الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
إنَّ الحَمْدَ للَّهِ تَعَالَى، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ تَعَالَى اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم.
أَمَّا بَعْدُ،
فَإنَّ بِرَّ الوَالِدَيْنِ يُجْلِسُ صَاحِبَهُ عَلَى أَرِيكَةِ العِزِّ، وَيُرَقِّى صَاحِبَهُ فِي مَرَاتِبِ الشُّرَفَاءِ، وَيُبَوِّئ صَاحِبَهُ عَرْشَ المَجِدِ.
وَلَيْسَ البِرُّ مَقْصُورًا وَلَا مَحْصُورًا فِي أَفْرَادٍ مِنَ النَّاسِ، بَلْ إِنَّ اللهَ عز وجل جَعَلَهُ سَهْمًا شَائِعًا، وَغَرَضًا مَنْصُوبًا لِكُلِّ طَالِبٍ، إِلَّا مَنْ قَدَّرَ اللهُ عز وجل عَلَيهِ غَيْرَ ذَلِكَ، فَالبِرُّ عَطِيِّةٌ يَضَعُهَا اللهُ تَعَالَى حَيْثُ شَاءَ.
وَإِنَّ الَّذِي يَسْلُكُ سَبِيلَ البِرِّ، ويَطَأُ فَرْشَهُ الطَّيْبَ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ سَيُدْرِكُ أَمَلَهُ وَيَنَالُ غَرَضَهُ، فَإِنَّ الفَضَائِلَ قَطُّ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ حِجَّابٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَى مَرَّ الدُّهُورِ أَبَوَابٌ، وَأَسْعَدُ النَّاسِ الَّذِي
يَجْعَلُ اللهَ تَعَالَى غَايَتَهُ، وَالمَجْدَ وَالسُّؤْدَدَ مَطِيَّتَهُ، وَالشَّرَفَ وَالعِزَّ غَرَضَهُ وَحِيلَتَهُ.
فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَحَلَّى بِالبِرِّ، وَأَنْ يَمْتَطِيَهُ لِكَيْ تُثْنِىَ عَلَيْهِ أَفْوَاهُ الأَنَامِ وَمِدَادُ الأَقْلَامِ
(1)
، إِذَا أَرَدَ الرِّفْعَةَ فِي الدُّنْيَا وَالفِرْدَوْسَ فِي الآخِرةِ،
(1)
مِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ فِي «جَامِعِهِ» (بِرَقَمْ 20119)، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوْيَهْ فِي «مُسْنَدِهِ» (بِرَقَمْ 1005)، وَأَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» (بِرَقَمْ 25182) عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نِمْتُ فَرَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ قَارِئٍ فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَذَلِكَ البِرُّ، قَالَ: وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ» .
وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» (بِرَقَمْ 225/ 2542) عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ:(كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ، سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ، مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ»).
فَلْيَحْرِصْ السَّعِيدُ عَلَى تَحْصِيلِ البِرِّ مَا أَمْكَنَ لَهُ ذَلِكَ، فَبِرُّ الوَالِدَيْنِ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدَّارَيْنِ ويُجْلِسَهُ عَلَى مِنَصَّةِ المَحَامِدِ.
وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ قَلَائِدُ، مَنْ تَجَمَّلَ بِهَا تَبْقَى مَحَبَّتَهُ عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ، وَتَقَرُّ لِرُؤْيَتِهِ العُيُونُ، كَيْفَ لَا؟ وَقَدْ حَصَّلَ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيُوطِّدَ أَوَاصِرَهُ، وَيُرَسِّخَ قَوَاعِدَهُ، ذَلِكَ الأَصْلُ الطَّيْبُ الَّذِي سُقِيَ بِالوَابِلِ الصَّيِّبِ.
وَالَّذِي يَجْبُ عَلَى المُؤْمِنِ: أَنْ يُصَوِّبَ سِهَامَهُ نَحْوَ البِرِّ، حَتَّى يُصِيبَ غَرَضَهُ المَنْشُودَ، فَهُوَ الَّذِي يُعْلِي مَنَارَ صَاحِبِهِ فِي ذَلِكَ الأوْجِ، فَمَنْ حَسُنَ بِرَّهُ طَابَ عَيْشُهُ، وَتَأَكَّدَتْ فِي النُّفُوسِ مَحَبَّتَهُ.
وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ يُؤدِّي إِلَى السَّلَامَةِ، وَيُؤَمِّنُ مِنَ النَّدَامَةِ، وَتَسْهُلُ عَلَيْهِ كُلُّ الأُمُورِ الصِّعَابِ، وَتَلِينُ لَهُ القُلُوبُ الغِضَابُ.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: (البِرُّ شَيْءٌ هَيِّنٌ، وَجْهٌ طَلِيقٌ، وَكَلَامٌ لَيِّنٌ)
(1)
.
(1)
رَوَاهُ الخَرَائِطِيُّ فِي «مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ» (بِرَقَمْ 148)، وَالبَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإِيمَانِ» (بِرَقَمْ 7702) مِنْ طُرُقٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَ «جُزْءُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ رحمه الله هُوَ مِنْ أَوَائِلِ مَا صُنِّفَ فِي هَذَا المِضْمَارِ، مِنْ أَجِلِ ذَلِكَ شَمَّرْتُ عَنْ سَاعِدِ الجِدِ، وَخُضْتُ تِلَكَ الغِمَارَ، مُسْتَعِينًا بِاللهِ عز وجل عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ تَوَاصُلِ النِّعَمِ مِنَ اللهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ الضَّعِيِّفِ، أَنْ وَفَّقَهُ لِخِدْمَةِ هَذَا الجُزْءِ النَّفِيْسِ، وَتَجْلِيَّةِ مَا فِيِهِ مِنْ مَنَاقِبَ، وَالتَّعْلِيقِ عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ أَحَادِيثَ وَآثارٍ، وَعَرْضِهِ بِالصُّورَةِ اللَّائِقَةِ بِهِ
(1)
.
فَـ للهِ وَحْدَّهُ الحَمْدُ وَالمِنَّةُ عَلَى العَوْنِ وَالتَّوْفِيقِ.
وَقَدْ قَدَّمْتُ بَيْنَ يَدي عَمَلِي هَذَا، مُقْدِّمَةً مُفِيدَةً لِمُطَالِعِهِ.
وَذَلِكَ فِي عِدَّةِ فُصُولٍ:
الأَوَّلُ: لَمْحَةٌ مُوْجَزَةٌ عَنِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ رحمه الله.
الثَّانِي: تَعْرِيفُ الأَجْزَاءِ الحَدِيثِيَّةِ.
الثَّالِثُ: ذِكْرُ أَشْهَرِ المُؤَلَّفَاتِ فِي البِرِّ وَالصِّلَةِ.
الرَّابِعُ: كِتَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ، لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ.
الخَامِسُ: التَّعْرِيفُ بِأَصْلِ الكِتَابِ.
هَذَا وَقَدْ أَلحَقْتُ فِي نِهَايَةِ الجُزْءِ الأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَاهَا الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ خَارِج جُزْئِهِ
[*]
، إِتْمَامًا لِلفَائِدَةِ.
وَأَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَ بِهَذَا الكِتَابِ مُطَالِعَهُ، وَأَنْ يَغْفِرَ اللهُ تَعَالَى لَنَا الزَّلَّاتِ وَالأَخْطَاءَ، وَأَنْ يَجْعَلَ هَذَا العَمَلَ مَبْرُورًا، وَيَتَقْبَلَهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ، وَأَنْ يَعُمَّنَا بِثَوَابِهِ وَمَغْفِرَتهِ مَعَ المُؤَلِّفِ رحمه الله، وَكَذَا مَنْ قَرَأَهُ وَاسْتَفَادَ مِنْهُ.
وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي المَعَادِ مِنْ خَيْرِ العَوَائِدِ،
فَهُوَ حَسْبُنَا فِيمَا أَمَلْنَاهُ لَا شَرِيكَ لَهُ
وَالحَمْدُ للهِ أَوَّلًا وَآخِرًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
عبد العزيز بن حلمي مكي
حَامِدًا شَاكِرًا الله تَعَالَى،
وَمُصَلِيًا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
[*] تعليق الشاملة: ولم نورد الملحق في هذه النسخة الإلكترونية؛ اقتصرنا على «جزء بر الوالدين» .
الفَصْلُ الأَوَّلُ
لَمْحَةٌ مُوْجَزَةٌ عَنِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ
رحمه الله
(1)
.
وَتَشْتَمِلُ عَلَى:
* ذِكْرِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ.
* ذِكْرِ مَوْلِدِهِ وَصِفَتِهِ.
(1)
تَرْجَمَتُهُ فِي: «الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ» لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (7/ 19)، وَ «الثِّقَاتِ» لِابْنِ حِبَّانَ (9/ 113)، وَ «الإِرْشَادِ فِي مَعْرِفَةِ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ» لِلخَلِيلِيِّ (3/ 958)، وَ «تَارِيخُ بَغْدَادَ» لِلْخَطِيبِ البَغْدَادِيِّ (2/ 4)، وَ «طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ» لأَبِي يَعْلَى (1/ 271)، وَ «الأَنْسَابِ» لِلسَّمْعَانِيِّ (1/ 293)، وَ «تَهْذِيبِ الأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ» للنَّوَوِيِّ (1/ 67)، وَ «وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ» لِابْنِ خَلِّكَانَ (4/ 188)، وَ «تَهْذِيبِ الكَمَالِ» للْمِزِّيِّ (24/ 430)، وَ «تَارِيخِ الإِسْلَامِ» (19/ 238)، وَ «سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 391)، وَ «تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ» لِلذَّهَبِيِّ (2/ 555)، وَ «طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ الكُبْرَى» لِلسُّبْكِيِّ (2/ 212)، وَ «البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ» لِابْنِ كَثِيرٍ (14/ 526)، وَ «هُدَي السَّارِي» (477)، وَ «تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ» لِابْنِ حَجَرٍ (9/ 47)، وَ «النُّجُومِ الزَّاهِرَةِ» لِابْنِ تَغَرِي بَرْدِي (3/ 25)، وَ «شَذَرَاتِ الذَّهَبِ» لِابْنِ العِمَادِ (2/ 134)، وَ «الرِّسَالَةِ المُسْتَطْرَفَةِ لِبَيَانِ مَشْهُورِ كُتُبِ السُّنَّةِ المُشَرَّفَةِ» لِلكَتَّانِيِّ (10).
* ذِكْرِ نَشْأَتِهِ.
* ذِكْرِ رِحْلتِهِ وَطَلَبِهِ.
* ذِكْرِ شُيوخِهِ.
* ذِكْرِ تَلَامِذَتِهِ.
* ذِكْرِ عِبَادَتِهِ وَفَضْلِهِ وَوَرَعِهِ وَصَلَاحِهِ.
* ذِكْرِ كَرَمِهِ وَسَمَاحَتِهِ.
* ذِكْرِ وَرَعِهِ وَاحْتِيَاطِهِ فِي جَرْحِ الرُّوَاةِ.
* ذِكْرِ حِفْظِهِ وَسِعَةِ عِلْمِهِ وَذَكَائِهِ.
* ذِكْرِ ثَنَاءِ الأَئِمَّةِ عَلَيْهِ.
* ذِكْرِ وَفَاتِهِ.
* ذِكْرِ مُصَنَّفَاتِهِ.
*
ذِكْرُ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ.
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الحُجَّةُ، الصَّادِقُ، النَّقَّادُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلَامِ، إِمَامُ الدُّنْيَا، أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ فِي الحَدِيثِ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي الحَسَنِ، مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ المُغِيْرَةِ بْنِ بَرْدِزْبَه
(1)
، الجُعْفِيُّ مَوْلَاهُمْ، البُخَارِيُّ.
فَأَمَّا الجُعْفِيُّ: فَنِسْبَةً إِلى يَمَانِ الجُعْفِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ المُغِيْرَةُ جَدُّ البُخَارِيُّ، وَكَانَ قَبْلُ مَجُوسِيًّا، فَنُسِبَ إِلَيْهِ نِسْبَةَ وَلَاءِ إِسْلَامٍ
(2)
.
وَأَمَّا البُخَارِيُّ: فَنِسْبَةً إِلَى مَدِينَةِ بُخَارَى الوَاقِعَةِ فِي بِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَهِيَ الآنَ تَقَعُ فِي الجُزْءِ الغَرْبِيِّ مِنْ جُمْهُوْرِيةِ أُوْزبَكِسْتَانَ
(3)
.
(1)
هَذَا لَفْظُهُ بِالبُخَارِيَةِ، وَمَعْنَاهُ فِي العَرَبِيَّةِ الزُّرَّاعُ.
وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ وَالمَشْهُورُ: فَتْحُ البَاءِ المُوَحَّدَةِ، وَسُكُونُ الرَّاءِ، وَكَسْرُ الدَّالِ المُهْمَلَةِ، وَسُكُونُ الزَّايِ المُعْجَمَةِ، وَفَتْحُ البَاءِ المُوَحَّدَةِ، بَعْدَهَا هَاءٌ:(بَرْدِزْبَه). وَقِيْلَ فِي ضَبْطِهِ: فَتْحُ اليَاءِ المُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِهَا، وَسُكُونُ الزَّايِ، وَكَسْرُ الذَّالِ المُعْجَمَةِ، بَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ، ثُمَّ هَاءٌ سَاكِنَةٌ:(يَزْذِبَه). «الإِكْمَالُ» (1/ 259)، وَ «الأَنْسَابُ» (2/ 67)، وَ «طَبَقَاتُ الشَّافِعِيَّةِ الكُبْرَى» (2/ 212)، وَ «هُدَي السَّارِي» (478).
(2)
إِذْ كَانَ العُرفُ السَّائِدُ آنَذَاكَ أنَّ الإِنْسَانَ إِذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ شَخْصٌ نُسِبَ إِلَى قَبِيلَتِهِ، وَكَانَتْ تُسَمَّى هَذِهِ النِّسْبَةُ نِسْبَةَ الوَلَاءِ فِي الإِسْلَامِ. «تَهْذِيبُ الأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ» (1/ 67)، وَ «هُدَي السَّارِي» (478).
(3)
افتُتِحَتْ عَلَى يَدِ قُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ مِنَ الهِجْرَةِ. «مُعْجَمُ البُلْدَانِ» ليَاقُوتِ الحَمَوِيِّ (1/ 419).
*
ذِكْرُ مَوْلِدِهِ وَصِفَتِهِ.
وُلِدَ فِي بُخَارَى يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الجُمُعَةِ لِثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ
(1)
. قَالَ أَبُو حَسَّانَ مُهِيبُ بْنُ سُلَيْمٍ: «سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيَّ يَقُولُ: وُلِدَتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ عُمُرهُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً إِلَّا اثْنَتَيْ عَشَرَ يَوْمًا»
(2)
.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ: «سَمِعْتُ الحَسَنَ بْنَ الحُسَيْنِ البَزَّازَ، يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيْلَ شَيْخًا نَحِيْفَ الجِسْمِ، لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ وَلَا بِالقَصِيْرِ»
(3)
.
*
ذِكْرُ نَشْأَتِهِ.
مَاتَ أَبُوهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَنَشَأَ فِي حِجْرِ أُمِّهِ، فَأَلهَمَهُ اللَّهُ حِفْظَ الحَدِيثِ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ تَرَكَ مَالًا أَعَانَ أُمَّهُ عَلَى تَنشِئتِهِ وَتَرْبِيتِهِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ:«دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ يَعْنِي: إِسْمَاعِيْلَ وَالِدِ أَبِي عَبْدِ اللهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ مِنْ مَالِي دِرْهَمًا مِنْ حَرَامٍ، وَلَا دِرْهَمًا مِنْ شُبْهَةٍ»
(4)
.
وَقَدْ ذَهبَتْ عَيْنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ فِي صِغَرِهِ، فَرَأَتْ وَالِدتُهُ فِي المَنَامِ إِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلَ عليه السلام، فَقَالَ لَهَا: «يَا هَذِهِ، قَدْ رَدَّ اللهُ عَلَى
(1)
«الكَامِلُ» لِابْنِ عَدِيٍّ (1/ 227).
(2)
«الإِرْشَادُ فِي مَعْرِفَةِ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ» (3/ 959).
(3)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 6)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 452).
(4)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 447)، وَتَرجَمَ لَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ فِي «التَّارِيخِ الكَبِيرِ» (1/ 342)، فَقَالَ:«إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ المُغِيْرةِ الجُعْفِيُّ أَبُو الحَسَنِ، رَأَى حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ، وَصَافحَ ابْنَ المُبَارَكِ بِكِلتَا يَدَيْهِ، وَسَمِعَ مَالِكًا» .
ابْنِكِ بَصَرَهُ»
(1)
.
*
ذِكْرُ رِحْلتِهِ وَطَلَبِهِ.
ظَهَرَ نُبوغُهُ العِلْمِيُّ فِي سِنٍّ مُبَكِرةٍ، فَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: كَيْفَ كَانَ بَدْءُ أَمرِكَ؟ قَالَ: أُلهِمْتُ حِفْظَ الحَدِيثِ وَأَنَا فِي الكُتَّابِ. فَقُلْتُ: كَمْ كَانَ سِنُّكَ؟ فَقَالَ: عَشْرُ سِنِيْنَ، أَوْ أَقَلَّ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الكُتَّابِ بَعْدَ العَشْرِ، فَجَعَلْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى الدَّاخِلِيِّ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ يَوْمًا فِيْمَا كَانَ يَقْرَأُ لِلنَّاسِ: سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ لَمْ يَرْوِ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ. فَانْتَهَرنِي، فَقُلْتُ لَهُ: ارْجِعْ إِلَى الأَصْلِ فَدَخَلَ فَنَظَرَ فِيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ لِي: كَيْفَ هُوَ يَا غُلَامُ؟ قُلْتُ: هُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، فَأَخَذَ القَلَمَ مِنِّي، وَأَحْكَمَ كِتَابَهُ، وَقَالَ: صَدَقْتَ. فَقِيْلَ لِلْبُخَارِيِّ: ابْنُ كَمْ كُنْتَ حِيْنَ رَدَدْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا طَعَنْتُ فِي سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، كُنْتُ قَدْ حَفِظْتُ كُتُبَ ابْنِ المُبَارَكِ
(1)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 6)، وَ «تَهْذِيبُ الكَمَالِ» (24/ 438).
وَوَكِيْعٍ، وَعَرَفْتُ كَلَامَ هَؤُلَاءِ
(1)
، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَ أُمِّي وَأَخِي أَحْمَدَ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا حَجَجْتُ رَجَعَ أَخِي بِهَا! وَتخلَّفْتُ فِي طَلَبِ الحَدِيثِ»
(2)
.
فَكَانَ هَذَا أَوَّلُ ارْتِحَالِهِ فِي طَلَبِ العِلْمِ، وَكَانَ ذَلِكَ حَوَالَيِ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ، ثمَّ رَحَلَ إِلَى المَدِينَةِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، ونَيْسَابُورَ، وَالجَزِيرَةِ، وَالبَصْرَةِ، وَالكُوفَةِ، وَبَغْدَادَ، وَوَاسِطَ، وَمَرْوَ، وَالرَّيِّ، وَبَلْخٍ، وَغَيْرِهَا.
قَالَ الخَطِيبُ: «رَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ إِلَى سَائِرِ مُحَدِّثِي الأَمْصَارِ»
(3)
.
وَقَدْ كَانَ البُخَارِيُّ يَسْتَيْقِظُ فِي اللَّيْلَةِ الوَاحِدَةِ مِنْ نَوْمِهِ فَيُورِي السِّرَاجَ، وَيَكْتُبُ الفَائِدَةَ تَمُرُّ بِخَاطِرِهِ ثُمَّ يُطْفِئُ سِرَاجَهُ، ثُمَّ يَقُومُ مَرَّةً أُخْرَى حَتَّى كَانَ يَتَعَدَّدُ ذَلِكَ مِنْهُ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقُ: «كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، إِذَا كُنْتُ مَعَهُ فِي سَفَرٍ، يَجْمَعُنَا بَيْتٌ وَاحِدٌ، فَكُنْتُ أَرَاهُ يَقُومُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً إِلَى عِشْرِيْنَ مرَّةً، فِي كُلِّ ذَلِكَ يَأْخُذُ القَدَّاحَةَ، فيُورِي نَارًا، وَيُسْرِجُ، ثُمَّ يُخْرِجُ أَحَادِيثَ، فيُعلِّمُ عَلَيْهَا»
(4)
.
(1)
قَالَ الحافظ: «يَعْنِي: أَصْحَابَ الرَّأْيِ» . «هُدَي السَّارِي» (478).
(2)
«طَبَقَاتُ الشَّافِعِيَّةِ» (2/ 212)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 393).
(3)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 4)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 394).
(4)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 13)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 404).
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ الخَوَّاصُ: «رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ كَالصَّبيِّ جَالِسًا بَيْنَ يَدِي مُحَمَّدِ ابْنِ إِسْمَاعِيْلَ، يَسْأَلُهُ عَنْ عِلَلِ الحَدِيثِ»
(1)
.
وَقَالَ العَبَّاسُ الدُّوْرِيُّ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُحْسِنُ طَلَبَ الحَدِيثِ مِثْلَ مُحَمَّدِ ابْنِ إِسْمَاعِيْلَ، كَانَ لَا يَدَعُ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا إِلَّا قَلَعَهُ. ثُمَّ قَالَ لَنَا: لَا تَدَعُوا مِنْ كَلَامِهِ شَيْئًا إِلَّا كَتَبْتُمُوهُ»
(2)
.
*
ذِكْرُ شُيوخِهِ.
بَعْدَ هَذِهِ الرِّحَلَاتِ الوَاسِعَةِ لَا يُسْتَغْربُ قَوْلُ البُخَارِيِّ رحمه الله: «كَتَبْتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ وَأَكْثَرَ، عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشْرَةُ آلَافٍ وَأَكْثَرُ، مَا عِنْدِي حَدِيْثٌ إِلَّا أَذكُرُ إِسْنَادَهُ»
(3)
.
وَقَولُهُ رحمه الله: «كَتَبْتُ عَنْ أَلفٍ وَثَمَانِيْنَ رَجُلًا، لَيْسَ فِيْهِمْ إِلَّا صَاحِبُ حَدِيثٍ»
(4)
.
(1)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 407)، وَ «طَبَقَاتُ الشَّافِعِيَّةِ» (2/ 222).
(2)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 406).
(3)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 10)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 407).
(4)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 395)، وَ «هُدَي السَّارِي» (44).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ بَلْخَ، فَسَأَلونِي أَنْ أُمْلِيَ عَلَيْهِمْ لِكُلِّ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيْثًا، فَأَمْلَيْتُ أَلفَ حَدِيثٍ لِأَلفِ رَجُلٍ ممَّن كَتَبْتُ عَنْهُمْ
(1)
.
فَابْتَدَأَ السَّمَاعَ مِنْ شُيُوخِ بَلَدِهِ فسَمِعَ بِبُخَارَى قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ اليَمَانِ الجُعْفِيِّ المُسْنِدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَامٍ البِيْكَنْدِيِّ، وَجَمَاعَةٍ، لَيْسُوا مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِهِ.
وَقَدْ قَسَّمَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ شُيُوخَ البُخَارِيِّ إِلَى خَمْسِ طَبقَاَتٍ:
الأُولَى: مَنْ حَدَّثَهُ عَنِ التَّابِعِينَ، وَهُمْ أَتْبَاعُ التَّابِعِينَ، وَهُمْ: أَبُو عَاصِمٍ، وَمكِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو المُغِيْرَةِ، وَنحوُهُمْ.
الثَّانِيَةُ: مَنْ كَانَ فِي عَصْرِ هَؤلَاِءِ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، كَآدَمِ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَسَعِيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَيُّوْبَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَأَمْثَالِهِمْ.
الثَّالِثَةُ: وَهِيَ الوُسْطَى مِنْ مَشَايِخهِ، وَهُمْ مَنْ لَمْ يَلْقَ التَّابِعِينَ، بَلْ أَخَذَ عَنْ كِبَارِ تَبَعِ الأَتبَاعِ، كَسُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَابْنِ المَدِينِيِّ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَابْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَمثَالِهِمْ، وَهَذِهِ الطَّبَقَةُ قَدْ شَاركَهُ مُسْلِمٌ فِي الأَخْذِ عَنْهُمْ.
(1)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 395).
الرَّابِعَةُ: رُفَقْاؤهُ فِي الطَّلَبِ، وَمَنْ سَمِعَ قَبْلَهُ، كَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَةَ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ نُظَرَائِهِمْ، وَإِنَّما يُخَرِّجُ عَنْ هَؤلَاءِ مَا فَاتَهُ عَنْ مَشَايِخهِ، أَوْ مَا لَمْ يَجِدْهُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ.
الخَامِسَةُ: وَهُمْ فِي عِدَادِ طَلَبَتهِ فِي السِّنِّ وَالإِسْنَادِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُمْ لِلفَائِدةِ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمَّادٍ الآمُلِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي العَاصِ الخُوَارِزْمِيِّ، وَحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ القَبَّانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ رَوى عَنْهُمْ أَشْيَاءَ يَسِيرَةً، وَعَمِلَ فِي الرُّوَايَةِ عَنْهُمْ لِمَا قَالَهُ وكيع: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ عَالِمًا حَتَّى يُحدِّثَ عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَعَمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ، وَعَمَّنْ هُوَ دُونَهُ
(1)
.
*
ذِكْرُ تَلَامِذَتِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ خَلْقٌ كَثيرٌ لَا يُحْصَونَ، قَالَ الَحافِظُ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ «جَزَرَةَ»:«كَانَ يَجْتَمِعُ لَهُ فِي بَغْدَادَ وَحْدَهَا أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ أَلفًا يَكْتُبُونَ عَنْهُ. وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ مُسْتَمْلِيْنَ، وَسَمِعَ مِنْهُ الصَّحِيحَ مَا يَقْرُبُ مِنْ تِسْعِينَ أَلفًا»
(2)
.
(1)
«هُدَي السَّارِي» (479).
(2)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 9)، وَ «تَهْذِيبُ الأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ» (1/ 88 - 90) وَفِيهَا:«سَبْعِينَ» ، وَ «وَفَيَاتُ الأَعْيَانِ» (4/ 190)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 398).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيُّ: «سَمِعَ كِتَابَ «الصَّحِيْحِ» لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ تِسْعُوْنَ أَلفَ رَجُلٍ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ يَرْوِيْهِ غَيْرِي
(1)
.
رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُمْ:
مُسْلِمٌ فِي غَيْرِ «صَحِيْحهِ» ، وَأَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرعَةَ الرَّازِيَّانِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بْنُ إِسْحَاقَ الحَرْبِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ ابْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَصَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بْنُ مَعْقِلٍ النَّسَفيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ نَاجِيَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ، وَأَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بْنُ جُمْعَةَ، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيُّ رَاوِي «الصَّحِيْحِ» ، وَمَنْصُوْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِزْبَزْدَةَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَالحُسَيْنُ، وَالقَاسِمُ ابْنَا المَحَامِلِيِّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْقَرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ابْنِ فَارِسٍ، وَمَحْمُوْدُ بْنُ عَنْبَرٍ النَّسَفيُّ، وَأُمَمٌ لَا يُحْصَوْنَ
(2)
.
*
ذِكْرُ عِبَادَتِهِ وَفَضْلِهِ وَوَرَعِهِ وَصَلَاحِهِ.
وَقَدْ كَانَ البُخَارِيُّ رحمه الله فِي غَايَةِ الحَيَاءِ وَالشَّجَاعَةِ وَالسَّخَاءِ وَالوَرَعِ وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا دَارِ الفَنَاءِ، وَالرَّغْبَةِ فِي الآخِرَةِ دَارِ البَقَاءِ.
(1)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 9)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 398 - 469).
(2)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 397).
وَكَانَ فِي غَايَةِ الفَضْلِ، لمَا تَحَلَّى بِهِ مِنْ كَرِيمِ الخِصَالِ وَجَمِيلِ الصِّفَاتِ: فَكَانَ سَخِيَّ النَّفْسِ، عَالِمًا عَابِدًا وَرِعًا تَالِيًا لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى، عَفِّ اللِّسَانَ عَنِ الكَلَامِ فِي النَّاسِ، عَدْلًا فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ، لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ غَنيٍّ وَفَقِيرٍ، أَوْ قَويٍّ أَوْ ضَعِيفٍ، أَوْ ذِي مَنْصِبٍ وَجَاهٍ، وَرِعٌ فِي مُعَامَلَاتِهِ، يَتَّقِي أَدْنَى شُبْهَةٍ، شَدِيدَ الِاحَتَّياطِ فِي حُقُوقِ العِبَادِ.
وَقَدْ كَانَ رحمه الله يُصَلِّي فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَكَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ خَتْمَةً، وَكَانَتْ لَهُ جِدَةٌ وَمَالٌ جَيِّدٌ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا، وَكَانَ يُكْثِرُ الصَّدَقَةَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَكَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، مُسَدَّدَ الرَّمْيَةِ، شَرِيفَ النَّفْسِ.
(1)
.
(7)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 12 - 13)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 442).
(1)
.
وَقَالَ الحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْديُّ: «كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ مَخْصُوصًا بِثَلَاثِ خِصَالٍ مَعَ مَا كَانَ فِيْهِ مِنَ الخِصَالِ المحْمُودَةِ: كَانَ قَلِيْلَ الكَلَامِ، وَكَانَ لَا يَطْمَعُ فِيْمَا عِنْدَ النَّاسِ، وَكَانَ لَا يَشْتَغِلُ بِأُمُورِ النَّاسِ، كُلُّ شُغْلِهِ كَانَ فِي العِلْمِ»
(2)
.
*
ذِكْرُ كَرَمِهِ وَسَمَاحَتِهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقُ: «وَكَانَ يَتَصَدَّقُ بِالكَثِيْرِ، يَأْخُذُ بِيَدِهِ صَاحِبَ الحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ، فَيُنَاوِلُهُ مَا بَيْنَ العِشْرِيْنَ إِلَى الثَّلَاثِيْنَ، وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ بِذَلِكَ أَحَدٌ. وَكَانَ لَا يُفَارِقُهُ كِيْسُهُ. وَرَأَيْتُهُ نَاوَلَ رَجُلًا مِرَارًا صُرَّةً فِيْهَا ثَلَاثُ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ
أَخْبَرَنِي بِعَدَدِ مَا كَانَ فِيْهَا مِنْ بَعْدُ فَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: ارْفُقْ، وَاشْتَغِلْ بِحَدِيثٍ آخَرَ كَيْلَا يَعْلَمَ بِذَلِكَ أَحَدٌ»
(1)
.
وَمِنْ وَفَائهِ وَرِقَّةِ عَاطِفَتِهِ وَصِدْقِ أُخُوَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ خَلَفٍ: قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، فَوَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ فِيْهِ نَعْيُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيِّ، فَنَكَّسَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَفَعَ، وَاسْتَرْجَعَ، وَجَعَلَ تَسِيْلُ دُمُوْعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
إِنْ تَبْقَ تُفْجَعْ بِالأَحِبَّةِ كُلِّهِم
…
وَفَنَاءُ نَفْسِكَ لَا أَبَا لَكَ أَفْجَعُ
ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: مَا سَمِعنَاهُ يُنْشِدُ إِلَّا يَجِيْءُ فِي الحَدِيثِ»
(2)
.
*
ذِكْرُ وَرَعِهِ وَاحْتِيَاطِهِ فِي جَرْحِ الرُّوَاةِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: «أَرْجُو أَنْ أَلقَى اللهَ وَلَا يُحَاسِبْنِي أَنِّي اغْتَبْتُ أَحَدًا»
(3)
.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقُ: «سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا اغْتَبْتُ أَحَدًا قَطُّ مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ الغِيبَةَ تَضُرُّ أَهْلَهَا»
(4)
.
(1)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 450).
(2)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 228 - 229).
(3)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 13)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 439).
(4)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 443).
قَالَ الذَّهَبِيُّ: مُعلِّقًا عَلَى كَلَامِ البُخَارِيِّ هَذَا: «قُلْتُ: صَدَقَ رحمه الله وَمَنْ نَظَرَ فَى كَلَامِهِ فِي الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ عَلِمَ وَرَعَهُ فِي الكَلَامِ فِي النَّاسِ، وَإِنصَافَهُ فِيْمَنْ يُضَعِّفُهُ، فَإِنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَقُوْلُ: مُنْكَرُ الحَدِيثِ، سَكَتُوا عَنْهُ، فِيْهِ نَظَرٌ، وَنَحْوُ هَذَا. وَقَلَّ أَنْ يَقُوْلَ: فُلَانٌ كَذَّابٌ، أَوْ كَانَ يَضَعُ الحَدِيثَ. حَتَّى إِنَّهُ قَالَ: إِذَا قُلْتُ: فُلَانٌ فِي حَدِيْثِهِ نَظَرٌ، فَهُوَ مُتَّهَمٌ وَاهٍ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: لَا يُحَاسِبْنِي اللهُ أَنِّي اغْتَبْتُ أَحَدًا، وَهَذَا هُوَ وَاللهِ غَايَةُ الوَرَعِ»
*
ذِكْرُ حِفْظِهِ وَسِعَةِ عِلْمِهِ وَذَكَائِهِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: «أَحفَظُ مِائَةَ أَلفِ حَدِيثٍ صَحِيْحٍ، وَأَحْفَظُ مِائَتَي أَلفِ حَدِيثٍ غَيْرِ صَحِيْحٍ»
(1)
.
(2)
.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَدِيٍّ الحَافِظُ: «سَمِعْتُ عِدَّةَ مَشَايِخٍ يَحْكُوْنَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيَّ قَدِمَ بَغْدَادَ، فَسَمِعَ بِهِ أَصْحَابُ الحَدِيثِ، فَاجْتَمَعُوا وَعَمَدُوا إِلَى مِائَةِ حَدِيثٍ، فَقلبُوا مُتُونِهَا وَأَسَانِيْدَهَا، وَجَعَلُوا
(5)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 24)، وَ «تَهْذِيبُ الأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ» (1/ 68)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 415)، وَ «هُدَي السَّارِي» (488).
(6)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 10)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 407)، وَ «طَبَقَاتُ الشَّافِعِيَّةِ» (2/ 222).
مَتْنَ هَذَا الإِسْنَادِ هَذَا، وَإِسْنَادَ هَذَا المَتْنِ هَذَا، وَدَفَعُوا إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَشْرَةَ أَحَادِيثَ ليُلْقُوهَا عَلَى البُخَارِيِّ فِي المَجْلِسِ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، وَانْتَدَبَ أَحَدُهُمْ، فَسَأَلَ البُخَارِيَّ عَنْ حَدِيثٍ مِنْ عَشَرتِهِ، فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ. وَسَأَلَهُ عَنْ آخَرَ، فَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ. وَكَذَلِكَ حَتَّى فَرغَ مِنْ عَشَرتِهِ. فَكَانَ الفُقَهَاءُ يَلْتَفِتُ بَعْضهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَيَقُوْلُوْنَ: الرَّجُلَ فَهِمَ. وَمَنْ كَانَ لَا يَدْرِي قَضَى عَلَى البُخَارِيِّ بِالعَجْزِ، ثُمَّ انْتَدَبَ آخَرُ، فَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ الأَوَّلُ. وَالبُخَارِيُّ يَقُوْلُ: لَا أَعْرِفُهُ. ثُمَّ الثَّالِثَ وَإِلَى تَمَامِ العَشَرَةِ أَنْفُسٍ، وَهُوَ لَا يَزِيدُهُمْ عَلَى: لَا أَعْرِفُهُ. فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُمْ قَدْ فَرَغُوا، التفَتَ إِلَى الأَوَّلِ مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَمَّا حَدِيْثُكَ الأَوَّلُ فَكَذَا، وَالثَّانِي كَذَا، وَالثَّالِثُ كَذَا إِلَى العَشرَةِ، فردَّ كُلَّ مَتْنٍ إِلَى إِسْنَادِهِ. وَفعلَ بِالآخَرِينَ مِثْلَ ذَلِكَ. فَأَقَرَّ لَهُ النَّاسُ بِالحِفْظِ»
(1)
.
وَدَخَلَ مَرَّةً إِلَى سَمَرْقَنْدَ فَاجْتَمَعَ بِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ بِهَا، فَرَكَّبُوا لَهُ أَسَانِيدَ وَأَدْخَلُوا إِسْنَادَ الشَّامِ فِي إِسْنَادِ العِرَاقِ، وَخَلَطُوا الرِّجَالَ فِي الأَسَانِيدِ، وَجَعَلُوا مُتُونَ الأَحَادِيثِ عَلَى غَيْرِ أَسَانِيدِهَا، ثُمَّ قَرَءُوهَا عَلَى البُخَارِيِّ، فَرَدَّ كُلَّ حَدِيثٍ إِلَى إِسْنَادِهِ وَقَوَّمَ تِلْكَ الأَحَادِيثَ
(1)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 20)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 408 - 409)
وَالأَسَانِيدَ كُلَّهَا، وَمَا تَعَلَّقُوا عَلَيْهِ بِسَقْطَةٍ فِي إِسْنَادٍ وَلَا فِي مَتْنٍ»
(1)
.
وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ فِي الكِتَابِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَيَحْفَظُ مَا فِيْهِ مِنْ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الكَلْواذَانِيُّ: «مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ، كَانَ يَأْخُذُ الكِتَابَ مِنَ العُلَمَاءِ، فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ اطِّلَاعَةً، فَيَحْفَظُ عَامَّةَ أَطرَافِ الأَحَادِيثِ بِمَرَّةٍ»
(2)
.
*
ذِكْرُ ثَنَاءِ الأَئِمَّةِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ عُلَمَاءُ زَمَانِهِ مِنْ شُيُوخِهِ وَأَقْرَانِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قَالَ: «ذَكَرْنَا قَوْلَ البُخَارِيِّ لِعَلِيِّ بْنِ المَدِيْنِيِّ يَعْنِي: مَا اسْتَصْغَرتُ نَفْسِي إِلَّا بَيْنَ يَدِي عَلِيِّ بْنِ المَدِيْنِيِّ فَقَالَ عَلِيٌّ: دعُوا هَذَا، فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيْلَ لَمْ يَرَ مِثْلَ نَفْسِهِ» .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتمٍ الوَرَّاقُ: «سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ قُتَيْبَةَ، قَرِيِبَ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، فَرَأَيْتُ عِنْدَهُ غُلَامًا، فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ بُخَارَى. قُلْتُ: ابْنُ مَنْ؟ فَقَالَ: ابْنُ إِسْمَاعِيلَ. فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ مِنْ قَرَابَتِي، فَعَانَقْتُهُ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ
(1)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 411)، وَ «هُدَي السَّارِي» (479).
(2)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 416)، وَ «هُدَي السَّارِي» (487).
فِي مَجْلِسِ أَبِي عَاصِمٍ: هَذَا الغُلَامُ يُنَاطِحُ الكِبَاشَ»
(1)
.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارُ: «حُفَّاظُ الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ: أَبُو زُرْعَةَ بِالرَّيِّ، وَمُسْلِمٌ بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ بِسَمَرْقَنْدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ بِبُخَارَى» .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوْسُفَ: «لَمَّا دَخَلْتُ البَصْرَةَ صِرتُ إِلَى بُنْدَارٍ، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ خُرَاسَانَ. قَالَ: مِنْ أَيُّهَا؟ قُلْتُ: مِنْ بُخَارَى. قَالَ: تَعْرِفُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيْلَ؟ قُلْتُ: أَنَا مِنْ قَرَابَتِهِ. فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُنِي فَوْقَ النَّاسِ» .
وَقَالَ حَاشِدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ: «كُنْتُ بِالبَصْرَةِ، فَسَمِعْتُ قُدُومَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ بُنْدَارٌ: اليَوْمَ دَخَلَ سَيِّدُ الفُقَهَاءِ» .
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: «مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَهُ» .
(1)
قَالَ الحَافِظُ: «يَعْنِي يُقَاوِمُ الشُّيُوخَ. «هُدَي السَّارِي» (482).
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَمْدُونَ القَصَّارُ: «رَأَيْتُ مُسْلِمَ بْنَ الحَجَّاجِ جَاءَ إِلَى البُخَارِيِّ فَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: دَعْنِي حَتَّى أُقَبِّلَ رِجْلَيْكَ يَا أُسْتَاذَ الأُسْتَاذِينَ، وَسَيِّدَ المُحَدِّثِينَ، وَطَبِيبَ الحَدِيثِ فِي عِلَلِهِ. ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ كَفَّارَةِ المَجْلِسِ، فَذَكَرَ لَهُ عِلَّتَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ مُسْلِمٌ: لَا يُبْغِضُكَ إِلَّا حَاسِدٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِثْلُكَ» .
وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: «مَا رَأَيْتُ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ أَعْلَمَ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ? وَأَحْفَظَ لَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيِّ» .
وَكَانَ ابْنُ صَاعِدٍ إِذَا ذكرَهُ يَقُوْلُ: «الكَبْشُ النَّطَّاحُ» .
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُولِيُّ: «كَتَبَ أَهْلُ بَغْدَادَ إِلَى البُخَارِيِّ: المُسْلِمُونَ بِخَيْرٍ مَا حَيِيتَ لَهُمْ، وَلَيْسَ بَعْدَكَ خَيْرٌ حِينَ تُفْتَقَدُ» .
وَقَالَ الفَلَّاسُ: «كُلُّ حَدِيثٍ لَا يَعْرِفُهُ البُخَارِيُّ فَلَيْسَ بِحَدِيثٍ» .
وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: «هُوَ فَقِيهُ هَذِهِ الأُمَّةِ» .
وَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: «رُحِلَ إِلَيَّ مِنْ شَرْقِ الأَرْضِ وَغَرْبِهَا، فَمَا رَحَلَ إِلَيَّ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيِّ» .
وَقَالَ رَجَاءُ بْنُ مُرَجَّى: «هُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ» .
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّرَامِيُّ: «مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ أَفْقَهُنَا وَأَعْلَمُنَا وَأَغْوَصُنَا وَأَكْثَرُنَا طَلَبًا» .
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوْيَهْ: «هُوَ أَبْصَرُ مِنِّي» .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: «مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَعْلَمُ مَنْ دَخَلَ العِرَاقَ» .
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيْدِ بْنِ جَعْفَرٍ: «سَمِعْتُ العُلَمَاءَ بِالبَصْرَةِ يَقُوْلُوْنَ: مَا فِي الدُّنْيَا مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ فِي المَعْرِفَةِ وَالصَّلَاحِ»
(1)
.
وَلَوْ ذَهَبْنَا نُسَطِّرُ مَا أَثْنَى عَلَيْهِ الأَئِمَّةُ فِي حِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ وَعِلْمِهِ وَفِقْهِهِ وَوَرَعِهِ وَزُهْدِهِ وَتَبَحُّرِهِ لَطَالَ عَلَيْنَا ذَلِكَ، واللهُ المُسْتَعَانُ.
(1)
رَاجِعْ هَذِهِ الأَقْوَالِ وَغَيْرِهَا فِي «سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 416 - 438)، وَ «البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ» لِابْنِ كَثِيرٍ (14/ 526 - 531).
*
ذِكْرُ وَفَاتِهِ.
بِهَذَا الجُهْدِ العِلَمِيِّ فِي خِدْمَةِ الحَدِيِثِ النَّبَويِّ كَانَتْ حَياةُ البُخَارِيِّ كُلُّهَا جِهَادًا وَعَمَلًا وَتَحَمُّلًا لِلمَصَاعِبِ وَصَبْرًا عَلَى المَشَاقِّ، وَبَعْدَ نَفْيِهِ اسْتَقرَّ بِإحْدَى قُرى سَمَرْقَنْدَ تُدْعَى: خَرْتَنْك
(1)
.
قَالَ عَبْدُ القدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الجبَّارِ السَّمَرْقنديُّ: «جَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى خَرْتَنْك قَرْيَةٌ عَلَى فَرْسَخيْنِ مِنْ سَمَرْقَنْد وَكَانَ لَهُ بِهَا أَقْرُبَاءُ، فَنَزَلَ عِنْدَهُمْ، فَسَمِعْتُهُ لَيْلَةً يَدْعُو وَقَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ، فَمَا تَمَّ الشَّهْرُ حَتَّى مَاتَ، وَقَبْرُهُ بِخَرْتَنْك»
(2)
.
وَتُوُفِّيَ البُخَارِيُّ لَيْلَةَ السَّبْتِ، عِنْدَ صَلَاةِ العِشَاءِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الفِطْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِخَرْتَنْك، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ سَنَةً إِلَّا ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، رضي الله عنه وَأَجْزَلَ مَثُوبَتَهُ
(3)
.
(1)
قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى سَمَرْقَنْدَ.
(2)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 466)، وَ «طَبَقَاتُ الشَّافِعِيَّةِ» (2/ 232)
(3)
«تَارِيخُ بَغْدَادَ» (2/ 6 - 34)، وَ «تَهْذِيبُ الأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ» للنَّوَوِيِّ (1/ 68)، وَ «وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ» (4/ 190)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 468).
*
ذِكْرُ مُصَنَّفَاتِهِ.
صَنَّفَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ كُتُبًا كَثِيرَةً، وَقَدْ هَيِّأَهُ لِلتَّأْلِيفِ وَالكِتَابَةِ وَأَعَانَهُ عَلَيْهَا ذَكَاؤْهُ الحَادُّ، وَسِعَةُ حِفْظِهِ، وَذَاكِرَتُهُ القَوِيَّةُ، وَمَعْرِفَتُهُ الواسِعَةُ بِالحَدِيثِ النَّبَويِّ وَأَحْوَالِ رِجَالِهِ مِنْ تَعْدِيلٍ وَتَجْرِيحَ، وَكَانَ لَهُ فَضْلُهُ الَّذِي لَا يُنْكَرُ عَلَى الحَدِيثِ وَأَهْلِهِ، فَقَدْ أَسْهَمَ فِي حَرَكةِ النَّهْضَةِ الحَدِيثِيَّةِ بِسَهْمٍ وَافِرٍ، فَوَضَعَ فِي الحَدِيثِ وَعِلَلِهِ وَرِجَالِهِ مُؤَلَّفَاتٍ كَثِيرَةً، وَبَلَغَ بِهَا الغَايَةَ، وَكَانتْ عُمْدَةً لِمَنْ جَاءَ بَعْدُ، وَلَهُ مُؤَلَّفَاتٌ أَشْهَرُهَا.
1 -
«الجَامِعُ الصَّحِيحُ» . المَعْرُوفُ بِصَحِيحِ البُخَارِيِّ.
2 -
«الأَدَبُ المُفْردُ» . مَطبُوعٌ مُتَدَاوَلٌ.
3 -
«القِرَاءَةُ خَلْفَ الإِمَامِ» . مَطبُوعٌ مُتَدَاوَلٌ.
4 -
«خَلْقُ أَفْعَالِ العِبَادِ» . مَطبُوعٌ مُتَدَاوَلٌ.
5 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . وَسَيَأْتِي الكَلَامُ عَلَيْهِ.
6 -
كُتبُ التَّوَارِيخِ الثَّلَاثَةُ، «الكَبِيرُ» ، وَ «الأَوْسَطُ» ، وَ «الصَّغِيرُ» .
7 -
«أَسَامِي الصَّحَابَةِ» . وَيُسَمَّى أَيْضًا «كِتَابَ الصَّحَابَةِ» ، وَ «تَارِيخَ الصَّحَابَةِ». قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ يَعْنِي فِي الصَّحَابَةِ البُخَارِيُّ. أَفْرَدَ فِي ذَلِكَ تَصْنِيفًا، فَنَقَل مِنْهُ أَبُو القَاسِمِ
البَغَوِيُّ، وَغَيْرُهُ». وَقَالَ البُخَارِيُّ فِي تَرْجمَةِ «أَبْيَضَ» بَيَّنَاهُ فِي «كِتَابِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم»
(1)
.
8 -
«الأَشْرِبَةُ» . ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
(2)
وَنَقَلَ مِنْهُ حَدِيثًا مَوقُوفًا فِي النَّهْيَ عَنِ الِاسْتِشْفَاءِ بِالخَمْرِ، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ
(3)
.
9 -
«التَّفْسِيرُ الكَبِيرُ» . ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالذَّهَبِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ
(4)
.
10 -
«الجَامِعُ الكَبِيرُ» . ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالكَتَّانِيُّ
(5)
.
11 -
«رَفْعُ اليَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ» . وَهُوَ مَطبُوعٌ مُتَدَاوَلٌ.
12 -
«الضُّعَفَاءُ الكَبِيرُ» . ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ
(6)
.
13 -
«الضُّعَفَاءُ الصَّغِيرُ» ، وَهُوَ مَطبُوعٌ مُتَدَاوَلٌ.
14 -
«العِلَلُ» . ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالكَتَّانِيُّ
(7)
.
(1)
«التَّارِيخُ الكَبِيرِ» (2/ 60)، و «الإِصَابَةُ» لِابْنِ حَجَرٍ (1/ 3).
