛ لأنّ النبي عليه السلام قال: «لَعَنَ اللهُ فِيْ الْخَمْرِ عَشْرًا»

(13)

، وقال في الجُمْلَة مَن ينتفعُ بها، وإنّما خصّ الامتشاط؛ لأنّ له تأثيراً في تحسين الشعر

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1534).

(2)

في (ب): (تداخل).

(3)

في (ب): (الحَب).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

سقطت من (أ).

(6)

في (ب): (يتنجَّس).

(7)

يُطْلَق عند الأحناف على عدَّة أعلام، ولم أجد ما يدل على المراد به هنا تحديدًا.

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 132)، البناية شرح الهداية (12/ 397)، الفتاوى الهندية (5/ 416).

(9)

في (ب): (من).

(10)

يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 470).

(11)

الامْتِشَاطُ: هو مَشْطَ الرَّأْسِ بالْمُشْط، وتسريحُهُ وَتَرْجِيْلُهُ بِهِ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (3/ 1160)، النهاية لابن الأثير (4/ 334)، لسان العرب (6/ 265).

(12)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(13)

أخرج أبو داود في سُنَنِه" (5/ 517) كتاب (الأشربة) باب (العنب يُعصر للخمر) برقم (3674) قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، مَوْلَاهُمْ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ» .

- وأخرجه ابن ماجة في "سُنَنِه"(2/ 1121) برقم (3380) بلفظ: «لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ: بِعَيْنِهَا» ، وزاد فيه:«وَآكِلِ ثَمَنِهَا» .

- وأخرج الترمذي في "سُنَنِه"(3/ 581) كتاب (أبواب البيوع) باب (النهي أن يُتخذ الخمر خلاًّ) برقم (1295) قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِي لَهَا، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ» ، قال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث أنس، وقد روي نحو هذا عن ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

- وأخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وشاهده حديث عبد الله بن عمر ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. يُنْظَر: المستدرك على الصحيحين للحاكم (2/ 37).

- وصححه الألباني. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني (8/ 50).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 21)، العناية شرح الهداية (10/ 107)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 573).

ص: 214

وفي "المبسوط": ولا تمتشط المرأة بالخمر في الحمّام؛ لأنّها في خطاب تحريم الشُّرب كالرّجل، وكذلك في وجوب الحدّ عليها عند الشُّرب، فكذلك الانتفاع بها من حيث الامتشاط، وذلك شيء تصنعه بعض النساء؛ لأنّه يزيد في [بريق]

(1)

الشعر

(2)

.

[المراد بالدَّبَرة]

الدَّبَرَة

(3)

: ريش ستور.

[حكم سقي الدواب الخمرَ، ونقلها إليها والعكس]

(وقيل: لا يُحْمَل الخمرُ إليها)

(4)

أي: يباح سقي الدوابِّ الخمرَ، ولكن يسقيها بهذا الطّريق.

وفي "الذّخيرة": ويكره أن يبل الطين بالخمر، وأن يسقي الدّواب إيّاها، وقال بعض المشائخ رحمهم الله: لو نقل الدابة إلى الخمر لا بأس به، ولو نقل الخمر إلى الدّابة يُكره

(5)

.

(كما في الكلب والميتة)

(6)

أي: يُكره نقل الميتة إلى الكلب، ولو نقل الكلب إلى الميتة لا بأس به

(7)

.

وقولُهُ: (لِمَا قلنا)

(8)

إشارة إلى التعليل المستفاد من قوله: (كما في الكلب والميتة)

(9)

أي: لو نقل الميتة إلى الكلب كان اقتراباً من الميتة وهو مكروه، وكذلك [حمْلُ]

(10)

الدُّرْدي إلى الخلّ كان مكروهاً، بخلاف عكسه فإنّه لا بأس به

(11)

.

[حكم الاحتقان بالخمر وإقطارها في الإحليل]

(ويكره الاحتقان بالخمر وإقطارها في الإحليل)

(12)

، والشّافعي/ يجوّز ذلك إذا أخبره عدلان أن شفاءه في ذلك، ولا حدّ عليه؛ لشبهة اختلاف العلماء في إباحة هذا الفعل، ولحاجته إلى التّداوي

(13)

(14)

.

(1)

في (أ): (تزيُّن).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 21)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 49)، الفتاوى الهندية (5/ 410).

(3)

الدَّبَرَةُ: بالتَّحْرِيْكِ: وَاحِدَةُ الدَّبَرِ وَالْأَدْبَارِ، وَهِيَ قَرْحَةُ الدَّابَّةِ وَالْبَعِيرِ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 653)، لسان العرب (4/ 273).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1536).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 117)، البناية شرح الهداية (12/ 398)، الفتاوى الهندية (5/ 411).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1536).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 49)، البناية شرح الهداية (12/ 398)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 574).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1536).

(9)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1536).

(10)

في (أ): (خمرُ).

(11)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 117)، البناية شرح الهداية (12/ 398)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 574).

(12)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(13)

يُنْظَر: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (2/ 532)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (8/ 14)، المبسوط للسرخسي (24/ 25)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 49).

(14)

أقوال الفقهاء في حكم التداوي بالخمر:

- الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة وقولٌ للشافعية: تحريم التداوي بالخمر مطلقًا، ويُحَدُّ من شربها لدواء.

- مذهب الشافعية: أجازوا التداوي بالخمر بشروطٍ، وهي:

1 -

أن لا تكون صِرْفاً، بل لا بُدَّ أن تكون ممزوجة بشيء آخر تستهلك فيه.

2 -

فَقْدُ ما يقوم به التداوي من الطاهرات.

3 -

إخبار طبيب مسلم عدل بأن شفاءه في ذلك، أو معرفته للتداوي به.

4 -

أن يكون القدر المستَعْمَل قليلاً لا يُسْكِر. يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 114)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 49)، الذخيرة للقرافي (12/ 202)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير (1/ 60)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (2/ 532)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (8/ 14)، المغني لابن قدامة (9/ 162)، كشاف القناع للبهوتي (6/ 116).

ص: 215

[حكم العجين المعجون بالخمر]

([لقيام]

(1)

أجزاء الخمر فيه)

(2)

؛ لأنّ العجين النّجس لا يطهر [بالخَبْز]

(3)

فلا يحلّ أكْلُه، هذا كلّه من "المبسوط"

(4)

، والله أعلم بالصّواب.

‌فصلٌ في طبخ العصير

[مناسبة هذا الفصل لكتاب الأشربة]

لمَّا كان طبْخُ العصير من أسباب ما يَمنعُ العصيرَ عن التخَمُّر ألْحَقَه بالأشرِبة تعليمًا لإبقاءِ ما هو حلالٌ على حِلِّه

(5)

.

[الأصل المعتبر في طبخ العصير]

([والأصلُ]

(6)

أنّ ما ذهب بغليانه بالنّار وقذْفِهِ بالزَّبَد: يُجْعَل كأنْ لم يكُن)

(7)

يعني: ما ذهب من القدر من غاية الغليان لا يعتبر

(8)

.

[المراد بالدورق]

الدَّوْرَقُ: مِكْيالٌ للشّراب، وهو أعجميّ

(9)

.

[أوْجُه طبخ العصير]

(وإن كانا يذهبان معًا تُغْلى [الجُمْلَةُ]

(10)

حتّى يذهب ثلثاها)

(11)

، [كأن]

(12)

محمدًا/ عَلِمَ أن العصير على نوعين، منه ما لو صُبَّ فيه الماءُ [وطُبِخ]

(13)

يذهب الماء أوّلًا، ومنه إذا صُبَّ فيه الماءُ يذهبان معًا، ففصَّلَ الجوابَ/ فيه تفصيلًا، وصار حاصلُه: أنّ الماء [متى ما]

(14)

كان أسرع ذهابًا فإنّه يُطبخُ حتى يبقى ثُلُثَ {العَصير، وإن كانا يذهبان معًا فإنّه يُطبخُ حتى يبقى ثُلُثَ}

(15)

الكُلّ

(16)

.

قولُه/: (ففي الوجه الأوّل)

(17)

وهو الذي يذهب الماء أوَّلًا (يُطْبخ حتى يبقى [تُسْعُ الجُملة]

(18)

(19)

، ووجه معرفة هذا: أن تجعل كلّ عشرة من الماء [والعصير]

(20)

على ثلاثة أسهم؛ [لأنك]

(21)

تحتاج إلى أن تجعل عشرة دوارق عصير على ثلاثة [لحاجتك]

(22)

إلى الثلث والثلثين، فيكون الماء سِتَّة والعصير ثلاثة، والكلُّ تسعةَ أسْهُم، فإذا ذهب الماء أولاً فقد ذهب ستّة من تسعة، وما ذهب يُجْعَل كأنّه لم يكن؛ لأنّه ما بَقِيَ العصير لا غير، وهو ثلاثة أسهم، فيُطْبَخ حتّى يذهب ثلثاه، فقد ذهب مرةً ستةٌ ومرّةً اثنان، فقد ذهب ثمانية وبقي واحد، وهو [تُسْعُ]

(23)

الكُلّ

(24)

.

(1)

في (أ): (كالقيام).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1536).

(3)

في (أ): (بالخمير).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 25).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 108)، تكملة فتح القدير (10/ 108).

(6)

في (أ): (الأصل).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1536).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 49)، البناية شرح الهداية (12/ 400)، تكملة البحر الرائق (8/ 250).

(9)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 179).

(10)

في (أ): (الحملة).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1537).

(12)

في (أ): (كان).

(13)

في (أ): (ويُطبخ).

(14)

في (أ): (مَتَيْمَا)، في (ب):(متمما).

(15)

مابين القوسين سقط من (ب).

(16)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 49)، العناية شرح الهداية (10/ 108)، البناية شرح الهداية (12/ 401).

(17)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1537).

(18)

في (أ): (لسقي الحمل).

(19)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1537).

(20)

في (أ): (فالعصير).

(21)

في (أ): (لا بل).

(22)

في (ب): (كحاجتك).

(23)

في (أ): (يسقي).

(24)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 37 - 38)، العناية شرح الهداية (10/ 109)، البناية شرح الهداية (12/ 401).

ص: 216

وقوله: ([وفي]

(1)

الوجه الأوّل) وهو ما إذا ذهب الماء أولاً، (وفي الوجه الثّاني)

(2)

وهو الذي يذهبُ الماءُ والعصيرُ معًا، يجب أن يُطْبَخ حتى يذهب ثُلُثَاهُ عشرون، وبقي عشرة ثُلُثَه؛ لأنّه يذهب بالغليان [ثُلُثَا]

(3)

العصير وثُلُثَا الماء، والباقي [ثُلُثَ]

(4)

العصير وثُلُثَ الماء، فهذا وما لو صَبّ الماءَ في العصيرِ بعدما طَبَخَه على الثُّلُثِ والثُّلُثَيْنِ سواءٌ

(5)

.

[الشرط في الغلي على دفعات أن لايتغير العصير عن حاله قبل الغلي الثاني]

(والغَلْيُ بدفعة ودفعات سواء إذا [حصل]

(6)

قبل أن يصير محرمًا)

(7)

أي: قبل أن يتغيّر العصير عن حاله، وأمّا إذا حصل الغَلْيُ [الثاني]

(8)

بعدما غَلَى وتَغَيَّر عن حال العصير فلا خير فيه؛ لأنّ الطّبخ في [المرّة]

(9)

الثّانية لاقَى عينًا محرّماً، فهو بمنزلة خَمْرٍ طُبِخَت حتّى ذهب ثُلُثَاها

(10)

.

[حكم العصير إذا قطع عنه النار فغلى حتى ذهب ثلثاه]

(ولو قطع عنه النّارَ فغلى حتّى ذهب الثلثان: يَحِلّ)

(11)

يعني: لو طبخ عصيراً حتّى ذهب ثلاثةُ أخْماسِهِ وبقي خُمُساهُ، ثم قطع عنهُ النّارَ فلم [يبرُد]

(12)

حتّى ذهب عنهُ تمامُ الثُّلُثَيْن؛ فلا بأس بذلك؛ لأنّه صار مُثَلَّثَاً بقوة النّار، فإن الذي بقي من الحرارة بعدما قَطَعَ عنهُ النّارَ أثَرُ تلك النّارِ، فهو [وما لو]

(13)

صار مُثُلَّثاً والنّار {تحته}

(14)

سواءٌ، وهذا بخلاف ما لو بَرَدَ قبل أن يصيرَ مُثَلَّثاً، ثم غَلَى واشتدَّ حتى ذهبَ بالغليانِ منهُ شيءٌ فإنّه لا يَحِلّ؛ لأنّ الغَلَيانَ بعدما انقطع عنه أَثَرُ النارِ لا يكون إلا بعد الشدّة، وحين اشتدّ [فقد]

(15)

صار محرمًا، هذا كلّه من " [المبسوطين]

(16)

" و"الذّخيرة"

(17)

.

(1)

في (ب): (في).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1537).

(3)

في (ب): (ثُلُثاء).

(4)

في (أ): (ثُلُثا).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 37 - 38)، العناية شرح الهداية (10/ 109)، الفتاوى الهندية (5/ 414).

(6)

في (أ): (جُعِلَ).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1537).

(8)

في (أ): (الباقي).

(9)

في (ب): (الْمُدَّة).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 35)، الفتاوى الهندية (5/ 414)، البناية شرح الهداية (12/ 402).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1537).

(12)

في (ب): (يرد).

(13)

في (ب): (وإن).

(14)

سقطت من (ب).

(15)

في (أ): (فيه).

(16)

في (أ): (المبسوط).

(17)

يُنظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 35)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (19/ 129 - 130)، العناية شرح الهداية (10/ 109).

ص: 217

(بيانه: عشرة أرطالِ عصيرٍ طُبِخَ حتّى ذهب رِطْلٌ، ثم أهريق ثلاثة أرطال:[تأخُذُ]

(1)

ثُلُثَ العصيرِ كُلِّه، وهو ثلاثةٌ وثُلُث، [وتَضْرِبُهُ]

(2)

فيما بَقِي)

(3)

إلى آخره؛ وذلك لأنّ الرِّطْلَ الذّاهب في الغليان في المعنى داخلٌ فيما بقي، وكان الباقي قبل أن ينْصَبَّ منه شيءٌ تسعة أرطال، فعرفنا أنّ كلّ رِطْلٍ من ذلك في معنى رِطْلٍ وتُسْعِ رِطْل؛ لأنّ الرِّطْلَ الذّاهب بالغليان يُقْسَّمُ على ما بقي أَتْسَاعًا، فإذا انْصَبَّ منه ثلاثةُ أرطالٍ؛ فهذا في المعنى ثلاثةُ أَرْطالٍ وثلاثةُ أَتْساعِ رِطْل، فيكونُ الباقي مِنهُ سِتَّةُ أرطالٍ وسِتَّةُ أتساع رِطْلٍ، فيَطْبَخُهُ حتّى يبقى مِنهُ الثُّلُث، وهو رِطلانِ وتُسْعا رِطْل، كذا في "المبسوط"

(4)

، والله أعلم.

‌كتاب الصّيد

[مناسبة كتاب الصيد لكتاب الأشربة]

أورد الصّيد بعد الأشربة؛ إمّا لأن كلاً منهما قد يصير من أسباب التَّلَهِّي

(5)

؛ {لأنّ التَّلَهِّي}

(6)

بالأَشْرِبة حرامٌ، وبالصّيد مكروهٌ، فقدَّمَ الحرامَ لِقُوَّتِه على المكروه لضعفه؛ وإمّا لأن كلَّ واحدٍ منهما يُوْرِثُ الطَّرَب والسُّرُورَ

(7)

.

أمّا الأَشْرِبَةُ فَلِما ذَكَرْنا مِنْ حَدِّ السُّكْرِ، وأمّا الصّيد فلِإِيْلاعِ الْمُلُوكِ وأصْحابِ السُّرُورِ بِذَلِكَ، لَكِنَّ السُّرُورَ في السُّكْرِ إنّما يحصلُ بِشَيءٍ داخِلِيٍّ، والسُّرُورُ في الصَّيْدِ شيءٌ خارِجيٌّ، فكانَ الدَّاخِلِيُ أكثَرَ لُصُوقَاً بالآدَمِيِّ مِنَ الخَارِجِيِّ؛ فقَدَّمَ ما هو [الأكْثَر]

(8)

لُصُوْقَاً على الذي هو أقَلَّ لُصُوْقَاً

(9)

.

[محاسن الصيد]

وأمّا مَحَاسِنُ الصَّيْدِ: فَإِنَّهُ مِنَ الْمَكَاسِبِ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الكِتَابِ

(10)

، وغَيرِهِ

(11)

؛ فحينئذ كانت الْمَحَاسِنُ المذْكُوْرَة في {كِتابِ}

(12)

البُيُوعِ مذكورةٌ هَهُنا؛ ولِأَنّ فيهِ تحقيقُ مِنَّةِ اللهِ تعالى بِقَوله: {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعا}

(13)

(14)

.

(1)

في (ب): (نأخُذُ).

(2)

في (ب): (ونضرِبُه).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1537).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (24/ 37 - 38)، العناية شرح الهداية (10/ 109)، الفتاوى الهندية (5/ 414).

(5)

يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب (3/ 217)، العناية شرح الهداية (10/ 110)، البناية شرح الهداية (12/ 405)

(6)

سقطت من (ب).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 110)، البناية شرح الهداية (12/ 405)، تكملة فتح القدير لابن الهمام (10/ 110).

(8)

في (ب): (أَكْثَر).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 110)، البناية شرح الهداية (12/ 405)، تكملة فتح القدير (10/ 110).

(10)

الكتاب: المراد به هنا كتاب "الهداية شرح البداية"، وذلك في قوله:(ولِأَنَّهُ نَوْعُ اكْتِسَابٍ وَانْتِفَاعٌ بِمَا هُوَ مَخْلُوْقٌ لِذَلِكَ). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1539).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 220)، العناية شرح الهداية (10/ 112)، البناية شرح الهداية (12/ 406).

(12)

سقطت من (أ).

(13)

سورة البقرة الآية (29).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 111)، البناية شرح الهداية (12/ 405)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 574).

ص: 218

[تعريف الصيد في اللغة]

ثُمَّ الصَّيْدُ: في الأصل؛ مَصْدَرُ صَادَهُ: إِذَا أَخَذَه، ويُسَمَّى [الْمَصِيْدُ]

(1)

صَيْدًا؛ فحِينَئذٍ يُجْمَعُ هُوَ عَلَى صُيُوْدٍ

(2)

(3)

.

[سبب الصيد]

وسببه: [هو]

(4)

النّشاط الدّاعي إلى [الاصْطِيادِ]

(5)

.

[أسباب انبعاث النشاط في الصيد]

وسببُ انبعاثِ النّشاطِ يَختلفُ إلى أنواعٍ، منها: الحاجةُ الْمُحْوِجَةُ إلى فِعْلِ الاصْطِيادِ، ومنها الخُصْلَةُ الْمُلْهِيَةُ لِزِيادَةِ تَوَفُّرِ العَتَاد

(6)

، ومنها إِظْهارُ الجَلادَةِ

(7)

الْمُسْلِيَةِ بين العِبَاد

(8)

.

[ركن الصيد]

ورُكْنُهُ: صُدُوْرُ فِعْلِ الاصْطِيادِ مِن أهْلِهِ في مَحَلِّه [بِشَرْطِه]

(9)

.

[حكم الصيد]

وحُكْمُهُ: ثُبُوتُ الْمُلْكِ عِنْدَ اتِّصالِ الأَخْذِ حَقِيْقَةً أو تقْدِيْراً، [أعْنِي]

(10)

بالتَّقدِيْرِ: ما إذا أخْرَجَهُ عَن حَيِّزِ الامْتِناعِ.

وأمّا حِلُّ أَكْلِ الصَّيْدِ؛ فقد ذكر في "الخُلاصَة"/: إنّما يَثْبُتُ هو بِخَمْسَةَ عَشَرَ شرطًا

(11)

.

(1)

في (ب): (الصَّيْدُ).

(2)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرب (ص: 303).

(3)

تعريف الصَّيْد شَرْعاً: كُلُّ مُمْتَنِعٍ مُتَوَحِّشٍ طَبْعًا لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِحِيلَةٍ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرب (ص: 303)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 461).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

في (أ): (الاحتياط).

(6)

الْعَتَاد: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا: مَا أَعَدَّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ السِّلَاحِ وَالدَّوَابِّ وَالْآلَةِ لِلصَّيْدِ. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 64)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 391).

(7)

الْجَلادَة: مِن الْجَلَد، وَهُوَ الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ وَالصَّلَابَةُ وَالصَّبْرُ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 458)، لسان العرب (3/ 125).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 111)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 574).

(9)

في (أ): (بشرط).

(10)

في (ب): (يعني).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 111)، تكملة فتح القدير (10/ 111)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 461).

ص: 219

[شروط ثبوت حِلّ الصيد في الصائد]

[شروط ثبوت حِلّ الصيد في كلب الصيد]

خَمْسَةٌ في الصَّائِدِ: وهو أنْ يكونَ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاة، وأنْ يُوْجَدَ مِنْهُ الإرْسالُ، وأنْ لا يشارِكُهُ في الإِرْسالِ مَنْ لا يَحِلُّ صَيْدُهُ، وأَنْ لا يَتْرُكَ التَّسْمِيَةَ عَامِدًا، وأن لا يَشْتَغِلَ بَيْنَ الإرْسالِ والأَخْذِ بِعَمَلٍ آخَرَ

(1)

.

وخَمْسَةٌ في الكَلْبِ: أنْ يكونَ مُعَلَّمًا، وأن يَذْهَبَ {على}

(2)

سُنَنِ الإرْسالِ، وأنْ لا يُشارِكُهُ في الأَخْذِ [ما]

(3)

لا يَحِلُّ صَيْدُهُ، وأنْ يَقْتُلَهُ جَرْحًا، وأنْ لا يَأْكُلَ مِنْهُ

(4)

.

[شروط ثبوت حِلّ الصيد في الْمَصِيد]

وخَمْسَةٌ في الصَّيْدِ: أنْ لا يكونَ مِنَ الحَشَراتِ، وأنْ لا يكونَ مِن بَنَاتِ الْمَاءِ إِلَّا السَّمَكَ، وأنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ بِجَناحَيْهِ أو بِقَوَائِمِهِ، وأنْ لا يَكونَ مُتَقَوِّيَاً بِأَنْيابِهِ أو [بِمِخْلَبِهِ]

(5)

، وأنْ يَمُوْتَ بِهَذَا قَبْلَ أنْ يَصِلَ إلى ذَبْحِهِ

(6)

.

[أدلة إباحة الصيد من الكتاب]

وذكر في "المبسوط": اعْلَمْ أنَّ الاصْطِيَادَ مُبَاحٌ بِالكِتَابِ والسُّنَّةِ، أمَّا الكِتَابُ:

فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ}

(7)

، وأَدْنَى دَرَجَاتِ صِيْغَةِ الأَمْرِ الإِبَاحَةُ، وقَالَ تَعَالَى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ}

(8)

، الآيَةَ

(9)

.

[أدلة إباحة الصيد من السُّنَّة]

وأمَّا السُّنَّةُ: [فَقَوْلُهُ]

(10)

صلى الله عليه وسلم: «الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ»

(11)

، فَفِي هَذَا بَيَانُ أنَّ الاصْطِيَادَ مُبَاحٌ مَشْرُوْعٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ حُكْمٌ مَشْرُوْعٌ فَسَبَبُهُ يَكُوْنُ مَشْرُوْعًا، ويَسْتَوِيْ إِنْ كَانَ الصَّيْدُ مَأَكُوْلُ اللَّحْمِ أوْ غَيْرَ مَأْكُوْلِ اللَّحْمِ؛ لِمَا فِي اصْطِيَادِهِ مِنْ تَحْصِيْلِ مَنْفَعَةِ جِلْدِهِ أوْ دَفْعِ أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ

(12)

.

(1)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 422)، العناية شرح الهداية (10/ 111)، تكملة فتح القدير (10/ 111)

(2)

سقطت من (ب).

(3)

في (ب): (من).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 111)، تكملة فتح القدير (10/ 111)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 462).

(5)

في (ب): (مِخْلَبِهِ).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 111)، تكملة فتح القدير (10/ 111)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 462).

(7)

سورة المائدة الآية (2).

(8)

سورة المائدة الآية (96).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 220)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 3)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 50).

(10)

في (ب): (فَهُو قَوْلُهُ).

(11)

أورده ابن حمدون في "التذكرة الحمدونية"(6/ 226) الباب (التاسع والعشرون في النسيب والغزل)(نوادر من هذا الباب) برقم (574) وفيه: أَنَّ إِسْحَاقَ الْمَوْصِلِيّ قَالَ: دَخَلَ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيْعِ عَلَى الرَّشِيْدِ -فذكر قصة- فِيْهَا: أَنَّ بَعْضَ جَوَارِيْهِ قَالَتْ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَن الْأَعْرَجِ عَن أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: «الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ لَا لِمَنْ أَثَارَهُ» .

- قال الزيلعي: قُلْت غريبٌ، ووجدت في كتاب التذكرة لأبي عبد الله محمد بن حمدون

إلخ. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (4/ 318 - 319).

- قال ابن حجر: لم أجِد له أصلاً. يُنْظَر: الدراية لابن حجر (2/ 256).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 220)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 50)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 574 - 575).

ص: 220

[حكم أكل الصيد إذا شارك الكلب الْمُرْسَل آخر]

(«وإنْ شَارَكَ كَلْبَكَ كَلْبٌ آخَرُ فَلا تَأْكُلْ»

(1)

(2)

فَفِيْ لَفْظِ الْمُشَارَكَةِ دُوْنَ لَفْظِ الاشْتِرَاكِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّهُ لا تَسْمِيَةَ عَلَيْهِ.

(وانْتِفَاعٌ بِمَا هُوَ مَخْلُوْقٌ لِذَلِكَ)

(3)

أَيْ: بِالصَّيْدِ الَّذِيْ هُوَ مَخْلُوْقٌ لِلانْتِفَاعِ

(4)

.

(وَتَمْكُّنُهُ مِنْ إِقَامَةِ التَّكَالِيْفِ، فَكَانَ مُبَاحًا)

(5)

؛ لِأَنَّهُ غُيْر مُتَعَيِّنٍ فَبَقِيَ عَلَى الإِبَاحَةِ

(6)

، وَإِنَّمَا احْتِيْجَ إِلَى ذِكْرِ الإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ [وَسِيْلَةً]

(7)

لِإِقَامَةِ التَّكَالِيْفِ كَانَ يَنْبَغِيْ أَنْ يَكُوْنَ وَاجِبَاً كَوُجُوْبِ التَّكَالِيْفِ، لَكِنْ كَوْنُهُ غَيْرَ [مُتَعَيِّنٍ]

(8)

أَوْجَبَ الإِبَاحَةَ، بِخِلافِ الخُرُوْجِ مِنَ الصَّلاةِ فَإِنَّهُ مُتَعَيِّنٌ [وَسِيْلَةً]

(9)

لِإِقَامَةِ فَرْضٍ آخَرَ فَكَانَ وَاجِبَاً

(10)

، وَاللهُ أَعْلَمُ.

(1)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(7/ 88) كتاب (الصيد) باب (إذا وجد مع الصيد كلباً آخر) برقم (5486) قال: عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي وَأُسَمِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ، فَأَخَذَ فَقَتَلَ فَأَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ» قُلْتُ: إِنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي، أَجِدُ مَعَهُ كَلْبًا آخَرَ، لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَهُ؟ فَقَالَ:«لَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ» ، وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ المِعْرَاضِ، فَقَالَ:«إِذَا أَصَبْتَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَبْتَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ، فَلَا تَأْكُلْ» .

- وأخرجه مسلم في "صحيحه"(3/ 1529) برقم (1929).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1539).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1539).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 220)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 50)، البناية شرح الهداية (12/ 406).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1539).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 220)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 50)، البناية شرح الهداية (12/ 406).

(7)

في (أ): (وسَبَبُهُ).

(8)

في (أ): (مُعَيَّنٍ).

(9)

في (أ): (وسَبَبُهُ).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 406)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1130).

ص: 221

‌فَصْلٌ فِي الجَوَارِحِ

[سبب تقديم فصل الجوارح على فصل الرمي]

قَدَّمَ فَصْلَ الجَوارِحِ عَلَى فَصْلِ الرَّمْيِ؛ لَمَّا أَنَّ آلَةَ الصَّيْدِ هُنَا حَيَوَانٌ، وَفِي الرَّمْيِ جَمَادٌ، ولِلْحَيَوَانِ فَضْلٌ عَلَى الجَمَادِ، فَتَقْدِيْمُ الفَاضِلِ عَلَى الْمَفْضُوْلِ مِنْ بَابِ الْمُنَاسَبَةِ

(1)

.

أَوْ لِأَنَّ هَذِهِ الجَوَارِحَ مُتَّصِفَةٌ هُنَا بِالعِلْمِ، وَلَا خَفَاءَ لِأَحَدٍ فِي رُجْحَانِ [العَالِمِ]

(2)

عَلَى الَّذِي لَاصَلَاحِيَّةَ لَهُ إِلَى التَّعَلُّمِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}

(3)

(4)

.

[الصيد بالكلب والفهد والبازي وسائر الجوارح المعلَّمَة]

قَوْلُهُ

(5)

/: (وَلَا خَيْرَ فِيْمَا سِوَى ذَلِكَ)

(6)

يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا العُمُوْم فِي حَقِّ الذَّاتِ وَفِي حَقِّ الصِّفَةِ، أَمَّا فِي حَقِّ الذَّاتِ فَإِنَّ الاصْطِيَادَ إِنَّما يَجُوْزُ بِمَا ذَكَرَهُ مِنَ الحَيَوَانَاتِ، وَهَوَ الكَلْبُ وَالفَهْدُ

(7)

وَالبَازِيُّ

(8)

وَسَائِرُ الجَوَارِحِ الْمُعَلَّمَةُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ جُمْلَتِهَا الأَسَدُ

(9)

وَالذِّئْبُ

(10)

وَالخِنْزِيْرُ، فَلا يَجُوْزُ الاصْطِيَادُ بِهَذِهِ الأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَانَ عُمُوْمُ قَوْلِهِ:(وَسَائِرُ الْجَوَارِحِ المُعَلَّمَةِ)

(11)

مُتَنَاوِلًا لَهَا.

(1)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 113)، البناية شرح الهداية (12/ 408)، تكملة فتح القدير (10/ 113).

(2)

في (أ): (القَائِمِ).

(3)

سورة الزُّمَر الآية (9).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 408).

(5)

أَيْ: القُدُوْرِيُّ، في مختصره.

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(7)

الْفَهْد: مِن السِّبَاعِ، مِن فَصِيْلَةِ السَّنُّوْرِيَّات، يُصْطَادُ به، وفَهِدَ الرَّجُلُ: أَشْبَهَ الفَهْدَ فِي كَثْرَةِ نَوْمِهِ. الصحاح للجوهري (2/ 520)، لسان العرب (3/ 339).

(8)

الْبَازِيّ: مُعَرَّبٌ، مِن جَوَارِحِ الطَّيْرِ يُصْادُ بِهِ، قِيْلَ: مِنْ البَزْو، وَهُوَ الغَلَبةُ والقَهْرُ، وَهُوَ عَلَى أَنْوَاع. يُنْظَر: لسان العرب (14/ 73)، معجم لغة الفقهاء (1/ 102).

(9)

الْأَسَد: مِن السِّبَاعِ، مِن فَصِيْلَةِ السَّنُّوْرِيَّات، وَسُمِّيَ أَسَدَاً لِقُوَّتِهِ وَشَجَاعَتِهِ، مِن اسْتِأْسَدَ النَّبْتُ: إِذَا قَوِيَ. شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (1/ 254)، النهاية لابن الأثير (1/ 48).

(10)

الذِّئْبُ: مِن السِّبَاعِ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، يُسَمِّيْهِ بَعْضُهُم: كَلْبَ البَرِّ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 213)، لسان العرب (1/ 377).

(11)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

ص: 222

[سبب عدم جواز الصيد بالأسد والذئب]

أَمَّا عَدَمُ جَوَازِ الاصْطِيَادِ بِالأَسَدِ وَالذِّئْبِ؛ فَلِعَدَمِ تَصَوُّرِ تَعْلِيْمِهَا؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهِمَا أَنْ [يُمْسِكَا]

(1)

صَيْدَهُمَا فَلَا يَأْكُلَانِهِ فِي الحَالِ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى [التَّعْلِيْمِ]

(2)

بِتَرْكِ الأَكْلِ، وَلَوْ تُصُوِّرَ [التَّعَلُّمُ]

(3)

مِنْهُمَا جَازَ، وَأَمَّا الخِنْزِيْرُ فَلَا يَجُوْزُ الاصْطِيَادُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَجِسُ العَيْنِ، فُكَانَ الانْتِفَاعُ بِهِ مُحَرَّمَاً، كَذَا فِي "الإِيْضَاحِ"

(4)

.

وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَلَا خَيْرَ فِيْمَا سِوَى ذَلِكَ) أَيْ: فِيْمَا سِوَى مَا عَدَدْنَاهُ مِنَ الكَلْبِ وَغَيْرِهِ، فَكَانَ الخِنْزِيْرُ وَنَظِيْرَاهُ مِنْ قَبِيْلِ مَا سِوَى ذَلِكَ

(5)

.

وَأَمَّا فِي حَقِّ الصِّفَةِ: فَإِنَّ الاصْطِيَادَ بِهَذِهِ الأَشْيَاءِ إِنَّمَا يَجُوْزُ أَنْ لَوْ كَانَتْ مُعَلَّمَةً، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ:(وَلَا خَيْرَ فِيْمَا سِوَى ذَلِكَ) أَيْ: فِيْمَا سِوَى الْمُعَلَّمَةِ مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ

(6)

.

({وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ}

(7)

(8)

عَطْفٌ عَلَى الطَّيِّبَاتِ؛ أَيْ: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَصَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ، [فَحَذَفَ]

(9)

الْمُضَافَ، أَوَ تُجْعَلَ مَا: شَرْطِيَّةٌ، وَجَوَابُهَا: فَكُلُوا

(10)

.

(والجَوَارَحُ: الكَوَاسِبُ)

(11)

مِنْ سِبَاعِ البَهَائِمِ وَالطَّيْرِ، كَالكَلْبِ وَالفَهْدِ وَالنَّمِرِ

(12)

وَالعُقَابِ

(13)

وَالصَّقْرِ

(14)

وَالبَازِيِّ وَالشَّاهِيْنِ

(15)

، [والْمُكَلِّبُ]

(16)

: مُؤَدِّبُ الجَوَارِحِ [وَرَائِضُهَا

(17)

لِيَصِيْدَ]

(18)

لِصَاحِبِهَا [بَطَرِيْقِ]

(19)

التَّأْدِيْبِ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الكَلْبِ؛ لِأَنَّ التَّأْدِيْبَ أَكْثَرَ مَا يَكُوْنُ فِي الكِلَابِ فَاشْتُقَّ مِنْ لَفْظِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي جِنْسِهِ، وَانْتِصَابُ {مُكَلِّبِينَ} عَلَى الحَالِ مِنْ {عَلَّمْتُم}

(20)

.

(1)

في (أ): (تُمْسِكَا).

(2)

في (ب): (التَّعَلُّمِ).

(3)

في (ب): (التَّعْلِيمُ).

(4)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 58)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 51)، البناية شرح الهداية (12/ 410).

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 51)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 4)، تكملة فتح القدير (10/ 113).

(6)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 410)، تكملة البحر الرائق (8/ 251)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 4).

(7)

سورة المائدة الآية (4).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1539).

(9)

في (ب): (بِحَذْفِ).

(10)

يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (1/ 606)، مدارك التنزيل للنسفي (1/ 427).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1539).

(12)

النَّمِر: مِن السِّبَاعِ، مِن فَصِيْلَةِ السَّنُّوْرِيَّات، يُعْرَفُ بِشَرَاسَتِهِ، فَهُوَ أَخْبَثُ وَأَجْرَأُ مِنْ الْأَسَدِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 625)، لسان العرب (5/ 235 - 236).

(13)

الْعُقَاب: مِنْ جَوَارِح وَكَوَاسِرِ الطُّيُوْر. شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (7/ 4657)، لسان العرب (1/ 621).

(14)

الصَّقْرِ: مِن جَوَارِحِ الطُّيُوْرِ الَّتِي يُصَادُ بِهَا، وَقِيْلَ: يَقَعُ الصَّقْرُ عَلَى كُلِّ صَائِدٍ مِنْ الْبُزَاةِ وَالشَّوَاهِينِ، مَا خلا النِّسْر وَالْعُقَاب، وصَقْرٌ صاقِرٌ: حديدُ البَصَرِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 344)، القاموس المحيط (1/ 426)، الكليات للكفوي (1/ 543).

(15)

الشَّاهِيْنِ: نَوْعٌ مِن أَنْوَاعِ الصُّقُوْر، وَهُوَ مُعَرَّبٌ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 326)، القاموس المحيط (1/ 426)، لسان العرب (13/ 243).

(16)

في (أ): (والكلب).

(17)

رَائِضُهَا: الرَّائِضُ: مِنْ راضَ الدَّابَّةَ، إذا: ذَلَّلَهَا. يُنْظَر: القاموس المحيط (1/ 644).

(18)

في (ب): (ورابضها لصيد).

(19)

في (أ): (بطرق).

(20)

يُنْظَر: الكشَّاف للزمخشري (1/ 606)، مدارك التنزيل للنسفي (1/ 427 - 428).

ص: 223

[الفائدة من قوله: {مُكَلِّبِينَ}]

فَإِنْ قُلْتَ: مَا فَائِدَةُ هَذِهِ الحَال وَقَدِ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِعَلَّمْتُمْ؟

قُلْتُ: فَائِدَتُهَا أَنْ يَكُوْنَ مَنْ يُعَلِّمُ الجَوَارِحَ نِحْرِيْرًا

(1)

فِي عِلْمِهِ، مَوْصُوْفَاً بِالتَّكْلِيْبِ، و {تُعَلِّمُونَهُنَّ} حالٌ ثَانِيَةٌ، أَو اسْتِئْنَافٌ

(2)

.

[آية التعليم في الجوارح]

وَفِيْهِ {فَائِدَةٌ}

(3)

[جَلِيْلَةٌ]

(4)

؛ وَهِيَ: أَنَّ عَلَى كُلِّ آخذٍ [عِلْمَاً]

(5)

أَنْ لَا يَأْخُذَهُ إِلَّا مِنْ [أَقْتَلِ]

(6)

أهْلِهِ [عِلْمَاً]

(7)

وأَنْحَرِهِمْ دِرِايَةً وَأَغْوَصِهِمْ عَلَى لَطَائِفِهِ وَحَقَائِقِهِ، وَإِن احْتَاجَ إِلَى أَنْ يَضْرِبَ إِلَيْهِ أَكْبَادَ الإِبِلِ، فَكَمْ مِنْ آخِذٍ {مِنْ}

(8)

غَيْرِ/ مُتْقِنٍ قَدْ ضَيَّعَ أَيَّامَهُ وَعَضَّ عِنْدَ لِقَاءِ النَّحَارِيْرِ أَنَامِلَهُ، كَذَا فِيْ "الْكَشَّافِ"

(9)

.

(ولأن آية التّعليم ترك ما هو مألوفه عادة، والبازيُّ متوحِّش)

(10)

إلى أن قال: (أمّا الكلب فهو ألوف)

(11)

، وَلَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ لَا يَتَأَتَّى فِي الْفَهْدِ أَو النَّمِرِ فَإِنَّهُ [مُسْتَوْحِشٌ]

(12)

كَالْبَازِيِّ، ثُمَّ الْحُكْمُ فِيهِ وَفِي الْكَلْبِ سَوَاءٌ، فَالْمُعْتَمَدُ هُوَ الْأَوَّلُ، كذا في "المبسوط"

(13)

.

(1)

نِحْرِيْرًا: النِّحْريرُ: الْحَاذِقُ الْمَاهِرُ الْعَاقِلُ المجرِّب، وَقِيلَ: النِّحريرُ الرَّجُلُ الطَّبِنُ الفَطِن الْمُتْقِن البصِير فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَجَمْعُهُ: النَّحارِير. يُنْظَر: مختار الصحاح (307)، لسان العرب (5/ 197).

(2)

يُنْظَر: الكشَّاف للزمخشري (1/ 606).

(3)

سقطت من (ب).

(4)

في (ب): (جِلْبَةٌ).

(5)

في (أ): (عَلَى).

(6)

في (ب): (أَقْبَلِ).

(7)

في (أ): (عَلَى).

(8)

سقطت من (ب).

(9)

يُنْظَر: الكشَّاف للزمخشري (1/ 606).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1540).

(11)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1540).

(12)

في (ب): (مُتُوُحِّشٌ).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 223)، العناية شرح الهداية (10/ 116)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 465).

ص: 224

[عدد مرَّات ترك أكل الكلب من الصيد لكي يعتبر مُعَلَّماً]

(ثم شَرَطَ ترك الأكل ثلاثاً

(1)

، وهذا عندهما

(2)

، وهو رواية عن أبي حنيفة/)

(3)

قول أبي حنيفة: على تلك الرّواية يؤكل الصيد الثالث على ما [يجيء]

(4)

في الكتاب

(5)

(6)

.

(وفي بعض قصص [الأخيار]

(7)

(8)

كأنه أراد به قصّة موسى عليه السلام، {مع معلِّمِه}

(9)

؛ [لأنّه ذكر في "المبسوط" فقال]

(10)

: {حيث قال في الثالثة: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}

(11)

(12)

، [وكذا الشرع قدَّر]

(13)

مدّة الخيار ثلاثة أيام [للاختيار]

(14)

وقال عليه السلام: «إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ»

(15)

وقال عُمَرُ رضي الله عنه: «إِذَا لَمْ [يَرْبَحْ]

(16)

أَحَدُكُمْ فِيْ التِّجَارَةِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فَلْيَتَحَوَّلْ إِلَى غَيْرِهَا»

(17)

(18)

.

(1)

قال صاحب "البناية": (أي: ثم شَرَط القدوري ترك أكل الكلب ثلاث مرات). يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 412).

(2)

قال صاحب "البناية": (أي: عند أبي يوسف ومحمد). يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 412).

(3)

في (أ): (عن).

(4)

في (أ): (يحق).

(5)

الكتاب: المراد به هنا: كتاب "الهداية شرح البداية"، وذلك بقوله بعد ذلك:(وعلى الرواية الأولى عنده: يحل ما اصطاده ثالثاً، وعندهما: لا يحل؛ لأنه إنما يصير معلما بعد تمام الثلاث، وقبل التعليم غير معلم، فكان الثالث صيد كلب جاهل .... ). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1540).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 64)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 51)، الفتاوى الهندية (5/ 422).

(7)

في (ب)(الأخبار).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1540).

(9)

سقطت من (أ).

(10)

مابين القوسين سقط من (ب).

(11)

سورة الكهف الآية (78).

(12)

مابين القوسين سقط من (أ).

(13)

في (أ): (فقدَّرنا).

(14)

في (ب): (للاختبار).

(15)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(8/ 54) كتاب (الاستئذان) باب (التسليم والاستئذان ثلاثاً) برقم (6245) بِسَنَدِه: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ، إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مَذْعُورٌ، فَقَالَ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ؟ قُلْتُ: اسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ» فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُقِيمَنَّ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ، أَمِنْكُمْ أَحَدٌ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: وَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ القَوْمِ، فَكُنْتُ أَصْغَرَ القَوْمِ فَقُمْتُ مَعَهُ، فَأَخْبَرْتُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِكَ.

- وأخرجه مسلم في "صحيحه"(3/ 1694) برقم (2153).

(16)

في (ب): (يذبح).

(17)

أخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 8) كتاب (البيوع والأقضية) باب (في الرجل يتَّجر في الشيء فلا يرى فيه ما يحب) برقم (23213) قال: أورده كتاب (البيوع) بِسَنَدِه: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بْنُ هَارُوْنَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَن الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «مَنْ تَجَرَ فِي شَيْءٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُصِبْ فِيْهِ، فَلْيَتَحَوَّلَ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ» ،

- وأورده ابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"(ص 77) برقم (234).

- وأورده ابن كثير في "مسند الفاروق"(1/ 341 - 342)، وقال: اسنادُهُ حسن.

(18)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 244)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 51)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 177).

ص: 225

[أصل أبي حنيفة في تحديد المقادير]

(كما هو أصْلُهُ في جنسها)

(1)

أي: أصل أبي حنيفة/ في جنس المقادير

(2)

، نحو حبس الغريم

(3)

، وحدّ التّقادم

(4)

، وتقدير ما غلب في نَزح ماء البئر

(5)

الْمُعَيَّنَة

(6)

.

(وله: أنّه آية تعليمه عنده)

(7)

أي: {أن}

(8)

ترك الأكل علامة تعليمه عند الثالث؛ لأنّه إنما يحكم بكونه معلمًا بطريق تعيين إمساكه الثالث على صاحبه، وإذا حكمنا بأنه يمسكه على صاحبه، وقد أخذه بعد إرسال صاحبه فيحلّ، كذا في "المبسوط"

(9)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1540).

(2)

أصل أبي حنيفة/: أن المقادير لا تُعْرَف اجتهاداً بل نصَّاً وسماعاً، وما ليس فيه نَصٌّ فيُفَوَّض إلى رأي الْمُجْتهد والرجوع إلى من له علم في ذلك الباب. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 244)، الاختيار لتعليل المختار (4/ 82)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (10/ 800).

(3)

الْغَرِيْم: لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ، يُطْلَقُ عَلَى: مَن لَهُ الدَّيْن، وَعَلَى مَن عَلَيْهِ الدَّيْن، والْمُرَادُ بِهِ هُنَا الثَّانِي. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 226)، معجم لغة الفقهاء (1/ 331).

(4)

- التَّقَادُم لُغَةً: من الْقِدَم، وهو نَقِيْضُ الْحُدُوثِ. يُنْظَر: شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (8/ 5410)، لسان العرب (12/ 465).

- التقادُم شرعًا: لم أجد للفقهاء المتقدمين تعريفًا مخصوصًا للتقادم، إلا أن معنى كلامهم لا يُخرج المعنى الشرعي في التقادم عن اللغوي، وقد عبرت "مجلة الأحكام العدلية" عن التقادم بأنه: مرور الزمان، وعرَّفه في " معجم لغة الفقهاء" بعد تعريفه اللُّغَوِيّ، فقال: تَقَادُمُ الدَّعْوَى: مُرُورُ مُدَّةٍ طَوِيْلَةٍ (يُحُدِّدُهَا النِّظَاُم) عَلَى الدَّعْوَى دُوْنَ أَن يُحَرّكَهَا صَاحِبَهَا، وَبِالتَّقَادُمِ يَسْقُطُ حَقُّ سَمَاعِ الدَّعْوَى. يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية (ص 333) المادة (1660 وما بعدها)، معجم لغة الفقهاء (1/ 139).

(5)

نَزْحُ مَاءِ الْبِئْر: نَزَحَ مَاءَ الْبِئْرِ: اسْتَقَى وَاسْتَخْرَجَ مَاءَهَا كُلَّهُ. يُنْظَر: طِلْبَة الطلبة (ص 7)، مختار الصحاح (ص 308).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 116)، البناية شرح الهداية (12/ 414)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 177).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1540).

(8)

سقطت من (ب).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 244)، فتاوى قاضيخان (3/ 253)، البناية شرح الهداية (12/ 414).

ص: 226

(وذلك فيهما)

(1)

أي: والاستعمال في الكلب والبازِيِّ

(2)

.

(ولابدّ من الجرح في ظاهر الرواية)

(3)

حتّى لو قتل الكلب أو البازي الصيد من غير جرح لا يحلّ {أكله}

(4)

، {ذكره في "الزيادات"}

(5)

، {وأشار في "الأصل" إلى أنّه يحلّ

(6)

، والفتوى على ما ذكر في "الزيادات"، كذا في "الذّخيرة"}

(7)

(8)

.

[اشتراط الجرح عند إرسال الكلب أو البازي مع كونه كاسباً]

(وفي ظاهر قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ}

(9)

ما يشير إلى اشتراط الجرح؛ إذ هو من الجَرْح بمعنى الجراحة [في]

(10)

تأويلٍ

(11)

(12)

{أي: في تأويلٍ}

(13)

سوى التّأويل الأوّل الذي ذكر قبل هذا بصفحة بقوله: (والجوارح: الكواسب

(14)

(15)

في [تأويل]

(16)

(17)

.

وذكر في "المبسوط": وفي معنى الجوارح قولان: أحدهما: أن يكون جارحًا حقيقة بنابه أو بمخلبه، والثاني: الكواسب؛ كما قال تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ}

(18)

؛ أي: كسبتم

(19)

، ثم قال: ويمكن حمله عليهما؛ فيقال: الشّرط أن يكون من الكواسب التي تخرج

(20)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 116)، البناية شرح الهداية (12/ 414)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 177).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

سقطت من (أ).

(6)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (5/ 361)، فتاوى قاضيخان (3/ 254).

(7)

مابين القوسين سقط من (ب).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 428)، العناية شرح الهداية (10/ 117)، البناية شرح الهداية (12/ 415 - 416).

(9)

سورة المائدة الآية (4).

(10)

في (أ): (و).

(11)

يُنْظَر: مدارك التنزيل للنسفي (1/ 428).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(13)

سقطت من (أ).

(14)

يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (1/ 606)، مدارك التنزيل للنسفي (1/ 427).

(15)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(16)

في (أ): (تأويله).

(17)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 117)، البناية شرح الهداية (12/ 416)، تكملة فتح القدير (10/ 117 - 118)

(18)

سورة الأنعام الآية (60).

(19)

يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (2/ 32)، مدارك التنزيل للنسفي (1/ 510).

(20)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 221)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 52)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 50).

ص: 227

وهو معنى قوله في الكتاب

(1)

: (فيحمل على الجارح الكاسب بنابه ومخلبه ولا تنافيَ، وفيه أخذ باليقين)

(2)

؛ وذلك لأنّ النصّ إذا ورد وفيه اختلاف المعاني فإن كان بينهما تنافٍ يثبت أحدها بدليل يوجب ترجيحه لا جميعه، وإن لم يكن بينهما تنافٍ يثبت الجميع أخذاً بالْمُتيقّن، كما ذكره فخر الإسلام/ في الحيض، في قوله:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}

(3)

، قيل: أريد به الحَبَل

(4)

، وقيل: الحيض

(5)

، والصّحيح أنّهما مرادان

(6)

؛ لأنّه لا تنافي بينهما، فكذا هنا لا تنافي بين الكسب والجراحة

(7)

.

(وجوابه ما قلنا)

(8)

أراد به قوله: (ولا تنافي، وفيه أخذ باليقين).

(1)

الكتاب: المراد به هنا: في كتاب "الهداية شرح البداية".

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(3)

سورة البقرة الآية (228).

(4)

الحَبَل: وهو هنا: حَمْلُ الْمَرْأَةِ بِالْجَنِيْنِ، مَصْدَرُ حَبلَتْ الْمَرْأَةُ حَبَلًا، فَهِيَ حُبْلَى، وَهُنَّ حَبَالَى. يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعرَب (ص 111)، مختار الصحاح (ص 66)، معجم لغة الفقهاء (1/ 174).

(5)

- الحيض لُغَةً: يُقالُ: حَاضَتِ الْمَرْأَةُ حَيْضًا وَمَحِيضًا؛ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ رَحِمِهَا، وَسَال، وَهِيَ حَائِضٌ وَحَائِضَةٌ وَهُنَّ حَوَائِضُ وَحُيَّضٌ، وَالْحَيْضَةُ: الْمَرَّةُ؛ وَهِيَ الدُّفْعَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ دَفْعَاتِ دَمِ الْحَيْضِ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (3/ 1073)، الْمُغْرب في ترتيب الْمُعرب (ص 147)،

- الحيض شَرْعَاً: عِبَارَةٌ عَن الدَّمِ الَّذِيْ يَنْفُضُهُ رَحِمُ امْرَأَةٍ بَالِغَةٍ سَلِيْمَةٍ عَن الدَّاءِ وَالصِّغَر. يُنْظَر: كنز الدقائق لأبي البركات النسفي (ص 149)، التعريفات للجُرْجَاني (ص 94).

(6)

يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (1/ 272)، مدارك التنزيل للنسفي (1/ 189).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 117)، البناية شرح الهداية (12/ 417)، تكملة فتح القدير (10/ 117 - 118).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

ص: 228

[حكم الصيد إذا أكل منه الكلب أو الفهد]

(فإن أكل منه الكلب أو الفهد: لم يؤكل)

(1)

؛ لأن ترك الأكل علامة كونه معلمًا، فلما أكل من الصّيد بعد الأخذ عُلم أنّه غير معلم

(2)

.

[المراد بمسألة الوثبة في الصيد، وحكمها]

فإن قلت: يشكل على هذا مسألة الوثبة؛ وهي: ما إذا وثب الكلب فأخذ الصّيد من الصائد فأكل بعضه، فإن الباقي منه يؤكل على ما يجيء

(3)

.

فلو قيل: أنه لم يبق صيدًا بعد أخذ الصّائد.

قلنا: ولم يبق [صيدًا أيضًا]

(4)

بعد قتل الكلب إيّاه، ومع ذلك لو أكل منه بعد أن لم يكن صيدًا {أيضاً}

(5)

بقتله لا يؤكل، وفي مسألة الوثبة يؤكل.

قلت: يجيء جوابه في مسألة الوثبة أيضاً.

(وهو حجّة على مالكٍ

(6)

، وعلى الشّافعي

(7)

في قوله القديم)

(8)

أي: في قول الشّافعي؛ فإنّهما يقولان: الكلب إذا أكل من الصّيد الذي أخذه لا يحرم تناوله

(9)

.

فإن قلت: ما جوابنا عمّا تمسكا بحديث أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه

(10)

، أنّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ فِيْ صَيْدِ الْكَلْبِ:«كُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ»

(11)

؛ ولأنه تناول اللحم دون الصّيد؛ لأنه يَقْتُلُه أولاً فيخرج به من أن يكون صيدًا، وهو غير موجب للتّحريم، كما لو فتش مخلاة

(12)

صاحبه وتناول شيئاً من القديد

(13)

من لحم الصّيد.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 243)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 425)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 177).

(3)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (5/ 366)، المبسوط للسرخسي (11/ 244)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 54).

(4)

في (أ): (صيد الصائد).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(7)

يُنْظَر: الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 431)، القوانين الفقهية (ص 119).

(8)

يُنْظَر: الوسيط في المذهب (7/ 108 - 109)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (3/ 247).

(9)

أقوال الفقهاء في الصيد الذي أكل منه الكلب المعلَّم قبل أخذ صاحبه له:

- الحنفية، والأظهر من مذهب الشافعية، والصحيح من مذهب الحنابلة، ومذهب الظاهرية: أنه يحرم أكل الصيد.

- المالكية، وقول للشافعية: يحل أكل الصيد. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 243)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 177)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 431)، القوانين الفقهية (ص 119)، الوسيط في المذهب (7/ 108 - 109)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (3/ 247)، مختصر الخرقي (ص 143)، المغني لابن قدامة (9/ 370)، المحلى بالآثار لابن حزم (6/ 170).

(10)

أبي ثعلبة الخُشَني رضي الله عنه: صحابي جليل، غلبت عليه كنيته، واختلف في اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرًا، ورجَّحَ الذهبي في "تاريخ الإسلام" أن أشهر ما قيل فيه: جرثوم بن ناشم، يرجع نسبه إلى خُشَيْن، واسمه: وائل بن النمر ابن وبرة بن ثعلب، القضاعي، كان ممن بايع تحت الشجرة، وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمٍ يوم خيبر، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى أيضاً عن أبي عبيدة ومعاذ، وروى عنه سعيد بن المسيب، وجبير بن نفير، ومكحول، وغيرهم، سكن الشام وله فيها ذرية، قيل تُوُفِّيَ سنة 75 هـ. يُنْظَر: أسد الغابة لابن الأثير (5/ 44)، تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 892).

(11)

أخرجه أبو داود في "سُنَنِه"(4/ 472 - 473) كتاب (الصيد) باب (في الصيد) برقم (2852) قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَيْدِ الْكَلْبِ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ، وَكُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ يَدَاكَ» .

- قال الزيلعي: والصحيح ما رواه عديُّ بن حاتم: «وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ، فَلَا تَأْكُلْ» . يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (4/ 313).

- قال ابن الملقِّن: إلا أن حديث أبي ثعلبة مخرج في «الصحيحين» من حديث ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة وليس فيه ذكر الأكل، وحديث عدي في النهي عنه إذا أكل أصح من رواية أبي داود في الأكل. يُنْظَر: البدر المنير لابن الملقّن (9/ 242).

- وضعَّف الألباني هذه الرواية، واعتبر قوله:«وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ» منكرة. يُنْظَر: ضعيف أبي داود للألباني (2/ 385).

(12)

مِخْلَاة: هي التي يَضَعُ فيا الرجُلُ حَجِيَّاتِهِ وَمًسْتَلْزَمَاتِهِ مِنْ الْمِلْحِ والطَّعَامِ وَغَيْرِهَا، وَأَصْلُ اسْتَخْدَامِهَا أَنْ يُوْضَعَ فِيْهَا الْخَلَى، وَهُوَ الْحَشِيْشُ وَالْعُشْبُ، وَهَذَا سَبَبُ تَسْمِيَتِهَا. يُنْظَر: لسان العرب (14/ 243)، مختار الصحاح (ص 96).

(13)

القَدِيْد: اللَّحْمُ الْمَمْلُوحُ الْمُجَفَّف فِي الشَّمْسِ بَعْدَ تَشْرِيْحِهِ. يُنْظَر: لسان العرب (3/ 344)، معجم لغة الفقهاء (1/ 359).

ص: 229

قلت: جوابنا في ذلك قوله تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}

(1)

، والإمساك عليه هو أن لا يأكل منه، كذا في "الكشاف" وغيره

(2)

، وحين أكل منه فقد تبين أنّه أمسك على نفسه لا على صاحبه، وإليه أشار النبي عليه السلام في قوله لعديِّ بن حاتِم رضي الله عنه:«فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ/ فَإِنّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ»

(3)

(4)

.

وأمّا القياس الذي ذكروه فلا يقبل بمقابلة النّص، على ما قيل: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل

(5)

، ذكر هذا المثل في "الكشاف"، [في]

(6)

قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَة مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ 25}

(7)

(8)

.

وتأويل أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ رضي الله عنه؛ إن صحّ: أنّه كان قبل نزول الآية ثم [انتسخ]

(9)

، أو مراده إذا وَلَغَ في دم [الصيد]

(10)

، و [عندنا]

(11)

ذلك القدر لا يحرم، كذا في"المبسوط"

(12)

.

(1)

سورة المائدة الآية (4).

(2)

يُنْظَر: الكشَّاف للزمخشري (1/ 607)، مدارك التنزيل للنسفي (1/ 428).

(3)

سبق تخريجه في الصفحة السابقة.

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 223)، العناية شرح الهداية (10/ 119)، تكملة فتح القدير (10/ 119).

(5)

إِذَا جَاءَ نَهْرُ اللهِ بَطَلَ نَهْرُ مَعْقِلٍ: هذا الْمَثَل ذكره الميداني في "مجمع الأمثال"، وقال الثعالبي في "ثمار القلوب":(من أَمْثَال الْعَامَّة والخاصة: إِذا جَاءَ نهر الله بَطل نهر معقل، وَإِذا جَاءَ نهر الله بَطل نهر عِيسَى، ونهر معقل بِالْبَصْرَةِ، ونهر عِيسَى بِبَغْدَاد، وَعَلَيْهِمَا أَكثر الضّيَاع الفاخرة والبساتين النزهة بِبَغْدَاد، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بنهر الله الْبَحْر والمطر والسيل فَإِنَّهَا تغلب سَائِر الْمِيَاه والأنهار وتطم عَلَيْهَا، وَلَا أعرف نَهراً مَخْصُوصًا بِهَذِهِ الْإِضَافَة سواهُمَا). يُنْظَر: مجمع الأمثال للميداني (1/ 87)، ثمار القلوب للثعالبي (ص 31).

(6)

في (أ): (وفي).

(7)

سورة الروم الآية (25).

(8)

يُنْظَر: الكشاف للزمخشري (3/ 476).

(9)

في (ب): (انفسخ).

(10)

في (أ): (القتيل).

(11)

في (ب): (عندهما).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 223).

ص: 230

[صاد الجارح صيوداً فلم يأكل منها، ثم صاد بعد ذلك وَأَكَل]

(حتّى يصير معلّمًا على اختلاف الروايات كما بيّناها في الابتداء)

(1)

أراد به قوله: (وتعليم الكلب: أن يترك الأكل ثلاث مرّات)

(2)

إلى أن قال: (وهذا {عندهما، وهو}

(3)

رواية عن أبي حنيفة)

(4)

إلى أن قال: (وعلى الرواية الأولى عنده: يحلّ ما صطاده [ثالثًا]

(5)

(6)

إلى آخره

(7)

.

[حكم الصيود التي صادها الجارح قبل أن يأكل]

وفي "المبسوط": ولا يحلّ صيده بعد ذلك حتّى يصير معلّمًا؛ بأن يصيد ثلاثاً فلا يأكل منها فيحل حينئذ الرّابع في قول أبي يوسف ومحمّد رحمهما الله، وأمّا أبو حنيفة/ فلم يوقت فيه وقتًا، [ولكن]

(8)

يقول: إذا صار عالِمًا فكل من صيده

(9)

.

(وأمّا الصّيود التي أخذها من قبل: فما أكل منها لا يظهر الحرمة فيه؛ لانعدام المحليّة)

(10)

وأمّا ما باع المالك مما قدّد من صيوده فلاشك أن على قولهما: لا ينقض البيع فيه، وأمّا على قول أبي حنيفة/ ينبغي أن ينقض البيع إذا تصادق البائع والمشتري على كون الكلب جاهلاً، كذا في "الذّخيرة"

(11)

.

(وما هو [محرز]

(12)

في بيته: يحرم عنده)

(13)

أي: عند أبي حنيفة/، وذكر في "المبسوط": وما قاله أبو حنيفة/ أقرب إلى الاحتياط وعليه مبنى الحلّ والحرمة

(14)

.

(ولأن فيما أحرزه فقد أمضى الحكم فيه بالاجتهاد فلا [ينقض]

(15)

باجتهاد مثله)

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1540).

(5)

في (ب): (بالثاني).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1540).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 119)، تكملة فتح القدير (10/ 119)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1135).

(8)

في (ب): (ولكنه).

(9)

يُنْظَر: المبسوط: للسرخسي (11/ 244).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(11)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 426)، الفتاوى الهندية (5/ 423)، البناية شرح الهداية (12/ 420).

(12)

في (أ): (بمحرز).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 244)، العناية شرح الهداية (10/ 119)، البناية شرح الهداية (12/ 420).

(15)

في (أ): (ينتقض).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1542).

ص: 231

وفي "المبسوط" و"الذّخيرة": فالحاصل أنّ أبا حنيفة/ يحكم بجهله مستندًا، وهما يقولان: حكمنا بإباحة ما أحرزه المالك من صيوده بنوع اجتهاد مثله؛ لأنّ أكله من الصّيد الذي أكل يحتمل أن يكون لجهله، وترك الأكل فيما مضى لشبعه لا لعلمه، ويحتمل أن أكله لشدة جوعه، أو لأنّه نسي ذلك، وهذا لا يوجب جهله فيما مضى فرجّحنا ما يوجب الحرمة في المستقبل احتياطاً، ولكن لم ينقض ما حكمنا به من الإباحة فيما مضى بالاجتهاد الثّاني؛ لأنّ الاجتهاد دليل يصلح للعمل في المستقبل وليس بدليل في [نقض]

(1)

ما أمضى بالاجتهاد، والحلّ في الصّيود المحرزة حكم [أمضى]

(2)

بالاجتهاد، من اصحابنا من يقول: هذا إذا كان العهد قريباً بأخذ تلك الصّيود، وأما إذا تطاول العهد بأن أتى عليه شهر [أو]

(3)

نحو ذلك وقدّد صاحبه صيوده لم تحرم تلك الصّيود، لأنّ في المدّة الطّويلة يتحقّق النسيان، فلا يكون ذلك دليل كونه غير معلم في ذلك الوقت، وفي المدّة القصيرة لا يتوّهم نسيان الحرفة [فتبين]

(4)

أنّه كان {دليل كونه}

(5)

غير معلم حين اصطاد تلك الصّيود، وإنّما لم يأكل منها للشِّبَع لا للإمساك على صاحبه، والأظهر أنّ الخلاف في الفصلين جميعًا

(6)

.

