الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهبات السَّنِيَّةُ العَلِيَّةُ
على أبياتِ الشاطبِيَّةِ الرائيَّةِ
وهو شرح لرائية الشاطبي "عقيلة أتراب القصائد "
تأليف
ملا علي القاري الهروي
المتوفى (1014)
تحقيق
د. عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الكريم السديس
أصل هذا الكتاب رسالة مقدمة في مرحلة العالمية العالية
في قسم الكتاب والسنة في كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى
ونوقشت بتاريخ: 14/ 3/ 1422
وقد أجيزت بتقدير: ممتاز
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا، مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا، وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا، و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ والحمد الله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شاء من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، وأهل التقوى والمغفرة، له الحمد كله، وله الشكر كله، وله الثناء الحسن، له الحمد حتى يرضى، وله الحمد بعد الرضى، له الحمد لا نحصي ثناءً عليه، هو كما
أثنى على نفسه، وفوق ما نثني عليه، له الحمد كما هدانا وله الحمد كما كفانا وآوانا، وله الحمد بالإسلام، وله الحمد بالإيمان، وله الحمد بالسنة والقرآن، له الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا، هدانا للإسلام وعلَّمَنا القرآن، ثم يأجرنا على ذلك كثيرا ويقول:{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 6]، وما إحساننا لولاه، وما إيماننا لولاه {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17]، أتم بالإسلام علينا النعمة وقال {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، فتمام النعمة في كمال الدين، فالدين من حيث هو قد كمل، وأتم الله به علينا النعمة، وإنما يكمل أحدنا بقدر أخذه من هذا الدين علماً وعملًا، فمن كان بهذا الدين أقعد؛ فهو بنعمة الله أحظى وأسعد، وبقدر ما يرفع العبد به رأسه؛ تكون نعمة الله عليه أتم، إذ الدين قد تم، والنقص فينا، وما يسدُّه إلا تمسكنا بهذا الدين.
ولما كان هذا القرآنُ -كلامُ ربِّنا وخالقِنا والعالمِ بما يصلحُنا ويصلحُ لنا، إذ هو أعلم بنا من أنفسنا- جامعًا لأسباب السعادة الدنيوية والأخروية، فما من خير إلا دل عليه، وما من شر إلا حذر منه، فأحكامه أتم العدل وأخباره أتم الصدق {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115] فإنني حرصت على أن أكون ممن حظي بشرف خدمة هذا الكتاب العظيم.
وإن من أعظم نعم الله علينا أن تكفل بحفظ كتابه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)} [القيامة: 17 - 19]، ولم يكله إلى جهودنا، -علم ربُّنا ضعفَنا
وعجزَنا-، ومن مظاهر هذا الحفظِ الإلهيِّ المذكورِ أن سخَّر الله أناسًا اصطفاهمُ ليكونوا ورثةَ النبي صلى الله عليه وسلم في حفظ هذا الدين، فقاموا به خير قيام فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، فما مات النبي صلى الله عليه وسلم إلا والقرآنُ كلُّه محفوظُ في الصدورِ، مكتوبٌ في السطور، وكان هذا الجمعُ مفرَّقَ الآيات والسورِ.
وفي عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه جُمِعَ القرآنُ في صُحُفٍ مجموعَ الآيات والسُّوَر في مكانٍ واحدٍ وكان هذا الجمع بمشورةٍ من عمر رضي الله عنه مخافة أن يذهب القرآنُ بذهاب حُفَّاظِه الذين اسْتَحَرَّ القتلُ فيهم في موقعةِ اليمامة.
ولما كثرت الفتوحات الإسلامية ودخلَ الناسُ في دين الله أفواجاً، واجتمعَ أهل المشرقِ بأهلِ المغربِ، وكلٌّ يقرأ بما عنده من القرآن بالحرف الذي سمعه، ولعَدَمِ علمِ بعضِهم بالحروف نشَأَ بينهم خلافٌ أدى إلى إنكار الأحرفِ والقراءاتِ من بعضهم حتى تفاقم الأمر وكاد يقع بينهم قتالٌ في ذلك، فسمع هذا الاختلافَ بين الناس الصحابيُّ الجليلُ حذيفةُ بن اليمان رضي الله عنه فذهب إلى الخليفةِ عثمانَ بنِ عفانَ رضي الله عنه وقال له: أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتاب ربها كما اختلفت اليهود والنصارى، فامتثل الخليفةُ الراشدُ عثمانُ النصيحةَ وجَمَعَ القرآنَ في مصحفٍ واحدٍ مرتبِ الآياتِ والسورِ برسمٍ يخالف الرسمَ الإملائيَّ في بعض الكلمات ليَحْتَمِلَ وجوهَ القراءاتِ، وأُطلق عليه الرسمُ العثمانيُّ، وأَمَرَ بنسخِ هذا المصحفِ نُسَخاً عِدَّة، وبَعَثَ بها إلى الآفاق
(1)
. وقد عُنِيَ علماء المسلمين بالقرآن وعلومِه والقراءاتِ منذ نزوله على
(1)
المقنع صـ 9.
النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بين علوم القرآن التي عُنُوا بها "علم رسم المصحف العثماني" وأُلِّفَتْ في ذلك تصانيف، ومن بين هذه المصنفات نظمُ "عقيلة أتراب القصائد" للإمام الشاطبي رحمه الله وشرحُه "الهباتُ السَّنِيَّةُ العَلِيَّةُ على أبياتِ الشاطبِيَّةِ الرائيَّةِ" للإمام ملا علي القاري الهروي ت 1014، وهو الكتاب الذي قمت بتحقيقه بفضل الله وعونه وهأنذا أقدمه للقارئ الكريم سائلًا الله أن ينفع به كاتبه يوم لا ينفع مال ولا بنون وأن ينفع به قارئه إنه سميع مجيب جوادٌ كريم.
منهج التحقيق:
كان عملي ومنهجي فيه وَفْقَ الخطوات التالية:
(1)
ضبط النصِّ وإخراجه خاليًا من التحريفِ والتصحيفِ -بقدر الاستطاعة- كما وضعه المؤلف أو قريبًا منه واضعًا نصب عيني قواعدَ وأصولَ التحقيق العلمي معتمدًا على ستّ نسخ بصورةٍ دائمةٍ وثلاثٍ أخرى عند الإشكال.
(2)
المقابلة بين النسخ -واتبعت طريقة النص المختار- وتقويم الكلمات التي اعتراها التحريفُ والتصحيفُ وإثباتُ ما ترجَّحَ عندي صوابهُ في النصِّ، والإشارةُ إلى الفروقِ الموجودةِ بين النسخ في الحاشية، وإذا كان هناك خطأ في الأصل أثبتُّ الصوابَ وأشرتُ إلى الخطأ في الهامش مع بيان المصدر، أو سبب التصويب.
(3) رسمت الآياتِ القرآنية بالرسمِ العثماني وعزوتها إلى سورها ورقمها في السورة، وإذا تكرر ورود الآية أو جزءٍ منها في الصفحة أو قريبًا فلا أعيد ذكر رقمها وسورتها.
(4)
تنظيم مادةِ النص بوضعِ علامات الترقيم من النقطِ والفواصلِ والإشارات والأقواس المتعارفِ عليها، حيث جعلتُ الآياتِ القرآنيةَ داخلَ الأقواس المزهرة {} والأحاديث النبوية والآثار وكلام الداني في المقنع وما ينقلُه المصنف عن الآخرين أجعله بين هلالين ().
(5)
تخريج القراءات الواردة في النص صحيحِها وشاذِّها وذلك بالرجوع إلى مصادرها.
(6)
التزمتُ في نفي المؤلف القراءة عن السبعة؛ ذِكْرَ موافقةِ العشرةِ لهم أيضاً إن كان الأمر كذلك، فإذا قال:(ولم يقرأ في السبعة) وكان الواقع أن العشرة لم يقرؤوا بذلك أيضاً فإنني أبين ذلك بقولي: (بل ولا بقية العشرة) لأن ذلك أقوى في تثبيت مراد المؤلف رحمه الله، أما في الإثبات فلم ألتزم ذلك مع كوني قد أذكره عند قيام مقتضي ذكره.
(7)
تخريجُ الأحاديث النبوية فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيتُ بالعزو إليهما وإن لم يكن فيهما اجتهدت في التخريج مع بيان درجتها ذاكراً أقوال العلماء في ذلك.
(8)
عزو الأقوال المأثورة والشواهد الشعرية إلى قائليها.
(9)
ضبط الكلمات الغريبة في النص وتفسيرها وتوضيح المصطلحات الخاصة بعلم الرسم وغيره.
(10) عزو الكلمات التي في أبيات العقيلة -التي هي نظم للمقنع- إلى مواضعها في المقنع؛ حيث التزمت وضع حاشية في نهاية كل بيت بينت فيها مواقع هذه الكلمات من المقنع برقم الصفحة.
(11)
تحديد وعزو النقول المقتبسة من الوسيلة -المصرح بها وغير المصرح- إلى أرقام صفحاتها.
(12)
تحديد وعزو النقول المقتبسة من الجميلة -المصرح بها وغير المصرح- إلى أرقام صفحاتها في المخطوط الذي أهدانيه الأخ الدكتور: محمد إلياس، وهي نسخة مكتبة الحرم المكي برقم 420، وعدد صفحاتها 382 صفحة، وتاريخ نسخها سنة 798.
(13)
تحقيق المسائل التي تحتاج إلى تحقيق وبحث وبيان الراجح في المسائل المختلف فيها.
(14)
ترجمت للأعلامِ الواردِ ذكرُهم في النصِّ، وذكرت مصادرَ كلِّ ترجمةٍ معتمِدًا غالبًا على كتاب معرفة القراء الكبار في معظم الأعلام الذين لهم تعَلُّقٌ بهذا الفنِّ؛ ومن ليس لهم تعَلُّقٌ بالفنِّ أترجم لهم من كتب التراجم المختصة بهم.
وسبب اعتمادي في أكثر التراجم على معرفة القراء الكبار للذهبي أمور:
• جلالة الذهبي في علم نقد الرجال، قال عنه تاج الدين السبكي:(إنه كان شيخ الجرح والتعديل ورجل الرجال، وكأنما جمعت الأمة في صعيد واحد فنظرها ثم أخذ يُعَبِّرُ عنها إخبار من حضرها)
(1)
، وقال ابن ناصر الدين: (ناقد المحدِّثين وإمام المعدِّلين والمجرِّحين
…
وكان آية في نقد الرجال، عمدة في
(1)
طبقات الشافعية الكبرى لتقي الدين السبكي 5/ 216.
الجرح والتعديل)
(1)
، ويقول شمس الدين السخاوي عنه:(هو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال)
(2)
، ولهذا السبب أيضاً كان اعتمادي كثيراً في التراجم على كتابه "سير أعلام النبلاء".
• أن الكتاب الذي أحققه هو علم الرسم وألصق شيءٍ به في التراجم هو هذا الكتاب، وكتاب غاية النهاية لابن الجزري، ولذا كان اعتمادي عليه كبيراً في رجال رسم القراءات.
• أن مجرد ذكر صاحب الترجمة في كتاب الذهبي دليل على كونه من القراء الكبار، حيث قال الذهبي في مقدمة كتابه:(فهذا كتاب فيه معرفة المشهورين من القراء الأعيان، أولي الإسناد والإتقان، والتقدم في البلدان، على الطبقات والأزمان)
(3)
.
• أن الكتاب قد حققه واعتنى به ثلة من مهرة المحققين وهم: بشار عوّاد معروف وشعيب الأرنؤوط وصالح مهدي عباس، ومثل ذلك يقال في:"سير أعلام النبلاء".
• أن محققي الكتاب ذَيَّلوا كلَّ ترجمةٍ بمصادرِها ومراجعِها لمن أراد الاستزادة، ومثل ذلك يقال في "سير أعلام النبلاء".
وقد ترجمت لكل علم عند أول موضعٍ يُذْكَرُ فيه، ولم ألتزم الإحالةَ على موضع ترجمته عند وروده مرة أخرى أو مرات اكتفاءً بكوني ذكرت مكان ترجمته في فهرس الأعلام.
(1)
الرد الوافر لابن ناصر الدين، صـ 31.
(2)
الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ للسخاوي. صـ 722.
(3)
معرفة القراء الكبار للذهبي، تحقيق: بشار عواد وشعيب الأرنؤوط وصالح مهدي، 1/ 23.
(15) ذيلت الكتاب بالفهارس التالية:
* فهرس الآيات.
* فهرس الأحاديث والآثار.
* فهرس الشعر.
* فهرس الأعلام.
* فهرس الموضوعات.
وقدمت بين يدي الكتاب بترجمة موجزة لصاحب القصيدة المشروحة (الشاطبي)، وبترجمة أخرى لصاحب "الهبات السنية" الملا علي القاري.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ترجمة صاحب القصيدة
(الشاطبيّ)
(1)
اسمه وكنيته:
هو القاسم بن فِيرُّه بن خلف بن أحمد أبو محمد وأبو القاسم الرُّعَيْنِيُّ الأندلسيُّ الشاطبيُّ.
ولادته ونشأته ووفاته:
ولد في آخر سنة 538 بشاطبة وقرأ بها القراءات وأتقنها، ولما أنهى الأخذَ عن مشايخ بلده ارتحل إلى بلنسية فقرأ بها القراءات والحديث والنحو واللغة، ثم ارتحل إلى مصر سنة 572 لقصد الحج فقدم إسكندرية فسمع بها من الإمام الحافظ أبي الطاهر السِّلَفِي ومن غيره، ثم استوطن مصر فتصدى فيها لإقراء القراءات واللغة والنحو وغير ذلك، فاشتهر اسمه وبعُد صيته وانتهت إليه رئاسة الإقراء، وعظم شأنه فقصده الناس من الأقطار، ولما فتح السلطان الملك الناصر صلاح الدين بيت المقدس توجه لزيارته في سنة 589، فلما رجع في ذلك العام، درَّس بالمدرسة الفاضلية، ولم يزل على ذلك حتى اخترمته المنية في جمادى الآخرة سنة 590، عن 52 سنة.
مؤلفاته:
له عدد من المؤلفات أشهرها: حرز الأماني ووجه التهاني
(2)
، وعقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد، قال الذهبي فيهما: (وقد سارت
(1)
انظر في ترجمة الشاطبي: معرفة القراء الكبار 2/ 573، وطبقات القراء للذهبي 2/ 883، وغاية النهاية 2/ 20، وسير أعلام النبلاء 21/ 361، وطبقات المحدثين 1/ 181، وطبقات الشافعية 2/ 35، وطبقات الشافعية الكبرى 7/ 370، ووفيات الأعيان 4/ 71، الذيل والتكملة 5/ 2/ 556، وقد أفرد القسطلاني له كتاباً بعنوان:"الفتح المواهبي في مناقب الإمام الشاطبي".
(2)
وقد طبعته كل من دار الجيل ببيروت، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ودار الفكر، مؤسسة الكتب الثقافية ببيروت، ودار البارودي ببيروت، وطبعت أخيراً ضمن سلسلة إصدارات كرسي تعلم القرآن وإقرائه بتحقيق الأخ الشيخ: علي بن سعد الغامدي، وطبعات أخرى.
الركبان بقصيدتيه حرز الأماني وعقيلة أتراب القصائد اللتين في القراءات والرسم وحفظهما خلق لا يحصون وخضع لهما فحول الشعراء وكبار البلغاء وحذاق القراء فلقد أبدع وأوجز وسهل الصعب)
(1)
، وقال القسطلاني:(ومن تآليف الإمام الشاطبي قصيدته الرائية المسماة "عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد" الشاملة لنفائس الفرائد، الجامعة شوارد "المقنع" في أسلوب مبدع، فائقةً نظراءها)
(2)
.
تلامذته:
تتلمذ عليه خلق لا يحصون منهم: الإمام علم الدين السخاوي، وأبو بكر اللخمي الأندلسي الشقري، وابن الحاجب المقرئ، المالكي، النحوي، الأصولي، وعلي بن هبة الله بن سلامة الإمام بهاء الدين أبو الحسن اللخمي، وهو من طبقة الشاطبي في بعض الروايات، قال الذهبي: وأنا أتعجب من القراء كيف لم يزدحموا عليه؛ لأنه كان أعلا أهل زمانه إسنادا في القراءات فلعل المانع من جهته، وكمال الدين علي بن سالم العباسي الهاشمي المقرئ المصري الشافعي شيخ القراء بالديار المصرية في زمانه،، ووَلَدُه محمد أبو عبدالله الشاطبي، وابن الأزرق عبد الله بن محمد بن عبدالوارث، معين الدين أبو الفضل؛ ابن المعالي الأنصاري المصري سمع عليه اللامية، وطال عمره فكان آخر من روى عن الشاطبي في الدنيا، وبقي إلى سنة 664)
(3)
.
(1)
معرفة القراء الكبار 2/ 574.
(2)
مختصر الفتح المواهبي صـ 65.
(3)
مختصر الفتح المواهبي صـ 87 - 94. وانظر: معرفة القراء الكبار 2/ 573 وطبقات القراء 2/ 883 وغاية النهاية في طبقات القراء 2/ 20 وسير أعلام النبلاء 21/ 361 وطبقات الشافعية 2/ 35 وطبقات الشافعية الكبرى 7/ 370.
ترجمة الشارح
(1)
اسمه وكنيته ولقبه وشهرته:
هو الشيخ نور الدين أبو الحسن علي بن سلطان محمد القاري الهَرَوِي ثم المكي الحنفي؛ المعروف بـ "ملا علي القاري"، و"نور الدين" لقب له، وكنيته: أبو الحسن، ووقع الاختلاف في ذكر اسمه على عدة أقوال، والصواب ما عبر به الشيخ عن نفسه في كثير من مصنفاته، حيث قال:(علي بن سلطان محمد القاري)
(2)
ولم ينقل عنه الخلاف في ذلك، وأما اسم والده (سلطان محمد)؛ فهو علم مركب من لفظين، وهذا عادة العجم، وأما (القاري) فقد قال الشيخ عبدالله مرداد
(3)
: (القاري لقب نفسه؛ لأنه كان حاذقا في علم القراءة، ولهذا قال في بعض مؤلفاته "المقرئ" بدل القاري)، و (الهروي): نسبة إلى هَراة، وهي مدينة مشهورة من أمهات مدن خراسان، وهي الآن عاصمة أفغانستان الثانية
(4)
، وقد نُسِب القاري إليها لأنه وُلِد فيها، ونشأ في ربوعها، و (المكي): نسبة إلى مكة -حرسها الله-، حيث إن الشيخ القاري رحل إليها
(1)
أفدت في ترجمته بشكل رئيس من كتاب "الإمام علي القاري وأثره في علم الحديث" لخليل إبراهيم قوتلاي، وبعض مراجعه ليست عندي ولم أستطع الوقوف عليها، ومن مقدمة كتاب "المصنوع في معرفه الحديث الموضوع" للقارئ تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، ومما ذكره عن نفسه في بعض مؤلفاته مثل: مرقاة المفاتيح 1/ 2، 25، وأبجد العلوم 3/ 232، وشم العوارض في ذم الروافض لوحة 11، ومن "تاريخ الأدب العربي القسم التاسع"، و"الملا علي القاري فهرس مؤلفاته وما كتب عنه".
(2)
الأسرار المرفوعة بتحقيق محمد الصباغ صـ 24؛ حيث قال (أما بعد، فيقول خادم الكلام القديم، ولازم الحديث القديم، علي بن سلطان محمد القاري
…
). وقال في أول شرحه للرائية: (أما بعد: فيقول الملتجي إلى رحمة ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري
…
).
(3)
مختصر نشر النور (2/ 321)، وانظر: أيضا البضاعة المزجاة ص 3.
(4)
اللباب في تهذيب الأنساب (3/ 386)، تقويم البلدان ص 354.
وجاور بها أكثر من أربعين سنة، وتوفي بها رحمه الله، وكلمة (ملا) ذهب الحافظ مرتضى الزبيدي إلى أنها منحدرة من (المولى) فقال في تاج العروس:(والنسبة الى المولى: مولوي، ومنه استعمال العجم (المولوي) العالم الكبير، و لكنهم ينطقون به "ملا" و هو قبيح)
(1)
يعني هذا التحريف، وقال الأستاذ محمد حسين خلف التبريزي في كتابه "برهان قاطع" ما ترجمته: (مُلَّا: بضم الأول وتشديد الثاني، و تنطق: منلا في اللغة التركية، والظاهر أنها منحدرة من كلمه "مولي" بالعربية ومعناها: السيد والمخدوم
…
ومعناها: في الفارسية الحديثة: فقيه ومثقف ومتعلم وفاضل وروحاني)
(2)
.
ولادته ونشأته ووفاته:
تعذر الوقوف على تاريخ ولادته، ولم يترجم هو لنفسه، كما أن أحدا من طبقته أو التي تليها لم يترجم له، فتعذر على من بعدهم معرفة تاريخ ولادته، غير أننا نجزم بأن السيوطي المتوفي عام 911 شيخ مشايخه كما قال في شرحه هذا ما نصه: (
…
كذا في الإتقان لشيخ مشايخنا الجلال السيوطي رحمه الله
(3)
، وتلقى مبادئ العلوم في هراة مسقط رأسه، حيث إنه تعلم بها قراءة القرآن الكريم، وحفظه عن ظهر قلب، وجوَّده، وتلقى فيها مبادئ العلوم الشرعية غير أننا لم نظفر بتسمية أحد من مشايخه الذين تلقى عنهم مبادئ العلوم في هراة سوى شيخه في القرآن الكريم، حيث ذكره هو في رسالته "شم العوارض في ذم الروافض" فقال:(أستاذي المرحوم في علم القراءة مولانا معين الدين بن حافظ زين الدين)
(4)
، وكان لوالده نصائح وتوجيهات كان لها أثر في حياته،
(1)
تاج العروس (10/ 401).
(2)
برهان قاطع (4/ 7030) نقلًا عن (الإمام علي القاري وأثره في علم الحديث) صـ 50.
(3)
انظر: آخر شرح البيت رقم (38).
(4)
شم العوارض لوحة 8.
حيث يقول الشيخ في رسالة له: (رحم الله والدي كان يقول لي: ما أريد أن تصير من العلماء خشية أن تقف على أبواب الأمراء)
(1)
، وتوفي بمكة في شوال سنة 1014، ودفن بمقبرة المعلاة.
طلبه للعلم ورحلته إلى مكة:
رحل الشيخ إلى مكة، ولم تذكر المراجع تاريخ هذه الرحلة، إلا إنه بالنظر إلى وفيات العلماء الذين أخذ عنهم بمكة وكذا ما ذُكر من وفاة شيخه بهراة معين الدين حافظ، والخلاف في تاريخ وفاته وأن ذلك كان سنة 952
(2)
أو 954
(3)
فيمكن القول إن قدومه كان بين هذين التاريخين، ويؤكد ذلك أن الشيخ القاري وصف الأستاذ أبا الحسن البكري المتوفى سنة 952
(4)
بقوله: (شيخ مشايخنا)
(5)
وذلك يدل على أنه لم يلقه، ومن ثم فيكون قدومه إلى مكة بعد سنة 952.
كما يبدو أن من أسباب رحلته إلى مكة ما ظهر من بدع ومنكرات في بلده هراة بعد تغلب الرافضة عليها، ويشهد لذلك قوله:(الحمد لله على ما أعطاني من التوفيق والقدرة على الهجرة من دار البدعة إلى خير ديار السنة، التي هي مهبط الوحي وظهور النبوة، وأثبتني على الإقامة من غير حول مني ولا قوة)
(6)
.
(1)
مرقاة المفاتيح (1/ 254).
(2)
انظر: (الإمام علي القاري .. ) ص 52 هامش (1).
(3)
كشف الظنون (2/ 1515).
(4)
النجوم الزاهرة (خ): ق 9، الكواكب السائرة (2/ 194)، النور السافر ص 414.
(5)
مرقاة المفاتيح (2/ 575)، ضوء المعالي ص 21.
(6)
شم العوارض في ذم الروافض لوحة 11.
شيوخه:
تتلمذ في هراة على الشيخ معين الدين بن حافظ زين الدين، كما تقدم، وبعد قدومه مكة تتلمذ على عدد من العلماء منهم: ابن حجر الهيتمي (ت 973)، وعلي المتقي الهندي (ت 975)، ومِير كَلَان (ت 981)، وعطية السُّلَمِي (ت 982)، وعبد الله السندي (ت 984)، وقطب الدين النهرواني المكي (ت 990)، وأحمد بن بدر الدين المصري (ت 992)، وشمس الدين محمد بن أبي الحسن البكري (ت 993)، وسنان الدين الأماسي (ت 1000)، والسيد زكريا الحسني.
اشتغاله بالخط واشتهاره به:
كان الشيخ القارئ رحمه الله من البارعين في خط النسخ والثلث، وذاع صيته بين الخطاطين الماهرين في عصره، وما كتبه بيده من المصاحف اشتهر في العالم الإسلامي، وقد أشار إلى مكانته في الخط كثير ممن كتب في تراجم الخطاطين أو في تاريخ الخط العربي؛ كالشيخ سعد الدين مستقيم زاده
(1)
، وقد كانت الكتابة هي مورد عيشه، وكان يكتب كل عام مصحفاً بخطه ويبيعه، فيكفيه قوته عامًا ذكر ذلك الشيخ عثمان العرياني
(2)
، والشيخ محمد عبد الحليم النعماني
(3)
.
(1)
تحفه خطاطين (بالتركية) صـ 324، تاريخ الخط العربي صـ 331 وانظر: أيضاً في ذلك كلام المحدث الشيخ عبد الحق الدهلوي عنه في البضاعة المزجاة صـ 29.
(2)
الرمز الكامل (خ): ق 12/ ب.
(3)
البضاعة المزجاة صـ 30.
علمه ومؤلفاته:
كان الشيخ رحمه الله من المكثرين في التأليف فألف في الحديث والفقه والأصول والتوحيد والتفسير والقراءات والتجويد والفرائض والتراجم والأدب واللغة والنحو وغيرها، وقد سرد كارل بروكلمان مؤلفات الشيخ فبلغت مائة وسبعين مؤلفا، كما ذكر مؤلفات أخرى له في أماكن أخرى من كتابه تاريخ الأدب العربي
(1)
، وسرد عددًا كبيرًا منها صاحب كتاب (الملا علي القاري فهرس مؤلفاته وما كتب عنه) ومن أشهر مؤلفاته: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح طبعته دار الكتب العلمية ببيروت بتحقيق الشيخ جمال عيتاني في 11 مجلدًا، والمصنوع في معرفة الحديث الموضوع طبع بتحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، ولمعرفة بقية مؤلفاته يمكن مراجعة تاريخ الأدب العربي، وكتاب:(الملا علي القاري فهرس مؤلفاته وما كتب عنه).
(1)
تاريخ الأدب العربي القسم التاسع (13 - 14) صـ 86 - 101).
التعريف بالكتاب المحقق
أولًا: تحقيق عنوان الكتاب:
لم يذكر المؤلف عنوانًا لكتابه في أول الشرح، وإنما ذكر أنه شرحه حيث قال:(وقد شرح هذه القصيدة الرائية، جمع من أرباب الفضائل البهية، وأصحاب الفواضل الرضية، منهم الشارح الأول، وهو السخاوي الذي على كلامه المعَوَّل، فأردت أن أشاركهم في مسلك هذه القضية، لعلي أصادف تحسين النية، وتزيين الطوية، ليكون وسيلة إلى الدرجات العليَّة، والله ولي التوفيق، وبعنان عنايته أزمة التحقيق)، وقد كُتِب في نسخة (ز 4) على الغلاف:"اسم هذا الكتاب "الهبات السنية العلية على أبيات الشاطبية الرائية المشهور بالعقيلة في رسم المصحف لنور الدين علي بن سلطان محمد الهروي القاري"، وكذا ورَد اسمه في الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط الصادر عن مؤسسة آل البيت (مآب) تابعة للمجمع الملكي لبحوث الحضارة الاسلامية: "الهبات السنية العلية على أبيات الشاطبية الرائية" في الرسم، وكذا ورَد اسمه في (الملا علي القاري، فهرس مؤلفاته وما كتب عنه) مطبوعات مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، إعداد محمد عبد الرحمن الشماع: "الهبات السنية العلية على أبيات الشاطبية الرائية"، وكذا ورَد اسمه في كشف الظنون 2/ 1159: "الهبات السنية العلية على أبيات الشاطبية الرائية في الرسم"
(1)
.
(1)
وانظر: هداية العارفين 1/ 753، والبضاعة المزجاة صـ 91.
ثانيًا: تحقيق نسبة الكتاب للمؤلف:
أجمعت النسخ الخطية على نسبة هذا الكتاب لملا علي القاري، ونسبه إليه صاحب كشف الظنون 2/ 1159 حيث قال:(وشرحها -أي العقيلة- نور الدين علي بن سلطان محمد الهروي القاري المتوفى سنة أربع عشرة وألف)
(1)
، وكذا نسبه لـ (نور الدين علي بن سلطان محمد الحنفي الملا الهروي القاري ت: 1014) " الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط الصادر عن آل البيت، وهو مذكور في ثبت كتبه في "الملا علي القاري فهرس مؤلفاته وما كتب عنه "برقم (261) وفي صـ 144 من كتاب "الإمام علي القاري وأثره في علم الحديث"
ثالثًا: منهج المؤلف في كتابه:
لم يبين المؤلف منهجه في كتابه، ولذا فسأحاول بعد دراستي أن أذكر بعض النقاط التي يمكن أن تمثل ملامح منهجه في كتابه فأقول:
لما كان الكتاب شرحاً لرائية الشاطبي في الرسم، وكانت الرائية نظماً لمقنع أبي عمرو في الرسم، وكان كثير من الرسم منقولًا عن نافع، وكان ممن سبق القاري إلى شرح هذه الرائية السخاويُّ والجعبريُّ فإن الحديث عن منهجه سينجرُّ إلى كل أولئك فأقول:
1 -
كل ما انفرد بنقله نافع وسكت عنه غيره دل على موافقته له:
نص المؤلف رحمه الله على ذلك في مواضع منها:
• قال في شرح البيت 80 - غَيَابَتِ نافعٌ وآيَتٌ معهُ: (وقد نقل نافع قصر الموضعين ولم يتعرض لهما غيره؛ فدلَّ أنهما متفقا الحذف في كل الرسوم).
(1)
وانظر: هداية العارفين 1/ 753، والبضاعة المزجاة صـ 91.
• قوله في شرح البيت 103: (ولم يخالف أحدٌ نافعًا في حذف ألف {تُظَاهِرُونَ} فكان اتفاقًا أيضًا).
• قوله في شرح البيت 108:) وصرح به نافع وسكت غيره فهذا أيضا اتفاق سكوت).
2 ــ الشاطبي يلتزم في الرائية ترتيب المصحف:
قال المؤلف في شرح البيت 78 ـ ودُونَ واوِ الَّذِينَ الشَّامِ والمدَنِي:
(ويعلم من إطلاق الناظم أن مراده {الَّذِينَ اتَّخَذُوا} ؛ لأنه أولُ واقعٍ بعد: {مِنْ تَحْتِهَا}
(1)
وهو احتراز عن قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [التوبة: 113] فإنه متفق الواو).
ولا يخالف الناظم هذه القاعدة إلا لعذر مثل:
أ) في البيت 80 - غَيَابَتِ نافعٌ وآيَتٌ معهُ:
…
حين قدم غَيَابَتِ على آيَت اعتذر له الشارح بقوله: (وقدمها الناظم على "آيَتٌ" عكس الترتيب القرآني للوزن).
ب) في شرح البيت 92 - يُسَارِعُونَ جُذَاذًا عنه واتَّفَقُوا
…
حين قدم يُسَارِعُونَ على جُذَاذًا، اعتذر له الشارح بقوله:(وقَدَّمَ يُسَارِعُونَ على جُذَاذًا خلافَ الترتيبِ؛ ليُعْلَم أن المحذوفَ منها الألفُ الوسطى مثلها).
ت) وفي شرح البيت 97 - سِرَاجًا اخْتَلفُوا و الرِّيحَ مُخْتَلَفٌ .... حين قدم سِرَاجًا على الرِّيحَ اعتذر له بنقله عن الجعبري قوله: (وقدم سِرَاجًا على الرِّيحَ للوزن، مع أن عكسه موزون أيضاً).
(1)
المذكورة في البيت السابق 77: مِنْ تَحْتِهَا آخراً مكيهم زَبَرا.
3 -
التزام ترتيب المصحف وفقاً لنظم العقيلة والتنبيه عند مخالفة هذا الترتيب فمن أمثلته:
أ) قوله في شرح البيت 100: (وضمير "فيها" راجع إلى سورة النمل بقرينه أن الألفاظ المتقدمة فيها).
ب) قوله في شرح البيت 105: (وتأخير الناظم إياها إلى بعد مسائل يس دل على أن مراده موضع الصافات المنصوص عليه في المقنع فخرج عنه؛ {مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12]، إذ لو أراده لقدمه، إذ في مثل هذا يُلْتَزَمُ الترتيب).
ت) قوله في شرح البيت 108 نقلًا عن السخاوي: (وكان حق المصنف أن يذكر الجميع في سورة يونس).
4 -
كل ما قال الناظم: "حذفوا" يفيد إجماع نقلة الرسوم:
قال في شرح البيت:
83 - ونونَ نُجِي بها والأنبيا حذَفوا
…
والكَافِرُ الحذفُ فِيهِ في الإمام جَرَى
(فَنِسْبَةُ الناظمِ الأولَ إلى الإجماعِ
(1)
والثانيَ إلى الإفرادِ
(2)
قاصرةٌ لا تَحَكُّمٌ)
5 -
تعويله على شرح السخاوي "الوسيلة إلى كشف العقيلة" حيث قال في المقدمة:
(وقد شرح هذه القصيدة الرائية، جمع من أرباب الفضائل البهية، وأصحاب الفواضل الرضية، منهم الشارح الأول، وهو السخاوي الذي على كلامه المعوَّل)، وفعلا عوّل عليه ونقل منه كثيراً، صرح باسمه في خمسة وسبعين موضعاً، ناهيك عن المواضع التي لم يصرّح فيها باسمه وهي كثيرة.
(1)
أي: بقوله (حذفوا).
(2)
أي: بقوله (في الإمام جرى).
حتى إنه يعتمد عليه في العزو إلى المقنع كثيرا، يصرح بالواسطة أحياناً كقوله في شرح البيت (95):(قال السخاوي نقلاً عن أبي عمرو)، وكرر العبارة نفسها في البيت (207)، ويترك التصريح أخرى، ويكاد يكون هذا دأبه وإن لم يصرح، وكثيراً ما كان هذا سبباً في تخليطٍ وإيهامٍ كما بينته في مواضعه من التحقيق.
وربما تابع السخاويَّ في نفي وجود شيء في المقنع وهو فيه؛ فمن أمثلته:
أ) قوله في شرح البيت 79: (ثم هذين الموضعين أيضاً من الزيادات على المقنع)، وهما فيه؛ فهو وهمٌ تابع فيه السخاوي كما في الوسيلة صـ 161، كما بينته في التعليق على شرح البيت المذكور
ب) قوله في شرح البيت 130: (ولم يذكر أبو عمرو هذين الحرفين في المقنع)، مع أنه قد ذكرهما في المقنع فهو وهم تابع فيه السخاوي في الوسيلة صـ 264 كما بينته في التعليق على شرح البيت المذكور
ت) قوله في شرح البيت 131: (ولم يذكر أبو عمرو ذلك في المقنع)، مع أنه قد ذكرهما في المقنع وسبقه إلى هذا الزعم السخاوي في الوسيلة صـ 267، كما بينته في التعليق على شرح البيت المذكور
ث) قوله في شرح البيت 132: (ولم يذكر أبو عمرو في المقنع خِلَالٌ ولا مَسَاكِينُ فهما من زيادة هذه القصيدة) مع أنه قد ذكرهما فيه، وقد تابع المؤلف السخاوي في هذا الوهم وانظر الوسيلة صـ 269، كما بينته في التعليق على شرح البيت المذكور.
ج) قوله في الشرح البيت 133) وليس في المقنع هذا) مع أنه فيه، وقد تابع المؤلفُ السخاوي في هذا الوهم وانظر الوسيلة صـ 272، كما بينته في التعليق على شرح البيت المذكور.
ح) قوله في شرح البيت 136: (ولم يذكر ذلك في المقنع)، مع أنه قد ذكره في المقنع، وقد تابع المؤلف السخاوي في هذا الوهم كما في الوسيلة صـ 275 - 276. كما بينته في التعليق على شرح البيت المذكور.
خ) قوله في شرح البيت 137: (ولم يصرح بحذف ألفه في المقنع) مع أنه صرح بحذف ألفه في المقنع وقد تابع المؤلف السخاوي في هذا الوهم في الوسيلة صـ 277. كما بينته في التعليق على شرح البيت المذكور، واعتذر الجعبري للسخاوي مرات كثيرة باختلاف النسخ، كما بينته في محالِّه.
6 -
تعقبه على المقنع والعقيلة:
فمِن تعَقُّبِهِ على المقنع تبعاً للناظم:
أ- قوله في شرح البيت 77: (والمعنى: أن في بعض المصاحف رسم بزيادة الألف وفي بعضها بحذفها، ولم يقرأ أحد بإثباتها لأنه مغير لمعناها ولم يذكر أبو عمرو هذين في المقنع)، يعني قوله تعالى:{لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} بآل عمران [آية: 158] وقوله: {لَإِلَى الْجَحِيمِ} بالصافات [آية: 68].
ومِن تعَقُّبِهِ على المقنع والعقيلة معاً:
ب- قوله في شرح البيت 78: (واعلم أن الناظم والمقنع لم يفصحا بفارق، إذ قول الناظم: "وحرفُ يَنشُرُكُمْ" لا ينبئ عن كيفية رسمه في الشامي، وكذا قول المقنع: بالنون والشين؛ لأن الوضع الأول لا نقط فيه، وأقول: اتفقت الرسوم على كتابة حرفين بين الطرفين ذو شكل واحد وذو ثلاثة مماثلة، وفُرِّق بينهما بتطويل المتوحد، فقُدِّمَ هذا في الشامي فصار: "ينشركم" وأُخِّرَ في غيره فصار "يسيركم" ولزم من رسم كل واحد لفظ مستعمل فتأمل).
ومِن تعَقُّبِهِ على العقيلة:
أ - قوله في شرح البيت 143: (وقال في المقنع: "ورأيت في بعض مصاحف العراق {كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ} {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ} [البقرة: 282] {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} [البقرة: 283] و {كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: 11] بغير ألف وفي بعضها بألف، وقال الغازي: كَاتِبٌ في البقرة بالألف لقلة دوره"
(1)
وتركُ ذلك نقصٌ من النظم عن الأصل).
7 -
تعقبه على السخاوي أحياناً:
وعلى الرغم من تعويله كثيراً على السخاوي في شرحه إلّا أنه يتعقبه أحياناً، يصيب في تعقبه أحيانا ويخطئ أخرى، فقد يكون الحق مع السخاوي فيما تعقبه فيه، وقد ذكرت منها ثلاثة عشر مثالًا في مبحث قيمة الشرح العلمية، وكثير من تعقباته سبقه إليها الجعبري وقد بينت ذلك في مواضعها.
8 -
ينقل كثيراً عن الجعبري في الجميلة، واستفاد منه كثيراً في الاستدراكات على الناظم وعلى المقنع وعلى السخاوي، صرح باسمه في ثلاثين موضعًا، ونقل عنه في أكثر من أربعين موضعًا، ناهيك عن المواضع التي لم يصرح فيها باسمه.
9 -
تعقبه على الجعبري:
وعلى الرغم من نقله كثيرًا من الجعبري في شرحه إلا أنه يتعقبه أحيانًا، وقد ذكرت منها أحد عشر مثالًا في مبحث قيمة الشرح العلمية.
10 -
عدم الاستطراد في ذكر وجوه القراءات وبيانها؛ معللا ذلك بأن الكتاب موضوع في علم الرسم وليس في علم القراءات:
(1)
المقنع صـ 23 و 24 باب ما حذفت منه الألف اختصارًا.
أ) قال في شرح البيت 62: (ولو قال: وَنَصْبُ شامٍ قَلِيلًا منهمُ كَثَرَا
(1)
؛ لظهر أمره بلا مِرا، لاشتماله على كتابة الشامي وقراءته،
…
لا يقال: "نَصْبُ شامٍ" يوهم أنه أراد به القراءة؛ لأنا نقول هذا الكتاب موضوع لبيان رسم الكتابة).
ب) قال في شرح البيت 108: (والتلاوة مختلفة في بعض الكلمات في السبعة وغيرها ومحلها كتب القراءات).
ت) قال في شرح البيت 53: (وإنما أوقعنا الخلاف في الحذف دون الاثبات؛ لأن الإثبات هو الأصل، وهذا الكتاب موضوع للرسم المبين لمقام الحذف على خلاف القياس).
11 -
موقفه من القراءات الثلاث المتمة للعشرة، وذكره القراءات الشاذة أحياناً:
لم يَكْلَف المؤلف بالقراءات الثلاث المتممة للعشرة في كتابه مع كَلَفِه بالشواذ، بل ربما ذكر الشواذ وأغفل ذكر بعض الثلاث، فمن أمثلته:
أ) قوله في شرح البيت 231: (والمعنى: أن المصاحف اتفقت على رسم {تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} بآل عمران [آية: 28] بياء مكان الألف، وقد قرأ الحسن وأبو رجاء وزيد بن علي وعلي بن الحسين (تَقِيَّة) وتروى أيضًا عن عثمان بن عفان رضي الله عنهم على ما ذكره السخاوي، واختلفت مصاحف أهل العراق في {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102]، ففي بعضها بإثبات الألف وفي بعضها بحذفها وإثبات الياء مكانها -كالبواقي-) ويلاحظ أنه لم يذكر يعقوب مع كونه قرأ بها.
ب) قوله في شرح البيت 104: (وكذا اتفقوا في القراءة على ألف: {بِقَادِرٍ} ، نعم روي عن أبي بكر الصديق {أَلَيْسَ ذَلِكَ يَقْدِرُ} فعلًا مضارعًا، وبه قرأ
(1)
يعني بدل قوله في البيت: وَرَسْمُ شامٍ قَلِيلًا منهمُ كَثَرَا.
يعقوب والجحدري وأبو إياس وابن أبي إسحاق وغيرهم)، وفي سياقه قراءةَ يعقوب مع القراءات الشاذة في نسق واحد كالدّلالة على أنه لا يرى قراءة يعقوب من المتواتر حيث نظمها مع الشواذ، وحكى اتفاق السبعة بقوله:"اتفقوا".
ت) قوله في شرح البيت 112: (وقرأ الصديق وأبو هريرة وزيد بن علي والسلمي وابن هرمز وابن إياس وأبو حاتم وابن أبي إسحاق والجحدري ويعقوب: (يقدر) مضارعاً).
ث) قوله في شرح البيت 102: (وقد روي عن أُبيٍّ والحسن ومورّق وابن حوشب وأبي رجاء وطلحة والجحدري والسجستاني: (وفصله في عامين).
12 -
نقله لخلاف مرسوم مصاحف الأمصار:
كقوله في شرح البيت 95: (قال السخاوي نقلا عن أبي عمرو أنه قال: (وينبغي أن يكون الحرف الأول بغير ألف في مصاحف أهل مكة، والثاني بالألف؛ لأن قراءتهم كذلك، ولا خبر عندنا في ذلك عن مصاحفهم إلا ما رويناه عن أبي عبيد لأنه قال: ولا أعلم مصاحف أهل مكة إلا عليها يعني إثبات الألف في الحرفين).
13 -
طريقته في الشرح:
يبدأ بشرح مفردات البيت، وإذا وُجِد اختلافٌ في النسخ أشار إليه، ويُعنى بتوجيه النظم ووجوه الإعراب، ثم يذكر إجمالا ما تضمنه البيت من الكلمات التي فيها وجوه للرسم، وربما يذكر القراءات فيها ثم يتبع ذلك بشرح تفصيلي لما أجمل بقوله:"والمعنى"، ويذكر خلاصة ما تضمنه البيت، وإذا طال الشرح رجع وذكر خلاصة المقصود من البيت بقوله:"والحاصل"، وقد سار على هذا المنوال في سائر الشرح، وهذه بعض الأمثلة:
قال في شرح البيت (53):
(يُضَاعِفُ الخُلْفُ فيه كيف جا وَكِتَا
…
ـبِهِ ونافعُ بالتحريمِ ذاك أرى
الهاء في "فيه" بالإشباع وقصر "جا" ضرورة، وفي نسخة: في التحريم، وفي "أرى" ضمير نافع، وذاك إشارة إلى حذف الألف من قوله وكِتَابِهِ في التحريم ولم ينقل فيه شيء عن غيره. والمعنى: أن لفظ يُضَاعِف وقع الخلاف في إثبات ألفه وحذفه كيف جاء سواء اتصل بآخره ضمير أو لا، بشرط أن يكون فعلاً مضارعاً معروفاً أو مجهولاً،
…
ثم ذكر الأمثلة وفصَّلَ الشرحَ وختمه بقوله: هذا مجمل الكلام ومحصل المرام).
أ) قال في شرح البيت (54):
(والحذفُ في ياءِ إِبْرَ اهِمَ قيل هنا
…
شامٍ عراقٍ ونِعْمَ العِرْقُ ما انتثرا
افتعال من النثر بالمثلثة بمعنى النشر، وفي نسخة صحيحة ما انتشر بالشين المعجمة ومعناهما تفرق واشتهر، وألفه للإطلاق، والمراد "بالعراق" عراق العرب وهو الكوفة والبصرة فيشير إلى انتشار حذف "ياء {إِبْرَاهِيمَ} "
(1)
في مصاحف الشام والعراقيين واشتهاره، فيدل ذلك على قوة القراءة بحذفها لأن عرق النبات إذا كان ممتدًّا فنعم العرق، ومعنى "قيل" روي، وهو خبر المبتدأ الذي هو "الحذف" والمراد بقوله:"هنا" سورة البقرة.
والمعنى:
…
وشرَحَ البيت، ثم ذكر القراءات بقوله: ثم اعلم أن السبعة اتفقوا على إثبات الألف التي بين الراء والهاء وإنما الخلاف فيما بين الهاء والميم؛ فقرأ هشام بأَلِفٍ أخرى في مواضع مخصوصة من البقرة وغيرها
(2)
(1)
ورد هذا اللفظ في القرآن (69) مرةً في (63) آية.
(2)
وهي ثلاثة وثلاثون موضعًا. قال في النشر 2/ 221: (ووجه خصوصية هذه المواضع أنها كتبت في المصاحف الشامية بحذف الياء منها خاصة، وكذلك رأيتها في المصحف المدني وكتبت في بعضها في سورة البقرة خاصة وهو لغة فاشية للعرب وفيه لغات أخرى قرئ ببعضها وبها قرأ عاصم الجحدري وغيره).
فصار {إِبْرَ اهَام} ، ولابن ذكوان وجهان في مواضع البقرة خاصة، والباقون بياء ساكنة مكان الألف الثانية).
ب) قال في شرح البيت (121):
(121)
وفي أَرَيْتَ الَّذِي أَرَيْتُمُ اختَلَفُوا وقُل جميعًا مِهَادًا نافعٌ حَشَرا
(1)
أي "اختلف" النقلة في " أَرَأَيْتَ "" أَرَأَيْتُمْ " المُصَدَّرِ بالهمزة للمخاطب المفرد أو الجمع وإن وقع بين الهمزة والراء فاصل بالعطف نحو: {أَفَرَأَيْتَ}
(2)
{أَفَرَأَيْتُمْ}
(3)
ودخل {أَرَأَيْتَكَ} [الإسراء: 62] في عموم ما ذكر، و"جميعًا": حال من قوله: " مِهَادًا "، وكان الأَوْلى أن يقال: وقل " مِهَادًا " جميعًا، و"حَشَرا" بألف الإطلاق أي:"نافعٌ" جَمَعَ حذْفَ " مِهَادًا " في جميع القرآن.
والمعنى:
…
ثم شرح البيت وذكر الأمثلة ثم قال: والحاصل: أن المعتمد كون أَرَأَيْتَ في الماعون ومطلق أَرَأَيْتُمْ هو محل الخلاف، وما عداهما بالحذف اتفاقًا، وفي مطلق أَرَأَيْتَ قراءتان مشهورتان)
…
إلخ.
ت) قال في شرح البيت (122)
(122)
(معَ الظُّنُونَا الرَّسُولَا و السَّبِيلَا لدَى الْـ أحزابِ بالألِفَاتِ في الإمامِ تُرَى
وفي نسخة ذو ألفات وتقدير الكلام: " الرَّسُولَا و السَّبِيلَا تُرَى"؛ جملةٌ اسميةٌ، و"معَ الظُّنُونَا "؛ حال من ضمير "تُرَى"، والظرف والجارّان متعلقان بقوله:"تُرَى". والمعنى:
…
وشرح البيت ومثل له ثم قال:
(1)
المقنع صـ 12، 99.
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [مريم: 77].
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الشعراء: 75].
والحاصل أن قوله تعالى {وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4] مع أنه رأس آية (تركت على حالها إشعارًا بأن إلحاق هذه الألف غير لازم وأن للقارئ تركها).
14 -
من أساليبه التي يكثر منها:
أ. إيراد "ثم" للترتيب الذكري، ومن أمثلتها:
1) قوله في المقدمة: (ثم هي السبب إلى تخليد كل فضيلة).
2) قوله في شرح البيت (12): (ثم قوله: لا تخفى جواب لو).
3) قوله في شرح البيت (16): (ثم كان الأظهر أن يقول: معجزه بفتح الجيم).
4) قوله في شرح البيت (47): (ثم الضمير في احذفهما مفسر بما بعده).
5) قوله في شرح البيت (51): (ثم ألف اعتبرا للإطلاق وضميره للألف).
ب. إيراده لكلمة (هذا) للفصل كثيراً، ومن أمثلتها:
1) قوله في المقدمة: (هذا: وقد ذكر السخاوي .. بإسناده المتصل).
2) قوله في شرح البيت (1 (: (هذا، ولم يذكر الصلاة هنا).
3) قوله في شرح البيت (10): (هذا، والجواب الثاني أن يكون معناه .. ).
4) قوله في شرح البيت (20): (هذا، ولم يظهر وجه إيراد هذه المسألة).
قيمة الشرح العلمية؛
ما له وما عليه
تتجلى قيمة الكتاب العلمية في الجديد الذي قدمه والمتمثل في استدراكاته وزياداته على من سبقه ممن لهم صلة بمادة الكتاب وهم الداني صاحب المقنع، والشاطبي ناظم المقنع، والسخاوي شارح العقيلة التي هي نظم المقنع، والجعبري شارح العقيلة أيضاً، وسوف أختمها بذكر استدراكاتي عليه، فأقول:
أولاً: استدراك المؤلف على المقنع وهذا على أوجه:
أ- فمنها ما بيَّنَ أنه من زيادات الناظم على المقنع، ومن أمثلته:
1.
قوله في شرح البيت (77): (ولم يذكر أبو عمرو هذين في المقنع).
يعني قوله تعالى: {لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ} ، وقوله:{لَإِلَى الجَحِيمِ} وقد ذكرهما الناظم.
2.
قوله في شرح البيت (136): (ولم يذكر عالمًا في المقنع إلا في سبأ)، وتبعه الناظم في سياقه لرواية نافع، وأعاده هنا مُنَكَّراً فهو من زيادات العقيلة).
3.
قوله في شرح البيت (133): (وليس في المقنع هذا).
ب- ومنها ما بيَّن أنه من الزيادات على المقنع والعقيلة، ومن أمثلته:
قوله في شرح البيت (59): (وأما {قِيامًا} في أول سورة النساء فرسم بالحذف واختلف في القراءة؛ فقرأ نافع وابن عامر بحذف الألف، وهذا غير مستفاد من العقيلة وكذا من أصلها نبه عليه الحافظ طاهر الأصبهاني).
جـ- ومنها ما سبقه إلى التنبيه عليه الشراح قبله ويكون صواباً، ومن أمثلته:
1.
قوله في شرح البيت (62): (ولا يخفى أنه ليس في الأصل ذكر مصحف أهل مكة فهو من الزائد)، وقد سبقه إلى هذا التنبيه الجعبري.
2.
قوله في شرح البيت (157): (فعدم ضم المدني إلى العراقي نقص من الأصل)، وقد سبقه إلى هذا التنبيه الجعبري.
د- ومنها ما سبقه إلى التنبيه عليه الشراح قبله؛ ويكون خطأً تابع فيه غيره، ومن أمثلته:
1.
قوله في شرح البيت (130): (ولم يذكر أبو عمرو هذين الحرفين في المقنع)، مع أنه قد ذكرهما، وسبب غلط المؤلف هو متابعته للسخاوي حيث سبقه إلى هذا الزعم في الوسيلة، واعتذر له الجعبري في الجميلة بقوله:(فقول الشارح: لم يذكرهما فيه يحمل على اختلاف النسخ) كما بينت كل هذا في محله.
2.
قوله في شرح البيت (131): (أي اتفقت المصاحف على حذف ألف مسَاجِد معرفاً أم لا، اختلف القراء في جمعيّته أم لا؛ نحو:{مِمَّنْ مَنَعَ مسَاجِدَ الله} {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} .
ولم يذكر أبو عمرو ذلك في المقنع)، مع أنه قد ذكرهما في المقنع، وسبب غلط المؤلف هو متابعته للسخاوي حيث سبقه إلى هذا الزعم في الوسيلة، وذكر الجعبري في الجميلة نفيَ السخاوي وقال:(وفيه ما فيه) كما بينت كل هذا في محله.3. قوله في شرح البيت (132): (ولم يذكر أبو عمرو في المقنع خِلَالٌ ولا مَسَاكِين؛ فهما من زيادة هذه القصيدة)، مع أنه قد ذكرهما في المقنع، وسبب غلط المؤلف هو متابعته للسخاوي حيث سبقه إلى هذا الزعم في الوسيلة، وقد نبه الجعبري إلى هذا الوهم من السخاوي الذي تبعه فيه الشارح كما بينت كلَّ هذا في محله.
4.
قوله في شرح البيت (136): (أي اتفقت المصاحف على حذف ألف عين عَالِما وعلى حذف ألف لام بَلَاغ وعلى حذف الألف التي بعد لام سَلَاسِل، ولم يذكر ذلك في المقنع) مع أنه قد ذكرهما في المقنع، وسبب غلط المؤلف هو متابعته للسخاوي حيث سبقه إلى هذا الزعم في الوسيلة، وقد نبه الجعبري إلى هذا الوهم من السخاوي الذي تبعه فيه الشارح كما بينت كل هذا في محله.
5.
قوله في شرح البيت (137): (ثم اعلم أن "اللَّاعِنُون" كتب بلامين مع حذف الألف بعدهما، ولم يصرح بحذف ألفه في المقنع)، مع أنه صرح بحذف ألفه في المقنع، وقد تابع المؤلفُ السخاويَّ في هذا الوهم في الوسيلة، وقد نبه الجعبريُّ إلى هذا الوهم من السخاوي الذي تبعه فيه الشارح كما بينت كل هذا في محله.
ثانياً: استدراكه على الناظم، فمن أمثلته:
(1)
قوله في شرح البيت (259): (فعدم الألف بعد الواو دليل على أن الواو غير متطرفة وهو نقص عن الأصل).
(2)
قوله في شرح البيت (269): (والمصنف اعتمد على الأول فهو نقص من الأصل ولعله عنده ضعيف).
(3)
قوله في شرح البيت (21): (ولو قال "من" بدل "في" لكان أوفى).
(4)
قوله في شرح البيت (45): (جزَّأ الناظم القرآن على أربعة أجزاء من البقرة إلى الأعراف، ومن الأعراف إلى سورة مريم، ومن سورة مريم إلى سورة ص، ومن سورة ص إلى آخر القرآن، وكان الأولى أن يعد من سورة الفاتحة إلى الأعراف لأنه تكلم في (الصراط) و (ملك يوم الدين) وهما فيها؛ اللهم إلا أن يقال: يريد الربع الأول من القرآن فتدخل فيه الفاتحة، كذا ذكره بعضهم، والأظهر أن يقال الفاتحة هي فاتحة سورة البقرة ويقال تَقَدُّمُها قضية مقررة؛ لأنها أم القرآن وفاتحة الكتاب).
(5) قوله في شرح البيت (46): (أقول: فلو قال: بالحذف مَالِك في القرآن مقتصرًا؛ لَشَمِلَ: {مَالِكَ الْمُلْكِ} و {وَنَادَوْا يَامَالِكُ}).
(6)
قوله في شرح البيت (47): (ولكن لو قال معًا بدل هنا لوفّى إلا أنه كان يفوته الإجماع هنا والخلاف هناك).
(7)
قوله في شرح البيت (50): (لو قال: ميكائيل حذفُها في رَسْمِهِ ظَهَرَا؛ لظَهَرَ له ظُهَرَا، على أنه قراءة نافع من القراء إلا أنه ينون في النظم ضرورةً).
(8)
قوله في شرح البيت (52): (فكان الأَوْلى أن يقول: وههنا عَاهَدُوا تَشَابَهَ اقتُصِرا؛ بالقاف).
(9)
قوله في شرح البيت (53): (فلو قال: "والخُلْفُ في فيُضَاعِف حيث جا" لَنَصَّ على موضع الخلاف في حذف ألفه إذا كانت مقرونة بالفاء كما في السورتين، وعلم بالمفهوم أن غيره محذوف الألف بلا اختلاف كما في الأخيرين).
(10)
قوله في شرح البيت (53): (فلو قال: ونافع بالتحريم حذفًا ارى؛ لأَوْرَى لِلْوَرَى).
(11)
قوله في شرح البيت (55): (ولو قال: أَوْصَى يوصي الإمام الشام والمدني. إلى آخره، لأوفى).
(12)
قوله في شرح البيت (57): (نعم لو قال:
وَقَاتَلُوا وَثُلَاثَ مع رُبَاعَ معًا
…
مع الْكِتَابِ ضِعَافًا عَاقَدَتْ حصرا؛
لحصر، لكنه يتوهم أنهما في السورتين مروي عن نافع).
(13)
قوله في شرح البيت (62): (ولو قال: ونصب شام قليلًا منهم كثرا؛ لظهر أمره بلا مِرا، لاشتماله على كتابة الشامي وقراءته).
(14) قوله في شرح البيت (63): (ثم اكتفى الناظم بقوله: " ذَا الْقُرْبَى " عن بيان نصه، فلو قال: وَنَصْبُ وَالْجَارِ ذَا الْقُرْبَى؛ لكان أظهر).
(15)
قوله في شرح البيت (67): (ولا يخفى أن خلاف الرسم في "جَاعِلُ " لا يستفاد من البيت فكان الأولى كـ"جَاعِلُ ").
(16)
قوله في شرح البيت (70): (لكن لا يخفى أن حكم رسم الهمزة غير مفهوم منه مع أن بيانه أولى من بيان إثبات الياء، فلو قال: معا خَطِيئَاتِ لا همز ولا ألف
…
لكان أعلى).
(17)
قوله في شرح البيت (73): (فلو قال: وصاد بَسْطَةً احفظ .. إلخ لكان مبينا).
(18)
قوله في شرح البيت (88): (ولو قال: كلماتُ معًا عُمِرا، لكان معتبرًا).
(19)
قوله في شرح البيت (91): (ولو قال: {دَرَكًا} لكان أحسنَ ليخرج به قوله: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا} في طه أيضًا فإنه متفق الإثبات، ويمكن أن يقال: أخرجه بقوله: "بـ لا تخف" حيث أتاه بغير الفاء).
(20)
قوله في شرح البيت (99): (لكن لو قال: فا فَتَوَكَّلْ لكان أفيد).
(21)
قوله في شرح البيت (121): (وكان الأَوْلى أن يقال: وقل " مِهَادًا " جميعًا، و"حَشَرا" بألف الإطلاق أي: "نافعٌ" جَمَعَ حذْفَ " مِهَادًا " في جميع القران).
(22)
قوله في شرح البيت (128): (وقد عكس في هذه الرائية طريقته في اللامية حيث قدم الأصول هناك وهو أنسب).
(23)
قوله في شرح البيت (143): (ترك ذلك نقص من النظم عن الأصل).
(24) قوله في شرح البيت (164): (وكان الأولى أن يقول لَيَكُونًا مع نون إذا).
(25)
قوله في شرح البيت (185): (فلو قال: وَلِيِّي بدل "كذاك"؛ لكان دخل في سبيل مما هنالك).
(26)
قوله في شرح البيت (273): (ولو قال: والغُرفة لصح).
وقد يستدرك على الناظم ويكون الصواب مع الناظم لا معه فمن أمثلته:
أ) قوله في شرح البيت (63): (إلا أن تعبير الناظم بـ"العراق" موهم أن يكون الفراء نسب إلى مصحف البصري أيضًا وليس كذلك، فكان الأولى أن يقول: ونصب وَالْجَارِ ذَا الْقُرْبَى بكوفية، وليندفع به أيضًا أن الفراء نقل هذا عن طائفة من أهل العراق فإنه ليس كذلك بالاتفاق) وقد بينت أن تعبيره لا يوهم ذلك.
ب) قوله في شرح البيت (83): (فنسبة الناظم الأول إلى الإجماع والثاني إلى الإفراد قاصرة لا تَحَكُّمٌ) مع أن التحقيق إن شاء الله أنها ليست قصورا ولا تحكما كما بينته في محله.
ت) قوله في شرح البيت (106): (ولو قال: رُسِمَ في الشاميِّ بنونين لكان أبينَ) والأسلم من الاعتراضات هو ما جرى عليه الناظم كما بينته في محله.
ث) قوله في شرح البيت (256): (وكان الأولى أن يقول: باب كيلا لأنه أشمل من لكيلا)، والأولى ما صنعه الشاطبي لا ما استدركه المؤلف رحمهما الله كما بينته في محله.
وهناك استدراكات سبقه إلى التنبيه عليها الشراح قبله؛ ثم منها ما يكون صواباً ومنها ما يكون خطأً تابع فيه غيره كما بينت كلّ ذلك في مواضعه من الكتاب.
ثالثًا: استدراكه على المقنع والعقيلة معًا مثل:
أ) قوله في شرح البيت (78): (واعلم أن الناظم والمقنع لم يفصحا بفارق، إذ قول الناظم: وحرف يَنشُرُكُمْ لا ينبئ عن كيفية رسمه في الشامي، وكذا قول المقنع: بالنون والشين؛ لأن الوضع الأول لا نقط فيه. وأقول: اتفقت الرسوم على كتابة حرفين بين الطرفين ذو شكل واحد وذو ثلاثةٍ مماثلةٍ وفرق بينهما بتطويل المتوحد فقُدِّم هذا في الشامي فصار يَنشُرُكُمْ، وأُخِّرَ في غيره فصار يُسَيِّرُكُمْ، ولزم من رسم كل واحد لفظ مستعمل فتأمل).
رابعاً: استدراكه على السخاوي:
(1)
قوله في شرح البيت (6): (وأما قول الشارح: "فالفاء فيه زائدة كما في قوله: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} "؛ فالمحققون لم يرضوا بالزيادة في كلامه سبحانه من غير فائدة ولذا قال القاضي: "الفاء فيه وفيما بعده لإفادة معنى الشرط فكأنه قال وما يكن من شيء فكبر ربك").
(2)
قوله في شرح البيت (7): (و"إذ"؛ تعليلية حرفية كقوله تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} [الزخرف: 39]؛ أي: لأنكم ظلمتم؛ لا ظرفية اسمية كما ذكره الشارح، واعتذر لتأخير الفعل بالضرورة الشعرية، معلِّلًا بالقواعد النحوية، فإن "إذ" يضاف إلى الجملة الاسمية والفعلية؛ نحو: جئت إذ قام زيد، وإذ يقوم زيد، وإذ زيد يقوم، وأما إذ زيد قام، فمستقبح عندهم لأنهم لا يفصلون بينها وبين الفعل الماضي).
(3)
قوله في شرح البيت (10): (وأما قول الشارح: "نحو {الْكِتَابِ} و {الصَّابِرِينَ} وما أشبه ذلك من مواضع الحذف التي صارت كالرمز
يعرفه القراء إذا رأوه" فبعيد عن كونه جوابًا عن السؤال؛ لأن كتابة أكثر القرآن على هذا المنوال).
(4)
قوله في شرح البيت (20): (الضمير في مُعْجِزِهِ للقران أو للموصول، والانتصارِ؛ مجرور معطوف على مُعْجِزِهِ، وهو أظهر من قول الشارح "تأليف مُعْجِزِهِ؛ مرفوع على الابتداء، والانتصار؛ معطوف عليه").
(5)
قوله في شرح البيت (63): (قال السخاوي: "وإنما قال الناظم عن الفراء اعتماداً على قول أبي عمرو: أنه لم يجدها في مصاحفهم ولم يقرأ بها أحد منهم "قلت: بل الظاهر أنه اعتمد على مجموع ما تقدم إلا أن تعبير الناظم بالعراق موهم أن يكون الفراء نسب إلى مصحف البصري أيضاً وليس كذلك، فكان الأولى أن يقول: ونصب وَالْجَارِ ذَا الْقُرْبَى بكوفية، وليندفع به أيضًا أن الفراء نقل هذا عن طائفة من أهل العراق فإنه ليس كذلك بالاتفاق) وقد بينت أن تعبيره لا يوهم ذلك.
(6)
قوله في شرح البيت (47): (وأغرب السخاوي حيث قال:
…
) ونقل كلامه ثم قال: (ولا يخفى وجه غرابته) ثم بين وجهها.
(7)
قوله في شرح البيت (51): (وأما ما ذكره السخاوي من أن قوله: "هنا" ليس من أجل "تَفْدُوهُمْ" إنما هو من أجل "الصَّعْقَةُ" و"الرِّيحِ" مع أن الحصر ليس بصحيح؛ فمبني على أن ألفه للتثنية، ولا يخفى بُعْدُه عن القواعد العربية حيث فصل بقوله: "تَفْدُوهُمْ").
(8)
قوله في شرح البيت (55): (ذكره السخاوي، والأولى أن يقال:
…
ثم ذكر كلاماً ثم قال: وهو أولى من تقدير السخاوي).
(9)
قوله في شرح البيت (63): (وفي شرح السخاوي: "
…
قال أبو عمرو: ولم أجد ذلك في شيء من مصاحفهم ولا قرأ به أحد منهم، قلت:
قرأ بذلك ابن قيس وابن خثيم وأبو حصين وابن أبي عبلة وابن قائد، وذلك مع جر الراء من الجار" انتهى. وهو لا ينافي ما سبق عن أبي عمرو لأنه أراد نفي القراءة المتواترة).
(10)
قوله في شرح البيت (64): (ثم قال "ورأيته في الذي يقال له: الإمام؛ مصحف عثمان كذلك بدالين، فقوله: مع الإمام؛ خبر مقدم، وشام؛ معطوف على الإمام، ومدني هو المبتدأ" انتهى. والأظهر أَنَّ يَرْتَدِدْ؛ مبتدأ، ومدني؛ خبره، مع الامام؛ حال، والتقدير: رسم يَرْتَدِدْ بدالين منسوب إلى المصاحف الثلاثة).
(11)
قوله في شرح البيت (167): (هكذا قال بعض الشراح وهو غلط).
(12)
قوله في شرح البيت (245): (وكقول الشارح: "لم يبين المقنع كيف يُكتَب غير الحرفين" وليس كذلك فإنه ذكر حرف هود بالوصل فبقي مفهومه وهو قطع غيره).
وربما تعقب السخاويّ وكان الحق مع السخاويِّ لا معه فمن أمثلته:
أ) قوله في شرح البيت (47): (كذا قاله السخاوي وهو موهم أن فيه شيئاً من الزيادات وليس كذلك؛ لأن مؤدى ما ذكراه واحد هنالك، فتأمل يظهر لك الزلل) .. إلخ والصواب ما ذكره السخاوي رحمه الله فهو من زيادات القصيدة على المقنع، وسبب تعقب القاري على السخاوي أنه اكتفى بالنظر في نقل السخاوي عن المقنع ولو رجع إلى عبارة المقنع لما قال ما قال.
ب) قوله في شرح البيت (63): (قال السخاوي: "وإنما قال الناظم عن الفراء اعتمادًا على قول أبي عمرو: إنه لم يجدها في مصاحفهم ولم يقرأ بها أحد منهم" قلت: بل الظاهر أنه اعتمد على مجموع ما تقدم) والصواب ما ذكره السخاوي كما بينته في محله.
رابعًا: استدراكه على الجعبري مثل:
1.
قوله في شرح البيت (10): (إذا عرفت هذا فاعلم أن الإيماء مفعول احتمل، وفي صور؛ متعلق به، وضمير فيه راجع إلى المصحف الأصل، ويَنْثُرُ؛ بضم المثلثة، وفي نسخة ينشر بالشين المعجمة، والدُّرَرُ؛ بضم الدال جمع الدُّرَّة؛ بمعنى اللؤلؤ؛ مفعولٌ، والجملة؛ صفة الصُّوَر، كذا ذكره الشارح والأقرب أن يكون نعتاً لـ "حديث").
2.
قوله في شرح البيت (24): (هذا وقيل: في البيت تقديم وتأخير فلو قال:
وكان بأساً على القراء مستعراً
…
وبعد بأس شديد حينه حضرا
لرتب، قلت: الترتيب مستفاد في المعنى فلا يحتاج إلى الترتيب في المبنى؛ إذ المعنى: وكان قبل ذلك، أو الجملة حالية هنالك، مع ما في تأخيره من المناسبة لقوله:
نادَى أبا بكرٍ الفارُوقُ خِفْتُ على الـ
…
ـقراءِ فادَّرِكِ القرآنَ مستَطِراً)
3.
قوله في شرح البيت (50): (قال الجعبري: هذه العبارة ناقصة لأنها لا تفهم البدل وهي بياء بعد الكاف بلا ألف في مصحف الإمام وكذا في بقية المصاحف، قلت: ولعله اكتفى برسمه في البيت مركوزاً، فتكون الدلالة مرموزاً، ولا يبعد أنه جعل قراءة ابن محيصن أصلاً ضرورةً حيث إنه لغة).
4.
قوله في شرح البيت (84): (وأغرب شارح حيث قال: "إنه ذكر في المقنع أن الحذف أكثر فجَزْم الناظم بحذفها نقص من الأصل" انتهى، وغرابته لا تخفى؛ لأن في قوله: فشا زبرا إشارة إلى أنه الأكثر والأشهر فتأمل).
5.
قوله في شرح البيت (97): ("وقدم سِرَجًا على الرِّيحَ للوزن" مع أن عكسه موزون أيضاً).
6.
قوله في شرح البيت (135): (كذا أعربه بعضهم، والأظهر أن حلا: فعل ماض وهو حال أو استئناف وخَضِرًا: منصوب على التمييز).
7.
قوله في شرح البيت (151): (والظاهر أنه يختص بالجمع المذكِّر كما دل عليه كلام المقنع: "فإن جاء بعد ألف الفاعل همزة أو حرف مضعف" إلخ، فكلام الجعبري: "قوله: سوى المشدَّد والمهموز استثناء من كل جمع"؛ لا يخلو عن نظر).
8.
قوله في شرح البيت (164): (كذا قاله شارح لكن "إذا" العاملة ما توجد في التنزيل).
9.
قوله في شرح البيت (237): ("وأثبت الألف حَمْلاً على الصحيح في إيلائه الحركة المقدرة"، كذا ذكره بعضهم، والأظهر أنه نفيٌ معناه نهيٌ).
وربما تعقب الجعبري ولم يكن الحق معه فمن أمثلته:
قوله في شرح البيت (83): (فنسبة الناظم الأول إلى الإجماع، والثاني إلى الإفراد قاصرة لا تَحَكُّمٌ كما قاله الجعبري)، وقد بينت في التحقيق أن التحقيق إن شاء الله أنها ليست قصورا ولا تحكما.
استدراك المؤلف على بعض الشراح (غير السخاوي والجعبري):
1.
قوله في شرح البيت (80): (والحاصل أنه نقل عن نافع حذف ألفه في الرسم كما هو في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحفص وحمزة على أنها مفردة، والباقون بإثباتها على الجمع، وقيدها بفاطر احترازاً عن غيرها، كذا ذكره بعض الشراح، وفيه أن ألف جمع المؤنث السالم محذوفة إلا فيما استثني).
2.
قوله في شرح البيت (180): (وتكلف بعض الشراح بقوله: (فلا نسلِّم كلامه "في اتَّبِعُونِ" بالجارَّة، بل فَاتَّبِعُونِي بفاءِ العطف، وجَعَل ضمير "غيرَها" راجعًا إلى كلمة "اتَّبِعُونِ" غير المُصَاحَبِ بالفاء").
استدراكاتي على المؤلف:
استدركت عليه استدراكاتٍ شتى وهذه نماذج منها:
1.
قوله في شرح البيت (3): (والحال أن الكلام ثابت له فهو متكلم بالكلام النفسي من غير الحرف والصوت النفسي) استدركت عليه في مسألة الكلام النفسي.
2.
قوله في شرح البيت (20): (أن من أراد أن كل واحد من الأوجه المذكورة معجز فليس كذلك) بل هو كذلك.
3.
قوله في شرح البيت (120): (ولا يخفى أن هذا خطأ لأن الله قد نفى عنه البخل؛ لتواتر القراء بالضاد، ومن أين له أنهم نسبوه إلى البخل، ولعل بعض الناس توهموا أنه ما يبلِّغ جميع الرسالة إلى الناس بل يستأثر ببعضها أو يخص بعض الناس بها مع أن هذا أيضاً نوعُ تُهمةٍ؛ فلو علل الاختيارَ بأن نفي التهمة أعمّ، لكان في مقام الاستدلال أتمَّ) ناقشته في استدراكه على أبي عبيد.
هذه نماذج من استدراكاتي عليه.
مصادر المؤلف في كتابه
اعتمد المؤلف رحمه الله في كتابه هذا على مصادر عدة ويمكن تقسيم هذه المصادر إلى قسمين:
القسم الأول: المصادر التي أخذ منها مباشرة وهي ما لم يقم دليلٌ عندي أنه نقل منها بواسطة.
القسم الثاني: المصادر التي أخذ منها بواسطة وهي المصادر التي قام الدليل عندي أنه نقل منها بواسطةٍ، في موضعٍ أو أكثر.
أولاً: المصادر التي أخذ منها مباشرة وهي:
1.
القاموس للفيروزبادي ذكره عند شرح البيت (1).
2.
المعجم الأوسط للطبراني ذكره عند شرح البيت (1).
3.
الثواب لأبي الشيخ ذكره عند شرح البيت (1).
4.
الكشاف للزمخشري ذكره عند شرح البيت (8).
5.
الشافية لابن الحاجب ذكره عند شرح البيت (45).
6.
صحيح البخاري للإمام البخاري ذكره عند شرح البيت (34).
7.
صحيح مسلم للإمام مسلم ذكره في المقدمة.
8.
سنن الترمذي للإمام الترمذي ذكره في المقدمة.
9.
الكامل للمبرد ذكره عند شرح البيت (34).
10.
الإتقان للسيوطي ذكره عند شرح البيت (35).
11.
كتاب اللطائف للقسطلاني ذكره عند شرح البيت (38).
12.
شارح الخطب الأربعين ذكره عند شرح البيت (63).
13.
المصاحف لأبي بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني ذكره عند شرح البيت (35).
14.
الوسيلة إلى كشف العقيلة للسخاوي ذكره في المقدمة وهو كثير كما سبق التنبيه عليه.
ثانياً: المصادر التي أخذ منها بواسطة وهي:
1.
كتاب المصاحف لابن أَشْتَه (من الإتقان) ذكره في المقدمة.
2.
هجاء الحروف لمحمد بن عيسى الأصفهاني (من الجميلة) ذكره عند شرح البيت (151).
3.
هجاء السنة للغازي بن قيس (من الجميلة) ذكره عند شرح البيت (187).
4.
المقنع لأبي عمرو الداني في الرسم (من الوسيلة) ذكره عند شرح البيت (34) وهو كثير كما سبق التنبيه عليه.
5.
عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل لأبي العباس المراكشي (من الإتقان) ذكره عند شرح البيت (45).
6.
بعض مصنفات الداني (من الوسيلة صـ 246) ذكره عند شرح البيت (83).
7.
الإبانة لأبي بكر الأدفوي (من الوسيلة صـ 283) ذكره عند شرح البيت (106).
8.
إعجاز القرآن للباقلاني (من الجميلة) ذكره عند شرح البيت (20).
9.
القاضي حسين في تعليقه (من الإتقان) ذكره عند شرح البيت (37).
10.
شعب الإيمان للبيهقي (من الإتقان) ذكره عند شرح البيت (38).
11.
كتاب الكشف لأبي محمد؛ مكي (من الوسيلة) ذكره عند شرح البيت (62).
12.
الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها لابن فارس (من الإتقان) ذكره في المقدمة.
13.
كتاب هارون بن موسى الأخفش (من الوسيلة) ذكره عند شرح البيت (62).
14.
الهداية (من الوسيلة) ذكره عند شرح البيت (62).
النسخ الموجودة منه؛
وصفها وأماكن وجودها، ونماذج منها
حصلت على تسع نسخ للكتاب، والباعث لي على المضيِّ في جمع النسخ كوني لم أحصل على نسخة المؤلف -على الرغم من قرب عهده وسكناه مكة- ولا نسخةٍ مقابلةٍ على نسخته، ولا نسخةٍ قرئت وصححت على عالم بهذا الفن، ولا نسخةٍ كتبت في حياته، فكان نتيجة البحث والاستقصاء أن حصلت على النسخ التالية:
(1) نسخة مركز الملك فيصل بالرياض.
• رقمها: (2789/ 1)
• تاريخها: كتبت في القرن الثاني عشر الهجري، بخط "نستعليق"
• عدد صفحاتها: تقع في 47 لوحة ضمن مجموع، من لوحة (65 - 113) في كل لوحة صفحتان في كل صفحة 30 أو 29 سطراً، ورقُهُ أوربِّي تظهر الخطوط والعلامات المائية جداً، لون الخط أسود وأحمر وبنفسجي زيِّن العنوان بالذهب.
• اسم الناسخ: لم أجد عليها اسم الناسخ.
• حصلت عليها من: مركز الملك فيصل بالرياض.
• رقمها في فهرس آل البيت: لم يشر إليها في فهرس آل البيت.
• رمزت لها: (ص) فحرف الصاد من كلمة فيصل.
(2) النسخة الأزهرية/ القاهرة 1/ 151 - 152
كتب عليها (من كتب المرحوم حسن جلال باشا هدية للجامع الأزهر تنفيذًا لوصيته).
• رقمها: (خاص 286/ عامٌّ 22293).
• تاريخها: كتب في آخرها تمت في عصر الخميس 18/ 1/ 1190
• عدد صفحاتها: 76 ورقة، في كل ورقةٍ وجهان، في كل وجه 25 سطرًا.
• اسم الناسخ: يحي بن مصطفى العريف بيازيجي زاده.
• حصلت عليها من: الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
• رقمها في فهرس آل البيت: (4)
• رمزت لها: (ز 4) فحرف الزاي رمز للأزهر ورقم (4) رقمها في فهرس آل البيت.
(3) النسخة الأزهرية 1/ 151 - 152
• رقمها: (خاص 188/ عامٌّ 16226)
• تاريخها: تم نسخها في يوم الخميس 23/ 6/ 1315.
• عدد صفحاتها: 103 ورقة، ضمن مجموع من 298 - 400، في كل ورقةٍ وجهان، في كل وجه 27 سطراً، وهي كثيرة الحواشي جداً.
• اسم الناسخ: لم أجد عليها اسم ناسخها.
• حصلت عليها من: الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
• رقمها في فهرس آل البيت: (8).
• رمزت لها: (ز 8) فحرف الزاي رمز للأزهر، ورقم (8) رقمها في فهرس آل البيت.
(4) نسخة المكتبة الوطنية بالنمسا فينَّا (لوبنشتاين) ص 14.
• رقمها: (2045، 972).
• تاريخها: 1204.
• عدد صفحاتها: 125، في كل ورقةٍ وجهان، في كل وجهٍ 19 سطرًا.
• اسم الناسخ: عبد الله بن صالح؛ إمام جامع أبي أيوب الأنصاري، تمت مقابلتها من قبل رئيس القراء بدار القسطنطينية الحاج صالح أفندي في يوم الخميس من أيام العشر الأوسط لصفر الخير من شهور سنة 1204.
• حصلت عليها من: المكتبة الوطنية بالنمسا فينَّا.
• رقمها في فهرس آل البيت: (5)
• رمزت لها: (س) فحرف السين من كلمة النمسا
(5) نسخة فاتح (وقف إبراهيم أفاندي)
من كتب السيد محمد بن مصطفى المشهور بطنجانه لي دخاني زاده.
• رقمها: (45) صـ 4
• تاريخها: كتب في آخرها تمت
…
وقت صلاة الظهر يوم الخميس 24/ 4/ 1184.
• عدد صفحاتها: 77 ورقة، في كل ورقةٍ وجهان، في كل وجهٍ 31 سطراً كتبت بخط النسخ.
• اسم الناسخ: لم أجد عليها اسم ناسخها.
• حصلت عليها من: المكتبة السليمانية في إستانبول في تركيا.
• رقمها في فهرس آل البيت: (14 وفي نسخة من الفهرس برقم 15).
• رمزت لها: (ف) من فاتح.
(6) نسخة جامعة برنستون (جاريت "يهودا") صـ 18.
• رقمها: (2، 176"3840").
• تاريخها: القرن 11/ 12.
• عدد صفحاتها: 107 ورقة، في كل ورقةٍ وجهان، وفي كل وجه 33 سطرًا.
• اسم الناسخ: لم أجد عليها اسم ناسخها.
• حصلت عليها: من مكتبة الملك فهد بالرياض.
• رقمها في فهرس آل البيت: (3).
• رمزت لها: (بر 3)؛ بر من برنستون وتيمنا بالبرِّ، و (3) هو رقمها في فهرس آل البيت.
(7) نسخة دار الكتب القومية بالقاهرة.
• رقمها: (1/ 23).
• تاريخها: 1134.
• عدد صفحاتها: 94 ورقة، في كل ورقة وجهان في كل وجه 21 سطراً.
• اسم الناسخ: بخط درويش علي القريمي.
• حصلت عليها من: الجامعة الإسلامية.
• رقمها في فهرس آل البيت: (9 أو 10 لاختلاف نسخ الفهرس).
• رمزت لها: (ق).
(8) نسخة جامعة برنستون (جاريت "يهودا") صـ 18.
• رقمها: (1، 176"4445").
• تاريخها: كتب في آخرها (فرغت من تحريره في شهر شعبان المعظم سنة 1081).
• عدد صفحاتها: 162 ورقة، منها ورقة العنوان وورقتا الفهرس، في كل ورقة وجهان، في كل وجه 17 سطراً
• اسم الناسخ: كتب بعد الفهرس (من كتب العبد الفقير إليه سبحانه خليل بن محمد طاهر)، فالله أعلم هل هي "من كَتْب" أو "من كُتُب".
• حصلت عليها من: مكتبة الملك فهد بالرياض.
• رقمها في فهرس آل البيت: (1).
• رمزت لها: (بر 1)؛ بر من برنستون وتيمنا بالبرِّ، (1) هو رقمها في فهرس آل البيت.
(9) نسخة من المكتبة السليمانية.
• رقمها: (12).
• تاريخها: لم أجد عليها تاريخ كتابتها.
• عدد صفحاتها: 71 ورقة، في كل ورقةٍ وجهان، في كل وجه 29 سطرًا.
• اسم الناسخ: لم أجد عليها اسم ناسخها.
• حصلت عليها من: المكتبة السليمانية في إستانبول في تركيا.
• رقمها في فهرس آل البيت: لم يشر إليها في فهرس آل البيت.
• رمزت لها: (ل).
دلائل نسخة المؤلف:
وعلى الرغم من كوني لم أظفر بنسخة المؤلف إلا أني ظفرت بدلائل مما بين يديَّ من النسخ تدل عليها وهي كما يلي:
1.
في قول المؤلف رحمه الله في شرح البيت (153): (والاعتراض على هذا: أن الألف المنقلبة عن الياء في مثل هذا إنما ترسم ياءً على الأصل وإن كانت ألفاً في اللفظ نحو: تسامى وترامى الرجلان) كتبت في (بر 1) و (ف) وإن كانت ألف بهامشهما: "ألف؛ كذا وجد بأصل المؤلف"
2.
في قول المؤلف رحمه الله في شرح البيت (159): (فإن لم يتطرف لم يحذف) في نسخة (ل) و (ف)(بر 1)(ز 4) " (كذا وجد بخط المؤلف ولا يستقيم المعنى إلا بحذف لم الثاني فتدبر) ا هـ. وهو كما قال.
3.
في قول المؤلف رحمه الله في شرح البيت (165): (نالهما: أصابهما)
وجد في حاشية (ز 4) و (بر 1) و (ف): (ووجد في النسخة المقابلة على خط المؤلف أصحابهما مكان أصابهما وهو غير ظاهر فتنبه" وفي (ص) هذا الكلام في المتن.
المقدمة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي أوجد الخلق من العدم، وعلم الإنسان بالقلم ما لم يعلم، ورسم على صحائف الكائنات؛ من الدلالات الواضحات، والإشارات اللائحات، على توحيده في الذات والصفات، والأفعال المتقنة في المصنوعات، والصلاة والسلام على النبي الأمي الذي لم يخط يمينه كتابًا كيلا يرتاب المبطلون
(1)
في الآيات البينات، وعلى آله وصحبه وأتباعه وحزبه الذين برعوا في إيوان الفصاحة والكتابة، وبرزوا في ميدان البلاغة والخطابة.
أما بعد: فيقول الملتجي إلى رحمة ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري:
قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء) رواه مسلم
(2)
.
وعنه صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال اكتب القدر؛ فكتب ما كان وما هو كائن إلى الأبد" رواه الترمذي
(3)
.
(1)
إشارة إلى قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48].
(2)
في ك: القدر، باب حجاج آدم وموسى عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا رقم (2653).
(3)
في ك: القدر عن رسول الله، باب: ما جاء في الرضا بالقضاء (2155) وليس فيه (له) ولا (فكتب) وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وبلفظ مقارب في ك: تفسير القرآن عن رسول الله،
باب: ومن سورة ن والقلم (3319) وقال: هذا حديث حسن غريب ورواه أبو داود ك: السنة، باب: في القدر (4700) بلفظ (اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) وأحمد (22197) و (22199)؛ بألفاظ أُخَر؛ كلهم من حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا، قال الألباني:(ولا تناقض بين القولين -يعني قولي الترمذي-؛ فالاستغراب إنما هو بالنظر في هذا الوجه، وعلته عبد الواحد بن سليم وهو ضعيف، والتحسين؛ باعتبار أنه لم ينفرد به، وهو رواه عن عطاء بن أبي رباح عن الوليد بن عبادة بن الصامت حدثني أبي، ثم ذكر روايتي أحمد وأبي داود ثم قال: "فالحديث صحيح بلا ريب").
وأخرج ابن أَشْتَه
(1)
في كتاب المصاحف بسنده عن كعب الأحبار
(2)
قال: (أول من وضع الكتاب العربي والسرياني وسائر الألسنة كلها آدم عليه السلام قبل موته بثلاثمائة سنة كتبها في الطين، ثم طبخه فلما أصاب الأرضَ الغرقُ أصاب كلُّ قومٍ كتابَهم فكتبوه فكان إسماعيلُ بن إبراهيمَ عليهما الصلاة والسلام أصاب كتاب العرب)
(3)
.
ثم أخرج من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أول كتاب أنزل الله من السماء أبو جاد)
(4)
، وقال ابن فارس
(5)
: (الذي نقوله: إن الخط
(1)
هو: محمد بن عبد الله بن أشته، أبو بكر الأصبهاني المقرئ النحوي أحد الأئمة، توفي بمصر في شعبان سنة 360. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 321 ترجمة رقم (240).
(2)
كعب بن ماتع الحميري أبو إسحاق المعروف بكعب الأحبار، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم رجلا وأسلم في خلافة أبي بكر أو عمر سنة 12، روى عن النبي مرسلا وعن عمر وصهيب وعائشة، مات بحمص سنة 32 عن 104 سنين. اهـ مختصرًا من الإصابة 3/ 315 ترجمة (7496).
(3)
أخرجه أبو القاسم الحنائي في فوائده -الحِنَّائِيات- (2/ 1029) برقم: 200 - [208]؛ بلفظ: "أول من وضع الكتاب العربي والسرياني والحصوري والكتب كلها آدم صلى الله عليه وسلم
…
". وانظر: الفهرست (صـ 6)، ومحاسن الوسائل في معرفة الأوائل للشبلي صـ 323، وأحكام القرآن للقرطبي (1/ 283) عند قوله تعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31]، والبرهان 1/ 377 وعزاه إلى أبي الحسين بن فارس في كتاب فقه اللغة، والإتقان للسيوطي 2/ 212 النوع السادس والسبعون.
(4)
ذكره السيوطي في الإتقان 2/ 212 النوع السادس والسبعون، والمناوي في فيض القدير 4/ 17 ولم يعزه.
(5)
أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني المعروف بالرازي المالكي؛ الإمام العلامة اللغوي المحدث صاحب كتاب المجمل، كان متكلما على طريقة أهل الحق، من رؤوس أهل السنة المجردين على مذهب أهل الحديث، مات بالري في صفر سنة 395. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء 17/ 103 ترجمة (65).
توقيفي لقوله تعالى: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (3) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 4 - 5] وقال: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] وهذه الأحرف داخلة في الأسماء التي أعلم الله تعالى بها آدم والله تعالى أعلم)
(1)
.
فبهذا تبين ما ذهب إليه الجمهور؛ أن الواضع هو الله تعالى، وأنه أوقف العباد عليها بوحيه إلى بعض الأنبياء، أو بخلق الله تعالى العلم الضروري للخلق بالأشياء، ويؤيده قوله تعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ} [البقرة: 31]، ومن ثمة يعرف هذا بالمذهب التوقيفي
(2)
، مع أن هذه المسألة من الرياضيات لا من الضروريات
(3)
؛ فهي من الظنيات لا اليقينات
(4)
.
(1)
انظر: كتاب "الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها" لابن فارس صـ 36، وذكره الزركشي في البرهان 1/ 377، والسيوطي في الإتقان 2/ 212 النوع السادس والسبعون.
(2)
قال الشوكاني في إرشاد الفحول صـ 12: (اختلف في ذلك على أقوال:
الأول: أن الواضع هو الله سبحانه، وإليه ذهب الأشعري وأتباعه وابن فورك.
الثاني: أن الواضع هو البشر، وإليه ذهب أبو هاشم ومن تابعه من المعتزلة.
الثالث: أن ابتداء اللغة وقع بالتعليم من الله سبحانه والباقي بالاصطلاح.
الرابع: أن ابتداء اللغة وقع بالاصطلاح والباقي توقيف، وبه قال الأستاذ أبو إسحاق، وقيل إنه قال بالذي قبله.
الخامس: أن نفس الألفاظ دلت على معانيها بذاتها، وبه قال عباد بن سليمان الصيمري.
السادس: أنه يجوز كل واحد من هذه الأقوال من غير جزم بأحدها، وبه قال الجمهور كما حكاه صاحب المحصول).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في المسودة صـ 504: (ذهب الجمهور إلى أن الألفاظ دلت على المعاني بالوضع؛ لا لذواتها، وشذ عباد بن سليمان الصيمري؛ فزعم أن دلالتها لذواتها، وهذا باطل باختلاف الاسم لاختلاف الطوائف مع اتحاد المسمى).
وقال ابن قدامة في روضة الناظر صـ 171: (
…
ثم هذا أمر لا يرتبط به تعبد عملي، ولا ترهق إلى اعتقاده حاجة، فالخوض فيه فضول، فلا حاجة إلى التطويل، والأشبه أنها توقيفية).
وقال الشنقيطي في مذكرة الأصول صـ 171: (وقال بعض أهل الأصول: هي مسألة طويلة الذيل، قليلة النيل).
(3)
الرياضي في الاصطلاح هو النظري؛ وهو: ما يحتاج إدراكه إلى تأمل ويحتاج إلى نظر وكسب، والضروري -ويقال له البدهي- وهو في الاصطلاح: ما لا يحتاج إدراكه إلى تأمل، ويحصل بلا نظر وكسب. انظر: منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل لابن الحاجب صـ 5 و 6، وآداب البحث والمناظرة للشنقيطي 1/ 10، وتسهيل المنطق لعبد الكريم مراد الأثري صـ 7.
(4)
الظني في الاصطلاح هو: ما أفاد الظن، واليقيني في الاصطلاح هو: ما أفاد اليقين الجازم المطابق للواقع، وهما قسما مادة القياس عند المنطقيين، ومادته هي القضايا التي يتألف منها؛ لأنها قسمان: يقينات وغير يقينات وهي التي يقال لها اصطلاحًا الصناعات الخمس وهي: البرهان والجدل
والخطابة والشعر والسفسطة، ووجه الحصر في ذلك هو أن القياس إما أن يفيد اليقين الجازم المطابق للواقع فهو البرهان، أو يفيد اليقين على وجه الشهرة والتسليم فهو الجدل، أو يفيد الظن فهي الخطابة، أو التخيل فهو الشعر، أو يفيد اليقين الكاذب فهو السفسطة. انظر: تسهيل المنطق لعبد الكريم مراد الأثري صـ 57.
وقد جعل الله الكتابة من أظهر صنائع البشر وأعلاها، ومن أكثر منافع الأمم وأسناها، وهي حرز لا يضيع ما استودع فيه، وكنز لا يتغير لديه ما يوعيه، وحافظ لا يخاف عليه النسيان من كل باب، وناطق لما حرفه اللسان على وجه الصواب، ولذا قال سيد الأحباب، مخاطبًا للأصحاب:(قيدوا العلم بالكتاب)
(1)
.
وكانت الكتابةُ رخصةً، وانقلبت في هذا الزمان عزيمةً؛ صيانةً للعلم عن الخطإ في الروايةِ، المبنيِّ عليها صحةُ الدراية، ثم هي السبب إلى تخليد كل فضيلة، والباعث على تجديد كل حكمة جليلة، فإنها الموصلة إلى الأمم الآتية، بأخبار القرون الخالية، وآثار الدهور الماضية، حتى كأن الخلف يشاهد السلف، وكأن الآخر يشاهد الأول الماهر، بنظر الباطن والظاهر، فإنك متى أردت مجالسة إمام من الأئمة، ومشافهة كلام أحد من مشايخ الأمة، فطالع في كتبه التي صنفها، ورسائله التي ألفها، فإنك تجده لك مخاطِبًا ومعلِّمًا، ومرشِدًا ومفهِّمًا، فهو حيٌّ من هذه الحيثيةِ، وموجود بهذه الكيفيةِ، ولذا قال قائلٌ منبهًا لأهل زمانه، على إغفال خصال الكريم وإهمال شأنه، شعر:
إني سألت عن الكرام فقيل لي
…
إن الكرامَ رهائنُ الأرماسِ
ذهب الكرامُ وَجُودُهمْ ونوالُهمْ
…
وحديثُهمْ إلا من القِرْطاسِ
(2)
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (ت: عوامة)(13/ 461) برقم: (26955) موقوفًا على عمر وبرقم: (26956) موقوفًا على ابن عباس رضي الله عنهما، وأخرجه الدارمي موقوفًا على أنس باب: من رخص في كتابة العلم (497). وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 306) رقم (395)، ورواه أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي في كتاب العلم بتحقيق الألباني (صـ 137 - 138) من قول أنس لبنيه (يا بَنِيَّ قيدوا العلم بالكتاب) ومن قول ابن عباس، وقال الألباني معلقًا عليه:(وقد روي هذا الحديث مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح)؛ مع أنه صححه في صحيح الجامع برقم 4434، وصححه أيضًا في السلسلة الصحيحة (5/ 40 - 44) برقم 2026) والله أعلم.
(2)
لم أهتد إلى قائل هذه الأبيات، وقد ذكرها السخاوي في الوسيلة صـ 5.
وهذا معنى قول علي رضي الله عنه: (العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وآثارهم في القلوب موجودة)
(1)
، وكان عمر بن عبد العزيز
(2)
يصلي بالليل فإذا مرت به آية وفهم منها دلالة سلم من صلاته وكتبها في لوح أعده لصلاته، ليعمل به في غداته، وقيل لبعضهم
(3)
: كم تكتب؟ فقال: (لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد).
هذا
(4)
، وقد ذكر السخاوي
(5)
تلميذ الشاطبي رحمة الله عليهما بإسناده
(1)
رواه أبو نعيم في الحلية 1/ 79 - 80 عن كميل بن زياد عنه، ومن طريقه رواه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/ 49 - 50 وقال:(هذا الحديث من أحسنِ الأحاديثِ معنًى وأشرفِها لفظًا)، وشرحه ابن القيم في مفتاح دار السعادة 1/ 123 - 153، وفي إسناده أبو حمزة الثمالي؛ ثابت بن أبي صفية (قال أحمد وابن معين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: لين الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وعَدَّهُ السليمانيُّ في قوم من الرافضة) اهـ من "ميزان الاعتدال" للذهبي 1/ 363 رقم (1358)، وشيخه عبد الرحمن بن جندب الفزاري؛ مجهول كما قال الحافظ في اللسان 3/ 408، وذكره ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 1/ 247 برقم (284)، وذكره بطوله في "كنز العمال" 10/ 262 رقم (29391)، وعزاه إلى ابنِ الأنباريِّ في "المصاحفِ"، والمرهبيِّ في "العلمِ"، ونصرٍ في "الحجة"، والحليةِ، وابن عساكر، وانظر: تهذيب الكمال (24/ 218) رقم (4996)، وتذكرة الحفاظ (1/ 10) رقم (4)، وتاريخ بغداد (6/ 378) رقم (3413).
(2)
ابن مروان بن الحكم أبو حفص الأموي أمير المؤمنين، مناقبه كثيرة، توفي رضي الله عنه في رجب سنة 101 وله 39 سنة وأشْهُر. اهـ من الغاية 1/ 593 ترجمة (2412).
(3)
هو عبد الله بن المبارك، والأثر في الجرح والتعديل (1/ 280)، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 328) رقم 1726.
(4)
الشيخ رحمه الله يكثر من استخدام (هذا) للفصل وهي في سورة [ص: 55]{هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ} فهو أسلوب قرآني.
(5)
علي بن محمد بن عبد الصمد علم الدين؛ أبو الحسن الهمداني السخاوي، الإمام المقرئ المفسر، مات سنة 643 اهـ مختصرا من معرفة القراء الكبار 2/ 631 ترجمة (596)، وسير أعلام النبلاء 23/ 122، وغاية النهاية 1/ 568 ترجمة (2318).
المتصل
(1)
إلى الزهري
(2)
عن سفيان
(3)
عن مجالد
(4)
عن الشعبي
(5)
قال: (سألنا المهاجرين من أين تعلمتم الكتابة؟ فقالوا: من أهل الحيرة وسألنا أهل الحيرة: من أين تعلمتم الكتابة؟ فقالوا: من أهل الأنبار)
(6)
.
ولما كان كل من أراد إبقاء حكمة جليلة، وإنشاء علم وفضيلة، وإبداء لطيفة جميلة، لا يجد أقوى له من كَتْبِهِ ورقْمِهِ، ولا أوثق من قَيْدِهِ بِرَسْمِهِ، ولما كان كلامُ الله تعالى أولى بذلك من كلِّ كتاب، وأحقَّ به من كل خطاب، لوجوبِ محافظتِه من كل باب، على أولي الألباب؛ كَتَبَ سلفُ هذه الأمةِ لخَلَفِهم أمَنَةً أئمةً يُقْتَدَى بها، ويرجع عند النسيان إليها، ويرتفع الخلاف معها،
(1)
قال: (حدثني أبو المظفر بن فيروز الجوهري أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد أخبرنا أبو عمر عثمان بن محمد البزاز المعروف بالآدمي حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني من لفظه حدثنا عبد الله بن محمد الزهري حدثنا سفيان
…
) به، انظر: الوسيلة للسخاوي صـ 7 - 8.
(2)
ليس هو الإمام المشهور، وإنما هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري البصري، روى عن سفيان بن عيينة، صدوق مات سنة 256. اهـ من الجرح والتعديل 5/ 163 ترجمة (753) والتقريب 1/ 447 ترجمة (604).
(3)
هو ابن عيينة -كما في المقنع صـ 9 في السند المذكور-؛ ابن أبي عمران؛ ميمون؛ أبو مجاهد الهلالي الكوفي الإمام المشهور، توفي أول يوم في رجب سنة 198. اهـ من الغاية 1/ 308 ترجمة (1358).
(4)
في جميع النسخ التسع (مجاهد) وهو خطأ؛ لمخالفته للمقنع صـ 9 في نفس السند، وللمصاحف صـ 9، والصواب (مجالد) كما أَثْبَتُّهُ؛ وهو ابن سعيد بن عمير الهمداني، أبو عمرو الكوفي؛ ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، مات سنة 144. اهـ. من التقريب، وقد قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 8/ 361 في مجالد:(روى عن .. الشعبي .. روى عنه ابن عيينة) وهما شيخه وتلميذه في هذا السند، أما مجاهد فقد مات سنة 103، وابن عيينة ولد سنة 107، والشعبي مات سنة 105.
(5)
هو عامر بن شراحيل بن عبدٍ؛ أبو عمرو الكوفي الإمام الكبير المشهور، ومناقبه وعلمه وحفظه أشهر من أن تذكر، مات سنة 105 وله 77 سنة اهـ من الغاية 1/ 350 ترجمة (1500).
(6)
رواه ابن أبي داود في المصاحف صـ 9 عن الزهري بالسند المذكور، والداني في المقنع صـ 9 قال: (حدثا إبراهيم بن فراس المكي إجازة قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد قال حدثني جدي
…
الخ السند، وذكره أبو هلال العسكري في الأوائل صـ 57.
وينقطع النزاع عندها، وقد ذكر السخاوي عن شيخه الشاطبي
(1)
بسنده قال: سمعت مالكًا يقول: (إنما أُلِّفَ القرآنُ على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
.
هذا، وقد صنف الناس في رسم المصاحف كُتُبًا، لكن كتاب أبي عمرو الداني، المسمى بالمقنع
(3)
من أجمعِها وأحسنِها وأنفعِها، وقد اختصره الشيخ الولي أبو القاسم الشاطبي أحسن اختصار، ونظمه في أيمن أشعار، وزاد على أصله ببعض إفادة آثار، وإجادة أسرار، وقد شرح هذه القصيدةَ الرائيةَ، جمعٌ من أربابِ الفضائلِ البهيةِ، وأصحابِ الفواضلِ الرضيَّةِ، منهم الشارحُ الأولُ، وهو السخاويُّ الذي على كلامِهِ المُعَوَّلُ، فأردت أن أشاركهم في مسلك هذه القضيَّة، لعلِّي أُصادفُ تحسينَ النيةِ، وتزيين الطويَّةِ، ليكون وسيلةً إلى الدرجاتِ العَلِيَّةِ، والله ولي التوفيق، وبعنانِ عنايتِه أَزِمَّةُ التحقيق.
قال الشيخ بعد الابتداء بالبسملة -من غير أن يدرجَها في القصيدة-؛ لعذر ضيق النظم المؤدي إلى ترك رعاية تركيبها، ومحافظة ألفاظها على سنن تهذيبها، كما أتى بها في أول قصيدته اللامِيَّةِ
(4)
عملًا بأحد الجائزين
(5)
في القضية الكلامِيَّةِ:
(1)
(قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد حدثنا أبو داود -ابن نجاح- حدثنا أبو عمرو-الداني-) الخ سند المقنع الآتي. اهـ من الوسيلة صـ 10.
(2)
رواه الداني في المقنع صـ 8 قال: (حدثنا خلف بن حمدان، حدثنا محمد بن عبدالله بن زكريا، حدثنا عمي يحيى بن زكريا، حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب؛ قال سمعت مالكًا .. ).
(3)
في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار.
(4)
حيث ترك رعاية تركيبها قائلًا: بدأت ببسم الله في النظم أولا تبارك رحمانًا رحيمًا وموئلا.
(5)
مراده بالجائزين إدراجُها في النظم وعدمُ إدراجها فيه.
1 - الحمد لله موصولًا كما أَمَرا
…
مباركًا طيِّبًا يَسْتَنْزِلُ الدِّرَرا
أي: جنس "الحمد" مختص "لله" وهو مستحقه ومستوجبه لا سواه، و"موصولا" منصوب على الحال من الضمير في "لله"
(1)
، كذا قاله الشارح
(2)
، والأظهر أنه صفة مصدر محذوف أي: حمدًا متصلًا بحمد آخر، وهكذا دائمًا، مثل ما أمر الله تعالى بإدامة هذا الحال، حيث قال:{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}
(3)
، وهو الحمد على ذاته وصفاته بأسمائه
(4)
، والشكر على نعمائه ورخائه
(5)
، بل على محنته وبلائه، كما يشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم:(الحمد لله على كل حال)
(6)
، غيرَ مقيَّدٍ بحالِ الماضي والاستقبال، فألفُ "أمَرَا" للإطلاق، وقولُهُ:"مباركًا" أي: ناميًا زاكيًا زائدًا.
(1)
مراده بالضمير: متعلق الجار والمجرور الذي هو مضمر تقديره: كائن أو استقر، قال ابن مالك في الخلاصة:
وأخبروا بظرف او بحرف جر
…
ناوين معنى كائنٍ أو استقر
فيكون المعنى: الحمد كائن لله حال كونه (أي الحمد) موصولًا.
(2)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 13).
(3)
وردت في القرآن (3) مرات بدون عطف قبل "قُلْ"، ومرتان بالواو قبلها، ومرة بالفاء قبلها، أولها [الاسراء: 111].
(4)
كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إلى قوله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 2 - 4]{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1]{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} [الإسراء: 111]{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر: 1]{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [سبأ: 1] .. الخ.
(5)
كقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] وكقوله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي) رواه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة رقم (2715) وغيره، وعن عائشة رضي الله عنها قالت:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يحب قال (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات) رواه ابن ماجه (3803) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (265).
(6)
عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره قال (الحمد لله على كل حال) رواه ابن ماجه (3803) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (265).
والمعنى: "مباركًا" فيه أبدًا سرمدًا، ومعنى "طيِّبًا"؛ أي: صالحًا خالصًا؛ من قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، وهو أولى من قول الشارح:(إن الطيب المحبوب المستحسن المتلذذ وهو ضد الخبيث)
(1)
كما لا يخفى، ثم إن هذا البيت مقتبس من الحمد الوارد؛ (الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه)
(2)
.
و"الدِّرر"؛ بكسر الدال جمع الدِّرة وهي الدَّفْعَةُ والصَّبَّةُ من المطر، كذا ذكره الشارح
(3)
، وكأنه أراد به الرزق الكثير لأنه سببُه
(4)
، والأظهر أن الدِّرة بالكسر هنا بمعنى اللبن كالدَّر؛ على ما في كتب اللغة
(5)
، والمراد به الخير الكثير، كما يقال: لله دره؛ أي: خيره وكما يشير إليه قول صاحب القاموس: الدِّرة بالكسر سيلان اللبن وكثرته
(6)
.
فالمعنى: أن حمدَه سبحانه سببٌ لاستنزال الرحمة واستكثارِ النعمةِ كما يومئ إليه قوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، فالحمد لله والثناء؛ مُسْتَجْلِبٌ للعطاء؛ من غير الطلبِ والدعاء، كما قال بعضُ حسنِ الأداءِ؛ في مدح بعض الكرماء، شعر:
إذا أثنى عليك المرء يومًا
…
كفاه من تعرضك الثناء
(7)
(1)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 14).
(2)
رواه البخاري: ك: الأذان، باب: فضل اللهم ربنا لك الحمد، وفي الأطعمة، باب: ما يقول إذا فرغ من الطعام (5142)، ومسلم: ك: المساجد ومواضع الصلاة، باب: ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة (600)، وغيرهما.
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 14)، واللسان 4/ 280.
(4)
أي: لأن المطر سبب الرزق.
(5)
انظر: اللسان 4/ 279 - 280.
(6)
انظر: القاموس المحيط، فصل الدال باب الراء (2/ 28).
(7)
البيت من قصيدة لأُمَيَّةَ بنِ أبي الصَّلْتِ يمدح ابن جدعان، مطلعُها:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء
انظر: ديوان أمية بن أبي الصلت صـ 334، وذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار (3/ 168)، وابن دريد في الاشتقاق (1/ 143)، والثعالبي في المنتحل صـ 62، وابن القيم في مدارج السالكين (2/ 434)(منزلة الذكر).
ولعل وجهَ العدولِ عن أن يقول: "مُسْتَنْزِلَ الدِّرَرا"، قَصْدُ أن يقع هذا الفعل مكرَّرًا.
هذا، ولم يذكر الصلاة هنا، وذكرها في اللامية عملًا بأحد الجائزين
(1)
، واختار ذكرَها هناك لما ذكره الطبراني
(2)
في الأوسط وأبو الشيخ
(3)
في الثواب وغيرِه بسندٍ فيه ضَعْفٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة يستغفرون له ما دام اسمي في ذلك الكتاب)
(4)
.
2 - ذو الفضلِ والمَنِّ والإحسانِ خالقُنا
…
ربُّ العباد هو الله الذي قَهَرَا
قيل: "ذو الفضل"؛ مبتدأ، و"خالقُنا"؛ صفةٌ، و"ربُّ العباد"؛ صفةٌ أخرى، و"هو الله"؛ مبتدأٌ وخبرٌ، والجملةُ خبرٌ للمبتدإ الأولِ، ولا يبعد أن يكون "ذو الفضل"؛ مبتدأ، و"خالقنا"؛ خبره، و"رب العباد"؛ مبتدأ، وما بعده؛ خبره، و التقدير، هو "ذو الفضل"، هو "خالقُنا"، هو "رب العباد"،
(1)
مراده بالجائزين ذكرُ الصلاةِ وعدمُ ذكرِها.
(2)
سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني الإمام الحافظ صاحب المعاجم، توفي سنة 360. اهـ من الغاية 1/ 311 ترجمة (1368).
(3)
أبو محمد؛ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، المعروف بأبي الشيخ؛ الإمامُ الحافظُ الصادقُ محدثُ أصبهان، صاحبُ التصانيفِ، مات سنة 369 اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء 16/ 276.
(4)
رواه الطبراني في المعجم الأوسط (2/ 496) رقم 1856، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات 1/ 228، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1/ 204، وقال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال 1/ 320:"وهذا موضوع". وقال العجلوني في كشف الخفاء 2/ 257: "رواه الطبراني في الأوسط، وابن أبي شيبة، والمستغفري في الدعوات بسند ضعيف"، وانظر: أدب الإملاء والاستملاء (1/ 64)، جلاء الأفهام صـ (410 - 413).
هو الله الذي قهر العباد؛ أي: غلبهم بما أراد؛ فألِفُهُ للإطلاق، وفيه إشارةٌ إلى قوله:{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18 و 61] أي: وَفق حكمه ومراده، و"الفضل"؛ الإكرام، و"المَنّ"؛ الإنعام، و"الإحسان"؛ البر بالإتمام، وقد قال تعالى:{وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
(1)
وقال: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17]، ومن أسمائه سبحانه المنَّان
(2)
، وكذا الحنَّان
(3)
؛ فعن علي كرم الله وجهه: "الحنَّان: من يُقْبِل على من أعرض عنه، والمنَّان: من يبدأ بالنوال قبل السؤال"
(4)
.
وأما قوله: "رب العباد" فهو مأخوذ من قوله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(5)
؛ أي: مُنْشِئُهم بالإيجاد، ومربيهم بالإمداد.
(1)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 105].
(2)
روى الترمذي في الدعوات برقم (3544) عن أنس قال: "دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ورجل قد صلى وهو يدعو ويقول في دعائه: اللهم لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أتدرون بم دعا الله؟ دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى" قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روي من غير هذا الوجه عن أنس اهـ، ورواه النسائي في السهو (1283)، وأبو داود في الصلاة (1495)، وابن ماجه في الدعاء (3858)، وأحمد (11795، 13158، 13387)، وصححه الألباني في صحيح السنن الأربعة.
(3)
روى أحمد رقم (12200) عن أنس قال: "كنت جالسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلقة ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد جلس وتشهد ثم دعا فقال: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الحنان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون بما دعا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم قال: "والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى"، ورواه الحاكم 1/ 503 وقال: صحيح على شرط مسلم.
(4)
لسان الميزان (4/ 26) رقم (73)، وتاريخ بغداد (11/ 32) رقم (5704)، وعلوم الحديث لابن الصلاح (1/ 316).
(5)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[الفاتحة: 2].
3 - حيٌّ عليمٌ قديرٌ والكلامُ له
…
فردٌ سميعٌ بصيرٌ ما أراد جرى
جمع الشيخ في هذا البيت جميع الصفات السبع لذات الله تعالى
(1)
وأضاف إليه الوحدانية بقوله: "فردٌ"، والتقدير: هو "حيٌّ" بحياة أزلية أبدية، "عليمٌ" بالجزئيات والكليات بعلمه القديم، "قديرٌ" بقدرتِهِ الكاملةِ وقوتِهِ الشاملةِ، والحال أن "الكلام" ثابت "له" فهو متكلم بالكلام النَّفْسِيِّ من غير الحرفِ والصوتِ النَّفَسِيِّ
(2)
، واحد؛ لا مثل له في ذاته وصفاته، ولا شريك له في خلق مصنوعاته، "سميعٌ"؛ يدرك جميع المسموعات؛ ولو كان في أعلى مراتب الخفيات، "بصيرٌ"؛ يدرك المبصَراتِ كلَّها؛ ولو كانت الذرةَ السوداء، في الليلةِ الظلماء، على الصخرةِ الصماء، يستوي في علمه وسمعه وبصره ما في الأرض والسماء، "ما أراد" الله سبحانه "جرى"، وكان كما قضى، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن في كل زمان ومكان.
(1)
مذهب السلف إثبات جميع ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم على الحقيقة من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، ومذهب الأشاعرة الاقتصارُ على إثبات الصفات السبع التي ذكرها الناظم فقط ونفيُ ما عداها فرارًا من تشبيه الله بخلقه-زعموا-، ومذهب السلف أسلم وأعلم وأحكم، وانظر: للتوسع بيان تلبيس الجهمية 1/ 500، ومجموع الفتاوى 6/ 363، والرسالة الأصفهانية كاملة.
(2)
كذا في (ز 8) و (ز 4)، وفي (ل)"من غير الحروف والصوت النفسي"، وفي (ص) و (بر 1)"من غير الحرف والصوت النفسي" وفي (س)" من غير الحروف والصوت النفسي)، وهذا مذهب الأشاعرةِ في صفة الكلام لله، وقد رد عليهم شيخ الإسلام في مواضع من كتبه، وأهمها ما جاء في "التسعينية" حيث رد عليهم من ثمانيةٍ وسبعين وجهًا من صـ 143 - 241 وأخصُّها الأوجُهُ من الثاني عشر إلى الخامس والعشرين من صـ 151 - 169، ومذهب السلف في كلامه تعالى أنه شامل للفظ والمعنى، وأن القرآن؛ -حروفَه ومعانيَه- كلامُ الله تعالى. انظر: "الإيمان" صـ 162، و"درء التعارض" 2/ 329 و 10/ 222، و"مجموع الفتاوى" 12/ 67 و 6/ 533.
4 - أحمدُهُ وهْو أهلُ الحمدِ مُعْتَمِدًا
…
عليه مُعْتَصِمًا به ومُنْتَصِرا
بكسر العين في الأحوال الثلاثة
(1)
؛ أي: أحمده على تجدُّد نِعَمِهِ، وتَتَابُعِ آثارِ كرمِهِ، والحالُ أنه أهلُ الحمدِ ومستحِقُّه؛ لأنه منعمٌ بجميع النعمِ، وموصوفٌ بنعوتِ الجودِ والكرمِ حالَ كَوْني متوكِّلًا عليه، ومُفَوِّضًا أمري إليه، مُسْتَمْسِكًا بذيلِ كرمِهِ وجودِه، ومنتصرًا على عدوِّي بحولِه وقوةِ مشهودِه، قال الجعبري
(2)
: (الحمد هنا على حقيقته، بدليل المعترضة
(3)
، والأول
(4)
مجاز؛ لأنه أراد به الشكر
(5)
؛ حيث جعله سببًا لزيادة الرزق
(6)
، وافتتح بلفظ
(1)
مراده بـ"الأحوال الثلاثة"؛ الكلمات التي إعرابها "حال" في البيت وهي: (مُعْتَمِدًا) و (مُعْتَصِمًا) و (مُنْتَصِرا) وعين (مُعْتَمِدًا) هي الميم، وعين (مُعْتَصِمًا) هي الصاد، وعين (مُنْتَصِرا) هي الصاد.
(2)
قال الذهبي: إبراهيم بن عمر بن إبراهيم؛ الشيخ الإمام العالم المقرئ الأستاذ؛ برهان الدين أبو إسحاق الجعبري؛ شيخ بلد الخليل عليه السلام من بضع وعشرين سنة، له شرح كبير للشاطبية كامل في معناه، وشرح الرائية، وقصيدة لامية في القراءات العشر، قرأتها عليه، وأخرى في الرسم، وأخرى في العدد، تخرج به جماعة، وهو الآن باق قد قارب الثمانين اهـ من معرفة القراء الكبار 2/ 743 ترجمة رقم (718).
(3)
مراده بالمعترضة جملة: "وهو أهل الحمد".
(4)
مراده بالأول قول الشاطبي: الحمد لله موصولًا كما أمرا
…
الخ وقد سبق في البيت رقم (1).
(5)
ذكر أبو هلال العسكري في الفروق صـ 39 فرقًا بين الحمد والشكر، أما كبير المفسرين ابن جرير فقال 1/ 60: (قال ابن عباس: الحمد لله؛ هو الشكر، والاستخذاء لله، والإقرار بنعمته وهدايته وابتدائه، وغير ذلك
…
قال أبو جعفر: ولا تمانع بين أهل المعرفة بلغات العرب من الحكم لقول القائل: "الحمد لله شكرًا" بالصحة فقد تبين إذْ كان ذلك عند جميعهم صحيحًا، أن الحمد لله قد ينطق به في موضع الشكر، وأن الشكر قد يوضع موضع الحمد، لأن ذلك لو لم يكن كذلك لما جاز أن يقال الحمد لله شكرا، فيخرج من قول القائل "الحمد لله" مصدر "أشكر"، لأن الشكر لو لم يكن بمعنى الحمد كان خطأ أن يُصَدَّر من الحمد غيرُ معناه وغيرُ لفظه. اهـ، والمُعَوَّل على ما ذكره والله أعلم. وقال الشوكاني في فتح القدير (1/ 19) بعد أن ذكر ترجيحَ ابنِ جريرٍ اتحادَ الحمدِ والشكرِ:"قال ابن كثير: وفيه نظر؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء المتأخرين أن الحمدَ هو الثناءُ بالقول على المحمودِ بصفاته اللازمةِ والمتعديةِ، والشكرَ لا يكون إلا على المتعديةِ، ويكون بالجنان واللسان والأركان، انتهى ولا يخفى أن المرجع في هذا إلى معنى الحمد في لغة العرب لا إلى ما قاله جماعة من العلماء المتأخرين فإن ذلك لا يرد على ابن جرير ولا تقوم به الحجة هذا إذا لم يثبت للحمد حقيقة شرعية فإن ثبتت وجب تقديمها".
(6)
لقوله فيه: (يَسْتَنْزِلُ الدِّرَرا).
التلاوة
(1)
، وأخبر عن نفسه ثانيًا
(2)
؛ فلا تكرار)
(3)
انتهى.
ولا يبعد أن يكون الأول للإخبار، والثاني للإنشاء؛ فلا تكرار
(4)
، ولذا أتى بلفظ الإفراد حيث لم يقل: نحمده؛ ليشاركه سائرُ العبادِ، وقُدِّمَتِ الجملةُ الاسميَّة لدلالتِها على الثبوت والدوام، ثم أتى بالجملة الفعلية إيماء إلى تجدُّدِ الإنعام، وتعدُّدِ الإكرام، في الليالي والأيام.
5 - ثم الصلاة على محمد وعلى
…
أشياعه أبدًا تَنْدَى ندًى عَطِرا
الجملة خبريةٌ مبنًى، دُعائيةٌ معنًى، فكأنه قال: اللهم صل على محمد وعلى أتباعه من آله وأصحابه وأحبابه وسائر أشياعه أبد الآباد، في المعاش والمعاد، على لسان جميع العباد، من العلماء والصلحاء والزهاد والعُبَّاد، وقوله:"تندى"؛ على وزن ترضى، و"ندًى" بفتح النون مقصورًا منونًا و"عَطِرا" بفتح فكسر؛ أي: صلاةً تبل بللًا طيب الرائحة وتفوح فوحا كثير الفائحة في الفاتحة والخاتمة.
6 - وبعدُ فالمستعانُ اللهُ في سببٍ
…
يَهْدِي إلى سَنَنِ المَرْسومِ مُخْتَصِرا
بني "بعدُ" على الضم لحذف المضاف إليه مَنْويًّا، وأتى بالفاء على تقدير أما وتعبيرها، أو على توهُّمِ تقريرِها وتحريرِها، أو لئلا يتوهم إضافةُ "بعدُ" إلى
(1)
مقصوده بلفظ التلاوة: (الحمد لله).
(2)
وذلك في قول الشاطبي (أحمده
…
) الخ.
(3)
انظر: الجميلة صـ 17.
(4)
ليس تكرار الحمد -ولو من كل وجه تكرارًا محضًا- شيئًا يُعْتَذَرُ منه، فقد صنعه الشافعي في مقدمة الرسالة، وهو محتج بلغته، وحسبك فصاحتُه، وصنَعَه غيرُه، انظر: مقدمة الرسالة بتحقيق أحمد شاكر صـ 7 - 8.
ما بعدُ في تحبيرها
(1)
.
وأما قول الشارح: (فالفاء فيه زائدة كما في قوله: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}
(2)
[المدثر: 3 - 7])
(3)
؛ فالمحققون لم يرضوا بالزيادة في كلامه سبحانه من غير فائدة ولذا قال القاضي
(4)
: (الفاء فيه وفيما بعده لإفادة معنى الشرط فكأنه قال وما يكن من شيء فكبر ربك)
(5)
انتهى. والمعنى: فعظم ربك بقولك: "الله أكبر" وما في معناه من قوله: الله أجل وأعظم ونحوه في مبناه.
و"السبب": كل ما يتوصل به العبد فيما كسب أو اكتسب، و"سَنَنُ" الطريق؛ مثلثةٌ وبضمتين
(6)
؛ نَهْجُهُ وجِهَتُهُ، والروايةُ بفتحِهِما، وجوَّزَ الشارحُ ضمَّهما
(7)
، ويجوز ضمُّ السينِ وفتحُ النونِ الأُولى على أنه جمعُ سُنَّةٍ وهي الطريقة الأولى، و"مُختصِرا" بكسر الصاد حال من الضمير في "يهدي"، قال الشارح:(لا من المرسوم؛ لأنه لا يقع فيه الاختصار)
(8)
وفيه أنه يلزم من اختصار السبب اختصار المرسوم، مع أنه لا شبهة في أن هذه القصيدة مختصرة من الكتب المبسوطة، على أنه فرق بين الاختصار والاقتصار
(9)
.
(1)
لما كانت الفاء إنما يؤتى بها بعد "أما بعد" وقد جيء بها هنا مع كونها "وبعد" بين الشارح أن الحامل للناظم على المجيء بها أحد ثلاثة أمور: أ- على تقدير أمَّا، ب- أو على توهمها، جـ- أو لئلا يتوهم إضافة بعد إلى ما بعدها فتصير (وبعدَ المستعانِ).
(2)
في نسخة (ز 4) إلى قوله (فاهجر) وفي سائر النسخ إلى قوله (فاصبر) دون ذكر (ولا تمنن تستكثر) لخلوها من موضع الشاهد.
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 23).
(4)
عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي، صاحب المنهاج في أصول الفقه ومختصر الكشاف في التفسير وغيرها. اهـ مختصرا من طبقات الشافعية الكبرى 5/ 59. وذكر السيوطي في بغية الوعاة: أنه توفي عام 685 اهـ.
(5)
انظر: "أنوار التنزيل" للقاضي البيضاوي (2/ 541).
(6)
مراد المؤلف ما ذكره صاحب اللسان 13/ 226 بقوله: (وسَنَنُ الطريق وسُنَنُه وسِنَنُه وسُنُنُه؛ نهجه).
(7)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 23).
(8)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 22).
(9)
قال أبو هلال العسكري في الفروق صـ 31: (الاختصار: هو إلقاؤك فضول الألفاظ من الكلام
المؤلَّف من غير إخلال بمعانيه
…
والاقتصار: تعليق القول بما يحتاج إليه من المعنى دون غيره مما يستغنى عنه) وقال الجرجاني في التعريفات صـ 175: (والقصر في الاصطلاح: تخصيص شيء بشيء وحصره فيه، ويسمى الأمر الأول مقصورًا والثاني مقصورًا عليه).
ومعنى الجملة: أنَّ بعد الحَمْدَلَةِ والتَّصْلِيَةِ
(1)
فالمطلوب منه الإعانة في تحصيل سبب يدل ويشير إلى معرفة طريق مرسوم المصاحف العثمانية في حال الاختصار بضبط القواعد الكلية، المندرج تحتها المسائل الجزئية، إذ لا يتم أمر إلا بمعونة الله تعالى في تكميل القضية، كما يشير إليه قوله تعالى:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]؛ أي: نَخُصُّك بالعبادةِ والعبوديةِ، ونخصك بالاستعانةِ في الأمورِ الدينيةِ والدنيويةِ، ولله درُّ من قال من أرباب الحال، شعر:
إذا لم يكن عون من الله للفتى
…
فأول ما يجني عليه اجتهاده
(2)
وقال آخر من أرباب الكمال، شعر:
من لم يكن للوِصالِ أهلًا
…
فكلُّ طاعاتِه ذنوبُ
ففي الآية الشريفة رد على الجبرية
(3)
والقدرية
(4)
وإيماءً إلى مرتبة الجمع
(5)
المعتبرة عند السادة الصوفية
(6)
.
(1)
قال الجوهري في الصحاح (6/ 2402): (والصلاةُ: واحدة الصَلَواتِ المفروضة، وهو اسم يوضع موضع المصدر. تقول: صليت صلاة، ولا تقل تَصْلِيَةً
…
ويقال أيضاً: صَلَيْتُ الرجل ناراً، إذا أدخلته النار وجعلته يَصْلاها، فإن ألقيته فيها إلقاءً كأنَّك تريد إحراقه قلت: أَصْلَيْتُهُ بالألف، وصَلَّيْتُهُ تَصْلِيَةً)، وقد قال تعالى:{وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} [الواقعة: 94].
(2)
عزاه التنوخي في كتابه الفرج بعد الشدة (1/ 177)، والراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء (1/ 532) إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذكره اللبيب في (الدرة الصقيلة صـ 166) في شرح البيت نفسه من الرائية وعزاه إلى النميري.
(3)
وجهه: أنه أسند الطاعة (وهي العبادة) للمخلوق خلافًا لما زعمته الجبرية من أن لا فعل للعبد.
(4)
وجهه: أنه سأل الله المعونة، فعلم أنه لا استقلالَ للعبد بفعلٍ دون مشيئةِ اللهِ، خلافًا لما زعمته القدرية، من استقلال العبدِ وخلقِه أفعالَ نفسِهِ مخالفين قوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله صنع كل صانع وصنعته).
(5)
على حد قوله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 28 - 29].
(6)
بل عند سلف الأمة وأئمتها.
7 - عِلْقٌ عِلاقَتُهُ
(1)
أولى العلائق إذ
…
خيرُ القرونِ أقاموا أصلَه وَزَرا
("العِلْق"؛ بكسر أوله: الشيء النفيس
(2)
؛ وإن استقبح هذا قوم "من العقلاء"
(3)
؛ فما على العلماء من اصطلاح السفهاء
(4)
(5)
، والعِلاقة بكسر العين عِلاقة السوط وغيرها، وأما بفتحها ففي المحبَّةِ وأمثالِها
(6)
، وقد لا يُفَرَّقُ بينهما
(7)
، والروايةُ بالكسرِ، ولعلها مراعاةً لمجاورة ما قبلها
(8)
، قال الشاعر:
وبي
(9)
علاقة حب ليس يعلمها
…
إلا الذي خلق الإنسان من علق
(10)
و"العلائق" ما يتعلق المرء به من بضاعة وصناعة
(11)
، و"إذ"؛ تعليلية حرفية كقوله تعالى:{وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} [الزخرف: 39]؛ أي:
(1)
في (ز 4)"عِلْقٌ عَلاقَتُه"، وفي (س) و (ص) و (ل) و (بر 1)"عِلْقٌ عِلاقَتُه"، وفي (ز 8) بدون تشكيل.
(2)
لسان العرب (10/ 268 - 269)، والقاموس المحيط (3/ 367) ومنه قول رجل من تميم مخاطبًا بعض ملوك العرب: أَبَيْتَ اللَّعْنَ إن سَكَابِ عِلْقٌ نَفِيسٌ لا تُعارُ ولا تُباعُ.
انظر: (ديوان الحماسة، باب: الحماسة صـ 67 - 68).
(3)
ليس في الوسيلة صـ 23 "من العقلاء" وما إخالُهُ حَمَلَهُ على إدراجِها ـ مع إيهامِها ـ إلا وَلَعُهُ بالسجع.
(4)
في (ز 8)"من إصلاح السفهاء" وفي (ز 4)"عما على العلماء من الصلاح السفهاء" وفي (ص) "وإن استقيم هذا قوم من العقلاء فما على العلماء من إصلاح السفهاء).
(5)
ما بين القوسين من الوسيلة صـ 23 وله تتمةٌ توضحه؛ (وقد قال تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وإن كان النساءُ اليومَ إذا سمِعْنَ ذلك أنْكَرْنَهُ)؛ فيبدو أنه كان للعِلْقِ عند السفهاء في زمانهم معنى رديء، والله أعلم.
(6)
ذكر ابن القيم أن العَلاقةَ أولُ مراتبِ المحبةِ، وسميت بذلك لتَعَلُّقِ القلبِ بالمحبوبِ. مدارج السالكين 3/ 27، وانظر: اللسان 10/ 262.
(7)
قال في اللسان 10/ 262: (وقال اللحياني عن الكسائي: "لها في قلبي عِلْقُ حُبٍّ وعَلاقة حُبٍّ وعِلاقة حُبٍّ" قال: ولم يعرف الأصمعي عِلْق حُبٍّ ولا عِلاقة حُبٍّ، إنما عرف عَلاقَة حُبٍّ؛ بالفتح وعَلَق حب بفتح العين واللام).
(8)
أي: مجاورة عِلاقته لعِلق في قوله: عِلْقٌ عِلاقته.
(9)
وفي نسخة (ز 8)"لي علاقة".
(10)
ذكره في الوسيلة صـ 24، ولم يعزه أيضًا، ولم أقف على قائله، وذكره أيضًا صاحب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب"(1/ 82).
(11)
انظر: اللسان 10/ 269.
لأنكم ظلمتم؛ لا ظرفية اسمية كما ذكره الشارح
(1)
، واعتذر لتأخير الفعل بالضرورة الشعرية، معلِّلًا بالقواعد النحوية، فإن "إذ" يضاف
(2)
إلى الجملة الاسمية والفعلية؛ نحو: جئت إذ قام زيد، وإذ يقوم زيد، وإذ زيد يقوم، وأما إذ زيد قام، فمستقبح عندهم لأنهم لا يفصلون
(3)
بينها وبين الفعل الماضي.
ثم المراد بـ"خير القرون" الصحابة فإنهم خير القرون الآتية والماضية؛ لشهادة قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110]، وهذا لا ينافي ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)
(4)
؛ حيث أريد به القرون الآتية، بدليل قوله: (ثم يجيء قوم تسبق شهادةُ
(5)
أحدِهم يمينَه ويمينُه شهادتَه)
(6)
، وفي رواية:(ثم يفشو الكذب)
(7)
؛ لا الماضية كما ذهب إليه الشارح وقال: (معناه -والله أعلم- خير القرون الماضية قرني، ثم الذين يلونهم كذلك خير من القرون الماضية، ثم الذين يلونهم كذلك، فيكون كل قرن من القرون المذكورة في الحديث خيرًا من القرون الماضية قبل هذه الأمة؛ فلا يعارض هذا الحديثُ حديثَ
(8)
"أمتي كالمطر لا يُدْرَى أوله خير أم
(1)
انظر: (الوسيلة صـ 26) حيث ذكر ما ذكره المؤلف عنه والاعتذارَ والتعليلَ الذي ذكره عنه المؤلف.
(2)
كذا في (ز 4) و (س) و (ص) وفي (بر 1) و (ز 8)"إذ تضاف"، وفي (ل) مكتوبة بالتذكير والتأنيث في رسم واحد.
(3)
وفي (ص)"يفصلان".
(4)
رواه البخاري ك: الشهادات (2651) و (2652) وفي المناقب رقم (3650) و (3651) وفي الرقاق رقم (6428) و (6429) وفي الأيمان والنذور رقم (6658) و (6695). ومسلم ك: فضائل الصحابة رقم (2533) و (2534) و (2535) و (2536). وليس في شيء من روايات هذا الحديث اللفظُ الذي أورده المصنف (خير القرون) بل كلها؛ إما "خير الناس"، أو "خيركم"، أو "خير أمتي".
(5)
كذا في (ز 8)، وفي (بر 1) و (ل) و (س) و (ز 4)"سبق شهادة يمينه"، وفي (ص) "حيث أريد به قرون
…
سبق بشهادة يمينه".
(6)
هي روايات البخاري رقم (2652) و (3651) و (6429) و (6658).
(7)
هذه رواية الترمذي برقم (2302).
(8)
كذا في (بر 3)، وفي سائر النسخ "يتعارض هذا الحديث حديث".
آخره"
(1)
(2)
، ولا يخفى أن هذا المعنى لا يلائم المقام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(خير القرون القرن الذي أنا فيهم)، ولا يلزم منه التسوية بين الصحابة وغيرهم على ما صرح به الجعبري
(3)
.
وأما الجمع بين الحديثين؛ فقيل المراد بالثاني؛ خفض العيش وسعة الحال وكثرة الأرزاق والأموال؛ فإن الله تعالى فتح على هذه الأمة في أول الوهلة أقطار البلاد من الأمصار، وأباحهم أموال الأمم ومساكنهم ونساءهم، وملَّكهم رقابهم، وكذلك يقع في آخر الأمر حيث تتَّسعُ
(4)
البركاتُ وتتضاعفُ الخيراتُ كما ورد في الحديث عند نزول عيسى عليه السلام
(5)
، وقيل عدم الدراية
(6)
؛ من حيثِيَّةِ الإيمانِ الغيبِيِّ الحاصلِ للمتأخرين؛ بخلافِ الإيمانِ الشهوديِّ الواصلِ
(1)
رواه الترمذي ك: الأمثال عن رسول الله (2869) بلفظ (مثل أمتي مثل المطر). وأحمد في مسند أنس بن مالك رقم (11918) بلفظ (إن مثل أمتي مثل المطر)، وبلفظ (مثل أمتي)(12052) حديث عمار بن ياسر (18402)، وجزم ابن القيم في أعلام الموقعين 2/ 358 بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن حجر في الفتح 7/ 6:(وهو حديث حسن له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة)، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة 5/ 358 رقم (2286): (روي من حديث أنس وعمار بن ياسر وعبد الله بن عمر وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو،
…
وذكر طرقها ثم قال (وبالجملة فالحديث صحيح بلا ريب بمجموع هذه الطرق).
(2)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 25).
(3)
انظر: الجميلة صـ 21 ولفظه (ولما فيه من احتمال التسوية بين الصحابة ومن بعدهم).
(4)
كذا في (س) و (ل) و (بر 1)، وفي (ز 4) و (ص) "مساكنهم ونسائهم
…
حيث يتسع البركات"، وفي (ز 8) " مساكنهم ونسايهم
…
حيث تتبع البركات".
(5)
لعله يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم الذي في صحيح مسلم (4/ 2254) برقم: (2937) (
…
فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم -أي يأجوج ومأجوج- فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرا لا يَكُنُّ منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتَكِ، ورُدِّي بركتَكِ، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرِّسْل؛ حتى أن اللِّقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللِّقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس واللِّقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس
…
).
(6)
المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يُدْرَى".
بمشاهدةِ المعجزاتِ الكائنةِ للمتقدمين
(1)
، و"الوَزَر"؛ الجبلُ، والمرادُ به هنا الملجأُ والمَفَرُّ، ومنه قوله تعالى:{كَلَّا لَا وَزَرَ} [القيامة: 11] وهو منصوب على الحال.
والمعنى: أن المرسومَ أمرٌ نفيسٌ لا يُسْمَحُ بمثله، وهو أَوْلى ما يتعلَّقُ به الإنسانُ من غيرِه؛ لأن الصحابة الذين هم خير الأمة -باتفاق الأئمة- أقاموا أصلَ هذا المرسومِ، ورسموا هذا الرسمَ المعلومَ، حالَ كونِه ملْجأً للناس، يرجعون إليه حال الالتباس، حيث لا يجوز فيه القياس.
8 - وكلُّ ما فيه مشهورٌ بسنَّتهِ
…
ولم يُصِبْ مَنْ أضاف الوهْمَ والغِيَرا
"لم يصب": من الإصابةِ؛ ضدُّ الإخطاءِ، و"الغِيَرا": بكسر ففتح؛ مفرد بمعنى التغيير.
والمعنى: أن جميع ما في أصل المرسوم مستفيض بين الأمة ومعلوم عند الأئمة بسبب سنته صلى الله عليه وسلم لأنه مأثور عنه، حيث كتبوه بحضرته، وأقرهم على كتابته، مع أن سنة الخلفاء الراشدين من سنته، على ما ورد في الصحيح:(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين)
(2)
، وقد أمر بكتابته الشيخان،
(1)
مسألة خيرية هذه الأمة والمفاضلة بين أولها وآخرها بحثها ابن حجر في الفتح (7/ 8 - 10)، والشوكاني في النيل 9/ 227، والطحاوي في مشكل الآثار 3/ 254، باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوابه لأبي عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه لما قال له هل أحد خير منا أسلمنا معك وجاهدنا معك بقوله له نعم قوم من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني)، والصنعاني في سبل السلام 2/ 580.
(2)
رواه الترمذي؛ ك: العلم عن رسول الله، باب: ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (2676)، وأبو داود؛ ك: السنة، باب: في لزوم السنة (4607)، وابن ماجه في المقدمة؛ باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (42) و (43). وأحمد في مسند الشاميين: حديث العرباض بن سارية (16692) و (16694)(16695) وصححه الألباني في الصحيحة برقم (937).
ثم أعاده عثمان رضي الله عنه، وأجمع عليه بقيةُ الصحابةِ واستحسنه جميعُ الأئمةِ، فمن نسب الوهم والتغير في الرسم بالنقصان أو الزيادة -من الملاحدةِ وغلاةِ الشيعةِ-؛ فقد أخطأ صَوْبَ الصَّوابِ، واستحق الحجابَ والعقاب؛ لأن الله تعالى بنفسه تولّى حفظ الكتاب، بقوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، وإن المعتمدَ نقلُ القرآن من الحفاظ، وكانوا عند كتابة المصحف أكثرَ من عدد التواتر، ولو غيَّره أحد من الكُتَّاب كما زعمتم لعلمناه من تلاوة القراء
(1)
.
وقد وَلِيَ عليٌّ كرم الله وجهه على
(2)
الخلافةِ بعد الخلفاء الثلاثة، وتمكَّن من إظهار الملّة على زعمكم، فلو صحت دعواكم لأَقْرَأَ الأئمةَ من أهل بيت النبوة القرآنَ العظيمَ على وجهه، وكتبَ مصحفًا لهم على وَفْقِ رسمِه، وأثبتَ ما ادعيتم من تغييره.
وأما قولهم: "أخذوه من الآحاد والرقاع" فيجيء جوابه عند قوله: "فقام فيه بعون الله"
(3)
، ومجمل الكلام، في تحقيق المرام، في هذا المقام، أنه كيف يصح تفريط الصحابة الكرام، في ضبط القرآن العظيم، وإهمالهم في حفظ القرآن الكريم، حتى ينسوه فلا يعرفه إلا الواحد والاثنان من الأطراف، وحتى لا يوجد إلا في الأكتاف واللخاف، هذا مع شدتهم في طلب أمر الدين، وبذلهم الأموال والأشباح والأرواح في مقام اليقين، أيتركون القرآن الذي فيه منافع دنياهم وأخراهم، وقد نقل الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم (كان يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن)
(4)
، وقال ابن مسعود تعلمت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين
(1)
كذا في (ص) و (بر 1)، وفي (ل) و (س) و (ز 4)"لعلمناه من تلاوة القرآن"، وفي (ز 8)"لعلمنا من تلاوة القرآن"
(2)
كذا في جميع النسخ، ولعل الأصوب "وَلِي عليٌّ كرم الله وجهه الخلافةَ" بدون "على".
(3)
البيت رقم (27).
(4)
رواه مسلم ك: الصلاة، باب: التشهد في الصلاة (403) ورواه غيره.
سورة
(1)
، وأمره الله تعالى أن يقرأ على أُبَيٍّ
(2)
ليُعَلِّمَهُ في قراءته، ويقتدي به في روايته، وقال معاذ:(عرضنا القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يَعِبْ أحدًا منا)
(3)
.
وقال عبادة بن الصامت: (كان الرجل إذا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه إلى رجل منا ليعلمه القرآن)
(4)
، وبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قبل الهجرة مصعبَ بنَ عمير يعلمُهم القرآنَ وأضاف إليه ابنَ أمِّ مكتومٍ في الإقراء، ثم تلاحق المهاجرون
(5)
، ولما فتح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكةَ ترك فيها معاذَ بن جبل لذلك
(6)
، وقد كان بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ضجةٌ بتلاوة القرآن، حتى أمرهم بخفض أصواتهم لئلا يُغَلِّط بعضُهم بعضًا
(7)
وبهذا الاهتمام التام لتحقيق القرآن في الصدر الأول من الإسلام تبين الرد على ما ادعاه قوم من أهل الملام أن قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] كان: {وَوَصَّى رَبُّكَ}
(1)
رواه البخاري ك: فضائل القرآن، باب: القراء من أصحاب النبي رقم (5000) بلفظ (أخذت من في رسول الله
…
بضعًا وسبعين سورة). ومسلم ك: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبد الله بن مسعود (2462) وغيرهما.
(2)
رواه البخاري ك: المناقب، باب: مناقب أُبَيِّ بن كعب رقم (3809) وفي ك: تفسير القرآن (4959) و (4960) و (4961). ومسلم ك: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحذاق فيه (799) وفي ك: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أُبَيِّ بن كعب.
(3)
لم أجده بعد لَأْيٍ، فالله أعلم وفوق كل ذي علم عليم. وقد ذكره السخاوي في الوسيلة صـ 32 في شرح البيت (8).
(4)
رواه الإمام أحمد في مسند الأنصار حديث عبادة بن الصامت (22260).
(5)
قصة قدومِ مصعبٍ وابنِ أمِّ مكتومٍ المدينةَ وتعليمِهم الناسَ القرآنَ رواها البخاري ك: المناقب، باب: مقدم النبي وأصحابه المدينة (3924) و (3925) وفي ك: تفسير القرآن (4941).
(6)
رواه الحاكم في مستدركه (3/ 270) كتاب معرفة الصحابة؛ ذكر مناقب أحد الفقهاء الستة من الصحابة؛ معاذ بن جبل.
(7)
روى أبو داود في كتاب الصلاة باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل عن أبي سعيد الخدري قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال:(ألا كلُّكم مُناجٍ ربَّه فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة) أو قال: (في الصلاة)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1/ 247)، وفي مسند أحمد؛ مسند علي بن أبي طالب (665) (نهى أن يرفع الرجل صوته بالقراءة
…
)، و (819) بلفظ: (نهى أن يرفع صوته بالقرآن
…
).
ولكن انضمت الصاد إلى الواو فقرئت {وَقَضَى}
(1)
ومثل ذلك دعوى من
(1)
القراءة سنة متبعة، والرسم تابع لا متبوع، ولو صح ما قاله هؤلاء لكانت كلُّ قراءةٍ يحتمِلُها رسمُ المصحفِ صحيحةً معتبرةً قرآناً، والواقعُ ليس كذلك؛ فما لم يصح له سند فلا يُعْتَدُّ به قراءةً؛ ولو وافق رسمَ المصحف، بدليل: 1 - أن هناك قراءات يحتملها الرسم ولم يقرأ بها أحدٌ من الناس مع أنها صحيحةٌ في اللغة ونَطَقَ بها العربُ، فمن ذلك قوله سبحانه وتعالى:{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} [البقرة: 20] يجوز في اللغة: يَخْطَفُ، ويَخْطِفُ، ولكن القُرَّاءَ لم يقرؤوا إلاَّ يَخْطَفُ، ومنها ما تُجَوِّزُ اللغةُ والصناعةُ النحويةُ نُطقَه بأوجه مختلفةٍ، ومع هذا لم يقرأ القراءُ إلا بوجهٍ واحدٍ؛ فمن ذلك قوله تعالى:{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]؛ جميع القراء بضمِّ الميم مع أن اللغةَ تُجَوِّزُ في الميم الضمَّ والفتحَ والكسرَ، والرسم يحتمله. 2 - أن رواةَ الرسمِ كنافعٍ قد ينقلون ما يخالف قراءتَهم كما قرأ نافعٌ غيابات بالجمع في آيتي يوسف مع أنه نقل حذفهما في الرسم، وغيره قرأ بالإفراد، وله نظائر. 3 - أن هناك كلمات يتكرر ورودها في القرآن وترسم في مواضع برسم مخالف لنظائره ومن أمثلتها: أ- آيَاتٌ اتفقت المصاحف على حذف ألف يائها كيف أتت إلا الأَوَّلَيْنِ بيونس وهما قوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا} [15] و {إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا} [21] فإنه بالألف. ب- {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه: 77]؛ اختلف النقلة فيها؛ ففي بعض المصاحف بألفٍ وفي بعضها بغيرها كما قرئ بهما في السبعة بخلاف قوله: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112] أيضا فإنه متفق الإثبات. جـ- اتفقت المصاحف على حذف الألف الأخيرة في أَيُّهَ في ثلاثة مواضع؛ وهي قوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} [النور: 31]، وقوله تعالى:{وَقَالُوا يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ} [الزخرف: 49]، وقوله تعالى:{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} [الرحمن: 31]، كما اتفقت المصاحف على إثباتها في غيرها نحو:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ} {يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ} [يوسف: 78، 88]{يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ} [الفجر: 27]. 4 - أن هناك ألفاظًا اتفق القراء على قراءتها بغير ظاهر رسمها، لعلمهم بأن المرادَ برسمها غيرُ لفظها كقوله:{بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] بياءين ولا يُلْفَظ إلا بواحدة، وكذا:{أُولَئِكَ} [البقرة: 5] قبل اللام واو ولا يُلْفَظ بها، وكقوله:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: 23] بعد الشين ألف ولا يلفظ بها، وكذا رسم {إِيلَافِهِمْ} [قريش: 2] بلاء ياء ويلفظ بها، و {دَاوُودُ} ملفوظ بواوين ومرسوم بواحد، ورسم {الصَّلَاةَ} و {الزَّكَاةَ} بواو ويلفظ بألف و {وَقَضَى} [الإسراء: 23] بياء ويلفظ بألف فلو كانت القراءات تابعة للرسم ونابعة منه لقرئت هذه الألفاظ بظاهر رسمها والواقع أنه لم ينقل ذلك عن أحد من القراء والله أعلم.
زعم
(1)
أن مروان
(2)
هو الذي قرأ {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] بغير الألف
(3)
من تلقاء نفسه.
وهذا كله ظاهر الفساد إذ يلزم من ذلك أن تلك الآية لم يحفظها أحد حتى صُحِّفَتْ وقرئت: {وَقَضَى} ويلزم أن يكون الأمة والأئمة تبعوا مروان فيما جاء به من عند نفسه وهذا زعم صاحب الكشاف
(4)
من المعتزلة حيث تَوَهَّم أن اختلاف القراء من الأئمة السبعة مع أن قراءتهم واصلة إليهم بالطرق المتواترة مبني على اختيارهم وَفْقَ القواعد العربية ولهذا كثيرًا ما يطعن فيهم من هذه الحيثية.
والعجب من البيضاوي مع أنه من أئمة أهل السنة
(5)
تبعه في هذه القضية كما بينته في تخريج قراءته من تفسيره، بالحاشية المستقلة وأوضحت ما وقع فيه من تقصيره وتغييره، ونقصانه في تعبيره، والله وليُّ دينِه وناصرُ نبيِّه.
(1)
الذي زعم ذلك هو ابن شهاب الزهري، قال في الدر المنثور 1/ 35 - 36 (وأخرج وكيع في تفسيره وعبد بن حميد وأبو داود وابنه عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرؤونها {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وأول من قرأها {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بغير ألف مروان، وأخرج ابن أبي داود عن ابن شهاب أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد كانوا يقرؤون {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال ابن شهاب وأول من أحدث "ملك" مروان.
(2)
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي، من كبار التابعين وقيل له رؤية، روى عن عمر وعثمان وعلي وزيد، مات في رمضان سنة 65. اهـ مختصرًا من السير 3/ 476 ترجمة رقم (102).
(3)
جميع النسخ التسع "بالألف" دون زيادة "غير"؛ ولا يستقيم الكلام إلا بزيادة "غير" ويدل لذلك قول المؤلف في شرح البيت (46)(وفي الحديث المذكور رد على من زعم أن أول من قرأ {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} مروان، وكذا كان يقرأ ابن عمر وابن عباس وأبو الدرداء {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بغير ألف).
(4)
هو أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ولد 467 ومات 538.