(2)
«المُؤْتَلِفُ وَالمُخْتَلِفِ» (4/ 1973).
(3)
«هُدَي السَّارِي» (492).
(4)
«تَارِيخُ دِمَشْقَ» لِابْنِ عَسَاكِرَ (52/ 71)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 444).
(5)
«هُدَي السَّارِي» (492)، وَ «الرِّسَالَةُ المُسْتَطْرَفَةِ» (41).
(6)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (9/ 211)، وَ «هُدَي السَّارِي» (492).
(7)
«هُدَي السَّارِي» (492)، وَ «الرِّسَالَةُ المُسْتَطْرَفَةِ» (147).
15 -
«الفَوَائِدُ» . ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي «جَامِعِهِ» بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِلحَدِيثِ (رَقَمْ 3742) قَالَ: «وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، يُحَدِّثُ بِهَذَا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، وَوَضَعَهُ فِي «كِتَابِ الفَوَائِدِ» . وَأَشَارَ إِلَيهِ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ
(1)
.
16 -
«الكُنَى» . وَهُوَ مَطبُوعٌ مُتَدَاوَلٌ.
17 -
«المَبْسُوطُ» . قَالَ الخَلِيلِيُّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي حَسَّانَ مَهِيبَ بْنِ سُلَيْمٍ. «بُخَارِيُّ، ثِقَةٌ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مُكْثِرٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيِّ، رَوَى عَنْهُ «المَبْسُوطَ» ، وَكُتُبًا أُخْرَى لَمْ يَرْوِهَا غَيْرُهُ». وَأَشَارَ إِلَيْهِ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ
(2)
.
18 -
«المُسْنَدُ الكَبِيرُ» . قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «المُسْنَدُ الكَبِيرُ» : ذَكَرَهُ الفِرَبْرِيُّ». وَقَالَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: «بَيَّنَاهُ فِي «المُسْنَدِ»
(3)
.
19 -
«الهِبَةُ» . وَهُوَ مِنْ رِوَايةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ الوَرَّاقِ، وَنَقَلَ الذَّهَبِيُّ عَنْهُ أَنهُ قَالَ:«قَرَأَ عَلَيْنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ كِتَابَ «الهِبَةِ» ، فَقَالَ: «لَيْسَ فِي هِبَةِ
(1)
«جَامِعُ التِّرْمِذِيِّ» (5/ 645)، وَ «هُدَي السَّارِي» (492).
(2)
«الإِرْشَادُ» للخَلِيلِيِّ (3/ 973)، وَ «هُدَي السَّارِي» لِابْنِ حَجَرٍ (492).
(3)
«التَّارِيخُ الكَبِيرِ» (5/ 2)، وَ «هُدَي السَّارِي» (492).
وَكِيْعٍ إِلَّا حَدِيْثَانِ مُسْنَدَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ. وَفِي كِتَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ خَمْسَةٌ أَوْ نَحْوهُ. وَفِي كِتَابِي هَذَا خَمْسُ مَائَةِ حَدِيثٍ أَوْ أَكْثَرُ»
(1)
.
20 -
«الوِحْدَانُ» . وَهُوَ مَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا حَدِيثٌ وَاحِدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، قَالَ ذَلِكَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، وَذَكَرَ أَنَّ الحَافِظَ ابْنِ مَنْدَه قَدْ نَقَلَ مِنْهُ فِي «كِتَابِ المَعْرِفَةِ» ، وَقَدْ اسْتَفَادَ مِنْهُ أَيْضًا أَبُو نُعَيْمٍ، وَابْنُ كَثيرٍ
(2)
.
21 -
«جُزْءٌ فِي الِاعْتِقَادِ» . أَمْلَاهُ فِي آخِرِ حَياتِهِ، ذَكَرَهُ اللَّالَكَائِيُّ بِنَصَّهِ فِي «شَرْحِ أُصُولِ الِاعْتِقَادِ» .
وَقَدْ تَرَكَ رحمه الله بَعْدَهُ عِلْمًا نَافِعًا لِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ، فَعَمَلُهُ فِيهِ لَمْ يَنْقَطِعْ بَلْ هُوَ مَوْصُولٌ بِمَا أَسْدَاهُ مِنَ الصَّالِحَاتِ فِي الحَيَاةِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»
(3)
.
(1)
«سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (12/ 410 - 411.
(2)
«هُدَي السَّارِي» (488)، وَ «مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ» لأَبِي نُعَيْمٍ (2/ 124)، وَ «جَامِعُ المَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ» (1/ 44).
(3)
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» (بِرَقَمْ 14/ 1631) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
الفَصْلُ الثَّانِي
تَعْرِيفُ الأَجْزَاءِ الحَدِيثِيَّةِ
الجُزْءُ فِي اصْطِلَاحِ المُحَدِّثِيْنَ: هُوَ تَأْلِيفٌ يَجْمَعُ الأَحَادِيثَ المَرْوِيَّةَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ، سَوَاءً كَانَ الرَّجُلُ مِنْ طَبَقَةِ الصَّحَابَةِ أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ: كَ «جُزْءِ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ» ، وَ «جُزْءِ حَدِيثِ مَالِكٍ» .
كَمَا أَنَّ الجُزْءَ يُطْلَقُ عَلَى التَّأْلِيفِ الَّذِي يَدْرُسُ أَسَانِيدَ الحَدِيثِ الوَاحِدِ.
كَمَا أَنَّ الأَجْزَاءَ الحَدِيثِيَّةَ قَدْ تُوضَعُ فِي بَعْضِ المَوْضُوعَاتِ الجُزْئِيَّةِ، مِثْلَ «جُزْءِ القِرَاءَةِ خَلْفَ الإِمَامِ» ، وَ «جُزْءِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» ، لِلبُخَارِيِّ، وَ «الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الحِدِيثِ» ، لِلْخَطِيبِ البَغْدَادِيِّ.
وَقَدْ يُجْمَعُ فِي الجُزْءِ أَحَادِيثُ انْتَخَبَهَا المُؤَلِّفُ لِمَا لهَا وَقْعٌ فِي نَفْسِهِ، كَ «العُشَارِيَّاتِ» ، وَ «الأَرْبَعِينَاتِ» ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَيَتَفَاوَتُ حَجْمُ الأَجْزَاءِ مِنْ بِضْعِ أَوْرَاقٍ إِلَى العَشَرَاتِ، وَالغَالِبُ أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً، وَتَمْتَازُ بِإِبْرَازِ عِلْمِ الأَئِمَّةِ.
الفَصْلُ الثَّالِثُ
ذِكْرُ أَشْهَرِ المُؤَلَّفَاتِ فِي البِرِّ وَالصِّلَةِ
خَصَّصَ المُصَنِّفُونَ الأَوَائِلُ مِمَّنْ جَمَعَ وَصَنَّفَ فِي الحَدِيثِ، أَبْوَابًا فِي البِرِّ وَالصِّلَةِ، كَالإِمَامِ البُخَارِيِّ رحمه الله حَيْثُ أَوْرَدَ فِي «صَحِيحِهِ» كِتَابًا بِعِنْوَانِ:«الأَدَبِ» . وَكَالإِمَامِ مُسْلِمٍ رحمه الله حَيْثُ أَوْرَدَ فِي «صَحِيحِهِ» كِتَابًا بِعِنْوَانِ: «البِرِّ وَالصِّلَةِ وَالآدَابِ» . وَكَذَلِكَ غَيْرِهِمْ مِنَ الأَئِمَّةِ رَحْمَهُمْ اللهُ تَعَالَى وَهَكَذَا لَا يَخْلُو مُصَنَّفٌ مِنَ المُصَنَّفَاتِ الحَدِيثِيَّةِ الَّتِي رُتِّبَتْ عَلَى الأَبْوَابِ مِنْ رِوَايَاتٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِبِرِّ الوَالِدَيْنِ، وَصِلَةِ الأَرْحَامِ.
أَمَّا المُؤَلَّفَاتُ الَّتِي جَمَعَتْ الرِّوَايَاتِ المُتَعَلِّقَةَ بِبِرِّ الوَالِدَيْنِ فِي كِتَابٍ مُفْرَدٍ، فَهِيَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:
1 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ. تُوُفِّيَ (256 هِ).
2 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . لأَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الحَرْبِيِّ البَغْدَادِيِّ الشَّافِعِيِّ. تُوُفِّيَ (285 هِ).
3 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . لأَبِي مُحَمَّدٍ القَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ القُرْطُبِيِّ المَالِكِيِّ. تُوُفِّيَ (340 هِ).
4 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . لأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، المَعْرُوفِ بِأَبِي الشَّيْخِ الأَصْبَهَانِيِّ. تُوُفِّيَ (369 هِ). ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي «سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (19/ 483)، وَالسَّمْعَانِيُّ فِي «التَّحْبِيرِ» (351).
5 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . لأَبِي مُوسَى يُمنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يُمنِ التُّجِيبِيِّ الطُّلَيْطِلِيِّ. تُوُفِّيَ (390 هِ). ذَكَرَهُ ابْنُ بَشْكُوَالٍ فِي «الصِّلَةِ» (652).
6 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . لأَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ الخَلَّالِ البَغْدَادِيِّ. تُوُفِّيَ (439 هِ). ذَكَرَهُ ابْنُ خَيْرِ الإِشْبِيلِيُّ فِي «فِهْرِستِهِ» (278).
7 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . لِأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطُّرْطُوشِيِّ الأَنْدَلُسِيِّ. تُوُفِّيَ (520 هِ). ط سَنَةَ 1986 م بِبَيْروت.
8 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . لتَقِيِّ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الكَافِي السُّبْكِيِّ. تُوُفِّيَ (756 هِ). يُوجَدُ مِنْهُ نُسْخَةٌ فِي مَكَتَبَةِ الدَّولَةِ بِرْلِين.
9 -
«مُوجِبُ دَارِ السَّلَامِ فِي بِرِّ الوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الأَرْحَامِ» . لجَمَالِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ النَّاشِرِيِّ الزُّبَيْدِيِّ. تُوُفِّيَ (906 هِ). ط.
10 -
«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» . لِمُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الخَطِيبِ الشِّرْبِينِيِّ. تُوُفِّيَ (977 هِ). يُوجَدُ مِنْهُ نُسْخَةٌ فِي دَارِ الكُتُبِ المَصْرية.
11 -
«سَعَادَةُ الدَّارَيْنِ فِي بِرِّ الوَالِدَيْنِ» . لأَبِي الفُتُوحِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيِّ الحَلَويِّ. تُوُفِّيَ (1195 هِ).
12 -
«مَطَالِعُ البُدُورِ فِي جَوَامِعِ أَخْبَارِ البُّرْورِ» . لأَبِي الفَيْضِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصِّدِّيقِ الغُّمَّارِيِّ. تُوُفِّيَ (1380 هِ). ط.
وَأَمَّا المُؤَلَّفَاتُ الَّتِي جَمَعَتْ الرِّوَايَاتِ المُتَعَلِّقَةَ بِالبِرِّ وَالصِّلَةِ فِي كِتَابٍ مُفْرَدٍ، فَهِيَ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا:
1 -
«البِرُّ وَالصِّلَةِ» . لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الحُسَيْنِ بْنِ الحَسَنِ بْنِ حَرْبٍ المَرْوَزِيِّ السُّلَمِيِّ. تُوُفِّيَ (246 هِ). ط.
2 -
«البِرُّ وَالصِّلَةِ» . لابْنِ الجَوْزِيِّ، تُوُفِّيَ (597 هِ)، وَهُوَ كِتَابٌ حَافِلٌ بِالأَحَادِيثِ وَالآثَارِ. ط.
3 -
«أَسْنَى المُطَالَبُ فِي صِلَةِ الأَقَارِبِ» . لشِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، المَعْرُوفِ بِابْنِ حَجَرٍ الهَيْتَمِيِّ. تُوُفِّيَ (974 هِ). ط.
الفَصْلُ الرَّابِعُ
«كِتَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» ، لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ
وَفِيهِ عِدَّةُ مَبَاحِثَ:
الأَوَّلُ: اسْمُ الكِتَابِ، وتَوْثِيقُ نِسْبَتهُ لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ.
الثَّانِي: سَنَدُ الكِتَابِ وَالتَّعْرِيفُ بِرُوَاتِهِ.
الثَّالِثُ: مَنْهَجُ الإِمَامِ البُخَارِيِّ فِي «كِتَابِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» .
وَيَشْتَمِلُ عَلَى الآتِي:
وَصْفُ الكِتَابِ، وَتَقْسِيمُ أَحَادِيثهِ.
الصَّنَاعَةُ الإِسْنَادِيَّةِ فِي الكِتَابِ.
تَعْلِيْقَاتُ البُخَارِيِّ فِي الكِتَابِ.
فَوَائِدٌ إِسْنَادِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِ «جُزْءِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» .
صِنَاعَةُ المَتْنِ فِي الكِتَابِ.
مَصَادِرُ الإِمَامِ البُخَارِيِّ فِي كِتَابِهِ «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» .
مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الكِتَابُ مِنَ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ.
نَظْرَةٌ عَامَةٌ عَلَى «كِتَابِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ.
المَبْحَثُ الأَوَّلُ
اسْمُ الكِتَابِ، وتَوْثِيقُ نِسْبَتهُ لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ
أَوَّلًا: اتَّفَقَ كُلُّ مِنْ تَرْجَمَ لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ رحمه الله وَذَكَرَ مُؤَلَّفَاتِهِ عَلَى تَسْمِيَةِ الكِتَابِ بِ «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» . كَمَا سَيَأْتِي فِي صِحْةِ نِسْبَتِهِ مِنَ النُّقُولَاتِ عَنْهُمْ.
وَثَبَتَتْ نِسْبَةُ «كِتَابِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» إِلَى الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيِّ، وَذَلِكَ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ:
الأَوَّلُ: رِوَايَتُهُ بِالإِسْنَادِ المُتَّصِلِ إِلَى الإِمَامِ البُخَارِيِّ رحمه الله.
الثَّانِي: نَسَبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي كُتُبِهِمْ وَأَثْبَاتِهِمْ إِلَى الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيِّ رحمه الله مِنْهُمْ:
1 -
الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، حَيْثُ سَمِعَهُ عَلَى أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ البَخْتَرِيِّ، قَالَ:«فَمِنْ جُمْلَةِ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ: «كِتَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» ، لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ البُخَارِيِّ، بِرِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ خَلَفٍ، عن أَبِي يَعْلَى المُهَلَّبِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ دِلُّوْيَهْ، عَنْهُ».
وَسَمِعَهُ أَيْضًا عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ أَبِي بِشْرٍ الخِرَقِيِّ النَّيْسَابُورِيِّ. حَيْثُ قَالَ: «وَمِنْ جُمْلَةِ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ: «كِتَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ،
لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ البُخَارِيِّ، بِرِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ خَلَفٍ، عن أَبِي يَعْلَى المُهَلَّبِيِّ، عَنْ ابْنِ دِلُّوْيَهْ، عَنْهُ»
(1)
.
2 -
الحَافِظُ صَلاحُ الدِّينِ أَبُو سَعِيدٍ خَلِيلُ بْنُ كَيْكَلدِيُّ العَلائِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، حَيْثُ قَالَ: «وَقَدْ وَقَعَ لِي عِدَّةٌ مِنْ تَصَانِيفِ الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ البُخَارِيِّ،
…
وَ «كِتَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لَهُ أَيْضًا فِي جُزْءٍ لَطِيفٍ. قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الهَيْجَاءِ الصَّالِحِيِّ، وَأَخْبَرَنَا بِهِ عَنْ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ الصُّورِيِّ، سَمَاعًا عَلَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَتْنَا أُمُّ المُؤَيَّدِ زَيْنَبُ ابْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَسَنِ الشَّعْرِيِّ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ، وَأُخْتُهُ عَائِشَةُ ابْنَا أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الصَّفَّارِ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ أَيْضًا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّفْلِيسِيُّ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّوْيَهْ الدَّقَّاقُ، أَنْبَأَنَا البُخَارِيُّ رحمه الله»
(2)
.
(1)
«المُنْتَخَبُ مِنْ مُعْجَمِ شُيُوخِ السَّمْعَانِيِّ» (1175 - 1360).
(2)
«إِثَارَةُ الفَوَائِدِ المَجْمُوعَةِ» (1/ 136 - 137).
3 -
الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رحمه الله: حَيْثُ عَدَّهُ ضِمْنَ مُصَنَّفَاتِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ، فَقَالَ:«بِرُّ الوَالِدَيْنِ» ، يَرْوِيهِ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ دِلُّوْيَهْ الوَرَّاقُ»
(1)
.
وَذَكَرَهُ الحَافِظُ أَيْضًا فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرِسِ» ، فَقَالَ:«كِتَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» للبُخَارِيِّ، قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ عَليِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي المَجْدِ بِالقَاهِرَةِ، وَعَلَى أُمِّ الحَسَنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنَجَّا بِدِمَشْقَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ ابْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الهَيْجَاءِ بْنِ الزَّرَّادِ، أَنْبَأَنَا عَليُّ بْنُ يُوسُفَ الصُّورِيُّ قَالَ قُرِئَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحَمْنِ الشَّعَرِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ أَنْبَأَنَا عُمَرُ، وَعَائِشَةُ ابْنَا أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الصَّفَّارِ، قَالَ عُمَرُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّفْلِيسِيُّ، قَالَا أَنبأَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّوْيَهْ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، بِهِ. وَبِإِجَازَةِ فَاطِمَةَ مِنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي عُمَرَ، مِنْ عُمَرَ بْنِ كَرَمِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ، بِإِجَازَتِهِ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الصَّفَارِ، بِهِ.
(1)
«هُدَي السَّارِي» (492).
وَبِإِجَازَةِ أَبِي الحَسَنِ بْنِ أَبِي المَجْدِ، مِنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الخَالِقِ بْنِ أَنْجَبَ، بِإِجَازَتِهِ مِنْ عَبْدِ الخَالِقِ ابْنِ زَاهِرِ بْنِ طَاهِرٍ بِسَمَاعِهِ من التَّفْلِيسِيِّ، بِهِ»
(1)
.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «وَكِتَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» للبُخَارِيِّ، بِإِجَازَتِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الهَيْجَاءِ بْنِ الزَّرَّادِ، بِسَمَاعِهِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ الصُّورِيِّ، بِسَمَاعِهِ مِنْ زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحَمْنِ الشَّعْرِيَّةِ، بِسَمَاعِهَا مِنْ عَائِشَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الصَّفَّارِ، قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّفْلِيسِيُّ، وَبِسَمَاعِ زَيْنَبَ أَيْضًا مِنْ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بن مَنْصُورٍ، بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ ابْنَ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ. وَبِإِجَازَةِ المُسمِّعَةِ مَنِ التَقَى سُلَيْمَانَ بِإِجَازَتِهِ مِنْ عُمَرَ بْنِ كَرَمٍ، بِإِجَازَتِهِ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلَفٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّوْيَهْ، قال أَخْبَرَنَا البُخَارِيُّ. وَبِإِجَازَةِ المُسمِّعَةِ لِمَا فِيْهِ مِنَ الصَّحِيحِ مَنِ التَقَى سُلَيْمَانَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعِيسَى المُطْعِمِ، وَسِتِّ الوُزَرَاءِ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ
(1)
«المُعْجَمُ المُفَهْرِسُ» ، أَوْ «تَجْرِيدُ أَسَانِيدِ الكُتُبِ المَشْهُورَةِ وَالأَجْزَاءِ المَنْثُورَةِ» (83 - 84 بِرَقَمْ 231).
المُنَجَّا، وأَحْمَدَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الحَجَّارِ، بِسَمَاعِ الخَمْسَةِ مِنْ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بْنِ شُعَيْبٍ السِّجْزِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا الدَّاوُدِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا الحَمَوِيُّ، قال أَخْبَرَنَا الفَرَبْرِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا البُخَارِيُّ»
(1)
.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ» (5/ 436): «وَمُحَمَّدُ بْنُ دِلُّوْيَهْ الوَرَّاقُ، رَوَى عَنْهُ «كِتَابَ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» .
وَقَالَ الحَافِظُ أيْضًا «تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ» (3/ 133)، وَ «فَتْحِ البَارِي» (1/ 38):«وَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، فَقَالَ البُخَارِيُّ فِي «كِتَابِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» مِنْ تَأْلِيفِهِ خَارِجَ الصَّحِيحِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ أَرَى الفِتَنَ تَقَعُ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ» .
وَهُوَ الحَدِيثُ (رَقَمْ 57) فِي الجُزْءِ.
وَقَالَ الحَافِظُ فِي «فَتْحِ البَارِي» (4/ 95): «وَأَمَّا مُتَابَعَةُ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ فَوَصَلَهَا المُؤَلِّفُ فِي «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لَهُ خَارِجَ الصَّحِيحِ».
وَهُوَ الحَدِيثُ (رَقَمْ 58) فِي الجُزْءِ.
(1)
«المَجْمَعُ المُؤَسِّسُ لِلمُعْجَمِ المُفَهْرِسِ» لِابْنِ حَجَرٍ (2/ 392 - 393).
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «فَتْحِ البَارِي» (1/ 62): «بَابُ تُبَلُّ الرَّحِمِ زِيَادَة عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَصَلَهَا المُؤلِّفُ فِي «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لَهُ خَارِجَ الجَامِعِ».
وَهُوَ الحَدِيثُ (رَقَمْ 75) فِي الجُزْءِ.
وَقَالَ الحَافِظُ في «فَتْحِ البَارِي» (5/ 219): «وَطَرِيقُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ المُعَلَّقَةُ وَصَلَهَا البُخَارِيُّ فِي «كِتَابِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لَهُ وَهُوَ مُفْرَدٌ وَسَمِعْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ دِلُّوْيَهْ عَنْهُ».
وَهُوَ الحَدِيثُ (رَقَمْ 69) فِي الجُزْءِ.
4 -
وَكَذَلِكَ نَسَبَهُ لَهُ المِزِّيُّ فِي «تَهْذِيبِ الكَمَالِ» (12/ 40)، فَقَالَ عَقِبَ حَدِيثِ:«لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِالقَدَرِ» . «رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي «كِتَابِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَوَافَقْنَاهُ فِيْهِ بِعُلُوٍّ».
وَهُوَ الحَدِيثُ (رَقَمْ 33) فِي الجُزْءِ.
5 -
وَكَذَلِكَ نَسَبَهُ لَهُ الحَافِظُ السَّخَاوِيُّ، فَقَالَ عَقِبَ حَدِيثِ:«بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ» : «رَوَاهُ الحَاكِمُ فِي «المُسْتَدْركِ» . وَقَالَ: «صَحِيحُ الإِسْنَادِ» . وَابْنُ حِبَّانَ فِي «ثِقَاتِهِ» ، وَ «صَحِيحِهِ» ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي «الكَبِيرِ» ،
وَالبُخَارِيُّ في «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لَهُ، وَإِسْمَاعِيلُ القَاضِي، وَالبَيْهَقِيُّ فِي «شُعَبِ الإِيمَانِ» ، وَسَموَيْهِ فِي «فَوَائِدِهِ» ، وَالضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ»
(1)
.
وَهُوَ الحَدِيثُ (رَقَمْ 24) فِي الجُزْءِ.
6 -
وَكَذَلِكَ نَسَبَهُ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ البَلَوِيُّ الوَادِي آشِيُّ فِي «بَرْنَامَجِهِ»
(2)
، فِي ذِكْرِ مُؤَلَّفَاتِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ، فَقَالَ:«وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ» لَهُ»
(3)
.
7 -
وَكَذَلِكَ نَسَبَهُ لَهُ ابْنُ الرُّودَانِيُّ المَكِّيُّ، فَقَالَ:«كِتَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيِّ، بِهِ إِلَى العِزِّ بْنِ جُمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ ابْنِ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّعْرِيِّ، عَنْ
(1)
«القَولُ البَدِيعُ في الصَّلاةِ عَلَى الحَبِيبِ الشَّفِيعِ» لِلحَافِظِ شَمْسِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّخَاوِيِّ (147).
(2)
«البَرْنَامَجُ» : بِفَتْحِ المُوَحَّدَةِ وَالمِيمِ، صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ فِي المَشَارِقِ، وَقِيْلَ: بِكَسْرِ المِيمِ، وَقِيْلَ: بِكَسْرِهِمَا كَمَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ «المُوَطَّأِ» : الوَرَقَةُ الجَامِعَةُ لِلْحِسَابِ، وَعِبَارَةُ المَشَارِقَةِ: زِمَامٌ يُرْسَمُ فِيْهِ مَتَاعُ التُّجَارِ وَسِلَعِهِمْ، وَهُوَ مُعَرَّبُ بَرْنَامَةُ وَأَصْلُهَا فَارِسِيَّةٌ، وَجَمْعُهُ بَرْامِجُ. وَفِي اصْطِلَاحِ المُحَدِّثِينَ: الكِتَابُ الَّذِي يَكْتُبُ فِيْهِ المُحَدِّثُ أَسمَاءَ شُيُوخِهِ، وَأَسَانِيدَ مَرْوِيَّاتِهِ. «الرِّسَالَةُ المُسْتَطْرَفَةِ» (137 - 138).
(3)
«ثَبْتُ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ البَلَوِيِّ الوَادِي آشِيِّ» (118).
عُمَرَ بْنِ مَنْصُورٍ الصَّفَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، عَنْ أَبِي يَعْلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّوْيَهْ، عَنْهُ»
(1)
.
8 -
وَكَذَلِكَ نَسَبَهُ إِلَيْهِ حَاجِيُّ خَلِيفَةُ
(2)
.
9 -
وَذَكَرَهُ صِدِّيقُ حَسَنُ خَانَ فِي تِعْدَادِ مُؤَلَّفَاتِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ، فَقَالَ:«وَمِنْهَا: «بِرُّ الوَالِدَيْنِ» ، وَيَرْوِيهِ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ دِلُّوْيَهْ الوَرَّاق»
(3)
.
ثَانِيًا: رَاوِي جُزْءِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ هُوَ ابْنُ دِلُّوْيَهْ رحمه الله.
وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، مِنْهُمْ:
1 -
الإِمَامُ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَحِيْرٍ البَحِيْرِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، فِي «الثَّانِي» (بِرَقَمْ 42)، وَ «السَّابِعِ مِنْ فَوَائِدِهِ» (بِرَقَمْ 100) أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ المُزَكِّي، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّوْيَهْ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ أَبُو ثَابِتٍ المَدَنِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ
طَلْحَةَ الوَقَّاصِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: «لَمَّا نَزَلَتْ:
…
الحَدِيثَ».
وَهُوَ الحَدِيثُ (رَقَمْ 55) فِي الجُزْءِ.
2 -
الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي «السُّنَنِ الكُبْرَى» (2/ 403) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الحُسَيْنِيُّ رحمه الله إِمْلَاءً، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّوْيَهْ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ الوَلِيدُ بْنُ العَيْزَارِ، أَخْبَرَنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟» الحَدِيثَ.
وَهُوَ الحَدِيثُ (رَقَمْ 1) فِي الجُزْءِ.
3 -
الإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ الصَّفَّارُ، فِي «كِتَابِ الأَرْبَعِينَ فِي شُعَبِ الدِّينِ» ، رَاجِعْ حَاشِيَةَ الحَدِيثِ (رَقَمْ 18).
4 -
الإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الفَضْلِ التَّمِيمِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ، حَيْثُ رَوَى فِي «التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ» مِنْ طَرِيقِ الجُزْءِ عِدَّةَ أَحَادِيثٍ وَأَثَرٍ. رَاجِعْ تَخْرِيْجَ الرِّوَايَاتِ (رَقَمْ 12 - 14 - 16 - 18 - 19 - 20 - 26 - 33 - 49).
5 -
الإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ بْنِ هِبَةِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ، المَعْرُوفُ بِابْنِ عَسَاكِرَ، حَيْثُ رَوَى فِي «تَارِيخِ دِمَشْقَ» عَنْ طَرِيقِ الجُزْءِ أَثَرَ «مَا اغْتَبْتُ أَحَدًا مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ الغِيبَةَ تَضُرُّ أَهْلَهَا» . رَاجِعْ تَخْرِيْجَ الأَثَرِ (رَقَمْ 49).
6 -
الإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّافِعِيُّ القَزْوِينِيُّ، حَيْثُ رَوَى فِي «التَّدْوِينِ فِي أَخْبَارِ قَزْوِينَ» عَنْ طَرِيقِ الجُزْءِ أَثَرَ «مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي الجَنَّةِ» . رَاجِعْ تَخْرِيْجَ الأَثَرِ (رَقَمْ 39).
7 -
الإِمَامُ الحَافِظُ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَجَرٍ العَسْقَلَانِيُّ الشَّافِعِيُّ، حَيْثُ رَوَى فِي «تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ» عَنْ طَرِيقِ الجُزْءِ عِدَّةَ أَحَادِيثٍ وَأَثَرٍ. رَاجِعْ تَخْرِيْجَ الرِّوَايَاتِ (رَقَمْ 12 - 40 - 57 - 69 - 75).
المَبْحَثُ الثَّانِي
سَنَدُ الكِتَابِ وَالتَّعْرِيفُ بِرُوَاتِهِ
هَذَا الكِتَابُ يَرْوِيهِ الإِمَامُ العَلَمُ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّوْيَهْ الدَّقَّاق، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيِّ.
1 -
أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ المُهَلَّبِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، شَيْخُ الأَطِبَّاءِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّوْيَهْ صَاحِبَ البُخَارِيِّ، وَمُحَمَّدَ بْنَ الحُسَيْنِ القَطَّانَ، وَأَبَا حَامِدٍ بْنَ بِلَالٍ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الحَسَنِ الأَصْبَهَانِيِّ، وَجَمَاعَةً. وَتَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيْدٍ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوْسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ التَّفْلِيْسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ خَلَفٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: «صَحِبَ أَبُو يَعْلَى الصَّيْدَلَانِيُّ المَشَايخَ، وَطلبَ الحَدِيْثَ ثُمَّ تَقَدَّمَ فِي مَعْرِفَةِ الطِّبِّ» .
وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَمِيْرِ خُرَاسَانَ المُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيِّ. تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ عِيْدِ النَّحْرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ
(1)
.
(1)
تَرْجَمَتُهُ فِي: «الأَنْسَابِ» (8/ 122 - 123)، وَ «اللُّبَابِ» (2/ 254)، وَ «سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (17/ 264)، وَ «تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ» لِلذَّهَبِيِّ (3/ 1064)، وَ «العِبَرِ» (3/ 94)، وَ «شَذَرَاتِ الذَّهَبِ» لِابْنِ العِمَادِ (3/ 181).
2 -
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّوْيَهْ الدَّقَّاقُ النَّيْسَابُورِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الأَزْهَرِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ السُّلَمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، وَالبُخَارِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ المُهَلَّبِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ العَلَوِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَقِيلٍ الوَرَّاقُ النَّيْسَابُورِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ المُعَاذِيُّ، وَطَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلَوَيْهِ النَّيْسَابُورِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ مَنْصُورُ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيلِيُّ: «ثِقَةٌ» ، أَثْنَوْا عَلَيْهِ وَزَكَّاهُ الحَاكِمُ فِي «كِتَابِ النَّيْسَابُورِيِّينَ» ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ:«نَيْسَابُورِيٌ صَدُوْقٌ» . تُوُفِّي فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ (329 هِ)
(1)
.
(1)
تَرْجَمَتُهُ فِي: «الإِرْشَادِ فِي مَعْرِفَةِ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ» لِلخَلِيلِيِّ (3/ 834)، وَ «تَارِيخِ الإِسْلَامِ» لِلذَّهَبِيِّ (24/ 267).
المَبْحَثُ الثَّالِثُ
مَنْهَجُ الإِمَامِ البُخَارِيِّ فِي «كِتَابِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ»
وَيشْتَمِلُ عَلَى الآتِي:
وَصْفُ الكِتَابِ، وَتَقْسِيمُ أَحَادِيثهِ
إِنَّ النَّاظِرَ فِي كِتَابِ «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ يَجِدُ أَنَّهُ خَالٍ مِنْ مُقَدِّمَةٍ لِلمُؤلِفِ يُوضِحُ فِيهَا دَوَاعِي التَّأْلِيفِ أَوِ التَّصْنِيفِ وَطَرِيْقَتهُ فِيْهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ، كَمَا أَنَّ الإِمَامَ البُخَارِيِّ لَمْ يُبَوبْ لأَحَادِيثَ وَآثارِ الكِتَابِ، بَلْ ذَكَرَ بَعْضَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي لَمْ أَصِلْ إِلَى قَصْدِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ، مِنْ سِياقِهَا فِي كِتَابِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ صَرَاحَةً. لأَنَّهُ قَدْ يُشِيرُ إِلَى مَعْنَى خَفِيٍّ أَرَادَهُ مِنْ الرِّوَايَةِ، مِمَا يَدُلُ عَلَى فِقْهِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ، وَقَدْ وَجَدتُ لَهَا تَأْوِيلًا سَائِغًا عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ ذَكَرْتُهُ هُنَالِكَ فِي مَوضِعِهِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ تُقَسَّمَ نُصُوصُ جُزْءِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ إِلَى الأَقْسَامِ الآتِيَةِ:
القِسْمُ الأَوَّلُ: نُصُوصٌ تَتَعَلَّقُ بِمَوْضُوعِ الكِتَابِ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ،
وَهِيَ:
1 -
«أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الوَالدَيْنِ» .
2 -
«حَلَفَتْ أُمِّي أَنْ لَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ حَتَّى تُفَارِقَ مُحَمَّدًا» .
3 -
4 -
«قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لَكَ أَبَوَانِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» .
5 -
6 -
«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ، وَيُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ» .
7 -
«ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ .... وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» .
8 -
«ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُمْ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا: عَاقٌّ» .
9 -
«لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ» .
10 -
«أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ» .
11 -
«رَغِمَ أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ؟ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الكِبْرِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ» .
12 -
«إِذَا نَظَرَ الوَالِدُ إِلَى وَلَدِهِ فَسَّرَهُ كَانَ لِلْوَلَدِ عِتْقُ نَسَمَةٍ» .
13 -
«إِنَّ أَبَرَّ البِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ» .
14 -
«لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِالقَدَرِ» .
القَسَمُ الثَّانِي: نُصُوصٌ مُلْحَقَةٌ بِمَوْضُوعِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ بِشَكْلٍ غَيْرَ مُبَاشِرٍ، وَهِيَ أَحَادِيثُ صِلَةِ الرَّحِمِ،
وَهِيَ:
1 -
«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» .
2 -
3 -
«لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ» .
4 -
«لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي تُقْطَعُ رَحِمُهُ فَيَصِلَهَا» .
5 -
«إِنَّ الرَّحْمَةَ لَا تَنْزِلُ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ قَاطِعُ رَحِمٍ» .
6 -
7 -
8 -
«لَئِنْ كُنْتَ أَقَصَرْتَ الخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ المَسْأَلَةَ
…
وَالفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الظَّالِمِ».
9 -
«أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ» .
10 -
«أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ، كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ» .
11 -
12 -
13 -
14 -
«ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ، فَهَكَذَا، وَهَكَذَا» ، «يَقُولُ: بَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ».
15 -
«أَنْ تُقْطَعَ الأَرْحَامُ، وَيُطَاعَ المُغْوِي، وَيُعْصَى المُرْشِدُ» .
16 -
«وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا» .
القِسْمُ الثَّالِثُ: نُصُوصٌ مِنْ حَيْثُ ظَاهِرُهَا لَيْسَ لَهَا عَلَاقَةٌ بِمَوْضُوعِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ، لَكِنْ رَأَيْتُ لَهَا تَأْوِيلًا سَائِغًا
(1)
، وَهِيَ:
(1)
وَلِيَعْلَمَ القَارِئُ الكَرِيمُ أَنَّ هَذِهِ المُنَاسَبَاتِ الَّتِي تُذْكَرُ لِبَيَانِ مَعَانِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ، إِنَّمَا هِيَ اجْتِهَادِيَّةٌ تَحْتَاجُ إِلَى كَثِيرِ تَأَمُلٍ وَنَظَرٍ وَبَحْثٍ، وَذَلِكَ لِمَا عُلْمَ عَنِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ رحمه الله مِنْ عُمْقِ التَّفْكِيرِ وَبُعْدِ الإِشَارَاتِ.
1 -
2 -
«مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا» .
3 -
«إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» .
4 -
«مَنْ لَا يَعْلَمُ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ، فَهُوَ عَالِمٌ» .
5 -
«لَا تَغْضَبْ» .
6 -
«لَيْسَ الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ النَّاسَ، وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ» .
7 -
8 -
«أَتَدْرُونَ مَا السَّلَامُ؟ السَّلَامُ: أَنْتَ آمِنٌ مِنِّي، أَنْتَ سَالِمٌ مِنِّي» .
9 -
10 -
«دُونَكِ، فَانْتَصِرِي» .
11 -
«إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ أَنَّهُ أَحَبَّهُ» .
12 -
«مَا اغْتَبْتُ أَحَدًا مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ الغِيبَةَ تَضُرُّ أَهْلَهَا» .
13 -
14 -
15 -
«أَلَا إِنَّ الفِتْنَةَ هُنَا يُشِيرُ إِلَى المَشْرِقِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» .
16 -
«يُكَرِّرُ عَلَيْنَا الخُصُومَةَ بَعْدَ الَّذِي كَانَ لَنَا فِي الدُّنْيَا، قَالَ: «نَعَمْ» . قُلْتُ: إِنَّ الأَمْرَ لَشَدِيدٌ».
17 -
«هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ أَرَى الفِتَنَ تَقَعُ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ» .
18 -
19 -
«يَتَعَوَّذُ مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ وَالسُّفَهَاءِ» .
20 -
«مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» .
الصَّنَاعَةُ الإِسْنَادِيَّةِ فِي الكِتَابِ
إِنَّ المُتَأَمِّلَ فِي «جُزْءِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ يُلَاحِظُ جَوانِبَ إِسْنَادَيْهً مُهِمَّةً تُشِيرُ إِلَى مَكَانَتِهِ العِلْمِيَّةِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الإِبْدَاعِ فِي صِنَاعَةِ الأَسَانِيدِ، وَسَأَذْكُرُ هُنَا شَيْئًا مِنْ صِنَاعَتِهِ الإِسْنَادِيَّةِ فِي الكِتَابِ:
1 - الجَمْعُ بَيْنَ الشُّيُوخِ:
فَقَدْ جَمَعَ الإِمَامُ البُخَارِيِّ بَيْنَ شَيْخَيْنِ، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ شَيْخَيْنِ فِي الطَّرِيقِ الوَاحِدِ، وَإِنَّمَا يَلْجَأُ البُخَارِيُّ إِلَى الجَمْعِ بَيْنَ الشُّيُوخِ عِنْدَ تَسَاوِي مَرْتَبَةِ شَيْخَيْهِ، وَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَتْنِ الحَدِيثِ وَسَنَدِهِ.
فَمَثَلًا قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ يَعْنِي: ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
نَجِدَ فِيْهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَبِي النُّعْمَانِ مُحَمَّدِ بْنِ الفَضْلِ السَّدُوسِيِّ البَصْرِيِّ، وَمُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيِّ. ثِقَاتٌ أَثبَاتٌ.
2 - تَمْيِيزُ الرَّاوِي:
وَذَلِكَ مَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 36) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، هُوَ: ابْنُ زَيْدٍ المُحَارِبِيُّ، أَبُو إِدَامٍ.
وَمَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 56) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ القُمِّيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، هُوَ: ابْنُ أَبِي المُغِيرَةِ.
وَمَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 69) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرٍو، وَهُوَ: ابْنُ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.
3 - التَّمْيِيزُ بَيْنَ المَرْفُوعِ وَالمَوْقُوفِ:
وَذَلِكَ مَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 65) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَالحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ سُفْيَانُ: وَلَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَفَعَهُ الحَسَنُ وَفِطْرٌ، إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي تَوَلَّتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» .
تَعْلِيْقَاتُ البُخَارِيِّ فِي الكِتَابِ
لَمْ يُكْثِرْ الإِمَامُ البُخَارِيُّ مِنْ تَعْلِيقَاتِهِ عَلَى الأَحَادِيثِ، فَقَدْ أَوْرَدَ تَعْلِيْقَيْنِ فِي جَمِيعِ كِتَابِهِ، وَيُمْكِنُ أنْ نُقَسِّمَ هَذِهِ التَّعْلِيقَاتِ عَلَى نَوْعَيْنِ:
الأَوَّلُ: بَيَانُ مَذْهَبِهِ فِي المَسْأَلَةِ: وَذَلِكَ مَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 41) حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» .
قَالَ البُخَارِيُّ: «وَبِهِ نَأْخُذُ» .
الثَّانِي: النَّصُّ عَلَى تَصْحِيْحِ طَرِيقٍ: حَيْثُ قَالَ عَقِبَ الحَدِيثِ (رَقَمْ 55): «وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ الزُّبَيْرُ. وَرَوَاهُ شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ، وَأَلفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ الأَوَّلِ» .
فَوَائِدٌ إِسْنَادِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِ «جُزْءِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ»
1 - تَعْلِيقُ الإِسْنَادِ:
حَيْثُ أَوْرَدَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ أَثَرًا مُعَلَّقًا فِي الجُزْءِ، وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالحَدِيثِ (رَقَمْ 41): قَالَ البُخَارِيُّ: «قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: «مَنْ لَا يَعْلَمُ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ، فَهُوَ عَالِمٌ» .
2 - رِوَايَتُهُ عَنْ شُيُوخِهِ جَاءَتْ بِصِيْغَةِ الأَدَاءِ:
«حَدَّثَنَا» ، «حَدَّثَنِي» ، وَهِيَ مِنْ أَرْفَعِ صِيَغِ الأَدَاءِ.
3 - عَالِي الإِسْنَادِ:
نَحْوَ مَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 25) حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ، سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ:«ارْتقَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . الحَدِيثَ.
وَمَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 36) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، هُوَ: ابْنُ زَيْدٍ المُحَارِبِيُّ، أَبُو إِدَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ الرَّحْمَةَ لَا تَنْزِلُ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ قَاطِعُ رَحِمٍ» .
وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ وَصَلَ بِهَا الإِمَامُ البُخَارِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثَةِ رُوَاةٍ.
3 -
نَازِلُ الإِسْنَادِ: نَحْوَ مَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 61) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
فَوَصَلَ بِهِ البُخَارِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسِتَّةِ رُوَاةٍ.
4 - وَصْلُ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ المُعَلَّقَةِ فِي «الجَامِعِ الصَّحِيحِ» :
انْظُرْ الرِّوَايَات (رَقَمْ 40 - 69 - 75).
صِنَاعَةُ المَتْنِ فِي الكِتَابِ
1 - التَّمْيِيزُ بَيْنَ قَوْلِهِ: «مِثْلُ» ، وَ «نَحْوُ»:
وَهَذَا مِنْ عَادِةِ المُحَدِّثِينَ الأَوَائِلِ، قَالَ الحَاكِمُ:«يَلْزَمُ الحَدِيثِيَّ مِنَ الإِتْقَانِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ «مِثْلَهُ» ، «وَنَحْوَهُ» فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ إِلَّا إِذَا اتَّفَقَا فِي اللَّفْظِ، وَيَحِلُّ «نَحْوَهُ» إِذَا كَانَ بِمَعْنَاهُ»
(1)
.
فَمِثَالُ مَا قَالَ فِيْهِ «مِثْلَهُ» .
مَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 1) حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ العَيْزَارِ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:(سَأَلتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قُلَتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ». قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي).
وَمَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 2) حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، أَخْبَرَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ، يَعْنِي دَّارَ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
وَمِثَالُ مَا قَالَ فِيْهِ «نَحْوَهُ» .
مَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 60) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ المَشْرِقَ يَقُولُ:«أَلَا إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا، أَلَا إِنَّ الفِتْنَةَ مِنْ هَا هُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» .
وَمَا رَوَاهُ (بِرَقَمْ 61) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ.
2 - عَدَمُ تَكْرَارِ شَيءٍ مِمَّا أَوْرَدَهُ:
ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُكَرِّرْ حَدِيثًا بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُغَايَرَةٍ، تَتَمَثَّلُ غَالِبًا فِي تَعَدُّدِ الطُّرُقِ الَّتِي وَصَلَهُ الحَدِيثُ مِنْهَا، وَهَذَا مِنْ شَأْنِهِ تَقْوَيِةُ الحَدِيثِ وَرَفْعُهُ مِنْ دَرَجَةٍ إِلَى الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْهَا.
مَصَادِرُ الإِمَامِ البُخَارِيِّ فِي كِتَابِهِ «بِرِّ الوَالِدَيْنِ»
إِنَّ الإِمَامَ البُخَارِيَّ رحمه الله مُحدِّثًا يَسُوقُ كُلَّ مَا رَوَاهُ مِنَ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ، فِي كِتَابِ «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» وَغَيْرِهِ بِالأَسَانِيدِ، وَقَدْ بَلَغَ عَدَدَ شُيُوخِهِ الَّذِينَ أَخْرَجَ عَنْهُمْ فِي «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» (43) شَيْخًا. وَهُمْ كَالآتِي:
م
اسْمُ شَيْخِهِ
عَدَدُ مَرْوِيَاتِهِ
أَرْقَامُهَا
1
إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ
. 1
51
2
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى
. 1
47
3
ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ
. 1
24
4
أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ
. 1
42
5
آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ
. 5
2، 41، 63، 74، 76
6
أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ
. 1
64
7
بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ
. 2
18، 70
8
حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ
. 1
38
9
حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ
. 1
32
م
اسْمُ شَيْخِهِ
عَدَدُ مَرْوِيَاتِهِ
أَرْقَامُهَا
10
الحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ
. 1
54
11
خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ
. 2
21، 62
12
سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ
. 1
35
13
سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ
. 1
61
14
سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ
. 1
12
15
سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ
. 2
33، 72
16
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ
. 1
68
17
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ
. 6
26، 31، 37، 53، 60، 69
18
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ المُقْرِيُّ
. 1
27
19
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ
. 1
71
20
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى
. 1
36
21
عَبْدَانُ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ
. 1
59
22
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المَدِينِيِّ
. 3
10،28، 39
23
قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ
. 1
19
م
اسْمُ شَيْخِهِ
عَدَدُ مَرْوِيَاتِهِ
أَرْقَامُهَا
24
قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ
. 3
4، 11، 73
25
قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ
. 2
5، 34
26
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
. 1
66
27
مُحَمَّدُ بْنُ المُقَاتِلٍ
. 1
44
28
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الخُزَاعِيُّ
. 1
16
29
مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ
. 1
45
30
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بْن عَنْبَسَةَ
. 1
75
31
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ أَبُو ثَابِتٍ المَدَنِيُّ
. 1
55
32
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ
. 1
9
33
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ
. 3
13، 57، 65
34
مُسَدَّدٌ
. 5
20، 23، 43، 48، 50
35
مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ
. 1
17
م
اسْمُ شَيْخِهِ
عَدَدُ مَرْوِيَاتِهِ
أَرْقَامُهَا
36
مُوسَى بْنَ إِسْمَاعِيلَ
. 2
8، 49
37
يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ
. 1
15
38
أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ
. 1
56
39
أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ
. 2
8، 22
40
أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ
. 3
1، 29، 30
41
أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ
. 2
52، 67
42
أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ
. 6
3، 7، 14، 25، 40، 58
43
أَبو عَبْدِ اللَّهِ المُسْنَدِيُّ
. 1
46
مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الكِتَابُ مِنَ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ
احْتَوَى «كِتَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ عَلَى (76) حَدِيثًا وَأَثرًا مِنْهَا الصَّحِيحُ وَالحَسَنُ وَالضَّعِيفُ، وَمِنْهَا المَرْفُوعُ وَالمَوْقُوفُ وَالمَقْطُوعُ.
قَسَّمْتُهَا فِي (45) بَابًا، وَفِيمَا يَلِي عَرْضٌ لِبَيانِ أَبْوَابِ الكِتَابِ وَمَا اشْتَمَلتْ عَلَيْهِ مِنَ الأَحَادِيثِ وَالآثَارِ.