[صيد الصقر إذا فرَّ من صاحبه، فمكث زمناً، ثم رجع إليه]

(ولو أن صقرًا فرّ من صاحبه فمكث حينًا ثم صاد: لا يؤكل {صيده)

(7)

معناه: رجع إلى صاحبه ثم صاد لا يؤكل}

(8)

أما لو صاد قبل الرجوع إلى صاحبه فلا شبهة في أنّه لا يؤكل؛ لعدم الإرسال

(9)

.

[أخذ الصيد من المعلَّم، ثم قطع منه قطعة وألقاها إليه فأكلها]

(ولو أخذ الصّيدَ من المعلَّم)

(10)

أي: أخذ الصّائد الصّيد من الكلب المعلم.

(وكذا إذا [وثب]

(11)

الكلب فأخذه منه وأكل منه)

(12)

أي: يؤكل ما بقي

(13)

.

(1)

في (أ): (بعض).

(2)

في (ب): (لِمَا مضى).

(3)

في (أ): (و).

(4)

في (أ): (فينسى).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 243 - 244)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (3/ 425 - 426)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 52 - 53).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 227).

(8)

مابين القوسين سقط في (أ).

(9)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (10/ 120)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 53)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 468).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(11)

في (أ): (أوثب).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1542).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 426)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 53)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 468).

ص: 232

فوجه الفرق: بين هذا وبين ما {إذا}

(1)

أكل الكلب من الصّيد بعد أن قتله قبل أن [يأخذه]

(2)

الصّائد حيث لا يؤكل، وفي هذه الصورة وهي إذا أكل منه بالوثبة بعد أخذ الصّائد يؤكل، وتعليل الكتاب

(3)

هاهُنا بقوله: (لأنّه ما أكل من الصّيد)

(4)

شامل للصورتين ومع ذلك افترقتا في الحكم

(5)

.

والأوْجَه فيه: هو أن الفرق إنما [ينشأ]

(6)

بينهما من حيث وجود الإمساك لصاحبه وعدم الإمساك له، فههنا؛ أي: في مسألة الوثبة؛ لَمَّا لم [يأكل]

(7)

من الصّيد إلى أن أخذه صاحبه؛ قد تم إمساكه على صاحبه حين لم يأخذ منه حتّى وصل إلى يد صاحبه، وبعد ذلك انتهاسه منه ومن لَحْمٍ آخر في مخلاة صاحبه سواءٌ، فلا يخرج به من أن يكون معلمًا، وهناك لَمَّا أكل من الصّيد بعد قتله قبل أن يأخذه صاحبه علم أنّه [إنّما]

(8)

أمسكه لنفسه لا لصاحبه؛ فخرج به من أن يكون معلّمًا؛ ولأن هذا من عادة الصّيادين؛ وهو أن يأخذ الصّياد الصّيد من الكلب ثم يرمي بقطعة منه إلى الكلب وكان الكلب طالبه بهذه العادة فهو دليل حذقه لا دليل جهله.

وأمّا [هناك]

(9)

فلم تجر العادة بأن يمكن الصّائد الكلب من أكله من الصّيد فكان أكله في ذلك الوقت/ دليل جهله، إلى هذا أشار في "المبسوط"

(10)

.

[أدرك المُرْسِل الصيدَ حيَّاً]

(وإن أدرك المرسل الصّيد حيًّا: وجب عليه أن يذكيه)

(11)

إلى آخره، يجب أن يعلم [بأن]

(12)

مثل هذا الكلام في أربعة مواضع:

أحدها: الشاة أو غيرها؛ إذا مرض وبقي فيها من الحياة مقدار [ما]

(13)

يبقى في المذبوح بعد الذّبح.

{والثّاني: إذا قطع الذئب بطن الشّاة وتبقى فيها من الحياة مقدار ما يبقى في المذبوح بعد الذبح}

(14)

فأخذه المالك.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

في (ب): (يأخذ).

(3)

الكتاب: المراد به هنا "كتاب الهداية شرح البداية".

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1542).

(5)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (10/ 121)، تكملة البحر الرائق (8/ 253).

(6)

في (ب): (بيَّنَّاه).

(7)

في (ب): (يؤكل).

(8)

سقطت من (ب).

(9)

في (ب): (ههنا).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 244 - 245)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 53)، تكملة فتح القدير (10/ 121).

(11)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(12)

في (ب): (أن).

(13)

سقطت من (أ).

(14)

مابين القوسين سقط في (ب).

ص: 233

والثّالث: الكلب المعلّم المرسل إذا جرح الصّيد [وتبقى]

(1)

من الحياة ما يبقى في المذبوح بعد الذّبح ثم أخذه المالك.

والرّابع: إذا رمى صيدًا فأصابه وبقي من الحياة مقدار ما يبقى في المذبوح بعد الذّبح فرماه آخر وقتله.

ففي الموضع الأوّل والثّاني: عند أبي يوسف ومحمّد -رحمهما الله-: لا تقبل الذكاة، حتّى لو [ذكاها]

(2)

لا يحلّ

(3)

.

[واختلف]

(4)

المشائخ في قول أبي حنيفة/

(5)

، ونصّ القاضي {الإمام}

(6)

الإسبيجابي/: أنها تقبل، حتى لو ذكاها تحل، وبه كان يفتي شمس الأئمة السّرخسي/، وهو اختيار الصّدر الشّهيد/، ذكره في الباب الأوّل من صيد "واقعاته"

(7)

(8)

.

وذكر شيخ الإسلام: أنّه لا تقبل الذكاة حتّى لو ذبحها لا يحلّ أكله؛ على قول أبي حنيفة/

(9)

.

فالحاصل: أن الحياة لها عبرة عند أبي حنيفة/ وإن قَلَّت، وأبو يوسف ومحمّد-رحمهما الله- اتفقا على أن قليل الحياة لا عبرة له، وقدر القليل بما [بقي]

(10)

في المذبوح

(11)

.

(1)

في (ب): (ويبقى).

(2)

في (ب): (ذكَّى).

(3)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 432 - 233)، المبسوط للسرخسي (12/ 5)، فتاوى قاضيخان (3/ 256).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 432 - 233)، فتاوى قاضيخان (3/ 256)، البناية شرح الهداية (12/ 426).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

واقعاته: هو كتاب "الواقعات الحسامية" أو " واقعات الحسامي" ويسمى: "الأجناس"، لأبي محمد، عمر بن عبد العزيز بن مازه البخاري، الحنفي، حسام الدين، المعروف بالصدر الشهيد، الْمُتَوَفّى سنة 536 هـ، جمع فيه بين:"النوازل" لأبي الليث، "الواقعات" للناطفي، أخذ من فتاوى أبي بكر: محمد بن الفضل، وفتاوى أهل سمرقند، ورتب الكتاب المختصر، المنسوب إلى الحاكم الشهيد، والأبواب "كالنوازل"، وهو لا زال مخطوطاً، ومنه نسخة في المكتبة السليمانية باستانبول، بتركيا، ورقم الحفظ:(628). يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1998)، الأعلام للزركلي (5/ 51)، خزانة التراث في مركز الملك فيصل (75/ 275).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 432)، فتاوى قاضيخان (3/ 256)، البناية شرح الهداية (12/ 426).

(9)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 432)، البناية شرح الهداية (12/ 426).

(10)

في (ب): (يبقى).

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 426)، المبسوط للسرخسي (12/ 5)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 53).

ص: 234

واتفقا أيضاً أن كثير الحياة له عبرة، [وبعد]

(1)

ذلك اختلفا فيما بينهما، فأبو يوسف قدر الكثير بأكثر اليوم والليلة، ومحمّد قدّره بيوم

(2)

.

وفي الموضع الثّالث والرّابع: إذا كان الباقي من الحياة مقدار ما يبقى في المذبوح بعد الذّبح؛ ذكر الصّدر الشّهيد/: أنّه لا {يقبل}

(3)

الذكاة بالإجماع، حتّى لو أخذه المالك كذلك ولم [يذكه]

(4)

حَلَّ، ولم يذكر ما إذا كان الباقي من الحياة أكثر ممّا يبقى في المذبوح بعد الذّبح، كذا في "الذّخيرة"

(5)

.

(والميت ليس [بمذْبَح]

(6)

(7)

أي: ليس بمحلّ للذّبح

(8)

.

(لأنّ ما بقي اضطراب المذبوح)

(9)

لا الحياة المعتبرة

(10)

.

(ردًا إلى المتردية

(11)

(12)

أي: اعتباراً

(13)

.

(1)

في (ب): (بعد).

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 426)، المبسوط للسرخسي (12/ 5)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 178).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

في (أ): (يذكر).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 432)، البناية شرح الهداية (12/ 4. 26)، فتاوى قاضيخان (3/ 256).

(6)

في (ب): (بذبح).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1543).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 122)، البناية شرح الهداية (12/ 423)، تكملة فتح القدير (10/ 112).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1543).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 241)، العناية شرح الهداية (10/ 122)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 53).

(11)

الْمُتَرَدِّيَة: مِنْ تَرَدَّى إِذَا سَقَطَ، وَهِيَ الَّتِيْ تَسْقُطُ مِن الْعُلُوِّ فَتَمُوْت. يُنْظَر: النهاية لابن الأثير (2/ 216)، البناية شرح الهداية (12/ 425)، معجم لغة الفقهاء (1/ 128).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1544).

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 122)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 53)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 582).

ص: 235

[حكم المتردية والنطيحة إذا أدرك ذكاتها]

(هذا الذي ذكرنا إذا ترك التذكية)

(1)

أي: الذي ذكرنا أنّه لا يؤكل عند أبي حنيفة/ أيضاً ممّا شق بطنه وأخرج ما فيه

(2)

.

(وكذا المتردية والنطيحة

(3)

(4)

؛ أي: تحلّ بالذّبح إذا كانت حيّة أيّة حياة كانت

(5)

.

وفي "المبسوط": وما أَدْرَكْتَ ذكاته من المترديّة والنّطيحة وما أكل السّبع، ونظائرها، فَذَكَّيْتَهُ حَلَّ؛ (لقوله تعالى:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}

(6)

(7)

(8)

.

ثم عند أبي حنيفة/: إذا عُلِمَ أنّها كانت حيّة حين ذبحها حلّت، سواء كانت الحياة فيه متوهمة البقاء، أو غير متوهمة البقاء؛ لأنّ المقصود تسييل الدّم النجس بفعل الذكاة وقد حصل

(9)

.

وقال أبو يوسف/: إن كان يتوهّم أن يعيش يومًا، أو أكثر يحلّ بالذكاة

(10)

.

(وعليه الفتوى)

(11)

أي: وعلى قول أبي حنيفة/

(12)

.

[أدرك المُرْسِل الصيدَ حيَّاً، ولكن لم يأخذه]

{(على ما قرّرناه)

(13)

أراد به قوله: (لأن ما بقي اضطراب المذبوح فلا يعتبر)}

(14)

.

(ولو أدركه ولم يأخذه)

(15)

فالمسائل المتقدّمة فيما إذا أخذه [الصّائد]

(16)

، وههنا أدركه ولم يأخذه.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1544).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 241)، البناية شرح الهداية (12/ 424)، الفتاوى الهندية (5/ 427).

(3)

النَّطِيْحَة: مِنْ نَطَحَ، وَهِيَ فَعِيْلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُوْلَةٌ، أي الْمَنْطُوحَةُ الَّتِي مَاتَتْ مِنَ النَّطْحِ، بِأَنْ ضَرَبَتْهَا شَاةٌ أُخْرَى بِرَأْسِهَا أَوْ بِقُرُوْنِهَا فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 313)، معجم لغة الفقهاء (1/ 482).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1544).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 5)، البناية شرح الهداية (12/ 425)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 470).

(6)

سورة المائدة الآية (3).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1544).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 5)، الأصل للشيباني (5/ 403)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 7).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 5)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 582)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 53).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 5)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 7)، العناية شرح الهداية (10/ 122).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1544).

(12)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 7)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 53)، العناية شرح الهداية (10/ 122).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1544).

(14)

مابين القوسين سقط من (ب).

(15)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(16)

في (أ): (الصّيّاد).

ص: 236

(وإن كان لا يمكنه أخذه: أُكِلَ)

(1)

وهذا موافق لِمَا ذكر في "فتاوى قاضي خان"/، وقال: ولو رمى صيدًا فأصابه فلما انتهى إليه ليأخذه مات قبل أن يقع في يده فلا بأس بأكله

(2)

.

{(على ما ذكرناه)

(3)

وهو قوله: (لأنّه وقع في يده حياً)

(4)

(5)

.

[أرسل جارحه على صيدٍ، فأخذ الجارح صيداً غيره]

(وإذا أرسل كلبه على صيد)

(6)

{أي: على صيد}

(7)

معيّن ([وأخذ]

(8)

غيره: حلّ)

(9)

أي: مادام في وجه إرساله؛ لأنّ الإرسال قد صحّ من المسلم موجِباً للحِلِّ، وتعيين الصّيد في الإرسال ليس بشرط، إلا على قول (مالك)

(10)

، فإنّه كان يقول: التعيين شرط

(11)

، حتّى إذا ترك التعيين كان {هو}

(12)

كترك الإرسال، وعن {ابن}

(13)

أبي ليلى

(14)

: التعيين ليس بشرط، ولكن إذا عين اعتبر تعيينه، حتى إذا ترك ذلك وأخذ غيره لا يحلّ

(15)

(16)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(2)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 255)، البناية شرح الهداية (12/ 426)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 472 - 473).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1544).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

مابين القوسين سقط من (ب).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(7)

سقطت في (ب).

(8)

في (ب): (وأخذه).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1544).

(11)

يُنْظَر: القوانين الفقهية (1/ 118)، التهذيب في اختصار المدونة (2/ 14).

(12)

سقطت من (ب).

(13)

سقطت من (ب).

(14)

ابن أبي ليلى: هو أبو عبدالرحمن، محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى بن بلال، الأنصاري، الكوفي، العلامة، الإمام، مفتي الكوفة، وقاضيها، مات أبوه وهو صبي، لم يأخذ عن أبيه شيئا، بل أخذ عن أخيه عيسى، عن أبيه، وأخذ عن: الشعبي، وعطاء، وعطية العوفي، وغيرهم كثير، وحَدَّثُ عنه: شعبة، وسفيان بن عيينة، والثوري، وحمزة الزيات، وغيرهم كثير أيضاً، وكان نظيراً لأبي حنيفة في الفقه، تُوُفِّيَ في رمضان سنة 148 هـ. يُنْظَر: الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 341)، سير أعلام النبلاء (6/ 311 - 315)

(15)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 240 - 241)، فتاوى قاضيخان (3/ 252)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 55).

(16)

أقوال الفقهاء في الجارح أو السهم إذا صاد صيداً آخر بعد الإرسال:

- الحنفية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية: يَحِلّ الصيد ما دام على وجه الإرسال.

- المالكية: لا يحل الصيد، لأن التعيين شرط. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 240)، فتاوى قاضيخان (3/ 252)، القوانين الفقهية (1/ 118)، التهذيب في اختصار المدونة (2/ 14)، الأم للشافعي (2/ 251)، المهذب في فقه الإمام الشافعي (1/ 463)، الكافي في فقه الإمام أحمد (1/ 553)، المبدع في شرح المقنع (8/ 52)، المحلى بالآثار (6/ 175).

ص: 237

ولكنا نقول: الشّرط ما في [وسعه]

(1)

إيجاده وهو الإرسال، وأمّا التّعيين فليس في وسعه؛ لأنّه لا يمكنه أن يعلّم البازي والكلب على وجه لا يأخذ إلا ما يُعَيِّنه، ولأنّ التعيين غير مفيد في حقه ولا في حق الكلب، فإنّ الصيود كلّها فيما يرجع مقصوده سواءٌ، وكذلك في حق الكلب؛ لأن قصده إلى أخذ كلّ صيد يتمكن من أخذه، كذا في "المبسوط"

(2)

.

[أرسل على صيدٍ كثير، وسمَّى مرَّةٍ واحدةً]

(لأنّ الذّبح يقع بالإرسال على ما بيناه)

(3)

أي: في أوائل كتاب/ الذّبائح حيث قال: (وفي الصّيد يشترط عند الإرسال والرّمي)

(4)

.

(ولهذا يشترط التسمية عنده)

(5)

أي: عند الإرسال

(6)

.

[الصيد بالفهد، والكلب إذا اعتاد عادة الفهد]

(بخلاف ذبح الشاتين)

(7)

أي: على التّعاقُب

(8)

.

(ومن أرسل فَهْدًا فَكَمِن)

(9)

أي: توارى واستخفى

(10)

.

(لأن مكثه ذلك حيلة منه للصيد لا استراحة)

(11)

؛ لأنّ هذا عادة للفهد ظاهرةٌ أنه يَكْمُن ولا يَعْدُوا على أثر الصّيد؛ فيسقط اعتباره، ولأنّه يحقق ما قصده صاحبه بالإرسال فلا ينقطع به فور الإرسال كالوثوب

(12)

.

قال/

(13)

: وكان شيخنا الإمام/، أراد به: الإمام شمس الأئمّة الحلواني/ أنّه كان يقول: للفهد خصال ينبغي لكلّ عاقل أن يأخذ ذلك منه، من ذلك: أنه يكمن للصّيد حتّى [يستمكن]

(14)

منه، وهكذا ينبغي للعاقل أن لا يجاهر بالخلاف مع عدوّه، ولكن [يطلب]

(15)

الفرصة حتّى يحصل مقصوده من غير إتعاب نفسه.

(1)

في (أ): (وسعيه).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 241)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 55)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 473).

(3)

يُنْظَر: الهداي شرح البداية (4/ 1544).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1448).

(5)

يُنْظَر: الهداي شرح البداية (4/ 1544).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 427)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 55)، العناية شرح الهداية (10/ 123).

(7)

يُنْظَر: الهداي شرح البداية (4/ 1544).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 427)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 5)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 578).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(10)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 447)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 427)، منحة السلوك شرح تحفة الملوك (ص 372).

(11)

يُنْظَر: الهداي شرح البداية (4/ 1544).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 242)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 427)، منحة السلوك شرح تحفة الملوك (ص 372).

(13)

هو شمس الأئمة السرخسي/.

(14)

في (أ): (يستكمن).

(15)

في (ب): (يطالب).

ص: 238

ومنه: أنّه لا يعدو خلف صاحبه حتى يركبه خلفه، وهو يقول: هو المحتاج إليّ فلا أذِلَّ له، [وهكذا]

(1)

ينبغي للعاقل أن لا يذلّ نفسه فيما يفعل لغيره.

ومنه: أنّه لا يتعلّم بالضّرب، ولكن يضرب الكلب بين يديه إذا أكل من الصّيد فيتعلّم بذلك، وهكذا ينبغي للعاقل أن يتّعظ بغيره، كما قيل: السّعيد من وعظ بغيره.

ومنه: أنّه لا يتناول الخبيث وإنما يطلب من صاحبه اللّحم الطّيب، وهكذا ينبغي للعاقل أن لا يتناول إلا الطيّب.

ومنه: أنه يَثِبُ ثلاثاً أو خمساً، فإن تمكن من الصّيد أخذ وإلا تركه، ويقول: لا [أقتل]

(2)

نفسي فيما أعمل لغيري، وهكذا ينبغي لكلّ عاقل، كذا في "المبسوط"

(3)

.

[صيد المعلَّم، إذا لم يُعلم مَن أرسله]

(لا يؤكل

(4)

؛ لوقوع الشك)

(5)

أي: لكونه ميتة، لا لأنه مال الغير

(6)

.

(فيغلّب جهة الحرمة نصًا)

(7)

أي: بالنصّ، وهو قوله عليه السلام:«مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ إِلَّا وَقَدْ غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ»

(8)

(9)

.

(1)

في (ب): (هكذا).

(2)

في (أ): (أقبل).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 242)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 55)، تكملة فتح القدير (10/ 117).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1545).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 444)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (6/ 476).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1546).

(8)

أخرجه عبدالرزاق في "مصنفه"(7/ 199) كتاب (الطلاق) باب (الرجل يزني بأم امرأته، وابنتها، وأختها) برقم (12772) موقوفاً، قَالَ: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «مَا اجْتَمَعَ حَلَالٌ وَحَرَامٌ إِلَّا غَلَبَ الْحَرَامُ عَلَى الْحَلَالِ» .

- وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 275) برقم (13969)، وقال: رواه جابر الجعفي، عن الشعبي، عن ابن مسعود، وجابر الجعفي ضعيف، والشعبي، عن ابن مسعود منقطع.

- قال الألباني: لا أصل له، قاله العراقي في "تخريج المنهاج"، ونقله المناوي في "فيض القدير" وأقرَّه. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (1/ 565).

(9)

يُنْظَر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (4/ 314)، المبسوط للسرخسي (11/ 224)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 58).

ص: 239

[شارك المُعَلَّمَ غيرُ معَلَّم، أو كلبُ مجوسيٍّ، أو كلبٌ لم يُذْكَر اسم الله عليه عمداً]

(ولو ردّه عليه الكلب الثّاني)

(1)

أي: ولو ردّ الكلب الثاني الصّيد على الكلب الأوّل، يعني: إذا كان الصّيد يفرّ من الكلب الأوّل فاستقبله كلب آخر غير معلم فردّه حتّى أخذه الكلب الأوّل يكره أكله

(2)

.

وحاصله أن ههنا فصولًا ثلاثة:

في الأوّل: الحرمة، وهو فيما إذا شارك الكلب المعلّم كلب غير معلّم في الأخذ والجرح

(3)

.

وفي الثّاني: الكراهة، وهو فيما إذا عاونه غير المعلّم [في أخذ]

(4)

الصّيد، ولم يشاركه في الأخذ والجرح، بل ردّ الصّيد حتّى أخذه الأوّل، فلمّا تفرد الأوّل في الأخذ والجرح غلب جانب الحل، فأوجب إعانة غير المعلّم الكراهة دون الحرمة؛ لعدم المشاركة في الأخذ والجرح

(5)

.

وفي الثّالث: الإباحة، وهو فيما إذا [زاد]

(6)

اشتداد الأوّل بسبب غير المعلّم، ولم يوجب الحرمة ولا الكراهة؛ لعدم مشاركته وإعانته في الصّيد، بل كان أثر فعله في الكلب لا في الصّيد، ولم يوجب الكراهة في الصّيد لذلك

(7)

.

وهذا لأنّ في الفصل الأوّل: استوت الحرمة والإباحة؛ لأنّ الشركة وجدت في الأخذ والجرح جميعًا فوجبت الحرمة، كما لو وقع الْمرمِيُّ في الماء، وفي الفصل الثّاني: يرجح ما يوجب الحلّ على ما يوجب الحرمة؛ لأن الكلب الثاني الذي هو غير معلّم عاون الأوّل في الأخذ لا في الجرح، بل الأول تفرد بجرحه، وهو ممّا يمكن الاحتراز عنه، كما إذا توارى الصّيد عنه وقد اشتغل بعمل آخر ثم وجده قتيلاً [بجرح]

(8)

الكلب لا غير فإنّه يثبت الكراهة؛ لأن سبب الإباحة ترجح لتحقّقه، وسبب الحرمة موهوم، وهو ممّا يمكن الاحتراز عنه فأوجب الكراهة، وفي الفصل الثّالث: ترجح ما يوجب الحلّ على وجه لم يورث في الصّيد ما يوجب الكراهة [فبقي]

(9)

على أصل الحلّ، إلى هذا أشار شيخ الإسلام

(10)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(2)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 427 - 428)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 54)، البناية شرح الهداية (12/ 431).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 242)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 427)، العناية شرح الهداية (10/ 124).

(4)

في (ب): (وأخذ).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 427 - 428)، تحفة الملوك (ص 203)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 466).

(6)

في (ب): (ازداد).

(7)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 59)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 428)، تحفة الملوك (ص 204).

(8)

في (ب): (لجرح).

(9)

في (ب): (فيبقى).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 124)، البناية شرح الهداية (12/ 431 - 432).

ص: 240

ولكن جعل في "المبسوط" حكم الفصل الثّاني كحكم الفصل الأوّل في الحرمة، فقال بعدما ذكر الأوّل أنّه لا يحلّ أكله: وكذلك إن ردّ الصّيد عليه حتّى أخذه، أو ردّه عليه سبعٌ حتّى أخذه؛ لأنّه قد أعانه على أخذ الصّيد، وبهذه الإعانة يثبت المشاركة بين [الفعلين]

(1)

، والبازي في ذلك كالكلب؛ لأنّ فعل ما {ليس بمعلَّم محرِّم للصيد، البازي والكلب فيه سواء

(2)

.

[ردُّ المجوسيِّ الصيدَ على الكلب]

(وهذا بخلاف ما إذا ردَّه المجوسي بنفسه حيث لا يكره)

(3)

، وكذلك لو ردَّ عليه دابَّة أو طير لايُكره؛ (لأن فعل)

(4)

(5)

هؤلاء (ليس من جنس فعل الكلب فلم يتحقق المشاركة)

(6)

(7)

.

أمّا لو ردّه كلب آخر غير معلّم، أو سبعٌ، أو ذو مخلب من الطّير ممّا يجوز أن يعلم فيصاد به، فرد الصّيد على الكلب، أو هيَّبَه، أو فعل ما يكون معونة الكلب، فأخذه الأوّل لم يوكل، لأنّ مشاركة الكلب [هكذا تكون]

(8)

، كذا في "الإيضاح"

(9)

.

[اشتَدَّ المعلَّم على صيده بسبب الكلب الثاني]

(لكنه اشتد على/ الأوّل)

(10)

ضُمِّنَ الاشتداد هنا معنى الإغراء فَعُدِّيَ تعديتَه، [أو]

(11)

اشتد {هنا}

(12)

بمعنى: اتبع.

(فزجره مجوسي فانزجر)

(13)

يقال: زجر الكلب فانزجر؛ أي: هيَّجَهُ فهاج، كذا في "الطلبة"

(14)

.

[المعلَّم إذا زجره مسلمٌ أو مجوسي]

(والزجر دون الإرسال)

(15)

؛ لأنّ الإرسال [شرط]

(16)

في حلّ الصّيد دون الزّجر، ولأنّ الإرسال أصل والزجر بناء عليه؛ ولهذا اشترط التّسمية عند الإرسال دون الزّجر، فعُلِم بهذا أنّه لا اعتبار لزجر أحدٍ عند وجود الإرسال من آخر، بل الاعتبار للإرسال لا للزجر

(17)

.

(1)

في (ب): (الفصلين).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 243)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 59).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1545).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

مابين القوسين سقط من (أ).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1545).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 243)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 59)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 54).

(8)

في (أ): (فكذا يكون).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 243)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 59)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 466).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(11)

في (أ): (و).

(12)

سقطت من (أ).

(13)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(14)

يُنْظَر: طِلْبَة الطلبة (ص 37).

(15)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1545).

(16)

في (ب): (يشترط).

(17)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 428)، العناية شرح الهداية (10/ 124)، تكملة فتح القدير (10/ 124).

ص: 241

فإن قلت: يشكل على هذا مسألتان:

أحدهما: أنّ الْمُحْرم إذا زجر كلب الحلال يجب عليه الجزاء، فلو كان الاعتبار للإرسال لا للزّجر لما وجب الجزاء [على]

(1)

المحرم إذا زجر.

والثّانية: المسألة التي تليه، وهي قوله: (وإن لم يرسله أحد فزجره مسلم فانزجر [فأخذ]

(2)

الصيود: فلا بأس بأكله)

(3)

حيث اعتبر الزجر في حلّ الصّيد كالإرسال، فعلم بهذا أن للزجر اعتباراً.

قلت: أمّا الجواب عن الأوّل: فإنّ الجزاء على الْمُحرِم يجب بما هو أقلّ من الزّجر وهو الدّلالة، وبما هو مثله وهو الإعانة؛ بحكم الحديث، فلما وجب بدون الزّجر فَلَأَن يجب بالزجر بالطّريق الأَوْلَى

(4)

.

وأمّا عن الثّاني: [فإنّ]

(5)

الزّجر لا اعتبار [له]

(6)

بمقابلة الإرسال الذي هو أقوى منه، وأمّا إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه فله اعتبار

(7)

.

على أنّ هذا الذي ذكره في الكتاب

(8)

في مسألة الانفلات

(9)

هو جواب الاستحسان، وأمّا جواب القياس: فهو أن لا يحل أكله.

[وجه]

(10)

القياس: هو أنّ الإرسال أقيم مقام الذكاة، فإذا لم يوجد الإرسال انعدم الذكاة حقيقة وحكمًا فلا يحلّ.

وأمّا وجه الاستحسان: فإن الانزجار عقيب الزجر طاعةٌ دلالةً، فيجب اعتباره ويجعل إرسالاً، إلا إذا كان فيه إبطال السّبب على غيره كما في الفصل الأول والثّاني، وهنا ليس فيه إبطال السبب على غيره، فيجعل إرسالاً، إلى هذا أشار في "الجامع الصّغير" لقاضي خان والمحبوبي

(11)

.

(1)

في (أ): (عن).

(2)

في (أ): (وأخذ).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 54)، العناية شرح الهداية (10/ 124)، البناية شرح الهداية (12/ 433).

(5)

في (ب): (فَلِأَنَّ).

(6)

في (ب): (به).

(7)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 55)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 54 - 55)، تكملة فتح القدير (10/ 125)

(8)

الكتاب: المراد به هنا كتاب "الهداية شرح البداية".

(9)

الانْفِلَات: هُنَا بِمَعْنَى: خُرُوجُ الشَّيْءِ فَلْتَةً، أَيْ: بَغْتَةً، وَالْمُرَادُ هُنَا خُرُوْجُ الْكَلْبِ مِن يَدِ صَاحِبِهِ بَغْتَةً. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 396)، مختار الصحاح (1/ 260)، البناية شرح الهداية (12/ 433) ..

(10)

في (ب): (فوجه).

(11)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 54)، البناية شرح الهداية (12/ 434)، مجمع الأنهر شرح ملتقلى الأبحر (2/ 578).

ص: 242

(ولهذا لم يثبت به)

(1)

أي: بزجر المجوسي (شبهة الحرمة)

(2)

مع أنّ الحرمة أسرع ثبوتًا، [ولهذا]

(3)

عند اجتماع سببي [الحلّ]

(4)

والحرمة كانت الغلبة للحرمة.

(فأَوْلَى أن لا يثبت الحلّ)

(5)

أي: بزجر المسلم

(6)

.

(لأنّ الزجر مثل الانفلات)

(7)

من حيث أن كلّ واحد منهما غير مشروط في حلّ الصّيد بخلاف الإرسال

(8)

.

(لأنّه إن كان دونه)

(9)

أي: لأنّ الزّجر إن كان دون الانفلات من وجه؛ من حيث أنّ الزجر {بناء على الانفلات، ولكن الزّجر فوق الانفلات من وجه آخر من حيث أنّ الزّجر}

(10)

فعل المكلف فاستويا فصلح الزّجر ناسخًا للانفلات لأنّ الزّجر آخر المستويين؛ لأنّ [النّسخ]

(11)

يثبت بمثل [هذه]

(12)

كما في نسخ الآي، فلذلك اعتبر زجر المسلم بعد الانفلات حتّى أكل الصّيد بزجر المسلم

(13)

.

يقال: وقذه: أثخنه ضرباً

(14)

.

[أرسل كلبه فضرب الصيد فوقذه، ثم ضربه ثانيَةً فقَتَلَه]

(ولو أرسل المسلم كلبه على صيد)

(15)

إلى أن قال: (لأنّ الامتناع عن الجرح بعد الجرح لا يدخل تحت التعليم فيُجْعَل عفوًا)

(16)

، وهذا جواب لما يَرِد شبهة في هذه المسألة، وهي: أن الضّربة الثانية التي قتل الكلبُ بها الصّيدَ إنما حصلت بعد الإثخان

(17)

الذي أخرجه من الصّيدية فينبغي أن لا يحل أكله؛ لأنّ الصّيد بعد الإثخان كان ملحقًا بالشّاة والبقر فيحلّ بالذّبح لا بالضّرب.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1546).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

في (أ): (وبهذا).

(4)

في (ب): (الحلال).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1546).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 54)، العناية شرح الهداية (10/ 124)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 471)

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1546).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 54)، تكملة فتح القدير (10/ 125)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 471)

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1546).

(10)

مابين القوسين سقط من (ب).

(11)

في (ب): (الزجر).

(12)

في (ب): (بعده).

(13)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 54 - 55)، البناية شرح الهداية (12/ 434)، فتح القدير لابن الهمام (10/ 125)،

(14)

يُنْظَر: النهاية لابن الأثير (5/ 212)، لسان العرب (3/ 519).

(15)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1546).

(17)

الإِثْخَان: الإِثْخانُ فِي الشَّيْءِ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ، يُقَالُ: قَدْ أَثْخَنَهُ الْمَرَضُ إِذَا اشْتَدَّ قُوَّتُهُ عَلَيْهِ ووَهَنَه، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا: أَثْقَلَتْهُ الْجِرَاحُ. يُنْظَر: لسان العرب (13/ 77)، النهاية لابن الأثير (1/ 208).

ص: 243

فأجاب عنه وقال: تعليم الكلب على وجه يمتنع عن الجرح بعد الخروج عن الصيديّة متعذّر، وما تعذّر رفعه تقرّر عفوه

(1)

، وكذلك في الكلبين

(2)

.

[أرسل كلبين فوقذ الصيد أحدهما، ثم قَتَلَه الآخَر]

(فوقذه أحدهما ثم قتله الآخر: أُكِل)

(3)

هذا إذا أرسلهما معًا

(4)

، فأما إذا أرسل رجلٌ كلبه المعلّم على صيد فكسر رجله أو عُقِر

(5)

عقراً أخرجه من الصيديّة، ثم أن رجلاً آخر أرسل كلبه على ذلك الصّيد فكسر رجله الأخرى أو عقره عقراً فمات الصّيد من العقرين؛ فنقول: الصّيد للأوّل، ولا يحلّ تناوله، هذا إذا أرسل الثّاني كلبه بعدما أثخن الكلبُ الأوّل

(6)

.

فلو أنّ الكلب الأوّل جَرَحَه ولكن لم يثخنه حتّى أرسل الثّاني كلبه فأصابه وأثخنه فالصّيد للثّاني، ويحلّ تناوله، ولو كان كلّ واحد من الجرحين بحال لا يخرجه من الصيديّة عند الانفراد ولكن عند الاجتماع خرج من الصيديّة فالصّيد لهما، كذا في "الذّخيرة"

(7)

.

(1)

ما تعذّر رفعه تقرّر عفْوُهُ: من القواعد الفقهية، ولم أجِدها في كتب الأصول أو القواعد الفقهية، وقد أوردها صاحب "العناية" عند هذه المسألة وبنفس اللفظ، وذكر صاحب "البناية" قاعدةً عند هذه المسألة، فقال:(ما تَعَذَّر دفْعُهُ، تَعَذَّر رَفْعُه). يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 125)، البناية شرح الهداية (12/ 435).

- قُلْتُ: والظاهر أن معناها: أن كل أمرٍ يستحيل على الإنسان دفعُهُ أو رفْعُهُ أو منعُهُ فهو غير مؤاخَذٍ عليه، ومثال ذلك: إزالة ما يبقى من أثَرِ النجاسة الذي لا يُمْكِن إزالته، فهو معفُوٌّ عَنْهُ، وهذه القاعدة الظاهر من لفظها أنها من القواعد المندرجة تحت قاعدة: الدفع أسهل من الرَّفْع، ولها تعَلُّقٌ بالقاعدة الكُبرى: المشقة تجلب التيسير، والله أعلم.

(2)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 57)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 583).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(4)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 57)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 583).

(5)

عُقِرَ: الْعَقْرُ هُنَا: هُوَ الْجَرْحُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 352)، مختار الصحاح (ص 214).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 397)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 583).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 397)، الفتاوى الهندية (5/ 425).

ص: 244

(بخلاف ما إذا كان الإرسال من الثاني بعد الخروج عن الصيديّة بجرح الكلب/ الأوّل)

(1)

حيث لا يحلّ أكله؛ لأنّ الصّيد بعد أن خرج عن الصيديّة كانت ذكاته بعد ذلك بالذّبح في الْمَذْبح لا بجرح الكلب والرّمي، فجرح {الكلب}

(2)

في مثله [موجب]

(3)

للحرمة، ولَمَّا اجتمع فيه الموجب للحرمة والموجب للحلّ يغلب الموجب للحرمة، وكذلك حكم الرمي على هذا التفصيل

(4)

، على ما يجيء إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

‌فصلٌ في الرَّمي

[مناسبة الفصل لفصل الجوارح]

لَمَّا فرغ من بيان حكم الآلة الحيوانية شرع في بيان حكم الآلة الجمادية

(5)

.

[المراد بالحِسّ]

الحِسُّ [والحَسِيْسُ]

(6)

: الصّوتُ الخَفِيّ

(7)

.

[سمع حسّاً فظنَّه حِسَّ صيدٍ، فرماه، فتبيَّن أنَّه صيد]

(ومن سمع حِسًّا ظنَّه حِسّ صيد فرماه)

(8)

، (فأصاب صيدًا، ثم تبين أنّه حسُّ صيد:{حلَّ المُصابَ}

(9)

(10)

، صورته: هي أن رجلاً سمع حس صيد فرماه على ظنٍّ أنه صيد فظهر أنّ الذي سمع حسّه كان ذئبًا أو حمارَ [وحشٍ]

(11)

ولكن سهمه أصاب الظبي؛ يؤكل الظّبي المصاب

(12)

.

وقوله: (حلّ المصابَ

(13)

؛ أيَّ: صيد كان)

(14)

فانتصاب أَيْ؛ على أنه خبر كان، أي: كان الصيد الذي سمع حسه أيَّ صيدٍ كان، سواء كان صيدًا يؤكله لحمه أو لا يؤكل

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1547).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

في (أ): (يُوجِبُ).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 125)، البناية شرح الهداية (12/ 435)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 125)، تكملة فتح القدير (10/ 125)، تكملة البحر الرائق (8/ 257).

(6)

في (أ): (والحِسّ).

(7)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 125)، مختار الصحاح (ص 72).

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (229).

(9)

سقطت من (أ).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (229).

(11)

في (أ): (وحشي).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 21)، تحفة الفقهاء (ص 205)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 57).

(13)

يُنْظَر: بداية المبتدي (229).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1547).

(15)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 436)، العناية شرح الهداية (10/ 126)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56).

ص: 245

فإن قلتَ: يشكل على هذا الإطلاق [ما لو]

(1)

كان المسموع حسه سمكة، فظنه طير الماء، أو كان ذلك الحس حسّ جراد، فظنه صيدًا فأصاب الرّمي الصّيد لم يؤكل الصّيد، والمسألة في [الْمُغْني]

(2)

(3)

، مع أن السّمكة والجراد من جملة الصّيود.

قلتُ: كان من حق لفظ الكتاب

(4)

أن يزاد قيد آخر ويُقال: (ثم تبين بأنّه حس صيد يحتاج في حل أكله إلى الذّبح أو الجرح)، وترك ذلك لتسارع [أفهام النّاس]

(5)

في الاصطياد إلى ما يشترط ذبحه أو جرحه من الصّيود

(6)

.

ثم لَمَّا ظهر أن المسموع حسُّهُ سمكة أو جَرَاد إنما لم يؤكل المصاب؛ لأنّه لا يقع عليهما الذكاة، والرّمي إليهما وتركه سواء، فلو ترك الرّمي ثم وجد [الصّيد]

(7)

ميتًا لم يحل أكله، فكذا إذا رماه فوجده ميتًا، إلى هذا أشار في "الذّخيرة"

(8)

.

[سمع حِسَّاً فظنَّه حِسَّ خنزير، أو ما لا يُؤكَل]

(وعن أبي يوسف/ أنه خصّ من ذلك الخنزير)

(9)

أي: إذا كان الحسّ حسّ خنزير لا يحل تناول ما أصابه من الصّيد، بخلاف سائر السّباع؛ لأنّ فعله في سائر السّباع [مؤثر]

(10)

في طهارة الجلد، فجاز أن يؤثر في [إباحة]

(11)

لحم ما أصابه، كذا في "الذّخيرة" و"المحيط"

(12)

(13)

.

(1)

في (أ): (أمَّا لو).

(2)

في (أ): (المعنى).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56)، البناية شرح الهداية (12/ 436).

(4)

الكتاب: المراد به هنا "بداية المبتدي"، وذلك عند قوله:(وَمن سمع حسا فَظَنهُ حس صيد فَرَمَاهُ، أَو أرسل كَلْباً أَو بازياً عَلَيْهِ فَأصَاب صيداً، ثمَّ تبين أَنه حس صيد: حل الْمُصَاب). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(5)

في (ب): (أحكام الناس أفهام الناس).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56)، البناية شرح الهداية (12/ 436)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 475).

(7)

في (أ): (الصيود).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 437)، البناية شرح الهداية (12/ 436).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1547).

(10)

في (ب): (يُؤثِّر).

(11)

في (ب): (إصابة).

(12)

المحيط: هو كتاب "المحيط البرهاني في الفقه النعماني"، لأبي المعالي، محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر ابن مازه البخاري، برهان الدين، الْمُتَوَفَّى سنة 616 هـ، جمع فيه مسائل "المبسوط" و "الجامعين" و"السير" و"الزيادات" و"النوادر" و"الفتاوى" و"الواقعات"، مُدَلَّلة بدلائل المتقدمين، وقد اختصره مؤلفه في كتابه "الذخيرة"، والكتاب مطبوع عِدَّة طبعات، من أجودها طبعة إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، بكراتشي، بباكستان سنة 1424 هـ. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1619)، الأعلام للزركلي (7/ 161).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 437)، المبسوط للسرخسي (12/ 21)، البناية شرح الهداية (12/ 336 - 437).

ص: 246

(وزُفَر خصّ منها)

(1)

أي: من جملة المسموع حِسّه

(2)

.

(ووجه الظّاهر)

(3)

وهو الصّحيح؛ لأن فعل الإنسان في كل متوحّش اصطياد، فأما حلّ التّناول فباعتبار صفة في المحلّ، كذا في "المبسوط"

(4)

.

[رمى إلى حسٍّ فتبيَّن أنَّه حسّ آدميٍّ، أو حيوان أهليّ]

فلما كان كذلك: [كان]

(5)

الاصطياد موجباً للحلّ إذا صادف [محلّ]

(6)

الحِل وهو ما يؤكل لحمه

(7)

.

(لأنّ [الفعل]

(8)

ليس باصطياد)

(9)

والْمُبِيح: هو الاصطياد ولم يوجد، فلم يثبت الإباحة

(10)

.

(والظبي الموثَّق بمنزلته)

(11)

أي: بمنزلة الآدمي

(12)

.

يُقَالُ: أَوْثَقَهُ وَوَثَّقَهُ: أَحْكَمَهُ، وشدَّه بالوثاق بالقيد

(13)

.

[رمى إلى بعير فأصاب صيدًا ولا يدري نادٌّ هو أم لا]

(ولو رمى إلى بعير فأصاب صيدًا ولا يدري نادٌّ

(14)

هو أم لا: لا يحلّ الصّيد)

(15)

، يعني: لو كان نادًّا [يحلّ]

(16)

(17)

، فكان هذا نظير ما ذكره في "الذّخيرة" لقوله: إذا سمع الرّجل حسًّا ظنّ أنّه حسّ صيد فأرسل كلبه عليه، أو رماه فأصاب صيدًا، ولكن لم يتبين ما كان صاحب الحسّ، لا يحلّ تناول ما أصاب، لاحتمال أن يكون صاحب الحس آدميًّا [ونحوه]

(18)

ممّا ليس بصيد

(19)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1547).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56)، العناية شرح الهداية (10/ 126)، البناية شرح الهداية (12/ 437).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1547).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 21)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56)، تكملة البحر الرائق (8/ 257).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

في (أ): (كُلَّ).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 56)، العناية شرح الهداية (10/ 126)، تكملة البحر الرائق (8/ 257).

(8)

في (ب): (الفعلين).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1547).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 21)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 57)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 57).

(11)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(12)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 58)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 57)، الفتاوى الهندية (5/ 430).

(13)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعرب (ص 517).

(14)

نادٌّ: مِنْ: نَدَّ، بِمَعْنَى: نَفَرَ وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ شَارِدًا. يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعرب (ص 487)، مختار الصحاح (ص 307).

(15)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(16)

في (ب): (لحَلّ).

(17)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 21)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 58)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 438).

(18)

في (ب): (أو نحوه).

(19)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 473).

ص: 247

[رمى إلى سمكةٍ أو جرادةٍ، فأصاب صيداً]

(ولو رمى إلى سمكة أو [جرادة]

(1)

فأصاب صيدًا: يحلّ في رواية)

(2)

، وفي "فتاوى قاضي خان"/: ولو رمى إلى جراد أو سمكة وترك التّسمية فأصاب طائراً أو صيداً آخراً وقتله حلّ أكله، وعن أبي يوسف/ روايتان، والصّحيح أنّه يؤكل

(3)

.

[أصاب المسموع حسُّه وقد ظنَّه آدمياً، فإذا هو صيدٌ]

ولو رمى إلى آدميّ أو بقر [

]

(4)

أو إبل أو معز أهليّ وسمَّى فأصاب صيدًا مأكولاً لا رواية [لهذا]

(5)

في الأصل، ولأبي يوسف فيه قولان، في قول: يحلّ، وفي قول: لا يحلّ

(6)

.

(ولو أصاب المسموع حسُّهُ وقد ظنّه آدميًّا فإذا هو صيد: يحلّ

(7)

؛ لأنّه لا معتبر بظّنه مع تعيّنه)

(8)

.

فإن قلتَ: ما الفرق بين هذه المسألة وبين المسألة التي تقدمت، وهي أنّ من [سمع]

(9)

حسًّا ظنّه حسّ صيد فرماه فأصابه صيدًا ثم تبيّن أنّه حسّ آدمي أو حيوان أهلي لا يحلّ المصاب مع أنّه لم يقصد رمي الآدمي، وفي هذه المسألة قصد رميَ الآدميِّ، ورميُ الآدميِّ ليس باصطياد، ومع ذلك حلّ المصاب، ولو اقترن به ظنّه بأنّه صيد لا يحلّ المصاب، والقياس يقتضي أن ينعكس الجواب فيهما، أو يثبت الحلّ فيما إذا اقترن ظنّه بأنّه صيد بالطّريق الأولى؛ وذلك لأنّه لما حلّ المصاب مع اقتران ظنّه بأنّه آدميّ ففيما اقترن به ظنّه بأنّه صيد أولى أن {يثبت/ الحلّ}

(10)

، أو تثبت الحرمة في هذه المسألة أيضاً كما [تثبت]

(11)

هناك بالطّريق الأولى؛ لأنّه لم يقع فعله اصطيادًا نظرًا إلى قصده.

قلت: مقتضى القياس كما قلت، وعلى وفق اقتضاء القياس الذي ذكرته آخراً هو أن تثبت الحرمة في الصّورتين، بأن تثبت الحرمة في هذه المسألة كما [ثبتت]

(12)

في تلك المسألة، رواية "الذّخيرة"[و"الْمُغني" مُحالةً]

(13)

إلى "المنتقى"، فقال في "الذّخيرة": وفي "المنتقى": إذا سمع حسًّا باللّيل فظنّ أنّه إنسان أو دابّة أو حيّة فرماه، فإذا ذلك الذي سمع حسّه [صيد]

(14)

، فأصاب سهمه ذلك الصّيد الذي سمع حسه، أو أصاب صيد آخر، وقتله لا يؤكل؛ لأنّه رماه وهو لا يريد الصّيد، قال ثمة: ولا يحلّ الصّيد إلا بوجهين: أن يرميه وهو يريد الصّيد، وأن يكون الذي أراده، أو سمع حسه، ورمى إليه صيدًا، سواء كان ممّا يؤكل أو لا يؤكل

(15)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(2)

في (ب): (جراد).

(3)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 251 - 252)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 57)، البناية شرح الهداية (12/ 439).

(4)

في المطبوع من فتاوى قاضيخان: (أو شاةً)، وقد سقطت من النسختين.

(5)

في (أ): (بهذا).

(6)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 252 - 253)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 57)، لسان الحكام في معرفة الأحكام (ص 380).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1547).

(9)

في (ب): (يسمع).

(10)

سقطت من (ب).

(11)

في (أ): (ثبت).

(12)

في (أ): (يثبت).

(13)

في (ب): (والمعنى محالاً).

(14)

في (ب): (صيداً).

(15)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 437)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 57)، العناية شرح الهداية (10/ 127)

ص: 248

[أمّا]

(1)

وجه الفرق على رواية هذا الكتاب و"المبسوط" و "فتاوى قاضي خان" فلطيف الْمَسْلَك وعسير الْمَعْرَك، وأصله ما ذكره في الكتاب

(2)

[بقوله]

(3)

: (لا معتبر [بظنه]

(4)

مع تعيّنه)

(5)

؛ {أي: مع تعيُّنه}

(6)

لكونه صيدًا، وتفسير ذلك: هو أنّ في المسألة الأولى أصاب سهمه إلى غير المسموع حسه، وكان قصده إلى المسموع حسّه، {والمسموع حسّه}

(7)

ليس بصيد، فكان فعله متوجّهًا إلى غير الصّيد، نظراً إلى فعله الذي توجه إلى المسموع حسه و {هو}

(8)

ليس بصيد، فلم يكن فعله اصطياداً، وحِلُّ الصّيد إنّما يحصل بوجود فعل الاصطياد، فلم يحل أكله لانعدام فعل الاصطياد.

وأمّا ههنا فسهمه أصاب عين المسموع حسّه، وعينه صيد، فكان الفعل واقعًا على الصّيد، وهو الاصطياد بحقيقته، فلما وجد الاصطياد بحقيقته لم يعتبر بعد ذلك بظنه المخالِف [لفعله]

(9)

الذي هو اصطياد بحقيقته، والظنّ إذا وقع مخالفاً لحقيقة فعله كان ذلك الظنّ لغوًا، فيحلّ أكل المصاب لوجود فعل الاصطياد

(10)

.

[اشتراط التسمية عند رمي الصيد، واشتراط الجَرْح]

(ليتحقق معنى الذكاة على ما بيّناه)

(11)

أي: في فصل الجوارح، وهو الفصل الأوّل بقوله: (ولابدّ من الجرح في ظاهر الرّواية؛ [ليتحقّق]

(12)

الذكاة الاضطراري)

(13)

إلى آخره.

[رمى صيداً، فأدركه حيَّاً]

(وقد بيناه بوجوهها والاختلاف فيها في الفصل الأوّل)

(14)

وهو فصل الجوارح في قوله: (وإن [أدرك]

(15)

المرسل الصّيد حيًا: وجب عليه أن يذكيه، وإن ترك تذكيته حتّى مات: لم يؤكل)

(16)

إلى آخره،

[رمى صيداً، فوقع حيَّاً عند مجوسيّ]

وفي "الذّخيرة": إذا رمى صيدًا فأصابه، فوقع عند مجوسيّ مقدار ما يقدر على ذبحه، ومات، لا يحلّ؛ لأنّه قادر على الذكاة الاختيارية بتقديم الإسلام، فلم [يكتف]

(17)

بالذكاة الاضطرارية

(18)

.

(1)

في (ب): (وأما).

(2)

الكتاب: يراد به هنا "كتاب الهداية شرح البداية".

(3)

في (أ): (بقول).

(4)

في (ب): (لظنه).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1547).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

سقطت من (أ).

(8)

سقطت من (ب).

(9)

في (ب): (بفعله).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 127)، البناية شرح الهداية (12/ 439 - 440).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1547).

(12)

في (أ): (لتتحقق).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1541).

(14)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1548).

(15)

في (ب): (أرسل).

(16)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 228).

(17)

في (ب): (يكشف).

(18)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 433 - 434)، تحفة الملوك (ص 201 - 202)، الفتاوى الهندية (5/ 428).

ص: 249

[رمى صيداً، فوقع حيَّاً عند إنسانٍ نائمٍ]

وكذلك لو وقع عند نائم، والنائم بحال لو كان [مستيقظًا]

(1)

قدر على أن يذكيه، فمات، لا يؤكل عند أبي حنيفة/، فأبو حنيفة/ يجعل النائم كاليقظان {في مسائل}

(2)

من جملتها هذه المسألة

(3)

.

[رمى صيداً فأصابه، فتحامَل الصيدُ حتى غاب عَنْهُ]

التَّحَامُلُ فِي [الْمَشْيِ]

(4)

: أن يتكلّفه على مشقة وإعْياءٍ، يُقَال: تحامَلْتُ في الْمَشْي، ومِنْه:[رُبَّما]

(5)

يتحامَلُ الصّيدُ ويطير، أَيْ: يتكلَّفُ الطَّيَران، وهو من الحَمْل، أَيْ: يَحمِل الصّيدُ نفسَه على تكلُّف الْمَشْي والطّيَران، كذا في "الْمُغْرِب"

(6)

.

[وجَد صيدَهُ وفيه أثر سهمه لا غير]

(ولم يزل في طلبه حتّى أصابه {مَيْتًا}

(7)

: أُكِلَ)

(8)

، هذا إذا وجده وفيه جراحة سهمه لا غير

(9)

.

[وجد صيدَهُ وفيه جِراحةٌ أُخْرى معَ جِراحةِ سهمٍه]

وأمّا إذا وجده وفيه جراحة أخرى: أيضاً ليس له أن يأكله، ترك الطلب، أو لم يترك؛ لأنّه ظهر لموته سببان: أحدهما موجب للحِلّ، والآخَر موجب للحُرمة، فيُغَلَّب الموجب للحرمة، كما لو وقعت الرمية في الماء ثم أصابه ميتًا لم يؤكل

(10)

، وقال الشّافعي/: يؤكل

(11)

(12)

؛ لأنّه ظهر لموته سبب، وهو ما كان منه من إرسال الكلب والبازيّ، أو الرّمي، والحكم متى ظهر عُقَيْب سبب يُحال به عليه

(13)

، كما لو جَرَح إنسانًا فلم يزل صاحبَ فراشٍ حتّى مات، يُجعل قاتلاً، ولكنا [نستدلّ]

(14)

بما رُوِي أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

(15)

صَيْدًا فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟» قَالَ: كُنْتُ رَمَيْتُهُ بِالْأَمْسِ، [وَكُنْتُ]

(16)

فِيْ طَلَبِهِ، حَتَّى حَالَ بَيْنِيْ وَبَيْنَهُ [ظُلْمَة]

(17)

اللَّيْلِ، ثُمَّ وَجَدْتُهُ الْيَوْمَ مَيْتًا، وَفِيْهِ مِزْرَاقِيْ -وَهُوَ الرُّمْحُ الصَّغِيْرُ، أَخَفَّ مِنْ الْعَنَزة

(18)

-، فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: «لَا أَدْرِيْ لَعَلَّ بَعَضَ الهَوَامِّ

(19)

أَعَانَكَ عَلَى قَتْلِهِ، فَلَا حَاجَةَ لِيْ فِيْهِ»

(20)

، وَقَالَ ابْنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «كُلْ مَا أصْمَيْت

(21)

ودَعْ ما أنْمَيْتَ»

(22)

، والإنماء: التواري عن بصرك

(23)

، إلا أن قدر ما لا يُستطاع الامتناع منه جُعِل عفْوًا، فأما ترْك الطّلب فيما يستطاع الامتناع منه، والثّابت بالضّرورة لا يعدو موضع الضّرورة

(24)

، كذا ذكر في الباب الثاني من كتاب/ صيد "المبسوط"

(25)

.

(1)

في (ب): (متيقظاً).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 433 - 434)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 471)، الفتاوى الهندية (5/ 428).

(4)

في (ب): (الشيء).

(5)

في (ب): (وربَّما).

(6)

يُنْظَر: الْمُغْرب في ترتيب الْمُعرب (ص 141).

(7)

هذه الكلمة ليست في أيٍّ من النسختين، وقد أثبتها لأنها موجودة في المطبوع، ولضرورتها للمعنى.

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (229).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 58)، العناية شرح الهداية (10/ 127)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 178 - 179).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 240)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 579).

(11)

يُنْظَر: الأم للشافعي (2/ 250)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (8/ 123).

(12)

أقوال المذاهب في الصيد إذا أصابه إنسان، ثم وجده ميتًا بعد غيابه عنه، وفيه أثر سهمه وسلاحه:

- مذهب الحنفية: إن غاب عنه الصيد، غير متحامل على المشي، ثم وجده ميتاً وفيه أثر سهمه، فإن كان قعد عن طلبه فلا يحل، وإن لم يقعد عن طلبه فيَحِلّ.

- مذهب المالكية: إذا وجد الكلب أو السهم قد أنفذ مقاتل الصيد فلا بأس بأكله ما لم يبِت، وقال بعضهم: إن غاب عنه طويلاً فلا يأكله، سواءٌ بات عنه أو لم يبِت.

- مذهب الشافعية: الأظهر من المذهب التحريم، وقيل: هو المذهب المعتمد.

- مذهب الحنابلة: المشهور في المذهب: إن وجده ميتاً، بعد سهمه الذي رماه فيه، وسهمه فقط فيه، أو أثر السهم، ولا أثر به غيره، حَلّ، وعن أحمد: إن غاب نهاراً فلا بأس، وإن غاب ليلاً لم يأكله، وعنه: ما يدل على أنه إن غاب مدة طويلة لم يبح، وإن كانت يسيرة أبيح له، لأنه قيل له: إن غاب يوماً؟ قال: يوم كثير. يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 4)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 57)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 433)، القوانين الفقهية (ص 119)، أسنى المطالب في شرح روض الطالب (1/ 558)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (8/ 123)، كشاف القناع (6/ 220)، المغني لابن قدامة (9/ 378 - 379).

(13)

الحكم متى ظهر عُقَيب سببٍ يُحالُ به عليهِ: من القواعد الفقهية، معناها: أن الحكم متى ظهر، أو متى ورد بعد سبب فإنه يحال عليه، أي: يبنى عليه ويعتبر عِلَّةً له، ومن أمثلتها: إذا وُجِدَ شخص مَيِّتُ في أرض معركة فإن لم يكن به جراحةٌ غُسِّلَ، وإن كان به جراحةٌ لا يُغَسَّل، لأن الظاهر أن موته كان بذلك الجرح وأنه كان من العدو. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (2/ 51)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (1/ 498، 3/ 215).

(14)

في (أ): (يستدلّ).

(15)

في (ب): عليه السلام.

(16)

في (أ): (وكتب).

(17)

في (ب): (الظُّلْمة).

(18)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 229)، مختار الصحاح (ص 135).

(19)

الْهَوَامّ: مُفْرَدُهُ هَامَّة، وَالْهَامَّةُ مِنْ الدَّوَابِّ مَا يَقْتُلُ مِنْ ذَوَاتِ السُّمُومِ كَالْعَقَارِبِ وَالْحَيَّاتِ، وَقِيْلَ: تَقَعُ الهوامُّ عَلَى غَيْرِ مَا يَدِبُّ مِنَ الْحَيَوَانِ، وإِنْ لَمْ يَقْتُلْ كالحَشَرات. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 549)، لسان العرب (12/ 622).

(20)

أخرجه أبو داود في "المراسيل"(ص 280) بابٌ (في الصيد) برقم (382) قَال: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، -وَهَذَا حَدِيثُ زُهَيْرٍ- حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ عَامِرٍ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا، أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ظَبْيًا فَقَالَ:«مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَ هَذَا؟» قَالَ: رَمَيْتُهُ أَمْسِ، فَطَلَبْتُهُ فَأَعْجَزَنِي حَتَّى أَدْرَكَنِي الْمَسَاءُ فَرَجَعْتُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اتَّبَعْتُ أَثَرَهُ فَوَجَدْتُهُ فِي غَارٍ، أَوْ فِي أَحْجَارٍ، وَهَذَا مِشْقَصِي فِيهِ أَعْرِفُهُ، قَالَ:«بَاتَ عَنْكَ لَيْلَةً وَلَا آمَنُ أَنْ تَكُونَ هَامَّةٌ أَعَانَتْكَ عَلَيْهِ، لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ» .

- وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 403) برقم (18898)، مُرسَلاً.

- قال الشافعي: رواه ابو داود في المراسيل، فهو مرسَل ضعيف، وعطاء بن السائب ضعيف. يُنْظَر: المجموع شرح المهذّب للشافعي (9/ 115).

(21)

أَصْمَيْتَ: الْإِصْمَاءُ: أَنْ يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَمُوتَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَرِيعًا فِيْ مَكَانِهِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 299)، النهاية لابن الأثير (3/ 54).

(22)

رُوِيَ موصولاً وموقوفاً: - فالموصول: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(12/ 27) باب (العين)(سعيد بن جبير عن ابن عباس) برقم (12370) قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدًا أَسْوَدَ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَمُرُّ بِيَ ابْنُ السَّبِيلِ، وَأَنَا فِي مَاشِيَةٍ لِسَيِّدِي فَأَسْقِي مِنْ أَلْبَانِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ؟ قَالَ:«لَا» قَالَ: فَإِنِّي أَرْمِي فَأُصْمِي وَأُنْمِي قَالَ: «كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ» .

- والموقوف: أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 404) كتاب (الصيد والذبائح) باب (الإرسال على الصيد يتوارى عنك ثم) برقم (18901) قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ ابْنُ يَعْقُوبَ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أنبأ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الرَّحِيلِ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنها وَمَيْمُونٌ عِنْدَهُ فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللهُ إِنِّي أَرْمِي الصَّيْدَ فَأُصْمِي وَأُنْمِي فَكَيْفَ تَرَى؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ» .

- قال البيهقي: وقد رُوِي هذا من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعا، وهو ضعيف، وقال في "خلافياته": فيه عثمان الوقاصي وهو ضعيف الحديث لا يحتج بروايته، قال: والمشهور وقفه على ابن عباس. يُنْظَر: البدر المنير لابن الملقِّن (9/ 261).

- قال الهيثمي عن الموصول: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عثمان بن عبد الرحمن وأظنه القرشي، وهو متروك. يُنْظَر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (4/ 31).

- قال الألباني عن الموصول: وهذا اسناده ضعيفٌ جداً. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (9/ 103).

(23)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 299)، النهاية لابن الأثير (5/ 121).

(24)

الثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة: من القواعد الفقهية، ولها ألفاظٌ متعددة منها: الثابت بالضرورة يتقدر بقدرها ويتجدد بتجددها، الضرورة تُقَدَّر بقدرها، ومعناها: أنَّ ما ثبَت بالضرورة يُقَدَّر بقدْرِها ويزول بزوالها، ومِثَال ذلك: إن المضطر يأكل من الميتة بقدر سد رمقه، أي: بمقدار ما يدفع عن نفسه خطر الهلاك جوعاً. يُنْظَر: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (4/ 166)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 543).

(25)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 240)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 59)، العناية شرح الهداية (10/ 127).

ص: 250

وفيما قال في الكتاب

(1)

: (لأنّ الموهوم في هذا [كالمتحقّق]

(2)

(3)

(4)

جوابٌ عن قياس الشّافعي/، بقوله: كما لو جَرَح إنسانًا، أي: بسبب حكم الحديث أقيم الموهوم في باب الصّيد كالمتحقق في حقّ الحِلّ والحرمة، بخلاف سائر المواضع، فإن هناك يُحْكَم بظاهر الحال لا بالموهوم، [فكذلك]

(5)

يُحال هناك إلى السبب الظاهر، فأمّا ههنا فلا

(6)

.

(ولا ضرورة فيما إذا قَعَد عن طَلَبه)

(7)

، ولأنّه لا يدري فلعلَّه لو لم يترك الطّلب وجده حيًّا فذكاه، فمِن هذا الوجه يكون تاركًا ذكاة الاختيار فيه مع القدرة عليه، كذا في "المبسوط"

(8)

.

[رمى صيداً فوقع في الماء، أو على سطحٍ، أو على جبلٍ، ثُمَّ تردَّى إلى الأرض]

(وإذا رمى صيدًا فوقع في الماء، أو وقع على سطح، أو جبل، ثم تردَّى منه إلى الأرض: لم يؤكل)

(9)

، هذا إذا لم يقع الجرح مُهْلِكًا في الحال، أمّا إذا وقع الجرح مُهْلِكًا، والحياة والتي بقِيَت في الصّيد مثل الحياة في المذبوح بعد الذّبح، فوقوعه في الماء أو على السّطح أو على الجبل ثم تردّى إلى الأرض [لا يضرُّ]

(10)

بل يُؤكل، على ما يجيء في الكتاب

(11)

، في هذا الفصل، بقوله: (ولهذا لو وقع في الماء وبه هذا القدر من الحياة، أو تردَّى من جبل، أو سطح:[لا يحرُم]

(12)

(13)

.

(1)

الكتاب: يراد به هنا "الهداية شرح البداية".

(2)

في (أ): (مقام المتحقق).