(5)
تقدمت ترجمته في شرح البيت (6) وقال صاحب كتاب "المفسرون بين التأويل والإثبات في آيات الصفات" 2/ 95: (له علم بالمعقول وليس له علم بالمنقول عن السلف والرسول، ألف تفسيره على منهج الخلف، لخص فيه عبارة الرازي والزمخشري بل نقل معظم تأويلات الزمخشري إلى تأويله في الصفات، أما مذهبه في تفسيره الأسماء والصفات فمؤول كبير على مذهب الأشاعرة في تأويل الصفات) ثم ذكر نماذج من تأويلاته.
9 - ومن روى ستُقيم العُرْب ألسُنُها
…
لحنًا به قولَ عثمانٍ فما شُهِرا
"من"؛ مبتدأ؛ موصول متضمن لمعنى الشرط فلذا دخل الفاء في خبره وهو قوله "فما شُهِرا"؛ بصيغة المجهول، وألفه للإطلاق؛ أي: ما اشتهر عند المحدثين، وما صح عند المحققين، وجملة "ستُقيم العُرْب ألسُنُها لَحْنًا به"؛ مفعول به لـ "روى"، و"قولَ عثمانٍ"؛ منصوب بأعني أو بدل من المفعول، وقال الشارح:(هو المفعول والجملة هي المقول)
(1)
، وصرف "عُثمانٍ" للضرورة، و"العُرْب"؛ بضمٍّ فسكونٍ؛ لغةٌ في العَرَب، وهو فاعل "ستقيم"، و"ألسُنُها"؛ بدل منه؛ بدل البعض من الكل
(2)
أو بدل الاشتمال
(3)
، وقوله:"لحنًا به"؛ مفعول به لـ "ستقيم"، وضمير "به" راجع إلى الأصل المذكور
(4)
.
وذكر الشارح بسنده (عن عبد الأعلى
(5)
أنه لما فرغ من المصحف أُتِيَ به عثمان رضي الله عنه فقال: "قد أحسنتم وأجملتم أرى شيئًا من لحنٍ ستقيمه العرب بألسنتها"
(6)
قال: وكذلك رووا عن يحيى بن يعمَر
(7)
أنه قال ذلك عن
(1)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 34).
(2)
بناء على أن المراد بالألسن جمع لسان وهو العضو المعروف.
(3)
بناء على أن المراد بالألسن جمع لسان وهو اللغة.
(4)
في قوله في البيت رقم (7): إذ خير القرون أقاموا أصله وزرا.
(5)
ابن عبد الله بن عامر بن كريز أبو عبد الرحمن البصري، مقبول. اهـ من التقريب 1/ 464.
(6)
راوه أبو داود في كتاب المصاحف (صـ 41) اختلاف ألحان العرب في المصاحف رقم (104، 105، 106، 107، 108) وقال: (هذا عندي يعني بلغتها، وإلا لو كان فيه لحن لا يجوز في كلام العرب جميعًا لما استجاز أن يبعث به إلى قوم يقرؤونه) وقال قبله: (والألحان اللغات، وقال عمر إنا لنرغب عن كثير من لحن أبيّ، يعني لغة أبيّ). وقال ابن تيمية: "هذا خبر باطل لا يصح من وجوه" ثم ساقها في مجموع الفتاوى 15/ 253، ورواه أبو عبيدة في فضائل القرآن حديث (555).
(7)
العدواني أبو سليمان البصري، أخذ القراءة عرضًا والعربية عن أبي الأسود الدؤلي، وسمع ابن عباس وابن عمر وعائشة وأبا هريرة رضي الله عنهم، قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء وغيره وهو أول من نقط المصحف وكان فصيحًا مُفَوَّهًا عالمًا، توفي قبل سنة 90. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 67 ترجمة رقم (24).
عثمان رضي الله عنه
(1)
. ورووا عن عكرمة
(2)
مثل ذلك. قال: وقال عثمان رضي الله عنه: (لو كان المُمْلي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا)
(3)
.
وهذا كله ضعيف، وإسناده مضطرب ومختلط ومنقطع
(4)
، ولأن عثمان جعل للناس إمامًا يقتدون به فكيف يرى فيه لحنًا ويتركه لتقيمه العرب بألسنها؟
(5)
، وأيضًا فإنه لم يكتب مصحفًا واحدًا بل كتب سبعة فكيف يصنع رواة هذه الآثار أيقولون: إنه رأى اللحن في جميعها متفقة عليه فتركه لتقيمه العرب بألسنها؟ أو رأى ذلك في بعضها؟ فإن قالوا: رآه في بعض دون بعض، فقد اعترفوا بصحة البعض، والحال أنه لم يذكر أحدٌ من الناس أن اللحن كان في مصحف دون مصحف بل لم تأت المصاحف مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءة وليس ذلك بلحن إجماعًا، وإن قالوا: رآه في جميعها لم يصح أيضًا لما ذكرناه من مناقضة قصده في نصب إمام يُقْتَدَى به على هذه الحال
(6)
، وأيضًا فإذا
(1)
قال الذهبي في معرفة القراء الكبار 1/ 68 والسير 4/ 442: (قال عمران القطان عن قتادة عن نصر بن عاصم عن عبدالله بن فطيمة عن يحيى بن يعمر قال: قال عثمان رضي الله عنه: في القرآن لحن ستقيمه العرب بألسنتها) وضعف محققا الكتابين هذا الأثر لجهالة عبد الله بن فطيمة.
(2)
ابن عبد الله مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا يثبت عنه بدعة، من الثالثة، مات سنة 107 وقيل بعد ذلك. اهـ من التقريب 2/ 30.
(3)
هو قطعة من الحديث السابق وقد سبق تخريجه.
(4)
بيانه: ما ذكره الداني في المقنع صـ 115: (هذا الخبر عندنا لا يقوم بمثله حجة ولا يصح به دليل من جهتين: إحداهما أنه مع تخليط في إسناده واضطراب في ألفاظه مرسل لأن ابن يعمَر وعكرمة لم يسمعا من عثمان شيئًا ولا رأياه).
(5)
قال الداني في المقنع صـ 115 - 116: (وأيضًا فإن ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان لما فيه من الطعن عليه مع محله من الدين ومكانه من الإسلام وشدة اجتهاده في بذل النصيحة واهتباله بما فيه الصلاح للأمة فغير ممكن أن يتولى لهم جمع المصحف مع سائر الصحابة الأخيار الأتقياء الأبرار نظرا لهم ليرتفع الاختلاف في القرآن بينهم ثم يترك لهم فيه مع ذلك لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده ممن لا شك أنه لا يدرك مداه ولا يبلغ غايته ولا غاية من شاهده هذا ما لا يجوز لقائل أن يقوله ولا يحل لأحد أن يعتقده).
(6)
في جميع النسخ التسع "الحالة" والصواب ما أثبتناه كما في الأصل المنقول منه.
كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهم خيار الصحابة فكيف يقيمه غيرهم من آحاد الأُمَّة)
(1)
؟.
قال الجعبري: (ولأن قولَه: "أحسنتم وأجملتم" مدحٌ، فكيف يمدحُهم على الإساءةِ، ولأن الفصاحةَ والكتابةَ نشأت من قريشٍ؛ فغيرُها فرعٌ عليها، فكيف يجعلُ الفرعَ أصلًا والأصلَ فرعًا
(2)
؟.
وهذه الأجوبة على سبيل الدَّفْعِ
(3)
، والمصنف رحمه الله أجاب بجوابين آخرين على طريق الرَّفْعِ
(4)
حيث قال)
(5)
:
10 - لو صَحَّ لاحتمل الإيماءَ في صُورٍ
…
فيه كلحْن حديثٍ يَنْثُر الدُّرَرَا
لكونهما
(6)
موقوفان
(7)
على أن يعلم أن اللحن من الألفاظ المشتركة
(8)
؛ فإنه يقال: لَحَنَ؛ أَوْمَأَ وكنى، ولَحَنَ؛ زَلَّ وأَخْطَأَ، يَلْحَنُ لَحْنًا فيهما، فعلى الأول حمل:
خير الحديث ما كان لَحْنًا
(9)
(1)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 34 - 36).
(2)
كذا في جميع النسخ التسع، وليس في مخطوط (الجميلة) ولا في النسخة المحققة صـ 135:(والأصلَ فرعًا).
(3)
أي: عدم التسليم بصحة الدليل.
(4)
أي: عدم التسليم بدلالته بعد التسليم بصحة الدليل.
(5)
انظر: الجميلة صـ 25 مع حذف لا يخل بالمعنى.
(6)
أي: لكون الجوابين الآخرين.
(7)
كذا في جميع النسخ، وهو خبر "كان" وحقه النصب على وَفق قواعد النحو التي درج عليها المؤلف في سائر كتابه؛ لا على لغة من يلزم المثنى الألف.
(8)
اللفظ المشترك هو اللفظ الموضوع لأكثر من معنى حقيقة، قال في شرح الكوكب المنير 1/ 139 - 140: (وهو واقع في اللغة عند أصحابنا والشافعية والحنفية والأكثر من طوائف العلماء؛ في الأسماء كالقرء .. والعين .. وفي الأفعال كعسعس .. وفي الحروف كالباء للتبعيض وبيان الجنس والاستعانة والسببية
…
ومنع جمعٌ وقوعَ المشترك في اللغة) ثم صحّح الأول.
(9)
البيت لمالك بن أسماء بن خارجة الفزاري:
وحديث ألذه هو مما
…
ينعت الناعتون وزنا
منطق رائع، وتلحن أحيا
…
نا وخير الحديث ما كان لحنا
انظر: لسان العرب (13/ 380) مادة لحن.
وعلى الثاني خبر الصِّدِّيقِ: (لَأَن أقرأ وأُسْقِطَ أحبُّ إليّ من أن أقرأ وألحن)
(1)
وجمعهما الشاعر في قوله؛ شعر:
ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا
(2)
…
والمرء يكرم إذ لم يلحن
(3)
إذا عرفت هذا فاعلم أن "الإيماء" مفعولُ "احتمل"، و"في صورٍ"؛ متعلقٌ به
(4)
، وضمير "فيه" راجع إلى المصحف الأصل، و"يَنْثُر"؛ بضم المثلثة، وفي نسخة ينشر بالشين المعجمة، والدُّرَرَا؛ بضم الدال جمع الدُّرة؛ بمعنى اللؤلؤ؛ مفعولٌ، والجملة؛ صفةُ "الصُّوَر"، كذا ذكره الشارح
(5)
، والأقرب أن يكون نعتًا لـ "حديثٍ"، و"يَنْثُر"؛ بصيغة التذكير كما في نسخة صحيحة.
(1)
ذكره الجعبري في الجميلة صـ 26 وابن القاصح في تلخيص الفوائد صـ 12.
(2)
كذا في (بر 3) وهو الصواب، وفي باقي النسخ الثمان "كي تفهموه" ويظهر لي أنه غير مستقيم عروضيًّا.
(3)
صدر البيت للقتّال الكلابي، وقد ذكره ابن منظور في لسان العرب (13/ 382) مادة "لحن" وهو بتمامه:
ولقد لحنت لكم لكيما تفهموا
…
ووحيت وحيا ليس بالمرتاب
والبيت الذي ذكره المؤلف هو الذي يجمع معنيي اللحن؛ فقوله: "لحنت" أي: أومأت وكنيت، وقوله "يلحن" أي: يزل ويخطئ، وعجز البيت غير مستقيم عروضيًّا ولعل صوابه "والمرء تكرمه إذا لم يلحنِ" علمًا بأن هذا عجز بيت آخر هو:
النحوُ يصلح من لسان الألكنِ والمرء تكرمه إذا لم يلحنِ
(4)
أي: بالإيماء.
(5)
مراده بالشارح هنا الجعبري انظر: (الجميلة صـ 25).
والمعنى: لو فُرِضَ صحةُ قولِ عثمانَ في هذا الشأنِ
(1)
لاحتمل اللحن
(2)
الذي يكون فيه كناية عن الرمز والإشارة في صور من الكتابة الواقعة في المصحف من بعض الصور لحنًا "كلَحْنِ حديثٍ" يشير إلى نكات لطيفة ومعان شريفة يفهم بالكناية، عن صور الكتابة، أنها ظاهرة عند أرباب الخبرة، وأصحاب العبرة، كالدر النظيم، من جهة ما فيه من صنعة البديع العظيم، وإلا كانت على خلاف مقتضى الظن في الطبع السليم، بحيث يتبادر إلى إنكاره الفهمُ السقيمُ، نحو قوله تعالى:{وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ} [البقرة: 177]؛ فإن العرب تُتْبِعُ بالواو تارةً
(3)
، وتستأنفُ أخرى لغرض المدح والذم والاختصاص، فـ (المُوفُونَ) عطف على {مَنْ آمَنَ} أي: المؤمنون والمُوفُونَ، أو مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ، أو رَفْعُه على المدحِ، والقطعُ
(4)
هو الأظهر من العطف، وعليه أرباب الوقوف
(5)
، و (الصابرين)؛ نصب بفعل مقدر أي: أخص أو أمدح الصابرين أو أعني الصابرين تنبيهًا على
(1)
أي: لو فرض صحة نسبة هذا القول لعثمان.
(2)
قال الداني في المقنع صـ 116: (فإن قال: فما وجه ذلك عندك لو صح عن عثمان قلت: وجهه: أن يكون أراد باللحن المذكورِ فيه التلاوةَ دون الرسمِ؛ إذ كان كثير منه لو تُلِي على حال رسْمه لانقلب بذلك معنى التلاوة وتغيرت ألفاظُها، ألا ترى قوله: {أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} و {وَلَأَاْوْضَعُواْ} و {مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} و {سَأُرِيكُمْ} و {الرِّبَا} وشبهه مما زيدت الألف والياء والواو في رسمه، لو تلاه تالٍ لا معرفة له بحقيقة الرسم على حال صورته في الخط؛ لصيَّرَ الإيجابَ نفيًا ولزاد في اللفظ ما ليس فيه ولا من أصله فأتى من اللحن بما لا خفاء به على من سمعه مع كونِ رسمِ ذلك كذلك جائزًا مستعملًا، فأَعْلَمَ عثمانُ إِذْ وَقَفَ على ذلك أن من فاته تمييز ذلك وعزَبَتْ معرفتُه عنه ممن يأتي بعده سيأخذ ذلك عن العرب إذ هم الذين نزل القرآن بلغتهم فَيُعَرِّفونَهُ بحقيقةِ تلاوتِه ويَدُلُّونَهُ على صواب رسمِه فهذا وجهه عندي والله أعلم).
(3)
أي: تجعل الواو من التوابع حيث تعطف بها عطفَ نسقٍ.
(4)
أي: الاستئناف.
(5)
انظر: على سبيل المثال "منار الهدى في بيان الوقف والابتدا" لأحمد بن عبد الكريم الأشموني المصري 1/ 95.
شرف هذه الخصلة الشاملة، وقد رفعهما ابن عباس
(1)
، ونصبهما هارون
(2)
، ورُوِيَا شاذًّا عن أبي عمرو
(3)
وكقوله تعالى: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ} [النساء: 162] فيروى برفعهما
(4)
، ونصبهما
(5)
، ونصب الأول ورفع الثاني
(6)
؛ وهو المتواتر، وبعكسه
(7)
، وكقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} [البقرة: 62]، وقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} في أخرى
(8)
؛ حيث عطف الصابئين على لفظ اسم "إن" في آية، والصابئون
(1)
أي: (الموفون
…
والصابرون) ولم أجد من عزاها إليه.
(2)
لعله: ابن موسى الأخفش الدمشقي أبو عبد الله التغلبي شيخ المقرئين بدمشق في زمانه، صنَّف كتبا كثيرة في القراءات والعربية وإليه رجعت الإمامة في قراءة ابن ذكوان، توفي في صفر سنة 292 وله 92 سنة. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 247 ترجمة رقم (153) وقد عزا قراءة النصب إلى مصحف ابن مسعود كلٌّ من أبي منصور الماتريدي في تفسيره 2/ 5 وابن عطية في المحرر الوجيز 1/ 244 والقرطبي في أحكام القرآن 2/ 240 وغيرهم، وعزا قراءة الرفع إلى يعقوب والأعمش؛ ابن عطية والقرطبي في الموضعين السابقين، وعزاها ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن (ص: 37) إلى عاصم الجحدريّ، وذكر القراءتين دون عَزْوٍ كلٌّ من الزمخشري في الكشاف 1/ 220 والرازي في مفاتيح الغيب 5/ 220، ولم أجد من عزا قراءة الرفع إلى هارون؛ لا الأخفش الذي ترجمتُ له، ولا الأعور الذي تكثر رواية الشواذ عنه فالله أعلم.
(3)
هو ابن العلاء التميمي المازني البصري المقرئ الإمام النحوي اسمه زبان؛ مقرئ أهل البصرة؛ أحد القراء السبعة، مات بالكوفة سنة 154. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 100 ترجمة رقم (39) وانظر: الغاية 1/ 288 ترجمة (1283)، والطبقات 1/ 91 ترجمة (42)، ولم أجد هذه الرواية الشاذة عن أبي عمرو.
(4)
أي: (والمقيمون الصلاة والمؤتون) وقد عزاها ابن جني في "المحتسب"(1/ 202 - 204) إلى مالك ابن دينار وعيسى الثقفي وعاصم الجحدري وقال: (ارتفاع هذا على الظاهر الذي لا نظر فيه
…
لكن رفعه في هذه القراءة يمنع من توهمه مع الباء مجرورًا أي: يؤمنون بما أنزل إليك وبالمقيمين الصلاة وهذا واضح).
(5)
أي: (والمقيمين الصلاة والمؤتين).
(6)
أي: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ} .
(7)
أي: (والمقيمون الصلاة والمؤتين).
(8)
أي: في آية أخرى وهي آية المائدة [69].
على محل اسم "إن" كذا حققه الجعبري
(1)
.
وأما قول الشارح: (نحو {الْكِتَابِ} و {الصَّابِرِينَ} وما أشبه ذلك من مواضع الحذف التي صارت كالرمز يعرفه القراء إذا رأوه)
(2)
فبعيد عن كونه جوابًا عن السؤال؛ لأن كتابة أكثر القرآن على هذا المنوال.
هذا، والجواب الثاني أن يكون معناه
(3)
أرى فيه صُوَرَ خطٍّ تخالف اللفظ والمبنى، لو جُرِيَ على ظواهرها لكان لحنًا خللًا في المعنى ستمضي العرب فيها على مقتضى قواعدها لعلمها بأن المرادَ برسمِها غيرُ لفظِها وهذا معنى قوله:
11 - وقيل معناه في أشياء لو قرئت
…
بظاهر الخط لا تخفى على الكُبَرا
12 - لَأَاْوْضَعُواْ و جَزَاءُ الظَّالِمِينَ لَأَاْذْ
…
بَحَنَّهُ و بِأَيْدٍ فافهم الخبرا
أي: وقال بعضهم: معناه أرى في مبناه مواضع من الخط الاصطلاحي معلومةَ القصدِ، لكن لو قرئت عند عارفي الرسم
(4)
على قياسه لكان لحنَ زللٍ كقوله: {وَلَأَاْوْضَعُواْ} [التوبة: 47]{لَأَذْبَحَنَّهُ} [النمل: 21] حيث رُسِمَ فيهما بعد
(1)
انظر: الجميلة صـ 27، وقد حمل قولَ عثمان على هذا المعنى ابنُ قتيبة؛ قال في تأويل مشكل القرآن (ص: 37): (وكان عاصمٌ الجحدريُّ يكتب هذه الأحرف الثلاثة في مصحفه على مثالها في الإمام، فإذا قرأها، قرأ: «إنّ هذين لساحران»، وقرأ: «المقيمون الصلاة»، وقرأ: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ». وكان يقرأ أيضا في سورة البقرة: «والصابرون فى البأساء والضراء»، ويكتبها: الصابرين. وإنما فرق بين القراءة والكتابة لقول عثمان رحمه الله: أرى فيه لحنا ستقيمه العرب بألسنتها فأقامه بلسانه، وترك الرسم على حاله).
(2)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 39).
(3)
أي: معنى قول عثمان.
(4)
في (س) و (برا)"ولو قرئت عند عارٍ في الرسم" بتنوين الراء من عار وهو خطأ وباقي النسخ بدونه.
"لا"؛ ألفٌ
(1)
ولم يُلْفَظْ بها، وكقوله {جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 29] حيث كُتِبَ في آخره واو وألف ولا يُلْفَظُ بها -ولا بالواو إلا على التخفيف الرسمي، وكقوله:{بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] بياءين ولا يلفظ إلا بواحدة، وكذا {أُولَئِكَ} قبل اللام واو ولا يُلْفَظُ بها
(2)
-، وكقوله {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: 23] بعد الشين ألف ولا يُلْفَظُ بها، وكذا رسم {إِيلَافِهِمْ} [قريش: 2] بلا ياء ويُلْفَظُ بها و {دَاوُودُ}
(3)
ملفوظ بواوين ومرسوم بواحد، ورسم {الصَّلَاةَ}
(4)
و {الزَّكَاةَ}
(5)
بواو ويُلْفَظُ بألف، و {وَقَضَى} [الإسراء: 23] بياء ويُلْفَظُ بألف، ومصداق هذين الجوابين قوله: أحسنتم وأجملتم.
وأما الجواب عن زيادة عكرمة
(6)
فهو أن هذيلًا وثقيفًا
(7)
لقصورهما عن قريش في الذكاء لم تستعملا في خطِّهما؛ الاصطلاحيَّ؛ لاحتياجه إلى زيادةِ فِطْنةٍ فلو وليا أمر المصحف لكتباه على نهج القياسيِّ الذي لا يخفى على أحد.
ثم قوله "لا تخفى" جواب "لو"، والجملة الشرطية مع جوابها نعت لـ "أشياء" كما لا يخفى، ولا يظهر وجه قول الشارح إنه جعله صفة لـ "أشياء" وجعل جواب "لو" محذوفًا
(8)
.
(1)
في (برا)(بعد الألف ألف) وفي (ز 8)(بعد الألف ولم) والأظهر ما أثبته من الأربعة الباقية.
(2)
ما بين العارضتين ساقط من نسخة (ز 8).
(3)
وقد ورد كثيرًا في كتاب الله.
(4)
وقد ورد كثيرًا في كتاب الله.
(5)
وقد ورد كثيرًا في كتاب الله.
(6)
زيادة عكرمة هي قوله (وقال عثمان: لو كان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا) وقد سبق ذكره.
(7)
في سائر النسخ "أن هذيل وثقيف"، وفي (ص) كما أثبته، والصرف لمراعاة اسم جد القبيلة، والمنع للعلمية والتأنيث مراعاة لاسم القبيلة وتناسيا لاسم الجد، وقد ورد بهما القرآن في ثمود وقريش.
(8)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 40) ولفظه: (وجوابُ لو في قوله: "لو قُرِئَت بظاهرِ الخطِّ" محذوف، وقوله: "لا تخفى على الكُبَرا" في موضع خفضٍ صفةً لأشياء).
13 - واعْلمْ بأنّ كتابَ اللهِ خُصّ بِما
…
تاهَ البريةُ عن إِتيانِهِ ظُهَرَا
بضم ففتح؛ جمع ظهير بمعنى المعاون، وهو منصوب على الحال من "البرية"، وهي في النظم بهمز وتركه، والقراءة مشهورة بهما
(1)
، و"ما"؛ موصولة أو موصوفة، والجملة بعدها صلة أو صفة، و"عَلِمَ" به: شَعَر وفطِن كذا في القاموس
(2)
، وقيل الباء هنا زائدة.
والمعنى: أن القرآن العظيم والفرقان الكريم خُصَّ من بين الكتب المنزلة على الرسل المتقدمة
(3)
و (امتاز عن سائر الكلمات المتداولة بمزايا أعاجيب، وأساليب تراكيب، حارت فيه أفكارُ الألِبَّاءِ، وكَلَّتْ عنها
(4)
ألسنةُ الفصحاءِ والبلغاءِ، وعجزت عنه العرب العرباء الخطباء، عن أن يأتوا بمثله في حسن نظمه، وبيان حكمه، مع كونهم في معارضته متعاونين، وفي مناقضته متناصرين)
(5)
كما يشير إليه قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88] وهو أظهر معجزاته، وأعظم آياته، حيث طالب العرب بإتيان سورة من مثله في نظمه العجيب، وأسلوبه الغريب، مع قطع النظر عما يتضمن من أخبار
(1)
قال في النشر 1/ 407 باب: الهمز المفرد (وأما {الْبَرِيَّةِ} وهو في "لم يكن" {شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [الآية: 6] و {خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [الآية: 7] فقرأهما نافع وابن ذكوان بهمزة مفتوحة بعد الياء وقرأ الباقون بغير همز، مشددة الياء في الحرفين) اهـ. وانظر: كتاب الكشف (2/ 385).
(2)
القاموس المحيط، باب الراء. فصل الشين (2/ 59).
(3)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح 5/ 434 - 435: (ليس ما في التوراة والإنجيل مماثلا لمعاني القرآن، لا في الحقيقة، ولا في الكيفية، ولا في الكمية، بل يظهر التفاوت لكل من تدبر القرآن، وتدبر الكتب).
(4)
ما قبلها وما بعدها بضمير المذكر "فيه وعنه" وهنا بضمير المؤنث "عنها" كذا في جميع النسخ التسع.
(5)
ما بين القوسين مقتبس مع تصرف يسير من الجميلة صـ 29.
السابقين، وأحوال اللاحقين، ومن الدلالة على مكارم الأخلاق، ورفعِ
(1)
طرقِ أهلِ الشكِّ والزيغِ والشقاق، بل ولا رطب ولا يابس إلا فيه بالاتفاق، كما قاله
(2)
ابن عباس، تنبيهًا للناس؛ شعر
(3)
:
جميعُ العلمِ في القرآن لكنْ
…
تَقَاصَرُ عنه أفهامُ الرجالِ
فعجزوا عن المعارضة والمقابلة، واختاروا المحاربة والمقاتلة، وعدلوا عن المقاومة بحسن المقال، إلى قرع الصوارم ورشق النبال، مع ما فيها من هلاك النفس وسبي الحريم والأولاد وذهاب الأموال، وضياع الأحوال، وهذا دليل قاطع على عجزهم في مقالهم، كما أخبر الله عن حالهم، في مبدئهم ومآلهم، بقوله:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24].
ثم لما وقع الخلاف بين العلماء الأعيان في وجه إعجاز القرآن
(4)
حيث قال بعضهم: هو وقوعه على وجهٍ يفارق أوزان كلام العرب في نظم كلماته وبديع فصاحته، وصنيع بلاغته، حيث جاوزت فصاحةَ كلِّ فصيح من الفصحاء، وبلغت غايةً ما بلغها كلام البلغاء
(5)
.
(1)
في نسخة (ص)"دفع" وسائر النسخ بالراء كما أثبته وتقدم ذكر الفرق بينهما والقرآن مشتمل عليهما.
(2)
كذا في (بر 1) و (ص)، وفي (ز 4)" وكما قاله"، وفي (س)" كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما ".
(3)
ليس في (ز 4) و (س) و (ل) و (ز 8) لفظة "شعر".
(4)
انظر: الإتقان للسيوطي، النوع الرابع والستون (4/ 6 - 8).
(5)
قال ابن تيمية في الجواب الصحيح 5/ 433 - 434: (نفس نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع، ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة، ولم يأت أحد بنظير هذا الأسلوب، فإنه ليس من جنس الشعر ولا الرجز، ولا الخطابة ولا الرسائل ولا نظمُه نظمُ شيء من كلام الناس عربهم وعجمهم، ونفس فصاحة القرآن وبلاغته هذا عجيب خارق للعادة ليس له نظير في كلام جميع الخلق، وبسط هذا وتفصيله طويل، يعرفه من له نظر وتدبر)، وقال رشيد رضا في المنار 11/ 370:(ثم إن أكثر المتكلمين ومن على مذاهبهم من المفسرين على أن تحدي العرب إنما كان بما امتاز به من الفصاحة والبلاغة اللغوية وقد صنفوا في بيان إعجاز القرآن بها كتبًا مستقلة ولم يوفوه حقه من ناحيتها ولا سيما نظمه العجيب من النواحي المعنوية)، وقال أيضًا في المنار 12/ 45:
(فيا حسرة على الغافلين الذين زعموا أن إعجازها محصور في فصاحة المفردات والجمل وبلاغة البيان على ما في دلالة الفصاحة والبلاغة على النبوة من الخفاء على الأفكار والأذهان)، وقال سيد قطب في ظلال القرآن 4/ 2250:(إن إعجاز القرآن أبعد من إعجاز نظمه ومعانيه، وعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله هو عجز كذلك عن إبداع منهج كمنهجه يحيط بما يحيط)، وقال:(وهو أسلوب متميز تمامًا من الأسلوب البشري، وإلا فمن شاء أن يماري، فليحاول أن يعبر على هذا النحو، ثم ليأتي بكلام مفهوم مستقيم؛ فضلا على أن يكون له هذا الجمال الرائع، وهذا الإيقاع المؤثر، وهذا التناسق الكامل).
وقال بعضهم: هو ما انطوى عليه من الإخبار عن الغيوب التي هي مختصة بالحق، العاجز عن معرفتها الخلقُ، نحو قوله تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: 27] وقوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}
(1)
وقوله: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45].
وقال بعضهم: هو اشتماله على قصص الأولين، وما جرى بينهم وبين الأنبياء المرسلين. هذا ما ذكره أصحابنا أهل السنة
(2)
.
(1)
سورة التوبة: [آية: 33]، والفتح:[آية: 28]، والصف:[آية: 9].
(2)
وقال سيد قطب في ظلال القرآن 4/ 2250: (وقد ثبت هذا التحدي؛ وثبت العجز عنه. وما يزال ثابتًا ولن يزال. والذين يدركون بلاغة هذه اللغة، ويتذوقون الجمال الفني والتناسق فيها، يدركون أن هذا النسق من القول لا يستطيعه إنسان. وكذلك الذين يدرسون النظم الاجتماعية، والأصول التشريعية، ويدرسون النظام الذي جاء به هذا القرآن، يدركون أن النظرة فيه إلى تنظيم الجماعة الإنسانية ومقتضيات حياتها من جميع جوانبها، والفرص المدخرة فيه لمواجهة الأطوار والتقلبات في يسر ومرونة .. كل أولئك أكبر من أن يحيط به عقل بشري واحد، أو مجموعة العقول في جيل واحد أو في جميع الأجيال. ومثلهم الذين يدرسون النفس الإنسانية ووسائل الوصول إلى التأثير فيها وتوجيهها ثم يدرسون وسائل القرآن وأساليبه. فليس هو إعجاز اللفظ والتعبير وأسلوب الأداء وحده، ولكنه الإعجاز المطلق الذي يلمسه الخبراء في هذا وفي النظم والتشريعات والنفسيات وما إليها
…
والذين زاولوا فن التعبير، والذين لهم بصر بالأداء الفني، يدركون أكثر من غيرهم مدى ما في الأداء القرآني من إعجاز في هذا الجانب، والذين زاولوا التفكير الاجتماعي والقانوني والنفسي، والإنساني بصفة عامة، يدركون أكثر من غيرهم مدى الإعجاز الموضوعي في هذا الكتاب أيضًا، مع تقدير العجز سلفًا عن بيان حقيقة هذا الإعجاز ومداه، والعجز عن تصويره بالأسلوب البشري).
وقال النظام
(1)
ومن تابعه من المعتزلة: الإعجازُ هو المنعُ عن معارضتِه، والصَّرْفَةُ عن التحدي بمثلِه في مناقضتِه، فعلى هذا لا يكون القرآن في حد ذاته معجزًا
(2)
. فأشار الشيخ إلى رده ورد غيره مما هو غير مقبول في رأيه حيث قال:
14 - من قال صرْفَتُهُم مَعْ حَثِّ نُصْرَتِهِم
…
وَفْر الدَّواعيْ فلم يستَنصرِالنُّصَرا
"الصَّرْفَة": بفتح الصاد المهملة؛ بمعنى المنع؛ مبتدأ؛ خبره محذوف؛ أي: "صرْفَتُهم" هي المعجزة، أو خبر مبتدأ محذوف
(3)
؛ أي: المعجزة صرْفَتُهم، و"الحث": التحريض والتحريص
(4)
. وهو مصدر مضاف إلى مفعوله، وفاعلُه قوله:"وفر الدواعي"، و"النُّصَرا"؛ جمع نصير بمعنى المعاون، والجملة خبر لـ "من" الموصولة المتضمنة لمعنى الشرط.
والمعنى: أن من قال: معجزتُه صَرْفُ الله إياهم عن معارضته ودفعُ الله لهم عن مناقضته مع أن دواعيَهم المتوفرة وبواعثَهم المتكثرة كانت تقتضي أن ينصر بعضهم بعضًا بالمقاولة في المقابلة، ولكن صُرِفت دواعيهم عن الإتيان بمثله، فالمعجزة هو
(5)
صرف دواعيهم وإن كان في مقدرتهم المعارضة بنحوه،
(1)
أبو إسحاق إبراهيم بن سيار مولى الحارث بن عباد الضبعي البصري المتكلم شيخ المعتزلة، تكلم في القدر وانفرد بمسائل وهو شيخ الجاحظ، ولم يكن النظام ممن نفعه العلم والفهم وقد كفّره جماعة، وقال بعضهم كان النظام على دين البراهمة المنكرين للنبوة والبعث ويخفي ذلك، مات سنة بضع وعشرين ومئتين. اهـ من سير أعلام النبلاء 10/ 541.
(2)
وقال ابن تيمية في الجواب الصحيح 5/ 428 - 429: (وكون القرآن معجزة، ليس هو من جهة فصاحته وبلاغته فقط، أو نظمه وأسلوبه فقط، ولا من جهة إخباره بالغيب فقط، ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط، ولا من جهة سلب قدرتهم عن معارضته فقط، بل هو آية بينة معجزة من وجوه متعددة
…
) الخ وسيأتي بتمامه.
(3)
في سائر النسخ من غير كلمة (محذوف) ولعل الأوضح ما أثبته من نسخة (ز 8).
(4)
في (ل) و (ز 8) و (ز 4)"التحريض والتحريض"، وفي (ص)"التحريض" فقط والصواب ما أثبته من نسخة (س) و (بر 1).
(5)
في نسخة (ص)"هي" وفي سائر النسخ؛ "هو" كما أثبته ولعله الأفصح ومعلوم أن تاء المعجزة هي للمبالغة كعلامة ونسابة وفهامة.
فمن قال ذلك لم يستنصر من الأدلة نصيرا ولم يُقِمْ على قوله برهانًا منيرًا، أو المعنى
(1)
: لم يساعده نصير ولم يوافقه خبير؛ لما يأتي في بيته الآتي ردًّا على هذا الكلام، الخالي من تحقيق المرام، حيث قال:
15 - كم من بدائعَ لم توجدْ بلاغتُها
…
إلا لدَيْهِ وكم طولَ الزمانِ تُرى
بصيغة المجهول، والمعنى: لو كان إعجازُه مجردَ الصَّرْفةِ كما ذكره هؤلاء الجماعة لم يكن حاجة إلى هذه البدائع الكثيرة والصنائع الغزيرة الواردة، بل كان أقلُّ نوع من الكلام كافيًا في مقام الإلزام، بل أدلَّ على تحقيق المرام، فعُلِم بذلك أن المعجزةَ ليست الصَّرْفةَ هنالك، بل هي بدائع الصنائع
(2)
من غاية الفصاحة، ونهاية البلاغة، التي لم توجد في كلام البشر، فدل على أنه كلام خالق القُوَى والقُدَر، ثم هذه البدائعُ تُرى في طول الزمان، مع كمال الفصاحة والبلاغة في ميدان البيان، ولم يقدر أحد على معارضته من أفراد الإنسان
(3)
، بل عجزوا عن تحقيق مبناه، وتدقيق معناه، حيث لم يطَّلِع أحد على كُنْهِ مقتضاه، لأنه كلام الله، وصفته التي لا يحيط بها علم أحد من خليقته.
(1)
في نسخة (ص) و (ز 8)"والمعنى" وفي نسخة (بر 3)(إذ المعنى) ولعل الأظهر ما أثبتناه من بقية النسخ.
(2)
إطلاقه رحمه الله "الصنائع" على كلام الله غير مستقيم لأن كلامه عز وجل صفتُه وصفتُه منه، والمؤلف لا يقصد القول بخلق القرآن بدليل قوله بعد قليل (لأنه كلام الله، وصفته) ومعلوم أن من قال بأن القرآن صفة الله لا يقول بأنه مخلوق لأن صفاته عز وجل غير مخلوقة.
(3)
ولا الجان بدليل قوله تعالى {لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].
16 - ومن يقل بعلومِ الغيبِ مُعجِزُه
…
فلم ترى عينُه عينا ولا أثرا
إثبات الألف في المجزوم
(1)
لغةٌ إذا كان آخره حرف علة
(2)
، وقد ثبت بها قراءة
(3)
؛ فلا ينبغي للشارح أن يقول إنه ضرورة
(4)
.
ثم كان الأظهر أن يقول: مَعجَزه بفتح الجيم
(5)
أعني إعجازه، لكن الرواية بكسر الجيم فالمراد كون معجزه
(6)
بسبب علوم الغيب، التي أخبر بها في كلام اللَّارَيْب
(7)
.
(1)
يعني به (ترى) وحقه أن يجزم بحذف حرف العلة.
(2)
وهي لغة على إهمال "لم" حملًا على لا النافية. قال ابن مالك في الكافية الشافية 3/ 1561: وشذ رفع بعد لم
…
وقال في شرحه لهذا البيت 3/ 1574: (ثم بينت أن "لم" قد تهمل فيليها الفعل مرفوعًا كقول الشاعر:
لولا فوارس من نُعْمٍ وأُسْرُتهم
…
يوم الصليفاء لم يوفون بالجار)
والمراد بالشذوذ في البيت قلة الاستعمال. وقال ابن بونة في احمراره على ألفية ابن مالك:
وقلَّ فصل لا ولم وأُهملا
…
حملا على لا لم
…
واستشهد بالبيت السابق. الاحمرار صـ 289 - 290.
(3)
في قوله تعالى: {يَرْتَعِ وَيَلْعَبْ} [يوسف: 12] و {يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90] قال مكي في الكشف 2/ 18: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ} قرأ قنبل بياء في الوصل والوقف .. والحجة في إثبات الياء في "يتق" أن تكون "من" بمعنى الذي فيرتفع الفعل بعدها لأنه في الصلة وفي الكلام معنى الشرط لأن الفاء تدخل خبر الذي للإبهام الذي فيها، والإبهام مضارعٌ للشرط فتجزم ويصير حملا على معنى الشرط، ويجوز أن تقدر الضمة في الياء ثم تحذفها للشرط فتكون "من" للشرط، وأكثر ما يأتي في الشعر وحذف الياء هو الاختيار)، وقال ابن الجزري في النشر 2/ 186:(واختص قنبل بإثبات الياء في موضعين "يرتعي ويلعب، ويتقي ويصبر" كلاهما في يوسف وهما من الأفعال المجزومة وليس في هذا الباب من المجزوم سواهما وفي الحقيقة ليسا من هذا الباب من كون حذف الياء منهما لازمًا للجازم وإنما أدخلناهما في هذا الباب لأجل كونهما محذوفي الياء رسمًا ثابتين في قراءة من رواهما لفظًا .. ووجه إثبات الياء في هذين الحرفين مع كونهما مجزومين إجراء الفعل المعتل مجرى الصحيح وذلك لغة لبعض العرب وأنشدوا عليه: ألم يأتيك والأنباء تنمي، وقيل إن الكسرة أشبعت فتولد منها الياء، وقيل غير ذلك والله أعلم) اهـ.
(4)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 44).
(5)
والميم على أنه مصدر ميمي (مَعجَزهُ).
(6)
في (ز 8) حاشية "على أنه مصدر ميمي".
(7)
في (ص)"كلام لا ريب"، وفي سائر النسخ "اللاريب" كما أثبته.
والمعنى: أن من ذهب إلى أن إعجازه إنما هو بسبب إخباره عن المغيبات الواقعة في الكائنات فلم تقع عينه على عين المقصود، ولا على أثره المحمود، ثم بين وجه فساده وطريق كساده من وجهين بقوله:
17 - إن الغيوبَ بإذن الله جاريةٌ
…
مدى الزمان على سُبْل جَلَت سُوَرا
"المدى" كالفتى؛ الغاية، و"سبْل" بسكون الموحدة؛ لغة وقراءة
(1)
.
والمعنى: أن من قال: إعجازُه إخبارُه عن الغيب فباطل من طريقين:
أولهما: أن غيوب القرآن ما وقع كلُّها في زمنه صلى الله عليه وسلم بل وقع بعضُها في تلك الأيام، وبعضُها جرى في غاية الزمان على وَفْقِ المرام، وشرطُ حصولِ المعجزِ أن لا يكون في المستقبل
(2)
فلو كان إعجازه بإخباره عن المغيبات، لما ثبت التحدي بالآيات البينات، ولنازعوا في وقوع المتوقعات.
وثانيهما: أن إخباره عن الغيوب ليس في سور القرآن عامة بل على طرق خاصة ظهرت لنا تلك الطرق في سور اختصت باشتمالها على تلك المغيبات، فلو كان إعجازه مخصوصًا بتلك الآيات
(3)
، لعارضوه بقدر أقصر سورة من تلك الكلمات
(4)
، لأنه صلى الله عليه وسلم تحدى بسورة غير معينة في ميدان المعارضات، وهم قد عجزوا في جميع الحالات، وأيضًا لو كان إعجازه بمجرد الإخبار عن المغيبات لما خُصَّ القرآن بكونه معجزًا لوجود الإعلام بالأمور الغيبية في سائر الكتب الإلهية بل في الأحاديث النبوية.
(1)
قرأ أبو عمرو: {وَقَدْ هَدَانَا سُبْلَنَا} [إبراهيم: 12] و {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبْلَنَا} [العنكبوت: 69] قال في النشر 2/ 216: (وأسكن الباء من "سُبْلنا" وهو في إبراهيم والعنكبوت: أبو عمرو) وقال في الكشف 1/ 408: (قرأه أبو عمرو بإسكان
…
الباء حيث وقع إذا كان بعد اللام حرفان في الخط على التخفيف لتوالي الحركات ولأنه جمع).
(2)
أي: أصل الحصول لا استمراره بدليل أكبر معجزة وهو هذا القرآن فإن الإعجاز به لا يزال حاصلًا أبد الدهر بل يتجدد بتجدد الزمان كما تقرر في أوجه إعجازه.
(3)
أي: المشتملة على الإخبار بالمغيبات. والتي هي في بعض السور لا كلها.
(4)
أي: غير المشتملة على الإخبار بالمغيبات.
18 - ومن يقل بكلام الله طالبَهم
…
لم يَحْلَ في العلم وِرْدًا لا ولا صَدَرا
"لم يَحْلَ"؛ بفتح اللام
(1)
وضمها
(2)
؛ من حَلِيَ كرَضِيَ، ودعا وسَرُوَ
(3)
، و"الوِرْد" بمعنى: الورود والدخول، و"الصَدَر" بفتحتين بمعنى: الرجوع والخروج، وزيادة "لا"؛ للتأكيد فيهما
(4)
، ونصبهما على الظرفية، وأغرب من قال: "إن هذه الألفات
(5)
للإلحاق، للضرورة
(6)
الشعرية".
والمعنى: أن من ذهب: أن المعجزة هو إتيان عين كلام الله النفسي
(7)
، الذي أظهر على لسان الملك القدسي
(8)
، في قلب النبي الإنسي
(9)
الأُنسي
(10)
؛ لم يَحْلُ كلامُه، ولم يَجْلُ مرامُهُ، ولم يأت بشيء أولًا مما يحلو في عين الإنسان، ولا صدر عن شيء ثانيا له شأن في نظر الأعيان، لأنه غير
(11)
مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، والمعجزة تختص به، على أن ذلك مطالبة ما لا يطاق، وجوازها ووقوعها مما ليس محل الاتفاق
(12)
، كما بينه بقوله:
(1)
إذا كانت من باب فرح؛ من حلي كرضي؛ يحلى؛ لم يحلَ: مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة الذي هو الألف هنا.
(2)
إذا كانت من باب نصَر كدَعَا وباب كَرُم كسَرُوَ، ومضارعها في البابين يحلو، وهو مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة الذي هو الواو هنا.
(3)
كلمة "سَرُوَ" ليست موجود في نسخة (ز 8)، وفي (ص) بياض بقدرها، وفي (س) و (بر 1) و (ل) و (ز 4) كما أثبته.
(4)
أي: في "ورد" و"صدر".
(5)
أي: ألف (وردا) وألف (صدرا).
(6)
في الأصول "بالضرورة" وصوابه ما أثبتُّ.
(7)
سبق الكلام على مسألة الكلام النفسي في شرح البيت رقم (3).
(8)
هو جبريل عليه السلام الذي نزل بالقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم.
(9)
هو محمد عليه الصلاة والسلام.
(10)
كذا في سائر النسخ، وفي (ز 8) كلمة "الأنسي" غير موجودة.
(11)
في (ز 8) و (ز 4)"لأنه مختص بالنبي" دون كلمة "غير" وما أثبته من بقية النسخ هو الذي يستقيم به المعنى.
(12)
سيأتي تقرير المسألة قريبًا.
19 - ما لا يُطاق ففي تَعْيِينِ كُلْفَتِهِ
…
وجائزٍ ووقوعٍ عُضْلَةُ البُصَرا
"ما لا يُطاق"؛ مبتدأ، "ففي تَعْيِينِ كُلْفَتِهِ" إلى آخره؛ جملةٌ؛ خبرُه
(1)
، و"جائزٍ ووقوعٍ"؛ عطف تفسير على "كُلْفَتِهِ" بمعنى تكليفه، و"العُضْلَةُ"؛ المشكلة مأخوذة من داء عضال أي: صعب أعجز الأطباء، ومنع عن معالجته الحكماء، و"البُصَرا"؛ جمع بصير وقصر الهمزة على وَفْقِ وَقْفِ قراءة حمزة
(2)
؛ لا كما قيل إنه للضرورة
(3)
.
والمعنى: أن البصراء من العلماء قد أعياهم المصير إلى إثباتِ تكليفِه وجوازِه ووقوعِه، والذي استقر عندهم واستمر لديهم أنه لا يجوز عند الحنفية
(4)
ويجوز عند الشافعية
(5)
مع اتفاقهم على عدم وقوع القضية
(6)
،
(1)
في نسخة (ز 4)"جملة خبرية" والصواب ما أثبته من سائر النسخ.
(2)
ابن حبيب الكوفي التيمي الزيات، الإمام؛ أحد القراء السبعة، مات سنة 156. اهـ مختصرا من معرفة القراء الكبار 1/ 111 ترجمة رقم (43).
(3)
قال الجعبري في الجميلة صـ 34: (وقصر البصرا للوزن) أي: للضرورة الشعرية فلعل المؤلف يقصده.
(4)
انظر: تيسير التحرير لأمير بادشاه الحنفي 2/ 137 - 141.
(5)
انظر: الإحكام في أصول الأحكام 1/ 133 فما بعدها.
(6)
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (14/ 102) عن القول بتكليف ما لا يطاق وقوعًا أو جوازًا: (وهذا القول لم يعرف عن أحد من السلف والأئمة؛ بل أقوالهم تناقض ذلك حتى إن سفيان بن عيينة سئل عن قوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} قال: إلا يسرها ولم يكلفها طاقتها. قال البغوي: وهذا قول حسن؛ لأن الوسع ما دون الطاقة وإنما قاله طائفة من المتأخرين لما ناظروا المعتزلة في مسائل القدر وسلك هؤلاء مسلك الجبر جهم وأتباعه فقالوا هذا القول وصاروا فيه على مراتب)، وبيَّن في مجموع الفتاوى (8/ 130) أنها تتفرع عن مسألة الاستطاعة فقال:(فإن الطاقة هي الاستطاعة وهي لفظ مجمل. فالاستطاعة الشرعية التي هي مناط الأمر والنهي لم يكلف الله أحدا شيئا بدونها فلا يكلف ما لا يطاق بهذا التفسير وأما الطاقة التي لا تكون إلا مقارنة للفعل فجميع الأمر والنهي تكليف ما لا يطاق بهذا الاعتبار فإن هذه ليست مشروطة في شيء من الأمر والنهي باتفاق المسلمين)، فهذه الإيضاحات تبين عدم وقوع التكليف بما لا يطاق، والخلاف قائم على جواز ذلك أو عدمه عقلًا، ومثل هذا التجويز العقلي لا يترتب عليه فائدة أصلا، فإقحام هذه المسألة في الأصول من فضول القول، وانظر أقوال أهل العلم في المسألة في "شرح الكوكب المنير" لابن النجار 1/ 484 - 490، و"المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين" لمحمد العروسي عبد القادر صـ 138 - 146.
فلا يكلف إلا المتمكن بما يمكن وقوعه فكيف يكون العبد مكلفًا بما ليس في وسعه ومطلوبًا منه المعارضة بإتيان كلام ربه، وقد قال الله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، ومجمل الكلام أنه لو كان كذلك، لزم المحال هنالك، عند من لا يجيز تكليف ما لا يطاق، والتناقض عند من يجيزه فهو ممنوع بالاتفاق
(1)
.
20 - لله دَرُّ الذي تأليفُ مُعجِزِهِ
…
والانتصارِ له قد أوضحا الغُرَرا
الضمير في "مُعجِزِهِ" للقرآن أو للموصول
(2)
، و"الانتصار"، مجرور معطوف على "مُعجِزِهِ"، وهو أظهر من قول الشارح:("تأليفُ مُعجِزِهِ"؛ مرفوع على الابتداء، و"الانتصار"؛ معطوف عليه)
(3)
.
ثم قوله: "قد أوضحا" بألف التثنية على أنه يرجع الضمير إلى المعجز والانتصار كما صرح به الجعبري
(4)
، وفي بعض النسخ: قد أوضح؛ بصيغة الإفراد على أن المراد كل واحد منهما أو يرجع الضمير إلى التأليف المشتمل على الكتابين، و"الغُرَر"؛ بضم أوله جمع غرة والمراد بها: الأدلة الواضحة، والأوجه اللائحة.
والمعنى: أن لِلهِ خيرَ الشخص الذي ألَّف كتابًا في إعجاز القرآن وبين فيه وجوهَ إعجازِ صنائعِهِ
(5)
، (وما اشتمل على أنواع بدائعه، وصنف كتابًا آخرَ فيه
(1)
أي: باتفاق القائلين بجواز التكليف بما لا يطاق والقائلين بعدم جوازه.
(2)
فعلى أنه للقرآن يكون المعنى إعجاز القرآن، وعلى أنه للموصول يكون المعنى إعجاز الباقلاني، أي: كتابه إعجاز القرآن والإضافة بهذه الصورة جائزة كما هو معلوم لأنه (قد يضاف الشيء إلى الشيء بأدنى ملابسة) كما قال الجعبري في شرح هذا البيت صـ 153.
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 45).
(4)
انظر: الجميلة صـ 35.
(5)
سبق التعليق على إطلاق هذه الكلمة على القرآن في شرح البيت (15) وما إخال الباعث للمؤلف عليها إلا وَلَعُهُ بالسجع، والقرآن من أمر الله، وأمرُهُ قسيمُ خلقه كما قال سبحانه:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} [الشورى: 52].
الانتصار للمقول المختار المتضمن لأجوبة شبهة الملحدين وتشكيك المارقين من الدين والمراد به القاضي أبو بكر الأشعري
(1)
، وللشيخ عبد القاهر النحوي الجرجاني
(2)
في هذا المعنى كتاب دلائل الإعجاز خاص وكتاب أسرار البلاغة عام، وللإمام فخر الدين الرازي
(3)
كتاب نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز عام)
(4)
وقد صنف الجعبري الترصيع في علم البديع، فمن أراد معرفة البلاغة، يرى في هذه الكتب بلاغه
(5)
، وحاصل المرام، من هذ الكلام، في هذا المقام، أن من أراد أن كل واحد من الأوجه المذكورة معجز فليس كذلك
(6)
، لما سبق من بيان فساده هنالك، وإن أريد أن مجموع الأوجه هي المعجز فهو صحيح على ما ذكره الأشعري وغيره وهي ثلاثة أوجه:
(1)
هو محمد بن الطيب بن محمد؛ ابن الباقلاني، مات في ذي القعدة سنة 403. اهـ مختصرًا سير أعلام النبلاء 17/ 190.
(2)
أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، شيخ العربية، توفي سنة 471. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء 18/ 432.
(3)
هو محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري، مات سنة 606. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء 21/ 500.
(4)
ما بين القوسين منقول بمعناه وأكثر ألفاظه من الجميلة صـ 36.
(5)
البلاغة: هي العلم المعروف، وبلاغه: أي: ما يتبلغ به ويكفيه.
(6)
بل هو كذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب النبوات صـ 164: (فلفظه آية ونظمه آية وإخباره بالغيوب آية وأمره ونهيه آية ووعده ووعيده آية وجلاله وعظمته وسلطانه على القلوب آية وإذا ترجم بغير العربي كانت معانيه آية) وقال أيضًا في الجواب الصحيح 5/ 428 - 429: (وكون القرآن معجزة، ليس هو من جهة فصاحته وبلاغته فقط، أو نظمه وأسلوبه فقط، ولا من جهة إخباره بالغيب فقط، ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط، ولا من جهة سلب قدرتهم عن معارضته فقط، بل هو آية بينة معجزة من وجوه متعددة، من جهة اللفظ، ومن جهة النظم، ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى، ومن جهة معانيه التي أمر بها، ومعانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك، ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الغيب الماضي وعن الغيب المستقبل، ومن جهة ما أخبر به عن المعاد، ومن جهة ما بين فيه من الدلائل اليقينية، والأقيسة العقلية، التي هي الأمثال المضروبة، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 27 - 28]).
أحدها: الإخبار عن الغيوب الواقعة في الحال والاستقبال.
والثاني: النظم البديع، والأسلوب المنيع، الغاية في الفصاحة، والنهاية في البلاغة.
والثالث: أن مُتَحَدِّيهِ كان أمِّيًّا معلومَ الحال في عدم الاشتغال برواية الأقاصيص والأخبار، وقد أتى بعظيمات الأمور، ومهمات الدهور، من زمن آدم، إلى ختم العالم.
وزاد بعضهم وجها رابعًا، وطريقًا رابعًا
(1)
: وهو أنه يزداد بإكثار تكراره حلاوة وفي التأمل في آثاره طراوة كما أشار إليه الشيخ الناظم في لاميَّتِه بقوله:
وترداده يزداد فيه تجملا
(2)
ويؤيده ما قال بعضهم: إن معنى القرآن معجز بحسب المعنى، كما أنه معجز بحسب المبنى، لأن الاطلاع عليه خارج عن طوق البشر كما نقل أن تفسير الفاتحة أَوْقارٌ من العلم، فأنَّى للبشر الغوصُ على لآليه، والإحاطةُ بكُنْهِ ما فيه، هذا ولم يظهر وجه إيراد هذه المسألة، في أثناء بيان الرسوم المجملة والمفصلة
(3)
، اللهم إلا أن يقال: هذا توطئة لإبطال مسيلمة الكذاب
(4)
،
(1)
قال لسان العرب 8/ 104: (وربيع رابع؛ مخصب؛ على المبالغة)، وقال في 8/ 108:(ورباعة الرجل؛ شأنه وحاله التي هو رابع عليها، أي: ثابت مقيم) ولا يبعد أن يكون مراد المؤلف بقوله وطريقا رابعًا أحد هذين المعنيين وإلا كان كالتكرار لقوله وجهًا رابعًا.
(2)
البيت رقم (11) من الحرز وصدره: وخير جليس لا يمل حديثه.
(3)
ولكنه ظهر لبعض العلماء قال محمد طاهر الكردي المكي الخطاط في كتابه تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحكمه صـ 6: (ولقد صدق من قال: كما أن القرآن معجز في ذاته فخَطُّهُ معجز أيضًا وإلى هذا المعنى أشار العلامة الشيخ محمد العاقب بن مايأبا الشنقيطي دفين فاس رحمه الله بقوله:
والخط فيه معجز للناس
…
وحائد عن مقتضى القياس
لا تهتدي لسره الفحول
…
ولا تحوم حوله العقول
قد خصه الله بتلك المَنْزِلة
…
دون جميع الكتب المُنَزَّلة
ليظهر الإعجاز في المرسوم
…
منه كما في لفظه المنظوم)
(4)
ابن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي، ولد ونشأ باليمامة وتلقب في الجاهلية بالرحمن، قَدمَ على النبي صلى الله عليه وسلم مع وفد قومه إلا أنه تخلف، فأسلم الوفد وذكروا للنبي مكانه فأمر له بمثل ما أمر لهم، فلما رجعوا ادعى النبوة وكتب للنبي بذلك في آخر سنة 10 وتوفي صلى الله عليه وسلم قبل القضاء على فتنته
فلما ولي أبو بكر أرسل له خالد بن الوليد فقاتله واستشهد من المسلمين 1200 رجل منهم 450 صحابيًّا ثم انتصر المسلمون وقُتِل مسيلمة سنة 12، ولهشام الكلبي النسابة (كتاب مسيلمة) اهـ مختصرًا من الأعلام للزركلي (7/ 226).
في دعواه المعارضة لهذا الكتاب، بمزخرفات واضحة لأولي الألباب، كما سيأتي توضيح بيانه
(1)
، وبطلان برهانه، وخسران شأنه.
21 - ولم يَزَلْ حِفْظُهُ بين الصحابة في
…
عُلا حياةِ رسولِ اللهِ مُبْتَدَرا
"لم يَزَلْ"؛ بفتح الزاي بمعنى ما زال أي: ثبت دائمًا، و"عُلا"؛ بضم أوله؛ جمع عُليا بمعنى: أول الشيء، و"مُبْتَدَرا": اسم المفعول؛ خبر زال، يقال: بدرت الشيء وابتدرته إذا أسرعت إلى أخذه، ولو قال:"من" بدل "في" لكان أوفى.
والمعنى: أن حفظ القرآن، وضبطه باللسان والجنان، كان متداولًا ومتناولًا بين الصحابة الأعيان، من أوائل أزمنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره بوصف التمام وفيه تنبيه على شدة اهتمامهم بحفظه، وكثرة اعتنائهم بلفظه، بحيث كان أغناهم عن جمعه بين الدفتين وَفْقَ رسمِه وكانوا جمًّا غفيرًا، وجمعًا كثيرًا، فليس مدارهم ولا مدار من بعدهم على ظواهر المصاحف المضبوطة المرسومة، بل على الصحائف المحفوظة المعلومة، ومما يؤيد كمال اعتناء الصحابة الكرام بهذا المرام في حياته صلى الله عليه وسلم ما بينه بقوله:
22 - وكلَّ عامٍ على جبريلَ يَعْرِضُهُ
…
وقيل آخرَ عامٍ عَرْضَتَيْنِ قرا
"كلَّ عامٍ"؛ ظرف لقوله: "يَعْرِضُهُ"، و"على جبريل"؛ متعلق به، وهو
(2)
بكسر الراء بمعنى يقرأ للضبط، والضمير المرفوع المستتر فيه إلى الرسول والمنصوب إلى القرآن.
(1)
في شرح البيتين 23 - 24.
(2)
أي: لفظ "يعرضه" بكسر الراء.
والمعنى: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة، ونقل بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم قرأ عليه مرتين في آخر عمره إشارة إلى ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:(إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل سنة وأنه عارضني العامَ مرتين فلا أراه إلا حضر أجلي)
(1)
.
والمعارضةُ يَحْتَمِلُ المدارسةَ بأن يقرأ هذا مرة والآخرُ أخرى، ويحتمل أن يكون القارئ جبريل والسامع هو النبي صلى الله عليه وسلم، أو بالعكس كما اختاره الشيخ الإمام
(2)
، ولعله أظهر ليتبين به طريق التعليم اللَّذَيْنِ يحصل بهما الضبط على وجه التتميم وهو أن يقرأ الأستاذ ويستمع التلميذ في القرآن والحديث كما كان حالُ غالبِ السلفِ، أو بالعكس كما هو غالبُ حالِ الخلفِ، والخلاف في أن أيتهما أولى مشهور، وتفصيله في كتب الأصول مسطور، ويؤيده ما روي عن ابن عباس (أن جبريل كان يلقاه في كل ليلة من رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن)
(3)
، فكأنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الطريقين للإتمام والإعلام.
23 - إن اليمامةَ أَهْوَاها مسليمةُ الـ
…
ــكذابُ في زمنِ الصدِّيقِ إذْ خَسِرا
"اليمامة"؛ جارية زرقاء كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام وبلاد الجو
(4)
منسوب إليها سميت باسمها؛ وهي أكثر نخيلًا من سائر الحجاز، وبها
(1)
رواه البخاري ك: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة (3220) وفي ك: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3624) وفي ك: الاستئذان، باب: من ناجى بين يدي الناس ومن لم يخبر بسر صاحبه (6285). ومسلم ك: الفضائل، باب: كان النبي أجود الناس بالخير من الريح المرسلة (2308) وفي ك: فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبي (2450).
(2)
الشاطبي في هذا البيت.
(3)
رواه البخاري ك: فضائل القرآن، باب: كان جبريل يعرض القرآن على النبي (4998) ورواه غيره.
(4)
(واحد الجواء، وهو ما اتسع من الأودية لغة،
…
وهو يتعين بالإضافة، وكان قبلُ عَلَمًا على اليمامة في عهد طسم وجديس، وإنما غلبت عليها هذه التسمية "اليمامة" بعد قصة اليمامة "الزرقاء"). اهـ مختصرًا من معجم اليمامة لعبد الله بن خميس (1/ 260 - 261).
تنبأ مسيلمة الكذاب، وهم دون المدينة في وسط الشرق عن مكة على ستة عشر مرحلة من البصرة وعن الكوفة نحوها، وقوله:"أهواها"؛ مِنْ هَوَى يَهْوِي؛ سقط، وفي نسخة: أرداها؛ من ردى بمعنى تردى؛ أي: أغواها وأهلكها، والمراد بها أهلها، والظرفان له
(1)
.
وهذا البيت توطئة لسبب جمع القرآن، ورسم الفرقان، وهذا الكذاب الذي ادعى النبوة كان موجودًا في زمنه صلى الله عليه وسلم لكن اشتهر أمره في زمن الصديق، وظهر خبره على يد صاحب التحقيق، وكان كَتَبَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، سلام عليك، فإني قد أشركت في الأمر معك؛ بأن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشًا يعتدون علينا) وكتب النبي صلى الله عليه وسلم: (من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)
(2)
فلما وصل الكتاب، إلى الكذاب، كتمه عن أهل الخطاب، وقال -لغباوته-: وصل إليّ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشركة معه وزوَّرَ كتابًا فقرأه عليهم فكذبه ثمامة بن مالك بقوله:
مسيلمةُ ارجعْ ولا تَمْحُكْ
…
فإنك في الأمر لم تُشْرَكْ
كذبت على الله في وَحْيِهِ
…
هواك هوى الأحمق الأَنْوَكْ
فما في السما لك من مصعد
…
ولا لك في الأرض من مَبْرَكْ
(3)
(1)
الظرف الأول: في زمن الصديق، والظرف الثاني: إذ. والضمير "له" يعود إلى "أهواها".
(2)
انظر: سيرة ابن هشام. فصل: كتاب مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والجواب عنه (4/ 183). والبداية والنهاية (5/ 59).
(3)
الأبيات ذكرها مطهر بن طاهر المقدسي في البدء والتاريخ 5/ 160، وعزاه لثمامة بن مالك، ولم أجد ترجمة لثمامة بن مالك هذا، والمؤلف نقله هكذا معزوًّا إليه من الوسيلة صـ 53، والمعروف ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عتبة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة الحنفي أبو أمامة اليمامي كما نَسَبَهُ في الإصابة 1/ 203 ترجمة (961)، وليس في نسبه "مالك" كما ترى، وقد عزا هذه الأبيات إلى ثمامة بن أثال كلٌّ من سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي الحميري في الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفاء (2/ 118)، وحسين بن محمد بن الحسن الدِّياربَكْري في تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس (2/ 210)، والشيخ محمد بن عبد الوهاب في (مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم صـ 280).
وكان يرسل الجواسيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فينقلون إليه ما سمعوا من القرآن المنزل عليه فيقرأ على رهطه ويقول نزل إليّ هذا القرآن بمثله، ولما ذكر الرحمن؛ سمى نفسه رحمان، فلما تواتر القرآن عنه صلى الله عليه وسلم واشتهر؛ بطلت دعوته فأنشأ كلامًا من عنده، وأوهمه قرآنا في زعمه، فجاء بألفاظ ركيكة تنافر عنه الطباع، وتمج منه السماع، كقوله: والزارعات زرعًا، والحاصدات حصدًا، والطاحنات طحنًا، والخابزات خبزًا، والثاردات ثردًا، يا ضفدع بنت ضفدعين، إلى كم تنقنقين، لا الماء تكدرين، ولا الشراب تمنعين
(1)
وهو مسروق الأسلوب
(2)
.
وكان يعرف أنواعًا من السحر، ويجعل البيض في القوارير، ويصل جناح الطائر، وكان دميم الخلقة، أصبغ أخينس، بعكس نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه قدم المدينة مع وفد بني حنيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول:(لو جَعَل إليَّ الأمر من بعده لاتَّبَعْتُهُ) فقال له: (لو سألتني هذه الشظية ما أعطيتك ولا أراك إلا الذي رأيته في المنام)
(3)
وكان صلى الله عليه وسلم قد قال قبلُ: (رأيت كأن في يديَّ سوارين من ذهب فنفختهما فطارا)
(4)
فأولت ذلك بكذابين يكونان من بعدي، فالمراد بأحدهما مسيلمة، وبالآخر المختار
(5)
، على ما ذكره الخيار،
(1)
انظر: البداية والنهاية (5/ 52) و (6/ 325 - 326).
(2)
كذا في جميع النسخ التسع، إلا أن في (س) مكتوب بخط صغير تحت هذه العبارة "أي هذا الكلام".
(3)
الحديث روي بألفاظ متعددة فرواه البخاري بلفظ (لو سألتني هذه القطعة .. ) و (هذا القضيب .. ) ك: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام (3621) وفي ك: المغازي، باب: وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال (4374) في ك: المغازي، باب قصة الأسود العنسي (4379) وفي ك: التوحيد، باب: قول الله تعالى: (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن)(7461) ومسلم بلفظ (لو سألتني هذه القطعة .. ) ك: الرؤيا، باب: رؤيا النبي (2273).
(4)
رواه البخاري ك: التعبير، باب: إذا طار الشيء في المنام (7034) وانظر في البخاري أيضًا الأحاديث (3621) و (4374) و (4379) وقد مرت في الحديث السابق. ومسلم ك: الرؤيا، باب: رؤيا النبي (2274) وانظر في مسلم (2273) وقد مر، وغيرهما.
(5)
ابن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، وأخباره غير مرضية حكاها عنه ثقات مثل الشعبي، وكان قد طلب الإمارة وغلب على الكوفة حتى قتله مصعب بن الزبير بالكوفة سنة 67 وكانت إمارته 16 شهرًا، وقد شهد عليه بدعوى النبوة والكذب الصريح جماعة من أهل البيت، وقال ابن حبان في ترجمة
صفية بنت أبي عبيد في الثقات هي أخت المختار المتنبي بالعراق، وأقوى ما ورد في ذمه ما أخرجه مسلم عن أسماء بنت أبي بكر أن رسول الله قال يكون في ثقيف كذاب ومبير فشهدت أسماء أن الكذاب هو المختار المذكور، وقد قدم أبوه أبو عبيد من الطائف زمن عمر حين ندب الناس إلى العراق فخرج فاستشهد يوم الجسر وبقي ولده بالمدينة وتزوج ابن عمر صفية. اهـ من الإصابة 3/ 518 - 519 ترجمة (8545).
من أهل الأخبار.
هذا ولما كان في خلافة الصديق رضي الله عنه استفحل أمره، واستقوى مكره فسيَّرَ إليه خالدَ بنَ الوليد وعظُم أمرُه، واقتتل المسلمون وبنو حنيفة قومُه قتالًا ما رأى المسلمون قبلَه مثلَه، وقُتِل من المسلمين ألفٌ ومائتان وجُرِح من بقي، وكان ممن قُتِل يومئذ زيد بن الخطاب
(1)
فانهزم المسلمون فثار البراء بن مالك
(2)
فحمل على أصحاب مسيلمة فانكشفوا وتبعهم المسلمون حديقة
(3)
، فأغلقوا بابها، فحمل البراء درقته
(4)
على كدّته
(5)
وألقى عليهم شدته فضاربهم حتى فتح الباب للمسلمين فدخلوا وقتلوا مسيلمة وأصحابه فسميت حديقةَ الموت وهذا معنى قوله:
24 - وبعد بأسٍ شديدٍ حانَ مَصْرَعُهُ
…
وكان بأسًا على القراءِ مُسْتَعِرا
بكسر العين؛ من سعّر النارَ والحربَ بمعنى أوقدها وهو صفة "بأسًا"،
(1)
ابن نفيل العدوي، كان أسن من عمر، وأسلم قبله، وشهد بدرًا والمشاهدَ، واستُشهد باليمامة، وكانت راية المسلمين معه سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر، وحزن عليه عمر حزنًا شديدًا، ولما قتل قال عمر: سبقني إلى الحسنيين؛ أسلم قبلي واستشهد قبلي. اهـ من الإصابة 1/ 565 ترجمة رقم (2897).
(2)
ابن النضر الأنصاري أخو أنس لأبيه، شهد مع رسول الله المشاهد إلا بدرًا، وله يوم اليمامة أخبار، واستشهد يوم حصن تُسْتَر في خلافة عمر سنة 20. اهـ من الإصابة 1/ 143 ترجمة رقم (620).
(3)
كذا في سائر النسخ التسع؛ إلا أن في هامش (ز 8) مخرج بعد كلمة "المسلمون" فأدخلوهم" بحيث يصبح السياق فأدخلوهم حديقة. والسياق مستقيم بدونها.
(4)
الدرقة هي الواحدة من الدرق: وهو ضرب من الترسة تتخذ من الجلود. انظر: لسان العرب (10/ 95) مادة درق.
(5)
قال في لسان العرب (3/ 377) مادة (كدد): (الكدُّ؛ الشدة في العمل وطلب الرزق والإلحاح في محاولة الشيء
…
والكد؛ الإتعاب، يقال كدّ يكد في عمله إذا استعجل وتعب). فقوله: على كدته أي؛ على الرغم من تعبه.
و"حان" الشيء إذا جاء حينه.
والمعنى: جاء وقت قتل مسيلمة الكذاب ومهلكه بعد تعب شديد، وحوب أكيد، والحال أنه كان بلاء عظيمًا على قراء القرآن، وأمرًا مستصعبًا على أهل الإيمان، فإن عِدَّةَ من قُتِل من القراء يومئذ سبعمائة، هذا وقيل
(1)
: (في البيت تقديم وتأخير فلو قال:
وكان بأسا على القراء مستعرًا
…
وبعد بأس شديد حينُه حضرا؛ لرتب
(2)
.
قلت: الترتيب مستفاد في المعنى فلا يحتاج إلى الترتيب في المبنى؛ إذ المعنى: وكان قبل ذلك، أو الجملة حالية
(3)
هنالك، مع ما في تأخيره من المناسبة لقوله:
25 - نادى أبا بكر الفاروقُ خِفتُ على الـ
…
ـقُرَّاءِ فادَّرِكِ القرآن مُسْتَطِرا
"الفاروق"؛ بالرفع على أنه فاعل"نادى"و"ادَّرِكِ"؛ أصله ادترك؛ أمر من باب الافتعال في الدرك بمعنى الادراك، و"مُسْتَطِرا"؛ اسم فاعل؛ حال مقدر، أو اسم مفعول؛ حال مقدر.
والمعنى: ذكر عمر الفاروق بأعلى صوته للصديق تنبيهًا له عن ذهوله وغفلته عن مقام التحقيق بقوله: خفت على بقية القراء أن يقتلوا في المهالك، كما قتل أولئك، فلا يوجد إمام في القراءة، مع احتياجها إلى جمع كثير في الرواية، فتدارك القرآن حال كونك آمرًا بكتابته ليكون المكتوب مرجعًا في درايته، وباعثًا لكثرة قراءته، وسببًا لصحة روايته.
(1)
قائل ذلك هو الجعبري في الجميلة صـ 55.
(2)
قوله: لرتب جواب لو قال.
(3)
يعني جملة: وكان بأسًا على القراء
…
أي: حان مصرعه حال كون البأس على القراء مستعرا.
26 - فأَجْمَعُوا جَمْعَهُ في الصُّحْفِ واعتَمَدُوا
…
زيدَ بنَ ثابتٍ العَدْلَ الرِّضا نَظَرا
جمَعْتُ الأمرَ واجتمعت عليه بمعنى واحد؛ أي: عزمت، و"جَمْعَهُ"؛ مفعول به، أو مفعول مطلق، و"الصُّحْفِ": بضمتين، وخفف هنا؛ جمع صحيفة وهي الكتاب ومنه المصحف بتثليث الميم، و"العدلَ الرضا": صفتان لـ"زيد" على أنهما بمعنى اسم الفاعل، أو بتقدير مضاف أي: ذا العدل والرضا، أو على وقوع المصدر موقع الصفة كأنه عَيْنُهُ، أو على سبيل المبالغة في قصد الكثرة؛ يقال: رجل عَدْلٌ وصَوْمٌ أي: كثير العدلِ والصومِ، و"زيدَ": مفعولُ "اعتَمَدُوا" على نزع الخافض أي: عليه، كما قال الشارح
(1)
، أو بتضمين اعتبروا، و"نَظَرا": تمييز أي: المرضي النظر.
والمعنى: أن عمر راجع أبا بكر بحضور الصحابة حتى أجمعوا على رأي عمر فراجعوا زيدَ بن ثابت
(2)
حتى رأى رأيهم وعزموا على جمع المتفرقات مما في أيديهم في الرقاع وغيرها في صحيفة جامعة، وأمروا زيد بن ثابت الأنصاري بجمعه لكمال ديانته، وجمال عدالته، ومهارته في قراءته، وحذاقته في كتابته، وأنه أشهرُ كتبة الوحي في وقته، وأظهرُ من جمَع بين العلم وحُسْنِ سيرتِه، حتى (أمسك له ابن عباس بِرِكابه، تعظيمًا لجنابه، وقال هكذا نصنع بالعلماء)
(3)
، وحين دُلِّيَ زيدٌ في قبره وانتقل من دار الفناء إلى دار البقاء قال ابن عباس: (من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم فليعلم أنه بذهاب مثل هذا من العلماء
(4)
، وكان زيد ممن جمع القرآن بالتمام، في عهده عليه السلام
(5)
، وقرأ عليه بعد
(1)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 59).
(2)
ابن الضحاك الأنصاري الخزرجي المقرئ الفرضي كاتب النبي صلى الله عليه وسلم وأمينه على الوحي، كان شابًّا ذكيًّا ثقفًا جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمعه في صحف لأبي بكر رضي الله عنه ثم تولى كتابة مصحف عثمان رضي الله عنه الذي بعث به عثمان نسخًا إلى الأمصار، توفي سنة 45. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 36 ترجمة (5)، وانظر: الإصابة 1/ 561 ترجمة (2880).
(3)
ذكره ابن حجر في الإصابة ترجمة ابن عباس رضي الله عنهما (2/ 332).
(4)
رواه الدارمي بلفظ (هل تدرون ما ذهاب العلم
…
) في المقدمة، باب: في ذهاب العلم (243).
(5)
انظر: البخاري مع الفتح ك: مناقب الأنصار (7/ 127)، ومعرفة القراء الكبار للذهبي صـ 17.
العرضتين الأخيرتين ومن فطانته الزكية، تعلم السريانية، في سبع عشرة ليلة بالإشارة النبوية
(1)
.
وقد ذكر الشارح السخاوي
(2)
بإسناده الثابت المتصل
(3)
إلى زيد بن ثابت أنه قال: (أرسل إليّ أبو بكر مَقْتَلَ اليمامة -وكان عنده عمر- فقال: إن هذا قد أتاني وقال: إن القتل قد استَحَرَّ بالقراء، وإني أخشى أن يستمر القتل بالقراء في سائر المواطن فيذهب القرآن، وقد رأيت أن تجمعوه، فقلت لعمر: كيف تفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: هو والله خيرٌ، ولم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدره ورأيت الذي رأى عمر، قال: ثم قال لي أبو بكر: وإنك شاب عاقل لا نتهمك قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، قال زيد: فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل عليّ منه، فقلت لهما كيف تفعلان شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالا: هو والله خير، فلم يزالا يراجعاني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدورهما، ورأيت فيه الذي رأيا، فكتبت القرآن من الصحف والعسب -أي: صدور جريد النخل- واللخاف -أي: الحجارة الرقاق- ومن صدور الرجال حتى فقدت آية كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128] فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت
(4)
فأثبتها في
(1)
يأتي تخريجه في شرح البيت (46).
(2)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 55 - 58).
(3)
قال السخاوي: (حدثني أبو المظفر بن فيروز رحمه الله بالسند الذي قدمته إلى أبي بكر عبدالله بن داود، ثنا عمرو بن علي بن بحر، ثنا أبو داود، ثنا إبراهيم بن سعد، ثنا الزهري، أخبرني عبيد بن السباق .. ) وذكر الخبر عن زيد.
(4)
ابن الفاكه بن ثعلبة الأنصاري، من السابقين الأولين شهد بدرًا وما بعدها وقيل أول مشاهده أُحُدٌ، وكان يكسر أصنام بني خطمة، وكانت راية خطمة بيده يوم الفتح، وفي البخاري أن النبي جعل شهادته بشهادتين، استشهد بصفِّين، وكان كافًّا سلاحه حتى قتل عمار بصفِّين فسل سيفه، وقاتل حتى قتل. اهـ من الإصابة 1/ 425 ترجمة رقم (2251).
سورتها)
(1)
. وبسنده أيضًا إلى علي كرم الله وجهه أنه قال: (رحم الله أبا بكر هو أول من جمع القرآن بين اللوحين)
(2)
انتهى، ويروي عن علي أيضًا أنه قال:(إن أعظم الناس أجرًا في المصاحف أبو بكر)
(3)
.
ومعنى قول عمر: (خشيت أن يذهب القرآن) مع علمه بقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] أنه كان مكتوبًا متفرقًا فيذهب البعض بذهاب البعض فلم يعلم كيف كان وضع كتابته، لا لفظُه وأداءُ قراءتِهِ، أو خاف أن ينقطع تواتره في بعض الأوقات أو في الأطراف، أو خاف من التحريف والخلاف
(4)
.
(1)
رواه البخاري في ك: تفسير القرآن، باب: قوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128]، وفي ك: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن (4986) وباب: كاتب النبي (4989) وفي ك: الأحكام، باب: يستحب للكاتب أن يكون أمينا عاقلًا (7191) وفي ك: التوحيد، باب: وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم (7425). ورواه غيره.
(2)
رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/ 230، 354) رقم 280 و 514 وقال محققه: (إسناده حسن
…
وأخرجه ابن سعد 3/ 193 وابن أبي داود في المصاحف صـ 11 - 12 من طرق، وأبو عبيد في فضائل القرآن صـ 213 رقم 537 وحسّن إسناده ابن حجر في الفتح 9/ 12 والسيوطي في الإتقان 1/ 165 وذكره ابن كثير في فضائل القرآن: وقال هذا إسناد صحيح). ورواه الداني في المقنع صـ 2 عن عبد خير من قوله، وابن جرير في تفسيره (1/ 63).
(3)
رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة (1/ 354) رقم 513 وقال محققه: (إسناده حسن
…
وذكره ابن كثير في فضائل القرآن عن جماعة عن الثوري بهذا اللفظ وصحح إسناده) ورواه ابن أبي داود في المصاحف صـ 11، 12 من طرق.
(4)
بل الذي يظهر والله أعلم أنه من باب قوله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: "اللهم إن تشأ لا تعبد بعد اليوم" رواه البخاري (4875) عن ابن عباس، وقوله يوم أحد "اللهم إنك إن تشأ لا تعبد في الأرض" رواه مسلم (1743) عن أنس، وقوله يوم بدر "اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" رواه مسلم (1763) عن عمر؛ مع علمه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51]، وقوله:{قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] وقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق: 15 - 17]، وقوله:{وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: 25]، وكلها مكية، وعمدًا تركت ذكر بعض الآيات الصريحة في التمكين لهذا الدين كقوله تعالى:{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: 21]
وقوله {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33 والفتح: 28 والصف: 9]؛ لكون أكثرِها نزلت بعد بدر، و الحاصل أن علمنا بحكم الله القدري في أمر معين لا يعفينا من إقامة حكمه الشرعي فيه، ونظائر هذا في سيرته وهديه صلى الله عليه وسلم كثير، ومن هنا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة العبودية صـ 10 - 11 (وبالفرق بين هذين النوعين يعرف الفرق بين الحقائق الدينية والحقائق الكونية، وهذا مقام عظيم غلط فيه الغالطون، وكثر فيه الاشتباه على السالكين، حتى زلق فيه من أكابر الشيوخ المدعين التحقيق والتوحيد والعرفان ما لا يحصيهم إلا الله، وإلى هذا أشار الشيخ عبد القادر رحمه الله فيما ذكر عنه؛ فبين أن كثيرًا من الرجال إذا وصلوا إلى القضاء والقدر أمسك إلا أنا فإنه انفتحت لي فيه رَوْزَنَةٌ فنازعت أقدار الحق بالحق للحق، والرجل من يكون منازعًا للقدر لا من يكون موافقًا للقدر، والذي ذكره الشيخ رحمه الله هو الذي أمر الله به ورسوله)، فَعِلْمُ عمر بِتَكَفُّلِ الله بحفظ كتابه لا يعفيه من عمل ما في وسعه لإقرار هذا القدر الماضي به أو بغيره. والله أعلم.
27 - فقامَ فيه بِعَوْنِ اللهِ يَجْمَعُهُ
…
بالنُّصْحِ والجِدِّ والحَزْمِ الذي بَهَرا
"الحَزْم"؛ بالحاء المهملة والزاي؛ هو الضبط، وفي نسخة: العزم بمعنى الاهتمام التام، وأَلِفُ "بَهَرا" للإطلاق، والضمير
(1)
لكلٍّ من المذكورات
(2)
، ويقال: بهره: إذا غلبه وقهره.
والمعنى: "فقام" زيد بن ثابت بتوفيق الله وإعانته، وَفْقَ إرادته، وشرَع فيما أُمِرَ بكتابته، حال كونه يجمع القرآن على وجه النصيحة في الدين وطريق الجد كما هو شأن المجتهدين والاحتياط في أمر اليقين الذي غلب غيره في هذا التعيين فجمعه من صدور الرجال والرقاع ونحوهما من المَحَالِّ حتى قال:(فقدت آيةً كنت أسمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما وجدتها إلا عند رجل من الأنصار وهي {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23])
(3)
.
(1)
أي: ضمير الفاعل المستتر في بهرا.
(2)
وهي النصح والجد والحزم.
(3)
رواه البخاري ك: الجهاد والسير، باب: قول الله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا} (2807) وفي ك: المغازي، باب: غزوة أحد (4049) وفي ك: تفسير القرآن، باب:"فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا"(4784) وفي ك: فضائل القرآن، باب: جمع القرآن (4988). ورواه غيره.
فإن قيل: كان زيدٌ حافظَ القرآنِ، وكاتبَ وحيِ الفرقانِ، فما وجهُ تَتَبُّعِهِ في هذا الشأن، وكيف يحصل التواتر في شيء يوجد عند واحد من الأقران
(1)
؟.
قلت: لما كان المكتوبُ المتفرقُ كلُّه أو أكثرُه كتب بين يدي رسول صلى الله عليه وسلم
(2)
أراد الاستظهار، ليكون أثبتَ في مقام الاستقرار، وليضع الخط على وَفْقِ الرسم الأصلي
(3)
والعلم الحاصل من موضعين أتم مما يحصل من موضع واحد.
ومعنى "فقدتُ": لم أرها مكتوبةً، ومعنى"لم أجدها إلا عند رجل" أي: مثبوتة، وهذا لا ينافي التواتر لأن مداره على كثرة الحفاظ من النقلة، لا على الكتابة المنقولة، وعليه يحمل قوله أيضًا:"فوجدت آخر سورة براءة مع خزيمة" بمعنى: الصحيفة التي فيها الآية فإنها إذا كانت مما كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بد من النظر فيها وإن كان حافظًا ليتذكرها بذلك، ويستظهرها بما هنالك، وليعلم هل فيها قراءة غير قراءته أم لا؟ وكذلك إذا كانت الصحف مما لا يُعْلَمُ أَمْرُها وتَوَقُّفُ كتابتِها، بأن لم تكن كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
(4)
، ومما يدل على أنهم كانوا يكتبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو ذلك ما رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أنزل الله عليه {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] قال عبدالله
(5)
بن جحش
(6)
وابن أم مكتوم: (إنا أعميان
(1)
انظر كلام ابن حجر. فتح الباري (8/ 631) عند حديث 4986.
(2)
وهذا يدل على أن المؤلف يرى توقيف الرسم بأن كتب بين يديه صلى الله عليه وسلم.
(3)
وهذا دليل ثان على التوقيف.
(4)
وهذا يدل على أن المؤلف يرى توقيف الرسم بأن كتب بين يديه صلى الله عليه وسلم.
(5)
كذا في (بر 3)، وهو الصواب خلافًا لما في باقي النسخ التسع "ابن عبد الله بن جحش".
(6)
قال ابن حجر في الإصابة (2/ 287) ترجمة رقم (4584): (جاء ذكره في حديث ضعيف ووصف بكونه أعمى، وليس الذي قبله أعمى، فذكر الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس أنه نزل فيه وفي ابن أم مكتوم لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر، والذي في الصحيح أنها نزلت في ابن أم مكتوم، وقد نقله الثعلبي عن ابن الكلبي فقال: لما ذكر الله فضيلة المجاهدين جاء عبد الله بن أم مكتوم وعبد الله بن جحش وليس بالأسدي وكانا أعميين فقالا: حالانا على ما ترى فهل من رخصة فنزلت).
يا رسول الله فهل لنا رخصة) فأنزل الله تعالى {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] فقال صلى الله عليه وسلم: (ائتوني بالكتف والدواة) فألحقها زيد بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال زيد: (فكأني أنظر إلى موضعها عند صدع في الكتف)
(1)
.
وأما ما سبق في قولهم: إنه صلى الله عليه وسلم لم يأمرنا بجمعها فمحمول على جمعها في كتاب واحد من المتفرقات فلا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تكتبوا عني شيئًا إلا القرآن)
(2)
والله تعالى أعلم.
28 - من كلِّ أوجُهِهِ حتى اسْتَتَمَّ لهُ
…
بالأحرفِ السبعةِ العُليا كما اشتَهَرا
وفي نسخة: بالسبعة الأحرف، والمعنى: أن زيدًا كان يجمع القرآن من كل أوجُهِهِ: أي: مظانه أو وجوهه حتى استكمل القرآنَ أو جمْعَه زيدٌ كما قصده بجميع الأحرف السبعة المشتهرة العالية المتواترة المتداولة في تلك الأزمنة؛ لا هذه السبعة المتعارفة فإنها حرف واحد
(3)
بالنسبة إلى تلك السبعة المنزلة
(1)
رواه البخاري ك: الجهاد والسير، باب: قول الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95](2831) و (2832) وفي ك: تفسير القرآن، باب: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله (4592) و (4593) و (4594) وفي ك: فضائل القرآن، باب: كاتب النبي (4490). ومسلم ك: الإمارة، باب: سقوط الجهاد عن المعذورين (1898) ورواه غيرهما.
(2)
رواه مسلم ك: الزهد والرقائق، باب: التثبيت في الحديث وحكم كتابة العلم (3004).
(3)
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13/ 390 و 395 - 397): لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن "الأحرف السبعة" التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل عليها ليست هي " قراءات القراء السبعة المشهورة ..... والعرضة الآخرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة علي وغيره
…
فالذي عليه جمهور العلماء من السلف والأئمة أنها حرف من الحروف السبعة؛ بل يقولون: إن مصحف عثمان هو أحد الحروف السبعة وهو متضمن للعرضة الآخرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل والأحاديث والآثار المشهورة المستفيضة تدل على هذا القول
…
ذكر محمد بن جرير وغيره أن القراءة على الأحرف السبعة لم يكن واجبًا على الأمة وإنما كان جائزًا لهم مرخصًا لهم فيه وقد جعل إليهم الاختيار في أي: حرف اختاروه
…
فلما رأى الصحابة أن الأمة تفترق وتختلف وتتقاتل إذا لم يجتمعوا على حرف واحد
اجتمعوا على ذلك اجتماعًا سائغًا وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل لمحظور. اهـ
باللغات المختلفة للقبائل السبعة المؤتلفة.
وفي الحديث عن عمر رضي الله عنه قال: (سمعت هشام بن حكيم
(1)
يقرأ سورة الفرقان على خلاف ما أقرؤها عليه -وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أقرأنيها- فأمهلته حتى انصرف من صلاته ثم لبَّبْتُهُ بردائه فأتيت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على خلاف ما أقرأتنيها فقال صلى الله عليه وسلم: "اقرأ" فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال: "هكذا أنزلت"، ثم قال لي:"اقرأ"، فقرأت فقال:"هكذا أنزلت؛ إن القرآن أنزل على سبعة أحرف اقرءوا ما تيسر منه")
(2)
.
والحاصل: أن زيد بن ثابت جمع الأحرفَ السبعةَ والوجوهَ المشتهرةَ وكانت متفرقةً عند بعضِ الصحابةِ، ومجموعةً عند بعضٍ بالحفظِ أو الكتابةِ.
29 - فأمسك الصحفَ الصديقُ ثم إلى الـ
…
ـــــفاروق أسْلمَها لمَّا قضى العُمُرا
"العُمُر": بضمتين أفصح من ضم فسكون
(3)
وألفه للإطلاق، والمعنى: أن بعد جمع زيد أخذ "الصديق" تلك الصحيفة لأنه كان هو الخليفةَ ثم عند قضاء عمرِهِ، وأداء دهرِهِ، وتولية عمر في أمره، أسلم الصحف إليه، ليحفظها فيما بين يديه، لاعتماد الجميع عليه.
(1)
ابن حزام بن خويلد القرشي الأسدي، كان مهيبا، وكان يأمر بالمعروف في رجال معه وكان له فضل، مات قبل أبيه بمدة طويلة، استشهد بأجنادين. اهـ مختصرًا من الإصابة 3/ 603 ترجمة (8962).
(2)
رواه البخاري ك: الخصومات، باب: كلام الخصوم بعضهم في بعض (2419) وفي ك: فضائل القرآن، باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف (4992) وباب: من لم ير بأسًا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا (5041) وفي ك: استتابة المرتدين، باب: ما جاء في المتأولين، وفي ك: التوحيد، باب: قول الله تعالى (فاقرءوا ما تيسر من القرآن)(7550). ومسلم ك: صلاة المسافرين وقصرها، باب: بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه (818).
(3)
وبه نزل القرآن. انظر: الآيات {أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النحل: 70] و [الحج: 5]، {حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} [الأنبياء: 44] {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} [القصص: 45] بضمهما عند القراء العشرة.
30 - وعند حفصةَ كانت بعدُ فاختَلفَ الـ
…
ـقُرَّاءُ فاعتَزَلوا في أحرفٍ زُمَرا
أي: وكانت الصحف بعد موت عمر عند حفصة بنتِه أمِّ المؤمنين لعدم استقرار الخلافة على أحد منهم بناء على قضية الشورى
(1)
فيما بينهم، فاختلف القراء فيما يتعلق ببعض الأداء فاعتزل بعضهم عن بعض بسبب اختلاف الروايات في القرآن حال كونهم زمرًا؛ أي: جماعات متفرقات، وأصل القضية أنه اجتمع المسلمون في بلاد الغرب حين غزوا أرمينية
(2)
من جند الشام وجند العراق
(3)
فاختلفوا في القرآن من جهة الأداء يسمع هؤلاء قراءة هؤلاء فينكرونها حتى قال بعضهم: قراءتي خير من قراءة هؤلاء، والحال أن كل ذلك صواب عند الله ونازل من السماء وهذا معنى قوله:
31 - وكان في بعض مَغْزاهم مُشاهِدَهم
…
حذيفةٌ فرأى من خُلْفِهمْ عِبَرا
أي: "وكان""حذيفة" اليماني
(4)
في "بعض" غزواتهم "مشاهدا" لأحوالهم ومخالفاتهم فرأى من اختلافهم في قراءتهم اعتباراتٍ دالةً على
(1)
وذلك أنه لما طعن عمر بن الخطاب (أوصى
…
أن يكون الأمر شورى بعده في ستة ممن توفي رسول الله وهو عنهم راض) انظر: البداية والنهاية (ج 7/ 151).
(2)
قال في الفتح 9/ 16 - 17: (وأرمينية بفتح الهمزة عند ابن السمعاني وبكسرها عند غيره، وبه جزم الجواليقي وتبعه ابن الصلاح ثم النووي، وقال ابن الجوزي: من ضمها فقد غلط، وبسكون الراء وكسر الميم بعدها تحتانية ساكنة ثم نون مكسورة ثم تحتانية مفتوحة خفيفة وقد تثقل قاله ياقوت،
…
قال ابن السمعاني: هي من جهة بلاد الروم يضرب بحسنها وطيب هوائها وكثرة مائها وشجرها المثل).
(3)
قال في الفتح 9/ 16 - 17: (كان عثمان أمر أهل الشام وأهل العرق أن يجتمعوا على ذلك، وكان أميرَ أهل الشام على ذلك العسكر حبيبُ بن مسلمة الفهري، وكان حذيفة من جملة من غزا معهم، وكان هو على أهل المدائن وهي من جملة أعمال العراق)، ثم ذكر الروايات التي فيها التصريح بذلك.
(4)
ابن اليمان العبسي من كبار الصحابة، شهد الخندق -وله بها ذكر حسن- وما بعدها، صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلمه غيره، شهد فتوح العراق وله بها آثار شهيرة، استعمله عمر على المدائن فلم يزل بها حتى مات بعد قتل عثمان وبعد بيعة علي بأربعين يوما سنة 36. اهـ مختصرًا من الإصابة: 1/ 317، ترجمة (1647).
موجب ضلالتهم حيث كاد يُكَفِّرُ بعضهم بعضا في مجادلاتهم
(1)
، وحذيفة هذا صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عالمًا عاملًا، وَوَرِعًا كاملًا، روي عنه أنه (صلى بقوم فلما سلم قال: التمسوا إمامًا غيري أو صلُّوا وُحْدانًا؛ فإني رأيت في نفسي أنه ليس في القوم أفضل مني)
(2)
.
32 - فجاء عثمانَ مذعورًا فقال له
…
أخاف أن يخْلِطُوا فأَدْرِك البشرا
أي "فجاء" حذيفةُ "عثمانَ" خائفًا على الأمة فقال لعثمان: "أخاف أن يخلطوا" القول في القراءة "فأَدْرِك البشر" قبل وقوعهم في المهلكة فإن الناس اختلفوا في القرآن اختلاف اليهود والنصارى في كتبهم حتى إن الرجل ليقومُ
(1)
بل قد كَفَّرَ بعضهم بعضا؛ قال في الفتح 9/ 18: (وفي رواية عمارة بن غزية "فيكَفِّر بعضهم بعضًا" .. وأخرج ابن أبي داود أيضًا في "المصاحف" من طريق أبي قلابة قال: " .. فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين حتى كَفَّرَ بعضهم بعضًا" ومن طريق محمد بن سيرين قال: "كان الرجل يقرأ حتى يقول الرجل لصاحبه كفرت بما تقول" ومن رواية بكير بن الأشج: "أن ناسًا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال: فإني أكفر بهذه، ففشا ذلك في الناس، فكُلِّم عثمان في ذلك"). وينبغي أن يعلم أن ذلك لا يقدح في إيمان واحد منهم، ولا في كونه من أهل الجنة؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (4/ 180 - 183): (وقد قال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق -يعني حاطب بن أبي بلتعة- فسماه منافقا واستحل قتله ولم يقدح ذلك في إيمان واحد منهما ولا في كونه من أهل الجنة
…
وقد قال أسيد بن حضير لسعد بن عبادة إنك منافق تجادل عن المنافقين وهذا مؤمن ولي لله من أهل الجنة وذاك مؤمن ولي الله من أهل الجنة فدل على أن الرجل قد يكفر آخر بالتأويل ولا يكون واحد منهما كافرا
…
فإذا ثبت أن شخصا من الصحابة إما عائشة وإما عمار بن ياسر وإما غيرهما كفَّرَ آخرَ من الصحابة عثمان أو غيره أو أباح قتله على وجه التأويل كان هذا من باب التأويل المذكور ولم يقدح ذلك في إيمان واحد منهما ولا في كونه من أهل الجنة؛ فإن عثمان وغيره أفضل من حاطب بن أبي بلتعة، وعمر أفضل من عمار وعائشة وغيرهما، وذنب حاطب أعظم، فإذا غفر لحاطب ذنبه فالمغفرة لعثمان أولى، وإذا جاز أن يجتهد مثل عمر وأسيد بن حضير في التكفير أو استحلال القتل ولا يكون ذلك مطابقا فصدور مثل ذلك من عائشة وعمار أولى).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه رقم: (4137 و 4138 و 4140 و 4142)، والبيهقي في سننه الكبرى رقم (5333).
ويقول هذه قراءة فلان
(1)
فجمع عثمان رضي الله عنه الناس وعددهم يومئذ خمسون ألْفًا (فقال: ما تقولون؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول: قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد أن يكون كفرًا؟ قالوا: ما ترى؟ قال: أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد فلا يكون خلاف فرقة ولا اختلاف فرقة قالوا: فنِعْمَ ما رأيت)
(2)
.
33 - فاستَحْضَرَ الصُّحُفَ الأُولى التي جُمِعَت
…
وخَصَّ زيدًا ومِنْ قُرَيشِهِ نَفَرا
34 - على لسانِ قريش فاكتبوه كما
…
على الرسول به إنزالُه انتشرا
في أكثر النسخ ضبط "خَصَّ" بالخاء المعجمة والصاد المهملة بصيغة الفاعل، وفي نسخة بصيغة المفعول ورفع "زيدا"، إلا أنه لا يصح لوقوع نصب نفرا بلا خلاف، وفي نسخة صحيحة: وحض، بفتح الحاء المهملة والضاد المعجمة واقتصر عليه الشارح
(3)
وقال: معناه حضه وحثه، والضمير في "قريشه" عائد إلى عثمان وفي "به" إلى القرآن
(4)
.
والحاصل أن عثمان رضي الله عنه (لما عزم على ما أشار إليه حذيفة وأجمع بَقِيَّةُ المسلمين عليه بعث إلى حفصة أن أرسلي إليَّ بالصحف لننسخها في المصاحف
(5)
ثم نردها عليك فأرسلت بها إليه فجمع زيد بن ثابت ونفرًا من
(1)
قصة غزو حذيفة في أرمينية وأذربيجان ومشاهدته اختلاف الناس في القرآن رواها البخاري في ك: فضائل القرآن، باب جمع القرآن 8/ 11 رقم (4988).
(2)
أخرجه ابن أبي داود في المصاحف صـ 30، والبيهقي في السنن الكبرى 2/ 42، وصحَّح إسنادَه ابنُ حجر في الفتح 9/ 18، والقسطلاني في لطائف الإشارات 1/ 61، والسيوطي في الإتقان 1/ 79.
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 67).
(4)
الذي يظهر أن الضمير في "به" عائد إلى لسان قريش؛ لا إلى القرآن كما قال الشارح، والضمير في إنزاله عائد إلى القرآن فيكون المعنى: على الرسول بلسان قريش إنزال القرآن انتشر.
(5)
قال في الفتح 9/ 18: (والفرق بين الصحف والمصحف أن الصحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر، وكانت سورًا مفرقة كل سورة مرتبة بآياتها على حدة لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا، وقد جاء عن عثمان أنه إنما فعل ذلك بعد أن استشار الصحابة).
قريش وهم عبد الله بن الزبير
(1)
وسعيد بن العاص
(2)
وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام
(3)
وأُبَيُّ بن كعب
(4)
وأمرهم بكتابة القرآن في المصاحف المتعددة ثم قال: مهما اختلفتم أنتم وزيد في شيء فاكتبوه على طبق لسان قريش ووَفْقِ
(1)
ابن العوام ابن خويلد القرشي الأسدي، عفيف الإسلام، قارئ القرآن، أبوه حواري رسول الله، وأمه بنت الصديق، وجدَّتُهُ صفية عمة رسول الله، وعمة أبيه خديجة بنت خويلد، وحفظ عن النبي وهو صغير، وحدث عنه بجملة من الحديث، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، وهو أحد الشجعان من الصحابة، بويع بالخلافة سنة 64 عقب موت يزيد بن معاوية، وهو أول مولود ولد للمهاجرين بعد الهجرة، حَنَّكَهُ النبي وسماه، وله مبايعة وهو ابن سبع أو ثمان، كان إذا قام للصلاة كأنه عمود، ثم اعتزل حروب علي ومعاوية ثم بايع لمعاوية، قتل في جمادى الأولى سنة 73. اهـ مختصرًا من الإصابة 2/ 309 ترجمة (4682) والغاية 1/ 419 ترجمة (1771).
(2)
ابن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي أبو عثمان، كان له يوم مات النبي 9 سنين، وكان من فصحاء قريش ولهذا ندبه عثمان فيمن ندب لكتابة القرآن، ولي الكوفة وغزا طبرستان ففتحها وغزا جرجان وكان في عسكره حذيفة وغيره من كبار الصحابة، وولي المدينة لمعاوية، وكان مشهورًا بالكرم والبر، حليمًا وقورًا، وحج بالناس في سنة 49 أو سنة 52 ولبث بعدها، مات سنة 53. اهـ مختصرًا من الإصابة 2/ 47 ترجمة رقم (3268).
(3)
ابن المغيرة بن عبد الله القرشي المخزومي، يكنى أبا محمد، كان من أشراف قريش، وتزوج عمر أمه بعد موت أبيه في طاعون عمواس سنة 18 فنشأ في حجر عمر، وتزوج بنت عثمان، ثم كان ممن ندبه عثمان لكتابة المصاحف من شباب قريش، قال ابن حبان: ولد في زمن النبي ولم يسمع منه، وذكره البغوي والطبراني؛ في الصحابة، والبخاري وأبو حاتم الرازي؛ في التابعين، مات سنة 43. اهـ مختصرًا من الإصابة ج: 3/ 66 ترجمة رقم (6199).
(4)
ابن قيس، أبو المنذر الأنصاري رضي الله عنه أقرأُ الأمةِ وسيد القراء، عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له:"إني أمرت أن أقرأ عليك" وفي لفظ "أن أقرئك القرآن" قال: الله سماني لك قال: "نعم" فبكى أُبَيٌّ، وقال صلى الله عليه وسلم:"وأقرؤهم لكتاب الله أُبَيُّ بن كعب"، وقال:"استقرؤوا القرآن من أربعة عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأُبَيُّ بن كعب" وقال له: "ليهنك العلم أبا المنذر"، أخذ عنه القراءة ابن عباس وأبو هريرة وأبو عبد الرحمن السلمي، شهد بدرًا والمشاهد كلها، ومناقبه كثيرة، وكان يختم القرآن في ثمان، إسناده صحيح، واختلف في وقت وفاته؛ فقيل: سنة 19 سنة، وقيل: 20، وقيل: 22، وقيل: 30، قال أبو نعيم: وهو الصحيح؛ لأن زر بن حبيش لقيه في خلافة عثمان؛ وقال الواقديّ: وهو أثبت الأقاويل، وقال ابن عبد البر: والأكثر أنه مات في خلافة عمر، وروى البخاريّ في تاريخه عن عبد الرحمن بن أبزى، قال: قلت لأُبَيّ لما وقع الناس في أمر عثمان
…
فذكر القصة. وروى البغويّ عن الحسن في قصة له أنه مات قبل قتل عثمان بجمعة). فالله أعلم. اهـ مختصرا من معرفة القراء الكبار 1/ 28 ترجمة رقم (3) وانظر: الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 181 - 182) ترجمة رقم (32) وأسد الغابة (1/ 168).
بيانهم فإن القرآن غالبًا نزل بلسانهم، فاختلفوا في كتابة {التَّابُوتُ} [البقرة: 248] فقال زيد: اكتبوا: التابوه؛ بالهاء، وقال الآخرون: التابوت؛ بالتاء المجرورة، فراجعوا عثمان فقال: اكتبوه بالتاء فإنه نزل بلسان قريش)
(1)
-أي: في الوقف
(2)
- أوَّلًا ثم نزل بسائر اللغات
(3)
.
(وسألوا عثمان عن قوله: "لم يتسنَّ" فقال: اجعلوا فيها الهاء)، ورُوِي (أنه أرسل إلى أُبَيٍّ يسأله عنها، وعن قوله "لا تبديل لِلْخَلْق"، وعن قوله "فأمهل الكافرين" وبعث ذلك إليه في مكتوب فمحا أُبَيٌّ إحدى اللامين وكتب: {لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]، ومحا الألف من: "فأمهل الكافرين"، وكتب: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ} [الطارق: 17]، وكتب: {يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] بإلحاق الهاء فيه)
(4)
.
فإن قيل: لم أضاف عثمانُ هؤلاء النفرَ إلى زيد ولم يفعل ذلك أبو بكر؟.
قلت: كان غرضُ الصديقِ جمعَ القرآنِ بجميع أحرفه ووجوهه التي نزل بها وذلك على لغة قريش وغيرها، وكان غرضُ عثمان في تجريد لغة قريش من بين الأحرف السبعة التي جمعها أبو بكر
(5)
.
(1)
رواه البخاري ك: المناقب، باب: نزل القرآن بلسان قريش (3506) وفي ك: فضائل القرآن، باب: نزل القرآن بلسان قريش والعرب (4984) وانظر في البخاري حديث (4988) وليس في روايات الحديث ذكر أبي بن كعب فيهم، وقال الحافظ في الفتح 9/ 18: (وعند ابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين قال: "جمع عثمان اثني عشر رجلا من قريش والأنصار منهم أُبَيّ بن كعب
…
، وكأن ابتداء الأمر كان لزيد وسعيد للمعنى المذكور فيهما في رواية مصعب، ثم احتاجوا إلى من يساعد في الكتابة بحسب الحاجة إلى عدد المصاحف التي ترسل إلى الآفاق فأضافوا إلى زيد من ذكر ثم استظهروا بأُبَيّ بن كعب في الإملاء).
(2)
وذلك أن لسان قريش في التابوت في الوقف بالتاء المجرورة لا بالهاء.
(3)
يوضحه قوله الآتي قريبًا: (وبها أنزل عليه أوَّلًا ثم رخص أن يقرأ بغيرها ثانيًا).
(4)
انظر: الوسيلة صـ 67 والجميلة صـ 69.
(5)
هذا معنى ما في "المقنع" صـ 120 والإتقان النوع الثامن عشر: في جمعه وترتيبه (1/ 79 - 80).
فإن قيل: فما قَصَدَ بإحضار تلك الصحف، وقد كان زيد ومن أضيف إليه حفظةَ القرآن؟
قلت: الغرض بذلك سدُّ بابِ المقالة؛ حتى لا يزعم أن في الصحف شيئًا لم يكتب، أو كتب ما لم يكن فيها، ويؤيده ما في صحيح البخاري عن ابن الزبير قلت لعثمان:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ} [البقرة: 240]؛ نسختها الأخرى فَلِمَ تكتبُها؟؛ أو تدعُها؟
(1)
.
قال: (يا ابن أخي لا أغير شيئًا منه من مكانه)
(2)
، وفيه تسليم ظاهر من عثمان للنُّسَخِ، وإشارة إلى أن ترتيب الآي توقيفي
(3)
.
وفي الكامل: (تقول العرب: صاعقة وصواعق، وهو لغة أهل الحجاز وبه نزل القرآن، وبنو تميم تقول: صاقعة
(4)
وصواقع)
(5)
.
والحاصل: أنهم اختاروا لغة قريش لأنها أفصحُ اللغات وأيسرُها، وهي لغة النبي صلى الله عليه وسلم، وبها أنزل عليه أوَّلًا، ثم رُخِّصَ أن يقرأ بغيرها ثانيًا، فأسقطوا عند الاختلاف ما سواها؛ إذ الأمة ما كلفت بحفظ الأحرف السبعة كلِّها؛ بل خيرت
(1)
قال في الفتح 8/ 194: (كذا في الأصول بصيغة الاستفهام الإنكاري كأنه قال: لم تكتبها وقد عرفت أنها منسوخة؟ أو قال: لم تدعها أي: تتركها مكتوبة؟ وهو شك من الراوي أيَّ اللفظين قال؟، ووقع في الرواية الآتية بعد بابين "فلم تكتبها؟ قال تدعها يا ابن أخي" وله من رواية أخرى قلت: تكتبها أو تدعها؟ قال: يا ابن أخي لا أغير منها شيئًا عن مكانه"، وهذا السياق أولى من الذي قبله، وأو للتخيير لا للشك).
(2)
رواه البخاري ك: تفسير القرآن، باب: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن (4530) و (4536).
(3)
وهكذا قال ابن حجر في الفتح 8/ 194.
(4)
كذا في نسخة (ل) و (س) و (ز 8)، وفي (ز 4)"وبنو تميم يقول صاقعة"، وفي (بر 1)"صاعقة"، وفي (ص)"وبنو تميم يقول صاعقة".
(5)
انظر: الكامل (2/ 841) ولعل مراد المؤلف من إقحام هذا النص من الكامل؛ الاستشهاد بقوله: (وهو لغة أهل الحجاز وبه نزل القرآن).
في أيِّها شاءت منها، هذا خلاصة ما في المقنع
(1)
، لكن قال الجعبري:(مصحف عثمان مشتمل على السبعة التي اشتمل عليها مصحف أبي بكر احتمالًا)
(2)
.
وحاصله والله أعلم: أنهم كتبوا الكلمات، على صور تحتمل القراءات، باللغات المختلفات، وما وقع فيه من المخالفة بين اللغات -بحيث لا يتصور الجمع بينها-؛ فاعتمدوا على لغة قريش؛ فإنه نزل بها غالب الآيات البينات، ومجمل الكلام، أن لا يكون القرآن مرسومًا على لغة غير قريش من قبائل الأنام، فلا يقدر أحد أن يقول: أقرأ وَفْقَ لساني من نحو أهل الشام، وأهل العراق ويرتفع الاختلاف فيما بين طوائف الإسلام، ويشير إليه قوله:
35 - فَجَرَّدُوهُ كما يَهْوَى كتابتَهُ
…
ما فيه شَكْلٌ ولا نَقْطٌ فيَحْتَجِرا
"يَهْوَى"؛ بفتح الياء والواو: أي: يحب ويرضى، وقوله:"فيَحْتَجِرا": جواب النفي، ولذا حُذِفَ نونُه، والفاء للسببية.
والمعنى: فَجَرَّدَ زيدٌ ومن معه القرآنَ كما كان يقصد كتابتَهُ عثمانُ، من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ، وبيانه أنه ليس في القرآن المكتوب شكلُ إعرابٍ، ولا نقطُ كتابٍ، فيمتنعا عن المطلوب من التصرف في وجوه القرآن، بل على وجهٍ يَحْتَمِلُ الكلماتُ وجوهَ الغيبِ والخطابِ والتذكيرِ والتأنيثِ والرفعِ والنصبِ والجرِّ والجزمِ وسائرَ الهيئاتِ
(3)
؛ فيمكن أن يقرأ هذا بالرفع وهذا بالجزم كقوله تعالى: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: 119]
(4)
، وكذا الغيب
(1)
المقنع صـ 120 - 121 سبب اختلاف مرسوم المصاحف.
(2)
انظر: الجميلة صـ 74.
(3)
أي: مما صحت به الرواية؛ إذ القراءة سنة متبعة كما تقدم، والأمثلة تبين أن هذا هو مرادُه.
(4)
قال في النشر 2/ 221: (فقرأ نافع ويعقوب بفتح التاء وجزم اللام على النهي، وقرأ الباقون بضم التاء والرفع على الخبر).
والخطاب في نحو: {يَعْلَمُونَ} و {تَعْلَمُونَ}
(1)
، وكذا التذكير والتأنيث نحو:{وَلَا يُقْبَلُ} [البقرة: 48]
(2)
وكذا النصب والرفع نحو: {سَوَاءً مَحْيَاهُمْ} [الجاثية: 21]
(3)
وكذا الفتح والكسر نحو: {وَالْوَتْرِ} [الفجر: 3]
(4)
وأمثال ذلك من احتمال الحركات الإعرابية والبنائية كما هي مفصلة في اللامية الشاطبية؛ ومن ذلك نحو: {يَقُصُّ الْحَقَّ} [الأنعام: 57] و {يَقْضِ الْحَقَّ}
(5)
ونحو: {كَلِمَت} بالجمع والمفرد
(6)
، و {مَالِكِ} [الفاتحة: 4] بالمد والقصر، ولا يبعد أن يكون معنى قوله "فجردوه": أي: جردوا المصحف المأمور بكتابته من القراءات المنسوخة والروايات الشاذة واللغات غير الفصيحة
(7)
، أو يحمل التجريد على المعنى الأعم والله أعلم.
(1)
قال في النشر 2/ 269: (واختلفوا في {وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 38]؛ فروى أبوبكر بالغيب، وقرأ الباقون بالخطاب)، وقال في (2/ 370):(واختلفوا في: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 89] فقرأ المدنيان، وابن عامر بالخطاب، وقرأ الباقون بالغيب).
(2)
قال في النشر 2/ 212: (فقرأ ابن كثير والبصريان {تُقْبَلُ} بالتأنيث، وقرأ الباقون بالتذكير).
(3)
قال في النشر 2/ 372: (فقرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع).
(4)
قال في النشر 2/ 400: (واختلفوا في {الْوَتْرِ} فقرأ حمزة والكسائي وخلف بكسر الواو، وقرأ الباقون بفتحها).
(5)
قال في النشر 2/ 258: (فقرأ المدنيان وابن كثير وعاصم {يَقُصُّ}؛ بالصاد مهملةً مشددةً من القصص، وقرأ الباقون بإسكان القاف وكسر الضاد معجمة من القضاء).
(6)
كقوله تعالى {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا} [الأنعام: 115] و {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} [يونس: 33] و {حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} [يونس: 96] و {حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [غافر: 6] قال ابن الجزري في النشر 2/ 262 عند آية الأنعام: (هنا وفي يونس وغافر؛ فقرأ الكوفيون ويعقوب بغير ألف على التوحيد في الثلاثة، وافقهم ابن كثير وأبو عمرو في يونس وغافر، وقرأ الباقون بألف على الجمع فيهن).
(7)
في (بر 3)"اللغات غير الفصيحة" كما أثبته خلافًا لباقي النسخ التسع "الغير فصيحة" ودخول "ال" على "غير" المضافة غير فصيح بل غير صحيح.
(وأول ما أحدثه الناس النقط على الباء والتاء وقالوا: لا بأس به وهو نور له أي: ظهور له، ثم أحدثوا نقطًا ثلاثًا عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم كذا روى الأوزاعي
(1)
أيضًا عن يحيى بن أبي كثير
(2)
، وقال: كان القرآن مجردًا في المصاحف)
(3)
، ونقل الأوزاعي أيضًا عن قتادة
(4)
أنه قال (بدأوا فنقطوا ثم خمَّسوا)
(5)
.
وأما الشكل فقد جعلوه نقطًا بالحمرة، ثم أحدث الخليل
(6)
له هذه الصور لئلا يغلط العامة في قراءة الآيات والسور، ومن هنا كأنه قيل
(7)
: (العلم نقطة كثَّرها الجاهلون)
(8)
أي: كان قليلًا يفهمه العاقلون فسبَّبَ كثرتَه الغافلون.
(1)
عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي، شيخ الإسلام وإمام أهل الشام، كان إمامَ أهل زمانه ثقة مأمونًا صدوقًا فاضلًا خَيِّرًا كثير الحديث والعلم والفقه، مات في بيروت مرابطًا سنة 157. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء 7/ 107.
(2)
يحيى بن أبي كثير واسمه صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي، من أثبت الناس إنما يعد مع الزهري ويحيى بن سعيد، إمام لا يحدث إلا عن ثقة مات سنة 129. اهـ مختصرًا من طبقات الحفاظ 1/ 58 ترجمة رقم (113).
(3)
رواه أبو عمرو الداني في المحكم صـ 2 بسنده عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير والمؤلف قدم فيه وأخّر، ولا يضر.
(4)
ابن دعامة أبو الخطاب السدوسي البصري؛ الأعمى؛ المفسر أحد الأئمة في حروف القرآن وله اختيار، وكان يضرب بحفظه المثل، توفي سنة 117. اهـ من الغاية 2/ 25 ترجمة (2611).
(5)
رواه أبو عمرو الداني في المحكم صـ 2 بسنده عن الأوزاعي قال سمعت قتادة وذكره.
(6)
أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري؛ الإمام؛ صاحب العربية ومنشئ علم العروض أحد الأعلام، أخذ عنه سيبويه النحوَ؛ والنضرُ بن شميل والأصمعي وآخرون، وكان رأسا في لسان العرب ديِّنا ورعًا قانعًا متواضعًا متقشفًا متعبدًا كبير الشأن مفرط الذكاء، إذا أفاد إنسانًا شيئًا لم يُرِهِ بأنه أفاده، وإن استفاد من أحد شيئًا أراه بأنه استفاد منه، وثقه ابن حبان، ومات سنة 170 وقيل قبلها، وله كتاب العين في اللغة، ومات ولم يتممه ولا هذبه ولكن العلماء يغرفون من بحره. اهـ من سير أعلام النبلاء 7/ 429 ترجمة رقم (161).
(7)
كذا في جميع النسخ، ولعل صوابها: وكأنه من هنا قيل.
(8)
عزاه الصنعاني في سبل السلام 4/ 178 باب الزهد والورع، وفي إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد (1/ 182) إلى علي رضي الله عنه.
قال المبرِّد
(1)
: (والشكل الذي في الكتب من عمل الخليل، وهو مأخوذ من صور الحروف الضم واو صغيرة وضعها في أعلى الحروف لئلا يلتبس بالواو المكتوبة، والكسرة ياء صغيرة تحت الحرف، والفتحة ألف مبطوحة فوق الحرف)
(2)
.
وقيل: (أول من أعرب المصحف بالنقطة يحيى بن يَعمَر وقيل: نصر
(3)
بن عاصم الليثي
(4)
وقيل: أبو الأسود
(5)
(6)
.
وقال أبو عمرو الداني: (يجوز أن يكون يحيى بن يَعمَر ونصرُ بن عاصم أولَ من نقطها، وأخذا ذلك من أبي الأسود إذ كان السابقَ إلى ذلك، والمبتدئَ به فيما هنالك، فأبُو الأسود أول من نقط الحركات والتنوين، وأما الهمزة والتشديد والروم والإشمام فللخليل
(7)
.
وذلك بأن زياد ابن أبيه قال لأبي الأسود: إن هذه الحمراء -يعني الأروام والأعجام
(8)
- قد كثرت -أي: فيما بين أهل الإسلام- فأفسدت من ألسن
(1)
محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمر بن حسان أبو العباس النحوي، روى القراءة عن أبي عثمان بكر بن محمد المازني، توفي سنة 286 بالكوفة عن 66 سنة. اهـ من الغاية 2/ 280 ترجمة (3538).
(2)
قال الداني في المحكم صـ 7: (وقال أبو الحسن بن كيسان قال محمد بن يزيد) وذكره.
(3)
كذا في (ل) وهو الصواب، وفي سائر النسخ نصير.
(4)
ويقال الدؤلي البصري، النحوي، قرأ القرآن على أبي الأسود الديلي، وسمع من مالك بن الحويرث وأبي بكرة الثقفي، ويقال إنه أول من نقط المصاحف وخمَّسَها وعشَّرَها، وثقه النسائي وغيره، وتوفي قبل سنة 100. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 71 ترجمة رقم (27).
(5)
هو الدؤلي؛ ظالم بن عمرو قاضي البصرة، قرأ على علي رضي الله عنه وروى عن عمر وأبي بن كعب وابن مسعود وأبي ذر رضي الله عنهم والكبار، وهو أول من وضع مسائل في النحو بإشارة علي رضي الله عنه، أخذ عنه يحيى بن يعمر وجماعة، وقد أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وثقه أحمد العجلي وغيره توفي سنة 69. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 59 ترجمة رقم (18).
(6)
ذكر الأقوال الثلاثة أبو عمرو في كتاب النقط المطبوع في آخر المقنع صـ 124 - 125.
(7)
قال الداني في النقط صـ 125 (وأكثر العلماء على أن المبتدئ بذلك أبو الأسود الدؤلي؛ جعل الحركات والتنوين لا غير، وأن الخليل بن أحمد هو الذي جعل الهمز والتشديد والروم والإشمام) وانظر: المحكم صـ 6 - 7.
(8)
أي: وسائل الإعجام وهو كما قال ابن منظور في اللسان 11/ 358: (وشَكَل الكتابَ يشكُله شكلًا، وأشكله: أعجمه، وقال أبو حاتم: شكلت الكتاب أشكله فهو مشكول إذا قيدته بالإعراب، وأعجمت الكتاب إذا نقطته).
العرب -أي: بالخطأ في الإعراب- فلو وضعت شيئًا يعلم به الناسُ كلامَهم ويعرفون كلام الله وَفْقَ مراده، فأبى ذلك أبو الأسود، وكره إجابته إلى ما سأله واجتهد، فقال زياد لرجل: اقعد في طريقه فإذا مر بك فاقرأ شيئًا من القرآن وتعمد اللحنَ فيه، أي: بأن تقرأ ما يكون شاذًّا أو يكون ملحونًا بظاهر ما فيه، ليكون سببًا لبيان إعراب مبانيه، ليتضح بها وجوهُ معانيه، فلما مرَّ به أبو الأسود رفع صوته وقرأ:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3]؛ بالجر، فأعظم ذلك أبو الأسود وقال: عز وجه الله أن يتبرأ من رسوله، ثم رجع من فوره إلى زياد فقال: قد أجبتك إلى ما سألت، ورأيتُ أن أبدأ بإعراب القرآن فابعث إليّ رجلًا كاملًا لمعرفة اللسان، في ميدان البيان، فبعث إليه ثلاثين رجلًا فاختار منهم واحدًا من قبيلة بني عبد القيس، فقال له أبو الأسود: خذ المصحف وصبغًا يخالف لون المداد، يعني لنبين المراد، في بيان المواد، فإذا رأيتني فتحت شَفَتَيَّ فانقط واحدة فوق الحرف وإذا ضممتُهما فاجعل النقط في جانب الحرف، وإذا كسرتُهما فاجعل النقطة في أسفل الحرف، فإن أتبعتُ شيئًا من هذه الحركات به فانقط نقطتين، ففعل ذلك حتى أعرب المصحف كله
(1)
.
هذا، وفي الإتقان: (عن ابن مسعود: "جَرِّدوا القرآن ولا تخلطوه بشيء"، أخرجه أبو عبيد وغيره
(2)
، وهو يَحْتَمِل وجهين:
أحدهما: جَرِّدوه في التلاوة ولا تخلطوا به غيره.
والثاني: جَرِّدوه في الخط من التعشير والنقط.
(1)
هذه القصة رواها أبو بكر الأنباري في كتاب إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل 1/ 39 - 41، وأبو عمرو الداني في المحكم صـ 3 - 4.
(2)
رواه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص: 392) وابن أبي شيبة في مصنفه 2/ 381 في التعشير في المصحف بلفظ: "جردوا القرآن"، زاد في رواية "لا تلحقوا به ما ليس منه" وبإسناده رواه عبد الرزاق في مصنفه في أواخر الصوم، ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه الكبير 9/ 353 رقم (9753).
وقال البيهقي: الأظهر أنه أراد لا تخلطوا به غيره من الكتب؛ لأن ما خلا القرآن من كتب الله إنما يؤخذ عن اليهود والنصارى وليسوا بمأمونين عليها)
(1)
.
36 - وصارَ في نُسَخٍ منها مع المدني
…
كوفٍ وشامٍ وبصرٍ تملأ البَصَرا
أصل "كوفٍ وشامٍ وبصْرٍ" بالياء النسبية ثم خففت فحذفت كالمنقوص، و"البصرا"؛ من النظر، وألفه للإطلاق؛ يعني "صار" القرآن مكتوبًا في أربع نسخ نسخت من الصحف الأولى، أو في جملة النسخ؛ مصحف أرسل إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى البصرة، مع مصحف أبقاه عثمان عنده في المدينة المعطرة، ليكون إمامًا للناس ومرجعًا للقراء المهرة، وفي بيان وجوه القراءات المعتبرة
(2)
، فعَدَّها الناظم باعتبار المواضع التي نقلت إليها فحصل بذلك فائدتان: إحداهما: عدد المصاحف. وثانيهما: البلاد التي أرسلت إليها.
وفي نسخة: و"سار" بدل "صار"؛ أي: سار القرآن في أربعة مصاحف إلى الأربعة من البلدان، وجملة:"تملأ البصرا"؛ حال، أي: حال كون هذه المصاحف تعجب الناظر فيها، وتملأ البصر بمبانيها، المترتب عليها حسن معانيها.
(1)
الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (ج 2/ 219) النوع السادس والسبعون: في مرسوم الخط وآداب كتابته.
(2)
قال أبو عمرو الداني في المقنع صـ 9: (أكثر العلماء على أن عثمان لما كتب المصحف جعله على أربع نسخ وبعث إلى كل ناحية من النواحي بواحدٍ منهن فوجَّهَ إلى الكوفة إحداهن وإلى البصرة أخرى وإلى الشام الثالثة وأمسك عند نفسه واحدة وقد قيل إنه جعل سبع نسخ، ووجَّهَ من ذلك أيضًا نسخة إلى مكة ونسخة إلى اليمن ونسخة إلى البحرين، والأول أصح وعليه الأئمة).
37 - وقيل مكةُ والبحرينُ معْ يمنٍ
…
ضاعَتْ بها نُسَخٌ في نَشْرِها قُطَرا
يروى "مكة" بالرفع على أنها مبتدأ، خبره؛ "ضاعَتْ"، وضبط في بعض النسخ بالنصب، ولا يظهر وجهه، والبحرين بضم النون وكسرها لأن للعرب في الاسم المنقول من التثنية مذهبين: إعرابه بالحروف، وإعرابه بالحركات، وقُطَر: تمييزٌ؛ وهو بضمتين أو بضم ففتح بمعنى: العُود، والنشرُ: هو الرائحة الطيبة.
والمعنى: فاحت في تلك المواضع المذكورة نسخ في طيب ريحها المشهورة كأنها قطع أعواد المبخرة، ويجوز أن يكون "قُطَرا" مفعولًا به لـ"نَشْرِها" على أن النشر: ضد الطي، ويكون مضافًا إلى الفاعل؛ كأنها نشرت في تلك المواضع عُودًا عُودًا، ورجع فوحه ونفعه إلى سائر العالم عَودًا عَودًا، وحاصل المعنى: أنه روي أن عثمان رضي الله عنه أرسل مصحفًا إلى مكة ومصحفًا إلى البحرين ومصحفًا إلى اليمن فيكون الجملة على هذه الرواية سبعة، وقيل: إنه كتب خمسةً؛ الأربعة المتقدمة، وواحدة إلى مكة، وأما مصحف البحرين ومصحف اليمن فلم يعلم خبر لهما
(1)
.
هذا وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: (إن عثمان رضي الله عنه أرسل إلى كل جند من أجناد المسلمين مصحفًا وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف الذي أرسل إليهم)
(2)
.
(1)
روايات عدد المصاحف التي أرسلها عثمان أوردها ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب: ما كتب عثمان رضي الله عنه من المصاحف صـ 43، وتقدم قريبًا قول الداني وفيه:(وقد قيل إنه جعل سبع نسخ، ووجه من ذلك أيضًا نسخة إلى مكة ونسخة إلى اليمن ونسخة إلى البحرين، والأول أصح وعليه الأئمة).
(2)
رواه ابن أبي داود في المصاحف صـ 27 باب: جمع عثمان -رحمة الله عليه- المصاحفَ، والحديثُ رواه البخاري بلفظ (فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق) ك: فضائل القرآن باب: جمع القرآن رقم 4987.
وقال السخاوي: (فلما فرغ عثمان من أمر المصاحف حرق ما سواها ورد تلك الصحف الأولى إلى حفصة رضي الله عنها، فلما ولي مروان المدينة طلبها ليحرقها فلم تجبه حفصة لذلك ولم تبعث بها إليه، فلما ماتت حضر مروان في جنازتها وطلب الصحيفة من أخيها عبد الله بن عمر وعزم عليه في أمرها فسيَّرَها إليه عند انصرافه فحرقها خشية أن تظهر فيعود الناس إلى الاختلاف)
(1)
.
فإن قيل: الاختلاف باق إلى زماننا هذا؟
قلت: القراءات التي نُعَوِّل عليها الآن لا تخرج عن المصاحف المذكورة فيما يرجع إلى زيادة أو نقصان، وما كان من الخلاف راجعًا إلى شكل أو نقط فلا يخرج عنها أيضًا؛ لأن خطوط المصاحف كانت مجملة محتملة لجميع ذلك كما يقرأ:{فَصُرْهُنَّ} [البقرة: 260] بضم الصاد وكسرها
(2)
، و {كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154] بالرفع وبالنصب
(3)
، و {لَا يَضُرُّكُمْ} [آل عمران: 120] و {يَضِرْكُمْ}
(4)
ونحوها.
ثم اعلم أنه (إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبِلًى ونحوه فلا يجوز وضعها في شق ونحوه لأنه قد يسقط ويوطأ ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم وفي ذلك ازدراء بالمكتوب، كذا قاله الحليمي قال: وله غسلها بالماء وإن أحرقها بالنار فلا بأس فقد أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات وقراءات منسوخة، ولم ينكر عليه، وذكر غيره أن الإحراق أولى من الغسل لأن الغسالة قد يقع على الأرض). انتهى
(5)
.
(1)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 76 - 77).
(2)
قال في النشر 2/ 232: (قرأ أبو جعفر وحمزة وخلف ورويس بكسر الصاد، وقرأ الباقون بضمها).
(3)
قال في النشر 2/ 242: (فقرأ البصريان (كلُّه) بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب).
(4)
قال في النشر 2/ 242: (فقرأ ابن عامر والكوفيون وأبو جعفر بضم الضاد ورفع الراء وتشديدها، وقرأ الباقون بكسر الضاد وجزم الراء مخففة).
(5)
أي: من الإتقان، النوع السادس والسبعون: في مرسوم الخط وآداب كتابته (2/ 221).
وفيه؛ أن الرماد أيضًا يقع على الأرض لكن يسامح فيه ضرورة، مع أن بعد الانحلال، وحصول الابتدال، لا ينسب إليه الابتذال، وأما ما جزم القاضي حسين في تعليقه بامتناع الإحراق لأنه خلاف الاحترام
(1)
؛ فمردود لما وقع عليه إجماع الصحابة الكرام، وكذا جَزْم النووي بالكراهة مدفوع، وذكر السيوطي (أن في بعض كتب الحنفية أن المصحف إذا بلي لا يحرق بل يحفر له الأرض ويدفن)، قال:(وفيه وقفة لتعرضه للوطء بالأقدام)
(2)
انتهى. ولا يخفى أن المراد به أرض لا يكون مواطئَ الأنامِ، لاسيما وإذا لم يعلم به لا يترتب عليه شيء من الآثام، والله أعلم بالمرام.
38 - وقال مالكٌ القرآنُ يُكْتَبُ بالـ
…
ـكتاب الَاوَّلِ لا مُسْتَحْدَثًا سُطِرا
يتزن بنقل "الأول"
(3)
، والـ"مُسْتَحْدَث": بصيغة المفعول، وكذا "سُطِرا"، وألفه للإطلاق.
والمعنى: أن الإمام مالكا
(4)
قال: إن المصحف ينبغي أن يكتب على منهاج رسم الكتاب الأول الذي كتبه الصحابة؛ لا حال كونه مُسْتَحْدَثًا على مسطور اليوم عند العامة، قال الشارح السخاوي: (حدثني الإمام أبو القاسم الشاطبي بإسناده إلى أبي عمرو الداني حدثنا عبد الملك بن الحسن
(5)
حدثني عبد العزيز بن علي
(1)
ذكر جزمه هذا، السيوطي في الإتقان (2/ 221).
(2)
الإتقان، النوع السادس والسبعون: في مرسوم الخط وآداب كتابته (2/ 221).
(3)
أي: يستقيم وزن البيت عروضيًا بنقل حركة الهمز إلى اللام.
(4)
مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر أبو عبد الله الأصبحي المدني إمام دار الهجرة وصاحب المذهب، أخذ القراءة عَرْضًا عن نافع، روى القراءة عنه أبو عمرو الأوزاعي ويحيى بن سعيد، مات سنة 179. اهـ من الغاية 2/ 35 ترجمة (2642).
(5)
أبو محمد البزاز، روى القراءة عرضًا على ابن مجاهد، روى القراءة عنه عرضًا أبو الحسن علي بن محمد الخبازي. اهـ من الغاية 1/ 468 ترجمة (1955).
حدثنا المقدام بن تليد
(1)
حدثنا عبد الله بن الحكم
(2)
قال أشهب
(3)
: سئل مالك رحمه الله: (أرأيت من استُكتِبَ مصحفا أترى أن يَكْتُبَ على ما أحدثه الناس من الهجاء اليوم؟ فقال: لا أرى ذلك ولكن يكتب على الكَتْبَةِ الأولى. قال مالك: ولا يزال الإنسان يسألني عن نقط القرآن فأقول له: أما الإمام من المصاحف فلا أرى أن ينقط فلا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها، وأما المصاحف التي تتعلم فيها الصبيان وألواحهم فلا أرى بذلك بأسًا)
(4)
.
ولا يخفى أن الناس في هذا الزمان كلهم كالصبيان، محتاجون إلى النقط والشكل لوضوح البيان، فإنا نرى العلماء والأعيان، يلحنون ويخطئون في مواضع كثيرة من القرآن، مع بيان النقط والإعراب في غاية التبيان، فكيف لو كتب المصاحف على منوال خط الصحابة عليهم الرضوان.
(1)
في جميع النسخ التسع: "المقدام بن مليك"؛ بل في نسخَتَيْ (ل) و (س) مُشَكَّلَة هكذا: "مُلَيك" والصواب ما أثبتُّهُ من الوسيلة صـ 79 والمقنع صـ 9 والمحكم صـ 11، وهو مقدام بن داود بن عيسى بن تليد الرعيني، كان فقيهًا مفتيا غير أنه لم يكن محمود الرواية، وضعفه الدارقطني، توفي سنة 283. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء (13/ 345). وقد ورد بهذا الاسم في المقنع صـ 28، وفي المحكم صـ 11 و 15 و 17 ولم أجد ترجمة لـ "ابن مليك".
(2)
ابن أعين بن ليث الإمام الفقيه المفتي للديار المصرية، أبو محمد المالكي، سمع من مالك، وأشهب وغيرهما، حدث عنه:
…
مقدام بن داود الرعيني، وعدة، وثقة أبو زرعة والعجلي وابن حبان وابن عبد البر وابن يونس. وقال أبو حاتم: صدوق. وسارت بتصانيفه الركبان، أفضت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب، توفي سنة 214. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/ 105 - 106) ترجمة رقم: (485)، والتاريخ الكبير "5/ ترجمة رقم:(428)، وتهذيب التهذيب (5/ 289) ترجمة رقم:(489)، وسير أعلام النبلاء (8/ 347) ترجمة رقم:(1594).
(3)
أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي، الإمام، العلامة، مفتي مصر، أبو عمرو القيسي، العامري، الفقيه. قيل: اسمه مسكين، وأشهب؛ لقب له، روى عن مالك
…
وآخرين. وعنه
…
عبد الله بن عبد الحكم -ولازمه- وآخرون. ومات في شعبان سنة 204. انظر لترجمته: تهذيب الكمال في أسماء الرجال (35/ 66)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (2/ 342) ترجمة رقم: (1297)، وسير أعلام النبلاء ط الرسالة (9/ 500 - 503) ترجمة رقم: (190).
(4)
روى الداني بسنده هذا عن أشهب عن مالك في المقنع صـ 9 إلى قوله "الأولى"، ورواه بتمامه في المحكم صـ 11.
قال السخاوي: (والذي ذهب إليه مالك هو الحق إذ فيه بقاء الحالة الأولى، إلى أن يعلمه الطبقة الأخرى بعد الأخرى، ولا شك أن هذا هو الأحرى، إذ في خلاف ذلك تجهيل الناس بأخراهم في المرتبة الأولى، وقال أبو عمرو الداني:"لا مخالف لمالك من علماء الأمة في ذلك"
(1)
(2)
لكن قال في كتاب اللطائف: (يجوز كتابة المصاحف على غير الكتابة الأولى)
(3)
فكأنه أشار إلى أن مراعاة الكتْبة الأُولى ليست بواجبة بل هي الأَوْلى.
(وقال أبو عمرو في موضع آخر
(4)
: سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف، أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك؟ قال: لا، قال أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو: {أُولُو}
(5)
، وقال الإمام أحمد: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ألف
(6)
أو ياء أو غير ذلك، قال البيهقي في شعب الإيمان: من كتب مصحفًا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيه
(1)
المقنع ص 10.
(2)
ما بين القوسين من الوسيلة صـ 80، والذي في الوسيلة (والذي ذهب إليه مالك هو الحق إذ فيه بقاء الحال الأولى، إلى أن يعلمها الآخر وفي خلاف ذلك تجهيل الناس بأوليتهم) وليس فيها قوله: (بعد الأخرى، ولا شك أن هذا هو الأحرى) ولا قوله: (بأخراهم في المرتبة الأولى) وما إخاله حمله على هذا إلا ولَعُه بالسجع.
(3)
لم يقل ذلك القسطلاني بل صنع كما صنع غيره فنقل كلام الموجبين وكلام العز بن عبد السلام، واستدراكَ الزركشي عليه، فلا غضاضة في ذلك عليه، ولا ينسب بسببه إلى القول بجواز مخالفة الكتبة الأولى، وانظر: لطائف الإشارات صـ 279، وأستبعد أن يكون قصد المؤلف كتاب اللطائف لابن مقسم النحوي -وهو مفقود فيما أعلم- لأنه كما قال ابن الجزري في ترجمته في الغاية 2/ 124:(ويذكر عنه أنه كان يقول إن كل قراءة وافقت المصحف ووجهًا في العربية فالقراءة بها جائزة وإن لم يكن لها سند وأنه عُقد له مجلس وَوُقِفَ للضرب فتاب ورجع)، وهذا غير ما كان بنحوه ابن شنبوذ فإنه كان يعتمد على السند وإن خالف المصحف وهذا يعتمد على المصحف وإن خالف النقل، واتفقا على موافقة العربية.
(4)
هو في المقنع صـ 28.
(5)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 269].
(6)
كذا في (س) و (ص)، وفي بقية النسخ (وألف).
ولا يغير مما كتبوه شيئًا فإنهم كانوا أكثر علمًا وأصدق قلبًا ولسانًا وأعظم أمانة منَّا فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكًا عليهم) كذا في الإتقان
(1)
لشيخ مشايخنا الجلال السيوطي رحمه الله.
39 - وقال مصحفُ عثمانٍ تَغَيَّبَ لم
…
نجدْ له بين أشْياخِ الهُدى خَبَرا
أي: "وقال" مالك أيضًا: "مصحف عثمانٍ" المختص به لنفسه إما بأن كتبه بيده أو كتبه غيره بأمره وكان عنده في بيته وهو المراد بالمدني، أو غيره كما ذهب إليه شارح
(2)
وهو الظاهر مما سيأتي في محله
(3)
.
ولا يبعد أن يراد جنس المصاحف العثمانية، فإن كل واحد منها تَغَيَّبَ عن المدينة وغيرها في الحادثات الزمانية، لم نجد خبرًا له بين مشايخ الهداية، الجامعين بين الرواية والدراية.
وقال ابن قتيبة
(4)
: (كان مصحف عثمان الذي قتل وهو في حجره عند بيت
(5)
خالد
(6)
ثم صار مع أولاده، قد درجوا)
(7)
في بلاده، قال: وقال لي
(1)
من قوله قال أبو عمرو إلى هنا كله من الإتقان (2/ 213).
(2)
هو السخاوي في الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 84.
(3)
انظره في شرح البيت (43).
(4)
أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري الكاتب صاحب التصانيف، نزل بغداد وبعد صيته، حدث عن إسحاق بن راهويه وأبي حاتم السجستاني وطائفة، كان ثقة دينًا فاضلًا، وكان رأسًا في علم اللسان العربي والأخبار وأيام الناس، وهو من كبار العلماء المشهورين عنده فنون جمة وعلوم مهمة، مات سنة 276. اهـ مختصرا من سير أعلام النبلاء 13/ 296.
(5)
في (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (س)"بنت"، وفي (ص) و (ز 8)"بيت". والذي في المعارف (وأما خالد بن عثمان فكان عنده مصحف عثمان الذي كان في حجره حين قتل ثم صار في أيدي ولده وقد درجوا) وعليه فلا مانع أن يكون عند بنته في بيته من بعده.
(6)
ذكره ابن سعد في الطبقات 3/ 54 في أولاد عثمان.
(7)
المعارف لابن قتيبة صـ 87.
بعض مشايخ أهل الشام: إنه بأرض طرسوس
(1)
، وقد تبين بهذا الكلام، أن ما اشتُهِر عند العوام، من
(2)
وجود مصحف عثمان في مدينة الإسلام؛ لا يصح كما سمعت من بعض مشايخ الأعلام، ممن قرأت عليه في المدينة من القراء الكرام، والعلماء الفخام.
40 - أبو عبيدٍ اولوا بعضِ الخزائنِ لي
…
استخرَجوه فأبصرْت الدِّما أثرا
يتَّزِنُ البيت بنقل حركة همزة "أولو" لغةً وقراءةً
(3)
، وبقصر"الدِّما" ضرورةً، ويجوز نصب "أثرا" على البدل من "الدما"
(4)
ويجوز أن يجعل حالًا منه
(5)
.
والمعنى: (قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب القراءات: رأيت المصحف الذي يقال له "الإمام"؛ مصحف عثمان بن عفان استخرج لي
(6)
أصحاب بعض خزائن الأمراء، وهو المصحف الذي كان في حجره حين أصيب بالبلاء، ورأيت آثار دمه في مواضع منه وأكثر ما رأيته في سورة
(1)
في (بر 3) طرطوس، وفي سائر النسخ كما أثبتُّ.
(2)
في سائر النسخ بون "من" والمثبت من (ز 8) وهو أصح لأن السياق يقتضيه.
(3)
قال في النشر 1/ 408: (باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها: وهو نوع من أنواع تخفيف الهمز المفرد لغة لبعض العرب اختص بروايته ورش بشرط أن يكون آخر الكلمة وأن يكون غير حرف مد وأن تكون الهمزة أول الكلمة الأخرى سواء كان ذلك الساكن تنوينًا أو لام تعريف أو غير ذلك فيتحرك ذلك الساكن بحركة الهمزة وتسقط هي من اللفظ لسكونها وتقدير سكونها وذلك نحو: {وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] و [يس: 44] و {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ} [يس: 12] و [النبأ: 29] و {خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا} [هود: 1 و 2] و {بِعَادٍ (6) إِرَمَ} [الفجر: 6 و 7] و {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} [المرسلات: 12] و {حَامِيَةٌ (11) أَلْهَاكُمُ} [القارعة: 11 والتكاثر: 1]).
(4)
بدل بعض من كل: فأبصرت أثر الدما.
(5)
أي: فأبصرت الدما حال كونها أثرًا.
(6)
في (ص) بدون كلمة "لي".
والنجم
(1)
انتهى. فما اشتهر أن أثر الدم إنما كان على قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137] ليس في أثر معتبر
(2)
والله تعالى أعلم.
41 - وردَّهُ ولدُ النحاسِ مُعْتَمِدًا
…
ما قبله وأباه مُنْصِفٌ نَظَرا
يقرأ البيت بإشباع ضمة "أباه"، و"نَظَرا" منصوب على التمييز؛ أي: وأبطل ما نقله أبو عبيد أبو جعفر النحاس حال كونه "معتمِدًا" ومعتبِرًا ما قبل هذا البيت من قول مالك، وأبى قبول هذا الرد من أنصف من حيث النظر، والتأمل في الأثر، بناء على هذا الاعتماد له فيما ظهر
(3)
.
42 - إذ لم يقل مالك لاحت مَهالِكُهُ
…
ما لا يفوت فيُرجَى طال أو قصُرا
بضم الصاد، وألفُه للإطلاق، يعني ما ذهب إليه ابن النحاس في رد قول أبي عبيد اعتمادًا على قول مالك؛ لا يصح؛ لأنه قال: تغيَّب، ولم يقل: ظهرت أماكن هلاكه، وأنه عدم بالكلية حصول ملاكه، و"ما لا يفوت" في الجملة، ولو تغيب عن الحضرة، فيرجى ظهوره، ويتوقع حضوره، ويُحتمل الوصول إليه، "طال" الزمان "أو قصر" لديه، على أن قول مالك إخبار عن علمه بأن
(1)
رواه الداني في المقنع صـ 15 قال: "حدثنا خلف حدثنا أحمد بن محمد حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو عبيد
…
وذكره إلى قوله "أثر دمه"، وذكره السخاوي في الوسيلة صـ 82 إلى قوله "مواضع منه". والزيادة التي بعدها لم أجدها ولا يترتب عليها كبير أثر في الاستدلال.
(2)
بل قد جاء في أثر معتبر؛ رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة 1/ 473 أثر رقم (766) وقال محققه: إسناده صحيح، وقال ابن كثير في البداية والنهاية:(وثبت من غير وجه أن أول قطرة من دمه سقطت على قوله تعالى {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137]، ويروى أنه كان قد وصل إليها في التلاوة أيضًا حين دخلوا عليه، وليس ببعيد فإنه كان قد وضع المصحف يقرأ فيه القرآن)، وزيادة (وأكثر ما رأيته في سورة والنجم) لم يذكرها الداني ولا السخاوي ولم أجد من ذكرها غير المؤلف، وعليها بنى رد هذه الرواية الصحيحة.
(3)
كذا في (ز 8)، وفي (ص)"فيما أظهرا"، وفي الباقي:"فيما أظهر".
لم يظهر له خبره، بعد غيبة أثره، وأبو عبيد مثبِت ومعه زيادة علم في أمره، فيقدم على غيره.
43 - وبين نافعهم في رسمهم وأبي
…
عبيد الخُلْفُ في بعض
(1)
الذي أَثَرا
اعلم أن "نافعًا" هذا هو ابن أبي نعيم المدني المقرئ
(2)
و"أبا عبيد" هو القاسم بن سلام
(3)
؛ أي: "الخلف" بينهما في "بعض" ما روياه، لا في كل ما نقلاه، فإن فيه ما اتفقا على رسمه، وفيه ما اختلفا على رسمه
(4)
؛ (فإن رسم المصاحف إنما حصل منه ما حصل بالنقل عن جماعة حيث رأى بعضهم مواضع منها فأخبروا بها، ورأى آخرون غير تلك المواضع فذكروها، واتفقوا في مواضع فأجمعوا عليها، فإذا قيل في هذا الكتاب: رواه نافع، فليس ذلك، لأن غيره
(5)
قد روى خلافه هنالك، وإنما أريد به أن ذلك من قبيل رواية نافع ونصه، وكذا إذا قيل رواه أبو عبيد، أو في الإمام كذا، إنما يراد به رواية أبي عبيد بخصوصه، وإذا قيل: رواه نصير
(6)
فذلك أيضًا من قبيل أنه لم يذكره
(7)
،
(1)
كذا في (ل) و (س) و (ص) وكذا هو في المطبوع، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)"في البعض" والبيت يستقيم بهما.
(2)
نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي مولاهم أبو رويم، قال قرأت على سبعين من التابعين، وأقرأ الناس دهرًا طويلا، قال مالك: نافع إمام الناس في القراءة، مات سنة 169. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 107 ترجمة رقم (41).
(3)
ابن عبد الله الهروي الأنصاري مولاهم البغدادي؛ الإمام؛ أحد الأعلام وذو التصانيف الكثيرة في القراءات والفقه واللغة والشعر، توفي سنة 224. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 170 ترجمة رقم (76).
(4)
في (برا)"على وسمه" وفي سائر النسخ كما أثبته.
(5)
في (ص)" فليس المراد أن عبيد" وفي سائر النسخ كما أثبته.
(6)
هو نُصَيْر بن يوسف بن أبي نصر الرازي المقرئ النحوي أبو المنذر صاحب الكسائي كان من الأئمة الحذاق لا سيما في رسم المصحف وله فيه مصنف قرأ عليه محمد بن عيسى الأصبهاني وغيره، مات في حدود 240. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 213 ترجمة رقم (108) وغاية النهاية في طبقات القراء (2/ 340) ترجمة رقم:(3742)
(7)
يعني أن نافعًا لم يذكره، لا أنه أو غيرَه روى خلافه.
واتفاقهم مفهوم من بيان ما ذُكِر ونحوِه.
قال السخاوي: (فإن قيل يروي نافع عن مصحف المدينة وأبوعبيد عن مصحف عثمان وهو الذي كان عنده بالمدينة أيضًا فكيف يقع في ذلك اختلاف؟.
قلت: اختلاف هذين الإمامين مع ما هما عليه من العدالة والإتقان والضبط يدل على أن المصحف الذي رآه أحدهما غير الذي ينقل عنه الآخر، وما المانع من أن يكون عثمان اتخذ لنفسه مصحفًا وجعل لأهل المدينة مصحفًا وهذا هو الظاهر لأنه لم يكن ليجعل للناس إمامًا يقتدون به ثم يختص به هو دونهم)
(1)
.