م
البَابُ
عَدَدُ أَحَادِيثهِ
1
بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ
8
2
بَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ وَإِنْ كَانَا مُشْرِكيْنِ
1
3
بَابُ الوَالِدَيْنِ أَحَقُّ النَّاسِ بِالصُّحْبَةِ
3
4
بَابُ الجِهَادِ بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ المُسْلِمَيْنِ
2
5
بَابُ أَعْظَمِ الصِّلَةِ، صِلَةُ الوَالِدَيْنِ
2
6
بَابُ دَعْوَةِ الوَالِدَيْنِ مُسْتَجَابَةٌ
1
7
بَابُ عُقُوقِ الوَالِدَيْنِ يُحْبِطُ العَمَلَ
1
8
بَابُ جَزَاءِ الوَالِدَيْنِ
1
9
بَابُ عُقُوقِ الوَالِدَيْنِ مِنَ الكَبَائِرِ
1
10
بَابُ مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ
5
م
البَابُ
عَدَدُ أَحَادِيثهِ
11
بَابُ نَظَرِ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ
1
12
بَابُ بِرِّ مِنْ كَانَ يَصِلُهُ أَبُوهُ
1
13
جَامِعُ أَبْوَابِ صِلَةِ الرَّحِمِ
بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْمِ قَاطِعِ الرَّحِمِ
3
14
بَابُ مَنْ بُورِكَ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَرِزْقِهِ لِصِلَةِ رَحِمِهِ
1
15
بَابُ ذِكْرِ تَشَكِّي الرَّحِمِ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى
1
16
بَابُ جَزَاءِ العُقُوقِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ
1
17
بَابُ لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ
1
18
بَابُ ثَوَاب صِلَةِ الرَّحِمِ وَإِثْمِ مَنْ قَطَعَهَا
1
19
بَابُ لَا تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ قَاطِعُ رَحِمٍ
1
20
بَابُ مَا يَلْحَقُ قَاطِعَ الرَّحِمِ مِنَ الخِزْيِّ فِي الآخِرَةِ
1
21
بَابُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللهُ عز وجل
1
22
بَابُ عِظَةِ النَّفْسِ بِبِرِّ الوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الأَرْحَامِ
1
23
بَابُ حَمْلِ النَّفْسِ عَلى مُلَازَمَةِ البِرِّ وَالصِّلَةِ
1
24
بَابُ نِدَاءِ الوَالِدَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ
1
25
بَابُ لَا يُظْهِرُ غَضَبَهُ لِوَالِدَيْهِ
2
م
البَابُ
عَدَدُ أَحَادِيثهِ
26
بَابُ الكَلِمِ الطَّيِّبِ مَعَ الوَالِدَيْنِ
1
27
بَابُ سَلَامَةِ الوَالِدَيْنِ مِنَ الوَلَدِ
2
28
بَابُ شَأْنِ الوَالِدَيْنِ الإِحْسَانُ إِلَيْهِمَا
1
29
بَابُ مَا جَاءَ فِي إِعْلَامِ الحُبِّ لِلْوَالِدَيْنِ
1
30
بَابُ قُبْحِ غِيبَةِ الوَالِدَيْنِ
1
31
بَابُ الرَّحْمَةِ بِالوَالِدَيْنِ
1
32
بَابُ مِنْ تَمَامِ البِرِّ حُسْنُ الخُلُقِ مَعَ الوَالِدَيْنِ
1
33
بَابُ مِنْ فِتَنِ آخِرِ الزَّمَانِ، العُقُوقُ وَقَطْعُ الرَّحِمِ
11
34
بَابُ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ قَاطِعِ الرَّحِمِ فِي الدُّنْيَا
1
35
بَابُ لَا يَزَالُ للوَاصِلِ ظَهِيرٌ مِنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى
1
36
بَابُ مَعْرِفَةِ الوَاصِلِ
1
37
بَابُ فَضْلِ مَنْ يَصِلُ ذَا الرَّحِمِ الظَّالِم
1
38
بَابُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَا سَلَفَ لَهُ مِنَ البِرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ
1
39
بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ وَالأَوْلَادِ وَالوَالِدَيْنِ
2
م
البَابُ
عَدَدُ أَحَادِيثهِ
40
بَابُ تَعَوُّذِ الرَّحِمِ بِالبَارِي جل جلاله مِنَ القَطِيعَةِ
1
41
بَابُ البِرِّ وَالصِّلَةِ سَبَبٌ لِلسَّلَامَةِ
1
42
بَابُ بِرِّ الأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ
2
43
بَابُ ظُهُورِ قَطْعِ الأَرْحَامِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ
1
44
بَابُ تُبَلُّ الرَّحِمُ بِبَلَالِهَا
1
45
بَابُ الحَذَرِ مِنَ أَنْ يُقَدِّمَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ عَلَى وَالِدَيْهِ
1
نَظْرَةٌ عَامَةٌ عَلَى كِتَابِ «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ
بَعْدَ دِرَاسَةِ مَنْهَجِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ فِي كِتَابِهِ «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» يَتَوَصَّلُ البَاحِثُ إِلَى النَّتَائِجِ الآتِيَةِ:
1 -
إِنَّ مَنْهَجَ الإِمَامِ البُخَارِيِّ فِي كِتَابِهِ هَذَا يَخْتَلِفُ عَنْ مَنْهَجِهِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الكُتُبِ، مِنْ حَيْثُ الشَّرْطِ.
2 -
لَمْ يَتَوَسَّعْ فِي الصِّنَاعَةِ الحَدِيثِيَّةِ.
3 -
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ «بِرِّ الوَالِدَيْنِ» عَنْ (43) شَيْخًا.
4 -
تَبَايَنَتْ دَرَجَةُ أَحَادِيثِ الكِتَابِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالحَسَنِ وَالضَّعِيفِ، وَاشْتَمَلَ عَلَى المَرْفُوعِ وَالمَوْقُوفِ وَالمَقْطُوعِ.
وَمِمَّا يُمَيْزُ «كِتَابَ بِرِّ الوَالِدَيْنِ» لِلإِمَامِ البُخَارِيِّ.
1 -
رِوَايَةُ أَحَادِيثِ الكِتَابِ بِالإِسْنَادِ المُتَّصِلِ.
2 -
أَنَّ أَغْلَبَ أَحَادِيثهِ مَرْفُوعَةٌ.
3 -
جَمْعُهُ بَيْنَ المَرْفُوعَاتِ، وَالمَوْقُوفَاتِ، وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً.
4 -
يَتَمَيَّزُ بِأَنَّ الأَغْلَبَ مِنْ أَحَادِيثِهِ وَآثَارِهِ صَحِيحَةٌ وَحَسَنَةٌ.
5 -
دِقَّتَهُ فِي سِيَاقِ الأَسَانِيدِ وَالمُتُونِ. وَظَهَرتْ صِنَاعَةُ المَتْنِ وَالإِسْنَادِ فِي مَنْهَجِ البُخَارِيِّ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ فِي كِتَابِهِ مِنَ الجَمْعِ بَيْنَ الشُّيُوخِ، وَعَدَمِ التَّكْرَارِ إلَّا لِفَائِدَةٍ، وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الرُّوَاةِ.
6 -
لَمْ يَأْتِ بِذِكْرِ القَصَصِ، وَالسِّيَرِ، وَالحِكَايَاتِ.
7 -
خُلُوُّهُ مِنَ الشَّطَحَاتِ وَالحِكَايَاتِ الخَيَالِيةِ.
الفَصْلُ الخَامِسُ
التَّعْرِيفُ بِأَصْلِ الكِتَابِ
وَفِيْهِ مَسَائِلٌ:
الأُولَى: النُّسْخَةُ المُعْتَمَدَةُ فِي التَّحْقِيقِ.
الثَّانِيَةُ: مَنْهَجُ العَمَلِ فِي تَحْقِيقِ الكِتَابِ.
أَوَّلًا: نُسَخ كِتَاب بِرِّ الوَالِدَيْنِ المطبُوعَةِ.
وَقَفْتُ لِلكِتَابِ عَلَى طَبْعَتَيْنِ:
الأُولَى: طَبْعَةُ دَارِ الحَدِيثِ الكتانِيةِ بِالمَغْرِبِ، بِتَحْقِيقِ الشَّيْخِ الفَاضِلِ: بَسَّامِ بْنِ عَبْدِ الكَرِيمِ الحَمْزَاوِي.
الثَّانِيَةُ: طَبْعَةُ دَارِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ بِمِصْر، بِتَحَقِيقِ الشَّيْخِ الفَاضِلِ الهمامِ: عَبْدِ العَاطِي مُحْيِ الشَّرْقَاوِيٌّ، أَبِي يَعْقُوبَ الأَزْهَرِيِّ. حَفِظَهُ اللهُ. إلَّا أَنَّ الطَبْعَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ يَعْتَرِيهَا بَعْضَ الخَلَلِ فِي بَعْضِ الكَلِمَاتِ المَوْجُودَةِ فِي الأَصْلِ، وَكَذَلِكَ فِي الحَاقِ السَّقْطِ، وَهَذَا فِي مَواطِنَ قَلِيلَةٍ، لَمْ أُشِرْ إِلَيْهَا. فَجَزَاهُمَا اللَّهُ خَيْرًا عَلَى مَا قَدَّمَاهُ.
ثانيا: النُّسْخَةُ المُعْتَمَدَةُ فِي التَّحْقِيقِ.
اعْتَمَدْتُ فِي إِخْرَاجِ الكِتَابِ عَلَى نُسْخَةٍ خَطِّيَّةٍ فَرِيدَةٍ مَحْفُوظَةٍ ضِمْنَ مَجْمُوعٍ بِمَكْتَبَةِ الحَافِظِ السَّيِّدِ عَبْدِ الحَيِّ الكِتَانِيِّ رحمه الله وَهِيَ مَحْفُوظَةٌ فِي مَكْتَبَةِ القَصْرِ المَلَكِيِّ بِمُرَّاكِشَ فِي بِلَادِ المَغْرِبِ تَحْتَ رَقْمِ 452. وَتَقَعُ فِي ثَمَانِي وَرَقَاتِ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ وَجْهَانِ عَدَا الوَرَقَةِ الأُولَى وَالأَخِيرَةِ. وَيَبْدَأُ تَرْقِيمُهَا فِي المَجْمُوعِ مِنْ وَرَقَةِ 144 إِلَى 151 وَتَقَعُ مَسْطَرَتُهَا بَيْنَ 20/ 21 سَطْرًا فِي بِعْضِ صَفَحَاتِهَا، عَدَا الوَجْهِ الأَوَّلِ مِنْ الوَرَقَةِ الأُولَى فَيَقَعُ فِيْهِ 15 سَطْرًا، وَكَذَلِكَ الأَخِيرَةِ هَذَا بِخِلَافِ خَاتِمَتِهَا.
وَخَطُّهَا نَسْخٌ وَاضِحٌ، قَلِيلَةُ النَّقْطِ فِي بَعْضِ الكَلِمَاتِ وَبِهَامِشِهَا بَعْضُ التَّصْويِبَاتِ، وَبِهَا بَعْضُ السَّقْطِ وَالتَّحْرِيفِ والتَّصْحِيفِ فِي بَعْضِ الكَلِمَاتِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الجُزْءِ المُحَقَّقِ.
وَكُتِبَتْ سَنَةَ 887 هِ وَجَاءَ بِآخِرِهَا: «آخِرُ الكِتَابِ، وَالحَمْدُ للَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. عَلَّقَهُ لِنَفْسِهِ العَبْدُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ مَنْصُورٍ بْنِ عَلِيٍّ الحُسَيْنِيُّ الحَلَبِيُّ
(1)
، نَهَارَ الثُّلَاثَاءِ 28 شَوَّالٍ، سَنَة 887، بِعُلُوِّ جَامِعِ الأَزْهَرِ بِالقَاهِرَةِ، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِه وَصَحْبِهِ
(1)
مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَليِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ مَنْصُورٍ رَضِي الدِّينِ أَبُو بَكْرِ بْنِ الظَهِيرِ الحُسَيْنِيُّ الحَلَبِيُّ الحَنْبَلِيُّ، وَيُعْرَفُ كَأَبِيهِ بِابْنِ مَنْصُورٍ، قَدِمَ أَبُوهُ لِحَلَبٍ وَوُلِدَ لَهُ ابْنُهُ بِهَا فِي عَاشِرِ صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَةٍ، وَنَشَأَ بِهَا فَاشْتَغَلَ وَطَلَبَ الحَدِيثَ وَأَخَذَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وًالبِقَاعِيِّ وَالخُيضَرِيِّ وَلَازَمَهُ سِيمَا بِالقَاهِرَةِ، قَالَ الحَافِظُ السَّخَاويُّ: وَلَمَا قَدِمْتُ مِنْ مَكَّةَ تَرَدَدَ إِلَيَّ وَقَرأَ عَليَّ مِنْ مَرْوِيَاتِي وَمُصَنَّفَاتِي وَكَتَبَ بِخَطِّهِ بَعْضَهَا وَاسْتَفَادَ مِني تَرَاجِمَ وَقَالَ إِنَّهُ يُرِيدُ جَمْعَ شُيُوخِهِ، وَهُوَ ذَكِيٌ فَهِمٌ سَرِيعُ الكِتَابَةِ والقِرَاءَةِ، فِيْهِ قَابليةٌ وَفِطْنَةٌ. قَالَ السَّخَاويُّ: سَافَرَ إِلَى اليَمَنِ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ عَنَّا. «الضَّوْءُ اللَّامِعِ لأَهْلِ القَرْنِ التَّاسِعَ» لِلْحَافِظِ السَّخَاويِّ (9/ 165)، وَ «دُرُ الحَبَبِ فِي تَارِيخِ أَعْيَانِ حَلبِ» لرَضِي الدِّينِ الحَلَبِيِّ (2/ 310).
وَسَلَّم. أَنْهَى سَمَاعَهُ عَلَى الفَقِيرِ مُحَمَّدِ عَبْدِ الحَيِّ الكَتَّانِيِّ، العَلامَةُ الفَاضِلُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الإِسْمَاعِيلِيُّ الزَّرْهَوْنيُّ
(1)
بِقَصْرِ كُتّامةَ لَمَّا جَاءَ يَلْقَاني فِيْهِ مِنْ مَقْدَمِي لِلْحَجِّ وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الثَّانِي 1324 هِ».
(1)
الشَّرِيفُ مُحَمَّدُ بِنُ أَحْمَدَ بْنِ إِدرِيسَ الزَّرْهَوْنِيِّ، وُلِدَ بِزَرْهَوْنَ سَنَةَ 1288 هِ. قَرأَ فِي بَلَدِهِ عَلَى أَعْلَامِ مَشايِخِهَا، مِنْهُمْ الفضيلُ بْنُ الفَاطِميّ الشبيهيّ، وَغَيْرُهُ. وَفِي فَاسَ عَلَى أَحْمَدَ ابْنِ خَالِدٍ النَّاصِريِّ، وَجَعْفَرِ بْنِ إِدْرِيسَ الكِتَانِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. تُّوفِّي فِي 28 مِنْ شَهْرِ مُحَرمٍ سَنَةَ 1367 هـ. وَدُفنَ بِمكانسَ. «سَلُ النِّصَالِ لِلنِّضَالِ بِالأَشْيَاخِ وَأَهْلِ الكَمَالِ» (130 - 132)، وَ «إِتْحَافُ المَطَالِعِ بِوَفَيَاتِ أَعْلَامِ القَرْنِ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ» (2/ 515) كِلَاهُمَا لِعَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ بْنِ سَوْدَةَ.
ثالثا: مَنْهَجُ العَمَلِ فِي تَحْقِيقِ الكِتَابِ.
لَقَدْ جَرَيْنَا فِي إِخْرَاجِ هَذَا الكِتَابِ عَلَى مَنْهَجٍ أُوْجِزُهُ فِيمَا يَلِي:
1 -
قَابَلْتُ الكِتَابَ عَلَى نُسْخَتِهِ الخَطَّيَّةِ، مَعَ المَطْبُوعَتَيْنِ مُقَابَلَةٌ دَقِيقَةٌ، وَلَمْ أُشِرْ إِلَى ذِكْرِ الفُرُوقِ بَيْنَ المَطْبُوعَتَيْنِ، وَأُثْبِتُ الرَّاجِحَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ السياق.
2 -
ضَبَطْتُ أَحِادِيثَ الكِتَابِ بِالشَّكْلِ.
3 -
قُمْتُ بِعَمَلِ عَنَاوِيْنَ لأَحَادِيثِ الكِتَابِ الَّتِي تَنْدَرِجُ تَحْتَ مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ. وَوَضَعْتُهَا بَيْنَ مَعْكُوفَتَيْنِ هَكَذَا [].
4 -
عَالَجْتُ الأَخْطَاءَ الوَارِدَةَ فِي الأَسَانِيدِ وَالمُتُونِ فِي أَصْلِ الكِتَابِ، لَا فِي الحَاشِيَةِ السُّفْلِيَّةِ، وَمَا زَادَ فِي الحَدِيثِ مِنَ المَصَادِرِ الأُخْرَى المُطَابِقَةِ لِلسَّنَدِ وَالمَتْنِ مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ. وَضَعْتُهُ بَيْنَ مَعْكُوفَتَيْنِ هَكَذَا []، دُونَ الإِشَارَةِ إِلَيْهِ فِي الحَاشِيَةِ إلَّا مَا نَدَرَ.
5 -
خَرَّجْتُ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ، وَأشَرْتُ فِي الحَاشِيَةِ إِلَى رَقْمِ الآيَةِ مِنَ السُّورِ الكَرِيمَةِ.
6 -
خَرَّجْتُ الأَحَادِيثَ وَالآثَارِ تَخْرِيجًا مُتَوَسِّطًا، مُقْتَصِرًا عَلَى طَرِيقِ المُصَنِّفِ، وَرُبَمَا اتَعَرَّضُ لِوُجُوهٍ أُخْرَى إِذَا اقْتَضَى المَقَامُ ذَلِكَ. وَوَضَعْتُ
حُكْمًا لِكُلِّ إِسْنَادٍ خَارِجَ مَا رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي الجَامِعِ الصَّحِيحِ - وَذَلِكَ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ حَيْثُ الصِّحَةِ والضَّعْفِ، عَلَى نَحْوِ القَوَاعِدِ الَّتِي وَضَعَهَا عُلَمَاءُ الحَدِيثِ فِي مَعْرِفِةِ ذَلِكَ.
7 -
شَرَحْتُ بَعْضِ الكَلِمَاتِ الغَامِضَةِ، تَسْهِيلًا فِي اسْتِيعَابِ المَعْنَى.
8 -
تَرْجَمْتُ لِلرَّاوِي الأَعْلَى «الصَّحَابِي» .
9 -
عَرَّفْتُ بِبَعْضِ الأَعْلامِ.
10 -
عَرَّفْتُ بِبَعْضِ البُلْدَانِ الَّتِي يَنتَسِبُ إِلَيْهَا الرُّوَاةُ.
11 -
قَدَّمْتُ لِلكِتَابِ بِمُقَدِّمِةٍ وَافِيَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى التَّعْرِيفِ بِالمُصَنِّفِ، وَمَنْهَجِهِ فِي الكِتَابِ، وَتَرْجَمْتُ لِرُوَاةِ الجُزْءِ تَرْجَمَةً مُوجَزَةً.
10 -
قُمْتُ بِعَمَلِ فَهَارِسَ عَامَةٍ لِلكِتَابِ.
خاتمة
أَسْنَدَ القَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله فِي كِتَابِهِ الإِلَماعِ «ص: 229» عَنْ أَبِي عُبَيْدِ القَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ، قَالَ: مِنْ شُكْرِ العِلْمِ أَنْ تَسْتَفِيدَ الشَّيْءَ؛ فَإِذَا ذُكِرَ قُلْتَ خَفِيَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِهِ عِلْمٌ حَتَّى أَفَادَنِي فُلَانٌ فِيهِ كَذَا وَكَذَا، فَهَذَا شُكْرُ العِلْمِ.
وَإِنِّي أُشْهِدُ اللهَ تَعَالَى أَنِّي اسْتَفَدْتُ كَثِيرًا فِي تَحْقِيقِ هَذَا الْجُزْءِ مِنْ الطَّبْعَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ، وَأَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْزِيَهُمَا خَيْرًا عَلَى مَا كَتَبَاهُ، وَأَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ فِي مِيزَانِ الحَسَنَاتِ يَوْمَ أَنْ نُوافِيَهُ.
هَذَا وَأَشْكُرُ فَضِيلَةَ الشَّيْخ الفَقِيهِ المُجِد أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ نَبِيلِ بْنِ مُحَمَّدِ شَمْسِ الدِّينِ - حَفِظَهُ الله تَعَالَى - عَلَى أَنْ اقْتَطَعَ مِنْ وَقْتِهِ مُرَاجَعَةِ الكِتَابِ، وَقَدْ أَفَادَنّي الشَّيْءَ الكَثِيرَ. فَجَزَاهُ اللهُ خَيْرًا.
وَالشُّكْرُ مَوْصُولٌ أَيْضًا لِفَضِيلَةِ الشَّيْخِ الهمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْطَفَى أَبِي بِسْطَامِ الكِنَانِيِّ - حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى - عَلَى مَا قَدَّمَهُ لِي مِنْ نَصَائِحَ وَتَوْجِيهَاتٍ فِي اخْرَاجِ الكِتَابِ، فَجَزَاهُ اللهُ خَيْرًا.
وَأَخْتِمُ هَذِهِ المُقَدِّمَةِ بمَا خَتَمَ بِهِ الإِمَامُ ابْنُ عَسَاكِرَ مُقَدِّمَتَهُ لِكِتَابِ «تَارِيخِ دِمَشْقَ» (1/ 5): «فَمَنْ وَقَفَ فِيْهِ عَلَى تَقْصِيرٍ أَوْ خَلَلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
مِنْهُ عَلَى تَغَيِيرٍ أَوْ زَلَلٍ فَلْيَعْذُرْ أَخَاهُ فِي ذَلِكَ مُتَطَوِّلًا، وَليُصْلِحُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَى إِصْلَاحٍ مُتَفَضِلًا، فَالتَّقْصِيرُ مِنْ الأَوْصَافِ البَشَرِيِّةِ، وَلَيْسَتِ الإِحَاطَةُ بِالعِلْمِ إِلَّا لِبَارِئِ البَرِيَّةِ، فَهُوَ الَّذِي وَسِعَ كُلَّ شَئٍ عِلْمًا، وَأَحْصَى مَخْلُوقَاتِهِ عَيْنًا وَاسْمًا». اه.
فَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَسْأْتُ فِي شَيْءٍ - وَلَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنَّ اللهَ عز وجل أَبَى العِصْمَةَ إِلَّا لِكِتَابِهِ -، فَأَرْجُو أَنْ يَتَغَمَدَهُ بِالعَفِوِ مَا بَذَلتُ فِيهِ مِنْ جُهْدٍ، وَلْيُصْلِحْهُ عَاذِرًا لَا عَاذِلًا، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَحْسَنْتُ فِي شَيْءٍ، فَإِنِّي أَعْلَمُ مِنْ تَقْصِيْرِي وَعَجْزِي مَا يَمْحُو كُلَّ فَضْلٍ وَإِحْسَانٍ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلَا يَنْسَى أَخَاهُ مِنْ دَعْوَةٍ صَالِحَةٍ بِظَهْرِ الغَيبِ.
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيِعُ العَلِيمُ، وَاجْعَلْهُ لَنَا مِنَ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَمِنَ الأَعْمَالِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ بَعْدَ المَمَاتِ.
وَأَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَغْفِرَ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ
وَالحَمْدُ للهِ أَوَّلًا وَآخِرًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
عَبْدُ العَزِيزِ بْنِ حِلْمِي مَكَّيُّ
حَامِدًا شَاكِرًا الله تَعَالَى، وَمُصَلِيًا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
صُوَرٌ مِنَ النُّسْخَةِ الخَطِّيَّةِ
طُرَّةُ الأَصْلِ
الوَرَقَةُ الأُولَى مِنَ الأَصْلِ
الوَرَقَةُ الأَخِيرَةُ مِنَ الأَصْلِ
كتاب بر الوالدين
تَأْلِيفُ
الإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ البُخَارِيِّ
رِوَايَةُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بِنِ دِلُّويَهْ الدَّقَّاقِ عَنْهُ.
رِوَايَةُ أَبِي يَعْلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيِّ عَنْهُ.
بسم الله الرحمن الرحيم
أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ دِلُّويَهْ الدَّقَّاقُ رحمه الله فِي شُهُورِ سَنَةَ (328) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الجُعْفِيُّ، قَالَ:
[1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ]
(1)
.
1 -
حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ العَيْزَارِ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ
(2)
، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ، وَأَوْمَأَ
(3)
بِيَدِهِ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي: ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه
(4)
قَالَ: "سَأَلتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى
(1)
العَنَاوِينُ الَّتِي بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي الأَصْلِ، وَإِنَّمَا وَضَعْتُهَا تَسْهِيلًا وَبَيَانًا.
(2)
سَعْدُ بْنُ إِيَاسٍ الكُوفِيُّ، أَدْرَكَ زَمَانَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَرَهُ. وَهَذَا عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ يُسَمَّى مُخَضَرَمٌ. وَهُوَ ثِقَةٌ اخْتَلَطَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَرِوَايَتُهُ هِذِهِ قَبْلَ الاختلاط.
(3)
أَوْمَأَ: أيْ: أَشَارَ. كَمَا وَقَعَ عِنْدَ المُصَنِّفِ فِي الصَّحِيحِ (بِرَقَمْ 527).
(4)
عَبْدُ الله بْنُ مَسْعُودِ بْنِ غَافِلِ بْنِ حَبيبٍ الهُذَلِيُّ المَكِّيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. كَانَ لَطِيفًا فَطِنًا، مَعْدُودًا فِي أَذْكِيَاءِ العُلَمَاءِ. وَفَضَائِلُهُ مَعْرُوفَةٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِلهِجْرَةِ، وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: أُسْدِ الغَابَةِ "3/ 384"، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ "1/ 461"، وَتَارِيخِ الإِسْلَامِ " 2/ 24"، والإصابة " 7/ 209 ".
وَقْتِهَا" قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ.
(1)
قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ، وَلَوِ
(2)
اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي)
(3)
.
(1)
بِرُّ الوَالِدَيْنِ: أَنْ تَبْذُلَ لهُما مَا مَلَكْتَ، وَأَنْ تُطِيعَهُمَا فِيمَا أَمَرَاكَ بِهِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْصِيَةً. فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ مَخْلُوقِ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ.
(2)
فِي الأَصْلِ، "فَلَو"، وَالتَّصْوِيبُ مِنْ مَصَادِرِ الرِّوَايَةِ.
(3)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 527 - 5970)، وَ "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 1)، وَمِنْ طَرِيقِ المُصَنِّفِ رَوَاهُ البَيهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7824)، وَ "الآدَابِ"(بِرَقَمْ 1)، و "السُّنَنِ الكَبِيرِ"(2/ 304)، وَ "الِاعْتِقَادِ"(202)، وَأَبُو الفُتُوحِ الطَّائِيُّ الهمَذَانيُّ فِي "أَرْبَعِينِهِ"(99) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 2782)، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 327)، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 1475 الإِحْسَانِ)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 674)، بِلَفْظِ:"الصَّلاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا" مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ. وَالبُخَارِيُّ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 7534) وَمُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 137/ 85)، وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 1478 الإِحْسَانِ)، وَأبُو عَوَانَةَ فِي "المُسْتَخْرَجِ"(بِرَقَمْ 186) مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ فَيْرُوزٍ الشَّيْبَانِيِّ. وَرَوَاهُ مُسْلمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 138/ 85)، وَالتِّرْمِذِّيُّ فِي "جَامِعِهِ"(بِرَقَمْ 173)، وَأبُو عَوَانَةَ فِي "المُسْتَخْرَجِ"(بِرَقَمْ 1003) مِنْ طَرِيقِ أَبِي يَعْفُورٍ. جَمِيعًا عَنِ الوَلِيدِ بْنِ العَيْزَارِ، عَنْ أبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ.
2 -
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، [أَخْبَرَنَا]
(1)
صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ، يَعْنِي دَّارَ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
(2)
.
3 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا المَسْعُودِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ العَيْزَارِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: (سَأَلتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ [لِوَقْتِهَا]
(3)
"، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "ثُمَّ
(1)
مَا بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ التَّخْرِيجِ.
(2)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، شُعْبَةُ هُوَ ابْنُ الحَجَاجِ.
وَالحَدِيثُ رَوَاه الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحٍ مُشْكَلِ الآثَارِ "بِرَقَمْ 2125" مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ الرَّقِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَاجِ بِهِ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي الجَامِعِ الصَّحِيح "بِرَقَمْ 7534" مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ. وَمُسْلِمٌ "بِرَقَمْ 139/ 85" مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ الله بْنِ مُعَاذٍ العَنْبَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ العَيْزَارِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ.
(3)
سَاقِط مِنَ الأَصْلِ، وَأَثْبَتُهَا مِنْ مَصَادِرِ التَّخْرِيجِ، كَمَا دَلتْ عَلَيهِ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِي فِي الكَبِيرِ "بِرَقَمْ 9804".
بِرُّ الوَالِدَيْنِ" قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" ثُمَّ سَكَتَ، وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي"
(1)
.
4 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ:
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الأَعْمَالِ أَوِ العَمَلِ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ"
(2)
.
(1)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْن الْمَلَائِيُّ. وَالمَسْعُودِيُّ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله المَسْعُودِيُّ الكُوفِيُّ. مَشْهُورٌ مِنْ كِبَارِ المُحَدِّثِينَ إلَّا أَنَّهُ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ. رَاجِعْ أَقْوَالَ العُلَماءِ فِي: مِيزَانِ الاعْتِدَالِ، لِلذَّهَبِيِّ (2/ 574).
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ "بِرَقَمْ 9804" مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنِ المَسْعُودِيِّ، بِهِ. وَرَوَاهُ المَرْوَزِيُّ فِي البَرِّ وَالصِّلَةِ بِرَقَمْ 2"، وَالتَّرْمِذيُّ فِي جَامِعِهِ "بِرَقَمْ 1898" مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الله بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، بِهِ.
قَالَ التَّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(2)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. جَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الحَمِّيدِ الضَّبِّيُّ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيُّ فِي الجُزْءِ الخَامِسِ مِنَ المَشْيَخَةِ البَغْدَادِيَّةِ "بِرَقَمْ 75" مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، بِهِ. =
5 -
حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ
(1)
، عَنْ أَبِي عَمْرٍو:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ العَمَلِ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وَالجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ"
(2)
.
= وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ "140/ 85"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ "بِرَقَمْ 9813" مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ الله، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ.
(1)
تَحَرَّفَتْ فِي الأَصْلِ إِلَى "الحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ"، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ الحديث.
(2)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. عَبْدُ الوَاحِدِ هُوَ ابْنُ زِيَادٍ العَبْدِيُّ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ "بِرَقَمْ 4213" مِنْ طَرِيقِ المُصَنِّفِ بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَرَوَاهُ البَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 1794 البَحْرِ الزَّخَّارِ)، وَأَبُو عَوَانَةَ فِي "المُسْتَخْرَجِ"(بِرَقَمْ 185 - 1004)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "المُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ"(بِرَقَمْ 256) مِنْ طُرُقٍ عَنِ الحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
6 -
قَالَ البُخَارِيُّ: وَرَوَاهُ عُبَيْدٌ المُكَتِّبُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ
(1)
رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
(1)
جَاءَ فِي الأَصْلِ، "أَوْ"، وَمَا أَثبَتُهُ مِنْ مَصَادِرِ التَّخْرِيجِ.
(2)
صَحِيحٌ، وَالرَّجُلُ المُبْهَمُ هُنَا هُوَ عَبْدُ الله بْنُ مَسْعُودٍ، لإِجْمَاعِ الرُّوَاةِ فِيهِ عَلَى أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ. كَمَا ذَكَرَ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ "1/ 301 بِرَقَمْ 677". وَعُبَيْدُ بْنُ مِهْرَانَ المُكَتِّبُ الكُوفِيُّ. ثقةٌ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 23120"، وَالمَرْوَزِيُّ فِي البر وَالصِّلَةِ "بِرَقَمْ 35"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ "بِرَقَمْ 9814"، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي السُّنَنِ "بِرَقَمْ 968"، وَالحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ "بِرَقَمْ 677" مِنْ طُرُقٍ عَنْ عُبَيْدِ المُكَتِّبِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
7 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:"سَأَلتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ
(1)
، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، وَالجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي)
(2)
.
(1)
هَكَذَا جَاءَ فِي الأَصْلِ، وَالحِدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ، بِالإِسْنَادِ سَوَاء، عِنْدَ أَبِي الحَسَنِ الطُّوسِيِّ فِي أَرْبَعِينِهِ، وَلَفْظُهُ:"الصَّلَوَاتُ لِوَقْتِهِنَّ، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، وَالجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله عز وجل وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي".
(2)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ الْمَلَائِيُّ. وَإِسْرَائِيلُ هُوَ ابْنُ يُونُسَ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ ثِقَةٌ وأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ. وَأَبُو الأَحْوَصِ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الجُشَمِيُّ. ثِقَةٌ صَاحِبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الطُّوسِيُّ فِي أَرْبَعِينِهِ "بِرَقَمْ 20" مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ بِرَقَمْ (9817) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءَ، كِلَاهُمَا عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَرَوَاهُ الشَّاشِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 697) مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن مُوسَى العَبْسِيِّ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "المُعْجَمِ الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 9811) مِنْ طَرِيقِ الحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ النَّخَعِيِّ. وَ (بِرَقَمْ 9816) مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ الهَمْدَانِيِّ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، وَالجَرَّاحِ بْنِ =
8 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ، يَعْنِي: ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا
(1)
.
= الضَّحَّاكِ. وَ"برَقَمْ 9818" مِنْ طُرُقٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ، وَالوَضَّاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ اليَشْكُرِيِّ. وَالْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَعَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ. جَمِيعُهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
(1)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، أَبُو النُّعْمَانِ، مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ السَّدُوسِيُّ. ثِقَةٌ ثَبْتٌ تَغَيْرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ. وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ. ثِقَةٌ ثَبتٌ. وَعَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ القَسْمَلِيُّ. ثِقَةٌ مِنْ أَفَاضِلِ النَّاسِ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 3998"، وَالنَّسَوِيُّ فِي أَرْبَعِينِهِ "بِرَقَمْ 35"، وَأَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 5329"، وَالشَّاشِيُّ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 698"، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الفَاكِهِيُّ فِي فَوَائِدِهِ "بِرَقَمْ 126"، وَابْنُ حِبَّانَ "بِرَقَمْ 1476 الإِحْسَانُ"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ "بِرَقَمْ 9818"، وَابْنُ بِشْرَانَ فِي الأَمَالِي "بِرَقَمْ 519" مِنْ طُرُقِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
[2 - بَابُ بِرِّ الوَالِدَيْنِ وَإِنْ كَانَا مُشْرِكيْنِ]
9 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه
(1)
، قَالَ: (نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عز وجل: حَلَفَتْ أُمِّي أَنْ لَا تَأْكُلَ وَلَا تَشْرَبَ حَتَّى تُفَارِقَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}
(2)
، وَالثَّانِيَةُ: أَنِّي كُنْتُ أَخَذْتُ سَيْفًا فَأَعْجَبَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَبْ لِي هَذَا، فَنَزَلَتْ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ}
(3)
، وَالثَّالِثَةُ:
(1)
سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَاسْمُ أَبِي وَقَّاصٍ: مَالِكُ بْنُ أُهَيْبٍ عَبْدِ مَنَافٍ، القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ، أَبُو إِسْحَاقَ صَحَابِيٌّ جَلِيْلٌ، أَحَدُ العَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالجَنَّةِ، وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِينَ، وَأَحَدُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالحَدَيْبِيَّةَ، وَكَانَ يُلقَبُ بِفَارِسِ الإِسْلَامِ. رَوَى جُمْلَةً صَالِحَةً مِنَ الحَدِيثِ، تُوُفِّيَ بِالعَقِيْقِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: الاسْتِيعَابِ " 2/ 18 - 25"، وَالإِصَابَةِ فِي تَمييز الصَّحَابَةِ، لابْنِ حَجَرٍ "2/ 30 - 32".
(2)
[لُقْمَان: 15].
(3)
[الأَنْفَال: 1].
أَنِّي كُنْتُ مَرِضْتُ، فَأَتَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْسِمَ مَالِي، أَفَأُوصِي بِالنِّصْفِ؟ قَالَ:"لَا" فَقُلْتُ: الثُّلُثُ؟ فَسَكَتَ، فَكَانَ الثُّلُثُ بَعْدُ جَائِزًا
(1)
، وَالرَّابِعَةُ: إِنِّي شَرِبْتُ الخَمْرَ مَعَ قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَضَرَبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْفِي بِلَحْيِ جَمَلٍ
(2)
، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ عز وجل تَحْرِيمَ الخَمْرِ
(3)
.
(1)
فِي الأَصْلِ "جَائِزٌ".
(2)
"اللَحْى": بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الحَاءِ وَتَحْرِيكِ اليَّاءِ، هُوَ مَنْبَتُ اللِّحْيَةِ مِنَ الإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ، وَاللَحْيَانِ: بِفَتْحِ اللَّامِ، هُمَا حَائِطَا الفَمِ، وَهُمَا العَظمانِ اللَّذَانِ فِيهِمَا الأَسْنَانُ مِنَ دَاخِلِ الفَمِ، وَيَكُونُ هَذَا للإِنْسَانِ وَالدَّابِةِ. "المُعْجَمُ الوَسِيْطِ" (2/ 820). وَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" (بِرَقَمْ 43/ 1748):"قَالَ فَأَخَذَ رَجُلٌ أَحَدَ لَحْيَيِ الرَّأْسِ فَضَرَبَنِي". وَفِي رِوَايَةٍ (بِرَقَمْ 44/ 1748)"فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَ سَعْدٍ فَفَزَرَهُ وَكَانَ أَنْفُ سَعْدٍ مَفْزُورًا". أَيْ: شَقْهُ، وَبَقِي أَثَرُ الضَرْبَةِ فِي أَنْفِهِ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ.
(3)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ. وَسَمَاكٌ هُوَ ابْنُ حَرْبٍ الذُّهْلِيُّ. أَعْدَلُ الأَقْوَالِ فِيهِ أَنَّه صَدُّوقٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ، فَإِنهَا مُضْطَرِبَة. "التَّقْرِيبُ، لابْنِ حَجَرٍ: ص: 255". وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ. ثِقَةٌ كَثِيرُ الحَدِيثِ. =
[3 - بَابُ الوَالِدَيْنِ أَحَقُّ النَّاسِ بِالصُّحْبَةِ]
(1)
.
10 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
(2)
، قَالَ: ([قَالَ]
(3)
رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِالصُّحْبَةِ؟ قَالَ:"أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَهْ
(4)
؟ قَالَ: "ثُمَّ
(1)
إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالبِرِّ وَالإِحْسَانِ وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ هُمَا الوَالِدَانِ، وَذَلِكَ لأَنَّ الوَالِدَيْنِ هُمَا سَبَبَا وُجُوْدِ الإِنْسَانِ، وَلَهُما فَضْلٌ عَظِيمٌ عَلَى الإِنْسَانِ، أَمَّا مِنْ نَاحِيةِ الأُمِّ فَكَوْنِهَا تَحْمَّلَتْ مِنَ المَشَّاقِ وَالمَتَاعِبَ فِي حَمْلِهِ وَوِلَادَتِهِ وَرِضَاعِهِ وَرِعَايَتِهِ، وَفِي مُتَابَعَتِهِ وَالسَّهَرِ عَليهِ الشَّيْءَ الكَثِيرَ، وَالوَالِدُ كَذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ يَكْدَحُ وَيَسْعَى لِتَحْصِيلِ الرِّزْقِ.
(2)
أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَهَذِهِ كُنْيَتُهُ، أَمَّا اسْمُهُ فَقَدْ اخْتُلِفَ فِيْهِ عَلَى أَقْوَالِ كَثِيرَةٍ، أَشْهَرُهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - أَوْ عَبْدُ الله - بْنُ صَخْرٍ الدَّوْسِيُّ. نِسْبَةً إِلَى قَبِيلةِ دَوْسٍ بِاليَمَنِ. أَسْلَمَ عَامَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَحَمَلَ عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِلْمًا كَثِيرًا، حَتَّى صَارَ مِنْ أَشْهَرِ رُوَاةِ الإِسْلَامِ. وَفَضَائِلُهُ كَثِيرَةٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ. وَدُفِنَ بِالعَقِيْقِ. تَرْجَمَتُهُ فِي: أُسْدِ الغَابَةِ "6/ 318 "، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ " 2/ 578 "، وَالإِصَابَةِ " 12/ 63 ".
(3)
سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَأَثْبَتُهَا مِنْ مَصَادِرِ الحَدِيثِ.
(4)
مَهْ: هِيَ هَاءُ السَّكْتِ، وَهُوَ اسْتِفْهامٌ، أَيْ: ثُمَّ مَاذَا يَكُونُ؟
أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: "أَبَاكَ". قَالَ
(1)
: فَيَرَوْنَ أَنَّ لِأُمِّكَ الثُّلُثَيْنِ، وَلِأَبِيكَ الثُّلُثَ. قِيْلَ لِسُفْيَانَ:[لِلأُمِّ الثُّلُثَانِ]
(2)
فِي الحَدِيثِ؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُمَارَةَ قَبْلَ
(3)
[أَنْ] أَرَاهُ، [فَـ] سَأَلتُ عُمَارَةَ، فَجَاءَ بِهِ
(4)
.
(1)
أَيْ: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
(2)
سَاقِطَةٌ مِنَ الأَصْلِ، وَأَثْبَتُهَا مِنْ مَصَادِرِ الحديث.
(3)
فِي الأَصْلِ، "قَالَ"، وَالتَّصْوِيبُ مِنْ مَصَادِرِ الحديث.
(4)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرِ المَدِينِي ثِقَةٌ ثَبْتٌ. وَسُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ بْنِ مَيْمُونِ الهِلَالِيُّ. وَعُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ الضَّبِّيُّ. ثِقَةٌ. وَأَبُو زُرْعَةَ هُوَ هَرِمُ بْنُ عَمْرِو. ثِقَةٌ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكَلِ الْآثَارِ "بِرَقَمْ 1671" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الكُوفِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ المَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 1151"، وَالطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكَلِ الآثَارِ "بِرَقَمْ 1670"، وَابْنُ حِبَّانَ "بِرَقَمْ 443 الإِحْسَانُ"، وَتَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ الكُبْرَى "4/ 106" مِنْ طُرُقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
11 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ [بْنِ القَعْقَاعِ] بْنِ شُبْرُمَةَ
(1)
، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي
(2)
؟ قَالَ: "أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أَبُوكَ")
(3)
.
= وَفِيهِ: "قَالَ سُفْيَانُ: فَيَرَوْنَ أَنَّ لِلأُمِّ الثُّلُتَيْنِ مِنَ البِرِّ وَلِلأبِّ الثُّلث".
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ "بِرَقَمْ 3658" مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِدُونِ كَلَامِ سُفْيَانَ.
(1)
جَاءَ فِي الأَصْلِ: "عُمَارَة، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ"، وَالْمُثْبَتُ مِنْ مَصَادِرِ التَّخْرِيجِ وَتَرْجَمَةِ الرَّاوِي. وَقَدْ نُسِبَ عُمَارَةُ فِي هَذَهِ النُّسْخَةِ إِلَى جَدِّهِ، وَهُوَ عُمَارَةُ بْنُ القَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ. وَلَعَلَّهُ وَهُمٌ مِنَ النَّاسِخِ، رحمه الله.
(2)
حُسْنُ الصُّحْبَةِ: هُوَ الْمُصَاحَبَةُ بِالأَدَبِ العَظيمِ، وَالتَّوقِيرِ وَالتَّكْرِيمِ، وَتَقْدِيمِ الخِدمَةِ مِنْ غَيْرِ أَذَىً وَلَا مِنَّةً. وَيَدُلُّ هَذَا السُّؤالُ عَلَى أَنَّ كَثَيْرًا مِنَ النَّاسِ لَهُمْ حَقُّ إِحْسَانِ الصُّحْبَةِ، وَإِنَّمَا السَّائِلُ يَسْأَلُ عَنْ أَحَقِّهِمْ بِذَلِكَ.
(3)
رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي الجَامِعِ الصَّحِيحِ "بِرَقَمْ 5971" بِالإِسْنَادِ سَوَاء، وَالمَتْنُ فِيْهِ اخْتِلَافٌ يَسِيرٌ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ "بِرَقَمْ 1/ 2548" مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الحَمِيدِ، بِهِ. =
12 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:"قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: "أُمَّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمَّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أُمَّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَبَاكَ"
(1)
.
= قَالَ الإِمَامُ مُسْلِمٌ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِلحَدِيثِ: وَفِي حَدِيثِ قُتَيْبَةَ: مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي. وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ.
قُلْتُ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي الجَامِعِ الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَحْدَهُ بِإِثْبَاتِهَا، وَلَعَلَّهُ حَدَّثَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً بِإِثْبَاتِهَا، وَمَرَّةً بِحَذْفِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ "بِرَقَمْ 2/ 2548" مِنْ طَرِيقِ أَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بْنِ العَلَاءِ الهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ بِهِ.
(1)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 5) سَنَدًا وَمَتْنًا.
وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الجُزْءِ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ"(5/ 83): قَالَ: وَقَرَأْتُهُ عَالِيًا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنَجَّا بِدِمَشْقَ، أَخْبَرَكُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَرَمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَحْمَدَ الصَّفَّارَ أَخْبَرَهُ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّفْلِيسِيُّ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، أَخْبَرَنَا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دِلُّويَهْ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، بِهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 4/ 2548) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، (ح) وحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. فِي حَدِيثِ وُهَيْبٍ: مَنْ أَبَرُّ؟ وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ: أَيُّ النَّاسِ أَحَقُّ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ.
وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7454) مِنْ طَرِيقِ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 6) وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (بِرَقَمْ 422) مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، بِشْرٌ هُوَ: ابْنُ مُحَمَّدٍ السّخْتِيَانِيُّ، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "التَّقْرِيبِ":"صَدُوقٌ رُمِيَ بِالإِرْجَاءِ". ويَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الجَرِيرِيُّ، هُوَ: ابْنُ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي "التَّقْرِيبِ": لَا بَأْسَ بِهِ. وَأَبُو زُرْعَةَ هُوَ: هَرِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ البَجَلِيُّ.
[4 - بَابُ الجِهَادِ بِإِذْنِ الأَبَوَيْنِ المُسْلِمَيْنِ]
(1)
.
13 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ
(2)
، عَنْ حَبِيبٍ
(3)
، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ
(4)
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
(5)
، قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ
(1)
قَالَ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ: يَحْرُمُ الجِهَادُ إِذَا مَنَعَ الأَبَوَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَا مُسْلِمَيْنِ، لِأَنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ وَالجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَإِذَا تَعَيَّنَ الجِهَادُ فَلَا إِذْنَ، وَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْن لَمْ يُشْتَرَطْ إِذْنُهُمَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَشَرَطَهُ الثَّوْرِيُّ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَحْضُرَ الصَّفَّ وَيَتَعَيَّنِ القِتَالَ، وَإلَّا فَلَا إِذْنَ، وَلَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا فِي إِذْنِهِمَا، إِذَا لَمْ يَحْضُرَ الصَّفَّ، وَلوْ مَنَعَاهُ فَحَضَرَ الصَّفَ، فَلَا إِذْنَ، وَألحَقَ بَعْضهُمْ الجَدُّ وَالجَدَّةُ بِالأَبَوَيْنِ. "فَتْحُ البَّارِي"(6/ 140).
(2)
سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ.
(3)
حَبِيبُ هُوَ ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ الْأَسَدِيُّ.
(4)
أَبو العَبَّاسِ هُوَ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ المَكِّيُّ.
(5)
فِي الأَصْلِ "عُمَرَ"، وَالمُثْبَتُ مِنْ مَصَادِر التَّخْرِيجِ.
وَهُوَ عَبْدُ الله بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ، الحَبْرُ، العَابِدُ،
صَاحِبُ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم وَابْنُ صَاحِبِهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ. وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَلَهُ: مَنَاقِبُ، وَفَضَائِلُ، وَمَقَامٌ رَاسِخٌ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ، حَمَلَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِلْمًا جَمًّا. تَرْجَمَتُهُ فِي: سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ " 3/ 79 "، وَالإِصَابَةِ " 2/ 351 ".
صلى الله عليه وسلم أُجَاهِدُ؟ قَالَ: "لَكَ أَبَوَانِ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ
(1)
"
(2)
.
(1)
فِي الجُمْلَةِ قَصْرٌ، طَرِيقُهُ تَقْدِيمُ مَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ، وَالأَصْلُ فَجَاهِدْ فِيهِمَا، وَهُوَ قَصْرٌ قَلْبٍ، أَيْ جَاهِدْ فِيهِمَا، لَا فِي مَيَادِينِ الكُفَّارِ، وَالمَقْصُودُ بِالجِهَادِ فِيهِمَا، جِهَادُ النَّفْسِ فِي رِضَاهُمَا، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ التَّعْبِيرِ عَنِ الشَّيْءِ بِضِدِّهِ إِذَا فُهِمَ المَعْنَى، لِأَنَّ صِيغَةَ الأَمْرِ فِي قَوْلِهِ:"فَجَاهِدْ" ظَاهِرُهَا إِيصَالُ الضَّرَرِ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لِغَيْرِهِمَا لَهُمَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا قَطْعًا، وَإِنَّمَا المُرَادُ إِيصَالُ القَدْرِ المُشْتَرَكِ مِنْ كُلْفَةِ الجِهَادِ وَهُوَ تَعَبُ البَدَنِ وَالمَالِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُتْعِبُ النَّفْسَ يُسَمَّى جِهَادًا، وَفِيهِ أَنَّ بِرَّ الوَالِدِ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنَ الجِهَادِ. "فَتْحُ البَّارِي"(6/ 140).
