المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ الرَّهْنِ (1) يُوضَعُ عَلَى يَدَي العَدْلِ ‌ ‌[مناسبة ذكر مسائل العدل عقب - النهاية في شرح الهداية - السغناقي - جـ ٢٤

[الحسام السغناقي]

فهرس الكتاب

‌بَابُ الرَّهْنِ

(1)

يُوضَعُ عَلَى يَدَي العَدْلِ

[مناسبة ذكر مسائل العدل عقب أحكام الراهن والمرتهن]

لما ذكر أحكام الرَّاهن

(2)

والمرْتَهِنِ

(3)

الرّاجعة إلى أنفسهما توحيدًا وتثنية ذكر في هذا الباب الأحكام الراجعة إلى نائبهما

(4)

وهو العدل، لما أن حكم النائب

(5)

أبدًا يَقْفُو

(6)

حكم الأصل

(7)

، ثم العدل اسم لمن هو رضي الرَّاهن و المرْتَهِنِ بوضع الرهن في يده، ورضيا ببيعهِ الرهن عند حلول الدّين

(8)

، وكان هو وكيلاً

(9)

من الرّاهن في بيع الرهن

(10)

.

(1)

مادة: رَهَنَ والرَّهْنُ لغة: هو مطلق الحبس، وفي الشرع: جعل الشيء محبوسا بحق يمكن استيفاؤه من الرهن كالديون. يُنْظَر: تهذيب اللغة (6/ 147)، التعريفات؛ للجرجاني (1/ 150)، المعجم الوسيط (378).

(2)

الرَّاهِنُ: هو صاحب المال. يُنْظَر: طلبة الطلبة (299).

(3)

المْرتَهِنَ: الذي يأخذ الرهن، والشيء مرهون ورهين والأنثى مرهونة. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (5/ 407)، لسان العرب (13/ 190).

(4)

وفي (ب)(ثانيهما).

(5)

مادة: نوب، وناب عني فلان ينوب نوبًا ومنابًا، والنائب: من قام مقام غيره في أمر، أو عمل. يقال: نائب الرئيس، ونائب القاضي، ونائب الشعب. يُنْظَر: لسان العرب (1/ 774)، المعجم الوسيط (2/ 961).

(6)

مادة: قفو، والقَفْو مصدر قولك: قفا يقفو وهو أن يتبع شيئا وقفوته أقفوه قفوا وتقفيته أي: اتبعته. يُنْظَر: العين (5/ 221)، جمهرة اللغة (2/ 968)، تهذيب اللغة (9/ 245).

(7)

الأصل في اللغة: عبارة عما يُفتقر إليه، ولا يفتقر هو إلى غيره. وفي الشرع: عبارة عما يُبنى عليه غيره، ولا يُبنى هو على غيره. يُنْظَر: التعريفات؛ للجرجاني (45)، الحدود الأنيقة (66)، تاج العروس (27/ 447).

(8)

الدين لغةً: مفرد ديون، يقال: دانه؛ أي: أقرضه، ورجل مديون؛ أي: عليه ديون كثيرة.

واصطلاحاً: ما وجب في الذمة بعقد، أو استهلاك. يُنْظَر: العين (8/ 72)، الصحاح؛ للجوهري (5/ 395)، المحكم والمحيط الأعظم (9/ 397) طلبة الطلبة (146).

(9)

الوكيل: من وُكِل إليه الأمر، بالتخفيف. أي: ترك وسلم. تقول في الدعاء: لا تكلني إلى نفسي، وهو من حد ضرب ووكَّله بالتشديد، أي: جعله وكيلا. يُنْظَر: طلبة الطلبة (284)، تاج العروس (31/ 96).

(10)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 148)، العناية شرح الهداية (15/ 32)، البناية شرح الهداية (13/ 3)، تكملة البحر الرائق (8/ 290)، نتائج الأفكار (10/ 192).

ص: 1

[تعريف العدل]

ولكن يخالف هو للوكيل المفرد في مسائل، وذكر شيخ الإسلام

(1)

رحمه الله في مبسوطه

(2)

العدل يفارق الوكيل المفرد في أربعة أوجه:

أحدها: أنّه يبيع الولد، والوكيل المفرد لا يبيع الولد.

والثاني: أنّه يجبر على البيع متى أبى، بخلاف الوكيل المفرد.

والثالث: أنّه لا ينعزل بعزل الموكل، بخلاف الوكيل المفرد.

والرابع: أنّه لا ينعزل بموت الموكّل، والوكيل المفرد ينعزل.

[الفرق بين العدل والوكيل]

وزاد على هذا الإمام التّمَرْتَاشِّيُّ

(3)

رحمه الله مسائل

(4)

منها: أنّ العدل يبيع الأَرْش

(5)

وما يوجد بالإتلاف، والمفرد لا يبيع، ومنها أن العدل إذا باع بخلاف جنس الدين كان له أن يصرفه إلى جنس الدّين، والمفرد إذا باع بأي ثمن كان لا يجوز أن يصرفه، ومنها عبد هو رهن إذا قتله عبد فدُفع به فالعدل يبيعه بخلاف المفرد

(6)

.

(1)

مصطلح «شيخ الإسلام» : يطلق عند الحنفية على من تصدر للإفتاء، وحل مشكلات الناس، والإجابة عن تساؤلاتهم، وقد اشتهر به مجموعة من علماء المائة الخامسة والسادسة من الهجرة، وهو يطلق على جماعة من فقهاء الحنفية؛ كخواهر زادة، والسغدي، والأسبيجابي، والمرغيناني، وغيرهم. والذي يظهر لي أنه يقصد بشيخ الإسلام أي: خواهر زاده، حيث إنه صرح به في موضع فقال:(كذا ذكره شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله) ينظر: (ص 340) من هذا الكتاب المحقق. وفي موضع قال أيضاً: وأمّا شيخ الإسلام-رحمه الله فيقول: إنَّ هذه المسألة دلت على أنَّ المستعير يبرأ عن الضَّمان بالعود إلى الوفاق

فذكره مبهما كعادته فوجدت أن الإمام بدر الدين العيني في كتابه البناية شرح الهداية (13/ 35) عندما أتى هذا الموضع صرح أنه شيخ الإسلام خواهر زاده.

يُنْظَر: الفوائد البهية؛ للكنوي (ص 241)، مصطلحات المذاهب الفقهية؛ لمريم الظفيري (94).

(2)

والحنفية عندهم عدد من الكتب بهذا الاسم؛ كمبسوط الشيباني، والسرخسي، والحلواني، وخواهر زادة، والبزدوي، وغيرهم، ولعل المقصود به مبسوط شيخ الإسلام خواهر زاده.

(3)

هو: الشيخ الامام ظهير الدين التمرتاشي، أبو العباس، أحمد بن أبي ثابت، إسماعيل بن محمد بن أيدغمش الحنفي، عالم بالحديث، حنفي، كان مفتي خوارزم، نسبته إلى تمرتاش، له كتاب شرح الجامع الصغير والفتاوى وكتاب التراويح (ت 600 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 61)، كشف الظنون (2/ 1221).

(4)

ولعل التمرتاشي ذكره في شرح الجامع الصغير، وهو أحد شروح الجامع الصغير المشهورة، وله نسخة مصورة بمعهد البحوث العلمية، وإحياء التراث بجامعة أم القرى تحت الرقم (فقه حنفي/ 469)، عن مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة تحت الرقم (274/ 138).

(5)

مادة: أرش، والأرش لغةً: ما يدفع بين السلامة والعيب في السلعة، وهو مأخوذ من التأريش، وهو التحريش، يقال: أرشت بين القوم تأريشاً؛ إذا أفسدت بينهم، ثم استعمل في نقصان الأعيان؛ لأنه فساد فيها، وقيل: مأخوذ من أرش الجراحة، وهو ديتها؛ وسمي الأرش بذلك؛ لأنه من أسباب النزاع. واصطلاحاً: ما يأخذه المشتري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع. وفي الجنايات: هو اسم للمال الواجب على مادون النفس.

يُنْظَر: العين (6/ 284)، الصحاح؛ للجوهري (3/ 132)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 35)، التعريفات؛ للجرجاني (31)، القاموس المحيط (753)، الكليات (78)، المعجم الوسيط (13).

(6)

يُنْظَر: الاختيار تعليل المختار (2/ 74)، تبيين الحقائق (6/ 81)، تكملة البحر الرائق (8/ 292)، الفتاوى الهندية (5/ 442).

ص: 2

(وَقَالَ مَالِكُ رحمه الله: لَا يَجُوز

(1)

(2)

. ذَكَرَ في المَبسُوطين

(3)

وشرح الأقطع

(4)

، ابن أبي ليلى

(5)

مكان مالك ههنا

(6)

.

وفي المَبْسُوط

(7)

: وقال ابن أبي ليلى: لا يتم الرهن بقبض العدل حتّى إذا هلك في يدي العدل لم يسقط الدّين وإن مات الرّاهن فالمرْتَهِنِ أسوة

(8)

للغرماء

(9)

بما فيه

(10)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 141).

(2)

يُنْظَر: المعونة؛ للقاضي عبد الوهاب (1/ 1153)، الكافي؛ لابن عبد البر (410)، بداية المجتهد؛ لابن رشد (2/ 206)، القوانين الفقهية؛ لابن جزيء (213)، الذخيرة؛ للقرافي (8/ 100)، مواهب الجليل؛ للحطاب (5/ 7).

(3)

وفي (ب)(المَبْسُوط).

(4)

الأقطع هو: أحمد بن محمد بن محمد، أبو نصر، المعروف بالأقطع، أحد شراح المختصر، سكن بغداد، قال ابن النجار: درس الفقه على مذهب أبي حنيفة على أبي الحسين القدوري حتى برع فيه، وقرأ الحساب حتى أتقنه، وخرج من بغداد إلى الأهواز وأقام بها وشرح المختصر، ولا يزال مخطوطا، وكان يدرس هناك إلى أن توفي، (ت 474 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 119)، الطبقات السنية (2/ 87).

(5)

هو محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى العلامة الإمام مفتي الكوفة وقاضيها، أبو عبدالرحمن الأنصاري الكوفي، قال العجلي: كان فقيها، صاحب سنة، صدوقا، جائز الحديث، وكان قارئا للقرآن، عالما به، (ت 128 هـ). يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (6/ 310)، وفيات الأعيان (4/ 179).

(6)

قال برهان الدين المرغيناني في بداية المبتدي: «وإذا اتفقا على وضع الرهن على يد العدل؛ جاز، وقال مالك: لا يجوز» ، ثم قال في الهداية (4/ 141):«ذكَرَ قوله في بعض النسخ» . وقد بين أكمل الدين البابرتي في العناية شرح الهداية: أن مراد المرغيناني بهذه العبارة: أن بعض نسخ كتب الحنفية كالمَبْسُوط وشرح الأقطع، لم تذكر أن الإمام مالك قال هذا القول، وأشاروا إلى أن من قاله: هو ابن أبي ليلى، وكأن المرغيناني شك في هذه الرواية عن مالك، فإن القبض ليس بشرط عنده، كما مر في أول الكتاب - يعني: -كتاب الهداية -، فإن ثبت ذلك عنده، كان عنه روايتان. العناية شرح الهداية (15/ 32).

وينظر: مختصر اختلاف العلماء (4/ 289)، المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 77، 78)، بدائع الصنائع (6/ 137)، البناية شرح الهداية (13/ 3).

(7)

كتاب المَبْسُوط؛ للسرخسي، أملاه في نحو خمسة عشر مجلدا وهو في السجن، ومؤلفه هو: الإمام الكبير شمس الأئمة، أبو بكر، محمد بن أحمد بن أبي سهل السَّرَخْسِي رحمه الله نسبة إلى سَرَخْس بفتح السين والراء، هكذا ضبطها صاحب القاموس المحيط، بلد عظيم بخرسان، كان إماما، علامة، حجة، متكلما، فقيها، أصوليا، مناظرا، لزم الإمام شمس الأئمة أبا محمد عبد العزيز الحلواني حتى تخرج به وصار أنظر أهل زمانه، وأخذ في التصنيف، وناظر الأقران فظهر اسمه وشاع خبره. (ت 483 هـ) يُنْظَر: تاج التراجم (1/ 234)، الجواهر المضية (2/ 28).

(8)

الأُسوة والإِسوة: القدوة، والقوم أسوة في هذا الأمر، أي: حالهم فيه واحدة. يُنْظَر: تهذيب اللغة (13/ 94)، لسان العرب (14/ 35).

(9)

الغريم: المدين، وصاحب الدين أيضا. وهو الخصم، مأخوذ من ذلك؛ لأنه يصير بإلحاحه على خصمه ملازما والجمع الغرماء، وأسوة الغرماء أي: هو بينهم بالسوية. يُنْظَر: طلبة الطلبة (270)، المصباح المنير (2/ 446).

(10)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 77، 78).

ص: 3

(وَلِهَذَا يَرجِعُ العَدْلُ عَلَيْهِ

(1)

أي: على الراهن دون المرْتَهِنِ، (عِنْدَ الِاستِحْقَاقِ

(2)

يعني: بعد الهلاك.

[يد العدل كيد المرتهن]

وجه قولنا إن يد العدل كيَد المرتهِن، بدليل أنّه يملك العدل ردَّ الرَّهْنَ برضى المرتهن، وأن الرَّاهِنَ لا يملك قبضه إلا بإذن المرتَهِن، ولو كان يده كيَد الرّاهن لتمكَّن الرّاهن من استرداده متى شاء، ويده كيَد الرّاهن أيضاً في حق الحفظ، فإن المرتهن كما أمره بالقبض ليحبس له، كذلك أمره الرّاهن ليحفظ عليه، فصار العدل نائباً عنهما فصار يد العدل كيَد الرّاهن ويد المرتهن

(3)

.

ويجوز أن تجعل اليد الواحدة في حكم اليدين، كما قالوا فيمن عجَّل زكاة ماله إلى السّاعي قبل حَوَلان الحول

(4)

كان يد السّاعي

(5)

يد صاحب المال [من وجه]

(6)

ويد الفقير من وجه، فَيَدُ صاحب المال من حيث إنّه لو انتقص النصاب قبل حوَلان الحولِ أو هلك النِّصاب كان لصاحب المال استرداد ما دفعه إلى السّاعي إذا كان ما دفع إليه قائماً في يده، بخلاف ما لو دفعه إلى الفقير، ويد الفقير من حيث إنَّه لو [هلك]

(7)

الزكاة في يد السّاعي وبقي النِّصابُ إلى آخر الحول يقع المؤدَّى موقع الزكاة كما لو دفعه إلى الفقير فكذلك يدل

(8)

العدل ههنا

(9)

.

وبأن كان يرجع بضمان

(10)

الاستحقاق على الرّاهن فذلك لا يدلّ على أنّ يده يد المرتَهِن لا غير، كالمرتهن نفسه، يعني أنّ الرّهن لو هلك في يده ثم استحقّه مستحق وضمن المرتهن فإنّه يرجع على الراهن بما ضمن وبدينه على ما يجيء في آخر هذا الباب من الكتاب

(11)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 141).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 141).

(3)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 78)، البناية شرح الهداية (13/ 3).

(4)

والحَوْلُ: سنة بأسرها، تقول: حال الحول وهو يحول حولا وحؤولا وأحال الشيء: إذا أتى عليه حول كامل. يُنْظَر: العين (3/ 297)، تاج العروس (28/ 365).

(5)

سعى الرجل يسعى سعيا، أي: عدا، وكذلك إذا عمل وكسب. وكل من ولي شيئا على قوم فهو ساع عليهم، وأكثر ما يقال ذلك في ولاة الصدقة. يقال: سعى عليها، أي عمل عليها; وهم السعاة. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (6/ 227)، المصباح المنير (1/ 277)، القاموس المحيط (1670).

(6)

سقط في (ب).

(7)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (هلكت) لموافقتها سياق الكلام والله أعلم.

(8)

وفي (ب)(يد) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(9)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (3/ 24)، بدائع الصنائع (2/ 52) البناية شرح الهداية (13/ 4).

(10)

الضمان لغةً: جعل الشيء في شيء يحويه، والضمان يطلق على الحفظ، والرعاية، ويقال: فلان ضامن، وضمين، وكافل، وكفيل.

يُنْظَر: تهذيب اللغة؛ للأزهري (12/ 36، 37)، لسان العرب؛ لابن منظور (13/ 257)، القاموس المحيط؛ للفيروزأبادي (1564).

(11)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 78).

ص: 4

ثمَّ إنَّما لا يرجع العدل على المُرْتَهِنِ ضمان

(1)

الاستحقاق، مع أنّ العدل نائب عن المُرْتَهِنِ في القبض للحبس له؛ لأن المستحق إنّما يضمن العدل بضمان الغصب

(2)

، والغصب إنّما يتحقّق بالنّقل والتّحويل ولو ولم

(3)

يوجد من المرتهن نقل وتحويل لا حقيقة ولا حكماً، بل وجد نقل العين من العدل، والعدل في حق العين نائب عن الرّاهن وفي حق المالية نائب عن المُرْتَهِنِ وكانت العبرة لنقل العين، لأنّ العين هو الأصل فلذلك يقع

(4)

بضمان الاستحقاق على الرّاهن دون المرتهن

(5)

.

فإن قلت: لو قال الخصم: إنّ الرهن لا يتم إلا بقبض المُرْتَهِنِ، وبقبض العدل لم يوجد قبض المرتهن لا حقيقة ولا حكماً، أمّا حقيقة: فظاهر، وأمّا حكماً؛ فلأنَّه لو جعل [قبض العدل بمنزلة]

(6)

قبض المرتهن حكماً إنما يجعل بسبب موافقته الرّاهن على قبض العدل ولا تأثير لذلك؛ لأنّ الرهن لا يتم بقبض الراهن وإن

(7)

اتفقا عليه، فكذلك لو اتفقا على قبض العدل، ولأنّ العدل لم يصر نائباً عن المرتهن في القبض وإن أمر المُرْتَهِنُ العدل بقبضه؛ لأنّ الأمر إنّما يصح إذا لاقى حقاً مستحقاً للآمر وبعقد الرهن لم يصر القبض حقاً للمُرْتَهِنِ حتّى كان للرّاهن أن يمنع الرّهن من المُرْتَهِنِ فإذا لم يصح الأمر من المُرْتَهِنِ صار وجود الأمر منه بعد ذلك وعدمه بمنزلة، ولو عُدم منه الأمر

(8)

حقيقة لم يكن العدل نائباً عنه في القبض فكذلك فيما لم يصحّ الأمر، والدّليل على أنّ الأمر عند عدم صحته بمنزلة عدم الأمر حقيقة، أنّ من اشترى شيئاً فَقَبْلَ قَبْضِهِ اتفق البائع والمشتري على أن يضع

(9)

المبيع على يد

(10)

عدل إلى أن يوفي المشتري الثمن فقبضه العدل [فكان هو]

(11)

نائباً عن البائع لا عن المشتري حتّى لو هلك كان الهلاك على البائع؛ لأنّ أمر المشتري العدل بقبض المبيع فيما ليس له قبض المبيع قبل نقد الثّمن لا يصحُّ؛ فلذلك صار وجود الأمر وعدمه منه بمنزلة، فكذلك ههنا ما جوابنا عنه

(12)

.

(1)

وفي (ب)(بضمان)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

الغَصْبُ لغةً: أخذ الشيء ظلماً، وقهراً، مالاً أوغير مال.

يُنْظَر: العين (4/ 374)، تهذيب اللغة؛ للأزهري (8/ 62)، لسان العرب؛ لابن منظور (1/ 648)، طلبة الطلبة؛ للنسفي (214).

واصطلاحاً: أخذ مالٍ، متقومٍ، محترمٍ، بغير إذن المالك، على وجه يزيل يده.

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 11)، التعريفات؛ للجرجاني (208).

(3)

وفي (ب)(لم)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

وفي (ب)(رجع)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 80)، العناية شرح الهداية (15/ 32)، تكملة البحر الرائق (8/ 291، 292).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

وفي (ب)(إن).

(8)

وفي (ب)(الأمر منه).

(9)

وفي (ب)(يضعا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

وفي (ب)(يدي).

(11)

سقط في (ب).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 33).

ص: 5

قلت: جوابه هو أنَّا أجمعنا واتفقنا على أنّ الرهن بعد التّسليم إلى المُرْتَهِنِ لو اتفق الراهن و المُرْتَهِنُ على وضعه على يدي عدل كان جائزاً

(1)

، وكانت يد العدل فيه كيَدِ المُرْتَهِنِ حتّى يصير مستوفياً دينه بهلاكه، [ولو كانت يد العدل كيد الرّاهن لم يصر المُرْتَهِنُ مستوفياً دينه بهلاكه]

(2)

كما لو عاد الرّهن إلى يد الراهن بطريق العارية

(3)

أو الغصب فهلك في يده فعلم بهذا أن اتفاقهما على وضع الرّهن في يد العدل ليس كاتفاقهما على وضعه في يد الرّاهن ولا يلزم العدل في باب البيع؛ لأنَّ جَعل العدل نائباً عن المشتري قبل نقد الثّمن يؤدّي إلى تغيير موجب البيع، فإن موجب البيع أنّ يد البائع على المبيع يد نفسه في حق الماليّة والعين جميعاً؛ لأنّه ليس بنائب عن المشتري لا في حق العين ولا في حق المالية، ومتى قبضه المشتري لنفسه لا تكون يده يد البائع بوجهٍ مَّا، بل تكون اليد للمشتري في حق العين والماليّة جميعاً يد استيفاء، فإذا كان في جعله نائباً عنهما تغيير موجب البيع اعتبر نائباً عن البائع لأن اليد كان

(4)

له في الأصل، فأمّا اعتبار العدل نائباً عنهما في باب الرهن لا يؤدي إلى تغيير موجب الرهن؛ لأنّ الرّهن متى تم بقبض

(5)

العدل كان يد المُرْتَهِنِ في حق العين يد الرّاهن، وفي حق المالية يد المُرْتَهِنِ. [كذا]

(6)

في المَبْسُوطين

(7)

.

(1)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 77، 78)، مختصر القدوري (137)، بداية المبتدي (233)، العناية شرح الهداية (15/ 32)، البناية شرح الهداية (13/ 3)، الذخيرة؛ للقرافي (8/ 102)، مواهب الجليل (5/ 7)، الحاوي الكبير (6/ 150)، المهذب (1/ 310)، المغني؛ لابن قدامة (4/ 230)، الكافي؛ لابن قدامة (2/ 136)، المبدع؛ لابن مفلح (4/ 230).

(2)

سقط في (ب).

(3)

العَارِيَةُ لغةً: مأخوذة من عار الشيء يعير؛ إذا ذهب وجاء، مأخوذة من التعاور؛ وهو التداول، يقال: تعاورَته الأيدي وتداولته، أي: أخذته هذه مرةً، وهذه مرة، وقيل: سميت العارية بذلك؛ لتعريها عن العوض.

واصطلاحاً: تمليك المنافع بغير عوض مالي.

يُنْظَر: الزاهر؛ للأزهري (240)، تهذيب اللغة (3/ 105)، طلبة الطلبة (218)، التعريفات؛ للجرجاني (47)، الكليات (48).

(4)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (كانت) لموافقتها سياق الكلام والله أعلم.

(5)

وفي (ب)(قبض).

(6)

سقط في (ب).

(7)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 78).

ص: 6

(وَلَو دَفَعَ العَدْلُ إِلَى الرَّاهِنِ أَو المُرْتَهِنِ ضَمِنَ

(1)

أي: ضمن قيمة الرّهن لأنّه لو دفعه إلى المُرْتَهِنِ دفع إليه ملك الغير وإن دفعه إلى الرّاهن؛ فَلِأنّه أبطل اليد على المُرْتَهِنِ.

(لا يَقْدِرُ

(2)

أي: لا يقدر العدل، (أَنْ يَجْعَلَ القِيْمَةَ رَهْناً فِي يَدِهِ

(3)

؛ لأنَّ القيمة وجبت ديناً في ذمَّته فلو جعلها رهناً في يده صار الواحِد (قَاضِياً

(4)

ومُقْتَضِياً

(5)

ما عليه. ذكره في الذَّخيرة

(6)

(7)

.

(وَإِنْ تَعَذَرَ إِجْمَاعُهُمَا

(8)

يَرْفَعُ أَحَدُهُمَا

(9)

أي: يرفع العدل أحدهما

(10)

(11)

(إِلَى القَاضِي

(12)

.

(وَلَو فَعَلَ ذَلِكَ)

(13)

أي: لو جعل [القيمة في يد العدل (وَقَدْ ضَمِنَ العَدْلُ

(14)

فإن]

(15)

(القِيْمَةَ بِالدَّفْعِ

(16)

، والحال أنَّ العدل ضمن القيمة بسبب دفع الرّهن (إِلَى الرَّاهِنِ، فَالقِيْمَةُ سَالِمَةٌ لَهُ

(17)

أي: للعدل؛ لأنَّه لا وجه إلى أن يأخذه

(18)

الرَّاهن؛ لأنَّه وصل إليه عين ماله، ولا وجه إلى أن يأخذه المرتهن لأنَّه وصل إليه حقه فتبقى القيمة سالمة [للعدل]

(19)

.

(1)

بداية المبتدي (234).

(2)

بداية المبتدي (234).

(3)

بداية المبتدي (234).

(4)

أي: يكون قاضياً ما وجب عليه بالضمان، ومقتضيا، وبينهما تنافٍ. لكون الواحد مسلَّماً ومسلَّماً إليه. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 5).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(6)

ذخيرة الفتاوى، المشهورة بالذخيرة البرهانية؛ لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مازه البخاري، المرغيناني، فقيه ولد بمرغينان من بلاد ما وراء النهر، وتوفي ببخارى، (ت 616 هـ)، والذخيرة البرهانية مختصرة من كتابه المحيط البرهاني، وهذه الفتاوى لها نسخ متعددة منها نسخة مصورة بمكتبة المخطوطات بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، تحت الرقم (3867 ف)، عن مكتبة تشتربيتي بدبلن بإيرلندا. يُنْظَر: كشف الظنون؛ لحاجي خليفة (1/ 823)، معجم المؤلفين؛ لكحالة (3/ 796).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 142)، تبيين الحقائق (6/ 80)، العناية شرح الهداية (15/ 30)، البناية شرح الهداية (13/ 5).

(8)

وفي (ب)(اجْتِمَاعُهُمَا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(10)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(11)

أي: إما الراهن أو المرتهن.

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(13)

المقصود به القاضي.

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(15)

زيادة في (ب).

(16)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(17)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(18)

وفي (ب)(يأخذ).

(19)

سقط في (ب).

ص: 7

(وَإِنْ كَانَ ضَمِنَهَا

(1)

أي: وإن كان العدل ضمن القيمة بسبب الدَّفع إلى المرتهن كان للرَّاهن أن (يَأخُذَ القِيْمَةَ مِنْهُ

(2)

.

(3)

[رجوع العدل على المرتهن]

وهل يرجع العدل بعد ذلك على المرتهن بذلك؟ يُنظر إن كان العدل دفعه على وجه العاريّة أو على وجه الوديعة

(4)

وهلك في يد المرتهن لا يرجع، وإن استهلك المرتهن يرجع عليه، لأنّ العدل بأداء الضمان ملكه وتبين أنّه أعار أو أودع مِلكَ نفسه، فإن هلك في يده لا يضمن، وإن استهلكه يضمن، وإن كان العدل دفع إلى المرتهن رهناً بأن قال: هذا رهنك خذه بحقك واحبسه بِدَيْنِك رجع العدل عليه بقيمته استهلكه المرتهن و

(5)

هلك لأنَّه دفع إليه على وجه الضَّمان، وإذا دفع العدل الرهن إلى أجنبي وديعة من غير ضرورة فهو ضامن، لأنَّ العدل أمين في حق الرَّهن فكان الجواب فيه كالجواب في المودَع هذا كله من الذَّخيرة

(6)

.

(وَلَا جَمْعَ

(7)

فِيهِ بَيْنَ البَدَلِ

(8)

وَالمُبْدَلِ

(9)

(1)

بداية المبتدي (234).

(2)

بداية المبتدي (234).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 33)، البناية شرح الهداية (13/ 6).

(4)

الوديعة لغةً: فعيلة من الودع، وهو الترك، والوديعة؛ واحدة الودائع، يقال: أودعته مالاً؛ أي: دفعته إليه، ليكون وديعة عنده. واصطلاحاً: المال المتروك عند إنسان يحفظه.

يُنْظَر: العين (2/ 224)، جمهرة اللغة (2/ 667)، الزاهر؛ للأزهري (1/ 279)، طلبة الطلبة (217)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 346)، المطلع (279) المصباح المنير (2/ 653)، التعريفات؛ للجرجاني (325).

(5)

وفي (ب)(أو) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في العناية.

(6)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 79)، العناية شرح الهداية (15/ 34)، البناية شرح الهداية (13/ 6)، درر الحكام (7/ 193)، الفتاوى الهندية (5/ 445).

(7)

الجمع لغةً: مصدر جَمَعَ، وهو ضم الشيء بتقريب بعضه إلى بعض، وهو خلاف التفريق.

واصطلاحاً: اسم دل على أكثر من اثنين. يُنْظَر: المحكم والمحيط الأعظم (1/ 347)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 157)، همع الهوامع (3/ 375)، تاج العروس (20/ 451).

(8)

البديل: البدل. وبدل الشيء: غيره، وبَدَلُه وبَدِيلُه: الخَلَفُ مِنْه، والجَمْعُ أَبْدالٌ، قال سيبويه: إِنَّ بَدَلُكَ زَيْداً: أَي مَكانَكَ، قال: وإنْ جَعَلْتَ البَدَلَ بمَنْزِلَةِ البَدِيلِ قُلْتَ: إِنَّ بَدَلَكَ زَيْدٌ، أي إنَّ بَدِيلَكَ زَيْدٌ. وتَبَدَّلَ الشَّيْءَ، وتَبَدَّلَ بِه، واسْتَبْدَلَه، واسْتَبْدَلَ بهِ، كُلُّه: اتَّخَذَ مِنْهُ بَدَلاً.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (4/ 318)، المحكم والمحيط الأعظم (9/ 338)، تاج العروس (28/ 64).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

ص: 8

لأنَّ العين زال عن ملك الراهن إلى العدل، وبهذا اللفظ يحترز عن المسألة الأولى، وهي: ما لو ضمن العدل القيمة بسبب دفع الرهن إلى الراهن، فإنَّ هناك لو قضى الرَّاهن دينه إلى المرتهن [دينه المرتهن]

(1)

، ثم أراد أخذ القيمة من العدل كان جامعاً بين البدل والمبدل؛ [لأنَّه وصل إليه عين حقه وهو الرهن أولاً ثم لو أخذ منه قيمته كان جمعاً بين البدل والمبدل]

(2)

فلذلك

(3)

لا يأخذ القيمة هناك، وأمَّا ههنا فلا جمع بينهما

(4)

.

[الوكيل لا ينعزل بعزل الموكل]

(وَإِنْ شُرِطَتْ)

(5)

أي: لو كان

(6)

(فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَعْزِلَ الوَكِيلَ

(7)

أي: بدون رضى المرتهن

(8)

(أَلَا تَرَى أَنَّهُ

(9)

أي: أن عقد الوكالة

(10)

(فَيَلْزَمُ بِلُزُومِ أَصْلِهِ

(11)

أي: فيلزم عقد الوكالة بلزوم أصله وهو الرهن

(12)

.

(13)

(1)

وفي (ب)(دينه إلى المرتهن ثم) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

سقط في (ب).

(3)

وفي (ب)(فكذلك).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 142).

(5)

الشرط في اللغة - بتسكين الراء-: إلزام شيء، والتزامه، وجمعه شروط، وشرائط.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (3/ 273)، المحكم والمحيط الأعظم (8/ 13)، تاج العروس (19/ 404).

واصطلاحاً: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. أو هو: ما يتم به الشيء، وهو خارج عنه.

يُنْظَر: رفع الحاجب (3/ 294)، البحر المحيط في أصول الفقه (2/ 466).

(6)

وفي (ب)(الوكالة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في البناية شرح الهداية (13/ 6).

(7)

بداية المبتدي (234).

(8)

قال في مجمع الأنهر: «لا ينعزل الوكيل بالعزل، أي: عزل الراهن بدون رضى المُرْتَهِنِ؛ لتعلق الحق بالمرهون وفي القهستاني ولو وكل بعد الرهن انعزل بالعزل وهذا ظاهر الرواية وقال شيخ الإسلام: الصحيح أنه لم ينعزل كما في الذخيرة» . مجمع الأنهر (4/ 290). وينظر: مختصر القدوري (138).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(10)

الوكالة لغةً: اسم للتَّوكيل، وهو إظهار العجز، والاعتماد على الغير، والتفويض إلى الغير، وردُّ الأمر إليه، يقال: وكل إليه الأمر وكولاً، ووكلاً؛ سلمه وتركه. واصطلاحاً: إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف معلوم.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (5/ 123)، طلبة الطلبة (284)، الكليات (947)، تاج العروس (31/ 96).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(12)

وفي (ب)(الأصل).

(13)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 6).

ص: 9

وكذلك لو ارتد

(1)

العدل والعياذ بالله ولحق بدار الحرب

(2)

وقضى القاضي بلحوقه ثم عاد مسلماً يعود وكيلاً ههنا. بخلاف الوكيل المفرد على قول أبي يوسف

(3)

رحمه الله حيث لا يعود وكيلاً، فوجه الفرق أنَّ الوكالة ههنا مشروطة في الرّهن فيكون تبعاً للرهن في اللزوم بخلاف الوكالة المفردة

(4)

.

فإن قيل: يشكل هذا بما لو مات العدل حقيقة بطل التسليط وإن كان الرهن الذي شرط فيه التسليط لم يبطل بموته، فكذا إذا مات حُكماً باللحوق بدار الحرب وجب أن يبطل وإن كان في ضمن الرهن.

قلنا: إنَّ القياس

(5)

أن لا يبطل التَّسليط بموته حقيقة؛ لأنَّه لم يبطل ما شرط فيه وهو الرهن، إلا أنّا أبطلناه؛ لأنَّه وقع اليأس عن بيعه بالموت الحقيقي ولم يقع الناس

(6)

عن بيعه في الموت الحكمي فإنّه يجوز أن يعود مسلما، فلم يبطل التّسليط بموته حُكما لبقاء ما شرط فيه. كذا في مبسوط شيخ الإسلام

(7)

.

(1)

الردة لغةً: مأخوذة من الرد، والرد مصدر ردَّ الشيء، من الارتداد؛ وهو الرجوع عن الشيء مطلقاً، والمرتد؛ هو من رد نفسه إلى الكفر. واصطلاحاً: الرجوع عن الإسلام إلى الكفر.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (2/ 35)، لسان العرب (3/ 173)، أنيس الفقهاء (186)، تاج العروس (8/ 90).

(2)

دار الحرب: هي بلادُ المشركين الذين لا صُلْح بينهم وبين المسلمِين. يُنْظَر: العين (3/ 213)، تهذيب اللغة (5/ 16)، لسان العرب (1/ 303).

(3)

هو الإمام، العلامة، المجتهد، المحدث، قاضي القضاة، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي، قاضي الكوفة، قال عن نفسه: صحبت أبا حنيفة سبع عشرة سنة (ت 182 هـ) يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 220)، طبقات الفقهاء (1/ 141)، سير أعلام النبلاء (8/ 535).

(4)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 87)، الفتاوى الهندية (5/ 442).

(5)

القياس لغة: مصدر قاس، يقال: قاس الشيء بغيره، أو على غيره؛ إذا قدره على مثاله، وهو يطلق على التقدير، والمساواة، وهو في الأحكام: رد الشيء إلى نظيره ليكون مثلاً له في الحكم الذي وقعت الحاجة إلى إثباته. واصطلاحاً: رد فرع إلى أصل بعلة جامعة.

يُنْظَر: المعجم الوسيط (2/ 770)، البرهان في أصول الفقه (2/ 488)، المستصفى (307)، رفع الحاجب (4/ 430).

(6)

وفي (ب)(اليأس) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للشيباني (3/ 146) ط: ابن حزم، تبيين الحقائق (6/ 81).

ص: 10

(وَلَوْ وَكَّلَهُ

(1)

أي: ولو وكل العدل بالوكالة المشروطة في ضمن الرَّهن

(2)

(لِأَنَّهُ لَازِمٌ بِأَصلِهِ

(3)

أي: لأنَّ التوكيل لازم بأصله وهو الرّهن (فَكَذَا بِوَصْفِهِ

(4)

وهو الإطلاق

(5)

.

(وَلِأَنَّهُ

(6)

لَو بَطَلَ أي

(7)

يَبْطُلُ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ

(8)

كما في الوكالة المفردة، حيث ينتقل الملك إليهم ولا رضى لهم بالبيع، وأمَّا ههنا فلا اعتبار لحق الورثة؛ لأن (حَقُّ المُرْتَهِنِ مُقَدَمٌ

(9)

(10)

.

[تفسير الحقوق والأوصاف]

(لِأَنَّ العَقدَ

(11)

أي: عقد الرهن (فَيَبْقَى بِحُقُوقِهِ وَأَوْصَافِهِ

(12)

الحقوق: الحبس والاستيفاء والوكالة والأوصاف: اللزوم وجبر الوكيل وحق بيع ولد الرّهن وحق صرف

(13)

الدراهم

(14)

بالدَّنانير

(15)

.

(16)

(1)

بداية المبتدي (234).

(2)

أي ولو وكل الراهن العدل ببيع الرهن مطلقا بغير قيد. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 7).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(5)

أي: لما ذكر أنه صار حقا من حقوقه. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 35)، البناية شرح الهداية (13/ 7).

(6)

أي: ولأن الوكالة.

(7)

وفي (ب)(إِنَّمَا) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(10)

أي: أن حق المرتهن مقدم على حق الورثة. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 7).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 142).

(13)

الصَّرْفُ لغةً: يطلق على الزيادة، وتخلية السبيل، والإنفاق، والدفع، وغيرها. يقال: صرفت المال: إذا أنفقته، وصرفت الذهب بالدراهم: إذا بعته.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (4/ 72)، لسان العرب (9/ 190)، المصباح المنير (1/ 338).

وشرعاً: بيع بعض الأثمان ببعض. وسمي الصرف بذلك؛ إما لصرفه عنه مقتضى باقي البيوع، في المماثلة، والتقابض، والحلول، أو لصريفه؛ وهو صوته في كفة الميزان. يُنْظَر: التعريفات؛ للجرجاني (174)، تبيين الحقائق (4/ 134)، تحرير ألفاظ التنبيه (176، 177).

(14)

الدرهم: اسم للمضروب المدور من الفضة؛ كالدينار من الذهب، ووزنه 6 دوانق = 48 حبة =2، 979 غراماً، والدرهم الذي توزن به الأشياء مقداره 51 حبة =3، 171 غراماً.

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 286)، معجم لغة الفقهاء (1/ 250).

(15)

الدينار: وأصله دنَّار بالتشديد، جمع دنانير، وهو نوع من النقود الذهبية. وزنة الواحد منها عشرين قيراطا = 72 حبة = 25، 4 غراما.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (2/ 222)، تهذيب اللغة (10/ 356)، أنيس الفقهاء (1/ 255).

(16)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 37)، البناية شرح الهداية (13/ 7).

ص: 11

[بطلان الوكالة بموت الوكيل]

(وَإِنْ مَاتَ الوَكِيْلُ انْتَقَضَتِ الوَكَالَةُ

(1)

والرَّهن على حاله؛ لأنَّ الرَّهن لو كان في [يد]

(2)

المُرْتَهِنِ فمات لم يبطل العقد به. فلا يبطل بموت العدل أولى. كذا في المَبْسُوط

(3)

.

(وَلَا يَقُوْمُ وَارِثُهُ وَلَا وَصِيُّهُ

(4)

مَقَامَهُ

(5)

(6)

، وفي الذَّخيرة: إذا مات العدل في الرَّهن وقد كان وكيلاً بالبيع

(7)

فأوصى إلى رجل ببيعه لم يجز، إلاَّ أن يكون الراهن قال [له]

(8)

في أصل الوكالة: وكلتك ببيع الرهن وأجزت لك ما صنعت فيه من شيء، فيجوز حينئذ لوصيه بيعه ولا يجوز لوصيه أن يوصي إلى ثالث به

(9)

.

(بَعْدَمَا صَارَ أَعْيَاناً

(10)

أي: بعدما صار رأس المال

(11)

(وَمَا رَضِيَ بِبَيْعِهِ

(12)

بل رضي ببيع الوكيل.

(لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الوَجْهَيْنِ

(13)

أحدهما: أنه وصف من أوصافه، والآخر (أَنَّ فِيهِ إِتْوَاءَ

(14)

(15)

حقه

(16)

.

(1)

بداية المبتدي (234).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 80).

(4)

الوَصِيَةُ لُغَةً: مأخوذة من قولهم: وصيت الشيء بالشيء وصياً؛ إذا وصلته، والوصية اسم بمعنى المصدر، ثم سمي بها الموصى به، وجمعها وصايا. والوَصِيُّ: الذي يُوصِي والذي يُوصَى له وهو من الأَضداد.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (6/ 375)، طلبة الطلبة (335)، لسان العرب (15/ 394).

وفي الاصطلاح: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع، سواء كان ذلك في الأعيان، أو في المنافع.

يُنْظَر: التعريفات؛ للجرجاني (326)، أنيس الفقهاء (297).

(5)

بداية المبتدي (234).

(6)

قال في الهداية: «لأن الوكالة لا يجري فيها الإرث ولأن الموكل رضي برأيه لا برأي غيره. وعن أبي يوسف رحمه الله أن وصي الوكيل يملك بيعه لأن الوكالة لازمة فيملكه الوصي كالمضارب» الهداية شرح البداية (4/ 142). وينظر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 80)، فتاوى قاضي خان (3/ 606).

(7)

وفي (ب)(في البيع).

(8)

زيادة في (ب).

(9)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 7، 8)، تكملة البحر الرائق (8/ 294)، الفتاوى الهندية (5/ 444).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 8).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(14)

وتَوِيَ الشيءُ يتوَى تَوىً، مقصور، إذا تلف، وأتوى ماله، أي: أهلكه، يُنْظَر: جمهرة اللغة (2/ 1033)، المعجم الوسيط (1/ 91).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(16)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 39)، البناية شرح الهداية (13/ 8).

ص: 12

[تفسير الجبر على بيع المرهون]

(فَأَبَى أَنَّ يُخَاصِمَ أُجْبِرَ عَلَى

(1)

بيعه، وتفسير الجبر: هو أن يحبس أيَّاماً حتّى يبيع فإن لَجَّ

(2)

بعد حبس الإمام

(3)

يجبر الرَّاهن على البيع

(4)

. فإن أبى الرَّاهن البيع، ذكر في الزيادات

(5)

أن القاضي يبيعه، قيل: هذا قولهما، لا قول أبي حنيفة رحمه الله بناء على بيع مال المديون إذا لم يكن مرهونًا، وقيل: هذا قول الكل

(6)

لأنَّ بيع المرهون صار مستحقاً للمُرْتَهِنِ إيفاء لحقِّه ولا كذلك سائر أموال المديون كذا في الذَّخِيرة

(7)

.

(قِيْلَ لَا يُجْبَرُ اعْتِبَاراً للوَجْهِ الأَوَّلِ

(8)

ذكر في المَبْسُوط هو ظاهر الرواية

(9)

.

(10)

(1)

بداية المبتدي (234).

(2)

لجَّ: تمادى في الخصومة، وهو مأخوذ من اللجاج؛ وهو تماحك الخصمين، وتماديهما في الخصومة. يُنْظَر: المصباح المنير (2/ 549)، المعجم الوسيط (2/ 816).

(3)

الإمام لغةً: مأخوذ من الأَمِّ؛ وهو القصدُ، وهو من ائتُم به من رئيس وغيره، وكل من اقتدي به، وقدم في الأمور، وجمعه أئمة. يُنْظَر: جمهرة اللغة (1/ 59)، المحكم والمحيط الأعظم (10/ 571)، لسان العرب (12/ 25).

وفي الاصطلاح: هو الذي له الرئاسة العامة في الدين، والدنيا.

يُنْظَر: التعريفات؛ للجرجاني (53)، معجم مقاليد العلوم (1/ 75).

(4)

قال شيخ الإسلام محمد بن الحسن: «رجل وضع على يده رهن وأمر ببيعه إذا حل الأجل فحل وأبى أن يبيع والراهن غائب فإنه يجبر على بيعه. وكذلك رجل وكل رجلا بخصومة المدعي فغاب الموكل فأبى الوكيل أن يخاصم أجبر على الخصومة» . الجامع الصغير (490، 491).

(5)

كتاب الزيادات لمُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِيّ رحمه الله ولا يزال مخطوطاً، وقد جمعه أبي يعقوب يُوسُف بن علي بن مُحَمَّد الجرجاني الحنفي في كتاب (خزانة الأكمل في الفروع) وهو ست مجلدات. ذكر أنه محيط بجل مصنفات الأصحاب بدأ بكافي الحاكم ثُمَّ بالجامعين ثُمَّ بالزيادات ثُمَّ بمجرد ابن زياد والمنتقى والكرخي وشَرْح الطَّحَاوِيِّ وعيون المسائل وغير ذلك.

(6)

قال قاضي خان رحمه الله: «فإن أبى يبيعه القاضي في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى» . فتاوى قاضي خان (3/ 607).

(7)

يُنْظَر: فتاوى قاضي خان (3/ 607)، تبيين الحقائق (6/ 82)، الدر المختار (6/ 505)، العناية شرح الهداية (15/ 38).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(9)

المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 79).

(10)

ظاهر الرواية: هي المسائل التي تعرف بمسائل الأصول، وهي المسائل التي رويت عن أئمة المذهب الأوائل؛ أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، مما رواه محمد بن الحسن في كتب ظاهر الرواية، التي هي: الأصل أو المَبْسُوط، والجامع الصغير، والجامع الكبير، والزيادات، والسير الصغير، والسير الكبير، وسميت بذلك؛ لأنها رويت عن محمد بن الحسن برواية الثقات، فهي ثابتة عنه بالتواتر، أو الشهرة.

يُنْظَر: الطبقات السنية (1/ 34)، كشف الظنون (2/ 1281)، مصطلحات المذاهب الفقهية؛ لمريم الظفيري (105).

ص: 13

(أَنَّ الجَوَابَ فِي الفَصْلَيْنِ

(1)

وَاحِدٌ

(2)

أي: يجبر فيهما

(3)

وهو الصَّحيح، كذا ذكره الإمام قاضي خان

(4)

(5)

وفي الجامع الصَّغير

(6)

وقال: والصَّحيح أنَّه يجبر على كل حال لما قلنا من المعنى وهو أن البيع صار حقًّا للمدَّعي والمُرْتَهِنِ

(7)

. (وَيُؤَيِّدُهُ إِطْلَاقُ الجَوَابِ فِي الجَامِعِ الصَّغِيرِ

(8)

(9)

لأنَّه قال فيه: إذا أبى الوكيل يجبر من غير فَصلٍ بين أن يكون مشروطاً في العقد أو لم يكن مشروطاً فيه، وكذلك ذكر (فِي الأَصْلِ

(10)

(11)

مطلقاً

(12)

.

(1)

أي: فيمَا كانَ مشْرُوطًا في الرّهْنِ، وَفيمَا لا يكُونُ كَذَلكَ. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 39).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(3)

وهو قول أبي يوسف رحمه الله. يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 143).

(4)

هو الإمام الكبير، فخر الدين قاضي خان، الحسن بن منصور بن أبي القاسم محمود الأوزجندي الفرغاني، وله " الفتاوي المشهورة، وشرح الجامع الصغير " قال عنه أبو المحاسن محمود الحصيري: هو سيدنا القاضي الإمام، والأستاذ فخر الملة ركن الإسلام، بقية السلف، مفتي الشرق. (ت 592 هـ) يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 383)، الطبقات السنية (3/ 116).

(5)

قال قاضي خان: «وقيل: يجبر على كل حال، وهو الصحيح» . فتاوى قاضي خان (3/ 607).

(6)

وهو كتاب الجامع الصغير لمحمد بن الحسن الشيباني.

(7)

يُنْظَر: الجامع الصغير (490).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(9)

يقول محمد بن الحسن في الجامع الصغير: «رجل وضِعَ على يده رهن، وأمره ببيعه إذا حل الأجل، فحل وأبى أن يبيع، والراهن غائب، فإنه يجبر على بيعه» . الجامع الصغير (490، 491).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(11)

كتاب الأصل عند الحنفية، هو كتاب المَبْسُوط؛ لمحمد بن الحسن بن فرقد الشيباني-رحمه الله، وهو أوسع كتب ظاهر الرواية، وأكثرها فروعا، وأبسطها عبارة، ويشتمل على المسائل الفقهية التي وضعها الإمام أبو حنيفة، والإمام أبو يوسف، والإمام محمد بن الحسن، فلذلك كان هو عمدة المذهب الحنفي. وهو مطبوع في خمس مجلدات بتحقيق أبو الوفا الأفغاني، طبعته إدارة القرآن والعلوم الإسلامية في كراتشي، وكذلك طبعته دار ابن حزم، بتحقيق الدكتور محمد بوينوكالن.

(12)

قال: ولو أبى أن يبيعه فرفعه المرتهن إلى القاضي أجبره القاضي على البيع. المَبْسُوط للشيباني (3/ 139). ط: ابن حزم.

ص: 14

(وَإِذَا بَاعَ العَدْلُ الرَّهْنَ: فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ

(1)

؛ لأنَّه لما باعه العدل فقد صار ملكاً للمشتري فخرج عن الرَّهن

(2)

(وَالثَّمَنُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فَكَانَ رَهْناً

(3)

. (وَإِذَا تَوَى كَانَ مَالَ المُرْتَهِنِ

(4)

بنصب مال، أي: كان الثمن التاوي مال المُرْتَهِنِ.

(وَكَذَلِكَ

(5)

إِذَا قُتِلَ العَبْدُ الرَّهْنُ وَغَرِمَ القَاتِلُ قِيْمَتَهُ

(6)

أي: كانت [القيمة]

(7)

رهناً مقام العبد المقتول

(8)

. (لِأَنَّ المَالِكَ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ حَيْثُ المَالِيَّةُ

(9)

يعني: أنَّ الضمان (وَإِنْ كَانَ

(10)

مقابلاً بالدم دون المالية حتّى لم يزد على دية الحر

(11)

ولكن المولى استحق هذا الضمان بسبب المالية (فَأَخَذَ حُكْمَ ضَمَانِ المَالِ فِي حَقِّ المُسْتَحِقِّ

(12)

وهو المالك فيبقى عقد الرهن إلى هذا أشار في الإيضاح

(13)

(14)

(وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ

(15)

غَيْرَهُ

(16)

أي: ليس للعدل أن يُضَمِّنَ المرتهن غير الثَّمن بعد البيع

(17)

.

(1)

بداية المبتدي (234).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 43).

(3)

بداية المبتدي (234).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(5)

وفي (ب)(وكذا).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(7)

سقط في (ب).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 43)، البناية شرح الهداية (13/ 10).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(11)

وفي (ب)(الحق).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(13)

كتاب الإيضاح؛ لعبد الرحمن بن محمد بن أميرويه بن إبراهيم، أبو الفضل الكرماني، (ت 543 هـ). وجميع من ترجم له ذكر أن له كتاب الإيضاح شرح لكتابه التجريد، وكتاب الإيضاح له نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية بالقاهرة تحت الرقم (37). يُنْظَر: تاج التراجم (184)، كشف الظنون؛ لحاجي خليفة (1/ 211)، معجم المؤلفين؛ لكحالة (2/ 109).

(14)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 82)، البناية شرح الهداية (13/ 10)، تكملة البحر الرائق (8/ 296).

(15)

كذا في نسخة (أ) و (ب) أما في المتن (يُضَمِّنَهُ). يُنْظَر: بداية المبتدي.

(16)

بداية المبتدي (234).

(17)

أي: الذي أعطاه. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 43)، البناية شرح الهداية (13/ 10).

ص: 15

و (صَحَّ الِاقْتِضَاءُ

(1)

أي: صحَّ قبض المُرْتَهِنِ الثَّمن بمقابلة دينه

(2)

.

(وَإِنْ ضَمَّنَ البَائِعَ

(3)

أي: العدل

(4)

(فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ [مِلْكُهُ

(5)

أي:]

(6)

مِلكُ العدل.

(لَمْ يَكُنْ رَاضِياً [بِهِ]

(7)

(8)

أي: لم يكن العدل راضياً بأداء الثمن إلى المُرْتَهِنِ

(9)

.

(فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ

(10)

أي: فللعدل أن يرجع بالثَّمن الذي أداه إلى المُرْتَهِنِ على المرتهن (بَطَلَ الِاقْتِضَاءُ

(11)

أي: بطل قبض المُرْتَهِنِ

(12)

.

(وَإِنَّمَا أَدَّاهُ لِيُسَلِّمَ لَهُ المَبِيعَ

(13)

(14)

أي: وإنَّما أدَّى المشتري الثمن إلى العدل لِيُسلم للمشتري المبيع، (وَلَمْ يُسِلِّمْ) (رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِالقِيمَةِ

(15)

أي: بالثَّمن

(16)

.

(لِأَنَّ المَقْبُوضَ سُلِّمَ لَهُ

(17)

أي: لأنَّ الثمن المقبوض من العدل سلم للمرتهن

(18)

. (وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى المُرْتَهِنِ) أي: وإن شاء العدل رجع على المرتهن بالثمن الذي أداه إليه

(19)

.

(فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ

(20)

أي: فيرجع المُرْتَهِنُ بحقه الذي هو دينه على الرَّاهن

(21)

.

(وَلَو أَنَّ المُشْتَرِيَ سَلَّمَ والثَّمَنَ

(22)

إِلَى المُرْتَهِنِ لَم يَرْجِعْ عَلَى العَدْلِ؛ لِأَنَّهُ فِي البَيْعِ عَامِلٌ للرَّاهِنِ

(23)

. ذكر في الإيضاح، وفتاوى قاضي خان مكان هذه المسألة وتعليلها قوله: ولو (لَمْ يُسَلِّمْ)(العَدْلُ) (الثَّمَنَ إِلَى المُرْتَهِنِ لَم يَرْجِعْ عَلَيه

(24)

؛ لِأَنَّهُ فِي البَيْعِ عَامِلٌ للرَّاهِنِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَليهِ إِذَا قَبَضَ

(25)

(26)

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (10/ 11).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 143).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 43).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(6)

سقط في (ب).

(7)

سقط في (ب).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(9)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 11).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 43).

(13)

وفي (ب)(البيع).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(16)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 43).

(17)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(18)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 43).

(19)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 12).

(20)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(21)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 12).

(22)

وفي (ب)(الثمن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(23)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(24)

أي: لم يرجع على العدل.

(25)

في (أ)(عليه إذا قبض) مكررة.

(26)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

ص: 16

وإذا لم يقبض بقي الضَّمان على المُوَكِّلِ

(1)

. كذا في الإيضاح

(2)

.

وذكر في فتاوى قاضي خان والإيضاح أيضاً قبل هذا: وإذا باع العدل الراهن

(3)

وسلَّم الثَّمن إلى المرتهن ثم استُحِقَّ أو رُدَّ بعيب فإن المشتري يرجع بالثَّمن على العدل (ثُمَّ العَدْلُ بِالخِيَارِ)، (إِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى المُرْتَهِنِ بِالثَّمَنِ

(4)

، ويعود دين المُرْتَهِنِ إلى حاله، (وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ

(5)

، ولو أنَّ العدل باع الرَّهن ولم يُسَلِّمْ الثَّمن إلى المُرْتَهِنِ فاستحق العبد أو رد بعيب بقضاء فإنَّ العدل لا يرجع على المرتهن

(6)

.

فعلم بهذا أن هذا التّعليل الذي ذكره في الكتاب تعليل ما إذا لم يسلم العدل الثَّمن إلى المرتهن لم يرجع عليه.

([لَا يَرْجِعُ]

(7)

بِهِ عَلَى المُقْتَضي

(8)

أي: على القابض.

(فَيَكُونُ البَيْعُ لِحَقِّهِ

(9)

فإذا وقع البيع لحقه وسلَّم له ذلك جاز أن يلزمه الضَّمان.

(وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَولَ مَنْ لَا يَرَى جَبْرَ هَذَا الوَكِيلِ عَلَى البَيْعِ

(10)

(11)

أي: على الوكيل الذي لم تكن وكالته مشروطة في العقد، حيث فرَّق بين الوكالة المشروطة في العقد وبين الوكالة التي بعد العقد.

فقال في

(12)

الوكيل الذي كانت وكالته بعد عقد الرَّهن: يرجع الوكيل بالعهدة على الراهن، لا على المرتهن؛ لأنَّه لم يتعلَّق بهذا التوكيل حق المُرْتَهِنِ

(13)

.

(1)

قال بدر الدين العيني: والموكل: هو المرتهن، وسماه موكلا كأن البيع وقع لأجله، وبالضمان للثمن، أو المراد بالموكل: الراهن، وبالضمان: الدين. قاله الكاكي رحمه الله. البناية شرح الهداية (13/ 12).

(2)

يُنْظَر: فتاوى قاضي خان (3/ 606، 607)، الهداية شرح البداية (4/ 144)، العناية شرح الهداية (15/ 41)، البناية شرح الهداية (13/ 12).

(3)

وفي (ب)(الرهن) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(6)

يُنْظَر: فتاوى قاضي خان (3/ 606، 607)، الهداية شرح البداية (4/ 144)، بدائع الصنائع (6/ 149)، البناية شرح الهداية (13/ 12).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(11)

قال شمس الأئمة السرخسي: "ظاهر الرواية: لا يجبر العدل على البيع، لأن رضا المرتهن على الرهن قد تم". يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 79).

(12)

وفي (ب)(و).

(13)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 144)، تبيين الحقائق (6/ 83)، العناية شرح الهداية (15/ 44)، البناية شرح الهداية (13/ 13).

ص: 17

فقال في الإيضاح: ولو كان التَّسليط على البيع بعد عقد الرهن من غير شرط في العقد فهو وكيل للرّاهن، وما لَحِق العدل من العهدة رجع على الرَّاهن قبض المرتهن أم لا؛ لأن التوكيل إذا كان بعد العقد لم يتعلَّق به حق المرتهن

(1)

.

ألا ترى أنَّ للرَّاهِن أن يعزله، ولا يملك المُرْتَهِنِ المطالبة بالبيع فلم يكن له حق في البيع فلا يرجع عليه، كمن وكَّل إنسانًا أن يبيع ويقضي من ثمنه دينه ففعل ثم لحقته عهدة لم (يَرْجِعُ عَلَى المُقْتَضي) أي:[على]

(2)

القابض (بِخِلَافِ الوَكَالَةِ المَشْرُوطَةِ فِي العَقْدِ

(3)

(4)

؛ (لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدٍّ فِي حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ) أي: تسليم الراهن (أَو بِالقَبْضِ

(5)

أي: قبض المرتهن

(6)

.

وفي المَبْسُوط فللمستحق أن يُضَمِّنَ قيمته أيُّهما شاء؛ لأنَّه تبين بالاستحقاق أنَّ

(7)

الرَّاهِن كان غاصِباً و المُرْتَهِنِ بمنزلة غاصب الغاصب في حق المستحق فله أن يضمِّن أيُّهما شاء

(8)

.

(1)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 150)، الهداية شرح البداية (4/ 144)، حاشية ابن عابدين (7/ 350)، العناية شرح الهداية (15/ 44)، الفتاوى الهندية (5/ 445)، درر الحكام (2/ 185).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(4)

قال النسفي -رحمه الله تعالى-: «هذا إذا كان التسليط على البيع مشروطا في عقد الرهن، فإن كان بعد تمام الرهن ذكر شمس الأئمة السرخسي: أنه في ظاهر الرواية لا يجبر العدل على البيع، لأن رضا المرتهن بالرهن قد تم بدونه، وهو توكيل مستأنف ليس في ضمن عقد لازم» .

وعن أبي يوسف -رحمه الله تعالى-: أن التوكيل بالبيع بعد الرهن يلحق بأصل العقد ويصير كالمشروط فيه.

قال شيخ الإسلام خواهر زاده، وفخر الإسلام البزدوي: هذه الرواية أصح لأن محمدا -رحمه الله تعالى- أطلق الجواب في الجامع الصغير والأصل، ولم يُفصل بين أن يكون البيع مشروطا أو غيره، فظاهر ما أطلق يدل على أنه مجبر في الحالتين. حاشية ابن عابدين (7/ 350). وينظر: الجامع الصغير (490، 491)، المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 79)، الهداية شرح البداية (4/ 143)، تبيين الحقائق (6/ 82)، تكملة البحر الرائق (8/ 295).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(6)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 13).

(7)

وفي (ب)(وأنّ)

(8)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 74).

ص: 18

(فَإِنْ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ: فَقَدْ مَاتَ بِالدَّيْنِ

(1)

أي: سقط الدَّين أيضاً

(2)

.

(؛ فَلِأَنَّهُ مَغْرُورٌ

(3)

مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ

(4)

والمغرور يرجع على الغار بما يلحقه من الضَّمان كما يرجع المستأجر على الآجر والمودَع على المودِع. كذا في المَبْسُوط

(5)

.

(أَبُو خَازِمِ القَاضِي

(6)

هو: -بالخاء المعجمة - عبد الحميد بن عبد العزيز قاضي بغداد كذا في المُغْرِب

(7)

(8)

.

(أَو بِالِانْتِقَالِ مِنَ المُرْتَهِنِ إِلَيهِ

(9)

أي: إلى الرّاهن (بِخِلَافِ الوَجْهِ الأَوَّلِ

(10)

وهو ما لو ضمن المستحق الرّاهن

(11)

.

[الفرق بين المرتهن والمضارب في التضمين]

فإن قلت: ما الفرق بين تضمين المرتهن ههنا وبين تضمين المضارب؟

فإن في مسألة المضاربة

(12)

لو ظهر مستحق رأس مال المضاربة بعد الهلاك فضمن رب المال نفذت المضاربة فلا إشكال فيه؛ لأنَّ تضمين ربِّ المال هناك كتضمين الرَّاهِنِ هنا.

(1)

بداية المبتدي (234).

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 13).

(3)

غَرّه يغُرّه غَرّاً وغُرُورا وغِرّة، الأخيرة عن اللِّحياني، فهو مَغرور، وغَرير: خَدعه وأطعمه بالباطل.

ينظر: المحكم والمحيط الأعظم (5/ 360)، لسان العرب (5/ 11)، القاموس المحيط (577)، المعجم الوسيط (2/ 648).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 144).

(5)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 74).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 145).

(7)

المُغْرِب في ترتيب المعْرب وذيله (1/ 254)، لأبي الفتح برهان الدين ناصر بن أبي المكارم عبد السيد المطرزي (ت 610 هـ).

(8)

هو الفقيه العلامة، قاض القضاة، أبو خازم عبدالحميد بن عبدالعزيز قاضي بغداد، وأصله من البصرة، جليل القدر ولي القضاء بالشام والكوفة والكرخ من مدينة السلام تفقه عليه أبو جعفر الطحاوي وأبو طاهر الدباس، وتولى القضاء للمعتضد ثم ابنه المكتفي بعده، قال الإمام الذهبي: وكان ثقة ديّنا وَرِعًا عالما. (ت 292 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 296)، سير أعلام النبلاء (13/ 539).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 145).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 145).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 46، 47)، البناية شرح الهداية (13/ 15).

(12)

المضاربة لغةً: مُفَاعَلَةٌ من الضرب، وهو السير في الأرض؛ للتجارة وغيرها، وتسمى: قراضاً، ومقارضة، وكل واحد من المضاربين يسمى مضارباً.

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 6)، لسان العرب (1/ 545)، تاج العروس (3/ 251).

واصطلاحاً: شركة بمال من جانب، وعمل من جانب.

يُنْظَر: طلبة الطلبة (301)، تبيين الحقائق (5/ 52) التعريفات؛ للجرجاني (278)، البحر الرائق (7/ 263)، التعاريف (660).

ص: 19

وأمَّا لو ضمن المضارب ورجع

(1)

هو على ربِّ المال نفذت المضاربة أيضاً؛ لما أنَّ قرار الضَّمان صار على ربِّ المال، ولم يعتبر هناك لاعتبار الملك من المضارب إلى رب المال بعد عقد المضاربة، فعلى قياس ذلك ينبغي أن لا يبطل الرَّهن هنا فيما لو ضمن المُرْتَهِن ولا يعتبر لانتقال الملك من المُرْتَهِن إلى الرَّاهن بعد عقد الرَّهن كما لم يعتبر هناك.

قلت: الفرق بينهما إِنَّما نشأ من وجه آخر وهو عدم لزوم عقد المضاربة ولزوم عقد الرَّهن، وهو أنَّ في باب المضاربة، وإن ثبت للمضارب حقُّ الرجوع على ربِّ المال بالاستعمال وهو بالتَّسليم وذلك بعد العقد، إلا أنَّ عقد المضاربة عقد غير لازم وما لا لزوم له يعطى لدوامه حكم التجدد؛ ولذلك تبطل الوكالة والإذن بالتجارة بموت الموكل والمولى وجنونهما ولا تبطل الكتابةُ بموت المولى وجنونه للزوم هذه وعدم لزوم ذَينِك العبدين

(2)

، وإذا صار للمضاربة حكمُ التجدد صار الملك الثَّابت لربِّ المال من وقت تسليم المال إلى المضارب سابقاً على العقد تقديراً فنفذت المضاربة.

وأمَّا الرَّهن فعقد لازم

(3)

لا يعطى له حكم

(4)

التجدد

(5)

، والعقد على الاستعمال بالتَّسليم والملك الثَّابت للرَّاهن مقتصر على وقت التَّسليم فلا ينفذ به العقد السَّابق عليه. كذا في الجامع الصَّغير لأبي المعين رحمه الله

(6)

.

(7)

(وَقَدْ طَوَّلْنَا الكَلَامَ فِيْهِ فِي كِفَايَةِ المُنْتَهي

(8)

(9)

.

(1)

وفي (ب)(رجع).

(2)

وفي (ب)(العقدين) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

أي: بالنسبة للراهن.

(4)

وفي (ب)(حكم التجارة) ولايستقيم الكلام بهذه الزيادة والله أعلم.

(5)

وفي (ب)(لتجدد)

(6)

هو الإمام الزاهد، سيف الدين، ميمون بن محمد بن محمد بن متعمد بن مكحول، أبو المعين، النسفي، الحنفي، عالم بالأصول والكلام، كان بسمرقند، وسكن بخارى، قال عمر بن محمد في كتاب القند: كان عالم الشرق والغرب، من تصانيفه: كتاب التمهيد لقواعد التوحيد، وبحر الكلام، شرح الجامع الكبير؛ للشيباني، ومناهج الأئمة، وكلاهما في فروع الفقه الحنفي، (ت 508 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 189)، تكملة الإكمال (2/ 611)، تاج التراجم (1/ 308).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 46، 47)، البناية شرح الهداية (13/ 15).

(8)

كفاية المنتهي للمرغيناني، شرح فيه كتابه بداية المبتدي، يُنْظَر: الهداية شرح البداية (1/ 11).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 145).

ص: 20

ويحتمل أن يكون [مراده]

(1)

مِنَ الذي طول الكلام فيها: ما لو كان الرَّهن عبدًا فأبق

(2)

فضمن المستحق المرتهن قيمته ورجع المُرْتَهِن على الرَّاهن بتلك القيمة وبالدين، ثم ظهر العبد بعد ذلك فهو للرَّاهن؛ لأنَّ الضَّمان استقر عليه. قال: ولا يكون رهناً؛ لأنَّه قد استحق وبطل الرهن

(3)

(4)

.

وهذا إشارة إلى ما قلنا: أن الملك للرَّاهن إنَّما يقع فيه من وقت التَّسليم بحكم الرَّهنِ، وعقد الرَّهن كان سابقاً على ذلك؛ فلهذا بطل [الرهن]

(5)

بالاستحقاق. كذا في المَبْسُوط

(6)

والله أعلم.

• • • •

‌بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهنِ وَالجِنَايَة

(7)

عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ

(8)

لما كان التَّصَرُّفُ في الرّهن إنما يكون بعد كونه رهنًا، وكذلك الجناية على الرهن وجناية الرَّهن أورده عقيب

(9)

مسائل الرَّهن، أو

(10)

كل ترتيب أوجب طبعًا يوجب وضعًا

(11)

.

(1)

مثبتة في هامش (أ)، وهي سقط في (ب).

(2)

الآبِقُ لُغَةً: مشتق من الإِبِاقِ؛ وهو الهروب من غير تعب ولا رَهَب، ومنه ذهاب العبد من غير خوف ولا كد وعمل.

يُنْظَر: تهذيب اللغة (9/ 265)، الصحاح؛ للجوهري (4/ 131)، تاج العروس (25/ 5).

واصطلاحاً: المملوك الذي فرَّ من مالكه قصداً.

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 351)، التعريفات؛ للجرجاني (20)، دستور العلماء (1/ 16).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 47)، البناية شرح الهداية (13/ 15).

(4)

وقيلَ مُرادُهُ مَسأَلَةَ المُضَارَبَةِ وَالفَرْقُ بَينَهَا وَبَينَ مَسأَلَةِ الرَّهنِ. يُنْظَر: المراجع السابقة.

(5)

زيادة في (ب).

(6)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 74).

(7)

الجناية: ما تجنيه من شر، أي: تحدثه. تسمية بالمصدر من جنى عليه شرا، وهو عام، إلا أنه خص بما يحرم من الفعل. وأصله: من جني الثمر، وهو أخذه من الشجر.

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 166)، التعريفات؛ للجرجاني (107)، أنيس الفقهاء (143).

(8)

وفي (ب)(غير).

(9)

يقال للشيء إذا تأخر عن غيره، وأتى بعده: عَقِيبُهُ، وكل شيء يعقب شيئاً؛ فهو عَقِيبُهُ.

يُنْظَر: العين (1/ 179)، الصحاح؛ للجوهري (1/ 203)، مقاييس اللغة (4/ 77).

(10)

وفي (ب)(إذ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 50)، البناية شرح الهداية (13/ 16)، نتائج الأفكار (10/ 197).

ص: 21

[بيع الراهن الرهن دون إذن المرتهن متوقف على إجازته]

(وَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إِذْنِ المُرْتَهِنِ: فَالبَيْعُ مَوقُوفٌ

(1)

(2)

. وقوله: (بِغَيْرِ إِذِنِ المُرْتَهِنِ

(3)

تناول الصُّورتين: صورة ما لو باعه الرَّاهن ولم يعلم المرتهن ببيعه، وصورة [ما]

(4)

إذا بلغه خبر البيع ولم يجزه، وذكر في باب البيوع الفاسدة

(5)

من بيوع المَبْسُوط

(6)

: إذا باع الرَّاهن العبد المرهون وأبى المُرْتَهِن أن يجيزه لم يجز البيع وهو موقوف؛ لأنَّ الراهن عاجز عن التَّسليم فإن حق المُرْتَهِن في الحبس لازم، ثم قال في موضع: يقول: بيع المرهون فاسد، وفي موضع يقول جائز، والصَّحيح ما ذكر ههنا

(7)

أنَّه موقوف. وتأويل قوله: فاسد يفسد

(8)

القاضي إذا خوصم فيه إليه وطلب المشتري التَّسليم إليه ومنع المُرْتَهِن ذلك، وتأويل قوله: جائزاً إذا أجازه المُرْتَهِن وسلمه إليه، وإذا لم يجز المرتهن وفسخه ففيه روايتان على ما هو المذكور في الكتاب

(9)

(10)

.

(يَنْتَقِلُ حَقُّهُ إِلَى بَدَلِهِ هُوَ الصَّحِيحُ

(11)

أي: ثمنه يصير رهنًا مكانه، وبقوله: (هُوَ الصَّحِيحُ

(12)

يحترز عمَّا رُوِيَ عن أبي يوسف أنَّه إنَّما يصير رهنًا إذا شرط المُرْتَهِن عند الإجازة أن يكون الثمن رهنًا، أمّا إذا لم يشترط لا يصير رهنًا؛ لأنَّ المُرْتَهِن لمَّا أجاز البيع نفذ البيع وصار الثَّمن مملوكًا الراهن

(13)

وأنَّه مال آخر ملكه بسبب جديد فلا يصير رهنًا من غير شرط، كما [لو]

(14)

أَجَّرَ الرَّاهِنُ

(15)

فأجاز المُرْتَهِن لا تصير الأجرة رهنًا من غير شرط لما بيّنا فكذلك ههنا

(16)

.

(1)

بداية المبتدي (234).

(2)

قال الامام ابن المنذر: «وأجمعوا على إبطال بيع الرهن بغير أمر المرتهن» الإجماع لابن المنذر (125).

(3)

بداية المبتدي (234).

(4)

سقط في (ب).

(5)

البيع الفاسد: ما كان مشروعاً بأصله، دون وصفه، ويفيد الملك عند اتصاله بالقبض؛ كأن يكون الثمن خمراً، أو خنزيراً.

يُنْظَر: أنيس الفقهاء (209)، التعريفات؛ للجرجاني (214)، التعاريف (556)، الكليات (240).

(6)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (13/ 11).

(7)

وفي (ب)(ذكرنا هنا).

(8)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (يفسده) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المَبْسُوط؛ للسرخسي (13/ 11).

(9)

والمقصود بالكتاب؛ هو مختصر القدوري لأحمد بن محمد بن أحمد القدوري البغدادي.

(10)

قال الإمام القدوري: «وإذا باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن فالبيع موقوف. فإن أجازه المرتهن جاز البيع، وإن قضاه الراهن دينه جاز البيع» . مختصر القدوري (138).

وقال بدر الدين العيني: «وعند الأئمة الثلاثة: البيع باطل، وكذا قال محمد في الجامع الصغير: البيع باطل، إلا أن يجيزه المرتهن» . البناية شرح الهداية (13/ 16).

وينظر: بدائع الصنائع (6/ 146)، العناية شرح الهداية (15/ 50).

(11)

بداية المبتدي (234، 235).

(12)

بداية المبتدي (235).

(13)

وفي (ب)(للراهن) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(14)

زيادة في (ب).

(15)

وفي (ب)(الرهن).

(16)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 146)، تبيين الحقائق (6/ 84)، العناية شرح الهداية (15/ 50).

ص: 22

ووجه ظاهر الرواية هو: أنَّ المرتهن لما أجاز البيع بعد

(1)

البيع، وتحول حقُّه من العين إلى ثمنه؛ لأن الثَّمن قائم مقام المسمَّى

(2)

، والثَّمن كان محل حق المُرْتَهِن فيتعلق حقه بالثَّمن، وهذا هو الأصل في جنس هذه المسائل أن من تصرف في عين مملوك له وقد تعلق به حق الغير فأجاز صاحب الحق تصرفه هل يتعلق حقه ببدله؟

ينظر إن كان ما وجب من البدل بدلاً عما تعلق به حقه يتعلق حقه بالبدل، وإن كان ما وجب من البدل بدلاً عما لا

(3)

يتعلق به حقه لا يتعلق حقه بالبدل، ألا ترى أن الآجر إذا باع المستأجر فأجاز المستأجر بيعه لا يتعلق حقه بالثَّمن؛ لأنَّ الثمن وجب بدلاً عن العين في المنفعة، فأمَّا حق المُرْتَهِن فمتعلق بالعين فجاز أن يتعلق حقه ببدله كذا في الذَّخيرة

(4)

.

(وَفِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَنْفَسِخُ بفَسْخِهِ

(5)

(6)

حتَّى لو صبر المشتري إلى أن افتكه الرَّاهِن كان له أن يأخذه، ولفظ الكتاب يدل عليه، فإنّه قال بعد إباء المرتهن: وهو موقوف

(7)

، وهذا لأنَّ المرتهن لا حق له في هذا العقد حتَّى إذا أجازه كان المشتري متملكًا على الرَّاهِن لا على المُرْتَهِن، بخلاف المالك فإن هناك إذا أجاز العقد كان المشتري متملكا عليه، فكان له ولاية الفسخ وهنا للمُرْتَهِن حق دفع الضرر عن نفسه بالحبس إلى أن يصل إليه دينه وليست

(8)

له ولاية فسخ العقد إنَّما كان ذلك إلى القاضي إذا خوصم وعجز البائع عن التَّسليم فإنَّه يفسخ البيع لقطع المنازعة، فما لم يوجد ذلك كان البيع موقوفاً كذا في بيوع المَبْسُوط

(9)

.

(1)

وفي (ب)(نفذ) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

وفي (ب)(المُثمَّن) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

وفي (ب)(لم).

(4)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 146)، تبيين الحقائق (6/ 84)، تكملة البحر الرائق (8/ 299).

(5)

بداية المبتدي (235).

(6)

قال الامام المرغيناني: «وإن لم يجز المرتهن البيع وفسخه: انفسخ في رواية، حتى لو افتك الراهن الرهن لا سبيل للمشتري عليه، لأن الحق الثابت للمرتهن بمنزلة الملك فصار كالمالك، له أن يجيز، وله أن يفسخ. وفي أصح الروايتين: لا ينفسخ بفسخه، لأنه لو ثبت حق الفسخ له إنما يثبت ضرورة صيانة حقه، وحقه في الحبس لا يبطل بانعقاد هذا العقد فبقي موقوفا» ، الهداية شرح البداية (4/ 145).

(7)

قال الإمام القدوري: «وإذا باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن: فالبيع موقوف. فإن أجازه المرتهن: جاز البيع. وإن قضاه الراهن دينه: جاز البيع.» مختصر القدوري (138).

(8)

وفي (ب)(وليس).

(9)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (13/ 11).

ص: 23

(وَللقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ

(1)

أي: البيع، على ما ذكرنا من المَبْسُوط.

(2)

(إِلَى القَاضِي لَا إِلَيْهِ

(3)

أي: لا إلى المرتهن

(4)

(وَلَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ

(5)

إلى:

(6)

من غير إجازة المرتهن (ثُمَّ أَجَّرَ

(7)

(وَأَجَازَ المُرْتَهِنُ هَذِهِ العُقُودَ

(8)

وهي الإجارة

(9)

والرَّهن والهبة

(10)

(11)

(وَلَو أَعْتَقَ

(12)

الرَّاهِنُ عَبْدَ الرَّهْنِ

(13)

أي: عبدًا هو رهن

(14)

(نَفَذَ عِتْقُهُ

(15)

أي: إعتاقه

(16)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 145).

(2)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (13/ 11).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 145).

(4)

لِأنَّ هذَا الْفسْخَ لِقطْعِ الْمُنازَعَةِ، وهُوَ إلى الْقاضِي. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 50)، البناية شرح الهداية (13/ 18).

(5)

بداية المبتدي (235).

(6)

وفي (ب)(أي) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

بداية المبتدي (235).

(8)

بداية المبتدي (235).

(9)

الإجارة في اللغة: الأجر، والجزاء، والعمل، والجمع أجور، وهي مشتقة من قولهم: أجر، يأجر، والأجر: هو الثواب على العمل.

يُنْظَر: العين (6/ 173)، تهذيب اللغة (11/ 123)، المحكم والمحيط الأعظم (7/ 484)، لسان العرب (4/ 10). واصطلاحاً: عقد على المنافع بعوض. أو هي بيع منفعة معلومة بأجرٍ معلوم.

يُنْظَر: مختصر القدوري (152)، بداية المبتدي (186)، تبيين الحقائق (5/ 105)، دستور العلماء (1/ 31).

(10)

الهبة لغةً: مأخوذة من الوهب، يقال: وهب له مالاً، وهباً، وهبةً، والهبة: عبارة عن إيصال الشيء إلى الغير بما ينفعه، سواءٌ كان مالاً، أو غير مال.

يُنْظَر: جمهرة اللغة (1/ 383)، لسان العرب (1/ 803)، الكليات (960).

واصطلاحاً: التبرع بما ينتفع به الموهوب له. أو تمليك المال بلا عوض، حال حياة المملك.

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 373)، طلبة الطلبة (232)، أنيس الفقهاء (255).

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 18).

(12)

العتاق لغةً: زوال الرق، مأخوذ من العتق، والعتق يطلق على معاني؛ القوة، والحرية، والجمال، والكرم، وغيرها، والعتيق: هو من ينال جمال الحرية، وقيل: من العتق؛ وهو الكرم.

يُنْظَر: جمهرة اللغة (1/ 402)، المحيط في اللغة (1/ 154)، الصحاح؛ للجوهري (4/ 206)، تاج العروس (26/ 115).

واصطلاحاً: زوال الرق عن المملوك. أو إثبات القوة الشرعية للمملوك.

يُنْظَر: طلبة الطلبة (160)، الاختيار تعليل المختار (4/ 17)، الكليات (150)، دستور العلماء (1/ 97).

(13)

بداية المبتدي (235).

(14)

يقصد بذلك: أن الراهن إذا أعتق المرهون؛ الذي هو عبدٌ؛ نفذ عتقُهُ.

(15)

بداية المبتدي (235).

(16)

يُنْظَر: مختصر القدوري (138).

ص: 24

(وَفِي بَعضِ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله لَا يَنْفُذُ

(1)

(2)

ذكرا

(3)

قوله

(4)

بلفظ الجمع؛ لأنَّ له أقوالاً ثلاثة ههنا فأحد أقاويله كقولنا والقولان الآخران هما المذكوران في الكتاب

(5)

.

(6)

وفي المَبْسُوط: فعتق الرَّاهن (نافذ عندنا موسراً كان أو معسراً، وهو أحد أقاويل الشَّافعي رضي الله عنه وفي قول آخر يقول: لا ينفذ عتقه موسراً كان أو معسراً، وفي قول آخر [يقول:]

(7)

إن كان موسراً ينفذ عتقه ويضمن قيمته للمرتهن وإن كان معسراً لا ينفذ)

(8)

.

كما إذا أعتق الآبق، والجامع بين الآبق والمرهون: فوات يد المالك منهما وتعذر التَّسليم إلى المشتري، وإعتاق الوارث العبد الموصى برقبته لا يلغو.

وهذا جواب عمَّا تمسَّك به في بعض المواضع وادَّعى بأنه يلغو إعتاقه مع أنَّه ملكه؛ لأنَّ ذلك مصوَّر فيما إذا لم يخرج من الثلث. قلنا: ليس كذلك، بل هو مؤخر عند أبي حنيفة رحمه الله إلى أداء السِّعاية

(9)

.

وذكر في المَبْسُوط مكان هذا إعتاق المريض فقال: إعتاق المريض عندنا: لا يلغوا لقيام حق الغرماء، ولكنه يخرج إلى الحريَّة بالسِّعاية لا محالة، فهنا أيضاً ينبغي [أن]

(10)

لا يلغو، إلا أنَّ هناك هو بمنزلة المكاتب ما دام يسعى وههنا يكون حرًا وإن لزمته السِّعاية عند اعتبار الرَّهن

(11)

؛ لأنَّ العتق في المرض وصيَّة، والوصية تتأخر عن الدين إلا أن العتق لا يمكن رده فتجب عليه السِّعاية في قيمته لردِّ الوصيَّة

(12)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 146).

(2)

يُنْظَر: مغني المحتاج (2/ 130)، النجم الوهاج (4/ 312).

(3)

وفي (ب)(ذكر)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

وفي (ب)(أقواله).

(5)

يُنْظَر: مختصر القدوري (138).

(6)

مذهب الشافعية: أنه إذا أعتق الراهن المرهون، ففي تنفيذه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا ينفذ، فإنه يفوِّت الوثيقة من العين، كالبيع. والثاني: ينفذ، ويَغرَم، فإنه يسري إلى ملك الشريك، وحق المرتهن لا يزيد عليه. والثالث: وهو أظهرها: أنه إن كان موسرا نفذ وغَرِمَ، وإلا فلا، فإنه إذا لم يمكن تغريمه، يبقى العتق في حق المرتهن تفويتا محضا.

يُنْظَر: الأم (3/ 195 - 197)، التنبيه (100، 101)، الوسيط (3/ 496)، روضة الطالبين (4/ 75)، مغني المحتاج (2/ 130)، نهاية المحتاج (4/ 260).

(7)

سقط في (ب).

(8)

المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 135).

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 146)، العناية شرح الهداية (15/ 57).

(10)

سقط في (ب).

(11)

وفي (ب)(الراهن).

(12)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 137)، الهداية شرح البداية (4/ 146)، تبيين الحقائق (6/ 85).

ص: 25

فإن قلت: لو رشح الخصم ما قاسه على البيع، وقال: إنَّ امتناع نفوذ بيعه لمراعاة حق المرتهن فإنَّ حقه فيه، أمَّا البيع في الدين كما هو عندي، أو استيفاء الدين من المالية كما هو عندكم، وإبطال هذا الحق عليه بالإعتاق أظهر منه بالبيع، والبيع أسرع نفوذاً من العين

(1)

حتى ينفذ البيع من المكاتب، ولا ينفذ العتق، فإذا لم ينفذ بيع الراهن

(2)

لمراعاة حق المرتهن فكان

(3)

لا ينفذ عتقه أولى؛ ولأنَّ المرهون كالخارج عن ملك الرَّاهن بدليل أنَّه لو أتلفه ضمن قيمته كالأجنبي، حتَّى لو جنى عليه ضمن الأرش، ولو وطئها

(4)

وهي كمن

(5)

ضمن العقد، ولو كان زائلاً عن ملكه حقيقة لم ينفذ عتقه فيه فكذلك إذا صار كالزائل عن ملكه ما جوابنا عنه؟

قلت: أما جوابنا عن البيع فما هو المذكور في الكتاب

(6)

.

وإيضاحه: هو أنَّ البيع كما يستدعي الملك في المحل يستدعي القدرة على التَّسليم؛ ولهذا لا ينفذ في

(7)

الآبق، والجنين في البطن، والمؤاجر،

(8)

فكذلك لا ينفذ والمرهون

(9)

لعجز الرَّاهن عن تسليمه بخلاف العتق.

يوضحه: أنَّ نفوذ البيع يقتضي تمام الرضاء

(10)

؛ ولهذا لا ينفذ مع الهزل، وشرط الخيار، والكره، فكذلك عدم الرضاء

(11)

من صاحب الحق وهو المرتهن يمنع نفوذه، فأمَّا العتق لا يقتضي نفوذه تمام الرضاء،

(12)

حتَّى ينفذ مع الهزل وشرط الخيار، فإذا كان عدم الرضاء

(13)

من صاحب الملك لا يمنع نفوذ العتق فمن صاحب الحق أولى.

وأمَّا قوله: أن المرهون في حكم الزائل عن ملك الرَّاهن، قلنا: لا كذلك؛ لأنَّ عقد الرَّهن لا يزيل الملك في الحال ولا في ثاني الحال.

(1)

وفي (ب)(العتق)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

وفي (ب)(الرهن).

(3)

وفي (ب)(فلأن).

(4)

أجمع العلماء على أن الراهن ممنوع من وطء أمته المرهونة بغير إذن المرتهن؛ لأن في إحبالها، واستيلادها إبطالاً للرهن، وإخراجاً للرهن من يد المرتهن.

يُنْظَر: الإجماع؛ لابن المنذر (96)، المغني؛ لابن قدامة (4/ 239).

(5)

وفي (ب)(بكر) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

يعني كتاب الهداية. يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 146).

(7)

وفي (ب)(على).

(8)

وفي (ب)(المراجر).

(9)

وفي (ب)(في المرهون)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في مبسوط السرخسي (21/ 137).

(10)

وفي (ب)(الرضا)، وهي الصواب.

(11)

وفي (ب)(الرضا).

(12)

وفي (ب)(الرضا).

(13)

وفي (ب)(الرضا).

ص: 26

وأمَّا وجوب الضَّمان على الرَّاهِن لا باعتبار أنَّه كالخارج عن ملكه بل لإتلافه الماليَّة المشغولة بحق المُرْتَهِن كالمولى يتلف العبد المأذون المديون يكون ضامنًا قيمته للغرماء

(1)

لا باعتبار أن لحرف

(2)

الدَّين العبد يزيل ملك المولى ونفاذ البيع من المكاتب باعتبار أنَّه مندوب إليه إلى التجارة وعدم نفاذ العتق منه لعدم ملك الرقبة له فيه، فبناء نفوذ العتق

(3)

على ملك الرقبة إلى هذا أشار في المندوب

(4)

(5)

.

(وَإِنْ كَانَ مُعْسِراً سَعَى العَبْدُ فِي قِيْمَتِهِ وَقَضَى بِهِ الدَّيْنَ

(6)

.

وفي الذَّخيرة: وإن كان الرَّاهِنُ المعْتِقُ معسراً فللمُرْتَهِن أن يستسعي

(7)

[العبد وينتظر في ذلك إلى قيمة العبد يوم العتق، وإلى قيمته يوم الرهن، وإلى الدين، يستسعي]

(8)

في أقلها ثم يرجع العبد على الرَّاهن بما سعى إذا أيسر، ويرجع المرتهن عن

(9)

الرَّاهن ببقية دينه إن فضَّل الدَّين على السِّعاية

(10)

.

(إِلَّا إِذَا كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِ حَقِّهِ

(11)

أي: إلا إذا كان ما حصل من سعاية العبد، بخلاف جنس [حق]

(12)

المُرْتَهِن لا يقضي به الدَّين بل يُصَارف إلى جنس حقه ويقضي به دينه

(13)

.

(أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّينُ أَقَلَّ نَذْكُرُهُ إِنْشَاءَ

(14)

الله [تَعَالَى]

(15)

(16)

أي: في هذا الباب في مسألة استيلاد

(17)

الأمة المرهونة، وهو قوله: (بِخِلَافِ المُعْتَقِ حَيْثُ يَسعَى فِي الأَقَلِّ مِنَ الدَّيْنِ وَمِنَ القِيمَةِ، لأَنَّ كَسْبَهُ [حَقُّهُ]

(18)

(19)

إلى قوله: (وَحَقُّ المُرْتَهِنِ بِقَدْرِ الدَّينِ فَلا تَلزَمُهُ الزِّيَادَةُ

(20)

(21)

.

(1)

وفي (ب)(للغرما).

(2)

وفي (ب)(لحوق) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

وفي (ب)(المعتق).

(4)

وفي (ب)(المَبْسُوط) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 137).

(6)

بداية المبتدي (235).

(7)

الاسْتِسْعَاءُ: هو سعي الرقيق في فكاك ما بقي من رقه، إذا عتق بعضه، فيعمل، ويكسب، ويصرف ثمنه إلى مولاه؛ فسمي تصرف العبد في كسبه سعاية.

يُنْظَر: تهذيب اللغة (3/ 59)، المطلع (315)، لسان العرب (14/ 387)، الكليات (113).

(8)

سقط في (ب).

(9)

وفي (ب)(على) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 86)، البناية شرح الهداية (13/ 21)، حاشية ابن عابدين (6/ 510).

(11)

بداية المبتدي (235).

(12)

سقط في (ب).

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 57)، البناية شرح الهداية (13/ 21).

(14)

وفي (ب)(إن شاء) وهي الصواب، وهكذا جاءت في الهداية.

(15)

زيادة في (ب).

(16)

الهداية شرح البداية (4/ 146).

(17)

الاستيلاد: إحبال السيد أمته، أو طلب الولد من الأمة. يُنْظَر: تبيين الحقائق (3/ 100)، التعريفات؛ للجرجاني (38)، التعاريف (60)، دستور العلماء (1/ 78).

(18)

زيادة في (ب).

(19)

الهداية شرح البداية (4/ 147).

(20)

الهداية شرح البداية (4/ 147).

(21)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 22).

ص: 27

(بِخِلافِ المُسْتَسعَى فِي الإِعْتَاقِ؛ لأَنَّهُ يُؤَدِّي ضَمَاناً عَلَيهِ؛ لأَنَّهُ إِنَّما يَسعَى لِتَحصِيلِ العين

(1)

عِنْدَهُ

(2)

أي: عند أبي حنيفة رحمه الله وقيل: لأن العبد بما يسعى يتملك نصيب السَّاكت عوض ما أدَّى فلا يرجع به على أحد حتَّى لا يستحق عوضين بأداء

(3)

مال واحد.

(وَعِنْدَهُمَا

(4)

(5)

: الكل إن عتق على المعتق وصار ملكًا له، إلا أن الثابت للمعتق ملك لا إقرار

(6)

له، فإنَّه كما ملك يزول العبد عن ملكه، وبالإقرار

(7)

له يعتبر ثابتاً من وجه دون وجه: فيعتبر الملك ثابتاً للمعتق في حق نفاذ العتق، فأمَّا فيما عدا ذلك لا يعتبر ثابتاً للمولى بل يعتبر ثابتاً للسَّاكت، ومنتقلاً إلى العبد فيما وراء نفاذ العتق، فأمَّا ههنا ليس للمُرْتَهِن ملك إنَّما له مجرد حق، وماله من الحق لم يصر للعبد؛ لأنَّه ممَّا لا يقبل النقل من ملك إلى ملك بالضَّمان، وإذا لم يصر ماللمُرْتَهِن من الحق للعبد لم يجعل له عوض بإزاء ما أدَّى، فكان له الرجوع بما أدَّى عن الرَّاهن كالوارث إذا أدَّى دين الميِّت عن ماله كذا في مبسوط شيخ الإسلام

(8)

.

(فَوَجَبَت

(9)

السِّعَايَةُ

(10)

أي: [في]

(11)

إعتاق الرَّاهن، (فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ

(12)

وهو حالة الإعسار

(13)

(إِظْهَاراً لنُقْصَانِ رُتْبَتَهُ

(14)

أي: لنقصان رتبة حق المرتهن عن رتبة حق السَّاكت فإن للسَّاكت من الشريكين

(15)

حقيقة الملك في العبد فلذلك أثر في الحالين وللمرتهن حق الاحتباس فيه فأثر

(16)

في حالة واحدة لا غير

(17)

.

(1)

وفي (ب)(العِتْقِ) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 146).

(3)

وفي (ب)(بإزاء).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 146).

(5)

أي: وعند أبي يوسف، ومحمد -رحمهما الله-.

(6)

وفي (ب)(لا قرار).

(7)

وفي (ب)(وما لا اقرار).

(8)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (22/ 110، 111)، العناية شرح الهداية (15/ 57)، البناية شرح الهداية (13/ 22، 23).

(9)

وفي (ب)(وجبت).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 147).

(11)

سقط في (ب).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 147).

(13)

وفي (ب)(الاعتبار).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 147).

(15)

وفي (ب)(الشريك).

(16)

وفي (ب)(وأثر).

(17)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 23).

ص: 28

وذكر في مبسوط شيخ الإسلام: وفرَّق أبو حنيفة رحمه الله بين هذا وبين العبد من

(1)

شريكين إذا أعتق أحدهما، قال:

(2)

للسَّاكت أن يستسعي العبد موسراً كان أو معسراً. وقال: للمُرْتَهِن استسعاء العبد إذا كان الرَّاهن معسراً وليس [له]

(3)

أن يستسعي العبد إذا كان موسراً، وإنَّما فعل ذلك لما ذكرنا: أنَّ للمرتهن في العبد المرهون حقاً وليس [له]

(4)

ملك، ولو لم يكن له حق ولا ملك لم يكن له أن يستسعي العبد حال إعسار

(5)

المعتق ويساره، ولو كان له ملك كان له أن يستسعي العبد في الحالين على قول أبي حنيفة رحمه الله كما في العبد المشترك، وإذا كان له حق ولم يكن له ملك جعلنا له حق الاستسعاء [حال إعسار الرَّاهن ولم يجعل له حق الاستسعاء]

(6)

حال يسار الرَّاهن ليظهر نقصان رتبة الحق عن رتبة الملك، وهذا كما قلنا: أنَّ الرَّاهن إذا كان معسراً يسعى العبد ويرجع، والعبد المشترك إذا سعى للسَّاكت لا يرجع ليظهر مزية الملك عن

(7)

الحق ويظهر نقصان رتبة الحق عن الملك فكذلك هذا

(8)

.

(والمُرْتَهِنُ يَنْقَلِبُ حَقُّهُ مِلْكًا

(9)

بأن هلك الرَّهن في يده يكون المرتهن مالكاً له من حيث الماليَّة، وأمّا [في]

(10)

حق البائع فقط لا يصير ملكًا من جهة المشتري بحال. إلى هذا أشار شيخ الإسلام

(11)

.

(وَكَذَا عِنْدَهُ

(12)

(13)

أي: عند الشَّافعي-رحمه الله

(14)

.

(1)

وفي (ب)(بين).

(2)

وفي (ب)(فإن).

(3)

سقط في (ب).

(4)

سقط في (ب).

(5)

وفي (ب)(اعتبار).

(6)

سقط في (ب).

(7)

وفي (ب)(على).

(8)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (22/ 110).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 147).

(10)

سقط في (ب).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 58)، البناية شرح الهداية (13/ 23).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 147).

(13)

أي: عند الشافعي، وله في خروج أم الولد من الرهن بالاستيلاد ثلاثة أقوال:

أحدُها: وهو قول أكثر الشافعية، أنها تخرج من الرهن في اليسار، والإعسار. والثاني: أنها لا تخرج من الرهن في اليسار والإعسار. والثالثُ: أنها تخرج من الرهن في اليسار، ولا تخرج منه في الإعسار. وهو أصحها، واختاره النووي، وقال: «وأصحها - وهو الثالث -: طرد الأقوال، فإن نفذ بالاستيلاد؛ لزمه القيمة

وإلا فالرهن بحاله». يُنْظَر: روضة الطالبين (4/ 78).

وينظر: الأم؛ للشافعي (3/ 143)، مختصر المزني (94)، الحاوي الكبير (6/ 50)، الإقناع للشربيني (2/ 659).

(14)

يُنْظَر: الحاوي الكبير (6/ 106).

ص: 29

(وَإِذَا صَحَّا

(1)

أي: التدبير والاستيلاد

(2)

.

(خَرَجَا

(3)

أي: المدبر

(4)

وأم الولد

(5)

، ولا يرجعان بما يؤدِّيان على المولى

(6)

.

وكذا ذكر في الذَّخيرة، وقال: وإن كان مكان العتق تدبير، فالجواب فيه نظر

(7)

الجواب في العتاق إلا في خصلتين:

إحديهما: أن [في]

(8)

فصل

(9)

العتق إذا كان الرّاهن معسراً فالعبد يسعى في الأقلِّ من ثلاثة أشياء، وفي التدبير يسعى في جميع الدَّين بالغًا ما بلغ.

والثَّانية: أنَّ بالتدبير لا يرجع المُدْبِر على المولى بما سعى

(10)

؛ لأن بالتدبير لا يخرج من أن تكون سعايته مال المولى فيسعى في جميع الدين ولا يرجع ولا كذلك العتق

(11)

.

(وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَهْلَكَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ

(12)

أي: يضمن

(13)

، وهو معطوف على قوله: (فَإِنْ كَانَ مُوسِراً ضَمِنَ قِيمَتَهُمَا

(14)

(15)

.

(1)

بداية المبتدي (235).

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 25).

(3)

بداية المبتدي (235).

(4)

المدبر لغةً: مأخوذ من التدبير، والتدبير مشتق من الدبر، ودبر كل شيء آخره، يقال: دبر الأمة تدبيراً؛ إذا علق عتقها بموته، وأعتق فلان عن دبر؛ أي بعد الموت، والمدبر المعتق عن دبر.

يُنْظَر: الزاهر للأزهري (428)، مقاييس اللغة (2/ 324)، المحكم والمحيط الأعظم (9/ 310)، طلبة الطلبة (161).

واصطلاحاً: تعليق العتق بالموت.

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (19/ 95)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 280)، أنيس الفقهاء (169)، التعريفات؛ للجرجاني (76).

(5)

أُم الوَلَدِ: هيَ كل مملوكة ثبَتَ نسَبُ ولَدِهَا منْ مالِكِ كُلِّها أوْ بعْضِهَا.

ينظر: تحفة الفقهاء (2/ 273)، فتح القدير (5/ 30)، درر الحكام (5/ 74)، دستور العلماء (1/ 131).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 60).

(7)

وفي (ب)(نظير)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(8)

سقط في (ب).

(9)

وفي (ب)(فضل).

(10)

وفي (ب)(يسعى).

(11)

يُنْظَر: فتاوى قاضي خان (3/ 603)، الجوهرة النيرة (1/ 285)، الفتاوى الهندية (5/ 460).

(12)

بداية المبتدي (235).

(13)

يُنْظَر: مختصر القدوري (138).

(14)

بداية المبتدي (235).

(15)

قال بدر الدين العيني في البناية (13/ 25، 26): «وهو عطف على قوله: فإن كان الدين حالا طولب بأداء الدين، وإن كان مؤجلا

إلى آخره، كذا قاله الأترازي. وقال الأكمل: قوله: وكذلك لو استهلك

معطوف على قوله: فإن كان موسرا ضمن قيمتها، وكذلك قاله الكاكي.». وينظر: العناية شرح الهداية (15/ 62)، البناية شرح الهداية (13/ 25، 26)، نتائج الأفكار (10/ 200، 201).

ص: 30

(والوَاجِبُ عَلَى هَذَا المُسْتَهلِكِ

(1)

قِيمَتُهُ يَومَ هَلَكَ

(2)

(3)

، قيد بقوله: (هَذَا المُستَهلِكِ

(4)

احترازاً عن استهلاك المرتهن؛ فإن عليه قيمته يوم قبض على ما يحق

(5)

في الكتاب.

وكذلك في الهلاك تعتبر قيمته يوم قبض لا يوم هلك

(6)

.

(وَهُوَ عَلَى صِفَةِ القِيمَةِ

(7)

أي: في الجنسية والجودة

(8)

.

(وِإِنْ نَقَصَتْ عَن الدَّيْنِ

(9)

أي: إن نقصت قيمة الرَّهْنِ قبل الاستهلاك، (بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ

(10)

(فَهُوَ مَضْمُونٌ [بِالقَبْضِ السَّابِقِ لَا بِتَرَاجُعِ السِّعرِ

(11)

. هذا جواب إشكال

(12)

وهو أن يقال: لو سقط الدين بقدر ما انتقص كان الرهن مضمونا]

(13)

عن

(14)

المرتهن بتراجع السِّعر، وليس لتراجع السِّعر تأثير في إسقاط شيء من الدَّين، كما إذا ردَّه إلى الرَّاهن بعد انتقاص قيمته بتراجع

(15)

السِّعر، ألا ترى أنَّه ذكر في باب الجناية عن

(16)

الرَّهن من رهن المَبْسُوط وقال: وعندنا بنقصان سعر الرَّهن لا يسقط شيء من الدَّيْنِ إلى أن قال: وهو نظير المَبِيع

(17)

في يد البائع إذا انتقص سعره لا يتخير المشتري

(18)

.

(1)

يعني: الأجنبي. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 62).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 148).

(3)

يوم هلك: أي يوم الاستهلاك. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 26).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 148).

(5)

وفي (ب)(يجيء) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 62)، البناية شرح الهداية (13/ 26).

(7)

بداية المبتدي (235).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 26).

(9)

بداية المبتدي (235).

(10)

بداية المبتدي (235).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 148).

(12)

وقد استشكل على الزَّيْلَعِي: أن يكون نقصان القيمة (بتراجع السعر إلى خمسمائة) إذا لم يكن مضموناً ولا معتبراً على المرتهن، إذ كيف يكون ما انتقص بتراجع السعر؛ كالرهن الهالك من جهة سقوط قدره من الدين، مع أنه لم يكن النقصان في القيمة إلا بسبب تراجع السعر، فيلزم من ذلك ألّا يسقط شيء من الدين في مقابلة هذا النقصان الذي سببه التراجع.

وقد أجيب عن هذا الإشكال: بأنَّ ما ذكره صاحب الهداية مزيلاً لهذا الإشكال؛ لأن ما انتقص من قيمة الرهن مضمون بالقبض السابق، لا بتراجع السعر.

يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي، مع حاشية الشلبي (6/ 87)، العناية شرح الهداية (15/ 62)، البناية شرح الهداية (13/ 27)، نتائج الأفكار (10/ 202)، مجمع الأنهر (4/ 296).

(13)

زيادة في (ب).

(14)

وفي (ب)(على).

(15)

وفي (ب)(يتراجع).

(16)

وفي (ب)(على) وهي الصواب لموافقتها ما في المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 185).

(17)

وفي (ب)(البيع).

(18)

يُنْظَر المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 186).

ص: 31

وكذلك ذكر في باب رهن الحيوان منه وقال: ونقصان السعر وزيادته لا يغير حكم الرَّهْن، والاعتبار لقيمته يوم رهن؛ لأنَّ تغير السعر لا يؤثر في العين، إنَّما هو فتور في رغائب

(1)

الناس فيه على ما يجيء في الكتاب [مشروحا]

(2)

(3)

.

(وَإِذَا أَعَارَ المُرْتَهِنُ الرَّهْنَ للرَّاهِنِ

(4)

وفي استعمال لفظ الإعارة ههنا تسامح؛ لأنَّ الإعارة: تمليك المنافع بغير عوض

(5)

.

فتمليك المنافع إنما يتحقق ممَّن يملكها بنفسه

(6)

، ولم يكن المرتهن مالكًا لمنافع الرَّهن

(7)

فكيف يملك تمليكها؟!

ولكنْ لمَّا عُومِل ههنا معاملة الإعارة من عدم الضَّمان وتَمَكُّنِ استرداد المعير، أطلق اسم الإعارة (لِمُنَافَاةٍ بَيْنَ يَدِ العَارِيَّةِ وَيَدِ الرَّهْنِ

(8)

؛ لأنَّ الضَّمان لو كان باقياً إنَّما يكون باعتبار بقاء يد

(9)

المرْتَهِنِ، وبقاء يد المرْتَهِنِ إنَّما يتحقق:

أن لو كانت يدُ الرَّاهِنِ يدَ المرْتَهِنِ، وهذا غير ممكن؛ لأنَّ قبض المرْتَهِنِ قبض مضمون، وقبضه

(10)

الرَّاهن غير مضمون، فبين كونه مضمونًا وغير مضمون منافاة؛ فلا ينوب غير المضمون عن المضمون

(11)

.

فإن قلت: سلمنا أنَّ بين اليدين منافاة فَلِمَ رجَّح جانب العارية على جانب الرَّهن حتى خرج من الضَّمان، والقياس يقتضي انعكاسه وهو أن يرجح جانب الرَّاهن

(12)

لوجهين:

أحدهما: أنَّ الرهن عقد لازم والعارية لا

(13)

.

والثاني: أنَّ القبض المضمون أقوى من غير المضمون

(14)

.

قلت: ما رجَّحْنا جانب العَارِيَة على جانب الرَّهْن، بل رجحنا جانب الرهن لذينك الوجهين، ولكنَّا أزلنا الضَّمان عنه، وإنَّما فعلنا هكذا؛ لأن فيه عملاً بالدليلين، وفي الذي قلته يُترك أحدهما؛ وذلك لأنَّ في العمل بالعاريَّة بهذا الوجه الذي قلنا: يبقى عقد الرَّهن كما كان مع كونه غير مضمون، حتَّى كان للمرتهن أن يسترده إلى يده وأثبتنا حكم العاريَّة لئلا يلغو ما باشراه، فإنهما باشرا الإعارة.

(1)

وفي (ب)(رغبات).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

يُنْظَر المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 105).

(4)

بداية المبتدي (235).

(5)

يُنْظَر: التعريفات؛ للجرجاني (47)، التعاريف (73)، الكليات (652)، دستور العلماء (1/ 97).

(6)

وفي (ب)(من نفسه).

(7)

وفي (ب)(المرتهَن).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 148).

(9)

وفي (ب)(عائد).

(10)

وفي (ب)(وقبض)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 64)، البناية شرح الهداية (13/ 27).

(12)

وفي (ب)(الرهن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

يُنْظَر: تبيين الحقائق، مع حاشية الشلبي (5/ 85)، العناية شرح الهداية (15/ 63)، درر الحكام (2/ 268).

(14)

يُنْظَر: درر الحكام (2/ 71).

ص: 32

(وَالضَّمَانُ لَيسَ مِن لَوَازِمِ الرَّهنِ

(1)

لوجود الرَّهن بدون الضَّمان [كما (فِي وَلَدِ الرَّهنِ

(2)

(3)

(4)

على ما ذكر في الكتاب أنَّه رهن وليس بمضمون، فعلم بهذا أنَّ الضَّمان فيه

أمر زائد فأزلنا الزَّائد ههنا أيضاً ليمكننا العمل بهذين الوجهين

(5)

.

(وَهَذَا بِخِلَافِ الإِجَارَةِ وَالبَيعِ وَالهِبَةِ مِن أَجْنَبيٍّ) قيد بقوله: (مِن أَجْنَبِيٍّ

(6)

؛ لأنَّه لو أعار المرْتَهِن الرهن من الرَّاهن، [أو]

(7)

آجره منه، أو أودعه عنده، كان للمرتهن أن يسترده، والإجارة باطلة

(8)

. كذا في فتاوى قاضي خان وغيره

(9)

.

(لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالرَّهنِ

(10)

أي: المرهون (حَقٌ لَازِمٌ) (أَمَّا بِالعَارِيَّةِ لَم يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ

(11)

فلذلك لم يبطل بحق

(12)

العارية سواء كانت العارية من الرَّاهن أو من غيره؛ فحكم الوديعة كحكم العارية، وحكم الرّهن كحكم الإجارة

(13)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 148).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 148).

(3)

أي: في ولد المرهونة، فإن حكم الرهن ثابت فيه. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 28).

(4)

سقط في (ب).

(5)

قوله: «والضمان ليس من لوازم الرهن

». قال بدر الدين العيني: هذا جواب عما يقال: كيف أمكن القول ببقاء الرهن، وأنه لم يبق مضمونا؟ البناية شرح الهداية (13/ 28). وينظر: الهداية شرح البداية (4/ 148).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 148).

(7)

سقط في (ب).

(8)

الباطل لغةً: ضد الصحيح، وهو من باب بطل الشيء إذا ذهب، وضاع.

يُنْظَر: العين (7/ 430)، مقاييس اللغة (1/ 258)، المحكم والمحيط الأعظم (9/ 177)، التعاريف (111).

وفي الاصطلاح: يفرق الحنفية بين الفاسد والباطل في أبواب المعاملات، فالفاسد عندهم: ما شُرع بأصله دون وصفه؛ كالربا، والباطل: ما لم يشرع بأصله، ولا وصفه؛ كبيع الملاقيح؛ وهو ما في بطون الأمهات.

والباطل والفاسد مترادفان عند جمهور الأصوليين، فالفاسد والباطل عندهم: عبارة عن عدم ترتب الأثر على التصرف؛ فالمنهي عنه فاسد، وباطل، سواء كان النهي لعينه، أو لوصفه. يُنْظَر: المستصفى (76)، رفع الحاجب (2/ 19)، شرح مختصر الروضة (1/ 445)، تحقيق المراد (72)، البحر المحيط في أصول الفقه (1/ 257)، القواعد والفوائد الأصولية؛ لابن اللحام (110)، التقرير والتحرير في علم الأصول (2/ 207)، شرح الكوكب المنير (1/ 473، 474).

(9)

يُنْظَر: فتاوى قاضي خان (3/ 602)، العناية شرح الهداية (15/ 63)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (7/ 204)

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 148).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 148).

(12)

وفي (ب)(بعقد).

(13)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 29)، نتائج الأفكار (10/ 203).

ص: 33

وفي الذخيرة: والحاصل أن بيد العارية ينعدم ضمان الرهن، ولا يرتفع عقد الرهن، سواء كان المستعير راهنًا أو أجنبيًّا أو مرتهنًا، وبيد الإجارة والرهن يبطل عقد الرَّهن، وبيد الوديعة لا يبطل عقد الرَّهن، حتَّى لو أودع المرْتَهِنِ الرَّهن من رجل بإذن الرَّاهن، أو أودعه الراهن بإذن المرتهن، كان للمرتهن أن يعيده إلى يده، ولو آجر المرتهن الرهن من الراهن فالإجارة باطلة، وهو بمنزلة ما لو أعار منه، أو أودع منه فله أن يسترده

(1)

.

وفي الإيضاح: ولو آجر الرهن الراهن من المرْتَهِنِ خرج من الرَّهن ولم يعد إلى الرهن أبدًا؛ لأنَّ الإجارة عقد لازم، فإذا لزم العقد انتفى الرّهن فهلك قبل أن يأخذ في العمل هلك على ضمان الرَّهن

(2)

.

(وَكَذَا إِذَا هَلَكَ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ العَمَلِ

(3)

بخلاف ما إذا (هَلَكَ حَالَةِ العَمَلِ

(4)

حيث يهلك (بِغَيرِ ضَمَانٍ

(5)

، ثم لو اختلفا في وقت الهلاك فادَّعى المرْتَهِنُ أنّه هلك حالة العمل وادَّعى الرَّاهن أنَّه هلك في غير حالة العمل كان القول قول المرْتَهِنِ والبينة بيِّنة الرَّاهن. كذا في فتاوى قاضي خان

(6)

.

(فَيُعْتَبَرُ بِالتَّبَرُّعِ بِإِثْبَاتِ مِلْكِ العَينِ وَاليَدِ وَهُوَ قَضَاءُ الدَّيْنِ

(7)

، فإنَّه لو استأذن أن يقضي دينًا عليه بماله

(8)

كان صحيحًا كذا في الإيضاح

(9)

.

(وَيَجُوزُ أَنْ يَنْفَصِلَ مِلْكُ اليَدِ عَنْ مِلْكِ العَينِ ثُبُوتاً

(10)

للمُرْتَهِنِ

(11)

أي: ثبت للمرتهن ملك اليد ولم يثبت ملك العين.

(كَمَا يَنْفَصِلُ زَوَالاً فِي حَقِّ البَائِعِ

(12)

أي: يزول عنه ملك اليد من غير أن يزول عنه ملك العين، كما إذا باع بشرط الخيار للبائع، وسلم إلى المشتري تزول يده لا ملكه

(13)

.

(1)

يُنْظَر: فتاوى قاضي خان (3/ 602)، الفتاوى الهندية (5/ 466).

(2)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة (1/ 291)، تبيين الحقائق (6/ 88).

(3)

بداية المبتدي (235، 236).

(4)

بداية المبتدي (236).

(5)

بداية المبتدي (236).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 88)، العناية شرح الهداية (15/ 67)، البناية شرح الهداية (13/ 29) درر الحكام (7/ 206).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(8)

وفي (ب)(بما لو).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 70).

(10)

وفي (ب)(بيوتا).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 70)، البناية شرح الهداية (13/ 29).

ص: 34

(وَالإِطلَاقُ

(1)

وَاجِبُ الِاعْتِبَارِ

(2)

(3)

يعني: إذا أطلق الإعارة في الرَّهن ولم يسمِّها برهنه،

(4)

بعشرة أو تسعة، بدراهم أو بدنانير، وبرهنه من زيد أو عمر،

(5)

وكان للمستعير أن يعمل بموجب الإطلاق، حتَّى جاز [له]

(6)

أن يرهنه بالقليل والكثير، وبأي جنس شاء؛ لأنَّ اللفظ مطلق فلا تخصيص إلا بدليل. إلى هذا أشار في الإيضاح

(7)

.

(وَهُوَ يَنْفِي الزِّيَادَةَ

(8)

أي: تعيين المُعِير بأن يرهن المستعير بقدر من المال ينفي الزيادة (وينفي

(9)

النقصان أيضاً

(10)

.

أمَّا نفي الزيادة: (لأَنَّ غَرَضَهُ الِاحْتِبَاسُ بِمَا يَتَيَسَّرُ أَدَاؤُهُ) يعني: لو أَذِن المعير للمستعير بأن يرهن بالأقلِّ، كان مقصود المعير أن لو وقع احتياجه إلى افتكاك الرهن أن يحصل الافتكاك بأقلِّ المالين، ولو جاز الرهن بالأكثر لوجب عليه الافتكاك بأكثر المالين وفيه ضرر على المعير.

وأمَّا نفي النقصان: (لأَنَّ غَرَضَهُ أَن يَصِيرَ مُستَوفِياً لِلأَكْثَرِ بِمُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الهَلَاكِ

(11)

أي: لأنَّ غرض المعير أن يصير المعير مستوفياً لأكثر المالين الذي سمَّاه المعير دون ما رهنه المستعير بأقلِّ المالين لا أن يكون المراد منه أن يصير المعير مستوفياً أكثر من قيمة الثوب الذي أعاره للرهن

(12)

.

(13)

(1)

المطلق: هو التناول لواحد لا بعينه باعتباره حقيقة شاملة لجنسه، وهي النكرة في سياق الأمر.

يُنْظَر: تقويم النظر (1/ 92)، روضة الناظر (259).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(3)

قال بدر الدين العيني: هذا جواب عما يقال: كيف يجوز في الإعارة أن يرهن المستعير بالقليل والكثير وبأي جنس شاء؟

والجواب: أن إطلاق الإذن يجب اعتباره إلا بدليل يخصه، خصوصا في الإعارة؛ لأن الجهالة فيها لاتفضي إلى المنازعة، لأن مبناها على المسامحة. البناية شرح الهداية (13/ 30).

(4)

وفي (ب)(ولم يسمّ ما يرهنه به).

(5)

وفي (ب)(عمرو).

(6)

سقط في (ب).

(7)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 136).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(9)

وفي (ب)(ويبقي).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(12)

وفي (ب)(للراهن) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 68)، البناية شرح الهداية (13/ 30).

ص: 35

وبيان هذا فيما فصَّله في الذَّخيرة فقال: ولو سمَّى له شيئاً فرهنه بأقلِّ من ذلك أو أكثر فالمسألة على ثلاثة أوجه:

الأوَّل: إذا كانت قيمة الثَّوب مثل الدَّين المسمَّى، بأن كانت قيمة الثَّوب المستعار

(1)

عشرة والدَّين عشرة، وفي هذا الوجه إذا رهن بأقلِّ من العشرة أو بأكثر من العشرة يصير ضامناً للثَّوب.

والثاني: أن تكون قيمة الثوب أكثر من الدَّين المسمَّى، بأن كانت قيمة الثَّوب اثني

(2)

عشر، والدَّين المسمَّى عشرة، وفي هذا الوجه إذا رهن بأكثر من الدَّين المسمَّى أو بأقل يضمن قيمة الثَّوب.

والثالث: أن تكون قيمة الثَّوب أقلَّ من الدَّين المسمَّى، بأن تكون قيمة الثوب تسعة، والدين عشرة، وفي هذا الوجه إن زاد

(3)

على المسمَّى يضمن قيمة الثّوب، وإن نقص إن كان النقصان إلى تمام القيمة بأن رهن بتسعة لا يضمن شيئاً، وإن كان النقصان أقل من ذلك بأن رهن بثمانية يضمن قيمة الثوب

(4)

.

وبهذا يعلم: أن المعير لا يكون له تضمين المستعير بأكثر من قيمة الثوب المستعار للرهن في صورة من الصور، وكذا لا يكون له أيضاً تضمين المستعير لجميع

(5)

قيمة الثوب إذا كانت قيمة الثوب أكثر من الدين بل له تضمين مقدار الدين وما زاد عليه يهلك أمانة، [كما]

(6)

إذا وافق المستعير المعير فيما شرطه من مقدار الدين، كما لو كان الثوب ثوب الراهن، كان ما زاد على الدين يهلك أمانة.

والدَّليل على هذا أيضاً، ما ذكره في الذَّخيرة: أن رجلا أعار رجلاً شيئًا ليرهنه، وله حمل ومؤنة فرهنه يجب ردُّه على المعير؛ لأنَّ للمعير فيه منفعة؛ لأنَّه لو هلك ضمن المستعير فصار كالإجارة، قالوا: وفي

(7)

هذا نظر؛ لأنَّ ردَّ العارية على المستعير وهذا من جملة العواري وما ذكر من الضَّمان فليس بمنفعة للمعير؛ لأنَّه إنَّما استحق على المعير

(8)

قدر الدين دون الرَّهن وضمان الدِّرهم بمقابلة عين قيمته مائة درهم لا يعدُّ منفعة

(9)

.

بخلاف الإجارة؛ لأن منفعته تعود إلى الآجر حيث يأخذ العين بإزاء المنفعة، والعين خير من المنفعة، وكذا هذه المنفعة تحصل له على اعتبار سلامة العين فجاز أن تعتبر

(10)

في إيجاب مؤنة الردِّ عليه أخذاً من قوله: «له غنمه

(11)

وعليه غرمه

(12)

(13)

، (وَإِذَا خَالَفَ

(14)

كَانَ ضَامِناً

(15)

أي: كان ضامناً لقيمة الثَّوب؛ لأنَّه تصرف بغير إذنه فصار غاصباً وللمعير أن يأخذه من يد المرْتَهِنِ؛ لأنَّ الرَّهن لم يصح كذا في الإيضاح

(16)

.

(1)

كذا في (أ) وهي مثبتة بهامش (ب).

(2)

وفي (ب)(اثنا).

(3)

وفي (ب)(أراد).

(4)

يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (6/ 514)، تكملة رد المحتار (1/ 76).

(5)

وفي (ب)(بجميع).

(6)

سقط في (ب).

(7)

وفي (ب)(وقال في).

(8)

وفي (ب)(المستعير).

(9)

يُنْظَر: فتاوى قاضي خان (3/ 605، 606)، البحر الرائق (7/ 283).

(10)

وفي (ب)(يعير).

(11)

معنى قوله: «غنمه» : أي: نماؤه، وفاضل كسبه، وغلته، وزيادته، من الولد، والثمرة، وغيرها من النتاج.

وقيل معناه: الزيادة للراهن إذا بيع الرهن بأكثر من الدين. يُنْظَر: المَبْسُوط، للسرخسي (21/ 65)، بدائع الصنائع (6/ 145)، الاختيار تعليل المختار (2/ 68)، تبيين الحقائق (6/ 64)، العناية شرح الهداية (14/ 458)، الجوهرة النيرة (1/ 287)، مجمع الأنهر (4/ 271)، الاستذكار؛ لابن عبدالبر (7/ 135)، التمهيد؛ لابن عبد البر (6/ 439)، الذخيرة؛ للقرافي (8/ 76)، شرح الزرقاني (4/ 10)، الأم؛ للشافعي (3/ 186)، مختصر المزني (101)، الحاوي الكبير؛ للماوردي (6/ 204)، نهاية الزين (245)، المغني؛ لابن قدامة (4/ 251)، الكافي في فقه أحمد بن حنبل (2/ 146)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (4/ 406)، شرح الزركشي (2/ 118)، كشاف القناع (3/ 339).

(12)

معنى قوله: «غرمه» ؛ الغُرْمُ لغة: أداء شيء لازم، يقال: غرم الشيء إذا أدى ما يفكه.

وقد اختلف الفقهاء في معناه الفقهي: فذهب الحنفية إلى أن معناه: عليه نفقته، ومؤنته، ونقصانه إذا بيع بأقل من الدين. وذهب المالكية إلى أن معناه: عليه نفقته، ومؤنته. وذهب الشافعية، والحنابلة إلى أنه معنا: عليه عطبه، وهلاكه، ونقصانه، ومؤنته راجع: المصادر السابقة.

(13)

رواه ابن حبان في صحيحه (13/ 258)، في (كتاب الرهن)، برقم (5934). ورواه الدراقطني (3/ 32)، في (كتاب البيوع)، برقم (126)، قال حدثنا أبو محمد بن صاعد نا عبدالله بن عمران العابدي نا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه» ثم قال: وهذا إسناد حسن متصل.

(14)

أي: المستعير.

(15)

بداية المبتدي (236).

(16)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 136)، البناية شرح الهداية (13/ 30).

ص: 36

(وَوَجَبَ مِثْلُهُ لِرَبِّ الثَّوبِ عَلَى الرَّاهِنِ

(1)

أي: مثل ما تم الاستيفاء بالهلاك وهو مقدار الدين، لا أن يكون معناه: مثل قيمة الثوب لو كان قيمة الثوب أكثر، لما أن ما زاد على قدر الدين عند الهلاك يهلك أمانة إذا وافق المستعير لما شرطه المعير، والكلام فيه؛ لأنه ذكر في الإيضاح: فإن هلك في يد المرْتَهِنِ، وقد رهن

(2)

على الوجه الذي أذن فيه ضمن الرَّاهن للمعير قدر ما سقط عنه بهلاك الرهن من الدين؛ لأنَّ الضَّمان وجب باعتبار الاستيفاء، والمعير بمنزلة رجل أذن لآخر بأن يقضي دينه من وديعة عنده فيما قضى صار مضمونًا عليه، وما لم يقض فهو أمانة في يده

(3)

.

[فإن (أَرَادَ المُعِيرُ أَنْ يَفتَكَّهُ جَبْراً

(4)

عَن الرَّاهِنِ

(5)

أي: نيابة عن الرّاهن]

(6)

(عَلَى مَا بَيَّناه

(7)

وهو قوله: (لأَنَّهُ صَارَ قَاضِياً دَينَهُ بِمَالِهِ

(8)

(9)

.

وقوله: (لِمَا بَيَّنَا

(10)

راجع إلى هذا أيضاً، ولهذا يرجع على الراهن بما أدى، وههنا قيد ملازم

(11)

ذكره فإن قوله: (يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ

(12)

بما أدى غير مجري على إطلاقه، بل معناه يرجع على الراهن بما أدى إذا كان ما أداه بقدر الدين لا ما أكثر منه من قيمة الثَّوب

(13)

؛ لأنَّه ذكر في الإيضاح، وفتاوى قاضي خان: فإن عجز الرَّاهن عن الافتكاك فافتكه المالك يرجع بقدر ما يهلك الدَّيْن به [ولا يرجع بأكثر من ذلك. بيانه إذا كانت قيمة الرهن ألفاً فرهنه بألفين فافتكه المالك بألفين رجع بقدر مايهلك الدَّين به]،

(14)

وهو الألف ولا يرجع بأكثر من ألف؛ لأنه لو هلك الرهن لم يضمن الرَّاهن للمعير أكثر من ذلك فكذلك

(15)

إذا افتكه كان متبرعًا بالتدبير

(16)

(17)

.

(1)

بداية المبتدي (236).

(2)

وفي (ب)(هلك).

(3)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 137)، تبيين الحقائق (6/ 86)، العناية شرح الهداية (15/ 71)، البناية شرح الهداية (13/ 31).

(4)

جبراً: أي نيابة، ولعله من الجبران، يعني: جبرانا لما فات عن الراهن من القضاء بنفسه، لا من الجبر الذي معناه القهر. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 71)، البناية شرح الهداية (13/ 32)، نتائج الأفكار (10/ 204، 205). وفي المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 159): ولو كانت قيمته مثل الدين وأراد المعير أن يفتكه حين أعسر الراهن.

(5)

بداية المبتدي (236).

(6)

سقط في (ب).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(9)

قال بدر الدين العيني: أي: لأن المستعير صار قاضيا لدينه بمال الغير بهذا القدر. البناية شرح الهداية (13/ 31).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(11)

وفي (ب)(لازم) وهي الصواب، وجاءت هكذا في نتائج الأفكار.

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 71)، نتائج الأفكار (10/ 205، 206).

(14)

زيادة في (ب).

(15)

وفي (ب)(فلذلك).

(16)

وفي (ب)(بالزيادة) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وجاءت هكذا في نتائج الأفكار.

(17)

يُنْظَر: فتاوى قاضي خان (3/ 604، 605)، بدائع الصنائع (6/ 137)، نتائج الأفكار (10/ 206).

ص: 37

فإن قيل: هو لا يتوصل إلى تخليص ملكه إلا بإيفاء جميع الدين فلم يكن متبرعًا.

قلنا: الضمان إنَّما وجب على المستعير باعتبار إيفاء الدَّين من ملكه فكان الرجوع إليه بقدر ما يتحقق الإيفاء

(1)

.

(وَلَو اخْتَلَفَا

(2)

أي: المُعِير والمستعير: بأن يقول المعير: هلك [في]

(3)

وقت الحبس ويقول المستعير وهو الراهن: [هلك]

(4)

قبل الرهن أو بعد الافتكاك من الرهن (فَالقَولُ للرَّاهِنِ

(5)

وهو المستعير، والبينة بينة المعير: وهو ربُّ الثَّوب، وإن كانت

(6)

هكذا؛ لأنَّه إذا قال: هلك قبل [أن]

(7)

أرهنه فلإنكاره السَّبب الموجب للضَّمان وحاجة رب الثوب إلى إثبات ذلك بالبينة، وأمَّا إذا

(8)

قال: هلك بعدما افتكتكه

(9)

؛ فلأنَّ رب الثوب

(10)

يدَّعي عليه إيفاء الدَّين بماليته وهو منكر لذلك، والقول قول المنكر مع يمينه

(11)

وعلى المدَّعي

(12)

البينة

(13)

.