قلت: الظاهر ما سبق من أن مجموع المصاحف سبعة؛ أربعة متفق عليها وثلاثة مختلف فيها ولا مانع في أن يكون المدني عنده؛ لأنه خليفةُ الزمان، كما أن سائر المصاحف المرسلة كان عند الأمراء في ذلك الأوان، أو يكون المصحف المدني واحدًا موضوعًا في المسجد النبوي وكذا سائر المصاحف يكون في المسجد الكوفي والبصري والشامي.
وأما قول شارح: إن مجموعها ثمانية؛ خمسة متفق عليها، وثلاثة مختلف فيها. وهذا نقل الناظم لأنه ذكر في الأول أربعة وفي الثاني ثلاثة وفي قوله: وقال مصحف عثمان؛ ثامنًا لكن مدار قوله في العقيلة على اليمني والبحريني
(2)
احتمالًا فهذا الاحتمال بعيد عن مقام الاستدلال.
(1)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 84).
(2)
كذا في (ل) وفي (ز 4) و (س)"اليمني والبحرين"، وفي (ز 8)" اليمني والبحرين إن احتملا"، وفي (بر 1) و (ص) "اليمني والبحري).
وأما قول من قال في هذا البيت: إن نافعًا ينقل عن المصحف الذي جعل إمامًا في المدينة، وأبو عبيد ينقل عن المصحف المخصوص بعثمان الذي رآه في بعض خزائن الأمراء ووقع الخلف في الأخير لا في الأول لأن الأول باق بالاتفاق فلا يفضي ذلك إلى تكاذبها؛ فهو مخالف لما سبق من التحقيق في عدد المصاحف، وكذا لما تقدم من قول أهل التحقيق: إن الخلف على خلاف هذا الاختلاف كما هو الظاهر من مفهوم هذا البيت، ولذا استدركه بعضهم
(1)
بقوله: (وعبارة الناظم غير مشعرة بهذا المعنى فلو غَيَّرَ المبنى وقال:
ونقل نافعِ عن رسم المدين أبو
…
عبيدهم عن الإمام فاعددِ الصَدَرا
(2)
؛
لأوضح جدًّا).
44 - ولا تَعارُضَ في حُسْنِ الظُّنون فطِبْ
…
صَدْرًا رَحِيبًا بما عن كلِّهم صَدَرا
في نسخة: مع"حسن الظنون"، و"صَدْرًا"؛ تمييز، و"رَحِيبًا"؛ حال، و"صَدَرا"؛ بمعنى وقع، وألفه للإطلاق؛ فإن فيه ضميرًا راجعًا إلى "ما" بالاتفاق.
والمعنى: "لا تعارض" في حال "حسن الظن" بهم ولا تناقض مع رفع التهمة عنهم إذا أحسنت الظن بأنهما إمامان عدلان تيقنت أنهما صادقان، وكذا غيرهما فيما نقل عنهما أو عن أمثالهما، فكن طيب الصدر، عن خبث الضجر، حال كونك وسيع البال، عن ضيق الحال، بما وقع نقله عن كلهم في المقال.
(1)
هو الجعبري في الجميلة صـ 83.
(2)
كذا في (س)، وفي (ز 4) و (ز 8) و (ل)(الرصدا)، وفي (ص) و (بر 1)"فاعدد الصّطرا".
وقال الشارح: (ولا تعارض بين ما نقله نافع، وخالفه أبو عبيد وعكسه؛ لأنهما لم ينقلا عن مصحف واحد)
(1)
وقد سبق عليه الكلام، والله تعالى أعلم بحقيقة المرام.
45 - وهاك نظمَ الذي في مقنعٍ عنَ ابي
…
عمرو وفيه زياداتٌ فَطِبْ عُمُرا
"المقنع"؛ بصيغة الفاعل؛ كتاب لأبي عمرو الداني في الرسم، واختصره الشاطبي في لباس النظم، والبيت يتزن بنقل حركة همزة "أبي".
والمعنى: خذ منظومًا، ما وقع في المقنع مرسومًا، والحال أن في النظم المذكور، "زيادات" فوائد على المقنع المشهور، فكن طيبًا من جهة العمر، في جميع الدهر، بأن تكون جامعًا بين الفضائل العلمية، والشمائل العملية، فإنه الحياة الطيبة في الأزمنة الدنيوية، والمستتبعة للأحوال العَلِيَّة في المقامات الأخروية.
ثم اعلم أن في مرسوم الخط وآداب كتابته أفرده
(2)
بالتصنيف خلائق من المتقدمين والمتأخرين؛ منهم أبو عمرو الداني، وألَّف في توجيه ما خالف قواعد الخط منه، أبو العباس المراكشي
(3)
كتابًا سماه: عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل
(4)
.
(1)
هذا المعنى موجود في الوسيلة صـ 84، والجميلة صـ 83.
(2)
كذا في (ز 8) و (س) و (ل) و (بر 1) وفيها مخرج في الحاشية " كذا وجد في أصل المؤلف" وفي (ص) بياض بعد قوله "وكتابته"، وفي (ز 4) و (ف) و (ق)"في رسوم الخط وآداب كتابته"، وفي (بر 3) "اعلم أن في مرسوم الخط
…
أفرده" بياض بين كلمتي "الخط، أفرده".
(3)
أحمد بن محمد بن عثمان الأزدي ابن البناء، مات سنة 721. اهـ مختصرًا من الدرر الكامنة 1/ 330 ترجمة (713).
(4)
طبعته دار الغرب الإسلامي ببيروت سنة 1990 بتحقيق هند شلبي من الجامعة الزيتونية في 160 صفحة.
ثم اعلم أن القاعدة العربية: أن اللفظ يكتب بحروف هجائه، مراعاة لوقفه وابتدائه، وقد مهد النحاة له أصولًا، وقواعد جعلوها فُصُولًا، كما في الشافية وشروحها، وقد خالفها في بعض رسوم العام، خط المصحف الإمام، من الحذف والإثبات وغيرهما مما سيأتي في هذا الكتاب المشتمل على الأبواب، على نهج الصواب.
باب الحذف
أي: حذف الألفات دون الهمزات- والإثبات وغيرهما -أي: كإبدال حرف بحرف كما في الصراط وكزيادة حرف أو كلمة- مرتبًا على السور -أي: حال كون هذا الباب مرتبا على ترتيب السور المنظومة في الكتاب-.
من سورة البقرة إلى الأعراف
جزَّأَ الناظم القرآن على أربعة أجزاء:
• من البقرة إلى الأعراف.
• ومن الأعراف إلى سورة مريم.
• ومن سورة مريم إلى سورة ص.
• ومن سورة ص إلى آخر القرآن.
وكان الأَوْلى أن يَعُدَّ من سورة الفاتحة إلى الأعراف لأنه تكلم في {الصِّرَ اطِ} و {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] وهما فيها، اللهم إلا أن يقال: يريد الربع الأول من القرآن فتدخل فيه الفاتحة، كذا ذكره بعضهم، والأظهر أن يقال: الفاتحة هي فاتحة سورة البقرة ويقال: تَقَدُّمُها قضية مقررة لأنها أم القرآن وفاتحة الكتاب والله تعالى أعلم بالصواب.
46 - بالصاد كلُّ صِرَاطٍ والصِّرَاطِ وقل
…
بالحذف مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ مُقتصِرا
(1)
بكسر الصاد حال من فاعل "قل"؛ أي: حال كونك "مقتصِرا" على الحذف، أو بفتحها حال من "مالك" فيكون على التقديرين حال مؤكدة، وأما ما قيل: المعنى مقتصِرًا على سورة الفاتحة في حذف مالك فغير صحيح لما سيأتي بيانه
(2)
، و"بالصاد" خبر مبتدأ مؤخر هو "كلُّ صراطٍ"، و"قل" عطف على الجملة الأولى.
والمعنى: ثبت رسم كلِّ صراط في القرآن العظيم غير مختص بسورة الفاتحة بالصاد سواء كان مجردا عن اللام أو مقرونًا بها، قال أبو عمرو الداني
(3)
فيما اتفق على رسمه مصاحف أهل الأمصار: (حدثنا خلف بن حمدان المقرئ
(4)
حدثنا محمد بن عبد الله الأصبهاني
(5)
عن أبي عبد الله الكسائي
(6)
عن جعفر بن الصباح
(7)
قال: قال محمد بن عيسى
(8)
: هذا ما
(1)
المقنع صـ 83 و 91.
(2)
قبل نهاية شرح هذا البيت.
(3)
نقل المؤلف هذا النص عن الداني من "الوسيلة" للسخاوي كما سيأتي التنبيه عليه قريبًا ولذا فهناك فروق لا تضر بين هذا النص وما في المقنع المطبوع لكنه مطابق لما في الوسيلة صـ 87 - 88.
(4)
قال محقق المقنع صـ 83: (في نسخة "48" أخبرنا خلف بن أحمد بن خاقان المقرئ، وفي "47" أخبرني خلف بن حمدان فيما أذن في روايته، وخلف هذا هو: خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن حمدان بن خاقان الخاقاني تَرْجَمَهُ ابن الجزري في غاية النهاية 1/ 271 والمؤلف يروي عنه كثيرًا في هذا الكتاب فتارة ينسبه لأبيه إبراهيم، وتارة لجده الأوسط محمد وتارة لجده الأعلى حمدان، وتارة يقول حدثنا الخاقاني) وقال الذهبي في معرفة القراء الكبار 1/ 363 ترجمة رقم (293) ما مختصره: (قال تلميذه أبو عمرو الداني: كان ضابطًا لقراءة ورش متقنًا لها مجودًا مشهورًا بالفضل والنسك واسع الرواية صادق اللهجة كتبنا عنه الكثير من القراءات والحديث والفقه، مات بمصر سنة 402 وهو في عشر الثمانين).
(5)
ابن أشته، تقدمت ترجمته.
(6)
هو: محمد بن أحمد بن الحسن الأصبهاني المقرئ قرأ على جعفر بن عبد الله بن الصباح -وهو شيخه هنا- قرأ عليه محمد بن عبد الله بن أشته -وهو الراوي عنه هنا- توفي سنة 347 بأصبهان. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 293، 294 ترجمة رقم (208).
(7)
الأنصاري الأصبهاني المقرئ إمام جامع أصبهان، قرأ على الدوري .. وقرأ بأصبهان على محمد بن عيسى التيمي -وهو شيخه هنا- وكان رأسًا في علوم القرآن والتجويد وعليه قرأ محمد بن أحمد الكسائي ـ وهو الراوي عنه هنا ـ .. توفي سنة 294. اهـ من معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 244.
(8)
التيمي الرازي ثم الأصبهاني المقرئ، أحد الحذاق قرأ القرآن على نصير -وهو شيخه هنا-
وخلاد صاحبي الكسائي .. وصنف كتاب الجامع في القراءات وكتابا في العدد وفي الرسم وكان رأسًا
في النحو، قال أبو نعيم الأصبهاني: ما أعلم أحدًا أعلم منه في وقته في فنِّه يعني القراءات، توفي سنة 253، وممن قرأ عليه من الأصبهانيين جعفر بن عبد الله بن الصباح مقرئ أصبهان -وهو الراوي عنه هنا-. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 223، 224 ترجمة رقم (123).
اجتمع عليه كُتَّاب مصاحفِ أهل المدينة والكوفة والبصرة وما يكتب بالشام، وما يكتب بمدينة السلام، ولم يختلف في كتابته شيء من مصاحفهم، أخبرني بهذا الباب نصير بن يوسف
(1)
قراءة عليه قال: كتبوا {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بغير ألف)
(2)
قال
(3)
: (وحدثني أبو المظفر عبد الخالق بن فيروز الجوهري
(4)
بالسند المتقدم
(5)
إلى أبي بكر عبد الله
(6)
ابن أبي داود
(7)
، كذلك كل ما قلت: حدثني الجوهري فهو بذلك الإسناد)
(8)
، وقال السخاوي: (وإنما
(1)
الرازي المقرئ النحوي صاحب الكسائي، كان من الأئمة الحذاق لا سيما في رسم المصحف وله فيه مصنف، قرأ عليه محمد بن عيسى الأصبهاني -وهو الراوي عنه هنا- اهـ من معرفة القراء الكبار للذهبي 1/ 213، 214.
(2)
المقنع صـ 83.
(3)
الضمير في قوله "قال" يعود إلى السخاوي ـ أي: في الوسيلة صـ 88؛ لا إلى الداني كما توهمه عبارة المؤلف لأن هذا الخبر ليس موجودًا في المقنع، بل في الوسيلة كما سيأتي، ولما تضمنه الكلام، ولعل سبب ذلك -أي: إتيانه بهذه العبارة الموهمة- كونه نقل كلام الداني من الوسيلة للسخاوي فاسترسل بقوله: "قال" مع أنه لم يشر إلى السخاوي حتى يعيد الضمير إليه، وهذا الكلام الذي ذكره المؤلف موجود في شرح البيت (46) من الوسيلة، وقد صنع نحوًا من هذا في شرح البيت (62) وسيأتي التنبيه عليه في محله إن شاء الله.
(4)
قال الحافظ علي بن المفضل: لم يكن موثوقًا به، وقال الحافظ ضياء الدين: تكلموا في سماعه، وقال ابن النجار بجرحه اهـ من ميزان الاعتدال للذهبي 2/ 534 ترجمة رقم (4792)، توفي سنة 590 وهي السنة التي توفي فيها الإمام الشاطبي كما في السير 21/ 243.
(5)
ذكر السخاوي السند بتمامه في المقدمة صـ 7 وعند شرح البيت (9) صـ 34 - 35.
(6)
في (ز 8)"إلى أبي عبد الله بن أبي داود"، وباقي النسخ التسع كما أثبته.
(7)
عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر السجستاني البغدادي الإمام المشهور صاحب كتاب المصاحف ابن الإمام أبي داود صاحب السنن ثقة كبير مأمون، روى الحروف، وروى عنه القراءة ابن مجاهد وغيره، توفي سنة 316. اهـ مختصرًا من الغاية 1/ 420 ترجمة (1779) وانظر: الطبقات 1/ 323 ترجمة (257).
(8)
الوسيلة صـ 88.
رسم بالصاد دون السين -وإن كانت السينُ الأصلَ-؛ لأن الأصل لا يحتاج أن ينبه عليه فرسم بالصاد ليعلم أنهم أبدلوا من السين الصاد ليخف على اللسان النطق بالكلمة من حيث إن الصاد حرف مطبق كالطاء فيتقاربان وكتبوه أيضًا على الأخف والأكثر ولذا قالوا في {مَسْغَبَةٍ} : مصغبة؛ من أجل الغين، وفي {سَلَقُوكُمْ}: صلقوكم
(1)
؛ من أجل القاف، وفي {مُسَخَّرَاتٍ}: مصخرات؛ من أجل الخاء.
وأما حذف الألف من {مَلِكِ} فيحتمل وجهين:
أحدهما: أنه كتب ذلك على قراءة: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فلا يكون فيه حذف
(2)
واختير كتابته على هذه القاعدة ليحتمل الرسمُ كلًّا من القراءتين
(3)
، فيعتقد من يقرأ بالإثبات أن الألف محذوفة كما حذفت من الله والرحمن، وقال أبو عبيد: أخبرنا يحيى بن سعيد الأموي
(4)
نا عبد الملك بن جريج
(5)
عن
(1)
قال ابن الجوزي في زاد المسير 6/ 366: (والعرب تقول " صلقوكم" بالصاد ولا يجوز في القراءة؛ وهذا قول الفراء، وقد قرأ بالصاد أُبيّ بن كعب وأبو الجوزاء وأبو عمران الجوني وابن أبي عبلة في آخرين) وعزاها إلى ابن أبي عبلة؛ ابن عطية في المحرر الوجيز 13/ 59.
(2)
في (ص) و (ل) و (ز 4) و (بر 1)"إلا حذف الألف"، وفي (ز 8)"فلا يكون فيه حذف الألف"، و (س)" فلا يكون فيه إلا حذف" والصواب ما أثبتناه من الوسيلة صـ 90 عند شرح البيت نفسه وهو ما يقتضيه السياق.
(3)
أي: قراءتي المد والقصر، قال في النشر 1/ 271" (فقرأ عاصم والكسائي ويعقوب وخلف بالألف مدًّا، وقرأ الباقون بغير ألف قصرًا) وانظر: الكشف 1/ 25.
(4)
ابن أبان بن سعيد بن العاص أبو أيوب القرشي الكوفي الإمام المحدث الثقة، روى عن يحيى ابن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة والأعمش وسفيان الثوري، حدث عنه أحمد بن حنبل وولده سعيد وخلق، قال أحمد وغيره: ليس به بأس، وقال ابن معين: ثقة، مات سنة 194. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء 9/ 139 ترجمة (47).
(5)
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو خالد القرشي الأموي المكي، مولى أمية بن خالد، الإمام العلامة الحافظ، شيخ الحرم، صاحب التصانيف وأول من دون العلم بمكة، وكان من أوعية العلم وبحوره، والرجل في نفسه ثقة حافظ لكنه يدلس بلفظة "عن"، مات سنة 150. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء 6/ 325 ترجمة (138).
عبد الله بن أبي مليكة
(1)
عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته؛ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ})
(2)
، قال أبو عبيد: هكذا قال الأموي في حديثه "مَلِكِ" بغير ألف قال: وهو الذي نختاره في هذه القراءة لأن الإسناد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت
(3)
، فهذا أبو عبيد قد استدل بهذا الحديث على أنها قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قدمت أنهم كتبوا على ما كانوا يسمعونه من قراءته صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث المذكور رد على من زعم
(4)
أن أول من قرأ {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} مروان، وكذا كان يقرأ ابن عمر وابن عباس وأبو الدرداء {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بغير ألف
(5)
.
والوجه الثاني: أن يكون الكاتب أراد {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، ولكنه حذف الألف اختصارًا فيكون قصده بذلك أن لا يحجر على القارئ بالقراءة الأخرى
(1)
هو ابن عبيد الله بن أبي مليكة أبو بكر التميمي التابعي المشهور، ذكره الداني وقال: وردت الرواية عنه في حروف القرآن، توفي سنة 117. اهـ من الغاية 1/ 430 ترجمة (1806).
(2)
رواه الترمذي ك: فضائل القرآن عن رسول الله، باب: ما جاء كيف كانت قراءة النبي (2923) وفي ك: القراءات عن رسول الله، باب: في فاتحة الكتاب (2927). وأبو داود ك: الحروف والقراءات، برقم (4001). وأحمد في مسند الأنصار: حديث أم سلمة زوج النبي.
(3)
وقد وردت روايات فيها النص على أنه صلى الله عليه وسلم "قرأها بغير الألف" أخرجها الترمذي وابن أبي الدنيا وابن الأنباري كلاهما في كتاب المصاحف عن أم سلمة، وأخرجه ابن الأنباري عن أنس، ذكره في الدر المنثور 1/ 35 - 37. وروايات أخرى فيها أنه صلى الله عليه وسلم "قرأها "ملك" دون ذكر "بغير الألف" أخرجها ابن أبي دواد والخطيب من طريق ابن شهاب عن سعيد بن المسيب والبراء بن عازب، وابن أبي داود وابن الأنباري عن أنس وعن الزهري، وابن أبي داود وابن الأنباري والدارقطني في الأفراد وابن جميع في معجمه عن أبي هريرة.
(4)
الذي زعم ذلك هو ابن شهاب الزهري، كما تقدم في شرح البيت (8).
(5)
وردت رواية عن بعض الصحابة تنص على أنهم قرؤوها "ملك بغير الألف" أخرجها ابن الأنباري عن أنس أن أبا بكر وعمر وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل.
وروايات أخرى أنهم قرؤوا "ملك" دون التنصيص "بغير ألف"؛ أخرجها ابن أبي داود والخطيب من طريق ابن شهاب عن سعيد بن المسيب والبراء بن عازب عن أبي بكر وعمر، وابن أبي داود وابن الأنباري عن الزهري عن أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وابن مسعود ومعاذ بن جبل، وابن أبي داود وابن الأنباري عن أنس عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
وأن ينبه أيضا على أنهم استعملوا في الخط ما يستعملونه في اللفظ من الاختصار وذلك كثير في كلامهم، وكذا
(1)
حذفوا ألف الوصل من {بِسْمِ اللَّهِ} ، قال الكسائي
(2)
: عرف مكانُه فحذف ولم يفعلوا ذلك في نحو {وَاقْتُلُوهُمْ}
(3)
(4)
.
قلت: ولعل وجهه كثرة الاستعمال في البسملة مع الجلالة، ولذا أثبتوا الألف في {بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]، وأما ما روي (أن كاتب عمر بن عبد العزيز كتب:{بسم الله الرحمن الرحيم} ، وضربه عليه
(5)
فإنه لم يكتب
(6)
على حذف السين كما قاله السخاوي
(7)
؛ بل على اقتصاره في جره السين عن أسنانه لأنه يتوهم منه حذفها؛ إذ لم يكن على قاعدة خط العرب، والحاصل أن
(8)
(زيد بن
(1)
كذا في (بر 1) و (ز 8) و (ل) إلا أنه بدل كلمة "وكذا" و"لذلك"، وفي (س) بدل قوله:"وأن ينبه""يتنبه" وبدل قوله: "وكذا""ولذلك"، وفي (ص) "فيكون قصده بذلك التنبيه على القارئ بالقراءة الأخرى وأن ينبه أيضًا على
…
ولذلك حذفوا".
(2)
أبو الحسن علي بن حمزة الأسدي مولاهم الكوفي، الإمام المقرئ النحوي، أحد القراء السبعة، رحل إلى البصرة فأخذ العربية عن الخليل بن أحمد، انتهت الإمامة في القراءة والعربية، له من التصانيف كتاب معاني القرآن، كتاب القراءات، كتاب العدد واختلافهم فيه، كتاب الهجاء، كتاب مقطوع القرآن وموصوله، كتاب الحروف، كتاب الهاءات، توفي سنة 189. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 120 ترجمة رقم (45).
(3)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 191].
(4)
انظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 88 - 92) مع حذف يسير وتصرف لا يضر.
(5)
أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن صـ 180.
(6)
كذا في (بر 1) و (ز 4) و (ز 8) و (ل) و (ص)، وفي (س)"فإنه لم يكتب على حذف الألف"، وفي (بر 3) "لعله يضربه" بعد قوله:"فإنه لم يكتب"؛ ليكون "فإنه لم يضربه على حذف السين
…
الخ) والذي في الوسيلة صـ 93 (وقد حمل بعضَ الكتاب معرفةُ الناس ببسم الله الرحمن الرحيم على حذف السين أيضًا، وفعل ذلك كاتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله فضربه على ذلك، فقيل له: فيم ضربك أمير المؤمنين؟ فقال: في سين).
(7)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 93).
(8)
من هنا إلى نهاية حديث تعلم زيد السريانية منقول بمعناه وأكثر ألفاظه من الوسيلة صـ 93 - 96.
ثابت ومن أضيف إليه من أهل الإتقان والضبط في الرواية والدراية كانوا بمكان عظيم في معرفة الكتابة، وقد اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لكتابة الوحي، فما كتبوا شيئًا عن عدم التحصيل وضعف المعرفة، فإياك أن تسمع قول قائل: لم يكن العرب أهل الكتاب والأقلام، ففي هجائهم ضعف ونقص في الكلام، وربما يحتج بقوله صلى الله عليه وسلم:"إنا أمة أمية لا نكتب ولا نَحْسُب"
(1)
وبأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يكتب؛ فإن عدم كتابته كان زيادة دلالة في معجزته كما حقق في تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48].
وأما بقية العرب فكان الغالب عليهم عدم القراءة والكتابة، والحكم باعتبار الأغلب؛ وإلا فجماعة منهم كانوا أرباب الكتابة وهم في الغاية القصوى في المعرفة والفطانة، وكُتَّابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأُبَيُّ بن كعب، وأبان بن سعيد، وخالد بن سعيد بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان
(2)
، والعلاء بن الحضرمي، وحنظلة بن الربيع رضي الله عنهم، وكل هؤلاء كُتَّابُ الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الزبير بن العوام، وجهم بن الصلت؛ يكتبان أموال الصدقة، وكان حذيفة يكتب خرص النخل، وكان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتبان المداينات والمعاملات
(3)
، ولما دخل المصريون على عثمان ضربه رجل
(1)
رواه البخاري ك: الصوم باب: قول النبي لا نكتب ولا نحسب (1913). ومسلم ك: الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال (1080).
(2)
معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي؛ أمير المؤمنين ولد قبل البعثة بخمس سنين، ذكره الداني في تاريخ القراء وقال: وردت عنه الرواية في حروف القرآن، توفي في رجب سنة ستين. اهـ مختصرًا من غاية النهاية في طبقات القراء 2/ 303 ترجمة رقم (3625) وانظر: الإصابة 3/ 433 ترجمة رقم (8068).
(3)
ذكرهم جميعًا ابن كثير وترجم لكل منهم وذكر ما يدل على كونه كان من كتّاب الوحي في البداية والنهاية 8/ 321 - 356 وزاد أبا بكر، وعمر، وأرقم بن أبي الأرقم، وثابت بن قيس بن شمّاس،
وخالد بن الوليد، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن أبي السرح، وعبد الله بن الأرقم بن أبي الأرقم، وعبد الله بن زيد الأنصاري، والعلاء بن عقبة، ومحمد بن مسلمة، وذكرهم ابن القيم في الزاد 1/ 117 حاشا أبانًا، والعلاء، وجهمًا، وحذيفة، والحصين بن نمير، وزاد على من ذكر هنا أبا بكر، وعمر، وعمرَو بن العاص، وثابت بن قيس بن شمّاس، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن رواحة، وخالد بن الوليد، وعبد الله بن الأرقم بن أبي الأرقم، وللتوسع انظر:"كُتَّابُ النبي صلى الله عليه وسلم " للأعظمي.
بالسيف على يمينه وبين يديه المصحف وهو يقرأ فرفع يديه وهو يقول: (والله إنها أول كف خطت المفصل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
وقال معاوية: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معاوية: أَلِق الدواةَ، وحرِّف القلمَ، وانصب الباءَ، وفرِّق السين، ولا تعوِّرِ الميم، وحسِّنِ الله، ومُدَّ الرحمن، وجوِّد الرحيم، وضع قلمك على أذنك اليسرى؛ فإنه أذكر لك)
(2)
، وعن زيد بن ثابت قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها تأتيني كتب لا أحب أن يعلمها كل أحد فهل تستطيع أن تتعلم السريانية" فقلت: نعم فتعلمتها في سبع
(3)
عشرة ليلة)
(4)
(5)
.
(1)
رواه الطبري بإسناده من طريق أبي سعيد مولى أبي أسيد. انظر: تاريخ الأمم والملوك 4/ 384.
(2)
ذكره الحافظ ابن حجر في لسان الميزان 7/ 138 ترجمة رقم (6788) محمد بن زكريا وقال: (لكني وجدت له هذا الحديث الباطل) وذكر هذا الحديث بلفظ مقارب، وذكر الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة صـ 291 الجملة الأخيرة منه؛ "ضع .. " وقال:(لا يصح وقد رواه ابن عساكر عن أنس مرفوعًا، والديلمي عنه أيضًا ولا يصح ذلك)، وأخرجه السمعاني في أدب الإملاء والاستملاء صـ 170.
(3)
في جميع النسخ التسع "سبعة" وهو خطأ لغة مع كونه ليس في شيء من روايات الحديث كما سيأتي بيانه.
(4)
رواه الترمذي ك: الاستئذان والآداب عن رسول الله، باب: ما جاء في تعليم السريانية (2715) بلفظ: (فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته) وقال: (هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير هذا الوجه عن زيد بن ثابت)، ورواه أبو داود ك: العلم باب: رواية حديث أهل الكتاب (3645) بلفظ: (فلم يمر بي إلا نصف شهر حتى حذقته)، وأحمد في مسند الأنصار: حديث زيد بن ثابت (21077) بلفظ: (فتعلمتها في سبعة عشر يوما)، و (21108) بلفظ:(خمس عشرة ليلة)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود وصحيح الترمذي.
(5)
هنا نهاية النقل من الوسيلة المُنَوَّهِ عنه قريبًا.
هذا، وقيل: من قرأ بالحذف في {مَالِكِ} وافق الرسم، ومن قرأ بالإثبات اعتمد على مجرد النقل، فعلم بهذا أن أعظم أركان القراءة هي الرواية المتواترة، ثم موافقة الرسم في الكتابة، ثم موافقة القاعدة العربية، ثم الظاهر أنه
(1)
أراد بقوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}
(2)
احترازًا عما في غير الفاتحة،
(3)
(لكن ذكر أبو عمرو حذف الألف أيضًا في قوله تعالى: {مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26] في جميع المصاحف فكان ينبغي أن يذكره الناظم فهو نقص في العقيلة؛ إذ مقتضى ذلك أن ما عداه يكتب على لفظه وقد قال في رجزه:
وحذفوا من صالح ومالكْ
…
وخالد ...................
(4)
فأشار إلى حذف ألف فاعل في الأعلام، وأما الكتابة في الصراط على لفظه.
وقال ابن قتيبة
(5)
: ما كان من الأعلام المنقولة من الصفات على فاعل، وكثر استعماله نحو: مالك، وصالح، وخالد فحَذْفُ ألفِه أحسنُ من إثباتِه، فإن حُلِّيَتْ باللام تعيَّنَ الحذفُ كالحرث، أو قَلَّ استعماله نحو: جابر وحاتم تعين الإثباتُ)
(6)
كما حققه الأثبات.
أقول: فلو قال:
بالحذف مَالِك في القرآن مقتصرًا؛
لَشَمِلَ: {مَالِكَ الْمُلْكِ} و {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} [الزخرف: 77].
(1)
أي: الشاطبي.
(2)
أي: في قوله: .............................. وقل بالحذف مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ مقتصرًا.
(3)
من هنا إلى قوله تعين الإثبات منقول بمعناه وأكثر ألفاظه من الجميلة صـ 87 - 88.
(4)
تمامه كما في الجميلة صـ 88: فَمَيِّزَنَّ ذلكْ.
(5)
أدب الكاتب صـ 161.
(6)
نهاية النقل من الجميلة المُنَوَّه عنه قريبًا.
ثم اعلم أن ما ذكره ابن قتيبة محمول على القواعد العربية، وأما في الرسم؛ فالأعلام المنقولة نحو: مالك وصالح فمحذوف الألف بلا خلاف
(1)
، بخلاف "صالحًا" و"خالدًا" حال كونهما وصفًا؛ فإنه لا خلاف في إثبات ألفهما
(2)
، وأما ما ذكره الحافظ طاهر الأصبهاني
(3)
في رسالته الموضوعة في رسم القرآن: أن كل ما جاء مالك وصالح وخالد بحذف ألفه فليس على إطلاقه في صالح وغير صحيح في خالد؛ إذ لم يوجد في القرآن خالد علمًا.
فإن قيل: لِمَ لَمْ يذكر بقية ما حذف من الفاتحة هنا مثل الألف من {اللَّهُ} ومن {الرَّحْمَنِ} ومن {الْعَالَمِينَ} ومن {الضَّالِّينَ} على أن فيه خلافًا؟
قلت: لأن ما لم يذكر غير مختص بالفاتحة فأخر إلى باب الحذف في كلمات يحمل عليها أشباهها
(4)
.
فإن قيل: {الصِّرَاطَ} أيضًا لا يختص بالفاتحة؟
فالجواب: أنه لم يجعل بابًا لما رسم بحرف بدل حرف ليؤخر الصراط إليه بخلاف ما تقدم والله تعالى أعلم.
(1)
كما في قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} [الزخرف: 77] و {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف: 73] و [هود: 61].
(2)
هذا على مذهب الداني حيث خصَّ الحذف بالأعلام أما على مذهب أبي داود فهي محذوفة فيهما علمًا أو وصفًا، وهو الذي عليه العمل، كما في قوله تعالى:{خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 14 و 93] و [التوبة: 63] وقوله: {وَعَمِلَ صَالِحًا} [البقرة: 62] و [المائدة: 69] و [الكهف: 88] و [مريم: 60] و [طه: 82] و [الفرقان: 71] و [القصص: 67 و 80] و [سبأ: 37] و [فصلت: 33].
(3)
أبو الحسين فخر الدين طاهر بن عرب بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني، ولد فيما أخبر في 7 محرم سنة 786). اهـ مختصرًا من غاية النهاية 1/ 339 الترجمة رقم (1476)
(4)
بعد شرح البيت (128).
47 - واحذفهما بعدُ في ادَّ ارَءْتُمُ ومَسَا
…
ـكِينٌ هنا ومعًا يُخَادِعُونَ جرى
يقرأ البيت بصلة ميم الجمع، وضبط {مَسَاكِينَ} بالرفع على الحكاية
(1)
، وبالنصب
(2)
وهو الأظهر لاشتماله على الحكاية
(3)
والإعراب لأنه عطف على ما قبله وهو مجرور
(4)
، اللهم إلا أن يُجعَلَ مبتدأً خبرُه:"جرى"؛ أي: جرى الرسم بالحذف في المبنى فإنه باعتبار المعنى أحرى؛ إذ لم يوجد الألف في {مَسَاكِينَ} ، والأساس في السليقة أن ينوَّن {مَسَاكِينَ} للضرورة، ثم الضمير في احذفهما مفسر بما بعده كما في قوله تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}
(5)
[فصلت: 12].
والمعنى: احذف الألفين الملفوظين كما دل عليه قوله: "بالحذف مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" وأراد بهما اللذَيْنِ بعد همز الوصل في قوله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [البقرة: 72]، فالمحذوفان الألف الذي بعد الدال،
(1)
أي: حكاية قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} [النساء: 8] فإنه لم ترد هذه الكلمة مرفوعة في غير هذا الموضع.
(2)
أي: الفتح.
(3)
أي: حكاية قوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ} [البقرة: 177]، وقوله:{أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} [النور: 22] فإنه لم ترد هذه الكلمة منصوبة في كتاب الله في غير هذين الموضعين.
(4)
فيكون مجرورًا مثله وعلامة جره الفتح لأنه ممنوع من الصرف لكونه على صيغة منتهى الجموع مفاعيل.
(5)
أي: كما أن كلمة {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} في الآية فسرت الضمير (هن) في {فَقَضَاهُنَّ} فكذلك الضمير (هما) في قوله: واحذفهما مفسر بما بعده أي: الألف التي بعد الدال والتي بعد الراء صورة الهمزة في {فَادَّارَأْتُمْ} ومثله قوله تعالى: {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة: 29] وقال السخاوي صـ 96: ("واحذفهما" يعني: الألفين، ودل عليهما قوله "بالحذف مالك يوم الدين" وليس إلا حذف الألف)، والصحيح ما ذكره المؤلف.
والهمز الذي بعد الراء ففيه تغليب
(1)
، أو الألف يطلق على اللينة وغيرها
(2)
، وإنما حذفا دون همزة الوصل استغناء باللفظ عن الحذف بخلاف همزة الوصل فإنه لو حذف لم يبق ما يدل عليه لا في اللفظ ولا في الخط، واستُثْنِيَ منه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لما سبق
(3)
من أنه جاز لكثرته، أو لدلالة طول الباء المعروف، عوضًا عن الألف المحذوف.
ثم اعلم أنه لم يقرأ أحد من السبعة
(4)
بحذفهما
(5)
حتى في وقف حمزة على الهمزة بالرسم أيضًا؛ لأن حذف الألف لا يجوز؛ إذ لم يكن عن همز مطلقًا كـ {الْعَالَمِينَ} ، و {الْكِتَابُ} وأمثالهما، وأما حذف الهمز
(6)
فلأنه يصرف المبنى ويحرف المعنى.
نعم قرأ حمزة وقفًا بإبدالها ألِفًا؛ قياسًا لا رسمًا، ولهذا قال السخاوي: (وأما المحذوفتان فالثانية منهما هي صورة الهمزة، وحذفتا لأن موضعهما معلوم غير مجهول، ولم يمكن النطق بالكلمة إلا بهما؛ فحذفتا اختصارًا وتخفيفًا؛ إذ لو كتبت لاجتمعت الأمثال
(7)
وذلك مكروه لما في صورة التكرار من الاستثقال، قال: وفي حذفهما أيضًا تنبيه على أن اتباع الخط ليس
(1)
أي: على الرغم من عدم تسمية الهمزة ألفًا فإنه أطلقها عليها هنا تغليبًا كما يقال الأسودان للتمر والماء، والقمران للشمس والقمر ونحو ذلك.
(2)
هذان هما السببان أو أحدهما لإطلاق الألف على الهمزة كما سيتكرر في هذا الكتاب كثيرًا.
(3)
في شرح البيت (46).
(4)
بل ولا بقية العشرة.
(5)
أي: حذف الألفين في {فَادَّارَأْتُمْ} وفاقًا للرسم.
(6)
أي: التي بعد الراء.
(7)
حيث تتوالى ثلاث ألفات في كلمة واحدة؛ أولها بعد الفاء، وثانيها بعد الدال، وثالثها بعد الراء، وهذه صورتها "فادارأتم".
بواجب
(1)
؛ فيقرأ القارئ بالإثبات في موضع الحذف، وبالحذف في موضع الإثبات، إذا كان ذلك من وجوه القراءات، ولم يذكر في المقنع حذف الألفين، وإنما قال في المقنع
(2)
: المتفق عليه {فَادَّارَأْتُمْ} بغير الألف ولم يحذف إلا التي هي صورة الهمزة والصحيح ما ذكره صاحب القصيدة)
(3)
.
كذا قاله السخاوي وهو مُوهِمٌ أن فيه شيئًا من الزيادات وليس كذلك
(4)
؛ لأن مؤدَّى ما ذكراه واحد هنالك، فتأمل يظهر لك الزلل؛ فإن قوله: بغير ألف أفاد حذف الألف الأول، وقوله: ولم يحذف إلا التي هي صورة الهمزة مشيرًا إلى حذف الألف الثاني مع ما فيه من الاحتراز عن همزة الوصل، فإنها ليست صورة الهمزة في الأصل، ولذا لم يُكْتَب دائمًا إلا بالألف
(5)
، ثم قوله:"هنا" المراد به سورة البقرة كما يدل عليه الترتيب وهو قيد لـ" مَسَاكِينَ " لا لـ"ادَّ ارَءْتُم" أيضًا ففيه احتراز عما في سورة المائدة [آية: 95] في قوله تعالى {كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} فإنه سيذكره في محله
(6)
لكن لو قال معًا بدل "هنا" لوَفَّى إلا أنه كان يفوته الإجماع هنا والخلاف هناك
(7)
.
(1)
أي: في القراءة لا في كتابة المصاحف كما يدل عليه بقية كلامه.
(2)
صـ 26 ونصه: (واتفق جميعها على حذف الألف التي هي صورة الهمزة في قوله في البقرة "فادرءتم" لا غير).
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 97).
(4)
بل هو كذلك فالصواب ما ذكره السخاوي فيكون من زيادات القصيدة على المقنع، وسبب تعقب القاري على السخاوي أنه اكتفى بالنظر في نقل السخاوي عن المقنع ولو رجع إلى عبارة المقنع التي نقلناها قريبا لما قال ما قال.
(5)
تقدم قريبًا أن هذا الذي يستدل به الهروي على أن الداني قد نص على حذف الألف الأولى وبنى عليه تغليط السخاوي لا وجود له في عبارة الداني في المقنع.
(6)
في البيت رقم (60).
(7)
هنا: أي: في البقرة حيث حَذْف ألفِ " مَسَاكِينَ " فيها بإجماع نقلة الرسم مع اختلاف القراء فيها جمعًا وإفرادًا، وهناك: أي: في المائدة حيث حَذْفُ ألفها بخلافٍ بين المصاحف كما بينه في شرح البيت رقم (60) مع اتفاق القراء على قراءته بالجمع كما سيأتي في كلام الشارح في هذا البيت.
فالمعنى: واحذف الألف من مَسَاكِينَ في سورة البقرة [آية: 184] لأجل الرسم، وهو قوله تعالى:{فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ؛ فمن السبعة من قرأ بالحذف على أنه مفرد
(1)
فقد وافق الرسم، ومن قرأ بإثبات الألف وهو نافع والشامي
(2)
فقد حذفها تخفيفًا وهو جمعٌ حينئذ.
أما في المائدة فأجمعوا على جمعه في القراءة
(3)
مع اختلافهم في الكتابة ولعل الناظم لهذا أفرده.
وأما قوله: "ومعًا يُخَادِعُونَ " فأراد به جنسَ ما وقع في السورتين؛ حيث وقع هنا في سورة البقرة [آية: 9] موضعان وهما {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ} وموضع في سورة النساء [آية: 142] وهو قوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ} فالثلاثة مرسومة بحذف الألف مع الإجماع على إثبات الألف في النساء والأول من البقرة
(4)
.
وأما الثاني فيها
(5)
فالكوفيون وابن عامر
(6)
على حذفها والباقون على إثباتها
(7)
، وأغرب السخاوي حيث قال: (وقوله: "ومعًا يُخَادِعُونَ " من زياده
(1)
وهم: ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي. انظر: النشر 2/ 226، والكشف 1/ 282.
(2)
انظر: النشر 2/ 226، والكشف 1/ 282.
(3)
وهي قوله تعالى {كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} آية (95) انظر: النشر (2/ 255).
(4)
قراءةً لا رسمًا، قال في النشر 2/ 207:(واتفقوا على قراءة الحرف الأول هنا يخدعون وفي النساء كذلك).
(5)
كذا في (س) و (بر 1) و (ص) و (ل)؛ أي: في البقرة، وفي (ز 8)"فيهما" فمعناه في موضعي البقرة، وفي (ز 4)"منها" فمعناه من البقرة، فالكل محتمل.
(6)
هو عبد الله بن عامر اليحصبي؛ إمام أهل الشام في القراءة، أخذ القراءة عرضًا عن أبي الدرداء وفضالة بن عبيد، توفي سنة 118. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 82 ترجمة رقم (33).
(7)
وفي (ز 4)"فالكوفيون وابن عامر على إثباتها والباقون على حذفها" والصواب عكسه وكذا هو في سائر النسخ، وانظر: النشر 2/ 207، والكشف 1/ 224.
هذه القصيدة على المقنع؛ لأن المقنع لم يذكر فيه إلا الحذف في الأول {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} ؛ لأنه قال في المتفق عليه الذي رواه عن نصير وكتبوا {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} بغير ألف، -وكذلك {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا} ، وكذلك في النساء {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} بغير ألف
(1)
- والذي ذكره صاحب القصيدة صحيح، والمصاحف متفقة على حذف الألفين في الحرفين جميعًا)
(2)
انتهى.
ولا يخفى وجه غرابته، إذ اتفقا في كل من المواضع الثلاثة على كتابته
(3)
،
(1)
كذا في سائر النسخ، وفي نسخة (ز 8)(وكذلك رأيته في كتاب محمد بن عيسى الذي ذكر فيه ما قرأه على نصير "يخدعون الله" بغير ألف) مكان ما بين العارضتين، وهذا هو المطابقُ لما في شرح السخاوي لهذا البيت صـ 98، ولم يشر محقق الوسيلة لاختلاف في نسخها في هذا الموضع، والمطابق أيضًا لما نقله الجعبري في الجميلة صـ 90 عن الوسيلة، وقال المُحَشِّي عليه - أي: على شرح المُلّا - (هكذا وجدت من السخاوي؛ لكن الواقع في نسخ الشرح نقلا عن السخاوي: وكذلك "يخدعون" الأول وكذلك النساء "يخدعون الله" بغير ألف. والله أعلم). قلت: ولعل هذا هو سبب دعوى القاري على السخاوي بالإغراب وتَعَقُّبِه عليه بقوله: (ولا ويخفى وجه غرابته إذ اتفقا -أي: المقنع والعقيلة- في كل من المواضع الثلاثة على كتابته)، وبمراجعة شرح السخاوي يتبين أنهما لم يتفقا على كتابته في المواضع الثلاثة حيث نقل السخاوي عن المقنع الموضع الأول فقط، وأقول أخرى: ولعل سبب دعوى السخاوي هذه؛ أن الموضع الأول من البقرة هو الذي ذكره في المقنع من رواية نصير، أما الموضع الثاني من البقرة وموضع النساء فهما من قول أبي عمرو لا من رواية نصير حيث قال في المقنع صـ 84:(قال أبو عمرو وكذلك كتبوا الحرف الثاني "وما يخدعون إلا أنفسهم" وكذلك كتبوا في النساء [آية: 142] {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} وكذلك كتبوا {قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} في المائدة [آية: 13] و {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} في الزمر [آية: 22]، قال نصير: وكتبوا {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} بغير ألف) فمن قوله "قال نصير" عاد إلى سياق رواية نصير، والله أعلم. يبقى أن نقول: إن دعوى السخاوي أن هذا من زيادات العقيلة على المقنع غير صحيحة حتى على هذا الوجه لأن العقيلة ليست نظمًا لما ذكر المقنع الاتفاق عليه ولا مختصة بنظم رواية نصير فقط بل هي نظم للمقنع، أو يكون سبب دعواه هذه اختلاف النسخ كما اعتذر به له الجعبري في الجميلة والله أعلم.
(2)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 98).
(3)
قال الجعبري في الجميلة صـ 90 في شرح هذا البيت بعد أن نقل كلام السخاوي هذا على غير ما نقله عنه القاري؛ بل مقتصرًا على الأول من البقرة ما نصه: (قلت: ورأيت في نسخة بالمقنع مقروءة:
وكذا كتبوا -أي بالحذف- الحرفَ الثاني"وما يخدعون إلا أنفسهم" ويحمل هذا على اختلاف النسخ، وأيضًا قال في الباب الثاني "وما يخْدَعون" بلا ألف، والأولى جَعْلُ معًا هنا بمعنى جميع على حد قول ابن بريدة:
إذا حنت الأولى سجعن لها معًا .................................
ليندرج فيه ما في النساء ويخرج عن عهدة المقنع إذ قال فيه بعده وكذا كتبوا في النساء {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} ) اهـ.
وبالحمل على اختلاف النسخ اعتذر الجعبري للسخاوي حين نفى ذكر {تُظَاهِرُونَ} [الأحزاب: 4] في المقنع كما سأنقله عنه في شرح البيت (103) إن شاء الله.
غايته أن المتوسط هو المختلف في قراءته، والأول والثالث مجمع على إثبات الألف في روايته
(1)
، والله أعلم.
48 - وَقَاتِلُوهُمْ وأفعال القتال بها
…
ثلاثةٌ قبلَه تبدو لمَنْ نظرا
بألف الإطلاق؛ أي: يظهر حذف الألف في هذه الأفعال الأربعة "لمَنْ نظرا" في المرسوم بالاتفاق، أو تبدو هذه الأفعال الثلاثة لأهل الوفاق، فالأول قوله تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193 والأنفال: 39]، وقد اتفق السبعة
(2)
على إثبات ألفه في القراءة، بل ولا يصح النطق فيه إلا بهذه العبارة
(3)
، وأما "ثلاثةٌ قبل" قَاتِلُوهُمْ في التلاوة وهي قوله تعالى:{وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ} [البقرة: 191] فحذَف ألفَها حمزةُ والكسائيُّ
(4)
وأثبتها غيرهما، واحترز بقوله "وأفعال القتال بها" أي: في
(1)
كما تقدم قريبًا.
(2)
بل وبقية العشرة وانظر: النشر (2/ 227)، والكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 285).
(3)
أما قراءةً فنعم؛ لمخالفته العشرة كما تقدم أما كونه لا يتأتى النطق بها - كما هو ظاهر عبارة المؤلف والسخاوي قبله - فلا؛ لأنه يصح أن تنطق (وقتِّلوهم) وفاقًا للرسم، ولكن القراءة سنةٌ متبعةٌ.
(4)
فقرآها هكذا: {وَلَا تَقْتُلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يَقْتُلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَتَلُوكُمْ} ، وانظر: الكشف (1/ 285)، والإقناع في القراءات السبع لابن الباذش (2/ 607).
البقرة ثم بيَّنها بقوله"ثلاثةٌ قبله" عن قوله {فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: 191] فإنه رسم بالألف
(1)
لأنه ليس من أفعال القتال؛ أي: ليس من باب المفاعلة؛ بل من المجرد وهو القتل، وليس فيه ألف حتى يحذف أَوْ لا يحذف، إلا أنه ربما كان يُتَوهَّم حذف ألف الوصل فيه، فدفع به ما ينافيه، وفهم أيضًا أن قوله تعالى {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: 190] بإثبات الألف فيهما
(2)
.
49 - هنا وَيَبْسُطُ معْ مُصَيْطِرٍ وكذا الْـ
…
ـمُصَيْطِرُونَ بصادٍ مُبدَلٍ سُطِرا
بألف الإطلاق؛ مبنيًّا للمفعول، والضمير راجع إلى ما ذكر أو إلى كل واحد، وقوله:"هنا" أي: في البقرة [آية: 245]، {وَيَبْسُطُ} رسم بالصادِ، والواوُ من نفس التلاوة لا عاطفة، وقيد بـ"هنا" ليخرج نحو:{يَبْسُطُ الرِّزْقَ} حيث جاء، ولو بعد العطف
(3)
فإنه بالسين اتفاقًا، وكذا رسم بالصاد {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} في الغاشية [آية: 22] وكذا {الْمُصَيْطِرُونَ} في سورة الطور [آية: 37]، واختلف في تلاوة هذه الثلاثة في السبعة
(4)
وفي قوله "مُبدَلٍ"؛
(1)
أي: الألف التي هي صورة همزة الوصل.
(2)
مراده إثباتها قراءةً، لأنها محذوفة رسمًا بالاتفاق.
(3)
جاء في تسعة مواضع فقط وهي: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [الرعد: 26]{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [الإسراء: 30]
{وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [القصص: 82]{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [العنكبوت: 62]{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [الروم: 37]{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [سبأ: 36 و 39]{أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [الزمر: 52]{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [الشورى: 12] وليس شيء منها بعد عطف كما ترى.
(4)
أولا: (يَبْسُطُ) قال في النشر (2/ 228): (فقرأ خلف لنفسه وعن حمزة، والدوري عن أبي عمرو وهشام ورويس بالسين
…
واختلف عن قنبل والسوسي وابن ذكوان وحفص وخلاد؛ فروى ابن مجاهد عن قنبل بالسين
…
وروى ابن شنبوذ عنه بالصاد، وهو الصحيح عنه، قرأها بالسين: قنبل وحفص وهشام وأبو عمرو وخلف، وقرأها شعبة ونافع والبزي والكسائي: بالصاد، وقرأها خلاد وابن ذكوان بالوجهين)
ثانيًا: (المسيطرون): قرأ قنبل وهشام وحفص بخلف عنه: بالسين، وقرأ حمزة بخلاف عن خلاد: بين الصاد والزاي، وقرأ بقية السبعة: بالصاد خالصة.
ثالثًا: (بمسيطرٍ) قرأ هشام: بالسين، وقرأ حمزة بخلاف عن خلاد: بين الصاد والزاي، وقرأ بقية السبعة: بالصاد خالصة. انظر: النشر (2/ 228 - 230، 378) وانظر: الإقناع لابن الباذش وصفحاته على التوالي (2/ 609، 774، 809).
أي: من السين؛ إشارة إلى أن الأصل في هذه الكلمات السين كما مر في الصِّرَ اطِ، أو إيماء إلى أنها إنما أبدلت صادًا ليوافق الطاء، وإنما رسم {يَبْسُطُ} في غير البقرة بالسين جمعًا بين اللغتين، ولعل وجهَ التخصيص مقابلةُ {يَبْصُطُ} لـ {يَقْبِضُ} هنا وهو مشتمل على حرف الطباق بخلاف غيرها فإنه مقابل بـ {يَقْدِر} ، والمفهوم في عدم ذكره {بَسْطَةً} أنه بالسين على ما هو الأصل فيه مع اختلاف القراء السبعة في {فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} [الأعراف: 69]
(1)
واتفاقهم في {وَزَادَهُ بَسْطَةً} [البقرة: 247]
(2)
فلا يرد على الناظم شيء كما توهم بعضهم فلو قال:
هنا وَيَبْسُطُ مع فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً الْـ
…
ـمُصَيْطِرُونَ مُصَيْطِرْ صادُهُ سُطِرا؛
لاستوفى إلا أن فيه بحثًا من وجهين:
أما أولا: فلأنه ليس في هذا الربع ولذا ذكره في الربع الثاني وقال: و {بَسْطَةً} باتفاق.
وأما ثانيًا: فلأن هذه الكلمات مرويات نافع وتلك الكلمات مما اتفقوا على نقلها والله تعالى أعلم.
(1)
وقد قرأها بالسين: قنبل وحفص وهشام وأبو عمرو وخلف، وقرأها شعبة ونافع والبزي والكسائي: بالصاد، وقرأها خلاد وابن ذكوان بالوجهين. انظر: النشر (228 - 230)، والإقناع لابن الباذش (2/ 609).
(2)
انظر: النشر (2/ 230).
50 - وفي الإمامِ اهْبِطُوا مِصْرًا به ألف
…
وقل وَمِيكَالَ فيه حذفُها ظَهَرَا
بألف الإطلاق؛ أي: "وفي" مصحف "الإمام" الذي استخرجه أبو عبيد من خزائن بعض الأمراء رُسِم {اهْبِطُوا مِصْرًا} [البقرة: 61] بألف بدلًا من التنوين وقد قرأ السبعة
(1)
به وكأنه لم ينقل عن سائر المصاحف شيء، نعم هو في مصحف ابن مسعود بلا ألف، وقرأ هو والحسن والأعمش
(2)
وأُبَيٌّ بغير تنوين على أن المراد به مصر المعروف والجمهور بالتنوين لإرادة التنكير.
وقيد بـ {اهْبِطُوا} فإن {مِصْرًا} إذا لم يكن مقرونًا به فهو بلا ألف اتفاقًا، وقراءته بغير تنوين إجماعًا
(3)
.
قال السخاوي: (فإن قيل: فما وجه إثباتِ الألف وصرفِه وقد روي عن أُبَيٍّ وابنِ مسعود والحسن والنخعي
(4)
وقتادة والأعمش وغيرهم مصر بغير تنوين.
قلت: في صرفه إن قلنا: إنه عربي وجهان؛ أحدهما: أن يراد الموضع فيصرف فإنه لا يبقى إلا العلمية
(5)
.
(1)
بل وبقية العشرة.
(2)
سليمان بن مهران الأعمش الإمام العلم، أقرأ الناسَ ونشر العلم دهرًا طويلًا، قال ابن عيينة: كان الأعمش أقرأَهم لكتاب الله وأحفظَهم للحديث وأعلمَهم بالفرائض، وقال يحيى القطان: هو علَّامةُ الإسلام، وقال العجلي: كان الأعمش ثقة ثبتًا، وكان يقرئ الناس القرآن، رَأَسَ فيه، وتوفي سنة 148. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 94 ترجمة رقم (36).
(3)
وقد ورد في القرآن خمس مرات، وهي على التوالي:{اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ} [البقرة: 61] وقد قرأه العشرة بالتنوين ورسم بألف بدلًا من التنوين، و {تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا} [يونس: 87] و {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ} [يوسف: 21] و {وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [يوسف: 99] و {يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [الزخرف: 51]، وكلها رسمت بلا ألف اتفاقًا، وقراءتها بغير تنوين إجماعًا.
(4)
هو: الأسود بن يزيد النخعي؛ أبو عمرو، أخذ القراءة عرْضًا عن ابن مسعود وكان من أكبر أصحابه، وحدث عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ وبلال وعائشة رضي الله عنهم، كان رأسًا في العلم والعمل، توفي سنة 75. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 50 ترجمة رقم (13).
(5)
أي: حيث لم يكن مع العلمية سبب آخر مما يوجب اجتماعُه معها المنعَ من الصرف.
والثاني: أن يراد المدينة فيجتمع فيه التأنيث والعلمية لكنه ساكن الوسط فيقام السكون مقام أحد السببين فيصرف
(1)
، وصرفه هو اللغة الفصيحة التي عليها القرآن نحو: لوط ونوح، وأجراه آخرون على القياس فمنعوه الصرف.
وإن قلنا: إنه غير عربي كان صرفه على مراد الموضع لأنه إذا أريد به المدينة امتنع صرفه لاجتماع العجمة والعلمية والتأنيث، فإذا قام السكون سببًا بقي سببان.
فإن قيل: فمن أي شيء هو حتى يقال: إنه عربي؟ قلت: جاز أن يكون من المصر وهو الحد والحاجز بين الشيئين)
(2)
.
وقد قيل: إن المراد مصرًا من الأمصار، فأما من قرأ: مصرَ فقد خالف حيث ترك الرسم المشهور المجمع عليه وإن كان ذلك يُرْوَى عن أُبَيٍّ وابنِ مسعودٍ؛ فقد تركوا قراءة ذلك حين أجمعوا على المصحف.
ثم يتزن البيت بالإشباع في هاء "فيه"، والضمير راجع إلى "الإمام" وضمير "حذفها" عائد إلى "الألف"، والحاصل أن الألف التي بعد الكاف محذوفة في الإمام وكذا في سائر المصاحف، وأما الياء التي قبل الكاف
(3)
فثابت بالاتفاق رسمًا وقراءة وكذا مركز الياء
(4)
موجود بعد الكاف رسمًا بالاتفاق، وإنما الخلاف في قراءته فإن فيه ثلاث قراءات في السبعة: حذف الياء الأخيرة مع الهمزة
(5)
، وحذف الياء فقط
(6)
، وإثباتهما
(7)
؛ فمن قرأ بإثباتهما
(1)
أي: على الرغم من اجتماع التأنيث والعلمية وهما سببان كافيان للمنع من الصرف إلا أن كونه ساكنَ الوسط أفْقَدَهُ أحدَ السببين حيث أقيم السكون مقام فقد أحد السببين فصرف.
(2)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 101 - 103).
(3)
أي: في {وَمِيكَالَ} .
(4)
أي: سِنّتها.
(5)
ميكال على وزن "مفتاح"، وبه قرأ أبو عمرو وحفص. انظر: الكشف 1/ 255، والنشر 2/ 219، والإقناع 2/ 601.
(6)
ميكائل على غير أبنية العرب، ليعلم أنه أعجمي، خارج عن أبنية العرب. وبه قرأ نافع. انظر: الكشف 1/ 255، والنشر 2/ 219، والإقناع 2/ 601.
(7)
ميكائيل على غير أبنية العرب، ليعلم أنه أعجمي، خارج عن أبنية العرب. وبه قرأ الباقون (ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر). انظر: الكشف 1/ 255، والنشر 2/ 219، والإقناع 2/ 601.
اعتقد أن الألف حذفت منه كما حذفت في نحو: {إِبْرَاهِيمَ}
(1)
{وَإِسْمَاعِيلَ}
(2)
، والهمزة لم يصور لها صورة وهذه الياء هي التي في اللفظ، ومن قرأ بحذفِ الياء فقد اعتقد أن هذه الياء صورة الهمزة وحذفت الياء بعدها لئلا يجتمع ياءان في الخط وقد فعل نحو ذلك في {إِسْرَائِيلَ}
(3)
، ومن قرأ بحذفهما على وزن مفتاح قدّر أن هذه الياء صورة الألف لأن حروف المد يقلب بعضها بعضًا في القراءة فكذا في الكتابة، وقرأ ابن محيصن
(4)
مِيكَئِل بصورة الرسم على وزن ميكعل
(5)
.
قال الجعبري
(6)
: (هذه العبارة
(7)
ناقصة؛ لأنها لا تفهم البدل، وهي بياء بعد الكاف بلا ألف في مصحف الإمام وكذا في بقية المصاحف).
قلت: ولعله اكتفى برسمه في البيت مركوزًا، فتكون الدلالة مرموزًا، ولا يبعد أنه جعل قراءة ابن محيصن أصلًا ضرورةً حيث إنه لغة ومع هذا لو قال:
(1)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 124].
(2)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 125].
(3)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 40].
(4)
محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي مولاهم المكي قارئ أهل مكة مع ابن كثير وحميد الأعرج، ذكر في اسمه ستة أقوال، وله رواية شاذة في كتاب المبهج وغيره، وهو في الحديث ثقة احتج به مسلم، قرأ القرآن على سعيد بن جبير ومجاهد، وقرأ عليه أبو عمرو بن العلاء وغيره، توفي سنة 123. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار (1/ 98) ترجمة رقم (38).
(5)
عزاها في المحتسب (1/ 97) إلى ابن هرمز الأعرج وابن محيصن، وقال في زاد المسير (1/ 119): (فأما ميكائيل ففيه خمس لغات:
إحداهن: ميكال مثل مفعال بغير همز وهي لغة أهل الحجاز وبها قرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم.
والثانية: ميكائيل بإثبات ياء ساكنة بعد الهمزة مثل ميكاعيل وهي لغة تميم وقيس وكثير من أهل نجد وبها قرأ ابن عامر وابن كثير وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم.
والثالثة: ميكائل بهمزة مكسورة بعد الألف من غير ياء مثل ميكاعل وبها قرأ نافع وابن شنبوذ وابن الصباح جميعًا عن قنبل.
والرابعة: ميكئل على وزن ميكعل وبها قرأ ابن محيصن.
والخامسة: ميكائين بهمزة معها ياء ونون بعد الألف ذكرها ابن الأنباري).
(6)
انظر: الجميلة صـ 95.
(7)
أي: عبارة الشاطبي في البيت.
ميكائيل حذفُها في رَسْمِهِ ظَهَرَا؛
لظَهَرَ له ظُهَرَا، على أنه قراءة نافع من القراء إلا أنه ينون في النظم ضرورةً.
51 - ونافعٌ حيث وَاعَدْنَا خَطِيئَتُهُ
…
والصَّعْقَةُ الرِّيحِ تَفْدُوهُمْ هنا اعْتُبِرا
أخرج أبو عمرو الداني بسنده (عن نافع ابن أبي نعيم المدني قال الألف غير مكتوب؛ يعني في المصاحف فذكر منها: {وَاعَدْنَا} {وَوَاعَدْنَاكُمْ} [طه: 80] حيث وقع
(1)
، {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَاتُهُ} [البقرة: 81] و {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ} [البقرة: 55] و {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} [البقرة: 164 والجاثية: 5] و {تُفَادُوهُمْ} [البقرة: 85])
(2)
ثم ألف"اعْتُبِرا" للإطلاق، وضميره للألف على تقدير مضاف؛ أي:"اعْتُبِر" حذفُ ألفِ ما ذكر، والتقدير: ونَقْلُ "نافعٍ" ما ذكر هنا "اعْتُبِر"، ولو قرئ بصيغة الفاعل له وجهٌ؛ أي:"نافع اعتَبر" حذفَ الألفاتِ هنا، ولا مفهوم له؛ إذ بقية الرسومِ موافقةٌ له.
ثم اعلم أن قيد "هنا" واقع لـ"تَفْدُوهُمْ" فباقي الأمثلة تحت عموم "حيث"، إلا أن "خَطِيئَات" هنا أضيف إلى الضمير المفرد، وفيما عداه إلى ضمير الجمع خطابًا
(3)
أو غيبة
(4)
وهو داخل تحت عموم قاعدة حذف الألف من جمع المؤنث السالم على ما سيجيء
(5)
، وأما ما ذكره السخاوي
(6)
من أن
(1)
لم يقع في القرآن إلا في ثلاثة مواضع؛ قال في النشر 2/ 212: (واختلفوا في {وَوَاعَدْنَا مُوسَى} هنا [أي البقرة: 51] و [الأعراف: 142]، وفي [طه: 80] {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ} فقرأ أبو جعفر والبصريان بقصر الألف؛ من الوعد، وقرأ الباقون بالمد؛ من المواعدة) وانظر: الكشف 1/ 239.
(2)
المقنع صـ 10.
(3)
وهو قوله تعالى في [الأعراف: 161]: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ} .
(4)
وهو قوله تعالى في [نوح: 25]: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} .
(5)
في شرح البيت (66) حيث حكى (إجماعهم على تعميم حذف الألف من جمع المؤنث السالم جميعِه) وشرح البيت (69) حيث قال عن"كلمات": (وهو داخل في عموم حذف ألف جمع المؤنث السالم سواء كان مضافًا إلى ضمير أم لا) ونحوه في شرح البيت (80) و (88).
(6)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 107) ونصه: (وقوله: "هنا" يعني في البقرة اعتبر
"الرِّيحِ" و" الصَّاعِقَةُ " وأما "تَفْدُوهُمْ" فلم يقع إلا في البقرة فليس قوله: "هنا" من أجل "تَفْدُوهُمْ" إنما هو من أجل " الصَّاعِقَةُ " و"الرِّيحِ").
قوله: "هنا" ليس من أجل "تَفْدُوهُمْ" إنما هو من أجل "الصَّعْقَةُ" و"الرِّيحِ" مع أن الحصر ليس بصحيح
(1)
؛ فمبني على أن ألفه للتثنية
(2)
، ولا يخفى بُعْدُه عن القواعد العربية حيث فصل بقوله:"تَفْدُوهُمْ".
ثم اعلم أن حذف الألف إنما هو لاختلاف القراء في هذه الكلمات كما سبق في {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، إلا أن "الصَّعْقَة" لم يقرأ أحد من السبعة
(3)
هنا بحذف ألفها بخلاف ما في الذاريات
(4)
لقراءة الكسائي فيها
(5)
، نعم يجوز أن تكون مرسومةً على قراءة ابن محيصن، وكانت قراءتُه مشهورةً وانقطع تواترُها بعده، فإنها تُرْوَى عن علي وعائشة وابن الزبير وقرأ بها أبو رجاء
(6)
وأبو العالية
(7)
وقتادة والنخعي
(8)
، هذا وحَذْفُ العاطفِ في مواضع من البيت
(1)
أي: حصرها بهما دون غيرهما من الكلمات الواردة في البيت قبلهما وبعدهما ليس بصحيح.
(2)
أي: ألف اعْتُبِرا.
(3)
بل ولا بقية العشرة.
(4)
وهو قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} [الذاريات: 44].
(5)
قال في النشر 2/ 377: (فقرأ الكسائي"الصَّعْقَة" بإسكان العين من غير ألف، وقرأ الباقون بكسر العين وألف قبلها) وانظر: الكشف 2/ 288.
(6)
العطاردي؛ عمران بن تيم البصري، أخذ القراءة عرْضًا عن ابن عباس، وتلقن القرآن من أبي موسى ولقي أبا بكر، كان يختم القرآن في كل عشر ليال، مات سنة 105 وله 127 سنة. اهـ من معرفة القراء الكبار 1/ 58 ترجمة رقم (17).
(7)
الرياحي؛ رفيع بن مهران البصري؛ مولى امرأة من بني رياح بن يربوع، أسلم في خلافة أبي بكر ودخل عليه وصلى خلف عمر، أخذ القراءة عرْضًا عن أبيّ وزيد بن ثابت وابن عباس، قرأ عليه الربيع بن أنس والأعمش، كان إمامًا في القرآن والتفسير والعلم والعمل مات سنة 90 وقيل سنة 93. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار (1/ 60) ترجمة رقم (19).
(8)
رواها الطبري في تفسيره (27/ 6) بسنده عن عمر رضي الله عنه، وعزاها إلى الكسائي، وعزاها القرطبي (1/ 404) إلى عمر وعثمان وعلي وقال:(وهي قراءة ابن محيصن في جميع القرآن)، وفي (17/ 51) زاد عزوَها إلى حميد ومجاهد والكسائي، وعزاها في مختصر ابن خالويه صـ 13 إلى علي، وفي المحرر الوجيز (1/ 225) إلى عمر، والقرطبي في أحكام القرآن إلى عثمان. وانظر: الدر المنثور 2/ 726، وتفسير أبي السعود (2/ 249) و (8/ 142)، وفتح القدير 1/ 87 و 5/ 91، وروح المعاني 6/ 6، والإتحاف صـ 137.
للضرورة.
ثم اعلم أن قوله تعالى: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} اختلف في تلاوته فقرأ نافع بإثبات الألف على صيغة الجمع والباقون بحذفها
(1)
؛ فنقل نافع حذف الألف من هاتين الكلمتين مع قراءته بإثباتها فيهما ليعلم أن القراءة إنما هي بالنقل والرواية لا اعتمادًا على مجرد الرسم أي: رسم الكتاب، وأما الهمز في "خَطِيئَتُهُ" مطلقًا فليس له صورة أصلًا، وكذا إذا لم تكن مضافة، وأما "الريح" فقرأ حمزة والكسائي بالإفراد
(2)
، وأما {تُفَادُوهُمْ} بإثبات الألف فقراءة نافع وعاصم
(3)
والكسائي
(4)
، فـ {تُفَادُوهُمْ} بضم التاء، لأنه من باب المفاعلة، و"تَفْدُوهُمْ" بفتحها؛ لأنه من الفدية فهو من باب فدى يفدي كرمى يرمي.
52 - معًا دِفَاعٌ رِهَانٌ معْ مُضَاعَفَةً
…
وعَاهَدُواْ وهنا تَشَابَهَ اختُصِرا
بألف الإطلاق أي: اقتصر
(5)
الألف للعلم بموضعها وجميع ما في هذا البيت نقله أبو عمرو بسنده عن قالون
(6)
عن نافع أيضًا.
(1)
انظر: النشر 2/ 218، والكشف 1/ 249.
(2)
انظر: النشر 2/ 223، والكشف 1/ 270، والإقناع 2/ 605.
(3)
هو: أبو بكر عاصم بن أبي النجود الأسدي مولاهم الكوفي، واسم أمه بهدلة على الصحيح، أحد السبعة، قرأ القرآن على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش الأسدي، وهو معدود في التابعين، وقرأ عليه خلق كثير منهم الأعمش والمفضل الضبي وأبو بكر بن عياش وحفص، وإليه انتهت الإمامة في القراءة بالكوفة بعد شيخه أبي عبد الرحمن السلمي، توفي في آخر سنة 127. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار (1/ 88) ترجمة رقم (35).
(4)
انظر: النشر 2/ 218، والكشف 1/ 251، والإقناع 2/ 599.
(5)
فسر المؤلف الاختصار بالاقتصار لما سيذكره في شرح البيت وختمه بقوله: (واحترز بقوله: "هنا" عمَّا في آل عمران [آية: 7]: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ} فإنه بإثبات الألف اتفاقًا، فكان الأَوْلى أن يقول: وههنا عَاهَدُوا تَشَابَهَ اقتُصِرا؛ بالقاف).
(6)
قالون، عيسى بن مينا بن وردان الزرقي مولى بني زهرة؛ أبو موسى، قارئ أهل المدينة في زمانه
ونَحْوِيُّهُم، و"قالون"؛ لفظةٌ روميةٌ معناها:"جيد"، لَقَّبه بها نافع لِجَوْدَةِ قراءته، لم يزل يقرأ على نافع حتى مهر وحذق، وتبتل لإقراء القرآن والعربية، وطال عمره وبَعُد صيته، توفي سنة 220 وله نيف وثمانون سنة. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار (1/ 155) ترجمة رقم (64).
والمعنى: أن لفظ "دِفَاعٌ" رسم بحذف الألف في موضعين: أولهما في البقرة [آية: 251]{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} ، وثانيهما في سورة الحج [آية: 40] {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} .
واختلف في التلاوة؛ فقرأ نافع بإثباته على خلاف ما نَقَلَ في الرسم تنبيهًا على ما سبق، والباقون بحذفها مع فتح الدال
(1)
، وكذا:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] مرسومة بحذف الألف، واختلف في التلاوة
(2)
، وكذا " مُضَاعَفَةً " في قوله تعالى:{لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] رسم بالحذف واختلف في التلاوة إلا أن من قرأ بالقصر يُضَعِّفُ العين
(3)
، وكذا
" عَاهَدُوا " رسم بحذف الألف في قوله تعالى {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا} [البقرة: 100]، واتفق السبعة
(4)
على إثبات الألف في التلاوة، وقرئ في الشواذ بحذفها إلا أنه بكسر الهاء
(5)
، فيجوز أن يكون الرسم باعتبار هذه القراءة أو
(1)
انظر: النشر 2/ 230، والكشف 1/ 304، والإقناع 2/ 610.
(2)
قال في النشر 2/ 237: (فقرأ ابن كثير وأبو عمرو "فرُهُنٌ" بضم الراء والهاء من غير ألف، وقرأ الباقون بكسر الراء وفتح الهاء وألف بعدها). وانظر: الكشف 1/ 322، والإقناع 2/ 616.
(3)
قال في النشر 2/ 228 بعد أن ذكر {فَيُضَاعِفَهُ} في [البقرة: 245] و [الحديد: 11]: (واختلفوا في حذف الألف وتشديد العين منهما ومن"يضعف ومضعفة"وسائر الباب؛ فقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بالتشديد مع حذف الألف في القرآن، وقرأ الباقون بالإثبات والتخفيف)، وقال في الكشف بعد ذكره " فَيُضَاعِفَهُ ":(قرأ ابن كثير وابن عامر بغير ألف مشددًا حيث وقع، ومثله" يُضَاعِفُ و مُضَاعَفَةً "، وقرأ الباقون بالألف مُخَفَّفًا). وانظر: الإقناع 2/ 609.
(4)
بل وبقية العشرة.
(5)
(أو كلما عَهِدُوا) وبه قرأ أبو السّمَّال. انظر: المحتسب (1/ 99 - 100) ومختصر ابن خالويه صـ 16، وذكرها في روح المعاني 1/ 335 دون عزو، وكذلك في المحرر الوجيز 1/ 304.
لمجرد التخفيف، وفي إيراد " عَاهَدُوا " بصيغة الجمع احتراز من المفرد؛ فإنه بالإثبات كقوله تعالى {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ} [الفتح: 10]
(1)
، وهذا الحكم مختص بهذا الموضع؛ فقوله سبحانه:{وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: 177] بالإثبات لا غير
(2)
، وكذا قوله:{إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} "هنا" يعني في سورة البقرة [آية: 70] رسم بحذف الألف، وما قرئ بحذفها إلا في الشواذ
(3)
مع تشديد الباء وفتح الهاء وبضمها أيضًا، واحترز بقوله:"هنا" عمَّا في آل عمران [آية: 7]: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ} فإنه بإثبات الألف اتفاقًا
(4)
، فكان الأَوْلى أن يقول: وههنا عَاهَدُوا تَشَابَهَ اقتُصِرا؛ بالقاف.
53 - يُضَاعِفُ الخُلْفُ فيه كيف جا وَكِتَا
…
ـبِهِ ونافعُ بالتحريمِ ذاك أرى
الهاء في "فيه" بالإشباع وقصر "جا" ضرورة، وفي نسخة:"في التحريم"، وفي "أرى" ضمير نافع، و"ذاك" إشارة إلى حذف الألف من قوله:"وَكِتَابِهِ" في التحريم ولم ينقل فيه شيء عن غيره.
والمعنى: أن لفظ " يُضَاعِفُ " وقع الخلاف في إثبات ألفه وحذفه "كيف جاء" سواء اتصل بآخره ضمير أو لا، بشرط أن يكون فعلًا مضارعًا معروفًا أو مجهولًا، ففي البقرة:{فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [آية: 245]{وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [آية: 261]، وفي هود:{يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} [آية: 20]، وفي الأحزاب:{يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ} [آية: 30]، وفي الحديد:{فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [آية: 11]
(1)
مراده إثبات الألف قراءةً، لأنها محذوفة رسمًا بالاتفاق.
(2)
مراده إثبات الألف قراءةً، لأنها محذوفة رسمًا بالاتفاق.
(3)
عزاها القرطبي في تفسيره 1/ 451 إلى مجاهد، وذكرها الآلوسي في روح المعاني 1/ 289 دون عزو، قال في المحرر الوجيز 1/ 258 (وحكى المهدي عن المعيطي تشَّبَّه بتشديد الشين والباء دون ألف).
(4)
مراده إثبات الألف قراءةً، لأنها محذوفة رسمًا بالاتفاق.
و {يُضَاعَفُ لَهُمْ} [آية: 18] واختلف في التلاوة
(1)
، وأما قوله:{وَكُتُبِهِ} في سورة البقرة [آية: 285] فكذلك اختلف المصاحف في رسم الألف وحذفها واختلف في التلاوة أيضًا
(2)
، وأما {وَكُتُبِهِ} في سورة التحريم [آية: 12] فنص نافع على حذف ألفه، هذا مجمل الكلام، ومحصِّل المرام.
وأما تفصيله؛ (فقال أبو عمرو فيما رواه عن محمد بن عيسى عن نصير: الخلف في موضع البقرة [الآية: 245] وموضع الحديد [الآية: 11]: {فَيُضَاعِفَهُ} وأن ذلك في بعض المصاحف بالحذف وفي بعضها بالإثبات، ولم يذكر ما في هود والأحزاب بحذف ولا إثبات، وذكر فيما رواه قالون عن نافع الذي في هود والأحزاب بالحذف ولم يذكر غيرهما، وهذا لا يوجب إطلاق الخلاف في الجميع؛ أما في البقرة والحديد فقد نص نصير على الخلف فيهما، وأما في هود والأحزاب فلو كان يعلم فيه خلافًا لذكره لأنه أورد في الباب ما اختلف فيه المصاحف وقد ذكرهما نافع بلا خلاف) كذا ذكره السخاوي
(3)
وقرَّره، فيَرِدُ الاعتراض على شيخه فيما حرَّره، فلو قال:"والخُلْفُ في فيُضَاعِف حيث جا" لَنَص على موضع الخلاف في حذف ألفه إذا كانت مقرونة بالفاء كما في السورتين، وعلم بالمفهوم أن غيره محذوف الألف بلا اختلاف كما في الأخيرين.
(1)
قال في النشر 2/ 228: (واختلفوا في حذف الألف وتشديد العين منهما -أي" فَيُضَاعِفَهُ " في البقرة [245] والحديد [11]-، ومن" يُضَاعِفُ "، و" مُضَاعَفَةً "وسائر الباب فقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بالتشديد مع حذف الألف في جميع القرآن، وقرأ الباقون بالإثبات والتخفيف) وانظر: الإقناع 2/ 609، والكشف 1/ 300.
(2)
قال في النشر 2/ 237: (واختلفوا في {وَكُتُبِهِ} فقرأ حمزة والكسائي وخلف"وَكِتابِهِ"على التوحيد وقرأ الباقون على الجمع) وانظر: الإقناع 2/ 616، والكشف 1/ 323.
(3)
ما بين القوسين من (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 111 - 112).
وإنما أوقعنا الخلاف في الحذف دون الإثبات؛ لأن الإثبات هو الأصل، وهذا الكتاب موضوع للرسم المبين لمقام الحذف على خلاف القياس.
وأما قوله "وَكِتَابِهِ" فذكر أبو عمرو في الباب المذكور عن نصير خُلْفَ المصاحف في سورة البقرة بأنه في بعض المصاحف بالألف، وفي بعضها بغير ألف، ولم يذكر الذي في التحريم أصلا، وذكر نافع الذي في التحريم أنه بالحذف، ولم يذكر الذي في البقرة، فتحصل من هذا أن ما في البقرة مختلف فيه كما ذكره نصير، وما في التحريم محذوف لا غير؛ لأن نافعًا نقله وليس له معارض ولم ينقل أحد بخلافه
(1)
، ولا يعارض المفهومُ المنطوقَ بقوله:"وَكِتَابِهِ" عطف على الضمير المجرور في "فيه" فيستفاد الخلاف منه في البقرة لأنها أول موضع وقع فيه، وهو من الربع الأول في القرآن إلا أن ذاك ربما يتوهم أنه إشارة إلى الخلاف، فلو قال:
ونافع بالتحريم حذفًا ارى؛ لأَوْرَى لِلْوَرَى
(2)
.
فإن قيل: ذَكَرَ لفظَ الكتابِ في باب الحذف في كلمات تحمل عليها أشباهها وأخبَرَ أن الألفَ حُذِفت منه في جميع القرآن ما عدا أربعة مواضع فلِمَ أَفرَدَ هنا هذين الموضعين؟
فالجواب: إنما أفردهما لبيان الاختلاف أو لبيان الناقل بخلاف غيرهما فإنه مجمع عليه، كذا ذكره بعضهم، والأظهر أنه خص هذين الموضعين لمكان الخلاف الشهير ولاختصاصهما بالإضافة إلى الضمير.
(1)
كذا جميع النسخ التسع ولعلها (ولم يقل أحد بخلافه) أو (ولم ينقل أحد خلافه).
(2)
في بعض النسخ: (لاورى للوراء)، وفي بعضها (لا دري) ولعلّها كما أثبتُّ؛ أي: لأضاء لهم ورفع ما أوجب التوهم والالتباس.
54 - والحذفُ في ياءِ إِبْرَ اهِمَ قيل هنا
…
شامٍ عراقٍ ونِعْمَ العِرْقُ ما انتثرا
افتعال من النثر بالمثلثة بمعنى النشر، وفي نسخة صحيحة ما انتشر بالشين المعجمة ومعناهما تفرق واشتهر، وألفه للإطلاق، والمراد "بالعراق" عراق العرب وهو الكوفة والبصرة فيشير إلى انتشار حذف "ياء {إِبْرَاهِيمَ} "
(1)
في مصاحف الشام والعراقيين واشتهاره، فيدل ذلك على قوة القراءة بحذفها لأن عرق النبات إذا كان ممتدًا فنعم العرق، ومعنى "قيل" روي، وهو خبر المبتدأ الذي هو "الحذف" والمراد بقوله:"هنا" سورة البقرة.
والمعنى: اختلفت المصاحف في رسم الياء التي في " إِبْرَاهِيمَ " فنقل أن حذفه هنا منسوب إلى مصحف الشام والعراق، ومفهومه أنه ثبت في سائر المصاحف وأما ألفه فلم ترسم في جميع القرآن وهو الموافق للقاعدة العربية، في حذف الألفات من الأسماء العَلَمِيِّة.
ثم اعلم أن السبعة
(2)
اتفقوا على إثبات الألف التي بين الراء والهاء وإنما الخلاف فيما بين الهاء والميم؛ فقرأ هشام
(3)
بأَلِفٍ أخرى في مواضع مخصوصة من البقرة وغيرها
(4)
فصار {إِبْرَ اهَام} ، ولابن ذكوان وجهان في مواضع البقرة خاصة، والباقون بياء ساكنة مكان الألف الثانية
(5)
.
(1)
ورد هذا اللفظ في القرآن (69) مرةً في (63) آية.
(2)
بل وبقية العشرة.
(3)
ابن عمار بن نصير أبو الوليد السلمي الدمشقي؛ شيخ أهل دمشق ومفتيهم وخطيبهم ومقرئهم ومحدثهم، مات في سنة 245. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 195 ترجمة رقم (91).
(4)
وهي ثلاثة وثلاثون موضعًا. قال في النشر 2/ 221: (ووجه خصوصية هذه المواضع أنها كتبت في المصاحف الشامية بحذف الياء منها خاصة، وكذلك رأيتها في المصحف المدني وكتبت في بعضها في سورة البقرة خاصة وهو لغة فاشية للعرب وفيه لغات أخرى قرئ ببعضها وبها قرأ عاصم الجحدري وغيره).
(5)
انظر: النشر (2/ 221، 222) والإقناع في القراءات السبع (2/ 602 - 604) وقال في آخر كلامه:
(وجملة ما في القرآن من ذكره عليه السلام تسعة وستون موضعًا، اختلف منها في ثلاثة وثلاثين موضعًا، وستة وثلاثون لا خلاف فيها -أي: على أنها بالياء- إلا ما ذكره السلمي في الأعلى) وقال في النشر: (وانفرد ابن مهران فزاد على هذه الثلاثة والثلاثين موضعًا ما في سورة آل عمران وسورة الأعلى فوهم في ذلك).
وفي شرح السخاوي: (قال أبو عمرو: قال أبو عبد الله محمد بن عيسى عن نصير: في سورة البقرة إلى آخرها في بعض المصاحف: {إِبْرَاهِيمَ} بغير ياء، وفي بعضها بالياء، قال أبو عمرو: ولم أجد أن ذلك في مصاحف العراق إلا في سورة البقرة خاصة، قال: وكذلك رسم في مصاحف أهل الشام، وقال بسنده إلى أبي عبيد قال: تتبعت رسمه في المصحف فوجدته كتب في سورة البقرة خاصة بغير ياء)
(1)
فوجه رسمه كذلك التنبيه على قراءة {إِبْرَ اهَام} ، وحذف الألف منه اختصارًا.
قلت: وهذا في رسم سورة البقرة، وأما فيما عداها حيث قرأها هشام بالألف فكأنه جعل المركز عوضًا عن الألف كما في {بَنَاهَا} [النازعات: 27، والشمس: 5] ونحوها.
55 - أَوْصَى الإمامُ مع الشاميِّ والمدني
…
شامٍ وَقَالُوا بحذف الواو قبلُ يُرى
بصيغة المجهول فالضمير "للحذف"، أو بالفاعل فالضمير "للشام"
(2)
، و"قبلُ": مبني على الضم، والتقدير قَبْلَ "أوصى" ذكره السخاوي
(3)
، والأَوْلى أن يقال: قبل "قالوا" احترازًا من الواو التي في آخر
(1)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 113).
(2)
بصيغة المجهول أي: يُرى حذفُ الواو في "وقالوا" وبصيغة الفاعل -أي: المبني للمعلوم- يَرى الشاميُّ حذفَ الواو في "وقالوا".
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 120).
"قالوا" فإنها ضمير فاعل لم يحذف في جميع المصاحف، واكتفى في "أَوْصَى" باللفظ عن القيد، والتقدير:"أَوْصَى" مرسومُ "الإمام" مع المصحف "الشامي" والمصحف "المدني" على تقدير المضاف
(1)
وهو أولى من تقدير السخاوي: (أي موضعُه ومكانُه؛ الإمامُ، و"أَوْصَى": مبتدأ، و"الإمام": خبر لمبتدأ محذوف
(2)
، وهو وخبره؛ خبر الأول
(3)
(4)
، ثم قال:(وقوله: "شام وقالوا" مبتدأٌ وخبرٌ، إلا أن "شام" هو الخبر وهو مقدم على المبتدأ، وهو كقولك: تميمي زيد)
(5)
، وأقول: بل التقدير ومرسوم مصحف شام إلى آخره.
والمعنى: أنه رسم في مصحف الإمام الذي رآه أبو عبيد، وفي مصحف المدينة والشام أيضًا قوله تعالى:{وَأَوْصَى} [البقرة: 132]؛ بإثبات همز بين واوين كما قرأه نافع وابن عامر
(6)
من باب الإفعال
(7)
، وفي بقية المصاحف -وهي المكي والكوفي والبصري- رسمت بواوين بلا همزة من باب التفعيل
(8)
كما هو قراءة الباقين من السبعة
(9)
، واكتفى في {أَوْصَى} باللفظ عن القيد، ولو قال: أَوْصَى يوصي الإمام الشام والمدني. إلى آخره، لأوفى.
(1)
وهو"مرسوم" كما قدره الشارح قبل.
(2)
تقديره: "موضعُه ومكانُه" كما صرح به قريبًا.
(3)
وهو "أوصى" فيكون إعرابها: أوصى: مبتدأ أول، موضعه: مبتدأ ثاني، الإمام: خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره: خبر المبتدأ الأول "أوصى" وهذا كله إعراب السخاوي.
(4)
الوسيلة صـ 115.
(5)
الوسيلة صـ 120.
(6)
انظر: النشر 2/ 222.
(7)
فيكون مصدرها الإيصاء.
(8)
فيكون مصدرها التوصية.
(9)
انظر: النشر 2/ 223، والإقناع في القراءات السبع 2/ 604.
ثم حذفت الواو التي قبل "قَالُوا" في سورة البقرة [آية: 116] في قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} في مصحف الشامي كما في قراءة ابن عامر ورسمت في سائر المصاحف كما في قراءة الباقين
(1)
، (وحَذْفُ هذه الواوِ وإثباتُها ليس من قِبَلِ الكاتب، وإنما إثباتها وحذفها قراءتان مُنزلَتان، ولم يمكن إثباتها وحذفها في مصحف واحد فجعلت في مصحفٍ ثابتةً كما أنزلت، وفي آخرَ محذوفةً كما أنزلت)
(2)
.
ثم اعلم أنه (قال أبو عبيد: في مصاحف المِصْرَيْن؛ الكوفةِ والبصرةِ: {وَوَصَّى}، وفي مصاحف الحجاز والشام بالألف، قال: ورأيتها في الذي يقال له "الإمام"؛ مصحفِ عثمان بن عفان هكذا أيضًا بالألف)
(3)
، كذا نقله أبو عمرو
(4)
عن أبي عبيد، وذكر بإسناده أيضًا عن أسيد
(5)
عن مصحف عثمان {وَوَصَّى} بغير ألف، ولعل وجه الجمع أن أسيدًا رآه بمصحفِ عثمان؛ المصحفِ الذي أمر بكتابته لأهل المدينة، وأبو عبيد أراد ما خصه لنفسه المسمى بالإمام، والله أعلم بحقيقة المرام.
هذا، وذكر
(6)
بإسناده أيضًا عن (خالد بن إياس بن صخر بن أبي الجهم يذكر أنه قرأ مصحف عثمان بن عفان فوجد فيه مما يخالف مصاحف أهل المدينة اثني عشر حرفًا منها في سورة البقرة [آية: 132]: {وَوَصَّى} ؛ بغير ألف، وفي آل عمران [آية: 133]: {وَسَارِعُوا} بالواو، وفي المائدة [آية: 53]:
(1)
انظر: النشر 2/ 220، والكشف 1/ 260، والإقناع 2/ 601.
(2)
ما بين القوسين منقول من الوسيلة صـ 119.
(3)
ما بين القوسين منقول من الوسيلة صـ 115.
(4)
في المقنع صـ 102.
(5)
لم أجده في المقنع عن أسيد.
(6)
أي: السخاوي مع أنه لم يسبق له ذكر، وقد صنع المصنف ذلك مرارًا فأوهم؛ لأنه ذكر عبارة (وذكر بإسناده أيضًا) قبل ثلاثة أسطر مريدًا به أبا عبيد ثم كررها هنا مريدًا به السخاوي.
{وَيَقُولُ الَّذِينَ} بالواو، وفيها [آية: 54] {مَنْ يَرْتَدَّ} بدال واحدة، وفي براءة [آية: 107]: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا} بواو، وفي الكهف [آية: 36]: {خَيْرًا مِنْهَا} بالإفراد، وفي الشعراء [آية: 217]: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} بالواو، وفي المؤمن
(1)
[آية: 26]: {أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} بالألف، وفي الشورى [آية: 30]: {فَبِمَا كَسَبَتْ} بالفاء، وفي الزخرف [آية: 71]: {تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ} بغير هاء، وفي الحديد [آية: 24]: {هُوَ الْغَنِيُّ} بلفظ هُوَ، وفي الشمس [آية: 15]: {وَلَا يَخَافُ} بالواو، وكذا ذكره بإسناده عنه وعن غيره أن هذه الحروف مكتوبة في مصحف عثمان وهي تخالف قراءة أهل المدينة ومصاحفهم وهي اثنا عشر حرفًا)
(2)
.
56 - يُقَاتِلُونَ الَّذِينَ الحذفُ مُخْتَلَفٌ
…
فيه معًا طَائِرًا عن نافعٍ وَقَرَا
بألف الإطلاق؛ أي: ثبت الحذف عن نافع واستقر، وقال السخاوي:(يحتمل الألف في قوله: "وَقَرَا" أن يكون للتثنية لأنهما حرفان في موضعين، وأن يكون للإطلاق لأن لفظ "طَائِرًا" واحد)
(3)
انتهى.
ولا يخفى أنه إذا كان الضمير راجعًا إلى "طَائِرًا" أو طائرين لا يستفاد الحكم من البيت إلا أن يقدر مُقَدَّر.
ثم يُقرأ البيت بإشباع ضمير "فيه"، و"الحذفُ" خبر " يُقَاتِلُونَ " والتقدير حذف ألفه.
(1)
أي: سورة غافر.
(2)
ما بين القوسين منقول من الوسيلة صـ 116 و 118.
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 121).
والمعنى: اختلف المصاحف في حذفِ ألف " يُقَاتِلُونَ " المصاحب لـ " الَّذِينَ " بعده وإثباتِها، وهو الذي في سورة آل عمران [آية: 21]: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ} كما اختلف في تلاوته فإن حمزة يقرأ بإثبات الألف والباقون بالحذف
(1)
بخلاف: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 21] فإن الحذف فيه مجمع عليه كتابةً وقراءةً، ثم روى نافعٌ حذفَ الألف من "طَائِرًا" في موضعين من سورة آل عمران والمائدة وهو قوله:{فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49]
(2)
وإن كان قراءة نافع إثباتها
(3)
، واحترز بما نطق به من نصب قوله:"طَائِرًا" وتنوينِه مُنَكَّرًا؛ من نحو قولِه تعالى: {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف: 131] وقولِه سبحانه: {أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13] كذا ذكره شارح، وفيه أنهما ليسا من الربع الأول مع أنهما محذوفا الألف كما سيأتي في محلهما
(4)
فتأمل، وسيأتي قريبًا
(5)
{وَلَا طَائِرٍ} [الأنعام: 38] أنه بالحذف أيضًا، فكأن الناظم أراد أن يذكر كلًّا في موضعه على حدة، لا سيما والطائران في الأعراف والإسراء ليسا بمعنى الطير المتعارف
(6)
.
(1)
انظر: النشر 2/ 238، والكشف 1/ 338، والإقناع 2/ 618.
(2)
وأما آية المائدة فقوله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي} [المائدة: 110].
(3)
قال في النشر 2/ 240: (فقرأ أبو جعفر "الطَائِر""فَيَكُونُ طَائِرًا" في الموضعين هنا وفي المائدة بألف بعدها همزة مكسورة على الإفراد، ووافقه نافع ويعقوب في "طَائِرًا" في الموضعين
…
، وقرأ الباقون بإسكان الياء من غير ألف ولا همز في الأربعة الأحرف على الجمع) وانظر: الكشف 1/ 345، والإقناع 2/ 260.
(4)
أما آية الأعراف فمحلها البيت (69) وشرحه، وأما آية الإسراء فمحلها البيت (86) وشرحه.
(5)
في البيت (66) وشرحه.
(6)
إذ هما بمعنى الحظ والنصيب في الأعراف، وبمعنى الشقاوة والسعادة أو العمل أو الحظ أو ما يتطير من مثله من شيء عمله؛ في آية الإسراء، وانظر: زاد المسير 3/ 248، و 5/ 15.
57 - وَقَاتَلُوا وَثُلَاثَ معْ رُبَاعَ كِتَا
…
ـبَ اللّاهِ معْهُ ضِعَافًا عَاقَدَتْ حَصَرَا
جميع ما في هذا البيت مما رواه قالون عن نافع أيضًا فهو معطوف على ما قبله "معًا طائِرًا عن نافع"، وفي "حَصَرَ" ضميرٌ راجعٌ إلى "نافعٍ" أي: حَصَرَ جميعَ ذلك وأحصاه، وقيل:"حَصَرَا"؛ حال بتقدير قد، أو بدونه؛ أي: حال كونه "حَصَرَ" حذف الألف فيها.
والمعنى: روى نافع حذف الألف في قوله تعالى: {وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا} في آل عمران [آية: 195]، واختلف في التلاوة فحذفها حمزة والكسائي
(1)
وأثبتها غيرهما
(2)
، وكذا رَوَى حذفَ الألف في "ثُلَاثَ مع رُبَاعَ" في قوله تعالى:{مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، ولم يقرأ أحد بحذف الألف هنا فحَذْفُه تخفيف مع العلم بموضعه.
ثم اعلم أنّا فسرنا كلام الناظم بما في النساء وإن كان ما في سورة فاطر [آية: 1] من قوله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} أيضًا رسم بالحذف؛ لأن الكلام في هذا الربع، ولأن نافعًا ما روى إلا ما في سورة النساء، وأما ما في سورة فاطر فيشمله قوله: وكل ذي عدد
…
الخ
(3)
.
نعم لو قال:
وَقَاتَلُوا وَثُلَاثَ مع رُبَاعَ معًا
…
مع الْكِتَابِ ضِعَافًا عَاقَدَتْ حصرا؛
لحصر، لكنه يتوهم أنهما في السورتين مروي عن نافع.
والمعنى: أن حذف ألف {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] مروي عن نافع وهو لا ينافي عمومَ حذفِ الألفِ في " الْكِتَابِ "، إلا ما استثني فيما يأتي من الكتاب،
(1)
لأنهما يقدمان الفعل المبنيّ للمجهول من القتل؛ على فعل المقاتلة.
(2)
انظر: النشر 2/ 246، والكشف 1/ 373، والإقناع 2/ 625.
(3)
في البيت (140).
وكذا رسم {ذُرِّيَّةً ضِعَافًا} [النساء: 9] بحذف الألف، ولم يقرأ بحذفه أحد
(1)
، وأما {عَقَدَتْ} في سورة النساء [آية: 33]؛ فرسم بالحذف واختلف في التلاوة؛ فالكوفيون بالقصر، والباقون بالألف
(2)
.
58 - مُرَاغَمًا قَاتَلُواْ لَامَسْتُمُ بهما
…
حرْفَا السَّلَامِ رِسَالَاتِهْ معًا أَثَرا
بألف الإطلاق؛ أي: روى نافع الحذف في الكلمات المتقدمة وهي قوله تعالى: {مُرَاغَمًا كَثِيرًا} [النساء: 100] ولم يقرأ بحذف ألفه أحد، وقوله تعالى:{فَلَقَاتَلُوكُمْ} في سورة النساء [آية: 90]؛ بحذف الألف كتابةً لا
(3)
قراءةً، وإنما قرأ الحسن وجماعة:{فَلَقَتَّلُوكُمْ} بغير ألف شاذة
(4)
، وقوله تعالى:{لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} في الموضعين المعروفين من سورة النساء [آية: 43] والمائدة [آية: 6]، واختلف في التلاوة
(5)
، وقوله تعالى:{مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} في المائدة [آية: 16] و {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ} في الأنعام [آية: 127] ولم يقرأ أحد من السبعة
(6)
بحذف الألف فيهما، وقوله
(1)
كذا في (ز 8) و (س) وفي (ل) و (ز 4)؛ في حاشيتهما "بحذفه أحد" وفي (ص) و (بر 1)"ولم يقرأ بإثباته أحد" وفي حاشية (ز 4)(والصواب: ولم يقرأ بحذف الألف أحد على ما فهم من سياق الكلام) وهو كما قال المُحَشِّي إلا أن نقول مراده: ولم يقرأ بإثبات الحذف أحد، وفيه تكلف.
(2)
انظر: النشر 2/ 249، والكشف 1/ 388، والإقناع 2/ 630.
(3)
كذا في (ز 8) و (ص)، وفي بقية النسخ "كتابة وقراءة" والصواب ما أثبته لأنه لم يقرأ بحذفها أحد من العشرة، ولأن قوله بعدها "وإنما" يدل عليه.
(4)
في مختصر ابن خالويه صـ 34 عزاها للحسن ومجاهد، وفي الإتحاف صـ 193 عزاها للحسن، وقال ابن عطية في المحرر الوجيز 4/ 204:(وقرأ الجحدري والحسن "فلقَتَّلوكم" بتشديد التاء) وذكرها دون عزو كل من أبي السعود في تفسيره 2/ 214، والآلوسي في روح المعاني 5/ 111.
(5)
(فقرأ حمزة والكسائي وخلف بغير ألف فيهما، وقرأ الباقون فيهما بالألف). اهـ من النشر 2/ 250 وانظر: الكشف 1/ 391 - 392، والإقناع 2/ 630.
(6)
بل ولا بقية العشرة.
تعالى: {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} في سورة المائدة [آية: 67]، وكذا في {حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] واختلف في التلاوة
(1)
، وأما حذف الألف التي قبل اللام فيُعْلَم مما سيأتي
(2)
في حكمِ الجمعِ، وإسكانُ هاءِ "رِسَالَاتِهْ" للضرورة.
59 - وَ بَالِغَ الْكَعْبَةِ احْفَظْهُ وقل قِيَمًا
…
و الْأَوْلَيَانِ و أَكَّالُونَ قد ذَكَرا
(3)
بألف الإطلاق مَبْنِيًّا للفاعل وضميره لنافع، ولا يبعد أن يكون مَبْنِيًّا للمفعول وألفه للتثنية، ثم قوله:"وَ بَالِغَ الْكَعْبَةِ " معطوف على ما تقدم لأنه مما رواه نافع أيضًا، وضمير "احْفَظْهُ" بالإشباع.
والمعنى: احفظ حذْفَ ألفِ {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] ولم يقرأ أحد بحذفها من السبعة
(4)
بخلاف قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا} [المائدة: 97] فإنه روي عن نافع حذفُ الألف التي بين الياء والميم
(5)
، وقرأ ابن عامر بحذفها، والباقون بإثباتها
(6)
، وأما {قِيَامًا} في أول سورة النساء [آية: 5] فرسم بالحذف واختلف في القراءة؛ فقرأ نافع وابن عامر بحذف الألف
(7)
(1)
أما آية المائدة (فقرأ المدنيان وابن عامر ويعقوب وأبو بكر "رِسَالَاتِه" بالألف على الجمع وكسر التاء، وقرأ الباقون بغير ألف ونصب التاء على التوحيد). اهـ من النشر 2/ 255 وانظر: الكشف 1/ 415، والإقناع 2/ 635.
وأما آية الأنعام (فقرأ ابن كثير وحفص" رِسَالَتَهُ "بحذف الألف بعد اللام ونصب التاء على التوحيد، وقرأ الباقون بالألف وكسر التاء على الجمع). اهـ من النشر 2/ 262 وانظر: الكشف 1/ 449، والإقناع 2/ 643.
(2)
في شرحه للبيت (152).
(3)
انظر: المقنع صـ 11.
(4)
بل ولا بقية العشرة.
(5)
أي: رسمًا لا قراءة.
(6)
انظر: النشر 2/ 247، والاقناع 2/ 627.
(7)
انظر: النشر 2/ 247، والاقناع 2/ 627.
وهذا
(1)
غير مستفاد من العقيلة
(2)
وكذا من أصلها
(3)
نبه عليه الحافظ طاهر الأصبهاني
(4)
، والرواية في النظم على حرف التثنية في الْأَوْلَيَانِ حيث حذف الألف فيه من قوله تعالى:{الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} [المائدة: 107]، واختلف في التلاوة فقرأ حمزة وأبو بكر
(5)
{الْأَوَّلِينَ} بلفظ الجمع
(6)
، ثم قوله تعالى:{أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42]؛ رسم بحذف الألف والقراءة على إثباتها
(7)
مع أنه يمكن أن يقرأ بصيغة الجمع لاسم الفاعل على صورة الرسم إلا أن مدار القراءة على صحة الرواية لا على مجرد رسم الكتابة وإن وافق القاعدة العربية مبنًى ومعنًى والله أعلم.
60 - وقل مَسَاكِينَ عن خُلْفٍ وهودُ بها
…
وذي ويونسُ الُاولى سَاحِرٌ خُبِرَا
(8)
بألف الإطلاق مبنيًّا للمفعول، والضمير إلى "خُلْفٍ"، أي: عُلِمَ "الخُلْفُ" في حذف ألف {سَاحِرٌ} في المواضع الثلاثة وهي سورة هود [آية: 7] وهو قوله تعالى: {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
(1)
أي: حذف ألف {قِيَامًا} التي في النساء.
(2)
لأنه إنما ذكره في سياق سورة المائدة ومن شأنه الترتيب.
(3)
أي: المقنع حيث لم يذكر حذف ألف {قِيَامًا} التي في النساء.
(4)
كذا في (س) و (بر 1) و (ز 8)، وفي (ص) و (ل) و (ز 4)"الأصفهاني".
(5)
هو شعبة بن عياش الكوفي الإمام، كان حجة كثير العلم والعمل منقطع القرين، روي من غير وجه عنه أنه مكث أربعين سنة أو نحوها يختم القرآن في كل يوم وليلة، لما حضرته الوفاة قال: قد ختمت في تلك الزاوية ثمان عشرة ألف ختمة توفي في جمادى الأولى سنة 193. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 134 ترجمة رقم (50).
(6)
(بتشديد الواو وكسر اللام بعدها وفتح النون على الجمع) اهـ من النشر 2/ 256 وانظر: الإقناع 2/ 636.
(7)
باتفاق العشرة.
(8)
المقنع ص 11، 20، 93.
إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}
(1)
وفي هذه السورة أي: سورة المائدة [آية: 110] وهو قوله تعالى: {فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}
(2)
، وفي سورة يونس [آية: 2] وهي الكلمة الأولى منها وهو قوله تعالى: {قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ}
(3)
، وسيأتي حكم تمام {سَاحِرٌ} آخر يونس [آية: 79] المحترز عنه بالأولى في الأعراف
(4)
، واختلف السبعة في تلاوة لفظ {سَاحِرٌ} هذه الثلاثة إثباتًا وحذفًا
(5)
ثم "هود"؛ مبتدأ، أي: سورة هود، وجملة "بها ساحر"؛ خبره، والضمير في "بها" راجع إلى سورة هود، والباء بمعنى في، و"ذي" عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجارِّ وهو جائز عند الجمهور
(6)
، ويُقْرَأ "الُاولى" بالنقل.
وفي شرح السخاوي: (قال نصير: " سَاحِرٌ " في جميع ذلك ثابت الألف في بعض المصاحف دون بعض، ولم يذكر نافع هذه الثلاثة ولم يتعرض لها
(1)
والحذف إنما هو على قراءة حمزة والكسائي وخلف كما سيأتي بيانه.
(2)
والحذف إنما هو على قراءة حمزة والكسائي وخلف كما سيأتي بيانه.
(3)
والحذف إنما هو على قراءة حمزة والكسائي وخلف وعاصم وابن كثير كما سيأتي بيانه.
(4)
في شرح البيت رقم (71).
(5)
أما آيتا المائدة وهود فقرأهما حمزة والكسائي وخلف بإثبات الألف، والباقون بحذفها، أما آية يونس فقرأها حمزة والكسائي وخلف وعاصم وابن كثير بإثبات الألف، والباقون بحذفها. انظر: الإقناع (2/ 636، 660) وانظر: النشر (2/ 256).
(6)
قال ابن عقيل في شرحه للخلاصة 3/ 53، 54: (وأما الضمير المجرور فلا يعطف عليه إلا بإعادة الجار له نحو: مررت بك وبزيد ولا يجوز مررت بك وزيد، هذا مذهب الجمهور، وأجاز ذلك الكوفيون واختاره المصنف وأشار إليه بقوله:
وعود خافض لدى عطف على
…
ضمير خفض لازما قد جعلا
وليس عندي لازما إذ قد أتى
…
في النظم والنثر الصحيح مثبتًا
أي: جعل جمهور النحاة إعادة الخافض إذا عطف على ضمير الخفض لازما ولا أقول به لورود السماع نثرًا ونظما بالعطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، فمن النثر قراءة حمزة:
{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامِ} بجر الْأَرْحَامِ عطفًا على الهاء المجرورة بالباء ومن النظم ما أنشده سيبويه:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا
…
فاذهب فما بك والأيامِ من عجب.
بجر الأيامِ عطفًا على الكاف المجرورة بالباء).
بحذف ولا إثبات، وأما ساحر الذي لا يمكن فيه القراءة بوجه آخر كقوله تعالى:{إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}
(1)
فهو محذوف الألف إلا في موضع واحد
(2)
وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى
(3)
(4)
انتهى.
وأما قوله: "وقل مَسَاكِينَ عن خُلْفٍ" من جملة ما رواه نافع؛ فهو عطف على ما قبله.
والمعنى: أن رسم مساكين هنا مختلف فيه فرسم في بعض المصاحف بحذف ألفها وفي بعض بإثباتها، وذِكْرُه بعد {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] يفيد محل الخلاف وقيد في الأصل
(5)
بـ {طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: 95] ليخرج عنه {عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} بالمائدة [آية: 89] فإنه حذف بلا خلاف، فلو قال: ثاني مَسَاكِينَ، لكان أظهر. وقد قرأ جماعة منهم أبو المتوكل
(6)
وأبو نهيك
(7)
: مِسْكِينٍ، بالإفراد.
(1)
سورة [الأعراف: 109] وسورة [الشعراء: 34].
(2)
قال أبو عمرو في المقنع صـ 20: (وكل شيء في القرآن من ذكر "سِحر" فهو مرسوم بغير ألف إلا موضعًا واحدًا فإن الألف فيه مرسومة وهو قوله في الذاريات [آية: 52] {إلا قالواْ ساحرٌ} وحدثنا أحمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا عيسى عن نافع قال: كل ما في القرآن من "ساحر" فالألف قبل الحاء في الكتاب، وكذلك رسمت الألف بعد الحاء في الشعراء [آية: 37] في قوله {بِكُلِّ سَحَّارٍ} ليس في القرآن غيره).
(3)
في شرح البيت 146.
(4)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 126.
(5)
أي: أصل العقيلة الذي هو المقنع بدليل قوله في شرح البيت (59): (وهذا غير مستفاد من العقيلة وكذا من أصلها) يعني به المقنع، وهي فيه صـ 93 ونصه:(وفي بعضها {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} بالألف وفي بعضها {مِسْكِينٍ} بغير ألف).
(6)
أبو المتوكل الناجي البصري محدث إمام اسمه علي بن داود متفق على ثقته توفي سنة 102. اهـ مختصرًا من سير أعلام النبلاء 5/ 8 ترجمة رقم (4).
(7)
هو علباء بن أحمر اليشكري الخراساني، له حروف من الشواذ تنسب إليه وقد وثقوه، عرض على عكرمة مولى ابن عباس وغيره، روى عنه حروفه أبو المهلب العتكي وقد خرج مسلم حديثه. اهـ من الغاية 1/ 515 ترجمة (2133).
61 - وَسَارِعُوا الواوُ مكيٌّ عراقِيَةٌ
…
وبا وَبِالزُّبُرِ الشاميْ فشا خَبَرا
(1)
بالنصب على التمييز؛ أي: اشتهر "خبر" رسمه بزيادة باء في أوله، وقصر "با" ضرورة، وكذا تخفيف "الشامي" و"عراقية" وتذكير "مكّي" لأن الحرف يذكر ويؤنث، وهذا يدل على أن المصحف المكي له أصل، و"الواو" مبتدأ ثان مع خبره؛ خبر قوله:" وَسَارِعُوا " أي: واوه، أو
(2)
"الواوُ" فيه "مَكِّيٌّ" إلخ، و"با"؛ مبتدأ، "فشا"؛ خبره.
والمعنى: أن إثبات الواو الأولى من وَسَارِعُوا منسوب إلى مصحف مكة والبصرة والكوفة، وأما في بقية المصاحف فمحذوفة، واختلفت القراءة في السبعة
(3)
، وأما ألف {وَسَارِعُوا} [آل عمران: 133] ثابتة اتفاقًا، وأما إثبات الباء الأولى في {وَبِالزُّبُرِ} [آل عمران: 184] فمنسوب إلى الشامي وقرأ به ابن عامر
(4)
بلا خلاف عنه، بخلاف ما سيأتي عنه في قوله:
62 - وَبِالْكِتَابِ وقد جاءَ الخلافُ به
…
وَرَسْمُ شامٍ قَلِيلًا منهمُ كَثَرَا
(5)
بفتح المثلثة أي: غلب غيرَها من المصاحف في إثبات ألفها في قوله تعالى: {إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66] كما نطق به على أنه منصوب بالاستثناء، وبه قرأ ابن عامر، والباقون بحذف الألف
(6)
على أنه مرفوع بالبدل
(7)
، ولو قال:
(1)
المقنع صـ 102.
(2)
كذا في (س) و (بر 1) و (ل) و (ز 4)، وفي (ص)"و" وبدل "أو"، وفي (ز 8)"أي".
(3)
فقرأ نافع وابن عامر بلا واو قبل السين، وقرأ بقية السبعة بالواو. انظر: النشر (2/ 242)، والإقناع (2/ 622)، والكشف (1/ 356).
(4)
انظر: النشر (2/ 245)، والإقناع (2/ 624)، والكشف (1/ 370).
(5)
المقنع صـ 102، 103، 110.
(6)
انظر: النشر 2/ 250، والإقناع 2/ 630.
(7)
انظر: الكشف 1/ 392.
ونصب شام قليلًا منهم كثرا
(1)
؛ لظهر أمره بلا مِرا، لاشتماله على كتابة الشامي وقراءته، ثم يجوز ضم المثلثة في "كثرا" أيضًا أي: كثر نقله، لا يقال:"نصب شام" يوهم أنه أراد به القراءة؛ لأنا نقول: هذا الكتاب موضوع لبيان رسم الكتابة، ويتزن البيت بضم ميم الجمع.
وأما قوله: " وَبِالْكِتَابِ " فمعطوف على وَبِالزُّبُرِ، والتقدير:" وَبِالْكِتَابِ ""رسم الشامي" والحال أنه قد ثبت الخلاف في إثبات ألفه وحذفه
(2)
رسمًا وكتابةً
(3)
، وكذا اختلف فيه عن ابن عامر قراءةً فأثبت عنه هشام
(4)
روايةً.
ثم اعلم أن
(5)
(جميع ما في هذا الحديث وما قبله مما ذكره أبو عمرو في المقنع
(6)
وقال: إنه سمع من غير واحد من شيوخه أن في مصاحف المدينة والشام - {سَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ} [آل عمران: 133] بغير واو قبل السين، وفي سائر
(1)
يعني بدل قوله في البيت: وَرَسْمُ شامٍ قَلِيلًا منهمُ كَثَرَا.
(2)
بل ثبت الاتفاق على حذف ألفه لأنه ليس من المواضع الأربعة المستثناة في الرعد والحجر والكهف والنمل التي سيأتي بيانها في"باب الحذف في كلمات يحمل عليها أشباهها" شرح البيت (143)، فلعله سبق قلم من الشارح إذ الحديث هنا في إثبات الباء في " وَبِالْكِتَابِ " لا الألف بدليل بقية كلامه؛ إذ ابن عامر قرأ:" وَبِالْكِتَابِ "؛ بإثبات الباء كما في مصحف الشام، ولم يقرأ بحذف الألف من"كتاب"في هذا الموضع أحد من العشرة لا ابن عامر ولا غيره.
(3)
قوله "رسمًا وكتابةً" من باب عطف الشيء على نفسه لأن الرسم هو الكتابة، ومن أمثلته في كتاب الله {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} [الأعلى: 2 - 4].
(4)
في بعض النسخ (ابن ذكوان) والصحيح ما أثبتناه كما في النشر 2/ 245، 246، والإقناع 2/ 624.
(5)
من هنا منقول من الوسيلة للسخاوي صـ 127 - 128.
(6)
في باب: ذكر ما اختلفت فيه مصاحف أهل الحجاز والعراق والشام المنتسخة من الإمام بالزيادة والنقصان، صـ 102 - 114.
المصاحف {وَسَارِعُوا}
(1)
، ثم ذكر
(2)
بسنده
(3)
عن علي بن حمزة الكسائي قال: اختلف أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة وأهل الشام؛ فأهل المدينة والشام-
(4)
{سَارِعُواْ} بغير واو، وأهل الكوفة والبصرة بالواو) انتهى
(5)
.
ولا يخفى أن في الأصل
(6)
ليس في
(7)
ذكر مصحف أهل مكة فهو من الزائد والله تعالى أعلم
(8)
.
ثم
(9)
(قال أبو عمرو: وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ بزيادة باء في الموضعين في مصحف
(10)
أهل الشام، وأسنده بإسناده المتصل إلى ابن عامر وكذا إلى أبي الدرداء
(11)
، وقال أبو عمرو أيضًا: ورأيت هارون بن موسى الأخفش يقول في كتابه: الباء زيدت في الإمام الذي وجه به إلى الشام في قوله {وَبِالزُّبُرِ}
(1)
المقنع صـ 102.
(2)
الضمير في قوله "ذكر" يعود إلى السخاوي لا إلى الداني كما توهمه عبارة المؤلف لأن هذا الخبر ليس موجودًا في المقنع، بل في الوسيلة كما سيأتي، ولعل سبب ذلك كونه نقل كلام الداني من الوسيلة للسخاوي فاسترسل بقوله "ذكر" مع أنه لم يشر إلى السخاوي حتى يعيد الضمير إليه، وهذا الكلام الذي ذكره المؤلف موجود في شرح البيت (61) من الوسيلة صـ 127 - 130.
(3)
أي: سند السخاوي من طريق ابن أبي داود في المصاحف بسنده إلى علي بن حمزة. انظر: المصاحف 2/ 49. وأما سند السخاوي إلى ابن أبي داود فقد أشار إليه في هذا الموضع بقوله: "وحدثني أبو المظفر بن فيروز بالسند المقدم"وذكر السند بتمامه في شرح البيت (9) صـ 34 وفي المقدمة صـ 7.
(4)
ما بين العارضتين سقط من نسخة (بر 3).
(5)
أي: كلام السخاوي في الوسيلة صـ 128.
(6)
مراده بالأصل: المقنع الذي سبقت الإشارة إليه.
(7)
كلمة "في" ليست موجودة في نسخة (بر 3).
(8)
هذه العبارة فيها ركاكة ومراده أن مصحف أهل مكة لا ذكر له في المقنع وقد ذكره الشاطبي هنا في العقيلة فهي من زياداتها عليه.
(9)
من هنا منقول من الوسيلة للسخاوي من صـ 128 - 131.
(10)
كذا في الأصل، والذي في الوسيلة والمقنع "مصاحف".
(11)
المقنع صـ 102.
[آل عمران: 184] وحدها
(1)
، قال أبو عمرو: والأول عندي أثبت لأنه عن أبي الدرداء
(2)
، وفي سائر المصاحف بغير باء في الحرفين، وقال أبو محمد المكي
(3)
في كتاب الكشف له: وقرأ هشام: {وَبِالْكِتَابِ} [آل عمران: 184] بزيادة باءٍ؛ إعادة للحرف تأكيدًا، قال: وكذلك هي في مصاحف أهل الشام
(4)
وقال في الهداية غير هذا
(5)
.
قلت
(6)
: والذي قاله الأخفش هو الصحيح إن شاء الله تعالى لأني كذلك رأيته في مصحف لأهل الشام عتيق يغلب على الظن أنه مصحف عثمان أو هو منقول عنه وهذا المصحف موجود في مدينة دمشق في مسجد بنواح الموضع المعروف بالكشك، وهم يزعمون أنه مصحف علي كرم الله وجهه وقد كشفته وتتبعت الرسم الذي اختص به مصحف الشام فوجدته كله)
(7)
.
63 - ورَسْمُ وَالْجَارِ ذَا الْقُرْبَى بطائفةٍ
…
من العراق عن الفراء قد ندرا
(8)
بألف الإطلاق؛ أي: "ندر" هذا النقل عن "الفراء"
(9)
أنه رسم "ذا" من قوله: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36] بألف في "طائفة من" مصاحف أهل
(1)
المقنع صـ 102 بتصرف.
(2)
عبارة أبي عمرو في المقنع صـ 103 (والأول أعلى إسنادًا وهما في سائر المصاحف بغير باء).
(3)
مكي بن أبي طالب؛ حموش بن محمد بن مختار القيسي المغربي القيرواني ثم الأندلسي، من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية، توفي سنة 437. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 2/ 394 ترجمة رقم (333) وانظر: السير (17/ 591).
(4)
الكشف (1/ 370).
(5)
الهداية إلى بلوغ النهاية في معاني القرآن وأنواع علومه، ونص كلامه فيه (4/ 3110):(وقد قرأ هشام بن عمار: {وَبِالْكِتَابِ} بالباء، ولا أصل لهذه "الباء" في مصاحف أهل الشام ولا غيرهم).
(6)
القائل هو السخاوي لأن الكلام لا يزال له دون إشعار سابق كما حصل ذلك من المؤلف مرارًا.
(7)
هنا نهاية النقل من الوسيلة للسخاوي.
(8)
المقنع صـ 103.
(9)
هو يحيى بن زياد بن عبد الله أبو زكريا الأسلمي النحوي الكوفي، شيخ النحاة، روى الحروف عن الكسائي وغيره، توفي سنة 207. اهـ من الغاية 2/ 371 ترجمة (3842).
"العراق"، قال أبو عمرو:(ولم أجد ذلك في شيء من مصاحفهم ولا أحد منهم قرأ به)
(1)
انتهى.
ولا يخفى أن شارح الخطب الأربعين ذكر أنه قرئ: {وَالْجَارِ ذَا الْقُرْبَى} بالنصب على الاختصاص تعظيمًا وتنبيهًا على عظم حقه، ثم اكتفى الناظم بقوله:" ذَا الْقُرْبَى " عن بيان نصه، فلو قال: وَنَصْبُ وَالْجَارِ ذَا الْقُرْبَى؛ لكان أظهر.
وفي شرح السخاوي: (وهذا البيت مما قد رواه أبو عمرو عن شيوخه، قال: وقال الفراء: في بعض مصاحف أهل الكوفة {وَالْجَارِ ذَا الْقُرْبَى} بالألف، قال أبو عمرو:"ولم أجد ذلك في شيء من مصاحفهم ولا قرأ به أحد منهم"، قلت: قرأ بذلك ابن قيس
(2)
وابن خثيم
(3)
وأبو حصين وابن أبي عبلة
(4)
وابن قائد، وذلك مع جر الراء من الجار)
(5)
انتهى.
وهو لا ينافي ما سبق عن أبي عمرو لأنه أراد نفي القراءة المتواترة، ثم قال أبو عمرو
(6)
بسنده (عن خالد بن اسماعيل بن مهاجر الزهري قال: قرأت على حمزة الزيات {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} ثم قلت: إن مصاحفنا " ذَا " فما أقرؤها؟
(1)
المقنع صـ 103 وسيأتي قريبًا تكرار نقل هذا النص في ضمن نقله من الوسيلة.
(2)
عطية بن قيس أبو يحيى الكلابي الحمصي الدمشقي تابعيٌّ قارئُ دمشقَ بعد ابن عامر، ولد سنة 7 في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، عرض القرآن على أم الدرداء، مات سنة 121. اهـ من الغاية 1/ 513 ترجمة (2125) وانظر: الطبقات 1/ 102 ترجمة (43).
(3)
الربيع بن خثيم؛ أبو يزيد الكوفي الثوري، تابعي جليل، أخذ القراءة عن عبد الله بن مسعود، قال له ابن مسعود: لو رآك محمد صلى الله عليه وسلم لأحبك وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين، مات في ولاية عبيد الله بن زياد يعني قبل سنة 90. اهـ من الغاية 1/ 283 ترجمة (1263).
(4)
أبو اسماعيل ابراهيم بن شمر (وهو أبو عبلة) بن يقظان بن المرتحل الدمشقي، ثقة كبير تابعي، له حروف في القراءات واختيار خالف فيه العامة، في صحة إسنادها إليه نظر، قال: قرأت القرآن على أم الدرداء الصغرى -هجيمة الأوصابية- سبع مرات، وأخذ أيضًا عن واثلة بن الأسقع، توفي سنة 151 وقيل غير ذلك. اهـ من الغاية 1/ 19 ترجمة (72).
(5)
الوسيلة إلى كشف العقيلة ص 132.
(6)
الذي قال ذلك هو السخاوي في الوسيلة صـ 133 لا الداني كما قال المؤلف رحمهم الله.
قال: لا تقرأها إلا " ذِي "، وقال
(1)
بإسناده عن خلاد بن خالد المقرئ عن علي بن حمزة الكسائي، قال: في مصاحف أهل الكوفة: {وَالْجَارِ ذَا الْقُرْبَى} وكان بعضهم يقرؤها كذلك، ولست أعرف أحدًا يقرؤها اليوم إلا ذي)
(2)
وقال السخاوي
(3)
: (وإنما قال الناظم: "عن الفراء"؛ اعتمادًا على قول أبي عمرو: إنه لم يجدها في مصاحفهم ولم يقرأ بها أحد منهم)
(4)
.
قلت: بل الظاهر أنه اعتمد على مجموع ما تقدم
(5)
إلا أن تعبير الناظم بـ"العراق" موهم أن يكون الفراء نسب إلى مصحف البصري أيضًا
(6)
وليس كذلك، فكان الأولى أن يقول:
ونصب وَالْجَارِ ذَا الْقُرْبَى بكوفية .....................................
وليندفع به أيضًا أن الفراء نقل هذا عن طائفة من أهل العراق
(7)
فإنه ليس كذلك بالاتفاق.
64 - مع الْإمام وشامٍ يَرْتَدِدْ مدني
…
وقبله وَيَقُولُ بالعراق يُرى
(8)
بصيغة المجهول أي: "يُرى" إثباتُ واوِه قبل يائِه، وقوله:" يَرْتَدِدْ " اكتفاء باللفظ عن القيد فإن الوزن لا يستقيم إلا بالفكِّ الدالِّ على الدالَيْن.
(1)
القائل هو السخاوي أيضًا لا الداني كما توهمه عبارة المؤلف رحمهم الله.
(2)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 133.
(3)
متصلا بكلامه السابق وإنما احتاج المؤلف إلى هذه العبارة لتَوَهُّمِهِ أنه قد فصل بكلام للداني.
(4)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 133.
(5)
لم يتقدم للداني مما يصلح أن يكون سببًا لذلك سوى ما ذكره السخاوي عن الداني، ولكن المؤلف لما تَوَهَّم أن المتون المذكورة وأسانيدها للداني قال:(بل الظاهر أَنَّه اعتمد على مجموع ما تقدم)، وعليه فالصواب ما ذكره السخاوي.
(6)
بل تعبيره لا يوهم ذلك لأن طائفة الشيء جزء منه؛ لا كله كما في الحديث "في طائفة النخل" فقوله "بطائفة من العراق" يصدق على الكوفة وحدها، وعلى البصرة وحدها، وعليهما معا.
(7)
هو مدفوع بدون هذا التقدير كما سبق بيانه.
(8)
المقنع صـ 103، 110.
والمعنى: أنه رسم قوله تعالى في سورة المائدة [آية: 54]: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} في "الإمام" وفي مصحف "الشام" وكذا في مصحف مدينة الإسلام
(1)
بدالَيْن. كما قرأ به نافع وابن عامر، وفي بقية المصاحف رسم بدالٍ واحدة، وهي مشددة مفتوحة، كما قرأ به الباقون
(2)
، وفي شرح السخاوي: (قال أبو عمرو فيما رواه عن غير واحد من شيوخه: "وفي مصاحف أهل المدينة والشام {مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} بدالين، وهو في سائر المصاحف {يَرْتَدَّ} بدال واحدة، وقال أبو عبيد في كتاب القراءة له: قرأها أهل المدينة -نافع وغيره-: {يَرْتَدِدْ} بدالين، وكذلك هي في مصاحفهم، ووافقهم عليه أهل الشام، ثم قال: ورأيته
(3)
في الذي يقال له: الإمام؛ مصحف عثمان كذلك بدالين، فقوله
(4)
: "مع الإمام" خبر مقدم، و"شام" معطوف على "الإمام"، و"مدني" هو المبتدأ
(5)
(6)
انتهى.
والأظهر أنّ "يرتدد": مبتدأ، و"مدني": خبره، "مع الإمام": حال، والتقدير: رَسْمُ "يرتدد" بدالين منسوبٌ إلى المصاحف الثلاثة، ثم قال أبو عمرو فيما رواه عن شيوخه: في مصاحف أهل الشام والمدينة: {يَقُولُ الَّذِينَ} [المائدة: 53] بغير واو قبل {يقولُ} ، وفي مصاحف أهل الكوفة وسائر العراق:{ويقولُ} بالواو أي: العاطفة واختلف بالتلاوة
(7)
والله تعالى أعلم.
(1)
كذا في أكثر النسخ ومراده المدينة النبوية حرسها الله.
(2)
انظر: النشر 2/ 255، والكشف 1/ 412، والاقناع 2/ 635.
(3)
الذي في الوسيلة (قال: ثم رأيته) مكان (ثم قال: ورأيته) وبينهما فرق كما لا يخفى.
(4)
الذي في الوسيلة (وقوله) بالواو لا بالفاء وبينهما فرق كما لا يخفى.
(5)
ويرتدد: مبتدأ، وجملة "مدني مع الإمام وشام"، من المبتدأ والخبر؛ خبر المبتدأ الأول، هذا تمام إعراب السخاوي. فكأنه أراد الإخبارَ بأنَّ المصحفَ المدنيَّ والشاميَّ كائنان مع المصحف الإمام في رسم هذا الحرف.
(6)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 134).
(7)
(فقرأ المدنيان وابن كثير وابن عامر "يقول" بغير واوٍ كما هو في مصاحفهم، وقرأ الباقون "ويقول" بالواو وكذا هو في مصاحفهم). اهـ من النشر 2/ 254 وانظر: الكشف 1/ 411، والإقناع 2/ 635.
65 - وبِالْغَدَاةِ مَعًا بالواوِ كلُّهُمُ
…
وقلْ معًا فَارَقُواْ بالحذفِ قد عُمِرَا
(1)
بألف الإطلاق؛ أي: "عُمِرَ" حذفه أو حذفهما في الرسم.
والمعنى: رَسَمَ كلُّ الناقلين عن الرسم بالواو في لفظ "الْغَدَاةِ" في سورة الأنعام
(2)
والكهف
(3)
، ولم يوجد في غيرهما، واختلف في القراءة
(4)
، وكذا اجتمعت المصاحف على حذف الألف من "فَارَقُواْ" في موضعين هما سورة الأنعام
(5)
والروم
(6)
واختلف في القراءة
(7)
.
66 - وقل وَلَا طَائِرٍ بالحذف نافعُهُمْ
…
ومَعْ أَكَابِرَ ذُرِّيَّاتِهِم نَشَرا
(8)
بصيغة المجهول فألفه للتثنية راجعًا إلى لفظ " أَكَابِرَ " و"ذُرِّيَّاتِهِم"، أو بصيغة الفاعل؛ فألفه للإطلاق، وضميره راجع إلى "نافع"؛ أي: بث ذلك وأذاع وأشاع، لأنه كان مخفيًّا ومطويًّا عن الأسماع، وقوله:"نافعهم" أي: مرسومُهُ، وهو مبتدأ وخبره، أي: مرسومُهُ نقْلُ نافع وفي شرح السخاوي: (ومما رواه قالون عن نافع أنه قال: وفي الأنعام [آية: 38] {وَلَا طَائِرٍ} بغير ألف بعد الطاء وكذا قوله تعالى فيها [آية: 87] {وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} و {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123])
(9)
انتهى.
(1)
المقنع ص، 85، 84.
(2)
وهي قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعام: 52].
(3)
وهي قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الكهف: 28].
(4)
(فقرأ ابن عامر: "بالغُدْوَةِ" فيهما بضم الغين وإسكان الدال وواوٍ بعدها، وقرأ الباقون بفتح الغين والدال وألف بعدها في الموضعين) اهـ. من النشر 2/ 258 وانظر: الإقناع 2/ 639.
(5)
وهي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَارَقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الأنعام: 159].
(6)
وهي قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ فَارَقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الروم: 32].
(7)
(فقرأهما حمزة والكسائي "فَارَقُواْ " بالألف مع تخفيف الراء، وقرأ الباقون بغير ألف مع التشديد فيهما) اهـ ـ من النشر 2/ 266 وانظر: الكشف 1/ 458، والإقناع 2/ 645.
(8)
المقنع صـ 11.
(9)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 138 وهو في المقنع ص 11.
ولا ينافي نقلُ نافعٍ خصوصَ "ذُرِّيَّاتِهِم" في هذه السورةِ إجماعَهم على تعميمِ حذفِ الألفِ من جمعِ المؤنثِ السالمِ جميعِهِ.
67 - و فَالِقُ الْحَبِّ عنْ خُلْفٍ وَجَاعِلُ والـ
…
ـكوفيُّ أَنْجَيْتَنَا في تائه اختصرَا
(1)
روى أبوعمرو عن نصير أن قوله: {فَالِقُ الْحَبِّ} [الأنعام: 95] وقوله تعالى: {وَجَاعِلُ اللَّيْلِ} [الأنعام: 96] في بعض المصاحف بإثبات ألفهما وفي بعضها بحذفها.
وكذا {أَنْجَيْتَنَا} [الأنعام: 63] في بعضها بالياء والتاء على صيغة الخطاب
(2)
، وفي بعضها {أَنْجَانَا} ؛ بالياء المبدلة عن الألف فقط على صيغة الغيبة
(3)
.
ولم يقرأ أحد من السبعة
(4)
بحذف ألف {فَالِقُ} وإنما قرأ النخعي وابن خثيم وابن قيس والأعمش: (فَلَقَ)؛ بفتح اللام ونصب (الحبَّ)
(5)
بخلاف "جَاعِلُ " فإنه قرأ الكوفيون بحذفها والباقون بإثباتها
(6)
وكذا الخلاف في {أَنْجَيْتَنَا} ولا يخفى أن خلاف الرسم في "جَاعِلُ " لا يستفاد من البيت فكان الأولى كـ"جَاعِلُ ".
(1)
المقنع صـ 93.
(2)
وبه قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب. انظر: النشر (2/ 259)، والإقناع (2/ 640).
(3)
وبه قرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف. انظر: النشر (2/ 259)، والإقناع (2/ 640).
(4)
بل ولا بقية العشرة.
(5)
قال القرطبي في تفسيره 7/ 45: (وروى الأعمش عن إبراهيم النخعي أنه قرأ: "فَلَقَ الإصْبَاحَ" على "فعل"، والهمزةُ مكسورةٌ والحاءُ منصوبةٌ) وعزاها البغوي في تفسيره 2/ 117، والشوكاني في فتح القدير 2/ 143 إلى إبراهيم النخعي، وفي مختصر ابن خالويه ص 39 عزاها إلى الأعمش وإبراهيم النخعي، وذكرها دون عزو البيضاوي في تفسيره 2/ 433.
(6)
انظر: النشر (2/ 260)، والإقناع (2/ 641)، والكشف (1/ 441 - 442).
ثم قوله: "والكوفي"؛ مبتدأ، و"اختصرا"؛ خبره، وأَلِفُهُ للإطلاق واكتفى في تائه بالتلفظ وفيه مسامحة لا تخفى.
68 - لَدَارُ شامٍ وقلْ أَوْلَادَهُمْ شُرَكَا
…
ئِهِم بياءٍ بهِ مرسومُه نَصَرَا
(1)
بألف الإطلاق؛ أي: "مرسومُ الشامي""نَصَرَ" قارئَه وهو ابن عامر، وفي شرح السخاوي: (قال أبو عمرو فيما سمعه عن غير واحد من شيوخه: إن قوله تعالى: {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} في سورة الأنعام [آية: 32] بلام واحدة في مصاحف أهل الشام كما قرأ به ابن عامر، وهو في سائر المصاحف بلامين كقراءة الباقين
(2)
ثم ذكر بسنده عن أبي البَرَهْسَم أنه قال: في سورة الأنعام في إمام أهل الشام {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} ، وفي إمام أهل العراق {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} ، وفي إمام أهل الشام وأهل الحجاز {أَوْلَادَهُمْ شُرَكَائِهِمْ} [الأنعام: 137]، وفي إمام أهل العراق {شُرَكَاؤُهُمْ} وهما قراءتان مشهورتان
(3)
(4)
، وينبغي أن يقرأ في البيت " أَوْلَادِهِمْ " بالجر حكاية
(5)
.
(1)
المقنع صـ 103.
(2)
انظر: النشر 2/ 257، والإقناع 2/ 638.
(3)
(فقرأ ابن عامر بضم الزاي وكسر الياء من "زُيِّنَ" ورفع لام "قَتْلُ" ونصب دال " أَوْلَادَهُمْ " وخفض همزة " شُرَكَائِهِمْ " بإضافة "قَتْلُ" إليه وهو فاعل في المعنى وقد فصل بين المضاف وهو "قَتْلُ" وبين " شُرَكَائِهِمْ " وهو المضاف إليه بالمفعول وهو " أَوْلَادَهُمْ "
…
، وقرأ الباقون " زَيَّنَ " بفتح الزاي والياء، " قَتْلَ " بنصب اللام، " أَوْلَادِهِمْ " بخفض الدال، " شُرَكَاؤُهُمْ " برفع الهمزة). اهـ من النشر 2/ 263 - 265، وقد أطال النفس في الرد على الطبري والزمخشري في كلامهما في قراءة ابن عامر، وانظر: الكشف 1/ 454، 453، والإقناع 2/ 644.
(4)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة ص 140 - 141).
(5)
قلت: بل الحكاية ــ أي: حكاية مرسوم المصحف الشامي الذي نصر قارئه ابن عامر ـ تقتضي النصب في " أَوْلَادَهُمْ "، والجرَّ في " شُرَكَائِهِمْ ".
ومن سورة الأعراف إلى مريم
وفي نسخة:
إلى سورة مريم عليها السلام
-
69 - ونافعٌ بَاطِلٌ معًا و طَائِرُهُمْ
…
بالحَذفِ مَعْ كَلِمَاتِهِ متى ظَهَرا
(1)
ألفه للإطلاق؛ أي: "متى ظهر" لفظ "كَلِمَاتِهِ" في القرآن بصيغة الجمع
(2)
؛ فإنه نقل نافع رسمَه بحذف الألف كقوله تعالى: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [يونس: 82] في الأنفال
(3)
و {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} في الكهف [آية: 27] و {وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} في الشورى [آية: 24] وهو داخل في عموم حذف ألف جمع المؤنث السالم
(4)
سواء كان مضافًا إلى ضمير أم لا
(5)
قال
(1)
المقنع صـ 11.
(2)
ظهر هذا اللفظ بصيغة الجمع مع ضمير الغيبة في القرآن في ستة مواضع وهي قوله تعالى: {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام: 115] وقوله تعالى: {النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} [الأعراف: 158] وبقيتها في كلام المؤلف وتعليقي عليه.
(3)
كذا كل النسخ التسع وهو وهم من المؤلف في زيادة واو في أولها وفي عزوِها إلى الأنفال إذ التي فيها {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [الأنفال: 7] وهي محذوفة الألف أيضًا.
(4)
وقد نص المؤلف على حذفها في مواضع منها: قوله في شرح البيت (51): (وهو داخل تحت عموم قاعدة حذف الألف من جمع المؤنث السالم على ما سيجيء)، وقوله في شرح البيت (66):(ولا ينافي نقلُ نافعٍ خصوصَ "ذُرِّيَّاتِهِم" في هذه الصورة إجماعَهم على تعميم حذف الألف من جمع المؤنث السالم جميعِه) وقوله في شرح البيت (80): (وفيه أن ألف جمع المؤنث السالم محذوفة إلا فيما استثني).
(5)
كما نص عليه في قوله في شرح البيت (88): (وأما وجه الحذف في {كَلِمَاتِ رَبِّي} : التخفيف المُطَّرِد في حذف ألف جمع المؤنث السالم، وقد ظهر هذا اللفظ بصيغة الجمع مضافًا إلى ضمير الغيبة في القرآن في ستة مواضع وهي قوله تعالى:{لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام: 115] وقوله:
{النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} [الأعراف: 158] وقوله: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [الأنفال: 7] وقوله: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [يونس: 82] وقوله: {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} في الكهف [آية: 27]{وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} في الشورى [آية: 24]، وورد من غير إضافة إلى الضمير اثنا عشر مرة سيأتي ذكرها في شرح البيتين 107 و 108.
أبو عمرو
(1)
في روايته عن نافع {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} في الأعراف [آية: 139] وفي هود [آية: 16] بغير ألف بين الباء والطاء، ولم يقرأ به أحد، بل الإجماع على عدم حذفه
(2)
في القراءة، وأما {طَائِرُهُمْ} [الأعراف: 131] فكذا نافعٌ نَقَلَ رَسْمَهُ بالحذف على صورة الإفراد، وبه قرأ الحسن والأعمش والسجستاني
(3)
ومُوَرِّق
(4)
وأبومجلز
(5)
وابن فائد
(6)
وغيرهم
(7)
.
(1)
المقنع ص 11.
(2)
كذا في (بر 3) وهو الصواب، وفي نسخة (ز 4) و (ز 8) و (س)"عدم إثبات ألفه"، وفي نسخة (بر 1) و (ق)"بل الإجماع على حذف ألفه" وكذا في (ل) إلا أنه مصحح في الحاشية "إثبات ألفه"، وفي (ص) و (ف)"على عدم حذف ألفِهِ".
(3)
كذا في جميع النسخ التسع، ولم أجد من عزاها إليه، وعزاها السخاوي في الوسيلة صـ 144 إلى السختياني، أما السجستاني فهو أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان، نحوي البصرة ومقرؤها في زمانه وإمام جامعها، قرأ القرآن على يعقوب الحضرمي وغيره، توفي سنة 250 وقيل سنة 255. اهـ من معرفة القراء الكبار 1/ 219 ترجمة (118) وانظر: الغاية 1/ 320 ترجمة (1403)، وطبقات القراء 1/ 258 ترجمة (156).
(4)
مُوَرِّق العجلي أبو المعتمر البصري الإمام، روى عن ابن عمر وجندب بن عبدالله وعبدالله بن جعفر وعدَّة، كان ثقة عابدًا، توفي في ولاية عمر بن هبيرة على العراق. اهـ من سير أعلام النبلاء 4/ 353 ترجمة رقم (135).
(5)
جميع النسخ التسع "مخلد"، والصواب ما أثبتُّه، وهو لاحق بن حميد السدوسي، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، مات سنة 100 أو 101. اهـ مختصرًا من الغاية 2/ 362 ترجمة رقم (3816).
(6)
عمر بن عيسى أبو بكر الحميدي البغدادي الأدمي، روى القراءة عرْضًا عن إدريس الحداد عن خلف. اهـ. مختصرًا من الغاية 1/ 595 ترجمة (2422).
(7)
عزاها ابن جني في المحتسب 1/ 257، والنحاس في إعراب القرآن 2/ 146، وابن عطية في المحرَّر الوجيز 7/ 141، والقرطبي في تفسيره 7/ 266؛ إلى الحسن، وذكرها البيضاوي 3/ 52.
وقرأ الجحدري
(1)
ومجاهد وأبو السوّار
(2)
وأبو الجوزاء
(3)
والضحاك؛ "كَلِمَتِهِ" بالإفراد إلا في الكهف [آية: 27] والشورى [آية: 24] وهذا كله في "كَلِمَة" المضاف إلى الضمير وأما "كَلِمَة" المجرد عن الضمير فسيأتي بيانه
(4)
.
70 - مَعًا خَطِيئَاتِ واليا ثابتٌ بِهما
…
عنه الْخَبَائِثَ حرفاهُ ولا كَدَرا
(5)
بألف الإطلاق؛ أي: "ولاكدر" في رسم الألف بالحذف؛ وضمير "عنه" إلى نافع فإن جميع ما في هذا البيت مَرْوِيُّهُ.
والمعنى: أن {خَطِيئَاتِكُمْ} في سورة الأعراف [آية: 161] و {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} في نوح [آية: 25] رُسِما بحذف الألف مع سِنَّتَين بعد الطاء لأجل الياء والتاء فيهما، وهذا معنى قوله:"واليا ثابت بهما".
فإن قلت: كيف قال "الياء ثابت"
(6)
ولا نقط في المصاحف؟
(1)
هو عاصم بن أبي الصباح العجاج أبو المُجَشِّر البصري، أخذ القراءة عرْضًا عن سليمان بن قَتَّة عن ابن عباس وقرأ أيضًا على نصر بن عاصم والحسن ويحيى بن يعمر، ورويت عنه الحروف، وقراءته في الكامل والاتضاح فيها مناكير ولا يثبت سندها، والسند إليه صحيح في قراءة يعقوب من قراءته على سلّامٍ عنه، مات قبل 130. اهـ من الغاية 1/ 349 ترجمة (1498)، وانظر: طبقات القراء 1/ 80 ترجمة (37).
(2)
عبدالله بن سوَّار بن عبدالله بن قدامة القاضي العنبري البصري، سمع من أبيه وحماد بن سلمة ومالك بن أنس وطائفة، حدث عنه خلق كثير، وثقه أبو داود وغيره، وكان صاحب سنة وعلم ومعرفة، مات سنة 228 وقد قارب الثمانين. اهـ من سير أعلام النبلاء 10/ 434 ترجمة رقم (135).
(3)
أوس بن عبدالله الربعي البصري، حدث عن عائشة وابن عباس وعبدالله بن عمرو، روى عنه جماعة، وكان أحد العباد الذين قاموا على الحَجاج فقيل إنه قتل يوم الجماجم. اهـ من سير أعلام النبلاء 4/ 371 ترجمة رقم (150).
(4)
في شرح البيت 88 و 107.
(5)
المقنع ص 11.
(6)
كذا سائر النسخ، وفي (س)"الياء ثابت بهما".
قلت: غرضه السِنَّة، والمعنى: أنه رسم بسِنَّتَين لا بسِنَّة واحدةٍ، وإنما قال:"الياء ثابت" لأنه اختلف في التاء
(1)
بخلاف الياء فالمراد بقوله: "والياء ثابت" التحتية لا الفوقية واكتفى بالتلفظ فيهما
(2)
، لكن لا يخفى أن حكم رسم الهمزة غير مفهوم منه مع أن بيانه أولى من بيان إثبات الياء
(3)
، فلو قال: معا خَطِيئَاتِ لا همز ولا ألف
(4)
…
لكان أعلى.
وأما {الْخَبَائِثَ} هنا وفي سورة الأنبياء
(5)
فرسم بحذف الألف ولم يقرأ من السبعة
(6)
على صورة الرسم.
هذا، وفي شرح السخاوي: (كتبت {خَطِيئَاتِكُمْ} بياء وتاء ولا ألف بينهما في السورتين، فأما التي في الأعراف؛ فمما رواه قالون عن نافع
(7)
، وأما التي في نوح
(8)
؛ فقال أبو عمرو: هو في جميع المصاحف {خَطِيئَاتِهِمْ} بحرفين مثل الذي في الأعراف
(9)
، وقال أبو عبيد: رأيت الذي في البقرة في
(1)
فقرأ أبو عمرو بحذفها والباقون بإثباتها، قال في النشر 2/ 272:(فقرأ المدنيان ويعقوب {خَطِيئَاتِكُمْ} بجمع السلامة ورفع التاء، وقرأ ابن عامر بالإفراد ورفع التاء وقرأ أبو عمرو {خَطَايَاكُمْ} على وزن عطاياكم بجمع التكسير، وقرأ الباقون بجمع السلامة وكسر التاء نصبًا، واتفقوا على {خَطَايَاكُمْ} في البقرة من أجل الرسم) وانظر: الإقناع 2/ 650.
(2)
في (بر 1) و (ز 8) و (ل)"فيها"، وفي (س) و (ز 4)(ص)"فيهما" كما أثبته والمراد موضعا الأعراف ونوح.
(3)
كذا في (س) وهو الصواب خلافًا لبقية النسخ الخمس حيث فيها "التاء".
(4)
ليكون البيت: معا خَطِيئَاتِ لا همز ولا ألف عنه الْخَبَائِثَ حرفاهُ ولا كَدَرا
(5)
أي: في الأعراف [آية: 157] وهي قوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} وفي الأنبياء [آية: 74] وهي قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} .
(6)
بل ولا بقية العشرة.
(7)
انظر: المقنع ص 11.
(8)
فهي مما رواه قالون عن نافع أيضًا، وانظر: المقنع ص 14.
(9)
انظر: المقنع ص 15.
الإمام بحرف واحد، وأحسب الأخيرتين بحرفين
(1)
وقد قرئ هذا الذي في الأعراف: {خَطَايَاكُمْ} و {خَطِيئَاتِكُمْ} و {خَطيئَتُكُم} ورسمه يحتمل الأوجه الثلاثة، فمن قرأ بجمع التكسير
(2)
قدَّر أن الألف التي بعد الطاء حذفت اختصارا وقدّر السِّنَّة الثانية ألفًا رسمت ياء على مراد الإمالة، ومن قرأ بجمع السلامة
(3)
قدّر حذف الألف التي بعد الهمزة كما حذفت بعد الحاء من الصَّالِحَات وأما الهمزة فلا صورة لها فيه، وأما من قرأ {خَطِيئَتُكُم} بالإفراد
(4)
فتلك القراءة على صورة الرسم من غير تقدير، وأما الذي في نوح فقرئ في المشهور بوجهين:{خَطَايَاهُمْ} و {خَطِيئَاتِهِمْ}
(5)
.
وروي عن معاوية {خَطِيئَتِهِم} وكذا قرأ أبو الجوزاء وأبو رجاء
(6)
وأبو السوار ومورق والجحدري
(7)
فيجوز أن يكون رسمها على ما تقدم، والله تعالى أعلم)
(8)
.
(1)
ليس في كلام أبي عبيد الذي ذكره الداني في المقنع صـ 15 ذِكْرٌ لسورة نوح إذ نصه: (في سورة البقرة {خَطَايَاكُمْ} بحرف واحد والتي في الأعراف خَطِيئَاتِكُمْ بحرفين) وبعده متصلا به: (قال أبو عمرو: وكذلك التي في نوح في جميع المصاحف بحرفين).
(2)
وهو أبو عمرو وانظر: النشر 2/ 272.
(3)
وهم نافع وأبو جعفر ويعقوب؛ مرفوعًا، وعاصم وحمزة والكسائي وابن كثير وخلف؛ منصوبًا وانظر: النشر 2/ 272.
(4)
وهو ابن عامر وانظر: النشر 2/ 272.
(5)
فبالأول قرأ أبو عمرو، وبالثاني قرأ الباقون، وانظر: النشر 2/ 391، والكشف 2/ 337، والإقناع 2/ 794.
(6)
أبو رجاء العطاردي؛ عمران بن تميم البصري، أخذ القراءة عرْضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما وتلقن القرآن من أبي موسى، وقال كان أبو موسى يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات، ولقي أبا بكر رضي الله عنه، مات سنة 105 وله 127 سنة، كان يختم القرآن في كل عشر ليالٍ. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 58 ترجمة رقم (17).
(7)
قال القرطبي في تفسيره 18/ 311: (وعن الجحدري وعمرو بن عبيد والأعمش وأبي حيوة وأشهب العقيلي "خَطيئَتِهِم" على التوحيد)، وعزاها في زاد المسير 8/ 374 إلى أبي الجوزاء والجحدري. وانظر: فتح القدير 5/ 301، وروح المعاني 29/ 79.