(2)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 5972)، وَأَبُو دَاودَ فِي "سُنَنِهِ"(بِرَقَمْ 2529) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7440) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، بِهِ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 3004) مِنْ طَرِيقِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ. وَرَوَاهُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 20) مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الجَعْدِ، كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ. وَرَوَاهُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 5972)، وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 2549) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القَطَّانِ، عَنْ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ. وَمُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 5/ 2549) مِنْ طَرِيقِ أَبي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ.
14 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ
(1)
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُهُ عَلَى الهِجْرَةِ، وَتَرَكَ
(2)
أَبَوَيْهِ يَبْكِيَانِ، قَالَ: "ارْجِعْ إِلَيْهِمَا، فَأَضْحِكْهُمَا
(3)
كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا")
(4)
.
= كِلَاهُمَا عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو. وَرَوَاهُ التِّرْمِذْيُّ فِي جَامِعِهِ "بِرَقَمْ 1671" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ. وَالنَّسَائِيُّ فِي المُجْتَبَى "بِرَقَمْ 3103" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى. كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، بِهِ.
(1)
فِي الأَصْلِ عَنْ أُمِهِ"، وَالْمُثْبَتُ مِنْ مَصَادِرِ التَّخْرِيج.
(2)
فِي الأَصْلِ "فَتَرَكَ"، وَالْمُثْبَتُ مِنْ رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَد.
(3)
مِنْ الإِضْحَاكِ أَيْ بِدَوَام صُحْبَتِكَ. كَمَا أَبْكَيْتَهُما بِفُرَاقِكَ إِيَّاهُمَا.
(4)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ. وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ الثَّقَفِيُّ ثِقَةٌ، وَلَكِنَّهُ اخْتَلَطَ. رَاجِعْ تَخْرِيجَ الحَدِيثِ. وَالسَّائِبُ بْنُ مَالِكِ الثَّقَفِيُّ. ثِقَةٌ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي الأَدَبِ الْمُفَرَدِ "بَرَقَمُ 13" بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَمِنْ طَرِيقِ الجُزْءِ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ التَّيْمِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ "بِرَقَمْ 434" بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَرَوَاهُ الحَاكِمُ فِي المُسْتَدْركَ "بِرَقَمْ 7250" مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ، بِهِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 9285) وَعَنْهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 6869)، وَالخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي "الجَامِعِ"(بِرَقَمْ 1860).
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 19)، وَأَبُو دَاوُدَ (بِرَقَمْ 2528)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ الكَبِيرِ"(9/ 25) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "السُّنَنِ الكُبْرَى"(بِرَقَمْ 8643) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القَطَّانِ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 419 الإِحْسَانِ)، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي "طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ"(4/ 28)، وَالشَّجَرِيُّ فِي "الأَمَالِي"(بِرَقَمْ 1994) مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ القَيْسِيِّ. وَرَوَاهُ البَغَوِيُّ فِي "شَرْحِ السُّنَةِ"(بِرَقَمْ 2639) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ.
جَمِيعُهُمْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، بَلْ تَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ.
1 -
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
رَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 595)، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي "سُنَنِهِ"(بِرَقَمْ 2332)، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 6490)، وَالمَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 71) عَنْهُ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 419 الإِحْسَانِ)، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي "طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ"(4/ 28) مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ.
جَمِيعُهُمْ الحُمَيْدِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، والمَروَزِيُّ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.
2 -
شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 6909)، وَالمَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 69)، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي "طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ"(4/ 28)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 7255).
3 -
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ.
رَوَاهُ المَرْوَزِيُّ فِي "البِرِّ وَالصِّلةِ"(بِرَقَمْ 68)، وَالنَّسَائِيُّ فِي "المُجْتَبَى"(بِرَقَمْ 4163)، وَ "الكُبْرَى"(بِرَقَمْ 7738 - 8644)، وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ مُشْكَلِ الآثَارِ"(بِرَقَمْ 2122)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7444).
4 -
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيُّ.
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (بِرَقَمْ 2782).
5 -
جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ الضَّبِّيُّ.
رَوَاهُ البَزَّارُ (بِرَقَمْ 2409 البَحْرِ الزَّخَّارِ). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قَالَ يَحْيى بْنُ مَعِينٍ: "وَحَدِيثُ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ مُسْتَقِيمٌ. وَحَدِيثُ جَرِيرٍ وَأَشْبَاهِهِ بَعْدَ تَغَيْرِ عَطَاءٍ فِي آخِرِ عُمُرِهِ". "الجَرْحُ وَالتَّعْدِيلِ"(6/ 334)، وَ "الكَامِلُ" لِابْنِ عَدِيٍّ" (7/ 72 - 73). وَهُوَ مُتَابِعٌ كَمَا تَرَى.
6 -
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.
رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 419 الإِحْسَانِ)، وَأَبُو الشَّيْخِ الأَصْبهَانِيُّ فِي "طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ"(4/ 28).
7 -
ابْن جُرَيْجٍ المَكِّيُّ، عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ.
رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 419 الإِحْسَانِ)، وَأَبُو الشَّيْخ الأَصْبهَانِيُّ فِي "طَبَقَاتِ المُحَدِّثِيْنَ"(4/ 28).
8 -
مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ العَامِرِيُّ.
رَوَاهُ أَبُو نُعَيمٍ فِي "حِليَةِ الأَوْلِيَاءِ"(7/ 250)، وَ "أَخْبَارِ أَصْبَهَانَ"(2/ 218).
جَمِيعُهُمْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَشُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ المُحَارِبِيُّ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ الضَّبِّيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ المَكِّيُّ وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَمْرٍو.
وَتَابَعَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، بِنَحْوهِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 34016) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُبَايِعُكَ عَلَى الجِهَادِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ لَكَ وَالِدٌ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:"انْطَلِقْ فَجَاهِدْ فِيهِ، فَإِنَّ فِيهِ مُجَاهِدًا حَسَنًا".
فَمَدَارُهُ عَلَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ الثَّقَفِيِّ الكُوفِيِّ. يُكْنَى أبَا زَيدٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: "مَحَلُّهُ الصِّدْقُ قَبْلَ أَنْ يُخْلِطَ". وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي "التَّقْرِيبِ": "صَدُوقٌ اخْتَلَطَ". وَقَالَ فِي "هُدَي السَّارِي": "مِنْ مَشَاهِيْرِ الرُّوَاة الثِّقَات، إِلَّا أَنَهُ اخْتَلَطَ فَضَعَفُوهُ بِسَبَبِ ذَلِكِ، وَتَحَصَّلَ لِي مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِ الأَئِمَّةِ أَنْ رِوَايَةَ شُعْبَةَ، وسُفْيَانَ الثَّوْريِّ، وَزُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَزَائِدَةَ، وَأَيُوبَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيدٍ عَنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، وَأَنْ جَمِيْعَ مَنْ رَوَى عَنهُ غَيْرَ هَؤُلَاءِ فَحَدِيثُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ بَعْدَ اخْتِلَاطه، إِلَّا حَمَّادَ بْنَ سَلمَةَ فَاخْتُلفَ قَوْلُهُمْ فِيْهِ، لَهُ فِي البُخَارِيِّ حَدِيثٌ وَاحِدٌ مَقْرُونٌ". رَاجِعْ أَقْوَال العُلمَاء فِي: "الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ" لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (6/ 332)، وَ "الكَامِلِ" لِابْنِ عَدِيٍّ (7/ 72 - 77)، وَ "مِيزَانِ الاعْتِدَالِ"(3/ 70 - 71)، وَ "هُدَي السَّاري"(425)، وَ "تَقْرِيبِ التَّهذِيبِ"(391).
قَالَ الحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي "سُنَنِهِ"(بِرَقَمْ 2335) وَعَنْهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 6/ 2550). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ الفَسَوِيُّ فِي "المَعْرِفَةِ وَالتَّارِيخِ"(2/ 301)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ الكَبِيرِ"(9/ 24) مِنْ طَرِيقِ أَصْبَغَ بْنِ الفَرَجِ.
وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7443) مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ. ثَلَاثَتُهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ نَاعِمًا، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَالَ:(أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الهِجْرَةِ وَالجِهَادِ، أَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللهِ، قَالَ: "فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ " قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قَالَ: "فَتَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللهِ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا").
[5 - بَابُ أَعْظَمِ الصِّلَةِ، صِلَةُ الوَالِدَيْنِ]
15 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
(1)
: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ
(1)
فِي الأَصْلِ "أَخْبَرَنِي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ"، وَالتَّصْوِيبُ مِنَ "الجَامِعِ الصَّحِيحِ" للمُصَنِّفِ، حَيْثُ رَوَاهُ بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وهو أَنسُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَرَامٍ الأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ. يُكَنَّى أَبَا حَمْزَةَ. رَاوِيَةُ الإِسْلَامِ، وُلِدَ أَنس رضي الله عنه قَبْلَ عَامِ الهِجْرَةِ بِعَشْرِ سِنَيْنَ. خَدَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحَبَهُ أَتَمَّ الصُحْبَة، وَلَازَمَهُ أَكْمَلَ المُلَازَمَةِ مُنْذُ هَاجَرَ، وَإِلى أَنْ مَاتَ. وَغَزَا مَعَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَبَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِلْمًا جَمًّا، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأُمِّهِ أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَخَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ، وَزَوْجِهَا عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِدَّةٍ. فَكَانَ مِن المُكْثِيرِينَ فِي الحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعُمِّرَ وَوُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ كَثِيرُونَ، يُقَالُ: ثَمانُونَ، ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ ذَكَرًا وَابْنَتَانِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. وَقِيْلَ: كَانَتْ سِنُّهُ يَوْمَ مَاتَ: مِائَةً وَسَبْعَ سِنِينَ. وَكَانَ آخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتًا. تَرْجَمَتُهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ "7/ 17 "، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ "3/ 395"، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ " 9/ 88 "، والإصابة (1/ 71).
أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ
(1)
، وَيُنْسَأَ [لَهُ] فِي أَثَرِهِ
(2)
، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"
(3)
.
(1)
وَفِي رِوَايَة: "مَنْ سَرَّهُ"، وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا سَرَّهُ تَحْصِيْلُهُ. وَبَسْطُ الرِّزْقِ أَيْ تَوسِيْعُهُ وَكَثْرَتُهُ بِالبَركَةِ وَالنُّمُوِّ وَالزِّيَادَةِ. فَيَشْمَلُ مَا انْتَفَعَ بِهِ المَرْءُ حَلَالًا مِنْ مَلبَسٍ وَمَسْكَنٍ وَمَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ إِلَى آخِرِ الأُمُورِ المَعْروفَة.
(2)
"يُنْسَأَ" بِضَمِّ اليَاءِ وَسُكُونِ النُّونِ - أَيْ: يُؤَخَرُ - وَالمُرَادُ مِنَ الأَثَرِ الأَجَلُ وَسُمِّيَ الأَجَلُ أَثرًا لأَنَّهُ يَتْبَعُ العُمر، وَأَصْلهُ مِنْ أَثَرِ مِشْيَتهِ عَلَى الأَرْضِ، فَإِنَّ مِنْ مَاتَ لَا يَبْقَى لَهُ حَرَكةٌ، فَلَا يَبْقَى لِقَدَمِهِ فِي الأَرْضِ أَثرٌ. "تَفْسِيُر غَرِيبِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ"(239) بِتَصَرُّفٍ.
(3)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 5986) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ الكَبِيرِ"(7/ 26)، وَ "القَضَاءِ وَالقَدَرِ"(بِرَقَمْ 193)، وَ "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7572) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، بِهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 3609) وَمِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 438 الإِحْسَانِ)، وَالشَّجَرِيُّ فِي "الأَمَالِي"(بِرَقَمْ 2021).
وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بْنُ شَاهِيْن فِي "التَّرْغِيبِ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ"(بِرَقَمْ 569) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَابُورَ البَغَوِيِّ.
كِلَاهُمَا عَنْ كَامِلِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. =
16 -
حَدَّثَنَا
(1)
مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الخُزَاعِيُّ
(2)
، حَدَّثَنَا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ القُطَعِيُّ
(3)
، سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ سِيَاهٍ، سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ، وَيُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ"
(4)
.
= وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ "بَرَقَمْ 56" حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ.
وَسَيَأْتِي تَخْرِيجُهُ بِتَمَامِهِ "بِرَقَمْ 31".
(1)
جَاءَ فِي الأَصْلِ قَبْلَ هَذَا الحَدِيثِ. قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، [حَدَّثَنَا سُفْيَانَ]، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ:"مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا".
(2)
بِضَمِّ الخَاءِ المُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الزَّايِ، نِسْبَةً إِلَى بِلَادِ خُزَاعَةِ بِالحِجَازِ. "الأَنْسَابُ": 5/ 116، وَ "مُعْجَمُ البُّلْدَانِ"(4/ 208).
(3)
بِضَمِّ القَافِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ العَيْنِ، نِسْبَةً إِلَى بَنِي قُطَيْعِةَ. نُسِبَ إِلَيْهَا جَمَاعَةٌ مِنْ المُحَدِّثِينَ. "الأَنْسَابُ، لِلسَّمْعَانِيِّ (10/ 457).
(4)
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فِيْهِ مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ القَارِيءُ، أَبُو بَحْرٍ. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: صَدُوقٌ عَابِدٌ يُخْطِيءُ. وَقَالَ أَيْضًا: مَا لَهُ فِي البُخَارِيِّ سِوَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ مُتَابَعَةً. وَقَالَ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: "ثِقَةٌ". وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: "لَيْسَ بِذَاكَ". وَضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَالعُقَيْلِيُّ. قُلْتُ: أَعْدَلُ الأَقْوَالِ فِيْهِ أَنَّهُ مَقْبُولٌ حَسَنُ الحَدِيثِ. كَمَا حَرَرَ ذَلِكَ جَمْعٌ مِنَ النُّقَادِ. رَاجِعْ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "الضُّعَفَاءِ" لِلعُقَيْلِيِّ (4/ 189)، وَ "الكَامِلِ" لِابْنِ عَدِيٍّ (8/ 159)، وَ "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ"(4/ 332)، وَ "هُدَي السَّارِي" ص 447، وَ "تَقْرِيبِ التَّهْذِيبِ"(ص 556).
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (بِرَقَمْ 430) مِنْ طَرِيقِ الجُزْءِ بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ (بِرَقَمْ 13401) مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ.
وَالمَرْوَزِيُّ فِي البرِّ وَالصِّلَةِ بِرَقَمْ 186 مِنْ طَرِيقِ الفَضْلِ بْنِ مُوسَى وَابْنُ
أَبِي الدُّنْيَا فِي مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ بِرَقَمْ 244، والبَزَّارُ بِرَقَمْ 6464 البَحْرُ الزَّخَّارُ"، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ بِرَقَمْ 7471 مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ المِقْدَامِ العِجْلِيُّ. وَالنَّسَوِيُّ فِي أَرْبَعِينِهِ بِرَقَمْ 39 مِنْ طَرِيقِ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ غِيَاثٍ وَابْنُ شَاهِينَ فِي التَّرْغِيبِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَثَوَابِ ذَلِكَ بِرَقَمْ (293) مِنْ طَرِيقِ الحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى القَطَّانِ، وَالْحَسَنِ بْنِ مُوسَى بْنِ الحَسَنِ النَّسَائِيُّ. وَبِرَقَمْ (570) مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي
حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ "3/ 107) مِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جَمِيعًا عَنْ حَزْمِ بْنِ أَبِي حَزْمٍ القُطَعِيِّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ:"فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". "فَلْيَتَّقِ اللهَ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". وَعِندَ البَزَّارِ، بِلَفْظِ: مَنْ أَحَبَّ النَّسَاءَ فِي أَجَلِهِ وَالزِّيَادَةَ فِي رِزْقِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".
قَولُهُ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ، وَيُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ": هَذَا الحَدِيثُ يَتَعَارَض ظَاهِرهُ مَعَ قَولِ الله تَعَالَى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأَعْرَاف 34]. وَقَدْ أَجَابَ العُلَماءُ: بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى حَقِيقَتِهَا، وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمٍ المَلَكِ المُوَكَّلِ بِالعُمُرِ، وَأَمَّا الأَوَّلُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الآيَةُ فَبِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِ اللهِ تَعَالَى، كَأَنْ يُقَالَ لِلْمَلَكِ مَثَلًا إِنَّ عُمُرَ فُلَانٍ مِائَةٌ مَثَلًا إِنْ وَصَلَ رَحِمَهُ وَسِتُّونَ إِنْ قَطَعَهَا، وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَصِلُ أَوْ يَقْطَعُ، فَالَّذِي فِي عِلْمِ الله لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ وَالَّذِي فِي عِلْمِ الْمَلَكِ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ وَإِلَيْهِ الإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرَّعْد: 39]. فَالمَحْوُ وَالإِثْبَاتُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي عِلْمِ المَلَكِ وَمَا فِي أُمِّ الكِتَابِ هُوَ الَّذِي فِي عِلْمِ اللَّه تَعَالَى فَلَا مَحْوَ فِيهِ البَتَّةَ وَيُقَالُ لَهُ القَضَاءُ المُبْرَمُ وَيُقَالُ لِلْأَوَّلِ القَضَاءُ المُعَلَّق. وَهَذَا القول هُوَ الأَحْرَى بِالقَبُولِ إِذْ الأَصْلُ حَمْلِ الأَدِلَة عَلَى الحَقِيقَة، وَلَا ضَرُورَة تَدْعُو لِصَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. رَاجِعْ فَتْح البَارِي، لِلحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ " 10/ 416 ".
[6 - بَابُ دَعْوَةِ الوَالِدَيْنِ مُسْتَجَابَةٌ]
17 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَهُنَّ، لَا شَكَّ فِيهِنَّ
(1)
: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ
(2)
عَلَى وَلَدِهِ"
(3)
.
(1)
"لَا شَكَّ فِيهِنَّ": أَيْ: فِي اسْتِجَابَتِهِنَّ. وَإِنَّمَا آكَدَ بِهِ لِالتِجَاءِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِصِدْقِ الطَّلَبِ وَرِقَّةِ القَلْبِ وَانْكِسَارِ الخَاطِرِ.
(2)
أَيْ: لِوَلَدِهِ أَوْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الوَالِدَةَ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا أَكْثَرُ فَدُعَاؤُهَا أَوْلَى بِالإِجَابَةِ. وَأَثَرُ الِاسْتِجَابَةِ قَدْ لَا يَظْهَرُ فِي الحَالِ لِكَوْنِ المُجِيبِ حَكِيمًا.
(3)
حَسَنٌ بِشَوَاهِدِهِ، هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ. وَأَبُو جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيُّ المُؤَذِّنُ. تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَلَمْ يُوَثِّقُهُ أَحَدٌ. رَاجِعْ تَخْرِيجَ الحَدِيثِ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 32) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 2517)، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 29830)، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 8581 - 10196 - 10708 - 10771)، وَالمَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 44 - 52)، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ كَمَا فِي "المُنْتَخَبِ"(بِرَقَمْ 1421)، وَالمُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ" (بِرَقَمْ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=481)، وَأَبُو دَاوُدَ (بِرَقَمْ 1536)، وَالتِّرْمِذِيُّ (بِرَقَمْ 1905 - 3448)، وَابْنُ مَاجَهْ (بِرَقَمْ 3862)، وَالخَرَائِطِيُّ فِي "مَسَاوِئِ الأَخْلَاقِ"(بِرَقَمْ 627)، وَابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 2699 الإِحْسَانِ)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الدُّعَاءِ"(بِرَقَمْ 1313 - 1314)، وَالقُضَاعِيُّ فِي "مُسْنَدِ الشِّهَابِ"(بِرَقَمْ 316)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7513)، وَالبَغَوِيُّ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ"(بِرَقَمْ 1394) مِنْ طُرُقٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي تَعْيِينِ أَبِي جَعْفَرٍ رَاوِيْهِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ.
قَالَ التِّرْمِذيُّ فِي "جَامِعِهِ"(4/ 314): "وَقَدْ رَوَى الحَجَّاجُ الصَّوَّافُ هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ نَحْوَ حَدِيثِ هِشَامٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الَّذِي رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو جَعْفَرٍ المُؤَذِّنُ وَلَا نَعْرِفُ اسْمَهُ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ غَيْرَ حَدِيثٍ".
وَقَالَ فِي "جَامِعِهِ"(5/ 502): "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، هَذَا الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو جَعْفَرٍ المُؤَذِّنُ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ غَيْرَ حَدِيثٍ، وَلَا نَعْرِفُ اسْمُهُ".
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ عِنْدَ البَيْهَقِيِّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7513). وَجَزَمَ بِذَلِكَ ابْنُ حِبَّانَ كَمَا فِي "صَحِيحِهِ"(6/ 417 الإِحْسَانِ). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَتَعَقَّبَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "التَّهْذِيبِ"(12/ 55): بِقَوْلِهِ: "وَلَيْسَ هَذَا بِمُسْتَقِيمٍ، لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ لَمْ يَكُنْ مُؤَذِّنًا، وَلأَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ هَذَا قَدْ صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبي هُرَيْرَةَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ [مِنْهَا حَدِيثُ البَابِ]، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، فَلَمْ يُدْرِكْ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ".
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي مِيزَانِ الاعتدال (4/ 511): "أَبُو جَعْفَرٍ الحَنَفِيُّ اليَمَامِيُّ. عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ. وَعَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي العَاتِكَةِ. مَجْهُولٌ. أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ. أَرَاهُ الَّذِي قَبْلَهُ. رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَحْدَهُ، فَقِيْلَ: الأَنْصَارِيُّ المُؤَذِّنُ. لَهُ حَدِيثُ النُّزُولِ، وَحَدِيثُ ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ. وَيُقَالُ مَدَنِيٌّ. فَلَعَلَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِيهَا إِرْسَالٌ، وَلَمْ يَلْحَقُهُمَا أَصْلًا. اهـ".
قُلْتُ: الَّذِي يَتَرَجَّحُ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ هَذَا لَيْسَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ الصَّادِقُ. وَذَلِكَ لِلأَمْرَيْنِ المَذْكُورَيْنِ فِي كَلَامِ الحَافَظِ ابْنِ حَجَرٍ، وَلَيْسَ ليَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ رِوَايَةً عِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، وَلَيْسَ لِلصَّادِقِ سَمَاعٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَمَا سَبَقَ. وَغَيْرُ مَا فِيْهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، ثِقَةٌ، لَكِنَّهُ يُدَلِّسُ وَقَدْ عَنْعَنَهُ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 24)، وَأَبُو القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي "التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ"(بِرَقَمْ 2091) مِنْ طَرِيقِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبَى كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَهَذَا إِسْنَادٌ مُنْكَرٌ، وَلَا يُحْتَمَلُ هَذَا عَنِ الأَوْزَاعِيِّ.
إِنَّمَا الوَهْمُ فِيْهِ مِمَنْ رَوَى عَنْهُ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى نَكَارَتِهِ الطَّبَرَانِيُّ، فَقَالَ:"لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ إِلَّا الأَوْزَاعِيُّ. تَفَرَّدَ بِهِ: أَبُو المُغِيرَةِ، وَرِوَايَةُ النَّاسِ: عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ".
وَلِلحَدِيثِ شَوَاهِدُ يَصِحُّ بِهَا، مِنْهَا:
مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ كَمَا فِي "الجَامِعِ لِمَعْمَرٍ"(بِرَقَمْ 19522)، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 17398)، وَالرُّويَانِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 187)، وَابْنُ خُزَيْمَةَ (بِرَقَمْ 2320)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 939)، وَالخَطِيبُ فِي "التَّارِيخِ"(14/ 353) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الأَزْرَقِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ:"ثَلاثَةٌ تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُمُ: الوَالِدُ، وَالمُسَافِرُ، وَالمَظْلُومُ".
وَهَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، غَيْرَ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الأَزْرَقِ، تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ زَيْدُ بْنُ سَلَامٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، كَمَا فِي "الثِّقَاتِ"(5/ 15)، وَذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"(5/ 93)، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ" (5/ 58) وَلَمْ يَذْكُرُوهُ بِجَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ. وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ:"مَقْبُولٌ".
فَهُوَ فِي عِدَادِ أَوْسَاطِ التَّابِعِينَ، وَحَدِيثُهُ مُتَلَقَّى بالقَبُولِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(3/ 354)، وَالضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ فِي "الأَحَادِيثِ المُخْتَارَةِ"(بِرَقَمْ 1865) مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَكْرٍ المَرْوَزِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ، فِيْهِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ المَرْوَزِيُّ. ذَكَرَهُ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي "المُتَّفِقِ وَالمُفْتَرِقِ"، وَلَمْ يَحْكِ فِيْهِ جَرْحًا أَوْ تَعْدِيلًا. فَهُوَ مَجْهُولُ الحَالِ، وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ، بَلْ تُوبِعَ عَلَيْهِ. فَرَوَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي "التَّدْوِينِ فِي أَخْبَارِ قَزْوِينَ"(3/ 114) مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ السَّهْمِيِّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَصُدُقٌ، فَالحَدِيثُ حَسَنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى بِهَذِهِ الشَّوَاهِدِ.
[7 - بَابُ عُقُوقِ الوَالِدَيْنِ يُحْبِطُ العَمَلَ]
18 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ النَّصْرِيُّ
(1)
، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه
(2)
، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُمْ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا: عَاقٌّ، وَمَنَّانٌ، وَمُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ"
(3)
.
(1)
فِي الأَصْلِ، "البَصْرِيُّ"، وَالمُثبَتُ مِنْ تَرْجَمَةِ الرَّاوِي.
وَالنَّصْرِيُّ نِسْبَةً إِلَى النَّصْرِيّةٍ. بِالفَتْحِ ثُمَّ السُّكُونِ، وَرَاءٍ، وَيَاءٍ مُشَدَّدَةِ لِلنِّسْبَةِ، وَهَاءِ التَّأْنِيثِ: وَهِيَ مَحِلْةٌ بِالجَانِبِ الغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ، وَقَدْ نَسَبَ المُحَدِّثُونَ إِليْهَا جَمَاعَةً بِالنَّصْرِيِّ. "مُعْجَمُ البُلْدَانِ"(5/ 228).
(2)
أَبو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، صُدَيُّ بْنُ عَجْلَانَ بْنِ وَهْبٍ البَاهِلِيُّ. صَحَابِيٌّ فَاضِلٌ زَاهِدٌ رَوَى عِلْمًا كَثِيرًا، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ (86 هـ). وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: الطَّبَقَاتِ، لابْنِ سَعْدٍ "7/ 411 "، وَسِيرِ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ، لِلذَّهَبِيِّ (3/ 359).
(3)
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، عَبْدُ اللهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ. ثِقَةٌ. وَعُمَرُ بْنُ يَزِيدَ النَّصْرِيُّ. مُخْتَلَفٌ فِيْهِ. قَالَ العُقَيْلِيُّ: يُخَالِفُ فِي حَدِيثِهِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ: فِي رِوَايَتِهِ أَشْيَاءَ، وَذَكَرَهُ فِي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "المَجْرُوحِينَ"، وَقَالَ:"كَانَ مِمَّنْ يَقْلِبُ الأَسَانِيْدَ، وَيَرفَعُ المَرَاسِيْلَ، لَا يَجُوزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَإِنْ اعْتَبَرَ بِمَا يُوَافِقُ الثِّقَاتَ فَلَا ضَيْرَ". وَوَثَّقَهُ الفَسَوِيُّ، وَأَبُو زَرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ. وَذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ"، وَلَمْ يَذْكُرُوهُ بِجَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ:"حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُ شَابُورَ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَقَدْ يُعْتَبَرُ بِهِ". اهـ
وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا قِيْلَ فِيْهِ أَنَّهُ حَسَنُ الحَدِيثِ. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ"(6/ 142)، وَ "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"(6/ 205)، وَ "الثِّقَاتِ"(7/ 179)، وَ "المَجْرُوحِينَ" لِابْنِ حِبَّانَ (2/ 89)، وَ "الضُّعَفَاءِ الكَبِيرِ" لِلعُقَيْلِيِّ (3/ 196)، وَ "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ"(3/ 231). وَأَبُو سَلَّامٍ هُوَ مَمْطُورٌ الأَسْوَدُ الحَبَشِيُّ البَاهِلِيُّ. ثقةٌ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ التَّيْمِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب "برَقَمْ 464 - 2204"، وَعَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ الصَّفَّارُ، فِي كِتَابِ الْأَرْبَعِينَ فِي شُعَبِ الدِّينِ "بِرَقَمْ 37" مِنْ طَرِيقِ الجُزْءِ بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "السُّنَّةِ"(بِرَقَمْ 323)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 7547)، وَابْنُ بَطَّةَ فِي "الإِبَانَةِ الكُبْرَى"(بِرَقَمْ 1528)، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(41/ 217) مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دُحَيْمٍ الدِّمَشْقِيِّ. وَابْنُ بَطَّةَ فِي "الإِبَانَةِ الكُبْرَى"(مُلْحَقٌ بِرَقَمْ 1258) مِنْ طَرِيقِ المُعَلَّى بْنِ القَعْقَاعِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالبَيْهَقِيُّ فِي "القَضَاءِ وَالقَدَرِ"(بِرَقَمْ 432)، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(45/ 394 - 60/ 264) مِنْ طَرِيقِ العَبَّاسِ بْنِ الوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ. وابْنُ الجَوْزِيِّ فِي "العِلَلِ"(1/ 151) مِنْ طَرِيقِ أَبي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ.
جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، بِهِ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ فِي "التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ"(3/ 224): "رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "كِتَابِ السُّنَّةِ" بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ".
وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ"(7/ 206): "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ، فِي أَحَدِهِمَا بِشْرُ ابْنُ نُمَيْرٍ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَفِي الآخَرِ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَعُمَرُ بْنُ يَزِيدَ النَّصْرِيُّ، تَقَدَّمَ القَوْلُ فِيْهِ، وَأَنَّهُ حَسَنُ الحَدِيثِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ بِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ. فَرَوَاهُ المَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 97).
وَرَوَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 1191) مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ الضَّبِّيِّ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 7938) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ المِنْهَالِ. وَالبَيْهَقِيُّ فِي "القَضَاءِ وَالقَدَرِ"(بِرَقَمْ 430) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى. وَالرَّافِعِيُّ فِي "التَّدْوِينِ فِي أَخْبَارِ قَزْوِينَ"(4/ 156) مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّيْبُلِيِّ.
جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ صُدَيِّ بْنِ عَجْلانَ، مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ:"أَرْبَعَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَيْهِمْ، عَاقٌّ، وَمَنَّانٌ، وَمُدْمِنُ خَمْرٍ، وَمُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَهَذَا إِسْنَادٌ، فِيْهِ: بِشْرُ بْنُ نُمَيْرٍ البَصْرِيُّ. مُجْمِعٌ عَلَى تَرْكِهِ وَضَعْفِهِ. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ"(1/ 325 - 326).
وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ بِشْرُ بْنُ نُمَيْرٍ، بَلْ تَابَعَهُ مَنْ هُوَ أَسْوَاءُ مِنْهُ حَالًا.
فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 1127) ومِنْ طَرِيقِهِ البَيْهَقِيُّ فِي "القَضَاءِ وَالقَدَرِ"(بِرَقَمْ 431) مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ الحَنَفِيِّ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ:"لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِالقَدَرِ".
وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيْهِ جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ الحَنَفِيُّ. مُجْمِعٌ عَلَى تَرْكِهِ وَضَعْفِهِ. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ"(1/ 406).
وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، سَيَأْتِي (بِرَقَمْ 33).
قَوْلُهُ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُمْ": إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حِبُوطِ العَمَلِ، أَوْ انْعِدَامِ الأَجْرِ. "صَرْفًا وَلَا عَدْلًا": أَيْ: لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا. وَ"عَاقٌّ": مِنْ العُقُوقِ، وَالْمُرَادُ بِهِ صُدُورُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، إِلَّا فِي شِرْكٍ أَوْ مَعْصِيّة. "وَمَنَّانٌ": الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مِنَّةً. وَقِيْلَ: الَّذِي إِذَا كَالَ أَوْ وَزَنَ نَقَصَ مِنَ الحَقِّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [الانشقاق: 25]. أَيْ: غَيْرَ مَنْقُوص. وَالأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَمُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ: أَيْ: مُكَذِّبَ بِأَنْ الأَشْيَاءَ كُلِّهَا بِتَقْدِيرِ اللَّهُ عز وجل وَإِرَادَتِهِ.
[8 - بَابُ جَزَاءِ الوَالِدَيْنِ]
19 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ
(1)
، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ
(2)
".
(1)
جَاءَ فِي الأَصْلِ، "وَالِدَيهِ"، وَالمُثبَتُ مِنْ "كِتَابِ الأَدَبِ المُفْرَدِ" لِلمُصنِّفِ، حَيْثُ رَوَاهَ بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
(2)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ. وَأَبُو صَالِحٍ السَّمانُ، ذَكْوَانَ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ "بِرَقَمْ 10" بِالْإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَمِنْ طَرِيقِ الجُزْءِ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ التَّيْمِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي "التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ"(بِرَقَمْ 452) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 7143) مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ. وَ (بِرَقَمْ 8893) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَ (بِرَقَمْ 9745) مِنْ طَرِيقِ وَكِيعِ بْنَ الجَرَّاحِ. وَالمَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 32) مِنْ طَرِيقِ ابْنِ المُبَارَكِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ مَهْدِيٍّ. وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 25/ 1510) مِنْ طَرِيقِ وَكِيعِ بْنِ الجَرَّاحِ، وعَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، ومُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيِّ. وَأَبُو دَاوُدَ (بِرَقَمْ 4473) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ. وَابْنُ الجَارُودِ فِي "المُنْتَقَى"(بِرَقَمْ 946) مِنْ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= طَرِيقِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ. وَالطُّوسِيُّ فِي "مُخْتَصَرِ الأَحْكَامِ"(بِرَقَمْ 1504) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الفِرْيَابِيِّ. وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ"(بِرَقَمْ 3031) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عِيسَى. وَ (بِرَقَمْ 3022)، وَفِي "شَرْحِ المُشْكَلِ"(بِرَقَمْ 5395) مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ مَسْعُودٍ النَّهْدِيِّ. وَالبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7462) مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى.
جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، بَلْ تَابَعَهُ.
1 -
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي "المُسْتَخْرَجِ"(بِرَقَمْ 4831)، وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ مَعَانِي الآثَارِ"(بِرَقَمْ 3031)، وَ "شَرْحِ المُشْكَلِ"(بِرَقَمْ 695 - 1365 - 5395)، مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى. وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(41/ 515) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ التَّمِيمِيِّ. كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.
2 -
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ الأَصْبَحِيُّ.
رَوَاهُ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ فِي "تَارِيخِ جُرْجَانَ"(183)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(6/ 345) مِنْ طَرِيقِ أَصْرَمَ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْهُ.
3 -
جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ الضَّبِّيُّ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 25786) ومِنْ طَرِيقِه مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 25/ 1510)، وَابْنُ مَاجَهْ (بِرَقَمْ 3659)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي المَعْرِفَةِ" (بِرَقَمْ 6049) عَنْهُ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِّيُّ (بِرَقَمْ 1906) مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى. وَالنَّسَائِيُّ فِي "الكُبْرَى"(بِرَقَمْ 4876) مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَالبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ الكَبِيرِ"(10/ 287)، وَ "السُّنَنِ الصغرى"(بِرَقَمْ 4783) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُنِيبٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(53/ 172) مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ. جَمِيعًا عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الحَمِيدِ الضَّبِّيِّ.
4 -
أَبُو عَوَانَةَ الوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اليَشْكُرِيُّ.
رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 2527) عَنْهُ، وَالعَسْكَرِيُّ فِي "الجُزْءِ الثَّانِي مِنْ مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ"(بِرَقَمْ 85) مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ عَوْفٍ العَامِرِيِّ، وَابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 424 الإِحْسَانِ) مِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ.
5 -
زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الجُعْفِيُّ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 7570) مِنْ طَرِيقِ مُظَفَّرِ بْنِ مُدْرِكٍ الخُرَاسَانِيِّ، وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ مُشْكَلِ الآثَارِ"(بِرَقَمْ 5395) مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الجَعْدِ. كِلَاهُمَا عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الجُعْفِيِّ.
6 -
خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ الضُّبَعِيُّ.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 3150 - 8647) مِنْ طَرِيقِ إِبرَاهِيمَ بْنِ أَعْيَنَ. وَالخَلِيلِيُّ فِي "الإِرْشَادِ"(ص 323) مِنْ طَرِيقِ الفَضْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَالخَطِيبُ فِي "تَارِيخِ بَغْدَادَ"(16/ 444) مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْهُ.
7 -
ابْنُ جُرَيْجٍ المَكِّيُّ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 6650) مِنْ طَرِيقِ فُهَيْرِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْهُ.
8 -
العَلَاءُ بْنُ خَالِدٍ الكَاهِلِيُّ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 8573) مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ، عَنْهُ.
9 -
إِبرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ.
رَوَاهُ الخَلِيلِيُّ فِي "الإِرْشَادِ"(ص 323) مِنْ طَرِيقِ الفَضْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
10 -
وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ اليَشْكُرِيُّ.
رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "أَخْبَارِ أَصْبَهَانَ"(2/ 215) مِنْ طَرِيقِ رَوَّادِ بْنِ الجَرَّاحِ.
11 -
جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ.
رَوَاهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي "البِرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 69) مِنْ طَرِيقِ الأَسْوَدِ بْن عَامِرٍ.
جَمِيعًا عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، هَذَا الحَدِيثَ".
وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "الثَّانِي مِنَ الأَفْرَادِ"(بِرَقَمْ 9) حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشِّيرَازِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقَدْ أَشَارَ إِلَى نَكَارَتِهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَقَالَ:"غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْهُ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ بَكْرِ بْنِ بَكَّارٍ، وَلَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا عَنْ شَيْخِنَا أَبِي الأَسْوَدِ".
قَوْلُهُ: "لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ": أَيْ: لَا يُكَافِئُهُ بِإِحْسَانِهِ وَقَضَاءِ حَقِّهِ، وَالأُمُّ مِثْلُهُ أَيْضًا. "إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ": المَمْلُوكُ: العَبْدُ. وَالمَعْنَى: أَيْ: يُخَلِّصُهُ مِنَ الرِّقِّ، بِسَبَبٍ شِرَائِهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. حَيْثُ أَنَّ الوَالِدَ سَبَبٌ فِي وُجُودِ الوَلَدِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، لِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الوَلَدِ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لإِيجَادِ وَالِدِهِ فِي عَالَم الحُرِّيَّةِ. وَإِنَّما صَارَ هَذَا جَزَاءً لَهُ وَأَدَاءً لِحَقِّهِ، لأَنَّ العِتْقَ أَفْضَلُ مَا يُنْعِمُ بِهِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، إِذَا خَلَّصَهُ بِذَلِكَ مِنَ الرِّقِّ وَجَبَرَ بِهِ النَّقْصَ الَّذِي فِيْهِ، وَتَكْمُلُ لَهُ أَحْكَامُ الأَحْرَارِ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ. وَلِلحَدِيثِ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَضَافَ العِتْقَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ بِالشِّرَاءِ إِلَى العِتْقِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ عِنْدَ الشِّرَاءِ. وَالثَّانِي: أَدَقُّ مَعْنَى وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ مُجَازَاةَ الأَبِ لَا تُتَصَوَّرُ، لأَنَّهُ بِنَفْسٍ شِرَائِهِ لِلأَبِ يُعْتَقُ، فَصَارَ هَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأَعْرَاف: 40]، وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ.
[9 - بَابُ عُقُوقِ الوَالِدَيْنِ مِنَ الكَبَائِرِ]
20 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ: عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ
(1)
، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ("أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ " ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ" وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا
(2)
، فَقَالَ:"وَقَوْلُ الزُّورِ"، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ)
(3)
.
(1)
أَبو بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ الطَّائِفِيُّ نُفَيْعُ بْنُ الحَارِثِ، وَقِيلَ: نُفَيْعُ بْنُ مَسْرُوحٍ. مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. تَدَلَّى فِي حِصَارِ الطَّائِفِ بِبَكْرَةٍ، وَفَرَّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ عَبْدٌ، فَأَعْتَقَهُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ أَبُو بَكْرَةَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، بِالبَصْرَةِ. فَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ. وَقِيلَ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ " 7/ 15 "، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبُلَاءِ "3/ 5".
(2)
"الِاتِّكَاءُ": هُوَ أَنْ يَتَمَكَّنَ فِي الجُلُوسِ مُتَرَبِّعًا، أَوْ يَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى وِطَاءٍ، أَوْ يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى شَيْءٍ.
(3)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 2654 - 6274 - 6919)، وَفِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 15) وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو القَاسِمِ =
[10 - بَابُ مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ]
21 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "رَغِمَ أَنْفُهُ
(1)
، رَغِمَ أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ؟ قَالَ: "مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الكِبْرِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ"
(2)
.
(1)
"رَغِمَ أَنْفُهُ": وَالرَّغَامُ: بِفَتْحِ الغَيْنِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الرُّغْمُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا وَأَصْلُهُ لَصْقُ أَنْفِهِ بِالرِّغَامِ وَهُوَ تُرَابٌ مُخْتَلَطٌ بِرَمْلٍ. وَقِيْلَ الرُّغْمُ: كُلُّ مَا أَصَابَ الأَنْفَ مَمَّا يُؤْذِيهِ، وَإِلصَاقُ الأَنْفِ بِالتُّرَابِ كِنَايَةٌ عَنْ إذْلَالِهِ وَإِهَانَتِهِ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ ضَيَّعَ حَقَّ وَالِدَيْهِ إِذْ أَدْرَكَهُمَا فِي حَالٍ يُمْكِنُهُ بِرُّهُمَا، فَفَرَّطَ فِي ذَلِكَ تَفْرِيطًا أَبْعَدَهُ عَنِ الجَنَّةِ، وَخَابَ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِهِ.
(2)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، سُهَيْلٌ هُوَ ابْنُ أَبِي صَالِحٍ السَّمانُ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 21) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 10/ 2551) مِنْ طَرِيقِ أَبي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، بِهِ. وَ (بِرَقَمْ 10/ 2551) مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الحَمِيدِ الضَّبِّيِّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
22 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"رَغِمَ أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ، رَغِمَ أَنْفُهُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا، عِنْدَ الكِبَرِ فَيَدْخُلِ النَّارَ، أَوْ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ"
(1)
.
23 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ"
(2)
.
(1)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، أَبُو عَوَانَةَ هُوَ الوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ الله الوَاسِطِيُّ.
والحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 8557) مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ. وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 9/ 2551)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7500) مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ الأَيْلِيِّ. كِلَاهُمَا عَنْ أَبي عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(2)
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، مِنْ أَجْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ المَدَنِيُّ. حَسَنُ الحَدِيثِ صَدُوقٌ، رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مُتَابَعَةً. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "الجَرْحِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالتَّعْدِيلِ" لاِبْنِ أَبِي حَاتِمٍ (5/ 212)، وَ "الكَامِلِ" لاِبْنِ عَدِيٍّ (5/ 489)، وَ "مِيزَانِ الاِعْتِدَالِ" لِلذَّهَبِيِّ (2/ 546 - 547)، وَ "التَّقْرِيبِ" (ص 336).
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ القَاضِيُّ فِي كِتَابِهِ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَرَقَمْ (16)، وَالحَرْبِيُّ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ " 3/ 1076 "، وَالحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ "بِرَقَمْ 2016"، وَالشَّجَرِيُّ فِي الأَمَالِي "بِرَقَمْ 633" مِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ. وَالبَزَّارُ بِرَقَمْ 8465 البَحْرُ الزَّخَارُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ. وَابْنُ حِبَّانَ "بِرَقَمْ 908 الإِحْسَانُ" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ.
ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَاقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذِكْرِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَبَعْضُهُمْ عَلَى ذِكْرِ رَمَضَانَ. وَبَعْضُهُمْ جَاءَ بِهِ بِسِيَاقِ المُصَنِّفِ لَهُ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِرَقَمْ (7451) ومِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي نَتَائِج الأَفْكَارِ (4/ 24)، وَالتَّرْمِذْيُّ بَرَقَمْ (3545)، وابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي مُعْجَمِهِ "برقم 1289"، وَالبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ "بِرَقَمْ 689"، وَالتَّفْسِيرِ " 5/ 87 "، والمزِّيُّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ (9/ 53) مِنْ طَرِيقِ رِبْعِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ. وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَقَمْ 17"، وَابْنُ أَبي عَاصِمٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "بِرَقَمْ 65" مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ. كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 646)، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي "فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم"(بِرَقَمْ 18)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي الكبرى (4/ 303)، وَ "فَضَائِلِ الأَوْقَاتِ"(بِرَقَمْ 55) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ.
وَرَوَاهُ البَزَّارُ (بِرَقَمْ 8116 البَحْرِ الزَّخَّارِ)، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 1888)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 8994)، وَابْنُ حَجَرٍ فِي "نَتَائِجِ الأَفْكَارِ"(4/ 25) مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ.
كِلَاهُمَا عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَكَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ الأَسْلَمِيُّ، مُخْتَلَفٌ فِيْهِ، وَأَعْدَلُ الأَقْوَالِ فِيْهِ أَنَّهُ حَسَنُ الحَدِيثِ. كَمَا حَرَرَ ذَلِكَ جَمْعٌ مِنَ النُّقَادِ. وَالوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ الدَّوْسِيُّ. حَسَنُ الحَدِيثِ صَدُوقٌ.
وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 5922) ومِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 907 الإِحْسَانِ) مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 8131) مِنْ طَرِيقِ سَهْلِ بْنِ عُثْمَانَ. كِلَاهُمَا عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، مِنْ أَجْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو اللَّيْثِيِّ. حسن الحديث صَدُوقٌ. وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
24 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ
(1)
، حَدَّثَنِي أَخِي
(2)
، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ
(3)
، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ السَّالِمِيِّ
(4)
، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ إِنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ رضي الله عنه
(5)
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "احْضَرُوا المِنْبَرَ" فَلَمَّا خَرَجَ فَرَقِيَ المِنْبَرَ، فَرَقِيَ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنْهُ قَالَ:"آمِينَ". ثُمَّ رَقِيَ فِي الثَّانِيَةِ، فَقَالَ:"آمِينَ". ثُمَّ لَمَّا رَقِيَ الثَّالِثَةَ، قَالَ:"آمِينَ". فَلَمَّا
(1)
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسِ الأَصْبَحِيُّ. احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُكْثِرَا مِنْ تَخْرِيج حَدِيثِهِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَخْرَجَ للبُخَارِيِّ أُصُولَهُ وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِي مِنْهَا، وَأَنْ يُعَلِّمَ لَهُ عَلَى مَا يُحَدِّثَ بِهِ، وَيُعْرِضَ عَمَّا سِوَاهُ، وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ مَا أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْهُ هُوَ مِنْ صَحِيحٍ حَدِيثِهِ؛ لِأَنَّهُ كَتَبَ مِنْ أُصُولِهِ وعَلَى هَذَا لَا يُحْتَجُّ بِشَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ غَيْرَ مَا فِي الصَّحِيحِ إِلَّا أَنْ شَارِكَهُ فِيْهِ غَيْرُهُ فَيُعْتَبَرُ فِيْهِ. "هَدْيِ السَّارِي: 1/ 391" بِتَصَرُّف.
(2)
عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ الأَصْبَحِيُّ. ثِقَةٌ.
(3)
فِي الأَصْلِ "بِلَالٍ"، وَالمُثبَتُ مِنَ "التَّارِيخِ الكَبِيرِ" للمُصَنِّفِ، حَيْثُ رَوَاهُ بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ. وَهُوَ: مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ المَدَنِيُّ. ثِقَةٌ.
(4)
فِي الأَصْلِ، "السُّلَمِيِّ"، وَالمُثبَتُ مِنَ "التَّارِيخِ الكَبِيرِ" للمُصَنِّفِ.
(5)
كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ الأَنْصَارِيُّ السَّالِمِيُّ المَدَنِيُّ، مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ.
مَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ " 3/ 52 ".
فَرَغَ وَنَزَلَ عَنِ المِنْبَرِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَقَدْ سَمِعْنَا مِنْكَ اليَوْمَ شَيْئًا مَا كُنَّا نَسْمَعُهُ مِنْكَ، قَالَ:"وَسَمِعْتُمُوهُ؟ ". قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: "إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام اعْتَرَضَ
(1)
"، قَالَ: "بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقَيْتُ الثَّانِيَةَ"، قَالَ: "بَعُدَ مَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقَيْتُ الثَّالِثَةَ"، قَالَ: "بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ، أَوْ أَحَدَهُمَا، فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ، فَقُلْتُ: آمِينَ")
(2)
.