فإن قيل: ههنا الراهن قد أقرَّ بسبب وجوب الضَّمان وهو رهنه الثوب بدينه ثم ادَّعى ما ينسخه

(14)

وهو الفكاك فلا يقبل قوله في ذلك إلا بحجة كالغاصب يدعي رد المغصوب.

(1)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 307)، نتائج الأفكار (10/ 206)، حاشية ابن عابدين (6/ 515)، تكملة رد المحتار (77).

(2)

بداية المبتدي (236).

(3)

سقط في (ب).

(4)

سقط في (ب).

(5)

بداية المبتدي (236).

(6)

وفي (ب)(وإنما كان) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

سقط في (ب).

(8)

وفي (ب)(إذا كان).

(9)

وفي (ب)(افتكه) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

وفي (ب)(الدين).

(11)

اليمين لغةً: القوة؛ وسمي الحلف يميناً؛ لأن المتحالفين يتصافحون بالأيمان تأكيداً لما عقدوا، فسمي القسم يميناً؛ لاستعمال اليمين فيه، وتعريف اليمين في الاصطلاح: تقوية أحد طرفي الخبر بذكر الله تعالى.

يُنْظَر: تهذيب اللغة (15/ 375)، المحيط في اللغة (10/ 413)، طلبة الطلبة (167)، التعريفات؛ للجرجاني (334)، درر الحكام (5/ 163)، أنيس الفقهاء (171)، التعاريف (751)، الكليات (985).

(12)

المدعي: من لا يجبر على الخصومة إذا تركها.

يُنْظَر: بداية المبتدي (164)، التعريفات؛ للجرجاني (265)، البحر الرائق (7/ 193)، التعاريف (646).

(13)

البَيِّنَةُ: هي الحُجَّة الظاهرة الواضحة. يُنْظَر: طلبة الطلبة (278)، أنيس الفقهاء (237)، التعاريف (149)، تاج العروس (34/ 310).

(14)

وفي (ب)(يفسخه).

ص: 38

قلنا: لا كذلك فالرهن بإذن صاحب الثوب ليس بسبب موجب للضمان على أحد، وإنَّما الموجب للضَّمان عليه لربِّ الثَّوب فراغ ذمته عن الدين بسبب مالية الرهن، ولما

(1)

لم يثبت الفراغ لم يثبت الضمان

(2)

.

ألا ترى أنَّه بذلك القرب

(3)

يستوجب الرجوع عليه وبالرهن لا يحصل شيء من ذلك، فكان دعواه الهلاك بعد الفكاك، ودعواه الهلاك قبل الرَّهن في [هذا]

(4)

المعنى سواء (وَهُوَ المُوجِبُ عَلَى مَا بَيَّنَّاه

(5)

وهو قوله: (لأَنَّهُ صَارَ قَاضِياً دَيْنَهُ بِمَالِهِ بِهَذَا القَدْرِ وَهُوَ المُوجِبُ لِلرُّجُوعِ دُونَ القَبْضِ

(6)

.

(وَلَوِ اخْتَلَفَ

(7)

فِي ذَلِكَ

(8)

إلى قوله: (كَمَا لَو اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ مَا أَمَرَهُ

(9)

هكذا وقع في النسخ ولكن الصواب، ولو اختلفا في مقدار ما أمره: بأن يوضع ولو مكان كما؛ لأنَّ في لفظِ كما يختلف الغرض، إذ في الأول القول للراهن وهو المستعير، وفي الثاني قول المعير فكيف يصح التشبيه به

(10)

.

(فِي إِنْكَارِ أَصْلِهِ

(11)

أي: العارية، بتأويل عقد العارية

(12)

(يَضْمَنُ

(13)

أي: [يضمن]

(14)

المرْتَهِنُ للراهن (لِمَا بَيَّنَّا [أَنَّهُ]

(15)

(16)

أي: أنَّ الموعود (كَالمَوجُودِ

(17)

، وقوله: (لِمَا بَيَّنَّا

(18)

إشارة إلى ما ذكر في أوائل باب ما يجوز ارتهانه وبقوله

(19)

: (لأَنَّ المَوْعُودَ جُعِلَ كَالمَوجُودِ بِاعْتِبَارِ الحَاجَةِ

(20)

(21)

.

(1)

وفي (ب)(وإنما).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 71، 72)، البناية شرح الهداية (13/ 33).

(3)

وفي (ب)(القدر).

(4)

سقط في (ب).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 149).

(7)

وفي (ب)(اختلفا) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في بداية المبتدي.

(8)

بداية المبتدي (236).

(9)

بداية المبتدي (236).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 72)، البناية شرح الهداية (13/ 33).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 72)، البناية شرح الهداية (13/ 33).

(13)

بداية المبتدي (236).

(14)

زيادة في (ب).

(15)

سقط في (ب).

(16)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(17)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(18)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(19)

وفي (ب)(بقوله) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(20)

الهداية شرح البداية (4/ 134).

(21)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 34).

ص: 39

(بِمِثْلِهِ

(1)

أي: بمثل قدر الموعود المسمى الذي أخذه الراهن (مِنَ المُرْتَهِنِ كَسَلَامَتِهِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ

(2)

(3)

أي: ذمَّة الرَّاهن، يعني: إذا كانت ذمَّة الرَّاهن مشغولة بدين

(4)

المرتهن كأن يسقط الدين عنه بهلاك الرهن في يد المرتهن بطريق المقاصة،

(5)

ولا يصير ذلك كذلك إلا أنْ يصير مالية الراهن

(6)

للراهن ليصير ماله قصاصاً بما عليه، وعند ذلك كان للمعير أن يرجع بما

(7)

سلم له

(8)

.

فكذلك ههنا يرجع عليه بما سلم له من استيفاه من المرتهن (لأَن اسْتِرْدَادَ القِيمَةِ كَاسْتِرْدَادِ العَيْنِ

(9)

؛ لأنَّ المعير بالإعتاق صار مستردًا

(10)

العبد من المرتهن، ثم المرْتَهِنُ بالتضمين صار مستردًا قيمة العبد من المعير فتكون رهنًا عنده؛ لأنها بدله.

وذلك لأنَّ حق المرْتَهِنِ تعلَّق بماليَّته برضاء

(11)

المعير، وقد استهلكه بإعتاقه فهو كما لو استهلكه بالإتلاف، وهو في هذا الحكم كأجنبي آخر فيضمن قيمته وتكون القيمة رهنًا في يده حتى يقبض دينه من الراهن ثم يردها على المعير

(12)

.

(فَإِنَّهُ كَانَ أَمِيناً [خَالَفَ

(13)

(14)

ثُمَّ عَادَ إِلَى الوِفَاقِ

(15)

(فَيَبْرَأُ

(16)

عَنِ الضَّمَانِ

(17)

(18)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(3)

قال بدر الدين العيني: كسلامته: أي كسلامة الراهن. ببراءة ذمته: أي عن الدين. البناية شرح الهداية (13/ 34).

(4)

وفي (ب)(بذمة).

(5)

المقَاصَّة: مأخوذة من قولهم: قصصت الأثر؛ أي تتبعته، وقاصصته قصاصاً ومقاصة؛ إذا كان لك عليه دين، مثل ماله عليك، فجعلت الدين في مقابلة الدين.

يُنْظَر: المصباح المنير (2/ 505)، مجموع الفتاوى (14/ 74)، المعجم الوسيط (2/ 739).

(6)

وفي (ب)(الرهن).

(7)

وفي (ب)(ما).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 34).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(10)

وفي (ب)(مسترد).

(11)

وفي (ب)(برضا)، وهي الصواب.

(12)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 160، 161)، العناية شرح الهداية (15/ 73)، البناية شرح الهداية (13/ 34).

(13)

خالف: أي بالاستخدام والركوب. البناية شرح الهداية (13/ 35).

(14)

سقط في (ب).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(16)

وفي (ب)(فتبرأ).

(17)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(18)

أي: عاد إلى الوفاق بالرهن برئ من الضمان. البناية شرح الهداية (13/ 35).

ص: 40

فإن قيل: أليس أنَّ المستعير إذا خالف بمجاوزة المكان لم يبرأ

(1)

عن الضمان ما لم تصل العين إلى صاحبه، وهذا مستعير قد خالف كيف يبرأ

(2)

عن الضمان قبل وصول المال إلى صاحبه؟

قلنا: لأنَّ يد (المُسْتَعِيرِ

(3)

(يَدُ نَفْسِهِ

(4)

فبالعود إلى المكان المشروط لا يصير رادًّا

(5)

للعين على صاحبه لا حقيقة ولا حكمًا، بخلاف المودَع: فإن يده كيد المالك فبالعود إلى الوفاق يصير أداء

(6)

عليه حكمًا، وما نحن فيه نظير مسألة الوديعة؛ لأن تسليمه إلى المرْتَهِنِ يرجع إلى تحقيق مقصود المعير

(7)

حتى لو هلك بعد ذلك يصير دينه مقضيًّا فيستوجب

(8)

للمعير الرجوع على الراهن بمثله فكان ذلك بمنزلة الرد عليه حكمًا، فلهذا

(9)

برئ به من الضَّمان كذا في المَبْسُوط

(10)

.

فإن قلت: [يشكل]

(11)

على هذا الجواب ما لو افتكه الراهن ثم استعمله فهو ضامن ولو ترك الاستعمال ثم هلك بآفة

(12)

أخرى لا ضمان عليه أيضاً مع أنَّه لم يوجد الرد بعد الاستعمال إلى المعير أو إلى من

(13)

هو مقصود المعير وهو التسليم إلى المرْتَهِنِ.

قلت: إن لم يوجد ذانك

(14)

، وقد وجد الرد إلى من هو نائب المعير: وهو المستعير؛ لأنَّ الراهن الذي هو المستعير بعد انفكاك

(15)

مودَع، والمودَع يبرأ بالعود إلى الوفاق.

إلى هذا أشار في الذَّخيرة. وهذا كله مما اختاره الإمام شمس الأئمة السَّرَخْسِيُّ- رحمه الله، وأمَّا شيخ الإسلام

(16)

رحمه الله فيقول: أنَّ هذه المسألة دلّت على أنَّ المستعير يبرأ عن الضَّمان بالعود إلى الوفاق، وهو اختيار شيخ الإسلام

(17)

.

(1)

وفي (ب)(يبرء).

(2)

وفي (ب)(يبرء).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(5)

وفي (ب)(ردا).

(6)

وفي (ب)(رادًّا) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

وفي (ب)(الغير).

(8)

وفي (ب)(يستوجب).

(9)

وفي (ب)(فلذلك).

(10)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 162).

(11)

زيادة في (ب).

(12)

الآفة: العاهة، والجَائِحَة، وهي كل ما يصيب شيئاً فيفسده من عاهة أو مرض أو قحط.

يُنْظَر: الزاهر للأزهري (204)، الصحاح؛ للجوهري (4/ 19)، المعجم الوسيط (32).

(13)

وفي (ب)(ما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(14)

وفي (ب)(ذلك).

(15)

وفي (ب)(الفكاك) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(16)

المقصود بشيخ الإسلام: خواهر زاده. كما صرح بذلك الامام السغناقي في (ص 340)، وأيضا قال بدر الدين العيني في البناية (13/ 35): وأما اختيار شيخ الاسلام خواهر زاده وهو أن المستعير يبرأ عن الضمان بالعود إلى الوفاق.

(17)

هو الامام شيخ الإسلام أبي بكر محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، وكان من عظماء ماوراء النهر، قال السمعاني: كان إماما فاضلا حنفيا وله طريقة حسنة مفيدة جمع فيها من كل فن وكان يحفظها، وله كتاب المَبْسُوط (ت 483 هـ).

يُنْظَر: تاج التراجم (1/ 259)، الجواهر المضية (2/ 49).

ص: 41

وأمَّا اختيار شمس الأئمة هذا؛ لأنَّ

(1)

المستعير لا يبرأ بالعود إلى الوفاق

(2)

.

(أَمَّا المُسْتَعِيرُ فِي الرَّهْنِ يَحْصُلُ

(3)

مَقْصُودُ الآمِرِ) أي: بتسليم الرهن إلى المرْتَهِنِ (تَفْوِيتُ حَقٍّ لَازِمٍ

(4)

مُحْتَرَمٍ

(5)

فالمعنى من المحترم: هو أن يكون غيره ممنوعًا عن إبطاله

(6)

.

[المراد بالجناية على النفس]

(وَالمُرَادُ بِالجِنَايَةِ عَلَى النَّفسِ مَا يُوجِبُ المَالَ

(7)

وهي ما إذا كانت الجناية خطأٌ في نفس أو ما

(8)

دونها، أمَّا ما يوجب القصاص

(9)

فهو معتبر بالإجماع

(10)

.

(1)

وفي (ب)(أن).

(2)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 162)، المحيط البرهاني (8/ 243)، العناية شرح الهداية (15/ 75)، البناية شرح الهداية (13/ 35).

(3)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (فيحصل) كما في متن الهداية، وهي الموافقة لسياق الكلام.

(4)

قال الامام البابرتي: وَعَنَى باللازم: ما لا يُقدر على إسقاطه بانفراده. العناية شرح الهداية (15/ 76).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 76)، البناية شرح الهداية (13/ 35).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 150).

(8)

وفي (ب)(فيما).

(9)

القِصَاصُ لغةً: إتباعُ الفعلِ الفعلَ، من باب اقتص الأثر وقصه إذا تبعه.

واصطلاحاً: القتل بإزاء القتل، وإتلاف الطَّرَف بإزاء إتلاف الطَّرف.

يُنْظَر: جمهرة اللغة (1/ 142)، تهذيب اللغة (8/ 210)، طلبة الطلبة (327)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 182)، أنيس الفقهاء (291).

(10)

والدليل قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} سورة المائدة من الآية [45]. وقوله: بالإجماع: أي بإجماع أبي حنيفة وأصحابه. يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 302)، المحيط البرهاني (8/ 738)، تبيين الحقائق وحاشية الشلبي (6/ 98)، الجوهرة النيرة (2/ 207)، العناية شرح الهداية (15/ 79)، البناية شرح الهداية (13/ 36).

ص: 42

(أَمَّا الوفاء فيه

(1)

(2)

أي: أمَّا

(3)

وجه المسألة التي اتفقوا في حكمها: وهي أن جناية الرهن على الراهن هدر، [فإنها]

(4)

(جِنَايَةُ المَمْلُوكِ عَلَى المَالِكِ

(5)

فيما يوجب المال [والمال]

(6)

يكون هدراً

(7)

؛ لأنَّه لو جنى على غيره كان المستحق ملك [المولى]

(8)

وماليَّته فيه فإذا جنى عليه لا يثبت له الاستحقاق على نفسه، بخلاف الجناية الموجبة للقصاص فالمستحق دمه والمولى

(9)

من دَمِهِ كأجنبي آخر.

ألا ترى أنَّ إقرار والمولى

(10)

عليه بالجناية الموجبة للقصاص باطل، وبالجناية الموجبة للمال صحيح، وإقراره على نفسه بالجناية الموجبة للقصاص صحيح وبالجناية الموجبة للمال [باطل]

(11)

.

(12)

(لأَنَّ المِلْكَ عِندَ أَدَاءِ الضَّمَانِ

(13)

أي: ضمان الغصب (يَثْبُتُ لِلغَاصِبِ مُستَنِداً حَتَّى يَكُونَ الكَفَنُ

(14)

عَلَيهِ

(15)

أي: على الغاصب

(16)

.

(1)

وفي (ب)(الوِفَاقِيَّةُ) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(3)

وفي (ب)(ما).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

بإتفاق أبي حنيفة وأصحابه. قال شمس الأئمة السرخسي: «وجناية المملوك على المالك فيما يوجب المال يكون هدرا» . المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 178). وقال قاضي خان: «وجناية العبد الرهن على الراهن في نفسه جناية توجب المال، وعلى ماله هدر في قولهم جميعا» . فتاوى قاضي خان (3/ 610). وينظر: مختصر القدوري (139)، بداية المبتدي (236)، تبيين الحقائق (6/ 90)، العناية شرح الهداية (15/ 79)، نتائج الأفكار (10/ 207)، مجمع الأنهر (4/ 301).

(8)

سقط في (ب).

(9)

وفي (ب)(والولي).

(10)

وفي (ب)(المولى) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(11)

سقط في (ب).

(12)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 178).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(14)

الكَفْنُ: التغطية. قال أَبو منصور: ومنه سمي كَفَنُ الميت لأَنه يستره، وهو الثياب التي يلف فيها الميت.

يُنْظَر: المخصص (2/ 78)، المحكم والمحيط الأعظم (7/ 60)، لسان العرب (13/ 358)، تاج العروس (36/ 58).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(16)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 36).

ص: 43

وحاصله أنَّ ضمان الغصب إذا تقرر وجب الملك، فإذا اعتبرنا جنايته على المغصوب منه

(1)

و

(2)

استقر الضمان على الغاصب يثبت الملك له من وقت الغصب، فتبين أن العبد جنى على غير مالكه فلهذا اعتبر، فأما ضمان الرهن وإن تقرر على المرتهن لا يوجب الملك له في العين فلا يتبين به إن جنايته كانت على غير مالكه؛ فلهذا كان هدراً فصار الحاصل: أن المرهون من حيث إنَّه مضمون المالية كالمغصوب ومن حيث إن عينه أمانة كالوديعة فلِاعتبار

(3)

أنَّه كالأمانة من وجه تجعل جنايته على المالك هدرا، ولِاعتبارِ

(4)

أنَّه كالمغصوب من وجه تجعل جنايته على الظاهر

(5)

هدراً.

(6)

(وَفِي الِاعْتِبَارِ فَائِدَةٌ وَهُوَ دَفْعُ العَبْدِ إِلَيْهِ بِالجِنَايَةِ فَتُعْتَبَرُ

(7)

وإن كان يسقط حقه في الدَّين ولكن بضمان الدين ما كان يثبت له ملك العين، فربما يكون له في ملك العين غرض

(8)

صحيح فيستفيد ذلك باعتبار الجناية، وربما يكون بقاء الدين مع التزام الفداء

(9)

أنفع له، ففي إثبات الخيار له توفير النظر عليه، وبه فارق ما لو جنى على مال المرْتَهِنِ؛ لأنَّه لا منفعة للمرتهن في اعتبار تلك الجناية، فإنَّه لا يستحق بها الملك، ولكن المستحق بالدين مالية العبد يباع فيه، وذلك مستحق له بدينه [فلا فائدة]

(10)

في اعتبار جنايته على ماله فلهذا لا تعتبر

(11)

.

(1)

على أصل أبي حنيفة؛ أن جناية العبد المغصوب على المغصوب منه، أو على ماله معتبرة، وعند أبي يوسف، ومحمد بن الحسن جنايته هدر.

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (27/ 55)، بدائع الصنائع (6/ 167)، تبيين الحقائق (6/ 91)، تكملة البحر الرائق (8/ 311).

(2)

وفي (ب)(أو).

(3)

وفي (ب)(فلا اعتبار).

(4)

وفي (ب)(ولا اعتبار).

(5)

وفي (ب)(الضامن) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المَبْسُوط.

(6)

المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 179).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(8)

وفي (ب)(عوض).

(9)

الفداء في اللغة: إقامة الشيء مقام الشيء، أو انفكاك الشيء بعوض، يقال: فداهُ، يفديهِ، فداءً؛ إذا أعطى فداءه فأنقذه، أو أعطى مالاً، وأنقذ رجلاً. واصطلاحاً: إطلاق القاتل، أو وليه، وقبول الدية.

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 127)، المطلع (257)، لسان العرب (15/ 151)، المصباح المنير (2/ 465)، القاموس المحيط (1702).

(10)

سقط في (ب).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 79)، البناية شرح الهداية (13/ 37).

ص: 44

(ثُمَّ إِنْشَاءَ

(1)

الرَّاهِنُ وَ

(2)

المُرْتَهِنُ أَبْطَلا الرَّهْنَ

(3)

أي: بالدفع، وهذا التفريع على قولهما

(4)

.

(وَلَهُ

(5)

أَنَّ هَذِهِ الجِنَايَةَ لَو اعْتَبَرْنَاهَا للمُرْتَهِنِ كَانَ عَلَيهِ

(6)

التَّطْهِيرُ مِنَ الجِنَايَةِ

(7)

؛ لأنّه مخاطب هو أيضاً بالدفع أو بالفداء كالراهن فحينئذ كان حكم الدفع أو الفداء له وعليه في حق شيء واحد بسبب جناية واحدة، والقول به اشتغال بما لا يفيد، وذلك أن المرتهن في الرهن إذا كانت قيمته مثل الدين بمنزلة المالك في حكم جنايته

(8)

.

ألا ترى أنَّه لو جنى على غيره كان الفداء على المرتهن بمنزلة ما لو كان مالكًا فكذا في الجناية عليه يجعل كالمالك قد

(9)

تعتبر جنايته عليه، وهذا لأنَّ أصل حق المجني عليه في بدل الفائت هو الأَرْشُ، إلا أن للمولى أن يخلص نفسه من ذلك بدفع العبد إن شاء ولا يمكن اعتبار جنايته على المرْتَهِنِ في استحقاق أصل البلد

(10)

؛ لأنه لو وجب ذلك كان قراره

(11)

عليه ولا يجب له على نفسه أرش الجناية، ولا يمكن اعتبار جنايته لمنفعة ثبوت الملك له في العبد فإن ذلك لا يكون إلا باختيار الراهن،

(12)

والراهن لا يختار ذلك خصوصاً إذا لم يكن عليه من الفداء شيء، فصار هذا وجنايته على مال المرْتَهِنِ سواء فكان بمنزلة [جانب]

(13)

الرّاهن، وهناك يستوي بين جنايته على نفسه وماله لهذا، فكذلك في جانب المرتهن هذا كله مما أشار إليه في المَبْسُوط

(14)

.

(1)

وفي (ب)(إن شاء) وهي الصواب، وهكذا جاءت في الهداية.

(2)

وفي (ب)(أو).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(4)

أي: على قول أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله-. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 37).

(5)

أي: لأبي حنيفة رحمه الله يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 37).

(6)

أي: على المرتهن. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 37).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 80)، البناية شرح الهداية (13/ 37).

(9)

وفي (ب)(فلا) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المَبْسُوط.

(10)

وفي (ب)(المبدل)، والصواب (البدل) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المَبْسُوط.

(11)

وفي (ب)(إقراره).

(12)

وفي (ب)(المالك).

(13)

زيادة في (ب).

(14)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 179).

ص: 45

(وَأَصْلُهُ: أَنَّ النُّقْصَانَ

(1)

مِن [حَيثُ]

(2)

السِّعْرُ لا يُوجِبُ سُقُوطَ الدَّينِ

(3)

(4)

حتى لو كان الرهن على حاله فنقص سعره فالراهن يطالب بجميع الدين عند رد المرتهن الرهن إلى الراهن

(5)

.

وقوله: (حَتَّى لا يُزَادَ

(6)

عَلَى دِيَةِ الحُرِّ)

(7)

نتيجة قوله: (كَانَ مُقَابَلاً بِالدَّمِ

(8)

(9)

.

وقوله: (لأَنَّ المَولَى اسْتَحَقَّهُ

(10)

دليل قوله: (لأَنَّهُ بَدَلُ المَالِيَّةِ فِي حَقِّ المُستَحِقِّ

(11)

.

(12)

(أَو نَقُولُ

(13)

: لا يُمكِنُ أَن يُجعَلَ

(14)

مُستَوفِياً الأَلفَ بِمَائَةٍ

(15)

أي: مستوفياً ألف الدين بمقابلة مائة الرهن وهي المائة التي غرمها الحر بقتل الرهن فجعلت رهنًا مكان العبد المقتول

(16)

.

وهذا هو الفصل الذي يستدل به زفر رحمه الله

(17)

.

(1)

أي: وأصل حكم هذه المسألة: أن نقصان الرهن من حيث السعر لا يذهب به شيء من الدين. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 38).

(2)

سقط في (ب).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(4)

خلافا لزفر رحمه الله حيث يقول: "إن المالية قد انتقصت فأشبه انتقاص العين". يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 151).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 84).

(6)

أي: البدل. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 39).

(7)

قال بدر الدين العيني: لأنه إذا زِيد تنتفي المقابلة. البناية شرح الهداية (13/ 39).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(9)

أي: وإن كان البدل مقابلا بالدم. البناية شرح الهداية (13/ 39).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 84).

(13)

قال بدر الدين العيني: هذا دليل آخر. البناية شرح الهداية (13/ 40). وينظر: العناية شرح الهداية (15/ 84).

(14)

أي: المرتهن. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 84)، البناية شرح الهداية (13/ 40).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(16)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 84).

(17)

هو: الفقيه المجتهد أبو الهذيل زفر بن الهذيل بن قيس العنبري، فقيه كبير من أصحاب أبي حنيفة، أصله من أصبهان، أقام بالبصرة، وولي قضاءها، (ت 158 هـ).

ترجمته في: سير أعلام النبلاء (8/ 38)، طبقات الفقهاء (1/ 141).

ص: 46

ولكنا نقول: [ذاك]

(1)

باعتبار الرِّبَا

(2)

؛ لأنَّ المائة لا يجوز أن تكون بمقابلتها أكثر من مائة فلذلك لا يتصوَّر استيفاء جميع الدين بمقابلة المائة فلهذا لو كان القاتل عبدًا قيمته مائة يرجع

(3)

مكانه يكون رهنًا بألف درهم كالأول عندنا على ما يجيء؛ لأنَّ ذلك يجوز أن يكون بمقابلته

(4)

ألف درهم شِرى

(5)

فكذلك حبساً بالدين ويتوهم استيفاء جميع الدين من ماليته بأن تزداد قيمته حتى أن الحر القاتل لو غرم قيمته عشرة دنانير فإنه يتقي جميع الدين باعتباره لأنه يتوهم استيفاء جميع الدين منه بأن يعز الدنانير حتى تبلغ قيمة هذه الدنانير ألف درهم، كذا في باب الجناية على الرهن من رهن المَبْسُوط

(6)

.

(وَإِن قَتَلَهُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ

(7)

أي: قُتل العبد الذي كان يساوي ألفاً بألف في ابتداء الرهن، ثم نقص سعره فرجعت قيمته إلى مائة فقتله عبد (فَدُفِعَ مَكَانَهُ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الدَّينِ

(8)

(9)

من غير خيار (عِندَ أَبي حَنِيفَةَ رحمه الله وَأَبِي يُوسُفَ رحمه الله

(10)

(11)

وقول محمد

(12)

وزفر

(13)

-رحمهما الله- في هذه الصورة مذكورة

(14)

.

(1)

سقط في (ب)

(2)

الربا لغةً: الزيادة والفضل، يقال: ربا الشيء، يربو، ربواً؛ إذا زاد، ونما.

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 357)، تحرير ألفاظ التنبيه (178)، تهذيب الأسماء (3/ 111).

واصطلاحاً: الزيادة على أصل المال من غير بيع. أو هو فضل أحد المتجانسين على الآخر من مال بلا عوض.

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (12/ 109)، أنيس الفقهاء (214)، تبيين الحقائق (4/ 85).

(3)

وفي (ب)(فدفع)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

وفي (ب)(بمقابلة).

(5)

وفي (ب)(شرا).

(6)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 186).

(7)

بداية المبتدي (237).

(8)

بداية المبتدي (237).

(9)

وهذا لفظ الجامع الصغير للإمام الشيباني رحمه الله حيث قال: فإن قتله عبد قيمته مائة فدفع مكانه افتكه بجميع الدين، وهو قول أبي يوسف رحمه الله. الجامع الصغير (492).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 152).

(11)

يُنْظَر: الجامع الصغير (492)، المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 186).

(12)

هو: مُحَمَّد بن الحسن بن فرقد، من موالي بني شيبان، أبو عبدالله، إمام بالفقه والأصول، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، أصله من قرية حرستة، في غوطة دمشق، وولد بواسط، ونشأ بالكوفة، فسمع من أبي حَنِيفَةَ وغَلَبَ عليهِ مذهبه وعُرف به، وانتقل إلى بغداد، فولاه الرشيد القضاء بالرقة ثُمَّ عزله، ولما خرج الرشيد إلى خراسان صحبه، فمات في الري، قال الشَّافِعِي:(لو أشاء أن أقول نزل القرآن بلغة مُحَمَّد بن الحسن، لقلت، لفصاحته) له كتبٌ كثيرة في الفقه والأصول، منها (المَبْسُوط) في فروع الفقه، و (الزيادات) و (الجامع الكبير)، و (الجامع الصغير)، و (الآثار)، و (السير) توفي بالري سنة (189 هـ). يُنْظَر: تاريخ بغداد (2/ 172)، الجواهر المضية (2/ 42)، طبقات الفقهاء (1/ 142).

(13)

قَالَ مُحمَّدٌ: هوَ بِالْخِيارِ إنْ شاءَ افتَكَّهُ بجَمِيعِ الدَّينِ، وَإنْ شاءَ سلَّمَ العَبْدَ الْمَدْفوعَ إلى الْمرْتَهِنِ بمَالِهِ. وقَالَ زفَرُ: يَصيرُ رَهنًا بمِائَةٍ لهُ. يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 186)، العناية شرح الهداية (15/ 82).

(14)

وفي (ب)(مذكور)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

ص: 47

وحاصل الصور والأقوال كل واحدة منهما على ثلاثة.

أمَّا الصور: فتراجع قيمة الرَّهن من ألف إلى مائة، وقتل العبد الذي قيمته مائة بعد التراجع فدفع به، وقتل الحر ذلك العبد بعد التراجع فضمن قيمته مائة.

وأمَّا الأقوال: فعند أبي حنيفة وأبي يوسف [حكم]

(1)

تراجع قيمة الرَّهن إلى مائة مع قيام عينه بحاله، وحكم العبد القاتل الذي دفع مكانه واحد في أنَّه لا خيار للراهن بل يفتكهما بجميع الدين.

وأما لو قتله حر بعد التراجع فضمن قيمته مائة كان التسعمائة ساقطة عن الراهن بالاتفاق

(2)

، ويأخذ المرتهن تلك المائة عند حلول الأجل.

وأما قول محمد رحمه الله ففي تراجع السعر وهو بعينه قائم فكقولهما في أنَّه يفتكه الرَّاهن بجميع الدَّين من غير خيار، وفي العيب

(3)

المدفوع بالخيار: بين أن يأخذه الرَّاهن بجميع الدَّين كما في تراجع السعر، وبين أن يسلمه إلى المرْتَهِنِ بماله كما في تسليم المائة التي ضمنها الحر.

وأمَّا عند زفر رحمه الله فحكم الرهن الذي تراجع سعره إلى مائة وحكم العبد المدفوع الذي قيمته مائة واحد، في أن الراهن

(4)

يفتكهما بالمائة ويسقط عند التسعمائة، قياساً على

ما لو قتله حر فضمن

(5)

قيمته بأنه

(6)

وقد فرقنا بينهما فيما تقدم، وأما فيما قتله حر وضمن المائة فقوله كقول علمائنا رحمهم الله

(7)

.

وقوله: (وَقَال مُحَمَّدٌ) رحمه الله (هُوَ بِالخِيَارِ

(8)

أي: الرَّاهن بالخيار

(9)

.

(فَيَبْقَى الدَّينُ بِقَدْرِهِ

(10)

أي: بقدر عشر

(11)

الدين. فلذلك يفتكه الراهن بقدر قيمته وهو مائة ويسقط باقي الدين.

(1)

كذا في (أ) وهي مثبتة بهامش (ب).

(2)

أي: بإتفاق أبي حنيفة وأصحابه. يُنْظَر: المَبْسُوط للرخسي (21/ 186)، العناية شرح الهداية (15/ 84، 85).

(3)

وفي (ب)(العبد) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

وفي (ب)(الرهن).

(5)

وفي (ب)(يضمن).

(6)

وفي (ب)(جارية).

(7)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 186)، الهداية شرح البداية (4/ 152)، العناية شرح الهداية (15/ 84، 85)، البناية شرح الهداية (13/ 40، 41).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 152).

(9)

وهذا لفظ الجامع الصغير للإمام الشيباني حيث قال: وقال محمد رحمه الله: إذا قتله عبد فالراهن بالخيار إن شاء افتكه بالدين، وإن شاء سلم العبد المدفوع للمرتهن بماله. الجامع الصغير (492).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 152).

(11)

العُشْر: اسم لما يأخذه العاشر، والجمع أعشار وعشور، وهو أحد أجزاء العشرة، وإنَّ أَخْذَ واحدٍ من عشرة هو أخذ العُشر بعينه.

يُنْظَر: العين (1/ 245)، مقاييس اللغة (4/ 324)، لسان العرب (4/ 570)، تاج العروس (13/ 44).

ص: 48

(لا يَسقُطُ شَيءٌ مِنَ الدَّينِ عِندَنَا لِمَا ذَكَرْنَا

(1)

إشارة إلى قوله لنا: (أَنَّ نُقْصَانَ السِّعرِ عِبَارَةٌ عَن فُتُورِ رَغَبَاتِ النَّاسِ

(2)

إلى آخره

(3)

.

(كَالمَبِيعِ

(4)

إِذَا قُتِلَ قَبْلَ القَبْضِ، وَالمَغْصُوبِ إِذَا قُتِلَ فِي يَدِ الغَاصِبِ

(5)

أي: إذا قتلهما العبد ودُفع

(6)

العبدُ القاتل مكانهما.

وإنما قيد فيهما: بالقتل؛ لأن سعرهما لو نقص مما كانا عليه من وقت البيع [والغصب]

(7)

لا خيار للمشتري والمغصوب منه، بل يأخذهما من غير خيار.

أما لو قتلهما عبد فدفع مكانهما: يتخير المشتري بين أن يأخذه بكل الثمن، وبين أن يفسخ البيع لتغير المبيع، وفي الغصب يتخير

(8)

المغصوب منه بين أن يأخذ [مكان]

(9)

المدفوع [منه مكانه]

(10)

، وبين أن يطالب الغاصب بقيمة المقتول إلى هذا أشار الإمام المحبوبي

(11)

رحمه الله في الجامع الصغير

(12)

وصاحب الإيضاح في الإيضاح

(13)

.

(وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ

(14)

(15)

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 152).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 151).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 85)، البناية شرح الهداية (13/ 41).

(4)

أي: العبد المبيع.

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 152).

(6)

وفي (ب)(دفع).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

وفي (ب)(يتغير).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

سقط في (ب).

(11)

هو: جمال الدين، أبو الفضل عبيد الله بن إبراهيم بن أحمد بن عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز بن محمد بن جعفر ابن هارون بن محمد بن أحمد بن محبوب بن الوليد بن عبادة بن الصامت الانصاري العبادي المحبوبي البخاري الحنفي، انتهت إليه معرفة المذهب، والمعروف بأبي حنيفة الثاني، قال الذهبي في المؤتلف والمختلف عالم الشرق شيخ الحنفية (ت 630 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 336)، سير أعلام النبلاء (22/ 345).

(12)

هو شرح لكتاب الجامع الصغير للشيباني. يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 449)، هدية العارفين؛ لإسماعيل باشا (5/ 649).

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 85)، البناية شرح الهداية (13/ 41)، مجمع الضمانات (296).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 152).

(15)

النسخ: يطلق بمعنى الإزالة، ومنه قوله تعالى:{فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} .

ويأتي بمعنى التبديل ومنه {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} .

واصطلاحا: رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر. ويطلق الناسخ على الله تعالى كقوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} ، وعلى الآية، فيقال: هذه الآية ناسخة لآية كذا. وعلى الحكم الناسخ لحكم آخر.

والمنسوخ: هو الحكم المرفوع بالنسخ. يُنْظَر: المستصفى (97)، رفع الحاجب (4/ 26)، البرهان في علوم القرآن (2/ 29، 30)، التعريفات؛ للجرجاني (76)، الإتقان في علوم القرآن (3/ 55)، مناهل العرفان في علوم القرآن (2/ 127).

ص: 49

لقوله: «لا يغلق

(1)

الرَّهن لا يغلق الرهن ثلاثاً»

(2)

، وأراد به ما قلنا ذكره الإمام قاضي خان رحمه الله

(3)

.

(1)

الغلق عند أهل اللغة: ضد الفك، وغَلَقَ الشيء؛ إذا عسر فتحه.

وفي الرهن يقال: غلق الرهن، يغلق، غلوقاً؛ إذا لم يتم فكه، وبقي في يد المرتهن، ولم يقدر الراهن على تخليصه، فلا يستحقه المرتهن إذا لم يستفكه من صاحبه، ويعود الرهن إلى صاحبه عند فكاكه.

يُنْظَر: العين (4/ 355)، الزاهر؛ للأزهري (224)، الصحاح؛ للجوهري (4/ 224)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 108، 109)، تاج العروس (26/ 261).

وقد اختلف العلماء في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن» على ثلاثة أقوال:

القول الأول: وهو مذهب الحنفية؛ أن معناه: لا يحبس الرهن عند المرتهن احتباسا لا يمكن فكاكه بأن يصير مملوكا للمرتهن.

القول الثاني: وهو مذهب الشافعية؛ أن معناه: إن ذهب الرهن، وهلك، لم يهلك بشيء.

القول الثالث: وهو مذهب المالكية، والحنابلة، وغيرهم؛ أن معناه: لايستحق المرتهن الرهن لعجز صاحبه عن فكاكه؛ ومثال ذلك: أن يرهن رجل عند رجل شيئا بمال يأخذه منه، فيقول له الراهن: إن جئتك بحقك في يوم كذا، وإلا فالرهن لك بما رهن فيه.

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 66)، بدائع الصنائع (6/ 145)، الهداية شرح البداية (4/ 127)، الاختيار تعليل المختار (2/ 68)، تبيين الحقائق؛ للزيلعي (6/ 64)، موطأ مالك (2/ 728)، الاستذكار؛ لابن عبد البر (7/ 131)، الذخيرة؛ للقرافي (8/ 76)، مواهب الجليل (5/ 8)، الأم؛ للشافعي (3/ 186)، الحاوي الكبير (6/ 3)، المهذب (1/ 316)، مسائل الإمام أحمد، وإسحاق بن راهوية (2/ 56)، المغني؛ لابن قدامة (4/ 249)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (4/ 58)، المبدع؛ لابن مفلح (4/ 59).

(2)

رواه ابن ماجه (2/ 816)، في (كتاب الرهون)، في (باب لَا يَغْلَقُ الرَّهْن)، برقم (2441)، بلفظ:(لا يغلق الرهن)، ورواه الحاكم في المستدرك (2/ 58)، في (كتاب البيوع)، برقم (2315)، بلفظ:(لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ورواه الدارقطني في سننه (3/ 32)، في (كتاب البيوع)، برقم (126)، بلفظ:(لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه) وقال: وهذا إسناد حسن متصل.

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 127)، تبيين الحقائق (6/ 92)، العناية شرح الهداية (15/ 85)، البناية شرح الهداية (13/ 42).

ص: 50

(وَإِذَا قَتَلَ العَبدُ الرَّهنُ قَتِيلاً خَطَأً

(1)

أي: قيمته والدين سواء؛ لأنه لو كانت قيمته أكثر من الدين يذكر بعد

(2)

(فَضَمَانُ الجِنَايَةِ عَلَى المُرْتَهِنِ)؛ لأن العبد في ضمانه، ويقال للمرتهن: افْدِ العبد من الجناية فإذا أفداه كان دينه على حاله،

(3)

وإنَّما برئ المرْتَهِنِ؛ لأنا لو خاطبنا الراهن، فمن الجائز أن يختار الدفع فيمنعه

(4)

المرتهن من ذلك؛ لأنه

(5)

له أن يقول: أنا

(6)

أفدي حتى أصلح رهني، فإذا فدى

(7)

فقد (طَهُرَ المَحَلُّ فَبَقِيَ الدَّينُ عَلَى حَالِهِ

(8)

(9)

.

(وليس له

(10)

أن يدفع

(11)

العبد؛ لأن الدفع

(12)

يملك

(13)

وهو (لا يملك التمليك

(14)

(15)

هذا كله من الإيضاح

(16)

.

(كَانَ عَلَى المُرتَهِنِ وَهُوَ الفِدَاءُ

(17)

وإذا كان على المرتهن

(18)

وقد أدَّاه الراهن يجب للراهن على المرتهن مثل ما أدى إلى وَليِّ الجناية، وللمرتهن على الراهن دين فالتقيا قِصاصاً فَيُسَلَّمُ الرَّهن للرَّاهن، ولا يكون الراهن متبرعًا في أداء الفداء،

(19)

؛ لأنه يسعى في تخليص ملكِهِ كمُعسِر

(20)

الرهن

(21)

.

(1)

بداية المبتدي (237).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 88)، البناية شرح الهداية (13/ 42).

(3)

فالمرتهن إن أبى أن يفدي العبد المرهون الذي ارتكب الجناية؛ يخير الراهن بين دفع قيمة العبد، أو الفداء بالدية، فإن امتنع عن الفداء بالدية؛ يطالب الراهن بحكم الجناية؛ ومِنْ حُكْمِ الجناية التخيير بين دفع قيمة العبد، أو الفداء بالدية، فإن اختار الراهن الدفع؛ سقط الدين، وإن اختار الفداء بالدية سقط الدين كذلك. يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 45)، بدائع الصنائع (6/ 166)، الهداية شرح البداية (4/ 152، 153).

(4)

وفي (ب)(فمنعه).

(5)

وفي (ب)(لأن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

وفي (ب)(إنما).

(7)

وفي (ب)(أفدى).

(8)

بداية المبتدي (237).

(9)

"ولو فدى المرتهن طهر العبد عن الجناية فبقي الدين في الرهن على حاله". البناية شرح الهداية (13/ 42).

(10)

أي: وليس للمرتهن.

(11)

بداية المبتدي (237).

(12)

وفي (ب)(المدفع).

(13)

وفي (ب)(تمليك)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 152).

(15)

لأن الدفع تمليك الرقبة وهو لا يملك تمليكها. البناية شرح الهداية (13/ 42).

(16)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 45)، بدائع الصنائع (6/ 166)، حاشية ابن عابدين (6/ 519).

(17)

الهداية شرح البداية (4/ 153).

(18)

يعني: إذا كان على المرتهن دين.

(19)

وفي (ب)(للفدا).

(20)

وفي (ب)(كمعير)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في العناية والهداية.

(21)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 88)، البناية شرح الهداية (13/ 43).

ص: 51

وقوله: (حَقِّ

(1)

وَلِيِّ الجِنَايَةِ

(2)

بالجر

(3)

أي: (دَينَ العَبْدِ

(4)

مُقَدَّمٌ عَلَى دَينِ المُرتَهِنِ

(5)

ومقدم على حق ولي الجناية أيضاً حتى أنه لو جنى وعليه دين يدفع إلى وليِّ الجناية ثم يباع للغُرَماء على ما يأتي في جناية المملوك في الديات

(6)

.

(لِتَقَدُّمِهِ عَلَى حَقِّ المَوْلَى

(7)

أي: لتقدم دين العبد على حق المولى، فإذا كان مقدمًا على حق المولى يكون مقدمًا على حق من يقوم مقامه وهو المرتهن وولي الجناية؛ لأن المرتهن يقوم مقام المولى في المالية، ووَليُّ الجناية يقوم مقام المولى في ملك العين

(8)

.

(وَمَا فَضَلَ مِن دَينِ العَبدِ

(9)

أي: وما فضل من ثمن العبد من دينه (يَبْقَى

(10)

رَهناً كَمَا كَان

(11)

.

(وَالفِدَاءُ فِي المَضْمُونِ عَلَى المُرتَهِنِ، وَفِي الأَمَانَةِ عَلَى الرَّاهِنِ

(12)

كما في أجرة الطبيب وثمن الأدوية.

(لِمَا بَيَّنَّاه

(13)

وهو قوله: (لأَنَّهُ لا يَمْلِكُ التَّملِيكَ)

(14)

.

(فَإِن تَشَاحَّا

(15)

بأن قال المرتهن: أنا أفدي، وقال الراهن: أنا أدفع أو على العكس، (فَالقَولُ لِمَن قَالَ: أَنَا أَفدِي رَاهِناً كَانَ أَو مُرتَهِناً

(16)

.

وذلك لأن الراهن إذا قال: أنا أدفع، فالراهن بالدفع يسقط حق المرتهن، والمرتهن بقوله: أنا أفدي لا يسقط حق الراهن بل يحفظ حق نفسه من غير إضرار بالراهن؛ فلذلك كان اختيار المرتهن الفداء أولى.

وأما لو قال الراهن: أنا أفدي، وقال: المرتهن أنا أدفع فليس الدفع إلى المرتهن، ولا فائدة أيضاً في اختيار المرتهن الدفع؛ لأنَّه يسقط دينه بالدفع كما يسقط بالفداء، وفي الدفع إسقاط حق الراهن في الرقبة، وله غرض صحيح في استيفاء الرقبة بالفداء، فكان اختيار المرتهن الدفع تفويت غرض الآخر من غير فائدة، فكذلك

(17)

كان اختيار الرَّاهن الفداء أولى إلى هذا أشار في الإيضاح

(18)

.

(1)

وفي (ب)(وحق) وهي الصواب، حيث جاءت هكذا في الهداية.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 153).

(3)

وفي (ب)(بالحق).

(4)

المقصود بدين العبد: الدين الذي على العبد المرهون.

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 153).

(6)

أي: في باب جناية المملوك والجناية عليه من كتاب الديات من الهداية. يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 203).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 153).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 90)، البناية شرح الهداية (13/ 44)، نتائج الأفكار (10/ 210، 211).

(9)

بداية المبتدي (237).

(10)

وفي (ب)(فبقي).

(11)

بداية المبتدي (237).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 153).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 153).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 152).

(15)

بداية المبتدي (237).

(16)

بداية المبتدي (237).

(17)

وفي (ب)(فلذلك).

(18)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 166)، الهداية شرح البداية (4/ 153)، العناية شرح الهداية (15/ 93)، البناية شرح الهداية (13/ 46).

ص: 52

وذكر في المَبْسُوط: فإن قال أحدهما: أدفع، وقال الآخر: أفدي

(1)

. فليس يستقيم ذلك؛ لأنه إن قال المرتهن: أدفع فهو غير مالك فلا يمكنه أن يملكه غيره.

وإن قال الرَّاهِن: أدفع، فهو ممنوع من تمليكه ببدل يتعلق به حق المرتهن بغير رضاه وهو البيع؛ فلأن يكون ممنوعًا من تمليكه لا ببدل يتعلق به حق المرتهن بغير رضاه كان أولى

(2)

.

(وسَنُبَيِّنُ القَولَينِ

(3)

إِن شَاءَ الله تَعَالى

(4)

أي: بعد هذا بخطوط وهو قوله: (وَلَو

(5)

كَانَ المُرتَهِنُ فَدَى

(6)

وَالرَّاهِنُ حَاضِرٌ

(7)

إلى آخره.

فلم يجعل الراهن في الفداء متطوعًا؛ لأنَّه قصد به تطهير ملكه عن الجناية وهو محتاج إلى ذلك فلا يكون متبرعًا في نصيب المرتهن كالمعير للرهن

(8)

إذا قضى الدين.

ثم إن رد عليه المرْتَهِنُ نصف الفداء بقي مرهونًا كما لو فدياه به، وإن أبى ذلك فقد خرج من الرهن؛ لأنَّ المرتهن حين أبى الفداء فقد رضي بإتوائه فيجعل في حقه كأنه هلك كذا في المَبْسُوط

(9)

.

(وَإِنْ كَانَ غَائِباً

(10)

أي: غيبة منقطعة. كذا في الْأَسْرَار

(11)

(12)

. (وَهَذَا قَولُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله

(13)

.

وروى زفر عن أبي حنيفة -رحمهما الله- على عكس هذا أنَّ الراهن إذا كان حاضراً فالمرتهن لا يكون متطوعًا في الفداء، وإن كان غائباً كان متطوِّعًا، فوجهه:[أنَّ]

(14)

في حال غيبة الرّاهن لا حاجة إلى الفداء؛ لأن المجني عليه لا يخاطبه

(15)

بالدَّفع ولا

(16)

يتمكن من أخذ العبد منه ما لم يحضر الراهن، فكان متبرعًا في الفداء، فأمَّا في حال حضرة الراهن فالمجني عليه يخاطبهما بالدفع أو الفداء، فلا يتوصل المرتهن إلى استدامة

(17)

يده إلا بالفداء، فلا يكون متبرعًا فيه كصاحب العلو إذا بنى السِّفل ثم بني عليه علوه لا يكون متبرعًا في حق صاحب السِّفل فهذا مثله

(18)

.

(1)

وفي (ب)(أفد).

(2)

المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 182، 183).

(3)

والقولان هما: قول أبي حنيفة: والقول الآخر: قول أبي يوسف ومحمد والحسن وزفر رحمهم الله.

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 154).

(5)

وفي (ب)(وإن).

(6)

وفي (ب)(فدا).

(7)

بداية المبتدي (237).

(8)

وفي (ب)(للراهن).

(9)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 183).

(10)

بداية المبتدي (237).

(11)

كتاب الْأَسْرَارِ؛ لعبدالله وقيل: عبيدالله بن عمر بن عيسى أبو زيد الدبوسي الحنفي، ينسب إلى دبوسية، وهي قرية بين بخارى وسمرقند، كان من أكابر فقهاء الحنفية، ويضرب به المثل في النظر واستخراج الحجج، برع في علم أصول الفقه، له عدة مؤلفات منها هذا الْكِتَاب الْأَسْرَارِ وهو مفقود. (430 هـ).

يُنْظَر: الأنساب للسمعاني (2/ 454)، الجواهر المضية (1/ 339).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 93)، البناية شرح الهداية (13/ 47)، درر الحكام شرح مجلة الأحكام (2/ 175).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 154).

(14)

سقط في (ب).

(15)

وفي (ب)(لا يخاطب)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(16)

وفي (ب)(لا).

(17)

وفي (ب)(استدانة).

(18)

قال الامام المرغيناني: ولو كان المرتهن فدى والراهن حاضر فهو متطوع، وإن كان غائبا لم يكن متطوعا وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله. وقال أبو يوسف ومحمد والحسن وزفر رحمهم الله: المرتهن متطوع في الوجهين. الهداية شرح البداية (4/ 154).

وينظر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 184)، تبيين الحقائق (6/ 93)، البناية شرح الهداية (13/ 47).

ص: 53

(المُرتَهِنُ مُتَطَوِّعٌ فِي الوَجْهَينِ

(1)

؛

(2)

لأن نصف الرَّاهن

(3)

أمانة في يد المرْتَهِنِ كالوديعة، والمودع إذا أفدى

(4)

الوديعة من الجناية كان متطوعًا فيه، وهذا [لأنَّه]

(5)

شيء يلتزمه

(6)

باختياره من غير أن يكون مضطراً إليه أو مجبراً عليه، ففي النِّصف الذي هو أمانة ليس للمرتهن ملك العين ولا حق استيفاء الدين من المالية.

وأبو حنيفة رحمه الله يقول: المرتهن أَحَدُ من يخاطب بالفداء في هذه الحالة فلا يكون متبرعًا فيه كالراهن؛ وهذا لأنَّ الراهن إنَّما لم يكن متبرعًا؛ لأنَّه قصد بالفداء إحياء حقه؛ لأنه لا يتوصل إلى جنس العين واستدامة اليد [عليه]

(7)

بحكم الرهن إلا بالفداء ثم [في]

(8)

ظاهر الرواية قال: هذه الحاجة له

(9)

عند غيبة الراهن، فأما عند حضوره

(10)

[الراهن]

(11)

هو يتمكن من استطاع

(12)

رأيه

(13)

والمطالبة بالمساعدة منه

(14)

: إما على الفداء أو على الدفع، وفي حال غيبة الراهن يعجز عن ذلك فيكون محتاجاً إلى الفداء، فلهذا لم يكن في الفداء متطوعًا عند حاجته إليه وهو بمنزلة أحد المشترين إذا قضى البائع جميع الثمن والآخر غائب لا يكون متطوعًا في نصيب صاحبه

(15)

، بخلاف ما إذا كان حاضراً هذا كله من المَبْسُوط

(16)

.

(فَأَشبَهَ الإِيثَارَ

(17)

بِالإِسْتِيفَاءِ

(18)

الحَقِيقِيِّ

(19)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 154).

(2)

في الوجهين: أي الحضور والغيبة. البناية شرح الهداية (13/ 47).

(3)

وفي (ب)(الرهن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

وفي (ب)(فدى).

(5)

سقط في (ب).

(6)

وفي (ب)(التزمه).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

سقط في (ب).

(9)

وفي (ب)(به).

(10)

وفي (ب)(حضرة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(11)

زيادة في (ب).

(12)

وفي (ب)(استطلاع) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (دائنه) والسياق يقتضيها كما في المَبْسُوط.

(14)

وفي (ب)(معه)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(15)

وفي (ب)(حاجته).

(16)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 183، 184).

(17)

الإيثَارُ: هو تقديم وتفضيل غيره على نفسه في النفع له والدفع عنه. قال الأَصمعي: آثَرْتُك إِيثاراً أَي فَضَّلْتُك.

يُنْظَر: لسان العرب (4/ 7)، التعريفات؛ للجرجاني (59)، الكليات (40)، المعجم الوسيط (6).

(18)

وفي (ب)(بالإيفاء)، وهي الصواب، حيث جاءت هكذا في الهداية.

(19)

الهداية شرح البداية (4/ 154).

ص: 54

[ولأنَّ حقهم جميعًا يتعلَّق بالتَّرِكة

(1)

فهو يبطل حق سائر الغرماء عن عين الرَّهن بتصرفه وليس له ذلك (اعْتِبَاراً بِالإِيفَاءِ الحَقِيقِيِّ]

(2)

(3)

إذ ليس فيه إبطال حقه ولا [إبطال]

(4)

حق غيره وقد كان يباع في دينه قبل الرّهن فبعده أولى.

(وَإِذَا ارْتَهَنَ الوَصِيُّ

(5)

بِدَينٍ للمَيِّتِ

(6)

عَلَى رَجُلٍ جَازَ

(7)

(8)

، وكذلك لو كان الميت هو الذي ارتهن فوصيه

(9)

يقوم مقامه في إمساكه، إلا أنَّه لا يبيعه بدون إذن الراهن؛ لأنَّ التسليط على البيع بطل بموت المرتهن

(10)

فللراهن

(11)

إنما رضي برأيه ولم يرض برأي غيره في البيع. كذا في [باب]

(12)

رهن الوصي والوالد من رهن المَبْسُوط. والله أعلم

(13)

.

* * *

(1)

التركة لغةً: مأخوذة من الترك، وهو التخلية، وتركة الميت: ميراثه، وتراثه الذي يتركه بعد وفاته.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (4/ 263)، مقاييس اللغة (1/ 345)، التعاريف (172)، المعجم الوسيط (84).

واصطلاحاً: ما تركه الإنسان من الأموال صافياً عن تعلق حق الغير بعين الأموال.

يُنْظَر: التعريفات؛ للجرجاني (79)، حاشية ابن عابدين (6/ 759)، تكملة رد المحتار (1/ 350).

(2)

سقط في (ب).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 154).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

الوصية اسم بمعنى المصدر، ثم سمي بها الموصى به، وجمعها وصايا. والوَصِيُّ: الذي يُوصي والذي يُوصى له وهو من الأَضداد.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (6/ 375)، طلبة الطلبة (335)، لسان العرب (15/ 394).

وفي الاصطلاح: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع، سواء كان ذلك في الأعيان، أو في المنافع.

يُنْظَر: التعريفات؛ للجرجاني (326)، أنيس الفقهاء (297).

(6)

وفي (ب)(الميت).

(7)

بداية المبتدي (238).

(8)

قال بدر الدين العيني: لأن ارتهان الوصي من باب استيفاء الحقوق. البناية شرح الهداية (13/ 49).

(9)

وفي (ب)(فوصيته).

(10)

وفي (ب)(الرهن).

(11)

وفي (ب)(بالراهن)، والصواب (فالراهن) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المَبْسُوط.

(12)

زيادة في (ب).

(13)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 99).

ص: 55

‌فصل

هذا الفصل قائم مقام [فصل]

(1)

المتفرقات وهو مؤخر عادة

(2)

.

قوله: (فَهُوَ رَهنٌ تفسيره

(3)

(4)

.

هذا إذا لم ينتقص شيء من كيله

(5)

، وأما

(6)

إذا انتقص شيء من كيله

(7)

بالتخمر

(8)

يَسقطُ

(9)

الدَّين بقدره؛ لأنَّه ذكر في مبسوط شيخ الإسلام رحمه الله في باب رهن أهل الذمَّة في هذه المسألة: وإذا صار رهنًا ذكر في الكتاب أنه يبطل من الدين على حساب ما نقص، ولم يذكر أنه أراد به نقصان القيمة أو نقصان الكيل، قالوا: والمراد منه نقصان الكيل؛ وذلك لأن العصير متى

(10)

صار خلاً بعدما صار خمراً [فإنه]

(11)

ينتقص

(12)

في الكيل شيء فينتقص من الدين بقدره، فأما إذا بقي الكيل على حاله وإنما انتقصت القيمة فإنه لا يسقط شيء من الدين عندهم جميعًا

(13)

.

لأنَّ الفائت مجرد وصف

(14)

[وبفوات مجرد الوصف]

(15)

في المكيلات والموزونات لا يسقط شيء من الدين عندهم؛ وإنما يتخير الراهن كما في القُلبِ

(16)

إذا انكسر

(17)

.

(1)

زيادة في (ب).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 96)، البناية شرح الهداية (13/ 50)، نتائج الأفكار (10/ 213).

(3)

وفي (ب)(بِعَشَرَةٍ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في بداية المبتدي.

(4)

بداية المبتدي (238).

(5)

وفي (ب)(مكيله).

(6)

وفي (ب)(أما).

(7)

وفي (ب)(مكيله).

(8)

أي: صار خمراً. البناية شرح الهداية (13/ 50).

(9)

وفي (ب)(سقط).

(10)

وفي (ب)(شيء).

(11)

سقط في (ب).

(12)

وفي (ب)(فينتقص).

(13)

يُنْظَر: الجامع الصغير (489)، المَبْسُوط؛ للشيباني (3/ 213) ط: ابن حزم، العناية شرح الهداية (15/ 96)، البناية شرح الهداية (13/ 50)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (7/ 216).

(14)

وفي (ب)(الوصف).

(15)

سقط في (ب).

(16)

القلب من الأسورة. وهو من الذهب المحلَّى. ويكون من الفضة أيضا: كقولهم: وفي يدها قلب فضة: أي سوار غير ملوي.

يُنْظَر: المخصص (1/ 372)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 191)، لسان العرب (6/ 83)، تاج العروس (16/ 74).

(17)

قال الإمام البابرتي: يتَخَيَّرُ الرَّاهنُ بيْنَ أنْ يفْتَكَّهُ نَاقصًا بجَمِيعِ الدّيْنِ وبَيْنَ أنْ يضْمَنَ قيمَتَهُ ويَجْعَلَهَا رهْنًا عنْدَهُ عنْدَ أَبي حَنيفَةَ وَأَبي يوسُفَ، وَعنْدَ محمد بيْنَ أنْ يفْتَكَّهُ نَاقصًا وبَيْنَ أنْ يجعله بالدَّيْنِ. العناية شرح الهداية (15/ 96).

وينظر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 150)، فتاوى قاضي خان (3/ 609)، العناية شرح الهداية (15/ 96)، تكملة البحر الرائق (8/ 320)، حاشية ابن عابدين (6/ 520)، البناية شرح الهداية (13/ 50)، تكملة رد المحتار (1/ 83).

ص: 56

[رهن العصير جائز]

وحاصله أن رهن العصير جائز

(1)

كبيعه

(2)

، فإذا تخمر وهما مسلمان: يفسد الرهن كالمسلم إذا اشترى عصيراً فتخمر قبل القبض يفسد

(3)

الشرى

(4)

فإذا فسد الرهن فللمرتهن أن يخللها

(5)

، وليس للراهن أن يمنعها منه بالاسترداد؛ لأن بحدوث الخمرية تنعدم المالية والتقوم في حق المسلم بحيث لا يضمن بالإتلاف وذلك مسقط للدين، إلا أنَّ المرْتَهِنِ متمكن من إعادة المالية بالتخليل فلا يكون للراهن أن يبطل عليه ذلك بأخذها،

(6)

فإذا خللها المرتهن أو صارت خلاًّ فقد عادت المالية وبعودها يعود حكم الرهن كما لو اشترى عصيراً فتخمر قبل القبض ثم تخلل بعده حيث يعود جائزا فكذا هذا إذا كانا مسلمين، ولو كانا كافرين يبقى الرهن جائزا ببقاء محلية

(7)

الرهن

(8)

في حق الراهن والمرتهن. ألا ترى أنَّ ابتداء العقد بينهما بالخمر جائز، فَلَأَن

(9)

يبقى جائزا أولى، ولو كان الرَّاهن مسلمًا والمرتهن كافراً فتخمر يفسد الرهن؛ لخروج

(10)

العين من أن يكون محلاً للرهن في حق الراهن بعد التخمر وللمرتهن أن يخللها وليس للراهن أن يمنعه [منه]

(11)

كما لو كانا مسلمين، وإن كان الراهن كافراً والمرتهن مسلمًا فتخمر فله أن يأخذ الرهن والدين على حاله وليس للمسلم أن يخللها؛ لأنَّ بحدوث صفة الخمرية لم تنعدم المالية في حقِّ الرَّاهن فقد فسد العقد؛ لأنَّ الطارئ بعد العيب

(12)

قبل حصول المقصود كالمقترن

(13)

بأصل العقد، والمسلم لو ارتهن خمراً من كافر لم يصح، فكذا إذا ارتهن عصيراً فتخمر يفسد العقد به، فإن خللها المسلم يضمن قيمتها يوم خللها لأنَّه صار غاصباً بما صنع وهو كما لو غصب خمر ذمي

(14)

فخللها حيث يضمن قيمتها والخل له، وتقع المقاصة إن كان دينه من جنس القيمة ويرجع بالزِّيادة إن كانت قيمة الخمر يوم خللها أقل من دينه، وصارت المسألة في الحاصل على أربعة أوجه مقسومة على القسمة العقلية.

(1)

وفي (ب)(جاز).

(2)

قال بدر الدين العيني: رهن العصير جائز لبيعه بلا خلاف. البناية شرح الهداية (13/ 50)، وقال ابن قدامة: ويجوز رهن العصير لأنه يجوز بيعه. المغني (4/ 224).

وينظر: منح الجليل (5/ 424)، الحاوي الكبير (6/ 108)، نهاية المحتاج (4/ 259)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (4/ 388).

(3)

وفي (ب)(فسد).

(4)

وفي (ب)(الشرا).

(5)

وفي (ب)(يخللهما).

(6)

وفي (ب)(فأخذها).

(7)

وفي (ب)(المحلية).

(8)

وفي (ب)(للرهن).

(9)

في (أ) كُتِبَ تعليق بخط صغير مقلوب فوق كلمة فلأن (اللَّام للتأكيد وأن مصدرية وهي مع الفعل مبتدأ).

(10)

وفي (ب)(بخروج).

(11)

زيادة في (ب).

(12)

وفي (ب)(العقد) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

وفي (ب)(كالمقترل).

(14)

الذمَّة: الأمان، والذميُّ: المعاهد الذي أعطى عهدا يأمن به على ماله و عرضه ودينه، وعلى جزيةٍ يؤدّيها. قال الزبيدي: ورجل ذمِّي أي: له عهْد. وقال الجوهَري: أهلُ الذِّمة: أهلُ العقْد. قلتُ: وهم الذين يُؤدُّون الجزْية من المُشْركين كلّهم. وسُمّي الذِّمِّي، لأنَّه يدْخُل في أمانِ المُسلمين. تاج العروس (32/ 205، 206).

وينظر: تهذيب اللغة (1/ 99)، الصحاح؛ للجوهري (5/ 204)، لسان العرب (3/ 312)، المعجم الوسيط (1/ 315).

ص: 57

وذلك أن الراهن والمرتهن إما إن كانا مسلمين أو كافرين، أو كان الراهن مسلماً والمرتهن كافراً أو على العكس فقد ذكرت أحكام الأربعة كلها إلى هذا أشار شيخ الإسلام والإمام المحبوبي -رحمهما الله-

(1)

.

(فَصَارَ يُسَاوِي دِرْهَماً فَهُوَ رَهنٌ بِدِرهَمٍ

(2)

هذا إذا كانت [قيمة]

(3)

الجلد يوم الرهن درهمًا.

وأمَّا إذا كانت قيمة الجلد يوم الرَّهن درهمين كان الجلد رهنًا بدرهمين، وإنما يعرف هذا فيما إذا نظر إلى قيمة الجلد وإلى قيمة اللحم يوم الارتهان، فإن كانت قيمة اللحم تسعة وقيمة الجلد درهماً كان الجلد رهناً بدرهم، وإنَّما يعرف ذلك إذا نظر إلى قيمة الشَّاةِ حية وإلى قيمتها مسلوخة

(4)

فإن كانت قيمتها حية عشرة وقيمتها [مسلوخة]

(5)

تسعة علمت أن قيمة الجِلد درهم يوم الرهن؛ لأنه بإزاء كل درهم من الشَّاة درهم من الدين فيسقط من الدين تسعة ويبقى الجِلد رهنًا بدرهم.

وإن كانت قيمتها حية عشرة وقيمتها مسلوخة ثمانية علمت أن قيمة الجِلد درهمان فيكون الجلد رهنًا بدرهمين.

وإنما وجب النظر إلى قيمة الجلد واللحم يوم الارتهان لا يوم الدِّباغة؛

(6)

لأن الأصل أنَّ قيمة الرهن إنما تعتبر يوم الارتهان.

هذا الذي ذكرنا فيما إذا كانت قيمة الشاة مثل الدين، فأما إذا كانت قيمة الشاة أكثر من الدين بأن كانت قيمة الشاة عشرين وقد دبغ الجلد فإنه ينظر إلى قيمة الجلد وإلى اللحم يوم الارتهان.

فإن كانت قيمته يوم الارتهان درهمًا بأن كانت قيمتها حية عشرين ومسلوخة تسعة عشر علم أن قيمة الجلد كانت درهمًا فيكون رهنًا بنصف درهم؛ لأنَّ بإزاء كل درهم من الشَّاة نصف درهم من الدين فيكون الجلد رهنًا بنصف درهم ويسقط بإزاء اللحم تسعة [عشر]

(7)

ونصف.

(1)

يُنْظَر: المَبْسُوط للشيباني (3/ 213) ط: ابن حزم، المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 150، 151)، العناية شرح الهداية (15/ 96، 97)، البناية شرح الهداية (13/ 50)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (7/ 217).

(2)

بداية المبتدي (238).

(3)

سقط في (ب).

(4)

والمسلوخة: اسم للشاة المسلوخ عنها جلدها، والسلخ: كشط الإهاب.

يُنْظَر: العين (4/ 198)، جمهرة اللغة (1/ 598)، تهذيب اللغة (7/ 79)، الصحاح؛ للجوهري (1/ 445).

(5)

سقط في (ب).

(6)

الدباغة: هي إزالة النتن والرطوبات النجسة من الجلد، يقال: دبغ فلان إهابه يدبغه دبغا ودباغة ودباغا، وفي الحديث:" دباغها طهورها ". والدباغ أيضا: ما يدبغ به.

يُنْظَر: جمهرة اللغة (1/ 300)، الصحاح؛ للجوهري (4/ 132)، المَبْسُوط؛ للسرخسي (1/ 202)، التعريفات؛ للجرجاني (138)، دستور العلماء (2/ 70).

(7)

سقط في (ب) وهي مثبتة بهامش (أ).

ص: 58

وإن كانت قيمة الشاة أقل من الدين بأن كانت قيمتها خمسة وقد دبغ الجلد وكانت قيمة الجلد يوم الارتهان درهمًا فقد ذهب من الدين أربعة والجلد رهن بستة؛ لأنَّ الخمسة من الدَّين كانت باقية وبمقابلة الخمسة الأخرى كانت الشاة مرهونة، فلما ماتت الشاة ذهبت [بما رهنت]

(1)

وهو الخمسة وقد عاد من الساقط بقدر مالية الجلد بالدباغة وهو درهم وكل جزء من الرهن محبوس بجميع الدين، فلهذا كان الجلد مرهونًا بما بقي من الدين وهو ستة ولم تعد أربعة؛ لأنَّها كانت بإزاء اللحم، ولم يزل التوي عن اللحم وقد [كان]

(2)

بقي عليه من الدين خمسة وكان الباقي من الدين ستة فصار الجلد رهنًا بستة مضمونًا بدرهم فإذا هلك الجلد بعد ذلك هلك بدرهم واحد فيرجع على الراهن بالخمسة الباقية من الدين

(3)

.

ثم هذا الذي ذكره محمد رحمه الله أنَّ الجلد يصير رهنًا بما يخصه من الدَّين

(4)

.

لا يشكل إذا حصل دبغ الجلد من المرتهن بشيء لا قيمة له، بأن تَرَّبه أو شَمَّسه؛ لأنَّه في [هذه]

(5)

الحالة لا يستحق بسبب الدِّباغة عن

(6)

الراهن شيئاً حتى يستحق حبس الجلد، فأمَّا إذا حصل الدَّبغ بما له قيمة يثبت للمرتهن حق حبس الرهن بما زاد

(7)

الدبغ فيه، كما لو غصب جلد ميتة ودبغه بشيء له قيمة وإذا استحق الحبس بدين حادث وجب له عن

(8)

الرَّاهن

(9)

.

هل يبطل الرهن الأول أم لا؟ فإن

(10)

الفقيه أبو جعفر

(11)

رحمه الله له فيه قولان:

(1)

زيادة في (ب).

(2)

سقط في (ب).

(3)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للشيباني (3/ 212، 213) ط: ابن حزم، العناية شرح الهداية (15/ 98)، البناية شرح الهداية (13/ 51)، تكملة البحر الرائق (8/ 321، 322).

(4)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للشيباني (3/ 212)، ط: ابن حزم.

(5)

سقط في (ب).

(6)

وفي (ب)(على).

(7)

وفي (ب)(الرهن بإزاء).

(8)

وفي (ب)(على)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(9)

يُنْظَر: درر الحكام (7/ 220).

(10)

وفي (ب)(قال) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(11)

هو الفقيه، أبو جعفر محمد بن عبدالله بن محمد بن عمر البلخي الهندواني. شيخ الحنفية، ذكره صاحب الهداية فقال: إمام كبير من أهل بلخ. قال السمعاني: كان يقال له: أبو حنيفة الصغير لفقهه. (ت 362 هـ).

يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 68)، سير أعلام النبلاء (16/ 131).

ص: 59

في أحدهما: [يبطل]

(1)

فيصير

(2)

الجلد رهنًا بقيمة ما زاد الدباغ قيمة

(3)

حتى لو أدَّى الراهن قيمة ما زاد الدباغ فيه أخذ الجلد؛ لأنَّه صار مرهونًا بالدَّين الثاني حكمًا، ولو صار مرهونًا بالدين الثاني حقيقة بأن قال الراهن: جعلته رهنًا بالدَّين الحادث، ينفسخ الأوَّل بالثَّاني فكذا إذا صار مرهونًا به حكمًا.

وفي القول الآخر: لا يبطل؛ لأنَّ الأصل عندنا: أنَّ الشيء إنَّما يبطل بما هو مثله أو فوقه، ولا يبطل بما هو دونه

(4)

كالبيع بألف ينفسخ بالبيع بألف وخمسمائة؛ لأنَّه مثله ولا ينفسخ بالرَّهن والإجارة؛ لأنَّه دونه والرهن الثَّاني ههنا دون الأوَّل؛ لأنه إنما استحق حبس الجلد بالماليَّة التي اتصلت بالجلد

(5)

بحكم الدَّبغ وتلك الماليَّة تبع للجلد فإنه وصف له والوصف تبع للأصل، والرهن الأول بمال هو أصل بنفسه وليس بتبع لغيره فيكون أقوى من الثاني فلم يرتفع الأول بالثاني ويثبت [الثاني]

(6)

أيضاً؛ لأن سببه قد تحقق، وأنه لا يمكن رده بخلاف الإجارة والرهن؛ لأن رده ممكن فإذا كان دون الأول لم يرتفع الأول وبطل الثاني كذا في مبسوط شيخ الإسلام والجامع الصغير للإمام المحبوبي

(7)

.

(وَيَكُونُ رَهناً مَعَ الأَصْلِ؛ لأَنَهُ تَبَعٌ لَهُ

(8)

وهذا عندنا

(9)

.

وقال الشَّافعي رحمه الله: لا يكون الولد رهنًا فالراهن أحق به عنده

(10)

.

(1)

زيادة في (ب).

(2)

وفي (ب)(ويصير)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

وفي (ب)(فيه).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 94)، العناية شرح الهداية (2/ 379)، تكملة البحر الرائق (8/ 321)، الدر المختار (2/ 132).

(5)

وفي (ب)(الجلد).

(6)

سقط في (ب).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 94)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (7/ 220)، تكملة البحر الرائق (8/ 321).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 155).

(9)

أي: أن نماء الرهن للراهن لأنه متولد من ملكه، مثل الولد والثمر واللبن والصوف. قال الامام القدوري: ونماؤه للراهن، فيكون رهنا مع الأصل. مختصر القدوري (139).

ويُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 151)، الهداية شرح البداية (4/ 155)، درر الحكام (7/ 218)، الدر المختار (6/ 521)، حاشية ابن عابدين (6/ 504)، تنقيح الفتاوى الحامدية (6/ 476)، تكملة رد المحتار (1/ 66)، الفتاوى الهندية (5/ 458).

(10)

يُنْظَر: الأم (3/ 144)، الحاوي الكبير (6/ 47).

ص: 60

(وَالرَّهنُ حَقُّ لازِمٌ فَيَسرِي

(1)

إِلَيهِ

(2)

(3)

ومعنى قوله: (حَقٌّ لازِمٌ

(4)

أي: متأكد بحيث لا اختيار فيه، ودليل التأكد هو: أنَّ الرَّاهن لا يملك إبطاله، بخلاف حق ولي الجناية في الأمة الجانية حيث لا يسري إلى الولد؛ لأنَّه ليس بمتأكد في الجارية حتَّى ينفرد

(5)

المالك من إبطاله بالفداء

(6)

.

[الأوصاف القارة]

والأصل في هذا: ما هو الجاري على ألسن الفقهاء لقولهم

(7)

الأوصاف القارَّة

(8)

في الأمَّهات تسري إلى الأولاد والرهن من الأوصاف القارة في الأمهات فتسري إلى الولد.

فإن قلت: على هذا الأصل يرد من النقوض فلابد من جوابها حتى يسلم عنها الأصل ويطرد عليه

(9)

بناء الفرع.

فالنقوض هي: الكفالة

(10)

، فإنَّ المرأة إذا كفلت لرجل عن رجل فولدت ولدًا لا يسري وصف الكفالة منها إلى ولدها والكفالة [هذه]

(11)

من الأوصاف القارة في الأمَّهات.

وكذلك الغصب: فإنَّ المغصوبة إذا ولدت لا يسري وصف الغصب إلى ولدها مع أنَّ أمه موصوفة بكونها مغصوبة.

وكذلك: ولد المستأجرة، وولد الموصى بها بالخدمة

(12)

، وولد المنكوحة، لم يتصفوا بصفة أمَّهاتهم.

(1)

وفي (ب)(فيشري).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 155).

(3)

أي: فيسري التبع إلى الأصل. البناية شرح الهداية (13/ 51).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 51).

(5)

وفي (ب)(يتفرد).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 94).

(7)

وفي (ب)(بقولهم).

(8)

والقارُّ: ما يكون ثابتا في جملة الأم، ولا ينفرد من عليه بإبطال حكمه. والأوصاف: كالرهن، والتدبير، والاستيلاد، والرق، والحرية.

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 100).

(9)

وفي (ب)(عنها).

(10)

الكفالة لغةً: الضم، ومنه قولهم: كفل فلانٌ فلاناً؛ إذا ضمه إلى نفسه، والكفالة؛ الضمان، والكفيل؛ الضمين، أو الضامن. يُنْظَر: العين (5/ 373)، المخصص (3/ 442)، طلبة الطلبة (287)، المصباح المنير (2/ 536)، أنيس الفقهاء (222).

واصطلاحاً: ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة. أو ضم ذمة إلى ذمة في التزام المطالبة بالدين.

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 237)، الهداية شرح البداية (3/ 87)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 227)، فتح القدير (7/ 163)، تبيين الحقائق (4/ 146)، دستور العلماء (3/ 90).

(11)

زيادة في (ب).

(12)

وفي (ب)(بالحرمة).

ص: 61

وكذلك: حق الدَّفع في الجارية الجانية، وحق الزكاة في النصاب بعد كمال الحول لم يسر إلى ولدها.

قلت: حق الكفالة عندنا يسري إلى الولد إذا كفلت أمة بإذن مولاها بمال ثم ولدت. فأما إذا كانت حرة فالحق بالكفالة يثبت في ذمتها والولد لا يتولد من الذمة.

وفي الغصب: إنما لا يثبت حكم الضمان في الولد عندنا لانعدام السبب الذي يجعل العين مضمونًا عليه وهو القبض

(1)

مقصودًا

(2)

.

ألا ترى أنَّ ولد المبيعة قبل القبض يسري إليه حكم البيع ولا يكون مضمونًا إن هلك لهذا المعنى.

وأما ولد المستأجرة: إنما لم يسر وصف الاستئجار؛ لأنَّ حق المستأجر

(3)

في المنفعة لا في العين فلا يكون متأكدًا، ولهذا لا يسري إلى بدل العين فلا يسري إلى الولد لذلك.

ولأنَّ الحق إنما يسري إلى الولد إذا كان هو محلاً صالحًا لذلك الحق، والولد يحدث غير منتفع به فلا يكون محلاً صالحًا لحق المستأجر وذلك الولد محل صالح لحق المرْتَهِنِ؛ لأنه ينفصل مالاً متقومًا

(4)

وحق المرْتَهِنِ في المال المتقوم فيسري إلى الولد.

وهذا هو العذر عن ولد المنكوحة، فإن حق النكاح لا يسري إليه؛ لأنَّه ليس بمحل للحل في حق الزوج وهو العذر أيضاً عن ولد الجارية الموصى بخدمتها؛ لأنَّه لا يكون محلاً صالحا

(5)

للخدمة حين ينفصل.

وقد ذكرنا الجواب عن ولد الجانية: وهو أنَّ حق ولي الجناية ليس بمتأكِّد في العين فإن من عليه متفرد بإبطال الحق عن العين باختيار الفداء.

وأمَّا حق الزكاة: فإنَّه في الذمة لا في العين، فإنَّ المستحق فعل أشياء في الذمة ثم من عليه يملك الأداء من محل آخر فعرفنا أنه غير متأكد في العين فلا يسري إلى الولد، كذا ذكر في الباب الأول من رهن المَبْسُوط

(6)

.

فحصل من هذا كله أن قولهم: الأوصاف القارَّة في الأمَّهات تسري إلى الأولاد. محمول على أن تكون تلك الأوصاف من الأوصاف التي تثبت في الأم في جملتها كما في كونها مبيعة وحرَّةً وقِنَّةً

(7)

ومكاتبة ومدبرة، لا في ذمتها كما في كفالة الحرة ولا في ذمة مالك الأم كما في الزكاة، وأن يكون الولد صالحًا لحكم ذلك الوصف كالبيع والتحرير على ما ذكرنا بخلاف الغصب والإجارة والنكاح والوصية بالخدمة؛ فإن الضمان بالغصب، إنما يتحقق بالقبض مقصودًا بغير حق وهو لم يوجد في حق الولد فلا يثبت حكم الغصب فيه وكذلك لا يسري وصف الإجارة والنكاح والوصية بالخدمة؛ لأنَّ الولد حين يولد غير صالح لحكم الإجارة والوصية بالخدمة؛ لأنَّه غير منتفع به وغير صالح لحكم النكاح في حق الزوج أبدًا ويكون رهنًا مع الأصل.

(1)

وفي (ب)(الغصب).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 100)، البناية شرح الهداية (13/ 52).

(3)

وفي (ب)(المستأجرة).

(4)

المال المتقوم: يستعمل في معنيين: الأول بمعنى ما يباح الانتفاع به. والثاني: بمعنى المال المحرز فالسمك في البحر غير متقوم وإذا اصطيد صار متقوما بالإحراز. يُنْظَر: مجلة الأحكام العدلية (1/ 31)، قواعد الفقه (459).

(5)

وفي (ب)(يعد).

(6)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 76).

(7)

والقِنُّ: العبد إذا ملك هو وأبواه يستوي فيه الاثنان والجمع والمؤنث وربما قالوا: عبيد أقنان ثم يجمع على أقنة. قال ابن المطرز: وأمَّا (أمَة قنَّة) فلم أسمعه. وعن ابن الأعرابي: عبد قن: أي خالص العبودة، وعلى هذا صح قول الفقهاء لأنهم يعنون به خلاف المدبر والمكاتب. المغرب في ترتيب المعرب (2/ 197). وينظر: الصحاح؛ للجوهري (6/ 34)، أنيس الفقهاء (152).

ص: 62

وهذا عندنا خلافاً للشَّافعي رحمه الله وقال الشَّافعي رضي الله عنه النماء ليس برهن

(1)

.

والأصل عندنا: أنَّ كل ما يتولَّد من غير

(2)

الرَّهن يسري إليه حكم الرهن، وكذلك كل ما كان بدل جزء منه.

(3)

وأمَّا ما كان بدل المنفعة فلا؛ لأنَّه تبع له فيأخذ حكم الأصل: وهو أن النماء المتولِّد من العين مرهون تبعًا لا أصلاً، كولد المبيع على أصول أصحابنا مبيع تبعًا لا أصلا فلا يكون له حصة من الضَّمان إلا (إِذَا صَارَ مَقْصُوداً

(4)

بالفكاك (كَوَلَدِ المَبِيعِ

(5)

لا يكون له حصة من الثمن إلا إذا صار مقصودًا بالقبض كذا في المحيط والإيضاح

(6)

.

(وَقِيمَةِ النَّمَاءِ يَومَ الفِكَاكِ

(7)

؛ لأنَّه إنما صار له من الضمان بالفكاك إذا لو هلك قبله يهلك بغير شيء كذا في الإيضاح

(8)

.

(1)

يُنْظَر: الأم (3/ 144)، الحاوي الكبير (6/ 47).

(2)

وفي (ب)(عين)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

قال الماوردي: قد ذكرنا أن نماء الرهن ملك للراهن فأما دخوله في الرهن فلا يخلو حاله من ثلاثة أضرب. أحدها: ما يدخل في الرهن وهو النماء المتصل كالطول والسمن. والثاني: ما لا يدخل في الرهن وهو كسب العبيد والإماء. والثالث: ما اختلف فيه الفقهاء وهو ما سوى الكسب من النماء المنفصل كالثمرة والنتاج والدر والصوف وأولاد الإماء، ففيه ثلاثة مذاهب. أحدها: وهو مذهب الشافعي، أن جميع ذلك خارج من الرهن. والثاني: وهو مذهب أبي حنيفة، أن جميع ذلك داخل في الرهن. والثالث: وهو مذهب مالك، أن ما كان من ذلك من جنس الرهن كالأولاد والنتاج، فإنه يكون داخلا في الرهن وما كان من غير جنسه كالدر والثمرة فإنه يكون خارجا من الرهن. الحاوي الكبير (6/ 208). ويُنْظَر: مختصر القدوري (139)، بدائع الصنائع (6/ 151)، الهداية شرح البداية (4/ 155)، درر الحكام (7/ 218)، الدر المختار (6/ 521)، حاشية ابن عابدين (6/ 504)، تنقيح الفتاوى الحامدية (6/ 476)، تكملة رد المحتار (1/ 66)، الفتاوى الهندية (5/ 458)، التلقين (2/ 417)، الاستذكار (7/ 137)، البيان والتحصيل (11/ 65، 66)، التاج والإكليل (5/ 16)، الأم (3/ 144).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 155).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 155).

(6)

يُنْظَر: المحيط البرهاني (6/ 560)، بدائع الصنائع (6/ 152).

(7)

بداية المبتدي (238).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 101)، حاشية ابن عابدين (6/ 522)، تكملة رد المحتار (1/ 85).

ص: 63

(وَالزِّيَادَةُ تَصِيرُ مَقْصُودَةً بِالفِكَاكِ

(1)

والظاهر بقاؤه إلى وقت الفكاك، فيُقسَّم الدَّين في الحال على الأصل والولد بناء على الظاهر، يعتبر في الانقسام قيمة الأصل يوم العقد وقيمة الولد يوم الفكاك فإن هلك الولد قبل الفكاك لم يصر أصلاً فبطلت تلك

(2)

القسمة فهلك

(3)

بغير شيء كذا في زيادات الإمام قاضي خان رحمه الله

(4)

.

(5)

(فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرطِ

(6)

؛ لأنَّ كلمة ما في قوله: (فَمَا حبلت

(7)

(8)

متضمنة معنى الشرط بدليل دخول الفاء في جوابه كقوله [تعالى]

(9)

{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}

(10)

(11)

.

(وَلا يَسقُطُ شَيءٌ مِنَ الدَّينِ

(12)

(لأَنَّهُ أَتلَفَهُ بِإذْنِ الملك

(13)

(14)

فكأن فيه إشارة إلى أنه لو أتلفه بغير إذن المالك يسقط من الدين بقدره.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 155).

(2)

كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (بتلك).

(3)

وفي (ب)(فيهكك).

(4)

كتاب شرح الزيادات؛ للحسن بن منصور بن أبي القاسم الأوزجندي، المشهور بقاضي خان، شرح فيه كتاب الزيادات؛ لمحمد بن الحسن الشيباني، وكتاب الزيادات أحد كتب ظاهر الرواية، وأحد الكتب المعتمدة عند الحنفية.

يُنْظَر: تاج التراجم (151)، الأعلام؛ للزركلي (2/ 224)، معجم المؤلفين؛ لكحالة (3/ 297)، كشف الظنون (2/ 962).

(5)

يُنْظَر: مختصر القدوري (139)، الهداية شرح البداية (4/ 155)، البناية شرح الهداية (13/ 53).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 155).

(7)

حبلت: أي حملت؛ مشتقة من الحَبَل؛ وهو الحمل، يقال: امرأة حبلى؛ أي: حامل.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (4/ 351)، المصباح المنير (1/ 151)، المعجم الوسيط (1/ 199).

(8)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (حَلَبْتَ) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في بداية المبتدي (238).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

سورة النحل من الآية (53).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 102)، البناية شرح الهداية (13/ 54).

(12)

بداية المبتدي (238).

(13)

وفي (ب)(المَالِكِ) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

ص: 64

والدليل على هذا: ما ذكره في الذخيرة فقال: إذا حلب المرتهن الشَّاة التي هي رهن بإذن الراهن وشربه فلا ضمان عليه ولا يسقط شيء من الدين، أو فعل الرَّاهن بنفسه، ولو فعل ذلك بغير إذن الراهن وجب عليه الضمان فيكون رهنًا عند المرتهن محبوساً [بالدَّين]

(1)

مع الشَّاة، وكذلك لو فعل الراهن ذلك بنفسه بغير إذن المرتهن ضمن قيمته وتكون القيمة رهنًا عند المرتهن مع الشَّاة

(2)

.

ثم التقييد بالشَّاة إنما تظهر فائدته في جانب الضمان فيما إذا حلبها بغير إذنه حتى أن المرهون لو كان أمة فأرضعت صبي المرْتَهِنِ بغير إذن الراهن لم يحتسب به؛ لأنَّ لبن الآدمي لا ثمن له.

[حكم الزيادة في الرهن وصورته]

(وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهنِ

(3)

(4)

صورته إذا رهنه ثوباً بعشرة يساوي عشرة ثم زاد الراهن المرتهن ثوباً آخر ليكون مرهونًا مع الأول بالعشرة، ففي القياس لا تصح هذه الزيادة وهو قول زفر رحمه الله؛ لأنَّه لابد من أن يجعل بعض الدين بمقابلة الزيادة ليكون مضمونًا به، وذلك متعذر مع بقاء حكم الرهن في الثوب الأول لبقاء القبض والدين، فهو نظير ما لو ناقضه الرهن في الثَّوب أو تبادلا رهنًا [برهن]

(5)

على ما بينا، وهذا في الحقيقة بناء على أصل زفر رحمه الله: أنَّ الزيادة في الثَّمن والمبيع لا تثبت ملحقاً

(6)

بأصل العقد وقد بيناه في البيوع.

وفي الاستحسان: وهو قول علمائنا الثلاثة:

(7)

تثبت الزيادة في الرهن في حكم الدين؛ لأن تراضيهما على الزيادة بعد العقد بمنزلة تراضيهما عليه عند العقد، ولو رهن

(8)

في الابتداء ثوبين بعشرة جاز الرهن وانقسم الدين على قيمتهما فكذلك ههنا ينقسم الدين على قيمة الأصل وقت القبض

(9)

(وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ وقت

(10)

القَبضِ

(11)

وهذا بخلاف ما إذا تبادلا رهنًا برهن فلم يوجد هناك التراضي منهما

(12)

على ثبوت حكم الرهن فيهما جميعًا كذا في المَبْسُوط

(13)

.

(1)

سقط في (ب).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 102)، البناية شرح الهداية (13/ 54)، الفتاوى الهندية (5/ 468).

(3)

بداية المبتدي (238).

(4)

قال الإمام القدوري: وتجوز الزيادة في الرهن، ولا تجوز الزيادة في الدين عند أبي حنيفة ومحمد، ولا يصير الرهن رهنا بهما. وقال أبو يوسف: تجوز الزيادة في الدين أيضاً. مختصر القدوري (139).

(5)

زيادة في (ب).

(6)

وفي (ب)(ملتحقا).

(7)

هذا المصطلح إذا أطلق عند الحنفية يراد به: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن.

يُنْظَر: مصطلحات المذاهب الفقهية؛ لمريم الظفيري (ص 94).

(8)

وفي (ب)(رهنه).

(9)

وفي (ب)(العقد).

(10)

كذا في (أ) و (ب)، أما في متن بداية المبتدي (يَومَ).

(11)

بداية المبتدي (238).

(12)

وفي (ب)(عنهما).

(13)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 96، 97).

ص: 65

(وَالخِلَافُ مَعَهُمَا

(1)

فِي الرَّهنِ

(2)

أي: في زيادة الرهن.

(وَالمَنكُوحَةُ) أي: في زيادة المنكوحة. (سَوَاءٌ

(3)

[أي]

(4)

عندنا يجوز، وعند (زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رحمهما الله لا تَجُوزُ

(5)

(6)

. فصورة زيادة المنكوحة: بأن زوَّج المولى أمته من رجل بمهر

(7)

مقدَّر، ثم زوج المولى أمة أخرى منه بذلك المهر وَقَبِلَ الزَّوج يصح وينقسم

(8)

الألف عليهما، أمَّا لو قال: زدتك هذه الأمة الأخرى بتلك الألف لا يجوز كذا وجدت بخط شيخي رحمه الله

(9)

(10)

.

(1)

أي: مع زفر والشافعي -رحمهما الله-.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(6)

سيأتي تخريج مذهب الشافعي (171، 172). ووجْهُ قوْلِ زُفرَ والشَّافِعِيِّ -رحِمَهُمَا اللّهُ-: إن الثّمَنَ والْمَبِيعَ من الْأسْمَاءِ الْإِضافِيَّةِ الْمُتقَابِلَةِ فلَا يُتصَوَّرُ مبِيعٌ بِلا ثمَنٍ ولَا ثمَنٌ بِلا مبِيعٍ، فالْقَوْلُ بِجوَازِ الْمبِيعِ والثَّمَنِ مبِيعًا وثَمَنًا قوْلٌ بِوجُودِ الْمبِيعِ ولَا ثمَنَ والثَّمَنِ ولَا مبِيعَ لِأنَّ الْمبِيعَ، اسمٌ لِمالٍ يُقابِلُ ملْكَ الْمُشْترِي وهو الثّمَنُ والثَّمَنُ اسمٌ لِمالٍ يُقابِلُ ملْكَ الْبائِعِ وهو الْمبِيعُ فالزِّيَادَةُ من الْبائِعِ لو صحَّتْ مبِيعًا لا تُقابِلُ ملْكَ الْمُشْترِي، بلْ تُقابِلُ ملْكَ نفْسِهِ لِأنَّهُ ملَكَ جمِيعَ الثّمَنِ، ولَوْ صحَّتْ من الْمُشْترِي ثمَنًا لا تقَابِلُ ملْكَ الْبَائعِ، بلْ تقَابِلُ ملْكَ نَفْسهِ لأَنَّهُ ملَكَ جَميعَ الْمَبيعِ فلَا تَكونُ الزّيَادَةُ مَبيعًا وثَمَنًا لانْعِدَامِ حَقيقَةِ الْمَبيعِ والثَّمَنِ فَيجْعَلُ منه هبَةً مبْتَدَأَةً وَلأَنَّ كلَّ الْمَبيعِ؛ لمَّا صارَ مقَابَلًا بِكلِّ الثّمَنِ وَكلُّ الثّمَنِ مقَابَلٌ بِكلِّ الْمَبيعِ فَالزّيَادَةُ لو صحَّتْ مَبيعًا وثَمَنًا لخَلَتْ عمَّا يقَابِلُهُ فكَانَتْ فَضلَ مالٍ خالٍ عن الْعوَضِ في عَقدِ الْمعَاوَضَةِ، وهَذَا تَفْسيرُ الرّبَا. بدائع الصنائع (5/ 258).

(7)

المهر لغةً: صداق المرأة، وجمعه مهور، وأمهرها الرجل؛ إذا جعل لها مهراً، ومهرها؛ إذا أعطاها مهراً. ومن أسماء المهر؛ النحلة، والعلائق، والصدُقة، وغيرها.

يُنْظَر: المحكم والمحيط الأعظم (4/ 316)، طلبة الطلبة (132)، لسان العرب (10/ 197)، المصباح المنير (2/ 582).

واصطلاحاً: قال الامام البابرتي: والمهر هو: المال الذي يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة منافع البضع، إما بالتسمية، أو بالعقد. العناية شرح الهداية (4/ 472).

وينظر: بدائع الصنائع (2/ 274)، أنيس الفقهاء (145).

(8)

وفي (ب)(ويتقسم).

(9)

أي: العلامة حافظ الدين النسفي: هو عبدالله بن أحمد بن محمود أبو البركات النسفي. وهو من شيوخ الإمام السغناقي (ت 710 هـ) كما صرح به بدر الدين العيني في البناية (13/ 55) حيث قال: ولو قال المولى: «زوجتك أمة أخرى بتلك الألف» لا يجوز، كذا وجد بخط العلامة حافظ الدين. وينظر ترجمته في: الجواهر المضية (1/ 270)، تاج التراجم (174).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 105)، البناية شرح الهداية (13/ 55).

ص: 66

ولكن ذكر في بيوع الْأَسْرَار بعدما ذكر حكم الزيادة في البيع فقال: وكذلك النكاح يقبل زيادة المهر من الرجل، ولا يقبل زيادة امرأة أخرى من الوَليِّ بالمهر الأول.

وكذلك إن كانت المنكوحة أمة وزاد المولى أمة أخرى بشهود بالمهر الأول لم يصح ووجب مهر آخر؛ لأنَّ العقد من الابتداء مشروع

(1)

بما شاء من المهر، ولم يُشرع بما شاءوا من النِّساء بلا مهر لبعضهن

(2)

.

(وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي البُيُوعِ) أي: في الفصل الذي ذكره في باب المرابحة والتولية

(3)

.

(وَلأَبِي يُوسُفَ رحمه الله فِي الخِلافِيَّةِ الأُخْرَى

(4)

(5)

وهو

(6)

قوله: (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الدَّينِ أَيْضاً

(7)

(8)

.

(أَلا تَرَى أَنَّهُ لَو رَهَنَ عَبْداً بِخَمْسِمَائَةٍ مِنَ الدَّينِ جَازَ

(9)

أي: رهن عبدًا بمقابلة خمسمائة من الدين الذي هو ألف أي: بنصف الدين، وبه صرح في المَبْسُوط فقال: والشيوع في الدين لا يصير كما لو رهنه بنصف الدين رهنًا، ولا يقال الزيادة تثبت على سبيل الالتحاق بأصل العقد فلا يؤدي إلى الشيوع فيه؛ لأنَّا نسلم هذا، ولكنه مع الإلحاق

(10)

بأصل العقد تثبت تسميته على حدة فهو كما رهنه في الابتداء ثوباً بعشرين: نصفه بعشرة ونصفه بعشرة وذلك لا يجوز وبه فارق البيع والشيوع، وتفرق التسمية لا يؤثر في إفساد البيع

(11)

.

(1)

وفي (ب)(فمشروع).

(2)

قال الإمام الكاساني: وأَمَّا الزِّيادَةُ في المَنْكُوحَةِ بِالمَهْرِ الأَوَّلِ فلَا تجُوزُ. بدائع الصنائع (5/ 258).

وينظر: فتح القدير (3/ 331)، العناية شرح الهداية (15/ 105)، البناية شرح الهداية (13/ 55).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (3/ 56).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(5)

أي: مسألة الزيادة في الدين. البناية شرح الهداية (13/ 55).

(6)

وفي (ب)(وهي).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(8)

ومذهب الشافعي رحمه الله كمذهب أبي حنيفة رحمه الله، فيجوز عنده أن يرهن بالدين الواحد رهنا بعد رهن، ويكونا كما لو رهنهما معا. وفي جواز زيادة الدين مع اتحاد المرهون قولان: الأظهر الجديد، وهو مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن: أنه لا تجوز الزيادة في الدين مع اتحاد المرهون. والثاني القديم: أنه يجوز أن يزاد في الدين مع اتحاد المرهون، كما يجوز أن يزاد في الحق الواحد، أو الدين الواحد في رهن آخر، وهو اختيار المزني ومذهب أبي يوسف رحمه الله. يُنْظَر: الأم (3/ 136)، الحاوي الكبير (6/ 87، 88)، الوسيط (3/ 477)، التنبيه (100)، الشرح الكبير (4/ 461)، روضة الطالبين (4/ 56)، مغني المحتاج (2/ 127، 128)، نهاية المحتاج (4/ 252، 253).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(10)

وفي (ب)(الإلتحاق).

(11)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 98)، والعناية شرح الهداية (15/ 105)، البناية شرح الهداية (13/ 56).

ص: 67

(الإِلحَاقُ

(1)

بِأَصلِ العَقْدِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي طَرَفِ الدَّينِ؛ لأَنَّهُ غَيرُ مَعقُودٍ عَلَيهِ وَلا مَعقُودٍ بِهِ

(2)

يعني: أن الزيادة إنما تصح ملحقاً

(3)

بأصل العقد في المعقود عليه كما في الزيادة في الرَّهن، والزيادة في المبيع أو المعقود

(4)

به كما في الزيادة في الثَّمن؛ لأنَّ وجوب الثمن بالعقد فكان معقودًا به، وههنا الدين ليس بمعقود عليه ولا معقود به؛ [لأن المعقود به ما يكون وجوبه بالعقد والدين كان واجبا قبل عقد الرهن بسببه ويبقى بعد فسخ الرهن فعلم أنه ليس بمعقود به]

(5)

فلا يملك إثبات الزيادة فيه ملتحقاً بأصل العقد، فأما الرهن فمعقود عليه؛ لأنَّه لم يكن محبوساً قبل عقد الرَّهن ولا يبقى محبوساً بعد فسخ الرَّهن فالزِّيادة في الرهن تكون زيادة في المعقود عليه فيلحق

(6)

بأصل العقد إلى هذا أشار في المَبْسُوط

(7)

.

(بَل وُجُوبُهُ

(8)

أي: وجوب الدين (وَالاِلتِحَاقُ بِأَصلِ العَقدِ فِي بَدَلَي العَقْدِ

(9)

وهما المعقود عليه، [والمعقود به.]

(10)

[الزيادة القصدية]

(وَتُسَمَّى هَذِهِ

(11)

أي: الزيادة في المرهون (زِيَادَةً قَصْدِيَّةً

(12)

بخلاف نماء الرهن، فإن ذلك زيادة في الرهن ليس بقصدية بل زيادة ضمنية

(13)

فيختلفان حكمًا أيضاً فإن الدين يقسم على قيمة الرهن يوم القبض وعلى النَّماء يوم الفكاك

(14)

.

(وَإِذَا وَلَدَت المَرْهُونَةُ وَلَداً

(15)

أي: رُهنت أمة بألف وقيمتها ألف وولدت ولدًا يساوي ألفا (ثُمَّ إِنَّ الرَّاهِنَ

(16)

زاد المرْتَهِنُ مع الولد عبدًا يساوي ألفاً فذلك جائز وهو (رَهْنٌ مَعَ الوَلَدِ خَاصَّةً

(17)

كذا في الإيضاح

(18)

.

(1)

وفي (ب)(والإِلتِحَاقُ) وهي الصواب، حيث جاءت هكذا في الهداية.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(3)

وفي (ب)(ملتحقا).

(4)

وفي (ب)(المقصود).

(5)

زيادة في (ب).

(6)

وفي (ب)(فيلتحق).

(7)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 98)، العناية شرح الهداية (15/ 105، 106)، البناية شرح الهداية (13/ 56).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(10)

زيادة في (ب).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 156).

(13)

وفي (ب)(حكمية).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 106)، البناية شرح الهداية (13/ 56).

(15)

بداية المبتدي (238).

(16)

بداية المبتدي (238).

(17)

بداية المبتدي (238).

(18)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 159)، تبيين الحقائق (6/ 96)، العناية شرح الهداية (15/ 108).

ص: 68

(زَادَ مَعَ الوَلَدِ

(1)

بأن قال: زدتك هذا العبد مع الولد؛ لأنه جعله زيادة مع الولد دون الأم فثبت على هذا الوجه فينظر إلى قيمة الولد يوم الفكاك.

و [إلى]

(2)

(قِيمَةِ الأُمِّ يَومَ العَقْدِ

(3)

فما أصاب الولد قُسِم على قيمته يوم الفكاك وعلى قيمة الزيادة يوم قبضت؛ لأنَّها دخلت

(4)

في ضمانه بالقبض.

فإن مات الولد بعد الزيادة بطلت الزيادة؛ لأنَّ الولد إذا هلك خرج من العقد فصار كأن لم يكن فبطل الحكم في الزيادة.

(وَلَو كَانَت الزِّيَادَةُ مَعَ الأُمِّ

(5)

بأن قال: زدتك هذا العبد مع الأم؛ لأن الزيادة ذهب

(6)

مع الأم، فالزيادة إذا دخلت على الأم صار

(7)

كأنها كانت في أصل العقد، فيكون الولد داخلاً في حصة الأمِّ خاصَّة، فإن ماتت الأم بعد الزيادة ذهب فإن

(8)

كان فيها وبقي الولد والزيادة بما فيهما؛ لأن هلاك الأم لا يوجب سقوط الضمان بل يتناهى الضمان ويتقرر، فلا يبطل الحكم في الزيادة بخلاف الزيادة في الولد.

ولو مات الولد بعد الزيادة ذهب بغير شيء وكان العبد

(9)

في الأم ولا ولد [معها]

(10)

كذا في الإيضاح

(11)

.

(وَلا يَخْرُجُ عَنِ الضَّمَانِ إِلا بِنَقْضِ القَبْضِ

(12)

وهذا احتراز عن الإبراء

(13)

على ما يجيء، فإنَّ بالإبراء يرتفع الضَّمان، وإن لم ينقض القبض بالرد إلى الراهن حتى لو هلك يهلك بغير شيء.

(1)

بداية المبتدي (238).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

بداية المبتدي (238).

(4)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(5)

بداية المبتدي (238).

(6)

وفي (ب)(دخلت)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

وفي (ب)(صارت)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(8)

وفي (ب)(ما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(9)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب والله أعلم (العقد) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في العناية (15/ 108).

(10)

زيادة في (ب).

(11)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 96)، العناية شرح الهداية (15/ 108)، البناية شرح الهداية (13/ 57)، تكملة البحر الرائق (8/ 325).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(13)

الإبراء لغةً: الإسقاط، والنقاء، والتنزيه، والتخليص، والإستيفاء.

واصطلاحاً: أن يبرئ أحد الآخر بإسقاط تمام حقه الذي هو عند الآخر، أو بحط مقدار منه عن ذمته.

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 64)، تهذيب الأسماء (3/ 22)، الكليات (33)، التعاريف (30).

ص: 69

(لأَنَّ الرَّهْنَ تَبَرُّعٌ كَالهِبَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْل

(1)

أي: في صدر كتاب الرَّهن في تعليل أن الإتمام

(2)

الرَّهن بالقبض

(3)

.

(لأَنَّ الرَّهنَ مَضمُونٌ بِالدَّينِ أَو بقيمته

(4)

(5)

هذا تعليل [في]

(6)

جواب الاستحسان بأن الرهن (يَهلَكُ بِغَيرِ شَيءٍ اسْتِحْسَاناً

(7)

بيان هذا: هو أن ضمان الرهن يثبت باعتبار القبض والدين جميعًا؛ لأنَّه ضمان استيفاء فلا يتحقق ذلك إلا باعتبار بقاء الدين، وبالإبراء عن الدين انعدم

(8)

أحد المعنيين: وهو الدين، والحكم الثابت بعلةٍ

(9)

ذات وصفين. ينعدم بانعدام أحدهما

(10)

، ألا ترى أنه لو رد الرهن سقط الضمان لانعدام القبض مع بقاء الدين فكذلك إذا أبرأ عن الدين يسقط الضمان لانعدام

(11)

الدين مع بقاء القبض

(12)

.

(13)

ولما (لَم يَبْقَ الدَّينُ

(14)

[باعتبار]

(15)

(بِالإِبْرَاءِ

(16)

(17)

والهبة (وَلا جِهَة

(18)

الدين لم يبق الضمان.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(2)

وفي (ب)(تمام)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 109)، البناية شرح الهداية (13/ 58).

(4)

وفي (ب)(بِجِهَتِهِ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وجاءت هكذا في الهداية.

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

بداية المبتدي (238).

(8)

وفي (ب)(انعدام)

(9)

العلة: هي المعنى الجالب للحكم. ومنه علة المريض وهي السبب، والجالب للمرض.

يُنْظَر: رسالة في أصول الفقه (68)، قواطع الأدلة في الأصول (2/ 274)، البحر المحيط في أصول الفقه (4/ 103).

(10)

قال أبو الربيع الطوفي: وكل علة كانت ذات وصفين، أو حكم علق على شرطين، لم يوجد الحكم بأحدهما، لأن العلة والشرط لا يؤثران إلا كاملين. شرح مختصر الروضة (1/ 480)، وينظر: أصول السرخسي (2/ 237)، روضة الناظر (173)، كشف الأسرار؛ للبخاري (4/ 73).

(11)

وفي (ب)(بانعدام).

(12)

وفي (ب)(الدين).

(13)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 90).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(15)

زيادة في (ب).

(16)

وفي (ب)(الإبراء).

(17)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(18)

أي: بسببه. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 110).

ص: 70

فإن قلت: لو تعلق زفر بمعنى فقهي ومسائل وقال: أنَّ الرهن

(1)

صار مضمونًا [على المرتهن]

(2)

بالقبض بسبب العقد، وإنما قلنا ذلك: لأنَّ القبض حصل بإذن المالك والقبض متى حصل بإذن المالك لا يصير المقبوض مضمونًا على القابض بالقبض، بل بالعقد فصح قولنا: أن الرهن صار مضمونًا على المرْتَهِنِ بسبب العقد فيبقى هذا الضمان ما بقي القبض

(3)

.

والدليل على هذا: ما قالوا في البيع الفاسد: إذا قضى القاضي بالرد فإنه يبقى المبيع

(4)

مضمونًا على المشتري ما بقي، وكذلك إذا اشترى شيئاً على أنَّ البائع بالخيار وقبض المشتري ففسخ البائع البيع بحكم الخيار يبقى العقد

(5)

مضمونًا على المشتري بالقيمة لبقاء القبض، وإن كان الخيار للمشتري وقد فسخ البيع بحكم الخيار يبقى مضمونًا على المشتري بالثمن لبقاء القبض، وكذلك إذا رهن شيئاً بدين ظنَّاه ثم تصادقا

(6)

على أن لا دين بقي الرهن مضمونًا وإن لم يكن

(7)

على الراهن دين لبقاء القبض فكذلك ههنا

(8)

.

وقولنا: مضمون بالقبض بالعقد: احتراز عن الغصب فإن المغصوب منه إذا أبرأ الغاصب عن الضمان والمغصوب قائم في يد الغاصب ينقلب الغصب أمانة في يده وإن بقي القبض الموجب للضمان؛ لأنَّ ضمان الغصب ضمان قبض لا ضمان عقد.

وأوضح من هذا كله: أنه بقبض الرهن تثبت يد الاستيفاء للمرتهن، ويتم ذلك بهلاك الرهن فصيرورته

(9)

مستوفياً بهلاك الرهن بعد الإبراء بمنزلة استيفائه حقيقة بعد الإبراء فيلزمه رد المستوفى.

غاية ما في الباب: أنه صار مستوفياً من وقت القبض حتى تعتبر

(10)

قيمته من ذلك الوقت فيكون مُبرَّأً بعد الاستيفاء فلم يصح الإبراء فلا يجب على المرتهن رد قيمة الرهن؛ لأنَّه قبض حقه كما [لو]

(11)

لم يوجد الإبراء أصلاً؛ لأنَّا نقول الإبراء بعد الاستيفاء صحيح موجب لرد المستوفى كالبائع إذا قبض الثمن، ثم إبراء المشتري عن الثمن حيث يصح الإبراء و يجب رد الثمن ما جوابنا عنه؟

(1)

وفي (ب)(الدين).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 110)، تكملة البحر الرائق (8/ 266).

(4)

وفي (ب)(البيع).

(5)

وفي (ب)(العبد).

(6)

التصادق: مشتق من الصدق، وهو نقيض الكذب، وصدقه الحديث: أنبأه بالصدق، وتصادقا: تصاحبا وتوادا، وتصادقا على الأمر إذا أقرا به.

يُنْظَر: العين (5/ 54)، المحكم والمحيط الأعظم (6/ 189)، طلبة الطلبة (162)، لسان العرب (10/ 194)، المعجم الوسيط (1/ 510).

(7)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(8)

تبيين الحقائق (6/ 97).

(9)

وفي (ب)(فبصيرورته).

(10)

وفي (ب)(تغير).

(11)

زيادة في (ب).

ص: 71

قلت: أمَّا الجواب عن المعنى فهو: ما ذكرنا

(1)

من تفسير تعليل الكتاب وهو أنَّ القبض بالعقد إنما يوجب الضمان في الرهن إذا بقي الدين مع القبض لا

(2)

ضمان الرهن حكم ثابت بعلة ذات وصفين وإذا انعدم أحدهما لم يبق الضمان وههنا لم يبق الدين فلا يبقى الضمان وإن بقي القبض.

وأمَّا الجواب عن مسائل البيوع فهو: أنَّ المبيع مضمون على المشتري [بعد الفسخ]

(3)

بالثمن كما كان مضمونًا على البائع المبيع بالثمن، وضمان الثمن قائم على البائع ما بقي المشتري في يده فيبقى الضمان، فأما ههنا ضمان الرهن ضمان دين وقد زال الدين من كل وجه فلا يبقى الضمان.

وأمَّا الجواب عن الرهن بدين مظنون فهو: أنَّ الضمان ثمة [ثبت]

(4)

باعتبار جهة الرهن؛ لأنَّ الرهن حصل بدين يتوهم وجوبه للحال وبتصادقهما على أن لا دين لا يزول التَّوهم لجواز أن يتصادقا على القيام، وإذا بقي التوهم بعد التَّصادق بقيت الجهة، فأمَّا بعد الهبة والإبراء سقط الدين أصلاً وزال توهم الوجوب فلا يبقى الرهن ولا الجهة.

وأمَّا الجواب عن القياس على الاستيفاء الحقيقي: فمذكور في الكتاب

(5)

على وجه الفرق بين الإبراء والاستيفاء وهو أن (بِالاسْتِيفَاءِ لا يَسْقُطُ

(6)

الدين بل يتقرر وبهذا

(7)

جاز الإبراء عن الثمن بعد الاستيفاء، فإذا بقي الدين

(8)

حكماً بقي ضمان الرهن وبهلاك الرهن يصير مستوفياً أيضاً فتبين أنه استوفى مرتين فيلزمه رد أحدهما، وأمَّا (بالإِبْرَاءِ فَيَسْقُط الدَّينُ

(9)

فلا يبقى الضمان مع

(10)

انعدام أحد المعنيين هذا كله مما أشار إليه في المَبْسُوطين

(11)

.

(وَلَم يَبْقَ الدَّينُ بِالإِبْرَاءِ

(12)

(السقوط

(13)

(14)

قيدنا بسقوط

(15)

احترازاً عن عدم بقاء الدين بالاستيفاء؛ لأنَّ هناك لا يسقط الدين بل ينتهي ويتقرر، إلا أنَّه لا يمكن المطالبة لأدائها إلى الدَّوْرِ

(16)

فلما تقرر الدين في صورة الاستيفاء كان هلاك

(17)

الرهن في صورة الاستيفاء بمنزلة هلاكه حال قيام الدين من كلِّ وجه ولو هلك حال قيام الدين كأن يتم الاستيفاء بهلاكه

(18)

.

(1)

وفي (ب)(ما ذكرناه).

(2)

وفي (ب)(لأن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

سقط في (ب).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

أي: في كتاب الهداية شرح البداية (4/ 157).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(7)

وفي (ب)(ولهذا).

(8)

وفي (ب)(الرهن).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(10)

وفي (ب)(بعد).

(11)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 90، 91).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(14)

وفي (ب)(لِسُقُوطِهِ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(15)

وفي (ب)(قيد بالسقوط)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(16)

الدَّور: مصدر دار يدور دَوْراً ودَوَراناً. إذا طاف الشيء بالشيء، وإِذا عاد إِلى الموضع الذي ابتدأَ منه.

يُنْظَر: جمهرة اللغة (2/ 641)، المطلع (294)، لسان العرب (4/ 296).

(17)

كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).

(18)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 59).

ص: 72

(وَلَو اسْتَوفَى

(1)

دينه من غير رهن ثم استوفى بعد ذلك ثانياً كان يجب عليه نقض الاستيفاء الثَّاني بالرد. فكذا لو استوفى دينه حقيقة بعد هلاك الرهن أو قبل هلاكه ثم هلك بعد الاستيفاء يجب عليه نقض الاستيفاء الثاني بالرد (فَإِذَا هَلَكَ

(2)

أي: الرهن ثبت

(3)

(الاسْتِيفَاءُ الأَوَّلُ

(4)

وهو الاستيفاء الحكمي (فَانْتَقَضَ الاسْتِيفَاءُ الثَّانِي

(5)

وهو الاستيفاء الحقيقي وإلا

(6)

يتكرر الاستيفاء

(7)

.

(وَكَذَا إِذَا اشْتَرَى بِالدَّيْنِ عَيْناً

(8)

معطوف على قوله: (وَلَو اسْتَوفَى المُرْتَهِنُ الدَّيْنَ

(9)

إلى قوله: (وَيَجِبُ عَلَيهِ رَدُّ مَا اسْتَوفَى

(10)

يعني: لو اشترى المرْتَهِنُ بالدين من الراهن عينًا لم يبق الدين على الراهن بطريق المقاصة فيجب على المرتهن رد الرهن إلى الراهن، ولو هلك الرهن في يده قبل أن يرده إلى الراهن يجب عليه رد قيمته.

وكذا قوله: (أَو صَالَحَ

(11)

أي: صالح المرْتَهِنِ مع الراهن عن الدين (عَلَى عَينٍ

(12)

يجب عليه رد الرهن إن كان قائما وقيمته إن هلك بعد الصلح

(13)

.

(14)

(لأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ

(15)

أي: لأنَّ الصلح عن الدين على العين استيفاء للدين ويهلك بالدين؛ لأنَّ بالحوالة

(16)

لا يسقط الدين ولكن ذمة المحتال عليه

(17)

تقوم مقام ذمة المُحيل

(18)

وهو يعرض أن تعود إلى ذمة

(19)

المحيل إذا مات المحتال عليه مفلساً فلهذا بقي ضمان الرهن كذا في المَبْسُوط

(20)

.

(1)

بداية المبتدي (239).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(3)

وفي (ب)(يتقرر).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(6)

وفي (ب)(ولا).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 111)، البناية شرح الهداية (13/ 59)، مجمع الأنهر (4/ 307).

(8)

بداية المبتدي (239).

(9)

بداية المبتدي (239).

(10)

بداية المبتدي (239).

(11)

بداية المبتدي (239).

(12)

بداية المبتدي (239).

(13)

الصلح لغةً: التوفيق، وهو اسم بمعنى المصالحة، وهي المسالمة بعد المنازعة والمخاصمة، وأصلحت بين القوم؛ إذا وفقت بينهم. يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 479)، المصباح المنير (1/ 345)، دستور العلماء (2/ 180).

واصطلاحاً: عقد يرفع النزاع بالتراضي. يُنْظَر: تبيين الحقائق (5/ 29)، التعريفات؛ للجرجاني (176)، درر الحكام (8/ 322)، أنيس الفقهاء (245)، التعاريف (460).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 113)، البناية شرح الهداية (13/ 60).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(16)

الحوالة لغةً: مأخوذة من التحول، وهو نقل الشيء من مكان إلى مكان.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (4/ 367)، طلبة الطلبة (289)، التعاريف (299)، دستور العلماء (2/ 46).

واصطلاحاً: نقل الدين من ذمة إلى ذمة. يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 235)، المطلع (249)، تحرير ألفاظ التنبيه (203)، التعريفات؛ للجرجاني (126).

(17)

والمحال عليه والمحتال عليه: كلاهما اسم من قبل الحوالة فصار من عليه الدين يسمى محالا عليه بفعل من عليه الدين وهو الإحالة ومحتالا عليه، وبفعل صاحب الدين وهو الاحتيال فهو مفعول الفعلين جميعا.

يُنْظَر: طلبة الطلبة (289).

(18)

المحيل: من عليه الدين إذا حول ذلك الدين إلى ذمة غيره.

يُنْظَر: طلبة الطلبة (289)، أنيس الفقهاء (223).

(19)

وفي (ب)(لذمة).

(20)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 91).

ص: 73

(أَو مَا يَرْجِعُ عَلَيهِ

(1)

معطوف على قوله: (مَا كَانَ لَهُ

(2)

أي: يزول بعقد الحوالة (عَنْ مِلْكِ المُحِيلِ

(3)

(عَلَى المُحْتَالِ عَلَيهِ

(4)

مثل الذي يرجع المحتال عليه على المحيل.

(لأَنَّهُ بِمَنزِلَةِ الوَكِيلِ

(5)

أي: المحتال عليه بمنزلة الوكيل بقضاء الدين عن المحيل

(6)

.

(وَكَذَا لَو تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لا دَينَ ثُمَّ هَلَكَ) (يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ

(7)

.

هذا الذي ذكره مخالف لرواية المَبْسُوط

(8)

؛ فإنه قال في المَبْسُوط: وإذا تصادقا على أن لا دين فإنما يسلم هذا أي: كون الرهن مضمونًا فيما إذا كان تصادقهما بعد هلاك الرهن والدين كان واجباً ظاهراً حين هلك الرهن، ووجوب الدين ظاهراً يكفي لضمان الرهن فصار مستوفياً، فأما إذا تصادقا على أن لا دين والرهن قائم ثم هلك الرهن فإن هناك تهلك أمانته؛ لأن بتصادقهما ينتفي الدين من الأصل وضمان الرهن لا يبقى بدون الدين والله أعلم

(9)

.

وهذه المسائل كلها من قوله: (وَلَو اسْتَوفَى المُرْتَهِنُ الدَّيْنَ

(10)

إلى هذا يرد نقضاً بجواب

(11)

الاستحسان من حيث الظاهر فأجاب عنها بما ذكر في الكتاب وقد بيَّناه والله أعلم.

كِتَابُ

(12)

الجِنَايَات

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 157).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 113)، البناية شرح الهداية (11/ 60).

(7)

بداية المبتدي (239).

(8)

قال الإمام البابرتي: اخْتيَارُ بعْضِ الْمَشَايخِ اخْتارَهُ الْمُصَنّفُ، ووَجْهُ مُخْتارِ الْمُصَنّفِ ما ذكَرَهُ منْ توَهُّمِ وجُوبِ الدّيْنِ بالتَّصَادُقِ علَى قيَامِهِ يعني بعْدَ التّصَادُقِ علَى عَدَمهِ لجَوَازِ أنْ يتَذَكَّرَا وُجُوبهُ بَعدَ التّصَادُقِ علَى انتِفَائِهِ فتَكُونَ الجِهَةُ باقِيَةً، وضَمَانُ الرَّهنِ مُتحَقِّقٌ بِتوَهُّمِ الوُجُوبِ. العناية شرح الهداية (15/ 113). وينظر: البناية شرح الهداية (13/ 60).

(9)

يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (21/ 91).

(10)

بداية المبتدي (239).

(11)

وفي (ب)(لجواب)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(12)

الكتاب لغة: مصدر بمعنى المكتوب، ومنه الكتابة: وهي جمع الحروف المنظومة وتأليفها بالقلم ومنه الكتاب لجمعه أبوابه وفصوله ومسائله، والكتاب: ما يكتب فيه، والكتاب ههنا يغلب عند إطلاقه على القرآن، من بين الكتب في عرف أهل الشرع.

يُنْظَر: العين؛ للفراهيدي (5/ 341)، لسان العرب (1/ 698)، الكليات (767).

واصطلاحاً: هو القرآن: وهو كلام الله تعالى، المنزل، المعجز بنفسه، المتعبد بتلاوته. ينظر: المختصر في أصول الفقه (70)، مناهل العرفان في علوم القرآن (1/ 15)، المعجم الوسيط (2/ 722).

ص: 74

[مناسبة ذكر كتاب الجنايات عقب الرهن]

أورد الجنايات عقيب الرهن؛ لأنَّ كل واحد منهما للوقاية والصِّيانة، فإن الرَّهن عقد وبيعه

(1)

لصيانة الدِّين عن الهلاك، فكذا حكم الجناية مشروع لصيانة النفس عن الغيلة

(2)

والسفاك، ولقطع الصغائر

(3)

المثيرة للحروب بين الأحزاب على ما وقعت إليه الإشارة في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}

(4)

غير أنه قدم الرهن الذي هو سبب وقاية المال على الجناية؛ لأن فيه طلب التناسب بأقصى النهاية، لمَّا أَنَّ المال وسيلة لبقاء النفس في كل الأزمنة والمعاهد والوسائل مقدمة على المقاصد.

[محاسن الجنايات]

ثم محاسن الجنايات هي: محاسن

(5)

[المقصودة]

(6)

المذكورة

(7)

في الغصوب

(8)

والحدود

(9)

ما بين العبادات؛ وذلك أن المقصد من شرع الزواجر قذع

(10)

الطبائع العادية الموصوفة بالعتوق

(11)

وطلب

(12)

النفوس الأمارة بالسوء.

(1)

وفي (ب)(وثيقة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

الغِيلة: من الاغتيال. تطلق ويراد بها: الخدعة، ويُقال: قَتَل فلانٌ فلانًا غِيلةً: أي خدعة وعلى غفلة منه. ويراد بها: الجماع مع الرضاع، وهو: أَن يجامع الرجل المرأة وهي مرضع، أو تُرضع المرأةُ وهي حامل.

يُنْظَر: غريب الحديث؛ للخطابي (2/ 165)، الصحاح؛ للجوهري (5/ 65)، المحكم والمحيط الأعظم (6/ 16)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 118)، لسان العرب (11/ 513)، المعجم الوسيط (2/ 667).

(3)

وفي (ب)(الضغائن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

سورة البقرة من الآية (179).

(5)

وفي (ب)(المحاسن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

زيادة في (ب).

(7)

كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).

(8)

وفي (ب)(المغصوب).

(9)

الحدود لغةً: جمع حد، والحد هو الحاجز والفاصل بين الشيئين؛ لئلا يختلط أحدهما بالآخر، ويطلق على المنع، ومنتهى كل شيء.

يُنْظَر: مقاييس اللغة (2/ 3)، المخصص (4/ 105)، المفردات في غريب القرآن (109)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 186)، القاموس المحيط (352).

واصطلاحاً: عقوبة مقدرة وجبت حقاً لله تعالى.

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (9/ 36)، بدائع الصنائع (7/ 33)، الاختيار تعليل المختار (4/ 83)، أنيس الفقهاء (173)، الدر المختار (4/ 3).

(10)

وفي (ب)(قرع)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(11)

وفي (ب)(بالعتق).

(12)

وفي (ب)(وظلف).

ص: 75

ومن محاسن الجنايات على الخصوص هو: التَّسبب في إبقاء الحي حيًا كما كان، ولا شك لأحد في حسن الحياة.

ثم في حكم الجناية وهو: القصاص معنى الحياة شرعًا واستبقاء

(1)

:

أمّا شرعًا: فإن من قصد قتل عدوه إذا تفكر في عاقبة أمره أنه إذا قتله قتل به انزجر عن قتله فكان حياة لهما

(2)

.

وأمَّا استيفاءً: فإنَّ القاتل بغير حق يصير حربا لأولياء القتيل خوفاً على نفسه منهم، فهو يقصد إفناءهم لإزالة الخوف عن نفسه، فالشرع مكَّنهم من قتله قصاصاً لدفع شره عن أنفسهم وإحياء الحي في دفع سبب الهلاك عنه

(3)

.

فكلف

(4)

في استيفاء قصاص واحد حياة لأولياء القتيل وإن كثروا.

من

(5)

محاسنها أيضاً: إيعاد الله تعالى بأقصى العقوبة في الدنيا والآخرة [ليكف الناس عن الإقدام في القتل.

أمَّا في الدنيا: فقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}

(6)

(7)

فالإماتة بطريق الجزاء ثم تنتهي

(8)

العقوبة في الدنيا.

وأما في الآخرة: فقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا [فِيهَا]

(9)

(10)

.

ومن محاسنها [أيضاً]

(11)

: معرفة عموم رحمته

(12)

[الله]

(13)

تعالى ورأفته في حقِّ العباد حيث جعل حرمة القتل أشد من حرمة إجراء كلمة الشرك على اللسان، حيث رخص إجراء كلمة الشرك في الإكراه الكامل ولم يرخص قتل المؤمن بغير حق ومن في معناه لا في الإكراه الكامل ولا في وجه من الوجوه.

[تعريف الجناية]

ثم اعلم أن الجناية لغة: اسم لما تجني

(14)

من شر. أي: تكسبه، تسمية بالمصدر من جنى عليه شرًّا وهو عام، إلا أنه خُصَّ بما يحرم من الفعل، وأصله من جني الثمر وهو أخذه من الشجر

(15)

.

(1)

وفي (ب)(واستيفاء)، ولعلها الصواب والله أعلم.

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 60)، أصول السرخسي (2/ 125).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 60).

(4)

وفي (ب)(فكان)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

وفي (ب)(ومن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

سورة البقرة من الآية (178).

(7)

سقط في (ب).

(8)

وفي (ب)(منتهى).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

سورة النساء من الآية (93).

(11)

سقط في (ب).

(12)

وفي (ب)(رحمة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

زيادة في (ب).

(14)

وفي (ب)(تجنيه).

(15)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 166)، العناية شرح الهداية (15/ 115)، البناية شرح الهداية (13/ 62)، أنيس الفقهاء (291)، نتائج الأفكار (10/ 220).

ص: 76

وفي المبسوط الجناية: اسم لفعل محرم شرعًا سواء حَل بمال أو نفس، ولكن في لسان الفقهاء يراد بإطلاق اسم الجناية: القتل

(1)

في النفوس والأطراف فإنهم خصوا الفعل في المال باسم الغصب، وللعرف

(2)

عبرة في الأسامي

(3)

.

[أنواع الجناية على الآدمي]

وفي مبسوط شيخ الإسلام: والجناية على الآدمي نوعان: على النفس وعلى ما دون النفس

(4)

فالأول: يسمى قتلاً، والثاني: قطعًا وجرحًا

(5)

.

(6)

وما دونه نوعان: نوع يوجب القصاص وهو: العمد. ونوع يوجب المال وهو: الخطأ.

أمَّا نفس القتل [يسمى خطأ]

(7)

[لغة]

(8)

ففعل يضاف إلى العباد بحيث تزول به الحياة، إذ بدون الفعل من العباد يسمى موتًا

(9)

.

وأما ركنه

(10)

: فهذا بعينه، وهو فعل يضاف إلى العباد تزول به الحياة؛ لأنَّ ركن الشيء ما يقوم به وهذا كذلك.