(8)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 146 - 148.
وأما {الْخَبَائِثَ} فهو على حذف الألف التي بعد الباء وأما الياء التي بعد الباء فهي صورة الهمزة والله تعالى أعلم.
71 - هُنا وفي يُونُسٍ بِكُلِّ سَاحِرٍ التْـ
…
ـتَأخيرُ في أَلِفٍ بِهِ الخلافُ يُرى
(1)
بصيغة المجهول، وقوله:" بِكُلِّ "؛ لفظ التلاوة؛ لأن في يونس مواضع فاحترز به عن غيره.
والمعنى: أن هنا يعني في سورة الأعراف
(2)
وكذا في سورة يونس [آية: 79] قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} أخرت الألف فيهما في بعض المصاحف فجعلت بعد الحاء وقدّمت في بعضها فرسمت قبل الحاء كما قرئ في السبعة بهما؛ فأَخَّرَها حمزة والكسائي وقَرَآ: {سَحَّارٍ} ، وقدمها الباقون وقرؤُوا:{سَاحِرٍ}
(3)
ولم يقرأ أحد بلفظ سِحْر إذ لم يطابقه وصف عليمٍ
(4)
.
(1)
المقنع صـ 93 و 94.
(2)
آية (112) قوله تعالى: {يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} .
(3)
انظر: النشر (2/ 270 - 271)، والإقناع (2/ 648)، والكشف (1/ 471 - 472).
(4)
الحق أن عدم مطابقة وصف " عَلِيمٍ " للفظ "سِحْر" لا يصلح أن يكون علة لعدم قراءة أحد به كما قد يتوهم من تعليل المؤلف بإذ التعليلية، إذ القراءة سنة متبعة، وقد بيَّن المؤلف في شرح البيت (46)(أن أعظم أركان القراءة هي الرواية المتواترة ثم موافقة الرسم .. ثم موافقة القاعدة العربية)، وبيَّن في شرح البيت (51)(أن القراءة إنما هي بالنقل والرواية لا اعتمادًا على مجرد الرسم)، وبيَّن في شرح البيت (59)(أن مدار القراءة على صحة الرواية لا على مجرد رسم الكتابة وإن وافق القاعدة العربية مبنًى ومعنًى)، فدلت هذه النقول من كلامه على أن العبرة بالرواية والنقل لا مجرد الرسم ولا موافقة القاعدة العربية مبنًى ومعنًى، وعلى أن مرادَه غيرُ ما تُوهِمُهُ عبارتُه، على أنه يصح لغة أن يوصف السحر بأنه عليم، وقد قال المؤلف في شرح البيت:
85 -
و الرِّيحُ عنْ نافعٍ وتحتها اختلفُوْا
…
ويا بِأَيَّامِ زَادَ الخُلْفُ مستطِرَا
(فجَعْلُ الخلفِ هو الذي زاد ياء على المجاز)، والقصد بيان إمكانِ مثلِ ذلك لغةً سواءً قلنا: مجازًا كما قال المؤلف هنا، أو قلنا: أسلوبٌ عربيٌّ على الحقيقة لا المجاز كما هو قول بعض المحققين كابن تيمية وابن القيم والشنقيطي، ولكن الشأن كل الشأن عدم ثبوت القراءة به، أي:" بِكُلِّ سِحْر عَلِيمٍ " ولو ثبتت لكان لها توجيه صحيح في اللغة والله أعلم.
72 - وَيَا وَرِيشًا بخلفٍ بعدَهُ أَلِفٌ
…
وطاءُ طَائِفٌ ايضًا فازْكُ مُخْتَبِرا
(1)
بكسر الموحَّدة؛ أي: فتطهر حال كونك "مُخْتَبِرا" نفسك بما ينافي الطهارة، وقال السخاوي: نصب على التمييز
(2)
؛ فكأنه عنده بفتح الموحدة وأنه جعله
(3)
مصدرًا ميميًا بمعنى اختبارًا، ولعله الرواية
(4)
، وقصر "يا"؛ ضرورةً، وهو مبتدأٌ؛ مضافٌ، خبره: جملة "بعده ألف"، و"بخلف": حال؛ أي: حال كونه مصحوبًا بخلاف، وقيل:"بخلف" هو الخبر، والجملة حالية، وما قدمناه أولى كما لا يخفى.
والمعنى: أن مصاحف الرسم اختلفت في إثبات الألف وحذفها بعد ياء {وَرِيشًا} [الأعراف: 26]، ولم يقرأ أحد من السبعة
(5)
بإثباتها وإنما قرئ بها في الشواذ.
(قال أبو عمرو: ولم يقرأ بذلك أحد من أئمة
(6)
العامة إلا ما روى المفضل
(7)
عن عاصم)
(8)
أي: برواية شاذة
(9)
.
وقال السخاوي: (يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ (ورياشًا)
(10)
ويروى ذلك
(1)
المقنع ص 93.
(2)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 151.
(3)
كذا سائر النسخ، وفي (س) و (ز 4)"حمله".
(4)
أي: فتح الموحدة من مُخْتَبِرًا هو الرواية.
(5)
بل ولا بقية العشرة.
(6)
في الأصل (الأئمة) والتصويب من المقنع ص 93.
(7)
ابن محمد الضبي، كما في المقنع.
(8)
المقنع صـ 94، 93.
(9)
انظر: المحتسب 1/ 246، وقد رواها الطبري في تفسيره 8/ 147 بسنده عن زر بن حبيش وبلا سند عن الحسن البصري، وقال في زاد المسير 3/ 881:(وقرأ ابن عباس والحسن و زر بن حبيش وقتادة والمفضل وأبان عن عاصم ورياشًا بألف).
(10)
قال ابن جرير الطبري في تفسيره 8/ 147: (وقد رُوي عن النبي خبر في إسناده نظر أنه قرأه ورياشًا)، وفي مختصر ابن خالويه ص 48 "ورياشًا " بألف؛ النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب).
أيضًا عن علي بن الحسين
(1)
وزيد بن علي
(2)
والحسن وعكرمة وابن أبي إسحاق
(3)
وابن صالح
(4)
وغيرهم)
(5)
.
وكذا قوله تعالى: {إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ} [الأعراف: 201] اختلف في رسم ألفه وكتابته
(6)
كما اختلف السبعة في قراءته
(7)
.
73 - و بَسْطَةً باتِّفاقٍ مُفْسِدِينَ وَقَا
…
لَ الواوُ شامِيَّةٌ مَشهورةٌ أَثَرَا
(8)
بالنصب على التمييز أي: من جهة الرواية التي تعقبها الدارية.
والمعنى: اتفقت المصاحف كلها على رسم بَسْطَةً من قوله تعالى في سورة الأعراف [آية: 69]{وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} بالصاد كما نطق به وثبت به
(1)
كذا سائر النسخ، وفي (ز 4) و (بر 1)"الحسن"، وهو (علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الإمام زين العابدين، عرض على أبيه الحسين، عرض عليه ابنه الحسين). اهـ. مختصرًا من الغاية 1/ 534 ترجمة (2206).
(2)
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال فيه ابن أخيه؛ جعفر الصادق: (
…
كان والله أقرأنا لكتاب الله
…
) انظر: السير 5/ 389 - 391.
(3)
عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي النحوي البصري، أخذ القراءة عرْضًا عن يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم، روى القراءة عنه عيسى بن عمر الثقفي وأبو عمرو بن العلاء وهارون بن موسى الأعور، قال يعقوب الحضرمي: مات جدي عبد الله سنة 117 وهو ابن 88 سنة. اهـ من الغاية ج 1/ 410 ترجمة رقم (1744) وانظر: الجرح والتعديل 2/ 2/ 4.
(4)
هو: أحمد بن صالح أبو جعفر المصري؛ إمام حافظ؛ قرأ على ورش وقالون، توفي 248. انظر: الغاية 1/ 62.
(5)
الوسيلة إلى كشف العقيلة ص 150 - 151.
(6)
من عطف الشيء على نفسه؛ إذ الرسم هو الكتابة.
(7)
فقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب بياء ساكنة بين الطاء والفاء من غير ألف ولا همز، وقرأ بقية العشرة بألف بعد الطاء وهمزة مكسورة بعدها. انظر: النشر (2/ 275)، والإقناع (2/ 652)، والكشف (1/ 486 - 487).
(8)
المقنع صـ 85، 104.
الرواية في النظم عن أرباب الدارية، وقرئ في السبعة بالسين
(1)
أيضًا، أما قراءة الصاد فظاهرة
(2)
، وأما قراءة السين فلأنها الأصلُ في اللغة فلو قال: وصاد بَسْطَةً احفظ .. إلخ
(3)
لكان مبينا
(4)
والاتفاق يفهم من الإطلاق
(5)
.
وأما قوله {وَزَادَهُ بَسْطَةً} [البقرة: 247] فبالسين اتفاقًا، ولعله يستفاد من عدم ذكره في محله وبقاء كل شيء على أصله.
ثم الواو رسمت بعد {مُفْسِدِينَ} في قوله عند قصة صالح عليه السلام في الأعراف [آية: 74 - 75] قبل {قَالَ} في مصحف الشام فرسم {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) وَقَالَ} بالواو وفي بقية المصاحف بحذف الواو {قَالَ الْمَلَأُ} وقرأها ابن عامر بالواو والباقون بحذفها
(6)
.
(1)
قال ابن الباذش في الإقناع (2/ 609): (بالسين قنبل وحفص وهشام وأبو عمرو وحمزة، وعن كل واحد منهم الخلاف، الباقون: بالصاد، وعنهم أيضًا الخلاف إلا الكسائي والبزي فلا خلاف عنهما أنها بالصاد). وانظر: لبسط الخلاف النشر (2/ 228 - 230).
(2)
وجه ظهورها ما نقله المؤلف عن السخاوي في شرح البيت (46): بالصاد كل صراطٍ والصراط
…
حيث قال: (قال السخاوي: "وإنما رسم بالصاد دون السين وإن كانت السينُ الأصلَ لأن الأصل لا يُحتاج أن يُنَبَّهَ عليه فرُسِم بالصاد ليُعلَم أنهم أبدلوا من السينِ الصادَ ليخف على اللسان النطق بالكلمة من حيث إن الصاد حرف مطبق كالطاء فيتقاربان وكتبوه أيضًا على الأخف والأكثر").
(3)
فيكون البيت: وصاد بَسْطَةً احفظ مُفْسِدِينَ وَقَا لَ الواوُ شامِيَّةٌ مَشهورةٌ أَثَرَا.
(4)
وفي نسخة (مبنيًّا).
(5)
لأن الصياغة التي اقترحها ليس فيها التنصيص على الاتفاق على رسم " بَسْطَةً " بالصاد فاعتذر عن ذلك بكون الاتفاق يفهم من الإطلاق -أي: من عدم ذكر خلاف- إذ لو وجد خلاف في رسمه لذُكِر.
(6)
انظر: النشر 2/ 270، والكشف 1/ 467، والإقناع 2/ 647.
74 - وحذفُ واوِ وَمَا كُنَّا و مَا يَتَذَكْـ
…
ـكَرُونَ ياهُ و أَنْجَاكُمْ لهُم زُبِرَا
(1)
بصيغة التثنية؛ خبر قوله "وما يتذكرون" فإنه مبتدأ، و"ياه"
(2)
: بدل اشتمال
(3)
أو بدل بعض منه، وقصر همزه؛ ضرورة، و"أنجاكم" عطف على "ما يتذكرون"، وضمير "لهم"، لأهل الشام، وفي نسخة: له، أي: مصحف الشام، وأما قوله:"وحذف واو وما كنا"؛ خبره: كذلك، أي: شامي
(4)
، وأما ما قاله السخاوي:(وحَذْف: مبتدأ، وخبره: زُبِرا)
(5)
على أن ألفه للإطلاق؛ ففيه؛ أن "زبرا" بمعنى كتب؛ ينافي قوله "حَذْف" إلا أن يُؤَوَّل بأن المراد رُسِم حذفُه وتركُه.
والحاصل: أن "حَذْف" الواو في سورة الأعراف [آية: 43] عند قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ} في مصحف الشاميين، وأما في سائر المصاحف فرسم بواو العطف، وقرأ ابن عامر بحذفها والباقون بإثباتها
(6)
، وخرج بقوله:" وَمَا كُنَّا " نحو: {مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأعراف: 48]، ورسم في أول الأعراف [آية: 3] {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} بزيادة ياء قبل التاء في مصحف الشاميين كما في قراءة ابن عامر وفي سائر المصاحف بحذفها كما في قراءة الباقين
(7)
،
(1)
المقنع صـ 103، 104.
(2)
ليس في نص العقيلة المطبوع ياه.
(3)
أخشى أن تكون هذه العبارة مما النار فيه تحت الرماد؛ ويكون الباعث على عدِّهِ بدلَ اشتمال هو قوله بالكلام النفسي لله عز وجل، والصواب أنه بدل بعضٍ من كلٍّ، وعليه اقتصر الجعبري في الجميلة صـ 121، والله أعلم.
(4)
أي: كذلك المذكور في البيت السابق بقوله: الواو شامية مشهورة أثرا؛ حذفُ واوِ وَمَا كُنَّا، فقد أثره المصحف الشامي محذوفَ الواو.
(5)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 154).
(6)
انظر: النشر 2/ 269، والكشف 1/ 464، والإقناع 2/ 647.
(7)
انظر: النشر 2/ 267، والكشف 1/ 460، والإقناع 2/ 646.
واستغنى في {أَنْجَاكُمْ} باللفظ عن الترجمة لأنه تلفظ بالألف التي هي لام الفعل، وصورتها ياء؛ ولو كان أصلها واوًا، لأن الفعل من مزيد الثلاثي
(1)
، أي: رسم {أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [الأعراف: 141] بغير ياء ولا نون بل بألف صورتها ياء في مصحف الشاميين وفي بقية المصاحف رسم {أَنْجَيْنَاكُمْ} بياء ونون وحذف الألف كما سيأتي بيانها
(2)
وأما قول السخاوي: (بياء ونون قبل الألف)
(3)
فمحمول على القراءة لا على الكتابة والله أعلم.
75 - ومعْ قَدَ افْلَحَ في قصْرٍ أَمَانَاتِـ مَعْ
…
مَسَاجِدَ اللَّهِ الُاولَى نافعٌ أَثَرَا
(4)
بألف الإطلاق أي: "نافع" -كغيره- روى حذف الألفات في هذه الكلمات الثلاث وهي {أَمَانَاتِكُمْ} هنا وهو سورة الأنفال [آية: 27] مع (أَمَانَاتِهِم) الواقعة في قد أفلح [آية: 8] حال كونها "في قصر" من جهة ألفه مع ألف {مَسَاجِدَ اللَّهِ} الكائنة في أول سورة براءة [آية: 17] وهو قوله تعالى {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} ، وقد قرأ ابن كثير
(5)
وأبو عمرو
(1)
لأنه من نجا ينجو ففاؤه نون وعينه جيم ولامه واو.
(2)
كذا في سائر النسخ، وفي (س)"بيانه".
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 154) وقد أحسن المؤلف في نسبة هذه القول للسخاوي لا للداني مع أن السخاوي نسبه للداني عن نصير والذي في المقنع صـ 102 (وهذا الباب سمعناه من غير واحد من شيوخنا) إلى أن قال في صـ 104: (وفيها؛ في مصاحف أهل الشام أَنْجَاكُمْ بألف من غير ياء ولا نون، وفي سائر المصاحف أَنْجَيْنَاكُمْ بالياء والنون من غير ألف)، وعبارة الداني لا تحتاج إلى اعتذار المؤلف لوضوحها فالاعتذار إنما هو عن تصرف السخاوي في عبارة الداني.
(4)
المقنع صـ 11 و 12.
(5)
عبد الله بن كثير بن المطلب المكي الإمام، إمام المكيين في القراءة، تصدر للإقراء وصار إمام أهل مكة في ضبط القرآن، قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء وطائفة، مات سنة 120 عن 75 سنة. اهـ. مختصرًا من معرفة القراءة الكبار 1/ 86 ترجمة رقم (34) وانظر: الغاية 1/ 443 ترجمة (1852)، وطبقات القراء 1/ 69 ترجمة (35).
بتوحيده
(1)
، و"الأولى" بالنقل
(2)
صفة " مَسَاجِدَ " بتأويل الكلمة، واحترز بها عن الثانية، وهي قوله تعالى:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: 18] فإنه لا خلاف في قراءته بالجمع
(3)
، وكذا رسمه بالحذف إلا أنه ليس من مروي نافع فقط بل مما اتفقوا عليه، وكذا {لِأَمَانَاتِهِمْ} في سورة المعارج [آية: 32] مرسوم بالقصر إلا أنه ليس من مروي نافع.
ثم اعلم أن قوله تعالى: {أَمَانَاتِكُمْ} في الأنفال [آية: 27] قرأه على التوحيد مجاهد والضحاك وعكرمة والنخعي والجحدري وابن أبي ليلى
(4)
وغيرهم
(5)
، والكل روايات شاذة، أما الخلاف في لِأَمَانَاتِهِمْ في الموضعين فبالتوحيد قرأ ابن كثير والباقون بالجمع
(6)
.
76 - ومعْ خِلَافَ وزادَ اللاَّمَ لِفْ ألِفًا
…
لَأَوْضَعُواْ جُلُّهُمْ وأجْمَعُوا زُمَرَا
(7)
وهذا من تتمة مرويات نافع حيث روى حذف الألف في قوله تعالى {خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} في التوبة [آية: 81]، فـ"مع خِلَافَ "عطف على مَسَاجِدَ، ثم؛ "زاد": فعل يقتضي مفعولين، فقوله:"جلهم"؛ فاعله، "اللاَّمَ لِفْ ألِفًا"
(1)
انظر: النشر 2/ 278، والكشف 1/ 500، والإقناع 2/ 657.
(2)
أي: نقل حركة الهمزة إلى الساكن الصحيح قبلها.
(3)
انظر: النشر 2/ 278.
(4)
عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عيسى الأنصاري الكوفي تابعي كبير، أخذ القراءة عرْضًا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، روى عنه القراءة ابنه عيسى، قتل بوقعة الجماجم سنة 83. اهـ مختصرا من الغاية 1/ 376 ترجمة (1602).
(5)
في مختصر ابن خالويه صـ 54 عزاها إلى (مجاهد ويحيى وعبيد عن أبي عمرو وإبراهيم)، وفي المحرر الوجيز 8/ 46 (مجاهد وأبو عمرو بن العلاء فيما روي عنه)، وقال في روح المعاني 9/ 196:(وقرأ مجاهد أمانتكم بالتوحيد وهي رواية عن أبي عمرو، ولا منافاة بينها وبين القراءة الأخرى).
(6)
انظر: النشر 2/ 328، والكشف 2/ 125، والإقناع 2/ 708.
(7)
المقنع صـ 11 و 45.
مفعولاه في "لَأَوْضَعُوا" فهو ظرف منصوب المحل بنزع الخافض، وحذف همز ألف للضرورة، وأغرب السخاوي حيث قال: (ألقى حركة الميم على الهمزة
(1)
وحذفت الهمزة)
(2)
ووجه غرابته أن النقل إنما يكون إلى الساكن لا إلى المتحرك، ثم ليس المراد به "اللام ألف" النافية
(3)
؛ بل القصد به اللام المصحوب بالهمزة بعده.
والحاصل: أن أكثرَ نَقَلَةِ المرسوم زادوا ألفًا بعد الألف المعانِقَةِ للام ألف صورةً في قوله تعالى: {وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ} في التوبة [آية: 47] فصار بعد اللام ألفان، ولم يقرأ أحد على صورة المرسوم، بل ولا يصح أن يكون قراءة كما هو من المعنى المعلوم، ثم على تقدير الزيادة فالظاهر أن الألف الأولى علامة فتح ما قبلها، والثانية أول الكلمة كما صرح به الفراء وأبو العباس
(4)
وغيرهما خلافًا لبعضهم، ثم قال: و"أجمعوا"؛ أي: نقلة الرسوم حال كونهم "زُمَرَا" بضم ففتح؛ جمع زُمْرة وهم جمع متعاضدون على زيادة الألف بعد اللام ألف في
(5)
:
(1)
كذا في (ص) و (برا) و (ل) وفيها "الهمز" بدل "الهمزة" و (س) إلا أن فيها "حركة الميم إلى الهمز"، وفي (ز 8)"ألقي حركة الهمزة على الميم"، وفي (ز 4)"الفي حركة الميم"، وفي (بر 3) و (ف)"حركة الميم على الميم"، وفي (ق)"حركة ألف على الميم".
(2)
لم يقل السخاوي ذلك وإنما قال -كما في المطبوع الذي بين أيدينا-: (ألقى حركة الهمزة على الميم وحذف الهمزة) وانظر: (الوسيلة صـ 158) ولا يرد على قوله إيراد المؤلف رحمهما الله لأن النقل إلى الساكن وهي الميم في كلمة لام لا إلى المتحرك.
(3)
كذا في (بر 3)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (س) و (ق) و (ف): ليس المراد به اللام ألف ألفًا فيه .. "، وفي (ص) "ليس المراد به اللام ألف القافية .. ".
(4)
الشيباني الإمام اللغوي؛ أحمد بن يحي؛ ثعلب النحوي البغدادي كان ثقة ثبْتًا حجةً صالحًا مشهورًا بالحفظ، له كتاب في القراءات وكتاب الفصيح، روى القراءة عن سلمة بن عاصم ويحيى بن زياد الفراء، وهو إمام الكوفيين في النحو واللغة، ولد سنة 200، ومات سنة 291. اهـ مختصرًا من الغاية 1/ 148 ترجمة (692) وطبقات الحفاظ 1/ 294 ترجمة رقم (663).
(5)
كلمة "في" ساقطة من بعض النسخ.
77 - لاأَذْبَحَنَّـ
(1)
وعن خُلْفٍ معًا لَإِلَى
(2)
....................................
يعني في قوله تعالى: {لَأَذْبَحَنَّهُ} في النمل [آية: 21]، وأما قوله تعالى:{لَأُعَذِّبَنَّهُ} [النمل: 21] فأجمعوا على عدم الزيادة فيه، وصدر "عن خُلْفٍ" نقْلُ رسمِ "لإلى" في موضعين وهما قوله تعالى:{لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} بآل عمران [آية: 158] وقوله: {لَإِلَى الْجَحِيمِ} بالصافات [آية: 68] فروى بعضهم ألفًا زائدة خلافًا لبعضهم.
والمعنى: أن في بعض المصاحف رسم بزيادة الألف وفي بعضها بحذفها، ولم يقرأ أحد بإثباتها لأنه مغير لمعناها ولم يذكر أبو عمرو هذين في المقنع.
مِنْ تَحْتِهَا آخرًا مكيُّهُمْ زَبَرَا
(3)
بألف الإطلاق؛ أي: رُسِم في مصحف مكيِّهم لفظُ {مِنْ} قبل {تَحْتِهَا} في آخر التوبة وَفْق قراءة المكي، وفي سائر المصاحف بحذفها كما قرأ بها البقية
(4)
، والآية هي قوله تعالى:{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} [التوبة: 100]، واحترز بقوله:"آخرًا" عن قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التوبة: 88 - 89] فإنه متفق الثبوت في جميع مصاحف الأمصار.
(1)
المقنع صـ 88.
(2)
لم أجده في المقنع بعد البحث، وكذا لم يشر إليه الجعبري.
(3)
المقنع صـ 104.
(4)
انظر: النشر 2/ 280، والكشف 1/ 505، والإقناع 2/ 658.
78 - ودُونَ واوِ الَّذِينَ الشَّامِ والمدَنِي
(1)
..................................
أي: رسم مصحف الشامي والمدني بـ"دونَ واوِ الَّذينَ"، والإضافة بمعنى: في؛ أي: بغير واوٍ في قوله تعالى في التوبة [آية: 107]: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} كما هو قراءة نافع وابن عامر، وفي بقية الرسوم بإثبات الواو كما هو قراءة الباقين
(2)
، ويعلم من إطلاق الناظم أن مراده {الَّذِينَ اتَّخَذُوا}؛ لأنه أولُ واقعٍ بعد:{مِنْ تَحْتِهَا} وهو احتراز عن قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [التوبة: 113] فإنه متفق الواو.
وحرفُ يَنشُرُكُمْ بالشَّامِ قد نُشِرَا
(3)
بألف الإطلاق على بناء المجهول، وضميره راجع إلى "حرفُ" وقد اكتفى في "يَنشُرُكُمْ" باللفظ عن القيد مع التلويح إلى التصريح بقوله:"قد نُشِرَا".
والمعنى: أن قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} في سورة يونس [آية: 22] رسم في مصحف الشام بسِنَّتَيْنِ مختلفتين؛ إيماءً إلى الياء والنون قبل الشين المعجمة، كما هو قراءة ابن عامر
(4)
، وفي سائر المصاحف:{يُسَيِّرُكُمْ} مِنْ التسيير كما قرأ به الباقون
(5)
، فرسم بمركز الياء قبل السين وأخرى بعدها قبل الراء.
واعلم أن الناظم والمقنع لم يفصحا بفارق، إذ قول الناظم:"وحرف ينشركم" لا ينبئ عن كيفية رسمه في الشامي، وكذا قول المقنع: بالنون
(1)
المقنع صـ 104.
(2)
انظر: النشر 2/ 281، والكشف 1/ 507، والإقناع 2/ 659.
(3)
المقنع صـ 104.
(4)
(بفتح الياء ونون ساكنة بعدها، وشين معجمة مضمومة؛ من النشر). اهـ مختصرًا من النشر 2/ 282، وقال في الكشف 1/ 516:(من النشور).
(5)
انظر: النشر (2/ 282)، والكشف (1/ 516)، والإقناع (2/ 660).
والشين؛ لأن الوضع الأول لا نقط فيه.
وأقول: اتفقت الرسوم على كتابة حرفين بين الطرفين
(1)
ذو شكل واحد
(2)
وذو ثلاثة مماثلة
(3)
، وفُرِّق بينهما بتطويل المتوحد
(4)
، فقُدِّمَ هذا
(5)
في الشامي فصار: "ينشركم" وأُخِّرَ في غيره فصار "يسيركم" ولزم من رسم كل واحد لفظ مستعمل فتأمل
(6)
.
79 - وفي لِنَنْظُرَ حذفُ النُّونِ رُدَّ وفي
…
إِنَّا لَنَنْصُرُ عنْ منصُورٍ انْتَصَرَا
(7)
أي: ومن قال: حُذِفَ النون من قوله تعالى في سورة يونس [آية: 14]{لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} ، ومن قوله تعالى في سورة غافر [آية: 51]: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} ؛ فرسم فيهما بنون واحدة، كلامُه مردودٌ؛ بل الصحيح أنهما مرسومتان بنونين، وفي قوله:"عنْ منصُورٍ انْتَصَرَا" بألف الإطلاق إشارة إلى أن هذا القول نصر عن منصور انتصرا بإقامة الحق بالرد، والمعنى: أن الرادَّ منصور
(8)
.
(1)
مراده الطرفين: الياء والراء.
(2)
وهو: النون -في مصحف الشامي وقراءته-، والياء -في المصاحف الباقية وبقية القراء-.
(3)
وهو: الشين المعجمة -في مصحف الشامي وقراءته-، والسين المهملة -في المصاحف الباقية وبقية القراء-.
(4)
الذي هو: النون -في مصحف الشامي وقراءته-، والياء -في المصاحف الباقية وبقية القراء-.
(5)
أي: المتوحد الذي هو: النون -في مصحف الشامي وقراءته-.
(6)
يخشى أن يفهم من كلامه أن القراءة فرع عن الرسم وتبع له، وليس الأمر كذلك إذ القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول، والرسم تابع، وعليه فإن مرادَه غيرُ ما توهمه عبارته، وقد بيَّن المؤلف ذلك في شرحه للأبيات (46)، و (51)، و (59)، وسبق التنبيه على ذلك في تعليقي على شرح البيت 71.
(7)
المقنع صـ 90 و 99.
(8)
عد الجعبري في الجميلة صـ 130؛ قول الداني في الموضعين: (ولم نجد ذلك كذلك في شيء من المصاحف)، وقوله في الموضع الثاني:(وقال محمد بن عيسى: هو في الجدد والعتق بنونين) ردًّا، حيث قال بعد ذكرهما:(وهذا معنى قوله رُدَّ، أي: ردَّ نَقْلَ حذفِهما ثقةٌ عارفٌ بالرسوم، ومقتضاه التضعيف لا البطلان).
قال الجعبري: (والحاصل أن الناظم نقل وجهين في حذف النون ورجح الإثبات
(1)
، أما وجه الإثبات فظاهر
(2)
، وأما وجه الحذف فللتنبيه على أنها مخفاة حملًا على الإدغام بجامع الستر كـ {جَنَّةٍ} و {عَمَّ} [النبأ: 1] فكما يحذف المدغم
(3)
في الخط فكذا المخفى)
(4)
انتهى.
وفيه أنه لا نظير له كما لا يخفى
(5)
وقد أغرب السخاوي
(6)
حيث قال: (بل هذا أولى؛ لأن الحرف المدغم منفصل وهذا متصل)
(7)
، ثم
(8)
هذين الموضعين أيضًا من الزيادات على المقنع
(9)
، لكن نقل في
(1)
أسقط المؤلف ههنا كلاما مهمًّا للجعبري ونصه: (فقول الشارح: لم يذكر في المقنع هذين الموضعين غيرُ سديد، ولعله من اختلاف النسخ) وستأتي الإشارة إلى أهميته بعد قليل.
(2)
ذكره الجعبري بقوله: (وجه إثباتهما الأصل، الأولى صورة المضارعة والثانية صورة الفاء).
(3)
في حاشية (ل): "كذا وجد في الأصل".
(4)
انظر: الجميلة صـ 130 بتصرف، ومعناه في الوسيلة صـ 162.
(5)
حاصل تعقبه على الجعبري: أنه لا يوجد في مرسوم المصاحف حذف حرفٍ؛ للتنبيه على أنه مخفى حملًا على الإدغام.
(6)
وجه إغراب السخاوي: أنه جعل حذف النون من: (عن ما) حيث رسمت (عَمَّ) للإدغام -مع أن المحذوف منفصل عما بعده- دليلًا على جوازه من باب أولى في المتصل به، -كننظر وننصر- مع أنه لا تأثير للانفصال والاتصال في المسألة، فكم من متصلين مظهرين كـ (يَنْهَوْنَ) و (يَنْئَوْنَ)، ومنفصلين مدغمين كـ (عَمَّ) و (مِمَّا)، إنما التأثير في ذلك للمخارج والصفات.
(7)
انظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 162.
(8)
كذا في (ل) و (س) و (ز 4) و (ق) و (ف)، وفي نسخة (بر 1) في الحاشية:"كذا وجد في أصل المؤلف"، وفي (ز 8) في المتن "ثم -كذا وجد في الأصل- هذين"، وفي (ص) في المتن "ثم -كذا وجد في أحد المؤلف- هذين"؛ وسببه أن "هذين" حقها الرفع أو زيادة "إنَّ" قبلها، وكلاهما غير متحقق فلذا كتب المعلق ما كتب، وفي نسخة (بر 3)"هذان الموضعان".
(9)
بل هما فيه؛ أما موضع يونس [آية: 14] فقد ذكره في صـ 90 بسنده عن محمد بن عيسى عن أبي حفص الخزاز قال في يونس: {لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} بنون واحدة ليس في القرآن غيرها، وكذلك روى محمد بن شعيب بن شابور عن يحيى بن الحرث أنه وجدها في الإمام بنون واحدة، قال أبو عمرو: ولم نجد ذلك كذلك في شيء من المصاحف، وقال محمد بن عيسى: هو في الجدد والعتق بنونين)، أما موضع غافر فقد ذكره في صـ 99 قال:(ورأيت أبا حاتم قد حكى عن أيوب بن المتوكل أنه رأى في مصاحف أهل المدينة في: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} [غافر: 51] بنون واحدة ولم نجد ذلك كذلك في شيء من المصاحف)، فإن كان قصد المؤلف أن أبا عمرو لم يذكر هذين الموضعين في المقنع
فهو وَهَمٌ تابع فيه السخاوي كما في الوسيلة صـ 161، والعجيب أن المؤلف قد نقل عن الجعبري الكلام الذي أشرت إليه قبل قليل وفيه تعقب للسخاوي في وهمه هذا، أما إن كان قصد المؤلف أن الداني لم يقره بل رده بقوله في الموضعين:(ولم نجد ذلك كذلك في شيء من المصاحف)، وفي الموضع الثاني بقوله:(وقال محمد بن عيسى: هو في الجدد والعتق بنونين) فنعم.
غيره
(1)
عن بعضهم
(2)
حذف النون فيهما، والله سبحانه أعلم بهما.
80 - غَيَابَتِ نافعٌ وآيَتٌ معهُ
…
وعنهُ بَيِّنَتٍ في فاطرٍ قُصِرَا
(3)
بألف الإطلاق، أي: قُصِرَ ألفات هذه الكلمات.
والمعنى: نقل نافع حذف الألف في قوله: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: 10]{أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: 15] كما صرح في المقنع
(4)
بالحرفين، واكتفى الناظم بإطلاقه الدالِّ على عمومه، والمرادُ بالألف المحذوفة هنا ألفُ الجمع من كل واحدة منهما، وأما الألفُ التي بعد الياء فمحذوفة أيضًا كما يأتي
(5)
، وقد نقل نافع قصر الموضعين ولم يتعرض لهما غيره؛ فدلَّ أنهما متفقا الحذف في كل الرسوم، وقدمها الناظم على "آيَتٌ" عكس الترتيب القرآني للوزن.
ثم اعلم أن نافعًا قرأَ غَيَابَتِ بالجمع فيهما مع أنه نقل حذفهما في الرسم، وغيره قرأ بالإفراد
(6)
، ثم قوله:" غَيَابَتِ ": مبتدأ، خبرُه:"نافع" أي؛ مَرْوِيُّهُ، و"آيَتٌ" عطف على " غَيَابَتِ ".
(1)
بل نقل ذلك في المقنع أيضا صـ 90 و 99 كما رأيت في التعليق السابق.
(2)
مراده بالبعض أبو حفص الخزاز كما في كلام الداني الذي رأيته في التعليق السابق.
(3)
المقنع صـ 11 و 13 و 39.
(4)
انظر: المقنع صـ 11 (ذكر ما حذفت منه الألف اختصارًا).
(5)
في شرح البيت: 152 - وما بهِ ألفانِ عنهُمُ حذِفا كالصَّالحاتِ وعَنْ جُلِّ الرُّسومِ سرَى.
(6)
انظر: النشر 2/ 293، والكشف 2/ 5، والإقناع 2/ 669.
والمعنى: نقل نافع أيضًا حذف ألف الجمع في قوله تعالى: {آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} في سورة يوسف [آية: 7] وأما الألف التي بعد الهمزة فمتفق الحذف عُلم من قوله الآتي:
وكل ما زاد أُولاه على ألف
(1)
....................................................
وإنما نطق في البيت بقوله: "آيَتٌ" مرفوعةً منونةً احترازًا عن قوله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ} [يوسف: 105] إذ لا خلاف فيه
(2)
، بخلاف:{آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7] حيث قرأ المكي بالإفراد، والباقون بصيغة الجمع
(3)
، ولا يبعد أن يحترز عن قوله:{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ} بقوله: "معه" لأن غيره في آخر السورة بحسب الصورة
(4)
، ثم قوله:"وعنه" أي: عن نافع: {بَيِّنَتٍ} بالجر على الحكاية، وهو أَوْلى من الرفع
(5)
على الإعراب، في سورة فاطر [آية: 40] عند قوله: {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ} وفي قوله: "قُصِرا" أي: ألفُه، إشعارٌ بأن المحذوفة هنا هي الثانية فقط
(6)
، والحاصل أنه نُقِل عن نافع حذفُ أَلِفهِ في
(1)
البيت 155 وتمامه: (بواحدٍ فاعتمِدْ من بَرقِهِ المَطَرا).
(2)
أنه بالإفراد رسمًا وقراءةً.
(3)
انظر: النشر 2/ 293، والكشف 2/ 5، والإقناع 2/ 669.
(4)
معنى كلامه: أن قوله: "وآيَتٌ معهُ" أي: مع {غَيَابَتِ} التي رقمها 10 و 15 و {آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} رقمها 7 فهي أولى بمعية {غَيَابَتِ} من {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ} التي رقمها 105 لا سيما أنها في نفس قصة يوسف بخلاف {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ} فإنها بعد الفراغ من سياق القصة، فكل من الأمرين احترز به، الأول: كونه نطق في البيت بقوله: "وآيَتٌ معهُ" مرفوعةً منونةً وهو الأظهر في الاحتراز، والثاني: أنه احترز عنه بلفظ "معه" وهو غير بعيد، ثم قوله: بحسب الصورة، أي: ترتيب الآيات في السورة.
(5)
على أنه مبتدأ، خبره: عنه.
(6)
مراده بالثانية قوله: {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ} [فاطر: 40] أما الأولى فهي: {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ} [فاطر: 25] ووجه الإشعار: أن الثانية فيها قراءتان بالإفراد والجمع، وجميع نظائرها لم يقرأ بهما بل إمَّا بالجمع فقط أو بالإفراد فقط، فما قرئ بالإفراد فقط فلا ألف فيه أصلًا، وما قرئ بالجمع فحذفه حذف اختصار كما هو في الآية الأولى التي لم تقرأ إلا بالجمع قولًا واحدًا لأنه جمع مؤنث سالم، أما الآية الثانية فحذفها حذف اقتصار -وهو ما يختص بكلمةٍ دون نظائرها، وهو ما أشار إليه
بقول قُصِر- فإن قلنا نظائرها ما قرئ بالإفراد فالحذف مختص بها دون سائر نظائرها، وإن قلنا نظائرها ما قرئ بالجمع فكذلك؛ لأنها وحدَها التي الحذفُ فيها حذفُ إشارة، وقد يجامِع أحدُ القسمين الآخرَ فيكون حذفَ إشارة؛ لإشارته إلى قراءة الإفراد، وحذفَ اقتصار لاختصاص هذه الآية بكونِ حذفها حذفَ إشارة دون سائر نظائرِها من جمعِ المؤنثِ السالمِ اللاتي حَذْفُهن حذفُ اختصارٍ والله أعلم.
الرسم كما هو قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وحفصٍ
(1)
، وحمزة؛ على أنها مفردة، والباقون بإثباتها، على الجمع
(2)
، وقيدها بفاطر احترازًا عن غيرها كذا ذكره بعض الشراح، وفيه أن ألفَ جمعِ المؤنثِ السالمِ محذوفةٌ إلا فيما استثني
(3)
.
ثم اعلم أن الشيخ الجزري
(4)
ذكر في مقدمته
(5)
ضابطة وهي أن:
كلَّ ما اختُلِف
…
جمعًا وفردًا فيه بالتاءِ عُرِف
أي: رُسِم بالتاء المجرورة ولو كانت القراءة بالصيغة المفردة.
81 - وَفِيهِ خُلْفٌ وآيَاتٌ بهِ ألفُ الْـ
…
إمَامِ حَاشَ بحذفٍ صحَّ مشتهِرَا
(6)
بكسر الهاء، حالٌ من ضمير مَا قبلَه.
والمعنى: في لفظ: {بَيِّنَتٍ} خلافٌ؛ فإن أبا عبيد قال: {بَيِّنَتٍ} بفاطر رأيتها
(1)
ابن سليمان أبو عمر الأسدي، مولاهم الكوفي المقرئ الإمام صاحب عاصم، قرأ عليه مرارًا، كان أعلمهم بقراءة عاصم، وأقرأ الناس دهرًا، مات سنة 180. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 140 ترجمة رقم:(52).
(2)
انظر: النشر 2/ 352، والكشف 2/ 211، والإقناع 2/ 741.
(3)
كما سبق في شرح البيت (66) حيث حكى إجماعهم على تعميم حذف الألف من جمع المؤنث السالم جميعه، وشرح البيت 69 حيث قال عن كَلِمَات:(وهو داخل في عموم حذف ألف جمع المؤنث السالم سواء كان مضافًا إلى ضمير أم لا) وكما سيأتي في شرح البيت (88).
(4)
شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد الدمشقي الشافعي ابن الجزري، الحافظ المقرئ شيخ الإقراء في زمانه، ألَّفَ النشر في القراءات العشر لم يصنف مثله، مات سنة 833. اهـ مختصرًا من طبقات الحفاظ 1/ 549 ترجمة رقم (1183).
(5)
المقدمة، باب هاء التأنيث التي رسمت تاء، ضمن إتحاف البررة بالمتون العشرة صـ 380، ونصه:
وكل ما اختُلِف
…
جمعًا وفردًا فيه بالتاء عُرِف.
(6)
المقنع صـ 15 و 38.
في بعض المصاحف بالألف والتاء مع أنه نقل نافع فيه بحذف الألف
(1)
، وكذا قوله:{آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} في سورة يوسف [آية: 7] فيه "ألف الإمام"؛ أي: ثابت فيه ألف في الإمام؛ فإن أبا عبيد قال: رأيتها في الإمام؛ مصحف عثمان بالألف والتاء
(2)
مع أن نافعًا نقل فيها حذف الألف من المصحف المدني
(3)
. ثم " حَاشَ " في الموضعين من سورة يوسف وهو قوله {حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا} [آية: 31] و {حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا} [آية: 51] مرسوم بحذف الألف على ما نقله أبو عبيد عن الإمام
(4)
، والمراد: الألف الثانية؛ فإن الأولى ثابتة اتفاقًا
(5)
، وفي البيت إشعار بأن إثبات الألف قد نقل لكنه غير مشهور.
ثم اعلم أن أبا عمرو قرأ: {حَاش ا لِلَّهِ} بالألف في الوصل والباقون بحذفها
(6)
واتفقوا على حذفها في الوقف اتباعًا للرسم
(7)
، وإنما ذهب
(1)
قال الداني في المقنع صـ 39: (حدثنا خلف بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو عبيد قال: وقوله عز وجل {عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ} [فاطر: 40] رأيتها في بعض المصاحف بالألف والتاء قال أبو عمرو وكذلك وجدت أنا ذلك في بعض مصاحف أهل العراق الأصلية القديمة ورأيت ذلك في بعضها بغير ألف. وحدثنا أحمد بن عمر بن محفوظ قال حدثنا محمد بن أحمد الإمام قال حدثنا عبد الله بن عيسى قال حدثنا قالون عن نافع أن ذلك مرسوم في الكتاب بغير ألف وكذلك {آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} في يوسف [آية: 7]).
(2)
قال الداني في المقنع صـ 38: (حدثنا خلف بن حمدان المقرئ قال حدثنا أحمد بن محمد المكي قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال رأيت في الإمام؛ مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه
…
وفي يوسف [آية: 7]{آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} بالألف والتاء).
(3)
بل من جميع المصاحف كما رواه الداني بسنده عنه قال: (الألف غير مكتوبة يعني في المصاحف في -وذكر آيات ثم قال: وفي يوسف [آية: 7]: {آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} وفي: {غَيَابَاتِ} [آية: 10 و 15] بحذف الألف في الحرفين).
(4)
قال الداني في المقنع صـ 15 باب ذكر ما حذفت منه الألف اختصارًا: (حدثنا خلف بن إبراهيم بن محمد قال حدثنا أحمد بن محمد قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلّام قال: رأيت في الإمام؛ مصحف عثمان بن عفان
…
وفي يوسف {حَاشَ لِلَّهِ} ).
(5)
أي: قراءة، أما رسمًا فالاتفاق على حذفها، بخلاف الثانية فالخلاف في قراءتها مع الاتفاق على حذفها.
(6)
انظر: النشر 2/ 295، والكشف 2/ 10، والإقناع 2/ 671.
(7)
القراءة سنة متبعة والرسم تابع لا متبوع، وعليه فإن مرادَه غيرُ ما توهمه عبارته، وقد بيَّن المؤلف ذلك في شرحه للأبيات (46)، و (51)، و (59)، وسبق التنبيه على ذلك في تعليقي على شرح البيت 71، وهذا الأسلوب دارج عند العلماء، قال مكي في الكشف 2/ 174 في قوله تعالى:
{وَقَالَ مُوسَى رَبِّي} [القصص: 37]: (قرأه ابن كثير {قَالَ} بغير واو؛ لأنها كذلك في مصحف أهل مكة،
…
وقرأه {وَقَالَ} بالواو
…
وكذلك هي بالواو في غير مصاحف أهل مكة) وإن كان تعبير المؤلف أبعدَ عن الإيهام حيث قال فيها في شرح البيت 102: (رسم بغير واو في المكي، وبواو في بقية المصاحف وَفْق قراءتهم) وقال في الكشف 2/ 262 في قوله تعالى: {تَشْتَهِيهِ} : (قرأ نافع وابن عامر وحفص بالهاء على الأصل؛ لأنها تعود على الموصول
…
، ولأنه بالهاء في مصاحف المدينة والشام، فاتبعوا الخط، وقرأ الباقون بغير هاء) وقال ابن الجزري في النشر 2/ 255، 256:(واتفقوا على قوله تعالى في سورة القيامة [آية: 40] {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} أنه بهذه الترجمة لثبوت ألفه في كثير من المصاحف ولحذف الألف من موضعي سورة يس والأحقاف في جميع المصاحف واختلفت القراءتان فيهما لذلك دون القيامة) فقوله: "لثبوت"، "ولحذف"، "واختلف القراءتان فيهما لذلك"، يوهم أن القراءة تابعة للرسم، ومثله قوله في النشر 2/ 370 حين ذكر قراءاتهم: ( .. لأنها في مصاحف المدينة والشام ثابتة، وحذفها الباقون
…
لأنها كذلك في مصاحفهم)، وليس مرادهم ما قد توهمه عباراتهم وإنما هو استرسال في العبارة وجريٌ على عادة العرب في مثل هذا في المتلازمين، ولو عبّر المؤلف هنا بما عبّر به في شرح البيت (106) حيث قال في قوله تعالى:{تَأْمُرُونِّي} [الزمر: 64](فقرأه ابن عامر بنونين مظهرتين فوافق رسمَ مصحفه تلاوتُه)؛ لكان أبعد عن الإيهام والله أعلم.
أبو عمرو في {حَاش ا} في الوصل إلى أصل الكلمة، من: حاشى يحاشي، ولما كانت الألف منقلبة عن ياء وكانوا يحذفون الياء التي هي لام الفعل في نحو: لا أدري حذفوا الألف المنقلبة عنها أيضًا، ولكون الوقف يحتمل الحذف قرأ بحذفها وقفًا مع مراعاة الموافقة للجماعة رسمًا.
82 - ويا لَدَى غافرٍ عن بعضهم ألف
…
وهَا هُنا ألفٌ عن كلهم بهرا
(1)
بألف الإطلاق؛ أي: غلب، وقصر "يا لَدَى غافرٍ" ضرورة
(2)
وهو مضاف إلى مضاف
(3)
و"عن بعضهم ألف"؛ اسمية، خبره
(4)
، و"هَا هُنا ألفٌ"؛ اسمية أخرى، وقوله:"بهرا" صفة ألف.
يعني: رسم ياء: {لَدَى الْحَنَاجِرِ} [غافر: 18] في بعض المصاحف بالألف، والتعبير ببعضهم يشير إلى أنه مرسوم في أكثر المصاحف بالياء كما صرح به
(1)
المقنع صـ 65.
(2)
يعني: أنه جعل كلمة "ياء" التي هي من المدود؛ من المقصور للضرورة الشعرية حيث لم يقل: ياء لدى.
(3)
ياء: مضاف، لدى: مضاف إليه وهو مضاف، وغافر: مضاف إليه.
(4)
يعني: جملة "عن بعضهم ألف" جملة اسمية هي خبر المبتدأ الأول "يا".
في المقنع
(1)
، وأما "هَا هُنا" يعني في سورة يوسف [آية: 25] رُسِمَ ياءُ {لَدَى الْبَابِ} في كل الرسوم بالألف كما رُوِيَ عن جميع النقلة
(2)
، قيل: واختلف معناهما فالذي في يوسف بمعنى: عند، والذي في غافر بمعنى: في
(3)
، وفهم من حصرهما أن ما عداهما مرسوم بالياء، كما نبه عليه بقوله: يا لدى
(4)
.
83 - ونونَ نُنْجِي بها والأنبيا حذَفوا
…
والْكَافِرُ الحذفُ فِيهِ في الإمام جَرَى
(5)
"نونَ"؛ مفعول قوله "حذفوا"، وقوله:"بها" ظرف له، ثم الضمير في "بها" راجع إلى يوسف لا إلى يونس لأنه تعداها وأيضًا ذكره بعد: حَاشَ و لَدَى
(6)
وهما في يوسف، والذي في يونس [آية: 103] وهو قوله: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} كتبا بنونين مع إثبات الياء في الأول اتفاقًا وحذفها في الثاني إجماعًا وسنذكرها في باب حذف الياء وثبوتها
(7)
، "والأنبيا" عطف على "بها" بتقدير إعادة الجار عند البصرية، أو بدونه عند الكوفية وقصر "الأنبيا" ضرورة أو بنية الوقف، و"الكافر" مبتدأ، و"الحذف": مبتدأ ثاني، و"فيه" بالإشباع أي: في لفظ "الكافر""في الإمام جرى" أي: وقع؛ خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول.
(1)
حيث قال في صـ 65: (واختلفت -يعني المصاحف- في {لَدَى الْحَنَاجِرِ} في المؤمن فرسم في بعضها بالياء وفي بعضها بالألف وأكثرها على الياء).
(2)
روى الداني بسنده عن (الكسائي قال: {لَدَى الْبَابِ} كتبت في يوسف بألف قال أبو عمرو: واتفقت المصاحف على ذلك).
(3)
قال الداني في المقنع صـ 65: (وقال المفسرون: معنى الذي في يوسف "عند" والذي في غافر "في" فلذلك فرق بينهما في الكتابة).
(4)
وجهه أنه عدّها ياء في قولِه: (يا لدى)، فكل ما لم ينص على رسمه بالألف سواء عند بعضهم أو كلهم فهو مرسوم بالياء على الأصل.
(5)
المقنع صـ 12، 15، 91.
(6)
المذكورتين في البيتين السابقين.
(7)
في شرح البيت رقم (175).
والمعنى: (رسم {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} بيوسف [آية: 110] {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} في الأنبياء [آية: 88] بنون واحدة في كل الرسوم، ورسم {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ} في الرعد [آية: 42] بلا ألف في الإمام -كالبواقي-)
(1)
على ما صرح به الجعبري فإنه نقله أبو عبيد عن الإمام
(2)
ونقله نافع أيضًا
(3)
، كما نقلا حذف النون في السورتين السابقتين
(4)
، فَنِسْبَةُ الناظمِ الأولَ إلى الإجماعِ
(5)
والثانيَ إلى الإفرادِ
(6)
قاصرةٌ لا تَحَكُّمٌ
(7)
كما قاله الجعبري
(8)
، (فلو قال:
(1)
ما بين القوسين منقول بنصه من الجميلة صـ 134.
(2)
ذكره عنه بسنده في المقنع صـ 15.
(3)
ذكره عنه بسنده في المقنع صـ 10 - 12.
(4)
روى أبو عمرو في المقنع صـ 91 بسنده عن أبي عبيد قال: (رأيت في الذي يقال له الإمام مصحف عثمان {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} في يوسف، و {نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} في الأنبياء بنون واحدة، قال: ثم اجتمعت عليها المصاحف في الأمصار كلها فلا نعلمها اختلفت)، وبسنده (عن نافع قال: هما في الكتاب بنون واحدة).
(5)
أي: بقوله (حذفوا).
(6)
أي: بقوله (في الإمام جرى).
(7)
كذا في (بر 3) و (ق) وتحتمل "يحكم"، وفي سائر النسخ "يحكم"، والتحقيق -إن شاء الله- أنها ليست قصورًا ولا تَحَكُّما، بل هي إشارة إلى أن الإجماع في الأولى قوليٌّ لأن أبا عبيد قال:(ثم اجتمعت عليها المصاحف في الأمصار كلها فلا نعلمها اختلفت) بخلاف الثاني فقُصاراه نقل أبي عبيد عن الإمام ونافعٍ عن المصاحف يعني مصاحف المدينة بدليل قول أبي عمرو بعدها في صـ 14: (ورأيت رسم عامة الحروف المذكورة في مصاحف أهل العراق وغيرها على نحو ما رويناه عن مصاحف أهل المدينة)، ومثل هذا ليس إجماعًا صريحًا؛ كيف وقد روى الداني في المقنع صـ 16 بسنده عن (اليزيدي قال: في مصاحف أهل المدينة ومكة {وَسَيَعْلَمُ الْكَافِرُ} على واحد)، أي: على ما يوافق قراءتهم، وظاهره والله أعلم أن الألف فيها ثابتة بين الكاف والفاء، نعم قال أبو داود في مختصر التبيين (3/ 744): (ورسمه بغير ألف قبل الفاء، وبعدها،
…
ولم يرسمه أحد من الصحابة، بألف قبل الفاء، ولا بعدها)، وقال اللبيب في الدرة الصقيلة صـ 297: (واتفق كتاب المصاحف على حذف الألف التي بين الكاف والفاء
…
وقال أحمد بن محمد الطلمنكي: وكتبوا في جميع مصاحف أهل الأمصار بغير ألف قبل الفاء ولا بعدها، ولم يقل أحد إنه كتب بالألف أصلا) وهذه النصوص تدل على أن المصاحف متفقة على كتبها بغير ألف قبل الفاء ولا بعدها، لكن العقيلة نظم للمقنع لا لمختصر التبيين فلا قصور فيها عنه ولا تحكم.
(8)
انظر: الجميلة صـ 134.
كالإمام، أو: في الجميع، خرج عن عهدة المرام)
(1)
.
ثم اعلم أن قراءة الكوفيين وابن عامر: {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ} بصيغة الجمع، والباقون:{الْكَافِرُ} بلفظ الإفراد
(2)
.
(فالألف لفظا متفق القراءتين، والخلاف في التقديم والتأخير، فالموحّد
(3)
يقدّر الألف قبل الفاء والجامع
(4)
بعدها
(5)
(6)
، وأما وجه {نُنْجِي} في الموضعين بنون واحدة، مع أن قراءة ابن عامر وعاصم {نُجِّي} في سورة يوسف بنون واحدة مع تشديد الجيم وتحريك الياء، وقرأه الباقون بنونين مع إسكان الياء
(7)
.
و {نُنْجِي} في سورة الأنبياء؛ قراءة ابن عامر وأبي بكر عن عاصم؛ بنون واحدة مع تشديد الجيم والباقون بنونين
(8)
، والياء فيه ثابتة لكل السبعة
(9)
في الحالين
(10)
موافقًا للرسم كما في يوسف، بخلاف ما في يونس
(11)
فقد (قال الداني في بعض مصنفاته: يجوز أن يكونا رُسِما على قراءة من أثبت النون وخفف الجيم
(12)
، قال: فإن كانا رُسِما على القراءة الأولى
(13)
فلا نظر في ذلك؛
(1)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 134.
(2)
انظر: النشر 2/ 298، والكشف 2/ 23، 24، والإقناع 2/ 676.
(3)
أي: من يقرأ بلفظ الإفراد.
(4)
أي: من يقرأ بلفظ الجمع.
(5)
أي: يقدّر الألف بعد الفاء.
(6)
ما بين القوسين مستفاد من قول الجعبري في الجميلة صـ 135: ("الكفر" متفقُ الألفِ لفظًا -والخلافُ في التقديمِ والتأخيرِ- والحذفِ رسمًا) وهي أوضح من عبارة المؤلف، ثم قال:(وجه الحذف احتمال القراءتين؛ فالموحِّد يقدِّر الألف قبل الفاء، والجامع بعدها).
(7)
انظر: النشر 2/ 296، والكشف 2/ 17، والإقناع 2/ 673.
(8)
انظر: النشر 2/ 324، والكشف 2/ 113، والإقناع 2/ 703.
(9)
بل وبقية العشرة.
(10)
على كلا القراءتين في الموضعين كما سيأتي في شرح البيت رقم (175).
(11)
الذي في يونس [آية: 103] هو قوله: {كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} فإن ياءها محذوفة إجماعًا كما تقدم قريبًا وسيأتي في البيت رقم (175).
(12)
وهم جميع العشرة حاشا ابن عامر وعاصمًا ويعقوب في آية يوسف، وجميعهم حاشا ابن عامر وشعبة في آية الأنبياء.
(13)
وهي قراءةُ مَنْ حذف النون وهم: ابن عامر وعاصم ويعقوب في آية يوسف، وابن عامر وشعبة في آية الأنبياء.
لأنه حقيقة رَسْمِهِ، وإن كانا رُسِما على القراءة الثانية فذكر فيما سبق في {لِنَنْظُرَ}
(1)
(2)
.
84 - لَا تَيْأَسُوا ومعًا يَاْيْئَسْ بها ألفٌ
…
في اسْتَيْأَسَ اسْتَيْأَسُوا حذفٌ فشا زُبُرَا
(3)
"لَا تَيْأَسُوا ": مبتدأ، و"معا": عطف عليه، و" يَاْيْئَسْ بها ألفٌ": جملة اسمية، وضمير "بها" راجع إلى الثلاثة المذكورة
(4)
و"حذفٌ": مبتدأ، خبره مقدم عليه، و"فشا": انتشر، جملة فعلية؛ صفته، و"زُبُرا"؛ بضمتين؛ تمييز أي: كتابة.
والمعنى: رُسِمَ {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: 87] بألف بين التاء والياء، و {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: 87] و {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ} بالرعد [آية: 31] بألف بين الياءين في كل الرسوم، وزيادة الألف تحتمل أن يكون على وَفْق قراءة البزي
(5)
عن ابن كثير
(6)
فإنه يجعل الهمزة
(7)
مع تحويلها
(8)
إلى موضع الياء،
(1)
أي: كلامه السابق على"لننظر" وحذف النون منها في البيت 79.
(2)
ما بين القوسين منقول من الوسيلة صـ 169.
(3)
المقنع صـ 85، 86.
(4)
وهي: {تَيْأَسُوا} و {يَيْأَسُ} بيوسف، و {يَيْأَسُ} بالرعد.
(5)
أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم، أبو الحسن البزي المكي المقرئ قارئ مكة ومؤذن المسجد الحرام، وقرأ القرآن على عكرمة بن سليمان وغيره، مات سنة 250. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 173 ترجمة رقم (77).
(6)
قال في الكشف 2/ 22: (قرأه البزي بألف بين ياءين مفتوحتين، من غير همز، وقرأ الباقون بياءين، الثانية ساكنة بعدها همزة مفتوحة، وحجة من قرأ بغير همز أنه قلب الهمزة في موضع الياء الساكنة الثانية، فصارت "يأيس" ثم خفف الهمزة بالبدل، لأنها ساكنة، فوزنه في الأصل "يفعل" وبعد القلب "يعفل" عين الفعل قبل الفاء، وأصله "يَيِسَ" بياءين، يدل على ذلك أن المصدر "اليأس") وانظر: النشر 1/ 405 باب: الهمز المفرد.
(7)
كذا في سائر النسخ التسع بدون ذكر المفعول الثاني لجعل، ولعل صوابه:(يسهل) الهمزة) كما يدل عليه قول مكي: "ثم خفف الهمزة بالبدل لأنها ساكنة" أو في الكلام سقط تقديره: (يجعل الهمزة ألفًا).
(8)
في (بر 3)"فإنه يجعل الهمزة مع تحريكها" وفي سائر النسخ كما أثبته.
والياء إلى موضع الهمزة، ثم يقلب
(1)
الهمزة الساكنة ألفًا، قال ابن السكِّيت
(2)
: (يقال أَيِسْتُ منه آيَسُ يأسًا لغة في يَئِسْتُ أَيْأَسُ يَأْسًا، قال: ومصدرهما واحد)
(3)
.
ويحتمل أن يكون الألف قصد بزيادتها للفرق بين هذه الكلمات وبين {يَئِسَ} و {يَئِسُوا} ، فإنها لو رسمت زيادة الألف شبهت بذلك، فرسمت الألف كما رسمت في:"مِائَة" للفرق بينه وبين "مِنْهُ"، ألا ترى أن الكلمتين الأخيرتين لما لم يكن له ما يشتبه به لم يزيدوا فيه ألفًا، ورسم:{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [آية: 80]{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} [آية: 110] كلاهما في يوسف بلا ألف في كل الرسوم.
وأغرب شارح
(4)
حيث قال: (إنه ذكر في المقنع
(5)
أن الحذف أكثر فجزم الناظم بحذفها نقص من الأصل) انتهى، وغرابته لا تخفى؛ لأن في قوله "فشا زبرا" إشارة إلى أنه الأكثر والأشهر فتأمل.
85 - و الرِّيحُ عنْ نافعٍ وتحتها اختلفُوْا
…
ويا بِأَيَّامِ زَادَ الخُلْفُ مستطِرَا
(6)
الرواية بكسر الطاء أي: مسطورًا مكتوبًا في المصاحف وهو حال من "الخُلْفُ" فاعل "زاد"، و"يا" في قوله:"يا بِأَيَّامِ " مفعول؛ قُصِرَ
(7)
، فجَعْلُ
(1)
كذا في (ز 8) و (ل) و (س) و (ص) و (ق)، وفي (ز 4) و (ف)"نقلت"، وفي (بر 1) و (بر 3)"تقلب".
(2)
هو: أبو يوسف يعقوب بن إسحاق البغدادي النحوي المؤدب، مؤلف كتاب إصلاح المنطق برع في النحو واللغة، قال ثعلب: أجمعوا أنه لم يكن أحد بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة منه، مات سنة 244. اهـ. من سير أعلام النبلاء 12/ 16.
(3)
عزاه في اللسان 6/ 19 مادة أيس؛ إلى الجوهري، ثم ذكر عن (ابن سيده: أيست من الشيء مقلوب يئست وليس بلغة).
(4)
أي: الجعبري وانظر: الجميلة صـ 135.
(5)
انظر: المقنع صـ 86.
(6)
المقنع صـ 12، 94.
(7)
أي: حُذِفَ همزُهُ فلم ينطق في البيت بهمز.
"الخُلْف" هو الذي "زاد"
(1)
ياءً على المجاز.
ومعنى البيت: أنه روي عن نافع عن المدني- كسائر الرسوم- {اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ} في إبراهيم [آية: 18] بغير ألف كما هو قراءة غير نافع
(2)
، واختلف نقلة الرسوم في {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} في السورة التي تحت سورة إبراهيم وهي سورة الحجر [آية: 22]؛ فنقل بعضهم بحذف الألف كما هو قراءة حمزة، وبعضهم بإثباتها كما هو قراءة الباقين
(3)
، وجُوِّز إرجاع
(4)
ضمير تحتها إلى سورة إبراهيم، لأن قولنا في إبراهيم مقدر بعد قوله:"عن نافع"، والمقدر كالملفوظ، فصح عود الضمير إليها، ويجوز أن يكون معنى "تحتها" تحت " الرِّيحُ "؛ لأن الريح الذي في الحجر تحت الريح الذي في إبراهيم، وقد اختلفوا أيضًا في قوله بإبراهيم [آية: 5] {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} ، فرسم في بعض المصاحف بياء بين
(5)
المشددة
(6)
والميم إشعارًا بجواز الإمالة في اللغة، وفي بعضها بألف مكان هذه الياء، وفي شرح السخاوي:(قال نصير: هو في بعض المصاحف {بِأَيَّامِ اللَّهِ}، قال أبو عمرو: بياءين من غير ألف، وفي بعضها {بِأَيَّامِ} بألف وياء واحدة)
(7)
.
(1)
كذا في سائر النسخ، و (ز 4) إلا أن فيها كلمة "الخلف" مشكلة بالضم، وفي (بر 3)"الخلف الذي هو زاد".
(2)
انظر: النشر 2/ 223، والكشف 1/ 270، والإقناع 2/ 605.
(3)
انظر: النشر 2/ 223، والكشف 1/ 270، 271، والإقناع 2/ 605.
(4)
كذا في (ص)، وفي (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)"جوّز رجع"، وفي (س)"وجوز رجوع".
(5)
كذا في (ص)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (س)"بياءين".
(6)
كذا في (ص) و (ز 4) و (ز 8) و (ل) و (س)، وفي (بر 1)"الياء المشددة".
(7)
انظر: (الوسيلة صـ 173) وهو في المقنع لأبي عمرو الداني صـ 94 كله من مقول نصير حاشا ما بين العارضتين.
86 - بالحذْفِ طَائِرَهُ عنْ نافعٍ وبِـ: أَوْ
…
كِلَاهُمَا الخُلْفُ واليا ليسَ فيهِ يُرَى
(1)
بصيغة المجهول؛ مذكرًا أو مؤنثًا والضمير إلى "اليا" وقصر
(2)
ضرورةً، والضمير في "فيه" إلى لفظ "كلاهما"، "وبِـ: أَوْ كِلَاهُمَا " مبتدأ، خبره قوله: "الخلف"، كذا قيل، والظاهر: أن "الخلف" مبتدأ، "وبِـ: أَوْ كِلَاهُمَا " خبره، والباء بمعنى في، و"بالحذْفِ طَائِرَهُ "؛ جملة اسمية، و"عن نافع" متعلق "بالحذف"، يعني: روى نافع {أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ} في الإسراء [آية: 13] بحذف الألف عن المدني -كبقية الرسوم-، قال السخاوي: (وقد رُوِي عن أُبَيٍّ وابن مسعود والحسن وأبي رجاء ومجاهد وغيرهم أنهم قرؤوا: {طَيْرَهُ فِي عُنُقِهِ}
(3)
(4)
.
واختلف الرسوم في قوله: {أَوْ كِلَاهُمَا} في الإسراء [آية: 23] أيضًا فرسم في بعضها بألف بعد اللام، وفي بعضها بحذف هذه الألف
(5)
يعني بصورة: {كِلَاهُمَا} وليس في شيء من المصاحف فيها ياء.
والمعنى: أن الياءَ في قوله: {أَوْ كِلَاهُمَا} ؛ بدلَ الألف؛ لم يرسم في شيء من الرسوم، ولم يقرأ أحد من السبعة
(6)
بحذف الألف، بل كلهم متفقون على إثباتها، نعم أمالها بعضهم وهم حمزة والكسائي لا غير.
(1)
المقنع صـ 12، 94.
(2)
أي: جعل مقصورًا فقيل: (واليا) بدون الهمز لضرورة الشعر.
(3)
في مختصر ابن خالويه صـ 79 عزاها إلى الحسن، وفي شواذ القراءة ورقة صـ 136 إليه وإلى أبي رجاء، وفي المحرر الوجيز 10/ 268 إليهما وإلى مجاهد، وفي زاد المسير 5/ 15 إلى ابن مسعود وأُبَيٍّ والحسن، وفي القرطبي 10/ 229 إليهم وإلى أبي رجاء ومجاهد، وذكرها الآلوسي في روح المعاني 15/ 32.
(4)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 174).
(5)
كذا في (بر 1) و (ل) و (س)، وفي (ز 8)"بحذف الألف"، وفي (ز 4)"اللام"، وفي (ص)"اللام ألف".
(6)
بل ولا بقية العشرة.
87 - سُبْحَانَ فاحذِف وخُلْفٌ بعدَ قَالَ هنا
…
و قَالَ؛ مكٍّ وشَامٍ قبلَهُ خَبَرَا
(1)
فعل ماضٍ للتثنية، وضميره للمكي والشامي، وهو خبر المبتدأ الثاني، وهو "مكٍ، وشامٍ": عطف عليه، والجملة خبر الأول وهو قوله:" قَالَ "، و"قبله" ظرفٌ؛ أي: قبل لفظ {سُبْحَانَ} ، وقوله:{سُبْحَانَ} مفعول: "فاحذف" على حذف المضاف، أي: احذف ألف سُبْحَانَ والفاء زائدة.
يعني: احذف ألف {سُبْحَانَ} في جميع القرآن نحو: {سُبْحَانَ الَّذِي}
(2)
، و {سُبْحَانَ رَبِّكَ} [الصافات: 180]، و {سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} [يونس: 10]، و {سبحانه وتعالى}
(3)
، و"خُلْفٌ": مبتدأ، وقوله:"بعد قَالَ "؛ خبره، وقوله:"هنا"؛ ظرف الخبر، والإشارة إلى سورة الإسراء.
يعني: اختلف المصاحف في قوله: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي} [الإسراء: 93] فرسم في بعضها بحذف الألف، أي: ألف {سُبْحَانَ} هنا وفي بعضها بإثباتها، وكذا اختلف المصاحف فرسم {حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قَالَ} [الإسراء: 93] بألف في مصحف المكي والشامي و {قُلْ} بغير ألف في المدني والعراقي والقراءة فيهما مختلفة
(4)
، وقيد " قَالَ " المُخْتَلَفَ
(5)
فيه بما قبل {سُبْحَانَ}
(6)
احترازًا عن قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ} [الإسراء: 102] وغيره.
(1)
المقنع صـ 94، 104.
(2)
وردت هكذا في [الإسراء: 1، ويس: 36، 83، والزخرف: 13].
(3)
وردت هكذا في [الأنعام: 100، ويونس: 18، والنحل: 1، والإسراء: 43، والروم: 40، والزمر: 67].
(4)
(فقرأ ابن كثير وابن عامر "قال" بالألف على الخبر وكذا هو في مصاحف أهل مكة والشام، وقرأ الباقون "قلْ" بغير ألف على الأمر وكذا هو في مصاحفهم) اهـ من النشر 2/ 309 وانظر: الكشف 2/ 52، والإقناع 2/ 687.
(5)
كذا في (ز 8)، وفي (ز 4)"وقيد قال المختلَف فيه سبحان"، وفي (بر 1) و (ل) و (س) و (ص)"وقيد قال المختلف فيه فقال سبحان".
(6)
بما قبل لفظ: {سُبْحَانَ} .
88 - تَزْوَرُّ زَ اكِيَةً مَعْ لَاتَّخَذْتَ بِحَذْ
…
فٍ نافعٌ كَلِمَاتُ رَبِّي اعتُمِرَا
(1)
بصيغة المجهول والألف في "اعتُمِرَا" للتثنية لأن {كَلِمَاتُ رَبِّي} موضعان، يقال: اعتمره، أي: زاره؛ لأن نافعًا مثلًا حين كشفها في المصاحف زارهما، ولو قال: كَلِمَاتُ معًا عُمِرا
(2)
، لكان معتبرًا.
والمعنى: روى نافع -كبقية الرسوم- حذفَ ألفِ و {إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ} [الكهف: 17] و {نَفْسًا زَكِيَّةً} [الكهف: 74] و {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ} [الكهف: 77] و {مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} [الكهف: 109] و {قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109].
أما وجه الحذف في {تَزَاوَرُ} و {زَكِيَّةً} و {لَاتَّخَذْتَ} : احتمالُ القراءات تحقيقًا وتقديرًا.
وأما وجه الحذف في {كَلِمَاتُ رَبِّي} : التخفيف المُطَّرِد في حذف ألف جمع المؤنث السالم
(3)
.
واعلم أن {تزْوَرُّ} كتَحْمَرُّ؛ للشامي، و {تَزَاوَرُ} بالتخفيف مع الألف: للكوفيين، وبالتشديد معه: للباقين
(4)
.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: بإثبات ألف {زَ اكِيَةً}
(5)
، و {لَتَخِذْتَ} بالتخفيف مع كسر الخاء: للمكي والبصري، والباقون: بالتشديد وفتح الخاء، وكلٌّ على أصلٍ في إظهار الذال وإدغامها
(6)
.
(1)
المقنع صـ 12.
(2)
فيكون البيت: تَزوَرُّ زَ اكِيَةً مَعْ لَاتَّخَذْتَ بحذ فٍ نافعٌ كَلِماتُ معًا عُمِرا.
(3)
سبق أن قال عن "كلمات" في شرح البيت (69): (وهو داخل في عموم حذف ألف جمع المؤنث السالم سواء كان مضافًا إلى ضمير أم لا) وفي شرح البيت (66) حكى (إجماعهم على تعميم حذف الألف من جمع المؤنث السالم جميعه) ونحوه في شرح البيت (80).
(4)
انظر: النشر 2/ 310، والكشف 2/ 56، والإقناع 2/ 688.
(5)
وقرأ الباقون بحذفها، وانظر: النشر 2/ 313، والكشف 2/ 68، والإقناع 2/ 691.
(6)
انظر: النشر 2/ 314، والكشف 2/ 70، والإقناع 2/ 691.
89 - وَفِي خَرَ اجًا معًا والرِّيحُ خُلفُهمُ
…
وكلُّهم فَخَرَاجُ في الثُّبُوت قَرَا
(1)
هو من قَرَوْتُ البلاد وقَرَيْتُها: تَتَبَّعْتُها، و"خُلفُهُمُ": مبتدأ، وقوله:"فِي خَرَ اجًا"؛ خبره، و"الرِّيحُ" عطف على "خَرَ اجًا".
والمعنى: اختلف النَّقَلة في "خَرَ اجًا" المنصوب في سورة المؤمنين [آية: 72] وهو قوله: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا} وفي سورة الكهف [آية: 94] وهو قوله: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا} ؛ فرسم في بعض المصاحف بلا ألف وفي بعضها بإثباتها كما قرئ بالحذف والإثبات في السبعة
(2)
.
وكذا اختلفوا في {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45] كتابةً وقراءةً
(3)
، وقوله:"في الثبوت" أي: في ثبوت الألف، خبر لقوله:"كلُّهم"، يعني: وكل النقلة نقل -بعد أن تتبع- إثبات الألف في " فَخَرَاجُ " المرفوع في المؤمنين [آية: 72] وهو قوله تعالى: {فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} مع أنه قرئ أيضًا بإثبات الألف وحذفها
(4)
، ونقل السخاوي أنه رآه في مصحف عتيق بحذف ألفه
(5)
، والله أعلم بصحته.
(1)
المقنع صـ 95، 96.
(2)
قال في الكشف 2/ 77: (قرأ حمزة والكسائي "خَرَ اجًا" بألف، وقرأ الباقون"خَرْجًا"بغير ألف) وانظر: النشر 2/ 315، والإقناع 2/ 692.
(3)
فقرأ حمزة والكسائي وخلف بالإفراد، وقرأ بقية العشرة بالجمع. وانظر: النشر 2/ 223، والكشف 1/ 270، والإقناع 2/ 605.
(4)
فقرأ (ابن عامر: {فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} بإسكان الراء، وقرأ الباقون بالألف) اهـ. من النشر 2/ 315 وانظر: الكشف 2/ 130، والإقناع 2/ 692.
(5)
قال السخاوي في الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 178: (وقد رأيت أنا في المصحف العتيق الشامي الذي ذكرته فيما تقدم فَخَرْجُ بغير ألف، ولقد كنت قبل رؤية ذلك أعجب من ابن عامر كيف تكون الألف ثابتة في مصحفهم ويسقطها في قراءته حتى رأيت هذا المصحف فعلمت أن إطلاق القول بأنها في جميع المصاحف فَخَراجُ ليس بجيد، ولا ينبغي لمن يطلع على جميعها دعوى ذلك، وقد تابعه شيخنا رحمه الله على ذلك فقال "وكلهم فَخَراجُ في الثبوت قرا).
90 - كُلٌّ بلا ياءِ آتُونِي وَمَكَّنَنِي
…
مَكٍّ ومِنهَا عِرَاقٍ بعدَ خَيْرًا ارَى
(1)
الرواية بنقل حركة همزة "أرَى" إلى التنوين في " خَيْرًا " وحذفها
(2)
، وعلى حكاية " خَيْرًا " ولذا لم يخفضه بعد إضافة "بعدَ" إليه، و"عراقٍ" تخفيف عراقي يندرج فيه الكوفي والبصري.
والمعنى: رسم العراق {مِنهَا} الواقعة بعد لفظ {خَيْرًا} [الكهف: 36] لا {مِنْهُمَا} ؛ بصيغة التثنية كما في رسم الباقين
(3)
، وقوله:"ومكَّنَني" اكتفى فيه بالنطق عن قيد التصريح بالنونين مع أن الوزن لا يستقيم إلا بالنونين.
ومعنى البيت: أن رسم {رَدْمًا (95) آتُونِي} و {قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ} في الكهف [آية: 95 - 96] في كل الرسوم بألف وتاء بلا ألف ثانية ولا ياء، وقياسه عند الواصل
(4)
: الياء صورة الهمزة الساكنة بعد الكسرة
(5)
، وعند القاطع
(6)
: قياسه الألف صورة الهمزة الساكنة بعد الفتحة
(7)
، لكنهم لم يجمعوا بين ألفين في جميع الهجاء
(8)
، ولذا قال:"كلّ بلا ياء آتُونِي " بناء على أنه أمرٌ من الإتيان
(9)
؛ لأنه إذا كان الأمر من الإيتاء
(10)
فلا حذف هناك بناء على القاعدة
(1)
المقنع صـ 86، 104.
(2)
أي: حذف الهمزة بعد نقل حركتها.
(3)
كذا في (ز 4) و (ز 8)، وفي (ل) و (بر 1)"والمعنى رسم العراق (منْهَا) الواقعة بعد لفظ (خيرًا منْهُمَا) بصيغة التثنية"، وفي (س) والمعنى رسم العراقي (منْهَا) الواقعة بعد لفظ (خيرًا منهما) بصيغة التثنية"، وفي (ص) "والمعنى رسم العراق (منْهَا) الواقعة بعد لفظ (خيرًا منْها) بصيغة التثنية".
(4)
أي: الناطق بها همزة وصل، من الإتيان.
(5)
أي: القياس فيه أن يرسم هكذا ائتوني.
(6)
أي: الناطق بها همزة قطع، من الإيتاء.
(7)
أي: القياس فيه أن يرسم هكذا ءاتوني.
(8)
أي: فلم يحتج إلى التنبيه على حذف ألفه الثانية لأن حذفها مُطَّرِد لأنهم "لم يجمعوا بين ألفين في جميع الهجاء".
(9)
أي: المجيء كما هو رواية عن أبي بكر في الآيتين، وافقه حمزة في الثاني، وبذلك قرأ الداني في رواية أبي بكر، وهو الذي اختاره في المفردات. اهـ من النشر 2/ 315.
(10)
أي: الإعطاء كما في رواية أخرى عن أبي بكر وهو الذي قطع به العراقيون قاطبة وبه قرأ الباقون في الآيتين. اهـ من النشر 2/ 315.
المُطَّرِدة، فما وقع الرسم على خلاف الأصل إلا في حذف الياء بمقتضى القاعدة المُطَّرِدة في رسم القرآن وغيره
(1)
، فاندفع اعتراض السخاوي حيث قال: (من قال
(2)
: كتبوا ءاتُونِي بغير ياء لم يحسن العبارة؛ لأنه يوهم أن الكاتب حذف الياء، وهو إذا كتب على الأمر من الإيتاء لا يقال: إنه حذف الياء لأنه ليس هناك ياء فتحذف)
(3)
انتهى.
ولا يخفى أن قيد " آتُونِي " بخصوص هذا الموضع
(4)
يفيد أن لا حذف في غير هذه السورة
(5)
، ورُسِمَ قوله تعالى:{قَالَ مَا مَكَّنِّي} [الكهف: 95] بنونين في
(1)
مراده بغيره؛ غير رسم القرآن وهو الرسم القياسي الإملائي.
(2)
قائل ذلك في الحرف الأول هو الداني أما في الحرف الثاني فهو يرويه عن محمد بن عيسى. وانظر: المقنع صـ 86.
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 181). وخلاصة اعتراض السخاوي: أن إطلاق القول بحذف الياء من {آتُونِي} ليس بحسن؛ لأن فيها قراءتين؛ إحداهما من الإتيان والأخرى من الإيتاء، وحذف الياء إنما هو بناء على أنه أمرٌ من الإتيان فوجب تقييد الحذف باعتباره لأنه إذا كتب على الأمر من الإيتاء لا يقال: إنه حذف الياء لأنه ليس هناك ياء فتحذف.
وخلاصة تعقب المؤلف على السخاوي: أنْ بيَّنَ سببَ اقتصارِ الناظمِ على حذف الياء دون التنويه بحذف الألف بقوله: (لكنهم لم يجمعوا بين ألفين في جميع الهجاء ولذا قال: كلٌّ بلا ياء آتُوني) والذي يظهر لي أن اعتراض السخاوي لا يندفع بما ذكره المؤلف؛ لأن السخاوي لما قال: (من قال كتبوا آتُوني بغير ياء لم يحسن العبارة) لم ينقم على القائل كونه لم ينص على حذف الألف، بل نقم عليه كونه أطلق ولم يقيد بإحدى القراءتين، وعليه فتعقب المؤلف ليس واردًا على كلام السخاوي إذ لم يحرر محل الخلاف، فمُؤَدَّى كلامهما واحد، فالسخاوي يقول:(وهو إذا كتب على الأمر من الإيتاء لا يقال: إنه حذف الياء لأنه ليس هناك ياء فتحذف)، والمؤلف يقول:(لأنه إذا كان الأمر من الإيتاء فلا حذف هناك بناءً على القاعدة المُطَّرِدة)، لكن الأولى في تعقب السخاوي -فيما يظهر لي- أن يقال: إنه قد جرت العادة أن تذكر مخالفة الرسم الاصطلاحي للقياسي ولو كانت المخالفة إنما هي باعتبار قراءة دون غيرها، ولهذا أمثلة كثيرة وعليه فلا وجه لتعقب السخاوي على محمد بن عيسى والداني في هذا الموضع وهو يرضاه منهما في مواضع أخر والله أعلم.
(4)
عدم تصريح الناظم بالاطراد حيث وقع هو قيد وتخصيص بالموضع محل الكلام.
(5)
لم يرد لفظ " آتُونِي " في القرآن إلا في هذه السورة في الموضعينِ الذينِ أشار إليهما الناظم، ولفظ الناظم لا يحتمل غيرهما؛ لأنه لم يُقرأ من الإيتاء إلا هما، أما قوله تعالى:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} [يونس: 79] و {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} [يوسف: 50، 54] و {قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ}
[يوسف: 59] و {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} [يوسف: 93] و {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 31] و {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا} [الأحقاف: 4]، فالقراءة في جميعها من الإتيان لا من الإيتاء، فلا تدخل في كلام الناظم أصلًا.
المصحف المكي كما قرأه ابن كثير، وفي بقية المصاحف بنون واحدة كقراءة الباقين
(1)
، ورُسِمَ قوله تعالى:{لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف: 36] بغير ميم بعد الهاء في مصحف الكوفي والبصري على التوحيد كما في قراءة الكوفيين وأبي عمرو، ورسم بميم بعدها في مصحف المدني والمكي والشامي كما في قراءاتهم وهم الباقون
(2)
.
(1)
انظر: النشر 1/ 303، والكشف 2/ 78، والإقناع 2/ 693.
(2)
انظر: النشر 2/ 310، 311، والكشف 2/ 60، والإقناع 2/ 689.
من سورة مريم إلى سورة ص
أي: من أول سورة مريم إلى أول سورة ص
91 - خَلَقْتُ واخْتَرْتُ حذفُ الكلِّ واختلفوا
…
بـ: لَا تَخَفْ نافعٌ تَسَّاقَطِ اقتصَرَا
(1)
بألف الإطلاق مبنيًّا للفاعل، وضميره راجع إلى "نافع"، وفي نسخة: اختصرا، وهو خبرٌ؛ مبتدأهُ:"نافع"، و"حذفُ": مبتدأ أيضًا، وما قبله خبره على تقدير: في "خَلَقْتُ واخْتَرتُ".
والمعنى: رُسِمَ قولُه تعالى: {خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ} بمريم [آية: 9]{وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ} بطه [آية: 13] بغير ألف قبل الكاف في كل المصاحف لاحتمال القراءتين
(2)
فعلى قراءة القصر قياسية، وعلى قراءة المد مع النون اصطلاحية حذف تخفيفًا كما في نظائرهما في نحو:{أَعْطَيْنَاكَ} [الكوثر: 1] و {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ}
(3)
.
(1)
المقنع صـ 12، 86، 95.
(2)
أما آية مريم: فقال في النشر 2/ 317: (فقرأ حمزة والكسائي "خَلَقْنَاكَ" بالنون والألف على لفظ الجمع -وهي المراد بقوله "قراءة المد مع النون"- وقرأ الباقون بالتاء مضمومة من غير ألف على لفظ التوحيد) -وهي المراد بقوله "قراءة القصر"-. وانظر: الكشف 2/ 85 - 86، والإقناع 2/ 696.
وأما آية طه: فقال في النشر 2/ 320: (فقرأ حمزة "وأَنَّا اخْتَرْنَاكَ" بالنون مفتوحة وألف بعدها على لفظ الجمع - وهي المراد بقوله "قراءة المد مع النون" -، وقرأ الباقون "أَنَا" بتخفيف النون "اخْتَرْتُكَ" بالتاء مضمومة من غير ألف على لفظ الواحد) - وهي المراد بقوله "قراءة القصر" - وانظر: الكشف 2/ 97، والإقناع 2/ 698.
(3)
ورد لفظ "أَرْسَلْنَاكَ" في القرآن 13 مرة أولها في [البقرة: 119]، وكلها محذوفة الألف رسمًا.
واختلف النقلة في قوله تعالى: {لَا تَخَافُ دَرَكًا} بـ طه [آية: 77] ففي بعض المصاحف بألف وفي بعضها بغيرها كما قرئ بهما في السبعة
(1)
، ولو قال:{دَرَكًا} لكان أحسنَ ليخرج به قوله: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا} في طه [آية: 112] أيضًا فإنه متفق الإثبات، ويمكن أن يقال: أخرجه بقوله: "بـ لا تخف" حيث أتاه بغير الفاء.
وروى نافع عن المدني - كبقية الرسوم- {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ} [مريم: 25] بحذف الألف اختصارًا، وما قرأ أحد من السبعة
(2)
بحذف ألفها، وإنما الخلاف في كونه من باب المفاعلة
(3)
أو التفاعل
(4)
بحذف التاء
(5)
وبإدغامها
(6)
، وفي الشواذ يسقط ونسقط
(7)
.
(1)
قال في النشر 2/ 321: (فقرأ حمزة "تخف" بالجزم، وقرأ الباقون بالرفع) وانظر: الكشف 2/ 102، والإقناع 2/ 700، فالفعل مجزوم، وعلامة جزمه السكون، فالتقى ساكنان فحذف الألف لالتقاء الساكنين.
(2)
بل ولا بقية العشرة.
(3)
وهي قراءة " تُسَاقِطْ " بضم التاء وكسر القاف وتخفيف السين وسكون الطاء، وقرأ بها حفص.
(4)
وهي قراءة "تَسَاقَطْ" بفتح التاء والقاف وتخفيف السين وبحذف تاء التفاعل لحمزة، و"يَسَّاقَطْ" بفتح الياء والتاء وإدغامها في السين وفتح القاف ليعقوب، و"تَسَّاقَطْ" بفتح التاءين وإدغام الثانية منهما في السين وفتح القاف لبقية العشرة. انظر: النشر 2/ 318 والكشف 2/ 88، والإقناع 2/ 696.
(5)
يعني حذف تاء التفاعل كما تقدم في قراءة حمزة.
(6)
يعني إدغام تاء التفاعل في السين كما تقدم في قراءة بقية العشرة ممن هي عندهم من التفاعل عدا حفص لأنها عنده من المفاعلة لا من التفاعل كما تقدم.
(7)
فيها بحذف الألف خمس قراءات ذكرها في زاد المسير 5/ 223 بقوله: ( .. وقرأ أبي بن كعب وأبو حيوة تسقط بفتح التاء وسكون السين ورفع القاف
…
وقرأ الضحاك وعمرو بن دينار يسقط برفع الياء وكسر القاف مع سكون السين وعدم الألف، وقرأ عاصم الجحدري وأبو عمران الجوني مثله إلا أنه بالتاء، وقرأ معاذ القارئ وابن يعمر مثله إلا أنه بالنون، وقرأ أبو رزين العقيلي وابن أبي عبلة يسقط بالياء مفتوحة مع سكون السين ورفع القاف)، وذكر الزمخشري في الكشاف 2/ 507 تسع قراءات منها بحذف الألف دون عزو:(تسقط ويسقط وتسقط ويسقط بالتاء للنخلة وبالياء للجذع)، ونقلها عنه القرطبي في تفسيره 11/ 94، 95 وروى الطبري في تفسيره 16/ 73 بسنده عن أبي نهيك أنه كان يقرؤه: تسقط بضم التاء وإسقاط الألف، وقال:(وكأنه وجه معنى الكلام إلى تسقط النخلة عليك رطبا جنيا) وعزاها في الدر المنثور 5/ 504 إلى أبي نهيك من رواية ابن أبي حاتم.
92 - يُسَارِعُونَ جُذَاذًا عنه واتَّفَقُوا
…
عَلى حَرَ امٌ هُنَا وليسَ فيه مِرَا
(1)
أي مماراة وأصله: مراء، قصر للوقف لا للوزن كما قيل
(2)
.
أي: حَذْفُ ألف {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} بالأنبياء [آية: 90]
(3)
وكذا ألف {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} [الأنبياء: 58] مرويٌّ عن نافع عن المدني -كالبواقي-، فهنا اتفاقان: اتفاق سكوت
(4)
واتفاق تصريح، كما يفهم من قوله واتفقوا، (وقَدَّمَ يُسَارِعُونَ على جُذَاذًا خلافَ الترتيبِ؛ ليُعْلَم أن المحذوفَ منها الألفُ الوسطى مثلها)
(5)
، " وَحَرَامٌ "؛ بالرفع على الحكاية.
والمعنى: اتفاق الرواة
(6)
على حذف ألف {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ} في الأنبياء [آية: 95]، ولما أوهم قوله:"واتَّفقُوا" معنى فاسدًا، وهو احتمال الاتفاق على الإثبات، رفَعَهُ
(7)
بقوله: "وليس فيه مرا" لأن الكلام في الحذف لا في الإثبات، وبه يعلم أيضًا أنه لا ينافي اختلافَ القراء في حذف ألفه وإثباته
(8)
.
(1)
المقنع صـ 12.
(2)
قال الجعبري في الجميلة صـ 144: (غير للوزن: شك)، والذي يظهر أنه إن كان بمعنى الشك فقد غير للوزن كما قال الجعبري؛ لأن حقه أن يقال: وليس فيه مرية أي: شك، وإن كان بمعنى المراء فقد قصر للوقف كما قال المؤلف؛ لا للوزن والله أعلم.
(3)
وكذا [المؤمنون: 61].
(4)
مراده باتفاق السكوت هنا: ما سبقت الإشارة إليه في شرح البيت 80 من أن غير نافع إن لم ينقل عنه مخالفة لنافع فهو موافق له، بقوله:(وقد نقل نافع قصر الموضعين ولم يتعرض لهما غيره فدل أنهما متفقا الحذف في كل الرسوم)، وقال الجعبري في الجميلة صـ 145 في شرح هذا البيت:(بخلاف الأول اتفاق فإنه اتفاق سكوت، أي: نقل نافع ولم يخالفه أحد).
(5)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 145 بتصرف لا يضر، ومعناه: أنه لو راعى ترتيب سور المصحف فقدم جُذَاذًا لأنها في الأنبياء [آية: 58] على يُسَارِعُونَ التي في الأنبياء [آية: 90] لم يُعْلَمْ أن المحذوفَ من جُذَاذًا الألفُ الوسطى مثل يُسَارِعُونَ، بل لتوهم الناظر أن المراد حذف الألف الثانية من جُذَاذًا لأن وزن البيت سيكون حينئذ: جُذَ اذَ عنه يُسَارِعُونَ واتفقوا
…
الخ.
(6)
كذا في سائر النسخ، وفي (ق)"الرواية".
(7)
في (ز 4)"وهو احتمال الإثبات دفعه" وفي بقية النسخ كما أثبته، إلا أن في (ز 8)"دفعه".
(8)
أي: وبقوله "ليس فيه مرا" يعلم أيضًا أن حكاية الاتفاق لا ينافي اختلاف القراء؛ لأن الاتفاق
إنما هو على حذفها رسمًا، والخلاف بين القراء هو في القراءة لا في الرسم، وقد قال الشارح في شرح البيت (62):(لأنا نقول هذا الكتاب موضوع لبيان رسم الكتابة) أي: لا لبيان القراءات قصدًا وابتداء إذ (محلها كتب القراءات) كما قال في شرح البيت (108)، وإذ الأمر كذلك فقد قال في النشر 2/ 324:(فقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر "وحِرْمٌ" بكسر الحاء وإسكان الراء من غير ألف، والباقون بفتح الحاء والراء وألف بعدها)، وقال في الكشف 2/ 114:(وهما لغتان كالحِلِّ والحَلال)، وانظر: الإقناع 2/ 704.
93 - وقَالَ الَاوَّلُ كُوفيٌّ وفي أَوَلَمْ
…
لَا واوَ في مُصْحَفِ المكيِّ مُسْتَطَرا
(1)
بفتح الطاء: أي: مكتوبًا، نُصِبَ وجوبا
(2)
صفة المَبْنِيِّ وهو الواو في قوله: "لا واو" وهي صفة محمولة على لفظه
(3)
، ولو وليه لجاز أيضًا بناؤه على الفتح، لكن لما فصل بينهما استحقت الصفة الإعرابَ، ويجوز في الكلام رفعه على المحل
(4)
، فلو كانت القوافي في هذه القصيدة مرفوعة لجاز رفع "مُسْتَطَرا" على أنه صفة أيضًا محمولة على محل الموصوف، ثم؛ "قال": مبتدأ، خبره "كوفي"، و"الأول": صفة "قال"، و"لا" في "لا واو": لنفي الجنس، و"في مصحف المكي" -وفي نسخة المَكِّينَ- مُتَعَلَّقُهُ
(5)
، على حد {يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}
(6)
[هود: 8].
(1)
المقنع صـ 104.
(2)
مراده بوجوب النصب نفيُ جوازِ البناءِ على الفتح لفقد شرط الاتصال؛ لا نفيَ الرفعِ؛ بدليل قوله بعد قليل: (ويجوز في الكلام رفعه على المحل، فلو كانت القوافي في هذه القصيدة مرفوعة لجاز رفع مستطرًا على أنه صفة أيضًا محمولة على محل الموصوف)، وإنما قال وجوبا لأن القافية بالنصب فوجب القول بالوجوب؛ لذلك، وقد قال ابن هشام في أوضح المسالك 1/ 290: (فإن فقد الإفراد نحو: لا رجل قبيحًا فِعْلُهُ عندنا
…
أو الاتصال نحو: لا رجل في الدار ظريف
…
امتنع الفتح وجاز الرفع والنصب).
(3)
أي: على لفظ "واو" لا على محله.
(4)
أي: لا على اللفظ لأن محل اسم لا النافية للجنس الرفع وإن كان مبنيا على الفتح.
(5)
كذا في (س)، وفي سائر النسخ "متعلقة".
(6)
فكما أن الظرف يوم متعلق بـ مصروفا وهو متقدم عنه على الصحيح كما حققه أبو حيان في تفسيره وفاقا لنحاة البصرة؛ فكذا الظرف هنا -وهو الجار والمجرور "في مصحف المكي"- متعلق بـ"مستطرا".
والمعنى: أن قوله تعالى في أول الأنبياء [آية: 4]{قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ} رسم في مصحف الكوفة " قَالَ "، بألف كما نطق به وفي البواقي بغير ألف، ووصفه بـ "الأول" ليخرج الثاني وهو قوله {قَالَ رَبِّ احْكُمْ}
(1)
[الأنبياء: 112] واختلفا في التلاوة عند السبعة
(2)
.
ورسم في مصحف المكي
(3)
: {أَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 30] بغير واو عطف بين الهمزة واللام وفي البواقي {أَوَلَمْ يَرَ} بها
(4)
، وقراءة ابن كثير بحذفها كما في مصحفه والباقون بإثباتها كما في مصاحفهم
(5)
.
94 - مُعَاجِزِينَ مَعًا يُقَاتَلُونَ لِنا
…
فعٍ يُدَافِعُ عن خُلْفٍ وَفَى نَفَرَا
(6)
" مُعَاجِزِينَ ": مبتدأ، أي: حَذْفُ ألِفِهِ، و يُقَاتَلُونَ: عطف عليه بعاطف مقدر "ولنافع" خبره، وكذا يُدَافِعُ: مبتدأ، أي: حَذْفُ ألِفِهِ، خبرُهُ صَدَرَ "عن خُلْفٍ" وقوله "وَفَى": فعل ماض، أي:"وَفَى" الخلف "نَفَرَا"، من الموافاة، وهذا إشارة إلى كثرة ناقله.
ومعنى البيت: روى نافع عن المدني -كالبواقي- في {آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} بالحج [آية: 51] وسبأ [آية: 5، 38] بحذف الألف ولم يتعرض لما في سبأ في:
(1)
فإنه متفق على حذف ألفه رسمًا، أما القراءة فهو مختلف في حذف ألفه كالذي قبله.
(2)
فقرأ حفص وحمزة والكسائي: {قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ} ، وقرأ بقية السبعة:{قُلْ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ} . انظر: النشر (2/ 323)، والكشف (2/ 110)، والإقناع (2/ 703)، وقرأ حفص:{قَالَ رَبِّ احْكُمْ} ، وقرأها بقية السبعة:{قُلْ رَبِّ احْكُمْ} ، انظر: النشر (2/ 325)، والكشف (2/ 115)، والإقناع (2/ 704).
(3)
في (ز 8)"في المصحف المكي"، وفي سائر النسخ كما أثبته.
(4)
أي: بالواو.
(5)
انظر: النشر 2/ 323، والكشف 2/ 110، والإقناع 2/ 703.
(6)
المقنع صـ 12.
المقنع؛ فهو من زيادات الناظم، ووجه الحذف احتمال القراءتين تحقيقًا وتقديرًا؛ فقد قرأ بحذف الألف مع تشديد الجيم، ابن كثير وأبو عمرو، والباقون بإثباتها مع التخفيف
(1)
، وروى نافع عن المدني -كالبواقي-:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} بحذف الألف في الحج [آية: 39] تخفيفًا؛ لأنه لم يقرأ بحذفه أحد
(2)
، ورسم {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ} في الحج [آية: 38] في بعض المصاحف بألف، وفي بعضها بغير ألف، وقد قرأ بحذف الألف مع فتح الياء والفاء ابن كثير و أبو عمرو، والباقون بإثباتها
(3)
.
95 - و سَامِرًا و عِظَامًا و الْعِظَامَ لِنَا
…
فِعٍ وقُلْ كَمْ وقُلْ إِنْ كوفٍ ابْتَدَرَا
(4)
أي: وحذف ألف " سَامِرًا " إلى آخره: مبتدأ، خبره:"لنافع"، "وقُلْ كَمْ ": مبتدأ، "و قُلْ إِنْ " عطف عليه، والتقدير:" قُلْ " الواقع بمصاحبة " كَمْ " و"قُلْ" الواقع بمصاحبة " إِنْ "، "كوفٍ": مبتدأ ثان، خبره:"ابْتَدَرَا"، فألفه للإطلاق، والجملة: خبر الأول، أي: سارع الكوفي في حذف ألفهما.
ومعنى البيت: روى نافع عن المدني -كغيره- {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [آية: 14] و {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [آية: 67] في سورة المؤمنين بحذف الألف فيها، وجه الحذف في " سَامِرًا " التخفيف، أو ما روي عن أُبَيٍّ أنه كان يقرأ: سُمَّرا
(5)
، وكذا عن مجاهد وابن عباس وابن محيصن، ورُوِيَ ذلك
(1)
انظر: النشر 2/ 327، والكشف 2/ 122، والإقناع 2/ 707.
(2)
في (ص)"لم يقرأ بحذف ألفه أحد" وسائر النسخ كما أثبته.
(3)
انظر: النشر 2/ 326، والكشف 2/ 119، 120، والإقناع 2/ 706.
(4)
المقنع صـ 12، 95.
(5)
بضم السين وتشديد الميم وفتحها جمع سامر كما في زاد المسير 5/ 483.
أيضا عن ابن عمر
(1)
، وفي " عِظَامًا و الْعِظَامَ ": احتمال القراءتين تحقيقا وتقديرا
(2)
، ورسم في المصحف الكوفي {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ} [المؤمنون: 112] و {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ} [المؤمنون: 114] بلا ألف، وفي سائر المصاحف بألف واختلف في التلاوة أيضًا
(3)
، قال السخاوي نقلًا عن أبي عمرو
(4)
أنه قال: (وينبغي أن يكون الحرف الأول بغير ألف في مصاحف أهل مكة والثاني بالألف؛ لأن قراءتهم كذلك، ولا خبر عندنا في ذلك عن مصاحفهم إلا ما رويناه عن أبي عبيد
(5)
لأنه قال: ولا أعلم مصاحف أهل مكة
(6)
إلا عليها، يعني: إثبات الألف في الحرفين)
(7)
.
96 - لِلَّهِ في الآخِرَيْنِ في الإمامِ وفي الْـ
…
ـبَصْرىِّ قُلْ ألفٌ
(8)
يزيدُها الكُبَرَا
(9)
(1)
انظر: المحتسب 2/ 96 ولم يذكر سوى ابن عباس وابن محيصن، وفي المحرر الوجيز 11/ 243 ابن عباس وعكرمة وابن محيصن، وعزاها في زاد المسير 5/ 483 إلى أُبَيِّ بن كعب وأبي العالية وابن محيصن، وعزاها الثعالبي 3/ 101 إلى ابن عباس وغيره، وفتح القدير 3/ 490 إلى ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي حيوة، وزاد في روح المعاني 18/ 50 عزوها إلى عكرمة والزعفراني ومحبوب عن أبي عمرو، وفي الإتحاف صـ 319 ابن محيصن، وذكرها بلا عزو البيضاوي 4/ 161 وأبو السعود 6/ 143.
(2)
قال في النشر 2/ 328: (فقرأ ابن عامر وأبو بكر "عظما" و "العظم" بفتح العين وإسكان الظاء من غير ألف على التوحيد فيهما، وقرأهما الباقون بكسر العين وفتح الظاء وألف بعدها على الجمع). وانظر: الكشف 2/ 126، والإقناع 2/ 708؛ فالرسم يحتمل قراءة ابن عامر وأبي بكر تحقيقًا، وقراءة الباقين تقديرًا.
(3)
أما {قَالَ كَمْ} : (فقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي "قُلْ" بغير ألف على الأمر، وقرأ الباقون بالألف على الخبر) وأما {قَالَ إِنْ} (فقرأ حمزة والكسائي "قل" على الأمر، وقرأ الباقون على الخبر) اهـ. من النشر 2/ 330 وانظر: الكشف 2/ 132، والإقناع 2/ 709.
(4)
انظر المقنع صـ 105، 106.
(5)
في جميع النسخ التسع "عبيد" من غير كلمة أبي، والتصويب من المقنع.
(6)
كذا في المقنع وهو الذي يتسق به الكلام، والذي في الوسيلة "المدينة".
(7)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 189 - 190).
(8)
في (بر 1) و (ل) و (س) و (ص)"ألف وفي نسخة ألفا يزيدها"، وفي (ز 8)"قل ألف يزيدها الكبرا" ثم بعد الانتهاء من البيت كتب "وفي نسخة ألفا"، وفي (ز 4)"قل ألف وفي نسخة ألف يزيدها".
(9)
المقنع صـ 105.
جمع كبير، قصر للوقف لا للضرورة كما قيل.
فالمعنى: رسم قوله تعالى في المؤمنين: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [آية: 87] و {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [آية: 89] بألف أول الجلالتين في الإمام وفي المصحف البصري، ورسما بحذف الألف في المصحف الحجازي والكوفي والشامي، واحترز بقوله:"في الآخِرَيْنِ" عن الحرف الأول وهو قوله: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [المؤمنون: 85] فإنه رسم بغير ألف قبل اللام في جميع المصاحف.
ثم اعلم أنه قرأ أبو عمرو بإثبات الألف في الحرفين الأخيرين وبحذفها من الأول والباقون بلام الجر في الكل
(1)
، فوجه إثباتِ الألفين وحذفِهما تخريج كلٍّ من القراءتين على صريح رسمه، وقوله:"يزيدها" أي: ألفًا بدل لام الجر "كُبَرَاء" الصحابة، وهو رد على ما قيل
(2)
: إن أول من ألحق هاتين الألفين نصر
(3)
بن عاصم الليثي
(4)
وعبيد الله بن زياد
(5)
فقد روي عن (الحسن
(1)
انظر: النشر 2/ 329، والكشف 2/ 130، والإقناع 2/ 709.
(2)
قال الداني في المقنع صـ 15: (حدثنا الخاقاني قال حدثنا أحمد المكي قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج عن هارون قال حدثنا عاصم الجحدري قال: هو في الإمام مصحفِ عثمان بن عفان الذي كتبه للناس كلهن" لِلَّهِ لِلَّهِ "يعني قوله في المؤمنين {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ}، قال عاصم: وأول من زاد هاتين الألفين نصر بن عاصم الليثي. قال أبو عبيد: ثم تأملتها في الإمام فوجدتها على ما رواه الجحدري، قال: وهكذا رأيتها في مصحف قديم بالثغر بُعِثَ به إليهم قبل خلافة عمر بن عبد العزيز، وكذلك هي في مصاحف المدينة وفي مصاحف الكوفة جميعًا، وأحسب مصاحف الشام عليها)، وقال الداني في المقنع صـ 105:(قال أبو عبيد: وكذلك رأيت ذلك في الإمام -أي: " لِلَّهِ "بلا ألف-، وقال هارون الأعور عن عاصم الجحدري كانت في الإمام " لِلَّهِ " وأول من ألحق هاتين الألفين نصر بن عاصم الليثي).
(3)
في جميع النسخ التسع "نصير" والصواب ما أثبته.
(4)
نصر بن عاصم الليثي البصري النحوي قرأ القرآن على أبي الأسود الديلي، روى عنه القراءة عرْضًا أبو عمرو بن العلاء، ويقال إنه أول من نقط المصاحف وخمَّسَها وعشَّرَها، وثَّقَهُ النسائي وغيره، وتوفي قبل سنة 100. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 71 ترجمة رقم (27).
(5)
ابن أبيه أمير العراق، ولي البصرة سنة 55 وله 22 سنة غلامًا سفيهًا سفك الدماء سفكًا شديدًا، كان جبانًا، جرت له خطوب وأبغضه المسلمون لما فعل بالحسين، وولي خراسان، وكان جميل الصورة قبيح السريرة، قتل يوم عاشورا سنة 67، ونحن نبغضه في الله، ونبرأ منه ولا نلعنه وأمره إلى الله) اهـ. مختصرًا من السير 3/ 545 - 549 ترجمة (145).
البصري أنه قال: الفاسق عبيد الله
(1)
بن زياد زادهما، وقال يعقوب الحضرمي
(2)
: أمر عبيد الله بن زياد أن يزاد فيهما ألف)
(3)
.
والمحققون -منهم أبو عمرو الداني- قالوا: ما صح هذا عندنا لاضطراب نقلتها
(4)
ولو أقدما على هذه الآية لرد عليهما الأمة كما ردوا على
(1)
كذا في (ق) وهو الصواب، وفي سائر النسخ التسع "عبد الله".
(2)
هو أبو محمد يعقوب بن إسحاق؛ قارئ أهل البصرة في عصره، سمع من حمزة الزيات وشعبة، قرأ عليه روح ورويس والدوري وأبو حاتم السجستاني وقال: هو أعلم من رأيت بالحروف والاختلاف في القرآن وعلله ومذاهبه ومذاهب النحو، كان أقرأ أهل زمانه وكان لا يلحن في كلامه، لم ير في زمنه مثله، كان عالمًا بالعربية ووجوهها والقرآن واختلافه، فاضلًا تقيًّا نقيًّا ورعًا زاهدًا، توفي في ذي الحجة سنة 205. اهـ. مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 157 ترجمة رقم (65).
(3)
قال الداني في المقنع صـ 105: (وقال أبو عمرو: كان الحسن يقول
…
) ثم ذكر كلامه وقول يعقوب.
(4)
قال أبو عمرو الداني في المقنع صـ 105: (وهذه الأخبار عندنا لا تصح لضعف نقلتها واضطرابها وخروجها عن العادة إذ غير جائز أن يُقْدِمَ نصر وعبيد الله هذا الإقدام من الزيادة في المصاحف مع علمهما بأن الأمة لا تُسَوِّغ لهما ذلك، بل تنكره وترده وتحذر منه ولا تعمل عليه، وإذا كان ذلك بطل إضافة زيادة هاتين الألفين إليهما، وصح أن إثباتهما من قِبَلِ عثمانَ والجماعةِ رضوان الله عليهم على حسب ما نزل به من عند الله تعالى وما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتمعت المصاحف على أن الحرف الأول {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} بغير ألف قبل اللام) وعلى كل حال فالألف في الحرفين الأخيرين قد ثبتت بها قراءتان متواترتان -قراءة البصريَّيْنِ أبي عمرو ويعقوب- وكذلك رسما في المصاحف البصرية فلا التفات لما خالف ذلك وقد قال الداني في المقنع صـ 92، 95: (أخبرني الخاقاني قال حدثنا الأصبهاني قال حدثنا الكسائي عن ابن الصباح قال: قال محمد بن عيسى عن نصير: وهذا ما اختلفت فيه أهل الكوفة وأهل البصرة وأهل المدينة وأهل مدينة السلام وأهل الشام في كتاب المصاحف
…
إلى أن قال: وفي المؤمنون في بعض المصاحف
…
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ لِلَّهِ لِلَّهِ ثلاثتها بغير ألف وفي بعضها الأول لِلَّهِ بغير ألف والاثنان بعده اللَّهُ اللَّهُ)، وقال في المقنع
صـ 102، 104، 105: (باب ذكر ما اختلفت فيه مصاحف أهل الحجاز والعراق والشام المنتسخة من الإمام بالزيادة والنقصان، وهذا الباب سمعناه من غير واحد من شيوخنا
…
إلى أن قال: وفي المؤمنون في مصاحف أهل البصرة {سَيَقُولُونَ اللَّهُ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} {سَيَقُولُونَ اللَّهُ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} بالألف في الاسمين الأخيرين وفي سائر المصاحف لِلَّهِ لِلَّهِ فيهما.
الحجاج
(1)
الذي أقوى منهما.
97 - سِرَاجًا اخْتَلفُوا و الرِّيحَ مُخْتَلَفٌ
…
ذُرِّيَّةٌ نَافِعٌ معْ كلِّ ما انْحَدَرَا
(2)
بألف الإطلاق، أي: ما تأخر عن الفرقان.
والمعنى: رسم قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا}
(3)
{وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا} بالفرقان [آية: 48 و 61] في بعض المصاحف بألف بعد الياء والراء
(4)
، وفي بعضها بحذفها، وكرر لفظ الاختلاف
(5)
تنبيهًا على تَنَوُّعِهِ
(6)
، وإيماء إلى أصناف
(1)
الحجاج بن يوسف الثقفي أهلكه الله في رمضان سنة 95 كهلًا، وكان ظلومًا جبارًا ناصبيًّا خبيثًا سافكًا للدماء، وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن، وحاصر ابنَ الزبير بالكعبة ورماها بالمنجنيق وأذل أهل الحرمين ثم تولى العراق والمشرق كله 20 سنة وخرج عليه ابن الأشعث، وكان يؤخر الصلوات إلى أن استأصله الله فنَسُبُّه ولا نحبه بل نبغضه في الله فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان، وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة، ونظراء من ظَلَمَةِ الجبابرة والأمراء. (سير أعلام النبلاء 4/ 343).
(2)
المقنع ص، 12، 87، 96.
(3)
في جميع النسخ التسع (يرسل الرياح)، والصواب ما أثبتناه وفاقا للعشرة.
(4)
أي: بعد الياء من "الرِّيَاح"، وبعد الراء من "سِرَاجًا".
(5)
أي: في قوله: سِرَاجًا اخْتَلفُوا و الرِّيحَ مُخْتَلَفٌ.
(6)
هذا نص عبارة الجعبري؛ بيد أن الجعبري بيَّن مراده به فلم يبهمه هكذا؛ حيث قال صـ 151، 152: (ذكر في المقنع في باب ما رسم من المصاحف بالحذف بسنده إلى نافع في الفرقان {سِرَاجًا} بالحذف، ثم ذكر في باب ما اختلف فيه مصاحف الأمصار بسنده إلى نصير بها -أي بالفرقان- {سِرَاجًا} بخلفه مبهمًا -أي دون نسبة المصاحف؛ وإنما أبهم، فقال: في بعضها وفي بعضها-، وهو معنى قوله:" سِرَاجًا اختلفوا"، واندرج حذف نافع في أحد الوجهين -فلا تعارض بين نقليه-، وذكر في الباب الأول بالسند إليه -أي إلى نافع- فيها -أي في الفرقان- {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ} بالحذف، وذكر في باب ما اتفق على رسمه مصاحف الأمصار بسنده إلى نصير بالفرقان {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ نُشْرًا} بالألف فحصل من النقلين خلاف -أي تعارض-، حيث أثبت الحذف فيها أولًا،
ونفاه بحكاية الاتفاق على إثباته ثانيًا، وهو معنى قوله:"و الرِّيَاحَ مختلف" وكرر لفظه تنبيهًا على تنوعه)، وقال السخاوي في الوسيلة صـ 194 بعد أن نقل عن المقنع ما سبق:(فهذا معنى " الرِّيَاحَ مختلف" لأن نافعًا ذكر الحذف لا غير، ونصير ذكر الإثبات لا غير).
فتحصل مما سبق أن المعنى: {سِرَاجًا} اختلفت المصاحف في رسمها، فبعضها بالحذف وبعضها بالإثبات، و {الرِّيَاحَ} النقل فيها عن المصاحف مختلف، فنافع ذكر الحذف لا غير، ونصير ذكر الإثبات لا غير.
قراءته
(1)
، (وقدم سراجًا على الريح
(2)
للوزن)
(3)
، مع أن عكسه موزون أيضًا
(4)
، وقوله:" ذُرِّيَّةً نافع" أي: حذفُ ألفِه رسمُ نافعٍ، يعني: وروى نافع عن المدني -كالبواقي-: {مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا} [الفرقان: 74] بغير ألف بعد الياء، وكذا في كل ما جاء بعدها أيضًا نَقَلَ رسمَه بغير ألف وهو ثلاثة:{حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} في يس [آية: 41]{وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} بالطور [آية: 21] والكل "مختلف" في السبعة
(5)
.
(1)
أما الآية الأولى: فقرأ ابن كثير وحده {الرِّيحَ} بالإفراد، وقرأها بقية العشرة {الرِّيَاحَ} بالجمع انظر: النشر 2/ 223، والكشف 2/ 270 و 271، والإقناع 2/ 605، أما الآية الثانية فقرأها حمزة والكسائي وخلف:{سُرُجًا} بضم السين والراء من غير ألف على الجمع، وقرأها بقية العشرة {سِرَاجًا} بكسر السين وفتح الراء وألف بعدها على الإفراد. انظر: النشر (2/ 334)، والكشف (2/ 146)، والإقناع (2/ 715).
(2)
أي: مع أن حقها التأخير عنها في سياق السورة.
(3)
ما بين القوسين: نص كلام الجعبري في الجميلة صـ 151، وتعقبه المصنف بما تراه بعده.
(4)
أي: إذا حذفنا واو العطف، وحذفها سائغ لضرورة الشعر كما سبق تصريحه بذلك في شرحه للبيت (51) حيث قال:(وحذف العاطف في مواضع من البيت للضرورة)، أما مع بقائها فينكسر البيت، ولعل الجعبريَّ رَاعَى ذلك، والمؤلفُ رَاعَى إمكانية الاستغناء عن العطف الملفوظ بالمَنْوِيِّ، وله شواهد من العقيلة كالأبيات رقم:(51، 94، 119، 131، 137، 140، 149، 171، 174، 175، 179، 185، 222، 268، 273)؛ لذا قال: "مع أن عكسه موزون".
(5)
أما قوله تعالى: {مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا} [آية: 74] في سورة الفرقان فقال في الكشف 2/ 148: (قرأه الحرميان وابن عامر وحفص: بالجمع، ووحَّده الباقون). وانظر: الإقناع 2/ 715، والنشر 2/ 335.
وأما قوله تعالى: {حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} [آية: 41] في سورة يس فقال في الكشف 2/ 217: (قرأ نافع وابن عامر: بالجمع
…
وقرأ الباقون بالتوحيد). وانظر: الإقناع 2/ 742، والنشر 2/ 273.
وأما قوله تعالى: {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [آية: 21] في سورة الطور فقال في الكشف 2/ 290 - 291: (قرأ أبو عمرو الأول {ذُرِّيَّاتِهِم} بالجمع
…
وبكسر التاء لأنه مفعول {أَتْبَعْنَاهُمْ} ،
وقرأ ابن عامر مثله؛ غير أنه ضم التاء؛ لأنه فاعل {وَاتَّبَعَتْهُمْ} ،
…
وقرأ الباقون بالتوحيد في اللفظ،
…
ورفعوا الذرية .... وقرأ الكوفيون وابن كثير في الثاني: بالتوحيد وفتح التاء
…
لأنه مفعول {أَلْحَقْنَا} ، وقرأ الباقون بالجمع .. فكسروا التاء لأنه جمع مُسَلَّم منصوب بـ {أَلْحَقْنَا}) وانظر: النشر 2/ 273، 277، والإقناع 2/ 773.
98 - وَنُنزِلُ النُّونُ مكِّيٌّ وحاذِفُ فَا
…
ـرِهِينَ عنْ جُلِّهِمْ معْ حَاذِرُونَ سَرَى
(1)
أي جرى الخلف، مستأنفٌ، أو خبر "حاذِفُ"، و"عنْ جُلِّهِمْ" متعلق به، أو بروى، أو راويًا المقدر، فَتَدَبَّرْهُ، "وَنُنزِلُ" مبتدأ، و"النُّونُ"؛ بدل منه، أي: نونه الثاني رسْمُ "مكي".
يعني: رسم قوله تعالى في سورة الفرقان [آية: 25]{وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} بنونين في المصحف المكي كما قرأ به ابن كثير، وفي بقية المصاحف بنون واحدة كما قرأه به الباقون
(2)
.
ورسم {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} كلاهما بالشعراء [آية: 56 و 149] في أكثر الرسوم بحذف الألف وبالألف في أقلها، ووجه الحذف والإثبات موافقةُ كلٍّ من القراءتين
(3)
صريحَ رسمِه.
ثم اعلم أن في بعض النسخ عن خلفهم بدل جُلِّهِمْ وعليه متن السخاوي
(4)
موافقًا لما في المقنع من قوله: (في بعض المصاحف {فَارِهِينَ} بألف وفي بعضها بغير ألف وكذلك {حَاذِرُونَ}
(5)
، (وتبعه الناظم في التقديم والتأخير
(6)
، وإلا لقال
(7)
: وحاذف حَاذِرُونَ عن جلهم مع فَارِهِينَ
(8)
(9)
، وفي أكثر
(1)
المقنع صـ 96، 106.
(2)
انظر: النشر 2/ 334، والكشف 2/ 145، 146، والإقناع 2/ 714.
(3)
أما: {حَاذِرُونَ} فقال في الكشف 2/ 151: (قرأه الحرميان وأبو عمرو وهشام بغير ألف، وقرأ الباقون بألف) وانظر: الإقناع 2/ 716، والنشر 2/ 335، غير أنه ذكر خلافًا عن هشام، فروى عنه الداجوني بالألف وروى عنه الحلواني بحذفها.
وأما: {فَارِهِينَ} فقال في الكشف 2/ 151: (قرأه الكوفيون وابن عامر بألف
…
وقرأ الباقون بغير ألف) وانظر: النشر 2/ 236، والإقناع 2/ 716.
(4)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 195) وفيه (عن جلهم).
(5)
المقنع صـ 96 باب ما اختلف فيه مصاحف الأمصار، ووجه موافقة السخاوي -على القول بأن نسخته ليس فيها جلهم بل خلفهم- للمقنع أن "البعض" في المقنع لا يعني بالضرورة "الجل".
(6)
أي: وتبع الناظمُ المقنعَ في تقديم {فَارِهِينَ} على {حَاذِرُونَ} التي هي قبلها في المصحف ولو لم يتبعه لقال ما ذكره المؤلف.
(7)
كذا في (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (س) و (ص)، وفي (ز 4)"ولو قال".
(8)
ليصبح البيت: وَنُنزِلُ النُّونُ مكِّيٌّ وحاذِفُ حَا ـذِرُونَعنْ جُلِّهِمْ معْ فَارِهِينَ سَرَى
(9)
ما بين القوسين بنصه من الجميلة صـ 152.
نسخ الناظم: "عنْ جُلِّهِمْ"، قال الجعبري: (زاد الناظم على المقنع ترجيحَ الحذف
(1)
(2)
.
أقول: ولعل مأخذه أن الحذفَ فيهما أقيسُ برسْمِ المصاحف العثمانية لاطِّرادِ حذف ما في وزنهما
(3)
والله أعلم.
99 - والشَّامِ قُلْ فَتَوَكَّلْ والمَدِينِ ويَأْ
…
تِيَنَّنِي النُّونُ مَكِّيٌّ به جَهَرَا
(4)
أي: أظهرها، لأنه قرأ بإظهار نونها، وغيره من القراء أدغمها، والمعنى: أظهر المكي النونَ كتابةً وقراءةً، واستغنى في قوله:" فَتَوَكَّلْ " بالنطق عن القيد، لكن لو قال: فا فَتَوَكَّلْ لكان أفيد
(5)
، وحذف ياء المدين للضرورة وهو عطف على الشام.
والمعنى: هما رسما فا " فَتَوَكَّلْ " والمراد بالنون: نون الوقاية واكتفى بالتلفظ عن التصريح.
والمعنى: رسم قوله تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} بالشعراء [آية: 217] في المصحف المدني والشامي بالفاء كما هو قراءة نافع وابن عامر، وفي بقية
(1)
وجه الزيادة؛ كون الناظم قال: "عن جلهم"، مما يشعر بالترجيح وليس في المقنع سوى العزو للبعض، وهذا إنما يصح على ما في أكثر النسخ كما قال المؤلف، أما على ما في بعضها كمتن السخاوي -حسب قول المؤلف أيضًا-؛ فلا زيادة للناظم على المقنع، والله أعلم.
(2)
انظر الجميلة صـ 152.
(3)
فيه: أنه ليس في كلام الناظم تصريح بالترجيح، قصاراه أنه أخبر عن جل الرسوم بالحذف.
(4)
المقنع صـ 106.
(5)
ليصبح البيت بعد استدراك الشارح على الناظم:
والشَّامِ فَا فَتَوَكَّلْ والمَدِينِ ويَأْ تِيَنَّنِي النُّونُ مَكِّيٌّ به جَهَرَا
المصاحف بالواو كما قرأ به الباقون
(1)
، ورسم في المصحف المكي {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} في النمل [آية: 21] بنونين كما قرأ به المكي، وفي سائر المصاحف بنون واحدة كما قرأ الباقون
(2)
، ولا يخفى أن هذه النون الواحدة مشددة في القراءة كالأولى
(3)
في تلك القراءة
(4)
.
100 - آيَاتُنَا نافعٌ بالحذفِ طَائِرُكُمْ
…
و ادَّارَكَ الشَّامِ فِيها إِنَّنَا سَطَرا
(5)
"الشامِ": مبتدأ، خبره:"سَطَرا"، وألفه للإطلاق، و " إِنَّنَا ": مفعوله، وضمير "فيها" راجع إلى سورة النمل بقرينةِ أن الألفاظ المتقدمة فيها.
ومعنى البيت: روى نافع عن المدني -كبقية الرسوم- قولَه تعالى: {جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً} و {قَالَ طَائِرُكُمْ} و {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ} في النمل [آية: 13، 47، 66] بحذف الألف الذي بعد الياء والطاء والدال
(6)
ولم يقرأ أحد من السبعة
(7)
في الكلمتين الأوليين بحذف الألف، وأما الأخيرة فقرأ بإثباتها الكوفيون وابن عامر ونافع
(8)
والباقون بحذفها
(9)
.
ورُسِم قولُه تعالى: {أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ} في النمل [آية: 67] بنونين في
(1)
انظر: النشر 2/ 336، والكشف 2/ 153، والإقناع 2/ 717.
(2)
انظر: النشر 2/ 337، والكشف 2/ 154، 155، والإقناع 2/ 719.
(3)
كذا في (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (س)، وفي (ص)"في القراءة الثانية كالأولى في تلك القراءة"، وفي (ز 4)"ولا يخفى أن هذه النون المشددة في القراءة كالأولى".
(4)
معناه: أن من قرأ بنون واحدة فإنه يشددها، ومن قرأ بنونين فإنه يشدد الأولى منهما.
(5)
المقنع صـ 12 و 51.
(6)
أي: بعد الياء من {آيَاتُنَا} ، والطاء من {طَائِرُكُمْ} ، والدال من {ادَّارَكَ} .
(7)
بل ولا بقية العشرة.
(8)
أي: بهمزة الوصل وتشديد الدال بعدها ألف {ادَّارَكَ} . انظر: الكشف 2/ 164، والإقناع 2/ 720، والنشر 2/ 339.
(9)
أي: بحذف الألف وقطع الهمزة وإسكان الدال {أَدْرَكَ} على أَفْعَل. وانظر: الكشف 2/ 164، والإقناع 2/ 720، والنشر 2/ 393.
المصحف الشامي كما قرأ به ابن عامر
(1)
، وفي سائر المصاحف بياء صورة الهمزة والنون كما قُرِئ في السبعة أيضًا
(2)
، وحاصله: أنه رسم في جميع المصاحف: أَئِنَّا بحرفين أي: سِنَّتَيْنِ فكل منهم فسرهما على وَفْق قراءته كما صرح به الجعبري
(3)
وغيره
(4)
.
101 - معًا بِهَادِي على خُلْفٍ فَنَاظِرَةٌ
…
سِحْرَانِ قُلْ نَافِعٌ بِـ فَارِغًا قَصَرا
(5)
بألف الإطلاق؛ خبر لقوله: "نافع"، والمراد بقوله:"معًا" أي: هنا؛ سورة النمل وسورة الروم، وحذف العاطف من قوله:" فَنَاظِرَةٌ " و" سِحْرَانِ "، أي: ورسم قوله: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ} في النمل [آية: 81] وفي الروم [آية: 53] في بعض المصاحف بدون ألف بين الهاء والدال كما قرأ به حمزة فيجعل {تَهْدِي} فعلًا مضارعًا، وينصب قوله:{الْعُمْيَ} على المفعولية، وفي بعضها بألف على أنه اسم فاعل أضيف إلى {الْعُمْيِ} كما قرأ به الباقون
(6)
ورُسِم قولُه: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} في سورة النمل [آية: 35] في بعض المصاحف بألف، وفي بعضها بغير ألف، ولم يقرأ أحد من السبعة
(7)
بحذف الألف، ورسم قوله تعالى بالقصص [آية: 48]: {قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} في بعض المصاحف بألف بين السين والحاء، وفي بعضها بغير هذه الألف
(8)
(1)
والكسائي. وانظر: الإقناع 2/ 720، والنشر 1/ 373.
(2)
قرأ الحرميان وأبو عمرو وعاصم وحمزة: بالاستفهام {أَئِنَّا} . انظر: النشر 1/ 373.
(3)
انظر: الجميلة صـ 154.
(4)
هو السخاوي في الوسيلة صـ 198 - 199.
(5)
المقنع صـ 13 و 96.
(6)
انظر: النشر 2/ 339، والكشف 2/ 166، والإقناع 2/ 721.
(7)
بل ولا بقية العشرة.
(8)
قال في الكشف 2/ 174، 175: (قرأه الكوفيون بغير ألف بعد السين، تثنية سحر،
…
وقرأ الباقون بالألف بعد السين، تثنية ساحر) وانظر: النشر 2/ 341، والإقناع 2/ 724.
وأما ألف التثنية فيأتي كلها في قوله: وفي المثنى
(1)
. وهو تثنية ساحر أو سحر.
وروى نافع عن المدني -كبقية الرسوم- {فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} [القصص: 10] بحذف الألف الأولى ولم يقرأ أحد من السبعة
(2)
بحذفها.
102 - مكِّيُّهُمْ قَالَ مُوسَى نافِعٌ بِـ: عَلَيْـ
…
ـهِ آيَتٌ وَلَهُ فِصَالُهُ ظَهَرَا
(3)
بألف الإطلاق؛ أي: رسم قوله تعالى في القصص [آية: 37]{وَقَالَ مُوسَى رَبِّي} بغير واو في المكي، وبواو في بقية المصاحف وَفْق قراءتهم
(4)
، وروى نافع عن المدني -كبقية الرسوم- في العنكبوت [آية: 50] {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ} بلا ألف بعد الياء، وقيد بـ {عَلَيْهِ} فخرج {إِنَّمَا الْآيَاتُ} [العنكبوت: 50] و {بَلْ هُوَ آيَاتٌ} [العنكبوت: 49] لعدم الخلاف في قراءتهما بالجمع
(5)
، بخلاف الأول حيث اختلفوا في قراءته إفرادًا وجمعًا
(6)
، وهذا الجمع حذف ألفه مُطَّرِد في الرسم
(7)
، وروى نافع عن المدني - كبقية الرسوم - بلقمان [آية: 14]
(1)
في البيت رقم (134) وهو بتمامه:
وفى المُثنَّى إذا ما لم يكُن طَرَفًا كـ: سَاحِرَ انِ أَضَلَّانَا فطِبْ صَدَرَا
(2)
بل ولا بقية العشرة.
(3)
المقنع صـ 13، 106.
(4)
قال في الكشف 2/ 174: (قرأه ابن كثير بغير واو لأنها كذلك في مصحف أهل مكة، كأنه استئناف كلام، وقرأه الباقون بالواو، كأنه عطف على ما قبله؛ عطف جملة على جملة، وكذلك هي بالواو في غير مصاحف أهل مكة). وانظر: النشر 2/ 341، والإقناع 2/ 724.
(5)
وإذ الأمر كذلك فلا داعي للتنصيص على حذف ألفهما لاطِّراده كما سينص عليه المؤلف بعد قليل.
(6)
قال في الكشف 2/ 179، 180: (قرأه ابن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي بالتوحيد
…
وقرأ الباقون بالجمع على الأصل) وانظر: النشر 2/ 343، والإقناع 2/ 727 غير أن فيه:(ابن كثير وأبو حمزة والكسائي) وهو خطأ طباعي؛ صوابه (وأبو بكر وحمزة).
(7)
وقد نص المؤلف على حذفها في مواضع منها قوله في شرح البيت (51): (وهو داخل تحت عموم قاعدة حذف الألف من جمع المؤنث السالم على ما سيجيء) وقوله في شرح البيت (66):
(ولا ينافي نقل نافع خصوص ذرياتهم في هذه السورة إجماعهم على تعميم حذف الألف من جمع المؤنث السالم جميعه) وقوله في شرح البيت (80)(وفيه أن ألف جمع المؤنث السالم محذوفة إلا فيما استثني).
{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} بلا ألف بعد الصاد، وقد روي عن أُبَيٍّ والحسن ومورق وابن حوشب
(1)
وأبي رجاء وطلحة
(2)
والجحدري والسجستاني: {وفَصْلُهُ فِي عَامَيْنِ}
(3)
.
103 - تُصَاعِر اتَّفَقُوا تَظَّاهَرُونَ لهُ
…
و يَسْأَلُونَ بخُلْفٍ عَالِمِ اقْتُصِرَا
(4)
بألف الإطلاق على بناء المفعول أي: و" عَالِمِ اقْتُصِرَا" على حذف ألفه قطعًا بلا خلاف، وقوله:" تُصَاعِر": مبتدأ، خبره:"اتَّفقُوا"، أي: على حذف ألفه، وحذف ألف "تَظَّاهَرُونَ" لنافع، جملة أخرى كبرى، وحذف ألف " يَسْأَلُونَ بخُلْفٍ": جملة أخرى أكبر
(5)
.
ومعنى البيت: أن قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ} بلقمان [آية: 18] اتفقت
(1)
هو شهر بن حوشب أبو سعيد الأشعري الشامي ثم البصري تابعي مشهور روى القراءة، وعرض عليه أبو نهيك، مات سنة 100. اهـ من الغاية 1/ 329 ترجمة (1434).
(2)
هو ابن مُصَرِّف -كما صرح به في زاد المسير (6/ 319) - الهمداني اليامي الكوفي تابعي كبير، له اختيار في القراءة ينسب إليه، أخذ القراءة عرْضًا عن إبراهيم النخعي والأعمش ويحيى بن وثاب، روى القراءة عرْضًا عنه الكسائي وفياض بن غزوان وهو الذي روى عنه اختياره، مات سنة 112. اهـ مختصرًا من الغاية 1/ 343 ترجمة (1488).
(3)
قال في الكامل ورقة 227: (بفتح الفاء في جميع المواضع؛ الحسن والجحدري وافقه يعقوب في الأحقاف)، وقال في المحتسب 2/ 167:(ومن ذلك قراءة الحسن بخلاف، وأبي رجاء والجحدري وقتادة ويعقوب {وفَصْلُهُ}) ولم يذكر ابنُ الجزري يعقوبَ في آية لقمان، إنما ذكره في آية الأحقاف فقال في النشر 2/ 373:(فقرأ يعقوب {وفَصْلُهُ} بفتح الفاء وإسكان الصاد من غير ألف)، وقد عزاها إلى يعقوب في آية لقمان جمع من المفسرين، منهم القرطبي 14/ 64، والشوكاني 4/ 238، والآلوسي 21/ 86. والمعروف عن يعقوب هو ما ذكره ابن الجزري في الأحقاف لا في لقمان، وأما آية لقمان -وهي التي ذكرها المؤلف- فقال في زاد المسير 6/ 319: (وقرأ أبي بن كعب والحسن وأبو رجاء وطلحة بن مُصَرِّف وعاصم الجحدري وقتادة {وفَصْلُهُ} بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف) علمًا بأنه قال في آية الأحقاف 7/ 377: (وقرأ يعقوب {وفَصْلُهُ} بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف) فاستغنى بذكره واقتصر عليه، ولم يذكره في لقمان بل ذكر من سبق.
(4)
المقنع صـ 13، 89، 97.
(5)
كذا في (ص)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (س) بغير لفظة "أكبر".
الرسوم على حذف ألفه، وروى نافع عن المدني -كالبواقي- رسمَ قولِه تعالى:{تُظَاهِرُونَ} بالأحزاب [آية: 4] بحذف الألف، ولم يخالف أحدٌ نافعًا في حذف ألف {تُظَاهِرُونَ} فكان اتفاقًا أيضًا، لكن فصله الناظم عن {تُصَاعِر} لأن الأولَ إجماعٌ قوليٌّ، والثانيَ سكوتيٌّ
(1)
، وقرئ في السبعة فيهما بالألف وحذفها
(2)
وليس في المقنع ذكر {تُظَاهِرُونَ}
(3)
فهو من زيادات
القصيدة. وهذه الكلمة تقرأ في السبعة على أربعة أوجه معروفة
(4)
.
ورسم {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} [الأحزاب: 20] في أكثر المصاحف بغير ألف، وفي بعضها بألف، وأشار المقنع إلى أكثرية حذف الألف
(5)
، ولم يُقرأ في السبعة بإثباته، وإنما أثبتها يعقوب برواية رويس
(6)
وهو مروي عن أُبَيٍّ
(1)
يعني أن الأول وهو - {تُصَاعِر} - قد نقل غيرُ نافع حذفَ الألف فيه فكان اتفاقًا قوليًّا، والثاني وهو - {تُظَاهِرُونَ} - لم ينقل حذف ألفه سوى نافع ولكن لم ينقل أحد من نَقَلَةِ الرسم شيئًا يناقضه فكان إجماعًا سكوتيًا.
(2)
أما " تُصَعِّرْ " فقال في الكشف 2/ 188: (قرأه ابن كثير وعاصم وابن عامر بغير ألف مشددا، وقرأ الباقون بألف مخففا) وانظر: الإقناع (2/ 731)، والنشر 2/ 346. وأما {تُظَاهِرُونَ} فقال في الكشف 2/ 194: (قرأه الحرميان وأبو عمرو بتشديد الظاء والهاء، من غير ألف،
…
قرأ حمزة والكسائي بألف مخففًا
…
وكذلك قرأ ابن عامر غير أنه شدد الظاء،
…
وقرأ عاصم بضم التاء وكسر الهاء وبألف بعد الظاء مخففًا
…
) وعليه فقد قرأها بالألف حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم، وبغير ألف الباقون. وانظر: الإقناع (2/ 735)، والنشر 2/ 247.
(3)
بل هي فيه صـ 13، وسببُ خطأ المؤلف متابعتُه السخاويَّ فقد سبقه إلى هذا الوهم في الوسيلة صـ 204، وقال الجعبري في الجميلة صـ 157 بعد أن ذكر أن المقنع ذكرها:(فقول الشارح -يعني السخاوي-: لم يذكر في المقنع؛ محمول على النسخة التي رآها).
(4)
هي: 1 - بتشديد الظاء والهاء، من غير ألف {تَظَّهَّرُونَ} ، 2 - بفتح التاء وألف؛ مخففًا {تَظَاهَرُونَ} 3 - بفتح التاء وتشديد الظاء بعدها ألف {تَظَّاهَرُونَ} 4 - بضم التاء وكسر الهاء وبألف بعد الظاء مخففا {تُظَاهِرُونَ} وقد سبق قريبًا ذكر من قرأ بكلٍّ.
(5)
انظر المقنع صـ 97 باب: ذكر ما اختلفت فيه مصاحف أهل الأمصار بالإثبات والحذف، وإشارته هي قوله:(ولم يقرأ بذلك أحد من أئمة القراء إلا ما رويناه من طريق محمد بن المتوكل رويس عن يعقوب الحضرمي).
(6)
هو محمد بن المتوكل أبو عبد الله اللؤلؤي؛ رويس المقرئ، قرأ على يعقوب وتصدر للإقراء، توفي بالبصرة سنة 238. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 216 ترجمة رقم (112) وقد قال في النشر (2/ 348):(فروى رويس بتشديد السين وفتحها وألف بعدها، وقرأ الباقون بإسكانها من غير ألف).
والحسن البصري وعاصم الجحدري وأبي إسحاق السبِيعي
(1)
وغيرهم
(2)
، وأما قول أبي عمرو
(3)
: إنه لم يقرأ بذلك إلا يعقوب، فقال السخاوي: (قد دل ذلك على أنه لا محمل عنده لرسمه بالألف إلا قراءة يعقوب، وليس الأمر كذلك، بل الألف في يَسْأَلُونَ إنما كتبها من كتبها صورة للهمزة وإن كانت لا تصور
(4)
غالبًا إذا كان قبلها ساكن، ولكن رسم الألف صورة للهمزة في هذا ونحوه جائز)
(5)
، أي: في أصل وضع الخط العربي وغيره، وهذه الألف على ما في بعض المصاحف صورة الهمزة على ما قاله أحمد بن يحيى أبو العباس
(6)
، وإن كان على خلاف القاعدة؛ لأن القياس: أن الهمزة متى كان قبلها ساكن لم يرسم لها صورة
(7)
.
ورسم في سبأ [آية: 3]: {عَالِمِ الْغَيْبِ} بغير ألف في كل الرسوم
(8)
، ولم يُقرأ
(1)
هو عمرو بن عبد الله الهمداني الكوفي الإمام الكبير، أخذ القراءة عرْضًا عن أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش وغيرهما، ورأى من الصحابة علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر وغيرهم، أخذ القراءة عنه عرْضًا حمزة الزيات، مات سنة 132 وقيل 28 اهـ من الغاية 1/ 602 ترجمة (2457) وذكره في طبقات الحفاظ 1/ 50 ترجمة (97) وقال:(مات سنة 126).
(2)
قال الطبري في تفسيره 21/ 143: (وذكر عن عاصم الجحدري أنه كان يقرأ ذلك {يَسَّائَلُونَ} بتشديد السين بمعنى: يتساءلون، أي: يسأل بعضهم بعضا عن ذلك).
(3)
في كلامه الذي نقلته عنه قريبا من المقنع صـ 97.
(4)
كذا في (بر 1) و (ل) و (س) و (ص) و (ز 8) إلا أن فيه "كان" بدل "كانت"، وفي (ز 4)"لا تصدر" وما أثبته موافق للوسيلة.
(5)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 206).
(6)
قال السخاوي في الوسيلة صـ 206 بعد نقل كلام ثعلب هذا: (قلت: والذي أكاد أقطع به أن الكاتب إنما قصد بالألف في {يَسْأَلُونَ} صورة الهمزة والله أعلم.
(7)
مثل: {وَيَنْأَوْنَ} و {يَسْأَمُونَ} و {يَجْأَرُونَ} .
(8)
ذكره في المقنع صـ 89.
في السبعة
(1)
إلا بالألف، والاختلاف في التقديم والتأخير فأثبت حمزة والكسائي الألفَ بعد اللام مع تشديد اللام على صيغة المبالغة
(2)
، والباقون على وزن فاعل
(3)
.
104 - للكلِّ بَاعِدْ كذا و فِي مَسَاكِنِهِمْ
…
عنْ نافعٍ و نُجَازِي قَادِرٍ ذُكِرَا
(4)
بصيغة المجهول للتنثية، أي:" نُجَازِي " و"قَادِرٍ" روي عن نافع حذفُ ألفهما، و" بَاعِدْ " "لكل" الرسوم: جملة اسمية، ويجوز أن يكون "للكل" متعلقًا "باقتصرا" في البيت السابق، وعلى هذا قوله " بَاعِدْ " أي؛ وكذا " بَاعِدْ " بحذف الألف "للكل".
والمعنى: رسم قوله تعالى {بَاعِدْ} بسبأ [آية: 19] بلا ألف في كل المصاحف، وقرئ في السبعة {بَعِّدْ} بحذف الألف وتشديد العين، و {بَاعِدْ} بإثباتها وتخفيف العين
(5)
.
وروى نافع -كغيره- بسبأ [آية: 15] حذف الألف في {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسَاكِنِهِمْ} وقرئ في السبعة بحذف الألف وإثباتها
(6)
، فحَلُّ العبارة: رُوِيَ حذفُ الألف عن نافع {فِي مَسَاكِنِهِمْ} .
وروى نافع عن المدني -كالبواقي- {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} بسبأ [آية: 17]
(1)
بل ولا بقية العشرة.
(2)
{عَلَّامِ الْغَيْبِ} .
(3)
{عَالِمِ الْغَيْبِ} . وانظر: النشر 2/ 349، والكشف 2/ 201، والإقناع 2/ 738.
(4)
المقنع صـ 13.
(5)
فبالأول قرأ ابن كثير وأبو عمرو وهشام، وبالثاني قرأ الباقون. وانظر: الكشف 2/ 207، والإقناع 2/ 739.
(6)
قال في الكشف 2/ 204: (قرأ الكسائي بالتوحيد وكسر الكاف "مَسْكِنِهِمْ" وكذلك حفص وحمزة غير أنهما فتحا الكاف، وقرأ الباقون بالجمع). وانظر: الإقناع 2/ 739.
و {بِقَادِرٍ} بياسين [آية: 81] بحذف الألف، وقرئ في السبعة {نُجَازِي} بالنون والزاي
(1)
، ولم يقرأ أحد منهم
(2)
بحذف ألفه، نعم قرأ بذلك ابن خثيم وابن السميفع
(3)
وأبو ذر وابن عمران
(4)
.
وكذا اتفقوا
(5)
في القراءة على ألف {بِقَادِرٍ} ، نعم روي عن أبي بكر الصديق {أَلَيْسَ ذَلِكَ يَقْدِرُ} فعلًا مضارعًا، وبه قرأ يعقوب
(6)
والجحدري
(1)
مكسورة. قرأ بها: حفص وحمزة والكسائي، وقرأ الباقون بالياء وفتح الزاي. انظر: النشر 2/ 350، والإقناع 2/ 739.
(2)
بل ولا من العشرة.
(3)
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن السميفع اليماني، له قراءة معروفة، وفيها ما ينكر ويشذ فيه، وأما إسنادها فمظلم، وهي في عداد الشاذ، قيل إنه قرأ على نافع بن أبي نعيم وغيره، قرأ عليه إسماعيل بن مسلم المكي أحد المجاهيل فقرأ على هذا إبراهيم بن محمد المدني ولا يدرى من هذا أيضًا، مات بالمدينة سنة 213 وقيل 215. اهـ مختصرًا من طبقات القراء 1/ 195 ترجمة (101)، وضبطه في الغاية 2/ 161 ترجمة (3106) (بفتح السين) وقال: (له اختيار في القراءة ينسب إليه شذ فيه، وفي الجملة القراءة ضعيفة، والمسند بها فيه نظر، وإن صح فهي قراءة شاذة لخروجها عن المشهور).
(4)
في المحتسب (2/ 188 - 189): أن قراءة (يُجْزَى) بضم الياء وسكون الجيم وفتح الزاي مع حذف الألف هي قراءة ابن جندب، وابن عمران هو: فارس بن أحمد بن موسى بن عمران؛ أبو الفتح الحمصي المقرئ الضرير؛ مؤلف كتاب المنشا في القراءات الثمان، وأحد الحذاق بهذا الشأن، قرأ عليه جماعة منهم أبو عمرو الداني، وقال: لم ألق مثله في حفظه وضبطه، توفي سنة 401 بمصر وله 68 سنة. اهـ مختَصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 379 ترجمة رقم (310).
(5)
يعني السبعة؛ لجريان عادة المؤلف على الاقتصار على حكاية قراءتهم فقط، وإلا فقد قال ابن الجزري في النشر 2/ 355:(واختلفوا في {بِقَادِرٍ عَلَى} هنا -أي في يس- وفي الأحقاف فروى رويس {يَقْدِرُ} بياء مفتوحة وإسكان القاف من غير ألف وضم الراء، وافقه روح في الأحقاف، وقرأ الباقون بالباء وفتح القاف وألف بعدها، وخفض الراء منونة في الموضعين).
(6)
لم يقرأ يعقوب {يَقْدِرُ} فعلًا مضارعًا إلا في [الأحقاف: 33]{وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} باتفاق راوِيَيْهِ روح ورويس، وفي [يس: 81] {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} فيما رواه رويس عنه، أما [آية: 40] في القيامة {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} فلم يقرأ فيها {يَقْدِرُ} ، قال ابن الجزري في النشر 2/ 255، 256:(واتفقوا على قوله تعالى في سورة القيامة {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} أنه بهذه الترجمة؛ لثبوت ألفه في كثير من المصاحف، ولحذف الألف من موضعي سورة يس والأحقاف في جميع المصاحف، واختلفت القراءتان فيهما لذلك دون القيامة)،
وقد سبق المؤلفَ إلى هذا الوهم الجعبريُّ في الجميلة صـ 158، أما آية القيامة فلم يعز {يَقْدِرُ} فيها بالياء من غير ألف الهذليُّ في الكامل صـ 626 إلا للْجَحْدَرِيّ، وأما الذي عزاه السخاوي في الوسيلة صـ 208 إلى أبي بكر الصديق فهو موضعُ [يس: 81] لا القيامة، وعزا ابنُ الجوزي في زاد المسير 7/ 42 موضعَ القيامة إلى أبي بكر، وسيأتي كلام المؤلف في آية الأحقاف في شرح البيت (112).
وأبو إياس
(1)
وابن أبي إسحاق
(2)
وغيرهم
(3)
.
105 - كُوفٍ وَمَا عَمِلَتْ والخُلْفُ في فَكِهِيـ
…
ـنَ الكلُّ آثَارِهِمْ عَنْ نافعٍ أُثِرَا
(4)
بألف الإطلاق على بناء المفعول وبين " آثَارِهِمْ " و "أُثِرَا" تجنيس، أي: روي عن نافع حذف ألف {آثَارِهِمْ} ، و"كوفي" بحذف هاء {وَمَا عَمِلَتْهُ} ؛ جملة اسمية، وقوله:" وَمَا عَمِلَتْ " يخرج {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس: 71] مع أنه بعد {فَاكِهِينَ} "والخُلْفُ في" حذف ألف " فَاكِهِينَ "، "الكل" تأكيد له، وفي نسخة صحيحة: كُلًّا: تأكيد شمول، ونصبه على المحل.
ومعنى البيت: أن قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} بياسين [آية: 35] رسم في المصحف الكوفي بغير هاء، وفي بقية المصاحف بهاء، وقرئ في السبعة
(1)
كذا في الأصل "أبو إياس" وكذا هو في الوسيلة عند شرح البيت (104، 112) وهو: (هارون بن علي بن حمزة الكوفي الكسائي -ابن الإمام المشهور- أخذ القراءة عن أبيه وهو من المكثرين عنه) اهـ. من الغاية 2/ 346 ترجمة (3760)، وإنني لفي شك من كون هذا هو المراد، وأخشى أن يكون مُصَحَّفًا عن أبي أُناس وهو:(جُويَّة بن عاتك، ويقال: ابن عائذ أبو أُناس بضم الهمزة وبالنون؛ الأسدي الكوفي وهو بضم الجيم وتشديد الياء، روى القراءة عن عاصم، وذكر الداني أن له اختيارًا في القراءة). اهـ من الغاية 1/ 199 ترجمة رقم (919) والباعث لي على هذا التخوف هو كون الأول لم يذكر له اختيار في القراءة بخلاف الثاني.
(2)
كذا في (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س) و (ص) إلا أن فيها "وقرأ بذلك يعقوب" بدل "به قرأ يعقوب"، وفي (ز 8) سقط ابن أبي إسحاق.
(3)
عزاها في زاد المسير 7/ 42 إلى: الصديق وعاصم الجحدري في آية يس، وزاد في آية القيامة 8/ 426: أبا رجاء، وفي آية الأحقاف 7/ 392: إلى يعقوب فقط.
(4)
المقنع صـ 13، 97، 99.
بالهاء وبحذفها
(1)
.
ورسم {فَاكِهِينَ} في جميع القرآن وهي {فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} في يس [آية: 55]{وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} بالدخان [آية: 27]{وَنَعِيمٍ (17) فَاكِهِينَ} بالطور [آية: 18] و {انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} بالمطففين [آية: 31]، رسم في بعض المصاحف بألف، وفي بعضها بغير ألف، وقرأ أبو جعفر
(2)
وقتادة وغيرهما كلَّها بالقصر
(3)
، وما قرئ في السبعة بالقصر إلا واحد منها وهو ما في سورة المطففين، قصره حفص
(4)
، وقرأ الحسن وغيره في الدخان بغير ألف، وفي غير ذلك بالألف، وقرأ أبو رزين
(5)
بغير ألف في يس فقط.