(1)
أَيْ: عَرَضَ لِي.
(2)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"(7/ 220 بِرَقَمْ 954) قَالَ إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ السّالِمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ لِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَة.
وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِهِ "فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم"(بِرَقَمْ 19)، وَبَحْشَلٌ فِي "تَارِيخِ وَاسِطَ"(ص 254)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 315)، ويعقوب بن سفيان الفَسَوِيُّ فِي "المَعْرِفَةِ وَالتَّارِيخِ"(1/ 146) ومِنْ طَرِيقِهِ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمان (بِرَقَمْ 1471)، وَابْنُ شَاهِينَ فِي "فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ"(بِرَقَمْ 3)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 7256)، وَأَبُو القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ "بِرَقَمْ 2209" مِنْ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= طُرُقٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ.
قَالَ الحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".
وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ"(10/ 166): "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ".
وَهَذَا إِسْنَادُ فِيْهِ إِسْحَاقُ بْنُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ السَّالِمِيُّ. ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ. وَلَمْ يَحْكِ فِيْهِ جَرْحًا أَوْ تَعْدِيلًا. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: تَابِعِيٌّ مَسْتُورٌ. وَقَالَ الفَاسِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ: مَجْهُولُ الحَالِ. رَاجِعْ أَقوَالَ العُلَماءِ فِي: التَّارِيخ الكَبيرِ (1/ 400)، وَمِيزَانِ الاِعْتِدَالِ (1/ 196)، وَالتَّقْرِيبِ "ص: 102".
25 -
حَدَّثَنَا
(1)
أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ، سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: (ارْتقَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنْبَرِ فَرَقِى
(2)
دَرَجَةً، فَقَالَ:"آمِينَ. ثُمَّ ارْتقَى دَرَجَةً، فَقَالَ: "آمِينَ". ثُمَّ ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: "آمِينَ". ثُمَّ اسْتَوَى فَجَلَسَ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: عَلَى مَا أَمَّنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام، فَقَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ. وَرَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ أَدْرَكَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدَهُمَا، لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ، فَقُلْتُ: آمِينَ")
(3)
.
(1)
هَذَا الإِسْنَادُ مِنْ ثُلَاثِيَّاتِ المُصَنِّفِ رحمه الله.
(2)
رُسِمَتْ فِي الأَصْلِ، "فَرَقَا"، وَهِيَ لُغَةٌ طَائِيةٌ مَعْرُوفة.
(3)
إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. وَسَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ اللَّيْثِيُّ. مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَتَرْكِهِ. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَماءِ فِي: الجُرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، لابْنِ أَبِي حَاتِم "4/ 174 "، " 5/ 410"، وَمِيزَانِ الاِعْتِدَالِ، لِلذَّهَبِيُّ (2/ 193)، وَالتَّقْرِيبِ، لابْنِ حَجَرٍ "ص: 248".
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ، كَمَا فِي إِتْحَافِ الخِيَرَةِ المَهَرَةِ، لِلبُوصَيْرِيّ "6/ 495"، وَالمَطَالِبِ العَالِيَةِ، لابْنِ حَجَرٍ " 13/ 789 "، وَابْنُ شَاهِينَ فِي فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ "بِرَقَمْ 8" مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ الفَضْلِ بْنِ دُكَيْنِ بِهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ الإِمَامَيْنِ الحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ فِي "الأَمَالِي وَالقِرَاءَةِ"(ص 44)، وَالبَزَّارُ (بِرَقَمْ 6252 البَحْرِ الزَّخَّارِ)، وَفِي "كَشْفِ الأَسْتَارِ"(بِرَقَمْ 3168)، وَالذَّهَبِيُّ فِي "الدِّينَارِ"(بِرَقَمْ 44)، وَابْنُ حَجَرٍ فِي "نَتَائِجِ الأَفْكَارِ"(4/ 27)، وَالسَّخَاوِيُّ فِي "البُّلْدَانِيَاتِ"(بِرَقَمْ 17) مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ.
وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِهِ "فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم"(بِرَقَمْ 15)، وَأبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَاسِيِّ فِي "فَوَائِدِهِ"(بِرَقَمْ 1) ومِنْ طَرِيقِهِ الشَّجَرِيُّ فِي "الأَمَالِي"(بِرَقَمْ 602)، وَابْنُ شَاهِينَ فِي "فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ"(بِرَقَمْ 8)، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ فِي "الفَوَائِدِ الشَّهِيرِ بِالغَيْلَانِيَّاتِ"، مُخْتَصَرًا عَلَى الجُزْءِ الأَخِيرِ (بِرَقَمْ 187)، وَالخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ فِي "مُوَضِّحِ أَوْهَامِ الجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ"(2/ 100)، وَعَبْدُ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ فِي "فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ"(بِرَقَمْ 29)، وَتَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي "مُعْجَمِ شُيُوخِهِ"(415)، وَزَيْنُ الدِّينِ العِرَاقِيُّ فِي كِتَابِ "الأَرْبَعِينَ العُشَارِيَّةِ"(195).
جَمِيعًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيِّ.
وَرَوَاهُ ابْنُ شَاهِينَ فِي "فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ"(بِرَقَمْ 7) مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ. وَرَوَاهُ أبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَاسِيِّ فِي "فَوَائِدِهِ"(بِرَقَمْ 2) ومِنْ طَرِيقِهِ الشَّجَرِيُّ فِي "الأَمَالِي"(بِرَقَمْ 632) مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ العُمَرِيِّ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ أَبُو الحُسَيْنِ الطُّيُوْريُّ (2/ 691) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَابْلُتِّيِّ. وَرَوَاهُ الخِلَعِيُّ فِي "الجُزْءِ الخَامِسَ عَشَرَ مِنَ الفَوَائِدِ المُنْتَقَاةِ الحِسَانِ الصِّحَاحِ وَالغَرَائِبِ"(بِرَقَمْ 43) مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ هَارُونَ.
جَمِيعُهُمْ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ البَزَّارُ كَمَا فِي "البَحْرِ الزَّخَّارِ": "وَلا نَعْلَمُ رَوَى أَحَادِيثَ سَلَمَةَ بِهَذِهِ
الأَلفَاظِ غَيْرُهُ، عَنْ أَنَسٍ، ولَا عَنْ غَيْرِ أَنَسٍ وَسَلَمَةُ، صَالِحٌ وَأَحَادِيثُهُ لَمْ يَرْوِهَا غَيْرُهُ كَأَنَّهَا يُسْتَوْحَشُ مِنْهَا". وقَالَ البَزَّارُ كَمَا فِي "كَشْفِ الأَسْتَارِ":"وَسَلَمَةُ صَالِحٌ، وَلَهُ أَحَادِيثُ، يُسْتَوْحَشُ مِنْهَا، وَلا نَعْلَمُ رَوَى أَحَادِيثَ بِهَذِهِ الأَلفَاظِ غَيْرُهُ".
وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ"(10/ 166): "رَوَاهُ البَزَّارُ، وَفِيهِ سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ البَزَّارُ: صَالِحٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ" اهـ.
وَلَعَلَّ البَزَّارَ أَرَدَ بِصَلَاحِهِ، صَلَاحُ دِيَانَتِهِ، لَا رِوَايَتِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ، مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَتَرْكِهِ، كما سبق.
وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى لَا تَخْلُو مِنْ مَقَالٍ أَعْرَضْتُ عَنْهَا خَشْيَةَ الإِطَالَةِ.
[11 - بَابُ نَظَرِ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ]
26 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَعْيَنَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ
(1)
، عَنِ الحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
(2)
، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا نَظَرَ الوَالِدُ إِلَى وَلَدِهِ فَسَّرَهُ كَانَ لِلوَلَدِ عِتْقُ نَسَمَةٍ
(3)
"
(4)
.
(1)
أَيْ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ صَالِحٍ، سَمِعَ الحَدِيثَ مِنَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَسَمِعَهُ أَيْضًا مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَعْيَنَ.
(2)
عَبْدُ الله بْنُ عَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ. حَبْرُ الأُمَّةِ، وَإِمَامُ التَّفْسِيرِ. حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِجُمْلَةٍ صَالِحَةٍ مِنَ الحَدِيثِ. وَكَانَ وَسِيمًا، جَمِيْلًا، مَدِيدَ القَامَةِ، مَهِيبًا، كَامِلَ العَقْلِ، ذَكِيَّ النَّفْسِ، وَأَخْبَارُهُ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ. مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، أَوْ سَبْعِ وَسِتِّينَ. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ: سَنَةَ ثَمَانٍ. وَقِيلَ: عَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً. تَرْجَمَتُهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ " 2/ 365 "، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ " 3/ 331 ".
(3)
النَّسَمَةُ: النَّفْسُ وَالرُّوحُ. "النِّهَايَةُ: 5/ 49".
(4)
إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَعْيَنَ الشَّيْبَانِيُّ البَصْرِيُّ. ضَعِيفُ الحَدِيثِ. ضَعَّفَهُ البُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَابْنُ حَجَرٍ. رَاجِعْ أَقَوَالَ =
[12 - بَابُ بِرِّ مِنْ كَانَ يَصِلُهُ أَبُوهُ]
27 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
(1)
بْنُ يَزِيدَ المُقْرِيُّ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ الوَلِيدُ بْنُ أَبِي الوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ
(2)
، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ أَبَرَّ البِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ"
(3)
.
(1)
فِي الأَصْلِ "مُحَمَّد"، وَالمُثبَتُ مِنَ "الأَدَبِ المُفْرَدِ"، وَتَرْجَمَةِ الرَّاوِي.
(2)
عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلٍ العَدَوِيُّ. أَسْلَمَ وَهُوَ صَغِيرٌ، ثُمَّ هَاجَرَ مَعَ أَبِيْهِ لَمْ يَحْتَلِمْ، وَهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. رَوَى: عِلْمًا كَثِيْرًا نَافِعًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدِ " 2/ 373 "، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبُلَاءِ "3/ 203"، وَالإِصَابَةِ "2/ 347 ".
(3)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، حَيْوَةُ هُوَ ابْنُ شُرَيْحٍ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ "برَقَمْ 5721"، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ كَمَا فِي المُنتخَبِ "بِرَقَمْ 794"، وَالمُصَنِّفُ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ "بِرَقَمُ 41" بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء. وَرَوَاهُ القَطِيعِيُّ فِي جُزْءِ الأَلفِ دِينَارٍ "ص: 181"، وَالذَّهَبِيُّ فِي مُعْجَمِ الشَّيُوخِ الكَبِيرِ "1/ 268" مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ مُوسَى الأَسَدِيِّ. وَرَوَاهُ أَبُو القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ ِبقِوَامِ السُّنَّةِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ "بِرَقَمْ 454" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ صَخْرٍ. كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ المُقْرِيِّ، بِهِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 12/ 2552) مِنْ طَرِيقِ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. بِلَفْظِ المُصَنِّفِ.
وَرَوَاهُ المَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 80)، وَالتِّرْمِذِّيُّ (بِرَقَمْ 1903)، وَابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 430 الإِحْسَانِ)، وَالقُضَاعِيُّ فِي "مُسْنَدِ الشِّهَابِ"(بِرَقَمْ 994)، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(43/ 71) مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ الوَلِيدِ بْنِ أَبِي الوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوعًا:"إِنَّ أَبَرَّ البِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ وُدَّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ". يَعْنِي: يُوَلِّي الأَبُ.
قَوْلُهُ: "إِنَّ أَبَرَّ البِرِّ": أَيْ: أَفْضَلُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وَالِدِهِ، وَكَذَا الوَالِدَةُ. "أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ": الوُدُّ: بِضَمِّ الوَاوِ، بِمَعْنَى المَوَدَّةِ أَيْ: أَصْحَابُ مَوَدَّتِهِ وَمَحَبَّتِهِ. وَفِي هَذَا فَضْلُ صِلَةِ أَصْدِقَاءِ الأَبِ وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِبِرِّ الأَبِ وَإِكْرَامِهِ لِكَوْنِهِ بِسَبَبِهِ، وَتَلْتَحِقُ بِهِ أَصْدِقَاءُ الأُمِّ وَالأَجْدَادِ.
[جَامِعُ أَبْوَابِ صِلَةِ الرَّحِمِ]
(1)
.
[13 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِثْمِ قَاطِعِ الرَّحِمِ]
28 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
(1)
أَمَرَ اللهُ عز وجل بِصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَوَصَّى بِهَا عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ، وَحَثَّ عَلَيْهَا وَبَيَّنَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، كَمَا حَثَّ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُبيِّنًا جَزَاءَهَا، وَمَا أَعْدَّهُ اللهُ لِلوَاصِلِينَ مِنَ الخَيْرِ العَظِيمِ والثَّوَابِ الجَزِيلِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ سَعَةِ الرِّزْقِ، وَطُولِ العُمْرِ، وَالبَرَكَةِ فِي المَالِ وَالوَلَدِ، لَقَدْ قَضَى اللهُ سبحانه وتعالى بِالسَّعَادَةِ وَالخَيْرِيَّةِ وَالفَلَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لمَنْ يَصِلُونَ أَرْحَامَهُمْ، وَيَقُومُونَ بِحُقُوقِهِمْ.
والرَّحِمُ فِي الأَصْلِ مَنْبَتُ الوَلِدِ وَوِعَاؤُهُ فِي البَطْنِ، ثُمَّ سُمِّيَتْ القَرَابَةُ مِنْ جِهَةِ الوِلَادَةِ رَحِمًا، وَالمُرَادُ بِالرَّحِمِ: الأَقْرِبَاءُ فِي طَرَفَيِ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ مِنْ نَاحِيَةِ الأَبِ وَالأُمِّ. وَالمَقْصُودُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ: إيصَالُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الخَيْرِ وَدَفْنُ مَا أَمْكَنَ مِنْ الشَّرِّ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ، وَالرَّحِمُ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ فَالعَامَّةُ رَحِمُ الدِّينِ، وَتَجِبُ صِلَتُهَا بِالتَّوَادُدِ وَالتَّنَاصُحِ وَالعَدْلِ وَالإِنْصَافِ وَالقِيَامِ بِالحُقُوقِ الوَاجِبَةِ وَالمُسْتَحَبَّةِ. وَالرَّحِمُ الخَاصَّةُ تَزِيدُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى القَرِيبِ وَتَفَقُّدِ حَالِهِ وَالتَّغَافُلِ عَنْ زَلَّتِهِ.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحِمَ شُجْنَةً
(1)
، وَقَالَ: أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أُدْخِلَ الجَنَّةَ مَنْ وَصَلَكِ؟ وَأُدْخِلَ النَّارَ مَنْ قَطَعَكِ"
(2)
.
(1)
"الرَّحِمُ شُجْنَةٌ": أَيْ قَرَابةٌ مُشْتَبِكَةٌ كَاشْتِبَاكِ العُرُوقِ، شُبِّهَتْ بِذَلِكَ مَجَازًا واتسَاعًا. وَأَصْلُ الشُّجْنَةِ بِالكَسْرِ وَالضَّمِّ: شُعْبَةٌ فِي غُصْنٍ مِنْ غُصُونِ الشَّجَرَةِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: "الحَدِيثُ ذُو شُجُونٍ". أَيْ ذُو شُعَبٍ وَامْتِسَاكٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَالمَعْنَى أَنَّهَا أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الرَّحْمَةِ مُشْتَبِكَةٌ بِهَا؛ فَالقَاطِعُ لَهَا مُنْقَطِعٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. "تَفْسِيرُ غَرِيبِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ"(ص 314) وَ "النِّهَايَةُ" لِابْنِ الأَثِيرِ: (2/ 447).
(2)
في إِسْنَاده عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ الهُذَلِيُّ، اللَّيْثِيُّ، المَدَنِيُّ. ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ". وَلَمْ يَذْكُرُوهُ بِجَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، قُلْتُ: وَلَا يَخْفَى عَلَى النَّاقِدِ خِفَةُ شَرْطِ ابْنِ حِبَّانَ. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "التَّارِيخِ الكَبِير" للإمام البُخَارِيِّ (5/ 230)، وَ "الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ" لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (5/ 201)، وَ "الثِّقَاتِ" لِابْنِ حِبَّانَ (5/ 52).
وَيَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ الهُذَلِيُّ. ثِقَةٌ كَثِيرُ الحَدِيثِ. وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ النُّقَادِ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: "صَالِحُ الرِّوَايَاتِ". وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: "رُبَّمَا أَخْطَأَ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالحَدِيثُ أَوْرَدَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "أَطْرَافِ الغَرَائِبِ وَالأَفْرَادِ"(5/ 187 - 188 بِرَقَمْ 5100)، وَقَالَ:"تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ، وَلَا أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْهُ غَيْرَ أَبِي ضَمْرَةَ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ".
وَرَوَاهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي "البِرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 238) أَخْبَرَنا ابْنُ الحُصَيْنِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبِ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ نُعْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا:"الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ مُعَلَّقَةٌ بِالعَرْشِ، فَقَالَ اللَّهُ لَهَا: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ".
وَهَذَا إِسْنَادٌ، فِيْهِ: عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ النُعْمَانَ البَزَّارُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: "صَالِحُ الحَدِيثِ صَدُوقٌ". وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: "صَدُوقٌ مَشْهُورٌ". وَبَقِيَّةُ رِجَالِ الإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.
وَلِلمَتْنِ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ قَرِيبَةٌ جِدًا مِنْ حَدِيثِ البَابِ. سَيَأْتِي ذِكْرُ بَعْضِهَا عِنْدَ تَخْرِيجِ الأَحَادِيثِ (رَقَمْ 32 - 35 - 38).
29 -
حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، وَمُحَمَّدٍ، سَمِعَا الزُّهْرِيَّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ
(1)
، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ"
(2)
.
(1)
جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ النَّوْفَيُّ، شَيْخُ قُرَيْشٍ فِي زَمَانِهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ الطُّلَقَاءِ الَّذِيْنَ حَسُنَ إِسْلَامُهُم، وَقَدْ قَدِمَ المَدِينَةَ فِي فِدَاءِ الأُسَارَى مِنْ قَوْمِهِ. وَكَانَ مَوْصُوْفًا بِالحِلْمِ، وَنُبْلِ الرَّأْيِ كَأَبِيْهِ. وَكَانَ شَرِيْفًا، مُطَاعًا. تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِ وَخَمْسِينَ. وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ. تَرْجَمَتُهُ في: سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ " 3/ 95 "، وَتَارِيخِ الإِسْلَامِ 2/ 274، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (8/ 46).
(2)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، أَبُو الوَلِيدِ هُوَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ. وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الوَاسِطِيُّ. قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: ثِقَةٌ فِي غَيْرِ الزُّهْرِيِّ بِاتِّفَاقِهِمْ. قُلْتُ: إِنَّمَا رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الإِسْنَادِ مَقْرُونًا بِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ القُرَشِيِّ. وَهُوَ صَدُوقٌ يُدَلِّسُ، وَقَدْ صَرَّحَ هُنَا بِالسَّمَاعِ مِنَ الزُّهْرِيِّ. فَانْتَفَتْ تُهْمَةُ تَدْلِيسِهِ.
وَرَوَاهُ عَنْ شَيْخِ الْمُصَنِّفِ، ابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي مُعْجَمِهِ "بِرَقَمْ 864"، وَابْنُ قَانِعِ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ " 1/ 147 "، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ "بِرَقَمْ 1515"، وَتَمامُ الرَّازِيُّ فِي فَوَائِدِهِ "بِرَقَمْ 802"، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ =
30 -
حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، [عَنِ الزُّهْرِيِّ]
(1)
، عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
(2)
.
= 7/ 159) مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي الوَلِيدِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمُ 16763" مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ "بِرَقَمْ 1512" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ العَبْدِي. وَابْنُ جُمَيْعٍ في مُعْجَمِهِ بِرَقَمْ 197 مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ - ثَلَاثَتُهُمْ - عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ.
وَلِتَخْرِيحِهِ تَتِمَّةٌ عِنْدَ الحَدِيثِ القَادِمِ، وَبِرَقَمْ 37.
(1)
مَا بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ الحديث.
(2)
رَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 567)، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 16732)، وَالمَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 130) عَنْ سُفْيَانَ، بِهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 18/ 2556) مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، وَابْنِ أَبِي عُمَرَ. وَأَبُو دَاوُدَ (بِرَقَمْ 1696) مِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ. وَالتِّرْمِذِّيُّ فِي "جَامِعِهِ"(بِرَقَمْ 1909) مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، وَنَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَالبَزَّارُ (بِرَقَمْ 3405 البَحْرِ الزَّخَّارِ) مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عَبْدَةَ. وَأَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 7391) مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ. وَ (بِرَقَمْ 7394) مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ. وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي "التَّوْحِيدِ"(بِرَقَمْ 574) مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ. وَالطُّوسِيُّ فِي "مُخْتَصَرِ الأَحْكَامِ"(بِرَقَمْ 1506) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيِّ. وَالخَرَائِطِيُّ فِي "مَسَاوِئِ الأَخْلَاقِ"(بِرَقَمْ 286) مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 1511) حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ (ح) وَحَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ. وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(7/ 308) مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ بْنِ الحَجَّاجِ. وَالبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7579)، وَ "الآدَابِ"(بِرَقَمْ 7)، وَ "السُّنَنِ الكَبِيرِ"(7/ 26) مِنْ طَرِيقِ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ. وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(32/ 228) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ غَالِبٍ. وَالذَّهَبِيُّ فِي "مُعْجَمِ الشُّيُوخِ"(1/ 55) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ العَطَّارِ. جَمِيعُهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ.
[14 - بَابُ مَنْ بُورِكَ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَرِزْقِهِ لِصِلَةِ رَحِمِهِ]
31 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ:
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ
(1)
، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"
(2)
.
(1)
"يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ": البَسْطُ: التَّوْسِعَةِ، وَبَسْطُ الرِّزْقِ تَوْسِيعُهُ وَكَثْرَتُهُ، وَقِيْلَ: البَّسْطُ فِى الرِّزْقِ هُوَ البَرَكَهُ فِيْهِ بِمَعْنَى النُّمُوِّ وَالزِّيَادَةِ؛ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي المَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ". صَحِيحٌ، رَوَاهُ التِّرْمِذِّيُّ (بِرَقَمْ 1979).
(2)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عُقَيْلٌ هُوَ ابْنُ خَالِدٍ الأَيْلِيُّ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 56) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرَوَاهُ البَزَّارُ (بِرَقَمْ 6361 البَحْرِ الزَّخَّارِ) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مِسْكِينٍ. وَابْنُ مَنْدَه فِي "التَّوْحِيدِ"(بِرَقَمْ 327) مِنْ طَرِيقِ حَبُّوشِ بْنِ رِزْقِ اللَّهِ المِصْرِيِّ. وَالبَغَوِيُّ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ"(بِرَقَمْ 3429) مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ زَنْجُوْيَهْ. ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، بَلْ تَابَعَهُ شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 21/ 2557) مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 2067) مِنْ طَرِيقِ حَسَّانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ العَنَزِيِّ. وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 20/ 2557) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ. كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الأَيْلِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. عن أنسٍ.
وَرَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"(1/ 129) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. وَالدُّولَابِيُّ فِي "الكُنَى وَالأَسْمَاءِ"(بِرَقَمْ 587)، وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ المُشْكَلِ (بِرَقَمْ 3071)، وَالخَرَائِطِيُّ فِي المَكَارِمِ (بِرَقَمْ 267)، وابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي "مُعْجَمِهِ" (بِرَقَمْ 167) مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ يَزِيدَ. وَأَبُو الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ الدَّقَّاقُ فِي "فَوَائِدِهِ" (بِرَقَمْ 265) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ. ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصِّرَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيْهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصِّرَارِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: "شَيْخٌ". وَذَكَرَهُ ابْنُ مَاكُولَا فِي "الإِكْمَالِ"، وَالبُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"، وَعَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ فِي "مُشْتَبِهِ النِّسْبَةِ"، وَلَمْ يَذْكُرُوهُ بِجَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ". وَلَا يَخْفَى عَلَى النَّاقِدِ خِفَةُ شَرْطِ ابْنِ حِبَّانَ.
وَلِلحَدِيثِ طُرُقٌ أُخْرى مَرَّ ذِكْرُها عِنْدَ الأَحَادِيثِ (رَقَمْ 15 - 16).
[15 - بَابُ ذِكْرِ تَشَكِّي الرَّحِمِ إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى
-]
32 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، [حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ]، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الرَّحِمَ شُجْنَةٌ [مِنَ الرَّحْمَنِ]
(1)
، تَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنِّي ظُلِمْتُ، إِنِّي قُطِعْتُ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، فَيُجِيبُهَا، أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، وَأَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ؟ "
(2)
.
(1)
مَا بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنَ "الأَدَبِ المُفْردِ".
(2)
صَحِيحٌ، وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الأَنْصَارِيُّ. مَجْهُولٌ، تَفَرَّدَ شُعْبَةُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَانْفَرَدَ بِتَوْثِيقِهِ ابْنُ حِبَّانَ. وَذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ جَرْحًا أَوْ تَعْدِيلًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: شَيْخٌ. وَقَالَ العُقَيْلِيُّ: مَجْهُولٌ بِالنَّقْلِ. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَماءِ فِي: التَّارِيخِ الكَبِيرِ "1/ 168"، وَضُعَفَاءِ العُقَيْلِيِّ "4/ 104"، وَمِيزَانِ الاِعْتِدَالِ " 3/ 613 ".
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ "بِرَقَمْ 65"، وَالتَّارِيخِ الكَبِيرِ 1/ 168 ومِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي البِرِّ وَالصِّلَةِ بِرَقَمْ 240 بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ عَنْ شَيْخِ المُصَنِّفِ، أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 9871)، وَالعُقَيْلِيُّ فِي "الضُعَفَاءِ"(4/ 104)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(3/ 220) مِنْ طُرُقٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 5988) ومِنْ طَرِيقِهِ البَغَوِيُّ فِي "شَرْحِ السُّنَةِ"(بِرَقَمْ 3434) مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَلِتَخْرِيجِهِ تَتِمَّةٌ عِنْدَ الحَدِيثِ (رَقَمْ 38)، وَسَيَأْتِي عَنْ عَائِشَةَ (بِرَقَمْ 35).
[16 - بَابُ جَزَاءِ العُقُوقِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ]
33 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ
(1)
، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ
(2)
، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلَانِيِّ
(3)
: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ
(4)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِالقَدَرِ"
(5)
.
(1)
نِسْبَةً إِلَى دِمَشْقَ، البَلْدَةِ المَشْهُورَةِ قَصَبَةِ الشَّامِ، وَهِي جَنَّةُ الأَرْضِ بِلَا خِلَافٍ، وَذَلِكَ لِحُسْنِ عِمَارَةٍ وَنَضَارَةِ بُقْعَةٍ. "مُعْجَمُ البُّلْدَانِ"(2/ 463).
(2)
تَصَحَّفَتْ فِي الأَصْلِ إِلَى "عُقْبَةِ"، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ الحِدِيثِ.
(3)
نِسْبَةً إِلَى خَوْلَانَ: قَرْيَةً كَانَتْ بِقُرْبِ دِمَشْقَ خَرِبَتْ، بِهَا قَبْرُ أَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيِّ، وَبِهَا آثَارٌ بَاقِيَةً. "مُعْجَمُ البُّلْدَانِ"(2/ 407).
(4)
أَبُو الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرُ بْنُ زَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِيُّ. الإِمَامُ، القُدْوَةُ، قَاضِي دِمَشْقَ، حَكِيْمُ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَسَيِّدُ القُرَّاءِ بِدِمَشْقَ. مَعْدُودٌ فِيْمَنْ جَمَعَ القُرْآنَ فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ بِدِمَشْقَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَقَبْلَ ذَلِكَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (2/ 335).
(5)
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، سُلَيْمَانُ بْنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ. صَدُوقٌ حَسَنُ الحَدِيثِ.
رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي: مِيزَانِ الاِعْتِدَالِ "2/ 214". =
[17 - بَابُ لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ]
34 -
حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ
(1)
بْنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي تُقْطَعُ رَحِمُهُ فَيَصِلَهَا"
(2)
.
(1)
تَصَحَّفَتْ فِي الأَصْلِ إِلَى "الحُسَيْن"، وَالتَّصْوِيبُ مِنْ تَرْجَمَةِ الرَّاوِي.
(2)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. عَبْدُ الوَاحِدِ هُوَ ابْنُ زِيَادٍ العَبْدِيُّ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 6785"، وَالنَّسَائِيُّ فِي كِتَابٍ الإِغْرَابِ بِرَقَمْ 43 مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ. وَالبَزَّارُ "بِرَقَمُ 2371 البَحْرُ الزَّخَارُ" مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَغْرَاءَ كِلَاهُمَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الفُقَيْمِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ بن جَبْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
وَسَيَأْتِي عِنْدَ المُصَنِّفِ (بِرَقَمْ 65).
قَوْلُهُ: "لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ": أَيْ: لَيْسَ الوَاصِلُ رَحِمَهُ مَنْ وَصَلَهُمْ مُكَافَأَةً لَهُمْ عَلَى صِلَةٍ تَقَدَّمَتْ مِنْهُمْ إِلَيْهِ فَكَافَأَهُمْ عَلَيْهَا بِصِلَةِ مِثْلِهَا. "وَلَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي تُقْطَع رَحِمه فَيَصِلَهَا": أَيْ: الَّذِي إذا مُنِعَ أَعْطَى.
[18 - بَابُ ثَوَاب صِلَةِ الرَّحِمِ وَإِثْمِ مَنْ قَطَعَهَا]
35 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ: عَنْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ورَضِيَ عَنْهَا
(1)
، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الرَّحِمُ شِجْنَةٌ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ"
(2)
.
(1)
هَكَذَا فِي الأَصْلِ.
وَهِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ. بِنْتُ الإِمَامِ الصِّدِّيقِ الأَكْبَرِ. وَزَوجَهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَفْقَهُ نِسَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى الإِطْلَاقِ. رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: عِلْمًا كَثِيرًا طَيِّبًا، مُبَارَكًا فِيهِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلْمٍ جَمِيعِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وعِلْمِ جَمِيعِ النِّسَاءِ لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ. وَتُوفِّي عَنْهَا وَهِيَ فِي الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ. وَمَنَاقِبُهَا كَثِيرَةٌ وَفَضَائُلَهَا مَعْرُوفَةٌ. مَاتَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ بِالمَدِينَةِ وَدُفِنَتْ بِالبَقِيعِ، تَرْجَمَتُهَا فِي: الاسْتِيعَابِ "4/ 1881"، وَسِيَرَ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ " 2/ 135 "، وَتَارِيخ الإِسْلَامِ "2/ 294"، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (8/ 91 - 94).
(2)
رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي الجَامِعِ الصَّحِيحِ "بِرَقَمْ 5989" بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ. =
[19 - بَابُ لَا تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ قَاطِعُ رَحِمٍ]
36 -
حَدَّثَنَا
(1)
عُبَيْدُ اللَّهِ
(2)
بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، هُوَ: ابْنُ زَيْدٍ المُحَارِبِيُّ، أَبُو إِدَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه
(3)
: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الرَّحْمَةَ لَا تَنْزِلُ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ قَاطِعُ رَحِمٍ"
(4)
.
(1)
هَذَا الإِسْنَادُ مِنْ ثُلَاثِيَّاتِ المُصَنِّفِ رحمه الله.
(2)
تَصَحَّفَتْ فِي الأَصْلِ إِلَى "عَبْدِ اللهِ"، وَالتَّصْوِيبُ مِنَ "الأَدَبِ المُفْرَدِ"، وَ "التَّارِيخِ الكَبِيرِ" للمُصَنِّفِ، حَيْثُ رَوَاهُ بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
(3)
عَبْدُ الله بْنُ أَبِي أَوْفَى وَاسْمُ أَبِي أَوْفَى عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدٍ الْأَسْلَمِيُّ. أَبُو مُعَاوِيَةَ. مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، وَخَاتِمَةُ مَنْ مَاتَ بِالكُوْفَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمانِيْنَ، وَقَدْ قَارَبَ مِائَةَ سَنَةٍ. تَرْجَمَتُهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ "4/ 301 - 6/ 21 "، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبلَاءِ، لِلذَّهَبِيُّ "3/ 428".
(4)
إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، سُلَيْمَانُ بْنُ زَيْدٍ المُحَارِبِيُّ. أَبُو إِدَامٍ. ضعيف الحَدِيثِ. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَماءِ فِي: الجُرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، لابْنِ أَبِي حَاتِمٍ " 4/ 117 "، وَالضُّعَفَاءِ، لِلدَّارَقُطْنِيّ " 2/ 155 "، وَمِيزَانِ الاِعْتِدَالِ 2/ 208 "، وَالتَّقْرِيب "ص: 251". =
[20 - بَابُ مَا يَلْحَقُ قَاطِعَ الرَّحِمِ مِنَ الخِزْي فِي الآخِرَةِ]
37 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ [بْنُ جُبَيْرِ]
(1)
بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ
(2)
جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ"
(3)
.
(1)
مَا بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنَ "الأَدَبِ المُفْردِ".
(2)
فِي الأَصْلِ، "عَنْ"، وَالتَّصْوِيبُ مِنَ "الأَدَبِ المُفْردِ".
(3)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْردِ"(بِرَقَمْ 64) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَرَوَاه عَنْ شَيْخِ المُصَنِّفِ، الخَرَائِطِيُّ فِي "مَسَاوِئِ الأَخْلَاقِ"(بِرَقَمْ 275)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 1510) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 5984)، وَالخَرَائِطِيُّ فِي "مَسَاوِئِ الأَخْلَاقِ"(بِرَقَمْ 275) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ.
كِلَاهُمَا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِمٍ.
وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى سَلَفَ بَعْضُهَا (بِرَقَمْ 29 - 30).
[21 - بَابُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللهُ عز وجل
-]
38 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الرَّحِمَ شُجْنَةٌ [مِنَ الرَّحْمَنِ]، تَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنِّي قُطِعْتُ، يَا رَبِّ، ظُلِمْتُ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، فَيُجِيبُهَا: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، وَأَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ؟ "
(1)
.
(1)
حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، رَاجِعْ حَاشِيَةَ الحَدِيثِ "رَقَمْ 32".
وَرَوَاهُ المِزِّيُّ فِي تَهْذِيبِ الكَمَالِ "25/ 584" عَنْ شَيْخِ الْمُصَنِّفِ بِهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 2666" ومِنْ طَرِيقِهِ البَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ "بِرَقَمْ 755"، وَالأَرْبَعُونَ الصُّغْرَى "بِرَقَمْ 73" مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ بْنِ الحَجاج، بِهِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ "بِرَقَمْ 25782"، وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 7931" مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ. وَ"بِرَقَمْ 8975 - 9273" مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ.
وَرَوَاهُ المَرْوَزِيُّ فِي البَرِّ وَالصِّلَةِ "بِرَقَمْ 126" مِنْ طَرِيقِ بَهزِ بْنِ أَسَدٍ. =
[22 - بَابُ عِظَةِ النَّفْسِ بِبِرِّ الوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الأَرْحَامِ]
(1)
.
39 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
(2)
، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
(3)
، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ رحمه الله
(4)
: "مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي الجَنَّةِ، آكُلُ مِنْ طَعَامِهَا، وَأَشْرَبُ
(1)
وَكَأَنَّ الِإمَامَ البُخَارِيَّ رحمه الله يُشِيرُ بِهَذَا الأَثَرِ فِي بِرِّ الوَالِدَيْنِ، إِلَى أَنْ يُسَارِعَ العَبْدَ إِلَى فِعْلَ الخَيْرَاتِ الَّتِي مِنْ أَفْضَلِهَا بِرُّ الوَالِدَيْنِ وَصِلَةُ الأَرْحَامِ. وَذَلِكَ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ، وَأنْ تَتَمَنَّى النَّفْسُ ذَلِكَ عِنْدَ لِقَاءِ اللهِ تَعَالَى. وَاللهُ أَعْلَمُ.
(2)
ابْنُ المَدِينِيِّ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ. أَبُو الحَسَنِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ، بَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَصَنَّفَ، وَجَمَعَ، وَسَادَ الحُفَّاظَ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيثِ وَالعِلَلِ. وَيُقَالُ: إِنَّ تَصَانِيْفَهُ بَلَغَتْ مَائَتَيْ مُصَنَّفٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: كَانَ ابْنُ المَدِينِي عَلَمًا فِي النَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ وَالعِلَل قَالَ البُخَارِيُّ: مَا اسْتَصغَرْتُ نَفْسِي عِنْدَ أَحَدٍ، إِلَّا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ. تَرْجَمَتُهُ في: التَّارِيخِ الكَبِيرِ (6/ 284)، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبلَاءِ 11/ 41.
(3)
سُفْيَانُ، هُوَ: ابْنُ عُيَيْنَةَ. سَتَأْتِي تَرْجَمَتُهُ فِي الأَثَرِ (رَقَمْ 45).
(4)
إِبْرَاهِيْمُ بْنُ يَزِيْدَ بْنِ شَرِيْكٍ التَّيْمِيُّ. أَبُو أَسْمَاءَ. الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ، عَابِدُ الكُوْفَةِ، كَانَ شَابًّا، صَالِحًا، قَانِتًا للهِ، عَالِمًا، فَقِيْهًا، كَبِيْرَ القَدْرِ، وَاعِظًا. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ. تَرْجَمَتُهُ فِي:"سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاِءِ"(5/ 60).
مِنْ شَرَابِهَا، وَأُجَاوِرَ مَنْ فِيهَا، وَأُصِيبُ مَا
(1)
أَشْتَهِي، ثُمَّ قُلْتُ: أَيْ نَفْسُ، تَمَنِّي، قَالَتْ: أَتَمَنَّى أَنْ أَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَأَزْدَادَ مِنَ العَمَلِ كَيْمَا
(2)
أَزْدَادَ مِنَ الثَّوَابِ. ثُمَّ مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي النَّارِ، آكُلُ مِنْ زَقُّومِهَا
(3)
، وَأَشْرَبُ مِنْ حَمِيمِهَا
(4)
، [وَأُجَاوِرَ مَنْ فِيهَا]
(5)
، ثُمَّ قُلْتُ: أَيْ نَفْسُ،
(1)
فِي الأَصْلِ، "مِنْ". وَالمُثبَتُ مِنَ "التَّدْوِينِ"، لِلرَّافِعِيِّ.
(2)
أَيْ: لِكَي. وَكَيْمَا: كَلِمَةٌ مُرْكَّبَةٌ مِنْ (كَيْ) وَ (مَا) المَصْدَرِيَّةِ أَوِ الكَافَّةِ، بِمَعْنَى فِيمَا. وَكَيْ: حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ المَعَانِي يَنْصِبُ الأَفْعَالَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ، وَمَعْنَاهُ العِلَةُ لِوُقُوعِ الشَّيْءِ، كَقَوْلِكَ: جِئْتُ كَيْ تُكْرِمَنِي.
(3)
الزَّقُومُ: مَا وَصَفَ اللهُ فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ فَقَالَ: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصَّافَّاتِ: 64 - 65]. وَهِيَ فَعُّولٌ مِنَ الزَّقْمِ اللَّقْمِ الشَّدِيدِ وَالشُّرْبِ الْمُفْرِطِ. وَفِي لُغَةٍ تَمِيمِيَّةٍ كُلُّ طَعَامٍ يُتَقَيَّأُ مِنْهُ يُقَالُ لَهُ زَقُّومٌ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ طَعَامٍ ثَقِيلٍ. وَالزَّقُومُ: شَجَرَةٌ خَبِيثَةٌ مُرَّةٌ كَرِيهَةُ الطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ يُكْرَهُ أَهْلُ النَّارِ عَلَى تَنَاوُلِهِ. نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ. "النِّهَايَةُ: 2/ 303 ".
(4)
الحَمِيمُ: الماءُ الحَارُ الشَّدِيدُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} [الحج: 19]. نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ، غَريبُ الحَدِيثِ، لابْنِ قُتَيْبَةَ 2/ 319".
(5)
سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنَ التَّدْوِينِ، لِلرَّافِعِيِّ.
تَمَنِّي، قَالَتْ: أَتَمَنَّى أَنْ أَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَأَتُوبَ كَيْمَا أَنْجُوَ مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ نَفْسُ، فَأَنْتِ فِي أُمْنِيَّتَكِ فَاعْمَلِي)
(1)
.
(1)
رَوَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي "التَّدْوِينِ فِي أَخْبَارِ قَزْوِينَ"(3/ 399 - 400) مِنْ طَرِيقِ أَبي يَعْلَى حَمْزَةُ ابْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّويَهْ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ الجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي "الزَّوَائِدِ عَلَى كِتَابِ الزُّهْدِ" لِأَبِيهِ (بِرَقَمْ 2106) ومِنْ طَرِيقِه أَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(4/ 211) حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: قَالَ: إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ"(بِرَقَمْ 10)، وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي "المُنْتَظِمِ فِي تَارِيخِ الأُمَمِ وَالمُلُوكِ"(6/ 305) مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ.
وَرَوَاهُ البَيهَقِيُّ فِي "الزُّهْدِ الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 392) أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَسَنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَدِيبَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَعْيَنَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ المُقْرِئَ، يَقُولُ: كَانَ مَعَنَا شَابٌ مُجْتَهِدٌ، إِذَا فَرَغَ مِنْ تَهَجُّدِهِ يَقُولُ شَيْئًا لَمْ أَكُ أَفْهَمُهُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مِنْ حَيْثُ لا يَرَانِي، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ بِصَوْتٍ حَزِينٍ وَبُكَاؤُهُ يَغْلِبُهُ: مَثُلَتْ فِي نَفْسِيَ الجَنَّةُ، =
[23 - بَابُ حَمْلِ النَّفْسِ عَلَى مُلَازَمَةِ البِرِّ وَالصِّلَةِ]
(1)
.
40 -
قَالَ البُخَارِيُّ
(2)
: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ
(3)
، [حَدَّثَنَا سُفْيَانُ]
(4)
، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ
(5)
:
عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ:(مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا)
(6)
.
(1)
وَكَأَنَّ الإمَامَ البُخَارِيَّ رحمه الله يُشِيرُ بِهَذَا الأَثَرِ فِي بِرِّ الوَالِدَيْنِ، إِلَى أَنْ يَعْرِضَ المُؤْمِن قَوْلُهُ عَلَى عَمَلِهِ، وَأَنْ يَتَّهِمَ نَفْسَهُ دَائمًا بِالتَّفْرِيطِ فِي كَثِيرِ مِنَ الأُمُورِ، فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى مُلَازَمَةِ البِرِّ وَالصِّلَةِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
(2)
هَذَا الأَثَرُ كُتِبَ فِي الأَصْلِ بَعْدَ الحَدِيثِ (رَقَمْ 15)، رَاجِعْ حَاشِيَته.
(3)
هُوَ: الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ.
(4)
هُوَ: الثَّوْريُّ، وَمَا بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ، سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنْ "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ"، لِابْنِ حَجَرٍ، حَيْثُ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ المُصَنِّفِ، كَمَا سَيَأْتِي.
وَجَاءَ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"، لِلمُصَنِّفِ، بِالعَنْعَنةِ. وَانْظُرْ التَّخْرِيجَ.
(5)
يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ، أَبُو حَيَّانَ. كَانَ مِنَ المُتَهَجِّدِينَ فِي العِبَادَةِ، وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ. تُوُفِّيَ (145 هـ). تَرْجَمَتُهُ فِي:"تَهْذِيبِ الكَمَالِ"(31/ 323).
(6)
عَلَّقَهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(1/ 18) فِي بَابِ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَذَكَرَهُ.
وَوَصَلَهُ المُصَنِّفُ بِالإِسْنَادِ السَّابِقِ كَمَا فِي هَذَا الجُزْءِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَوَصَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ"(2/ 51) قَالَ: وَقَرَأْتُهُ عَالِيًا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ العِزِّ بِدِمَشْقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَرَمٍ الدِّينَوَرِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَحْمَدَ الصَّفَّارَ، أَخْبَرهُ فِي كِتَابِهِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَليِّ بْنِ خَلَفٍ، أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّويَهْ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"(1/ 334) قَالَ لنَا أَبُو نُعَيمٍ: عَنْ سُفْيانَ، عَنْ أَبِي حَيّانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيمِيِّ.
وَرَوَاه عَنْ شَيْخِ المُصَنِّفِ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعِدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى"(6/ 285) أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ، وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 35978)، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي "الزَّوَائِدِ عَلَى كِتَابِ الزُّهْدِ" لِأَبِيهِ (بِرَقَمْ 2071) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "الصَّمْتِ وَآدَابِ الِلِّسَانِ"(بِرَقَمْ 104 - 581) مِنْ طَرِيقِ قَبِيصَةَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي "الزَّوَائِدِ عَلَى كِتَابِ الزُّهْدِ"(بِرَقَمْ 2107)، وَالفِرْيَابِيُّ فِي "صِفَةِ النِّفَاقِ وَذَمِّ المُنَافِقِينَ"(بِرَقَمْ 102)، وَأَبُو طَاهِرٍ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= السِّلَفِيُّ فِي "الجُزْءِ السَّادِسِ مِنَ المَشْيَخَةِ البَغْدَادِيَّةِ"(بِرَقَمْ 13)، وَابْنُ حَجَرٍ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ"(2/ 51) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ.
وَرَوَاهُ اللَّالِكَائِيُّ فِي "شَرْحِ أُصُولِ الِاعْتِقَادِ"(بِرَقَمْ 1580) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ.
[24 - بَابُ نِدَاءِ الوَالِدَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ]
(1)
.
41 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه
(2)
، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ"
(3)
.
(1)
وَكَأَنَّ الإِمَامَ البُخَارِيَّ رحمه الله يَقْصِدُ بِذِكْرِهِ لِهَذَا الحَدِيثِ فِي جُزْءِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ، أَنَّ المُصَلِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لَهُ أَنْ يُصَلِّي تَحِيَّةَ المَسْجِدِ وَالإِمَامُ يَخْطْبُ، مَعَ أَنَّهُ عِنْدَ سَمَاعِ الخُطْبَةِ قَدْ حَرَّمَتِ الشَّرِيعَةُ: البَيْعَ وَالشِّرَاءَ، وَذَلِكَ بَعْدَ سَمَاعِ النِّدَاءِ، وَمَعَ عِظَمِ هَذِهِ المَسْأَلَةِ جَوْزَتْ لِلمُصَلِّي أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَلَكِنْ مَعَ نِدَاءِ الوَالِدَيْنِ فَلَيْسَ لِلوَلَدِ أَنْ يُكْمِلَ صَلَاتِهِ، فَتَلْبِيَتُهُ لِنِدَاءِ الوَالدَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثِ جُرْيجِ العَابِدَ، وَبِالمُقَارَنَةِ بَيْنَ الِاسْتِمَاعِ لِخُطْبَةِ الجُمُعَةِ وَالإِجَابَةِ لِنِدَاءِ الوَالدَيْنِ يَظْهَرُ عِظَمُ قَضِيَةِ البِرِّ وَالصِّلَةِ فِي الشَّرِيعَةِ الغَرَّاءِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
(2)
جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ السَّلِمِيُّ. مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، رَوَى: عِلْمًا كَثِيْرًا عَنِ النَّبِيِّ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ (3/ 189).
(3)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي الصَّحِيحِ" (بِرَقَمْ 1170) بِالإِسْنَادِ سَوَاء، وَالمَتْنُ بِلَفْظِ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ أَوْ قَدْ خَرَجَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ". =
قَالَ البُخَارِيُّ: "وَبِهِ نَأْخُذُ".
قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: (مَنْ لَا يَعْلَمُ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ، فَهُوَ عَالِمٌ)
(1)
.
= وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 57/ 875) مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 930)، وَفِي "القِرَاءَةِ خَلْفَ الإِمَامِ"(بِرَقَمْ 101)، وَمُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 54/ 875)، وَأَبُو دَاوُدَ (بِرَقَمْ 1115)، وَالتِّرْمِذيُّ فِي "جَامِعِهِ"(بِرَقَمْ 510)، والنَّسَائِيُّ فِي "المُجْتَبَى"(بِرَقَمْ 1409)، وَ "الكُبْرَى"(بِرَقَمْ 1727) مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 931)، وَمُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 55/ 872) مِنْ طَرِيقِ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة.
ثَلَاثَتُهُمْ شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ.
(1)
كَلَامُ سُفْيَانِ بْنِ عُيَيْنَةَ هَذَا فِيْهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنْ مَنْ يُقَدِّمَ نَوَافِلَ العِبَادَاتِ عَلَى بِرِّ الوَالِدَيْنِ فَجَهْلُهُ جَهْلٌ مُرَكَّبٌ، بِخِلَافِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَجْهَلُ فَهَذَا عَالِمُ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ يُرْشِدُهُ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[25 - بَابُ لَا يُظْهِرُ غَضَبَهُ لِوَالِدَيْهِ]
42 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
(1)
، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:"جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي وَأَقْلِلْ لَعَلِّي أَعِيَهُ، قَالَ: "لَا تَغْضَبْ
(2)
، فَسَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا تَغْضَبْ"
(3)
.