(3)

الْمَوْهُوْم فِيْ هَذَا -فِيْ الصَّيْد- كَالْمُتَحَقِّق: قاعدة فقهية، ولفظها: الموهوم فيما يُبْنى على الاحتياط كالمتحقّق، ومعناها: أن الشّارع الحكيم بنى أموراً على الاحتياط مراعاة لجانب الحظر، سواءٌ في ذلك بعض المعاملات وبعض العبادات، ومنها الصيد، فما بنى أمره على الاحتياط جعل الشّارع الأمر الموهوم وجوده كالمتحقّق، وذلك إبراءً للذّمّة وبعداً عن المحرّمات والمشتبهات، ومثالها: إذا شهد اثنان على رجل أنّه قتل آخر عمداً، ووقع الشّكّ في شهادة أحدهما لتهمة أو فسق، فلا يجوز القصاص من المتّهم بالقتل؛ لأنّه قد وُجِدت شبهة دارئة، والدّماء مبناها على الاحتياط كذلك. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (9/ 298).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1548).

(5)

في (أ): (وكذلك).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 57)، العناية شرح الهداية (10/ 127)، البناية شرح الهداية (12/ 444).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1548).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 240)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 423 - 424)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 59).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(10)

في (أ): (لا يضرُّه).

(11)

الكتاب: المراد به هُنا "الهداية شرح البداية".

(12)

في (ب): (لا يخرج).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1552).

ص: 251

[رمى صيداً فوقع على جبل، أو سطح، فاستقَرَّ]

وإنّما قيَّد في الكتاب

(1)

بقوله: (ثم تردّى منه إلى الأرض)؛ لأنّه إذا وقع على الجبل ابتداءً، أو على السّطح، فاستقر عليه ولم يتردَّ: يُؤْكَل، على ما يجيء.

[وهكذا]

(2)

أيضاً في "الذّخيرة" بهذا التّفصيل، فقال: وإذا أصاب السّهمُ الصّيدَ فوقع على السّطح، أو على الأرض من الهواء [ومات]

(3)

: فإنّه يُؤكل، استحسانًا، ولو وقع على السّطح، ثم على الأرض، فإنّه: لا يُؤكل؛ لأنّ هذه مترديّة

(4)

.

وقال: (من عَلٍ)

(5)

فيه ثماني لغاتٍ، يُقال:[أتيته]

(6)

مِن عَلِ الدّار، (كجلمود صخرٍ حطَّهُ السَّيْل مِنْ عَلِ)

(7)

، وأتيتُهُ من عَلا، ومِن [عَلُ]

(8)

، ومِن عَالِ، ومِن مُعالِ، بضمّ الميم، ومِن عُلْوُ، فيُرْوَى: بضَمّ الواوِ، وفَتْحِهَا وكَسْرِها، كذا في "الصحاح"

(9)

.

[رمى صيداً فوقعَ على الأرض ابتداءً]

(وإن وقع على الأرض ابتداءً: أُكِل)

(10)

، أي: إذا لم يكن في الأرض مما يقتل، وإن كان مما يقتل، مثل حدِّ الرُّمح، والقصَبة المنصوبة: لا يؤكل، على ما سيجيء، وهكذا أيضًا في "المبسوط"

(11)

.

(1)

الكتاب: المراد به هُنا "مختصر القدوري"(ص 205).

(2)

في (ب): (وهذا).

(3)

في (أ): (أو مات).

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 430)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 58)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 274).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1549).

(6)

في (ب): (أثبتُّه).

(7)

كَجُلْمُودٍ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ: عجزُ بيتٍ شعريٍّ قاله امرؤ القيس الكِنْدِيّ في وصف فرسِهِ في كَرِّها وَفَرِّها، فقال: مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعاً *** كَجُلْمُودٍ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ. يُنْظَر: ديوان امرئ القيس (ص 54).

(8)

في (ب): (علا).

(9)

يُنْظَر: الصحاح للجوهري (6/ 2435 - 2437).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 252)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (4/ 430)، الفتاوى الهندية (5/ 427).

ص: 252

[رمى صيداً فوقع على صخرة فانشق بطنُه]

وهذا إذا لم يدرِك ذكاته، فإن أدرك فذبَحَها حلّ؛ لقوله تعالى:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}

(1)

، كذا في "فتاوى قاضي خان"

(2)

.

(وحَمَلَه شمس الأئمة/)

(3)

، أي وحمل ما ذكر في "المنتقى": (على ما إذا أصابه حدّ [الصّخرة]

(4)

(5)

، يعني ليس هذا باختلاف الروايات

(6)

.

[وقع الصيد على آجُرَّةٍ، فأصابه ما يصيبُهُ من الأرض]

(لو وقع عليه)

(7)

، أي: على ما يصيبُهُ من الأرض

(8)

.

(وذلك عفوٌ)

(9)

، كما إذا وقع على الأرض وانشقّ بطنُه

(10)

.

[المراد بالْمِعْراض والبُنْدُقَة، والمَرْوَة، وحكم الصيد بها]

(الْمِعْرَاض)

(11)

السّهم بلا ريش، [يمضي]

(12)

عَرْضَاً، فيصيبُ بِعَرْضِه لا بِحَدّه، كذا في "الْمُغْرِب"

(13)

.

وفيه أيضًا: (الْبُنْدُقَة)

(14)

: طِيْنَة مُدَوّرَة يُرْمَى بها، ويُقَال لها: الْجَلاهِق

(15)

.

[المراد بالْخَزْق]

يُقال: خَزَقَ الْمِعْرَاض: أي [نفذ]

(16)

، وبالراء المهملة تصحيف

(17)

، وفي "المبسوط": رُوِي عن إبراهيم/

(18)

: «إِذَا خَزَقَ الْمِعْرَاضُ فَكُلْ، وَإِذَا لَمْ يَخْزُقْ فَلَا تَأْكُلْ»

(19)

، ثم قال: ولفْظَةُ الخَزْق تُسْتَعمل في الحيوان، وقد بينا أن الحِلّ باعتبار تسييل الدّم النجس، وذلك يحصل إذا خَزَق، ولا يحصل إذا دَقَّ ولم يخزق، بل ذلك بمعنى الموقوذة، وهي حرام بالنصّ

(20)

.

(1)

سورة المائدة، الآية (3).

(2)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 251).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1549).

(4)

في (أ): (الصخر).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1549).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 252)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 58)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 580).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1550).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 252)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 58)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 275).

(9)

بداية المبتدي (ص 229).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 252)، العناية شرح الهداية (10/ 130)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 580).

(11)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(12)

في (أ): (بمعنى).

(13)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 158)، طِلْبة الطلبة (ص 100).

(14)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(15)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 55)، الصحاح (4/ 1452).

(16)

في (ب): (نفد).

(17)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 158)، لسان العرب (10/ 79).

(18)

إبراهيم: هو إبراهيم النخعي/. يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (5/ 286).

(19)

أخرجه بهذا اللفظ أبو يوسف في "الآثار"(ص 241) باب (في الذبائح والجُبْن) برقم (1064) قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ:«إِذَا خَزَقَ الْمِعْرَاضُ، فَكُلْ، وَإِذَا لَمْ يَخْزِقْ فَلَا تَأْكُلْ» .

- ولمعناه شواهد كثيرة منها ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(7/ 86) كتاب (الذبائح والصيد) باب (صيد المِعْراض) برقم (5477) بِسَنَدِه: عَنْ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ رضي الله عنه، وفِيْه: قُلْتُ: وَإِنَّا نَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ؟ قَالَ: «كُلْ مَا خَزَقَ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ» .

- قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم. يُنْظَر: سنن الترمذي (4/ 69).

(20)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 222)، البناية شرح الهداية (12/ 449).

ص: 253

الْمَرْوَة: حجر أبيض رقيق كالسّكين يذبح به

(1)

.

(اللّهم)

(2)

كلمة يؤتى بها قبل [الاستثناء]

(3)

إذا كان المستثنى عزيزًا نادرًا، [أو]

(4)

كان قصدهم بذلك الاستظهار بمشيئة الله في إثبات كونه ووجوده، إيذانًا بأنه بلغ من النُّدْرة حَدَّ الشذوذ

(5)

.

[ذبح شاةً ولم يَسِلْ منها الدّم]

(ولو ذبح شاة ولم يَسِلْ [منها]

(6)

الدّمُ، قِيل: لا يَحِلّ)

(7)

، وهو قول أبي القاسم الصفار/؛ لانعدام معنى الذكاة، وهو تسييل الدّم النّجس، وقد قال [النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(8)

: («مَا أَنْهَرَ

(9)

الدَّمَ وَأَفْرَى

(10)

الْأَوْدَاجَ

(11)

فَكُلْ»

(12)

(13)

.

(1)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 467)، لسان العرب (15/ 275).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1550).

(3)

في (أ): (إلا).

(4)

في (ب): (و).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 131)، البناية شرح الهداية (12/ 451)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1138).

(6)

في (أ): (منه).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1551).

(8)

في (ب): عليه السلام.

(9)

أَنْهَرَ: مِن الْإِنْهَارِ: وَهُوَ الْإِسَالَةُ وَالْإِرْسَالُ بِسِعَةٍ وَكَثْرَةٍ، مِنْ النَّهْرِ وَهُوَ الْمَجْرَى الْوَاسِعُ وَأَصْلُهُ الْمَاءُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 513)، مختار الصحاح (ص 320).

(10)

أَفْرَى: مِنْ الْفَرْي، وَهُوَ الْقَطْعِ وَالشَّقّ، وَقِيْلَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِفْرَاءِ وَالْفَرْيِ: أَنَّ الْإِفْرَاءَ قَطْعٌ لِلْإِفْسَادِ وَشَقٌّ كَمَا يُفْرِي الذَّابِحُ وَالسَّبُعُ، وَالْفَرْيُ قَطْعٌ لِلْإِصْلَاحِ كَمَا يَفْرِي الْخَزَّارُ الْأَدِيمَ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 390)، مختار الصحاح (ص 239).

(11)

الْأَوْدَاجَ: جمْعُ وَدَجْ: عِرْقٌ فِي الْعُنُقِ يَنْتَفِخُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَالْوَدَجَانِ: عِرْقَانِ غَلِيظَانِ يَكْتَنِفَانِ ثُغْرَةَ النَّحْرِ يَمِينًا وَيَسَارًا، بَيْنَهُمَا الْحُلْقُوْمُ وَالْمَرِئ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 652)، معجم لغة الفقهاء (1/ 501).

(12)

هذا الحديث مُلَفَّقٌ من حديثين كما قال الزيلعي في "نصب الراية"(4/ 186).

- الحديث الأول: أخرجه البخاري في "صحيحه"(7/ 93) كتاب (الذبائح والصيد) باب (ما ندَّ من البهائم فهو بمنزلة الوحش) برقم (5509) بِسَنَدِه: عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَاقُو العَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى، فَقَالَ:" اعْجَلْ، أَوْ أَرِنْ، مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ " وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَيْءٌ فَافْعَلُوا بِهِ هَكَذَا» .

- وأخرجه مسلم في "صحيحه"(3/ 1558) برقم (1968).

- الحديث الثاني: أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(4/ 253) كتاب (الصيد) باب (من قال: إذا أنهر الدم فكل ما خلا سناً أو عظماً) برقم (19810) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الذَّبِيحَةِ بِاللِّيطِ، فَقَالَ:«كُلُّ مَا فَرَى الْأَوْدَاجَ، إِلَّا سِنًّا أَوْ ظُفُرًا» .

- وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(8/ 211) برقم (7851)، عن أبي أمامة، وفيه قصَّةٌ، ولفظُهُ:«كُلُّ مَا فَرَى الْأَوْدَاجَ مَا لَمْ يَكُنْ قَرْضَ سِنٍّ، أَوْ حَزَّ ظُفْرٍ» .

- وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 467) برقم (19127) وقال: وفي هذا الإسناد ضَعْف.

- قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وفيه علي بن يزيد، وهو ضعيف، وقد وُثِّق. يُنْظَر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (4/ 34).

- وصححه الألباني. يُنْظَر: صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني (2/ 828 - 829).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1551).

ص: 254

(وقيل: يَحِلّ)

(1)

، وهو قول أبي بكر الإسكاف، وكان يقول: لا بأس بأكله؛ لوجود فعل الذكاة، على ما قال عليه السلام:«الذَّكَاةُ مَا بَيْنَ الْلُّبَّةِ وَاللِّحْيَيْن»

(2)

، وقد يمتنع بعض الدّم في العروق لِحَابِسٍ يحبِسُه، كما إذا أكلت الشّاةُ العنَّاب

(3)

، وذلك [غير]

(4)

موجب للحُرْمة بالاتفاق، فهذا مِثلُه، كذا في "المبسوط"

(5)

.

(1)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(2)

ذكَره الزيلعي في "نصب الراية"(4/ 185)، وقال: قلت: غريب بهذا اللفظ.

- وذَكَره الحافظ ابن حجر في "الدراية"(2/ 207)، وقال: لم أجده.

- وقد أخرج الدارقطني في "سُنَنِه"(5/ 510) كتاب (الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك) برقم (4754) قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَآخَرُونَ قَالُوا: نا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ الْوَاسِطِيُّ، نا سَعِيدُ بْنُ سَلَّامٍ الْعَطَّارُ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ الْخُزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيَّ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ يَصِيحُ فِي فِجَاجِ مِنًى: «أَلَا إِنَّ الذَّكَاةَ فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، أَلَا وَلَا تَعْجَلُوا الْأَنْفُسَ أَنْ تَزْهَقَ، وَأَيَّامَ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ» .

- قال ابن عبدالهادي: هذا إسناد ضعيف جداً، فإن عبد الله بن بُدَيل: ضعَّفه أبو بكر النيسابوري والدارقطني، ووثَّقه ابن حبان، وسعيد بن سلام العطار: أَجْمَع الأئِمة على ترك الاحتجاج بحديثه، وكذَّبه ابن نمير، وقال البخاري: يُذْكَر بوضع الحديث، وقال الدارقطني: متروك، يحدث بالبواطيل. يُنْظَر: تنقيح التحقيق لابن عبدالهادي (4/ 640).

- وضّعَّفَه الألباني. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني (8/ 176).

(3)

الْعُنَّاب: نَوْعٌ مِن الثَّمَرِ، الْوَاحِدَةُ عُنَّابَةٌ، قَرِيْبٌ مِنْ النَّبِق إِلاَّ أَنَّهُ أحمرٌ حُلْوٌ، وَيُطْلَقُ أَيْضَاً عَلَى ثَمَرِ الْأَرَاكِ. يُنْظَر: تهذيب اللغة (12/ 247)، القاموس المحيط (ص 118)، لسان العرب (1/ 630).

(4)

في (أ): (عبْر).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 254 - 255)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 44)، منحة السلوك شرح تحفة الملوك (ص 378 - 379).

ص: 255

(وهذا يؤيد بعض ما ذكرناه)

(1)

، أي: يؤيّد قول أبي القاسم الصفار على ما ذكرناه

(2)

.

وفي "فتاوى قاضي خان"/: دليل على أنّ حياة المذبوح لو كانت متعينًا بها لا يشترط خروج الدم، لأنّه ذكر فيها: ولو ذبح شاة، أو إِبِلَاً، أو بقراً، [فتحركّت]

(3)

بعد الذّبح وخرج منها دم مسفوح: تُؤْكل، ولو لم يتحرك، ولم يخرج منها دم مسفوح: لا تُؤْكل؛ لأنّ محلّ الذكاة هو الحي، ولم يوجد علامة الحياة [عند]

(4)

الذبح، ولو لم يتحرك وخرج منها دم مسفوح، أو تحركت ولم يخرج منها دم مسفوح: أُكِلَت؛ لأنّ الحركة وخروج الدّم المسفوح علامة/ الحياة، وإن لم يعلم حياتها عند الذّبح: لا تُؤْكَل، وإن علم حياتها عند الذّبح: تُؤْكَل، وإن لم تتحرك ولم يخرج منها دم أصلاً

(5)

.

[رمى صيداً فقطع عُضْواً منه]

(لما بيّناه)

(6)

، أي: لِمَا بيّنا أن [الرَّمْيَ]

(7)

مع الجرح مبيح، فلما قطع العضو كان الجرح موجودًا لا محالة، فيحلّ

(8)

.

(ولا يؤكل العضو)

(9)

وهذا يتصوّر في سائر الأعضاء غير الرأس

(10)

.

(إن مات الصّيد منه)

(11)

، قيَّد به؛ لأنّه لو لم يمت من القطع الذي حصل به الإبانة واحتيج إلى ذكاة أخرى فإن الْمُبَان لا يحلّ، ويحلّ المبان منه، كذا ذكره شيخ الإسلام/

(12)

، وذكر أصلاً على قولنا في مسألة الإبانة في "الذّخيرة" فقال: الأصل في ذلك أنّ الصّيد إن كان يعيش بدون الْمُبَان، [فالْمُبَان]

(13)

منه يؤكل إذا مات من ضربه ورميه، والْمُبَان لا يؤكل، وإن كان الصّيد لا يعيش بدون الْمُبَان يؤكل الْمُبَان والْمُبَان منه جميعًا، مثال الأوّل: إذا قطع فخِذَه فأبانه، {و}

(14)

، مثال الثّاني: إذا قطع الرأس، وهذا لأنا {إنّما}

(15)

عرفنا حرمة المبان بالحديث الذي روينا

(16)

، والحديث تناول الْمُبَان من الحيّ الْمُطْلَق، والمطلق ينصرف إلى الكامل، فيتناول الحي صورةً ومعنىً، فإذا كان الصّيد يعيش بدون المبان فهذا مبان من الحي صورةً ومعنىً، فلا يحلّ، وإذا كان لا يعيش بدون المبان فهذا مبان من الحي صورةً ومن الميّت معنىً، فيحلّ

(17)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1551).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 59)، العناية شرح الهداية (10/ 131)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 581).

(3)

في (ب): (فتحرك).

(4)

في (ب): (وقت).

(5)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 257)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 581).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1551).

(7)

في (أ): (الزَّجْر).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 131)، البناية شرح الهداية (12/ 453)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1149).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (3/ 78)، تحفة الفقهاء (3/ 78)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 310).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1551).

(12)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 59)، العناية شرح الهداية (10/ 131)، البناية شرح الهداية (12/ 453).

(13)

في (أ): (والمبان).

(14)

سقطت من (أ).

(15)

سقطت من (ب).

(16)

يقصدُ به ما أخرجه أبو داود في "سُنَنِه"(4/ 479 - 480) كتاب (الصيد) باب (في صيدٍ قُطع منه قطعةٌ) برقم (2858) قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ» .

- وأخرجه الترمذي في "سُنَنِه"(4/ 74) برقم (1480)، وقال: وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث زيد بن أسلم والعمل على هذا عند أهل العلم.

- وصحَّحَه الألباني. يُنْظَر: صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني (2/ 987).

(17)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 441).

ص: 256

(وعند زواله)

(1)

، أي: وعند زوال الرّوح من الْمُبان منه لا تظهر الذكاة في الْمُبَان؛ لعدم الحياة في الْمُبَان

(2)

.

(ولا تبَعيَّة لزوالها)

(3)

، أي: لزوال التبعية (بالانفصال)

(4)

(5)

.

وهذا جواب عمّا تعلّق به الشافعي رضي الله عنه، فإنّه يقول: يحلّ المبان أيضًا، بطريق التبعيّة للمبان منه، والمبان منه يؤكل بالاتفاق

(6)

، يعني إذا مات من ذلك القطع وإن كان يحتمل أن يعيش

(7)

.

وذكر في "الإيضاح": وإذا قطع من ناحية الْعَجُز

(8)

أُكِل الأكثر ولم يُؤكل الأقلّ عندنا، وقال الشّافعي/: يُؤكل؛ لأنّ الفعل وقع ذكاة، [وظهر]

(9)

أثره في الكلّ بطريق التبعيّة.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1552).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 132)، البناية شرح الهداية (12/ 456).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1552).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 59)، العناية شرح الهداية (10/ 132)، البناية شرح الهداية (12/ 456).

(6)

يُنْظَر: الوسيط في المذهب (7/ 107 - 108)، روضة الطالبين (3/ 242).

(7)

أقوال المذاهب فيما أُبِيْنَ من الصّيد البرِّي، ولم يبقَ في الصيد حياةٌ مُستَقِرَّة:

- مذهب الحنفية: إذا قطع يدًا، أو رِجلاً، أو فخذاً، أو ثُلُثَهُ مما يلي القوائم، أو أقل من نصف الرأس، يحرم المبان منه؛ لأنه يتوهم بقاء الحياة في الباقي، ولو ضرب صيداً فقطع يده، أو رجله ولم ينفصل، ثم مات، إن كان يتوهم التئامه واندماله حَلّ أكلُه، لأنه بمنزلة سائر أجزائه، وإن كان لا يُتَوهم، بأن بقي متعلقاً بجلد حَلّ ما سواه دونه، لوجود الإبانة معنىً، والعبرة للمعاني.

- مذهب المالكية: إذا قطع دون النصف كَيَدٍ أو رِجْلٍ فهو ميتة، ويؤكل ما سواه، إلا أن يحصل بالقطع إنفاذ مقتل كالرأس فليس بميتة، فيؤكل كالباقي.

- مذهب الشافعية: إذا أبان من الصيد عضواً، كيده بجراحةٍ مذفّفة، فمات في الحَال، حَلَّ العضو والبَدَن كلُّه.

- مذهب الحنابلة: فيه روايتان، الأشهر عن أحمد: الإباحة، والثانية: لا يُباح ما بان منه. يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 59)، البناية شرح الهداية (12/ 456)، القوانين الفقهية (ص 119)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/ 109)، الوسيط في المذهب (7/ 107 - 108)، روضة الطالبين (3/ 242)، المغني لابن قدامة (9/ 381)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (6/ 629).

(8)

الْعَجُز: مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَهُوَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا، وَجَمْعُهُ: أَعْجَازٌ، وَالْعَجِيزَةُ: لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 393)، مختار الصحاح (ص 200).

(9)

في (ب): (فظهر).

ص: 257

قلنا: بلى، ولكن حكمه يظهر في المحلّ عند خروج الرّوح، فإذا أُبِيْن طَرَف منه والباقي حيّ [فيُعَدّ]

(1)

لم يقع الفعل ذكاة، وإذا خرج منه الرّوح فصار ذكاة لم يظهر في الجزء المنفصل؛ لأنّ ظهور حكم الذكاة في الأجزاء على سبيل التبعيّة وقد بطلت بالانفصال

(2)

.

وفي "المبسوط": فحكم الذكاة استقر في الصّيد بعدما مات وذلك مبان منه، ولا يسري حكم الذكاة إلى ذلك العضو، ولا يمكن إثبات حكم الذكاة في ذلك العضو مقصودًا بالإبانة، كما لو بقي الصّيد {حيّاً}

(3)

، فلهذا لا يؤكل ذلك العضو

(4)

.

[رمى صيدًا ولم يثخنه، فرماه آخَرُ فقَتَلَه]

ثم قال: وإن لم يكن بانَ ذلك العضو منه أُكِلَ كُله؛ لأن ببقاء الاتصال يسري حكم الذكاة إلى ذلك العضو، فيكون حلالاً كغيره، وإن كان تعلّق منه بجِلْدَةٍ: فإن {كان}

(5)

بمنزلة ما قد بان منه لم يؤكل منه، {ومراده}

(6)

من ذلك إذا كان بحيث لا يتوهّم اتصاله بعلاج فهو والمبان سواء، وإن كان بحيث يتوهّم ذلك فهذا جَرْح وليس بإبانة، فيؤكل {كُلُّه}

(7)

، وإن قطعه بنصفين يؤكل {كُلُّه}

(8)

، إذ لا يتوهّم بقاؤه حيًا بعدما قطعه بنصفين طُولاً، وإن قطع الثّلث منه مما يلي العَجُز [فأبانه]

(9)

فإنّه يؤكل الثلثان اللذّان ممّا يلي الرأس، ولا يؤكل الثّلث الذي يلي العجُز، وإن قطع الثلث ممّا يلي الرأس فأبانه، فإنّه يؤكل {كله}

(10)

؛ لأنّ ما بين النّصف إلى العُنُق مذبح، يريد به أنّ الأوداج من [القلب]

(11)

إلى الدماغ، فإن أبان الثّلث ممّا يلي العجز لم يستقر فعل الذكاة بهذا حين لم يقطع الأوداج، وإنّما استقرت بموت الصّيد، وهذا الجزء مبان عنه عند ذلك، وأمّا إذا أبان الثّلث ممّا يلي الرأس فقد استقر حكم الذكاة بقطع الأوداج بنفسه

(12)

.

وقال: (فهو للثاني)

(13)

؛ (لأنّه هو الأخذ)

(14)

، فصار كمن آثار صيدًا وأخذه غيره، فالصّيد لِمَن أخذ لا لِمَن [أثاره]

(15)

(16)

.

(1)

في (ب): (فبعد).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 132)، البناية شرح الهداية (12/ 456).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 254).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

سقطت من (أ).

(8)

سقطت من (أ).

(9)

في (ب): (فما بانه).

(10)

سقطت من (ب).

(11)

في (ب): (الثلث).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 254)، فتاوى قاضيخان (3/ 250)، الفتاوى الهندية (5/ 430 - 431).

(13)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1552).

(15)

في (ب): (أثار).

(16)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 250)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 419)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 583)

ص: 258

[رمى صيدًا فأثخنه، ثم رماه آخرُ فقَتَلَه]

وقوله: (وهذا)

(1)

إشارة إلى قوله: (ولم يُؤكل)

(2)

(3)

.

وحاصله: أنّ الرجلين إذا رميا جميعًا معًا، [أو أحدهما بعد]

(4)

صاحبه قبل أن يصيب السّهم الأوّل [فقَتَلا]

(5)

فهو لهما جميعًا [حلالٌ]

(6)

؛ لأنّ كل واحد منهما رمى إلى صيد مباح، {فيحِلّ}

(7)

تناول الصّيد اعتباراً بحالة الرّمي، فإنّه كان صيدًا حال [رميهما]

(8)

، فيقع فعل كلّ واحد منهما ذكاة، وأصابت الرميتان معًا، فقد استويا في سبب الملك، وذلك [مُوجِب]

(9)

المساواة في الملك، وإن [رَمَيَاه]

(10)

معًا فأصابه سهم أحدهما أولاً فأثخنه، ثم أصابه السّهم الآخر، فهو للأوّل، ويحلّ تناوله عندنا، وقال زفر/: لا يحلّ

(11)

.

وهذا ينبني على أصلٍ: وهو أن المعتبر في الرمي/ حالة الإرسال لا حالة الإصابة بالمحلّ، عند أصحابنا [الثلاثة]

(12)

، وعند زفر/ {المعتبر}

(13)

حالة الاتصال بالمحلّ، فاعتبرنا تلك الحالة، فإذا اعتُبِر حالة الإصابة فالسّهم الثّاني اتّصل به وهو غير ممتنع، فصار كما لو رمى شاةً، فلا يحلّ

(14)

.

ونحن نقول: أنّ الاتّصال بالمحلّ نتيجة الرّمي فصار مضافاً إليه، ولهذا يعتبر التّسمية عند الإرسال لا عند الاتّصال، وقد حصل الإرسال منهما، والمحلّ صيدٌ ممتنع، فلم يتعلّق بالإرسال الثّاني، [نظراً لأنّ]

(15)

الملك يثبت للأوّل؛ لأنّ سهمه أخرجه عن [حيز]

(16)

الامتناع، فملكه قبل أن يتصل الثّاني {به}

(17)

، فجاء من هذا: أنا نعتبر حالة الرّمي فيما يرجع إلى الحلّ؛ لأنّ الحلّ يثبت بالفعل، ونعتبر الاتّصال بالمحلّ فيما يرجع إلى الملك؛ لأنّ الملك يتّصل بالمحلّ

(18)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1553).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 229).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 133)، البناية شرح الهداية (12/ 459).

(4)

في (ب): (وأحدهما أبعد).

(5)

في (ب): (فقتلاه).

(6)

في (ب): (حلالاً).

(7)

سقطت من (أ).

(8)

في (أ): (ومنهما).

(9)

في (ب): (يوجِب).

(10)

في (ب): (رمَيَا).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 250)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 56)، العناية شرح الهداية (10/ 133).

(12)

في (أ): (الثّلث).

(13)

سقطت من (ب).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 250)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 56)، العناية شرح الهداية (10/ 132 - 133).

(15)

في (ب): (خطر إلا أن).

(16)

في (ب): (حين)

(17)

سقطت من (أ).

(18)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 250)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 56)، الفتاوى الهندية (5/ 420).

ص: 259

وكذلك لو كان رَمْيُ أحَدِهما بعد الآخر قبل إصابة الأوّل، فهو كرميهما معًا، فإنْ أصاب السّهم الأوّل ثم رماه الثّاني فإن كان الأوّل لم يخرجه من الامتناع فهو للثّاني؛ لأنّ الاصطياد منه وُجِد، وهو كمن آثار صيدًا فأخذه غيره

(1)

.

وإن كان الأوّل وَقَذَه فأخرجه من الامتناع، ثم إصابة الثاني فهذا على وجوه: إن مات من الأوّل أُكِل، وعلى الثّاني ضمان ما نقصَتْه جراحتُة؛ لأنّ الأوّل قد اصطاده، والفعل من الثّاني نَقَص ملك الأوّل فيضمن، وإن مات من الجراحة الثّانية لم يؤكل؛ لأنّ الرّمي من الثّاني حين وُجِد لم يكن المحل ممتنعًا، وصار كالرّمي إلى الشّاة، ويضمن الثّاني ما نقصته جراحته؛ لأنه [نَقْصٌ]

(2)

دخل في ملك الغير بفعله، ثم يضمن قيمته مجروحًا جراحتين؛ لأنّه أتلف بفعله، إلا أنّه {غرم}

(3)

نقصان الجرح الثّاني، فلا [يضمن]

(4)

ثانيًا

(5)

.

وإن مات من الجراحتين لم يؤكل؛ لأن إحدى الرميتين تعلّق بها الحظر، والأخرى تعلّق بها الإباحة، والصّيد بينهما؛ لأنّهما اشتركا في السّبب، وعلى الثّاني للأوّل نصف قيمته مجروحًا بجراحتين، ونصف ما نقصته الجراحة الثّانية؛ لأنّه أتلف على شريكه نصيبه حين أخرجه من الإباحة إلى الحظر، فلزمه الضّمان، وإن لم يُعْلَم بأي الجراحتين مات فهو كما لو عُلِم بأنّه مات منهما؛ لأنّ كل واحد من الجراحتين سبب [للقتل]

(6)

ظاهراً، فيضاف إليهما، كذا في "المبسوط" و "الإيضاح"

(7)

.

(صار بحال يحلّ بذكاة الاختيار)

(8)

، أي: لا يحل بذكاة الاضطرار، وهو الرّمي، فكان الرّمي الثّاني مفسد اللحم لذلك

(9)

.

(فالجواب في حكم الإباحة)

(10)

، أي: لا في حكم الضّمان؛ لأنّ الإنسان لا يضمن ملك نفسه بفعله لنفسه

(11)

، والله أعلم بالصّواب.

(1)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 56).

(2)

في (أ): (بعض)

(3)

سقطت من (أ).

(4)

في (ب): (يضمنه).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 249 - 250)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 56)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 180).

(6)

في (أ): (للقيد).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (11/ 250)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 57)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 180).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1554).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 60)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (2/ 180)، الفتاوى الهندية (5/ 419).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1554).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 134)، البناية شرح الهداية (12/ 461)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1152).

ص: 260

‌كَتَابُ الرَّهْنِ

[مناسبة كتاب الرهن لكتاب الصَّيْد]

ذَكَرَ الرَّهْنَ عُقَيْبَ الصَّيْدِ؛ إِمَّا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَسِيْلَةٌ إِلَى تَحْصِيْلِ الْمَالِ الَّذِيْ يُمْلَكْ، وَإِمَّا لِأَنَّ {الَّذِيْ}

(1)

سَيُمْلَكُ فِيْهِمَا لَهُ عَرَضِيَّةُ الْحُصُوْلِ، وَإِنْ كَاَن يَتْوِيْ

(2)

فِي الْحَالِ وَيَهْلِكْ

(3)

.

[من محاسن الرَّهْن]

ثُمَّ مِنْ مَحَاسِنِ الرَّهْنِ: هُوَ النَّظَرُ لِلْجَانِبَيْنِ، أَعْنِيْ جَانِبَ الرَّاهِنِ وَجَانِبَ الْمُرْتَهِنِ

(4)

، أَمَّا جَانِبَ الرَّاهِنِ: فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ عَسَى أَنْ يَكُوْنَ الْلَّهَبَ الضِّرَامَ

(5)

، وَالْلَّدَّ

(6)

الْخِصَامَ، خُصُوْصَاً مَا إِذَا وَجَدَ رُخْصَةً مِنْ جَانِبِ الشَّارِعِ [بِصَرِيْحِ]

(7)

الْبَيَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام:«إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْيَدَ وَالْلِّسَانَ»

(8)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

يَتْوِي: التَّوَى: هَلَاكُ الْمَالِ، يُقَالُ: تَوِيَ الْمَالُ: إِذَا هَلَكَ وَذَهَبَ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (6/ 2290)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 69)،

(3)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 62)، العناية شرح الهداية (10/ 135)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 584).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 135)، تكملة فتح القدير (10/ 135)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 584).

(5)

الضِّرَام: شَدِيْدَ الاشْتِعَالِ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (5/ 1971)، لسان العرب (12/ 355).

(6)

اللَّدَّ: شَدِيْدُ الْخُصُوْمِة. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 535)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 551).

(7)

في (أ): (تصريح).

(8)

أخرجه الدارقطني في "سُنَنه"(5/ 415) كتابٌ (في الأقضية والأحكام وغير ذلك) باب (في المرأة تُقْتَل إذا ارتدت) برقم (4553) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُوْ عَلِيٍّ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُوْ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ثَوْرُ ابْنُ يَزِيدَ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْيَدَ وَاللِّسَانَ» .

- قال الزيلعي: وهو مرْسَل. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (4/ 166).

- وقال ابن حجر: من مرسَل مكحول. يُنْظَر: الدراية لابن حجر (2/ 199).

- وأخرجه ابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال"(7/ 534) باب (محمد بن معاوية أبو علي النَّيْسابوري) قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنا بَقِيَّةُ عَنْ مُحَمد بْنِ زِيَادٍ، عَن أَبِي عِنَبَةَ الْخَوَلانِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْيَدُ وَاللِّسَانُ» .

- قال ابن القيسرانيّ: وهذا مُنْكَر، ومحمد بن معاوية متروك الحديث. يُنْظَر: ذخيرة الحفاظ لابن القيسراني (4/ 1937).

ص: 261

فَرُبَّمَا [يَزِيْدُ فِي تَشَدُّدِهِ]

(1)

[وَيَرْبُوْ

(2)

(3)

فِي تَصَعُّدِهِ، بِحَيْثُ لَا يَدَعُ الرَّاهِنَ يَقْتَاتُ

(4)

، وَلَا يَتْرُكُهُ [نَفَقَاتٍ]

(5)

، فَاللهُ تَعَالَى رَحِمَهُ [فَشَرَعَ]

(6)

الرَّهْنَ؛ لِيُسَهِّلَ أَمْرَهُ، وَيَتَفَسَّحُ بِهِ صَدْرُهُ، حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى تَحْصِيْلِ مَا يُؤَدِّيْ بِهِ دَيْنَهُ فِي فُسْحَتِهِ، وَيَصُوْنُ بِهِ عِرْضَهُ وَعَيْنَهُ فِي مُهْلَتِهِ

(7)

.

وَأَمّا جَانِبُ الْمُرْتَهِنِ: فَإِنَّ حُصُوْلَ الدَّيْنِ عَلَى عَرَضِيَّةِ التَّوَى وَالتَّلَفِ؛ لِمَا عَسَى يُذْهِبُ الرَّاهِنَ مَالَهُ بِالتَّبْذِيْرِ وَالسَّرَفِ، أَوْ يَقُوْمُ عَلَيْهِ غُرَمَاءُ يَسْتَوْفُوْنَ مَالَهُ، وَيَسْتَحِقُّوْنَ مَا لَهُ، أَوْ [يَجْحَدُ وَلَيْسَ]

(8)

لِلْمُرْتَهِنِ بيِّنَةٌ، أَوْ يَمُوْتُ مُفْلِسَاً بِغَيْرِ كَفَالَةٍ

(9)

بَيِّنَةٍ، فَنَظَرَ الشَّارِعُ لِلْمُرْتَهِنِ بِشَرْعِ الرَّهْنِ؛ لِيَصِلَ إِلَى دَيْنِهِ بِآكَدِ الْأَمْرِ وَأَوْثَقِ الْمَتْنِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَفُزْ بِدَيْنِهِ كَانَ فَائِزًا بِمَا يُعَادِلُهُ مِنْ [رهْنِهِ]

(10)

، وَهُوَ الرَّؤُوْفُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِيْنَ، وَأَحْكَمُ الْحَاكِمِيْنَ

(11)

.

(1)

في (أ): (يريد في تسدُّده).

(2)

يَرْبُو: رَبَا الشَّيْءُ يَرْبُو إذَا زَادَ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 200)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 217).

(3)

في (ب): (ويزيد).

(4)

يَقْتَات: مِنْ الْقُوْت، وَهُوَ مَا يَقُوْمُ بِهِ بَدَنُ الْإِنْسَانِ مِن الطَّعَامِ، ومَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ مِنَ الرِّزْق. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (1/ 261)، لسان العرب (2/ 74).

(5)

في (ب): (بِعَيَان).

(6)

في (ب): (وشَرَع).

(7)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226)، تكملة فتح القدير (10/ 135).

(8)

في (أ): (يجحدون ليس).

(9)

- الْكَفَالَةُ لُغَةً: مِنْ كَفَلَ يَكْفُلُ كَفَالَةً، أَيْ: ضَمِنَ، وَأَصْلُهَا: الضَّمُّ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ كَفَلَ فُلَانٌ فُلَانًا إذَا ضَمَّهُ إلَى نَفْسِهِ يَمُونُهُ وَيَصُونُهُ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (5/ 1810)، طِلْبَةُ الطَّلَبة (ص 139).

- الْكَفَالَة اصْطِلَاحَاً: ضَمُّ ذِمَّةِ الْكَفِيْلِ إِلَى ذِمَّةِ الْأَصِيْلِ فِي الْمُطَالَبَةِ مُطْلَقَاً، بِنَفْسٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ. يُنْظَر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (5/ 281)، التعريفات للجرجاني (ص 185).

(10)

في (ب): (مَنْعِهِ).

(11)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226)، تكملة فتح القدير (10/ 35).

ص: 262

فَيُحْتَاجُ هَاهُنَا إِلَى تَفْسِيْرِ الرَّهْنِ لُغَةً وَشَرِيْعَةً، وَسَبَبُهُ، وَرُكْنُهُ، وَشَرْطُ جَوَازِهِ، وَحُكْمُهُ، أَمَّا الْلُّغَةُ وَالشَّرِيْعَةُ فَقَدْ ذُكِرَتَا فِي الْكِتَابِ

(1)

.

[سببُ الرَّهْن]

وَأَمَّا سَبَبُهُ: فَمُطَالَبَةُ رَبِّ الدَّيْنِ رَهْنَ الْمَدْيُوْنِ [عِنْدَ]

(2)

{تَأْخِيْرِ}

(3)

أَدَاءِ حَقِّهِ، وَقْتَ نَشَاطٍ يَنْبَعِثُ فِي الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ

(4)

.

[رُكْنُ الرَّهن]

وَأَمَّا رُكْنُهُ: فَالْإِيْجَابُ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّاهِنِ: رَهَنْتُكَ/ هَذَا الْمَالَ بِدَيْنٍ لَكَ عَلَيَّ

(5)

.

وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الرُّكْنَ مُجَرَّدُ الْإِيْجَابِ مِنْ غَيْرِ قَبُوْلٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ [بِمَا]

(6)

أَثْبَتَ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ الْيَدِ عَلَى الْمَرْهُوْنِ، [وَلَمْ]

(7)

يَسْتَوْجِبْ بِإِزَاءِ ذَلِكَ شَيْئَاً عَلَى الْمُرْتَهِنِ، فَكَانَ تَبَرُّعًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَمَا هَذَا سَبِيْلُهُ لَا يَصِيْرُ لَازِمًا إِلَّا بِالتَّسْلِيْمِ كَالْهِبَةِ، [فَكَانَ]

(8)

الرَّهْنُ مُجَرَّدَ الْإِيْجَابِ مِنْ غَيْرِ قَبُوْلٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَالْحُكْمُ فِيْهِمَا كَذَلِكَ، حَتَّى قَالُوْا: لَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ، فَوَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَلَمْ يَقْبَلِ الْآخَرُ، حَنَثَ فِي يَمِيْنِهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ [وَتَمْلِيْكٌ]

(9)

وَتَمَلُّكٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَكَانَ الرُّكْنُ فِي الْبَيْعِ: اْلِإيْجَابَ وَالْقَبُوْلَ، وَلِهَذَا قَالُوْا: لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيْعُ وَلَمْ يَقْبَلْ الْمُشِتَرِيْ، لَا يَحْنَثُ فِي َيَمِيْنِهِ

(10)

.

(1)

الْكِتَاب: المراد به هنا "الهداية شرح البداية"، وذلك بقوله:(الرَّهْنُ لُغَةً: حَبْسُ الشَّيءِ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانْ، وَفِي الشَّرِيْعَةِ: جَعْلُ الشَّيْءِ مَحْبُوْسَاً بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيْفَاؤُهُ مِن الرَّهْنِ، كَالدِّيُوْنِ). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(2)

في (أ): (عندنا).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 465)، تكملة البحر الرائق (8/ 263).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 136)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 584).

(6)

في (ب): (إنما).

(7)

في (ب): (لم).

(8)

في (ب): (وكان).

(9)

في (أ): (تمليك).

(10)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226).

ص: 263

وَإِنَّمَا سَمَّيْنَا اْلإِيْجَابَ رُكْنًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِهِ يُوْجَدُ، وَرُكْنُ الشَّيْءِ مَا يُوْجَدُ بِهِ الشَّيْءُ

(1)

.

[شرْط جواز الرَّهْن]

وَأَمَّا شَرْطُ جَوَازِهِ: [فَأَنْ]

(2)

يَكُوْنَ الْمَالُ الْمَرْهُوْنُ مَقْسُوْمًا مُفْرَزَاً

(3)

، وَيَكُوْنَ فَارِغًا عَنْ الشُّغْلِ، وَأَنْ يَكُوْنَ الرَّهْنُ حَاصِلَاً بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيْفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ [كَالدُّيُوْنِ]

(4)

، حَتَّى إِذَا رَهَنَ بِمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيْفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلَاً، كَالرَّهْنِ بِالْقِصَاصِ

(5)

وَالْحُدُوْدِ

(6)

وَالْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا سَمَّيْنَا هَذَا شَرْطًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُوْجَدُ بِكَوْنِ الْمَالِ مُفْرَزَاً فَارِغًا عَنْ الشُّغْلِ، [وَبِكَوْنِ]

(7)

الْحَقِّ شَيْئَاً يُمْكِنُ اسْتِيْفَاؤُهُ مِنْ الرَّهْنِ، إِنَّمَا يُوْجَدُ بِإِيْجَابِ الرَّاهِنِ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ إِيْجَابُ الرَّاهِنِ لَا يَصِحُّ شَرْعًا مَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مُفْرَزَاً فَارِغَاً عَنْ الشُّغْلِ، فَهَذَا هُوَ شَرْطُ جَوَازِهِ، كَالشَّهَادَةِ فِي بَابِ النِّكَاحِ، وَالْمَالِيَّةِ فِي بَابِ الْبَيْعِ

(8)

.

(1)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226).

(2)

في (ب): (بِأَنْ).

(3)

مُفْرَزَاً: مِنْ الْفَرْزُ، وَهُوَ عَزْلُ الشَّيْءِ وَفَصْلُهُ وَتَمْيِيْزُهُ عَنْ غَيْرِهِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 365)، مختار الصحاح (ص 236).

(4)

في (ب): (كالْمَديون).

(5)

- القِصَاصُ لُغَةً: مِنْ الْقَصِّ، وَهُوَ الْقَطْعُ، وَقَدْ أَقَصَّ الْأَمِيرُ فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ: إِذَا اقْتَصَّ لَهُ مِنْهُ فَجَرَحَهُ مِثْلَ جَرْحِهِ أَوْ قَتَلَهُ قَوَدًا. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 505)، مختار الصحاح (ص 254).

- القِصَاصُ اصْطِلَاحَاً: الْعُقُوبَةُ الْمُقَدَّرَةُ شَرْعَاً وَجَبَتْ حَقًّا لِلْعِبَادِ. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (9/ 36)، فتح القدير لابن الهمام (5/ 212).

(6)

- الحُدُوْدُ لُغَةً: جَمْعُ حَدِّ، وَهِيَ عَلَى مَعْنَيَيْن: الْأَوَّلُ: الْمَنْعُ وَهُوَ الْأَصْلُ فِيْهِ، الثَّانِيْ: طَرَفُ الشَّيْءِ، فَالْحَدُّ: الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَحَدُّ الشَّيْءِ مُنْتَهَاهُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 115)، مختار الصحاح (ص 68).

- الْحُدُوْدُ اصْطِلَاحَاً: الْعُقُوبَةُ الْمُقَدَّرَةُ شَرْعَاً وَجَبَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (9/ 36)، فتح القدير لابن الهمام (5/ 212).

(7)

في (ب): (ويكون).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 65 - 66)، الفتاوى الهندية (5/ 432)، تكملة البحر الرائق (8/ 263).

ص: 264

[شرْط لزوم الرَّهْن]

(وَالْقَبْضُ شَرْطُ الْلُّزُوْمِ)

(1)

، لَا شَرْطُ الْجَوَازِ، فَإِنَّ الرَّهْنَ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ، إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ، كَالْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ

(2)

.

وَأَمَّا حُكْمُهُ عِنْدَنَا: فَثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ لِلْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الْهَلَاكِ فِي حَقِّ الْحَبْسِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَقِّ الْمُلْكِ، فَإِنَّ مَا يَثْبُتُ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى [الرَّهْنِ]

(3)

يَدُ الْاسْتِيْفَاءِ، وَلِهَذَا اسْتَحَقَّ حَبْسَهُ عَنْ الرَّاهِنِ، كَمَا لَوْ اسْتَوْفَى حَقِيْقَةً

(4)

.

وَإِنَّما سَمَّيْنَا هَذَا حُكْمَ الرَّهْنِ: [لِأَنَّه بِهِ]

(5)

يَثْبُتُ، كَالْمُلْكِ وَالْيَدِ حُكْمُ حَقِيْقَةِ الْاسْتِيْفَاءِ [كَمَا]

(6)

ثَبَتَ الْأَمْرَانِ بِالْاسْتِيْفَاءِ حَقِيْقَةً، فَكَذَلِكَ هَذَا، كَذَا فِي "مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ"

(7)

.

[تعريف الرَّهْن لُغَةً]

قَوْلُهُ: (الرَّهْنُ لُغَةً: حَبْسُ الشَّيْءِ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ)

(8)

، وَكَذَلِكَ [الْمَرْهُوْنُ]

(9)

أَيَّ شَيْءٍ كَانَ، مَالَاً أَوْ غَيْرَ مَالٍ، وَالدَّلِيْلُ عَلَيْهِ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى:{كُلُّ نَفْسِ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ 38}

(10)

، أَيْ: مَحْبُوْسَةٌ بِوَبَالِ

(11)

مَا [اكْتَسَبَتْ]

(12)

مِنْ الْمَعَاصِيْ

(13)

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(2)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 64)، الفتاوى الهندية (5/ 433)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226).

(3)

في (ب): (الرَّاهِن).

(4)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 42)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 145)، الفتاوى الهندية (5/ 433).

(5)

في (ب): (لَا).

(6)

في (أ): (لما).

(7)

لم أجِدْهُ.

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(9)

في (ب): (الْمَرْهُوْي).

(10)

سورة الْمُدَّثِّر الآية (38).

(11)

بِوَبَال: الوَبَالُ فِي الْأَصْلِ: الثِّقَلُ وَالْمَكْرُوهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هَنَا: سُوْءُ الْعَاقِبَةِ وَالنَّتِيْجَةِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 646)، لسان العرب (11/ 720).

(12)

في (أ): (اكْتَسَبَ).

(13)

يُنْظَر: تفسير معالم التنزيل في تفسير القرآن للبغوي (5/ 179)، تفسير الكشاف للزمخشري (4/ 655).

(14)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 62)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 225)، البناية شرح الهداية (12/ 465).

ص: 265

[تعريف الرَّهْن في الشريعة]

(وَفِي الشَّرِيْعَةِ: جَعْلُ الشَّيْءِ مَحْبُوْسَاً بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيْفَاؤُهُ)

(1)

، أَيْ: اسْتِيْفَاءُ الْحَقِّ (مِنْ الرَّهْنِ)

(2)

، أَيْ:{مِنْ}

(3)

الْمَرْهُوْنِ، (كَالدُّيُوْنِ)

(4)

، يُمْكِنُ اسْتِيْفَاؤُهَا مِنْ الْمَالِ الْمَرْهُوْنِ، وَعَنْ هَذَا لَا يَجُوْزُ الرَّهْنُ عَنْ الْحُدُوْدِ وَالْقِصَاصِ، وَلَا يَجُوْزُ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ

(5)

(6)

.

الرِّهَانُ: جَمْعُ رَهْنٍ، كَالزِّنَادِ وَالْعِبَادِ، فِي جَمْعِ زَنْدٍ

(7)

وَعَبْدٍ

(8)

، فَيَجِيْءُ بَيَانُ الْقَبْضِ بَعْدَ هَذَا.

[الأدلة على مشروعية الرَّهْن]

(ورَهَنَهُ بِهَا)

(9)

، أَيْ: بِالْقِيْمَةِ

(10)

.

وَفِي "الْمَبْسُوْطِ": «اشْتَرَى مِنْ يَهُوْدِيٍّ طَعَامَاً بِنَسِيْئَةً

(11)

وَرَهَنَه دِرْعَهُ»

(12)

، وَفِي حَدِيْثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ [يَزِيْدٍ]

(13)

(14)

: «أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ وَدِرْعُهُ مَرْهُوْنٌ عِنْدَ يَهُوْدِيٍّ بِوَسَقٍ مِنْ شَعِيْر»

(15)

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

سقطت من (أ).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

الْمُدَبَّر: مِنْ الدُّبُرِ، وَالتَّدْبِيْرُ: عِتْقُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، سُمِّيَ تَدْبِيْرَاً لِوُقُوْعِهِ دُبُرَ الْحَيَاةِ. يُنْظَر: غريب الحديث لابن قتيبة (1/ 224 - 225)، شمس العلوم للحِمْيَري (4/ 2025).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 135)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 225)، البناية شرح الهداية (12/ 465).

(7)

زَنْد: الزَّنْدُ: الْعُودُ الَّذِي تُقْدَحُ بِهِ النَّارُ وَهُوَ الْأَعْلَى، وَالزَّنْدَةُ: السُّفْلَى فِيهَا ثُقْبٌ، وَهِيَ الْأُنْثَى. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 137)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 256).

(8)

يُنْظَر: الصحاح للجوهري (5/ 2128)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 242).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 466)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1153).

(11)

بِنَسِيْئَة: عَلَى وَزْنِ فَعِيْلَةٍ مِنْ نَسَأَ، أَيْ: أَخَّرَ وَأَجَّلَ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا: اشْتَرَى طَعَامَاً بِثَمَنٍ مُؤَخَّرٍ وَمُؤَجَّلٍ. ويُنْظَر: الصحاح للجوهري (1/ 76)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 604).

(12)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(3/ 62) كتاب (البيوع) باب (شراء الإمام الحوائج بنفسه

) برقم (2096) بِسَنَدِه: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:«اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» .

- وأخرجه مسلم في "صحيحه"(3/ 1226) برقم (1603).

(13)

في النسختين: (زيد)، وهو خطأ.

(14)

أَسْمَاء بِنْت يَزِيْد: هي الصحابية الجليلة، أُمّ عامر، أسماء بنت يزيد بن السَّكَن، الأنصارية، الأشهليّة، بنت عمَّة معاذ بن جبل، يقال لها: خطيبة النساء، من المبايعات المجاهدات، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم جملةَ أحاديث، حدَّث عنها: مولاها؛ مهاجر وشَهْر بن حوشب ومجاهد، وآخرون، وقِيل: إنها حضرت بَيْعة الرضوان، وبايعَت يومئذٍ، قال عَبْد بن حُمَيد: أمّ سلمة الأنصارية هي أسماء بنت يزيد بن السكن، شهدت اليرموك، وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود فسطاطها، وعاشت بعد ذلك دهرًا. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (2/ 297)، الإصابة في تمييز الصحابة (8/ 22).

(15)

أخرجه أحمد في "مسنده"(45/ 567) باب (من حديث أسماء بنت يزيد) برقم (27587) بِسَنَدِه: حَدَّثَنَا هَاشِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيد: «أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ يَوْمَ تُوُفِّيَ، وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ بِوَسْقٍ مِنْ شَعِيرٍ» .

- وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 176) برقم (444).

- فيه: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، قال عنه ابن عدي: وشَهْرٌ هذا ليس بالقويِّ في الحديث، وهو ممن لايُحْتَجُّ بحديثه. يُنْظَر: الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي (6/ 176).

- وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لـ "مسند أحمد"، عن هذا الحديث: صحيح لغيره، دون قولِه:«بِوَسْقٍ مِنْ شَعِيْرٍ» ، وهذا إسناد ضعيف لضعف شَهْر بن حوشب، وبقية رجال الإسناد ثِقات. يُنْظَر: مسند الإمام أحمد بتحقيق شعيب الأرناؤوط (45/ 567).

(16)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 64)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1153).

ص: 266

ثُمَّ الْمَشَائِخَ رحمهم الله اسْتَخْرَجُوْا مِنْ الْحَدِيْثِ أَحْكَامَاً، فَقَالُوْا: فِيْهِ {دَلِيْلُ}

(1)

جَوَازِ الرَّهْنِ فِي كُلِّ مَا هُوَ مَالٌ مُتَقَوَّمٌ، [مَا يَكُوْنُ]

(2)

مُعَدَّاً لِلْطَّاعَةِ وَمَا لَا يَكُوْنُ مُعَدَّاً لَهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، فَإِنَّ دِرْعَهُ عليه السلام كَانَ [مُعَدَّاً]

(3)

لِلْجِهَادِ {بِهِ}

(4)

، فَيَكُوْنُ دَلِيْلَاً لَنَا عَلَى جَوَازِ رَهْنِ الْمُصْحَفِ، بِخِلَافِ مَا يَقُوْلُهُ الْمُتَقَشِّفَةُ

(5)

: أَنَّ مَا يَكُوْنُ لِلْطّاعَةِ لَا يَجُوْزُ رَهْنُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي صُوْرَةِ حَبْسِهِ عَنْ الطَّاعَةِ

(6)

.

[الرَّهْن في الحَضَر والسَّفر]

وَفِيْهِ دَلِيْلٌ أَنَّ الرَّهْنَ جَائِزُ فِي الحَضَرِ وَفِي السَّفَرِ جَمِيْعَاً، [فَإِنَّ]

(7)

رَهْنَهُ عليه السلام بِالْمَدِيْنَةِ فِي حَالِ إِقَامَتِهِ بِهَا، بِخِلَافِ مَا يَقُوْلُهُ أَصْحَابُ الظَّوَاهِرِ

(8)

(9)

: أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَجُوْزُ إِلَّا فِي السَّفَرِ

(10)

؛ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَر? وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبا فَرِهَان? مَّقْبُوضَة?}

(11)

، وَالتَّعْلِيْقُ بِالشَّرْطِ يَقْتَضِيْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْوُجُوْدِ وَالْعَدَمِ

(12)

(13)

.

(1)

سقطت من (أ).

(2)

في (ب): (فيكون).

(3)

في (ب): (معه).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

الْمُتَقَشِّفَة: طَائِفَةٌ مِنْ الصُّوفِيَّةِ، الْمُتَعَمِّقَةُ فِي الدِّيْنِ، وَأَصْلُ الْمُتَقَشِّفِ الَّذِي لَا يَتَعَاهَدُ النَّظَافَةَ ثُمَّ قِيلَ لِلْمُتَزَهِّدِ الَّذِي يَقْنَعُ بِالْمُرَقَّعِ مِنْ الثِّيَاب: مُتَقَشِّفٌ، مِنْ الْقَشَفِ، وَهُوَ شِدَّةُ الْعَيْشِ وَخُشُونَتِهِ. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (6/ 41)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 414).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 64)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1153).

(7)

في (ب): (وإن).

(8)

أَصْحَابُ الظَّوَاهِر: هم الظاهِرِيَّة، مذهب فقهي أسّسه داود بن علي الأصبهاني الظاهري المتوفى سنة 270 هـ، كما يُعَد الإمام ابن حزم الْمُتَوَفَّى سنة المؤسس الثاني والْمُقَعّد لهذا المذهب، ويرى أصحاب هذا المذهب: أن مصدر الفقه هو النصّ فحسب، فلا يأخذون بالقياس، ولا الاستحسان، ولا المصالح المرسلة، قال ابن كثير عن داود الظاهري: رُوِي عن الإمام أحمد أنه تكلم فيه بسبب كلامه في القرآن، وأن لفظه به مخلوق، كما نُسِب إلى الإمام البخاري/، قُلْتُ: وقد كان من الفقهاء المشهورين، ولكن حصر نفسه بنفيه القياس الصحيح، فضاق بذلك ذرعه في أماكن كثيرة من الفقه، فلزمه القول بأشياء قطعية صار إليها بسبب اتباعه الظاهر المجرد من غير تفهم لمعنى النصّ. يُنْظَر: البداية والنهاية لابن كثير (14/ 595)، سير أعلام النبلاء (13/ 97 وما بعدها)، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (2/ 284).

(9)

يُنْظَر: المحلى لابن حزم (6/ 362).

(10)

الخلاف في مسألة الرَّهن في الحَضَر:

- الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة: يجوز الرهن في الحَضَرِ والسَّفَر.

- الظاهرية: لا يجوز الرهن إلا في السَّفَر. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 64)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226)، المعونة على مذهب عالم المدينة (1/ 1152)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رُشد (4/ 57)، الأم للشافعي (3/ 141)، الحاوي الكبير للماوردي (6/ 5)، المغني لابن قدامة (4/ 245)، الشرح الكبير على متن المقنع (4/ 367)، المحلى لابن حزم (6/ 362).

(11)

سورة البقرة الآية (283).

(12)

التَّعْلِيْقُ بِالشَّرْطِ يَقْتَضِيْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْوُجُوْدِ وَالْعَدَمِ: من القواعد عند الأحناف، وتأتي بلفظ: التعليق بالشرط يقتضي وجود الحكم عند وجود الشرط، ولكن لا يوجب انعدام الحكم عند انعدام الشرط، مثال ذلك: إذا قال لعبده: أنت حُرٌّ إذا جاء فلانٌ حيًّا سالماً من سفَرِه هذا، فإذا تحقق الشرط وجاء فلان حيًّا سالماً فقد عتق العبد، ولكن إذا لم يجيء فلان حيًّا سالماً فهل يقتضي ذلك عدم عتق العبد مطلقاً؟ عند الحنفية: لا يقتضيه لاحتمال أن يعتق بسبب آخر. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 397).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 64)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226)، البناية شرح الهداية (12/ 466).

ص: 267

وَلَكِنَّا نَقُوْلُ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الشَّرْطُ حَقِيْقَةً، بَلْ ذِكْرُ مَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ فِي الْغَالِبِ يَمِيْلُوْنَ إِلَى الرَّهْنِ [عِنْدَ تَعَذُّرِ]

(1)

إِمْكَانِ التَّوْثُّقِ بِالْكِتَابِ وَالشُّهُوْدِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُوْنُ فِي السَّفَرِ، وَالْمُعَامَلَةُ الظَّاهِرَةُ مِنْ لَدُنْ

(2)

رَسُوْلِ اللهِ عليه السلام إِلَى يَوْمِنَا هَذَا بِالرَّهْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ {دَلِيْلُ}

(3)

جَوَازِهِ بِكُلِّ حَالٍ

(4)

.

وَفِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَكُوْنُ أَحَقَّ بِالرَّهْنِ حَالَ حَيَاةِ الرَّاهِنِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام مَاتَ وَدِرْعُهُ مَرْهُوْنَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِإِمْسَاكِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْوَفَاةِ لَمْ يَكُنْ دِرْعُ رَسُوْلِ اللهِ عليه السلام مَرْهُوْنَةٌ

(5)

.

{وَفِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَرْهَنَ الْمُسْلِمُ/ سِلَاحَاً مِنْ الذِّمِّيِّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ}

(6)

(7)

.

وَفِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِيْ أَنْ يُبَاشِرَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، خِلَافَاً لِمَا يَقُوْلُهُ الشَّافِعِيُّ/

(8)

(9)

.

(1)

في (ب): (لِتَعَذُّر).

(2)

لَدُنْ: مَعْنَاهَا هُنَا: ظَرْفٌ زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ مَعْنَاهُ عِنْدَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَدُنْ جُزمَتْ وَلَمْ تُجْعَلْ كعِنْدَ؛ لأَنها لَمْ تَمَكَّنْ فِي الْكَلَامِ تَمَكُّنَ عِنْدَ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (6/ 2194)، لسان العرب (13/ 383).

(3)

سقطت من (ب).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 64)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226)، البناية شرح الهداية (12/ 466).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 83)، تحفة الفقهاء (3/ 42)، الفتاوى الهندية (5/ 433).

(6)

ما بين القوسين سقط من (ب).

(7)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 466)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 62).

(8)

يُنْظَر: الأم للشافعي (6/ 220)، مختصر المزني (8/ 407)، الحاوي الكبير للماوردي (16/ 42).

(9)

الخلاف في حكم مباشرة القاضي البيع والشراء لنفسه في غير مجلس القضاء:

- الحنفية والمالكية: الجواز، وعدم الكراهة.

- الشافعية والحنابلة وبعض الحنفية وبعض المالكية: كراهة ذلك. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (16/ 77)، الفتاوى الهندية (3/ 328)، لسان الحكام (ص 221)، الذخيرة للقرافي (10/ 82)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/ 139)، الأم للشافعي (6/ 220)، مختصر المزني (8/ 407)، المغني لابن قدامة (10/ 69)، المبدع في شرح المقنع لابن مفلح (8/ 170).

ص: 268

وَفِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيْ الْإِنْسَانُ شَيْئَاً نَسِيْئَةً، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى طَعَامَاً نَسِيْئَةً، [وَكَانَ يُمْكِنُهُ]

(1)

الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ، بِأَنْ يَبِيْعَ دِرْعَهُ ثُمَّ يَشْتَرِيْ طَعَامًا بِنَقْدٍ، خِلَافَاً لِمَا يَقُوْلُهُ بَعْضَ [الْمُتَقَشِّفَة]

(2)

، فَإِنَّهُمْ قَالُوْا: يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ الشِّرَاءُ بِالنَّسِيْئَةِ إِذَا كَانَ قَادِرَاً عَلَى الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ، كَذَا فِي "الْمَبْسُوْطَيْنِ"

(3)

.

(وَلِأَنَّهُ عَقْدُ وَثِيْقَةٍ لِجَانِبِ الاسْتِيْفَاءِ)

(4)

، اعْلَمْ: أَنَّ لِلْدَّيْنِ طَرَفَيْنِ، طَرَفُ الْوُجُوْبِ وَطَرَفُ الاسْتِيْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَوَّلَاً فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ يُسْتَوْفَي الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ، ثَمَّ الْوَثِيْقَةُ بِطَرَفِ الْوُجُوْبِ الَّذِيْ يَخْتَصُّ بِالذِّمَّةِ، (وَهِيَ الْكَفَالَةُ)

(5)

جَائِزَةٌ، فَكَانَتْ الْوَثِيْقَةُ بِطَرَفِ الاسْتِيْفَاءِ الَّذِيْ يَخْتَصُّ بِالْمَالِ جَائِزَةٌ أَيْضَاً، اعْتِبَارَاً بِطَرَفِ الْوُجُوْبِ، بَلْ بِالطَّرِيْقِ الْأَوْلَى، إِذْ الاسْتِيْفَاءُ مَقْصُوْدٌ، وَالْوُجُوْبُ وَسِيْلَةٌ لِهَذَا الْمَقْصُوْدِ، فَلَمَّا شُرِعَتْ الْوَثِيْقَةُ فِي حَقِّ الْوَسِيْلَةِ؛ فَلَأَنْ يُشْرَعَ فِي حَقِّ الْمَقْصُوْدِ أَوْلَى، إِلَى هَذَا أَشَار شَيْخُ الْإِسْلَامِ/

(6)

.