وروى نافع -كالبواقي- في قوله تعالى: {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} [الصافات: 70] بحذف الألف بعد الثاء، ولم يقرأ أحد من السبعة
(6)
بحذف ألف {آثَارِهِمْ} فَحَذْفُها اختصارٌ للعلم بموضعها، وأما الألفان الأولان
(7)
فيأتي
(1)
قال في النشر 2/ 353: (فقرأ حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر "عَمِلَتْ" بغير هاء ضمير وهي في مصاحف أهل الكوفة كذلك، وقرأ الباقون بالهاء، ووصلها ابن كثير على أصله، وهو في مصاحفهم كذلك). وانظر: الكشف 2/ 216، والإقناع 2/ 742.
(2)
يزيد بن القعقاع؛ أحد القراء العشرة، مدني مشهور رفيع الذكر، قرأ القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وقال غير واحد قرأ أيضًا على أبي هريرة وابن عباس عن قراءتهم على أبي بن كعب، تصدى لإقراء القرآن دهرا، قرأ عليه نافع بن أبي نعيم وغيره، قيل توفي سنة 127 وقيل غير ذلك عن نيف وتسعين سنة. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 72 ترجمة رقم (28).
(3)
أي: بغير ألف بعد الفاء. وانظر لأبي جعفر: النشر 2/ 354، 355.
(4)
واختلف فيه عن ابن عامر، فروي عن كل من راوييه؛ ابن ذكوان وهشام عنه وِفاق حفص بالقصر {فَكِهِينَ} ، ووِفاق الباقين بالمد {فَاكِهِينَ} انظر: النشر 2/ 354، 355. وانظر لقراءة حفص: الكشف 2/ 366، والإقناع 2/ 806.
(5)
هو مسعود بن مالك ويقال ابن عبد الله الكوفي، وردت عنه الرواية في حروف القرآن روى عن ابن مسعود وعلي بن أبي طالب، روى عنه الأعمش. اهـ مختصرًا من الغاية 2/ 296 ترجمة (3597).
(6)
بل ولا بقية العشرة.
(7)
مراده بهما: الألفان اللتان قبل الثاء في {آثَارِهِمْ} .
بيانهما في قوله:
وكلما زاد
(1)
......................................................................................
وتأخير الناظم إياها إلى بعد مسائل يس دل على أن مراده موضع الصافات المنصوص عليه في المقنع
(2)
فخرج عنه؛ {مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [يس: 12]، إذ لو أراده لقدمه، إذ في مثل هذا يلتزم الترتيب.
(1)
البيت بتمامه: وَكُلُّ مَا زادَ أُولَاه على ألفٍ بواحدٍ فاعتمدْ مِنْ برقِهِ المَطَرَا وسيأتي برقم (155).
(2)
صـ 13 باب: ذكر ما حذفت منه الألف اختصارًا.
من سورة ص إلى آخر القرآن
وليس في صاد شيء
106 - عن نافعٍ كَاذِبٌ عِبَادَهُ بخِلا
…
فِ تَأْمُرُونِّي بنُونِ الشَّامِ قد نُصِرَا
(1)
بألف الإطلاق على صيغة المفعول، وحذف تنوين "خِلَافِ" ضرورة.
أي: نقل عن نافع -كغيره- حذفُ الألف من لفظ " كَاذِبٌ " في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3] ولم يقرأ في السبعة
(2)
بحذفها
(3)
.
ورسم قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] في بعض المصاحف بألف وفي بعضها بغير ألف، كما اختلف في التلاوة أيضًا
(4)
.
ورسم قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} في الزمر [آية: 64] بزيادة نون في المصحف الشامي، وفي بقية المصاحف رسم بحذفها، أي: بنون واحدة.
ولو قال: رسم في الشامي بنونين لكان أبين، وإنما قلنا: أبين
(5)
لأنه لا يتصور " تَأْمُرُونِّي " من غير نون مطلقا كما هو معلوم في القواعد العربية، وأيضًا لما تَلَفَّظَ بـ" تَأْمُرُونِّي " مع النون الواحد أفاد أن مراده بقوله: "بنون
(1)
المقنع صـ 13، 97، 106.
(2)
كذا في سائر النسخ، وفي (بر 3)"لم يقرأ أحد في السبعة"، وفي (ف)"لم يقرأ أحد من السبعة".
(3)
بل ولا بقية العشرة.
(4)
قال في النشر 2/ 362: (فقرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي وخلف {عِبَادَهُ} بألف على الجمع وقرأ الباقون {عَبْدَهُ} على التوحيد) وانظر: الكشف 2/ 239، والإقناع 2/ 750.
(5)
أي: اقتصرنا على قولنا أبين ولم نُخَطِّئْ ما سواه.
الشام" زيادة على ما ذكر، فيستفاد بأن إثبات النونين هو المراد، نعم كان يمكنه أن يقول: " تَأْمُرُونِّي " بنوني شامه نصرا
(1)
.
ثم اختلف في التلاوة أيضًا؛ فقرأه ابن عامر بنونين مظهرتين فوافق رسمُ مصحفِه تلاوتَه، وقرأ غيره بنون واحدة، لكن نافع خفَّفها وغيره شدَّدها
(2)
، وذكر السخاوي
(3)
للتخفيف شاهدًا وهو قوله:
(كل له نية في بغض صاحبه
…
بنعمة الله نقليكم وتقلونا
(4)
فإذا جاز حذف النون الثانية من تقلونا وهي ضمير المفعول فحذف نون الوقاية أجوز، ثم المحذوف هي الثانية دون الأولى؛ لأن الثانيةَ نونٌ للوقاية والأولى للإعراب، وحق الإعراب أَوْلَى لأن هذه النون قد نابت مناب نون الوقاية لأنها كانت مفتوحة، فلما حذفت نون الوقاية اتصلت هذه النون بالياء وكسرت).
وقد طعن قوم
(5)
على حذف النون، ولا يلتفت إليه، وإلى قول مكي
(6)
(1)
الأسلم من الاعتراضات هو ما جرى عليه الناظم، لأن لقائل أن يقول للمؤلف: ليس للشامي نونان إنما اختص بنون واحدة فإضافة النونين له في قولك: بنوني شامه نصرا غير صحيح.
(2)
انظر: النشر 2/ 363، 364، والكشف 2/ 240، والإقناع 2/ 751.
(3)
في الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 215 وكل ما بين القوسين منه.
(4)
عزاه ابن الأنباري في "الزاهر في بيان معاني كلمات الناس"(1/ 125) والأصفهاني في "شرح ديوان الحماسة"(1/ 164 - 166) وغيرهما للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، المسمى: بالأخضر اللهبي، يخاطب بني أمية بأبيات مطلعها:
مهلاً بني عَمِّنا مهلاً موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
(5)
قال محقق الوسيلة صـ 215: (قال القرطبي "وحكي عن أبي عمرو بن العلاء أن هذه القراءة لحن، وأجاز سيبويه ذلك فقال استثقلوا التضعيف" الجامع لأحكام القرآن 7/ 29).
(6)
قال مكي في الكشف 2/ 240 - 241: (وحجة من قرأ بنون واحدة أنه حذف إحدى النونين لاجتماع المثلين وهو ضعيف، إنما أتى ذلك في الشعر، لأنه إن حذف النون الأولى حذف علامة الرفع بغير جازم ولا ناصب، وذلك لحن، وإن حذف النون الثانية حذف الفاصلة بين الفعل والياء، فانكسرت النون التي هي علم الرفع وذلك لا يحسن، لأن التقدير فيه أن تكون المحذوفة الثانية، لأن التكرير بها وقع، والاستثقال من أجلها دخل، ولأن الأولى علامة الرفع فهي أولى بالبقاء، وكأن الحذف في هذا حمل على التشبيه بالحذف في إني وكأني وفإني وشبهه، والاختيار تشديد النون لأن الأكثر عليه ولأنه أخف من الإظهار ولأنه وجه الإعراب).
وغيره، فإن سيبويه
(1)
قد قال في ذلك: (وقرأ بعض الموثوق بهم: {أَتُحَاجُّونِي} [الأنعام: 80]، و {فَبِمَ تُبَشِّرُونِ} [الحجر: 54] وهي قراءة أهل المدينة
(2)
(3)
كذا نقل عنه أبو بكر الأُدْفُوِي
(4)
في الإبانة)
(5)
.
107 - أَشَدَّ مِنْكُمْ له أَوْ أَنْ لكُوفِيَةٍ
…
والحذفُ في كَلِمَاتٍ نافعٌ نَشَرا
(6)
بألف الإطلاق على بناء الفاعل، والضمير في "له" للشامي، أي:"نشر" ذلك وذكره
(7)
، والرواية بتخفيف الياء من قوله:"لكوفية" للضرورة.
والمعنى: أن قوله تعالى في سورة المؤمن [آية: 21]: {كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ} رسم في المصحف الشامي بالكاف كما نطق، وفي بقية المصاحف بالهاء، وقرأ ابن عامر بالكاف، وغيره بالهاء
(8)
، ورسم قوله تعالى {أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ}
(1)
هو إمام النحو حجة العرب؛ أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسي ثم البصري، طلب الفقه والحديث مدة ثم أقبل على العربية فبرع وساد أهل العصر وألف فيها كتابه الكبير لا يدرك شأوه فيه، أخذ النحو عن عيسى بن عمر ويونس بن حبيب والخليل وأبي الخطاب الأخفش الكبير، كان فيه مع فرط ذكائه حبسة في عبارته وانطلاق في قلمه، وقد تعلق من كل علم بسبب وضرب بسهم في كل أدب مع حداثةِ سِنِّهِ، عاش 32 سنة، مات سنة 180 وهو أصح. اهـ من سير أعلام النبلاء 8/ 351.
(2)
أي: بتخفيف النون وكسرها، وانظر: النشر 2/ 259 - 260 و 302، والكشف 1/ 436 - 437 و 2/ 30، والإقناع 2/ 640 و 680.
(3)
انظر: كتاب سيبويه (3/ 519 - 520).
(4)
هو: محمد بن علي بن أحمد الإمام المصري المقرئ النحوي المفسر، قرأ القرآن، وبرع في علوم القرآن وكان سيد أهل عصره بمصر، قال أبو عمرو الداني:(انفرد أبو بكر بالإمامة في وقته في قراءة نافع مع سعة علمه وبراعة فهمه وصدق لهجته وتمكنه من علم العربية وبُصْرِه بالمعاني، روى عنه القراءة جماعة من الأكابر، وعاش ثلاث وثمانين سنة) توفي في سابع ربيع الأول سنة 388. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 353 ترجمة رقم (280).
(5)
إلى هنا كلام السخاوي غير أن الذي فيه الأنباري مكان الأُدْفُوِي، ويبدو أنه خطأ من النساخ، والصواب ما نقله المؤلف عن السخاوي.
(6)
المقنع صـ 11، 13، 14، 106، أرجأ المؤلف شرح الشطر الثاني من البيت مع البيت الذي يليه لتعلقه به.
(7)
وقال الجعبري في الجميلة صـ 162: (وذكر -أي أبو عمرو- فيه -أي في المقنع صـ 11، 13، 14 - في باب: ما رسم من المصاحف بالحذف بسنده إلى نافع الكلمات الأربع كل واحدة في سورتها، وهذا معنى نشرها).
(8)
انظر: النشر 2/ 365، والكشف 2/ 242، والإقناع 2/ 753.
في المؤمن [آية: 26] بألف قبل الواو
(1)
فيصير أو، كما نطق به، وفي بقية المصاحف بحذف هذه الألف، وقرأ الكوفية بها، والبقية بحذفها
(2)
.
108 - معْ يونُسٍ ومعَ التَّحريمِ واتَّفَقُوا
…
على السَّمَاوَاتِ في حَذْفينِ دُونَ مِرَا
(3)
بكسر الميم، وقصر للوقف؛ أي: من غير مماراة ومخالفة، ثم التقدير أي: هنا سورة المؤمن
(4)
و"مع"" كَلِمَاتُ "يونس فهي صفة لـ" كَلِمَاتُ "، وكذا قوله:"مع التحريم"، (وكان حق المصنف أن يذكر الجميع في سورة يونس)
(5)
.
والمعنى: روى نافع عن المدني -كغيره- حذفَ الألفِ من {كَلِمَاتُ رَبِّكَ}
(6)
بالمؤمن [آية: 6] ومع {كَلِمَات} يونس أي: كل {كَلِمَات} في يونس حُذِفَ أَلِفُهُ، وهي في مواضع فيها
(7)
. كذا قاله بعضهم وقال الجعبري
(8)
: في
(1)
أي: في مصاحف أهل الكوفة، قال في المقنع صـ 106:(وفيها -أي في سورة المؤمن- في مصاحف أهل الكوفة {أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}؛ بزيادة ألف قبل الواو، وروى هارون عن صخر بن جويرية وبشار الناقط عن أسيد أن ذلك كذلك في الإمام مصحف عثمان بن عفان) وعزاه في صـ 109 إلى "أهل العراق".
(2)
انظر: النشر 2/ 365، والكشف 2/ 243، والإقناع 2/ 753.
(3)
المقنع صـ 19.
(4)
فتكون الجملة بعد التقدير هكذا: والحذف في كَلِمَاتُ نافع نشرا هنا في سورة المؤمن ومع كَلِمَاتُ يونس ومع كلمات التحريم.
(5)
ما بين القوسين من الوسيلة صـ 220 وقال الجعبري في الجميلة صـ 162: (وكان اللائق بالترتيب أن يذكرها الناظم حيث جمعهما عند أولهما بيونس وربما بينها ثَمَّ فاستدرك هنا).
(6)
أي: على قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر، أما على قراءة غيرهم فلا ألف فيها أصلا.
(7)
ذكرت " كَلِمَاتُ " بالتاء المجرورة في يونس في أربعة مواضع؛ اتفق العشرة على قراءتها بالجمع في موضعين؛ هما قوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: 64]، وقوله تعالى:{وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [يونس: 82] وهما مرسومتان بحذف الألف، أما الموضعان الآخران وهما المضافان إلى" رَبِّكَ " وهما قوله:{كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} [يونس: 33] وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} [يونس: 96] فقد وقع الخلاف في قراءتهما في السبعة، فقرأهما بالجمع نافع وابن عامر، وبالتوحيد؛ الباقون. فعلى قراءة الجمع فألفها محذوفة رسما. وانظر: الإقناع 2/ 661.
(8)
انظر: الجميلة صـ 162.
موضعين
(1)
، لكن كل منهما مضاف إلى {رَبِّكَ}؛ أحدهما قوله:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} [يونس: 96] وما ذكر الثاني
(2)
، وقد ذكره السخاوي
(3)
وهو الأول
(4)
{حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 33].
فإن قلت: قد ذكر نافع فيما تقدم
(5)
أن الألف حذفت من {كَلِمَات} في جميع القرآن
(6)
.
قلت: إنما ذكره في الربع الثاني، فلا يشمل ما في غيره، فقوله فيما تقدم: مع كلماته متى ظهرا
(7)
، أي: ظهر في هذا الربع
(8)
، والتلاوة مختلفة في بعض
(1)
أما من قال: "في مواضع" فمراده الأربعة التي أشرنا إليها آنفًا، حيث قد رسمت كلها بحذف الألف، ومن قال:"في موضعين" فمراده ما رواه أبو عمرو في المقنع -الذي العقيلةُ نظمُه- صـ 11 عن نافع في باب ما حذفت منه الألف اختصارًا حيث لما ذكر موضعي يونس قال " كَلِمَتُ رَبِّكَ " فأخرج بإضافته إلى" رَبِّكَ " الموضعين الآخرين مع كون نافع نقل رسمهما بحذف الألف كما نص عليه المؤلف في شرحه للبيت 69 واتفق العشرة على قراءتهما -أي الموضعين الآخرين- بالألف على الجمع كما ذكرنا آنفا.
(2)
بل قد ذكره في الصفحة التي قبلها، انظر الجميلة صـ 161 حيث قال:(وروى نافع عن المدني كغيره حذف ألف {حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} بها -أي: بغافر [آية 6]- و {حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا} و {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} بيونس و {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا} [التحريم: 12]).
(3)
انظر: (الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 219).
(4)
أي: الموضع الأول من موضعي يونس.
(5)
في شرح البيت (69) حيث قال: (أي متى ظهر لفظ كلماته في القرآن بصيغة الجمع فإنه نقل نافع رسمه بحذف الألف
…
وهو داخل في عموم حذف ألف جمع المؤنث السالم سواء كان مضافًا إلى ضمير أم لا).
(6)
أي: فما وجه تخصيص هذه الأربعة بالذكر ههنا.
(7)
هذا جزء من البيت المتقدم برقم (69).
(8)
قوله "في هذا الربع" يعارض ما شرح به البيتَ نفسه بقوله: (أي متى ظهر لفظ كلماته في القرآن بصيغة الجمع فإنه نقل نافع رسمه بحذف الألف) وقوله في آخر شرح البيت: (وهذا كله في كلمة المضاف إلى الضمير وأما كلمة المجرد عن الضمير فسيأتي بيانه)، وقد بينه ههنا وفي البيت 88، ولعل الأولى أن يقال: في البيت 69 نص على حذف الألف من لفظ كلماته المضاف إلى الضمير حيث ورد في القرآن وقد ظهر هذا اللفظ بصيغة الجمع مع ضمير الغيبة في القرآن في ستة مواضع وهي قوله تعالى {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام: 115] وقوله تعالى: {النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} [الأعراف: 158] وقوله {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [الأنفال: 7] وقوله تعالى: {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} [يونس: 82] وقوله تعالى {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} في الكهف [آية: 27]
{وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ} في الشورى [آية: 24]. أما في البيت 88 فقد نص على حذف الألف من لفظ {كَلِمَات} المضاف إلى لفظ ربي وقد ورد كذلك في موضعين من سورة الكهف وهما: قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109] موضعان. أما في البيت 107 فقد نص على حذف الألف من لفظ كلمتٍ مجردًا عن الضمير، وقد ورد كذلك في اثني عشر موضعًا من كتاب الله وهي على التوالي: قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37] وقوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: 124] وقوله تعالى: {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [الأنعام: 34] وقوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115] على إحدى القراءتين وقوله تعالى: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} [يونس: 33] على إحدى القراءتين وقوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: 64] وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} [يونس: 96] على إحدى القراءتين، وقوله تعالى:{مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27] وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} [غافر: 6] على إحدى القراءتين وقوله تعالى: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا} [التحريم: 12] وبهذا التقرير تندفع دعوى التكرار والله أعلم.
الكلمات في السبعة وغيرها
(1)
ومحلها كتب القراءات، ثم قوله تعالى:{وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ} في التحريم [آية: 12] رُسِمَ بحذف الألف (وقرئ به في المشهور على الجمع لا غير
(2)
، وروي عن أُبَيٍّ أنه قرأ:(بِكَلِمَتِ رَبِّهَا) على التوحيد
(3)
، وبه قرأ الجحدري
(4)
وأبو السَّمَّال
(5)
وآخرون
(6)
، وأما المواضعُ
(1)
وردت هذه الكلمة بالتاء المجرورة محذوفة الألف في القرآن (21) مرة، اتفق العشرة على قراءتها بالجمع في أربعة عشر موضعًا هي على التوالي:[البقرة: 37 و 124]، و [الأنعام: 34] وثاني موضعي [الأنعام: 115]، و [الأعراف: 158]، و [الأنفال: 7]، و [يونس: 64 و 82]، و [الكهف: 27 و 109] موضعان، و [لقمان: 27]، و [الشورى: 24]، و [التحريم: 12]، واتفق العشرة على قراءتها بالإفراد في ثلاثة مواضع هي:[النساء: 171]، [الأعراف: 137]- ولم ترسم بتاء مجرورة من غير اتصالٍ بضمير مع الاتفاق على قراءتها بالإفراد إلا في هذا الموضع- و [الصافات: 171]، واختلفوا في قراءة أربعة منها وهي:[الأنعام: 115]، [يونس: 33 و 96]، و [غافر: 6].
(2)
وهي قراءة العشرة كما تقدم.
(3)
عزاها إليه ابن الجوزي في زاد المسير 8/ 316.
(4)
عزاها إليه في الكامل ورقة 244، ومختصر ابن خالويه صـ 159، والمحرر الوجيز 16/ 58، وزاد المسير 8/ 316.
(5)
هو قعنب بن أبي قعنب أبو السَّمَّال بفتح السين وتشديد الميم وباللام، وقيل بالكاف؛ العدوي، من أئمة العربية، له رواية شاذة في "كامل" الهذلي رواها عنه أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري النحوي، وقال: طفت العرب كلها فلم أرَ فيها أعلم من أبي السَّمَّاك، وقال القطعي: كان أبو السماك يُقَدَّم على الخليل، وقال أبو حاتم السجستاني: كان يقطع ليله قياما، ونهاره صياما، ولم يقرئ الناس بل أخذت عنه هذه القراءة في الصلاة، قلت: لعله مات في دولة المنصور، وكان معاصرا للكسائي. اهـ انظر الغاية 2/ 27 ترجمة رقم (2614)، وطبقات القراء 1/ 193 ترجمة رقم (97) وبرقم (67) ج 1/ 159
(6)
كالحسن و مجاهد وأبي العالية وأبي مجلز، وانظر: الكامل ورقة 244، وزاد المسير 8/ 316. والقرطبي في تفسيره 18/ 204 ومختصر ابن خالويه صـ 159 والمحرر الوجيز 16/ 58.
الأُخَرُ فقرئت في المشهور بالتوحيد والجمعِ
(1)
انتهى
(2)
، وصرح به نافع وسكت غيره فهذا أيضا اتفاق سكوت
(3)
بخلاف قوله: واتفقوا.
والمعنى: أن النَّقَلَة اتفقوا على السَّمَاوَاتِ في حذفين: حذف الألف التي بعد الميم، والتي بعد الواو، ولم يقرأ أحد من السبعة ولا من غيرها بحذفهما ولا بحذف أحدهما، وهذا الحكم عام في جميع السَّمَاوَاتِ مُعَرَّفَةً ومُنَكَّرَةً، ولم يختص بهذا الربع.
109 - لكِنَّ في فصلتْ ثَبْتٌ أخيرُهُما
…
والحَذفُ في ثَمَرَاتٍ نافعٌ شَهَرَا
(4)
بألف الإطلاق والضمير لنافع، ومعنى البيت: أن الألف الأخيرة في لفظ السَّمَاوَاتِ -المراد بها جنسها مُعَرَّفًا أو مُنَكَّرًا- الواقعة في سورة فصلت [آية: 12] وهي قوله تعالى: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} ثابتة في الرسم بخلاف الألف الأولى فإنها محذوفة فيها أيضا كسائر المواضع.
قال أبو عمر الداني: (حذفوا الألف التي بعد الواو في السَّمَاوَاتِ و سَمَاوَاتٍ في جميع القرآن إلا في موضع واحد فإن الألف مرسومة فيه وهو قوله في فصلت: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} فأما الألف التي بعد الميم فمحذوفة من كل موضع بلا خلاف)
(5)
.
(1)
أي: موضعا يونس وموضع المؤمن، فقد قرأها بالجمع نافع وابن عامر وأبو جعفر، وقرأها الباقون بالتوحيد، انظر: النشر 2/ 262، والإقناع 2/ 661، والكشف 1/ 447.
(2)
أي: من نقله عن الوسيلة للسخاوي صـ 219، مع أنه لم يسبق تنويهه بالنقل منه، وكل ما بين القوسين منه.
(3)
سبقت الإشارة في شرح البيت 80 إلى أن غير نافع إن لم يُنقَل عنه مخالفة لنافع فهو موافق له، بقوله:(وقد نقل نافع قَصْر الموضعين ولم يتعرض لهما غيره فدل أنهما متفقا الحذف في كل الرسوم)، وقال الجعبري في الجميلة صـ 145 في شرح البيت 80:(بخلاف اتفاق الأول فإنه اتفاق سكوت، أي: نقل نافع ولم يخالفه أحد).
(4)
المقنع صـ 13.
(5)
انظر المقنع صـ 19 باب: ما حذفت منه الألف اختصارًا.
جقال السخاوي: (وهذا الذي ذكره أبو عمرو فيه نظر فإني كشفت المصاحف القديمة التي يوثق برسمها ويشهد الحال بصرف العناية إليها فإذا هم قد حذفوا الألفين من " سَمَاوَاتٍ " في فصلت كسائر السور، وكذلك رأيتها في المصحف الشامي الذي قدمت ذكره، على أن أبا عمرو قال في آخر ذلك الفصل:
(1)
أخبرني بعامة هذا الفصل خلف بن إبراهيم بن محمد
(2)
فيما أذن لي في روايته عن أبي بكر محمد بن عبدالله الأصبهاني عن شيوخه فهذا يحتاج إلى تَثَبُّتٍ ونظر ولا ينبغي أن يحكم على البَتِّ بأن الألف ثابتة في سورة فصلت بإجماع)
(3)
وروى نافع عن المدني -كغيره- {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ} [فصلت: 47] بلا ألف واختلف في قراءة هذه اللفظة في السبعة
(4)
.
110 - عنهُ أَسَاوِرَةٌ والرِّيحَ والمدَنِي
…
عنهُ بِمَا كَسَبَتْ وبالشآمِ جرَى
(5)
أي: "جرى" حذف فائه "بالشامي"، وفي نسخة "وفي الشامي"، والرواية بفتح الهمزة وبعدها ألف؛ لأن النسبة إلى الشام شامي فحذف ياء النسبة
(1)
في الأصل أعاد كلمة "قال" وحذفتها لكونها ليست في الوسيلة ولكونه تكرار لا داعي له.
(2)
هو خلف بن حمدان المقرئ وتقدمت ترجمته في البيت 46.
(3)
انظر: الوسيلة صـ 221 وسبب النظر في كلام الداني عند السخاوي -فيما فهمت- أمران:
1 -
ما رآه هو في المصاحف. 2 - الاستدلال على الداني بكلامه من وجهين: أ-أن كلمة"عامة هذا الفصل"ليست صريحة في عمومها لجميع الأحرف الواردة فيه، وعليه فقد يكون الاستثناء من مقول الداني لا من مرويِّه وإن لم يصرِّح بذلك اكتفاءً بقوله في آخر الفصل "بعامة هذا الفصل"، ب-أنه على فرض أنه من مرويِّه فإن في السند "شيوخه"؛ وروايةٌ فيها هذان الملحظان (تحتاج إلى تَثَبُّتٍ ونظر ولا ينبغي أن يحكم على البَتِّ بأن الألف ثابتة في سورة فصلت بإجماع) لاسيما و (أني كشفت المصاحف القديمة التي يوثق برسمها ويشهد الحال بصرف العناية إليها فإذا هم قد حذفوا الألفين من " سَمَاوَاتٍ " في "فُصِّلَتْ" كسائر السور، وكذلك رأيتها في المصحف الشامي الذي قدمت) كما قال.
(4)
قال في الكشف 2/ 249: (قرأ نافع وابن عامر وحفص بالجمع، وقرأ الباقون بالتوحيد). وانظر: النشر 2/ 367، والإقناع 2/ 757.
(5)
المقنع صـ 13 و 109.
وعوض عنها ألف فلزمت فتح الهمزة كما قيل في اليمني يمان بحذف ياء النسبة، وزيادةُ الألف عوضٌ عنها، وقد يجمع بينهما فيقال يمانيٌّ مشددًا ومخففًا، ثم قوله:"عنهُ أَسَاوِرَةٌ" بإشباع الهاء فيه وفي "عنه" الثاني، والتقدير عن نافع حذف ألف {أَسَاوِرَةٌ} وألف {الرِّيَاحَ} والمراد بها الألف الثانية، ثم قوله:"عنه" أي: عن المدني أو عن نافع حذف فاء {فَبِمَا كَسَبَتْ} [الشورى: 30].
ومعنى البيت: روى نافع عن المدني -كبقية المصاحف- حذفَ الألف التي بعد السين من قوله تعالى: {فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسَاوِرَةٌ} [الزخرف: 53]، وكذا الألف التي بعد الياء من قوله:{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيَاحَ} [الشورى: 33]، وقرأ حفص بحذف ألف {أَسَاوِرَةٌ} ، والباقون بإثباتها
(1)
، ونافع قرأ بإثبات الألف في الرِّيَاحَ
(2)
والباقون بحذفها
(3)
.
ورسم قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الشورى: 30] بلا فاء كما نطق به في المصحف المدني والشامي
(4)
، وبفاء في المكي والعراقي
(5)
، وعبارة المقنع في سائر المصاحف
(6)
.
111 - وعَنْهُمَا تَشْتَهِيهِ يَاعِبَادِيَ لَا
…
و هُمْ عِبَادُ بِحَذْفِ الكلِّ قدْ ذُكِرا
(7)
بألف الإطلاق على بناء المفعول، أي: ذُكِرَ " عِبَادُ " بحذف كلِّ الرسوم و" تَشْتَهِيهِ " بإشباع الهاء الثانية للوزن؛ أي: عن المدني والشامي إثبات
(1)
انظر: النشر 2/ 369، والكشف 2/ 259، والإقناع 2/ 761.
(2)
فقرأها: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيَاحَ} .
(3)
انظر: النشر 2/ 223، والكشف 1/ 270، والإقناع 2/ 605.
(4)
وبه قرأ المدنيان نافع وأبو جعفر وابن عامر الشامي فوافقوا مصحفيهم.
(5)
وبه قرأ بقية العشرة فوافقوا مصاحفهم، وانظر: النشر 2/ 367، والكشف 2/ 251، والإقناع 2/ 758.
(6)
انظر: المقنع صـ 106 باب: ذكر ما اختلفت فيه مصاحف أهل الحجاز والعراق والشام.
(7)
المقنع صـ 89 و 106 و 107 و 109.
هاء
(1)
الثانية وهي الضمير من " تَشْتَهِيهِ ". وكذا إثبات ياء الإضافة من " يَاعِبَادِيَ لَا " بفتح الياء، كما قرئ به؛ وبسكونِها، وحذفِها في السبعة
(2)
وقوله: " لَا " أي: التقييد بمصاحبة " لَا " كما نطق به، ولم يتعرضوا للألف منه فتكون ثابتة كما صرح به الجعبري
(3)
.
ومعنى البيت: رسم
(4)
في الزخرف [آية: 71]: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ} بهاء بعد الياء كما نطق به و {يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ} فيها أيضًا [آية: 68] بياء الإضافة كما نطق به أيضًا، وفي المصحف المكي والعراقي بحذفهما
(5)
وقرئ في السبعة بحذفهما وإثباتهما
(6)
، قال أبو عبيد في قوله:{تَشْتَهِيهِ} : "وبهاءين رأيته في الإمام"
(7)
.
ورسم قوله تعالى في الزخرف [آية: 19]{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ} بحذف الألف في جميع الرسوم واختلف التلاوة في السبعة
(8)
والله تعالى أعلم بالصواب.
(1)
كذا في جميع النسخ التسع" إلاّ (بر 3) ففيها "هذه".
(2)
قال في الكشف 2/ 263: (قرأها أبو بكر بالفتح، ويقف بالياء، وأسكنها نافع وأبو عمرو وابن عامر، ويقفون بالياء، وحذفها الباقون في الوصل والوقف) وقال في النشر 2/ 370 حين ذكر قراءاتهم: (
…
لأنها في مصاحف المدينة والشام ثابتة، وحذفها الباقون
…
لأنها كذلك في مصاحفهم). وانظر: الإقناع 2/ 762.
(3)
انظر: الجميلة صـ 164.
(4)
أي: في مصاحف المدينة والشام كما قال مكي في الكشف 2/ 262، والداني في المقنع صـ 107.
(5)
أي: حذف الياء من " يَاعِبَادِ لَا " والهاء الثانية من " تَشْتَهِيهِ " وانظر: النشر 2/ 370 حيث قال عن قراءة الحذف: (
…
وكذلك هو في مصاحف مكة والعراق).
(6)
تقدم قريبًا ذكر قراءة السبعة في " يَاعِبَادِ لَا "، أما " تَشْتَهِيهِ " فقال في الكشف 2/ 262: (قرأ نافع وابن عامر وحفص بالهاء على الأصل لأنها تعود على الموصول
…
ولأنه بالهاء في مصاحف المدينة والشام، فاتبعوا الخط، وقرأ الباقون بغير هاء). وانظر: الإقناع 2/ 761، والنشر 2/ 370، وزاد لقراءة الحذف؛ (
…
وكذلك هو في مصاحف مكة والعراق).
(7)
ذكره الداني في المقنع بسنده عنه صـ 107.
(8)
فـ (قرأه الكوفيون وأبو عمرو " عِبَادُ " وقرأ الباقون "عِنْدَ" على أنه ظرف) اهـ من الكشف 2/ 256، والإقناع 2/ 760، والنشر 2/ 368.
112 - إِحْسَانًا اعْتَمَدَ الكوفي ونافعُهم
…
بِقَادِرٍ حَذْفُهُ أَثَارَةٍ حَصَرَا
(1)
بألف الإطلاق، وضميره لنافع، وأضيف "نافع" إلى نقلة الرسوم
(2)
، وخففت ياء "الكوفي" ضرورةً، و"نافع": مبتدأ، و"حذفه": مبتدأ ثان، و " بِقَادِرٍ ": خبره، والكل خبر الأول والهاء في "حذفه" يعود إلى "نافع"، و" أَثَارَةٍ "، جاء بها على الحكاية مخفوضًا، وهو مفعول، "حصرَا" في موضع نصب، وقوله:" إِحْسَانًا " مبتدأ، خبره:"اعتمد الكوفي"، أي: على زيادة ألفين، فَلَفَظَ الناظم بواحدة وأحال الأخرى على النظر
(3)
.
والمعنى: أن قوله تعالى: {بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} في الأحقاف [آية: 15] رسم في المصحف الكوفي بألفين؛ أحدهما قبل الحاء، والثانية بعد السين تليها، وكذا قراءة الكوفيين، وفي سائر المصاحف:{حُسْنًا} بحذف الألفين كما قرأه الباقون
(4)
وأما الألف الأخيرة التي هي بدل عن التنوين فهي ثابتة في جميع المصاحف.
وروى نافع -كغيره-: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4] و {بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [الأحقاف: 33] بحذف الألف التي بعد الثاء والقاف
(5)
وقد قرأ أُبَيٌّ والحسن والسلمي
(6)
وقتادة والضحاك وغيرهم: (أَثْرةٍ) بفتح الهمزة وإسكان
(1)
المقنع صـ 13 و 97.
(2)
أي: الضمير في قوله "نافعهم" يعود إلى نقلة الرسوم.
(3)
التي لَفَظَ بها هي التي بعد السين، والتي أحالها على النظر هي الهمزة، وأطلق الألف على الهمز تغليبًا كما بينه في شرحه للبيت (47) عند كلامه على قوله تعالى:{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [البقرة: 72] حيث قال: (فالمحذوفان الألف الذي بعد الدال والهمز الذي بعد الراء ففيه تغليب).
(4)
قال في النشر 2/ 373: (فقرأ الكوفيون " إِحْسَانًا "؛ بزيادة همزة مكسورة قبل الحاء، وإسكان الحاء، وفتح السين وألف بعدها، وكذلك هي في مصاحف الكوفة، وقرأ الباقون بضم الحاء وإسكان السين من غير همزة ولا ألف، وكذلك هي في مصاحفهم). وانظر: الإقناع 2/ 765، والكشف 2/ 271.
(5)
أي: الثاء من " أَثَارَةٍ " والقاف من " بِقَادِرٍ ".
(6)
هو أبو عبد الرحمن السلمي؛ عبد الله بن حبيب بن ربيعة، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبةٌ، مقرئ الكوفة، وعرض على عثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب، وأخذ عنه القراءة عرْضًا عاصم بن أبي النجود وخلقٌ، وعرض عليه الحسن والحسين، كان يقرئ الناس
في المسجد الأعظم أربعين سنة، قال: قرأت على زيد القرآن ثلاث عشرة سنة، وكان ثقة كبير القدر، مات في سنة 74 وقيل سنة 73. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 52 ترجمة (15).
الثاء بلا ألف
(1)
، وابن مسعود وأبو رزين والسجستاني
(2)
وجماعة: بالقصر فقط
(3)
. وقرأ الصِّدِّيقُ وأبو هريرة
(4)
وزيد بن علي والسلمي وابن هرمز
(5)
وأبو إياس
(6)
وأبو حاتم
(7)
وابن أبي إسحق والجحدري ويعقوب
(8)
: {يَقْدِر} مضارعًا
(9)
.
(1)
بوزن "نَظْرَة" انظر: المحتسب 2/ 264 وعزاها إلى علي وأبي عبد الرحمن السلمي، وزاد المسير 7/ 369 وعزاها إلى جميع من ذكر المؤلف وزاد "ابن يعمَر".
(2)
كذا في سائر النسخ التسع وفي زاد المسير 7/ 369، والوسيلة 228: السختياني.
(3)
أي: أَثَرَةٍ بفتح الهمز وثاء بلا ألف بعدها مثل "شَجَرة" كذا في زاد المسير 7/ 369، وعزاها إلى من عزاها إليهم المؤلف. قال في المحتسب 2/ 264:(قراءة ابن عباس-بخلاف- وعكرمة وقتادة وعمرو بن ميمون ورويت عن الأعمش "أو أَثَرَةٍ مِّنْ عِلْمٍ"، بغير ألف)، ولعلهم مراد المؤلف بقوله "وجماعة".
(4)
في اسمه عدة أقوال أقواها وأشهرها عبد الرحمن بن صخر الدوسي الحافظ رضي الله عنه، أسلم سنة سبع هو وأمه وروى ما لا يوصف عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ القرآن على أبي بن كعب، قرأ عليه غير واحد، وكان إمامًا مفتيًا فقيهًا صالحًا حسنَ الأخلاق متواضعًا محبَّبًا إلى الأمة، توفي سنة 57. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 43، وطبقات القراء 1/ 21، ترجمة رقم (8) الطبقة الثانية وهم الذين عرضوا على بعض المذكورين قبلهم. وانظر: الإصابة 4/ 202 ترجمة رقم (1190 كنى).
(5)
هو: عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أبو داود المدني أخذ القراءة عرْضًا عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم وقرأ عليه نافع بن أبي نعيم وغيره، وأَكْثَرَ من السنن عن أبي هريرة، كان الأعرج يكتب المصاحف، وكان أحدَ من برز في القرآن والسنة، وقالوا هو أول من وضع العربية بالمدينة، أخذ عن أبي الأسود، وافر العلم مع الثقة والأمانة، مات بالإسكندرية في سنة 117. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 77 ترجمة رقم (30).
(6)
في الأصل "ابن إياس"، والصواب ما أثبته، وقد تقدم في شرح البيت (104) عزو القراءة إلى أبي إياس في نفس الآية، وعزاه في الوسيلة إلى أبي إياس في الموضعين (بيت 104 و 112) صـ 208 و 229 وقد تقدمت ترجمته في (شرح البيت 104).
(7)
أبو حاتم السجستاني سهل بن محمد بن عثمان؛ نحوي البصرة ومقرئها في زمانه وإمام جامعها، قرأ القرآن على يعقوب الحضرمي وغيره، وصنف التصانيف، توفي سنة 250 وقيل سنة 255. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 219 ترجمة رقم (118) وانظر: الغاية 1/ 320 ترجمة (1403)، وطبقات القراء 1/ 258 ترجمة (156).
(8)
انظر: النشر 2/ 355.
(9)
عزاها في زاد المسير 7/ 42 إلى: الصِّدِّيقِ وعاصم الجحدري في آية يس، وزاد في آية القيامة 8/ 426: أبا رجاء، وفي آية الأحقاف 7/ 392: إلى يعقوب فقط. وقد تقدم في شرح البيت (104).
113 - ونافِعٌ عَاهَدَ اذكرْ خُشَّعًا بِخِلَا
…
فِهِمْ و ذَا الْعَصْفِ شَامٍ ذُو الْجَلَالِ قَرَا
(1)
أصله: "قرأ"، بالهمزة، وإبدالُه وقفًا؛ لغةٌ وقراءةٌ
(2)
لا ضرورة.
ومعناه: جمع الشامي بين الألف
(3)
والواو
(4)
في الرسم والتلاوة
(5)
، ولَفَظَ الناظمُ بالألف والواو فيما أغناه عن الترجمة
(6)
، ويفهم الضد من قرينة القراءة
(7)
.
ومعنى البيت: أن قوله تعالى في الفتح [آية: 10]: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ} رواه نافع عن المدني -كبقية الرسوم- بحذف ألفه ولم يقرأ في السبعة
(8)
بحذفها.
ورسم في بعض المصاحف: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} في القمر [آية: 7]: بالألف، وفي بعضها بغير ألف، وقد قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو بإثبات الألف، والباقون بحذفها
(9)
، ورسم في المصحف الشامي بالرحمن [آية: 12] {وَالْحَبُّ ذَا الْعَصْفِ} بألف كما قرأه ابن عامر، وفي سائر المصاحف بالواو، (قال
(1)
المقنع صـ 14 و 98 و 108.
(2)
قال مكي في الكشف (1/ 95) في باب علة الاختلاف في الوقف على الهمز: (تفرد حمزة بتخفيف كل همزة متوسطة أو متطرفة إذا وقف خاصة، ووافقه هشام على تخفيف المتطرفة خاصة، وحقق ذلك سائر القراء غيرهما في الوقف كالوصل).
(3)
أي: في قوله: ذَا الْعَصْفِ.
(4)
أي: في قوله: ذُو الْجَلَالِ.
(5)
قال في النشر 2/ 380: (واختلفوا في {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} [الرحمن: 12] "فقرأه ابن عامر بنصب الثلاثة الأسماء، وكذا كتب " ذَا الْعَصْفِ " في المصحف الشامي بألف) وانظر: الكشف (2/ 299)، والإقناع (2/ 778).
(6)
أي: عن أن يفصح بقوله: ذَا الْعَصْفِ بالألف رسم الشامي، ذُو الْجَلَالِ: بالواو كذلك.
(7)
أي: كما أن غير الشامي لم يقرأ بالألف في " ذَا الْعَصْفِ " ولا بالواو في " ذُو الْجَلَالِ "؛ فكذا غير المصحف الشامي لم يرسم بهما.
(8)
بل ولا بقية العشرة.
(9)
قال في الكشف 2/ 297: (قرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي " خَاشِعًا" على وزن "فاعل" موحدا، وقرأ الباقون على وزن "فُعَّل" على جمع "فاعل"، كـ"ركَّع وراكع" وانظر: النشر 2/ 380، والإقناع 2/ 777.
أبو عبيد: "وكذلك رأيتها في الإمام")
(1)
يعني بالواو كما قرأه الباقون
(2)
.
ورسم {ذُو الْجَلَالِ} في آخر سورة الرحمن [آية: 78]: بواو، كما قرأه ابن عامر، وفي سائر المصاحف:{ذِي} بالياء، كما قرأه الباقون
(3)
.
وأما الحرف الأول وهو قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] ففي جميع المصاحف رسم بالواو، ولما اتفق رسمه ولفظه
(4)
لم يحتج الناظم إلى ذكره.
114 - تُكَذِّبَانِ بخلفٍ معْ مَوَ اقِعِ دَعْ
…
للشَّام والمدَنيْ هُوَ المُنِيفُ ذُرَا
(5)
بضم الذال المعجمة؛ وهو جمع ذروة؛ وهي: أعلى الشيء؛ وهو خبرُ "المنيف" بضمٍّ فكَسْرٍ؛ أي: الرفيعُ رتبةً الشهيرُ فضيلةً، وقوله:"هُو": مفعول "دع"، أمر من يدع، بمعنى يذر، أي: اترك و"للشامي والمدني" متعلق بقوله: "دع" وفي نسخة: " هُوَ الْغَنِيُّ ذُرَا".
والمعنى: رسم في المصحف المدني والشامي في الحديد [آية: 24]{فَإِنَّ اللَّهَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} بلا "هُو"، وبالمكي والعراقي {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
(6)
، وأما قوله تعالى:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} كلما وقع في
(1)
ذكره عنه الداني في المقنع صـ 107 - 108 بسنده إليه.
(2)
قال في النشر (2/ 380): (وقرأ الباقون برفع الأسماء الثلاثة، و" ذُو الْعَصْفِ " في مصاحفهم بالواو).
(3)
قال في النشر (2/ 382): (فقرأ ابن عامر: " ذُو الْجَلَالِ "
…
وكذلك هو في المصاحف الشامية، وقرأ الباقون:"ذِي الْجَلَالِ "
…
وكذلك هو في مصاحفهم). وانظر: الكشف 2/ 303، والإقناع 2/ 779.
(4)
قال في النشر (2/ 382): (واتفقوا على الواو في الحرف الأول
…
وقد اتفقت المصاحف على ذلك).
(5)
المقنع صـ 98.
(6)
قال في النشر (2/ 384): (فقرأ المدنيان وابن عامر بغير " هُوَ "، وكذلك هو في مصاحف المدينة والشام، وقرأ الباقون بزيادة " هُوَ "، وكذلك في مصاحفهم). وانظر: الكشف 2/ 312، والإقناع 2/ 781.
الرحمن
(1)
مع {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} في الواقعة [آية: 75] فرسم في بعض المصاحف بألف وفي بعضها بغير ألف ولم يقرأ أحد من السبعة
(2)
بحذف الألف في تُكَذِّبَانِ بخلاف مَوَ اقِعِ النُّجُومِ
(3)
.
115 - وَكُلٌّ الشامِ إِنْ تَظَاهَرَا حذَفوا
…
وَ أَنْ تَدَارَكَهُ عن نافعٍ ظَهَرَا
(4)
أي: "ظهرَا" الحرفان؛ جملة مستأنفة، ورفع " وَكُلٌّ " رسم "الشامي"؛ جملة اسمية، وألف "إِنْ تَظَاهَرَا " مفعول
(5)
"حذفوا"، و" أَنْ تَدَارَكَهُ " عطف على قوله:" إِنْ تَظَاهَرَا " أي: "حذفوا" ألف " أَنْ تَدَارَكَهُ " أيضًا ونقلوا حذف الألفين عن نافع في الموضعين.
والمعنى: رسم قوله تعالى: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} بالحديد [آية: 10] في المصحف الشامي بلا ألف، وفي بقية المصاحف بألف، وروى نافع -كبقيتها- حذفَ الألفِ الذي بعد ظاء {تَظَاهَرَا} بالتحريم [آية: 4] والألف الذي بعد دال {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ} في سورة ن [آية: 49] ولم يقرأ أحد من السبعة
(6)
بحذف الألف فيهما، بخلاف الأول فإنه قرأ ابن عامر:{وَكُلٌّ} بالرفع كما في مصحف
(1)
وردت هذه اللفظة في سورة الرحمن (31) مرة.
(2)
بل ولا بقية العشرة.
(3)
قال في النشر (2/ 383): (فقرأ حمزة الكسائي وخلف (بِمَوْقِعْ) بإسكان الواو من غير ألف على التوحيد، وقرأ الباقون بفتح الواو وألف بعدها على الجمع) وانظر: الكشف (2/ 306)، والإقناع (2/ 780).
(4)
المقنع صـ 14 و 108.
(5)
صرح المؤلف هنا بالمضاف المَنْويِّ في كلام الناظم، وحذْفُ المضافِ المَنْوِيِّ دارجٌ، فمراد المؤلف أن جملة (ألف إِنْ تَظَاهَرَا) مع أن لفظة "ألف" لا وجود لها في كلام الناظم إلا أنها مَنْوِيَّةٌ، والمؤلف صرح بما نواه الناظم، ومثل هذا يقال في " وَكُلٌّ " رسم "الشامي".
(6)
بل ولا بقية العشرة.
الشامي
(1)
والباقون بالنصب كما في مصاحفهم
(2)
والله أعلم.
116 - ثمَّ الْمَشَارِقِ عنهُ وَالْمَغَارِبِ قُلْ
…
عَالِيهِمُ معْ وَلَا كِذَّابًا اشتَهَرا
(3)
بألف الإطلاق؛ أي: "اشتهر" الحذف؛ مستأنفة، و"عنه" بالإشباع، و" الْمَشَارِقِ " بالجر على الحكاية
(4)
، وبالرفع على الإعراب
(5)
، وعطَفَ بـ "ثم" لتراخي "سَأَلَ" عن "ن"
(6)
، وحَذْفُ ألفِ " الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ " و " عَالِيَهُمْ " " وَلَا كِذَّابًا " عن نافع (وقول الناظم:"قل" أَوْهَمَ التغايرَ، فلو قال: مع؛ لرفع التغاير، وربما قصد التنبيه على أن نافعًا توبع في الأوَّلَيْنِ ونوزع في الآخِرَيْنِ فإن الشارح
(7)
قال: "هي بالمصاحف العراقية بالألف" وإلى رده أشار بقوله: "اشتهرا")
(8)
وقيَّد " كِذَّابًا " بقوله: " وَلَا "؛ قبلها احترازًا من غيرها في هذه السورة، وهو قوله:{وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} [النبأ: 28] فإن الألف ثابتة فيها.
ومعنى البيت: نقل عن نافع عن المصحف المدني -كبقية المصاحف- حذف ألفي {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} بالمعارج [آية: 40]، وألف {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ
(1)
كذا في (ص) وفي (ل) و (ز 4) و (ز 8) و (بر 1)"كما في مصحفه"، وفي (س)"مصحفه" إلا أن ما بعده ساقط.
(2)
قال في النشر 2/ 384: (فقرأ ابن عامر برفع لام " وَكُلٌّ " وكذا هو في المصاحف الشامية، وقرأ الباقون بالنصب، وكذلك هو في مصاحفهم). وانظر: الكشف 2/ 307.
(3)
المقنع صـ 14.
(4)
أي: حكاية لفظ " الْمَشَارِقِ " بالجر كما ورد في الآية مجرورًا لأنه مضاف إليه.
(5)
أي: لا على الحكاية، بل على إعرابها حسب ورودها في البيت وهي حينئذ مبتدأ مرفوع.
(6)
أي: لتأخر سورة المعارج عن سورة ن.
(7)
مراده بالشارح: السخاوي، وانظر قوله هذا في الوسيلة صـ 235 في شرح هذا البيت.
(8)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 170، وما ذكر بقوله "ربما" هو المتعين، وعليه فلا وجه للاستدراك على الناظم، إذ إنه غاير الأسلوب لتغاير حال المرسومَيْنِ؛ فالأولان توبع نافع فيهما، والآخران نوزع.
سُنْدُسٍ} بالإنسان [آية: 21]، وألف {لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا} بـ عمَّ [آية: 35]، ولم يقرأ أحد من السبعة
(1)
بحذف ألفها
(2)
، بل قرأ ابن مسعود وأُبَيٌّ وأبو الدرداء وابن محيصن (المَشْرِقِ والمَغْرِبِ) بالقصر
(3)
، وأنس ومجاهد وقتادة والأعمش والسجستاني:(عَلَيْهِم) بالقصر على صورة الرسم
(4)
.
117 - قُلْ إِنَّمَا اختلفوا جِمَالَتٌ وبحذْ
…
فِ كلِّهِمْ أَلِفًا مِنْ لَامِهِ سُطِرَا
(5)
أي: {قُلْ إِنَّمَا} و {جِمَالَتٌ} "اختلفوا" في حذف ألفهما؛ جملة اسمية، وقيَّدَهُ بـ" إِنَّمَا " فخرج عنه {قُلْ أُوحِيَ} [الجن: 1] {قُلْ إِنِّي} [الجن: 21 و 22]، و"بحذفِ كلِّهم" مصدر مضاف إلى فاعله، و"أَلِفًا" مفعوله "ومن لامه سُطِرَا " صفتا الألف
(6)
.
والمعنى: أن قوله تعالى في الجن: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} [آية: 20] رسم في بعض المصاحف {قَالَ} بألف وفي بعضها بغير ألف كما قرئ في السبعة أيضًا بالحذف والإثبات
(7)
وكذا في المرسلات [آية: 33]: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} في بعض المصاحف بألف وفي بعضها بغير ألف بعد الميم، واتفقت المصاحف
(1)
بل ولا بقية العشرة.
(2)
في كل الآيات الثلاث.
(3)
قال القرطبي في تفسيره 18/ 295: (وقرأ أبو حيوة وابن محيصن وحميد "برب المَشْرِقِ والمَغْرِبِ" على التوحيد).
(4)
عزاها في زاد المسير 8/ 439 إلى أنس ومجاهد وقتادة.
(5)
المقنع صـ 98 و 99.
(6)
الذي يظهر أن المعنى: سُطِرَ " جِمَالَتٌ " بحذف جميع الرسوم ألفًا من لام الألف في " جِمَالَتٌ " فتكون جملة "سُطِرَا" صفة لـ جِمَالَتٌ لا للألف كما قال المؤلف: و"من لامه" جار ومجرور متعلق "بحذف" والضمير في لامه يعود إلى الألف أي: من لام الألف والله أعلم.
(7)
قال في الكشف 2/ 342: (قرأه عاصم وحمزة " قُلْ " بغير ألف على الأمر
…
وقرأ الباقون بألف على لفظ الخبر والغيبة). وانظر: النشر 2/ 392، والإقناع 2/ 795.
على عدم الألف التي بعد اللام في "جمَالَاتٌ"، وأما الألف التي بعد الميم فمختلف فيها في الرسوم، والسبعة اتفقوا في إثبات الألف الأولى واختلفوا في الثانية في التلاوة
(1)
.
118 - وَجِاْاءَ أَندَلُسٌ تزيدُهُ أَلِفًا
…
معًا وبالمدَنيْ رَسْمًا عُنُوا سِيَرَا
(2)
" وَجِيءَ ": مبتدأ، و"أَندَلُسٌ" بفتح الهمزة والدال وضم اللام -وفي نسخة بضم الكل-؛ مبتدأ ثان، خبرهُ:"تزيدُهُ"، وضمير الفاعل راجع إلى "أَندَلُسٌ"، وضمير المفعول راجع إلى " وَجِيءَ "، و"ألفًا": مفعول ثان لقوله: "تزيدُهُ"، و"معًا" أي: في الموضعين؛ حالٌ، وهذه الجملة خبر المبتدأ الثاني
(3)
، والجملة بكمالها خبر المبتدأ الأول
(4)
، و"بالمدني": متعلق بـ "عُنُوَا" بضمتين بمعنى اعتنوا، و"رَسْمًا": تمييز للمدني، و"سِيَرَا": جميع سَيْرَة من السَّيْرِ كالجَلْسَةِ من الجُلُوسِ والرَّكْبَةِ من الرُّكُوبِ يقال: سار بنا سِيرَةً حسنةً، وهو تمييزٌ لـ"عُنُوَا" أي: عُنِيَتْ سِيَرُهُم.
والمعنى: أن قوله تعالى: {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ} في الزمر [آية: 69]{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} في الفجر: [آية: 23] زاد الأندلسيون فيهما ألفًا بين الجيم والياء في مصاحفهم واعتمادهم فيها على المصحف المدني العام.
(1)
بل اتفق العشرة على إثبات الأولى مع أنها محذوفة في الرسم اتفاقا، أما الثانية فقد اختلف السبعة فيها فـ (قرأه حفص وحمزة والكسائي:" جِمَالَتٌ "
…
جعلوه جمع جَمَلٍ
…
وقرأ الباقون: "جمَالَاتٌ"
…
جعلوه جمع جِمالَةٍ فهو جمع الجمع). اهـ من الكشف 2/ 358 وانظر: النشر 2/ 397، والإقناع 2/ 801.
(2)
أفاد السخاوي صـ 238 والجعبري 171 أن ما في البيت من زيادات العقيلة.
(3)
الذي هو أندلس.
(4)
الذي هو" وَجِيءَ ".
قال السخاوي: (وكذا رأيته في المصحف الشامي)
(1)
وهذا من زيادات العقيلة، قال الداني في غير المقنع
(2)
: (في مصاحف بلدنا القديمة المتبع في رسمها مصاحف أهل المدينة {جِاْاءَ} في الموضعين بزيادة الألف) كما ذكره الناظم.
وقال: (وجه زيادة الألف للفرق بين {جِاْاءَ} وحتَّى؛ حيث تقاربا صورة ليرفع الإشكال كما زيدت في ماِئَةَ في قول أهل العربية، أي: أيضًا للفرق بينها وبين (مِنهُ)، أو لتقوية الهمزة التي هي لام الفعل لتطرفها وخفائها)، قال الجعبري
(3)
: الفرق بينها وبين حَتَّى أَولى لتماثل الصورتين.
119 - خِتَامُهُ و تُصَاحِبْنِي كَبَائِرَ قُلْ
…
وفِي عِبَادِي سُكَارَى نافعٌ كَثَرَا
(4)
بفتح المثلثة من كاثرت القوم فكَثَرْتُهُمْ؛ أي: غلبتهم في الكثرة؛ أي: "نافع" غلب بحذف هذه الألفات، وتقدير البيت: وحذف ألف " خِتَامُهُ "، والبواقي عطفت عليه بملفوظ أو مقدر؛ مبتدأ، وقوله:"نافع كَثَرَا" بألف الإطلاق؛ خَبَرُه، وإنما جمع هذه الأحرف وهي في سور متعددة وكان ينبغي تقديم بعضها لأن أبا عمرو قال في المقنع
(5)
: (زاد إسماعيل بن إسحاق القاضي
(6)
في روايته
(7)
عن قالون حروفًا لم يذكرها
(8)
عبدالله بن عيسى
(9)
في
(1)
انظر: الوسيلة صـ 238.
(2)
انظر: المحكم في نقط المصاحف، للداني صـ 174 و 175.
(3)
انظر الجميلة صـ 172، في شرح البيت نفسه.
(4)
المقنع صـ 14.
(5)
صـ 14 باب ذكر ما حذفت منه الألف اختصارًا.
(6)
أبو إسحاق الأزدي البغدادي ثقة مشهور كبير، ولد سنة 199، وصنف كتابًا في القراءات جمع فيه قراءة عشرين إمامًا، مات آخر سنة 282 ببغداد. اهـ من الغاية 1/ 162 ترجمة رقم (754).
(7)
في (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (س) و (ز 8) و (ف) و (ق) و (بر 3)"رواية"، وفي (ص)"روايتيه".
(8)
في سائر النسخ: (لم يذكر)، والصواب (لم يذكرها) كما أثبتناه.
(9)
ابن عبدالله؛ أبو موسى القرشي المدني المعروف بطيارة نزيل مصر، أخذ القراءة عرْضًا وسماعًا عن قالون، ولد بالمدينة سنة 195 ومات في صفر سنة 287. اهـ مختصرًا من الغاية ج 1/ 440 ترجمة رقم (1839).
روايته عنه).
والمعنى: أن قوله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} بالمطففين [آية: 26] و {تُصَاحِبْنِي} في الكهف [آية: 76] و {كَبَائِرَ الْإِثْمِ} بالشورى [آية: 37] والنجم [آية: 32]{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} بالفجر: [آية: 29]{وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} في الحج [آية: 2] روى إسماعيل عن قالون عن نافع عن الرسم المدني هذه المواضع بغير ألف، (قال أبو عمرو: ورأيت في مصاحف أهل العراق على نحو ما روى نافع عن مصحف المدينة)
(1)
.
وقال السخاوي: (وكذا رأيته في المصحف الشامي)
(2)
وزاد في الأصل
(3)
{بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}
(4)
، واستغنى الناظم بذِكْرِها عن عيسى
(5)
، وقيد " عِبَادِي " بـ "في" احترازًا عن غيره، ومراده بـ" كَبَائِرَ " غير ما في سورة النساء [آية: 31] {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} ؛ لأن أبا عمرو ذكر
(6)
في الموضعين المذكورين
(7)
فقط، واعتمد الناظم على ذكرها بعد موضع الكهف
(8)
، ثم لم يقرأ أحد من السبعة
(9)
حذفَ الألف في {خِتَامُهُ} و {تُصَاحِبْنِي} و {عِبَادِي} ؛
(1)
المقنع صـ 14 و 15.
(2)
انظر: الوسيلة صـ 241.
(3)
أي: المقنع صـ 14 حيث ذكرها من رواية إسماعيل القاضي عن قالون عن نافع مع هذه الحروف الخمسة.
(4)
كذا في سائر النسخ وفي نسخة بدون إضافة (النُّجُومِ). وهي آية (75) في سورة الواقعة.
(5)
أي: ابن مينا (قالون)، وذلك في البيت (114) حيث قال:
تُكَذِّبَانِ بخلفٍ معْ مَوَ اقِعِ دَعْ للشَّام والمدَنيْ هُوَ المُنِيفُ ذُرَا
وعليه فالجار والمجرور"عن عيسى" متعلقٌ بـ "ذِكْرِها" لا بـ "استغنى".
(6)
أي: ذكر حذف الألف في الشورى والنجم. وانظر: المقنع صـ 14.
(7)
كذا في (ز 4) و (ز 8) و (ل) و (س) و (ص)، وفي (بر 1) بغير لفظة "المذكورين".
(8)
أي: فلم يأت باحتراز في النظم يخرج موضع النساء، بل اكتفى بكونها مذكورةً بعد الكهف.
(9)
بل ولا بقية العشرة.
نعم روي عن أُبيٍّ وعروة بن الزبير
(1)
وأبي العالية وغيرهم: (خَتَمُهُ)
(2)
بالفتح والقصر
(3)
وقرأ الجحدري والنخعي وأبو السَّمَّال: (فَلَاتُصْحِبْنِي) بضم التاء والقصر وكسر الحاء، ويُرْوَى عن النبي، ويعقوب
(4)
بفتح التاء والحاء، ويقال: إنها قراءة أُبي
(5)
، وقرأ الأعمش (فَلا تَصْحَبَنِّي) فزاد فتح الباء وتشديد النون، ويروى ذلك عن ابن مسعود
(6)
.
(1)
ابن العوام أبو عبد الله المدني، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، روى عن أبَوَيْهِ وعائشة، وروى عنه أولاده والزهري وجماعة، قال ابن شوذب: كان يقرأ ربع القرآن كل يوم في المصحف نظرًا ويقوم به الليل فما تركه إلا ليلةَ قطعت رجله، ثم عاود في ليلته المقبلة وكان قد وقع في رجله الآكلة فنشرها، مات سنة 3 أو 4 أو 95 وهو صائم فإنه كان يصوم الدهر. اهـ من الغاية 1/ 511 ترجمة (2114).
(2)
كذا في (بر 3)، وفي (س) و (ز 8) و (ف)"ختمه مسك"، وفي (ل) و (ص) و (ز 4) و (بر 1) و (ق)"ختمه بالمسك".
(3)
قال في زاد المسير 9/ 59: (وقرأ أبي بن كعب وعروة وأبو العالية خَتَمُه بفتح الخاء والتاء وبِضَمِّ الميم من غير ألف).
(4)
كذا في سائر النسخ وفي (ز 8)"يُرْوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم يعقوب"، وما كان ينبغي للمؤلف أن يعطف يعقوب على النبي صلى الله عليه وسلم فكلهم من رسول الله ملتمس وكل أسانيد القراء الصحيحة تنتهي إليه صلى الله عليه وسلم.
(5)
قال في النشر 2/ 313: (واختلفوا -كذا، وصوابه واتفقوا- على"فلا تصاحبني" إلا ما انفرد به هبة الله بن جعفر عن المعدل عن روح من فتح التاء وإسكان الصاد وفتح الحاء، وهي رواية زيد وغيره عن يعقوب) وقال ابن الجوزي في زاد المسير 5/ 174: (وقرأ أبي بن كعب وابن أبي عبلة ويعقوب لا تَصْحَبْني بفتح التاء من غير ألف).
(6)
ذكَرَ القراءات الشاذة فيها ابن الجوزي في زاد المسير 5/ 174 فقال بعد ذكر قراءة يعقوب: ( .. وقرأ ابن مسعود وأبو العالية والأعمش كذلك إلا أنهم شددوا النون، وقرأ أبو رجاء وأبو عثمان النهدي
والنخعي والجحدري: "تُصْحِبْني" بضم التاء وكسر الحاء وسكون الصاد والباء)
وكذا القرطبي في تفسيره 11/ 22 حيث قال: (وقرأ الأعرج: "تَصْحَبَنِّي" بفتح التاء والباء وتشديد النون، وقرئ: "تَصْحَبْنِي"؛ أي: تتبعني، وقرأ يعقوب: "تُصْحِبْنِي" بضم التاء وكسر الحاء، ورواها سهل عن أبي عمرو، قال الكسائي: معناها لا تتركني أصحبك، وقال في روح المعاني 2/ 16: (وقرأ عيسى ويعقوب: "فلا تَصْحَبْني" بفتح التاء من صحبه؛ أي: فلا تكن صاحبي، وعن عيسى أيضًا: "فلا تُصْحِبْنِي" بضم التاء وكسر الحاء من أصحبه) وفي الكامل ورقة 215: ("تَصْحَبْني" بغير ألف وفتح التاء؛ أبو حيوة وابن أبي عبلة والمنهال وابن حسان وروح وزيد).
وعن ابن عباس وكذا عن أُبيٍّ وسعد بن أبي وقّاص
(1)
ومجاهد والضحاك وأبي العالية وأبي البَرَهْسَم
(2)
: (فَادْخُلي فِي عَبْدِي) بالتوحيد
(3)
.
وأما {سُكَارَى} في موضعيه و {كَبَائِرَ} في السورتين؛ فقرأ حمزة والكسائي بحذف الألف
(4)
، والكسائي وحده بتقديم الألف على التاء في {خِتَامُهُ}
(5)
.
120 - فَلَا يَخَافُ بفاءِ الشَّامِ والمَدَنِيْ
…
والضادُ في بِضَنِينٍ تَجْمَعُ البَشَرَا
(6)
تقدير البيت: الرسم "الشامي والمدني بفائه"؛ جملة اسمية (وحذف تنوين فاء للساكنين
(7)
على نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدُ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1 - 2]
(1)
هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي؛ أحد العشرة المبشرين بالجنة، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، مات سنة 51 وهو آخر العشرة وفاة. اهـ من الغاية ج 1/ 304 ترجمة (1332)، وانظر: الإصابة 2/ 33 ترجمة (3194).
(2)
سائر النسخ التسع (البرهشام)، وفي الوسيلة صـ 243 (عن أبي البرهسم) وعزاه إلى المصاحف صـ 56، وكذا في شرح الجعبري صـ 160، 174 (البَرَهْسَم)، وهو (عمران بن عثمان أبو البَرَهْسَم الزبيدي الشامي صاحب القراءة الشاذة، روى الحروف عن يزيد بن قطيب السكوني، روى الحروف عنه شريح بن زيد). اهـ من الغاية 1/ 604 - 605 ترجمة (2471).
(3)
ذكرها في المحتسب 2/ 360 عن ابن عباس وعكرمة والضحاك وأبي شيخ الهُنَائِي والكلبي وابن السَّمَيفع. وعزاها في زاد المسير 9/ 124 إلى (سعد بن أبي وقاص وأبيّ بن كعب وابن عباس ومجاهد والضحاك وأبي العالية وأبي عمران)، ورواها ابن جرير في تفسيره 30/ 192، وعزاها في الكامل ورقة 249 إلى مجاهد، وفي المحرر الوجيز إلى (ابن عباس وعكرمة وأبي شيخ والضحاك واليماني ومجاهد وأبي جعفر)، وفي الإتحاف صـ 439 إلى (ابن عباس وسعد بن أبي وقاص). وانظر: القرطبي 20/ 58، وابن كثير 4/ 511، والدر المنثور 8/ 514، وأبو السعود 9/ 159، وروح المعاني 30/ 133، وفتح القدير 5/ 441.
(4)
فقرآها "سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى" و "كَبِيرَ الْإِثْمِ" وانظر: لـ سُكَارَى؛ النشر 2/ 325، والكشف 2/ 116، والإقناع 2/ 705، وانظر: لـ كَبَائِرَ؛ النشر 2/ 367، والكشف 2/ 253، والإقناع 2/ 758.
(5)
انظر: النشر 2/ 399، والكشف 2/ 366، والإقناع 2/ 806.
(6)
المقنع صـ 92، 108.
(7)
أي: لالتقاء الساكنين؛ أولهما: نون التنوين الساكنة، وثانيهما: الشين الأولى من المشددة.
كما في قراءة شاذة
(1)
، أو حذفه للإضافة كرواية الإقراء
(2)
، و"الضاد"؛ مبتدأ، "في بِضَنِينٍ"؛ وصف أو حال، والخبر:"تجمع"، وفاعله راجع إلى "ضاد"، و"البشرا" بألف الإطلاق: مفعوله.
والمعنى: أن قوله تعالى: {فَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} في والشمس [آية: 15] رسم في المصحف المدني والشامي بالفاء، وفي العراقي والمكي بالواو، وقرأ نافع وابن عامر بالفاء كما في مصحفيهما، والباقون بالواو كما في مصاحفهم
(3)
.
ورسم {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} في كُوِّرت [آية: 24] بالضاد في جميع المصاحف العثمانية
(4)
، واختلف السبعة في التلاوة فقرأ بعضهم بالضاد وبعضهم بالظاء
(5)
، قال أبو عبيد: نختار قراءة الظاء لأنهم لم يُبَخِّلوه ليُنْفَى عنه؛ بل كذبوه فنفى عنه التهمة)
(6)
انتهى.
ولا يخفى أن هذا خطأ لأن الله قد نفى عنه البخل؛ لتواتر القراءة بالضاد، ومن أين له أنهم نسبوه إلى البخل
(7)
، ولعل بعض الناس توهموا أنه ما يُبَلِّغ
(1)
قال في الكامل ورقة 250: ("أحد الله"بغير تنوين؛ هارون وعبيد واللؤلؤي والأصمعي ويونس ومحبوب عن أبي عمرو وأبو السمال)، وقال في زاد المسير 9/ 266 - 267: (وقرأ أبو عمرو: أحد الله بضم الدال ووصلها باسم الله
…
ثم قال: ومن حذف التنوين فلالتقاء الساكنين)، وقال في الكشف 2/ 391: (وقد روي عن أبي عمرو حذف التنوين من "أحد" لسكونه وسكون اللام من الله،
…
والذي قرأت به له، كالجماعة بالوصل وكسر التنوين لالتقاء الساكنين).
(2)
في سائر النسخ "الأقوياء"، وفي (ز 4)"الأقرباء"، وفي (ق)"الأقواء" والصواب ما أثبتناه من الجميلة حيث إن ما بين القوسين منقول منه صـ 173 شرح البيت نفسه.
(3)
انظر: النشر 2/ 401، والكشف 2/ 382، والإقناع 2/ 813.
(4)
انظر: النشر 2/ 399.
(5)
قال في الكشف 2/ 364: (قرأه ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالظاء
…
وقرأ الباقون بالضاد) وانظر: النشر 2/ 398 و 399، والإقناع 2/ 805.
(6)
انظر: الوسيلة صـ 245 شرح البيت نفسه نقلا عن كتاب لأبي عبيد، ومثله في الجميلة صـ 174.
(7)
في هذا الكلام أمور:
أ - أن أبا عبيد لم يقل إنهم نسبوه إلى البخل بل قال: (لأنهم لم يبخلوه لينفى عنه) فلا وجه لقول المؤلف (ومن أين له أنهم نسبوه إلى البخل).
ب- أن الاختيار من القراءات ليس معناه أن القراءة التي لم يخترها الإمام غير متواترة فلا وجه لقول المؤلف (ولا يخفى أن هذا خطأ لأن الله قد نفى عنه البخل؛ لتواتر القراءة بالضاد) وكم لابن جرير من اختيارات في القراءات المتواترة بعد نصه أن قارئها من السبعة أو العشرة.
جـ- أن نفي الشيء لا يلزم منه إمكان نقيضه أو ضده.
جميع الرسالة إلى الناس بل يستأثر ببعضها أو يخص بعض الناس بها مع أن هذا أيضا نوع تهمة؛ فلو علل الاختيار بأن نفي التهمة أعم، لكان في مقام الاستدلال أتم، والله تعالى أعلم.
قيل
(1)
: (ولا مخالفة في الرسم إذ لا مخالفة بينهما إلا بتطويل رأس الظاء على الضاد)، وتوضيحه ما قاله الجعبري من أن (وجه بضنين أنه رسم برأس معوج وهو غير طرف فاحتمل القراءتين فقطعهم عليه بالضاد مجاز ذلك)
(2)
.
والحاصل: أنه لم يختلف أرباب الرسوم (الذين كتبوا المصاحف العثمانية ومن ثَمَّ لم يَرِدْ عليه رسمُ ابنِ مسعود
(3)
مصحفه بالظاء)
(4)
مع أنه في مصحف أُبيٍّ بالضاد.
(1)
القائل هو أبو عبيد كما نقل السخاوي عنه معناه في الوسيلة صـ 245 شرح البيت نفسه وأعقبه بقوله: (وصدق أبو عبيد فإن الخط القديم على ما وصف) وذكره عن أبي عبيد بهذا النص الجعبري في الجميلة صـ 174.
(2)
انظر: الجميلة صـ 174 - 175، وحاصل كلامهما أنه لا مخالفة في الرسم بين الظاء والضاد التي لم تقع طرفا بل في وسط الكلمة؛ إلا بتطويل رأس الظاء على الضاد لأن سِنَّة الضاد قد تلتبس برأس الظاء فاحتمل القراءتين فقطعهم عليه بالضاد -والحالة هذه- فيه تَجَوُّزٌ، أما لو كانت الضاد طرفًا كـ {الْمَحِيضِ} فلا يقع التباس بين سنتها ورأس الظاء.
(3)
كذا كل النسخ وفي حاشية إحدى النسخ (لأن ابن مسعود ليس من جملتهم) أي: مصحفه ليس من جملة المصاحف العثمانية.
(4)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 174.
121 - وفي أَرَيْتَ الَّذِي أَرَيْتُمُ اختَلَفُوا
…
وقُل جميعًا مِهَادًا نافعٌ حَشَرا
(1)
أي "اختلف" النقلة في " أَرَأَيْتَ "" أَرَأَيْتُمْ " المُصَدَّرِ بالهمزة للمخاطب المفرد أو الجمع وإن وقع بين الهمزة والراء فاصل بالعطف نحو: {أَفَرَأَيْتَ}
(2)
{أَفَرَأَيْتُمْ}
(3)
ودخل {أَرَأَيْتَكَ} [الإسراء: 62] في عموم ما ذكر، و"جميعًا": حال من قوله: " مِهَادًا "، وكان الأَوْلى أن يقال: وقل " مِهَادًا " جميعًا، و"حَشَرا" بألف الإطلاق أي:"نافعٌ" جَمَعَ حذْفَ " مِهَادًا " في جميع القران.
والمعنى: أن قوله تعالى {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ} في سورة الماعون [آية: 1] وكذا في سورة العلق [آية: 9 و 11 و 13]، ونحو:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ} في الملك [آية: 30] و {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ} في الأنعام [آية: 40 و 47] و {أَفَرَأَيْتُمْ} حيث جاء
(4)
؛ رسم في بعض المصاحف بألف بعد الراء وفي بعضها بغير ألف، والمراد بالألف الألف الثانية، قال السخاوي:(ويريد بـ أَرَأَيْتَ الَّذِي في سورة أرءيت)
(5)
، (ويفهم من حصر هذه السورة أن ما عداها متفق الإثبات)
(6)
، كقوله:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى} [العلق: 9]، وفيه بحث لا يخفى؛ ولهذا قال الشارح
(7)
(1)
المقنع صـ 12، 99.
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [مريم: 77].
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الشعراء: 75].
(4)
ورد ذكرها في القرآن سبع مرات وهي: [الشعراء: 75] و [الزمر: 38] و [النجم: 19] و [الواقعة: 58 و 63 و 68 و 71].
(5)
الوسيلة صـ 246.
(6)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 175 دون تنويه بذلك، ثم كتبت كلمة "انتهى" بعد الآية فأوهم مكرَّرًا لأن نهاية النقل قبلها، ثم هو نهاية النقل من الجعبري لا من السخاوي.
(7)
أي: السخاوي في الوسيلة صـ 246، 247 وعبارته بتمامها:(وعلى هذا يكون الخلاف في جميع القرآن في أَرَأَيْتُمْ دون أَرَأَيْتَ ويكون أَرَأَيْتَ في جميع القرآن بالحذف بالاتفاق إلا في أول الماعون فإنه على الخلاف على ما ذكره محمد بن عيسى عن نصير، ورأيت في المصحف الشامي الجميعَ بغير ألف) وبهذا يتضح أن السخاوي يقول: (يفهم من حصر هذه السورة أن ما عداها
متفق الحذف)، وحجته أنه لما نص على الخلاف في حذفها دلّ على أن غيرها ليس الحذف فيها محل خلاف، والجعبري يقول:(يفهم من حصر هذه السورة أن ما عداها متفق الإثبات)، وحجته أنهما أي: الداني والشاطبي (لم يتعرضا لغيره فبقي على أصل الإثبات)، وأن المؤلف يرجح قول السخاوي؛ لقوله:(والحاصل أن المعتمد كون أَرَأَيْتَ في الماعون ومطلق أَرَأَيْتُمْ هو محل الخلاف وما عداهما بالحذف اتفاقًا).
على متفق الحذف: (وبه صرح محمد بن عيسى وهو في المصحف الشامي في الكل)، والحاصل: أن المعتمد كون أَرَأَيْتَ في الماعون ومطلق أَرَأَيْتُمْ هو محل الخلاف، وما عداهما بالحذف اتفاقًا، وفي مطلق أَرَأَيْتَ قراءتان مشهورتان
(1)
.
ثم روى نافع عن المدني كغيره مِهَادًا حيث وقع بعد الأرض، وإن شئت قلت: مِهَادًا منصوبًا مُنَوَّنًا بلا ألف بعد الهاء
(2)
، فالمراد بالألفِ الألفُ الأُولى وهذا هو الأَولى، فالعاري من لفظ الأرض؛ -وإن شئت قلت: غير المنصوبِ المُنَوَّنِ من لفظ المهد-؛ كقوله: {مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ} [الأعراف: 41]
{وَبِئْسَ الْمِهَادُ}
(3)
؛ متفق الإثبات، ثم اعلم أن مِهَادًا في طه والزخرف
(4)
قُرِاء {مَهْدًا} في المشهور
(5)
على رسمه، وأما الذي في النبأ
(6)
فيُرْوى عن أُبَيٍّ
(1)
أي: مما يختلف به الرسم؛ وإلا فإن فيها أربع قراءات مشهورات؛ (فقرأ نافع جميع هذا الأصل بتخفيف الهمزة الثانية بجعلها بين الهمزة والألف
…
وقرأ الكسائي جميع ذلك بحذف الهمزة الثانية وهو مسموع في هذا الفعل من العرب، والباقون بتحقيقها وإذا وقف حمزة خفف، والواجب في تخفيفها أن يكون بين بين ويجوز البدل والحذف. اهـ من الإقناع 1/ 397 - 398، فتحصل أربع قراءات 1 - تسهيل الهمزة الثانية بين بين، 2 - حذفها، 3 - تحقيقها 4 - إبدالها. وانظر: النشر 1/ 397 و 398، والكشف 1/ 83.
(2)
انظر: المقنع صـ 12.
(3)
آل عمران: 12 و 197 والرعد: 18.
(4)
أما موضع [طه: 53] فهو قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مِهَادًا} وأما موضع [الزخرف: 10] فهو قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مِهَادًا} .
(5)
وبه قرأ الكوفيون، وقرأ بقية العشرة " مِهَادًا "بكسر الميم وألف بعد الهاء. انظر: النشر 2/ 320، والكشف 2/ 97، والإقناع 2/ 698.
(6)
وهو قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} [النبأ: 6].
بالقصر وفتح الميم وكذا عن مجاهدٍ وغيره
(1)
.
122 - معَ الظُّنُونَا الرَّسُولَا والسَّبِيلَا لدَى الْـ
…
أحزابِ بالألِفَاتِ في الإمامِ تُرَى
وفي نسخة ذو ألفات وتقدير الكلام: " الرَّسُولَا و السَّبِيلَا تُرَى"؛ جملةٌ اسميةٌ، و"معَ الظُّنُونَا "؛ حال من ضمير "تُرَى"، والظرف والجارّان
(2)
متعلقان بقوله: "تُرَى".
والمعنى: أن قوله تعالى في الأحزاب [آية: 10، 66، 67]{وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} {وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} رسمت كل واحدة منها بألف متطرفة في مصحف الإمام الذي استخرجه أبو عبيد من بعض الخزائن وفاقًا لبقية الرسوم
(3)
، قال أبو عبيد:(لم يختلف مصاحف الأمصار في إثبات الألف في الثلاثة)
(4)
فكان إجماعًا
(5)
، (وعلم من قوله: بالألفات أن المراد الألفُ المتطرفةُ لأن الأُوْلى ليست منها
(6)
(7)
، ولفظ السبيل في سورة الأحزاب موضعان، ومراده الثاني وهو قوله {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} الأحزاب [آية: 67]
(1)
عزاها في الكامل ورقة 247 إلى (مجاهد) وفي المحرر الوجيز 16/ 207 إلى (مجاهد وعيسى الهمداني وبعض الكوفيين)، وكذا في فتح القدير 5/ 364، وروح المعاني 30/ 6، وذكرها بدون عزو القرطبي 19/ 171، والبيضاوي 5/ 438، وأبو السعود 9/ 86.
(2)
مراده بالظرف "لدَى" وبالجارين "بالألفاتِ" و"في الإمامِ".
(3)
ذكره الداني في المقنع صـ 38.
(4)
هذه عبارة أبي عمرو في المقنع صـ 39 أما أبو عبيد فقال في كتابه: (وقد رأيتهن في الذي يقال إنه الإمام مصحف عثمان مثبتات كلهن بالألف، ثم أجمعت عليها مصاحف الأمصار، فلا نعلم أنها اختلفت). اهـ من الوسيلة صـ 250.
(5)
قال في النشر 2/ 348: (واتفقت المصاحف على رسم الألف في الثلاثة دون سائر الفواصل).
(6)
يعني أن الألف الأولى ليست من الكلمات الثلاث بل هي زائدة للتعريف كما قال ابن مالك في الخلاصة: الـ حرف تعريف أو اللام فقط فنمطٌ عرفت قل فيه النمط.
(7)
ما بين القوسين منقول بتصرف من الجميلة صـ 176، 177.
بقرينة ذكره بعد {الظُّنُونَا} و {الرَّسُولَا}
(1)
مع إمكان تقديمه عليهما وزنًا
(2)
.
والحاصل أن قوله تعالى {وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب: 4] مع أنه رأس آية (تركت على حالها إشعارًا بأن إلحاق هذه الألف غير لازم وأن للقارئ تركها
(3)
(4)
.
123 - بِهُودَ والنجمِ والفرقانِ كلُّهُمُ -بالرفع وإشباع الميم-
…
والعنكبوتِ ثَمُودَا طَيَّبُوا
(5)
-وفي نسخة صحيحة- طيبًا ذَفَرا
(6)
بالذال المعجمة وهو الريح الطيبة، وفي الأصل لكل رائحة طيبة أو غير طيبة
(7)
، وتقدير الكلام رَسَمَ كلُّ النقلةِ ألفَ "ثَمُودَا"، فقوله:"ثَمُودَا" مفعولُ رَسَمَ المُقَدَّرِ واكتفى بالنطق عن التصريح، وقوله:"بهود" ومعطوفاتُه متعلقات بقوله رَسَمَ المُقَدَّرِ، وقوله:"طيبًا" حال من المفعول
(8)
ويروى (طَيَّبوا أي: حَسَّنَ النَّقَلَةُ رَسْمَه وشَهَّرُوهُ فيتعلقُ به الجار)
(9)
، و"ذَفَرًا"؛ تمييزٌ.
والمعنى: أن قوله تعالى بهود [آية: 68]{أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا} وفي
(1)
في سائر النسخ التسع "الرسول" بغير ألف، وفي (ص)"السبيل" بدل لفظة "الرسول".
(2)
بأن يقول: معَ السَّبِيلَا الظُّنُونَا و الرَّسُولَا لدَى الْـ أحزابِ بالألِفَاتِ في الإمامِ تُرَى
ولو أراد الموضعين لقال: معَ الظُّنُونَا الرَّسُولَا و السَّبِيلَا مَعًا لأحزابُ بالألِفَاتِ في الإمامِ تُرَى.
اهـ من الجميلة صـ 177 بتصرف يسير لا يضر.
(3)
قال في النشر 2/ 347 - 348: (فقرأ المدنيان وابن عامر وأبو بكر بألف في الثلاثة وصلًا ووقفًا، وقرأ البصريان وحمزة بغير ألف في الحالين، وقرأ الباقون وهم ابن كثير والكسائي وخلف وحفص بألف في الوقف دون الوصل واتفقت المصاحف على رسم الألف في الثلاثة دون سائر الفواصل). وانظر: الكشف 2/ 194 و 195، والإقناع 2/ 736.
(4)
ما بين القوسين منقول بنصه من الوسيلة صـ 251.
(5)
كذا (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س) و (ص) البيت ليس متصلًا وإنما مقطع بعبارات من الشرح، وفي (ز 8) البيت تام ثم الشرح.
(6)
المقنع صـ 41.
(7)
انظر: اللسان (4/ 306).
(8)
وهو ثَمُودَا.
(9)
ما بين القوسين منقول بنصه من الجميلة صـ 177 - 178.
الفرقان [آية: 38]{وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} وفي العنكبوت [آية: 38]{وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ} وفي النجم [آية: 51]{وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} رسمت بألف آخَرَ في الإمام كبقية المصاحف واختلف السبعة في لفظ ثمود
(1)
كما اختلفوا في الثلاثة المذكورة في البيت السابق، ثم (وجهُ الألفِ في هذه المواضع الدلالةُ على جواز الصرف، وعدمُها
(2)
في غيرِها الدلالةُ على منع الصرف
(3)
، فالمنون قياسي وغيره اصطلاحي
(4)
(5)
.
124 - سَلَاسِلَ و قَوَارِيرَا معًا وَلَدَى الْـ
…
ـبَصْرِيِّ في الثانِ خلفٌ سَارَ مُشْتَهِرَا
(6)
وفي نسخة صار مشتهرا
(7)
؛ بكسر الهاء؛ تقديره: إن " سَلَاسِلَ ": مبتدأ،
(1)
قال في الكشف (1/ 533 - 534): (قرأ حفص وحمزة -وذكر المواضع الأربعة- بغير صرف .. ، ووافقهما أبوبكر على ترك الصرف في النجم خاصة، وصرفهن الباقون) وانظر: النشر 2/ 289، والإقناع 2/ 665.
(2)
كذا في سائر النسخ وفي (بر 3)"عدمه".
(3)
اختلفت النسخ في هذه العبارة اختلافًا مشكلًا ففي بعضها: (الدلالة على جواز الصرف وعدمها وفي غيرها الدلالة على منع الصرف) بتأنيث الضمير في عدم وبواو قبل في، وفي بعضها (الدلالة على جواز الصرف وعدمه وفي غيرها الدلالة على منع الصرف) بتذكير الضمير في عدم وبواو قبل في، وفي الجميلة التي نقل منها المؤلف (الدلالة على جواز الصرف وعدمِها في غيرها الدلالة على منعه)
بتأنيث الضمير في عدم وكسر ميم عدم وبلا واو قبل في. والصواب ما أثبتناه، ومعناه: وجهُ إثبات الألفِ في هذه المواضع -وهي موضع [هود: 68] و [الفرقان: 38] و [العنكبوت: 38] و [النجم: 51]- الدلالةُ على جواز الصرفِ، ووجه عَدَمِ الألفِ في غيرِ هذه المواضع؛ معناه الدلالةُ على منع الصرف. وقد ورد لفظ ثَمُود في القرآن 26 مرة؛ اتفق العشرة على منعه من الصرف فيما عدا هذه المواضع الأربعة، وهو في جميع هذه الأربعة منصوب، فكانت الألف للإشارة إلى قراءة من صرف وهو قوله:(وجهُ الألفِ في هذه المواضع الدلالةُ على جواز الصرفِ)، والموضع الخامس الذي صُرِفَ فيه مجرورٌ فلا ألف فيه، وقد صرفه الكسائي وحده كما في النشر 2/ 290 وهو آخر آية [هود: 68]، أما بقية المواضع فهي ممنوعة من الصرف باتفاق العشرة فلم يكتب المنصوب منها بالألف وهو قوله (وعدمُها في غيرِها الدلالةُ على منع الصرف) والله أعلم.
(4)
أي: من قرأ بالتنوين في هذه المواضع الأربعة فرَسْمُها بالألف عنده قياسي، ومن قرأ بغير التنوين أي: بالمنع من الصرف في هذه المواضع الأربعة فرسمها بالألف عنده اصطلاحي.
(5)
ما بين القوسين منقول بنصه من الجميلة صـ 178.
(6)
المقنع صـ 38.
(7)
كذا في (ز 8) البيت تام ثم الشرح. وفي (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س) و (ص) البيت ليس متصلًا وإنما مقطع بعبارات من الشرح.
و"قَوَارِيرَ": معطوف عليه، و"معًا": صفة قوله: "قَوَارِيرَ"، والخبر مقدر؛ أي: هذه الثلاثة بالألفات، والقرينة على تعيين الخبر المحذوف هو
(1)
البيت السابق وهو قوله: مع الظنونا إلى آخره
(2)
، وقوله:"لدى البصري" خبر لقوله: "خُلفٌ"، و"الثاني" -أي الـ قَوَارِيرَ الثاني-؛ متعلق بقوله:"مشتهرا"، وأشار بالخلف المشتهر إلى كثرة رواته، و"خُلفٌ": مبتدأ، وقوله:"سار": صفة قوله: "خُلفٌ"، وقوله:"مشتهرا": حال، وفي نسخة صار موضع سار فعلى هذا "مشتهرا" خبر صار.
والمعنى: أن قوله تعالى بالإنسان [آية: 4]{سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا} و [آية: 15]{كَانَتْ قَوَارِيرَا} رسمت بألف مكان التنوين في كل الرسوم وفي بعض مصاحف البصرة {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 16] بألف وفي بعضها بغير ألف، قال أبو عمرو:(وكذلك مصاحف أهل مكة)
(3)
ونقل أبو عبيد عن الإمام (إن قَوَارِيرَ الأول بالألف والثاني كان بالألف فحُكَّتْ وأَثَرُه بَيِّن)
(4)
، ونقل أبو عمرو الخُلْفَ في قَوَارِيرَ الأول
(5)
، إذا عرفت ذلك وجدت النظم ناقصًا عن الأصل بشيئين: ذكر الخلف في حذف قَوَارِيرَ الأول، وضم المكي إلى البصري.
125 - وَلُؤْلُؤًا كلُّهُمْ في الحج واختلفوا
…
فِي فاطرٍ وبثَبْتٍ نافعٌ نصَرَا
(6)
أي أثبتَ كلُّ النقلة ألفَ "لُؤْلُؤًا"؛ فعلٌ وفاعلٌ ومفعولٌ، و"بثَبْتٍ" متعلقٌ بقوله:"نصَرَا" بألف الإطلاق؛ أي: وبنقلٍ ثابتِ "نافعٌ نصر" إثبات الألف في
(1)
كذا في (بر 3) و (ق) و (ف)، وفي (ص) و (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1)"وهو"، وفي (ز 8)"والقرينة على تعيين الخبر كمحذوف وهو".
(2)
البيت 122.
(3)
المقنع صـ 39.
(4)
رواه عنه الداني في المقنع صـ 15 قال: حدثنا خلف بن إبراهيم بن محمد قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلّام قال: رأيت في المصحف الإمام
…
وذكره.
(5)
حيث روى في المقنع صـ 39 بسنده عن نافع أنهما -أي الأول والثاني- بالألف، وبسنده عن ابن إدريس: أنهما بغير ألف.
(6)
المقنع صـ 40، 41.
"لُؤْلُؤًا" بفاطر.
والمعنى: رُسِم قوله تعالى في الحج [آية: 23]{مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} في كل المصاحف بألف متطرفة، واختلف النقلة في {لُؤْلُؤًا} فاطر [آية: 33]؛ فروى نافع عن المصحف المدني
(1)
، والفراءُ عنه وعن المصحف الكوفي إثباتَ الألف
(2)
، وروى نصيرٌ عن مصحف الأمصار
(3)
، وعاصمٌ الجحدري عن الإمام أنه فيها بلا ألف
(4)
.
126 - وفي الإمامِ سِواهُ قيلَ ذو ألِفٍ
…
وقيلَ في الحجِّ والإنسانِ بَصْرٍ ارَى
(5)
الرواية بنقل همزة "أرى" إلى تنوين "بصرٍ" أي: بصريٌّ أرى إثباتَ الألفِ في هذين الموضِعَين فخفف ياء النسبة فصار كالمنقوص فدخله التنوين فحذفت للساكنين ثم نقلت حركة همزة "أرى" إلى التنوين ثم حذفت فصار " بَصْرٍ ارَى"، "وفي الإمام"؛ متعلَّق الخبرِ و"سواه" أي: سوى موضع فاطر، "قيل ذو ألف"؛ خبر مبتدأ محذوف؛ أي: الجميع صاحب ألف، وهذا قول الجحدري فإنه قال: كل لُؤلُؤ في القرآن في الإمام في مصحف عثمان فيه الألف إلا الذي في الملائكة
(6)
بنحو {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} [الرحمن: 22] و {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [الواقعة: 23] وقوله: "وقيل في الحج" إشارة إلى قول محمد بن عيسى الأصفهاني قال: (كل لُؤلُؤ في القرآن يكتب بغير ألف في مصاحف البصريين إلا مكانين: في الحج [آية: 23]{وَلُؤْلُؤًا} ، وفي هل أتى [آية: 19] {حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا}
(7)
.
(1)
ذكره الداني في المقنع صـ 40 بسنده إلى نافع (أن الحرف الذي في فاطر وَلُؤْلُؤًا بألف مكتوبة).
(2)
قال في المقنع صـ 41: (وقال الفراء: هما في مصاحف أهل المدينة والكوفة بألفين).
(3)
قال في المقنع صـ 40: (وزعم نصير أن المصاحف اتفقت على حذف الألف في فاطر).
(4)
ذكره الداني في المقنع صـ 40 بسنده إليه.
(5)
المقنع صـ 40، 41.
(6)
أي: في سورة فاطر [آية: 33] وهو قوله تعالى {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} ، وقول الجحدري هذا ذكره الداني في المقنع صـ 40 - 41.
(7)
ذكره الداني في المقنع صـ 41 بسنده إليه.
127 - للكوفِ والمَدَنيْ في فاطرٍ ألفٌ
…
والحجِّ ليسَ عنِ الفَرَّاءِ فيهِ مِرَا
(1)
أي: ألف ثابت "في فاطر والحج للكوفي والمدني"، و"مِرَا"؛ قصر للوقف؛ اسم ليس، و"فيه"؛ خبرها أي: في إثبات ألفها، و"عن الفراء" متعلق بقوله:"مِرَا" أي: ليس للفراء شك في إثبات ألفها
(2)
لهما.
والمعنى: اتفقوا في مصاحف المدينة والكوفة بألفين؛ في لُؤلُؤ الحج وفاطر، وهذه موافقة لرواية نافع كما تقدم
(3)
، والفراء في النظم؛ بالفاء وهو إمام نحوي تلميذ الكسائي، وهذه الرواية عن الفراء من زيادة هذا النظم على المقنع
(4)
، (وحاصل الكلام: الاتفاق على إثبات ألف الحج، والخلاف في البواقي، أما الحج وفاطر فمن مَنْطوقِهِ، وأما غيرُهما فمن منطوق الثاني ومفهوم الثالث) كذا قاله الجعبري
(5)
.
ثم اعلم أنه أطلق الخلاف في فاطر أولًا ثم بَيَّن أن إثباتها فيها إنما هو للكوفي والمدني فيكون في غيرهما محذوفة، فإن قيل: إذا كان موضع الحج مجمعًا عليه، فما فائدة ذكره ثانيًا وعزو الإثبات إلى الفراء؟ قيل: مراده بيان الناقلين لأن ناقل الإجماع أولًا على إثباتها نافع ثم بين أن الفراء أيضًا نقل عنه الاتفاق على إثباتها.
128 - وزِيدَ للفصلِ أوْ للهَمْز صُورَتُهُ
…
والحذفُ في نونِ
(6)
تَأْمَنَّا وَثيِقُ عُرَى
(7)
"وزِيدَ"؛ فعل مجهول "صُورتُهُ" مفعولُ ما لم يسم فاعله لقوله:
(1)
المقنع صـ 40، 41.
(2)
كذا في (ز 4) و (بر 1) و (ص)، وفي (س) و (ل)"ألفهما" بدل "ألفها"، وفي (ز 8) .. أي: للفراء شك في إثبات ألفها".
(3)
ذكره الداني في المقنع صـ 40 بسنده إلى نافع.
(4)
بل قد ذكرها الداني في المقنع صـ 41 وقد سبق المؤلفَ إلى هذا الوهم الجعبريُّ في الجميلة صـ 182.
(5)
انظر: الجميلة صـ 182.
(6)
هذا من زيادات العقيلة انظر: السخاوي صـ 262 والجعبري صـ 182.
(7)
كتاب النقط للداني صـ 133 مطبوع مع المقنع.
"زِيدَ"، "والحذف وثيق عرى": جملة اسمية، والـ"عُرَى": جمع عروة، فلا يخاف من تمسك بهذا النقل؛ لأن المصاحف اجتمعت برسمه على نون واحدة، وقوله: والحذف إلى آخره من زيادات العقيلة على الأصل، وقال في غير المقنع: فأما قوله في يوسف [آية: 11]{مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا} فإنه جاء مرسومًا في جميع المصاحف بنون واحدة على لفظ الإدغام الصحيح)
(1)
انتهى.
والمعنى: اتفقت المصاحف على رسم {تَأْمَنَّا} بنون واحدة وحذف الأخرى، وفيه ثلاث قراءات؛ بنونين مع اختلاس حركة الأولى، والإدغام مع الإشمام
(2)
، أو بدونه، والأخير إنما هو لأبي جعفر من العشرة على الصحيح، ووافقه الزهري
(3)
والكلبي
(4)
وغيرهم
(5)
.
ثم اعلم أنه شرع في المصرع الأول يعلل زيادة الألف بعد الواو في اللُّؤلُؤ فذكر علتين؛ أما وجه إثبات ألف اللُّؤلُؤ المنصوب المنون؛ أنها بدل التنوين على قياس مثله؛ فهو من زيادة الألف على اللفظ، وأما وجه غير المنون؛
(1)
كتاب النقط للداني صـ 133 مطبوع مع المقنع.
(2)
قال مكي في الكشف 1/ 122: (والإشمام: إتيانك بضم شفتيك لا غير، من غير صوت، فهو يُرَى ولا يُسْمَعُ، ولا يفهمُه الأعمى بحسه، ولا يكون إلا في المرفوع والمضموم) اهـ. مع تقديم وتأخير لا يضر. وقال الشاطبي بيت رقم (369):
والاشمام إطباق الشِّفَاهِ بُعَيْدَ ما يسكّن لا صوت هناك فيصحلا
(3)
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب أبو بكر الزهري المدني؛ أحد الأئمة الكبار وعالم الحجاز والأمصار تابعي، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، قرأ على أنس بن مالك، ولد سنة 50 وقيل سنة 51، وقال الليث: كان ابن شهاب يقول ما استودعت قلبي شيئًا قط فنسيته، قلت: قراءة الزهري في الإقناع للأهوازي وغيره، مات سنة 124. اهـ من الغاية 2/ 262 - 263 ترجمة (3470).
(4)
هو عيسى بن سعيد بن سعدان أبو الأصبغ الكلبي الأندلسي القرطبي مقرئ مصدَّر، رحل وقرأ القراءات على أحمد بن نصر الشذائي وأبي أحمد السامري وأبي حفص الكتاني وأقرأ في مسجده بقرطبة مدةً، توفي في جمادى الآخرة سنة 390 كهلًا. اهـ من معرفة القراء الكبار 1/ 383 ترجمة (317)، ومثله في الغاية 1/ 608 ترجمة (2489).
(5)
انظر: النشر 1/ 296 - 297، والكشف 1/ 122 - 123.
قال أبو عمرو: إنما كتبوا الألف في لُؤلُؤ كما كتبوا ألف قَالُوا)
(1)
يعني حملوها على واو الجمع لأنها واو متطرفة مثلها، وواوُ "يدعو" أنسبُ، وهذا معنى قوله:"وزيد للفصل"، أي: إنه شبيه بما زيد للفصل، قال الكسائيُّ: (في زيادة الألف في نحو: كَانُوا وقَالُواْ، لا أحسبهم فعلوا هذا إلا ليفرقوا بين الفعل الواقع على الظاهر والفعل الواقع على المكْنِيِّ، وذلك نحو: ضربوهم إذا كان الضمير مفعولًا لم يكتب ألف، وإن كان بدلًا من الواو في نحو: ضربوا كتب ألف بعد الواو
(2)
، وكذا بنوا زيد وضاربوا عمرو ودعوا وقضوا ليفرقوا بينها وبين أبو زيد وأخو زيد) قال:(فكأنّ الألف وقعت فصلًا بين ما يتصل وما ينفصل)، وهذه العلة الأولى، وأما العلة الثانية فما قال الكسائي:(إنما زادوا الألف بعد الواو في لُؤْلُؤ لمكان الهمزة)
(3)
يعني أن الواوَ في لُؤلُؤ صورةُ الهمزة، وتُقَوَّى في اللفظ بالمَدَّةِ لخفائها وبُعْدِ مخرجها قُوِّيَتْ صورتُها بالألف أيضًا، وفي رسمهم الألف على هذا أيضًا ما يدل على أن الواو صورة الهمزة.
(1)
المقنع ص 40.
(2)
فهناك فرق بين "ضربوهم" و "ضربوا هم" فـ "هم" الأولى مفعول به فهي ضمير نصب، والثانية ضمير مؤكد بدل من الواو فهي ضمير رفع. وقد قال ابن عقيل في شرح قول ابن مالك في الخلاصة:
للرفع والنصب وجرٍّ نا صلح كاعرف بنا فإننا نلنا المنح
ما نصه: (ومما يستعمل للرفع والنصب والجر الياء
…
و"هم"
…
وإنما لم يذكر المصنف
…
"هم" لأنها - وإن كانت بمعنًى واحد في الأحوال الثلاثة - فليست مثل "نا" لأنها في حالة الرفع ضمير منفصل وفي حالتي النصب والجر ضمير متصل).
(3)
المقنع صـ 40.
باب الحذف
في كلمات يحمل عليها أشباهها
فهذا الباب من أصول الكتاب وأما ما سبق فمن فروشها وقد عكس في هذه الرائية طريقته في اللامية حيث قدم الأصول هناك وهو أنسب، قال الجعبري:(أي باب حذف الألف من الخط الثابتة في اللفظ غالبًا وقد تخلل زيادة ألفات بنى عليها حذفها، ومسائل هذا الباب كلية فاستَحْضِرْ مصطلحَ الناظم)
(1)
، وقال في مصطلحه: (وما ذكره في الأصول من المتعدد مطلقًا عمَّ المماثل ولا يسري إلى النظائر إلا بثبت نحو: لكن أولئك إلى آخر البيت
(2)
، وما قيده يقصر على بعض أفراده، والخلاف الفردي نصٌّ في واحدٍ تأخر أو تقدم فلا يصرف إلى سابق ولا إلى لاحق إلا بقرينة ويستغني بدلالة المفهوم فضد البدل المبدل)
(3)
.
129 - وهاكَ في كلماتٍ حَذْفَ كلِّهم
…
واحملْ على الشكلِ كلَّ البابِ مُعْتَبِرا
وفي بعض النسخ في ألفات بدل "في كلمات"، "وهاك": اسم فعل بمعنى: خذ، و"في كلمات" متعلق بـ "هاك"، و"حَذْفَ كلِّهم" أي: جميع النَّقَلة؛ مفعولُ قولِه: "هاك"؛ مضاف إلى فاعله، والمفعول محذوف؛ أي: حَذْفَ كلِّهم الألفَ، و"على الشكل" متعلق بقوله:"احمل"، والمرادُ
(1)
الجميلة صـ 183 - 184.
(2)
البيت رقم 130.
(3)
الجميلة صـ 5 في الفصل الثالث من المقدمة في بيان اصطلاح الناظم.
بالشكل: المثل؛ لا المرادِف ولا الموازِن إلا بثبت
(1)
، و"كلَّ الباب"، مفعولٌ؛ أي: كلَّ كلِمِ الباب، و"مُعْتَبِرا" حال الفاعل أي: قايسًا ويريد بـ"كلمات" الكلمات الآتية في الأبيات أي: حذفَ ألفِ كلماتٍ آتيةٍ عن جميعِ رواةِ الرسومِ باتفاقِ المصاحفِ فكل كلمة نُصَّ على حذفٍ فيها فأجْرِ حُكْمَها فيه حيث جاءت وكيف تصرفت وإن عَرِيَتْ عن قيد العموم.
130 - لَاكِن أُولَئِكَ والَّائِي وذَ الِكَ ها
…
يا وَ السَّلَامُ معَ اللَّاتِي فَرِدْ غُدُرَا
(2)
"لَاكِن": مرفوع المحل، خبر هي المقدر ضمير الكلمات، وقوله " أُولَئِكَ " إلى قوله: و" السَّلَامُ " معطوفات بمقدر أو ملفوظ مقرّر، وذِكرُ حذفِ الألف في قوله: حرفا " السَّلَامُ "
(3)
لأنه من تتمة رواية نافع خاصة، وقوله:"فَرِدْ"؛ فعل أمر من ورد بمعنى وصل، "وغُدُرا"؛ مفعول، وهو بضمتين؛ جمع غدير وهو محل الماء المجتمع؛ وعبر عنه بالعلم
(4)
.
والمعنى: أن هذه الكلمات الثمانية في هذا البيت حذف ألفها حيث وقعت وعلى أي صفة كانت نحو: {لَكِنِ الرَّسُولُ} [التوبة: 88] و {لَكِنِ اللَّهُ} [النساء: 166] و {وَلَكِنَّهُ} [الأعراف: 176]{وَلَكِنَّهُمْ} [التوبة: 56]{أُولَئِكَ عَلَى} [البقرة: 5 ولقمان: 5]{أُولَئِكُمْ} [النساء: 91 والقمر: 43]{اللَّائِي تُظَاهِرُونَ} [الأحزاب: 4]{وَاللَّائِي يَئِسْنَ} [الطلاق: 4]{ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] و {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ}
(1)
لما قرره قريبًا نقلًا عن الجعبري من قوله (وما ذكره في الأصول من المتعدد مطلقًا عم المماثل ولا يسري إلى النظائر إلا بثبت نحو: لكن أولئك إلى آخر البيت).
(2)
المقنع صـ 16، 17، 67.
(3)
في البيت (58) ونصه: مُرَاغَمًا قَاتَلُواْ لَامَسْتُمُ بهما حرْفَا السَّلَامِ رِسَالَاتِهْ معًا أَثَرا
(4)
لعل صوابها أن يقول وعبَّر به عن العلم.
[البقرة: 282] و {فَذَلِكُنَّ الَّذِي} [يوسف: 32] و {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ}
(1)
و {هَذَا غُلَامٌ} [يوسف: 19] و {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا} [يوسف: 65] و {هَذَانِ خَصْمَانِ} [الحج: 19]
و {يَاأَيُّهَا}
(2)
و {يَاآدَمُ}
(3)
{يَارَبِّ} [الفرقان: 30 والزخرف: 88]{يَانُوحُ}
(4)
{وَالسَّلَامُ عَلَيَّ} [مريم: 33] و {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}
(5)
{قَالُوا سَلَامًا} [هود: 69 والفرقان: 63] فالمراد بـ السَّلَامُ جنس السَّلَامُ
(6)
{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ} [النساء: 15].
واعلم أنه يرسم أُولَئِكَ بالواو؛ ويفهم من باب ما زيد فيه الواو
(7)
، وَاللَّائِي بحذف اللام، وكذا اللَّاتِي كما يفهم من باب حذف إحدى اللامين
(8)
، فرسم اللَّائِي على صورة إِلَى الجارَّة وَ اللَّاتِي على صورِة واحدِها؛ أي: الَّتِي، ولم يذكر أبو عمرو هذين الحرفين في المقنع
(9)
، والألف في مثل
(1)
وردت في (3) مواضع في القرآن؛ في آل عمران: 66 والنساء: 109 ومحمد: 38.
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: البقرة آية (21).
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: البقرة آية (33).
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: سورة هود آية (32).
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: الأنعام آية (54).
(6)
أي: سواء كان مُنَكَّرا مرفوعًا أو منصوبًا كما مَثَّلَ أو مجرورًا كقوله تعالى: {اهْبِطْ بِسَلَامٍ} [هود: 48] أم مُعَرَّفًا مرفوعًا كما مَثَّلَ أو منصوبًا كقوله تعالى {إِلَيْكُمُ السَّلَمَ} [النساء: 94] أو مجرورًا كقوله تعالى: {سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16].
(7)
كما في البيت رقم (195) وشرحه.
(8)
كما في البيت رقم (236) وشرحه.
(9)
بل قد ذكرهما في المقنع صـ 18 باب ذكر ما حذفت منه الألف اختصارًا، إن كان قصد المؤلف ذكر حذف ألفهما، وإن كان قصده ذكر حذف إحدى اللامين منهما فقد ذكره أيضًا في المقنع صـ 67 باب ذكر ما حذفت منه إحدى اللامين، ولعل سبب غلط المؤلف هو متابعته للسخاوي حيث سبقه إلى هذا الزعم في الوسيلة صـ 264، واعتذر له الجعبري في الجميلة صـ 186 بقوله:(فقول الشارح: لم يذكرهما فيه؛ يحمل على اختلاف النسخ).
{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ}
(1)
هي صورة الهمزة بدليل {يَامَرْيَمُ}
(2)
ونحوه، والمراد بـ "يا"؛ ياء النداء، وبـ"الهاء" هاء التنبيه؛ ليخرج نحو:{يَأْجُوجَ} [الكهف: 94 والأنبياء: 96] و {هَاؤُمُ} [الحاقة: 19] الثابتان
(3)
.
131 - مَسَاجِدٌ و إِلَهٌ مَعْ مَلَائِكَةٌ
…
واذْكُرْ تَبَارَكَ و الرَّحْمَنَ مُغتَفِرا
(4)
"مَسَاجِدٌ" معطوف بحذف حرف العطف، ونُوِّنَ ضرورةً، و" تَبَارَكَ ": مفعول "اذكر" أي: حَذْفَ ألفِه وألفِ " الرَّحْمَنَ " و"مُغتَفِرا" حال من الفاعل يقال: غفر واغتفر بمعنى ستر.
أي: اتفقت المصاحف على حذف ألف " مَسَاجِدَ " معرفًا أم لا
(5)
، اختلف القراء في جَمْعِيَّته أم لا؛ نحو:{مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [البقرة: 114]{وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، ولم يذكر أبو عمرو ذلك في المقنع
(6)
، وقد قرأ الأعمش والشعبي وأبو العالية:{وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسْجِدِ} ، وقرأ
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: الأنفال آية (64).
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: آل عمران آية (37)، ومعنى كلامه أنه لو كان المحذوف هو صورة الهمزة لا الألف وأن الثابت هو الألف لبقيت الألف في يَامَرْيَمُ ونحوه مما لا همزة فيه، لكن لما حذفت منها دل ذلك على أن المحذوف في يَاأَيُّهَا ونحوها هو الألفُ لا صورةَ الهمزةِ.
(3)
لأن الياء من أصل الاسم، والهاء من أصل الفعل.
(4)
المقنع صـ 16، 18.
(5)
لم يذكر المؤلف مثال غير المعرف وهو ما في سورة الحج (40): {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} ، وتأتي الإشارة إليه بعد قليل.
(6)
بل قد ذكرهما في المقنع صـ 18 باب ذكر ما حذفت منه الألف اختصارًا ولعل سبب غلط المؤلف هو متابعته للسخاوي حيث سبقه إلى هذا الزعم في الوسيلة صـ 267، وذكر الجعبري في الجميلة صـ 188 نفي السخاوي وقال:(وفيه ما فيه).
الجحدري وقتادة ومجاهد وغيرهم: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسْجِدَ اللَّهِ} [التوبة: 18] وهو الثاني في التوبة
(1)
على التوحيد، ولم يقرأ أحد الذي في سورة الجن
(2)
بالتوحيد، والأول في البقرة
(3)
والذي في الحج
(4)
أيضًا متفق على قراءته بالجمع، وعلى حذف ألف إِلَهٌ كيف تصرفت نحو:{اللَّهِ} و {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}
(5)
، وعلى حذف ألف لام
(6)
{مَلَائِكَةٌ} و {الْمَلَائِكَةِ} {وَمَلَائِكَتِهِ}
(7)
، وعلى حذف ألف {تَبَارَكَ} كيف تَصَرَّفَ نحو:{تَبَارَكَ}
(8)
و {وَبَارَكَ} [فصلت: 10] و {بَارَكْنَا}
(9)
و {مُنْزَلًا مُبَارَكًا} [المؤمنون: 29]؛ فالمراد بـ {تَبَارَكَ} مادته الموجودة فيها الألف كما أشار إليه بقوله: "اذكر" كما قرره بعضهم
(10)
،
(1)
والأول هو قوله تعالى {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} [التوبة: 17].
(2)
وهو قوله تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18].
(3)
هو قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} [البقرة: 114].
(4)
هو قوله تعالى: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} [الحج: 40].
(5)
وردت في (6) مواضع في القرآن؛ أولها في سورة البقرة آية (163) مسبوقة بالواو، وفي الحج (34) مسبوقة بالفاء وبقية المواضع الأربعة خالية منهما.
(6)
كذا في (ز 4) و (ص)، وفي (بر 1) و (ز 8) و (س) بغير لفظة "لام"، وفي (ل) بياض بعد لفظة "ألف".
(7)
ورد لفظ "ملائكة" منكرًا ومعرفًا بأل وبالإضافة في القرآن مرارا؛ أولها في سورة البقرة آية (30).
(8)
قال الشيخ أحمد بن أحمد شرشال الجزائري في تحقيقه لمختصر التبيين لهجاء التنزيل لأبي داود (1/ 351 - 352): (ومن الحروف التي سكت عنها المؤلف-يعني أبا داود-: تبرك، وقد وردت في تسعة مواضع، ونص على الحذف في موضعي الرحمن والملك، وسكت عن موضع الأعراف، والمؤمنون، وموضعي الفرقان، وموضع غافر، والزخرف، ولم يرد في الموضعين المذكورين ما يشعر بتعميم الحذف، وعلى هذا مصاحف أهل المشرق، والصواب أن الحذف يشمل الجميع طردا للباب، قياسا على نظائرها، بل إن الداني نص على الحذف في جميعهن، فقال:«حيث وقع» ، وذكر ذلك في فصل ما أجمع عليه كتاب المصاحف، فحينئذ العمل بالإثبات في المسكوت عنه مخالف للنص، ونص على الحذف في جميع ألفاظه -حيث وقع- ابن وثيق الأندلسي في «جامعه» صـ 40.
(9)
وردت في القرآن مرارا أولها: الأعراف آية (137).
(10)
هو الجعبري في الجميلة صـ 187 حيث قال: (وألف تَبَارَكَ كيف دار إلا {وَبَارَكَ فِيهَا} [فصلت: 10] نحو: تَبَارَكَ .. بَارَكْنَا)
…
الخ كلامه.
والصحيح أن المراد هنا وزن تَفَاعَلَ؛ إذ سيأتي وزن فَاعَلَ
(1)
، وعلى حذف ألف" الرَّحْمَنَ " في البسملة وغيرها، قال السخاوي: (وإنما قال: "مُغتَفِرا"؛ لأن أبا عمرو لم يذكرهما
(2)
في المقنع
(3)
وقال ابن قتيبة
(4)
: كتبوا " الرَّحْمَنَ " بغير ألف حين أثبتوا الألف واللام، فإذا حذفوهما فأحب إليَّ أن يعيدوا الألف فيكتبوا رحمان الدنيا والآخرة)
(5)
، قلت: وكذا قول الشاطبي ...... تبارك رَحْمَانًا رحيمًا ومَوْئِلَا
(6)
.
132 - وَلَا خِلَالٌ مَسَاكِينُ الضَّلَالُ حَلَا
…
ـلٌ والْكَلَالَةُ و الْخَلَّاقُ لاكَدَرا
(7)
" وَلَا خِلَالٌ " معطوف على ما سبق؛ أي: واتفق المصاحف على حذف ألف هذه الكلمات نحو: {وَلَا خِلَالٌ} [إبراهيم: 31] و {يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [النور: 43 والروم: 48]{وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ} [التوبة: 47]، وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ حيث وقع؛ وذلك في البقرة [آية: 83، 177، 215] {وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} وفي سورة النساء [آية: 8، 36] مثله
(8)
وفي سورة التوبة [آية: 60] مثله {لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} وفي
(1)
وهو الذي قرره الجعبري أيضا في الجميلة صـ 188 حيث قال: (وضم -أي الداني- إليه فروعه هنا وفرقه الناظم).
(2)
كذا في (ز 4)، وفي (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (س) و (ص)"لأن أبا عمرو ذكرهما" وما أثبته هو الموافق للسياق ولما في الوسيلة.
(3)
بل قد ذكرهما فيه صـ 16، 18.
(4)
انظر: أدب الكاتب صـ 192.
(5)
انظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 269.
(6)
هذا عجز أول بيت في متن الشاطبية. وصدره:
بدأت ببسم الله في النظم أَوَّلَا ...............................
(7)
المقنع صـ 17، 18.
(8)
وفي سورة الأنفال (41) وفي سورة الحشر (7) مثله.
الكهف [آية: 79]{لِمَسَاكِينَ} وفي النور [آية: 22]{وَالْمَسَاكِينَ} ، وأما الحرف الثاني من البقرة وحرف المائدة فقد تقدم ذكرهما
(1)
و {مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ} [مريم: 75] وفي {حَلَالًا طَيِّبًا}
(2)
و {هَذَا حَلَالٌ} [النحل: 116] و {يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] و {فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] و {هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86 ويس: 81] وقرأ الحسن والجحدري: (هو الخالق) وروي ذلك عن أبيٍّ
(3)
، وقوله:"لا كدرا" بألف الإطلاق، أي: ولا كُدُورَةَ في الحذف للعلم بموضعها، ولم يذكر أبو عمرو في المقنع
(4)
{خِلَالٌ} ولا {مَسَاكِينَ} فهما من زيادة هذه القصيدة.
133 - سُلَالَةٍ و غُلَامٌ والظِّلَالُ وفي
…
ما بينَ لامينِ هذا الحذفُ قد عُمِرَا
(5)
بألف الإطلاق؛ أي: حَذْفُ الألفِ اطَّردَ وجودُه بينهما فلم يَخلُ منه فردٌ؛ مِنْ عَمَرْت الدار، والثلاثَةُ في أول البيت معطوفةٌ على ما سبق، أي: واتفقت
(1)
مراده بثاني البقرة: [آية: 184] وهو قوله تعالى {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} وقد تقدم ذكره في البيت (47)، وبحرف المائدة [آية: 95] وهو قوله تعالى {طَعَامُ مَسَاكِينَ} وقد تقدم ذكره في البيت رقم: (60).
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: البقرة آية (168).
(3)
عزاها في المحتسب 2/ 6 عند آية الحجر إلى مالك بن دينار والجحدري والأعمش. وفي الكامل ورقة 232 عند قوله تعالى {بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} من سورة يس إلى (الحسن وعلي ويعقوب وأبي جعفر وشيبة)، وفي مختصر ابن خالويه ص 75 عند آية الحجر إلى (مالك بن دينار وسليم التيمي والجحدري وكذلك هو في مصحف أبي وعثمان) وعزاها في زاد المسير 7/ 43 عند آية يس إلى (أبي بن كعب والحسن وعاصم الجحدري)، وزاد في روح المعاني 23/ 56 في آية يس: زيد بن علي، وانظر: القرطبي 15/ 60، والبيضاوي 3/ 380، وأبا السعود 5/ 88، وفتح القدير 4/ 38.
(4)
بل قد ذكرهما فيه صـ 18 باب ذكر ما حذفت منه الألف اختصارًا، وقد تابع المؤلفُ السخاويَّ في هذا الوهم وانظر: الوسيلة صـ 269.
(5)
المقنع صـ 17، 18.
المصاحف على حذف ألف {مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12]، وألفِ غُلَام كيف وقع، وألفِ الظِّلال؛ نحو:{أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ}
(1)
{لَكِ غُلَامًا} [مريم: 19] و {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ} [الصافات: 101]{فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ} [الكهف: 82]{وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ} [الرعد: 15] و {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ} [النحل: 48]، ويطَّرِد حذف الألف في كل ألف واقعة بين لامين متصلين نحو:{ذِي الْجَلَالِ} [الرحمن: 78]{فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} [يس: 8]{وَالْأَغْلَالَ} [الأعراف: 157] وليس في المقنع هذا
(2)
، واحترزنا بقولنا: متصلين من نحو: "الإله" فإنه متفق الإثبات، وإنما التزموا الحذف بين لامين كراهة أن يصوروا ثلاث صورٍ متفقة لاتفاق صورة الألف واللام.
134 - وفى المُثنَّى إذا ما لم يكُن طَرَفًا
…
كـ: سَاحِرَ انِ أَضَلَّانَا فطِبْ صَدَرَا
(3)
أي رجوعًا: تمييز، وليلة الصدر ليلة الرجوع من عرفات، ومنه طواف الصدر؛ أي: الوادع، ومنه قوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ} [الزلزلة: 6]، والمعنى: قد استفدت علمًا طاب به صَدَرُك.
أي: حُذِفَت الألفُ في المثنى بالاتفاق إذا لم يكن الألف طرفًا سواء كانت الألفُ حرفًا؛ علامةَ التثنية، كقوله:{لَسَاحِرَانِ} [طه: 63] و {يَقْتَتِلَانِ} [القصص: 15] و {يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن: 19] و {تُكَذِّبَانِ}
(4)
، أو اسمًا نحو:{أَضَلَّانَا}
(1)
سورة آل عمران آية (40) وسورة مريم آية (8 و 20).
(2)
بل هو فيه صـ 18 باب ذكر ما حذفت منه الألف اختصارًا حيث قال بعد أن ذكر الأمثلة السابقة وغيرها: (وشبهه مما فيه لامان حيث وقع)، وقد تابع المؤلفُ السخاويَّ في هذا الوهم. وانظر: الوسيلة صـ 272.
(3)
المقنع صـ 17.
(4)
وردت (31) مرة في القرآن كلها في سورة الرحمن.
[فصلت: 29]
(1)
، وأما إذا وقعا
(2)
طرفًا فإنها تثبت نحو: {قَالَتَا}
(3)
{لَهُمَا}
(4)
{إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229]؛ دفعًا لِلَّبْسِ، فإن قلت:{أَضَلَّانَا} يلتبس بـ {أَضَلَّنَا} [الشعراء: 99]؛ قلت: كذلك هو لولا وقوع " اللَّذَيْنِ " قبله، وأما قوله {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا} [الزخرف: 38] فإنه كتب بغير ألف بعد الهمزة، فإما أن يكون رسم على قراءة التوحيد وهو مع ذلك يحتمل الأخرى
(5)
، وإما أن يكون الكاتب قصد التثنية ولكن حذَفَ الألفَ لئلا يجمع بين الألفِ التي هي صورة الهمزة وألف التثنية بعدها، ولهذا المعنى حذفت الألف التي قبل الهمزة
(6)
والله تعالى أعلم.
135 - وبعدَ نونِ ضميرِ الفاعِلِينَ كـ: آ
…
تَيْنَا وزِدْنَا وعَلَّمْنَا حَلا خَضِرا
(7)
"حلا" بالحاء المهملة من حلا يحلو و"خَضِرا" بفتح فكسر؛ في محل النصب على الحال؛ أي: وقع خَضِرًا فألفه للإطلاق كذا أعربه بعضهم
(8)
، والأظهر أن"حلا": فعل ماض وهو حال أو استئناف و"خَضِرا": منصوب
(1)
ووجه كونها اسمًا: أن الألف فيها ضمير متصل في محل رفع فاعل، والضمائر أحد أقسام المعرفة، التي هي قسيم النكرة، الذَينِ هما قسما الاسم.
(2)
أي: الألف التي هي حرفٌ علامةُ التثنيِة، والتي هي اسمٌ.
(3)
سورة القصص آية (23) وسورة فصلت آية (11).
(4)
وردت في (11) موضعًا في القرآن؛ أولها في سورة الأعراف آية (20).
(5)
(قرأ المدنيان وابن كثير وابن عامر وأبو بكر بألف بعد الهمزة على التثنية، وقرأ الباقون بغير ألف على التوحيد). اهـ من النشر 2/ 369. وانظر: الكشف 2/ 258 - 259، والإقناع 2/ 761.
(6)
وانظر تمام تحرير الكلام في جَآءَنَا في شرح البيت 153 وقد استهله المؤلف بقوله: (ثم قياس جَآءَنَا ثلاثة ألفات صورة العين وصورة الهمزة وألف الضمير ولم يكن لهذه الهمزة صورة كما يأتي فبقي ألفان وحذف إحداهما احتمالًا للقراءتين والأَوْلَى بالحذف هو الأُولى في القياس لأن الثانية علامة التثنية).
(7)
المقنع صـ 17.
(8)
أعربه هكذا الجعبري في الجميلة صـ 192.
على التمييز، ونبَّهَ بقوله:"خَضِرا" على حلاوته وطراوته وكونه لم يزل متداولًا وغضًّا طريًّا، أي: حَسُنَ حذْف الألفِ بعد النون التي هي ضمير الفاعلين الواقعةِ قبل الضمير المنصوب، فخرج نحو:{وَآتَيْنَا عِيسَى} [البقرة: 87 و 253] و {بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [البلد: 19]
(1)
.
والحاصل أنه يحذف الألف بعد نون المتكلم
(2)
مطلقًا، بشرط عدم وقوعها طرفًا، نحو:{آتَيْنَاهُ رَحْمَةً} [الكهف: 65]{وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [الكهف: 84]{وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} [ص: 20]{آتَيْنَاكَ}
(3)
و {زِدْنَاهُمْ}
(4)
{وَعَلَّمْنَاهُ}
(5)
ونحوه؛ كـ {أَنْجَيْنَاكُمْ}
(6)
و {فَرَشْنَاهَا} [الذاريات: 48]{وَنَجَّيْنَاهُمَا} [الصافات: 115] و {أَغْوَيْنَاهُمْ} [القصص: 63] و {مَكَّنَّاهُمْ}
(7)
، فإن وقعت طرفًا تثبت نحو:{وَآتَيْنَا دَاوُودَ} [النساء: 163 والإسراء: 55] و {قَالُوا أَقْرَرْنَا} [آل عمران: 81]، واختصاصه بالفاعل دون المفعول؛ لأنه
(8)
لا يقع إلا طرفًا نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا} [النمل: 15]، وشرط الطَرَفِ مستفاد من شرطه في البيت السابق من وقوعه حَشْوًا
(9)
؛ كأنه قال: وفي المثنى إذا ما لم يكن طرفًا وبعد نون ضمير الفاعلين أيضًا إذا كان كذلك.
(1)
لكون الأولى قبل الظاهر لا الضمير، والثانية قبل الضمير المرفوع.
(2)
لفظ الناظم (وبعدَ نونِ ضميرِ الفاعِلِين) وهو أولى من لفظ المؤلف (بعد نون المتكلم).
(3)
سورة الحجر آية (87) وسورة طه آية (99).
(4)
سورة النحل آية (88) وسورة الإسراء آية (97) وسورة الكهف آية (13).
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: يوسف آية (68).
(6)
سورة البقرة آية (50) وسورة الأعراف آية (141) وسورة طه آية (80).
(7)
سورة الأنعام آية (6) وسورة الحج آية (41) وسورة الأحقاف آية (26).
(8)
أي: المفعول.
(9)
أي: لا طرفا.
136 - وعَالِمًا
(1)
و بَلَاغٌ وَالسَّلَاسِلُ وَالشْـ
…
ـشَيْطَانُ إيلَافِ سُلْطَانٍ لمَن نَظَرَا
(2)
أي: وحذف ألف "عَالِمًا" ومعطوفاتُه بملفوظ أو مقدر؛ مبتدَآتٌ، وقوله:"لمن نَظَرَا" خبرُها، وهو موصولٌ وصِلةٌ، وألفُهُ للإطلاق، أي: اتفقت المصاحف على حذف ألفِ عينِ "عَالِمًا"، وعلى حذفِ ألفِ لامِ " بَلَاغٌ "، وعلى حذف الألف التي بعد لام "سَلَاسِل"، ولم يذكر ذلك في المقنع
(3)
، وعلى حذف ألف الطاء من " الشَّيْطَانُ "، وعلى حذف ألف لام "إيلَافِ " وسيأتي
(4)
أن ياءها محذوف أيضًا فيصير صورته صورةَ "الف"، قال السخاوي: (ولم يذكر في المقنع إلا حذف الياء منه
(5)
(6)
فيوافقه قراءة أبي
(1)
كذا في جميع النسخ "عَالِمًا" بالنصب ولا أدري وجهه، وقول السخاوي في الوسيلة صـ 275:(وقد ذكره صاحب القصيد منكرًا؛ ليعم كل موضعٍ وقع فيه، وهو كما ذكره محذوف الألف في جميع القرآن)، وقول الحعبري في الجميلة صـ 193:(لم يذكر في المقنع عَالِمًا إلا في سبأ وتبعه الناظم سياقة لرواية نافعٍ وأعاده هنا منكرا فعمّ)، وقول اللبيب في الدرة الصقيلة صـ 384: (اعلم أنه لم يأت في القرآن "عَالِمًا" منكرا منونا أصلا؛ لأنه مضاف، لكن الشاطبي أتى به منونا لضرورة الشعر في إلزام الوزن
…
ليعلم أن كل سورة وقع فيها عَالِمُ الْغَيْبِ فهو محذوف الألف) كلها تبرر التنوين لا النصب؛ إذ الغرض الذي ذكروه يتحقق بالرفع
(2)
المقنع صـ 17، 18، 89.
(3)
بل قد ذكر حذف ألف بَلَاغٌ وسَلَاسِل في المقنع صـ 17 باب ما حذفت منه الألف اختصارًا وذكر حذف ألف عَالِمُ سبأ في المقنع صـ 89 باب ما اتفقت على رسمه مصاحف الأمصار، وقد تابع المؤلفُ السخاويَّ في هذا الوهم حيث قال في الوسيلة صـ 276 (ولم يذكر في المقنع من ذلك شيئًا) وسبق أن قال صـ 275:(لم يذكر أبو عمرو في المقنع عَالِمًا إلا في موضع واحد وذلك عالم الغيب في سبأ) وقد تعقبه الجعبري بقوله في الجميلة صـ 193: (فقول الشارح: لم يذكر فيه شيئًا من ذلك ليس كذلك بل كما فصلناه)، وكان قد ذكر بَلَاغ وسَلَاسِل والشيطان وسُلطَان عن المقنع ووافقه في التفصيل في عَالِمُ وإيلَافِ.
(4)
في البيت 184 وشرحه.
(5)
المقنع صـ 90.
(6)
انظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 277.
جعفر: (إلافِهِم)
(1)
(وقد ذكره المصنفِ هنا مطلقًا ليَعُمَّ الحذفُ حرفيه
(2)
، وأما {لِإِيلَافِ} فإنه كتب بغير ألف بين اللام والفاء، وقرأ ابن عامر بحذف الياء على أنه مصدر آلَفَ)
(3)
كقاتل قتالًا، وقراءة غيره:{لِإِيلَافِ} كقيتال
(4)
، وعلى حذف ألف طاء سُلْطَانٍ حيث وقعت هذه الألفاظ وعلى أي صفة كانت نحو:{عَالِمُ الْغَيْبِ}
(5)
{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ}
(6)
{هَذَا بَلَاغٌ} [إبراهيم: 52] و {لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ} [الإنسان: 4]{فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ} [النحل: 63] و {وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا} [النساء: 117]{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ} [قريش: 1 - 2]{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [إبراهيم: 22] (ولم يذكر عَالِما في المقنع إلا في سبأ وتبعه الناظم في سياقه لرواية نافع
(7)
وأعاده هنا مُنكَّرًا فهو من زيادات العقيلة)
(8)
.
(1)
قال في النشر 2/ 403: (فقرأ أبو جعفرِ بهمزةٍ مكسورةٍ من غير ياءٍ).
(2)
يعني الألف والياء.
(3)
ما بين القوسين منقول من الوسيلة للسخاوي صـ 277 إلاّ أنه فيها "ألِفَ" ثلاثي، والمؤلف جعله "آلَفَ" رباعي وأكده بقوله (كقاتل قتالًا)، والصحيح ما في الوسيلة؛ وفاقًا للنشر 2/ 403 حيث قال (مصدر ألِفَ ثلاثيًّا يقال ألِفَ الرجل إِلْفا وإلافًا)، ومثله في الكشف 2/ 389 - 390، والإقناع 2/ 814.
(4)
قال في النشر 2/ 403: (وقرأ الباقون بهمزة مكسورة بعدها ياءٌ ساكنةٌ)، ومثله في الكشف 2/ 389 - 390، وانظر: الإقناع 2/ 814.
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: الأنعام آية (73).
(6)
سورة آل عمران آية (20) وسورة الرعد آية (40) وسورة النحل آية (82).
(7)
في البيت 103.
(8)
ما بين القوسين منقول من الجميلة للجعبري صـ 193، وأوله من الوسيلة للسخاوي صـ 275.
137 - و اللَّاعِنُونَ مع اللَّاتَ الْقِيَامَةِ أَصْـ
…
ـحَابٌ خَلَائِفَ أَنْهَارٌ صفَتْ نُهُرَا
(1)
أي: وحذف ألف " اللَّاعِنُونَ " وقوله: "مع اللَّاتَ " ومعطوفاته بحرف عطف مقدر؛ صفة لقوله: "و اللَّاعِنُونَ "، و" الْأَنْهَارُ " جمع نَهَر بفتحتين وبفتح فسكون، وقوله:"صفت نُهُرا": صفة " أَنْهَارٌ " أو مستأنفة، و"نُهُر" بضمتين جمع نهار
(2)
؛ نصب على التمييز وهذا جمع كثرة، وجمع قِلَّتِهِ: أنهر، وهما تجنيس
(3)
، ومعناه على الإتْباعِ
(4)
: أن أنهار الجنة صافية متلألئة، وعلى الاستقلال
(5)
أن هذا الحذف مشهور كالنور.
ومعنى البيت: أن المصاحف اتفقت على حذف ألف لام اللَّاعِنُونَ كيف أعرب، وعلى ألف لام
(6)
اللَّاتَ وألف ياء الْقِيَامَةِ وألف حاء أَصْحَابُ وألف لام خَلَائِفَ، فالياء صورة الهمزة، وألف هاء الْأَنْهَارُ كيف جرت هذه الألفاظ نحو:{وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ}
(7)
{أَصْحَابُ
(1)
المقنع صـ 17، 18.
(2)
قال السخاوي في الوسيلة صـ 278: (وهو مثل سحب وسحاب).
(3)
الجناس هو اتفاق اللفظتين في الحروف واختلافهما في المعنى وهو نوعان: تام وهو ما اتفق فيه اللفظان في أربعة أمور هي: نوع الحروف وعددها وشكلها وترتيبها؛ كقوله صلى الله عليه وسلم (إنما الماء من الماء)، وغير تام وهو ما اختلف فيه اللفظان في واحد من الأمور الأربعة، فَمِنْ اختلاف النوع قوله تعالى:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [الأنعام: 26]، ومِن اختلاف العدد قول الطِرِمَّاح:
فلا منعت دار ولا عز أهلها من الناس إلا بالقنا والقنابل؛
(جمع قَنبلة؛ وهي الطائفة من الناس أو الخيل)، ومن اختلاف الشكل قول معاذ:(الدَّيْن يهدم الدِّين)، ومن اختلاف الترتيب قوله صلى الله عليه وسلم:(اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا)، وانظر: لمزيد من الأمثلة كتاب البديع لعبد الله بن المعتز من صـ 25 - 35.
(4)
أي: على إعرابها صفة أنهار، والصفة من التوابع.
(5)
أي: على إعرابها جملة مستقلة.
(6)
كذا في (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س) و (ص) و (بر 3) و (ق) و (ف) وفي (ز 8): "حذف ألف لام اللَّاتَ ".
(7)
وردت في القرآن مرارا أولها: البقرة آية (85).
الْجَنَّةِ}
(1)
{جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ} [فاطر: 39]{مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}
(2)
و {فِيهَا أَنْهَارٌ} [محمد: 15] فالأُولى في مثل أَنْهَارٌ و أَصْحَابُ ثابتة بلا خلاف
(3)
، ثم اعلم أن اللَّاعِنُونَ كتب بلامين مع حذف الألف بعدهما، (ولم يصرح بحذف ألفه في المقنع
(4)
؛ وإنما ذكر أنه كتب بلامين
(5)
إلا أنه قد ذكر في المقنع في غير الموضع الذي ذكره فيه أنهم اتفقوا على حذف الألف مع الجمع السالم نحو: {الْكَافِرُونَ}
(6)
و {السَّاحِرُونَ} [يونس: 77]
(7)
، و
(8)
اللَّاعِنُونَ مثله.
وما
(9)
في البيت من الكلمات غيره فجميع ذلك مذكور في المقنع
(10)
، و اللَّاتَ كتب بلامين وتاء)
(11)
، وقال السخاوي: (وقوله: صفت نُهُرا أي: صفت ضوءًا ونورًا يريد بذلك شهرتها، ونُهُر جمع نهار شَبهَها في الشهرة بضوء
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: البقرة آية (82).
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: البقرة آية (25).
(3)
وهي الألف صورة الهمزة أول حرف في أَنْهَارٌ و أَصْحَابُ.
(4)
بل صرح بحذف ألفه في المقنع صـ 18 وقد تابع المؤلفُ السخاويَّ في هذا الوهم في الوسيلة صـ 277.
(5)
انظر: المقنع ص 67.
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 254].
(7)
انظر: المقنع صـ 22.
(8)
الواو هنا استئنافية لا عاطفة؛ و (اللاعنون) مبتدأ و (مثله) خبره.
(9)
كذا في (بر 3) وفي سائر النسخ التسع غيرها "وأما في البيت .. " ولعل الأصح أن يقول: "وأما ما في البيت .. "
(10)
المقنع صـ 17، 18.
(11)
ما بين القوسين منقول من الوسيلة صـ 277، 278 غير أن الذي في الوسيلة زيادة كلمة "غير" قبل "مذكور" وأشار المحقق إلى أنها ساقطة من "د" فلعل المؤلف نقل من "د" أو ما وافقها، ولا شك أن المعنى ينقلب إلى نقيضه، ولعل الأصح هو ما حققه المحقق من إثبات كلمة "غير" لأنه هو الأليق بعادة السخاوي في نظائرها، وقد جرت عادته أن ينقل كلام الداني في المقنع في كل كلمة ذكر الناظم رسمها، ثم إن عادة صاحبنا المؤلف أن لا ينص على ذكرها في المقنع دون عزو للموضع أو نقل لنص كلامه مع جريان عادته وعادة السخاوي على نفي وجود ما ظنوا عدم وجوده في المقنع والله أعلم.
النهار وقال الشاعر
(1)
:
لولا الثريدان هلكنا بالضُّمُر
…
ثريدُ ليلٍ وثريدٌ بالنُّهُر)
(2)
138 - أُولَى يَتَامَى نَصَارَى فاحذفوا وتَعَا
…
ـلَى كلها وبغير الجنِّ الَانَ جَرَى
(3)
أي: "أُولَى" من ألفي " يَتَامَى " وأخويه مفعول "احذفوا"، وكلها تأكيد "أولى" الثلاثة، والرواية في " الْآنَ " بنقل حركة الهمزة التي بعد اللام إلى لام التعريف ثم حذفها فيصير على وزن هان
(4)
، وقوله:"جَرَى"؛ أي: سرى الحذف في الكل، "وبغير الجن" ظرف "جَرَى"، أي: اتفقت المصاحف على حذف ألفِ تاءِ " يَتَامَى " وصادِ " نَصَارَى " وعين " تَعَالَى "
(5)
كيف ما جاءت نحو: {وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} [البقرة: 83]{يَتَامَى النِّسَاءِ} [النساء: 127]{وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى} [الحج: 17] و {سبحانه وتعالى}
(6)
وكذا اتفقت على حذف الألف التي بعد اللام في " الْآنَ " نحو: {قَالُوا الْآنَ} [البقرة: 71]{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] إلا التي في سورة الجن [آية: 9] وهو قوله:
{فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ} فإنه بإثبات ألفه، وأما صورة الهمزة الثانية فيأتي ضابط حذفها
(7)
.
(1)
لم أقف على قائله وقد أنشده الفراء وأبو الهيثم كما في تهذيب اللغة (6/ 148 - 149)، وأنشده ابن كيسان كما في الصحاح (2/ 840)، وابن السكيت كما في المخصص (2/ 392)، وابن سِيده كما في المحكم والمحيط الأعظم (4/ 303).
(2)
انظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 278.
(3)
المقنع صـ 18، 19.
(4)
في (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س) و (ف)"رهان"، وفي (ز 8) و (ص) و (بر 3) و (ق)"اهان" والصحيح ما أثبته.
(5)
أي: ألف عين تَعَالَى وألف صاد نَصَارَى.
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: الأنعام آية (100).
(7)
في شرح البيت 155، 156.
139 - حَتَّى يُلَاقُوا مُلَاقُوهُ مُبَارَكًا احْـ
…
ـفَظْهُ مُلَاقِيهِ بَارَكْنَا وَكنْ حَذِرا
(1)
" مُلَاقُوهُ " و"احْفَظْهُ"؛ بإشباع الهاء فيهما، "حَذِرا": بفتح الحاء وكسر الذال؛ أي: احمل على لفظ " بَارَكْنَا " المتصل بالضمير واحذر أن تقيس عليه بَارَكَ المنفصل عنه كما في قوله: {وَبَارَكَ فِيهَا} [فصلت: 10] فإنه متفق الإثبات، ثم التقدير: حذف ألف الثلاثة المتقدمة "احْفَظْهُ".
أي: اتفقت المصاحف على حذف ألف لام " يُلَاقُوا " واسم فاعله كيف جاء نحو: {حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ} وهو بالزخرف [آية: 83] والطور [آية: 45] والمعارج [آية: 42]، قال السخاوي:(وقد قرأ ابن محيصن وغيره: (حَتَّى يَلْقَواْ)
(2)
على صورة الرسم، أي: بفتح الياء والقاف في السور الثلاثة
(3)
وقرئ أيضًا: (حَتَّى يُلَقُّوْا))
(4)
؛ أي: بضم الياء وتشديد القاف المضمومة
(5)
، و {أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46 وهود: 29] {أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ} [البقرة: 223]{كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: 6]، وعلى حذف ألف باء {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا} [مريم: 31] و {بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1] فإنه اتصل به ضمير المتكلم.
(1)
المقنع صـ 18.
(2)
عزاها في الإتحاف صـ 424 إلى أبي جعفر وحده وانظر: البدور صـ 328، ومختصر ابن خالويه صـ 136.
(3)
قال في زاد المسير 7/ 332: (وقرأ أبو المتوكل وأبو الجوزاء وابن محيصن وأبو جعفر: "حَتَّى يَلْقَواْ" بفتح الياء والقاف وسكون اللام من غير ألف)، وعزاها في 8/ 59 إلى أبي جعفر وحده. وعزاها القرطبي في تفسيره 18/ 296 إلى ابن محيصن ومجاهد وحميد، وفي مختصر ابن خالويه صـ 137، والإتحاف صـ 387 عزيت القراءة لأبي جعفر وابن محيصن.
(4)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 280.
(5)
لم أقف على من ذكر هذه القراءة، ولعل صوابها إن كان لها أصل: يُلَقَّوْا؛ إذ بها يستقيم المعنى.
140 - وكلُّ ذيْ عَدَدٍ نحوُ الـ: ثَّلاثِ ثَلَاـ
…
ـثَةٍ ثَلَاثِينَ فادرِ الكلَّ مُعْتَبِرا
(1)
أي: وحذف ألفِ "كلِّ ذيْ عَدَدٍ" هو " نحوُ الـ ثَلَاثِ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثِينَ " بحذف حرف العطف وتقدم المعدولان أعني: ثُلَاثَ وَرُبَاعَ في رواية نافع
(2)
، فاعلم كل ألف محذوف حال كونك قايسًا ما لم يذكر على ما ذكر.
والمعنى: اتفقت المصاحف على حذف كل ألف في اسم من أسماء العدد كيف تصرفت إلا ما سيأتي، وأسماؤه اثنتا عشرة كلمة؛ واحد إلى عشرة ومائة وألف، وما تصرَّف منه بالتثنيةِ والجمعِ والتركيبِ والاشتقاقِ مندرجٌ في عبارة الناظم، والواحدُ ليس بعدد فلا يحذف منه شيء
(3)
، ولا من إحدى واثنتي، ولا من اثني عشر واثنتي عشرة، واثنان لم يقع في القرآن مرفوعًا؛ فلم يبق من مراتب الآحاد إلا الثلاثة وثمانية وفروعهما فيها
(4)
ومن مراتب العشرات والمئآت وسيأتي زيادة ألفها.
وأما أمثلة الحذف: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} [النور: 58] و {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ} [النور: 58] و {ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [الزمر: 6] و {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، {بِثَلَاثَةِ آلَافٍ}
(1)
المقنع صـ 18.
(2)
في البيت رقم (57) وقال في شرحه: (ثم اعلم أنا فسرنا كلام الناظم بما في النساء وإن كان ما في سورة فاطر (آية: 1) من قوله تعالى {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} أيضًا رسم بالحذف؛ لأن الكلام في هذا الربع، ولأن نافعًا ما روى إلا ما في سورة النساء وأما ما في سورة فاطر فيشمله قوله وكل ذي عدد إلخ).
(3)
لو قال (والواحدُ ليس بعدد فلا يدخل في البيت) لكان أولى لأن ألف الواحد محذوفة في نحو قوله {الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} في ستة مواضع من القرآن أولها [يوسف: 39].
(4)
كذا في (ص) وكذا في (ز 4) و (ل) و (س) إلا أن فيها "ثلاثة" بدل "الثلاثة"، وفي (بر 1) سقط من قوله "الآحاد" إلى قوله "في مرات، وفي (ز 8) فلم يبق مراتب الآحاد إلا ثلاثة وثمانية وفروعهما منهما" ويعني (أن الواحد ليس بعدد)(والاثنان لم يقع في القرآن مرفوعًا)(فلم يبق من مراتب الآحاد إلا الثلاثة وثمانية وفروعهما فيها ألف) لأن ما عداهما لا ألف فيها.
[آل عمران: 124]، {أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} [الواقعة: 7] و {ثَلَاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] و {ثَلَاثَ مِائَةٍ} [الكهف: 25] و {ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27]{ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4].
141 - واحفظ
(1)
في الَانفال فِي الْمِيعَادِ مُتَّبِعًا
…
تُرَ ابَ رَعْدٍ ونَمْلٍ والنبا عَطِرا
(2)
أي "احفظ" حذف ألف " فِي الْمِيعَادِ " الواقع "في الأنفال" وحذف ألف " تُرَابَ" أو مُتَّبِعًا ألف "تُرَابَ رَعْدٍ" إلى آخره، "عطرًا"؛ حالٌ من الفاعل أي: حال كونك "عطرًا"؛ أي: ذي عطر لصحة نقلها.
والمعنى: اتفقت المصاحف على حذف ألف عين {لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} [الأنفال: 42] وعلى إثبات غيرها نحو: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}
(3)
، وعلى حذف ألف تُرَاب في ثلاثة مواضع؛ في الرعد [آية: 5] وهو قوله: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا} وفي النمل [آية: 67] وهو قوله: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا} ، وبعمَّ [آية: 40] وهو قوله: {كُنْتُ تُرَابًا} ، وعلى إثبات ألف راء التُّرَاب
(4)
في غيرها نحو: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران: 59]{أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل: 59]، وقوله:"احفظه" معناه: أن تقييد هذه المواضع ألحقها بالفرش وشاع بيان ذلك كالطيب فلم يتعد وإن ذكرت في الأصول.
(1)
كذا في (ز 4) و (بر 1) و (س) و (ص) و (ز 8)، وفي (ل)"واحذف".
(2)
المقنع صـ 19.
(3)
سورة آل عمران [آية: 9] وسورة الرعد [آية: 31].
(4)
كذا في (ز 4) و (بر 1) و (س) و (ل)، و (بر 3) و (ق)(ف)، وفي (ز 8) و (ص)"على إثبات ألف التراب".
142 - و أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ أَيُّهَ الثَّقَلَا
…
نِ أَيُّهَ السَّاحِرُ احضُرْ كالندى سَحَرا
(1)
"الندى"؛ المطر الخفيف، وقوله "سَحَرا"؛ ظرف زمان، وفي نسخة بالشين المعجمة والجيم؛ فهو ظرف مكان.
والمعنى: واحفظ حذف الألف الأخيرة في " أَيُّهَ " في ثلاثة مواضع بالاتفاق؛ وهي قوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} بالنور [آية: 31]{وَقَالُوا يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ} بالزخرف [آية: 49]{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} بالرحمن [آية: 31].
وكما اتفقت المصاحف على حذف الألف في هذه المواضع الثلاثة اتفقت على إثباتها في غيرها نحو: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ}
(2)
{يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ} [يوسف: 78 و 88]{يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ} [الفجر: 27]، وقرأ ابن عامر في الوصل في المواضع الثلاثة بضم الهاء والباقون بفتحها، وأما في حال الوقف فأبو عمرو والكسائي يَقْرَآنِ
(3)
بالألف والباقون يقفون بحذفها مع سكون الهاء
(4)
، ولا يلتفت إلى قول أبي علي الفارسي
(5)
: (إنه لا يجوز أن يقرأ بحذف الألف فيهن)
(6)
؛ لصحة الرواية، ثم الرسم يحتمل القراءتين؛ لأن من يقرأ بالفتح يقدر الألف بعد الهاء محذوفة من الخط كما ذهب في اللفظ.