وأما شرطه

(11)

: فأن يكون محل فعل الحيوان حيواناً؛ لأنَّ القتل إنما يوجد بضرب من الفاعل إلا أنه لا يكون قتلاً ما لم يكن المحل حيواناً

(12)

.

(1)

وفي (ب)(الفعل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

وفي (ب)(عرفوا للعرف).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (27/ 84).

(4)

المقصود بالجناية فيما دون النفس: الجناية على الأعضاء، والأطراف، والمنافع. يُنْظَر: دستور العلماء (2/ 85).

(5)

الجرح أعم من الشجة، إذ الشجة: ما كانت خاصة بالرأس، أو الوجه، أما الجرح فيطلق على ما أصاب البدن من ضرب، أو طعن في أي جزء منه. يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 296)، لسان العرب (2/ 422).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 115)، البناية شرح الهداية (13/ 62)، تكملة البحر الرائق (8/ 326)، نتائج الأفكار (10/ 220).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

سقط في (ب).

(9)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 99)، العناية شرح الهداية (15/ 115)، البناية شرح الهداية (13/ 62).

(10)

الركُّنْ لغةً: جانب الشيء القوي، وجزؤه الداخل في حقيقته، كركن البيت، ونحوه.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (5/ 404)، القاموس المحيط (1550)، المعجم الوسيط (370).

واصطلاحاً: ما لا وجود لذلك الشيء إلا به. أو ما كان داخلاً في ماهية الشيء.

يُنْظَر: التعريفات؛ للجرجاني (149)، الكليات (481)، كشف الأسرار؛ للبخاري (3/ 119).

(11)

الشرط: العلامة اللازمة، وأصله الشَّقّ، وبه سُمِّي شَرْطُ الحجّام.

يُنْظَر: جمهرة اللغة (2/ 726)، المخصص (4/ 28).

واصطلاحا: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود، ولا عدم لذاته.

يُنْظَر: رفع الحاجب (3/ 294)، البحر المحيط (2/ 466).

(12)

قال الامام البابرتي: وشرطها كون المحل حيوانا. العناية شرح الهداية (15/ 115).

ص: 77

[أنواع القتل]

قوله

(1)

: (القَتْلُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ

(2)

فوجه الانحصار على هذه الخمسة هو: أن القتل بذلك التفسير الذي ذكرنا إذا صدر من إنسان لا يخلو: أَمَّا إِنْ حصل بسلاح أو بغير سلاح، فإن حصل بسلاح فلا يخلو: إمَّا أن يكون

(3)

معه

(4)

قصد القتل أو

(5)

لا، فإن كان فهو [القتل]

(6)

العمد، فإن لم يكن فهو الخطأ.

فإن لم يكن بسلاح فلا يخلو: أَمّا إن كان معه قصد التأديب والضَّرب أم لا، فإن كان فهو شبه العمد، وإن لم يكن فلا يخلو: أما إن كان جارياً مجرى الخطأ [أم لا]

(7)

، فإن كان فهو هو

(8)

، وإن لم يكن فهو القتل بالسبب وبهذا الانحصار تعرف أيضاً تفسير كل واحد منها

(9)

.

وذكر في المبسوط: أن هذا الذي ذكر من تقسيم القتل على الخمسة تقسيم الإمام أبي بكر الرَّازِيِّ

(10)

رحمه الله

(11)

.

وأمَّا في الأصل: فقد قسمه أبو حنيفة رضي الله عنه على ثلاثة أقسام: عمد، وخطأ، وشبه عمد

(12)

.

(13)

(1)

يقصد به الإمام القدوري. حيث قال: القتل على خمسة أوجه: عمد، وشبه عمد، وخطأ، وما أجري مجرى الخطأ، والقتل بسبب. مختصر القدوري (281).

(2)

بداية المبتدي (239).

(3)

وفي (ب)(كان).

(4)

وفي (ب)(به).

(5)

وفي (ب)(أم).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

سقط في (ب).

(8)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 115)، البناية شرح الهداية (13/ 63)، نتائج الأفكار (10/ 220).

(10)

هو الإمام الكبير الشأن، أبو بكر أحمد بن علي الرازي المعروف بالجصاص، وهو لقب له، ورد بغداد في شبيبته، ودرس الفقه على أبي الحسن الكرخي، ولم يزل حتى انتهت إليه رئاسة الحنفية، وله من المصنفات: أحكام القرآن، وشرح مختصر شيخه أبي الحسن الكرخي، وشرح مختصر الطحاوي، قال الخطيب في حقه: كان إمام أصحاب أبي حنيفة في وقته وكان مشهوراً بالزهد، والورع. (ت 370 هـ) يُنْظَر: الطبقات السنية (1/ 412)، الجواهر المضية (1/ 84).

(11)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 59).

(12)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 437).

(13)

اتفق الفقهاء على أن القتل يكون عمدًا وخطأ. واختلفوا في شبه العمد، فقال به الحنفية، والشافعية، والحنابلة، إلا أنه عند الحنفية خمسة أنواع. أما المالكية فالقتل عندهم نوعان: عمد وخطأ، لا ثالث لهما، إلا في الآباء مع أبنائهم. يُنْظَر: الأصل (4/ 437)، مختصر القدوري (281)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 59)، الهداية شرح البداية (4/ 158)، المدونة الكبرى (16/ 306)، الكافي؛ لابن عبد البر (588)، الاستذكار (8/ 164)، بداية المجتهد (2/ 397)، الأم (6/ 5)، الحاوي الكبير (17/ 77)، منهاج الطالبين (155)، الإقناع للشربيني (2/ 494)، المحرر في الفقه (2/ 122)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (9/ 319)، زاد المستقنع (216)، المبدع (8/ 240).

ص: 78

(والمُرَادُ بَيَانُ قَتْلٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ الأَحْكَامُ

(1)

، وإنما قيد بهذا؛ لأنَّ أنواع القتل من حيث إنه قتل من غير نظر إلى ضمان القتل وغير

(2)

ضمانه أكثر من خمسة فإن القتل يكون رجماً، وقتل الحربي، والقتل قصاصاً، والقتل صَلْبَاً في حقِّ قطَّاع الطَّريق، فعلم بهذا أن المراد بهذه الخمسة القتل الموجب للضمان والأحكام

(3)

.

ثم المراد من الأحكام هنا: [هي]

(4)

القصاص والدية

(5)

والكفارة وحرمان الإرث

(6)

وغيرها.

(أَو مَا أُجْرِيَ

(7)

مَجْرَى السِّلَاحِ

(8)

أي: في تفريق

(9)

الأجزاء (لِيطَةِ

(10)

القَصَبِ

(11)

قشره

(12)

. ولم يشترط في المغني

(13)

(14)

الحِدَّة إذا كانت الآلة من الحديد، فقال

(15)

: العمد أن يتعمَّد الإنسان قتل من لا يحل قتله بالحديد، سواء كان سلاحاً نحو السيف،

(16)

والسكين، أو لم يكن سلاحاً نحو الإبرة والإشفى،

(17)

وسواء كان له حِدَّة تبضع بضعا، أو ليس له حدة، يَرُضُّ رَضْاً كالعمود

(18)

وصحر

(19)

الميزان، وسواء كان الغالب منه الهلاك أو لم يكن، فهذا يتبين

(20)

لك أن العبرة في هذا الباب للحديد هذا كله على رواية الأصل

(21)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(2)

وفي (ب)(وعن).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 62)، نتائج الأفكار (10/ 221).

(4)

سقط في (ب).

(5)

الدية لغةً: مفرد ديات، وأصلها: ودية، والهاء بدل عن الواو، وهي حق القتيل، تقول: وديت القتيل، أدِيه ديةً؛ إذا أعطيت ديته، وهي في الأصل مصدر، ثم سمي بها المال المؤدى إلى المجني عليه، أو إلى أوليائه.

يُنْظَر: معجم مقاييس اللغة؛ لابن فارس (6/ 98)، الصحاح؛ للجوهري (6/ 371)، لسان العرب (15/ 383).

واصطلاحاً: اسم للمال الذي هو بدل النفس.

يُنْظَر: العين (8/ 234)، طلبة الطلبة (327)، التعريفات؛ للجرجاني (142)، أنيس الفقهاء (292)، اللباب في شرح الكتاب (318).

(6)

الإرث لغةً: البقاء للشيء، جمعه مواريث، وهو المال المخلَّف عن الميت، الذي يؤول إلى ورثته من بعده.

يُنْظَر: المحكم والمحيط الأعظم (10/ 178)، الصحاح؛ للجوهري (1/ 318)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 349)،

واصطلاحاً: انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة.

يُنْظَر: الاختيار تعليل المختار (5/ 92)، الفتاوى الهندية (6/ 447).

(7)

وفي (ب)(جرى).

(8)

بداية المبتدي (239).

(9)

وفي (ب)(تقرير).

(10)

وفي (ب)(لبطة).

(11)

بداية المبتدي (239).

(12)

الليطة: بكسر اللام وسكون الياء جمع ليط بوزن ليف، وهو: القشر اللازق بالشجر والقصب ونحوهما.

يُنْظَر: العين (7/ 453)، تهذيب اللغة (14/ 19)، لسان العرب (5/ 123)، القاموس المحيط (886).

(13)

وفي (ب)(معنى).

(14)

هناك كتب سميت بالمغني في المذهب الحنفي كالمغني في أصول الفقه؛ لجلال الدين أبي محمد عمر بن محمد الخبازي، والمغني شرح مجمع البحرين؛ لأحمد بن الأضرب الحلبي وغيرها، ولم يظهر لي أي كتاب قصد المصنف، ولم أطلع على كتاب مطبوع بهذا الاسم للحنفية. يُنْظَر: كشف الظنون (2/ 1600، 1749).

(15)

قال بدر الدين العيني: وفي المغني: الحِدَّةُ ليست بشرط إذا كانت الآلة من الحديد، فقال: العَمْدُ، أن يتعمد الإنسان في قتل

الخ. البناية شرح الهداية (13/ 63).

(16)

وفي (ب)(كالسيف).

(17)

الإِشْفَى بكسر الهمزة وفتح العين، مقصور جمع أشافي، وهو: حديدة محددة الطّرف من آلة الخرز، هو: ما يخرز به الأساقي والقرب والمزاد وأشباهها، والخرز: في الجلد كالخياطة في الثياب.

يُنْظَر: إصلاح المنطق (378)، تهذيب اللغة (11/ 291)، المخصص (1/ 411)، تفسير غريب ما في الصحيحين (ص 150).

(18)

وفي (ب)(كالعروض).

(19)

وفي (ب)(وصنجة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(20)

وفي (ب)(يبين)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(21)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 233)، المحيط البرهاني (10/ 736).

ص: 79

وذكر الطحاوي

(1)

(2)

عن أبي حنيفة -رحمهما الله-: أنه إذا قتله بصنجة

(3)

حديد، أو عمود لا حدة له فهو ليس بعمد محض، حتى لا يجب القصاص بل هو خطأ عمد، وعلى قولهما إن كان الغالب منه الهلاك [فهو عمد محض فيوجب القصاص، وإن لم يكن الغالب منه الهلاك لا يكون عمدًا محضاً]

(4)

(5)

.

وما لم يكن من جنس الحديد إنْ عَمِل عَمَل الحديد في البضع وتفريق الأجزاء، فهو عمد محض ويجب القصاص فيه، وذلك نحو الإحراق بالنار، ألا ترى أنها تعمل عمل الحديد في الذكاة حتى أنها

(6)

إذا

(7)

وضعت في المذبح فقطعت ما يجب قطعه في الذكاة وسال بها الدم حل، وإن انجسم

(8)

ولم يسل الدم لا يحل

(9)

.

وذكر في فتاوى قاضي خان رحمه الله: وفي ظاهر الرواية في الحديد وما يشبه الحديد كالنحاس

(10)

وغيره لا يشترط الجرح لوجوب القصاص

(11)

.

(1)

هو: الفقيه أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأَزَدِيّ الطحاوي، وتفقه على مذهب الشافعيّ، ثم تحول حنفيا، وانتهت إليه رياسة الحنفية بمصر، ومن أشهر كتبه كتاب شرح الآثار والعقيدة الطحاوية، قال عنه الامام الذهبي: كان الطحاوي ثبتا، فقيها، عاقلا (ت 321 هـ). يُنْظَر: تاج التراجم (1/ 100)، الجواهر المضية (1/ 103).

(2)

قال في أحكام القرآن (3/ 199، 200): أصل أبي حنيفة في ذلك أن العمد ما كان بسلاح، أو ما يجري مجراه، مثل الذبح بليطة قصبة، أو شقة العصا، أو بكل شيء له حد يعمل عمل السلاح، أو بحرقه بالنار; فهذا كله عنده عمد محض فيه القصاص; قال: ولا نعلم في هذه الجملة خلافًا بين الفقهاء. وقال أبو حنيفة: ما سوى ذلك من القتل بالعصا والحجر صغيرًا كان أو كبيرًا فهو شبه العمد، وكذلك التغريق في الماء.

(3)

هي مايتخذ من صُفْر مدوراً يضرب أحدهما بالآخر وجمعها صنج. يُنْظَر: المُغْرِب في ترتيب المعرب (1/ 483)، المعجم الوسيط (1/ 525).

(4)

هذه الجملة مكررة في (ب) مرتين.

(5)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 233)، المحيط البرهاني (10/ 736)، البناية شرح الهداية (13/ 63).

(6)

أي: النار.

(7)

وفي (ب)(لو)

(8)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (انجمد) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في مجمع الأنهر (4/ 309).

(9)

يُنْظَر: مجمع الأنهر (4/ 309) نقلاً عن الكفاية.

(10)

النحاس: معدن يُستخرج من الأرض شديد الحمرة، قال الأصمعي: النحاس: الطبيعة والأصل، وهو: الصفر الذي تعمل منه الآنية.

يُنْظَر: مقاييس اللغة (3/ 295)، لسان العرب (6/ 227)، تاج العروس (16/ 539).

(11)

فتاوى قاضي خان (3/ 440).

ص: 80

(وَمُوجِبُ ذَلِكَ المَأْثَمُ

(1)

أي: وحكم العمد الإثم

(2)

.

[ذكر بعض الأدلة على حرمة قتل النفس بغير حق]

(وَقَدْ نَطَقَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السُّنَّةِ

(3)

(4)

، منها ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «ألا إن أعتى النَّاس ثلاثة: رجل قتل غير قاتل أبيه، ورجل قتل بدخل الجاهلية،

(5)

ورجل قتل في الحرم»

(6)

.

ومنها ما قال في خطبته بعرفات: «ألا إِنَّ دماءَكم ونفوسَكم مُحرَّمَةٌ عليكم كحرمة يومي هذا في شهري هذا في مقامي هذا»

(7)

.

(1)

بداية المبتدي (239).

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 64).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(4)

السُّنَّةُ لغةً: تطلق على معانٍ منها؛ الطريقة، والشريعة، والسيرة حسنة، أو غير حسنة، وتطلق ويراد بها: الطريقة المسلوكة في الدين.

يُنْظَر: تهذيب اللغة (12/ 210)، التعريفات؛ للجرجاني (161)، المعجم الوسيط (456).

وفي اصطلاح الأصوليين: كل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قولٍ، أوفعلٍ، أو تقريرٍ، ما لم ينطق به الكتاب العزيز.

يُنْظَر: الإحكام؛ للآمدي (1/ 223)، الإبهاج (2/ 263)، شرح التلويح على التوضيح (2/ 3)، التحبير شرح التحرير (3/ 1433)، إرشاد الفحول (68)، قواعد الفقه (328).

(5)

الجاهلية: مأخوذة من الجَهْلِ، والجهل نقيض العلم، يقال: جَهِلَهُ جَهْلا وجَهالَةً، وهي زمان الفترة التي قبل الإسلام، أو الحالة التي كان عليها العرب قبل الإسلام.

يُنْظَر: العين (3/ 390)، تهذيب اللغة (6/ 37)، المحيط في اللغة (3/ 377)، مقاييس اللغة (1/ 489)، لسان العرب (11/ 129).

(6)

رواه أحمد (2/ 187)، برقم (6757)، بلفظ (إن أَعتَى الناس على اللّهِ عز وجل من قتَلَ في حرَمِ اللّهِ أو قتَلَ غير قاتِلِهِ أو قتَلَ بدخول الجَاهِلِيَّةِ)، ورواه الحاكم في المستدرك (4/ 389)، في (كتاب الحدود) برقم (8025)، بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مِن أعتى الناس على الله تعالى مَنْ قتل غيرَ قاتله، أو طلب بدم في الجاهلية من أهل الإسلام، ومن بصر عينيه في النوم ما لم تبصر» . وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه إلا أن يونس بن يزيد رواه عن الزهري بإسناد آخر.

(7)

رواه البخاري (1/ 37)، في (كتاب العلم)، في (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم رب مبلغ أوعى من سامع) برقم (67)، بلفظ (فإن دمَاءَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ وأَعْرَاضَكُمْ بيْنَكُمْ حرَامٌ كحُرْمَةِ يَوْمكُمْ هذا في شَهرِكُمْ هذا في بلَدِكُمْ هذا

). ورواه مسلم (3/ 1305)، في (كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات)، في (باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال)، برقم (1679) نحوه.

ص: 81

ومنها ما روي أن مُحلمِ بن جثَّامَة

(1)

لما قتل رجلاً بدخل الجاهلية قال عليه السلام: «اللهم لا [ترحمه]

(2)

(3)

فدفن بعد موته فلفظته الأرض [ثم دفن فلفظته الأرض]

(4)

قال عليه السلام: «ألا

(5)

إنها تقبل من هو أعظم منه جرمًا ولكن الله تعالى أراكم عظم حرمة القتل»

(6)

.

ومنها ما روي عنه عليه السلام قال: «لَزَوَالُ الدنيا أهون على الله [تعالى]

(7)

من قتل امرءٍ

(8)

مسلم»

(9)

، وقال

(10)

عليه السلام: «سِبابُ المسلم فِسقٌ

(11)

وقِتاله كُفرٌ»

(12)

وهذا وإن كان تأويله قتاله لإسلامه، فظاهر

(13)

يدل على عظم الجناية في قتل المسلم، ولهذا كان ابن عباس- رضي الله عنهما: لا يرى التوبة لقاتل العمد وإن لم يأخذ بقوله. كذا في المبسوط بعضها في الديات وبعضها في الجنايات

(14)

.

(1)

هو الصحابي محلم بن جثامة رضي الله عنه: واسمه يزيد بن قيس بن ربيعة بن عبد الله بن يعمُر الشُّداخ بن عوف ابن كعب بن عامر بن كنانة الكناني الليثي، أخو الصعب بن جثَّامة، وهو سيد خندف، قال بن عبد البر: يقال إنه الذي قتل عامر بن الأضبط، وقيل: إن محلما غير الذي قتل، إنه نزل حمص ومات بها أيام بن الزبير، ويقال: إنه الذي مات في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن فلفظته الأرض مرة بعد أخرى. قال ابن حجر: قلت جزم بالأول بن السكن. يُنْظَر: أسد الغابة (5/ 78). الإصابة في تمييز الصحابة (5/ 785).

(2)

سقط في (ب).

(3)

رواه أحمد (6/ 10)، برقم (23925)، بلفظ «اللهم لا تغفر لمحلم» ، ورواه أبو داود (4/ 171)، في (كتاب الديات)، في (باب الإمام يأمر بالعفو في الدم)، برقم (4503) بلفظ «اللهم لا تغفر لمحلم» .

(4)

زيادة في (ب).

(5)

وفي (ب)(أما).

(6)

رواه ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 224، 225).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

وفي (ب)(امرئ).

(9)

رواه ابن ماجه (2/ 874)، في (كتاب الديات)، في (باب التغليظ في قتل مسلم ظلما)، برقم (2619)، بلفظ (أَّن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ على اللَّهِ من قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ). ورواه الترمذي (4/ 16)، في (كتاب الديات)، في (باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن)، برقم (1395).

(10)

وفي (ب)(وقوله).

(11)

وفي (ب)(كفر).

(12)

رواه البخاري (1/ 27)، في (كتاب الإيمان)، في (باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر)، برقم (48)، بلفظ:«سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» . ورواه مسلم (1/ 81)، في (كتاب الإيمان)، في (باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، برقم (64). ورواه النسائي (7/ 121)، في (كتاب تحريم الدم)، في (باب قتال المسلم)، برقم (4106)، واللفظ له.

(13)

وفي (ب)(فظاهره)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(14)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (27/ 84).

ص: 82

(وَالقَوَدُ) وهو القصاص معطوف على قوله: (المَأثَمُ

(1)

(لِقَولِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}

(2)

(3)

وهذه الآية وقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}

(4)

ليس فيهما ذكر العمد في إيجاب القصاص، ولو نظرنا إلى ظاهر الآية لوجب القول بالقصاص أينما وجد القتل بأي وجه وجد، لكن السنة المشهورة وهي قوله عليه السلام: (العَمْدُ قَوَدٌ

(5)

(6)

تدل على أن حكم القصاص مخصوص

(7)

بالقتل العمد؛ لأن خبر الواحد

(8)

لما صلح مبيِّنًا لمجمل الكتاب كما في بيان قدر مسح الرأس فأولى أن تصلح السنة المشهورة التي تلقتها الأمة بالقبول مبنية

(9)

لما سكت عنه الكتاب

(10)

.

ولأن في الكتاب أيضاً دلالة على أن المراد من القصاص المذكور في القتل [هو القتل]

(11)

العمد؛ لأنه أوجب الدية في القتل الخطأ على ما قال الله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}

(12)

، ولا يصلح أن يكون القتل العمد موجباً دية وقصاصاً، فلابد أن يحمل كل واحد منهما على حاله، فلما اختص ما يوجب الدية بالقتل الخطأ في النص القطعي كان ما يوجب القصاص ضد الخطأ لا محالة وهو العمد، وما سقط منه القصاص سقط لشبهة في العمدية وهو شبه العمد وغيره (لَا شَرْعَ لَهَا دُوْنَ ذَلِكَ

(13)

أي: دون العمدية.

(1)

بداية المبتدي (239).

(2)

سورة البقرة من الآية (178).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(4)

سورة المائدة من الآية (45).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(6)

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 436)، في (كتاب الديات)، في (باب من قال العمد قود)، برقم (27766)، ورواه أبو داود (4/ 183)، في (كتاب الديات)، في (باب من قُتل في عمياء بين قوم)، برقم (4539)، بلفظ «ومن قتل عمدا فهو قود» ، ورواه النسائي (8/ 40)، في (كتاب القسامة)، في (باب من قتل بحجر أو سوط)، برقم (4790)، ورواه ابن ماجه (2/ 880)، في (كتاب الديات)، في (باب من حال بين ولي المقتول وبين القود أو الدية)، برقم (2635). قال في خلاصة البدر المنير (2/ 265): حديث «العمد قود» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من رواية ابن عباس بإسناد صحيح.

(7)

كذا في (ب)، وهي مثبتة في هامش (أ)

(8)

"خبر الواحد" لغة: هو ما يرويه شخص واحد.

واصطلاحا: هو ما لم يجمع شروط المتواتر.

يُنْظَر: نزهة النظر (55)، شرح نخبة الفكر؛ للقاري (209)، التعاريف (306)، اليواقيت والدرر (293).

(9)

وفي (ب)(مبينة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 118)، البناية شرح الهداية (13/ 65)، نتائج الأفكار (10/ 223).

(11)

زيادة في (ب).

(12)

سورة النساء من الآية (92).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

ص: 83

(ثُمَّ هُوَ

(1)

أي: القَوَد (وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَي الشَّافِعِيِّ

(2)

رحمه الله أي: وجوب القصاص عينًا أحدُ قولي الشافعيِّ-رحمه الله

(3)

(إِلَّا أَنَّ لَهُ حَقَّ العُدُولِ إِلَى المَالِ

(4)

مِنْ غَيْرِ مَرْضَاةِ القَاتِلِ

(5)

هذا الاستثناء من قوله: (وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَي الشَّافِعِيِّ

(6)

لا عن قولنا، والدليل على هذا ما ذكره في المبسوط بقوله: وللشافعي قولان: في أحد القولين موجب العمد أحد الشيئين إمَّا القصاص أو الدية ويتعين ذلك باختيار الولي، وفي القول

(7)

الآخر: موجبه القصاص إلا أن للولي أن يختار أخذ الدية من غير رضاء

(8)

القاتل

(9)

.

وقوله: (إِلَّا أَنَّ لَهُ

(10)

أي: لولي القتيل

(11)

؛ (لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مدْفَعاً لِلْهَلَاكِ فَيَجُوْزُ بِدُونِ رِضَاهُ

(12)

، وهذا

(13)

لأن القاتل في الامتناع من أَداءِ الدِّيةِ بعدما استُحِقَّتْ نفسُهُ قصاصاً يُسفَّه ويلقي نفسَهُ في التَّهلكةِ فيُحْجَرُ وَيُمْنَعُ عَنْهُ شَرْعًا، كالمضطر إذا وجد طعاماً يشتريه ومعه ثمنه نفرض

(14)

عليه شراؤه شرعًا لهذا المعنى كذا هنا. إلى هذا أشار في المبسوط

(15)

.

(وَلَنَا مَا تَلَونَا مِنَ الكِتَابِ

(16)

هو قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ [فِي الْقَتْلَى]

(17)

(18)

وقد ذكرنا وجه التمسك به، فإنه

(19)

لما ذكر في القتل الخطأ الدية تعين القِصاص المذكور في قتل هو ضد الخطأ وهو العمد، ولما تعين القصاص في جنس القتل العمد بهذا الطريق لا يجوز العدول عنه إلى المال؛ لأن ذلك زيادة على النص

(20)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(3)

مذهب الشافعية: أن لولي المقتول أن يعفو على الدية بغير رضا الجاني -هذا على الجديد من مذهب الشافعي- وحُكي قول قديم: أن الولي لا يعدل إلى المال إلا برضا الجاني. يُنْظَر: روضة الطالبين (9/ 239).

(4)

وفي (ب)(الحال).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(7)

وفي (ب)(قول).

(8)

وفي (ب)(رضا)، وهي الصواب.

(9)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 60)، بدائع الصنائع (7/ 241).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 66).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(13)

وفي (ب)(فهذا).

(14)

وفي (ب)(يفترض).

(15)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 61).

(16)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(17)

سقط في (ب).

(18)

سورة البقرة من الآية (178).

(19)

وفي (ب)(بأنه).

(20)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 118، 119).

ص: 84

وكذلك وجه التمسك بالسنة التي روينا وهي قوله عليه السلام: «العَمْدُ قَوَدَ»

(1)

.

وقد ذكر في المبسوط وجه التمسك به وقال: العمد قود فقد أدخل الألف واللام في العمد وذلك للمعهود وإن لم يكن فللجنس وليس هنا معهود، فكان للجنس وفيه تنصيص على [أن]

(2)

جنس العمد موجب للقود ومن جعل المال واجباً بالعمد مع القود فقد زاد على النص إلى هذا أشار ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: «العَمْدُ قَوَد» لا مال فيه

(3)

.

(وَلِأَنَّ المَالَ لَا يَصْلُحُ مُوجِباً لِعَدَمِ المُمَاثَلَةِ

(4)

؛ لأنه لا مماثلة بين الآدمي والمال صورة و [لا]

(5)

معنى، والنفس مخلوقة لتحمل

(6)

أمانة الله [تعالى]

(7)

وهو الاشتغال

(8)

بطاعته وليكون خليفة في الأرض، والمال مخلوق لإقامة مصالح الآدمي به وليكون مبتذلاً له

(9)

في حوائجه، وأمَّا القصاص فمثل، أمَّا من حيث الصورة فلأنَّه قتل بإزاء قتل

(10)

ومن حيث المعنى المقصود بالقتل ليس إلا الانتقام والثاني في معنى الانتقام كالأول ولهذا سمي قصاصاً

(11)

.

[المماثلة بين الآدمي والمال]

(وَفِيْهِ

(12)

أي: وفي القصاص (مَصْلَحَةُ الْأَحْيَاءِ

(13)

قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}

(14)

وقد ذكرنا وجه الإحياء فيه شرعًا واستيفاءً في ذكر المحاسن.

(وَلَا يُتَيَقَّنُ لِعَدَمِ

(15)

قَصْدِ الوَلِيِّ

(16)

أي: لقتل القاتل بعدما أخذ الدية معنى يجوز أن يأخذ الولي المال من القاتل بدون رضاه ثم يقتله.

وهذا جواب عن قول الشافعي رحمه الله (لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مَدْفَعًا

(17)

لِلْهَلَاكِ

(18)

.

(1)

سبق تخريجه (ص 196).

(2)

سقط في (ب).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 62).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(5)

زيادة في (ب).

(6)

وفي (ب)(لحمل).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

وفي (ب)(والاشتغال).

(9)

وفي (ب)(به).

(10)

وفي (ب)(قطع).

(11)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 63).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(14)

سورة البقرة من الآية (179).

(15)

وفي (ب)(بِعَدَمِ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(16)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(17)

وفي (ب)(مدافعا).

(18)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

ص: 85

فإن قلتَ: يجوز أخذ المال للولي بطريق الصلح بالاتفاق

(1)

وهذا الوهم باقي

(2)

في صورة الصلح أيضاً.

قلت: لا كذلك؛ لأنهما لما تصالحا برضاهما على المال كان وهم قصد القتل مندفعًا؛ لأن للرضاء

(3)

والتصالح تأثيراً في دفع الشر، قال الله تعالى:{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}

(4)

لما ورد الخير انتفى [الشر]

(5)

لا محالة؛ لتضادٍّ بينهما

(6)

.

فإن قلت: لو تمسك الخصم في هذا الحديث

(7)

ورد على وفق ما ادعاه، ومعنى معقول

(8)

أما الحديث [فهو]

(9)

(قوله عليه السلام: «مَنْ قُتِلَ له قتيلٌ

(10)

فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن [أحبوا]

(11)

أخذوا الدية»

(12)

فهذا تنصيص على أن كل واحد منها

(13)

موجب القتل

(14)

.

ولأن الشرع أوجب القصاص لمعنى الانتقام وتشفي الصدر

(15)

للولي، وهو ثابت بخلاف القياس؛ لأنه إتلاف والإتلاف لا يكون واجباً بمقابلة الإتلاف وهو ليس بمثل، ألا ترى أن الجماعة يقتلون بالواحد ولا مماثلة بين الواحد والعشرة

(16)

فعرفنا أنه مشروع لمعنى النظر [للولي]

(17)

وذلك في أن لا يسقط حقه في الواجب الأصلي بل كان متمكنا من القصاص وأخذ الدية إن شاء بغير رضاء

(18)

الجاني، كما لو قطع يد إنسان ويد القاطع شلَّاء

(19)

أو ناقصة [إصبع]

(20)

فإن القصاص واجب ولصاحب الحق أن يأخذ الأرشَ بغير رضاء

(21)

الجاني لهذا المعنى؛ ولأنه لا خلاف في أن

(22)

أحد الشريكين في الدم إذا عفا أن للآخر أن يستوفي المالَ ولو لم يكن المال واجباً له بنفس القتل لما وجب بالعفو؛ لأن العفو مسقط ولو وقت

(23)

بالعفو لوجب عن العَافي وإن كان محتسباً

(24)

، بالضمان

(25)

الإعتاق يجب على المعتق إذا كان موسراً ولما وجب المال للآخر عرفنا أنه كان واجباً له بنفس القتل أو لما

(26)

ظهر ذلك عند العفو في حق من لم يَعف وجب أن يظهر في حق العافي إذا عفا عن القصاص ولم يكن ذلك إلا بالتمكن من أخذ المال بدون رضاء

(27)

القاتل كما يأخذه غير العافي بدون رضاه ما جوابنا عنه

(28)

.

(1)

وفي (ب)(للإتفاق).

(2)

وفي (ب)(باق)، وهي الصواب.

(3)

وفي (ب)(للرضا)، وهي الصواب.

(4)

سورة النساء من الآية (128).

(5)

سقط في (ب).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 119)، نتائج الأفكار (10/ 226).

(7)

وفي (ب)(بحديث).

(8)

كذا في (ب)، وهي ليست واضحة في (أ).

(9)

سقط في (ب).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(11)

زيادة في (ب).

(12)

رواه البخاري (6/ 2522)، في (كتاب الديات)، في (باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين)، برقم (6486)، بلفظ (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودَى وإما أن يقاد). ورواه مسلم (2/ 988)، في (كتاب الحج)، في (باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام)، برقم (1355)، بلفظ «ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدَى وإما أن يقتَلَ» .

(13)

وفي (ب)(منهما).

(14)

وبه قال المالكية، والحنابلة. قال ابن عبد البر: أولياء المقتول مخيرون في القصاص أو أخذ الدية أي ذلك شاؤوا كان ذلك لهم، وبه أقول. الكافي (ص 590).

وفي مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (2/ 283): قال أحمد: كل من قتل له قتيل، أو جرح بجراحة فهو بخير النظرين: إن شاء اقتص، وإن شاء أخذ الدية للنفس، وإن شاء أخذ الأرش للجراحة.

(15)

وفي (ب)(الصدور).

(16)

وفي (ب)(العشرة والواحد).

(17)

سقط في (ب).

(18)

وفي (ب)(رضا)، وهي الصواب.

(19)

الشلل: فساد في اليد، يقال: شلت اليد تشل شللا، إذا فسدت عروقها، فبطلت حركتها، وهو: تعطل العضو عن العمل، وبطلان المنفعة المقصودة منه أبدا بآفة مع بقاء عينه، وفي الطب المعاصر يكون الشلل في الجسم وفي الأعضاء، يقال: شلل نصفي أي إذا تعطل نصف الجسم عن الحركة، وشلل رباعي، إذا تعطل الذراعان والساقان. وهو ما يسمي عند المتقدمين بالفالج. قال في معجم الصواب اللغوي (1/ 475) ورد في المعاجم استعمال الفالج، للمرض الذي يحدث في أحد شقي البدن طولاً، فيبطل إحساسه وحركته، واستعمال الشلل بمعنى اليبوسة في اليد فقط، بينما لم تقصر المعاجم الحديثة استعمال الشلل على اليد فقط، بل جعلته في أيّ عضو من أعضاء الجسم، وهو من باب توسيع دلالة اللفظ. وينظر: الصحاح؛ للجوهري (5/ 15)، مقاييس اللغة (3/ 174)، تحرير ألفاظ التنبيه (268)، تاج العروس (29/ 282)، معجم لغة الفقهاء (1/ 318).

(20)

سقط في (ب).

(21)

وفي (ب)(رضا)، وهي الصواب.

(22)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(23)

وفي (ب)(وجب)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(24)

وفي (ب)(محسنا).

(25)

وفي (ب)(كضمان)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(26)

وفي (ب)(ولما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(27)

وفي (ب)(رضا)، وهي الصواب.

(28)

العناية شرح الهداية (15/ 120)، البناية شرح الهداية (13/ 67).

ص: 86

قلت: أمَّا الجواب

(1)

عن الحديث فقد اختلف

(2)

الرواية فيه، وذُكِر في بعض الروايات «إن أحبوا قتلوا وإن أحبّوا فادَوا»

(3)

والمفاداة على وزن المفاعلة فيقتضي وجوب

(4)

الفعل بين اثنين بالتراضي، وذلك أخذ الدية بطريق الصلح ولو صح ما رواه الخصم وهو قوله:«وإن أحبوا أخذوا الدية»

(5)

فتأويله من وجهين:

[ذكر تأويل الحديث]

أحدهما: أنه محمول على رضا القاتل وإنما لم يذكر رضى القاتل؛ لأن ذلك معلوم ببديهة العقل فإن من أشرف على الهلاك إذا تمكن من دفع الهلاك عن نفسه بأداء المال لا يمتنع من ذلك إلا من سفهت نفسه؛ لأن امتناعه لإبقاء منفعة المال لنفسه ولا يتصور ذلك بعدما تلفت نفسه وهو نظير قوله عليه السلام: «خُذ سَلَمكَ أو رأس مالك»

(6)

وهو في أخذ رأس المال محتاج إلى رضى المسلم إليه ولم يذكره لأنه غير محتاج إليه لأنه معلوم بطريق الظاهر.

والثاني: أن المراد أن لا يجبر الولي على أخذ الدية شاء أو أبى؛ لأن له أن يجبر غيره على أداء الدية بدليل قصة الحديث الذي ذُكرت في المبسوط

(7)

حيث بَيَّن النبي عليه السلام تلك القصة أن حكم التخيير قد انتسخ

(8)

وأن الولي لا يجبر على أخذ الدية بعده.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 62، 63)

(2)

وفي (ب)(اختلفت)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

قال الماوردي في الحاوي الكبير (12/ 96)، في (كتاب القتل)، في (باب الخيار في القصاص): فإن قيل: فقد روي «إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا فادوا» والمفاداة لا تكون إلا عن مراضاة. قيل: هذه رواية شاذة.

(4)

وفي (ب)(وجود)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

المعجم الكبير (22/ 186)، برقم (486).

(6)

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 271)، في (كتاب البيوع والأقضية)، في (باب من كره أن يأخذ بعض سلمه وبعضا طعاما)، برقم (20006)، بلفظ «حدثنا وكيع عن سفيان عن زيد بن جبير قال: سمعت بن عمر يقول: خذ رأس سلمك أو رأس مالك». ورواه أبو داود (3/ 276)، (كتاب الإجارة)، في (باب السلف لا يُحَوّل)، برقم (3468)، بلفظ «من أسلف في شيء فلا يصرفه عن غيره» . ورواه ابن ماجه (2/ 766)، في (كتاب التجارات)، في (باب من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)، برقم (2283)، بلفظ «إذا أسلفت في شيء فلا تصرفه إلى غيره» ، قال في خلاصة البدر المنير: حديث أبي سعيد مرفوعا من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد ضعيف.

(7)

أن رجلا من خزاعة قتل رجلا من هذيل يوم فتح مكة بعدما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكف عن القتل، فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«أما أنتم يا معاشر خزاعة فقد قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقلته فوداه بمائة من الإبل من عند نفسه. ثم قال: فمن قتل له بعد اليوم قتيل فأهله بين خيرتين» .

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 62). والحديث سبق تخريجه (ص 201).

(8)

وفي (ب)(انفسخ).

ص: 87

وأما الجواب عن المعنى: فنقول أنه أتلف شيئاً مضمونًا فيتعذر

(1)

ضمانه بالمثل ما أمكن كإتلاف المال وتفويت صرف

(2)

الله تعالى من الصلاة والصوم على ما نص الله تعالى في المضمونات بالمماثلة بقوله تعالى: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}

(3)

وقد بيَّنا أنه لا مماثلة بين الآدمي والمال من حيث الصورة ولا من حيث المعنى بل بينهما مضادة بكونهما

(4)

مالكاً ومملوكًا ومبتذِلاً ومُبتذَلاً والقصاص الذي ينبئ عن المماثلة واجب بطريق الجبران، ولا تحصل الحياة بالمال وإنما جبران الحياة بحياة مثله وذلك بالقصاص، فإن الله تعالى نص على أن في القصاص حياة فعلينا أن نعتقد هذا المعنى في القصاص عقلنا

(5)

أو لم نعقل، ثم هو معقول من الوجه الذي قررنا أنه حياة بطريق دفع سبب الهلاك فبعد [ما]

(6)

أثبتنا المماثلة بين إتلاف وإتلاف في الآدميين بالنص والمعقول لم يحتج إلى إقامة نظير له في المضمونات المالية.

وأما ما ذكره من أخذ الأَرْشَ بغير رضاء

(7)

الجاني فيما إذا كانت يد القاطع شلَّاء، فهو أن المجني عليه هناك عاجز عن استيفاء مثل حقه بصفته لمعنى في الجاني؛ فلذلك يخير المجني عليه إن شاء تجوَّز بدون حقه وإن شاء مال إلى استيفاء الأرش بمنزلة من أتلف على آخر كَرَّ

(8)

حِنْطَة

(9)

جيدة ولم يجد عنده إلا كرًّا رديًّا فإنه يتخير بين أن يتجوز بدون حقه وبين أن يطالبه بالقيمة لتعذر استيفاء المثل بصفته وكلامنا فيمن كان قادراً على استيفاء مثل حقه من القصاص فلا يكون له الخيار.

وأمّا الجواب عن عفو أحد الشريكين: فإنه إذا عفى أحد الشريكين يجب للآخر المال لأنه تعذر

(10)

عليه استيفاء القصاص بمعنى في القاتل، وهو أنه حتى يقص

(11)

نفسه بعفو الشريك وكان ذلك في معنى الخطأ فوجب المال للآخر ولا يجب للعافي؛ لأنَّه إنما تعذر استيفاء القصاص للعافي بإسقاط من جهته لا بمعنى

(12)

في القاتل، ثم إقدام العافي على العفو يكون تعيينًا منه بحقه في القصاص لأنَّ العفو تصرف منه بإسقاط القصاص وذلك لا يكون إلا بعد تعيين حقه فيه ومع تعيين حقه في القصاص لا يجب له المال، وأمَّا وجوب الضمان على أحد الشريكين إذا أعتق نصيبه من العبد المشترك فلأنَّه أفسد نصيب شريكه الذي هو مال متقوم.

(1)

وفي (ب)(فيتقدر)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

وفي (ب)(حقوق)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

سورة البقرة من الآية (194).

(4)

وفي (ب)(لكونهما).

(5)

وفي (ب)(عقلناه)

(6)

زيادة في (ب)

(7)

وفي (ب)(رضا)، وهي الصواب.

(8)

كر: قال الليث: الكر: الحبل الغليظ. وهو أيضا حبل يُصعد به على النخل. وجمعه كُرُور. يُنْظَر: العين (5/ 277)، تهذيب اللغة (9/ 327)، المحيط في اللغة (6/ 138).

(9)

الحنطة: القمح، جمع: حنط. المعجم الوسيط (1/ 202).

(10)

وفي (ب)(مقدر).

(11)

وفي (ب)(حيى بعض).

(12)

وفي (ب)(لمعنى).

ص: 88

[الجواب عن عفو أحد الشريكين]

وأما القصاص: فليس بمال فضلاً عن التقوم فلا يجب الضمان على العافي خصوصاً على أصلنا لما عرف وعن أصله أيضاً لم يجب الضمان على العافي؛ لأن القصاص غير واجب عينًا في الابتداء على أصله حتى يكون العافي مبطلاً حق الشريك في القصاص المتعين فلم يجب الضمان [عليه]

(1)

بالاتفاق. هذا كله مما أشار إليه في المبسوط وغيره

(2)

.

[لا كفارة في قتل العمد]

(وَلَا كَفَّارَةَ فِيْهِ) أي: في القتل

(3)

العمد، ويستوي بأن كان عمدًا يجب فيه القصاص أو لا يجب، كالأب إذا قتل

(4)

ابنه عمدًا

(5)

، والرجل إذا قتل من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا عمدًا، والشافعي رحمه الله يوجب الكفارة باعتبار القتل

(6)

ولكن لا نقول أن ما يلحقه من الإثم يرتفع بالكفارة وكيف نقول ذلك والوعيد منصوص عليه كذا في جنايات المبسوط

(7)

.

(فَلَا تُنَاطُ بِمِثْلِهَا

(8)

أي: فلا تعين

(9)

الكفارة بمثل هذه الكبيرة المحضة، كالزنا والسرقة

(10)

، وتأثير الوصف أن الكفارة لما كانت دائرة بين العبادة والعقوبة، فسببها يجب أن يكون دائراً بين الحظر والإباحة، فكما أن المباح المحض: وهو القتل بحق، كالقصاص لا يصلح سبباً للكفارة، فكذا المحظور المحض: وهو القتل العمد لا يصلح أن يكون سببًا للكفارة.

وإنما السبب: القتل الخطأ لتنسب

(11)

العقوبة إلى جانب الحظر، والعبادة إلى جانب الإباحة، وهو في القتل الخطأ وأمثاله؛ لأنه باعتبار أصل العقل

(12)

مباح لقوله تعالى: {فَاصْطَادُوا}

(13)

وباعتبار ترك التثبت أو بالنظر إلى محل الإصابة محظور، فلذلك صلح القتل الخطأ أن يكون سبباً للكفارة.

(1)

سقط في (ب).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 62_64)، تبيين الحقائق (6/ 99)، تكملة البحر الرائق (8/ 331).

(3)

وفي (ب)(قتل).

(4)

وفي (ب)(إذا قتل إذا قتل).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 120).

(6)

مذهب الشافعية: أنه يتعلق بالقتل الذي هو ليس مباحا سوى عذاب الآخرة مؤاخذات في الدنيا: القصاص والدية والكفارة، لكن لا يجتمع القصاص والدية لا وجوباً ولا استيفاءً، وأما الكفارة فأعم منهما، فتجب مع كل واحد منهما، وقد تنفرد عنهما. وتجب الكفارة في القتل العمد، وشبه العمد، والقتل الخطأ.

يُنْظَر: الوسيط (6/ 391)، روضة الطالبين (9/ 122، 380).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 84).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(9)

وفي (ب)(تعلق)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 68).

(11)

وفي (ب)(لينسب).

(12)

وفي (ب)(الفعل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

سورة المائدة من الآية (2).

ص: 89

وكذلك شبه العمد، فإن القصد به التأديب وهو مباح، والقتل بالحجر الكبير عند أبي حنيفة رحمه الله ليس بمحظور محض بالنظر إلى الآلة، فإنها ليست من آلة القتل فتمكن فيه الشبهة

(1)

.

(وَتَعَيُّنُهَا فِي الشَّرْعِ لِدَفْعِ الأَدْنَى

(2)

هذا جواب عن قياس الشَّافعي حيث قاس وجوب الكفارة في العمد على وجوب الكفارة في الخطأ أي: وتعين الكفارة في (الشَّرْعِ لِدَفْعِ الأَدْنَى

(3)

أي: لدفع الذنب الأدنى وهو في [القتل]

(4)

الخطأ (لَا يُعَيِّنُهَا لِدَفْعِ الأَعْلَى

(5)

أي: لا يعين الكفارة لدفع الذنب الأعلى: وهو في القتل العمد، فإنه كم من شيء يتحمل الأدنى لقدرته عليه، ولا يتحمل الأعلى لعجزه عن ذلك

(6)

.

وذلك لأنا لو قلنا بوجوب الكفارة في العمد بالاستدلال على وجوب الكفارة في الخطأ لكان لا يخلو: إمَّا أن نقول بالقياس، أو بدلالة النص، وكل ذلك لا يصح؛ لأنَّ القياس: لا يجري في الكفارات

(7)

، ولا وجه للقول بدلالة النص: لأنه لا مماثلة بين القتل العمد والقتل الخطأ وفي مثله في غير الكفارة لا يجري القياس فكيف تجري الدلالة التي تقتضي المماثلة من كل وجه أو الأولوية.

وذكر في ديات المبسوط: وقال الشَّافعي رحمه الله: المعنى في وجوب الكفارة بالقتل أنه نقص من عدد المسلمين أحدهم ممن كان يحضر الجُمَع والجماعات فعليه إقامة نفس مقام ما أتلف ولا يمكنه ذلك إحياءً فعليه إقامة النفس مقام النفس المتلفة تحريراً؛ لأنَّ الحرية حياة والرق

(8)

تلف ولهذا أوجب الكفارة على العامد، وقلنا نحن إنما وجب

(9)

عليه الكفارة؛ لأنَّ الشرع سلم له نفسه حين أسقط عنه القود بعد

(10)

الخطأ مع تحقق إتلاف النفس منه فعليه إقامة نفس مقام نفسه شكراً لله تعالى، وذلك في أن تُحرر نفساً لتشتغل بعبادة الله تعالى

(11)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 86).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 158).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 120)، البناية شرح الهداية (13/ 69)، نتائج الأفكار (10/ 227).

(7)

قال أبو المناقب: وذهب أصحاب أبي حنيفة: إلى أن القياس لا يجري في الكفارات، وهذا فاسد فإن مستند القول بالقياس إجماع الصحابة -رضوان الله عليهم- ولم يفرقوا بين حكم وحكم فيما يمكن تعليله، ولأنا نسائلهم ونقول: لا يجوز إجراء القياس فيها مع ظهور المعنى وتجليه أم مع عدم ظهوره؟ إن قلتم مع ظهوره وتجليه فهو تحكم، وصار بمثابة قول القائل: أنا أجري القياس في مسألة ولا أجريه في مسألة مع ظهور المعنى فيهما وتجليه، وإن قلتم: مع عدم ظهور المعنى فنحن وإياكم في ذلك على وتيرة واحدة. تخريج الفروع على الأصول (ص 132). وينظر: المستصفى (ص 331).

(8)

الرق: هو الضعف، ومنه رقة القُلب، والرقة؛ خلاف الغلظة، ويطلق الرق على العبودية، والملك، يقال: رقَّ فلان؛ أي: صار عبداً، ورققت العبد، أرقه فهو مرقوق؛ أي ملكته، والرقيق المملوك. يُنْظَر: تهذيب اللغة (8/ 230)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 342)، لسان العرب (10/ 124)، تاج العروس (25/ 357). واصطلاحاً: عجز حكمي، شرع في الأصل جزاءً عن الكفر. أو هو ضعف حكمي، يصير به الآدمي محلاً للتملك. يُنْظَر: التعريفات؛ للجرجاني (148)، التعاريف (370)، الكليات (475)، دستور العلماء (2/ 102).

(9)

وفي (ب)(أوجب)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

وفي (ب)(بعذر)، ولعلها الصواب.

(11)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 86).

ص: 90

ثم وجه ترجيح المعنى الذي ذكرنا على المعنى الذي ذكره الشافعي رحمه الله: هو أنه لو قَتَلَ مُستأمنًا

(1)

(2)

أو ذميَّا

(3)

خطأ تلزمه الكفارة أيضًا وما نقص بقتله من عدد المسلمين أحدهم علم بهذا أن المعنى فيه هو أن الشرع لما عذره في الخطإ وسلم له نفسه ولم يلزم عليه القصاص مع وجود القتل منه أوجب عليه أن يقيم نفساً مقامه شكراً لله تعالى.

فإن قلتَ: وَصِفَةُ العَمْدِيَّة في القتلِ غير مانعة لوجوب الكفارة كما في قتل المحرم الصيد عمدًا وربما يطرد الشافعي رحمه الله هذا ويقول: هذه الكفارة كفارة قتل

(4)

فيجب في عمده كما يجب في خطئه قياساً على المحرِم إذا قتل صيدًا وكذلك يتمسّك بالكتاب والسنة أيضاً.

أمَّا الكتاب: فقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}

(5)

والمراد بالخطأ هنا ما يضاد الصواب، كما في قوله تعالى:{إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}

(6)

أي ضد الصواب، والعمد ضد الصواب فتتناوله الآية والدليل عليه قوله تعالى: {فَإِنْ

(7)

كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ}

(8)

الآية، وإنما يقتل المرءُ

(9)

عدوه عمدًا فعرفنا أن المراد إيجاب الكفارة بالقتل العمد.

(1)

وفي (ب)(مستأماً).

(2)

المستأمن لغةً: مشتق من الأمان، والأمان ضد الخوف، وهو مصدر أمِنَ، أماناً، وأمْناً، والمستأمن من دخل في أمان شخص. يُنْظَر: العين (8/ 388)، الصحاح؛ للجوهري (5/ 349)، المحكم والمحيط الأعظم (10/ 492)، لسان العرب (13/ 21). واصطلاحاً: من دخل دار الإسلام بأمان يطلبه. يُنْظَر: تحرير ألفاظ التنبيه (325)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (3/ 372)، أنيس الفقهاء (185).

(3)

الذمَّة: الأمان، والذميُّ: المعاهد الذي أعطى عهدا يأمن به على ماله و عرضه و دينه، وعلى جزيةٍ يؤديها. قال الزبيدي: ورجل ذمي أي: له عهْد. وقال الجوهَري: أهلُ الذمة: أهلُ العقْد. قلتُ: وهم الذين يُؤدُّون الجزْية من المُشْركين كلّهم. وسُمّي الذّمِّي، لأنّه يدْخُل في أمانِ المُسلمين. تاج العروس (32/ 205، 206).

وينظر: تهذيب اللغة (1/ 99)، الصحاح؛ للجوهري (5/ 204)، لسان العرب (3/ 312)، المعجم الوسيط (1/ 315).

(4)

كذا في (أ) وهي مثبتة بهامش (ب).

(5)

سورة النساء من الآية (92).

(6)

سورة الإسراء من الآية (31).

(7)

في (أ) و (ب)(وإن)، وهي خطأ.

(8)

سورة النساء من الآية (92).

(9)

وفي (ب)(المرؤ).

ص: 91

وأمَّا السنة: فهي حديث واثَلةَ بن الأسْقَعِ

(1)

قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لصَاحب

(2)

لنا قد استوجب النار بالقتل فقال: «أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو عضوًا منه من النار»

(3)

وإيجاب النار إنما يكون بالقتل العمد

(4)

.

قلتُ: أما الجواب عن قتل الصيد فقلنا: إنه كفارة ارتكاب محظور الإحرام لا كفارة القتل.

ألا ترى أنها تجب بإتلاف العضو والإشارة والأخذ بلا قتل فلم يصح الجمع وكلامنا في كفارة القتل؛ ولأن قتل الصيد وأخذه عمدًا كان أو خطأ، لا يخلو عن معنى الإباحة؛ لأن الصيد في نفسه بين مباح ومحظور فإنه مباح بأصل الخلقة للناس أجمع محظور بأمن

(5)

ثبت له بالإحرام فيصلح سبباً.

أمَّا قتل الآدمي في نفسه بأصل الخلقة محظور؛ لأن المحل لم يخلق مباح التناول فلم تثبت الإباحة إلا بعارض سبب من خطإ أو جناية يرتكبها.

فإن قيل: إذا قتل رجلاً عليه قصاص عمدًا فلا

(6)

كفارة عليه وقد صار مباحاً من وجه كالصيد للمحرم.

قلنا: لا إباحة بوجوب القصاص بل هو معصوم كما كان، إلا أن للولي قتله بحقه لا بإباحة كما يستوفي الدين من ماله المعصوم بحقه لا بصيرورة المال مباحًا كذا في الأسرار.

(1)

أبو الأسقع وقيل كنيته أبو قرصافة، واثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر الليثي رضي الله عنه، وقيل: واثلة بن الأسقع بن عبد العزى بن عبد ياليل بن ناشب الليثي من أصحاب الصفة، أسلم سنة تسع وشهد غزوة تبوك وكان من فقراء المسلمين رضي الله عنه وهو ممن طال عمره. وسكن الشام وحديثه عند أهلها، وله مسجد مشهور بدمشق. قال قتادة: آخر من مات من الصحابة بدمشق واثلة بن الأسقع. مات سنة ثلاث وثمانين وهو ابن مئة سنة وخمس سنين، وقيل: مات سنة خمس وثمانين.

يُنْظَر: الأنساب (5/ 151)، سير أعلام النبلاء (3/ 383)، الوافي بالوفيات (27/ 243).

(2)

وفي (ب)(بصاحب)

(3)

رواه مسلم (2/ 1148)، في (كتاب العتق)، في (باب فضل العتق)، برقم (1509)، عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيُّمَا امرِئٍ مُسلِمٍ أَعتَقَ امرَأً مُسلِمًا استَنْقَذَ الله بِكلِّ عُضوٍ منه عُضوًا منه من النّارِ» ، ورواه أحمد (3/ 490)، برقم (16055)، بلفظ «أعتقوا عنه يعتق الله عز وجل بكل عضو عضوا منه من النار» .

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 85)، العناية شرح الهداية (15/ 121).

(5)

وفي (ب)(بأمر)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

وفي (ب)(لا).

ص: 92

وأما الجواب عمَّا تمسك به من الآية فنقول: المراد من قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً}

(1)

[الخطأ]

(2)

هو ضد القصد؛ لأنه عطف عليه العمد، ولا يعطف الشيء على نفسه ولأنَّ الله تعالى استثنى ذلك من الحظر، وضد الصواب لا يكون مستثنى من المحظور حتى يكون مباحاً بل هو المحظور بعينه، وإنما المستثنى ضد الصواب المطلوب بتحريه واجتهاده بأن قصد صيدًا فأصاب مسلما حتى يكون مباحاً له فعله فلا يأثم وإن ضمن

(3)

.

وأمَّا الجواب عن الحديث فنقول: المشهور من حديث واثلة [بن]

(4)

[الأسقع]

(5)

«أتينا رسول الله عليه السلام بصاحب لنا قد استوجب النَّار»

(6)

من غير ذكر القتل فيحتمل أن ذلك بسبب آخر غير القتل.

وَلَئِن صحَّ قوله بالقتل فهو محمول على القتل بالحجر والعصا الكبير ثم مراد رسول الله عليه السلام التطوع بالإعتاق عنه.

ألا ترى أنه خاطب به غير القاتل والكفارة لا تجب على غير القاتل

(7)

.

هذه أجوبة

(8)

وأمَّا الحجة لنا في ذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}

(9)

فهذا يقتضي أن المذكور في الآية جميع جزائه، ولو أوجبنا عليه الكفارة كان المذكور بعض جزائه فيكون نسخًا لذلك الحكم؛ لأنَّ

(10)

المعلق بالشرط يكون كل جزائه وبالزيادة يصير

(11)

بعضاً.

ولا وجه لحمل الآية على المستحل؛ لأن المذكور في الآية جزاء قتل العمد، وإذا حمل على المستحل كان المذكور جزاء الردة

(12)

؛ ولأنَّ زيادة الاستحلال زيادة على الشرط المنصوص فيكون نسخًا.

(1)

سورة النساء من الآية (92).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (27/ 85).

(4)

سقط في (ب).

(5)

سقط في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(6)

سبق تخريجه (ص 211).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 86).

(8)

وفي (ب)(أجوه).

(9)

سورة النساء من الآية (93).

(10)

وفي (ب)(إلا أن).

(11)

وفي (ب)(يكون).

(12)

الردة لغةً: مأخوذة من الرد، والرد مصدر ردَّ الشيء، من الارتداد؛ وهو الرجوع عن الشيء مطلقاً، والمرتد؛ هو من رد نفسه إلى الكفر. يُنْظَر: جمهرة اللغة (1/ 110)، المحكم والمحيط الأعظم (9/ 267)، لسان العرب (3/ 173)، التعاريف (361)، الكليات (477). واصطلاحاً: الرجوع عن الإسلام إلى الكفر. يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 178)، المغني؛ لابن قدامة (9/ 16)، أنيس الفقهاء (187)، مجمع الأنهر (2/ 487)، الدر المختار (4/ 221).

ص: 93

وأمَّا تأويل الخلود على معنى أنه لو عامله بعدله، أو على معنى تطويل المدة مجازاً يقال: خلد فلان في السجن إذا طالت المدة كذا في المبسوط والأسرار

(1)

.

(وَشِبْهُ العَمْدِ

(2)

سُمِّيَ به، فإن في هذا القتل

(3)

مَعنَيَيْنِ: معنى العمد باعتبار قصد الفاعل إلى القرب

(4)

، ومعنى الخطأ باعتبار انعدام قصد القتل، وبالنظر إلى الآلة التي استعملها هي آلة الضرب للتأديب دون القتل والعاقل إنما يقصد إلى كل فعل بآلته فكان ذلك خطأ يشبه العمد صورة من حيث إنه كان قاصدًا إلى الضرب وإلى ارتكاب ما هو محرم عليه كذا في المبسوط

(5)

.

[تفسير القتل شبه العمد]

(وَشِبْهُ العَمْدِ: أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ غَالِباً

(6)

هذا التفسير عندهما

(7)

خاصة، وأما (عِنْدَ أَبِي حَنِيْفَةَ

(8)

رحمه الله فشبه العمد (أَنْ يَتَعَمَّدَ الضَّرْبَ

(9)

والتأديب

(10)

دون الإتلاف سواء كان الإتلاف منه غالباً كمِدَقَّة القَصَّارين

(11)

والحجر الكبير والعصا الكبيرة أو لم يكن الهلاك منه غالباً كالعصا الصغيرة

(12)

.

فإذا قتله به فهو شبه عمد سواء كان والى في الضربات أو لم يوالِ وعندهما إن تعمد الضَّرب بما كان الغالب منه الهلاك فهو عمد محض يجب القصاص.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 85، 86).

(2)

بداية المبتدي (239).

(3)

وفي (ب)(الفعل).

(4)

وفي (ب)(الضرب)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 64، 65).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(7)

أي: عند أبي يوسف ومحمد.

(8)

بداية المبتدي (239).

(9)

بداية المبتدي (239).

(10)

وفي (ب)(وللتأديب).

(11)

مدقة القصار: فيها عدة لغات: مِدَق ومِدَقة بكسر الميم وفتح الدال، ومُدُق ومُدُقة بضم الميم والدال، وهي: القطعة من الخشب التي يدق بها الثياب بعد الغسل، وحِرفته: القِصَارة.

يُنْظَر: جمهرة اللغة (1/ 495)، تهذيب اللغة (3/ 26)، المحيط في اللغة (2/ 86)، المحكم والمحيط الأعظم (6/ 198)، تاج العروس (31/ 63).

(12)

قال الامام القَدورِي: وشبه العمد عند أبي حنيفة: أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح، ولا ما أجري مجرى السلاح. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا ضربه بحجر عظيم، أو خشبة عظيمة: فهو عمد، وشبه العمد: أن يتعمد ضربه بما لا يقتل به غالبا. مختصر القدوري (281).

ص: 94

وإن تعمد الضرب بما لم يكن الهلاك منه غالباً كالسَّوط الصَّغير، فإن لم يوالِ في الضربات فهو شبه العمد عندهما بلا خلاف.

وإن والى في الضرب فقد اختلف المشائخ فيه على قولهما، بعضهم قالوا: أنه عمد محض وبعضهم قالوا: أنه شبه العمد، وكذلك لو ألقاه من جبل، أو سطح أو غرَّقه في الماء فهو شبه عمد يوجب الدية [عنده]

(1)

خلافاً لهما.

ولو خنق الرجل الرجل فمات فهو شبه عمد

(2)

لا قصاص فيه إلا أن يكون معروفاً بذلك فحينئذٍ يقتل؛ لأنه ساع في الأرض بالفساد

(3)

.

وإذا أدخل الرجل إنسانًا في بيت حتى مات جوعًا أو عطشاً لا يضمن شيئاً عند أبي حنيفة رحمه الله.

وعندهما: يجب عليه الدية؛ لأنَّ الجوع سبب مفض إلى الموت وهو قائم إلا أنه يدفع ذلك عن نفسه بالأكل فإذا منع الطعام عنه

(4)

صار مسبباً للتلف بمنزلة حفر البئر.

وأبو حنيفة رحمه الله يقول: التلف حصل عن معنى فيه وهو الجوع أو العطش وإنما يدفع ذلك بالطعام والماء فهذا منع ما يدفع به الهلاك عن نفسه وهذا لا يعد تسبيباً إلى التلف كذا في الذَّخيرة والمغني

(5)

.

وذكر في المبسوط: فأمَّا العصاء

(6)

الصَّغير إذا والى به في الضربات حتى مات لم يلزمه القصاص عندنا، وعلى قول الشَّافعي رحمه الله يجب

(7)

، وأصحابنا استدلوا بحديث النعمان

(8)

بن بشير

(9)

أن النَّبي عليه السلام قال: «أَلا إِنَّ قَتيلَ خَطَأِ العَمدِ، قَتِيل السَّوطِ وَالعَصَا

(10)

الحديث

(11)

. والمعنى فيه: أنَّ القتل حصل بمجموع أفعال لو حصل بكل واحد منها على الانفراد لا يتعلق به القصاص فكذلك إذا حصل بمجموعها كما لو جرح رجلاً

(12)

جراحات خطأ أو اشترك جماعة في قتل رجل خطأ

(13)

.

(1)

زيادة في (ب).

(2)

وفي (ب)(العمد).

(3)

وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 423)، في (كتاب الديات)، في (باب الرجل يخنق الرجل)، برقم (27623)، عن جابر عن عامر قال:«إذا خنق الرجل الرجل فلم يرفع عنه حتى يقتله فهو قود، وإذا رفع عنه ثم مات فدية مغلظة» .

(4)

وفي (ب)(منه).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 152، 153)، العناية شرح الهداية (15/ 123)، البناية شرح الهداية (13/ 70)، الجوهرة النيرة (2/ 205)، حاشية ابن عابدين (6/ 543).

(6)

وفي (ب)(العصا)، وهي الصواب.

(7)

وبه قال المالكية والحنابلة. يُنْظَر: شرح مختصر خليل (8/ 7)، الشرح الكبير؛ للدردير (4/ 242)، حاشية الدسوقي (4/ 246)، الأم؛ للشافعي (6/ 6)، الحاوي الكبير (12/ 215)، جواهر العقود (2/ 205)، العدة شرح العمدة (526)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (9/ 322)، الإقناع؛ للحجاوي (4/ 164).

(8)

وفي (ب)(النعمن).

(9)

النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي رضي الله عنهما، أول مولود في الأنصار بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم ولد السنة الثانية من الهجرة، له ولأبويه صحبة، سكن الشام ثم ولي إمرة الكوفة ثم قتل بحمص سنة خمس وستين وله أربع وستون سنة.

يُنْظَر: الثقات؛ لابن حبان (3/ 409)، سير أعلام النبلاء (3/ 411)، تهذيب التهذيب (10/ 399)، الإصابة في تمييز الصحابة (6/ 440).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(11)

رواه النسائي (4/ 231)، في (كتاب القسامة)، في (باب كم دية شبه العمد)، برقم (6994)، عن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قَتِيلُ الخطأ شِبْهِ الْعَمْدِ بالسَّوْطِ أوَ الْعَصَا

». ورواه ابن ماجه (2/ 877)، في (كتاب الديات)، في (باب دية شبه العمد المغلظة)، برقم (2627) نحوه. ورواه أبو داود (4/ 185)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (4547) نحوه.

قال ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (5/ 410): (هو حديث صحيح من رواية عبدالله بن عمرو بن العاص ولا يضره الاختلاف الذي وقع فيه).

(12)

وفي (ب)(رجلان).

(13)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 124).

ص: 95

وكان مالك

(1)

رحمه الله يقول: لا أدري ما شبه العمد، وإنما القتل عمد وخطأ

(2)

. وهذا فاسد فإن شبه العمد مما ورد الشَّرع به على ما رواه النعمان

(3)

بن بشير رضي الله عنهما أنَّ النَّبي عليه السلام قال: «ألا إنَّ قتيل خطأ العمد قتيل السّوط [والعصا]

(4)

وفيه مائة من الإبل أربعون فيها خلفة في بطونها أولادها»

(5)

والصحابة رضي الله عنهم أبقوا

(6)

على شبه العمد حين أوجبوا فيه الدية مغلظة مع اختلاف بينهم في صفة التَّغليظ ذكره في المبسوط

(7)

.

ثم التمسك لأبي حنيفة رحمه الله بهذا الحديث بطريق الدلالة:

(8)

وهو [أنهم]

(9)

لما اتفقوا على أنَّ القتل بالسوط والعصا الصغيرة غير موجب للقصاص باعتبار أن كل واحد منهما غير مؤثر في الظاهر فلذلك

(10)

العصا الكبيرة، أو أن السوط والعصا الصغيرة ليس

(11)

بآلة موضوعة للقتل فكذا العصا الكبيرة؛ لأنَّ الآلة الموضوعة للقتل هي السيف والآلات الجارحة فلما استوتا

(12)

[أعني]

(13)

العصا الصغيرة والكبيرة من هذين الوجهين استويا في حق الحكم، ثم أبقوا

(14)

على حكم العصا الصغيرة في أنَّها لا توجب القصاص فكذا العصا الكبيرة والذي في معناه

(15)

من الحجر العظيم والجذع الجسيم

(16)

.

(وَبِهِ يَحْصُلُ القَتْلُ

(17)

أي: وبالاستعمال على (غِرَّةٍ مِن المَقْصُودِ

(18)

بالقتل يحصل القتل غالباً ولا يحصل ذلك إلا بآلة موضوعة للقتل كالسيف والسكين.

وفي المبسوط

(19)

ولأبي حنيفة رحمه الله ما روي عن النبي عليه السلام أنَّه قال: «كل شيء خطأ إلا السَّيف، وفي كل خطإ الدية»

(20)

، وفي حديث الحجَّاجِ بن أَرْطَأَةَ

(21)

رضي الله عنه: «أن رجلاً قتل رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم[بالحجارة]

(22)

فقضى عليه بالدية»

(23)

والمعنى فيه: أنَّ هذه الآلة لا تجرح ولا تقطع فالقتل بها لا يكون موجباً للقصاص كالقتل بالعصا الصغيرة.

(1)

وفي (ب)(ذلك).

(2)

يُنْظَر: المدونة الكبرى (16/ 306).

(3)

وفي (ب)(النعمن).

(4)

سقط في (ب).

(5)

سبق تخريجه (ص 217).

(6)

وفي (ب)(اتفقوا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 65).

(8)

وفي (ب)(الدلاية).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

وفي (ب)(فكذلك)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(11)

وفي (ب)(ليست).

(12)

وفي (ب)(استويا).

(13)

سقط في (ب).

(14)

وفي (ب)(اتفقوا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(15)

وفي (ب)(معناها).

(16)

وفي (ب)(العظيم).

(17)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(18)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(19)

المبسوط؛ للسرخسي (26/ 122، 123).

(20)

رواه أحمد (4/ 275)، برقم (18447)، عن جابر الجعفي عن أبي عازب قال: دَخَلنَا على النُّعمَانِ بن بشِيرٍ في شهَادَةٍ فَسَمِعتُهُ يقول: قال رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم أو سمعته يقول: سمعت رسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «كلُّ شيء خطَأٌ الا السَّيفَ وفي كل خطأ أَرشٌ» . ورواه الدارقطني (3/ 106)، في (كتاب الحدود والديات وغيره)، برقم (84) عن جابر عن أبي عازب عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كل شيء خطأ إلا السيف وفي كل شيء خطأ أرش» . قال في نصب الراية (4/ 332) قال البيهقي في المعرفة: والحديث مداره على جابر الجعفي وقيس بن الربيع وهما غير محتج بهما. وقال ابن حجر في لسان الميزان (6/ 31): وجابر لا شيء ولعل الخبر موقوف.

(21)

أبو جعفر الحجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة النخعي، من أهل الكوفة، يروي عن عطاء وعمرو بن دينار وروى عنه شعبة والثوري، خرج مع المهدي إلى خراسان فولاه القضاء، وكان مع المنصور في وقت بناء مدينته ونصب قبلة مسجدها، وهو أول من ولي القضاء لبني العباس بالبصرة، وكان فيه تيه كثير. قال أحمد العجلي: كان فقيها أحد مفتي الكوفة وكان فيه تيه فكان يقول: أهلكني حب الشرف، وقال أحمد بن حنبل: كان حجاج يدلس فإذا قيل له من حدثك يقول: لا تقولوا هذا قولوا من ذكرت وروى عن الزهري ولم يره. مات في الري سنة خمس وأربعين ومئة. يُنْظَر: الأنساب (5/ 474)، وفيات الأعيان (2/ 55)، سير أعلام النبلاء (7/ 69، 73).

(22)

سقط في (ب).

(23)

ذكره بهذا اللفظ الإمام السرخسي في المبسوط (26/ 122)، ولم أجده. وفي سنن أبي داود (4/ 185)، في (كتاب الديات)، في (باب الدية كم هي)، برقم (4546)، عن عكْرِمَةَ عن بن عبَّاسٍ:«أنَّ رَجلًا من بَني عَديٍّ قُتِلَ فجَعَلَ النبي صلى الله عليه وسلم ديَتَهُ أثنى عشَرَ أَلفًا» . قال أبو دَاود رواه بن عيَيْنَةَ عن عَمْرو عن عكْرِمَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر ابن عبَّاسٍ. وفي سنن النسائي (4/ 234)، في (كتاب القسامة)، في (باب ذكر الاختلاف على خالد الحذاء)، برقم (7007)، عن عكرمة عن بن عباس قال:«قتل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفا» . وفي سنن الدارقطني (3/ 130)، في (كتاب الحدود والديات وغيره)، برقم (152) عن عكرمة عن بن عباس:«أن رجلا قتل رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثنا عشر ألفا» .

ص: 96

وتحقيقه من وجهين:

أحدهما: أنَّ وجوب القصاص يختص بقتل هو عمد محض وصفة التمحض

(1)

أن يباشر الفعل باليد في محله وآلة القتل هي الآلة الجارحة؛ لأن الجرح يعمل في نقض البينة ظاهراً وباطناً وما سواه مما يدق

(2)

بنقض البينة باطناً لا ظاهراً وقوام البينة بالظاهر والباطن جميعًا فالقتل الذي هو نقض البينة إذا كان ممّا يعمل في الظاهر والباطن يكون قتلاً من كل وجه.

وإذا كان ما

(3)

يعمل في الباطن دون الظاهر يكون قتلاً من وجه دون وجه والثابت من وجه دون وجه يكون قاصراً في نفسه فيصلح أن يجب به ما يثبت مع الشبهات ولا يصلح أن يجب به ما يندرئ بالشبهات فلذلك وجب به الدية دون القصاص.

والوجه الآخر: أن آلة القتل الحديد قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ}

(4)

والمراد القتل وكذلك خزائن أسلحة الملوك تكون من الحديد وأمَّا الخشب والأحجار تعد للأبنية والحديد هو المستعمل في القتال.

ألا ترى أن الحديد إذا حصل القتل به وجب القصاص صغيراً كان أو كبيراً حتى لو غرز بإبرة في مقتله يلزمه القصاص، وما سوى الحديد الصغير منه لا يوجب القصاص وإن تحقق به القتل والفعل

(5)

لا يتم إلا بآلته فبقصور في الآلة تتمكن شبهة النقصان في القتل

(6)

وذلك يمنع وجوب القصاص.

فعلى هذا الطريق نقول: القتل بمثقل الحديد يوجب القصاص نحو ما إذا ضربه [بعمود]

(7)

حديد

(8)

أو بسنجات

(9)

الميزان؛ لأنَّ الحديد في كونه آلة للقتل منصوص عليه وفي المنصوص عليه يعتبر عين النص فأمَّا في غير المنصوص عليه الحكم يتعلق بالمعنى فيعتبر كونه محددًا نحو شق العصا والمروة

(10)

وليطة القصب ونحو ذلك.

وعلى الطريق الأول نقول: لا يجب القصاص إلا بما هو محدد الحديد وغيره فيه سواء لاشتراط الجرح فيه وهو رواية الطحاوي

(11)

.

(1)

وفي (ب)(المحض).

(2)

وفي (ب)(عائدة).

(3)

وفي (ب)(مما)، وهي الصواب، وهكذا جاءت في مبسوط السرخسي.

(4)

سورة الحديد من الآية (25).

(5)

وفي (ب)(والقتل).

(6)

وفي (ب)(الفعل).

(7)

سقط في (ب).

(8)

وفي (ب)(بحديد).

(9)

وفي (ب)(بصنجات).

(10)

المرو: حجارة بيض براقة تُقْدح منها النار، واحدها: مروة، وبها سميت: المروة بمكة. يُنْظَر: تهذيب اللغة (15/ 204)، المحكم والمحيط الأعظم (10/ 336)، لسان العرب (15/ 275)، تاج العروس (39/ 520).

(11)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 122، 123).

ص: 97

(يشبه

(1)

بِالخَطَأ

(2)

أي: بالنظر إلى الآلة.

قال صاحب الإيضاح في الإيضاح: فوجدت في كتب أصحابنا: أن لا كفارة في شبه العمد على قول أبي حنيفة رحمه الله فإن الإثم كامل مُتَناهٍ وتناهيه يمنع شرع الكفارة؛ لأنَّ ذلك من باب التخفيف

(3)

.

(والأَصْلُ: أَنَّ كُلَّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِالقَتْلِ ابْتِدَاءً

(4)

وهذا احتراز عن القتل العمد الذي تصالحوا فيه على الدية، وعن قتل الوالد ولده عمدًا وعن إقرار القاتل بالقتل خطأ، وقد كان قتله عمدًا. فإنّ في هذه الصور تجب الدية على القاتل في

(5)

ماله [لا على العاقلة؛

(6)

(7)

لأنَّه لم تجب الدية بنفس القتل ابتداء بل بمعنى آخر بعد وجوب القصاص عليه فلا تتحمله العاقلة

(8)

.

(وَالحُجَّةُ عَلَيْهِ

(9)

مَا أَسْلَفْنَاهُ

(10)

وهو قوله عليه السلام: «ألا إن قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا»

(11)

على ما ذكرناه قبيل هذا من رواية المبسوط

(12)

.

وذكر في المبسوط الخطأ: هو ما أصبت مما كنت تعمدت غيره

(13)

.

(1)

وفي (ب)(لِشَبَهِهِ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 157)، البناية شرح الهداية (13/ 72)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (5/ 415).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(5)

وفي (ب)(لا في).

(6)

العاقلة لغةً: جمع عقل، أصلها من فاعلة العقل، والعاقلة: هم العصبة، والعقل؛ دفع الدية، وسميت الدية عقلاً، تسمية بالمصدر؛ لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي المقتول، وقيل: مأخوذة من العقل؛ لأنها تمنع القتل عن القاتل.

يُنْظَر: تهذيب اللغة (1/ 158)، الصحاح؛ للجوهري (5/ 47)، المحكم والمحيط الأعظم (1/ 205)، طلبة الطلبة (334)، المطلع (368). واصطلاحاً: القرابة من قبل الأب الذين يعطون دية الخطأ. يُنْظَر: الأم؛ للشافعي (6/ 115)، الحاوي الكبير (12/ 344)، الفائق (1/ 241)، غريب الحديث؛ لابن الجوزي (2/ 117)، لسان العرب (11/ 460)، أنيس الفقهاء (296).

(7)

سقط في (ب).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 72).

(9)

أي: على الامام مالك رحمه الله.

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(11)

سبق تخريجه (ص 217).

(12)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 65).

(13)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 66).

ص: 98

(وَالخَطَأُ عَلَى نَوعَيْنِ

(1)

.

وإنما انحصر على هذين النوعين؛ لأن رميه

(2)

السهم إلى

(3)

شيء معين بالقصد إليه مشتمل على [فعلين]

(4)

فعل القلب:

(5)

وهو القصد، وفعل الجارحة: وهو

(6)

الرمي فلو اتصل الخطأ بالفعل الأول كان هو النوع الأول، ولو اتصل بالفعل [الثَّاني]

(7)

كان هو النوع الثاني، فلما انحصر فعل الرمي على هذين القتلين

(8)

انحصر الخطأ المتصل بقتل

(9)

الرمي أيضاً على هذين النوعين ضرورة

(10)

.

(فِي ثَلاثِ سِنِينَ، لِمَا بَيَّنَّاهُ

(11)

وهو قوله: (وَتَجِبُ فِي ثَلاثِ سِنِينَ بِقَضِيَّةِ عُمَرَ رضي الله عنه

(12)

.

(13)

(فَأَخْطَأَ

(14)

وَأَصَابَ مَوْضِعاً آخَرَ

(15)

[أي: موضعًا آخر]

(16)

من ذلك الرجل حتى لو أصاب رجلاً آخر فقتله كان خطأ.

وذكر في تفسير هذا في الذخيرة وقال: رجل تعمد أن يضرب يد رجل فأخطأ فأصاب عنق ذلك الرجل فأبان رأسه فقتله فهو عمد وفيه القود ولو أراد يد هذا الرجل فأصاب عنق غيره فهو خطأ

(17)

.

(1)

بداية المبتدي (239).

(2)

وفي (ب)(رمية).

(3)

وفي (ب)(على).

(4)

سقط في (ب).

(5)

وفي (ب)(القتل).

(6)

وفي (ب)(وهي).

(7)

سقط في (ب).

(8)

وفي (ب)(الفعلين)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(9)

وفي (ب)(بفعل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 127).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(13)

رواه عبدالرزاق في مصنفه (9/ 420)، في (كتاب العقول)، في (باب في كم تؤخذ الدية)، برقم (17857) عن أبي وائل أن عمر بن الخطاب جعل الدية الكاملة في ثلاث سنين. ورواه ابن أبي شيبة (5/ 406)، في (كتاب الديات)، في (الدية في كم تؤدى)، برقم (27438) عن أشعث عن الشعبي وعن الحكم عن إبراهيم قال: أول من فرض العطاء عمر بن الخطاب وفرض فيه الدية كاملة في ثلاث سنين. والبيهقي في السنن الصغير (3/ 251)، في (كتاب الديات)، في (باب العاقلة)، برقم (2460) عن الشعبي أنه قال: جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدية في ثلاث سنين. قال الشَّافعِيُّ في الأم (6/ 115): لم أَعلَمْ مخَالِفًا أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قضَى بالدِّيَةِ على الْعَاقلَةِ.

(14)

وفي (ب)(فالخطأ).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

(16)

سقط في (ب).

(17)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 127)، معين الحكام (183)، البناية شرح الهداية (13/ 74).

ص: 99

[القتل بسبب]

(وَأَمَّا القَتْلُ بِسَبَبٍ فحافر

(1)

البِئْرِ

(2)

وهذا ليس بعمد ولا خطأ ولا ما أجري مجرى الخطأ؛ لأنه ليس بمباشر

(3)

للقتل؛ لأنَّ مباشرة القتل باتِّصال فعل من القاتل بالمقتول

(4)

ولم يوجد وإنما اتَّصل فعله بالأرض فكان هو مسبباً

(5)

متعدياً فهي

(6)

الدية على عاقلته صيانة للنفس عن الهدر كذا ذكره الإمام المحبوبي

(7)

(8)

.

(وَلَنَا أَنَّ القَتْلَ مَعْدُومٌ مِنْهُ

(9)

أي: من القاتل بالسبب حقيقة؛ لأن التصرف في الجثة لم يوجد إنما وجد التصرف في محل آخر وإنما ألحق التسبيب بالمباشرة على خلاف الأصل في إيجاب الضمان فبقي في حق الكفارة وحرمان الميراث على الأصل

(10)

كذا في الإيضاح

(11)

.

(وما يكون [في]

(12)

شِبهِ العمد في النفس فهو عمد فيما سواها

(13)

أي: فيما دون النفس وهذا؛ لأن حد شبه العمد في النفس أن يتعمَّد الضَّارب الضَّرب ولا يقصد الإتلاف إنما يقصد التأديب وذلك إنما يتحقق في النفس؛ لأنَّ إتلاف النفس لا يقصد بالسوط وإنما يقصد بالسلاح فكان القتل بالسوط شبه عمد؛ لأنَّه من حيث إنه تعمد الضرب مستعمل

(14)

ومن حيث إنه ما تعمد

(15)

الإتلاف وإنما تعمد التأديب مخطئ فكان

(16)

شبه عمد، وهذا الحد لا يَتَأتَّى فيما دون النفس؛ [لأن ما دون النفس]

(17)

كما يقصد بالإتلاف بالسلاح يقصدها

(18)

[لا]

(19)

بالإتلاف

(20)

بغير السَّلاح فكان الضرب بالخشب وبالسوط فيما دون النفس عمدًا باعتبار الضرب والإتلاف جميعًا فصار الخشب فيما دون النفس بمنزلة السلاح في النفس فلهذا وقع الفرق بينهما كذا في الذَّخيرة

(21)

. والله أعلم.

(1)

وفي (ب)(بحافر)، والصواب (كَحَافِرِ)، كما في متن البداية.

(2)

بداية المبتدي (239).

(3)

المباشر: من فعل الأمر من غير واسطة، ومنه المباشر للقتل، والسبب المباشر.

يُنْظَر: معجم لغة الفقهاء (1/ 483).

(4)

وفي (ب)(إلى المقتول).

(5)

وفي (ب)(سبباً).

(6)

وفي (ب)(فتجب)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

هو: جمال الدين أبو الفضل عبيد الله بن إبراهيم بن أحمد بن عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز بن محمد بن جعفر ابن هارون بن محمد بن أحمد بن محبوب بن الوليد بن عبادة بن الصامت الانصاري العبادي المحبوبي البخاري الحنفي، انتهت إليه معرفة المذهب، والمعروف بأبي حنيفة الثاني، قال الذهبي في المؤتلف والمختلف عالم الشرق شيخ الحنفية. (ت 630 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 336)، سير أعلام النبلاء (22/ 345).

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 68).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(10)

وهو عدم القتل.

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 75)، حاشية ابن عابدين (6/ 532).

(12)

زيادة في (ب).

(13)

بداية المبتدي (239).

(14)

وفي (ب)(متعمد).

(15)

وفي (ب)(قصد).

(16)

وفي (ب)(ولأن).

(17)

زيادة في (ب).

(18)

وفي (ب)(يقصد).

(19)

سقط في (ب).

(20)

وفي (ب)(بإتلاف).

(21)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 75)، مجمع الأنهر (4/ 311)، حاشية ابن عابدين (6/ 530).

ص: 100

‌بَابُ مَا يُوجِبُ القَصَاصَ وَمَا لا يُوجِب

(1)

[مناسبة ذكر هذا الباب بعد أنواع القتل]

لما ذكر أنواع القتل بأنها خمسة فبعض منها يوجب القصاص: وهو القتل العمد بالسِّلاح ثم مع وجود القتل بهذه الصفة قد يتخلف

(2)

في مواضع من إيجاب القصاص ذكر في هذا الباب تفصيل ذلك.

يقال حقن دمه: إذا منعه

(3)

أن يسفك من حد

(4)

.

وحل (القِصَاصُ وَاجِبٌ بِقَتْلِ كُلِّ مَحْقُونِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ

(5)

وهو احتراز عن المستأمن

(6)

.

فإن قلت: يُشْكل على هذا الحد ما لو قتل المسلم ابنه المسلم عمدًا حيث لا يجب القصاص على الأب مع وجود هذا الحد.

(1)

وفي (ب)(يُوجِبه)، وهي الصواب، وهكذا جاءت في بداية المبتدي (240).

(2)

وفي (ب)(يتحقق).

(3)

وفي (ب)(منع).

(4)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 217).

(5)

بداية المبتدي (240)، وهو لفظ الامام القدوري. مختصر القدوري (282).

(6)

قال الإمام البابرتي: وَفيهِ بحْثٌ منْ أوْجُهٍ: الْأوَّلُ: أنَّ الْعفْوَ منْدُوبٌ إليْهِ وَذَلكَ يُنَافي وصْفَ الْقصَاصِ بالْوُجُوبِ.

الثَّاني: أنَّ حقْنَ الدّمِ علَى التَّأْبيدِ غيْرُ مُتصَوَّرٍ؛ لأَنَّ أنْهَى ما يُتصَوَّرُ منْهُ أنْ يكُونَ للْمُسْلِمِ في دارِ الْإسْلَامِ وهُوَ يزُولُ بالِارْتِدَادِ وَالْعيَاذُ باَللَّهِ تعَالَى. الثَّالثُ: أنَّهَا منْقُوضَةٌ بمُسْلِمٍ قتَلَ ابْنهُ الْمُسْلمَ فَإنَّهَا موْجُودَةٌ فيهِ ولَا قصَاصَ، الرَّابعُ: أنَّ قيد التَّأْبيدِ لثُبُوتِ الْمُساوَاةِ، وَإذَا قتَلَ الْمُسْتأْمَنُ مُسْلمًا وجَبَ الْقصَاصُ ولَا مُساوَاةَ بيْنَهُمَا.

فأَجَابَ عنْ الْأوَّلِ: أنَّ الْمُرادَ بالْوُجُوبِ ثبُوتُ حقِّ الاسْتِيفَاءِ ولَا مُنافَاةَ بيْنَهُ وبَيْنَ الْعفْوِ. وعَنْ الثَّاني: أنَّ الْمُرادَ بالْحَقْنِ علَى التَّأْبيدِ ما هوَ بحَسَبِ الْأصْلِ وَالارْتِدَادُ عَارضٌ لا مُعْتبَرَ بهِ ورُجُوعُ الْحَرْبيِّ إلى دَارهِ أصْلٌ لا عارِضٌ. وعَنْ الثّالِثِ: بِأنَّ القِصَاصَ ثابِتٌ لكِنَّهُ انقَلَبَ مالًا لِشُبهَةِ الأُبُوَّةِ. وعَنْ الرّابِعِ: بِأنَّ التّفَاوُتَ إلى نُقصَانٍ غَيرُ مانِعٍ عنْ الِاستِيفَاءِ، بِخِلافِ العَكْسِ. العناية شرح الهداية (15/ 131). وينظر: البناية شرح الهداية (13/ 76، 77).

ص: 101

قلت: ذاك من العوارض فلا يدخل تحت القواعد والكلام في الأصول

(1)

لا في العوارض.

ولأن القصاص هناك كان واجباً في الأصل ثم انقلب مالاً بِكَون

(2)

الأُبُوَّة شبهة في درء القصاص

(3)

.

ألا ترى أن الابن شهيد بهذا القتل وإن وجب المال وكذا كل قتل أوجب القصاص ثم انقلب مالاً بالصلح لا يبطل شهادته كذا ذكره الإمام التمرتاشي رحمه الله[وذكر]

(4)

في المبسوط في موضع في الأب لو قتل ابنه عمدًا كان الولد شهيدًا لا يغسل في

(5)

موضع آخر قال: في غسله روايتان في إحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله يغسل؛ لأنَّ القتل موجب للمال وفي الرواية الأخرى لا يغسل لأن امتناع وجوب القصاص لانعدام الأهلية ضمن

(6)

له وذلك لا يتعدى إلى حكم الغسل

(7)

.

وذكر فيه في تعليل قتل

(8)

الرمي

(9)

بعدما ذكر هذا التعليل أعني قوله

(10)

: (القِصَاصُ وَاجِبٌ بِكلِّ

(11)

مَحْقُونِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ

(12)

وقال: ولا يدخل عليه الأب إذا قتل ابنه؛ لأنَّ امتناع وجود

(13)

القود عليه عندنا ليس لقيام الشبهة في دم الابن [بل]

(14)

لأنَّ فضيلة الأبوة تخرج الولد من أن يكون مستوجباً القود على والده كما يمنعه من قوله

(15)

شرعًا وإن كان الأب مباح الدم بأن مرتدًا

(16)

أو حربياً أو زانياً وهو محصن

(17)

.

(وَتَتَحَقَقَ المُسَاوَاةُ

(18)

[أي: وتتحقق المساواة]

(19)

بين الذي يقتل قصاصاً وبين الذي قتل أولاً يعني: يجب أن يكون الذي قتل أولاً محقون الدم على التأبيد حتى يقتل بمقابلته

(20)

القاتل الذي هو محقون الدم على التأبيد لتتحقق

(21)

المساواة بينهما.

(1)

وفي (ب)(الأصل).

(2)

وفي (ب)(يكون).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 75).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

وفي (ب)(وفي)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

وفي (ب)(فيمن).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 94، 95).

(8)

كذا في (أ) وهي مثبتة بهامش (ب).

(9)

وفي (ب)(الذي).

(10)

أي: قول الإمام القدوري.

(11)

وفي (ب)(لكل).

(12)

بداية المبتدي (240)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (282).

(13)

وفي (ب)(وجوب) ولعلها الصواب، وهكذا جاءت في مبسوط السرخسي.

(14)

زيادة في (ب).

(15)

وفي (ب)(قتله)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(16)

وفي (ب)(مرتد)، والصواب (بأن كان مرتداً) والله أعلم.

(17)

المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 133).

(18)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(19)

سقط في (ب).

(20)

وفي (ب)(بمقاتلته).

(21)

وفي (ب)(لتحقق).

ص: 102

فإن قلت: يُشْكل على هذا ما إذا قتل المستأمن المسلم فإنه يقتل المستأمن قصاصاً مع أنه لا مساواة بينهما فإن المستأمن غير محقون الدم على التأبيد.

قلنا

(1)

: هذا تفاوت إلى نقصان، فكان وجوب القصاص فيه بالطَّريق الأولى كما إذا قتل العبد الحر حيث يقتص العبد بالاتفاق بهذا

(2)

مع أن الشافعي رحمه الله لا يرى جريان القصاص بين الحر والعبد. يعني: لو قتل الحر العبد لا على العكس فإنه يقتل العبد بالاتفاق؛ لأنه تفاوت إلى نقصان فكذا هنا؛ لأنَّه تفاوت إلى نقصان والناقص يجوز أن يستوفي بالكامل دون عكسه [كما]

(3)

في الطرف

(4)

.

(5)

(وَهِيَ

(6)

أي: العصمة (بِالدَّينِ

(7)

أي: عنده

(8)

.

(أو بِالدَّارِ

(9)

(10)

أي: عندنا.

ولا يُشكل على هذا المقتضي

(11)

عليه بالرجم حيث ثبت له الدار والدين ولم تثبت العصمة؛ لأنَّا

(12)

نقول: يباح قتله لا لنقصان إحرازه بل جزاء

(13)

على جريمته

(14)

.

(وَجَرَيَانُ القِصَاصِ بَينَ العَبْدَيْنِ يُؤْذِنُ بِانْتِفَاءِ شُبْهَةِ الإِبَاحَةِ

(15)

هذا جواب عن تعليل الشَّافعي رحمه الله في غير هذا الموضع بأنه يمكن في هذا الفعل شبهة الإباحة؛ لأنَّ الرق أثر الكفر وحقيقة الكفر يمنع القصاص بين المسلم والكافر عند الشافعي رحمه الله، أو يمنع القصاص بين المسلم والكافر المستأمن بالإجماع فكذا أثر الكفر

(16)

.

(1)

وفي (ب)(قلت).

(2)

وفي (ب)(لهذا).

(3)

سقط في (ب).

(4)

وفي (ب)(الطريق).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 487)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 129_131)، الهداية شرح البداية (4/ 160)، العناية شرح الهداية (15/ 131)، البناية شرح الهداية (13/ 76، 77)، الاستذكار؛ لابن عبد البر (8/ 176)، الذخيرة (12/ 320)، الأم؛ للشافعي (7/ 309)، روضة الطالبين (9/ 192)، مسائل الامام أحمد رواية ابنه عبدالله (409)، المغني؛ لابن قدامة (8/ 222).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(8)

يعني: عند الشافعي رحمه الله.

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(10)

وفي (ب)(وبالدار).

(11)

وفي (ب)(المقضي)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(12)

وفي (ب)(لا).

(13)

وفي (ب)(لجزاء).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 132)، البناية شرح الهداية (13/ 78).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(16)

يُنْظَر: مختصر القدوري (282)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 128)، بدائع الصنائع (7/ 237)، الاستذكار؛ لابن عبد البر (8/ 123)، الذخيرة (3/ 447)، مختصر المزني (237)، الحاوي الكبير (12/ 10)، نهاية المحتاج (7/ 268)، حواشي الشرواني (8/ 401)، المغني (8/ 218، 252)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (9/ 361)، كشاف القناع (5/ 524).

ص: 103

فأجاب عنه وقال: بأن كونه عبدًا غير مورث شبهةَ إباحةِ القتلِ باعتبار أن الرِّقَ أَثَرَ الكفر إذ لو أورث الرِّقيَّة [شبهةَ]

(1)

إباحةِ القتلِ لَمَّا جَرى القصاص بين العبدين كما [لا]

(2)

يجري القصاص بين المستأمنين على جواب الاستحسان لإيراث كفرهما

(3)

شبهة إباحة القتل

(4)

.

وفي المبسوط

(5)

وغيره، وحجَّتنا في ذلك قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}

(6)

فهذا يقتضي وجوب القصاص بسبب كل قتل إلا ما قام الدليل

(7)

.

فأمَّا قوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ}

(8)

فهو ذكر بعض ما شمله العموم على موافقة حكمه فلا يوجب تخصيص ما بقي.

ألا ترى أنَّه كما قابل العبد بالعبد كذلك قابل الأنثى بالأنثى ثم لا تمنع

(9)

تلك المقابلة أن يقتل الذكر بالأنثى وكذلك هذه المقابلة وفي مقابلة الأنثى [بالأنثى]

(10)

دليل على وجوب القصاص على الحرة بقتل

(11)

الأمة.

ثم فائدة التخصيص سبب نزول هذه الآية، وهو ما روي [عن]

(12)

ابن عباس رضي الله عنهما أن قبيلتين من العرب اقتَتَلَتَا وكانت إحداهما تَدَّعِي الفَضْلَ لنفسها على الأخرى فقالت: لا نرضى إلا بأن يقتل

(13)

الذكر منهم بالأنثى منا والحر منهم بالعبد منا فأنزل الله تعالى هذه الآية ردًّا عليهم وزجراً لهم عما أرادوا لمن قتل غير القاتل بالمقتول

(14)

.

(1)

سقط في (ب).

(2)

سقط في (ب).

(3)

وفي (ب)(مما).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 160).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 129، 130).

(6)

سورة البقرة من الآية (178).

(7)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (إلا ما قام عليه الدليل)، كما في المبسوط؛ للسرخسي (26/ 130). وسياق الكلام لا يستقيم بدونها، والله أعلم.

(8)

سورة البقرة من الآية (178).

(9)

وفي (ب)(تمتع).

(10)

سقط في (ب).

(11)

وفي (ب)(تقتل).

(12)

زيادة في (ب).

(13)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(14)

رواه ابن أبي شيبة (5/ 460)، في (كتاب الديات)، في (باب إن المسلمين تتكافأ دماؤهم)، برقم (27973) عن الشعبي قال: كان بين حيين من العرب قتال فقتل من هؤلاء ومن هؤلاء فقال: إحدى الحيين لا نرضى حتى يقتل بالمرأة الرجل وبالرجل الرجلين قال: فأبى عليهم الآخرون فارتفعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم «القتل براء أي سواء» قال فاصطلح القوم بينهم على الديات. ورواه في معرفة السنن والآثار (6/ 264)، في (كتاب الديات)، في (باب القسامة)، برقم (4978) عن مقاتل بن حيان قال مقاتل: أخذت هذا التفسير عن نفر حفظ معاذ منهم: مجاهد والضحاك والحسن قوله: (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) الآية. قال: بدو ذلك في حيين من العرب اقتتلوا قبل الإسلام بقليل وكان لأحد الحيين فضل على الآخر فأقسموا بالله لنقتلن بالأنثى الذكر وبالعبد منهم الحر. فلما نزلت هذه الآية رضوا وسلموا.

قال الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار (1/ 109): غريب جدا.

ص: 104

فإن قلت: لو زاد الخصم فيما تمسك في الكتاب بقوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}

(1)

وقال هذا تفصيل لما ذكر من المطلق في صدر الآية وهو قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ}

(2)

فاقتصر الأمر عليه كقولك: في الكيس مال دراهم ودنانير فإنه نص أن لا مال فيه سواهما.

وعن علي رضي الله عنه: «من السُّنَّة

(3)

أن لا يقتل الحر بالعبد»

(4)

، والمعنى فيه أن هذا أحد نوعي القصاص فلا يجب على الحر بسبب المملوك كالقصاص في الأطراف بل أولى؛ لأنَّ حرمة الطرف دون حرمة النفس فالأطراف تابعة للنفس فإذا كان طرف الحر [لا]

(5)

يقطع بطرف العبد مع خفة حرمة الطرف فلَأَن لا يقتلَ الحر بالعبد مع عِظم حرمة النفس كان أولى.

ولأنَّ القصاص يُبنى

(6)

على المساواة ولا مساواة بين الأحرار والعبيد فإنَّ العبد مملوك مالاً والحر مالك والمالكيَّة في نهاية العز والمملوكيَّة في نهاية الذُّل فأَنَّى يتساويان ما جوابنا عنه.

قلت: [أما الجواب]

(7)

عن الآية: فإن صدر الآية حجتنا في العمل بالعموم المتناول للحر والعبد، وأما التفصيل لحق بآخر الآية فلا يغير حكم أولها

(8)

وقولهم: أنه تفسير فلا كذلك، بل ورد لرد ما زعموا على

(9)

ما ذكرنا في سبب نزول الآية والدليل على ذلك أنَّ الذَّكر يقتل بالأنثى فلو كان تفصيلاً لما قبله لما جاز قتل الذَّكر بالأنثى.

(1)

سورة البقرة من الآية (178).

(2)

سورة البقرة من الآية (178).

(3)

قول الصحابي: من السنة، محمول على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون في حكم المرفوع. ونقل ابن عبد البر فيه الاتفاق.

يُنْظَر: قواطع الأدلة (1/ 388)، الإحكام؛ للآمدي (2/ 110)، مقدمة ابن الصلاح (50)، الأذكار؛ للنووي (124)، فتح الباري؛ لابن حجر (1/ 523)، نزهة النظر (135).

(4)

رواه الدارقطني (3/ 133)، في (كتاب الحدود والديات وغيره)، برقم (160)، بلفظ «ومن السنة أن لا يقتل حر بعبد» . ورواه البيهقي (8/ 34)، في (باب لا يقتل حر بعبد)، برقم (15716)، بلفظ «من السنة أن لا يقتل حر بعبد». قال في البدر المنير: وهو ضعيف لوجهين: أحدهما أن في إسناده جابر الجعفي، وثانيهما: أنه ليس بمتصل.

(5)

سقط في (ب).

(6)

وفي (ب)(ينتهي).

(7)

سقط في (ب).

(8)

وفي (ب)(بأولها).

(9)

وفي (ب)(لرده أن عموم).

ص: 105

وما روي من قول علي رضي الله عنه: «السنة»

(1)

[هو]

(2)

لا يدل على سنة الرسول عليه السلام فإن القياس من السنة، على أن محمدًا روي عنه بخلافه وهو الصحيح؛ ولأنَّ هذا الحديث محمول على السَّيد إذا قتل عبده فقد

(3)

كانوا مختلفين في ذلك فمنهم من يوجب القصاص.

[قياس الأطراف على النفوس]

وأمَّا الجواب عن الأطراف فنقول: ليست

(4)

النفوس قياس الأطراف؛ لأنَّ وجوب القصاص هناك يعتمد المساواة في الجزء المبان فلهذا لا تقطع الصَّحيحة بالشَّلَّاء، والرق ثابت في أجزاء الجسم فتنعدم بسببه

(5)

المساواة بينهما ولا كذلك في النفوس، فإنَّ الصَّحيح يقتص بالزمن فأظهرنا أثر الرق في الأطراف دون النفوس لما أن العبد من حيث النفوس آدمي مكلف خُلِقَ

(6)

معصومًا من القتل كرامةً من الله تعالى على ما لزمه من حمل الأمانة ليبقى بتلك العصمة فيحملها أو

(7)

يؤديها وهذا هو الجواب عن قوله: ولا مساواة بين الأحرار والعبيد، لما أنَّ وجوب القصاص يقتضي المساواة في العصمة والعصمة إنما تكون بالإحراز والإحراز إنما يكون بالدار و

(8)

بالدين وفي [ذلك]

(9)

المعنى الحر والمملوك سواء هذا كله مما أشار إليه في المبسوط والأسرار

(10)

.

[قتل المسلم بالذمي]

(وَالمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ

(11)

أي: يقتل المسلم بقتل الذمي، والخلاف فيما إذا كان قاتل الكافر [حال القتل]

(12)

مسلمًا، أمَّا الذمي إذا قتل ذميَّاً ثم أسلم القاتل فإنه يقتص [به]

(13)

بالإجماع كذا في المبسوط وغيره

(14)

.

(1)

سبق تخريجه (ص 233).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

وفي (ب)(فكل).

(4)

وفي (ب)(ليس).

(5)

وفي (ب)(بشبهة).

(6)

وفي (ب)(خلقت).

(7)

وفي (ب)(و).

(8)

وفي (ب)(أو).

(9)

سقط في (ب).

(10)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 130، 131).

(11)

بداية المبتدي (240)، وهو لفظ القدوري. مختصر القدوري (282).

(12)

سقط في (ب).

(13)

سقط في (ب).

(14)

اتفق الفقهاء على أن المسلم يقتل بالمسلم، والذمي يقتل بالذمي، وبالمسلم، والحر بالحر، والعبد بالعبد، والعبد بالحر، واختلفوا في قتل المسلم بالذمي، والحر بالعبد، على قولين:

القول الأول: ذهب الحنفية إلى أن المسلم يقتل بالذمي، والحر بالعبد إلا بعبد نفسه فلا يقتل.

القول الثاني: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، إلى أن المسلم لا يقتل بالذمي، والحر بالعبد، إلا أن مالكًا قال: يقتل المسلم بقتل الذمي إذا قتله غيلة.

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 131)، بدائع الصنائع (7/ 237)، الهداية شرح البداية (4/ 160)، فتح القدير (7/ 420)، العناية شرح الهداية (15/ 130)، المدونة الكبرى (16/ 427)، الاستذكار (8/ 80)، جامع الأمهات (491)، الذخيرة (12/ 320)، التاج والإكليل (6/ 231)، الأم؛ للشافعي (6/ 24، 25)، مختصر المزني (237)، الحاوي الكبير (12/ 16)، روضة الطالبين (9/ 192)، أسنى المطالب (4/ 14)، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح (3/ 81)، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (409)، عمدة الفقه (134)، الكافي (4/ 5)، المغني (8/ 218، 222)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (9/ 363).

ص: 106

(وَلِأَنَّهُ لا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا وَقْتَ الجِنَايَةِ

(1)

قيد بوقت الجناية احترازاً

(2)

عن تلك المسألة فإنه إذا كان عدم المساواة بعد الجناية فإنه يقتل به قصاصاً على ما ذكرنا ما

(3)

إذا قتل ذمي ذميَّاً ثم أسلم القاتل.

(وَكَذَا الكُفْرُ مُبِيحٌ

(4)

أي: مبيح قتله لقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}

(5)

يعني: فتنة الكفر، وقال عليه السلام:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله»

(6)

وهذا الكفر قائم بعد عقد الذِّمَّة إلا أنه غير عامل في إباحة الدم بعقد الذمة فبقي باعتباره شبهة تنتفي بها المساواة بينه وبين المسلم

(7)

.

(وَلَنَا: مَا رُوِيَ: أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَتَلَ مُسْلِماً بِذِمِّيٍّ

(8)

ثم قال: «أنا أحق من وَفى بذمته»

(9)

فالفعل نص، والتعليل دليل على أن لا فرق بين أن يكون القاتل مسلمًا أو ذميَّاً ثم أسلم؛ لأنه عليه السلام أخبر أن الوجوب لذمة المقتول فكان فيه تنصيص على وجوب القود على المسلم بقتل الذمِّي واستيفاء القود منه.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(2)

وفي (ب)(احتراز).

(3)

وفي (ب)(أما).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(5)

سورة البقرة من الآية (193).

(6)

متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما رواه البخاري (1/ 17)، في (كتاب الإيمان)، (باب فَإنْ تَابوا وَأَقَاموا الصّلَاةَ وَآتَوا الزّكَاةَ فَخَلّوا سَبِيلَهمْ)، برقم (25). ورواه مسلم (1/ 53)، في (كتاب الإيمان)، في (باب الأَمْرِ بِقِتالِ الناس حتى يقُولُوا لا إِلهَ إلا الله مُحمَّدٌ رسول اللّهِ ويُقِيمُوا الصّلَاةَ

) برقم (22).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 133)، البناية شرح الهداية (13/ 79).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(9)

رواه الدارقطني في سننه (3/ 134)، في (كتاب الحدود والديات وغيره)، برقم (165) بلفظ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل مسلما بمعاهد وقال أنا أكرم من وفي بذمته». وقال الدارقطني: لم يسنده غير إبراهيم ابن أبي يحيى وهو متروك الحديث، والصواب عن ربيعة عن بن البيلماني مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث فكيف بما يرسله والله أعلم. ورواه البيهقي (8/ 30)، في (باب بيان ضعف الخبر الذي روي في قتل المؤمن بالكافر وما جاء عن الصحابة في ذلك)، برقم (15695) وقال: هذا خطأ من وجهين أحدهما وصله بذكر ابن عمر فيه وإنما هو عن بن البيلماني عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. والآخر روايته عن إبراهيم عن ربيعة وإنما يرويه إبراهيم عن بن المنكدر والحمل فيه على عمار بن مطر الرهاوي فقد كان يقلب الأسانيد ويسرق الأحاديث حتى كثر ذلك في رواياته وسقط عن حد الاحتجاج به.

ص: 107

[قتل الذمي بالذمي]

(وَالقَتْلُ بِمِثْلِهِ

(1)

أي: قتل الذمي [بالذمي]

(2)

دليل على أن كفر الذمي غير مورث شبهة إباحة القتل إذ لو أورث شبهة لما جرى القصاص بين الذميين كما لا يجري بين الحربيين وكذا لا يجري بين المستأمنين على جواب الاستحسان علم بهذا أن شبهة إباحة القتل في قتل الذمي مسبقة

(3)

(4)

ولما انتفت

(5)

شبهة الإباحة في قتله صار هو والمسلم سواء.

ولو قتل مسلمًا يجب القصاص فكذا لو قتل ذميّاً؛ لأنَّ شبهة الإباحة منتفية فيهما جميعًا.

والمراد بـ (مَا رُوِيَ

(6)

وهو (قَوْلُهُ عليه السلام: «لا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ»

(7)

(8)

أي: بكافر حربي.

فإن قيل: كيف يُشْكِل الأمر في الحربي الذي لا أمان له وقتله فرض؟

قلنا: المسلم إذا دخل [دارهم]

(9)

بأمان فقتل كافراً حربياً لا يقتل به وأنه حرام قتله كذا في الأسرار

(10)

.

وذكر في المبسوط: وأمَّا قوله: «لا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ»

(11)

(12)

فهو غير مجري على ظاهره بالاتفاق؛ لأنَّ القاتل إذا أسلم يقتل قصاصاً بالإجماع

(13)

، وفيه قتل مؤمن بكافر ثم المراد به: الحربي، يعني: من لا يحل قتله من أهل الحرب كالنساء والصبيان فإنه لا يقتل المؤمنون بهم بدليل قوله: «وَلا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ

(14)

(15)

أي: ولا يقتل ذو العهد بالكافر وإنما لا يقتل ذو العهد بالكافر الحربي.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(2)

سقط في (ب).

(3)

وفي (ب)(منتفية)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 134)، البناية شرح الهداية (13/ 81)، الفتاوى الهندية (6/ 3).

(5)

وفي (ب)(انتهت)، والصواب ما ذكر بالمتن.

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(8)

رواه البخاري (1/ 53)، في (كتاب العلم)، في (باب كتابة العلم)، برقم (111)، بلفظ «ولا يقتل مسلم بكافر» . ورواه أبو داود (4/ 180)، في (كتاب الديات)، في (باب أَيُقادُ المسلم بالكافر)، برقم (4530) بلفظه. ورواه النسائي (4/ 220)، في (كتاب القسامة)، في (باب سقوط القود من المسلم للكافر)، برقم (6947) بلفظه. وابن ماجه (2/ 888)، في (كتاب الديات)، في (باب لا يقتل مسلم بكافر)، برقم (2660) بلفظه.

(9)

سقط في (ب).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 135).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(12)

سبق تخريجه (ص 237).

(13)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 134)، بدائع الصنائع (7/ 237)، تبيين الحقائق (6/ 103)، تكملة البحر الرائق (8/ 337)، الكافي؛ لابن عبد البر (588)، شرح مختصر خليل (8/ 13)، حاشية العدوي (2/ 402)، الحاوي الكبير (12/ 11)، الوسيط (6/ 273)، روضة الطالبين (9/ 150)، منهاج الطالبين (123)، نهاية المحتاج (7/ 269)، المغني (8/ 218)، الكافي (4/ 5، 6)، الإنصاف (9/ 470).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(15)

سبق تخريجه (ص 237) في حديث «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده» .

ص: 108

فإن قيل: هذا ابتداء، أي: لا يقتل ذو العهد في مدة عهده أبدًا.

قلنا: الواو حقيقة للعطف خصوصاً فيما لا يكون مستقلاً بنفسه.

فإن قيل: قد روي «ولا بذي عهد»

(1)

فيفهم منه أن المؤمن لا يقتل بذي العهد.

قلنا: إن ثبت

(2)

هذه الرواية فهي محمولة على المستأمن وبه نقول أن المسلم لا يقتل بالمستأمن

(3)

.

فإن قلت: لو احتج الخصوم بعموم قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}

(4)

.

وبقوله: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ}

(5)

، والقصاص ينبئ عن المساواة لغة وشرعًا وبعدما انتفت المساواة بينهما بالنصوص الظاهرة [لا يجب القصاص]

(6)

وكذلك قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}

(7)

أي: لن يشرع لهم ذلك، فإنا نرى لهم علينا سبيل الغلبة من غير شرع والقتل قصاصاً مشروع وأنه أعظم سبيل فلا يثبت لهم علينا؛ ولأنَّ الكفر هو المبيح للقتل في أصله وقولكم: المبيح هو كفر المحارب [ينتقض]

(8)

بالمرتد المقهور والأسير المقهور في أيدينا فإنهما يُقتلان لقيام الكفر وليس لهما قدرة المحاربة ما جوابنا عنه؟

قلت: أمَّا العمومات فنعارضهم بعمومات تشهد لنا مثل قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}

(9)

وبقوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}

(10)

وبفعل النبي عليه السلام أنه «قتل مسلمًا بذمي»

(11)

.

(1)

رواه الدارقطني (3/ 134)، في (كتاب الحدود والديات وغيره)، برقم (163) عن جابر عن عامر قال: قال علي رضي الله عنه «من السنة أن لا يقتل مسلم بذي عهد ولا حر بعبد» . قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (3/ 79): في إسناده جابر الجعفي، وليس بمتصل أصلا.

(2)

وفي (ب)(ثبتت)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 134، 135).

(4)

سورة الحشر من الآية (20).

(5)

سورة السجدة الآية (18).

(6)

سقط في (ب).

(7)

سورة النساء من الآية (141).

(8)

زيادة في (ب).

(9)

سورة المائدة من الآية (45).

(10)

سورة الإسراء من الآية (33).

(11)

سبق تخريجه (ص 236).

ص: 109

ثمَّ الجواب عن الآية الأولى فنقول: أنَّ مثل هذا اللَّفظ لا يُجرى على عمومه لقيام المساواة من وجوه كثيرة من الإنسانية والتكليف والذُّكورة والأُنوثة وغير ذلك فلابد أن يراد من [عدم]

(1)

المساواة

(2)

المعنى الخاص الذي يدل عليه سوق الكلام حتى يفيد الكلام فائدته والذي دل عليه الكلام في تلك الآية هو عدم المساواة في الفوز والنجاة بدليل سياق الآية لقوله

(3)

{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}

(4)

وكذلك قوله: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}

(5)

.

[الجواب عن المرتد والأسير]

المراد منه في حكم يوم القيامة بدليل سياق الآية وهو قوله تعالى: {[فَاللَّه]

(6)

يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}

(7)

.

وأما الجواب عن المرتد والأسير: فإنهما وإن كانا مقهورين ولكن لهما صلاحية المحاربة فأقيمت صلاحية المحاربة مقام المحاربة، كما أقيم السفر

(8)

الذي هو سبب المشقة مقام المشقة في إثبات الرخص وإن لم توجد المشقة في الحال حتى أنه إذا لم يكن [لهما]

(9)

صلاحية المحاربة كالنِّسوان والصبيان فلا يقتلان [أيضاً]

(10)

، وأمَّا الذمي فصار منا داراً وانقطع عنه داره بحيث لا يمكن من الرجوع إلى داره والتحق بالمرأة؛ لأنَّ المرأة كما لا تصلح للقتال خلقة فكذلك الواحد لا يصلح لقتال الجماعة خلقة، والكفر إنما أقيم مقام العلة المبيحة للقتل بصلاح المحاربة للمسلمين حقيقة و

(11)

حكمًا وليس في الذميّ ذلك فلم يقم

(12)

كفره مقام العلة المبيحة للقتل إلى هذا أشار في الأسرار وغيره

(13)

.

(1)

سقط في (ب).

(2)

وفي (ب)(بالمساواة).

(3)

وفي (ب)(بقوله).

(4)

سورة الحشر من الآية (20).

(5)

سورة النساء من الآية (141).

(6)

سقط في (ب).

(7)

سورة النساء من الآية (141).

(8)

السفر في اللغة: مأخوذ من السَّفْر؛ وهو الكشف، والسَّفَر: قطع المسافة، وانتقال الإنسان من مكان إلى مكان، وسمي السَّفر سَفَراً؛ لأنه يسفر عن وجوه المسافرين، وأخلاقهم، فيُظهِرُ ما كان خفياً منها. وفي الاصطلاح: الخروج على قصد، مسيرة ثلاثة أيام ولياليها فما فوق. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (2/ 248)، الفائق (2/ 181)، لسان العرب (4/ 367)، كشف الأسرار (4/ 524)، التعريفات؛ للجرجاني (157)، أنيس الفقهاء (110).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

سقط في (ب).

(11)

وفي (ب)(أو).

(12)

وفي (ب)(يتم).

(13)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (11/ 198).

ص: 110

(وَالعَطْفُ للمُغَايَرَةِ

(1)

فحينئذ يكون معناه: ولا يقتل ذو عهد

(2)

بكافر حربي (لِمَا بَيَّنَّا

(3)

وهو قوله: «ولا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ

(4)

(5)

وقوله: (لأنَّهُ) أي: لأنَّ المستأمن (غَيْرُ مَحْقُونِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ

(6)

.

[قتل الذمي بالمستأمن]

وذكر في الأسرار: وقال الشّافعي: يقتل الذمي بالمستأمن وتقطع يده بسرقة ماله وكذلك يد المسلم للعمومات الموجبة للقصاص

(7)

.

ولأنه والذمي سواء فضلاً وحقناً؛

(8)

لأنَّ كل واحد منهما حقن دمه بالأمان دون الإسلام.

إلا أن يحتج

(9)

بما روي عن النبيّ عليه السلام أنه قال: «لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده»

(10)

يريد [بذلك]

(11)

الكافر الذي لا يُقتل المسلم به؛ لأن المعطوف [عليه]

(12)

جملة تامة والمعطوف جملة ناقصة لا خبر فيها فيكون الخبر في الجملة التَّامة خبراً في الناقصة كقولك: سالم حرّ وبزيع، وجاء زيد وعمرو، ولا يجوز أن يجعل الخبر ولا يقتل ذو عهد لأن خبر الصدر نفي قتل قصاصاً لا مطلق القتل فيكون خبر الثاني نفي قتل قصاصاً أيضاً ولا يجوز أن يحمل على الكافر الحربي؛ لأنَّ قتله واجب فلا يشكل هدر دمه فثبت أن المراد الكافر الحربي المستأمن

(13)

.

ولأنَّ الذمي لا يدخل تحت مطلق اسم الكافر؛ لأنَّه عرف بقيد الذمة لخفة حاله في الكفر؛ لأنَّه صار منَّا داراً في أحكام الدنيا.

[قتل الرجل بالمرأة]

(وَيُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالمَرْأَةِ

(14)

(15)

قال في الكشَّاف: فإن

(16)

مالك والشافعي - رحمهما الله- لا يقتل الذكر بالأنثى ذكر

(17)

في تفسير قوله [تعالى]

(18)

: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}

(19)

(20)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(2)

وفي (ب)(عقد).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(5)

سبق تخريجه (ص 237).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(7)

يُنْظَر: الأم للشافعي (6/ 46)، المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 134).

(8)

وفي (ب)(وحقا).

(9)

وفي (ب)(أنا نحتج).

(10)

سبق تخريجه (ص 237).

(11)

سقط في (ب).

(12)

سقط في (ب).

(13)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 81).

(14)

بداية المبتدي (240).

(15)

مختصر القدوري (282).

(16)

وفي (ب)(قال)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(17)

وفي (ب)(ذكره)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(18)

زيادة في (ب).

(19)

سورة البقرة من الآية (178).

(20)

يُنْظَر: الكشاف؛ للزمخشري (1/ 246)،

ص: 111

[لكن هذا مخالف]

(1)

لرواية عامة الكتب فإن فيها عند الشافعي يقتل الذكر بالأنثى حتى احتج علماؤنا عليه بهذه المسألة فيما تمسك بقوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} على ما ذكرنا من المبسوط والأسرار (للعُمُومَاتِ

(2)

(3)

كقوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}

(4)

(5)

.

وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}

(6)

.

وقوله: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}

(7)

.

[قتل الوالد بالولد]

(لِقَولِهِ عليه السلام: «لا يُقَادُ الوَالِدُ

(8)

(9)

.

هو مجهول يقيد لا مجهول يقود.

(وَهُوَ بِإِطْلاقِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي قَولِهِ: يُقَادُ إِذَا ذَبَحَهُ ذَبْحاً

(10)

أما إذا رمى الأب ولده بسيف أو سكين فقتل

(11)

فلا قصاص عليه

(12)

.

والفرق له بين الذبح وغيره: هو أن القود لا يجب بشبهة

(13)

الخطأ فعند الرمي يتمكن شبهة الخطأ فالظاهر أنه قصد تأديبه لا قتله؛ لأنَّ شفقة الأبوَّة تمنعه عن ذلك بخلاف الأجنبي [فإنه]

(14)

ليس بينهما هناك ما يدل على الشفقة فجعلنا الرمي من الأجنبي عمدًا محضاً، فأما إذا أخذه فذبحه فليس هناك شبهة الخطأ بوجه

(15)

فيحمل على قصد القتل وإن كان هو أباه كذا في المبسوط.

(1)

سقط في (ب).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 160).

(3)

يُنْظَر: مختصر القدوري (282)، المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 129).

(4)

سورة المائدة من الآية (45).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 129، 130)، الاستذكار (8/ 167، 168)، منح الجليل (9/ 16)، الأم للشافعي (6/ 24)، الحاوي الكبير (12/ 8)، المهذب (2/ 173).

(6)

سورة البقرة من الآية (178).

(7)

سورة الإسراء من الآية (33).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(9)

رواه أحمد (1/ 16)، برقم (98). ورواه الترمذي (4/ 18)، في (كتاب الديات)، في (باب ما جاء في الرّجُلِ يَقتُلُ ابْنهُ يُقادُ منه أمْ لا)، برقم (1400)، وقال: هَذَا حدِيثٌ فيه اضْطِرابٌ والْعَمَلُ على هذا عنْدَ أهْلِ الْعلْمِ أنَّ الْأبَ إذا قتَلَ ابْنهُ لا يُقْتلُ بهِ.

ورواه ابن ماجه (2/ 888)، في (كتاب الديات)، في (باب لا يقتل الوالد بولده)، برقم (2662)، بلفظ (لا يقتل الوالد بالولد).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(11)

وفي (ب)(فقتله).

(12)

يُنْظَر: المدونة الكبرى (16/ 228، 229)، الاستذكار (8/ 136).

(13)

وفي (ب)(لشبهة).

(14)

زيادة في (ب).

(15)

وفي (ب)(من وجه).

ص: 112

وقيده بالرمي في المبسوط يدل على أنه لو ضربه بالسيف حتى قتله كان ينبغي أن يجب القصاص على قوله كما في الذبح لعدم احتمال التأديب

(1)

.

وفي الأسرار لم يفصل على قوله هذا التفصيل بل قال: لا يقتل الوالد بولده عندنا وعند عامة العلماء

(2)

.

وكذلك الابن إذا (وَرِثَ قِصَاصاً عَلَى أَبِيهِ سَقَطَ

(3)

وقال مالك: يقتل الولد

(4)

بولده وللولد أن يقتل والده بالقصاص الذي يرثه أو يجب له بقتل وليه وذهب في ذلك إلى العمومات الموجبة للقصاص من غير تفصيل

(5)

.

وحجتنا في ذلك: ما ذكره في الكتاب، ومنهم من استدلَّ بقوله عليه السلام:«أنت ومالك لأبيك»

(6)

فظاهر هذه [الإضافة]

(7)

توجب كون الولد مملوكًا لأبيه ثم حقيقة الملك تمنع وجوب القصاص كالمولى إذا قتل عبده فكذلك شبهة الملك باعتبار الظاهر.

[الفرق بين الحد والقصاص]

فإن قلت: ما الفرق بين الحد والقصاص، فإن القصاص لا يجب على الأب إذا قتل ابنه عمدًا والحد يجب على الأب وإن كان رجمًا إذا زنى بابنته كما لو زنى بأجنبية لتغلظ جنايته؛ لأنَّ الحرمة هناك على التأبيد وكذلك قتل الأب ولده أغلظ في الجناية من قتله الأجنبي لأنَّه انضمَّ ههنا إلى تعمد القتل بغير حق معنى قطيعة الرحم فإذا وجب القصاص على الأجنبي فأولى أن يجب على الأب لغلظ الجناية كما في الزنا.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 90، 91).

(2)

ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة: أن الرجل لا يقتل بابنه لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقاد الوالد بولده» .

ومذهب المالكية: لا يقاد الأب بالابن إلا أن يضجعه ويذبحه أو يحبسه حتى يموت مما لا عذر له فيه ولا شبهة.

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 91)، بدائع الصنائع (7/ 235)، الهداية شرح البداية (4/ 161)، تبيين الحقائق (3/ 70)، المدونة الكبرى (16/ 390)، الذخيرة (12/ 320)، الحاوي الكبير (13/ 430)، العدة شرح العمدة (2/ 120)، روضة الطالبين (9/ 152)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (9/ 371)، المبدع (8/ 273)، الإنصاف؛ للمرداوي (9/ 474)، الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 132).

(3)

بداية المبتدي (240)، وهو لفظ القدوري. مختصر القدوري (283).

(4)

وفي (ب)(الوالد) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

ويَشترط مالك: أن يكون عمد لقتله مثل أن يضجعه فيذبحه. فأما ما رماه به أو ضربه به أو حذفه به فإنه لا يقاد منه. يُنْظَر: المدونة الكبرى (16/ 390).

(6)

رواه أحمد (2/ 204)، برقم (6902). ورواه ابن ماجه (2/ 769)، في (كتاب التجارات)، في (باب ما للرجل من مال ولده)، برقم (2291). قال في نصب الراية (3/ 337): قال ابن القطان: إسناده صحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات.

(7)

سقط في (ب).

ص: 113

قلت: الفرق بينهما هو أن الحد محض حق الله تعالى وهو جزاء على ارتكاب ما هو حرام محض فعند إضافة الولد إلى الوالد يزداد معنى الحرمة فلا يسقط الحد به فلهذا سقط

(1)

الحد عنه إذا وطئ جارية الابن لأنَّ إضافة الجارية إليه بالملكية وحقيقة الملك فيها توجب الحل فظاهر الإضافة توجب شبهة أيضاً، أو لأنَّ اللام في قوله عليه السلام:«أنت ومالك لأبيك»

(2)

لام تمليك.

وإنما يوجب شبهة الملك فيما هو محل الملك لا في الحرة التي ليست بمحل والفقه في المسألة نوعان:

أحدهما: أن القصاص لو وجب للقاتل حقيقة لم يجب كما في قتل العبد فإذا تمكَّنت شبهة الوجوب للقاتل لم يجب ما يسقط بالشبهة هنا

(3)

يجب للابن مما يملك ويورث فيثبت للأب فيه شبهة الملك [فبشبهة الملك]

(4)

يسقط ما يسقط بالشبهة، حتى إذا زنى بأمة ولده لا يجب الحد لشبهة الملك فيها، والقصاص مما يورث فيثبت شبهة الملك لابنه

(5)

فيسقط لأنه مثل حد الزنا في السقوط بالشبهة.

والثاني: أن فضيلة الأبوَّة تحرِّم على الابن التعرض للأب بالقتل والجرح وإن كان محقاً في الجملة كما لا يقتله على الردة والزنا والكفر.

فإن قلت: ما تقول فيمن قتل ولده عمدًا وولده مملوك لإنسان آخر، وفيه أيضاً لا يجب القصاص مع أنَّ ولاية استيفاء القصاص للمولى وليس للمولى هذه المعاني التي ذكرتها في حق الابن.

قلت: إنما لا يجب القصاص؛ لأنَّ وجوب القصاص للمولى بطريق الخلافة عن المقتول فإنه ينزل من مملوكه منزلة وارث الحر منه فلو ورث الحر قصاص الولد على الأب كان لا يملك استيفاء القصاص فكذا ههنا إلى هذا أشار في المبسوط والأسرار

(6)

.

ثم على الآباء والأجداد الدية بقتل الابن عمدًا في أموالهم في ثلاث سنين عندنا وعند الشَّافعي رحمه الله تجب الدية حالاً وإنما لا تعقله العاقلة

(7)

.

لقوله عليه السلام: «لا تعقل العاقلة عمداً»

(8)

يعني: الواجب بالعمد.

(1)

وفي (ب)(يسقط).

(2)

سبق تخريجه (ص 245).

(3)

وفي (ب)(وهذا).

(4)

سقط في (ب).

(5)

وفي (ب)(لأبيه).