[رُكْن الرّهن]

(قَالُوْا: الرُّكْنُ الْإِيْجَابُ بِمُجَرَّدِهِ)

(7)

فَمِنْ الَّذِيْنَ قَالُوْا [بِهِ]

(8)

شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ [ذَكَرْنَاهُ بِتَمَامِهِ]

(9)

(10)

.

(1)

في (ب): (وإن أمْكَنَه).

(2)

في (أ): (الْمُنْقَسِمَة).

(3)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 62)، البناية شرح الهداية (12/ 466)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1153).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 63 - 64)، العناية شرح الهداية (10/ 136)، البناية شرح الهداية (12/ 467).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(8)

في (أ): (أنَّه).

(9)

في (ب): (ذكرنا تمامه).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 136)، البناية شرح الهداية (12/ 467).

ص: 269

وَذَكَرَ فِي "الذَّخِيْرَةِ" وَ"الْمُغْنِيْ": قَالَ مَحَمَّدُ/ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ: لَا يَجُوْزُ الرَّهْنُ إِلَّا مَقْبُوْضَاً، [وَقَدْ]

(1)

أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطُ جَوَازِ {الرَّهْنِ}

(2)

، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خَوَاهِرْ زَادَهْ: الرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ [جَائِزٌ]

(3)

إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَإِنَّمَا يَصِيْرُ لَازِمَاً فِي حَقِّ الرَّاهِنِ بِالْقَبْضِ، [فَكَانَ]

(4)

الْقَبْضُ شَرْطُ اللُّزُوْمِ لَا شَرْطُ الْجَوَازِ، كَمَا فِي الْهِبَةِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ

(5)

.

(وَلَنَا مَا تَلَوْنَاهُ)

(6)

، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَرِهَان? مَّقْبُوضَة?}

(7)

، فَقَدْ وَصَفَ اللهُ تَعَالَى الرَّهْنَ بِالْقَبْضِ، فَيَقْتَضِيْ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا وَصَفَاً لَازِمَاً لِلرَّهْنِ لَا يُفَارِقُهُ، كَمَا وَصَفَ اللهُ تَعَالَى التِّجَارَةَ بِالتَّرَاضِيْ، فَصَارَ التَّرَاضِيْ وَصْفَاً لَازِمَاً، وَكَمَا وَصَفَ الشَّهَادَةَ بِالْعَدَالَةِ، وَهِيَ وَصْفٌ لَازِمٌ، فَكَذَا هُنَا

(8)

.

(وَالْمَصْدَرُ الْمَقْرُوْنُ بِحَرْفِ الفَاءِ فِي مَحَلِّ الْجَزَاءِ يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ

(9)

(10)

، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر? فَعِدَّة? مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}

(11)

، وَقَوْلِهِ:{وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَ?ا فَتَحْرِيرُ رَقَبَة? مُّؤْمِنَة?}

(12)

، أَيْ: فَلْيَصُمْ عِدَّةً مِنْ أيّامٍ أُخَر، ولْيُحَرِّرْ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً

(13)

.

(1)

في (ب): (فقد).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

في (أ): (جائزاً).

(4)

في (ب): (وكان).

(5)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 467)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226)، تكملة فتح القدير (10/ 137).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(7)

سورة البقرة الآية (283).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 68)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 137)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 63).

(9)

الْمَصْدَرُ الْمَقْرُوْنُ بِحَرْفِ الْفَاءِ فِي مَحَلِّ الْجَزَاءِ يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ: قاعدة أصولية. يُنْظَر: البحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (3/ 275).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(11)

سورة البقرة الآية (184).

(12)

سورة النساء الآية (92).

(13)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 63)، تكملة فتح القدير (10/ 137 - 138)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 585).

ص: 270

ثُمَّ فِي تَسْمِيَةِ الرِّهَانِ بِالْمَصْدَرِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الرِّهَانَ جَمْعُ رَهْنٍ، [كَالنَّعْلِ وَالنِّعَالِ]

(1)

، وَالْحَبْلِ وَالْحِبَالِ، هَكَذَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ

(2)

.

وَلِأَنَّ قَوْلَهُ: {مَّقْبُوضَة?}

(3)

بِالتَّأْنِيْثِ، دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ

(4)

.

وَلَوْ تَمَحَّلَ

(5)

[مُتَمَحِّلٌ]

(6)

لِتَصْحِيْحِ مَا فِي الْكِتَابِ

(7)

[بِقَوْلِهِ]

(8)

: {تَقْدِيْرُهُ}

(9)

: فَرَهْنُ رِهَانٍ مَقْبُوْضَةٍ، وَكَانَ الْمَصْدَرُ مَحْذُوْفَاً، فَجَعَلَ الْمَحْذُوْفَ بِمَنْزِلَةِ الثَّابِتِ، [فَقَالَ]

(10)

: [وَالْمَصْدَرُ]

(11)

الْمَقْرُوْنُ بِحَرْفِ الْفَاِء، أَوْ الرِّهَانُ، لَمَّا كَانَ مَصْدَرَاً عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْكِتَابِ

(12)

، كَانَ إِرَادَةُ الْمَرْهُوْنِ بِهِ جَائِزًا، كَالرَّهْنِ يُرَادُ بِهِ الْمَرْهُوْنُ، حَيْثُ قَالَ فِي الْكِتَابِ

(13)

: (وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ)، أَيْ: الْمَرْهُوْنُ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا

(14)

.

ثُمَّ أَنَّثَ الْمَرْهُوْنَ بِتَأْوِيْلِ السِّلْعَةِ [أَوْ]

(15)

الْعَيْنِ، فَقِيْلَ: مَقْبُوْضَةٌ، بِالتَّأْنِيْثِ، كَمَا يُؤَنَثُ الصَّوْتُ بِتَأْوِيْلِ الصَّيْحَةِ، لَكَانَ وَجْهَاً بَعِيْدَاً؛ إِذْ فِي الْأَوَّلِ وُرُوْدُ الْإِلْبَاسِ، وَفِي الثَّانِي لَا يَبْقَى الْمَصْدَرُ [بِحَقِيْقَتِهِ]

(16)

، وَاللهُ أَعْلَمُ

(17)

.

(1)

في (أ): (كالبَغْل والبِغَال).

(2)

يُنْظَر: جمهرة اللغة لابن دريد (2/ 807)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 224)، البناية شرح الهداية (12/ 468)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1154)، تكملة فتح القدير (10/ 139).

(3)

سورة البقرة الآية (283).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 468)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1154)، تكملة فتح القدير (10/ 138).

(5)

تَمَحَّلَ: احْتَالَ وَتَكَلَّفَ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 464)، مختار الصحاح (ص 291).

(6)

في (أ): (متحمِّلٌ).

(7)

الْكِتَاب: المراد به هنا: "الهداية شرح البداية".

(8)

في (أ): (لقولِه).

(9)

سقطت من (ب).

(10)

في (ب): (قال).

(11)

في (ب): (والمصدر).

(12)

الْكِتَاب: المراد به "الهداية شرح البداية"، وذلك بقول: (وَالْمَصْدَرُ الْمَقْرُوْنُ بِحَرْفِ الْفَاءِ

). يُنْظَر: الهداية شرح الهداية (4/ 1555).

(13)

الْكِتَاب: المراد به هنا "بداية المبتدي"، وذلك بقوله:(وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ التَّفَاسُخْ). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(14)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (10/ 138).

(15)

في (ب): (و).

(16)

في (أ): (بحقيقة).

(17)

يُنْظَر: المرجع السابق.

ص: 271

ثُمَّ لَمَّا كَانَ بِمَعْنَى الْأَمْرِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ، وَلَمْ يُعْمَل بِمُوْجِبِ الْأَمْرِ الَّذِيْ هُوَ اللُّزُوْمُ فِي حَقِّ نَفْسِ الرَّهْنِ، حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْ الرَّهْنُ عَلَى الْمَدْيُوْنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَجَبَ أَنْ يُعْمَلَ في شَرْطِهِ وَهُوَ الْقَبْضُ، كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ عليه السلام:«الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلَاً بِمِثْلٍ»

(1)

بِالنَّصْبِ، أَيْ: بِيْعُوْا، فَلَم يَعْمَلِ الْأَمْرُ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُبَاحٌ غَيْرُ وَاجِبٍ، فَصُرِفَ إِلَى شَرْطِهِ، وَهُوَ الْمُمَاثَلَةُ فِي أَمْوَالِ الرِّبَا

(2)

، فَكَذَا هُنَا

(3)

.

[إمضاءُ الرّهن يكون بالقَبض]

(وَلِهَذَا لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ)

(4)

، أَيْ: عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ، (كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ)

(5)

، أَيْ: أَنَّ الْوَصِيَّةَ يُحتَاجُ فِيْهَا إِلَى الْإِمْضَاءِ، وَهُوَ أَنْ لَا [يَرْجِعَ]

(6)

عَنْهَا، وَهَاهُنَا إِمْضَاءُ الرَّهْنِ إِنَّمَا يَكُوْنُ [بِالْقَبْضِ]

(7)

، كَمَا فِي الْهِبَةِ، [أَوْ أَرَادَ]

(8)

بِهِ الْوَصِيَّةَ بِالتَّبَرُّعِ

(9)

.

(1)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(3/ 1211) كتاب (المساقاة) باب (الصرف وبيع الذهب بالورِق نقداً) برقم (1588) بِسَنَدِهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ، أَوِ اسْتَزَادَ، فَقَدْ أَرْبَى، إِلَّا مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ» .

(2)

- الرِّبَا لُغَةً: الزِّيَادَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَة فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} الحج الآية (5). يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 200)، مختار الصحاح (ص 117).

- الرِّبَا اصْطِلَاحًا: فَضْلٌ خَالٍ عَنْ عِوَضٍ بِمِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ مَشْرُوْطٍ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْمُعَاوَضَةِ، وَقِيْلَ: فَضْلُ مَالٍ بِلَا عِوَضٍ فِيْ مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 111)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 37)، البناية شرح الهداية (8/ 260).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 137 - 138)، البناية شرح الهداية (12/ 468)، تكملة فتح القدير (10/ 138).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

في (أ): (يُراجِع).

(7)

في (ب): (في القبض).

(8)

في (ب): (وأراد).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 63)، الاختيار لتعليل المختار (2/ 63)، البناية شرح الهداية (12/ 469).

ص: 272

(ثُمَّ يُكْتَفَى فِيْهِ بِالتَّخْلِيَةِ)

(1)

، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ الْمَانِعِ عَنْ الْقَبْضِ

(2)

.

(مُوْجِبٌ [لِلْضَّمَانِ]

(3)

ابْتِدَاءً)

(4)

، أَرَادَ [بِابْتِدَاءِ]

(5)

الضَّمَانِ: هُوَ أَنْ لَا يَكُوْنَ مَضْمُوْنًا قَبْلَ الْعَقْدِ وَالرَّهْنُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ مَضْمُوْنًا عَلَى الرَّاهِنِ حَتَّى يَكُوْنَ الرَّهْنُ نَقْلَاً لِلْضَّمَانِ، [فَكَانَ]

(6)

وُجُوْبُ/ الضَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ابْتِدَاءً، كَمَا فِي الْغَصْبِ

(7)

.

وَقَوْلُهُ: (بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ)

(8)

، يَعْنِيْ: كَمَا أَنَّ الْمَغْصُوْبَ لَا يَصِيْرُ مَضْمُوْنًا بِالتَّخْلِيَةِ بِدُوْنِ النَّقْلِ، فَكَذَلِكَ الْمَرْهُوْنُ

(9)

.

(بِخِلَافِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ نَاقِلٌ لِلْضَّمَانِ مِنْ الْبَائِعِ إِلَى الْمُشْتَرِيْ)

(10)

، فَإِنَّ [الْمَبِيْعَ]

(11)

قَبْلَ التَّسْلِيْمِ إِلَى الْمُشْتَرِيْ كَانَ مَضْمُوْنًا عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، فَانْتَقَلَ الْمَبِيْعُ [مِنْهُ]

(12)

إِلَى الْمُشْتَرِيْ بِذَلِكَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِيْ بِالتَّسْلِيْمِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ مَضْمُوْنًا ابْتِدَاءً

(13)

.

(وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ)

(14)

؛ لِأَنَّ حَقِيْقَةَ الاسْتِيْفَاءِ [

]

(15)

بِالتَّخْلِيَةِ، وَالْقَبْضُ الْمُوْجِبُ لِهَذَا الاسْتِيْفَاءِ أَيْضَاً يَثْبُتُ بِالتَّخْلِيَةِ

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(2)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1155)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 63)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 226).

(3)

في (أ): (الضمان).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(5)

في (ب): (بالابتداء).

(6)

في (ب): (وكان).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 63)، تكملة فتح القدير (10/ 140)، البناية شرح الهداية (12/ 469).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 68)، البناية شرح الهداية (12/ 469)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1155).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(11)

في (ب): (البيع).

(12)

في (أ): (عنه).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 68 - 69)، العناية شرح الهداية (10/ 140)، البناية شرح الهداية (12/ 470).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1555).

(15)

زيادة في هامش (أ): (يثبت).

(16)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 69)، العناية شرح الهداية (10/ 140)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 63).

ص: 273

[الْمُرادُ باشتراط كَون الرهن مُحْوَزًا، مُفَرَّغَاً، مُتَمَيِّزًا]

وَقَوْلُهُ: (مُحْوَزًا)

(1)

، احْتِرَازٌ عَنْ رَهْنِ [الثَّمَرِ]

(2)

عَلَى رُؤُوْسِ [النَّخْلِ]

(3)

بِدُوْنِ النَّخِيْلِ، وَالزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ بِدُوْنِ الْأَرْضِ

(4)

.

(مُفَرَّغَاً)

(5)

، احْتِرَازٌ عَنْ عَكْسِهِ، وَهُوَ رَهْنُ النَّخْلِ بِدُوْنِ [الثَّمَرِ]

(6)

، وَرَهْنُ الْأَرْضِ بِدُوْنِ الزَّرْعِ

(7)

.

(مُتَمَيِّزًا)

(8)

، احْتِرَازٌ عَنْ الشُّيُوْعِ فِي الرَّهْنِ، بِأَنْ رَهَنَ نِصْفَ عَبْدٍ أَوْ ثُلُثَهُ

(9)

.

(إِذِ الْمَقْصُوْدُ لَا يَحْصُلُ قَبْلَهُ)

(10)

، أَيْ: قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ اسْتِيْفَاءُ الدَّيْنِ حُكْمَاً، وَالاسْتِيْفُاءُ حَقِيْقَةً لَا يَكُوْنُ بِدُوْنِ الْقَبْضِ، فَكَذَا الاسْتِيْفَاءُ حُكْمَاً

(11)

.

وَلِأَنَّ الْمَقْصُوْدَ إِضْجَارُ

(12)

الرَّاهِنِ؛ لِيَتَسَارَعَ إِلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصُوْدُ بِدَوَامِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُوْنُ بِالْقَبْضِ

(13)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(2)

في (ب): (التَّمْرِ).

(3)

في (ب): (النَّخِيْل).

(4)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 227)، البناية شرح الهداية (12/ 470)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 65).

(5)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(6)

في (ب): (التَّمْرِ).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 140)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 227)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 248).

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(9)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 227)، البناية شرح الهداية (12/ 470)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 248).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1556).

(11)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 227)، العناية شرح الهداية (10/ 141)، البناية شرح الهداية (12/ 470).

(12)

إِضْجَارُ: مِنْ الضَّجَرِ، وَهُوَ الْقَلَقُ مِنَ الْغَمِّ، وَضِيْقُ النَّفْسِ مَعَ الْكَلَامِ. يُنْظَر: الْمُغْرِبْ في ترتيب الْمُعْرَب (ص 305)، مختار الصحاح (ص 182).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 104)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1156).

ص: 274

(«لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ»

(1)

"قَالَهَا ثَلَاثَاً"

(2)

(3)

، أَنَّثَهُ عَلَى تَأْوِيْلِ الْكَلِمَاتِ.

[تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ، لِصَاحِبِهِ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» عند الشافعي]

(«لِصَاحِبِهِ [غُنْمُهُ]

(4)

»)

(5)

، أَيْ: لِصَاحِبِ الرَّهْنِ وَهُوَ الرَّاهِنُ، («غُنْمُهُ»)، أَيْ: الزَّوَائِدُ

(6)

.

(1)

أخرجه الدارقطني في "سُنَنِه" مُسْنَداً (3/ 438) كتاب (البيوع) برقم (2921) قَالَ: حَدَّثنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ، لِصَاحِبِهِ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» .

- وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" مُسْنَداً أيضاً (6/ 66) برقم (11219).

- وأخرجه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" مُسْنَداً أيضاً (2/ 59) برقم (2317)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه لخلافٍ فيه على أصحاب الزهري.

- وأخرجه أبو داود في "المراسيل" مُرْسَلاً (1/ 172) باب (ما جاء في الرهن) برقم (187) قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ لِصَاحِبِهِ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» .

- قال ابن عبدالهادي في "تنقيح التحقيق": روى الحديثَ الثوريُّ وغيره عن ابن أبي ذئب مرسلا، وهو المحفوظ. يُنْظَر: تنقيح التحقيق لابن عبدالهادي (4/ 119).

- وقال الألباني في "إرواء الغليل": النفس تطمئن لرواية الجماعة الذين أرسلوه أكثر، لاسيما وهم ثقات أثبات. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني (5/ 243).

(2)

قال الزيلعي في "نصب الراية": لم أجده في شيء من طرق الحديث. يُنْظَر: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (4/ 321).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1556).

(4)

في (أ): (غُنْم).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق، وهنا فيه تقديمٌ وتأخير من الشارح/، فهذه الجُمْلَة وما بعدها تَبَعٌ لكلام الشافعي/ الذي بعدَهُ.

(6)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 170)، الحاوي الكبير للماوردي (6/ 204)، المجموع شرح المهذب للنووي (13/ 226).

ص: 275

[وَعَلَيْهِ]

(1)

غُرْمُهُ»)

(2)

، أَيْ: هَلَاكُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ

(3)

.

وَقُلْنَا: الصَّاحِبُ يحْتَمِل الْمُرْتَهِنَ، كَمَا يُقَالُ لِلْمُضَارِبِ

(4)

: صَاحِبَ الْمَالِ، وَالْحَمْلُ [عَلَيْهِ]

(5)

أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَقِيْقَةَ [الصُّحْبَةِ]

(6)

لَهُ، فَيَصِيْرُ كَأَنَّهُ قَالَ: لِلْمُرتَهِن غُنْمُهُ: أَيْ: الزَّوَائِدُ تَصِيْرُ رَهْنَاً عِنْدَهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ: أَيْ: هَلَاكُ الرَّهْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، حَيْثُ يَسْقُطُ {بِهِ}

(7)

دَيْنُهُ

(8)

.

وَلَئِنْ حُمِلَ الصَّاحِبُ عَلَى الرَّاهِنِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْغُرْمِ: نَفَقَةُ الرَّهْنِ حَالَ قِيَامِهِ، وَالْكَفَنُ حَالَ مَوْتِهِ

(9)

.

(قَالَ)

(10)

، أَيْ: قَالَ الشَّافِعِيُّ/

(11)

، (وَمَعْنَاهُ)

(12)

، أَيْ: وَمَعْنَى قَوْلُهُ عليه السلام: {«لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ» ، أَيْ:(لَا يَصِيْرُ مَضْمُوْنًا بِالدَّيْنِ)

(13)

، وَالدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ كَذَا حَدِيْثٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام:}

(14)

«الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ الَّذِيْ رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ»

(15)

، [فَكَانَ]

(16)

هَذَا تَفْسِيْرَاً لِذَلِكَ، أَيْ: مِنْ ضَمَانِ رَاهِنِهِ

(17)

.

(1)

في (أ): (عَلَيْه).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1556).

(3)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 170)، الحاوي الكبير للماوردي (6/ 204)، المجموع شرح المهذب للنووي (13/ 250).

(4)

الْمُضارِب: مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِاَنَّ الْمُضَارِبَ يَسِيرُ فِي الْأَرْضِ غَالِبًا طَلَبًا لِلرِّبْحِ، وَضَارَبَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ فِي مَالِهِ: تَجَرَ لَهُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 305 - 306)، طِلْبَة الطَّلَبة (ص 148).

(5)

في (ب): (عليهِن).

(6)

في (أ): (الصِّحَّة).

(7)

سقطت من (أ).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 65)، البناية شرح الهداية (12/ 471)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1157).

(9)

يُنْظَر: الحاوي الكبير للماوردي (6/ 14)، المهذب للشيرازي (2/ 101)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (6/ 91).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1556).

(11)

يُنْظَر: الأُمّ للشافعي (3/ 170)، الحاوي الكبير للماوردي (6/ 254)، المهذَّب للشيرازي (2/ 105).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1556).

(13)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(14)

ما بين القوسين سقط من (ب).

(15)

أخرجه الشافعي في "مُسْنَدِه" مُرْسَلاً (3/ 214) كتاب (الرَّهْن والقِرَاض والحَجْر والتَّفْلِيس واللُّقَطَة) باب (غُنْم الرَّهْن وغُرْمه) برقم (1477) قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ الرَّهْنَ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: غُنْمُهُ: زِيَادَتُهُ، وَغُرْمُهُ: هَلاكُهُ وَنَقْصُهُ.

- ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَهُ (3/ 215) بِرَقْم (1478): أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ لا يُخَالِفُهُ.

- وأخرجه البيهقي في "الكُبْرى" مِنْ طريق الشافعي (6/ 65) برقم (11210، 11211).

- وأخرج الدارقطنيُّ في "سُنَنِهِ" مُسْنَدَاً (3/ 439) كتاب (البيوع) برقم (2927) قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَرِمِيسِينِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِطَرَسُوسَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْأَصَمُّ، نا شَبَابَةُ، نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ، وَالرَّهْنُ لِمَنْ رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» .

- وكذلك أخرجه الحاكم في "المستدرك" مُسْنَدَاً (2/ 59) كتاب (البيوع) برقم (2318) قَالَ: أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرَّازِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ الْأَصَمُّ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ، الرَّهْنُ لِمَنْ رَهَنَهُ، وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» .

- وحكم عليه ابن الملقِّن في "تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج" بِأَنَّهُ: مُرْسلٌ صحيحٌ أو حَسَن. يُنْظَر: تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج لابن الملقِّن (2/ 256).

- قال الألباني: مُرْسَل. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني (5/ 245).

(16)

في (ب): (وكان).

(17)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 65)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 64)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 586).

ص: 276

(ولَنَا قَوْلُهُ عليه السلام لِلْمُرتَهِنِ بَعْدَ مَا نَفَقَ

(1)

فَرَسُ الرّهْنِ عِنْدَه «ذَهَبَ حَقُّكَ»

(2)

(3)

، وَلَا يَجُوْزُ أَنْ يُقَالَ: ذَهَبَ حَقُّكَ فِي الْحَبْسِ، لِأَنَّ هَذَا مِمَّا {لَا}

(4)

يُشْكِلْ

(5)

.

وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ الْحَقَّ مُنَكَّراً فِي أَوَّلِ الْحَدِيْثِ بِقَوْلِهِ: أَنَّ رَجُلَاً رَهَنَ فَرَسَاً عِنْدَ رَجُلٍ بِحَقٍّ لَهُ، فَنَفَقَ الْفَرَسُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَقَالَ لِلْمُرْتَهِنِ:«ذَهَبَ حَقُّكَ» ، فذَكَر الحَقَّ مُنَكَّراً فِي أَوَّلِ الْحَدِيْثِ، ثُمَّ أَعَادَهُ مُعَرَّفاً، فَيَكُوْنُ الْمُرَادُ بِالْمُعَرَّفِ مَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْمُنَكَّرِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:{كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا 15 فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}

(6)

(7)

.

(1)

نَفَقَ: هُنَا بِمَعْنَى: هَلَكَ وَمَاتَ، فَنُفُوْقُ الدَّابَّةِ: مَوْتُهَا. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 502)، مختار الصحاح (ص 316).

(2)

أخْرَجَهُ ابن أبي شيبة في "مصنَّفِهِ" مُرْسَلاً (4/ 524) كتاب (البيوع والأقضية) باب (في الرَّجُل يرهَنُ الرَّجُلَ فيَهْلَك) برقم (22785) قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا رَهَنَ رَجُلًا فَرَسًا، فَنَفَقَ فِي يَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُرْتَهِنِ:«ذَهَبَ حَقُّكَ» .

- وأخرجه أبو داود في "المراسيل"(1/ 172) برقم (188).

- وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 102) برقم (5894)، وحكم عليه بالانقِطَاع.

- وأخرجه البيهقي في "السنن الصغير"(2/ 290) برقم (2037)، وقَالَ: فإنما رواه عطاءٌ عن الحَسَن مًرْسَلاً، ومراسيل الحَسَنِ ضعيفة.

- قال الزيلعي: قال عبد الحق في "أحكامه" هُو مُرْسَل وضعيف، قال ابن القطان في كتابه: ومصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، ضعيفٌ، كثيرُ الغَلَط، وإنْ كان صَدُوْقاً. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (4/ 321).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1556).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 66)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 64)، العناية شرح الهداية (10/ 141).

(6)

سورة المزَّمِّل الآية (15 - 16).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 66)، العناية شرح الهداية (10/ 141).

ص: 277

(وَقَوْلُهُ عليه السلام: «إِذَا عُمِّيَ الرَّهْنُ فَهُوَ بِمَا فِيْهِ»

(1)

(2)

، أَيْ: الرَّهْنُ مَضْمُوْنٌ بِمَا فِيْهِ مِنْ الدَّيْنِ

(3)

.

(1)

قال الزيلعي: رُوِيَ مُسْنَدَاً ومُرْسَلاً. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (4/ 321).

- الْمُسْنَد: أخرج الدارقطنيُّ في "سُنَنِه"(3/ 436) كتاب (البيوع) برقم (2916) قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ، نَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ رَوْحٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» ، قال الدارقطنيُّ: لا يثبُت هذا عن حُمَيد، وكلُّ مَن بينَه وبينَ شَيخِنا ضُعَفَاء.

- ثُمَّ أخرجَهُ بسنَدٍ آخَر (3/ 437) برقم (2917) قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، نَا سَعِيدُ بْنُ رَاشِدٍ، نَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» .

- قَالَ: الزيلعي: وسعيد بن راشد، قال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. يُنْظَر: نصب الراية للزيلعي (4/ 322).

- ثُمَّ أخرجَه الدارقطني بسَنَدٍ ثالِث (3/ 437) برقم (2918) قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» ، قال الدارقطنيُّ: إسماعيل هذا يضع الحديث، وهذا باطل عن قتادة، وعن حماد بن سلمة، والله أعلم.

- وضَعَّفَه الألباني. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني (8/ 142).

- الْمُرْسَل: أخرج أبو داود في "المراسيل"(1/ 173) باب (ما جاء في الرهن) برقم (190) قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ رَجُلًا رَهَنَ فَرَسًا فَنَفَقَ الْفَرَسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» .

- وكذلك أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 102) برقم (5895) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ الْأَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ فُقَهَائِنَا الَّذِينَ يَنْتَهِي إِلَى قَوْلِهِمْ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فِي مَشْيَخَةٍ مِنْ نُظَرَائِهِمْ، أَهْلَ فِقْهٍ وَصَلَاحٍ وَفَضْلٍ، فَذَكَرَ جَمِيعَ مَا جَمَعَ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ فِي كِتَابِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، أَنَّهُمْ قَالُوا:«الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ إِذَا هَلَكَ وَعَمِيَتْ قِيمَتُهُ» ، وَيَرْفَعُ ذَلِكَ مِنْهُمُ الثِّقَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْمَدِينَةِ وَفُقَهَاؤُهَا، يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّهْنَ يَهْلِكُ بِمَا فِيهِ، وَيَرْفَعُهُ الثِّقَةُ مِنْهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَيُّهُمْ مَا حَكَاهُ فَهُوَ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ فَقِيهٌ إِمَامٌ، ثُمَّ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا بِذَلِكَ وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَيْهِ، فَقَدْ ثَبَتَ بِهِ صِحَّةُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ عَنْهُ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ» .

- قال ابن القطان: وهذا صحيح إلى مرسله عطاء. يُنْظَر: بيان الوهم والإيهام لابن القطان (3/ 528).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1556).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 64)، البناية شرح الهداية (12/ 473 - 474)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (6/ 489).

ص: 278

[قَوْلٌ في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا عُمِّيَ الرَّهْنُ فَهُوَ بِمَا فِيْهِ»]

(مَعْنَاهُ عَلَى مَا قَالُوْا: إِذَا اشْتَبَهَتْ قِيْمَةُ الرَّهْنِ بَعْدَمَا هَلَكَ)

(1)

الرَّهْنُ، يَعْنِيْ: إِذَا قَالَ الرَّاهِنُ: لَا أَدْرِيْ كَمْ كَانَ قِيْمَتُهُ، وَالْمُرْتَهِنُ كَذَلِكَ، قَالَ: يَكُوْنُ الرَّهْنُ بِمَا فِيْهِ، كَذَا فِي "الْمَبْسُوْطَيْنِ"، حَاكِيَاً هَذَا التَّأْوِيْلَ عَنْ الْفَقِيْهِ أَبِيْ جَعْفَرَ/

(2)

(3)

.

(وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ

(4)

(5)

، مَعْطُوْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: (قَولُهُ عليه السلام

(6)

، أَيْ: وَلَنَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ أَيْضَاً.

[حاصل الاختلاف بين العلماء في ضمان الرهن]

(عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُوْنٌ، مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِيْ كَيْفِيَّتِهِ)

(7)

، وَحَاصِلُ الْاخْتِلَافِ فِيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيْلَ: فَعِنْدَنَا: هُوَ مَضْمُوْنٌ بِأَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ

(8)

، وَعِنْدَ شُرَيْحٍ

(9)

: {هُوَ}

(10)

مَضْمُوْنٌ [بِالدَّيْنِ]

(11)

، قَلَّتْ قِيْمَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ، فَإِنَّهُ قَالَ: الرَّهْنُ بِمَا فِيْهِ وَإِنْ كَانَ خَاتَمَ حَدِيْدٍ بِمَائَةِ دِرْهَمٍ

(12)

، وَفِيْ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه: يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ

(13)

، هَذَا بَيَانُ الاخْتِلَافِ الَّذِيْ كَانَ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِيْنَ فِي الرَّهْنِ، إِلَى أَنْ أَحْدَثَ الشَّافِعِيُّ/ قَوْلَاً رَابِعًا: أَنَّهُ أَمَانَةٌ، وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ بِهَلَاكِهِ

(14)

، فَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيْلَ يَكُوْنُ إِجْمَاعَاً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيْهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، كَذَا فِي "الْمَبْسُوْطِ"

(15)

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1557).

(2)

لم أجده في مبسوط السرخسي/.

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 141)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 64)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 586).

(4)

قال ابن حجر في "الدراية": قولُه: (أجمع الصحابة على أن الرهن مضمون واختلفوا في كيفيَّتِه)، لم أجد ذلك. يُنْظَر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر (2/ 258).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1557).

(6)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1556).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1557).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 64 - 65)، تحفة الفقهاء (3/ 41)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 63).

(9)

شُرَيْح: هو أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم، الكِنْدِي، الفقيه، قاضي الكوفة، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، أصلُهُ من اليمن، وانتقل منها زمن الصِّدِّيْق رضي الله عنه، حَدَّثَ عن: عمر، وعلي، وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم، وحَدَّثَ عنه: الشعبي، وإبراهيم النخعي، وابن سيرين، وغيرهم، وثَّقَهُ: يحيى بن مَعِين، ولَّاه عُمر رضي الله عنه قضاء الكوفة، فقضى بها أيام عمر، وعثمان، وعلي، ولم يزل على القضاء بها إلى أيام الحجاج، وقد قضى بالبصرة سَنَةً، وكان يقال له: قاضي الْمِصْرَين، وكان أعلم الناس بالقضاء، ذا فطنة وذكاء ومعرفة وعقل، وكان شاعرًا محسنًا له أشعار محفوظة، واختُلِفَ في تاريخ وفاته بين سَنَة 87 هـ و 76 هـ و 97 هـ، وقِيْلَ: مات شريح، وله مائة وعشرون سَنَة. يُنْظَر: أسد الغابة لابن الأثير (2/ 365)، سير أعلام النبلاء (4/ 100)، الأعلام للزركلي (3/ 161).

(10)

سقطت من (أ).

(11)

في (أ): (بالقِيْمة).

(12)

أخرجه عبدالرزاق في "مصنَّفِه"(8/ 238) كتاب (البيوع) باب (الرهن يهلك) برقم (15037) قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: رَهَنَ رَجُلٌ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ بِقَدْرٍ مِنْ صُفْرٍ، فَهَلَكَتْ فَاخْتَصَمَا إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَالَ:«الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» ، قَالَ الشَّعْبِيُّ:«ذَاكَ أَلْفٌ بِدِرْهَمٍ، وَدِرْهَمٌ بِأَلْفٍ» ، قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «ذَهَبَ الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» .

- وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنَّفِه"(4/ 525) كتاب (البيوع والأقضية) باب (في الرَّجُل يرهن الرَّجُل فيهلَك) برقم (22798) قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ:«الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لِلْحَكَمِ فِي قَوْلِهِ: إِذَا كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ، قَالَ:«نَعَمْ» .

- وأخرج بَعْدَهُ أيضاً بِسَنَدٍ آخَرَ وبلفظٍ آخَر (4/ 526) برقم (22805) قَالَ: حَدَّثَنَا ابنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ جَابَانَ، قَالَ: خَاصَمْتُ إِلَى شُرَيْحٍ فِي خَاتَمِ ذَهَبٍ، فَقَالَ:«الرَّهْنُ بِمَا فِيهِ» .

- وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 103) برقم (5901).

(13)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنَّفه"(4/ 525) كتاب (البيوع والأقضية) باب (في الرَّجُل يرهن الرَّجُل فيهلَك) برقم (22794) قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ فِي الرَّهْنِ» .

- وأخرجه البيهقي في "السُّنَن الصغير"(2/ 290) برقم (2038)، وضَعَّفَهُ. - وأخرجه البيهقي في "الكُبرى" (6/ 71) كتاب (الرهن) باب (من قال: الرهن مضمون) برقم (11230) قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبَّانَ، ثنا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي الرَّهْنِ إِذَا هَلَكَ:«يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ» .

- وأخرجه في "الكُبرى" أيضاً بلفظٍ آخَر (6/ 72) برقم (11232) قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، ثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، ثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ الْحَجَّاجِ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«إِذَا كَانَ الرَّهْنُ أَفْضَلَ مِنَ الْقَرْضِ، أَوْ كَانَ الْقَرْضُ أَفْضَلَ مِنَ الرَّهْنِ، ثُمَّ هَلَكَ يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ» ، وضَعَّفَه، وقال: الحارث الأعور والحجاج بن أرطاة ومعمر بن سليمان غير مُحتَجٍّ بهم.

- وأخرجه عبدالرزاق في "مصنَّفِه"(8/ 239) كتاب (البيوع) باب (الرهن يهلك) برقم (15039) قَالَ: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:«يَتَرَاجَعَانِ الْفَضْلَ بَيْنَهُمَا» .

- وأخرجه بَعْدَهُ أيضاً بسَنَدٍ آخَر برقم (15040) قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ.

- قال الخطَّابي في "معالم السُّنَنْ": وليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ضمان الرهن حديث، وقد روى شريح والحسن والشعبي:«ذَهَبَتْ الرِّهَانُ بِمَا فِيْهَا» . يُنْظَر: معالم السُّنَنْ للخطَّابي (3/ 164).

(14)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 170)، روضة الطالبين للنووي (4/ 96)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (4/ 53).

(15)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 65 - 66)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 160)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 64).

(16)

خلاف الفقهاء في ضمان الرهن، إذا هلكت العين المرهونة عند المرتهن، بعد قبضها وبعد تحقق شروط الرهن:

- الحنفية: أنَّهُ مضمونٌ بالأقلَّ من قيمته، ومِن الدَّيْن.

- المالكية: أنَّهُ مضمونٌ بشروط.

- الشافعية والحنابلة والظاهرية: الرهن أمانة في يد المرتهن، لا يلزمه ضمانه، إلا إذا تعدى فيه، أو امتنع من رده بعد طلبه منه أو بعد البراءة من الدين، ولا يسقط بشيء من الدين بهلاكه من غير تعد. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 65)، الاختيار لتعليل المختار (2/ 64)، الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (3/ 254 - 255)، القوانين الفقهية (ص 213)، روضة الطالبين للنووي (4/ 96)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (4/ 53)، الكافي لابن قدامة (2/ 77)، كشاف القناع للبهوتي (3/ 341)، المحلَّى لابن حزم (6/ 379).

ص: 279

(قَالَ قَائِلُهُمْ)

(1)

، وَهُوَ زُهَيْرٌ

(2)

:

([وَفَارَقَتْكَ]

(3)

بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَه *** يَوْمَ الوَدَاعِ فَأَمْسَى الرّهْنُ قَدْ غَلَقَا

(4)

(5)

أَيْ: ارتَهَنَتْ حَبِيْبَتُهُ قَلْبَهُ، فَذَهَبَتْ يَوْمَ التَّوْدِيْعِ [وَاحْتَبَسَتْ]

(6)

قَلْبَ الْمُحِبِّ عِنْدَهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ فِكَاكُهُ، وَلَيْسَ فِيْهِ ضَمَانٌ وَلَا هَلَاكٌ

(7)

.

[الحكمة من حبس الرهن]

(لِيَقَعَ الْأمْنُ مِنْ الْجُحُوْدِ)

(8)

، أَيْ: جُحُوْدُ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ

(9)

.

(مَخَافَةَ جُحُوْدِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ)

(10)

، أَيْ: لَا يَجْحَدُ الرَّاهِنْ الدَّيْنَ خَوْفَاً مِنْ أَنْ يَجْحَدَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ، فَعَسَى تَكُوْنُ قِيْمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَيَتَضَرَّرَ الرَّاهِنُ، عَلَى تَقْدِيْرِ جُحُوْدِ الْمُرْتَهِنِ، فَكَانَ فِي الْحَبْسِ الدَّائِمِ فَائِدَةٌ، وَهِيَ وُقُوْعُ الْأَمْنِ مِنْ جُحُوْدِ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ، فَيَحْصُلُ بِالرَّهْنِ وَثِيْقَةُ جَانِبِ اسْتِيْفَاءِ الدَّيْنِ بِهَذَا الطَّرِيْقِ، فَكَانَ الْلَّامُ فِيْ (لِيَقَعَ)

(11)

، (وَلِيَكُوْنَ)

(12)

مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: (وَثِيْقَةٌ لِجَانِبِ الاسْتِيْفَاءِ)

(13)

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1557).

(2)

زُهَيْرٌ: هو زهير بن أبي سُلْمَى ربيعة بن رياح المزني، مِن مُضَر، كان جاهليّاً لم يدرك الإسلام، حكيم الشعراء في الجاهلية، وفي أئمة الأدب من يفضِّله على شعراء العرب كافة، ولد في بلاد مُزَينة بنواحي المدينة، وكان يقيم في الحاجر من ديار نجد، واستمر بنوه فيه بعد الإسلام، قيل: كان ينظم القصيدة في شَهْر، وينقِّحها ويهذِّبها في سَنَة، فكانت قصائده تُسَمَّى الحوليّات، أشهر شِعْرِه معلَّقَته التي مطلعها:(أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمِ)، تُوُفِّيَ قُبَيْلَ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. يُنْظَر: الشعر والشعراء لابن قتيبة (1/ 137 - 141)، الأعلام للزركلي (3/ 52).

(3)

في (أ): (فأورَقَتْكَ).

(4)

هذا البيت جُزء مِن قصيدة لزهير بن أبي سُلْمَى يمدح فيها هرم بن سنان المرِّي. يُنْظَر: الكامل في اللغة والأدب للمبرد (1/ 17)، مختارات شعراء العرب لابن الشجري (2/ 3).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1557).

(6)

في (ب): (واحْتَبَسَ).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 66)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 62)، العناية شرح الهداية (10/ 142).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1557).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 142)، البناية شرح الهداية (12/ 476).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1557).

(11)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1557).

(13)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(14)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 64)، العناية شرح الهداية (10/ 142)، البناية شرح الهداية (12/ 476).

ص: 280

(فَلَوْ اسْتَوْفَاهُ ثَانِيَاً يُؤَدِّيْ إِلَى الرِّبَا)

(1)

، أَيْ: لَوْ لَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ يَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ الْإِيْفَاءُ رَقَبَةً وَيَدًا ثَانِيًا، فَيُؤَدِّيْ إِلَى تِكْرَارِ الْأَدَاءِ فِيْمَا يَرْجِعُ إِلَى الْيَدِ، وَهُوَ مَعْنَى الرِّبَا

(2)

.

(وَلَا وَجْهَ إِلَى اسْتِيْفَاءِ الْبَاقِيْ بِدُوْنِهِ)

(3)

، أَيْ: لَا وَجْهَ لاسْتِيْفَاءِ مُلْكِ الرَّقَبَةِ بِدُوْنِ اسْتِيْفَاءِ مُلْكِ الْيَدِ لِلْاسْتِحَالَةِ

(4)

.

[الاستيفاء بالمالية دون العين]

(وَالاسْتِيْفَاءُ يَقَعُ بِالْمَالِيَّةِ، أَمَّا الْعَيْنُ أَمَانَةٌ)

(5)

، وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ الشَّافِعِيُّ/، فَإِنَّهُ يَقُوْلُ: كَيْفَ يَكُوْنُ الرَّهْنُ وَثِيْقَةً لِجَانِبِ الاسْتِيْفَاءِ، وَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ الاسْتِيْفَاءُ بِالْهَلَاكِ مَعْ أَنَّ عَيْنَ الرَّهْنِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ

(6)

، وَبِالْأَمَانَةِ كَيْفَ يَتَحَقَّقُ؟.

فَأَجَابَ عَنْهُ بِهَذَا، وَقَالَ: الاسْتِيْفَاءُ يَحْصُلُ مِنْ الْمَالِيَّةِ دُوْنَ الْعَيْنِ، وَالاسْتِيْفَاءُ بِالْعَيْنِ يَكُوْنُ اسْتِبْدَالَاً، [وَالْمُرْتَهِنُ عِنْدَنَا]

(7)

مُسْتَوْفٍ لَا مُسْتَبْدِلٍ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الاسْتِيْفَاءُ بِجِنْسِ الْحَقِّ، وَالْمُجَانَسَةُ بَيْنَ الْأَمْوَالِ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ دُوْنَ الْعَيْنِ، فَكَانَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ أَمِيْنًا فِي الْعَيْنِ، وَالْعَيْنُ كَالْكِيْسِ فِيْ حَقِيْقَةِ الْاسْتِيْفَاءِ، فَإِنَّهُ لَوْ [أَوْفَى]

(8)

حَقَّهُ فِي كِيْسٍ يَكُوْنُ مَا فِيْ الْكِيْسِ مَضْمُوْنًا عَلَى الْقَابِضِ، وَيَكُوْنُ الْكِيْسُ أَمَانَةً عِنْدَهُ

(9)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 64)، البناية شرح الهداية (12/ 476)، تكملة فتح القدير (10/ 143).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 64)، العناية شرح الهداية (10/ 143)، البناية شرح الهداية (12/ 476).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(6)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 193)، الحاوي الكبير للماوردي (6/ 256)، بحر المذهب للروياني (5/ 328).

(7)

في (أ): (وعندنا الْمُرتهِن).

(8)

في (أ): (أتى).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 67)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 65)، البناية شرح الهداية (12/ 476).

ص: 281

[مُوْجَب عقد الرهن ثبوت يَدِ الاستيفاء]

(وَمُوْجَبُ الْعَقْدِ ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ)

(1)

، وَهَذَا أَيْضَاً جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ/: أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الرَّهْنَ وَثِيْقَةٌ [لِجَانِبِ]

(2)

الْاسْتِيْفَاءِ يُضَادُّ الغَرَضَ فِيْ الرَّهْنِ الَّذِيْ هُوَ الصِّيَانَةُ

(3)

.

قُلْنَا: إِنَّ مَعْنَى الصِّيَانَةِ يَتَحَقَّقُ إِذَا صَارَ الْمُرْتَهِنُ بِهَلَاكِ [الرَّهْنِ]

(4)

مُسْتَوْفِيَاً حَقَّهُ، وَإِنَّمَا يَنْعَدِمُ ذَلِكَ إِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ يَتْوِيْ دَيْنُهُ، وَالْاسْتِيْفَاءُ لَيْسَ بِإِتْوَاءٍ لِلْحَقِّ، وَفِيْ ثُبُوْتِ الاسْتِيْفَاءِ مَعْنَى الصِّيَانَةِ، وَمِنْ ضَرُوْرَتِهِ فَرَاغُ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ وَتَمَامِ الاسْتِيْفَاءِ، فَلَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ وَثِيْقَةً لِصِيَانَةِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ كَالْحَوَالَةِ

(5)

، فَإِنَّهَا تُوْجِبُ الدَّيْنَ فِيْ ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لِصِيَانَةِ حَقِّ الطَّالِبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ضَرُوْرَتِهِ فَرَاغُ ذِمَّةِ الْمُحِيْلِ، وَبِهِ لَا يَنْعَدِمُ مَعْنَى الْوَثِيْقَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَقْصُوْدُ بِالْعَارِيَّةِ

(6)

مَنْفَعَةُ الْمُسْتَعِيْرِ، وَمِنْ ضَرُوْرَةِ حُصُوْلِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ لَهُ أَنْ تَكُوْنَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، فَلَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ الْعَقْدُ مَحْضَ مَنْفَعَةٍ لَهُ، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(7)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(2)

في (أ): (كانت).

(3)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 190 - 191)، مختصر المزني (8/ 199)، الحاوي الكبير للماوردي (6/ 254).

(4)

في (أ): (الرَّاهِن).

(5)

- الْحَوَالَةُ لُغَةً: مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّحْوِيلِ، وَهُوَ النَّقْلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، فتَرْكِيْبُهَا يَدُلُّ عَلَى الزَّوَالِ وَالنَّقْلِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة في الاصطلاحات الفقهية (ص 140)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 146 - 147).

- الْحَوَالَةُ اصطِلَاحًا: قِيْلَ: نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيْلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، وَقِيْلَ: نَقْلُ الْمُطَالَبَةِ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيْلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ. يُنْظَر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (5/ 340)، التعريفات للجرجاني (ص 93).

(6)

- الْعَارِيَّةُ لُغَةً: فَعِيلَة مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارَةِ اسْمٌ مِنْ الْإِعَارَةِ، وَقِيْلَ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّنَاوُبُ والتَّدَاوُلُ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ، وَعَلَى الشَّيْءِ الْمُعَارِ، وَالاِسْتِعَارَةُ طَلَبُ الْإِعَارَةِ. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 105)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 361)، تاج العروس للزبيدي (13/ 163).

- الْعَارِيَّةُ اصطِلَاحًا: تَمْلِيْكُ الْمَنَافِعِ مَجَّانًا، تَمْلِيْكُ مَنْفَعَةٍ بِلَا بَدَلٍ. يُنْظَر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (5/ 677)، التعريفات للجرجاني (ص 146).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 67)، العناية شرح الهداية (10/ 143)، البناية شرح الهداية (12/ 477).

ص: 282

فَإِنْ قُلْتَ: لَوْ تَمَسَّكَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه هُنَا بِأَحْكَامٍ فِقْهِيَّةٍ فِيْمَا ادَّعَاهُ بِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ أَمَانَةٌ لَا قَبْضَ ضَمَانٍ، مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ: إِنَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ أَمَانَةٌ فِيْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِالْاتِّفَاقِ، وَالْقَبْضُ فِيْ الْكُلِّ وَاحِدٌ، وَمَا هُوَ مُوجَبُ الرَّهْنِ وَهُوَ الْحَبْسُ ثَابِتٌ فِيْ الْكُلِّ، فَلَا يَجُوْزُ أَنْ يَثْبُتَ حُكْمُ الضَّمَانِ بِهَذَا الْقَبْضِ فِيْ الْبَعْضِ دُوْنَ الْبَعْضِ

(1)

، وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لَوْ اسْتُحِقَّ وَضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ فَالْمُرْتَهِنُ يَرْجِعُ بِالضَّمَانِ وَالدَّيْنِ جَمِيْعًا عَلَى الرَّاهِنِ، وَلَوْ كَانَ قَبْضُهُ قَبْضَ ضَمَانٍ لَمَا رَجَعَ بِالضَّمَانِ عِنْدَ الاسْتِحْقَاقِ كَالْغَاصِبِ، وَلِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ اشْتَرَى الْمَرْهُوْنَ لَا يَصِيْرُ قَابِضًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَ مَضْمُوْنًا عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ لَنَابَ قَبْضُهُ عَنْ [الشِّرَاءِ]

(2)

كَقَبْضِ الْغَاصِبِ

(3)

، وَلِأَنَّ الْمَقْبُوْضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ كَرَهْنِ الْمُشَاعِ وَغَيْرِهِ لَا يَكُوْنُ مَضْمُوْنًا، وَالْفَاسِدُ مُعْتَبَرٌ بِالْجَائِزِ فِيْ حُكْمِ الضَّمَانِ، وَلَوْ كَانِ الْجَائِزُ [مَضْمُوْنَاً]

(4)

لَكَانَ الْفَاسِدُ مَضْمُوْنًا

(5)

، وَقَوْلُكُمْ: حُكْمَ الضَّمَانِ مِنْ ضَرُوْرَةِ ثُبُوْتِ حَقِّ الْحَبْسِ غَيْرُ مُسْتَقِيْمٍ، فَإِنَّ الْمُسْتَأْجَرَ بَعْدَ الْفَسْخِ مَحْبُوْسٌ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْأُجْرَةِ [الْمُعَجَّلَةِ]

(6)

بِمَنْزِلَةِ الْمَرْهُوْنِ، حَتَّى إِذَا مَاتَ الْآجِرُ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ غُرَمَائِهِ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ هُوَ مَضْمُوْنًا إِذَا هَلَكَ

(7)

(8)

.

وَكَذَلِكَ زَوَائِدُ الرَّهْنِ عِنْدَكُمْ هِيَ أَمَانَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ [لَهَا]

(9)

حُكْمَ الرَّهْنِ، [عُلِمَ]

(10)

أَنَّ مَعْنَى الْأَمَانَةِ لَا يُنَافِيْ حُكْمَ الرَّهْنِ

(11)

، وَالدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّهُ أَمَانَةٌ: أَنَّ [النَّفَقَةَ]

(12)

عَلَى الرَّاهِنِ دُوْنَ الْمُرْتَهِنِ كَالْوَدِيْعَةِ

(13)

(14)

، مَا جَوَابُنَا عَنْهُ؟

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 193).

(2)

في (أ): (الذي).

(3)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 190).

(4)

في (أ): (مضمون).

(5)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 171).

(6)

في (أ): (الْمُنْحلة).

(7)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 191).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 65)، العناية شرح الهداية (10/ 143).

(9)

في (أ): (بِهَا).

(10)

في (أ): (على).

(11)

يُنْظَر: التهذيب في فقه الإمام الشافعي (4/ 77).

(12)

في (ب): (البقعة).

(13)

- الْوَدِيْعَةُ لُغَةً: فَعِيْلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُوْلَة، مِنْ الْوَدْعِ، وَهُوَ التَّرْكِ، وَهِيَ مِنْ الأضْدَادِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 98)، الصحاح للجوهري (3/ 1296)، النهاية لابن الأثير (5/ 166).

- الْوَدِيْعَةُ اصطِلَاحًا: هِيَ الْمَال الْمَوْضُوعُ عِنْدَ الْغَيْرِ لِيَحْفَظَهُ، وَالْإِيدَاعُ: تَسْلِيطُ الْغَيْرِ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (10/ 106)، تكملة فتح القدير (8/ 484)، التعريفات للجرجاني (ص 251).

(14)

يُنْظَر: الحاوي الكبير للماوردي (6/ 240)، بحر المذهب للروياني (5/ 304).

(15)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 65).

ص: 283

قُلْتُ: فَكُلُّ هَذَا يُخَرَّجُ مِمَّا ذَكَرَ فِيْ الْكِتَابِ

(1)

بِقَوْلِهِ: (وَالاسْتِيْفَاءُ يَقَعُ بِالْمَالِيَّةِ، أَمَّا الْعَيْنُ أَمَانَةٌ)

(2)

، لَكِنَّ الشَّأْنَ فِيْ تَفْسِيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الرَّهْنَ مَقْبُوْضٌ لِوَجْهِ اسْتِيْفَاءِ الدَّيْنِ بِلَا شَكٍّ، [فَإِنّ]

(3)

الْمُرْتَهِنَ إِنَّمَا يَقْبِضُ الرَّهْنَ لِيَسْتَوْفِيْ دَيْنَهُ بِأَنْ يُضْجِرَ الرَّاهِنَ/ بِإِمْسَاكِ الرَّهْنِ فَيُوْفِيْ دَيْنَهُ، وَهَذَا مَمَّا لَا خِلَافَ فِيْهِ، ثُمَّ الْمَقْبُوْضُ عَلَى وَجْهِ الشَّيْءِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى حَقِيْقَتِهِ فِيْ حُكْمِ الضَّمَانِ

(4)

(5)

.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَقْبُوْضَ عَلَى سَوْمِ

(6)

الْبَيْعِ يُجْعَلُ كَالْمَقْبُوْضِ عَلَى حَقِيْقَتِهِ فِيْ حُكْمِ الضَّمَانِ، ثُمَّ الْمَقْبُوْضُ بِحَقِيْقَةِ الْاسْتِيْفَاءِ مَضْمُوْنٌ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا اسْتَوْفَى بِهِ، فَكَذَلِكَ الْمَقْبُوْضُ عَلَى جِهَةِ الْاسْتِيْفَاءِ، فَلَمَّا كَانَ مَقْبُوْضَاً لِجَانِبِ اسْتِيْفَاءِ دَيْنِهِ كَانَ الضَّمَانُ مُقَدَّرَاً بِمِقْدَارِ دَيْنِهِ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّ الْاسْتِيْفَاءَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ يَتَحَقَّقُ، فَصَارَ كَأَنَّ الرَّاهِنَ جَعَلَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ فِيْ وِعَاءٍ وَسَلَّمَهُ إِلَى رَبِّ الدَّيْنِ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، فَعِنْدَ هَلَاكِهِ فِيْ يَدِهِ يَتِمُّ الْاسْتِيْفَاءُ فِيْ مِقْدَارِ حَقِّهِ، [فَكَذَلِكَ]

(7)

كَانَ الْفَضَلُ أَمَانَةً عِنْدَهُ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ جَعَلَ خَمْسَةَ عَشَرَ {دِرْهَماً}

(8)

فِيْ كِيْسٍ وَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ دَيْنَهُ عَشَرةً، فَيَكُوْنُ ضَمِيْنًا فِيْ مِقْدَارِ دَيْنِهِ، وَأَمِيْنًا فِيْ الزِّيَادَةِ، فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ اتِّحَادَ الْقَبْضِ غَيْرَ مَانِعٍ لِأَنْ يَكُوْنَ بَعْضَ الْمَقْبُوْضِ مَضْمُوْنًا وَبَعْضَهُ غَيْرَ مَضْمُوْنِ بَلْ أَمَانَةٌ

(9)

.

(1)

الكتاب: المراد به هنا "الهداية شرح البداية".

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(3)

في (أ): (بِأَنّ).

(4)

الْمَقْبُوْضُ عَلَى وَجْهِ الشَّيْءِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى حَقِيْقَتِهِ فِيْ حُكْمِ الضَّمَانِ: قاعدة فقهية، معناها: أنّ كلّ لفظ عقد يدلّ على حقيقته وما شرع له، فالمقبوض في البيع يكون مقبوضاً على جهة الاستبدال؛ لأنّ حقيقة البيع استبدال المبيع بالثّمن، وما كان مقبوضاً في الهبة يكون مقبوضاً على جهة التّبرّع؛ لأنّ هذه حقيقة الهبة، وهكذا، ومثالها عند الحنفية: قبض الرّهن يكون على جهة الاستيفاء، لا جهة الاستبدال؛ لأنّه إذا قبض الرّهن وهلك في يده فيعتبر مستوفياً دينه. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (10/ 813).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 66).

(6)

سَوْم: هُنَا مِنْ الْمُسَاوَمَةُ، أَي: الْمُجاذَبَةُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى السِّلْعَةِ، وَفَصلُ ثَمَنِهَا. يُنْظَر: النهاية لابن الأثير: (2/ 425)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 264 - 265).

(7)

في (أ): (فلذلك).

(8)

سقطت من (أ).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 66 - 68).

ص: 284

وَأَمَّا رُجُوْعُ الْمُرْتَهِنِ بِالدَّيْنِ وَالضَمَانِ جَمْيِعًا عِنْدَ الْاسْتِحْقَاقِ فَلِأَجْلِ [الْغُرُوْرِ]

(1)

، فَالرَّاهِنُ هُوَ الْمُنْتَفِعُ بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَصِيْرُ [مُوْفِيَاً]

(2)

دَيْنَهُ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ، فَيَصِيْرُ الْمُرْتَهِنُ مَغْرُوْرَاً مِنْ جِهَتِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْمَغْرُوْرُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ بِمَا ضَمِنَ، وَبِالْاسْتِحْقَاقِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا فَيَرْجِعُ بِدَيْنِهِ

(3)

.

وَفِيْ مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْمُرْتَهِنِ إِنَّمَا لَا يَصِيْرُ الْمُرْتَهِنُ قَابِضَاً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُلَاقِيْ الْعَيْنَ، وَقَدْ بَيَّنَا أَنَّ الْعَيْنَ فِيْ حُكْمِ الْأَمَانَةِ، وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ دُوْنَ قَبْضِ الشِّرَاءِ، فَلِذَلِكَ لَا يَنُوْبُ عَنْهُ

(4)

.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَقْبُوْضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ غَيْرُ مَضْمُوْنٍ، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ، بَلْ هُوَ مَضْمُوْنٌ عِنْدَنَا، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا ارْتَهَنَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ عَصِيْرًا فَتَخَمَّرَ فِيْ يَدِهِ كَانَ مَضْمُوْنًا عَلَيْهِ إِذَا هَلَكَ، وَهُوَ رَهْنٌ فَاسِدٌ

(5)

.

وَأَمَّا الْمَرْهُوْنُ بِأُجْرَةِ النَّائِحَةِ

(6)

وَالْمُغَنِّيَةِ فَلَا عَقْدَ هُنَاكَ لَا فَاسِدَاً وَلَا جَائِزَاً؛ لِانْعِدَامِ الدَّيْنِ أَصْلَاً

(7)

.

وَكَذَلِكَ رَهْنُ الْمُشَاعِ قَدْ قَامَتْ الدَّلَالَةُ لَنَا عَلَى أَنَّ يَدَ الْاسْتِيْفَاءِ الَّتِيْ هِيَ مُوْجَبِ الرَّهْنِ لَا يَثْبُتُ فِيْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ، فَلِهَذَا لَا يَكُوْنُ مَضْمُوْنًا

(8)

.

(1)

في (أ): (الغروب).

(2)

في (أ): (مؤقتاً).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 67).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

النَّائِحَة: هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِيْ تَنُوْحُ عَلَى الْمَيِّتِ إذَا نَدَبَتْهُ، وَذَلِكَ أَنْ تَبْكِيَ عَلَيْهِ بِشِدَّةٍ وَعَوِيْلٍ، وَتُعَدِّدَ مَحَاسِنَهُ، وَتَلْطِمُ وَجْهَهَا. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 264 - 265)، القاموس المحيط (1/ 246)، معجم لغة الفقهاء (1/ 471).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 68).

(8)

يُنْظَر: المرجع السابق.

ص: 285

وَأَمَّا مَسْأَلةُ الْإِجَارَةِ: فَإِنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ لَيْسَتْ بِيَدِ الْاسْتِيْفَاءِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْيَدُ الَّتِيْ كَانَتْ لَهُ قَبْلَ الْفَسْخِ، وَإِنَّمَا [قَبَضَ الْعَيْنَ المسْتَأْجِرُ]

(1)

لِاسْتِيْفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَا لِاسْتِيْفَاءِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمَالِيَّةِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَصِرْ مُسْتَوْفِيَاً بِهَلَاكِ الْعَيْنِ فِيْ يَدِهِ

(2)

.

وَأَمَّا اخْتِصَاصُهُ بِهِ دُوْنَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَخْصُوْصَاً بِهِ قَبْلَ الْفَسْخِ لِاسْتِيْفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَبَعْدَ الْفَسْخِ يَبْقَى الْاخْتِصَاصُ فِيْ حَقِّ اسْتِرْدَادِ الْأُجْرَةِ

(3)

.

وَأَمَّا زَوَائِدُ الرَّهْنِ كَوَلَدِ الْجَارِيَةِ الْمَرْهُوْنَةِ: فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنْ كَانَ يَدُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الزَّوَائِدِ {يَدُ}

(4)

الْاسْتِيْفَاءِ.

قُلْنَا: إِنَّمَا كَانَ هَكَذَا لِأَنَّ الْيَدَ فِيْ حَقِّ الزَّوَائِدِ يَثْبُتُ بِحُكْمِ السِّرَايَةِ مِنْ الْأَصْلِ لَا بِالْعَقْدِ، وَحُكْمُ الْعَقْدِ [مَتَى]

(5)

ثَبَتَ فِيْ الزَّوَائِدِ بِطَرِيْقِ السِّرَايَةِ مِنْ الْأَصْلِ لَا يَثْبُتُ فِيْهَا ضَمَانُ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ فِيْهَا حُكْمُ الْعَقْدِ، كَوَلَدِ الْمَبِيْعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ [يَسْرِيْ]

(6)

إِلَيْهِ حُكْمُ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْمُلْكُ، حَيْثُ يَثْبُتُ الْمُلْكُ فِيْهِ لِلْمُشِتَرِيْ، وَلَا يَثْبُتُ ضَمَانُ الْعَقْدِ فِيْهِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِيْ يَدِ الْبَائِعِ لَا يَسْقُطُ بِإِزَائِهِ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ

(7)

.

وَأَمَّا وُجُوْبُ النَّفَقَةِ عَلَى الرَّاهِنِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، فَنَفَقَةُ الْأَمَانَةِ عَلَى صَاحِبِهَا، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطَيْن"

(8)

.

(1)

هكذا في النسختين، وفي المطبوع من "المبسوط":(قَبَضَ لاستيفاء)، ولعَلَّ الأصوب ما ذكَرَهُ في "العناية" بقوله:(قَبَضَ الْعَيْنَ المستأجَرَةَ). يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 144).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 67 - 68)، العناية شرح الهداية (10/ 144).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 144).

(4)

سقطت من أصل (أ).

(5)

في (أ): (هي).

(6)

في (أ): (سرى).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 86)، الاختيار لتعليل المختار (2/ 66)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 152).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 65)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 249)، الفتاوى الهندية (5/ 454).

ص: 286

[حكم رهن المُشاع]

(وَسَيَأْتِيْكَ الْبَوَاقِيْ فِيْ أَثْنَاءِ الْمَسَائِلِ)

(1)

، وَمِنْ الْبَوَاقِيْ مَسْأَلَةُ رَهْنِ الْمُشَاعِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا

(2)

وَعِنْدَهُ

(3)

يَصِحُّ، بِنِاءً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، فَإِنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ لَمَّا كَانَ عِنْدَهُ هُوَ تَعَيُّنُهُ لِلْبَيْعِ جَازَ رَهْنُ الْمُشَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ غَيْرُ مَانِعٍ لِجَوَازِ الْبَيْعِ بِالْاتِّفَاقِ

(4)

، فَكَذَا لِجَوازِ الرَّهْنِ.

وَأَمَّا عِنْدَنَا لَمَّا كَانَ (حُكْمَ الرَّهْنِ)

(5)

صَيْرُوْرَتَهُ (مُحْتَبَسَاً بِدَيْنِهِ)

(6)

لَمْ يَصِحَّ رَهْنُ الْمُشَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ

(7)

مَعَ الشَّرِيْكِ [تَمْنَعُ]

(8)

الاحْتِبَاسَ، عَلَى مَا يَجِيْءُ تَمَامُهُ

(9)

(10)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(2)

يُنْظَر: النُّتَف في الفتاوى للسُّغْدي (2/ 604)، المبسوط للسرخسي (21/ 68)، تحفة الفقهاء (3/ 38).

(3)

عِنْدَهُ: أيْ: عند الشافعي/. وَيُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 194)، الحاوي الكبير للماوردي (6/ 11)، الوسيط في المذهب (3/ 462).