(1)
المقنع صـ 20.
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: البقرة آية (21).
(3)
كذا سائر النسخ التسع، وفي (بر 3)"يقفان".
(4)
انظر: النشر 2/ 141، 142، والكشف 2/ 136، 137، والإقناع 2/ 712.
(5)
هو الحسن بن أحمد الإمام أبو علي الفارسي النحوي المشهور، روى القراءة عرضًا عن أبي بكر بن مجاهد، وألف كتاب التذكرة، وكتاب الحجة شرح السبعة لابن مجاهد فأجاد وأفاد، والإيضاح، والتكملة، وغير ذلك، توفي سنة 377. اهـ من الغاية 1/ 206 ترجمة (951).
(6)
في كتابه الحجة في علل القراءات 5/ 320 وقد ذكره السخاوي في الوسيلة 285 بلفظ مختلف).
143 - كِتَابٌ الا الذي في الرَّعْد معْ أَجَلٍ
…
والحجرِ والكهفِ في ثانيهما غَبَرا
(1)
أي: حُذِفَ ألفُ كلِّ "كِتَابٍ الا" كتاب "الذي في الرَّعْد"
(2)
، وقوله:"غبرا"؛ أي: ثبت الألف في الأربعة وبقي على حاله بالاتفاق؛ فألفه للإطلاق.
بمعنى: اتفقت المصاحف على حذف ألف تاء كِتَابٌ كيف تصرفت نحو: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2]{جَاءَهُمْ كِتَابٌ} [البقرة: 89]{كِتَابَ اللَّهِ}
(3)
{هَذَا كِتَابُنَا} [الجاثية: 29] إلا أربعة في السور الأربع، وهي قوله:{لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: 38]{وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4]{مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} [الكهف: 27]{تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ} [النمل: 1]، وقَيَّدَ كتاب الرعد بالـ"أجل" فخرج عنه {المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} [الرعد: 1] و {عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43] فإنهما رسما بحذف الألف.
وقوله: "في ثانيهما" قيد الحجر والكهف جميعًا، فخرج:{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} في الحجر [آية: 1]{الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: 1] أولهما في السورتين، وقَيَّدَ النمل بالأولى في البيت الآتي فخرج:{كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29]، وقال في المقنع: (ورأيت في بعض مصاحف العراق {كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ} {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ} [البقرة: 282]{وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} [البقرة: 283] و {كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: 11] بغير ألف وفي بعضها
(1)
المقنع صـ 20.
(2)
كذا في (ز 8) إلا أن فيها "إلا الكتاب" بأل، وفي (بر 1) و (ل) و (س) و (ص)"إلا الكتاب الذي" وليس فيها "في الرعد"، وفي (ز 4)"أي حذف كل كتاب إلا الكتاب الذي" سقط منها لفظة "ألف" و "في الرعد".
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: البقرة آية (101).
بألف، وقال الغازي
(1)
: كَاتِبٌ في البقرة بالألف لقلة دوره)
(2)
وتركُ ذلك نقصٌ من النظم عن الأصل، والله تعالى أعلم.
144 - والنمل الُاولى وقل آيَاتُنَا ومعًا
…
بيونسَ الأوَّلَيْنِ استثن مؤتمِرا
(3)
"استثن": أمر في الاستثناء، وقوله:"مؤتمِرا"؛ حال أي: ممتثلا يعني امتثل أمر الاستثناء فإنه الثابت عندنا.
والمعنى: اتفقت المصاحف على حذف ألف ياء " آيَاتٌ " كيف أتت نحو: {آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7]{لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]{قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ} [الأنعام: 109 والعنكبوت: 50]{وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: 6] إلا "الأوَّلَيْن بيونس" وهما قوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} [يونس: 15]{إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا} [يونس: 21] فإنه بالألف، وقد خرج بقوله:"الأوَّلَيْن" قوله تعالى في يونس [آية: 73]{وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} فإنه بالحذف. وقد ذكر حذف {آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ} [العنكبوت: 50] في رواية نافع
(4)
والمراد هنا ألف الجمع ويأتي حذف الثانية
(5)
.
(1)
ابن قيس الإمام شيخ الأندلس أبو محمد الأندلسي المقرئ؛ قرطبي وقيل من أهل إفريقية، قرأ على نافع وضبط عنه اختياره، وهو أول من أدخل قراءة نافع وموطأ مالك إلى الأندلس، وعنه قال عرضت مصحفي هذا بمصحف نافع ثلاث عشرة مرة، وكان إمامًا صالحًا عابدًا متهجدًا مجاب الدعوة كبير الشأن حاذقًا برسم المصحف، توفي سنة 199. اهـ مختصرا من سير أعلام النبلاء 9/ 322 ترجمة رقم (104).
(2)
المقنع صـ 23 و 24 باب ما حذفت منه الألف اختصارًا.
(3)
المقنع صـ 20.
(4)
في البيت رقم 102.
(5)
في البيت رقم 152 ونصه:
ومَا بِهِ أَلِفِانِ عنهُمُ حُذِفَا كـ: الصَّالِحَاتِ وعن جُلِّ الرسومِ سرى
145 - في يوسفٍ خُصَّ قُرْآنًا وزخرفِهِ
…
أُولاهُما وبإثباتِ العراقِ يُرى
(1)
أي: "يُرى" قرءانًا بإثبات الألف في مصاحف العراق، و"خُصَّ" يحتمل الأمرَ والماضيَ المجهولَ، و"قرآنًا": معمول على كلا التقديرين؛ أي: حذف ألف قرءانًا، وقوله:"في يوسفٍ وزخرفِهِ" كل واحد منهما متعلق بقوله: "خُصَّ"، وصرف "يوسفٍ" للوزن، وضمير "زخرفِهِ" راجع إلى "القرآن"؛ والإضافة للملابسة، "وأُولى يوسف والزخرف"؛ ظرف قوله:"خُصَّ" أو بدل من الألف المقدر بدل بعض.
والمعنى: رسم في أول يوسف [آية: 2]{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا} وفي أول الزخرف [آية: 3]{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا} ؛ بغير ألف قبل النون في المصاحف العثمانية وثبت في غيرهما نحو: {أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] و {آيَاتُهُ قُرْآنًا} [فصلت: 3]، وقولنا "قبل النون" احتراز عما بعدها، والمحذوفة ألف فُعلان، لا الهمزة؛ إذ لا صورة لها، وقيل: إن الألف ثابتة في الموضعين أيضًا في مصاحف العراق، (وقال أبو عمرو في المقنع
(2)
: "وغيرها"، وهذا يدل على أن الألف ثابتة فيهما في سائر الرسوم فهو نقص في النظم، لكن يَحْتَمِل أن يكون هنا وجهان؛ والكُتَّاب على إثبات الكل، ولو قال: أولاهما وخلاف فيهما ندرا؛ لوفى بالمقصود)
(3)
.
(1)
المقنع صـ 19.
(2)
صـ 19 باب ذكر ما حذفت منه الألف اختصارًا.
(3)
ما بين القوسين منقول من الجميلة للجعبري صـ 205 بتصرف وحذف يسير لا يخل.
146 - و سَاحِرٌ غير أخرى الذاريات بدا
…
والكل ذو ألفٍ عن نافع سُطِرا
(1)
أي: حذف ألف لفظ " سَاحِرٌ "، و"غير" نصب على الاستثناء أو رفع؛ صفة " سَاحِرٌ " و"أخرى" صفة موصوف محذوف أي: كلمة، و"بدا": خبر؛ أي: ظهر حذف كل ألف " سَاحِرٌ "، "والكل ذو ألف"؛ أي: وكل " سَاحِرٌ " صاحب ألف، "سُطِرا"؛ بألف الإطلاق: صفة "ألف" أي: كتب، "عن نافع" متعلق به.
والمعنى: (قال نُصَير: الرسوم على حذف ألف سَاحِر في كل القرآن إلا {قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} بالذاريات [آية: 52] فإنها ثابتة، وقال نافع: الكل بألف؛ فاتفقت الرسوم على إثبات ألف " سَاحِرٌ " هنا، واختلف في غيره؛ فأثبت نافع، وحذف نُصَير
(2)
نحو: {يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ} [الزخرف: 49]{سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [ص: 4 وغافر: 24])
(3)
وكلامه ككلام المقنع
(4)
في نقل الروايتين: رواية نصير ورواية نافع (وحاصلهما: اتفاقهما على إثبات الذاريات واختلافهما في غيره؛ إثباتها لنافع عن المدني، وحذفها لنصير عن غيره، وقد تقدم خلاف سَاحِر المائدة في أول
(5)
يونس
(6)
، وإنما أفردها لأن حذفها منتزع من نصير
(7)
؛ إذ نافع لم
(1)
انظر: المقنع صـ 20.
(2)
وفي شرح السخاوي صـ 126: (قال نصير: سَاحِر في جميع ذلك ثابت الألف في بعض المصاحف دون بعض ولم يذكر نافع هذه الثلاثة -يعني آية المائدة وأُولى يونس وهود- ولم يتعرض لها بحذف ولا إثبات).
(3)
ما بين القوسين من الجميلة للجعبري صـ 205.
(4)
أي: كلام الناظم أو الجعبري لأنه نقل منه ـ ككلام المقنع صـ 20.
(5)
كذا في سائر النسخ، وفي (ز 8)"تقدم خلاف ساحر المائدة وهود وأولى يونس".
(6)
وهو قوله تعالى: {فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [المائدة: 110] وقوله تعالى: {قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} [يونس: 2] وهو أول موضعي يونس وذلك في شرح البيت (60).
(7)
وفي الجميلة (مفرع على رواية نصير وحده) وهو أوضح مما هنا.
يتعرض لها؛ ولاختلاف العلة في الحذف
(1)
؛ إذ هي ثمةَ لاختلافٍ في القراءة
(2)
وهنا
(3)
لمجرد التخفيف
(4)
، ويأتي حكم {وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ}
(5)
[يونس: 77]
(6)
وقوله: "أخرى" تعريف لمحله لا قيد)
(7)
.
147 - والأعجميُّ ذو الاستعمال خُصَّ وقل
…
طَالُوتَ جَالُوتَ بالإثبات مفتَقِرًا
(8)
"الأعجميُّ": مبتدأ، و"ذو الاستعمال"؛ أي: المستعمل: صفة المبتدأ؛ من قولهم متاع مستعمل أي: استعمله كثيرًا، "خُصَّ"؛ أي: بحذف الألف؛ خبره، " طَالُوتَ جَالُوتَ " بنصبهما بالنقل والحكاية
(9)
، ويروى رفعهما
(1)
في (ز 4) و (بر 1) و (ز 8) و (ص)"لا خلاف في الحذف" وفي (ل) حيث اختلاف العلة في الحذف، وفي (س)"حيث لا خلاف اختلاف العلة في الحذف".
(2)
أما آية المائدة فقرأها حمزة والكسائي وخلف بإثبات الألف، والباقون بحذفها. أما آية يونس فقرأها الكوفيون وابن كثير بإثبات الألف، والباقون بحذفها. انظر: الإقناع (2/ 636 و 660) والنشر (2/ 256)، وعليه فهو حذف إشارة.
(3)
أي: الذي لا يمكن فيه القراءة بوجه آخر كما في شرح السخاوي صـ 126: (وأما ساحر الذي لا يمكن فيه القراءة بوجه آخر كقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 109] و [الشعراء: 34] فهو محذوف الألف إلا في موضع واحد) يعني: موضع الذاريات.
(4)
وعليه فهو هنا حُذِفَ اختصارًا.
(5)
كذا "الساحرون" في (ل) و (س)، وفي (ص) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)"الساحر".
(6)
في شرح البيتين 150 و 151 ونصهما:
وكل جمعٍ كثيرِ الدَّوْرِ كالـ: كَلِمَاـ ـتِ الْبَيِّنَاتِ ونحو الصَّالِحِينَ ذُرا
سوى المشدَّدِ والمهموز فاختَلَفَا عند العراق وفي التأنيث قد كَثُرا
وإن كان المؤلف لم يذكر الآية هناك لكن السخاوي ذكره عندهما ونقله عن المقنع صـ 22 وهو كما قال.
(7)
ما بين القوسين من الجميلة للجعبري صـ 206 مع بعض تقديم وتأخير.
(8)
المقنع صـ 21.
(9)
أي: حكاية قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} [البقرة: 247]{وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} [البقرة: 251]، قال الجعبري في الجميلة صـ 208:(ويروى رفعهما بالابتداء أو فتحهما حكاية لا نصبهما لورود ذي الباء واللام) يعني بذي الباء قوله تعالى: {قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ} [البقرة: 249]، وبذي اللام قوله تعالى:{وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ} [البقرة: 250].
بالابتداء، و"بالإثبات": أي: بإثبات الألف، و"مفتَقِرًا": حال من الفاعل؛ أي: محتاجًا إلى الكشف، وقال السخاوي:(من القفر بالقاف والفاء يقال: قفرته أي: قفوته)
(1)
.
والمعنى: اتفقت المصاحف على حذف الألف المتوسطة في الاسمِ الأعجميِّ العَلَمِ، الكثيرِ استعمالُه في القرآن، الزائدِ على ثلاثة أحرف، نحو: إِبْرَاهِيمَ و إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ و هَارُونَ وَمِيكَالَ و عِمْرَانَ و لُقْمَانَ، وخرج بقولنا: المتوسطة في الاسم الأعجمي؛ نحو: آدَمَ وموسَى وعِيسَى وزَكَرِيَّا، وبقولنا العلَم؛ نحو:{وَنَمَارِقُ} [الغاشية: 15]، وبقولنا: الكثير استعماله في القرآن؛ ما ثبت ألفه بالاتفاق، وهو أربعة: طالوت وجالوت ويأجوج ومأجوج، وهذا معنى قوله:
148 - يَأْجُوجَ مَأْجُوجَ في هَارُوتَ تثبتُ مَعْ
…
مَارُوتَ قَارُونَ مع هَامَانَ مُشْتَهِرَا
(2)
بكسر الهاء وفتحها؛ أي: حال كون إثبات الألف مشهورًا، يعني: وما اختلف في ألف {هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [البقرة: 102] و قَارُونَ وهَامَانَ، وبقولنا: الزائد نحو: {عَادٍ}
(3)
، متفق الإثبات، وكذلك حذفوا الألف من الأعلام العربية وإن لم يكثر على ما في المقنع
(4)
نحو: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: 79]{يَاصَالِحُ} [الأعراف: 77 وهود: 62] و {أَخَاهُمْ صَالِحًا}
(5)
{يَامَالِكُ لِيَقْضِ}
(1)
انظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 293.
(2)
المقنع صـ 21 و 22.
(3)
ورد في القرآن (11) مرة أولها في سورة [الأعراف: 65].
(4)
الذي في المقنع صـ 21 (وكذا حذفوها من سُلَيْمَانَ وَصَالِحُ ومَالِكُ و خَالِدٌ وليست بأعجمية لمّا كثر استعمالها) وهو مناقض لما عزاه إليه المؤلف.
(5)
[الأعراف: 73] و [هود: 61] و [النمل: 45].
[الزخرف: 77]، ونوزع سُلَيْمَانَ تصغير سلمان في عجميته
(1)
. وخرج بقيد العلَم؛ {آتَاهُمَا صَالِحًا} [الأعراف: 190]{وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4]{مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26]{كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ} [محمد: 15] فإنها متفقة الإثبات، فعدم تعرض الناظم لذلك نقص عن الأصل
(2)
.
وأما دَاوُودُ فهو من الأسماء التي رسمت بالألف اتفاقًا كـ طالوت، لكن فصله عن الأربعة المذكورة تنبيهًا على اختلاف علة الإثبات، فالعلة في (دَاوُودُ) عدم توالي الحذفين وفيها
(3)
قلة الاستعمال وهذا معنى قوله:
149 - دَاوُودُ مثبتٌ اذ واوٌ به حذفوا .......................................
وفي نسخة: إن واو به حذفوا، وذكر في المقنع الاختلاف في الأربعة المذكورة؛ هَارُوتَ وأخواته، وقال:(الأكثر الإثبات)
(4)
، (وكذا إسرائيل رسم بالألف في أكثر المصاحف)
(5)
، وقوله:"مُشْتَهِرًا"؛ ليس فيه تصريح بالخلاف؛ لاحتمال تأكيده بالشهرة، لكنْ قَطعُهُ عن المتفق يشعر بالمغايرة، فاشتهاره يُومئ إلى ترجيحه، لكن قوله:
(1)
انظر في ذلك: الجميلة ص 210.
(2)
ليس في كلام الداني ما يدل على أنه نص على الإثبات، بل ولا في مفهوم كلامه ما يدل على ذلك، بل مفهوم كلامه أقرب إلى الحذف منه إلى الإثبات، بدليل ضميمة قوله:"لمّا كثر استعمالها" إلى تنصيصه على "مَالِكُ" وهو لم يرد علما في القرآن إلا مرة واحدة، وكثر استعماله صفة، وبدليل ضميمته أيضًا إلى تنصيصه على" خَالِدٌ " وهو لم يرد في القرآن علما البتة، ولذا فعدم تعرض الناظم لذلك ليس نقصًا عن الأصل، بل لأنه فهم كلامه على ما ينبغي أن يفهم به، ولذا فقول الشارح "فإنها متفقة الإثبات" غير مُسَلَّم، بل غير صحيح، بل الذي عليه العمل حذفها كما ترى.
(3)
أي: في الأربعة المذكورة وهي: هَارُوتَ وَمَارُوتَ و قَارُونَ وهَامَانَ.
(4)
المقنع صـ 21.
(5)
مابين القوسين من المقنع صـ 22.
والحذف قلَّ بـ: إِسْرَائِيلَ مختبِرا
(1)
بكسر الباء؛ حالُ الفاعل؛ من اختبرته خبرته، مطابقٌ لما في المقنع
(2)
، لأن حذفَه القليلَ ضدُّ الإثباتِ الكثيرِ، وحذف من " إِسْرَائِيلَ " الياء التي هي صورة الهمزة.
ثم اعلم أن كلام المقنع
(3)
يدل على أن المراد في هامان الألف الأولى التي تثبت في العراقية على أحد الوجهين، وأما الثانية فمحذوفة من كل الرسوم، (وكلام الناظم إن حُمِل على الأولى كان حذف الثانية نقصًا في النظم، أو على الثانية لزم منه الجزم بحذف المختلف وإثبات خلاف المتفق، أو عليهما لزم الثاني)
(4)
. هذا و" دَاوُودُ "؛ أي: ألفه، "مثبتٌ"؛ عطف جملة على جملة، و"إذ" تعليلية فافهم، والله أعلم.
150 - وكل جمعٍ كثيرِ الدَّوْرِ كالـ: كَلِمَاـ
…
ـتِ الْبَيِّنَاتِ ونحو الصَّالِحِينَ ذُرا
(5)
بضم الذال المعجمة من ذَرَتْهُ الريح؛ فرَّقَتْهُ، و"كثيرِ الدَّوْرِ"؛ صفة لـ"جمعٍ"، وقيل: لـ"كل"، والله أعلم.
(1)
المقنع صـ 22.
(2)
صـ 22 كما سبق.
(3)
صـ 22 وكلامه هو قوله "ووجدت في مصاحف أهل العراق هامان بألف بعد الهاء وفي كلها بغير ألف بعد الميم".
(4)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 209، ومعناه: إن حمل على حذف الألف الأولى في هامان، يكون في النظم نقص؛ حيث لم يتعرض للثانية مع كون الأصل الذي هو المقنع نص على حذفها، وإن حمل كلامه على الثانية لزم منه الجزم بحذف المختلف فيه وهو الألف الأولى وإثبات الخلاف في الثانية مع أنها محذوفة بالاتفاق، وإن حمل كلامه على حذف الألفين الأولى والثانية فكذلك يلزم منه الجزم بحذف المختلف فيه وهو الأولى وإثبات الخلاف في المتفق على حذفها وهي الألف الثانية.
(5)
المقنع صـ 22 و 23 وليس فيها لفظة (الصالحين) إنما أمثلة غيرها.
151 - سوى المشدَّدِ والمهموز فاختَلَفَا
…
عند العراق وفي التأنيث قد كَثُرا
(1)
استثناء من "كل جمع"، وقوله:"فاختلفا"؛ أي: رسم المشدد والمهموز عند رسم أهل العراق، وألف كَثُرا؛ للإطلاق وهو بضم المثلثة؛ أي: الحذف؛ فالإثبات قد قلَّ، وفهم منه أيضًا أن الحذفَ في المُذَكَّرِ قليلٌ، فالإثبات فيه كثير، تأمل تفهم من كلامه ما دل عليه الأصل
(2)
.
والمعنى: (اتفقت المصاحف كلها على حذف ألف فاعل في الجمع المذكر المصحح، وعلى حذف ألف الجمع العاري عنها في المؤنث المصحح
(3)
إن كثر دورها ووقوعها في القرآن ولا يليها همزة أو شدة)
(4)
، (ولم يتعرض الناظم لقيد المصحح اعتمادًا على أمثلته، وقد تقدم أمثلة من الألف المذكورة في الجمعين في الفرش
(5)
؛ فإياك أن ينسحب هذا الحكم عليها فتغلط بل تلك على خصوصها ويبقى هذا عامًّا في غيرها)
(6)
.
وقوله: سوى المشدد إلى آخره؛ معناه: (اتفقت المصاحف الحجازية والشامية على إثبات ألف المشدد والمهموز واختلف العراقية فيه؛ فأكثرها على إثبات المذكر وحذف المؤنث، وأقلها على عكسه)
(7)
، وضم المقنع العراقية
(1)
المقنع صـ 22 و 23.
(2)
أي: المقنع صـ 22 و 23 ونصه: (فإن جاء بعد الألف همزة أو حرف مضعَّف
…
أُثبتت الألف في ذلك، على أني تتبعت مصاحف أهل المدينة وأهل العراق العتق القديمة فوجدت فيها مواضع كثيرة مما بعد الألف فيه همزة قد حذفت الألف منها وأكثر ما وجدته في جمع المؤنث لثقله، والإثبات في المذكر أكثر).
(3)
قال الجعبري في الجميلة صـ 213: (والألف المحذوفة في جمع المذكر هي ألف فاعل الموجودة في الواحد
…
والمحذوفة من المؤنث هي ألف الجمع إفرازًا أو شيوعًا).
(4)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 213 بتصرف لا يضر.
(5)
وهي على التوالي في الأبيات رقم 69 و 70 و 80 و 81 و 88 و 94 و 98 و 100 و 102 و 105 و 107 و 108 و 109 و 117.
(6)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 212 بتصرف لا يضر.
(7)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 212 بتصرف لا يضر.
إلى المدنيَّة
(1)
ففي النظم نُقْصَانٌ
(2)
، وأمّا الأمثلة فنحو
(3)
: {الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]{الصَّابِرِينَ}
(4)
و {الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43]{الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95]{الْكَافِرِينَ}
(5)
{وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35]{الْمُؤْمِنَاتِ}
(6)
الـ {سَائِحَاتٍ} [التحريم: 5]{الضَّالِّينَ}
(7)
{الْعَادِّينَ} [المؤمنون: 113]{قَائِمُونَ} [المعارج: 33]{وَالصَّائِمِينَ} [الأحزاب: 35].
وأما مثال الجمع المؤنث لا يكون فيه ألفان ويكون بعد ألفه شدة أو همزة فلا توجد، والظاهر أنه يختص بالجمع المذكر كما دل عليه كلام المقنع:(فإن جاء بعد ألف الفاعل همزة أو حرف مضعف) إلخ
(8)
، فكلام الجعبري:(قوله: سوى المشدد والمهموز استثناء من كل جمع)
(9)
؛ لا يخلو عن نظر، أقول: استثناؤه مما ذكره متعين؛ فـ"كل جمع": محمول على كل جمع يتأتّى منه الاستثناء المطلق المندرج تحته المشدد والمهموز، ("وقال محمد بن عيسى الأصفهاني في كتابه في هجاء الحروف:{قَوْمٌ طَاغُونَ} في الذاريات [آية: 53] والطور [آية: 32] و {رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} في الشورى [آية: 22] "
(10)
وهذا
(1)
المقنع صـ 22 و 23 ونصه: ( .. على أني تتبعت مصاحف أهل المدينة وأهل العراق العتق القديمة .. ) إلخ كلامه وقد سبق.
(2)
هذا النقصان هو كون النظم لم يذكر المصاحف المدنية مع كونها مذكورةً في المقنع.
(3)
كذا في (س) و (ل) و (ز 4) و (ز 8) و (بر 1)، وفي (ص)"ففي".
(4)
كذا في (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (س) و (ص)، وقد وردت (الصابرين) في القرآن (14) مرة أولها:[البقرة: 153]، وفي (ز 4):"الصابرون" وقد وردت (الصابرون) في [القصص: 80] و [الزمر: 10].
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 24].
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [النساء: 25].
(7)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الفاتحة: 7].
(8)
المقنع صـ 22 وتمامه ( .. أثبتت الألف في ذلك)، ووجه دلالته عليه قوله:(فإن جاء بعد ألف الفاعل) لأن (الألف المحذوفة في جمع المذكر هي ألف فاعل الموجودة في الواحد
…
والمحذوفة من المؤنث هي ألف الجمع إفرازًا أو شيوعًا) كما قال الجعبري في الجميلة صـ 213، وعليه فقوله:"بعد ألف الفاعل" ظاهر في اختصاصه بالجمع المذكر.
(9)
انظر: الجميلة صـ 211.
(10)
وذكر أربع كلمات ثم قال: (الستُّ كَلِمٍ مرسومة بالألف)، وما بين القوسين منقول من المقنع صـ 23 غير أنه قال:"هجاء المصاحف" وقال بعده: (قال أبو عمرو وكذا رأيتها أنا في مصاحف أهل العراق).
تخصيص من الجَمْعَيْنِ)
(1)
.
152 - ومَا بِهِ أَلِفِانِ عنهُمُ حُذِفَا
…
كـ: الصَّالِحَاتِ وعن جُلِّ الرسومِ سرى
(2)
"عنهُمُ" بالإشباع
(3)
؛ أي: الجمع المؤنث الذي فيه "ألفان حذفا" عن أئمة الرسوم، و"سرى": أي: انتشر حَذْفُ الألفين عن جلِّ الرسوم ومُعْظَمِهِ، قال في الأصل
(4)
: (وما به ألفان من الجمع المؤنث السالم فأكثر الرسوم ورد بحذفهما جميعًا سواء فيه المشدد والمهموز وغيرهما)
(5)
، قوله:"عن جل الرسوم سرى": أي: أكثر المصاحف جاء فيها الحذفان، ويريد بها العراقية، فاقتضى كلامه أيضًا الخلاف (وبقي مفهوم حذفهما أعم من إثباتهما أو إثبات الأولى فقط أو الثانية فقط
(6)
والأُولى أَوْلَى
(7)
فيجري على قياسه في {سَمَاوات} فصلت
(8)
[آية: 12])
(9)
والأمثلة: الـ {تَائِبَاتٍ} [التحريم: 5]{الصَّالِحَاتِ}
(10)
{وَالْحَافِظَاتِ} [الأحزاب: 35].
(1)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 215.
(2)
المقنع صـ 23.
(3)
في سائر النسخ التسع "وما به ألفان عنهم بالإشباع" وليس فيها تكرار "عنهم"، وفي نسخة (ز 8) البيت تام ثم الشرح.
(4)
أي: أصل العقيلة الذي هو المقنع كما دل كلامه في شرح البيت (59 و 60).
(5)
المقنع صـ 23 بتصرف.
(6)
وعليه فمنطوق قوله: (وما به ألفان عنهم حذفا .. إلخ) ينتظم حذفهما، معًا وحذف الأولى فقط، وحذف الثانية فقط.
(7)
أي: الألف الأولى أولى بالحذف.
(8)
قال في البيت:
108 -
.................................. واتَّفَقُوا على السَّمَاوَاتِ في حَذْفينِ دُونَ مِرَا
109 -
لكِنَّ فيْ فصلتْ ثَبْتٌ أخيرُهُما ..............................................
(9)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 215 مع اختصار يسير.
(10)
وقد وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 25].
153 - واكْتُبْ تَرَاءَى وَجَاءَ انَا بِوَاحِدَةٍ
…
تَبَوَّآ مَلْجَأً مَاءً مع النُّظَرا
(1)
بضمٍّ ففتح؛ جمع نظير بمعنى المِثْلِ؛ أي: قس أمثال الأمثلة الثلاثة عليها نحو: {مُتَّكَأً} [يوسف: 31] و {دُعَاءً وَنِدَاءً} [البقرة: 171] و {جُفَاءً} [الرعد: 17] وغيرها، وهذه الثلاثة معطوفة على الأَوَّلَيْنِ
(2)
بمقدَّر؛ والكل مفعول "اكتب".
والمعنى: اتفقت المصاحف على رسم {تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} في الشعراء [آية: 61] بألف واحدة بعد الراء، وعلى رسم {إِذَا جَاءَ انَا قَالَ} بالزخرف [آية: 38] بألف واحدة بين الجيم والنون، وخرج عن تَرَاءَى:{تَرَاءَتِ} [الأنفال: 48]، وعن جَاءَ انَا:{جَاءَنَا نَذِيرٌ} [الملك: 9] لأنه تَلَفَّظَ بالتثنية فتعين ما بالزخرف، وأصل تَرَاءَى تراءَيَ كتَفاعَل
(3)
، وكذا اتفقت المصاحف على حذف ألف النصب، أي: الألف المبدلة من التنوين في حال النصب إذا كان قبلها همزة قبلها ألف، واتفقت المصاحف أيضًا على حذف الألف سواءً كان للنصب أو التثنية إذا كان قبلها همزة تَحَرَّكَ ما قبلها ومثَّل الناظم ثلاثة أمثلة؛ فقوله:" مَاءً "؛ مثال ألف النصب التي قبلها همزة قبلها ألف، وقوله:" مَلْجَأً "؛ مثال ألف النصب الذي قبلها همزة تحرك ما قبلها، وقوله:" تَبَوَّآ "؛ مثال ألف التثنية التي قبلها همزة تحرك ما قبلها.
ثم اعلم أن الناظم رحمه الله ما عيَّن الألف المحذوفة في " تَرَاءَى " واختار الداني
(1)
المقنع صـ 24 و 26.
(2)
مراده بالأولين؛ تَرَاءَى وَجَاءَ انَا.
(3)
أي: أصل تَرَاءَى التي اتفقت المصاحف على رسمها بألف واحدة بعد الراء؛ تراءَيَ كتَفاعَلَ، فحقُّها أن تكتب بألفين، والهمزة لا تكتب في المصاحف العثمانية، فهجاؤها فيها تاء بعدها راء بعدها ألف.
الأول
(1)
والجعبري
(2)
الثاني وكذا السخاوي
(3)
، وهو أوجه، ولذا لم يكتب بالياء كما هو قياسه، ثم وجه رسم " تَرَاءَى " بألف واحدةٍ؛ أن الهمزة المفتوحة بعد الألف لا صورة لها فبقي ألفان فَكُرِهَ اجتماع المثلين، أو حذفت صورة اللام
(4)
تبعًا للوصل، وإنما رسمت ألفًا كما رسم {الْأَقْصَى الَّذِى} [الإسراء: 1] و {مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} [القصص: 20 ويس: 20] بالألف لا بالياء للفرق بينه وبين: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى}
(5)
[الحج: 2].
ثم قياس جَاءَ انَا ثلاثة ألفات، صورة العين
(6)
وصورة الهمزة وألف الضمير، ولم يكن لهذه الهمزة صورة كما يأتي
(7)
فبقي ألفان وحُذِفَ إحداهما
(1)
انظر: المقنع صـ 24 و 25 حيث قال: (وكذلك رسموا في كل المصاحف تَرَاءَى الْجَمْعَانِ
…
بألف واحدة ويجوز أن تكون الأولى وأن تكون الثانية وهو أقيس عندي)، وقد نقل كلامه المؤلف في الصفحة اللاحقة.
(2)
انظر: الجميلة صـ 217 حيث قال بعد أن ذكر اختيار الداني في المقنع: (واختياري؛ الثاني وفاقًا لقول الراجز: ثم تَرَاءَى جَاءَ في الأداءِ بألفٍ سودَاء للبناءِ؛
لأن الأولى تدل على معنى مستقل والثانية أولى بالحذف، ولأن الثانية طرف وهو أولى بالحذف، ولأنها قد حذفت لفظًا وصلًا فناسب حذفها خطًّا لأن التغيير يُؤْنِسُ بالتغيير، ولأن الاجتماع بها تحقق، ولأن الثابتة لو كانت الثانية لرسمت ياءً).
(3)
انظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 296 حيث قال: (فحذفوا الأخيرة على مقتضى القياس) إلخ كلامه وقد نقله المؤلف في الصفحة اللاحقة.
(4)
أي: لام الفعل التي هي الياء صورة الألف المقصورة.
(5)
إيضاح ذلك: أن الهمزة لم تكن تكتب في المصاحف العثمانية فلم يبق إلا التاء والراء وإحدى الألفين المكتنفتين للهمز لأن الأخرى محذوفة على خلاف في تحديدها كما تقدم فالداني يرى أنها الأولى، والسخاوي والجعبري يريان أنها الثانية (لام الفعل)، فلو كتبت بصورة الياء لالتبست بـ {ترى} كما في قوله:{وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحج: 2] ففُرِّقَ بينهما بأن جعلت ألفًا، والله أعلم، وهذه العلّة قد تُقَوِّي مذهبَ الداني أن المحذوفة الألف الأولى، وتُضْعِف تعليلَ المؤلف لترجيحه مذهب الجعبري والسخاوي في كون المحذوفة الألف الثانية بقوله "ولذا لم يكتب بالياء" وسيأتي قريبًا نقل المؤلف لقول الداني في المحكم:(فلو كانت لام الفعل هي المرسومة هاهنا لكانت ياءً ولم تكن ألفًا).
(6)
أي: عين الكلمة بالميزان الصرفي؛ لأن فاءها جيم، وعينَها ألف، ولامَها همزة.
(7)
في باب حروف من الهمز وقعت في الرسم على غير قياس.
احتمالًا للقراءتين
(1)
، والأَولَى بالحذف هو الأُولى في القياس
(2)
؛ لأن الثانيةَ علامةُ التثنية.
ثم اعلم أن السخاوي قال: (إن أصل تَرَاءَى الْجَمْعَانِ مثل: تعاظم
(3)
، فقلبت الياء
(4)
ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار تراءا فكرهوا اجتماع الصورتين فحذفوا الأخيرة
(5)
على مقتضى القياس، وذلك أنها قد سقطت في اللفظ لما اجتمعت مع الساكن وهو لام الْجَمْعَانِ، فلما كانت في اللفظ ساقطة أسقطوها منه في الخط، وأيضًا فإنها في الطرف، والطرف موضع التغيير، وأيضًا فإن الألف الأولى من هذه الكلمة هي ألف تفاعل فهي دالة على هذا البناء فكانت أَوْلى بأن تثبت
(6)
(7)
، واختار أبو عمرو أن يكون المحذوفُ الألفَ الأولى وأن تكون الثانيةُ هي الثابتة، قال في المقنع
(8)
: (وهو أوجه عندي) واستدل على ذلك في بعض كتبه
(9)
: (من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن ألف البناء زائدة والأخيرة لام الفعل والزائد أولى بالحذف من الأصلي.
(1)
أي: قراءة التوحيد والتثنية؛ إذ لو كتبت بألفين لما احتملت قراءة الإفراد، أما إذا كتبت بألف واحدة فيكون حذفُ الثانية حذفَ إشارة، وقد قال في النشر 2/ 369:(قرأ المدنيان وابن كثير وابن عامر وأبو بكر بألف بعد الهمزة على التثنية، وقرأ الباقون بغير ألف على التوحيد). وانظر: الكشف 2/ 258 - 259، والإقناع 2/ 761.
(2)
وهي صورة العين كما تقدم قريبًا.
(3)
في الوسيلة: (أن أصل تَرَاءَى تَرَاءَيَ مثل تعاظم).
(4)
أي: فقلبت الياء من تراءَيْ.
(5)
وهي لام الفعل التي هي الياء صورة الألف المقصورة.
(6)
كذا في (ل) و (س) وهو موافق لما في الوسيلة، وفي (ز 4) و (ص) و (بر 1) و (ز 8)"يثبت".
(7)
انظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 296 - 297.
(8)
صـ 25 باب ما حذفت منه الألف اختصارًا.
(9)
ذكر هذه الأوجه في المحكم في نقط المصاحف صـ 159 وقال بعد ذكرها: (وهذا المذهب عندي في ذلك أوجه وهو الذي أختار وبه أَنْقُط)، والمؤلف نقلها من الوسيلة؛ إذ اللفظ للوسيلة والمعنى للداني.
الثاني: أنهما ساكنان قد التقيا والهمزة بينهما ليست بحاجز حصين
(1)
مانع، وإذا التقى ساكنان فالأول بالحذف أَوْلَى إن لم يوجد سبيل إلى حركته لأن تغيير الأوَّل يوصل إلى النطق بالثاني، ولمّا لَزِمَ الحذف كانت الأُولى أَوْلى.
الثالث: أن الياء التي قلبت ألفًا كانت متحركة فأُعِلَّت بقلبها فإذا حذفت تلك الألف لحق آخر الألف إعلالان)، قال السخاوي
(2)
: (ثم أمران؛ أحدهما: أنها ثابتة في اللفظ إذا فارقت السكون، والثاني: أنها كانت ياء فأُعِلَّت بالقلب: والاعتراض على هذا: أن الألف المنقلبة عن الياء في مثل هذا إنما ترسم ياءً على
(3)
الأصل وإن كانت ألفًا في اللفظ نحو: تسامى وترامى الرجلان؛ فلو كانت لام الفعل هي المرسومة هاهنا لكانت ياءً ولم تكن ألفًا).
وأجاب
(4)
عن ذلك بأن قال: (قد اتفقنا على أن علة الحذف اجتماع الألفين. وقلتم: بأن هذه الألف التي هي لام الفعل قد حُذِفت
(5)
، وهذا اعتراف بأنها قد رسمت ألفًا) قال:(وإنما رسمت هنا ألفًا ولم ترسم ياءً لأنها لو رسمت ياءً لم يكن فرق بين: {تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} فرسموها ألفًا؛ ليقع الفرق بين الفعلين، وقد أجمع كتَّاب المصاحف أيضًا على رسمها ألفًا في: {الْأَقْصَى} و {مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} وذلك لامتناع إمالتها في حال الوصل من الساكن الذي لقيها)
(6)
.
(1)
(لخفائها وبعد مخرجها واستغنائها عن الصورة) اهـ من المحكم صـ 158.
(2)
قول المؤلف: "قال السخاوي" يوهم أن كلام الداني انتهى، وليس الأمر كذلك؛ إذ لا يزال الكلام للداني في المحكم.
(3)
في جميع النسخ التسع "ترسم بإعلال الأصل" وكذا في (بر 1) و (ف) إلا أنهما تختلفان. عن البقية بـ"وإن كانت ألف" وبهامشهما "ألف كذا وجد بأصل المؤلف".
(4)
أي: الداني في المحكم صـ 160، والقائل:(وأجاب .. إلخ) هو السخاوي، وقد تصرف في اللفظ دون الإخلال بالمعنى.
(5)
أي: وصلا لالتقاء الساكنين.
(6)
المحكم صـ 157 - 161، وقد نقله المؤلف من الوسيلة صـ 297 - 298 وقال الداني بعده:(فثبت بجميع ما قدمناه صحة ما ذهبنا إليه واخترناه من كون الألف المرسومة المنقلبة لا التي للبناء).
أقول: الظاهر أن كتابتها بالألف وكون أصلها بالواو منع إمالتها في الوقف والوصل
(1)
، والله أعلم بالفرع والأصل.
154 - نَئَا رَأَى ومعُ اولى النجم ثالثُهُ
…
بالياءِ معْ ألفِ السُّوأَى كذا سُطِرا
(2)
بنقل حركة همزة "أولى" على عين "مع"، " نَئَا رَأَى ": عطف على " تَرَاءَى "؛ أي: اكتبها بألف واحدة، ورُسم " رَأَى " ثالث النجم مع " رَأَى " أولاه
(3)
-فخرج ثاني النجم [آية: 13]{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} -؛ بإثبات الياء مع ألف قبلها، وحَذْفُ تنوينِ "ألف" في النظم للضرورة، كذا " السُّوأَى " بالياء الكائنة مع الألف، وقوله:"سُطِرا" بألف الإطلاق؛ أي: كُتِبَ ما ذُكر.
والمعنى: اتفقت المصاحف على رسم: {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} بسبحان [آية: 83] وفصلت [آية: 51] بألف واحدة بعد النون، وعلى رسم " رَأَى " الثلاثي المتصل بمضمر أو ظاهر متحرك أو ساكن؛ بألف بعد الراء إلا " رَأَى " في "أول النجم وثالثِه""مع السُّوأَى " فإنها رسمت بألف وياء بعد الراء والواو
(4)
، وأمثلة ما رسم بألف واحدة {رَأَى كَوْكَبًا} [الأنعام: 76] {رَأَى أَيْدِيَهُمْ} [هود: 70]{رَأَى الشَّمْسَ} [الأنعام: 78] و {رَأَى الْقَمَرَ} [الأنعام: 77]{إِذَا رَأَتْهُمْ} [الفرقان: 12]{وَإِذَا رَأَوْكَ} [الفرقان: 41]{وَإِذَا رَآكَ} [الأنبياء: 36]، وأمثلة ما رسم بألف وياء:
(1)
في هامش نسخة (بر 1) و (ز 4)(المصرح في عامة كتب القوم أنها تمال في الوقف، وهو المأخوذ من أفواه المشايخ أيضًا، والله تعالى أعلم بحقيقته).
(2)
المقنع صـ 25.
(3)
كذا في (ز 8) إلا أن فيها "أوله" بدل "أولاه"، وباقي النسخ الست الشرح وسط البيت وفيها "أوليه" بدل "أولاه".
(4)
أي: بعد الراء في " رَأَى " وبعد الواو في" السُّوأَى ".
{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11]{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ} [النجم: 18]{أَسَاءُوا السُّوأَى} [الروم: 10]، وفي نسخة: بذرا؛ بدل سطرا؛ ففيه تنبيه على كثرة انتشار هذا الأصل في القرآن.
155 - وَكُلُّ مَا زادَ أُولَاه على ألفٍ
…
بواحدٍ فاعتمدْ مِنْ برقِهِ المَطَرَا
(1)
بألف الإطلاق، وهو مفعول "اعتمد"، و"كل مازاد" مبتدأ، خبره "بواحد" أي: مكتوب بألف واحد، ومعنى قوله:"فاعتمد من برقه المطرا"؛ أي: الذي ذكرته لك أصل مطَّرِد ويدلُّك على غيره ويعرِّفك
(2)
مواضع كثيرة سواه كما يدلك البرق على المطر.
156 - آلَانَآتَى أَأَنْتَ آمَنْتُمْ وزِدْ
…
قُلَ اتَّخَذْتُمْ ورِدْ من روضها خَضِرا
(3)
"رِدْ"؛ أمر من رَادَ الماء؛ طلبه، وفي نسخة؛ رِضْ؛ أمرٌ من راضَ يَروضُ بمعنى خاض ودخل، و"خَضِرا"؛ بفتحٍ فكسرٍ؛ مفعول به بمعنى أخضر، ثم الوزن على استفهام " آلْآنَ " على التمام ونقلِه، ونقلِ " قُلْ أَتَّخَذْتُمْ ".
ومعنى البيتين: أن كل كلمة في أولها ألفان فصاعدًا اتفقت المصاحف على رسمها بألف واحدة نحو: {آلْآنَ}
(4)
{قُلْ آللَّهُ} [يونس: 59]{وَآتَى الْمَالَ} [البقرة: 177]{يَاآدَمُ} {آزَرَ} [الأنعام: 74]{آمِّينَ} [المائدة: 2]{أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6 ويس: 10]{أَأَنْتَ قُلْتَ} [المائدة: 116]{أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} [هود: 72]
(1)
المقنع صـ 24.
(2)
كذا في (ز 8) و (ل) و (س) و (ص)، وفي (ز 4) و (بر 1):"يصرفك".
(3)
المقنع صـ 24.
(4)
وردت هذه اللفظة في كتاب الله مَرَّتَيْن كلاهما في يونس: {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ} [آية: 51] و {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} [آية: 91].
{أَإِذَا كُنَّا}
(1)
{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ} [ص: 8]، وهذه الألفات بعضُها صورة همزة وبعضها صورة ألف، (قال أبو عمرو: وما كان من الاستفهام فيه ألفان أو ثلاثة فإن الرسم ورد في كل المصاحف فيه بإثبات ألف واحدة بلا اختلاف، اكتُفِيَ بها كراهية اجتماع صورتين متفقتين فما فوق ذلك؛ فأما ما فيه ألفان فنحو
(2)
: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} {أَأَشْفَقْتُمْ} [المجادلة: 13]{أَأَقْرَرْتُمْ} [آل عمران: 81]{أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ} [البقرة: 140]{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل: 60 و 61 و 62 و 63 و 64]{أَإِذَا مِتْنَا}
(3)
و {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} [ص: 8]، وما كان مثله مما دخلت فيه همزة الاستفهام على همزة أخرى)
(4)
مفتوحةً أو مكسورةً أو مضمومةً، قال:(وكذلك كل همزة دخلت على ألف سواء كانت تلك الألف مبدلة من همزة أو كانت زائدة نحو: {آمَنَ} و {آمَنُوا} {وَآخَرُ} و {آزَرَ} [الأنعام: 74] و {آمِّينَ الْبَيْتَ} [المائدة: 2] و {آسِنٍ} [محمد: 15] وشبهه، فَرَسْمُ ذلك كلِّه بألف واحدةٍ، وهي عندنا الثانية)، قال: (وأما ما فيه ثلاث ألفات من الاستفهام فقوله
(5)
تعالى: {آمَنْتُمْ بِهِ} في سورة الأعراف [آية: 123] وطه [آية: 71] والشعراء [آية: 49]، وقوله تعالى:{أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ} [الزخرف: 58] لا غير) قال: (والألف الثابتة في الرسم هي همزة الاستفهام، ويجوز أن تكون الأصلية)، قال:(وذلك عندي أوجه)
(6)
.
أقول: ولعلَّ وَجْهَ الأَوْجَهِيَّةِ؛ أن الثباتَ أنسبُ بالأصليةِ، والحذفَ بالعارضيةِ، لا سيما وقد يحذف همزة الاستفهام، في سعة الكلام.
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الرعد: 5].
(2)
في الأصل (نحو) بلا فاء تبعًا للوسيلة صـ 302 - 303 فَأَوْهَمَ، وما أثْبَتُّه من المقنع وهو جواب أما.
(3)
وردت {أَإِذَا مِتْنَا} في القرآن مرارا أولها في سورة المؤمنون آية (82).
(4)
المقنع صـ 24 باب ما حذفت منه الألف اختصارًا.
(5)
في الأصل (نحو قوله) والتصويب من المقنع والوسيلة وهو المطابق لقوله بعده (لا غير).
(6)
كل كلام الداني هذا في المقنع صـ 24 غير أن المؤلف نقله من الوسيلة وهو فيها صـ 302 و 303 و 304.
وقوله: "وزد قُلَ اتَّخَذْتُمْ"؛ أي: ضُمَّ همزةَ الوصل إلى همزة القطع في حكم الحذف، ويريد بالأول؛ لفظًا أو تقديرًا ليندرج نحو:{وَالْآصَالِ}
(1)
وقياس آلْآنَ أربع؛ همزتان وألفان، وقس عليه البواقي، وكنّى عن وضوح الضابط "بالبرق" وعن أفراده "بالمطر" المستفاد منه، وفي البيت الثاني كنّى عن القاعدة بالروضة وعن أفرادها بالغصن الأخضر أي: خُذْها واضحًا، وفي بعض الشروح:{قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ} [الرعد: 16] رسم بألف بين الفاء والتاء في مصاحف الكوفة، وفي مصحف المدينة:{قُلْ أَفَتَّخَذْتُمْ} بغير ألف، قال أبو عمرو الداني:(همزة الوصل إذا دخلت عليها همزة الاستفهام ذهبت من اللفظ والخط استغناءً عنها وذلك نحو: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ} [البقرة: 80] و {أَطَّلَعَ الغَيْبَ} [مريم: 78] و {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص: 75] و {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ} [الصافات: 153])
(2)
(3)
و {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} [المنافقون: 6].
قال السخاوي: (إنها لم تذهب في ذلك من الخط لذهابها من اللفظ ولا للاستغناء عنها؛ لأنها قد رسمت في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ} [الكهف: 63]{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ} [الفرقان: 3]، ولكنها ذهبت في هذه المواضع لئلا يجتمع ألفان فيلتبس
(4)
ذلك بهمزة القطع نحو: {أَأَنْتَ قُلْتَ} [المائدة: 116] فيقرأه من
(1)
معناه: أن الناظم يريد بالأول في قوله: (وكلُّ ما زادَ أولاهُ على ألِفٍ) الألفَ الأولى تحقيقًا نحو: آلْآنَ، أو تقديرًا نحو: الآصال، فإن الألف فيه مبتدأة تقديرًا قبل دخول اللام عليها، وقد وردت {وَالْآصَالِ} في [الأعراف: 205] و [الرعد: 15] و [النور: 36].
(2)
ما بين القوسين بنصه في الوسيلة صـ 304 وقال السخاوي بعد ذكره: (هذا قول أبي عمرو) ومعلوم أن هذه العبارة قد تطلق ويراد بها المذهبُ لا نصَّ القول؛ فتصدير المؤلف الكلام الذي نقله من الوسيلة بقوله: (قال أبو عمرو) أوهمَ أنه نصُّ كلامه أو محصِّله مع أني لم أجده، فالله أعلم.
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [آل عمران: 94].
(4)
في جميع النسخ التسع "وليس" وكذا في (ص) إلا أن فيها "لئلا يجتمعان ألفان".
لا يعلم {أَأَطَّلَعَ} {أَأَصْطَفَى} )
(1)
قال: (وذكر شيخنا أبو القاسم الشاطبي رحمه الله أنهم وجدوا في مصحفٍ بخطِّ أبي داود
(2)
{قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} في سورة الرعد [آية: 16] وقد أخلَى
(3)
موضعَ الألف بين الفاء والتاء وقوفًا عن ذلك؛ لأنه لم يدر كيف يرسمه، ولما رأى
(4)
الهمزة قد سقطت من اللفظ واستُغْنِيَ عنها؛ حصل له شك في إثباتها وإسقاطها، وهي مرسومة في هذه المواضع في جميع المصاحف الكوفية والبصرية؛ لأن اجتماع الصورتين معدوم، قال محمد بن عيسى في كتابه: هو لأهل المدينة بغير ألف، {أَفَتَّخَذْتُمْ} وهو {أَفَاتَّخَذْتُمْ} كوفي وبصري.
وأما قوله تعالى: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: 63] فكتب بألف واحدة ويجوز أن يكون تلك الألف همزةَ الوصل على القراءة بالوصل، ويجوز أن يكون همزةَ الاستفهام على القراءة الأخرى
(5)
وسقطت همزة الوصل لما تقدم والله أعلم)
(6)
.
(1)
الوسيلة صـ 304.
(2)
سليمان بن نجاح؛ شيخ الإقراء مسند القراء وعمدة أهل الأداء، أخذ القراءات عن أبي عمرو الداني، ولازمه مدة، وأكثر عنه، وهو أجل أصحابه، قرأ عليه بَشَرٌ كثير، كان عالمًا بالقراءات وطرقها، حسنَ الضبطِ، ثقةً، دَيِّنًا، له تواليف كثيرة في معاني القرآن العظيم وغيره، ومن أشهرها:"مختصر التبيين لهجاء التنزيل" ومات في 16 رمضان سنة 496. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 450 ترجمة (389) وانظر: الغاية 1/ 316 ترجمة (1392).
(3)
في الأصول كلمة (في) هنا وهي ليست في الوسيلة مع كون حذفها هو الأفصح إن لم يكن الصحيح.
(4)
كذا في (ز 8) و (ص)، وفي (س) تحتمل "لم" وتحتمل "لما"، وفي (ز 4)"وأما رآي"، وفي (بر 1) و (ل)"ولم راي".
(5)
(قرأ البصريان وحمزة والكسائي وخلف بوصل همز {أَتَّخَذْنَاهُمْ} على الخبر، والابتداء بكسر الهمزة، وقرأ الباقون بقطع الهمزة مفتوحة على الاستفهام). اهـ من النشر 2/ 361 - 362 وانظر: الكشف 2/ 233، والإقناع 2/ 748.
(6)
انظر: الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 305.
157 - لَأَمْلَأَنَّ اشْمَأَزَّتْ و امْتَلَأْتِ لدَى
…
جُلِّ العراقِ اطْمَأَنُّواْ لمْ تَنَلْ صُوَرا
(1)
أي هذه الكلمات "لم تنل" همزها "صورًا" يعني قوله تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} حيث جاء
(2)
، و {وَاطْمَأَنُّوا بِهَا} بيونس [آية: 7] {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ} بالزمر [آية: 45] و {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ} في قاف [آية: 30]، لم تُرْسَمْ صورةٌ لهمزتها الثانية في أكثر المصاحف العراقية، وقال في المقنع
(3)
: (وأكثر مصاحف المدينة). فعدَمُ ضمِّ المدني إلى العراقيِّ نقصٌ من الأصل، ورُسِمَتْ همزتُها ألفًا في المصحف الحجازي والشامي وأقل المصاحف العراقية والمدنية، وقال في المقنع
(4)
: ({اطْمَأْنَنْتُمْ} [النساء: 103] بالألف في كل المصاحف) لكن قيل في الشامي بلا ألف
(5)
.
158 - لَلدَّارُ وَأْتُوا و فَأْتُوا وَاسْأَلُوا فَسَلُواْ
…
في شَكلِهِنَّ و بِسْمِ اللَّهِ نِلْ يُسُرا
(6)
وفي نسخة: فَاسْأَلُوا وَسَلُوا
(7)
، اليُسُر؛ بضمتين لغة في الضم والسكون
(8)
، وقيل: الأول إتْبَاعٌ
(9)
؛ وهما ضد العسر
(10)
، أي: خذ
(11)
أصلًا سهلًا بالاستنباط.
(1)
المقنع صـ 25، 26.
(2)
وقد جاء في أربعة مواضع وهي: سورة الأعراف آية (18) وهود آية (119) والسجدة آية (13) وص آية (85).
(3)
صـ 25.
(4)
صـ 26.
(5)
قال السخاوي في الوسيلة صـ 307: (ورأيت فيه ـ أي: المصحف الشامي ـ (اشْمَئَزَّتْ)، (امْتَلَئْتِ)، (اطْمَئَنُّوا) كل ذلك لم ترسم فيه ألف صورةً للهمزة).
(6)
المقنع صـ 29، 30.
(7)
كذا في (ز 8)، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل)، في وسط البيت بعض عبارات الشرح.
(8)
أي: لغة في اليُسْر بضم فسكون، وقد ذكرها في اللسان 5/ 296.
(9)
أي: وقيل الأول الذي هو اليُسُر بضمتين ليس لغةً وإنما هو إتباع حركةِ السين حركةَ الياء فتضم إتباعًا لها.
(10)
انظر اللسان 5/ 296.
(11)
كذا في (ز 8)، و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل)، وفي (ص):"احفظ".
والمعنى: اتفقت المصاحف على رسم همزة الوصل ألفًا إن لم يدخل عليها أداة أو دخلت عليها، إلا في خمسة أصول لم يرسم لها صورة:
الأول: صورة همزة لام التعريف وشبهها
(1)
إذا دخل عليها لامُ الجرِّ والابتداء نحو: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: 180]{لِلْمَلَائِكَةِ}
(2)
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: 26]{وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} [الأنعام: 32] و {لَلَّذِي بِبَكَّةَ} [آل عمران: 96].
الثاني: الهمزة الداخلة على همزةٍ هي فاء
(3)
إذا دخل عليها واو العطف وفاؤه
(4)
نحو: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] و {فَأْتُوا بِسُورَةٍ} [البقرة: 23 ويونس: 38]{فَأْتِ بِهَا} [البقرة: 258] و [الأعراف: 106]{وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ} [الطلاق: 6]؛ لأنه لا يحسن الابتداء بما بعده.
وهذا الأصل مندرج في قوله: وكل ما زاد أولاه
…
إلى آخره
(5)
، فإن خلت عن الواو والفاء
(6)
رسمت همزةُ الوصل ألفًا، والفاءُ أيضًا على تخفيف الابتداء
(7)
نحو: {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} [طه: 64] و {قَالَ ائْتُونِي} [يوسف: 59]
(1)
يريد بشبهها ما إذا كانت زائدة لازمة مثلا كالذين، قال ابن مالك:
وقد تزاد لازما كاللات والآن والذين ثم اللاتي.
(2)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 30].
(3)
أي: هي فاء الكلمة بالميزان الصرفي.
(4)
أي: فاء العطف.
(5)
البيت 155 ونصه: وَكُلُّ مَا زادَ أُولَاه على ألفٍ بواحدٍ فاعتمدْ مِنْ برقِهِ المَطَرَا
(6)
أي: واو العطف وفاؤه.
(7)
في حاشية نسخه (ز 8) ما نصه: (أي يكتب الهمزة التي هي فاء الفعل عند خلو همزة الوصل عن الواو والفاء كما إذا وقع قبلها غيرهما؛ على صورة الهمزة للخفة بالإبدال، وهي صورة الياء أو الواو، وذلك لأن همزة الوصل الداخلة على مهموزِ الفاءِ إما مكسورةٌ أو مضمومةٌ، فلو وقع الابتداء بها فالهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل بعدها يخفف بالإبدال على الياء بعد المكسورة وبالإبدال على الواو بعد المضمومة، وأما عند عدم الابتداء بها فيحقق همزة فاء الفعل لعدم موجب الإبدال من اجتماع الهمزتين ولكن يكتب على طبق المخفف بالإبدال عند الابتداء وصورته من الواو والياء).
و {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي} [يوسف: 50، 54] و {الَّذِي اؤْتُمِنَ} [البقرة: 283] على طبق ما يبتدأ به.
الثالث: الهمزة الداخلة على أمر المخاطب من سأل أو اسأل إذا دخل عليه واو وفاء نحو: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا} [الزخرف: 45]{فَاسْأَلُوا} [النحل: 43 والأنبياء: 7].
الرابع: الهمزة الداخلة عليها همزة الاستفهام نحو: {أَفْتَرَى} [سبأ: 8]{آلذَّكَرَيْنِ} [الأنعام: 143، 144] وهو مندرج أيضًا في قوله: وكل ما زاد أولاه
(1)
، ولما عمم القاعدة هناك تركه هنا.
الخامس: همزة الاسم المجرور بالباء المضاف إلى الله تعالى نحو: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في أوائل السور ووسط النمل و {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا} [هود: 41]، وقولنا:"المجرور بالباء" يخرج العاري نحو: {اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40] والمجرور بغير الباء نحو: (لاسم الله)
(2)
، وبقولنا:"المضاف" خرج غير المضاف نحو: {بِئْسَ الِاسْمُ} [الحجرات: 11]، وبقولنا:"إلى الله تعالى" خرج المضاف إلى غير اسم الجلالة نحو: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [الواقعة: 47 و 96 والحاقة: 52]، وسبب ذلك قلة هذا وكثرة ذاك.
159 - وزِدْ بَنُو ألِفًا في يُونسٍ وَلدَى
…
فِعْلِ الجميع وَوَاوِ الفرْدِ كيف جَرَى
(3)
أي: كل واحد منهما، "يونسٍ"؛ بالتنوين ضرورة
(4)
، ثم قوله:" بَنُو " المفعولُ الأول لـ"زد"، و"ألفًا" مفعولُه الثاني، وقوله:"لدى" و"واو
(1)
البيت 155 وتقدم ذكره قبل حاشيتين.
(2)
لا توجد آية بهذا اللفظ.
(3)
المقنع صـ 27، 28.
(4)
كذا في (ز 8)، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل)، في وسط البيت بعض عبارات الشرح.
الفرد" كل واحد منهما عطف على قوله: "يونس"؛ أي: "زد ألفًا" "لدى فِعْلِ الجميع" "وزد ألفًا لدى" "واو الفرد" حيث رُسِمَ احترازًا عن نحو: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ} [الإسراء: 11] على ما يجيء له من البيان
(1)
.
والمعنى: اتفقت المصاحف على زيادة ألف بعد واو {بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ} في يونس [آية: 90]، وعلى زيادة ألفٍ بعد واو ضمير الجمع في الفعل والاسم، وعلى زيادة ألفٍ بعد واو الفرد أي: الأصل -إلا ما استثناه
(2)
- لوقوعها طرفًا نحو: {آمَنُوا} [البقرة: 9] و {كَفَرُوا} [البقرة: 6] و {آوَوْا وَنَصَرُوا} [الأنفال: 72 و 74] و {دَخَلُوا}
(3)
و {وَعَمِلُوا}
(4)
و {غُدُوًّا} [غافر: 46] و {لَوَّوْا} [المنافقون: 5] و {يَرْجُو}
(5)
و {تَرْجُو} [القصص: 86] و {يَدْعُو}
(6)
و {لَنْ نَدْعُوَ} [الكهف: 14].
فإن لم يتطرف لم يحذف
(7)
نحو قوله: {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: 191]{وَقِفُوهُمْ} [الصافات: 24]{الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ} [لقمان: 21]، وكذا:{وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} [المطففين: 3] رُسِمَا بحذف الألف في جميع المصاحف.
ولا يُفهَمُ من النظم إلا من أمثلة التخصيص، وزيد ألف بعد واو الرفع نحو:{أُولُو بَقِيَّةٍ} [هود: 116] و {وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18] و {وَأُولُو الْأَلْبَابِ}
(8)
(1)
في البيت 194 ونصه: وَوَاوُ يَدْعُ لدَى سبحانَ واقتَرَبَتْ يَمْحُ بحاميمَ نَدْعُ في اقرَأ اختُصِرَا
(2)
في البيتين اللاحقين.
(3)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[المائدة: 61].
(4)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 25].
(5)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[الكهف: 110].
(6)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 221].
(7)
في نسخة (ف) و (بر 1) و (ز 4): (كذا وجد بخط المؤلف ولا يستقيم المعنى إلا بحذف "لم" الثاني فتدبر) وهو كما قال.
(8)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 269].
و {أُولُو الْعَزْمِ} [الأحقاف: 35]، وزيد [الألف]
(1)
أيضًا بعد واو الرفع والجمع نحو: {مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46 وهود: 29]{إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ} [القمر: 27] و {كَاشِفُو الْعَذَابِ} [الدخان: 15] وأمثالها، ولا يندرجان في النظم فهنا نقص
(2)
إلا على تقدير فعل الجمع وفرعه
(3)
، واتفقت المصاحف على حذف الألف بعد واو الإعراب في الاسم الواحد نحو:{لَذُو فَضْلٍ}
(4)
ويشمله كلام المصنف فلو قال: واو الجمع لأخرجه
(5)
.
160 - جَاءُوا وَبَاءُوا احْذِفُوا فَاءُوا سَعَوْا بِسَبَأ
…
عَتَوْ عُتُوًّا وقلْ تَبَوَّءُوا أُخَرَا
(6)
جَمْعُ أَخِير كشريف وشرفاء؛ قُصِر للوقف، ونصب على الحال أو البدل؛ أي: حذفوا أخير هذه الكلمات يعني الألف من آخرهن، أو الألف الأخيرة لأن في بعضها ألفًا غير أخيرة، ثم هذا البيت استثناء من قوله:"فعل الجميع"
(7)
، أي: احذف للرسم ألف " جَاءُوا وَبَاءُوا " إلى آخره.
يعني: اتفقت المصاحف بعد واو الجمع على حذف الألف في أصلين في جميع القرآن وفي أربعة أحرف، أما الأصلان فـ {جَاءُوا}
(8)
و {وَبَاءُوا} حيث وقعا نحو: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ} [يوسف: 16]{وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ} [يوسف: 18]
(1)
في الأصل "وزيد الواو"؛ وهو سبق قلم؛ وصوابه ما أثبتُّ.
(2)
أي: في العقيلة عن المقنع.
(3)
وعليه فيندرج فيه (مُلَاقُو و كَاشِفُو و مُرْسِلُو) لأنها فرع عن فعل الجمع فكل منها اسم فاعل.
(4)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 243].
(5)
كذا في (ز 4) و (ز 8)، وفي (بر 1) و (ل) و (س) و (ص)"لأخرج".
(6)
المقنع صـ 26، 27.
(7)
في البيت السابق رقم 159.
(8)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[آل عمران: 184].
{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} [النور: 11]{وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ} [البقرة: 61]{وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ} [آل عمران: 112]، وأما الأحرف الأربعة:{فَإِنْ فَاءُوا} في البقرة [آية: 226] وليس غيرها، {وَعَتَوْا} في الفرقان [آية: 21] فخرج: {فَلَمَّا عَتَوْا} [الأعراف: 166]
(1)
و {وَالَّذِينَ سَعَوْا} في سبأ [آية: 5] فخرج {وَالَّذِينَ سَعَوْا} في الحج [آية: 51]، والرابع {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا} في الحشر [آية: 9] فإنه أيضًا رسم بحذف الألف مع واوين قاله في المقنع
(2)
، وما قيَّد الناظم فَاءُوا و تَبَوَّءُوا بالسورتين لأنه لا يكون غيرهما على صفتهما في القرآن.
161 - أَنْ يَعْفُوَ الحذفُ فيها دونَ سائِرِها
…
يَعْفُواْ وَنَبْلُوَ معْ لَنْ نَدْعُوَ النُّظَرَا
(3)
جمع نظير؛ قُصِرَ للوقف؛ وهذا البيت استثناء آخر
(4)
من قوله: واو الفرد
(5)
؛ وهو
(6)
مبتدأ، خبرُه قوله:"الحذف"، وقوله:"فيها" أي: في ألفها، و"دون سائرها"؛ ظرفُ الحذفِ، و"يعفو"؛ بدل بعض من "سائرها"، و"مع"؛ صفةُ "يَعْفُواْ وَنَبْلُوَ "، وقوله:"النظرا" صفةٌ بعد صفةٍ.
والمعنى: اتقفت المصاحف على حذف ألفِ واوِ الواحدِ في قوله: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} في النساء فقط [آية: 99] دون بقية لفظها في غيرها، أي:
(1)
وخرج أيضًا: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا} [الأعراف: 77] و {فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} [الذاريات: 44].
(2)
صـ 26، 27 باب ما حذفت منه الألف اختصارًا.
(3)
المقنع صـ 27.
(4)
أي: هو استثناء آخر من البيت (159)؛ إذ الأول قد سبق في البيت (160)؛ لا من خصوص كلمة واو الفرد؛ إذ لم يسبق أن استثنى منها.
(5)
في البيت (159).
(6)
يعني لفظ: أن يَعْفُوَ.
غير النساء دون أمثالها نحو: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ} بالبقرة [آية: 237]{وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} بالشورى [آية: 30 والمائدة: 15] و {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ} الكهف [آية: 14]{وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} بمحمد [آية: 31]{وَأَدْعُو} بمريم [آية: 48] و {تَرْجُو} بالقصص [آية: 86]، وقيد الناظم " يَعْفُوَ " بـ " أَنْ " فلا حاجة إلى تقييده بسورة النساء.
باب من الزيادة
أي: بعض زيادة الألف
162 - في الكهفِ شينُ لِشَيْءٍ بعدَهُ ألفٌ
…
وقولُ: في كل
(1)
شَيْءٍ ليسَ مُعتَبَرًا
(2)
وفي نسخة: "وقول"؛ أي: وقول زيادتها.
والمعنى: اتفقت المصاحف على زيادة ألف بين الشين والياء في قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] علامةً لفتحة الشين على ما كان في الاصطلاح الأول، واختلف فيما سواه، والقول الصحيح: أنها لا تزاد في غيره كما قال، وقول زيادتها في كل {شَيْءٍ} في القرآن لا يعتبر؛ لأن هذا قول محمد بن عيسى الأصفهاني فإنه قال:(رأيت في مصحف عبد الله ابن مسعود كلَّ {شَيْءٍ} بالألف) وهو ليس متبعًا على ذلك لرجحان المصاحف العثمانية وليس في واحد منها بالألف.
163 - وزادَ في مِائَتَيْنِ الكلُّ مَعْ مِائَةٍ
…
وفي ابْنٍ اثباتُها وَصْفًا وقلْ خَبَرًا
(3)
مفعولُ "زاد" محذوفٌ؛ أي: الألفَ، و"الكلُّ": فاعلُ قولِه: "زاد"؛ أي: "زاد" الألفَ "كلُّ" النَّقَلةِ، و"في ابْن"؛ خبرٌ، "إثباتها"؛ مبتدأٌ، "وصفًا"؛ حالٌ، "وقل خبرا"؛ حالٌ أيضًا؛ والمعنى: إثباتُ الألفِ "في ابْن"؛ حال كونِ "ابْن" وصفًا أو خبرًا.
(1)
كذا في (ز 8)، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل) في وسط البيت بعض عبارات الشرح.
(2)
المقنع صـ 42.
(3)
المقنع صـ 30، 42.
أي: زاد الراسمون في كل المصاحف ألفًا بعد ميم " مِائَةٍ " وتثنيته وما يقوم مقام جمعِهِ، قال أهل العربية: للفرق بينه وبين مِنْهُ، ولم يزيدوا في فِئَةٍ وفِئَتَينِ للفرق بينهما وبين فيه؛ لأن التفرقة في الصورة غير واجبة
(1)
، وربما يقال: استعمال مِاْئة أكثر من تداول فئة، نحو
(2)
: {مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66]{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} [الكهف: 25].
وأثبتوا الألف في كل المصاحف في ابْن وابْنَت؛ وصفًا نحو: {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [المائدة: 110 و 112 و 116]{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 75]{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} [التحريم: 12]، وخبرًا {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]؛ أو خبرًا
(3)
عنه نحو: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: 45]{إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} [يوسف: 81]{إِحْدَى ابْنَتَيَّ} [القصص: 27]، فإن قيل: لو أطلق قوله: "ابْن"، من غير تقييدٍ بالوصفِ والخبر لعمَّ الحكمُ أيضًا
(4)
، قلت: لو اقتصر على ذلك لتُوُهِّمَ حملُه على مذهب النحاة من حذْفِ ألفِ "ابْن" وصفًا لعلم مضاف إلى علمٍ آخر وإثباتِها في غير ذلك، قال بعض الشراح: الظاهر أنه احترز بذلك عن مثل قوله: {يَبْنَؤُمَّ} [طه: 94] فإنه رسم بحذف الألف ولا يكون صفةً ولا خبرًا.
(1)
قوله: (لأن التفرقة في الصورة غير واجبة) تعليل لقوله: (ولم يزيدوا).
(2)
هذا تمثيل لزيادة الراسمين في كل المصاحف ألفًا بعد ميم " مِائَةٍ " وتثنيته وما يقوم مقام جمعه.
(3)
كذا في (ز 4) و (بر 1)، وفي (ز 8)"وإخبارًا عنه".
(4)
أي: فما الحاجة إلى هذين القيدين في قوله: وفي ابْنٍ اثباتُها وَصْفًا وقلْ خَبَرًا؟.
164 - لَنَسْفَعًا لَيَكُونًا مَعْ إِذًا ألفٌ
…
والنونُ في وَكَأَيِّنْ كلِّها زَهَرَا
(1)
أي: نون " لَنَسْفَعًا " رسمت ألفًا، وكذا و"لَيَكُونًا"، وحُذِفَ لامُه ضرورةً
(2)
، وكان الأَوْلى أن يقول:"لَيَكُونًا مَعْ" نون " إِذًا "، و"كلها"؛ تأكيدُ "كَأَيِّن"، و"زَهَرَا"؛ بألف الإطلاق؛ أي: أضاء.
والمعنى: (اتفقت المصاحف على رسم نون التأكيد الخفيفة ونون إذًا عاملةً ومهملةً ألفًا حيث جاءتا)، كذا قاله شارح
(3)
، لكن إذًا العاملة ما توجد في التنزيل، وعلى رسم تنوينِ " وَكَأَيِّنْ " نونًا كيف وقعت، وهي
(4)
: {وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف: 32] و {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق: 15] وليس غيرهما في القرآن، ونحو
(5)
: {فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ} [النساء: 53] و {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ} [الإسراء: 75] و {وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ} [الإسراء: 76] و {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ} [آل عمران: 146] و {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} [الحج: 48 ومحمد: 13 والطلاق: 8]، وجهُ رسمِ نونِ التأكيدِ الخفيفةِ ألفًا ونونِ إذًا ألفًا مرادُ الوقفِ؛ أي: الوقف على هذين النونين بالألف حملًا على التنوين المنصوب بجامع أن كلًّا منهما نونٌ ساكنةٌ طرفٌ بعدَ فتحةٍ، ووجهُ رسمِ التنوينِ نونًا في كَأَيِّن مرادُ الوصلِ، والمذهبان يستعملان في الرسم؛ أي: الرسمُ تارةً يُحْمَلُ على الوقفِ نحو: رَحْمَةٌ هاء، وتارة على الأصل كرسمها تاء فكذلك هنا.
(1)
المقنع صـ 43، 44.
(2)
إنما قال: (وحُذِفَ لامُه ضرورةً) لأنها في سائر النسخ: (" لَنَسْفَعًا ""وَيَكُونًا" مَعْ " إِذًا " ألفٌ)، والذي عليه شرح الوسيلة والجميلة والدرة الصقيلة؛ كما اقترح الشارح، وهو الذي أثبتُّه وبه يتضح أن لا ضرورة تلجئ لحذف اللام من الآية فالبيت مستقيم بها إذا حذفت الواو العاطفة.
(3)
هذا نص كلام الجعبري في الجميلة صـ 238.
(4)
أي: نون التأكيد الخفيفة.
(5)
هذه أمثلة " إِذًا "ثم"كَأَيِّن".
165 - و الْأَيْكَةِ الألفان الحذفُ نالَهما
…
في صادَ والشعراءِ طيِّبًا شَجَرا
(1)
" الْأَيْكَةِ ": مبتدأ، "الألفان": مبتدأ ثان، "الحذفُ": مبتدأ ثالث، "نالهما": أصابهما
(2)
؛ خبرُ الثالثِ، والكل خبر الثاني
(3)
والكل خبر الأول
(4)
، "في صادَ"؛ بالفتح
(5)
للخفة، ورسم صاد على الهجاء
(6)
للبيان، و"طيِّبًا": حال من ضمير "نالهما"، "شجرا": تمييز، أي: طاب "شجر" الحذف وضده الذي هو الإثبات
(7)
.
والمعنى: رسم في كل المصاحف {أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} بلام واحدة من غير ألف قبلها ولا بعدها في الشعراء [آية: 176] وصاد [آية: 13] على وزن لَيْلَة، كما قرأه نافع وابن كثير وابن عامر
(8)
، لا بالهمزتين
(9)
، ولامٍ ساكنٍ بينهما كما قرأه
(1)
المقنع صـ 21.
(2)
كذا في (ز 8) و (ل) و (س) و (ق) و (بر 3) وكذا في (ز 4) و (بر 1) و (ف) إلا أن في حاشيتها "ووجد في النسخة المقابلة على خط المؤلف أصحابهما مكان أصابهما وهو غير ظاهر فتنبه" وفي (ص) هذا الكلام في المتن وبقية النسخ لا توجد فيها هذه العبارة لا في الحاشية ولا في المتن.
(3)
أي: كل من المبتدأ الثالث وخبره خبر المبتدأ الثاني.
(4)
أي: كل من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول.
(5)
أي: فتح الدال من صاد.
(6)
أي: كتبها "صاد" ولم يكتبها "ص".
(7)
وقال الجعبري في الجميلة صـ 241: (أي حسن اجتماع الحذفين والإثباتين على المعنيين خلافًا لمن قال: المعنى واحد فلا معنى لاختلاف اللفظ) فالحذفان في [صاد: 3] و [الشعراء: 176]، والإثباتان في [الحجر: 78] و [قاف: 14].
(8)
منصوبًا، قال في الكشف 2/ 32: (بلامٍ مفتوحةٍ والنصب على وزن فَعْلة
…
اسمًا معرفة للبلدة فترك صرفه للتعريف والتأنيث).
(9)
سَمَّاهما هنا همزتين، وسماهما في السطر السابق ألفين (ففيه تغليب، أو الألف يطلق على اللينة وغيرها) كما قال المؤلف في كلامه على {فَادَّارَأْتُمْ} شرح البيت (47).
الباقون
(1)
، ورُسِم {الْأَيْكَةِ} بألفين مكتنفي اللام
(2)
بالحجر وق
(3)
، وقرأهما كل السبعة بالألفين
(4)
، ووجه حذفهما وإثباتهما أن الْأَيْكَةِ اسم القرية، فرسم على لفظه، و الْأَيْكَةِ: البلاد كلها، فرتبوا الخلافَ على لفظها أيضًا فنُسِبوا إلى الخاص أولًا
(5)
وإلى العام ثانيًا
(6)
.
(1)
مخفوضًا، لأنه مصروف. انظر: النشر 2/ 336، الكشف 2/ 32، والإقناع 2/ 717.
(2)
كذا في (س) و (ص)؛ من الاكتناف، وهو الإحاطة، وفي (ز 4)"مكتتفي اللام"، وفي (بر 1) و (ل)"مكتفي اللام"، وفي (ز 8)"يكتفي".
(3)
قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ} [الحجر: 78] وقوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ} [ق: 14].
(4)
انظر: النشر 2/ 336، الكشف 2/ 32.
(5)
أي: في آيتي صاد والشعراء، نسبوا إلى الخاص الذي هو القرية.
(6)
أي: في آيتي الحجر وقاف، نسبوا إلى العام الذي هو: المعاملة كما قال الجعبري في الجميلة صـ 241، والبلاد كلها كما قال المؤلف.
باب حذف الياء وثبوتها
الغرض من هذا الباب حذف الياء المحذوفة من الرسم من غير عامل، واندرج فيه باب إثبات الياء لأنه يكتفى بالضد على طريق المفهوم، (وتنقسم هذه الياء إلى أصليةٍ وزائدةٍ، وإلى متوسطةٍ ومتطرفةٍ، وإلى فاصلةٍ وغيرِ فاصلةٍ، وإلى محذوفةٍ في اللفظ وثابتةٍ فيه ومختلفٍ بينهما، وحَصَرَ الأقلّ)
(1)
.
166 - وتَعرِفُ الياءَ في حال الثبوت إذا
…
حصَّلتَ محذوفها فخذه مبتَكِرًا
الضمير في "محذوفها" إلى "الياء" أي: "إذا حصَّلتَ" أنت معرفةَ "محذوف""الياءِ"؛ أي: الياءات المحذوفةَ في الرسم "تَعرِفُ" حينئذٍ الياءاتِ الثابتةَ فيه وهي ما عداها؛ لأن الأشياء تعرف بأضدادها، "فخذ" محذوفَ الياءِ حال كونك "مبتَكِرًا"؛ يقال: ابْتَكَرَ وأَبْكَرَ وبَكَّرَ وبَاكَرَ؛ أي: جاء بكرة
(2)
، ثم اعلم أن الجعبري جعل الياءاتِ المحذوفةَ في الرسم على ثلاثة أقسام
(3)
: قسمٌ في الفعلِ والاسمِ الخالي عن التنوين والنداء، وقسمٌ في المنقوص المُنَوَّنِ، وقسمٌ في المنادى المضاف إلى ياء المتكلمِ، فالأول -قال- مائةٌ وثلاثةٌ وثلاثون، وعدَّها بترتيب السور مجتمعةَ النظائرِ
(4)
، وعدَّها في المقنعِ بترتيب السورِ
(5)
، وعدَّها المصنفُ كما اقتضاه النظم من غير التزامِ ترتيبٍ حيثُ قال:
(1)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 242.
(2)
أفاده في لسان العرب 4/ 76.
(3)
ذكر هذا التقسيم في شرح البيت 183، انظر الجميلة صـ 242.
(4)
انظر: الجميلة صـ 247 - 249.
(5)
انظر: المقنع صـ 30 - 33.
167 - حيث ارْهَبُونِ اتَّقُونِ تَكْفُرُونِ أَطِيـ
…
ـعُونِ اسْمَعُونِ وَخَافُونِ اعْبُدُونِ طَرَا
(1)
يتزن البيت بإشباع نون "اتَّقُونِ"
(2)
.
أي: حصل حذف الياء من هذه الكلمات الخمس حيث وقعت في القرآن، أما "ارْهَبُونِ" ففي البقرة
(3)
والنحل
(4)
، وأما "اتَّقُونِ" ففي البقرة موضعان:{وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} [آية: 41]{وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [آية: 197] وفي المؤمنين [آية: 52]{وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} وفي الزمر [آية: 16]{يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ} ، وأما "تَكْفُرُونِ" ففي البقرة فقط [آية: 152]، وهو قوله:{وَلَا تَكْفُرُونِ} ، وأما "أَطِيعُونِ" فواحدٌ في آل عمران
(5)
وثمانية في الشعراء
(6)
وواحد في الزخرف
(7)
وواحد في نوح
(8)
، وأما " فَاسْمَعُونِ " ففي يس
(9)
، "وَخَافُونِ" في آل عمران فقط
(10)
، وأما "اعْبُدُونِ" ففي الأنبياء [آية: 25، 92] {إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} وفي العنكبوت [آية: 56] {فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} وفي الذاريات [آية: 56]{إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} هكذا قال بعض الشراح
(11)
وهو غلط؛ فإنه
(12)
لفظ آخر وقد نص عليه الناظم بقوله: دِينِ تُمِدُّونَنِ لِيَعْبُدُونِ كما سيأتي
(13)
.
(1)
المقنع صـ 30 - 32.
(2)
كذا في (ز 8)، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل)، في وسط البيت بعض عبارات الشرح.
(3)
قوله تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40].
(4)
قوله تعالى: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [النحل: 51].
(5)
قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [آل عمران: 50].
(6)
قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [الشعراء: 108، 110، 126، 131، 144، 150، 163، 179].
(7)
قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [الزخرف: 63].
(8)
قوله تعالى: {وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} [نوح: 3].
(9)
قوله تعالى: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} [يس: 25].
(10)
وهو قوله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175].
(11)
هو السخاوي في الوسيلة صـ 326.
(12)
الضمير يرجع إلى المثال الذي مثل به السخاوي: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
(13)
في البيت رقم (179).
168 - إلا بياسينَ و الدَّاعِ دَعَانِ وكِيـ
…
ـدُونِ سِوى هودَ تُخْزُونِ وَعيدِ عَرَا
(1)
أي: أصاب الحذفُ كلّ ذلك، والبيت يتزن بإثبات الياء في " الدَّاعِ " و"كيدُونِ" و"تُخْزُونِ" وحذف الباقي، ثم الاستثناء من "اعْبُدُونِ"؛ أي: لفظ "اعْبُدُونِ" بحذف الياء في جميع القرآن إلا الحرف الواحد الذي بياسين
(2)
فإنه بالإثبات، ثم قوله:"و الدَّاعِ "؛ أي: حيث وقعت هذه الخمس
(3)
فرسمت بحذف الياء، و" الدَّاعِ " ثلاثةُ مواضعٍ؛ في البقرة [آية: 186] {دَعْوَةَ الدَّاعِ} ، وفي القمر {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} [آية: 8] و {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} [آية: 6]، و"دَعَانِ" في البقرة فقط [آية: 186]، و"كيدُونِ" في ثلاثة مواضع؛ في الأعراف [آية: 195] {ثُمَّ كِيدُونِ} وفي المرسلات [آية: 39]{فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} فهما بحذف الياء، والثالث {فَكِيدُونِي جَمِيعًا} بهود [آية: 55] بالإثبات، وهذا معنى قوله:"سوى هودَ"، وهو غير منصرفٍ للعلميةِ وتأنيثِ القبيلة
(4)
و {تُخْزُونِ} في هود
(5)
وفي الحجر
(6)
، و"وَعيدِ" في ثلاثة مواضع في إبراهيم [آية: 14] {وَخَافَ وَعِيدِ} ، وفي ق:{فَحَقَّ وَعِيدِ} [آية: 14]، و {مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [آية: 45].
(1)
المقنع صـ 30، 31.
(2)
وهو قوله تعالى: {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [يس: 61].
(3)
الخمس هي: (الدَّاعِ ودَعَانِ وكِيدُونِ وتُخْزُونِ ووَعيدِ) المذكورات في البيت.
(4)
بل تأنيث السورة، إذ القبيلة عاد لا هود كما هو معلوم.
(5)
قوله تعالى: {قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} [هود: 78].
(6)
قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ} [الحجر: 69].
169 - وَاخْشَوْنِ لاأوَّلًا تُكَلِّمُونِ يُكَذْ
…
ذِبُونِ أُولَى دُعَاءِ يَقْتُلُونِ مَرَا
(1)
169
فعلٌ ماضٍ من مَرَا الفرسَ؛ استخرج جريَه
(2)
، وهنا معناه استخرج ناقل
(3)
ذلك بتتبعه
(4)
؛ أي: وحذفُ ياء " وَاخْشَوْنِ "، وقوله:"لا أوَّلًا": لا؛ عاطف
(5)
؛ أي: ليس الأولُ من لفظ "اخْشَوْنِ" بالحذف، وهو قوله في البقرة [آية: 150]: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} فإنه بالإثبات في كل الرسوم، وغير الأول موضعان كلاهما في المائدة، وهما قوله:{فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ} [آية: 3]{فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [آية: 44] ولا" تُكَلِّمُونِ " في موضع واحد {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} بالمؤمنين [آية: 108]، و" يُكَذِّبُونِ " موضعان {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} بالشعراء [آية: 12] {أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ}
(6)
في القصص [آية: 34]، و"أُولَى دُعَاءِ " وهي التي في سورة إبراهيم
(7)
فإنها بحذف الياء، والثانية في سورة نوح
(8)
وهو بالإثبات، و" يَقْتُلُونِ " في الشعراء
(9)
والقصص
(10)
فقط.
(1)
المقنع صـ 31، 32.
(2)
انظر: اللسان 15/ 277 مادة "م ر ا".
(3)
كذا في (ز 8) و (س) و (ص)، وفي (ز 4)"ناقلُ" بالضم، وفي (بر 1)"ناقلٌ" بالتنوين، وفي (ل) في حاشيتها "أي استخرج الرُّسَّام حذف ياء واخشون".
(4)
أي: استفرغ الرُّسَّام وسعهم بتتبعه.
(5)
كذا قال، وإنما هي هنا نافية كما هو ظاهر.
(6)
في الأصل: (فَأَخَافُ) وصوابه ما أثبتناه، ولعله سبق قلم وذهابُ وهَلٍ إلى {فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [القصص: 33].
(7)
قوله تعالى: {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40].
(8)
قوله تعالى: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} [نوح: 6].
(9)
قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [الشعراء: 14].
(10)
قوله تعالى: {إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [القصص: 33].
170 - وَقَدْ هَدَانِ وفي نَذِيرِ معْ نُذُرِ
…
تَسْأَلْنِ في هودَ مَعْ يَأْتِ بِهَا وَقرَا
(1)
أي: " وَقَدْ هَدَانِ " في الأنعام [آية: 80] فقط، وقيده بـ"قد" احترازًا من قوله:{لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي} في الزمر [آية: 57] فإنه بإثبات الياء رسمًا، وفي {كَيْفَ " نَذِيرِ "} في سورة الملك [آية: 17] فقط، "مع {وَنُذُرِ} " في ستة مواضع في القمر
(2)
، و {لَا " تَسْأَلْنِ "} في هود
(3)
"مع"{يَوْمَ " يَأْتِ " لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ} بها أيضًا [آية: 105]، "وَقَرَا"؛ بألف الإطلاق؛ أي: ثبت حذف ياء هذه الكلمات، وقَيَّدَ " تَسْأَلْنِ " و" يَأْتِ " بـ"هود" فخرج {تَسْأَلْنِي} بالكهف [آية: 70] و {إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ} في البقرة [آية: 258] فإن الياء ثابتة فيهما، والله تعالى أعلم.
171 - وتَشْهَدُونِ ارْجِعُونِ إِنْ يُرِدْنِ نَكِيـ
…
ـرِ ينُقِذُونِ مَآبِ مَعْ مَتَابِ ذُرَا
(4)
"ارْجِعُونِ" و"نَكِيرِ" و"مَآبِ" بإشباع الكسر في الثلاث للوزن
(5)
، "ذُرَا" بضم الذال المعجمة؛ جمع الذروة وهي أعلى الشيء، وهي خبر مبتدأ محذوف؛ أي: وحذف ياء "تشهدونِ" ومعطوفاته بحرف عطف مقدر ذو "ذرا" أي: شهرة، وإن ثبت فتحه فهو فعل ماض
(6)
، أي: نشر الرُّسَّامُ حذفَها، وقيل: الذروة مثلثة الذال.
(1)
المقنع صـ 31، 33.
(2)
وهي: [القمر: 16، 18، 21، 30، 37، 39].
(3)
قوله تعالى: {قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [هود: 46].
(4)
المقنع صـ 31، 32، 33.
(5)
كذا في (ز 8)، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل)، في وسط البيت بعض عبارات الشرح.
(6)
أي: إن ثبت فتح الذال من "ذَرا" فهو فعل ماضٍ، بمعنى: نشر، أي: نشر الرُّسَّامُ حذفها.
والمعنى: حذف ياء {حَتَّى تَشْهَدُونِ} في النمل فقط [آية: 32]، و {رَبِّ ارْجِعُونِ} في المؤمنين فقط [آية: 99]، و {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ} في يس فقط [آية: 23] و {نَكِيرِ} في الحج [آية: 44] وسبأ [آية: 45] وفاطر [آية: 26] والملك [آية: 18]{وَلَا يُنْقِذُونِ} في يس فقط [آية: 23]{وَإِلَيْهِ مَآبِ} [آية: 36]{وَإِلَيْهِ مَتَابِ} [آية: 30] كلاهما في سورة الرعد.
172 - عِقَابِ تُرْدِينِ تُؤْتُونِ تُعَلِّمَنِ
…
وَالْبَادِ إِنْ تَرَنِ و كَالْجَوَابِ جَرَى
(1)
" تُؤْتُونِ " و" تُعَلِّمَنِ "" تَرَنِ " ثلاثة بالإشباع للوزن
(2)
؛ أي: "جَرَى" الرسم بحذف ياء هذه الكلمات وهي: {عِقَابِ} في الرعد وص والمؤمن
(3)
، و {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} في الصافات فقط [آية: 56]، {تُؤْتُونِ} في يوسف فقط
(4)
، و {تُعَلِّمَنِ} في الكهف فقط
(5)
، و {وَالْبَادِ} في الحج فقط
(6)
، و {إِنْ تَرَنِ} في الكهف فقط
(7)
، و {كَالْجَوَابِ} في سبأ فقط
(8)
.
(1)
المقنع صـ 31، 32.
(2)
كذا في (ز 8)، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل)، في وسط البيت بعض عبارات الشرح.
(3)
وهي: قوله تعالى: {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} [الرعد: 32] وقوله تعالى: {فَحَقَّ عِقَابِ} [ص: 14] وقوله تعالى: {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} [غافر: 5].
(4)
وهي قوله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} [يوسف: 66].
(5)
وهي قوله تعالى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66].
(6)
وهي قوله تعالى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25].
(7)
وهي قوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} [الكهف: 39].
(8)
وهي قوله تعالى: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} [سبأ: 13].
173 - في الكهفِ يَهْدِيَنِ نَبْغِ وفوقُ بها
…
أَخَّرْتَنِ الْمُهْتَدِ قلْ فيهما زَهَرَا
(1)
لفظُ البيت على حذف " أَخَّرْتَنِ " وإثباتِ البواقي
(2)
، وقيَّد " يَهْدِيَنِ " و" نَبْغِ " بـ"الكهف" [آية: 24، 64]؛ فخرج عنه:{مَا نَبْغِي} في يوسف [آية: 65]، و {أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ} بالقصص [آية: 22] الثابتان، وقيد " أَخَّرْتَنِ " بسبحان [آية: 62] حيث قال: "وفوقُ بها" فإنه لمّا قطعه عن الإضافة بناه على الضم مثل: {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4]، و"بها" يعود إلى "فوق"؛ فخرج {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي} بالمنافقين [آية: 10] فإنه ثابت، وقيَّد "الْمُهْتَدِ" بالسورتين فخرج {الْمُهْتَدِي} بالأعراف [آية: 178] فإنه ثابت، والتقدير: قل حذفُ ياءِ "المُهْتَد" في سبحان والكهف
(3)
أضاء.
174 -
يَهْدِينِ يَسْقِين يَشْفِينِ ويُؤْتِيَنِ
174 -
…
يُحْيِينِ تَسْتَعْجِلُونِ غابَ أوْ حَضَرا
(4)
يتزن البيت بإثبات ياء "يَشْفِينِ ويُؤْتِيَنِ" و"تَسْتَعْجِلُونِ"
(5)
وحذفِ البواقي، أي: حذف ياء "يَهْدِينِ" وأخواته، أي: معطوفاته بحرف عطف مقدر، ولمّا خالفت صيغةُ " يَهْدِيَنِ "" يَهْدِينِ "؛ فإن الأول الذي في الكهف
(6)
(1)
المقنع صـ 31.
(2)
أي: على حذف الياء من " أَخَّرْتَنِ "، وبإثبات الياء للوزن في البواقي.
(3)
قوله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} [الإسراء: 97] وقوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ} [الكهف: 17].
(4)
المقنع صـ 31، 32.
(5)
كذا في (ص) الكلمات الثلاث مرسومة بغير ياء، وفي (ل) و (بر 1) مرسومة كلها بياء "يشفيني ويؤتيني ويستعجلوني"، وفي (ز 4)"يشفين ويؤتيني ويستعجلوني"، وفي (س)"يشفين ويؤتيني ويستعجلون"، وفي (ز 8)"يشفيني ويؤتيني ويستعجلون".
(6)
وهو قوله تعالى: {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي} [الكهف: 24].
بفتح الياء، والثاني الذي في الشعراء
(1)
بسكونها، نصَّ عليهما
(2)
، ولمّا كان مبنى القول على العموم اندرج {سَيَهْدِينِ} بالصافات [آية: 99] في " يَهْدِينِ "، والحاصل أن قوله تعالى:{فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ} في الكهف فقط [آية: 40]، والثلاثة الأول مع "يُحْيِينِ" كلها في الشعراء
(3)
رُسِمَ بحذف الياء، وقوله:"غاب أو حضرا" حال "يَسْتَعْجِلُونِ" بتقدير "قد" أو بدونه؛ أي: حال كونه غائبًا أو حاضرًا فإنه بحذف الياء، وقد جاء بالخطاب في سورة الأنبياء
(4)
وبالغيبة في سورة الذاريات
(5)
وليس غيرهما.
175 - تُفَنِّدُونِ نُنَجِّ
(6)
الْمُؤْمِنِينَ وهَا
…
دِ الحجِّ والرومِ وَادِ الْوَادِ طبنَ ثَرَى
(7)
لفظُهُ على حذفِ الكلِّ
(8)
؛ أي: وحذف ياء " تُفَنِّدُونِ " في يوسف فقط
(1)
وهو قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} [الشعراء: 78].
(2)
قوله: "نص عليهما" جواب لمَّا.
(3)
وهي: {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62] و {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} [الشعراء: 78 - 81].
(4)
وهي قوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: 37].
(5)
وهي قوله تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ} [الذاريات: 59].
(6)
في النسخة المطبوعة من القصيدة بزيادة واو قبل نُنجِّ وكذلك في الوسيلة والجميلة والدرة الصقيلة وتلخيص الفوائد، وينكسر البيت بها؛ إلا على قراءة حفص والكسائي ويعقوب حيث خففوا الجيم وأسكنوا النون، ولكنه يلتبس بآية [الأنبياء: 88] وهي قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} وليست مرادةً للناظم؛ لأنها ثابتة الياء كما سيأتي، ولا يمكن الاحتراز منها إلا بقراءة التشديد في آية يونس وبها قرأ العشرة حاشا الكسائيَّ ويعقوب وحفصًا عن عاصم، ولم يقرأ أحد من العشرة بنونين وتشديد الجيم في الأنبياء. وانظر: النشر 2/ 258، 259.
(7)
المقنع صـ 31، 32، 33.
(8)
أي: لفظ البيت على حذف الياء في كل الكلمات فيه، فلا إشباع في شيء منها.
[آية: 94] وما عطف عليه في قوله: "نُنَجِّ الْمُؤْمِنِينَ" في سورة يونس [آية: 103]، وهو قوله تعالى:{كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنَجِّ الْمُؤْمِنِينَ} بنونين وتشديد الجيم؛ فالمراد به ثالثةُ يونس؛ إذ التي في يوسف
(1)
والأنبياء
(2)
بنونين خفيفتين أو بنون مشددة
(3)
فخرجت، وقيد " {الْمُؤْمِنِينَ} " أخرج {نُنَجِّي رُسُلَنَا} ، والصيغة معه أخرج {نُنَجِّيكَ} السابِقَيْن
(4)
، وقيْدُ "هَاد" بـ"الحج والروم" أخرج {بِهَادِي الْعُمْيِ} بالنمل [آية: 81] فإن الياء فيه ثابت ونحو: {مِنْ هَادٍ} [الرعد: 33 والزمر: 23 و 36 وغافر: 33]، (وكرر "الْوَاد" ليعُمَّ الخاليَ من اللام والمحلَّى بها المتعددَ)، هكذا قاله الجعبري
(5)
.
فـ "هَادِ الحج"[آية: 54] هو قوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا} و"هَادِ الروم"[آية: 53] قوله: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ} ، وأما "الْوَادِ" ففي أربعة مواضع: بـ طه [آية: 12]{بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} وفي القصص [آية: 30]{الْوَادِ الْأَيْمَنِ}
(1)
وهي قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: 110]، وقد أخرجها الناظم بقيد المؤمنين، وقد قال في النشر 2/ 296:(فقرأ ابن عامر ويعقوب وعاصم بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء، وقرأ الباقون بنونين الثانية ساكنة مخفاة عند الجيم وتخفيف الجيم وإسكان الياء، وأجمعت المصاحف على كتابته بنون واحدة).
(2)
وهي قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] وقد أخرجها الناظم بقيد التشديد كما تقدم. قال في النشر 2/ 324: (فقرأ ابن عامر وأبو بكر بنون واحدة وتشديد الجيم على معنى: "ننجي"، ثم حذفت إحدى النونين تخفيفًا
…
وقرأ الباقون بنونين؛ الثانية ساكنة مع تخفيف الجيم).
(3)
لعله سبق قلم، ومراده جيم مشددة إذ لا قارئ بنون مشددة كما تقدم.
(4)
أي: السابِقَيْن لها في الذكر؛ فهما في يونس قبلها، وهما قوله تعالى:{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس: 92] وقوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا} [يونس: 103].
(5)
انظر: الجميلة صـ 251.
وفي النازعات [آية: 16]{بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} وفي الفجر [آية: 9]{جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ}
(1)
وقوله: "طبن ثرى"؛ الضمير للأودية أي: طاب ثراها.
176 - أَشْرَكْتُمُونِ الْجَوَارِ كَذَّبُونِ فَأَرْ
…
سِلُونِ صَالِ فَمَا تُغْنِ يَلِي القمرَا
(2)
بألف الإطلاق، و"الْجَوَارِ" و"تُغْنِ" يتزن بالإثبات
(3)
.
والمعنى: حذف ياء {بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ} في إبراهيم [آية: 22] ومعطوفاته، وهو قوله تعالى:{الْجَوَارِ} في الشورى والرحمن وكورت
(4)
و {بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا} في المؤمنين [آية: 26 - 27] وكذا {بِمَا كَذَّبُونِ} [المؤمنون: 39] قال
(5)
: (وفي الشعراء {إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ} [آية: 117]) قال الجعبري: (عمَّ
(6)
بإطلاق الْجَوَارِ و كَذَّبُونِ مواضعَهما ووحَّده
(7)
الشارح
(8)
وهو
(1)
وأما وَادِ الخالي من اللام ففي ثلاثة مواضع هي: قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} [إبراهيم: 37] وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} [الشعراء: 225] وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ} [النمل: 18].
(2)
المقنع صـ 31، 32، 33.
(3)
أي: بالإشباع وإثبات الياء.
(4)
هي قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ} [الشورى: 32] و {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الرحمن: 24] و {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 16].
(5)
أي: السخاوي في الوسيلة صـ 335.
(6)
فاعل "عمَّ" ضمير مستتر يعود إلى الناظم ومفعوله "مواضعها".
(7)
ضمير النصب يعود إلى كَذَّبُونِ فقط؛ لأن السخاوي ذكر جميع مواضع الْجَوَارِ ولم يذكر من مواضع كَذَّبُونِ إلا موضع الشعراء.
(8)
مراده بالشارح؛ السخاوي كما تقدم، ووجه توحيده كونه اقتصر على ذكر موضع الشعراء، ويبدو أن النسخة التي اعتمد عليها الجعبري لم يذكر السخاوي من مواضع كَذَّبُونِ إلا موضع الشعراء كما في نسختي (ك) و (غ)، وهما مذكوران في غيرهما كما أفاده صنيع محقق الوسيلة.
متعدد)
(1)
، وقوله:{صَالِ الْجَحِيمِ} في الصافات [آية: 163]، و {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} يتبع سورة "القمر" يعني يكون فيها [آية: 5]، قيل: (وإنما قيد به ليخرج عنه نحو: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ} [آل عمران: 10 و 116 والمجادلة: 17] و {لَا يُغْنِي}
(2)
بالمخالفة، ولم تدخل {لَا تُغْنِ عَنِّي} [يس: 23] لأن الكلام فيما إذا حذف الكسرة لالتقاء الساكنين
(3)
انتهى
(4)
. ولا يخفى أن قوله: {فَمَا تُغْنِ} بالفاء يخرج الكل
(5)
فقيد "يلي القمرا" بيان لموقعها، لا لإخراج غيرها.
177 - أَهَانَنِ سَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ أَكْرَمَنِ
…
أَنْ يَحْضُرُونِ و يَقْضِ الْحَقَّ إذ سُبِرَا
(6)
ويتزن البيت بإثبات الياء في " أَهَانَنِ " و" أَكْرَمَنِ "
(7)
، "سُبِرَا"؛ بألف الإطلاق، وهو بضم السين المهملة وكسر الموحدة؛ من السَبْر وهو الاختبار؛ أي: عُلِمَ سبرُ الجرح إذا دخل فيه ليعلم غوره، والمِيل يقال له المسبار، أيُّ وقتٍ اختبر وجد كل ذلك بحذف الياء.
والمعنى: حذف ياء {أَهَانَنِ} [الفجر: 16] ومعطوفاته وهي قوله تعالى: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} في النساء [آية: 146]، وقيد بـ سَوْفَ
(1)
انظر: الجميلة صـ 251.
(2)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[يونس: 36].
(3)
يعني أن الحذف في " لَا تُغْنِ عَنِّي " للجزم على أنه جواب للشرط، لا لالتقاء الساكنين، قال أبو عمرو:(وكل ياء سقطت من اللفظ لساكن لقيها فهي ثابتة في الخط، ثم ذكر أمثلة ثم قال: إلا خمسة عشر فإن كتّاب المصاحف أجمعوا على حذف الياء فيها)، ثم ذكرها وذكرها الناظم جميعًا في هذا الباب.
(4)
من الجميلة للجعبري صـ 251.
(5)
الواقع أن جميع المذكورات خارجات بقيد " فَمَا " وإنما نص المؤلف على الفاء ولم يقل " فَمَا " لأن الفاء فقط هي التي تحصر المراد في آية القمر وتخرج آية [يونس: 101] وهي قوله تعالى: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} .
(6)
المقنع صـ 31، 32، 33.
(7)
كذا في (ز 8)، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل)، في وسط البيت بعض عبارات الشرح.
قبلها ولفظِ الجلالة بعدها احترازًا من نحو: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ} [البقرة: 247]، وقولُه:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ} [المائدة: 54] مرسومٌ بالياء، وأخرجه بالصيغة الواردة بضم الياء
(1)
، و {أَكْرَمَنِ} في الفجر فقط [آية: 15] كـ {أَهَانَنِ} [الفجر: 16]، و {أَنْ يَحْضُرُونِ} في المؤمنين فقط [آية: 98]، وقيد بـ أَنْ قبلها احترازًا من غيرها
(2)
، و {يَقْضِ الْحَقَّ}
(3)
في سورة الأنعام فقط [آية: 57] وقيدها بوقوع {الْحَقَّ} بعدها احترازًا من غيرها
(4)
، قال أبو عمرو في المقنع: (وكل ياء سقطت من اللفظ لساكنٍ لَقِيَهَا فهي ثابتةٌ في الخط نحو قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ} [البقرة: 269]{وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ} [يونس: 101] و {أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ} [يوسف: 59] و {أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ}
(5)
و {إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 93] و {لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55] و {بِهَادِي الْعُمْيِ} [النمل: 81] و {أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: 41]
(6)
و {يُلْقِي الرُّوحَ} [غافر: 15] وما كان مثله إلا خمسة عشر، فإن كُتَّابَ المصَاحِفِ أَجْمَعُوا على حَذْف الياء فيها)
(7)
انتهى. وقد ذكرها الناظم جميعًا في هذا
(1)
أي: أخرج قوله: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ} المرسومَ بالياء، بالصيغة الواردة بضم الياء في {يُؤْتِ اللَّهُ} الواردة في البيت.
(2)
ليس في القرآن (يَحْضُرُونِ) غيرها.
(3)
(قرأ المدنيان وابن كثير وعاصم يَقُصُّ بالصاد مهملة مشددة من القصص، وقرأ الباقون بإسكان القاف وكسر الضاد معجمة من القضاء، ويعقوب على أصله في الوقف بالياء). اهـ من النشر 2/ 258، والكشف 1/ 434، والإقناع 2/ 640.
(4)
وهي قوله تعالى: {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عبس: 23] فإن حذف الياء فيها للجزم.
(5)
وردت في سورة الرعد آية (41) وسورة الأنبياء آية (44) ونص في المقنع على موضع الرعد فقط.
(6)
أخطأ محقق المقنع فعزاها إلى سورة الفتح يريد قولَه تعالى: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} [الفتح: 20]، وليست هي مرادَ الداني؛ لأن ياءها مفتوحة بإجماع العشرة، وإنما مراده آية [الروم: 41] قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} ولا ثالث لهما في كتاب الله.
(7)
المقنع صـ 46، 47.
الباب
(1)
.
178 - يَسْرِ يُنَادِ الْمُنَادِ تَفْضَحُونِ وتَرْ
…
جُمُونِ تَتَّبِعَنْ فَاعْتَزِلُونِ سَرَى
(2)
أي "سَرَى" حذفُ الياء في جميع هذه الكلمات، ولفظُ البيتِ على إثبات " يَسْرِ " و" الْمُنَادِ " وإسكان نون" تَتَّبِعَنِ " وحذف البواقي.
والمعنى: حذف الياء من " يَسْرِ " في قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} في الفجر [آية: 4] وياء {يُنَادِ الْمُنَادِ} كلاهما
(3)
في ق [آية: 41] و {تَفْضَحُونِ} في الحجر
(1)
وهاكها مع أرقام الأبيات التي وردت فيها:
1 -
قوله تعالى: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ} [المائدة: 3] في البيت (169).
2 -
قوله: {كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 103] في البيت (175).
3 -
قوله: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 54] في البيت (175).
4 -
قوله: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ} [الروم: 53] في البيت (175).
5 -
قوله: {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} [طه: 12] في البيت (175).
6 -
قوله: {الْوَادِ الْأَيْمَنِ} [القصص: 30] في البيت (175).
7 -
قوله: {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} [النازعات: 16] في البيت (175).
8 -
قوله: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ} [الرحمن: 24] في البيت (176).
9 -
قوله: {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 16] في البيت (176).
10 -
قوله: {صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 163] في البيت (176).
11 -
قوله: {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} [القمر: 5] في البيت (176).
12 -
قوله تعالى: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 146] في البيت (177).
13 -
قوله: {يَقْضِ الْحَقَّ} فقط [الأنعام: 57] في البيت (177).
14 -
الياء الأولى من {يُنَادِ الْمُنَادِ} [ق: 41] في البيت (178).
15 -
قوله {فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ} [الزمر: 17 - 18] في البيت (181).
(2)
المقنع صـ 31، 32، 33.
(3)
أي: ياء يُنَادِ وياء الْمُنَادِ، غير أن الداني ذكر الثانية بسنده عن محمد بن القاسم الأنباري النحوي، ضمن ذكر الياءات المحذوفات من كتاب الله (المقنع صـ 30 - 33) واستدرك عليه الداني قائلًا: (وقد أغفل ابن الأنباري من الياءات المحذوفات في الرسم خمسة مواضع فلم يذكرها مع نظائرها
…
وذكرها الداني وذكر منها يُنَادِ ثم قال: ولا خلاف بين المصاحف في حذف الياء من هذه المواضع كسائر ما تقدم).
[آية: 68] و {تَرْجُمُونِ} في الدخان [آية: 20] و {تَتَّبِعَنِ} بـ طه [آية: 93]{فَاعْتَزِلُونِ} بالدخان [آية: 21].
179 - دِينِ تُمِدُّونَنِ لِيَعْبُدُونِ وَيُطْـ
…
ـعِمُونِ و الْمُتَعَالِ فاعْلُ مُعتَمَرَا
(1)
يتزن البيت بإثبات الياء في "تُمِدُّونَنِ" و" الْمُتَعَالِ "
(2)
، "اعْلُ"؛ أَمْرٌ مِنْ علا يعلو، و"مُعْتَمَرا"؛ اسم مفعول، أي: سُدْ حَالَ كونِك مَزُورًا الآن، الاعتمارُ الزيارةُ، والعَالِمُ يُزَارُ لِيؤخذَ منه العِلْم، وفي بيته يُؤتى الحَكَم
(3)
.
والمعنى: حُذِفَ ياءُ " دِينِ " وما عُطِفَ عليه، والمراد به قوله تعالى:{وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] وقضيةُ إطلاقهِ يقتضي تعميمَه {فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي} في يونس [آية: 104] و {لَهُ دِينِي} في الزمر: [آية: 14] وهما ثابتان فكان عليه أن يقيد، ولعله نبَّه عليه بالترتيب، و {تُمِدُّونَنِ بِمَالٍ} في النمل فقط [آية: 36]، {لِيَعْبُدُونِ} في الذاريات فقط [آية: 56]، وكذا {يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 57]، و {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} في الرعد فقط [آية: 9].
180 - وخُصَّ من آل عمرانٍ مَنِ اتَّبَعَنْ .......................................
صرف "عمرانٍ" للوزن، وكذا الوزن على سكون " اتَّبَعَنِ "
(4)
، وفي نسخةٍ: وخُصَّ في آل عمران، (وفهم من تخصيص {وَمَنِ اتَّبَعَنِ} بآل عمران
(1)
المقنع صـ 31، 32، 33.
(2)
كذا في (ز 8)، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل)، في وسط البيت بعض عبارات الشرح، ولا يتزن البيت إلا بإثبات الياء في دِينِ أيضًا.
(3)
كذا في (بر 1) من غير تشكيل، ومخرج في الحاشية "ظ يوتى الحكمة"، وفي (ز 4) و (ز 8) و (ل) و (س) و (ص)"الحكمة".
(4)
أي: سكون النون فيها.
[آية: 20] أن نحو: {وَمَنِ اتَّبَعَنِي} بيوسف: [آية: 108] ثابت)
(1)
.
وخُصَّ في اتَّبِعُونِ غيرَها سُوَرَا
(2)
اللفظ على إثبات الياء في "اتَّبِعُونِ"، و"خُصَّ" في الموضعين؛ أمْرِيَّةٌ أو ماضَوِيَّةٌ، " وَمَنِ اتَّبَعَنِ " و"غيرَها"؛ مفعولاها، (وفُهِم من تخصيص "اتَّبِعُونِ" بـ"غيرَها"؛ أي: بغير سورة آل عمران؛ أن {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آية: 31] بها
(3)
؛ ثابت، لكن دخل بقوله: غير آل عمران {فَاتَّبِعُونِي} بـ طه [آية: 90] وهي ثابتة، وأكد الإشكالَ جمعُهُ سُوَرَا
(4)
(5)
، وتكلف بعض الشراح بقوله:(فلا نسلِّم كلامه "في اتَّبِعُونِ" بالجارَّة، بل فَاتَّبِعُونِي بفاءِ العطف، وجَعَل ضمير "غيرَها" راجعًا إلى كلمة "اتَّبِعُونِ" غير المُصَاحَبِ بالفاء).
والحاصل: أن كل اتَّبِعُونِ إذا لم يكن معه فاء فهو مرسوم بحذف الياء نحو: {اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ} بغافر [آية: 38]{وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} في الزخرف [آية: 61]
(6)
، وإذا كان معه فاء نحو:{فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ} بآل عمران [آية: 31]{فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي} بـ طه [آية: 90]
(7)
فهو مرسوم بإثبات الياء.
(1)
ما بين القوسين بنصه من الجميلة صـ 252.
(2)
المقنع صـ 30 و 31.
(3)
أي: بآل عمران.
(4)
أي: مع كونهما سورتين لا ثلاثًا كما سيأتي فإذا أدخلنا معهما سورة طه صارت سورًا وهو وجه تأكيد الإشكال.
(5)
ما بين القوسين بنصه من الجميلة صـ 252.
(6)
ولا ثالث لهما في كتاب الله.
(7)
ولا ثالث لهما في كتاب الله.
181 - بَشِّرِ عِبَادِ التَّلَاقِ و التَّنَادِ وتَقْـ
…
ـرَبُونِ مَعْ تُنْظِرُونِ غصْنُها نُضِرا
(1)
لفظه على إثبات " التَّلَاقِ " و" تُنْظِرُونِ " وحذف البواقي، و"نُضِرا"؛ بكسر الضاد فعل ماض فالألف للإطلاق.
والمعنى: طُرُقُها حَسَنٌ، والجملة اسمية وهي خبر " بَشِّرِ "، وأشار بالغُصْنِ النَّضِير إلى حُسْنِ حَذْفِ هذه الياءات لكونها فاصلةً؛ أي: حذفُ ياءِ {فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ} في الزمر فقط [آية: 17 - 18]، وتقييد " عِبَادِ " بـ "بَشِّر" أخرج نحو:{عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13] فإنه ثابت، وياء {يَوْمَ التَّلَاقِ} {يَوْمَ التَّنَادِ} وكلاهما بغافر فقط [آية: 15 و 32] و {وَلَا تَقْرَبُونِ} في يوسف [آية: 60] وإطلاق {تُنْظِرُونِ} عمم مواضعها الثلاثة الأعراف ويونس وهود
(2)
.
182 - في النملِ آتَانِ في صادٍ عَذَابِ وما
…
لأجل تنوينِهِ كـ: هَادٍ اختُصِرا
(3)
لفظ البيت على حذفِ الثلاث
(4)
وتنوينِ صادٍ ضرورةً.
والمعنى: رُسِمَ {فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ} في النمل [آية: 36] بحذف الياء، وكذا {عَذَابِ} بـ ص [آية: 8] فقيَّد " آتَانِيَ " بالنمل فخرجَ {آتَانِيَ الْكِتَابَ} في مريم [آية: 30] ونحوُه فإنه ثابت، وقيَّد " عَذَابِ " بـ صاد فخرج نحوُ:{إِنَّ عَذَابِي} [إبراهيم: 7] فإنه ثابت، و"اختُصِرا"؛ بألف الإطلاق على صيغة
(1)
المقنع صـ 31، 32.
(2)
قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ} [الأعراف: 195] و {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ} [يونس: 71] و {فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ} [هود: 55]، ولا رابع لها في القرآن.
(3)
المقنع صـ 32، 34.
(4)
أي: حذف ياء الكلمات الثلاث آتَانِ عَذَابِ و هَادٍ.
المفعول، وتقدير الكلام وما اختصر لأجل تنوينه؛ أي: كل اسم منقوص "اختُصِرا"؛ أي: حذف ياؤه لفظًا لأجل التنوين اللاحق به؛ حذف ياؤه في الرسم أيضًا
(1)
. نحو: {بَاغٍ}
(2)
و {وَالٍ} [الرعد: 11] و {بَاقٍ} [النحل: 96] و {وَاقٍ}
(3)
و {دَانٍ} [الرحمن: 54] و {غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] و {مُسْتَخْفٍ} [الرعد: 10].
ودل قولنا: حُذِفَ ياؤه لفظًا لأجل التنوين في تفسير كلامه؛ أن المرادَ به المرفوعُ والمجرُورُ دونَ المنصوبِ؛ وذلك لأن سبب الحذف سكون الياء وسكون التنوين التي
(4)
بعدها؛ لأنه لما حُذِفَ الضمَّةُ والكسرةُ من أصل هَادٍ مثلا مرفوعًا ومجرورًا فالتقى الساكنان فحذف الياء، وأما في حال النصب فَتُحَرَّكُ الياءُ بالفتحة ولا يحذف
(5)
لخفتها فلا يحذف الياء أيضًا إذ لا سبب له.
ثم قولنا: حُذف ياؤه لفظًا لأجل التنوين، أي: الساكن المتصل، وهو احتراز عن الساكن المنفصل؛ فإن ما حذف ياؤه للساكن المنفصل ثابت نحو:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ} [البقرة: 269] إلا خمسة عشر مثالًا في كلام الناظم
(6)
.
183 - وفي المنادى سوى تنزيلَ آخرها
…
والعنكبوتَ وخُلف الزخرفِ انتَقَرَا
(7)
قوله: "سوى تنزيل"؛ جر "تنزيل" بالإضافة، ونُصِبَ لمنعها بالعلمية
(1)
جملة حذف ياؤه في الرسم خبر "كل اسم منقوص .. "(قال أبو عمرو: وكل اسم مخفوض أو مرفوع آخره ياء ولحقه التنوين فإن المصاحف اجتمعت على حذف تلك الياء بناءً على حذفها من اللفظ في حال الوصل لسكونه وسكون التنوين بعدها). اهـ من المقنع صـ 34.
(2)
سورة البقرة آية (173) والأنعام (145) والنحل (115) لا رابع لها في القرآن.
(3)
سورة الرعد (34 و 37) وسورة غافر (21) لا رابع لها في القرآن.
(4)
كذا في (ز 8) و (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (ف)، وفي (بر 3)"الذين" وفي (ق)"أتى".
(5)
كذا في جميع النسخ التسع، ولعل الأصح "تحذف".
(6)
تقدم ذكرها ومواضعِها في الأبيات في آخر شرح البيت (177).
(7)
المقنع صـ 33 و 34.
والتأنيث، وكذا "العنكبوت" الذي عطف عليه، وقوله:"آخرها"؛ جُرَّ بدلَ بعضٍ من قوله: "تنزيل"، ونُصِبَ ظرفًا، وقوله:"انتَقَرَا"؛ ألفه للإطلاق على صيغة الفاعل؛ خَصَّ الخُلْفُ بعضَ المصاحفِ دونَ بعضٍ؛ فإن الانتقارَ تخصيصُ قومٍ بالدعوةِ دون قومٍ؛ وَأصْلُه من نَقْرِ الطائرِ بعضَ الحبِّ دونَ البعضِ.
أخبر (أن الياءَ محذوفةٌ في الرسوم في كلِّ منادى مضافٍ إلى ياء المتكلم نحو: {يَاقَوْمِ}
(1)
{يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر: 16]، سوى موضعين فإن الياء رسمت فيهما بغير خلاف، وموضعٌ ثالثٌ اختُلفَ فيه، أما الموضعان فأحدهما: آخر الزمر وهو {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [الزمر: 53]، لا الأول وهو قوله:{قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} [الزمر: 10]، والثاني:{يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} [العنكبوت: 56]، وأما الموضع المختلف فيه قوله:{يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} بالزخرف [آية: 68] ففي مصاحف أهل المدينة والحجاز بياء وفي مصاحف العراق بغير ياء)
(2)
.
184 - إِيلَافِهِمْ واحذِفوا إحداهما كـ: وَرِءْ
…
يًا خَاطِئِينَ وَالُامِّيِّنَ مُقْتَفَرَا
(3)
بصيغة المجهول؛ أي: مُتَّبَعًا ذلك أين وقع؛ حالٌ من المفعول، أو صفةُ مصدرٍ محذوفٍ؛ أي: حذفًا، والمعنى: احذفوا ياء " إِيلَافِهِمْ " وقد سبق حذف ألفه أيضًا
(4)
.
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 54].
(2)
المقنع صـ 33 و 34.
(3)
المقنع صـ 49 و 90 وليس فيه كلمة (خَاطِئِينَ) ولكنها تدخل في قول أبي عمرو صـ 49 (وكذلك حذفت الياء التي هي صورة الهمزة في نحو: قوله مُتَّكِئِينَ والمُسْتَهْزِئِينَ خَاسِئِينَ وما كان مثله).
(4)
في شرح البيت (136).
وقد رُوِيَ عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قرأ: {إِلْفِهِمْ} [قريش: 2] بكسر الهمزة والهاء، وعن أُبَيٍّ وابنِ مسعود كذلك إلا أنهما ضمَّا الهاء، فذلك كله على صورةِ الرسمِ، والحذفُ في قراءةِ العامةِ اختصارٌ؛ لأن الأولَ
(1)
يدلُّ عليه؛ لأنه رُسِمَ بياءٍ قبل اللام، وقرئ أيضًا {إِلَافِهِمْ} مصدر أَلَفَ إلافا مثل كتب كتابًا
(2)
، والرسم أيضًا يحتمل ذلك ويقدر حذف الألف، "واحذفوا إحدى" الياءين المجتمعين.
وحاصل كلامه: أنه إذا اجتمعت ياءان؛ طرفًا أو وسطًا؛ خفيفتين، أو إحداهما؛ أصليتين، أو زائدتين، أو إحداهما للنسبة، أو للجمع، أو غير ذلك، أو هما صورتا
(3)
ياءين، أو إحداهما صورة همزة؛ فاتفقت المصاحف في كل ذلك على حذف إحدى الياءين ورسمها ياء واحدا إلا ما استثناه المصنف فيما سيأتي
(4)
.
فأمثلة غير المستثنى {أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مريم: 74] و {الْحَوَارِيُّونَ}
(5)
و {الْأُمِّيِّينَ} [آل عمران: 75، والجمعة: 2] و {رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79] و {النَّبِيِّينَ}
(6)
و {خَاطِئِينَ} [يوسف: 97 والقصص: 8] و {خَاسِئِينَ} [البقرة: 65 والأعراف: 166] و {مُتَّكِئِينَ}
(7)
و {الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95]{وَالصَّابِئِينَ} [البقرة: 62 والحج: 17] و {السَّيِّئَاتِ}
(8)
و {سَيِّئَاتِنَا} [آل عمران: 193] و {سَيِّئَاتِكُمْ}
(9)
.
(1)
مراده بالأول {لِإِيلَافِ} حيث لم تحذف ياؤه.
(2)
(قرأ أبو جعفر بهمزة مكسورة من غير ياء). اهـ من النشر 2/ 403.
(3)
في جميع النسخ "صورتي" وصوابه ما أثبتُّ لأنه خبر "هما".
(4)
في الأبيات (185 - 188).
(5)
[آل عمران: 52] و [المائدة: 112] و [الصف: 14].
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 61].
(7)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الكهف: 31].
(8)
وردت في القرآن مرارا أولها: [النساء: 18].
(9)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 271].
وفي شرح السخاوي: (قال أبو عمرو: لا أعلم همزة ساكنة قبلها كسرة حذفت صورتها إلا في قوله: {وَرِئْيًا} خاصة، وذلك لئلا يجمع بين صورتين في الرسم، وأما {خَاطِئِينَ} [يوسف: 97] ونحوه
(1)
كتب بياء واحدة وحذفت التي هي صورة الهمزة وكانت بالحذف أولى لأن الثانية علامة الإعراب وعلامة الجمع إلى غير ذلك من المعاني التي هي دالة عليها)
(2)
.
185 - مَنْ حَيَّ يُحْيِي وَ يَسْتَحْيِي كذاكَ سوَى
…
هَيِّئْ يُهَيِّئْ وَعِلِّيِّينَ مقتصَرَا
(3)
"مقتصَرا"، بفتح الصاد؛ أي: اقتُصِرَ على رسمه بياءين، ومعنى "مقتصَرا" حَصْرُ استثناءِ ياء الجمعِ في واحدةٍ، ومعنى اقتُصِرَا الآتي
(4)
؛ حصر استثناء الواحدِ دونَ الجمعِ.
ثم قوله: "مَنْ حىَّ" مع تالييه عطف على {وَرِئْيًا} ، أي: وكـ "مَنْ حَيَّ يُحْيِي وَ يَسْتَحْيِي كذاكَ"، أي: رسم بياءٍ واحدةٍ، يعني ولو قرئ ممم {حِىَ} بياءين أيضًا
(5)
، وقوله:"سوى هَيِّئ" مع الستة التي بعده استثناء من قوله: "واحذفوا إحداهما"، وأمثلة المحذوفة:{مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42] و {يُحْيِي وَيُمِيتُ}
(6)
و {لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ} [البقرة: 26] و {لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ}
(1)
في الوسيلة صـ 343: و {خَاسِئِينَ} و {مُتَّكِئِينَ} و {الْمُسْتَهْزِئِينَ} وما كان مثله كتب بياء واحدة
…
إلخ).
(2)
انظر: الوسيلة صـ 343، والمقنع صـ 49.
(3)
المقنع صـ 49 و 50 و 51.
(4)
في البيت الآتي 186.
(5)
(قرأ المدنيان ويعقوب وخلف والبزي وأبو بكر بياءين ظاهرتين الأولى مكسورة والثانية مفتوحة) اهـ. من النشر 2/ 276.
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 258].
[الأحزاب: 53] و {أَنْتَ وَلِيِّي} [يوسف: 101]، فلو قال: وَلِيِّي بدل "كذاك"؛ لكان دخل في سبيل مما هنالك، وأمثلة المستثنى:{وَهَيِّئْ لَنَا} {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ} في الكهف [آية: 10 و 16]{عِلِّيِّينَ} في المطففين [آية: 18].
186 - وذِي الضميرِ كـ: يُحْيِيكُمْ و سَيِّئَةٍ
…
في الفردِ مَعْ سَيِّئًا والسَّيِّئ اقتُصِرا
(1)
صدرُ البيتِ عطفٌ على "هَيِّاءْ"؛ أي: وسِوَى "ذي الضمير"؛ يعني: رَسْمُ ذي الضميرِ أيضًا بياءين مثل يُحْيِيكُمْ وقيَّد " سَيِّئَةً " بقوله: "في الفرد".
والمعنى: رسمت " سَيِّئَةٌ " بياءين إذا كانت مفردة، أما إذا كانت جمعًا نحو:{السَّيِّئَاتِ}
(2)
فإنه رسم بياء واحدة، والجارُّ
(3)
متعلِّقٌ مع " سَيِّئًا " بـ "اقتُصِرَا"، وألفه للإطلاق وضميره راجع إلى المذكور
(4)
.
وحاصل البيت: أن كل فعل اتصل بيائه ضميرٌ بارزٌ؛ متكلمٌ أو مخاطبٌ أو غائبٌ نحو: {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ}
(5)
[البقرة: 28 والحج: 66 والروم: 40] و {وَإِذَا حُيِّيتُمْ}
(6)
[النساء: 86]{ثُمَّ يُحْيِينِ}
(7)
[الشعراء: 81]{قُلْ يُحْيِيهَا}
(8)
[يس: 79]
(1)
المقنع صـ 49 و 50.
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [النساء: 18].
(3)
مراده بالجارِّ: مع.
(4)
أي: وضميره الذي هو نائب الفاعل راجع إلى الفعل المذكور وهو (كل فعل اتصل بيائه ضميرٌ بارزٌ؛ متكلمٌ أو مخاطبٌ أو غائبٌ) وأشار إليه الناظم بقوله: وذِي الضميرِ.
(5)
هذا مثال ما اتصل بيائه ضمير مخاطبين بارز.
(6)
هذا مثال ما اتصل بيائه ضمير مخاطبين بارز.
(7)
هذا مثال ما اتصل بيائه ضمير متكلم بارز.
(8)
هذا مثال ما اتصل بيائه ضمير غائب بارز.
{أَفَعَيِينَا}
(1)
[ق: 15] ونحو: {سَيِّئَةً}
(2)
وسياء
(3)
و {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} [فاطر: 43] و {الْمَكْرُ السَّيِّئُ} [فاطر: 43] و {وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102]{وَلَا السَّيِّئَةُ} [فصلت: 34] و {شَفَاعَةً سَيِّئَةً} [النساء: 85] و {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ} [الشورى: 40] فإن كل هذه المواضع رسم بياءين؛ إلا لفظ السياء إذا جمع، نحو:{السَّيِّئَاتِ} و {سَيِّئَاتِ}
(4)
، قال أبو عمرو: (والثابتة
(5)
في السَّيِّئَاتِ هي المشددة يعني أن المحذوفة هي الثانية التي هي صورة الهمزة)
(6)
، ذكره السخاوي
(7)
، وإلا الفعل المذكور إذا لم يتصل بيائه ضميرٌ بارزٌ، نحو:{يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: 258] فإنهما رسما بياء واحدة، قال أبو عمرو:(والساكنة منها هي المحذوفة)
(8)
.
187 - هَيِّاءْ يُهَيِّائ مَعَ السَّيِّئ بها ألف
…
مَعْ يائها رَسَمَ الغازِيْ وقدْ نُكِرَا
(9)
بألف الإطلاق على صيغة المفعول، أي: لم يُتَابَعْ عليه.
(1)
هذا مثال ما اتصل بيائه ضمير متكلم بارز.
(2)
وردت في القرآن منكَّرةً ومعرَّفة مرارا أولها: [البقرة: 81].
(3)
كذا في سائر النسخ التسع إلا في (ص)"نحو سيئة ومكر السيئ وسيئ". وليس في القرآن آية فيها هذا اللفظ منكَّرًا مذكَّرًا مرفوعًا ولا مجرورًا، أما المعرف المذكَّر ففي موضعين ذكرهما بعده، وأما المنكَّر المذكَّر المنصوب فقد ذكره بعدهما.
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [النحل: 34].
(5)
كذا في (ف) و (س)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (ص) و (ق) و (بر 3)"والثانية"، وهو كذلك في بعض نسخ الوسيلة كما قال محققها، وهو غلط فاحش يدل على نقل بلا تمعن.
(6)
المقنع صـ 50 بتصرف.
(7)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 345.
(8)
هذا مفهوم قوله في المقنع صـ 50 ( .. مرسومًا بياء واحدة وهي عندي المتحركة).
(9)
المقنع صـ 51.
والمعنى: (أن نَقْلَ الغازي بنِ قيس الأندلسي في كتابه "هجاء السنة" أن {هَيِّاءْ لَنَا} [الكهف: 10] و {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ} [الكهف: 16] {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} [فاطر: 43] و {الْمَكْرُ السَّيِّئُ} [فاطر: 43] كلها رسمت في المصاحف بياء واحدة بعدها ألف)
(1)
؛ قال أبو عمرو: (وذلك خلاف الإجماع)
(2)
، قال الجعبري:(ولا يصح دعوى الإجماع مع مخالفة من يعتبر كلامه فيقدم قوله على النافي لأنه مثبت)
(3)
انتهى.
ولا يخفى أن مراد أبي عمرو أن هذا القائل مخالف للإجماع السابق عليه فلا يلتفت إليه
(4)
، على أنه قد يقال: أبو عمرو أيضًا مثبت والغازي نافٍ
(5)
؛ لأن أبا عمرو قال: رسمت بياءين والغازي ينفي إحداهما، والأظهر أن يحمل قوله على أنه وُجِدَ في المصاحفِ غيرِ الأئمةِ؛ لئلا يتناقض كلام الرسَمَةِ
(6)
لأن الأمة لا تجتمع على الضلالة.
ثم قوله: "مع السَّيِّئ" أي: الكائنان معه، وقوله:"بها" أي: في هذه
(1)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 256، وهو بالمعنى في الوسيلة صـ 346.
(2)
المقنع صـ 51.
(3)
انظر الجميلة صـ 257 وأيد كلامه بأمرين: 1 - موافقة السخاوي للغازي بن قيس حيث قال في الوسيلة صـ 346: (قلت: قول أبي عمرو هذا لم يقله عن يقين، ولكنه صدر عن غلبة ظن وعدم اطلاع، وقد رأيت هذه المواضع في المصحف الشامي كما ذكر الغازي
…
كل ذلك بألف بعد الياء جعلها صورة الهمزة)، 2 - قال الجعبري في الجميلة:(وقال الشارح: رأيتها في المصحف الشامي بالألف فيقدمان -أي: السخاوي والغازي- على النافي لأنهما مثبِتان؛ إن كان مستندُ المنع الكشفَ، وإن كان مجردَ خروجها عن القياس فليست ببِدْعِ فيه، ولا يصح دعوى الإجماع مع مخالفة من يعتبر قوله فيه).
(4)
لا يوجد إجماعٌ على أنها لم تكتب بألف بعد الياء حتى يُرمَى من روى ذلك بمخالفته، قصارى الأمر أنه لم يَروِ ذلك أحد قبلهما، وهذا وحده لا يكفي لردِّ روايتهما كيف و (قول أبي عمرو هذا لم يقله عن يقين ولكنه صدر عن غلبة ظن وعدم اطلاع) كما قال السخاوي.
(5)
خير منه أنه يقال: (في بعض المصاحف بألف) كما حكى أبو حاتم فيما ذكره في المقنع صـ 51، وبه يرتفع التناقض بين الروايات.
(6)
هذا صحيح؛ بل متعين لو وجد إجماع قوليٌّ على أنها لم تكتب في شيء من المصاحف بألف.
الثلاثة "أَلِفٌ"، وضمير "مع يائها" راجع إلى الألف
(1)
؛ والإضافة لأدنى ملابسة وهو اشتراكها في المد والإعلال؛ ولذا قيل
(2)
: (وجه الألف الفرارُ من اجتماع المثلينِ إلى حرفِ ألفٍ قلبها
(3)
إليه أولى).
188 - بِآيَةٍ و بِآيَاتِ العِراق بها
…
ياءان عن بعضهم وليسَ مشتَهِرا
(4)
بكسر الهاء؛ أي: ليس هذا النقل مشهورا، وعُلم قَيْدُ الباءِ من لفظِهِ؛ فهما مختصَّان بحال وصلهما بالباء خاصة، وضمير "بها" راجع إلى "العراق" أي: في بعض مصاحف العراق لا في كلها، ولا سائر المصاحف، وضمير "بعضهم" إلى الرُّسَّام.
والمعنى: رُسِمَ في بعض المصاحف العراقية " بِآيَةٍ و بِآيَاتِ " الواحدُ والجمعُ المجروران
(5)
بالباء؛ بياءين بين الألف والتاء نحو: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ} [الأعراف: 203] و {لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ} [طه: 133]{وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ} [الإسراء: 59] وفي أكثرها -كالبواقي- رسما بياء واحدة
(6)
.
(1)
بل إلى الثلاثة هَيِّاءْ ويُهَيِّاء والسَّيِّاء وقال الجعبري في الجميلة صـ 256: (مع يائهن) وعليه فلا حاجة لقول المؤلف: (والإضافة لأدنى ملابسة وهو اشتراكها في المد والإعلال).
(2)
القائل هو الجعبري في الجميلة صـ 257 ونصه: (وجهُ الألفِ: أن الفرار من اجتماع المثلينِ إلى حرفِ ألفٍ قبلها إليه أولى من الحذف).
(3)
كذا في نسخة: (س) و (ز 8) و (بر 3) و (آل البيت)، وهو الموافق لما في الجميلة وفي بقية النسخ التسع (قبلها).
(4)
المقنع صـ 50.
(5)
في الأصل " المجرورين"، وصوابه ما أثبتُّ؛ لأنه نعت لنائب الفاعل بِآيَةٍ و بِآيَاتِ.
(6)
قال السخاوي في الوسيلة صـ 347: (وقد رأيته في المصاحف العراقية بياءين بعد الألف ولم أر فيها غير ذلك) وفي المقنع صـ 50: (ورأيت في بعضها -يعني المصاحف العراقية- بِآيَاتِهِ و بِآيَاتِنَا و بِآيَاتِ حيث وقع إذا كانت الباء خاصة في أوله بياءين على الأصل قبل الاعتلال، وفي بعضها بياء واحدة على اللفظ وهو الأكثر)، فههنا تعارض؛ فالداني يروي عن بعض العراقية ياءً واحدةً، والسخاوي
ينفي رؤيته لذلك فيها، لا يقال المثبت مقدم على النافي لأن النافي هنا مثبت للياءين في جميع المصاحف العراقية، وهو وإن كان إنما نفى رؤيته ولم ينف الواقع إلا أن نفيَ رؤيته نفيٌ للواقع في نفس الأمر؛ لأن مواضعها محدودة معلومة وهو حين التتبع والفحص إنما يبحث عنها في مواضعها فإن لم يرها فلا وجود لها، وبذلك يظهر التناقض التام بين قوليهما ولا مخرج منه إلا باختلاف المورد بأن يكون كل منهما يتحدث عن مصاحف عراقية غير ما يتحدث عنه الآخر ولو في مصحف واحد، ويؤيده قول السخاوي صـ 347:(وأما قول الشيخ -يعني الشاطبي- وليس مشتهرا، فلأن أبا عمرو قال: وفي بعضها بياء واحدة وهو الأكثر "ولعل ذلك كان الأكثر فيما كشفه أبو عمرو لا في المصاحف، فإني قد كشفت جملة من المصاحف فوجدته في جميع ذلك بياءين ولم أر في شيء منها بياءٍ واحدةٍ) والله أعلم.
189 - و الْمُنْشَآتُ بِها ياء بلا ألفٍ
…
وَفِي الهجاءِ عَنِ الغازِيْ كذاك يُرَى
(1)
بصيغة المجهول؛ أي: كالمذكور، يعني: بياء بغير ألف، و"الهجاءُ" اسمٌ لكتابٍ مصنَّفٍ للغازي، وضميرُ "بها" راجعٌ إلى العراقيةِ، و"ياءٌ": خبر
(2)
وفي نسخةٍ باليا مقصورًا.
والمعنى: رسم في المصاحف العراقية {الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ} بالرحمن [آية: 24] بياء بغير ألف بين الشين والتاء، ونص عليه الغازي في هجائه
(3)
، ويَحْتَمِلُ أن يكون البواقي عليه بلا ياء ولا ألف أو بألف.
(1)
المقنع صـ 50.
(2)
الظاهر أنه مبتدأٌ؛ لا خبر، وخبره "بها".
(3)
قال في المقنع صـ 50: (ووجدت في مصاحف أهل العراق الْمُنْشَآتُ في الرحمن بالياء وكذلك رسمه الغازي بن قيس في كتابه؛ وذلك على قراءة من كسر الشين؛ كأنهم لما حذفوا الألف أثبتوا الياء) وقال السخاوي في الوسيلة صـ 348: (كذلك رأيته في المصاحف العراقية
…
وكذلك رأيته في المصحف الشامي وأظنه كتب على القراءة بكسر الشين، لأن الهمزة إذا كانت مفتوحةً وقبلها كسرة فإنها تبدل في التسهيل ياءً فصوِّرت في الخط على صورة تسهيلها)، وقد قال في النشر 2/ 381: (قرأ حمزة بكسر الشين، واختلف عن أبي بكر
…
، وبالفتح قرأ الباقون).
باب ما زيدت فيه الياء
أي: على لفظ البناء، وهو المترجم في المقنع: بباب ما رسم بإثبات الياء زائدة أو
(1)
لمعنى
(2)
، وهذا أعم من ترجمة الفرع
(3)
لانطباقه على نوعيه؛ إذ المواضع التي ذكرها؛ بعضُها مُتَحَتِّمُ الزيادةِ وبعضُها مُحْتَمِلٌ، وهذا معنى قول الأصل:(أو لمعنى).
190 - أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ زِيدَ ياهُ وفِي
…
تِلْقَاءِ نَفْسِي وَمِنْ آنَاءِ لاعُسُرا
(4)
أي: رُسِمَ قولُه تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} في الشورى [آية: 51] بزيادة ياء وقَيَّدَهُ بطرفيه فخرج بـ"أو" موضعُ الأحزاب [آية: 53] وهو قوله: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} وبـ"حِجِابٍ" نحو: {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71]؛ فإنهما رسما بغير ياء
(5)
، وقوله:"زيد ياه"؛ أصله ياؤه
(6)
بالمد، وقصر للضرورة، وضمير "ياؤه" راجع إلى
(1)
كذا في (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س)، وفي (ز 8) و (ص)"و".
(2)
المقنع صـ 47.
(3)
مراده بالفرع: العقيلة التي هي فرع لأصلها المقنع.
(4)
المقنع صـ 47.
(5)
الواقع أن "أو" خرج بها موضعُ الأحزاب وموضعُ هود لأنهما عاريان منها والله أعلم.
(6)
في (بر 1) و (ل) و (س) و (ص) و (ف) و (ق) و (بر 3)"فقوله: زيد ياه، أي: أصله ياؤه"، وفي (ز 4) و (ز 8) "فقوله: زيد ياؤه، أي: أصله ياؤه"، وصوابه ما أثبتُّ، ومثله بعد سطر (أي: زيد ياؤه أيضًا وهو في يونس).
" وَرَاءِ "، وقوله:" وفِي تِلْقَاءِ نَفْسِي " أي: زيد ياؤه أيضًا وهو في يونس [آية: 15]، وقَيَّد " تِلْقَاءِ " بـ" نَفْسِي " فخرج نحو:{تِلْقَاءَ أَصْحَابِ} [الأعراف: 47] فإنه رسم بغير ياء، وكذا زيد ياؤه {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ} بـ طه [آية: 130] وقَيَّدَ " آنَاءِ " بـ"من" فخرج: {آنَاءَ اللَّيْلِ} [آل عمران: 113] و [الزمر: 9]؛ فإنه رسم بغير ياء، وقوله:"لا عُسُرا" بضمتين؛ لغة في العُسْر بالضم والسكون
(1)
، فإن جَعَلْتَ "لا" كَلَيْسَ
(2)
قَدَّرْتَ لا ياءٌ عسرًا والألف بدل من التنوين، أو كَإنّ
(3)
قَدَّرْتَ لا عُسُرَ فيها
(4)
؛ فالألف للإطلاق لأنه مبنيٌّ معها
(5)
؛ أي: لا صعوبة فيها لتَعَيُّنِها بالقيود بها.
191 - وفي وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى بِأَيِّكُمُ
…
بِأَيْدٍ ايْن مَاتَ مَعْ إِيْن مِتَّ طِبْ عُمُرا
(6)
بضمتين لغةٌ في العُمْر، والمراد به: مدة الحياة
(7)
؛ وهو تمييزٌ؛ أي: طاب عيشُك بطولِه، أو أمْرُكَ بالاستعداد للمعاد، في تحصيل الزاد، عند ذكرِ سببه وهو الموتُ، وقد وَرَدَ (أكثروا ذكر هادم اللذات)
(8)
فالجملةُ دُعائيةٌ.
(1)
انظر: لسان العرب 4/ 563.
(2)
أي: أعملتها إعمالها، وإليه أشار ابن مالك في الخلاصة بقوله:
في النكرات أُعْمِلَتْ كَلَيْسَ لا ....................................
(3)
أي: أعملتها إعمال إنّ -وهو الأرجح عندي-، وإليه أشار ابن مالك في الخلاصة بقوله:
عمل إنّ اجعل للا في نكرة مفردةً جاءتك أو مكررة
(4)
فتكون "فيها" خبرا، وإليه أشار ابن مالك في الخلاصة بقوله:
وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر إذا المراد مع سقوطه ظهر
(5)
لأنه مفرد، وقد قال في الخلاصة: وركِّب المفرد فاتحا
…
إلخ، وقال: وغير ما يلي وغير المفرد لا تبن
…
إلخ.
(6)
المقنع صـ 47.
(7)
قال في لسان العرب 4/ 601: (العَمْر والعُمْر والعُمُر: الحياة، يقال قد طال عمْره وعمُره؛ لغتان فصيحتان).
(8)
رواه الترمذي ك: الزهد عن رسول الله باب: ما جاء في ذكر الموت (2307) وقال: (هذا حديث حسن غريب)، والنسائي ك: الجنائز باب: كثرة ذكر الموت (1845) وابن ماجه ك: الزهد
باب: ذكر الموت والاستعداد له (4258) وأحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة (7865) وقال محققه شعيب الأرنؤوط:(إسناده حسن) وقال الألباني: حسن صحيح.
والمعنى: وزيد الياء "في"{وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} بالنحل [آية: 90] و {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} في سورة نون [آية: 6]، وخرج عن قوله:{بِأَيِّكُمُ} نحوُ: (بأيهم)
(1)
و {أَيُّهُمْ}
(2)
و {أَيُّ الْحِزْبَيْنِ} [الكهف: 12]؛ فإنه رسم بغير ياء، وكذا زيد الياء في قوله:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} بالذاريات [آية: 47]، وقيَّده بالباء فخرج:{ذَا الْأَيْدِ} في ص [آية: 17]؛ فإنه رسم بغير ياء، وكذا زيد ياء في قوله تعالى:{أَفَإِنْ مَاتَ} في آل عمران [آية: 144] و {أَفَإِنْ مِتَّ} في الأنبياء [آية: 34]؛ فإنهما رسما بالياء، ولما لم يمكنه التلفظ بكماله {أَفَإِنْ} تلفظ بالممكن
(3)
وقيده بـ"مَاتَ" و"مِتَّ" ليخرج غيرهما.
قال السخاوي: (ووجه زيادة الياء في هذه المواضع؛ أمَّا {بِأَيِّكُمُ} و {بِأَيْدٍ} و {أَفَإِنْ مِتَّ} و {أَفَإِنْ مَاتَ} و {مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام: 34] و {وَمَلَئِهِ}
(4)
و {وَمَلَئِهِمْ} [يونس: 83] فيجوز في ذلك أن الألف التي قبل الياء هي صورة الهمزة فيكون زيادة الياء بعدها صورةً للكسرة؛ لأن الكسرة لما كانت مأخوذةً من الياء جُعِلَت الياءُ صورةً لها ليدل
(1)
كذا في جميع النسخ التسع "نحو بأيهم وأيهم" ولا توجد آية هكذا وقد وردت "أي" مع "هم"(6) مرات فقط لم يتصل شيء منها بالباء وهي: قوله تعالى: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] و {لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء: 11] و {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء: 57] و {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: 7] و {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} [مريم: 69] و {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: 40].
(2)
سبق ذكر مواضعها في التعليق السابق.
(3)
يعني قال: " إِيْن" ولم يقل: " أَفَإِنْ ".
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الأعراف: 103].
بذلك على أن الكسرة مأخوذةٌ من الياء
(1)
، أو يكون الغرض بذلك الإعلام بأنهم
(2)
يصورون الحركات بالحروف لأنه لم يكن لهم شكل، أو يكون رسمت في ذلك للإشباع بالحركة فيكون في ذلك تنبيه على إتمام اللفظ
(3)
؛ وإنما فعلوا ذلك لينبهوا على ترك اختلاس الحركة، أو يكون الياء رسمت تقويةً للهمزة وبيانًا لها
(4)
.
ويجوز أن يكونَ الألف في كل ذلك زائدة، ويكونَ الياءُ صورةً للهمزة؛ وصُوِّرَتْ ياءً لأنها تُلَيَّن على ذلك -يعني تُسَهَّل-، وزيادة الألف قبلها بيانًا لها وتقويةً؛ كما زيدت لذلك في قول أصحاب المصاحف في {مِائَةٌ} و {مِائَتَيْنِ} ، ويجوز أن يكون الألف أيضًا على هذا علامةً لإشباعِ فتحةِ ما قبلها
(5)
.
ويجوز أن يكون الألفُ صورةَ الهمزةِ، والياءُ أيضًا صورةً لها، إلا أنَّ الألف صورتُها في حال التحقيقِ، والياءَ صورتُها في حالِ التسهيل، أو يكونَ الألفُ صورةَ الهمزةِ في حالِ انفصالِها وتقديرِ الطَرَفِ
(6)
فيها، والياءُ صورةً لها في حالِ اتصالِها وذلك أن الهمزةَ المتطرفةَ إذا وُقِفَ عليها وكان ما قبلها مفتوحًا صُوِّرَتْ بالحرف
(7)
الذي منه الفتحةُ، وهو الألفُ سواء كُتِبَ في حالِ الوقفِ مخففًا أو محققًا، والياء صورتُها في الاتصال؛ لأن الهمزةَ المتوسطةَ
(1)
هذا التعليل لا يستقيم مع زيادة الياء في بِأَيِّكُمُ و بِأَيْدٍ لكون الهمزة فيهما مفتوحة.
(2)
في جميع النسخ التسع "فإنهم"، والصواب ما أثبتناه من الوسيلة.
(3)
هنا سقط وهو كما في الوسيلة "بالحركة وتمكينه من غير إحداث ياءٍ في اللفظ" وبها يكون المعنى أوضح.
(4)
وهذا التعليل أيضًا لا يستقيم مع زيادة الياء في بِأَيِّكُمُ و بِأَيْدٍ لكون الهمزة فيهما مفتوحة.
(5)
وهذا التعليل أيضًا لا يستقيم مع زيادة الياء في بِأَيِّكُمُ و بِأَيْدٍ لكون ما قبل الألف مكسورًا.
(6)
في الوسيلة "التَّطَرُّف" وهو أوضح.
(7)
كذا في (ز 8)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س)"بالحذف"، وفي (ص)"صورة بالحذف".