(1)
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ سَالِمٍ الأَسَدِيُّ الكُوْفِيُّ، الحَنَّاطُ المُقْرِئُ، وَفِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ: أَشهَرُهَا شُعْبَةُ، وقد عُمِّرَ دَهْرًا طَوِيلًا. وَهُوَ أَحَدُ رُوَاةُ القُرَّاءِ السَّبْعَةِ، وَمِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، وَكَانَ مِنْ فُضَلَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَعُبَّادِهَا وَفُقَهَائِهَا وَخِيَارِهَا. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ. تَرْجَمَتُهُ فِي:"حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(7/ 303)، وَ "سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاِءِ"(8/ 495).
(2)
الغَضَبُ ضِدُّ الرِّضَا، وَهُوَ غَلَيَانُ دَمِ القَلْبِ طَلَبًا لِدَفْعِ المُؤْذِي عِنْدَ خَشْيَةِ وُقُوعِهِ، أَوْ طَلَبًا لِلِانْتِقَامِ مِمَّنْ حَصَلَ لَهُ مِنْهُ الأَذَى بَعْدَ وُقُوعِهِ.
(3)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ الكُوفِيُّ. ثِقَةٌ حَافِظٌ. وَأَبُو حَصِينٍ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ الأَسَدِيُّ. وَأَبُو صَالِحٍ هُوَ ذَكْوَانُ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي الجَامِعِ الصَّحِيحِ "بِرَقَمُ 6116"، وَالبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الكُبْرَى (10/ 104) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يُوسُفَ وَأَحْمَدُ فِي =
43 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ النَّاسَ، وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ"
(1)
.
= مُسْنَدِهِ بِرَقَمْ 10011 مِنْ طَرِيقِ أَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ. وَالتِّرْمِذْيُّ بِرَقَمْ 2020 مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ العَلَاءِ. وَالبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ بِرَقَمْ 3580 وَابْنُ حَجَرٍ فِي الأَمَالِي المُطْلَقَةِ (ص: 184) مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبي شَيْبَةَ. وَالبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ بِرَقَمْ 7924"، وَالآدَابِ بِرَقَمْ 172) مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ.
جَمِيعُهُمْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، بِهِ.
(1)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الخَرَائِطِيُّ فِي اعْتِلَالِ القُلُوبِ "بِرَقَمْ 63"، وَالبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ "بِرَقَمْ 3582" وابْنُ الجَوْزِيِّ فِي ذَمِ الهَوَى "بِرَقَمْ 117" مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ أَبي الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 2648"، وَهَنَّادٌ فِي الزُّهْدِ "بِرَقَمْ 1302" ومِنْ طَرِيقِهِ النَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى "بِرَقَمْ 10156"، وَعَمَلِ اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ "بِرَقَمْ 397"، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ "بِرَقَمْ 717 الإِحْسَانِ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوْيَهْ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 516) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى. وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ"(بِرَقَمْ 61) ومِنْ طَرِيقِهِ البَيهَقِيُّ فِي "الزُّهْدِ الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 381) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الأَسَدِيِّ. وَالآجُرِيُّ فِي "آدابِ النُّفُوسِ"(بِرَقَمْ 5) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ المِصِّيصِيِّ. وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ المُشْكَلِ"(بِرَقَمْ 1645) مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ. وَالأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي "التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ"(بِرَقَمْ 2268) مِنْ طَرِيقِ أَبِي الوَلِيدِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ. جَمِيعًا عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَهَذَا الوَجْهُ اسْتَغْرَبَهُ الحَافِظُ المِزِّيُّ فِي "تُحْفَةِ الأَشْرَافِ"(10/ 82). وَلَعَلَّهُ أَرَدَ بِالغَرَابِةِ، غَرَابَةُ اللَّفْظِ إِذْ اللَّفْظُ الأَشْهَرِ لَهُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "المُوَطَّأِ""بِرَقَمْ 1681 رِوَايَةَ يَحْيَى اللَّيْثَيِّ" ومِنْ طَرِيقِهِ البُخَارِيُّ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 6114)، وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 107/ 2609) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ:"لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ".
[26 - بَابُ الكَلِمِ الطَّيِّبِ مَعَ الوَالِدَيْنِ]
44 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
(1)
بْنُ المُقَاتِلٍ، حَدَّثَنَا [عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِيهِ]
(2)
، قَالَ: (مَكَثَ ابْنُ أَبِي نَجِيْحٍ
(3)
رحمه الله ثَلَاثِيْنَ سَنَةً لَا يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ يُؤذِي بِهَا جَلِيْسَه)
(4)
.
(1)
فِي الأَصْلِ "الفَضْلِ"، وَالمُثبَتُ مِنَ "التَّارِيخِ الأَوْسَطِ" لِلمُصَنِّفِ.
(2)
مَا بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ، تَحَرَّفَ فِي الأَصْلِ إِلَى:"عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَيْسَانَ"، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الذَّهَبِيِّ فِي "السِّيَرِ"(6/ 125) وَالتَّصْوِيبُ مِنَ "التَّارِيخِ الأَوْسَطِ" لِلمُصَنِّفِ (2/ 33). وَانْظُرْ تَرْجَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ بْنِ كَيْسَانَ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ" للبُخَارِيِّ (5/ 41).
(3)
عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي نَجِيْحٍ أَبُو يَسَارٍ الثَّقَفِيُّ المَكِّيُّ. الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُفَسِّرُ. كَانَ جَمِيْلًا، فَصِيْحًا، حَسَنَ الوَجْهِ. وَثَّقَهُ: يَحْيَى بْنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ مُفْتِي أَهْلِ مَكَّةَ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ دِيْنَارٍ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: أَمَّا التَّفْسِيْرُ، فَهُوَ فِيْهِ ثِقَةٌ يَعْلَمُه، قَدْ قَفَزَ القَنطَرَةَ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَربَابُ الصِّحَاحِ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِيْنَ وَمِائَةٍ. تَرْجَمَتُهُ فِي "السِّيَرِ"(6/ 125).
(4)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "التَّارِيخِ الأَوْسَطِ"(2/ 33) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَمَرَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِيهِ.
وَنَقَلَهُ عَنِ المُصَنِّفِ، أَبُو الوَلِيدِ البَاجِيِّ فِي "التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ"(2/ 854) بِالإِسْنَادِ سَوَاء. وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ أيْضًا الذَّهَبِيُّ فِي "سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاِءِ" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (6/ 125): قَالَ: قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ مُقَاتِلٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ كَيْسَانَ. وَلَعَلَّ الذَّهَبِيَّ رحمه الله نَقَلَهُ عَنِ البُخَارِيِّ مِنْ نُسْخَةِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ، أَوْ مِنْ طَرِيقِهَا عَلَى الخَطَإِ الوَارِدِ فِيْهَا. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَيُشِيرُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله بِهَذَا الأَثَرِ فِي بِرِّ الوَالِدَيْنِ، إِلَى أَنَّ الكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ مَعَ الوَالِدَيْنِ وَلَوْ قَسَوا وَأَغْلَظَا فِي الكَلَامِ وَالتَّعَامُلِ؛ فَإِنَّ لَهُمَا حَقًا فِي حُسْنِ الخِطَابِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإِسْرَاء: 24]. وَقَدْ نَهَى اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ عَنْ قَوْلِ: {أُفٍّ} لِلوَالِدَيْنِ وَهُوَ صَوْتٌ يَدُلُّ عَلَى التَّضَجُّرِ، فالعَبْدُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَ مَعَهُمَا لِينُ الخُلقِ حَتَّى لَا يَقُولَ لَهُمَا إِذَا أَضْجَرَهُ شَىْءٌ مِنْهُمَا كَلِمَةَ:{أُفٍّ} . وَقَدْ نَهَى اللهُ تَعَالَى أَنْ يَنْهَرَهُمَا العَبْدُ، فَقَالَ:{وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} أَيْ وَلَا تَنْهَاهُمَا عَنْ شَىْءٍ أَحَبَّاهُ لَا مَعْصِيَةً للهِ فِيْهِ، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا لَيِّنًا لَطِيفًا أَحْسَنَ مَا تَجِدُ كَمَا يَقْتَضِيهِ حُسْنُ الأَدَبِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[27 - بَابُ سَلَامَةِ الوَالِدَيْنِ مِنَ الوَلَدِ]
45 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ
(1)
، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ
(2)
، [قَالَ]:(أَتَدْرُونَ مَا السَّلَامُ؟ السَّلَامُ: أَنْتَ آمِنٌ مِنِّي، أَنْتَ سَالِمٌ مِنِّي).
46 -
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ المُسْنَدِيَّ
(3)
، يَقُولُ: جَاءَ سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ
(4)
إِلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ رحمه الله، فَجَعَلَ يُسْمِعُهُ يَقُولُ: فَعَلْتَ كَذَا، وَفَعَلْتَ كَذَا، قَالَ:
(1)
هَكَذَا بِتَخْفِيفِ (اللَّامِ) وَكَتَبَ النَّاسِخُ فَوْقَهَا (خَفِّف). أَيْ: أَنَهَا مُخَفَّفَةٌ. وَفِي ضَبْطِهَا إِخْتِلَافٌ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَهَا مُخَفَّفَةٌ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَهَا مُشَدَّدَةٌ. وَالأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ.
(2)
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ مَيْمُوْنٍ الهِلَالِيُّ. أَبُو مُحَمَّدٍ. الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلَامِ، طَلَبَ الحَدِيْثَ وَهُوَ غُلَامٌ، وَلَقِيَ الكِبَارَ، وَحَمَلَ عَنْهُم عِلْمًا جَمًّا، وَأَتقَنَ، وَجَوَّدَ، تُوُفِّيَ (198 هـ). تَرْجَمَتُهُ فِي:"سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاِءِ"(8/ 454).
(3)
عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ يَمَانٍ الجُعْفِيُّ، أَبُو جَعْفَرٍ. المَعْرُوْفُ بِالمُسْنَدِيِّ لِكَثْرَةِ اعتِنَائِه بِالأَحَادِيْثِ المُسْنَدَةِ. وَهُوَ مِنَ المَعْرُوْفِينَ مِنْ أَهْلِ العَدَالَةِ وَالصِّدْقِ، تَرْجَمَتُهُ فِي:"سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاِءِ"(10/ 658).
(4)
سَلْمُ بنُ سَالِمٍ البَلْخِيُّ. أَبُو مُحَمَّدٍ. مَذْكُوْرٌ بِالعِبَادَةِ، وَالزُّهْدِ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمِائَةٍ. تَرْجَمَتُهُ فِي: "سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاِءِ"(9/ 321).
فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: أَشْفَانِي مِنْكَ عَقْلُكَ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} )
(1)
.
(1)
[الأَعْرَاف: 199].
وَيُشِيرُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله بِهَذِهِ الآثَارِ فِي بِرِّ الوَالِدَيْنِ، إِلَى أَنَّ المُسْلِمَ الحَقَّ الَّذِي تَظْهَرُ عَلَيْهِ آثَارُ الإِسْلَامِ وَشَعَائِرُهُ وَأَمَارَاتُهُ، هُوَ الَّذِي يَكُفُّ أَذَى لِسَانِهِ وَيَدِهِ عَنِ المُسْلِمِينَ، فَلَا يَصِلُ إِلَى المُسْلِمِينَ مِنْهُ إِلَّا الخَيْرُ وَالمَعْرُوفُ. وَهَذَا مِنَ الأَمَارَاتِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ، فَهَذِهِ النُّصُوصُ فِيهَا تَوْجِيهٌ وَإِرْشَادٌ إِلَى الكَفِّ عَنِ أَذِيَّةِ النَّاسِ بِاللِّسَانِ وَاليَدِ فَلَا يُؤْذِي المُسْلِمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بِقَوْلٍ وَلَا بِفِعْلٍ، وَخُصَّتْ اليَدُ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّ مُعْظَمَ الأَفْعَالِ بِهَا. وَكَفُّ أَذَى اللِّسَانِ يَكُونُ بِالِامْتِنَاعِ عَنِ الكَلَامِ فِي أَعْرَاضِهِمْ فَلَا يَغتَابُ أَحَدًا وَلَا يَسْعَى بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ وَلَا يَرْمِي أَحْدًا بِبُهْتَانٍ أَوْ يَتَّهِمُهُ بِفِرْيَةٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِتَنْزِيهِ لِسَانِهِ عَنِ السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَالقَوْلِ الفَاحِشِ وَالتَّحْقِيرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الأَذَى. وَإِنْ كَانَ هَذَا فِي حَقِّ النَّاسِ قَبِيحٌ، فَهُوَ فِي حَقِّ الوَالِدَيْنِ أَقْبَحُ.
[28 - بَابُ شَأْنِ الوَالِدَيْنِ الإِحْسَانُ إِلَيْهِمَا]
47 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ البَهِيِّ عَنْ عُرْوَةَ: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: "دُونَكِ، فَانْتَصِرِي
(1)
"
(2)
.
(1)
دُونَكِ: اسْمُ فِعْل أَمْرٍ بِمَعْنَى "خُذْ"، مَنْقُولٌ عَن الطَّرْفِ "دُونَ" وَكَافُ الخِطَابِ المُتَصَرِّفَةُ بِحَسْبِ أَحْوَالِ الْمُخَاطَبِ "دُونَكَ الكِتَابَ - دُونَكُمْ الكِتَابَ" وَالمَعْنَى: دُونَكِ: أَيْ خُذِي بِحَقِّكَ. فَانْتَصِرِي: كَأَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ لِبَيَانِ الجَوَازِ وَدَفْعِ الخِصَامِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ مَحْمُودٌ حَيْثُ يُرْجَى بِهِ دَفْعُ الخِصَامِ وَإِلَّا فَالعَفْوُ أَحْسَنُ بِتَصَرُّفٍ مِنْ حَاشِيَةِ السِّنْدِيِّ عَلَى سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ (1/ 611).
وَلَعَلَّ الإِمَامَ البُخَارِيَّ رحمه الله أَوْرَدَ هَذَا الحَدِيثَ فِي بِرِّ الوَالِدَيْنِ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنْ هَذَا الفِعْلَ يَقَعُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ مَعَ الوَالِدَيْنِ، وَأَنَّ مِنْ حُسْنِ البِرِّ الإِحِسَانَ إِلَيْهِمَا لَا َالاِنْتِصَارَ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ جَائِزٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا. وَاللهُ أَعْلَمُ.
(2)
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ هُوَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا الهَمْدَانِيُّ. وَالبَهِيُّ هُوَ عَبْدُ الله البَهِيُّ، مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، يُقَالُ: إِنَّهُ عَبدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ، وَكُنْيَتُهُ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَبُو مُحَمَّدٍ. مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ جَمْعٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ:"وُثِّقَ". وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: "لَا يُحْتَجُّ بِالبَهِيِّ وَهُوَ مُضْطَرِبُ الحَدِيثِ". وَذَكرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي "الكَامِلِ" فِي ضُعَفَاءِ الرِّجَالِ فِيمَنْ انْتَسَبَ إِلَى الضَّعْفِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "صَدُوقٌ يُخْطِئُ". اهـ. وَأَعْدَلُ الأَقْوَالِ فِيْهِ أَنَّهُ مَقْبُولٌ حَسَنُ الحَدِيثِ. كَمَا حَرَرَ ذَلِكَ جَمْعٌ مِنَ النُّقَادِ، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ جَمْعٌ، وَوَثَّقَهُ جَمْعٌ. وَرَوَى عَنْهُ البُخَارِيُّ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"، وَمُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي: طَبَقَاتِ، "ابْنِ سَعْدٍ"(5/ 307 - 6/ 299)، وَ "الثِّقَاتِ" لِابْنِ حِبَّانَ (5/ 47)، وَ "الكَاشِفِ" لِلذَّهَبِيِّ (1/ 610)، وَ "التَّقْرِيبِ"(ص 330).
والحديث رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 558) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوْيَهْ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 1781) بِلَفْظِ المُصَنِّفِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ. وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 24620)، وَابْنُ مَاجَهْ (بِرَقَمْ 1981)، وَالنَّسَائِيُّ فِي "السُّنَنِ الكُبْرَى"(بِرَقَمْ 8865 - 11408) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ. وَ (بِرَقَمْ 8866) مِنْ طَرِيقِ المُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ. وَالخَرَائِطِيُّ فِي "اعْتِلَالِ القُلُوبِ"(بِرَقَمْ 620) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ.
جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ البَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: "مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَهِيَ غَضْبَى، ثُمّ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَحْسِبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لَكَ بُنَيَّةُ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَبِي بَكْرٍ ذُرَيِّعَتَيْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ، فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا، حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: دُونَكِ فَانْتَصِرِي. فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا قَدْ يَبِسَ رِيقُهَا فِي فَمِهَا، مَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ".
وَقَدْ حَسَّنَ إِسْنَادَهُ الحَافَظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "فَتْحِ البَّارِي"(5/ 99).
وَخَالفَهُمْ إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، فَرَوَاهُ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ.
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "السُّنَنِ الكُبْرَى"(بِرَقَمْ 8867) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ الأَزْرَقِ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ البَهِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ. هَكَذَا بِإسْقَاطِ عُرْوَةَ. وَعَبْدِ اللهِ البَهِيِّ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ كَمَا فِي "المَرَاسِيلِ" لِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ (ص 115 بِرَقَمْ 420).
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "النَّفَقَةِ عَلَى العِيَالِ"(بِرَقَمْ 569)، وَبَحْشَلٌ فِي "تَارِيخِ وَاسِطَ"(89) مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ الأَزْرَقِ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ البَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَهِيَ غَضْبَى
…
وَذَكَرَتهُ".
وَقَوْلُهَا: "مَا عَلِمْتُ": أَيْ: بِمَجِيءِ زَيْنَبَ. وَبُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ: بِالتَّصْغِيرِ. وَ "ذُرَيِّعَتَيْهَا": هِي تَصْغِيرُ ذِرَاعٍ. "يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ": عُلِمَ مِنْهُ جَوَازُ السُّرُورِ بِغَلَبَةِ مَنِ انْتَصَرَ بِالحَقِّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَأَصْلُ الحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها بِأَنْ تَنْتَصِرَ، وَإِلَيْكَ الحَدِيثُ بِتَمَامِهِ لِلفَائِدَةِ، فَرَوَاهُ البُخَارِيُّ (بِرَقَمْ 2581) عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: (أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا، فَكَلِّمِيهِ قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا:"لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إِلَّا عَائِشَةَ"، قَالَتْ: فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ:"يَا بُنَيَّةُ أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ "، قَالَتْ: بَلَى، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ، هَلْ تَكَلَّمُ، قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ:"إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ").
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 83/ 2442) عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي [مِرْطٍ: بِكَسْرِ المِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ أَوْ خَزٍّ يُؤْتَزَرُ بِهِ، وَرُبَّمَا تُلْقِيهِ المَرْأَةُ عَلَى رَأْسِهَا وَتَتَقَنَّعُ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ شِبْهُ مِلْحَفَةٍ] فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلنَكَ العَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، وَأَنَا سَاكِتَةٌ، قَالَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ " فَقَالَتْ: بَلَى، قَالَ "فَأَحِبِّي هَذِهِ" قَالَتْ: فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ، وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ، فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُولِي لَهُ: إِنَّ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ العَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاللهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ، فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي المَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ. وَأَتْقَى للَّهِ وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي العَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ، وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ مِنْهَا الفَيْئَةَ، قَالَتْ: فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَائِشَةَ فِي مِرْطِهَا، عَلَى الحَالَةِ الَّتِي دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلنَكَ العَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ وَقَعَتْ بِي، فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ، هَلْ يَأْذَنُ لِي فِيهَا، قَالَتْ: فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ، قَالَتْ: فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَتَبَسَّمَ إِنَّهَا "ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ".
[29 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِعْلَامِ الحُبِّ لِلوَالِدَيْنِ]
(1)
.
48 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ: عَنْ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ
(2)
، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ أَنَّهُ أَحَبَّهُ"
(3)
.
(1)
مِنَ الإِعْلَاِم، فَإِنَّهُ يَزِيدُ مَحَبَّةً مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا أَخْبَرَهُمَا بِذَلِكَ اسْتَمَالَ قَلْبَهُمَا وَاجْتَلَبَ مَزِيدَ وُدِّهِمَا، فَيَحْصُلُ مَزِيدٌ مِنَ الِائْتِلَافِ وَيَزُولُ الِاخْتِلَافِ.
(2)
مِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ بِنْ مَعْدِي كَرِبَ الكِنْدِيُّ الشَّامِيُّ. أَبُو يَحْيَى، وَيُقَالُ: أَبُو كَرِيمَةَ. صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ مِنَ الهِجْرَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ، بِالشَّامِ. تَرْجَمَتُهُ فِي:"أُسْدِ الغَابَةِ"(5/ 244)، وَ "تَهْذِيبِ الكَمَالِ" لِلمِزِّيِّ (28/ 458).
(3)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. ثَوْرٌ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الرَّحَبِيُّ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 542) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ"(بِرَقَمْ 5124) بِالإِسْنَادِ سَوَاء، وَالمَتْنُ بِلَفْظِ:"إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ، فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ".
وَمِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 491)، وَفِي "مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ"(بِرَقَمْ 661) حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ المُثَنَّى. وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ" (بِرَقَمْ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 7322) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّد بْنِ يَحْيَى. وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(6/ 99) مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الحَرْبِيِّ. ثَلَاثَتُهُمْ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، بِهِ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 17171) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، بِهِ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِّيُّ فِي "جَامِعِهِ"(بِرَقَمْ 2392) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ بُنْدَارَ. وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "الإِخْوَانِ"(بِرَقَمْ 56) مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الجُشَمِيِّ. وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الآحَادِ وَالمَثَانِي"(بِرَقَمْ 2440) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ المُثَنَّى. وَالنَّسَائِيُّ فِي "المُجْتَبَى"(بِرَقَمْ 9963) ومِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ السُّنِّيِّ فِي "عَمَلِ اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ"(بِرَقَمْ 198) مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ يُوسُفَ. وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 570 الإِحْسَانِ) مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ. جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القَطَّانِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حَبِيبِ بْن عُبَيْدٍ، عَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ رحمه الله: "حَدِيثُ المِقْدَامِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَالمِقْدَامُ يُكْنَى أَبَا كَرِيمَةَ".
وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، بَلْ تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ.
رَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ فِي "مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ"(3/ 106) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الفَرَجِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ.
[30 - بَابُ قُبْحِ غِيبَةِ الوَالِدَيْنِ]
(1)
.
49 -
سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ إِسْمَاعِيلَ، سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ
(2)
، يَقُولُ:(مَا اغْتَبْتُ أَحَدًا مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ الغِيبَةَ تَضُرُّ أَهْلَهَا)
(3)
.
(1)
يُشِيرُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله بِهَذَا الأَثَرِ مُحَذِّرًا الرَّجُلَ، وَكَذَلِكَ المَرْأَةَ مِنَ الاِنْجِرَارِ إِلَى الوَقِيعَةِ فِي الوَالِدَيْنِ بِالغِيبَةِ وَنَحْوِهَا مَعَ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا. فَكَأَنَّهُ رحمه الله يُشِيرُ إِلَى قُبْحِ الوَقِيعَةِ فِي المُسْلِمِينَ، وَأَنَّهَا فِي الوَالِدَيْنِ أَقْبَحُ.
(2)
أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيُّ. شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ الأَثْبَاتِ، حَدَّثَ عَنِ خَلْقٍ كَثِيرٍ، وَحَدَّثَ عَنْهُ البُخَارِيُّ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ. تَرْجَمَتُهُ فِي:"طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ"(7/ 295)، وَ "سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاِءِ"(9/ 481).
(3)
رَوَاهُ أَبُو القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي "التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ"(بِرَقَمْ 2244)، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(24/ 362 - 363) كِلَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ جُزْءِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ، بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "خَلْقِ أَفْعَالِ العِبَادِ"(64)، وَعِنْدَهُ:(تَضُرُّ بِصَاحِبِهَا)، وَ "التَّارِيخِ الأَوْسَطِ" (2/ 322) قال: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ إِسْمَاعِيلَ.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"(4/ 336)، فَي تَرْجَمَةِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ: وَذَكَرَهُ. هَكَذَا بِلَا وَاسِطَةٍ بَيْنَ البُخَارِيِّ وَبَيْنَ أَبِي عَاصِمٍ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(24/ 363): "لَا مَدْخَلَ لِمُوسَى بْنَ إِسْمَاعِيلَ فِي هَذِهِ الحِكَايَةِ، فَإِنَّ البُخَارِيَّ سَمِعَهَا مِنْ أَبِي عَاصِمٍ نَفْسِهِ، وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ شُيُوخِهِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ الكُوفِيُّ فِي كِتَابِهِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ بْنُ نَاصِرٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ، وَالمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الجَبَارِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَاللَفْظُ لَهُ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ، زَادَ أَحْمَدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ، قَالَا: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ، يَقُوْلُ: (مَا اغْتَبْتُ أَحَدًا مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ الغِيبَةَ تَضُرُّ أَهْلَهَا) ".
وَرَوَاهُ أَيْضًا الخَلِيلِيُّ فِي "الإِرْشَادِ فِي مَعْرِفَةِ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ"(2/ 521) قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ المَلَّاحِيَّ بِالرَّيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ إِسْحَاقَ القَوَّاسَ بِبُخَارَى يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ: (مُنْذُ عَقَلْتُ أَنَّ الغِيبَةَ حَرَامٌ مَا اغْتَبْتُ أَحَدًا قَطُّ). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَأَوْرَدَهُ الذَّهَبِيُّ في "سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاِءِ"(9/ 482): قَالَ: "وَقَالَ البُخَارِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُوْلُ: (مُنْذُ عَقَلْتُ أَنَّ الغِيْبَةَ حَرَامٌ، مَا اغْتَبتُ أَحَداً قَطُّ) ".
وَالحَاصِلُ أَنَّ البُخَارِيَّ رحمه الله رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ مُبَاشَرَةً، وَرَوَاهُ عَنْهُ أَيْضًا بِوَاسِطَةٍ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيلَ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَلِلمَزِيدِ رَاجِعْ: "الإِرْشَادَ فِي مَعْرِفَةِ عُلَمَاءِ الحَدِيثِ" لِلخَلِيلِيِّ (1/ 239)، وَ "تَهْذِيبَ الكَمَالِ" لِلمِزِّيِّ (13/ 286)، وَ "تَارِيخَ الإِسْلَامِ" لِلذَّهَبِيِّ (15/ 193 - 19/ 259)، وَ "تَغْلِيقَ التَّعْلِيقِ" لِلحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ (5/ 397).
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "الصَّمْتِ وَآدَابِ الِلِّسَانِ"(بِرَقَمْ 698) حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ البَصْرِيُّ المَقْدِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيلَ رحمه الله يَقُولُ: (مَا اغْتَبْتُ مُسْلِمًا مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الغِيبَةَ).
وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ الأَصْبَهَانِيُّ فِي "التَّوْبِيخِ وَالتَّنْبِيهِ"(بِرَقَمْ 177) أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ إِسْمَاعِيلَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيَّ، يَقُولُ:(مَا اغْتَبْتُ أَحَدًا مُنْذُ عَلِمْتُ).
[31 - بَابُ الرَّحْمَةِ بِالوَالِدَيْنِ]
(1)
.
50 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ
(2)
، قَالَ:(قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ وَأَنَا أَرْحَمُهَا، أَوْ: إِنِّي لَأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا، قَالَ: "وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا، رَحِمَكَ اللَّهُ" مَرَّتَيْنِ)
(3)
.
(1)
وَكَأَنَّ المُصَنِّفَ رحمه الله يُشِيرُ بِهَذَا الحَدِيثِ إِلَى رَحْمَةِ المُسْلِمِ بِالبَهَائِمِ العَجْمَّاوَاتِ، وَبَيَانِ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالرَّحْمَةِ وَالعَطْفِ وَالرِّعَايَةِ هُمْ الوَالِدَانِ.
(2)
قُرَّةُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ هِلَالٍ المُزَنِيُّ، وَهُوَ: جَدّ إِيَاسَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ. قَالَ البُخَارِيُّ، وَابْنُ السَّكَنِ: لَهُ صُحْبَةٌ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ. تَرْجَمَتُهُ فِي:"طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ"(7/ 32)، وَ "الِاسْتِيعَابِ"(3/ 1280)، وَ "الإِصَابَةِ"(5/ 330).
(3)
إسناده صحيح.
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 373) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 45)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 7562) مِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ، بِهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، كَمَا فِي "إِتْحَافِ الخِيَرَةِ المَهَرَةِ" لِلبُوصَيْرِيِّ (7/ 16)، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 15592)، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الآحَادِ وَالمَثَانِي"(بِرَقَمْ 1100)، وَالبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 3319 البَحْرِ الزَّخَّارِ)، وَالرُّويَانِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 942)، وُمُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ فِي "فَوَائِدِهِ"(بِرَقَمْ 20)، وابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي "مُعْجَمِهِ"(بِرَقَمْ 1313)، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(19/ 215) مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 25361) مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "النَّفَقَةِ عَلَى العِيَالِ"(بِرَقَمْ 260) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ خَازِمٍ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 46)، وَ "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 3070)، وَ "الصَّغِيرِ"(بِرَقَمْ 109)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(2/ 302 - 6/ 343) مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. جَمِيعُهُمْ عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ.
وَرَوَاهُ البَيهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 10558) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ.
فَخَالفَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَرَوَاهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ رَجُلٍ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ، بَلْ تَابَعَهُ حَجَّاجٌ الأَسْوَدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنِ المُخْتَارِ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 44)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الحِلْيَةِ"(2/ 302) مِنْ طُرُقٍ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ الأَسْوَدِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ المُخْتَارِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ.
وإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَأَوْرَدَهُ الهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ"(4/ 33) وَقَالَ: "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ كُلُّهُمْ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، قَالُوا: قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ فَأَرْحَمُهَا. وَلَهُ أَلفَاظٌ كَثِيرَةٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ".
وَصَحَّحَ إِسْنَادَهُ البُوصَيْرِيُّ كَمَا فِي "الإِتْحَافِ"(7/ 16).
وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ.
رَوَاهُ البَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 3322 البَحْرِ الزَّخَّارِ)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 47)، وَ "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 2736)، وَ "مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ"(بِرَقَمْ 49)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 6482)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 10556) مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الجَعْدِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ الفَضْلِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيْهِ: عَدِيُّ بْنُ الفَضْلِ التَّيْمِيُّ. مُجْمِعٌ عَلَى تَرْكِهِ وَضَعْفِهِ. رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ"(3/ 62).
[32 - بَابُ مِنْ تَمَامِ البِرِّ حُسْنُ الخُلُقِ مَعَ الوَالِدَيْنِ]
51 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ: عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيِّ
(1)
، (أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ البِرِّ وَالإِثْمِ؟ فَقَالَ: "البِرُّ حُسْنُ
(2)
[الخُلُقِ]
(3)
، وَالإِثْمُ مَا حَكَّ
(4)
فِي نَفْسِكَ فَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ")
(5)
.
(1)
النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي بَكْرٍ الكِلَابِيُّ، صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ "50 هـ". تَرْجَمَتُهُ فِي: الإِصَابَةِ "6/ 377".
(2)
فِي الأَصْلِ مُنوَّنٌ بِتَنْوِينِ الرَّفْعِ: "حُسْنٌ".
(3)
مَا بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنَ "الأَدَبِ المُفْردِ".
(4)
هَكَذَا فِي الأَصْلِ، وفِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ". وَفِي مَصَادِرِ التَّخْرِيجِ:"مَا حَاكَ". يُقَالُ: حَكَّ الشَّيْءُ فِي نَفْسِي: إِذَا لَمْ تَكُنْ مُنْشَرِحَ الصَّدْرِ بِهِ، وَكَانَ فِي قَلْبِكَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الشَّكِ والرِّيبِ، وَأَوْهَمَكَ أَنَّهُ ذَنْبٌ وَخَطِيئَةٌ. "النِّهَايَةُ"(1/ 418).
(5)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، مَعْنٌ هُوَ ابْنُ عِيسَى القَزَّازُ. وَمُعَاوِيَةُ هُوَ ابْنُ صَالِحٍ الحَضْرَمِيُّ. تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ، وَوَثَقَهُ جَمْعٌ مِيزَانُ الاِعْتِدَالِ: 4/ 135 ". =
[33 - بَابُ مِنْ فِتَنِ آخِرِ الزَّمَانِ، العُقُوقُ وَقَطْعُ الرَّحِمِ]
(1)
.
52 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: "أَلَا إِنَّ الفِتْنَةَ هُنَا" يُشِيرُ إِلَى المَشْرِقِ "مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ"
(2)
.
(1)
وَكَأَنَّ الِإمَامَ البُخَارِيَّ رحمه الله يُشِيرُ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ إِلَى الفِتَنِ الوَاقِعَةِ فِي نِهَايَةِ الزَّمَانِ، وَالَّتِي أَعْظَمُهَا العُقُوقُ وَقَطْعُ الأَرْحَامِ. حَيْثُ أَخْرَجَ المُصَنِّفُ رحمه الله فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 50) مِنْ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَهُوَ حَدِيثُ جِبْرِيلُ عليه السلام المَشْهُورُ أَنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ "إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا"، وَعَلَّقَهُ فِي بَابِ أُمِّ الوَلَدِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا". وَعِنْدَ مُسْلِمٍ (بِرَقَمْ 1/ 8) مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه: "أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا". وَمَعْنَى رَبَّهَا وَرَبَّتَهَا سَيِّدُهَا وَمَالِكُهَا وَسَيِّدَتُهَا وَمَالِكَتُهَا، وَالمَعْنَى أَنْ الأَمَةَ تَلِدُ سَيِّدُهَا. وَالمُرَادُ أَنَّهُ يَكْثُرُ العُقُوقُ وَتُفْسَدُ الأُمُورُ وَتَنْعَكِسُ الأَحْوَالُ حَتَّى يُصْبِحَ السَّيدُ مُسْوَدًّا وَالأَجِيرُ الصُّعْلُوكُ سَيِّدًا.
(2)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 3511) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ"(بِرَقَمْ 3140) مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أَبِي اليَمَانِ الحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، بِهِ.
53 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: "إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ
(1)
". يَعْنِي: المَشْرِقَ
(2)
.
(1)
اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرٍ لَفْظِهِ، حَقِيقَةٌ لَا مَجَازًا مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ لِأَنَّهُ لَا يُكَيَّفُ مَا لَا يُرَى. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُحَاذِيهَا بِقَرْنَيْهِ عِنْدَ غُرُوبِهَا، وَكَذَا عِنْدَ طُلُوعِهَا، لِأَنَّ الكُفَّارَ يَسْجُدُونَ لَهَا حِينَئِذٍ فَيُقَارِنُهَا لِيَكُونَ السَّاجِدُونَ لَهَا فِي صُورَةِ السَّاجِدِينَ لَهُ وَيُخَيِّلُ لِنَفْسِهِ وَلِأَعْوَانِهِ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَسْجُدُونَ لَهُ. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْمَجَازِ وَالمُرَادُ بِقَرْنِهِ وَقَرْنَيْهِ عُلُوُّهُ وَارْتِفَاعُهُ وَسُلْطَانُهُ وَتَسَلُّطُهُ وَغَلَبَتْهُ وَأَعْوَانُهُ، وَالصَّحِيحُ الأَوَّلُ. "التَّمْهِيدُ، لابْنِ عَبْدِ البَرِّ "4/ 6 ". وَشَرْحُ النَّوَوِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ 5/ 124".
(2)
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 6249) حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهِ. وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 7092) حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ. وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 47/ 2905) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ. كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ.
وَانْظُرْ الأَحَادِيثَ (رَقَمْ 60 - 61 - 62).
54 -
حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: (قَالَ الزُّبَيْرُ رضي الله عنه
(1)
: لَمَّا نَزَلَتْ: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}
(2)
. قَالَ الزُّبَيْرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُكَرِّرُ عَلَيْنَا الخُصُومَةَ بَعْدَ الَّذِي كَانَ لَنَا فِي الدُّنْيَا، قَالَ:"نَعَمْ". قُلْتُ: إِنَّ الأَمْرَ لَشَدِيدٌ
(3)
(4)
.
(1)
الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى. أَبُو عَبْدِ اللهِ. حَوَارِيُّ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم، وَأَحَدُ العَشرَةِ المَشْهُودِ لَهُم بِالجَنَّةِ وَمِنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَمِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَفَضَائِلُهُ كَثِيرَةٌ. قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ جُرْمُوْزٍ قَبَحَهُ اللهُ، قُتِلَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِيْنَ فِي وَادِي السِّبَاعِ: عَلَى سَبْعَةِ فَرَاسِخَ مِنَ البَصْرَةِ. تَرْجَمَتُهُ فِي: سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ " 1/ 41 ".
(2)
[الزُّمَر: 31].
(3)
وَكَأَنَّ الإِمَامَ البُخَارِيَّ رحمه الله يُشِيرُ بِهَذَا الحَدِيثِ، إِلَى أَنْ يَحْذَرَ المَرْءُ مِنْ الخُصُومَةِ مَعَ الوَالِدَيْنِ، فَإِنَّهَا تُكَرَّرُ يَوْمَ القِيَامَةِ.
(4)
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَاصِ اللَّيْثِيُّ، صَدُوقٌ حَسَنُ الحَدِيثِ، رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مَقْرُونًا، وَبَاقِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ رِجَالُ الشَّيْخَيْنِ، غَيْرَ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، فَمِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 60"، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي التَّفْسِيرِ "برقم 2631"، وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 1405" عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، بِهِ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِّيُّ (بِرَقَمْ 3236) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيِّ. وَالبَزَّارُ (بِرَقَمْ 965 البَحْرِ الزَّخَّارِ) مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ أَبَانَ. وَأَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 687) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَمِينَةَ. وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِهِ"(بِرَقَمْ 18385) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ المُقْرِئِ. وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 2981) مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ. وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(1/ 366) مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ. وَالضِّيَاءُ فِي "الأَحَادِيثِ المُخْتَارَةِ"(بِرَقَمْ 792) مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُومِيِّ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ.
وَرَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ (بِرَقَمْ 62)، وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ مُشْكَلِ الآثَارِ"(بِرَقَمْ 132) مِنْ طَرِيقِ أَبِي ضَمْرَةَ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ. وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 1434) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَالبَزَّارُ (بِرَقَمْ 964 البَحْرِ الزَّخَّارِ) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ، وَأَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 668)، وابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي "مُعْجَمِهِ"(بِرَقَمْ 1342)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ الكَبِيرِ"(6/ 93) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيِّ. وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي "البَعْثِ"(بِرَقَمْ 29) مِنْ طَرِيقِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ" (بِرَقَمْ 303 =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 14886)، وَالضِّيَاءُ فِي "الأَحَادِيثِ المُخْتَارَةِ"(بِرَقَمْ 3178) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ. والشَّاشِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 32)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 8708)، مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ. وَ (بِرَقَمْ 3626) مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ، وَعَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ. وَالضِّيَاءُ فِي "الأَحَادِيثِ المُخْتَارَةِ"(بِرَقَمْ 3177) مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ.
جَمِيعُهُمْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْن نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ". وقَالَ البَزَّارُ: "وَهَذَا الحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ". وَقَالَ الحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ".
وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ" وطبقات الأصفياء (1/ 91) ومِنْ طَرِيقِهِ المِزِّيُّ فِي "تَهْذِيبِ الكَمَالِ"(9/ 323) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ
…
وَذَكَرَهُ.
55 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ أَبُو ثَابِتٍ المَدَنِيُّ، قَالَ [حَدَّثَنَا]
(1)
عُمَرُ
(2)
بْنُ طَلْحَةَ الوَقَّاصِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، [قَالَ]: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: (لَمَّا نَزَلَتْ: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}
(3)
. قَالَ الزُّبَيْرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُكَرَّرُ عَلَيْنَا مَا كَانَ مِنَّا فِي الدُّنْيَا، مَعَ خَوَاصِّ الذُّنُوبِ؟ قَالَ:"نَعَمْ. لَيُكَرَّرَنَّ عَلَيْكُمْ، حَتَّى يُؤَدَّى إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ". قَالَ الزُّبَيْرُ رضي الله عنه:
(1)
سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنْ "فَوَائِدِ البُحَيْرِيِّ"، كَمَا سَيَأْتِي.
(2)
فِي الأَصْلِ، "عَلَيّ"، وَالمُثبَتُ مِنْ تَرْجَمَةِ الرَّاوِي. وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الطَّبَقَةِ أَحَدٌ يُدْعَى "عَلِيُّ بْنُ طَلْحَةَ" فِيْمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو عُثْمَانَ البُحَيْرِيُّ فِي "الثَّانِي"، وَ "السَّابِعِ مِنْ فَوَائِدِهِ"، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ دِلُّويَهْ عَنِ البُخَارِيِّ، بِإِثْبَاتِ قَوْلِهِ:"عَلِيّ". فَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّصْحِيفِ فِيْهِ مِنْ ابْنِ دِلُّويَهْ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَهُوَ: عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنُ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ، المَدَنِيُّ. رَوَى عَنْ جَمْعٍ، وَرَوَى عَنْهُ جَمْعٌ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ:"لَيْسَ بِقَوِيٍّ". وَقَالَ أَبُو حَاتَمٍ: "مَحِلُّهُ الصِّدْقُ". رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"، وَفِي "أَفْعَالِ العِبَادِ"، وَفِي "بِرِّ الوَالِدَيْنِ". رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي:"مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ"(3/ 208 - 209).
(3)
[الزُّمَر: 31].
وَاللَّهِ إِنَّ الأَمْرَ لَشَدِيدٌ)
(1)
.
قَالَ البُخَارِيُّ: "وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ الزُّبَيْرُ. وَرَوَاهُ شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: قَالَ الزُّبَيْرُ، وَأَلفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ الأَوَّلِ"
(2)
.
56 -
حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ القُمِّيُّ
(3)
، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، هُوَ: ابْنُ [أَبِي]
(4)
المُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: (لَمَّا نَزَلَتْ: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}
(5)
.
(1)
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ كَسَابِقِهِ.
رَوَاهُ أَبُو عُثْمَانَ البُحَيْرِيُّ فِي "الثَّانِي"(بِرَقَمْ 42)، وَ "السَّابِعِ (بِرَقَمْ 100). قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ المُزَكِّي، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّويَهْ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، بِهِ.
(2)
لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ فِيمَا بَيْنَ يَدِي مِنْ مَصَادِرِ الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ.
(3)
يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ القُمِّيُّ. هَذِهِ النِّسْبَةُ إِلَى بَلْدَةِ قُمَّ، وَهِي بَلْدَةٌ بَيْنَ أَصْبَهَانَ وَساوة. "مُعْجَمُ البُّلْدَانَ"(4/ 379).
(4)
مَا بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنْ تَرْجَمَةِ الرَّاوِي فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"، لِلمُصَنِّفِ (2/ 200)، وَمَصَادِرِ الحَدِيثِ.
(5)
[الزُّمَر: 31].
لَمْ نَدْرِ مَا تَفْسِيرُهَا؟ فَلَمَّا وَقَعَتِ الفِتْنَةُ، قُلْنَا هَذَا الَّذِي وَعَدَنَا رَبُّنَا أَنْ نَخْتَصِمَ فِيهِ)
(1)
.
(1)
رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي "تَارِيخِ المَدِينَةِ"(4/ 1249)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 13735) مِنْ طَرِيقِ أَبِي الرَّبِيعِ الزُّهْرَانِيِّ، بِهِ.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "الكُبْرَى"(بِرَقَمْ 11383)، وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ مُشْكَلِ الآثَارِ"(بِرَقَمْ 124)، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفْسِيرِهِ"(بِرَقَمْ 18390)، وَأَبُو عَمْرِو الدَّانِيُّ فِي "السُّنَنِ الوَارِدَةِ فِي الفِتَنِ"(بِرَقَمْ 18) مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ الخُزَاعِيِّ. وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"(20/ 202) مِنْ طَرِيقِ ابْنِ حُمَيْدٍ. كِلَاهُمَا عَنْ يَعْقُوبَ القُمِّيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي المُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ الهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ"(7/ 100): "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ".
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 13881)، وَالثَّعْلَبِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ"(8/ 235)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 8709)، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ فِي "تَثْبِيتِ الإِمَامَةِ وَتَرْتِيبِ الخِلَافَةِ"(بِرَقَمْ 172) مِنْ طُرُقٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِنَحْوِهِ.
57 -
حَدَّثَنَا
(1)
مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ: عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ
(2)
، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "هَلْ تَرَوْنَ
(3)
مَا أَرَى؟ أَرَى الفِتَنَ تَقَعُ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ"
(4)
.
(1)
كَأَنَّ الإِمَامَ البُخَارِيَّ رحمه الله يُشِيرُ بِهَذَا الحَدِيثِ، إِلَى مَا يَقَعُ فِي بَعْضِ بُيُوتِ المُسْلِمِينَ، مِنَ الفِتَنِ العَظِيمَةِ الَّتِي أَبْرَزُهَا العُقُوقُ وَقَطْعُ الأَرْحَامِ.
(2)
أَسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيْلَ. أَبُو زَيْدٍ. حِبُّ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَوْلَاهُ، وَابْنُ مَوْلَاهُ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ. تَرْجَمَتُهُ في: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ "4/ 61 - 72"، والإِصَابَةِ، لِابْنِ حَجَرٍ "1/ 54".
(3)
جَاءَ فِي الأَصْلِ فِي هَذَا المَوْضِعُ وَالَّذِي يَلِيهِ، "تَدْرُونَ"، وَالمُثبَتُ مِنَ "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"، وَمَصَادِرِ الحَدِيثِ.
(4)
أَشَارَ المُصَنِّفُ لهِذَا الطَّرِيقِ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 1878) بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِلحَدِيثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ. فَقَالَ: تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ"(3/ 133): وَأمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، فَقَالَ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ مِنْ تَأْلِيفِهِ خَارِجَ الصَّحِيحِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ" مِنْ طَرِيقِ الجُزْءِ (3/ 134 - 135) فَقَالَ: قَرَأْتُهُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتُ مُحَمَّدِ بِدِمَشْقَ، أَخْبَرَكُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَرَمٍ، عَنْ عَمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الصَّفَّارِ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ عَليِّ بْنِ خَلَفٍ، أَخْبَرَهُمْ أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدُ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّويَهْ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، بِهِ.
وَحَدِيثُ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ. رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 7060) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَمُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 9) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ.
كِلَاهُمَا عَنِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
وَتَابَعَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ.
انْظُرْ: الحَدِيثَ القَادِمِ.
58 -
حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ: عَنْ أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لأَرَى مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ القَطْرِ
(1)
"
(2)
.
(1)
خِلَالَ بُيُوتِكُمْ: أَيْ: بَيْنَهَا وَنَوَاحِيهَا. كَمَوَاقِعِ القَطْرِ": مِثْلَ سُقُوطِ المَطَرِ الكَثِيرِ الَّذِي يَعُمُّ الأَنْحَاءَ وَالأَمَاكِنَ.
(2)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 3597 - 7060) ومِنْ طَرِيقِهِ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، أَبُو عَمْرِو الدَّانِيُّ فِي "السُّنَنِ الوَارِدَةِ فِي الفِتَنِ (بِرَقَمْ 16) بِالإِسْنَادِ سَوَاء، وَالمَتْنُ بِاخْتِلَافٍ يَسِيرٍ.
وَرَوَاهُ عَنْ شَيْخِ المُصَنِّفِ، أَبو القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِقِوَامِ السُّنَّةِ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ"(بِرَقَمْ 197) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، وَعَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، قَالَا: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
هَكَذَا رَوَاهُ بِإِسْقَاطِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالصَّحِيحُ إِثْبَاتُهُ، فَرَوَاهُ عِنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، جَمْعٌ كَثِيرٌ بِإِثْبَاتِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بَيْنَ الزُّهْرِيِّ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
فَرَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 552)، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي "كِتَابِ الفِتَنِ"(بِرَقَمْ 25)، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 145)، وَ "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 37127)، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 12748). =
59 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ
(1)
، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ
(2)
، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ: عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ
(3)
، قَالَ: (قَالَ أَعْرَابِيٌّ: لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ لِلإِسْلَامِ مُنْتَهًى؟ قَالَ: "نَعَمْ، أَيُّمَا أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ العَرَبِ، أَوِ العَجَمِ، أَرَادَ
= وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 1878) مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَ (بِرَقَمْ 2467) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 9/ 2885) مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرِو النَّاقِدِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنِ أَبِي عُمَرَ. وَالحَرْبِيُّ فِي "غَرِيبِ الحَدِيثِ"(3/ 930) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ. وَالبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 2565 البَحْر الزَّخَّار) مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ. وَالبَيْهَقِيُّ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ"(6/ 405) مِنْ طَرِيقِ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ. وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "مُعْجَمِهِ"(1/ 520 بِرَقَمْ 639) مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ. جَمِيعُهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَاوِيًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
(1)
عَبْدَانُ هُوَ عَبْدُ الله بْنُ عُثْمَانَ العَتَكِيُّ.