(4)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 120)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 326)، المعونة على مذهب عالم المدينة (1/ 1156)، إرشاد السالك (ص 81)، الأم للشافعي (3/ 194)، الحاوي الكبير للماوردي (6/ 11)، الإنصاف للمرداوي (6/ 33)، كشاف القناع (3/ 170).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(7)

- الْمُهَايَأَةُ لُغَةً: مِنْ هَايَأَهُ عَلَى الْاَمْرِ، اتَّفَقَ مَعَهُ عَلَيْهِ، وَتَأْتِيْ مَهْمُوْزَةٌ وَغَيْرُ مَهْمُوْزَةٍ، وَأَصْلُهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْهَيْئَةِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 551)، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (10/ 7028).

- الْمُهَايَأَةُ اصْطِلَاحَاً: قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ عَلَى التَّعَاقُبِ وَالتَّنَاوُبِ. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (9/ 456)، التعريفات للجرجاني (ص 237).

(8)

في (أ): (تمتنع).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 65)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 228)، البناية شرح الهداية (12/ 494).

(10)

أقوال الفقهاء في حُكْمِ رهن المُشَاعِ:

- الحنفية: لا يصح رهن المشاع.

- المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية: يصح رهن المشاع. يُنْظَر: النُّتَف في الفتاوى للسُّغْدي (2/ 604)، المبسوط للسرخسي (21/ 68)، الكافي في فقه أهل المدينة (2/ 813)، القوانين الفقهية (ص 212)، الأم للشافعي (3/ 194)، الوسيط في المذهب (3/ 462)، المغني لابن قدامة (4/ 253)، المبدع في شرح المقنع (4/ 205)، المحلى لابن حزم (6/ 365).

ص: 287

[عدم صحة الرهن إلا بدين مضمون]

(وَلَا يِصِحُّ الرَّهْنُ إِلَّا بِدَيْنٍ مَضْمُوْنٍ)

(1)

، وَقَوْلُهُ:(مَضْمُوْن) عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيْدِ، وَإِلَّا فَجَمِيْعُ الدَّيْنِ مَضْمُوْنٌ، كَذَا فِيْ "شَرْحِ الْأَقْطَعِ"

(2)

.

[ضمان الدَّرَك]

وَقِيْلَ: هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ ضَمَانِ الدَّرَكِ

(3)

(4)

، وَفِيْ "الْمَبْسُوْطِ": وَالرَّهْنُ بِالدَّرَكِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الدَّرَكَ لَيْسَ بِمَالٍ مَسْتَحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيْفَاؤُهُ مِنْ مَالِيَّةِ الرَّهْنِ، وَلَوْ هَلَكَ فِيْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ {الرَّهْنِ}

(5)

ضَمَانَ اسْتِيْفَاءٍ، وَالْاسْتِيْفَاءُ لَا يَسْبِقُ الْوُجُوْبَ

(6)

.

وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: فَقَوْلُهُ: (مَضْمُوْن) احْتِرَازٌ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيْ "فَتَاوَى قَاضِيْ خَانْ"/: أنّ الْمَوْلَى إِذَا أَخَذَ/ مِنْ مُكاتَبِهِ رَهْنَاً بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوْزُ أَخْذُ الْكَفِيْلِ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ

(7)

.

(لِأَنَّ حُكْمَهُ ثُبُوْتُ [يَدِ]

(8)

الْاسْتِيْفَاءِ، وَالْاسْتِيْفَاءُ يَتْلُوْ الْوُجُوْبَ)

(9)

، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُوْبٍ سَابِقٍ عَلَى الْاسْتِيْفَاءِ لِيَكُوْنَ الْاسْتِيْفَاءُ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ

(10)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 66)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 227)، البناية شرح الهداية (12/ 479).

(3)

- ضَمَان الدَّرَك لُغَةً: مِنْ أَدْرَكْتُ الرَّجُلَ، أَيْ لَحِقْتَهُ، فَهُوَ مَأْخُوْذٌ مِنْ اللَّحَاقِ وَالتَّبِعَة. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 192)، تاج العروس للزبيدي (27/ 141)، مختار الصحاح (ص 104).

- ضَمَانُ الدَّرَك اصْطِلَاحَاً: الْتِزَامُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، وَيُعَبِّرُ عَنْهُ بَعْضُهُم: بِضَمَانِ الْعُهْدَةِ. يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (2/ 173)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (4/ 161)، التعريفات للجرجاني (ص 138).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 144)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 227)، البناية شرح الهداية (12/ 479).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 73)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1160).

(7)

يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (3/ 545)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 66)، البناية شرح الهداية (12/ 479).

(8)

في (أ): (بَدَل).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 479)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1160).

ص: 288

فَإِنْ قِيْلَ: أَلَيْسَ أَنَّهُ إِذَا دَفَعَ ثَوْبَاً إِلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صَارَ الثَّوْبُ رَهْنًا، وَقَدْ حَصَلَ الرَّهْنُ قَبْلَ [وُجُوْبِ]

(1)

الدَّيْنِ وَقَبْلَ وُجُوْدِ سَبَبِهِ، فَلَا يَكُوْنُ {الْاسْتِيْفَاءُ}

(2)

تَالِيَاً لِلْوُجُوْبِ؟.

قُلْنَا: لَا، بَلْ بَعْدَ وُجُوْدِ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ ثَبَتَ مِنْ حَيْثُ الْاعْتِبَارِ سَابِقَاً عَلَيْهِ، كَمَا فِيْ قَوْلِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّيْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، [يَثْبُتُ]

(3)

الْبَيْعُ سَابِقَاً عَلَى الْعِتْقِ، فَإِذَا ثَبَتَ الْقَرْضُ سَابِقَاً عَلَى الرَّهْنِ حَصَلَ الرَّهْنُ بَعْدَ وُجُوْدِ الْقَرْضِ مِنْ حَيْثُ الْاعْتِبَارُ

(4)

.

ثُمَّ لَا يُشْتَرَطُ وُجُوْبُ الدَّيْنِ عَلَى الْحَقِيْقَةِ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ لَا مَحَالَةَ، بَلْ [يُكْتَفَى بِوُجُوْبِهِ]

(5)

ظَاهِرًا، بَيَانُهُ فِيْ الْمَسَائِلِ الَّتِيْ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ/ فِيْ "الْجَامِعِ"

(6)

(7)

.

فمِن جُمْلَتِها: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَأَعْطَاهُ بِهَا رَهْنًا يِسَاوِيْ خَمْسَمِائَةٍ، فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَا دَيْنَ، فَإِنَّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ قِيْمَةَ الرَّهْنِ خَمْسَمِائَةٍ لِلْرَّاهِنِ

(8)

، فَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ حُكْمَ الرَّهْنِ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَيْمَةُ الرَّهْنِ لِلْرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ

(9)

.

(1)

في (ب): (وجود).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

في (أ): (ثبت).

(4)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1160).

(5)

في (ب): (يكتفي وجوبه).

(6)

الْجَامِع: هو كتاب "الجامع الكبير في الفروع" لمحمد بن الحسن الشيباني/، الْمُتَوَفَّى سَنَة 189 هـ، والكتاب مطبوع في مجلد واحد، نَشَرَتْه لجنة إحياء المعارف النعمانية بحيدر أباد بالهند، سنة 1356 هـ، بتحقيق أبي الوفاء الأفغاني الحنفي. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 569)، الأعلام للزركلي (6/ 80).

(7)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 144)، الفتاوى الهندية (5/ 434).

(8)

يُنْظَر: الجامع الكبير للشيباني (ص 264)، فتاوى قاضيخان (3/ 545).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 71)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 596)، الفتاوى الهندية (5/ 434).

ص: 289

ثُمَّ [إِنَّمَا]

(1)

كَانَ اعْتِبَارُ الظَّاهِرِ أَوْلَى حَتَّى صَارَ الرَّهْنُ مَضْمُوْنًا مِنْ اعْتِبَارِ حُكْمِ الْحَقِيْقَةِ حَتَّى لَا يَصِيْرُ الرَّهْنُ مَضْمُوْنًا لِمَا قُلْنَا: أَنَّ قَاعِدَةَ الشَّرْعِ فِيْ بَيَانِ الْأَحْكَامِ عَلَى الظَّاهِرِ لَا عَلَى الْحَقَائِقِ [وَالْبَوَاطِنِ]

(2)

؛ لِأَنَّ الْاطِّلَاعَ عَلَى الْحَقَائِقِ [وَالْبَوَاطِنِ]

(3)

لَا يُمْكِنُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِيْ قَوْلِهِ عليه السلام:«إِنَّمَا أَقْضِيْ بِالظَّاهِرِ، وَاللهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ»

(4)

(5)

.

وَمِنْ جُمْلَتِهَا: أَنَّ رَجُلَاً اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ، وَرَهَنَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا، فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ حُرٌّ أَوْ مُسْتَحِقٌّ، ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيْمَةِ الرَّهْنِ وَمِنْ الثَّمَنِ

(6)

؛ لِأَنَّ [الرَّهْنَ حَصَلَ لِدَيْنٍ]

(7)

وَاجِبٍ [ظَاهِرٍ]

(8)

(9)

.

(1)

في (ب): (إن).

(2)

في (أ): (والتواطئ).

(3)

في (أ): (والتواطئ).

(4)

أورده السخاوي في "المقاصد الحَسَنَة"(ص 162) باب (حرف الهمزة) برقم (178) قَالَ: حَدِيث: «أُمِرْتُ أَنْ أَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ» ، وقال: اشتهر بين الأصوليين والفقهاء، ثُمَّ قال: ولا وجود له في كتب الحديث المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة، وجزم العراقي بأنه لا أصل له، وكذا أنكره الْمِزِّي وغيرُه.

- قال السيوطي في "الدرر المنتثرة" لا يُعْرَف بهذا اللفظ، ثُمَّ قال: قُلْتُ: هذا من كلام الشافعي في الرسالة. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في تخريج أحاديث المختصر: لم أقف له على سند. يُنْظَر: الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي (ص 54).

- قال الألباني: لا أصل له عنه بهذا اللفظ، كما نبَّه عليه حُفَّاظ الحديث كالسخاوي وغيره. يُنْظَر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (1/ 101).

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 71).

(6)

يُنْظَر: الجامع الكبير للشيباني (ص 265).

(7)

في (ب): (حصول الدَّيْن).

(8)

هكذا في النسختين، والصواب:(ظاهِرًا).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 159)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 597)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 496).

ص: 290

أَلَا تَرَى أَنَّ قَبْلَ ظُهُوْرِ الحُرِّيَّةِ وَالْاسْتِحْقَاقِ لَوْ اخْتَصَمَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِيْ إِلَى الْقَاضِيْ، فَالْقَاضِيْ يَقْضِيْ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا [أَنَّ]

(1)

وُجُوْبَ الدَّيْنِ ظَاهِرَاً يَكْفِيْ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ وَلِصَيْرُوْرَتِهِ مَضْمُوْنًا، كَذَا فِيْ "الذَّخِيْرَةِ"

(2)

.

[الرهن بالأعيان المضمونة بأنفسها]

(وَيَدْخُلُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ)

(3)

، أَيْ: وَيُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ: (وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إِلَّا بِدَيْنٍ مَضْمُوْنٍ)

(4)

: (الْأَعْيَانُ الْمَضْمُوْنَةُ بِأَنْفُسِهَا)

(5)

، هِيَ الْمَغْصُوْبَةُ

(6)

.

قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: (بِنَفْسِهَا)، احْتِرَازَاً عَنْ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُوْنَةِ بِغَيْرِهَا وَهِيَ {الْمَبِيْعُ}

(7)

فِيْ يَدِ الْبَائِعِ، فَإِنَّهُ مَضْمُوْنٌ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ الثَّمَنُ

(8)

.

[أوْجُهُ الرهن بالأعيان]

وَفِيْ "الْمَبْسُوْطِ": {اعْلَمْ}

(9)

بِأَنَّ الرَّهْنَ بِالْأَعْيَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: الرَّهْنُ بِعَيْنٍ هُوَ أَمَانَةٌ، وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مُوْجَبَ الرَّهْنِ ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَحَقُّ صَاحِبِ الْأَمَانَةِ فِيْ الْعَيْنِ مَقْصُوْرٌ عَلَيْهِ، وَاسْتِيْفَاءُ الْعَيْنِ مِنْ عَيْنٍ آخَرَ غَيْرُ مُمْكِنٍ.

وَالثَّانِيْ: الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُوْنَةِ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيْعِ فِيْ يَدِ الْبَائِعِ، وَهُوَ مَضْمُوْنٌ بِالثَّمَنِ، وَهَذَا لَا يَجُوْزُ أَيْضَاً.

وَالثَّالِثُ: الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُوْنَةِ بِنَفْسِهَا كَالْمَغْصُوْبِ، وَهُوَ صَحِيْحٌ؛ لِأَنَّ مُوْجَبَ الْعَقْدِ رَدُّ الْعَيْنِ إِنْ أَمْكَنَ، وَرَدُّ الْقِيْمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ دَيْنٌ يُمْكِنُ اسْتِيْفَاؤُهُ مِنْ مَالِيَّةِ الرَّهْنِ

(10)

.

(1)

في (أ): (أي).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 159)، البناية شرح الهداية (12/ 507)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 496).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 144)، البناية شرح الهداية (12/ 479)، تكملة فتح القدير (10/ 144).

(7)

سقطت من (أ).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 71)، العناية شرح الهداية (10/ 144)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 478).

(9)

سقطت من (ب).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 73)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 66)، الفتاوى الهندية (5/ 435).

ص: 291

[الكفالة بالأعيان المضمونة بأنفُسِها]

(وَلِهَذَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا)

(1)

، أَيْ: بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُوْنَةِ بِنَفْسِهَا

(2)

.

(وَلَئِنْ كَانَ لَا يَجِبُ)

(3)

، أَيْ: الْقِيْمَةُ

(4)

.

(وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ قِيْمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ)

(5)

، أَيْ: يَوْمَ قَبْضِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوْبَ مِنْ الْمَالِكِ

(6)

.

(وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِهِ بِهَلَاكِهِ)

(7)

، {أَيْ: بِالْعَيْنِ الْمَضْمُوْنِ بِهَلَاكِهِ}

(8)

، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمُقَيَّدَةَ بِالْعَيْنِ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: عَيْنٌ هُوَ وَدِيْعَةٌ، وَالثَّانِيْ: عَيْنٌ هُوَ غَصْبٌ، فَفِيْ الْوَدِيْعَةِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِهَلَاكِهَا، وَعَادَ الدَّيْنُ إِلَى الْمُحِيْلِ؛ لِأَنَّ الْوَدِيْعَةَ هَلَكَتْ لَا إِلَى [خَلَفٍ]

(9)

، وَفِيْ الْغَصْبِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةٌ؛ لِأَنَّ [الْمَغْصُوْبَ]

(10)

هَلَكَ إِلَى [خَلَفٍ]

(11)

، وَهُوَ الضَّمَانُ، وَالضَّمَانُ يَقُوْمُ مَقَامَ الْمَضْمُوْنِ، فَيُجْعَلُ كَأنَّ الْمَغْصُوْبَ قَائِمٌ، [فَتَبْقَى]

(12)

الْحَوَالَةُ لِبَقَاءِ مَا تَقَيَّدَتْ هِيَ بِهِ

(13)

.

[ضمان الرهن بالأقل من قيمته ومن الدين]

(وَهُوَ مَضْمُوْنٌ)

(14)

، أَيْ: الرَّهْنُ مَضْمُوْنٌ (بِالْأَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ)

(15)

، أَيْ: يَوْمَ الْقَبْضِ

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(2)

تحفة الفقهاء (3/ 243)، الاختيار لتعليل المختار (2/ 170)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 137).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 145)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 62)، البناية شرح الهداية (12/ 480).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 145)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 62)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 257).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1558).

(8)

ما بين القوسين سقط من (ب).

(9)

في (أ): (حَلَف).

(10)

في (أ): (الْمَقْصُوْد).

(11)

في (أ): (حَلَف).

(12)

في (أ): (فَبَقِي).

(13)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (8/ 490 - 491)، العناية شرح الهداية (7/ 248)، الفتاوى الهندية (3/ 299).

(14)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(15)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(16)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 146)، البناية شرح الهداية (12/ 480)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 586).

ص: 292

{وَفِيْ بَعْضِ نُسَخِ الْقُدُوْرِيِّ: (بِأَقَلَّ)، بِدُوْنِ الْأَلِفِ وَالْلَّامِ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَاعْتُبِرَ هَذَا بِقَوْلِ الرَّجُلِ: مَرَرْتُ بِأَعْلَمَ مِن زَيْدٍ وعَمْرٍو، فَيَكُوْنُ الْأَعْلَمُ غَيْرَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: بِالْأَعْلَمَ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، يَكْوْنُ الْأَعْلَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَكَلِمَةُ (مِنْ) لِلتَّمْيِيْزِ}

(1)

(2)

.

(لَهُ

(3)

حَدِيْثُ/ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: «يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ فِيْ الرَّهْنِ»

(4)

(5)

، وَالتَّرَادُّ: مَا يَكُوْنُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ

(6)

.

(كَمَا فِيْ حَقِيْقَةِ الْاسْتِيْفَاءِ)

(7)

، إِذَا أَوْفَاهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فِيْ كِيْسٍ وَحَقُّهُ فِيْ أَلْفٍ، يَصِيْرُ ضَامِنًا قَدْرَ الدَّيْنِ لَا غَيْرَ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ أَمَانَةٌ، فَكَذَلِكَ هَذَا

(8)

.

[حكم زوائد الرهن]

(وَالزِّيَادَةُ مَرْهُوْنَةٌ ضَرُوْرَةَ امْتِنَاعِ حَبْسِ الْأَصْلِ بِدُوْنِهَا)

(9)

؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَجْعَلْ الزِّيَادَةَ مَرْهُوْنَةً يُؤَدِّيْ إِلَى الشُّيُوْعِ

(10)

، أَوْ نَقُوْلُ: -وَهُوَ الْأَصَحُّ- وَالْمَذْكُوْرُ فِيْ "مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ"/: وَإَنَّمَا صَارَتْ الزِّيَادَةُ مَرْهُوْنَةً لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ حَبْسُ قَدْرِ الدَّيْنِ [إِلَّا بِحَبْسِ]

(11)

الْبَاقِيْ، كَمَا إِذَا رَهَنَ عَبْدًا قِيْمَتُهُ أزْيَدُ مِنْ الدَّيْنِ، حَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ الزِّيَادَةُ مِنْ الْأَصْلِ فَيَثْبُتُ لَهُ حَبْسُ الْكُلِّ، حَتَّى لَوْ تَمَيَّزَ الزِّيَادَةُ مِنْ [قَدْرِ]

(12)

الدَّيْنِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَبْسُ الزِّيَادَةِ بِأَنْ رَهَنَ عَبْدَاً قِيْمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَوْمَ الرَّهْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قُتِلَ خَطَأً، وَقِيْمَتُهُ يَوْمَ الْقَتْلِ أَلْفَا دِرْهَمٍ، فَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ ألْفَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الْقَاتِلِ، وَأَرَادَ حَبْسَ الْكُلِّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ حَبْسُ قَدْرِ الدَّيْنِ بِدُوْنِ الزِّيَادَةِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيْهِ

(13)

.

(1)

ما بين القوسين سقط من (ب).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 146)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 249)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 480).

(3)

لَهُ: أَيْ: لِزُفَر/. يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1559).

(4)

سبق تخريجه.

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1559).

(6)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 160)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 65)، العناية شرح الهداية (10/ 146).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1559).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 146)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 65)، البناية شرح الهداية (12/ 482).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1559).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 146)، البناية شرح الهداية (12)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 152).

(11)

في (أ): (أنْ يَحْبِس).

(12)

في (ب): (أصل).

(13)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 482).

ص: 293

[تفسير الترادِّ في قول عليٍّ رضي الله عنه: «يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ فِيْ الرَّهْنِ»، وتوجيهه]

(وَلَا ضَرُوْرَةَ فِيْ حَقِّ الضَّمَانِ)

(1)

؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الرَّهْنِ مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ مُمْكِنٌ بِأَنْ اسْتَعَارَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، فَالرَّهْنُ بَاقٍ، وَالضَّمَانُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ مُنْتَفٍ، عَلَى مَا يَجِيْءُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى

(2)

.

(وَالْمُرَادُ [بِالتَّرَادِّ]

(3)

فِيْمَا رُوِيَ: حَالَةَ الْبَيْعِ)

(4)

، يَعْنِيْ: إِذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ يَرُدُّ الْمُرْتَهِنُ [مَا]

(5)

زَادَ عَلَى الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ زَائِدًا يَرُدُّ الرَّاهِنُ زِيَادَةَ الدَّيْنِ

(6)

.

وَإِنَّمَا حَمَلْنَا التَّرَادَّ عَلَى حَالَةِ الْبَيْعِ تَوْفِيْقَاً بَيْنَ حَدِيْثَيْ عَلِيٍّ رضي الله عنه (فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنْهُ)

(7)

، أَيْ: عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَهُوَ مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ

(8)

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِيْ طَالِبٍ (أَنَّهُ قَالَ: «الْمُرْتَهِنُ أَمِيْنٌ فِيْ الْفَضْلِ»

(9)

(10)

، فَقَدْ بَيَّنَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِالتَّرَادِّ: التَّرَادَّ فِيْ حَالَةِ الْبَيْعِ لَا فِيْ حَالَةِ الْهَلَاكِ، كَذَا فِيْ "مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ"

(11)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1559).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 146)، البناية شرح الهداية (12/ 482)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 65).

(3)

في (ب): (مِن الترادِّ).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1559).

(5)

في (ب): (وما).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 146)، البناية شرح الهداية 12/ 482)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 65)

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1559).

(8)

مُحَمَّدُ بنُ الْحَنَفِيَّة: هو أبو القاسم، وأبو عبد الله، محمد بن علي بن أبي طالب، الهاشمي، ابن الحنفية، نِسْبَةً إلى أُمِّه خولة بنت جعفر، من سَبْيِ اليمامة، وهي من بني حنيفة، وُلِدَ في صدر خلافة عُمَر رضي الله عنه، ورأى عمر، روى عن: أَبِيْه، وعثمان، وعمار بن ياسر، وأبي هريرة رضي الله عنهم، وغيرهم، وروى عنْهُ: بَنُوْهُ الحسن، وعبد الله، وعمر، وإبراهيم، وعَوْن، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وسالم بن أبي الجعد، وجماعَةٌ غيرهم، كان واسع العلم، ورعاً، أسود اللون، كان أحد الأبطال الأشداء في صدر الإسلام، وأخبار قوته وشجاعته كثيرة، وكان المختار الثقفي يدعو الناس إلى إمامته، ويزعم أنه المهدي، تُوُفِّيَ سَنَةَ 81 هـ، ودُفِنَ بالبقيع. يُنْظَر: صفة الصفوة لابن الجوزي (1/ 344)، تاريخ الإسلام للذهبي (2/ 994)، الأعلام للزركلي (6/ 270).

(9)

أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنَّفِهِ"(4/ 525) كتاب (البيوع والأقضية) باب (في الرَّجُل يرهن الرَّجُل فيهلَك) برقم (22795) قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَامِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:«إِذَا كَانَ الرَّهْنُ أَكْثَرَ مِمَّا رُهِنَ بِهِ فَهَلَكَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الْفَضْلِ، وَإِذَا كَانَ أَقَلَّ مِمَّا رُهِنَ بِهِ فَهَلَكَ رَدَّ الرَّاهِنُ الْفَضْلَ» .

- وَضَعَّفَهُ الطَّرِيفي في "التَّحْجِيْل"، وقال: وإسناده ضعيف، عبد الأعلى بن عامر الثَّعْلبي ضعيف الحديث لا سيما في روايته عن ابن الحنفية، فإنها كتاب لم يسمعه منه، قاله الثوري وابن مهدي وأبو حاتم وجماعة. يُنظَر: التحجيل في تخريج ما لم يخرج من الأحاديث والآثار في إرواء الغليل للطَّرِيْفِيّ (ص 217).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1559).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 146)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1162 - 1163)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 65).

ص: 294

[مطالبة المرتهن الراهنَ بدينه، وحبس الرهن به]

(كَمَا بَيَّنَّاهُ فِيْمَا تَقَدَّمَ)

(1)

، أَيْ: فِيْ فَصْلِ الْحَبْسِ، مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِيْ

(2)

.

وَقَوْلُهُ: (عَلَى التَّفْصِيْلِ)

(3)

، وَهُوَ مَا فَصَّلَ فِيْهِ بِقَوْلِهِ:(وَهَذَا)

(4)

، أَيْ: تَرْكُ الْحَبْسِ (إِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ [بِإِقْرَارِهِ]

(5)

؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ كَوْنُهُ مُمَاطِلَاً)

(6)

، (وَأَمَّا إِذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حَبَسَهُ كَمَا ظَهَرَ لِظُهُوْرِ الْمَطْلِ بِإِنْكَارِهِ)

(7)

(8)

.

[سلَّطَ الراهنُ العدْلَ على بيع المرهون]

(جَازَ

(9)

؛ لِإطْلَاقِ الْأَمْرِ)

(10)

، حَتَّى لَوْ قَيَّدَهُ بِالنَّقْدِ لِا يَجُوْزُ بَيْعُهُ نَسِيْئَة

(11)

.

قَالَ الْقَاضِيْ الْإِمَامُ أَبُوْ عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ/

(12)

: إِذَا تَقَدَّمَ مِنْ الرَّاهِنِ مَا يَدُلُّ عَنْ النَّقْدِ بِأَنْ قَالَ: أَنْ الْمُرْتَهِنَ يُطَالِبُنِيْ بِدَيْنِهِ وَيُؤْذِيْنِيْ فَبِعْهُ حَتَّى أَنْجُوَ مِنْهُ، فَبَاعَ بِالنَّسِيْئَةِ، لَا يَجُوْزُ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ عَبْدِيْ فَإِنِّيْ أَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ، [وَلَوْ]

(13)

كَانَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الْعَدْلُ قَالَ لَهُ الرَّاهِنُ: بِعْهُ [وَاسْتَوْفِ]

(14)

دَيْنَكَ مِنْ ثَمَنِهِ، فَبَاعَ بِالنَّسِيْئَةِ، يَجُوْزُ كَيْفَ مَا بَاعَ، كَذَا فِيْ "الذَّخِيْرَةِ"

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 147)، البناية شرح الهداية (12/ 483)، الكفاية شرح الهداية (1163).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق (3/ 1073).

(5)

في (ب): (إفرازه).

(6)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (3/ 1073 - 1074).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 483)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1163).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 147)، البناية شرح الهداية (12/ 484).

(12)

أَبُوْ عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ: هو أبو علي، الحسين بن الخضر بن محمد بن يوسف، النَّسَفي، القاضي، الفقيه الفَشِيْدَيْرَجِي، مِنْ فَشِيْدَيْرَج، مِن بُخَارى، والنسفي نِسْبَةً إلى نَسَف مِنْ بلاد ما وراء النهر، تفقَّه على أبي بكر محمد بن الفضل، وأخذ عنْه شمس الأئمة الحلواني وجعفر بن محمد النسفي، كان إمام عصره، وأقام ببغداد مُدَّةً، وتفقَّهَ بها وتعلَّم وناظّر، له من التصانيف:"الفوائد" و "الفتاوى"، تُوُفِّيَ بِبُخارَى سَنَةَ 424 هـ. يُنْظَر: الأنساب للسمعاني (10/ 226)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 211)، الأعلام للزركلي (2/ 237)، الفوائد البهية للكنوي (ص 66).

(13)

في (ب): (فإنْ).

(14)

في (أ): (فاسْتَوْفِ).

(15)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 69)، تكملة الطوري على البحر الرائق (8/ 294)، الفتاوى الهندية (5/ 443).

ص: 295

[إحضار المرتهن الرهن أو ثمنه بعد بيعه بإذن الراهن]

(لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ {لَهُ}

(1)

عَلَى الْإِحْضَارِ)

(2)

؛ لِأَنَّهُ بِيْعَ الرَّهْنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ قُدْرَةَ إِحْضَارِ الرَّهْنِ

(3)

.

(وَكَذَا إِذَا أَمَرَ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ)

(4)

، أَيْ: هَاهُنَا أَيْضَاً لَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إِحْضَارُ ثَمَنِ الْمَرْهُوْنِ لِيَقبِضَ حَقَّهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ صَارَ دَيْنًا بِتَسْلِيْطِ الرَّاهِنِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ [التَّسْلِيْمُ]

(5)

إِلَى أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ مُشْتَرِيْ الرَّهْنِ، كَذَا فِيْ "زِيَادَاتِ الْإِمَامِ الْعَتَّابِيِّ"/

(6)

(7)

.

(فَصَارَ [كَأَنَّ الرَّاهِنَ]

(8)

رَهَنَهُ وَهُوَ دَيْنٌ)

(9)

؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَهُ بِإِذْنِهِ صَارَ كَأَنَّهُمَا تَفَاسَخَا الرَّهْنَ، وَصَارَ الثَّمَنُ رَهْنًا بِتَرَاضِيْهِمَا ابْتِدَاءً، لَا بِطَرِيْقِ انْتِقَالِ حُكْمِ الرَّهْنِ إِلَى الثَّمَنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الرَّهْنَ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ رَهَنَهُ وَلَمْ يُسْلِمْ

(10)

، بَلْ وَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، كَذَا فِيْ "زِيَادَاتِ الْإِمَامِ قَاضِيْ خَانْ"/

(11)

(12)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 66 - 67)، البناية شرح الهداية (12/ 484)، الفتاوى الهندية (5/ 461).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(5)

في (أ): (التَّسْلِيْط).

(6)

زيادات الإمام العَتَّابي: هو "شرح الزيادات" في فروع الحنفية، لأبي القاسم، أو أبي نَصْر، أحمد بن محمد بن عمر العتَّابي، البخاري، زين الدين، الْمُتَوَفَّى سَنَة 586 هـ، وكتابُهُ هذا شرحٌ لكتاب "الزيادات" لمحمد بن الحسن الشيباني/، وهو لا زال مخطوطاً، وله عِدَّة نُسّخْ، منها نسخةٌ في مكتبة شستربتي في دبلن بآيرلندا، ورقم الحفظ (3018/ 1). يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 962)، الأعلام للزركلي (1/ 216)، خزانة التراث في مركز الملك فيصل (51/ 780) برقم (50829).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 147)، الفتاوى الهندية (5/ 461 - 462)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 588).

(8)

في (ب): (كالرّاهِن).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(10)

- السَّلَم لُغَةً: فِيْ الْبَيْعِ مِثْلُ: السَّلَفِ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَأَسْلَمَ فِي الْبُرِّ: أَسْلَفَ مِنْ السَّلَمِ، وَأَصْلُهُ: أَسْلَمَ الثَّمَنَ فِيهِ فَحُذِفَ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 258)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 286)، مختار الصحاح (ص 153).

- السَّلَم اصْطِلَاحًا: شِرَاءُ آجِلٍ بِعَاجِلٍ، وَقِيْلَ: بَيْعُ مُؤَجَّلٍ بِمُعَجَّلٍ. يُنْظَر: رد المحتار على الدر المختار (5/ 209)، مجلة الأحكام العدلية (1/ 31).

(11)

زيادات الإمام قاضي خان: هو "شرح الزيادات" في فروع الحنفية، لأبي المحاسن، الحسن بن منصور الأوزجندي، الفرغاني، المعروف بقاضي خان، فخر الدين، الْمُتَوَفَّى سَنَة 592 هـ، وكتابُهُ هذا شرحٌ لكتاب "الزيادات" لمحمد بن الحسن الشيباني/، وهو مطبوعٌ، طبعته دار إحياء التراث العربي ببيروت، في لبنان، سنة 2005 م، في 6 مجلدات بتحقيق: قاسم أشرف نور أحمد ومحمد تقي العثماني ووهبة الزميلي. وَيُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 962)، الأعلام للزركلي (2/ 224).

(12)

يُنْظَر: زيادات الإمام قاضيخان (3/ 1124)، العناية شرح الهداية (10/ 147)، البناية شرح الهداية (12/ 484).

ص: 296

فَإِنْ قِيْلَ: لَوْ رَهَنَ الدَّيْنَ ابْتِدَاءً لَا يَصِحُّ.

قُلْنَا: نَعَمْ، [وَلَكِنْ]

(1)

يَبْقَى حُكْمُ الرَّهْنِ فِيْ ثَمَنِ الْمَرْهُوْنِ لِكَوْنِهِ بَدَلَاً عَنْ الْمَقْبُوْضِ، وَهُوَ قَدْ كَانَ صَالِحًا لِذَلِكَ، ثُمَّ ثَبَتَ هَذَا الْحُكْمُ فِيْ خَلَفِهِ تبَعًا لَا مَقْصُوْدًا

(2)

.

وَذَكَرَ فِيْ "الْإِيْضَاحِ": وَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ وَصَارَ الثَّمَنُ هُوَ الرَّهْنُ، مَقْبُوْضَاً كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْبُوْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِيْ فَخَرَجَ {عَنْ}

(3)

الرَّهْنِ، وَالثَّمَنُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فَكَانَ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ بَعْدُ؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مَا كَانَ مَقْبُوْضَاً، وَإِذَا تَوَى كَانَ مِنْ مَالِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ [بَقَاءَ]

(4)

عَقْدِ الرَّهْنِ فِيْ الدَّيْنِ لِكَوْنِهِ قَائِمًا مَقَامَ الْبَيْعِ، ثُمَّ الْمَرْهُوْنُ لَوْ هَلَكَ يَسْقُطُ الدَّيْنُ، كَذَلِكَ هَاهُنَا

(5)

.

(إِلَّا أَنَّ الَّذِيْ يَتَوَلَّى قَبْضَ الثَّمَنِ هُوَ الْمُرتَهِنُ)

(6)

، هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ:(فَصَارَ كَأَنَّ الرَّاهِنَ رَهَنَهُ وَهُوَ دَيْنٌ)

(7)

، عَلَى تَقدِيْرِ جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَصِرْ كَأَنَّ الرَّاهِنَ رَهَنَهُ وَهُوَ/ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ وِلَايَةُ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِيْ، كَمَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِ العَدْلِ، وَحيْثُ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِيْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ كَأَنَّ الرَّاهِنَ رَهَنَهُ وَهُوَ دَيْنٌ، فَأَجَابَ عَنْهُ وَقَالَ: وِلَايَةُ الْقَبْضِ لَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عَاقِدٌ

(8)

.

(1)

في (أ): (لكن).

(2)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (10/ 148 - 149)، تحفة الفقهاء (3/ 43).

(3)

سقطت من (ب).

(4)

في (ب): (إيفاء).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 67 - 68)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 149)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 82).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 148)، البناية شرح الهداية (12/ 485)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67).

ص: 297

(وَكَمَا يُكَلَّفُ)

(1)

، أَيْ: يُكَلَّفَ الْمُرْتَهِنُ (إِحْضَارَ الرَّهْنِ لِاسْتِيْفَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ يُكَلَّفُ لِاسْتِيْفَاءِ {كُلِّ}

(2)

نَجْمٍ

(3)

قَدْ حَلَّ)

(4)

، هَذَا إِذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ

(5)

.

وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَدَّعِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِحْضَارِ الرَّهْنِ، إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيْهِ، وَأَمَّا إِذَا قَالَ الرَّاهِنُ: قَدْ تَوَى الرَّهْنُ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ مُستَوْفِياً دَيْنَهُ، وَلَيْسَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِيْ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْإِحْضَارِ لِيَظْهَر حَالُهُ، يَأْمُرُهُ بِالْإِحْضَارِ إِذَا {كَانَ}

(6)

فِيْ الْمِصْرِ

(7)

الَّذِيْ رَهَنَهُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(لِاحْتِمَالِ الْهَلَاكِ)

(8)

(9)

.

وَفِيْ "زِيَادَاتِ الْعَتَّابِيِّ"/: فَلَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ أَرَادَ أَنْ يَقْضِيْ بَعْضَ الدَّيْنِ هَلْ يُؤْمَرُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ؟ فِيْ الْقِيَاسِ لَا يُؤْمَرُ، وَفِيْ الْاسْتِحْسَانِ يُؤْمَرُ بِالْإِحْضَارِ، إِذَا {كَانَ}

(10)

فِيْ بَلَدِهِ؛ {لِأَنَّهُ}

(11)

لَا ضَرَرَ فِيْ [الْإِحْضَارِ]

(12)

، وَفِيْهِ فَرَاغُ قَلْبِ [الرَّاهِنِ]

(13)

، وَلَكِنْ لَا يُسَلَّمْ إِلَى أَنْ يَقْبِضَ جَمِيْعَ الدَّيْنِ

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

نَجْمٍ: تَنْجِيمُ الدَّيْنِ: هُوَ أَنْ يُقَرَّر عطاؤُه مُقّسَّطَاً فِي أوقاتٍ مَعْلُومَةٍ مُتتَابعة، وأصلُه أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَجْعَلُ مَطَالِعَ مَنَازِلَ الْقَمَرِ وَمَسَاقِطَهَا مَوَاقِيْتَ لِحُلُوْلِ دُيُوْنِهَا وَغَيْرِهَا، فَتَقُوْلُ: إِذَا طَلَعَ النَّجْمُ حَلَّ عَلَيْكَ سَدَادُ مَالِيْ. يُنْظَر: النهاية لابن الأثير (5/ 24 - 25)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 484 - 485)، مختار الصحاح (ص 305).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67)، العناية شرح الهداية (10/ 148)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 484).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

الْمِصْر: وَاحِدُ الْأَمْصَارِ، وَهُوَ الْبَلَدُ. يُنْظَر: النهاية لابن الأثير (4/ 336)، مختار الصحاح (ص 295).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(9)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 87)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 474)، البناية شرح الهداية (12/ 485).

(10)

سقطت من (ب).

(11)

سقطت من (ب).

(12)

في (ب): (للإحضار).

(13)

في (ب): (الرهن).

(14)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 87)، البناية شرح الهداية (12/ 485).

ص: 298

ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ خَطَأً حَتَّى وَجَبَتْ قِيْمَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ

(1)

الْقَاتِلِ لَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ مَا لَمْ يُحَصِّلْ الْقِيْمَةَ مِنْ الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَا صَارَ دَيْنًا بِتسْلِيْطٍ مِنْ جِهَةِ [الرَّاهِنِ]

(2)

، بِخِلَافِ الْبَيْعِ عَلَى مَا مَرَّ، وَكُلُّ مَا حَصَّلَ مِنْ قِيْمَتِهِ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِحَقِّهِ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيْرَ، وَإِنْ قَضَى بِالْإِبِلِ أَوْ الْغَنَمِ فَلَهُ حَبْسُهُ إِلَى أَنْ يَقبِضَ حَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الرَّهْنِ

(3)

.

(ثُمَّ إِذَا قَبَضَ الثَّمَنَ يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهِ)

(4)

، أَيْ: إِذَا قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الثَّمَنَ يُؤْمَرُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِ الثَّمَنِ

(5)

.

(لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْعَيْنِ)

(6)

، أَيْ: لِقِيَامِ الثَّمَنِ مَقَامَ الرَّهْنِ

(7)

.

(وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا قَتَلَ رَجُلٌ)

(8)

، فَقَوْلُهُ:(هَذَا) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ: (يُكَلَّفُ لِاسْتِيْفَاءِ نَجْمٍ قَدْ حَلَّ)

(9)

، أَيْ: فِيْ مَسْأَلَةِ الْقَتْلِ لَمْ يُجْبَرْ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى يُحْضِرَ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ الْقِيْمَةِ، وَفِيْمَا نَحْنُ فِيْهِ بِخِلَافِهِ، حَيْثُ يُكَلَّفُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ عِنْدَ كُلِّ نَجْمٍ يُؤَدِّيْهِ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّيْنِ

(10)

.

(1)

- الْعَاقِلَةُ لُغَةً: يُقَالُ: عَقَلَ الْبَعِيرَ عَقْلًا: شَدَّهُ بِالْعِقَالِ، فَمَعْنَاهَا مِنْ الْعَقْلِ وَالْحَجْزِ وَالْحَبْسِ وَالْمَنْعِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 353)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 422).

- الْعَاقِلَةُ اصطِلَاحَاً: دَافِعُوْا دِيَةِ قَتْلِ الْخَطَأ وَشِبْهِ الْعَمْدِ، مِنْ أَهْلِ الدِّيْوَانِ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَمَنْ لَا دِيْوَانَ لَهُ فَعَاقِلَتُهُ مَنْ كَانَ مِنْ عَصَبَتِهِ فِيْ النَّسَبِ. يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 121)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 256)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (6/ 640).

(2)

في (أ): (الرّهْن).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق الحقائق شرح كنز الدقائق (10/ 148)، العناية شرح الهداية (10/ 148)، تكملة البحر الرائق (8/ 270).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67)، البناية شرح الهداية (12/ 485)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 588).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(7)

يُنْظَر: تبين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67)، العناية شرح الهداية (10/ 148)، البناية شرح الهداية (12/ 485).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(9)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(10)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67)، العناية شرح الهداية (10/ 148)، تكملة البحر الرائق (8/ 270).

ص: 299

(وَمَا صَارَتْ قِيْمَةً بِفِعْلِهِ)

(1)

، وَ (مَا) نَافِيَةٌ، أَيْ: لَمْ تَصِرْ قِيْمَةُ الْعَبْدِ قِيْمَةً بِفِعْلِ الرَّاهِنِ بَلْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ

(2)

.

(وَفِيْمَا تَقَدَّمَ)

(3)

، وَهُوَ بَيْعُ الْعَدْلِ وَالْمُرْتَهِنِ إِنَّمَا (صَارَ دَيْنًا بِفِعْلِ الرَّاهِنِ)

(4)

(5)

.

(لِمَا قُلْنَا)

(6)

، إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ:(لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئَاً)

(7)

(8)

.

[إذا كان الرهن في يد المرتهن فليس عليه تمكين الراهن من البيع حتى يقضيه دينه]

(وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِهِ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ الْبَيْعِ حَتَّى [يَقْضِيَهُ]

(9)

الدَّيْنَ)

(10)

، أَيْ: إِذَا كَانَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَيْسَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُمَكِّنَ الرَّاهِنَ مِنْ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ يَقُوْلُ الرَّاهِنُ:[إِنَّمَا]

(11)

أَبِيْعُ لِأَقْضِيَ دَيْنَكَ، ولَفْظُ [الْمُزاد]

(12)

: حتّى [يَقْضِيَه]

(13)

الدَّيْنَ مِن ثَمَنِه

(14)

؛ لِأنَّ فِيْ هَذَا نَقْضُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ، وَرُبَّمَا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ دَيْنُهُ مِنْ ثَمَنِهِ

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (6/ 148)، البناية شرح الهداية (12/ 485)، تكملة البحر الرائق (8/ 270).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1560).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 485)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67)، تكملة البحر الرائق (8/ 270).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1561).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1560).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 149)، البناية شرح الهداية (12/ 486)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67).

(9)

في (أ): (يقبضه).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(11)

في (أ): (إِنِّي).

(12)

في (أ): (الرَّاد).

(13)

في (أ): (يَقْبِضَه).

(14)

وفي المطبوع من بعض شروح "مختصر القدوري" جاءت بهذا اللفظ: (حَتَّى يَقْضِيَهُ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ). يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 233)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 58).

(15)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 233)، البناية شرح الهداية (12/ 486).

ص: 300

[إذا هلك الرهن بعد قضاء الدين وقبل تسليمه إلى الراهن]

(فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيْمِ)

(1)

، أَيْ: لَوْ هَلَكَ الْمَرْهُوْنُ قَبْلَ تَسْلِيْمِ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُوْنَ إِلَى الرَّاهِنِ (اسْتَرَدَّ الرَّاهِنُ مَا قَضَاهُ)

(2)

مِنْ الدَّيْنِ

(3)

.

فَإِنْ قُلْتَ: يُشْكِلُ {عَلَى}

(4)

هَذَا فِيْ صُوْرَةِ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ فِيْ جَوَابِ الْاسْتِحْسَانِ، فَإِنَّهُ إِذَا ارْتَهَنَ عَبْدًا بِألْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ وَقِيْمَتُهُ ألْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الْمَالَ لِلْرَّاهِنِ، [أَوْ]

(5)

[أبْرَأَهُ]

(6)

مِنْهُ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الرَّهْنَ حَتَّى هَلَكَ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْنَعَهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيْ الْاسْتِحْسَانِ، مَعْ أَنَّ بِقَبْضِ [الرَّهْنِ]

(7)

يَثبُتُ لِلْمُرْتَهِنِ يَدُ الْاسْتِيْفَاءِ، ويَتِمُّ ذَلِكَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، [فَبِصَيْرُوْرَتِهِ]

(8)

مُسْتَوْفِيَاً بِهَلَاكِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِيْفَاءٍ حَقِيْقَةً بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، فَفِيْ الْاسْتِيْفَاءِ حَقِيْقَةً بَعْدَ الْإِبْرَاءِ يَلْزَمُ رَدُّ الْمُسْتَوْفَى، فَيَجِبُ أَنْ يَكُوْنَ [هَاهُنَا]

(9)

كَذَلِكَ

(10)

.

وَلَا يُقَالُ: لَوْ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ [إِنَّمَا]

(11)

يَجِبُ بِسَبَبِ الْإِبْرَاءِ، وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيْهِ فَلَا يُوْجِبُ ضَمَانًا؛ لِأَنَّا نَقُوْلُ: أَنَّ وُجُوْبَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِالْإِبْرَاءِ، بَلْ بِالْاسْتِيْفَاءِ [بِهَلَاكِ الرَّهْنِ]

(12)

، إِلَّا أَنَّهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ كَانَ يَقَعُ الْمُقَاصَّةُ

(13)

، وَبَعْدَ الْإِبْرَاءِ لَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُ الْمُقَاصَّةِ، فَيَبْقَى الْمُسْتَوْفَى مَضْمُوْنًا عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيْقَةً بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، فَإِنَّهُ يَلْزمُهُ ضَمَانُ الْمُسْتَوْفَى، وَالدَّلِيْلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْإِشْكَالِ: أَنَّهُمَا لَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ؛ بَقِيَ ضَمَانُ الرَّهْنِ لِبَقَاءِ الْقَبْضِ وَإِنْ انْعَدَمَ الدَّيْنُ

(14)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 230).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 233)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 483).

(4)

سقطت من (أ).

(5)

في (ب): (و).

(6)

في (أ): (أبرأ).

(7)

في (ب): (الرهن الرهن).

(8)

في (أ): (فصيرورتُهُ).

(9)

في (ب): (هُنا).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 90)، العناية شرح الهداية (10/ 149 - 150)، تكملة فتح القدير (10/ 149).

(11)

في (أ): (أي).

(12)

في (ب): (بهلاكه).

(13)

- الْمُقَاصَّةُ لُغَةً: مصدر من قَصَصَ، فتأتي بمعنى المساواة والمقابلة والمماثلة. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 416)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 505)، مختار الصحاح (ص 254).

- الْمُقَاصَّةُ اصْطِلَاحًا: لم أجد في كتب الفقه الحنفيِّ تعريفًا اصْطِلَاحيًّا مفردًا للمُقَاصًّةِ' إلا أني وجدت "الموسوعة الفقهية الكويتية" قد عرفته بتعريف، وعزته إلى كتاب "مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان" لمحمد قدري باشا، وهو: إِسْقَاطُ دَيْنٍ مَطْلُوْبٍ لِشَخْصٍ مِنْ غَرِيْمِهِ، فِيْ مُقَابِلِ دَيْنٍ مَطْلُوْبٍ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِغَرِيْمِهِ. يُنْظَر: الموسوعة الفقهية الكويتية (38/ 329).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 90).

ص: 301

قُلْتُ: أَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ الْقَبْضِ وَالدَّيْنِ جَمِيْعًا؛ لِأَنَّه ضَمَانُ الْاسْتِيْفَاءِ، فَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إِلَّا بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ، وَبِالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ انْعَدَمَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ وَهُوَ الدَّيْنُ، وَالْحُكْمُ الثَّابِتُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ [وَصْفَيْنِ]

(1)

يَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ أَحَدِهِمَا

(2)

(3)

.

أَلَا تَرَى/ أَنَّه لَوْ رَدَّ الرّهْنَ سَقَطَ الضَّمَانُ لِانْعِدَامِ الْقَبْضِ مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ، فَكَذَلِكَ إِذَا أَبْرَأَ عَنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ لِانْعِدَامِ الدَّيْنِ مَعَ بَقاءِ الْقَبْضِ

(4)

.

وَهَذَا بِخَلَافِ مَا لَوْ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ حَقِيْقَةً؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الدَّيْنُ بِالْاسْتِيْفَاءِ لَا يَسْقُطُ بَلْ يَتَقَرَّرُ، فَإِنَّ مَا هُوَ الْمَقْصُوْدُ يَحْصُلُ بِالْاسْتِيْفَاءِ، وَحُصُوْلُ الْمَقْصُوْدِ بِالشَّيْءِ يُقَرِّرُهُ وَيُنْهِيْهِ

(5)

(6)

.

(1)

في (ب): (وضعين).

(2)

الْحُكْمُ الثَّابِتُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ يَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ أَحَدِهِمَا: قاعدةٌ فقهية، ومعناها: أن الحكم متى ما ثبت بعِلَّة ذات وصفين فإنَّ تحقُّقَهُ متعلق بوجود الوصفين جميعاً، وانعدامه مربوطٌ بانعدام أيِّ واحدٍ مِنْ الوصفَيْن، ولو بقي الآخر، ومِثَالُ ذلك: رَجُلٌ علَّق طلاق زوجته بالخروج وتكليم فلانِ من الناس، فلا يقع الطلاق إلا إذا خرجت وكلَّمت ذلك الشخص، فلو خرَجَت دون أن تكلِّمَه لا يقع الطلاق. يُنْظَر: أصول السرخسي (2/ 237)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (3/ 201 - 202).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 90)، تكملة فتح القدير (10/ 150).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 90)، تكملة فتح القدير (10/ 150).

(5)

حُصُوْلُ الْمَقْصُوْدِ بِالشَّيْءِ يُقَرِّرُهُ وَيُنْهِيْه: قاعدة فقهية، ومعناها: أن المقصود بالشيء أو العقد إذا حصل ووُجِد فإن ذلك ينهي هذا الشيء ويقرره ويؤكده، ومِثَالُ ذلك: إذا اشترى جارية بشرط الخيار، ثم وطئها في زمن الخيار فقد سقط خيارُه، وتَمَّ العقد، فلا حق له في الرجوع بعد ذلك إلا بسبب جديد، كاكتشاف عَيْب؛ لِأنَّ الوطْء مقصود عند شراء الجواري. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (3/ 120).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 90 - 91)، تكملة فتح القدير (10/ 150).

ص: 302

وَإِذَا بَقِيَ الدَّيْنْ حُكْمًا بَقِيَ ضَمَانُ الرَّهْنِ، وَبِهَلَاكِ الرَّهْنِ يَصِيْرُ مُسْتَوْفَيًا، فَتَبيَّنَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مَرَّتَيْنِ، فَيَلْزَمُهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا، فَأَمَّا بِالْإِبْرَاءِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ فَلَا يَبقَى الضَّمَانُ بِعْدَ انْعِدَامِ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ

(1)

.

وَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ هَذَا فِيْمَا إِذَا كَانَ تَصَادُقَهُمَا بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ، وَالدَّيْنُ كَانَ وَاجِبَاً ظَاهِرَاً حَتَّى هَلَكَ، وَوُجُوْبُ الدَّيْنِ ظَاهِرَاً يَكْفِيْ لِضَمَانِ الرَّهْنِ، فَصَارَ مُسْتَوْفَيَاً، فَأَمَّا إِذَا تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ، وَالرَّهْنُ قَائِمٌ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ، فَإِنَّ هُنَاكَ يَهْلَكُ أَمَانَةً؛ لِأَنَّ بِتَصَادُقِهِمَا يَنْتَفِيْ الدَّيْنُ مِنْ الْأَصْلِ، وَضَمَانُ الرّهْنِ لَا يَبْقَى بِدُوْنِ الدَّيْنِ

(2)

.

وَالوَجْهُ الْآخَرُ، وَعَلَيْهِ الْاعْتِمَادُ: أَنَّ مَقْصُودَ الرَّاهِنِ عِنْدَ تَسْلِيْمِ الرَّهْنِ [إِلَى]

(3)

الْمُرْتَهِنِ أَنْ تَبْرَأَ ذِمَّتَهُ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ هَذَا الْمقْصُوْدُ بِالْإِبْرَاءِ قَبْلَ هَلَاكِ الرَّهْنِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ شَيْئاً آخَرَ، كَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ إِذَا عَجَّل الدَّيْنَ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ، وَصَاحِبُ الْمَالِ إِذَا عَجَّلَ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَمَّ الحَوْلُ

(4)

لَا يَلزَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ؛ لِهَذَا الْمَعْنَى، بِخِلَافِ مَا إِذَا اسْتَوْفَى الدَّيْنَ، فَهُنَاكَ مَقْصُوْدُهُ لَمْ يَحْصُلْ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ إِنَّمَا بَرِئَتْ بِمَا أَعْطَى مِنْ الْمَالِ

(5)

.

وَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ لَهُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُوْنُ {مَضْمُوْنًا}

(6)

؛ لِأَنَّ مَقْصُوْدَهُ حَصَلَ بِالتَّصَادُقِ، حَتَّى [لَمْ]

(7)

يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(8)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 91)، تكملة فتح القدير (10/ 151).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 91)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 97)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 526).

(3)

في (أ): (لأن).

(4)

الْحَوْل: يُقَالُ: حَالَ الْحَوْلُ، أَيْ: دَارَتْ السَّنَةُ، فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا: السَّنَةُ. يُنْظَر: النهاية لابن الأثير (1/ 463)، مختار الصحاح (ص 84).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 91).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

في (أ): (لأن).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 91).

ص: 303

وَذَكَرَ فِيْ "الذَّخِيْرَةِ" أَصْلَ [هَذَا]

(1)

، وَقَالَ: وَإِذَا [بَرِئَ]

(2)

الرَّاهِنُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ أَدَاءٍ وَلَا إِيْفَاءٍ إِمَّا بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ، {ثُمَّ}

(3)

هَلَكَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ الرَّاهِنِ، هَلَكَ مَضْمُوْنًا عَلَيْهِ قِيَاسَاً، وَفِيْ الْاسْتِحْسَانِ يَهْلِكُ أَمَانَةً، وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا الثَّلَاثَةُ

(4)

(5)

.

وَأمَّا إِذَا بَرِئَ الرَّاهِنُ بِالْإِيْفَاءِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَلَكَ مَضْمُوْنًا، حَتَّى يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ مَا اسْتَوْفَى عَلَى الرَّاهِنِ

(6)

، وَالْوَجْهُ فِيْ ذَلِكَ: أَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ عَقْدُ اسْتِيْفَاءٍ، فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ بِعَقْدِ الرَّهْنِ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَه بِالْعَيْنِ فِيْ حَقِّ مِلْكِ الْيَدِ وَالْحَبْسِ، وَيَتَقرَّرُ ذَلِكَ الْاسْتِيْفَاءُ بِالْهَلَاكِ مِنْ وَقْتِ وُجُوْدِ الْقَبْضِ، فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ قَضَاءٍ، {وَتَقَرَّرَ الْاسْتِيْفَاءُ مِنْ وَقْتِ وُجُوْدِهِ، ظَهَرَ أَنَّ الْقَضَاءَ حَصَلَ بَعْدَ الْاسْتِيْفَاءِ مَرَّةً، فَظَهَرَ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ، فَأَمَّا الْإِبْرَاءُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْحَالِ، وَلَا يَظْهَرُ}

(7)

أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْاسْتِيْفَاءِ، فَلَا يَظْهَرُ بُطْلَانُ الْاسْتِيْفَاءِ

(8)

.

[بطلان الرهن يكون بالردِّ على وجه الفسخ]

وَقَوْلُهُ: (إِلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ)

(9)

، قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ

(10)

.

(1)

في (أ): (هكذا).

(2)

في (ب): (أَبْرَأَ).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

عُلَمَاؤُنَا الثَّلَاثَةُ: المراد بهم: أبو حنيفة، أبو يوسُف، محمد بن الحسن. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 90).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 71)، المبسوط للسرخسي (21/ 89 - 90)، الفتاوى الهندية (5/ 447).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 71 - 72)، الفتاوى الهندية (448).

(7)

ما بين القوسين سقط من (أ).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 71 - 72)، العناية شرح الهداية (10/ 149 - 150).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 150)، البناية شرح الهداية (12/ 487)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 481).

ص: 304

(لِأَنَّهُ)

(1)

، أَيْ: لِأَنَّ الرَّهْنَ (يَبْقَى مَضْمُوْنًا مَا بَقِيَ الْقَبْضُ وَالدَّيْنُ)

(2)

، أَيْ: مَعًا، أَمَّا لَوْ بَقِيَ الْقَبْضُ دُوْنَ الدَّيْنِ، أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَبْقَى مَضْمُوْنًا؛ لِأَنَّ كَوْنَ الرَّهْنِ مَضْمُوْنًا إِنَّمَا يَثْبُتُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ، وَهُمَا: الْقَبْضُ وَالدَّيْنُ، فَلَا يَبْقَى مَضْمُوْنًا بِأَحَدِهِمَا، [وَذَكَرْنَاهُ]

(3)

(4)

.

[انتفاع المرتهن بالرهن]

(وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ، لَا بِاسْتِخْدَامٍ وَلَا سُكْنَى)

(5)

، وَلَمَّا لمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ الْانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ مِنْ حَيْثُ الْاسْتِخْدَامِ وَالسُّكْنَى لَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الْانْتِفَاعُ بِالْوَطْءِ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ أَمَةً بِالطَّرِيْقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ أَمْرَ [الْفَرْجِ]

(6)

أَشَدُّ حُرْمَةً، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَوْ وَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ مِلْكُ الْيَدِ فِيْهَا بِعَقْدِ الرَّهْنِ، وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِلْحَدِّ

(7)

.

وَكَذَلِكَ {لَوْ اسْتَعَارَ}

(8)

رَجُلٌ أَمَةً لِيَرْهَنَهَا، فَوَطِئَهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ، يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ أَيْضَاً؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيْهَا نَظِيْرَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنَّ لَهُ حَقَّ إِيْفَاءِ الدَّيْنِ بِمَالِيَّتِهَا، وَلِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ اسْتِيْفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِيَّتِهَا، وَكَمَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ الْمُرْتَهِنِ فَكَذَلِكَ عَنْ الرَّاهِنِ، وَيَكُوْنُ الْمَهْرُ عَلَى الْوَاطِئِ، كَذَا فَيْ بَابِ الْعَارِيَّةِ فِيْ الرَّهْنِ، مِنْ رَهْنِ "الْمَبْسُوْطِ"

(9)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1561).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1561).

(3)

في (ب): (وقد ذكرنا).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 150)، البناية شرح الهداية (12/ 487)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 481 - 482).

(5)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(6)

في (أ): (الفرْع).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 162)، البناية شرح الهداية (12/ 487).

(8)

سقطت من (ب).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 162)، الأصل للشيباني (3/ 226)، الفتاوى الهندية (5/ 487).

ص: 305

[حفظ المرتهن للرهن بنفسه أو بغيره]

(قَالَ/: مَعْنَاهُ أَنْ يَكُوْنَ الْوَلَدُ فِيْ عِيَالِهِ أَيْضًا)

(1)

، وَفِيْ وَدِيْعَةِ "الذَّخِيْرَةِ": وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ/ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ فِيْ عِيَالِهِ: زَوْجَتُهُ وَوَلَدُهُ، وَأَجِيْرُهُ الْخَاصُّ الَّذِيْ اسْتَأْجَرَهُ مُشَاهَرَةً

(2)

أَوْ مُسَانَهَةً

(3)

، ثُمَّ ذَكَرَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِيْ هَذَا الْبَابِ [لِلْمُسَاكَنَةِ]

(4)

، وَلَا عِبْرَةَ لِلْنَّفَقَةِ

(5)

.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَوْدَعَتْ وَدِيْعَةً فَدَفَعَتْ الْوَدِيْعَةَ إِلَى زَوْجِهَا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ فِيْ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّهُمَا يَسْكُنَانِ مَعًا، [وَأَلَا]

(6)

تَرَى أَنَّ الْابْنَ الْكَبِيْرَ إِذَا كَانَ سَاكِنًا مَعَ الْمُوْدِعِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيْ نَفَقَتِهِ، فَخَرَجَ الْمُوْدِعُ عَنْ الْمَنْزِلِ [وَتَرَكَ الْمَنْزِلَ]

(7)

[عَلَى الْابْنِ]

(8)

فَإنَّهُ/ لَا يَضْمَنُ، عُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَا قُلْنَا

(9)

.

[النَّفقة على الرهن، وما فيه مصلحته مِنْ حِفظٍ وغيرِه]

(وَأُجْرَةُ الرَّاعِيْ، وَنَفَقَةُ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ)

(10)

، [فَإِنْ]

(11)

أَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى [الرَّهْنِ]

(12)

فَالْقَاضِيْ يَأمُرُ الْمُرْتَهِنَ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، فَإِذَا قَضَى الدَّيْنَ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ النَّفَقَةَ، وَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الرَّاهِنِ، وَهَذَا قَوْلُ زُفَرَ/

(13)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(2)

مُشَاهَرةً: مِنْ الشَّهْرِ، وَشَاهَرَ الْأَجِيْرَ مُشَاهَرَةً: اسْتَأْجَرَهُ لِلْشَّهْرِ، فَهِيَ الْمُعَامَلَةُ شَهْرًا بِشَهْرٍ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 137)، لسان العرب (4/ 432)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 353).

(3)

مُسَانَهَةً: مِنْ السَّنَةِ، وَسَانَهَ الْأَجِيْرَ مُسَانَهَةً وَمُسَانَاةً: اسْتَأْجَرَهُ لِلْسَّنَةِ، فَهِيَ الْمُعَامَلَةُ سَنَةً بِسَنَةٍ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 155)، لسان العرب (13/ 501)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 292).

(4)

في (ب): (للساكنة).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 286)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 67)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 250).

(6)

في (ب): (ألا).

(7)

سقطت من أصل (أ).

(8)

في (ب): (للابن).

(9)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (8/ 286)، العناية شرح الهداية (10/ 150 - 151)، البناية شرح الهداية (12/ 488).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(11)

في (ب): (وإذا).

(12)

في (ب): (المرهون).

(13)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 80)، العناية شرح الهداية (10/ 151)، عيون المسائل للسمرقندي (ص 362).

ص: 306

وَقَالَ أَبُوْ يُوْسُفَ/: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ بِالنَّفَقَةِ، وَإِذَا هَلَكَ فِيْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالنَّفَقَةُ دَيْنٌ عَلَى الرَّاهِنِ بِحَالِهِ، كَذَا فِيْ "الذَّخِيْرَةِ"

(1)

.

(وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ)

(2)

، أَيْ: وَمِنْ جِنْسِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ الرَّهْنِ وَتَبْقِيَتِهِ

(3)

.

(وَكُلُّ مَا كَانَ لِحِفْظِهِ)

(4)

، أَيْ: لِحِفْظِ الرَّهْنِ

(5)

.

(أَوْ لِرَدِّهِ إِلَى يَدِ [الرَّاهِنِ]

(6)

(7)

، كَجُعْلِ

(8)

الْآبِقِ

(9)

(10)

.

(أَوْ لِرَدِّ جُزْءٍ مِنْهُ)

(11)

، كَمُدَاوَاةِ الْجِرَاحِ

(12)

.

(لِأَنَّ الْإمْسَاكَ حَقٌّ لَهُ، وَالْحِفْظَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ)

(13)

، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِيْ "شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ": حِفْظُ الْمَرْهُوْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، حَتَّى أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ شَرَطَ لِلْمُرْتَهِنِ شَيْئًا عَلَى الْحِفْظِ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَسَعَهُ، بِخِلَافِ الْوَدِيْعَةِ، فَإِنَّ الْمُوْدِعَ إِذَا شَرَطَ {لِلْمُوْدَعِ}

(14)

شَيْئًا [عَلَى]

(15)

الْحِفْظِ يَصِحُّ

(16)

.

(1)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 80)، العناية شرح الهداية (10/ 151)، عيون المسائل للسمرقندي (ص 362).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1562).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 490)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 68)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 590).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1562).

(5)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 490)، تحفة الفقهاء (3/ 43)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 68).