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 96، 133).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 158)، الدر المختار (6/ 641)، الأم؛ للشافعي (4/ 292).

(8)

موطأ مالك (3/ 9)، في (كتاب الديات)، في (باب دية العمد)، برقم (664). ورواه الدارقطني (3/ 178)، في (كتاب الحدود والديات وغيره)، برقم (277). ورواه البيهقي (8/ 104)، في (كتاب الديات)، في (باب من قال لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا)، برقم (16138). قال الزيلعي في نصب الراية (4/ 399): روي هذا الحديث ابن عباس، موقوفًا عليه، ومرفوعًا، والمرفوع غريب. وقال عنه ابن حجر في الدراية (2/ 288): وأما المرفوع فلم أجده.

ص: 114

ثم قال الشَّافعي رحمه الله: الأصل أنَّ ضمان المُتلَف يكون على المُتلِف في ماله كسائر المتلفات إلا أن التأجيل في الذمة

(1)

عند الخطأ للتخفيف على الخاطئ وعلى عاقلته، والعامد لا يستحق ذلك التخفيف فيكون الواجب عليه حالاً

(2)

.

وحجتنا في ذلك: أن هذا مال وجب بنفس القتل فيكون مؤجلاً كما لو وجب بقتل الخطأ وشبه العمد؛ وهذا لأن المتلف ليس بمال، وما ليس بمال لا يضمن بالمال اختلاف

(3)

، وإنما عرفنا تقوم النفس بالمال شرعًا، والشّرع إنما قَوَّم النفس بدية مؤجلة في ثلاث سنين فإيجاب المال حالاً بالقتل يكون زيادة على ما أوجبه الشرع معنى وكما لا يجوز باعتبار صفة العمدية الزيادة في الدية قدراً بحال فكذلك لا يجوز إثبات الزيادة فيه وصفاً

(4)

.

وقوله: (والقَصِاصُ يَسْتَحِقُّهُ المَقْتُولُ ثُمَّ يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ

(5)

وعن هذا قلنا: إن الجدَّ لو قتل ابنه الصبي [ليس]

(6)

للنافلة أن يقتل جده قصاصاً؛ لأنَّ استحقاق القصاص أولاً للمقتول ولهذا يصح عفو المجروح، ولما لم يستحق

(7)

المقتول

(8)

قتل ابنه

(9)

قصاصاً لم يكن لولده أن يقتل جده أيضاً.

(وَلا وَلَدِهِ

(10)

معطوف على الضَّمير المستكن في (يَسْتَوجِبُ

(11)

، وجاز للفاصل أي: و (لا يَسْتَوجِبُ

(12)

ولده على أبيه إذا قتل أبوه عبد ولده.

(وَمَن وَرِثَ قِصَاصاً عَلَى أَبِيهِ

(13)

بأن قتل الأب أمّ ابنه مثلاً وورث الابن قصاص أمَّه على أبيه

(14)

.

(1)

وفي (ب)(الدية).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 92).

(3)

وفي (ب)(أصلاً)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 92).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

وفي (ب)(يصح).

(8)

وفي (ب)(المجروح).

(9)

وفي (ب)(أبيه)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(13)

بداية المبتدي (240)، وهو لفظ القدوري. مختصر القدوري (283).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 141)، البناية شرح الهداية (13/ 84).

ص: 115

‌[من قتل بطريق غير مشروع كيف يقتص منه

؟]

(فَإِنْ مَاتَ وَإِلا تُحَزُّ رَقَبَتُهُ

(1)

فأما إذا أوجر رجلاً خمراً أو وطئ صغيرة أو لاط بصبي فمات من ذلك اختلف أصحاب الشافعي فيه، قال بعضهم: يحز رقبته ولا يفعل [به]

(2)

مثل ما فعل فأما القتل بحجر مشروع في الرجم فجاز أن يقتل به.

وقال بعضهم: يتخذ آلة على مثل هذا الذكر فيفعل به مثل ما فعل، وفي الخمر يوجر

(3)

الماء حتى يموت كذا في مبسوط شيخ الإسلام

(4)

.

وقال في المبسوط: القصاص متى وجب يستوفى بطريق حَزِّ الرقبة [بالسَّيف]

(5)

ولا ينظر إلى ما به حصل القتل.

وقال الشافعي رحمه الله: ينظر إلى

(6)

القتل بماذا حصل فإن كان بطريق غير مشروع بأن سقاه الخمر حتى قتله أو لاط بصغير حتى قتله فكذلك الجواب يقتل بالسيف

(7)

.

وإن كان بطريق مشروع يفعل به مثل ذلك الفعل، ويمهل مثل تلك المدة فإن مات وإلا تحز رقبته نحو ما إذا قطع يد إنسان عمدًا فمات من ذلك واستدل في ذلك بما روي أنَّ النبي عليه السلام: «أمر برضخ

(8)

رأس اليهودي بين حجرين»

(9)

وكان ذلك بطريق القصاص

(10)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (يجرع) كما في مجمع الأنهر (4/ 317).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 85)، مجمع الأنهر (4/ 317).

(5)

سقط في (ب).

(6)

وفي (ب)(أن).

(7)

يُنْظَر: الحاوي الكبير (12/ 140)، روضة الطالبين (9/ 229).

(8)

رضخ: الراء والضاد والخاء كلمة تدل على كسر، ويكون يسيرًا، ثم يشتق منه. والرضخ: كسر الرأس، ويستعمل الرضخ في كسر النوى، والرأس للحيات وغيرها؛ فالرضخ: الكسر; وهو الأصل، وتستعمل في العطاء، يقال رضخ له من ماله، إذا أعطاه عطاء غير كثير.

يُنْظَر: العين (4/ 176)، جمهرة اللغة (1/ 587)، تهذيب اللغة (7/ 52)، مقاييس اللغة (2/ 402)، المحكم والمحيط الأعظم (5/ 41)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 332)، لسان العرب (3/ 19).

(9)

الحديث متفق عليه، رواه البخاري (2/ 850)، في (كتاب الخصومات)، في (باب ما يذكر في الإشخاص والملازمة والخصومة بين المسلم واليهودي)، برقم (2282)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:«فأَمَرَ بهِ النبي صلى الله عليه وسلم فَرضَّ رَأْسهُ بين حَجَرَينِ» . ورواه مسلم (3/ 1299)، في (كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات)، في (باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره من المحددات والمثقلات وقتل الرجل بالمرأة)، برقم (1672) نحوه.

(10)

مذهب الشافعية: مراعاة المماثلة في قصاص النفس، فمن قتل إنسانا بالإحراق أو بالإغراق أو بالسُّم، فعل به كما فعل، إلا إذا كان قتل بوسيلة غير مشروعة، كأن يسقيه خمرا أو بالسحر أو لاط بصغير، فإنه يقاد منه بالسيف في هذه الحالة. يُنْظَر: الحاوي الكبير (12/ 140)، المهذب (2/ 186)، الوسيط (6/ 311)، روضة الطالبين (9/ 229)، مغني المحتاج (4/ 45).

ص: 116

ولأن تحقق

(1)

القصاص الذي ينبئ عن المساواة فيما ذكرنا لأن فيه مساواة في الأصل والوصف إذ فيه اعتبار

(2)

المساواة في الفعل والمقصود بالفعل.

وحجَّتنا في ذلك ظاهر (قَوْلُهُ عليه السلام: «لا قَوَدَ إِلا بِالسَّيْفِ»

(3)

(4)

وهو تنصيص على نفي استيفاء القود بغير السّيف.

والمعنى فيه آلة

(5)

قتل يستحق

(6)

شرعًا فيستوفى بالسيف كقتل المرتد

(7)

.

فإن قيل: يحتمل أن يكون المراد من الحديث أي: لا قود يجب إلا بالسيف لا أن يكون معناه لا قود يستوفى إلا بالسيف.

قلنا: القَود اسم لفعل

(8)

هو جزاء القتل كالقصاص دون ما يجب شرعًا وإن حمل عليه كان مجازاً

(9)

.

ولأن القود قد يجب بغير السيف كالقتل بالنَّار والإِبرة فلم يمكن حمله عليه لوجود وجوب القود بدون القتل بالسيف، وإنما السيف مخصوص الاستيفاء وقال النبي عليه السلام:«لا تُعذبوا أحدًا بعذاب الله تعالى»

(10)

وقال: «لا يُعذِّب بالنَّار إلا ربها»

(11)

.

(1)

وفي (ب)(تحقيق).

(2)

وفي (ب)(باعتبار).

(3)

رواه ابن ماجه (2/ 889)، في (كتاب الديات)، في (باب لا قود إلا بالسيف) برقم (2667). ورواه البيهقي (8/ 62)، باب (ماروي في أن لا قود إلا بحديدة)، برقم (15868) ثم قال: أخبرناه أبو بكر بن الحارث أنبأ أبو محمد بن حيان ثنا عبد الغفار الحمصي ثنا المسيب بن واضح ثنا بقية عن أبي معاذ فذكره وكذلك رواه عامر بن سيار عن أبي معاذ سليمان بن أرقم وروي عن سليمان عن عبدالكريم بن أبي المخارق عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله مرفوعا، وروي ذلك عن معلى بن هلال عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه مرفوعا. وهذا الحديث لم يثبت له إسناد، معلى بن هلال الطحان متروك وسليمان بن أرقم ضعيف ومبارك بن فضالة لا يحتج به وجابر بن يزيد الجعفي مطعون فيه.

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(5)

وفي (ب)(أنه)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.

(6)

وفي (ب)(مستحق)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 125، 126).

(8)

وفي (ب)(لقتل).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 144).

(10)

رواه البخاري (3/ 1098)، في (كتاب الجهاد والسير)، في (باب لا يعذب بعذاب الله)، برقم (2854)، بلفظ «لا تعذبوا بعذاب الله» .

(11)

رواه أحمد (3/ 494)، برقم (16077)، بلفظ «لا يعذب بالنار إلا رب النار» . ورواه أبو داود (3/ 54)، في (كتاب الجهاد)، في (باب في كراهية حرق العدو بالنار)، برقم (2673)، بلفظ «لا يعذب بالنار إلا رب النار» .

ص: 117

والمعنى: أن المستحق بالقصاص إنما يستوفى بالطريق الذي يتيقن أنه طريق له، وحز الرقبة يتيقن بأنه طريق استيفاء القتل، فأما قطع اليد لا يكون طريقاً لذلك إلا بشرط وهو السراية وذلك بضعف الطبيعة عن دفع أثر الجراحة ولا يعرف ذلك عند القطع، وما يتعلق بالشرط لا يكون ثابتًا قبل الشرط، فقبل السِّراية هذا الفعل غير القتل فلا يكون مشروعًا فضلاً من أن يكون مستحقاً.

ولا يقال: لا يقع

(1)

الناس

(2)

في الابتداء من أن يكون هذا الفعل مؤثراً في تحصيل المقصود ما لم يبرأ منه، لأنَّا نقول: إن كان لا يقع

(3)

الناس

(4)

عن ذلك فإنه يؤدي إلى تأخير

(5)

تحصيل المقصود فكما لا يجوز إبطال مقصود صاحب الحق لا يجوز تأخيره

(6)

.

وأما حديث اليهودي فقد روي «أنَّ الصَّبِيَّة أدركت وبها رمق فقيل لها قتلك

(7)

فلان اليهودي فأشارت برأسها أي

(8)

نعم فأمر النبي عليه السلام بقتل اليهودي»

(9)

وبإشارتها لا يجب القصاص فعلم أنَّ اليهودي كان مشهورا به وآيس عن توبته عن ذلك «فأمر برضخ رأسه بين الحجرين»

(10)

على طريق السِّياسَة لكونه ساعياً في الأرض بالفساد.

(1)

كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (يقمع) لموافقته سياق الكلام كما في المبسوط.

(2)

وفي (ب)(اليأس).

(3)

كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (يقمع) لموافقته سياق الكلام كما في المبسوط.

(4)

وفي (ب)(اليأس).

(5)

كذا في (أ) وهي مثبتة بهامش (ب).

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 126).

(7)

وفي (ب)(أقتلك).

(8)

وفي (ب)(أن).

(9)

الحديث متفق عليه، رواه البخاري (6/ 2521)، في (كتاب الديات)، في (باب إذا قتل بحجر أو بعصا)، برقم (6483)، من حديث أنس بن مالك-رضي الله عنه قال:«خرَجَتْ جَاريَةٌ عليها أوْضَاحٌ بالْمَدِينَةِ قال فرَمَاهَا يَهُوديٌّ بحَجَرٍ قال فَجيءَ بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمَقٌ فقال لها رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم فُلانٌ قتَلَكِ فرَفَعَتْ رأْسَهَا فأَعَادَ عليها قال فُلانٌ قتَلَكِ فرَفَعَتْ رأْسَهَا فقال لها في الثَّالثَةِ فُلانٌ قتَلَكِ فخَفَضَتْ رأْسَهَا فدَعَا بهِ رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقَتَلَهُ بين الْحجَرَيْنِ» .

ورواه مسلم (3/ 1299)، في (كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات)، في (باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره من المحددات والمثقلات وقتل الرجل بالمرأة)، برقم (1672) نحوه.

(10)

سبق تخريجه (ص 250).

ص: 118

(كَمَا فِي كَسْرِ العَظْمِ

(1)

فإن من كسر عظم إنسان سوى السِّن عمدًا، فإنه لا يقتص أصلاً، فإذا جاز ترك القصاص أصلاً لوهم الزيادة

(2)

فلأن يسقط البعض منه أولى كذا في المبسوطين والأسرار

(3)

.

(لأَنَّهُ اشْتَبَهَ سَبَبُ الاسْتِيفَاءِ، فَإِنَّهُ الوَلَاءُ

(4)

أي: فإن سبب استيفاء القصاص الولاء (وَالمِلْكُ

(5)

أي: وسبب استيفاء القصاص ملك الرقبة إن كان عبدًا، وسبب الاستيفاء مختلف وإن كان المستوفى متّحدًا فَنُزِّل منزلةَ [اختلاف]

(6)

المستوفى فلا يجب القصاص.

[المحاجات النحوية]

وحكم هذه المسألة في اختلافه تقديراً مع اتحاد الصورة كان نظير مسألة المحاجات

(7)

النحوية في صناعة [في]

(8)

النحو في مسألة المستفهم عن المرفوع

(9)

وهو [في]

(10)

قول من يقول لمن قال: جاءني زيد مَن زيدٌ فإن لقولك: زيد في من زيد بعد قول القائل: جاءني زيد رفع لفظي ورفع محلي فإن الرفع اللفظي هو

(11)

حكاية لفظ الناطق بالرفع والمحلي هو ارتفاعه بالابتداء وهذا وإن لم يظهر في المرفوع لفظاً يظهر في المنصوب والمجرور في قول أهل الحجاز

(12)

[لمن يقول:]

(13)

رأيت زيدًا من زيدًا ولمن يقول: مررت بزيدٍ من زيدٍ فهما مرفوعان محلاً على الابتداء وإن كان اللفظ منصوباً ومجروراً على الحكاية ولما ظهر حكم اللفظ وحكم المحل في المنصوب والمجرور من حيث اللفظ أظهرناهما أيضاً في المرفوع تقديراً فكان المستفهم حاكياً لمرفوعه بالفاعلية وهو مرفوع المحل بالابتداء

(14)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(2)

وفي (ب)(القصاص).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 498)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 135)، العناية شرح الهداية (15/ 144/ 145)، البناية شرح الهداية (13/ 88).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

وفي (ب)(المحاجاة).

(8)

زيادة في (ب).

(9)

وفي (ب)(الوقوع).

(10)

زيادة في (ب).

(11)

وفي (ب)(هي).

(12)

الحجاز: ما يفصل بين نجد وتهامة وسميت بالحجاز؛ لأنها حجزت بين نجد والغور، وقال ابن الكلبي: سمي حجازا لما احتجز به من الجبال، وقال الشافعي: هو مكة والمدينة ويمامة ومخاليفها، أي: قراها: كخيبر للمدينة، والطائف لمكة شرفها الله تعالى.

يُنْظَر: تهذيب اللغة (4/ 76)، المحكم والمحيط الأعظم (3/ 60)، معجم ما استعجم (3/ 805)، معجم البلدان (2/ 63)، تهذيب الأسماء (3/ 76).

(13)

سقط في (ب).

(14)

يُنْظَر: شرح ابن عقيل (4/ 89، 90).

ص: 119

ثم في مسألتنا أيضاً (إِذَا قُتِلَ المُكَاتَبُ عَمْداً)(وَتَرَكَ وَفَاءً) (وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غير

(1)

المَولَى

(2)

اختلف سببا الاستيفاء من الولاء والملك وإن اتحد المستوفي وهو المولى فاعتبر الاختلاف ولم يجب القصاص عند محمد رحمه الله

(3)

فكان نظير لفظ المستفهم في المرفوع فإن المرفوع اللفظي [مع]

(4)

المرفوع التقديري وإن اتحدا لفظا هما

(5)

مختلفان تقديراً بالفاعلية والابتدائية.

وأمَّا (إذا قُتِلَ المكاتَبُ عمدًا)(وَتَرَكَ وَفَاءً) (وَلَهُ وَارِثُ غير المَوْلَى

(6)

(7)

فكان هو نظير لفظ المستفهم في المنصوب والمجرور؛ لأنَّ الاختلاف بين المنصوب اللفظي والمرفوع المحلي ظاهر وكذلك

(8)

الاختلاف بين المجرور اللفظي والمرفوع المحلي ظاهر كما لو كان للمكاتب الذي قتل عن وفاء وارث غير المولى كان الاختلاف ظاهرا بظهور الاختلاف

(9)

في المستوفى وفي السَّبب.

(فَلا يُبَالي بِهِ

(10)

أي: فلا يعتبر باختلاف السبب لعدم إفضائه إلى المنازعة كما إذا قال المُقِر: لك علي ألف من ثمن بيع، وقال المقر له: بل لا

(11)

من قرض يجب الألف على المقر بخلاف تلك المسألة؛ لأنَّ ثمة اختلافا في الملك لأنَّ النكاح يثبت الحل مقصودًا فلا اعتبار للبيع

(12)

مع وجوده والبيع

(13)

لا يثبت ولو أثبته لا يكون مقصودًا فكان الحل الثابت مقصودًا غير الحل الثابت تبعًا، وفي تلك المسألة لما كان الاختلاف في السبب كان الاختلاف في الحكم أيضاً ولما لم يتفقا على أحد الحكمين لم يثبت الحل

(14)

.

(وَلَو تَرَكَ وَفَاءً له

(15)

وَارِثٌ غَيرُ المَولَى فَلا قِصَاصَ

(16)

(17)

أي: في قولهم جميعاً، ثم لمَّا لم يجب القصاص في هذه الصورة عندهم كانت قيمته على القاتل لوارثه

(18)

.

(1)

كذا في (أ) و (ب)، وفي بداية المبتدي (إلا).

(2)

بداية المبتدي (240)، وهو لفظ القدوري. مختصر القدوري (383).

(3)

يُنْظَر: الجامع الصغير (507)، بدائع الصنائع (7/ 240)، بداية المبتدي (240).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

وفي (ب)(وهما).

(6)

بداية المبتدي (240).

(7)

مختصر القدوري (383).

(8)

وفي (ب)(وكذا)

(9)

وفي (ب)(كان الوفاء ظاهراً لظهور الاختلاف).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(11)

وفي (ب)(لا بل).

(12)

وفي (ب)(للتبع).

(13)

وفي (ب)(والتبع).

(14)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 88).

(15)

وفي (ب)(وَلَهُ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في البداية.

(16)

بداية المبتدي (240).

(17)

قال الإمام القدوري: فإن ترك وفاءً، ووارثُه غيرُ المولى: فلا قصاص لهم وإن اجتمعوا مع المولى. مختصر القدوري (283).

(18)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 398)، المبسوط؛ للسرخسي (7/ 220)، تبيين الحقائق (6/ 106).

ص: 120

[اختلاف الصحابة في المكاتب يترك وفاء هل يموت حرا أو عبدا]

(إِذْ

(1)

ظَهَرَ الاخْتِلافُ بَينَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

(2)

فإنَّ على قول علي وعبد الله رضي الله عنهما يموت حرًا إذا أديت كتابته فيكون استيفاء القصاص لورثته وعلى قول زيد بن ثابت رضي الله عنه

(3)

يموت عبدًا فاستيفاء القصاص يكون للمولى كذا في شروح الجامع الصغير لقاضي خان والتمرتاشي والمحبُوبيِّ رحمهم الله

(4)

(5)

.

(1)

وفي (ب)(إذا).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(3)

أبو سعيد وقيل: أبو خارجة زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه الإمام الكبير شيخ المقرئين والفرضيين مفتي المدينة، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة، وأجيز في الخندق، وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أبو بكر رضي الله عنه أن يجمع القرآن، وأمره عثمان فكتب المصحف وأبي بن كعب يملي عليه، وكان عمر وعثمان رضي الله عنهما لا يقدمان على زيد بن ثابت أحدا في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة. قال الواقدي مات زيد رضي الله عنه بالمدينة سنة خمس وأربعين، وقيل غير ذلك. يُنْظَر: طبقات الفقهاء (28)، صفة الصفوة (1/ 704)، سير أعلام النبلاء (2/ 426)، معرفة القراء الكبار (2/ 754)، الوافي بالوفيات (15/ 15).

(4)

روى الترمذي في السنن (3/ 560)، في (كتاب البيوع)، في (باب ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدى)، برقم (1259)، عن ابن عبَّاسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا أصَابَ المُكَاتَبُ حدًّا أو مِيراثًا ورِثَ بِحِسابِ ما عتَقَ منه» . وقال النبي صلى الله عليه وسلم «يُؤدِّي المُكَاتَبُ بِحِصّةِ ما أدَّى دِيةَ حرٍّ وما بقِيَ دِيةَ عَبدٍ» قال: وفي البَاب عن أمِّ سلَمَةَ، قال أبو عِيسى: حدِيثُ بن عبَّاسٍ حدِيثٌ حسَنٌ وهَكَذَا روَى يحيى ابن أبي كثِيرٍ عن عِكرِمَةَ عن ابن عبَّاسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم ورَوَى خالِدٌ الحَذَّاءُ عن عِكرِمَةَ عن علِيٍّ قَولَهُ وَالعَمَلُ على هذا الحديث عِندَ بَعضِ أَهلِ العِلْمِ من أَصحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم وَغَيرِهِمْ وقال أَكثَرُ أَهلِ العِلْمِ من أَصحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم وَغَيرِهِمْ المُكَاتَبُ عَبدٌ ما بقِيَ عليه دِرهَمٌ وهو قَولُ سُفيَانَ الثَّورِيِّ والشَّافِعِيِّ وَأَحمَدَ وإسحاق. وفي مسند الشافعي (206)، في (كتاب المكاتب)، عن مجاهد أن زيد ابن ثابت قال في المكاتب:«هو عبد ما بقي عليه درهم» . وفي مصنف عبدالرزاق (8/ 406)، في (كتاب المكاتب)، في (باب عجز المكاتب وغير ذلك)، (برقم (15721)، عن الشعبي أن عليا قال في المكاتب يعجز قال:«يعتق بالحساب» . وقال زيد: «هو عبد ما بقي عليه درهم» . وقال عبدالله بن مسعود: «إذا أدى الثلث فهو غريم» .

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (7/ 220)، بدائع الصنائع (4/ 155)، العناية شرح الهداية (15/ 147)، البناية شرح الهداية (13/ 89).

ص: 121

(بِخِلَافِ مُعْتَقِ البَعْضِ إِذَا مَاتَ وَلَم يَتْرُكْ وَفَاءً

(1)

[أي]

(2)

: لم يجب القصاص للمولى؛ لأنَّ ملك المولى لا يعود بموته ولا ينتقض استحقاق العبد.

[قتل ابن المعتوه]

(وَإِذَا قُتِلَ وَلِيُّ المَعْتُوهِ

(3)

(4)

أي: قريبه وهو ابنه يعني: إذا كان للمعتوه

(5)

ابن فقتل ابنه فَلِأَبِ المعتوه

(6)

وهو جد المقتول ولاية استيفاء القصاص وولاية الصلح

(7)

.

(لأَنَّهُ مِنَ الوِلَايَةِ

(8)

أي: لأن استيفاء القصاص، (فَيَلِيْهِ كَالإِنْكَاحِ

(9)

ولكن كل من ملك الإنكاح لا يملك استيفاء القصاص فإن

(10)

الأخ يملك الإنكاح ولا يملك استيفاء القصاص.

وذلك لأنَّ القصاص شرع لتَشَفِّي الصدر وللأب شفقة كاملة يعد ضرر الولد ضرر نفسه فلذلك جعل التشفي الحاصل للأب كالحاصل للابن بخلاف الأخ.

(وَلَهُ أَنْ يُصَالِحَ

(11)

لكن هذا فيما إذا صالح على قدر

(12)

الدية.

أما إذا صالح على أقل من الدية لم يجز الحط وإن قل، ويجب كمال الدية.

ولو قتل عبد اليتيم لم يكن للوصي أن يقتص ولو كان الأب حيًّا له أن يقتص وله أن يصالح كذا ذكره الإمام التمرتاشي

(13)

(لِمَا ذَكَرْنَا

(14)

أراد به قوله: (لأَنَّهُ مِنَ الوِلَايَةِ عَلَى النَّفْسِ شُرِعَ لِأَمْرٍ رَاجِعٍ إِلَيْهَا وَهُوَ تَشَفِّي الصَّدْرِ

(15)

.

(عَلَى نَفْسِهِ

(16)

أي: على نفس المعتوه

(17)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 161).

(2)

سقط في (ب).

(3)

وفي (ب)(العتق).

(4)

بداية المبتدي (240).

(5)

وفي (ب)(للمعتق).

(6)

وفي (ب)(المعتق).

(7)

يُنْظَر الجامع الصغير (495)، تبيين الحقائق (6/ 107)، العناية شرح الهداية (15/ 151)، البناية شرح الهداية (13/ 90)، الفتاوى الهندية (6/ 7).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(10)

وفي (ب)(فأب).

(11)

بداية المبتدي (240).

(12)

وفي (ب)(قتل).

(13)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 543)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 177).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(16)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(17)

وفي (ب)(المعتق).

ص: 122

(وَهَذَا مِن قَبِيْلِهِ

(1)

أي: استيفاء القصاص من قبيل الولاية على النفس.

(وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذَا الإِطْلَاقِ

(2)

وهو قوله: (وَالوَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ الأَبِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ

(3)

(أَنَّ الوَصِيَّ لا يَمْلِكُ الصُّلْحَ

(4)

أي: لا يملك الصلح عن النفس على المال إما يملك الوصي الصلح عما دون النفس على المال لأنه يملك استيفاءه فيملك صلحه على المال

(5)

.

(لأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي النَّفْسِ بِالاعْتِيَاضِ

(6)

والوصي لا يملكه.

ألا ترى أنَّه لا يملك تزويج الصغيرة وإن كان فيه تحصيل المهر لها مع أنَّ فيه تحصيل المال بمقابلة ما ليس بمال؛ لأن ما يقابل المهر وهو البضع ليس بمال والمهر مال.

(فنزل

(7)

مَنْزِلَةَ استيفاء

(8)

(9)

أي: استيفاء قصاص النَّفس وهو لا يملك استيفاء قصاص ولا

(10)

يملك الصُّلح عنه على المال.

(وَأَنَّهُ يَجِبُ بِعَقْدِهِ

(11)

أي: وأنَّ المال يجب بعقد الوصي.

وفي الجامع الصغير للمحبوبي: وظاهر ما ذكر هنا يدل على أنَّ صلح الوصي عن القصاص في النَّفس على الدية يجوز؛ لأنَّ فيه تحصيل المال للصبي بمقابلة ما ليس بمال والوصي فيه قائم مقام الأب

(12)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(3)

بداية المبتدي (240).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(5)

يُنْظَر: الجامع الصغير (495)، تبيين الحقائق (6/ 108)، العناية شرح الهداية (15/ 150)، البناية شرح الهداية (13/ 92).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(7)

كذا في (أ) و (ب)، وفي الهداية (فَيَنْزِلُ).

(8)

وفي (ب)(الاسْتِيفَاءِ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(10)

وفي (ب)(فلا).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(12)

قال في الجامع الصغير (495): لأن المقصود من الصلح منفعة المال وذلك حاصل.

وقال الامام السرخسي: وليس للوصي أن يصالح من القصاص في النفس على الدية، وقال في الجامع الصغير: والديات للوصي أن يصالح من النفس على الدية. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (21/ 15).

ص: 123

(لِمَا فِيْهِ مِنَ الإِبْطَالِ

(1)

أي: إبطال حق المعتوه

(2)

من القصاص والمال.

(فَهُوَ أَوْلَى

(3)

أي: فالوصي أولى أن لا يملك العفو.

[إذا كان للمقتول أولياء صغار وكبار]

(وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ أَوْلِيَاءٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ

(4)

فإن

(5)

كان للمقتول أَخَوَان أحدهما صغير والآخر كبير؛ لأنَّ المقصود متحد وهو التشفي.

قال شمس الأئمة السَّرَخسِيِّ رحمه الله: وهو الأظهر على قول أبي يوسف ومحمد؛ لأنهما يجعلان الطرف كالنفس في حكم القصاص بالنكول

(6)

.

(وَقَالَا

(7)

: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ حَتَى يُدْرِكَ الصِّغَارُ

(8)

إلا أن يكون الشريك أباً للصغار فيستوفيه عندهما أيضاً خلافاً للشافعي، فإن عند الشافعي رحمه الله ليس للأب استيفاء قصاص الصغير

(9)

.

وأمَّا إذا كان الشريك أخاً أو عمًّا للصغير فعلى الاختلاف الذي قلنا وإن كان الشريك الكبير

(10)

للصغير أجنبيًّا بأن كان العبد مشتركًا بين صغير وأجنبي فقتل عمدًا ليس للأجنبي أن يستوفي القصاص قبل بلوغه بالإجماع إلا أن يكون للصغير أب فيستوفيانه حينئذ

(11)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(2)

وفي (ب)(المعتق).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(4)

بداية المبتدي (240)، وهو قول محمد رحمه الله في الجامع الصغير (495).

(5)

وفي (ب)(بأن).

(6)

يُنْظَر: المبسوط للسَّرَخْسِيِّ (21/ 111).

(7)

أي: أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-.

(8)

بداية المبتدي (240)، وينظر: الجامع الصغير (495).

(9)

قال الامام السرخسي: فأما استيفاء القصاص فيؤل للأب أن يستوفي القصاص الواجب للصغير في النفس وما دون النفس عندنا. وقال الشافعي: ليس له ذلك؛ لأن من أصله أن الابن يتخير بين استيفاء القصاص واستيفاء الدية والأب بهذا الاستيفاء يقطع عليه خياره وذلك لا يصلح منه ثم المقصود من القصاص التشفي والانتقام وذلك لا يحصل للصغير باستيفاء أبيه.

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 161)، وبدائع الصنائع (7/ 244).

(10)

كذا في (أ)، وهي مثبتة بهامش (ب).

(11)

والمقصود بالاجماع: أي بإجماع أبي حنفية وأصحابه. يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (26/ 176)، العناية شرح الهداية (15/ 153)، تكملة البحر الرائق (8/ 343)، حاشية ابن عابدين (6/ 540)، تنقيح الفتاوى الحامدية (7/ 24)، تكملة رد المحتار (1/ 105)، الفتاوى الهندية (6/ 8).

ص: 124

(أَو كَانَ بَيْنَ المَوْلَيَيْنِ

(1)

أي: أحدهما غائب.

(وَاحْتِمَالُ العَفْوِ مِنَ الصَّغِيْرِ مُنْقَطِعٌ

(2)

أي: في الحال.

وهذا هو الفرق له بين الغائب والصغير؛ وذلك لأن العفو من الغائب حال استيفاء القصاص موهوم فلو استوفى كان استيفاء مع الشبهة وذلك لا يجوز.

وأما العفو فيما يؤمر عن

(3)

الصغير حال استيفاء القصاص والشبهة في المال لا تعتبر؛ لأنَّ ذلك يؤدِّي إلى سد باب القصاص لاحتمال أن يندم ولي المقتول على قتله كذا في مبسوط شيخ الإسلام والجامع الصغير للإمام المحبوبي -رحمهما الله-

(4)

.

(فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ [مِنْهُمَا]

(5)

كَمَلاً

(6)

(7)

.

فإن قلت: لو كان الحق بكل

(8)

واحد من الوليين كملا كان ينبغي أن لا يوجب سقوط حق أحدهما سقوط حق الآخر كما إذا قتل رجل رجلين وعفا أحد وليّي المقتولين كان للآخر ولاية استيفاء القصاص.

قلت: هناك الواجب قصاصان وهي

(9)

[الواجب]

(10)

قصاص واحد ولكن ثبت لكل واحد من الأولياء ولاية الاستيفاء وقد عفا فيسقط

(11)

.

(وَمَسْأَلَةُ المَوْلَيَيْنِ مَمْنُوْعَةٌ

(12)

؛ لأنَّه ذكر في الأسرار: لا رواية في عبد أعتقه رجلان ثم قتل أو قتل

(13)

وله موليان، ويجوز أن لا يثبت القتل لأحدهما إلا إذا اجتمعا كما في نكاح

(14)

أمة أعتقها رجلان أو قبل الإعتاق؛ لأن كل واحد منهما مالك للنصف والولاية على الشخص لا تثبت إلا بالكل، والكل لا يثبت إلا بهما، فقاما مقام رجل واحد والواحد منهما كنصف رجل وشطر عليه

(15)

(16)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(3)

وفي (ب)(على).

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 176)، الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 132).

(5)

سقط في (ب).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(7)

معنى كَمَلاً: كاملاً، يقال: أعطاه المال كَمَلاً؛ أي: كاملاً، وهو كقولك: أعطيته المال كله.

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (5/ 91)، المحكم والمحيط الأعظم (7/ 52)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 233)، لسان العرب (11/ 598)، المصباح المنير (2/ 541).

(8)

وفي (ب)(لكل).

(9)

وفي (ب)(وهنا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

سقط في (ب).

(11)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة (2/ 213).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 162).

(13)

وفي (ب)(قطع).

(14)

وفي (ب)(انكاح).

(15)

وفي (ب)(علة).

(16)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 153، 154).

ص: 125

وذكر في المبسوط في باب الوكالة بالدم من الديات صورة مسألة الموليين

(1)

فيما إذا كان العبد مشتركًا بين الكبير والصغير فقتل العبد ليس للكبير ولاية استيفاء القصاص قبل أن يدركَ الصَّغيرُ بالإتفاق

(2)

.

فقال أبو حنيفة رحمه الله في جوابه: وهذا بخلاف ما إذا قتل عبد مشترك بين الصغير والكبير حيث يمتنع

(3)

استيفاء القصاص قبل أن يدرك الصغير؛ لأن السبب هناك الملك وهو غير متكامل لكل واحد منهما، فإن ملك الرقبة يحتمل التجزئ ولهذا لم يكن لأجل

(4)

الموليين في الأمة ولاية تزويجها بانفراده بخلاف ما نحن فيه فإن السبب فيه القرابة وهو مما لا يحتمل التجزئ حتّى كان لكل واحد من الأولياء تزويج المرأة وفيه أيضاً قبل هذا وأبو حنيفة رحمه الله استدل بما روي

(5)

أنَّ عبدالرحمن بن ملجم

(6)

لما قتل عليًّا رضي الله عنه قتله الحسن

(7)

رضي الله عنه قصاصاً وقد كان في أولاد علي رضي الله عنه صغار ولم ينتظر بلوغهم

(8)

والمعنى فيه أنَّ حق الكبير ثابت في استيفاء جميع القصاص وليس في استيفائه شبهة عفو متحقق فيتمكن منه كالولاء

(9)

الوارث واحداً

(10)

.

(1)

وفي (ب)(الوليين).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 174).

(3)

وفي (ب)(يمنع).

(4)

وفي (ب)(لأحد)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.

(5)

وفي (ب)(يروى).

(6)

هو: عبدالرحمن بن ملجم المراديّ التَّدؤليّ، أحد بني تدؤل، وكان فارسهم بمصر، شهد فتح مصر، وكان ممن قرأ القرآن والفقه، أدرك الجاهلية، وهاجر في خلافة عمر، وقرأ على معاذ بن جبل، وكان من العبّاد، وهو الذي قتل عليَّ بن أبى طالب رضي الله عنه، وكان من شيعة عليِّ، وشهد معه صفين. قال الذهبي: خارجي مفترٍ، وهو عند الخوارج من أفضل الأمة، وتعظمه النصيرية، وعند الروافض أشقى الخلق في الآخرة. وعندنا أهل السنة ممن نرجو له النار، ونجوز أن الله يتجاوز عنه، (ت 40 هـ).

يُنْظَر: الأنساب (1/ 451)، تاريخ الإسلام (3/ 653)، الوافي بالوفيات (18/ 171).

(7)

هو: الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو محمد الهاشمي، أمير المؤمنين، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا وأحد سيدي شباب أهل الجنة. روى عن: جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبيه علي، وأخيه الحسين. روى عنه: ابنه الحسن، وعائشة أم المؤمنين، وعكرمة، ومحمد بن سيرين، وآخرون. كان حليمًا ورعًا فاضلا. ولي الخلافة بعد أبيه عدة أشهر، ثم تنازل لمعاوية بشروط، وصان الله بذلك جماعة المسلمين. وظهرت المعجزة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم:«إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين» . توفي في المدينة سنة (50 هـ)، ويقال: إنه مات مسمومًا.

يُنْظَر: أسد الغابة (2/ 15)، سير أعلام النبلاء (3/ 245)، الإصابة (2/ 68)، تهذيب التهذيب (2/ 257).

(8)

روى ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 437)، في (كتاب الديات)، في (باب الرجل يُقتل وله ولد صغار)، برقم (27777) أن الحسن بن علي «قتل ابن ملجم الذي قتل علياً، وله ولد صغار» .

(9)

وفي (ب)(كما لو كان)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (26/ 176).

ص: 126

وإنما قلنا ذلك: لأنَّ القصاص يجب للورثة على سبيل الخلافة عن المورث فإنَّ وجوبه بعد موت المقتول وقد خرج المقتول من أن يكون أهلاً لوجوب الحقّ له بعد موته إلا أنَّ ما يحصل منه مقصوده من قضاء الدَّين وتنفيذ الوصية يجعل كالواجب [له حكما]

(1)

وهو الدية، فأمَّا ما لا يحصل به مقصود المقتول يجعل واجباً للوارث الذي هو قائم مقامه والمقصود بالقود تشفي

(2)

الغيظ أو دفع سبب الهلاك عن نفسه وذلك يحصل للوارث، فعرفنا أنَّه يجب له ولكن على سبيل الخلافة؛ لأنَّ السَّبب انعقد على حق الميت وقد خرج عند ثبوت الحكم من أن يكون أهلاً للوجوب

(3)

له فيجب للمولى

(4)

القائم مقامه كما ثبت

(5)

الملك للمولى في كسب العبد ابتداء وعلى

(6)

سبيل الخلافة عن العبد.

ولهذا قلنا: إذ

(7)

انقلب مالاً يثبت فيه حق الميت؛ لأنَّ قضاء حوائجه يحصل به وهو بمنزلة الموصي

(8)

له بالثلث لا حقَّ له في القصاص وإذا انقلب مالاً يثبت حقه فيه وأيَّد ما قلنا قوله تعالى: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}

(9)

بيَّن أنَّ القصاص للولي القائم مقام المقتول، إذا ثبت هذا فنقول القصاص لا يحتمل التجزئ وقد ثبت

(10)

[بسبب]

(11)

لا يحتمل التجزئ فأما أن يتكامل في حق كل واحد منهم أو ينعدم؛ لأنَّه لا يمكن إثباته متجزئاً ولم ينعدم بالإتفاق فعرفنا أنه تكامل في حق كل واحد منهم، لا أنه تعدد القصاص في المحل ولكن بطريق أنه يجعل كل واحد منهم كأنه ليس معه غيره بمنزلة الأولياء في النكاح ينفرد كل واحد منهم بالتَّزويج كأنَّه ليس معبر

(12)

غيره.

والدَّليل عليه: لو استوفى أحدهم لا يضمن للباقين شيئاً ولا للقاتل ولو لم يكن جميع القصاص واجباً له لكان ضامنًا باستيفاء الكل وهذا بخلاف ما إذا عفا أحدهم؛ لأنَّ الواجب بعد العفو المال للباقين والمال يحتمل التجزي فيظهر حكم التجزي عند وجوب المال وهذا لأنَّا لو بَعَّضْنَا

(13)

القصاص لأحدهما بعد عفو الآخر كان من ضرورته تعدد القصاص الواجب في المحل وهو غير متعدد في المحل، فأما قبل العفو لو قلنا كل واحد منهم يكون متمكناً من استيفائه لا يكون من ضرورته تعدد القصاص وهذا بخلاف ما إذا كان أحدهما غائباً؛ لأن هناك جميع القصاص واجب للحاضر ولكن في استيفائه شبهة عفو موجود لجواز أن يكون الغائب عفا والحاضر لا يشعر [به]

(14)

وعفو الغائب صحيح سواء علم بوجوبه أو لم يعلم

(15)

.

(1)

زيادة في (ب).

(2)

وفي (ب)(بسقي).

(3)

وفي (ب)(لوجوب).

(4)

وفي (ب)(للولي)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

وفي (ب)(يثبت).

(6)

وفي (ب)(على).

(7)

وفي (ب)(إذا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(8)

وفي (ب)(الوصي).

(9)

سورة الإسراء من الآية (33).

(10)

وفي (ب)(يثبت).

(11)

سقط في (ب).

(12)

وفي (ب)(معه)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

وفي (ب)(بقينا).

(14)

سقط في (ب).

(15)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 175، 176).

ص: 127

(وَإِنْ أَصَابَهُ بالقود

(1)

فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ

(2)

وهذه المسألة هي مسألة القتل [بالمثقل]

(3)

وقد أسفلناها في أوائل الجنايات مشبعًا

(4)

(وَإِنْ أَصَابَهُ بِظَهْرِ الحَدِيْدِ

(5)

أي: ولم يجرح.

وقوله: (لَهُمْ

(6)

أي: للشافعي ولهما، لكن للشافعي رحمه الله الاستدلال بالحديث ولهما الاستدلال بالمعقول

(7)

(8)

.

(المِرَاءُ

(9)

الشك.

(وَفِيْهِ «وَفِي كُلِّ خَطَإٍ أَرْشٌ»

(10)

(11)

هذا من تتمة الحديث وبعده أيضاً «فيه مائة من الإبل»

(12)

.

(وَمِنْهُ المِقَصَّةُ

(13)

أي: المقراض (لِلجَلَمَيْنِ

(14)

هكذا كان بتصحيح شيخي-رحمه الله. ووقع في النسخ: للجلمان ولا وجه له؛ لأنه ذكر في الصحاح

(15)

: الجلم

(16)

الذي يحز

(17)

به وهما جلمان

(18)

، يعني: سميت المِقصَّة مِقَصَّة؛ لأنَّ كل واحد من الحديدين يماثل الآخر.

وفي التَّنزيل {قُصِّيهِ}

(19)

أي: اتبعي أثره واتباع أثر الشيء في الإتيان بمثله.

(لأَنَّ القَتْلَ بِالسِّلاحِ غَالِبٌ وَبِالمُثْقَلِ نَادِرٌ

(20)

والحكمة في الزجر: إنما هي [في]

(21)

الغالب دون النَّادر؛ ولهذا شرع الحد في حق شرب الخمر دون شرب البول.

(1)

وفي (ب)(بِالعُوْدِ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في البداية.

(2)

بداية المبتدي (240).

(3)

سقط في (ب).

(4)

وفي (ب)(شبعا).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(7)

سقط في (ب).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 157)، البناية شرح الهداية (13/ 97).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(11)

رواه أحمد (4/ 275) برقم (18447). ورواه الدارقطني (3/ 107)، في (كتاب الحدود والديات وغيره)، برقم (86)، وقال الإمام بن حجر في الدراية (2/ 266): إسناده ضعيف.

(12)

سبق تخريجه (ص 217).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(15)

الصِّحَاح تاج اللغة وصحاح العربية تأليف إسماعيل بن حماد الجوهري إمام فى علم اللغة؛ وخطّه يضرب به المثل فى الحسن، حقق كتاب الصِّحَاح: أحمد عبد الغفور عطار، وطبعته: دار العلم للملايين في لبنان.

(16)

وفي (ب)(جلم).

(17)

وفي (ب)(يقص).

(18)

الصحاح؛ للجوهري (5/ 167).

(19)

سورة القصص من الآية (11).

(20)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(21)

زيادة في (ب).

ص: 128

(وَمَا رَوَاهُ غَيْرُ مَرْفُوْعٍ

(1)

؛

(2)

لأنَّ على قوله يلزم التحريق في التحريق وهو

(3)

منهي عنه قال عليه السلام: «لا تُعذبوا أحدًا بعذاب الله»

(4)

.

وفي رواية: «لا يُعذِّب بالنَّار إلا ربها»

(5)

.

(أَوْمَتْ

(6)

أي: أشارت (إِلَيْهِ

(7)

أي: إلى الحمل على السياسة.

(إِضَافَتُهُ إِلَى نَفْسِهِ

(8)

أي: إضافة النبي عليه السلام فعل التغريق إلى نفسه بالإسناد حيث قال «غَرَّقْنَاه»

(9)

ولم يقل من غرق يغرق.

(وَاخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ

(10)

بالرفع وهو مبتدأ.

وقوله: (فِي الكَفَّارَةِ

(11)

خبره، أي: اختلاف الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله إنما كان في الكفارة لا في الدية؛ لأنَّ الدية واجبة من غير تردد، وأمَّا اختلاف الروايتين في شبه العمد هو ما ذكرته من الإيضاح وقال فيه بعدما قال: وفي شبه العمد الكفارة، قال رضي الله عنه: فوجدت في كتب أصحابنا أن لا كفارة في شبه العمد على قول أبي حنيفة رحمه الله

(12)

(أَحَدُ نَوْعَي [الخَطَإِ]

(13)

(14)

وهو الخطأ في القصد (فَإِنْ كَانَ فِي صَفِّ المُشْرِكِينَ لا تَجِبُ لِسُقُوطِ

(15)

عِصْمَتِهِ

(16)

فرع في السير: فإن علم مسلماً بعينه قد جاء به العدو مكرهًا فتعمده بالرمي وهو يعلم حاله يجب القود قياساً؛ لأنَّه عمد محض.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(2)

قال بدر الدين العيني: أي وما رواه الشافعي رحمه الله من قوله: «من غرّق غرقناه» غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال الكاكي رحمه الله: أي غير ثابت. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 99).

(3)

وفي (ب)(وهي).

(4)

رواه البخاري (3/ 1098)، في (كتاب الجهاد والسير)، في (باب لا يعذب بعذاب الله)، برقم (2854)، بلفظ «لا تعذبوا بعذاب الله» .

(5)

رواه أحمد (3/ 494)، برقم (16077)، بلفظ «لا يعذب بالنار إلا رب النار» . ورواه أبو داود (3/ 54)، في (كتاب الجهاد)، في (باب في كراهية حرق العدو بالنار)، برقم (2673)، بلفظ «لا يعذب بالنار إلا رب النار» .

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(9)

رواه البيهقي (8/ 43)، في (باب عمد القتل بالحجر وغيره مما الأغلب أنه لا يعاش من مثله) برقم (15771)، بلفظ (من عرض عرضنا له، ومن حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه) قال الامام الذهبي في التنقيح (2/ 235): وهذا ليس يصح.

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(12)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 101)، العناية شرح الهداية (15/ 157)، درر الحكام (5/ 415).

(13)

سقط في (ب).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 163).

(15)

وفي (ب)(سقوط).

(16)

الهداية شرح البداية (4/ 164).

ص: 129

وفي الاستحسان لا قود؛ لأنَّ كون المقتول في موضع إباحة القتل يصير شبهة في إسقاط القصاص، وعليه الدية في ماله ولا كفارة، ولو اختلفا فقال ولي المقتول: قصدته برميك بعدما علمت أنَّه مكره من جهتهم

(1)

في الوقوف في الصَّف، وقال الرَّامي: إنما تعدت

(2)

المشركين فالقول للرامي؛ لأنَّه متمسك بالأصل وهو إباحة الرمي إلى صفهم و [لو]

(3)

التقت السريتان

(4)

ليلاً من المسلمين أو كل

(5)

واحدة ترى أن صاحبتها من المشركين فاقتتلوا فَأَجلَوا

(6)

عن قتلى ثم علموا فلا

(7)

شيء عليهم من دية ولا كفارة؛ لأنَّ كل واحدة منهما باشرت دفعًا مباحًا فيجب أن يُغَسَّلوا كذا ذكره الإمام التمرتاشي رحمه الله

(8)

.

(وَفِي النَّوَادِرِ: أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ -رحمهما الله- يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ

(9)

هذا أثر كون فعله غير معتبر؛ لأنَّه لما كان يغسل ويصلى عليه صار كأنه مات حتفَ أنفِهِ بمرضه من غير فعله على نفسه عندهما، أمَّا عند أبي يوسف

(10)

رحمه الله فجنايته على نفسه معتبرة حتَّى لا يصلَّى عليه بمنزلة الباغي

(11)

.

وقال الإمام قاضي خان رحمه الله: وجنايته على نفسه نوع آخر؛ لأنها غير معتبرة في حق الضمان لمكان الاستحالة والتَّنافي، ولا في أحكام الدنيا حتى يغسل ويصلى [عليه]

(12)

في قول أبي حنيفة ومحمَّد وهي معتبرة في حق الإثم وأحكام الآخرة، وعلى قول أبي يوسف يعتبر في حق أحكام الدنيا حتى يصير باغياً على نفسه فلا يصلى عليه فكان القتل حاصلاً بثلاثة فيجب على الأجنبي (ثُلُثُ الدِّيَةِ

(13)

ويكون

(14)

في ماله؛ لأنه عمد فلا تتحمله العاقلة والله أعلم

(15)

.

(1)

في (أ) ليست واضحة.

(2)

وفي (ب)(تعمدت)، ولعلها الصواب والله أعلم.

(3)

سقط في (ب).

(4)

وفي (ب)(البريتان).

(5)

وفي (ب)(وكل).

(6)

وفي (ب)(فأجلوه).

(7)

وفي (ب)(أنه فلا).

(8)

يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (6/ 537)، تكملة رد المحتار (1/ 102).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 164).

(10)

وفي (ب)(أبيوسف).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 164)، العناية شرح الهداية (15/ 160).

(12)

زيادة في (ب).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 164).

(14)

وفي (ب)(فتكون).

(15)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 160)، البناية شرح الهداية (13/ 103).

ص: 130

‌فَصْلٌ

[مناسبة ذكر هذا الفصل بعد باب ما يوجب القصاص وما لا يوجب]

لما فرغ من بيان المسائل التي توجب القصاص ألحقها فصلاً يشمل المسائل التي بها

(1)

عرضية إيجاب القصاص وهي كلُّها من جنس واحد يقال: (شَهَرَ

(2)

سيفه يشهره شهراً أي: سَلَّه من حدِّ منع

(3)

«(أُطِلَّ

(4)

دَمُه»

(5)

(6)

أي: أهدر

(7)

(إِشَارَةٌ إِلَى الوُجُوبِ

(8)

أي: (وَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِم

(9)

إشارة إلى الوجوب (وَالمَعْنَى

(10)

أي: ومعنى الوجوب (وُجُوبُ دَفْعِ الضَّرَرِ

(11)

؛ لأنَّ دفع الشر واجب لا أن يكون عين القتل واجباً، وهكذا قتل الحربي واجب لا لعينه بل لإعلاء كلمة الله تعالى (لِمَا بَيَّنَّا

(12)

إشارة إلى ما ذكر

(13)

من الحديث والمعقول

(14)

.

(1)

وفي (ب)(لها).

(2)

بداية المبتدي (240).

(3)

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (2/ 268).

(4)

(أطل) فيها ثلاث لغات، (طَلَّ دَمُه، وطُلَّ دمُهُ، وأُطِلَّ دَمُه) يُنْظَر: لسان العرب (11/ 405).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 164).

(6)

لم أجده بهذا اللفظ، وأخرج النسائي في سننه (2/ 311)، في (كتاب تحريم الدم)، في (باب من شهر سيفه ثم وضعه في الناس)، برقم (3560)، عن ابن الزبير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من شهر سيفه ثم وضعه فدمه هدر» . ورواه الحاكم في المستدرك (2/ 171)، في (كتاب قتال أهل البغي)، برقم (2670) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

(7)

يُنْظَر: لسان العرب (11/ 405).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 164).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 164).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 164).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 164).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 164).

(13)

وفي (ب)(ذكره).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 161)، البناية شرح الهداية (13/ 105).

ص: 131

[قتل المجنون إذا شهر سلاحا]

(وَإِنْ شَهَرَ المَجْنُونُ عَلَى

(1)

غَيْرِهِ سِلَاحاً فَقَتَلَهُ المَشْهُورُ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ

(2)

وأجمعوا على أنه لو كان الصائل عبدًا أو صيد الحرم لا يضمن كذا ذكره الإمام التمرتاشي

(3)

.

(فَأَشْبَهَ المُكْرَهَ

(4)

أي: يعود المكرَه [على المكرِه]

(5)

فنقتله ذكره الإمام البرغري رحمه الله

(6)

(7)

وكذلك إذا أكره الرجل الآخر فقال: لأقتلنك وإلا لتقتلني فقتله المكرَه لا يجب عليه شيء فكذا هنا (وَلِهَذَا لا يَجِبُ القِصَاصُ

(8)

أي: على الشَّاهر وهو الصبي والمجنون (وَإِنَّمَا لا يَجِبُ القِصَاصُ

(9)

أي: على المشهور عليه.

(وَمَنْ شَهَرَ

(10)

عَلَى غَيْرِهِ سِلَاحاً فِي المِصْرِ فَضَرَبَهُ

(11)

أي: ضربه الشَّاهر فانصرف وترك الضرب (ثُمَّ قَتَلَهُ الآخَرُ

(12)

أي: المشهور عليه.

«(دُونَ مَالِكَ»

(13)

(14)

أي: لأجل مالك. والله أعلم

(15)

.

(1)

وفي (ب)(إلى).

(2)

بداية المبتدي (240).

(3)

يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (6/ 546)، تكملة رد المحتار (1/ 112).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 165).

(5)

زيادة في (ب).

(6)

ولم أقف على ترجمة له، وكانت له طريقة، وقد أَكْثَرَ مِن ذِكره علاء الدين البخاري في كشف الأسرار ومما قال عنه: وذكر الإمام فخر الدين البرغري في طريقته. يُنْظَر: كشف الأسرار (1/ 150).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 162)، البناية شرح الهداية (13/ 106).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 165).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 165).

(10)

وفي (ب)(أشهر).

(11)

بداية المبتدي (240، 241).

(12)

بداية المبتدي (241) وتمام الكلام «فعلى القاتل القصاص» .

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 165).

(14)

رواه البخاري (2/ 877)، في (كتاب المظالم)، في (باب من قاتل دون ماله)، برقم (2348)، عن عبداللّهِ بن عمْرٍو رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من قُتلَ دونَ مَالهِ فهُوَ شَهيدٌ» . ورواه مسلم (1/ 124)، في (كتاب الإيمان)، في (باب الدّلِيلِ على أنَّ من قصَدَ أخْذَ مالِ غيْرِهِ بِغيْرِ حقٍّ كان الْقاصِدُ مُهْدرَ الدّمِ في حقِّهِ

)، برقم (140) عن أبي هرَيْرَةَ قال: جاء رَجلٌ إلى رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رَسولَ اللّهِ أَرَأَيتَ إن جاء رَجلٌ يرِيدُ أَخذَ مَالي قال فلا تعْطِهِ مالَكَ قال أَرَأَيتَ إن قَاتَلَني قال قَاتلْهُ قال أَرَأَيتَ إن قَتَلَني قال فَأَنتَ شَهيدٌ قال أَرَأَيتَ إن قَتَلْتهُ قال هو في النّارِ» . ورواه النسائي (2/ 308)، في (كتاب تحريم الدم)، في (باب ما يفعل من تعرض لماله)، برقم (3544)، واللفظ له.

(15)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 111)، العناية شرح الهداية (15/ 164)، تكملة البحر الرائق (8/ 345)، حاشية ابن عابدين (6/ 546)، تكملة رد المحتار (1/ 113).

ص: 132

‌بَابُ القِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

[مناسبة ذكر القصاص فيما دون النفس عقب القصاص في النفس]

لما ذكر القصاص في النّفس احتاج إلى بيان القصاص فيما دون النَّفس إذ الجزء يتبع الكل.

(لِقَولِهِ تَعَالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}

(1)

(2)

ذكر في شرح الأقطع: فاقتضت الآية ثبوت القصاص فيما دون النفس.

وفي الإيضاح: فصار القصاص فيما دون النفس مشروعًا بهذه الآية والمماثلة معتبرة من حيث سلامة الأجزاء ولفظ القصاص ينبئ عن هذا

(3)

.

[كِبر اليد وصغرها لا يعتبر في القصاص]

(وَلا مُعْتَبَرَ بِكِبَرِ اليَدِ وَصِغَرِهَا

(4)

فإن قلت: ما الفرق بين اليد والرأس حيث لا يعتبر التفاوت من حيث الصغر والكبر في اليد ويعتبر في الرأس، حتى أنَّ رجلاً لو شجَّ

(5)

رجلاً موضحة

(6)

فأخذت ما بين قرني المشجوج وهي لا تأخذ لما بين قرني الشَّاج لكبر رأس الشَّاج فإنَّ المشجوج يُخيَّر فإن شاء أخذ الْأَرْشَ، وإن شاء اقتص به ولا خيار في اليد مع أنَّ كل واحد من هذين العضوين لا تفاوت

(7)

فيما اختص به من المنفعة.

قلت: إنما وقع الفرق بينهما من حيث التفاوت في الشيئين؛ لأنه لو شج الثاني مثل الأول في المشاجة كان في الشيئين دون الأول؛ لأن الشجة الأولى أخذت بين قرنيه وذلك القدر لا يأخذ بين قرني الشاج فقد عجز عن استيفاء حقه بكماله فيثبت له الخيار بخلاف اليد فالمعتبر هناك منفعة البطش فلعل هذه المنفعة في اليد الصغيرة أكثر منه في اليد الكبيرة.

(1)

سورة المائدة من الآية (45).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 165).

(3)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 297)، الهداية شرح البداية (4/ 165)، تبيين الحقائق (6/ 111)، العناية شرح الهداية (15/ 165)، البناية شرح الهداية (13/ 109).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 165).

(5)

الشِّجَاج بالكسر، مفرده: شجة، وهو: القطع، والشق، يقال: شجت السفينة البحر، أي شقته، وشججت المفازة: قطعتها، والمراد به هنا: الجرح يكون في الوجه والرأس، ولا يكون في غيرهما من الجسم، وهو أنواع بحسب كبرها وصغرها.

يُنْظَر: المحكم والمحيط الأعظم (7/ 174)، لسان العرب (2/ 303)، المصباح المنير (1/ 305).

(6)

الموضحة: من الشجاج، وهي: التي توضِّح العظم وتبيِّنه، وقيل: هي التي تقشر الجلدة التي بين اللحم والعظم أو تشقها حتى يبدو وضح العظم.

يُنْظَر: الزاهر؛ للأزهري (363)، تهذيب اللغة (5/ 102)، مقاييس اللغة (6/ 119)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 359)، لسان العرب (2/ 635).

(7)

وفي (ب)(يتفاوت)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

ص: 133

ألا ترى أن أرش اليد لا يختلف باختلاف اليد في الصَّغير والكبير بحال، بخلاف أرش الشَّجة كذا في باب القصاص من ديات المبسوط

(1)

.

(لامْتِنَاعِ المُمَاثَلَةِ فِي القَلْعِ

(2)

؛ لأنها إذا قُدِّرت فقد تعذر اعتبار المماثلة؛ لأنه ليس له حد معلوم ومن الجائز أن يكون الثاني زائداً.

[وقوله:]

(3)

(لِمَا ذَكَرْنَا)

(4)

إشارة إلى قوله: (وَهُوَ يُنْبِئُ عَن المُمَاثَلَةِ

(5)

.

[القصاص في السن]

(وَلا قِصَاصَ فِي عَظْمٍ إِلَّا فِي السِّنِّ

(6)

وروي عن النَّبي عليه السلام «أنه قضى القصاص في السن»

(7)

وبين الأطباء كلام في السن أنه عظم أو طرف عصب يابس، فمنهم من ينكر كون السن عظمًا؛ لأنه يحدث وينمو بعد تمام الخلقة، فعلى هذا لا حاجة إلى الفرق بينه وبين سائر العظام متى ثبت أنه ليس بعظم، ولئن قلنا أنه عظم ففي سائر العظام لتعذُّر اعتبار المساواة لا يجب القصاص وذلك لا يوجد ههنا؛ لأنه يُمكن أن يُبرد بالمبرد بقدر ما كسر منه.

وكذلك إن كان قلع السن فإنه لا يقلع سنه قصاصاً لتعذر اعتبار المماثلة فيه، فربما تفسد به لَهَاتُه، ولكن يبرد بالمبرد إلى موضع أصل السنِّ كذا في المبسوط

(8)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 145).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 165).

(3)

سقط في (ب).

(4)

(لما ذكرنا)، كذا في (أ) و (ب) وهي ليست في الهداية، وإنما ورد (لما تلوناه)، و (لما تلونا) كذا في نسخ الهداية (4/ 165).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 165).

(6)

بداية المبتدي (241)، وهو لفظ القدوري يُنْظَر: مختصر القدوري (284).

(7)

رواه البخاري (4/ 1685)، في (كتاب التفسير)، في (باب والجروح قصاص)، برقم (4335)، عن أنَسٍ رضي الله عنه قال: كسَرَتْ الرُّبَيّعُ وهْيَ عمَّةُ أنَسِ بن مَالكٍ ثَنيَّةَ جَاريَةٍ من الْأنْصَارِ فطَلَبَ الْقوْمُ الْقصَاصَ فأَتَوْا النبي صلى الله عليه وسلم فأَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بالْقِصَاصِ فقال أنَسُ بن النّضْرِ عمُّ أنَسِ بن مَالكٍ لا والله لا تُكْسرُ سنُّهَا يا رسُولَ اللّهِ فقال رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم يا أنَسُ كتَابُ اللّهِ الْقصَاصُ

». ورواه النسائي (4/ 222)، في (كتاب القسامة)، في (باب القصاص في السن)، برقم (6954)، واللفظ له.

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 80، 81)، العناية شرح الهداية (15/ 167)، البناية شرح الهداية (13/ 112).

ص: 134

(وَلَيْسَ فِيَما دُونَ النَّفْسِ: شِبْهُ عَمْدٍ، إِنَّمَا هُوَ عَمْدٌ، أَو خَطَأٌ

(1)

والمراد من هذا الكلام هو ما ذكره في الذَّخيرة بقوله: وفي كل موضع وجب القصاص يعني فيما دون النفس لا فرق بين ما إذا حصل الضرب بالسلاح أو لشيء

(2)

آخر غير السلاح يجب القصاص ولا يترك

(3)

القصاص بسبب الآلة التي هي غير السلاح، بخلاف النفس فإنه لو أتلفها بآلة غير السلاح كان هو شبه العمد وليس فيما دون النفس شبه العمد بل [هو]

(4)

عمد فيه

(5)

.

(وَلا بَيْنَ العَبْدَيْنِ

(6)

أي: لا يجري القصاص بينهما في حق الطرف، وأمَّا في حق النفس فيجري القصاص بينهما.

(إِلَّا فِي الحُرِّ يَقْطَعُ طَرَفَ العَبْدِ

(7)

أي: لا يجب القصاص في ذلك عنده

(8)

أيضاً كما لا يجب عندنا فيه وفي سائر الصُّور المذكورة

(9)

.

ثم اعلم أنَّ الأصل في جريان القصاص فيما دون النفس اعتبار المماثلة في الفعل وفي المحل، والمأخوذ [في]

(10)

الفعل؛ لأنَّ المماثلة في ضمان العدوان منصوص عليه فيجب اعتبارها في كل ما يَتَأَتَّى، والمُتَأَتِّي اعتبار المماثلة في هذه الأشياء، ونعني بالمماثلة في المأخوذ بالفعل: المساواة في المنفعة والمساواة في البدل؛ لأنَّ التَّفاوت في المنفعة المقصودة دليل اختلاف الجنس وإن اتحد الأصل كما في الذكر والأنثى من الرقيق في بني آدم فلَأن تنعدم به أي: بالتَّفاوت في المنفعة المقصودة المماثلة أولى، ولهذا لا تقطع اليمين باليسار والتَّفاوت في البدل دليل ظاهر على انعدام المساواة؛ لأنَّ البدل بمقابلة المبدل وهو قيمته فالتَّفاوت فيه دليل على التَّفاوت في المبدل.

وعلى هذا الأصل قال علماؤنا: لا يجري القصاص بين الرجال والنساء في الطرف

(11)

(12)

.

(1)

بداية المبتدي (241)، وهو لفظ القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (284).

(2)

وفي (ب)(بشيء)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

وفي (ب)(ينزل).

(4)

سقط في (ب).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 166)، مختصر القدوري (284).

(6)

بداية المبتدي (241)، وهو لفظ القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (284).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 166).

(8)

أي: عند الشافعي رحمه الله.

(9)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 166).

(10)

زيادة في (ب).

(11)

وفي (ب)(الأطراف).

(12)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 135، 136)، الدر المختار (6/ 551).

ص: 135

وقال ابن أبي ليلى رحمه الله يجري وهو قول الشافعي رحمه الله

(1)

، ويسلكون في الباب طريقاً سهلاً وهو اعتبار الأطراف بالنفوس

(2)

؛ لأنَّها تابعة للنَّفوس فكما يجري القصاص بين الرجال والنِّساء في النفوس فكذلك في الطِّراف

(3)

.

ولكنَّا نقول: لا مماثلة بين طرف الرجل وطرف المرأة في المنفعة ولا في البدل والمماثلة معتبرة في القصاص في الأطراف بدليل أن الصحيحة لا تستوفى بالشلاء للتفاوت بينهما في البدل والمنفعة بخلاف النفوس فالمعتبر هناك المساواة في الفعل حتى تستوفى النفس الصحيحة بالزمنة.

فإن قيل: التفاوت في البدل يمنع استيفاء الأكمل بالأنقص ولا يمنع استيفاء الأنقص بالأكمل حتى أنَّ الشَّلاء تُقطع بالصَّحيحة وعندكم في هذا الموضع لا تقطع يد المرأة بيد الرجل.

قلنا: نعم إذا كان التَّفاوت بسبب حسي كالشَّلل وفوات بعض الأصابع فهو كما قلت فأمَّا إن

(4)

كان التَّفاوت بمعنى حكمي فإنه يمنع استيفاء كل واحد منهما لصاحبه كاليمين مع اليسار وهذا المعنى وهو أنَّ التفاوت إذا كان [بنقصان]

(5)

[لمعنى]

(6)

حسي فمن له الحق إذا رضي بالاستيفاء يجعل مبرئاً لبعض حقه مستوفياً لما بقي وذلك جائز وبهذا

(7)

لا يستوفى الأكمل بالأنقص وإن رضي به القاطع؛ لأنَّه بالرضى يكون باذلاً للزيادة فلا يحل استيفاء الطرف بالبدل فأمَّا إذا كان التَّفاوت لمعنى حكمي فلا وجه لتمكنه من الاستيفاء ههنا بطريق إسقاط البعض ولا بطريق البدل

(8)

.

(فَيَنْعَدِمُ التَّمَاثُلُ بِالتَّفَاوُتِ فِي القِيمَةِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ

(9)

أي: التَّفاوت معلوم (قَطْعاً بِتَقْوِيمِ الشَّرْعِ

(10)

فإنَّ الشَّرع قوم اليد الواحدة للحرِّ بخمسمائة دينار قطعًا ويقينًا، ولا تبلغ قيمة يد العبد إلى ذلك، ولو بلغت إنما تبلغ بالحزر والظن فلا تكون مساوية ليد الحر يقينًا فينعدم التماثل

(11)

.

(1)

مذهب الشافعية: أنه لا يشترط في قصاص الطرف التساوي في البدل، فيقطع العبد بالعبد، والمرأة بالرجل وبالعكس، والذمي بالمسلم والعبد بالحر، ولا عكس فيهما.

يُنْظَر: الوسيط (6/ 287)، روضة الطالبين (9/ 178)، مغني المحتاج (4/ 25).

(2)

وفي (ب)(بالنفس).

(3)

وفي (ب)(الأطراف).

(4)

وفي (ب)(إذا).

(5)

سقط في (ب).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

وفي (ب)(ولهذا).

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 136)، الدر المختار (6/ 551).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 166).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 166).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 170)، البناية شرح الهداية (13/ 113).

ص: 136

فإن قلت: هذا التعليل لو استقام فيما بين أطراف الحر والعبد فلا يستقيم فيما بين أطراف العبيد، فأما

(1)

لو فرضنا المسألة فيما إذا استوت قيمة العبدين بإتفاق المقومين، كانت قيمة أطرافهما أيضاً تكون مستوية، فحينئذ كيف لا يجري القصاص بين طرفي العبدين مع استواء قيمتهما.

قلت: لا وجه لذلك لأنَّ طريق معرفة استوائهما إنما كان بطريق الحرز والظَّن والمماثلة المشروطة شرعًا لا تثبت بطريق الحرز كالمماثلة و

(2)

الأموال الربوية عند المقابلة بجنسها ولا يقال: إذا كانت قيمة كل واحد من العبدين أكثر من عشرة آلاف فههنا المساواة بينهما في البدل ثابت شرعًا [فإنَّ قيمة العبد إذا كانت أكثر من عشرة آلاف درهم أو كانت عشرة آلاف درهم فإنَّه يجب عشرة آلاف درهم إلا عشرة دراهم شرعًا على ما يجيء في موضعه إن شاء الله تعالى]

(3)

ومع ذلك لا يجري القصاص بينهما في الأطراف.

لأنَّا نقول: أنَّ التقدير في بدل نفس العبد فأما في

(4)

بدل طرفه لا يدخله التَّقدير شرعًا ولكن تجب القيمة بالغة ما بلغت فيتحقق التَّفاوت بينهما فيه وبهذا تبين أن أطراف العبد يُسلك بها مَسلك الأموال ولا مدخل للقصاص في الأموال

(5)

.

[إذا كانت يد القاطع معيبة]

(فَالمَقْطُوعُ بِالخِيَارِ: إِنْ شَاءَ قَطَعَ اليَدَ المَعِيْبَةَ، وَلا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الأَرْشَ كَامِلاً

(6)

وهذا عندنا، وله الأرش عند الشافعي، وكذلك لو كان يد القاطع صحيحة فسقطت لآكلة (و

(7)

قُطِعَتْ ظًلْماً فَلا شَيْءَ

(8)

لمن (لَهُ

(9)

القصاص (عِنْدَنَا

(10)

وعند الشافعي له الأرش

(11)

.

(1)

وفي (ب)(فإنا).

(2)

وفي (ب)(في).

(3)

سقط في (ب).

(4)

وفي (ب)(فا باقي).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 170).

(6)

بداية المبتدي (241)، وهو لفظ القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (284).

(7)

وفي (ب)(أو)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في البداية.

(8)

بداية المبتدي (241).

(9)

بداية المبتدي (241).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 166).

(11)

اتفق الفقهاء على أن للمجني عليه أخذ الدية فقط، واختلفوا في القصاص والأرش.

فذهب الحنفية إلى أن المقطوع بالخيار، إن شاء قطع اليد المعيبة، ولا شيء له غيرها، وإن شاء أخذ الأرش كاملاً، وله أخذ الدية. يُنْظَر: مختصر القدوري (284)، بداية المبتدي (241).

وعند المالكية: ليس له إلا الدية، قال في المدونة (16/ 431): قلت: أرأيت إن قطع رجل يمين رجل - والقاطع يمينه شلاء - أيكون للمقطوعة يمينه أن يقتص أم لا؟ قال: لا، ليس له إلا العقل. وينظر: البيان والتحصيل (16/ 160).

وذهب الشافعية، والحنابلة: إلى أنه ليس للمقطوع إلا القصاص أو الدية، وما ذكر المصنف عن الشافعي فليس على إطلاقه، فله تفصيل في المسألة. قال الشافعي رحمه الله في الأم (6/ 57، 58): وإذا قطع الأشل يد الصحيح فسأل الصحيح القود وأرش فضل ما بين اليدين، قيل: إن شئت أقتص لك، وإذا اخترت القصاص فلا أرش، وإن شئت فلك الأرش، ولا قصاص. وإنما يكون له أرش وقصاص إذا كان القطع على أطراف متعددة فقطع بعضها وبقي بعض، كأن يقطع ثلاثة أصابع فوجد له أصبعين ولا يجد له ثالثة، فنقطع أصبعين ونجعل في الثالثة الأرش. وقال في المهذب (2/ 181): فإن طلب مع القصاص الأرش لنقص الشلل لم يكن له؛ لأن الشلاء كالصحيحة في الخلقة، وإنما تنقص عنها في الصفة، فلم يؤخذ الأرش للنقص مع القصاص. وينظر: الحاوي الكبير (12/ 18).

وقال الخرقي في مختصره (117): وإذا كان القاطع أشل، والمقطوعة سالمة، فشاء المظلوم أخذها، فتلك له، ولا شيء له غيرها، وإن شاء عفا، وأخذ دية يده. وينظر: المغني (8/ 273)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (9/ 453)، المبدع (8/ 316).

ص: 137

وكذلك في النفس لو مات من عليه القصاص فهو بناء على ما سبق أن عنده الواجب أحد شيئين إمَّا القصاص أو الأرش فإذا تعذر استيفاء أحدهما لفوات محله تعيَّن الآخر وعندنا

(1)

الواجب هو القصاص لا غير وقد سقط لفوات محله حقيقة وحكماً.

فإن قيل: هذا مسلم فيما إذا كانت يده صحيحة فسقطت لآكلة أو قطعت ظلما وأمَّا إذا كانت يده شلاء كان المقطوع مخيراً بين استيفاء القصاص واستيفاء الأرش فإذا تعذَّر عليه استيفاء أحدهما وهو القصاص تعين الآخر وهو الأرش كما هو مذهب الشافعي رحمه الله.

قلنا: لا كذلك بل كان حقه في القصاص لا غير إلا أنَّه كان له أن يستوفي الأرش لعجزه عن استيفاء كمال حقِّه بدليل أنَّه لو زال الشلل قبل أن يستوفي الأرش لم يكن له إلا القصاص وقد فات محل حقه فلا يبقى له شيء هذا كله من المبسوط

(2)

.

(فَالمَشْجُوجُ بِالخِيَارِ: إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ بِمِقْدَارِ شَجَّتِهِ)، (وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الأَرْشَ

(3)

وقد ذكرنا الفرق بين هذا وبين من قطع يد غيره ويد القاطع أكبر من يد مقوع

(4)

ولا خيار للمقطوع يده بين الاقتصاص وبين أخذ الأرش.

والفرق الذي ذكر هو ظاهر الرواية وذكر الطَّحاوي عن علي الرازي الكبير

(5)

-رحمهما الله- أن له ذلك أي: الاقتصاص ولا خيار له؛ لأن في القصاص فيما دون النَّفس تعتبر المساواة في المحل ولا ينظر إلى الصغر والكبر

(6)

.

ألا ترى أن من قطع يد إنسان ويد القاطع أكبر من يد المقطوع أنه يجب القصاص فهذا مثله، [وقد ذكرنا جوابه]

(7)

.

قرنا الرأس

(8)

فرداه

(9)

أي: ناحيتاه

(10)

.

(1)

وفي (ب)(عند).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 146، 147)، مختصر القدوري (284)، الهداية شرح البداية (4/ 166)، الأم؛ للشافعي (4/ 57).

(3)

بداية المبتدي (241)، وهو لفظ القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (284).

(4)

وفي (ب)(المقطوع)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

هو: الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن إبراهيم الرازي الإمام. قال الصميري: أنه من قران محمد بن شجاع. قال: وكان عارفا بمذهب أصحابنا وطعن على مسائل من الجامع ومن الأصول مع ورع وزهد وسخاء وأفضال.

يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 382).

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 145)، تبيين الحقائق (6/ 113).

(7)

سقط في (ب).

(8)

وفي (ب)(والرأس).

(9)

وفي (ب)(فَوَدَاه)، وهكذا جاءت في المغرب.

(10)

المغرب في ترتيب المعرب (2/ 172).

ص: 138

(وَفِي عَكْسِهِ يُخَيَّرُ أَيْضاً

(1)

أي: لو كان رأس المشجوج أكبر من رأس الشاج يخير أيضاً؛ لأنَّه لو

(2)

استوفى المشجوج مثل حقه في المشاجة

(3)

من قرني الشاج كان هذا أَزْيَد في الشَّين

(4)

من الأول؛ لأنَّ تلك المشاجة

(5)

من الشجة لم تأخذ ما بين قرني المشجوج لكبر سنه وهي تأخذ ما بين قرني الشَّاج لصغر سنه وتفضل وإن اقتصر على ما يكون مثل الأول في الشَّين

(6)

كان دون حقه في المشاجة

(7)

فيتخير فإن شاء أخذ الأرش وإن شاء اقتص له ما بين القرنين في المشاجة

(8)

ولا يزاد على ذلك

(9)

.

(فَهُوَ بِالخِيَارِ

(10)

أي: فالمشجوج بالخيار بين أخذ الأرش وبين الاقتصاص بمقدار شجته إلى حيث تبلغ ويبدأ من أي الجانبين أحب كذا في المبسوط والله أعلم

(11)

.

‌فَصْل

[مناسبة ذكر هذا الفصل بعد الجنايات]

ذكر في هذا الفصل مسألة الاصطلاح والعفو وما يتبعهما، لمَّا أنَّ الاصطلاح والعفو إنما يكون بعد وجود الجناية فذكر مسائل الجنايات قبل هذا فكان ذكر هذا الفصل في موقعه. (وَوَجَبَ المَالُ قَلِيلاً كَانَ أَو كَثِيراً

(12)

حتى لو صالح على مال هو أكثر من قدر الدية يجوز (الصُّلْحِ

(13)

أي: في القتل [الذي يوجب القصاص أمَّا لو صالح في القتل]

(14)

الذي يوجب الدية على أكثر من الدية لا يجوز؛ لأنَّ الواجب في القتل العمد هو القصاص وذلك ليس بمال فكان التقويم بالعقد فيتقوم بقدر ما أوجبه الصلح قل أم

(15)

كثر بخلاف قتل الخطأ إذا صالح على أكثر من الدية لا يجوز؛ لأنَّ الدية مال مقدَّرٌ شرعًا والصلح على أكثر منه يكون ربا كذا في الإيضاح

(16)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(2)

وفي (ب)(إن).

(3)

وفي (ب)(المساحة) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام. وهكذا جاءت في المبسوط.

(4)

وفي (ب)(الشَيئين).

(5)

وفي (ب)(المساحة) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام. وهكذا جاءت في المبسوط.

(6)

وفي (ب)(الشيئين).

(7)

وفي (ب)(المساحة) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام. وهكذا جاءت في المبسوط.

(8)

وفي (ب)(المساحة) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام. وهكذا جاءت في المبسوط.

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 174)، البناية شرح الهداية (13/ 117).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(11)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 145، 146).

(12)

بداية المبتدي (241)، وهو لفظ القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (241).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(14)

سقط في (ب).

(15)

وفي (ب)(أو).

(16)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 102)، تحفة الفقهاء (3/ 254)، بدائع الصنائع (6/ 49).

ص: 139

(لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} الآيَة

(1)

(2)

، تقدير الآية على قول ابن عباس والحسن

(3)

والضحَّاك

(4)

.

ومجاهد

(5)

رضي الله عنهم: فمن أعطي [له]

(6)

على سهولة، وأُريد به ولي القتيل، يقال [به]

(7)

خذ ما آتاك (عَفْواً

(8)

أي: سهلاً [{مِنْ أَخِيه}]

(9)

أي: من جهة [أخيه]

(10)

المقتول {شَيْءٌ} أي: شيء من المال بطريق الصُّلح، ونكَّره لأنَّه مجهول القدر، فإنَّه يُقدَّر بما تراضيا عليه {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}

(11)

أي: فله اتباع أي: فلولي القتيل اتباع المصالح {بِالْمَعْرُوف} أي: مطالبة ببدل الصلح على مجاملة وحسن معاملة {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} أي: وعلى المُصالح أداء إلى ولي القتيل بإحسان [في الأداء]

(12)

.

(1)

سورة البقرة من الآية (178).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(3)

الحسن بن أبي الحسن أبو سعيد البصري، واسم أبيه يسار مولى زيد بن ثابت الأنصاري، وكان من سبي ميسان، واسم أمه خيرة مولاة أم سلمة، ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر وكان يوم الدار بن أربع عشرة سنة، خرج من المدينة ليالي صفين ولم يلق عليًّا، وقد أدرك بعض صفين ورأى عشرين ومائة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وما شافه بدريًّا قط إِلاَّ عثمان، وعثمان لم يشهد بدرًا. مات في شهر رجب سنة عشر ومائة وهو ابن تسع وثمانين سنة وكان يدلس وصلى عليه النضر بن عمرو المقرئ من حمير من أهل الشام، وكان الحسن من أفصح أهل البصرة لسانًا، وأجملهم وجهًا، وأعبدهم عبادة، وأحسنهم عشرة رحمة الله عليه. يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (4/ 563)، الثقات لابن حبان (4/ 122)، التاريخ الكبير (2/ 289)، الجرح والتعديل (3/ 40).

(4)

الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو محمد، وقيل أبو القاسم صاحب التفسير كان من أوعية العلم وليس بالمجود لحديثه وهو صدوق في نفسه، حدث عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري وابن عمر وأنس بن مالك وعن الأسود وسعيد بن جبير وطائفة، وبعضهم يقول: لم يلق ابن عباس فالله أعلم، وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما وله أحاديث في السنن، قال سفيان الثوري كان الضحاك يعلم ولا يأخذ أجرا. (ت 102 هـ، وقيل ت 105 هـ).

يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (4/ 598)، الوافي بالوفيات (16/ 207).

(5)

هو: الامام شيخ القراء والمفسرين، مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المكي، مولى بني مخزوم، تابعي، روى عن ابن عباس وغيره من الصحابة، وقال عن نفسه: عرضت القرآن ثلاث عرضات على ابن عباس أقفه عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت. مات بمكة وهو ساجد، (ت 103 هـ).

يُنْظَر: شذرات الذهب؛ لابن العماد (1/ 125)، سير أعلام النبلاء (4/ 449).

(6)

سقط في (ب).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

سقط في (ب).

(11)

سورة البقرة من الآية (178).

(12)

سقط في (ب).

ص: 140

وقال جماعة: وهو مروي عن [ابن]

(1)

عمر وابن عبَّاس وابن مسعود رضي الله عنهم الآية في عفو بعض الأولياء، ويدل عليه قوله:{شَىْء} فإنه يراد به البعض، وتقديره فمن عفي عنه، وهو القاتل {مِنْ أَخِيه} في الدِّين، وهو المقتول، بشيء من القصاص بأن كان للقتيل أولياء فعفا بعضهم فقد صار نصيب الباقين مالاً وهو الدية على حصصهم من الميراث {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} أي: فليتبع الذين لم يعفوا القاتل بطلب حصتهم

(2)

بالمعروف أي: بقدر حقوقهم من غير زيادة {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} أو:

(3)

ليؤد القاتل إلى غير العافي حقه وافياً غير ناقص وأريد بالمصدر في قوله: {فَاتِّبَاع} ، {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ} الأمر بهذا الفعل كما في قوله تعالى:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}

(4)

.

[وقوله]

(5)

: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}

(6)

، وقوله:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}

(7)

فالمنقول عن الصَّحابة والتَّابعين وعليه المفسِّرون هذان الوجهان كذا في التيسير

(8)

(9)

.

(1)

سقط في (ب).

(2)

وفي (ب)(حصصهم).

(3)

وفي (ب)(أي)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

سورة النساء من الآية (92).

(5)

سقط في (ب).

(6)

سورة المائدة من الآية (89).

(7)

سورة البقرة من الآية (229).

(8)

التيسير في تفسير القرآن، لنجم الدين أبي حفص، عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل أبي حفص نجم الدين النسفي، عالمٌ بالحديث والأصول والتفسير والأدب والتاريخ، من فقهاء الحنفية، وهو أحد شيوخ المرغيناني، توفي سنة (537 هـ) بسمرقند، وكتابه التفسير مخطوطاً في مكتبة أحمد الثالث برقم (1756) ويوجد له نسخة على شكل مايكرو فيلم في جامعة الملك عبد العزيز.

يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 394، 395)، تاج التراجم (219)، معجم المؤلفين (7/ 305 - 306).

(9)

يُنْظَر: تفسير الطبري (2/ 107 - 109)، تفسير القرطبي (2/ 253)، أحكام القرآن؛ للجصاص (1/ 187)، تفسير البغوي (1/ 145).

ص: 141

«من قتل له قتيل» الحديث تمامه «فأهله بين خيرتين إن شاؤوا أقادوا وإن شاؤوا أخذوا الدية» كذا في الأسرار

(1)

.

(عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ

(2)

أي: المراد بقوله: «أخذوا الدية» الأخذ بالرضى لا بالجبر؛ لأنَّا بيَّنَّا أن ليس لوليِّ القتيل العدول [عن القصاص]

(3)

إلا برضى القاتل

(4)

.

(لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ مُقَدِّرٌ

(5)

بكسر الدَّال من التَّقدير.

(كَالخُلْعِ

(6)

وَغَيْرِهِ

(7)

كالإعتاق على مال.

(فَالأَلْفُ

(8)

عَلَى الحُرِّ وَمَوْلَى العبد نِصْفَانِ

(9)

؛ لأنَّ الواجب بدل عن القصاص والقصاص عليهما على السَّواء فينقسم البدل عليهما على السَّواء كذا ذكره الإمام قاضي خان رحمه الله.

[القصاص حق جميع الورثة]

(وَأَصْلُ هَذَا: أَنَّ القِصَاصَ حَقُّ جَمِيْعِ الوَرَثَةِ، وَكَذَا الدِّيَةَ خِلَافاً لِمَالِكٍ والشَّافِعِيِّ -رحمهما الله- فِي الزَّوجَيْنِ

(10)

(11)

.

(1)

يُنْظَر: كشف الأسرار (261)، والحديث سبق تخريجه.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(3)

سقط في (ب).

(4)

قال الامام المرغيناني: وليس للولي أخذ الدية إلا برضا القاتل وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله إلا أن له حق العدول إلى المال من غير مرضاة القاتل؛ لأنه تعين مدفعا للهلاك فيجوز بدون رضاه. الهداية شرح البداية (4/ 158).

وينظر: العناية شرح الهداية (15/ 177)، حاشية ابن عابدين (6/ 529)، تنقيح الفتاوى الحامدية (7/ 48)، تكملة رد المحتار (1/ 93).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(6)

الخلع لغةً: النزع، والإزالة، مصدر خلع، يقال: خلع الشيء، يخلعه، خلعاً، إذا نزعه، وخلع امرأته خلعاً، وخلاعاً؛ إذا طلقها، وأزالها عن نفسه على بذل منها له، وخالعت المرأة زوجها؛ إذا طلبت منه الطلاق على بذل منها له، وسمي الخلع بذلك؛ لأن كل واحد من الزوجين يخلع صاحبه، وينزعه عن نفسه؛ كما ينزع لباسه، فشُبه الخُلع بخلع اللباس بعد لبسه.

يُنْظَر: العين (1/ 118)، الصحاح؛ للجوهري (3/ 340)، المحكم والمحيط الأعظم (1/ 139)، طلبة الطلبة؛ للنسفي (154)، لسان العرب؛ لابن منظور (8/ 76)، تاج العروس (20/ 518).

واصطلاحاً: إزالة ملك النكاح بأخذ المال.

يُنْظَر: فتح القدير (4/ 210)، التعريفات؛ للجرجاني (135)، البحر الرائق؛ لابن نجيم (4/ 77)، مجمع الأنهر (2/ 102)، الدر المختار (3/ 439)، أنيس الفقهاء؛ للقونوي (161).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(8)

وفي (ب)(فألف).

(9)

بداية المبتدي (241).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 167).

(11)

والمشهور عن مالك رحمه الله أن القصاص موروث للعصبات خاصة. قال ابن قدامة في المغني (8/ 279): وذهب بعض أهل المدينة إلى أن القصاص لا يسقط بعفو بعض الشركاء وقيل هو رواية عن مالك.

وقال الدردير في الشرح الكبير (4/ 262): لا دخل في ذلك لزوجة ولي الدم ولا لزوج من لها.

وينظر: الاستذكار (8/ 182)، حاشية الدسوقي (4/ 262)، حاشية الصاوي (10/ 94)، منح الجليل (9/ 81)، الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 131)، التشريع الجنائي (1/ 553).

ومذهب الشافعية ما ذكره الإمام النووي في روضة الطالبين (9/ 214) فقال: أما القصاص فيستحقه جميع الورثة على فرائض الله تعالى وفي وجه تستحقه العصبة خاصة. وفي وجه يستحقه الوارثون بالنسب دون السبب. حكاهما ابن الصباغ، وهما شاذان، والصحيح الأول وبه قطع الجمهور.

وقال أبو حامد الغزالي: فالقصاص موزع على فرائض الله تعالى حتى يثبت للزوجين والصغير والمجنون. الوسيط (6/ 302).

ص: 142

وهذا اللَّفظُ كما ترى يدل على أنَّه ليس للزَّوجين حق في القصاص والدية جميعًا عندهما ولكن ما ذكر في المبسوط يدل على أن خلاف مالك في الزوجين في الدية لا غير.

وأما في حق القصاص ففيه خلاف ابن أبي ليلى في الزوجين؛ لأنَّه قال في المبسوط: ولكل وارث في دم العمد نصيب لميراثه يجوز فيه عفوه وصلحه، أمَّا الدية إذا وجبت بالقتل فلكل وارث فيها نصيب عندنا، وقال مالك: لا يرث الزوج والزوجة من الدية شيئاً، وكذا أيضاً في الإيضاح

(1)

.

ثم قال بعد هذا في المبسوط: وكذلك يثبت حق الزَّوج والزَّوجة في القصاص عندنا وعلى قول ابن أبي ليلى لا يثبت حقهما في القصاص؛ لأنَّ سبب استحقاقهما العقد والقصاص لا يستحق بالعقد.

ألا ترى أن حق الموصى له لا يثبت في القصاص وهذا؛ لأنَّ المقصود في القصاص التَّشَفِّي والانتقام وذلك يختص به الأقارب الذين ينصر بعضهم بعضاً.

وحُجَّتنا في ذلك قول النَّبي عليه السلام: «من ترك مالاً أو حقاً فلورثته»

(2)

والقصاص حقه؛ لأنَّه بدل نفسه فيكون ميراثًا لجميع ورثته كالدية، والدليل استحقاق الإرث بالزوجية كاستحقاقه بالقرابة حتى لا يتوقَّف على القبول ولا يرتد بالرد وبه فارق الوصية وبهذا يتبين أنَّ الاستحقاق ليس بالعقد [بل بحكم العقد]

(3)

(4)

.

وقال في الأسرار: القصاص يستوفيه الرجال والنساء

(5)

.

وقال الشَّافعي رحمه الله: لا حظَّ للنساء في الاستيفاء ولهنَّ حق العفو؛ لأنَّ المرأة ليست من أهل القتل لضعفهن؛ ولهذا لا تقتل الكافرة الأصلية، ولا تضرب عليهن الجزية الواجبة مكان القتل، فصارت في حق استيفاء القصاص كالصَّغيرة وإن كانت كبيرة ولكنَّها تملك العفو؛ لأنَّها كبيرة كما قلت أن المرأة لا تملك إنكاح نفسها وتملك الرد إذا نكحت

(6)

بغير إذنها

(7)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 157).

(2)

متفق عليه، رواه البخاري (2/ 845)، في (كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس)، في (باب الصلاة على من ترك دينا)، برقم (2268)، بلفظ «من ترك مالا فلورثته ومن ترك كلاًّ فإلينا» . ورواه مسلم (3/ 1238)، في (كتاب الفرائض)، في (باب من ترك مالا فلورثته)، برقم (1619)، بلفظ «من ترك مالا فللورثة ومن ترك كلاًّ فإلينا» .

(3)

سقط في (ب).

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 157، 158).

(5)

يُنْظَر: مختصر اختلاف العلماء (5/ 131)، الهداية شرح البداية (4/ 167)، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (2/ 722).

(6)

وفي (ب)(أُنكحت).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 114)، الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 131).

ص: 143

وبهذا يعلم أنَّ ما ذكره في الكتاب

(1)

من أنَّه لا حظَّ للزَّوجين في القصاص والدية عند مالك والشَّافعي رحمهما الله مخالف لرواية المبسوط والإيضاح والأسرار

(2)

.

ولنا أنَّ المرأة تساوي الرجل في الولاية الثابتة

(3)

لحق

(4)

الملك وإنما تفارقه فيما يثبت من الولاية على الغير نظراً لها لنقصان عقلها ولما ثبت للمرأة ضرب ملك حتى ملكت العفو والصلح يثبت بها

(5)

ولاية الاستيفاء.

وقوله: أنَّها ليست من أهل القتل.

قلنا: أنَّها إن لم تقدر وكَّلت فإنَّها من أهل التَّوكيل، والَتّوكيل بالاستيفاء صحيح ثم قال: وقال بعض النَّاس: لا حق للنساء في القصاص وبدله؛ لأنَّه يجب بعد الموت [والنكاح منقطع]

(6)

(7)

.

قلت: وما ذكره في الأسرار بقوله: وقال الشَّافعي رحمه الله لا حظ للنساء في استيفاء القصاص؛ لأنَّ المرأة ليست من أهل القتل لضعفهنَّ إلى آخره من الرواية

(8)

.

والتعليل يدل على أنه ليس للنساء أجمع من الأم والبنت والأخت وامرأته حق في القصاص استيفاء عند الشافعي رحمه الله قوله رحمه الله: (لَهُمَا

(9)

: أَنَّ الوِرَاثَةَ خِلَافَةٌ وَهِيَ بِالنَّسَبِ دُوْنَ السَّبَبِ لِانْقِطَاعِهِ بِالمَوْتِ

(10)

أي: لانقطاع السبب بالموت

(11)

.

فإن قلت: هذا التعليل يقتضي أن لا يرث الزوجان كل واحد منهما من الآخر المال أيضاً؛

(12)

لأنَّ السَّبب كما ينقطع بالموت في حق التَّوَارُث في الدية فكذلك ينقطع في حق التوارث في سائر الأموال أيضاً ومع ذلك يرث أحدهما الآخر المال بالاتفاق علم أنَّ هذا التَّعليل غير مستقيم

(13)

.

(1)

أي: في الهداية شرح البداية (4/ 167) بقوله: وَأَصْلُ هَذَا: أَنَّ القِصَاصَ حَقُّ جَمِيْعِ الوَرَثَةِ، وَكَذَا الدِّيَةَ خِلَافاً لِمَالِكٍ والشَّافِعِيِّ فِي الزَّوجَيْنِ.

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 157). قال البابرتي في العناية (15/ 182): وهي مؤاخذة ضعيفة لأنه لا يلزم من المخالفة لها عدم صحة ما نقله، وأما المشهور من مذهبهما ما نقله.

(3)

وفي (ب)(الثانية).

(4)

وفي (ب)(بحق)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

وفي (ب)(لها).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 114)، الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 131).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 114)، الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 131).

(9)

أي: لمالك والشافعي -رحمهما الله-.

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 167، 168).

(11)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 122).

(12)

وفي (ب)(الزوجان أحدهما من الآخر المال أيضا).

(13)

وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى مِيرَاثَ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} سورة النساء من الآية (12).

ص: 144

قلت: وقع عندهما أن وجوب الدية إنما يكون بعد الموت لا غير، من غير شائبة تعلق بما قبل الموت.

بخلاف سائر الأموال فإن حق الورثة يتعلق بماله في ابتداء مرض الموت حتى نفد تصرفه في ثلث المال لا في الثلثين وبالموت يتقرَّر ما تعلق بموته فيستوي في إرثه جميع الورثة الذين يرثون بالنَّسب والسَّبب، وأمَّا الدية فوجوبها بعد الموت لا غير وحال وجوبها

(1)

لم يبق السبب وهو الزوجية فلذلك لا يرث الزوجان كل واحد منهما من الآخر عندهما.

وإنَّا نقول: لا كذلك بل الدية موروثة كسائر الأموال بالاتفاق

(2)

فيجب أن تكون في حق الزوجين كذلك وذلك؛ لأنَّ الدية تجب للميت أولاً ثم تثبت للورثة ولا يقع للميت إلا بأن يسند الوجوب إلى سببه وهو الجرح، كمن يرمي صيدًا فيموت ثم يصيب السهم الصيد فإنه يورث عنه كمال آخر لهذا المعنى والدليل على أن حكم الدية كحكم سائر أموال الميت هو أن الرجل إذا أوصى بثلث ماله لرجل

(3)

دخل ديته في تلك الوصية

(4)

.

لأنَّها بدل نفسه، أي: حصلت بمعنى في نفسه كسائر أمواله حتى تقضى منه ديونه فيرث منه جميع ورثته كسائر أمواله وأيَّد هذا المعنى ما روي عن علي رضي الله عنه «أنَّه كان يُقَسِّم الدية على من أحرز الميراث»

(5)

هذا كله مما أشار إليه في المبسوط والأسرار

(6)

.

(1)

وفي (ب)(وجوبه).

(2)

قال الشافعي في الأم (7/ 148): وكان إجمَاعُ المُسْلِمِينَ أنَّ الدِّيةَ مَورُوثَةٌ. وقال ابن حزم في المحلى (10/ 477): وَلَا خِلَافَ بين أَحَدٍ من الْأُمَّةِ كُلِّهَا في أَنَّ الدِّيَةَ مَوْرُوثَةٌ. وينظر: المدونة الكبرى (16/ 419)، العناية شرح الهداية (15/ 182).

(3)

وفي (ب)(رجلا).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 182).

(5)

لم أجده بهذا اللفظ، وروى البيهقي في السنن (10/ 304)، في (كتاب العتق)، في (باب من قال من أحرز الميراث أحرز الولاء)، برقم (21292) عن يزيد بن هارون أنبأ سفيان الثوري وشريك عن عمران بن مسلم بن رياح عن عبدالله بن معقل قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول:«الولاء شعبة من النسب فمن أحرز الميراث فقد أحرز الولاء» ثم قال: كذا وجدته في هذه الرواية وهو خطأ وكأن يزيد حمل رواية الثوري على رواية شريك وشريك وهم فيه أو وهم فيه يزيد فمن دونه.

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 513)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 157)، تبيين الحقائق (6/ 114)، العناية شرح الهداية (15/ 182)، تكملة البحر الرائق (8/ 354).

ص: 145

(الضِّبَا)

(1)

(2)

بكسر الضَّاد المعجمة.

يقال: (تَمَالَأَ

(3)

[عَلَيْهِ]

(4)

(5)

أي: تعاون، وأصل ذلك العون في المَلْء

(6)

ثم عم

(7)

.

[ذلك]

(8)

(صَنْعَاءَ

(9)

اليمن قَصَبَتُهَا.

(10)

[قتل الجماعة بالواحد]

هذا الذي ذكره من قوله: (وَإِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِداً: اقْتُصَّ مِنْ جَمِيْعِهِم

(11)

جواب الاستحسان.

وفي القياس لا يلزمهم القصاص؛ لأنَّ المعتبر في القصاص

(12)

المساواة، لما في الزيادة من الظلم على المعتدي وفي النقصان من البخس بحق المعتدى عليه، ولا مساواة بين العشرة والواحد، وهذا شيء يعلم ببداهة

(13)

العقول فالواحد من العشرة يكون مِثلاً للواحد فكيف تكون العشرة مِثلاً للواحد وأيَّد هذا القياس قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}

(14)

، وذلك بنفي مقابلة النفوس بنفس، ولكن تركنا هذا القياس لما روي: «أن سبعة من أهل صنعاء قتلوا رجلاً فقضى عمر رضي الله عنه[بالقصاص عليهم]

(15)

ولو قال

(16)

: (تَمَالَأَ

(17)

عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُم

(18)

به»

(19)

.

(1)

وفي (ب)(الضِّبَابِيِّ)، وهي الصواب، وهكذا جاءت في الهداية.

(2)

الضبابي: منسوب إلى ضباب بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن هوازن، ومنهم الصحابي الجليل أَشْيَم -بِوَزْن أَحْمَد- الضِّبابي-رضي الله عنه قُتل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الإمام السغناقي لورود ذكر حديث توريث إمرأة أشيم الضبابي في الهداية.

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 168)، عجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب (83)، الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 90).

(3)

وفي (ب)(تمالئ).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(6)

وفي (ب)(بالملأ).

(7)

المغرب في ترتيب المعرب (2/ 272).

(8)

زيادة في (ب).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(10)

المغرب في ترتيب المعرب (1/ 485).

(11)

بداية المبتدي (241، 242)، وهو لفظ القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (285).

(12)

وفي (ب)(القياس).

(13)

وفي (ب)(ببداية).

(14)

سورة المائدة من الآية (45).

(15)

سقط في (ب).

(16)

وفي (ب)(قال ولو)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(17)

وفي (ب)(تمالئ).

(18)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(19)

رواه البخاري (6/ 2527)، في (كتاب الديات)، في (باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم)، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن غلاما قتل غيلة فقال عمر:«لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم» . ورواه مالك (2/ 871)، في (كتاب العُقُول)، في (باب ما جاء في الغيلة والسحر)، برقم (1561)، واللفظ له.

ص: 146

ولأنَّ شرع القصاص لحكمة الحياة وذلك بطريق الزجر كما قررنا ومعلوم أن القتل بغير حق في العادة لا يكون إلا بالتغالب والاجتماع لأن الواحد يقاوم

(1)

الواحد فلو لم يوجب القصاص على الجماعة بقتل الواحد أدى إلى سد باب القصاص وإبطال الحكمة التي وقعت الإشارة إليها بالنص كذا في المبسوط

(2)

.

(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: يُقْتَلُ بِالأَوَّلِ

(3)

يعني: إن قتلهم على التعاقب يقتل بأولهم ويقضي بالديات لمن بعد الأول في تركته، وإن قتلهم جميعًا يقرع بينهم ويقضى بالقود لمن خرجت القرعة له وبالدية للباقين

(4)

.

(5)

(وَإِن اجْتَمَعُوا وَلَمْ يُعْرَف

(6)

أي: (الأَوَّلُ

(7)

.

(وَهُوَ القِيَاسُ فِي الفَصْلِ الأَوَّلِ

(8)

وهو ما إذا قتل جماعة واحداً.

(وَلَنَا: أَنَّ كُلَ وَاحِدٍ مِنْهُم

(9)

من أولياء القتلى (قَاتِلٌ

(10)

أي: قصاصاً

(11)

.

(أَصْلُهُ

(12)

أي: أصل ثبوت التماثل بين الواحد والعشرة (الفَصْلُ الأَوَّلُ

(13)

وهو ما إذا قتل جماعة واحدًا فالجماعة يُقتلون بالواحد بالإجماع

(14)

ولو لم يكن التماثل بين الواحد والجماعة ثابتًا لَمَا قُتِلوا بالواحد

(15)

يعني: لمَّا كانت الجماعة مِثْلاً للواحد كان الواحد مِثلاً للجماعة أيضاً ضرورة؛ لأن المثل: اسم مشترك، فمن ضرورة كون أحد السبيلين

(16)

مِثلاً للآخر أن يكون الآخر مثلاً له كاسم الأخ فإن من ضرورة كون أحد الشخصين أخًا للآخر أن يكون الآخر أخًا له.

(1)

وفي (ب)(يقام).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 126، 127).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 127).

(5)

مذهب الشافعية: أنه إذا قتل الواحد جماعة مرتبين، قُتل بأولهم وللباقين الديات، وأما إذا قتلهم معاً، قُتِل بمن خرجت له القرعة. يُنْظَر: الأم؛ للشافعي (6/ 22)، الحاوي الكبير (12/ 121)، التنبيه (218)، الوسيط (6/ 304)، روضة الطالبين (9/ 218).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 187)، البناية شرح الهداية (13/ 126).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 168).

(14)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 239)، الاستذكار (8/ 157)، الحاوي الكبير (12/ 26، 27)، المغني (8/ 236).

(15)

وفي (ب)(بالجماعة).

(16)

وفي (ب)(الشيئين) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.

ص: 147

فإن قيل: الفرق بينهما ثابت فإنا إنما أوجبنا القصاص على الجماعة بقتل الواحد لرد غلبة القتل بغير حق من غير اعتبار المماثلة وهذا لا يوجد فيما نحن فيه.

قلنا: [لا]

(1)

كذلك بل المماثلة مرعِيَّة في القصاص في جميع الصور ثم الزيادة في العدد أبلغ من الزيادة في الوصف، فإذا كان لا يقتل المسلم بالمستأمن وعلى قوله بالذمي والحر بالعبد لانعدام المماثلة مع الحاجة إلى ردِّ غلبة القتل بغير حق فلأن لا يقتل العشرة بالواحد أولى.

وكذلك في كل موضع يتعذر اعتبار المماثلة نحو كسر العظام لا يجب القصاص والحاجة إلى رد غلبة الجناية هنا بغير حق يتحقَّق، ولكن توهم الزيادة يمنع القصاص فتحقق الزيادة؛ لأن يمنع من ذلك

(2)

كان أولى فعرفنا أنه إنما يقتل العشرة بالواحد بطريق المماثلة.

وبيان ذلك: هو أنَّ القتل مما لا يحتمل التجزئ فإذا اشترك الجماعة فيما لا يحتمل التجزئ فإما أن ينعدم أصلاً أو يتكامل في حق كل واحد منهم كأنه ليس معه غيره ولم ينعدم ههنا بالإتفاق، فعرفنا أنَّه تكامل في حقِّ كل واحد منهم، فكان كل واحد منهم قاتلاً على سبيل الكمال بمنزلة الأولياء في التَّزويج بتكامل الولاية لكلّ واحد منهم وفي هذا المعنى القتل الذي هو عدوان والقتل الذي هو جزاء سواء فإن الأولياء إذا اجتمعوا وقتلوا كان كل واحد منهم قاتلاً بكماله [كذا في المبسوط]

(3)

(4)

.

[صورة المسألة المختلف فيها مع الشافعي]

(المُفْرِضُ إِذَا أَخَذَا

(5)

سِكِّيْناً وَأَمَرَّاهُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى انْقَطَعَت

(6)

أي: صورة المسألة المختلف فيها بيننا وبين الشافعي رحمه الله فيما إذا أخذ الرجلان سكينًا واحداً ووضعاه في جانب واحد من يده وأمرَّاه على مِفصل يده حتى أبانا يده أمَّا لو وضع أحدهما السكين من جانب والآخر من جانب آخر وأمرَّا حتى التقا السكينان لا يجب القصاص عنده أيضاً

(7)

وهنا (بِخِلَافِ النَّفْسِ

(8)

فإنه [إذا]

(9)

وضع أحدهما السكين على حلقه والآخر على قفاه وأمرَّا حتى التقى السكينان يجب القصاص عليهما؛ لأنَّ القتلى

(10)

إزهاق للحياة وهو لا يحتمل الوصف بالتجزئ فيضاف إلى كلِّ واحد منهما كملا.

(1)

زيادة في (ب).

(2)

وفي (ب)(ذكر).

(3)

زيادة في (ب).

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 128).

(5)

وفي (ب)(أخذ).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 169).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (4/ 190)، البناية شرح الهداية (13/ 127).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 169).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

وفي (ب)(القتل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

ص: 148

وحاصل هذه المسألة راجع إلى ما ذكرنا وهو أنَّ التفاوت يعتبر في الأطراف حتى لا تقطع اليدان بيد واحدة عندنا للتفاوت في البدل وتأثير التفاوت في المقدار فيما يعتبر فيه المماثلة أكثر من تأثير التفاوت في الصِّفة.

ألا ترى أنَّ في الأموال الربوية التفاوت في المقدار يمنع جواز العقد والتفاوت في الصِّفة لا يمنع، ثُمَّ التفاوت في الصفة ههنا يمنع استيفاء الأكمل بالأنقص كالصحيحة بالشَّلاء فالتفاوت في المقدار أولى.

وعند الشافعي رحمه الله تُقطع اليدان

(1)

بِيَدٍ واحدة إذا وضعا السكين من جانب واحد بخلاف ما إذا اختلف موضعهما وذلك؛ لأنَّ عند الاتحاد أمرَّ كل واحد منهما السلاح على جميع العضو بخلاف ما إذا اختلف محل الفعل؛ لأنَّه لم يوجد من كل واحد منهما إمرار السِّلاح إلا على بعض العضو

(2)

.

ولكنَّا نقول: كل واحد منهما قاطع بعض يده سواء اختلف محل القتل

(3)

أو اتَّحد؛ لأنَّ القطع هو الفصل

(4)

بين متصلين ولهذا يطلق هذا الاسم على الخشب والنبات والجبال ونحن نتيقَّن أن ما انقطع بفعل أحدهما لم ينقطع بفعل الآخر ولا معتبر بإمرار كل واحد منهما السِّلاح على جميع العضو؛ لأنَّ إمرار السِّلاح من غير حصول القطع به وجوده كعدمه وما انقطع بقوة أحدهما لم ينقطع بقوَّة الآخر هذا شيء يعرفه كل عاقل فعرفنا أنَّ كل واحد منهما قاطع بعض اليد فلا يجوز أن تقطع جميع يده بقطعه بعض اليد؛ لأنَّ المساواة في الفعل معتبرة لا محالة.

وأمَّا النَّفس فالقياس فيها هكذا، ولكن تركنا القياس بالأثر وهو حديث عمر رضي الله عنه

(5)

والمخصوص من القياس بالأثر لا يلحق به إلا ما يكون في معناه من كل وجه، والطرف ليس في معنى النفس من كل وجه؛ لأنَّ الفعل في النّفس لا يحتمل الوصف بالتجزئ بحال والفعل في الطرف يحتمل الوصف بالتجزئ.

(1)

وفي (ب)(يدان).

(2)

مذهب الشافعية: أنه تُقطع يد الجماعة بالواحد إذا اشتركوا بأن وضعوا السكين على اليد، وتحاملوا عليها دفعة واحدةحتى أبانوها، أو ضربوه ضربة اجتمعوا عليها، ولو تميز فعلُ الشركاء، بأن قطع هذا من جانب، وهذا من جانب حتى التقت الحديدتان، أو قطع أحدهما بعض اليد، وأبانها الآخر، فلا قصاص على واحد منهما، ويلزم كل واحد منهما حكومة يبلغ مجموعهما دية اليد.

يُنْظَر: الوسيط (6/ 287)، روضة الطالبين (9/ 178، 179).

(3)

وفي (ب)(الفعل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في مبسوط السرخسي (26/ 138).

(4)

وفي (ب)(لأن الفصل هو القطع).

(5)

يقصد به حديث «لو تمالأ عليه أهل صنعاء

» وقد مرَّ معنا قريباً.

ص: 149

ألا ترى أنه يتحقق أن يقطع بعض اليد ويترك ما بقي وفي النفس لا يتحقق إزهاق بعض الحياة دون البعض فلعدم احتمال التجزئ هناك جعل كاملاً في حقِّ كل واحد منهما ولاحتمال التجزئ هنا يجعل كل واحد منهما قاطعًا للبعض كذا في المبسوط

(1)

.

(لأَنَّهُ دِيَةُ اليَدِ الوَاحِدَةِ

(2)

أي: نصفَ الدية على كل واحد منهما عند انضمام أحدهما مع الآخر دية اليد الواحدة. (وَإِنْ قَطَعَ وَاحِدٌ يَمِينَي رَجُلَينِ، فَحَضَرَا: فَلَهُمَا أَنْ يَقْطَعَا يَدَهُ

(3)

أي: يمينه وبهذا صرح في المبسوط

(4)

. وكذلك الحكم فيما إذا قطع يسارَي رَجُلين أي: يقطعان يساره.

وإنّما قيد بيميني رجلين؛ لأنَّه لو قطع يمين رجل ويسار آخر تقطع يداه بهما.

وكذلك إن قطعهما من واحد؛ لأنَّ المماثلة المشروطة في الفعل والمحل والمأخوذ بالفعل موجود.

فإن قيل: هو ما فوَّتَ على كل واحد منهما منفعة الجنس وإذا قطعنا يديه بهما كان فيه تفويت منفعة الجنس فلا يتحقق المماثلة.

قلنا: في حق كل واحد منهما يعتبر ما استوفى هو وليس في استيفائه تفويت منفعة الجنس ثم هذا المعنى إنما يعتبر في السرقة؛ لأنَّ تفويت منفعة الجنس استهلاك حكما والاستهلاك الحقيقي في حد السرقة غير مشروع فكذلك الحكمي.

فأما في القصاص الاستهلاك الحقيقي مشروع إذا كانت المماثلة فيه فكذلك الاستهلاك الحكمي كذا في المبسوط

(5)

.

(وَالقِصَاصُ مِلْكُ الفِعْلِ ثَبَتَ مَعَ المُنَافِي

(6)

؛ لأنَّ من عليه القصاص حر

(7)

.

(وَإِذَا أَقَرَّ العَبْدُ بِقَتْلِ العَمْدِ: لَزِمَهُ القَوَدُ

(8)

قيد الإقرار بقتل العمد؛ لأنَّه لو أقرَّ العبد بقتل الخطأ لا يجوز سواء كان مأذونًا أو محجوراً؛ لأنَّه ذكر في باب إقرار المحجور والمملوك من إقرار المبسوط فقال: ولا يجوز إقرار العبد التاجر للأجنبي بجناية ليس فيها قصاص؛ لأنَّ هذا ليس من التجارة

(9)

والإذن فكُّ الحجر عنه في التجارة ففيما

(10)

ليس بتجارة المأذون والحجور سواء.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 137، 138).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 169).

(3)

بداية المبتدي (242)، وهو لفظ القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (285).

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 139).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 139).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 169).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 192).

(8)

بداية المبتدي (242)، وهو لفظ القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (285).

(9)

كذا في نسخة (أ) و (ب)، أما في المبسوط (لأن هذا من التجارة) هكذا. يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (18/ 148).

(10)

وفي (ب)(فقيما).

ص: 150

ولأنَّه يقر على مولاه فإنَّ جناية العبد لا توجب عليه شيئاً بل وجب على مولاه الدَّفع أو الفداء، وإقرار العبد على مولاه باطل وإذا أقر بقتل عمد جاز إقراره وعليه القصاص؛ لأنَّه يقر به على نفسه فإن المستحق بالقصاص دمه وهو في حكم الدم مبقي على أصل الحديث

(1)

.

ولأنَّ المولى لا يملك الإقرار وفيما لا يملكه على عبده فالعبد بمنزلة الحر كطلاق

(2)

زوجته يصح إقراره [به]

(3)

كما يصح إيقاعه وكذلك إذا أقرَّ على نفسه بسبب موجب للحدِّ والله أعلم [بالصَّواب]

(4)

(5)

.

‌فَصْلٌ

[مناسبة الفصل لما قبله]

لما ذكر حكم الفعل الواحد ذكر في هذا الفصل حكم الفعلين؛ لأنَّ الاثنين بعد الواحد (فَإِنَّهُ يوجد

(6)

بِالأَمْرَيْنِ جَمِيْعاً

(7)

حتى يجب القصاص في العمد والأرش في الخطأ سواء تخلل بينهما بُرء

(8)

أو

(9)

لم يتخلل؛ لأنَّهما فعلان مختلفان حقيقة فإنَّ أحدهما [قَطْعٌ]

(10)

والآخر قَتْلٌ وموجب أحدهما القصاص وموجب الآخر الدية، فيمكن الجمع بينهما على وجه لا يدخل أحدهما في الآخر وإن تجانس

(11)

الفعلان بأن قطعه خطأ ثم قتله خطأ

(12)

أو قطعه

(13)

عمدًا ثم قتله عمدًا فإن تخلَّل بينهما برء يؤخذ بموجب الفعلين؛ لأنَّ موجب الأول قد تقرر بالبرء فلا يدخل أحدهما في الآخر حتى أنهما لو كانا خطأين يجب دية ونصف دية كما لو حَلَّا بشخصين،

(14)

وإن لم يتخلل بينهما برء بأن قطع يد رجلٍ (عَمْداً ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْداً قَبْلَ

(15)

البرء قال أبو حنيفة رحمه الله: الولي بالخيار إن شاء قطع يده وإن شاء قتله ولم يقطع يده.

(1)

وفي (ب)(الحرية)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (18/ 148).

(2)

الطلاق لغةً: يطلق على الإزالة، والتخلية، والإرسال، يقال: طلق، طلوقاً، وطلاقاً؛ إذا تحرر من قيده.

يُنْظَر: الأفعال (2/ 289)، التعريفات؛ للجرجاني (183)، المصباح المنير (2/ 376)، المعجم الوسيط (2/ 563).

واصطلاحاً: رفع قيد النكاح في الحال، أو في المآل، بلفظ مخصوص. يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (6/ 2)، طلبة الطلبة؛ للنسفي (144)، بدائع الصنائع (3/ 103)، فتح القدير (3/ 463)، تبيين الحقائق (2/ 188)، الأشباه والنظائر؛ للسيوطي (1/ 31)، الدر المختار (3/ 226)، اللباب في شرح الكتاب (266).

(3)

سقط في (ب).

(4)

سقط في (ب).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (18/ 148).

(6)

وفي (ب)(يؤخذ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في البداية.

(7)

بداية المبتدي (242).

(8)

وفي (ب)(براء).

(9)

وفي (ب)(و).

(10)

سقط في (ب).

(11)

وفي (ب)(تجانسا).

(12)

وفي (ب)(عمدا).

(13)

وفي (ب)(قتله).

(14)

يُنْظَر: كشف الأسرار (1/ 251).

(15)

بداية المبتدي (242).

ص: 151

[من قطع يد رجل ثم قتله]

وقال أبو يوسف ومحمّد -رحمهما الله-: يقتله ولا يقطع، قال شمس الأئمة

(1)

السَّرَخْسِيِّ رحمه الله:

(2)

أشار ههنا إلى [أنَّ]

(3)

الخيار إلى الإمام عند أبي حنيفة رحمه الله.

يعين أيهما شاء، قال رحمه الله: وليس كذلك بل الخيار للولي؛ لأنَّ القصاص حقه وإنَّما الخيار للإمام في فصل قطَّاع الطَّريق عنده إذا قتلوا وأخذوا المال كذا في الأسرار والجامع الصغير للإمام المحبوبي رحمه الله

(4)

.

(وَالأَصْلُ فِيْهِ: أَنَّ الجَمْعَ بَيْنَ الجِرَاحَاتِ وَاجِبٌ

(5)

لما أنَّ الأصل في العقوبات هو التداخل

(6)

.

قوله رحمه الله: (يَجْمَعُ بِالإِجْمَاعِ

(7)

ومعنى الجمع هو: الاكتفاء بدية واحدة، ومعنى عدم الجمع هو: أن يوجد

(8)

كل واحدة

(9)

من الجنايتين بموجبها

(10)

.

(فَإِنْ شَاءَ الإِمَامُ قَالَ: اقْطَعُوهُ

(11)

وقد ذكرنا من الجامع الصغير المحبوبي

(12)

أنَّ هذا وقع على اختيار الإمام شمس الأئمة السَّرَخْسِيِّ رحمه الله بل الخيار للولي

(13)

.

(بِخِلَافِ مَا إِذَا قَطَعَ وَسَرَى

(14)

حيث يكتفى بالقتل ولا يقطع (فَيَجْتَمِعُ ضَمَانُ الكُلِّ وَضَمَانُ الجُزْءِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ

(15)

وهي حالة حز

(16)

الرقبة يعني أنَّ دية اليد لو وجبت لا تجب إلا عند الحز

(17)

؛ لأنَّه وقت استحكام أثر الفعل ولا سبيل إليه؛ لأنَّ بالحز

(18)

يجب ضمان الكل فلو وجبت دية اليد في هذه الحالة لكان الوجوب في حقِّ دية اليد مكررًا وأنَّه غير مشروع.

(1)

وفي (ب) تكرار من قوله: " الولي بالخيار

إلى قوله: شمس الأئمة ".

(2)

يوجد تعليق في الهامش عند هذا الموضع من غير الناسخ، قال:«هذا كلام صاحب النهاية لا كلام شمس الأئمة يدل عليه كلامٌ بُعَيْدَ هذا» .

(3)

سقط في (ب).

(4)

يُنْظَر: الجامع الصغير؛ للشيباني (500)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 169)، بدائع الصنائع (7/ 303)، الهداية شرح البداية (4/ 170)، العناية شرح الهداية (15/ 197، 200).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 170).

(6)

قال في الجامع الصغير (499): لأن الجمع بين الجراحات واجب ما أمكن. وقال الموصلي في الاختيار (5/ 36): والأصل فيه أنه متى أمكن الجمع بين الجراحات تجمع؛ لأن القتل غالبا إنما يقع بجراحات متعاقبة. وينظر: تبيين الحقائق (6/ 117)، تكملة البحر الرائق (8/ 358).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 170).

(8)

وفي (ب)(يؤخذ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(9)

وفي (ب)(واحد).

(10)

يُنْظَر: الجامع الصغير؛ للشيباني (499)، الهداية شرح البداية (4/ 170)، العناية شرح الهداية (15/ 199).

(11)

بداية المبتدي (242).

(12)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (للمحبوبي).

(13)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 169).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 170).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 170).

(16)

وفي (ب)(جز).

(17)

وفي (ب)(الجز).

(18)

وفي (ب)(بالجز).

ص: 152

(أَمَّا القَطْعُ وَالقَتْلُ قِصَاصاً يَجْتَمِعَانِ

(1)

وهذا؛ لأنَّ العمد يبتني على التَّغليظ والتَّشديد ولهذا يقتل العشرة بالواحد وفي مراعاة صورة الفعل معنى التغليظ أيضاً فيجوز اعتبار ذلك في العمد بخلاف الخطأ فإنه مبني على التخفيف.

ألا ترى أن الدية لا تتعدَّدُ بتعدُّدِ القاتلين، ثم في العمد المقصود هو الانتقام والتَّشفي وفي التمكين من القطع والقتل جميعًا زيادة تحقيق في هذا المقصود، وكما أن القتل بعد القطع يكون إتماماً للفعل الأول من وجه فقد يكون قطعًا لموجب الفعل بمنزلة البرء من حيث أنَّ المحل يفوت به ولا تَصَوُّر للسِّراية بعد فوات المحل فيجعل كالبرء من هذا الوجه فلا ضمان

(2)

أثبتنا الخيار للولي تغليظاً لحكم العمد ولا يعتبر ذلك في الخطأ؛ لأنَّه مبني على التَّخفيف كذا في المبسوط في باب الشَّهادة في القصاص

(3)

.

فإن قيل: هذا التَّعليل يبطل بمن قطع أصبع رجل ثمَّ قطع الكف قبل البرء فإنه يلزمه قصاص في الكف دون الأصابع

(4)

وقد زال

(5)

كفه بفعلين.

قلنا: لأن الجمع بينهما غير ممكن، لأنَّا متى فصلنا قطع الكفِّ عن قطع الأصبع لم يجب القصاص فإنها قطعت وهي ناقصة الطرف وكف القاطع كاملة فاعتُبِرا لهذه الضرورة بجناية واحدة وإن كان فيه لغو الأصبع؛ لأنَّها أهون من الكف؛ ولأنَّ القصاص في الطرف لا يصير أعداداً بأعداد القاطعين كجماعة

(6)

قطعوا يد واحد

(7)

فكذلك عدد القطع من واحد بخلاف النّفس كذا في الأسرار

(8)

.

[سريان الجراحة]

(وَمَنْ ضَرَبَ رَجُلاً مَائَةَ سَوطٍ فَبَرَأَ مِن تِسْعِينَ وَمَاتَ مِن عَشَرَةٍ

(9)

معنى هذا: ضربه تسعين في موضع وعشرة في موضع آخر فبرأ موضع التِّسعين وسرى موضع العشرة (وَكَذَلِكَ كُلُّ جِرَاحَةٍ انْدَمَلَتْ

(10)

أي: لا تبقى معتبرة أصلاً، لا في حق الأرش ولا في حق حكومة العدل، وإنما تبقى في حق التعزير لا غير، هذا على قول أبي حنيفة رحمه الله وأمَّا على قول (أَبِي يُوسُفَ رحمه الله: حُكُومَةُ عَدْلٍ

(11)

وعلى قول (مُحَمَّد: تَجِبُ) عليه (أُجْرَةُ الطَّبِيْبِ

(12)

ومثل هذه المسألة مع هذا الاختلاف ودليلها

(13)

يأتي قُبَيل فصل الجنين من هذا الكتاب وتفسير حكومة العدل [مذكور]

(14)

في آخر فصل الشِّجاج من هذا الكتاب

(15)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 170).

(2)

وفي (ب)(فللاحتمال)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهي عبارة السَّرَخْسِيِّ في المبسوط (26/ 170).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 169، 170).

(4)

وفي (ب)(الأصبع).

(5)

وفي (ب)(أزال).

(6)

وفي (ب)(لجماعة).

(7)

وفي (ب)(يدا واحدة).

(8)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 301).

(9)

بداية المبتدي (242).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 170).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 170).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 170).

(13)

وفي (ب)(دليلهما).

(14)

سقط في (ب).

(15)

يُنْظَر: الجامع الصغير (504)، تحفة الفقهاء (3/ 113)، بدائع الصنائع (7/ 324)، الهداية شرح البداية (4/ 170).

ص: 153

وقوله: (وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ

(1)

قَيَّد به لأنَّه لو بقي لها أثر ينبغي أن تجب عليه حكومة عدل؛ لأنَّها لما برأت وبقي

(2)

لها أثر صارت كجنايتين مختلفتين فكأنه ضربه تسعين سوطًا وبرأ من ذلك مع بقاء الأثر فوجب عليه حكومة عدل بذلك النقصان ثم الدية بالقتل وأبو حنيفة رحمه الله يقول لا يجب شيء؛ لأنَّه لا قيمة لمجرَّدِ الألم

(3)

.

ألا ترى أنَّه لو ضربه ضربة

(4)

يتألم بها ولم تؤثر فيه لا يجب شيء، أرأيت لو شتمه شتمًا

(5)

كان

(6)

يجب عليه أرش باعتبار إيلام حل قلبه، كذا ذكره الإمام المحبوبي وذكر بكر رضي الله عنه

(7)

ولا قصاص في اللَّطْمَة والوَكْزَة

(8)

والضربة بالسَّوطِ؛ لأنَّه

(9)

لا يمكن اعتبار المساواة إلا إذا رضي الضارب فإنه يستوفي؛ لأنَّه إنَّما امتنع الاستيفاء لحقه كيلا يُستوفى منه بأكثر مما جنى، فإذا رضي فقد أسقط حقه في الزيادة، وفي النَّوازل

(10)

قال لآخر: يا خبيث جاز له أن يقول: بل أنت لقوله تعالى: {* لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ}

(11)

الآية، وكذا في كل كلمة لا توجب الحد

(12)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 170).

(2)

وفي (ب)(ولم يبق).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 81).

(4)

وفي (ب)(ضربة ضربة).

(5)

وفي (ب)(شتيمة).

(6)

وفي (ب)(أكان).

(7)

هو: الامام شيخ الاسلام أبي بكر محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، وسبق ذكر ترجمته (ص 135).

(8)

في هامش (أ) تعليق: (وكزه ضربه ودفعه، وقيل: ضربه بجمع يده على ذقنه صحاح). يُنْظَر: الصحاح في اللغة (3/ 39).

(9)

وفي (ب)(أنه).

(10)

كتاب فتاوى النوازل، للفقيه المحدث الزاهد أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي المعروف بإمام الهدى، تفقه على الفقيه أبي جعفر الهندواني، وهو الامام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة، له تفسير القرآن وكتاب تنبيه الغافلين وغيرها. (ت 375 هـ).

يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 196)، سير أعلام النبلاء (16/ 322)، تاج التراجم (1/ 310).

(11)

سورة النساء من الآية (148).

(12)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة (2/ 207)، معين الحكام (182)، الدر المختار (6/ 424).

ص: 154

وقيل معنى الآية هو: الرجل يشتمك فتشتمه ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه كذا ذكره الإمام التَّمَرْتاشِيِّ رحمه الله

(1)

.