المكسورةَ إنما تُلَيَّنُ بين الهمزةِ والياءِ فصُوّرَتْ بالحرف
(1)
الذي يقرب منه في التليين، وأما {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51] و {تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس: 15] و {وَمِنْ آنَاءِ} [طه: 130]{وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90]؛ فالألف في ذلك ليست بصورةِ الهمزة؛ إنما هي حرف مد وبعده الهمزة، وقد يُشَبَّهُ
(2)
اتصال الكلمة بما بعدها بما توسطت الهمزة فيه نحو: {الْمَلَائِكَةِ} و {أُولَئِكَ} ، ويجوز أن يكون الياءُ صورةَ حركةِ الهمزةِ؛ لأن الهمزةَ مكسورةٌ، فتكون تلك الصورةُ بمنزلةِ الكسرةِ على الحرف اليوم
(3)
، يعني: على أسلوب الشكل، ويجوز أن تكون إشارةً وتنبيهًا على تسهيل الهمزة)
(4)
.
192 - مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ثم في مَلَإٍ
…
إذا أضيفَ إلى إضمارِ مَنْ سُتِرا
(5)
أي: زيد الياء في قوله تعالى: {مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} في الأنعام [آية: 34] فإنه رسم " نَبَإِ " بزيادة ياء بعد الألف، وقيّدَ بِطَرَفَيْهِ، فخرج بالأول
(6)
{نَبَأَ الَّذِي} [الأعراف: 175] وبالثاني
(7)
موضعُ القصص [آية: 3]، وهو قوله:{مِنْ نَبَإِ مُوسَى} ، وكذا قوله:{لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ} بالأنعام [آية: 67]، ورُسِم "مَلَإ" إذا أضيف إلى ضمير الغائب نحو:{مَلَإِيْهِ} {وَمَلَئِهِمْ} ، وهو المراد بقوله:"إذا أضيف" إلى آخره؛ أي: إذا أضيف إلى ضمير "من سُتِر" اسمه
(1)
كذا في (ز 8)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س) و (ص)"بالحذف".
(2)
في الوسيلة "شبه" بالماضي.
(3)
أي: فتكون تلك الصورة بمنزلة الكسرة التي تستعمل في هذا الوقت.
(4)
انظر: الوسيلة صـ 351 - 352 مع حذف يسير.
(5)
المقنع صـ 47.
(6)
أي: بالطرف الأول الذي هو "من".
(7)
أي: بالطرف الثاني الذي هو "المرسلين".
بالضمير
(1)
؛ لأن المظهر بارز غير مستتر، واقتصروا على الغائب والغائبين لأنه لم يقع غيرهما، أما إن لم يضف، أو يضاف إلى غير الضمير فإنه لم يرسم بالياء نحو:{قَالَ الْمَلَأُ} وسيجيء تفصيله
(2)
.
193 - لِقَاىِ? في الرُّوم للغازيْ وكلُّهُمُ
…
باليا بلا ألفٍ في الَّاائِ قبلُ تُرَى
(3)
أي: وكذا زيد الياء في {بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ} و {وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ} وكلاهما في الروم [آية: 8 و 16]، فخرج نحو:{لِقَاءَنَا} [يونس: 7 و 11 و 15 والفرقان: 21] و {وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ} [الأعراف: 147]؛ فإنه رسم بغير ياء، وقوله:"للغازي"؛ أي: لروايته عن المدني العام؛ فيحتمل موافقة البواقي والمخالفة، والمعَوَّلُ هو الأول فتأمل، وجميع الرُّسَّامِ كتبوا " اللَّائِي " "بالياء بلا ألف يرى قبل" الياء في قوله:{اللَّائِي تُظَاهِرُونَ} بالأحزاب [آية: 4] والمجادلة
(4)
والطلاق
(5)
.
("قال أبو عمرو: وفي مصاحف أهل المدينة وسائر العراق {اللَّائِي} مكتوب مثل إلى الجارَّة"
(6)
، وهذا الحرف يقرؤُهُ أبو عمرو والبزي بياء ساكنة
(1)
كذا في (ز 8)، وفي (ز 4):"أي: إذا أضيف إلى ضمير من ستر اسم بالضمير" إلا أنه مخرج في الحاشية "ستر اسمه"، وفي (بر 1):"أي: أضيف إلى ضمير من ستر اسم بالضمير"، وفي (س) و (ل):"أي: أضيف إلى ضمير من ستر اسمه بالضمير" وفيها مخرج بخط بعد "من""اسم بالضمير"، وفي (ص) "أي: أضيف إلى ضمير من ستر رسم بالضمير".
(2)
في شرح البيت 214 وهو قوله:
ومع ثلاثِ الْمَلَوااْ في النمل أولُ ما في المؤمنين فتمَّتْ أربعًا زُهُرا
وقد ورد لفظ " الْمَلَأُ " في (19) موضعًا من القرآن أولها [البقرة: 246].
(3)
المقنع صـ 47 و 48 و 49.
(4)
قوله: {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي} [المجادلة: 2].
(5)
قوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4].
(6)
المقنع صـ 48 و 49.
بعد الألف، ويقرؤُهُ ورش
(1)
بياء مختلس الكسرة، فعلى قراءة هؤلاء يكون
(2)
الألفُ محذوفةً من رسمه لا غير كما حذفت غيرها من الألفات، ويقرؤُهُ قنبل
(3)
وقالون بهمزة مكسورة بعد الألف من غير ياء، فعلى هذه القراءة يقدر حذف
(4)
الألف أيضا، ويكون الياء صورة الهمزة، وصوِّرَت بالحرف الذي منه حركتُها.
وقرأ ابن عامر والكوفيون {اللَّائِي} بهمزة مكسورة بعد الألف وبعدها ياء ساكنة
(5)
، فعلى قراءة هؤلاء يكون الألف محذوفة والهمزة غير مصورة والياء هي التي بعد الهمزة، وقراءة هؤلاء هي الأصل، وفي قراءة قنبل وقالون حذفت الياء وبقيت الهمزة قبلها وهذه القراءة هي أصل قراءة أبي عمرو والبزي، لأن الهمزة لما خففت أبدلت ياء مكسورة ثم أسكنت الياء استثقالًا للكسرة عليها، وهذا البدل لابد أن يكون سماعًا، ومعنى اختلاسِ ورشٍ كسرةَ الياءِ؛ تليينُه الهمزةَ بَيْنَ بَيْن على القياس، ورُوِيَ ذلك أيضًا عن أبي عمرو والبزي، والرسم يحتمل جميع ذلك على ما قدمته) كذا في شرح السخاوي
(6)
.
(1)
هو: عثمان بن سعيد؛ ورش المصري المقرئ، ولد سنة 110، قرأ القرآن وجوده على نافع عدة ختمات، إليه انتهت رئاسة الإقراء بالديار المصرية، كان حجة في القراءة توفي سنة 197. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 152 ترجمة (63).
(2)
كذا في (ص) و (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1)، وفي (ز 8)"لا يكون".
(3)
مقرئ أهل مكة؛ أبو عمر محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومي، مولاهم، ولد سنة 195، أخذ القراءة عن البزي، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالحجاز، قرأ عليه خلق كثير منهم أبو بكر بن مجاهد، وابن شنبوذ، ومحمد بن عبد العزيز بن الصباح، قطع الإقراء قبل موته بسبع سنين، توفي سنة 291. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 230 ترجمة (129).
(4)
كذا في (بر 1) و (ل) و (س) و (ص)، وفي (ز 4)"هذه"، وفي (ز 8)"هذا".
(5)
انظر: النشر 1/ 404 و 405، والكشف 2/ 193، والإقناع 2/ 734 و 735.
(6)
انظر: الوسيلة صـ 354 - 355 مع حذف لا يضر.
باب حذف الواو وزيادتها
جعلهما بابًا واحدًا على خلاف الياء لقلتهما وفي المقنع ذكرهما في بابين:
أحدهما: ما حذف منه الواو اكتفاء بالضمة أو
(1)
لمعنًى غيره
(2)
.
والآخر: ما زيدت الواو في رسمه للفرقان أو لبيان الهمزة
(3)
194 - وَوَاوُ يَدْعُ لدَى سبحانَ واقتَرَبَتْ
…
يَمْحُ بحاميمَ نَدْعُ في اقرَأ اختُصِرَا
(4)
بصيغةِ المجهولِ وألفٍ للإطلاقِ؛ أي: حُذِفَ واوُ {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ} بـ"سبحانَ"[آية: 11] و {يَدْعُ الدَّاعِ} بالقمر [آية: 6]{وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} بـ"حم" الشورى [آية: 24] و {سَنَدْعُ} "في اقرأ"[آية: 18]، وهي أربعة أفعال مرفوعة، وقيدها بسورها احترازًا عن غيرها نحو:
{يَدْعُو لَمَنْ} [الحج: 13] و {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [الرعد: 39].
195 - وَهْمٌ نَسُوا اللَّهَ قلْ والواوُ زِيدَ أُولُو
…
أُولِي أُولَاتِ وفي أُولَئِكَ انتَشَرَا
(5)
أي: حَذْفُ واوِ {نَسُوا اللَّهَ} [التوبة: 67 والحشر: 19]"وَهْمٌ" وغَلَطٌ من ناقِلِهِ،
(1)
كذا في (ز 8)، وفي (س) و (ل) و (ص) و (ز 4) و (بر 1)"و"، والتصويب من المقنع.
(2)
المقنع صـ 35.
(3)
المقنع صـ 53.
(4)
المقنع صـ 35.
(5)
المقنع صـ 35 و 53.
وهو الفراءُ
(1)
، "والواو زيدت" في هذه الأربعةِ المذكورةِ، و"انتشر" المسطور في الكتب المزبورة، من القرآن وغيره من الرسوم المشهورة، (قال العلماء: وإنما زيدت الواو في {أُولَئِكَ}
(2)
ليفرقوا بينها وبين {إِلَيْكَ} و {أُولَئِكُمْ} [النساء: 91 والقمر: 43] و {إِلَيْكُمْ}
(3)
، وزيدت في {أُولِي}
(4)
ليفرقوا بينها وبين {إِلَى} ، ثم طردوا الحكم فزادوها في {أُولُو}
(5)
و {أُولَاتِ} [الطلاق: 4 و 6]، ويجوز أن يكون صورةَ حركةِ الهمزةِ، وأن يكون تقويةً لها، وأن يكون أيضًا تنبيهًا على إشباعِ حركتها)
(6)
.
(واتفقت المصاحفُ على حذف الواو في قوله: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4] لأنه واحد يؤدي عن جمع
(7)
(8)
، ولم يذكره الناظم؛ إذ لا واو في
(1)
بل الغلط من الناقل عن الفراء؛ لا من الفراء، قال في المقنع صـ 35:(وحدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن قاسم قال: قال الفراء: حذفت واو الجمع في المصحف في قوله نَسُوا اللَّهَ، قال أبو عمرو: ولا نعلم أن ذلك كذلك في شيء من مصاحف أهل الأمصار، والذي حُكِيَ عن الفراء غلط من الناقل) أي: عن الفراء، إذ لو أراد الفراء لقال "منه".
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 5].
(3)
أي: وليفرقوا بين أُولَئِكُمْ و إِلَيْكُمْ.
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [آل عمران: 13].
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 269].
(6)
ما بين القوسين منقول بنصه من الوسيلة صـ 358.
(7)
لأن المفرد إذا كان اسم جنس فإنَّه يكثر إطلاقه مرادًا به الجمع لاسيما إذا أضيف بشرط أن لا يكون هناك عهد، ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى:{أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61] أي: أصدقائكم، و {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] أي: أوامره، و {إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي} [الحجر: 68] أي: أضيافي، و {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ} [إبراهيم: 34، والنحل: 18] أي: نعم الله، و {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96]، وانظر: أضواء البيان 5/ 30.
(8)
ما بين القوسين منقول من المقنع صـ 35.
لفظه ولا دلالة على أصله
(1)
، وكذا اتفقت على حذف الواو في {وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: 10]، واختلف النقل عن مصحف عثمان؛ فروى بعضهم {أَكُونَ} بالواو
(2)
، ولم يذكره الناظم لأنه خارج عن الغرض لكنه نقصٌ عن الأصل
(3)
.
196 - والخلفُ في سَأُرِيكُمْ قَلَّ وهْو لدَى
…
أُصَلِّبَنَّكُمُ طَهَ معَ الشعَرَا
(4)
قُصِرَ للوقفِ لا للوزنِ كما تُوُهِّم
(5)
؛ أي: "والخلف" في حذف الواوِ وزيادتِها "في سَأُرِيكُمْ " بالأعراف والأنبياء
(6)
، ولم يوجد في غيرهما؛ "قَلَّ" أي: قليلٌ، والكثيرُ دَفْعُ الخِلافِ والقطعُ بالزيادةِ في الموضعين، قال في المقنع: (ثابت في مصاحف المدينة وسائر العراق " سَأُرِيكُمْ " بالواو فيهما
(7)
(8)
، وفي المكي والشامي
(9)
بحذف الواو فيهما وأغرب السخاوي والخلف فيه عز
(1)
أي: وليس هناك ما يدل على كون أصله جمعًا، لاحتمال كونه مفردًا، ومعناه جمعٌ كما تقدم وهو الأظهر.
(2)
قال في المقنع صـ 35: (حدثنا الخاقاني قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا علي، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: رأيت في الإمام مصحف عثمان {وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} بحذف الواو واتفقت بذلك المصاحف فلم تختلف، وقال الحلواني أحمد بن يزيد عن خالد بن خداش قال: قرأت في الإمام إمام عثمان {وَأَكُونَ} بالواو، وقال رأيت المصحف ممتلئًا دمًا وأكثره في والنجم).
(3)
أي: المقنع لأنه مذكور فيه كما تقدم.
(4)
المقنع صـ 53.
(5)
الذي توهم ذلك هو الجعبري حيث قال في الجميلة صـ 267: (قُصِرَ للوزن).
(6)
هما قوله تعالى: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: 145] وقوله تعالى: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي} [الأنبياء: 37].
(7)
أي: في موضعي الأعراف والأنبياء.
(8)
معناه في المقنع صـ 53.
(9)
لم أجد النص عليهما في المقنع، لكنه مفهوم عبارة الداني، بَيْدَ أن السخاوي قال:(وكذلك رأيته في المصحف الشاميِّ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ بالواو، وأما الحرف الآخر فعَدِمْتُ ورقتَه).
لكان أولى
(1)
.
ثم قوله: "وهو"؛ أي: الخُلْفُ ثابتٌ عند قوله {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ} بـ طه [آية: 71] والشعراء [آية: 49]؛ ففي بعض المصاحف بواو، وفي بعضها بغير واو، والفرق بين هذا الخلافِ والخلافِ في {سَأُرِيكُمْ} أن هذا الخلافَ خلافٌ مطلقٌ بخلافِ {سَأُرِيكُمْ} فإنه رجَّح الزيادةَ فيه، وفُهِمَ من حصرِه فيهما عدمُ الواوِ في حرفِ الأعراف [آية: 124] كما قال في الأصل
(2)
: (واجتمعت المصاحف على حذفه).
197 - وحذفُ إحداهما فيما يزاد به
…
بناءً او صورَةً والجمعُ عَمَّ سُرا
(3)
أي: "وحذف إحدى" الواوين "في" اللفظ الذي "يزاد" فيه؛ فالباء بمعنى في، وقوله:"بناءً او صُورَةً"؛ تمييزان؛ والرواية بنقل حركةِ همزة "أو" إلى
(4)
التنوين، وبرفع "الجمعُ" على أنه مبتدأ، و"عَمَّ"؛ خبرُه، و"سُرا"؛ تمييزٌ؛ أي:"الجمعُ عَمَّ" اشتهارُ حذفِ ضميرِه؛ الإعراب أو غيره.
والمعنى: اتفقت المصاحف على حذف إحدى كلِّ واوين تلاصقا في كلمة؛ انضمت الأولى أو انفتحت؛ سواء كانت صورةَ الواوِ أو الهمزةِ، أو الثانيةُ
(1)
كذا سائر النسخ، ولعل فيه سقطًا، ومعناه أغرب السخاوي في قوله "ولو قال والخلف فيه عزَّ"، والذي في الوسيلة صـ 359:(ولو قال -أي الشاطبي- عزَّ -أي مكانَ قلَّ-، أو كلمةً تكون بمعنى عُدِمَ لكان أولى، لأني رأيته في المصاحف العراقيَّة وغيرها بالواو، وكذلك رأيته في المصحف الشاميِّ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ بالواو، وأما الحرف الآخر فعَدِمْتُ ورقتَه).
(2)
انظر: المقنع صـ 53.
(3)
المقنع صـ 36.
(4)
كذا في (بر 1)، وفي (ل) و (س) و (ص)"بنقل حركة الهمزة أو إلى"، وفي (ز 4) و (ز 8)"بنقل حركة الهمزة إلى".
زائدةً للبناء
(1)
نحو: {دَاوُودُ}
(2)
و {يَئُوسًا} [الإسراء: 83] و {الْمَوْءُودَةُ} [التكوير: 8] و {وُورِيَ} [الأعراف: 20]، أو لرفع الجمع المذكر السالم نحو:{وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: 94] والـ {مُسْتَهْزِئُونَ}
(3)
و {مُتَّكِئُونَ} [يس: 56]{فَمَالِئُونَ} [الصافات: 66 والواقعة: 53]، وكذلك {لِيُطْفِئُوا} [الصف: 8] و {لِيُوَاطِئُوا} [التوبة: 37]، أو ضميره نحو:{لَا يَسْتَوُونَ} [التوبة: 19 والسجدة: 18] و {وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عمران: 153] و {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} [يونس: 53]{وَهُمْ بَدَءُوكُمْ} [التوبة: 13] و {أَنْبِئُونِي} [البقرة: 31] و {بَرِيئُونَ} [يونس: 41]، فجميع ذلك بواو واحدة استثقالًا لاجتماعهما، ومن ذلك:{لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} [الإسراء: 7] و {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} [الكهف: 16]، (وأما ما يراد
(4)
به الصورة فما كانت الواوُ فيه صورةَ الهمزة في نحو: {الرُّؤْيَا}
(5)
و {رُؤْيَاكَ} [يوسف: 5] و {رُؤْيَايَ} [يوسف: 43 و 100]؛ لأن الراء في الخط القديم قريبة الشكل من الواو، ولم يصوَّرْ في {وَتُؤْوِي} [الأحزاب: 51] و {تُؤْوِيهِ} [المعارج: 13]؛ لئلا يجتمع واوان)، والأمثلة قوله:
(1)
قال السخاوي في الوسيلة صـ 360: (يعني بالبناء أن تكون إحدى الواوين زائدةً للبناء نحو: وُورِيَ لما بني على فوعل، وكذلك الْمَوْءُودَةُ مفعولة، و يَئُوسًا فعول، و دَاوُودُ فاعول، وكتب جميع ذلك بواو واحدةٍ استثقالًا لاجتماعهما).
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 251].
(3)
كذا كل النسخ بأل التعريف ولا وجود لها في كتاب الله مرفوعةً إلا منكَّرةً، وهي في [البقرة: 14].
(4)
في سائر النسخ التسع "يزاد"، وأما في (بر 3) فالكلمة مطموسة. والصواب ما أثبته من الوسيلة صـ 360 - 361 إذ به يستقيم المعنى.
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: [يوسف: 43].
198 - دَاوُودُ تُؤْوِيهِ مَسْئُولًا وَ وُورِيَ قلْ
…
وفي يَسُئُوا وفي الْمَوْءُودَةُ ابتَدِرا
(1)
" دَاوُودُ " و" وُورِيَ " و" تُؤْوِيهِ " و" الْمَوْءُودَةُ "؛ هذه الأربعةُ أمثلةٌ للبناء، أي: لتكميل الصيغ المبنية للمعاني، وهي: فاعول فُوعِل وتُفْعِل ومفعولة، فإن قيل: لم لا يكون " الْمَوْءُودَةُ " مثالًا للصورة؟ قلت: لأن الهمزة إذا تحرك وسكن ما قبلها لا صورة لها، ولذا قال:"ابتَدِرا"؛ أي: سارعْ في تمثيل البناء لـ" الْمَوْءُودَةُ " لتحقق الواوين المكتنفين بالهمزة.
وفي شرح السخاوي أنَّ: (تُؤْوِيهِ من الصورة، ويَسُئُواْ من الجمع، ويجوز أن يكون لِيَسُوءُوا مرسومًا على قراءة النون
(2)
ويكون الألف التي بعد الواو صورة الهمزة، أو يكون مرسومًا على قراءة الياء على التوحيد
(3)
ويكون الألف أيضًا صورة الهمزة
(4)
كما رسمت في: {أَنْ تَبُوءَ} [المائدة: 29] صورة الهمزة، قال أبو عمرو: "والواو الثابتة في ذلك كله هي الثانية، قال: ويجوز أن يكون الثابتة هي الأولى، قال: وذلك عندي أوجه
(5)
فيما دخلت فيه للبناء"
(6)
(7)
.
(1)
المقنع صـ 36.
(2)
"لنسوءَ"(قرأ الكسائي بالنون ونصب الهمزة على لفظ الجمع للمتكلمين). اهـ من النشر 2/ 306 وانظر: الكشف 2/ 42 و 43، والإقناع 2/ 685.
(3)
"ليسوءَ"(قرأ ابن عامر وحمزة وخلف وأبو بكر بالياء ونصب الهمزة على لفظ الواحد). اهـ من النشر 2/ 306 وانظر: الكشف 2/ 42 و 43، والإقناع 2/ 685.
(4)
كذا في (ل) و (س) و (ز 4) و (بر 1)، وفي (ص) و (ز 8) سقط سطر تقريبًا وهو قوله:"أو يكون مرسومًا على قراءة الياء على التوحيد ويكون الألف أيضًا صورة الهمزة".
(5)
كذا في (بر 1) و (ز 8) و (ص) و (س) و (ل)، وفي (ز 4)"أوضح".
(6)
المقنع صـ 36.
(7)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 362.
قيل
(1)
: (وفي تمثيله بـ مَسْئُولًا نظر؛ لأن قياس همزته أن لا يُصَوَّر
(2)
لها حرف)؛ لأنه قد تقرر أن الهمزة إذا تحركت وسكن ما قبلها فلا صورة لها فلم يجتمع فيه واوان، ثم قولُه:{لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} [الإسراء: 7] على قراءة من يمد
(3)
؛ مثال الصورةِ، ويصح أن يكون مثالَ واوِ الجمعِ.
199 - إِنِ امْرُؤٌ و الرِّبَا بالواوِ مَعْ ألفٍ
…
وليسَ خلفُ رِبًا في الرومِ مُحْتَقَرا
(4)
أي: اتفقت المصاحف على رسم {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} [النساء: 176] بالواو وألف بعدها، وكذا لفظ " الرِّبَا " حيث جاء نحو:{يَأْكُلُونَ الرِّبَا} [البقرة: 275]{مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275]، واختلف في {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا} "في الروم" [آية: 39] ففي بعضها بألف وفي بعضها بواو، وقال السخاوي: (فأما الواو في {إِنِ امْرُؤٌ} فهي صورة الهمزة، وأما زيادة الألف فيحتمل أمرين:
أحدهما: أن الهمزة، لما صُوِّرت واوًا وكانت الواو طرفًا أشبهت الواو من:{قَالُوا} فزيدت تشبيهًا بتلك للزومها الطَرَفَ كواو {قَالُوا} ونحوه، (قال أبو عمرو
(5)
: إنما كتبوا الألف في {وَلُؤْلُؤًا} في الحج [آية: 23]
(6)
كما كتبوا الألف في {قَالُوا} )
(7)
.
(1)
القائل هو الجعبري في الجميلة صـ 272.
(2)
في (ل)"همزته إذ لا يتصور"، وفي (س)"همزته لا يتصور"، وفي (ص) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)"همزته أن لا يتصور". والتصويب من الجميلة.
(3)
قرأ الحرميان والبصريان وأبو جعفر وحفص بالياء وضم الهمزة وبعدها واو الجمع " لِيَسُوءُوا ". وانظر: النشر 2/ 306 والكشف 2/ 42 و 43، والإقناع 2/ 685.
(4)
المقنع صـ 42 و 55 و 83.
(5)
ابن العلاء البصري المقرئ أحد القراء السبعة، وليس الداني.
(6)
وهي كذلك في سورة [فاطر: 33].
(7)
ما بين القوسين من المقنع صـ 40 وقد رواه الداني بسنده عن أبي عمرو البصري.
والثاني: أن الواو لما كانت صورة الهمزة وكانت الهمزة حرفًا خفيفًا بَعِيدَ المخرجِ يحتاج إلى التَّقْوِيةِ قُوِّيَتْ صورتُها في الخط بألفٍ كما تُقَوَّى هي في اللفظ بذلك، وهذا معنى قول الكسائي: إنما زادوا الألف في {وَلُؤْلُؤًا} لإمكان
(1)
الهمزة، وأما {الرِّبَا} بالواو فعلى مراد التفخيم، والألف بعدها تشبيهًا بواو {قَالُوا} على ما سبق
(2)
، قال ابن مقسم
(3)
: إنما كتب بالواو بناء على أصله لأنه من رَبا يَرْبُو فهو من ذوات الواو
(4)
فأسكنوها فانقلب ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها فردوها في الخط إلى أصلها مع أن من العرب من ينطق بهذا النوع على أصله)
(5)
.
ثم اعلم أن (المصنف أسقط باب قياس رسم الهمزة وهو خلل في الجملة لتفريعه على غير
(6)
أصل، وينبغي ذكره ليعلم
(7)
كل فرع من أيِّ أصل
(1)
"لإمكان" أي: لتمكين الهمزة يعني: لتَقْوِيَتِها.
(2)
في شرح البيت (159) وهو قوله:
وزِدْ بَنُو ألِفًا في يُونسٍ وَلدَى فِعْلِ الجميع وَوَاوِ الفرْدِ كيف جَرَى
(3)
هو: محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن مقسم الإمام أبو بكر البغدادي، كان من أعرف أهل زمانه بالقراءات مشهورها وغريبها وشاذها، وهو مشهور بالضبط والإتقان، وكان قد سلك مذهب ابن شنبوذ الذي أنكر عليه فحمل الناس عليه لذلك، واختار حروفًا خالف فيها العامة فنوظر عليها فلم يكن عنده حجة فاستتيب فرجع عن اختياره بعد أن وُقِفَ للضرب، وسأل ابنَ مجاهد ان يدرأ عنه ذلك فدرأ عنه، فكان يقول ما لأحد علي منَّة كمنَّة ابن مجاهد، ثم رجع بعد موت ابن مجاهد إلى قوله فكان ينسب إلى أن كل قراءة توافق خط المصحف فالقراءة بها جائزة وإن لم يكن لها مادة، له كتاب جليل في التفسير ومعاني القرآن سماه كتاب الأنوار، وله تصانيف عدة، ولد سنة 265 وتوفي في ثامن ربيع الآخر سنة 354. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 306 ترجمة رقم (225).
(4)
كذا في جميع النسخ والذي في الوسيلة بعد كلمة الواو (فأصل اللفظ به الرَّبَوَا فاستثقلوا الحركة في الواو فأسكنوها) ولا يتضح المعنى إلا به.
(5)
انظر: الوسيلة صـ 363 - 364.
(6)
كذا في (ز 8) و (ص)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س)"غيره أصل".
(7)
في الأصل زيادة "أن"، والذي في الجميلة بدونها كما أثبتناه وهو أوضح.
انشعب)
(1)
، فنقول:
الهمزة إما متحركة أو ساكنة، وعلى التقديرين إما مبتدأة أو غير مبتدأة؛ فالمبتدأة تحقيقًا أو تقديرًا وهي لا تكون إلا متحركة فقياسها أن ترسم ألفًا بأي حركة تحركت نحو:{أَخَذَ}
(2)
{إِبْرَاهِيمَ}
(3)
{أُوذِينَا} [الأعراف: 129] و {سَأَصْرِفُ} [الأعراف: 146]{فَبِأَيِّ}
(4)
{سَأُنْزِلُ} [الأنعام: 93]، وغير المبتدأة متوسطة ومتطرفة ترسم حرفًا يجانس حركة سابقها إن كانت ساكنة؛ فيكون ألفًا بعد الفتح وياء بعد الكسر وواوًا بعد الضم نحو:{الْبَأْسِ} [البقرة: 177 والأحزاب: 18]{جِئْتَ}
(5)
{الْمُؤْمِنُونَ}
(6)
ونحو: {إِنْ نَشَأْ} [الشعراء: 4 وسبأ: 9]{نَبِّئْ} [الحجر: 49]{وَهَيِّئْ} [الكهف: 10]{تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]، وإن كانت متحركةً فإن سكن ما قبلها فلا صورة لها في الرسم إلا المضمومة والمكسورة المتوسطتين فصُوِّرت
(7)
المكسورةُ ياءً والمضمومةُ واوًا، نحو:{آبَاؤُكُمْ}
(8)
{مِنْ نِسَائِكُمْ}
(9)
، ففهم منه أن المفتوحة المتوسطة لا صورة لها، نحو:{سِيئَتْ} [الملك: 27]{فَاسْأَلُوهُمْ} [الأنبياء: 63]{الْمَشْأَمَةِ}
(1)
انظر الجميلة صـ 274.
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 55].
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 124].
(4)
وردت هذه اللفظة في القرآن (35) مرة؛ أولها في سورة [الأعراف: 185] ثم [الجاثية: 6] ثم [النجم: 55] وآخرها في [المرسلات: 50] والبواقي (31) مرة في الرحمن.
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 71].
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 285].
(7)
كذا في (بر 3)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (س) و (ص) و (ف)"فتصورت"، وفي (ق)"فصورة".
(8)
وردت في القرآن مرارا أولها: [النساء: 11].
(9)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 187].
[الواقعة: 9 والبلد: 19]، وأن المتطرفة مفتوحةً ومضمومةً ومكسورةً لا صورة لها نحو:{يُخْرِجُ الْخَبْءَ} [النمل: 25]{مِلْءُ الْأَرْضِ} [آل عمران: 91] و {بَيْنَ الْمَرْءِ} [البقرة: 102]، وإن تحرك ما قبلها تصور حرفًا يجانس حركتها إلا المفتوحةَ بعد ضمةٍ فواوٌ وبعد كسرةٍ فياءٌ؛ نحو:{مُؤَذِّنٌ} [الأعراف: 44 ويوسف: 70] و {يُؤَلِّفُ} [النور: 43] و {مِائَةٍ}
(1)
و {مُلِئَتْ} [الجن: 8].
هذا قول الجعبري في شرحه
(2)
، وفهم منه أن المفتوحة المتوسطة بعد فتحة ترسم بصورة حرف يجانس حركتها، وهو كذلك، نحو:{سَأَلَ} [المعارج: 1] و {رَأَيْتَ}
(3)
، وكذا المكسورة والمضمومة المتوسطتين إذا تحرك ما قبلها بأي حركة كان، وهذا صحيح فيما سوى المضمومة التي قبلها كسرة، نحو:{سَنُقْرِئُكَ} [الأعلى: 6]{يُضَاهِئُونَ}
(4)
[التوبة: 30]{أَؤُنَبِّئُكُمْ} [آل عمران: 15]؛ فإن الظاهر أنها ترسَم بصورة حركة ما قبلها كما نص عليه غير الجعبري، وأمثلة المكسورة وغير هذه المضمومة
(5)
: {بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54] و {يَئِسَ} [المائدة: 3 والممتحنة: 13] و {سُئِلُوا} [الأحزاب: 14] و {بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]{رَءُوفٌ}
(6)
، وفُهِم من ظاهرِ كلامِنا أن المتطرفةَ التي تحرك ما قبلها مثلُ
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 259].
(2)
انظر: الجميلة صـ 274 - 275.
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [آل عمران: 143].
(4)
قال أبو داود في مختصر التبيين (3/ 619): (وكتبوا: يضهون بواو واحدة في جميع المصاحف على قراءة الجماعة -يُضَاهُونَ- حاشا عاصما؛ فإنه قرأ بكسر الهاء وهمزة مضمومة بينها وبين الواو من غير تصوير حرف لها - يُضَاهِئُونَ -) وعليه فهي لا تصلح مثالا.
(5)
الإشارة إلى المضمومة التي قبلها كسرة، فيذكر أمثلة المضمونة التي قبلها فتح والتي قبلها ضم.
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 207].
المتوسطة التي تحرك ما قبلها وليس كذلك فإنهم قالوا: المتطرفة التي تحرك ما قبلها ترسم بصورة حركة ما قبلها مطلقًا، نحو:{مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ} [النمل: 22] و {لِكُلِّ امْرِئٍ} [النور: 11 وعبس: 37] و {يُبْدِئُ}
(1)
وأمثال ذلك مما تقدم والله أعلم.
وإذا عرفت ما ذكرنا من الإجمال، يتبين لك ما خرج من هذه الأصول فيما ذكره الشيخ في بقية الأشكال، والله أعلم بالأحوال.
(1)
وردت (يُبْدِئُ) في [العنكبوت: 19] و [سبأ: 49] و [البروج: 13].
باب حروف من الهمز
وقعت في الرسم على غير قياس
ليس معناه أنه يخالف رسم الكتابة ولا وجه له، قال أبو عمرو: (والحروفُ المرسومةُ في المصحفِ على خلاف ما جرى به
(1)
رسمُ الكتاب من الهجاءِ؛ الانتقالُ من وجهٍ معروف إلى وجهٍ آخرَ مثلِه في الجوازِ والاستعمالِ وإن كان المُنْتَقَلُ عنه أكثرَ في غالبِ الأحوالِ)
(2)
.
200 - والهمزُ الاوَّلُ في المرسومِ قلْ ألفٌ
…
سوَى الذي بمرادِ الوَصلِ قدْ سُطِرا
(3)
بألف الإطلاق على صيغة المجهول، أي: كُتِبَ، و"الهمزُ": مبتدأٌ، و"الاولُ"؛ بالنقل؛ صفةٌ، و"في المرسوم قل ألفٌ"؛ أي: صورتُه ألفٌ، هذه الجملة خبر المبتدأ، "سوى" الهمزة التي وقعت أول الكلام تقديرًا واعتبر فيها الاتصال فإنه أُجْرِيَ واعتُبِرَ فيها مجرى المتوسطة، وحاصله: أن قياس الهمزة الواقعةِ أول الكلمة تحقيقًا في الرسمِ ألفٌ، وكذا الواقعةُ أولَها تقديرًا، كما قال في المقنع
(4)
: (وكذلك حكمها إن اتصل بها
(5)
حرف دخيل زائد،
(1)
كذا في (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)، وفي (ص):"جرى بينهم به".
(2)
انظر المحكم في نقط المصاحف (ص: 186) وهذا نصُّه فيه: (وعلةُ هذه الحروفِ وغيرِها من الحروفِ المرسومةِ على خلافِ ما يجري به رسمُ الكتابِ من الهجاءِ في المصحفِ؛ الانتقالُ من وجهٍ معروفٍ مستفيضٍ الى وجهٍ آخرَ مثلِه في الجوازِ والاستعمالِ وان كان المنتقلُ عنه أظهرَ معنًى وأكثرَ استعمالا).
(3)
انظر المقنع صـ 60.
(4)
صـ 60 باب ذكر الهمزة وأحكام رسمها في المصحف.
(5)
في الأصل بهما والتصويب من المقنع.
نحو: {سَأَصْرِفُ} و {فَبِأَيِّ} و {كَأَنَّهُ}
(1)
.
واعلم أن الهمز
(2)
يصور ألفًا في أول الكلمة نحو: {إِبْرَاهِيمُ}
(3)
و {إِسْمَاعِيلَ}
(4)
و {إِسْحَاقَ}
(5)
و {آدَمَ}
(6)
و {آزَرَ} [الأنعام: 74] و {أَوْلِيَاءَ}
(7)
و {أَعْدَاءً}
(8)
و {آمَنَ}
(9)
و {أَحْمَدُ} [الصف: 6] و {أَيُّوبَ}
(10)
و {إِلْيَاسَ} [الأنعام: 85 والصافات: 123] و {آلَاءِ}
(11)
و {إِلَّا}
(12)
، وإنما صورت في الابتداء ألفًا بأي حركة تحركت؛ لأن الألف والهمزة مشتركان في المخرج، وكذا حكم الهمزة إذا كانت مبتدأة ثم دخل عليها حرف زائد، نحو:{فَأَرْسَلْنَا}
(13)
{أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ} [يونس: 99]{فَبِأَيِّ}
(14)
و {لِإِيلَافِ} [قريش: 1] و {كَأَنَّهُمْ}
(15)
و {وَكَأَيِّنْ}
(16)
وما أشبه ذلك؛ بخلاف ما إذا كانت هذه الكلمات التي الهمزة فيها مبتدأة وقد دخل عليها زائد ما جعلت
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 101].
(2)
كذا في (بر 1)، وفي (ز 4) و (ز 8) و (ل) و (ص)"الهمزة يصور"، وفي (س)"الهمزة تصور".
(3)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 124].
(4)
وردت في القرآن مرارا، أولها:[البقرة: 125].
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 133].
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 31].
(7)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 257].
(8)
وردت في القرآن مرارا أولها: [آل عمران: 103].
(9)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 8].
(10)
وردت في القرآن مرارا أولها: [النساء: 163].
(11)
ساقطة من بعض النسخ. وقد وردت في القرآن مرارا أولها [الأعراف: 69].
(12)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 9].
(13)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الأعراف: 133].
(14)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الأعراف: 185].
(15)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 101].
(16)
وردت في القرآن مرارا أولها: [آل عمران: 146].
الهمزة فيه في حكم المتوسطة وكتب على مراد الوصل بذلك الزائد كما كتب المتوسطة، ثم قال:
201 - فَـ: هَؤُلَاءِ بِواوٍ يَبْنَؤُمَّ بهِ
…
و يَا ابْنَ أُمَّ فَصِلْهُ كلَّهُ سَطَرا
(1)
بالبناءِ للفاعلِ وألفِ الإطلاقِ؛ أي: سَطَرا الرُّسَّامُ كلَّ المذكورِ، والفاءُ للتفصيل أو التفريع.
والمعنى: رسم همزة {هَؤُلَاءِ}
(2)
بواو، وكذا {يَبْنَؤُمَّ} [طه: 94] به؛ أي: بواو "و يَا ابْنَ أُمَّ فَصِلْهُ"؛ أي: فَصِل يَا ابْنَ أُمَّ؛ أي: طرفيه.
والمعنى: صل "يا" التي هي حرف النداء بالباء من "ابن"، وصل النون بالواو التي هي صورة الهمزة، و يَبْنَؤُمَّ أربعُ كلماتٍ حُذِفت الرابعةُ ورُسِمَتْ الثلاثةُ واحدةً
(3)
، وتقدَّم حَذْفُ ألفِ ياه
(4)
، والحاصلُ أن المصاحفَ اتفقت على رسمِ همزةِ أُولَاءِ واوًا إذا اتصل بها هاء التنبيه، وإن كان القياس يقتضي أن ترسم ألفًا؛ لأنها مبتدأة تقديرًا، لكنها جعلت كالمتوسطة وهي مضمومةٌ قبلها ألفٌ فصوِّرت واوًا فبقي نحو:{أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ} [آل عمران: 119] على أصل الألفِ، واتفقت أيضًا على رسم همزة " أُمَّ " إذا أضيف إليها " ابْنَ " المنادى بحرف نداء ملفوظ وهو بـ طه [آية: 94] {يَبْنَؤُمَّ} واوًا موصولة بالنون، وخرج
(1)
المقنع صـ 76.
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 31].
(3)
الكلمات الأربعة في " يَبْنَؤُمَّ " هي ياء النداء، ابن، أم، ياء المتكلم المضافة إلى أم. وهي الرابعة المحذوفة، ورسمت الكلمات الثلاث الأول كلمة واحدة " يَبْنَؤُمَّ ".
(4)
في بعض النسخ ياء والأصح "ياه"، أي: ياؤه، وقد تقدم ذكر حذف ألف ياء النداء في البيت (130) ونصه: لَاكِن أُولَئِكَ والَّائِي وذَ الِكَ ها يا وَ السَّلَامُ معَ اللَّاتِي فَرِدْ غُدُرَا
وقال في شرحه: (والمراد بـ ياء؛ ياء النداء).
بقولنا: حرف نداء ملفوظ موضع الأعراف [آية: 150] وهو قوله: {قَالَ ابْنَ أُمَّ} فإنه رسم مفصولًا بالألفين على ما هو الأصل، وقياس همزة يَبْنَؤُمَّ أن ترسم ألفًا لأنها مبتدأةٌ تقديرًا؛ لكنْ جُعِلَتْ كالمتوسطة وهي مضمومةٌ فُتِحَ ما قبلها فرُسِمَتْ واوًا كحَرَكَتِها.
202 - أَئِنَّكُمْ ياءُ ثاني العنكبوتِ وفي الـ
…
أنعامِ مَعْ فصِّلتْ والنمْلِ قدْ زَهَرا
(1)
أي: أضاء رسمها بالياء، قوله:" أَئِنَّكُمْ " فاعل فعل محذوف؛ أي: رُسِمَ {أَئِنَّكُمْ} ، وقوله:"ياء" بدل بعض، و"ثاني العنكبوت" أي: في ثانيه؛ أي: اتفقت المصاحف على رسم الهمزة المكسورة المسبوقة
(2)
بهمزة الاستفهام ياءً في: {أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ} في الأنعام [آية: 19]{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً} بالنمل [آية: 55]{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ} بالعنكبوت [آية: 29]{أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ} بفصلت [آية: 9]، وقياسُها أن تُرْسَمَ ألفًا؛ لأنها مبتدأةٌ تقديرًا، لكنها جُعِلَتْ كالمتوسطةِ وهي مكسورةٌ فُتِحَ ما قبلها فرسمت ياءً على مراد التليين، حكى ذلك أبو عمرو عن محمد بن عيسى
(3)
، وفهم من قيد "ثاني العنكبوت" أن حرف الأعراف
(4)
وأول العنكبوت
(5)
بغير ياء، قال في المقنع: (وجدت في يوسف [آية: 90]{أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} و {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} كل النمل
(1)
المقنع صـ 51.
(2)
في الأصل: "السابقة" ولعله سبق قلم، وصوابه ما أثبتُّ.
(3)
انظر: المقنع صـ 51 باب ما رسمت الياء فيه على مراد التليين للهمزة.
(4)
قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً} [الأعراف: 81].
(5)
قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 28].
[آية: 60 و 61 و 62 و 63 و 64] و {أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} بالصافات [آية: 52] و {أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ} بالنازعات [آية: 10] و {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ} بالأعراف [آية: 81]، والأول من العنكبوت [آية: 28] بغير ياء)
(1)
وهذا مفهوم من منطوق المنظوم.
203 - وخُصَّ في أَائِذَا مُتْنَا إِذَا وَقَعَتْ
…
وقلْ أَئِنَّ لَنَا يُخصُّ في الشعرا
(2)
204 - وَفَوقَ صادٍ أَئِنَّا ثانيًا رَسَمُوا
…
وزِدْ إليهِ الذي في النملِ مُدَّكِرا
(3)
"خُصَّ"؛ ماضيةٌ مجهولةٌ، أو أمريةٌ؛ أي: خُصَّ بياء "في أَئِذَا مِتْنَا "[الواقعة: 47] و" إِذَا وَقَعَتِ "
(4)
مرفوع أو منصوب
(5)
، وليس في القرآن غيره، "وقلْ أَئِنَّ لَنَا "؛ أي: ياء {أَئِنَّ لَنَا} "يُخصُّ في الشعرا"[آية: 41]؛ قُصِر للوقف لا للوزن
(6)
، و"فوق صاد"؛ أي: في الصافات [آية: 36] ياء " أَئِنَّا " وهو مفعول "رسموا"، و"ثانيًا"؛ حال، وضمير "رسموا"؛ إلى الكُتَّاب، وقُيِّد بالثاني فخرج عنه أولُها:{أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [الصافات: 16] وثالثها؛ {أَإِنَّا لَمَدِينُونَ} [الصافات: 53]؛ فإنهما بغير ياء، "وزد إلى" موضعِ الصافات الموضعَ "الذي في النمل"، و"الذي"،؛ مفعولُ "زد"، و"مُدَّكِرا"؛ حال من فاعل "زد" وهو مُفْتَعِلٌ؛ من الذِّكْر.
واعلم أن في النمل موضعين فأشار المصنف إلى المراد بقوله: "مُدَّكِرا"؛
(1)
انظر: المقنع صـ 52 باب ما رسمت الياء فيه على مراد التليين للهمزة.
(2)
المقنع صـ 51، 52.
(3)
المقنع صـ 51.
(4)
مراده بـ إِذَا وَقَعَتِ سورة الواقعة.
(5)
مرفوع على أن خُصَّ مجهولة فهو نائب فاعل، ومنصوب على أن خُصَّ أمريةٌ فهو مفعول به.
(6)
أي: خلافًا للجعبري في الجميلة صـ 278.
أي: ذاكرًا أن الذي ضُمَّ إلى الصافات ما يوافقه لفظًا وهو " أَئِنَّا " لا معنى وهو أَإِذَا، وقوله:" أَئِنَّ لَنَا في الشعراء"؛ يخرج قولَه: {إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا} في الأعراف [آية: 113]، وقوله "يُخصُّ"؛ تأكيدٌ، وقوله:"خُصّ في أَئِذَا مِتْنَا إذَا وَقَعَتِ"؛ أخْرَجَ غير ما في هذه السورة نحو: {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا} [الرعد: 5 والنمل: 67] وقول المقنع: (ليس في القرآن غيره)؛ أي: غير ما في الواقعة؛ معناه ليس فيه أَئِذَا مكتوبٌ بالياء سواه وإلا فلفظه مكرر
(1)
، (وعن نصير النحوي: فيما أجمعت عليه المصاحف كتبوا {أَئِنَّ لَنَا} في الشعراء بالياء، وفي الأعراف كتبوا {إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا} بغير ياء)
(2)
، قال السخاوي:(والياء فيهما على مراد التليين والحذف على مراد الخبر)
(3)
.
205 - أَئِمَّةً و أَئِنْ ذُكِّرْتُمُ وأَئِفْـ
…
ـكًا بالعراقِ ولا نصٌّ فيَحْتَجِرا
(4)
يتزن البيت بإشباع ميم "ذُكِّرْتُمُ"، أي: رسم هذه الثلاثة في العراق بالياء "ولا"؛ مشابِهَةُ ليس
(5)
، و"نصٌّ" اسم لا، و"فيه" المُقَدَّرُ خبرُها، "فيَحْتَجِرا" نصب بأن المُقَدَّرةِ بعد الفاء في جواب النفي؛ أي: فيمتنع غيره.
قال في المقنع: (تتبعت ما بقي من هذا الباب -أي: باب الهمزتين المختلفتين بالفتح والكسر من كلمة- في مصاحف المدينة والعراق الأصلية -
(1)
حيث ورد أَئِذَا مِتْنَا في القرآن غيرها أربع مرار في المؤمنون [آية 82] والصافات [آية 16 وآية 53] وق [آية 3]، وكلّها مرسومة بالألف: أَإِذَا مِتْنَا
(2)
ما بين القوسين من المقنع صـ 51، 52.
(3)
انظر: الوسيلة صـ 369.
(4)
المقنع صـ 52.
(5)
فليست هي النافية للجنس، بل العاملة عمل ليس، ولذا فـ"نصٌّ" مرفوع لأنه اسمها.
أي: الكوفية والبصرية القديمة يعني العثمانية- إذْ عَدِمْتُ النصّ -أي: النقل في الياءِ وعدمِها- فوجدْتُ في المصاحف المذكورة: {أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ} بـ يس [الآية: 19] و {أَئِفْكًا} بالصافات [الآية: 86] و {أَئِمَّةً} خمسة
(1)
مرسوم بالياء، وكذلك هي بالياء في هجاء السنة لابن قيس، ثم قال: وجدت في يوسف [آية: 90]{أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} -إلى آخر ما ذكرنا- بغير ياء)
(2)
كما قدمنا في شرح قوله: أَئِنَّكُمْ ياءُ ثاني العنكبوتِ
(3)
.
والحاصل أن المصاحف اتفقت على رسمِ الهمزةِ المكسورةِ المتوسطةِ بهمزةِ الاستفهامِ ياءً في {أَئِنَّ لَنَا} بالشعراء [آية: 41] وفي {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا} بالواقعة [آية: 47] وفي {أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ} بالنمل [آية: 67] وفي {أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا} بالصافات [آية: 36] ورسمت الهمزة المتوسطة بهمزة الاستفهام ياءً في {أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ} بـ يس و {أَئِفْكًا آلِهَةً} بالصافات، وليس في باقي الباب نص على ياء ولا ألف فيمتنع الآخر
(4)
فيتبع فيه الكشف
(5)
، ولهذا احتاج المقنع إلى الكشف فتتبع المصاحف فوجد فيها لفظ {أَئِمَّةً} ولفظين ذكره الناظم بعده بياء، ونحو:{أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} وغيره بغير
(1)
وهي قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التوبة: 12] و {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً} [الأنبياء: 73] و {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} [القصص: 5] و {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص: 41] و {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [السجدة: 24].
(2)
المقنع صـ 52.
(3)
انظر: شرح البيت (202).
(4)
مراده بالآخرة ما لم ينص عليه.
(5)
مراده بالكشف تتبع المصاحف واستقراء المواضع فيها لمعرفة رسمها.
ياء
(1)
كما بيناه فيما سبق، وحيث "لا نص" فيُقْتَصَرُ على واحدة كما تقرر في قوله: وكل ما زاد أولاه إلى آخره
(2)
.
ثم اعلم أنه جاء الياء في قوله: أَئِنَّكُمْ ياء ثاني العنكبوت
(3)
إلى هنا اعتبارا للفظ؛ لأن المتوسطة المكسورة
(4)
بعد فتحة قياسها الياء وهي في هذه المواضع صورة الهمزة إلا {أَئِنَّا} في النمل فيحتملها ويحتمل النونين كما قرأ الكسائي وابن عامر
(5)
؛ ولهذا قال الشارح السخاوي: (والياء في جميع ذلك على مراد التليين)
(6)
، ووجه عدم الياء في المهملة اعتبارًا للأصل لأن المبتدأة قياسها الألف بأي حركة تحركت فإذا اجتمعت مع همزة الاستفهام اقتصر على واحدة كما تقرر في شرح قوله: وكل ما زاد أولاه على ألف
(7)
.
206 - وَيَوْمَئِذْ ولِئَلَّا وَحِينَئِذْ ولَئِن
…
ولامَ لِفْ لِأَهَبْ بَدرُ الإمام سَرَى
(8)
وزْنُ البيتِ بسكونِ الذالين والفاءِ، وحذفُ همزة ألف للوزن؛ أي: ورَسْمُ
(1)
كذا في (بر 1) و (ل) و (س)، وفي (ز 4) و (ص)"وغيره بياء كما" بدون زيادة "بغير"، وفي (ز 8)"لأنت يوسف بغير ياء كما".
(2)
البيت 155 ونصه:
وكلُّ ما زادَ أولاهُ على ألِفٍ بواحدٍ فاعتمِدْ من بَرقِهِ المَطَرا.
(3)
البيت رقم 202.
(4)
كذا في (بر 1) و (ل) و (س) و (ص)، وفي (ز 8)"المذكورة" وكذا في (ز 4) إلا أنه مخرج في الحاشية "المكسورة".
(5)
قرأه ابن عامر والكسائي بالإخبار مع زيادة نون فيه "إننا لمخرجون"، وقرأ الباقون بالاستفهام. وانظر: النشر 1/ 373، والإقناع 2/ 720.
(6)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 369.
(7)
البيت رقم 155.
(8)
المقنع صـ 42، 53.
همزة هذه الكلمات الأربع بالياء، ورسْمُ لام "لِأَهَبْ" وألفه ثم رُكِّبا فبنيا على الفتح، وهو مبتدأٌ خبرُه جملةُ "بدر الإمام سرى" أي: ضياء رسمه سرى إلى بقية المصاحف، وقال السخاوي: (لِأَهَبْ في البيت في موضع خفض بإضافة "لام لفْ" إليه، والمضاف والمضاف إليه مرفوع بالابتداء
(1)
، و"بدر" خبره، و"سرى" خبر بعد خبر، وإسكان الفاء كإسكان الباء في قوله: فاليوم أشربْ غيرَ مستحْقِبٍ
(2)
(3)
.
والمعنى: أن المصاحف العثمانية اتفقت على رسمِ همزةِ {يَوْمَئِذٍ}
(4)
و {لِئَلَّا}
(5)
و {حِينَئِذٍ} [الواقعة: 84] و {وَلَئِنِ}
(6)
بالياءِ ووصلِها بالميم والنون واللامين
(7)
حيث وقعت، والقياس يقتضي رسمها ألفًا؛ لأنها مبتدأةٌ تقديرًا، لكنْ وجهُ الياءِ إجراؤها مجرى المتوسطةِ، وقياسُ هذه المتوسطةِ الياءُ، ورسم {لِأَهَبَ لَكِ} بمريم [آية: 19] في الإمام -كبقية الرسوم- بناء على الأصل في المبتدأة فهي هنا على قياسها.
(1)
في الأصل: (والمضاف إليه مرفوع بالابتداء) والتصويب من الوسيلة.
(2)
البيت لامرئ القيس وتمامه: إثمًا من الله ولا واغلٍ. انظر: كتاب سيبويه 4/ 204 باب: الإشباع في الجر والرفع وغير الإشباع والحركة كما هي، وعزاه المحقق إلى ديوانه 122، 258، والخصائص 1/ 74، 2/ 317، 340، 3/ 96 وغيرهما.
(3)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 373.
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [آل عمران: 167].
(5)
وردت في [البقرة: 150] و [النساء 165] و [الحديد 29].
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 120].
(7)
أ ي: وصلها بالميم في يَوْمَئِذٍ، وبالنون في حِينَئِذٍ، وباللامين في لِئَلَّا وَلَئِنِ.
207 - وفي أَ اؤُنَبِّئُكُمْ واوٌ وَيَحذِفُ في الرْ
…
رُءْيَا ورُءْيا وَرِئْيًا كلٌّ الصُّوَرا
(1)
أي: رسم "واوٌ""في" مضمومة " أَؤُنَبِّئُكُمْ " و"يَحذِفُ كلٌّ" صورةَ الواوِ والياءِ في الكلمات الثلاث، وإعراب "كلٌّ" في البيتِ الرفعُ؛ لأنه فاعلُ "يَحذِفُ"، و"الصورا"؛ مفعولُهُ وألفُهُ للإطلاق.
يعني: اتفقت المصاحف على رسم الهمزة الثانية المضمومة واوًا في {أَؤُنَبِّئُكُمْ} بآل عمران [آية: 15] وإن كان القياس يقتضي أن يُرسم ألفًا باعتبار الأصل ثم حَذْفَ الألف كما دل عليه قوله: وكل ما زاد أولاه على ألف
(2)
، لكن بسبب مزج الاستفهامية جُعِلَت كالمتوسطة، والمضمومةُ المتوسطةُ قياسُها واوًا
(3)
كما تقدم
(4)
، وحذفت الواو من نظائر {أَؤُنَبِّئُكُمْ} نحو:{أَأُنْزِلَ} [ص: 8] و {أَأُلْقِيَ} [القمر: 25] كما يدل عليه قاعدة: كلّ ما زاد أولاه على ألفٍ
(5)
؛ ففي {أَؤُنَبِّئُكُمْ} على التليين، وفي غيره على التحقيق
(6)
، واتفقت كل رُسّام المصاحف أيضًا على حذف الواو التي هي صورة الهمزة في
(1)
المقنع صـ 36، 49، 59.
(2)
البيت 155 ونصه:
وَكُلُّ مَا زادَ أُولَاه على ألفٍ بواحدٍ فاعتمدْ مِنْ بَرْقِهِ المَطَرَا
(3)
أي: أن تكتب واوًا وفي نسخة "واوٌ" بالرفع على أنها خبر "قياسها".
(4)
في آخر شرح البيت 199.
(5)
البيت رقم 155.
(6)
كذا في سائر النسخ التسع، إلا أن في حاشية (س) ما نصه:(يعني في كل من الكلمات الثلاث وجهان عند القراء فالإشارة بناءً عليهما غير ممكنةٍ في كلمةٍ واحدةٍ لتضادّ حالتي التحقيق والتسهيل فرسم بعضها على حالة التحقيق وبعضها على حالة التليين).
{الرُّؤْيَا} معرفًا أو منكرًا
(1)
، وقياسُ الرُّؤْيَا الواوُ، ولكن رُسِمَ
(2)
ياءً
(3)
كراهةَ اجتماعِ ما يشبه الواوين؛ لأن الراء قريبةٌ من الواوِ في الشكل، واتفقت أيضًا على حذف الياء من قوله:{وَرِئْيًا} بمريم [آية: 74]، وذِكْرُهُ هنا مستدرَكٌ، لنصِّه عليه في قوله: واحذفوا إحداهما كـ وَرِئْيًا
(4)
، قال السخاوي نقلًا عن أبي عمرو:(وكذلك هي محذوفة في قوله تعالى: {تُئْوِي إِلَيْكَ} [الأحزاب: 51] و {الَّتِي تُؤْوِيهِ} [المعارج: 13]، قال: ولا أعلم همزةً ساكنةً قبلها ضمةٌ لم تصور خطًّا إلا في هذه الحروف لا غير)
(5)
، قال السخاوي: (كما حذفت في الرُّؤْيَا اكتفاءً بالضمة قبلَها كذلك حذفت في قوله تعالى: {وَرِئْيًا} اكتفاء بالكسرة؛
(1)
لم يرد في القرآن منكرًا، وقد ورد في القرآن (7) مرات كلها معرفة إلا أن بعضها معرّفٌ بأل، وهي قوله تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] و {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا} [الاسراء: 60] و {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: 105] و {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الفتح: 27] وبعضها معرف بالإضافة، وهي قوله تعالى:{لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ} [يوسف: 5] و {أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} [يوسف: 43] و {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} [يوسف: 100]، فهذه سبعة مواضع كلها معرفة، لا ثامن لها في كتاب الله، ولذا كان تعبير الداني في المقنع أصح حيث قال:(اتفقت المصاحف على حذف الواو التي هي صورة الهمزة دلالة على تحقيقها في قوله " الرُّؤْيَا " و " رُؤْيَاكَ " و " رُؤْيَايَ " في جميع القرآن)، ولم يقل "معرفا أو منكرًا".
(2)
كذا في (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1)، وفي (ص)"يرسم"، وفي (ز 8)"وقياس الرُّؤْيَا الواو ولكن حذف كراهة اجتماع".
(3)
لم يرسم ياءً، بل لم تصوَّر أصلًا، قال أبو عمرو في المقنع صـ 36:(ولا أعلم همزةً ساكنةً قبلها ضمَّةٌ لم تصور خطًّا إلا في هذه المواضع لا غير).
(4)
البيت رقم (184).
(5)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 374 وهو في المقنع صـ 36.
لأنها لو صُوِّرَتْ لكانت
(1)
ياءً فيجتمع مثلان ولم يذكر في المقنع وَرِئْيًا
(2)
(3)
.
208 - و النَّشْأَةَ الألفُ المرسومُ همزتُها
…
أو مَدَّةٌ وبياءٍ مَوْئِلًا نَدَرا
(4)
" النَّشْأَةَ ": مبتدأ، "الألفُ": ثان
(5)
، خبرُه:"المرسومُ همزتُها"
(6)
؛ أي: صورة همزة " النَّشْأَةَ "، "أو مَدَّةٌ"؛ بالرفع عطف على "همزتُها"، و"ندرا" بألف الإطلاق؛ أي: قَلَّ؛ أي: رَسْمُ مِثْلِ " مَوْئِلًا " بياء.
يعني: اتفقت المصاحف على رسم {النَّشْأَةَ} حيث وقعت بألف بعد الشين وهي في العنكبوت [آية: 20]{يُنْشِئُ النَّشْأَةَ} وبالنجم [آية: 47]{وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ} وبالواقعة [آية: 62]{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ} ، وإن كان قياس هذه الهمزة أن لا تُصَوَّر
(7)
، ولكنْ وجهُه على قراءة فتح الهمزة وسكون الشين
(8)
أن هذه الألفَ صورةُ الهمزةِ بأن نقلَ حركتَها إلى ما قبلها ثم أبدلت ألفًا، وعلى
(1)
في جميع النسخ: (لكان)، والتصويب من الوسيلة صـ 374.
(2)
بل قد ذكره فيه صـ 49، ولم يتعقب المؤلفُ السخاويَّ.
(3)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 374.
(4)
المقنع صـ 43.
(5)
أي: مبتدأ ثانٍ.
(6)
لعل الأصح أن يقول: الألف: ثانٍ، المرسوم: صفته، همزتها: خبره.
(7)
كذا في نسخة: (ز 8)، وهو الصواب، خلافا لسائر النسخ التسع حيث فيها:(وإن كان قياس هذه الهمزة أن تُصَوَّر)، ويبدو أنه خطأ من المؤلف لا من النساخ، بدليل قوله في شرح البيت 209:(ووجه ألف {السُّوأَى} ما ذكر في {النَّشْأَةَ}، وبرَّأها الناظم على رغم أنها صورة الهمزة).
(8)
وهي قراءة نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبي جعفر ويعقوب وخلف انظر: النشر 2/ 343، والكشف 2/ 178، والإقناع 2/ 726.
قراءة المد وفتح الشين
(1)
هذه الألف صورة الألف الموجودة في اللفظ، وكذا اتفقت على رسم {مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} بالكهف [آية: 58] بياء، قال أبو عمرو: (ولا أعلم همزة متوسطة قبلها ساكن رسمت في المصاحف إلا في هذه الكلمة
(2)
وفي
(3)
قوله تعالى: {مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} في الكهف)
(4)
، وقوله:"رسمت"؛ أي: بالياء
(5)
، ووجهه: أنه نقل حركة الهمزة إلى ما قبله، فبعد النقل تصير ساكنة قبلها كسرة وقياسها الياء
(6)
والله تعالى أعلم.
209 - وأَن تَبُوءَ مَعَ السُّوأَى تَنُوأُ بها
…
قد صُوِّرَتْ ألفًا منه القياسُ بُرَا
(7)
أي: همزة " أَنْ تَبُوءَ "، وضمير "بها" إلى المصاحف، و"بُرَا": جمع بريء كعجاب قُصِر للوزن.
والمعنى: اتفقت المصاحف على رسم ألفٍ خارجٍ عن القياس بعد الواو في قوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ} بالمائدة [آية: 29] و {لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}
(1)
وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو. وانظر: النشر 2/ 343، والكشف 2/ 178، والإقناع 2/ 726.
(2)
مراده بالكلمة (النَّشْأَةَ).
(3)
في سائر النسخ "وهي"، والتصويب من المقنع صـ 43.
(4)
المقنع صـ 43.
(5)
بل مراده: (ولا أعلم همزة متوسطة قبلها ساكن رسمت في المصاحف إلا في هاتين الكلمتين حيث الألفُ في " النَّشْأَةَ " صورةُ الهمزةِ، والياءُ في " مَوْئِلًا " صورةُ الهمزة، وقياس الكلمتين عدم الصورة، لأن الهمزة إذا كان قبلها ساكن لم تصوَّرْ بصورة)، كما دل عليه ما تقدم من كلامه، وسبب خطأ المؤلف في بيان مراد الداني هو كونه جعل "هي" مكان "في" خلافًا لما في المقنع كما تقدم، فانبنى خطؤه في التفسير على خطئه في النقل.
(6)
لم أفهم مراده، والعشرة يقرؤونها بفتح الميم وسكون الواو وكسر الهمزة، ولم يقرأ أحد بالنقل المذكور.
(7)
المقنع صـ 25، 43.
بالقصص [آية: 76] و {أَسَاءُوا السُّوأَى} بالروم [آية: 10]، قال أبو عمرو:(ولا أعلم همزة متطرفة قبلها ساكن صُوِّرتْ خطًّا إلا في هذين)
(1)
أي: {تَبُوءَ} و {لَتَنُوءُ} في السورتين، ووجه ألفهما أن الهمزة حيث لم تُصوَّر تطرفَت الواوُ فجرى عليها حكم {قَالُوا} ، وقياسها الألف، ووجه ألف {السُّوأَى} ما ذكر في {النَّشْأَةَ} ، وبرَّأها الناظم على رغم أنها صورة الهمزة
(2)
.
210 - وصوّرتْ طَرَفًا بالواوِ معْ ألِفٍ
…
في الرّفع في أحرفٍ وقد عَلتْ خَطَرا
وفي نسخة صحيحة بالرفع، أي:"صوّرتْ" الهمزةُ، و"طرفًا"؛ ظرفٌ
(3)
، فأخرج المتوسطة وما قبلها
(4)
، "بالواو مع ألف"؛ متعلق؛ بـ"صورتْ"، "في الرفع"؛ حال الفاعل
(5)
، وهو قيد المضمومة، أخرج المفتوحة والمكسورة، نحو:{مِنْ شُرَكَاءَ} [الروم: 28] و {الْخَبْءَ} [النمل: 25]، "في أحرفٍ"؛ بدل بعض؛ أي: لا في كلها، و"قد عَلتْ"؛ أي: ارتفعت؛ و"خَطَرا"؛ تمييز.
والمعنى: ارتفع خطرها وقوي قدرها بموافقة قياس آخر كما سيأتي، وحاصله: أن المصاحف اتفقت على رسمِ الهمزةِ المتطرفةِ تحقيقًا المضمومةِ
(1)
المقنع صـ 43.
(2)
في بعض النسخ: (ويراها)، وفي جميعها:(على زعم)، والصواب ما أثبتُّ؛ إذ به يستقيم المعنى، والوجه الذي ذكره في " النَّشْأَةَ " هو قوله:(وإن كان قياس هذه الهمزة أن تصوَّر)، ولذا نَقِم على الناظم تبرئته إياها من القياس بقوله:(منه القياس برا)، وقد بينت خطأه في تعليقي على كلامه في شرح البيت 208.
(3)
لعل الأصح أن تكون "حالا" أي: صوّرتْ الهمزةُ حال كونها طرفًا.
(4)
أي: ما قبل المتوسطة وهي المبتدأة.
(5)
أي: نائب الفاعل المقدَّر "الهمزة".
منونةً وغيرَ منونةٍ المسبوقةِ بألفٍ واوًا وزيادةِ ألفٍ بعدها وحذفِ الألفِ التي قبلها في بعض المواضع لا في كلها وهي هذه المذكورات:
211 - أَنْبَاءُ معْ شُفَعَاءُ معْ دُعَاءُ بِغا
…
فرٍ نَشَاءُ بهودٍ وحدهُ شُهِرَا
(1)
بصيغة المجهول وألفِ الإطلاق، أراد بـ" أَنْبَاءُ " موضعَ الأنعام [آية: 5]
(2)
بعد {فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ} لأنه سابقُ ما اندرج في القاعدة؛ فنحو: {عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ} [القصص: 66] أخرجه الألف واللام، ونحو:{مِنْ أَنْبَاءِ}
(3)
أخرجه الكسر، ونحو:{مِنَ الْأَنْبَاءِ} [القمر: 4] أخرجاه
(4)
، (قال محمد في كتابه:{أَنْبَاءُ} الشعراء [آية: 6]: بألف فقط للمدني، وبواو قبله للكوفي والبصري، فتحقق الخلاف فيه)
(5)
، واقتضى كلام السخاوي
(6)
أن الشامي مع العراقي على ما ذكره الجعبري
(7)
.
وأراد بـ {شُفَعَاءُ} موضعَ الروم [آية: 13] لانطباق الضابط عليه دون: {مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ} [الأنعام: 94] و {مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ} [الزمر: 43] ونحوِهما فهي بالألف.
(1)
المقنع صـ 57، 58، 100.
(2)
بل أراد به موضع الأنعام وموضع الشعراء [آية: 6]، قال الداني في المقنع صـ 57:(قال محمد: وفي الأنعام {فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ} وفي الشعراء {فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ} يعني بالواو والألف) ومثله في صـ 100، والعقيلة ما هي إلا نظم للمقنع.
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [آل عمران: 44].
(4)
أي" الألف واللام" و"الكسر".
(5)
ما بين القوسين من الجميلة للجعبري صـ 292.
(6)
الوسيلة صـ 377.
(7)
الجميلة صـ 292.
وتقييد {دُعَاءُ} بغافر [آية: 50] أخرج {إِلَّا دُعَاءً} [البقرة: 171] و {الصُّمُّ الدُّعَاءَ} [الأنبياء: 45] و {لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77]؛ فالأولان بالألف والأخيرة بالواو بعد الألف.
وقَيْدُ {نَشَاءُ} بهود [آية: 87] أخرج نحو: {لَوْ نَشَاءُ}
(1)
.
212 - جَزَاءُ حَشْرٍ وشورى والعقودِ معًا
…
في الأوَّلَينِ ووالى خُلفُهُ الزُّمَرَا
(2)
بألف الإطلاق، أي: تبع خُلفُ {جَزَاءُ} الزُّمَرَ، والأمثلةُ:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ} {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} كلاهما بالمائدة [آية: 29 و 33]، وقيد بالأوَّلينِ احترازًا عن غيرهما فيها
(3)
، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ} بالشورى [آية: 40] و {جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} بالحشر [آية: 17]، ورسم في بعض المصاحف {ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}
(4)
في الزمر [آية: 34] بالواو، وفي بعضها بألف فقط.
هذا، وفي كتاب هجاء السنة: في عامَّةِ مصاحفِنا القديمة {جَزَاؤُهُ} في يوسف [آية: 74 و 75] في الثلاث بغير واو ورُوي عن نافع {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ} {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} كلهن بغير واو.
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الأعراف: 100].
(2)
المقنع صـ 57.
(3)
وهي قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: 38] و {وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 85] و {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ} [المائدة: 95] فإنها رسمت بلا واو كما ترى اتفاقًا.
(4)
في نسخة (ص) و (بر 3): {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} ، والصواب ما أثبتناه وفاقًا لنسخة:(ز 8) و (بر 1) و (ز 4) وبقية النسخ؛ إِذْ هو الموضع المختلف فيه.
213 - طه عراقٍ ومعْها كهفُها نَبَؤُا
…
سِوى براءةَ قلْ و الْعُلَمَاءُ عُرى
(1)
معناه: أن هذه الكلمة كتبت في "طه"[آية: 76] في مصاحف أهل "العراق"{وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} بالواو وألف بعدها، وقوله:"ومعها كهفها" (قال محمد
(2)
: وفي الكهف [آية: 88]{فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى} ، كتبت في مصاحف العراق بالواو وفي مصاحف أهل المدينة بغير واو)
(3)
أي: بالألف؛ فالخلاف هنا مُعيَّنٌ
(4)
، بخلاف خلافِ الزمر فإنه خلافٌ مطلقٌ
(5)
.
قال في المقنع: (قال عاصم الجحدري: في الإمام {جَزَاءُ} بالواو ثلاثة: أوَّلَا المائدةِ
(6)
، وعسق
(7)
(8)
، فأفهمَ
(9)
خلافًا في الحشر
(10)
زائدًا على النظم
(11)
، وقال السخاوي: (رأيت في الشامي أولَ المائدة وطه والزمر وعسق
(1)
المقنع صـ 55، 57.
(2)
ابن عيسى الأصفهاني كما سيأتي بعد قليل.
(3)
المقنع صـ 57.
(4)
هنا: أي: في الكهف، معين: أي: بين مصاحف الأمصار.
(5)
مطلق: أي: بين النقلة عن المصاحف لا بين المصاحف.
(6)
هما: قوله تعالى: {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 29] و {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33]، فهذان الموضعان الأولان فيها، وهما المرسومان بالواو فقط، بخلاف بقية المواضع الثلاثة فيها، فإنها بلا واو، وليس في المقنع:(أولا المائدة)، بل الذي فيه:(الحرفان اللذان في المائدة)، وعبارة الشارح أفادت معنى زائدًا وهو ما سبق إيضاحه وأشار إليه الناظم بقوله: والعقودِ معًا في الأوَّلينِ.
(7)
قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40].
(8)
المقنع صـ 57.
(9)
ضمير الغيبة الفاعل في: (فأفهم) يرجع إلى الداني.
(10)
قوله تعالى: {وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [الحشر: 17].
(11)
بيانه: أن النظم لم يذكر الحشر مما اختلف النقلة فيه، والداني جعلها من محالِّ الخلاف حيث حصر ما رسم بالواو في ثلاثة: أوَّلَا المائدة و عسق.
بالواو، والكهف والحشر بالألف)
(1)
.
ورسم {نَبَؤُا} المرفوع العاري من اللام بواو وألف بعدها، واستثني {نَبَأُ} براءة [آية: 70] فهو بالألف، وخرج {نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ}
(2)
[الشعراء: 69] و {النَّبَإِ الْعَظِيمِ}
(3)
[النبأ: 2] فإنهما بالألف أيضًا، (قال محمد بن عيسى الأصفهاني {نبؤُاْ} إبراهيم و ص والتغابن
(4)
بالواو والألف)
(5)
.
وكذا {مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} في فاطر [آية: 28] و {عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} في الشعراء [آية: 197] رسم بالواو والألف في مصاحف أهل العراق هكذا في المقنع
(6)
، (وهذا يدل على الخلاف، ثم قال:"وكذلك رُسِما في هجاء السنة"
(7)
عن الكل فَرَفَعَ الخلافَ، وهو المفهوم من النظم، وقولُ السخاوي:"ورأيت {عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} بالألف في الشام"
(8)
نص في الخلاف)
(9)
إلا أن
(1)
الوسيلة صـ 380، والذي فيها (فرأيت حرفي المائدة)، يعني: الموضعين الأولين منها، وبقية الكلام بمعنى ما نقله الشارح.
(2)
لكونه ليس مرفوعًا.
(3)
لكونه ليس مرفوعًا ولا عاريًا من اللام.
(4)
هي كما في المقنع صـ 55 قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [ابراهيم: 9] و {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} [ص: 67]، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} [التغابن: 5]، ولم يذكر:{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} [ص: 21].
(5)
المقنع صـ 55.
(6)
المقنع صـ 57.
(7)
المقنع صـ 57.
(8)
الوسيلة صـ 382.
(9)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 294 إلا أنه قال (أي عن الكل) فبان أن العزو للكل من تفسيره لا من كلام الغازي، وقال بعده متصلًا به (ويحتمل أن يكون الناظم قصده بالتفريق وأكد المتفق بالعرى الوثيقة، وفيه إشارة إلى الاقتداء به).
الأصح على خلافه
(1)
، (والعُرى جمع العروة، وهي الشجرة الباقية، أي: مشبه بالعرى في بقائهن في الرسوم)
(2)
.
والصواب: أن المراد بـ الْعُلَمَاءُ في هذا البيت هو المُعرَّف باللام الواقع في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} في فاطر [آية: 28]، و عُلَمَاءُ المنكر المضافُ الواقعُ في الشعراء سيأتي قريبًا
(3)
من غير ذكر خلاف.
214 - ومع ثلاثِ الْمَلَوااْ في النمل أولُ ما
…
في المؤمنين فتمَّتْ أربعًا زُهُرا
(4)
"الْمَلَوااْ": بسكون الهمزة، ويبدل إجراءً للوصل مجرى الوقف، أو إبدالها ألفًا كما قال:
وما أدري بمن تبدا المنايا
(5)
..........................................
و"أولُ"؛ مرفوع على الابتداء، وقوله:"فتمت"؛ أي: الكلمات، "أربعًا زُهُرا"؛ بضمتين جمع أزهر وهو الواضح الأنوار؛ أي: رسم لفظ {الْمَلَأُ} في
(1)
بل الأصح على وفاقه لا على خلافه؛ إذ هو يروي ما رأى وهو مصدَّقٌ في روايته، كيف ومفهوم كلام الداني يؤيده إذ هو (يدل على الخلاف) كما قال المؤلف، ولم ينقل الداني عن هجاء السنة ما قال المؤلف:(وكذلك رُسِما في هجاء السنة عن الكل) إذ زيادة: (عن الكل) لا وجود لها في المقنع وإنما هي في الجميلة مفسِّرةً لكلام الغازي في هجاء السنة، ولذا فلا يصح قول المؤلف -متابعًا للجعبري- عن هجاء السنة (فرفع الخلاف).
(2)
هذا المعنى في الوسيلة صـ 382، وقال ابن قتيبة في الجراثيم (2/ 61):(العروة من الشجر الذي لا يزال باقياً في الأرض لا يذهب وجمعه عرى)، وبنحوه في التلخيص في معرفة أسماء الأشياء لأبي هلال العسكري (ص: 305).
(3)
في البيت 216.
(4)
المقنع صـ 56.
(5)
ذكره السخاوي في الوسيلة صـ 383.
أربعة مواضع بواو وألف؛ ثلاثةٌ في النمل وهي قوله: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ} [النمل: 29] و {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي} [النمل: 32] و {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ} [النمل: 38]، والرابع: بدءُ المؤمنين
(1)
وهو قوله: {فَقَالَ الْمَلَأُ} [المؤمنون: 24] وما سوى ذلك بألف من غير واو.
215 - تَفْتَأُ مع يَتَفَيَّؤْاْ و الْبَلَاءُ وقلْ
…
تَظْمَأُ مع أَتَوَكَّؤْاْ يَبْدَأُ انتشرا
(2)
يتّزِنُ بسكون {يَتَفَيَّأُ} و {أَتَوَكَّأُ} ، أي: رسمت هذه الألفاظ الستة بالواو والألف بعدها وهي قوله تعالى: {تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] و {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ} في النحل [آية: 48] و {الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} في الصافات [آية: 106] و {بَلَاءٌ مُبِينٌ} بالدخان [آية: 33] و {تَظْمَأُ فِيهَا} بـ طه [آية: 119]"مع"{أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} فيها أيضًا [آية: 18]{يَبْدَأُ} حيث وقع
(3)
كما أشار إليه بقوله: "انتشرا" بألف الإطلاق؛ أي: شاع وثبت بالاتفاق، هكذا ذكر الشُّرَّاح لفظَ {بَلَاءٌ مُبِينٌ} في هذا البيت
(4)
، والصواب: أن المراد فيه
(5)
هو
(1)
لو قال: (أول ما في المؤمنين) لكان أسدَّ، لكونه موافقًا للفظ الناظم، ولكونه ليس في بدء المؤمنين في الحقيقة، إنما هو في نهاية ربعها الأول (آية 26)، وإنما عبَّر المؤلف به لقول الجعبري في الجميلة صـ 295:(لو قال: وبدْأ المؤمنين لكان أسدَّ)، والجعبري إنما قال هذا مستدركًا على (المرتجز في قوله: ثلاثة النمل وحرف المؤمنين فَتِلْكُمُو أربعة يا طالبين)، يعني: لو قال الراجز: ثلاثة النمل وبدْأ المؤمنين لكان أسدّ؛ لأن قوله: (وحرف المؤمنين) لم يعين أيَّ الموضعين المراد.
(2)
المقنع صـ 55، 56، 58.
(3)
وقع في (6) مواضع: ثلاثة في يونس [آية: 4، 34]، وموضع في النمل [آية: 64]، وموضعان في الروم [آية: 11، 27].
(4)
انظر: الوسيلة صـ 384 والجميلة صـ 295.
(5)
أي: في هذا البيت.
{الْبَلَاءُ} المعرَّف في: والصافات، وأما {بَلَاءٌ مُبِينٌ} المنكر فيستفاد من قوله:
216 - يَدْرَؤُاْ مع عُلَمَاءُ يَعْبَأُ الضُّعَفَوااْ
…
وقلْ بَلَاءٌ مُبِينٌ بالغًا وَطَرا
(1)
وأما قول الجعبري: (كرر البلاء ليعم ذا اللام كما في الصافات والعاري كما في الدخان)
(2)
فليس بوجه وجيه، مع أنه كان يتعين عليه أن يقول: كرر " عُلَمَاءُ " ليعم ما في فاطر وهو باللام وما في الشعراء وهو العاري، وما قدمناه هو الأظهر فتدبر.
والحاصل أن قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} بالنور [آية: 8] مع {عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} في الشعراء [آية: 197] و {مَا يَعْبَأُ بِكُمْ} في الفرقان [آية: 77] و {الضُّعَفَاءُ} حيث وقع بالشرط المذكور وهو في موضعين في إبراهيم [آية: 21]{فَقَالَ الضُّعَفَاءُ} وفي المؤمن [آية: 47]{فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ}
(3)
، وخص بعضهم
(4)
{الضُّعَفَاءُ} بما في إبراهيم بالواو، و {بَلَاءٌ مُبِينٌ} في الدخان؛ فخرج مثل {بَلَاءً حَسَنًا} [الأنفال: 17]، وقوله:"بالغًا وطرا": واصلًا أرَبًا وحاجة، وأشار بذلك إلى وصولك إلى غرضك فـ"بالغًا": منصوب على الحال.
(1)
المقنع صـ 55، 56، 57، 58.
(2)
انظر الجميلة صـ 295.
(3)
في جميع النسخ: {قَالَ الضُّعَفَاءُ} ، وآية غافر كما ذكرت.
(4)
مراده بالبعض هنا ما ذكره الداني في المقنع صـ 58 بقوله: (وقد خالفه -أي: خالف محمد بن عيسى- أبو جعفر الخزاز فقال: الضُّعَفَاءُ بالواو في إبراهيم {فَقَالَ الضُّعَفَاءُ}).
217 - و فِيكُمُ شُرَكَاءُ أَمْ لَهُمْ شُرَكَوااْ
…
شورى وأَنبَاؤُاْ فيه الخلف قد خطرَا
(1)
يَتَّزِن البيت بإشباع " فِيكُمْ " وقصر " شُرَكَاءُ "، أي: رسم {فِيكُمْ شُرَكَاءُ} في الأنعام [آية: 94] و {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} في شورى [آية: 21] وهو مضاف إليه على أن الإضافة بمعنى في
(2)
، فخرج نحو:{مِنْ شُرَكَاءَ} [الروم: 28]، و {أَنْبَاءُ} حيث جاء، "فيه الخلف قد خطرا"؛ بألف الإطلاق؛ من خطَرَ الرجلُ إذا عظمَ، (قال أبو عمرو في المقنع فيما اتفق على رسمه أهل العراق:"وفي الشعراء [آية: 6] {فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ} بالواو والألف"
(3)
ولم يذكر الذي في الأنعام
(4)
، وقال محمد بن عيسى في كتابه: في الأنعام [آية: 5]{أَنْبَاءُ} بالواو قبل الألف كوفي وبصري، ورأيتها في المصحف الشامي بالواو والألف فيهما)، كذا ذكره السخاوي في شرحه
(5)
والله أعلم.
وفي بعض الشروح أن قوله: {أَنْبَاءُ} أريد به قوله تعالى: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18] ففي بعض المصاحف بالواو والألف وفي بعضها بالألف بغير واو.
قلت: الأخير هو الصحيح
(6)
ومما يدل عليه تقدم {أَنْبَاءُ} بتقديم النون على الباء
(7)
اللهم إلا أن يراد به هنا بيان خلافه.
(1)
المقنع صـ 57.
(2)
أي: إعراب كلمة شورى في البيت مضاف إليه
…
الخ كلامه، وإنما أضيفت إلى شورى لإخراج {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} [القلم: 41] فإنها رسمت بالألف كما ترى، أفاده الجعبريُّ في الجميلة صـ 296.
(3)
المقنع صـ 100.
(4)
وإنما ذكره عن محمد بن عيسى في باب ما رسمت فيه الواو صورةً للهمزة على مراد الاتصال أو التسهيل في المقنع صـ 57.
(5)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 386.
(6)
وبه يسلم النظم من التكرار، ويسلم مما قاله الجعبريُّ بعد ذكره خلاف المصاحف في ما ذكره الله عن اليهود والنصارى من قولهم {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} عن المقنع حيث قال:(وهو ناقص في النظم).
(7)
في البيت رقم 211.
218 - وفي يُنَبَّأُ الِانسَانُ الخلافُ ومَن
…
يَنشَوئْاْ وفي مقنعٍ بالواو مُسْتَطَرَا
(1)
الوزن: بنقل " الْإِنْسَانُ " وإسكان " يُنَشَّأُ "؛ أي: الخلاف ثابت في {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ} بالقيامة [آية: 13] وفي {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} بالزخرف [آية: 18]، والمراد به الخلاف السابق، وهو بالواو وألف بعدها لأهل الكوفة، وبإسقاط الواو لأهل المدينة، والجمع بين الواو والألف فيهما هو المخالف للقياس، وهما قد رسما "في مقنع بالواو"، و"مُسْتَطَرَا"؛ بفتح الطاء؛ أي: مكتوبًا؛ حال الواو، وقال الجعبري:(وفي بعض النسخ "لا واو" وليس بشيء)
(2)
، قلت: وهو كذا في أصل شرح السخاوي
(3)
.
219 - وبعدَ را بُرَآءُ الواوُ معْ ألفٍ
…
وَ لُؤْلُؤًا قدْ مضى في الباب مُعتَصَرا
(4)
اسم مفعول من اعتصر به: لجأ إليه
(5)
؛ حال من ضمير "مضى"؛ أي: ملجأ إليه
(6)
.
والمعنى: أن "الواو مع ألف" كتب "بعد راء"{بُرَآءُ} [الممتحنة: 4]، وقَدَّمَ وقَصَرَ للوزن
(7)
، و {لُؤْلُؤًا}: بالنصب والخفض، وقد سبق ذكره
(1)
المقنع صـ 56.
(2)
انظر الجميلة صـ 289.
(3)
كذا؛ أي: (بالواو مُسْتَطَرا) وانظر: الوسيلة للسخاوي صـ 387.
(4)
المقنع صـ 40، 41، 59.
(5)
انظر: معجم ديوان الأدب (2/ 403)، والمحكم والمحيط الأعظم (1/ 431)، ولسان العرب (4/ 580).
(6)
لعل الأفصح أن يقول: ملتجأ إليه.
(7)
أي: في قوله (وبعدَ را بُرَآءُ الواوُ معْ ألفٍ) حيث قدم ما حقه التأخير إذ الأصل (الواو مع ألف بعد رَا بُرآؤا) وقصر (راء).
وحكمه
(1)
، وهذا جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل: لُؤْلُؤًا ليس من هذا الباب لأن الكلام في الهمزة المرفوعة، فأجاب بأنها من هذا الباب من حيث إنها رسمت همزتها على خلاف القياس من زيادة الألف بعد الواو.
والمعنى: أن لُؤْلؤًا معتصرا لهذا الباب، أي: في زيادة الواو وألف بعدها في رسم الكتاب.
220 - ومع ضميرِ جميعٍ أَوْلِيَاءُ بِلَا
…
واوٍ ولا ياءَ في مخفوضِهِ كَثُرا
(2)
بألف الإطلاق، أي: كثُر حذفها، وفي شرح السخاوي: (قال أبو عمرو: كل همزة أتت بعد الألف واتصل بها ضمير؛ فإن كانت مكسورة صُوِّرَتْ ياء، وإن كانت مضمومة صُوِّرَتْ واوًا؛ لأنها إذا سهلت جعلت بين الهمزة وبين ذلك الحرف، فالمكسورة نحو:{مِنْ آبَائِهِمْ}
(3)
و {مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226 والمجادلة: 2 و 3] و {إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ} [الأحزاب: 6] و {بِآبَائِنَا} [الدخان: 36 والجاثية: 25] و {عَلَى أَرْجَائِهَا} [الحاقة: 17] ونحوه، والمضمومة نحو قوله تعالى:{جَزَاؤُهُمْ}
(4)
و {آبَاؤُهُمْ}
(5)
و {فَجَزَاؤُهُ} [النساء: 93] و {أَوْلِيَاؤُهُ} [الأنفال: 34]، وإن كانت الهمزة مفتوحة لم تصور نحو:{أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} [آل عمران: 61]{فَمَنْ جَاءَهُ} [البقرة: 275]، وكذا إن وقع بعد المكسورة ياء أو بعد المضمومة واو لم تصور أيضًا نحو:{إِسْرَائِيلَ}
(6)
و {مِنْ وَرَاءِ} [الشورى: 51] و {شُرَكَائِيَ}
(7)
{جَاءُوكُمْ}
(8)
(1)
في البيت 125.
(2)
المقنع صـ 37.
(3)
وردت في [الأنعام: 87] و [الرعد: 23] و [غافر: 8].
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [آل عمران: 87].
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 170].
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 40].
(7)
وردت في القرآن مرارا أولها: [النحل: 27].
(8)
وردت في [النساء: 90] و [المائدة: 61] و [الأحزاب: 10].
و {يُرَاءُونَ} [النساء: 142 والماعون: 6] وشبهه، وإنما لم تصور في جميع ذلك لئلا يُجْمَع بين صورتين)
(1)
.
إذا عرفت هذا فاعلم أن قوله تعالى: {أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} في البقرة [آية: 257]، و {وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ} في الأنعام [آية: 128]، وكذا فيها [آية: 121] {لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} وفي الأحزاب [آية: 6]{إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ} وفي فصلت [آية: 31]{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ} رسمت بغير واو ولا ياء في أكثر مصاحف أهل العراق كما صرح به أبو عمرو
(2)
على ما نقله عنه السخاوي
(3)
.
(وهذا معنى قوله: "ومعْ ضميرِ جميعٍ أولياء بلا واوٍ"؛ يعني: في الرفع، ثم قال: "ولا ياءَ في مخفوضِهِ كَثُرا"، وأشار بقوله: "كَثُرا" إلى قول أبي عمرو: وفي أكثر مصاحف أهل العراق)
(4)
.
221 - وقيلَ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ وفي ألفِ الْـ
…
ـبِنَاءِ في الكلِّ حَذْفٌ ثَابِتٌ جُدُرا
(5)
أراد بقوله: "قيل" معنى قول أبي عمرو في المقنع
(6)
: (وفي هجاء السنة: وفي عامة مصاحفنا القديمة: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ} بالأنفال [آية: 34] بغير واو)، لكن الأكثر على الإثبات.
(1)
الوسيلة صـ 389 - 390 نقلًا عن المقنع صـ 36 - 37.
(2)
الذي صرح به أبو عمرو في المقنع صـ 37 قوله: (وفي مصاحف أهل العراق)، والذي قال:(فكتب في أكثر مصاحف أهل العراق محذوف الصورة وفي سائر المصاحف ثابتًا) هو ابن الجزري في النشر 1/ 450.
(3)
في الوسيلة صـ 390.
(4)
ما بين القوسين من الوسيلة صـ 390، وسبق في التعليق السابق بيان ذلك.
(5)
المقنع صـ 37.
(6)
صـ 37.
فالمعنى: أن {أَوْلِيَاؤُهُ} المضاف إلى ضمير الواحد المسبوق
(1)
بإنْ المخففة المراد بها النافية مرسوم بلا واو، فتعين ما في الأنفال
(2)
، ثم التقدير و"قيل في ألف البناء في الكل"؛ بدلُ كلٍّ؛ "حذفٌ، ثابتٌ": صفة "حذفٌ"، "جُدُرا"؛ تمييز؛ جمع جدير، أي: حقيق بحذف الألف، وقال الجعبري:(جمع جدار أي: قوي الأصول)
(3)
، والمراد به: الألف الذي قبل الهمزات من قوله: " أَنْبَاءُ معْ شُفَعَاءُ "
(4)
إلى قوله: أَوْلِيَاءُ
(5)
، وهو الألف الزائد على بناء الكلمة، يعني: فيدخل عين " نَشَاءُ "
(6)
بالتَّبَعِيَّة، ولم يصرح في المقنع إلا في: أَوْلِيَائِهِمْ، حيث قال:"بغير واو ولا ياء ولا ألف"
(7)
، وفهم البواقي من السياق حيث قال:"بواو وألف بعدها"
(8)
أي: لا قبلها.
(قال أبو عمرو: وعلة هذه الحروف وغيرها من الحروف المرسومة في المصحف على خلاف ما جاء في الكتاب من الهجاء؛ الانتقالُ من وجه معروف مستفيض إلى وجه آخر مثلِه في الجواز والاستعمال وإن كان المنْتَقَلُ عنه أكثرَ استعمالًا)
(9)
.
(1)
في الأصل: السابق، وصوابه ما أثبتُّ.
(2)
لأنه لم يرد في كتاب الله هكذا إلا فيها.
(3)
الجميلة صـ 290.
(4)
البيت رقم 211.
(5)
البيت رقم 220.
(6)
أي: مع كونها ليست ألفًا زائدًا على بناء الكلمة، وإنما هي من أصل بنائها؛ إذ هي عينها، وقد تقدم ذكرها في البيت رقم 211.
(7)
المقنع صـ 37.
(8)
المقنع صـ 100.
(9)
المحكم صـ 186.
باب رسم الألف واوًا
أي: رَسْمُ الكُتَّابِ الألفَ واوًا، وهذا نوعٌ من البدل قد تخلله حذفٌ، والمعنى: كتْبُ الواو مكانَ الألف.
ثم اعلم أنه رُسِمَ في كل المصاحف الألفُ واوًا في أربع كلمات متكررة: {الصَّلَاةَ}
(1)
و {الزَّكَاةَ}
(2)
و {الْحَيَاةَ}
(3)
و {الرِّبَا}
(4)
حيث وقعت، أما الرِّبَا فقد تقدم في قول الناظم: إِنِ امْرُؤٌ و الرِّبَا بالواوِ مَعْ ألفٍ
(5)
، وكذا الْغَدَاةِ تقدم في قوله: وبِالْغَدَاةِ مَعًا بالواوِ كلُّهُمُ
(6)
، وكذا رسم في أربعة أحرف متفرقة {بِالْغَدَاةِ} في الكهف [آية: 28] والأنعام [آية: 52]
و {مِشْكَاةٍ} في النور [آية: 35] و {النَّجَاةِ} في المؤمن [آية: 41] و {وَمَنَاةَ} في النجم [آية: 20] قاله في المقنع
(7)
.
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 3].
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 43].
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 85].
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 275].
(5)
البيت رقم 199.
(6)
البيت رقم: 65.
(7)
المقنع صـ 54.
222 - والواوُ في ألفاتٍ كـ: الزَّكَاةِ ومِشْـ
…
ـكَاةٍ مَنَاةَ النَّجَاةِ واضحٌ صُوَرا
(1)
أي: رُسِمَ "الواوُ في ألفاتِ" كلماتٍ، منها: إذا كان اسمًا معرفًا باللام "كـ الزَّكَاة"، أو يقال: وهذا -أي: رَسْمُ الألف واوًا- كـ الزَّكَاة، وما عطف عليه بملفوظ أو مقدر، وهي:{مِشْكَاةٍ} بالنور [آية: 35] و {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ} بالنجم [آية: 20] و {إِلَى النَّجَاةِ} بغافر [آية: 41]، وقوله:"واضح"؛ أي: هذا واضح، و"صورا" جمع صورة؛ تمييز.
223 - وفي الصَّلَاةِ الْحَيَاةُ وانجلى ألف الْـ
…
ـمُضافِ والحذفُ في خلفِ العراقِ يُرَى
(2)
"الحذفُ"؛ مبتدأ، خبره "يُرى"، و"في خلف" متعلق بـ "يُرى"؛ أي: ورسم الواو أيضًا في ألف {الصَّلَاةَ} و {الْحَيَاةَ} حيث وجدت مفردات مع اللام نحو: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}
(3)
و {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: 31] و {الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}
(4)
، وما أحسن تعبير الناظم رحمه الله بقوله:"وفيْ الصَّلَاةِ الْحَيَاةُ " أي: حياة الأرواح والأشباح؛ لأن من تركها يجب قتله عند بعضهم، وانكشف ألفُ المُضاف؛ أي: وقد رسم المضاف من لفظ {الصَّلَاةَ} {الْحَيَاةِ} نحو: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ} [الأنفال: 35] و {فِي صَلَاتِهِمْ} [المؤمنون: 2] و {إِنَّ صَلَاتِي} [الأنعام: 162] و {إِنَّ صَلَاتَكَ} [التوبة: 103] و {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110] و {صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [النور: 41]
(1)
المقنع صـ 54.
(2)
المقنع صـ 54.
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 43].
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 85].
و {حَيَاتُنَا الدُّنْيَا}
(1)
و {فِي حَيَاتِكُمُ} [الأحقاف: 20] و {لِحَيَاتِي} [الفجر: 24] حيث وقعت بالألف من غير واو في جميع المصاحف سوى مصاحف العراق فإنها اختلفت كما قال: "والحذف في خلف العراق يرى".
والمعنى: أن المضاف منها رسم بالألف في سائر المصاحف وأكثر العراقية، وحذفت الألف من أقل العراقية، ثم دفع توهم خلف العراق في النوعين فقال:
224 - وفي ألفاتِ المضافِ والعميمُ بها
…
لدَى حَيَاةٍ زَكَاةٍ واوُ مَنْ خَبَرا
(2)
وظاهر كلام المصنف رحمه الله كالمقنع أن الألف والواو محذوفتان عند بعض مصاحف العراق؛ لأنه أشار أولًا بأن الألف لا الواو في المضاف، ثم أشار بحذف الألف أيضًا في ألفات المضاف كلها كـ الزَّكَاةِ وغيرها إن وجد، "والعميم" بمعنى الكثير؛ مبتدأ، و"بها"؛ أي: في مصاحف العراق -كغيره- "لدَى زَكَاةٍ و حَيَاةٍ "؛ أي: عند ألفهما، والخبر قوله:"واو من خبرا"؛ بالإضافة فـ"من خبرا"؛ بألف الإطلاق في محل جر؛ أي: العالم الذي عرف الرسم.
والحاصلُ أن رسْم المنكَّرِ من {حَيَاةٌ} و {زَكَاةً} بواو في عميم مصاحف العراق؛ أي: في عامتها وأكثرِها -كالبواقي- ومن ثَمَّ قال السخاوي: (وجدت في الشامي بواو)
(3)
وقيل: معنى عميمها؛ جميعها، والأمثلة:{خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً}
(1)
[الأنعام: 29] و [المؤمنون: 37] و [الجاثية: 24].
(2)
المقنع صـ 54، 55.
(3)
الوسيلة صـ 395 والمراد قوله تعالى: {عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96] وقوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} [الروم: 39].
[الكهف: 81]{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} [الروم: 39] و {حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]{مَوْتًا وَلَا حَيَاةً} [الفرقان: 3].
225 - وفي ألفْ صَلَوَاتٌ خُلْفُ بعضِهِمُ
…
والوَاوُ تَثْبُتُ فِيها مُجْمِعًا سِيَرا
(1)
البيت يتزن بسكون الفاء في "ألفْ"؛ وهو مضاف إلى " صَلَوَاتٌ "، "والواو تثبت فيها"؛ أي: في العراقية أو المصاحف مطلقًا، وقوله:"مُجْمِعًا"؛ بضم الميم الأولى وكسر الثانية من أجمعت أمري: عزمت، وفيه معنى جمعت، و"سِيَرا"؛ مفعوله: جمع سيرة.
والمعنى: خُلْفُ بعضِهِمُ وقع
(2)
في إثباتِ الألف الواقعة بعد الواو في بعض العراقية وحذفِها في بعضها -كالبواقي-، وقوله:"والوَاوُ تَثْبُتُ فِيها"؛ معناه أن الواو ثابتة في {وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ} [التوبة: 99] و {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] و {أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ} [هود: 87] و {عَلَى صَلَوَاتِهِمْ} بالمؤمنين [آية: 9] في جميع العراقية.
(1)
المقنع صـ 54، 55.
(2)
كذا في سائر النسخ التسع، إلا نسخة (بر 3)"واقع".
باب رسم بنات الياء والواو
أي: بقية الرسوم -رسم الألفات المتطرفة المتولدة من الواو أو الياء- غير ما تقدم.
والمذكور في هذا الباب سبعُ ألفات؛ الأصليةُ، والمنقلبةُ عن الياء مطلقًا، وعن الواو في الرباعي فصاعدًا، والزائدُ للتأنيثِ، والندبةِ، والإلحاقِ، والتكثيرِ.
226 - الياءُ في ألِفٍ عن ياءٍ انقلبَتْ
…
معَ الضميرِ ومن دون الضمير تُرَى
(1)
بصيغة المجهول؛ خبرًا للمبتدأ الذي هو "الياءُ" المرسومة "في" صورة "ألفٍ"، مِنْ نَعْتِهَا أنها "انقلبت""عن ياءٍ" أو صائرةٌ ياءً، (فالمراد بالانقلاب أعمُّ من الفعل أو القوة)
(2)
سواء اتصل بالكلمة ضمير أم لا نحو: {مُرْسَاهَا} [الأعراف: 187 والنازعات: 42] و {الْأَشْقَى} [الأعلى: 11 والليل: 15] و {وَسَعَى} [البقرة: 114 والاسراء: 19] و {الْأَتْقَى} [الليل: 17] وأمثالها من الأسماء والأفعال.
(1)
المقنع صـ 63.
(2)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 305 وتمامه: (ليندرج فيه الكائنة عليه وما تؤول إليه من الواويَّة الرباعية وما فوقها والمؤنثة والإلحاقيَّة) فـ (الكائنة عليه) هي ما أشار إليها المؤلف بقوله (التي انقلبت عن ياء) وهي المنقلبة بالفعل، وما تؤول إليه هي ما أشار إليها المؤلف بقوله:(أو صائرةٌ ياءً) وهي المنقلبة بالقوة.
227 - سِوَى عَصَانِي تَوَلَّاهُ طَغَى وَمَعًا
…
أَقْصَى والَاقْصَا وسِيمَا الفتحِ مُشتَهِرَا
(1)
وفي نسخة:
سِوَى تَوَلَّاهُ و الْأَقْصَى وحرف طَغَى
…
أَقْصَى وسِيمَاهُمُ في الفتح مُشتَهِرَا
أي: حال كون هذا الاستثناء مشهورًا وهو الاستثناء من "الياء في ألف ترى"؛ أي: استُثْنِيَ من القاعدة المذكورة في البيت الأول أصلٌ مُطَّرِد وسبعة أحرف؛ أما الأصل المُطَّرِد فسيأتي
(2)
، وأما الأحرف السبعة فهي المذكورة في هذا البيت وهي {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} في إبراهيم [آية: 36]، وخرج بالنون نحو:{وَعَصَى آدَمُ} [طه: 121]؛ فإنه على أصله من كون ألفِه منقلبةً عن ياء، وخرج أيضًا:{عَصَايَ} [طه: 18]، فإن ألفه منقلبة عن واو، فهو أيضًا على أصله من رسمه بالألف، وأما قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ} ففي سورة الحج [آية: 4] فخرج بالهاء: {تَوَلَّى}
(3)
و {طَغَى} في سورة الحاقة [آية: 11]: {لَمَّا طَغَى الْمَاءُ} ، وخرج بالصيغة {طُغْيَانِهِمْ}
(4)
، ويقال: طَغَى بالواو والياء نحو: طَغَوْت وطغَيْت، و {أَقْصَى} المجرد عن الألف واللام في موضعين في القصص ويس {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [القصص: 20] {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس: 20]، وكذا {الْأَقْصَى} المعرَّف في سورة الإسراء [آية: 1]، و {سِيمَا} الفتح [آية: 29] فخرج {بِسِيمَاهُمْ} بالرحمن والبقرة
(5)
.
(1)
المقنع صـ 64.
(2)
في البيت 228.
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 205].
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 15].
(5)
قوله تعالى: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [الرحمن: 41].
228 - وغيرَ ما بَعدَ ياءٍ خوفَ جمعِهِمَا
…
لكنَّ يَحْيَى وَسُقْيَاهَا بها حُبِرَا
(1)
"وغيرَ"؛ عطفٌ على أداة الاستثناء، ونصبُه على الاستثناء، وهو مضاف إلى "ما بعد ياء" فالموصول مع الصلة جُرَّ بالإضافة، أي: وغير الألف الذي بعد ياء "خوفَ جمعهما"؛ بالنصب على أنه مفعول له، وتعليل الرسم المقدر، وضمير جمعهما للياءين بدليل ذكر الياء، وهذا هو الأصل المُطَّرِد المستثنى من البيت الأول؛ أي: رسم كلُّ ألفٍ منقلبةٍ عن الياءِ ياءً غيرَ الألف التي
(2)
وقعت بعد الياء نحو: {الدُّنْيَا}
(3)
و {الْعُلْيَا} [التوبة: 40] و {الرُّؤْيَا}
(4)
و {الْحَوَايَا} [الأنعام: 146]{فَأَحْيَا بِهِ}
(5)
و {أَحْيَاهَا} [المائدة: 32 وفصلت: 39] و {نَمُوتُ وَنَحْيَا} [المؤمنون: 37 والجاثية: 24] و {مَحْيَاىَ} [الأنعام: 162]، أو وقعت قبل الياء نحو:{هُدَاىَ} [البقرة: 38 وطه: 123] و {مَثْوَاى} [يوسف: 23] و {بُشْرَايَ}
(6)
إلا {يَحْيَى} اسمًا وفعلًا
(7)
و {وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13]؛ فإنهما رسما بالياء، قال الجعبري: (وحينئذ يحذف إحدى الياءين لاندراجه في قوله: واحذفوا إحداهما
(8)
(9)
.
(1)
المقنع صـ 63.
(2)
في سائر الأصول "الذي وقعت" والصواب إما " التي وقعت" كما أثبتُّ أو "الذي وقع".
(3)
وردت في القران مرارًا أولها في [البقرة: 85].
(4)
سورة [الإسراء: 60] و [الصافات: 105] و [الفتح: 27].
(5)
سورة [البقرة: 164] و [النحل: 65] و [العنكبوت: 63] و [الجاثية: 5].
(6)
سورة [يوسف: 19](بياء مفتوحة بعد الألف) وفاقًا لقراءة العشرة ما عدا الكوفيين فقرؤوا: (يَابُشْرَى بغير ياء إضافة). وانظر: النشر 2/ 293.
(7)
ورد هذا اللفظ اسمًا في [آل عمران: 39]، و [الأنعام: 85]، و [مريم: 7 و 12]، و [الأنبياء: 90]، وورد فعلًا في [الأنفال: 42]، و [طه: 74]، و [الأعلى: 13].
(8)
انظر: البيت رقم: (184).
(9)
الجميلة صـ 307.
أقول: الظاهر أن هذا مخصوص منه، (قال في المقنع:"على أني وجدت في مصاحف المدينة وأكثر الكوفية والبصرية التي كتبها التابعون في يوسف {بُشْرَايَ} و {مَثْوَايَ} و {هُدَايَ} و {مَحْيَاىَ} بغير ياء ولا ألف"
(1)
، ولا يعني أنه ليس بعد الراء مثلًا حرف؛ بل بعده ياء واحدة هي ياء الإضافة ولم يرسم مكان الألف شيء، "وكذلك {سُقْيَاهَا} " بياء واحدة وحذفت الأخرى بها، ثم قال في المقنع:"وجدت {سُقْيَاهَا} في أكثرها بالألف" يعني مع الياء واعتمد الناظم
(2)
فوجه الحذف زائد عليه)
(3)
، هكذا قاله الجعبري.
ثم قوله: "حُبِرَا"؛ بألف الإطلاق على صيغة المجهول؛ بالحاء المهملة من الحبْرِ المأخوذِ من التحبير، وهو التحسين؛ لتحسينه الورق، ومنه يقال لوعاء الحبر: المحبرة؛ أي: كتب بالياء على مراد الإمالة، وبالخاء المعجمة؛ أي: خُبِرَ رسمها كذلك فهو من مادة الاختبار.
229 - كِلْتَا و تَتْرَى جميعًا فِيهِما ألفٌ
…
وفي يَقُولُونَ نَخْشَى الخُلْفُ قد ذُكِرا
(4)
أي: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ} بالكهف [آية: 33] و {تَتْرَى} بالمؤمنين [آية: 44]"جميعًا"؛ أي: معًا "في" طرفيهما "ألفٌ" ثابت، " وفي {يَقُولُونَ نَخْشَى} [المائدة: 52] الخُلْفُ" المطلق، فرسم في بعضها بألف، وفي بعضها بالياء، وهو أولى لموافقته القياس كما لا يخفى، و"قد ذكر" خُلْفُهُ فيما تقدم، وألفه للإطلاق، ولما لم يذكره في بابه نَبَّهَ على أنه ذكره في باب آخر بقوله: "ذُكرا" فتذكر.
(1)
المقنع صـ 63.
(2)
كذا في جميع النسخ، ومخرج في حاشية (ل):(وعلى هذا اعتمد الناظم جعبري) ونصه في الجميلة (صـ 307): (يعني مع الياء على الأصل المخصص، وعلى هذا اعتمد الناظم، فوجه الحذف زائد عليه).
(3)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 307.
(4)
المقنع صـ 65 و 93.
230 - وبَعدَ ياءِ خَطايا حَذفُهُمْ ألفًا
…
وقبلُ أكثرُهُم بالحذفِ قدْ كَثَرا
(1)
"حَذفُهُم"؛ مصدرٌ مضافٌ؛ وهو مبتدأ؛ خبرُه "بعد ياءِ"، وقوله:"ألفًا"؛ مفعوله، "قبلُ"؛ مبني على الضم لقطعه عن الإضافة متعلق بـ"كَثَرا"، وألفه للإطلاق؛ أي: غلب من كاثرتُ القومَ فكَثَرْتُهم؛ بفتح المثلثة؛ أي: غلبتهم بالكثرة، ومن ثَمَّ جاء اسم الفاعل منه في قوله: إنما العزة للكاثرِ
(2)
، على وزن الفاعل لا المكاثر على وزن المفاعل، ثم قوله:"أكثرهم"؛ مبتدأ، و"قدْ كَثَرا"؛ خبرُه، و"بالحذف"؛ أي: بحذف الألف متعلق بـ"كَثَرا"؛ أي: اتفقت المصاحف على حذف الألف الثانية من "خطايا" في جمع التكسير المضاف إلى الضمير مطلقًا حيث جاءت نحو
{نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة: 58] و {يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا} [طه: 73] و {مِمَّا خَطَايَاهُمْ} [نوح: 25]
(3)
وأكثر المصاحف على حذف الألف الأولى وأقلها على ثبوتها.
231 - باليا تُقَاةً وفي تُقَاتِهِ ألفُ الـ
…
ـعِراقِ واختلفوا في حذفها زُبُرا
(4)
" تُقَاةً "؛ مبتدأ، خبره "بالياء"، والضمير في "اختلفوا" إلى أهل العراق، و"في حذفها" إلى ألف " تُقَاتِهِ "
(5)
، و"زُبُرا"؛ تمييز جمع زَبُور كعُمُد وعَمُود؛ بمعنى مزبور؛ أي: مكتوب؛ أي: اختلفت كتابتهم، وأشار به إلى أن اختلافهم في رسمهم لا في لفظهم.
(1)
المقنع صـ 64.
(2)
هذا عجز بيت للأعشَى صدره: فلست بالأكثر منهم حصى، انظر كتاب الألفاظ لابن السكيت (ص: 26) وجمهرة اللغة لابن دريد (1/ 422) وتهذيب اللغة للأزهري (5/ 107).
(3)
قال في النشر 2/ 391: (قرأ أبو عمرو بفتح الطاء والياء وألف بعدهما من غير همز مثل عطاياهم).
(4)
المقنع صـ 99.
(5)
أي: والضمير في "حذفها" عائد إلى ألف تُقَاتِه.
والمعنى: أن المصاحف اتفقت على رسم {تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} بآل عمران [آية: 28] بياء مكان الألف، وقد قرأ الحسن وأبو رجاء وزيد بن علي وعلي بن الحسين (تَقِيَّة) وتروى أيضًا عن عثمان بن عفان رضي الله عنهم
(1)
على ما ذكره السخاوي
(2)
. واختلفت مصاحف أهل العراق في {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] ففي بعضها بإثبات الألف وفي بعضها بحذفها وإثبات الياء مكانها -كالبواقي-.
232 - يَاوَيْلَتَا أَسَفَى حَتَّى عَلَى وإِلَى
…
أَنَّى عَسَى وبَلَى يَاحَسْرَتَا زُبِرَا
(3)
بألف الإطلاق؛ أي: كتب بالياء ألف " يَاوَيْلَتَا " ومعطوفاته بملفوظ أو مقدر فقوله "زُبِرَا "؛ خبر المضاف المقدر
(4)
، (وبالياء المقدر متعلق به
(5)
اعتمادا على أول السابق
(6)
(7)
.
(1)
قال في النشر 2/ 239: (قرأ يعقوب "تَقِيَّة" بفتح التاء وكسر القاف وتشديد الياء مفتوحة بعدها، وعلى هذه الصورة رسمت في جميع المصاحف، وقرأ الباقون بضم التاء وألف بعد القاف في اللفظ)، وقد عزاها الفراء في معاني القران 1/ 205 إلى (الحسن ومجاهد)، وعزاها في زاد المسير 1/ 371 إلى يعقوب والمفضل عن عاصم، وعزاها القرطبي 4/ 57 إلى جابر بن زيد ومجاهد والضحاك، وعزاها في الدر المنثور 2/ 176 إلى أبي رجاء وقتادة من رواية عبد بن حميد عنهما، وفي الإتحاف صـ 172:(يعقوب ووافقه الحسن)، وانظر: تفسير البغوي 1/ 292، والبيضاوي 2/ 26، وأبي السعود 2/ 23، وفتح القدير 1/ 331، وروح المعاني 3/ 121.
(2)
انظر: الوسيلة صـ 402، وزاد عزوها إلى زيد بن أسلم، ولم يذكره المؤلف.
(3)
المقنع صـ 65 و 66.
(4)
وهو: "ألف يَاوَيْلَتَا ".
(5)
أي: بِزُبِرا.
(6)
أي: المقدر اعتمادًا على أول البيت السابق وهو: باليا تُقَاةً
…
البيت (231).
(7)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 310.
والمعنى أن المصاحف اتفقت على رسم ألف الندبة ياءً من قوله تعالى: {يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ} بهود [آية: 72] و {يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ} بها
(1)
[آية: 84] و {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ} بالزمر [آية: 56]، وكذا رسم ألف:{أَنَّى} و {عَسَى} و {بَلَى} و {عَلَى} و {إِلَى} حيث كُنَّ، نحو:{أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] و {عَسَى اللَّهُ}
(2)
و {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ} [البقرة: 112] و {حَتَّى يَقُولَ} [البقرة: 214] و {عَلَى هُدًى} [البقرة: 5 ولقمان: 5] و {إِلَى السَّمَاءِ}
(3)
، قال في المقنع:(و {أَنَّى} التي بمعنى كيف)
(4)
، وأطلق الناظم
(5)
لأن كلامه في المفردات، وأنَّا التي هي أنَّ المشبهة
(6)
مع اسمها؛ كلمتان، قيل:(وأطلق {عَلَى}؛ وينبغي تقييدها بالجارَّة ليخرج "علا" فعلًا نحو: {عَلَا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 4])
(7)
فإنه بالألف، ويمكن أن يجاب بمثل ماتقدم
(8)
، والله أعلم.
233 - جَاءَتْهُمُ رُسْلُهُم و جَاءَ أَمْرُ وَلِلرْ
…
رِجَالِ رَسْمُ أُبَيٍّ ياءَها شَهَرَا
(9)
يتّزن البيت بإشباع ميم "جَاءَتْهُمُ"، وهو ومعطوفاته؛ مبتدأ، و"رَسْمُ"؛
(1)
"بها" أي: بيوسف.
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [النساء: 84].
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 29].
(4)
المقنع صـ 65.
(5)
فلم يقيدها بالتي بمعنى كيف.
(6)
كذا في (ز 4) و (برا) و (س) و (ل)"أنّ المشبهة" بالتاء المربوطة وفي (ز 8) بالهاء، وفي (ص)"وأما التي هي أن المشبهة".
(7)
القائل هو الجعبري في الجميلة ص 310.
(8)
بل لا يمكن ذلك لأن كلامه في المفردات و"علا" الفعل من حيث اللفظ هي مفرد أيضًا.
(9)
المقنع صـ 66.
مبتدأ ثانٍ، و" ياءَها"؛ مفعول " شَهَرَا "؛ بألف الإطلاق مبنِيًّا للفاعل خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر الأول أي: شَهَرَ رسمُ أُبَيٍّ ياءَ ألفِ الثلاثةِ، فإنه كتب على الأصل لأن أصلها ياء.
والمعنى: رسم في مصحف أبي بن كعب رضي الله عنه: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} في البقرة [آية: 228] بياء مكان الألف، وكذا:{لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} [هود: 101] و {جَاءَتْهُمُ} المسندُ إلى مؤنثٍ، المتصلُ بضمير الغائبين نحو:{جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا} [إبراهيم: 9] بياء بعد الجيم وألف بعدها.
234 - جَاءُوا و جَاءَهُمْ المكي و طَابَ إلى الـ
…
إمام يُعزَى وكلٌّ ليسَ مُقْتَفَرَا
(1)
"المكي"؛ بالتخفيف و"طاب إلى الإمام"؛ أي: إلى رسمه، و"يعزى"؛ بصيغة المجهول من العزو بالزاي؛ أي: ينسب، و"مُقْتَفَرَا"؛ اسم مفعول: من اقتفرت الشيء وقفرته
(2)
؛ أي: تبعته، قال الشاعر:
ولا يزال إمام القوم مفتقرا
(3)
يعني كل واحد من الثلاث؛ أي: "إلى المكي والإمام ومصحف أُبَيٍّ ليس" مُتَّبَعًا على الياء، وحاصله أن رسم المكي "جاء" المتصلَ بضمير
(1)
كذا في (س)، وفي (بر 1)"مفتقرا" وفي (ص) كأنها "مفتقرا" ثم في الشرح "مقتفرا"، وفي (ز 8) (مقتفرا أي: متبعا) في المتن، وفي (ل) و (ز 4) في الحاشية "متبعا"، وكلمات هذا البيت موجودة في المقنع صـ 66.
(2)
كذا في (ز 4)، و (ز 8)، و (ل)، و (س)، و (ص)، وفي (بر 1) "ومفتقرا اسم مفعول من افتقرت الشيء وَفقرته أي: تبعته".
(3)
كذا في (بر 1) وفي (ز 4) و (ز 8) و (ل) و (س) و (ص)"مقتفرا" بالميم. وهو عجز بيت وصدره: لا يتأرى لما في القدر يرقبه، وعزاه الجوهري في الصحاح (2/ 798) والصغاني في التكملة والذيل والصلة (3/ 71 و 6/ 366) لأعشى باهلة.
المُذَكَّرين
(1)
المرفوعِ والمتصلِ بـ"هم" نحو: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ} [يوسف: 16]{وَجَاءُوا عَلَى} [يوسف: 18]{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا} [البقرة: 89]{وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ} [ص: 4]{فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} [الصف: 6]، ورسم {مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] في الإمام بياء موضع ألف، ورسم في المدني والعراقي والشامي كلها بالألف، وقوله:"طَاب إلى الإمام" يفهم الياء من العطف واللفظ، وفهم من حصر المذكورات أن نحو:{وَجَاءَ مِنْ} [يس: 20] و {جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ} [فصلت: 14] وسائر العينيات
(2)
الثابتة بالألف نحو: شاء وزاد
(3)
، والله أعلم.
235 - كيف الضُّحَى وَالْقُوَى دَحَاـ تَلَاـ وطَحاـ
…
سَجَى زَكَى واوُها بالياءِ قَدْ سُطِرا
(4)
بألف الإطلاق على بناء المفعول، قال أبو عمرو: (اتفقت المصاحف على رسم ما كان من الأسماء والأفعال من ذوات الواو -أي: الألفات المنقلبة عن الواو- على ثلاثة أحرف؛ بالألف
(5)
نحو: {الصَّفَا} [البقرة: 158] و {شَفَا} [آل عمران: 103 والتوبة: 109] و {سَنَا} [النور: 43] و {خَلَا} [البقرة: 76 وفاطر: 24] و {عَلَا} [القصص: 4] و {دَعَا}
(6)
و {وَبَدَا}
(7)
و {نَجَا} [يوسف: 45]-وكل ذلك مفهوم من منطوق الناظم؛ لأنه حصر الاصطلاحي فبقي ما عداه بالألف على القياس، فلذا لم يصرح به- إلا أحد عشر حرفًا فإنها رسمت بالياء)
(8)
(1)
كذا في (بر 1) وفي (ز 4) و (ز 8) و (ل) و (س) و (ص): المذكورين.
(2)
كذا في (ز 8) و (س)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ل)"العينات"، وفي (ص)"المغيبات".
(3)
يعني فهم من حصر الناظم ما ذكر أن سائر ما عَيْنُهُ ألفٌ غير ما ذكر فهي ثابتة ألفًا لا ياءً.
(4)
المقنع صـ 66 و 67.
(5)
والمعنى: أن ما كان من الأسماء والأفعال من ذوات الواو على ثلاثة أحرف فإنه يرسم بالألف.
(6)
وردت في القرآن في: [آل عمران: 38] و [الزمر: 8] و [فصلت: 33].
(7)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الزمر: 47].
(8)
المقنع ص 66 والجمل التي بين العارضتين من كلام المؤلف.
وعدها بسورها كما قال الناظم: كَيفَ الضُّحَى؛ أي: كيف جاء هذا اللفظ وهو خمسة؛ {بَأْسُنَا ضُحًى} بالأعراف [آية: 98] و {النَّاسُ ضُحًى} بـ طه [آية: 59] و {وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} بالنازعات [آية: 29] و {ضُحَاهَا} في والشمس [آية: 1] و {وَالضُّحَى} بالضحى [آية: 1] وفي
(1)
النازعات في موضع ثان [آية: 46] وهو {إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} فصار ستة، ثم {زَكَى} بالنور [آية: 21] {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} في النازعات [آية: 30] و {تَلَاهَا} في والشمس [آية: 2]{وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} [الشمس: 6]{وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 2] فصارت إحدى عشر، قال السخاوي:(والمراد بذلك التنبيه على جواز إمالته، وقيل: إنما رسم كذلك ليوافق ما قبله وما بعده من رؤوس الآي المرسومة بالياء من ذوات الياءات)
(2)
انتهى.
والتعليلان لا يستقيمان في {زَكَى} ولعله للإشارة إلى أن كتابة الألف المنقلبة عن الواو جائزة بالياء غير واجبة.
(1)
كذا في (ز 8) و (ص) و (ز 4) و (بر 1) و (ل)، وفي (س)"بالضحى والنازعات" بغير "في".
(2)
الوسيلة إلى كشف العقيلة صـ 406.
باب حذف إحدى اللامين
ما عَيَّن إحدى اللامين لينطبق على المذهبين؛ مذهب من قال: المحذوفة هي الأولى التي هي لام التعريف لا الثانية، ومذهب من قال بعكس ذلك.
236 - لامُ الَّتِي اللَّائِي والَّاتِي وكيف أتى الْـ
…
ـلَذِي معَ اللَّيْلِ فاحْذِف واصْدُقِ الفِكَرَا
(1)
بكسر الفاء وفتح الكاف جمع الفِكْرة
(2)
؛ مفعول "اصْدُق"؛ أي: تفَطَّنْ لاصطلاحي في ذلك
(3)
و"لام الَّتي"؛ مبتدأ، "فاحذف"؛ خبرُه، أي: فاحذفها.
والمعنى: أن المصاحف اتفقت على رسم ما أوله لام التعريف بلام واحدة من الَّذِي وتأنيثه وتثنيتهما وجمعهما
(4)
حيث أتت نحو: {الَّذِي جَعَلَ}
(5)
و {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا} [النساء: 16] و {أَرِنَا اللَّذَيْنِ} [فصلت: 29] و {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ}
(6)
{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي} [البقرة: 143]{وَاللَّائِي يَئِسْنَ} [الطلاق: 4]
(1)
المقنع صـ 67.
(2)
في (ز 8)"الفكرا"، وفي (بر 3)"فكر"، والبقية من التسع "الفكر".
(3)
في الجميلة صـ 316: (أي تفَطَّنْ لاصطلاحي في مثل ذلك واحذر أن تخلط المفهوم بالمنطوق وبالعكس).
(4)
كذا في (ز 8)، وفي (ل)"وتثنيتهما وجمعها"، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1)"وتثنيتها وجمعها".
(5)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 22].
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 3].
و {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] و" اللَّيْلِ " أيضًا كذلك حيث جاء؛ نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1]؛ فنحو وَاللَّائِي يَئِسْنَ رسم على صورة إلى الجارة، و {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} على صورة مُفرَدِهَا؛ لأنه تقدم في باب الحذف في كلمات يحمل عليها أشباهها
(1)
أن ألفهما محذوفةٌ، وإنما قال:"كيف أتى الَّذِي "؛ يعني سواءً كان مفردًا أو جمعًا أو تثنيةً، ولم يقل في الَّتِي كيف أتى وإن كان لفظ التي مثل الَّذِي في العموم لأنه نصَّ على أكثر تَفَارِيعهِ
(2)
بقوله: " اللَّائِي و اللَّاتِي " مع
(3)
أن المؤنث فرع المذكَّرِ فتدبر، كذا حرره بعضهم، وفيه أن تثنية الَّتي ما وردت في القرآن فلا حاجة إلى هذا العذر في معرض البيان، ثم فهم من حصر الناظم أن ما عداها رسم بلامين على الأصل في ذلك نحو:{اللَّعْنَةُ}
(4)
و {اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159] و {مِنَ اللَّاعِبِينَ}
(5)
[الأنبياء: 55] و {اللَّغْوِ}
(6)
{اللَّهْوِ} [الجمعة: 11] و (اللعب)
(7)
و {اللَّاتَ} [النجم: 19] و {اللَّمَمَ} [النجم: 32] و {اللَّهَبِ} [المرسلات: 31] و {اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2] و {اللَّطِيفُ} [الأنعام: 103]، وكذا في سائر الأسماء الحسنى، و {اللَّهُمَّ}
(8)
حيث وقعت، ولعل الفرق أن
(1)
في البيت 130.
(2)
كذا في (ز 4) و (بر 1) و (ل) و (س) وفي (ز 8)"تصاريفه"، وفي (ص)"تعاريفه".
(3)
كذا في (ز 8)، وفي (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1)"جمع أن"، وفي (ص)"جمع إذا".
(4)
وردت في [الرعد: 25] و [الحجر: 35] و [غافر: 52].
(5)
في سائر النسخ التسع كانت "من اللاعنين" إلا نسخة (ز 8) ففيها "من الكعبين"، ولا وجود لهما في كتاب الله.
(6)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 225].
(7)
كذا في جميع النسخ ولا توجد آية بلفظ (اللعب).
(8)
وردت في القرآن مرارا أولها: [آل عمران: 26].
الكلمات الأولى أكثر استعمالًا في القراءة فاستثقلوا اجتماع اللامين فيها حال الكتابة، (قال أبو عمرو: المحذوفة عندي هي اللام الأصلية ويجوز أن تكون لام المعرفة لذهابها بالإدغام وكونها مع ما أدغمت فيه حرفًا واحدًا قال: والأول أوجه لامتناعها من الانفصال من ألف الوصل)
(1)
.
(1)
الذي في المقنع صـ 67 (همزة الوصل) مكان (ألف الوصل) والمؤلف نقلها من الوسيلة وانظر: صـ 407.
باب المقطوع والموصول
هذا الباب توطئة لما يليه من الأبواب وقدم المقطوع لأنه الأصل في الكلمتين عند أرباب الكتاب.
237 - وقلْ على الأصْلِ مقطوعُ الحُرُوف أتى
…
والوَصْلُ فَرْعٌ فلا تُلفى بهِ حَصِرا
"مقطوعُ الحُرُوفِ"؛ مبتدأ؛ خبرُه؛ "أتى"، و"على الأصْلِ"؛ متعلقٌ به
(1)
، الفاء في "فلا تُلفَى" للتعقيب، و"لا"؛ ناهية، و" تُلفَى"؛ جُزِم بها، (وأثْبَتَ الألفَ حمْلًا على الصحيح في إيلائه
(2)
الحركةَ المقدرة
(3)
، كذا ذكره بعضهم
(4)
، و الأظهر: أنه نفيٌ معناه نهيٌ
(5)
، أي: فلا توجد به؛ أي: بالفرع، وهو مُتَعَلِّقٌ بـ "حَصِرا"؛ بكسر الصاد؛ (أي بخيلًا أو عييًّا
(6)
أو ضيِّقا؛ حالُ الفاعل)
(7)
ويريد بالحرف ما في طرفي الكلمة، وبالقطع أن لا تخلطه بما قبله أو بعده، وبالوصل خلطه به حسًّا أو حكمًا، ويريد بالأصل ما جاء على وَفْق
(1)
من قوله: (مقطوعُ الحُرُوفِ) إلى قوله: (متعلقٌ به) مكتوب بين الشطرين في بعض النسخ.
(2)
كذا في (ز 8)، وفي سائر النسخ الست "إملائه" والتصويب من الجميلة وبه يستقيم المعنى.
(3)
في نسخة (س) حاشية (يعني: كأنَّ الألف متحرِّكة تقديرًا فحذفت حركته التقديريَّة علامةً للجزم فبقي الألف لأن حروف العلة إنما تحذف في حالة الجزم لأنها ثقلت حركتها عليها غالبًا فتحذف لدفع الثقل فلم يبق شيء لائقٌ للحذف إلّا الحرف نفسه بخلاف الحرف الصحيح).
(4)
هو الجعبريُّ في الجميلة صـ 318.
(5)
كذا في (ص) و (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1)، وفي (ز 8) "والأظهر أنه نفي معناه أي: فلا".
(6)
كذا في (س)، وفي (ص)"عيبا"، وفي (ز 4) و (بر 1)"عييبا"، وفي (ز 8)"عيانا"، وفي (ل) طمس على جزء من الكلمة.
(7)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 318.
الدليل وبالفرع ما جاء على خلافه.
واعلم أن كل كلمة
(1)
بالنظر إلى ذاتها وأصلها أن تكتب منفصلة عما بعدها وما قبلها كما أن أصل حروفها أن تكتب متصلة
(2)
، وأما بالنسبة إلى طرفيها فنقول: كل كلمتين إن استقلتا فأصلهما الانفصال، ونعني بالاستقلال ما أمكن الابتداء بها والوقوف عليها، وإن لم تسْتَقِلّا أو إحداهما فأصلهما الاتصال؛ فمن الثالث
(3)
نوعٌ اطرد أصله واتضح أمره ولم يتعرض إليه الناظم نحو: الضمائر المتصلة بالأسماء والأفعال ونحو المركبات، ونوعٌ تردد بين الأصل والفرع فأشكل أمره واحتاج إلى البيان، والمصنف قطع النظر عن الأصلين الآخرين
(4)
ولاحَظَ الأصل وهو في كلمة مستقلة بالنسبة إلى الطرفين فقال: "وقل على الأصل" إلى آخره؛ (أي أصل كل كلمة مستقلة أن يُفصَل طرفاها
(5)
عن سابقِها ولاحقِها، ووصل أحدِهما بأحدِهما، فلا تَضِنَّ بنقله على طالبيه ولا تعْيَ بتوجيهه ولا تقصُر فهمَك عنه)
(6)
، ثم اعلم أنه يتفرع على معرفة الموصول والمقطوع أن في الأول لا يجوز الوقف على الكلمة الأولى ولا الابتداء بالثانية بخلاف المقطوع حيث يجوز الأمران فيه حال الاضطرار والاختيار.
(1)
كذا في (ز 4) و (ز 8) و (س) و (ل)، وفي (ص) و (بر 1)"أن كلمة".
(2)
قال الجعبريُّ في الجميلة صـ 318: (أي أصل كلِّ كلمةٍ منقلبةٍ أن تفصل طرفيها عن سابقها ولاحقها ووصْلُ أحدِهما بأحدِهما فرعٌ عليه)، أي: وصل أحد طرفيها بأحد السابق واللاحق فرعٌ عليه.
(3)
وهو إن لم تسْتَقِلَّ إحداهما نحو: الضمائر المتصلة بالأسماء والأفعال ونحو المركبات.
(4)
كذا في (ز 4)، وفي (بر 1) و (ز 8) و (ل) و (س)"الأخيرين"، وفي (ص)"الأخريين".
(5)
كذا في (ز 8)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ص)"طرفيها"، وفي (ل) و (س)"ينفصل طرفيها" وكلاهما لا يستقيم لغةً.
(6)
قال الجعبريُّ في الجميلة صـ 318: (أي أصل كلِّ كلمةٍ منقلبةٍ أن تفصل طرفيها عن سابقها ولاحقها ووصْلُ أحدِهما بأحدِهما فرعٌ عليه) أي: وصل أحد طرفيها بأحد السابق واللاحق فرعٌ عليه.
بابُ قطع " أَنْ لَا " و" إِنْ مَا "
بفتح "أن" الأولى وكسر "إن" الثانية، والمراد بيان وصلهما بأن لا يكتب النون فيهما وقطعهما بكتابة نونهما.
238 - أَنْ لَا يَقُولُوا اقطعوا أَنْ لَا أَقُولَ و أَنْ
…
لَا مَلْجَأَ أَنْ لَا إِلَهَ بهودٍ ابتُدِرا
(1)
الخطاب في "اقطعوا" للرُّسَّام، و" أَنْ لَا أَقُولَ " مفعولُ "اقطعوا"، وكذا ما بعده بعاطف مقدر أو ملفوظٍ، والإضافةُ إلى "هود"؛ بمعنى في، والرواية في "ابتُدِر"؛ بالصيغة المجهولة، وألفُهُ للإطلاق؛ أي:"ابتُدِر" القطعُ أو قطع هود وسورعَ إليه.
239 - والخلفُ في الأنبيا واقطعْ بهودَ بـ: أَنْ
…
لَا تَعْبُدُوا الثان مَعْ ياسين لا حَصَرا
(2)
قصر "الأنبيا" ضرورة، وبـ"أن"؛ بدلٌ من هود، و"الثان" بحذف الياء؛ صفةُ " أَنْ لَا تَعْبُدُوا "، و"لا" لنفي الجنس؛ أي:"لا حَصَر" فيه ولا عيَّ، وهو بالحاء والصاد المهملتين المفتوحتين.
240 - في الحجِّ معْ نون أَنْ لَا والدخانِ والامـ
…
ـتحانِ في الرَّعدِ إِنْ مَا وَحدَهُ ظهَرا
(3)
معنى الأبيات الثلاثة أن المصاحف اتفقت على قطع نون أَنْ الناصبةِ للفعل والناصبةِ للاسم عن لا النافية في عشرة مواضع؛ بالأعراف [آية: 105، 169]
(1)
المقنع ص 68.
(2)
المقنع صـ 68.
(3)
المقنع صـ 68 و 70.
{حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ} و {أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} وبالتوبة [آية: 118]{أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ} ، وبهود [آية: 14، 26] {وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} و {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} والحج [آية: 26] {أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} وبـ يس [آية: 60]، {أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} وبالدخان [آية: 19] {وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ} وبالممتحنة [آية: 12]{أَنْ لَا يُشْرِكْنَ} وبـ نون [آية: 24]{أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا} ، واختلف في قطع {أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ} ووصلهِ بالأنبياء [آية: 87]، واتفقت المصاحف على قطع إن الشرطية عن مَا الزائدة في {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ} بالرعد [آية: 40]، واتفقت على وصل ما عداهما
(1)
نحو: {أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} [طه: 89] و {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ} [النجم: 38] و {أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ} [الحديد: 29]، ونحوِ {وَإِمَّا تَخَافَنَّ} [الأنفال: 58] {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} [مريم: 26]{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ} [يونس: 46]؛ بغير الرعد؛ إذ فُهِم من حصرِ الرعد بقوله: "وحده" وعدِّ المواضعِ العشرةِ والإعراضِ عن غيرها؛ وإن كانت تظهر في القراءة
(2)
، (وفيه
(3)
إيماءٌ إلى قاعدةٍ عامةٍ وهي أن معنى قطعِ الحرف رسمُه بتقديره آخِرًا فيكتب أن لا وإن ما، ولا يضر اختلاف التلاصق لظهور النون؛ إذ معنى
(4)
وصلِهِ أن يكتب متوسطةً، والنون المتصلةُ باللام واجبةُ الإدغامِ في الحالين فجرى عليه حكم نون {جَنَّةٍ} المدغمِ من أنها لا تُرسَم، وكذا كل موصول مدغم فيكتب: ألا؛ كالحرفية، وإمّا؛ كالعاطفة)
(5)
.
(1)
كذا في سائر النسخ؛ أي: عدا المذكورتين وهما: " أَنْ لَا " و" إِنْ مَا "، وفي نسخة (بر 3):(عداها) أي: عدا المواضع المذكورات.
(2)
أي: وإن كانت النون في هذا الغير تظهر في القراءة.
(3)
أي: في قوله ظهرا؛ أي: النون.
(4)
في الجميلةصـ 321: (ولا يضره اتفاق التلاصق، ومعنى وصله .. الخ) ولا تعارض إذ لا أثر لاتفاق التلاصق واختلافه (لأن النون المتصلة باللام واجبةُ الإدغامِ في حالتي الوصل والوقف)، و (كذا كل موصول مدغم) كما قال الجعبريُّ والمؤلف وهي (تظهر في القراءة) كما قال المؤلف.
(5)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 321.
باب قطع " مِنْ مَا "
ونحوِ " مِنْ مَالِ " ووصل " مِمَّنْ " و " مِمَّ "
مقتضى القطع إثبات النون ولذا قال في المقنع: بالنون، ومقتضى الوصل توالي ميمين ولذا قال: وحذف النون في المقنع
(1)
.
241 - في الروم قلْ والنسا مِنْ قبلَ مَا مَلَكَتْ
…
وخُلفُ مِنْ مَا لدَى المَنافِقِينَ سَرَى
(2)
أي: اقطع "في الروم والنساء" النون "مِنْ قبلَ مَا مَلَكَت"، و"قُلْ" و"خُلفُ" قطعِ نونِ " مِنْ مَا " في "المنافقين" جرى واشتهر و"سرى"، ورُوِي عن الإمام القرطبي عن الناظم مكان هذا البيت بيتٌ آخر مآلهما واحدٌ وهو قوله:
مِنْ قبلَ مَا مَلَكَتْ فاقطع ونوزع في الـ
…
ـمنافقين لدى مِنْ مَا ولا ضررا
أي: "لا ضررا" في وقوع النزاع فيه؛ لأن القطع قياسًا على أخويه مع أنه الأصل، والوصل على الإدغام، واستغْنَى عن تعيين السورتين في هذا البيت بتقييدهما بما بعدهما، وقال الجعبري:(قوله: "ولا ضررا"؛ أي: لا خلل في كل من البيتين أو لا لبس في التخيير؛ لأن الناظم خيَّرَ من البيتين يعني أيهما أتيت البيت أسقطت الآخر)
(3)
.
(1)
المقنع صـ 69.
(2)
المقنع صـ 69 و 98.
(3)
انظر الجميلة صـ 324 مع تصرف لا يخل بالمعنى.
242 - لا خُلفَ فيْ قطعِ مِنْ مَعْ ظاهرٍ ذَكَرُوا
…
مِمَّنْ جميعًا فصِلْ و مِمَّ مُؤتَمِرَا
(1)
"لا"؛ لنفي الجنس؛ أي: لا اختلاف في قطع نون، "مَعْ ظاهرٍ"؛ حال من النون المقدرِ وجملةُ "ذكروا" صفةُ "ظاهرٍ" أي: ذكر
(2)
الرُّسَّامُ، ويريد بالظاهر الاسم المعربَ الذي جُزْؤُه "ما"؛ لا ما يُقَابل الضمير
(3)
لئلا يعُمَّ " مِمَّنْ "، ولما كان هذا خلاف المصطلح اعتذر بقوله:"ذكروا" أي: إنما قلت: "ظاهر"؛ لذكره في الأصل
(4)
وغيرِه، ثم قال: و" مِمَّنْ "؛ أي: ونونُ " مِمَّنْ، جميعًا"؛ حال مِنْ " مِمَّنْ "
(5)
وحدها دون مِمَّ ولذلك فَصَلَ بينهما وأمَرَك بامتثال التخصيصِ بقوله: "فصِلْ و مِمَّ مُؤتَمِرَا"؛ أي: ممتثِلًا؛ حالُ الفاعلِ، "فصِلْ"؛ فعلُ أمر، و"نون مِمَّنْ " و"نون مِمَّ "؛ مفعوله، ويحتَمِل أن يكون "جميعًا" حالًا منهما؛ أي: كل حرف دخل على ما الاستفهامية نحو: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} [الحجر: 54] و {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1]
(6)
.
والحاصل: أن المصاحف اتفقت على قطع "مِنْ" الجارَّة عن "مَا" الموصولةِ من قوله تعالى: {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} بالنساء [آية: 25] و {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ} بالروم
(1)
المقنع صـ 69.
(2)
كذا في (بر 1) و (ل) و (س) و (ص)، وفي (ز 4) و (ز 8)"ذكروا".
(3)
كذا في (ز 8)، وفي (ز 4) و (بر 1) و (ص) و (س) و (ل)"مالا قابل الضمير".
(4)
المقنع صـ 69.
(5)
كذا في (ز 8)، وفي (ز 4)"من من وجدها"، وفي (بر 1) و (ص) و (س) و (ل)"من من وحدها" والصواب ما أثبته.
(6)
إنما احتاج إلى هذا التأويل لكون مِمَّ لم ترد في القرآن إلا مرةً واحدةً في {مِمَّ خُلِقَ} [الطارق: 5] فلا يحتمل أن يكون جميعًا حالًا منها إذ إنما يوصف به المتعدِّد.
[آية: 28]، واختُلِف في قطع {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ} بالمنافقين [آية: 10]، واتفقت على وصل ماعدا الثلاثة نحو:{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ}
(1)
و {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [يس: 47] و {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس: 71] و {مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7]، واتفقت أيضًا على قطعها عن "مَا" التي هي جزء اسمٍ معربٍ حيث جاءت نحو:{مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ} [المؤمنون: 55] و {مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور: 33] و {مِنْ مَارِجٍ} [الرحمن: 15] و {مِنْ مَاءٍ}
(2)
، وعلى وصلها بمن الموصولة وما الاستفهامية أين جاء؛ نحو:{مِمَّنْ مَنَعَ} [البقرة: 114] و {مِمَّنِ افْتَرَى}
(3)
و {مِمَّنْ كَذَّبَ} [الأنعام: 157 والزمر: 32] و {مِمَّنْ دَعَا} [فصلت: 33] و {مِمَّ خُلِقَ} [الطارق: 5] وأمثال ذلك.
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 3].
(2)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 164].
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الأنعام: 21].
باب قطع " أَمْ مَنْ "
243 - فيْ فصلتْ والنِّسَا وفوقَ صادَ وفيْ
…
بَراءةٍ قطعُ أَمْ مَنْ عَنْ فتًى سَبَرا
(1)
أي: خذ هذا عن عالم خَبَرَ الرسم، وعرف الوَسْمَ، وأصْلُ ذلك من الجُرح إذا سُبِر ليُعْلَم ما غوره، ثم قيل ذلك في كل ما يختبره الإنسان، والمعنى: استوضَحَ المبنى وكشَفَ المعنى.
والمعنى: "قطعُ أَمْ مَنْ ""في فصلتْ" ومعطوفاتهِ جملةٌ اسميةٌ
(2)
والمراد بـ "فوقَ صادَ" سورة الصافات.
والمعنى: أن المصاحف اتفقت على قطع "أم" المتصلة والمنفصلة
(3)
عن "من" الاستفهامية في أربعة مواضع: {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} بالنساء [آية: 109] و {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} بالتوبة [آية: 109] و {أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} بالصافات [آية: 11] و {أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا} بالمصابيح
(4)
[آية: 40]، وعلى وصل ما عداها نحو:{أَمَّنْ لَا يَهِدِّي} [يونس: 35]{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [النمل: 60]{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل: 62].
(1)
المقنع صـ 71.
(2)
فالمبتدأ (قطع أم مَّن) والخبر (في فصلت) ومعطوفاته.
(3)
مراده بالمتصلة: العاطفة وأمثلتها آية التوبة والصافات والمصابيح الآتي ذكرها في كلامه، ومراده بالمنفصلة: أم المنقطعة التي بمعنى "بل" ومثالها آية النساء الآتي ذكرها في كلامه.
(4)
أي: سورة فصلت سميت بذلك لقوله تعالى فيها: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا} [فصلت: 12].
باب قطع " عَنْ مَنْ " ووصل " أَلَّنْ "
244 - في النور والنجمِ عَنْ مَنْ والقيامةُ صِلْ
…
فيها معَ الكهفِ أَلَّنْ مَنْ ذكا حَزَرا
(1)
أي: اقطع نونَ " عَنْ مَنْ " فيهما، و"القيامةُ"؛ مبتدأ، ونونُ " أَلَّنْ "؛ مفعولُ "صلْ"، وضميرُ "فيها" إلى القيامة، (و"ذَكا" الرجلُ؛ جاد فهمه؛ من ذكت النارُ؛ التهبت)
(2)
، وألفُ "حَزَرا" للإطلاق: (أي من فطن علم
(3)
أن ترجمة النور والنجم مقدرة اعتمادًا على ترجمة الباب وهي اقطع)، كذا ذكره بعض الشراح
(4)
.
وقال السخاوي: (هو مِنْ ذكت النار أي: اشتعلت؛ أي: من تَوَقَّد ذهنُه حَزَر ما ذكرتهُ له، وليس من الذكاء الذي هو الفطنة لأن الفعل من ذلك ذكِيَ يَذْكَى مثل علم يعلم)
(5)
؛ أي: اتفقت الرسوم على قطع " عَنْ " عن " مَنْ " الموصولة في موضعين {وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ} في النور [آية: 43] و {عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} بالنجم [آية: 29] وليس غيرهما لا مقطوعًا ولا موصولًا فاقطع ذهنك عن المفهوم، واتفقت أيضًا على وصل "أن" المصدرية بـ"لن" الناصبة في
(1)
المقنع صـ 70 و 71.
(2)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 326.
(3)
كذا في (بر 3)، وفي (ص) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8) و (ق) و (ف)"أي عن فطن علم"، وفي (س)"أي عن مظن علم". والتصويب من الجميلة.
(4)
هو الجعبري في الجميلة صـ 327.
(5)
الوسيلة صـ 417.
موضعين {أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} بالكهف [آية: 48] و {أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} بالقيامة [آية: 3]، وعلى قطع ما سواهما نحو:{أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرسول} [الفتح: 12]{أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ} [الجن: 5]{أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} [البلد: 5].
باب " عَنْ مَا " و " فَإِنْ لَمْ "وأَمَّا
وفي نسخة باب قطع " عَنْ مَا " إلى آخره
245 - بالقطع عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ وبَعدُ فَإِلْـ
…
لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَصِلْ وَكنْ حَذِرَا
(1)
أي: نون {عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ} [الأعراف: 166]"بالقطع" لا غير، و"بعدُ"؛ بُني على الضم لقطعه عن الإضافة، والمعنى: وبعد {عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ} "فَصِلْ" نون {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} في هود [آية: 14]؛ لا {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} في القصص [آية: 50]، فإنه بالقطع، وتقدم أن الوصل بحذف النون والقطع بإثباتها، "وحَذِرَا"؛ صيغةُ المبالغة إشارة إلى غموض عبارة المقنع، والمعنى:"كنْ حَذِرَا" وبالِغْ في الحذر من أن تغلط في عبارة الأصل فتلحق " إِنْ لَمْ " المسكوت عنها بحرف هود في الوصل كما وهم أبو العباس أحمد بن حرب
(2)
فقال: " فَإِنْ لَمْ مقطوع بالقصص
(3)
"وهو غلط
(4)
، وكقول الشارح
(5)
: "لم يبين
(1)
المقنع صـ 69 و 70.
(2)
أحمد بن محمد بن سعيد بن حرب أبو العباس المسيلي المقرئ، أخذ القراءات عن أبي داود سليمان بن نجاح وكان من أهل الحذق والتجويد، له كتاب "التقريب في القراءات السبع" تصدر للإقراء بإشبيلية عاش إلى 540. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 490 ترجمة (437)، وغاية النهاية 1/ 115 ترجمة رقم (533).
(3)
في أكثر النسخ (فإن لم غير مقطوع بالقصص) وفي نسخة (فإن لم مقطوع موصول بالقصص) وكلاهما غلط والتصويب من الجميلة.
(4)
وجه كونه غلطًا أنه يوهم حصر المقطوع في القصص كما قال الجعبري: (وبقي مفهومه وصْلُ الكلّ)، والحال أن الجميع مقطوعٌ إلاَّ التي في هود.
(5)
السخاوي وانظر قوله هذا في الوسيلة صـ 419.
المقنع كيف يُكتب غيرُ الحرفين" وليس كذلك فإنه ذكر حرف هود بالوصل فبقي مفهومه وهو قطع غيره)
(1)
.
والمعنى: اتفقت المصاحف على قطْعِ " عَنْ " عن " مَا " الموصولة في قوله تعالى بالأعراف [آية: 166]{فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ} ووَصْلِها فيما سواه بالاسمية
(2)
مطلقًا والحرفية
(3)
نحو: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ} [المائدة: 73]{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا} [الإسراء: 43]{عَمَّا يُشْرِكُونَ}
(4)
{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1]{قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40] واتفقت أيضًا على وصل "إن" الشرطية بـ"لم" في قوله تعالى بـ هود: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} وعلى قطع ما عداه نحو: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24 و 279]{لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ}
(5)
{فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} [القصص: 50]
(6)
وهذا معنى قوله:
246 - واقطعْ سواهُ وما المفتوحُ هَمْزتُهُ
…
فاقطعْ و أَمَّا فَصِلْ بالفتْح قد نُبِرا
(7)
أي: اقطع سوى {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} بهود [آية: 14]؛ نحو: ما في
(1)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 330 دون عزو، وبتصرُّف أشرت إلى بعضه آنفًا ونصُّ عبارة الجميلة:(وأشار إلى غموض عبارة المقنع بقوله: كنْ حَذِرَا أي: احذر أن تغلط في عبارة الأصل فتلحق " إِنْ لَمْ " المسكوت عنه بحرف هود في الوصل كما وهم أبو العباس أحمد بن حرب فقال: "فإن لم مقطوع بالقصص" وبقي مفهومه وصْلُ الكلِّ وهو غلط، كقول الشارح: "لم يبين كيف تُكتَب غير الحرفين" وليس كذلك فإنه ذكر حرف هود بالوصل فبقي مفهومه وهو قطع غيره).
(2)
كما في آية المائدة والإسراء والأعراف الآتي ذكرها في كلام المؤلف.
(3)
كما في آية النبأ والمؤمنون الآتي ذكرهما في كلام المؤلف.
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [الأعراف: 190].
(5)
وردت في [مريم: 46] و [الشعراء: 116 و 167].
(6)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 329.
(7)
المقنع صـ 70 و 71.