(2)
هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ وَاضِحٍ الحَنْظَلِيُّ.
(3)
كُرْزُ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ هِلَالٍ الخَزَاعِيُّ، لَهُ صُحْبَةٌ. أَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَعُمِّرَ طَوِيلًا، سَكَنَ المَدِينَةَ، وَكَانَ يَنْزِلُ عَسْقَلَانَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: الاسْتِيعَابِ، "31/ 1311 "، وَأُسْدِ الغَابَةِ "4/ 444"، وَالإِصَابَةِ " 5/ 436 ".
اللَّهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الإِسْلَامَ، ثُمَّ تَقَعُ الفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُلَمُ". فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: كَلَّا، قَالَ: "بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، ثُمَّ تَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا
(1)
، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ
(2)
"
(3)
.
(1)
"أَسَاوِدَ صُبًّا": الأَسَاوِدُ: الحَيَّاتُ. وَالأَسْوَدُ أَخْبَثُ الحَيَّاتِ وَأَعْظَمُهَا، وَهُوَ مِنَ الصِّفَةِ الغَالبَةِ، حَتَّى اسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الأسْماَءِ وجُمِعَ جَمعَهَا. وَالصُّبُّ: جَمْعُ صَبُوبٍ. قَالَ النَّضْرُ: إنَّ الأَسْوَدَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْهِشَ ارْتَفَعَ ثُمَّ انْصَبَّ عَلَى المَلْدُوغِ. "النِّهَايَةُ (2/ 419 - 3/ 5).
(2)
كَأَنَّ الإِمَامَ البُخَارِيَّ رحمه الله يُشِيرُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، إِلَى أَنَّ أَكْثَرَ مَا يَقَعُ فِي وَقْتِ الفِتَنِ القَتْلُ، وَأَنَّ أَفْضَلَ مَا يُقَرِّبُ العَبْدَ مِنَ اللهِ عز وجل، هُوَ بِرُّ الوَالِدَيْنِ، وَأَنَّهُ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا بِمَا فِيهَا الْقَتْلُ، حَيْثُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ "بِرَقَمْ 4" عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ:"إِنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَنِي، وَخَطَبَهَا غَيْرِي، فَأَحَبَّتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَغِرْتُ عَلَيْهَا فَقَتَلْتُهَا، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ تُبْ إلى الله عز وجل، وَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْتَ. فَذَهَبْتُ فَسَأَلتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: لِمَ سَأَلْتَهُ عَنْ حَيَاةِ أُمِّهِ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَعْلَمُ عَمَلًا أَقْرَبَ إلى الله عز وجل مِنْ برِّ الوَالِدَةِ".
(3)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورَوَاهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي "السِّفْرِ الثَّانِي مِنْ تَارِيخِهِ"(بِرَقَمْ 18 - 1353) مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ الحَجَّاجِ الشَّيْبَانِيِّ. وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 97) مِنْ طَرِيقِ عَبْدَانَ، كِلَاهُمَا عَنْ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الخُزَاعِيِّ.
وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، بَلْ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ.
فَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 20747) وَعَنْهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 15918) ومِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 442)، وَابْنُ مَنْدَه فِي "الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 1081)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 8403)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ"(بِرَقَمْ 5935)، وَالبَغَوِيُّ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ"(بِرَقَمْ 4235) عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الخُزَاعِيِّ.
وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، بَلْ تَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ.
1 -
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
رَوَاهُ أبو داود الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 1386)، وَالحُمَيْدِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 584)، وَنُعَيْمُ ابْنُ حَمَّادٍ فِي "كِتَابِ الفِتَنِ"(بِرَقَمْ 7)، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 38122) وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الآحَادِ وَالمَثَانِي"(بِرَقَمْ 2305)، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 15917) عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. وَرَوَاهُ البَزَّارُ (بِرَقَمْ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 3350 - كَشْفِ الأَسْتَارِ) مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ المِقْدَامِ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(مُلْحَقٌ بِرَقَمْ 442)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ"(بِرَقَمْ 481) مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ الرَّمَادِيِّ. وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ مُشْكَلِ الآثَارِ"(بِرَقَمْ 6154) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ. وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 96) مِنْ طَرِيقِ الحُمَيْدِيِّ، ويَحْيَى بْنِ يَحْيَى، ومُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيِّ. وَالبَيْهَقِيُّ فِي "الِاعْتِقَادِ"(ص 157)، وَ "الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ"(بِرَقَمْ 310)، وَ "القَضَاءِ وَالقَدَرِ"(بِرَقَمْ 162 - 364)، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي "التَّمْهِيدِ"(10/ 172) مِنْ طَرِيقِ سَعْدَانَ بْنِ نَصْرٍ. وَالخَطِيبُ فِي "تَلْخِيصِ المُتَشَابِهِ"(2/ 780) مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.
2 -
سُفْيَانُ بْنِ حُسَيْنٍ الوَاسِطِيُّ.
رَوَاهُ البَزَّارُ (بِرَقَمْ 3350 كَشْفِ الأَسْتَارِ).
3 -
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ.
رَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ فِي "مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ"(2/ 372)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 444) مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْهُ.
4 -
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزْرَقُ.
رَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ فِي "مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ"(2/ 372)، وَأَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ فِي "المَخْزُونِ"(بِرَقَمْ 58)، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ فِي جُزْء له (بِرَقَمْ 53).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 5 - شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ الأُمَوِيُّ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ"(بِرَقَمْ 3107) مِنْ طَرِيقِ أَبي اليَمَانِ الحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ. وَابْنُ مَنْدَه فِي "الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 1082)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ"(6/ 526) مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ شُعَيْبٍ. كِلَاهُمَا عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الأُمَوِيِّ.
6 -
مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 445).
7 -
عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ الأَيْلِيُّ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(مُلْحَقٌ بِرَقَمْ 445).
جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الخُزَاعِيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ".
وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ"(7/ 305): "رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ، وَأَحَدُهَا رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ".
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 15919) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ القُدُّوسِ بْنِ الحَجَّاجِ. وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الآحَادِ وَالمَثَانِي"(بِرَقَمْ 2306) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ. وَابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 5956 الإِحْسَانِ) مِنْ طَرِيقِ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ. وابْنُ مَنْدَه فيِ "الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 1083) مِنْ طَرِيقِ الهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ. وَأَبُو =
60 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
(1)
، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ المَشْرِقَ
(2)
يَقُولُ: "أَلَا
= نُعَيْمٍ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ"(بِرَقَمْ 482)، وَ "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ"(بِرَقَمْ 5936) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَأَبُو عَمْرِو الدَّانِيُّ فِي "السُّنَنِ الوَارِدَةِ فِي الفِتَنِ"(بِرَقَمْ 159) مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيِّ. وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(37/ 260) مِنْ طَرِيقِ مُبَشِّرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، والوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ العُذْرِيِّ.
جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ الخُزَاعِيِّ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ، عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ قَيْسٍ السُّلَمِيُّ، مُخْتَلَفٌ فِيهِ. قَالَ ابنُ عَدِيٍّ:"حَدَّثَ عَنْهُ الأَوْزَاعِيُّ بِغَيْرِ حَدِيثٍ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لأَنَّ فِي رِوَايَاتِ الأَوْزاعِيِّ عَنْهُ اسْتِقَامَةً". "الكَامِلُ فِي ضُعَفَاءِ الرِّجَالِ"(6/ 518). وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
(1)
ابْنُ عُمَرَ، رضي الله عنهما.
(2)
وَقَدْ تَحَقَّقَ مَا أَشَارَ إِليهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى نَاحِيَةِ المَشْرِقِ بِالفِتْنَةِ؛ لِأَنَّ الفِتْنَةَ الكُبْرَى الَّتِي كَانَتْ مِفْتَاحَ فَسَادِ ذَاتِ البَيْنِ، هِيَ قَتْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، وَهِيَ كَانَتْ سَبَبَ وَقْعَةِ الجَمَلِ وَحُرُوبِ صِفِّينَ الَّتِي كَانَتْ فِي نَاحِيَةِ المَشْرِقِ ثُمَّ ظُهُورُ الخَوَارِجِ فِي أَرْضِ نَجْدٍ وَالعِرَاقِ وَمَا وَرَاءَهَا مِنَ المَشْرِقِ، =
إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا، أَلَا إِنَّ الفِتْنَةَ مِنْ هَا هُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ"
(1)
.
61 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ
(2)
.
= فَكَانَتْ سَبَبًا إِلَى افْتِرَاقِ كَلِمَةِ المُسْلِمِينَ وَمَذَاهِبِهِمْ وَفَسَادِ نِيَّاتِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ إِلَى اليَوْمِ وَإِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ. "الِاسْتِذْكَارُ" لِابْنِ عَبْدِ البَرِّ (8/ 519 - 520) بِتَصَرُّفٍ.
(1)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 7093) مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ. وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 45/ 2905) مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، ومُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ. كِلَاهُمَا عَنْ اللَّيْثِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
(2)
رَوَاهُ البَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 5523 البَحْرِ الزَّخَّارِ) مِنْ طَرِيقِ الفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 3104) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ. وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 46/ 2905) حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى. (ح) وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ كُلُّهُمْ، عَنْ =
62 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ:(رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُشِيرُ إِلَى المَشْرِقِ، يَقُولُ: "إِنَّ الفِتْنَةَ مِنْ هَا هُنَا، إِنَّ الفِتْنَةَ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ")
(1)
.
= يَحْيَى القَطَّانِ، قَالَ القَوَارِيرِيُّ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. كُلُّهُمْ عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
(1)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 3279) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَ (بِرَقَمْ 5296) مِنْ طَرِيقِ قَبِيصَةَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَلِلحَدِيثِ طُرُقٌ أُخْرى قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا عِنْدَ الأَحَادِيثِ (رَقَمْ 52 - 53).
[34 - بَابُ تَعْجِيلِ عُقُوبَةِ قَاطِعِ الرَّحِمِ فِي الدُّنْيَا]
63 -
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَحْرَى أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ، مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالبَغْيِ"
(1)
.
(1)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 67) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 1489) وَعَنْهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "ذَمِّ البَغْي"(بِرَقَمْ 1)، وَ "مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ"(بِرَقَمْ 211)، وَابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 456 الإِحْسَانِ)، وَابْنُ سَمْعُونَ فِي "الأَمَالِي"(بِرَقَمْ 291)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 7290)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7588)، وَالبَغَوِيُّ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ"(بِرَقَمْ 3438)، والمِزِّيُّ فِي "تَهْذِيبِ الكَمَالِ"(23/ 80) مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ بْنِ الحَجَّاجِ.
وَرَوَاهُ وَكِيعُ بْنُ الجَرَّاحِ فِي "الزُّهْدِ"(بِرَقَمْ 243 - 429) ومِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 20374)، وَهَنَادٌ فِي "الزُّهْدِ"(بِرَقَمْ 1389)، وَالخَرَائِطِيُّ فِي "مَسَاوِئِ الأَخْلَاقِ"(بِرَقَمْ 279)، وابْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي "مُعْجَمِهِ" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (بِرَقَمْ 1947)، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، المَشْهُورُ بِابْنِ المُقْرِئِ فِي "مُعْجَمِهِ"(بِرَقَمْ 1275)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي الكبرى (10/ 233)، وَ "الآدَابِ"(بِرَقَمْ 10).
وَرَوَاهُ ابْنُ المُبَارَكِ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 15)، وَ "الزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ"(بِرَقَمْ 724).
ومِنْ طَرِيقِ ابْنِ المُبَارَكِ.
رَوَاهُ المَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ"(بِرَقَمْ 127)، وَابْنُ مَاجَهْ (بِرَقَمْ 4211)، وَابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 455 الإِحْسَانِ)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 3359).
ورَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 921) ومِنْ طَرِيقِهِ البَيهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 6243)، و "الآدَابِ"(بِرَقَمْ 161).
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ (بِرَقَمْ 20399)، وَالمَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ" (بِرَقَمْ 127)، وَأَبُو دَاوُدَ (بِرَقَمْ 4902)، وَابْنُ مَاجَهْ (بِرَقَمْ 4211)، وَالتِّرْمِذِّيُّ فِي "جَامِعِهِ" (بِرَقَمْ 2511)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ" (بِرَقَمْ 7289)، والمِزِّيُّ فِي "تَهْذِيبِ الكَمَالِ" (23/ 79) مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ الأَسَدِيِّ.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 20375) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ القَطَّانِ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 29)، وَالخَرَائِطِيُّ فِي "مَسَاوِئِ الأَخْلَاقِ"(بِرَقَمْ 280) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ العَدَوِيِّ.
وَرَوَاهُ البَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 3678 البَحْرِ الزَّخَّارِ) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السُّلَمِيِّ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ مُشْكَلِ الآثَارِ"(بِرَقَمْ 5998) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ.
جَمِيعُهُمْ شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ، وَوَكِيعُ بْنُ الجَرَّاحِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبَارَكِ، وَالطَّيَالِسِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ الأَسَدِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ العَدَوِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السُّلَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشَنٍ الغَطَفَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 591) حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"كُلُّ ذُنُوبٍ يُؤَخِّرُ اللَّهُ مِنْهَا مَا شَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، إِلَّا البَغْيَ، وَعُقُوقَ الوَالِدَيْنِ، أَوْ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ، يُعَجِّلُ لِصَاحِبِهَا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ المَوْتِ".
وَهَذَا إِسْنَادٌ، فِيْهِ: بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفُ الحَدِيثِ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"(1/ 166) قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، سَمِعَ سَعْدًا، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"اثْنَانِ يُعَجِّلُهُمَا اللَّهُ: البَغْيُ وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ". وَقَالَ لِي ابْنُ أَبِي الأَسْوَدِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أَمَّا الإِسْنَادُ الأَوَّلُ، فَـ أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ. وَمُحَمَّدٌ، هُوَ: ابْنُ عَبْدِ العَزِيزِ الجَرْمِيُّ. ثِقَةٌ. وَسَعْدٌ هُوَ مَوْلَى أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ. لَمْ يُوَثِّقُهُ سِوَى ابْنُ حِبَّانَ، وَذَكَرَهُ البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"، وَأَبُو حَاتِمٍ فِي "الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ"، وَلَمْ يَذْكُرُوهُ بِجَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ. وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيُّ. ثِقَةٌ.
وَأَمَّا الإِسْنَادِ الثَّانِي، فَـ فِيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَنَسٍ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ:"مَجْهُولُ الحَالِ"، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ الإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.
[35 - بَابُ لَا يَزَالُ للوَاصِلِ ظَهِيرٌ مِنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى
-]
64 -
حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنِ العَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونَ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، قَالَ: "لَئِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ كَأَنَّمَا
(1)
تُسِفُّهُمُ المَلَّ
(2)
، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ
(3)
[عَلَيْهِمْ] مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ")
(4)
.
(1)
فِي الأَصْلِ، "كَأَنَّهُمْ"، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ الحِدِيثِ.
(2)
"تُسِفُّهُمُ": تُلْقِي فِي وُجُوهِهِمُ. "المَلَّ"، أَيْ: الرَّمَادُ الحَارُّ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الخُبْزُ لِيَنْضَجَ، أَيْ: تَجْعَلُ المَلَّةَ لَهُمْ سَفُوفًا يَسُفُّونَهُ، وَالمَعْنَى: أَيْ إِحْسَانُكَ إِلَيْهِمْ إِذَا كَانُوا يُقَابِلُونَهُ بِالإِسَاءَةِ يَعُودُ وَبَالًا عَلَيْهِمْ، حَتَّى كَأَنَّكَ فِي إِحْسَانِكَ إِلَيْهِمْ مَعَ إِسَاءَتِهِمْ إِيَّاكَ أَطْعَمْتَهُمُ النَّارَ. "مِرْقَاةُ المَفَاتِيحِ شَرْحِ مِشْكَاةِ المَصَابِيحِ"(7/ 3087).
(3)
فِي الأَصْلِ، "ظَهِيرًا"، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ الحدِيثِ. وَالظَّهِيرُ النَّاصِرُ وَالمُعِينِ وَالمُدَافِعُ، وَالمَعْنَى: إِنَّكَ سَتَظَلُ مُنْتَصِرًا عَلَيْهِمْ بِعَوْنِ اللهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ لَكَ، وَلَا يَضُرُّكَ أَذَاهُمْ، وَسَيَنْفَعُكَ إِحْسَانُكَ إِلَيْهِمْ.
(4)
حديث صحيح. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 52) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ. وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 9344) مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَ (بِرَقَمْ 10284) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ. وَ (بِرَقَمْ 7992)، وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 22/ 2558) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الحَجَّاجِ. وَابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 450 الإِحْسَانِ)، وَفِي "رَوْضَةِ العُقَلَاءِ"(بِرَقَمْ 84) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدِ الدَّرَاوَرْدِيِّ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 944) مِنْ طَرِيقِ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ. جَمِيعًا عَنِ العَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يعقوب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ البُرْجُلَانِيُّ فِي "الكَرَمِ وَالجُودِ"(بِرَقَمْ 7)، وَالطُّوسِيُّ فِي "أَرْبَعِينِهِ"(بِرَقَمْ 23) مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ. وَهَنَّادٌ فِي "الزُّهْدِ"(بِرَقَمْ 1012) مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ خَازِمٍ. كِلَاهُمَا عَنِ الحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، بِنَحْوِهِ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيْهِ: الحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ النَّخَعِيُّ الكُوفِيُّ. قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: "صَدُوقٌ كَثِيرُ الخَطَأِ وَالتَّدْلِيسِ". اهـ. وَقَدْ عَنْعَنَ.
[36 - بَابُ مَعْرِفَةِ الوَاصِلِ]
65 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَالحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ سُفْيَانُ: وَلَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَفَعَهُ الحَسَنُ وَفِطْرٌ، إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي تَوَلَّتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا"
(1)
.
(1)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 5991)، وفِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 68) بِالإِسْنَادِ سَوَاء، وَالمَتْنُ بِلَفْظِ:"لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا".
وَرَوَاهُ عَنْ شَيْخِ المُصَنِّفِ أَبُو دَاوُدَ فِي "سُنَنِهِ"(بِرَقَمْ 1697)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ الكَبرى"(7/ 26)، وَفِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 3155)، وَ "الآدَابِ"(بِرَقَمْ 8) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ العَبْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ، بِهِ.
وَسَلَفَ (بِرَقَمْ 34).
قَوْلُهُ: "لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِيء
…
إلخ": يُبَينُ أَنَّ النَّاسَ يَنْقَسِمُونَ إِلَى أَقْسَامٍ ثَلَاثَةِ: وَاصِلٍ وَمُكَافِيءٍ وَقَاطِعٍ، فَالوَاصِلُ هُوَ الَّذِي يَتَفَضَّلُ وَلَا يُتَفَضَّلُ عَلَيْهِ، وَالْمُكَافِيءُ هُوَ الَّذِي لَا يَزِيدُ فِي الإِعْطَاءِ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ، وَالقَاطِعُ الَّذِي لَا يُتَفَضَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَفَضَّلُ.
[37 - بَابُ فَضْلِ مَنْ يَصِلُ ذَا الرَّحِمِ الظَّالِمِ]
66 -
حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ: عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه
(1)
، قَالَ: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، قَالَ: "لَئِنْ كُنْتَ أَقَصَرْتَ الخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ المَسْأَلَةَ
(2)
، أَعْتِقِ النَّسَمَةَ
(3)
، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ". قَالَ: أَوَ لَيْسَتَا وَاحِدًا
(4)
؟ قَالَ: "لَا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَعْتِقَ النَّسَمَةَ
(5)
،
(1)
البَرَاءُ بْنُ عَازِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَوْسِيُّ الحَارِثِيُّ. كُنْيَتُهُ: أَبُو عُمَارَةَ، وَقِيلَ: أَبُو عَمْرٍو، وَقِيْلَ: أَبُو الطُّفَيْلِ. شَهِدَ أُحُدًا وَالحُدَيْبِيَةَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَقِيلَ سَنَةَ إحْدَى وَسَبْعِينَ. تَرْجَمَتُهُ فِي سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلاءِ، لِلذَّهَبِيِّ (3/ 194).
(2)
أَقَصَرْتَ الخُطْبَةَ: أَيْ جِئْتَ بِهَا قَصِيرَةً. أَعْرَضْتَ المَسْأَلَةَ: أَيْ جِئْتَ بِهَا عَرِيضَةً. وَالعَرْضُ عِنْدَ العَرَبِ السَّعَةُ. وَالمَعْنَى: قَلَّلْتَ الخُطْبَةَ وَأَعْظَمْتَ المَسْأَلَةَ. "غَرِيبُ الحَدِيثِ" لِلخَطَّابِيِّ (1/ 705).
(3)
"النَّسَمَةُ": النَّفْسُ وَالرُّوحُ. أَيْ مَنْ أعْتَقَ ذَا رُوحٍ. وَكُلُّ دَابَّةٍ فِيهَا رُوحٌ فَهِيَ نَسَمَةٌ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ النَّاسَ. "النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ وَالأَثَرِ"(5/ 49).
(4)
فِي الأَصْل، "وَاحِدٌ"، وَالتَّصْحِيحُ مِنَ "الأَدَبِ المُفْرَدِ".
(5)
أَيْ: تَتَفَرَّدَ بِعتْقِهَا.
وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ عَلَى الرَّقَبَةِ
(1)
، وَالمَنِيحَةُ الوَكُوفُ
(2)
، وَالفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الظَّالِمِ
(3)
، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ [ذَلِكَ]، فَتَأْمُرَ بِالمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ [ذَلِكَ]، فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ")
(4)
.
(1)
أَيْ: تُعِيْنَ فِي ثَمَنِهَا.
(2)
فِي الأَصْلِ، "الولوق"، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ الحَدِيثِ، رَاجِعْ التَّخْرِيجَ.
وَعِنْدَ المُصَنِّفِ فِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ": "الرَّغُوبُ"، هَكَذَا فِي مُعْظَمِ طَبَعَاتِ الكِتَابِ، وَهِي كَذَلِكَ فِي مُعْظَمِ الأُصُولِ الخَطِّيَّةِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الأَصْلُ:"الرَّغِيبُ" فَفَي النِّهَايِةِ: أَفْضَلُ العَمَلِ مَنْحُ الرِّغَابِ. والرِّغَابُ: الإِبِلُ الوَاسِعَةُ الدَّرِّ الكَثِيرةُ النَّفْعِ، جَمْعُ الرَّغِيبِ وَهُوَ الوَاسِعُ. "النِّهَايَةُ" (2/ 236). وَ "المَنِيحَةُ": شَاةٌ أَوْ نَاقَةٌ يَجْعَلهَا الرَّجُلُ لآخَرَ سَنَةً يَحْتَلِبُهَا. وَكَذَلِكَ إِذَا أَعْطَاهُ لِيَنْتَفِعَ بِوَبَرِهَا وَصُوفِهَا زَمَانًا ثُمَّ يَرُدَّهَا. وَالوَكُوفُ: هِي الغَزِيرَةُ الَّتِي يَكِفُّ دَرُّهَا أيْ يَقْطُرُ، وَهِي مِنَ النُّوقِ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ لَبنُهَا وَمِنَ الشَّاءِ الغَزِيرَةُ اللَّبَنِ. "الفَائِقُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ"(3/ 204)، وَ "غَرِيبُ الحَدِيثِ" لِلخَطَّابِيِّ (1/ 707)، وَ "لِسَانُ العَرَبِ"(9/ 363).
(3)
أَيْ: وَشَأْنُكَ يَكُونُ دَائِمًا مَنْحُ المَنِيحَةِ، وَالرُّجُوعُ بِالإِحْسَانِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا. وَخُصَّ بِذَلِكَ تَحْفِيزًا إِلَى مُجَاهَدِةِ النَّفْسِ.
(4)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. طَلْحَةُ هُوَ ابْنُ مُصَرِّفٍ اليَامِيُّ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالحَدِيثُ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ "بِرَقَمْ 69" بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ بِاخْتِلَافٍ يَسِيرٍ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 775)، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ كَمَا فِي "الإِتْحَافِ" لِلبُوصَيْرِيِّ (5/ 439)، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 18647)، وَالمَرْوَزِيُّ فِي "الِبرِّ وَالصِّلَةِ (بِرَقَمْ 276)، وَالرُّويَانِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ" (بِرَقَمْ 354)، وَالطَّحَاوِيُّ فِي "شَرْحِ مُشْكَلِ الآثَارِ" (بِرَقَمْ 2743)، وَابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 374 الإِحْسَانِ)، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي "السُّنَنِ" (بِرَقَمْ 2036)، وَالخَطَّابِيُّ فِي "غَرِيبِ الحَدِيثِ" (1/ 67 - 702)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ" (بِرَقَمْ 2861)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "الكُبْرَى (10/ 271) مِنْ طُرُقٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ"، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.
وَأَوْرَدَهُ الهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ"(4/ 240): وَقَالَ: "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ".
[38 - بَابُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَا سَلَفَ لَهُ مِنَ البِرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ]
67 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ
(1)
، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ، أَوْ أَتَحَنَّتُ
(2)
بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ، مِنْ صِلَةٍ
(1)
حَكِيْمُ بْنُ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ الأَسَدِيُّ. أَسْلَمَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ. وَغَزَا حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ. وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، وَعُقَلَائِهَا، وَنُبَلَائِهَا. وَكَانَ حَكِيْمٌ عَلَّامَةً بِالنَّسَبِ، فَقِيْهَ النَّفْسِ، كَبِيْرَ الشَّأْنِ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ. تَرْجَمَتُهُ فِي:"أُسْدِ الغَابَةِ" لابْنِ الأَثِيرِ (3/ 44)، وَ "البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ"(8/ 68)، وَ "الإِصَابَةِ" لابْنِ حَجَرٍ (2/ 97).
(2)
"أَتَحَنَّثُ": التَّحَنُّثُ: أَيْ: التَّعَبُّدُ، وأَصْلُ التَّحَنُّثِ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الحِنْثِ وَهُوَ الإِثْمُ. "تَفْسِيرُ غَرِيبِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ"(402)، وَ "الفَائِقُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ"(1/ 272). وَنَقَلَ البُخَارِيُّ فِي صحيحه (بِرَقَمْ 5992) عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:"التَّحَنُّثُ التَّبَرُّرُ" وَتَابَعَهُمْ هِشَامٌ، كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ (بِرَقَمْ 123) قَالَ هِشَامٌ: يَعْنِي أَتَبَرَّرُ بِهَا". اهـ. وَهُوَ فِعْلُ البِرِّ وَالإِحْسَانُ إِلَى النَّاسِ وَالتَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَعَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ، هَلْ لِي فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ حَكِيمٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ")
(1)
.
(1)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 2220) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء. وَ (بِرَقَمْ 5992)، وَفِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 70) بِالإِسْنَادِ، وَالمَتْنُ فِيْهِ "أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا".
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 1436) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ. وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 123) مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. وَ (بِرَقَمْ 195/ 123) حَدَّثَنَا حَسَنٌ الحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ الحُلْوَانِيُّ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ عَبْدٌ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، وَهُوَ: ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ بْنِ كَيْسَانَ، وَ (بِرَقَمْ 194/ 123) مِنْ طَرِيقِ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزيِدَ. ثَلَاثَتُهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 2538) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 123) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عروة بن الزبير، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قَوْلُهُ: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ".
"مَا سَلَفَ": السَّالِفَةُ مُقَدَّمُ صَفْحَةِ العُنُقِ وسُمِّيتْ سَالِفَةً لأنَّهَا تَتَقَدَّمُ البَدَنَ، وَسَالِفُ كُلِّ شْيءٍ أَوَّلُهُ. "غَرِيبُ الحَدِيثِ" لِلخَطَّابِيِّ (1/ 117).
وَقَدْ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيمَنْ عَمِلَ خَيْرًا فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ، هَلْ يُعْتَدُّ لَهُ بِثَوَابِ ذَلِكَ وَيُنْتَفَعُ بِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
القَوْلُ الأَوَّلُ: أَنَّ الكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ لَا يُثَابُ عَلَى مَا فَعَل مِنْ خَيْرٍ فِي حَالِ كُفْرِهِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ: بِأَنَّ الكَافِرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّقَرُّبُ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ المُتَقَرِّبِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالمُتَقَرَّبِ إِلَيْهِ، وَهَذَا الكَافِرُ حِينَ فِعْلِهِ لِلخَيْرِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ العِلْمُ بِاللهِ بَعْدُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ. وَأَصْحَابُ هَذَا القَوْلِ بَعْدَ التَّقْرِيرِ السَّابِقِ ذَهَبُوا إِلَى تَأْوِيلِ حَدِيثِ البَابِ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلَى عِدَّةِ تَأْوِيلَاتٍ:
فَقِيْلَ: مَعْنَى: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ". أَيْ: اكْتَسَبْتَ طِبَاعًا جَمِيلَةً وَأَنْتَ تَنْتَفِعُ بِتِلْكَ الطِّبَاعِ فِي الإِسْلَامِ وَتَكُونُ تِلْكَ العَادَةُ تَمْهِيدًا لَكَ وَمَعُونَةً عَلَى فِعْلِ الخَيْرِ.
وَقِيْلَ: مَعْنَاهُ اكْتَسَبْتَ بِذَلِكَ ثَنَاءً جَمِيلًا فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْكَ فِي الإِسْلَامِ.
وَقِيْلَ: مَعْنَاهُ بِبَرَكَةِ مَا سَبَقَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ هَدَاكَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الإِسْلَامِ وَأَنَّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ خَيْرٌ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى سَعَادَةِ آخِرِهِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رَاجِعْ هَذِهِ الأَقْوَالِ فِي: "شَرْحِ النَّوَوِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ"(2/ 321)، وَ "فَتْحِ البَّارِي" لِابْنِ حَجَرٍ (3/ 381)، وَ "المُفْهِمِ"(1/ 332).
القَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ خَيْرِ فِي حَالِ كُفْرِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِحَدِيثِ البَابِ حَيْثُ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَكِيمٍ رضي الله عنه حِينَمَا سَأَلَهُ عَنْ أَجْرِ مَا فَعَلَ حَالَ الكُفْرِ مِنَ الخَيْرِ، فَقَالَ:"أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ". أَيْ: أَسْلَمْتَ عَلَى قَبُولِ مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ. وَمَا جَاءَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا، وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا، ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ، الحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عز وجل عَنْهَا". رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 41)، وَالنَّسَائِيُّ فِي "المُجْتَبَى"(بِرَقَمْ 4998) وَاللَّفْظُ لَهُ.
وَأَجَابُوا عَنْ تَعْلِيلِ أَصْحَابِ القَوْلِ الأَوَّلِ: بِأَنَّ الكَافِرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الخَيْرُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، أَمَّا ثَوَابُ الآخِرَةِ فِيمَا لَوْ حَسُنَ إِسْلَامَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنَّ يَمْنَعَ فَضْلُ اللهِ تَعَالَى.
وَهَذِهِ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَإِذَا أَسْلَمَ الكَافِرَ فَأَعْمَالُهُ السَّيِّئَةِ يَمْحُوهَا الإِسْلَامِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأَنْفَال: 38]، وَأَعْمَالُهُ الصَّالِحةٍ المُتَعَدِّيَةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ صِلَةِ رَحِمٍ تُكْتَبُ لَهُ وَلَا تَضِيعُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:"أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ"، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَهَذَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ تَعَالَى: "إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي". رَوَاهُ البُخَارِيُّ (بِرَقَمْ 3194)، وَمُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 14/ 2751).
وَكَذَلِكَ المُرْتَدُ إِذَا رَجَعَ إِلَى الإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِليْهِ عَمَلُهُ الصَّالِحُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البَقَرَة: 217]. فَاشْتَرَطَ لِحبُوطِ الأَعْمَالِ المَوْتِ عَلَى الكُفْرِ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى الإِسْلَامِ رَجَعَتْ إِليْهِ أَعْمَالُهُ الصَّالِحَةِ.
وَبُنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ يُقَالُ إِنَّ لِلكَافِرَ مَعَ أَعْمَالِ الخَيْرِ ثَلَاثُ أَحْوَالٍ:
الأُولَى: أَعْمَالُ الخَيْرِ فِي حَالِ كُفْرِهِ لَا تُقْبَلُ فَهِي مَرْدُودَةٌ، قَالَ تَعَالَى:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التَّوْبَة: 54].
الثَّانِيَةُ: أَعْمَالُ الخَيْرِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الكُفْرِ لَنْ تَقِيَهِ مِنْ عَذَابِ اللهِ، بَلْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُ، وَيُخَلَّدُ فِي النَّارِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النُّور: 39]. وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البَقَرَة: 217].
الثَّالِثَةُ: أَعْمَالُ الخَيْرِ إِذَا أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامَهُ سَيُكْتَبُ لَهُ مَا عَمِلَهُ مِنْ خَيْرٍ قَبْلَ الإِسْلَامِ فَضْلًا مِنَ اللهِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الحُكْمُ خَاصٌ بِأَعْمَالِ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الإِحْسَانِ مِنْ صَدَقَةٍ وَصِلَةٍ وَعِتْقٍ وَصُلْحٍ وَنَحْوِهِ. أَمَّا العِبَادَاتُ المَحْضَةِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ فِيهَا الكَافِرُ لِمَعْبُودِهِ مِنْ صَلَاةٍ وَذَبْحٍ وَدُعَاءٍ فَهِي بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا وَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا تُجْزِئهُ بَلْ يُطَالَبُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهَا إِذَا أَسْلَمَ لأَنَّهَا صُرِفَتْ فِي الأَصْلِ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى وَكَانَ القَصْدُ وَالتَّوجُهِ فِيهَا لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى. قَالَ تَعَالَى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]. فَالأَعْمَالُ الَّتِي تَعِبَ فِيهَا الكَافِرُ وَرَجَى أَنْ تَنْفَعَهُ فِي الآخِرَةِ وَعَلَّقَ آمَالًا عَلَيْهَا يَكْتَشِفُ أَنَّهَا ضَلَالًا مُضْمَحِلًا كَذَّرَاتِ الغُبَارِ الَّذِي تُرَى فِي ضَوْءِ الشَّمْسِ لَا تَنْفَعُ صَاحِبهَا بِشَيْءٍ. وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
[39 - بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ وَالأَوْلَادِ وَالوَالِدَيْنِ]
68 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: عَنْ مَيْمُونَةَ
(1)
، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهَا:"أنَّها أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَتْ لَهُ، فَقَالَ: قَدْ آجَرَكِ اللهُ، أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ، كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ"
(2)
.
(1)
أُمُّ الْمُؤْمِنِيْنَ مَيْمُوْنَةُ بِنْتُ الحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ الهِلَالِيَّةُ. زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأُخْتُ أُمِّ الفَضْلِ زَوْجَةِ العَبَّاسِ، وَخَالَهُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ. تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا: مَسْعُوْدُ بْنُ عَمْرٍو الثَّقَفِيُّ قُبَيْلَ الإِسْلَامِ فَفَارَقَهَا. وَتَزَوَّجَهَا: أَبُو رُهْمٍ بْنُ عَبْدِ العُزَّى، فَمَاتَ. فَتَزَوَّجَ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَقْتِ فَرَاغِهِ مِنْ عُمْرَةِ القَضَاءِ، سَنَةَ سَبْعٍ، فِي ذِي القَعْدَةِ، وَكَانَتْ مِنْ سَادَاتِ النِّسَاءِ. رَوَتْ: عِدَّةَ أَحَادِيْثَ تَرْجَمَتُهَا فِي: الاسْتِيعَاب (4/ 1914)، وأُسْدِ الغَابَةِ " 7/ 272 "، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ "2/ 238".
(2)
حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ النَّخَعِيُّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: "وَاهِي الحَدِيثِ".
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "صَدُوقٌ يُخْطِئُ". رَاجِعْ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (5/ 244)، وَ "مِيزَانِ الاعْتِدَالِ" (2/ 569)، وَ "التَّقْرِيبِ" (342). وَشَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ. صَدُوقٌ حَسَنُ الحَدِيثِ عِنْدَ المُتَابَعَةِ، وَهُوَ كَثِيرُ الحَدِيثِ يُخْطِئُ أَحْيَانًا. قَالَ الحَافِظُ فِي "التَّقْرِيبِ" (266): "صَدُوقٌ يُخْطِئُ كَثِيرًا، تَغَيَّرَ حِفْظُهُ مُنْذُ وَلِيَ القَضَاءَ بِالكُوفَةِ، وَكَانَ عَادِلًا فَاضِلًا شَدِيدًا عَلَى أَهْلِ البِدَعِ". رَاجِعْ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ فِي:"الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ"(4/ 366)، وَ "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ"(2/ 270)، وَ "التَّقْرِيبِ" لِابْنِ حَجَرٍ (467). وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ القُرَشِيُّ. قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "التَّقْرِيبِ":"إِمَامُ المَغَازِي صَدُوقٌ يُدَلِّسُ وَرُمِيَ بِالتَّشَيُّعِ وَالقَدَرِ. وَقَالَ فِي "هُدَي السَّارِي": "إِمَامُ فِي المَغَازِي مُخْتَلفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَالجُمْهُورُ عَلَى قَبُولِهِ فِي السِّيَرِ، قَدْ اسْتَفْسَرَ مَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الجرْحُ فَبَانَ أَنَّ سَبَبَهُ غَيْرُ قَادِحٍ، وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي المُتَابَعَاتِ وَلَهُ فِي البُخَارِيِّ مَوَاضِعُ عَدِيدَةٍ مُعَلقَةٌ. قُلْتُ: صَرَّحَ جَمْعٌ مِنْ النُّقَّادِ بِأَنَّ حَدِيثَهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ دَرَجَةِ الحَسَنِ بَلْ صَحَّحَهُ بَعْضُ أَهْلِ الإِسْنَادِ. رَاجِعْ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ" لِلذَّهَبِيِّ (3/ 468)، وَ "هُدَي السَّارِي"(458)، وَالتَّقْرِيبِ "ص: 467".
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمْ 2029"، وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ "بِرَقَمُ 26817"، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ كَمَا فِي المُنتخَبِ "بِرَقَمْ 1548"، وَأَبُو دَاوُدَ "بِرَقَمْ 1690"، وَالنَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى "بِرَقَمْ 4911"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الكَبِيرِ "بَرَقَمُ 56 - 1066"، وَالحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ "بِرَقَمْ 1513 - 2847"، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ " 1/ 206 - 19/ 237 "، وَالاسْتِذْكَارِ "8/ 490 - 8/ 599 " مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. قُلْتُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ اسْتَشْهَدَ مُسْلِمٌ بِأَحَادِيثِهِ فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ مِنْ صَحِيحِهِ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ وَفِيْهِ عِلَلٌ:
الأُولَى: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ القُرَشِيُّ. يُدَرِّسُ وَقَدْ عَنْعَنَهُ.
الثَّانِيَةُ: المُخَالَفَةُ.
فَهَذَا الحَدِيثُ يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَاخْتُلِفَ فِيْهِ عَنْهُ.
فَرَوَاهُ مِنْ هَذَا الوَجْهِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الأَشَرِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ.
وَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَيْمُونَةَ.
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الكُبْرَى "بِرَقَمْ 4913"، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ "برقم 2278"، وَالطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ "بِرَقَمْ 4855"، وَشَرْحِ الْمُشْكَل "بِرَقَمْ 4377"، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي التَّمْهِيدِ "19/ 237" مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَيْمُونَةَ. =
69 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرٍو، وَهُوَ: ابْنُ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ: عَنْ كُرَيْبٍ
(1)
، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: (أَنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَعْتَقَتْ
(2)
وَلِيدَةً لَهَا، فَقَالَ لَهَا:"لَوْ وَصَلْتِ بَعْضَ أَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ")
(3)
.
(1)
كُرَيْبُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ أَبُو رِشْدِيْنَ الهَاشِمِيُّ القُرَشِيُّ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، حَسَنَ الْحَدِيْثِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِيْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَالمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيْفَةُ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ. تَرْجَمَتُهُ فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ " 5/ 293 "، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ " 4/ 479 ".
(2)
فِي الأَصْلِ، "سَمِعْتُ"، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ الحَدِيثِ.
(3)
حَدِيثُ صَحِيحٌ.
أَوْرَدَهُ المُصَنِّفُ مُعَلَّقًا فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(رَقَمْ 2592 - 2594): قَالَ: وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ: عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، إِنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا، فَقَالَ لَهَا:"وَلَوْ وَصَلْتِ بَعْضَ أَخْوَالِكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ".
قَالَ الحَافِظُ فِي "الفَتْحِ"(5/ 219): وَطَرِيقُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ المُعَلَّقَةُ وَصَلَهَا البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "بِرِّ الوَالِدَيْنِ" لَهُ وَهُوَ مُفْرَدٌ.
وَوَصَلَهُ المُصَنِّفُ بِالإِسْنَادِ السَّابِقِ كَمَا فِي هَذَا الجُزْءِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَوَصَلَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ"(3/ 358) مِنْ طَرِيقِ جُزْءِ "بِرِّ الوَالِدَيْنِ"، فَقَالَ: قَرَأْتُهُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ المُنَجَّا، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَرمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَحْمَدَ الصَّفَّارَ، أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّفْلِيسِيُّ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دِلُّويَهْ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، هُوَ: ابْنُ صَالِحٍ، بِهِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 44/ 999)، وَالنَّسَائِيُّ فِي "السُّنَنِ الكُبْرى"(بِرَقَمْ 4910)، وَابْنُ حِبَّانَ (بِرَقَمْ 3343 الإِحْسَانِ)، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 71)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "المُسْتَخْرَجِ عَلَى مُسْلِمٍ"(بِرَقَمْ 2246)، وَابْنُ حَزْمٍ فِي "المُحَلَّى"(8/ 386)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ الكَبِيرِ"(4/ 178)، وَ "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 3151) مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: "وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَرِوَايَةُ يَزِيدَ وَعَمْرٍو أَصَحُّ". "العِلَلُ" لِلدَّارَقُطْنِيِّ (15/ 264 بِرَقَمْ 4014)، وَ "فَتْحُ البَارِي"(5/ 219).
وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، بَلْ تَابَعَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ الحضرميُّ.
فَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 26822) حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى. وَأَبُو يَعَلَى فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 7109) حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ مُوسَى. وَالطَّحَاوِيُّ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فِي "شرح مَعَانِي الآثَارِ"(بِرَقَمْ 4854)، وَ "شَرْحِ مُشْكَلِ الآثارِ (بِرَقَمْ 4376) حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ المُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدٌ، كِلَاهُمَا عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بنت الحارث.
وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيْهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ. ضَعِيفٌ سَيِّئُ الحِفْظِ، ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ النُّقَادِ. وَفِيهِ مَقَالٌ مَشْهُورٌ. وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ:"صَدُوقٌ". رَاجِعْ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "مِيزَانِ الاعْتِدَالِ"(1/ 623 - 624)، و "التَّقْرِيبِ"(185).
إلَّا أَنَّهُ مُتَابِعٌ هُنَا كَمَا تَرَى.
وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ.
رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوْيَهْ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 2030)، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي "التَّمْهِيدِ"(19/ 238) مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ مَيْمُونَةَ: أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا فَعَلَتْ فُلانَةُ؟ فَقَالَتْ: أَعْتَقْتُهَا، فَقَالَ: لَوْ كُنْتِ أَعْطَيْتِيهَا أُخْتَكِ الأَعْرَابِيَّةَ كَانَ خَيْرًا لَكِ".
[40 - بَابُ تَعَوُّذِ الرَّحِمِ بِالبَارِي جل جلاله مِنَ القَطِيعَةِ]
70 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ
(1)
، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، سَمِعْتُ عَمِّي سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ، يُحَدِّثُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ": {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}
(2)
"
(3)
.
(1)
هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.
(2)
[مُحَمَّد: 22].
(3)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 5987) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 16/ 2554) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جَمِيلِ بْنِ طَرِيفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، وَهُوَ: ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ: ابْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو الحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. بِرَفْعِ الِاسْتِشْهَادِ بِالآيَةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 7502)، وَفِي "الأَدَبِ المُفْرَدِ"(بِرَقَمْ 50) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. وَفِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 4832) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ. كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. بِوَقْفِ الاسْتِشْهَادِ بِالآيَةِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
وله طُرُقٌ أُخْرى قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا عِنْدَ الأَحَادِيثِ (رَقَمْ 32، 35، 38).
[41 - بَابُ البِرِّ وَالصِّلَةِ سَبَبٌ لِلسَّلَامَةِ]
71 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ، يَقُولُ:
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: (فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَدِيجَةَ رضي الله عنها
(1)
، تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ
(2)
، فَدَخَلَ وَقَالَ: "زَمِّلُونِي
(1)
أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَسَيِّدَةُ نِسَاءِ العَالَمِيْنَ فِي زَمَانِهَا. أُمُّ القَاسِمِ، خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ القُرَشِيَّةُ، الأَسَدِيَّةُ. أُمُّ أَوْلَادِ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بهِ، وَصَدَّقَهُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ، وَمَنَاقِبُهَا جَمَّةٌ. قَالَ الوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَتْ فِي رَمَضَانَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَاتَتْ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِيْنَ. وَكَذَا قَالَ عُرْوَةُ. تَرْجَمَتُهَا فِي: طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ "1/ 131 - 133، 8/ 52 "، وَسِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ "2/ 109".
(2)
مَعْنَى تَرْجُفُ: أَيْ: تَرْعُدُ وَتَضْطَرِبُ، وَأَصْلُهُ شِدَّةُ الحَرَكَةِ. وَالبَّوَادِرُ: جَمْعُ بَادِرَةٍ وَهِيَ اللَّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ المَنْكِبِ وَالعُنُقِ تَضْطَرِبُ عِنْدَ فَزَعِ الإِنْسَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ: (يَرْجُفُ فُؤَادُهُ)، وَهُوَ القَلْبُ عَلَى المَشْهُورِ. وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَكَأَنَّ الرَّجَفَانَ فِي البَوَادِرِ وَالفُؤَادِ وَلَعَلَّ رَجَفَانَ الفُؤَادِ مُلَازِمٌ لِرَجَفَانِ البَوَادِرِ، وَعِلْمُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها بِرَجَفَانِ فُؤَادِهِ، الظَّاهِرُ أَنَّهَا رَأَتْهُ حَقِيقَةٌ، وَيَجُوزُ أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ وَعَلِمَتْهُ بِقَرَائِنِ وَصُورَةِ الحَالِ. "طَرْحُ التَّثْرِيبِ فِي شَرْحِ التَّقْرِيبِ"(4/ 190) بِتَصَرُّفٍ.
زَمِّلُونِي
(1)
"، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم لِخَدِيجَةَ: أَشْفَقْتُ عَلَى نَفْسِي، قَالَتْ خَدِيجَةُ رضي الله عنها: أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ
(2)
اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ
(3)
، وَتَقْرِي الضَّيْفَ
(4)
، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ
(5)
، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدٍ، وَكَانَ تَنَصَّرَ،
(1)
مَعْنَاهُ غَطَّوْنِي بِالثِّيَابِ وَلُفُّونِي بِهَا. وَكُلُّ مَلْفُوفٍ فِي ثِيَابٍ فَهُوَ مُزَّمَّلٌ. وَقَالَ ذَلِكَ لِشِدَّةِ مَا لَحِقَهُ مِنْ هَوْلِ الأَمْرِ. وَجَرَتِ العَادَةُ بِسُكُونِ الرِّعْدَةِ بِالتَّلْفِيفِ. "غَرِيبُ الحَدِيثِ" لِلقَاسِمِ بْنِ سَلَّامِ: 2/ 71" بِتَصَرُّفٍ.
(2)
فِي الأَصْلِ، "لَا يُخْزكَ"، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ الحَدِيثِ.
(3)
"وَتَحْمِلُ الكَلَّ": بِفَتْحِ الكَافِ، أَصْلُهُ الثِّقَلُ، وَيَدْخُلُ فِي حَمْلِ الكَلِّ الإِنْفَاقُ عَلَى الضَّعِيفِ وَاليَتِيمِ وَالعِيَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنَ الكَلَالِ، وَهُوَ الإِعْيَاءُ. فَالكَلُّ هُوَ: مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِأَمْرِهِ. وَلَا يَقْدِرُ عَلَى العَمَلِ وَالكَسْبِ. "تَفْسِيرُ غَرِيبِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ"(ص 509)، بِتَصَرُّفٍ.
(4)
"وَتَقْرِي الضَّيْفَ" بِفَتْحِ التَّاءِ. أَيْ: تُكْرِمَهُ. يُقَالُ: قَرَيْتُ الضَّيْفَ أَقْرِيهِ قِرًى وَيُقَالُ: لِلطَّعَامِ الَّذِي يُضَيَّفُ بِهِ قِرًى. وَيُقَالُ لِفَاعِلِهِ قَارٍ، وقِرَى الضَّيفِ مِنْ شِيَمِ الكِرَامِ. "النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ"(1/ 414).