(فَكَانَ العَفْوُ عَنْهُ

(2)

أي: عن القطع (عَفْواً عَنْ نَوْعَيْهِ

(3)

وهما: الاقتصار والسراية، فينصرف العفو إليهما كما [لو]

(4)

قال المغصوب منه للغاصب: أبرأتك عن الغصب، يكون ذلك إبراء عن الضَّمان الواجب بالغصب وهو رد العين عند قيامه ورد القيمة بَعدَ هلاكها.

وكذلك المشتري إذا أبرأ البائع عن العيب يكون ذلك إبراء عن موجب العيب وهو الرد عند الإمكان والرجوع بالنقصان عند تعذُّر الرد؛ ولأنَّ اسم القطع يتناول السَّاري حتى أن من قال لغيره: اقطع يدي فقطع يده ثم سرى إلى النفس لا يضمن القاطع كذا ذكره شيخ الإسلام

(5)

.

(بَلِ السَّارِي قَتْلٌ مِنَ الابْتِدَاءِ

(6)

؛ لأنَّ القتل فِعلٌ مُزهق للرُّوح ولما انزهق الروح عقيب هذا الفعل عرفنا أنه كان قتلاً ولهذا صحَّ العفو بلفظ الجناية، لأنَّ اسم الجناية: يتناول القتل وما دونه (وَكَذَا لا مُوْجِبَ لَهُ

(7)

أي: للسَّاري، أي: القطع بطريق القصاص ليس بموجب للقطع السَّاري (مِن حَيْثُ كَوْنِهِ قَطْعاً

(8)

فَلا يَتَنَاوَلُهُ العَفْوُ

(9)

أي: فلا يتناول القطع الساري مجرَّد العفو عن القطع

(10)

مطلقاً، وذلك لأنَّ المعتبر في الجنايات ماء لها

(11)

.

ألا ترى أنَّ أصل الفعل قد لا يكون موجباً للقصاص وبالسِّراية يتبين أنه كان موجباً وقد يكون أصل الفعل موجباً للقصاص وبالسِّراية يتبين أنه كان غير موجب، كما لو

(12)

قطع يده من المفصل فسرى إلى نصف السَّاعد وباعتبار المآل هنا يتبيَّن أنَّه لم يكن له حق في اليد.

(1)

يُنْظَر: أحكام القرآن؛ للجصاص (3/ 281)، تفسير ابن كثير (1/ 572).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 155).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(8)

وفي (ب)(قتلا).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(10)

وفي (ب)(القتل).

(11)

وفي (ب)(مآلها)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(12)

وفي (ب)(إذا).

ص: 155

[لا يصح عفو الولي بعد السراية]

ألا ترى أنَّه بعد السِّراية لو قال الولي: عفوتك عن اليد لم يصح، فكذلك قبل السراية ولو قال المجني عليه: عفوتك عن القتل ثم اقتصر لم يصح.

وكذلك إذا قال: عفوتك اليد فسرى. فإن قلت: يشكل هذا بما قال

(1)

في الجامع الصغير: هو أن عبدا لو قطع

(2)

يد إنسان فصالح مولاه عن القطع على أن يدفع [عن]

(3)

العبد إليه فأعتقه المجني عليه ثم مات فإنَّ العتق نافذ والعبد صلح بالجناية، فلما كان الصلح عن القطع صلحاً عن السراية

(4)

فكذلك العفو وكذلك قال في الجامع الكبير: لو ادَّعى رجل على رجل شجَّة مع السراية وشهد له شاهدان

(5)

أحدهما بالشجَّة والآخر بها وبالسِّراية تقبل شهادتهما على الشجَّة ولو لم تكن الشجَّة حقه بعد السِّراية لما قبلت الشَّهادة لاختلاف الشَّاهدين في المشهود به.

[الإذن بقطع اليد]

وكذلك مسألة الإذن بقطع اليد فقطعه المأمور ثم سرى القطع لا يضمن القاطع يدل على أنَّ اسم القطع يتناول السَّاري وكذلك عدم وجوب القصاص في النَّفس فيما إذا عفى عن القطع يدل على أنَّ العفو عن القطع عفو عمَّا يحدث عنه؛ لأنَّه لو جعل عفواً عن القطع لا غير لوجب القصاص؛ لأنَّه ظهر أنَّه عفى عمَّا ليس بحق له.

قلت: في مسألة الجامع الصَّغير لو لم يعتق العبد حتى سرى فالصُّلح باطل والقصاص واجب عند أبي حنيفة رحمه الله قيل: ما ذكر هناك جواب القياس وقيل: بل أبو حنيفة رحمه الله يفرق ويقول هناك الصلح مضاف إلى العبد والعبد ليس بسبب لثبوت حقه في النفس وهنا العفو يلاقي المعفو وهو القطع أو الشجة وهو سبب لثبوت حقه في النفس فيصير ذلك شبهة في إسقاط القود.

وأمَّا مسألة الجامع فقيل: إنها قول محمد رحمه الله ثم إنما يتبين أنَّ الحق في النَّفس إذا ثبتت السراية ولم تثبت لأنَّ الشَّاهد بها واحد وبدون السِّراية الحق في الشَّجة وقد اتفق الشَّاهدان عليه فتقبل شهادتهما في الشجَّة لذلك

(6)

.

وأمَّا مسألة الإذن بقطع اليد فإنَّما سقط الضمان عن القاطع هناك؛ لأنَّه لما قطع يده بأمره انتقل الفعل إليه فصار في التقدير كأنَّه قطع يد نفسه ولو قطع يد نفسه بنفسه ومات لم يضمن أحد فكذا هنا والدَّليل على أنَّه بهذا الطَّريق انتفاء الضَّمان عن القاطع؛ لأنَّه لو جعل هذا إذناً بما يحدث منه لكان إذناً بالقتل حينئذ وفيه تجب الدية على القاطع إذا مات كما لو قال: اقتلني فقتله فإن هناك تجب الدية على القاتل وجبت

(7)

انتفى الضمان هنا علمنا

(8)

أنَّه أذن بالقطع وأمَّا عدم وجوب القصاص فإنَّ العفو وإن بطل معنى من [حيث]

(9)

أنَّ القطع صار قتلاً لكنه بقي صورة القطع

(10)

فكان العفو معتبراً من حيث الصُّورة وذلك يكفي في درء ما يندرئ بالشبهات.

(1)

وفي (ب)(قلت).

(2)

وفي (ب)(عند القطع).

(3)

سقط في (ب).

(4)

وفي (ب)(الجناية).

(5)

وفي (ب)(الشاهدان).

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 155 - 157).

(7)

وفي (ب)(وحيث) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(8)

وفي (ب)(علم).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

وفي (ب)(القتل).

ص: 156

ألا ترى أن المقيم إذا سافر بعد طلوع الفجر في رمضان ثم أفطر لا كفارة عليه وإن كان هذا السَّفر لا يبيح الإفطار في هذا اليوم لقيام صورته كذا ههنا كذا في المبسوط والجامع الصَّغير للإمام المحبوبي

(1)

.

(وَلَو كَانَ القَطْعُ خَطَأً فَقَدْ أَجْرَاهُ مَجْرَى العَمْدِ

(2)

حتَّى لو قال: عفوتك عن القطع كان عفواً عن الدية عندهما إذا سرى في الخطأ، وعن أرش اليد عند أبي حنيفة رحمه الله (فِي هَذِهِ الوُجُوْهِ

(3)

.

[أوجه العفو]

[الوجوه]

(4)

أربعة وهي: العفو عن القطع [مطلقاً]

(5)

.

والعفو عن القطع وما يحدث منه.

والعفو عن الشجَّة.

والعفو عن الجناية.

(وِفَاقاً

(6)

أي: اتفاقاً وهو في موضعين:

أحدهما: هو أنَّ العفو عن القطع وما يحدث منه كان عفواً عن الدية بالاتفاق فيما إذا كان القطع خطأ.

والثَّاني: العفو عن الجناية كان عفواً عن الدية أيضاً

(7)

.

(وَخِلَافاً

(8)

أي: اختلافاً وهو في موضعين أيضاً:

أحدهما: هو أنَّ العفو عن القطع مطلقاً يكون عفواً عن الدية عندهما فيما إذا كان القطع خطأ وعند أبي حنيفة يكون عفواً عن أرش اليد لا غير.

والثَّاني: أنَّ العفو عن الشجَّة كان عفواً عن الدية [إذا سرت الشَّجة]

(9)

عندهما وعند أبي حنيفة عن أرش الشَّجة

(10)

.

(آذَنَ

(11)

أي: أَعْلَمَ من الإيذان.

(إِطْلَاقَهُ

(12)

أي: إطلاق لفظ [كتاب]

(13)

الجامع الصغير

(14)

وهو قوله: (وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ فَعَفَا المَقْطُوعَةُ يَدُهُ عَنِ القَطْعِ

(15)

حيث لم يتعرض

(16)

بالعمد

(17)

ولا الخطأ فكان متناولاً لهما.

فإن قلت: لا نسلم بأنَّ لفظ الكتاب مطلق بل هو مقيَّد بالقطع العمد بدليل جواب المسألة وهو قوله: (فَعَلَى القَاطِعِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ

(18)

وذلك يبين أنَّ المراد هو القطع العمد حيث أوجب الدية في ماله لا على العاقلة وبهذا الجواب يعلم أنَّ الوضع في القطع العمد

(19)

.

(1)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 119).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(4)

سقط في (ب).

(5)

سقط في (ب).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(7)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 137، 138).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(9)

سقط في (ب).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 138).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(13)

سقط في (ب).

(14)

الجامع الصغير (500).

(15)

بداية المبتدي (242).

(16)

وفي (ب)(يتعمد).

(17)

وفي (ب)(العمد).

(18)

بداية المبتدي (242).

(19)

يُنْظَر: الجامع الصغير؛ للشيباني (500).

ص: 157

قلت: لاشكَّ في أنَّ وضع المسألة مطلق لا قيد فيه إذ القيد غير ملفوظ، ولكن ما ذكره من الجواب جواب لأحد نوعي القطع فكان تقديره فعلى القاطع الدية في ماله إن كان القطع عمدًا.

(وَإِنْ كَانَ عَمْداً فَهُوَ مِنْ جَمِيْعِ المَالِ

(1)

؛ لأن موجب العمد القود، والقود ليس بمال فلذلك جاز العفو عن دم العمد في حالتي الصحة والمرض من جميع المال؛ لأنَّ دم العمد ليس بمال، وبالمرض إنَّما يلحقه الحجر عن التصرُّفِ في ماله لحق الورثة ففيما ليس في ماله المرض والصحَّة [فيه]

(2)

سواء والقاتل وغير القاتل فيه سواء.

ألا ترى أنَّه لو أعان إنسانًا ببدنه لا يعتبر من ثلث ماله وإن كان ذلك الرجل قاتلاً له كذا في المبسوط

(3)

.

(كَمَا إِذَا أَوْصَى بِإِعَارَةِ أَرْضِهِ

(4)

أي: لا يتقيَّد

(5)

جواز الإعارة بالثلث وكذلك لو أبرأه

(6)

الكفيل بالنَّفس عن الكفالة أو تبرَّع بمنافع الدَّارِ وغيرها لا يتقيد ذلك بالثلث فيصح ذلك سواء كان في الصحة أو في المرض.

(أَمَّا الخَطَأُ فَمُوجِبُهُ المَالَ، وَحَقُّ الوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ

(7)

فإن قيل: القاتل واحد من العاقلة فكيف جَوَّز الوصيَّة بجميع الثلث ههنا

(8)

حتَّى صح في نصيب القاتل أيضاً مع أن الوصية لا تصح للقاتل؟

قلنا: إنَّما جَوَّز ذلك؛ لأن المجروح لم يقل أوصيتك

(9)

بثلث الدية وإنَّما عفى عنه المال بعد سبب الوجوب فكان تبرعًا مبتدأ وذلك جائز للقاتل.

ألا ترى أنَّه لو وهب له شيئاً وسلم جاز وإنَّما لا تجوز الوصية من جهته.

وفي الجامع الصَّغير لقاضي خان والمحبوبي: هذا على قول من يقول: أنَّ الدية تجب على العاقلة ابتداءً، وأمَّا على قول من يقول: تجب الدية على القاتل وتتحمل عنه العاقلة فكذلك؛ لأنَّهم يتحملون عنه بطريق الحوالة وأنها توجب براءة ذمَّة الأصيل

(10)

.

ولم يذكر في الكتاب هل يبطل بمقدار ما يتحمل القاتل وهو قدر نصيبه عند القسمة اختلفوا فيه، قال بعضهم: لا يسقط قدر نصيب القاتل، وقال بعضهم: يصح ويسقط الكل لأنَّه لو بقي نصيبه يجعل كأن الواجب ليس إلا هذا فيتحمل عنه العاقلة ثم هكذا وهكذا إلى أن لا يبقى شيء على القاتل في

(11)

الآخرة فأوجب سقوط الكل وهو الصَّحيح، وذلك لأنَّا لو أبطلنا الوصيَّة في حصَّة القاتل كانت الوصيَّة كلها للعاقلة كمن

(12)

أوصى لحيٍّ وميت كانت الوصية للحيِّ تصحيحًا للوصيَّة فلو أبطلنا الوصية في حصَّته ابتداء يلزمنا

(13)

تصحيحها في الانتهاء على ما ذكرنا فَصَحَّحناها ابتداءً قصراً للمسافة

(14)

.

(1)

بداية المبتدي (242).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 157).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(5)

وفي (ب)(لا يتقيه).

(6)

وفي (ب)(أبرء).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(8)

وفي (ب)(هنا).

(9)

وفي (ب)(أوصيك).

(10)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (6/ 229)، المحيط البرهاني (8/ 739)، تكملة رد المحتار (1/ 133).

(11)

وفي (ب)(شيء في).

(12)

وفي (ب)(لمن).

(13)

وفي (ب)(يلزمها).

(14)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 120)، تكملة البحر الرائق (8/ 363).

ص: 158

[إذا قطعت المرأة يد رجل فتزوجها]

(وَإِذَا قَطَعَتِ المَرْأَةُ يَدَ رَجُلٍ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى يَدِهِ

(1)

أي: على موجب يده (ثُمَّ مَاتَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا

(2)

قيد بالموت في وجوب مهر المثل؛ لأنَّه لو لم يمت فتزوَّجها على اليد صحَّت التسمية ويصير أرش ذلك وهو خمسة آلاف درهم مهراً لها بالإجماع

(3)

سواء كان القطع عمدًا أو خطأ، تزوجها على القطع

(4)

أو على القطع وما يحدث منه أو على الجناية؛ لأنَّه لما برأ تبين أن موجبها الأرش دون القصاص؛ لأنَّ القصاص لا يجري في الأطراف بين الرجل والمرأة والأرش يصلح صداقاً كذا ذكره الإمام قاضي خان والمحبوبي -رحمهما الله- (ثُمَّ القَطْعُ إِذَا كَانَ عَمْداً يَكُونُ هَذَا تَزَوُّجاً عَلَى القِصَاصِ فِي الطَّرَفِ

(5)

(6)

.

فإن قيل: القصاص لا يجري بين الرجل والمرأة في الطّرف فكيف يكون هذا تزوُّجاً على القصاص في الطَّرف؟

قلنا: الموجب الأصلي في العمد القصاص قضية لإطلاق قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}

(7)

إلا أنَّه تعذَّر الاستيفاء لقيام المانع

(8)

وهو التَّفاوت بين طرف الرجل والمرأة فكان القصاص ثابتاً في الأصل، (لاسِيَّمَا عَلَى تَقْدِيرِ السُّقُوطِ

(9)

أي: سقوط القصاص؛ لأن القصاص

(10)

يسقط ههنا:

(1)

بداية المبتدي (242).

(2)

بداية المبتدي (242).

(3)

بإجماع أبي حنيفة وأصحابه. يُنْظَر: الجامع الصغير (500)، الهداية شرح البداية (4/ 171)، العناية شرح الهداية (15/ 211)، الفتاوى الهندية (6/ 22).

(4)

وفي (ب)(القتل).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(6)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 361، 362)، حاشية ابن عابدين (6/ 563)، تكملة رد المحتار (1/ 132)، الفتاوى الهندية (6/ 22).

(7)

سورة المائدة من الآية (45).

(8)

المانع لغةً: اسم فاعل من المنع، وهو ضد الإعطاء، والمانع؛ الحائل بين شيئين.

يُنْظَر: العين (2/ 161)، الصحاح؛ للجوهري (3/ 422)، المحكم والمحيط الأعظم (2/ 203).

وفي الاصطلاح: ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته.

يُنْظَر: الذخيرة (1/ 69)، شرح مختصر الروضة (1/ 436)، الإبهاج (1/ 206)، التحبير شرح التحرير (3/ 1072)، شرح الكوكب المنير (1/ 456).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(10)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ)

ص: 159

إمَّا لأنَّ سقوط القصاص مُعلَّق بقبولها الزَّوج فلما قبلت سقط

(1)

القصاص.

وإمَّا لأنَّ سقوط القصاص باعتبار استحالة استيفاء القصاص على ما يُذكَر

(2)

بُعيد هذا إن شاء الله تعالى

(3)

.

(وَإِذَا سَرَى تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَتْلُ النَّفْسِ

(4)

أي: إذا سرى القطع عُلم أنَّ القطع كان قبل

(5)

النَّفس من الابتداء لا القطع المجرَّد (وَالقِيَاسُ: أَنْ يَجِبَ القِصَاصُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ

(6)

أراد به قوله: (لأَنَّهُ هُوَ المُوجِبُ للعَمْدِ

(7)

(وَإِذَا وَجَبَ لَهَا مَهْرُ المِثْلِ وَعَلَيْهَا الدِّيَةُ تَقَعُ المُقَاصَّةُ

(8)

أي: وارث الزوج والمرأة يتقاصان.

فإن قيل

(9)

: لِمَ لَم يجب القصاص ههنا على المرأة مع أنَّ القطع كان عمدًا وهو قتل من الابتداء، فإنَّه لما مات ظهر أنَّ الواجب هو القصاص، وهو لم يجعل القصاص مهراً لأنَّ القصاص لا يصلح مهراً؛ لأنَّه ليس بمال والمهر يجب أن يكون مالاً ولما لم يصلح القصاص مهراً صار كأنَّه تزوَّجها ولم يذكر شيئاً وفيه القصاص فكذا هنا؟

قلتُ: نعم كذلك إلا أنَّه لما جعل القصاص مهراً جعل ولاية استيفاء القصاص للمرأة ولو استوفت المرأة القصاص إنَّما تستوفي عن نفسها لنفسها وذلك محال فإنَّ

(10)

الإنسان لا يتمكَّن من استيفاء القصاص عن نفسه بنفسه

(11)

؛ لأنَّ الشخص الواحد لا يصلح أن يكون مطالباً للقصاص ومطالبا به، فسقط القصاص لاستحالة الاستيفاء ولما سقط القصاص بقي النكاح بلا تسمية فيجب مهر المثل كما إذا لم يسمِّ ابتداء.

وحاصل ذلك [ما]

(12)

ذكره الإمام المحبوبي رحمه الله فقال: أنَّه لما مات من القطع في صورة التَّزوج على القطع كانت التَّسمية باطلة بالإجماع

(13)

أمَّا عندهما: فلأنَّ المتزوِّج على القطع تزوج على القطع وما يحدث منه، فإذا مات صار متزوِّجاً لها على القصاص، والقصاص (لَيْسَ بِمَالٍ

(14)

(فَلا يَصْلُحُ مَهْراً

(15)

، كما لو تزوجها على طلاق ضرتها أو عتق أبيها، وأمَّا عند أبي حنيفة رحمه الله فلأنَّه تزوَّجها على القطع والتَّزوُّج على القطع لا يكون تزوُّجًا على الحادث منه، كالعفو عن القطع لا يكون عفواً عن الحادث منه وكان تزوُّجًا على القطع لا غير وقد ظهر أنَّ القطع لم يكن حقاً له، وإنَّما حقه القتل ولم يتزوَّجها على ما هو حقه فلم تصح التَّسمية

(16)

.

(1)

وفي (ب)(يسقط).

(2)

وفي (ب)(نذكر).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 211)، تكملة البحر الرائق (8/ 361).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(5)

وفي (ب)(قتل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 171).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 171، 172).

(9)

وفي (ب)(قلت).

(10)

وفي (ب)(لأنّ).

(11)

وفي (ب)(لنفسه من نفسه).

(12)

زيادة في (ب).

(13)

بإجماع أبي حنيفة وأصحابه.

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 171، 172).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 171، 172).

(16)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 211)، البناية شرح الهداية (13/ 141)، الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 153).

ص: 160

فإن قيل: كان ينبغي أن تصح التَّسمية ويكون خمسة آلاف درهم مهراً لها؛ لأنَّ التزوُّج على القطع تزوُّج على موجبه وموجب القطع خمسة آلاف درهم فكان متزوِّجًا لها على خمسة آلاف درهم ظناً منه بوجوبها عليها، ثم لا يبطل ذلك بظهور الأمر بخلافه كما لو تزوَّجها على خمسة آلاف يَظُنَّان أن ذلك له عليها ثم تصادقا أنَّه لم يكن عليها شيء كان متزوجاً لها على خمسة آلاف كذلك ههنا.

قلنا: هذا هكذا

(1)

أن لو قال: تزوَّجتُكِ على خمسة آلاف لي عليك ثم ظهر أنَّه لم يكن عليها شيء وههنا لم يتزوَّجها عليها وإنَّما قال: تزوَّجتُكِ على القطع وقد ظهر أنَّ القطع لم يكن حقاً له، وإذا لم يصح ذكر القطع لم يثبت ما في صحته

(2)

وهو خمسة آلاف درهم وإذا بطلت التَّسمية فلها مهر مثلها إن دخل بها أو مات عنها وإن طلَّقها قبل الدخول فلها المنفعة

(3)

(4)

.

قوله رحمه الله: (وَإِذَا سَرَى

(5)

إِلَى النَّفْسِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لا أَرْشَ لليَدِ وَأَنَّ المُسَمَّى مَعْدُومٌ فَيَجِبُ مَهْرُ المِثْلِ

(6)

هذا على قول أبي حنيفة رحمه الله وأمَّا على قولهما فالمسمَّى موجود وتصير دية الزوج مهراً لها؛ لأنَّ التَّزوُّج على القطع عندهما تَزوُّج على القطع وما يحدث منه، فلو تزوَّجها على القطع وما يحدث منه والجناية خطأ صارت دية الزوج كلها مهراً لها عند الكل كذا ههنا

(7)

(8)

.

(ولا يَتَقَاصَّانِ

(9)

أي: ما على الزَّوج [من المهر]

(10)

وما على المرأة من الدية لاختلاف الذمم، وإنَّما تقع المقاصَّة فيما إذا اتحدت الذمة فيما وجب عليها ووجب لها كما إذا كان القطع عمدًا وسرى إلى النَّفس وهي في الصُّورة التي قُبَيل هذه الصُّورة تقع المقاصَّة [بين الدية والمهر]

(11)

(12)

.

(1)

وفي (ب)(هكذا هذا).

(2)

وفي (ب)(ضمنه)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

وفي (ب)(المتعة).

(4)

يُنْظَر: الجامع الصغير (500، 501)، تبيين الحقائق (6/ 119)، العناية شرح الهداية (15/ 211)، تكملة البحر الرائق (8/ 361، 362).

(5)

وفي (ب)(شرى).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 172).

(7)

وفي (ب)(هنا).

(8)

يُنْظَر: الجامع الصغير (500)، بداية المبتدي (242)، تبيين الحقائق (6/ 118، 119)، تكملة البحر الرائق (8/ 362)، الفتاوى الهندية (6/ 22، 23).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 172).

(10)

سقط في (ب).

(11)

سقط في (ب).

(12)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 140).

ص: 161

(لأَنَّ الدِّيَةَ

(1)

في تلك الصُّورة تجب على المرأة لا على العاقلة ووجب المهر لها أيضاً على الزوج فاتحدت ذمة المرأة في الوجوب لها وعليه فوقعت المقاصَّة لذلك بين الدية والمهر.

وأمَّا في هذه الصُّورة وهي ما إذا كان القطع خطأ فسرى إلى النَّفس تجب الدية على العاقلة فوجب المهر لها فكانت الذمم مختلفة في الوجوب بها وعليه فلذلك لا تقع المقاصة بين الدية والمهر

(2)

.

وقوله: (ولا شَيْءَ عَلَيْهَا

(3)

أي: لا القصاص ولا الدية، وهو فائدة التعميم بقوله: (ولا شَيْءَ عَلَيْهَا

(4)

وكذلك لا شيء على عاقلة المرأة من الدية أيضاً؛ لأنَّهم لا يتحملون الدية في صورة العمد

(5)

.

(يُرْفَعُ عَنِ العَاقِلَةِ مَهْرُ مِثْلِهَا

(6)

أي: قدر مهر مثلها.

(وَلَهُمْ ثُلُثُ مَا تَرَكَ وَصِيَّةً

(7)

أي: وللعاقلة ثلث ما زاد على مهر المثل إلى تمام الدية يكون وصيته

(8)

؛ لأنَّهم يتحملون عنها الدية وتبرأ العاقلة عن ذلك وإن كان لا تصح الوصية [لها]

(9)

؛ لأنَّها قاتلة ولا وصية للقاتل.

وإن كانت الزيادة عن

(10)

مهر المثل إلى تمام الدية لا تخرج من ثلث ماله فبقدر ما تخرج من الثلث تسقط عن العاقلة ويعتبر ذلك وصية لهم ويؤدُّون الباقي إلى ورثة الزَّوج.

(فَمِنَ المُحَالِ أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِم

(11)

أي: أن ترجع المرأة على العاقلة.

وذكر الإمام التمرتاشي رحمه الله: وإن كان مهر مثلها مثل الدية أو أكثر فلا شيء على العاقلة؛ لأنَّهم إنَّما يتحملون عنها

(12)

بسبب جنايتها فلا يغرمون لها

(13)

.

(فَاتَّفَقَ جَوَابُهُمَا فِي الفَصْلَيْنِ

(14)

أي: في التَّزوُّج على الدية

(15)

، وفي التزوُّج على اليد وما يحدث منها، أو على الجناية، ثنَّا

(16)

الفصلين باعتبار المختلف والمتفق

(17)

وإلا فالفصول ثلاثة

(18)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 172).

(2)

يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (6/ 564)، تكملة رد المحتار (1/ 132).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 172).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 172).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 214)، البناية شرح الهداية (13/ 141).

(6)

بداية المبتدي (242).

(7)

بداية المبتدي (242).

(8)

وفي (ب)(وصية).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

وفي (ب)(على).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 172).

(12)

وفي (ب)(مهنا).

(13)

يُنْظَر: الجامع الصغير (500 - 502)، تبيين الحقائق (6/ 120)، العناية شرح الهداية (15/ 214)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (5/ 453)، تكملة البحر الرائق (8/ 363).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 172).

(15)

وفي (ب)(اليد)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(16)

وفي (ب)(بين).

(17)

وفي (ب)(المتفق والمختلف).

(18)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 214)، البناية شرح الهداية (13/ 142).

ص: 162

[إذا مات المقطوع الأول من القطع]

(ثُمَّ مَاتَ

(1)

أي: المقطوع الأول من القطع (فَإِنَّهُ يُقْتَلُ المُقْتَصُّ مِنْهُ

(2)

وهو القاطع الأول (وَاسْتِيْفَاءُ القَطْعِ لا يُوجِبُ سُقُوطَ القَوَدِ

(3)

؛ لأنَّ له القصاص في النَّفس (إِذَا اسْتَوْفَى طَرَفَ مَنْ عَلَيْهِ

(4)

القصاص لا يسقط حقه من القصاص في النَّفس حتَّى لو قطع يده أولاً ثم قتله كان مسيئاً ولا شيء عليه.

ألا ترى أنَّه لو أحرقه بالنَّار كان مسيئاً ولا شيء عليه فكذا إذا قطعه ثم قتله، وإذا بقي له القصاص في النفس فوارثه يقوم مقامه فيه، هذا إذا مات المقطوع الأول وهو المقتص له، فإن مات المقتص منه من القطع الثاني فديته على على قلة

(5)

المقتص له عند أبي حنيفة رحمه الله وعند أبي يوسف

(6)

ومحمد والشافعي رحمهم الله: لا شيء عليه ويهدر دمه على ما يجيء بُعيد هذا كذا ذكره

(7)

الإمام المحبوبي-رحمه الله

(8)

.

(وَمَنْ قَتَلَ وَلِيُّهُ [عَمْداً]

(9)

فَقَطَعَ يَدَ قَاتِلِهِ ثُمَّ عَفَا وَقَدْ قُضِيَ لَهُ بِالقِصَاصِ أَوْ لَمْ يُقْضَ

(10)

(11)

وترديد القضاء

(12)

وغير القضاء مقدَّم على العفو.

وقوله: (وَمَا بَرَأَ) تأكيد لقوله: (سَرَى

(13)

.

(1)

بداية المبتدي (242).

(2)

بداية المبتدي (242).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 172).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 172).

(5)

وفي (ب)(على عاقلة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

وفي (ب)(أبيوسف).

(7)

وفي (ب)(على ماذكره).

(8)

قال الامام السرخسي-رحمه الله: والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم. يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 148)، تبيين الحقائق (6/ 120)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (5/ 455)، تكملة البحر الرائق (8/ 363، 364)، حاشية ابن عابدين (5/ 565).

(9)

سقط في (ب).

(10)

وفي (ب)(بالقصاص ولم يقص).

(11)

بداية المبتدي (242).

(12)

القضاء في اللغة: مصدرُ قضى، يقضي، قضاءً؛ أي: حكم، وفصل، وأنفذ، وترجع معانيه إلى قطع الشيء، وإتمامه.

يُنْظَر: العين (5/ 185)، الصحاح؛ للجوهري (6/ 313)، طلبة الطلبة (269)، مشارق الأنوار (2/ 189).

وفي الاصطلاح: قولٌ ملزمٌ، صدرَ عن ولايةٍ عامة.

يُنْظَر: الاختيار تعليل المختار (2/ 87)، مجمع الأنهر (3/ 210)، الكليات (705)، الفتاوى الهندية (3/ 306).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

ص: 163

(وَلَهُ أَنَّهُ اسْتَوْفَى غَيْرَ حَقِّهِ؛ لأَنَّ حَقَّهُ فِي القَتْلِ

(1)

وإنَّما قلنا أنَّه استوفى غير حقه؛ لأنَّه استوفى طرفاً لا حق له في استيفائه من نفس متقومة فيكون مضموناً عليه.

وبيانه: أنَّ نفس من عليه القصاص مُتَقومة في حق سائر النَّاس فكذلك في حق من له القصاص؛ لأنَّه لا حق له في استيفاء الطَّرف؛ [لأنَّ استيفاء الطرف]

(2)

قطع وقد بيَّنا أنَّ حقه في القتل والقطع غير القتل

(3)

.

فإن قلت: لا نسلم مغايرة القطع والقتل مطلقاً في مثل هذا الحكم.

ألا ترى أنَّ شاهدين لو شهدا على رجل بالقتل فقطع الولي يده ثم رجعا ضمنا لصاحب اليد يده وإنَّما يضمنان ما أتلفا بشهادتهما فدل أن اليد متلف بشهادتهم وهم ما شهدوا إلا بالقتل فلو كان القطع غيره لما ضمنا.

ولأنَّ ولي القتيل

(4)

في مسألتنا لو أعقب القطع قتلاً لم يضمن شيئاً وكان ذلك باعتبار ثبوت حقه في الطَّرف فكذلك إذا أعقب

(5)

عفواً؛ لأنَّه في العفو

(6)

محسن وإحسانه لا يكون موجباً عليه الضَّمان فلو كان هكذا أدَّى [إلى]

(7)

خلاف

(8)

المعقول وهو أن لا يكون قتله موجباً للضَّمان وعفوه موجباً للضَّمان.

ولأنَّ القطع بعد العفو لو سرى إلى النفس لم يضمن شيئاً والقطع

(9)

السَّاري أفحش من المقتصر

(10)

، فإذا كان لا يضمن بعد العفو [إذا سرى]

(11)

شيئاً فإذا اقتصر أولى أن لا يضمن شيئاً، وهذا؛ لأنَّ الأطراف تابعة للنَّفس فمن ضرورة ثبوت حقه في النفس ثبوت حقه في الأطراف كما لو استوفى جزءاً

(12)

في قطع يد المرتد.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 150).

(4)

وفي (ب)(القتل).

(5)

وفي (ب)(أعتقه).

(6)

وفي (ب)(المعفو).

(7)

سقط في (ب).

(8)

وفي (ب)(الاخلاف).

(9)

وفي (ب)(القاطع).

(10)

وفي (ب)(المقتص).

(11)

سقط في (ب).

(12)

وفي (ب)(حرّاً).

ص: 164

[تعريف القتل والقطع]

قلت: لاشكَّ أنَّ القطع غير القتل، فإنَّ القتل: اسم لقتل

(1)

يتَّصل بالحيِّ تزول به روحه. والقطع: اسم لإبانة العضو في الحي من غير إزالة الروح

(2)

.

ثم الشَّاهد في تلك المسألة لم يضمن له اليد؛ لأنَّه ما أوجب اليد للمشهود له بل لأنَّه أوجب له قتل النفس، وذلك يبرئ القاطع عن ضمان القطع فضمن بإيجاب البراءة عليه

(3)

بعد علة الضمان له فصار كما لو شهدا عن

(4)

آخر بأنَّه أبرأ غريمه عن الدَّين ثم رجعوا ضمنوا، ومثاله: رجلان شهدا بطلاق امرأة على رجل قبل الدخول بها ثم رجعا بعد القضاء ضمنا له نصف المهر كأنَّهما أوجبا عليه، وما أوجبا فالوجوب كان بالعقد بل أسقطا النِّصف وجعلا كأنَّهما أوجبا؛ لأنَّ هذه فرقة قبل الدُّخول وأنَّها مبرئة عن المهر كله لولا ثبوتها من قبل الزَّوج فهما بالإضافة إليه منعا علة البراءة عن العمل حتى لم تثبت البراءة فصارا كأنَّهما أوجبا بعد البراءة.

وأمّا ما قالوا: لو أعقب القطع قتلاً

(5)

لم يضمن شيئاً إلى آخره.

فقلنا: إنَّما لم يضمن؛ لأنَّ حقه في النَّفس، والأطراف تابعة للنَّفس فإنَّما ثبت

(6)

له الحق في استيفائها تبعًا لا مقصودًا، فإذا استوفى [الطرف]

(7)

[لآخر]

(8)

مقصودًا كان مستوفياً ما ليس بحق له إلا أنَّه قبل العفو كان متمكِّناً من أن يجعل تبعاً للنَّفس بأن يقتله فيكون كل واحد من الفعلين قتلاً ويصير الطَّرف تبعا للنَّفس فلا يضمن شيئاً فأمَّا بعد العفو فقد سقط حقه في النَّفس وبقي الطَّرف مقصوداً بالاستيفاء ولا حق له فيه مقصوداً فكان مضموناً عليه.

والدَّليل عليه: أنَّ من وجب له قصاص على امرأة فزنى بها يلزمه الحد والمستوفى بالوطئ في حكم جزء من العين فلو ثبت له الحق في أطرافها مقصوداً لصار ذلك شبهة في إسقاط الحد. فعلم بهذا أنَّ ما يتراءى أي:

(9)

خلاف المعقول إنَّما جاء من معنى آخر وهو أنَّه بالعفو أسقط حقه في النَّفس فكان ما قطعه قبل

(10)

العفو واقعًا في غير محله فيتبين ذلك بالعفو فكان العفو مطهراً

(11)

وقوع قطعه في غير محله فأضيف الحكم إلى المظهر.

وأمَّا جواب قوله: ولأنَّ القطع بعد العفو لو برئ

(12)

إلى النَّفس لم يضمن شيئاً إلى آخره مذكور في الكتاب، وهو أنَّ القطع لما سرى إلى النَّفس بعد العفو تبين بالسِّراية أنَّ أصل فعله كان قتلاً وبالقتل كان مستوفياً حقه.

(1)

وفي (ب)(لفعل) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

نظر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 148 - 150).

(3)

وفي (ب)(له).

(4)

وفي (ب)(على).

(5)

وفي (ب)(القتل قطعا).

(6)

وفي (ب)(يثبت).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

سقط في (ب).

(9)

وفي (ب)(أ).

(10)

وفي (ب)(بعد)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(11)

وفي (ب)(مظهرا).

(12)

وفي (ب)(سرى) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

ص: 165

وأمَّا المرتد فقد سقط تقومه في نفسه وطرفه [في نفسه]

(1)

بارتداده في حق الكل بخلاف من عليه القصاص فإنَّ نفسه متقومة في حقِّ غير من له القصاص على ما ذكرنا هذا كله مما أشار إليه في الأسرار والمبسوط

(2)

(3)

.

وقوله: (وَإِنَّمَا لا يَجِبُ فِي الحَالِ

(4)

جواب إشكال وهو أن يقال: لما استوفى في غير حقه وجب أن يضمن في الحال.

(وَمِلْكُ القِصَاصِ فِي النَّفْسِ ضَرُورِيٌّ لا يَظْهَرُ إِلَّا عِندَ الاسْتِيْفَاءِ

(5)

هذا جواب عن قولهما

(6)

: أنَّه استوفى حقه، يعني: لما كان ملك القصاص ضرورياً بحيث لا يظهر [الملك]

(7)

إلا في هذه الأحوال الثَّلاث وهي: استيفاء النَّفس بالقصاص، والعفو، والاعتياض، حتى تصح منه هذه الأشياء الثلاثة لا غير فلا يصح التصرف بغير هذه الأشياء، وقطع يده مقصودًا غير هذه الأشياء الثلاثة فلا يكفي

(8)

له الملك فيه بالتصرف فلا يكون القطع مقصوداً حقه فإذا تصرف بالقطع والقطع في نفسه موجب للضَّمان إذا وقع في غير الملك وفيما نحن فيه وقع القطع في غير الملك فيضمن

(9)

.

[إذا مات المقطوع فلا شيء على القاضي بالقطع والمأمور بالقطع]

([وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَعْفُ وَمَا سَرَى، قُلْنَا: إِنَّمَا يتَبَيَّنُ كَونُهُ قَطْعاً بِغَيرِ حَقٍّ بِالبُرْءِ

(10)

وفي الإيضاح:]

(11)

فأمَّا إذا لم يعف إنَّما لم يجب الضَّمان لمانع وهو قيام الحق في النَّفس؛ لأنَّه من المستحيل أن يملك القتل وتكون الأطراف مضمونة عليه فامتنع حكم السبب لمانع فإذا زال المانع للعفو ظهر حكم السبب

(12)

.

(كَالإِمَامِ

(13)

أي: كالقاضي إذا قطع يد السارق فمات من القطع

(14)

لا شيء عليه.

(وَالمَأْمُورِ بِقَطْعِ اليَدِ

(15)

يعني: إذا قال رجل لآخر: اقطع يدي فقطع يده فمات [المقطوع]

(16)

من القطع لا شيء عليه

(17)

.

(1)

زيادة في (ب).

(2)

وفي (ب)(المبسوط والأسرار).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 148 - 150).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(6)

أي: أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-.

(7)

زيادة في (ب).

(8)

وفي (ب)(يكون).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 217)، البناية شرح الهداية (13/ 144).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(11)

سقط في (ب).

(12)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 121)، تكملة البحر الرائق (8/ 364).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(14)

وفي (ب)(ذلك).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(16)

سقط في (ب).

(17)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 220)، البناية شرح الهداية (13/ 146).

ص: 166

(وَلَهُ

(1)

: أَنَّهُ قَتْلٌ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي القَطْعِ وَهَذَا قَتْل

(2)

.

فإن قلت: هذا قطع ابتداء وقصداً؛ لأنَّ قصده القطع دون القتل فكذلك في الابتداء إنَّما كان قطعًا لا قتلاً.

قلت: نعم كذلك إلا أنَّ الجنايات يعتبر مآلها لا ابتداؤها [وصار]

(3)

حتى أنَّ الجناية في الابتداء إذا كانت

(4)

غير موجبة للقصاص قد تنقلب موجبة له في المآل فيعتبر هو.

ألا ترى أنَّ رجلاً لو قطع يد امرأة أو قطع يداً من نصف السَّاعد لم يكن عليه قصاص فإن سرى إلى النفس يجب القصاص، وبهذا تبين أنَّ عند السراية ههنا أيضاً أنَّ أصل الفعل كان قتلاً لا أن يقال كان قطعًا فصار قتلاً؛ لأنَّ الفعل لا يُتصوَّر أن يكون على صفة [ثم يصير على صفة]

(5)

أخرى إذ لا بقاء له، ولكن تبين أنَّه كان قتلاً من الأصل وهو بمنزلة تحريك الخشبة إن لم يصب شيئاً كان تحريكا وإن ألقاها على ما انكسر به كان كسراً، وإن ألقاها على حيوان [فمات به]

(6)

كان قتلاً وههنا لما أنزهق الروح بهذا القتل

(7)

عرفنا أنّه كان قتلاً في الأصل ولا حق له في [القتل]

(8)

كذا في المبسوط

(9)

.

(وَلِأَنَّهُ جُرْحٌ أَفْضَى إِلَى فَوَاتِ الحَيَاةِ فِي مَجْرَى العَادَةِ

(10)

يعني: أنَّ الموت من الجرح ليس على خلاف العادة.

(أَو عَقْداً كَمَا فِي غَيْرِهِ

(11)

وهو البَزَّاغ

(12)

والحجَّام

(13)

والمأمور

(14)

.

(1)

أي: ولأبي حنيفة رحمه الله.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(3)

زيادة في (ب).

(4)

وفي (ب)(كان).

(5)

سقط في (ب).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

وفي (ب)(الفعل).

(8)

سقط في (ب).

(9)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 148).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(12)

البزاغ: فعال من بزغ الحجام والبيطار الدم يبزغه بزغا شرط، والبزاغ للتكثير والمراد به البيطار، وبزغ البيطار الدابة شقها بالمبزغ وهو مثل مشرط الحجام.

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 72)، المطلع على أبواب المقنع (266).

(13)

الحجامة: فعل الحاجم، وهو الحجام والحجم فعله وحرفته.

يُنْظَر: العين (3/ 87)، تهذيب اللغة (4/ 99).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 220)، البناية شرح الهداية (13/ 146، 147).

ص: 167

ولأنَّ في المأمور أقام الآمر المأمور مقام نفسه في قطع مطلق فتحول فعله إلى الآمر وخرج

(1)

القاطع من عهدته.

وكذلك الفصَّاد

(2)

(3)

(والبَزَّاغِ والحَجَّامِ

(4)

أي: أُمِروا لفعل

(5)

مطلق وكما فرغوا من ذلك خرجوا من عهدته فصار مُسلِّماً إلى من أمرهم بذلك.

(إِذْ هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَى العَفْوِ

(6)

قال الله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}

(7)

وإنَّما يتقيد بالوسع ما يكون مستحقًّا عليه فأمَّا ما يكون مباحاً له فلا، كالمشي في الطَّريق والرَّمي إلى الصَّيد وتعزير الزَّوج زوجته متقيد بشرط السَّلامة، وإن لم يكن في وسعه إيجاد

(8)

ذلك؛ لأنَّ ذلك غير مستحق عليه، ثم عجزه لا يكون مسقطاً لحرمة

(9)

صاحب النفس في نفسه، وأكثر ما في الباب أن يتقابل الحقان حق هذا في طرف وحق الآخر في نفس محترمة متقومة فتترجَّح حرمة النَّفس

(10)

على حرمة الطَّرف أو تعتبر الحرمتان

(11)

فلحقه في الطَّرف يتمكَّن من الاستيفاء ولمراعاة

(12)

حق الآخر في النَّفس يتقيد عليه بشرط السَّلامة وهو بمنزلة ما لو قلع سنَّ إنسانٍ فَاسْتَأنَى

(13)

به حولاً فلم يثبت، يتمكَّن من استيفاء القصاص فإنَّ استوفى

(14)

القصاص ثم نبت

(15)

سن المقلوعة

(16)

سِنُّه أولاً وجب عليه أرش [سن]

(17)

القالع بهذا المعنى كذا في المبسوط

(18)

.

(1)

وفي (ب)(خرج)

(2)

وفي (ب)(القطع).

(3)

الفصد: هو قطع العِرق حتى يسيل.

يُنْظَر: العين (7/ 102)، تهذيب اللغة (12/ 104)، مقاييس اللغة (4/ 507).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(5)

وفي (ب)(إنما أمروا بفعل).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(7)

سورة البقرة من الآية (237).

(8)

وفي (ب)(إتحاد).

(9)

وفي (ب)(حرمة).

(10)

(حرمة النفس على حرمة النفس) هكذا مكررة في (أ).

(11)

وفي (ب)(الحرامات).

(12)

وفي (ب)(والمراعاة).

(13)

استأنى، تأنَّى ويقال: استأنى في الأمر أي: انتظر وترفق. يُنْظَر: لسان العرب (14/ 49)، المعجم الوسيط (1/ 31).

(14)

وفي (ب)(استيفاء).

(15)

وفي (ب)(لم ينبت).

(16)

وفي (ب)(مقلوعة).

(17)

سقط في (ب).

(18)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 148، 149).

ص: 168

فإن قلت: ما الفرق لأبي حنيفة رضي الله عنه بين المقتصِّ له وهو مستعير الدَّابة أو مستأجرها

(1)

للركوب إذا ماتت [الدَّابة]

(2)

من ركوبه حيث لا يضمن [والمقتص له يضمن]

(3)

إذا سرى مع أنَّ كل واحد منهما مأذون في ابتداء القتل؟

(4)

[إذا ضرب المعلم الصبي بإذن الأب فمات لا يضمن]

وما الفرق له أيضاً بين المقتص له بالقطع وبين المعلم إذا ضرب المعلم الصبي بإذن الأب ومات لا يجب شيء على المعلم بل تجب على الأب الدية،

(5)

وكذا لو قطع رجل يد حربي أو مرتد فأسلم ثم سرى [إلى]

(6)

النفس لا يضمن والمقتص له يضمن عند السِّراية؟

قلت: أما مستعير الدابة ومستأجرها إنَّما لا يضمنان وإن صار فعلهما قتلاً في الانتهاء؛ لأنَّهما مأذونان بالركوب من جهة المالك فانتقل فعلهما إليه فصار كأن المالك ركب الدابة وماتت من ركوبه بخلاف المقتص له لما مرَّ أنَّه يقطع بالملك دون الإذن ففي الإذن ينتقل القتل

(7)

إلى الآذن دون الملك.

وتحقيقه

(8)

هو: أنَّ المقتص له لما كان قطعه بالملك فلما قطع قصاصاً وسرى إلى النفس كان ذلك القطع قتلاً وليس له تلك

(9)

القتل فيضمن؛ لأنَّه تصرف في غير ملكه.

وكذلك المعلم لا يضمن؛ لأنَّه ضرب بإذن الأب وأمر الأب المعلم بالضَّرب صحيح، فإذا ضرب يصير

(10)

الفعل منقولاً إلى الأب فكأن الأب ضربه بنفسه حتى مات وكان المعلم بمنزلة الآلة وإذا ضرب الأب بنفسه ومات تجب الدية على الأب.

فكذا [ههنا]

(11)

بخلاف المقتص له بالقطع فإنَّه يقطع بحكم الملك.

(1)

وفي (ب)(أما مستأجر الدابة).

(2)

سقط في (ب).

(3)

سقط في (ب).

(4)

وفي (ب)(الفعل).

(5)

وفي فتاوى قاضي خان (3/ 445): وإن ضربه المعلم بإذن الوالد لا يضمن المعلم.

(6)

سقط في (ب).

(7)

وفي (ب)(الفعل).

(8)

وفي (ب)(في تحقيقه).

(9)

وفي (ب)(ملك) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

وفي (ب)(صار).

(11)

سقط في (ب).

ص: 169

[إذا قطع يد الحربي والمرتد لا يضمن وإن سرى]

وفي قطع يد الحربي والمرتد إنَّما لا يضمن القاطع وإن سرى؛ لأنَّ القطع بالسِّراية يصير قتلاً من الابتداء ولو قتله ابتداء في تلك الحالة لم يضمن فكذا إذا صار قتلاً

(1)

في الانتهاء؛ لأنَّه

(2)

مستند إلى ابتداء القطع إلى هذا أشار في الجامع الصغير للإمام المحبوبي رحمه الله

(3)

.

(فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الإِطْلَاقِ فَأَشْبَهَ الِاصْطِيَادِ

(4)

أي: الإباحة، والإباحة تتقيد بوصف

(5)

السَّلامة بدليل أنَّه لو رمى إلى صيد فأصاب إنساناً يضمن كذا ههنا والله أعلم

(6)

.

بَابُ الشَّهَادَةِ فِي القَتْلِ

[مناسبة ذكر الباب لما قبله]

لما كانت الشهادة في القتل شيئاً متعلِّقا بالقتل بنفسه أوردها بعدما ذكر أحكام القتل؛ لأنَّ متعلِّق الشيء كان أدنى درجة من نفس ذلك الشيء.

(وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ

(7)

حَاضِرٌ وَغَائِبٌ

(8)

إلى أن قال: (فَإِنَّه يُعِيْدُ البَيِّنَةَ

(9)

(10)

(عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا: لَا يُعِيدُ

(11)

.

‌[هل القصاص حق الوارث أم المورث

؟]

وأصل [ذلك]

(12)

الاختلاف راجع إلى أنَّ استيفاء القصاص في الأصل حق من هو

(13)

؟ فوقع عند أبي حينفة رحمه الله أنَّه حق الوارث، ووقع عندهما أنَّه حق المورث

(14)

.

ولا يستقيم الاستدلال لهما بالصحة

(15)

العفو فإنَّ العفو عن القصاص في جواب الاستحسان، كما يصح من المورث المجروح كذلك يصح من الوارث حال حياة المورث؛ لأنَّه ذكر في الإيضاح: وإذا عفى المجروح ثم مات فالقياس أن لا يصح عفوه؛ لأنَّ القتل بَعد لم يوجد وإنَّما جَوَّزوا ذلك استحسانًا؛ لأنَّ سببه قد وجد فصحَّ العفو لوجود سببه

(16)

.

(1)

وفي (ب)(قتله).

(2)

وفي (ب)(لا).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 220، 221)، البناية شرح الهداية (13/ 147).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(5)

وفي (ب)(بتقدير صفة).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 220)، البناية شرح الهداية (13/ 147).

(7)

وفي (ب)(اثنان).

(8)

بداية المبتدي (243).

(9)

بداية المبتدي (243).

(10)

وهو لفظ الجامع الصغير (495، 496).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(12)

زيادة في (ب).

(13)

وفي (ب)(من حق هو).

(14)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 122)، العناية شرح الهداية (15/ 223)، تكملة البحر الرائق (8/ 365).

(15)

وفي (ب)(لهم بصحة).

(16)

قال الامام المرغيناني: ولهذا لو انقلب مالا يكون للميت، ولهذا يسقط بعفوه بعد الجرح قبل الموت. الهداية شرح البداية (4/ 174).

ص: 170

ولو أنَّ الوارث عَفَا قبل موت المجروح فالقياس أن لا يصح عفوه؛ لأنَّ حقه يثبت بعد الموت فإذا عفا قبل الثبوت له لا يصح.

ويجوز في الاستحسان؛ لأنَّ الحق ثبت للوارث ابتداء لا بطريق الخلافة عنه فصح بعد وجود السبب.

فلما وقع عند أبي حنيفة رحمه الله بأنَّ القصاص حق الوارث فأحد الورثة لا يكون قائما مقام غيره في إثبات حقه؛ لأنَّه [ليس]

(1)

توكيل عنه فيعيد الغائب البينة إذا حضر.

ولما كان القصاص عندهما في الأصل حق المورث انتصب أحد الورثة خصمًا في إثبات حقوق الميت كما في الدين وقد حصل ذلك بإقامة الحاضر البَيِّنة فلا يحتاج الغائب إلى إعادتها إذا حضر

(2)

.

قوله: (لأَنَّهُ عِوَضُ

(3)

نَفْسِهِ

(4)

لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}

(5)

(وَلِهَذَا لَو انْقَلَبَ مَالاً يَكُونُ

(6)

المال (لِلمَيِّتِ

(7)

حتى يقضى منه ديونه وينفذ وصاياه.

وللمرأة حق في القصاص وأنَّها لا تملك شيئاً

(8)

من حقوق الزّوج إلا بطريق الوراثة فثبت أنَّ القصاص حق المقتول كذا ذكره الإمام قاضي خان رحمه الله

(9)

.

[الفرق بين الخلافة والوراثة]

(وَلَهُ:

(10)

أَنَّ القِصَاصَ طَرِيقُهُ الخِلافَةُ دُونَ الوِرَاثَةِ

(11)

والفرق بينهما: هو [أَنَّ]

(12)

طريق الولاية

(13)

: أن يثبت الملك [للمورث ابتداء ثم للوارث، وطريق الخلافة: أن يثبت الملك]

(14)

لمن تخلف ابتداء كالعبد إذا اتَّهَبَ

(15)

(16)

فإنَّه يثبت الملك للمولى ابتداء بطريق الخلافة؛ لأنَّ العبد ليس بأهل لتملك

(17)

كذا وجدتُ بخطِّ شيخي رحمه الله

(18)

.

(1)

زيادة في (ب).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 153)، العناية شرح الهداية (15/ 222)، تكملة البحر الرائق (8/ 557).

(3)

وفي (ب)(عرض).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 173).

(5)

سورة المائدة من الآية (45).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(8)

وفي (ب)(بها).

(9)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 148).

(10)

يقصد: أبو حنيفة.

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(12)

سقط في (ب).

(13)

وفي (ب)(الوراثة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(14)

سقط في (ب).

(15)

وفي (ب)(انتهت).

(16)

اتَّهَبَ: قبل الهِبَةَ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:«لقد هممت ألا أتَّهِبَ إلا من قُرَشِيٍّ أو أنصارِيٍّ أو ثقفي» .

يُنْظَر: المحكم والمحيط الأعظم (4/ 439)، الأفعال (3/ 338)، لسان العرب (1/ 803)، المعجم الوسيط (2/ 1059).

(17)

وفي (ب)(للملك) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(18)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 223)، البناية شرح الهداية (13/ 149).

ص: 171

(وَالمَيِّتُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ

(1)

أي: من أهل القصاص؛ لأنَّ القصاص ملك الفعل ولا يتصوّر الفعل من الميت.

أو أنَّ

(2)

شرعية القصاص للتشفي ودَرك

(3)

الثأر والميت ليس من أهل ذلك

(4)

.

ولأنَّ الحياة التقديرية التي هي

(5)

إبقاء الحي حياً وهي المعنى من شرعيَّة القصاص إنَّما يتحقق في حقِّ الورثة لا في حقِّ الميِّت وأيَّد ذلك كله قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}

(6)

، وهذا نصٌّ في الباب، و لما ثبت حق القصاص للوارث ابتداء من هذه

(7)

الوجوه وثبت للمورث أيضاً من حيث إنَّ السبب انعقد في حقه ومن حيث إنَّ القصاص بدل نفسه، لكن رجحنا ههنا حق الوارث وقلنا باشتراط إعادة البينة إذا حضر الوارث الغائب احتياطا

(8)

للدرء

(9)

.

(كَمَا إِذَا نَصَبَ شَبَكَةً

(10)

أي: للاصطياد.

(وَإِذَا كَانَ طَرِيْقُةُ الإِثْبَاتَ ابْتِدَاءً

(11)

أي: إثبات القصاص للوراثة

(12)

ابتداء لا أنَّه ثبت

(13)

للميِّت ثم ينتقل إلى الورثة.

(فَالشَّاهِدُ خَصْمٌ

(14)

أي: فالحاضر خصم.

(لأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ بِشَهَادَتِهِمَا إِلَى أَنْفُسِهِمَا مَغْنَماً

(15)

هذا تعليل لقوله: (فَشَهَادَتُهُمَا باطل

(16)

(17)

.

وأمَّا تعليل قوله: (وَهُوَ عَفْوٌ مِنْهُمَا

(18)

فمتروكه

(19)

وهو ما ذكره الإمام المَحْبُوبِي رحمه الله[فقال:]

(20)

وتكون شهادتهما عفواً منهما؛ لأنَّهما زعما أنَّ القود قد سقط وزعمهما معتبر في حقهما

(21)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(2)

وفي (ب)(وأن).

(3)

وفي (ب)(وترك) ولعلها الصواب.

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 149).

(5)

كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).

(6)

سورة الإسراء من الآية (33).

(7)

وفي (ب)(هذا).

(8)

وفي (ب)(احتيالا).

(9)

يُنْظَر: الجامع الصغير (496)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 178)، تبيين الحقائق (6/ 122)، العناية شرح الهداية (15/ 223، 224)، درر الحكام (5/ 459)، تكملة البحر الرائق (8/ 365).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(12)

وفي (ب)(للورثة) ولعلها الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

وفي (ب)(يثبت).

(14)

بداية المبتدي (243).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(16)

كذا في (أ) و (ب)، وأما في متن البداية (بَاطِلَةٌ) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(17)

بداية المبتدي (243).

(18)

بداية المبتدي (243).

(19)

وفي (ب)(فمتروك) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(20)

سقط في (ب).

(21)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 226)، البناية شرح الهداية (13/ 150).

ص: 172

[تصديق القاتل والمشهود عليه للشهادة أو تكذيبهما]

(فَإِنْ صَدَّقَهُمَا القَاتِلُ

(1)

(مَعْنَاهُ: إِذَا صَدَّقَهُمَا وَحْدَهُ

(2)

.

وحاصل ذلك أنَّ الوجوه منقسمة

(3)

على أقسام أربعة على القسمة العقلية وذلك:

إما أن يُصدِّقهما المشهود عليه والقاتل جميعًا، أو يكذبهما المشهود عليه والقاتل جميعًا، أو يكذبهما المشهود عليه ويصدقهما القاتل، أو على العكس.

وقوله: (مَعْنَاهُ: إِذَا صَدَّقَهُمَا وَحْدَهُ

(4)

أي: صدق القاتل الشَّاهدين وحده فكذَّبهما المشهود عليه في شهادتهما بعفو الثالث.

وإنَّما قيد بهذا؛ لأنَّه إذا صدق الشاهدين القاتل والمشهود عليه يضمن القاتل ثلثي الدية للشَّاهدين لا غير لأنَّهما ادَّعيا على القاتل المال وصدَّقهما القاتل فيه ولا يضمن المشهود

(5)

عليه شيئاً؛ لأنَّه أقرَّ بالعفو حيث صدق الشَّاهدين في شهادتهما بالعفو فصار كما لو ثبت ذلك عياناً.

(وَإِنْ كَذَّبَهُمَا فَلا شَيْءَ لَهُمَا

(6)

أي: وإن كذبهما المشهود عليه، معناه: إذا كذبهما القاتل أيضاً.

وإنَّما قيَّد بهذا؛ لأنَّه إذا صدقهما القاتل عند تكذيب المشهود عليه يجب على القاتل دية كاملة بينهم أثلاثاً وذلك لأنَّهما

(7)

حينئذ أَقَرَّا بسقوط القصاص وانقلاب نصيبهما مالاً وقد أقرَّ القاتل بذلك عن

(8)

تقدير تصديق القاتل فيلزمه ثلثا الدية لهما و (ثُلُثَ الدِّيَةِ لِلمَشْهُودِ

(9)

عَلَيْهِ

(10)

؛ لأنَّه ما أقرَّ بسقوط القصاص وإنَّما سقط للقصاص بإقرار غيره.

وفي بعض النسخ معناه: إذا كذَّبهما المشهود عليه أيضاً فحينئذ كان معنى قوله: (وَإِنْ كَذَّبَهُمَا

(11)

أي: وإن كذبهما القاتل.

(وَإِنْ صَدَّقَهُمَا المَشْهُودُ عَلَيهِ وَحْدَهُ) يعني: وكذبهما القاتل كان على القاتل ثلث الدية للمشهود عليه يأخذه من القاتل ويدفعه إلى الشَّاهدين فيكون بينهما.

وما أقرَّ به القاتل (للمشهود عليه)، أي: لم يثبت ما أقرَّ به القاتل للمشهود عليه بتكذيبه

(12)

.

(1)

بداية المبتدي (243).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(3)

وفي (ب)(مقسم).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(5)

وفي (ب)(للمشهود).

(6)

بداية المبتدي (243).

(7)

وفي (ب)(لأنهم).

(8)

وفي (ب)(على)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(9)

وفي (ب)(وثلثها للمشهود).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(11)

بداية المبتدي (243).

(12)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 529)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 158، 159)، تبيين الحقائق (6/ 122، 123)، العناية شرح الهداية (15/ 225، 226)، تكملة البحر الرائق (8/ 365، 366)، مجمع الأنهر (4/ 335، 336).

ص: 173

(وَتَأْوِيْلُهُ) أنَّه (إِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ ضَرَبَهُ بِشَيْءٍ خارج

(1)

(2)

فإن قيل: الشهود شهدوا على الضَّرب بشيء خارج

(3)

ولكن الضَّرب قد يكون خطأ فكيف يثبت القود مع أنَّهم لم يشهدوا أنَّه كان متعمدًّا.

قلنا: لما شهدوا أنَّه ضربه بالسِّلاح فقد شهدوا أنَّه قصد ضربه؛ لأنَّه لو كان مخطئاً لا يحل لهم أن يشهدوا أنَّه ضربه، وإنَّما يشهدون أنَّه قصد ضرب غيره فأصابه. كذا ذكره شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده رحمه الله

(4)

(5)

.

(لأَنَّ القَتْلَ لا يُعَادُ وَلا يُكَرَّرُ

(6)

فكان كل واحد منهما شاهداً بقتل على حِدَةٍ فلا يثبت أحدهما لانعدام نصاب الشَّهادة فيه.

ولأنَّ القاضي تيقن بكذب أحدهما؛ لأنَّه بعدما قتل في يوم في مكان لا يُتصوَّر أن يُقتل في يوم آخر ولا في مكان آخر، فبعدما تيقن القاضي بكذب الشَّاهد لا يجوز

(7)

له أن يقضي بشهادته.

وكذلك لو شهد شاهد

(8)

على رجل بالقتل خطأ وشهد الآخر على إقرار القاتل بذلك فهذا باطل أيضاً؛ لأنَّهما اختلفا في المشهود به فإن أحدهما شهد بفعل والآخر بقول والقول غير الفعل وواحد منهما لا يثبت عند

(9)

القاضي إلا باتفاق الشَّاهدين [عليه]

(10)

كذا في المبسوط

(11)

.

(وَكَذَا إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا: بِعَصاً، وَقَالَ الآخَرُ: لا أَدْرِي بِأَيِّ شَيْءٍ قَتَلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ

(12)

؛ لأنَّ المقضي به إن كان القتل بعصا [تجب]

(13)

الدية على العاقلة، والمقضي

(14)

به إن كان لا يعلم بماذا قتله الدية في ماله. كذا ذكره شيخ الإسلام

(15)

.

(1)

وفي (ب)(جَارِحٍ) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(3)

وفي (ب)(جارح) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

هو: الامام شيخ الاسلام أبي بكر محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، وكان من عظماء ماوراء النهر، قال السمعاني: كان إماما فاضلا حنفيا وله طريقة حسنة مفيدة جمع فيها من كل فن وكان يحفظها، وله كتاب المبسوط. (ت 483 هـ). يُنْظَر: تاج التراجم (1/ 259)، الجواهر المضية (2/ 49).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 228)، البناية شرح الهداية (13/ 152).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 174).

(7)

وفي (ب)(لا يكون).

(8)

كذا في (أ) و (ب) ولعل الصواب (شاهدان) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.

(9)

وفي (ب)(إلا عند).

(10)

سقط في (ب).

(11)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (26/ 104).

(12)

بداية المبتدي (243).

(13)

سقط في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(14)

وفي (ب)(المقضي).

(15)

يُنْظَر: الجامع الصغير (501)، البناية شرح الهداية (13/ 152).

ص: 174

(وَالمُطْلَقُ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ

(1)

فإنَّ المطلق ممكن العمل

(2)

.

ألا ترى أنَّ الله تعالى أوجب الكفَّارة بتحرير رقبة مُطلَقةٍ ووجب العمل به، ولو كان مجهولاً لما وجب العمل به. كذا ذكره الإمام الكشاني رحمه الله

(3)

(4)

.

(وَلأَنَّهُ يُحْمَلُ إِجْمَالُهُمْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إِجْمَالِهِمْ بِالمَشْهُودِ عَلَيْهِ

(5)

هذه صيغة

(6)

لفظية حسنة فالأوَّل من الإجمال في الحسيات

(7)

بمعنى: الإبهام، والثاني: من الإجمال في الصنعة

(8)

وهو الإحسان، هذا كله جواب لإشكال

(9)

يرد على جواب الاستحسان وهو أنَّ يقال: ينبغي أن لا تقبل شهادتهم؛ لأنَّ الشُّهود في قولهم: لا ندري أصادقون أم كاذبون فعلى الوجهين لا تقبل شهادتهم لأنَّهم إن صدقوا لا يمكن القضاء بهذه الشَّهادة

(10)

[لاختلاف موجب السَّيف والعصا]

(11)

وإن كذبوا صاروا

(12)

فسقة وشهادة الفاسق لا تقبل، وقال في جوابه: أنَّهم جُعِلُوا عالِمِين [بأنَّه قتله بالسَّيف]

(13)

لكنَّهم بقولهم: لا ندري، اختاروا حسبَةَ الستر على القاتل وأحسنوا له بالإحياء فجعل كذِبُهم هذا معفواً عند الله تعالى لما جاء في الحديث «ليس بكذَّاب من يصلح بين اثنين»

(14)

فبتأويلهم كذبهم بهذا لم يكونوا فسقة فتقبل شهادتهم.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(2)

قال الامام الشوكاني: الْمُطْلق ليس بمُجْمَلٍ لصِدْقِهِ على الكُلِّ والْبَعْضِ. نيل الأوطار (1/ 193)، وقال في تفسير المنار (6/ 187): والتحقيق عند أهل الأصول: أن المطلق ليس بمجمل؛ لأنه يصدق على الكل والبعض، فأيهما وقع حصل به الامتثال.

(3)

هو أبو المعالي، مسعود بن الحسن بن الحسين بن محمد بن إبراهيم الكشاني الخطيب، قال السمعاني: كتبت عنه لقيته بسمرقند، روى عن الشيخ سيف الدين أبي محمد عبدالله بن علي الكندي والخطيب أبي نصر محمد بن الحسن الباهلي وشمس الأئمة السرخسي، وروى عنه الإمام الصدر الشهيد حسام الدين أبو المعالي عمر بن عبدالعزيز بن عمر بن مازة والشيخ ظهير الدين أبو المحاسن. (ت 520 هـ).

يُنْظَر: طبقات الحنفية (1/ 206)، الجواهر المضية (2/ 168).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 153).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(6)

وفي (ب)(صفة).

(7)

وفي (ب)(الحساب).

(8)

وفي (ب)(الصنيعة).

(9)

وفي (ب)(الإشكال).

(10)

وفي (ب)(القضاء بالشهادة).

(11)

سقط في (ب).

(12)

وفي (ب)(كانوا).

(13)

سقط في (ب).

(14)

متفق عليه من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، رواه البخاري (2/ 958)، في (كتاب الصلح)، في (باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس)، برقم (2546)، بلفظ «ليس الكَذَّابُ الذي يُصلِحُ بين الناس فَيَنمِي خَيرًا أو يقول خَيرًا» . ورواه مسلم (4/ 2011)، في (كتاب البر والصلة والأدب)، في (باب تحريم الكذب وبيان المباح منه)، برقم (2605) بنحوه.

ص: 175

(وَأَوَّلُوا كَذِبَهُم) أي: الشُّهود (ظَاهِر مَا وَرَدَ بِإِطْلاقِهِ

(1)

أي: بتجويزه من الحديث وهو قوله عليه السلام: «ليس بكذَّابٍ من أصلح بين اثنين»

(2)

كذا ذكره الإمام الكَشَّاني

(3)

.

(وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ) أي: ستر الشَّاهد على المشهود عليه ما يوجب القتل في معنى (إِصْلَاحِ ذَاتِ البَيِّنِ

(4)

بجامع أنَّ العفو مندوب ههنا

(5)

كما أنَّ الإصلاح

(6)

مندوب هناك فكان ورود الإطلاق والتجويز هناك وروداً هنا

(7)

.

(وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ قَتَلَ فُلاناً، فَقَالَ الوَلِيُّ: قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعاً فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمَا

(8)

وكذلك

(9)

لو

(10)

قال الولي لأحدهما: أنت قتلته كان له أن يقتله؛ لأنَّهما تصادقا على وجوب القصاص عليه

(11)

.

[الفرق بين قول الولي قتلتماه أو صدقتما]

فإن قلت: ما الفرق بين قوله: قتلتما وبين قوله: صدقتما في هذه الصُّورة حيث لم يكن له أن يقتل واحدًا منهما في قوله: صدقتما كذا ذكره الإمام التمرتاشي رحمه الله؟

(12)

.

قلت: الفرق بينهما هو أن قوله: صدقتما كقوله لكل واحد منهما: أنت قتلته وحدك وفي تصديق كل واحد منهما تكذيب الآخر في الجميع وهو تكذيب لهما حينئذ بخلاف قوله: قتلتما؛ لأنَّه لما أقرَّ كل واحد منهما بكلِّ القتل صدق الولي بقوله: قتلتما كل واحد منهما في نصف القتل والتكذيب في نصف ما أقر به لا يبطل الإقرار.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(2)

سبق تخريجه.

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 123، 124)، تكملة البحر الرائق (8/ 368، 369) العناية شرح الهداية (15/ 231)، مجمع الأنهر (4/ 337).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(5)

وفي (ب)(هنا).

(6)

وفي (ب)(كان الإصلاح).

(7)

وقد ورد في الإصلاح حديث رواه الترمذي (4/ 663)، في (كتاب صفة القيامة)، برقم (2509) عن أبي الدّرْدَاءِ قال: قال رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم «ألا أُخْبرُكُمْ بأَفْضَلَ من درَجَةِ الصّيَامِ والصَّلَاةِ والصَّدَقَةِ؟» قالوا: بلَى، قال:«صلَاحُ ذاتِ الْبيْنِ فإن فسَادَ ذاتِ الْبيْنِ هيَ الْحَالقَةُ» قال أبو عيسَى هذا حَديثٌ صَحيحٌ.

(8)

بداية المبتدي (243).

(9)

وفي (ب)(وكذا).

(10)

وفي (ب)(إذا).

(11)

يُنْظَر: الجامع الصغير (497).

(12)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 154).

ص: 176

أمَّا التكذيب في كل ما أقرَّ به يبطل الإقرار؛ لأنَّه حينئذ يكون ردًّا لإقراره والإقرار يرتد بالردِّ إلى هذا أشار الإمام التَّمرتاشِيِّ رحمه الله

(1)

.

ثم قال: ولو أقر أحدهما بقتل عمد وقامت البينة على الآخر

(2)

بمثل ذلك فادعى الولي عليهما له أن يقتل المقر ولا شيء على الآخر؛ لأنَّه كذب المقر في النصف ولا يبطل إقراره في الثاني

(3)

وذلك يكفي للقصاص، وكذب الشَّاهد [في]

(4)

النصف فبطلت الشَّهادة في الثاني

(5)

(لأَنَّ التَّكْذِيبَ تَفْسِيْقٌ

(6)

للشَّاهد، وكذا لو أقر أحدهما بقتل خطأ وقامت البيِّنة على آخر بمثل ذلك فادَّعى الولي عليهما فعلى المقرِّ نصف الدية في ماله ولا شيء على الآخر ولو ادَّعى كله على المقرِّ فالدية على المقرِّ في ماله لو ادَّعى ذلك كله على المشهود عليه فالدية على عاقلته لثبوته عليه بالبيِّنة.

وفي قوله: (غَيْرَ [أَنَّ]

(7)

تَكْذِيْبَ المُقِرِّ لَهُ المُقِرُّ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لا يُبْطِلُ إِقْرَارَهُ فِي البَاقِي

(8)

قيد ببعض ما أقرَّ به احترازاً عن تكذيب المقر له المقر في كل ما أقرَّ به فإنَّ ذلك ردٌّ لإقراره فلا يصح الإقرار على ما ذكرنا.

وأمَّا التكذيب في البعض لا يبطل الإقرار بخلاف الشَّهادة فإنَّ التكذيب فيها مبطل للشَّهادة سواء كان التكذيب في الكلِّ أو في البعض.

وذكر الإمام الكشاني: ألا ترى أن رجلاً لو أقرَّ بألف درهم وصَدَّقه المقر له في النِّصف وكذَّبه في النِّصف أنَّ الإقرار صحيح فيما صدَّقه ولو كان ذلك في الشَّهادة لبطلت الشَّهادة كلها والله أعلم

(9)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (18/ 126)، تبيين الحقائق (6/ 124)، تكملة البحر الرائق (8/ 370)، مجمع الأنهر (4/ 338).

(2)

وفي (ب)(آخر).

(3)

وفي (ب)(الباقي).

(4)

سقط في (ب).

(5)

وفي (ب)(الباقي).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(7)

سقط في (ب).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(9)

يُنْظَر: الجامع الصغير (497)، العناية شرح الهداية (15/ 232)، درر الحكام (5/ 464).

ص: 177

‌بَابٌ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ القَتْلِ

[مناسبة ذكر الباب لما قبله]

لما كانت الأحوال صفات تعتري ذا الحال بعد وجوده ذكر أحوال القتل بعد ذكر نفس القتل

(1)

وما يتعلق ما فعل

(2)

الرَّامي الدية، أي: لورثة المرتد.

(لأَنَّهُ بِالارْتِدَادِ أَسْقَطَ

(3)

تَقَوُّمَ نَفْسِهِ فَيَكُونُ مُبْرِئاً الرَّامِي عَنْ مُوجِبِهِ

(4)

؛ لأنَّ من له الحق متى أخرج المتقوم عن التقوم يصير مبرئًا الضَّامن عن الضَّمان فإنَّ المغصوب منه متى أعتق المغصوب يصير مبرئًا الغاصب عن الضَّمان ولو أبرأه عن الجناية أو عن حقِّه ثم أصابه السَّهم لا يجب عليه شيء فكذلك ههنا

(5)

كذا في الجامع الصغير لصدر الإسلام رحمه الله

(6)

(7)

.

وبهذا يُعلم أنَّ معنى قوله في الكتاب: (كَمَا إِذَا أَبْرَأَهُ بَعْدَ الجُرْحِ قَبْلَ المَوْتِ

(8)

أي: إبراء المرمي عليه الرَّامي عن الجناية أو عن حقِّه ثم أصابه السَّهم فمات كان الإبراء صحيحاً فتعتبر حالة الرَّمي.

وهذا في مسائل فإنَّ المرمي لو كان كافراً وقت الرمي ثم أسلم وقت الإصابة لا يجب شيء، وكذا لو قُضِي على رجل بالرَّجم فرماه رجل ثم رجع الشُّهود ثم أصابه، وكذا لو رمى إلى صيد ثم ارتد ثم أصاب حَلَّ؛ لأنَّ فعله ذكاة شرعًا وقد تمَّ موجباً للحلِّ بشرطه وهو التسمية.

ألا ترى أنَّ الرَّامي لو مات [قبل إصابة السَّهم]

(9)

ثم أصاب لم يكن بأكله

(10)

بأس فكذلك إذا ارتد، وإن رمى كافر ثم أسلم ثمَّ أصاب لم يحل، وكذا لو رمى مُحْرِم ثم حل ثم أصاب فعليه الجزاء، وإن رمى حلال ثمَّ أحرم ثم أصاب لا جزاء عليه، وكذا لو رمى إلى صيد ثم رماه آخر

(11)

فأصابه الأوَّل [فأخرجه عن الصيدية ثم أصابه الثاني فقتله حَلَّ؛ لأنه رماه الثاني لم يكن الصيد خارجا عن الصيدية ولم يعتبر حال الإصابة]

(12)

.

(1)

وفي (ب)(المقتل).

(2)

وفي (ب)(بها فعلى) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام والله أعلم.

(3)

وفي (ب)(سقط).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(5)

وفي (ب)(هنا).

(6)

هو: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسين بن عبدالكريم بن موسى بن مجاهد، أبو اليسر البزدوي، فقيه، أصولي ولي القضاء بسمرقند، ملأ الكون بتصانيفه في الأصول والفروع، من تصانيفه:"المَبْسُوط" في فروع الفقه وهو في احدى عشر مجلداً ولايزال مخطوطاً توفي ببخارى (493 هـ).

يُنْظَر: سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء (19/ 49)، الجواهر المضية (2/ 270)، تاج التراجم (275).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 234)، البناية شرح الهداية (13/ 156).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(9)

سقط في (ب).

(10)

وفي (ب)(به).

(11)

وفي (ب)(الآخر).

(12)

زيادة في (ب).

ص: 178

[المعتبر في حالة الرمي]

وهما يقولان بقول أبي حنيفة رحمهم الله: في أنَّ المعتبر حالة الرمي ولهذا وافقاه في هذه المسائل إلا أنَّ

(1)

المرمي إليه في مسألتنا لما ارتد صار مبرئاً الرَّامي عن الدية بإخراجه نفسه من أن يكون معصوماً وفعله مُعتبر في إسقاط حقِّه كما إذا أبرأ المغصوب منه الغاصب بإعتاق المغصوب على ما ذكرنا.

إلا أنَّ أبا حنيفة رحمه الله يقول فقولهما:

(2)

أنَّه بالارتداد صار مبرئًا عن ضمان الجناية غير صحيح؛ لأنَّ في اعتقاد المرتد الردَّة لا تبطل التقوُّم فكيف يصير مبرئًا عن ضمان الجناية كذا في الجامع الصَّغير لقاضي خان والتمرتاشي والمحبوبي رحمهم الله

(3)

.

(فَلِهَذَا تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ فِي حَقِّ الحِلِّ

(4)

(5)

أي: في الصيد.

(فَكَذَا فِي حَقِّ التَّكْفِيرِ حَتَّى جَازَ

(6)

بَعْدَ الجُرْحِ قَبْلَ المَوْتِ

(7)

فصار كأنَّه قتله حين جرحه، وفي مسألتنا أيضاً يصحُّ التكفير قبل الإصابة؛ لأنَّه ذكر في الجامع الصَّغير لقاضي خان: فيصير قاتلاً من وقت الرَّمي فلهذا لو كانت الجناية خطأ فكفر بعد الرمي قبل الإصابة صحَّ تكفيره

(8)

.

(وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله: عَلَيْهِ فَضْلُ

(9)

مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَرْمِيًّا إِلَى غَيْرِ مَرْمِيٍّ

(10)

(11)

حتَّى لو كانت قيمته قبل الرمي ألف درهم وبعد الرمي ثمانمائة يلزمه مائتا درهم له أن العتق قاطع للسراية.

ألا ترى أن من قطع يد عبد إنسان خطأ ثم أعتقه مولاه ثم مات لا يجب عليه قيمة النَّفس، وإنَّما يجب عليه أرش اليد مع النقصان الذي نقصه القطع إلى أن عتق دلَّ أنَّ العتق يبطل سراية الجناية، وهو بنفس الرمي صار جانياً على هذا الشخص تقديراً، فتبطل جنايته فلا تجب عليه قيمته كاملاً غير أنَّه يضمن فضل ما بين قيمته مرميًّا إلى قيمته غير مرمي؛ لأنَّ الرمي يوجب النقصان فيوجب ضمان النقصان كالقطع لهما أنَّه يصير قاتلاً من وقت الرمي.

(1)

وفي (ب)(ن).

(2)

وفي (ب)(بقولهما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

يُنْظَر: الجامع الصغير (498)، المبسوط؛ للسَّرَخْسِيِّ (4/ 85)، الهداية شرح البداية (4/ 176)، فتح القدير (3/ 108)، الاختيار لتعليل المختار (5/ 38)، العناية شرح الهداية (15/ 240 - 242)، تكملة البحر الرائق (8/ 371، 372)، نتائج الأفكار (10/ 293)، مجمع الأنهر (4/ 339).

(4)

وفي (ب)(المحل).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(6)

وفي (ب)(جاء).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 175).

(8)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 38)، تبيين الحقائق (6/ 124).

(9)

وفي (ب)(الفضل).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 176).

(11)

الجامع الصغير (498).

ص: 179

ثم الفرق لأبي يوسف بين هذه الصُّورة وبين المسألة الأولى: وهي ما إذا رمى مسلماً فارتدَّ المرمي إليه ثم وقع به السَّهم فليس على الرامي شيء عنده اعتبارا لوقت الإصابة، وههنا جعل قيمة العبد للمولى اعتبارا لوقت الرمي هو أنَّ المرمي إليه بالارتداد خرج من أن يكون معصوماً فصار مبرئًا له عن الجناية لما أنَّ الردة تنافي العصمة فلا يجب الضَّمان للمنافي.

وأمَّا ههنا فالمعترض على المرمي إليه ليس إلا العتق وأنَّه لا ينافي وجوب الضَّمان فيجب عليه قيمته للمولى وقد ذكرنا أنَّه يوافق أبا حنيفة رحمه الله في أنَّ الاعتبار لوقت الرَّمي [لكن]

(1)

في مسألة الارتداد فعل

(2)

الارتداد بمنزلة الإبراء والإبراء عن الضَّمان بعد تحقق السبب صحيح على ما ذكرنا هذا كله مما أشار إليه [الإمام]

(3)

المحبوبي

(4)

.

(وَأَمَّا الرَّمْيُ قَبْلَ الإِصَابَةِ لَيْسَ بِإِتْلَافِ لشيء

(5)

مِنْهُ

(6)

فلا يجب به الضَّمان ولكن انعقد

(7)

الرَّمي علة تامة لإيجاب الضَّمان عند الاتِّصال بالمحل وعند الاتصال بالمحلِّ يستند الوجوب إلى وقت الانعقاد فلم يوجد مخالفة النِّهاية البداية بخلاف الجرح [فإنَّ هناك اتصلت العلة]

(8)

بالمحلِّ ووجب ضمان الجرح للمولى في الحال وعند السِّراية لو قلنا بضمان النَّفس كان ذلك الضمان للعبد الميِّت فخالفت النِّهاية البداية فلذلك وقع الإعتاق قاطعا للسِّراية هناك والله أعلم [بالصَّواب]

(9)

(10)

.

* * *

(1)

سقط في (ب).

(2)

وفي (ب)(جعل).

(3)

سقط في (ب).

(4)

قال في الهداية (4/ 175، 176): وإن رمى عبدًا فأعتقه مولاه، ثم وقع السهم به فعليه قيمته للمولى، عند أبي حنيفة رحمه الله، وقال محمد رحمه الله: عليه فضل ما بين قيمته مرميا إلى غير مرمي، وقول أبي يوسف- رحمه الله مع قول أبي حنيفة. وينظر: الجامع الصغير (498)، تكملة البحر الرائق (8/ 372).

(5)

وفي (ب)(شَيْءٍ)، وهي الصواب، وهكذا جاءت في الهداية.

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 176).

(7)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (انعقاد) لموافقتها سياق الكلام.

(8)

سقط في (ب).

(9)

سقط في (ب).

(10)

يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 38)، تبيين الحقائق (6/ 125)، البناية شرح الهداية (13/ 158)، تكملة البحر الرائق (8/ 372).

ص: 180

‌كِتَابُ الدِّيَات

[مناسبة ذكر الديات عقب الجنايات]

ذكر مسائل الدِّيات بعد ذِكر مسائل الجنايات التي توجب القصاص ظاهر التَّناسب لما أنَّ الدية إحدى مُوجَبَي الجناية؛ لأنَّ موجبيها القصاص والدية لكنَّه قدَّم أحكام القصاص على الديات، إما إشارة إلى أنَّ موجب القتل هو القصاص عيناً كما هو مذهبنا لكن للولي العدول إلى الدية

(1)

، وإمَّا لأنَّ معنى الإحياء والصيانة في إيجاب القصاص أكثر فقدَّم ما هو أكثر تصوُّناً به؛ لأنَّ الأصل هو الصيانة، وإمَّا لأنَّ وجوب الدية فيما كان فيه من العوارض كالخطأ أو في معنى الخطأ؛ فالعوارض مؤخرة عن الأصول فكذلك ما يتعلق بها من المسائل كانت مؤخَّرة عمَّا يتعلق من المسائل المتعلقة بالأصول.

[وأمَّا المحاسن]

(2)

فهي المحاسن المذكورة في القصاص تذكر ههنا مع زيادة معنى إحياء القاتل ههنا، وهو إبقاؤه حيًا كما كان.

[تعريف الدية]

ثم الدية لغة: مصدر من ودى القاتل المقتول إذا أعطى وليه المال الذي هو بدل النَّفس [بِمَ قتل]

(3)

ثُمَّ قيل لذلك المال: الدية تسمية بالمصدر فكان التاء في آخرها عوضاً عن الواو في أولها كالعدة

(4)

والعظة، وتقول في الأمر من يدي وديا دوا، ومنه الحديث:«قوموا فدوه»

(5)

وأصل التركيب يدلُّ على معنى الجري والخروج منه، الوادي؛ لأن الماء يدي فيه، أي: يجري ويسيل

(6)

.

ثم اعلم بأنَّ القتل بغير

(7)

حق: من أعظم الجنايات بعد الإشراك بالله تعالى [قال الله تعالى:]

(8)

{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}

(9)

وذلك؛ لأنَّ في قتل النَّفس إفساد العالم ونقض البنية، ومثل هذا الفساد من أعظم الجنايات، ومعلوم أنَّ الجاني مزجور عن الجناية، إلا أنَّه لو وقع الاقتصار على الزَّجر بالوعيد في الآخرة ما انزجر إلا أقل القليل؛ فإنَّ أكثر النَّاس إنَّما ينزجرون عن مخافة العاجلة بالعقوبة وذلك بما يكون متعلقاً بالجاني أو محققاً

(10)

به، فَشَرَع الله القصاص والدية لتحقيق معنى الزَّجر وهذا الكتاب لبيان ذلك وقد سمَّاه محمَّد رحمه الله كتاب الديات

(11)

؛ لأنَّ وجوب الدية بالقتل أعمَّ من وجوب القصاص؛ فإنَّ الدية تجب في الخطأ وشبه العمد وفي العمد عند تمكن الشبهة، وكذلك الدية تتنوع أنواعاً والقصاص لا يتنوع فلهذا رجَّح جانب الدية في نسبة الكتاب إليها [ههنا]

(12)

كذا في «المبسوط»

(13)

.

(1)

قال الإمام المرغيناني: وليس للولي أخذ الدية إلا برضا القاتل. يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 158)، تبيين الحقائق (6/ 98)، تكملة البحر الرائق (8/ 331)، حاشية ابن عابدين (6/ 529)، تكملة رد المحتار (1/ 93).

(2)

سقط في (ب).

(3)

سقط في (ب).

(4)

العِدَّة لغة: الإحصاء؛ يقال: عددت الشيء؛ أي: أحصيته، مأخوذ من الحساب، والعد، وعدة المرأة: أيام أقرائها.

يُنْظَر: تهذيب اللغة (1/ 69)، مقاييس اللغة (4/ 29)، لسان العرب (3/ 281)، أنيس الفقهاء (167).

واصطلاحاً: تربصٌ يلزم المرأة بزوال النكاح المتأكد.

يُنْظَر: فتح القدير (4/ 307)، تبيين الحقائق (3/ 26)، العناية شرح الهداية (6/ 95)، البحر الرائق (4/ 138)، اللباب في شرح الكتاب (288).

(5)

رواه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 193)، في (باب في الدية)، برقم (514)، بلفظ:«قال: دوه» .

(6)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 347)، أنيس الفقهاء (292).

(7)

وفي (ب)(من غير).

(8)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(9)

سورة المائدة من الآية (32).

(10)

وفي (ب)(محفا).

(11)

المبسوط؛ للشيباني (4/ 437).

(12)

سقط في (ب).

(13)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 58، 59).

ص: 181

(وَلِأَنَّهُ جَعَلَ المَذْكُورَ

(1)

كُلَّ الوَاجِبِ بِحَرْفِ الفَاءِ

(2)

يعني: لما دخل الفاء على هذا الواجب علم به أنَّ هذا المذكور هو كل الواجب؛ لأنَّ بدخول الفاء يُعلم أنَّه جزاء الشرط المذكور قبله وهو إنما يكون جزاء أن لو كان كل الجزاء وإلا لا يكون جزاء، حتى لو قال الرجل لامرأته: إن دخلتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ، وفي نِيَّتِهِ أن يقول: وعبده حرٌّ ولكنَّه لم يقل ذلك، لا يكون ذلك الذي هو غير مذكور [مذكور]

(3)

جزاء

(4)

.

فكذلك ههنا ينبغي أن يكون المذكور كل الجزاء (أو لكونه كلّ المذكور

(5)

، يعني: لو كان غيره

(6)

مرادا [به]

(7)

لَذُكِر؛ لأنَّه موضع الحاجة إلى البيان وحيث لم يذكر دل أنَّه غير مراد؛ لأنَّ السُّكوت عن البيان في موضع الحاجة إلى البيان بيان

(8)

(وَالظَّاهِرُ بِسَلامَةِ أَطْرَافِهِ

(9)

: أي يشترط في رقبة الكفارة سلامة الأطراف من اليد والرجل والعين واللسان فيكتفى بالطِّفل

(10)

[الرضيع]

(11)

بظاهر الحال من سلامة أطرافه؛ لأنَّ الظَّاهر من حاله أنَّ أطرافه سليمة.

فإن قلت: يشكل على هذا ما ذكره بعد هذا بقوله: (وَفِي عَيْنِ الصَّبِيِّ، وَذَكَرِهِ، وَلِسَانِهِ إِذَا لَم تُعْلَمْ صِحَّتُهُ: حُكُومَةُ عَدْلٍ

(12)

حيث لم يكتف هناك بظاهر الحال؛ لأنَّ هذه الأعضاء سليمة حتى يجب على القاطع خطأ دية كاملة.

قلت: قد ذكر هناك بقوله: (وَالظَّاهِرُ لا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلإِلزَامِ

(13)

أي: لإلزام الدِّية وههنا الحاجة إلى دفع الواجب والظَّاهر يصلح حجة للدَّفع ولأنه إذا عاش ههنا ولم يقطع أطرافه يعلم سلامة أطرافه.

(1)

أي المذكور في الآيتين من قوله تعالى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} ، وقوله تعالى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 177).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

(3)

زيادة في (ب).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 244)، البناية شرح الهداية (13/ 161)، نتائج الأفكار (10/ 296).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

(6)

وفي (ب)(غير).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

يُنْظَر: أصول الشاشي (262)، أصول البزدوي (160)، إيثار الإنصاف (259)، كشف الأسرار (1/ 35)، العناية شرح الهداية (15/ 244).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

(10)

وفي (ب)(في الطفل).

(11)

سقط في (ب).

(12)

بداية المبتدي (246)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (289).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

ص: 182

[ديه شبه العمد]

وأمَّا هناك لما قطعت

(1)

أطرافه لم يظهر لنا سلامة أطرافه لا في حال القطع ولا بعد القطع وفي الإعتاق لم ينسد باب حدوث السَّلامة فافترقا (وَهُوَ الكَفَّارَةُ فِي الخَطَأِ

(2)

أي: عتق رقبة مؤمنة الذي ذكرناه في شبه العمد وهو الكفارة في الخطأ (وَدِيَتُهُ

(3)

أي: ودية شبه العمد وإنَّما قيَّد به؛ لأنَّ دية الخطأ المحض فإنه

(4)

من الإبل أخماساً على ما يجيء وهذا دية شبه العمد فيجب فيه الدية أرباعاً

(5)

.

وقوله: (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

(6)

رحمه الله فالاقتصار بذكر أبي حنيفة مخالف لعامَّة روايات

(7)

الكتب من «المبسوط» و «الأسرار» و «الإيضاح» و «الذّخيرة» وغيرها، فإنَّ المركوب

(8)

فيها (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ -رَحِمَهُمَا الله- خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ

(9)

(10)

[بنصبِ]

(11)

بنتَ وكذا في غيرها

(12)

.

لأنَّ مميز أحد عشر إلى تسعة وتسعين يجيء منصوباً لما عرفت

(13)

(14)

.

(1)

وفي (ب)(وهنا لما لم يقطع) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

بداية المبتدي (244).

(3)

بداية المبتدي (244).

(4)

وفي (ب)(مائة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

يُنْظَر: مختصر القدوري (286)، الهداية شرح البداية (4/ 177)، العناية شرح الهداية (15/ 247)، مجمع الأنهر (4/ 341)، تنقيح الفتاوى الحامدية (7/ 32، 33).

(6)

بداية المبتدي (244).

(7)

وفي (ب)(لروايات عامة).

(8)

في (ب)(المذكور)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(9)

بداية المبتدي (244)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (286).

(10)

هي ما تم لها سنة ودخلت في السنة الثانية، وسميت بذلك؛ لأن أمها تكون في الغالب قد مخضت، أي: حملت، وليس كونها ماخضا شرطاً. يُنْظَر: لسان العرب (10/ 190)، القاموس المحيط (843).

(11)

سقط في (ب).

(12)

لعل النسخة التي وقف عليها الإمام السغناقي رحمه الله سقط منها ذكر أبي يوسف، والصواب أنه مذكور في البداية، وقد قال الإمام البابرتي في العناية (15/ 247): ولم يُذكر في بعض نُسخ الهداية قول أبي يوسف مع أبي حنيفة وهو مخالف لرواية عامة الكتب. يُنْظَر: مختصر القدوري (286)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 76)، بداية المبتدي (244)، تبيين الحقائق (6/ 126).

(13)

وفي (ب)(عرف).

(14)

يُنْظَر: المفصل في صنعة الإعراب (268)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 421).

ص: 183

[تعريف الخلفة]

الخلفة: الحامل من النوق

(1)

وجمعها مخاض من غير لفظها وقد يقال: خلفات

(2)

.

فعلى هذا التَّفسير كان قوله: «فِي بُطُونِهِا أَوْلَادُهَا

(3)

(4)

صفة مقدَّرة كما في قوله عليه السلام: «ما أبقته الفرائض فلِأَولى رجلٍ ذكر» .

(5)

(6)

(وَلأَنَّ دِيَةَ شِبْهِ العَمْدِ أَغْلَظُ

(7)

أي: من دية الخطأ المحض فإنَّ الإبل فيه تجب أخماساً على ما يجيء وههنا لا تجب أخماساً بالإجماع

(8)

فعلم بذلك أن جانب التغليظ روعي ههنا ثم قال: (مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُمَا الله

(9)

فيما قلنا جانب التغليظ أكثر رعاية مما قلتم.

لأنَّا نقول: تجب الإبل في شبه العمد أثلاثاً، وأنتم تقولون: تجب فيه أرباعاً؛ لأنَّه قال في المبسوط

(10)

: فأمَّا في شبه العمد على قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- يجب من الإبل أرباعاً على ما ذكر في الكتاب

(11)

وهو (قَوْلُ ابْنِ مَسْعُود رضي الله عنه

(12)

(13)

وقال محمد والشافعي -رحمهما الله-: تجب أثلاثاً ثلاثون حقة

(14)

وثلاثون جذعة

(15)

وأربعون ما بين ثنية

(16)

إلى بازل

(17)

كلها خلفة

(18)

. وهو قول عمر وزيد والمغيرة بن شعبة

(19)

وأبي موسى الأشعري

(20)

رضي الله عنهم (وَمَا رَوَيَاهُ

(21)

غَيْرُ ثَابِتٍ لِاخْتِلافِ الصَّحَابَةِ فِي صِفَةِ التَّغْلِيْظِ

(22)

(23)

فإنَّ عُمر وزيدًا والمغيرة بن شعبة وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهم قالوا كما ذكر محمد والشافعي، وقال علي رضي الله عنه: تجب أثلاثاً: ثلاثة وثلاثون حقة وثلاثة وثلاثون جذعة وأربعة وثلاثون خلفة

(24)

وقال ابن مسعود-رضي الله عنه: تجب (أَرْبَاعاً كَمَا ذَكَرْنَا

(25)

(26)

. وذكر في «شرح الأقطع» ما رواه محمد والشافعي -رحمهما الله-، ثم قال: هذا الخبر معارض لقول ابن مسعود رضي الله عنه ولا مدخل للرأي في تقديرات الشرع فلابد من أن يكون مسموعاً وإذا تعارض الخبران كان الأخذ بالتيقن

(27)

أولى.

(1)

في هامش (أ) تعليق نصه: "وهي جمع الناقة، كناقة جمعها نوق وأنوق ثم استثقلوا الضمة على الواو فقدموها وقالوا: أونق، ثم عوضوا من الواو ياء فقالوا: أنيق، ثم جمعوها على أنيق، وقد تجمع الناقة على نياق بالكسر صحاح". يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (4/ 247)

(2)

يُنْظَر: تهذيب اللغة (7/ 176)، المغرب في ترتيب المعرب (269).

(3)

سبق تخريجه (ص 217).

(4)

بداية المبتدي (244).

(5)

متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، رواه البخاري (6/ 2478)، في (كتاب الفرائض)، في (باب ميراث الجد مع الأب والإخوة)، برقم (6356)، بلفظ «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر» . ورواه مسلم (3/ 1233)، في (كتاب الفرائض)، في (باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر)، برقم (1615).

(6)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 162).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 76)، تبيين الحقائق (6/ 126)، العناية شرح الهداية (15/ 247)، المدونة الكبرى (16/ 307)، الكافي؛ لابن عبد البر (596)، الاستذكار (8/ 54)، الإقناع؛ للماوردي (164)، الحاوي الكبير (12/ 397)، التنبيه (222)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (9/ 551)، زاد المستقنع (223).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

(10)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 76).

(11)

قال الامام القدوري: ودية شبه العمد عند أبي حنيفة وأبي يوسف: مائة من الإبل: أرباعا. مختصر القدوري (286).

(12)

أخرجه أبو داود (4/ 186)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (4552)، بلفظ «قال عبد اللّهِ في شبْهِ الْعمْدِ خمْسٌ وعِشْرُونَ حِقّةً وخَمْسٌ وعِشْرُونَ جذَعَةً وخَمْسٌ وعِشْرُونَ بنَاتِ لبُونٍ وخَمْسٌ وعِشْرُونَ بنَاتِ مخَاضٍ». قال الزيلعي: وسكت عنه أبو داود، ثم المنذري بعده.

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

(14)

الحقة: وهي ما تم لها ثلاث سنين، سميت بذلك لأنها بهذا السن استحقت أن يطرقها الفحل وأن يحمل عليها وتركب وتجمع الحقة حقاقا وحقائق. يُنْظَر: تهذيب اللغة (3/ 245)، لسان العرب (10/ 55).

(15)

الجذعة: وهي ما تم لها أربع سنين، سميت بذلك لأنها إذا بلغت هذا السن تجذع، أي: يسقط سنها. يُنْظَر: تهذيب اللغة (1/ 226)، تاج العروس (18/ 483).

(16)

وهي ما تم لها خمس سنين ودخلت في السادسة وألقى ثنيته فهو حينئذ ثني والأنثى ثنية. يُنْظَر: تهذيب اللغة (15/ 101)، الفرق (1/ 70).

(17)

البازل يقال: جمل بازل وناقة بازل: إذا فطر نابه في تاسع سنيه. يُنْظَر: الفائق في غريب الحديث (1/ 105)، جمهرة اللغة (1/ 334).

(18)

مذهب الشافعية: أن دية شبه العمد تجب مثلثة، فتجب فيها مائة من الإبل، ثلثهن حقة، وثلثهن جذعة، وأربعون خلفة. يُنْظَر: الحاوي الكبير (12/ 213)، الوسيط (6/ 328، 329)، روضة الطالبين (9/ 256).

(19)

المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن معتب الأمير، ويكنى أبا عبد الله وكان يكنى أبا عيسى فغيرها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكناه أبا عبد الله، وكان المغيرة بن شعبة من دهاة العرب وحزمتها وذوي الرأي منها والحيل الثاقبة وكان يقال له في الجاهلية والإسلام مغيرة الرأي وكان يقال ما اعتلج في صدر المغيرة أمران إلا اختار أحزمهما، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وشهد معه الحديبية وما بعدها وبعثه أبو بكر رضي الله عنه إلى أهل النجير وشهد فتح اليمامة وفتوح الشام وكان أعور أصيبت عينه في يوم اليرموك وشهد القادسية مع سعد ابن أبي، وولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عدة ولايات إحداها البصرة. توفي المغيرة في سنة خمسين في شعبان وله سبعون سنة.

يُنْظَر: الأغاني (16/ 87)، سير أعلام النبلاء (3/ 21).

(20)

عبدالله بن قيس بن سليم الأشعري اليماني الامام الكبير صاحب رسول الله التميمي الفقيه المقرئ، أسلم بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة ثم قدم مع أهل السفينتين ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر. وكان من أطيب الناس صوتا سمع النبي صلى الله عليه وسلم قراءته فقال: لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود، واختلف في وفاته فقيل: توفي سنة اثنتين وخمسين، وقيل: اثنتين وأربعين، وقيل: أربع وأربعين ودفن بمكة، وقيل: دفن بالثوية على ميلين من الكوفة.

يُنْظَر: صفة الصفوة (1/ 556)، سير أعلام النبلاء (2/ 380)، معرفة القراء الكبار (1/ 39)، الوافي بالوفيات (17/ 220).

(21)

أي: محمد والشافعي -رحمهما الله- يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 163).

(22)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

(23)

قوله: وهذا غير ثابت لاختلاف الصحابة في صفة التغليظ، فابن مسعود قال بالتغليظ أرباعا - وسبق تخريج حديثه (358 ص) -.

وأخرج أبو داود (4/ 187)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (4554) عن أبي عياض عن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت «في المغلظة أربعون جذعة خلفة وثلاثون حقة وثلاثون بنات لبون وفي الخطأ ثلاثون حقة وثلاثون بنات لبون وعشرون بنو لبون ذكور وعشرون بنات مخاض» انتهى وأبو عياض ثقة احتج به البخاري في صحيحه.

وأخرج أبو داود (4/ 186)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (4550) عن مجاهد قال:«قضى عمر في شبه العمد ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة» انتهى. إلا أن مجاهد لم يسمع من عمر فهو منقطع.

وأخرج أبو داود (4/ 186)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (4551)، عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه قال:«في شبه العمد أثلاثا ثلاث وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة» انتهى، وعاصم بن ضمرة فيه مقال.

وروى أبي دواد (4/ 186)، في (كتاب الديات)، في (باب في الخطأ شبه العمد)، برقم (4553)، عن عاصِمِ بن ضمْرَةَ قال: قال علِيٌّ رضي الله عنه: «في الخطأ أرْبَاعًا خمْسٌ وعِشْرُونَ حِقّةً وخَمْسٌ وعِشْرُونَ جذَعَةً وخَمْسٌ وعِشْرُونَ بنَاتِ لبُونٍ وخَمْسٌ وعِشْرُونَ بنَاتِ مخَاضٍ» .

وروى ابن أبي شيبة (5/ 347)، (كتاب الديات)، في (باب دية العمد كم هي)، برقم (26760) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال كان أبو موسى والمغيرة بن شعبة يقولان في المغلظة من الدية:«ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة ما بين ثنية إلى بازل عامها» . يُنْظَر: نصب الراية (4/ 356، 357).

(24)

سبق تخريجه (ص 359).

(25)

سبق تخريجه (ص 358).

(26)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

(27)

وفي (ب)(بالمتيقن)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

ص: 184

وذكر في «المبسوط» : وأبو حنيفة وأبو يوسف -رحمهما الله- احتجا بحديث السائب بن يزيد رضي الله عنه

(1)

أنَّ النَّبي عليه السلام «قضى في الدية بمائة منالإبل أرباعاً

(2)

ومعلوم أنَّه لم يُرد به الخطأ؛ لأنَّها في الخطأ تجب أخماساً فعرفنا أنَّ المراد به شبه العمد، وقال: «فِي النَّفْسِ المُؤْمِنَةِ

(3)

مَائَةٌ مِنَ الإِبِلِ

(4)

(5)

، والمراد أدنى ما يكون منه وما قلناه أدنى والمعنى فيه أنَّه إنَّما تجب الدية عوضاً عن المقتول والحامل لا يجوز أن تستحق في شيء من المعاوضات لوجهين:

(1)

أبو عبدالله السائب بن يزيد بن سعيد المدني، ابن أخت نمر وذلك شيء عرفوا به، وكان جده سعيد بن ثمامة حليف بني عبد شمس، ولد في السنة الثالثة من الهجرة، وقال: حج بي أبي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين. وروى عن عمر وعثمان وغيرهم، قال ابن كثير: له نصيب من صحبة ورواية. وقال عطاء مولى السائب بن يزيد كان شعر السائب من هامته إلى مقدم رأسه أسود وسائر رأسه ولحيته وعارضيه أبيض فقلت له ما رأيت أحدا أسود شعرا منك فقال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الصبيان فمسح يده على رأسي وقال بارك الله فيك فهو لا يشيب أبدا (ت 91 هـ). يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (3/ 437)، الوافي بالوفيات (15/ 63).

(2)

بحثت عنه بهذا اللفظ ولم أجده. وقد ذكره السرخسي في المبسوط (26/ 77)، والزيلعي في تبيين الحقائق (6/ 126)، والدهلوي في شرح سنن ابن ماجه (189). وفي تكملة البحر الرائق (8/ 373).

(3)

كذا في (أ) و (ب)، وفي متن الهداية (في نفس المؤمن).

(4)

وهذا الحديث قطعة من كتاب عمرو بن حزم، رواه النسائي (4/ 245)، في (كتاب القسامة)، في (باب عقل الأصابع)، برقم (7058)، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن وهذه نسختها «من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد وكان في كتابه أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وأن في النفس الدية مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل وأن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذمة ألف دينار» . وأخرجه أبو داود في المراسيل (211)، في (باب كم الدية)، برقم (257). قال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب كتابا أصح من كتاب عمرو بن حزم. يُنْظَر: تهذيب الكمال (11/ 419)، وقال أحمد بن حنبل: كتاب عمرو بن حزم في الصدقات صحيح. يُنْظَر: تنقيح تحقيق أحاديث التعليق (2/ 171).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

ص: 185

أحدهما: أن صفة الحمل لا يمكن الوقوف على حقيقتها.

والثَّاني: أنَّ الجنين من وجه كالمنفصل فيكون هذا في معنى إيجاب الزيادة عن المائة عدداً، وبالاتفاق

(1)

(2)

صفة التَّغليظ ليست من العَدد بل من حيث السِّن، ثم الديات تعتبر بالصَّدقات والشَّرع نهى عن أخذ الحوامل في الصدقات؛ لأنَّها كرائم أموال النَّاس فكذلك

(3)

في الديات، وهذا لأنَّ في شبه العمد يجب على العاقلة بطريق الصِّلة منهم للقاتل بمنزلة الصدقات.

وأمَّا الحديث الذي روي وهو قوله عليه السلام: «أَلَا إِنَّ قَتِيلَ خَطَأِ العَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ [وَالعَصَا]

(4)

، فِيهِ مَائَةٌ مِن الإِبِلِ أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا

(5)

(6)

فلا يكاد يصح؛ لأنَّ ما ذكره رسول الله عليه السلام في حجَّة الوداع في خطبته كان بمحضر من جماعة ولم يروِ

(7)

هذا الحديث إلا النعمان بن بشير

(8)

وهو في ذلك الوقت في عداد

(9)

الصبيان وقد خفي [هذا]

(10)

الحديث على كبار الصَّحابة حتى اختلفوا [فيما]

(11)

بينهم على أقاويل كما

(1)

وفي (ب)(له وبالاتفاق).

(2)

قال ابن حزم: واتفقوا على أن الدية على أهل البادية مائة من الابل في نفس الحر المسلم المقتول خطأ لا أكثر ولا أقل. مراتب الإجماع (140). وينظر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 451)، المبسوط للسرخسي (26/ 65)، التلقين (2/ 478)، الإستذكار (8/ 36)، الأم (6/ 8)، مختصر المزني (244)، الإقناع؛ للماوردي (164)، مختصر الخرقي (118)، عمدة الفقه (139).

(3)

وفي (ب)(فكذا).

(4)

سقط في (ب).

(5)

سبق تخريجه (ص 217).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 177).

(7)

وفي (ب)(يرد).

(8)

أبو عبدالله النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه، وأمه عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة، وهو أول مولود ولد بالمدينة بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، وأبوه بشير ممن شهد بدرا، وله صحبة بالنبي صلى الله عليه وسلم ولأبيه بشير بن سعد، وسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وَعُدَّ من الصحابة الصبيان باتفاق، وشهد مع معاوية صفين ولم يكن معه من الأنصار غيره، وكان كريما عليه رفيعا عنده وعند يزيد ابنه بعده. (ت 64 هـ).

يُنْظَر: الأغاني (16/ 35)، مختصر تاريخ دمشق (26/ 160)، سير أعلام النبلاء (3/ 411).

(9)

وفي (ب)(عدد).

(10)

زيادة في (ب).

(11)

زيادة في (ب).

ص: 186

بَيَّنَّا ولم تجر المخاصمة

(1)

بينهم بالحديث ولو كان صحيحًا لما اختلفوا مع هذا النصَّ ولا احتج بعضهم به على البعض

(2)

.

(وَلأَنَّ مَا قُلْنَاهُ أَخَفُّ) وهو [من]

(3)

إقامة ابن مخاض مقام ابن لبون

(4)

.

(والحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ

(5)

وهو رواية ابن مسعود رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام «قَضَى فِي قَتِيلٍ قُتِلَ خَطَأً أَخْمَاساً

(6)

عَلَى [نَحْوِ]

(7)

مَا قَالَ

(8)

بإقامة ابن مخاض مقام [ابن]

(9)

لبون، وقال عليه السلام:«في النَّفس المؤمنة مائة من الإبل»

(10)

، واسم الإبل مطلقاً يتناول أدنى ما يكون منه، وابن المخاض أدنى من ابن اللبون.

ولأنَّ الشَّرع جعل ابن اللبون بمنزلة ابنة المخاض في الزكاة وإيجاب ابن اللبون [ههنا]

(11)

في معنى إيجاب أربعين من بنت المخاض، وذلك لا يجوز بالإجماع [كذا في «المبسوط»]

(12)

(13)

.

(1)

وفي (ب)(المحاجة) وهي الموافقة لعبارة المبسوط.

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 77).

(3)

زيادة في (ب).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 127).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 178).

(6)

رواه أبو داود (4/ 184)، في (كتاب الديات)، في (باب الدية كم هي)، برقم (4545)، عن حجاج بن أرطأة عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك الطائي عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «في ديَةِ الخطأ عِشْرونَ حقَّةً وَعِشْرونَ جذَعَةً وَعِشْرونَ بنت مخَاضٍ وَعِشْرونَ بنت لَبونٍ وَعِشْرونَ بَني مخَاضٍ ذكُرٍ» .

ورواه الترمذي (4/ 10)، في (كتاب الديات)، في (باب ما جاء الدية كم هي من الإبل)، برقم (1386) وقال: حديث ابن مسعود لا نعرفه مرْفُوعًا إلا من هذا الْوجْهِ وقد روي عن عبداللّهِ موْقُوفًا وقد ذهَبَ بعْضُ أهْلِ الْعلْمِ إلى هذا وهو قوْلُ أحْمَدَ وإسحاق.

ورواه النسائي (4/ 234)، في (كتاب القسامة)، في (باب ذكر دية أسنان الخطأ)، برقم (7005)، قال أبو عبدالرحمن الحجاج بن أرطأة ضعيف لا يحتج به.

ورواه ابن ماجه (2/ 879)، في (كتاب الديات)، في (باب دية الخطأ)، برقم (2631). قال الدارقطني: هذا حديث ضعيف غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث. يُنْظَر: سنن الدارقطني (3/ 173)

(7)

سقط في (ب).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 177، 178).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

سبق تخريجه (ص 361).

(11)

سقط في (ب).

(12)

سقط في (ب).

(13)

قال ابن حزم: واتفقوا أنه لا تكون كلها بنات مخاض ولا كلها بنى مخاض ولا كلها بنات لبون ولا كلها حقاقا ولا كلها جذاعا ولا كلهاذكورا ولا كلها إناثا. مراتب الإجماع (140). وينظر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 76).

ص: 187

(وَمِنَ العَيْنِ:

(1)

أَلفُ دِيْنَارٍ وَمِن الوَرِقِ:

(2)

عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ

(3)

أي: وللقاتل الخيار يؤدِّي أي نوع شاء من الأنواع الثلاثة: الإبل والدَّراهم والدَّنانير كذا في مبسوط شيخ الإسلام

(4)

.

(وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ

(5)

أَنَّهُ قَضَى مِن دَرَاهِمَ كَانَ وَزْنُهَا وَزْنَ سِتَةٍ

(6)

وهكذا ذكر أيضاً في «الإيضاح»

(7)

.

وذكر في «الأسرار» : وما رواه الشَّافعي قضية في حادثة فيحمل على حال ما كانت الدَّراهم على وزن خمسة فإنَّها كانت على ذلك في الأغلب إلى عهد عمر رضي الله عنه فأبطل عمر ذلك الوزن

(8)

.

وأمَّا ما روي عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما: «أنَّ النبي عليه السلام جعل الدية عشرة آلاف» فهو نصب شريعة

(9)

.

(1)

العين: المضروب من الذهب. يُنْظَر: جمهرة اللغة (2/ 955)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 94).

(2)

الورِق: بكسر الراء، الفضة سواء كانت مضروبة دراهم أو لا. يُنْظَر: تهذيب اللغة (9/ 222)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 350).

(3)

بداية المبتدي (244)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (286).

(4)

قال ابن حزم: واتفقوا أن الدية لا تكون من غير الابل والدراهم والدنانير والبقر والغنم والطعام والحلل. مراتب الإجماع (140).

(5)

أي: عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «قضى بالدية في قتيل بعشرة آلاف درهم» ، قال الزيلعي في نصب الراية (4/ 362): غريب، وقال ابن حجر في الدراية (2/ 273): لم أجده وإنما أخرجه محمد بن الحسن في الآثار من طريق عبيدة بن عمرو عن عمر موقوفا.

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 178).

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 178).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 252)، البناية شرح الهداية (13/ 167).

(9)

لم أجده بهذا اللفظ. وقال ابن قدامة في المغني (8/ 290): قال ابن عبد البر: ليس مع من جعل الدية عشرة آلاف عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث مسند ولا مرسل. والوارد عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدية اثني عشر ألفا» . كما في سنن ابن ماجه (2/ 878)، في (كتاب الديات)، في (باب دية الخطأ)، برقم (2629) عن عِكْرِمَةَ عن بن عَبَّاسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ اثنى عَشَرَ أَلْفًا» . ورواه أبو داود (4/ 185)، في (كتاب الديات)، في (باب الدية كم هي)، برقم (4546) عن عكْرِمَةَ عن بن عبَّاسٍ:«أنَّ رَجلًا من بَني عَديٍّ قُتِلَ فجَعَلَ النبي صلى الله عليه وسلم ديَتَهُ اثنى عشَرَ أَلفًا» قال أبو دَاود رواه بن عيَيْنَةَ عن عَمْرو عن عكْرِمَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر بن عبَّاسٍ. ورواه الترمذي (4/ 12)، في (كتاب الديات)، في (باب ما جاء في الدية كم هي من الدراهم)، برقم (1388) عن عِكْرِمةَ عن بن عبَّاسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أنه جعَلَ الدِّيةَ اثنى عشَرَ ألْفًا» . ورواه النسائي (4/ 234)، في (كتاب القسامة)، في (باب كم الدية من الورق)، برقم (7007) عن عكرمة عن بن عباس قال:«قتل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفا» .

ص: 188

وذكر شيخ الإسلام في «مبسوطه» : يحتمل أنَّ الدراهم كانت وزن ستة إلا شيئا، إلا أنَّه أضيف الوزن إلى ستة لما كان قريباً منه كما يقال:

(1)

يملك فلان مائتي درهم وإن كان لا يملك ذلك إذا كان يملك قريباً منه

(2)

.

وفي «الأسرار» في وجه ترجيح مذهبنا: والواجب في الجنين عشر قيمة الأم عند الشَّافعي رحمه الله

(3)

، وعندنا عشر قيمتها إن كان أنثى والواجب خمسمائة بالنصِّ

(4)

والإجماع فعلم أنَّ الكل خمسة آلاف

(5)

.

(1)

وفي (ب)(قال).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 252)، البناية شرح الهداية (13/ 167).

(3)

يُنْظَر: روضة الطالبين (9/ 376)، أسنى المطالب (4/ 93).

(4)

يريد الحديث الذي رواه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 193)، في (باب في الدية)، برقم (514)، بلفظ:«فيه غرَّةٌ عَبدٌ أو أمَةٌ أو خمسمائة» . والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة وليس فيه ذكر الخمسمائة، رواه البخاري (6/ 2532)، في (كتاب الديات)، في (باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد)، برقم (6511) عن أبي هُرَيرَةَ أنَّ رسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم «قضَى في جنِينِ امرَأَةٍ من بنِي لَحيَانَ بِغُرّةٍ عَبدٍ أو أمَةٍ ثمَّ إنَّ المَرْأَةَ التي قضَى عليها بِالغُرَّةِ تُوُفِّيتْ فقَضَى رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ مِيراثَهَا لِبنِيهَا وَزَوجِهَا وأَنَّ العَقْلَ على عصَبَتِهَا» ، ورواه مسلم (3/ 1309)، في (كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات)، في (باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني) برقم (1681) عن أبي هرَيْرَةَ أنَّهُ قال:«قضَى رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم في جَنينِ امرَأَةٍ من بَني لَحيَانَ سقَطَ مَيّتًا بِغرَّةٍ عَبدٍ أو أمَةٍ ثمَّ إنَّ المَرْأَةَ التي قضِيَ عليها بِالْغرَّةِ توُفِّيَتْ فقَضَى رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم بأَنَّ ميرَاثَهَا لبَنِيهَا وَزَوْجهَا وأَنَّ العَقْلَ على عَصَبَتهَا» . قال أبو عِيسى: حدِيثُ أبي هُريْرَةَ حدِيثٌ حسَنٌ صحِيحٌ والْعَمَلُ على هذا عنْدَ أهْلِ الْعلْمِ، وقال بعْضُهُمْ: الْغُرّةُ عبْدٌ أو أمَةٌ أو خمسمائة دِرْهمٍ، وقال بعْضُهُمْ: أو فرَسٌ أو بغْلٌ.

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 79)، تحفة الفقهاء (3/ 119)، بدائع الصنائع (2/ 321).

ص: 189

ولأنَّا أجمعنا أنَّها من الذَّهب ألف دينار

(1)

والدِّينار مقوم شرعًا بعشرة دراهم على أصولنا كما في نصاب السَّرقة ديناراً وعشرة دراهم وكذلك في الصَّداق.

ويستدلُّ أيضاً بموضع الوفاق فإنِّ الزكاة إنَّما تجب في المال الكثير دون القليل ثمَّ الشَّرع قدر نصاب الفضَّة بمائتي درهم ونصاب الذَّهب بعشرين مثقالاً فيصير كل دينار بعشرة دراهم

(2)

.

[الأنواع التي تثبت منها الدية]

(وَلا تَثْبُتُ الدِّيَةُ إِلا مِن هَذِهِ الأَنْوَاعِ

(3)

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالا: مِنْهَا، وَمِنَ البَقَرِ: مِائَتَا بَقَرَةٍ) إلى آخره

(4)

.

وفائدة هذا الاختلاف إنَّما تظهر فيما إذا صالح القاتل [مع]

(5)

ولي القتيل على أكثر من مائتي بقرة أو غيرها على قول أبي حنيفة رحمه الله على ما هو المذكور في كتاب الديات يجوز كما لو صالح على أكثر من مائتي فرس وعلى قولهما -رحمهما الله- لا يجوز كما لو صالح على أكثر من مائة من الإبل.

وعلى رواية كتاب «المعاقل

(6)

لا يجوز الصُّلح على أكثر من مائتي بقرة على قول أبي حنيفة رحمه الله أيضاً كما هو قولهما.

(1)

لما رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أنه فرض الدية على أهل الورق عشرة آلاف درهم وعلى أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الإبل مائة من الإبل

». رواه أبو يوسف في الآثار (221)، في (باب الديات)، برقم (980)، ورواه أبو داود (4/ 184)، في (كتاب الديات)، في (باب الدية كم هي)، برقم (4542) نحوه.

وينظر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 451)، مختصر القدوري (286)، بداية المبتدي (244)، موطأ مالك (2/ 850)، التلقين (2/ 478)، الكافي؛ لابن عبد البر (595)، الأم (6/ 130)، مختصر المزني (244)، الحاوي الكبير (12/ 226)، مسائل الإمام أحمد وابن راهويه (2/ 226)، المغني (8/ 289).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 127)، تكملة البحر الرائق (8/ 374).

(3)

أي: الذهب، والفضة، والإبل.

(4)

(وقالا: منها، ومن البقر: مائتا بقرة، ومن الغنم: ألفا شاة، ومن الحُلَلِ: مائتا حلة، كُلُّ حُلَّةٍ ثوبان). بداية المبتدي (244). وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (286، 287).

(5)

سقط في (ب).

(6)

أي: كتاب المعاقل من المبسوط، والمَعاقِل: بفتح الميم على وزن مكارم، وهي الدِّيات جمع مَعْقُلة، والمَعاقِل: حيث تُعْقَل الإِبلِ، ومَعاقِل الإِبل: حيث تُعْقَل فيها. وإنما سميت بالمعاقل لأن أهل الديات كانت تعقل أي تقيد بفناء ولي المقتول ثم عم بهذا الاسم فسميت الدية معقلة وإنما كانت دراهم ودنانير. يُنْظَر: لسان العرب (11/ 462)، أنيس الفقهاء (295).

ص: 190

قال بعض مشائخنا: في المسألة روايتان عن أبي حنيفة رحمه الله إلى هذا أشار في «الذَّخيرة» والمغني

(1)

.

[تعريف الحُلة]

الحُلَّة: إزار ورداء وهو المختار، وقيل في ديارنا قميص وسراويل

(2)

.

(فَالتَّقْدِيْرُ بِالإِبِلِ عُرِفَ بِالآثَارِ

(3)

، هذا جواب شبهة ترد على قوله: (وَهَذِهِ الأَشْيَاءُ مجهول

(4)

المَالِيَّةِ

(5)

وَلِهَذَا لَا يُقَدَّرُ بِهَا ضَمَانٌ

(6)

بأن يقال: ينتقض ما ذكرته هذا بتقدير ضمان الدية بالإبل مع أنَّها مجهولة الماليَّة؛ لأنَّها من ذوات القيم فقال في جوابها: أنَّ ذلك ثبت (بِالآثَارِ المَشْهُورَةِ

(7)

لقوله

(8)

عليه السلام: «في نفس المؤمن مائة من الإبل»

(9)

.

وقوله: «ألا إنَّ قتيل خطأ العمد قتيل السَّوط والعصا وفيه مائة من الإبل»

(10)

وقول ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ النَّبي عليه السلام «قضى في قتيل قتل خطأ أخماساً»

(11)

.

(وَذُكِرَ فِي المُعَاقِلِ

(12)

أي: في كتاب معاقل «المبسوط» أورد هذا على طريق الشبهة على قول أبي حنيفة رحمه الله حيث قال في كتاب المعاقل: أنَّه لو صالح الولي من الدية على أكثر من ألفي شاة أو على أكثر من مائتي بقرة أو على أكثر من مائتي حلة لا يجوز الصلح ولم يذكر الخلاف فيه فكان هذا دليلاً على أنَّ هذه الأصناف الثَّلاثة من الأصول المقدَّرة في الدية عنده أيضاً، كما هي عندهما كذلك؛ لأنَّه لو لم تكن هذه الأصناف أصولاً في الدية لجاز الصلح على أكثر من مائتي حُلَّة، كما صار الصلح على أكثر من مائتي فرس على ما ذكرنا من رواية «الذَّخيرة» ، فعلم بهذا أنَّ قوله: (وَلا تَثْبُتُ الدِّيَةُ إِلا مِن هَذِهِ الأَنْوَاعِ الثَّلاثَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله

(13)

لا يصحُّ على رواية كتاب المعاقل

(14)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 139)، العناية شرح الهداية (15/ 252، 253)، البناية شرح الهداية (13/ 168)، حاشية ابن عابدين (6/ 574).

(2)

يُنْظَر: تهذيب اللغة (3/ 283)، طلبة الطلبة (330).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 178).

(4)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب (مَجْهُولَةُ) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في الهداية. يُنْظَر:(4/ 178).

(5)

وفي (ب)(المطالبة).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 178).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 178).

(8)

وفي (ب)(كقوله).

(9)

سبق تخريجه (ص 361).

(10)

سبق تخريجه (ص 217).

(11)

سبق تخريجه (ص 363).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 178).

(13)

بداية المبتدي (244)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (286).

(14)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 139).

ص: 191

فقال في جوابه بوجهين:

أحدهما: أنَّه صَحَّح الشبهة فقال: نعم كذلك تلك الرواية أعني رواية الخلاف غير صحيحة بل الصَّحيح رواية كتاب المعاقل والخلاف

(1)

بينهم ليس بثابت بل هذه الأنواع أي:

(2)

البقر والغنم [والحُلَل]

(3)

في الدية من الأصول المقدَّرة.

والثَّاني: أنَّه لم يصحِّح الشبهة وقال: الخلاف فيها ثابت كما هو المذكور في الكتاب وما ذكر في كتاب المعاقل محمول على قولهما

(4)

.

[دية المرأة]

(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: مَا دُونَ الثُّلُثِ

(5)

أي: ثلث الدية.

والصَّواب أن يقال: وقال الشَّافعي الثلث وما دونه (لا يُتَنَصَّفُ

(6)

(7)

وذكر في ديات «المبسوط» وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول: «أنها تُعاقل الرجل إلى ثلث ديتها»

(8)

يعني: إذا كان الأرش بقدر ثلث الدية أو دون ذلك فالرجل والمرأة فيه سواء فإن زاد على الثلث فحينئذ حالها فيه على النِّصف من حال الرجل

(9)

.

وبيانه فيما حُكي عن ربيعة

(10)

قال: قلت لسعيد بن المسيب

(11)

: ما تقول فيمن قطع أصبع

(1)

وفي (ب)(بالخلاف).

(2)

وفي (ب)(أعني).

(3)

زيادة في (ب).

(4)

قال الإمام القدوري: ولا تثبت الدية إلا من هذه الأنواع الثلاثة عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: منها، ومن البقر: مائتا بقرة، ومن الغنم: ألفا شاة، ومن الحُلل: مائتا حلة، كل حلة ثوبان. يُنْظَر: مختصر القدوري (286، 287)، الهداية شرح البداية (4/ 178).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 178).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 178).

(7)

مذهب الشافعية: أن دية المرأة نصف دية الرجل، ودية أطرافها أو جروحها نصف ذلك من الرجل. وفي القديم قول- وهو ما أشار إليه- أنها تساوي الرجل في الأطراف إلى الثلث، فإذا زاد الواجب عن الثلث، صارت إلى النصف. يُنْظَر: الوسيط (6/ 330)، روضة الطالبين (9/ 257).

(8)

ذكره الإمام الشافعي في الأم (7/ 312)، في (كتاب الرد على محمد بن الحسن)، في (باب عقل المرأة)، عن زَيدِ بن ثَابتٍ:«أنَّ المَرْأَةَ تعَاقِلُ الرَّجلَ إلى ثلُثِ ديَةِ الرَّجلِ ثمَّ تَكونُ على النّصْفِ من عَقْلهِ» .

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 256).

(10)

أبو عثمان ربيعة بن أبي عبدالرحمن فروخ وهو مولى تيم بن مرة، ويعرف بربيعة الرأي لعلمه به وكان عارفا بالسنة، وأدرك من الصحابة أنس بن مالك والسائب بن يزيد وعامة التابعين رضي الله عنهم، وعنه أخذ الامام مالك. قال الليث: وقال لي عبيد الله بن عمر في ربيعة: هو صاحب معضلاتنا وأعلمنا وأفضلنا. قال الواقدي مات سنة ست وثلاثين ومائة.

يُنْظَر: طبقات الفقهاء (50)، الأنساب (3/ 35)، صفة الصفوة (2/ 148)، وفيات الأعيان (2/ 288).