(6)

هكذا في النسختين، وفي جميع ما هو مطبوع:(الْمُرْتَهِن).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1562).

(8)

كَجُعْل: مَا جُعِلَ لِلْإِنْسَانِ مِنْ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ يَفْعَلُهُ، يُقَالُ: جَعَلْتُ لَهُ جُعْلَاً. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 91)، مختار الصحاح (ص 58)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 102).

(9)

الآبِقِ: أَبَقَ يَأْبَقُ ويَأْبِقُ إِبَاقاً: إِذَا هَرَبَ، فَهُوَ آبِقٌ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 16)، النهاية لابن الأثير (1/ 15)، مختار الصحاح (ص 11).

(10)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 44)، العناية شرح الهداية (10/ 151)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 589).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1562).

(12)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 44)، العناية شرح الهداية (10/ 151)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 589).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1562).

(14)

سقطت من (ب).

(15)

في (أ): (عن).

(16)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 81)، العناية شرح الهداية (10/ 151)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 235).

ص: 307

(وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ: جُعْلُ الْآبِقِ)

(1)

، أَيْ: وَمِنْ الْقِسْمِ الَّذِيْ يَجِبُ مَؤُنَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ

(2)

.

(وَمُدَاوَاةُ الْجِرَاحِ)

(3)

، إِلَى قَوْلِهِ:(يَنقَسِمُ عَلَى الْمَضْمُوْنِ وَالْأَمَانَةِ)

(4)

، يَعْنِيْ: مَا كَانَ مِن حِصَّةِ الْمَضْمُونِ فَعَلَى الْمُرْتَهِن، وما كَانَ مِن حِصَّةِ الأَمانَةِ فعَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ في حِصَّةِ الأَمانَةِ مُوْدَعٌ، ونَفَقَةُ الوَدِيْعَةِ علَى الْمُوْدِعِ

(5)

.

(لِتَعلُّقِهِ بِالعَيْنِ)

(6)

، بِخِلَافِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّهْنِ مِن حَيْثِ الْمَالِيَّةِ لَا مِنْ حَيْثِ الْعَيْنِ، فَالْعَيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَالِيَّةِ، فَكَذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِيَّتِهِ

(7)

.

[تقديم العُشْر فيما يخرج من الرَّهن على حق المرتهن]

(وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيْ الْبَاقِيْ)

(8)

، إِنَّمَا ذَكَر هَذَا لِنَفْيِ شُبْهَةٍ تَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ:(لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ)، يَعْنِيْ: لَمَّا كَانَ الْعُشْرُ

(9)

مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ الْخَارِجِ، وَالْخَارِجُ عَيْنٌ كَالْأَرْضِ، فَكَانَ الْاسْتِحْقَاقُ بِالْعُشْرِ بِمَنْزِلَةِ الْاسْتِحْقَاقِ فِيْ بَعْضِ الْأَرْضِ، وَالْاسْتِحْقَاقُ فِيْ بَعْضِ الْأَرْضِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ؛ لِثُبُوْتِ الشُّيُوْعِ فِيْ الرَّهْنِ، فَكَذَا فِيْ الْاسْتِحْقَاقِ بِالْعُشْرِ

(10)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1563).

(2)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 68)، البناية شرح الهداية (12/ 491)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 589).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(5)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 151 - 152)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 68)، البناية شرح الهداية (12/ 492).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1563).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 151 - 152)، البناية شرح الهداية (12/ 492)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 68).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1563).

(9)

- الْعُشْرُ لُغَةً: أَحَدُ أَجْزَاءِ الْعَشَرَةِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 345)، مختار الصحاح (ص 209)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 410).

- الْعُشْرُ اصْطِلَاحًا: اسْمٌ لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ فِيْ زَكَاةِ الْأَرْضِ الْعَشْرِيَّةِ. يُنْظَر: التعريفات الفقهية للبركتي (ص 147).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 492)، العناية شرح الهداية (10/ 152)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 151)،.

ص: 308

ثُمَّ صُوْرَةُ الْمَسْأَلَةِ: مَا إِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ أَرْضًا فِيْهَا نَخْلٌ وَشَجَرٌ وَزَرْعٌ، وَارْتَهَنَ ذَلِكَ مَعَهَا، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ

(1)

، فأَخَذَ السُّلْطَانُ الْعُشْرَ مِنْ الْغَلَّةِ

(2)

، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ بِقَدْرِ الْعُشْرِ مِنْ الْغَلَّةِ قَضَى حَقَّاً وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوْزُ أَنْ يُسْقِطَ بِهِ الدَّيْنَ، إِذْ لَوْ سَقَطَ بِهِ الدَّيْنُ أَدَّى إِلَى أَنْ يَصِيْرَ قَاِضَيًا بِمَالٍ وَاحِدٍ حَقَّيْنِ، الدَّيْنُ وَالْعُشْرُ، وَهَذَا لَا يَجُوْزُ، وَلَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ فِيْمَا بَقِيَ، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ نَصِيْبٍ يُسْتَحَقُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى اسْتَحَقَّ قَدْرَ الْعُشْرِ مِنْ الرَّهْنِ ظَهَرَ أَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَصِحَّ فِيْ قَدْرِ الْمُسْتَحَقِ؛ لِأَنَّهُ مُلْكُ الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا صَحَّ فِيْمَا [وَرَاءَهُ، وَما وَرَاءَهُ]

(3)

مُشَاعٌ، وَرَهْنُ الْمُشَاعِ بَاطِلٌ، وَأَمَّا بِأَخْذِ الْعُشْرِ [لَمْ]

(4)

يَظْهَرُ الرَّهْنُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا عَلَى قَدْرِ الْعُشْر؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْعُشْرِ كَانَ مُلْكَهُ أَيْضَاً

(5)

.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ [بَاعَهُ]

(6)

جَازَ الْبَيْعُ، وَلَوْ أَدَّى الْعُشْرَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ جَازَ، [فَصَحَّ]

(7)

الرَّهْنُ فِيْ الْكُلِّ، ثُمَّ خَرَجَ هَذَا الْجُزْءُ بِأَخْذِ السُّلْطَانِ وَالْبَاقِيْ مَقْسُوْمٌ، فَلَمْ يَتَمَكَّنَ الشُّيُوْعُ فِيْ الرَّهْنِ لَا طَارِئًا وَلَا [مُقَارِنًا]

(8)

، كَذَا فِيْ ["الْمَبْسُوْطِ"]

(9)

(10)

.

(1)

أَرْضُ الْعُشْر: هِيَ الْأَرْضُ الْعَشْرِيَّةُ، وَهِيَ: كُلُّ أَرْضٍ اسْتَأْنَفَ الْمُسْلِمُوْنَ إِحْيَاءَهَا، أَوْ الْأَرْضُ الَّتِيْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، أَوْ الْأَرْضُ الَّتِيْ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقُسِمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِيْنَ، أَوْ مَا فُتِحَ عُنْوَةً ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُهُ وَأُقِرُّوْا عَلَيْهِ. يُنْظَر: النُّتَف في الفتاوى للسُّغْدي (1/ 183)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 57 - 58).

(2)

الْغَلَّة: وَاحِدَةُ الْغَلَّاتِ، َهِيَ: كُلُّ مَا يَحْصُلُ مِنْ نَحْوِ رِيْعِ أَرْضٍ أَوْ كِرَائِهَا أَوْ أُجْرَةِ غُلَامٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 374)، مختار الصحاح (ص 229)، الكليات للكفوي (ص 663).

(3)

في (أ): (وراه وما وراه).

(4)

في (أ): (ثُمَّ).

(5)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (3/ 228)، المبسوط للسرخسي (21/ 163)، البناية شرح الهداية (12/ 492).

(6)

في (ب): (باع).

(7)

في (أ): (وصَحَّ)

(8)

في (ب): (مُقَارِباً).

(9)

في (ب): ("المبسوطين").

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 163)، العناية شرح الهداية (10/ 152)، البناية شرح الهداية (12/ 492).

ص: 309

وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْخَارِجَ مِنْ الْأَرْضِ الْمَرْهُوْنَةِ فِيْ حُكْمِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ [نَمَاءٌ]

(1)

تَوَلَّدَ مِنْ الْأَرْضِ فَأَخَذَ حُكْمَهَا، كَوَلَدِ الْمَرْهُوْنَةِ

(2)

.

(فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ)

(3)

؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

(4)

.

[تأدية الراهن أو المرتهن ما لا يجب عليه فيما فيه مصلحة الرهن]

(وَمَا أَنْفَقَ أحَدُهُمَا مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ بِأَمْرِ القَاضِيْ)

(5)

يَجِبُ عَلَيْهِ، فبِمُجَرَّدِ أَمْرِ الْقَاضِيْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُجْعَلْ دَيْنًا عَلَيهِ، عَلَى مَا هُوَ الْمَذْكُوْرُ فِيْ "الذَّخِيْرَةِ"، [وقَالَ]

(6)

: ومَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ علَى [الرَّهْنِ]

(7)

والرَّاهِنُ غَائِبٌ فَهُوَ مِنْهُ تَطَوُّعٌ، فَإِنْ أَمَرَهُ القَاضِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ ويُجْعَلَ دَيْنًا علَى الرَّاهِنِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: فَقَدْ أَشَار إِلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَمْرِ القَاضِي لا تَصِيْرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا علَى الرَّاهِنِ، حَيْثُ قَالَ: ويَجْعَلُهُ القَاضِيْ دَيْنًا عَلَيْهِ

(8)

.

قَالَ شَمْسُ الأَئِمَّةِ/

(9)

: وهكَذَا نَقُولُ فِي كِتَابِ الُّلقَطَةِ، وَأَكْثَرُ مَشَائِخِنَا رحمهم الله عَلَى هَذَا، أَنَّهُ لابُدَّ مِنْ التَّنْصِيْصِ عَلَى أَنْ يَكُوْنَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الرَّاهِنِ، أمَّا بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ فَلَا يَصِيْرُ دَيْنًا؛ وهَذَا لِأَنَّ أَمْرَ القَاضِيْ فِيْ هَذَا الْمَوْضِعِ مَا كَانَ لِإِلْزَامِ الْمَأْمُوْرِ شَيْئًا، فَإِنَّه لَا يُلْزِمُهُ بِالْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ حِسْبَةً

(10)

، وبَيْنَ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ لِيَكُوْنَ دَيْنًا عَلَيْهِ، فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا [أَدْنَاهُمَا]

(11)

، فَلَا يَثْبُتُ دَيْنًا إِلَّا بِالتَّنْصِيْصِ عَلَيهِ

(12)

.

(1)

في (أ): (لَمَّا).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (23/ 158 - 159).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 68)، العناية شرح الهداية (10/ 152)، البناية شرح الهداية (12/ 493).

(5)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(6)

في (ب): (فقال).

(7)

في (ب): (الرَّاهِن).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 82)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 251)، البناية شرح الهداية (12/ 493).

(9)

شمس الأئمة/: المراد به هنا السرخسي/. يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 82).

(10)

حِسْبَةً: مِنْ الْاحْتِسَابِ وَالتَّبَرُّعِ، الَّذِيْ يُرَادُ بِهِ: ابْتِغَاءُ وَطَلَبُ الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِيْ الْآخِرَةِ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 134)، لسان العرب (1/ 314).

(11)

في (أ): (إِذْنَاهُما).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 111 - 112)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 82)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 251).

ص: 310

فَإِنْ قُلْتَ: مَا الفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وبَيْنَ صَاحِبِ العُلُوِّ إِذَا بَنَى السُّفْلِيُّ، [فَإِنَّ]

(1)

هُنَاكَ فِي الرُّجُوعِ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ لَا يَتَوَقَّف/ [أَمْرُهُ]

(2)

إِلَى جَعْلِهِ دَيْنًا، وَلَا إِلَى أَمْرِهِ، بَلْ يَرْجِعُ صَاحِبُ السُّفْلِ بِمَا أَنْفَقَ فِي بِنَاءِ السُّفْلِ، وإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ القَاضِيْ بِالْبِنَاءِ؟

قُلْتُ: إِنَّمَا نَشَأَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ مُضْطَرٌّ فِي بِنَاءِ عُلُوِّهِ، سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبَ السُّفْلِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِيْ إِنْ كَانَ صَاحِبَ السُّفْلِ حَاضِرًا لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الْبِنَاءِ إِذَا انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَأْمُرُهُ بِالْبِنَاءِ، فَلَمْ يَبْقَ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ فِيْ إِصْلَاحِ حَقِّهِ {طَرِيْقٌ}

(3)

سِوَى الْبِنَاءِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيْهِ فَإِنَّ الرَّاهِنَ إِذَا كَانَ حَاضِرًا فَالْمُرْتَهِنُ فِيْ الْإِنْفَاقِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ؛ لِأَنَّهُ إِذَا رَفَعَ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِيْ فَالْقَاضِيْ يَأْمُرُ الرَّاهِنَ بِالْإِنْفَاقِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ غَائِبًا يَأْمُرُ الْمُرْتَهِنَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ مَا أَنْفَقَ إِنْ رَأَى النَّظَرَ لِلْغَائِبِ، كَذَا فِيْ "مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ"

(4)

.

(وَهِيَ فَرْعُ مَسْأَلَةِ الْحَجْرِ

(5)

(6)

، فَمَذْهَبُ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/: أَنَّ الْقَاضِيْ لَا يَلِيْ عَلَى الْحَاضِرِ، وَعِنْدَهُمَا يَلِيْ عَلَيهِ، كَذَا فِيْ "الْإِيْضَاحِ"

(7)

.

(1)

في (ب): (وإنَّ).

(2)

في (ب): (أَجْرُه).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

لم أجده. وَيُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1170)، البناية شرح الهداية (12/ 493).

(5)

- الْحَجْر لُغَةً: مُطْلَقُ الْمَنْعُ. الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 111)، النهاية لابن الأثير (1/ 342)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 121).

- الْحَجْر اصْطِلَاحًا: مَنْعٌ مِنْ نَفَاذِ تَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ؛ لِصِغَرٍ، وَرِقٍّ، وَسَفَهٍ، وَجُنُوْنٍ. يُنْظَر: رد المحتار على الدر المختار (6/ 143)، التعريفات للجُرْجَاني (ص 82).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1563).

(7)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1170)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 152)، العناية شرح الهداية (10/ 152).

ص: 311

يَعْنِيْ: عِنْدَ أَبِيْ يُوْسُفَ وَمَحَمَّدٍ -رَحِمَهُمَا اللهُ- لَمَّا نَفَذَ حَجْرُ الْقَاضِيْ عَلَى الْحُرِّ كَانَ نَافِذًا حَالَ غَيْبَتِهِ وَحَضْرَتِهِ، وَعِنْدَ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/ لَوْ نَفَذَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْقَاضِيْ حَالَ حُضُوْرِهِ يَصِيْرُ مَحْجُوْرًا عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَرَاهُ، بِخِلَافِ حَالِ غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّ فِيْهَا ضَرُوْرَةٌ، (وَاللهُ أَعْلَمُ)

(1)

(2)

.

بَابُ مَا يَجُوْزُ ارْتِهَانُهُ وَالارْتِهَانُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوْزُ

[مناسبة هذا الباب لِمَا قَبله من كتاب الرهن]

لَمَّا ذَكَرَ مُقَدِّمَاتِ مَسَائِلِ الرَّهْنِ ذَكَرَ فِيْ هَذَا الْبَابِ تَفْصِيْلَ مَا يَجُوْزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوْزُ، إِذْ التَّفْصِيْلُ إِنَّمَا يَكُوْنُ بَعْدَ الْإِجْمَالِ

(3)

.

[حكم رهن المُشاع]

(وَلَا يَجُوْزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ)

(4)

، سَوَاءٌ كَانَ مُشَاعًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، أَوْ لَا يَحْتَمِلُ، وَسَوَاءٌ رَهَنَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ مِنْ شَرِيْكِهِ

(5)

.

(وَالشُّيُوْعُ الطَّارِئُ)

(6)

، يُبْطِلُ الرَّهْنَ، وَهُوَ الصَّحِيْحُ

(7)

.

وَصُوْرَتُهُ: أَنْ يَرْهَنَ جَمِيْعَ الْعَيْنِ ثُمَّ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ فِيْ النِّصْفِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ

(8)

.

ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَهْنَ الْمُشَاعِ لَا يَجُوْزُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ عَلَى أَنَّهُ فَاسِدٌ أَوْ بَاطِلٌ، وَفِيْمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِيْ "الذَّخِيْرَةِ" وَ ["الْمُغْنِيْ"]

(9)

دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّهُ فَاسِدٌ لَا بَاطِلٌ

(10)

، فَالْمَقْبُوْضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ وَهُوَ الصَّحِيْحُ، وَالْمَقْبُوْضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ أَصْلاً؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ مِنْ الرَّهْنِ مَا لَا يَكُوْنُ مُنْعَقِدًا أَصْلاً، كَالْبَاطِلِ مِنْ الْبُيُوْعِ، وَالْفَاسِدُ مِنْهُ مَا يَكُوْنُ مُنْعَقِدًا لَكِنْ بِوَصْفِ الْفَاسِدِ، كَالْفَاسِدِ مِنْ الْبُيُوْعِ، وَشَرْطُ انْعِقَادِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُوْنَ الرَّهْنُ مَالاً، وَالْمُقَابَلُ {بِهِ}

(11)

يَكُوْنُ مَالاً مَضْمُوْنًا، وَهُوَ [شَرْطُ]

(12)

جَوَازِ الرَّهْنِ

(13)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1563).

(2)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1170)، العناية شرح الهداية (10/ 152)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 488).

(3)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 68)، العناية شرح الهداية (10/ 152)، تكملة فتح القدير (10/ 152).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 64)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 138)، الفتاوى الهندية (5/ 433).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 64)، البناية شرح الهداية (12/ 496)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 592).

(8)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 64)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 69)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 591).

(9)

في (أ): (المعني).

(10)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 64)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 69)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 251).

(11)

سقطت من (أ).

(12)

في (أ): (ليس بشرط).

(13)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 494)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 251)، الفتاوى الهندية (5/ 447).

ص: 312

ثُمَّ قَالَ: فَفِيْ كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الرَّهْنُ مَالاً وَالْمُقَابَلُ بِهِ مَضْمُوْنًا، إِلَّا أَنَّهُ فَقْدَ [بَعْضَ]

(1)

شَرَائِطِ الْجَوَازِ [يَنْعَقِدُ]

(2)

الرَّهْنُ؛ لِوُجُوْدِ شَرْطِ الْانْعِقَادِ، لَكِنْ بِصِفَةِ الْفَسَادِ؛ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْجَوَازِ، وَفِيْ كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مَالاً، أَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُقَابَلُ {بِهِ}

(3)

مَضْمُوْنًا، لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ أَصْلاً

(4)

.

(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ/: يَجُوْزُ

(5)

(6)

، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ دَلِيْلَهُ فِيْ الْكِتَابِ

(7)

؛ لِأَنَّ أَصْلَ دَلِيْلِهِ وَمُعْظَمَهُ قَدْ عُلِمَ فِيْ ضِمْنِ ذِكْرِ دَلِيْلِنَا، وَهُوُ قَوْلُهُ: (وَعِنْدَهُ: الْمُشَاعُ يَقْبَلُ مَا هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ، وَهُوَ [تَعَيُّنُهُ]

(8)

لِلْبَيْعِ)

(9)

، فَإِنَّهُ يَقُوْلُ: الْمُشَاعُ عَيْنٌ يَجُوْزُ بَيْعُهُ، فَيَجُوْزُ رَهْنُهُ كَالْمَقْسُوْمِ

(10)

.

(وَهَذَا)

(11)

، أَيْ: ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ (لَا يُتَصَوَّرُ فِيْمَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ، وَهُوَ الْمُشَاعُ)

(12)

، بَيَانُ هَذَا: أَنَّ مُوْجَبَ عَقْدِ الرَّهْنِ ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ لِلْمُرْتَهِنِ، عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّهُ وَثِيْقَةٌ لِجَانِبِ الْاسْتِيْفَاءِ، وَيَدُ الْاسْتِيْفَاءِ فِيْ الْجُزْءِ [الشَّائِعِ]

(13)

لَا يَتَحَقَّقُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ حَقِيْقَةٌ لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى جُزْءٍ مُعَيَّنٍ، وَإِذَا كَانَ الْمَرْهُوْنُ جُزْءًا [شَائِعًا]

(14)

لَوْ ثَبَتَ حُكْمُ الرَّهْنِ إِنَّمَا يَكُوْنُ عِنْدَ التَّخَلِّيْ [عَنْ جَمِيْعِ]

(15)

الْعَيْنِ، أَوْ عِنْدَ نَقْلِ جَمِيْعِ الْعَيْنِ حَقِيْقَةً، وَنِصْفُ الْعَيْنِ لَيْسَ [بَمَعْقُوْدٍ]

(16)

عَلَيْهِ، وَإِذَا {كَانَ}

(17)

مُوْجَبُ الْعَقْدِ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِاعْتِبَارِ مَا لَيْسَ بِمَعْقُوْدٍ عَلَيْهِ [لَا يَنْعَقْدُ]

(18)

{الْعَقْدُ}

(19)

أَصْلاً، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدَ زَوْجَيْ الْمِقْرَاضِ

(20)

لِمَنْفَعَةِ قَرْضِ الثِّيَابِ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَ فِيْمَا هُوَ مُوْجَبُ الرَّهْنِ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ لِلْتَجَزِّي، وَعِنْدَ إِضَافَةِ الْعَقْدِ إِلَى نِصْفِهِ لَمْ يَثْبُتْ فِيْ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ النِّصْفِ هَاهُنَا لَيْسَ بِعِبَارَةٍ عَنْ الْكُلِّ بِالْاتِّفَاقِ، فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ أَصْلاً

(21)

.

(1)

في (أ): (نَقْصَ).

(2)

في (أ): (بِعَقْدِ).

(3)

سقطت من (أ).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 494)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 251)، الفتاوى الهندية (5/ 447).

(5)

يُنْظَر: الأم للشافعي (3/ 194)، الحاوي الكبير للماوردي (6/ 12)، نهاية المطلب في دراية المذهب (6/ 82).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(7)

الْكِتَابِ: الْمُراد به هُنا "الهداية شرح البداية". يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(8)

في (ب): (يُعَيِّنُهُ).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 495)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 68 - 69)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 591).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(12)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(13)

في (ب): (المشاع).

(14)

في (أ): (سابعًا).

(15)

في (أ): (لجميع).

(16)

في (ب): (بمقصود).

(17)

سقطت من (ب).

(18)

في (ب): (لا يَنْفَذ).

(19)

سقطت من (أ).

(20)

الْمِقْراض: وَاحِدُ الْمَقَارِيْضِ، وَهُوَ هُنَا: الْمِقَصُّ. يُنْظَر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار (2/ 180)، مختار الصحاح (ص 254)، لسان العرب (7/ 216).

(21)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 70 - 71).

ص: 313

فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَسْتَقِيْمُ هَذَا؟ فَمُوْجَبُ عَقْدِ الرَّهْنِ ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَالشُّيُوْعُ لَا يَمْنَعُ الْاسْتِيْفَاءَ {حَقِيْقَةً}

(1)

، فَإِنَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ عَشَرَةً فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمَدْيُوْنُ كِيْسًا فِيْهِ عِشْرُوْنَ دِرْهَمًا [لِيَسْتَوْفِيَ]

(2)

حَقَّهُ مِنْهُ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا/ حَقَّهُ مِنْ النِّصْفِ شَائِعًا، وَإِذَا كَانَ الشُّيُوْعُ لَا يَمْنَعُ حَقِيْقَةَ الْاسْتِيْفَاءِ فَكَيْفَ يَمْنَعُ ثُبُوْتَ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ؟

قُلْنَا: مُوْجَبُ حَقِيْقَةِ الْاسْتِيْفَاءِ مِلْكُ عَيْنِ الْمُسْتَوْفَى، وَالْيَدُ يِبْتَنِيْ عَلَى الْمِلْكِ، وَالشُّيُوْعُ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ، [فَمَا]

(3)

هُوَ الْمُوْجَبُ يُمْكِنُ إِثْبَاتُهُ فِيْ الْجُزْءِ [الشَّائِعِ]

(4)

هُنَاكَ، وَمُوْجَبُ الرَّهْنِ يَدُ الْاسْتِيْفَاءِ فَقَطْ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيْ الْجُزْءِ [الشَّائِعِ]

(5)

، وَبِهَذَا الطَّرِيْقِ سَوَّيْنَا فِيْ حُكْمِ الرَّهْنِ بَيْنَ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَبَيْنَ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّ مُوْجَبَ الْعَقْدِ هُنَاكَ الْمِلْكُ، وَالْقَبْضُ شَرْطُ تَمَامِ ذَلِكَ الْعَقْدِ، فَيُرَاعَى وُجُوْدُهُ فِيْ كُلِّ مَحَلٍّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ رَهْنُ الْمُشَاعِ مِنْ الشَّرِيْكِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُوْجَبَ الْعَقْدِ لَا يَتَحَقَّقُ فِيْمَا أُضِيْفَ إِلَيْهِ الْعَقْدُ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ مَعَ الشَّرِيْكِ أَوْ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(6)

.

وَقَوْلُهُ: (وَهُوَ [الْاسْتِيْثَاقُ مِنْ]

(7)

الْوَجْهِ الَّذِيْ بَيَّنَّاهُ)

(8)

، وَهُوَ قَوْلُهُ:(وَلِيَكُوْنَ عَاجِزًا عَنْ الْانْتِفَاعِ فَيَتَسَارَعُ إِلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ لِحَاجَتِهِ أَوْ لِضَجَرِهِ)

(9)

(10)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

في (أ): (يستوفي).

(3)

في (أ): (ممَّا).

(4)

في (أ): (السّابِع).

(5)

في (أ): (السّابِع).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 71).

(7)

في (أ): (الاستئناف عن).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(9)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1557).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 154)، البناية شرح الهداية (12/ 495)، تكملة فتح القدير (10/ 154).

ص: 314

(وَكُلُّ ذَلِكَ)

(1)

، {أَيْ}

(2)

: مِنْ هَذِهْ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ:(أَحَدُهُمَا يُبْتَنَىْ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ، فَإِنَّهُ عِنْدَنَا: ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ)

(3)

، وَقَوْلُهُ: (وَالثَّانِيْ: {أَنَّ}

(4)

مُوْجَبَ الرَّهْنِ الْحَبْسُ الدَّائِمُ)

(5)

، وَقَوْلُهُ: (أَوْ بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَقْصُوْدِ مِنْهُ، وَهُوَ [الْاسْتِيْثَاقُ]

(6)

(7)

(8)

.

(وَلَا يُفْضِيْ إِلَيْهِ)

(9)

، أَيْ: إِلَى الْحَبْسِ الدَّائِمِ

(10)

.

[صورة الشيوع الطارئ]

(وَالشُّيُوْعُ الطَّارِئُ)

(11)

، صُوْرَتُهُ: مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَرْهَنَ جَمِيْعَ الْعَيْنِ ثُمَّ تَفَاسَخَا فِيْ الْبَعْضِ، أَوْ إِذْنُ الرَّاهِنِ الْعَدْلَ [بِأَنْ يَبِيْعَ]

(12)

الرَّهْنَ كَيْفَ شَاءَ، فَبَاعَ [نِصْفَهُ]

(13)

، بَطَلَ الرَّهْنُ

(14)

.

(وَعَلَى الْوْجْهِ الثَّانِيْ)

(15)

، وَهُوَ قَوْلُهُ:(وَالثَّانِيْ: أَنْ مُوْجَبَ الرَّهْنِ هُوَ الْحَبْسُ الدَّائِمِ)

(16)

، {أَيْ}

(17)

: لَا يَجُوْزُ رَهْنُهُ مِنْ شَرِيْكِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ {جَمِيْعًا}

(18)

(19)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(6)

في (أ): (الاسْتِئْنَاف).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 154)، البناية شرح الهداية (12/ 495)، تكملة فتح القدير (10/ 155).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 154)، البناية شرح الهداية (12/ 495).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(12)

في (ب): (ببيع).

(13)

في (ب): (بصفه).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 154)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 69)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 591).

(15)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(16)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(17)

سقطت من (ب).

(18)

سقطت من (ب).

(19)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 154)، البناية شرح الهداية (12/ 495)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 142).

ص: 315

وَفِيْ "الْإِيْضَاحِ": وَرَهْنُ الْمُشَاعِ مِنْ الشَّرِيْكِ لَا يَجُوْزُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ [الشَّائِعَ]

(1)

لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِحُكْمِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ

(2)

.

وَلِأَنَّا إِذَا جَوَّزْنَا مِنْ الْمَالِكِ يُمْسِكُ (يَوْمًا بِحُكْمِ الْمُلْكِ وَيَوْمًا بِحُكْمِ الرَّهْنِ، فَيَصِيْرُ [كَأَنَّهُ]

(3)

رَهَنَ يَوْمًا وَيَوْمَاً لَا)

(4)

(5)

.

(وَعَنْ أَبِيْ يُوْسُفَ/: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ)

(6)

، أَيْ: أَنَّ الشُّيُوْعَ الطَّارِئَ {لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الرَّهْنِ، كَمَا}

(7)

لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ الْهِبَةِ؛ (لِأَنَّ حُكْمَ الْبَقَاءِ أَسْهَلُ مِنْ حُكْمِ الْابْتِدَاءِ

(8)

(9)

(10)

.

أَلَا تَرَى أَنَّ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ لَا يَجُوْزُ أَنْ تَكُوْنَ مَحَلًّا لِلْنِّكَاحِ ابْتِدَاءً، وَيَبْقَى النِّكَاحُ فِيْ حَقِّهَا بِأَنْ وُطِئَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ بِشُبْهَةٍ تَعْتَدُّ هِيَ لِذَلِكَ الْوْطْءِ، وَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ، وَكَالشُّيُوْعِ الطَّارِئِ فِيْ الْهِبَةِ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْهِبَةِ وَلَا يَمْنَعُ بَقَاءَهَا، فَكَانَ فِيْ مَعْنَى الشَّائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَبْسُهُ إِلَّا بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ بَيْنَهُمَا اخْتِلَاطًا وَامْتِزَاجًا، فَلَمْ يَكُنْ الْمَرْهُوْنُ وَحْدَهُ قَابِلًا لِلْحَبْسِ

(11)

.

(1)

في (أ): (البائع).

(2)

لم أجِدْه. ويُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 71)، تكملة الطوري على البحر الرائق (8/ 275)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (9/ 456).

(3)

في (أ): (كأنَّ).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(5)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 142)، البناية شرح الهداية (12/ 495)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 69).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(7)

ما بين القوسين سقط من (ب).

(8)

حُكْمُ الْبَقَاءِ أَسْهَلُ مِنْ حُكْمِ الْابْتِدَاءِ: قاعدة فقهية، معناها: أن الشروط التي يجب توافرها في ابتداء التصرف وترتب الحكم عليها يمكن أن يتجاوز عن بعضها في حال البقاء والاستمرار، ففي العقود مثلاً يمكن أن يغتفر اختلال بعض الشروط في حال استمرارها بعد وجودها، وإن كان ذلك لا يغتفر في حال انعقادها وابتدائها، ومثال ذلك: إذا وهب شخصٌ لآخر أرضًا أو دارًا ثم رجع في نصف ما وهب على الشيوع، جازت الهبة في الباقي، وإن كان النصف الباقي مشاعاً؛ لأن الشيوع الطارئ لا يمنع بقاء الهبة، وأما في حال الابتداء فلا تصح هبة المشاع، ولكن جازت هنا هبة المشاع بقاءً. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 54)، شرح القواعد الفقهية للزرقا (ص 293).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1564).

(10)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 229)، البناية شرح الهداية (12/ 496)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 592).

(11)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 229).

ص: 316

[رهن الأرض وعليها شجر]

{قَوْلُهُ}

(1)

: (لِأَنَّ الشَّجَرَ اسْمٌ لِلْنَّابِتِ)

(2)

، أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْدَ الْقَلْعِ يَكُوْنُ جِذْعًا، فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى (الْأَشْجَارَ بِمَوَاضِعِهَا)

(3)

مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ عَقْدَ الرَّهْنِ مَا سِوَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ الْأَرْضِ، وَهُوَ مُعَيَّنٌ مَعْلُوْمٌ، بِخِلَافِ الْبِنَاءِ، فَإِنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَكُوْنُ [مَبْنِيًّا]

(4)

دُوْنَ الْأَرْضِ (فَيَصِيْرُ [رَاهِنًا]

(5)

بِجَمِيْعِ الْأَرْضِ وَهِيَ مَشْغُوْلَةٌ بِمُلْكِ الرَّاهِنِ)

(6)

(7)

.

[رهن النخيل بمواضعها]

(وَلَوْ رَهَنَ النَّخِيْلَ بِمَوَاضِعِهَا: جَازَ)

(8)

؛ لِمَا ذَكَرَ فِيْ الْكِتَابِ

(9)

(10)

.

(وَيَدْخُلُ {الثَّمَرُ}

(11)

تَبَعًا تَصْحِيْحًا لِلْعَقْدِ)

(12)

؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ الثَّمَرُ فِيْ [رَهْنِ]

(13)

النَّخِيْلِ كَانَ فِيْ مَعْنَى رَهْنِ الْمُشَاعِ، مَعْ أَنَّ الثَّمَرَ لَوْ دَخَلَ فِيْ الرَّهْنِ لَا يَكُوْنُ عَلَى الرَّاهِنِ كَثِيْرَ ضَرَرٍ، لِأَنَّ [مُلْكَهُ]

(14)

لَا يَزُوْلُ

(15)

.

[دخول ثمر النخيل في رهن النخيل]

(بِخِلَافِ الْبَيْعِ)

(16)

، حَيْثُ لَا يَدْخُلُ الثِّمَارُ {هُنَاكَ}

(17)

فِيْ بَيْعِ النَّخِيْلِ إِلَّا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ تَصْحِيْحَ عَقْدِ الْبَيْعِ فِيْ النَّخِيْلِ بِدُوْنِ الثِّمَارِ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّ الشُّيُوْعَ الطَّارِئَ أَوْ الْمُقَارِنَ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ

(18)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1565).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

في (أ): (مثبتًا).

(5)

في (أ): (راضيًا).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1565).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 73)، البناية شرح الهداية (12/ 497)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 592).

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(9)

الْكِتَاب: المراد به هنا "الهداية شرح البداية"، وذلك بقوله:(لِأَنَّ هَذِهِ مُجَاوَرَةٌ، وِهِيَ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1565).

(10)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 69)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 229)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 251).

(11)

سقطت من (ب).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1565).

(13)

في (ب): (معنى).

(14)

في (أ): (الملك).

(15)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 72)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 229)، البناية شرح الهداية (12/ 498).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1565).

(17)

سقطت من (ب).

(18)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 72)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 141)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 229).

ص: 317

فَإِنْ قِيْلَ: أَلَيْسَ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ دَارًا هِيَ مَشْغُوْلَةٌ [بِأَمْتِعَةِ]

(1)

الرَّاهِنِ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ، وَلَا يُقَالُ هُنَاكَ لَمَّا لَمْ [يُمْكِنْ]

(2)

تَصْحِيْحُ هَذَا الْعَقْدِ إِلَّا بِإِدْخَالِ الْأَمْتِعَةِ يَنْبَغِيْ أَنْ تَدْخُلَ الْأَمْتِعَةُ فِيْ الرَّهْنِ لِتَصْحِيْحِ الْعَقْدِ، كَمَا دَخَلَ الثِّمَارُ فِيْ رَهْنِ النَّخِيْلِ لِتَصْحِيْحِ الْعَقْدِ؟

قُلْنَا: لَا اتِّصَالَ لِلْأَمْتِعَةِ بِالدَّارِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الدَّارَ بِكُلِّ قَلِيْلٍ وَكَثِيْرٍ هُوَ فِيْهَا أَوْ مِنْهَا لَمْ تَدْخُلْ الْأَمْتِعَةُ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ [لَهَا]

(3)

اتِّصَالٌ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى إِدْخَالِهَا حَتَّى يَصِحَّ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ الثِّمَارِ فَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِالنَّخِيْلِ، وَالْاتِّصَالُ هَاهُنَا مِنْ وَجْهٍ صَارَتْ كَأَنَّهَا مِنْ النَّخِيْلِ

(4)

.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ النَّخِيْلَ بِكُلِّ قَلِيْلٍ وَكَثِيْرٍ هُوَ فِيْهَا أَوْ مِنْهَا تَدْخُلُ الثِّمَارُ، [فَاحْتِيْجَ]

(5)

إِلَى إِدْخَالِهَا لِاتِّصَالِهَا خِلْقَةً، إِلَى هَذَا أَشَارَ فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(6)

.

وَذَكَرَ فِيْ "الْإِيْضَاحِ" الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ:[الزَّرْعُ]

(7)

وَالثَّمَرُ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ وَالنَّخْلِ، إِلَّا أَنَّ هَذِهِ التَّبَعِيَّةَ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ؛ لِأَنَّهَا لِلْقَطْعِ، فَجَازَ/ أَنْ تَدْخُلَ فِيْ الرَّهْنِ، وَأَمَّا [الْمَتَاعُ]

(8)

فَلَيْسَ بِتَابِعٍ بِوَجْهٍ مَا، فَلَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ

(9)

.

[رهن الدار أو بعض ما فيها]

(وَلَوْ اسْتُحِقَّ بَعْضُهُ، إِنْ كَانَ الْبَاقِيْ يَجُوْزُ ابْتِدَاءُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ بَقِيَ رَهْنًا بِحِصَّتِهِ)

(10)

، وَهُوَ فِيْمَا إِذَا بَقِيَ الْبَاقِيْ شَيْئًا مُعَيَّنًا غَيْرَ مُشَاعٍ

(11)

.

(1)

في (أ): (متعة).

(2)

في (ب): (يكن).

(3)

في (أ): (بها).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 73)، العناية شرح الهداية (10/ 155)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 70).

(5)

في (أ): (فأصبح).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 73)، العناية شرح الهداية (10/ 155).

(7)

في (ب): (الزروع).

(8)

في (ب): (المشاع).

(9)

لم أجده. وَيُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 165).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(11)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 70)، العناية شرح الهداية (10/ 155)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 592).

ص: 318

(وَإِلَّا بَطَلَ كُلُّهُ)

(1)

، يَعْنِيْ: فِيْمَا إِذَا بَقِيَ {الْبَاقِيْ}

(2)

مُشَاعًا

(3)

.

وَالدَّلِيْلُ عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ التَّفْسِيْرِ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ/ فِيْ "مَبْسُوْطِهِ"، حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ دَارًا أَوْ أَرْضًا [وَقَبَضَهَا]

(4)

، ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ، هَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيْمَا بَقِيَ؟

فَهَذَا عَلَى وَجْهَيِنِ: إِمَّا أَنْ يُسْتَحَقَّ مِنْ الرَّهْنِ بَعْضٌ بِعَيْنِهِ، أَوْ بَعْضٌ بِغَيْرِ عَيْنِهِ شَائِعٌ، فَإِنْ اسْتُحِقَّ بَعْضٌ مِنْ الرَّهْنِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ شَائِعٌ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِيْ الْبَاقِيْ؛ لِأَنَّهُ [بِاسْتِحْقَاقِ]

(5)

بَعْضٍ شَائِعٌ ظَهَرَ أَنَّ الرَّهْنَ فِيْ الْبَاقِيْ مِنْ الْابْتِدَاءِ وَقَعَ شَائِعًا، [وَرَهْنُ]

(6)

الْمُشَاعِ بَاطِلٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكَانَ الرَّهْنِ هِبَةٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِيْ الْبَاقِيْ، فَلَأَنْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ أَضْيَقُ جَوَازًا مِنْ الْهِبَةِ، حَتَّى لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ فِيْ مُشَاعٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَجَازَتْ الْهِبَةُ، فَإِذَا كَانَتْ الْهِبَةُ تَبْطُلُ فَلَأَنْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ أَوْلَى، وَإِنْ اسْتُحِقَّ {بَعْضٌ مِنْهَا بِعَيْنِهِ بَقِيَ الرَّهْنُ فِيْ الْبَاقِيْ جَائِزًا، إِلَّا أَنَّهُ بِالْاسْتِحْقَاقِ ظَهَرَ أَنَّهُ رَهَنَ الْبَاقِيْ مِنْ الْابْتِدَاءِ}

(7)

، فَرَهْنُ الْبَاقِيْ مِنْ الْابْتِدَاءِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ رُهِنَ مَقْسُوْمًا، فَكَذَا هَذَا

(8)

.

[موانع تسليم الدار المرهونة]

(وَيَمْنَعُ التَّسْلِيْمَ كَوْنُ الرَّاهِنِ أَوْ مَتَاعَهُ فِيْ الدَّارِ الْمَرْهُوْنَةِ)

(9)

، وَفِيْ "الْإِيْضَاحِ": رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِيْ حَنِيْفَةَ -رَحِمَهُمَا اللهُ-: أَنَّهُ إِذَا رَهَنَ دَارًا وَهُمَا فِيْ جُوْفِهَا، وَقَالَ: سَلَّمْتُ إِلَيْكَ، لَمْ يَتِمَّ الرَّهْنُ حَتَّى يَقُوْلَ الرَّاهِنُ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْ الدَّارِ: سَلَّمْتُهَا إِلَيْكَ؛ لِأَنَّ [الرَّاهِنَ]

(10)

إِذَا كَانَ فِيْ الدَّارِ فَلَيْسَ بِمُسَلِّمٍ، فَإِذَا خَرَجَ يُحْتَاجُ إِلَى تَسْلِيْمٍ جَدِيْدٍ؛ لِأَنَّهُ شَاغِلٌ لَهَا [كَشَغْلِ]

(11)

الدَّارِ بِالْمَتَاعِ

(12)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 155)، البناية شرح الهداية (12/ 499)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 592).

(4)

في (ب): (وفيهما).

(5)

في (ب): (استحقاق).

(6)

في (أ): (رهن).

(7)

ما بين القوسين سقط من (أ).

(8)

لم أجده. وَيُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 64 - 65)، العناية شرح الهداية (10/ 155)، فتاوى قاضيخان (3/ 546).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1566).

(10)

في (ب): (الرهن).

(11)

في (أ): (كسفل).

(12)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 229)، البناية شرح الهداية (12/ 499)، الفتاوى الهندية (5/ 437).

ص: 319

[رهن دابة عليها متاع]

(حَتَّى قَالُوْا: يَدْخُلُ فِيْهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ)

(1)

، يَعْنِيْ: قَالُوْا فِيْمَنْ رَهَنَ [دَابَّةً]

(2)

عَلَيْهَا سَرْجٌ

(3)

أَوْ لِجَامٌ

(4)

: دَخَلَ ذَلِكَ فِيْ [الرَّهْنِ]

(5)

، كَذَا فِيْ "الْإِيْضَاحِ"

(6)

.

[الرهن بالأعيان المضمونة بعينها]

(مِثْلَ الْمَغْصُوْبِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ

(7)

وَالْمَهْرِ

(8)

(9)

، فَإِنَّ الْأَعْيَانَ فِيْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَضْمُوْنَةٌ بِأَنْفُسِهَا، فَإِنَّهَا إِذَا هَلَكَتْ يَجِبُ مِثْلُهَا إِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ، وَقِيْمَتُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ، [ثُمَّ]

(10)

إِذَا [هَلَكَ]

(11)

الرَّهْنُ، وَالْعَيْنُ الْمَضْمُوْنُ قَائِمٌ فِيْ يَدِ الرَّاهِنِ، يُقَالُ لَهُ: سَلِّمْ الْعَيْنَ الَّذِيْ فِيْ يَدِكَ، وَخُذْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الْأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ [وَمِنْ قِيْمَةِ]

(12)

الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ [الْمَرْهُوْنَ]

(13)

مَضْمُوْنٌ عِنْدَنَا كَذَلِكَ، وَإِنْ هَلَكَ [الْعَيْنُ]

(14)

الْمَضْمُوْنُ قَبْلَ هَلَاكِ الرَّهْنِ يَصِيْرُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِقِيْمَةِ الْعَيْنِ الْمَضْمُوْنِ، {فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ}

(15)

بَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَ [بِالْأَقَلَّ]

(16)

مِنْ {قِيْمَتِهِ وَمِنْ}

(17)

قِيْمَةِ الرَّهْنِ الَّذِيْ كَانَ {رَهْنًا}

(18)

، كَذَا فِيْ "التُّحْفَةِ"

(19)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1566).

(2)

في (أ): (فإنه).

(3)

سَرْجٌ: رَحْلُ الدَّابَّةِ مِنْ الْجُلوْدِ، وَأَسْرَجَ الدَّابَّةَ: إِذَا وَضَعَ وَشَدَّ عَلَيْهَا السَّرْجَ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 204)، مختار الصحاح (ص 145)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 222).

(4)

لِجَامٌ: أداةٌ مِنْ حَدِيْدٍ وَنَحْوِهِ تُوْضَعُ فِيْ فَمِ الدَّابَّةِ لِاقْتِيَادِهَا. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 549)، معجم لغة الفقهاء (1/ 389).

(5)

في (أ): (الرّاهِن).

(6)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 140)، العناية شرح الهداية (10/ 155)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 490).

(7)

- الْخُلْعِ لُغَةً: مِنْ النَّزْعِ وَالْإِزَالَةُ، يُقَالُ: خَلَعَ ثَوْبَهُ، إِذَا نَزَعَهُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 166)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 178)، لسان العرب (8/ 76).

- الْخُلْعِ اصْطِلَاحًا: إزَالَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ بِبَدَلٍ بِلَفْظِ الْخُلْعِ. يُنْظَر: مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (1/ 759)، التعريفات للجرجاني (ص 101).

(8)

- الْمَهْرُ لُغَةً: الصَّدَاقُ، وَمَهَرْتُ الْمَرْأَةَ مَهْرًا: أَعْطَيْتُهَا الْمَهْرَ، وَأَمْهَرْتُهَا. يُنْظَر: النهاية في غريب الحديث (4، 374)، مختار الصحاح (ص 300)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 582)،

- الْمَهْرُ اصْطِلَاحًا: اسْمٌ لِمَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ الْوَطْءِ. يُنْظَر: رد المحتار على الدر المختار (3/ 101).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 231).

(10)

في حاشية (أ): (فإذا).

(11)

في أصل (أ): (هلكت).

(12)

في (أ): (وقيمة).

(13)

في (ب): (الرهن).

(14)

في (أ): (قيمته ومن الغير).

(15)

ما بين القوسين سقط من أصل (أ).

(16)

في (ب): (بأقلَّ).

(17)

سقطت من (أ).

(18)

سقطت من (أ).

(19)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 41)، البناية شرح الهداية (12/ 500).

ص: 320

[الرهن بالدَّرَك]

(وَالرَّهْنُ بِالدَّرَكِ بَاطِلٌ، وَالْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ جَائِزٌ)

(1)

، اعْلَمْ أَنَّ ضَمَانَ الدَّرَكِ: هُوَ ضَمَانُ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيْعِ

(2)

، فَإِذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِيْ مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا بِالثَّمَنِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الدَّرَكِ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلاً؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِلْاسْتِيْفَاءِ حُكْمًا، (وَلَا اسْتِيْفَاءَ قَبْلَ الْوُجُوْبِ)

(3)

(4)

.

فَإِنْ قُلْتَ: مَا فَائِدَةُ ضَمَانِ الدَّرَكِ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِيْ، بَلْ لَا فَائِدَةَ فِيْهِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرَى إِذَا اسْتُحِقَّ فَالْمُشْتَرِيْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، سَوَاءٌ ضَمِنَ الْبَائِعُ [الدَّرَكَ]

(5)

أَوْ لَمْ يَضْمَنْ؟

قُلْتُ: بَلْ فِيْهِ فَائِدَةٌ، فَإِنَّ الْقَاضِيْ إِذَا قَضَى بِثُبُوْتِ {الْمُلْكِ}

(6)

[لِلْمُسْتَحِقِّ]

(7)

لَيْسَ لِلْمُشْتَرِيْ الرُّجُوْعُ عَلَى الْبَائِعِ إِذَا لَمْ يَضْمَنْ الدَّرَكَ، مَا لَمْ [يَقْضِ]

(8)

الْقَاضِيْ بِالرُّجُوْعِ عَلَيْهِ، أَوْ بِفَسْخِ الْبَيْعِ {بَيْنَهُمَا}

(9)

، هَكَذَا ذُكِرَ فِيْ الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ "فُصُوْل الْأَسْتْرُوْشَنِيِّ"

(10)

(11)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(2)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 9)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (4/ 161)، العناية شرح الهداية (10/ 144).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1566).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 73)، العناية شرح الهداية (10/ 144)، البناية شرح الهداية (12/ 501).

(5)

في (ب): (بالدَّرَك).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

في (ب): (للمشتري).

(8)

في (ب): (يقبض).

(9)

سقطت من (ب).

(10)

فُصُوْل الْأَسْتْرُوْشَنِيْ: في فروع الحنفية، خاصٌّ بالمعاملات فقط، لِأبي الفتح، الإمام، محمد بن محمود بن حسين الأستروشني، الحنفي، مجد الدين، الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 632 هـ، وهو كتاب مرتب على ثلاثين فصلاً، ولا يزال مخطوطًا، وله عدَّة نسخ، ومنها نسخة في دار الكتب المصرية في القاهرة بمصر، ورقم الحفظ (452/ 1)، وقد ضَمَّه محمود بن إسرائيل، الشهير بابن قاضي سِماوْنَة إلى كتاب "الفصول" للعِمَادي، وسمَّاهُما "جامع الفصولين"، وقام بتهذيبهما وحذف المكرر فيهما. يُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 1266)، الأعلام للزركلي (7/ 86)، خزانة التراث بمركز الملك فيصل (76/ 25).

(11)

يُنْظَر: جامع الفصولين لابن قاضي سماونة (1/ 208)، تكملة فتح القدير (7/ 225).

ص: 321

وَقَالَ فِيْهِ: قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلَوَانِيُّ: وَالصَّحِيْحُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْمُسْتَحَقِّ لَا يَكُوْنُ فَسْخًا لِلْبِيَاعَاتِ كُلِّهَا مَا لَمْ يَرْجِعْ [كُلُّ]

(1)

وَاحِدٍ عَلَى بَائِعِهِ بِالْقَضَاءِ

(2)

.

وَذَكَرَ فِيْ "الزِّيَادَاتِ": إِذَا اسْتُحِقَّ الْمَبِيْعُ هَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ؟

رُوْيَ عَنْ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/: لَا يَنْتَقِضُ مَا لَمْ يَأْخُذْ الْعَيْنَ بِحُكْمِ الْقَاضِيْ؛ {لِأَنَّ الْأَخْذَ بِحُكْمِ الْقَاضِيْ}

(3)

دَلِيْلُ [النَّقْضِ]

(4)

، وَفِيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَنْتَقِضُ مَا لَمْ يُفْسَخْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ

(5)

.

وَفِيْهَا أَيْضًا: وَإِذَا اسْتُحِقَّ الْمُشْتَرَى فَأَرَادَ الْمُشْتَرِيْ نَقْضَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضَى الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ {مِنْ}

(6)

الْبَائِعِ عَلَى النَّتَاجِ

(7)

أَوْ عَلَى التَّلَقِّيْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ ثَابِتٌ، إِلَّا إِذَا قَضَى الْقَاضِيْ فَيَلْزَمُ الْعَجْزُ فَيَنْفَسِخُ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا كَانَ فِيْ ضَمَانِ الْبَائِعِ الدَّرَكَ لِلْمُشْتَرِيْ فَائِدَةٌ، لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إِذَا [أَثْبَتَ]

(8)

بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمُشْتَرَى مُلْكَهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِيْ الرُّجُوْعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِيْ بِنَقْضِ الْبَيْعِ إِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْبَائِعُ الدَّرَكَ، وَأَمَّا إِذَا ضَمِنَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِيْ بِفَسْخِ الْبَيْعِ

(9)

.

(1)

في (أ): (كله).

(2)

يُنْظَر: جامع الفصولين (1/ 208)، تكملة فتح القدير (7/ 46)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 190).

(3)

ما بين القوسين سقط من (أ).

(4)

في (أ): (البعض).

(5)

يُنْظَر: تكملة فتح القدير (7/ 46)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 190)، رد المحتار على الدر المختار (5/ 191).

(6)

سقطت من أصل (أ).

(7)

النَّتَاجُ: اسْمٌ يَجْمَعُ وَضْعَ جَمِيْعِ الْبَهَائِمِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمَنْتُوْجُ، فَيُقَالُ: نَتَاجُ الإِبِلِ أَوْ الْغَنَمِ، وَهَكَذَا. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 480 - 481)، لسان العرب (2/ 383)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 591).

(8)

في (أ): (ثبت).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 156)، جامع الفصولين (1/ 208 - 209)، تكملة فتح القدير (7/ 46).

ص: 322

ثُمَّ صُوْرَةُ مَا ذَكَرَهُ فِيْ الْكِتَابِ

(1)

، بِأَنَّ (الرَّهْنَ بِالدَّرَكِ بَاطِلٌ): رَجُلٌ بَاعَ {شَيْئًا}

(2)

وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُشْتَرِيْ، [فَخَافَ]

(3)

الْمُشْتَرِيْ الْاسْتِحْقَاقَ، فَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا/ بِالثَّمَنِ لَوْ أَدْرَكَهُ فِيْهِ مِنْ دَرَكٍ، كَانَ بَاطِلاً حَتَّى لَا يَمْلِكُ حَبْسَ الرَّهْنِ، اسْتَحَقَّ الْمَبِيْعَ أَوْ لا

(4)

.

وَلَوْ هَلَكَ يَهْلَكُ أَمَانَةً؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ عَقْدُ اسْتِيْفَاءٍ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ رَهْنُ مَا لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْاسْتِيْفَاءُ كَالْمُدَبَّرِ

(5)

وَأَمِّ الْوَلَدِ

(6)

، وَالْاسْتِيْفَاءُ لَا يَسْبِقُ الْوُجُوْبَ، وَلَيْسَ هُنَا دَيْنٌ وَاجِبٌ، وَلَا عَلَى شَرَفِ الْوُجُوْبِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْاسْتِحْقَاقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ الرَّهْنَ لِيُقْرِضَهُ عَشَرَةً، فَقَبَضَ الرَّهْنَ مِنْهُ، وَهَلَكَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِهْ قَبْلَ أَنْ يُقْرِضَهُ الْمَالَ، حَيْثُ يَهْلَكُ مَضْمُوْنًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، حَتَّى يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ تَسْلِيْمُ الْعَشَرَةِ إِلَى الرَّاهِنِ بَعْدَ الْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الرَّهْنُ حَصَلَ بَعْدَ الْقَرْضِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ كَانَ بِشَرْطِ الْقَرْضِ، وَالدَّيْنُ الْمَوْعُوْدُ كَالْمُتَحَقِّقُ فِيْ الضَّمَانِ، فَإِنَّ الْمَقْبُوْضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُوْنٌ عَلَى الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوْضٌ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ، فَيُجْعَلُ كَالْمَقْبُوْضِ عَلَى حَقِيْقَتِهِ فِيْ إِيْجَابِ الضَّمَانِ، كَذَا هُنَا، كَذَا فِيْ "الْجَامِعِ الصَّغِيْرِ" لِقَاضِيْ خَانٍ، وَالْمَحْبُوْبِيِّ

(7)

.

(1)

الْكِتَاب: المراد به هنا "بداية المبتدي"، وذلك بقوله:(وَالرَّهْنُ بِالدَّرَكِ بَاطِلٌ). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(2)

سقطت من أصل (ب).

(3)

في (ب): (وخاف).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 156)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 227)، البناية شرح الهداية (12/ 501).

(5)

الْمُدَبَّر: سبق تعريفه (ص 442).

(6)

أُمّ الْوَلَد: مِنْ الْوِلَادَةِ، وَهِيَ الْأَمَةُ الَّتِيْ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا بِإِقْرَارِهِ. يُنْظَر: رد المحتار على الدر المختار (3/ 690)، معجم لغة الفقهاء (1/ 88).

(7)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 227).

ص: 323

[الرهن بالدَّيْن الموعود]

(فَيُعْطَى لَهُ حُكْمُهُ)

(1)

، أَيْ: حُكْمُ الدَّيْنِ، (كَالْمَقْبُوْضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ)

(2)

، حَيْثُ أُعْطِىَ لَهُ حُكْمُ الشِّرَاءِ حَتَّى [وَجَبَتْ]

(3)

قِيْمَةُ الْمَقْبُوْضِ، وَفِيْ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُوْدِ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مَا سَمَّى مِنْ الدَّيْنِ لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ

(4)

.

فَإِنْ قُلْتَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ [وَجَبَتْ]

(5)

فِيْ الْمَقْبُوْضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ قِيْمَةُ الْمَقْبُوْضِ بَالِغَة مَا بَلَغَتْ، وَفِيْ الْمَقْبُوْضِ عَلَى {سَوْمِ}

(6)

الرَّهْنِ مَا سَمَّيَا لَا الْقِيْمَةَ؟

قُلْتُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: هُوَ أَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ ضَمَانُ اسْتِيْفَاءِ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ بِضَمَانٍ مُبْتَدَإٍ [فَيَتَقَرَّرُ]

(7)

بِالدَّيْنِ ضَرُوْرَةً، وَضَمَانُ الْبَيْعِ ضَمَانٌ مُبْتَدَأٌ يَجِبُ بِالْعَقْدِ، إِذْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِيْ شَيْءٌ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيُجْعَلُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إِيْجَابِ الْمُسَمَّى كَضَمَانِ [الْغَصْبِ]

(8)

(9)

.

وَالْمَقْبُوْضُ مِنْ الرَّهْنِ عَلَى وَجْهِ قَرْضٍ فَاسِدٍ يَكُوْنُ مَضْمُوْنًا أَيْضًا، وَصُوْرَتُهُ: أَنَّ الْعَبْدَ التَّاجِرَ إِذَا أَخَذَ رَهْنًا بِشَيْءٍ لِيُقْرِضَهُ فَهَلَكَ {الرَّهْنُ}

(10)

عِنْدَهُ، فَالْعَبْدُ ضَامِنٌ [لِقِيْمَةِ]

(11)

الرَّهْنِ، وَإِنْ كَانَ قَرْضُهُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمَحْبُوْبِيُّ/

(12)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1567).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

في (أ): (وجب).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 71)، العناية شرح الهداية (10/ 157)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 594).

(5)

في (أ): (وجب).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

في (أ): (فيتقدَّر).

(8)

في (أ): (الغضب).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 157)، البناية شرح الهداية (12/ 502).

(10)

سقطت من (أ).

(11)

في (أ): (بقيمة).

(12)

يُنْظَر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (2/ 237)، الأصل للشيباني (3/ 208)، المبسوط للسرخسي (21/ 147).

ص: 324

[الرهن برأس مال السَّلَم، وثمن الصَّرف، والمُسلَم فيه]

(وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَبِثَمَنِ الصَّرْفِ وَالْمُسْلَمِ فِيْهِ

(1)

، وَقَالَ زُفَرُ/: لَا يَجُوْزُ)

(2)

، وَإِطْلَاقُ قَوْلِهِ:(لَا يَجُوْزُ) عِنْدَ زُفَرَ مُسْتَقِيْمٌ فِيْ حَقِّ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَثَمَنِ الصَّرْفِ، وَأَمَّا فِيْ الْمُسْلَمِ فِيْهِ: فَلَهُ فِيْهِ رِوَايَتَانِ.

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُوْرَةٌ فِيْ أَوَاسِطِ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ بُيُوْعِ "الْمَبْسُوْطِ"

(3)

.

(لِأَنَّ حُكْمَهُ)

(4)

، أَيْ: لِأَنَّ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَثَمَنِ الصَّرْفِ وَالْمُسْلَمِ فِيْهِ (الْاسْتِيْفَاءُ)

(5)

لَا الْاسْتِبْدَالُ

(6)

.

(وَلَنَا: أَنَّ الْمُجَانَسَةَ ثَابِتَةٌ فِيْ الْمَالِيَّةِ، فَيَتَحَقَّقُ الْاسْتِيْفَاءُ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ)

(7)

.

فَإِنْ قُلْتَ: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِيْ أَنْ يَصِحَّ الْاسْتِبْدَالُ فِيْ رَأْسِ مَالِ [السَّلَمِ]

(8)

[وَقَرِيْنَيْهِ]

(9)

فِيْ جَمِيْعِ الصُّوَرِ؛ لَمَّا أَنَّ الْمُجَانَسَةَ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ ثَابِتَةٌ فِيْ جَمِيْعِ [الصُّوَرِ]

(10)

، فَحِيْنَئِذٍ لَا تَبْقَى حُرْمَةُ الْاسْتِبْدَالِ فِيْ صُوْرَةٍ مَا، وَلَا يَجُوْزُ الْاسْتِبْدَالُ فِيْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِيْ غَيْرِ صُوْرَةِ الرَّهْنِ بِالْاتِّفَاقِ، مَعْ {أَنَّ}

(11)

الْمُجَانَسَةَ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ ثَابِتَةٌ فِيْهِ أَيْضًا، فَمَا وَجْهُهُ؟

قُلْتُ: وَجْهُهُ هُوَ أَنَّ الْمُجَانَسَةَ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ إِنَّمَا تُعْتَبَرُ فِيْ صُوْرَةِ الرَّهْنِ لَا فِيْ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ هَكَذَا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا {عَيْنَ حَقِّهِ لَا مَسْتَبْدِلًا؛ لِمَا ذُكِر أَنَّ عَيْنَ الرَّهْنِ لَا يَكُوْنُ مَمْلُوْكًا لِلْمُرْتَهِنِ، وَلِهَذَا قُلْنَا: لَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَبْدًا فَمَاتَ كَانَ كَفَنُهُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنَّمَا يَصِيْرُ مَسْتَوْفِيًا}

(12)

دًيْنَهُ مِنْ مَالِيَّتِهِ، وَالْأَعْيَانُ فِيْ الرَّهْنِ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَلِهَذَا لَوْ ارْتَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيْكَيْنِ [بِنَصِيْبِهِ]

(13)

مِنْ الدَّيْنِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ يَرْجِعُ شَرِيْكُهُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَصِيْبِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا بِنِصْفِ قِيْمَةِ الرَّهْنِ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ اسْتِيْفَاءٌ لَا اسْتِبْدَالٌ جَازَ الرَّهْنُ بِكُلِّ دَيْنٍ يَجِبُ اسْتِيْفَاؤُهُ، وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ وَقَرِيْنَاهُ مِنْ دُيُوْنٍ يَصِحُّ اسْتِيْفَاؤُهَا، فَيَجُوْزُ الرَّهْنُ فِيْهَا، إِلَى هَذَا أَشَارَ فِيْ بُيُوْعِ "الْمَبْسُوْطِ"

(14)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1567).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 151)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 142)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 595).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1567).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 142)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 72)، العناية شرح الهداية (10/ 157).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1567).

(8)

في (ب): (الْمُسْلَمِ).

(9)

في (أ): (وَقَرِيْنَتَه).

(10)

في (ب): (العيوب).

(11)

سقطت من (أ).

(12)

ما بين القوسين سقط من (ب).

(13)

في (أ): (نصيبَه)

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (12/ 152)، العناية شرح الهداية (10/ 157)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 72).

ص: 325

[تفاسخا السَّلَم وبالمُسلَم فيه رهْن]

(وَلَوْ تَفَاسَخَا السَّلَمَ وَبِالْمُسْلَمِ فِيْهِ رَهْنٌ: يَكُوْنُ ذَلِكَ رَهْنًا بِرَأْسِ الْمَالِ حَتَّى يَحْبِسَهُ)

(1)

، هَذَا الَّذِيْ ذَكَرَهُ جَوَابُ الْاسْتِحْسَانِ

(2)

.