القصص
(1)
والبقرة
(2)
وغيرهما، (قال ابن مقسم: أما كتابتهم "فإن لم" فإنهم أثبتوا النون على الأصل لأنها "إن" التي تكون للجزاء اتصلت بها "لم"، قال: وحذفوها في الوجه الآخر على اللفظ بإخفائها، يعني: الإدغام، ثم قال: ومن العرب من يظهرها عند جميع الحروف يعني: النون كراهة لترك حرف من الكلمة، قال: والمحققون يستثقلون إظهارها، قال: وهو ضرب من الإدغام والتليين)
(3)
، ثم قال
(4)
: و"إن لم" المفتوح همزة أن فاقطع، و"ما"؛ زائدةٌ
(5)
، (وقيَّدَهُ بالفتح لئلا يُصَحَّفَ بالمكسورة)
(6)
، "و أَمَّا "؛ أي: ولفظ أمَّا، "فَصِلْ" حالَ كونِ أمَّا متلبسًا بحركة الفتح، "قد نُبِرَا"؛ بألف الإطلاق على بناء المفعول؛ (أي رُفِع يعني رُوِيَ؛ مِنْ نَبَرْتُ الحديث رفعتُه إلى غيري مجازًا؛ أسندته، ومنه سمي المِنبر لارتفاعه)
(7)
يعني "أمَّا فَصِل" سواءً ما في الأنعام أو غيره؛ لأنه أسند عمومه فلا يُحْمَل قول الأصل على الخصوص.
والمعنى: أن الرسوم اتفقت أيضًا على قطع "أن" المصدرية عن "لم" حيث وقعت نحو: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ} [الأنعام: 131]{كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} [يونس: 24]{أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد: 7]، واتفقت أيضًا على وصل "أم" في
(1)
قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص: 50].
(2)
وهي قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ} [البقرة: 24] و {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة: 265] و {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] و {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282].
(3)
ما بين القوسين من الوسيلة صـ 419.
(4)
أي: الناظم، وصنيع المؤلف موهم أنه من كلام ابن مقسم، وليس كذلك.
(5)
أي: و "ما" في قول الناظم (وما المفتوح همزتُه)؛ زائدةٌ.
(6)
ما بين القوسين منقول من الجميلة صـ 331.
(7)
ما بين القوسين منقول من الوسيلة صـ 421 بتصرف.
قسميها
(1)
بـ "ما" الاستفهامية حيث جاءت نحو: {أَمَّا اشْتَمَلَتْ}
(2)
بالأنعام [آية: 143 و 144] و {أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} بالنمل [آية: 84]، وكذا أما التفصيلية نحو:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا}
(3)
و {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا}
(4)
(5)
.
(1)
المراد بقسميها: أم المتصلة وأم المنقطعة.
(2)
"ما" في قوله {أَمَّا اشْتَمَلَتْ} موصولة لا استفهامية.
(3)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 26].
(4)
وردت في القرآن مرارا أولها: [البقرة: 26].
(5)
قال الجعبري في الجميلة صـ 331: (وقال في المقنع -صـ 71 - "
…
وقوله {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ} في المصحف حرف واحد أي: موصول معناه أم الذي "بيَّن أنها الموصولة ومقتضى نصه حصره فيه، وليس كذلك وأكد لبسه قوله حرف واحد؛ إذ يحتمل موضع واحد، وإن حمل تفسيره بالموصولة عمومه قياسًا خرج عن الاستفهامية فلهذا قال قد نُبِرَا أي: أسند عمومه، فلا يحمل قول الأصل على الخصوص) والحال (أن الرسوم اتفقت أيضا على وصل أم في قسميها بما الاستفهامية حيث جاءت وكذا أما التفصيلية).
باب " فِي مَا " و" إِنَّ مَا "
أي: باب قطع لفظ " فِي مَا " و" إِنَّ مَا "بتشديد النون بعد كسر همزته
247 - فِي مَا فَعَلْنَ اقطعوا الثاني لِيَبْلُوَكَمْ
…
فِي مَا معًا ثَّم فِى مَا أُوحِيَ اقتُفِراَ
(1)
بألف الإطلاق على صيغة المجهول أي: اتُّبِع واقتُفيَ، "اقتُفرا"؛ مِنْ قَفَر؛ اتَّبَعَ، وفي نسخة اشتُهرا، والمراد بـ "الثاني"؛ {فِي مَا فَعَلْنَ} الواقع ثانيًا في البقرة [آية: 240] وهو قوله تعالى: {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} ، والتقدير: ياء الثاني، ومن ثَم أسكن ياءه
(2)
، وهو احتراز عن الأول في البقرة [آية: 234] وهو قوله: {فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فإنه موصول، وقوله:{لِيَبْلُوَكُمْ} عطف على ياء "الثاني"؛ أي: "اقطعوا" ياء " فِي مَا " حالَ كونِه في حرفي المائدة [آية: 48] والأنعام [آية: 165]{لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} .
248 - في النورِ والأنبِيا وتحتَ صَادَ معًا
…
وفيْ إذا وقعَتْ وَالرُّومِ وَالشعُرَا
(3)
قصر "الأنبيا" ضرورة و"الشعرا" لغة و"صاد" ضبط بالفتح والكسر وفي نسخة و"النور" بالرفع وفي أخرى بالجر.
(1)
المقنع صـ 71 و 72.
(2)
أي: لكونه مجرورًا بالإضافة بكسرةٍ مقدرةٍ منع من ظهورها الثقل، ولو كان مفعول اقطعوا لنصبه بالفتح، كما هو إعراب المنقوص.
(3)
المقنع صـ 72.
والمعنى: اقطعوا ياء في النور عند قوله تعالى: {فِي مَا أَفَضْتُمْ} [آية: 14] وفي الأنبياء {فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ} [آية: 102] وتحت صاد وهو الزمر موضعين [آية: 3]{فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
(1)
لأنه ما يوجد تحت صاد سورة اجتمع فيها " فِي مَا " موضعين إلا الزمر
(2)
، وفي إذا وقعت [آية: 61] {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ} والشعراء [آية: 146]{فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ} .
249 - وفيْ سوَى الشعرَا بالوَصْلِ بعضهمُ
…
وإِنَّ مَا تُوعَدُونَ الأولُ اعْتُمِرا
(3)
يتزن البيت بإشباع "بعضهمُ" وقصر "الشعرا"، و"اعْتُمِرا"؛ بصيغة المجهول، وألفه للإطلاق، وقوله:"في"؛ متعلق "بالوَصْلِ"، وضمير "بعضهم" إلى الرُّسَّامِ بالوصل، و {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ} قطع في الأنعام فقط [آية: 134] وهو الأول في القرآن ووصل غيرها.
والحاصل أن المصاحف اتفقت على قطع " فِي " عن " مَا " الموصولة في الشعراء [آية: 146] لا غير وهو قوله تعالى: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ} واختلف في الوصل والقطع في عشرة مواضع: {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} ثاني البقرة [آية: 240]{وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} بالمائدة [آية: 48] و {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ} {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إنَّ}
(4)
في الأنعام [آية:
(1)
هذا هو الموضع الأول وأما الموضع الثاني فقوله تعالى: {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 46].
(2)
والحال أن الناظم قد نص على كونهما موضعين بقوله: (وتحتَ صَادَ معًا).
(3)
المقنع صـ 72 و 73.
(4)
كذا في (ص) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (س)، وسقط من (ز 8) سطر وهو من قوله:"بالمائدة [آية: 48 [و {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ} {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إنَّ} ".
145 و 165] {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ} بالأنبياء [آية: 102]{لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فيه} بالنور [آية: 14] و {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} بالروم [آية: 28]{يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} و {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا} كلاهما في الزمر [آية: 3 و 46]{وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ} بالواقعة [آية: 61]، واتفقت على وصْل ماعدا الإحدى عشرة خبرًا واستفهامًا نحو:{فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أول موضعي البقرة [آية: 234]{فِيمَ كُنْتُمْ} [النساء: 97]{فِيمَ أَنْتَ} [النازعات: 43].
واتفقت أيضًا على قطع " إِنَّ " المكسورة عن " مَا " الموصولة بالأنعام [آية: 134] فقط {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ} وعلى وصل غيرِه وغيرِ {إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ} بالنحل [آية: 95] الآتي
(1)
خلافه؛ اسمًا وحرفًا نحو: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: 178] و {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ} [طه: 69] و {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} [الذاريات: 5]{إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} [المرسلات: 7]{إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النساء: 171]{إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} [الرعد: 7]{إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ} [الكهف: 110 وفصلت: 6] ونحو ذلك.
(1)
في البيت 251 - و إِنَّمَا عِنْدَ؛ حرفُ النحلِ جاء كذا.
باب " أَنَّ مَا " و" لَبِئْسَ مَا " و " بِئْسَمَا "
أي: قَطْعُ
(1)
" أَنَّ مَا " المفتوح هَمْزُهُ، وقَطْعُ " بِئْسَ " عن " مَا " سواءً دخل اللام على " بِئْسَ " أم لا.
250 - واقطعْ معًا أَنَّ مَا يَدْعُونَ عندَهُمُ
…
والوصلُ أثبَتُ في الأنفالِ مختَبَرا
(2)
أي: "واقطعْ" نون {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ} بالخطاب والغيبة
(3)
وقيل: الرواية بالغيب، و"معًا"؛ حال، والمراد به الموضعان في السورتين، و"عندهم" ظرفُ "اقطع"، والضمير إلى الرُّسَّام، "والوصلُ أثْبَتُ" من القطع "في الأنفال" فهو
(4)
متعلق بالمبتدأ، و"مختَبَرا"؛ اسم مفعول من اختبره صفةُ "وصلًا" مقدرًا
(5)
.
أي: اتفقت المصاحف على قطع {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} بالحج [آية: 62] و {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} بلقمان [آية: 30] واختلف في {أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} في الأنفال [آية: 41] و {إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ} المكسورة بالنحل [آية: 95] كما قال:
(1)
كذا في (س)، وفي (ص) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)"اقطع".
(2)
المقنع صـ 73 و 74.
(3)
قال في النشر 2/ 327: (فقرأ البصريَّان وحمزة والكسائي وخلف وحفص بالغيب وقرأ الباقون بالخطاب) وانظر: الكشف 2/ 123، والإقناع 2/ 707 وذلك في الحج ولقمان.
(4)
أي: قوله (في الأنفال).
(5)
أي: بتقدير كلمة وصْلًا فيكون المعنى: والوصلُ أثبتُ في الأنفالِ وصْلًا مختَبَرا.
251 - و إِنَّمَا عِنْدَ؛ حرفُ النحلِ جاء كذا
(1)
…
...................
فوُصِلا بالعراقي وفاقًا للشامي وقُطِعا في المدني، واجتمعت على وصل ماعدا الثلاثة نحو:{يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}
(2)
{إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ} [ص: 70]{فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا} [المائدة: 92]، هذا وقوله:"إنما""جاء" مبتدأٌ وخبرُه، "حرفُ"؛ موضعِ "النحلِ"؛ بدلُ كلٍّ؛ من المبتدأ؛ فيكون
(3)
مرفوعًا؛ لا مجرورًا كما تَوَهَّمَ بعضهم أن "عِند"؛ ظرف، بل "عِند"؛ لفظُ القرآن، وهو احتراز عن سائر "إنما" الواقعة في سورة النحل فإنها ثمانية مواضع غير هذه كلها مكسورة
(4)
ووقع الإطلاق في كلام الجزري
(5)
فوقع بعض الشراح في الخبط القوي، وقوله:"كذا" أي: مماثلًا حرف الأنفال في التفصيل
(6)
.
والمعنى: أن الوصل فيه أيضًا أثبَتُ؛ أي: أقوى ثبوتًا وهو الأكثر.
(1)
المقنع صـ 74.
(2)
وردت في [الكهف: 110] و [الانبياء: 108] و [فصلت: 6].
(3)
أي: لفظ "حرف".
(4)
بل هي عشرة مواضع غير هذه وهي على النسق كما يلي: قوله تعالى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} [النحل: 40] و {إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النحل: 51] و {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} [النحل: 82] و {إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ} [النحل: 92] و {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ} [النحل: 100] و {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} [النحل: 101] و {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] و {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ} [النحل: 105] و {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [النحل: 115] و {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ} [النحل: 124] فهذه المواضع في النحل اتفقت المصاحف على رسمها بالوصل والموضع المذكور أولًا، وهو قوله تعالى في [النحل: 95]: {إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ} اختلفت فيه رسوم المصاحف كما تقدم دون بقية المواضع.
(5)
أي: في قوله في مقدمته في التجويد: .................. وخلف الأنفال ونحلٍ وقعا؛
فأطلق الخلاف في النحل وإنما الخلاف في آية منها فقط.
(6)
كذا في (بر 1)، وفي (س) و (ص) و (ل) و (ز 4) و (ز 8)"التفضيل" والتصويب من الجميلة.
لَبِئْسَ مَا قَطْعُهُ
(1)
فيما حَكَى الكُبَرا
(2)
" لَبِئْسَ مَا ": مبتدأٌ، قَطْعُ سينِ " لَبِئْسَ مَا ": بدلُ اشتمالٍ، في النقل الذي "حكاه الكُبَرا": جمع الكبير؛ خبر المبتدأ، ويشير بـ"الكُبَرا" إلى محمد وابن الأنباري
(3)
وغيرهما وليس لهذا مفهوم. فالمعنى: أن المصاحف اتفقت أيضًا على قطع {لَبِئْسَ مَا} المشفع باللام وهي خمسة: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ} بالبقرة [آية: 102]{لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ} بالمائدة [آية: 62 و 63 و 79 و 80].
252 - قُلْ بِئْسَمَا بخلافٍ ثمَّ يُوصَلُ معْ
…
خَلَفْتُمُونِي ومِن قبلِ اشْتَرَوْا نُشُرا
(4)
"قل"؛ لفظُ التلاوة؛ أي: قطع سين {قُلْ بِئْسَمَا} "بخلافٍ"؛ مبهمٌ، "ثمَّ يُوصَلُ"؛ مضارع مجهول؛ أي:{بِئْسَمَا} "مع {خَلَفْتُمُونِي} " و"من قبلِ اشْتَرَوْا "؛ حال المرفوع
(5)
، و"نُشُرَا"؛ بضم النون والشين المعجمة؛ صفة مصدر محذوف، أي: وصلا مشبهًا في انتشاره رياحًا نُشُرَا؛ جمعُ نَشُورٍ: وهو ريح متصلة الهبوب.
(1)
في (ز 4) وحاشية (بر 1) كما أثبتُّ، وهي ما عليه شرح المؤلف، وفي سائر النسخ (قطعوا).
(2)
المقنع صـ 83 و 84.
(3)
هو: محمد بن قاسم بن محمد، أبوبكر ابن الأنباري المقرئ النحوي البغدادي ولد سنة 271، روى عنه الداني كتاب الوقف والابتداء، توفي ليلة الأضحى سنة 328 ببغداد. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 280 ترجمة رقم (193).
(4)
المقنع صـ 74.
(5)
وهو {بِئْسَمَا} الذي هو نائب فاعل يُوصَلُ.
والمعنى: أن المصاحف اختلفت في وصلِ {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} في البقرة [آية: 93] وقطعِه، واتفقت على وصل {بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي} بالأعراف [آية: 150] و {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ} في البقرة [آية: 90].
باب " كُلِّ مَا "
بفتح اللام ويجوز كسرها فإن الحكايةَ أوْلى، والإعراب جائز.
253 - وقلْ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا قَطَعُوا
…
والخُلفُ في كُلَّ مَا رُدُّوا فشا خَبَرا
(1)
أي: "وقلْ" قطَعَ الرُّسَّام لام {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا} [إبراهيم: 34]"والخُلفُ" مطلقٌ في {كُلَّ مَا رُدُّوا} [النساء: 91] انتشر من جهة الخبر.
254 - و كُلَّمَا أُلْقِيَ اسمعْ كُلَّمَا دَخَلَتْ
…
و كُلَّ مَا جَاءَ عنْ خُلْفٍ يَلِيْ وُقُرا
(2)
"اسمعْ"؛ أمْرِيَّةٌ معترضةٌ، "و كُلَّمَا "؛ مبتدأٌ، خبرُه "جاء عنْ خُلْفٍ"
(3)
خلافًا مطلقًا "يلي" أي: يتبع، "وُقُرا"؛ بضم الواو والقاف؛ جمع وَقُور كعمُود وعُمُد من وَقَرَ يقِر؛ أي: سادة حُلَماء؛ لأن الوقارَ الحِلْمُ؛ وهو مفعولُ "يَلِيْ"؛ صفةُ "خُلْفٍ"، وإنما جعله عن علماء عقلاء لأن في سنده الكسائي ومحمدًا ونصيرًا
(4)
وأطلق الخُلْفَ تبعًا للأصل
(5)
.
(1)
المقنع صـ 74.
(2)
المقنع صـ 93 و 96 و 98.
(3)
كذا في الأصل، وهو عجيب لأن "جاء" لفظ التلاوة، والخبرُ هو عنْ خُلْفٍ أي: كائنٌ عن خُلْفٍ على حد قوله في الخلاصة:
وأخبروا بظرف او بحرف جر ناوين معنى كائنٍ أو استقر
(4)
قال في المقنع صـ 92: (أخبرني الخاقاني قال حدثنا الأصبهاني قال حدثنا الكسائي عن ابن الصباح قال: قال محمد بن عيسى عن نصير).
(5)
ستأتي الإحالة على مواضعه قريبًا.
والمعنى: أن المصاحف اتفقت على قطع لام {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} بإبراهيم [آية: 34] عن "ما"، واختلفت في القطع والوصل بـ {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} بالنساء [آية: 91]
(1)
و {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ} بالأعراف [آية: 38]
(2)
و {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً} بالفلاح
(3)
و {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} بالملك [آية: 8]
(4)
، واتفقت على وصل ما عداها، أي: ما خلا الخمسة، نحو:{أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ} [البقرة: 87]{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} [النساء: 56] و {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا} [المائدة: 64]{كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ} [الإسراء: 97]، وحاصلُ كلام المقنع
(5)
والمصنفِ قطعُ موضعِ إبراهيم ووصلُ غيرِ الأربعة والتخيير فيها.
(1)
المقنع صـ 74.
(2)
المقنع صـ 93.
(3)
أي: المؤمنون [آية: 44] وهي في المقنع صـ 96.
(4)
المقنع صـ 98.
(5)
المقنع صـ 74 ونص عبارته: (قال محمد: و كُلَّ مَا مقطوع حرفان؛ في النساء {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} وفي إبراهيم {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} قال: ومنهم من يصل التي في النساء).
باب قطع " حَيْثُ مَا "
ووصل" أَيْنَمَا "
255 - وَحَيْثُ مَا قَطَعوا فَأَيْنَمَا وَصَلوا
…
ومثلُهُ أَيْنَمَا في النحلِ مُشتَهِرا
(1)
أي: قطَعَ الرُّسَّام ثاء "حيث" من "ما" ووصلوا نون "أين" بـ "ما"، وفي بعض النسخ: وَحَيثُ مَا فاقْطَعوا فَأَينَمَا فَصِلوا؛ بكسر الصاد؛ أمرِيَّتَان، ومثلُ وصْلِ
(2)
{فَأَيْنَمَا} في البقرة [آية: 115]{أَيْنَمَا} "في النحل"[آية: 76]، وهو متعلَّقُ الخبرِ
(3)
، و"مُشتَهِرا"، صفةُ وصلًا؛ مقدرًا؛ اسمُ فاعلٍ مِنْ اشتَهَرَ، بمعنى: شاعَ وذاع.
256 - والخُلْفُ في سورةِ الأحزابِ والشعرا
…
وفي النساءِ يَقِلُّ الوَصْلُ مُعتَمَرا
(4)
"والخُلْفُ"؛ مبتدأ؛ أي: خُلْفٌ مبهمٌ مستوٍ في السورتين، "وفي النساء" متعلق بـ "يَقِلُّ الوَصْلُ"؛ فالقطع أكثر؛ "مُعْتَمَرا"؛ اسمُ مفعولٍ مِنْ اعتَمَرَهُ؛ زاره؛ أي: معمولًا به مَرْوِيًّا منقولًا.
ومعنى البيتين: أن المصاحف اتفقت على قطع ثاء "حيث" عن موضعي البقرة [آية: 144 و 150]{وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ} ، {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ
(1)
المقنع صـ 72 و 73.
(2)
كذا في (ز 4) و (ز 8)، وفي (بر 1) و (ص) و (ل) و (س):"ومثله وصل".
(3)
الذي هو كائن أو استقر، أي: كائن أو استقر في النحل.
(4)
المقنع صـ 72 و 73.
فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا}، واتفقت أيضا على وصل {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ} بالبقرة [آية: 115] و {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ} بالنحل [آية: 76]، واختلفت بالنساء [آية: 78] {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} وبالشعراء [آية: 92]{أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} وبالأحزاب [آية: 61]{أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا} ؛ فأكثرها على قطع ما في النساء واستوى الاختلاف في الشعراء والأحزاب واتفقت على قطع البواقي نحو: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا} [البقرة: 148]{أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ} [الأعراف: 37]{أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ} [غافر: 73]{أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7].
(ثم قال في المقنع: (فأما {نِعِمَّا} بالبقرة والنساء
(1)
{مَهْمَا تَأْتِنَا} بالأعراف [آية: 132] و {رُبَمَا يَوَدُّ} بالحجر [آية: 2] فموصول في جميع المصاحف)
(2)
، وموضعُ {نِعِمَّا} ؛ {بِئْسَمَا} وموضع {رُبَمَا} آخر حروف الجر
(3)
، وأهملهما الناظم لظهورها لكنه نقصٌ من الأصل، ويحتمل أن يُفْهَم وَصْل {نِعِمَّا} مِنْ وَصْلِ {بِئْسَمَا} بطريق الأَولَى للإدغام حملًا على المقابل، ووصْلُ {رُبَمَا} من {إِنَّمَا} الكافَّة حملًا على النظير، و {مَهْمَا} لا حاجة إلى ذكرها لارتفاع الشبهة بالتركيب وإلا ورد {كَأَنَّ} وأمثالها والله أعلم)
(4)
.
(1)
وهي قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271]{إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} [النساء: 58].
(2)
المقنع صـ 73.
(3)
معناه أن موضع {نِعِمَّا} هو أن تذكر مع {بِئْسَمَا} وموضع {رُبَمَا} أن تذكر آخر حروف الجرِّ.
(4)
ما بين القوسين من الجميلة صـ 342 بتصرف لا يضر.
ولا يبعد أن يكون "وفي النساء" عطفًا على ما قبلها بإعادة الجارِّ "ويَقِلُّ الوَصْلُ"؛ يراد به وصل الكل على ما صرح به بعض شُرَّاح الجزرية على أن الأصل هو القطع دون الوصل، لكن قال السخاوي: (وإنما قال "وفي النساء يقل الوصل" لأن الخزاز
(1)
ومحمد بن عيسى وغيرهم لم يعدوه في الموصول
(2)
(3)
.
(1)
أحمد بن علي بن الفضيل أبو جعفر الخزاز -بالخاء المعجمة وزاءين-، قرأ على هبيرة التمار صاحب حفص، أخذ عنه ابن مجاهد وابن شنبوذ، توفي في المحرم سنة 286. اهـ مختصرًا من معرفة القراء الكبار 1/ 258 ترجمة رقم (169).
(2)
كما في المقنع صـ 72 و 73.
(3)
انظر: الوسيلة صـ 431.
باب " لِكَيْلَا "
أي: وصْلِه، وكان الأَوْلَى أن يقول: باب كيلا لأنه أشمل من لِكَيْلَا
(1)
257 - في آلِ عِمْرانَ والأحزابِ ثَانِيَها
…
والحجِّ وَصْلًا لِكَيْلَا والحديدِ جَرَى
(2)
أي: "جرى"" لِكَيْلَا " موصولًا في هذه السور الأربعة، وقوله "ثَانِيَها"؛ أي: ثانيَ الأحزاب [آية: 50] وهو قوله {لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} احترازٌ عن أولها وهو قوله: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} [آية: 37] فإنه مقطوع.
والحاصل أن المصاحف اتفقت على وصل ياء " لِكَيْ " بـ" لَا " في أربعة مواضع {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} بآل عمران [آية: 153]{لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ} بالحج [آية: 5]{لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} بالأحزاب [آية: 50]{لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} بالحديد [آية: 23]، واتفقت على قطع ما عداها نحو:{لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} و {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً}
(1)
بل الأولى ما صنعه الشاطبي لسببين: 1 - مطابقته لأصله "المقنع" إذ الذي فيه "ذكرُ لكي لا" 2 - أن الذي خالف الرسم القياسي إنما هو "لكي لا" إذ المواضع الأربعة بهذا اللفظ ولم يرسم "كي لا" موصولًا بل هو جارٍ على القياس فالتعبير بالأعم دون الأخص في بيان المقصود قصور لا ينبغي أن يكون استدراكًا فما علل به المؤلفُ تَعَقُّبَهُ على الناظم وهو قوله: (لأنه أشمل) هو للناظم لا له والله أعلم.
(2)
المقنع صـ 75.
[الحشر: 7] واعتمد الناظم على نقل المقنع في اتفاق وصْلِ الأربعة
(1)
، وقال بعض العلماء: آل عمران قطعَه بعضهم وقطع ابن البقال بقطعه فجعله مختلفًا فيه
(2)
، أقول: والجزري أيضًا قطع بوصل الأربعة
(3)
وبعد قولهم لا يعتبر نقل غيرهم.
(1)
المقنع صـ 75.
(2)
قال في الوسيلة صـ 433: (وعَدَّ الجهني حرف الحج والأحزاب والحديد، ثم قال: وقد وصل بعض العلماء الحرف الذي في آل عمران وهو قوله: {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ}، وقطع الذي في سورة الحج، وعدَّ ابن البقال الثلاثة ولم يعدَّ آل عمران وجعل حرفها في المقطوع) فما عزاه المؤلف إلى بعض العلماء من قولهم (آل عمران قطعه بعضهم) هو مفهوم قول الجهني (وقد وصل بعض العلماء الحرف الذي في آل عمران).
(3)
في قوله في مقدمة التجويد صـ 379 ضمن مجموع "إتحاف البررة بالمتون العشرة".
وصل فإن لم هود أن لن نجعلا نجمع كيلا تحزنوا تأسوا على
حج عليك حرج
…
الخ.
فأشار بقوله: (كيلا تحزنوا) إلى آية آل عمران وبقوله: (تأسوا على) إلى آية الحديد، وبقوله:(حج) إلى آية الحج، وبقوله:(عليك حرج) إلى آية الأحزاب.
باب " يَوْمَ هُمْ " و " وَيْكَأَنَّ "
أي: قطع " يَوْمَ هُمْ " ووصل " وَيْكَأَنَّ "
258 - في الطَّوْلِ والذارياتِ القطعُ يَوْمَ هُمُ
…
وَ وَيْكَأَنَّ معًا وَصْلٌ كسا حِبَرا
(1)
يتزن البيت بإشباع {يَوْمَ هُمْ} ، "في الطَّوْلِ"؛ متعلق بقوله:"القطعُ"، و {يَوْمَ هُمْ} ذو القطع؛ جملة اسمية، و"معًا"؛ صفةٌ؛ أي: موضعين، يعني:{وَيْكَأَنَّ} {وَيْكَأَنَّهُ} [القصص: 82] وقوله: "وَصْلٌ"؛ أي: في {وَيْكَأَنَّ} ، "كسا"؛ جملةٌ؛ صفةُ المبتدأ، "حِبَرا"؛ بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة جمع حِبَرة وهي البرد اليماني؛ مفعولُ "كسا".
ومعنى البيت: أن المصاحف اتفقت على قطع ميم يَوْمَ عن هُمْ المرفوعُ الموضعِ وحده في موضعين: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} في غافر [آية: 16]، وهو المراد بقوله:"في الطَّولِ"، و {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ} بالذاريات [آية: 13] وليس غيرهما في القرآن، وإنما فصَل هنا لأنه لم يضف يَوم إلى هُمْ وإنما هو مقطوعٌ منه مرفوعٌ بالابتداء.
واتفقت على وصل اليوم بـ "هم" المجرور الموضع نحو: {مِنْ يَوْمِهِمُ
(1)
المقنع صـ 75 و 76.
الَّذِي يُوعَدُونَ} [الذاريات: 60]{حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} [الطور: 45]، وعرَّفَ الناظم موضع الذاريات بالفتح
(1)
وهو خفيٌّ؛ احترازًا عن الثاني المجرور في آخر السورة وهو قوله: {مِنْ يَوْمِهِمُ
الَّذِي يُوعَدُونَ} فإنه موصول.
واتفقت أيضًا على وصل ياء {وَيْكَأَنَّ} {وَيْكَأَنَّهُ} في موضعي القصص وهو قوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [آية 82]{وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [آية 82] واحترزنا بوصل الياء عن الكاف عن وصل الكاف عن الهمزة
(2)
فالأئمة مُجْمِعون على أنه كتب كلمةً واحدةً لا يَحتَمِل أن تكون الكلمةُ الأولى وَيْكَ كما قال الشاعر:
ألا وَيْكَ المسرةُ لا تدوم .................................
(3)
ويَحْتَمِل أن يكون وَيْ كما قال:
وَيْ كأن من يكن له نشَبٌ يُحـ
…
ـبَبْ ومن يفتقر يعش عيش ضُرِّ
(4)
(5)
(1)
في نسخة (س) هامش (حيث قال يومَ هم).
(2)
كذا كل النسخ، ولعل صواب العبارة (واحترزنا بوصل الياء بالكاف عن وصل الكاف بالهمزة).
(3)
البيت لامرأة هذلية ترثي أخًا لها، وتمامه: ولا يبقى على البؤس النعيم. انظر: البحر المحيط (7/ 135)، وأنشده ابن عبد ربه في العقد الفريد (3/ 217) بلفظ:
ألا تلك المسرة لا تدوم ولا يبقى على الدهر النعيم
(4)
في (ز 4): "وي كان من لم يكن له نشب يحبب
…
"، وفي (بر 1) و (ز 8) و (ل): "وي كان من لم يكن له نشب محبب
…
"، وفي (س): وي كان من لم يكن له نشب مجيب
…
"، وفي (ص): "وي كان لم يكن له نشب عيب
…
يغش عيش ضر"، وفي (ف): "وي كان من لم يكن له نشب يحيب .. "، وفي (ق): "وي كان من يكن له تثبت يجب
…
"، وفي (بر 3): وي كان من يكن له نسب يجيب .. ".
(5)
عزاه سيبويه في الكتاب (2/ 155) لزيد بن عمرو بن نفيل القرشي، وكذا ابن منظور في اللسان 15/ 418 وزاد:(ويقال: لنبيه بن الحجاج)، وهو فيهما كما ضَبَطْتُه، وهو فيما نقله المؤلف مختلف كما تقدم والصواب ما أَثْبَتُّهُ من الكتاب واللسان وهو الموافق لإحدى النسخ.
ولا يمكن للكاتب أن يجمعهما فكتب الكلمتين كلمة واحدة ليبقى هذا الاحتمال
(1)
.
(1)
لأنه لو كتبها (ويك أنَّ) فإنها لا تحتمل القول بأن أصلها (وي كأن) وإن كتبها بهذا لم تحتمل القول الآخر، ولا يمكن للكاتب أن يجمعهما فيكتب (و ي ك أنَّ)، ولا يمكن اعتبار القولين إلاَّ بوصلها كما هو مرسوم، وفي هذه الآية أقوال ذكرها ابن الجوزي في زاد المسير 6/ 246 - 247 بقوله:(فأما قوله: (ويك) فقال ابن عباس: معناه: "ألم تر"، وكذلك قال أبو عبيدة والكسائي وقال الفراء:(ويك أن) في كلام العرب تقرير كقول الرجل أما ترى إلى صنع الله وإحسانه، - وذكر بيت زيد السابق- وقال ابن الأنباري في قوله:(ويكأنه) ثلاثة أوجه؛ إن شئت قلت (ويك) حرف و (أنه) حرف والمعنى ألم تر أنه والدليل على هذا قول الشاعر - وذكر بيت زيد السابق -، والثاني: أن يكون (ويك) حرفًا و (أنه) حرفًا والمعنى: ويلك اعلم أنه فحذفت اللام كما قالوا قم لا أباك يريدون لا أبا لك وأنشدوا: أبالموت الذي لابد أني ملاق لا أباكِ تخوفيني
أراد لا أبا لك فحذف اللام، والثالث: ان يكون (وي) حرفًا و (كأنه) حرفًا فيكون معنى (وي) التعجب كما تقول وي لم فعلت كذا وكذا، ويكون معنى كأنه أظنه وأعلمه كما تقول في الكلام كأنك بالفرج قد أقبل، فمعناه أظن الفرج مقبلا
…
وكان جماعة منهم يعقوب يقفون على (ويك) في الحرفين ويبتدؤون (أن) و (أنه) في الموضعين. وذكر الزجاج عن الخليل أنه قال: (وي) مفصولة من (كأن) وذلك أن القوم تندموا فقالوا (وي) متندمين على ما سلف منهم وكل من ندم فأظهر ندامته قال: (وي)، وحكى ابن قتيبة عن بعض العلماء أنه قال معنى (ويكأن) رحمة لك بلغة حِمْيَر).
باب " مَالِ "
259 - و مَالِ هَذَا فقلْ مَالِ الَّذِينَ فَمَا
…
لِ هَؤُلَاءِ بقطعِ اللامِ مُدَّكَرَا
(1)
أي: اتفقت المصاحف على فصل لام الجر عن المجرور في أربعة مواضع: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ} بالنساء [آية: 78]{مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} بالكهف [آية: 49]{مَالِ هَذَا الرَّسُولِ} بالفرقان [آية: 7]{فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا} بالمعارج [آية: 36]، وعلى وصلها به سائر المواضع نحو:{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ} [النساء: 88]{مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ} [نوح: 13]{وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ} [الليل: 19]، والمقنع عرفها بسورها
(2)
، والناظم بتواليها
(3)
، (وإنما كتب مفصولًا تنبيهًا على الأصل
(4)
، وعلى أنه زائد ليس من الكلمة
(5)
، وجعل متصلًا بما
(6)
ومنفصلا
(1)
المقنع صـ 75.
(2)
كما في صـ 75 منه.
(3)
كذا في (س)، وفي (ز 4) و (ل) و (بر 1) و (ز 8) و (ص) "بقوالبها" أي: بألفاظها وفي تسمية ألفاظ القرآن قوالب عندي نظر؛ إذ هي مما النار فيه تحت الرماد، حيث كثيرًا ما يستعملها القائلون بالكلام النفسي زاعمين أن معاني القرآن منه سبحانه أما الألفاظ التي هي مجرد قوالب للمعاني فهي من المخلوق إما جبريل أو محمد صلى الله عليهما وسلم محتجين بشبهات ظنوها أدلةً، وقد ناقش مذهبهم مناقشةً وافيةً شيخ الإسلام في التسعينية وفي مواضع من المجلد الثاني عشر من مجموع الفتاوى، ثم تبين لي من الجعبري وبعض النسخ أنها بتواليها وهذا مثال لأهمية نسخة المؤلف، أي: بما يتلو كلمة {مَالِ} في كل موضع، فقوله:{مَالِ هَذَا} ينتظم موضعي الكهف والفرقان وقوله: {فَمَالِ الَّذِينَ} ينتظم موضع المعارج وقوله: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ} ينتظم موضع النساء.
(4)
في نسخة النمسا هامش (وهو استقلالُ لام؛ الجارَّة).
(5)
في نسخة النمسا هامش (أي ليس جزءًا من الكلمة).
(6)
قال الجعبري: (فقول الشارح "وجعل متصلًا بما" ليس بسديد لإخلاله بالمقصود).
مما دخل عليه لأن "ما" قد اتصل بها غيرُها، مِنْ قبلِها بمِن، ومِنْ بعدِها نحو: مهما
(1)
(2)
، وكتبوا في جميع المصاحف {عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130] بقطع اللام من الياء ووصلوا {كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} [المطففين: 3] حكما؛ فعَدَمُ الألف بعد الواو دليل على أنّ الواو غير متطرفة وهو نقص عن الأصل
(3)
وقد أتى بهما الجزري مع بعض الزائد بقوله:
وزنوهم وكالوهم صل
…
كذا من ال ويا وها لا تفصل
(4)
فنبه على أن ال للتعريف لا يفصل عن مدخولها، وكذا حرف الياء عن المنادى، وكذا هاء التنبيه عن مدخولها لا كتابة ولا قراءة.
(1)
قال ابن هشام في مغني اللبيب صـ 436: (وهي بسيطةٌ لا مركبةٌ من مه وما الشرطية، ولا من ما الشرطية وما الزائدة ثم أبدلت الهاء من الألف الأولى دفعًا للتكرار خلافًا لزاعمي ذلك).
(2)
ما بين القوسين من الوسيلة صـ 436 غير أنه (لأن "ما" قد اتصل بها غيرها من قبلها (مما) ومن بعدها نحو: مهما)، وهو أوضح مما نقله عنه المؤلف لأن معناه عنده: أن "ما" اتصل بها غيرها من قبلها مثل "مما" أصلها (من ما) واتصل بها غيرها من بعدها مثل "مهما" أصلها (مه ما) أو (ماما) الأولى شرطية والثانية زائدة كما تراه فيما ردّه ابن هشام في الحاشية السابقة لهذه مباشرة.
(3)
قال في المقنع صـ 77: (قال أبو عمرو: وكتبوا في جميع المصاحف {عَلَى إِلْ يَاسِينَ} في والصافات بقطع اللام من الياء. وكتبوا "كالوهم أو وزنوهم" موصولين من غير ألف بعد الواو، قاله لنا الخاقاني عن أحمد عن علي عن أبي عبيد).
(4)
كذا في بعض النسخ وفي بعضها أو وزنوهم وكالوهم وفي بعضها ووزنوهم والذي في مقدمة ابن الجزري صـ 379 ضمن مجموع "إتحاف البررة بالمتون العشرة":
كالوهم أو وزنوهم صل كذا من ال ويا وها لا تفصلِ
باب "وَلَاتَ"
أي: وصل تائها بأحد المكتنفين؛
260 - أبوعُبَيدٍ وَلَاتَحِينَ وأَصْلُهُ الـ
…
إمامُ والكلُّ فيهِ أعظَمَ النُّكُرَا
(1)
في بعض النسخ "وَاصِلُهُ"؛ بهاء الضمير ورفع "الإمام"، وفي بعضها واصِلَةُ؛ بالتاء مضافةً إلى الإمام، و"فيه"؛ بالإشباع، و"النُّكُرا"؛ بضمتين؛ معناه: الإنكار، وألفُه للإطلاق؛ وهو مفعول "أعظَمَ" وهو خبر "الكلُّ"؛ أي: قال أبو عبيد: رُسِم في الإمامِ مصحفِ عثمان الخاصِّ به {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} ] ص: 3] بالتاء المتصلة بـ"حين" وفي نسخةٍ:
أبو عبيد عَزَى وَلَاتَحِينَ إلى الـ
…
إمام ........................... إلى آخره
أي: نَسَبَ وصْلَ {وَلَاتَ حِينَ} إلى الإمام، وكل الرُّسَّام أعظَمَ النُّكُرَ في هذا النقل؛ إذ في الرسوم الحجازية والعراقية والشامية التاءُ منفصلةٌ عنها ممدودةٌ متصلةٌ بـ لَا؛ حُكْمًا، والنَّقَلَةُ بالَغُوا في إنكار الأول للثاني، وقد قال نصير: اتفقت المصاحف على كتابة {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} بالتاء المنفصلة
(2)
وكذلك في المصاحف الجدد والعُتُقِ بقطع التاء من حين.
(1)
المقنع صـ 76.
(2)
إلى هنا كلام نصير، وما بعده إلى قوله (حين) كلام ابن الأنباري، وكلامهما في المقنع صـ 76.
وحاصل كلام أبي عبيد ثبوت "تحين" في كلام العرب والخط تابِعُهُ؛ لا منعَ "لات"
(1)
، وإنكارُهم غيرُ مُتَوَجِّهٍ عَلَيْهِ لأنه حَكَى ما رأى؛ ولا على الإمام لأنه حاكمٌ عليهم، وتمسُّكُهم في بقية الرسوم لا ينهض مستَنَدًا لعدم اطِّراده، ويتوجَّهُ الإنكارُ عليهم من ثلاثة أوجه:
أحدهما: إنكارهم رواية العالي
(2)
الضابط
(3)
.
والثاني: إنكارهم ما ثبت في كلام العرب
(4)
نحو: رُبَّت وثمت بزيادة التاء، وكذا "لات" في نقل الخليل وسيبويه وغيرهما
(5)
ويقولون: معناه ليست.
والثالث: اعتقادهم أن اتصال التاء بـ"حين" لازمٌ لانفصالها عن "لا" لاحتمال أنهما اتصلتا باعتبار، وانفصلتا باعتبار.
(1)
بل حاصل كلام أبي عبيد منعُ "لات" حيث قال فيما نقله عنه المؤلف وسيأتي قريبًا (منها: أنا لا نجد في شيء من كلام العرب "ولات" إنما المعروف "ولا" فيبتدئ بـ"تحين").
(2)
كذا في (ز 8)، وفي (ص)"الضابط العالي"، وفي (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1)"العال الضابط".
(3)
يعني أبا عبيد.
(4)
ليس في كلامهم إنكارهم ذلك بل قصاراه ما قال أبو عمرو الداني في المقنع صـ 76: (وقد رد ما حكاه أبو عبيد غير واحد من علمائنا إذ عدموا وجود ذلك كذلك في شيء من المصاحف القديمة وغيرها، قال لنا محمد بن علي: قال لنا ابن الأنباري: كذلك هو في المصاحف الجدد والعتق بقطع التاء من حين وقال نصير: اتفقت المصاحف على كتاب {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} بالتاء يعني منفصلة) وليس هذا إنكارهم ما ثبت في كلام العرب فليس الحديث هنا-أي في علم الرسم-في ثبوت ذلك في كلام العرب أو عدمه-وإن كان القرطبي وغيره قد أسهب في ذلك عند هذه الآية-إنما الحديث في رسمه هكذا أو عدمه فحين عدموا وجود ذلك كذلك في شيء من المصاحف الجدد والعتق استدلوا بهذا العدم المطبَقِ عليه على توهيم الناقل وردِّ روايته لا إنكارًا لرواية العالي الضابط بإطلاق بل في عين هذه المسألة لمَّا قام عندهم ما يوجب ذلك، ولهذا نظائر كثيرة عند رواة الحديث ويسمى عندهم الشاذ.
(5)
بل الذي أنكر ذلك هو أبو عبيد حيث قال: (منها: أنا لا نجد في شيء من كلام العرب "ولات" إنما المعروف "ولا" فيبتدئ بـ"تحين") وعليه فهذا الوجه ليس وجها للإنكار عليهم بل للإنكار على أبي عبيد.
وفي شرح السخاوي: (قد ذكر أبو عبيد في كتاب "القراءات" له لذلك حجة ودليلًا فإنه قال: اختلف القراء في الوقف على هذا الحرف؛ فقال بعضهم: يقف على {وَلَاتَ} ثم يبتدئ فيقول: {حِينَ مَنَاصٍ} على خطِّ الكتاب اليوم، قال: والذي عندنا فيه أن هذه حجةٌ لولا عدة حججٍ ترُدُّها: منها: أنا لا نجد في شيء من كلام العرب "ولات" إنما المعروف "ولا" فيبتدئ بـ"تحين".
والحجةُ الثانيةُ: أن تفسير ابن عباس يشهد لها وذلك أنه قال: "ليس حين نَزْوٍ
(1)
وفرار"
(2)
وقد علم أنَّ "ليس" هي أخت "لا" و "لا" بمعناها
(3)
.
والثالثة: أن هذه التاء إنما وجدناها تلحق مع "حين" ومع الآن
(4)
ومع أوان فيقال: كان هذا تحين كان ذاك، تَأَوَانَ ذلك ويقال: اذهب تَلْآنَ واصنع كذا وكذا، وقد وجدنا ذلك في أشعارهم وكلامهم؛ فمن ذلك قول أبي وَجْزَة
(5)
السعدي من سعد بن بكر
(6)
:
(1)
قال في اللسان 15/ 319: (هو الوثبان
…
وخص بعضهم به والوثب إلى وفوق .. يقال نزا ينزو نَزْوَاً وَنَزَاءًا وُنُزُوَّاً وَنَزَوَانًا).
(2)
في الأصل ترَوّ والتصويب من تفسير ابن جرير عند تفسير قوله تعالى: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} في سورة [ص: 3] وقال القرطبي 15/ 145: (فأما إسرائيل فروى عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس: "ولات حين مناص" قال: ليس بحين نَزْوٍ ولا فرار) وهو كذلك في الوسيلة.
(3)
محصل استدلاله بكلام ابن عباس أنه جعل "ليس" من كلامه مكان "لا" فدلَّ ذلك عنده على أن "حين" من كلام ابن عباس مكان "تحين".
(4)
كذا في (بر 1) و (ز 8) و (ز 4) و (س) و (ل)، وفي (ص)"ومع اللات".
(5)
كأنها في (ق)"وجزة"، وفي (بر 1) و (ز 4) و (س) و (ل) و (ص) و (بر 3) و (ف)"وجرة"، وفي (ز 8)"وحبرة".
(6)
يزيد بن عبيد أبو وجزة السعدي المدني، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، روى الحروف عنه محمد بن يحيى بن قيس ومحمد بن إسحاق، توفي سنة 130. اهـ من الغاية 2/ 382 ترجمة (3878).
العاطفون تحين ما من عاطف
…
والمطعمون زمان أين المطعم
(1)
وأما إدخالهم التاء مع أوان قول أبي زيد
(2)
الطائي:
طلبوا صلحنا ولا تأوان
…
فأجبنا أن ليس حين بقاء
(3)
ومن إدخالهم التاء في "الآن" حديث ابن عمر وقد سأله رجل عن عثمان بن عفان فذكر له مناقبه ثم قال "اذهب بهذه تالآن إلى أصحابك"
(4)
وكذلك قول الشاعر:
نَوِّلِي قبل نأي دارِي جُمَانا
…
وصِلِينا كما زعمتِ تلآنا
(5)
(1)
ذكره ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث 1/ 196 مادة (تلآن)، وهو من شواهد كافية ابن الحاجب، وأنشده السمين الحلبي في الدر المصون برقم 383، وخزانة الأدب 4/ 175
(2)
كذا في (ز 4) و (ز 8)، وفي (بر 1) و (ل) و (س) و (ص)"يزيد" والصواب ما أثبته وفاقا للسان وفي الوسيلة زُبَيْد.
(3)
عزاه القرطبي في تفسيره: (15/ 147) لأبي زُبَيْد الطائِي وعزاه ابن منظور في اللسان (13/ 40) لأبي زيد، وانظر: إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري (1/ 294)، والبحر المحيط (7/ 384)، وهو أبو زُبَيْد حرملة بن المنذر بن معدي كرب الطائي، شاعر معمر، عاش في الجاهلية والإسلام إلى نحو سنة 62، كان من نصارى طيئ ثم أسلم بعد زمن النبوة، وأورده الجمحي في الطبقة الخامسة من طبقاته، انظر: طبقات الجمحي، والأعلام (2/ 174).
(4)
الحديث رواه البخاري ك: المناقب باب: مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي (3698) وك: المغازي باب: قول الله تعالى إن الذين تولوا منكم يوم التقى (4066). والترمذي ك: المناقب عن رسول الله باب: في مناقب عثمان بن عفان (3706). وأحمد ك: مسند المكثرين من الصحابة مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب (5738 و 5975) وقال القرطبي 15/ 149: (وأما احتجاجه بحديث ابن عمر؛ لما ذكر للرجل مناقب عثمان فقال له: اذهب بها تالآن إلى أصاحبك فلا حجة فيه لأن المحدث إنما يروي هذا على المعنى. والدليل على هذا أن مجاهدا يروي عن ابن عمر هذا الحديث وقال فيه: اذهب فاجهد جهدك. ورواه آخر: اذهب بها الآن معك).
(5)
في الأصل: (تولى قتل يوم بني جمانا)، والصواب ما أثبتّهُ من تفسير القرطبي 15/ 147، وسماه محققه جميل بن معمر، ولم أجد البيت في النسخة التي بين يدي من ديوان جميل بن معمر (جميل بثينة) وقال القرطبي 15/ 149: (قال أبو جعفر النحاس:
…
وأما البيت الثالث فبيتٌ مولَّدٌ لا يعرف قائله ولا تصح به حجة. على أن محمد بن يزيد رواه: كما زعمتِ الآن، وقال غيره: المعنى كما زعمتِ أنت الآن. فأسقط الهمزة من أنت والنون)، وعجز هذا البيت مذكور في النهاية في غريب الحديث وهو لأبي وجزة، مادة (تلآن)(1/ 196).
قال: ثم إني مع هذا كله تعمدت النظر إليه في الذي يقال له إنه الإمام مصحفِ عثمان فوجدت التاء متصلة مع حين قد كتب تحين
(1)
، قال: والوقف عندي على هذا الحرف "ولا"؛ من غير تاء ثم يبتدئ فيقول: "تحين مناص")
(2)
والله سبحانه أعلم.
(1)
قال القرطبي 15/ 149: (وأما احتجاجه بأنه وجدها في الإمام "تحين"؛ فلا حجة فيه؛ لأن معنى الإمام أنه إمام المصاحف فإن كان مخالفًا لها فليس بإمام لها؛ وفي المصاحف كلها "ولات" فلو لم يكن في هذا إلا هذا الاحتجاج لكان مقنعًا).
(2)
الوسيلة صـ 438 - 440 وقال القرطبي 15/ 145: (وتكلم النحويون في "ولاتحين" وفي الوقف عليه، وكثَّر فيه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب القراءات وكل ما جاء به -إلا يسيرًا- مردودٌ).
باب هاء التأنيث التي كتبت تاء
261 - ودونَكَ الهاءَ للتأنيثِ قد رُسِمَت
…
تاءً لتقضيَ منْ أنفاسِها الوَطَرا
هذا توطئة لتاء التأنيث؛ أي: رسمها، "ودونكَ"؛ اسم فعل بمعنى خذ والْزَم، و"الهاءَ"؛ مفعولُه، و"للتأنيثِ"؛ صفةُ "الهاءَ"؛ أي: الكائنةَ للتأنيثِ، و"رُسِمَت"؛ فعلٌ مجهولٌ أقيم أول مفعولَيه مقامَ الفاعلِ، و"تاءً"؛ ثاني مفعولَي "رُسِمت"، وجملة "قد رُسِمَت" في موضع الحال، "لتقضيَ"؛ منصوبٌ بأن مقدرة؛ أي: لتؤدي؛ "الوطرا"؛ المطلوب؛ مفعولُ "لتقضي" و"من أنفاسها"؛ متعلق به؛ أي: من أحوالها النفسية.
262 - فابْدَأ مُضافاتِهَا لِظاهِرٍ تُرَعا
…
وَثَنِّ في مفرداتٍ سَلْسَلًا خَضِرا
أي: فابتدئ بقراءة مضافات المؤنثة "لِظاهِرٍ" أي: إلى ظاهر؛ متعلقٌ بقوله "مضافاتها"، وذلك لأن المضافَ من تاء التأنيث إلى المضمر لا خلاف في كتابته بالتاء ولا يتصور فيه غير ذلك، "تُرَعا"؛ بضم التاء وفتح الراء؛ جمعُ تُرْعة؛ وهي العَتَبَة أو الروضة
(1)
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (منبري على ترعة من ترع الجنة)
(2)
؛ أي: حال تَنَوُّعِها، "وَثَنِّ"؛ فعل أمر آخر، "في مفرداتٍ"؛
(1)
قال في اللسان 8/ 32: (والترعة: الدرجة وقيل الروضة على المكان المرتفع خاصَّةَ، فإذا كانت في المكان المطمئن فهي روضة).
(2)
أخرجه أحمد (8504 و 8961) من طريقين عن أَبِي سلمة عن أَبي هريرة مرفوعًا به، قال الألباني في الصحيحة رقم 2363: وأحد إسنادي أحمد صحيح على شرط الشيخين)، ومن طريق حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أَبيه عن أبي هريرة به برقم (9078 و 10525)،
قال الألباني: (وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم) وأخرجه أيضًا عن سهل برقم (22334، 22367) وزاد فقلت له: ما التُّرْعَةُ يا أبا العباس قال: الباب، (وسنده صحيح على شرط الشيخين) وأخرجه أيضًا عن جابر بن عبدالله برقم (14765) وعن عبدالله بن زيد برقم (16023).
أي: لقراءة مفردات و"السلسل"؛ الماءُ المتصلُ بعضهُ ببعض؛ ومنه يقال: شيء مسلسل، أو السَّلسَل السهل العذب؛ ومنه ماء سَلْسَل إذا كانَ سهل الدخول في الحلْق لعذوبته، و"الخَضِر"؛ بفتح فكسر؛ الغصنُ الحسنُ، وألفُه للإطلاق و"سَلسَلًا خَضِرا"؛ مفعولا قوله:"ثَنِّ"؛ أي: مشبهًا سَلسَلًا خَضِرا وفي الحديث: «إن الدنيا حلوة خضرة»
(1)
وفي بعض الروايات: خصرة
(2)
؛ أي: باردة.
وحاصل البيتين: خذ ذكرَ هاءِ التأنيث المرسومة في المصاحف تاءً لتصل من حُسْن ضبطِها إلى مطلوبك من الوقف وابدأ بقراءة ما نظمْتُه أولًا وهي الأسماء المؤنثةُ المضافةُ إلى الأسماء الظاهرةِ المتفَقِ على توحيدها ثم انتَقِلْ إلى ما نظمتُها ثانيًا وهي المؤنثةُ المفردةُ والمضافةُ المختلفُ في توحيدها وجمعِها؛ فبقوله: الهاء للتأنيث خرج عنه التاء المتصلة بالفعل والتي في الأسماء المتفق على جمعها وخرج بقوله مضافاتِها لِظاهِرٍ المضافُ إلى المضمر؛ فإن هذه الثلاثةَ مرسومةٌ بالتاء مطلقًا، ونبَّهَ بقوله تُرَعا على اختلاف الأسماء المؤنثة في الأحوال الواردة.
(1)
رواه مسلم ك: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء (2742)، وأحمد في مسند الأنصار، حديث خولة بنت قيس (26515)، والترمذي ك: الفتن عن رسول الله، باب: ما جاء ما أخبر النبي أصحابه بما هو كائن
…
(2191).
(2)
لم أجد هذه الرواية في شيء من كتب السُّنة.
باب المضافات
إلى الأسماء الظاهرة والمفردات
263 - في هودَ والرومِ والأعرافِ والبقرةْ
…
ومريمٍ رَحْمَتُ وزُخْرُفٍ سُوَرا
(1)
منع "هودَ" من الصرف على أحد وجهي
(2)
نحو هند
(3)
، وبقية الخمسة مجروراتٌ عطفًا على قوله: هود، وأسكن "البقرة" للوزن أو على نية الوقف، وفي نسخة نُشرا؛ أي: رسْم تاء" رَحْمَتُ " نُشِر؛ أي: شاع وذاع في جميع المصاحف، ففيه تنبيه على الاتفاق، ويروى سُبِرا؛ أي: خُبِرَ، و"في هود" متعلَّقُهُ، وألفه للإطلاق.
264 - معًا و نِعْمَتَ في لقمان والبقرةْ
…
والطورِ والنحلِ في ثلاثة أَخِرا
(4)
بفتح الهمزة وكسر الخاءِ؛ حالٌ؛ أي: وقعت متأخرة؛ من قولهم: جاء أَخِرا؛ أي: أخيرًا، وبهذا القيد خرج الأول من النحل [آية: 18] وهو قوله تعالى:
(1)
المقنع صـ 77.
(2)
كذا جميع النسخ التسع، إلا في (بر 3)"وجهين".
(3)
والمنع أحق؛ كما قال في الخلاصة: وجهان في العادم تذكيرًا سبق وعجمةً كهندَ والمنع أحق
قال ابن عقيل في شرحه: (فإن لم يكن ـ أي: العَلَم المؤنث بالتعليق بكونه عَلَمَ أنثى ـ كذلك؛ بأن كان ساكن الوسط وليس أعجميًّا ولا منقولًا من مذكر ففيه وجهان: المنع والصرف، والمنع أولى، فنقول هذه هندُ ورأيت هندَ ومررت بهندَ) وإنما منع هودَ من الصرف على أحد وجهي نحوِ هند لكونه، علمًا، لمؤنث -وهي السورة-، ثلاثيا، ساكن الوسط، ليس أعجميًّا.
(4)
المقنع صـ 77 و 78.
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ} فإنه متفق الهاء، وقوله:"معًا" تأكيد لموضعي الزخرف؛ وهو حال؛ أي: خذ موضعي الزخرف مجتمعين، و"في ثلاثةٍ" مُتَعَلَّقُ خذها مقدرًا، و"نِعْمَت"؛ على تقدير ورسْم تاءِ نِعْمَت إن قدر مصدرًا فـ "في لقمان" خبره، وإن قدر ماضيًا فمتعلَّقُهُ
(1)
و"البقرة والطور والنحل" جُرَّ بالعطف، والبقرة كالبقرة الأولى
(2)
واندرج في إطلاق البقرة أول موضعها [آية: 211] وهو قوله تعالى: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ} والحال أن المراد به {نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ} [البقرة: 231] وفي نسخة:
معًا و نِعْمَتَ في لقمان والبقرة
…
ثانٍ وطور
(3)
ونحل ثلِّث الأخرا
فيرتفع بها إشكال الإجمال، والمراد بـ نِعْمَت التي في لقمان {فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ} [آية: 31]، وأما أول موضعي لقمان وهو قوله:{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً} [آية: 20]؛ فعند المُذَكِّرِ لا تأنيث فيه، وعند المُؤَنِّثِ أخرجه قيد الإضافة
(4)
.
(1)
أي: إن قدِّر "رسْمُ" مصدرًا فـ في لقمان خبره وإن قدِّر "رُسِمَ" ماضيًا فمُتَعَلَّقُه.
(2)
كذا في (ص)، وفي بقية النسخ "البقرة كالبقرة" من غير إضافة "الأولى"، يعني القول في سبب تسكينها كالقول في البقرة الأولى:(وأسْكَن البقرةْ للوزن أو على نية الوقف).
(3)
كذا في (ص) و (ل) و (ز 4)(ز 8) و (بر 1)، وفي (س)"وطول".
(4)
يعني: عند المُذَكِّرِ، وهو من قرأ:(نِعَمَهُ) لا تأنيث، أي: لا هاء تأنيث فيه، وهذا باب هاء التأنيث التي كتبت تاء، وعند المؤنِّث، وهو من قرأ:(نِعمةً)، أخرجه من أن يكون مرادًا بالبيت قيدُ الإضافة؛ لأن المذكورةَ في البيت مضافةٌ، وأولُ موضعي لقمان منونةٌ وهذا باب المضافات إلى الأسماء الظاهرة والمفردات.
265 - وفاطرٍ معها الثاني بمائدة
…
والآخران بإبراهيم إذ حُزِرا
(1)
"فاطرٍ"، عطف على لقمان، والموضع "الثاني" الحاصل "بالمائدة""مع" التي في "فاطرٍ" أو مع الخمسة، والموضعان الأخيران الكائنان بإبراهيم عطف على الثاني، وبقيد "الثاني" خرج عنه طرفاه
(2)
، وقيَّد موضع إبراهيم بالأخيرين فخرج عنه الأول
(3)
، وأشار بقوله "إذ حُزِرا" إلى أنهما الثابتان في المصاحف بالتاء وإذ تعليلية و"حُزِرا" بحاءٍ مهملةٍ مضمومةٍ وكسرِ زايٍ بعدها راءٌ، وألفه للإطلاق؛ أي: علم.
266 - وآل عمرانَ و امْرَأَتٌ بها ومعًا
…
بيوسفٍ واهد تحت النمل مُؤتَجِرا
(4)
"وآل عمران"؛ عطف على فاطرٍ؛ أي: وفي آل عمران، وقوله:"بها"؛ أي: بـ آل عمران، "بيوسفٍ"؛ عطفٌ على الضمير المجرور في قوله:"بها"؛ ومن ثم أعاد الجار
(5)
، وصرف "يوسف" للضرورة، "واهد"؛ معناه عرِّف؛ و"تحت النمل"؛ أي: في سورةٍ تحت النمل وهي في القصص [آية: 9]{امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} و"مُؤتَجِرا"؛ حال من الفاعل من ايتجر؛ أي: طلب الأجر.
(1)
المقنع صـ 77 و 78.
(2)
مراده بطرفيه موضع المائدة الأول وهو قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 7] وموضع المائدة الثالث وهو قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 20].
(3)
وهو قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [إبراهيم: 6].
(4)
المقنع صـ 78.
(5)
كذا في (ز 4) و (ز 8) و (س)، وفي (بر 1) و (ص) و (ل)"الجر".
267 - معْها ثلاث لدى التحريم سُنَّتُ في الـ
…
أنفال مع فاطرٍ ثلاثُها أُخَرَا
(1)
أي: "ثلاث" كلماتٍ من لفظ امْرَأَت "لدى" سورة "التحريم""مع" الكلمات المتقدمة، والضابطةُ: أن كل امْرَأَت مع زوجها فهي ممدودة، رسم {سُنَّتُ} "في الأنفال" الكائنة "مع" سورة "فاطر"، وقوله:"ثلاثُها"؛ أي: ثلاث مواضعِ فاطر بدل كل من فاطر، و"أُخَرا"؛ بضمٍّ ففتحٍ؛ جمع أخرى؛ تأنيث الآخر؛ والألف للإطلاق، وفي نسخة: آخِرا؛ بمد الهمزة وكسر ما بعدها؛ وهو بيان لمحالِّها وليسا قيدين؛ للعدم
(2)
.
268 - وغافرٍ آخِرًا وفِطْرَتٌ شَجَرَتْ
…
لدى الدخان بَقِيَّتْ مَعْصِيَتْ ذُكِرَا
(3)
أي: مع "غافرٍ"؛ عطفٌ على فاطرٍ، "آخِرًا"؛ حالٌ من فاعل "جاء" مقدَّرًا؛ والمراد به آخر السورة، ورسم {فِطْرَتَ} بالتاء، وهي لا توجد إلا في الروم [آية: 30]، و {شَجَرَتَ} عطف على {فِطْرَتَ} ، وبقيد "لدى الدُّخانِ" خرجت المضافةُ في غيرها
(4)
والمقطوعةُ بقيد الباب
(5)
، ورسم تاء {بَقِيَّتُ} [هود: 86] و {وَمَعْصِيَتِ}
(6)
، "ذكرا"؛ أي: رسما، أو ذكرا في كتب الرسم،
(1)
المقنع صـ 78.
(2)
أي: بيان لمحالِّها وهو آخر فاطر وليس قوله أُخَرا؛ كما في نسخةٍ أو آخِرا كما في نسخةٍ أخرى قيدين، لعدم غيرها ــ أي: غير هذه الثلاثة المذكورة ــ في سورة فاطر أصلا؛ إذ لم ترد هذه اللفظة إلا في آية (43).
(3)
المقنع صـ 78 و 80 و 81 و 82.
(4)
أي: في غير الدخان.
(5)
أي: وخرجت المقطوعة عن الإضافة بقيد الباب؛ لأنه باب المضافات إلى الأسماء الظاهرة والمفردات.
(6)
وردت في موضعين من سورة المجادلة هما قوله تعالى: {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} [المجادلة: 8] وقوله تعالى: {فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} [المجادلة: 9].
وقال السخاوي: (ألف ذكرا للتثنية إشارة إلى تكرار مَعْصِيَتِ في الموضعين)
(1)
، وأطلق بَقِيَّتُ اعتمادًا على ترجمة الباب
(2)
لأن المزاحم غير مضاف
(3)
، وأطلق مَعْصِيَت لتعينها
(4)
، وفي نسخة: قُرَّت بدل فِطرت، والظاهر أنه تصحيف.
269 - معًا و قُرَّتُ عَيْنٍ وابْنَتٌ كَلِمَتْ
…
في وسْطِ أعرافها وَجَنَّتُ البُصَرا
(5)
"معًا" قيد "مَعْصِيَتْ"، أي: موضعين؛ فهو متصل بـ ذكِرَا؛ قاله السخاوي
(6)
و {قُرَّتُ عَيْنٍ} [القصص: 9] أخرج {قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74 والسجدة: 17]، ورسمت {ابْنَتَ عِمْرَانَ} بالتحريم [آية: 12]، وهي في موضع واحد، و {كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} في الأعراف [آية: 137] بالتاء فالمصاحف العراقية اتفقت على رسمه بالتاء، ورَسَمه الغازي بالهاء
(7)
وهذا يقتضي إثبات الخلاف، والمصنف اعتمد على الأول فهو نقص من الأصل ولعله عنده ضعيف، ولهذا لم يلتفت إليه الشيخ الجزري في مقدمته أيضًا
(8)
، ورسم
(1)
انظر: الوسيلة صـ 449 بتقديم وتأخير لا يضر.
(2)
لأنها تكشف أن المراد إنما هو المضاف فقط لا ما قطع عن الإضافة إذ هو باب المضافات.
(3)
المزاحم هو قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ} [هود: 116] وهو غير مضاف فهو خارج بترجمة الباب ولم يرد هذا اللفظ في القرآن في غير هذين الموضعين.
(4)
إذ لا وجود لها بهذا اللفظ في كتاب الله إلا في هذين الموضعين من سورة المجادلة فلا حاجة للقيد والعجيب أن الداني رحمه الله قال في المقنع صـ 80: (قال -أي: ابن الأنباري- وكل ما في كتاب الله من ذكر المعصية فهو بالهاء إلا حرفين في المجادلة .. ) وذكرهما، وجلَّ من لا يضل ولا ينسى.
(5)
المقنع صـ 79 و 80 و 81 و 82.
(6)
الوسيلة صـ 450.
(7)
المقنع صـ 79.
(8)
حيث قال صـ 380 ـ ضمن مجموع "إتحاف البررة بالمتون العشرة": جازمًا:
وكلمت
أوسط الأعراف ............................. إلخ.
{وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 89] المضاف إلى "البُصَرا"؛ جمع بصير؛ ذي بصارة، أي: وجَنَّت أولي العلم والمعرفة الذين تميزوها من غيرها، وقيّد عينها بقوله:
270 - لدى إذا وقعَت والنورُ لَعْنَتَ قل
…
فيها وقبلُ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ ابتُدِرا
(1)
قوله "لدى"؛ صفة جَنَّت، و"النورُ" مبتدأ؛ أي: سورة النور [آية: 7] رُسِمَ فيها تاء {لَعْنَتَ} "وقبلُ" النور؛ قُطِعَ عنه الإضافةُ فهو مبنيٌّ، ظرف "ابتُدِرا"؛ وهو مجهولُ ابْتَدَر؛ بمعنى سارِعْ، والمعنى "قل" تاء {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ} [آل عمران: 61] "قبل" النور سورعت في رسمها بالتاء، فسائر هاءات التأنيث المضافة مرسومة بالهاء.
وحاصل أبيات هذا الباب: أنه رسم في كل المصاحف {رَحْمَتَ اللَّهِ} و {رَحْمَتِ رَبِّكَ} بالتاء في سبعة مواضع: {يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} بالبقرة [آية: 218]{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ} بالأعراف [آية: 56] و {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ} بهود [آية: 73] و {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ} بمريم [آية: 2]{إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} بالروم [آية: 50]{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ} كلاهما بالزخرف [آية: 32]، وما عدا السبعة بالهاء مضافة أو غير مضافةٍ نحو:{لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]{هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف: 98]
(2)
.
(1)
المقنع صـ 80.
(2)
قال في المقنع: (حدثنا محمد بن أحمد قال حدثنا محمد بن القاسم النحوي قال: وكل ما في كتاب الله عز وجل من ذكر الرحمة فهو بالهاء يعني في الرسم إلا سبعة أحرف: في البقرة [آية: 218]{أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} وفي الأعراف [آية: 56]{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} وفي هود [آية: 73]{رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ} وفي مريم [آية: 2]{ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ} وفي الروم [آية: 50]{إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} وفي الزخرف [آية: 32]{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} وفيها
{وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} وقد ورد لفظ الرحمة في القرآن (79) مرة رُسم جميعها هاءً حملًا على الوقف، ورسم سبعة مواضع تاء مجرورة على الأصل.
واتفقت على رسم نِعْمَت بالتاء أحد عشر موضعًا: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ} بالبقرة [آية: 231]{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ} بآل عمران [آية: 103]{اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} ثاني المائدة [آية: 11]{بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ} كلاهما بإبراهيم [آية: 28 و 34]{وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ} {وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ} كلها في النحل [آية: 72 و 83 و 114]{فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ} بلقمان [آية: 31]{اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} بفاطر [آية: 3]{فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ} بالطور [آية: 29]، وعلى رسمها هاءً في غيرها {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ} أول المائدة [آية: 7] {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ} أول إبراهيم [آية: 6]{وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي} بالصافات [آية: 57]{مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} في نون [آية: 2]، وأما {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} [الشعراء: 22] فأخرجها قيد الإضافة.
واتفقت أيضًا على تاء {امْرَأَتُ} في سبعة مواضع: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} بآل عمران [آية: 35]{امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ} ، {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ} وكلاهما بيوسف [آية: 30 و 51] {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} بالقصص [آية: 9] و {امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} و {امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} ثلاثتها بالتحريم [آية: 10 و 11]، وعلى هاءِ غير هذه السبعة نحو:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} [النساء: 128]{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً} [الأحزاب: 50].
واتفقت على تاء سُنَّت في خمسة مواضع: {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ} بالأنفال [آية: 38]{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} ثلاثتها في فاطر [آية: 43]{سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} آخر غافر [آية: 85]، وعلى هاء ما سواها {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا} [الإسراء: 77] {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا} [الأحزاب: 38 و 62]{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ} [الفتح: 23].
واتفقت أيضًا على تاء {فِطْرَتَ اللَّهِ} التي بالروم [آية: 30] وليس غيرها.
واتفقت أيضًا على تاء {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ} بالدخان [آية: 43]، وعلى هاء ما عداها نحو:{أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} {إِنَّهَا شَجَرَةٌ} بالصافات [آية: 62 و 64]{مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ} [النور: 35]{فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ} [القصص: 30].
واتفقت أيضًا على {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ} بهود [آية: 86]، وعلى هاء البقية وهي {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى} بالبقرة [آية: 248].
واتفقت أيضًا على تاء {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} بالقصص [آية: 9]، وعلى هاء ما سواها نحو:{قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا} [الفرقان: 74] و {مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً} [السجدة: 17].
واتفقت أيضًا على تاء {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ} بالتحريم [آية: 12] وليس غيرها.
واتفقت أيضًا على تاء {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} بالأعراف [آية: 137]، وعلى هاء غيرها من متفِق التوحيد نحو: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ
كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التوبة: 40]{مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} [إبراهيم: 24]{وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}
(1)
.
واتفقت أيضًا على تاء {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 89]، وعلى هاء غيرها نحو:{مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} بالشعراء [آية: 85] و {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 15]{فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 41].
واتفقت أيضًا على تاء لَعْنَتَ بموضعين: {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ} بآل عمران [آية: 61] و {أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ} بالنور [آية: 7]، وعلى هاء ما سواهما {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ} [الأعراف: 44] {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرعد: 25].
(1)
وردت في القرآن مرارا أولها: [يونس: 19].
باب المفردات والمضافات
المختلف في جمعها
المفردات في مقابلة المضافات، والمختَلف صفة المفردات والمضافات
271 - وَهَاك من مفردٍ ومن إضافة ما
…
في جَمعِه اختلفوا وليس منكدِرا
"هاك"؛ اسم فعل بمعنى خذ، و"ما في جمعه" موصولة بصلته؛ مفعولُه؛ أي: الزم اللفظ المختلف في جمعه الناشئ "من مفردٍ" وإضافة، وفي نسخةٍ؛ في مفردٍ وفي إضافة، والمعنى خذ اللفظ الذي "اختلف" الرسَّام "في جَمعِه" وليس هذا الحكم "منكدِرا"؛ من انكدر النجم؛ انقضَّ؛ وانكدرت النجوم: انتثرت.
والمعنى: خذ ما رسم بالتاء من هاءات التأنيث الداخلةِ على الأسماء المفردةِ والمضافةِ المختلَفِ في توحيد بعضِ كلٍّ منها وجمعِه، وليس ذكري لها على سرعةٍ تدهشك ولا انبثاث يتعبك بل على رفق يؤنسك.
272 - في يوسفٍ آيَتٌ معًا غَيَابَتِ قل
…
في العنكبوت عليه آيَتٌ أُثِرا
(1)
يتزن البيت بتنوينِ "يوسفٍ" وإشباع ضمير "عليهِ"، و"معًا" حال " غَيَابَتِ "؛ أي: رُسِمَ هاء "آيَتٌ" بالتاء فيها و" غَيَابَتِ " في الموضعين منها، وألف "أُثرا" للإطلاق؛ أي: نُقل وذكر.
(1)
المقنع صـ 81.
273 - جِمَالَتٌ بَيِّنَاتٍ فاطرٍ ثَمَرَتْ
…
فِي الْغُرْفَتِ اللَّاتَ هَيْهَاتَ العِذابُ صِرَا
(1)
أي: رسم تاء {جِمَالَتٌ} [المرسلات: 33] وأطلقه لتوحيده،
(2)
وأضيف {بَيِّنَاتٍ} إلى "فاطر" وقيَّده بها للتعدد
(3)
وأسْكن "ثَمَرَتْ"[فصلت: 47] للوقف، وأطلقه أيضًا لتوحده في أنه قرئ بالإفراد والجمع
(4)
، وكذلك {فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} في سبأ [آية: 37]
(5)
، وأما {اللَّاتَ} [النجم: 19] فالتاء عندهم للتأنيث، مثلها في {مَنَاةَ} [النجم: 20]، ولذا وقف الكسائي عليه بالهاء كما يقف على {مَنَاةَ} وكتبت بالتاء، وأما {هَيْهَاتَ} [المؤمنون: 36] فهي بمنزلة الأصوات ولذلك بُني، ومعناه بَعُدَ، وهاؤُهُ شبيهةٌ بهاء التأنيث، وهو في المصاحف بالتاء المجرورة، والكل مرفوع بحرف عطف مقدر، و"فِي" من التنزيل
(6)
، ولو قال: والغُرفة لصح
(7)
، و"العِذابُ" جمع عذبة كصعبة
(1)
المقنع صـ 81 و 82.
(2)
أي: لكونه لم يرد في القرآن إلا في هذا الموضع.
(3)
أي: لتكَرُّر وروده في القرآن.
(4)
قال في النشر 2/ 367: (فقرأ ابن كثير والبصريان وحمزة والكسائي وخلف وأبو بكر بغير ألف على التوحيد، وقرأ الباقون بالألف على الجمع) وقد ورد هذا اللفظ في القرآن 16 مرة؛ أجمع العشرة على قراءتها بصيغة الجمع، ومرة واحدةً قرئ بالوجهين وهو هذا، ومرة واحدةً أجمع العشرة على قراءته بالإفراد، وهو قوله تعالى:{كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ} [البقرة: 25].
(5)
أي: القول في: {فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} كالقول في: {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} في أن الناظم أطلقه لتوحده في أنه قرئ بالإفراد والجمع، قال في النشر 2/ 351:(واختلفوا في: الْغُرُفَاتِ فقرأ حمزة "في الغرفة" بإسكان الراء من غير ألف على التوحيد، وقرأ الباقون بضمها مع الألف على الجمع)، وقد ورد هذا اللفظ في القرآن مرتين؛ قرئ في إحداهما بالإفراد والجمع، وهو هذا، والأخرى أجمع العشرة على قراءته بالإفراد، وهو قوله تعالى:{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان: 75].
(6)
يعني أن لفظ " فِي " الوارد في البيت هو جزء من الآية {فِي الْغُرْفَتِ} .
(7)
ليصبح البيت:
جِمَالَتٌ بَيِّنَاتٍ فاطرٍ ثَمَرَتْ والْغُرْفَتِ اللَّاتَ هَيْهَاتَ العِذابُ صِرَا
وقوله: "لصح" أي: لصحَّ عروضيًا فلم ينكسر.
وصعاب؛ صفةٌ لجمعٍ، و"صرا" بالفتح والكسر نُصِب على التمييز؛ وهو الماء المجتمع المستنقع
(1)
.
274 - في غافرٍ كَلِمَاتُ الخلفُ فيه وفيْ الثْـ
…
ـثاني بيونس هاءً بالعراق يُرى
(2)
منع "يونس" عن الصرف للعلمية والعجمة، بخلاف "غافر" ولو أريد به السورة لمُنِع
(3)
، و"يُرى"؛ بصيغة المجهول؛ يعنى "يُرى""الخلفُ" في مصاحف أهل "العراق" في "هاء"{كَلِمَاتُ} الواقعةِ في "غافرٍ" وفي "ثاني يونس"، والمعتمد أنهما بالتاء، كما يدل عليه قوله:
275 - والتاءُ شامٍ مَدِيْنيٌّ وأسْقَطهُ
…
نُصَيْرُهمْ وابن الَانباري فَجُد نَظَرا
(4)
أي "تاءُ" ثاني يونس مذهب "شامي ومدني"، وخفَّفَ ياء "شامي" تخفيفًا
(5)
، و"نُصَيْرُهُم"؛ فاعل "أسقطه"؛ أي: وأسقط ثاني يونس نصيرُ الرُّسّام، و"ابن الَانباري"؛ عطف على "نصيرهم"، والوَزْن على النقل، وقوله:
(1)
قال في اللسان 14/ 457: (والصَّرى والصِّرى: الماء الذي طال استنقاعه).
(2)
المقنع صـ 79 و 80.
(3)
لقول ابن مالك في الخلاصة:
كذا مؤنث بهاء مطلقا وشرط منع العار كونه ارتقى
فوق الثلاث أو كجُورَ أو سَقَر أو زَيْدٍ اسمَ امرأة لا اسمَ ذكر
فأشار بقوله: (جُورَ) إلى الاسم الثلاثي الأعجمي الساكن الوسط، وأشار بقوله:(سَقَر) إلى الثلاثي المُحَرّك الوسط، وأشار بقوله:(أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر) إلى المنقول من مذكر إلى مؤنث، فإذا أُريد بغافر اسم السورة منع وإن كان لفظه مذكرًا لما ذُكر.
(5)
المقنع صـ 79 و 80.
(6)
أي: لأجل التخفيف.
(4)
المقنع صـ 79 و 80.
(5)
أي: لأجل التخفيف.
"جدُ"؛ بضم الجيم فعل أمر في جاد؛ حَسُن، و"نظرا"؛ تمييزٌ؛ أي: ليَجُدْ نظرُك ولْيَحْسُنْ فكرُك.
276 - وفيهما التاءُ أَوْلَى ثم كلُّهُمُ
…
بالتا بيونسَ في الأُولى ذَكا عَطِرا
(1)
"التاء" الثاني مقصور للوزن؛ أي: وثبوت التاء أحق من الهاء في كلمتي غافر وثاني "يونس"، و"ثم" بمعنى الواو
(2)
و"كلهم" بالإشباع؛ أي: كلُّ الرُّسَّام بالتاء في "يونس""في" الكلمة "الأولى"؛ بدل بعضٍ من يونس، و"ذكَا"؛ شاع، و"عَطِرَا"؛ بفتح فكسر؛ أي: طيبًا حالُ فاعلِه
(3)
؛ أي: انتشر طيبُه وانتشر ريحه لمّا أنه متفق عليه.
(1)
المقنع صـ 79 و 80.
(2)
أي: للترتيب الذكري لا للترتيب الزمني، والمؤلف يكثر إيرادها بهذا المعنى، وهو في غير آية من كتاب الله كقوله تعالى:{ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [الأنعام: 154] بعد قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] مع أن إيتاءَ اللهِ موسى الكتابَ قبل ذلك بقرون، وكقوله تعالى:{ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: 17] بعد قوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 11 - 16] مع أن الإيمان سابق لهذه الأعمال، فهي فيهما للترتيب الذكري لا للترتيب الزمني ومنه قول الشاعر:
سألت ربيعة من خيرها أبًا ثم أمًّا فقالوا: لمه
أي: أبا وأمًّا، وقول الآخر:
إن من ساد ثم ساد أبوه ثم ساد قبل ذلك جده
أي: ساد وساد أبوه وجده.
(3)
أي: حالُ فاعلِ ذكَا، أي: شاع رسم كلِّ الرُّسَّام الكلمةَ الأُولى في يونس بالتاء حال كونِه عَطِرًا طيبًا؛ لأنه متفق عليه.
277 - والتّا في الانعام عَنْ كلٍّ ولا ألفٌ
…
فيهن والتاءُ في مَرْضَاتَ قدْ حُبِرا
(1)
بضم الحاء وكسر الموحدة؛ أي: حسُن، وفي نسخة بالمعجمة
(2)
؛ أي: عُلم؛ اصطلاحيٌّ في إرادة العموم عند الإطلاق، و"التاءُ"؛ مبتدأ، وقُصِر ضرورةً، و"في الأنعام" متعلَّقُ الخبر، والوزن بالنقل، وخبره "عن كلٍّ"؛ أي: جميع الرُّسَّام؛ فالتنوين عوضٌ عن المضاف إليه، "ولا ألفٌ" في الكلمات الأربعة، (وكرَّرَ حذفَ الألفِ تبعًا للأصلِ
(3)
، لأنه تقدم في قوله
(4)
: وكل جمعٍ كثيرِ الدورِ كالكلمات
(5)
وقوله
(6)
: "اتفقوا على حذف الألف في الجمع المذكر السالم والمؤنث)، هكذا قاله الجعبري
(7)
ويمكن أن يقال: لا تكرار لأن ما سبق في الجمع المتفق عليه وهنا اختُلف في جمعية الأربعة وتوحيدها.
278 - و ذَاتِ معْ يَاأَبَتْ وَلَاتَ حِينَ وقلْ
…
بِالها مَنَاةَ نُصَيرٌ عنهمُ نَصَرا
(8)
عطف على مرضاة؛ أي: وفي " ذَاتِ " الكائن "معْ يَاأَبَتِ "، وسكَّن للضرورة. "و ذَاتِ " في مواضع:{ذَاتِ الشَّوْكَةِ} [الأنفال: 7] و {ذَاتَ بَهْجَةٍ} [النمل: 60] و {ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 3] و {ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7]
(1)
المقنع صـ 79 و 80 و 81.
(2)
أي: خُبِرَ بالخاء المعجمة.
(3)
قال في المقنع صـ 79 بعد أن ذكر آية الأنعام (115) وآيتي يونس (33 و 96) وآية غافر (6) ما نصُّه: (فإني وجدت الحرف الثانيَ من يونس في مصاحف أهل العراق بالهاء، وما عداه بالتاء من غير ألف).
(4)
أي: وإنما عددناه تكرارًا لأنه تقدم في قوله
…
إلخ
(5)
البيت رقم 150.
(6)
أي قول الداني في المقنع صـ 81 و 89.
(7)
انظر الجميلة صـ 366.
(8)
المقنع صـ 81 و 89.
و {ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: 1] و
(1)
{ذَاتِ الْوَقُودِ} [البروج: 5] و {ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق: 11]{ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق: 12]، والكل مكتوب بالتاء ولذا أطلقه، وكذا " يَاأَبَتِ " حيث وقع بالتاء، ومعْ {لَاتَ حِينَ} [ص: 3]، "وقل بِالها" رسمُ "مَنَاةَ نُصَيرٌ عنهم؛ بالإشباع؛ أي: عن النَّقَلَة، "نَصَرا"؛ بألف الإطلاق؛ أي: نَصَر رسْمَه بالهاء.
واعلم أن قوله: {وَلَاتَ حِينَ} تفريع على غير الإمام كما سبق عليه الكلام
(2)
، و {مَنَاةَ} حقه أن يكتب بالواو والهاء كما قال في المقنع
(3)
، والمصنف ذكر الواو في بابه
(4)
والهاء هنا.
وحاصل هذا الباب من أوله إلى آخره أن المصاحف اتفقت على رسم: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7] و {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ} في العنكبوت [آية: 50] بالتاء، وعلى هاء غيرهما من متفق التوحيد نحو:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106]{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: 50]{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ} [يس: 37].
واتفقت أيضًا على تاء: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: 10] و {وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: 15].
واتفقت أيضًا على تاء: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} بالمرسلات [آية: 33].
(1)
سقطت ورقة كاملة تقريبًا من (ص) من {ذَاتِ الْوَقُودِ} إلى {ذَاتَ لَهَبٍ} ، سقطت أكثر من ورقة من (ل) من قوله "نصير عنهم بالإشباع" إلى قوله في نهاية شرح البيت "فالأربعة".
(2)
لأن تاءها متصلة بالحاء على ما رآه أبو عبيدٍ في الإمام وتقدم الكلام عليه في شرح البيت 260.
(3)
المقنع صـ 89.
(4)
في البيت (222) في باب رسم الألف واوًا.
واتفقت أيضًا على تاء: {فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ} بفاطر [آية: 40] وعلى هاء غيره نحو: {كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} [البقرة: 211] و {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} [الأنعام: 57]{مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4].
واتفقت أيضًا على تاء: {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} بفصلت [آية: 47]
(1)
، وعلى هاء الموحدة سواها نحو:{كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ} بالبقرة [آية: 25]، وعلى تاء المجموعة نحو:{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ} [النحل: 67].
واتفقت أيضًا على تاء: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} بسبأ [آية: 37]، وعلى هاء {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً} [البقرة: 249] و {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} [الفرقان: 75].
واتفقت أيضًا على تاء: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} بالنجم [آية: 19].
واتفقت على تاء: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} في موضعي المؤمنين [آية: 36].
واتفقت أيضًا على تاء: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} بالأنعام [آية: 115] و {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا} أول يونس [آية: 33] واختلف في: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} ثاني يونس [آية: 96]؛ فرسم بالهاء في المصاحف العراقية وبالتاء في الحجازية والشامية، وفي غافر [آية: 6] {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} ؛ ففي أكثر المصاحف بالتاء وفي أقلها بالهاء.
(1)
وهو الموضع الوحيد الذي قرئ بالإفراد والجمع كما قال المؤلف: (وأطلقه أيضًا لتوحده في أنه قرئ بالإفراد والجمع).
واتفقت على حذف الألف في الأربعة
(1)
، وعلى هاء متفقة التوحيد وتاء متفقة الجمع نحو:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37]{قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109].
واتفقت على تاء مرضات كيف جاء نحو: {مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207]{تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1].
واتفقت أيضًا على تاء ذات حيث وقعت {ذَاتِ الشَّوْكَةِ} و {ذَاتَ بَهْجَةٍ} و {ذَاتِ الْبُرُوجِ} و {ذَاتَ لَهَبٍ} .
واتفقت أيضًا على تاء يَاأَبَتِ أين وقع نحو: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ} [يوسف: 4]{وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ} [يوسف: 100]{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ} بمريم [آية: 42].
واتفقت أيضًا على تاء: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] وقال نُصَير: اتفقت أيضًا على هاء {مَنَاةَ} بالنجم [آية: 20]
(2)
.
هذا؛ وقوله: جِمَالَتٌ أطلقه لتوحده
(3)
، فذِكْرُ
(4)
السورةِ؛ كما في المقنع
(5)
،
(1)
كذا في (ز 8)، أما في (ز 4) و (بر 1) و (س) "على حذف الألف في الأربعة
…
"، أما (ص) و (ل) فسقط من المخطوط.
(2)
المقنع صـ 89 باب ما اتفقت على رسمه مصاحف الأمصار.
(3)
أي: لكونه لم يرد في القرآن إلا في هذا الموضع.
(4)
كذا في (ص) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)، وكذا في (س) إلا أنه مكتوب بخط صغير تحت قول الشارح "فذكر""مبتدأ" تحت هذه الكلمة ولعل فهمها عسير ولذا وضحها بذلك.
(5)
أي: إنما ذكرت السورة في قولي المتقدم قريبًا: (واتفقت أيضًا على تاء {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} بالمرسلات) على الرغم من كون الناظم أطلقه لتوحده وعدم حاجته إلى قيد؛ اقتداءً بالمقنع صـ 81 فإنه ذكر السورة؛ وعليه فـ (ذِكْرُ السورة) مبتدأ (كما في المقنع) خبره.
وقيّد بَيِّنَتٍ بفاطر للتعدد
(1)
، وأخرج المقنع نظيرَ ثَمَرَاتٍ فصّلت بتعيين سورته
(2)
، وأطلقه الناظم في قوله: ثَمَرَاتٍ اعتمادًا على ترجمة الباب: "المختلف في جمعها" فخرج متفق التوحيد والجمع
(3)
، ومضى حذف ألفه في نقله
(4)
، وقوله: الغُرُفَاتِ تقدَّم
(5)
حذف ألفه
(6)
وعرفه الأصل بسورته
(7)
، والناظم بـ فِى؛ فخرج العاري عنها
(8)
، وأطلقا {اللَّاتَ} لتعيينه
(9)
، ولو قال الناظم: هَيْهَات معًا؛ لنص على الموضعين، وكأنه اكتفى بالإطلاق الشامل لهما، وأشار بـ"العِذاب صرَا"؛ إلى حسن التاء في المذكورات، ونقل عن "نصير"{كَلِمَتُ رَبِّكَ} بالتاء ثلاثة؛ الأنعام وأول يونس والمؤمن
(10)
، ونقل عن "ابن الأنباري" أن الكلمة المرسومة بالتاء ثلاثة: الأعراف وأول يونس
(1)
أي: لتكرر وروده في القرآن.
(2)
المقنع صـ 81.
(3)
أي: فخرج بعبارة "المختلف في جمعها" التي هي جزء من ترجمة الباب متفق التوحيد والجمع. وقد ورد متفق الجمع في القرآن 15 مرة، ومتفق الإفراد مرة واحدة، وهو قوله تعالى:{كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ} [البقرة: 25]، وقرئ بالوجهين مرة واحدة وهو موضع فصلت هذا لا غير.
(4)
في قوله في البيت رقم (109)(والحذف في ثمرات نافعٌ شَهَرا).
(5)
كذا في (بر 3) و (ف)، وفي (ص) و (س) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8) و (ق)"بعدم".
(6)
في شرح البيت (66) حيث حكى (إجماعهم على تعميم حذف الألف من جمع المؤنث السالم جميعه) وشرح البيت (69) حيث قال عن "كلمات": (وهو داخل في عموم حذف ألف جمع المؤنث السالم سواء كان مضافًا إلى ضمير أم لا) ونحوه في شرح البيت (80) و (88).
(7)
المقنع صـ 81.
(8)
وهو قوله تعالى {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ} [الفرقان: 75] لا غير؛ إذ لم ترد في القرآن في غير هذين الموضعين.
(9)
حيث لم يرد في القرآن إلا في سورة النجم.
(10)
قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115] و {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا} [يونس: 33] و {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [غافر: 6] وهو في المقنع صـ 79.
والمؤمن
(1)
. قلت: اتفقا على الكمية وعلى إخراج ثاني يونس، واختلفا في تعيين الأول؛ فقال ذا
(2)
: الأعراف وذاك
(3)
: الأنعام، وكلٌّ مصيبٌ؛ لكن الأنعام أنسبُ بالخلاف المشهور، ومن ثمة كان جملتها خمسة
(4)
ومن قال: أربعة؛ أخرج الأعراف لشذوذ خُلفِها وقوله
(5)
: أسقطه نصير وابن الأنباري؛ إياك أن تفهم من إسقاطهما عدم حكم
(6)
، كَلَّا بل أخرجاه من متفق التاء ومختلِفِها ففهم من كلامهما أنه متفق الهاء عندهما؛ ولذا نبهك بقوله: فجُدْ نظرا؛ على فَهْم كلامِه، وحَمْلِهِ على مَرامِه؛ فالأربعة؛ قال في المقنع: بالتاء في المدني، وكذا ما في الأعراف والله سبحانه أعلم.
279 - تمَّت عقيلة أتراب القصائد في
…
أسنى المقاصد للرسم الذي بهرا
العقيلة؛ النفيسة الجيدة الكريمة؛ فالدرة عقيلة البحر، والمرأة الحسناء عقيلة الحيِّ، والعقيلة من الإبل؛ أي: الكريمة
(7)
، و"أتراب"؛ جمع تِرب بكسر أوله؛ أي: لِدَات ومستويات في السن والصفات، ويقال هذه ترب هذه؛ أي: لِدَتُها في سنِّها ومماثلتها، ومنه قوله تعالى:{أَتْرَابٌ} [ص: 52].
وله رضي الله عنه قصائد عديدةٌ فجعل هذه عقيلَتهن لكونها حميدة، والقصائد؛ جمع القصيدة وهي من النظم ما اتحد حروف رَوِيِّه، ويقابله الأرجوزة،
(1)
آية [الأعراف: 137] هي قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} وأما آيتا يونس وغافر فمرَّتا قريبًا وهو في المقنع صـ 79.
(2)
يعني ابن الأنباري.
(3)
يعني نصير.
(4)
وهي موضع الأنعام والأعراف وموضعا يونس وموضع غافر.
(5)
أي: قول الناظم في البيت رقم 275 ...... : أسقطه نصيرهم وابن الأنباري .. إلخ
(6)
كذا في (بر 1) و (ص)، وفي (س) و (ز 4) و (ز 8)"حكمه".
(7)
ذكر هذه المعاني في اللسان 11/ 463 مادة "عقل".
والمقاصد؛ جمع المقصد بمعنى المطلب، والأسنى؛ أفعلُ تفضيلٍ معناه الأعْلى والأغلى؛ وفضلها على نظائِرها من المنظوم في المرسوم كالمصباح وغيره؛ لا على قصائده كحرز
(1)
الأماني ووجه التهاني، وفي نسخة صحيحة للنظم بدل الرسم؛ وهو الكلام الموزون المُقَفَّى، والجارُّ متعلق بـ تمت، وألف بهرا للإطلاق؛ أي: غلب وظهر، قال السخاوي:(ولعمري إنه لَكَما قال؛ فإنه أبدع فيها ولا يعلم ذلك حقيقة إلا من أحاط علمًا بكتاب "المقنع" فإنه حينئذ يَعْلَم كيف نَظَم ما تفرق فيه، فرب كلمة اجتمعت مع أخرى وكان بينهما في "المقنع" مسافةٌ بعيدةٌ، ثم ما زاده فيها من الفوائد، وغرائب الإعراب وغير ذلك)
(2)
من الموائد.
280 - تسعون مع مائتين مع ثمانية
…
أبياتها ينتظمن الدُّرَّ و الدِّرَرا
يقال: انتظمه بالرمح شَكَّهُ به فكأن أبيات هذه القصيدة كالخيط الذي ينتظم "الدُّر" بضم الدال وتشديد الراء؛ واحده الدُّرَّة، وهي اللؤلؤة الكبيرة، و"الدِّرر"؛ بكسرٍ ففتحٍ؛ مفرده: الدِّرة بالكسر؛ وهو نقطةُ المطرِ، وقطرةُ اللبنِ، وألف "الدِّرر" للإطلاق.
281 - وما لها غير عونِ الله فاخرةً
…
وحمدِه أبدًا وشكرِهِ ذِكَرا
أي: وما للعقيلة "غيرُ" إعانة الله وتوفيقه ناظمَها في حال فخرها، وكذا "مالها غير" حمد ناظمِها دائمًا سرمدًا "وشكره" لله على هذه النعمة وغيرها، أو "وما" لناظمِها "غيرُ" حمد الله وما له غير "شكرِهِ"، و"ذِكَرا"، بكسر
(1)
كذا في (بر 3)، وسائر النسخ التسع "كالحرز".
(2)
الوسيلة صـ 464.
أوله وفتح ثانيه؛ جمع ذكرى؛ أي: متنوعًا، قال السخاوي:(وهو حال من شكره والعامل في الحال الجارُّ والمجرور)
(1)
.
282 - ترجو بأرجاء رحماه ونعمتِه
…
ونشرِ أفضالِه وجودِه وَزَرَا
"الأرجاء" جمع الرجى مقصورًا وهو الجانب، "والرُّحمى"؛ بضمِّ أوله؛ مصدرٌ كالرُّجْعى، "والوَزَر"؛ الملجأ؛ ومنه قوله تعالى:{كَلَّا لَا وَزَرَ} [القيامة: 11]، وهو مفعول "ترجو"؛ أي: ترجو القصيدة وتطمع في "وَزَرٍ"، يكون مخلصة عن كل وِزْرٍ، متمسكا بأذيالِ رَحْمَتِه، وأشكال نعمته، "ونشر أفضاله وجوده" وكرمه وجوده
(2)
.
283 - ما شان شأنَ مرامِيْها مُسَدَّدةً
…
فِقدانُ ناظمِها في عصره عَصَرا
"ما"؛ نافية؛ و"شان" الأول؛ فعلٌ ماض من الشَّيْن ضدِّ الزَّين، و"شأن" الثاني مهموز ويُبْدَلُ؛ الخَطْب والأمر؛ وهو مفعول مَقَدَّمٌ، و"مراميها"؛ بفتح الميم الأولى وكسر الثانية؛ السهام في الأصل؛ أي: مقاصدها، وَ"فِقْدان"؛ بكسر الفاء؛ مصدرٌ مضافٌ إلى فاعله، و"عَصَرا"؛ بفتح الصاد؛ أي: ملجأ؛ وهو مفعولُ المصدرِ، وبين "ما شان وشأن وعصرِه وعَصَرا" تجنيسٌ؛ أي: ما عاب فَقدُ ناسخِ رقمِها مَنْ شَدَّ إزاره به من الناس في وقته حسنَ مباديها ومقاطِعِها في حال سلامتها من العيوب؛ بل كان ذلك منوِّهًا بحسنِها حيث برزت من واحد لا مساعد له برزت على أقرانها فيما وضعت له.
(1)
الوسيلة صـ 465.
(2)
كذا في (ز 4) و (بر 1) و (ص) و (س) و (ل)، وفي (ز 8) بغير هذه الكلمة.
والمعنى: ما عاب خَطْبَ "مراميها" ومقاصدها في حال سدادها عدَمُ ناظمِها ما يلتجئ إليه في نظامها، فكأنه يقول: ما ضره زهدُ الناس فيه وقلةُ احتفالهم به وإقبالُهم عليه، وهذا إخبار عن أول حلوله بمصرَ حيث دخلها غريبًا لا أتباع معه، وكأنه امتُحن في أول وصوله وبقي كذلك إلى أن انتشر علمه واشتهر نظمُه.
284 - غريبة ما لها
(1)
مرآة مَنْبهَةٍ
…
فلا
(2)
يَلُمْ ناظرٌ من بدرِها سِرَرا
أي: العقيلة "غريبة"، وهو لناظمها في المعنى، والمرآة الغريبة
(3)
مَثَلٌ في صقالتها لاحتياجها إليها، و"مرآة مَنْبهَةٍ"؛ بفتح الموحدةِ وكسرها؛ أي: مَنْبَهةٍ ومُنقية
(4)
والإضافة على حدِّ "ثوبُ خَزٍّ"، "فلا يلُم" بضم اللام، مضارع لامَ لومًا وملامةً، جُزِمَ بـ"لا
(5)
الناهية"، وحذفت واوُه لالتقاء الساكنين، و"ناظرٌ"؛ فاعله، وناظمَها المقدرَ؛ مفعوله، و"سِررا"؛ بفتحتين وبكسر أوله
(6)
؛ آخر ليلة من الشهر، ويطلق على الخطوط التي تكون في الوجه من الغصون
(7)
يعني
(8)
: إن رأى ناظرٌ في بدرها سِررا هنالك، فلا يلم ناظمها على
(1)
كذا في (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8) وفي (ص)"غريبة وهو ما لها"، وفي (س)"غريبته ما لها" والصواب ما أثبته.
(2)
كذا في (س) و (ل) و (ز 4) و (ز 8) و (بر 1)، وفي (ص) "فلم" مع أنه في شرحها قال: فلا، والصواب ما أثبته.
(3)
كذا، ولعل صوابه (ومرآة الغريبة) لما سيذكره بعد أسطرٍ من كلام السخاوي.
(4)
كذا في (بر 1) و (ز 8) و (ص) و (س) و (ل)، وفي (ز 4) كأنها "منقية" أيضًا.
(5)
كذا في (س) و (ل) و (ز 4) و (ز 8) و (بر 1)، وفي (ص) بلام.
(6)
بفتحتين: أي: على السين والراء، (سَرَرا)، وبكسر أوله (سِرَرا) قال في اللسان 4/ 357: والسَّرر والسِّرر والسَّرار والسِّرار كله الليل التي يستسر فيها القمر)، وقد كتب في نسخة النمسا على قوله (بفتحتين): أي: الراءين، وعلى قوله (وبكسر أوله) أي: السين؛ وهو غلطٌ، صوابه ما ذكرت من أن قوله:(بفتحتين) أي: على السين والراء.
(7)
قال في اللسان 4/ 359: (والسُّر والسِّر والسِّرر والسِّرار، كله خط بطن الكف والوجه والجبهة).
(8)
كذا في (ص) و (ل) و (ز 4) و (ز 8) و (بر 1)، وفي (س) سقطت كلمة "يعني".
ذلك، ويطلق على الكمأة من طين وقشر
(1)
، فالمعنى: إن رأيتَ على بدرها الكاملِ في النورِ المبينِ، مثلَ ما تراه على الكمأة من القشر والطين، فلا تلم ناظمها في مقام اليقين.
والمعنى: أن هذه القصيدة غريبة وليست لها مرآة تُنَبِّهُها على عيب تُصلِحُه، يعني أنه
(2)
كان في حال نظمِها غريبًا، وليس لها
(3)
مرآة؛ أي: لا يجد معينًا بكُتُبٍ يطالعها وإنما اعتمد على حفظه في نظمها، قال السخاوي: (وأصل هذا الكلام أن المرأة إذا كانت بين أهلها كان لها منهم من يُصلِحها ويُزيِّنها فهي لا تحتاج إلى المرآة، وإذا كانت المرأة غريبةً عدِمت ذلك فهي تعتمد على المرآة وحدها فما رأته أصلحته منها فتكون مرآتها صقيلة أبدًا لاعتمادها على النظر فيها فصارت مرآةُ الغريبةِ مثلا مضروبًا لكل شيء صقيل نقيٍّ، قال الشاعر:
ووجهٌ كمرآة الغريبة أسْجَحُ
(4)
.......... ..........................
ومعنى أسجح؛ معتدل حسن)
(5)
، ومحل الكلام، في مقام المرام، أن ناظمها ما كان له أهلٌ يعينونه على تحسينها، وإماطة شَينها، وإقامة تزيينها، ولا ما يقوم مقامهم في التنبيه على ذلك بالآلة المقابلة، والحالة المجاملة
(6)
، فلا تلم يا قارئَها أو سامعَها؛ ناظمَها وجامعَها، على نقصٍ تتوهمه في كمالها من فواتِ قيدٍ، أو ترتيبٍ، أو جزالةٍ، أو تهذيبٍ، أو تفريعٍ في مقالها؛ لقيام عذره
(1)
قال في اللسان 4/ 361: (وسرير الكمأة وسِررها بالكسر ما عليها من التراب والقشور والطين. قال ابن شميل:
…
وليس للكمأة عروق ولكن لها أسرار).
(2)
كذا في (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)، وفي (ص)"أن".
(3)
كذا كل النسخ التسع، ولعل صوابه "له".
(4)
البيت لذي الرمة وهو في ديوانه صـ 68 وصدره: لها أُذُنٌ حشرٌ وذِفْرى أسيلة .... وهو في مقاييس اللغة 3/ 133، ومجمل اللغة 3/ 119.
(5)
انظر الوسيلة صـ 467.
(6)
كذا في (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)، وفي (ص)"المحاملة".
فيها، وهي أيضًا محتاجة إلى صفحٍ في نُقَّاد جوهرها
(1)
مجيبين عن أسولتها
(2)
، وحكي أن كتبه غرقت فدخل مصر فنظمها من حفظه ولم يطالع عليها كتبًا لينسخها بالنقول عنها.
285 - فقيرةٌ حينَ لَمْ تُغْنَى مطالَعَةً
…
إلى طلائع لِلإِغْضاءِ مُعْتذرا
أي: العقيلة "فقيرةٌ"، ومُحتاجةٌ كبيرةٌ
(3)
، "حين"؛ ظرفُ "فقيرةٌ، لم تُغنى"؛ مضارعُ غَنِيَ على رواية الفتح
(4)
، وعلى رواية الضم؛ من أغناه
(5)
، وأثبت الألف مع الجزم حملًا على الصحيح في إيلائه الحركة
(6)
، وضميره للعقيلة، و"مطالعةً"؛ مفعوله، و"إلى طلائع"؛ متعلِّقُ قوله:"فقيرةٌ"؛ جمع طليعة وهي السَّريَّة
(7)
، والمنع عن الصرف الجمع
(8)
و"للإِغْضاء"؛ أي:
(1)
كذا سائر النسخ، ولعل صوابه من نقاد.
(2)
كذا في (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ص)، وفي (ز 8)"أسولها".
(3)
كذا في (بر 1) و (ص) و (س) و (ل)، وفي (ز 4) و (ز 8)"كثيرة".
(4)
أي: فتح التاء من تغنى.
(5)
وعليه فهي على رواية الفتح لازمةٌ أي: لم تغتن هي بالمطالعة، وعلى رواية الضم متعدِّية؛ أي: لم يُغْنِها هو بالمطالعة.
(6)
وقد قال المؤلف في شرح البيت رقم 10: (إثبات الألف في المجزوم لغة إذا كان آخره حرف علة، وقد ثبت بها قراءةٌ) وهي لغة على إهمال "لم" حملًا على لا النافية. قال ابن مالك في الكافية الشافية 3/ 1561: وشذ رفعٌ بعد لم
…
وقال في شرحه لهذا البيت 3/ 1574: (ثم بينت أن "لم" قد تهمل فيليها الفعل مرفوعًا كقول الشاعر:
لولا فوارس من نُعمٍ وأُسرتهم يوم الصُّلَيفَاءلم يوفون بالجار)
والمراد بالشذوذ في البيت قلة الاستعمال. قال ابن بونة في احمراره على ألفية ابن مالك:
وقل فصل لا ولم وأهملا حملا على لا لم
…
واستشهد بالبيت السابق. الاحمرار صـ 289 و 290 وسبق مزيد شواهد من القرآن والشعر في تعليقي على قوله هذا في شرح البيت 10.
(7)
كذا في (ز 8)، وفي (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ص):"السريعة".
(8)
كذا في الأصل ولعل صوابه: (والمانع عن الصرف الجمع) أو (والمنع عن الصرف للجمع).
لأجل إغضائها عنها، و"معتذرا"؛ حال الفاعل المجرور.
286 - كالوصل بين صِلات المحسنين بها
…
ظنا وكالهُجْرِ بين المُهجِرِين سَرى
"الصِّلات"؛ جمع صلة وهي العطية والوصلة، و"الهُجر"؛ بالضم معناه القطع
(1)
، و"المهجرين"؛ اسم فاعل من أهجر، و"سرى"؛ أي: سار ليلًا، ونال نيلًا
(2)
.
والمعنى: أن العقيلةَ حسناءُ عند المعتقدين فيها، كحسنِ
(3)
الوصلِ الناشئِ من تواردِ المتحابين، وسَوْآءُ
(4)
عند المقبِّحين القولَ عنها كوحْشةِ القطْعِ
(5)
الساري من المتباغضين، فكن أجود الفريقين كما قيل:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
…
ولكنَّ عينَ السخط تبدي المساويا
(6)
287 - من عابَ عيبًا له عذرٌ فلا وَزرٌ
…
ينجيه من عَزَماتِ اللوْم مُتَّئِرا
"مَنْ"؛ شرطية، و"عيبًا"؛ مفعول به؛ أي: ذا عيب، لذلك العيب "عذرٌ" في وقوعه، "فلا وَزَرٌ"؛ جواب الشرط؛ أي: فلا ملجأ، "ينجيه"؛ أي: يخلص
(1)
بل معناه (القبيح من الكلام) كما قال في اللسان 5/ 253 والهَجْرُ الذي معناه القطع هو ما كان بالفتح كما قال في اللسان 5/ 250 (الهَجْرُ ضد الوصل).
(2)
انظر: اللسان 14/ 381 وزيادة "ونال نيلًا" أظنها من حرصه رحمه الله على السجع وإلاّ فالذي يظهر لي أن السرى هو السير ليلًا ولو باء مسراه بالفشل والغرم لا بالغنم والنَّيْل إذ لم أجد لاشتراط النيل ذكرًا في تعريفهم، والله أعلم.
(3)
كذا في (ز 8) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ص)، وفي (س)"الحسن".
(4)
قال في اللسان 1/ 96: (ورجل أسوأ: قبيح، والأنثى سوآء: قبيحة
…
والسوأة السوآء؛ الخَلة القبيحة، وكل كلمةٍ قبيحةٍ أو فعلةٍ قبيحةٍ فهي سوآء).
(5)
بل كوحْشَة القبيح من الكلام. كما نبَّهتُ عليه في تعليقي على تعريفه للهُجْر.
(6)
عزاه للإمام الشافعي رحمه الله جامعُ ديوانه محمد عفيف الزعبي صـ 91.
العائب "من عَزَماتِ" الملامة وجزمات الشآمة؛ "مُتَّئِرا"؛ اسم فاعل من اتَّأر؛ أخذ ثأره؛ وأصله اثتأر من باب افتعل، لكن أدغمت الثاء في التاء.
والمعنى: (أن العذر يمنع اللوم فإذا لمت معذورًا فأنت الملوم المعيب ومن تعيبه متمكن بوضوح عذره من طلب الثأر منك)
(1)
أو بصفح ذيل الكرم والإعراض عنك فإنه من مكارم الأخلاق.
288 - وإنما هي أعمالٌ بِنِيَّتِها
…
خذ ما صَفا واحتملْ بالعَفوِ مَا كَدَرا
"كَدَر"؛ مثلثةُ الدال كفرِح وكرُم ونصَر
(2)
؛ كدَرًا وكُدُورةً وتكدُّرًا؛ نقيضُ صَفا، ثم ضمير "هي" للقصة
(3)
؛ أي: (إنما الأعمال بالنية)
(4)
كما ورد في السنة النبوية، ونيَّتي أن ينفع الله بهذه القصيدة السَّنِيَّة، فما رأيتَ فيها صافيًا نافعًا فخذه، وما رأيته من كَدَرٍ فاصفح عنه.
289 - إن لا تُقَذِّي فلا تُقْذي مشاربها
…
لا تُنْزِرَنَّ نَزورًا أو ترى غُزُرا
"إن"؛ شرطية، و"لا"؛ نافية، "تُقَذِّي"؛ بتشديد الذال المعجمة؛ مضارع قذَّاه؛ أي: أزال القذى؛ وهو ما سقط في العين من الأذى؛ "فلا تُقْذي" جزاء الشرط وهو مضارع أقذى؛ إذا ألقى فيه القَذَى؛ و"مشاربها"؛ مفعولٌ به؛ بمعنى مواردها، ونَزُرَ كَكرُمَ؛ قلَّ، ونزَّر عطاءه تنزيرا؛ قَلَّله؛ كأَنْزره، والنَّزرُ
(1)
ما بين القوسين من الوسيلة صـ 469
(2)
كذا في (س) و (ل) و (ز 4) و (بر 1) و (ز 8)، وفي (ص)"كفرح ونصر".
(3)
كما يكون "هو" ضمير الشأن، فكذا "هي" أي: القصة.
(4)
أخرجه بهذا اللفظ البخاري (6689 و 6953)، ومسلم (1907)، والترمذي (1647)، وأحمد في مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
و"النُّزُور"؛ القليل، وضُبط بضم النون وفتحها، و"الغُزُر"؛ بضم الغين المعجمة والزاي؛ جمع غزيرة؛ وهي الكثيرة اللبن.
يقول: إن كنت لا تُخرِج منها القذى، على زعمك أن فيها الأذى؛ فلا تُلقِ ذلك فيها بما تعيبه منها وتذكره من الذم لها، ثم لا تحتقرن قليلة اللبن والخير، حتى ترى الغزيرة التي لا فيها ضير، وأثبت الياء في "لا تُقَذِّي" من الشرط والجزاء بناءً على لغة
(1)
ولو كان يتزن البيت بحذفهما لأن التمام
(2)
في هذا البحر
(3)
أحسن من الزحاف
(4)
في القدر.
(1)
تقدَّمت الإشارة إليها في شرح البيت 285 وقبله في البيت رقم 10 وذكرت شيئًا من شواهدها.
(2)
التمام هو استيفاء البيت جميع تفعيلاته، وقد استوفاها هنا، لكن الذي يظهر من سياق المؤلف رحمه الله أنه يريد به ما يقابل الزحاف مع أن الخبن يدخل في تفعيلتها الأولى لو حذف ياءها ولا يخرج بذلك عن كونه تامًّا، والطيَّ يدخل في تفعيلتها الثالثة وكلٌّ من الخبن والطيِّ من أقسام الزحاف ودخول الزحاف في حواشي البسيط لا يخرجه عن كونه تامًّا.
(3)
أي: الذي منه القصيدة، وهو البسيط وتفعيلته:(مستفعلن فاعلن، مستفعلن فاعلن) مرتان، ويستعمل تامًّا ومجزوءًا فإذا كان تامًّا كان بثمان تفعيلات وإذا كان مجزوءًا كان بست تفعيلات.
(4)
قال الناظم: أما الزحاف فهو تغيير يروم ثواني الأسباب من غير لزوم
فالزحاف: هو تغيير مختص بثواني الأسباب يدخل العروض (وهي التفعيلة الأخيرة في الصدر)، والضروب (وهي التفعيلة الأخيرة في العجز)، والحشو (وهو ما عدا العروض والضرب من التفعيلات)، والأصل فيه عدم اللزوم إلا إذا شابه العلة فإنه يلزم كقبض الطويل وخبن البسيط. وهو نوعان: زحاف مفرد وزحاف مركب. والمفرد ثمانية أقسام:
1.
الخبن: وهو حذف الثاني الساكن مثل فاعلن تصبح فعلن ومستفعلن تصبح متفعلن.
2.
الإضمار: وهو تسكين الثاني المتحرك مثل متفاعلن تصبح متْفاعلن أو مستفعلن.
3.
الوقص: وهو حذف الثاني المتحرك مثل متفاعلن تصبح مفاعلن.
4.
الطي: وهو حذف الرابع الساكن مثل مستفعلن تصبح مستعلن.
5.
القبض: وهو حذف الخامس الساكن مثل فعولن تصبح فعول ومفاعيلن تصبح مفاعلن.
6.
العصب: وهو تسكين الخامس المتحرك مثل مفاعلتن تصبح مفاعلْتن أو مفاعيلن.
7.
العقل: وهو حذف الخامس المتحرك مثل مفاعلتن تصبح مفاعلن.
8.
الكف: وهو حذف السابع الساكن مثل فاعلاتن تصبح فاعلات ومفاعيلن تصبح مفاعيل.
والمركب أربعة أقسام:
1 ـ الخبل: وهو الخبن مع الطي مثل مستفعلن تصبح متعلن ومفعولات تصبح متعلات.
2 ـ الخزل: وهو الإضمار مع الطي مثل متفاعلن تصبح متْفعلن.
3 ـ الشكل: وهو الخبن مع الكف مثل فاعلاتن تصبح فعلات.
4 ـ النقص: وهو العصب مع الكف مثل مفاعلتن تصبح مفاعلْتُ.
ولكل تفعيلة من التفعيلات مقاطع إما من حرفين أو ثلاثة فالمقطع المكون من حرفين سمى سببا فإن تحركا معا سمي سببا ثقيلًا وإن تحرك الأول وسكن الثاني سمي سببا خفيفا وما تكوَّن من ثلاثة أحرف يسمى وتدًا فإن تحرك الأول والثاني وسكن الثالث سمي وتدًا مجموعًا لاجتماع الحركتين وإن تحرك الطرفان وسكن الأوسط سمي وتدًا مفروقًا. وحاصل كلامه رحمه الله: أن الناظم أثبت الياء في لا تقذي من الشرط والجزاء وإن كان البيت يتزن بحذفهما فلا ضرورة شعرية تلجئه لهذا الحذف؛ إنما فعله بناءً على لغةٍ؛ لأن التمام في هذا البحر أحسن من الزحاف؛ لأنه لو حذف ياءها من الشرط لدخل الخبن في تفعيلتها الأولى، ولو حذف ياءها من الجزاء لدخل الطيّ في تفعيلتها الثالثة وكلٌّ من الخبن والطيِّ من أقسام الزحاف.
290 - والله أكرمُ مَأمُولٍ ومعتمدٍ
…
ومستغاثٍ به في كل ما حُذِرا
إيماء إلى قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62].
والمعنى: أن الله سبحانه لا يخيب من رجاه، ويجيب من دعاه، ومن توكل عليه فقد كفاه، في أمور دنياه وأخراه.
291 - يا ملجأ الفُقَرا والأغنياءِ ومَن
…
ألطافُهُ تكشفُ الأسواءَ والضررا
قصر "الفُقَرا" ضرورة، و"الأسواء"؛ جمع سوء؛ وهو ما يسوء المرءَ، فيه إشارة إلى قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15] فالواجب على كل أحد أن يتوجه إلى الله، ويلتجأ إلى ألْطافِ مولاه، ويستغني عمن سواه، فإنه ملجأ الضعفاء و"الفُقَرا"، وملاذ "الأغنياءِ"
والأمراء، ومنجاء
(1)
الرسل والأنبياء.
292 - أنت الكريمُ وغفارُ الذنوبِ ومَن
…
يرجو سواكَ فقد أَوْدَى وقد خسرا
"أودى"؛ بمعنى هلك هلاكا لا يُتَلافى.
والمعنى: أنه أكرم الأكرمين، وخير الغافرين، فهو الكريم بالعطيَّات، في ممر الساعات، والغفّارُ للسيئات، في توالي اللحظات، فالطلب منه عز وكرامة، والرجاء من غيره ذل وندامة، وخسارة في القيامة، وقد قال الله تعالى:{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: 56].
293 - هب لي بجودك ما يرضيك مُتَّبِعًا
…
ومنك مُبْتَغِيًا وفيك مُصْطَبِرا
"مُتَّبِعًا" و"مُبْتَغِيًا" و"مُصْطَبِرا"؛ أحوال مقدرة من الياء المجرورة باللام في قوله: "هب لي بجودك" عليَّ "ما يرضيك" عني حال كوني "مُتَّبِعًا" لطريق الهدى، وتاركا لسبيل الهوى، و"منك" لا من غيرك طالبًا مقام الرضا وفي سبيلك متكلفًا للصبر على المحن والبلاء، في السراء والضراء.
294 - والحمد لله منشورًا بشائِرُهُ
…
مباركًا أولًا ودائمًا أُخُرا
"منشورًا"؛ حال من "الحمد"، أو صفة لمصدر محذوف؛ أي: حمدًا كثيرًا منتشرًا "بشائره"؛ أي: أوائِلُهُ التي تقتضي سرائرَه، حمدًا "مباركًا" واقعًا في أوائل كل أمر، "ودائمًا" في كل حال من خير وشر، و"أُخُرا"؛
(1)
كذا في (ل) و (س) و (ص) و (ز 4)، وفي (بر 1)"منجا" بدون الهمزة، وفي (ز 8) سقطت هذه الجملة "والأمراء ومنجا الرسل والأنبياء".
بضمتين؛ جمع أخير؛ ظرف كأولًا
(1)
.
والمعنى: حمدًا متلاحقًا بأن يموت على حمده سبحانه ويقوم به من قبره، كما قال الله تعالى:{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 52] ويدخل جنة ربه بحمده، كما أخبر الله تعالى حكاية عن أهلها بقوله:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34] و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: 43]{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10].
295 - ثم الصلاة على المختار سيدنا
…
محمدٍ عَلَمِ الهادين والسُّفَرا
"الهادي"؛ اسم فاعل، وجمعه الهاديين
(2)
؛ فاستُثقِلت الكسرة على الياء فحذفت
(3)
فالتقى ساكنان فحذفت الأولى
(4)
، و"السُّفَرا"؛ جمع سفير كالكرماء جمع الكريم، وكونه "عَلم الهادين والسُّفَرا" أنه قدوة الأنبياء عليهم السلام وعمدة الرسل، فإن آدم ومن دونه تحت لوائه يوم القيامة (والصلاة في أول الدعاء وآخره من علامات الإجابة
(5)
لأن الله تعالى يقبلها
(6)
وهو أكرم من
(1)
أي: في الظرفية.
(2)
جميع النسخ التسع (الهادين)؛ والزيادة مني يقتضيها بقية كلامه.
(3)
أي: الكسرة.
(4)
أي: الياء الأولى لالتقاء الساكنين.
(5)
لقوله صلى الله عليه وسلم (كل دعاء محجوب حتى يصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الهيثمي في المجمع عن عليٍّ موقوفًا وقال: (رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات) قال الألباني في السلسلة الصحيحة 5/ 54 برقم (2035): (قلت وهو في حكم المرفوع لأن مثله لا يقال من قبل الرأي كما قال السخاوي، وحكاه عن أئمة الحديث والأصول) وجمع طرقَه الألباني في الموضع المذكور وقال: (وخلاصة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق والشواهد لا ينزل عن مرتبة الحسن إن شاء الله تعالى على أقل الأحوال).
(6)
لا أعلم مستندًا يستثني الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من شرطي قبول العمل إلا ما ذكره ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام 1/ 377 بقوله: (وقال أحمد بن أبي الحواري سمعت أبا سليمان الداراني يقول:
من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي وليسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة، والله أكرم أن يرد ما بينهما) وهو لا يصلح مستندًا في الاستثناء، وإذ الأمر كذلك فهي كغيرها من سائر الأعمال من هذه الحيثية، وأما قول بعضهم:
أعمالنا بين القبول وردها إلا الصلاة على النبي محمد
إلى قوله: أدم الصلاة على النبي محمد فقبولها حتمًا بغير تردد
فلا دليل عليه والذي يظهر لي كلَّ الظهور أنها داخلة في الشرطين كسائر العمل فلو صلى عليه صلى الله عليه وسلم رياءً أو سمعة أو لدنيا يصيبها أو غير ذلك لم تقبل منه، وكذا لو ابتدع صلاة ليس عليها أمره صلى الله عليه وسلم لم تقبل. فالأصح إن شاء الله أن يعلل كونها من علامات الإجابة بالحديث المذكور آنفا لا بهذا التعليل.
أن يستجيبهما ويترك ما بينهما)
(1)
.
296 - تَندى عبيرًا ومسكًا سُحْبُها دِيَمًا
…
تُمْنَى بها للمُنى غاياتُها شُكُرا
نَدِيَ كرضيَ فهو نديٌّ؛ أي: ابتلَّ
(2)
، و"العبير"؛ أخلاط من زعفرانٍ وغيره من الطيب
(3)
، و"الدِّيَم"؛ بكسر ففتح؛ جمع ديمة وهي المطر الدائم
(4)
، وقوله: تُمنَى؛ أي: تقدَّر؛ من مَنى الله كذا؛ قدّره
(5)
، ومنه قول الشاعر
(6)
:
(1)
ما بين القوسين من الوسيلة صـ 475.
(2)
قال في لسان العرب 15/ 315: (ونَدِيَ الشيء؛ إذا ابتل؛ فهو نَدٍ، مثال تعب فهو تعبٌ).
(3)
قال في لسان العرب 4/ 531: (العبير؛ أخلاط من الطيب تجمع بالزعفران وقيل هو الزعفران
…
قال ابن الأثير: العبير نوع من الطيب ذو لون يجمع من أخلاط).
(4)
قال في لسان العرب 12/ 213: (والديمة؛ مطر يكون مع سكون، وقيل يكون خمسة أيام أو ستة، وقيل يومًا وليلة أو أكثر، وقال خالد بن جنبة: الديمة من المطر الذي لا رعد فيه ولا برق تدوم يومها، والجمع دِيَم؛ غُيِّرت الواو في الجمع لتغيُّرها في الواحد، وما زالت السماء دَوْمًا دَوْمًا ودَيْمًا دَيْمًا الياء على المعاقبة أي: دائمة المطر).
(5)
قال في لسان العرب 15/ 292: (المَنى بالياء القَدَر
…
مَنَاهُ الله يَمْنِيه؛ قدَّره، ويقال مَنَى الله لك ما يسرُّك؛ أي: قدر الله لك ما يسرك،
…
والمَنَى والمَنِيَّة، الموت، لأنه قُدِّر علينا وقد منى الله له الموت يَمْنِي ومُنِي له أي: قُدِّر).
(6)
هو أبو قلابة الهذلي، انظر شرح أشعار الهذليين (2/ 713) وصدر البيت:
لا تأمنن وإن أمسيت في حرم ..............................
وأنشده ابن فارس في معجمه (5/ 276) بهذا اللفظ، وكذا السمين الحلبي في درّه، رقم 560، وفي شرح أشعار الهذليين (2/ 713):
ولا تقولن لشيء سوف أفعله حتى تَبَيَّنَ ما يمني لك الماني
قال في لسان العرب 15/ 292: (قال أبو قلابة الهذلي:
ولا تقولن لشيء سوف أفعله حتى تلاقيَ ما يمني لك الماني
وفي التهذيب: حتى تَبيَّن ما يَمني لك الماني؛ أي: ما يُقدر لك القادر، وأورد الجوهري عجز بيت حتى تلاقي ما يَمني لك الماني.
.........
…
حتى تلاقيَ ما يَمني لك المَاني
(1)
و"المُنى"؛ بضم الميم وفتح النون مقصورًا؛ جمع مُنْية؛ وهي ما يتمناه الإنسان ويهواه وغايات المنى؛ أقصاها، والـ "شُكُر"؛ بضمتين؛ جمع شَكور
(2)
، وجَعَل المنى شكرًا مجازًا.
والمعنى: تمطر "سحب" الصلاة عليه "عبيرًا ومسكًا" نازلَينِ لديه، واصلَينِ إليه، في حال كونِها "دائمةً"، متواصلةً لازمةً، وتفضي بتلك الصلوات للمنى "غاياتها" في حال اقتناعها بالكفاية من الرزق لها. فكأنه يقول: اللهم اقض حاجتي متقنعًا بما رزقتني ممتثلًا لما أمرتني.
297 - وتَنثَني فتعمَّ الآل والشيَعَ الْـ
…
ـمهاجرين ومن آوى ومن نَصَرَا
تنثني؛ معناه تعطف يعني الصلوات لأن المصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ينثني فيصلي على آله وأصحابه وأحبابه، وأشياعه وأتباعه وأحزابه؛ فـ"الشيَع"؛ جمع شيعة؛ وهم الأتباع الذين اتبعوه في ملته وهاجروا معه إلى دار هجرته؛ من "المهاجرين" وهم الصحابة الكبار
(3)
، والذين آووا ونصروا من الأنصار، ثم
(1)
كذا في (ز 4) و (بر 1) و (ص) و (س) و (ل)، وفي (ز 8)"المنى".
(2)
انظر لسان العرب 4/ 427 مادة شكر.
(3)
ما حمله على هذا الوصف إلا مراعاة السجع بين "الكبار" و"الأنصار" و"القرار" وإلا فإن هذا الوصف ليس قيدًا في تعريف المهاجرين سواءً قلنا إنه كبر حسيٌّ أي: في العمر أو معنوي أي: في القدر والمكانة حيث قد وجد في الأنصار من هو أكبر سنًّا من كثير من المهاجرين،
ووجد فيهم من هو أكبر قدرًا وفضلًا من كثيرٍ من المهاجرين، وإن كان المهاجرون في الجملة أفضل من الأنصار في الجملة، ومعلوم أن المهاجرين هم الصحابة الذين هاجروا سواءً كانوا كبارًا أم صغارًا إلا أن يكون قوله "الكبار" صفة كاشفة لا مفهوم لها، وعلى ذلك فيكون في التعريف قصور.
من تابعهم من المؤمنين إلى يوم القرار.
298 - تُضاحِك الزَّهرَ مَسرورًا أَسِرَّتُها
…
مُعرَّفًا عَرْفُها الآصالَ والبُكَرَا
لما جعل الصلاة سحبًا استعارةً جعلها "تضاحِك الزَّهر"، وضحكُ "الزهر" تفَتُّحُهُ واهتزازه و"أسِرَّة" الوجه؛ الخطوط التي تكون فيه
(1)
، يقال: بان السرور في وجه الضاحك في أساريره، وأجمل ما يكون الوجه إذا تبين فيه السرور وظهر فيه أسرار النور، ونَصَب "مسرورًا" على الحال؛ وهو على تذكير الجمع؛ ومع ذلك فهو جمع ما لا يعقل
(2)
، ويجوز أن يكون "أسرَّتُها" فاعل "تُضاحِك"، "مسرورًا"؛ حال من "الزَّهر"، وسرور الزَّهر؛ ضَحِكُه، والزهر يوصف بالفرح والسرور والضحك وغير ذلك، بما يناسب من المعاني هنالك، و"معرَّفًا"؛ بصيغة المفعول؛ مطيبًا؛ قال تعالى:{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد: 6] أي: طيَّبَها
(3)
، و"العَرْفُ"؛ بفتح العين؛ الرائحة على الإطلاق، وأراد
(1)
قال في لسان العرب 4/ 359: (السُّر والسِّر والسِّرر والسِّرار؛ كله خط بطن الكف والوجه والجبهة
…
والجمع أَسِرَّةٌ وأسرار، وأسارير: جمع الجمع
…
قال أبو عمرو: الأسارير هي الخطوط التي في الجبهة من التكسر فيها؛ واحدها سِرر).
(2)
أي: على الرغم من كون صاحب الحال وهو الجمع (أَسِرَّتُها) مما يصح فيه التذكير والتأنيث لكونه جمع ما لا يعقل إلا أن تذكير الحال: (مسرورًا) الذي هو وصفٌ في المعنى دل على تذكيره.
(3)
قال في زاد المسير 7/ 398: (قال ابن قتيبة وهو قول أصحاب اللغة
…
طيبها لهم يقال طعام معرّف أي: مطيب
…
ورواه عطاء عن ابن عباس، وأما قول الجمهور منهم مجاهد وقتادة واختاره الفراء وأبو عبيدة فهو: عرفهم منازلهم فيها فلا يستدلون عليها ولا يخطئونها) واقتصر إماما المفسرين الطبري وابن كثير على قول الجمهور، وروى ابن جرير الطبري 26/ 44: بسنده عن أبي سعيد الخدري قال"
…
ثم يؤذن لهم بالدخول في الجنة قال فما كان المؤمن بأدل بمنزله في الدنيا منه بمنزله في الجنة حين يدخلها" وعن قتادة: عرفها لهم أي: منازلهم فيها وعن مجاهد قال: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم وحيث قسم الله لهم لا يخطئون كأنهم سكانها منذ خلقوا
لا يستدلون عليها أحدًا، وعن ابن زيد قال: بلغنا عن غير واحد قال: يدخل أهل الجنةِ الجنةَ ولهم أعرف بمنازلهم فيها من منازلهم في الدنيا التي يختلفون إليها في عمر الدنيا. وذكر بعضَها ابنُ كثير 4/ 175: وزاد قول محمد بن كعب يعرفون بيوتهم إذا دخلوا الجنة كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعة
…
وذكر الحديثَ الصحيحَ بذلك الذي رواه البخاري (2440) من حديث قتادة عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار يتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة والذي نفسي بيده إن أحدكم بمنزله في الجنة أهدى منه بمنزله الذي كان في الدنيا.
بها هنا الريح الطيبة؛ يقال: ما أطيب عَرْفَه، و"الآصالُ"؛ بالمدِّ؛ جمع أصيل؛ وهو العَشِيُّ، و"البُكَرَا"؛ بضمٍّ ففتحٍ؛ جمعُ بُكْرةٍ؛ بضمِّ فسكونٍ؛ وهي الغُدْوة.
والمعنى: أنه صلى عليهم صلاةً طيبةً تامةً جميلةً دائمةً؛ اتصل آخرها بأولها، وأولها بآخرها، لا نهايةَ لبدايتها، ولا غاية لنهايتها، وختم الله لنا بالحسنى، وبلغنا المقام الأسنى، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
فهرس
المصادر
1 -
آداب البحث والمناظرة، مذكرة من وضع فضيلة الشيخ: محمد الأمين الشنقيطي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط 1388.
2 -
إتحاف البررة بالمتون العشرة في القراءات والرسم والآي والتجويد، جمع وترتيب: الشيخ علي محمد الضباع، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر.
3 -
الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، بمصر، ط (4)1398.
4 -
الإحكام في أصول الأحكام، علي بن محمد الآمِدي، تعليق: عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط (2)، 1402.
5 -
أحكام أهل الذمة، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية، حققه وعلق حواشيه: صبحي الصالح، دار العلم للملايين، ط (1)، 1381.
6 -
أحكام القرآن (الجامع لأحكام القرآن)، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، مطبعة دار الكتب المصرية.
7 -
الاحمرار، المختار ابن بونة، حاشية على ألفية ابن مالك، المطبعة الحسينية، مصر، ط (1)، 1327.
8 -
أدب الإملاء والاستملاء، عبد الكريم بن محمد السمعاني، تحقيق: ماكس فايسفايلر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1)، 1401.
9 -
أسد الغابة في معرفة الصحابة، أبو الحسن علي بن محمد بن الأثير الجزري (ت 630)، تحقيق: محمد إبراهيم البنا وآخرين، ط 1390.
10 -
أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة، عمر سليمان الأشقر، دار النفائس، الأردن، ط (2)، 1414.
11 -
الإصابة في تمييز الصحابة، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط (1)، 1328.
12 -
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، محمد بن علي بن محمد الشوكاني، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، توزيع دار الباز للنشر والتوزيع، مكة المكرمة، 1399.
13 -
الاعتصام، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي، تعريف: محمد رشيد رضا، منشئ مجلة المنار، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.
14 -
إعجاز القرآن، القاضي أبو بكر الباقلاني، مطبوع مع كتاب الإتقان للسيوطي، شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط (4)، 1398.
15 -
الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، شمس الدين محمد السخاوي، الناشر: دار الجيل، بيروت.
16 -
اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، تحقيق وتعليق: عبد الكريم بن ناصر العقل، ط (1)، 1404.
17 -
الإقناع في القراءات السبع، أبو جعفر أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري ابن الباذش، تحقيق: عبد المجيد قطامش، كلية الشريعة
والدراسات الإسلامية، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، ط (1)، 1403.
18 -
إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن، أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط (1)، 1399.
19 -
أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي)، ناصر الدين أبو الخير عبد الله بن عمر الشيرازي البيضاوي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
20 -
الأوائل، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري، ط (1)، دار الكتب العلمية، بيروت، 1407 ـ.
21 -
إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله، أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري النحوي. تحقيق: محي الدين عبد الرحمن رمضان، مطبوعات مجمع اللغة العربية، دمشق، 1390.
22 -
البداية والنهاية، الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر، هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ط (1)، 1417.
23 -
البرهان في علوم القرآن، بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط (2)، 1391.
24 -
التاريخ الإسلامي، محمود شاكر، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة 1411.
25 -
تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري (ت: 310)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط (2).
26 -
تاريخ بغداد، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1)، 1417.
27 -
تاريخ القرآن وغرائب رسمه وحكمه، محمد طاهر بن عبد القادر الكردي المكي الخطاط، مطبعة الفتح الوطنية، جدة، 1365.
28 -
تأويلات أهل السنة = تفسير الماتريدي، أبو منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي، تحقيق د. مجدي باسلوم، دار الكتب العلمية ببيروت، لبنان، ط (1)، 1426.
29 -
التبيان في آداب حملة القرآن، أبو زكريا يحيى بن شرف الدين النووي الشافعي، حققه وخرج أحاديثه: عبد القادر الأناؤوط. مكتبة دار البيان، دمشق، ط (1)، 1403.
30 -
تذكرة الحفاظ، أبو عبد الله شمس الدين الذهبي، دار أم القرى، القاهرة.
31 -
التراتيب الإدارية، نظام الحكومة النبوية، عبد الحي الكتاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
32 -
تسهيل المنطق، عبد الكريم بن مراد الأثري، دار مصر للطباعة.
33 -
تسير التحرير، محمد أمين المعروف بأمير بادشاه الحسيني الحنفي الخراساني البخاري المكي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، توزيع دار الباز، مكة المكرمة.
34 -
تفسير البغوي (معالم التنزيل)، محي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي، تحقيق: محمد عبد الله النمر وعثمان جمعة ضميرية وسليمان مسلم الحرش، دار طيبة للنشر والتوزيع، 1409.
35 -
تفسير أبي السعود (إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم)، قاضي القضاة أبي السعود محمد بن محمد العمادي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.
36 -
تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط (3)، 1388.
37 -
تقريب التهذيب، خاتمة الحفاظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، حققه وعلق حواشيه وقدم له: عبد الوهاب عبد اللطيف، دار المعرفة للطباعة والنشر ـ بيروت، لبنان، ط (2)1395.
38 -
تهذيب الكمال، جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي، تحقيق: بشار عود معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (5)، 1413.
39 -
جامع بيان العلم وفضله، أبو عمر يوسف بن عبد البر، تحقيق: أبو الأشبال الزهيري، دار ابن الجوزين، ط (1)، 1414.
40 -
الجامع لأخلاق الراوي والسامع، الخطيب البغدادي، تحقيق: محمد عجاج الخطيب، مؤسسة الرسالة، ط (2)1414.
41 -
الجرح والتعديل، أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط (1)، 1371.
42 -
جميلة أرباب المقاصد بشرح عقيلة أتراب القصائد، برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري، مخطوط أهدانيه الأخ الدكتور: محمد إلياس، وهي نسخة مكتبة الحرم المكي برقم 420، وعدد صفحاتها 382 صفحة، وتاريخ نسخها 798.
43 -
الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني. تحقيق وتعليق: علي بن حسن بن ناصر وعبد العزيز العسكر وحمدان الحمدان دار العاصمة للنشر والتوزيع، ط (1)1414.
44 -
الخلاصة (ألفية ابن مالك)، العلامة محمد بن عبد الله بن مالك الأندلسي، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، ط (2)، 1351.
45 -
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، أحمد بن يوسف السمين الحلبي، تحقيق: أحمد الخراط، دار القلم، دمشق، ط (1)، 1406.
46 -
الدر المنثور في التفسير المأثور، الإمام جلال الدين السيوطي، دار المعرفة، بيروت، لبنان.
47 -
ديوان الحماسة، لأبي تمام حبيب بن أوس الطائي، تحقيق: عبد الله عسيلاني، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1401.
48 -
الرد الوافر، محمد بن عبد الله (أبي بكر) بن محمد ابن أحمد بن مجاهد القيسي، المعروف بابن ناصر الدين، الناشر: المكتب الإسلامي، بيروت، تحقيق: زهير الشاويش، ط (1)، 1393.
49 -
الرسالة، محمد بن إدريس الشافعي (ت 204)، تحقيق وشرح: أحمد شاكر.
50 -
رسم المصحف إحصاء ودراسة، صالح محمد صالح عطية، جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، ليبيا، ط (1).
51 -
رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية، غانم قدوري الحمد، اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري، العراق، ط (1)، 1402.
52 -
رسم المصحف وضبطه بين التوقيف والاصطلاحات الحديثة، تحقيق: شعبان محمد إسماعيل، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، ط (1)، 1419.
53 -
روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، أبو الفضل شهاب الدين محمود الألوسي البغدادي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، توزيع دار الباز للنشر والتوزيع، مكة.
54 -
زاد المسير في علم التفسير، أبو الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي. المكتب الإسلامي، بيروت، ط (3)، 1404.
55 -
زاد المعاد، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي ابن قيم الجوزية، حقق نصوصه وخرّج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ومكتبة المنار الإسلامية، ط (2)، 1401.
56 -
سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، محمد ناصر الدين الألباني، منشورات المكتب الإسلامي.
57 -
سنن الترمذي (الجامع الصحيح)، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، تحقيق وشرح: أحمد شاكر، الناشر المكتبة الإسلامية.
58 -
سنن الدارمي، أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي (ت 255)، طبع بعناية: محمد أحمد دهمان، دار الكتب العلمية، بيروت.
59 -
سنن أبي داود، أبو داود السجستاني، تحقيق: عزت الدعاس وعادل السيد، دار الحديث، ط (1).
60 -
سنن ابن ماجه، أبو عبد الله محمد يزيد القزويني، ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: عيسى البابي الحلبي وشركاه.
61 -
سنن النسائي (المجتبى)، أبو عبد الرحمن بن شعيب النسائي، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط (1)، 1383.
62 -
سير أعلام النبلاء، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (2)، 1402.
63 -
السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية دراسة تحليلية، مهدي رزق الله أحمد، مركز الملك فيصل، الرياض، ط (1)، 1412.
64 -
السيرة النبوية، ابن هشام أبو محمد عبد الملك بن هشام المعافري، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية.
65 -
شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، قاضي القضاة بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي المصري الهمداني، دار الاتحاد العربي للطباعة.
66 -
شرح الكافية الشافية، جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مالك، تحقيق: عبد المنعم أحمد هريدي، جامعة أم القرى، مكة، ط (1)، 1402.
67 -
شرح الكوكب المنير المسمى مختصر التحرير أو المختبر المبتكر شرح المختصر، محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي الحنبلي المعروف بابن النجار، تحقيق: محمد الزحيلي ونزيه حماد جامعة الملك عبد العزيز، مركز البحث العلمي، وإحياء التراث الإسلامي، 1400.
68 -
شعب الإيمان، أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1)، 1410.
69 -
الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي، تحقيق عمر فاروق الطباع. مكتبة المعارف، بيروت، ط (1)، 1414.
70 -
صحيح الجامع الصغير وزيادته، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي ـ بيروت ـ ط (1)، 1406.
71 -
صحيح سنن الترمذي باختصار السند، محمد ناصر الدين الألباني، مكتب التربية العربي بدول الخليج، المكتب الإسلامي، بيروت، ط (1)، 1408.
72 -
صحيح سنن أبي داود، محمد ناصر الدين الألباني، مكتب التربية العربي بدول الخليج، المكتب الإسلامي، بيروت، ط (1)، 1407.
73 -
صحيح سنن ابن ماجه باختصار السند، محمد ناصر الدين الألباني، مكتب التربية العربي بدول الخليج، المكتب الإسلامي، بيروت، ط (1)، 1407.
74 -
صحيح سنن النسائي باختصار السند، محمد ناصر الدين الألباني، مكتب التربية العربي بدول الخليج، المكتب الإسلامي، بيروت، ط (1)، 1407.
75 -
صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج، ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، ط (1).
76 -
صفة الصفوة، جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي، حققه: محمود فاخوري، وخرّج أحاديثه: محمد رواس قلعة جي، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، توزيع دار الباز، مكة، ط (1)، 1399.
77 -
طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، توزيع دار الباز، مكة، ط (2).
78 -
طبقات القراء الكبار، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، تحقيق: أحمد خان، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ط (1)، 1418.
79 -
كتاب العلم، أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي، تحقيق: الشيخ الألباني.
80 -
الغاية في القراءات العشر، أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني، دراسة وتحقيق: محمد غياث الجنباز، دار الشواف للنشر والتوزيع، الرياض، ط (2)، 1411.
81 -
غاية النهاية في طبقات القراء، شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن الجزري، عني بنشره: ج. برجستراسر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (3)، 1402.
82 -
غريب الحديث، أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي، تحقيق ودراسة: سليمان بن إبراهيم العايد، جامعة أم القرى، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، ط (1)، 1405.
83 -
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني،
ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر وتوزيع رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية.
84 -
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، محمد بن علي بن محمد الشوكاني، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط (2)، 1383.
85 -
فضائل الصحابة، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، تحقيق: وصي الله بن محمد عباس. جامعة أم القرى، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (1)، 1403.
86 -
فضائل القرآن، أبو عبيد القاسم بن سلام، تحقيق: وهبي سليمان غاوجي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط (1)، 1411.
87 -
فضيلة الشكر لله على نعمته وما يجب من الشكر للمنعم عليه، أبو بكر محمد بن جعفر السامرائي الخرائطي، تحقيق: محمد مطيع حافظ، دار الفكر، ط (1)، 1402.
88 -
الفهرست، لابن النديم، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، توزيع دار الباز، مكة.
89 -
الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، محمد بن علي الشوكاني، تحقيق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، مطبعة السنة المحمدية، ط (1)، 1380.
90 -
فيض القدير شرح الجامع الصغير، عبد الرؤوف المناوي، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، ط (2)، توزيع دار الباز، مكة، 1391.
91 -
في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، بيروت، ط (5)، 1397.
92 -
القاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (2)، 1407.
93 -
الكامل، أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، تحقيق: محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (2)، 1413.
94 -
الكتاب (كتاب سيبويه)، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، عالم الكتب، ط (3)، 1403.
95 -
كُتَّابُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، ط 2، 1398.
96 -
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري، دار الكتاب العربي بيروت، ط (3)، 1407.
97 -
الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها، أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي، تحقيق: محي الدين رمضان، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (2)، 1401.
98 -
لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، مؤسسة التاريخ العربي، دار إحياء التراث العربي، ط (2)، 1412.
99 -
لسان الميزان، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط (2)، 1390.
100 -
لطائف الإشارات لفنون القراءات، شهاب الدين القسطلاني، تحقيق: عامر السيد عثمان، وعبد الصبور شاهين، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، 1392.
101 -
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن قاسم النجدي، الناشر: الرئاسة العامة لشئون الحرمين الشريفين.
102 -
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها، أبو الفتح عثمان بن جني، تحقيق: علي النجدي ناصف وعبد الحليم النجار وعبد الفتاح شلبي، دار سزكين للطباعة والنشر، ط (2)، 1406.
103 -
المحرر الوجيز، ابن عطية، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان ط (1)، 1422.
104 -
المحكم في نقط المصاحف، أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت 444). تحقيق: عزة حسن، دار الفكر، ط (2)، 1407.
105 -
مختصر الفتح المواهبي في مناقب الإمام الشاطبي، شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني، اختصار وتحقيق: محمد حسن عقيل موسى، الناشر: الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة، ط (1)، 1415.
106 -
مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ابن قيم الجوزية، دار الفكر العربي.
107 -
المدخل، لابن الحاج، دار الحديث، ط 1401.
108 -
المدخل لدراسة القرآن الكريم، محمد محمد أبو شهبة، مكتبة السنة القاهرة، ط (1)، 1412.
109 -
مذكرة الأصول، محمد الأمين بن المختار الجكني الشنقيطي، المكتبة السلفية، المدينة النبوية.
110 -
المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين، د. محمد العروسي عبد القادر، دار حافظ للنشر والتوزيع، ط: الأولى 1410.
111 -
المستدرك على الصحيحين في الحديث، الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم دار الكتب العلمية، توزيع دار الباز للنشر والتوزيع، مكة.
112 -
المسند، الإمام أحمد بن محمد حنبل، شرحه وصنع فهارسه: أحمد شاكر، دار المعارف، بمصر، ط 1377.
113 -
المسودة في أصول الفقه، آل تيمية؛ مجد الدين وشهاب الدين وتقي الدين شيخ الإسلام تقديم: محمد محي الدين عبد الحميد، مطبعة المدني.
114 -
مشكاة المصابيح، محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، ط (2)، 1399.
115 -
كتاب المصاحف، أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط (1)، 1405.
116 -
المصنوع في معرفة الحديث الموضوع، الشيخ علي القاري الهروي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، سوريا، ط (1)، 1389.
117 -
الفقيه المحدث الشيخ علي القاري الهروي، حققه وراجع نصوصه وعلق عليه: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط (1)، 1389.
118 -
المعارف، لابن قتيبة الدينوري، صححه وعلق عليه: محمد إسماعيل عبد الله الصاوي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط (2)، 1390.
119 -
المعجم الأوسط الطبراني، تحقيق: محمود الطحان، مكتبة المعارف، ط (1)، 1406.
120 -
معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر، ط 1399.
121 -
معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، حققه: بشار عواد معروف، وشعيب الأرنؤوط، وصالح مهدي عباس، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط (1)، 1404.
122 -
مفاتيح الغيب، لفخر الدين الرازي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط (3)، 1420.
123 -
مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث، أبو عمر عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري المعروف بابن الصلاح، دار الكتب العلمية، بيروت، 1398.
124 -
المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار مع كتاب النقط، أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، تحقيق: محمد أحمد دهمان، دار الفكر المعاصر، بيروت، 1403.
125 -
مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط (1).
126 -
منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل، جمال الدين أبو عمرو عثمان بن أبي بكر المعروف بابن الحاجب، دار الكتب العلمية، بيروت، توزيع دار الباز، مكة، ط (1)، 1405.
127 -
منهاج السنة النبوية، أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق: محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط (1)، 1406.
128 -
الموطأ، الإمام مالك بن أنس، صححه ورقمه وخرّج أحاديثه وعلق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، المكتبة التجارية، مصطفى الباز، مكة.
129 -
ميزان الاعتدال في نقد الرجال، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت.
130 -
النشر في القراءات العشر، أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي الشهير بابن الجزري، أشرف على تصحيحه ومراجعته: علي محمد الضباع، دار الكتب العلمية، بيروت.
131 -
النقط (مطبوع مع كتاب المقنع)، أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني
تحقيق: محمد أحمد دهمان، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط 1403.
132 -
نكت الهميان في نكت العميان، صلاح الدين خليل بن أبيك بن عبد الله الصفدي، حققه: أحمد زكي، مكتبة التوعية الإسلامية للتحقيق والنشر والبحث العلمي، القاهرة.
133 -
النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى، محمد الحمود النجدي، مكتبة الإمام الذهبي، الكويت، توزيع دار ابن الجوزي، ط (2)، 1417.
134 -
الوسيلة إلى كشف العقيلة، علم الدين علي بن محمد السخاوي، دراسة وتحقيق: محمد إدريسي الطاهري، مكتبة الرشد، الرياض، ط (1)، 1423.