(5)
النَّوَائِبُ جَمْعُ نَائِبَةٍ وَهِيَ الحَادِثَةُ وَإِنَّمَا قَالَتْ نَوَائِبُ الحَقِّ؛ لِأَنَّ النَّائِبَةَ قَدْ تَكُونُ فِي الخَيْرِ، وَقَدْ تَكُونُ فِي الشَّرِّ. "المُعْجَمُ الوَسِيطِ"(2/ 961).
شَيْخٌ أَعْمَى، يَقْرَأُ الإِنْجِيلَ بِالعَرَبِيَّةِ، [فَـ] قَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَيْ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ
(1)
الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا
(2)
، يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَالَ:"أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ " قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ [بِـ] مَا جِئْتَ بِهِ قَطُّ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا)
(3)
.
(1)
النَّامُوسُ: المُرَادُ بِهِ هُنَا جِبْرِيلُ عليه السلام كَمَا نَقَلَ النَّوَوِيُّ الاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. قَالَ الهَرَوِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّهُ بِالغَيْبِ وَالوَحْيِ، وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالغَرِيبِ: النَّامُوسُ فِي اللُّغَةِ صَاحِبُ سِرِّ الخَيْرِ وَالجَاسُوسُ صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ. وَيُقَالُ نَمَسَتْ السِّرَّ أَنَمِسُهُ نَمْسًا أَيْ كَتَمْته. "طَرْحُ التَّثْرِيبِ"(4/ 194) بِتَصَرُّفٍ.
(2)
فِي الأَصْلِ، "جَذَعَه"، وَالمُثبَتُ مِنَ "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"، للمُصَنِّفِ.
(3)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 3392 - 4957) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ مُخْتَصَرًا. وَرَوَاهُ (بِرَقَمْ 3 - 4953 - 6982) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ. مُطَوَّلًا. وَ (بِرَقَمْ 4953) مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، عَنْ أَبي صَالِحٍ سَلْمَوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المُبَارَكِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 252/ 160) مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ. كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. مُطَوَّلًا.
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 4956 - 6982) مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ. مُطَوَّلًا، وَمُخْتَصَرًا.
وَيُشِيرُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله إِلَى أَنَّ بِرَّ الوَالِدَيْنِ وَصِلَةَ الأَرْحَامِ تُبَلِّغَ العَبْدَ مَنْزِلَةَ السَّلَامَةِ مِنَ السُّوءِ وَالبَلَايَا، وَبَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، مِنْ حُسْنِ البِرِّ وَالصِّلَةِ، وَأَنَّهُ يَجْبُ عَلَى المَرْءِ التَّخَلُّقُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَنَّ فِيْهِ أُسْوَةً حَسَنَةً لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ.
[42 - بَابُ بِرِّ الأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ]
(1)
.
72 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ العَلَاءِ، وَغَيْرُهُ
(2)
، أَنَّهُمَا سَمِعَا بِلَالَ بْنَ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهم
(3)
:
(1)
اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي حَدِّ الرَّحِمِ الَّتِي يَجِبُ وَصْلَهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
القَوْلُ الأَوَّلُ: أَنَّ حَدَّ الرَّحِمِ هُوَ: الرَّحِمُ المُحَرَّمُ.
القَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ الرَّحِمُ مِنْ ذَوِي المِيرَاثِ.
القَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ الأَقَارِبُ مِنَ النَّسَبِ سَوَاءٌ كَانُوا يَرِثُونَ أَمْ لَا.
وَالصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ العِلَمِ هُوَ القَوْلُ الثَّالِثُ، وَهُوَ: أَنْ الرَّحِمَ هُمْ الأَقَارِبُ مِنَ النَّسَبِ لَا مِنَ الرَّضَاعِ مِنْ جِهَةِ الأَبِ وَالأَمِّ. أَمَّا أَقَارِبُ الزَّوْجَةِ فَلَيْسُوا أَرْحَامًا لِلزَّوْجِ، وَأَقَارِبُ الزَّوْجِ لَيْسُوا أَرْحَامًا لِلزَّوْجَةِ. فَالأَرْحَامُ الَّتِي تَجِبُ صِلَتُهَا، هُمْ الأَقَارِبُ مِنَ النَّسَبِ مِنْ جِهَةِ الأَبِ وَالأُمِّ، وَأَقْرَبُهُمْ الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ وَالأَجْدَادُ وَالأَوْلَادُ وَأَوْلَادُهُمْ مِمَّا تَنَاسَلُوا ثُمَّ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ مِنَ الإِخْوَةِ وَأَوْلَادِهِمْ، وَالأَعْمَامِ وَالعَمَّاتِ وَأَوْلَادِهِمْ، وَالأَخْوَالِ وَالخَالَاتِ وَأَوْلَادِهِمْ.
(2)
أَيْ: شَيْخٌ آخَرُ لِلوَلِيدِ لَمْ يُسَمِّهِ.
(3)
سَعْدُ بْنُ تَمِيمٍ السَّكُونِيُّ الأَشْعَرِيُّ. صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ سَكَنَ دِمَشْقَ، وَمَاتَ بِهَا، ذَكَرَهُ فِي جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ كُلُّ مَنْ تَرْجَمَ لَهُ مِنْهُمْ: يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، =
"أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِلخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِكِ؟ قَالَ: "مِثْلُ الَّذِي لِي، مَا عَدْلَ فِي الحَكَمِ، وَقَسَطَ فِي البَسْطِ
(1)
، وَرَحِمَ ذَا الرَّحِمِ، فَمَنْ فَعَلَ غَيْرَ
= وَالبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالعِجْلِيُّ، وَالبَغَوِيُّ، وَابْنُ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ قَانِعٍ، وَابْنُ مَنْدَه - كَمَا فِي أُسْدِ الغَابَةِ - وَالبَاوَرْدِيُّ، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ. وَأَدْخَلَهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي القِسْمِ الأَوَّلِ المُتَفَقِ عَلَى صُحْبَتِهِمْ مِنْ كِتَابِهِ الإِصَابَةِ. أَمَّا الحَافِظُ مُغَلْطَايْ فَاغْتَرَّ بِقَوْلِ ابْنِ حِبَّانَ فِي الثَّقَاتِ " 3/ 153": سَعْدُ بْنُ تَمِيمٍ السَّكُونِيُّ الأَشْعَرِيُّ، وَالَدُ بِلَالِ بْنِ سَعْدٍ العَابِدِ يُقَالُ: إِنَّ لَهُ صُحْبَةٌ. اهـ. فَأَدْخَلَهُ فِي كِتَابِهِ الإِنَابَةِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمُخْتَلِفِ فِيْهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ (1/ 247) هَكَذَا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ، وَلَا وَجْهَ لِتَمْرِيضِ صُحْبَتِهِ وَقَدْ جَزَمَ بِصُحْبَتِهِ فِي تَرْجَمَةِ وَلَدِهِ بِلَالِ بْنِ سَعْدٍ في الثِّقَاتِ (4/ 66) فَقَالَ: يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ. اهـ. تَرْجَمَتُهُ فِي: التَّارِيخ الكَبِيرِ "4/ 46 - 9/ 39 "، وَالمَعْرِفَةِ وَالتَّارِيخِ " 1/ 279 "، وَالجَرْحِ وَالتَّعْدِيل " 4/ 349 "، وَالثِّقَاتِ "3/ 153 "، وَمَشَاهِيرِ عَلَمَاءِ الأَمْصَارِ "ص: 185" كِلَاهُمَا لاِبْن حِبَّانَ. وَالاسْتِيعَاب " 2/ 583"، وَأُسْدِ الغَابَةِ " 2/ 423 "، والوافي بالوفيات " 15/ 202 - 230"، وَالإِصَابَةِ " 3/ 41".
(1)
أَيْ: عَدَلَ فِي العَطَايَا.
ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنِّي، وَلَسْتُ مِنْهُ". قَالَ: يُرِيدُ الطَّاعَةَ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَالمَعْصِيَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عز وجل
(1)
.
(1)
إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو أَيُّوبَ الدِّمَشْقِيُّ. ثِقَةٌ تُكُلِّمَ فِيهِ بِمَا لَا يُوجِبُ رَدَّ حَدِيثِهِ. وَالوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ القُرَشِيُّ، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ: ثِقَةٌ لَكِنَّهُ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ وَالتَّسْوِيَةِ. وَقَالَ فِي هَدْي السَّارِي: مَشْهُورٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَوْثِيقِهِ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا عَابُوا عَلَيْهِ كَثْرَةُ التَّدْلِيس وَالتَّسْوِيَةِ. قُلْتُ: صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ فِي جَمِيعِ طَبَقَاتِ الإِسْنَادِ، فَانْتَفَتْ تُهْمَةُ تَدْلِيسِهِ هُنَا. وَعَبْدُ الله بْنُ العَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ الرَّبَعِيُّ. ثِقَةٌ فَاضِلٌ. وَبِلَالُ بْنُ سَعْدٍ السَّكُونِي. ثِقَةٌ فَاضِلٌ.
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"(4/ 46) ومِنْ طَرِيقِهِ البَيهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 6971) بِالإِسْنَادِ سَوَاء، وَالمَتْنُ إِلَى قَوْلِهِ:"وَرَحِمَ ذَا الرَّحِمِ". وَفِي رِوَايَةِ البَيهَقِيِّ بِالإِسْنَادِ السَّابِقِ: "وَأَقْسَطَ فِي القِسْطِ".
وَرَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيِّ. جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ:
1 -
يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الفَسَوِيُّ، فِي "المَعْرِفَةِ وَالتَّارِيخِ"(1/ 118).
2 -
حُمَيْدُ بْنُ مَخْلَدٍ الخُرَسَانِيُّ، المَعْرُوفُ بِابْنِ زَنْجُوْيَهْ فِي "الأَمْوَالِ"(بِرَقَمْ 39).
3 -
أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّحْوِيُّ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 5461)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(5/ 233). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 4 - أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو.
رَوَاهُ تَمَّامُ الرَّازِيُّ فِي "فَوَائِدِهِ"(بِرَقَمْ 1169).
5 -
أَبُو عَبْدِ المَلِكِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ القُرَشِيُّ.
رَوَاهُ تَمَّامُ الرَّازِيُّ فِي "فَوَائِدِهِ"(بِرَقَمْ 1171).
6 -
يَزِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ.
رَوَاهُ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ فِي "تَارِيخِ جُرْجَانَ"(ص 492).
7 -
أَبُو سَعِيدٍ عَمْرُو بْنُ أَبِي زُرْعَةَ.
رَوَاهُ تَمَّامُ فِي "فَوَائِدِهِ"(بِرَقَمْ 1170)، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(46/ 244).
جَمِيعًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، بِهِ.
وَعِنْدَهُمْ جَمِيعًا التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ أَوْ الإِخْبَارِ، بِالسَّمَاعِ بَيْنَ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَشَيْخِهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ العَلَاءِ إلَّا عِنْدَ السَّهْمِيِّ. وَعِنْدَ أَكْثَرَهُمْ التَّصْرِيحُ بِالسَّمَاعِ أَيْضًا فِي بَاقِي طَبَقَاتِ السَّنَدِ بَيْنَ عَبْدِ اللهِ، وَبَيْنَ بِلَالِ بْنِ سَعْدٍ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ: سَعْدُ بْنُ تَمِيمٍ.
تَنْبِيهٌ هَامٌ:
جَاءَ فِي طَبْعَةِ الشَّيْخِ حَمْدِي عَبْدِ المَجِيدِ السّلَفِيِّ لِفَوَائِدِ تَمَّامٍ، اسْمُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمٍ فِي الإِسْنَادِ بَيْنَ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ العَلَاءِ، وَلَا وَجْهَ لَهُ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَلَا يُوجَدُ فِي المَخْطُوطِ نُسْخَةِ شِسْتربِتي المُعْتَمَدَةُ فِي التَّحْقِيقِ وَكَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي طَبْعَةِ الدُّوسَرِي، وَهَذَا رُبَّمَا يَكُونُ سَبَبُه انْتِقَالُ البَصَرِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَالحَدِيثُ مَعْرُوفٌ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، دُونَ ذِكْرِ تِلْكَ الوَاسِطَةِ، وَرَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ: منهم البُخَارِيُّ، وَالفَسَوِيُّ، وَابْنٍ زَنْجُوْيَهْ، وَغَيْرُهُمْ، كَمَا سَبَقَ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ غَيْرَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الاسْمِ.
وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، بَلْ تَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ.
1 -
عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الحَوْطِيُّ.
رَوَاهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي "السِّفْرِ الثَّانِي مِنْ تَارِيخِهِ"(بِرَقَمْ 463)، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي "الآحَادِ وَالمَثَانِي"(بِرَقَمْ 2455)، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي "الِاسْتِيعَابِ"(2/ 151).
2 -
عَلِيُّ بْنُ قَرِينٍ.
رَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ فِي "مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ"(1/ 255).
3 -
عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 5461).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 4 - عُثْمَانُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عِمْرَانَ الدِّمَشْقِيُّ.
رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ"(5/ 233)، وَ "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ"(بِرَقَمْ 3224)، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(38/ 317).
5 -
عِيسَى بْنُ أَبِي عِمْرَانَ.
رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(10/ 481).
6 -
أَبُو هِشَامٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ زَبْرٍ الدِّمَشْقِيُّ.
رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(35/ 104).
جَمِيعًا عَنْ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، بِهِ.
وَعِنْدَهُمْ جَمِيعًا التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ أَوْ الإِخْبَارِ، بِالسَّمَاعِ بَيْنَ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَشَيْخِهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ العَلَاءِ. دُونَ ذِكْرِ الوَاسِطَةِ الَّتِي عِنْدَ تَمَّامٍ، وَعِنْدَ أَكْثَرِهِمْ التَّصْرِيحُ بِالسَّمَاعِ أَيْضًا فِي بَاقِي طَبَقَاتِ الإِسْنَادِ.
قَالَ الهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ"(5/ 232): "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ".
قُلْتُ: فِيْهِ عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ السُّلَمِيُّ. مُجْمِعٌ عَلَى تَرْكِهِ وَضَعْفِهِ، إِلَّا أَنَّهُ مُتَابِعٌ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَمَا فِي إِسْنَادِ الطَّبَرَانِيِّ. وَتَابَعَهُ غَيْرُهُ كَمَا سَبَقَ.
وَرَوَاهُ الكَلَابَاذِيُّ فِي "بَحْرِ الفَوَائِدِ الشَّهِيرِ بِمَعَانِي الأَخْبَارِ"(بِرَقَمْ 1266) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العَلَاءِ بْن=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:"قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِلخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِكِ؟ قَالَ: قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ"، وَفِي رِوَايَةٍ:(بِرَقَمْ 1267)، "قَطعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَارٌ، وَإلَا فَدَارٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَرْكِبٌ وَإِلَا فَمَرْكِبٌ".
هَكَذَا رَوَاهُ الكَلَابَاذِيُّ فِي "بَحْرِ الفَوَائِدِ"، كَمَا فِي طَ دَارِ السَّلَامِ (2/ 966). وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ضَعْفِ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ الضَّحَّاكِ السُّلَمِيِّ. وَقَالَ البُخَارِيُّ:"عِنْدَهُ عَجَائِبُ". وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: "يَضَعُ الحَدِيثَ". وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: "كَانَ يَسْرِقُ الحَدِيثَ، وَلَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ". وَقَالَ الحَاكِمُ: "رَوَى أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً". رَاجِعْ أَقَوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "المَجْرُوحِينَ" لِابْنِ حِبَّانَ (2/ 147 - 148)، وَ "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ"(2/ 679).
قُلْتُ: وَهُوَ بِهَذَا السَّنَدِ وَالمَتْنِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَلَعَلَّهُ مِنْ بَلَايَا عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ الضَّحَّاكِ السُّلَمِيِّ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
73 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ
(1)
عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ
(2)
، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"لَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟ " فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي"، فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّحَّامُ
(3)
، بِثَمَانِ مِائَةِ
(1)
جَاءَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي "الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 997) عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مَذْكُورٍ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، يُقَالُ لَهُ يَعْقُوبُ، وَسَاقَ الحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ اللَّيْثِ. وَعِنْدَهُ (بِرَقَمْ 59/ 997) قَالَ جَابِرٌ:(فَاشْتَرَاهُ ابْنُ النَّحَّامِ عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ فِي إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ).
(2)
"عَنْ دُبُرٍ": أيْ: عَلَّقَ عِتْقَهُ بِمَوْتِهِ، فَقَالَ: أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ. أَوْ قَالَ مَثَلًا: عَبْدِي دُبُرَ مَوْتِي حُرٌّ. وَسُمِّيَ هَذَا تَدْبِيرًا، لأَنَّهُ يَحْصُلُ العِتْق فِيْهِ دُبُرَ الحَيَاةِ. يُقَالُ: دَبَّرْتُ العَبْدَ إذَا علَّقْتَ عِتْقَهُ بِمَوتِكَ، أَيْ أَنَّهُ يُعْتَقُ بَعْدَ مَا يُدَبِّرُهُ سَيِّدُهُ وَيَمُوتُ. قَالَ ابْنُ الهُمَامِ: التَّدْبِيرُ لُغَةً النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الأُمُورِ، وَشَرْعًا العِتْقُ المُوقَعُ بَعْدَ المَوْتِ مُعَلَّقًا بِالمَوْتِ مُطْلَقًا لَفْظًا أَوْ مَعْنًى. "النِّهَايَةُ"(2/ 98)، وَ "مِرْقَاةُ المَفَاتِيحِ"(6/ 2224).
(3)
نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَيْدٍ القُرَشِيُّ العَدَوِيُّ، المَعْرُوْفُ بِالنَّحَّامِ، أَسْلَمَ قَبْلَ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ وَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلَامَهُ، وَلَمْ يَزَلْ بِمَكَّةَ يَحُوطُهُ قَوْمُهُ لِشَرَفِهِ فِيهِمْ. فَلَمَّا هَاجَرَ المُسْلِمُونَ إِلَى المَدِينَةِ أَرَادَ الهِجْرَةَ فَتَعَلَّقَ بِهِ قَوْمُهُ =
دِرْهَمٍ، فَجَاءَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَفَعَهَا
(1)
إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ [فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ] عَنْ [ذِي] قَرَابَتِكَ [شَيْءٌ]
(2)
، فَهَكَذَا، وَهَكَذَا
(3)
"، يَقُولُ: بَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ)
(4)
.
= فَقَالُوا: دِنْ بِأَيِّ دِينٍ شِئْتَ وَأَقِمْ عِنْدَنَا. فَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى كَانَتْ سَنَةَ سِتٍّ فَقَدِمَ مُهَاجِرًا إِلَى المَدِينَةِ وَمَعَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِهِ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْلِمًا فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ. تَرْجَمَتُهُ فِي: "طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ"(4/ 72)، وَ "الإِصَابَةِ" لِابْنِ حَجَرٍ (6/ 361 - 362).
(1)
رُسِمَتْ فِي الأَصْلِ، "فَرَفَعَهَا"، وَالمُثبَتُ مِنْ مَصَادِرِ الحَدِيثِ.
(2)
مَا بَيْنَ المَعْكُوفَتَيْنِ فِي المَوَاضِعِ السَّابِقَةِ، سَاقِطٌ مِنَ الأَصْلِ، وَالمُثبَتُ مِنْ "صَحِيحِ مُسْلِمٍ"، حَيْثُ رَوَاهُ عَنْ شَيْخِ المُصَنِّفِ بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
(3)
فِيْهِ فَوَائِدُ مِنْهَا الِابْتِدَاءُ فِي النَّفَقَةِ بِالمَذْكُورِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، وَمِنْهَا أَنَّ الحُقُوقَ وَالفَضَائِلَ إِذَا تَزَاحَمَتْ قُدِّمُ الأَوْكَدُ فَالأَوْكَدُ، وَمِنْهَا أَنَّ الأَفْضَلَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَنْ يُنَوِّعَهَا فِي جِهَاتِ الخَيْرِ وَوُجُوهِ البِرِّ بِحَسَبِ المَصْلَحَةِ، وَلَا يَنْحَصِرُ فِي جِهَةٍ بِعَيْنِهَا. "شَرْحُ النَّوَوِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ"(7/ 83).
(4)
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 41/ 997)، وَالنَّسَائِيُّ فِي المُجْتَبَى (بِرَقَمْ 2546 - 4652) مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 2141 - 2231 - 2404 - 7186) عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرٍ. مُخْتَصَرًا. و (بِرَقَمْ 2415) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ. مُخْتَصَرًا.
وَرَوَاهُ البُخَارِيُّ (بِرَقَمْ 2534 - 6716 - 6947)، وَمُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 58/ 997 - 59/ 997) عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. مُخْتَصَرًا.
[43 - بَابُ ظُهُورِ قَطْعِ الأَرْحَامِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ]
74 -
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ
(1)
، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَمْعَانَ
(2)
: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "يَتَعَوَّذُ مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ وَالسُّفَهَاءِ"
(3)
. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ سَمْعَانَ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ
(1)
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي ذِئْبٍ العَامِرِيُّ. ثِقَةٌ فَقِيهٌ فَاضِلٌ.
(2)
جَاءَ فِي الأَصْلِ، "سَلْمَانَ"، وَصُوِّبَ فَوْقَهَا "سَمْعَانَ". وَهُوَ: سَعِيدُ بْنُ سَمْعَانَ الأَنْصَارِيُّ. ثِقَةٌ. قَالَ الحَاكِمُ: "تَابِعِيٌّ مَعْرُوفٌ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ".
(3)
"الصِّبْيَانُ": جَمْعُ صَبِيٍّ، وَهُوَ الصَّغِيرُ دُوْنَ سِنِّ الشَّبَابِ. وَ "السُّفَهَاءُ": جَمْعُ سَفِيهٍ، وَهُوَ خَفِيفُ العَقْلِ خَفِيفُ الرَّأْيِ. وَالتَّعَوُّذُ مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ وَالسُّفَهَاءِ وَثِيْقُ الصِّلَةِ بِقَطْعِ الأَرْحَامِ، وَمَا هُوَ عَنْهَا بِبَعِيدٍ؛ لأَنَّ الصَّبِيَ الَّذِي لَمْ يَنْضُجْ فِكْرُهُ وَلَا فَهْمُهُ، لَا يُبَالِي بِصِّلَةِ الأَرْحَامِ، وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ الَّذِي لَمْ يَسْتَقِمْ رَأيُهُ. وَلعَلَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه تَعَوُّذَ مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ وَالسُّفَهَاءِ، لِمَا رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 7058) عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي، قَالَ: (كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالمَدِينَةِ وَمَعَنَا مَرْوَانُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ المَصْدُوقَ، يَقُولُ: هَلَكَةُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ مَرْوَانُ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غِلْمَةً، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنِي فُلَانٍ لَفَعَلْتُ، =
حَسَنَةَ
(1)
الجُهَنِيُّ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: مَا آيَةُ ذَلِكَ؟، قَالَ: أَنْ تُقْطَعَ الأَرْحَامُ، وَيُطَاعَ المُغْوِي، وَيُعْصَى المُرْشِدُ
(2)
(3)
.
= فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مُلِّكُوا بِالشَّأْمِ، فَإِذَا رَآهُمْ غِلْمَانًا أَحْدَاثًا، قَالَ لَنَا: عَسَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ، قُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ". وَانْظُرْ تَخْرِيجَ الحَدِيثِ.
(1)
جَاءَ فِي الأَصْلِ "خرشة"، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَالمُثبَتُ مِنْ كِتَابِ الأَدَبِ المُفْرَدِ لِلمُصَنِّفِ، وَتَرْجَمَةِ الرَّاوِي.
(2)
"المُغْوِي": أيْ: المُضِلُ. وَ "المُرْشِدُ": أَيْ: مُرْشِدُ النَّاسِ للهُدَى وَالحَقِّ.
(3)
صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ، دُوْنَ قَولِهِ: "فَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَسَنَةَ الجُهَنِيُّ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: (مَا آيَةُ ذَلِكَ؟
…
). وَابْنُ حَسَنَةَ الجُهَنِيُّ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: "شَيْخٌ لِسَعِيدِ بْنِ سَمْعَانَ. لَا يُعْرَفُ". وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: "مَسْتُورٌ لَمْ يُسم مِنَ الثَّالِثَةِ". مِيزَانُ الاعتدال (4/ 591)، وَ "التَّقْرِيبُ"(689).
وَالحَدِيثُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ "بِرَقَمْ 66" بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِهِ مَرْفُوعًا، وَمَوْقُوفًا.
فَأَمَّا المَرْفُوعُ.
فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 38231)، وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 9782) مِنْ طَرِيقِ وَكِيعِ بْنِ الجَرَّاحِ. وَرَوَاهُ أَيْضًا أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ" (بِرَقَمْ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 8319) مِنْ طَرِيقِ الأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ الشَّامِيِّ. وَ (بِرَقَمْ 8320) مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي بُكَيْرٍ. وَ (بِرَقَمْ 8654) مِنْ طَرِيقِ أَبِي المُنْذِرِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ الوَاسِطِيِّ. وَالبَزَّارُ (بِرَقَمْ 3358 كَشْفِ الأَسْتَارِ) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ. وَأَبُو يَعْلَى كَمَا فِي "البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ"، للِحَافِظِ ابْنِ كَثِيرٍ "11/ 647" مِنْ طَرِيقِ الفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ. وَابْنُ عَدِيٍّ فِي "الكَامِلِ"(7/ 224) مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الفِرْيَابِيِّ. جَمِيعًا عَنْ كَامِلٍ أَبِي العَلَاءِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ:"تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ".
قَالَ البَزَّارُ: "لا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلا أَبُو صَالِحٍ هَذَا، وَلا نَعْلَمُ رَوَى عَنْهُ إِلَّا أَبُو كَامِلٍ".
وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ فِي "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ"(7/ 220): "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبَزَّارُ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ كَامِلِ بْنِ العَلَاءِ وَهُوَ ثِقَةٌ".
وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيْهِ كَامِلُ بْنُ العَلَاءِ التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: "وَكَانَ قَلِيلَ الحَدِيثِ، وَلَيْسَ بِذَاكَ". وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: "كَانَ مِمَّنْ يَقْلِبُ الأَسَانِيْدَ، وَيَرفَعُ المَرَاسِيْلَ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي فَلَمَّا فَحُشَ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِهِ بَطُلَ الِاحْتِجَاجُ بِأَخْبَارِهِ". وَتَبِعَهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "صَدُوقٌ يُخْطِئ". رَاجِعْ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "الطَّبَقَاتِ الكُبْرَى" لِابْنِ سَعْدٍ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (6/ 379)، وَ "المَجْرُوحِينَ" لِابْنِ حِبَّانَ (2/ 227)، وَ "الضُّعَفَاءِ" لِابْنِ الجَوْزِيِّ (3/ 21)، وَ "التَّقْرِيب"(459).
وَوَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ، قَالَ النَّسَائِيُّ:"لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ". وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ. وَالعِجْلِيُّ، وَالفَسَوِيُّ، وَالهَيْثَمِيُّ:"ثِقَةٌ". رَاجِعْ أَقْوَالَ العُلَمَاءِ فِي: "تَارِيخِ ابْنِ مَعِينٍ"(رِوَايَةَ الدُّورِيِّ)(3/ 273)، وَ "مَعْرِفَةِ الثِّقَاتِ" لِلعِجْلِيِّ "ص: 396"، وَ "المَعْرِفَةِ وَالتَّارِيخِ" لِلفَسَوِيِّ (3/ 234)، وَ "الكَامِلِ فِي ضُعَفَاءِ الرِّجَالِ" لِابْنِ عَدِيٍّ (7/ 228)، وَ "تَهْذِيبِ الكَمَالِ" لِلمِزِّيِّ (24/ 101)، وَ "مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ" لِلهَيْثَمِيِّ (7/ 220).
فَكَمَا تَرَى جَرَحَهُ جَمَاعَةٌ، وَوَثَّقَهُ آخَرُونَ، وَأَعْدَلُ الأَقْوَالِ فِيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ حَسَنُ الحَدِيثِ، وَقَوْلُ ابْنُ سَعَدٍ:"وَكَانَ قَلِيلَ الحَدِيثِ، وَلَيْسَ بِذَاكَ". اهـ. فَهَذَا جَرْحٌ خَفِيفٌ، لَا يَسْتَوْجِبُ مِنْهُ رَدُّ رِوَايَتِهِ. وَقَوْلُ ابْنُ حِبَّانَ:"كَانَ مِمَّنْ يَقْلِبُ الأَسَانِيْدَ، وَيَرفَعُ المَرَاسِيْلَ". اهـ. فَغَايَةُ هَذَا أَنَّهُ سَيِّءُ الحِفْظِ، وَهَذَا لَيْسَ بِجَرْحٍ شَدِيدٍ. وَلَمْ يُتَابِعَهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ بَلْ خَالَفَهُ الجُمْهُورُ، كَمَا سَبَقَ.
وَأَبُو صَالِحٍ هُوَ مِينَاءُ مَوْلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيرِ. كَمَا جَاءَ مُصرَّحًا بِهِ فِي إِسْنَادِ البَزَّارِ، فَقَالَ:"عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَهُوَ مَوْلَى ضُبَاعَةَ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: "كَانَ ثَبْتًا. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ: وَسَأَلتُهُ [أَيْ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ] عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى ضُبَاعَةَ، فَقَالَ: كَانَ ثَبْتًا، وَكَانَ مِنَ التَّابِعِينَ، وَهُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ أَهَلُ الكُوفَةِ". "سُؤَالَاتُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ" لِابْنِ المَدِينِيِّ (107). وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: مِينَاءُ أَبُو صِالِحٍ مَوْلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيرِ، يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَى عَنْهُ كَامِلُ أَبُو العَلَاءِ. "الثقات: 5/ 455" وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: "فَأَمَّا: أَبُو صِالِحٍ السَّمَّانُ الزَّيَّاتُ، وَأَبُو صِالِحٍ الحَنَفِيُّ، وَأَبُو صِالِحٍ مَوْلَى ضُبَاعَةَ مِنْ تَابِعِيِّ الكُوفَةِ فَهَؤُلَاءِ ثِقَاتٌ. وَكَذَا جَمَاعَةٌ بِهَذِهِ الكُنْيَةِ لَا لِيْنَ فِيْهِمْ". "مِيزَانُ الِاعْتِدَالِ" (4/ 539). وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَر:"لَيِّنُ الحَدِيثِ". "التَّقْرِيبُ: ص 649". قُلتُ: لَمْ يَسْبِقَهُ أَحَدٌ بِهَذَا القَولِ فِيمَا عَرَفْتَ، بَلْ خَالَفَهُ جُمْهُورُ أَهْلِ النَّقْدِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ثِقَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ البُوصَيْرِيُّ: "وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ، وَمن إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو يَعْلَى
…
وَرَوَاهُ أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. فَذَكَرَهُ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ:"لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى تَصِيرَ لِلُكَعِ ابْنِ لُكَعٍ". "الإِتْحَافُ" للبُوصَيْرِيِّ (8/ 41).
فَيَصِحُّ الحَدِيثُ بِذَلِكَ، وَللهِ الحَمْدُ وَالمِنَّةُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالعِصْمَةُ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَقَدْ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مُحَمَّدُ شَاكِرٍ، وَالشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى رَاجِعْ تَعْلِيقَهُمَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِتَحْقِيقِ أَحْمَدَ شَاكِرٍ (6/ 470 بِرَقَمْ 8302 طَ الحَدِيثِ"، وَالسِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ، للشَّيْخ مُحَمَّدِ نَاصِر الدِّينِ الأَلْبَانِيِّ "7/ 579 بِرَقَمْ 3191".
وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي قِصَرِ الأَمَلِ "بِرَقَمْ 276" مِنْ طَرِيقِ اليَمَانِ بْنِ المُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُودَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَنْكِبَيَّ، أَوْ عَلَى فَخِذَيَّ، فَقَالَ:"يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كَيْفَ أَنْتَ إِنْ أَدْرَكْتَ ثَلَاثًا، وَأَعِيذُكَ بِالله أَنْ تُدْرِكَهُمْ؟ قُلْتُ: مَا هِيَ بِأَبي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قَالَ: طُولُ البُنْيَانِ، وَإِمَارَةُ الصِّبْيَانِ، وَشِدَّةُ الزَّمَانِ".
وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيْهِ اليَمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ العَنْزِيُّ. مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَتَرْكِهِ.
وَابْنُ جُودَانَ اخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ صُحْبَةٌ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: مَجْهُولٌ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. "الإِصَابَةُ: 1/ 627 ".
وَرَوَاهُ أَبُو عَمْرِو الدَّانِيُّ فِي السُّنَنِ الوَارِدَةِ فِي الفِتَنِ "بِرَقَمْ 190" مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ الله، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَعُوذُ بِالله مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَمَا إِمَارَةُ الصِّبْيَانِ؟ قَالَ: إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ هَلَكْتُمْ، وَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ أَهْلَكُوكُمْ".
وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيْهِ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ القُرَشِيُّ. مُجْمَعٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَتَرْكِهِ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرَوَاهُ الحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرك"(بِرَقَمْ 8557)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 7346) مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ:"اللَّهُمَّ لَا يُدْرِكُنِي زَمَانٌ أَوْ لَا أُدْرِكُ زَمَانَ قَوْمٍ لَا يَتَّبِعُونَ العِلْمَ وَلَا يَسْتَحْيُونَ مِنَ الحَلِيمِ، قُلُوبِهُمُ الأَعَاجِمُ، وَأَلسِنَتُهُمْ أَلسِنَةُ العَرَبِ".
وَهَذَا إِسْنَادٌ، فِيْهِ: جَمِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَذَّاءِ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: شَيْخٌ يَرْوِي المَرَاسِيلَ، رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ. وَذَكَرَهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ" وَقَالَ:"رَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ"، وَلَمْ يَحْكِ فِيْهِ جَرْحًا وَلَا تَعْدِيلًا، فَهُوَ مَجْهُولُ الحَالِ، كَمَا ذَكَرَ أَبُو المَحَاسِنِ الحُسَيْنِيُّ.
وَأَمَّا المَوْقُوفُ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ بِأَلفَاظٍ مُخْتَلِفِةٍ.
الأَوَّلُ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي "التَّارِيخِ الكَبِيرِ"(4/ 300)، وَالدُّولَابِيُّ فِي "الكُنَى وَالأَسْمَاءِ"(1/ 355) مِنْ طَرِيقِ الصَّلْتِ بْنِ قُوَيْدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لا تَنْطَحُ ذَاتُ قَرْنٍ جَمَّاءَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَكَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ إِمْرَةِ السُّفَهَاءِ". هَذَا لفْظُ البُخَارِيِّ، وَلفْظُ الدُّولَابِيِّ:"لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا تَنْطِحَ ذَاتُ قَرْنٍ جَمَّاءَ". وَكَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: رَبِّ لَا أُدْرِكُهَا وَلَا تُدْرِكُنِي".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَالصَّلْتُ بْنُ قُوَيْدٍ الحَنَفِيُّ. ضَعِيفُ الحَدِيثِ.
الثَّانِي: رَوَاهُ أَبُو زَرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ فِي "تَارِيخِهِ"(ص 230 - 231) وَمِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(67/ 380)، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصْمُّ فِي "الثَّانِي مِنْ حَدِيثِهِ"(بِرَقَمْ 106) وَمِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(59/ 217)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ"(6/ 466) عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، قَالَ:(كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَشِيَ فِي سُوقِ المَدِينَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لا تُدْرِكُنِي سَنَةُ السِّتِّينَ، وَيْحَكُمْ، تَمَسَّكُوا بَصُدْغَيْ مُعَاوِيَةَ، اللَّهُمَّ لَا تُدْرِكُنِي إِمَارَةُ الصِّبْيَانِ).
الثَّالِثُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ"(بِرَقَمْ 1397) مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ:(فِي كِيسِي هَذَا حَدِيثٌ، لَوْ حَدَّثْتُكُمُوهُ لَرَجَمْتُمُونِي، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا أَبْلُغَنَّ رَأْسَ السِّتِّينَ. قَالُوا: وَمَا رَأْسُ السِّتِّينَ؟ قَالَ: إِمَارَةُ الصِّبْيَانِ، وَبَيْعُ الحُكْمِ، وَكَثْرَةُ الشُّرَطِ، وَالشَّهَادَةُ بِالمَعْرِفَةِ، وَيَتَّخِذُونَ الأَمَانَةَ غَنِيمَةً، وَالصَّدَقَةَ مَغْرَمًا، وَنَشْوٌ يَتَّخِذُونَ القُرْآنَ مَزَامِيرَ. قَالَ حَمَّادٌ: وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَالتَّهَاوُنُ بِالدَّمِ).
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ إِلَّا حَمَّادٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: رَوْحٌ".=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الرَّابِعُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 37251) مِنْ طَرِيقِ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ:(وَيْلٌ لِلعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، أَظَلَّتْ وَرَبِّ الكَعْبَةِ أَظَلَّتْ، وَاللَّهِ لَهِيَ أَسْرَعُ إِلَيْهِمْ مِنَ الفَرَسِ المُضَمَّرِ السَّرِيعِ، الفِتْنَةُ العَمْيَاءُ الصَّمَّاءُ المُشْبِهَةُ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا عَلَى أَمْرٍ وَيُمْسِي عَلَى أَمْرٍ، القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، وَالمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَلَوْ أُحَدِّثُكُمْ بِكُلِّ الَّذِي أَعْلَمُ لَقَطَعْتُمْ عُنُقِي مِنْ هَا هُنَا، وَأَشَارَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى قَفَاهُ يُحَرِّفُ كَفَّهُ يَحُزَّهُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ لَا يُدْرِكُ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمْرَةُ الصِّبْيَانِ).
وَهَذَا إِسْنَادٌ، فِيْهِ: عُمَيْرُ بْنُ إِسْحَاقَ القُرَشِيُّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "مَقْبُولٌ".
الخَامِسُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ"(بِرَقَمْ 20777) وَمِنْ طَرِيقِهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي "الفِتَنِ"(بِرَقَمْ 1981)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 8489) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:(وَيْلٌ لِلعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ، تَصِيرُ الأَمَانَةُ غَنِيمَةً، وَالصَّدَقَةُ غَرَامَةً، وَالشَّهَادَةُ بِالمَعْرِفَةِ، وَالحُكْمُ بِالهَوَى).
قَالَ الحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَاتِ". وَوَافَقَهُ الذَّهَبيُّ، كَمَا فِي "التَّلْخِيصِ".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَرُوِيَ مَوْقُوفًا بِنَحْوِ مَا سَلَفَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الكَبِيرِ"(بِرَقَمْ 8973)، وَالحَاكِمُ فِي "المُسْتَدْرَكِ"(بِرَقَمْ 8663) وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ:(الزَمُوا هَذِهِ الطَّاعَةَ وَالجَمَاعَةَ فَإِنَّهُ حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، وَأَنَّ مَا تَكْرَهُونَ فِي الجَمَاعَةِ خَيْرٌ مِمَّا تُحِبُّونَ فِي الفُرْقَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا جَعَلَ لَهُ مُنْتَهَى، وَإِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ تَمَّ وَإِنَّهُ صَائِرٌ إِلَى نُقْصَانَ، وَإِنَّ أَمَارَةَ ذَلِكَ أَنْ تُقْطَعَ الأَرْحَامُ، وَيُؤْخَذَ المَالُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، وَيُسْفَكَ الدِّمَاءُ وَيَشْتَكِي ذُو القَرَابَةِ قَرَابَتَهُ، وَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَيَطُوفُ السَّائِلُ بَيْنَ الجُمُعَتَيْنِ لَا يُوضَعُ فِي يَدِهِ شَيْءٌ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَارَتْ خُوَارَ البَقَرِ يَحْسَبُ كُلُّ النَّاسِ إِنَّمَا خَارَتْ مِنْ قِبَلِهِمْ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ إِذْ قَذَفَتِ الأَرْضُ بِأَفْلَاذِ كَبِدِهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ لَا يَنْفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ).
قَالَ الحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ"، وَوَافَقَهُ الذَّهَبيُّ، كَمَا فِي "التَّلْخِيصِ".
[44 - بَابُ تُبَلُّ الرَّحِمُ بِبَلَالِهَا]
75 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ عَنْبَسَةَ
(1)
بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ: عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنه
(2)
، قَالَ: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ
(3)
: "إِنَّمَا وَلِيِّيَ
(4)
اللَّهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا")
(5)
.
(1)
فِي الأَصْلِ "عُيَيْنَةَ": وَالتَّصْوِيبُ مِنْ "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ (5/ 86).
(2)
عَمْرُو بْنُ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ القُرَشِيُّ، أَمِيرُ مِصْرَ، أَبُو عَبْدِ الله، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ السَّهْمِيُّ. يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الفِطْنَةِ، وَالدَّهَاءِ، وَالحَزْمِ. وَفَضَائِلُهُ كَثِيرَةٌ، وَمَنَاقِبُهُ شَهِيرَةٌ. تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ. تَرْجَمَتُهُ في: تاريخ الرُّسُلِ وَالْمُلُوكِ، لِلطَّبَرِيِّ " 4/ 558"، وَسِيَرِ أَعْلام النبلاء، لِلذَّهَبِيِّ (3/ 54)، وَالإِصَابَةِ، لِابْنِ حَجَرٍ "4/ 537".
(3)
انْقَلَبَتْ فِي الأَصْلِ، إِلَى:"سِرًا غَيْرَ جَهِيْرٍ"، وَالتَّصْوِيبُ مِنْ "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ" لِابْنِ حَجَرٍ (5/ 86)، حَيْثُ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْنَادِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ إِلَى البُخَارِيِّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" كَمَا سَيَأْتِي.
(4)
فِي الأَصْلِ، "وَلي"، وَالتَّصْوِيبُ مِنْ مَصَادِرِ الحَدِيثِ.
(5)
حَدِيثُ صَحِيحٌ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عَلَّقَهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ" عَقِبَ الحَدِيثِ (رَقَمْ 5990) وَقَالَ: زَادَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: "وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلَاهَا" يَعْنِي: أَصِلُهَا بِصِلَتِهَا.
وَوَصَلَهُ المُصَنِّفُ بِالإِسْنَادِ السَّابِقِ كَمَا فِي هَذَا الجُزْءِ.
وَرَوَاهُ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ" مِنْ طَرِيقِ الجُزْءِ (5/ 86): قَالَ: وَقَرَأْتُهُ عَالِيًا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنَجَّا، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَرَمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ، أخْبَرهُمْ مُكَاتَبَةً، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الشِّيرَازِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ المُهَلَّبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دِلُّويَهْ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ، بِهِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "تَغْلِيقِ التَّعْلِيقِ"(5/ 85) مِنْ طَرِيقِ فَهْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، حَدَّثَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ بَيَانٍ، سَمِعْتُ قَيْسًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنِ العَاصِ، مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ:"سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي جَهْرًا غَيْرَ سِرٍّ: أَنَّ بَنِي أَبِي لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا، وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلالِهَا".
وَرَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 5990) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ.
وَأَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"(بِرَقَمْ 17804) وَعَنْهُ مُسْلِمٌ (بِرَقَمْ 366/ 215). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي "المُسْتَخْرَجِ"(بِرَقَمْ 276)، وَابْنُ مَنْدَه فِي "الإِيمَانِ"(بِرَقَمْ 262)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "المُسْتَخْرَجِ عَلَى مُسْلِمٍ"(بِرَقَمْ 528)، وَالبَغَوِيُّ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ"(بِرَقَمْ 3439)، وَأَبُو يَعْلَى الحَنْبَلِيُّ فِي "طَبَقَاتِهِ"(1/ 275)، وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمَشْقَ"(46/ 109) كِلَاهُمَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، وأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ، يَقُولُ:"أَلَا إِنَّ آلَ أَبِي، يَعْنِي فُلَانًا، لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ".
قَوْلُهُ: "أَلَا إِنَّ آلَ أَبِي، يَعْنِي فُلَانًا": قِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ خَوْفًا مِنَ الفِتْنَةِ، وَالمُكَنَّى عَنْهُ هُوَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَقِيلَ: هُوَ الحَكَمُ بْنُ العَاصِ، وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى العُمُومِ مِنْ طَوَائِفِ قُرَيْشٍ أَوْ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ أَعْمَامِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الحَدِيثِ، أَيْ: أَهْلُ أَبِي. "لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ": أَيْ: صُلَحَاؤُهُمْ، وَالمُرَادُ بِالصَّالِحِ الجِنْسُ وَلِذَلِكَ عَمَّ بِالإِضَافَةِ، وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التَّحْرِيم: 4]، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأَعْرَاف: 196]، إِيمَاءٌ إِلَى هَذَا المَعْنَى. "مِرْقَاةُ المَفَاتِيحِ شَرْحِ مِشْكَاةِ المَصَابِيحِ"(7/ 3081). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قَوْلُهُ: "وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا": البِلَالُ جَمْعُ بَلَلٍ. وَالعَرَبُ يُطْلِقُونَ النَّدَاوَةَ عَلَى الصِّلَةِ، كَمَا يُطْلَقُ اليُبْسُ عَلَى القِطْعَةِ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ بَعْضَ الأَشْيَاءِ يَتَّصِلُ بِالنَّدَاوَةِ، وَيَحْصُلُ بَيْنَهَا التَّجَافِي وَالتَّفَرُّقُ بِاليُبْسِ اسْتَعَارُوا البَلَلَ لِمَعْنَى الوَصْلِ، وَاليُبْسَ لِمَعْنَى القِطْعَةِ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَا بَلَّ الحَلْق مِنْ مَاءٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنِ الصِّلَةِ وَالمُرَاعَاةِ. أَيْ: سَأَصِلُ الرَّحِمَ بِصِلَتِهَا الَّتِي تَسْتَحِقُهَا مِنَ الإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَدَفْعِ الظُّلْمِ وَالضُّرِّ عَنْهُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَشُبِّهَتْ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ بِالحَرَارَةِ وَوَصْلُهَا بِالمَاءِ الَّذِي يُطْفِئُ بِبَرْدِهِ الحَرَارَةَ. "تَفْسِيرُ غَرِيبِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ"(ص 290 - 424)، وَ "النِّهَايَةُ" لِابْنِ الأَثِيْرِ (1/ 153).
[45 - بَابُ الحَذَرِ مِنْ أَنْ يُقَدِّمَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ عَلَى وَالِدَيْهِ]
(1)
.
76 -
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
(2)
، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ: عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ"
(3)
.
(1)
خَتَمَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ رحمه الله بِهَذَا الحَدِيثِ، إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنَ العُقُوقِ يَقَعُ بِسَبَبِ أَنْ يُقدِّمَ الرَّجُلُ زَوجَتَهُ عَلَى وَالِدَيْهِ، كَمَا هُوَ الحَالُ المُشَاهَدُ فِي زَمَانِنَا، وَكَثِيرٌ مِنَ القَضَايَا الوَاقِعةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ إِنَّمَا الغَالِبُ مِنْهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَهَذَا التَّنَاسُبُ العَجِيبُ يَدُّلُ عَلَى سِعَةِ فِقْهِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ رحمه الله. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(2)
فِي الأصْلِ "سَعِيد"، وَالمُثْبَتُ مِنْ مَصَادِرِ التَّخْرِيجِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِّوَايَةِ المُصَنِّفِ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"، حَيْثُ رَوَاهُ بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ سَوَاء.
(3)
رَوَاهُ المُصَنِّفُ فِي "الجَامِعِ الصَّحِيحِ"(بِرَقَمْ 5096) بِالإِسْنَادِ وَالمَتْنِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"(بِرَقَمْ 97/ 2740) مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. =
آخِرُ الكِتَابِ، وَالحَمْدُ للَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
عَلَّقَهُ لِنَفْسِهِ العَبْدُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ مَنْصُورٍ بْنِ عَلِيٍّ الحُسَيْنِيُّ الحَلَبِيُّ،
نَهَارَ الثُّلَاثَاءِ 28 شَوَّالٍ، سَنَةَ 887،
بِعُلُوِّ جَامِعِ الأَزْهَرِ بِالقَاهِرَةِ، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِه وَصَحْبِهِ وَسَلَّم
(1)
.
= وَإِلى هُنَا انْتَهَى التَعْلِيقُ عَلَى جُزْءِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَحُسْنِ عَوْنِهِ وَجَمِيلِ صُنْعِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
(1)
أَنْهَى سَمَاعَهُ عَلَى الفَقِيرِ مُحَمَّدِ عَبْدِ الحَيِّ الكَتَّانِيِّ، العَلَّامَةُ الفَاضِلُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الإِسْمَاعِيلِيُّ الزَّرْهَوْنيُّ بِقَصْرِ كُتَّامَةَ لَمَّا جَاءَ يَلْقَانِي فِيْهِ مِنْ مَقْدَمِي لِلحَجِّ وَذَلِكَ فِي رَبِيعٍ الثَّانِي 1324 هـ.