وَفِيْ الْقِيَاسِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الرَّهْنَ كَانَ مَرْهُوْنًا بِالْمُسْلَمِ فِيْهِ، وَقَدْ سِقَطَ لَا إِلَى بَدَلٍ، وَرَأْسُ الْمَالِ دَيْنٌ آخَرُ وَاجِبٌ بِسَبَبِ آخَرَ وَهُوَ الْقَبْضُ، فَلَا يَكُوْنُ الرَّهْنُ بِالْمُسْلَمِ فِيْهِ رَهْنًا بِرَأْسِ مَالِ [السَّلَمِ]

(3)

، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيْرَ، فَرَهَنَهُ بِالدَّنَانِيْرِ رَهْنًا، ثُمَّ أَبْرَأَهُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الدَّنَانِيْرِ، لَا يَكُوْنُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ بِالدَّرَاهِمِ،/ وَفِيْ الْاسْتِحْسَانِ: لَهْ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ حَتَّى يَسْتَوْفِيْ رَأْسَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ ارْتَهَنَ بِحَقِّهِ الْوَاجِبِ بِسَبَبِ الْعَقْدِ الَّذِيْ جَرَى بَيْنَهُمَا، وَحَقِّهِ فِيْ الْمُسْلَمِ فِيْهِ عِنْدَ قِيَامِ الْعَقْدِ، وَحَقِّهِ فِيْ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ، فَيَكُوْنُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَمَنْ ارْتَهَنَ بِالْمَغْصُوْبِ فَهَلَكَ الْمَغْصُوْبُ، كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ حَتَّى يَسْتَوْفِيْ قِيْمَتَهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْغَصْبِ اسْتِرْدَادُ الْعَيْنِ عِنْدَ قِيَامِهِ، وَالْقِيْمَةِ عِنْدَ هَلَاكِهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيْهِ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ أَحَدُهُمَا بَدَلٌ عَنْ الْآخَرِ، [وَالرَّهْنُ]

(4)

بِالشَّيْءِ يَكُوْنُ رَهْنًا بِبَدَلِهِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ يَقُوْمُ مَقَامَ الْأَصْلِ، وَحُكْمُهُ حُكْمَ الْأَصْلِ

(5)

، كَذَا فِيْ بَابِ الرَّهْنِ الَّذِيْ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُهُ، مِنْ رَهْنِ "الْمَبْسُوْطِ"

(6)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 72)، البناية شرح الهداية (12/ 504)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 595).

(3)

في (ب): (الْمُسْلَم).

(4)

في (ب): (وهو الرهن).

(5)

الْبَدَل يَقُوْمُ مَقَامَ الْأَصْلِ، وَحُكْمُهُ حُكْمَ الْأَصْلِ: قاعدة فقهية، معناها: أن البَدَل يقومُ مَقام أصله في الوفاء بالمطلوب، ولذلك كان حُكْمُه حُكْم أَصْله؛ لابتنائه على سببِ أَصْله، فإذا كان حُكْم الأصل الوجوبَ كان البَدَل واجبًا، وإن كان حُكْم الأصْل النَّدْبَ كان البَدَل مندوبًا، وَهَكّذا؛ لِأنَّ البَدَل معتَبَر بأصْلِه في السببِ والحُكم، ومثال ذلك: التيمم بَدَل عن الماء عند عدم القدرة عليه، فسبب الحاجة إلى الماء التطهر للعبادة وهو نفس سبب التيمم، وحُكْم استعمال الماء الوجوب لذلك السبب، فحُكْم التيمم كذلك عند عدم القدرة على الماء. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 28 - 29).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 93)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 72)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 595).

ص: 326

(وَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ التَّفَاسُخِ)

(1)

، أَيْ: لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِ رَبِّ السَّلَمِ (يَهْلِكُ بِالطَّعَامِ الْمُسْلَمِ فِيْهِ)

(2)

، أَيْ:{يَهْلِكُ الرَّهْنُ بِمُقَابَلَةِ الطَّعَامِ الَّذِيْ عَلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ لِرَبِّ السَّلَمِ مُطَالَبَةُ}

(3)

الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ بِالطَّعَامِ، بَلْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ رَبُّ السَّلَمِ أَنْ يُعْطِيْ مِثْلَ الطَّعَامِ الَّذِيْ كَانَ عَلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ، وَيَأْخُذَ رَأَسَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ بِقَبْضِ الرَّهْنِ صَارَتْ مَالِيَّتُهُ مَضْمُوْنَةً بِطَعَامِ السَّلَمِ، وَقَدْ بَقِيَ حُكْمُ الرَّهْنِ إِلَي {أَنْ}

(4)

هَلَكَ، فَصَارَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ مُسْتَوْفِيًا طَعَامَ السَّلَمِ، وَلَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيْقَةً قَبْلَ الْإِقَالَةِ

(5)

ثُمَّ تَقَايَلَا، أَوْ بَعْدَ الْإِقَالَةِ، لَزِمَهُ رَدُّ الْمُسْتَوْفَى وَاسْتِرْدُادُ رَأْسِ الْمَالِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِيْ بَابِ السَّلَمِ لَا [تَحْتَمِلُ]

(6)

الْفَسْخَ بَعْدَ ثُبُوْتِهَا، فَبِهَلَاكِ الرَّهْنِ لَا يَبْطُلُ الْإِقَالَةُ

(7)

.

(وَإِنْ كَانَ مَحْبُوْسًا بِغَيْرِهِ)

(8)

، أَيْ: وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ مَحْبُوْسًا بِغَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيْهِ، وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ

(9)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

ما بين القوسين سقط من (ب).

(4)

سقطت من (أ).

(5)

- الْإِقَالَةُ لُغَةً: الرَّفُعُ وَالْفَسْخُ وَالْإِزَالَةُ. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 521)، لسان العرب (11/ 579).

- الْإِقَالَةُ اصْطِلَاحًا: رَفْعُ عَقْدِ الْبَيْعِ وَإِزَالَتِهِ فِيْ جَمِيْعِ الْمَبِيْعِ أَوْ بَعْضِهِ. يُنْظَر: مجمع الأنهر شرح ماتقى الأبحر (2/ 71)، رد المحتار على الدر المختار (5/ 119 - 120)، مجلة الأحكام العدلية (المادة 163)(ص 34).

(6)

في (أ): (يَحتَمِلُه).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 158)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 156).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1567).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 158)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 253)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 595).

ص: 327

(لِمَا بَيَّنَّا)

(1)

، وَهُوَ قَوْلُهُ:(لِأَنَّ الثَّمَنَ بَدَلَهُ)

(2)

(3)

.

(وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا وَأَدَّى ثَمَنَهُ)

(4)

، ثُمَّ أَرَادَ فَسْخَهُ لِلْفَسَادِ، (لَهُ)

(5)

، أَيْ: لِلْمُشْتَرِيْ أَنْ يَحْبِسَ الْعَبْدَ (لِيَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ)

(6)

؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ هُنَاكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْمُشْتَرِيْ لِاسْتِيْفَاءِ [ثَمَنِهِ]

(7)

مِنْ الْبَائِعِ

(8)

، وَقَدْ ذَكَرَ فِيْ فَصْلِ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ

(9)

: (وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِيْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيْعَ حَتَّى يَرُدَّ الثَّمَنَ

(10)

؛ لِأَنَّ الْمَبْيِعَ مُقَابَلٌ بِهِ، فَيَصِيْرُ مَحْبُوْسًا بِهِ كَالرَّهْنِ).

[الرهن بالكفالة بالنفس، والقصاص]

(وَلَا يَجُوْزُ الرَّهْنُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ، وَكَذَا بِالْقِصَاصِ)

(11)

؛ لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اسْتِيْفَاءَ الْمَكْفُوْلِ بِهِ، وَاسْتِيْفَاءَ الْقِصَاصِ مِنْ [الرَّهْنِ]

(12)

غَيْرُ مُمْكِنٍ

(13)

، وَالثَّانِيْ: أَنَّ الْمَكْفُوْلَ بِهِ غَيْرُ مَضْمُوْنٍ فِيْ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ هَلَكَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ

(14)

، وَإِنَّمَا ذَكَرَ عَدَمَ جَوَازِ الرَّهْنِ بِمُقَابَلَةِ الْقِصَاصِ فِيْ النَّفْسِ وَمَا دُوْنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَهَنَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ أَنَّهُ صَحِيْحٌ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مَضْمُوْنٌ بِنَفْسِهِ

(15)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1568).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 158)، البناية شرح الهداية (12/ 504)، تكملة فتح القدير (10/ 158).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1568).

(5)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(6)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(7)

في (أ): (ثلثه).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 72)، البناية شرح الهداية (12/ 504)، تكملة البحر الرائق (8/ 280).

(9)

الْكِتَاب: المراد به هنا "الهداية شرح البداية". يُنْظَر: الهداية شرح البداية (3/ 988).

(10)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 137).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1568).

(12)

في (ب): (البيع).

(13)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1179)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 63)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 593).

(14)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 143)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1179)، العناية شرح الهداية (10/ 158).

(15)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1179)، العناية شرح الهداية (10/ 158)، البناية شرح الهداية (12/ 505).

ص: 328

وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَصَالَحَهُ عَلَى عَيْنٍ، ثُمَّ رَهَنَ بِهِ رَهْنًا، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُوْنٍ، فَإِنَّهُ إِذَا هَلَكَ [يَنْفَسِخُ]

(1)

الصُّلْحُ، فَصَارَ كَالْمَبِيْعِ، كَذَا فِيْ "الْإِيْضَاحِ" فِيْ آخِرِ بَابِ مَا يَجُوْزُ الْارْتِهَانُ بِهِ

(2)

.

[الرهن بأجرة النائحة والمغنِّية]

(وَلَا بِأَجْرِ النَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ، حَتَّى لَوْ ضَاعَ)

(3)

، أَيْ: الرَّهْنُ، (لَمْ يَكُنْ مَضْمُوْنًا)

(4)

؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ حَصَلَ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ أَصْلاً

(5)

.

أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ تَرَافَعَا الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِيْ قَبْلَ الرَّهْنِ فَالْقَاضِيْ لَا يَأْمُرُ الْمُسْتَأْجِرَ بِتَسْلِيْمِ الْأَجْرِ، كَذَا فِيْ "الذَّخِيْرَةِ"

(6)

.

[اشترى عبدًا أو خلًّا ورهن بثمنه]

(ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ حُرًّا، وَالْخَلُّ خَمْرًا)

(7)

، أَيْ: ظَهَرَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى حُرًّا، وَالْخَلُّ الْمُشْتَرَى خَمْرًا، ([وَالشَّاةُ]

(8)

(9)

الْمُشْتَرَاةُ (مَيْتَةً: فَالرَّهْنُ مَضْمُوْنٌ)

(10)

، أَيْ: بِالْأَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ وَمِنْ قِيْمَةِ [الْرَّهنِ]

(11)

؛ (لِأَنَّهُ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ ظَاهِرًا)

(12)

(13)

.

أَلَا تَرَى أَنَّ قَبْلَ ظُهُوْرِ الْحُرِّيَّةِ وَالْاسْتِحْقَاقِ لَوْ اخْتَصَمَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِيْ إِلَى الْقَاضِيْ فَالْقَاضِيْ يَقْضِيْ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ وُجُوْبَ الدَّيْنِ ظَاهِرًا يَكْفِيْ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ، وَلِصَيْرُوْرَتِهِ مَضْمُوْنًا

(14)

.

(1)

في (ب): (بفسخ).

(2)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1179)، العناية شرح الهداية (10/ 159)، البناية شرح الهداية (12/ 505).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1568).

(4)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(5)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 143)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 230)، البناية شرح الهداية (12/ 506).

(6)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1179)، العناية شرح الهداية (10/ 159)، البناية شرح الهداية (12/ 506).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(8)

في (ب): (والخمر).

(9)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

في (أ): (الْمُرْتَهَنِ).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1569).

(13)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 144)، تبيين الحقائق شرح كنز ادقائق (6/ 71 - 72)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 597).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 159)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 253)، البناية شرح الهداية (12/ 507).

ص: 329

[قتل عبدًا ورهن بقيمته ثم ظهر أنه حُرٌ]

(ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ)

(1)

، أَيْ: أَنَّ الْعَبْدَ [الْمَقْتُوْلَ]

(2)

حُرٌّ، وَقَدْ هَلَكَ الرَّهْنُ، هَلَكَ مَضْمُوْنًا بِالْأَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ وَمِنْ قِيْمَةِ الرَّهْنِ

(3)

، وَكَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُهُ، بِلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بِالْاسْتِحْقَاقِ الدَّيْنُ الَّذِيْ حَصَلَ بِهِ الرَّهْنُ لَا يَبْطُلُ، بَلْ [يَظْهَرُ]

(4)

أَنَّهُ كَانَ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ ظَهَرَ عَدَمُهُ بِأَنْ ظَهَرَ أَنَّ الْمَقْتُوْلَ حُرٌّ، لَا يَبْطُلُ ضَمَانُ الرَّهْنِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى

(5)

.

[صالَح على إنكار ورهن بذلك رهنًا]

(وَكَذَا إِذَا صَالَحَ عَلَى إِنْكَارٍ)

(6)

، إِلَى قَوْلِهِ:(ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ: فَالرَّهْنُ مَضْمُوْنٌ)

(7)

، ذَكَرَ صُوْرَتَهُ فِيْ "الذَّخِيْرَةِ"، مُحَالَاً إِلَى "الْجَامِعِ الْكَبِيْرِ" فَقَالَ: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَجَحَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَأَعْطَاهُ بِهَا رَهْنًا يُسَاوِيْ خَمْسَمِائَةٍ، فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ تَصَادَقَا {عَلَى}

(8)

أَنْ لَا دَيْنَ، فَإِنَّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ قِيْمَةَ الرَّهْنِ خَمْسَمِائَةٍ لِلْرَّاهِنِ

(9)

، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الرَّهْنَ جَائِزٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ الصُّلْحَ

(10)

عِلَى الْإِنْكَارِ

(11)

جَائِزٌ عِنْدَنَا،/ وَبَدَلُ الصُّلْحِ بَعْدَ الصُّلْحِ وَاجِبٌ

(12)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(2)

في (أ): (المقبول).

(3)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 144)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 71)، العناية شرح الهداية (10/ 159).

(4)

في (ب): (ظَهَرَ).

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 71).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(8)

سقطت من (ب).

(9)

يُنْظَر: الجامع الكبير للشيباني (ص 264)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 144)، فتاوى قاضيخان (3/ 545).

(10)

- الصُّلْحُ لُغَةً: اسمٌ بِمَعْنَى الْمُصَالَحَةِ، وَهِيَ الْمُسَالَمَةُ خِلَافُ الْمُخَاصَمَةِ، وَأَصْلُهُ مِنْ الصَّلَاحِ وَهُوَ التَّوْفِيْقُ، وَهُوَ ضِدُّ الْفَسَادِ. يُنْظَر: مختار الصحاح (ص 178)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 345)، التعريفات للجرجاني (ص 134).

- الصُّلْحُ اصْطِلَاحًا: عقدٌ وُضِعَ لِرَفْعِ الْمُنَازَعَةِ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: صُلْحٌ عَلَى إِقْرَارٍ، وَعَلَى سُكُوْتٍ، وَعَلَى إِنْكَارٍ. يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (5/ 29)، تكملة فتح القدير (8/ 403)، التعريفات للجرجاني (ص 134).

(11)

الصُّلْح عِلَى الْإِنْكَارِ: أَنْ يَدَّعِيْ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً فَيُنْكِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ يَتَصَالَحَانِ. يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب (2/ 163)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 308).

(12)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 144)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 71)، الفتاوى الهندية (5/ 434).

ص: 330

أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ رَفَعَا الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِيْ، وَقَصَّا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، [فَالْقَاضِيْ]

(1)

يُلْزِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيْمَ بَدَلِ الصُّلْحِ، [فَإِذَا]

(2)

امْتَنَعَ عَنْ التَّسْلِيْمِ يَحْبِسُهُ بِطَلَبِ الْمُدَّعِيْ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمَالَ الَّذِيْ حَصَلَ بِهِ [الرَّهْنُ]

(3)

وَاجِبٌ ظَاهِرًا، فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ حُكْمًا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، فَيُعْتَبَرُ بِمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيْقَةً بِالْيَدِ، وَلَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيْقَةً ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَأَنَّ الدَّعْوَى وَقَعَ بَاطِلاً، كَانَ عَلَى الْمُسْتَوْفِيْ رَدُّ مَا اسْتَوْفَى، كَذَا هَاهُنَا

(4)

.

وَجَعَلَ فِيْ "الْإِيْضَاحِ" مَا ذَكَرَهُ فِيْ الْكِتَابِ

(5)

: بِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُوْنٌ، وَوُجُوْبَ رَدِّ خَمْسَمِائَةٍ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِلْرَّاهِنِ، قَوْلُ مُحَمَّدٍ/، وَأَمَّا فِيْ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِيْ يُوْسُفَ/: فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا

(6)

.

فَوَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ: مَا ذَكَرَ أَنَّ الْقَبْضَ إِنَّمَا وَقَعَ بِمَالٍ مَضْمُوْنٍ فِيْ الظَّاهِرِ، فَصَارَ كَالدَّيْنِ [الثَّابِتِ]

(7)

حَقِيْقَةً، وَأَبُوْ يُوْسُفَ/ يَقُوْلُ: بِأَنَّهُمَا إِذَا تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ فَقَدْ تَصَادَقَا عَلَى انْعِدَامِ الضَّمَانِ، وَحُكْمُ الرَّهْنِ يَثْبُتُ فِيْمَا بَيْنَهُمَا فَيُقْبَلُ تَصَادُقَهُمَا، وَهُوَ الَّذِيْ ذَكَرَهُ فِيْ الْكِتَابِ

(8)

بِقَوْلِهِ: (وَعَنْ أَبِيْ يُوْسُفَ/ خِلَافُهُ، وَكَذَا قِيَاسُهُ فِيْمَا تَقَدَّمَ مِنْ جِنْسِهِ)

(9)

، أَيْ: قِيَاسُ قَوْلِ أَبِيْ يُوْسُفَ: فِيْ أَنَّ الرَّهْنَ غَيْرُ مَضْمُوْنٍ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، فِيْ مَسْأَلَةِ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَرَهَنَ بِثَمَنِهِ، أَوْ اشْتَرَى خَلًّا وَرَهَنَ بِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ حُرًّا، وَالْخَلُّ خَمْرًا، عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِيْ يُوْسُفَ/، وَإِنَّمَا ذَكَرَ قَوْلَ أَبِيْ يُوْسُفَ هَكَذَا؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ مَحْفُوْظَةٌ عَنْ أَبِيْ يُوْسُفَ فِيْ مَسْأَلَةِ: الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ

(10)

، وَلَمْ يَحْفَظُوْا رِوَايَتَهُ فِيْ مَسْأَلَةِ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَرَهَنَ، ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ حُرًّا، وَأَخَوَاتُهَا، وَلَكِنْ وَجَدُوْا تِلْكَ الْمَسْائِلَ كَمَسْأَلَةِ: الصُّلْحِ [عَلَى]

(11)

الْإِنْكَارِ، فَقَالُوْا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِيْ يُوْسُفُ/ فِيْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَقْتَضِيْ: أَنْ لَا يَكُوْنَ الرَّهْنُ مَضْمُوْنًا

(12)

.

(1)

في (ب): (والقاضِي).

(2)

في (ب): (فإذا).

(3)

في (ب): (الرَّاهِن).

(4)

يُنْظَر: الفتاوى الهندية (5/ 434 - 435).

(5)

الْكِتَاب: المراد به هنا "بداية المبتدي"، وذلك بقوله:(ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ: فَالرَّهْنُ مَضْمُوْنٌ). يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(6)

لم أجده. ويُنْظَر: الجامع الكبير للشيباني (ص 265)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 73).

(7)

في (ب): (الفائت).

(8)

الْكِتَاب: المراد به هنا "الهداية شرح البداية".

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1569).

(10)

يُنْظَر: النُّتَف في الفتاوى (1/ 504)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 40)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 308).

(11)

في (أ): (عَن).

(12)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1180)، العناية شرح الهداية (10/ 159)، البناية شرح الهداية (12/ 507 - 508).

ص: 331

وَذَكرَ فِيْ "الْإِيْضَاحِ"، بَعْدَمَا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَنْ (اشْتَرَى عَبْدًا وَرَهَنَ بِثَمَنِهِ، أَوْ خَلًّا، أَوْ شَاةً مَذْبُوْحَةً)

(1)

، إِلَى [قَوْلِهِ]

(2)

: ({فَالرَّهْنُ}

(3)

مَضْمُوْنٌ)

(4)

، ثُمَّ قَالَ: وَيَجِبُ عَلَى قَوْلِ أَبِيْ يُوْسُفَ أَنْ لَا يَضْمَنَ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ وَلَيْسَ هَنَاكَ ضَمَانٌ فِيْ الْحَقِيْقَةِ

(5)

.

[رهن الأب بدينه عبد ابنه الصغير]

(وَيَجُوْزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيْرَ)

(6)

، أَيْ: رَهْنُ الْأَبِ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيْرَ بِدَيْنٍ عَلَى الْأَبِ لِلْأَجْنَبِيِّ، قَيَّدَ بِابْنِهِ الصَّغِيْرَ؛ لِأَنَّ الْابْنَ لَوْ كَانَ كَبِيْرًا لَا يَجُوْزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَهُ بِدَيْنِ نَفْسِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَهَنَ مَالَ وَلَدِهِ الْكَبِيْرَ بِدَيْنِ وَلَدِهِ الْكَبِيْرَ لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فِإِذَا رَهَنَ مَالَهُ بِدَيْنِ نَفْسِهِ لَأَنْ لَا يَجُوْزُ إِلَّا بِإِذْنِهِ أَوْلَى، كَذَا فِيْ "مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ"

(7)

.

[رهن الوصيِّ بدينه عبد الولد الصغير]

(وَالْوَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ

(8)

فِيْ هَذَا الْبَابِ؛ لِمَا بَيَّنَّاهُ)

(9)

، وَهُوَ قَوْلُهُ:(وَهَذَا أَنْظَرُ فِيْ حَقِّ الصِّبِيِّ)

(10)

، وَفِيْ ["اللَّآلِيْ"

(11)

(12)

: إِذَا كَانَتْ قِيْمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ يَضْمَنُ الْأَبُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالْوَصِيُّ يَضْمَنُ بِقَدْرِ الْقِيْمَةِ؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَالِ الصَّبِيِّ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ/

(13)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(2)

في (أ): (قَوْل).

(3)

سقطت من أصل (أ).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(5)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1180)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 144)، البناية شرح الهداية (12/ 507).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 159)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1180)، البناية شرح الهداية (12/ 508)

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1569).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

الَّلآلِيْ: لم أعرفْهُ.

(12)

في (أ): (الأولى).

(13)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 72)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 253)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 596).

ص: 332

وَذَكَرَ فِيْ "الذَّخِيْرَةِ"وَ"الْمُغْنِيْ": بِتَسْوِيَةِ حُكْمِهِمَا، فَقَالَ: وَإِذَا صَحَّ الرَّهْنُ بِدَيْنِهِمَا وَهَلَكَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَلَكَ بِمَا فِيْهِ، وَيَضْمَنُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ لِلْصَّغِيْرِ قِيْمَةَ الرَّهْنِ إِذَا كَانَتْ الْقِيْمَةُ مِثْلَ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيْمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ يَضْمَنُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهُ فِيْمَا زَادَ مُوْدَعٌ مَالَ الصَّغِيْرِ، وَلَهُمَا هَذِهِ الْوِلَايَةُ

(1)

.

(وَعِنْدَ أَبِيْ يُوْسُفَ لَا تَقَعُ الْمَقَاصَّةُ

(2)

(3)

، بَلْ يَبْقَى دَيْنُ الْغَرِيْمِ عَلَى الْأَبِ كَمَا كَانَ، وَيَصِيْرُ لِلْصَّغِيْرِ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِيْ

(4)

.

[رهن الأب من نفسه متاع الصغير بدين له على الصغير]

(وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مِنْ نَفْسِهِ)

(5)

، أَيْ: رَهَنَ الْأَبُ مَتَاعَ الصَّغِيْرِ مِنْ نَفْسِهِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الصَّغِيْرِ، فَكَانَ الْأَبُ رَاهِنًا بِطَرِيْقِ النِّيَابَةِ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيْرِ، وَمُرْتَهِنًا أَيْضًا بِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّهُ يِأْخُذُ مَتَاعَ ابْنِهِ الصَّغِيْرَ رَهْنًا لِنَفْسِهِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الصَّغِيْرِ

(6)

، يعني: يَدَرِ خود رَهْن كِرفت ازبهر دَيْني كه ثابِت شُدَه آست مرا وَرابَرْ يسَرِ خُودْ.

[رهن الأب متاع ابنه الصغير بدين على الصغير من ابنٍ له آخَر، أو عبدٍ له تاجِر]

(أَوْ مِنْ ابْنٍ لَهُ صغيرٍ)

(7)

، أَيْ: رَهَنَ الْأَبُ مَتَاعَ ابْنِهِ الصَّغِيْرِ مِنْ ابْنٍ لَهُ آخَرَ صَغِيْرٍ، بِأَنْ يَكُوْنَ لِرَجُلٍ ابْنَانِ صَغِيْرَانِ، فَصَارَ دَيْنٌ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوْهِ، فَرَهَنَ الْأَبُ مَتَاعَ ابِنْهِ الصَّغِيْرِ الْمَدْيُوْنِ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيْرِ الَّذِيْ هُوَ رَبُّ الدَّيْنِ

(8)

.

(1)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 72)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1180 - 1181)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 253).

(2)

- الْمَقَاصَّةُ لُغَةً: سبق تعريفها (ص 483).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1569).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (4/ 258)، العناية شرح الهداية (10/ 160)، البناية شرح الهداية (12/ 509).

(5)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 160)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1181)، المبسوط للسرخسي (21/ 102).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(8)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 73)، البناية شرح الهداية (12/ 510)، الأصل للشيباني (3/ 161).

ص: 333

(أَوْ عَبْدٍ لَهُ)

(1)

، أَيْ: لِلْأَبِ (تَاجِرٍ)

(2)

وَلِهَذَا الْعَبْدِ التَّاجِرِ دَيْنٌ عَلَى الصَّغِيْرِ، يَعْنِيْ: رَهَنَ الْأَبُ مَتَاعَ [ابْنِهِ]

(3)

الصَّغِيْرِ مِنْ عَبْدِ نَفْسِهِ الَّذِيْ لِلْأَبِ

(4)

.

(لَا دَيْنَ عَلَيْهِ)

(5)

، أَيْ: عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ إِنَّمَا تَرِدُ فِيْمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لِأَنَّهُ حِيْنَئِذٍ [

]

(6)

يَكُوْنُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَرْهَنَهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ عَبْدِهِ الَّذِيْ لَا دَيْنَ/ عَلَيْهِ لَهُ، وَلَكِنْ هُوَ غَيْرَ مَانِعٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ مَتَاعَ ابْنِهِ الصَّغِيْرَ مِنْ نَفْسِهِ يَجُوْزُ، فَكَذَا [هَاهُنَا]

(7)

(8)

.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَلَا شَكَّ فِيْ جَوَازِ الرَّهْنِ، حَتَّى أَنَّ الْوَصِيَّ يُشَارِكُ الْأَبَ فِيْ جَوَازِ الرَّهْنِ فِيْ هَذِهِ الصَّوْرَةِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيْ "مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ"/: وَإِنْ رَهَنَهُ مِنْ عَبْدٍ لَهُ تَاجِرٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَجُوْزُ مِنْ الْوَصِيِّ، فَلَأنْ يَجُوْزَ مِنْ الْأَبِ وَأَنَّهُ أَعَمُّ وِلَايَةً مِنْ الْوَصِيِّ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يَجُوْزُ مِنْ الْأَبِ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إِذَا رَهَنَ مِنْ عَبْدِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُ رَهْنَهُ مِنْ عَبْدِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِيْ الْمَوْضِعَيْنِ كَرَهْنِهِ مِنْ نَفْسِهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ {الْأَبُ}

(9)

مِنْ نَفْسِهِ جَازَ، [فَكَذَا]

(10)

إِذَا رَهَنَ مِنْ عَبْدِهِ، وْالْوَصِيُّ لَوْ رَهَنَ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوْزُ، فَكَذَا مِنْ عَبْدِهِ

(11)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

في (أ): (وَلَدِهِ).

(4)

يُنْظَر: حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 73)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1181)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 596).

(5)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(6)

في حاشية (أ): (يَكُوْنُ علَى تَقْدِيْرِ عَدَمِ الدَّيْنِ).

(7)

في (ب): (هُنَا).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 160)، الكفاية شرح الهداية (5/ 439)، المبسوط للسرخسي (21/ 103).

(9)

سقطت من (أ).

(10)

في (أ): (وكذا).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 160)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1181 - 1182).

ص: 334

[ارتهن الوصيّ متاع الصغير من من نفسه أو من ابنه الصغير أو من عبْدِ الوصيّ التاجِر]

ثُمَّ إَنَّمَا جَازَ رَهْنُ الْأَبِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَجُزْ رَهْنَ الْوَصِيِّ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مَالَ وَلَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيْ ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ، بِأَنْ بَاعَ بِمِثْلِ الْقِيْمَةِ مِنْ نَفْسِهِ، فَكَذَا جَازَ رَهْنُهُ، وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ يِصِيْرُ مَضْمُوْنًا بِالْقِيْمَةِ، وَأَمَّا بَيْعُ الْوَصِيِّ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوْزُ عِنْدَهُمْ جَمِيْعًا بِمِثْلِ الْقِيْمَةِ، فَكَذَا لَا يَجُوْزُ رَهْنُهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُوْنٌ بِأَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ

(1)

.

(وَلَوْ ارْتَهَنَهُ الْوَصِيُّ مِنْ نَفْسِهِ)

(2)

، يَعْنِيْ: لَوْ كَانَ لِلْوَصِيِّ عَلَى الصَّغِيْرِ دَيْنٌ فَارْتَهَنَ الْوَصِيُّ مَتَاعَ الصَّغِيْرِ {لِنَفْسِهِ لِأَجْلِ دَيْنِهِ عَلَى الصَّغِيْرِ

(3)

.

[رَهَن الوصيّ عينًا له من اليتيم بحقّ لليتيم عليه]

(أَوْ مِنْ هَذَيْنِ)

(4)

، أَيْ: ارْتَهَنَ الْوَصِيُّ مَتَاعَ الصَّغِيْرِ}

(5)

لِأَجْلِ ابْنِهِ الصَّغِيْرِ الَّذِيْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْيَتِيْمِ، أَوْ ارْتَهَنَ الْوَصِيُّ مَتَاعَ الْيَتِيْمِ لِأَجْلِ عَبْدِ الْوَصِيِّ التَّاجِرِ الَّذِيْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، إِذَا كَانَ لِهَذَا الْعَبْدِ دَيْنٌ عَلَى الْيَتِيْمِ، (أَوْ رَهَنَ)

(6)

الْوَصِيُّ [عَنْ]

(7)

نَفْسِهِ (مِنْ الْيَتِيْمِ)

(8)

لِأَجْلِ دَيْنٍ عَلَى الْوَصِيِّ لِلْيَتِيْمِ، لَا يَجُوْزُ

(9)

.

(وَالرَّهْنُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيْرِ)

(10)

، أَيْ: ابْنِ الْوَصِيِّ.

(1)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 160 - 161)، الكفاية شرح الهداية (10/ 161).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 98)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1182)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 596).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(5)

ما بين القوسين سقط من (أ).

(6)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(7)

في (ب): (عين).

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(9)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 101)، الفتاوى الهندية (5/ 439)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1182).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1570).

ص: 335

(وَمِنْ عَبْدِهِ)

(1)

، أَيْ: وَمِنْ عَبْدِ الْوَصِيِّ.

(بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ مِنْ نَفْسِهِ)

(2)

، أَيْ: بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ مِنْ نَفْسِ الْوَصِيِّ

(3)

.

(بِخِلَافِ ابْنِهِ الْكَبِيْرِ)

(4)

، أَيْ: بِخِلَافِ ابْنِ الْوَصِيِّ الْكَبِيْرِ، وَكَذَلِكَ [الضَّمِيْرُ]

(5)

فِيْ ([أَبِيْهِ]

(6)

وَعَبْدِهِ)

(7)

(8)

.

(لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ)

(9)

، أَيْ: لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْوَصِيِّ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيْرِ [وَأَبِيْهِ]

(10)

وَعَبْدِهِ الَّذِيْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ مِنْ نَفْسِهِ فَيَجُوْزُ

(11)

، كَمَا يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ مَتَاعَ الْيَتِيْمِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِيْمَا إِذَا اسْتَدَانَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لِلْيَتِيْمِ فِيْ كِسْوَتِهِ وَطَعَامِهِ، عَلَى مَا يَجِيْءُ، فَكَذَا هَاهُنَا

(12)

.

{قَوْلُهُ}

(13)

: (لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيْهِ)

(14)

، أَيْ: فِيْ الْبَيْعِ مِنْ هَؤُلَاءِ

(15)

.

[استدان الوصيّ لليتم ورهن به متاعًا لليتيم]

(وَلَا تُهْمَةَ فِيْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ لَهُ حُكْمًا وَاحِدًا)

(16)

، وَهُوَ أَنَّهُ مَضْمُوْنٌ بِأَقَلَّ مِنْ قِيْمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ، سَوَاءٌ رَهَنَهُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَوْ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ، فَلِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ مَعَهُمْ، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ" فِيْ بَابِ رَهْنِ الْوَصِيِّ، مِنْ الرَّهْنِ

(17)

.

(1)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 103)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 73)، البناية شرح الهداية (12/ 511).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1570).

(5)

في (ب): (الصَّغِير).

(6)

في (ب): (ابْنِهِ).

(7)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 73)، البناية شرح الهداية (12/ 511)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 596).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1570).

(10)

في (ب): (وابْنِهِ).

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 511)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 73)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 596).

(12)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (3/ 154)، مجمع الضمانات للبغدادي (ص 99)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 596).

(13)

سقطت من (ب).

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1570).

(15)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 73)، البناية شرح الهداية (12/ 511)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1182).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1570).

(17)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 102)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 73)، البناية شرح الهداية (12/ 511).

ص: 336

(وَإِنْ اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيْمِ)

(1)

، أَيْ: اسْتَقْرَضَ لِأَجْلِهِ.

[نقض الابن أو اليتيم لعقد الرهن بعد كِبَرِهما]

(فَرَهَنَ بِهِ مَتَاعًا لِلْيَتِيْمِ: جَازَ)

(2)

؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ هَذَا الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْيَتِيْمِ، فَإِنَّهُ اسْتَدَانَهُ لِحَاجَتِهِ، فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بِهِ أَيْضًا

(3)

.

(وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مَتَاعَ الصَّغِيْرِ، فَأَدْرَكَ الْابْنُ وَمَاتَ الْأَبُ: لَيْسَ لِلِابْنِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ)

(4)

، أَيْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ عَقْدَ الرَّهْنِ الَّذِيْ عَقَدَهُ الْأَبُ، وَأَطْلَقَ لَفْظَ رَهْنِ الْأَبِ مَتَاعَ الصَّغِيْرِ وَلَم يَذْكُرْ أَنَّهُ رَهَنَ لِدَيْنِ [الصَّغِيْرِ]

(5)

أَوْ لِدَيْنِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِيْ ذَكَرَهُ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُوْنَ الدَّيْنُ دَيْنَ الصَّغِيْرِ أَوْ دَيْنَ الْأَبِ

(6)

.

وَقَوْلُهُ: (وَمَاتَ الْأَبُ)، قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا تَأْثِيْرَ لِمَوْتِهِ فِيْ هَذَا الْحُكْمِ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِيْ "شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ" وَ"مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" وَ"أَحْكَامِ الصِّغَارِ"

(7)

هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكَرِ مَوْتَ الْأَبِ

(8)

، وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الْأَبِ اتِّفَاقِيٌّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ وَهُوَ عَدَمُ وِلَايَةِ اسْتِرْدَادِ الصَّغِيْرِ الرَّهْنَ إِذَا بَلَغَ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُوْنَ الرَّاهِنُ أَبًا أَوْ وَصِيًّا لِلْصَّغِيْرِ، وَالدَّلِيْلُ عَلَى مَا قُلْتُهُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِيْ "مَبْسُوْطِهِ"، فَقَالَ: وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مِالًا لِوَلَدِهِ وَهُوَ صَغِيْرٌ، فَأَدْرَكَ، فَأَرَادَ رَدَّ الرَّهْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ رَهَنَ مَالَ الصَّغِيْرِ إِمَّا بِدَيْنِهِ أَوْ بِدَيْنِ الصَّغِيْرِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيْرُ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا فَعَلَهُ الْأَبُ وَأَنَّهُ أَعَمُّ وِلَايَةً {مِنْهُ}

(9)

أَوْلَى

(10)

، إِلَّا أَنَّ الْابْنَ إِذَا قَضَى دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ: إِنْ كَانَ الْأَبُ رَهَنَهُ بِدَيْنِ نَفْسِهِ رَجَعَ الْابْنُ بِمَا قَضَى عَلَى الْأَبِ، وَلَا يَصِيْرُ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّ مَا جَازَ فِعْلُهُ لِلْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ فَهُوَ كَفِعْلِ الْابْنِ بِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ بَالِغًا، وَلَوْ كَانَ الْابْنُ بَالِغًا فَأَذِنَ لِأَبِيْهِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَهُ فِيْ دَيْنِهِ، {ثُمَّ}

(11)

قَضَى دَيْنَ الْأَبِ [لِيْفَتَكَّ]

(12)

الرَّهْنَ لَا يَصِيْرُ مُتَطَوِّعًا، عَلَى مَا [بَيَّنَّا]

(13)

أَنَّ [الْمُعِيْرَ]

(14)

لِلْرَهْنِ مَتَى قَضَى دَيْنَ الْمُسْتَعِيْرِ لَا يَصِيْرُ مُتَطَوِّعًا، فَكَذَلِكَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ رَهَنَ فِيْ دَيْنِ الْوَلَدِ لَا يَرْجِعُ بِمَا قَضَى عَلَى/ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَ نَفْسِهِ، وَمَنْ قَضَى دَيْنَ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ {بِمَا قَضَى}

(15)

عَلَى أَحَدٍ

(16)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(2)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 99)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 213)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 596 - 597).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(5)

في (أ): (الصَّغِيْرِ لَه).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 73)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1183)، البناية شرح الهداية (12/ 512).

(7)

أَحْكَام الصِّغَارِ: هو كتاب "جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ" في فروع الفقه الحنفي المختصة بالصغار، لأبي الفتح، محمد ابن محمود الأُسْرُوْشَنِي، الحنفي، مجد الدين، الْمُتَوَفَّى سنة 632 هـ، وهو مطبوع في أربعة أجزاء، بتحقيق عبدالحميد ابن عبدالخالق البيزلي، طبعته مطبعة المعارف ببغداد سنة 1983 م. وَيُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (1/ 1)، الأعلام للزركلي (7/ 86).

(8)

يُنْظَر: جامع أحكام الصغار (3/ 125)، العناية شرح الهداية (10/ 161)، البناية شرح الهداية (12/ 511 - 512).

(9)

سقطت من (ب).

(10)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1183).

(11)

سقطت من (أ).

(12)

في (ب): (لِيَسْتَفِكَّ).

(13)

في (أ): (يتناول).

(14)

في (أ): (الْمُعْتَبَر).

(15)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 232).

(16)

لم أجده.

ص: 337

{قَوْلُهُ}

(1)

: (لِوُقُوْعِهِ لَازِمًا مِنْ جَانِبِهِ)

(2)

، أَيْ: مِنْ جَانِبِ الصَّغِيْرِ

(3)

.

[رَهَن الأب متاع الصغير بدين على نفسه وبدين على الصغير]

{قَوْلُهُ}

(4)

: (لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَمْرَيْنِ جَائِزَيْنِ)

(5)

، وَهُوَ رَهْنُ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ مَتَاعَ الصَّغِيْرِ لِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ، وَرَهْنُ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ مَتَاعَ الصَّغِيْرِ لِدَيْنٍ عَلَى الصَّغِيْرِ

(6)

، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ أَنْ يَرْهَنَ بِدَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْانْفِرَادِ فَكَذَلِكَ بِدَيْنِهِمَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا رَهَنَ عَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ ابْنِهِ الْكَبِيْرِ وَالصَّغِيْرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوْزُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْكَبِيْرِ فِيْ رَهْنِ نَصِيْبِهِ، وَنَصِيْبُ الصَّغِيْرِ شَائِعٌ، فَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيْحُ الرَّهْنِ فِيْ شَيْءٍ مِنْهُ

(7)

.

[رَهَن الوصيّ متاعًا لليتيم في دين على اليتيم، ثم استعاره فضاع خرج من الرهن]

{قَوْلُهُ}

(8)

: (لِأَنَّ فِعْلَ الْوَصِيِّ كَفِعْلِهِ)

(9)

، أَيْ: كَفِعْلِ الْيَتِيْمِ (بِنَفْسِهِ)

(10)

(11)

.

{قَوْلُهُ}

(12)

: (وَالْحُكْمُ فِيْهِ هَكَذَا)

(13)

، يَعْنِيْ: وَلَوْ كَانَ الْيَتِيْمُ بَالِغًا فَرَهَنَهُ مَتَاعَهُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ اسْتَعَادَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَهَلَكَ فِيْ يَدِهِ، لَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ يَصِيْرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ صَاحِبَ الدَّيْنِ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ بِاعْتِبَارِ {يَدِ}

(14)

الْمَدْيُوْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ لَا يَثْبُتُ بِيَدِ الرَّاهِنِ فِيْ الْابْتِدَاءِ إِذَا جُعِلَ عَدْلًا فِيْهَا، فَكَذَلِكَ لَا يَبْقَى حُكْمُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ بَعْدَمَا رَجَعَ الرَّهْنُ إِلَى الرَّاهِنِ، وَإِذَا لَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْوَصِيِّ بِالدَّيْنِ كَمَا {كَانَ}

(15)

يَرْجِعُ بِهِ قَبْلَ الرَّهْنِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيْمِ وَقَدْ ضَاعَ الْعَيْنُ مِنْ مَالِ الْيَتِيْمِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَعَارَهُ لِحَاجَةِ الْيَتِيْمِ، وَالْكُلُّ مِنْ "الْمَبْسُوْطِ"

(16)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1570).

(3)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1183)، البناية شرح الهداية (12/ 512)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 597).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1570).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 161)، البناية شرح الهداية (12/ 512)، تكملة البحر الرائق (8/ 281).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 103)، الفتاوى الهندية (5/ 438).

(8)

سقطت من (ب).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1570).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 162)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 73)، مجمع الضمانات (ص 99).

(12)

سقطت من (ب).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1570).

(14)

سقطت من أصل (أ).

(15)

سقطت من (ب).

(16)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 101)، العناية شرح الهداية (10/ 162)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1183).

ص: 338

[إذا كانت قيمة الرهن أكثر من الدّيْن فضاع أدى قدر الدَّيْن]

{وَقَوْلُهُ}

(1)

: (وَلَوْ كَانَتْ قِيْمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ: أَدَّى قَدْرَ الدَّيْنِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ)

(2)

، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَفِيْ عَامَّةِ النُّسَخِ:(أَدَّى قَدْرَ الْقِيْمَةِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ)، وَهَذَا سَهْوٌ وَقَعَ مِنْ الْكَاتِبِ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا حَقَّ فِيْهِ لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِيْ قَدْرِ الدَّيْنِ لَا فِيْ قِيْمَةِ الرَّهْنِ

(3)

.

[استعمل الرهن لحاجة الصغير حتى هلك]

{قَوْلُهُ}

(4)

: (يَضْمَنُهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ)

(5)

، وَهُوَ قَدْرَ الدَّيْنِ

(6)

.

(وَلَا يَضْمَنُهُ لِحَقِّ الصَّغِيْرِ)

(7)

، وَهُوَ قَدْرَ الزِّيَادَةِ عَلَى الدَّيْنِ

(8)

.

({يَضْمَنُهُ لِلْمُرْتَهِنِ}

(9)

يَأْخُذُهُ بِدَيْنِهِ)

(10)

، أَيْ: يَأْخُذْ الْمُرْتَهِنُ مَا ضَمِنَهُ الْوَصِيُّ بِمُقَابَلَةِ دَيْنِهِ

(11)

.

[رَهْن الدراهم والدنانير، والاستيفاء فيها]

{قَوْلُهُ}

(12)

: (لِأَنَّ عِنْدَهُ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ دُوْنَ الْقِيْمَةِ، وَعِنْدَهُمَا: يَضْمَنُ الْقِيْمَةَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ)

(13)

، وَذَكَرَ فِيْ "الْمُغْنِيْ": فَعَلَى قَوْلِ أَبِيْ حَنِيْفَةَ رضي الله عنه

(14)

: يُعْتَبَرُ الْوَزْنُ بِالْاسْتِيْفَاءِ عِنْدَ الْهَلَاكِ وَلَا يُعْتَبَرُ الصَّنْعَةُ وَالْجَوْدَةُ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا كَذَلِكَ، إِلَّا إِذَا أَدَّى اعْتِبَارُ الْوَزْنِ وَحْدَهُ إِلَى [إِلْحَاقِ]

(15)

الضَّرَرِ بِأَحَدِهِمَا إِمَّا الرَّاهِنَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ، فَحِيْنَئِذٍ يُعْتَبَرُ الصَّنْعَةُ وَالْجَوْدَةُ كَمَا يُعْتَبَرُ الْوَزْنُ، وَإِذَا وَجَبَ اعْتِبَارُ الصَّنْعَةِ وَالْجَوْدَةِ عِنْدَهُمَا وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْمُرْتَهِنِ مُسْتَوْفِيًا مَعْ اعْتِبَارِ الصَّنْعَةِ وَالْجَوْدَةِ [لِمَكَانِ]

(16)

الرِّبَا، يَجِبُ الْقِيْمَةُ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ

(17)

.

(1)

سقطت من (ب).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(3)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1183)، البناية شرح الهداية (12/ 514)، الفتاوى الهندية (5/ 440).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 162)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 74)، الفتاوى الهندية (5/ 440).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 162)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1185)، الفتاوى الهندية (5/ 440).

(9)

سقطت من (أ).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1571).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 163)، البناية شرح الهداية (12/ 514)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1185).

(12)

سقطت من (ب).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1571).

(14)

في (ب): (/).

(15)

في (ب): (إلقاء).

(16)

في (ب): (لَكَان).

(17)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 96)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 231)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 597).

ص: 339

[رَهَن قُلْب فضة وزنه عشرة بعشرة دراهم فهلَك]

بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ: فِيْمَا إِذَا رَهَنَ مِنْ آخَرَ قُلْبَ

(1)

فِضَّةٍ وَزْنُهُ عَشَرَةٌ، بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَهَلَكَ الْقَلْبُ، سَقَطَ جَمِيْعُ الدَّيْنِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيْمَةُ الْقَلْبِ لِرَدَاءَتِهِ ثَمَانِيَةُ، فَهَلَكَ الْقَلْبُ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/: سَقَطَ جَمِيْعُ الدَّيْنِ، وَعِنْدَهُمَا: يَغْرُمُ الْمُرْتَهِنُ قِيْمَتَهُ مِنْ خِلَافِ [الْجِنْسِ]

(2)

، وَلَا يَهْلِكُ بِالدَّيْنِ

(3)

.

وَفِيْ "الْمَبْسُوْطِ": وَإِذَا ارْتَهَنَ الرَّجُلُ قَلْبَ فِضَّةٍ فِيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، {بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ}

(4)

، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إِمَّا أَنْ تَكُوْنَ قِيْمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ عَشَرَةً، أَوْ قِيْمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ ثَمَانِيَةً، أَوْ قِيْمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ اثْنَيْ عَشَرَ، وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَهْلِكَ الْقَلْبُ أَوْ يَنْكَسِرَ

(5)

.

أَمَّا إِذَا كَانَتْ قِيْمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ، فَإِنَّ هَلَكَ الْقَلْبُ سَقَطَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ فِيْ وَزْنِهِ وَقِيْمَتِهِ وَفَاءً بِالدَّيْنِ، فَيَصِيْرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا كَمَالَ حَقِّهِ بِهَلَاكِهِ، وَإِنْ انْكَسَرَ فَعَلَى {قَوْلِ}

(6)

أَبِيْ حَنِيْفَةَ وَأَبِيْ يُوْسُفَ -رَحِمَهُمَا اللهُ-: يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنَ قِيْمَتَهُ، إِنْ شَاءَ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ فِيْهِ الرِّبَا، أَوْ يَكُوْنَ مَا ضَمَّنَ رَهْنًا عِنْدَهُ إِلَى أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ، ثُمَّ يَسْتَوْفِيْهِ قَضَاءً مِنْ حَقِّهِ، وَالْمَكْسُوْرُ مَمْلُوْكٌ لَهُ بِالضَّمَانِ، وَعْنْدَ مُحَمَّدٍ/: يَتَخَيَّرُ الرَّاهِنُ، إِنْ شَاءَ سَلَّمَ الْمَكْسُوْرَ لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، إِلَى آخِرِهِ

(7)

.

(1)

قُلْبَ: سِوَارٌ غَيْرُ مَلْوِيٍّ، مُسْتَعَارٌ مِنْ قُلْبِ النَّخْلَةِ وَهُوَ جُمَّارُهَا؛ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الْبَيَاضِ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 422)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 512).

(2)

في (ب): (جِنْسِهِ).

(3)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 96)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 75)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 231).

(4)

سقطت من (ب).

(5)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 115)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 161)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 75 - 76).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 115 - 116)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 161)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 231).

ص: 340

[المراد بالإبريق]

الْإِبْرِيقُ: إِنَاءٌ لَهُ خُرْطُوْمٌ، كَذَا فِيْ "الْمُغْرِبْ"

(1)

.

(هَذَا الْجَوَابُ)

(2)

، أَيْ: قَوْلُهُ: (فَهُوَ بِمَا فِيْهِ)

(3)

، أَيْ: فَذَلِكَ الرَّهْنُ [ضَاعَ]

(4)

بِمُقَابَلَةِ دَيْنِ الْعَشَرَةِ الَّذِيْ فِيْ ذَلِكَ الرَّهْنِ، أَوْ فَهُوَ هَالِكٌ بِالدَّيْنِ كُلِّهِ

(5)

.

(فِيْ الْوَجْهَيْنِ)

(6)

، أَيْ: فِيْمَا إِذَا كَانَتْ قِيْمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ، وَفِيْمَا إِذَا كَانَتْ قِيْمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ

(7)

.

(فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ

(8)

الْمَذْكُوْرِ)

(9)

، أَيْ: عِنْدَ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/: يَهْلِكُ بِالدَّيْنِ، وَعِنْدَهُمَا: يَضْمَنُ الْقِيْمَةَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ

(10)

.

(فَصِرْنَا إِلَى التَّضْمِيْنِ، بِخِلَافِ الْجِنْسِ لِيَنْتَقِضَ الْقَبْضُ وَيُجْعَلَ مَكَانَهُ)

(11)

، أيْ: رهنًا.

(ثُمَّ يَتَمَلَّكُهُ)

(12)

،/ أَيْ: ثُمَّ يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَيَتَمَلَّكُهُ، أَيْ: فَيَتَمَلَّكُ الرَّاهِنُ ذَلِكَ الرَّهْنَ الَّذِيْ جُعِلَ مَكَانَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ

(13)

.

وَفِيْ بَعْضِ الْحَوَاشِيْ: «ثُمَّ يَتَمَلَّكُهُ)، {أَيْ: يَتَمَلَّكُهُ}

(14)

الْمُرْتَهِنُ)، قُلْتُ: وَهُوَ لَا يَصِحُّ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَ الْمُرْتَهِنِ إِيَّاهُ لَا يَخْلُوْ: إِمَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ الْمَضْمُوْنُ رَهْنًا مَكَانَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَتَمَلَّكُهُ الْمُرْتَهِنُ، أَوْ يَتَمَلَّكُهُ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهُ رَهْنًا مَكَانَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ جَعَلَهُ رَهْنًا ثُمَّ تَمَلَّكَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ جَاهِلِيٌّ، عَلَى مَا يَجِيْءُ بَعْدَهَا بِقَوْلِهِ:(وَفِيْ جَعْلِهِ بِالدَّيْنِ إِغْلَاقُ الرَّهْنِ، وَهُوَ حُكْمٌ جَاهِلِيٌّ)

(15)

(16)

.

(1)

يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 44).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1571).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 492).

(4)

في (أ): (شَاعَ).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 163)، البناية شرح الهداية (12/ 515)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 489).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1571).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 163)، البناية شرح الهداية (12/ 515 - 516).

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1571).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 163)، البناية شرح الهداية (12/ 516)، مجمع الضمانات (ص 100).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1571 - 1572).

(12)

يُنْظَر: المرجع السابق (4/ 1572).

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 163)، البناية شرح الهداية (12/ 516)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1186).

(14)

سقطت من (أ).

(15)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(16)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 516).

ص: 341

وَلَوْ قُلْنَا: بِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهُ رَهْنًا كَانَ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ " {مَبْسُوْطِ}

(1)

شَيْخِ الْإِسْلَامِ/ " وَ"الْأَسْرَارِ"، وَشُرُوْحِ "الْجَامِعِ الصَّغِيْرِ": {مِنْ}

(2)

"الْجَامِعِ الصَّغِيْرِ" لِقَاضِيْ خَانَ/، وَغَيْرِهِ

(3)

.

وَقَدْ صَرَّحَ فِيْ "مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" بِقَوْلِهِ فِيْ هَذِهِ الصُّوْرَةِ: وَقَالَ أَبُوْ يُوْسُفَ وَمُحَمَّدٌ -رَحِمَهُمَا اللهُ-: بِأَنَّ لِلْوَاهِبِ أَنِ يُضْمِّنَهُ قِيْمَتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَيَكُوْنَ الْقِيْمَةُ رَهْنًا عِنْدَهُ بِجِنْسِهَا إِلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ

(4)

.

[استيفاء الجيّد بالرّديء في رهن الدراهم والدنانير]

وَقَوْلُهُ: (وَاسْتِيْفَاءُ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيْءِ جَائِزٌ)

(5)

، هَكَذَا وَقَعَ فِيْ النُّسَخِ، وَلَكِنْ الْأَصَحُّ أَنْ يُقَالَ:(وَاسْتِيْفَاءُ الرَّدِيْءِ بِالْجَيِّدِ جَائِزٌ)، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّ هَذَا أَصَحَّ لِوَجْهَيْنِ:

[أَحَدُهُمَا]

(6)

: أَنَّ الْاسْتِدْلَالَ بِقَوْلِهِ: (كَمَا إِذَا تَجَوَّزَ بِهِ)

(7)

، أَيْ: فِيْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ، يُؤْذِنُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنْ يُقَالَ: وَاسْتِيْفَاءُ الرَّدِيْءِ بِالْجَيِّدِ؛ لِأَنَّ التَّجَوُّزَ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيْمَا إِذَا أَخَذَ الرَّدِيْءَ مَكَانَ الْجَيِّدِ، وَلِأَنَّ فِيْ جَوَازِ اسْتِيْفَاءِ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيْءِ لَا شُبْهَةَ لِأَحَدٍ فِيْهِ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الْاسْتِدْلَالِ بِشَيْءٍ آخَرَ

(8)

.

وَالثَّانِيْ: الْاسْتِدْلَالُ [بِوَضْعِ]

(9)

الْمَسْأَلَةِ، [فَإِنَّ وَضْعَ]

(10)

الْمَسْأَلَةِ فِيْمَا إِذَا اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ بِعَشَرَتِهِ قِيْمَةَ إِبْرِيْقٍ هِيَ أَقَلَّ مِنْ الْعَشَرَةِ لِرَدَاءَتِهِ، فَكَانَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا الرَّدِيْءَ بِمُقَابَلَةِ جَيِّدِهِ

(11)

.

(1)

سقطت من أصل (ب).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 516).

(4)

لم أجده.

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(6)

في (ب): (أَبْعَدُهُمَا).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 163)، البناية شرح الهداية (12/ 516 - 517).

(9)

في (ب): (بِمَوْضِع).

(10)

في (ب): (وإِنَّ مَوْضِع).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 163)، البناية شرح الهداية (12/ 516 - 517).

ص: 342

(وَقَدْ حَصَلَ الْاسْتِيْفَاءُ بِالْإِجْمَاعِ)

(1)

؛ لِمَا عُرِفَ أَنَّ بِقَبْضِ الرَّهْنِ [ثَبَتَ]

(2)

الْاسْتِيْفَاءُ مِنْ وَجْهٍ، وَإِنَّمَا يَنْقُضُ هَذَا الْاسْتِيْفَاءَ بِرَدِّ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَلَمْ يُرَدُّ، بَلْ هَلَكَ، فَكَانَ الْاسْتِيْفَاءُ حَاصِلًا بِالْهَلَاكِ بِالْإِجْمَاعِ

(3)

.

(لِأَنَّهُ لَابُدَّ لَهُ مِنْ مُطَالِبٍ وَمُطَالَبٍ)

(4)

، وَلَا مُطَالِبَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ إِمَّا أَنْ كَانَ الرَّاهِنَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ، وَلَا يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ الرَّاهِنَ هُوَ الْمُطَالِبْ لِلْنَّقْضِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ بِالرَّدِيْءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ، وَلَا يَجُوْزَ أَيْضًا أَنْ يَكُوْنَ هُوَ الْمُرْتَهِنَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُطَالَبٌ فَلَا يِصِحُّ أَنْ يَكُوْنَ مُطَالِبًا لِلْتَّدَافُعِ، وَفِيْهِ أَيْضًا يَلْزَمُ تَضْمِيْنُ الْإِنْسَانِ [لِمِلْكِ]

(5)

نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَلَا نَظِيْرَ لَهُ فِيْ الشَّرْعِ

(6)

.

وَذَكَرَ فِيْ "الْمَبْسُوْطِ": وَأَبُوْ حَنِيْفَةَ/ يَقُوْلُ: ضَمَانُ الرَّهْنِ ضَمَانُ اسْتِيْفَاءٍ، وَالْاسْتِيْفَاءُ يَكُوْنُ بِالْوَزْنِ، وَفِيْ الْقَلْبِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، فيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا كَمَالَ حَقِّهِ، عَلَى مَعْنَى: أَنَّهُ لَمَّا قَبَضَ الرَّهْنَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ، فَكَأَنَّهُ رَضِيَ بِدُوْنِ حَقِّهِ فِيْ صِفَةِ الْجَوْدَةِ

(7)

.

(وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ)

(8)

، أَيْ: عَلَى تَقْدِيْرِ أَنَّ هَذِهِ {الْمَسْأَلَةَ}

(9)

بِنَاءً عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ "الْجَامِعِ الصَّغِيْرِ"

(10)

: (أَنَّهُ قَبَضَ الزُّيُوْفَ

(11)

لِيَسْتَوْفِيَ {مِنْ عَيْنِهَا)

(12)

، أَيْ: أَنَّ رَبَّ الدِّيُوْنِ قَبَضَ الزِّيُوْفَ}

(13)

لِيَكُوْنَ تِلْكَ الزُّيُوْفِ بِعَيْنِهَا مَقَامَ مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ، ([وَالزِّيَافَةُ]

(14)

لَا [تَمْنَعُ]

(15)

الْاسْتِيْفَاءَ)

(16)

، فَتَمَّ الْاسْتِيْفَاءُ وَلَزِمَ (بِالْهَلَاكِ)

(17)

(18)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(2)

في (ب): (يَثْبُتُ).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 163 - 164)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 74).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(5)

في (ب): (بِمِلْكِ).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 163 - 164)، البناية شرح الهداية (12/ 517)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1186).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 117)، البناية شرح الهداية (12/ 517)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 74).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(9)

سقطت من (ب).

(10)

يُنْظَر: قال في "الجامع الصغير": (رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَضَاهُ زُيُوْفًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَنْفَقَهَا أَوْ هَلَكَتْ فَهُوَ قَضَاءٌ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ/ يَرُدُّ مِثْلَ زُيُوْفِهِ وَيَرْجِعُ بِدَرَاهِمِهِ). يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص 367).

(11)

الزُّيُوْفَ: جَمْعُ زَيْفٍ، يُقَالُ: زَافَتْ الدَّرَاهِمُ تَزِيفُ زَيْفًا، وَهُوَ الَّذِيْ خُلِطَ بِهِ نُحَاسٌ أَوْ غَيْرُهُ فَفَاتَتْ صِفَةُ الْجُودَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ اسْمِ الدَّرَاهِمِ. يُنْظَر: طِلْبَة الطَّلَبة (ص 109)، الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 236)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 261).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(13)

ما بين القوسين سقط من (أ).

(14)

في (أ): (والزِّيَادَةُ).

(15)

في (ب): (تَقَع).

(16)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(17)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(18)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 164)، البناية شرح الهداية (12/ 518).

ص: 343

وَأَمَّا فِيْ الرَّهْنِ فَالَّذِيْ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ رَهْنًا مَا أَخَذَهُ عَيْنَهُ بِمُقَابَلَةِ دَيْنِهِ، لَكِنْ أَخَذَهُ لِيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ، فَكَانَ هُوَ [قَابِلًا لِرَدِّهِ]

(1)

بِالضَّمَانِ وَأَخْذِهِ مِثْلَ حَقِّهِ

(2)

.

وَأَمَّا وَجْهُ بِنَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: فَمَا ذَكَرَهُ فِيْ "الْمَبْسُوْطِ" فَقَالَ: وَذِكْرُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِيْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/، قَالَ عِيْسَى/

(3)

: هُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ، أَمَّا قَوْلُهُ الْآخَرُ كَقَوْلِ أَبِيْ يُوْسُفَ، عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ فِيْ كِتَابِ الرَّهْنِ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ، فَإِنَّ الرَّهْنَ مَقْبُوْضٌ لِلْاسْتِيْفَاءِ، فَيَكُوْنُ بِمَنْزِلَةِ الْمَقْبُوْضِ [بِحَقِيْقَةِ]

(4)

الْاسْتِيْفَاءِ، وَهُنَاكَ الْمُسْتَوْفَى إِذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِالْهَلَاكِ يَسْقُطُ حَقُّهُ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/ لِمَكَانِ الْجَوْدَةِ، فَكَذَلِكَ فِيْ الرَّهْنِ، وَعِنْدَهُمَا: هُنَاكَ يَضْمَنُ مِثْلَ الْمُسْتَوْفَى، وَيُقَامُ ردُّ الْمِثْلِ مَقَامَ رَدِّ الْعَيْنِ [لِمُرَاعَاةِ]

(5)

حَقِّهِ فِيْ الْجَوْدَةِ، فَكَذَلِكَ فِيْ الرَّهْنِ

(6)

.

فَإِنْ [قِيْلَ]

(7)

: كَيْفَ يَسْتَقِيْمُ هَذَا الْبِنَاءُ، وَهُنَاكَ عِنْدَ الْقَبْضِ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِصِفَةِ الْمُسْتَوْفَى يَسْقُطُ حَقُّهُ عِنْدَهُمْ جَمِيْعًا، وَهَاهُنَا عِنْدَ قَبْضِ الرَّهْنِ هُوَ عَالِمٌ [بِرَدَاءَةِ]

(8)

الْمَقْبُوْضِ؟

(1)

في (ب): (قَائِلاً للرَّدِّ).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 164)، البناية شرح الهداية (12/ 518)

(3)

عِيْسَى: هو أبو موسى، عيسى بن أبان بن صدقة، تلميذ محمد بن الحسن الشيباني وصاحبه، كان إمامًا، من كبار فقهاء الحنفية، ولِيَ قضاء البصرة عشر سنين، حدَّث عن: إسماعيل بن جعفر، وهشيم، ويحيى بن أبي زائدة، وروى عنه: الحسن بن سلام السواق، وغيره، كان ذكيًّا، وفيه سخاءٌ وجودٌ زائد، له بعض التصانيف، منها:"إثبات القياس" و"اجتهاد الرأي" و"الجامع" في الفقه، تُوُفِّيَ بالبصرة سنة 221 هـ. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (10/ 440)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 401)، الفوائد البهية للكنوي (ص 151)، الأعلام للزركلي (5/ 100).

(4)

في (أ): (فَحَقِيْقَة).

(5)

في (أ): (بِمُرَاعَاةِ).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 117)، تكملة فتح القدير (10/ 166)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1187).

(7)

في (ب): (قَالَ)

(8)

في (أ): (بِرَادَه).

ص: 344

قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنَّهُ عِنْدَ قَبْضِ الرَّهْنِ مَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَهْلِكُ فِيْ يَدِهِ، فَيَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا بِهِ حَقَّهُ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ الْاسْتِيْفَاءُ هُنَا عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ، فَبِمُجَرَّدِ قَبْضِ الرَّهْنِ لَا يَتِمُّ رِضَاهُ بِسُقُوْطِ حَقِّهِ عَنْ الْجَوْدَةِ عِنْدَهُمَا،/ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَبَضَهُ لِلْاسْتِيْفَاءِ حَقِيْقَةً، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ دُوْنَ حَقِّهِ فِيْ الْجَوْدَةِ

(1)

.

وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِيْ "مَبْسُوْطِهِ" وَجْهَ الْبِنَاءِ بِقَوْلِهِ: وَوَجْهُ كَوْنِهِ فَرْعًا لِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا حُكْمًا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، فَيُعْتَبَرُ بِمَا لَوْ اسْتَوْفَى حَقِيْقَةً، وَلَوْ اسْتَوْفَى حَقِيْقَةً ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ قِيْمَتَهُ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ لَا يَكُوْنُ لَهُ نَقْضُ الْاسْتِيْفَاءِ بِرَدِّ الْمِثْلِ وَالرُّجُوْعِ [بِالْجِيَادِ]

(2)

عَلَى قَوْلِ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/، فَكَذَا إِذَا اسْتَوْفَى حُكْمًا وَهَلَكَ الْمُسْتَوْفَى عِنْدَهُ

(3)

.

ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنْ جَعْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُبْتَدَأَةٌ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ هَاهُنَا الرِّضَي لِلْمُرْتَهِنِ بِالْاسْتِيْفَاءِ مِنْ الرَّاهِنِ، [فَمَتَى]

(4)

هَلَكَ الرَّهْنُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِيْ ذَكَرْنَا وَثَمَّ لَمْ يُوْجَدْ

(5)

.

[انكسر إبريق فضة مرهون قيمته مثل وزنه أو أقل أو أكثر]

(عِنْدَ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/ وَأَبِيْ يُوْسُفَ/: لَا يُجْبَرُ عَلَى [الْفِكَاكِ]

(6)

(7)

، بَلْ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ قِيْمَتَهُ، [إِنْ شَاءَ مِنْ جِنْسِهِ]

(8)

، وَإِنْ شَاءَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لِا يَتَمَكَّنُ فِيْهِ الرِّبَا، [أَوْ يَكُوْنُ]

(9)

مَا ضَمِنَ رَهْنًا عِنْدَه إِلَى أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(10)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 118).

(2)

في (أ): (الحِيَاد).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 164)، البناية شرح الهداية (12/ 518)، تكملة فتح القدير (10/ 165 - 167).

(4)

في (ب): (مَتَى).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 164)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 74)، البناية شرح الهداية (12/ 518).

(6)

في (ب): (انفِكَاك).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(8)

في (أ): (وَيَكُوْنُ).

(9)

في (أ): (مِنْ جِنْسِهِ إِنْ شَاءَ).

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 116)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 161)، الفتاوى الهندية (5/ 473).

ص: 345

قَوْلُهُ: (لَا يُجْبَرُ عَلَى [الْفِكَاكِ]

(1)

؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ)

(2)

إِلَى آخِرِهِ.

فَإِنْ قُلْتَ: مَا وَجْهُ مُطَابَقَةِ هَذَا التَّعْلِيْلِ بِهَذَا الْحُكْمِ، بَلْ هَذَا التَّعْلِيْلُ تَعْلِيْلُ عَدَمِ سُقُوْطِ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا الدَّيْنَ بِمُقَابَلَةِ الْجَوْدَةِ، لَا تَعْلِيْلُ عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَى الْفِكَاكِ، وَهَذَا لَا مُطَابَقَةَ بَيْنَهُمَا كَمَا تَرَى؟

قُلْتُ: نَعَمْ كَذَلِكَ لَوْ أَجْرَيْنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، لَكِنْ لَابُدَّ مِنْ الْإِضْمَارِ فِيْ تَوْجِيْهِ الْمُطَابَقَةِ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: لَا يُجْبَرُ عَلَى الْفِكَاكِ؛ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِالْجَبْرِ عَلَى الْفِكَاكِ هُوَ لَا يَخْلُوْ عَنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُجْبَرَ عَلَى [الْافْتِكَاكِ]

(3)

بِبَعْضِ الدَّيْنِ أَوْ بِكُلِّهِ، لَا وَجْهَ إِلَى الْأَوَّلِ؛ (لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إِلَى أَنْ يَذْهَبِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ) إِلَى آخِرِهِ، فَكَذَلِكَ (لَا يُجْبَرُ عَلَى الْفِكَاكِ)، فَكَانَ هَذَا الْحُكْمُ نَتِيْجَةَ {هَذَا}

(4)

التَّعْلِيْلِ بِهَذَا الطَّرِيْقِ

(5)

.

وَالدَّلِيْلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا: مَا ذَكَرَهُ فِيْ "الزِّيَادَاتِ الْبُرْهَانِيَّةِ"

(6)

بِقَوْلِهِ: وَالْقَلْبُ إِذَا انْكَسَرَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ يَصِيْرُ مُسْتَوْفِيًا الدَّيْنَ بِمُقَابَلَةِ الْجَوْدَةِ، وَالْجَوْدَةُ لَا قِيْمَةَ لَهَا فِيْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ، وَلَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّيْ إِلَى الْإِضْرَارِ بِهِ

(7)

.

(1)

في (ب): (انْفِكَاك).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(3)

في (ب): (الانْفِكَاكِ).

(4)

سقطت من (أ).

(5)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1187)، العناية شرح الهداية (10/ 164 - 165)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 75).

(6)

الزِّيَادَات الْبُرْهَانِيَّةِ: هو "شرح الزيادات" في فروع الحنفية، لأبي المعالي، محمود بن أحمد بن عبدالعزيز ب م مازه، البخاري، برهان الدين، الْمُتَوَفَّى سَنَة 616 هـ، صاحب "المحيط البرهاني" و"الذخيرة البرهانية"، وكتابُهُ هذا شرحٌ لكتاب "الزيادات" لمحمد بن الحسن الشيباني/، ولم أجده لا مطبوعًا ولا مخطوطًا. ويُنْظَر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (2/ 963)، هدية العارفين (2/ 404)، الفوائد البهية للكنوي (ص 205).

(7)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 97)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 75)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 161).

ص: 346

(لِمَا فِيْهِ مِنْ الضَّرَرِ)

(1)

، أَيْ: بِالرَّاهِنِ

(2)

.

(إِنْ شَاءَ افْتَكَّهُ بِمَا فِيْهِ)

(3)

، أَيْ: بِالدَّيْنِ الَّذِيْ فِيْ ذَلِكَ الْمَكْسُوْرِ، وَهُوَ جَمِيْعُ الدَّيْنِ

(4)

.

(وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْفِكَاكُ مَجَّانًا)

(5)

، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وِلَا إِلَى أَنْ يَفْتَكَّهُ مَعَ النُّقْصَانِ لِمَا مَرَّ، فَتَعَذَّر الْفِكَاكُ أَصْلًا، وَ (صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ)

(6)

(7)

.

(قُلْنَا: الْاسْتِيْفَاءُ عِنْدَ الْهَلَاكِ بِالْمَالِيَّةِ، وَطَرِيْقُهُ أَنْ يَكُوْنَ مَضْمُوْنًا بِالْقِيْمَةِ)

(8)

، لَا أَنْ يَتَمَلَّكَ الْمُرْتَهْنُ عَيْنَ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ، وَلَكِنْ يَضْمَنُ الْقِيْمَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا [يَتَوَصَّلُ]

(9)

إِلَى اسْتِيْفَاءِ حَقِّهِ إِلَّا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَهَذَا [أَمْرٌ]

(10)

مَشْرُوْعٌ.

أَلَا تَرَى أَنَّ مُحَمَّدًا/ وَافَقَنَا أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ إِذَا كَانَ يُؤَدِّيْ إِلَى الرِّبَا أَوْ إِلَى الضَّرَرِ، كَمَا فِيْ الْوَجْهِ الثَّالِثِ، كَذَا فِيْ "الْإِيْضَاحِ"

(11)

.

(وفي جَعْلِهِ بالدَّيْنِ إِغْلَاقُ الرَّهْنِ)

(12)

، وَهُوَ الْاحْتِبَاسُ الْكُلِّيُّ، بِأَنْ يَصِيْرَ الرَّهْنُ مَمْلُوْكًا [لِلْمُرْتَهِنِ]

(13)

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 165)، البناية شرح الهداية (12/ 519)، الكفاية شرح الهداية (10/ 165).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 75)، العناية شرح الهداية (10/ 165)، البناية شرح الهداية (12/ 519).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(6)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 165)، الكفاية شرح الهداية (10/ 165)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 75).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(9)

في (ب): (يَتَوَسَّلُ).

(10)

في (أ): (أَمْنٌ).

(11)

لم أجده. ويُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 165)، البناية شرح الهداية (12/ 519)، تكملة البحر الرائق (8/ 283).

(12)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(13)

في (ب): (كالْمُرْتَهِن).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 165)، البناية شرح الهداية (12/ 519 - 520)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 75).

ص: 347

(عِنْدَهُمَا

(1)

ظَاهِرٌ)

(2)

، كَمَا إِذَا كَانَتْ قِيْمَتُهُ مِثْلَ وَزْنِهِ فِيْ حَالَةِ الْانْكِسَارِ، عَلَى مَا مَرَّ

(3)

.

(وَالْهَلَاكُ عِنْدَهُ

(4)

بِالْقِيْمَةِ)

(5)

، أَيْ: فِيْ هَذَا الْفَصْلِ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَتْ قِيْمَةُ الْقُلْبِ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهِ، مَضْمُوْنٌ بِالْقِيْمَةِ دُوْنَ الدَّيْنِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْانْكِسَارِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيْمَتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ لِلْتَّحَرُّزِ عَنْ الرِّبَا، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(6)

.

(فَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ كُلِّهِ مَضْمُوْنًا يُجْعَلُ كُلُّهُ مَضْمُوْنًا)

(7)

، وَهُوَ فِيْمَا إِذَا كَانَ وَزْنُ الرَّهْنِ مِثْلَ وَزْنِ الدَّيْنِ

(8)

.

(وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ فَبَعْضُهُ)

(9)

، يَعْنِيْ: بَعْضُ الرَّهْنِ مَضْمُوْنًا كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مَضْمُوْنًا، لَا الزَائِدُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِيْمَا إِذَا كَانَ وَزْنُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِ الدَّيْنِ، فَحِيْنَئِذٍ يَنْقَسِمُ الْجَوْدَةُ {عَلَى الْمَضْمُوْنِ}

(10)

وَالْأَمَانَةِ، فَمَا كَانَ بِمُقَابَلَةِ الْمَضْمُوْنِ يَكُوْنُ مَضْمُوْنًا، وَمَا كَانَ بِمُقَابَلَةِ الْأَمَانَةِ يَكُوْنُ أَمَانَةً، وَفِيْ مَسْأَلَتِنَا كَانَ كُلُّهُ مَضْمُوْنًا؛ لِأَنَّ وَزْنَ الرَّهْنِ مِثْلَ وَزْنِ الدَّيْنِ، [فَكَانَ]

(11)

كُلُّهُ مَضْمُوْنًا

(12)

.

(1)

عِنْدَهُمَا: عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-. يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 165)، البناية شرح الهداية (12/ 520)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1188).

(4)

عِنْدَهُ: عند محمد بن الحسن/. يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1572).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 118)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 161).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1573).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 166)، البناية شرح الهداية (12/ 520)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 75).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1573).

(10)

سقطت من (ب).

(11)

في (ب): (فَكَانَ).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 166)، البناية شرح الهداية (12/ 520).

ص: 348

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْإِبْرِيْقَ الْمَرْهُوْنَ، أَوْ الْقُلْبَ الْمَرْهُوْنَ، لَمَّا كَانَتْ قِيْمَتُهُ زَائِدَةً عَلَى الدَّيْنِ مَعْ اتِّحَادِهِمَا فِيْ الْوَزْنِ صَارَتْ [الزِّيَادَةُ]

(1)

مَضْمُوْنَةً أَيْضًا تَبَعًا لِلْوَزْنِ، عِنْدَ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ أَصْلٌ وَالصِّيَاغَةُ

(2)

تَبَعٌ

(3)

؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ يَقُوْمُ بِدُوْنِ الصِّيَاغَةِ؛ وَالصِّيَاغَةُ لَا تَبْقَى بِدُوْنِ الْوَزْنِ، فَكَانَتْ الصِّيَاغَةُ تَبَعًا لِلْوَزْنِ، كَالْأَطْرَافِ تَبَعٌ لِلرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ تَبْقَى بِدُوْنِ الْأَطْرَافِ، وَالْأَطْرَافُ/ لَا تَبْقَى بِدُوْنِ الرَّقَبَةِ، فَثَبَتَ أَنَّ الصِّيَاغَةَ تَبَعٌ لِلْوَزْنِ، وَجَمِيْعُ الْوَزْنِ صَارَ مَضْمُوْنًا؛ لِأَنَّ [الْوَزْنَ]

(4)

عَشَرَةٌ وَالدَّيْنَ عَشَرَةٌ، وَإِذَا صَارَ جَمِيْعُ [الْوَزْنِ مَضْمُوْنًا]

(5)

صَارَتْ الصِّيَاغَةُ مَضْمُوْنَةً تَبَعًا لِلْأَصْلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ [التَّبَعِ]

(6)

لَا يُخَالِفُ حُكْمَ الْأَصْلِ، فَصَارَ الْكُلُّ مَضْمُوْنًا، وَحَالَةُ الْانْكِسَارِ لَيْسَتْ بِحَالَةِ اسْتِيْفَاءِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ، فَيَكُوْنُ ضَامِنًا جَمِيْعَ الْقِيْمَةِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، كَمَا فِيْ الْمَغْصُوْبِ، وَرَوَى [بِشْرٌ]

(7)

عَنْ أَبِيْ يُوْسُفَ مِثْلَ هَذَا

(8)

.

فَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (عِنْدَ أَبِيْ يُوْسُفَ/)

(9)

: أَنَّ الْمُرْتَهِنَ (يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ)

(10)

الْقُلْبِ مِن خِلَافِ جِنْسِهِ، ويُمَيِّزُ سُدُسَ الْمَكْسُوْرِ، فَيُضَمُّ إِلَى مَا ضُمِنْ وَيَكُوْنُ مَرْهُوْنًا عِنْدَهُ، وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْقُلْبِ [يَصِيْرُ]

(11)

مَمْلُوْكًا {لَهُ}

(12)

بِالضَّمَانِ، وَإِنَّمَا يُمَيَّزُ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الشُّيُوْعِ فِيْ الرَّهْنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الشُّيُوْعَ الطَّارِئَ فِيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَالشُّيُوْعِ الْمُقَارِنِ

(13)

، وَهَذَا؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِيْ يُوْسُفَ/ أَنَّ الضَّمَانَ وَالْأَمَانَةَ يَشِيْعُ فِيْ الْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ

(14)

؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ وَالصَّنْعَةَ لَهُمَا حُكْمُ الْمَالِيَّةِ مَعَ الْأَصْلِ، وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فِيْ الْقُلْبِ الْمُوْصَى بِهِ، وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ قُلْبَ الْيَتِيْمِ بِمِثْلِ وَزْنِهِ لَا يَجُوْزُ، وَيُجْعَلُ مُحَابَاتُهُ

(15)

بِالْجَوْدَةِ وَالصَّنْعَةِ كَمُحَابَاتِهِ بِالْوَزْنِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا قُلْنَا: خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْقُلْبِ يَصِيْرُ مَضْمُوْنًا بِجَوْدَتِهِ [وَصَنْعَتِهِ]

(16)

، وَسُدُسُهُ أَمَانَةً، فَالتَّغَيُّرُ بِالْانْكِسَارِ فِيْمَا هُوَ أَمَانَةٌ لَا يُعْتَبَرُ، وَفِيْمَا هُوَ مَضْمُوْنٌ يُعْتَبَرُ، وَحَالَةُ الْانْكِسَارِ لَيْسَتْ بِحَالَةِ الْاسْتِيْفَاءِ عِنْدَهُ، فَيَضْمَنُ قِيْمَةَ خَمْسَةِ أَسْدَاسِهِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ لِهَذَا، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطَيْنِ"

(17)

.

(1)

في (ب): (الزَّائِدَةُ).

(2)

الصِّيَاغَةُ: جَعْلُ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ حُلِيًّا، يُقَالُ: صَاغَ الرَّجُلُ الذَّهَبَ يَصُوغُهُ صَوْغًا، وَصِيَاغَةً. يُنْظَر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 352)، لسان العرب (8/ 442).

(3)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 96)، الفتاوى الهندية (5/ 474)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 74).

(4)

في (ب): (الْمَوْزُوْنَ).

(5)

في (ب): (الدَّيْنِ مَوْزُوْنَاً).

(6)

في (أ): (الْبَيْع).

(7)

في (أ): (الْحَسَنُ)، وما أثْبَتُّهُ من (ب) هو الصواب، نقلاً عن المبسوط للسرخسي (21/ 118).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 118)، العناية شرح الهداية (10/ 165 - 166)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 231).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1573).

(10)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(11)

في (ب): (يَكُوْنُ).

(12)

سقطت من (أ).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 118)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 162)، الفتاوى الهندية (5/ 473 - 474).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 119)، العناية شرح الهداية (10/ 165 - 166)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 231).

(15)

مُحَابَاتِهِ: الْمُحَابَاةُ: هِيَ الْمُسَامَحَةُ وَالْمُسَاهَلَةُ، وَالْمُحَابَاةُ فِي الْبَيْعِ: حَطُّ بَعْضِ الثَّمَنِ، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْحِبَاءِ وَهُوَ الْعَطَاءُ. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص 110)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 120).

(16)

في (ب): (وَصِيْغَتِهِ).

(17)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 118 - 119)، العناية شرح الهداية (10/ 166)،

ص: 349

(وَفِيْ تَصَرُّفِ الْمَرِيْضِ)

(1)

، حَتَّى إِذَا بَاعَ الْمَرِيْضُ [قُلْبًا]

(2)

وَزْنُهُ عَشَرَةٌ وَقِيْمَتُهُ عِشْرُوْنَ بِعَشَرَةٍ، لَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُشْتَرِيْ، بَلْ يُعْتَبَرُ خُرُوْجُهُ مِنْ الثُّلُثِ

(3)

.

(وَفِيْ بَيَانِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ/ [نَوْعُ طُوْلٍ]

(4)

(5)

، وَهُوَ أَنَّ عِنْدْ مُحَمَّدٍ: إِنْ انْتَقَصَ بِالْانْكِسَارِ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ بِقَضَاءِ جَمِيْعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ انْتَقَصَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ [يُخَيَّرُ]

(6)

الرَّاهِنْ، فَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّهُ بِقَضَاءِ جَمِيْعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ: أَنَّ الضَّمَانَ فِيْ الْوَزْنِ، وَالْأَمَانَةَ فِيْ الْجَوْدَةِ وَالصَّنْعَةِ

(7)

، بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْجَوْدَةَ وَالصَّنْعَةَ تَابِعَةٌ لِلْوَزْنِ، وَصِفَةُ الْأَمَانَةِ فِيْ الْمَرْهُوْنِ كَذَلِكَ، فَيُجْعَلُ الْأَصْلُ [بِمُقَابَلَةِ]

(8)

الْأَصْلِ، [وَالتَّبَعُ]

(9)

بِمُقَابَلَةِ [التَّبَعُ]

(10)

، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ كَمَا قَرَّرَهُ أَبُوْ يُوْسُفَ: أَنَّهَا مَالٌ تَبَعًا لِلْأَصْلِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ مُنْفَرِدًا عَنْ الْأَصْلِ، كَمَا أَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ فِيْمَا هُوَ أَمَانَةٌ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ، وَهُوَ الْحَبْسُ بِالدَّيْنِ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ فِيْ حُكْمِ الضَّمَانِ، فَإِذَا كَانَتْ الْأَمَانَةُ هَاهُنَا فِيْ الصَّنْعَةِ وَالْجَوْدَةِ قُلْنَا: إِذَا لَمْ [يَنْتَقِصْ]

(11)

بِالْانْكِسَارِ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمَيْنِ فَالْفَائِتُ مَا كَانَ أَمَانَةٌ، فَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ، وَإِنْ انْتَقَصَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ فَاتَ شَيْءٌ مِنْ الْمَضْمُوْنِ، وَحَالَةُ الْانْكِسَارِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ/ مُعْتَبَرَةٌ [بِحَالَةِ]

(12)

الْهَلَاكِ، وَفِيْ هَذَا الْفَصْلِ: عِنْدَ الْهَلَاكِ {يَصِيْرُ}

(13)

مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْانْكِسَارِ يَكُوْنُ مَضْمُوْنًا بِالدَّيْنِ، وَيَتَخَيَّرُ الرَّاهِنُ كَمَا بَيَّنَّا، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(14)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1573).

(2)

في (أ): (قُلْنَا).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 166)، البناية شرح الهداية (12/ 521).

(4)

سقطت من أصل (أ).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1573).

(6)

في (ب): (يُجْبَرُ).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 119)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 162)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 76).

(8)

في (أ): (لِمُقَابَلَةِ).

(9)

في (أ): (وَالْبَيْعُ).

(10)

في (أ): (الْبَيْعُ).

(11)

في (أ): (يَنْتَقِض)

(12)

في (أ): (كَآلَةِ).

(13)

سقطت من (أ).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 119)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 76)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1189).

ص: 350

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مُحَمَّدًا إِنَّمَا حَصَرَ وُجُوْبَ الْجَبْرِ عَلَى الْفِكَاكِ عِنْدَ عَدَمِ ازْدِيَادِ النُّقْصَانِ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا زَادَ النُّقْصَانُ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ يَقَعُ النُّقْصَانُ فِيْ [الرَّهْنِ]

(1)

الْمَضْمُوْنِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ، وَإِذَا لَمْ يَزِدْ النُّقْصَانُ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ يَقَعُ النُّقْصَانُ فِيْ الْأَمَانَةِ، فَيَقَعُ الْمَرْهُوْنُ الْمَضْمُوْنُ عَلَى حَالِهِ، فَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ {عَلَى الْفِكَاكِ}

(2)

كَمَا لَوْ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ

(3)

.

إِلَى هَذَا أَشَارَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ/ فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"، وَقَالَ:[فمُحَمَّدٌ]

(4)

/ يَقُوْلُ: بِأَنَّ الْانْكِسَارَ مَتَى لَمْ يُوْجِبْ نُقْصَانًا [مِنْ]

(5)

الْعَشَرَةِ لَمْ يَتَغَيَّرْ شَيْءٌ مِنْ الْمَضْمُوْنِ، وَإِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ الْمَضْمُوْنِ شَيْءٌ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى الْفِكَاكِ كَمَا قَبْلَ الْانْكِسَارِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ الْمَضْمُوْنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ حَصَلَ بِمَا [يَفِيْ]

(6)

بِالدَّيْنِ وَيَزِيْدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الدَّيْنَ عَشَرَةٌ، وَقِيْمَةُ الرَّهْنِ اثْنَا عَشَرَ، وَفِيْ الْوَزْنِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، فَإِنَّ وَزْنَهُ عَشَرَةٌ، وَالدَّيْنُ عَشَرَةٌ، وَإِذَا كَانَ فِيْ الْوَزْنِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ صُرِفَ الدَّيْنُ إِلَى الْوَزْنِ لَا إِلَى الصِّيَاغَةِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ يَقَعُ بِالْوَزْنِ لَا بِالصِّيَاغَةِ؛ لِأَنَّ الصِّيَاغَةَ تَبَعٌ لِلْوَزْنِ، وَإِذَا صَارَ الدَّيْنُ مَصْرُوْفًا إِلَى الْوَزْنِ بَقِيَ الصِّيَاغَةُ فَارِغَةٌ عَنْ الدَّيْنِ فَكَانَ أَمَانَةٌ، فَإِذَا أَوْجَبَ الْكَسْرُ مِنْ النُّقْصَانِ مِقْدَارَ الصِّيَاغَةِ لَا غَيْرَ كَانَ الْفَائِتُ بِالْانْكِسَارِ قَدْرَ الْأَمَانَةِ، وَالتَّغَيُّرُ فِيْ الْأَمَانَةِ لَا يُثْبِتُ لِلْمَالِكِ خِيَارًا،/ فَأَمَّا إِذَا زَادَ النُّقْصَانُ عَلَى قِيْمَةِ الصِّيَاغَةِ فَالْآنَ الْفَائِتُ بَعْضُ الْوَزْنِ، وَأنَّهُ مَضْمُوْنٌ، وَالتَّغَيُّرُ فِيْ الْمَضْمُوْنِ يُثْبِتُ لِلرَّاهِنِ خِيَارًا

(7)

.

(1)

في (أ): (الرُّهُوْنِ).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 166 - 167).

(4)

في (أ): (مُحَمَّدٌ).

(5)

في (أ): (بِأَمْرِ).

(6)

في (ب): (بَقِيَ).

(7)

لم أجده.

ص: 351

[باع عبدًا على أن يرهنه المشترَي شيئًا بعينه]

(وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ الْمٌشْتَرِيْ)

(1)

إِلَى آخِرِهِ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُوْرَةٌ فِيْ بَابِ الْبُيُوْعِ إِذَا كَانَ فِيْهَا شَرْطٌ، مِنْ بُيُوْعِ "الْمَبْسُوْطِ"

(2)

.

(شَيْئًا بِعَيْنِهِ)

(3)

، قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُوْنُ مُعَيَّنًا كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(4)

.

[قَوْلُهُ]

(5)

: (فَقَبِلَ)

(6)

، أَيْ: قَبِلَ الْكَفِيْلُ الْكَفَالَةَ

(7)

.

(وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيْهِ الْعَقْدُ)

(8)

، قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْطًا يَقْتَضِيْهِ الْعَقْدُ وَهُوَ الشَّرْطُ الَّذِيْ يَجِبُ بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ، كَمَا إِذَا شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيْمَ الْمَبِيْعِ إِلَى الْمُشْتَرِيْ، أَوْ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِيْ تَسْلِيْمَ الثَّمَنِ إِلَى الْبَائِعِ

(9)

.

(وَفِيْهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِهِمَا)

(10)

، أَيْ: لِلْبَائِعِ {أَوْ الْمُشْتَرِيْ}

(11)

(12)

.

(أَنَّهُ شَرْطٌ مُلَائِمٌ لِلْعَقْدِ)

(13)

، يَعْنِيْ بِهِ: أَنَّهُ مُؤَكِّدٌ مَوْجَبَ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُوْدَ بِالْكَفَالَةِ التَّوَثُّقُ بِالثَّمَنِ، فَاشْتِرَاطُهَا فِيْ مَعْنَى اشْتِرَاطِ زِيَادَةِ وَصْفِ الْجَوْدَةِ فِيْ الثَّمَنِ، وَلَوْ اشْتُرِطَ فِيْ الْبَيْعِ ثَمَنًا جَيِّدًا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا، وَكَذَلِكَ فِيْ اشْتِرَاطِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُوْدَ بِالرَّهْنِ الْاسْتِيْفَاءُ، فَإِنَّ مُوْجَبَه ثُبُوْتُ يَدِ الْاسْتِيْفَاءِ، وَشَرْطُ اسْتِيْفَاءِ الثَّمَنِ يُلَائِمُ الْعَقْدَ

(14)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(2)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 18).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 118 - 119)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1190)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 238).

(5)

في (ب): (وقَوْلُهُ).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1573).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 77)، البناية شرح الهداية (12/ 524)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1190).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1573).

(9)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 525)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1190)، الاختيار لتعليل المختار (2/ 68).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1573).

(11)

سقطت من (أ).

(12)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (12/ 525)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1190)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 77).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1573).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 19)، البناية شرح الهداية (12/ 525)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1190).

ص: 352

ثُمَّ لَوْ أَبَى (الْمُشْتَرِيْ)

(1)

أَنْ يَرْهَنَهُ، {أَيْ: أَنْ يَرْهَنَ}

(2)

مَا سَمَّى (لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ)

(3)

؛ لِأَنَّ تَمَامَ الرَّهْنِ بِالْقَبْضِ وَلَمْ يُوْجَدْ الْقَبْضُ

(4)

، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِيْ لَيْلَى/: يُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ [ثَبَتَ]

(5)

فِيْ ضِمْنِ عَقْدٍ لَازِمٍ، فَيَصِيْرُ الْوَفَاءُ بِهِ مُسْتَحَقًّا {عَلَيْهِ}

(6)

، كَالْعَدْلِ فِيْ الرَّهْنِ إِذَا سَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ كَانَ مُجْبَرًا عَلَيْهِ، وَلَا يَمْلِكُ الرَّاهِنُ عَزْلَهُ، بِخِلَافِ التَّوْكِيْلِ بِالْبَيْعِ مَقْصُوْدًا

(7)

.

[وَلَكِنَّا]

(8)

نَقُوْلُ: عَقْدُ الرَّهْنِ لَيْسَ مِنْ [حُقُوْقِ]

(9)

الْبَيْعِ، فِلَا بُدَّ فِيْ [إِتْمَامِهِ]

(10)

مِنْ [اتِّحَادِ]

(11)

شَرْطِ الْعَقْدِ وَإِتْمَامِهِ بِالْقَبْضِ، فَمَا لَمْ يُوْجَدْ لَا يَلْزَمُ حُكْمُ الرَّهْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ يَدَ الْاسْتِيْفَاءِ لَا تَثْبُتُ لَهُ إِلَّا بِالْقَبْضِ، فَكَذَا اشْتِرَاطُهُ فِيْ الْعَقْدِ لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا بِالْقَبْضِ، وَلَكِنْ إِنْ أَبَى الْمُشْتَرِيْ أَنْ يَرْهَنَهُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِالْبَيْعِ كَانَ بِهَذَا الشَّرْطِ، فَبِدُوْنِهِ لَا يَكُوْنُ رَاضِيًا، وَإِذَا لَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ، كَذَا فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(12)

.

[قال المشتري للبائع أمسك هذا الثوب حتى أعطيك الثمن]

(وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَرَاهِمَ فَقَالَ لِلْبَائِعِ: أَمْسِكْ هَذَا الثَّوْبَ)

(13)

، أَيْ: ثَوْبًا آخَرَ غَيْرَ الْمَبِيْعِ، هَكَذَا ذُكِرَ فِيْ بعض الحواشي

(14)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(4)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 19)، اللباب في شرح الكتاب (2/ 64).

(5)

في (أ): (يَثْبُتُ).

(6)

سقطت من (أ).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 19)، البناية شرح الهداية (12/ 525)، الكفاية شرح الهداية (1190 - 1191).

(8)

في (أ): (ولَكِنْ).

(9)

في (أ): (صِدْقِ).

(10)

في (ب): (إِقَامَتِهِ).

(11)

في (ب): (إِيْجَادِ).

(12)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (13/ 19)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1191).

(13)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(14)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 135)، العناية شرح الهداية (10/ 168)، البناية شرح الهداية (12/ 526).

ص: 353

وَلَكِنَّ الْإِمَامَ التُّمُرْتَاشِيَّ/ ذَكَرَ فِيْ "الْجَامِعِ الصَّغِيْرِ": اشْتَرَى ثَوْبًا وَقَبَضَهُ، ثُمَّ أَعْطَى الْبَائِعَ وَقَالَ: لَهْ أَمْسِكْهُ (حَتَّى أُعْطِيَكَ الثَّمَنَ)

(1)

فَهُوَ رَهْنٌ عِنْدَ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/، وَدِيْعَةٌ عِنْدَ أَبِيْ يُوْسُفَ/

(2)

، وَلَوْ قَالَ: أَمْسِكْ بِثَمَنِكَ، أَوْ قَالَ: أَمْسِكْهُ رَهْنًا حَتَّى أُعْطِيَكَ ثَمَنَكَ، فَهُوَ رَهْنٌ فِيْ الْقَوْلَيْنِ

(3)

.

فَعُلِمَ بِهَذَا: أَنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ أَنْ يُشِيْرَ بِقَوْلِهِ: إِلَى ثَوْبٍ آخَرَ، أَوْ ثَوْبٍ اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَمَّا اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ كَانَ هُوَ وَسَائِرَ أَعْيَانِهِ الْمَمْلُوْكَةِ سَوَاءٌ فِيْ صِحَّةِ الرَّهْنِ

(4)

.

ثُمَّ ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ/ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: اشْتَرَى لَحْمًا أَوْ سَمَكًا، [فَذَهَبَ]

(5)

لِيَجِيْءَ بِالثَّمَنِ فَأَبْطَأَ، فَخَشِيَ البَائِعُ أَنْ يَفْسُدَ، فَإِنَّهَ يَبِيْعُهُ وَيَبِيْعُ لِلْمُشْتَرِيْ الشِّرَاءَ، فَإِنْ كَانَ فِيْ الثَّمَنِ زِيَادَةٌ يَتَصَدَّقُ بِهَا

(6)

.

وَقَالَ أَيْضًا: اشْتَرَى جَمَدًا

(7)

وَقَبَضَهُ وَلَمْ يُعْطِ الثَّمَنَ، فَأَخَذَ الْبَائِعُ الجَمَدَ مِنْ يَدِهِ وَقَالَ: هَاتِ الْفَلْسَ

(8)

وَخُذْ الْجَمَدَ، فَذَابَ، فَعَلَى الْمُشْتَرِيْ الثَّمَنَ، وَعَلَى الْبائِعِ قِيْمَةُ الْجَمَدِ، وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِيْ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْأَخْذِ: ضَعِ الْجَمَدَ هُنَا حَتَّى آتِيَ بِالْفَلْسِ، فَوَضَعَ فَذَابَ، لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُوْدَعٌ، وَلَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ: أَمْسِكْهُ حَتَّى آتِيَ بِالْفَلْسِ، فَذَابَ، بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ

(9)

.

(1)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 78)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 238)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 598).

(3)

يُنْظَر: عيون المسائل للسمرقندي (ص 361)، البناية شرح الهداية (12/ 526)، الفتاوى الهندية (5/ 434).

(4)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1191)، البناية شرح الهداية (12/ 526)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 598).

(5)

في (أ): (فذهَبَت).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 78)، تكملة الطوري على البحر الرائق (8/ 287)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 497 - 498).

(7)

جَمَدًا: الْجَمَدُ: الشَّيْءُ الْجَامِدُ، أَيْ: الْمُثَلَّجُ مِنْ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ. يُنْظَر: الصحاح للجوهري (2/ 459)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (1/ 107).

(8)

الْفَلْس: عُمْلَةٌ يُتَعَامَلُ بِهَا، مَضْرُوْبَةٌ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وِالْفِضَّةِ، وَكَانَتْ تُقَدَّرُ بِسُدُسِ دِرْهَمٍ. يُنْظَر: لسان العرب (6/ 165)، التعريفات الفقهية للبركتي (ص 167)، القاموس الفقهي (ص 290).

(9)

لم أجده.

ص: 354

(قُلْنَا: لَمَّا مَدَّهُ إِلَى الْإِعْطَاءِ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الرَّهْنُ)

(1)

؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ هُوَ الْحَبْسُ الدَّائِمُ إِلَى وَقْتِ الْفِكَاكِ، فَإِذَا صَرَّحَ بِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الرَّهْنُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيْحَ بِمُوْجَبِ الْعَقْدِ {كَالتَّصْرِيْحِ}

(2)

بِلَفْظِهِ

(3)

، فَكَأَنَّهُ قَالَ:[رَهَنْتُكَهُ]

(4)

بِالثَّمَنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَلَّكْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةٍ، كَانَ هَذَا وَقَوْلُهُ: بِعْتُكَ بِالْعَشَرَةِ سَوَاءٌ، كَذَا فِيْ "الْجَامِعِ الصَّغِيْرِ" لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَالْمَحَبُوْبِيِّ -رَحِمَهُمَا اللهُ-

(5)

، وَاللهُ أَعْلَمُ.

‌فَصْلٌ

[مناسبة هذا الفصل لِما قبله]

لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ الرَّهْنِ الْوَاحِدِ ذَكَرَ فِيْ هَذَا الْفَصْلِ حُكْمَ الْاثْنَيْنِ مِنْهُ

(6)

.

(وَصَارَ كَالْمَبِيْعِ فِيْ يَدِ الْبَائِعِ)

(7)

، يَعْنِيْ: إِذَا أَدَّى حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ فِيْ الْبَيْعِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ حَتَّى يُؤَدِّيْ بَاقِيَ الثَّمَنِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا

(8)

.

(1)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1574).

(2)

سقطت من (أ).

(3)

التَّصْرِيحُ بِمُوجِبِ الْعَقْدِ كالتَّصْرِيْحِ بِلَفْظِهِ: قاعدةٌ فقهيةٌ، معناها: مُوْجَب العقد: هو دلالته وما يترتب عليه من أحكام، فإذا صرَّح أحد المتعاقدين بموجَبِ العَقْد ونتيجَتِه كان ذلك كالتصريح بلفظ العَقْد، ومثال ذلك: إذا قال شخصٌ لآخر: خذ هذا المبلغ على أن تُسْكِنني دارك هذه، كان هذا عَقْد إِجارَة، كأنَّه قال: أجِّرني دارك هذه بهذا الْمَبْلَغ. يُنْظَر: قواعد الفقه للبركتي (ص 70)، موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 331).

(4)

في (ب): (رَهَنْتُكَ).

(5)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1191 - 1192)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 78)، العناية شرح الهداية (10/ 168).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 168)، البناية شرح الهداية (12/ 528)، تكملة فتح القدير (10/ 168).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1574).

(8)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (2/ 68)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 78)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 598).

ص: 355

[رهن عبدين فقضى حصَّة أحدهما]

(فَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِ الرَّهْنِ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ الَّذِيْ رَهَنَهُ {بِهِ}

(1)

: فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ)

(2)

، يَعْنِيْ: لَوْ رَهَنَ عَبْدَيْنِ/ بِأَلْفٍ، كُلُّ عَبْدٍ بِخَمْسِمِائَةٍ، ثُمَّ قَضَاهُ خَمْسَمِائَةٍ، فَفِيْ جَوَابِ {"الْمَبْسُوْطِ"

(3)

: حُكْمُهُ كَحُكْمِ الْأَوَّلِ، حَتَّى لَوْ قَضَى خَمْسَمِائَةٍ لَيْسَ لَهُ أنْ يأخُذَهُمَا هَاهُنَا أَيْضًا

(4)

، (وَفِيْ}

(5)

الزِّيَادَاتِ: لَهُ أَنْ)

(6)

يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا عِنْدَ قَضَاءِ حِصَّتِهِ

(7)

.

(أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ الرَّهْنَ فِيْ أَحَدِهِمَا: جَازَ؟)

(8)

، يَعْنِيْ: لَوْ قَالَ: رَهَنْتُكَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ، [فقَبِلَ]

(9)

الْمُرْتَهِنُ أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ: جَازَ الرَّهْنُ فِيْهِ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ تَفْرِيْقِ الْقَبُوْلِ فِيْ الْابْتِدْاءِ وَجَبَ أَنْ يَتَمَكَّنَ الرَّاهِنُ مِنْ تَفْرِيْقِ الْقَبْضِ فِيْ الْانْتِهَاءِ

(10)

.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الصَّفْقَةُ تَتَفَرَّقُ فِيْ بَابِ الرَّهْنِ بِتَفَرُّقِ التَّسْمِيَةِ، فَكَأَنَّهُ رَهَنَ كُلَّ عَبْدٍ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَهُنَاكَ [بِتَفَرُّقِ]

(11)

التَّسْمِيَةِ [لِا تَتَفَرَّقُ]

(12)

الصَّفْقَةُ، بِدَلِيْلِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ، فَقَبِلَ الْمُشْتَرِيْ الْعَقْدَ فِيْ أَحَدِهِمَا دُوْنَ الْآخَرَ لَمِ يَجُزْ، كَمَا فِيْ حَالَةِ الْإِجْمَالِ، هَذَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَقْدُ تَمْلِيْكٍ، وَالْهَلَاكُ قَبْلَ الْقَبْضِ [مُبْطِلٌ لِلْبَيْعِ]

(13)

، فَبَعْدَ مَا نَقَدَ بَعْضَ الثَّمَنِ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِ بَعْضِ الْمَعْقُوْدِ عَلَيْهِ أَدَّى إِلَى تَفْرِيْقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ بِأَنْ يَهْلِكَ مَا بَقِيَ، فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيْهِ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ، فَإِنَّ بِالْهَلَاكِ يَنْتَهِيْ حُكْمُ الرَّهْنِ لْحُصُوْلِ الْمَقْصُوْدِ بِهِ، كَمَا أَنَّ [بِالْافْتِكَاكِ يَنْتَهِيْ]

(14)

حُكْمُ الرَّهْنِ، فَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ [اسْتِرْدَادِ]

(15)

الْبَعْضِ عِنْدَ قَضَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ لَا يُؤَدِّيْ ذَلِكَ إِلَى تَفْرِيْقِ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيْهِ أَنْ يَهْلِكَ مَا بَقِيَ فَيَنْتَهِيْ حُكْمُ الرَّهْنِ فِيْهِ

(16)

.

(1)

سقطت من (أ).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1574).

(3)

الْمَبْسُوط: الْمُراد به هُنَا كتاب "الأصل" لمحمد بن الحسن الشيباني/، وهو مطبوع، ومِنْ طبعاته طبعة دار ابن حزم ببيروت، في لبنان، سَنَة 1433 هـ - 2012 م، بتحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن، في 12 مجلدًا. ويُنْظَر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 232)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 598).

(4)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (3/ 156)، المبسوط للسرخسي (21/ 110)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 598).

(5)

ما بين القوسين سقط من (أ).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1574).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 110)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 153)، الاختيار لتعليل المختار (2/ 68).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1574).

(9)

في (ب): (وقَبِلَ).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 169)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (6/ 78)، تكملة فتح القدير (10/ 169).

(11)

في (ب): (تَتَفَرَّقُ).

(12)

في (ب): (بِتَفَرُّق).

(13)

في (ب): (يُبْطِلُ الْبَيْعَ).

(14)

في (ب): (بِالانْفِكَاكِ يَنْقَضِي).

(15)

في (أ): (اسْتِرَادِّ).

(16)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 110)، العناية شرح الهداية (10/ 169)، تكملة فتح القدير (10/ 169).

ص: 356

فَإِنْ قِيْلَ: هَذَا فِيْ حَالَةِ الْإِجُمَالِ مَوْجُوْدٌ؟

قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنْ فِيْ حَالَةِ الْإِجْمَالِ حِصَّةُ كُلِّ [عَبْدٍ]

(1)

مِنْ الدَّيْنِ غَيْرُ [مَعْلُوْمَةٍ]

(2)

بِيَقِيْنٍ، فَأَمَّا عِنْدَ التَّفْصِيْلِ حِصَّةُ كُلِّ عَبْدٍ مَعْلُوْمٌ بِالتَّسْمِيَةِ، [وَلِهَذَا]

(3)

يُمَكَّنُ مِنْ فِكَاكِ الْبَعْضِ بِقَضَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ بِهِ، وَلَوْ رَهَنَهُ شَاتَيْنِ بِثَلَاثِيْنَ دِرْهَمًا، إِحْدَاهُمَا بِعِشْرِيْنَ وِالْأُخْرَى بَعَشَرَةٍ، وَلَمْ [يُبَيِّنْ]

(4)

هَذِهِ مِنْ هَذِهِ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ؛ [لِجَهَالَةِ]

(5)

مِقْدَارِ مَا رَهَنَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاتَيْنِ، وَهَذَهِ جَهَالَةٌ تُفْضِيْ إِلَى الْمُنَازَعَةِ، فَإِنَّ إِحْدَاهُمَا لَوْ هَلَكَتْ وَقِيْمَتُهَا عِشْرُوْنَ فَالرَّاهِنُ يَقُوْلُ: هَذِهِ الَّتِيْ رَهَنْتُهَا بِعِشْرِيْنَ، وَالْمُرْتَهِنُ يَقُوْلُ: بَلْ هَذِهِ بِعَشَرَةٍ، فَإِنْ بَيَّنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَانَ جَائِزًا، إِلَى هَذَا أَشَارَ فِيْ "الْمَبْسُوْطِ"

(6)

.

[رَهَن عينًا واحدة عند رجلين بدَيْن لكلِّ واحد منهما]

(فَإِنْ رَهَنَ عَيْنًا وَاحِدَةً عِنْدَ رَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ: جَازْ)

(7)

، أَطْلَقَ فِيْ الرِّوَايَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُمَا شَرِيْكَانِ فِيْ الدَّيْنِ أَوْ لَمْ يَكُوْنَا شَرِيْكَيْنِ، وَدَيْنُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، بِأَنْ كَانَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ وِالآخَرُ دَنَانِيْرَ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جَائِزٌ؛ ([لِأَنَّ]

(8)

الرَّهْنَ أُضِيْفَ إِلَى جَمِيْعِ [الْعَيْنِ]

(9)

فِيْ صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شُيُوْعَ فِيْهِ)

(10)

(11)

.

(1)

في (أ): (عَقْدٍ).

(2)

في (ب): (مَعْلُوْمَةٍ).

(3)

في (ب): (فَلِذَا).

(4)

في (أ): (يَتَبَيَّن).

(5)

في (ب): (بِجَهَالَةِ).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 110)، العناية شرح الهداية (10/ 170)، تكملة فتح القدير (10/ 170).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(8)

في (ب): (فَإِنَّ).

(9)

في حاشية (أ): (الدَّيْن).

(10)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1575).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (10/ 170)، البناية شرح الهداية (12/ 529)، الكفاية شرح الهداية (4/ 1193 - 1194).

ص: 357

فَإِنْ [قِيْلَ]

(1)

: يُشْكِلُ هَذَا بِالْبَيْعِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَالْهِبَةُ مِنْ رَجُلَيْنِ، عَلَى قَوْلِ أَبِيْ يُوْسُفَ وَمُحَمَّدٌ -رَحِمَهُمَا اللهُ-، فَإِنَّ فِيْهِمَا أَيْضًا أُضِيْفَ [عَقْدُ]

(2)

الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ إِلَى جَمِيْعِ الْعَيْنِ فِيْ صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى اثْنَيْنِ، وَهُنَاكَ أَوْجَبَ الشُّيُوْعَ وَالْانْقِسَامَ، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دَارَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ انْقَسَمَ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا لَوْ نَصَّ عَلَى الْمَنَاصَفَةِ، وِكَذَلِكَ فِيْ الْهِبَةِ، دَلَّ أَنَّ إِضَافَةَ الْعَقْدِ إِلَى اثْنَيِنِ يُوْجِبُ الشُّيُوْعَ وَالْانْقِسَامَ، فَكَيْفَ لَمْ يُوْجِبْ هَاهُنَا؟

قُلْتُ: إِنَّ الشُّيُوْعَ وَالْانْقِسَامَ كَمَا [يَثْبُتُ]

(3)

بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إِلَى اثْنَيْنِ يَثْبُتُ {الشُّيُوعُ وَالْانْقِسَامُ [بَيْنَ]

(4)

الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ كَمَا فِيْ الْبَيْعِ إِذَا أُضِيْفَ إِلَى اثْنَيْنِ، {حَيْثُ}

(5)

يَنْقَسِمُ أَجْزَاءُ الْمَبِيْعِ}

(6)

عَلَى أَجْزَاءِ الثَّمَنِ، وَأَجْزَاءُ الثَّمَنِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيْعِ، ثُمَّ يَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْانْقِسَامِ بَيْنَ الدَّيْنِ وَأَجْزَاءُ الرَّهْنِ تَحَرِّيًا لِجَوَازِ الْعَقْدِ وَجَعْلِ الْكُلِّ مَرْهُوْنًا بِجَمِيْعِ الدَّيْنِ، وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ مَحْبُوْسًا وَمَرْهُوْنًا بِجَمِيْعِ الدَّيْنِ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ، [بِخِلَافِ]

(7)

الْبَيْعِ فَإِنَّ اعْتِبَارَ الْانْقِسَامِ هُنَاكَ بِسَبَبِ إِضَافَةِ الْبَيِعْ إِلَى اثْنَيْنِ لَا يُوْجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ، {كَمَا لَا يُوْجِبُ فَسَادَ الْمَبِيْعِ}

(8)

[مَتَى]

(9)

ثَبَتَ الْانْقِسَامُ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْمَبِيْعِ وَأَجْزَاءِ الثَّمَنِ لَمَّا أَنَّ بَيْعَ الشَّائِعِ جَائِزٌ، فَاعْتُبِرَ الْانْقِسَامُ مَتَى أُضِيْفَ الْبَيْعُ إِلَى اثْنَيْنِ وَإِنْ أَوْجَبَ الشُّيُوْعَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَ دَارَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوْزُ عَلَى قَوْلِ أَبِيْ حَنِيْفَةَ/

(10)

.

(1)

في حاشية (أ): (قُلْتَ).

(2)

في (أ): (عِنْدَ).

(3)

في (ب): (ثبَتَ).

(4)

في (ب): (مِنْ).

(5)

ساقطة فيما أُثْبِتَ مِنْ حاشية (أ).

(6)

ما بين القوسين سقط من أصل (أ).

(7)

في (ب): (خِلافُ).

(8)

ما بين القوسين سقط من (أ).

(9)

في (أ): (حَتَّى).

(10)

يُنْظَر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 139)، العناية شرح الهداية (10/ 171)، تكملة فتح القدير (10/ 170 - 171).

ص: 358

بِخِلَافِ الرَّهْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُوْدَ مِنْ الْهِبَةِ إِيْجَابُ الْمِلْكِ، وَالْعَيْنُ الْوَاحِدُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُوْنَ مَمْلُوْكًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلاً

(1)

، فَنِصْفُ الدَّارِ شَائِعًا، وَهِبَةُ الْمُشَاعِ لَا يَجُوْزُ، وَأَمَّا الْمَقْصُوْدُ مِنْ الرَّهْنِ إِيْجَابُ الْحَبْسِ لِلْحَالِ حَتَّى يَضْجَرَ الرَّاهِنُ فَيُؤَدِّيَ دَيْنَهُ الَّذِيْ عَلَيْهِ، وَالْعَيْنُ الْوَاحِدُ يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ مَحْبُوْسًا كُلَّهُ [بِحَقِّ]

(2)

هَذَا وكُلَّهُ [بِحَقِّ]

(3)

الْآخَرِ، فَجَعَلْنَا الْعَيْنَ مَحْبُوْسًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِهِ، كَمَا فِيْ تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ فِيْ حَقِّ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنَّهَا مَحْبُوْسَةٌ بِعِدَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ [كَمَلَاً]

(4)

، إِلَى هَذَا أَشَارَ فِيْ "مَبْسُوْطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ"

(5)

.

([فَإِنْ]

(6)

أَعْطَى أَحَدَهُمَا دَيْنَهُ: كَانَ كُلَّهُ رَهْنًا فِيْ يَدِ/ الْآخَرِ

(7)

؛ لِأَنَّ جَمِيْعَ الْعَيْنِ رَهْنٌ فِيْ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا)

(8)

.

فَإِنْ قُلْتَ: لَمَّا أَعْطَى دَيْنَ أَحَدِهِمَا صَارَ مَقْصُوْدُ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنِ حَاصِلاً مِنْ الرَّهْنِ، وَهُوَ أَنْ يَكُوْنَ الرَّهْنُ وَسِيْلَةٌ إِلَى الْاسْتِيْفَاءِ الْحَقِيْقِيِّ، وَقَدْ وُجِدَ [لَهُ]

(9)

الْاسْتِيْفَاءُ الْحَقِيْقِيُّ، [فَبَعْدَ]

(10)

ذَلِكَ صَارَ رَهْنًا كُلَّهُ فِيْ يَدِ الْآخَرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ [بَيَانِهِ]

(11)

مَنْ الَّذِيْ قَضَى دَيْنَهُ، فَيَنْبَغِيْ عَلَى هَذَا أَنْ لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِيْ يَدِ الثَّانِيْ أَنْ لَا يَسْتَرِدَّ الرَّاهِنُ مَا قَضَاهُ إِلَى الْأَوَّلِ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِيْ "الْمَبْسُوْطِ" بِأَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ مَا قَضَاهُ {مِنْ}

(12)

الدَّيْنِ

(13)

، فَمَا وَجْهُهُ؟

(1)

كَمَلاً: أَيْ: كَامِلاً.

(2)

في (أ): (نَحْو).

(3)

في (أ): (نَحْو).

(4)

في (أ): (كَمَا).

(5)

يُنْظَر: الكفاية شرح الهداية (4/ 1194)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (6/ 139)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 237).

(6)

في (ب): (وإِنْ).

(7)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1575).

(9)

في (أ): (بِهِ).

(10)

في (ب): (وَبَعْدَ).

(11)

في (ب): (نِيَابَةٍ).

(12)

سقطت من (ب).

(13)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 127).

ص: 359

قُلْتُ: وَجْهُهُ هُوَ أَنَّ ارْتِهَانَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاقٍ مَا لَمْ يَصِلْ الرَّهْنُ إِلَى الرَّاهِنِ [لِمَا]

(1)

ذَكَرَ فِيْ الْكِتَابِ

(2)

: أَنَّ (كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيْ نَوْبَتِهِ كَالْعَدْلِ فِيْ حَقِّ الْآخَرِ)

(3)

، وذَكَر فِيْ "الْمَبْسُوْطِ":[وَإِنْ]

(4)

تَلَفَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ اسْتَرَدَّ مِنْ الَّذِيْ قَضَاهُ مَا أَعْطَى؛ لِأَنَّ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ يَصِيْرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ مِنْ {نِصْفِ}

(5)

مَالِيَّةِ الرَّهْنِ، فَإِنَّ فِيْ الرَّهْنِ وَفَاءٌ بِدَيْنِهِمَا، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَابِضَ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مَرَّتَيْنِ فَعَلَيْهِ رَدُّ مَا قَبَضَه ثَانِيًا، وَقَدْ بَيَّنَّا: أَنْ بِاسْتِيْفَاءِ الدَّيْنِ يَتَقَرَّرُ حُكْمُ ضَمَانِ [الرَّهْنِ]

(6)

وَلَا يَبْطُلُ مِا لَمْ يَعُدْ الرَّهْنُ إِلَى يَدِ الرَّاهِنِ

(7)

.

[ادَّعى رَجُلان كل واحد منهما على رَجُل واحدٍ أنَّه رهنه عبده الذي في يده]

(وَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ رَهَنَ عَبْدَهُ الَّذِيْ فِيْ يَدِهِ وَقَبَضَهُ: فَهُوَ بَاطِلٌ)

(8)

.

وَصُوْرَةُ الْمَسْأَلَةِ: هِيَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ فِيْ يَدِ رَجُلٍ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ ادَّعَى عَلَى صَاحِبِ الْيَدْ: إِنَّكَ رَهَنْتَنِيْ عَبْدَكَ هَذَا لِدَيْنٍ لِيَ عَلَيْكَ، [فَإِنِّيْ]

(9)

ارْتَهَنْتُ مِنْكَ وَقَبَضْتُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى وِفْقِ دَعْوَاهُ، وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ ادَّعَى عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِيْ فِيْ يَدِهِ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِثْلَ مَا ادَّعَى الْمُدَّعِيْ الْأَوَّلُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ.

فَالْحَاصِلُ: أَنَّ اْلْمُرْتَهِنَ اثْنَانِ وِالرَّاهِنُ وَاحِدٌ، وَلَكِنْ لَمْ [يَثْبُتْ اتِّحَادُ]

(10)

عَقْدِ الرَّهْنِ فَلِذَلِكَ بَطَلَ هَاهُنَا، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ

(11)

.

(1)

في (ب): (كَمَا).

(2)

الكتاب: الْمُراد به هُنا "بداية المبتدي".

(3)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(4)

في (ب): (فَإِنْ).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

في (أ): (لِلرَّهْنِ).

(7)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 165)، العناية شرح الهداية (10/ 171 - 172)، البناية شرح الهداية (12/ 530).

(8)

يُنْظَر: بداية المبتدي (ص 233).

(9)

في (أ): (فَأَنَا).

(10)

في (ب): (يُثْبِتَا إِيْجَادُ).

(11)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 126)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 104)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 499).

ص: 360

وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمَحْبُوْبِيُّ: لَمْ يَذْكُرْ الْاسْتِحْسَانَ هَاهُنَا، إِنَّمَا ذُكِرَ بَعْدَ هَذَا، عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ

(1)

.

وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ، أَوْ [وُقِّتَتْ]

(2)

بَيِّنةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَهُوَ رَهْنٌ لِأَوَّلِهِمَا وَقْتًا، لِأَنَّهُ أَثْبَتَ حَقَّهُ بِعَقْدٍ تَامٍّ فِيْ وَقْتٍ لَا يُنَازِعُهُ فِيْهِ صَاحِبُهُ، وَثُبُوْتُ حَقِّهِ فِيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ يَمْنَعُ ثُبُوْتَ حَقِّ الثَّانِيْ بَعْدَهُ، مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْأَوَّلِ بِالْفِكَاكِ

(3)

.

وَإِنْ كَانَ فِيْ يَدِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ أَوْلَى بِهِ؛ [لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ]

(4)

مِنْ الْقَبْضِ دَلِيْلُ سَبْقِ عَقْدِهِ فَهُوَ أَوْلَى، كَمَا لَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ فِيْ يَدِ أَحَدِهِمَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، أَوْ ادَّعَى كَلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شِرَاءَ عَيْنٍ [وَأَقَامَا]

(5)

الْبَيِّنَةَ، وَالْعَيْنُ فِيْ يَدِ أَحَدِهِمَا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَوْلَى، إِلَّا أَنْ يُقِيْمَ الآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ الْأَوَّلُ، فَحِيْنَئِذٍ شُهُوْدُهُ صَرَّحُوْا [بِسَبْقِ]

(6)

تَارِيْخِ عَقْدِهِ، وَالتَّارِيْخُ الْمَنْصُوْصُ عَلَيْهِ يَتَرَجَّحُ عَلَى التَّارِيْخِ الْمَدْلُوْلِ عَلَيْهِ

(7)

(8)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 126 - 1127).

(2)

في (ب): (وَقْتُ).

(3)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 127)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 79)، تكملة البحر الرائق (8/ 290).

(4)

في (ب): (لِأَنَّهُ يُمَكِّنُهُ).

(5)

في (ب): (فَأَقَامَا).

(6)

في (أ): (سَبْقَ).

(7)

التّاريخُ الْمًنْصُوْصُ عَلَيْهِ يترَجَّحُ عًلًى التّارِيْخِ الْمَدْلُوْلِ عَلَيْهِ: قاعدة فقهية، معناها: أن تاريخ البيِّنة المعيَّن تحديدًا مقدَّم على تاريخ بيِّنةٍ أُخرى دِلَالةً دون تعيين، عند التعارض، ومثالها: ما ذُكِرَ مِن أنَّه إذا اختلف اثنان في استحقاق رَهْن عَيْنٍ، وكانت هذه العَيْن المرهونة في يَدِ أحدهما، فإذا صرَّح شهود الخارج بِسَبْق تاريخ عقْدِه وبما يوجب استحقاق اليد له على ذي اليَدِ فهو أولى من ذي اليَدِ ومقدَّم عليه؛ للنّصِّ على تقدُّم تاريخ استحقاقه لِقَبْض المرهون، وَلِأنّ بيِّنتَه نصَّت على تاريخٍ متقدِّم، واليَدُ دِلالة، والنَّصُّ مقدَّم على الدِّلالة. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 167).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 127)، العناية شرح الهداية (10/ 172)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 79).

ص: 361

وَإِنْ كَانَ فِيْ [أَيْدِيْهِمَا]

(1)

جَمِيْعًا فَإِنْ عُلِمَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَهُوَ [لِلْأَوَّلِ]

(2)

، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمِ الْأَوَّلُ لَمْ يَكْنْ رَهْنًا لِوَاحِدٍ مِنْهُاَ: قِيَاسًا، قَالَ فِيْ "الْأَصْلِ": وَبِهِ نَأْخُذُ

(3)

.

وَفِيْ الْاسْتِحْسَانِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ رَهْنٌ بِنِصْفِ حَقِّهِ

(4)

، لِأَنَّ التَّعَارُضَ مَتَى وَقَعَ بَيْنَ [الْبَيِّنَتَيْنِ]

(5)

وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِمَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ

(6)

، أَلَا تَرَى أَنَّ فِيْ الْبَيْعِ بَعْدَ التَّعَارُضِ يُعْمَل بِالْبَيِّنَتَيْنِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ بَاعَ مِنْهُمَا، فَكَذَلِكَ فِيْ الرَّهْنِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ رَهَنَ مِنْهُمَا جَمِيْعًا، وَرَهْنُ الْعَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ صَحِيْحٌ، عَلَى أَنْ يَكُوْنَ مَضْمُوْنًا بِدَيْنِ [كُلِّ]

(7)

وَاحِدٍ مِنْهُمَا

(8)

.

وَوَجْهُ الْقِيَاسِ: أَنَّ {عِنْدَ}

(9)

التَّعَارُضِ إِنَّمَا يُقْضَى [لِكُلِّ]

(10)

وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ هَاهُنَا لِأَجْلِ الشُّيُوْعِ، وَقَدْ بَيَّنَّا: أَنَّ الْعَيْنَ فِيْ حُكْمِ الرَّهْنِ لَا يَحْتَمِلُ التَّجَزُّءَ، كَالْمَرْأَةِ فِيْ حُكْمِ النِّكَاحِ، وَعِنْدَ اسْتِوَاءِ البَيِّنَتَيْنِ فِيْ دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ، [فَهَذَا]

(11)

مِثْلُهُ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُنَاكَ يَثْبُتُ فِيْ جَمْيْعِ الرَّهْنِ، حَتَّى إِذَا قَضَى جَمِيْعَ دَيْنِ أَحَدِهِمَا لَا يَسْتَرِدُّ شَيْئًا مِنْ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَقْضِ دَيْنَ الْآخَرِ لِوُجُوْدِ الرِّضَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِثُبُوْتِ حَقِّ صَاحِبِهِ [فِيْ]

(12)

الْحَبْسِ مَعَهُ، وَهَاهُنَا لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ رَاضٍ بِثُبُوْتِ حَقِّ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُ بِالْقِيَاسِ [هَاهُنَا]

(13)

؛ لِأَنَّ وَجْهَهُ أَقْوَى

(14)

.

(1)

في (ب): (يَدِ أَحَدِهِمَا).

(2)

في (ب): (الْأَوَّلُ).

(3)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (3/ 190)، المبسوط للسرخسي (21/ 127)، حاشية الشرنبلالي على درر الحكام (2/ 254).

(4)

يُنْظَر: الأصل للشيباني (3/ 190)، المبسوط للسرخسي (21/ 127)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 499).

(5)

في (أ): (الْشَّيْئَيْن).

(6)

التَّعَارُضَ مَتَى وَقَعَ بَيْنَ البيِّنَتَيْن وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِمَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ: قاعدة فقهية، معناها: فإذا وقع تعارض بين حجتين أو برهانين، فعلى القاضي أو الحاكم أن يحاول التوفيق بينهما، بأن يعمل بهما معًا ولو من وجهٍ، إن أمكنه ذلك، فإن لم يمكنه ذهب إلى الترجيح بينهما بأحد وجوه الترجيح، فإن لم يمكنه ذلك أسقطهما وطلب غيرهما. يُنْظَر: موسوعة القواعد الفقهية للبورنو (2/ 346).

(7)

في (أ): (بِكُلِّ).

(8)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 127).

(9)

سقطت من (أ).

(10)

في (أ): (بِكُلِّ).

(11)

في (أ): (وَهَذَا).

(12)

في (ب): (مِن).

(13)

في (أ): (هِيَ).

(14)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 127)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 104 - 105).

ص: 362

وَقَدْ ذَكَرَ الْاسْتِحْسَانَ فِيْمَا إِذَا كَانَ الرَّهْنُ فِيْ أَيْدِيْهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيْمَا إِذَا كَانَ الْعَيْنُ فِيْ يَدِ الرَّاهِنِ، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُوْلَى، وَالْأَصَحُّ: أَنَّ الْقِيَاسَ وَالْاسْتْحْسَانَ فِيْهِمَا جَمِيْعًا

(1)

.

[مات الراهن والعبد مرهون عند رجلين]

(وَفِيْ الْقِيَاسِ: هَذَا بَاطِلٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِيْ يُوْسُفَ/)

(2)

، فَإِنَّهُ يُسَوِّيْ بَيْنَ حَالِ الْحَيَاةِ وَحَالِ الْوَفَاةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَاضِيْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَضَاءِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالرَّهْنِ إِلَّا فِيْ النِّصْفِ، وَالشُّيُوْعُ لَمَّا مَنَعَ/ صِحَّةَ الرَّهْنِ فِيْ حَيَاةِ الرَّاهِنِ فَكَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، (وَاللهُ أَعْلَمُ)

(3)

(4)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 127 - 128)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 104)، رد المحتار على الدر المختار (6/ 499).

(2)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 1576).

(3)

يُنْظَر: المرجع السابق.

(4)

يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (18/ 105)، البناية شرح الهداية (12/ 533)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (6/ 79).

ص: 363