(11)

هو: الامام العلم أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم بن يقظة القرشي المخزومي عالم أهل المدينة وسيد التابعين في زمانه، جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه وقيل لأربع، رأى عمر وسمع عثمان وعليا وعائشة وأبا هريرة وابن عباس وغيرهم، وسئل الزهري ومكحول من أفقه من أدركتما فقالا: سعيد بن المسيب، قال برد مولى ابن المسيب: ما نودي بالصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد. (ت 91 هـ). يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (4/ 217)، صفة الصفوة (2/ 79)، وفيات الأعيان (2/ 375).

ص: 192

امرأة؟ قال: عليه عشر

(1)

من الإبل، [قلت: فإن قطع أصبعين منها؟ قال: عليه عشرون من الإبل،]

(2)

قلت: فإن قطع ثلاثة أصابع؟ قال: عليه ثلاثون من الإبل، [قلت]

(3)

: فإن قطع أربعة أصابع؟ قال: عليه عشرون من الإبل قلت: سبحان الله لما كَثُرَ ألَمُها واشتدَّ مُصابُها قلَّ أرشها، قال: أعِرَاقِيٌّ

(4)

أنتَ؟ فقلت

(5)

: لا بل جاهل مسترشد أو عاقل مستثبت فقال: إنَّه السُّنَّة.

(6)

(7)

[المقصود بالسنة إذا أُطلقت]

وبهذا أخذ الشَّافعي وقال: السُّنة إذا أطلقت فالمراد بها سنَّة رسول الله عليه السلام، ويروون

(8)

حديثاً أنَّ النَّبي عليه السلام قال: «تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية»

(9)

(10)

.

وحجَّتنا في ذلك ما ذكره ربيعة فإنَّه قال: لو وجب بقطع ثلاثة أصابع منها ثلاثون من الإبل [ما]

(11)

سقط بقطع الأصبع الرَّابع عُشْر من الواجب؛ لأنَّ تأثير القطع في إيجاب الأرش لا في إسقاطه فهذا شيء يحيله العقل ثمَّ بالإجماع بدل نفسها على النَّصف من بدل نفس الرجل

(12)

والأطراف [تابعة]

(13)

للنَّفس وإنَّما تكون تابعة إذا أخذنا حكمها من حكم النَّفس لا إذا أفردناها بحكم آخر.

(1)

وفي (ب)(عشرة).

(2)

سقط في (ب).

(3)

سقط في (ب).

(4)

وفي (ب)(أعرابي).

(5)

وفي (ب)(قلت).

(6)

رواه مالك في الموطأ (2/ 860)، في (كتاب العقول)، في (باب ما جاء في عقل الأصابع)، عن رَبيعَةَ بن أبي عبدالرحمن أنه قال:«سَأَلتُ سَعيدَ بن الْمسَيَّبِ كمْ في أصبع المَرْأَةِ فقال: عَشرٌ منَ الإبِلِ، فقلت: كمْ في أصبعين، قال: عِشْرونَ منَ الإبِلِ، فقلت: كمْ في ثلَاثٍ، فقال: ثَلَاثونَ منَ الإبِلِ، فقلت: كمْ في أَربَعٍ، قال: عِشْرونَ منَ الإبِلِ، فقلت: حين عَظمَ جُرْحُهَا وَاشتَدَّتْ مصِيبَتُهَا نقَصَ عَقْلهَا، فقال سَعيدٌ: أعراقي أنت؟ فقلت: بلْ عَالمٌ متَثَبِّتٌ أو جَاهلٌ متَعَلِّمٌ، فقال: سَعيدٌ هيَ السّنَّةُ يا بن أَخي» . قال الزرقاني في شرحه على موطأ مالك (4/ 231): قوله: إنه السنة، يدل على أنه أرسله عن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ابن عبد البر، وقد اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، وذكر بعضهم أنها تتبعت كلها فوجدت مسندة.

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 79).

(8)

وفي (ب)(ويرون).

(9)

سبق تخريجه (ص 370).

(10)

يُنْظَر: الأم للشافعي (7/ 312).

(11)

زيادة في (ب).

(12)

قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن دية المرأة نصف دية الرجل. الإجماع (116). وينظر: مراتب الإجماع (144).

(13)

سقط في (ب).

ص: 193

وقول سعيد: أنَّه سُنَّة، يعني: سنة زيد،

(1)

وقد أفتى كبار الصَّحابة رضي الله عنهم بخلافه

(2)

والحديث المروي

(3)

نادر

(4)

، ومثل هذا الحكم الذي يحيله عقل كل عاقل لا يمكن إثباته بالشَّاذ النَّادر

(5)

.

(1)

قال ابن عبد البر: وقال جمهور أهل المدينة والفقهاء السبعة وعمر بن عبد العزيز والليث وعطاء وقتادة وزيد بن ثابت وروي عن عمرو بن العاصي مرفوعا عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديتها وإسناده ضعيف إلا أنه اعتضد بقول ابن المسيب هي السنة. يُنْظَر: شرح الزرقاني (4/ 222).

(2)

روى ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 411)، في (كتاب الديات)، في (باب في جراحات الرجال والنساء)، برقم (27496) عن شريح قال: أتاني عروة البارقي من عند عمر أن جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة وما فوق ذلك فدية المرأة على النصف من دية الرجل. وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 411)، في (كتاب الديات)، في (باب في جراحات الرجال والنساء)، برقم (27497) بلفظ «كان ابن مسعود يقول في دية المرأة في الخطأ على النصف من دية الرجل الا السن والموضحة فهما فيه سواء» . وروى البيهقي في السنن (8/ 96)، في (كتاب الديات)، في (باب ما جاء في جراح المرأة)، برقم (16088) عن حماد عن إبراهيم عن عمر ابن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنهما قالا:«عقل المرأة على النصف من دية الرجل في النفس وفيما دونها» . قال الزيلعي: روي هذا اللفظ موقوفا على علي وقيل إنه منقطع فان إبراهيم لم يحدث عن أحد من الصحابة مع أنه أدرك جماعة منهم. يُنْظَر: نصب الراية (4/ 363).

وقال في البدر المنير (8/ 487): أن عليا كان يقول: «جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل وكثر» . وقال الحافظ أبو محمد المقدسي: لا نعلم ثبوته عن علي. وقال ابن حجر في الدراية (2/ 274): ومن طريق إبراهيم عن علي قوله: «عقل المرأة على النصف من عقل الرجل في النفس وفيما دونها» . وهذا منقطع.

(3)

وفي (ب)(الذي روى)

(4)

قال الماوردي: وقال ابن مسعود وشريح: المرأة تعاقل الرجل إلى نصف عشر ديته، أي: تساويه في الدية إلى نصف عشرها وهو دية السن والموضحة ثم تكون على النصف من الرجل فيما زاد عليه. الحاوي الكبير (12/ 290)، وقال ابن عبد البر: وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: جراح المرأة على النصف من جراح الرجل في ما قل أو كثر وديتها مثل نصف دية الرجل وفي النصف ديته، وروي ذلك عن بن مسعود أيضا. والأشهر والأكثر عن بن مسعود أن المرأة تعاقل الرجل في جراحها إلى أرش السن والموضحة خمس من الإبل ثم تعود إلى النصف من دية الرجل، وروي ذلك عن عثمان وهو قول شريح. الاستذكار؛ لابن عبد البر (8/ 65)

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 79)، أصول السرخسي (1/ 380)، العناية شرح الهداية (15/ 256).

ص: 194

وذكر في المختلفات

(1)

تساوي المرأة الرجل عند الشَّافعي رحمه الله إلى ثلث دية النَّفس ويعود إلى النِّصف بعد ذلك

(2)

.

وكذلك في قوله: (اعْتِبَاراً بِهَا وَبِالثُّلُثِ وَمَا فَوقَهُ

(3)

.

ولكن الصَّواب أن يقال: اعتباراً بها وبما فوق الثلث؛ لأنَّ المرأة تساوي الرجلَ في ثلث دية النَّفس عنده على ما ذكرنا من رواية «المبسوط» ، وإنَّما لا تساوي الرجل فيما فوق الثلث

(4)

.

فإنَّه ظهر به عمل الصَّحابة رضي الله عنهم وهو ما روى عكرمة

(5)

عن ابن عبَّاس-رضي الله عنهم أنَّ النَّبي عليه السلام: «ودى العامريين الذين

(6)

كان لهما عهد من رسول الله عليه السلام وقتلهما

(7)

عَمرو بن أمية الضَّمْرِي

(8)

وبمائة

(9)

من الإبل»

(10)

.

(1)

كتاب المختلفات في فروع الحنفية، لأبي الليث نصر بن محمد السمرقندي (ت 373 هـ). وللقاضي أبي عاصم العامري المختلفات القديمة للمشايخ. يُنْظَر: كشف الظنون (2/ 1638).

(2)

وهو في القديم للشافعي: أنها تساوي الرجل في الأطراف إلى الثلث، فإذا زاد الواجب عن الثلث، صارت إلى النصف. يُنْظَر: الوسيط (6/ 330)، روضة الطالبين (9/ 257).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 178).

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 79).

(5)

هو: عكرمة بن عبد الله البربري المدني، أبو عبدالله، مولى عبد الله بن عباس: تابعي، كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازي، طاف البلدان، وروى عنه زهاء ثلاثمائة رجل، منهم أكثر من سبعين تابعيا، وكانت وفاته بالمدينة هو وكثير عزة في يوم واحد فقيل: مات أعلم الناس وأشعر الناس، (ت 105 هـ). يُنْظَر: الوافي بالوفيات (20/ 39)، تهذيب التهذيب (7/ 234)، وفيات الأعيان (3/ 265).

(6)

وفي (ب)(اللذين)

(7)

وفي (ب)(ومثلهما)

(8)

أبو أمية عمرو بن أمية ابن خويلد ابن عبدالله الضمري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبة أيضا، وكان قد شهد مع المشركين بدرا وأحدا، وأسلم بعد انصراف جيش المشركين من أحد، وكان شجاعا وأول مشاهده مع المسلمين بئر معونة، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وحده وبعثه رسولاً إلى النجاشي وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم وروى أحاديث، وقد وفد على النجاشي لخطبة أم حبيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفي في زمن معاوية (ت 60 هـ).

يُنْظَر: الأنساب؛ للسمعاني (4/ 20)، سير أعلام النبلاء (3/ 179)، الإصابة في تمييز الصحابة (4/ 602).

(9)

وفي (ب)(بمائة) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

رواه الترمذي (4/ 20)، في (كتاب الديات)، برقم (1404)، عن أبي سعد عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم «ودى العامريين بدية المسلم وكان لهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم» . قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه و أبو سعد البقال اسمه سعيد بن المرزبان. قال الزيلعي: ابن مرزبان فيه لين. وقال الشافعي: لا يثبت مثله.

ص: 195

[دية الذمي]

وعن الزهري

(1)

أن أبا بكر وعمر «كانا يجعلان دية

(2)

[الذمي]

(3)

مثل دية المسلم»

(4)

.

وعن ابن مسعود: «دية الذِّمِّي مثل دية المسلم»

(5)

.

(1)

هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة الزهري، الإمام العلم، أحد الفقهاء والمحدثين والأعلام التابعين بالمدينة، رأى عشرة من الصحابة-رضوان الله عليهم- قال سفيان: مات الزهري يوم مات وليس أحد أعلم بالسنة منه. (ت 124 هـ). يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (5/ 326)، صفة الصفوة (2/ 136)، وفيات الأعيان (4/ 177).

(2)

وفي (ب)(الدية).

(3)

سقط في (ب).

(4)

رواه عبد الرزاق في مصنفه (10/ 95)، في (كتاب العقول)، في (باب دية المجوسي)، برقم (18491) عن الزهري قال:«دية اليهودي والنصراني والمجوسي وكل ذمي مثل دية المسلم قال وكذلك كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان حتى كان معاوية فجعل في بيت المال نصفها وأعطى أهل المقتول نصفا» . ورواه الدارقطني (3/ 129)، في (كتاب الحدود والديات وغيره)، برقم (150) عن ابن شهاب:«أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يجعلان دية اليهودي والنصراني إذا كانا معاهدين دية الحر المسلم» . ورواه البيهقي (8/ 102)، في (كتاب الديات)، في (باب دية أهل الذمة)، برقم (16132) عن الزهري قال:«كانت دية اليهودي والنصراني في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مثل دية المسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلما كان معاوية أعطى أهل المقتول النصف وألقى النصف في بيت المال» . وقال البيهقي: فقد رده الشافعي بكونه مرسلا وبأن الزهري قبيح المرسل.

(5)

رواه عبد الرزاق في مصنفه (10/ 97)، في (كتاب العقول)، في (باب دية المجوسي)، برقم (18496) عن مجاهد عن ابن مسعود قال:«دية المعاهد مثل دية المسلم» . ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 406)، في (كتاب الديات)، في (باب من قال دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم)، برقم (27444) عن مجاهد عن ابن مسعود قال: كان يقول: «دية أهل الكتاب مثل دية المسلم» . ورواه الطبراني في المعجم الكبير (9/ 350)، برقم (9738) عن مجاهد عن ابن مسْعود قال:«دِيةُ الْمُعاهِدِ مثْلُ دِيةِ الْمسْلِمِ» . ورواه الدارقطني (3/ 149)، في (كتاب الحدود والديات وغيره)، برقم (203) عن مجاهد يؤثره عن ابن مسعود أنه قال:«في دية كل معاهد مجوسي أو غيره الدية وافية» . وقال عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن مسعود أنه قال: «دية المعاهد مثل دية المسلم» . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 299): ورجاله رجال الصحيح إلا أن مجاهدا لم يسمع عن ابن مسعود.

ص: 196

وعن الزهري أيضاً: «كانت دية الذمي مثل دية المسلم على عهد رسول الله عليه السلام وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلما كان زمن معاوية جعلها على النِّصف»

(1)

.

وعن علي رضي الله عنه «إنما بذلوا

(2)

الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا»

(3)

.

وما يروى بخلاف هذا من الصَّحابة لا يعارض هذه المشاهير من الآثار

(4)

.

ولنا أيضاً قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}

(5)

والمراد به ما هو المراد بقوله

(6)

في قتل المؤمن

(7)

{[ودية]

(8)

مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ}

(9)

.

فإن قلت: لو تمسَّك الخصم بقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}

(10)

.

وقوله: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ}

(11)

.

(1)

سبق تخريجه (ص 374).

(2)

في هامش (أ) تعليق هذا نصه: «بذل الشيء أعطاه وجاد به، وبابه نصر، والبذلة والمِبذلة بكسر أولها ما يمتهن من الثياب وابْتِذالُ الثوب وغيرهِ: امتهانُه. والتَبَذُّلُ: تركُ التصاون. صحاح» . يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (4/ 318).

(3)

ذكره الزيلعي في نصب الراية (3/ 381)، وقال: غريب. وابن حجر في الدراية (2/ 115)، وقال: لم أجده هكذا. وفي مسند الشافعي (344)، في (كتاب الديات والقصاص) عن الحسن بن ميمون عن عبدالله بن عبدالله مولى بني هاشم عن أبي الجنوب الأسدي قال: قال علي رضي الله عنه: «من كان له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا» . ورواه البيهقي (8/ 34)، برقم (15712) بلفظه. قال الزيلعي: وأبو الجنوب ضعيف الحديث. وقال في مرقاة المفاتيح: وضعف الطبراني أبا الجنوب.

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 85)، تبيين الحقائق (6/ 128)، العناية شرح الهداية (15/ 259، 260)، تكملة البحر الرائق (8/ 375).

(5)

سورة النساء من الآية (92).

(6)

وفي (ب)(من قوله).

(7)

وفي (ب)(المسلم).

(8)

سقط في (ب).

(9)

سورة النساء من الآية (92).

(10)

سورة الحشر من الآية (20).

(11)

سورة السجدة آية (18).

ص: 197

وقوله عليه السلام: «المسلمون تتكافؤ دماؤهم»

(1)

دلَّ أنَّ دماء غيرهم لا تتكافأ

(2)

.

ولأنَّ نقصان الكفر فوق نقصان الأنوثة، وإذا كانت الدية تنتقص بصفة

(3)

الأنوثة فبالكفر

(4)

أولى؛ ولأنَّ بدل النفس ينتقص بالرق، والرق أثر من آثار الكفر وأثر الشيء دون أصله فلأن يتنقص بأصل الكفر كان أولى

(5)

.

[سبب إيجاب الشرع الدية]

ولأنَّ الشرع أوجب الدية بسبب الحقن وحقن [الذمي]

(6)

أنقص؛ لأن حقن المسلم بسبب الإسلام.

وحقن الذمي بالذمة، والإسلام فوق الذِّمة فيجب أن يكون حق المسلم أقوى من حقن الذمي، وذلك لا يكون إلا بأن يزاد في بدل دم من كان حقنه أزيد ما جوابنا عنه.

قلت: أمَّا الآيات فقد ذكرنا الجواب عنها مرّة في حق النقصان

(7)

في كتاب الجنايات بأنَّ المراد بنفي

(8)

المساواة بينهما في حق أحكام الآخرة دون أحكام الدنيا.

أمَّا قوله: أنَّ نقصان الكفر فوق نقصان الأنوثة، قلنا نعم كذلك إلا أن نقصان الدية لا باعتبار نقصان الأنوثة بل باعتبار نقصان المرأة في المالكية، ولهذا تنصفت

(9)

بالأنوثة لتنصف في المالكيَّة فإنَّ المرأة أهل لملك المال دون ملك النكاح وانتقص بنقصان الرق لخروجه من أن يكون أهلاً لمالكية المال ولمالكية النكاح بنفسه، وهذا لأنَّ وجوب الدية لإظهار خطر المحل وصيانته عن الهدر وهذا الخطر باعتبار صفة المالكية إذا ثبت هذا فنقول لا تأثير للكفر في نقصان المالكيّة فتستوي دية الكافر بدية المسلم فعلم بهذا أن انتقاص بدل النَّفس [بسبب الرق]

(10)

بسبب انتقاص الرقيق في المالكيّة لا باعتبار أنَّ الرق أثر من آثار الكفر والذمي يساوي المسلم في مالكيّة المال والنكاح فيساويه في بدل النَّفس.

(1)

رواه أبو داود (3/ 80)، في (كتاب الجهاد)، في (باب في السَّرية تُرَدُّ على أهل العسكر)، برقم (2751)، عن عَمْرو بن شُعيْبٍ عن أبيه عن جَدّهِ قال: قال رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلمُونَ تتَكَافَأُ دمَاؤُهُمْ يسْعَى بذِمَّتِهِمْ أدْنَاهُمْ وَيُجيرُ عليهم أقْصَاهُمْ وهُمْ يدٌ على من سوَاهُمْ يرُدُّ مُشدُّهُمْ على مُضْعفِهِمْ ومتسرعهم على قَاعدِهِمْ لا يُقْتلُ مُؤْمنٌ بكَافِرٍ ولا ذو عهْدٍ في عَهْدهِ» . ورواه ابن ماجه (2/ 895)، في (كتاب الديات)، في (باب المسلمون تتكافأ دماؤهم)، برقم (2683)، عن عِكْرِمَةَ عن ابن عَبَّاسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ علي من سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُرَدُّ على أَقْصَاهُمْ» . قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل (7/ 265): صحيح. ورواه النسائي (5/ 208)، في (كتاب السير)، في (باب إعطاء العبد الأمان)، برقم (8681)، بلفظ «المؤمنون تتكافأ دماؤهم» .

(2)

وفي (ب)(تتكافؤ).

(3)

وفي (ب)(بسبب).

(4)

وفي (ب)(ففي الكفر).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 84)، العناية شرح الهداية (15/ 259).

(6)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(7)

وفي (ب)(القصاص).

(8)

وفي (ب)(بنفس).

(9)

وفي (ب)(تنصف).

(10)

سقط في (ب).

ص: 198

وأمَّا اعتبارهم نقصان الدية

(1)

عن الإسلام في هذه المسألة فساقط أصلاً؛ لأنَّ الإحراز بدارنا سبب التقويم والقيمة لا تختلف باختلاف الأسباب التي يستحق بها صاحبها الضَّمان.

ألا ترى أنَّ المالك يستحق قيمة مال بملكه هبة وارثاً وسرى

(2)

على نمط واحد وإن كان بعضها أقوى في اللزوم من البعض وكذلك الذمي والحربي

(3)

[المستأمن]

(4)

والمسلم سواء في

استحقاق قيمة أموالهم إذا وقع التعدي عليها، وإنَّما يظهر الضعف فيما يسقط بالشُّبهة من نحو القصاص والحد دون

(5)

الدية إلى هذا [كله]

(6)

أشار في «المبسوط» و «الأسرار»

(7)

. والله أعلم [بالصَّواب]

(8)

.

فَصْلٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

[مناسبة ذكر الفصل لما قبله]

لما ذكر حكم النَّفس التي هي الأصل ذكر في هذا الفصل حكم ما دون النَّفس الذي هو التبع؛ لأنَّ الأطراف تبع للنَّفس فكان ذكر التبع بعد ذكر الأصل لا محالة، (فِي النَّفْسِ: الدِّيَةُ

(9)

(10)

معناه: بسبب إتلاف النَّفس فإنَّ حرف في للظرفيَّة

(11)

حقيقة، والنَّفس لا تكون ظرفاً للدية بل قتلها سبب لوجوب الدية كما يقال في النكاح حِل وفي الشرى

(12)

ملك. كذا في ديات «المبسوط»

(13)

.

(وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ

(14)

أي: في أوائل الجنايات بقوله: (وَالدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ عَلَى العَاقِلَةِ

(15)

إلى آخره.

(1)

وفي (ب)(الذمة).

(2)

وفي (ب)(وشراء).

(3)

وفي (ب)(الحربي).

(4)

سقط في (ب).

(5)

وفي (ب)(والحدود في).

(6)

سقط في (ب).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 84_86)، العناية شرح الهداية (15/ 259).

(8)

سقط في (ب).

(9)

بداية المبتدي (244)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (287).

(10)

وهذا الحديث قطعة من كتاب عمرو بن حزم، سبق تخريجه.

(11)

وفي (ب)(للظرف).

(12)

وفي (ب)(الشراء).

(13)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 68).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 179).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 159).

ص: 199

[تعريف المارن]

(المَارِنِ

(1)

ما دون قصبة الأنف وهو مَا لَانَ منه

(2)

.

فالحاصل أنَّ ما لا ثاني له في البدن من أعضاء أو معان مقصودة فبإتلافها يجب كمال الدية.

[أنواع الأعضاء]

والأعضاء على أربعة أنواع:

فمنها ما هو أفراد.

ومنها ما يزدوج.

ومنها ما هو أرباع.

ومنها ما هو أعشار.

[الأعضاء المفردة]

فالأعضاء

(3)

التي هي أفراد ثلاثة: الأنف واللسان والذكر، فإتلافها كإتلاف النفس في أنَّه يجب بإتلافها كمال الدية؛ لأنَّ في قطع الأنف تفويت جمال كامل ومنفعة كاملة وامتياز الآدمي من سائر الحيوانات بها، فتفويتها في معنى تفويت النَّفس ثم كما تجب الدية بقطع جميع الأنف تجب بقطع المارِنِ؛ لأنَّ تفويت الجمال به يحصل وكذلك تفويت المنفعة فإنَّ المنفعة في الأنف اجتماع الروائح في قصبة الأنف لتعلو منها إلى الدماغ وذلك يفوت بقطع المارِن وكذلك في اللسان والذكر الدية على ما ذكر في الكتاب

(4)

.

[المعاني المفردة]

والمعاني التي هي أفراد في البدن: العقل، والبصر، والشم، والذَّوق، ففي كلِّ واحد منها دية كاملة.

[الأعضاء الزوجية]

وأمَّا الأعضاء التي هي أزواج في البدن: العينان والأذنان الشاخصتان والحاجبان والشفتان واليدان وثديا المرأة والأنثيان والرجلان ففي قطعهما كمال الدية، وفي أحدهما نصف الدية.

[الأعضاء الرباعية]

وأمَّا الأعضاء التي هي أرباع في البدن: فهي أشفار العين يجب في كل شفر ربع الدية على ما يجيء بيانه.

[الأعضاء العشرية]

وأمَّا التي هي أعشار في البدن: فالأصابع، أي: أصابع الرجلين واليدين

(5)

فإن قطع أصابع اليدين يوجب كمال الدية وفي كل أصبع عشر الدية.

وأمَّا الأعضاء والتي تزيد على ذلك في البدن فهي الأسنان يجب في كل سنٍّ نصف عشر الدية هذا حاصل ما ذكره في «المبسوط» [والأسرار]

(6)

(7)

.

(وَالأَصْلُ [فِي الأَطْرَافِ]

(8)

: أَنَّهُ إِذَا فَوَّتَ جِنْسَ مَنْفَعَتِهِ عَلَى الكَمَالِ أَو أَزَالَ جَمَالاً مَقْصُوداً عَلَى الكَمَالِ يَجِبُ كُلُّ الدِّيَةِ

(9)

.

قيَّد بالكمال في المنفعة أو بالجمال احترازاً عمَّا ليس بكامل فيهما حيث لا يجب كل الدية وإن كان فيه تفويت عضو مقصود كما إذا قطع لسان أخرس فإنَّه لا تجب الدية؛ لأنَّه لم يفوت جنس منفعة ولا فوَّت جمالاً على الكمال كذا في الذَّخيرة

(10)

.

(11)

وذكر الإمام التَّمَرْتَاشِيُّ في آلة الخصي والعِنِّين ولسان الأخرس واليد الشَّلاء والرِّجل العرجاء والعين القائمة العوراء والسن السَّوداء لا يجب القصاص في عمده ولا الدية في خطئه فوجب فيه حكومة عدل وهكذا أيضاً في المبسوط

(12)

.

(1)

بداية المبتدي (244).

(2)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 264)، المصباح المنير (2/ 569).

(3)

وفي (ب)(فالأعصاب).

(4)

يُنْظَر: مختصر القدوري (287).

(5)

وفي (ب)(اليدين والرجلين).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 68 - 71)، مختصر القدوري (287، 288)، العناية شرح الهداية (15/ 263)، البناية شرح الهداية (13/ 174)، حاشية ابن عابدين (6/ 575)، تكملة رد المحتار (1/ 145).

(8)

سقط في (ب).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 179).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 263)، البناية شرح الهداية (13/ 175).

(11)

في هامش (أ) كُتِبَ هُنَا (مطلب مهم).

(12)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 80).

ص: 200

(وَقِيْلَ: عَلَى عَدَدِ حُرُوفٍ تَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ

(1)

الحروف التي تتعلَّق باللِّسان هي:

الألف

(2)

والتَّاء والثَّاء والجيم والدَّال [والذال]

(3)

[والراء]

(4)

والزاء

(5)

والسين [والشين]

(6)

والصَّاد والضَّاد والطَّاء والظَّاء واللام والنُّون. فما لم يمكنه إتيان حرف منها يلزمه بحصَّته من الدية

(7)

.

فأمَّا الهوائية والحلقية والشفوية فلا تدخل في القسمة، والشفويَّة: الميم والباء، والحلقية: العين والغين والقاف.

والأصل في هذا ما روي: «أنَّ رجلاً قطع طرف لسان رجل في زمن علي رضي الله عنه فأمره أن يقرأ أ ب ت ث فكل ما قرأ حرفاً أسقط من الدية بقدر ذلك وما لم يقرأ أوجب من الدية بحساب ذلك» . كذا في «الجامع الصَّغير» للإمام التمرتاشي و «الذَّخيرة»

(8)

.

[ذهاب العقل]

(وَفِي العَقْلِ إِذَا ذَهَبَ بِالضَّرْبِ الدِّيَةُ

(9)

بأن ضرب على رأسه فذهب عقله.

(فِي مَعَاشِهِ

(10)

أي: في دنياه.

(وَمَعَادِهِ

(11)

أي: [في]

(12)

آخرته.

(وَكَذَا إِذَا ذَهَبَ سَمْعُهُ أَو بَصَرُهُ أَو شَمُّهُ أَو ذَوقُهُ

(13)

أي: تجب الدية بمقابلة فوات كل واحدة من هذه المنافع.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 179).

(2)

قال صاحب العناية (15/ 264): وفِي كوْنِ الْألِفِ منْ ذلِكَ نظَرٌ؛ لِأنَّهُ منْ أقْصَى الْحلْقِ علَى ما عُرِف. وتعقبه شمس الدين بن قودر فقال: نظره ساقط، إذ الظاهر أن مراد جمهور الشراح بالألف والتاء والثاء وغيرها مما ذكروا هو الألفاظ التي يتهجى بها لا الحروف المبسوطة التي يتركب منها الكلم، والذي من أقصى الحلق إنما هو الحرف الذي يقع جزء الكلم كما في أول أخذ وأوسط سأل وآخر قرأ. نتائج الأفكار (10/ 305).

(3)

زيادة في (ب).

(4)

سقط في (ب).

(5)

وفي (ب)(والزاي)، وهي الصواب.

(6)

سقط في (ب).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 264)، البناية شرح الهداية (13/ 176).

(8)

الأثر عن علي بحثت عنه ولم أجده. وينظر: العناية شرح الهداية (15/ 264)، الجوهرة النيرة (2/ 216)، البناية شرح الهداية (13/ 176)، تكملة البحر الرائق (8/ 376)، نتائج الأفكار (10/ 305)، الفقه على المذاهب الأربعة (5/ 158).

(9)

بداية المبتدي (244).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 179).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 179).

(12)

زيادة في (ب).

(13)

بداية المبتدي (244).

ص: 201

فإن قيل: بماذا يعرف فوات هذه المعاني فإن قول المجني عليه لا يقبل؟

قلنا: إذا صدَّقه الجاني أو استحلف

(1)

فنكل يثبت فواتها ثم فوات البصر يعرفه الأطباء فينظر إليه رجلان عدلان من الأطباء ويكون قولهما في ذلك حجَّة كذا في «المبسوط»

(2)

.

[معرفة ذهاب السمع]

وذكر في «الذَّخيرة» فقال: وطريق معرفة ذهاب السَّمع أن يُتغافل فينادى، فإن أجاب لذلك علم أنَّ سمعه لم يذهب

(3)

.

وحكى النَّاطفي

(4)

عن أبي خازم القاضي والقدوري

(5)

عن إسماعيل بن حمَّاد

(6)

أنَّ امرأة تطارشت أي: أرت أن بها طرشاً وهو

(7)

نوع صمم

(8)

يعني: خويشتن را كر ساخت

(9)

في مجلس حكمه فاشتغل بالقضاء عن النَّظر إليها ثم قال لها فجأةً: غَطِّي عورتك فاضطربَت وتسَارعت إلى جَمعِ ثيابها وظهر مَكْرُهَا

(10)

.

(1)

الحلف لغةً: اليمين، والقسم، مصدر حلف يحلف؛ أي أقسم، يقال: سيف حليف؛ أي: قاطع ماضٍ، فكأن الحالف قطع المخاصمة بالله.

يُنْظَر: العين (8/ 387)، المحيط في اللغة (3/ 104)، الصحاح؛ للجوهري (4/ 32)، لسان العرب (9/ 53).

واصطلاحاً: تقوية أحد طرفي الخبر بذكر الله تعالى.

يُنْظَر: التعريفات؛ الجرجاني (332)، أنيس الفقهاء (171)، التعاريف (751)، دستور العلماء (3/ 335).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 130)، مجمع الأنهر (4/ 345).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 130)، مجمع الأنهر (4/ 345).

(4)

أحمد بن محمد بن عمر أبو العباس الناطفي، ذكره صاحب الهداية، أحد الفقهاء الكبار وأحد أصحاب الواقعات والنوازل، له "كتاب الأجناس والفروق" و"الواقعات"، حدث عن أبي حفص بن شاهين وغيره، والناطفي نسبة إلى عمل الناطف وبيعه. (ت 446 هـ) يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 113)، تاج التراجم (1/ 102).

(5)

هو: أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان الإمام المشهور، أبو الحسن بن أبي بكر الفقيه البغدادي المعروف بالقدوري، صاحب "المختصر" المبارك، وكان ممن أنجب في الفقه لذكائه، انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق، وعظم عندهم قدره، وارتفع جاهه. (ت 428 هـ).

يُنْظَر: الطبقات السنية (2/ 19)، تاج التراجم (1/ 98).

(6)

هو: إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، الإمام بلا مدافعة ذو الفضائل الشريفة والخصال المنيفة، تفقه على أبيه حماد والحسن بن زياد ولم يدرك جده، كان فقيها وولي القضاء بالبصرة ثم عزل عنها، صنف من الكتب الجامع في الفقه عن جده أبي حنيفة وله الرد على القدرية، ذكر الخطيب بإسناده إلى العباس بن ميمون سمعت محمد بن عبدالله الأنصاري يقول ما ولى القضاء من لدن عمر بن الخطاب إلى اليوم أعلم من إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة رضي الله عنه. (ت 212 هـ).

يُنْظَر: طبقات الفقهاء (1/ 143)، الجواهر المضية (1/ 148).

(7)

وفي (ب)(وهي).

(8)

يُنْظَر: المحيط في اللغة (7/ 292)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 19)، لسان العرب (6/ 311).

(9)

عبارة فارسية تعني: جعل نفسه أصم. ينظر: ثقافة الإصطلاحات اليومية، المنجد.

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 265)، البناية شرح الهداية (13/ 178).

ص: 202

وقال أبو يوسف رحمه الله في «المنتقى» :

(1)

لا يعرف ذهاب السَّمع والقول فيه قول الجاني

(2)

.

[معرفة ذهاب البصر]

وأمَّا طريق معرفة ذهاب البصر، فقال محمد بن مقاتل الرازي

(3)

: طريقه أن يستقبل الشمس مفتوح

(4)

العين فإن دمعت عينه علم أنَّ الضوء باقٍ وإن لم تدمع علم أنَّ الضَّوء ذاهب.

وذكر الطَّحاوي: أنَّه يُلقى بين يديه حيَّة فإن هرب من الحيَّة علم

(5)

أنَّه لم يذهب بصره

(6)

.

وقال محمَّد رحمه الله في الأصل: ينظر إليه أهل ذلك

(7)

.

وإن [لم]

(8)

يعلم بما ذكرنا يعتبر فيه الدَّعوى والإنكار والقول قول الجاني مع يمينه على البتات.

أمَّا اليمين؛ فَلِأَنَّ المجني

(9)

[عليه

(10)

يدَّعي موجبة

(11)

الجناية والجاني ينكر.

وإمَّا على البتات؛ لأنَّ

(12)

هذا يمين على فعل نفسه وهو إذهاب بصر غيره.

(1)

كتاب المنتقى في الفقه الحنفي لمُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحمد، أبو الفضل المروزي السلمي البلخي، الشهير بالحاكم الشهيد، قاض، ووزير، كان عالم مرو، وإمام الحنفية في عصره، ولى قضاء بخارى، (ت 334 هـ)، جمع فيه مصنفه نوادر المذهب الحنفي، بعد مطالعته في ثلاثمائة جزء مؤلف، والكتاب مفقود حسب ما ذكر ذلك الغزي في الطبقات السنية.

يُنْظَر: الطبقات السنية (1/ 36)، كشف الظنون (2/ 1851)، الجواهر المضية (2/ 112، 113).

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 178)، مجمع الأنهر (4/ 345).

(3)

هو: محمد بن مقاتل الرازي قاضي الري، من أصحاب محمد بن الحسن، كان إمام أصحاب الرأي بالري ومات بها وكان مقدما في الفقه روى عن سفيان بن عيينة، قال الذهبي: وحدث عن وكيع وطبقته، وسمع منه البخاري ولم يحدث عنه. (ت 248 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 134)، لسان الميزان (5/ 388).

(4)

وفي (ب)(مفتوحة).

(5)

وفي (ب)(يعلم).

(6)

يُنْظَر: درر الحكام (5/ 493)، العناية شرح الهداية (15/ 265)، البناية شرح الهداية (13/ 178)، الفتاوى الهندية (6/ 9).

(7)

يُنْظَر: الأصل (4/ 467).

(8)

سقط في (ب).

(9)

وفي (ب)(المدعى).

(10)

سقط في (ب).

(11)

وفي (ب)(موجب).

(12)

وفي (ب)(أن).

ص: 203

[معرفة ذهاب الشم]

وطريق معرفة ذهاب الشَّمِّ: أن يُوضع بين يديه مَا لَهُ رائحة كريهة فإن تَنَفَّرَ عن

(1)

ذلك عرف

(2)

أنَّه لم يذهب شمه

(3)

.

(لأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ

(4)

يعني: ليس فيها استتباع كل واحد منها الآخر بخلاف قتل النفس حيث لا تجب إلا دية واحدة؛ لأنَّ الأطراف تبع للنَّفس أمَّا الطَّرف فليس بتبع للطرف الآخر فيعتبر كل واحد منها بنفسه، وهذا هو الجواب الذي ذكره في «المبسوط» في جواب شبهة في هذا الموضع

(5)

.

بعده

(6)

قال

(7)

: وقد روينا عن عمر رضي الله عنه: «أنَّه قضى على رجل بأربع ديات والمجني عليه حي»

(8)

.

فإن قيل: كيف يستقيم هذا فلو مات من الشجَّة لا يلزمه إلا دية واحدة وبفوات هذه المنافع بدون الموت أولى؟

قلنا: إذا مات فقد تحقق إتلاف النَّفس والأطراف تابعة للنَّفس ومتى وجب اعتبار الأصل سقط اعتبار الأطراف، فأمَّا ما بقيت النَّفس فهذه المنافع صارت فائتة عليه مقصوداً وبعضها ليس بتبع للبعض ففي حقِّ كل واحد منهما

(9)

يجعل كأنَّه لم يفت غيرها.

(وَفِي شَعْرِ الرَّأسِ: الدِّيَةُ

(10)

[أي]:

(11)

إذا لم ينبت.

(1)

وفي (ب)(من).

(2)

وفي (ب)(علم).

(3)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 375)، الفتاوى الهندية (6/ 25).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 179).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 150).

(6)

وفي (ب)(بعدما).

(7)

أي: صاحب الهداية (4/ 180)، قال:«وقد روي أن عمر رضي الله عنه قضى بأربع ديات في ضربة واحد، ذهب بها العقل والكلام والسمع والبصر» .

(8)

رواه عبدالرزاق في مصنفه (10/ 11)، في (كتاب العقول)، في (باب من أصيب من أطرافه ما يكون فيه ديتان أو ثلاث)، برقم (18183) عن عوف الأعرابي قال: لقيت شيخا في زمان الجماجم فخليته وسألت عنه فقيل لي: ذلك أبو المهلب عم أبي قلابة فسمعته يقول: «رمى رجل رجلا بحجر في رأسه في زمان عمر بن الخطاب فذهب سمعه وعقله ولسانه وذكره فقضى فيها عمر بأربع ديات وهو حي» .

ورواه ابن أبي شيبة (5/ 359)، في (كتاب الديات)، في (باب إذا ذهب سمعه وبصره)، برقم (26892)، بلفظ:«رمى رجلا بحجر في رأسه فذهب سمعه ولسانه وعقله وذكره فلم يقرب النساء فقضى فيه عمر بأربع ديات» .

وفي سنن البيهقي (8/ 86)، في (كتاب الديات)، في (باب ذهاب العقل من الجناية)، برقم (16007)، بلفظ:«رمى رجل بحجر في رأسه فذهب سمعه ولسانه وعقله وذكره فلم يقرب النساء فقضى فيه عمر رضي الله عنه بأربع ديات» .

(9)

وفي (ب)(منها).

(10)

بداية المبتدي (244)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (287).

(11)

زيادة في (ب).

ص: 204

وقوله: (لِمَا قُلْنَا

(1)

أراد به قوله: (لأَنَّهُ يُفَوِّتَ بِهِ مَنْفَعَةَ الجَمَالِ

(2)

.

وذكر الإمام التمرتاشي، قالوا: لو حلق رأس إنسان ولم ينبت تجب الدية، الرجل والمرأة، والصَّغير والكبير

(3)

فيه سواء، ولا يطالب بالدية حالا

(4)

الحلق بل يؤجل سنة لِتَصَوُّر النَّبَات

(5)

.

وكذا حلق (اللِّحْيَةِ

(6)

فإن مات المحلوق رأسه أو لحيته قبل مضي السنة (وَلَمْ تَنْبُتُ

(7)

لا شيء فيه

(8)

، وقالا

(9)

: فيه حكومة عدل

(10)

.

(وَيَسْتَوِي العَمْدُ وَالخَطَأُ

(11)

يعني: كما تجب الدية في حلق اللحية والرأس

(12)

خطأ فكذلك إذا حلقهما

(13)

عمداً تجب الدية لا القصاص ثم قيل صورة حلقهما خطأ: هي أن يظنه مباح الدَّم فحلق الولي لحيته ثم ظهر أنَّه غير مباح الدَّم

(14)

.

فإن قلت: لم يجب القصاص فيما إذا حلقهما عمداً مع إمكان المساواة في الحلق فوجوب القصاص يدور مع العمد وإمكان المساواة في الجناية وقد [وجد]

(15)

هذان الوصفان في الحلق العمد، قلت: لأنَّ القصاص عقوبة والعقوبات لا تثبت قياساً وإنَّما تثبت نصًّا أو استدلالاً بالمنصوص عليه، ولا نصَّ في الشعور وتعذر الاستدلال بالمنصوص عليه؛ لأنَّ النصَّ إنَّما ورد في الجراحات قال الله تعالى:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}

(16)

وحلق الشعر [ليس]

(17)

في معنى الجراحات

(18)

؛ لأنَّه لا يحتاج في تفويتها إلى الجراحة والضَّرب ولا يُتوهَّم فيها السِّراية كما يتوهَّم في الجراحات وليس فيه إماتة

(19)

ذي روح كما في الجراحات؛ لأنَّه لا روح في الشعر.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 180).

(2)

الهداية شرح الهداية (4/ 180).

(3)

وفي (ب)(والكبير والصغير).

(4)

وفي (ب)(حالة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 267).

(6)

بداية المبتدي (244)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (287).

(7)

بداية المبتدي (244).

(8)

يُنْظَر: مجمع الضمانات (391).

(9)

أي: مالك والشافعي -رحمهما الله-.

(10)

مذهب المالكية: أن في شعر الرأس، وفي اللحية إذا حلقت فلم تنبت حكومة عدل.

ومذهب الشافعية: أن إزالة الشعور، كشعر الرأس واللحية بالحلق وغيره من غير إفساد المنبت لا يوجب إلا التعزير، فإن أفسد المنبت لزمه حكومة عدل.

يُنْظَر: الاستذكار (8/ 86)، حاشية الصاوي (10/ 68)، الأم (6/ 82، 83)، نهاية المحتاج (7/ 344).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 180).

(12)

وفي (ب)(الرأس واللحية).

(13)

وفي (ب)(حلقها).

(14)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 269)، البناية شرح الهداية (13/ 181).

(15)

سقط في (ب).

(16)

سورة المائدة من الآية (45).

(17)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(18)

وفي (ب)(جراحات).

(19)

وفي (ب)(أمانة).

ص: 205

ألا ترى أنَّ الإنسان لا يتألَّم بحلقه وإذا لم يكن الشعر نظير الجراحة لم يكن النص الوارد في الجراحة وارداً في الشعر فلو أوجبنا القصاص فيه أوجبناه قياساً ولا وجه إليه كذا في «الذَّخيرة»

(1)

.

[تعريف الأهداب]

(يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ

(2)

الأَهْدَابُ مَجَازاً

(3)

(4)

أي: شعور أشفار العين يعني [

]

(5)

.

وهذا الذي ذكره في الكتاب مع البسط مأخوذ من مبسوط شيخ الإسلام، وقال فيه: وجعل محمَّد رحمه الله الأشفار اسماً للشعور [التي تنبت]

(6)

على شعور

(7)

العين وأطرافها، ألا ترى أنَّه قال: أنَّ في أشفار العين الدية الكاملة إذا لم تنبت

(8)

.

والشعر: هو الذي ينبت على حروف العين وأطرافها. وقد خَطَّأَه أهل اللَّغة في هذا وقالوا: الأشفار منابت الشعر، وهي حروف العينين وأطرافهما، والشعور التي عليها تُسمَّى الهدب. قالوا: وكأنَّه أخذ من شفير الوادي وهو جانبه وحَدَّه فَسُمِّيت منابت الشعور أشفاراً؛ لأنَّها حدود الأجفان وإليه ذهب القتبي

(9)

في كتابه

(10)

.

ولكن مشائخنا قالوا: بأنَّ الأمر كما قالوا: أنَّ الأشفار اسم لمنابت الشعر واسم الشعور: الهُدَبُ، إلا أنَّه كنَّى بالأشفار عن الهُدَبِ لإتصال ومجاورة بينهما كما سمُّوا القِربَة رَاوية وهو

(11)

البعير الذي يستقى عليه الماء لاتصال بين القربة والبعير [سواء]

(12)

، وكما قيل للمطر سماء

(13)

.

(1)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 269).

(2)

أي: مراد الامام القدوري من الأشفار. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 182).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 181).

(4)

قال البابرتي: قالَ الْمصَنِّفُ: يَحْتَملُ أنَّ مرَادَهُ الأَهْدَابُ مجَازًا، ولَعَلَّهُ قالَ ذَلكَ دَفعًا لتَخْطِئَةِ منْ خطَّأَ محَمَّدًا في إطلَاقِ الأَشْفَارِ علَى الأَهْدَابِ. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 271).

(5)

غير واضحة في (أ) و (ب).

(6)

سقط في (ب).

(7)

وفي (ب)(حروف)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 442).

(9)

هو: أبو محمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل المروزي، النحوي اللغوي، كان فاضلاً ثقة، سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه.

ومن تصانيفه: "غريب القرآن الكريم" و"غريب الحديث" و"عيون الأخبار" و"مشكل القرآن" و"مشكل الحديث" و"طبقات الشعراء"، (ت 276 هـ). يُنْظَر: البلغة (127)، وفيات الأعيان (3/ 42).

(10)

يُنْظَر: عيون الأخبار (2/ 68).

(11)

وفي (ب)(وهي).

(12)

زيادة في (ب).

(13)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 447)، طلبة الطلبة (329).

ص: 206

(وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ مَنْبَتَ الشَّعْرِ وَالحُكْمُ فِيهِ هَكَذَا

(1)

اتصالا

(2)

؛ لأنَّه ذكر في «المبسوط» ، وأمَّا ما يكون أرباعاً في البدن فهو أشفار العين يجب في كلِّ شفر

(3)

ربع الدية ويستوي أَنَتَفَ

(4)

الأهداب وأفسد المنبت أو قطع الجفون كلها بالاشفار؛ لأنَّ تفويت الجمال يتم بذلك.

وكذلك تفويت المنفعة؛ لأنَّه بالأهداب والجفون ينفي

(5)

الأذى عن العينين وتفويت ذلك ينقص من البصر ويكون آخره العمى فيجب فيها كمال الدية وهي أرباع في البدن فتتوزع الدية عليها في كلِّ واحد منهما

(6)

ربع الدية

(7)

.

(وَهُوَ

(8)

نَظِيرُ انْقِسَامِ دِيَةِ اليَدِ عَلَى الأَصَابِعِ

(9)

لو قطع جميع الأصبع الواحدة يجب عشر الدية ويكون ذلك بإزاء [ثلاث]

(10)

مفاصل الأصبع فيكون بإزاء كل مفصل ثُلثه

(11)

.

(وَالأَسْنَانُ وَالأَضْرَاسُ كُلُّهَا سَوَاءٌ

(12)

كان من حقه أن يقال: والأضراس والثنايا كلها سواء بالجمع بين النَّوعين كما هو المذكور في المبسوط

(13)

؛ لأنَّ الأضراس: اسم لما سوى الثنايا من الأسنان

(14)

، أو يقال: والأسنان كلها سواء على ما جاء [به]

(15)

لفظ الحديث

(16)

؛ لأنَّ السن: اسم جنس يتناول لما تحتها من الأنواع كالأنياب والنواجذ والطَّواحن والضَّواحك. فيجمع بين الأنواع أو يكتفى باسم الجنس، أما

(17)

الجمع بين اسم الجنس والنَّوع فلا.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 181).

(2)

وفي (ب)(أيضا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

وفي (ب)(شفرة).

(4)

وفي (ب)(أن ينتف).

(5)

وفي (ب)(يقي).

(6)

وفي (ب)(منها) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، ولأنها موافقة لما في المبسوط.

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 70، 71).

(8)

وفي (ب)(وهي).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 181).

(10)

سقط في (ب).

(11)

يُنْظَر: مختصر القدوري (287)، العناية شرح الهداية (15/ 277)، مجمع الأنهر (4/ 347).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 181).

(13)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 441).

(14)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 8).

(15)

زيادة في (ب).

(16)

رواه ابن ماجه (2/ 885)، في (كتاب الديات)، في (باب دية الأسنان)، برقم (2650) عن عِكْرِمَةَ عن ابن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:«الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ» .

ورواه أبو داود (4/ 188)، في (كتاب الديات)، في (باب ديات الأعضاء)، برقم (4559) عن عِكْرِمةَ عن ابن عبَّاسٍ أنَّ رسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال:«الأصَابِعُ سوَاءٌ والْأَسْنَانُ سوَاءٌ الثّنِيَّةُ والضِّرْسُ سوَاءٌ هذه وهَذِهِ سوَاءٌ» .

(17)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

ص: 207

[دية الأسنان]

وبهذا الذي ذكره احترز عن قول

(1)

من فضَّل الطَّواحن على الضَّواحك؛ [لأنه ذكر في المبسوط ويستوفى

(2)

في ذلك الأنياب والنواجذ والطواحن والضواحك ومن الناس من فضل الطواحن على الضواحك]

(3)

لما فيها من زيادة المنفعة ولسنا نأخذ بذلك؛ لأنَّ النَّبي عليه السلام قال: «فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ

(4)

(5)

من غير تفصيل

(6)

ثم إن كان في بعضها زيادة منفعة ففي بعضها زيادة جمال والجمال في الآدمي كالمنفعة حتى قيل: إذا قلع جميع أسنانه فعليه ستة عشر ألفاً -أي من الدَّراهم-؛ لأنَّ الأسنان اثنان وثلاثون فإذا وجب في كلِّ سن نصف عشر الدية خمسمائة بلغت الجملة ستة عشر ألفاً وليس في البدن جنس عضو يجب بتفويته أكثر من مقدار الدية سوى الأسنان فإذا قلع جميع أسنان الكوسج

(7)

فعليه أربعة عشر ألفاً لأن أسنانه تكون ثمانية وعشرين.

هكذا حُكِيَ أن امرأة قالت لزوجها: يا كوسج، فقال: إن كنتُ كوسجًا فأنتِ طالق. فسُئِل أبو حنيفة رحمه الله عن ذلك فقال: تُعد أسنانه فإن كانت اثنتين وثلاثين فليس بكوسج وإن كانت ثمانية وعشرين فهو كوسج

(8)

.

(لأَنَّ المُتَعَلِّقَ تَفْوِيْتُ جِنْسِ المَنْفَعَةِ

(9)

أي: الموضع الذي يتعلق به وجوب كل الدية هو تفويت جنس المنفعة.

فإن قلت: قد ذكرت قبل هذا من رواية «المبسوط» ، والتمرتاشي، أنَّ في قطع اليد الشَّلاء وفَقء العين القائمة العوراء حكومة عدل

(10)

.

(1)

وفي (ب)(احتراز بقول).

(2)

كذا في (ب)، والصواب (ويستوي) كما جاء في المبسوط.

(3)

زيادة في (ب).

(4)

رواه ابن ماجه (2/ 885)، في (كتاب الديات)، في (باب دية الأسنان)، برقم (2651) عن ابن عَبَّاسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أَنَّهُ قَضَى في السِّنِّ خَمْسًا من الْإِبِلِ» . ورواه أبو داود (4/ 189)، في (كتاب الديات)، في (باب ديات الأعضاء)، برقم (4564)، بلفظ «في كل سن خمس من الإبل» ، ورواه النسائي (4/ 245)، في (كتاب القسامة)، في (باب عقل الأصابع)، برقم (7058)، بلفظ «وفي السن خمس من الإبل» . وهذا الحديث قطعة من كتاب عمرو بن حزم وتقدم الكلام فيه.

(5)

بداية المبتدي (245).

(6)

وفي (ب)(تفضيل).

(7)

قال الأصمعي: الكوسج: الناقص الأسنان. يُنْظَر: جمهرة اللغة (2/ 1178)، المخصص (1/ 130).

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 71).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 182).

(10)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 80).

ص: 208

ثم ذكر في الكتاب [أن في هذه المسألة]

(1)

أنَّ في إذهاب منفعة اليد والعين مع إبقاء صورتهما كمال الدية

(2)

.

فعلم بهذا: أنَّ [إزالة]

(3)

الصُّورة والمعنى كل واحد منهما موجب شيئا

(4)

بحياله، فعلى هذا ينبغي أن يجب على من قطع يدي الرجل الصَّحيحتين الدية مع حكومة العدل، فالدية لإزالة [المنفعة]

(5)

، والحكومة لإزالة الصُّورة.

قلت: نعم كذلك إلا أنَّه إذا اجتمع الأقل والأكثر من الأرش في موضع واحد يدخل الأقل في الأكثر كما إذا (شَجَّ رَجُلاً فَذَهَبَ عَقْلُهُ أَو شَعْرُ رَأْسِهِ: دَخَلَ أَرْشُ المُوضِحَةِ فِي الدِّيَةِ

(6)

كما

(7)

إذا قطع أصابع يد واحدة مع الكف فإنَّ فيه نصف الدية فيدخل أرش الكف الذي هو حكومة العدل في أرش اليد.

فكذلك ههنا يدخل أرش الصورة الذي هو حكومة العدل في قطع اليد الشَّلاء في أرش منفعة اليد الذي هو نصف الدية فَتُجعل الصُّورة تبعًا للمنفعة، كما لو أوضحه فمات حيث يدخل أرش الموضحة في الدية بل أروش جميع الأعضاء تدخل في الدية؛ لكون الأطراف تبعًا للنَّفس فكذا هنا

(8)

.

فإن قلت: ففي باب الديات كما أنَّ ذهاب المنفعة المقصودة موجب للدية كما في إذهاب العقل والسَّمع والبصر، فكذلك إذهاب الجمال أيضاً موجب للدية كما في حلق اللحية والحاجبين وقطع الأذنين الشاخصتين ثم في قطع اليدين الصَّحيحتين إزالة المنفعة المقصودة، فكذلك فيه إزالة الجمال أيضاً

(9)

.

فَلِمَ جعل الجمال ههنا تبعًا للمنفعة، ولم يجعل المنفعة تبعًا للجمال حتى اعتبر زيادة المنفعة بقوله: (لأَنَّ المُتَعَلِّقَ تَفْوِيْتُ جِنْسِ المَنْفَعَةِ لا

(10)

فَوَاتُ الصُّورَةِ

(11)

بل فوات الصورة معتبر في إيجاب الدية أيضاً كما أريناك من النَّظائر من حلق الحاجبين وغيره مع [أنَّ]

(12)

كلاً من الصُّورة والمنفعة موجب كل الدية فلم يجتمع فيه الأقل والأكثر حتى يقال باستتباع الأكثر الأقل.

(1)

سقط في (ب).

(2)

قال الامام القدوري: ومن ضرب عضوا، فأذهب منفعته: ففيه دية كاملة، كما لو قطعه، كاليد إذا شُلَّت، والعين إذا ذهب ضوءها. يُنْظَر: مختصر القدوري (288).

(3)

زيادة في (ب).

(4)

وفي (ب)(أشياء).

(5)

سقط في (ب).

(6)

بداية المبتدي (246)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (289).

(7)

وفي (ب)(وكما).

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 99)، الهداية شرح البداية (4/ 184)، بدائع الصنائع (7/ 318).

(9)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 70 - 72).

(10)

وفي (ب)(ولا).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 182).

(12)

سقط في (ب).

ص: 209

قلت: قال في «المبسوط» في تعليل مسألة لسان الأخرس واليد الشَّلاء حيث يجب فيه حكومة العدل لا الدية.

فقال: لأنَّ الأعضاء التي يكون المقصود منها المنفعة فمعنى الجمال [فيها]

(1)

تبع فباعتباره لا تتكامل [الجناية]

(2)

في حق الأرش

(3)

.

ولما اجتمعا جعل الجمال تبعاً [أيضاً]

(4)

للمنفعة المقصودة؛ لأنَّ الجمال لمَّا كان تبعاً فيها عند الانفراد حتى وجب حكومة العدل في اليد الشَّلاء، فلأن يكون تبعاً للمنفعة المقصودة عند الاجتماع معها أولى.

قوله رحمه الله: (لِتَفْوِيتِ جِنْسِ المَنْفَعَةِ

(5)

أي: منفعة النَّسل؛ لأنَّه فَوَّت جمالاً على الكمال وهو استواء القامة؛ لأنَّ الجمال للآدمي في كونه منتصب القامة.

قيل في معنى قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)}

(6)

أي: منتصب القامة

(7)

، وذلك يفوت إذا حَدَب والجمال للآدمي مطلوب كالمنفعة فتفويت الجمال الكامل يوجب دية كاملة كذا في «المبسوط» . والله أعلم

(8)

.

* * *

‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

[مناسبة الفصل لما قبله]

لما ذكر حكم ما دون النَّفس ذكر في هذا الفصل حكم الشِّجاج؛ لأنَّه من أحكام ما دون النَّفس وَفَصَله بفصل على حِدَةٍ لتكاثر

(9)

مسائل الشجاج اسماً وحكماً ثم لو تعدَّت الشجة من هذا الحد الذي هو الآمة تفضي إلى القتل فلا كلام في القتل، إنَّما الكلام في الشَّجة.

[عدد الشجاج]

(الشِّجَاجُ

(10)

عَشْرٌ

(11)

فوجه الانحصار فيها ظاهر بحسب تعاقب آثارها إلى أن تبلغ إلى أم الرأس الذي فيه الدماغ من غير زيادة ولا نقصان، وذلك لأنَّ الشجة لا تخلو: إما أن تقطع الجلد أم لا، فإن لم تقطع فلا تكون شجة، فلا كلام فيه، فلو قطعت فلا تخلو: إما أن تُظهر الدم أم لا؟

(1)

سقط في (ب).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 80).

(4)

سقط في (ب).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 182).

(6)

سورة التين الآية (4).

(7)

يُنْظَر: زاد المسير (9/ 172)، تفسير ابن كثير (4/ 528)، تفسير ابن سعدي (929).

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 69).

(9)

وفي (ب)(لتكاثرت).

(10)

وفي (ب)(والشجاج).

(11)

بداية المبتدي (245)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (288).

ص: 210

فإن لم تظهر فهي (الحَارِصَةُ

(1)

وإن أظهرت فلا تخلو: إما أن تُسَيِّل [الدَّم]

(2)

بعد الإظهار أم لا؟

فإن لم تُسيِّل فهي (الدَّامِعَةُ

(3)

(4)

وإن سيَّلت فلا تخلو: إمّا أن تقطع بعض اللحم مع تسييل الدَّم أم لا؟

فإن لم تقطع فهي (الدَّامِيَةُ

(5)

وإن قطعت فلا تخلو: إمَّا أن تقطع أكثر اللَّحم الذي بينه وبين العظم أم لا؟

فإن لم تقطع أكثر اللَّحم فهي (البَاضِعَةُ

(6)

، وإن قطعت أكثر اللَّحم فلا تخلو: إما إن أظهرت الجلدة الرقيقة الحائلة بين اللَّحم والعظم أم لا؟

فإن لم تظهر فهي (المُتَلاحِمَةُ

(7)

.

وإن أظهرت فهي (السِّمْحَاقُ

(8)

(9)

(10)

.

ثم لو تعدَّت الشجَّة من إظهار الجلدة فلا تخلو: إما إن انحصرت على إظهار العظم أم لا؟

فإن انحصرت فهي (المُوضِحَةُ

(11)

وإن لم تنحصر على إيضاح العظم فلا تخلو: إمَّا إن انحصرت على كسر العظم أم لا؟

فإن انحصرت فهي القاسمة

(12)

وإن لم تنحصر فلا تخلو: إمَّا إن انحصرت على نقل العظم وتحويله من غير وصول إلى الجلد

(13)

التي بين العظم والدِّماغ أم لا؟

فإن انحصرت فهي (المُنَقِّلَةُ

(14)

وإلا فهي العامة

(15)

وهي العاشرة.

ولم يذكر ما بعدها وهي الدَّامغة بالغين المعجمة، وهي التي تُخرج الدماغ؛ لأنَّ النفس لا تبقى [بعدها]

(16)

عادة فكان ذلك قتلاً لا شجَّة على ما يجيء في الكتاب والكلام في الشجَّة لا في القتل.

(1)

بداية المبتدي (245)، وهي الشجة الأولى.

(2)

سقط في (ب).

(3)

بداية المبتدي (245)، وهي الشجة الثانية.

(4)

وفي (ب)(الدامغة).

(5)

بداية المبتدي (245)، وهي الشجة الثالثة.

(6)

بداية المبتدي (245)، وهي الشجة الرابعة.

(7)

بداية المبتدي (245)، وهي الشجة الخامسة.

(8)

بداية المبتدي (245)، وهي الشجة السادسة.

(9)

في (ب)(السحاق).

(10)

قال في الهداية (4/ 182): وهي التي تصل إلى السمحاق، وهي جلدة رقيقة بين اللحم وعظم الرأس.

(11)

بداية المبتدي (245)، وهي الشجة السابعة.

(12)

وفي (ب)(الهاشمة) وهي الصواب، وهكذا جاءت في بداية المبتدي (245)، وهي الشجة الثامنة.

(13)

وفي (ب)(الجلدة).

(14)

بداية المبتدي (245)، وهي الشجة التاسعة.

(15)

وفي (ب)(الآمَّة) وهي الصواب، وهكذا جاءت في بداية المبتدي (245)، وهي الشجة العاشرة.

(16)

سقط في (ب).

ص: 211

فعلم بهذا أن حاصر هذه الشِّجاج تعاقب آثارها على هذا العدد والترتيب فلما لم تتعد آثارها هذا العدد عقلاً فانحصرت عليه لذلك، هذا الذي ذكرته على تقرير «المبسوط» وهو المُعَوَّل عليه

(1)

.

[تعريف الحارصة]

ثم الحارصة من حيث اللُّغَة: مأخوذة من حرَصَ القصَّارُ الثَّوب أي: شَقَّه في الدق (والحَارِصَةُ

(2)

هي الشجة (الَّتِي تَحْرِصُ الجِلْدَ

(3)

، أي: تشقه

(4)

.

(والدَّامغة

(5)

- بالعين المهملة - مأخوذة

(6)

من الدَّمع فسمِّيت هذه الشَّجة [بها]

(7)

؛ لأنَّ الدَّم يخرج منها بقدر الدَّمع في القلة

(8)

.

وفي «الذَّخيرة» هي مأخوذة من دمع العين فكأنَّها سميت بهذا الاسم؛ لأنَّ الألم يصل إلى صاحبها فتدمع عيناه بسبب ما يجد من الألم

(9)

.

(والبَاضِعَةُ

(10)

[من البضع]

(11)

وهو الشق والقطع ومنه مبضع الفصَّاد

(12)

.

[تعريف المتلاحمة]

وأمَّا (المُتَلَاحِمَةُ

(13)

[فقد ذكر في المُغرب:]

(14)

هي الشجَّة التي تشق اللحم دون العظم ثم تتلاحم بعد شقها أي: تتلاءم وتتلاصق قال الأزهري:

(15)

[الوجه أن يقال:]

(16)

اللاحمة أي: القاطعة للَّحم، وإنَّما سميت بذلك على ما تؤول إليه أو على التفاؤل

(17)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 73، 74).

(2)

بداية المبتدي (245).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 182).

(4)

يُنْظَر: تهذيب اللغة (4/ 140، 141)، طلبة الطلبة (329).

(5)

وفي (ب)(الدَّامِعَةُ) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في بداية المبتدي (245).

(6)

وفي (ب)(مأخوذ).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

وفي (ب)(المقلة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(9)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 380).

(10)

بداية المبتدي (245).

(11)

سقط في (ب).

(12)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 132)، البناية شرح الهداية (13/ 188)، تكملة البحر الرائق (8/ 380).

(13)

بداية المبتدي (245).

(14)

سقط في (ب).

(15)

هو: العلامة أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري الهروي اللغوي الشافعي، كان فقهيا صالحا غلب عليه علم اللغة، ثقة ثبتا دينا، فعنه قال: امتحنت بالأسر سنة عارضت القرامطة، ارتحل في طلب العلم بعد أن سمع ببلده من الحسين بن إدريس ومحمد بن عبد الرحمن السامي وغيرهم، وسمع ببغداد من أبي القاسم البغوي وابن أبي داود وإبراهيم بن عرفة وغيرهم، وروى عنه أبو عبيد الهروي وأبو يعقوب القراب وسعيد بن عثمان وآخرون، وله كتاب تهذيب اللغة المشهور وصنف في التفسير كتابا سماه التقريب. (ت 370 هـ).

يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (16/ 315)، طبقات الشافعية (1/ 144).

(16)

سقط في (ب).

(17)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 244).

ص: 212

وفي «المبسوط» وروي (عَن مُحَمَّدٍ رحمه الله): أَنَّ (المُتَلاحِمَةَ قَبْلَ البَاضِعَةِ

(1)

وهذا اختلاف في مآخذ الكلمة لا في الحكم، فمن

(2)

ذهب إلى أن المتلاحمة مأخوذة من قولك اللحم

(3)

الشيئان إذا اتَّصل أحدهما بالآخر فالمتلاحمة ما تظهر اللحم

(4)

ولا تقطعه والباضعة بعدها؛ لأنَّها تقطعه وفي ظاهر الرواية المتلاحمة ما تعمل في قطع أكثر اللحم فهو بعد الباضعة، والمنقلة وهي التي تخرج منها العظم أو تجعل العظم كالنقل وهو الحصى

(5)

.

[تعريف الآمَّة]

(والآمَّةُ

(6)

بالمدِّ [من آمَّه]

(7)

أي: شجَّه آمة وهي التي تبلغ أم الدماغ حتى يبقى بينهما

(8)

وبين الدِّماغ جلد رقيق وأم الدِّماغ الجلدة التي تجمع الدماغ كذا في «الصِّحاح»

(9)

.

(ولأَنَّ فِيمَا فَوقَ المُوضِحَةِ

(10)

أي: فيما هو أكثر شجَّة من الموضحة وهو ما ذكره بعد الموضحة وهو ثلاثة الهاشمة، والمنقلة، والآمَّة، (يَجِبُ القِصَاصُ فِيمَا قَبْلَ المُوضِحَةِ

(11)

أي: قبل الموضحة ذكراً دون

(12)

الموضحة أثراً وشجا، وهو ستة من الحارصة إلى السمحاق.

المِسْبَار ما يسبر به الجرح أي: يقدر قدر غوره بحديدة أو غيرها

(13)

.

(وَفِيمَا دُونَ المُوضِحَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ

(14)

أي: دون الموضحة من حيث الأثر والشج، ولكن قبل الموضحة من حيث الذكر وهو الحارصة إلى السمحاق فلذلك ذكر مرة بما قبل الموضحة ومرة بما دون الموضحة

(15)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 183).

(2)

وفي (ب)(فمحمد رحمه الله)، وهي الصواب، وهكذا جاءت في المبسوط.

(3)

وفي (ب)(التحم)، وهي الصواب، وهكذا جاءت في المبسوط.

(4)

وفي (ب)(العظم).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 73).

(6)

بداية المبتدي (245).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

وفي (ب)(بينها)، ولعلها الصواب بإذن الله، وهي الموافقة لما في الصحاح.

(9)

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (5/ 143).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 182).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 182)، وقال الامام المرغيناني: قال محمد في الأصل: وهو ظاهر الرواية: يجب القصاص فيما قبل الموضحة.

(12)

وفي (ب)(ودون).

(13)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 379)، لسان العرب (4/ 340).

(14)

بداية المبتدي (245)، وهو لفظ المبسوط؛ للشيباني (4/ 443).

(15)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 191).

ص: 213

[حكم ما قبل الموضحة]

فإن قلت: قد ذكر قبيل هذا متَّصلاً به (وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الأَصْلِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ:

(1)

يَجِبُ القِصَاصُ فِيمَا قَبْلَ المُوضِحَةِ

(2)

(3)

ثم ذكر ههنا (فِيمَا دُونَ المُوضِحَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ

(4)

مع أنَّ المراد بما دون الموضحة هو ما قبل الموضحة كيف ذكر اختلاف الحكم مع اتحاد الموضوع؟

قلت: الجواب عنه ظاهر وهو أنَّه فيما ذكر قبله لم يذكر

(5)

مطلقاً.

بل قال: (وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله فِي الأَصْلِ

(6)

فعلم بهذا أنَّ في غير الأصل الحكم على خلافه، وكان هذا الذي ذكره بعده في غير الأصل فكان حكمه على خلاف حكمه الذي ذكر في الأصل، وهذا لأنَّه لمَّا ذكر قبل ذلك (وَلا قِصَاصَ فِي بَقِيَّةِ الشِّجَاجِ

(7)

وما قبل الموضحة من بقية الشِّجاج، فلمَّا لم يكن فيه القصاص لابدَّ [له]

(8)

من حكم وذكر حكمه هنا بقوله: (وَفِيمَا دُونَ المُوضِحَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ

(9)

.

وذكر في «المبسوط» وإيجاب حكومة العدل في هذه [الشجاج]

(10)

أي: فيما دون الموضحة [مرويٌّ]

(11)

عن إبراهيم (النَّخَعِيِّ

(12)

وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيْزِ

(13)

-رحمهما الله-

(14)

فإنَّها

(15)

قالا: ما دون الموضحة من الشِّجاج بمنزلة الخدوش ففيها حكومة عدل

(16)

.

(17)

(1)

في هامش (أ)(مطلب مهم في بيان حكم مادون الموضحة).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 182).

(3)

أي: فيما دون الموضحة في الأثر، يريد بذلك من الحارصة إلى السمحاق.

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 284)، البناية شرح الهداية (13/ 190).

(4)

بداية المبتدي (245)، وهو لفظ المبسوط؛ للشيباني (4/ 443).

(5)

وفي (ب)(يذكره).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 182).

(7)

بداية المبتدي (245).

(8)

في (أ) مكررة.

(9)

بداية المبتدي (245)، وهو لفظ المبسوط؛ للشيباني (4/ 443).

(10)

سقط في (ب).

(11)

سقط في (ب).

(12)

هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي الفقيه، كان مفتي أهل الكوفة وكان رجلا صالحا فقيها، روى عن علقمة ومسروق والأسود، قال الشعبي: ما ترك أحدا أعلم منه. (ت 96 هـ).

يُنْظَر: تهذيب التهذيب (1/ 155)، طبقات الفقهاء (1/ 83)، تذكرة الحفاظ (1/ 73).

(13)

هو: عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الإمام، الحافظ، العلامة، المجتهد، الزاهد، أمير المؤمنين، الخليفة، الراشد، وكان من أئمة الاجتهاد، قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: الخلفاء خمسة: أبوبكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز، توفي بحمص (101 هـ).

يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (5/ 114)، تذكرة الحفاظ (1/ 118).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 182).

(15)

وفي (ب)(فإنهما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(16)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 74).

(17)

حديث إبراهيم النخعي، رواه عبد الرزاق في مصنفه (9/ 307)، في (كتاب العقول)، في (باب الموضحة)، برقم (17319)، بلفظ «ما دون الموضحة حكومة» . ورواه ابن أبي شيبة (5/ 352)، في (كتاب الديات)، في (باب فيما دون الموضحة)، برقم (26816)، بلفظ «فيما دون الموضحة حكومة» .

وحديث عمر بن عبدالعزيز، رواه عبد الرزاق في مصنفه (9/ 306)، في (كتاب العقول)، في (باب الموضحة)، (17316)، بلفظ «أن عمر بن عبدالعزيز كتب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض فيما دون الموضحة بشيء». قال الزيلعي: وحديث عمر بن عبدالعزيز غريب.

ص: 214

[تعريف الجائفة]

(وَفِي الجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ

(1)

(2)

، وفي «الإيضاح» الجائفة: ما تصل إلى الجوف من الصَّدر والبطن والظهر والجنبين، والاسم دليل عليه، وما وصل عن

(3)

الرقبة إلى الموضع الذي إذا وصل إليه الشَّرَابُ

(4)

كان مفطراً، أو ما

(5)

فوق ذلك فليس بجائفة فعلى هذا ذكر الجائفة هنا في مسائل الشِّجاج وقع اتفاقاً

(6)

.

ثم ذكر في «الإيضاح» : وليس شيء من الجراح له أرش معلوم غير الجائفة؛ فإنَّ فيها ثلث الدية

(7)

(8)

.

وذكر في «الذَّخيرة» بعدما ذكر ماهية الجائفة كما

(9)

ذكر في «الإيضاح» ولا يكون جائفة على الوجه وإن نفذت إلى الفم ففيه حكومة عدل

(10)

.

(ثُمَّ هَذِهِ الشِّجَاجُ تَخْتَصُّ بِالوَجْهِ وَالرَّأْسِ

(11)

وكذلك تختص بالجبهة والوجنتين والذقن أيضاً على ما ذكرنا من رواية الإيضاح.

(وَالحُكْمُ مُرَتَّبٌ عَلَى الحَقِيْقَةِ

(12)

وهي ما إذا كانت الشجَّة في الوجه والرأس (حَتَّى لَو تَحَقَّقَتْ فِي غَيْرِهَا

(13)

نَحْوَ السَّاقِ وَاليَدِ: لا يَكُونُ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ

(14)

بخلاف الموضحة وللهاشمة

(15)

والمنقلة في الرَّأس فإن فيها أرشاً مقدراً على ما ذكر في الكتاب

(16)

.

(1)

بداية المبتدي (245).

(2)

وهذا الحديث قطعة من كتاب عمرو بن حزم، وسبق تخريجه (ص 361).

(3)

وفي (ب)(من)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

وفي (ب)(التراب).

(5)

وفي (ب)(وما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 296)، العناية شرح الهداية (15/ 284)، الجوهرة النيرة (2/ 219)، تكملة البحر الرائق (8/ 381، 382)، نتائج الأفكار (10/ 312).

(7)

لما ورد في كتاب عمرو بن حزم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «وفي الجائفة ثلث الدية» ، وسبق تخريجه (ص 361).

(8)

يُنْظَر: مختصر القدوري (288)، تحفة الفقهاء (3/ 112).

(9)

وفي (ب)(ما).

(10)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 99)، بدائع الصنائع (7/ 296).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 183).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 183).

(13)

كذا في نسخة (أ) و (ب)، أما في متن الهداية (غيرهما).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 183).

(15)

وفي (ب)(والهاشمة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(16)

قال الامام القدوري: وفي الهاشمة: عشر الدية، وفي المُنَقِّلة: عشر ونصف عشر الدية. يُنْظَر: مختصر القدوري (288).

ص: 215

[ذكر الخلاف في اللحيين]

(وَأَمَّا اللَّحْيَانِ فَقَدْ قِيلَ: لَيْسَا مِنَ الوَجْهِ

(1)

، وفي «الذَّخيرة» والذَّقن من الوجه بلا خلاف، والعظم الذي تحت الذَّقن، وهو اللحيان فمن الوجه عندنا، حتَّى لو وجدت هذه الشجاج الثلاث

(2)

(3)

في اللحيين كان بها أرش مقدَّر عندنا

(4)

خلافاً لمالك

(5)

.

وفي «مبسوط شيخ الإسلام» رحمه الله: ويجب أن يفترض غسل اللَّحيين في الطَّهارة لأنَّهما من الوجه على الحقيقة إلا أنَّا تركنا هذه الحقيقة بالإجماع ولا إجماع ههنا فبقيت العبرة للحقيقة

(6)

.

(وَتَفْسِيرُ حُكُومَةِ [العَدْلِ]

(7)

عَلَى مَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ رحمه الله: أَنْ يُقَوَّمَ مَمْلُوكاً

(8)

إلى آخره

(9)

(10)

. قال في فتاوى قاضي خان رحمه الله: والفتوى على هذا

(11)

.

(وَقَالَ الكَرْخِيُّ

(12)

رحمه الله: يُنْظَرُ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِن المُوْضِحَةِ) إلى آخره

(13)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 183).

(2)

وفي (ب)(الثلاثة).

(3)

والشجاج الثلاث: هي الموضحة والهاشمة والمنقلة. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 194).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 132)، البناية شرح الهداية (13/ 194)، تكملة البحر الرائق (8/ 381)، نتائج الأفكار (10/ 312، 313).

(5)

مالِكٌ رحمه الله يقول: إنّهُمَا ليْسَا من الْوجْهِ؛ لِأنَّ الْمُواجَهَةَ لا تقَعُ بِهِما. يُنْظَر: الاستذكار (8/ 93)، مواهب الجليل (1/ 185).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 286)، البناية شرح الهداية (13/ 194)، نتائج الأفكار (10/ 313).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 183).

(9)

وتمام قوله: «أن يقوم مملوكا بدون هذا الأثر ويقوم وبه هذا الأثر ثم يُنْظَر إلى تفاوت ما بين القيمتين فإن كان نصف عشر القيمة يجب نصف عشر الدية وإن كان ربع عشر فربع عشر الدية» يُنْظَر: الهداية (4/ 183).

(10)

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَفْسِيرُ الْحُكُومَةِ هُوَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ أَوْ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ، وَالْأَدْوِيَةِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ. يُنْظَر: الجوهرة النيرة (2/ 219).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 286)، البناية شرح الهداية (13/ 195).

(12)

هو: أبو الحسن عبيدالله بن الحسن البغدادي الكرخي الفقيه الشيخ الإمام الزاهد، مفتي العراق وشيخ الحنفية، حدث عنه أبو بكر الرازي، وإليه انتهت رئاسة المذهب، وانتشرت تلامذته في البلاد (ت 340 هـ). يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (15/ 426)، الجواهر المضية (1/ 337).

(13)

وتمام قوله: «يُنْظَر كم مقدار هذه الشجة من الموضحة فيجب بقدر ذلك من نصف عشر الدية؛ لأن ما لا نص فيه يرد إلى المنصوص عليه» . الهداية شرح البداية (4/ 183).

ص: 216

وفي «الذَّخيرة» قال شيخ الإسلام: هذا هو الأصح لحديث علي رضي الله عنه فإنَّ عليًّا اعتبر حكومة العدل في الذي قطع طرف لسانه بهذا الاعتبار ولم يعتبر القتيل

(1)

.

[تفسير طريق الطحاوي]

ثم ذكر في «الذَّخيرة» تفسير كل واحد من هذين الطَّريقين، أمَّا تفسير طريق الطَّحاوي هو أن ينظر إلى قيمة المجني عليه لو كان عبدًا من غير جراحة كم قيمته وبعد الجراحة كم قيمته فإن كانت قيمته من غير جراحة تبلغ ألفاً ومع الجراحة تبلغ قيمته تسعمائة علمت أن الجراحة أوجبت نقصان عشر قيمته فأوجبت عشر الدية؛ لأنَّ قيمة الُحرِّ ديته وبه أخذ شمس الأئمة الحلواني رحمه الله

(2)

(3)

.

[تفسير قول الكرخي]

وأمَّا تفسير ما قاله الكرخي (وَقَالَ الكَرْخِيُّ

(4)

رحمه الله: يُنْظَرُ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِن المُوضِحَةِ فَيَجِبُ بِقَدْرِ ذَلِكَ

(5)

بيان هذا أن هذه الشجة لو كانت باضعة مثلاً فإنَّه ينظر كم مقدار الباضعة من الموضحة فإن كان مقدارها ثلث الموضحة وجب ثلث أرش الموضحة وإن كان ربع الموضحة يجب ربع أرش الموضحة وإن كان ثلاثة أرباع الموضحة يجب ثلاثة أرباع أرش الموضحة. والله أعلم

(6)

.

(1)

وفي (ب)(بالعبيد)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

هو: الشيخ العلامة عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح الحلواني الملقب شمس الأئمة من أهل بخارى إمام أصحاب أبي حنيفة بها في وقته، تفقه على القاضي أبي علي الحسين بن الخضر النسفي، روى عنه السرخسي شمس الأئمة وغيره، وصنف التصانيف، وتخرج به الأعلام، ويقال له: الحلوائي بالهمزة بدل النون نسبة إلى عمل الحلوى وبيعها، (ت 456 هـ).

يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 318)، سير أعلام النبلاء (18/ 177).

(3)

قال الامام بدر الدين العيني في البناية (13/ 195): وقال ابن المنذر: وهو قول كل من يحفظ عنه. وينظر: تبيين الحقائق (6/ 133)، العناية شرح الهداية (15/ 286)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (5/ 488)، حاشية ابن عابدين (6/ 582)، تكملة رد المحتار (1/ 152).

(4)

هنا تعليق بهامش (أ): "قال شيخ الإسلام: قول الكرخي أصح لأن عليا رضي الله عنه اعتبره بهذا الطريق فيمن قطع طرف أسنانه، ذكره الزيلعي، قال شيخ الإسلام رحمه الله: فهذا هو الأصح كذا في الذخيرة ".

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 183).

(6)

يُنْظَر: الجوهرة النيرة (2/ 219)، البناية شرح الهداية (13/ 195)، لسان الحكام (396).

ص: 217

‌فَصْلٌ

[مناسبة ذكر الفصل لما قبله]

لما فرغ من مسائل الشِّجاج وهي تتعلق

(1)

بالرأس والرأس أوَّل ما يظهر من الإنسان في ظاهر العالم ثم ما دونه شرع في بيان مسائل ما دونه على ذلك التَّرتيب أيضاً.

[دية الأصابع]

(وَفِي أَصَابِعِ اليَدِ [نِصْفُ الدِّيَةِ]

(2)

(3)

أي: اليد الواحدة، فإنَّ في أصابع اليدين كمال الدية على ما رويناه وهو ما ذكر في فصل ما

(4)

دون النَّفس قوله عليه السلام «في كلِّ أصبع عشر من الإبل» (وَهُوَ المُوجِبُ عَلَى مَا مَرَّ

(5)

وهو قوله عليه السلام. (وَلِأَنَّ فِي قَطْعِ) الكل (تَفْوِيتَ جِنْسِ المَنْفَعَة

(6)

إلى آخره.

(لا وَجْهَ إِلَى أَنْ يَكُونَ تَبَعاً لِلأَصَابِعِ لأَنَّ بَيْنَهُمَا عُضْواً كَامِلاً

(7)

كما لم يحصل إحدى اليدين تابعة للأخرى.

وأمَّا قوله: (وَاليَدُ اسْمٌ لِهَذِهِ الجَارِحَةِ إِلَى المَنْكِبِ

(8)

وقوله عليه السلام: «وَفِي اليَدَينِ الدِّيَةُ

(9)

(10)

فإن اسم اليد متناول لهذه الجارحة من رؤوس الأصابع إلى الإبط

(11)

(12)

.

قلنا: لا نُسلِّم لما أنَّ

(13)

اليد إذا ذكرت في موضع القطع فالمراد به من مفصل الزَّند بدليل آية السَّرقة كذا في المبسوط

(14)

(وَلا إِلَى أَنْ يَكُونَ تَبَعاً للكَفِّ

(15)

لما ذكر ولما لم يكن الساعد تبعاً لا إلى الأصابع ولا إلى الكفِّ وجب اعتباره أصلاً إذ لا وجه إلى إهداره ولم يرد من الشَّارع فيه شيء مقدَّر فيجب فيه حكومة العدل (لأَنَّهُ لا وَجْهَ إِلَى الجَمْعِ بَيْنَ الأَرْشَيْنِ

(16)

أي: أرش الأصبع وأرش الكف أي الجمع بين هذين الأرشين ممتنع، فإنَّ ضمان الكف وهو

(17)

عين ضمان الأصابع [وضمان الأصابع]

(18)

هو عين ضمان الكف فهو شيء واحد فوجب التَّرجيح بالكثرة كما قلنا فيمن شجَّ رأس إنسان وتناثر بعض شعره حيث يذهب

(19)

هناك الأقل في الأكثر كذلك هنا

(20)

.

(21)

(1)

وفي (ب)(وهو يتعلق).

(2)

سقط في (ب).

(3)

بداية المبتدي (245).

(4)

وفي (ب)(فيما).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(9)

وهو قطعة من حديث عمرو بن حزم وتقدم الكلام فيه.

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(11)

وفي (ب)(الأباط).

(12)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (1/ 4)، كتاب الكليات (984).

(13)

وفي (ب)(لأن).

(14)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 82).

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(16)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(17)

وفي (ب)(هو).

(18)

زيادة في (ب).

(19)

وفي (ب)(يدخل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(20)

وفي (ب)(ههنا).

(21)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 385)، البناية شرح الهداية (13/ 197).

ص: 218

قلنا: (الأَصَابِعَ أَصْلٌ

(1)

في الضَّمان والكف تبع لما ذكر.

بخلاف الشجَّة والشعر؛ لأنَّ أحدهما ليس بتبع للآخر أمَّا ههنا فبخلافه

(2)

كذا ذكره فخر الإسلام

(3)

وقاضي خان -رحمهما الله-

(4)

.

(فَرَجَّحْنَا بِالكَثْرَةِ

(5)

حتَّى قلنا بوجوب أكثر الأرشين من أرشي الكف والأصبع دون الأقل (لأَنَّ البَطْشَ يَقُومُ بِهَا

(6)

أي: بالأصابع (وَالتَّرْجِيحُ مِن حَيثُ الذَّاتِ وَالحُكْمُ

(7)

أي: من [حيث]

(8)

الحقيقة والشَّرع، أمَّا من حيث الذَّات فهو أنَّ البطش بالأصابع.

وأمَّا من حيث الحكم فَلِأَنَّ الأصبع له أرش مقدَّر والكف ليس له أرش مقدَّر وما ثبت فيه التَّقدير شرعاً فهو ثابت بالنَّص وما لا تقدير فيه [من]

(9)

الشارع فهو ثابت بالرأي والرأي لا يعارض النص، فكان ما ثبت فيه التَّقدير نصاً أولى.

وهذا لأنَّ المصير إلى الرأي لأجل الضَّرورة وهذه الضَّرورة لا تتحقَّق عند إمكان إيجاب الأرش المقدَّر بالنَّص وأمَّا قولهما: (فرجّحنا للكثرة

(10)

(11)

، فقلنا: أنَّ المصير إلى التَّرجيح بالكثرة عند المساواة في القوة ولا مساواة بين الرأي والنص فلا يُصار إلى التَّرجيح، فلما كان الاعتبار عند أبي حنيفة رحمه الله للنصِّ وتقدير الشَّرع في هذا لم يفرق بين أن يكون الباقي من الأصابع واحداً أو أكثر؛ لأنَّ للأصبع الواحدة أرشاً مقدراً فيجعل الكف تبعاً للأصبع وإن كانت واحدة هذا

(12)

إذا بقي أصبع واحدة.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(2)

وفي (ب)(بخلافه).

(3)

أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن عبدالكريم، فخر الإسلام البزدوي فقيه أصولي، من أكابر الحنفية، من سكان سمرقند، نسبته إلى "بزدة" قلعة بقرب نسف، له تصانيف منها: كنز الوصول في أصول الفقه، (ت 482 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 372)، سير أعلام النبلاء (18/ 602)، تاج التراجم (1/ 14).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 198).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(8)

زيادة في (ب).

(9)

زيادة في (ب).

(10)

كذا في (أ) و (ب)، وفي الهداية (بالكثرة).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(12)

وفي (ب)(وهذا).

ص: 219

[إذا لم يبق من الأصبع إلا مفصل واحدة]

وأمَّا إذا لم يبق من الأصبع إلا مفصل واحدة

(1)

ففي ظاهر الرواية عند أبي حنيفة رحمه الله يجب فيه أرش ذلك المفصل ويجعل الكف تبعاً [له]

(2)

؛ لأنَّ أرش ذلك المفصل مقدَّر وما بقي شيء من الأصل، وإن قلَّ فلا حكم للتبع كما إذا بقي واحد من أصحاب الخطة في المحلة لا يعتبر السُّكان.

وروى الحسن

(3)

عن أبي حنيفة -رحمهما الله-: إذا كان الباقي دون أصبع فإنَّه يعتبر فيه الأقل والأكثر فيدخل الأقل في الأكثر؛ لأنَّ أرش الأصبع منصوص عليه فأمَّا أرش كل مفصل غير منصوص عليه، وإنَّما اعتبرنا ذلك بالمنصوص عليه بنوع رأي وكونه أصلاً باعتبار النص فإذا لم يرد النص في أرش مفصل واحد اعتبرنا فيه الأقل والأكثر ولكنَّ الأول أصح كذا في المبسوط

(4)

.

[إذا قطع الكف ولا أصابع فيها]

ثم اعلم أنَّه إذا قطع الكف ولا أصابع فيها قال أبو يوسف رحمه الله: فيها حكومة عدل لا يبلغ بها أرش أصبع؛ لأنَّ الأصبع الواحدة يتبعها الكف على قول أبي حنيفة رحمه الله فلا تبلغ قيمة التبع قيمة المتبوع كذا في «الإيضاح»

(5)

(6)

[الأصبع الزائدة]

(وَفِي الأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ: حُكُومَةُ عَدْلٍ

(7)

(8)

سواء كان في العمد أو في الخطأ، وسواء فيما إذا كان للقاطع أصبع زائدة أم لا هكذا ذكر في الذَّخيرة

(9)

.

وقال: لا قصاص فيه، سواء كان للقاطع أصبع زائدة أو

(10)

[لا، وأما إذا]

(11)

لم تكن للقاطع أصبع زائدة فلا يجب القصاص لوجهين:

(1)

وفي (ب)(واحد).

(2)

سقط في (ب).

(3)

هو: العلامة فقيه العراق، الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، أبو علي، قاض، صاحب أبي حنيفة، أخذ عنه وسمع منه، وكان عالما بمذهبه بالرأي، ولي القضاء بالكوفة سنة 194 هـ، ثم استعفى، واللؤلؤي نسبة إلى بيع اللؤلؤ (ت 204 هـ).

يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (9/ 543)، طبقات الفقهاء (1/ 143)، الوافي بالوفيات (12/ 15).

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 83).

(5)

وفي (ب)(المبسوط).

(6)

يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (6/ 583)، تكملة رد المحتار (1/ 153، 154).

(7)

بداية المبتدي (246)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (289).

(8)

وبه قال الامام الشافعي وأحمد، قال ابن قدامة: وعن زيد بن ثابت: أن فيها ثلث دية الأصبع.

يُنْظَر: الأم؛ للشافعي (6/ 53)، الحاوي الكبير (12/ 179)، المغني؛ لابن قدامة (8/ 363)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (9/ 588).

(9)

البناية شرح الهداية (13/ 199).

(10)

وفي (ب)(أم).

(11)

زيادة في (ب).

ص: 220

أحدهما: هو أنَّ القاطع قطع أصبعاً زائدة وليست له أصبع زائدة ولا وجه إلى قطع أصبع أخرى فلا يجب القصاص كمن قطع إبهام إنسان وليس له إبهام.

والثَّاني: أنَّ المساواة في القيمة شرط لجريان القصاص في الأطراف ولم توجد؛ لأنَّ قيمة الأصبع

(1)

الزائدة حكومة عدل، وقيمة أصبع غير زائدة أرش مقدَّر ولا مساواة بينهما في القيمة فكان بمنزلة الحر أو العبد قطع يد العبد وإن كان للقاطع أصبع زائدة فلا يجب القصاص لِعِلَّةٍ واحدة وهي أنَّ المساواة في القيمة قطعاً ويقيناً شرط ولم يوجد، لأنَّ الواجب في قطع الأصبع الزائدة حكومة عدل، وحكومة العدل إنَّما تُعرف بالقيمة، والقيمة [إنَّما]

(2)

تُعرف من حيث الحرز والظن، ولهذا لم يجب القصاص في أطراف العبد

(3)

.

(4)

قوله: (لأَنَّهُ

(5)

جُزْءٌ مِن يَدِهِ لَكِن لا مَنْفَعَةَ فِيهِ

(6)

.

فإن قلت: يشكل على هذا التَّعليل ما إذا كان على ذقن رجل شعيرات معدودة فأزالها آخر ولم ينبت مثلها لم يجب فيه حكومة عدل على ما ذكر قبل هذا في مسألة الشَّارب، وإن كان الشَّعر جزء من الآدمي بدليل أنَّه لا يحل الانتفاع بشعور الآدمي ولا بيعها؛ لأنَّها من أجزاء الآدمي [قلت: حكومة العدل لا تجب بمجرد إزالة جزء الآدمي]

(7)

بل إنَّما تجب إذا بقي له أثر يشينه.

ألا ترى أنَّه لو قص ظفر غيره بغير إذنه لا يجب شيء؛ لأنَّ ذلك يشينه ولا يزينه وكذلك الشعيرات المعدودة في الذَّقن تشينه ولا تزينه

(8)

.

وأمَّا في قطع الأصبع الزائدة يبقى الأثر لا محالة بحيث يشينه مع أنَّها جزء الآدمي فلذلك وجبت حكومة العدل فيه.

[السن الشاغية]

(وَكَذَلِكَ السِّنُّ الشَاغِيَةُ

(9)

أي: في قلعها أيضاً حكومة العدل (لِمَا قُلْنَا

(10)

وهو قوله: (لأنَّه جُزْءٌ مِن يَدِهِ

(11)

والسِّن الشَّاغية أيضاً جزء من فمه فالسن الشاغية: هي الزائدة على الأسنان، وهي التي تخالف بنبتها نبتة

(12)

غيرها من الأسنان. يقال رجل أشغى وامرأة شغواء

(13)

، فإنَّها وإن كانت زائدة فهي نقصان [معنىً]

(14)

(15)

، قال القائل: فإن الشغى نقص وإن كان زائداً

(16)

.

(1)

وفي (ب)(الأصابع).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

وفي (ب)(العبيد).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 134، 135)، العناية شرح الهداية (15/ 290).

(5)

أي: الأصبع الزائد.

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(7)

زيادة في (ب).

(8)

كذا في (أ) و (ب)، والصواب هو أن يقال:(لا يجب شيء؛ لأن ذلك يزينه ولا يشينه وكذلك الشعيرات المعدودة في الذقن تزينه ولا تشينه). كما في العناية شرح الهداية (15/ 290)، وينظر: البناية شرح الهداية (13/ 199).

(9)

بداية المبتدي (246).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 184).

(12)

وفي (ب)(نبت).

(13)

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (6/ 243)، تاج العروس (38/ 381).

(14)

سقط في (ب).

(15)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 290، 291).

(16)

والقائل: هو أبو الحسن علي بن محمد التِّهَامي الشاعر المشهور، المتوفى سنة (416 هـ)، وصدر البيت:(فلا تُعجبن ذا البخل كثرةُ ماله * فإن الشغى نقص وإن كان زائدا). يُنْظَر: ديوان علي بن محمد التهامي (268).

ص: 221

(وَالظَّاهِرُ لا يَصْلُحُ حُجَّةً للإِلزَامِ

(1)

وإنَّما قَيَّد بالإلزام؛ لأنَّ مثل هذا الظاهر يصلح حجَّة لغير الإلزام حتى أنَّه لو أعتق عبدًا صغيراً لا يعلم صحَّة هذه الأعضاء [منه]

(2)

يقيناً يخرج عن عهدة الكفارة؛ لأنَّ الغالب هو السَّلامة، وقد ذكرناه في أوائل الدِّيات في مسألة

(3)

الكفَّارة هي

(4)

قوله: (وَيُجْزِئُهُ رَضِيعُ

(5)

.

(الأُذُنِ الشَّاخِصَةِ

(6)

أي: المرتفعة من شَخَصَ بالفتح شخوسا

(7)

أي: ارتفع

(8)

.

[من شج رجلا فذهب عقله]

(وَمَن شَجَّ رَجُلاً فَذَهَبَ عَقْلُهُ: دَخَلَ أَرْشُ المُوضِحَةِ فِي الدِّيَةِ

(9)

وعلى قول الحسن رحمه الله: لا يدخل. لاختلاف محل الجناية فإن محل الموضحة غير محل العقل بخلاف الشعر مع الموضحة، ولكنَّا نقول: ذهاب العقل في معنى تبديل النَّفس وإلحاقه بالبهائم بمنزلة الموت، أو نقول: أنَّ العقل ليس له موضع يشار إليه فصار كالروح للجسد كذا في «المبسوط» و «الجامع الصّغير» للتمرتاشي

(10)

.

(وَأَرشُ المُوضِحَةِ يَجِبُ بِفَوَاتِ جُزءٍ مِنَ الشَّعْرِ، حَتَّى لَو نَبَتَ [يَسْقُطُ]

(11)

(12)

أي: لو نبت الشعر والتَأَمَتِ الشجة فصارا كما كانا لا يجب شيء يثبت

(13)

بهذا أنَّ وجوب أرش الموضحة بسبب فوات الشعر، وكذلك وجوب الدية أيضاً بسبب فوات الشعر كله عُلِمَ بهذا أنَّ سببهما

(14)

شيء واحد وهو فوات الشعر، فلما كان كذلك يدخل الأقل في الأكثر كما إذا قطع الكف مع الأصابع حيث يدخل موجب الكف وهو حكومة العدل تحت أرش

(15)

الأصابع

(16)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(2)

سقط في (ب).

(3)

وفي (ب)(مسائل).

(4)

وفي (ب)(في) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في العناية أيضا. يُنْظَر:(15/ 292).

(5)

بداية المبتدي (244).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(7)

وفي (ب)(شخوصا) وهي الصواب والله أعلم.

(8)

يُنْظَر: طلبة الطلبة (279).

(9)

بداية المبتدي (246)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (289).

(10)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 99)، تبيين الحقائق (6/ 135)، تكملة البحر الرائق (8/ 386).

(11)

سقط في (ب).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(13)

وفي (ب)(ينبت).

(14)

وفي (ب)(سببها).

(15)

وفي (ب)(الأرش).

(16)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 201)، تكملة البحر الرائق (8/ 384).

ص: 222

وقال في «المبسوط» : وجوب أرش الموضحة باعتبار ذهاب الشَّعر بدليل أنَّه لو نبت الشَّعر على ذلك الموضع فاستوى كما كان لا يجب شيء، وإذا وجب كمال بدل النَّفس باعتبار ذهاب الشَّعر لا يجب ما دونه باعتباره أيضاً، وإذا ذهب من الشَّعر بعضه فعلى الجاني الأكثر من أرش الشَّعر وأرش الشَّجة ويدخل الأقل في ذلك لأنَّ في إيجاب الأكثر يتحقق اعتبار السبب الموجب للأقلِّ إذا اتَّحد السبب معنى

(1)

.

وذكر في «الذَّخيرة» بعدما ذكر الشجاج المقدَّر أرشها كالهاشمة والمنقلة والآمة فقال: وفي هذا كله إذا برئ ولم يبق لها أثر لا يجب شيء إلا عند محمد رحمه الله فإنَّه قال: يجب مقدار ما أنفق إلى أن برئ، ثم ذكر رجل شجَّ رجلاً موضحة فالتأمت ونبت الشَّعر قال أبو حنيفة رحمه الله: ليس عليه شيء، وقال أبو يوسف رحمه الله: عليه الأرش كَملاً وإن التأمت ولم ينبت الشعر فعليه الأرش في قولهم جميعًا، وفي العيون

(2)

: شج رجلاً موضحة فبرأت ونبت الشَّعر، فالقياس: أن لا يجب شيء وهو قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمَّد -رحمهما الله-: يستحسن أن يجعل عليه حكومة عدل مثل أجرة الطَّبيب وكذا [كل]

(3)

جراحة برأت

(4)

.

(وَقَدْ تَعَلَّقَا

(5)

أي: أرش الموضحة والدِّية (بِسَبَبٍ وَاحِدٍ

(6)

وهو فوات الشَّعر [بالشَّج]

(7)

.

(8)

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 99).

(2)

هو كتاب عيون المسائل في فروع الحنفية، لأبي الليث نصر بن محمد السمرقندي، (ت 376 هـ)، يُنْظَر: أسماء الكتب لعبد اللطيف زاده (314)، كشف الظنون (2/ 1187).

(3)

زيادة في (ب).

(4)

يُنْظَر: بداية المبتدي (246)، الهداية شرح البداية (4/ 170، 187)، بدائع الصنائع (7/ 324)، تبيين الحقائق (6/ 118)، الفتاوى الهندية (6/ 29).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(7)

سقط في (ب).

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 201).

ص: 223

[تعريف الشلل]

الشَّلَلُ: فساد في اليد، من حدِّ علم، يقال: شُلَّتْ يَدُهُ تشَلُّ بالفتح

(1)

.

[إذا قطع من أصبع مفصلا فشل الباقي أو الكف]

وذكر في «شرح الطَّحاوي» إذا قطع من أصبع [مفصلاً]

(2)

واحداً فَشُلَّ الباقي من الأصبع أو الكف لا يجب القصاص، ولكن تجب الدية فيما شل منه إن كان إصبعاً فدية الإصبع وإن كان كفًّا فدية الكَفِّ وهذا

(3)

بالإجماع

(4)

.

قال رحمه الله: (قَالُوا: هَذَا قَولُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ

(5)

فَذِكْرُ أبي يوسف ههنا وقع سهواً لخروجه مخالفاً لجميع روايات الكبير المتداولة فيبقى أن يذكر محمَّد مكان أبي يوسف كما هو قول «الإيضاح» ، أو لا يَذْكُرَ أحد أصلاً كما هو رواية «المبسوط» وشروح «الجامع الصَّغير» و «الذَّخيرة» و «المغني»

(6)

.

[من شج رجلا موضحة فذهب سمعه وبصره]

اعلم أنَّ هذا الذي ذكره فيما إذا كان خطأ، وأمَّا إذا كان عمداً فقد ذكر في «الذَّخيرة» محيلاً إلى «الجامع الصَّغير» فقال: إذا شجَّ رجلاً موضحة عمداً فذهبت

(7)

من ذلك سمعه وبصره فلا قصاص في شيء من ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله ولكن يجب أرش الموضحة ودية السَّمع والبصر وعند أبي يوسف ومحمَّد -رحمهما الله- يجب القصاص في الشَّجة وتجب الدية في السَّمع والبصر

(8)

.

(وَجْهُ الأَوَّلِ

(9)

وهو أرش الموضحة لا يدخل في الدية الواجبة بذهاب السَّمع أو البصر أو الكلام (بِخِلافِ العَقْلِ؛ لأَنَّ مَنْفَعَتَهُ عَائِدَةٌ إِلَى جَمِيعِ الأَعْضَاءِ

(10)

فكان ذهاب العقل بمنزلة ذهاب الروح (عَلَى مَا بَيَّنَا

(11)

وهو قوله: (لأَنَّ بِفَوَاتِ العَقْلِ تَبْطُلُ مَنْفَعَةُ جَمِيعِ الأَعْضَاءِ

(12)

.

(1)

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (5/ 15)، تاج العروس (29/ 277، 278).

(2)

سقط في (ب).

(3)

من هنا سقط في (ب) حتى صفحة 485.

(4)

يُنْظَر: درر الحكام (5/ 496)، حاشية ابن عابدين (6/ 583)، تنقيح الفتاوى الحامدية (7/ 8)، الفتاوى الهندية (6/ 26).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(6)

قال الامام البابرتي: وهَذَا الّذِي ذكَرَهُ إذا كانَ خطَأً، وأَمَّا إذا كانَ عمْدًا يجِبُ أرْشُ الْمُوضِحةِ ودِيَةُ السّمْعِ والْبَصَرِ عنْدَ أبِي حنِيفَةَ، وعِنْدَهُمَا يجِبُ الْقِصاصُ في الشّجَّةِ والدِّيَةُ في السّمْعِ والْبَصَرِ. العناية شرح الهداية (15/ 294)، وينظر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 99)، البناية شرح الهداية (13/ 201).

(7)

كذا في (أ)، ولعل الصواب (ذهب) لموافقتها سياق الكلام.

(8)

يُنْظَر: الجامع الصغير (504).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

ص: 224

(وَجْهُ الثَّانِي

(1)

وهو قوله: (وَعن أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ الشَّجَّةَ تَدخُلُ فِي دِيَةِ السَّمْعِ

(2)

(أَنَّ السَّمْعَ وَالكَلامَ مُبَطْنٌ فَيُعْتَبَرُ بِالعَقْلِ

(3)

فلذلك يدخل أرش الشجَّة في دية السَّمع والكلام (وَالبَصَرُ ظَاهِرٌ فَلا يَلْحَقُ بِهِ

(4)

أي: بذهاب العقل فلذلك لا يدخل أرش الشَّجة في دية البصر.

وقال في الإيضاح: وهذا الفرق لا يتضح. وذكر في «المبسوط» بعدما ذكر تعليل أبي يوسف: ولكنَّا نقول محل السَّمع عن

(5)

محل الشجة وكذلك محل البصر وبتفويتها لا تتبدَّل النَّفس وإنَّما تجب الدية لتفويت منفعة مقصودة فيكون بمنزلة ذهاب البصر بالشجَّة

(6)

.

(قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الدِّيَةُ فِيهِمَا

(7)

أي: قال المشائخ على قول أبي حنيفة رحمه الله: ينبغي أن تجب الدية في العينين والأرش في الموضحة.

(قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الدِّيَةُ فِي العَيْنَيْنِ

(8)

أي: قال المشائخ على قول أبي يوسف ومحمَّد: يجب القصاص في الموضحة والدية في العينين وإنما كرر لفظ قالوا؛ لأن الأول في قول أبي حنيفة والثاني في قولهما

(9)

.

(لَهُمَا فِي الخلِافِيَّةِ

(10)

أي: فيما إذا شج رجلا موضحة فذهبت عيناه (قَالا

(11)

: فِي المُوضِحَةِ القِصَاصُ

(12)

والدية في العينين (وَلَهُ

(13)

: أَنَّ الجِرَاحَةَ الأُولَى سَارِيَةٌ

(14)

إلى آخره.

وأبو حنيفة رحمه الله يقول: هذه جناية وسرايتها، وقد تعذَّر إيجاب القصاص باعتبار سرايتها فلا يجب القصاص باعتبار أصلها، كما لو قطع مفصلاً فَشُلَّت الأصبع، وهذا لأنَّ السراية أثر الجناية وهي مع أصل الجناية في حكم فعل واحد.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(5)

كذا في (أ)، والصواب (غير) كما في المبسوط.

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 99).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(9)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 202).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 185).

(11)

أي: أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-.

(12)

بداية المبتدي (246).

(13)

أي: ولأبي حنيفة رحمه الله.

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

ص: 225

والدَّليل على أنَّه سراية أن فعله أثر في نفس واحدة، والسِّراية عبارة عن آلام تتعاقب من الجناية على البدن، وذلك يتحقق في نفس واحدة في موضعين منها كما يتحقق في الطَّرف مع أصل النَّفس إذا مات من الجناية بخلاف نفسين، فإنَّ الفعل في النَّفس الثانية مباشرة على حدة ليس بسراية الجناية الأولى إذ لا تُتَصَوَّر السِّراية من نفس إلى نفس فلابدَّ من أن يجعل ذلك في حكم فعل على حدة وهو خطأ ثم يعتبر حكم كل فعل بنفسه.

أو نقول: (أَنَّ ذَهَابَ البَصَرِ) هنا حصل (بِطَرِيقِ التَّسبِيبِ

(1)

فإنَّ الفعل الأولى بقي شجَّة على ما كانت، والأصل في سراية الأفعال إذا حدثت لم يبق الأول كالقطع إذا سرى إلى النَّفس صار قتلاً ولم يبق قطعاً، وههنا الشجَّة لا تنعدم بذهاب البصر وكان الفعل الأولى تسبيباً إلى فوات البصر بمنزلة حفر البئر، والتَّسبيب لا يوجب القصاص كذا في «المبسوط» و «الإيضاح»

(2)

.

(فَأَوْرَثَتْ نِهَايَتُهُ شُبْهَةَ الخَطَأِ فِي البِدَايَةِ

(3)

يعني: إذا صار لا يوجب القود لعاقبته أثر لذلك في البداية.

(بِخِلافِ مَا إِذَا وَقَعَ السِّكِّينُ عَلَى الأُصبُعِ

(4)

يعني: لو قطع أصبعاً فاضطرب السِّكين وأصاب أصبعاً أخرى خطأ منه اقتص في الأولى دون الثَّانية؛ لأنَّها قد صارت مقصودة.

ونحن نسلِّم أنها تصلح مقصودة، وإنَّما الكلام في احتمال الاتحاد وذلك عند السِّراية يكون وقد وجد، كذا ذكره فخر الإسلام رحمه الله في «الجامع الصَّغير» وكذا أيضاً ذكر في «الإيضاح» فقال: بخلاف ما إذا انسل السِّكين إلى أصبع أخرى؛ لأنَّ القطع في الأخرى ليس من أثر الفعل الأول بل الفعل حلَّهُ مقصودًا فَيُفرَد بحكمه.

وبهذا يعلم أن فيما قاله في الكتاب بقوله: (لأنَّهُ لَيسَ فِعلاً مَقْصُوداً

(5)

نظراً، وأنَّ الصَّواب فيما ذكره فخر الإسلام وأبو الفضل -رحمهما الله-

(6)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 101)، تبيين الحقائق (6/ 136)، تكملة البحر الرائق (8/ 387).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(6)

قال الامام البابرتي: قوله (لأَنَّهُ لَيسَ فعْلًا مَقْصودًا) الضَّميرُ فيهِ عَائدٌ إلى ذهَابِ العَيْنِ بالسِّرَايَةِ، وَبهَذَا التَّوْجيهِ يَنْدَفعُ ما قالَ في النّهَايَةِ إنَّ في قَوْلهِ:(لأَنَّهُ لَيسَ فعَلَا مَقْصودًا) نظَرًا. وأَنَّ الصّوَابَ ما ذكَرَهُ في الذَّخيرَةِ أنَّهُ مَقْصودٌ وَلَكنْ لَيسَ منْ أَثَرهِ، فَإنَّهُ رجَعَ الضَّميرُ إلى الْفعْلِ الثَّاني فَاختَلَّ الكَلَامُ وقَدْ ذكَرَ الْمصَنِّفُ فَرقَيْنِ بنَاءً علَى ما ذكَرَ منْ الدَّليلَيْنِ: الأَوَّلُ بالنِّسْبَةِ إلى الأَوَّلِ، وَالثَّاني إلى الثَّاني. العناية شرح الهداية (15/ 298، 299).

وقال بدر الدين العيني: وقال الأكمل رحمه الله الضمير في (لأنه) عائد إلى ذهاب العين بالسراية، وبهذا التوجيه يندفع ما قال في النهاية: أن في قوله (لأنه ليس فعلا مقصودا) نظر، وإن الصواب ما ذكره في الذخيرة أنه مقصود. البناية شرح الهداية (13/ 204).

وينظر: بدائع الصنائع (7/ 306)، الفتاوى الهندية (6/ 15).

ص: 226

وقوله: (وَقَالا وَزُفَر) والصَّواب من حيث الإعراب أن يقول: وقالا فيها وزفر، لما أنَّ العطف على الضَّمير المرفوع المتَّصل لا يحسن بدون الفاصل

(1)

.

(وَالوَجْهُ مِنَ الجَانِبَينِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ

(2)

آنفاً وهو في مسألة «الجَامِعِ الصَّغِيرِ» في قوله: (وَمَن شَجَّ رَجُلاً مُوضِحَةً فَذَهَبَت عَينَاهُ

(3)

إلى آخره، (وَهُوَ مَا إِذَا شُجَّ مُوضِحَةً فَذَهَبَ بَصَرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ القِصَاصُ فِيهِمَا

(4)

أي: في الشجَّة وذهاب البصر.

[الفرق بين ذهاب البصر أو السمع من الشجة]

فَرَّق محمد رحمه الله على هذه الرواية بين ذهاب البصر من الشجَّة: حيث يجب القصاص فيهما، وبين ذهاب السَّمع من الشجَّة: فإنَّه لا يجب القصاص فيه؛ لأنَّه لو ذهب سَمْعُهُ بِفعل مقصود بأن ضُرِبَ على رَأسِهِ حتى ذهب سمعه لا يجب القصاص لتعذُّر اعتبار المساواة، بخلاف البصر فإن ذهاب البصر لو كان بفعل مقصود يجب القصاص فكذلك بسراية الموضحة

(5)

.

(بِخِلافِ الخِلافِيَةِ الأَخِيرَةِ

(6)

وهي قوله: (وَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعاً فَشُلَّتْ إِلَى جَنْبِهَا أُخْرَى

(7)

.

(أَلا يَرَى أَنَّ الشَّجَّةَ بَقِيَت مُوجِبَةً

(8)

حتى وجب أرشها مع دية العينين عند أبي حنيفة رضي الله عنه، والقصاص في الموضحة والأرش في العينين عندهما

(9)

.

(فَتَآكَلَتَا

(10)

أي: صارتا واحدة، يعني: هر دو موضحة يكي شد

(11)

فهو على هاتين الروايتين إشارة إلى قوله: (وَلَو كَسَرَ بَعْضَ السِّنِّ فَسَقَطَتْ فَلا قِصَاصَ

(12)

(إِلَّا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ

(13)

(14)

أي: عن محمَّد، أي في الموضحتين المتآكلتين لا قصاص في الرواية المشهورة.

(1)

ولعل الامام السغناقي رحمه الله وقف على نسخة فيها سقط، وقد وردت العبارة في الهداية (وقالا هما وزفر). يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 186).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(3)

بداية المبتدي (246).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 299).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(7)

بداية المبتدي (246)، وقال الامام القدوري: ومن قطع إصبع رجل، فشلت أخرى إلى جانبها: ففيهما الأرش، ولا قصاص فيه عند أبي حنيفة. مختصر القدوري (289).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(9)

يُنْظَر: يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 307)، الهداية شرح البداية (4/ 185)، العناية شرح الهداية (15/ 299)، مجمع الأنهر (353).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(11)

عبارة فارسية تعني: موضحتين صارت موضحة واحدة.

(12)

بداية المبتدي (246).

(13)

أبو عبدالله محمد بن سماعة بن عبدالله بن هلال التميمي الكوفي، حدث عن الليث، وأخذ العلم عن أبي يوسف، ومحمد جميعاً، وكتب النوادر عن أبي يوسف ومحمد، وروى الكتب والأمالي، وولي القضاء ببغداد للرشيد، قال عنه الصميري: وهو من الحفاظ الثقات. (ت 233 هـ).

يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 58)، سير أعلام النبلاء (10/ 646).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

ص: 227

وعلى رواية ابن سماعة عن محمد: كان فيهما القصاص وذكر على هذا التَّفسير في «الإيضاح» وقال: ولو ضربه بعصاً فأوضحه ثم ضربه أخرى إلى جنبها ثم تآكلتا حتى صارتا واحدة فهما موضحتان يقتص منه على قول محمَّد وعلى الرواية المشهورة لا قصاص

(1)

.

(وَلَو قَلَعَ سِنَّ رَجُلٍ فَنَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى سَقَطَ الأَرْشُ فِي قَولِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله

(2)

أطلق هذه الرواية ولم يقيد بأنَّ هذا الحكم في صورة الخطإ خاصَّة أو هو في صورة الخطأ والعمد.

وذكر في «الذَّخيرة» ما يدل على أنَّ هذا الحكم هكذا في صورة الخطأ والعمد مع أنَّ القصاص يجري في السنِّ سواء كان في الكسر أو في القلع؛ لأنَّه ذكر فيها وفي «المنتقى» : إذا كسَرَ من سِنِّ رَجُلٍ طائفة منها انْتُظِرَ بها حولاً فإذا تمَّ الحول ولم ينبت فعليه القصاص تُبرَدُ بِالمِبْرَد، وَيُطْلَبُ لذلك طبيب عالم يقال له قسها كم ذهب منها فإن ذهب النصف برد من سن القالع النِّصف

(3)

.

وروى الحسن عن أبي حنيفة -رحمهما الله-: إذا نزع سن رجل فنبت نصفها فعليه نصف أرشها، ولا قصاص في ذلك وإن نبت بيضاء تامة ثم نزعها آخر يُنتظر بها سنة فإن نبت وإلا اقتص منه ولا شيء على الأوَّل، وقال ابن أبي مالك

(4)

: "قال أبو يوسف: عليه الأرش بقدر الألم"

(5)

.

(1)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 307، 308)، الهداية شرح البداية (4/ 186)، العناية شرح الهداية (15/ 300)، البناية شرح الهداية (13/ 206، 207).

(2)

بداية المبتدي (246)، وينظر: مختصر القدوري (289).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 207)، تكملة البحر الرائق (8/ 346)، الفتاوى الهندية (6/ 11).

(4)

هو: الحسن بن أبي مالك، أبو مالك، تفقه على أبي يوسف القاضي وتفقه عليه مُحَمَّد بن شجاع البلخي، قال الطَّحَاوِيّ سمعت ابن أبي عمران يحدث عن ابن البلخي قال كانوا إذا قرءوا على الحسن بن أبي مالك مسائل مُحَمَّد بن الحسن قال لم يكن أبو يوسف يدقق هذا التدقيق الشديد، قال الصيمري: ثقة فى روايته غزير العلم واسع الرواية كان أبو يوسف يشبهه بجمل يحمل أكثر مما يطيق توفي فى السنة التى مات فيها الحسن بن زياد سنة أربع ومائتين ذكره الدامغاني عن الطَّحَاوِيّ.

يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 204)، مغاني الأخيار (204).

(5)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 186)، تكملة البحر الرائق (8/ 346).

ص: 228

[من نزع سن رجل]

وإذا (نَزَعَ سِنَّ رَجُلٍ) عمدًا (وانْتَزَعَ المَنْزُوعَةُ سِنُّهُ سِنَّ النَّازِعِ) ثم نبت (سِنُّ الأَوَّلِ: فَعَلَى الأَوَّلِ

(1)

أرش سن الثَّاني؛ لأنَّ الأوَّل لما نبت تبيَّن أنَّ القصاص لم يكن واجباً وأنَّ الثَّاني نزع بغير حق كان ينبغي أن يجب القصاص لكن لم يجب القصاص لمكان الشبهة فلا أقل من أن يغرم الأرش على ما هو المذكور في الكتاب

(2)

.

وهذا تنصيص على أنَّه إذا نبت السن المقلوعة ينتفي القصاص وذكر قبيل هذا وإذا قلع الرجل سنَّ رجل خطأ ثم نبت فلا شيء على القالع عند علمائنا

(3)

.

وروي في «النَّوادر» أنَّه يجب الأرش، والصَّحيح ما قلنا؛ لأنَّ القياس ينافي وجوب الأرش بالقلع وإن لم تنبت أخرى لأن المُتلَف ليس بمال ولكنا تركنا القياس بالنصِّ، والنصُّ إنما أوجب الأرش إذا لم تنبت مكانها أخرى، فإذا نبتت مكانها أخرى يبقى على أصل القياس

(4)

.

(وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله: أَنَّهُ تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ

(5)

أي: فيما إذا قلع سنه رجل بالغ ثم نبت مكانها أخرى تجب حكومة العدل (لِمَكَانِ الأَلَمِ الحَاصِلِ

(6)

أي: يُقوَّم وليس به هذا الألم ويقوم وبه هذا الألم فيجب ما انتقص منه بسبب الألم من القيمة. كذا نقل عن رُكْنِ الْأَئِمَّةِ الصَّبَّاغِيِّ

(7)

(8)

.

(فَعَلَى القَالِعِ الأَرْشُ بِكَمَالِهِ

(9)

؛ (لأَنَّ هَذَا مِمَّا لا يُعْتَدُّ بِهِ

(10)

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهذا إذا لم تعد إلى حالها الأولى بعد النبات في البقية والجمال والغالب أن لا تعود إلى تلك الحالة؛ لأنَّ المقلوع لا يلتزق بالعصب والعروق في الغالب فيكون وجود هذا النبات والعدم بمنزلة ما قالو تَصَوُّرِ عود الجمال والمنفعة بالإنبات لم يكن على القالع شيء كما لو نبت السن المقلوعة كذا في «الذَّخيرة»

(11)

.

(1)

بداية المبتدي (246)، وهو لفظ الجامع الصغير (504).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 149).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 98).

(4)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 347).

(5)

بداية المبتدي (246).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(7)

الإمام ركن الأئمة، ومفتي الأمة، عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن علي الصبَّاغي، أبو المكارم المديني تفقه على أبي اليسر محمد بن محمد البزدوي، له شرح على مختصر القدوري.

يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 326)، تاج التراجم في طبقات الحنفية (1/ 360 (.

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 301)، تكملة البحر الرائق (8/ 347).

(9)

بداية المبتدي (246).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 186).

(11)

يُنْظَر: الاختيار تعليل المختار (5/ 43)، تكملة البحر الرائق (8/ 347).

ص: 229

(فَنَبَتَ سِنُّ الأَوَّلِ فَعَلَى الأَوَّلِ لِصَاحِبِهِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ) أراد بالأوَّل (المَنْزُوعَةُ سِنُّهُ

(1)

أولاً وهذا إذا نبت الثَّاني كالأوَّل، وإن نبت معوجاً تجب حكومة العدل كذا ذكره الإمام المحبوبي

(2)

.

الاستيناء الانتظار يقال: استأنيتُ به أي: انتظرتُه.

ومنه يستأني بالجراحات، أي: ينتظر مآل أمرها وأصله من أَنَى يأني أنياً أي: حان

(3)

.

فكان معنى قوله: (وَلِهَذَا يُسْتَأْنَى حَولاً) أي: يؤجل سنة (بِالإِجْمَاعِ

(4)

.

ثم هذه الرواية

(5)

تخالف رواية «التتمة»

(6)

فإنَّه ذكر فيها أنَّ في سن البالغ إذا سقط يُنتظر حتى يبرأ موضع السن لا الحول هو الصَّحيح؛ لأنَّ نبات سن البالغ نادر فلا يفيد التأجيل إلَّا أَنَّ قبل البرء لا يقتص ولا يوجد الأرش؛ لأنَّه لا يدري عاقبته

(7)

.

(1)

بداية المبتدي (246)، وهو لفظ الجامع الصغير (504).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 304)، درر الحكام (5/ 500).

(3)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 48)، المعجم الوسيط (1/ 31).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(5)

يريد قوله: بالإجماع، وهنا سيذكر الإمام السغناقي رحمه الله ما يخالف الإجماع المذكور.

(6)

كتاب التتمة في الفتاوى، لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مازه البخاري المتوفى سنة ستمائة وست عشرة من الهجرة، والتتمة كتاب جمع فيه مصنفه ما وقع إليه من الحوادث، والواقعات، وضم إليها ما في الكتب من المشكلات، وجمع في كل مسألة روايات مختلفة. يُنْظَر: كشف الظنون؛ لحاجي خليفة (1/ 343)، معجم المؤلفين؛ لكحالة (12/ 146)، الأعلام؛ للزركلي (7/ 161).

(7)

قال صاحب العناية (15/ 304) بعد نقله لرواية التتمة إجمالا: وليس بظاهر، وإِنَّمَا الظّاهِرُ ما قالَ الْمُصنِّفُ لِأنَّ الْحوْلَ مُشْتمِلٌ علَى الْفصُولِ الْأرْبَعَةِ، ولَهَا تأْثِيرٌ فِيما يتَعَلَّقُ بِبدَنِ الْإِنْسانِ، فلَعَلَّ فصْلًا مِنْها يُوافِقُ مِزاجَ الْمجْنِيِّ علَيْهِ فيُؤَثِّرُ في إنْباتِهِ، ولَكِنَّ قوْلَهُ بِالْإِجْماعِ فيهِ نظَرٌ، لِأنَّهُ قالَ في الذّخِيرَةِ: وبَعْضُ مشَايِخِنَا قالُوا: الِاسْتِيناءُ حوْلًا في فصْلِ الْقلْعِ في الْبالِغِ والصَّغِيرِ جمِيعًا لِقوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «في الْجِراحَاتِ كُلِّها يُسْتأْنَى حوْلًا» وهُوَ كمَا ترَى يُنافِي الْإِجْماعَ.

كذلك قال الامام زين الدين ابن نجيم الحنفي: وهُوَ كمَا ترَى يُنافِي الْإِجْماعَ. يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 387).

وقال بدر الدين العيني: قال الكاكي: قوله: بالإجماع يخالفه رواية التتمة. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 208).

وقال شمس الدين أحمد بن قودر: وعن هذا قال صاحب النهاية وصاحبا الكفاية ومعراج الدراية: قوله: ولهذا يستأني حولا بالإجماع يخالف رواية التتمة.

يُنْظَر: نتائج الأفكار (10/ 320 - 323).

ص: 230

وفي «الذَّخيرة» جعل الاستيناء مطلقاً قول بعض المشائخ، فقال: وبعض مشائخنا قالوا: الاستيناء حولاً في فصل القلع في البالغ والصَّغير جميعًا لقوله عليه السلام «في الجنايات كلها يستأني حولاً»

(1)

وذكر فيها قبل هذا: والأصل عندنا أنَّه يُستأنى في الجنايات كلها حولاً عمدًا كانت أو خطأ وإنَّما قُدِّر بالحول؛ لأنَّ السَّنة مشتملة على الفصول الأربعة التي جعل بها قوام الإنسان وهي الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة فوجب الانتظار سنة حتى يمر عليه الفصول الأربعة من السنة فلعل فصلاً من فصول السنة يوافق طبع المجني عليه فتبرأ جراحته وتلتئم أو يخالف طبعه فيموت، فكان مضي السنة في الغالب سبباً للبرء والتلف وقدر بالسنة، لهذا كما قررت مُدَّة العِنِّين بالسَّنة لهذا

(2)

.

وفي المجرَّد

(3)

عن أبي حنيفة رحمه الله إذا نزع سن إنسان ينبغي للقاضي أن يأخذ ضَمِيناً من النَّازع ثم يؤجله سنة من يوم النزع وإذا مضت سنة ولم ينبت اقتص منه

(4)

.

قال هشام: قلت لمحمَّد: فمن ضرب سنَّ رجل فسقط انتظر بها حولاً لعلها تنبت قال: لا، فقلت: أقال واحد من اخوانك ينتظر؟ قال: لا إنما ذلك إذا تحرَّكت

(5)

.

(1)

رواه الدارقطني (3/ 90)، في (كتاب الحدود والديات)، برقم (32)، عن يزيد بن عياض عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يستأني بالجراحات سنة» . قال الدارقطني: يزيد بن عياض ضعيف متروك. وأخرجه البيهقي (8/ 67)، في (باب ما جاء في الإستثناء بالقصاص من الجرح والقطع)، برقم (15892)، عن بن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تقاس الجراحات ثم يستأنى بها سنة ثم يقضى فيها بقدر ما انتهت إليه» .

قال البيهقي: وكذلك رواه جماعة من الضعفاء عن أبي الزبير ومن وجهين آخرين عن جابر ولم يصح شيء من ذلك.

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 209).

(3)

كتاب المجرد: للحسن بن زياد اللؤلؤي (ت 204 هـ). يُنْظَر: الفهرست (288)، تاج التراجم (150).

(4)

قال بدر الدين العيني في البناية (13/ 209): وعلى هذه الرواية لم يفرق كثير من مشايخنا بين سن البالغ وسن الصغير، بل قالوا بالإستيناء فيهما جميعا، وإليه ذهب القدوري والسرخسي وغيرهما. وينظر: تكملة البحر الرائق (8/ 348).

(5)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 315).

ص: 231

(فَاخْتَلَفَا قَبْلَ السَّنَةِ فِيمَا سَقَطَ بِضَرْبِهِ

(1)

أي: اختلفا في سبب السقوط قبل مضي السَّنة فقال المضروب: إنَّما سقطت سِنِّي بسبب ضربك وقال الضَّارب: لا بل سقطت بضربة غيري فإن كان سقوطها قبل مضي السَّنة (فَالقَولُ للمَضْرُوبِ

(2)

وإن سقطت بعد السَّنة فالقول للضَّارب.

وقوله: (فَالقَولُ للمَضْرُوبِ

(3)

(لِيَكَون التَّأْجِيلُ مُفِيداً

(4)

معنى أنَّ التَّأجيل إنَّما كان لظهور عاقبة الأمر فلو لم يقبل قول المضروب كان التَّأجيل وعدمه سواء.

(وَهَذَا بِخِلافِ إِذَا شَجَّهُ مُوضِحَةً فَجَاءَ وَقَدْ صَارَتْ مُنَقِّلَةً فَاخْتَلَفَا

(5)

أي: المشجوج

(6)

للضَّارب صارت مُنقلة من ضربتك وأنكر الضَّارب.

وذكر في «المبسوط» الاختلاف في اسوِدَاد السنِّ فقال: وإن قال الضَّارب: قد اسْودَّت من ضربة حدثت فيها بعد ضربتي وكذَّبه المضروب فالقول قول المضروب مع يمينه إلا أن يقيم الضَّارب البيِّنة على ما ادَّعى

(7)

.

والأصح أنَّ القول قول الضَّارب في القياس؛ لأنَّه ينكسر السبب الموجب للضَّمان فإنِّ الضَّربة بنفسها لا توجب عليه الضَّمان ما لم يكن سواد السن بتلك الضَّربة فإنكاره حدوث السَّواد بها كإنكاره أصل الضَّربة فيكون القول قوله في ذلك.

وعلى المضروب إثبات ما يدعي بالبينة وفي الاستحسان القول قول المضروب؛ لأنَّ الموجب للضَّمان على الضَّارب فعله فقد عرفنا حلول فعله بهذا المحل، وما يظهر عقيب السبب يحال به عليه ما لم يعلم غيره؛ لأنَّ الظَّاهر شاهد للمضروب ولأنَّ ما يَدَّعِيه الضَّارب من ضربة أخرى من غيره لم تظهر فالقول قول من يشهد له الظَّاهر مع يمينه إلا أنَّ يقيم الضَّارب بينة على ما ادَّعى من ضربة أخرى

(8)

.

(1)

بداية المبتدي (246).

(2)

بداية المبتدي (246).

(3)

بداية المبتدي (246).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(6)

كذا في (أ)، والعبارة غير مستقيمة، ولعل الصواب (وقال المشجوج) كما في البناية (13/ 209).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 466)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 98).

(8)

قال ابن نجيم الحنفي: وفي المُنْتَقَى في البَابِ الأَوَّلِ من الجِنَايَاتِ رِوايَةُ الحَسَنِ عن أبي حنِيفَةَ في عَينِ هذه الصُّورةِ أنَّ القَوْلَ قَولُ الضّارِبِ وَلَيسَ هذا في شَيءٍ من الجِنَايَاتِ إلّا في السّنِّ لِلْأثَرِ. يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 348).

ص: 232

(وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ) أي: في سقوط السن (بَعدَ السَّنَةِ

(1)

أي: قال المضروب: إنَّما سقط سني بضربك، فقال الضَّارب: لا بل سقط بسبب آخر.

(وَعَن أَبِي يُوسُفَ رحمه الله: أَنَّهُ تَجِبُ حُكُومَةُ الأَلَمِ

(2)

وفي بعض النسخ: وعن أبي حنيفة مكان قوله: وعن أبي يوسف والأوَّل أصح؛ لأنَّه ذكر قول أبي يوسف فيما بعد في حق هذا الحكم ولأنَّه ذكر في «الذَّخيرة» وغيرها قول أبي يوسف في هذا الموضع

(3)

.

(وَسَنُبَيِّنُ الوَجْهَيْنِ

(4)

وهما وجه قوله: (لا شَيْءَ عَلَى الضَّارِبِ

(5)

ووجه (حُكُومَةُ الأَلَمِ

(6)

والموعود فيما (بَعْدَ هَذَا) هو قوله: (سَقَطَ الأَرْشُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لِزَوَالِ الشَّيْنِ المُوجِبِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ): هو (أَرْشُ الأَلَمِ وَهُوَ حُكُومَةُ عَدْلٍ؛ لأَنَّ الشَّيْنَ زَالَ وَالأَلَمُ الحَاصِلُ مَا زَالَ

(7)

.

(لِمَا ذُكِر) وهو قوله: (لأَنَّهُ لا يُمْكِنُهُ أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْباً

(8)

لَسْوَدَّ.

و (كَذَا لَو احْمَرَّ أَو اخْضَرَّ

(9)

أي: لا قصاص، بل يجب الأرش في الخطأ على العاقلة وفي العمد في ماله.

وأمّا (لَو اصْفَرَّ

(10)

ذكر شيخ الإسلام رحمه الله: أن فيه اختلاف المشائخ، قال بعضهم: يجب كمال أرش السن كما في الاسوداد والاحمرار، وبعضهم قالوا: يجب حكومة عدل؛ لأنَّه لم يُفوِّت جنسَ منفعة السن ولا فوت الجمال على الكمال؛ لأنَّ الصُّفرة قد تكون لون الأسنان في بعض الإنسان، وإنَّما يتمكَّن فيه نوع نقص فيجب حكومة عدل.

وأمَّا الخضرة والحمرة والسَّواد لا يكون لون الأسنان بحال فيكون مُفوتاً الجمال على الكمال كما في الأذنين

(11)

.

(1)

بداية المبتدي (246).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 210).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(5)

بداية المبتدي (246).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(9)

بداية المبتدي (246).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(11)

قال الإمام المرغيناني: ولو اصفر فيه روايتان. الهداية شرح البداية (4/ 187). وقال بدر الدين العيني: روى أبو يوسف عن أبي حنيفة: أن فيه الحكومة. وذكر هاشم عن محمد عن أبي حنيفة قال: لا يجب شيء، وفي المملوك يجب الحكومة، وقال محمد: ففيها إذا اصفرت حكومة حرا كان المضروب أو عبدا، وقال أبو يوسف أيضا: فيها حكومة، وقال أبو يوسف: إن كثرت الصفرة حتى يكون عيبا كعيب الخضرة والحمرة ففيها بمثلها تاما، وقال زفر: إذا اصفرت ففيها أرشها تاما، الكل ذكره الكرخي رحمه الله. البناية شرح الهداية (13/ 211).

وينظر: العناية شرح الهداية (15/ 305).

ص: 233

ثم إنَّ محمداً رحمه الله أوجب كمال الأرش باسوداد السنِّ ولم يفصل بين أن يكون السن من الأضراس التي لا ترى أو من العوارض التي ترى قالوا: ويجب أن يكون الجواب فيها على التَّفصيل إن كان السن من الأضراس التي لا ترى إن فات منفعة المضغ بالاسوداد يجب الأرش كاملاً، وإن لم تفت منفعة المضغ يجب فيه حكومة عدل؛ لأنَّ منفعته قائمة وجماله ليس بظاهر فهو كَثَنْدُوَةِ

(1)

الرجل فيجب فيه حكومة عدل وإن كان السن من العوارض يرى ويظهر من الإنسان يجب كمال الأرش بالاسوداد وإن لم تفت منفعة؛ لأنَّه فوَّت جمالاً ظاهراً على الكمال هذا كله من «الذَّخيرة»

(2)

.

(وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ أَرْشُ الأَلَمِ وَهُوَ حُكُومَةُ عَدْلٍ

(3)

.

وفي «شرح الطَّحاوي» وروي عن أبي يوسف رحمه الله أنَّه قال: يجب فيه حكومة الألم

(4)

.

ثم قال: فيه، أي: أجر العلاج وأجر الطبيب (فَصَارَ كَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِن مَالِهِ

(5)

، أي: فصار كأن الضَّارب أخذ ذلك القدر من مال المضروب وأعطاه إلى الطبيب.

(إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله يَقُولُ: إِنَّ المَنَافِعَ عَلَى أَصْلِنَا لا تَتَقَوَّمُ

(6)

هذا جواب عن قولهما وهو قوله: (فَالأَلَمُ الحَاصِلُ مَا زَالَ فَيَجِبُ تَقْوِيْمُهُ) وقوله: (إِنَّمَا لَزِمَهُ أَجْرُ الطَّبِيبِ

(7)

فقال: فتحمل الألم من المنافع وكذلك معالجة الطَّبيب والمنافع إنَّما تُتقوَّم بالعقد كما في عقد الإجارة الصحيحة والمضاربة الصحيحة أو بشبه العقد كما في الإجارة الفاسدة والمضاربة الفاسدة

(8)

(وَلَمْ يُوجَدْ) أحدهما (فِي حَقِّ الجَانِي فَلا يَغْرَمُ شَيْئاً

(9)

.

(1)

في هامش (أ) تعليق نصّه: «بفتح أوله لحم الثدي أو أصله كذا في القاموس» .

يُنْظَر: القاموس المحيط (345).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 137، 138)، تكملة البحر الرائق (8/ 346، 347)، نتائج الأفكار (10/ 323)، مجمع الأنهر (4/ 355).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(4)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 316)، الهداية شرح البداية (4/ 187).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 306)، البناية شرح الهداية (13/ 211).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

ص: 234

وذكر في «المبسوط» ولو قلع سن رجل فنبت كما كان فلا شيء عليه في ظاهر الرواية وقد روي عن محمَّد: تجب عليه حكومة العدل بقدر ما لحقه من الألم

(1)

.

وعن أبي يوسف رحمه الله: يرجع على الجاني بقدر ما احتاج إليه من ثمن الدَّواء وأجرة الأطبَّاء.

وأبو حنيفة رحمه الله يقول: لا يجب شيء لأنَّه لا قيمة لمجرد الألم.

ألا ترى أنَّه لو ضُرِب ضربة تألم بها ولم تؤثر فيه لا يجب شيء أرأيت لو شتمه شتمة أكان عليه أرش باعتبار إيلام حل بقلبه

(2)

.

(أَمَّا إِذَا لَمْ يَبْقَ أَثَرُهُ فَهُوَ عَلَى اخْتِلافٍ قَدْ مَضَى

(3)

وهو سقوط الأرش عند أبي حنيفة رحمه الله ووجوب أرش الألم عند أبي يوسف ووجوب أجرة الطَّبيب عند محمد

(4)

.

وقيد في وضع المسألة بقوله: (فَجَرَحَهُ

(5)

؛ لأنَّه إذا لم يجرح في الابتداء لا يجب شيء بالاتفاق

(6)

كذا ذكره الإمام الكسائي

(7)

وقاضي خان.

(ثُمَّ قَتَلَهُ

(8)

أي: خطأ؛ (لأَنَّ الجِنَايَةَ مِن جِنْسٍ وَاحِدٍ؛ لأَنَّ كُلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَطَأ

(9)

.

(لأَنَّهُ مَالٌ وَجَبَ بِالقَتْلِ ابْتِدَاءً

(10)

أي: لا بمعنى يحدث بعد القتل كالصُّلح على المال؛ (لأَنَّ القِيَاسَ يَأبَى تَقَوُّمَ الآدَمِيِّ بِالمَالِ لِعَدَمِ التَّمَاثُلِ

(11)

؛ لأنَّ الآدمي مالك مُبْتَذِل والمال مملوك مُبْتَذَل فلا يتماثلان

(12)

.

(1)

والمروي عن محمد: في الجراحات التي تندمل على وجه لا يبقي لها أثر. يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 81).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 81).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 187).

(4)

يُنْظَر: مختصر القدوري (289)، بدائع الصنائع (7/ 316)، الهداية شرح البداية (4/ 187)، الاختيار تعليل المختار (5/ 48)، العناية شرح الهداية (15/ 307).

(5)

بداية المبتدي (247).

(6)

بإتفاق أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 307)، البناية شرح الهداية (13/ 212).

(7)

أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدي بالولاء، الكوفي المعروف بالكسائي، أحد القراء السبعة، كان إماما في النحو واللغة والقراءات، وكان يؤدب الأمين بن هارون الرشيد ويعلمه الأدب، توفي سنة تسع وثمانين ومائة بالري، وحكي أنه توفي في اليوم الذي توفي فيه محمد بن الحسن فقال الرشيد: دفن الفقه واللغة، وقيل إن الكسائي مات بطوس سنة اثنتين أو ثلاث وثمانين ومائة والله أعلم.

يُنْظَر: وفيات الأعيان (3/ 295)، الوافي بالوفيات (21/ 48).

(8)

بداية المبتدي (247).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 119).

ص: 235

(وَلا سِيَّمَا إِلى زِيَادَةٍ

(1)

وهي: المعجَّل؛ لأنّ المعجَّل زائد على المؤجَّل من حيث الوصف في الماليَّة

(2)

.

ألا ترى أنَّ في العُرف يشتري الشيء بالنَّسيئة

(3)

أكثر مما يشترى بالنَّقد

(4)

فإيجاب المال حالاً بالقتل يكون زيادة على ما أوجبه الشَّرع معنى. كذا في «المبسوط»

(5)

.

(وَلَمَّا لَم يَجِب التَّغْلِيظُ بِاعْتِبَارِ العَمْدِيَّةِ قَدْراً

(6)

أي: لم يجز الزيادة على عشرة آلاف درهم.

(لا يَجُوزُ وَصْفاً

(7)

؛ لأنَّ الوصف تبع للقدر.

(لِمَا رَوَينَا

(8)

وهو قوله: عليه السلام: «لا تعقل العاقلة عمداً ولا اعترافاً»

(9)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 311).

(3)

النسيئة: مأخوذة من النسأ؛ وهو التأجيل، والتأخير، ولا يخرج المعنى الإصطلاحي عن المعنى اللغوي.

يُنْظَر: العين (7/ 305)، تهذيب اللغة (10/ 196)، المحكم والمحيط الأعظم (8/ 549)، المطلع (239).

(4)

النقد: خلاف النسيئة، والنقد، والتناقد؛ تمييز الدراهم، وإخراج الزيف منها، وإعطاؤها لإنسان، يقال: نقده المال؛ إذا أعطاه إياه.

يُنْظَر: المحكم والمحيط الأعظم (6/ 316)، لسان العرب (3/ 425)، القاموس المحيط (412)، تاج العروس (9/ 230).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 92).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(9)

رواه البيهقي (8/ 104)، في (كتاب الديات)، في (باب من قال لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا)، برقم (16137)، عن مطرف عن الشعبي قال:«لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا» . ورواه الدارقطني (3/ 178)، في (كتاب الحدود والديات)، برقم (277)، بلفظه. قال الزيلعي: غريب مرفوعا. وقال البيهقي: والمحفوظ أنه من قول الشعبي. وقال ابن حجر: لم أره مرفوعا إلا ما روى الدارقطني والطبراني في مسند الشاميين عن عبادة بن الصامت رفعه «لا تجعلوا على العاقلة من قول معترف شيئا» وإسناده ساقط.

ص: 236

[عمد الصبي والمجنون]

(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: عَمْدُهُ عَمْدٌ

(1)

أي: عمد كل واحد منهم

(2)

.

(وَلِهَذَا تَجِبُ الكَفَّارَةُ بِهِ

(3)

أي: بالمال.

وإنَّما قَيَّد به؛ لأنَّهم أجمعوا على أنَّ التكفير بالصَّوم لا يجب عليهما

(4)

كذا في مبسوط شيخ الإسلام

(5)

.

(وَيُحْرَمُ عَنِ المِيْرَاثِ عَلَى أَصْلِهِ

(6)

أي: ثبت هذان الحكمان، وهما: وجوب الكفارة، وحرمان الميراث على أصل الشَّافعي؛ (لأَنَّهُمَا يَتَعَلَّقَانِ بِالقَتْلِ

(7)

فعلم بهذا أنَّهما مطالبان بموجب القتل فكذلك ههنا لمَّا تخلف عنهما أحد حكمي القتل وهو القصاص ينسحب عليه الحكم الآخر وهو وجوب الدية في ماله إذ الأصل ذلك والله أعلم بالصَّواب

(8)

.

* * *

‌فَصْلٌ فِي الجَنِيْن

[مناسبة هذا الفصل لما قبله]

لما فرغ من بيان أحكام القتل المتعلِّقة بالآدميين من كلِّ وجه شرع في بيان أحكامه المتعلِّقة بالآدمي من وجه دون وجه وهو الجنين، وهذا لأنَّ الجنين ما دام مُجنَّناً في البطن ليست له ذمة صالحة لكونه في حكم جزء من الأم ولكنَّه منفرد بالحياة معد ليكون نفساً له ذمَّة فباعتبار هذا الوجه يكون أهلاً لوجوب الحق له من عتق أو إرث أو نسب أو وصيَّة وباعتبار الوجه الأوَّل، وهو كونه جزء الأم لا يكون أهلاً لوجوب الحق عليه كذا في أصول الفقه لشمس الأئمة السرخسي رحمه الله

(9)

.

(غُرَّةُ

(10)

المال: خياره كالفرس والبعير النجيب والعبد والأمة الفارهة. كذا في «المُغرب»

(11)

.

وذكر في «مبسوط شيخ الإسلام» سُمِّيَ بدل الجنين غرة؛ لأنَّ الواجب عبد والعبد يسمى غرة. وقيل: لأنَّه أوَّل مقدار ظهر في باب الدية، وغُرَّة الشيء أوَّله كما سمي أول الشَّهر غرة وسمِّي وجه الإنسان [غرة لأنَّه أوَّل]

(12)

شيء يظهر منه الوجه

(13)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(2)

أي: الصبي والمجنون، وللشافعي قول آخر: أن العاقلة تحمل عمده وخطؤه سواء. يُنْظَر: الأم؛ للشافعي (7/ 311)، الحاوي الكبير (12/ 317).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(4)

لما روى البخاري في صحيحه (5/ 2019) عن علي رضي الله عنه قال: «ألم تعلم أنَّ القَلَمَ رفِعَ عن ثلَاثَةٍ عن الْمَجْنونِ حتى يفِيقَ وعَنْ الصَّبيِّ حتى يدْرِكَ وعَنْ النَّائمِ حتى يَسْتَيْقظَ» .

(5)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (1/ 351)، العناية شرح الهداية (15/ 313)، البناية شرح الهداية (13/ 216)، القوانين الفقهية (77)، شرح مختصر خليل (2/ 248)، التنبيه (66)، حلية العلماء (3/ 143)، روضة الطالبين (2/ 366)، الشرح الكبير؛ لابن قدامة (3/ 13)، الإنصاف؛ للمرداوي (3/ 293).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(8)

يُنْظَر: الحاوي الكبير (13/ 70)، الهداية شرح البداية (4/ 188).

(9)

يُنْظَر: أصول السرخسي (2/ 333).

(10)

بداية المبتدي (247).

(11)

المغرب في ترتيب المعرب (2/ 100).

(12)

مكررة في (أ).

(13)

قال ابن المنذر: وأجمع أهل العلم على أن في الجنين غرة. الإجماع (120). وينظر: العناية شرح الهداية (15/ 315)، البناية شرح الهداية (13/ 218)، تكملة البحر الرائق (8/ 389).

ص: 237

(وَالقِيَاسُ: أَنْ لا يَجِبَ شَيْءٌ

(1)

قال في «الذَّخيرة» : وهو قول زفر.

وفي «المبسوط» ثم القياس في الجنين أحد شيئين:

إمِّا أن لا يجب فيه شيء؛ لأنَّه لم تعرف حياته وفعل القتل لا يتحقق إلا في محل هو حي والضَّمان بالشك لا يتحقق، ولا يقال الظَّاهر أنه حي أو معد للحياة؛ لأنَّ الظَّاهر حجَّة لدفع الاستحقاق دون الاستحقاق به، ولهذا لا يجب في جنين البهيمة

(2)

إلا نقصان الأم إن تمكن فيها نقصان وإن لم يتمكن لا يجب شيء.

والقياس: أن يجب كمال الدية؛ لأنَّ الضَّارب منع حدوث صفة الحياة فيه فيكون كالمزهق للحياة، وفيما يلزمه من البدل كولد المغرور فإنَّه حرٌّ بالقيمة لهذا المعنى؛ أنَّه منع حدوث الرق فمنه

(3)

ثم الماء في الرَّحم ما لم يفسد فهو مُعتَّد للحياة فيجعل كالحي في إيجاب الضَّمان بإتلافه كما يجعل بيض الصيد في حق المحرم كالصَّيد في إيجاب الجزاء عليه بكسره ولكنَّا تركنا القياس بالسُّنَّةِ وهي حديث حمل بن مالك على ما يجيء

(4)

.

وفي «الجامع الصَّغير» للإمام المحبوبي: حكي أن رجلاً سأل زفر عن هذه المسألة فقال زفر: فيه غرة عبد أو أمة فقال السَّائل: ولم والحال لا يخلو: إمَّا إن كان عُدِمَ الرُّوح بموته بضربةٍ أو ليس من ضربة بأن لم تُنفخ فيه الرُّوح فإن مات من ضربةٍ تجب دية كاملة، وإن كان عُدِمَ الروح لا من ضربة لا يجب شيء فسكت زفر، فقال له السائل: أعتقتك سائبة، فجاء زفر إلى أبي يوسف فسأله عنه فأجابه أبو يوسف بمثل ما أجاب زفر فحاجَّهُ بمثل ما حاجَّه السَّائل فقال: التعبد التعبد، أي: ثابت بالسُّنَّة من غير أن يدرك فيه بالعقل

(5)

.

[مقدار دية الجنين]

(رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَالَ: «فِي الجَنِينِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَو أَمَةٌ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ»

(6)

(7)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(2)

البهيمة: كل ذات أربع قوائم ولو في الماء، أو كل حي لا يميز فهو بهيمة والجمع: بهائم. يُنْظَر: القاموس المحيط (1/ 1398)، المصباح المنير (1/ 65).

(3)

كذا في (أ)، والصواب (فيه) وهكذا جاءت في المبسوط، وهي الموافقة لسياق الكلام.

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 87).

(5)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 315، 316).

(6)

رواه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 193)، في (باب في الدية)، برقم (514)، بلفظ:«فيه غرَّةٌ عَبدٌ أو أمَةٌ أو خمسمائة» . والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة وليس فيه ذكر الخمسمائة، رواه البخاري (6/ 2532)، في (كتاب الديات)، في (باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد)، برقم (6511) عن أبي هُرَيرَةَ أنَّ رسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم «قضَى في جنِينِ امرَأَةٍ من بنِي لَحيَانَ بِغُرّةٍ عَبدٍ أو أمَةٍ ثمَّ إنَّ المَرْأَةَ التي قضَى عليها بِالغُرَّةِ تُوُفِّيتْ فقَضَى رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ مِيراثَهَا لِبنِيهَا وَزَوجِهَا وأَنَّ العَقْلَ على عصَبَتِهَا» . ورواه مسلم (3/ 1309)، في (كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات)، في (باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني) برقم (1681) عن أبي هرَيْرَةَ أنَّهُ قال:«قضَى رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم في جَنينِ امرَأَةٍ من بَني لَحيَانَ سقَطَ مَيّتًا بِغرَّةٍ عَبدٍ أو أمَةٍ ثمَّ إنَّ المَرْأَةَ التي قضِيَ عليها بِالْغرَّةِ توُفِّيَتْ فقَضَى رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم بأَنَّ ميرَاثَهَا لبَنِيهَا وَزَوْجهَا وأَنَّ العَقْلَ على عَصَبَتهَا» . قال أبو عِيسى: حدِيثُ أبي هُريْرَةَ حدِيثٌ حسَنٌ صحِيحٌ والْعَمَلُ على هذا عنْدَ أهْلِ الْعلْمِ، وقال بعْضُهُمْ: الْغُرّةُ عبْدٌ أو أمَةٌ أو خمسمائة دِرْهمٍ، وقال بعْضُهُمْ: أو فرَسٌ أو بغْلٌ.

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

ص: 238

ففي هذا الحديث وأمثاله دليل لنا على أنَّ الدِّية مقدَّرة بعشرة آلاف؛ لأنَّ بدل الجنين بالاتفاق نصف عشر الدية

(1)

، وقد قُدِّر ذلك بخمسمائة فعرفنا أن جميع الدية عشرة آلاف، وفيه دليل على أنَّ الحيوان لا يثبت في الذمَّة ثبوتاً صحيحاً بل باعتبار صفة المالية؛ لأنَّه لما أوجب في الجنين عبداً أو أمة نص على مقدار المالية وهو خمسمائة كذا في المبسوط

(2)

.

(وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَن قَدَّرَهَا بِسِتِّمِائَةٍ نَحَوُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ

(3)

(4)

.

وذكر في «شرح الأقطع» وهذا الخلاف مع اتفاقهم على أنَّها نصف عشر الدية إلا أنَّ الدِّية عندنا مقدرة بعشرة آلاف فنصف عشرها خمسمائة وعنده مقدرة باثني عشر ألفاً فنصف عشرها ستمائة

(5)

.

(وَهِيَ عَلَى العَاقِلَةِ

(6)

، (عِنْدَنَا: إِذَا كَانَت خَمْسَمِائَةِ

(7)

.

وقيَّد بهذا احترازاً عن جنين الأمة إذا كانت لا تبلغ خمسمائة كذا وجدت بخطِّ شيخي رحمه الله لكن هذا لا يتضح لي؛ لأنَّ ما وجب في جنين الأمة هو في مال الضَّارب مطلقاً من غير تقييد بالبلوغ إلى خمسمائة درهم على ما يجيء كذا في «الإيضاح» و «الذَّخيرة» وغيرهما

(8)

.

والغُرَّة في جنين الحُرَّة لا تكون أقل من خمسمائة فلا يكون في تقييده بقوله: (إِذَا كَانَت خَمْسَمِائَةِ

(9)

فائدة حينئذ. والله أعلم.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 87)، بدائع الصنائع (7/ 322)، الهداية شرح البداية (4/ 189)، موطأ مالك - رواية محمد بن الحسن (3/ 25)، المدونة الكبرى (16/ 401)، الذخيرة (12/ 404)، الأم (6/ 103)، المهذب (2/ 198)، روضة الطالبين (9/ 377)، شرح منتهى الإرادات (3/ 305)، مطالب أولي النهى (6/ 102).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 87).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(4)

يُنْظَر: المدونة الكبرى (16/ 402)، الكافي؛ لابن عبد البر (605)، الحاوي الكبير (12/ 356)، روضة الطالبين (9/ 377).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 79)، تحفة الفقهاء (3/ 118)، بدائع الصنائع (7/ 325)، الهداية شرح البداية (4/ 189)، البناية شرح الهداية (13/ 219).

(6)

بداية المبتدي (247).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(8)

قال الإمام البابرتي: وقِيلَ لعَلَّهُ وقَعَ سَهوًا منْ الكَاتِبِ وكَانَ في الأَصْلِ إذْ كانَ خَمسَمِائَةٍ تَعلِيلًا لِكَونِهَا علَى العَاقِلَةِ. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 316).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

ص: 239

وذكر في «الذَّخيرة» وإذا ضرب بطن امرأته وألقت جنيناً ميتاً فقد ذكر في «الجامع الصَّغير» أنَّ على عاقلة الأب الغرَّة؛ لأنَّ الأب ساوى الأجنبي في سبب وجوب الغرة وهو الضَّرب والقتل فيساويه في وجوب الغرَّة

(1)

.

(حَيثُ قَالَ: «دُوهُ»

(2)

أمر من الودي قال في المبسوط أي: أدوا ديته فقد جعله في حكم النُّفوس وسُمِّي الواجب في بدله دية وهو اسم لبدل النَّفس

(3)

.

وهذا الذي ذكره من الحديث حديث حمل بن مالك بن ماتعة الهذلي قال: كنت بين جاريتين لي فضربت أحديهما بطن صاحبتها بعمود فسطاط أو بمسطح خيمة فألقت جنيناً ميتاً فاختصم أولياؤها إلى رسول الله عليه السلام قال عليه السلام: لأولياء الضاربة «دوه» فقال أخوها عمران بن عويمر الأسلمي: (أَنَدِي مَن لا صَاحَ وَلا اسْتَهَلَّ

(4)

ولا شرب ولا أكل ومثل دمه يُطل فقال: «أَسَجْعٌ

(5)

كَسَجْعِ الكُهَّان

(6)

(7)

، وفي رواية:«دعني وأراجيز العرب قوموا فدُوه»

(8)

. الحديث، ففيه تنصيص على إيجاب الدية على العاقلة.

(لأَنَّهُ بَدَلُ الجُزْءِ

(9)

أي: جزء الأم.

(وَتَجِبُ فِي سَنَةٍ

(10)

(11)

وبهذا يستدل الليث بن سعد على أن بدل الجنين يكون لأمه ويقول: لأنَّه في حكم جزء من أجزائها

(12)

.

(1)

يُنْظَر: الجامع الصغير (518)، الهداية شرح البداية (4/ 190)، الدر المختار (6/ 589).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 88).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(5)

سجع الكهان: كلامهم الموزون المتكلف. يُنْظَر: المعجم الوسيط (2/ 803).

(6)

تعليق في هامش (أ)«الكاهن معروف والجمع: كهان وكهنة، وقيل كهن من باب كتب، إلى تكهن وكَهُنَ صحاح» . يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (6/ 41).

(7)

رواه مسلم (3/ 1310)، في (كتاب القَسَامَةِ وَالْمحَارِبِينَ وَالْقصَاصِ وَالدّيَاتِ)، في (باب دِيةِ الْجنِينِ ووُجُوبِ الدِّيةِ في قتْلِ الخطأ وشِبْهِ الْعمْدِ على عاقِلَةِ الْجانِي)، برقم (1682)، بلفظ:«أسجع كسجع الأعراب» .

(8)

المعجم الكبير (1/ 193)، في (باب في الدية)، برقم (514)، بلفظ:«دعني من رجز الأعراب» .

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(10)

بداية المبتدي (247).

(11)

أي: تجب الغرة على العاقلة في سنته.

(12)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 88).

ص: 240

ألا ترى أنه يعرض عنها بالمعراض فيكون بدله لها كسائر أجزائها، والدَّليل عليه أنَّه يكون مؤجَّلاً في سنة فبدل الطَّرف هو الذي يتأجل في سنة فأمَّا بدل النَّفس فيكون في ثلاث سنين قل أو كثر كما لو اشترك عشرون رجلاً في قتل رجل يجب على كل واحد منهم نصف عشر الدية في ثلاث سنين.

وحُجَّتنا في ذلك قوله عليه السلام: «دوهُ»

(1)

أي: أدُّوا ديته فقد جعله في حكم النَّفس وسُمِّي الواجب في بدله دية وهو اسم لبدل النَّفس.

والدَّليل عليه أن بدل الجزء لا يجب بدون بقاء النقصان حتى لو قلع سنًّا فنبت مكانه آخر لم يجب شيء، وههنا يجب في بدل الجنين، وإن لم يكن في الأم نقصان دلَّ أنَّ وجوبه باعتبار معنى النفسية وبدل النَّفس يكون موروثاً عن صاحبها وهو في الحقيقة نفس مودعة في الأم حتَّى تنفصل منها حية، فالجناية عليها قبل الانفصال معتبر بالجناية عليها بعد الانفصال إلا أنَّه من وجه نسبة الجزء فلا يثبت من التَّأجيل فيه إلا القدر المتيقَّن به كذا في المبسوط

(2)

. (فَعَمِلنَا بِالشَّبَهِ الأَوَّلِ

(3)

وهو أن بدل الجنين بدل النَّفس (وَبِالثَّانِي

(4)

هو أن بدل الجنين (بَدَلَ العُضْوِ

(5)

.

قوله: (لأَنَّ بَدَلَ العُضْوِ إِذَا كَانَ ثُلُثَ الدِّيَةِ أَو أَقَلَّ أَكْثَرُ مِن نِصفِ العُشْرِ يَجِبُ فِي سَنَةٍ

(6)

وهذا هو الصَّحيح من لفظ الكتاب

(7)

.

وقوله: (أَكْثَرُ

(8)

بدون الواو بدل (أَقَلَّ

(9)

أي: إذا كان ذلك الأقل أكثر من نصف العشر ففي بعض النسخ أو أكثر وفي بعضها وأكثر وكلاهما غير صحيح؛ لأنَّه لا يبقى بدلاً حينئذ

(10)

.

(بِخِلافِ أَجْزَاءِ الدِّيَةِ؛ لأَنَّ [كُلَّ]

(11)

جُزْءٍ مِنْهَا يَجِبُ فِي ثَلاثِ سِنِينَ

(12)

وقد ذكرنا صورته وهي أنَّه إذا اشترك عشرون رجلاً في قتل رجل خطأ إلى آخره على ما يجيء في المعاقل إن شاء الله تعالى.

(1)

رواه الطبراني في المعجم الكبير (4/ 9)، برقم (3483).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 88).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(7)

أي: كتاب الهداية.

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 319)، البناية شرح الهداية (13/ 222).

(11)

كذا في هامش (أ).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

ص: 241

[يستوي الذكر والأنثى في قدر الغرة]

(وَيَستَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالأُنْثَى

(1)

أي: في وجوب قدر الغُرَّة بأنَّه عبد أو أمة قيمته خمسمائة (لإِطْلاقِ مَا رَوَيْنَا

(2)

وهو قوله عليه السلام: «فِي الجَنِينِ غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَو أَمَةٌ، قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ

(3)

درهم»

(4)

.

(وَلِأَنَّ فِي الجَنِينِ

(5)

أي: من الذكر والأنثى وكان ههنا بخطِّ شيخي رحمه الله يعني: هر دو جيز زنده

(6)

(إِنَّمَا ظَهَرَ التَّفَاوُتُ

(7)

أي: التَّفاوُت في الدية بأن كان دية الذَّكر ألف دينار من الذَّهب ودية الأنثى خمسمائة دينار (لِتَفَاوُتِ مَعَانِي الآدَمِيَّةِ

(8)

أي: في المالكية.

وتفسير ذلك ما ذكره في «الإيضاح» لقوله: لأنَّ تفصيل بدل الذكر على بدل الأنثى باعتبار تفاضل ما بينهما في المالكيَّة فإنَّ الذكر مالك مالاً ونكاحاً والأنثى مالكة مالاً مملوكة نكاحاً فكان التَّفاوت بينهما فيما هو من خصائص الآدمية وهذا المعنى مؤثر في التَّفاوت في البدل، وهذا المعنى معدوم في الجنين وإذا لم يتفاوتا استويا في البدل

(9)

.

وذكر في «المبسوط» وقد سوى بين الذكور والإناث يعني في بدل الجنين؛ لأنَّه يتعذر في الجنين التمييز بين الذكر والأنثى خصوصاً قبل أن يتم خلقه فإن وجوب البدل لا يختص بما بعد تمام الخلقة

(10)

.

[إذا ألقت الأم الجنين حيا ثم مات]

(فَإِنْ أَلقَتْهُ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ

(11)

وأجناس هذه المسألة المذكورة لا تنقلب عن الأربعة التي هي القسمة العقلية، وذلك لأنَّ خروج الجنين من الأم إمَّا أنَّ يكون في حال حياتهما أو في حال مماتهما أو في حال حياة الأم وممات الجنين وعلى العكس والأقسام كلها مع أحكامها مذكورة في الكتاب

(12)

.

(1)

بداية المبتدي (247).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 188).

(4)

سبق تخريجه (ص 440).

(5)

كذا في (أ)، وهي في بعض النسخ، وفي الهداية (4/ 189):(الحيَّيْنِ) وهي الصواب، لموافقتها سياق الكلام، وهي الواردة في شروح الهداية أيضاً. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 319)، البناية شرح الهداية (13/ 222).

(6)

عبارة فارسية تعني: شيئين حي، أي: فيهما حياة. ينظر: ثقافة الإصطلاحات اليومية، المنجد.

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 189).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 319).

(10)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 89).

(11)

بداية المبتدي (247)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (292).

(12)

قال الامام القدوري: وإذا ضرب رجل بطن امرأة، فألقت جنينا ميتا: فعليه غرة، وهي نصف عشر الدية. فإن ألقته حيا، ثم مات: فعليه دية كاملة. وإن ألقته ميتا، ثم ماتت الأم: فعليه دية وغرة. وإن ماتت الأم، ثم ألقته ميتا: فعليه دية في الأم، ولا شيء في الجنين. يُنْظَر: مختصر القدوري (292، 293).

ص: 242

وقوله: (فَإِنْ أَلقَتْهُ حَيًّا) هو القسم الأوَّل؛ لأن قوله: (حَيًّا) تنصيص على حياة الجنين.

وقوله: (فَإِنْ أَلقَتْهُ

(1)

أسند الإلقاء إلى الأم وهو دليل على حياة الأم؛ لأنَّه إنَّما يستند هو إليها حال حياتها لا بعد موتها.

وفي «المبسوط» وإن خرج الجنين حيًّا بعد الضَّربة ثم مات ففيه الدية كاملة؛ لأنَّه لما انفصل حيًّا كان نفساً من كل وجه، وقتل النَّفس المؤمنة يوجب الدية والكفَّارة؛ قال تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}

(2)

(3)

.

(وَلَنَا: أَنَّ مَوتَ الأُمِّ أَحَدُ سَبَبَيْ مَوْتِهِ

(4)

أي: موت الجنين يعني أن لموت الجنين الذي خرج ميتًا من الأم الميتة سببين:

أحدهما: ضرب الضَّارب، والآخر: اختناقه بموت الأم، فلو نظرنا إلى الأوَّل تجب الغُرَّة

(5)

على الضَّارب، ولو نظرنا إلى الثَّاني لا تجب، فلا تجب بالشَّك.

فإن قلت: كما أنَّ الشكَّ ثابت في موت الجنين بضرب الضَّارب في هذه الصُّورة فكذلك الشك ثابت أيضاً فيما إذا خرج الجنين ميتًا من أمه الحية؛ لأنَّه يحتمل أنَّه لم تنفخ فيه الروح بعد؛ لما ذكرت من «المبسوط» أن وجوب الغرة لا يتوقَّف إلى تمام الخلقة بل تجب الغُرَّة وإن لم تتم خلقة الجنين فحينئذ لم يعتبر زوال حياته بسبب ضرب الضَّارب في وجوب الغُرَّة أولاً يجب عليه الغرة أصلاً فيما إذا خرج ميتًا من أمه الحية لوجود الشك كما لو خرج ميتًا من الأم الميتة لوجود الشَّك.

قلت: نعم كذلك إلا أنَّ ضمان الغرة في الجنين إنما يثبت بالنصِّ بخلاف القياس فيما إذا تمكَّن الشك من وجه واحد بأن لم تنفخ فيه الروح وهو فيما إذا خرج الجنين ميتًا من أمٍّ حية؛ لأنَّه قال: فألقت جنينًا ميتًا، وإنَّما يضاف الإلقاء إليها إذا كانت حيَّة والنص الوارد بإيجاب الغرة فيما إذا تمكَّن الشك في وجوب الضَّمان من وجه واحد لا يكون واردًا بإيجابها فيما إذا تمكن الشك في وجوب الضَّمان من وجوه وهو فيما إذا خرج ميتًا بعد موت الأم؛ لأنَّه يحتمل أنَّه لم تنفخ فيه الرُّوح من بعد، ويحتمل أنَّه نفخ فيه الروح إلا أنَّه مات بسبب انقطاع الغذاء بسبب موت الأم لا بالضَّربة ويحتمل أنَّه مات بسبب تخنيق الرحم وغم البطن؛ لأنَّ الأم متى ماتت يتضيق رحمها ولما لم تكن هذه الصُّورة نظيرة لما ورد فيه النص لم يمكن تعدية حكم ما ورد فيه النص إلى الموضع الذي ليس بنظير له فبقي ما إذا انفصل بعد موتها على أصل القياس الذي هو عدم وجوب الضَّمان.

ص: 243

ثم هذا الذي ذكره بأن قتل الأم لا يكون قتلاً للجنين حتى لم يجب فيه غرة الجنين على أصل أبي حنيفة رحمه الله ظاهر؛ لأنَّه لا يجعل ذكاة الأم ذكاة للجنين فكذلك لا يجعل قتل الأم قتلاً للجنين.

والشَّافعي يجعل ذكاة الأم ذكاة للجنين فلذلك يجعل قتل الأم قتلاً للجنين

(1)

.

وقال أبو يوسف ومحمَّد رحمهم الله: القياس ما قاله أبو حنيفة رحمه الله لكنَّا تركنا ذلك في حكم الذكاة بالسُّنَّة.

ولأنَّ الذكاة تنبني على الوسع فبقي القياس معتبراً في حكم القتل فلا يكون قتل الأم قتلاً للجنين كذا في «المبسوط» و «الذّخيرة»

(2)

.

[دية جنين الأمة إذا كان ذكرا]

(وَفِي جَنِينِ الأَمَةِ إِذَا كَانَ ذَكَراً: نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ

(3)

فلابدَّ من زيادة قيد ههنا وهو أن يقال: وفي جنين الأمة التي لم تحمله من مولاها ولا من المغرور (إِذَا كَانَ ذَكَراً: نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ

(4)

إلى آخره، وأمَّا إذا حملته من مولاها أو من المغرور كان ذلك الحمل حراً فتجب الغرة ذكراً كان أو أنثى.

وقوله: (إِذَا كَانَ ذَكَراً: نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَو كَانَ حَيًّا. وَعُشْرُ قِيمَتِهِ لَو كَانَ أُنْثَى

(5)

.

بيان هذا أنَّه يُقوَّم الجنين بعد انفصاله ميتًا على لونه وهيأته لو كان حيًّا فينظر كم قيمته بهذا المكان، فإذا ظهر قيمة الكل بعد هذا إن كان ذكراً يوجب نصف عشر قيمته، وإن كان أنثى يجب عشر قيمته.

ولو ضاع الجنين ولم يُمكِنَّا تقويمه باعتبار لونه وهيأته عن تقدير أنَّه حي ووقع التنازع في قيمته بين الضَّارب ومولى الأمة المضروبة كان القول قول الضَّارب لإمكان الزيادة كمن قتل عبداً خطأ لم يشاهده القاضي قبل قتله حتى عجز عن تقويمه باعتبار حاله وهيأته لو كان حياً ووقعت المنازعة بين صاحب العبيد والقاتل يجعل القول قول القاتل مع اليمين كذا هي.

فإن قيل: ربَّما لا يمكن الوجوب على ذكورة الجنين وأنوثته فماذا يجب قلنا: نأخذ بالمُتيقَّن كمن قتل عبداً خطأ والمقتول خنثى مشكل فإنَّه يجب المُتيقَّن كذا ههنا، كذا في «الذَّخيرة»

(6)

.

(1)

يُنْظَر: الحاوي الكبير (15/ 149)، المجموع (9/ 119).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 89، 90)، العناية شرح الهداية (15/ 322)، نتائج الأفكار (10/ 331، 332).

(3)

بداية المبتدي (247)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (293).

(4)

بداية المبتدي (247)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (293).

(5)

بداية المبتدي (247)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (293).

(6)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 322، 323)، البناية شرح الهداية (13/ 224).

ص: 244

(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ الأُمِّ؛ لأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ وَجْهٍ

(1)

.

وفي المبسوط

(2)

: ومذهب الشَّافعي لا يستقر على شيء في الجنين فإنَّه يجعله في حكم الكفَّارة كالنُّفوس، ثم يقول: البدل الواجب فيه معتبر بأمه لا بنفسه حتى يكون الواجب عشر بدل الأم.

وعندنا هو معتبر بنفسه وإنَّما يتبين ذلك في جنين الأمة والواجب عندنا نصف قيمته إن كان ذكراً وعن قيمته إن كان أنثى.

وعند الشَّافعي رحمه الله الواجب عشر قيمة الأم ذكراً كان أو أنثى

(3)

.

(لأَنَّ ضَمَانَ الطَّرَفِ لا يَجِبُ إِلَّا عِنْدَ ظُهُورِ النُّقْصَانِ

(4)

حتى أنَّه لو لم يظهر فيه النقصان لا يجب على ما ذكرنا قبل هذا ما ذكره في «المبسوط» حيث قال: والدَّليل على أن الواجب في الجنين هو بدل النَّفس لا بدل الجزء لما أنَّ بدل الجزء لا يجب بدون بقاء النقصان حتى لو قلع سنًّا فنبت مكانه آخر لم يجب شيء وههنا يجب بدل الجنين وإن لم يكن في الأمِّ نقصان دل أنَّ وجوبه باعتبار معنى النَّفسيَّة

(5)

.

(وَلا مُعْتَبَرَ بِهِ

(6)

أي: بظهور النقصان (فَيُقَدَّرُ بِهَا

(7)

أي: ببدل النَّفس والأصل في النُّفوس نفوس الأحرار ففي نفس الحر في الجنين نصف عشر دية الذكر في الذكر وعشر دية الأنثى في الأنثى فيجب أن يكون في جنين الأمة كذلك إلا أنَّ القيمة في الرقيق قائمة مقام الدية في الحرِّ؛ فلذلك اعتبرت القيمة في جنين الرقيق كالاعتبار في جنين الحر في الدية

(8)

.

(وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: يَجِبُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ لَو انْتَقَصَتْ الأُمُّ

(9)

جعل هذه الرواية عن أبي يوسف غير ظاهر الرواية في «المبسوط» و «الإيضاح» و «الذَّخيرة» وغيرها؛ لأنَّه قال في «المبسوط» : ثم وجوب البدل في جنين الأمة قول أبي حنيفة ومحمّد وهو الظَّاهر من قول أبي يوسف وعنه في رواية أنَّه لا يجب إلا نقصان الأم إن تمكَّن فيها نقص وإن لم يتمكن لا يجب شيء كما في جنين البهيمة، وهكذا أيضاً في غير «المبسوط»

(10)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 88).

(3)

مذهب الشافعية: أن الجنين الرقيق -وهو لا يكون إلا في بطن الرقيقة- فيه عشر قيمة الأم إذا سقط ميتا بالجناية، ذكرا كان أم أنثى، قِنَّة كانت أمه أو مدبرة، كاتبة أو مستولدة. يُنْظَر: روضة الطالبين (9/ 372)، نهاية المحتاج (7/ 383).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 88).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(8)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 327).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(10)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 89)، العناية شرح الهداية (15/ 323)، البناية شرح الهداية (13/ 225).

ص: 245

ثم ذكر في «المبسوط» : لكنَّا نقول وجوب بدل جنين الآدمية لتحقيق معنى الصيانة عن الهدر، وجنين الأمة في ذلك كجنين الحرَّة، وهذه المسألة في الحقيقة إنَّما تنبني على اختلافهم في ضمان الجناية على المماليك فإنَّ عند أبي يوسف رحمه الله هو بمنزلة ضمان المال

(1)

يجب بالغًا ما بلغ، وعند أبي حنيفة ومحمَّد رحمهما الله هو بدل عن النَّفس فلهذا لا يزاد على مقدار الدية بحال

(2)

.

(فَنَظَرْنَا إِلَى حَالَتَي السَّبَبِ وَالتَّلَفِ

(3)

يعني: أوجبنا القيمة دون الدية اعتبارًا لحالة الضرب وأوجبنا قيمته حيًّا لا مشكوكًا في حياته اعتباراً لحالة التَّلف.

ولا يقال أن هذا اعتبار لحالة الضَّرب فحسب؛ لأنَّ الواجب في تلك الحال قيمته حياً أيضا؛ لأنَّا نقول: جاز أن لا يكون حيًا، فلا تجب قيمته حيًا هناك بل تجب الغرة

(4)

.

(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله: تَجِبُ قِيمَتُهُ مَا بَينَ كَونِهِ مَضْرُوباً إِلَى كَونِهِ غَيرَ مَضْرُوبٍ

(5)

أي: تفاوت ما بينهما حتى لو كانت قيمته غير مضروب ألف درهم وقيمته مضروباً ثمانمائة يجب على الضَّارب مائتا درهم على ما ذكرنا قبل هذا من قول في مثل هذا في مسألة الرمي والجرح في باب اعتبار حالة القتل.

[الإعتاق قاطع للسراية]

(لأّنَّ الإِعْتَاقَ قَاطِعٌ للسِّرَايَةِ

(6)

يعني: لو جرح عبدًا ثم أعتقه مولاه ثم مات من تلك الجراحة تنقطع السِّراية ولا تلزمه الدية ولا القيمة وإنَّما يضمن النقصان بالجراحة كما ذكرنا، وهذا لأنَّ الجرح إتلاف بعض المحل وأنَّه يوجب الضَّمان للمولى وبعد السِّراية لو وجب شيء لوجب للعبد فتصير النهاية للبداية وقد مَرَّ هذا من الكتاب في باب اعتبار حالة القتل (عَلَى مَا يَأْتِيكَ مِن بَعْد

(7)

أي: في باب جناية المملوك والجناية عليه في مسألة (وَمَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ المَولَى ثُمَّ مَاتَ مِن ذَلِكَ

(8)

(9)

.

(1)

المراد بضمان المال: ما يضمن من أموالهم كالعقلاء؛ كالإتلاف الموجب للمال، وضمان المال المسروق للمسروق منه ونحوهما. يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 86) تبيين الحقائق (6/ 139).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 89).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(4)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 226)، حاشية ابن عابدين (6/ 590)، تكملة رد المحتار (1/ 161).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(8)

بداية المبتدي (253).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 323)، البناية شرح الهداية (13/ 226).

ص: 246

وذكر فخر الإسلام في «الجامع الصَّغير» قال بعض مشائخنا: معنى قوله: ضمن قيمته حياً أي: الدية.

وقوله: ولا تجب الدية ليس هو من لفظ «الجامع الصَّغير» وإنَّما قالوا: المراد به الدية؛ لأنَّ الضَّرب وقع بالأم فلم تعتبر جنايته في حق الدية إلا بعد أن ينفصل حيًا ولذلك لم تنقطع سرايته.

بخلاف من جرح عبدًا ثم أعتقه مولاه وقال بعضهم: بل المراد منه حقيقة القيمة؛ لأنَّ الجناية قد تمت من الجاني لكنَّها لم تعتبر في حقِّ الجنين مقصودًا إلا بعد الانفصال فأشبه الرمي الذي تم من الرَّامي ولم يعتبر من المرمي إلا بعد الإصابة فإذا وجد العتق تم تمام العلة عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- حتى وجب ضمان القيمة.

فكذلك ههنا وإن كان هذا بالاتفاق صار حجة لهما على محمَّد

(1)

.

(وَلَنَا: أَنَّ الكَفَّارَةَ فِيهَا مَعْنَى العُقُوبَةِ

(2)

؛ لأنَّها شُرعت زاجرة والزَّجر إنَّما يكون شيء فيه عقوبة حتى أنَّها تتأدى بالمال والمال شقيق الروح فكان إزالة المال منه بمنزلة إزالة الرُّوح ومن وجه عبادة لتأدية بالصَّوم.

(وَقَدْ عُرِفَتْ فِي النُّفُوسِ المُطْلَقَةِ فَلا تَتَعَدَّاهَا

(3)

أي: لا تتعدَّى الكفارة من النفوس المُطْلَقة إلى غير المُطْلَقة وهو الجنين، إمَّا لأنَّ القياس لا يجري في العقوبات، أو لأن غير المُطْلقة ليست بنظير للمُطْلقة ولا يجري القياس في غير النظير

(4)

.

وفي «المبسوط» فالجنين جزء من اعتبار صفة الجزئية يمنع وجوب الكفارة ومع الشَّك لا تجب الكفارة ولكن اعتبار معنى الجزئية لا يمنع وجوب الضَّمان فأوجبنا الضَّمان وألحقناه في ذلك بالنفوس

(5)

.

وفي «الذَّخيرة» وإنَّما قلنا بعدم وجوب الكفَّارة؛ لأنَّ قضية القياس أن لا تجب الكفَّارة والضَّمان لكن تركنا القياس في الضَّمان بالآثار ولا أثر في الكفارة فتبقى الكفارة على أصل القياس.

والمعنى فيه: أنَّ الجنين إذا انفصل ميتًا اعتبر ولدًا ونفساً على حدة في حق غيره من العباد في حقِّ بعض الأحكام حتى تصير الجارية أم ولديه وتصير المرأة نفساء ويحل للمعتدة الإزواج، وفي حق نفسه اعتبر عضوًا من أعضاء الأم حتى لا يُسمى ولا يَرِث وكذلك في حق الله تعالى اعتبر عضوًا من أعضاء الأم حتى لا تقام عليه صلاة الجنازة التي هي حق الله تعالى.

(1)

يُنْظَر: الجامع الصغير (518)، تبيين الحقائق (6/ 141)، تكملة البحر الرائق (8/ 391).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 190).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 324)، البناية شرح الهداية (13/ 226).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 88).

ص: 247

قلنا: والكفَّارة حق الله تعالى فيعتبر الجنين في حق حكم الكفارة بمنزلة عضو من أعضائها، والكفارة لا تجب بإتلاف أعضائها أمَّا لو خرج الجنين حيًا ثم مات فعلى الضَّارب الدية الكاملة وعليه الكفَّارة؛ لأنَّه متى انفصل حيًا يعتبر نفساً وولدًا في حق نفسه وفي حق غيره سواء كان الحق لله أو للعباد.

ألا ترى أنَّه يُصلى عليه صلاة الجنازة ويُسمَّى ويرث، ثم ذكر فيها محيلاً عن الزيادات: رجل اشترى جارية من آخر وقبضها، ثمَّ إنَّ المشتري وطئها وحبلت منه، ثم إنَّ الجارية ضربت بطن نفسها متعمدة أي: متعمدة إسقاط الجنين وألقت جنينًا ميتًا، أو شربت من الدَّواء ما يوجب سقوط الولد متعمِّدة، أو وضعت في قُبُلِهَا ما يطرح

(1)

به الولد فأدخلته في الرَّحم فسقط الجنين ميتًا، ثم استحقَّها رجل بالبيِّنة وقضى القاضي للمستحق بالجارية وبالعقر على المشتري يقال للمستحق: إنَّ أمتك قتلت ولدها، وأنَّه ولد هذا الرجل، وأنَّه حرٌّ؛ لأنَّه ولد المغرور وولد المغرور حر، والجنين الحر مضمون بالغرة، فادفع أمتك أو افدها بغرة الجنين الحر وإنَّما شرط محمَّد رحمه الله التعمُّد في فعل الجارية؛ لأنَّها ليست بمباشرة الإتلاف بل هي مسببة إلى قتله والسَّبب أي يوجب الضَّمان إذا كان بوصف التعدي وبالتعمد لإسقاط الولد تكون متعدِّية وعلى هذا الحرة إذا فعلت ذلك بنفسها كان على عاقلتها الغرة، ويشترط أن تكون متعمدة في فعلها لما ذكرنا، وهذا إذا فعلت بغير إذن الزَّوج فإن فعلت ذلك بإذنه فلا ضمان، وفي فتاوى أبي الليث رحمه الله

(2)

في امرأة شربت دواء فألقت جنينًا ميتًا أو حملت حملاً ثقيلاً، أو حملت حملاً فألقت جنينًا ميتًا أن على عاقلتها خمسمائة درهم في سنة واحدة لوارث الحمل أياً كان أو غيره، وإن لم يكن لها عاقلة ففي مالها في سنة والله أعلم بالصَّواب

(3)

.

(1)

طرح: طرحت الشئ، وبالشئ، طرحا، إذا رميته. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (1/ 409).

(2)

هو: الإمام الفقيه المحدث الزاهد، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي، الحنفي، المعروف بإمام الهدى، تفقه على الفقيه أبي جعفر الهندواني، وهو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة، له تفسير القرآن وكتاب تنبيه الغافلين، وله كتاب فتاوى النوازل وغيرها. (ت 375 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 196)، سير أعلام النبلاء (16/ 322)، تاج التراجم (1/ 310).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 228)، تكملة البحر الرائق (8/ 391)، حاشية ابن عابدين (6/ 591)، الفتاوى الهندية (6/ 35، 36).

ص: 248

‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ

(1)

الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ

[مناسبة ذكر الباب لما قبله]

لما فرغ من بيان أحكام القتل بطريق المباشرة، ولا يُشكِل الجنين، فإنَّ الضَّرب على بطن المرأة مباشرة في قتل الجنين، حتى لا يرث الأب إذا وجد منه ذلك [الضرب، شرع في بيان أحكام القتل بطريق التسبيب وأخَّر أحكام التسبيب عن أحكام المباشرة؛ لأنَّ المباشرة قتل بدون الواسطة]

(2)

، والتَّسبيب بالواسطة فكانت المباشرة أقوى عليه للقتل بعدم احتياجه إلى الواسطة فكان أولى بالتَّقديم، أو لأنَّ القتل بالمباشرة أكثر وقوعًا فكان أمسَّ حاجة إلى معرفة أحكامه فكان أحق بالتقديم.

الكنيف: المستراح

(3)

.

[تعريف الجرصن]

الجرصن: دخيل أي: ليس بعربيِّ أصلي.

وقد اختلف فيه، فقيل: البُرْج، وقيل: مجرى ماء يركب في الحائط.

وعن الإمام البزدوي رحمه الله: جذع يخرجه الإنسان من الحائط ليبني عليه كذا في «المُغرب»

(4)

.

وفيه أيضاً العُرضُ: بالضمِّ، الجانب وفلان من عرض العشيرة، أي: من شقها لا من صميمها، ومراد الفقهاء: أبعد العصبات

(5)

.

وقيل: المراد من العرض ههنا هو أبعد النَّاس في المنزلة، أي: أضعفهم وأرذلهم

(6)

.

وذكر الإمام المحبوبيُّ في «الجامع الصَّغير» الجرصن: هو البرج الذي يكون في الحائط

(7)

.

ثم قال: الكلام في المسألة في ثلاثة مواضع:

أحدها: أنَّه هل يحل إحداث هذا في الطَّريق أم لا؟

والثَّاني: في الخصومة في الدّفع.

والثَّالث: في ضمان ما يتلف بهذه الأشياء.

[الإحداث في الطريق]

أمَّا في الإحداث

(8)

قال شمس الأئمة السَّرَخْسِيِّ في شرح هذا الكتاب: فإن كان الإحداث يضرُّ بأهل الطَّريق ويحول بينهم وبين المرور في الطَّريق فليس له أن يحدث ذلك وإن كان لا يضر بأحد لِسَعَة الطَّريق جاز له إحداثه ما لم يمنع منه؛ لأنَّ الطَّريق معد للتطرق، وهو حق العامة، وفي إحداث شيء فيما هو حق عامَّة المسلمين يعتبر الضَّرر عملاً بقوله عليه السلام:«لا ضَررَ ولا ضِرَارَ في الإسلام»

(9)

ففيما يتمكَّن فيه الضَّرر هو آثم في الضَّرر بغيره، وفيما لا يتمكَّن فيه الضَّرر يترفق بالمباح ولا يضر بغيره وربما ينفع غيره، فالمار ينتفع به من حيث إنَّه يندفع عنه الثلج والحر والبرد

(10)

.

(1)

كذا في (أ)، وفي بداية المبتدي (247)، والهداية (4/ 191)، (مَا يُحْدِثُ).

(2)

في هامش (أ).

(3)

المغرب في ترتيب المعرب (2/ 235).

(4)

المرجع السابق (1/ 141).

(5)

المرجع السابق (2/ 53).

(6)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 229).

(7)

يُنْظَر: دستور العلماء (1/ 268).

(8)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 395)، مجمع الأنهر (4/ 360).

(9)

رواه ابن ماجه (2/ 784)، في (كتاب الأحكام)، في (باب من بنى في حقه ما يضر بجاره)، برقم (2341) عن عِكْرِمَةَ عن ابن عَبَّاسٍ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ» . ورواه الحاكم في المستدرك (2/ 66)، في (كتاب البيوع)، برقم (2345) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا ضرر ولا ضرار من ضار ضاره الله ومن شاق شاق الله عليه» وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه.

(10)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 200)، تبيين الحقائق (6/ 142)، تكملة البحر الرائق (8/ 395)، مجمع الأنهر (4/ 360).

ص: 249

قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: وهذا نظير رجل له على غيره دين فإن طالبه صاحب الدَّين بقضائه لا يسعه أن يؤخره دفعاً للضَّرر عن صاحب الدَّين، وإن لم يطالبه كان في وسعه من تأخيره لانعدام الضَّرر في حقِّه فهذا مثله.

وعلى هذا لو قعد الرجل في الطَّريق يبيع ويشتري إن كان الطَّريق واسعاً لا يتضرر النَّاس بقعوده جاز له أن يقعد، وإن كان فيه ضرر بالنَّاس لا يجوز له القعود

(1)

.

وأمَّا في الخصومة فقال أبو حنيفة رحمه الله: لكلِّ أحد من عرض النَّاس أن يمنعه من الوضع، وإن تكلفه الرفع بعد الوضع سواء كان فيه ضرر أو لم يكن إذا وضع بغير إذن الإمام؛ لأنَّ التَّدبير فيما يكون حقاً للعامّة إلى الإمام لِتَسْكين الفتنة فالذي يضع بغير إذنه يفتات على رأي الإمام فيه فلكلِّ أحد أن ينكره عليه.

وعلى قول أبي يوسف رحمه الله: لكلِّ أحد قبل الوضع أن يمنعه منه لا بعد الوضع؛ لأنَّ قبل الوضع لكل أحد يد فيه، فالذي يحدث يريد أن يجعلها في يد نفسه خاصة، فأمَّا بعد الوضع فقد صار في يده فالذي يخاصمه يريد إبطال يده من غير دفع الضَّرر عن نفسه ويكون متعنتاً.

وعلى قول محمَّد رحمه الله: ليس له أن يخاصم بالمنع ابتداء، ولا بالرَّفع انتهاءً إذا لم يكن فيه ضررًا؛ لأنَّه مأذون في إحداثه شرعاً فهو كما لو أذن له الإمام فيه بخلاف ما لو كانت السكة غير نافذة، فإنَّه ممنوع من إحداثه شرعًا وإن لم يكن يتضرَّر به أهل السِّكة؛ لأنَّه كالمملوك لهم

(2)

.

و (فِي المِلْكِ المُشْتَرَكِ

(3)

لا يعتبر الضَّرر.

وعن أبي القاسم الصَّفَّار رحمه الله

(4)

أنَّه قال: إنَّما يلتفت إلى خصومته إذا لم يكن له مثل ذلك، أي: من الجرصن وغيره فإن كان له مثله لا يلتفت إلى خصومته؛ لأنَّه لو أراد به إزالة الضَّرر عن النَّاس لبدأ بنفسه وحيث لم يبدأ دلَّ أنه متعنت وليس بمحتسب

(5)

.

(1)

يُنْظَر: المحيط البرهاني (7/ 306)، تبيين الحقائق (6/ 142)، البناية شرح الهداية (13/ 230).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 142، 143)، العناية شرح الهداية (15/ 326)، البناية شرح الهداية (13/ 229)، تكملة البحر الرائق (8/ 395)، حاشية ابن عابدين (6/ 593)، تكملة رد المحتار (1/ 165).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(4)

هو: الشيخ الفقيه المحدث أحمد بن عصمة أبو القاسم الصفار البلخي، الملقب حَم بفتح الحاء، نقل عن الفقيه أبو جعفر الهندواني فى طبقة الكرخي، وتفقه على أبي جعفر المغيدواني وسمع منه الحديث، وروى عنه أبو علي الحسين بن الحسن ابن صديق بن الفتح الوزعجي شيخ ثقة. قال السمعاني فى ترجمة الوزعجي: أبو علي الحسين بن صديق الوزعجي يروي عن محمد بن عقيل وأحمد بن حم. (ت 326 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 78).

(5)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 142)، تكملة البحر الرائق (8/ 395).

ص: 250

ولا يقضى عليه بالهدم بخصومة العبيبد والصبيان المحجورين؛ لأنَّ خصومة المحجو

(1)

لا تعتبر في ماله ولذلك في مال غيره.

وإن خاصمه ذمِّي يُقضى عليه بالهدم؛ لأنَّ للذميِّ حقاً في الطَّريق.

وهذا إذا بنى على طريق العامَّة بناء لنفسه فإن بنى شيئاً للعامة كالمسجد ونحوه لا يضر بالمسلمين لا يُنقض كذا روي عن محمَّد رحمه الله

(2)

.

وأمَّا الضَّمان فنقول: الذي أخرجه ضامن لما أتلف به؛ لأنَّه متعدٍّ في التَّسبيب إلى الإتلاف من حيث إنَّه شغل بما صنع طريق المسلمين فيضمن كما لو حفر بئراً على قارعة

(3)

الطَّريق لكن المتلف إن كان آدميًّا فالضَّمان على عاقلته وإن جرح إنسانًا إن بلغ أرشه أرش الموضحة يجب على العاقلة وإذا كان دونه يجب في ماله وإن أصاب مالاً فأتلفه فضمانه في ماله

(4)

.

قوله: (وَلا يَسَعُ

(5)

لِلَّذِي عَمِلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ

(6)

أي: بما عمله من الجرص وغيره.

(وَلا ضَرَرَ فِيهِ

(7)

والواو للحال، والحال أنَّه لا ضرر فيما عمله.

(فَيُلْحَق مَا فِي مَعْنَاهُ

(8)

أي: فيلحق المقول الذي في معنى المرور من حيث إنَّه لا ضرر فيه بالمرور.

(إِذ المَانِعُ

(9)

أي: من الانتفاع.

المتعنت: هو الذي يخاصم فيما لا ضرر فيه لنفسه ولغيره

(10)

.

«لا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الإِسْلَامِ

(11)

(12)

أي: لا يضر الرجل أخاه ابتداءً ولا جزاءً؛ لأنَّ الضَّرر بمعنى الضر وهو يكون من واحد والضرار من اثنين بمعنى المضارَّة وهو أن تضرَّ من ضرَّك كذا في «المُغرب»

(13)

، والضَّرر في الجزاء: هو أن يتعدى المجازي عن قدر حقِّه في القصاص وغيره

(14)

.

(1)

كذا في (أ)، والصواب (المحجور).

(2)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 142)، البناية شرح الهداية (13/ 230)، تكملة البحر الرائق (8/ 395)، حاشية ابن عابدين (6/ 592).

(3)

قال الأصمعيّ: قارعة الطريق: ساحتها. وقال ابن السكيت: قارعة الطريق: ظهره وفارعتُه، أعلاه ومُنقطعه. يُنْظَر: تهذيب اللغة (1/ 155)، المخصص (3/ 307).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 143)، البناية شرح الهداية (13/ 230)، مجمع الأنهر (4/ 361)، تنقيح الفتاوى الحامدية (7/ 102).

(5)

كذا في (أ)، وفي الهداية (وَيَسَعُ) وهي الصواب.

(6)

بداية المبتدي (247).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(10)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 230).

(11)

سبق تخريجه (ص 457).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(13)

يُنْظَر: (2/ 8).

(14)

يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (6/ 593)، تكملة رد المحتار (1/ 165).

ص: 251

[تعريف الدرب]

(الدَّرْبِ

(1)

الباب الواسع على السِّكة والمراد به في قوله: زقاق أو درب غير نافذ السِّكة الواسعة نفسها كذا في «المُغرب»

(2)

.

(لأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ

(3)

أي: الغالب أنَّها مملوكة لهم.

وذكر الإمام الكسائي: إلا أن يأذن جميع أهل الدَّرب؛ لأنَّها مملوكة لهم هذا هو الغالب.

وفي «الجامع الصَّغير» لفخر الإسلام المراد بغير النافذة: المملوكة، وليس ذلك بعلة الملك فقد تنفذ وهي مملوكة وقد يسد منفذها وهي للعامة لكن ذلك دليل على الملك غالباً فأقيم مقامه ووجب العمل به حتى يدل الدَّليل على خلافه

(4)

.

[تعريف الروشن]

الرَّوشَنُ: الممر على العلو وهو مثل الرَّف. كذا في «المُغْرِب»

(5)

وقيل الروشن: هو الخشبة الموضوعة على جداري السَّطحين ليتمكن من المرور

(6)

.

(مِمَّا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ البَابِ

(7)

وهو الكنيف والميزاب والجرصن (وَكَذَا إِذَا تَعَثَّرَ بِنَقْضِهِ إِنْسَانٌ

(8)

أي: فعطب

(9)

وفي بعض النسخ: وكذا إذا عطب بنقضه إنسان، أي: فالدية على عاقلة من أشرع الروشن أو غيره (وَإِنْ عَثَرَ بِذَلِكَ

(10)

أي: بالنقض.

[من عثر بشيء في الطريق على من الضمان]

(فَالضَّمَانُ عَلَى) من (أَحْدَثَهُ فِيْهِمَا

(11)

أي: فضَمَانُهمَا على من أشرع الروشن أو غيره.

وفي «المبسوط» : فإن عثر بما أحدثه في الطَّريق رجل فوقع على آخر فماتا فالضَّمان على من أحدثه في الطَّريق؛ لأنَّه بمنزلة الدَّافع لمن يعثر بما أحدثه فكأنَّه دفعه بيده على غيره فلا ضمان على الذي عثر به؛ لأنَّه مدفوع في هذه الحالة والمدفوع كالآلة، وإذا نحَّى رجل شيئاً من ذلك عن موضعه فعطب به آخر فالضَّمان على الذي نحَّاه وقد خرج الأوَّل من الضَّمان؛ لأنَّ حكم فعله قد انتسخ بفراغ الموضع الذي شغله بما أحدث فيه، وإنَّما اشتغل بفعل الثاني موضع آخر به فهو كالمحدث لذلك في هذا الموضع

(12)

.

(1)

بداية المبتدي (248).

(2)

المغرب في ترتيب المعرب (1/ 284).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 327).

(5)

المغرب في ترتيب المعرب (1/ 331).

(6)

يُنْظَر: مجمع الأنهر (4/ 363)، البناية شرح الهداية (13/ 231).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(8)

بداية المبتدي (248).

(9)

عَطِبَ: بفتح العين وكسر الطاء. أي: هلك. وأعطبه: أهلكه. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (1/ 203).

(10)

بداية المبتدي (248).

(11)

بداية المبتدي (248).

(12)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 6، 7).

ص: 252

وفي «الذَّخيرة» محالاً إلى «المنتقى» رجل ضرب إنسانًا فسقط على الطَّريق ميتا يضمنه وإن عطب إنسان بالمقتول أو بثيابه فإن كان حين ضربه سقط ميتا أو سقط حياً فلم يستطع أن يبرح حتَّى مات مكانه، فإن دية الثَّاني الذي عطب على عاقلة القاتل، وإن كان يقدر على أن يقوم فلم يقم حتَّى مات مكانه فكأنه حي به المقتول، ولو أن رجلاً مرَّ في الطَّريق فسقط مَيِّتا من غير جناية أحد فعطب به إنسان لم يضمن لا الميِّت ولا عاقلته ولو سقط حيا ثم مات ضمن عاقلته من عطب به

(1)

.

[سقوط الميزاب]

(وَإِنْ سَقَطَ المِيْزَابُ نُظِرَ

(2)

إلى آخره، فحاصل مسألة الميزاب على أربعة أوجه على القسمة العقليَّة وذلك لأنَّه: إمَّا إن علم إِنْ أصابه الطَّرف الدَّاخل الذي يلي الحائط أو علم أنَّه أصابه الطَّرف الخارج من الحائط أو (أَصَابَهُ الطَّرَفَانِ جَمِيعاً) أو (لَمْ يُعْلَمْ بِهِ أَيُّ طَرَفٍ أَصَابَهُ

(3)

من الدَّاخل والخارج والأجوبة مذكورة في الكتاب

(4)

.

وعدم الضَّمان فيما أصابه الطَّرف الدَّاخل دون الخارج؛ لأنَّه غير متعد فيه لمَّا أنَّه وضعه في ملكه وإن كان مسبباً للإتلاف لكن المسبب للإتلاف إذا لم يكن متعدياً لا يكون ضامناً.

بخلاف ما إذا أصابه الطَّرف الخارج؛ لأنَّه مسبب وهو متعدٍّ في التَّسبيب؛ لأنَّه شغل هذا طريق المسلمين بصنعه فكان بمنزلة ما لو بنى حائطا مائلاً إلى الطِّريق فسقط على إنسان فمات وهناك يضمن كذلك ههنا؛ (لأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ حَقِيقَةً

(5)

.

وإنَّما قَيَّد به؛ لأنَّه لو كان قاتلاً حقيقة يستوي فيه الملك وغيره في وجوب الكفَّارة في الخطأ وحرمان الإرث كما في الرمي.

فإن قلت: لمَّا لم يكن قاتلاً حقيقة وجب أن لا يضمن، أو لما وجب الضَّمان لوجود القتل منه حكمًا ينبغي أن تجب الكفارة وحرمان الإرث كما هو مذهب الشَّافعي رحمه الله

(6)

فما وجه الفرق لعلمائنا بين وجوب الضَّمان ههنا وعدم وجوب الكفَّارة وعدم حرمان الإرث؟

(1)

يُنْظَر: الفتاوى الهندية (6/ 43).

(2)

بداية المبتدي (248).

(3)

بداية المبتدي (248).

(4)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 191).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(6)

قال الامام الشيرازي: واختلف أصحابنا فيمن قتل مورثه فمنهم من قال: إن كان القتل مضمونا لم يرثه؛ لأنه قتل بغير حق، وإن لم يكن مضمونا ورثه؛ لأنه قتل بحق فلا يحرم به الإرث؛ ومنهم من قال: إن كان متهما كالمخطئ، أو كان حاكما، فقتله في الزنا بالبينة لم يرثه؛ لأنه متهم في قتله لاستعجال الميراث، وإن كان غير متهم بأن قتله بإقراره بالزنا ورثه؛ لأنه غير متهم لاستعجال الميراث، ومنهم من قال: لا يرث القاتل بحال وهو الصحيح، لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: «لا يرث القاتل شيئا» . المهذب (2/ 24). وينظر: الحاوي الكبير (8/ 86)، التنبيه (151)، روضة الطالبين (6/ 31).

ص: 253

قلت: أمَّا وجوب الضَّمان فلوجود التَّسبيب منه على القتل بطريق التعدِّي حيث أحدث في الطَّريق ما يتضرَّر به المارَّة فلما تسبَّب اهلاكه بطريق التعدِّي وجب الضَّمان لصيانة دم المتلف عن الهدر.

وأمَّا وجوب الكفارة وحرمان الإرث فجزاء قتل محظور ولا يوجد ذلك في التسبب؛ لأنَّه لا يمكن أن يجعل قاتلاً بإحداث ذلك ولا مقتول عند إحداثه ولا يمكن أن يجعل قاتلاً عند الإصابة فلعلَّ المحدث ميت عند الإصابة فكيف يكون الميِّت قاتلاً، والدَّليل عليه أن القاتل لا يكون إلا بفعل القتل والقتل نوعان: عمد وخطأ، والقتل العمد بهذا الطَّريق لا يتحقَّق.

فكذلك الخطأ وحرمان الإرث باعتبار توهم القصد إلى استعجال الميراث وذلك في العمد لا يشكل.

وفي الخطأ يحتمل أن يكون أظهر الخطأ من نفسه وهو قاصد إلى ذلك وهذا لا يتحقَّق في هذه المواضع وعلى هذا الأصل قال علماؤنا: الكفارة وحرمان الإرث لا تثبت في حق الصبي والمجنون بالقتل؛ لأنَّه جزاء قتل محظور وفعل الصبي لا يوصف بذلك؛ والجزاء شرعا مبني على الخطاب كذا في «المبسوط»

(1)

.

(كَمَا إِذَا جَرَحَهُ سَبْعٌ وَإِنْسَانٌ

(2)

أو جَرح هو نفسه وإنسان آخر أو جرحه عبدُه وإنسان آخر يضمن الإنسان الآخر النصف.

وعلى هذا أيضاً لو جلس غيره على ثوبه وهو لا يعلم في حال جلوسه ثم قام فَتَخَرَّق

(3)

الثَّوب من قيامه وثِقَلِ الجالس.

أو وضع إنسان قدمه على مؤخر نعله في حال مشيته فرفع هو قدمه حتى تخرق النعل من فعله وثقل قدم آخر حيث يضمن الأجنبي النِّصف.

وكذلك قالوا: في رجل في يده ثوب لرجل آخر فجذبه صاحب الثَّوب من يده فتخرق الثوب ضمن الممسك نصف الخرق.

وقالوا: في صبي في يد أبيه جذبه رجل من يده والأب مستمسكه حتَّى مات فديته على الذي جذبه ويرثه أبوه لأنَّ الأب يمسكه بحق والجاذب متعدٍّ

(4)

.

وفرَّع عليه في «المنتقى» في مسألة الثَّوب لو جذب الذي ليس له الثَّوب فتخرق الثَّوب فهو ضامن لجميعه؛ لأنَّه لم يكن له مده.

ولو تجاذب رجلان صبيِّاً وأحدهما يدَّعي أنَّه ابنه والآخر يدَّعي أنَّه عبده فمات فالدية على الذي يدَّعي أنَّه عبده؛ لأنَّ المتنازعين في الصبي إذا زعم أحدهما أنَّه ابنه وزعم الآخر أنَّه عبده فمدَّعي البُنُوَّة أولى فصار إمساكه بحق وجذب الآخر بغير حق فيضمن

(5)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 6).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(3)

خرقت الثوب: إذا شققته. يُنْظَر: العين (4/ 149).

(4)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 274)، الجوهرة النيرة (2/ 229)، مجمع الضمانات (356)، الفتاوى الهندية (6/ 88).

(5)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 274)، الجوهرة النيرة (2/ 228)، مجمع الضمانات (304).

ص: 254

(وَلَو لَمْ يُعْلَمْ أَيُّ طَرَفٍ أَصَابَهُ

(1)

جعل كأنَّه أصابه الطَّرفان كما لو جرحه إنسان وسَبُع ومات ضمن الرَّجل نصف الدية؛ لأنَّا نعلم أنه قتيل الجراحة، إلَّا أَنَّا لا ندري أنَّه قتيل أي جراحة، فجعلناه قتيل الجراحتين. كذا في «الذَّخيرة» و «الجامع الصَّغير» للإمام المحبوبي

(2)

.

(فَالضَّمَانُ عَلَى البَائِعِ

(3)

؛ (لأَنَّ فِعْلَهُ وَهُوَ الوَضْعُ لَم يَنْفَسِخْ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَهُوَ المُوْجِبُ

(4)

وكذلك في الجناح وجدت الجناية من البائع في شغل هواء المسلمين بالجناح وبالبيع لم يُزل هذا الشُّغل فبقيت جنايته على حالها.

فإن قيل: المشتري جانٍ أيضاً بالامتناع من الرفع مع تمكنه منه شرعًا.

قلنا: المشتري غير مباشر ولا مسبب لانعدام الفعل وإنَّما صار تاركاً معروفاً فلا يضمن، كمن رأى أعمى يقع في البئر فلم يمنعه من الوقوع حتَّى مات، أو رأى إنسانًا يموت من الجوع ومعه طعام فلم يدفعه إليه حتَّى مات، أو وضع رجل حجراً في الطريق فمرَّ به إنسان وأمكنه الرفع كان عليه أن يرفع، فإن لم يرفعه حتَّى عقل به إنسان ومات لا ضمان عليه لما أنَّه غير مباشر ولا مسبب

(5)

.

فإن قلت: يشكل على هذا الحائط المائل إذا تقدم إنسان على صاحبه بالنقض فلم ينقض حتى باع الدَّار من غيره، ثم أصاب إنسانًا فإن البائع لا يضمن مع أنَّ البائع هناك جانٍ بترك النقض حيث ترك النقض بعد التقدم عليه.

قلت: وقع الفرق بينهما من حيث أنَّ التقدم في الحائط المائل شرط ليصير صاحب الحائط ضامنًا، والتقدم إلى البائع قبل البيع إنَّما يصح باعتبار الملك وقد زال ملكه بالبيع فيزول تمكُّنه من النقض أيضاً بالبيع؛ لأنَّ أحدًا لا يتمكَّن من نقض حائط الغير وإن كان مائلا فصار كأنَّه لم يتقدم إليه أحد بالنَّقض حتى باع، وههنا جناية البائع في إشراع الجناح من حيث إنَّه شغل هو طريق المسلمين بالإخراج لا باعتبار الملك، حتى لو حصل ممَّن كان ساكنًا في الدَّار بإجارة أو بإعارة أو غصب فسقط على إنسان يكون ضامناً، وهذا الشغل باق بعد البيع فبقيت الجناية إلى هذا أشار الإمام المحبوبي في «الجامع الصَّغير»

(6)

.

(1)

بداية المبتدي (248).

(2)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 320)، بداية المبتدي (248)، البناية شرح الهداية (13/ 232).

(3)

بداية المبتدي (248).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 192).

(5)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 276)، تبييين الحقائق (3/ 297)، درر الحكام (6/ 101).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 196)، الجوهرة النيرة (2/ 227)، درر الحكام (6/ 15)، تكملة البحر الرائق (8/ 396).

ص: 255

وحاصل مسألة الحائط المائل في الضَّمان تنبني على علَّةٍ ذات وصفين وهما: التقدم إلى صاحب الملك، وبقاء الملك، فيما باع انعدم أحد الوصفين فلم يكن موجباً للضَّمان.

وذكر في «المبسوط» في مسألة إشراع الجناح: لأنَّ البائع كان جانياً بوضع الجناح لا باعتبار الملك، وبالبيع لم ينفسخ حكم فعله؛ لأنَّه لم ينزع الموضع الذي شغله بما أحدثه فبقي ضامناً على حاله.

ألا ترى أنَّه لو وضع الجناح في غير ملكه كان ضامنًا لما يتلف به فلمَّا كان عدم الملك لا يمنع انعقاد سبب الضَّمان.

فكذلك لا يمنع بقاؤه ولا شيء على المشتري لأنَّه ما أحدث في الطَّريق شيئاً

(1)

.

[إذا حركت الريح الجمر]

(وَلَو حَرَّكَتْهُ الرِّيْحُ إِلَى مَوضِعٍ آخَرَ ثُمَّ أَحْرَقَ شَيْئاً لا يَضْمَنَهُ

(2)

أي: ولو حركت الريح عين الجمر، وإنَّما قيَّد به؛ لأنَّ عند بعض أصحابنا: أنَّ الريح إذا هَبَّت بشررها فأحرقت شيئاً فإنَّ الضَّمان عليه في ذلك؛ لأنَّ الريح إنَّما ذهبت بشررها ولم تذهب بعينها فالعين باق في مكانه فكانت الجناية باقية فكان ضمان ذلك عليه، (وَقِيلَ: إِذَا كَانَ اليَومُ رِيْحاً يَضْمَنُهُ

(3)

هذا اختيار شمس الأئمة السَّرَخْسِيِّ رحمه الله

(4)

.

وكان شمس الأئمة الحلواني: لا يقول بالضَّمان من غير تفصيل كذا في «الذَّخيرة»

(5)

.

(وَقَدْ أَفْضَى إِلَيْهَا

(6)

أي: إلى عاقبته وهي الحرق بواسطة الريح فلا ينفسخ حكم فعله بالانتقال من موضع إلى موضع؛ لأنَّه كان عالماً به بمنزلة الدَّابة التي جالت في رباطها كذا في «المبسوط»

(7)

.

(الفَعَلَةَ

(8)

(9)

: جمع الفاعل كالقَتَلة في جمع القاتل

(10)

.

(1)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 7).

(2)

بداية المبتدي (248).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 192).

(4)

قال الإمام السرخسي في المبسوط (27/ 23): فهو ضامن استحسانا بمنزلة من صب الماء في ميزاب له وتحت الميزاب متاع لإنسان يفسد به.

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 23)، تبيين الحقائق (6/ 144)، العناية شرح الهداية (15/ 331)، البناية شرح الهداية (13/ 233)، مجمع الأنهر (4/ 364)، الفتاوى الهندية (6/ 47).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 192).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 8).

(8)

بداية المبتدي (248).

(9)

وفي بعض نسخ الهداية (العَمَلَة).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 334)، البناية شرح الهداية (13/ 233).

ص: 256

[إذا استأجر رب الدار العَمَلَة]

وقوله: (وَلَو اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الفَعَلَةَ

(1)

إلى آخره.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: هو على وجوه: إن قال مُخرج الجناح للأجراء: ابنوا جناحاً على فناء التي

(2)

فإنه ملكي أو لي حق إشراع الجناح [

]

(3)

القديم ولم تعلم العملة بخلاف ما قال، ثم سقط فأصاب شيئاً فالضَّمان على الأجراء، ويرجعون بالضَّمان على الآمر قياساً واستحساناً، سواء سقط قبل الفراغ من العمل أو بعده؛ لأنَّ الضَّمان وجب على العامل بأمر الآجر فكان له أن يرجع به عليه كما لو استأجر رجل غيره ليذبح له شاة ثم اسْتُحِقَّت الشَّاة بعد الذَّبح فللمستحق أن يُضَمِّن الذابح ويرجع الذابح به على الآمر كذا هذا

(4)

.

وإن قال المستأجر للأجراء: أشرعوا لي جناحاً على فناء التي

(5)

وأخبرهم أنَّه ليس له حق إشراع الجناح في القديم أو لم يخبرهم حتى بنوا جناحاً بأمره ثمَّ سقط فأتلف شيئاً إن سقط قبل فراغهم من العمل فالضَّمان على الأجراء لم يرجعوا على الآمر قياساً واستحساناً وإن سقط بعد الفراغ من العمل.

فكذلك على جواب القياس؛ لأنَّ المستأجر أمر الآجر أما

(6)

لم يملك مباشرته بنفسه وقد عملوا بفساد الآجر فلم يحكم بالضَّمان على المستأجر كما لو استأجر ليذبح شاةَ جارٍ له فذبح ثم ضمن الذَّابح للجار لم يرجع به على الآمر.

وكذا لو استأجرهم ليبنوا بناء في وسط الطَّريق ثم سقط فأتلف شيئاً لم يرجعوا به على الآمر وفي الاستحسان يكون الضَّمان على الآمر؛ لأنَّ هذا الأمر صحيح من حيث إنَّ فناء داره مملوك له من وجه على معنى أنَّه يباح له الانتفاع بشرط السَّلامة ولكن غير صحيح وغير مملوك من حيث إنَّه لا يجوز بيعه فمن حيث إنَّ الأمر صحيح يكون قرار الضَّمان على الآمر بعد الفراغ من العمل ومن حيث إنَّه فاسد يكون الضَّمان على العامل قبل الفراغ من العمل عملاً بهما وإظهار شبَهِ الصحَّةِ بعد الفراغ من العمل أولى من إظهاره قبل الفراغ؛ لأن أمر الآمر إنَّما صح من حيث إنه يملك الانتفاع بفناء داره وإنَّما تحصل له المنفعة بعد الفراغ من العمل فلذلك كان إظهار شبه الصحَّة بعد الفراغ أولى من إظهاره قبل الفراغ كذا ذكره الإمام المحبوبِيُّ رحمه الله

(7)

.

(1)

بداية المبتدي (248).

(2)

كذا في (أ)، والكلام غير مستقيم، والصواب (داري) كما في العناية شرح الهداية (15/ 334).

(3)

غير واضحة في (أ)، ولعلها (من)، كما في تبيين الحقائق، وتكملة البحر الرائق.

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 144)، تكملة البحر الرائق (8/ 396).

(5)

كذا في (أ)، والكلام غير مستقيم أيضا، والصواب (داري) كما في العناية شرح الهداية (15/ 334).

(6)

كذا في (أ)، والكلام غير مستقيم أيضا، والصواب (بما) كما في العناية شرح الهداية (15/ 334).

(7)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 144)، العناية شرح الهداية (15/ 334)، تكملة البحر الرائق (8/ 396).

ص: 257

(فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ اسْتِحْسَاناً

(1)

فوجه الاستحسان حديث شريح رحمه الله

(2)

«فإنَّه قضى بالضَّمان في مثله على ربِّ الدَّار»

(3)

. والمعنى: أنَّهم يعملون له ولهذا يستوجبون الأجر عليه وقد صار عملهم مسلماً إليه بالفراغ منه فكأنه عمل ذلك بنفسه بخلاف ما قبل الفراغ فإن عملهم لم يصر مسلمًا إليه بعد وهذا؛ لأنَّه إنَّما يحدث ذلك في فنائه ويباح له فيما بينه وبين ربه إحداث مثل ذلك في فنائه إذا كان لا يتضرَّر به غيره.

ولكن لكون الفناء غير مملوك لم يتقيد بشرط السَّلامة فلهذا اعتبر أمره في ذلك وجعل كالقاتل بنفسه كذا في «المبسوط»

(4)

.

[من أحدث شيئا في السكة غير النافذة]

(بِخِلافِ مَا إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذ

(5)

يعني: لو صبَّ الماء أو رشه أو توضأ في سكة غير نافذة فهلك به آدمي أو دابَّة (لا يَضْمَنُ

(6)

.

وفي «الذَّخيرة» : أمَّا إذا فعل شيئاً من ذلك في الطَّريق في سكة غير نافذة فعطب به إنسان ينظر إن فعل ما ليس من جملة السُّكنى كحفر البئر لا يضمن حصَّة نفسه ويضمن حصَّة شركائه، وإن فعل شيئاً من جملة السُّكنى كما إذا وضع خشبة أو توضأ أو قعد أو أوقف دابَّة فعطب به إنسان فالقياس كذلك وفي الاستحسان لا يضمن شيئاً

(7)

.

(1)

بداية المبتدي (248).

(2)

هو الفقيه، أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، قاضي الكوفة، ويقال شريح بن شراحيل أو ابن شرحبيل، يقال له صحبه ولم يصح، بل هو ممن أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وانتقل من اليمن زمن الصديق، و صح أن عمر ولاه قضاء الكوفة، فقيل أقام على قضائها ستين سنة، حدث عن عمر وعلي وعبدالرحمن بن أبي بكر، وهو نزر الحديث، وحدث عنه الشعبي وإبراهيم النخعي وابن سيرين وغيرهم، ووثقه يحيى بن معين. توفي رحمه الله وهو ابن مائة وثماني سنين. (ت 78 هـ وقيل 80 هـ). يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (4/ 100)، وفيات الأعيان (2/ 460).

(3)

رواه عبد الرزاق في مصنفه (10/ 74)، في (كتاب العقول)، في (باب الجدر المائل والطريق)، برقم (18408). ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 399)، في (كتاب الديات)، في (باب الرجل يخرج من حده شيئا فيصيب إنسانا)، برقم (27357) عن مجالد عن الشعبي عن شريح قال:«من أخرج من داره شيئا إلى طريق فأصاب شيئا فهو له ضامن من حجر أو عود أو حفر بئرا في طريق المسلمين تؤخذ ديته ولا يقاد منه» .

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 566)، المبسوط؛ للسرخسي (27/ 8).

(5)

كذا في (أ)، وفي البداية (248):(نَافِذَةٍ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 192).

(7)

يُنْظَر: الفتاوى الهندية (6/ 41).

ص: 258

لأنَّ الطَّريق في سكة غير نافذة مملوك لأهل السِّكة مشترك فيما بينهم فكان الجواب فيه كالجواب في الدَّار المشترك.

والجواب في الدَّار المشترك: أنَّه إذا أحدث أحد الشركاء حدثاً بغير إذن شركائه على التَّفصيل الذي ذكرنا كذا ههنا بخلاف ما إذا كانت السِّكة نافذة.

وفي نوادر ابن سماعة عن محمد: طريق غير نافذ بين قوم وضع أحدهم فيه خشبة ونحوها فلا ضمان؛ لأنَّ هذه بمنزلة الدَّار بين الشركاء، ولو حفر بئراً ووقع إنسان ومات فهو ضامن، كما لو حفر بئراً في الدَّار المشتركة، إلا أنَّ هذه السِّكة تخالف الدَّار المشتركة في حفر البئر في خصلةٍ وهي أنَّ الحافر في السِّكة لا يضمن ما نقصها الحفر، والحافر في الدَّار المشتركة يضمن ما نقصها الحفر؛ لأنَّ الدار المشتركة مملوكة لهم على الحقيقة يبيعونها ويقسمونها ولا يبيعون السكة ولا يقسمونها كذا في «الذَّخيرة»

(1)

.

[من رش ماء في الطريق]

وفيها أيضاً في مسألة رش الماء على الطَّريق حيث قال: وجب الضَّمان على عاقلة الراش. وكذلك في الوضوء قال: هكذا في الكتاب وأطلق الجواب إطلاقاً

(2)

.

قالوا: إنَّما يضمن الراش إذا مرَّ المار على الموضع الذي رش ولم يعلم بذلك بأن كان ليلاً أو كان المار أعمى وعثر ومات من ذلك.

وأمَّا إذا علم المار بالرش ومضى على الموضع الذي رش ومات فإنَّ الراش لا يضمن، وكذلك الجواب لو تعمد المرور على الخشبة الموضوعة، وذلك لأنَّ المار هو الذي خاطر بروحه لما علم بالرش أو الخشبة وتعمد المشي عليه فإذا تلف من ذلك لا يكون على المُسبب ضمان، كمن حفر نهراً على قارعة الطَّريق فجاء آخر وخاطر بروحه فوثب من أحد الجانبين إلى الجانب الآخر حتى وقع فيه ومات لم يضمن الحافر شيئاً وهكذا أيضاً ذكره الإمام المحبوبي

(3)

.

(1)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 279)، تكملة البحر الرائق (8/ 399)، مجمع الضمانات (2/ 617).

(2)

يُنْظَر: بداية المبتدي (248).

(3)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 192)، تبيين الحقائق (6/ 145)، تكملة البحر الرائق (8/ 399)، حاشية ابن عابدين (6/ 594)، تكملة رد المحتار (1/ 96)، الفتاوى الهندية (6/ 41).

ص: 259

[تعريف الفناء]

(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيراً لِيَبْنِيَ لَهُ فِي فِنَاءِ حَانُوتِهِ

(1)

إلى آخره، الفِنَاء: سعة أمام البيوت، وقيل: ما امتدَّ من جوانبها كذا في «المُغرب»

(2)

.

وذكر الإمام التمرتاشي الفِناء: ما أُعِدَّ لحوائج الدَّار، كربط الدَّابة، وكسر الحطب.

(3)

(فَتَعَقَّلَ بِهِ

(4)

أي: نَشب وتعلَّق بالبناء، ثم ههنا لم يذكر أن الأجير الذي يبني في فناء حانوت المستأجر هل يعلم أنَّ ذلك الفناء ملك المستأجر حتى تكون له ولاية الأمر بالحفر، أو لا يعلم، والذي ذكره في «الجامع الصّغير» للإمام المحبوبي يدل على أنَّ هذا الجواب الذي ذكره في الكتاب، فيما إذا كان الأجير لا يعلم أنَّ الفِناء للغير بل يعلم أنَّه للمستأجر فقال: وإن استأجر رجلاً ليحفر له بئراً في الفناء فحفر ومات فيه إنسان أو دابَّة والفناء لغيره فإن كان الأجير عالماً به فالضَّمان على الأجير وإن لم يعلم الأجير أن الفناء للغير فالضَّمان على المستأجر؛ لأنَّ الأجير لم يعلم بفساد الأمر.

وذكر فيه أيضاً: فإن استأجر أُجراء للحفر فحفروا له في الطَّريق، فإنَّ شيخ الإسلام ينظر: إن كان الطَّريق معروفاً أنَّه لعامة المسلمين فالضَّمان على الأجراء أعلمهم المستأجر بذلك أو لم يعلمهم؛ لأنَّ الطَّريق إذا كان مشهوراً يعرفه كل أحد فقد علموا فساد الأمر؛ لأنَّ الأمر بالحفر في ملك الغير فاسد، فصار وجود الأمر كعدمه، ولو حفروا بغير أمره كان الضَّمان عليهم كذا هذا، وإن كان الطَّريق لعامة المسلمين فالجواب لا يختلف، وإن لم يعلمهم فالضَّمان على عاقلة المستأجر دون الأجراء، فإنَّهم زعموا أنَّ الطَّريق لعامَّة المسلمين، فمسألة البئر كمسألة البناء؛ لأنَّ كلاً منهما تعدى في طريق العامة

(5)

.

وما ذكر في «المبسوط» يدل على أنَّ الأجراء إن لم يعلموا أنَّ الفناء ملك المستأجر لكن علموا أنَّ هذا الفناء فناؤه كان ذلك كافياً لإسقاط الضَّمان عن الأجراء، وذلك لأنَّه قال في «المبسوط»: فإن كان استأجر عليها أي: على حفر البئر في الفناء، فحفروها فذلك على المستأجر ولا شيء على الأجراء إن لم يعلموا أنَّها في غير فنائه؛ لأن عمرو بن الحارث كان من جملة الرؤساء ومعلوم أنَّه ما باشر الحفر بنفسه، وإنَّما استأجر الأجراء لذلك ثم ضمنه شريح وهذا؛ لأنَّ الأجراء يعلمون

(6)

له وبهذا يستوجبون عليه الأجر وقد صاروا مغرورين من جهته حين لم يعلمهم أنَّ ذلك الموضع ليس من فنائه، وإنَّما حفروا اعتماداً على أمره، وعلى أنَّ ذلك من فنائه ولدفع ضرر الغرور ينقل فعلهم إلى الآمر فيصير كأنَّه حفر بنفسه وإن كانوا يعلمون أنَّها في غير فنائه فالضَّمان عليهم؛ لأنَّهم جناة في الحفر وأمره إيّاهم بالحفر غير معتبر شرعًا؛ لأنَّه غير مالك للحفر بنفسه في هذا الموضع.

(1)

بداية المبتدي (248).

(2)

(2/ 151).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 335)، البناية شرح الهداية (13/ 235).

(4)

بداية المبتدي (248).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 576، 577)، الهداية شرح البداية (4/ 193، 194)، تبيين الحقائق (6/ 145)، العناية شرح الهداية (15/ 341)، تكملة البحر الرائق (8/ 400).

(6)

كذا في (أ)، والصواب (يعملون) كما في المبسوط، وسياق الكلام يقتضيها.

ص: 260

وإنَّما يعتبر أمره لإثبات صفة الحل به أو لدفع الغرور عن الحافر وقد انعدما جميعًا في هذا الموضع فسقط اعتبار أمره فكان الضَّمان على الذين باشروا الحفر، وإن كان في فنائه فهو على الآمر دون الأجراء إن علموا أو لم يعلموا؛ لأنَّ أمره في فنائه معتبر فإن عند أبي يوسف ومحمَّد -رحمهما الله-: له أن يحفرو في فنائه إذا كان لا يضر بالمال

(1)

، وليس لأحد أن يمنعه من ذلك وعند أبي حنيفة رحمه الله: يحل له ذلك فيما بينه وبين ربِّه ما لم يمنعه مانع، وهذا لأنَّ الفناء اسم لموضع اختص صاحب الملك بالانتفاع به من حيث كسر الحطب وإيقاف الدَّابة وإلقاء الكناسة فيه فكان أمره معتبراً في الحل، ولا ينقل فعل الأجراء إليه بهذا الأمر فيصير كأنَّه فعل ذلك بنفسه

(2)

.

ولأجل دلالة هاتين الروايتين على ما قلنا ردد في الكتاب بعد هذا بقوله: (وَقِيلَ: هَذَا إِذَا كَانَ الفِنَاءُ مَمْلُوكاً

(3)

أَو كَانَ لَهُ حَقُّ الحَفْرِ فِيهِ

(4)

.

وذكر الإمام التمرتاشي: أفنية الأبواب التي في الطَّريق الشَّارع ليست بمملوكة لأصحاب الدُّور، ولو أرادوا أن يحدثوا شيئاً في أفنيتهم، فهذا وما لو أحدثوا في غير الأفنية سواء.

وفي «المنتقى» عن أبي حنيفة رحمه الله: بيع الدَّار بفنائها فاسد.

قال محمَّد: وأظنه أنَّ في قول أبي يوسف جائزًا

(5)

.

(البَالُوعَةِ

(6)

: ثقب في وسط الدَّار، وكذلك البلوعة. ذكرها في «الصِّحاح»

(7)

.

(الإِفْتِيَات

(8)

: الاستبداد بالرأي افتعال من الفَوت السبق، وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر

(9)

«أمثلي يُفتات عليه في بناته»

(10)

، مبنياً للمفعول، أي: لا يصلح أمرهن بغير إذني كذا في «المُغرب»

(11)

.

(1)

كذا في (أ) والصواب (المارَّة) كما في المبسوط، وسياق الكلام يقتضيها.

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 15، 16).

(3)

كذا في (أ)، وفي الهداية (مملوكا له)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 193).

(5)

يُنْظَر: المحيط البرهاني (6/ 441)، الفتاوى الهندية (3/ 29).

(6)

بداية المبتدي (248).

(7)

الصحاح؛ للجوهري (3/ 323).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 193).

(9)

هو الصحابي الجليل: أبو عبدالله عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق-رضي الله عنهما شهد يوم بدر مع المشركين ثم أسلم وهاجر قبل الفتح وحسن إسلامه، وهو أكبر أولاد الصديق، وكان من الرماة المذكورين والشجعان وقد قتل يوم اليمامة سبعة من كبارهم، وشهد الجمل مع عائشة رضي الله عنهما (ت 53 هـ). يُنْظَر: وفيات الأعيان (3/ 69)، مختصر تاريخ دمشق (14/ 281)، سير أعلام النبلاء (2/ 471).

(10)

رواه مالك (2/ 555)، في (كتاب الطلاق)، في (باب مالا يبين من التمليك)، برقم (1160)، بلفظ «وَمثْلِي يصْنَعُ هذا بهِ وَمثْلِي يفْتَاتُ عليه» . ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 457)، في (كتاب النكاح)، في (باب من أجازه بغير ولي ولم يفرق)، برقم (15955)، واللفظ له. ورواه البيهقي (7/ 112)، في (كتاب النكاح)، في (باب لا نكاح إلا بولي)، برقم (13431)، بلفظ «مثلي يصنع هذا به ويفتات عليه» .

(11)

(2/ 151).

ص: 261

[الإنتفاع بطريق العامة مقيد بشرط السلامة]

(أَو هُوَ مُبَاحٌ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ

(1)

؛ لأنَّ الانتفاع بطريق العامَّة إنَّما يباح بشرط السَّلامة.

وعن هذا قال في «شرح الأقطع» بقوله: وقد قالوا: لو قعد في الطَّريق ليستريح أو لمرض أضعفه فعثر به إنسان ضمن؛ لأنَّ المشي في الطَّريق مباح بشرط السَّلامة، كما أنَّ الله تعالى أباح الرَّمي إلى الصَّيد ولو رمى صيدًا فأصاب السَّهم إنسانًا أو شاة ضمن واعتبر فيه السَّلامة فكذلك هنا

(2)

.

(وكَذَا الجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ

(3)

وهو: أنَّه لو فعله بأمر من له الولاية في الأمر لا يضمنه، ولو فعل بنفسه من غير أمر أحد يضمنه، (مِمَّا ذَكَرْنَاهُ

(4)

أي: من أوَّل الباب إلى ههنا من إخراج الكنيف أو الميزاب أو الجُرصن وغيرها إلى الطَّريق الأعظم وكذلك إشراع الروشن وحفر البئر في طريق المسلمين.

وقوله: (وَغَيْرِهِ

(5)

وهو كبناء الظلة وغرس الأشجار ورمي الثلج والجلوس للبيع؛ لأنَّ هذه الأشياء غير مذكورة في الكتاب، وقد ذكرها الإمام التمرتاشي: بأن كان له حفرا

(6)

الحفر فيه، بأن كان لا يضر بالإنسان، أو أذن له الإمام في ذلك

(7)

.

(أَو غَمًّا

(8)

أي: اختناقا بالعفونة هكذا كان بخط شيخي رحمه الله

(9)

وفي «الصِّحاح» يقال: يوم غم إذا كان يأخذ النَّفس من شدَّة الحر

(10)

.

[الموت بسبب الغم]

(لأَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَعْنًى فِي نَفْسِهِ

(11)

أي: صار كأنَّه مات حتف أنفه لا بسبب الوقوع في البئر

(12)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 193).

(2)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 125)، الاختيار تعليل المختار (5/ 50)، معين الحكام (211).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 193).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 193).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 193).

(6)

كذا في (أ) والصواب (حق) كما في العناية، وسياق الكلام يقتضيها.

(7)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 193)، تبيين الحقائق (6/ 145)، العناية شرح الهداية (15/ 337).

(8)

بداية المبتدي (249).

(9)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 237)، تكملة رد المحتار (1/ 166).

(10)

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (5/ 276).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 193).

(12)

قال الإمام السرخسي-رحمه الله: وفي ظاهر الرواية أوجب الضمان على الحافر مطلقا.

وقال صاحب الهداية: ولو حفر في الطريق ومات الواقع فيه جوعا أو غما: لاضمان على الحافر عند أبي حنيفة رحمه الله، وقال أبو يوسف رحمه الله: وإن مات غما فالحافر ضامن له، لأنه لا سبب للغم سوى الوقوع، أما الجوع فلا يختص بالبئر، وقال محمد: هو ضامن في الوجوه كلها لأنه إنما حدث بسبب الوقوع إذ لولاه لكان الطعام قريبا منه.

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 15)، الهداية شرح البداية (4/ 193).

ص: 262

وفي «المبسوط» : وأبو حنيفة رحمه الله يقول: إنَّما يصير هلاكه مضافاً إلى الحفر إذا هلك بسبب الوقوع فيجعل الحافر كالدَّافع له، فأمَّا إذا طرأ عليه بسبب آخر هو سبب لهلاكه كالجوع الذي هاج من طبعه أي

(1)

الغم الذي أثر في قلبه، فإنَّما يكون هلاكه مضافاً إلى هذا السَّبب ولا صنع للحافر فيه، لأنَّه لا سبب للغم سوى الوقوع، لأنَّ البئر تنبعث منها العفونة فلا يكون للغَمِّ سبب سوى الوقوع في البئر، وأمَّا الجوع فله سبب آخر وهو بُعد الطَّعام عنه واحتراق معدته حتى لم يبق فيها شيء من مواد الطَّعام لولاه لكان الطَّعام قريباً منه، والحافر متعدٍّ في ذلك السَّبب والحكم تارة يضاف إلى السَّبب بغير واسطة وتارة بالواسطة فكذلك يضاف إلى الشَّرط تارة بواسطة وتارة بغير واسطة

(2)

.

وأبو حنيفة رحمه الله يقول: هب كان ما لحقه من الغم أو الجوع مضافاً إلى الحافر إلا أنَّ هذا لا يكفي لوجوب الضَّمان إذا لم يؤثر الوقوع فيه أثراً، كما لو حبس رجلاً في البئر حتَّى مات غمًّا فإنَّه لا ضمان عليه، فكذلك هذا بخلاف ما لو مات من الوقوع في البئر أو جرحه؛ لأنَّ أَثَرَ فعله وهو العمق أَثَّرَ في نفس الواقع بخلاف ما نحن فيه كذا في «المبسوط» و «الذَّخيرة»

(3)

.

(لأَنَّ الأَوَّلَ تَعَدٍّ وَهُوَ تَسْبِيْبٌ

(4)

وهو بناء القنطرة ووضع الخشبة.

وإنَّما سمَّى بناء القنطرة تعدياً؛ لأنَّ الذي جعل القنطرة فوَّت حقاً على غيره، فإن التَّدبير في وضع القناطير على الأنهار العظام من حيث تعيين المكان والضيق والسَّعة للإمام، فكان جناية بهذا الاعتبار والجناية تَعدٍّ كذا في مبسوط شيخ الإسلام

(5)

.

(وَالثَّانِي: تَعَدٍّ وَهُوَ مُبَاشَرَةٌ

(6)

أي: المرور عليها.

[الحافر والملقي]

(كَمَا فِي الحَافِرِ مَعَ المُلْقِي

(7)

أي: حيث قطع فعل الملقي بالإلقاء، فعلى الحافر من الحفر في قارعة الطَّريق، حتَّى وجب الضَّمان على الملقي لا على الحافر؛ لأنَّ الإلقاء فعل مختار تخلل بين حفر الحافر وبين وقوع الواقع فيما حفر

(8)

.

(1)

كذا في (أ)، وفي المبسوط (أو)، ولعل ما في المبسوط هو الصواب.

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 15).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 15)، الهداية شرح البداية (4/ 193)، العناية شرح الهداية (15/ 338).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 588)، العناية شرح الهداية (15/ 340).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (11/ 68)، البناية شرح الهداية (13/ 239).

ص: 263

وقوله: (وَهَذَا اللَّفْظُ

(1)

إشارة إلى قوله: (فَعَطَبَ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ

(2)

(يَشْتَمِلُ الوَجْهَيْنِ

(3)

وهما تلف الإنسان بوقوع ذلك الشَّيء المحمول على إنسان، وتلف الإنسان بالتَّعثر بذلك الشيء المحمول بعدما وقع في الطَّريق

(4)

.

[تلف الإنسان بسبب وقوع شيء في الطريق]

ولفظ «الجامع الصَّغير» للإمام المحبوبي: رجل حمل شيئاً وهو يمشي في الطَّريق فسقط عنه ذلك في الطَّريق فعطب به إنسان فالحامل ضامن ويستوي إن تلف بوقوعه عليه أو بعثرته به بعدما وقع في الطَّريق وهذا؛ لأنَّ حمل المتاع في الطَّريق على رأسه أو على ظهره مباح لكنَّه مقيد بشرط السَّلامة بمنزلة الرمي إلى الهدف والصَّيد

(5)

.

[الفرق بين المحمول والملبوس]

(وَالفَرْقُ

(6)

أي: بين الشيء المحمول، حيث يجب الضَّمان به فيما إذا هلك إنسان، وبين الثَّوب الملبوس حيث لا يجب الضَّمان فيه، وإن هلك إنسان به بوقوعه عليه

(7)

.

(فَيَخْرُجُ بِالتَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ) أي: (بِوَصْفِ السَّلَامَةِ).

(إِذَا لَبِسَ مَا لَا يَلْبِسُهُ

(8)

أي: في العادة كاللِّبد

(9)

، والجَوَالِق

(10)

، ودرع الحرب في غير موضع الحرب، أو لبس ثوبا لا يحتاج إليه من حيث الزينة، ومن حيث دفع الحر والبرد، وذكر الإمام المحبوبي: وإن كان عليه ثوب لبسه زيادة على قدر الحاجة لم يذكره-رحمه الله في الكتاب

(11)

.

وروى ابن سماعة عن محمَّد رحمه الله قال محمَّد: يضمن إذا سقط عنه وعطب به إنسان لأنه لا تعم به البلوى

(12)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(2)

بداية المبتدي (249)، وهو لفظ محمد في الجامع الصغير. يُنْظَر: الجامع الصغير (515).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 344)، البناية شرح الهداية (13/ 239).

(5)

يُنْظَر: الجامع الصغير (514، 515)، الهداية شرح البداية (4/ 194).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(7)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 240).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(9)

اللِّبد: من الصوف، وهو من البُسُط. يُنْظَر: لسان العرب (3/ 386)، إكمال الأعلام (2/ 558).

(10)

هي الوعاء، وقيل هي الغِرارة. يُنْظَر: لسان العرب (1/ 305)، تاج العروس (25/ 129).

(11)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 343)، البناية شرح الهداية (13/ 240).

(12)

قال بدر الدين العيني: وقياس الأئمة الثلاثة: لا يضمن بعد التعدي. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 240).

ص: 264

(وَإِذَا كَانَ المَسْجِدُ لِلعَشِيرَةِ

(1)

فالعشيرة: القبيلة ذكرها في «الصِّحاح»

(2)

ولكن المراد بها هنا أهل المسجد

(3)

.

(أَوْ جَعَلَ فِيهِ)، (حَصَاةً

(4)

يعني: سنك زائد من عرض مسجد را

(5)

.

(وَإِن كَانَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ مِن غَيْرِ العَشِيرَةِ يَضْمَنُ

(6)

.

هذا إذا فعله غير العشيرة بغير إذن العشيرة، أمَّا لو فعله بإذنهم فلا يضمن بالاتِّفاق

(7)

؛ لأنَّ فِعْلَ غير العشيرة بإذنهم كفعل العشيرة.

ألا ترى أنَّ من حفر بئراً في طريق المسلمين بإذن الإمام فوقع فيها إنسان لم يضمن، كما لو حفر الإمام بنفسه، وأمَّا إذا فعلوا ذلك بغير إذن أهل المحلَّة أن أحدثوا بناء أو حفروا بئراً فعطب ههنا إنسان فإنَّهم يضمنون بالإجماع

(8)

؛ لأنَّ أهل المحلة في حق المسجد بمنزلة الملاك وغير أهل المحلة بمنزلة الأجانب، والأجنبي لو فعل هذا في ملك غيره يضمن فكذا هنا.

وأمَّا إذا وضعوا جُبًّا ليشربوا منه الماء أو بسطوا حصيراً أو بواري

(9)

أو علَّقوا قنديلاً بغير إذن أهل المحلة فَتَعَقَّل إنسان بالحصير فعطب أو عطب بغيره قال أبو حنيفة رحمه الله: بأنَّهم يضمنون، وقال أبو يوسف ومحمَّد -رحمهما الله-: لا يضمنون

(10)

.

قال الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: أكثر مشائخنا أخذوا بقولهما في هذه المسألة وعليه الفتوى كذا ذكره في «الذَّخيرة» .

وذكر الإمام التمرتاشي: لو ضاق المسجد بأهله فلهم أن يمنعوا من ليس منهم عن الصّلاة فيه.

(1)

بداية المبتدي (249).

(2)

الصحاح؛ للجوهري (2/ 311).

(3)

يُنْظَر: الجامع الصغير (515)، البناية شرح الهداية (13/ 240).

(4)

بداية المبتدي (249).

(5)

عبارة فارسية تعني: حجر زائد من عرض المسجد.

(6)

بداية المبتدي (249)، وهو لفظ محمد في الجامع الصغير. يُنْظَر: الجامع الصغير (515).

(7)

باتفاق أبي حنيفة وأصحابه. يُنْظَر: الجامع الصغير (515)، مجمع الضمانات (1/ 411).

(8)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 401)، الفتاوى الهندية (6/ 44).

(9)

بواري جمع بوريا، قال الأصمعي: البوريا بالفارسية وهو بالعربية بارى وبوري، ويقصد بها: الحصير. وقال الجوهري: الباريا والبوريا: التي من القصب. يُنْظَر: الصحاح، للجوهري (2/ 160)، المخصص (4/ 223)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 71).

(10)

يُنْظَر: الجامع الصغير (515).

ص: 265

وعن ابن سلام

(1)

: باني المسجد أولى بالعمار، والقوم أولى بنصب الإمام والمؤذن.

وعن الإسكاف

(2)

: الباني أحق بذلك.

قال أبو الليث: وبه نأخذ إلا أن يُنَصَّب، والقوم يريدون من هو أصلح لذلك

(3)

.

(وَتَكْرَارِ الجَمَاعَةِ إِذَا سَبَقَهُمْ بِهَا غَيْرُ أَهْلِهِ

(4)

أي: يفرق حكم تكرار الجماعة في المسجد بحسب أنَّهم أهل المسجد أو غيرهم، فإنَّ أهل المسجد لو صلوا فيه بجماعة لا يكون لغيرهم أن يصلوا فيه بجماعة، وغير أهل المسجد لو صلوا فيه بجماعة فلأهل المسجد أن يصلوا فيه بجماعة بعد ذلك بجماعة، فعلم بهذا أن أهل المسجد مع غير أهل المسجد ليسوا بسواء.

أو نقول: لا يبعد أن يكون المسلمون فيما هو المقصود وهو الصَّلاة فيها سواء، ثم مع ذلك يختص أهل المسجد بالتدبير فيه، كالكعبة، والنَّاس فيما هو المقصود وهو الطَّواف سواء، ثم اختص بنو شيبة

(5)

بالتَّدبير فيه، حتَّى أنَّ النبي عليه السلام: «لما أخذ المفتاح منهم يوم الفتح، نزل عليه الوحي يأمره بالردِّ فقال: {* إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ

إِلَى أَهْلِهَا}

(6)

(7)

.

(1)

الفقيه أبو نصر، محمد بن محمد بن سلام البلخي، من أقران أبي حفص الكبير، روى عن يحيى بن نصير البلخي (ت 305 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 117).

(2)

هو: مُحَمَّد بن أحمد أبو بكر الإسكاف البلخي، فقيه حنفي، إمام كبير جليل القدر، أخذ الفقه عن مُحَمَّد بن سلمة وعن أبي سليمان الجوزجاني. وتفقه عليه أبو بكر الأعمش مُحَمَّد بن سعيد وأبو جعفر الهندواني. من تصانيفه:"شرح الجامع الكبير للشيباني". (ت 336 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 28)، الفَوَائِد البهية (160).

(3)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 146)، العناية شرح الهداية (15/ 347)، البناية شرح الهداية (13/ 241، 242)، تكملة البحر الرائق (8/ 401)، الفتاوى الهندية (6/ 44).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(5)

هذه النسبة إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الحجبي من بني عبد الدار بن قصي من سدنة الكعبة. يُنْظَر: الأنساب؛ للسمعاني (3/ 486).

(6)

سورة النساء من الآية (58).

(7)

الحديث أصله في البخاري (4/ 1562)، في (كتاب المغازي)، في (باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أعلى مكة)، برقم (4038) من غير ذكر الآية وسبب النزول. وأمَّا الحديث بتمامه، فقد ذكره الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار (1/ 329)، برقم (337)، بلفظ «روي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة يوم الفتح غلق عثمان بن طلحة الحجبي باب الكعبة وصعد السطح وأبى أن يدفع المفتاح إليه وكان عثمان سادن الكعبة وقال: لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فلوى علي رضي الله عنه يده وأخذه منه وفتح ودخل صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة فنزلت: {* إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فأمر عليا أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه فقال عثمان لعلي: أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق فقال: لقد أنزل الله في شأنك قرآنا وقرأ عليه الآية فقال عثمان: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فنزل جبريل وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السدانة في أولاد عثمان أبدا». ثم قال الزيلعي: قلت غريب وذكره الثعلبي ثم البغوي في تفسيرهما هكذا من غير سند. وذكر ابن حجر في الفتح (8/ 19): أنه مرسل.

ص: 266

(وَقَصْدُ القُرْبَةِ لا يُنَافِي الغَرَامَةَ إِذَا أَخْطَأَ الطَّرِيقَ) هذا جواب عن قولهما: (لأَنَّ هَذِهِ مِن القُرَبِ) إلى آخره. وقال: (قَصْدُ القُرْبَةِ لا يُنَافِي الغَرَامَةَ

(1)

.

ألا ترى أنَّه إذا وقف إنسان في الطَّريق لإماطة الأذى عن الطَّريق أو لدفع الظلم عن غيره فعطب به إنسان يضمن، وإن كان يستحق به الثَّواب هذا كله من «المبسوط» و «الذَّخيرة»

(2)

.

[التفرد في الشهادة بالزنا]

(كَمَا إِذَا تَفَرَّدَ بِالشَّهَادَةِ عَن الزِّنَا

(3)

فإنَّ شهادته من حيث أنها شهادة في حقوق الله تعالى حسنة كانت قربة، ولكن من شرط الشهادة في الزِّنا أن يكون الشُّهود أربعة ممَّن يسمع شهادته فيما نقصت تلك الشَّهادة من تلك العدد انقلب

(4)

الشَّهادة قذفاً

(5)

فيجب حد القذف على الشَّاهد

(6)

.

[من جلس في المسجد لغير صلاة]

(وَإِنْ جَلَسَ فِيهِ) أي: في المسجد (وَإِنْ كَانَ فِي غَيرِ الصَّلَاةِ ضَمِنَ

(7)

(عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله

(8)

.

أطلق الجلوس في غير الصَّلاة كما ترى، ولم يقيد أنَّ الجلوس كان للانتظار في الصَّلاة، أو للحديث، أو للنَّوم، والصحيح من الرواية: أن يكون الجلوس مقيدًا لا مطلقاً؛ لأنَّ أستاذ العلماء الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي رحمه الله ذكر في «الجامع الصَّغير» : والصَّحيح من الجواب على قول أبي حنيفة رحمه الله: إذا كان الجالس منتظراً للصَّلاة فإنَّه لا يكون ضامنًا لما يعطب به لقوله عليه السلام: «(المُنْتَظِرُ للصَّلاةِ فِي الصَّلاةِ

(9)

مادام ينتظرها»

(10)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 24)، بدائع الصنائع (7/ 279)، تبيين الحقائق (6/ 146)، تكملة البحر الرائق (8/ 402).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 194).

(4)

كذا في (أ)، والصواب (انقلبت) لموافقتها سياق الكلام.

(5)

القذف لغة: الرمي بالشيء؛ كالسهم والحصى والكلام. قذف بالحجارة: رمي بها، وقذف المحصنة، رماها بالفاحشة.

يُنْظَر: العين (5/ 135)، تهذيب اللغة (9/ 75)، المحيط في اللغة (5/ 376)، لسان العرب (9/ 277).

وفي الاصطلاح: رمي مخصوص، وهو الرمي بالزنا صريحًا.

يُنْظَر: الاختيار تعليل المختار (4/ 98)، تبيين الحقائق (3/ 199)، البحر الرائق (5/ 31).

(6)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 146)، البناية شرح الهداية (13/ 242).

(7)

بداية المبتدي (249).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(10)

رواه أحمد (5/ 451)، برقم (23837)، بلفظ «منِ انتَظَرَ صلَاةً فهُوَ في صلَاةٍ حتى يصلي» . ورواه أبو داود (1/ 274)، في (كتاب الصلاة)، في (باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة)، برقم (1046)، بلفظ «من جلَسَ مَجْلسًا يَنْتَظرُ الصّلَاةَ فهُوَ في صلَاةٍ حتى يُصَلّيَ). ورواه الترمذي (2/ 362)، في (كتاب أبواب الصلاة)، في (باب ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة)، برقم (491)، بلفظ «من جلَسَ مجْلِسًا ينْتَظِرُ الصّلَاةَ فهُوَ في صلَاةٍ» . قال أبو عِيسى: وهَذَا حدِيثٌ حسَنٌ صحِيحٌ.

ص: 267

وإنَّما الخلاف: فيما إذا جلس لعمل]

(1)

لا يكون له اختصاص بالمسجد من درس الفقه أو الحديث أو قراءة القرآن

(2)

.

وذكر في «الذَّخيرة» بعدما ذكر الخلاف بينهم، فيما إذا قعد الرجل في المسجد لحديثٍ، أو نام فيه، أو قام فيه لغير الصَّلاة، أو مرَّ فيه ماراً لحاجة من الحوائج، فعثر به إنسان [فمات]

(3)

قال أبو حنيفة رحمه الله: بأنَّه ضامن، وقال أبو يوسف ومحمَّد -رحمهما الله-: بأنَّه لا ضمان عليه، فقال: وأمَّا إذا قعد للعبادة بأن كان ينتظر للصَّلاة أو قعد للتَّدريس و تعليم الفقه أو الاعتكاف أو قعد يذكر الله ويسبحه ويقرأ القرآن فعثر به إنسان فمات هل يضمن على قول أبي حنيفة، لا رواية لهذا في الكتاب.

واختلف المتأخِّرون قال بعضهم: يضمن عند أبي حنيفة وإليه ذهب أبو بكر الرَّازي.

وقال بعضهم: لا يضمن، وإليه ذهب أبو عبدالله الجرجاني

(4)

، فأمَّا إذا كان يصلِّي فعثر به إنسان فإنَّه لا ضمان عليه سواء يصلِّي الفرائض أو التطوع؛ لأنَّ التطوع يصير فرضاً بعد الشُّروع.

قال الفقيه أبو جعفر في كشف الغوامض

(5)

:

[سمعت]

(6)

أبا بكر البلخي رحمه الله[إن جلس لقراءة القرآن أو معتكفا في المسجد لا يضمن عندهم جميعا.

وذكر فخر الاسلام والصدر الشهيد

(7)

- رحمهما الله-: وفي الجامع الصغير]

(8)

إن جلس للحديث فعطب به إنسان

(9)

ضمن بالإجماع لأنَّه غير مباح له

(10)

.

(1)

إلى هنا ينتهي السقط في (ب) في ثمانية ألواح تقريبا.

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 25)، تبيين الحقائق (6/ 147)، تكملة البحر الرائق (8/ 402)، حاشية ابن عابدين (6/ 596)، الفتاوى الهندية (6/ 44).

(3)

سقط في (ب).

(4)

هو: يوسف بن علي بن محمد الجرجاني، أبو عبدالله، فقيه، حنفي، تفقه على أبي الحسن الكرخي، كان عالما، تفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه وأصحابه، ومن تصانيفه: خزانة الأكمل في ست مجلدات. (ت 522 هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية (2/ 228)، تاج التراجم (1/ 318)، معجم المؤلفين (13/ 319).

(5)

كتاب كشف الغوامض، لأبي جعفر الهنداوني الفقيه ذكر فيه: بعض ما أورده مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ في: الجامع الصغير. (ت 362 هـ). يُنْظَر: كشف الظنون (2/ 1493).

(6)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(7)

أبو محمد عمر بن عبد العزيز بن مازة، برهان الأئمة، ذكره صاحب الهداية، تفقه على والده وله الفتاوى الصغرى والفتاوى الكبرى، ومن تصانيفه شرح الجامع الصغير المطول، أستاذ صاحب المحيط سمع منه، وتفقه عليه العلامة أبو محمد عمر بن محمد بن عمر العقيلي. (ت 536 هـ) يُنْظَر: الجواهر المضية (1/ 391)، تاج التراجم (1/ 217).

(8)

زيادة في (ب).

(9)

وفي (ب)(رجل).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 247، 248)، البناية شرح الهداية (13/ 242).

ص: 268

فعلى هذا ما ذكره في الكتاب بقوله: (وَلَو كَانَ جَالِساً لِقِرَاءَةِ القُرْآنِ أَو للتَّعْلِيمِ

(1)

إلى قوله: (فَهُوَ عَلَى هَذَا الاخْتِلَافِ

(2)

مخالفاً لهذه الروايات المذكورة والله أعلم بصحته له

(3)

.

(أَنَّ المَسْجِدَ بُنِيَ للصَّلَاةِ

(4)

إلى آخره.

فإن قلت: أن المسجد كما بني للصَّلاة، كذلك بني لذكر الله تعالى، وتسبيحه، والاعتكاف [فيه]

(5)

، قال الله تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)}

(6)

وقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}

(7)

.

وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}

(8)

عُلم

(9)

بهذه الآيات أنَّ المسجد

(10)

كما بني لإقامة الصَّلاة، بني لإقامة هذه القُرب أيضاً، ثم لو عثر به إنسان في حال إقامة الصَّلاة [لا يضمن]

(11)

بالاتفاق، فيجب أن يكون كذلك فيما إذا قعد لإقامة هذه القرب أيضاً، لوجود موجب التَّسوية بينهما على ما ذكرنا

(12)

.

قلت: لا كلام في أنَّ كل واحد مأذون في ذكر اسم الله تعالى وتسبيحه، ومأجور فيهما في المساجد، لكن مع قيد السَّلامة، كما لو وقف في الطَّريق لإماطة الأذى عن الطَّريق ولدفع الظُّلم عن غيره فهو مثاب ومأجور مع هذين الفعلين على ما ذكرناه، ومع ذلك لو عطب به غيره [يضمن]

(13)

فكان في الوقوف في الطَّريق مقيداً بشرط السَّلامة فكذلك هنا.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 25)، الهداية شرح البداية (4/ 194، 195)، تبيين الحقائق (146، 147)، العناية شرح الهداية (15/ 247، 248)، البناية شرح الهداية (13/ 242، 243)، درر الحكام (6/ 12 - 14)، مجمع الضمانات (411).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(5)

سقط في (ب).

(6)

سورة النور آية (36).

(7)

سورة البقرة من الآية (114).

(8)

سورة البقرة من الآية (187).

(9)

كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).

(10)

وفي (ب)(المساجد).

(11)

سقط في (ب).

(12)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 401).

(13)

زيادة في (ب).

ص: 269

[الفرق بين الجلوس للصلاة وغيرها في المسجد]

وأمَّا الفرق بين هذه القربة

(1)

، وبين الصَّلاة في المسجد أنَّ هذه القرب يؤتى بها في المساجد بطريق التبعية للصَّلاة، والصَّلاة هي المقصودة في بناء المسجد، فلابدَّ من إظهار التفرقة بين الأصل والتبع، وليس ذلك إلا لإطلاق

(2)

في الأصل، والتقييد بشرط السَّلامة في التبع. وإنَّما قلنا: بأنَّ الصَّلاة هي المقصودة في بناء المساجد، بدليل الحكم الشرعي، والاسم اللغوي، والاستعمال العرفي.

وأمَّا الحكم الشَّرعي: وهو أنَّه إذا ضاق المسجد على المصلِّي كان للمصلِّي أن يزعج القاعد من

(3)

موضعه حتى يصلِّي فيه، وإن كان القاعد مشتغلاً بذكر الله تعالى، أو بالتَّدريس، أو بقراءة القرآن، أو بالاعتكاف، وفي عكسه لو كان أحد يريد الصَّلاة ليس لغيره أن يزعج السَّابق عن مكانه، لما أنَّ المسجد بني للصَّلاة مقصودًا.

وأمَّا الاسم اللغوي: فهو أنَّه سمي مسجدًا، والمسجد: هو موضع السُّجود، أي: السُّجود في الصَّلاة. وأمَّا العرفي: فظاهر؛ لأنَّ النَّاس تعارفوا بناء المسجد لأجل الصَّلاة لا لغيرها إلى هذا أشار في «الذَّخيرة» و «الجامع الصَّغير» لشمس الأئمة

(4)

.

وذكر صدر الإسلام في «الجامع الصَّغير» بعدما ذكر الخلاف والدَّليل من الطَّرفين فقال: إلا أنَّ ما قالاه أظهر؛ لأنَّ الجلوس من ضرورات ما هو مباح مطلقاً، فيصير حكمه كحكمه؛ لأنَّ ما كان من ضرورات الشيء يكون حكمه حكم ذلك الشيء. والله أعلم

(5)

.

فَصْلٌ فِي الحَائِطِ المَائِلِ

[مناسبة ذكر الفصل لما قبله]

لما ذكر أحكام مسائل القتل الذي

(6)

تتعلَّق بالإنسان مباشرة وتسبيباً، شرع في بيان أحكام القتل المتعلِّقة بالجماد، وهو الحائط المائل، وكان من حقها أن تؤخَّر من

(7)

مسائل جميع الحيوانات، تقديما للحيوان على الجماد، إلا أنَّ الحائط المائل يناسب الجرصن، والروشن، والجناح، والكنيف، وغيرها، لما ذكرها ألحق مسائل الحائط بها ولهذا ألحقها بلفظ الفصل لا بلفظ الباب [إظهاراً للتبعية]

(8)

.

(1)

وفي (ب)(القرب).

(2)

وفي (ب)(الإطلاق).

(3)

وفي (ب)(عن).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 146)، العناية شرح الهداية (15/ 348، 349)، البناية شرح الهداية (13/ 243، 244)، تكملة البحر الرائق (8/ 402).

(5)

يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (6/ 596)، تكملة رد المحتار (1/ 168)، الفتاوى الهندية (6/ 44).

(6)

وفي (ب)(التي)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

كذا في (أ)، و (ب) ولعل الصواب (عن) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في تكملة البحر الرائق (8/ 402).

(8)

سقط في (ب).

ص: 270

وأمَّا (إِذَا مَالَ الحَائِطُ إِلَى طَرِيقِ المُسْلِمِينَ

(1)

أو وَهَى

(2)

فوقع على الطَّريق الأعظم فقتل إنسانًا، فلا ضمان عليه، هذا إذا بنى الحائط مستوياً، ثم مال

(3)

.

وأمَّا إذا (بَنَى الحَائِطَ مَائِلاً فِي الابْتِدَاءِ

(4)

فَتُذكَرُ بَعد.

(وَالقِيَاسُ: أَنْ لا يَضْمَنَ

(5)

، وهو قول الشَّافعي رحمه الله فقال: لأنَّه لم يوجد منه صنع هو تعد والإشهاد عليه فعل غيره، فلا يكون سبباً لوجوب الضَّمان عليه

(6)

.

ولكن استحسن علماؤنا في إيجاب الضَّمان

(7)

، روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وعن شريح والنخعي والشعبي

(8)

وغيرهم رحمهم الله من أئمة التَّابعين

(9)

.

(1)

بداية المبتدي (249).

(2)

وَهَى الحائط، إذا ضعف وهم بالسقوط. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (6/ 381).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 567).

(4)

بداية المبتدي (250).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(6)

يُنْظَر: الحاوي الكبير (12/ 377)، المهذب (2/ 193).

(7)

قال الإمام القدوري: وإذا مال الحائط إلى طريق المسلمين، فطولب صاحبه بنقضه، وأشهد عليه، فلم ينقضه في مدة يقدر على نقضه حتى سقط: ضمن ما تلف به من نفس، أو مال. مختصر القدوري (292)

(8)

هو: الإمام أبو عمرو عامر بن شراحيل، الشعبي، الحميري، من أهل الكوفة، راوية من التابعين، يضرب المثل بحفظه، ولد ونشأ ومات فجأة بالكوفة، وسئل عما بلغ إليه حفظه، فقال: ما كتبت سوداء في بيضاء، ولا حدثني رجل بحديث إلا حفظته، وهو من رجال الحديث الثقات، استقضاه عمر بن عبد العزيز وكان فقيها شاعرا، قال مكحول: ما رأيت أعلم بسنة ماضية من عامر الشعبي. (ت 104 هـ). يُنْظَر: الثقات (5/ 185)، طبقات الفقهاء (1/ 82)، وفيات الأعيان (3/ 12).

(9)

روى ابن أبي شيبة (5/ 398)، في (كتاب الديات)، في (باب الرجل يخرج من حده شيئا فيصيب إنسانا)، برقم (27353)، عن حجاج عن حصين عن الشعبي عن الحارث عن علي قال:«من أخرج حجرا أو مرة أو مرزابا أو زاد في ساحته ما ليس له فهو ضامن» . والأثر ضعيف فيه الحجاج بن أرطأة، قال عنه الإمام النسائي: الحجاج بن أرطأة ضعيف لا يحتج به. وروى عبد الرزاق في مصنفه (10/ 70)، في (كتاب العقول)، في (باب الجدر المائل والطريق)، برقم (18395) عن الثوري عن جابر عن الشعبي عن شريح في الجدر إذا كان مائلا، قال:«إذا شهدوا عليه ضمن» . ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 424)، في (كتاب الديات)، في (باب الحائط المائل يشهد على صاحبه)، برقم (27638)، عن جابر عن عامر عن شريح قال:«إذا كان حائط الرجل مائلا فأشهد عليه ضمن» . ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 424)، في (كتاب الديات)، في (باب الحائط المائل يشهد على صاحبه)، برقم (27639)، عن وكيع قال: حدثنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم مثله. وكذلك روي عن الحسن وقتادة وسفيان.

ص: 271

وهذا لأنَّ هواء الطَّريق قد اشتغل بحائط

(1)

وحين أشهد عليه فقد طولب بالتفريغ

(2)

والردِّ فإذا امتنع بعدما تمكَّن منه كان ضامنًا بمنزلة ما لو هبت الريح بثوب إلى آخره. كذا في «المبسوط»

(3)

.

(فَإِذَا تُقُدِّمَ إِلَيْهِ

(4)

على لفظ بناء المفعول، هكذا كان تصحيح شيخي رحمه الله ولأنَّ قراءة

(5)

قوله: (وَطُولِبَ

(6)

بالعطف عليه، يُدَل على ذلك [أي:]

(7)

فإذا أُوذِنَ وأُخبِر بأن حائطه مائل.

[تحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام]

(وَكَمْ مِنْ ضَرَرٍ خَاصٍّ يُتَحَمَّلُ لِدَفْعِ العَامِّ مِنْهُ

(8)

كما في الرَّمي على الكفار وإن تترَّسوا بالصبيان، ومصانعة

(9)

الوصي في مال اليتيم

(10)

، وقطع العضو الآكلة عند خوف هلاك النَّفس

(11)

.

(وَتَتَحَمَّلُهَا العَاقِلَةُ

(12)

، وقال محمَّد رحمه الله: أنَّ العاقلة لا تضمن حتى يشهد الشُّهود على ثلاثة أشياء: على التقدُّم إليه في النَقض، وعلى أنَّه مات من سقوطه عليه، وعلى أنَّ الدَّار له؛ لأنَّ كون الدَّار في يده ظاهر، والظَّاهر لا يستحق به حق على الغير كذا في «شرح الأقطع»

(13)

.

(1)

كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (بحائطه) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.

(2)

وفي (ب)(التفريع).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 9).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(5)

وفي (ب)(قرآن).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(7)

سقط في (ب).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(9)

المصانعة: هي المداراة، وقيل: هي الرشوة. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (3/ 381)، طلبة الطلبة (302).

(10)

اليُتْمُ: الانْفِرادُ، واليتِيمُ: الفَرْدُ. واليُتْمُ، واليَتَمُ فِقْدانُ الأَبِ. وقالَ ابنُ السِّكِّيتِ: اليُتْمُ في النّاسِ مِنْ قِبَلِ الأَبِ، وفي البَهائِمِ من قِبَلِ الأُمِّ، ولا يُقال لَمِنْ فَقَدَ الأُمَّ من النّاسِ: يَتِيمٌ ولكن مُقْطَعٌ، وهو يَتِيمٌ حتّى يَبْلُغَ الحُلُمَ. يُنْظَر: المحكم والمحيط الأعظم (9/ 529)، الصحاح؛ للجوهري (5/ 342).

(11)

يُنْظَر: النتف في الفتاوى (710)، المبسوط؛ للسرخسي (24/ 67).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 195).

(13)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 285)، تبيين الحقائق (6/ 147)، العناية شرح الهداية (15/ 352)، تكملة البحر الرائق (8/ 403).

ص: 272

[تفسير التقدم]

[(وَالشَّرْطُ]

(1)

التَّقَدُّمُ إِلَيْهِ

(2)

وتفسير التقدم: أن يقول صاحب الحق لصاحب الحائط: إنَّ حائطَكَ هذا مَخوفٌ، أو يقولَ: مائلٌ، فانقضه حتى لا يسقط ولا يتلف شيئاً

(3)

.

وفي «المنتقى» : رجل له حائط مائل فقال له آخر: اهدم هذا الحائط فإنَّه مائل، فهذا إشهاد عليه، ولو قال له: ينبغي لك أن تهدمه، فهذا ليس بإشهاد عليه بل هو مشورة

(4)

.

[شرط صحة التقدم]

ويشترط لصحَّة التقدم والطَّلب: أن يكون التقدم إلى من له ولاية التَّفريغ؛ لأنَّ العقد

(5)

إنَّما يطلب من القادر، حتى لو تقدم إلى من يسكن الدَّار بإجارة أو إعارة، فلم ينقض الحائط حتى سقط على إنسان، الضمان

(6)

على أحد: إمَّا على السكان؛ فلأن التقدُّم إليهم لم يصح، وإمَّا على المالك فلأنَّه لم يُتقدم إليه.

وكذلك يشترط: أن يكون التقدُّم والطَّلب من صاحب الحق، والحق في طريق العامَّة للعامة، فيكتفى بطلب واحد من العامة، وفي السِّكَّة الخاصَّة، الحق لأصحاب السكَّة، فيكتفى بطلب واحد منهم أيضاً وفي الدَّار يشترط طلب المالك.

وبعد صحَّة الطَّلب يشترط لوجوب الضَّمان: دوام القدرة على التَّفريغ إلى وقت السُّقوط، والتقدُّم إلى صاحب الحائط تقدم في نقضه، حتى لو سقط الحائط بعد التقدُّم وعثر إنسان بنقضه فمات، فديته على صاحب الحائط، وهو قول محمَّد وهو الصَّحيح خلافاً لأبي يوسف فيما رواه أصحاب الأمالي

(7)

(8)

[كذا في «الذَّخيرة»]

(9)

.

(10)

(1)

زيادة في (ب).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 196).

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 248)، الفتاوى الهندية (6/ 36).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 147)، معين الحكام (212)، تكملة البحر الرائق (8/ 403)، مجمع الضمانات (1/ 412)، مجمع الأنهر (4/ 370)، الفتاوى الهندية (6/ 36).

(5)

وفي (ب)(الفعل).

(6)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(7)

كتاب الآمالي في الفقة لأبي يُوسُف صاحب أبي حَنِيفَةَ وهو من كتب النوادر في المذهب الحنفي التي أملاها أبي يُوسُف من مذهب أبي حَنِيفَةَ رحمه الله بحثت عنه ولم أجده، ولعله لايزال مخطوطاً.

(8)

قال ابن عابدين: (والأمالي: جمع إملاء، وهو أن يقعد العالم وحوله تلامذته بالمحابر والقراطيس فيتكلم العالم بما فتحه الله عليه من ظهر قلبه في العلم وتكتبه التلامذة ثُمَّ يجمعون ما يكتبونه فيصير كتاباً فيسمونه الإملاء والأمالي). يُنْظَر: عقود رسم المفتي (ص 17).

(9)

سقط في (ب).

(10)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 147، 148)، العناية شرح الهداية (15/ 352، 353)، البناية شرح الهداية (13/ 248)، نتائج الأفكار (10/ 348، 349)، الفتاوى الهندية (6/ 37).

ص: 273

(والشَّرْطُ التَقَدُّمُ [إِلَيْهِ]

(1)

دُونَ الإِشْهَادِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الإِشْهَادَ لِيَتَمَكَّنَ مِن إثْبَاتِهِ عِنْدَ إِنْكَارِهِ

(2)

يعني: إذا جحد صاحب الحائط التقدم إليه في ذلك، أمكن إثباته عليه بالبينة، بمنزلة الشفيع، فالمعتبر في حقه طلب الشفعة ولكن يؤمر بالإشهاد على ذلك احتياطاً بهذا المعنى كذا في «المبسوط»

(3)

.

وذكر في «التُّحفة»

(4)

بعدما ذكر أنَّ الشَّرط: هو التقدُّم دون الإشهاد، حتَّى لو اعترف صاحبه أنَّه طُولب بنقضه وجب عليه الضمان وإن لم يشهد عليه

(5)

.

[شرط الترك]

وشرط الترك في مدَّة يقدر على نقضه فيها؛ لأنَّه ربما لا يتمكَّن من ذلك بنفسه لجهله أو لعدم الآلة فيحتاج إلى طلب الأجراء فصار مدَّة التمكُّن من إحضار الأجراء مستثنى في الشَّرع.

ولو أشهد على رجل في حائط مائل إلى دار رجل، فسأل صاحب الحائط من القاضي أن يؤجِّله يومين، أو ثلاثة، أو ما أشبه ذلك، ففعل القاضي ذلك [ثمَّ]

(6)

سقط الحائط وأتلف شيئاً، كان الضَّمان واجباً على صاحب الحائط، لأنَّ التَّأجيل لم يصح؛ لأنَّ الحق لصاحب الدَّار، لا للقاضي، فصار وجود هذا التَّأجيل والعدم بمنزلة، ولو وجد التَّأجيل من صاحب الدَّار فوقع الحائط في مدَّة التأجيل وأفسد شيئاً لا يجب الضَّمان؛ لأنَّ التَّأجيل قد صحَّ لصدوره من صاحب الحق فلا يصير صاحب الحائط بترك التفريغ جانياً.

ولو أشهد على رجل في حائط مائل له إلى الطَّريق الأعظم فطلب صاحب الحائط من القاضي أن يؤخِّره يومًا أو يومين أو ثلاثة ففعل القاضي ذلك ثم سقط الحائط المائل

(7)

، وأتلف شيئاً في المدَّة كان الضَّمان واجباً؛ لأنَّ الحق لعامَّة المسلمين وتصرف القاضي فيما هو حق عامة المسلمين، أي: ينفذ فيما لهم فيه منفعة لا فيما لهم فيه مضرَّة، وفي هذا التَّأجيل ضرر لعامَّة المسلمين فلم يصح هذا التَّأجيل والتحق بالعدم كذا في «الذَّخيرة»

(8)

.

(1)

سقط في (ب).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 196).

(3)

المبسوط؛ للسرخسي (27/ 9).

(4)

تحفة الفقهاء؛ لعلاء الدين محمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي (ت 539 هـ).

(5)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 128).

(6)

سقط في (ب).

(7)

وفي (ب)(المائل الحائط).

(8)

يُنْظَر: تحفة الفقهاء (3/ 128، 129)، الهداية شرح البداية (4/ 196)، تبيين الحقائق (6/ 148)، تكملة البحر الرائق (8/ 404).

ص: 274

(وَيَسْتَوِي أَنْ يُطَالِبَهُ بِنَقْضِهِ مُسْلِمٌ أَو ذِمِّيٌّ

(1)

.

وفي «شرح الأقطع» : وكذلك لو طالبت به امرأة أو صبي أو رجل غريب من بلد آخر؛ لأنَّ جميع هؤلاء لهم المرور في الطَّريق فصحت مطالبتهم لثبوت حقِّهم.

وفي «شرح الطَّحاوي» لو كان الحائط مائلاً إلى الطَّريق العام فإنَّ الخصومة فيه إلى واحد

(2)

من النَّاس مسلماً كان أو ذميًّا بعد أن كان حرًّا بالغًا عاقلاً أو كان صغيراً أذن له وليه بالخصومة فيه أو كان عبدًا أذن له مولاه بالخصومة فيه

(3)

.

(وَيَصِحُّ التَّقَدُّمُ إِلَى الرَّاهِنِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى) الهدم (بِوَاسِطَةِ الفِكَاكِ)؛ لأنَّه يتمكَّن من أن يقضي الدَّين ويسترد الحائط فهدمه

(4)

فيصح التقدم إليه (وَإِلَى الوَصِيِّ وَإِلَى أَبِ اليَتِيْمِ

(5)

أي: إلى أب الصبي هكذا ذكر في «المبسوط»

(6)

.

وكان المراد من اليتيم: الصبي، لاستحالة اليتم مع وجود الأب (وَالضَّمَانُ فِي مَالِ اليَتِيمِ؛ لأَنَّ فِعْلَ هَؤُلَاءِ كَفِعْلِهِ

(7)

أي: فعل الوصي والأب والأم كفعل الصبي

(8)

.

وفي «المبسوط» : وإذا تقدم إلى أب الصبي أو الوصي في نقض الحائط فلم ينقضه حتى سقط فأصاب شيئاً فضمانه على الصبي؛ لأنَّ الأب والوصي يقومان مقامه ويملكان

(9)

هدم الحائط فصحَّ التقدم إليهما فيه ويكون ذلك كالتقدُّم إلى الصبي بعد بلوغه ثم فيما

(10)

في تركه

(11)

الهدم يعملان للصبي وينظران له فلهذا كان الضَّمان عليه دونهما كذا في «المبسوط»

(12)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 196)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (292).

(2)

كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (كل واحد)، لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في البناية، والفتاوى الهندية.

(3)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 249)، الفتاوى الهندية (6/ 37).

(4)

وفي (ب)(فيهدمه)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 196).

(6)

المبسوط؛ للسرخسي (27/ 10).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 196، 197).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 355)، البناية شرح الهداية (13/ 251).

(9)

وفي (ب)(ولمكان).

(10)

وفي (ب)(هما) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.

(11)

وفي (ب)(ترك) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.

(12)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 10).

ص: 275

فإن قلت: لما صحَّ التقدُّم إلى الوصي لأجل الصبي وجب أن يلزم الضَّمان على تقدير السقوط والهلاك على الوصي إذا فرط في النقض بعد التقدم إليه لأنَّ التَّقصير جاء من قبله حيث فرط في النقض مع الإمكان [فكان]

(1)

قاصدًا إلحاق الضَّرر بالصَّغير وهو لا يملك إلحاق الضَّرر بالصَّغير [فيجب]

(2)

في مال الوصي.

قلت: نعم كذلك إلا أنَّ الجواب عن هذا أنَّ في تفريط النقض نوع مضرة للصَّغير، ونوع مصلحة له، أمَّا نوع المضرَّة: فمن حيث إنَّه ربَّما يسقط على شيء فيجب ضمان ذلك في مال اليتيم فيتضرَّر به اليتيم أكثر مما يتضرَّر به لو نقضه وبناه.

وأمَّا نوع المصلحة: فمن حيث إنَّه متى نقض احتاج إلى أن يبني ثانياً ومتى بنى ثانياً يلحق الصبي في إصلاح ذلك مؤنة عظيمة، إلا أن جانب المصلحة راجح على جانب المضرة في التفريط، لأنَّ ما يلزمه في المؤنة في نقض الحائط وبنائه ثانياً ضرر متيقَّن وما يلحق الصبي من الضَّمان بسبب سقوط الحائط مَوهُوم

(3)

؛ لأنَّه يحتمل أن لا يسقط ولو سقط يحتمل أن لا يهلك به شيء فلما كان كذلك صارت العبرة للمصلحة.

وهذا كما قالوا في الوصي: إذا باع دار

(4)

اليتيم ثم إنَّ المشتري بنى فيها بناءً عظيمًا ثم جاء مستحق واستحق الدَّار رجع المشتري على الوصي بالثَّمن وبقيمة البناء، ويكون ذلك في مال اليتيم وهذا الضَّرر إنَّما لحق الصبي من جهة الوصي؛ لأنَّه لو لا بيعه لما كان يجب قيمة البناء في مال اليتيم ولكن في بيع دار اليتيم إن كان على اليتيم ضرر موهوم؛ لأنَّه يحتمل أن لا يستحق يرجح جانب المصلحة على المضرة فإن قلت: لو كان التقدُّم على الوصي والأب بمنزلة التقدم على الصبي ينبغي أن لا يهدر دم القتيل فيما إذا سقط الحائط بعد بلوغ الصبي وقتل إنسانًا حيث يهدر دمه وإن كان ذلك بعد التقدُّم إلى الوصي وللأب.

قلت: إنَّما كان كذلك لأنَّ التقدُّم إلى الوصي وللأب

(5)

ليس بتقدم إلى الصَّغير حقيقة ولكن جعل كالتقدُّم إلى الصَّغير لقيام ولايتهما عليه فيما دامت

(6)

ولايتهما باقية عليه يبقى حكم ذلك التقدُّم في حقِّه وبالبلوغ زالت

(7)

ولايتهما عنه فبطل حكم ذلك التقدُّم في حقِّه وصار في حقِّ الصَّغير كأن التقدُّم لم يوجد أصلاً هذا كله مما أشار إليه في «الذَّخيرة»

(8)

.

(1)

سقط في (ب).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

أي: مظنون. يُنْظَر: المصباح المنير (2/ 674).

(4)

كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).

(5)

وفي (ب)(إلى الأب والوصي).

(6)

وفي (ب)(فما دام).

(7)

وفي (ب)(زال).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 357).

ص: 276

(وَإِلَى المُكَاتَبِ

(1)

أي: ويصح التقدُّم إلى المكاتب

(2)

، وهو معطوف على قوله: (وَيَصِحُّ التَّقَدُّمُ إِلَى الرَّاهِنِ

(3)

.

[التالف بالسقوط إن كان مالا]

(ثُمَّ التَّالِفُ بِالسُّقُوطِ إِنْ كَانَ مَالاً فَهُوَ فِي عُنُقِ العَبْدِ

(4)

حتَّى يباع العبد فيه كما يباع في ديون تجارية وكان القياس أن يكون ذلك على المولى كضمان النَّفس.

ولكنَّا استحسَنَّا الفرق بينهما فقلنا العبد في ضمان الزام

(5)

المال كالحر فإنه منفك الحجر عنه في اكتساب سبب ذلك وفي التزام

(6)

ضمان الجناية على النَّفس هو كالمحجور عليه؛ لأنَّ فك الحجر بالإذن لم يتناول ذلك مكان الضَّمان على عاقلة المولى كذا في «المبسوط»

(7)

.

[التالف بالسقوط إن كان نفسا]

(وَإِنْ كَانَ نَفْساً فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ المَوْلَى

(8)

.

فإن قلت: هذا الذي ذكره فيما إذا لم يكن على العبد دين فظاهر؛ لأنَّ الحائط المائل ملك المولى فيجعل الإشهاد على العبد بمنزلة الإشهاد على المولى، باعتبار أن الحائط المائل ملك المولى.

وأمَّا إذا كان على العبد دين فالمولى لا يملك إكتساب العبد عند أبي حنيفة رحمه الله لما عرف فكيف يجعل الإشهاد على العبد إشهادًا على المولى حتَّى وجب ضمان النَّفس على عاقلة المولى.

قلت: نعم كذلك إلا أنَّ المولى أحق باستخلاصه لنفسه فيجعل في حكم الجناية كان للولي

(9)

هو المالك.

ألا ترى أنَّه إذا وجد القتيل في دار العبد كانت الدية والقسامة على عاقلة المولى سواء كان عليه دين أو لم يكن على ما اختاره الطَّحاوي رحمه الله بالإجماع

(10)

. فكذلك هنا كان ضمان الدية على عاقلة المولى إلى هذا أشار في «المبسوط»

(11)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 197).

(2)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 251).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 196).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 197).

(5)

وفي (ب)(التزام) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المبسوط.

(6)

كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 11).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 197).

(9)

وفي (ب)(الولي).

(10)

بإجماع أبي حنيفة وأصحابه. يُنْظَر: النتف في الفتاوى (2/ 681).

(11)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 121).

ص: 277

[صحة التقدم إلى أحد الورثة]

(وَيَصِحُّ التَّقَدُّمُ إِلَى أَحَدِ الوَرَثَةِ فِي نَصِيبِهِ

(1)

يعني: لو كان الحائط موروثاً بين ورثة فتقدم إلى واحد منهم كان التقدم إليه في نصيبه يصح حتى لو هلك بسقوطه شيء يضمن [ذلك]

(2)

الواحد بقدر نصيبه فيه وهذا الذي ذكره جواب الاستحسان.

وأمَّا جواب القياس: فهو أن [لا]

(3)

يضمن واحد من الورثة، أمَّا الذي تقدم إليه فلعدم تمكنه من النقض، ولم يفد التقدم فائدته في حقِّه، فإنَّ واحدًا منهم كما لا يتمكَّن من بنائه لا يتمكن من نقضه [أيضا]

(4)

.

وأمَّا غيره من الورثة الباقين: فلعدم التقدم إليهم فلم يكن واحد منهم متعديًّا في ترك التفريغ.

وأمَّا جواب الاستحسان: فإنَّه يضمن هذا الشيء أشهد عليه بحصته فيما أصابه؛ لأنَّه كان متمكنًا من أن يطلب شركاءه ليجتمعوا على هدمه، وهذا لأنَّ الإشهاد على جماعتهم يتعذر عادة فلو لم يصح الإشهاد على بعضهم

(5)

في نصيبه أدَّى إلى الضَّرر، والضَّرر مدفوع كذا في «المبسوط»

(6)

.

(وَلَو سَقَطَ الحَائِطُ [المَائِلِ]

(7)

عَلَى إِنْسَانٍ بَعْدَ الإِشْهَادِ فَقَتَلَهُ فَتَعَثَّرَ بِالقَتِيلِ غَيْرُهُ لا يَضْمَنُهُ

(8)

أي: لا يضمن صاحب الحائط القتيلَ الثاني؛ (لأَنَّ التَّفْرِيغَ عَنْهُ) أي: تفريغ الطَّريق عن الميت لرفعه (إِلَى الأَولِيَاءِ

(9)

أي: مفوَّض إلى أولياء القتيل؛ لأنَّهم هم الذين يتولون دفن ميتهم.

فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين إشراع الجناح والمسألة كالحق

(10)

أعني: أنَّ صاحب الدَّار إذا أخرج الجناح إلى الطَّريق فوقع الجناح على الطَّريق فعثر إنسان بنقضه ومات، أو وقع على إنسان ومات ثم تعثَّر رجل بالقتيل ومات أيضاً فدية

(11)

القتيلين جميعًا على صاحب الجناح وههنا دية القتيل الثاني ليست على صاحب الحائط المائل وإن كان الهلاك بعد الإشهاد

(12)

.

قلت: الفرق بينهما هو أنَّ إشراع الجناح نفسه

(13)

جناية؛ لأنَّه يشغل به هواء طريق المسلمين ولو شغل شيئاً من طريق المسلمين بشيء وَضَعه فيه كان جانياً بنفس الوضع وهنا كذلك، وإذا كان نفس إشراع الجناح جناية فنقول: الإشراع فعله فصار كأنَّه ألقاه بيده عليه فصار حصول القتيل في الطَّريق مضافاً إلى فعله كحصول نقض الجناح في الطَّريق ومن ألقى شيئاً في الطَّريق كان ضامنًا لما عطب به، وإن لم يملك تفريغَ الطَّريق عنه

(14)

فههنا كذلك.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 197).

(2)

زيادة في (ب).

(3)

زيادة في (ب).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

وفي (ب)(نقضهم).

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 10).

(7)

سقط في (ب).

(8)

بداية المبتدي (250).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 197).

(10)

وفي (ب)(مجالها)، ولعلها الصواب والله أعلم.

(11)

وفي (ب)(ورثه).

(12)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 404)، الفتاوى الهندية (6/ 36).

(13)

وفي (ب)(بنفسه).

(14)

وفي (ب)(منه).

ص: 278

بخلاف مسألة الحائط؛ لأنَّ نفس البناء ليست بجناية وبعد ذلك لم يوجد منه فعل يصير به ضامنا

(1)

لكن جعل كالفاعل بترك النقض في الطَّريق مع القدرة على التفريغ والترك مع القدرة وجد في حق النقض لا في حق القتيل

(2)

فكذلك

(3)

جعل فاعلاً في حق القتيل الأوَّل لا في حق القتيل الثاني ولم يوجد منه في حق القتيل الثَّاني فعل أصلاً لا تحقيقاً ولا تقديراً فلم يصر جَانِياً في حقِّه فلا يجب ضمانه.

وكذا هذا الفرق ثابت بين من هلك بنقض الحائط المائل وبين من هلك بتعثُّر من هلك بنقض الحائط المائل أو بالحائط المائل بعد الإشهاد، فإن ضمان القتيل الثاني ليس على صاحب الحائط المائل بخلاف [ضمان]

(4)

القتيل الأوَّل فإنَّه على صاحب الحائط المائل إذا كان بعد الإشهاد وذلك لأنَّ الإشهاد على الحائط إشهاد على نقضه فكان هو مُطالَباً لتفريغ عرصة

(5)

الطريق عن النقض وهو قادر على التَّفريغ؛ لأن النقض ملكه فإذا لم يفرِّغ مع تمكنه صار بمنزلة الواضع مع اختياره فكان مؤاخذاً به، أمَّا الإشهاد على الحائط ليس بإشهاد على القتيل؛ لأنَّ رفع القتيل ليس على صاحب الدَّار أي

(6)

ذلك على أولياء القتيل فلا يكون صاحب الحائط مطالباً بتفريغ عرصة الطَّريق عن القتيل فلا يكون الإشهاد على الحائط إشهاداً على القتيل فصار في حق القتيل كأنَّ الإشهاد لم يوجد أصلاً كذا في «الذَّخيرة»

(7)

.

[إذا عطب بسبب سقوط الجرة عليه من فوق الحائط]

(وَلَو عَطِبَ بِجَرَّةٍ كَانَتْ عَلَى الحَائِطِ

(8)

إلى آخره.

وإذا وضع الرجل على حائطه شيئاً فوقع ذلك الشَّيء فأصاب إنسانًا فلا ضمان عليه [فيه]

(9)

؛ لأنَّه وضعه على ملكه وهو لا يكون متعدِّياً فيما يحدثه في ملكه سواء كان الحائط مائلاً أو غير مائل؛ لأنَّه في الموضعين لا يكون ممنوعًا من

(10)

وضع متاعه على ملكه كذا في «المبسوط»

(11)

.

(1)

وفي (ب)(جانيا).

(2)

وفي (ب)(القتل).

(3)

وفي (ب)(فلذلك).

(4)

كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).

(5)

العرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (3/ 181).

(6)

وفي (ب)(إنما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 360)، حاشية ابن عابدين (6/ 601، 602)، تكملة رد المحتار (1/ 174).

(8)

بداية المبتدي (250).

(9)

سقط في (ب).

(10)

وفي (ب)(عن).

(11)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 11).

ص: 279

ولكن في رواية «المبسوط» ذَكَرَ سقوط الجرة

(1)

وحدها.

وفي رواية الكتاب: ذكر سقوط الحائط مع سقوط الجرة

(2)

.

(وَإِنْ كَانَ) أي: وإن كانت الجرة، فذكرها على تأويل الشيء كما هو رواية «المبسوط» .

(فَعَلَيْهِ) أي: فعلى كل واحد من حافر البئر وباني الحائط

(3)

.

(وَقَالَا: عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الفَصْلَيْنِ

(4)

أي: في فصل

(5)

الحائط المائل المشترك بين خمسة، وفي فصل دار بين ثلاثة

(6)

.

(لَهُمَا

(7)

(8)

في المسألة: أنَّ صحة الإشهاد باعتبار تمكنه من الهدم وهو باعتبار ملكه متمكِّن من الهدم وباعتبار ملك شريكه غير متمكن من الهدم فاجتمع في حقِّه معنيان:

أحدهما: موجب للضَّمان، والآخر: مانع من وجوب الضَّمان عليه، فيلزمه

(9)

نصف الضَّمان، لأنَّ الهدر يجعل جنساً، والمعتبر جنساً، كمن جرحه [رجل]

(10)

ونهشته

(11)

حيَّة.

وهذا لأن حكم نصيب الشركاء في حقه [فلا ينظر إلى تعدُّد]

(12)

الشركاء ولا فرق بين أن يكون شريكه في الحائط واحدًا أو جماعة.

وكذلك في المسألة الثَّانية يقولان: عليه نصف الدية؛ لأنَّه باعتبار ملكه غير متعدٍّ فيما أحدث وباعتبار ملك شريكه متعدٍّ في حقِّه وصفة التعدِّي في حقِّه لا تختلف بقلَّة شركائه وكثرتهم فيلزمه نصف الضَّمان باعتبار معنى التعدِّي من وجه دون وجه.

وأبو حنيفة رحمه الله يقول في المسألة الأولى: أنَّ وجوب الضَّمان عليه باعتبار أنَّ التلف حصل بثقل الحائط وهو علة واحدة لا ثقل بعضه؛ لأنَّ وقوع الجزء اليسير ليس بمهلك.

ولو كان أجنبياً في الكل لا يصح الإشهاد عليه ولو كان مالكاً للكلِّ صح الإشهاد عليه فيصح بقدر ما ملك اعتبارًا للبعض بالكلِّ، وهذا لأنَّه لما كان الحائط بين خمسة أي

(13)

وجد من كلِّ واحد منهم من النقل بقدر ملكه فيتوزع الضَّمان على ذلك.

(1)

وفي (ب)(ذكر في شرط الجرة).

(2)

حيث قال في الهداية: ولو عطب بجرة كانت على الحائط فسقطت بسقوطه. يُنْظَر: الهداية (4/ 197).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 362).

(4)

بداية المبتدي (250).

(5)

وفي (ب)(الفصل).

(6)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 253).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 197).

(8)

أي: لأبي يوسف ومحمد -رحمهما الله-.

(9)

وفي (ب)(فلزمه).

(10)

زيادة في (ب).

(11)

أي: لسعته. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (3/ 160).

(12)

وفي (ب)(فلا يعتبر في حق).

(13)

وفي (ب)(إنما).

ص: 280

ألا ترى أنَّه لو أشهد عليهم جميعًا ثم سقط على إنسان على كلِّ واحد منهم خمس الدية فيترك الإشهاد في حقِّ الباقين لا يزداد الواجب في حق من أشهد عليه.

وقيل جواب أبي حنيفة رحمه الله: فيما إذا مات القتيل بثقل الحائط، وأبو يوسف ومحمَّد -رحمهما الله-: لا يخالفانه في ذلك، وجوابهما فيما إذا مات بسبب الجرح بأن جرحه الحائط وأبو حنيفة رحمه الله يوافقهما في ذلك وأبو حنيفة رحمه الله يقول في المسألة الثانية: الجزء معتبر بالكلِّ ولو كان جميع الموضع الذي أحدث فيه مملوكاً لغيره يضمن جميع ما يتلف بسببه فإذا كان قدر الثلثين مملوكاً لغيره يضمن الثلثين اعتباراً للبعض بالكلِّ، وهذا لأنَّ صفة التعدِّي إنَّما تنعدم في الثلث فيما أحدثه باعتبار ملكه ويتمكَّن في الثلثين باعتبار ملك غيره

(1)

التعدي ووجوب الضَّمان بسبب التعدِّي

(2)

كذا في «الجامع الصَّغير» لشمس الأئمة وغيره

(3)

.

وقوله: (وَهُوَ الثِّقَلُ المُقَدَّرُ) أي: في الحائط (والعُمقُ المُقَدَّرُ

(4)

أي: في البئر.

(لأَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ) أي: القليل من الثقل والعمق (لَيْسَ بِعِلَّةٍ) للتَّلف.

(بِخِلافِ الجِراحَاتِ فَإِنَّ كُلَّ جِرَاحَةٍ عِلْةٌ التَّلَفِ بِنَفْسِهَا صَغُرَتْ أَو كَبُرَتْ) (إِلَّا عِنْدَ المُزَاحَمَةِ أُضِيْفَ إِلَى الكُلِّ

(5)

فلمَّا أُضيف التَّلف إلى الكلِّ فبعض الجراحات معتبر في إضافة الضَّمان إليه، وبعضها غير معتبر، فجعل الذي هو غير معتبر شيئاً واحداً وإن تَعَدَّد جراحة، فلذلك صار الضَّمان نصفين فاعتبر أحد النِّصفين وأهدر الآخر، وهذا لأنَّه إذا لم يصلح البعض لإضافة الحكم إليه وصلح لقطع النسبة عن المزاحم ظهرت المزاحمة في قطع النسبة إن لم تظهر في حق استحقاق الحكم والله أعلم [بالصواب]

(6)

(7)

.

* * *

(1)

وفي (ب)(غير).

(2)

وفي (ب)(التعده).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 362)، نتائج الأفكار (10/ 350، 351).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 197).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 197).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 362)، البناية شرح الهداية (13/ 253، 254)، نتائج الأفكار (10/ 350، 351).

ص: 281

‌بَابُ جِنَايَةِ البَهِيْمَةِ وَالجِنَايَةِ عَلَيْهَا

[مناسبة ذكر الباب لما قبله]

لما فرغ من بيان أحكام جناية الإنسان والجناية عليه مباشرة وتسبيباً، شرع في بيان أحكام جناية البهيمة والجناية عليها، ولاشكَّ لأحد في تقدُّم الإنسان على البهيمة مرتبة فكذا ذكراً.

[ضمان الراكب لما وطئت الدابة]

(الرَّاكِبُ ضَامِنٌ؛ لِمَا أَوْطَأَت الدَّابَّةُ

(1)

والصَّحيح: وَطئت

(2)

الدَّابة

(3)

؛ لأنك تقول: أوطأت فلانًا الدَّابة فوطئته

(4)

أي: ألقيتها

(5)

لها حتى وضعت عليه رجلها

(6)

.

الكدم: العض بمقدم الأسنان كما يكدم الحمار

(7)

.

والخبط: الضرب باليد

(8)

.

والصدم: هو أن تضرب الشيء بجسدك، ومنه الكلب إذا قتل الصَّيد صدماً لا يؤكل. واصطدم الفارسان: إذا ضرب أحدهما الآخر بنفسه

(9)

.

يقال: (نَفَحَت

(10)

(11)

الدَّابة الشيء، إذا ضربته بحد حافرها، كذا في «الصِّحاح» و «المُغرب»

(12)

.

واعلم أنَّ جناية الدَّابة لا تخلو من ثلاثة أوجه: إمَّا أن تكون في ملك صاحب الدَّابة، أو في ملك غيره، أو في طريق المسلمين، فإن كان في ملك صاحب الدَّابة ولم يكن صاحب الدَّابة معها فإنَّه لا يضمن صاحبها واقفة كانت الدَّابة أو سائرة [وطئت]

(13)

بيدها

(14)

أو برجلها أو نفحت أو كدمت.

وإن كان صاحبها معها إن كان قائدا لها أو سائق

(15)

لها فكذا لا يضمن صاحبها في الوجوه كلها سواء أتلفت نفساً أو مالاً.

(1)

بداية المبتدي (250).

(2)

وفي (ب)(وطأت).

(3)

قال الإمام القدوري: والراكب ضامن لما وطئت الدابة. مختصر القدوري (290). وينظر: العناية شرح الهداية (15/ 366).

(4)

وفي (ب)(فوطأته).

(5)

كذا في (أ) و (ب)، ولعل الصواب (ألقيته) لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المُغرب.

(6)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 360).

(7)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 211).

(8)

قال ابن منظور: والخَبْطُ في الدَّوابِّ: الضرْبُ بالأَيْدِي دون الأَرْجُلِ وقيل: يكون للبعير باليد والرجل. وكلُّ ما ضرَبه بيده فقد خبَطه. يُنْظَر: لسان العرب (7/ 281)، تاج العروس (19/ 227).

(9)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (1/ 470).

(10)

بداية المبتدي (250).

(11)

وفي (ب)(نفحة).

(12)

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (1/ 435)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 316).

(13)

سقط في (ب).

(14)

وفي (ب)(بيدها بيدها) مكررة.

(15)

السائق: جمع ساقة وسواق، الذي يتولى حث الدابة على السير من غير أن يكون راكبا عليها، وهو في العادة يمشي خلفها. والقائد: صاحب الدابة السائر أمامها. يُنْظَر: معجم لغة الفقهاء (1/ 283).

ص: 282

وكذلك إن كان الملك له ولغيره؛ لأنَّ لكلِّ واحد من الشَّريكين أن يوقف دابته في الملك المشترك ويستوي أن يكون نصيبه فيها أقل أو أكثر؛ لأنَّ صاحب الدَّابة فيما جنت الدَّابة [فهي]

(1)

في هذه الوجوه مسبب وليس بمباشر؛ لأنَّه لم يتصل فعله وثقله بالمتلف حتَّى يكون مباشراً، وإنَّما اتَّصل به أثر فعله بواسطة فعل مختار وهو الدَّابة، وهذا هو حد التَّسبيب

(2)

إلا أنَّ المسبِّبَ إنَّما يضمن إذا كان متعدياً ولا يضمن إذا كان غير متعد، وصاحب الدَّابة في إيقاف الدَّابة وتسييرها في ملكه ليس بمتعدٍّ فلا يضمن.

وإن كان صاحب الدَّابة راكباً على الدَّابة والدَّابة تسير إن وطئت

(3)

بيدها أو رجلها [يضمن]

(4)

وإن كدمت أو نفحت بيدها أو رجلها أو ضربت بذنبها فلا ضمان؛ لأنَّ في الوجه الأوَّل صاحب الدَّابة مباشر للإتلاف؛ لأنَّ ثِقَله وثِقَل

(5)

الدَّابة اتصل بالمتلف فكأنهما وطئاه جميعًا، ولهذا يجب على الرَّاكب الكفَّارة إذا وطئت الدَّابة بيدها أو رجلها ويحرم عن الميراث والمباشر ضامن سواء كان متعدِّياً أو لم يكن.

أمَّا إذا لم يكن صاحب الدَّابة راكباً عليها بل كان سائقاً أو قائدًا [لها]

(6)

فصاحب الدَّابة مسبِّب؛ لأنَّه لم يتَّصل ثقله بالمتلف والمسبب إنما يضمن إذا كان متعدياً وهو ليس بمتعدٍّ بتسيير الدَّابة في ملكه.

[جناية الدابة في ملك غير صاحبها]

وأمَّا إذا كانت جناية الدَّابة في ملك غير صاحب الدَّابة فهذا على وجهين:

إمَّا إن دخلت في ملك الغير بغير إذن المالك من غير إدخال صاحبها بأن كانت منفلتة وفي هذا الوجه لا ضمان على صاحبها.

وأمّا إذا دخلت بإدخال صاحبها وفي هذا الوجه صاحب الدَّابة ضامن في الوجوه كلها سواء كانت واقفة أو سائرة وسواء كان صاحبها معها يسوقها أو يقودها أو كان راكباً عليها أو لم يكن معها؛ لأنَّ صاحب الدَّابة في بعضها مباشر وفي بعضها مسبب متعدٍّ إذ ليس له إيقاف الدَّابة وتسييرها في ملك الغير بغير إذن المالك.

وأمَّا إذا كانت جناية الدَّابة في طريق المسلمين أوقفها صاحبها فصاحب الدَّابة ضامن لما تلف بفعل الدَّابة في الوجوه كلها؛ لأنَّ بإيقاف الدَّابة على الطَّريق صار سبباً

(7)

للتَّلف وهو متعدٍّ في هذا التَّسبيب إذ ليس له [شغل]

(8)

طريق المسلمين بإيقاف الدَّابة فيه؛ لأنَّ الطَّريق للسُّلوك والسير لا للإيقاف.

(1)

سقط في (ب)، والكلام لا يستقيم بها.

(2)

وفي (ب)(السبب).

(3)

وفي (ب)(وطأت).

(4)

سقط في (ب).

(5)

وفي (ب)(ثقل).

(6)

زيادة في (ب).

(7)

وفي (ب)(مسببا).

(8)

سقط في (ب).

ص: 283

وإن كانت سائرة ولم يكن صاحبها معها بأن

(1)

سارت بإرسال صاحبها وصاحبها ضامن مادام السير في وجهها ذلك لم تسر يمينًا ولا شمالاً؛ لأنَّ إرسال الدَّابة في طريق المسلمين بلا حافظ يحفظها سبب الإتلاف وهو متعدٍّ في هذا التَّسبيب.

وإن سارت لا بتسيير صاحبها بأن كانت منفلتة فلا ضمان على صاحبها في الوجوه كلها وإن كان صاحبها معها وهي تسير.

[وإن كان صاحبها]

(2)

راكباً عليها فما وطئت بيدها أو

(3)

رجلها فصاحبها مباشر للتلف وفيما كدمت بفمها فصاحبها مسبِّب؛ لأنَّه يمكن حفظ الدَّابة عنه؛ لأنَّ الكدم يكون بين عينيه فيمكنه إبعاد الدَّابة عن المتلف إلى آخره كذا في «الذَّخيرة» و «الجامع الصَّغير» للإمام المحبوبي رحمه الله

(4)

.

وذكر الإمام التمرتاشي رحمه الله: ففيما إذا كانت الدَّابة في طريق العامة لو كانت الدَّابة سائرة وصاحبها معها قائدًا أو سائقاً أو راكباً يكون ضامناً جميع ما جنت إلا النفحة بالرجل أو الذنب

(5)

.

(6)

قلت: وبهذا كله يعلم أن ما ذكره في الكتاب مطلقاً بقوله: (الرَّاكِبُ ضَامِنٌ) إلى أن قال: (أَوْ كَدَمَتْ أَو خَبَطَتْ، وَكَذَا إِذَا صَدَمَتْ

(7)

محمول على ما إذا لم يكن الرَّاكب في ملكه؛ لأنَّ هذا الجواب إن استقام في قوله: (مَا أَصَابَت بِيَدِهَا أَو بِرِجْلِهَا

(8)

لا يستقيم في قوله: (أَوْ كَدَمَتْ أَو خَبَطَتْ أَوْ صَدَمَتْ) فيما إذا كان في ملكه فإنَّه لا يضمن في هذه الأشياء إذا كان الراكب مع دابته في ملكه على ما ذكرنا من رواية «الذَّخيرة» والمحبوبي

(9)

.

(وَلا يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَو ذَنَبِهَا

(10)

أي: ضربت وهذا الذي ذكره وهو أنَّ الرَّاكب لا يضمن ما نفحت برجلها أو ذنبها مذهبنا

(11)

.

(1)

وفي (ب)(فإن).

(2)

سقط في (ب).

(3)

وفي (ب)(و).

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 552)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 189، 190)، العناية شرح الهداية (15/ 366، 367)، الفتاوى الهندية (6/ 49، 50).

(5)

وفي (ب)(والذنب).

(6)

يُنْظَر: تنقيح الفتاوى الحامدية (7/ 83).

(7)

بداية المبتدي (250).

(8)

بداية المبتدي (250).

(9)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 552)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 189، 190)، العناية شرح الهداية (15/ 366، 367)، الفتاوى الهندية (6/ 49، 50).

(10)

بداية المبتدي (250).

(11)

يُنْظَر: مختصر القدوري (290).

ص: 284

وقال ابن أبي ليلى رحمه الله: هو ضامن لجميع ذلك، وقاس الذي يسير على الدَّابة بالذي وقف دابَّته في الطَّريق فنفحت برجلها أو بذنبها فكما أنَّ هناك يجب ضمان الدية على عاقلته فكذلك ههنا

(1)

.

ولكنَّا نقول في الفرق بينهما: هو ممنوع من إيقاف الدَّابة على الطَّريق؛ لأنَّ ذلك يضر

(2)

بالمارة؛ ولأنَّ الطَّريق ما أعد لإيقاف الدَّابة فيها فيكون هو في شغل الطَّريق متعدياً والمتعدي في التَّسبيب يكون ضامناً، ولهذا يستوي فيه بين ما يمكن التحرُّز وبين ما لا يمكن وهذا لأنَّه إن كان لا يمكنه التحرُّز عن النفحة بالرجل والذَّنب فقد يمكنه التحرُّز عن إيقاف الدَّابة بخلاف الأوَّل فإن السير على الدَّابة مباح له لأنَّ الطَّريق معد لذلك كذا في «المبسوط»

(3)

.

وقوله: (لأَنَّهُ يُتَصَرَّفُ

(4)

فِي حَقِّهِ مِنْ وَجْهٍ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكاً بَيْنَ النَّاسِ

(5)

إلى آخره جواب لسؤال ذكر ههنا فذكر ذلك السؤال والجواب في «الذَّخيرة» و «الجامع الصَّغير» للمحبوبي

(6)

.

وذكر المحبوبي بعدما ذكر أنَّ الدَّابة لو كانت في طريق المسلمين وكان صاحب الدَّابة قائدًا لها أو راكباً يضمن ما أتلفت الدَّابة بالوطئ باليد والرجل أو الكدم؛ لأنَّه إذا وطئت فهو مباشر وإذا كدمت فهو مسبب لكنَّه متعدٍّ في هذا التَّسبيب على ما ذكرنا.

فقال: فإن قيل: هو غير متعد في هذا التَّسبيب فإنَّ له أن يمر في طريق المسلمين كما في ملكه، ولو مر عليها في ملكه فأتلفت شيئاً بهذه الوجوه لم يضمن شيئاً فيجب أن لا يضمن ههنا أيضاً.

قلت

(7)

: الطَّريق يشبه ملكه من حيث إنَّ المرور مباح له فيه ويشبه ملك الغير من حيث إنَّه ليس له في طريق المسلمين ملك يطلق له التَّصرف فوفرنا على الشبهين حظهما فيما كان مسبباً للإتلاف، فقلنا: إذا كان شيئاً يمكنه حفظ الدَّابة والتحرز عنه يعتبر فيه متعدياً وذلك كالكدم والوطء باليد والرجل في حق القائد والرَّاكب؛ لأنَّ ذلك لا يكون بين عينيه فجعل في هذه الأشياء طريق المسلمين ملحقاً بملك الغير.

(1)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 256).

(2)

وفي (ب)(يضمن).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 189).

(4)

وفي (ب)(ينصرف).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 197، 198).

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 552)، المبسوط؛ للسرخسي (26/ 189، 190)، العناية شرح الهداية (15/ 366، 367)، الفتاوى الهندية (6/ 49، 50).

(7)

وفي (ب)(قلنا).

ص: 285

وقلنا: إذا كان شيئاً لا يمكن حفظ الدَّابة والتحرُّز عنه لا يعتبر فيه متعدِّياً، وذلك كالنفحة بالرجل والضَّرب بالذَّنب لأنَّ كل ذلك يكون وراء الرَّاكب والقائد وجعل في حق النفحة والضرب بالذنب في حق الرَّاكب والقائد طريق المسلمين ملحقاً بملكه.

وأمَّا السَّائق هل يضمن؟ اختلف المشائخ [فيه]

(1)

ولا يتقيد فيما لا يمكن الاحتراز عنه لما فيه من المنع من التصرف، يعني: أنَّا لو شرطنا عليه السلامة فيما لا يمكن التحرز عنه تعذر عليه استيفاء حقه؛ لأنَّه يمتنع من المشي والسير على الدَّابة مخافة أن يبتلى بما لا يمكن التحرز عنه.

فأمَّا ما يُستطاع الامتناع

(2)

[عنه]

(3)

لو شرط [عليه]

(4)

صفة السَّلامة من ذلك لا يمتنع عليه استيفاء حقه وإنَّما يلزمه به نوع احتياط في الاستيفاء كذا في «المبسوط»

(5)

.

(واَلنَّفْحَةُ بِالرِّجْلِ وَالذَّنَبِ لَيْسَ يُمْكِنُهُ الاحْتِرَازُ عَنْهُ مَعَ السَّيْرِ عَلَى الدَّابَةِ

(6)

؛ لأنَّ وجه الراكب أمام الدَّابة لا خلفها.

(وَإِنْ أَوْقَفَهَا

(7)

كان حقه أن يقال: وإن وقفها، لأنَّ قولك: وقف وقفاً متعد ووقف وقوفاً لازم. وفي «المُغرب» ولا يقال: أوقفه إلا في لغة رديَّة

(8)

.

والمردَف

(9)

(فِيْمَا ذَكَرْنَا كَالرَّاكِبِ) أي: في موجب الجناية؛ (لأَنَّ المَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ

(10)

وهو معنى المباشرة، وتصرف الدَّابة في التسيير على ما أراد

(11)

.

(12)

[ضمان الراكب والرديف والسائق والقائد سواء]

وفي «المبسوط» والرَّاكب والرديف والسائق والقائد في الضَّمان سواء؛ لأنَّ الدَّابة في أيديهم وهم يسيرونها

(13)

ويصرفونها كيف شاؤوا وذلك مروي عن شريح إلا أنَّه لا كفارة على السائق والقائد فيما أوطأت؛ لأنهما مسببان للقتل والكفَّارة جزاء مباشرة القتل، وأمَّا الرَّاكب والرديف فمباشران للقتل بثقلهما

(14)

فعليهما الكفارة كالنائم إذا انقلب على إنسان فقتله

(15)

.

(1)

زيادة في (ب).

(2)

وفي (ب)(الاحتراز).

(3)

سقط في (ب).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 188).

(6)

الهداية شرح البداية (4/ 198).

(7)

بداية المبتدي (250).

(8)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 366).

(9)

الردف: المرتدف، وهو الذى يركب خلف الراكب. وأردفته أنا، إذا أركبته معك، وذلك الموضع الذى يركبه رداف. وكل شئ تبع شيئا فهو ردفه. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (4/ 49).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 198).

(11)

وفي (ب)(أرادا).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 368)، البناية شرح الهداية (13/ 256).

(13)

وفي (ب)(يسيرونهانها).

(14)

وفي (ب)(لثقلهما).

(15)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 190)، البناية شرح الهداية (13/ 256).

ص: 286

(لأَنَّهُ) أي: لأنَّ الإيقاف. (ثُمَّ هُوَ) أي: الإيقاف (أَكْثَرُ ضَرَراً بِالمَارَّةِ) أي: (مِن السَّيْرِ؛ لِمَا أَنَّهُ)[أي]

(1)

: أنَّ الإيقاف (أَدْوَمُ مِنْهُ) أي: من السير، (فَلَا يَلْحَقُ بِهِ

(2)

أي: فلا يلحق الإيقاف بالسير في عدم وجوب الضَّمان بل لا يجب الضَّمان فيما تلف بالبول أو الرَّوث الذي وجد من الدَّابة في حالة السير ويجب الضَّمان فيما تلف بالبول أو الرَّوث الذي وجد منها في حال الإيقاف لما ذكر من وجه الفرق بينهما من دوام الإيقاف وعدم دوام السَّير والضَّرر إنَّما ينشأ من دوام الفعل في الطريق فكان الضَّرر في الإيقاف لا في السير

(3)

.

(وَالمُرَادُ النَّفْحَةُ

(4)

أي: من قوله: (لِمَا أَصَابَ

(5)

بِيَدِهَا أَو رِجْلِهَا) وإنَّما قيد التَّفسير بهذا؛ لأنَّه كان يجوز أن يراد بقوله: (لِمَا أَصَابَ بِيَدِهَا أَو رِجْلِهَا

(6)

الوطء.

وقد ذَكَرْتُ من رواية الإمام التمرتاشي: أنَّه يضمن فيه السَّائق والقائد من غير خلاف أحد، وإنَّما الاختلاف في النفحة، ولو لم يُفسر بهذا لكان لمؤوِّل أن يُؤوِّل ذلك بالوطء ويثبت الاختلاف [فيه]

(7)

وليست الرواية كذلك

(8)

.

(وَإِلَيْهِ مَالَ بَعْضُ المَشَايِخِ

(9)

أي: مشايخ العراق.

فيمكنه الاحتراز عنه بإبعاد الدَّابة عن المتلف أو إبعاد المتلف عن الدَّابة. (وقَالَ أَكْثَرُهُم

(10)

وهم مشائخنا كذا في «الذَّخيرة»

(11)

.

(وَقَولُهُ عليه السلام معطوف على قوله: ما في (مَا ذَكَرْنَاهُ

(12)

أي: (وَالحُجَّةُ عَلَيْهِ قَولُهُ عليه السلام: «جُبَارٌ

(13)

(14)

أي: هدر.

(15)

(1)

زيادة في (ب).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 198).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 368)، البناية شرح الهداية (13/ 257).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 198).

(5)

كذا في (أ) و (ب)، وفي متن البداية (أَصَابَتْ)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

بداية المبتدي (250).

(7)

سقط في (ب).

(8)

يُنْظَر: تنقيح الفتاوى الحامدية (7/ 83).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 198).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 198).

(11)

يُريدُ مَشَايخَ ما ورَاءَ النَّهْرِ. يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 369)، البناية شرح الهداية (13/ 257).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(13)

أراد به الحديث الذي رواه أبو داود (4/ 196)، في (كتاب الديات)، في (باب في الدابة تنفح برجلها)، برقم (4592)، حدثنا عُثْمانُ بن أبي شيْبَةَ ثنا محمد بن يَزيدَ ثنا سُفْيانُ بن حُسيْنٍ عن الزُّهْريِّ عن سَعيدِ بن الْمُسيَّبِ عن أبي هُريْرَةَ عن رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال:«الرِّجلُ جُبارٌ» قال أبو داوُد: الدّابَّةُ تَضرِبُ بِرِجلِهَا وهو راكِبٌ. قال الامام الدارقطني في سننه (3/ 179): لم يروه غير سفيان بن حسين وخالفه الحفاظ عن الزهري منهم مالك وابن عيينة ويونس ومعمر وابن جريج والزبيدي وعقيل وليث بن سعد وغيرهم كلهم رووه عن الزهري فقالوا: «العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار» ولم يذكروا الرِّجل وهو الصواب. وأما حديث «العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار» ، فهو متفق عليه من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه، رواه البخاري (2/ 545)، في (كتاب الزكاة)، في (باب في الركاز الخمس)، برقم (1428). ورواه مسلم (3/ 1334)، في (كتاب الحدود)، في (باب جُرحُ الْعجْمَاءِ وَالْمَعْدنِ وَالْبئْرِ جُبارٌ)، برقم (1710).

(14)

الهداية شرح البداية (4/ 198، 199).

(15)

جبار: هدر، لا طلب فيه. يُنْظَر: كتاب العين؛ للفراهيدي (1/ 237)، غريب الحديث؛ لابن سلام (1/ 282)، تهذيب اللغة (11/ 24)، طلبة الطلبة (97).

ص: 287

(وانْتِقَالُ الفِعْلِ بِتَخْوِيفِ القَتْلِ) هذا جواب عن قول (الشَّافِعِيِّ رحمه الله)

(1)

هو قوله: (لأَنَّ فِعْلَهَا مُضَافٌ إِلَيْهِم

(2)

(3)

قلنا: الإضافة والانتقال إنَّما تكون في الإكراه الكامل لا في القاصر وهذا قاصر فلا ينتقل إليهم.

[الراكب مباشر]

(لأَنَّ الرَّاكِبَ مُبَاشِرٌ فِيْهِ

(4)

والدَّليل على أنَّه مباشر من حيث حكم الشَّرع أن من سار على دابته في ملكه فأوطأت إنسانًا بيد أو رجل فقتلته فعليه الدية والكفارة؛ لأنَّ الرَّاكب مباشر للقتل فيما أوطأت دابته والمباشرة في ملكه وغير ملكه سواء في إيجاب الضَّمان عليه كالرمي فإنَّ من رمى في ملكه فأصاب إنسانًا كان عليه ضمانه كذا في «المبسوط»

(5)

.

(وَقِيْلَ: الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا

(6)

(7)

؛ لأنَّ محمدًا رحمه الله ذكر في الأصل: أنَّ الرَّاكب إذا أمر آخر فنخس الدَّابة فأوطأت إنسانًا كان الضَّمان عليهما، وعلل فقال: لأنَّ الناخس سائق والآخر راكب فقد بين بما ذكر أنَّ الرَّاكب والسَّائق في ضمان ما وطئت الدَّابة يشتركان ولا يختص به الرَّاكب

(8)

.

أمَّا الجواب عن القول الأوَّل: فهو أنَّ المسبِّب مع المباشر إنَّما لا يضمن إذا كان السَّبب شيئا لا يعمل في الإتلاف متى انفرد عن المباشرة، كما في الحفر فإن الحفر بانفراده لا يوجب التلف بحال ما لم يوجد الدفع الذي هو مباشرة وإن كان لو لا الحفر لكان لا يتلف بالدَّفع أيضاً لكن الدفع هو الوصف الآخر فيضاف الحكم إليه

(9)

.

كما قالوا في سفينة مملوءة بالطَّعام: إذا جاء رجل وطرح فيه مَنًّا

(10)

زائدًا فغرقت السَّفينة كان الضَّمان على الذي وضع المنَّ الزَّائد وإن كان لو لا [ما]

(11)

تقدم من الأحمال كان لا تغرق السَّفينة بالمنِّ الزَّائد ومع ذلك يضاف الغرق إلى المنِّ الزائد لما ذكرنا

(12)

.

(1)

قال الشَّافعِيُّ -رَحمَهُ اللّهُ تعَالَى-: يَضمَنُ قَائدُ الدّابَّةِ وَسَائِقهَا وَرَاكِبهَا ما أصَابَتْ بيَدٍ أو فمٍ أو رجْلٍ أو ذَنبٍ ولَا يَجوزُ إلّا هذا. يُنْظَر: الأم (7/ 150)، روضة الطالبين (10/ 198).

(2)

أي: لأن فعل الدابة، مضاف إلى الراكب والسائق والقائد. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 258).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 198).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 5).

(6)

أي: على الراكب والسائق. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 260).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 560).

(9)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 150)، تكملة البحر الرائق (8/ 409).

(10)

المنّ: قال الليث: المنّ كان يَسقط على بَني إسرائيل من السّماء، إذ هم في التِّيه، وكان كالعسل الحامس حلاوةً. وقال الزَّجَّاج: جملة (المنّ) في اللُّغة: ما يَمن الله به ممّا لا تعب فيه ولا نصَب. قال: وأهل التَّفسير يقولون: إنَّ المن شيء كان يَسقط على الشجر حلْوٌ يشْرب. ويقال: إنه التُّرَنْجَبين. يُنْظَر: تهذيب اللغة (15/ 338).

(11)

سقط في (ب).

(12)

يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (8/ 298)، تكملة رد المحتار (2/ 432).

ص: 288

وأمَّا

(1)

في مسألتنا: فالرَّاكب على الدَّابة بانفراده عامل في إتلاف ما أوطأت الدَّابة من غير أن يكون على الدَّابة راكب، فلما كان كل واحد منهما عاملاً في الإتلاف عند الانفراد، فإذا اجتمعا لم يجز أن يضاف عمل السَّوق في الإتلاف إلى الركوب، [بل]

(2)

يكون

(3)

التَّلف مضافاً إليهما، فيجب الضَّمان عليهما نصفين إلى هذا أشار في «الذَّخيرة»

(4)

.

ومن هذا الجنس ما قالوا: فيمن ساق دابة عليها وِقر

(5)

من الحنطة

(6)

فأتلفت

(7)

شيئاً في الطَّريق، نفساً أو مالاً على إنسان، فهو على وجوه:

أمَّا إن قال السائق أو القائد أو الرَّاكب: إليك [إليك]

(8)

(9)

فإن سمع هذه المقالة ولم يذهب فهو على وجهين:

أمَّا إن لم يبرح من

(10)

مكانه باختياره، أو لم يجد مكاناً آخر ليذهب، فمكث في مكانه ذلك حتى تخرَّق [ثيابه]

(11)

، ففي الوجه الأوَّل: لا يضمن صاحب الدَّابة، وفي الوجه الثَّاني: يضمن لأنَّه مضطر في المقام في ذلك الموضع وغير مضطر في الوجه الأوَّل.

وإن لم يقل الرَّاكب: إليك إليك أو قال ولم يسمع من على الطَّريق حتى تخرق ثيابه أو فسد شيء من متاعه يضمن راكب

(12)

الدابة لأنَّ التخريق مضاف إلى سَوْقِه

(13)

فكان موجباً للضَّمان كذا ذكره الإمام المحبوبي رحمه الله

(14)

.

(1)

وفي (ب)(وإن).

(2)

سقط في (ب).

(3)

وفي (ب)(بكون).

(4)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 150)، العناية شرح الهداية (15/ 369، 370)، تكملة البحر الرائق (8/ 409)، الدر المختار (6/ 605)، حاشية ابن عابدين (6/ 605)، تكملة رد المحتار (1/ 178).

(5)

الوقر بالكسر: الحمل. يقال: جاء يحمل وقره. وقد أوقر بعيره، وأكثر ما يستعمل الوقر في حمل البغل والحمار، والوسق في حمل البعير. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (2/ 413).

(6)

الحنطة: القمح، جمع: حنط. المعجم الوسيط (1/ 202).

(7)

وفي (ب)(فأتلف).

(8)

سقط في (ب).

(9)

قال الفرّاء: العرب تأمر من الصفات بعليك، وعندك، ودونك، وإليك. يقولون: إليك إليك عنّي يريدون: تأخّر، كما يقولون: وراءك وراءك. وفي الحديث الذي رواه الترمذي (3/ 247)، «ليس ضرب ولا طرد ولا إليك إليك». وقال أبو عيسى: حديث حسن صحيح. يُنْظَر: تهذيب اللغة (2/ 132)، لسان العرب (3/ 309)، تاج العروس (8/ 427).

(10)

وفي (ب)(عن).

(11)

سقط في (ب).

(12)

وفي (ب)(صاحب).

(13)

وفي (ب)(السوق).

(14)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 407)، مجمع الضمانات (360).

ص: 289

[إذا اصطدم فارسان]

اصطدم الفارسان أي: ضرب أحدهما الآخر بنفسه وفي تقييد الفارسين في الكتاب بقوله: (وَإِذَا اصْطَدَمَ فَارِسَانِ

(1)

ليست زيادة فائدة فإنَّ

(2)

الحكم في اصطدام الماشيين وموتهما بذلك كذلك الحكم أيضاً ذكره في «المبسوط»

(3)

سِوَى أن موت المصطدمين في الغالب إنما يكون في الفارسين

(4)

.

ثم ما قلناه: جواب الاستحسان، وما قاله: (زُفَرُ وَالشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُمَا الله -

(5)

جواب القياس

(6)

، وجه الاستحسان هو ما (رُوِيَ عَن عَلِيِّ رضي الله عنه

(7)

: «أنَّه جعل دية كل واحد من المصطدمين على عاقلة صاحبه» .

(8)

(كَالمَاشِي إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالبِئْرِ وَوَقَعَ فِيْهَا: لا يُهْدَرُ شَيْءٌ مِن دَمِهِ

(9)

. يعني: إذا مات بالوقوع في البئر مع أن البئر في نفسها في قارعة الطَّريق ليست بسبب لموته بل البئر مع المشي إليها سبب للموت، والمعنى فيه أيضاً: هو أنَّ كل واحد منهما مدفوع بصاحبه فكأنَّه أوقعه من الدَّابة بيده، وهذا لأنَّ دفع صاحبه إيَّاه علة معتبرة

(10)

لإتلافه في الحكم فأمَّا قوة المصدوم فلا تصلح أن تكون علة معارضة لدفع الصَّادم فهو بمنزلة من وقع في بئر حفرها رجل في الطَّريق يجب الضَّمان على الحافر، وإن كان لو لا مشيه وثقلة في نفسه لما هَوَى

(11)

في البئر وكذلك لو دفع إنسان غيره في بئر حفرها رجل في الطَّريق فالضَّمان على الدافع دون الحافر وإن [كان]

(12)

لولا حفره لذلك الموضع لما تلف بدفعه إلى هذا أشار في «المبسوط»

(13)

.

(1)

بداية المبتدي (250)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر مختصر القدوري (292).

(2)

وفي (ب)(لأن).

(3)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 191).

(4)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 373)، البناية شرح الهداية (13/ 260).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(6)

مذهب الشافعية: أنه إذا اصطدم راكبان حران، فوقعا وماتا، فكل واحد مات بفعله وفعل صاحبه، فهو شريك في القتلين، ففعله هدر في حق نفسه، مضمون في حق صاحبه، فالصحيح: أن في تركة كل واحد منهما كفارتين، لأن الكفارة لا تتجزأ، وفي تركة كل واحد نصف دية صاحبه إن كان التصادم عمدا، وإن كان خطأ، وعلى عاقلة كل واحد نصف دية الآخر، ويكون الحال كذلك إذا كان الإصطدام هذا بين حُرَّين ماشيين.

يُنْظَر: الوسيط (6/ 362)، روضة الطالبين (9/ 331).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(8)

قال الزيلعي (4/ 386): غريب. ورواه عبد الرزاق في مصنفه (10/ 54)، في (كتاب العقول)، في (باب المقتتلان والذي يقع على الآخر أو يضربه)، برقم (18328) عن أشعث عن الحكم عن علي أن رجلين صدم أحدهما صاحبه فضمن كل واحد منهما صاحبه. يعني: الدية. ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 424)، في (كتاب الديات)، في (باب الرجل يصدم الرجل)، برقم (27632) عن أشعث عن حماد عن إبراهيم عن علي: في فارسين اصطدما فمات أحدهما فضمن الحي الميت. قال ابن حجر في الدراية (2/ 282): ومن وجه آخر عن على يضمن الحي دية الميت وهما منقطعان.

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(10)

وفي (ب)(معتبر).

(11)

قال الأصمعي: هوى بالفتح يهوى هويا، أي سقط إلى أسفل. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (6/ 388).

(12)

سقط في (ب).

(13)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 190، 191).

ص: 290

(فَتَعَارَضَتْ رِوَايَتَاهُ

(1)

(2)

أي: تساقطت بعد التعارض لانعدام الترجيح (فَرَجَّحْنَا بِمَا ذَكَرْنَا

(3)

أي: فرجحنا قولنا [بما ذكرنا]

(4)

من الدَّليل، أو نقول: ما روي أنَّه أوجب النصف محمول على ما إذا كانا عامدين حيث يجب نصف [دية]

(5)

كل واحد منهما في العمد على عاقلة كل واحد منهما عندنا أيضاً على ما ذكر في الكتاب

(6)

.

(7)

(وَفِيمَا ذُكِرَ مِن المَسَائِلِ

(8)

الفِعْلَانِ مَحْظُورَانِ

(9)

فَوَضَحَ الفَرْقُ

(10)

يعني: لما كان الفعل محظوراً كان موجباً للضَّمان.

ولكن لم يظهر في حقِّ نفسه لعدم الفائدة فسقط إيجاب الضَّمان في حقِّ نفسه واعتبر في حق غيره فلذلك وجب على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية وأمَّا فيما نحن فيه فالمشي مباح محض فلم ينعقد موجباً للضَّمان في حقِّ نفسه أصلاً فكان صاحبه فإتلافه

(11)

من غير معارضة أحد له في قتله فيجب على عاقلة كل واحد منهما كل دية صاحبه، وذلك لأنَّ المباح المحض لا يصلح معارضاً للمحظور في إيجاب الضَّمان وإن كان لا يوجد التَّلف إلا بهما كما لو مات في بئر حفرها غيره في قارعة الطَّريق حيث تجب الدية على الحافر، وإن كان الموت حصل بالمباح والمحظور وهما: المشي، وحفر البئر على قارعة الطَّريق، وإلى هذا المعنى أشار في «الأسرار»

(12)

وقال: والتَّلف بالصَّدمة لا [بالمشي]

(13)

، والمشي

(14)

كان سبباً للصدمة ولكن لم يضف التَّلف إلى السَّبب المباح بل أضيف إلى التعدِّي، كمن مشى حتَّى سقط في بئر ضمن الحافر دون الماشي، والسقوط كان بالأمرين جميعًا، بل بالمشي أكثر حتَّى لو علم بالبئر ومشى كان تعدياً ولم يكن على الحافر شيء ومع ذلك إذا لم يعلم كان مباحاً لم يضف إليه شيء من التَّلف فهذا مثله بخلاف ما إذا جرح نفسه وجرحه

(15)

غيره؛ لأنَّ جرحه غيرَه تعدٍّ وإن كان لا يضمن لنفسه شيئاً

(16)

لأنَّه حرام عليه ذلك إلا بشرط الصَّلاح من جبار أو قصد فإذا عدم الصَّلاح عاد إلى كونه تعدِّياً وإن لم يأثم إذا قصد الصَّلاح كالمخطئ

(17)

.

(1)

أي: الرواية عن علي رضي الله عنه. وقد سبق تخريجها (ص 519).

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(4)

سقط في (ب).

(5)

سقط في (ب).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 199)، البناية شرح الهداية (13/ 261).

(7)

قال بدر الدين العيني: هذا كله تكلف، وقد ذكرنا أن الذي احتج به زفر رحمه الله والشافعي حديث علي رضي الله عنه المذكور غريب، يعني لم يثبت، فمن أين يأتي التعارض أو لم يأول، وهذا من قلة الاطلاع في كتب الأحاديث. يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 261).

(8)

وفي (ب)(مسائل).

(9)

وفي (ب)(المحظوران).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(11)

وفي (ب)(قاتلا له)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام. وهكذا جاءت في العناية شرح الهداية (15/ 373).

(12)

يُنْظَر: تكملة البحر الرائق (8/ 397)، نتائج الأفكار (10/ 357).

(13)

سقط في (ب).

(14)

وفي (ب)(بالمشي).

(15)

وفي (ب)(ووجود).

(16)

وفي (ب)(شيء).

(17)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 273)، العناية شرح الهداية (15/ 373).

ص: 291

[إذا تجاذب رجلان حبلا فانقطع]

فإن قلت: يشكل على هذا كله: ما إذا تجاذب

(1)

الرجلان حبلاً بينهما فانقطع الحبل وسقط كل واحد منهما على [قفاه ومات، فلا شيء على واحد منهما، وبمثله في هذه الصُّورة لو وقع كل واحد منهما على]

(2)

وجهه ومات يجب دية كل واحد منهما

(3)

كاملة على عاقلة الآخر وتجاذُب الحبل منهما لا يخلو:

إمَّا إن كان محظوراً أو مباحًا، فلو كان محظوراً كان ينبغي أن يجب على عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه، كما في المسائل التي أوردها الخصم، ولو كان مباحاً كان فعل كل واحد منهما مباحا لم يعارضه محظور فحينئذ لابدَّ أن يكون مقيدًا بشرط السَّلامة؛ لأنَّ ترك التجاذب في وسعهما، بخلاف نفحة الدَّابة وضربها [بذنبها]

(4)

في حق الرَّاكب على ما مرَّ فحينئذ يجب أيضا نصف دية كل واحد منهما على عاقلة صاحبه فعدم إيجاب الضَّمان في الصُّورة الأولى وإيجاب الدية الكاملة على عاقلة كل واحد منهما كان مناقضاً لهذه الأصول التي ذكر في «الكتاب» و «الأسرار» [فما وجهه؟]

(5)

(6)

قلت: وجهه هو أنَّه لما وقع كل واحد منهما على وجهه في الصُّورة الثانية علم أنَّها

(7)

[إنما]

(8)

وقع على وجهه بجذب صاحبه إياه فكان موت كل واحد منهما بفعل صاحبه لا بفعل نفسه فتجب كل دية

(9)

كل واحد منهما على عاقلة صاحبه كما هو مذهبنا في المصطدمين إلا أنَّ في المصطدمين أحدهما: تعدٍّ وهو الصدمة، والآخر: مباح وهو المشي، فلم يظهر المباح بمقابلة التعدِّي فأضيف الحكم إلى التعدِّي

(10)

لا إلى المباح فلذلك وجب على عاقلة كل واحد منهما دية صاحبه كاملة.

[وفي مسألة انقطاع الحبل إذا مات كل واحد منهما بالوقوع على وجهه كان موته بفعل صاحبه من غير أن يوجد فعل من الميِّت في حق نفسه أصلاً فلذلك وجب على عاقلة كل واحد منهما دية صاحبه كاملة]

(11)

.

(1)

جاذَبْتُه الشيءَ: نازَعْتُه إِياه. والتَّجاذُبُ: التَّنَازُعُ. يُنْظَر: لسان العرب (1/ 258).

(2)

سقط في (ب).

(3)

وفي (ب)(يجب على كل واحد منهما دية).

(4)

سقط في (ب).

(5)

سقط في (ب).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 199)، تبيين الحقائق (6/ 151)، الجوهرة النيرة (2/ 228)، البناية شرح الهداية (13/ 261، 262)، تكملة البحر الرائق (8/ 410)، حاشية ابن عابدين (6/ 606)، تكملة رد المحتار (1/ 179).

(7)

وفي (ب)(أنه)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(8)

سقط في (ب).

(9)

وفي (ب)(فتجب دية) وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(10)

وفي (ب)(المتعدي).

(11)

سقط في (ب).

ص: 292

بخلاف ما إذا وقع كل واحد منهما على قفاه عند الانقطاع حيث لا يجب على [كل]

(1)

واحد منهما شيء؛ لأنَّ سقوطه على قفاه بقوَّة نفسه لا بجذب صاحبه، فكان كل واحد منهما قاتلاً نفسه من غير مزاحمة صاحبه فلا يجب على صاحب كل واحد منهما شيء؛ لأنَّه لم يقتله حتَّى لو وقعا مختلفين بأن سقط أحدهما على وجهه والآخر على قفاه فدية السَّاقط على وجهه على عاقلة صاحبه.

ولو قطع إنسان الحبل بينهما فسقط كل واحد منهما على قفاه فمات فديتهما على عاقلة القاطع للحبل؛ لأنَّه صار كالدَّافع لكلِّ واحد منهما هذا ممَّا أشار إليه في «المبسوط»

(2)

.

وذكر في الفصل الثَّامن عشر من جنايات

(3)

«الذَّخيرة» : وإن قطع إنسان الحبلَ فوقعا على وجوههما ففي نسخة: لا يكون هذا من قطع الحبل، وفي نسخة: هذا من قطع الحبل

(4)

.

(هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إِذَا كَانَا حُرَّيْنِ فِي العَمْدِ وَالخَطَأِ

(5)

أي: يختص نصف الدية في العمد عن

(6)

عاقلة كل واحد منهما، وفي الخطأ تجب الدية الكاملة على ما ذكر

(7)

في الكتاب خلا أنَّه ذكر الخطأ في وضع المسألة، والعمد في بيان قول الخصم

(8)

.

(وَكَذَا فِي العَمْدِ

(9)

إلا أنَّ العمد هنا بمنزلة الخطأ؛ لأنَّه شبه

(10)

العمد.

(فَفِي الخَطَإِ: تَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الحُرِّ المَقْتُولِ قِيمَةُ العَبْدِ).

(لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ [مِنْهُمَا]

(11)

(12)

صار قاتلاً لصاحبه فيجب على عاقلة الحرِّ قيمة العبد ثم قد تلف العبد الجاني وأخلف بدلاً فيكون بدله لورثة المجني عليه وهو الحر؛ لأنَّ المضمون وهو النِّصف في العمد لما ذكرنا

(13)

في بيان قول الخصم وهو: أنَّه آلم نفسه وصاحبه فهدر

(14)

نصفه ويعتبر نصفه.

(1)

زيادة في (ب).

(2)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (26/ 191).

(3)

وفي (ب)(جناية).

(4)

قال في البناية شرح الهداية (13/ 262): قيل لمحمد رحمه الله: إن وقعا على وجههما إذا قطع الحبل؟ قال محمد: هذا من قطع الحبل. وقال محمد-رحمه الله في نوادر رستم: لا ضمان على قاطع الحبل. قال ابن عابدين: أقول: يحتمل أن يراد بذلك نفي التصور أو نفي الضمان. وينظر: حاشية ابن عابدين (6/ 606)، تكملة رد المحتار (1/ 179).

(5)

الهداية شرح البداية (4/ 199).

(6)

وفي (ب)(على)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في العناية شرح الهداية.

(7)

وفي (ب)(ما ذكرنا).

(8)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 199، 200)، العناية شرح الهداية (15/ 373، 374).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 200).

(10)

وفي (ب)(أشبه).

(11)

زيادة في (ب).

(12)

الهداية شرح البداية (4/ 200).

(13)

وفي (ب)(ذكر).

(14)

وفي (ب)(فيهدر).

ص: 293

[إذا سقط السرج على رجل فمات]

(فَوَقَعَ السِّرْجُ

(1)

عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ

(2)

؛ لأنَّ ذلك ممَّا يمكن التحرُّز عنه وإنَّما يسقط [عنه؛]

(3)

لأنَّه لم يشده عليها أو لم يحكم فكأنه ألقاه بيده على الطَّريق، بخلاف الرِّداء يعني: إذا كان لابساً رداء فسقط عنه فعطب به إنسان أو غيره لا ضمان عليه؛ لأنَّ اللِّباس تبع للَّابس ولو تعثر اللابس فسقط على الطَّريق ثم تعثر به إنسان لم يكن ضامناً له، وكذا إذا سقط رداؤه

(4)

أو منديله

(5)

لمعنى: وهو أنَّ الإنسان لا يقصد حفظ اللباس ولا يمكنه أن يمشي عرياناً وما لا يستطاع الامتناع منه يجعل عفواً كذا ذكره الإمام المحبوبي

(6)

.

(عَلَى مَا مَرَّ مِن قَبْلُ

(7)

أي: في (بَابٌ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيْقِ

(8)

.

(القِطَارُ

(9)

الإبل تقطر على نسق واحد والجمع قُطر

(10)

.

(وَهَذَا إِذَا كَانَ السَّائِقُ فِي جَانِبٍ مِن الإِبِلِ

(11)

أي: وهو الذي يمشي في وسط القطار ويمشي في جانب من القطار لا يتقدَّم ولا يتأخَّر ولا يأخذ بزمام بعير يقود ما خلفه.

وأمَّا إذا كان الذي في وسط القطار آخذا بزمام بعير يقود ما خلفه ولا يسوق ما خلفه

(12)

فما أصاب ممَّا خلف هذا الذي في وسط القطار فلا ضمان فيه على القائد الأوَّل وإنَّما الضَّمان فيه على هذا، وما أصاب ممَّا قبل هذا الذي في وسط القطار فضمان ذلك على القائد الأوَّل ولا شيء فيه على هذا الذي في وسط القطار؛ لأنَّه ليس بقائد كما

(13)

قبله ولا سائق حتَّى لو كان سائقاً له يشارك الأوَّل في الضَّمان كذا في المغني

(14)

.

(1)

السِّرْجُ: رحْلُ الدابة والجمع سروج وأسرجها وضع عليها السرج. يُنْظَر: المحكم والمحيط الأعظم (7/ 269)، تاج العروس (6/ 36).

(2)

بداية المبتدي (250، 251).

(3)

سقط في (ب).

(4)

الرِّداء: المِعطف، والوشاح، وهو من الملَاحِف والجمع أرْدية، وهو يوضع على المنكبين. يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (4/ 91)، المخصص (1/ 389)، تاج العروس (38/ 145).

(5)

المِنْدِيلُ: بكسر الميم، على تقديرِ مفْعِيل اسم لما يمسَح به، وهو الذي يحمل في اليد قال ابن الأعرابي وابن فارس وغيرهما: هو مشتق من الندل وهو النقل، لأنه ينقل من واحد إلى واحد، وقيل: هو من الندل وهو الوسخ لأنه يندل به.

يُنْظَر: تحرير ألفاظ التنبيه (1/ 282)، لسان العرب (11/ 654).

(6)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 200)، العناية شرح الهداية (15/ 375)، البناية شرح الهداية (13/ 263).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 200).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 191).

(9)

بداية المبتدي (251).

(10)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 185).

(11)

الهداية شرح البداية (4/ 200).

(12)

وفي (ب)(قبله)

(13)

وفي (ب)(لما)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(14)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 200)، البناية شرح الهداية (13/ 265).

ص: 294

(فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا

(1)

أي: على القائد، والسَّائق

(2)

؛ لأنَّ القائد يقرب

(3)

للإبل ممَّا أصاب بالصَّدمة أو غير ذلك، وكذلك السَّائق يقرب

(4)

من ذلك فيشتركان في الضَّمان لاستوائهما في التَّسبيب، وإن كان معهما سائق الإبل وسط القطار فالضَّمان في جميع ذلك عليهم أثلاثاً؛ لأنَّ الذي هو وسط القطار سائق لما بين يديه من الإبل قائد لما خلفه والقائد والسَّائق في حكم الضَّمان سواء، وكذلك إن كان يكون أحيانا وسطها وأحيانًا يتقدم وأحيانًا يتأخَّر؛ لأنَّه في جميع الأحوال سائق للقطار أو قائد ولو كان رجل راكباً وسط القطار على بعير ولا يسوق منها شيئاً لم يضمن مما تصيب الإبل التي بين يديه؛ لأنَّه ليس بسائق لما بين يديه ولكن هو معهم في الضَّمان فيما أصاب البعير الذي هو عليه وما خلفه، أمَّا في البعير الذي هو عليه؛ لأنَّه راكب وأمَّا فيما خلفه؛ فلأنَّه قائد لما خلفه؛ لأن زمام ما خلفه مربوط ببعيره.

وقال بعض المتأخرين: هذا إذا كان زمام ما خلفه بيده يقوده وأمَّا إذا كان هو نائمًا على بعيره أو قاعدًا لا يفعل شيئاً يكون

(5)

به قائدًا لما خلفه، فلا ضمان عليه في ذلك وهو في حقِّ ما خلفه بمنزلة المتاع الموضوع على بعير كذا في «المبسوط»

(6)

.

[جهل القائد بربط الرابط]

(وَالقَائِدُ لا يَعْلَمُ

(7)

قَيَّد به ليبني عليه قوله: (ثُمَّ يَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ

(8)

أي: على عاقلة القائد يرجعون على عاقلة الرَّابط فيما إذا لم يعلم القائد رباط الرَّابط وأمَّا إذا علم فلا يرجع عاقلة القائد على عاقلة الرَّابط.

وحاصله: أن جهل القائد بالرَّبط لا ينفي ابتداء وجوب الضَّمان عنه لوجوب

(9)

الإتلاف منه وإن كان جاهلاً والجهل يزيل الإثم دون الضَّمان (كَالنَّائِمِ إِذَا انْقَلَبَ عَلَى

(10)

إنسان فأتلفه

(11)

.

(1)

بداية المبتدي (251).

(2)

قال الامام القدوري: ومن قاد قطارا: فهو ضامن لما وطئ، فإن كان معه سائق: فالضمان عليهما. يُنْظَر: مختصر القدوري (291).

(3)

وفي (ب)(مقرب).

(4)

وفي (ب)(مقرب).

(5)

كذا في (أ) و (ب)، وفي المبسوط (لا يكون)، والسياق يقتضيها.

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 3، 4).

(7)

أي: وإن ربط رجل بعيرا إلى القطار والقائد لا يعلم. يُنْظَر: بداية المبتدي (251).

(8)

بداية المبتدي (251).

(9)

وفي (ب)(لوجود)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في البناية شرح الهداية (13/ 265).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 200).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 200)، العناية شرح الهداية (15/ 377، 378)، البناية شرح الهداية (13/ 265).

ص: 295

وقال في «المبسوط» : وإذا أتى الرجل ببعير وربطه

(1)

إلى القطار والقائد لا يعلم وليس معها سائق فأصاب ذلك البعير إنسانًا ضمن القائد؛ لأنَّه قائد لذلك البعير والقود سبب لوجوب الضَّمان ومع تحقق سبب وجوب الضَّمان منه لا يسقط الضَّمان بجهله، ثم يرجع القائد على الذي ربط البعير بذلك الضَّمان؛ لأنَّه هو الذي ألزمه ذلك الضَّمان حين ربط البعير بقطاره فجعل في «الجامع الصَّغير» ابتداء الوجوب على عاقلة القائد

(2)

ثم [هم]

(3)

يرجعون به على عاقلة الرَّابط كما هو المذكور في الكتاب

(4)

.

وجعل في «المبسوط» ابتداء وجوب الضَّمان على القائد ثم يرجع القائد به على الرَّابط على ما حكينا

(5)

.

ووفق الإمام المحبوبي رحمه الله بينهما فقال: وإنَّما اختلف الجواب فيهما باعتبار أن على رواية الدِّيات اعتبره حقيقة الضَّمان، فإنَّ حقيقة الضَّمان على القائد والرَّابط، غير أن العواقل تتحمل عنهما، واعتبر ههنا أي: في «الجامع الصَّغير» حاصل الضَّمان وقراره [وهو]

(6)

وجوبه

(7)

على العاقلة، هذا إذا لم يعلم، أمَّا إذا علم القائد بالرَّبط لم يرجعوا؛ لأنَّ القائد حين علم بالرَّبط فقد رضي بما يلحقه من الضَّمان فلا يرجعون عليهم بشيء

(8)

.

(وَإِنَّمَا لا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا فِي الابْتِدَاءِ

(9)

أي: عن

(10)

القائد والرَّابط ابتداءً بطريق الشركة

(11)

من غير أن يُقدم القائد على الرَّابط في الضَّمان إذ (كُلٌّ مِنْهُمَا مُسَبِّبٌ) أي: مع أن كلاً منهما مسبب وهذا يوجب الاشتراك في الضَّمان.

(1)

وفي (ب)(وربط).

(2)

وفي (ب)(القاتل).

(3)

سقط في (ب).

(4)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 562)، المبسوط؛ للسرخسي (27/ 4)، الهداية شرح البداية (4/ 200).

(5)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 562)، المبسوط؛ للسرخسي (27/ 4).

(6)

سقط في (ب).

(7)

وفي (ب)(ووجوبه).

(8)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 378).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 200).

(10)

وفي (ب)(على)، وهي الموافقة لسياق الكلام، وهكذا جاءت في البناية شرح الهداية (13/ 265).

(11)

الشركة لغةً: اختلاط شيء بغيره، يقال: شركته في الأمر؛ أي: أشركته فيه، والشرك؛ النصيب، والشركة: عقد بين اثنين، أو أكثر، للقيام بعمل مشترك.

يُنْظَر: غريب الحديث؛ لابن قتيبة (2/ 247)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 441)، المطلع (260)، المصباح المنير (1/ 311)، المعجم الوسيط (1/ 480).

ص: 296

وقوله: (لأَنَّ الرَّبْطَ مِن القِيَادَةِ بِمَنْزِلَةِ التَّسْبِيْبِ مِن المُبَاشَرَةِ) وجواب

(1)

لقوله: (وَإِنَّمَا لا يَجِبُ الضَّمَانُ

(2)

يعني: أنَّ القيادة بمنزلة المباشرة حكماً، والرَّبط بمنزلة التَّسبيب، فلا شك أنَّ المباشرة أقوى في

(3)

إضافة الحكم [إليها]

(4)

دون التَّسبيب؛ لما عرف في الحافر مع الدَّافع ولما كان القائد بمنزلة المباشرة وجب الضَّمان على عاقلته

(5)

ابتداء دون عاقلة الرَّابط لذلك ثم رجعوا به عليهم، فكانت قوة المباشرة ههنا في حقِّ التَّقديم

(6)

لا في حق قرار الضَّمان؛ لأنَّ القائد مغرور من جانب الرباط

(7)

بسبب جهله بربطه مع أنَّ له حكم المباشرة لا حقيقتها فلذلك قدم القائد في وجوب الضَّمان على عاقلته لا في قراره حيث عملت المباشرة في التَّقديم والغرور في نفي القرار

(8)

.

[إذا ربط والقطار يسير]

(قَالُوا: [هَذَا إِذَا رَبَطَ وَالقِطَارُ يَسِيْرُ

(9)

يعني: أنَّ عاقلة القائد يرجعون على عاقلة الرَّابط إذا لم يعلم]

(10)

القائد بربطه فيما إذا كان

(11)

القطار يسير ولو كان الرَّابط

(12)

حالة الوقوف لا يرجعون مع أنَّ لفظ «الجامع الصَّغير» مطلق غير متعرض

(13)

للسير ولا للوقوف

(14)

.

وقال الإمام المحبوبي: قال الإمام الزَّاهد أبو محمَّد عبد الرَّحمن

(15)

، وشمس الأئمة الحلواني: وهذا إذا ربط الجمل والإبل تسير، فإن ربط

(16)

والإبل واقفة ثم قاد

(17)

القائد الإبل لا شيء على الرَّابط؛ لأنَّ ربطه الجمل بالقطار جناية وأنها واقفة في الطَّريق وحين سار بها القائد فقد زالت هذه الجناية بقود القائد فيبرأ عن موجبها، كمن وضع حجراً على قارعة الطَّريق ثم جاء إنسان وحول الحجر من ذلك الموضع إلى موضع آخر لم يكن

(18)

على الواضع الأوَّل شيء إن تعقَّل به إنسان؛ لأنَّ وضعه الحجر جناية لكن لما حَوَّله غيره من مكانه زالت جنايته بفعل الواضع الثَّاني فيبرأ الأوَّل كذا هنا

(19)

.

(1)

وفي (ب)(جواب)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(2)

الهداية شرح البداية (4/ 200).

(3)

وفي (ب)(من).

(4)

سقط في (ب).

(5)

وفي (ب)(ماقلته).

(6)

وفي (ب)(التقدم).

(7)

وفي (ب)(الرابط)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(8)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 265).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(10)

سقط في (ب).

(11)

وفي (ب)(كانت).

(12)

وفي (ب)(الربط).

(13)

وفي (ب)(معرض).

(14)

ولفظ الجامع الصغير: وإن ربط إنسان بعيرا بالقطار فوطئ المربوط إنسانا فقتله فعلى عاقلة القائد الدية وترجع بها على عاقلة الرابط. يُنْظَر: الجامع الصغير (1/ 517)، العناية شرح الهداية (15/ 378).

(15)

ولم يظهر لي من المقصود به.

(16)

وفي (ب)(ربطه).

(17)

وفي (ب)(قال)

(18)

وفي (ب)(وحول عن ذلك الحجر لم يكن).

(19)

يُنْظَر: بدائع الصنائع (7/ 281)، البناية شرح الهداية (13/ 266).

ص: 297

(ضَمِنَهَا القَائِدُ

(1)

أي: ضمنها القائد بلا رجوع على أحد.

(وَمَنْ أَرْسَلَ بَهِيْمَةً) يريد بها كلباً (وَكَانَ لَهَا سَائِقاً

(2)

أراد بالسوق: أن يمشي خلفه

(3)

.

[إرسال الطير]

(وَلَوْ أَرْسَلَ طَيْراً) وفي بعض نسخ «الجامع الصَّغير» : ولو أرسل بازياً

(4)

(فَأَصَابَ فِي فَوْرِهِ لَم يَضْمَنْ

(5)

حتَّى أن البازي إذا قتل صيدًا مملوكاً حل [له]

(6)

ذلك إذا كان البازي معلماً ولا يضمن الذي أرسله؛ لأنَّه لا يعتبر بسوق البازي ولا لإرساله

(7)

في الضَّمان ولهذا لو أدخل رجل بازياً في الحرم أو صقر أو أرسله فجعل يقتل حمام الحرم أنَّه لا يلزم

(8)

شيء لما قلنا أنَّ البازي لا يحتمل السَّوق

(9)

.

[إرسال الكلب]

(وَكَذَا لَو أَرْسَلَ كَلْباً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَائِقاً لَم يَضْمَنْ

(10)

يعني: وإن كان أصاب الكلب شيئاً في فور الإرسال لا يضمن المرسل، بخلاف الدَّابة حتَّى قالوا: إذا أرسل كلباً أو دابة فأصاب في فوره شيئاً يضمن في الدَّابة دون الكلب والطير هذا كله ممَّا ذكره فخر الإسلام وصاحب «الذَّخيرة» والمحبوبي رحمهم الله

(11)

.

ثم ذكر الإمام المحبوبي: وذكر الفقيه أبو الليث: رجل أرسله

(12)

بهيمة ولم يكن سائقاً يعني [فأصاب]

(13)

في فوره إنسانًا فالذي أرسلها ضامن؛ لأنَّه إذا أرسلها فما دامت [في فوره]

(14)

فهو في الحكم كأنه سائق لما

(15)

خلفها قال الصدر الشهيد في شرح هذا الكتاب: وعليه الفتوى

(16)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(2)

بداية المبتدي (251).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 380)، البناية شرح الهداية (13/ 266).

(4)

الباز: ضرب من الصقور يستخدم في الصيد. يُنْظَر: المعجم الوسيط (1/ 76).

(5)

بداية المبتدي (251).

(6)

سقط في (ب).

(7)

وفي (ب)(والإرسالة).

(8)

وفي (ب)(لا يلزمه).

(9)

يُنْظَر: الجامع الصغير (517)، تبيين الحقائق (6/ 152)، العناية شرح الهداية (15/ 380)، البناية شرح الهداية (13/ 266)، تكملة البحر الرائق (8/ 412)، نتائج الأفكار (10/ 359).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(11)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 201)، تكملة البحر الرائق (8/ 410)، مجمع الضمانات (424).

(12)

وفي (ب)(أرسل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

سقط في (ب)

(14)

سقط في (ب)

(15)

وفي (ب)(لها)

(16)

يُنْظَر: الجامع الصغير (517)، بداية المبتدي (251)، الجوهرة النيرة (2/ 224)، البناية شرح الهداية (13/ 267).

ص: 298

رجل له كلب عقور، كلما مرَّ عليه شيء عَضَّه، فلأهل القرية أن يقتلوا هذا الكلب، فإن عضَّ قيل:

(1)

يجب الضمان على صاحبه إن لم يتقدموا إليه قبل العض؟ لا ضمان عليه، وإن كانوا تقدموا إلى صاحب الكلب فعليه الضَّمان بمنزلة الحائط [المائل]

(2)

.

(3)

وفي «المنتقى» : لو طرح رجل غيره قدام أسد أو سبع فقتله السَّبع فليس على الطَّارح قود ولا دية، ولكن يعزر ويضرب وجيعاً

(4)

ويحبس حتَّى يتوب. وقال أبو يوسف رحمه الله: أما أنا فأرى أن

(5)

يحبس أبدًا حتَّى يموت

(6)

.

[انقطاع حكم الإرسال]

(وَانْقَطَعَ حُكْمُ الإِرْسَالِ إِلَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيْقٌ آخَرُ سِوَاهُ

(7)

أي: [إلا]

(8)

إذا لم يكن لسير الدابة طريق آخر سوى طريق اليمنة أو اليسرة بأن كان على الجادَّة

(9)

ماء أو وحل فحينئذ لا ينقطع حكم الإرسال [أيضاً]

(10)

كما لو [لم]

(11)

ينعطف يمنة أو يسرة.

(وَكَذَا إِذَا وَقَفَتْ ثُمَّ سَارَتْ) أي: ينقطع حكم الإرسال (بِخِلَافِ مَا إِذَا وَقَفَتْ

(12)

بَعْدَ الإِرْسَالِ فِي الاصْطِيَادِ

(13)

أي: إذا وقفت الدَّابة والمراد بها: الكلب المعلَّم وأمثاله، فإن هناك بوقوفه لا ينقطع حكم الإرسال حتَّى حل ما قتله من الصيود ولو انقطع حكم الإرسال لما حل، كما لو قتله هو بنفسه من غير إرسال فلمَّا كانت في قيمة

(14)

الكلب (تَحَقُّقُ مَقْصُودِ المُرْسِلِ

(15)

الذي هو آخذ الصيد كالسير كان لهذه الوقفة حكم السير فلم ينقطع حكم الإرسال [لذلك]

(16)

.

(1)

وفي (ب)(هل)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام، وهكذا جاءت في المحيط البرهاني.

(2)

سقط في (ب).

(3)

يُنْظَر: المحيط البرهاني (5/ 253)، تبيين الحقائق (6/ 153)، تكملة البحر الرائق (8/ 413)، بريقة محمودية (4/ 197)، حاشية ابن عابدين (6/ 560)، تكملة رد المحتار (1/ 127)، لسان الحكام (279)، الفتاوى الهندية (6/ 52).

(4)

وضَرْبٌ وجِيعٌ: أَي مُوجِعٌ. يُنْظَر: لسان العرب (8/ 380).

(5)

وفي (ب)(حتى).

(6)

يُنْظَر: البناية شرح الهداية (13/ 268)، مجمع الضمانات (425)، الفتاوى الهندية (6/ 6).

(7)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(8)

زيادة في (ب).

(9)

وهي: وسط الطريق ومعظمه. يُنْظَر: تهذيب اللغة (10/ 260)، المخصص (3/ 307)، المصباح المنير (1/ 92)، تاج العروس (5/ 452)، المعجم الوسيط (1/ 109).

(10)

سقط في (ب).

(11)

زيادة في (ب).

(12)

وفي (ب)(وقف).

(13)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(14)

وفي (ب)(وقفة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(15)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(16)

سقط في (ب).

ص: 299

(وَهَذِهِ تُنَافِي مَقْصُودَ المُرْسِلِ

(1)

أي: هذه الوقفة التي هي وفق

(2)

الدابة

(3)

والمراد [بها]

(4)

الفرس أو البقر وأمثالهما أو إرسال الكلب لا للاصطياد تنافر

(5)

مقصود المرسل الذي هو السير فإنَّ مقصود المرسل من إرسال الدَّابة: [هو]

(6)

السير لا الوقوف، فكانت الوقفتان على طرفي نقيض من تحقيق مقصود المرسل ومنافاته فاختلف حكمها

(7)

لذلك

(8)

.

وقوله: (بِخِلَافِ)

(9)

معطوف على قوله: (بِخِلَافِ مَا إِذَا وَقَفَتْ)؛ لأنَّ حكمها مخالف لحكم أصل المسألة.

ثم في قوله: (وَبِخِلَافِ مَا إِذَا أَرْسَلَهُ إِلَى صَيْدٍ) إلى آخره يذكر الفرق بين الإرسالين كما أنَّه في قوله: (بِخِلَافِ مَا إِذَا وَقَفَتْ

(10)

ذكر الفرق بين الوقفتين

(11)

.

[الفرق بين إرسال الدابة والكلب والبازي]

وذكر في «الذَّخيرة» وجه الفرق بين الإرسالين فقال: والفرق بين إرسال الدَّابة وبين الكلب والبازي هو أن إرسال الدَّابة في الطَّريق إذا لم يتبع مع الدَّابة وأمكنه الاتباع تعد من صاحبه فما تولَّد منه يكون مضمونًا عليه، فأمَّا إرسال الكلب والبازي من غير اتباع معه ليس بتعدٍّ منه لأنَّه لا يمكنه الاتباع والمسبب في الإتلاف

(12)

لا يضمن إلا إذا كان متعدِّياً

(13)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(2)

وفي (ب)(وقفة)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(3)

وفي (ب)(الدية).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

وفي (ب)(تنافي)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

سقط في (ب).

(7)

وفي (ب)(حكمهما).

(8)

يُنْظَر: تبيين الحقائق (6/ 152)، العناية شرح الهداية (15/ 380)، البناية شرح الهداية (13/ 267)، تكملة البحر الرائق (8/ 413).

(9)

وفي (ب)(وبخلاف) وهي الموافقة لما في متن الهداية.

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(11)

قال في الهداية (4/ 201): بخلاف ما إذا وقفت بعد الإرسال في الاصطياد ثم سارت فأخذت الصيد؛ لأن تلك الوقفة تحقق مقصود المرسل؛ لأنه لتمكنه من الصيد وهذه تنافي مقصود المرسل وهو السير فينقطع حكم الإرسال وبخلاف ما إذا أرسله إلى صيد فأصاب نفسا أو مالا في فوره لا يضمنه من أرسله.

وينظر: العناية شرح الهداية (15/ 380)، البناية شرح الهداية (13/ 268).

(12)

وفي (ب)(الاتباع)

(13)

قال في الهداية (4/ 201): والفرق أن بدن البهيمة يحتمل السوق فاعتبر سوقه، والطير لا يحتمل السوق فصار وجود السوق وعدمه بمنزلة. وينظر: الجامع الصغير (517)، مجمع الضمانات (424).

ص: 300

(فَأَفْسَدَتْ زَرْعاً عَلَى فَوْرِهِ

(1)

أي: فور الإرسال.

والمراد بفور الإرسال: هو أن لا تميل يمينًا أو شمالاً

(2)

.

(وَقَالَ مُحَمَدٌ رحمه الله: هِيَ المُنْفَلِتَةُ

(3)

(4)

أي: العَجْمَاء

(5)

التي أهدر

(6)

النبي عليه السلام

(7)

.

فقلنا:

(8)

هي المنفلتة لا الدَّابة التي أرسلت، فإنَّ إفساد الدَّابة المرسلة إذا كان في فور الإرسال ليس بجبار، وإنَّما ذكر هذا التَّفسير لئلا يُجرى الحديث على عمومه

(9)

.

(مِنْ الإِرْسَالِ وَأَخَوَاتِهِ

(10)

وهي السَّوق، والقود، والركوب.

كان من حقِّ اللفظ: أو من الإرسال وأمثاله، أو يقول: من الإرسال وأخواتها، بتأويل الكلمة إِذِ السَّوق أو القود لمَّا كان أختاً لا أخاً للإرسال [كان الإرسال]

(11)

أختًا أيضاً وإلا يلزم جعل بعض أسباب التعدي أخاً وبعضها أختاً من غير دليل

(12)

.

الجَزر: القطع، ومنه جَزر الجَزور نحرها. [الجَزور]:

(13)

هي ما أُعِدَّ من الإبل للنحر يقع على الذكر والأنثى وهي تؤنث كذا في «الصِّحاح» وغيره

(14)

.

(وَفِي عَيْنِ بَقَرَةِ الجَزَّارِ وَجَزُوْرِهِ رُبْعُ القِيْمَةِ

(15)

وإنَّما وضع المسألة على هذا الوجه أعني لم يقل في عين البقر

(16)

[والبعير]

(17)

مطلقاً، ليبيِّن أن البقر والإبل وإن أُعِدَّا للحم كما في الشَّاة لا يختلف الجواب فيها، بل سواء كانا معدَّين للحم أو للحرث والحمل والركوب ففيه ربع القيمة

(18)

كما في الذي لا يؤكل لحمه كالحمار والبغل إلى هذا أشار فخر الإسلام رحمه الله

(19)

.

(1)

بداية المبتدي (251).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 381)، البناية شرح الهداية (13/ 268).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(4)

وفي هامش (أ): (أي: خلصت من القيد من غير اختيار صاحبها).

(5)

وفي الحديث: (العَجماءُ جرْحُها جبَار)، قال أبو عبيد: أراد بالعجماء البهيمةَ، سمِّيت عجماءَ لأنَّها لا تتكلَّم. قال: وكلُّ من لا يقدر على الكلام فهو أعجمُ ومُستعجم. يُنْظَر: تهذيب اللغة (1/ 250).

(6)

وفي (ب)(أهدرها).

(7)

والحديث متفق عليه، سبق تخريجه (ص 515).

(8)

وفي (ب)(فعلها).

(9)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 559)، العناية شرح الهداية (15/ 381)، البناية شرح الهداية (13/ 269).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 201).

(11)

كذا في (ب) وهي مثبتة في هامش (أ).

(12)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 381)، البناية شرح الهداية (13/ 269)، نتائج الأفكار (10/ 359، 360).

(13)

سقط في (ب).

(14)

يُنْظَر: الصحاح؛ للجوهري (2/ 175)، المغرب في ترتيب المعرب (1/ 143).

(15)

بداية المبتدي (251).

(16)

وفي (ب)(البقرة).

(17)

زيادة في (ب).

(18)

روى الطبراني في المعجم الكبير (5/ 138)، عن خَارجَةَ بن زَيدِ بن ثَابتٍ قال: قال زَيدُ بن ثَابتٍ: «لم يَقضِ رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثَ قَضيَّاتٍ في الآمة وَالْمنَقِّلَةِ وَالْموضِحَةِ، في الآمة ثلاثًا وَثَلاثينَ وفي الْمنَقِّلَةِ خَمسَ عَشرَةَ وفي الْمُوضحَةِ خمْسًا وقَضَى رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم في عيْنِ الدّابَّةِ ربُعَ ثَمَنهَا» . قال الزيلعي: ورواه العقيلي في ضعفائه، وأعله بإسماعيل أبي أمية، وضعفه عن جماعة من غير توثيق. ورواه البيهقي (6/ 98)، في (كتاب الغصب)، في (باب لا يملك أحد بالجناية شيئا جنى عليه إلا أن يشاء هو والمالك)، برقم (11310) عن أبي قلابة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه «في عين الدابة ربع ثمنها» . وقال: وهذا منقطع. وروي عن إبراهيم النخعي عن عمر أنه كتب به إلى شريح وهو أيضا منقطع. ورواه جابر الجعفي وهو ضعيف. عن الشعبي عن شريح أن عمر رضي الله عنه كتب إليه بذلك. ورواه مجالد عن الشعبي قال: كتب عمر رضي الله عنه إلى شريح وهو منقطع.

(19)

يُنْظَر الهداية شرح البداية (4/ 202)، البناية شرح الهداية (13/ 269، 270)، حاشية ابن عابدين (6/ 193).

ص: 301

(وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يَتَمَكَّنُ

(1)

إِقَامَةُ العَمَلِ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ

(2)

إلى آخره.

والمعتمد في هذا: هو التعليل الأوَّل، ألا ترى أنَّ العينين لا يضمنان بنصف القيمة كذا ذكره فخر الإسلام

(3)

.

وإنَّما قال: إن العينين لا يضمنان بنصف القيمة؛ لأنَّه ذكر الإمام التمرتاشي رحمه الله بقوله: وقيل: لو فقأ [الأخرى]

(4)

[أي:]

(5)

وفقأهما

(6)

معاً تجب القيمة إن سلم الجُثَّة.

وفي «جامع

(7)

بكر

(8)

رحمه الله فقأ عيني الدَّابة، وصاحبها إن شاء تركها على الفاقئ

(9)

وضمنه القيمة، وإن شاء أمسكها وضمنه النقصان، وهذا لأنَّ المعمول في هذا

(10)

الباب النص، والنص ورد في عين واحدة فيقتصر عليه

(11)

.

وأمَّا الجواب عن الشَّاة: فهو أنَّ الشَّاة لا تعمل بل ينتفع بها كما ينتفع بالأمتعة فضمنت بالنقصان من غير تقدير.

وإنَّما قلنا: إنَّ فَقْأَ العين في الشَّاة نقصان وليس بالستهلاك؛

(12)

لأنَّ المقصود من الشاة اللحم ولا يفوت [شيء منه]

(13)

بفقإ العين وهو عيب يسير فيلزمه نقصان الماليَّة بخلاف ما ذكرنا من البهائم، فإنَّها عاملة كبني آدم لكنها لا تعمل إلا بغيرها، فأشبه الإنسانَ من حيث العمل وأشبه الشَّاةَ من حيث اللَّحم فوجب تنصيف التقدير

(14)

الواجب في الإنسان وهو ربع القيمة في إحدى العينين؛ لأنَّ في الإنسان فيها نصف الدية [فيجب في البهائم فيها نصف الدية]

(15)

فيجب في البهائم فيها نصف النصف وهو ربع القيمة [إذ القيمة]

(16)

فيها جارية مجرى الدية في الإنسان

(17)

.

(1)

وفي (ب)(يُمْكِنُ)، وهي الموافقة لما في متن الهداية.

(2)

قال في الهداية (4/ 202): بأربعة أعين: عيناها، وعينا المستعمل، فكأنها ذات أعين أربعة فيجب الربع بفوات إحداها.

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 383)، حاشية ابن عابدين (6/ 610)، تكملة رد المحتار (184).

(4)

زيادة في (ب).

(5)

سقط في (ب).

(6)

وفي (ب)(أو فقأهما).

(7)

وفي (ب)(الجامع).

(8)

هو: محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري، المعروف ببكر خواهر زاده، سبقت ترجمته (ص 135).

(9)

وفي (ب)(للفاقئ).

(10)

(هذا هذا) كذا في (أ).

(11)

وهذه المسألة تسمى: مسألة الجثة العمياء، فعِندَ أبي حنِيفَةَ -رحِمَهُ اللّهُ تعَالَى-: الجُثَّةَ العَمْيَاءَ: تقُومُ مقَامَ الصحيحة لَحمًا ودَمًا وكَذَلِكَ تقُومُ مقَامَ القِيمَةِ لزُومًا وَحَتمًا حتى لا يكُونَ لصاحب الجُثَّةِ العَمْيَاءِ أنْ يُمسِكَ الجُثَّةَ ويَضْمَنَ النُّقْصانَ. وعِنْدَ مُحمَّدٍ -رحِمَهُ اللّهُ تعَالَى- قِيمةُ الْجُثّةِ الْعمْيَاءِ: لا تقُومُ مقَامَ الْجُثّةِ والْعَيْنَيْنِ جميعا، ولَا تكُونُ بدَلًا عنهما حتى إنَّ له أنْ يمْسِكَ الْجُثّةَ ويَرْجِعَ بِقِيمةِ النُّقْصانِ. يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (17/ 104)، الاختيار تعليل المختار (3/ 72)، تكملة البحر الرائق (8/ 309)، الفتاوى الهندية (5/ 123).

(12)

وفي (ب)(باستهلاك)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(13)

سقط في (ب).

(14)

وفي (ب)(بتنصيف القدر).

(15)

سقط في (ب).

(16)

سقط في (ب).

(17)

يُنْظَر: الهداية شرح البداية (4/ 202)، العناية شرح الهداية (15/ 383)، البناية شرح الهداية (13/ 269، 270)، نتائج الأفكار (10/ 361).

ص: 302

نَخَسَ الدَّابَّة نَخْساً من باب مَنع: إذا طعنها بعود أو نحوه ومنه نخَّاس الدَّواب: دَلَّالها

(1)

.

[نخس الدابة بغير إذن الراكب]

(وَمَنْ سَارَ عَلَى دَابَّتِهِ

(2)

إلى أن قال: (كَانَ ذَلِكَ عَلَى النَّاخِسِ دُونَ الرَّاكِبِ

(3)

يعني: إذا نخسها بغير إذن الرَّاكب.

فإن قلت: القياس يقتضي أن ينقلب الحكم، وهو أن يجب على الرَّاكب دون النَّاخس؛ لأنَّ الرَّاكب مباشر، والناسخ

(4)

مسبب، ألا ترى أن حرمان الإرث والوصيَّة ووجوب الكفارة أحكام مرتبة على المباشر، وذلك يثبت في حقِّ الرَّاكب دون غيره ممن باشر السَّبب من السَّوق والقَود، والإرسال، فلو لم ينقلب الحكم ينبغي أن لا يكون حكم المباشرة هنا أقل من التَّسبيب بأن يشتركا فيه.

ولا يتخلص عن هذا السؤال

(5)

بأن الرَّاكب غير متعدٍّ والناخس متعدٍّ لما أنَّه لا يشترط التعدي في حق المباشر في وجوب الضَّمان إنَّما ذلك في حقِّ المسبب، ألا ترى أنَّ النائم إذا انقلب على إنسان فقتله أو على مال إنسان فأتلفه يجب الضَّمان، والنَّائم لا يوصف بالتَّعدي وكذلك الرَّامي [في ملكه]

(6)

يجب عليه الضَّمان إذا أتلف برميه إنسانًا أو مالاً وهو متصرف في ملكه

(7)

.

قلت: نعم كذلك إلا أن جواب هذا مندرج في تعليل الكتاب بقوله: (وَلِأَنَّ الرَّاكِبَ وَالمَرْكَبَ مَدْفُوْعَانِ بِدَفْعِ النَّاخِسِ فَأُضِيْفَ فِعْلُ الدَّابَّةِ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِيَدِهِ

(8)

، وتفسير هذا الجواب ما أشار إليه في «الذَّخيرة» فقال: أنَّ الرَّاكب وإن كان مباشراً إلا أنَّه مدفوع إلى ذلك غير مختار؛ لأنَّ الدَّابة هي التي وَثَبَت فصار فعل الرَّاكب منقولاً إلى الدَّابة، وإذا كان فعله منقولاً إليها لم يكن الرَّاكب مباشراً؛ لأنَّ المباشر إذا كان مضطراً في مباشرته لا تعتبر مباشرته أصلاً، فكان وجود الفعل منه بمنزلة وجود الفعل من الآلة التي هي الجماد، كما في الإكراه الكامل حيث ينتقل الفعل من المُكرَه إلى الذي أكرهه، ولا يكون للمكرَه فعل أصلاً، فكذلك هنا جعل فعل النَّاخس بمنزلة الدَّافع للدَّابة والرَّاكب معاً على ما فعلت الدَّابة، فلا يكون للرَّاكب فعل أصلاً، ولمَّا كان كذلك تعذر إيجاب الضَّمان هنا على الرَّاكب بالمباشرة وتعذر إيجابه بالتَّسبيب؛ لأنَّه لم يكن متعدياً في التسبيب، وأمَّا النَّاخس فمتعدٍّ في التَّسبيب فأوجب

(9)

الضَّمان عليه

(10)

.

(1)

يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (2/ 293).

(2)

كذا في (أ) و (ب)، أما في متن البداية (دَابَّةٍ).

(3)

بداية المبتدي (251).

(4)

وفي (ب)(والناخس)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(5)

وفي (ب)(للسؤال).

(6)

كذا في (أ) وهي مثبتة في هامش (ب).

(7)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 5)، اللباب في شرح الكتاب (167).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 202).

(9)

وفي (ب)(فأوجبنا).

(10)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 385)،

ص: 303

فإن قلت: قد ذكر قبل هذا [في الكتاب]

(1)

(وَلا يَضْمَنُ) أي: الرَّاكب (مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا

(2)

ثم قال بعدَه: (وَقَالَ أَكْثَرُ المَشَايِخِ: إِنَّ السَّائِقَ لا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ [أَيْضاً]

(3)

(4)

؛ لأنَّه لا يمكن التحرُّز عنه فلما كانت النَّفحة ممَّا لم يمكن التحرُّز عنها لِمَ وجب الضَّمان ههنا بسبب النَّفحة على النَّاخس؟

قلت: ذاك العذر إنَّما كان في السَّوق والنَّخس بالإذن وأمَّا إذا كان النَّخس بدون الإذن فلا

(5)

.

وقال في المبسوط: وإذا نخس الرَّجل الدَّابة ولها سائق بغير إذن السَّائق، أي: نخس النَّاخس بغير إذن السَّائق، فنفحت رجلاً فقتلته فالضَّمان على النَّاخس وكذلك لو كان لها قائد؛ لأنَّ النَّاخس متعد في هب

(6)

التسبيب بغير أمر القائد والسَّائق وفي حق المتعدِّي لا فرق بين ما يمكن التحرًّز عنه وبين ما لا يمكن فلهذا لزمه ضمان ما نفحت بالرِّجْلِ أو الذنب.

فإن كانا أمراه بذلك فلا ضمان عليه ولا عليهما؛ لأنَّه غير متعد هنا بل هو سائق الدَّابة

(7)

بإذن صاحبها وليس على السَّائق ضمان النفحة فأضيف فعل الدَّابة وهو الإتلاف إليه أي إلى النَّاخس

(8)

.

(وَلِأَنَّ النَّاخِسَ مُتَعَدٍّ فِي تَسْبِيْبِهِ

(9)

وإنَّما قلنا: أنَّ النَّاخس مسبب؛ لأنَّ من عادة الدَّابة النفحة والوثبة عند النَّخس.

(لِمَا بَيَّنَّاهُ) وهو قوله: (لأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي تَسْبِيْبِهِ).

(وَالوَاقِفُ فِي مِلْكِهِ وَالَّذِي يِسِيْرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ

(10)

أي: يجب الضَّمان عن النَّاخس في كلِّ حال.

(1)

سقط في (ب).

(2)

بداية المبتدي (250).

(3)

سقط في (ب).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 198).

(5)

وبه قال محمد. وعن أبي يوسف رحمه الله: أنه يجب الضمان على الناخس والراكب نصفين لأن التلف حصل بثقل الراكب ووطء الدابة، والثاني مضاف إلى الناخس فيجب الضمان عليهما، وإن نخسها بإذن الراكب كان ذلك بمنزلة فعل الراكب لو نخسها، ولا ضمان عليه في نفحتها.

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 559)، تحفة الفقهاء (3/ 126)، الهداية شرح البداية (4/ 202).

(6)

وفي (ب)(هذا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(7)

وفي (ب)(للدابة).

(8)

يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (4/ 560)، المبسوط؛ للسرخسي (27/ 2).

(9)

الهداية شرح البداية (4/ 202).

(10)

الهداية شرح البداية (4/ 202).

ص: 304

وإنَّما قيد بالملك هنا في الوقوف والسير؛ لأنَّه إذا كان الرَّاكب واقفاً في بعض الطَّريق الذي لم يؤذن في الوقوف فيه فضرب الدَّابة إنسان بإذنه فنفحت إنسانًا فالدية على الضَّارب والراكب نصفين

(1)

على عاقلتهما؛ لأنَّ الضَّارب سائق وكل راكب سائق فاستويا فضمنا ولا كفارة عليهما فإنَّ القتل حصل بالتسبيب، فإنَّ الرَّاكب أُنزل مباشراً فيما

(2)

يحصل بالسير دون ما يحصل بالنفحة كذا في «الإيضاح»

(3)

.

وقوله: (وَالثَّانِي

(4)

أي: وطئ الدَّابة وهذا؛ لأنَّ النَّاخس كالسائق للدَّابة والسَّائق مع الراكب ضامنا لما أوطأت الدَّابة لما أنَّ التَّلف حصل بسببهما وهو ثقل الراكب فوطئ

(5)

الدَّابة من النَّاخس كما أنَّ الثقل من الرَّاكب فلذلك كان النَّاخس والرَّاكب يضمنان روى هذه الرواية ابن سمَّاعة عن أبي يوسف رحمه الله كذا في «المبسوط»

(6)

.

(وَلا ضَمَانَ [عَلَيْهِ])

(7)

أي: على النَّاخس (لأَنَّهُ أَمَرَهُ بِمَا يَمْلِكُهُ

(8)

أي: لأنَّ الراكب أمر النَّاخس بالذي يملكه الراكب؛ فإنَّ الراكب يملك نخس مركوبه حتى لو وجدت نفحة من نخس الراكب وتلف بها شيء كان لا يجب الضَّمان على الراكب، فكذا على مأموره الذي فعله بأمره وبين

(9)

النَّاخس؛ لأنَّه لما كان نخسه بأمره انتقل فعل النَّاخس إلى الرَّاكب فالرَّاكب لا يضمن فيه، فكذا النَّاخس.

(إِلَيْهِمَا) أي: إلى الرَّاكب والنَّاخس، وفي بعض النسخ: إليها، أي: إلى النخسة.

(وَلا يَتَنَاوَلُهُ مِن حَيْثُ إِنَّهُ إِتْلَافٌ) أي: لا يتناول الإذن السوق من حيث أن السوق إتلاف لوجود انفصال السَّوق عن الإتلاف وكم من سوق يوجد ولا إتلاف فيه.

(1)

وفي (ب)(نصفان).

(2)

وفي (ب)(فلا).

(3)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 386)، البناية شرح الهداية (13/ 272، 273).

(4)

الهداية شرح البداية (4/ 202).

(5)

وفي (ب)(ووطئ).

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 2).

(7)

سقط في (ب).

(8)

الهداية شرح البداية (4/ 202).

(9)

وفي (ب)(وهو).

ص: 305

[اقتصار الضمان على الناخس]

(فَمِنْ هَذَا الوَجْهِ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ

(1)

أي: يقتصر الضَّمان على النَّاخس؛ لأنَّ الراكب أذن له بالسَّوق لا بالإيطاء والإتلاف

(2)

.

(كَمَا إِذَا أَمَرَ صَبِيًّا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ بِتَسْيِيرِهَا

(3)

وفي نسخة: يُسَيِّرها.

وفائدة تقييد الصبي بأنَّه يستمسك على الدَّابة: لدفع الضَّمان عن عاقلة الصبي عند عدم الاستمساك [لا]

(4)

لإثبات رجوع عاقلة الصبي على عاقله الآمر، فإنَّ الصبي إذا لم يكن مستمسكاً على الدَّابة فلا ضمان على أحد، ذكره في «الذَّخيرة» في فصل القسامة الذي هو الفصل الحادي عشر من الجنايات. وقال: وإن كان الصبي ممَّن لا يستمسك على الدَّابة، ولا يُسيِّر الدَّابة وقد حمله الرَّجل والدَّابة واقفة ثم سارت فأوطأت إنسانًا أو أفسدت متاعاً فإنَّه لا يجب ضمان ذلك على الصبي ولا على الذي حمل الصبي على الدَّابة:

إمَّا لأنَّ

(5)

ضمان على الصبي؛ لأنَّ الصبي إذا كان ممن لا يُسيِّر الدَّابة فسير الدَّابة لا يكون مضافاً إلى الصبي ويكون الصبي عليها بمنزلة الحمل على الدَّابة.

وإمَّا لا يجب على الرجل؛ لأنَّ الرجل لم يُسيِّر الدابة وإذا لم يجب

(6)

أن يضاف سير الدابة إلى واحد منهما كانت سائرة باختيارها لا بتسيير أحد فكانت منفلتة وما ما أصابت

(7)

المنفلتة: فهو هدر، لقوله عليه السلام:«فعل العجماء جبار»

(8)

والمراد به: المنفلتة

(9)

.

(وَمَنْ قَادَ دَابَّةً) إلى قوله: (فَهُوَ عَلَى النَّاخِسِ) يعني: لا على القائد، (وَكَذَا إِذَا كَانَ لَهَا سَائِقٌ فَنَخَسَهَا غَيْرُهُ

(10)

أي: فالضَّمان على النَّاخس لا على السَّائق.

وإنَّما ذكر وجود القائد والسَّائق عند ذكر نخس الناخس لهذا المعنى وهو أنَّ الضَّمان إنَّما يجب على النَّاخس لا على القائد [والسَّائق]

(11)

.

وأمَّا إذا لم يكونا فلا شك أنَّ وجوب الضَّمان على النَّاخس؛ لأنَّ النَّخس (مُضَافٌ إِلَيْهِ) مما تولَّد منه يكون مضافاً إليه أيضاً من غير مزاحمة أحد.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 202).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 388)، البناية شرح الهداية (13/ 273).

(3)

الهداية شرح البداية (4/ 203).

(4)

سقط في (ب).

(5)

وفي (ب)(لا)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(6)

وفي (ب)(يجز).

(7)

وفي (ب)(وما أصابت)، وهي الصواب لموافقتها سياق الكلام.

(8)

ولم أجده بهذا اللفظ، وقد ورد بلفظ:«العجماء جبار» . وسبق تخريجه (ص 515).

(9)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 388)، البناية شرح الهداية (13/ 274).

(10)

بداية المبتدي (251).

(11)

سقط في (ب).

ص: 306

[إذا كان الناخس عبدا]

(وَالنَّاخِسُ إِذَا كَانَ عَبْداً: فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَتِهِ

(1)

أي: يدفع بها أو يفدي هذا إذا نخسه بغير إذن الرَّاكب

(2)

.

وأمَّا إذا نخسه بإذن الرَّاكب فلا يخلو: إمَّا إن كانت من الدَّابة نفحة أو وطئ

(3)

فقد ذكر حكمها في «المبسوط» وقال: وإذا كان الرجل يسير في الطَّريق فأمر عبد الغير فنخس دابته فنفحت فلا ضمان على واحد منهما؛ لأنَّ فعل المأمور كفعل الآمر عبدًا كان المأمور أو حرًّا، فإن وطئت في فورها ذلك إنسانًا فقتلته فعلى عاقلة الرَّاكب نصف الدية وفي عنق العبد نصف الدية يدفعه مولاه أو يفديه بمنزلة السَّائق مع الرَّاكب، إلا أن المولى يرجع على الآمر بالأقلِّ من قيمة العبد ومن نصف الدية؛ لأنَّه صار غاصباً للعبد باستعماله إيَّاه في نخس الدَّابة، فإذا لحقه ضمان بذلك السَّبب كان للمولى أن يرجع به على المستعمل له.

وكذلك لو أمره بسوق الدَّابة أو بقودها ولو كان الرَّاكب عبدًا وأمر عبدًا آخر فساق دابته فأوطأت إنسانًا فقتلته

(4)

فالدِّية في أعناقهما نصفين يدفعان أو يفديان بمنزلة السَّائق مع الرَّاكب، ولا شيء على الراكب لمولى العبد المأمور إذا كان الرَّاكب محجوراً عليه حتَّى يعتق؛ لأنَّ سبب وجوب هذا الضَّمان استعماله إيَّاه بالقول والمحجور لا يؤاخذ بضمان القول حتَّى يعتق فإذا عتق كان عليه قيمة المأمور لمولاه وإن كان تاجراً أو مكاتباً فهو دين عتقه؛ لأنَّه مؤاخذ بضمان القول في الحال والله أعلم [بالصَّواب]

(5)

(6)

.

(1)

الهداية شرح البداية (4/ 203).

(2)

يُنْظَر: العناية شرح الهداية (15/ 389)، البناية شرح الهداية (13/ 275).

(3)

وفي (ب)(وطي).

(4)

وفي (ب)(فقتلت).

(5)

سقط في (ب).

(6)

يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (27/ 3)، نتائج الأفكار (10/ 364).

ص: 307