المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي   ‌ ‌ذكر المعروفين بالكنى ‌ ‌الألف ‌ ‌أبو ابراهيم الزهري: واسمه أحمد - بغية الطلب فى تاريخ حلب - ت زكار - جـ ١٠

[كمال الدين ابن العديم]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌ذكر المعروفين بالكنى

‌الألف

‌أبو ابراهيم الزهري:

واسمه أحمد بن سعد بن ابراهيم بن سعد، كان من الزهاد، ودخل المصيصة، وجال في جبل اللكام، ولقي به رجلا من العباد يقتات لبن الظباء، وحكى عنه ذلك، وقد ذكرنا الحكاية فيما تقدم من كتابنا هذا في ترجمته في باب الأحمدين.

‌أبو ابراهيم العلوي الحراني:

واسمه محمد بن أحمد، واشتهر بالشريف أبي ابراهيم، وعقبه بحلب وما زالت فيهم نقابه العلويين بعده، وقد ذكرنا ترجمته في باب الأحمدين أيضا.

‌أبو الأبطال:

رجل قدم دابق على سليمان بن عبد الملك وحكى دخوله على سليمان وعلى ابنه أيوب، وموت أيوب وخلو منازله منه، حكى عنه حاتم بن مطارد، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة أيوب.

‌أبو الأبيض العبسي الشامي:

من بني زهير بن جذيمة، وقيل من بني عامر، وسماه محمد بن أبي حاتم عيسى، وأظنه رأى في بعض الأسانيد أبو الأبيض عبسي فتصحف عليه، فظنه عيسى، فإن أبا زرعة قال: لا يعرف اسمه

(1)

.

(1)

الجرح والتعديل:9/ 336 مع فوارق.

ص: 4315

روى عن حذيفة بن اليمان، وأنس بن مالك. روى عنه ابراهيم بن أبي عبلة، وربعي بن خراش، ويمان بن المغيرة.

وغزا أبو الأبيض العبسي الطوانة، ونزل بدابق مع الجيش الذي كان عليه مسلمة بن عبد الملك بن مروان واستشهد في غزاة الطوانة

(1)

.

أخبرنا أبو عبد اللطيف بن يوسف-إذنا-قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي (2 - و) قال: أخبرنا أحمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبه عن منصور عن ربعي حدّث عن أبي الأبيض عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس بيضاء محلقة

(2)

.

قال أبو نعيم: رواه الثوري وزائدة عن منصور مثله، ولا يعرف لربعي عن أبي الأبيض عن أنس غيره.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا

(3)

.

قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبان قال: حدثنا أبو بكر بن علي بن عبيد قال: حدثني يعلى قال: حدثنا سهل بن عاصم عن علي بن غنام بن علي قال: حدثني عمر أبو حفص الجزري قال: كتب أبو الأبيض-وكان عابدا-إلى بعض أخوانه: أما بعد فإنك لم تكلف من الدنيا إلاّ نفسا واحدة، فإن انت أصلحتها لم يضرك إفساد من فسد بصلاحها، وإن أنت أفسدتها لم ينفعك صلاح من صلح بفسادها، واعلم أنك لن تسلم من الدنيا حتى لا تبالي من أكلها من أحمر وأسود.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال

(4)

:

قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم قال: ومنهم

(1)

لعل ذلك كان سنة ثمان وثمانين. انظر تاريخ خليفة:1/ 399.

(2)

أنظره في كنز العمال:8/ 21781.

(3)

كذا بالاصل بدون اكمال للرواية.

(4)

كذا بالاصل بدون اكمال للرواية.

ص: 4316

-يعني- (2 - ظ) من الأولياء: المتبع للأوجب الأفرض، المفارق للأنزر الأرمض، العابد المكنى بأبي الأبيض، أسند عن أنس بن مالك رضي الله عنه

(1)

.

أنبأنا أبو القاسم بن رواحة عن الحافظ أي طاهر السّلفي قال: أخبرنا ثابت ابن بندار قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن جعفر قال: أخبرنا أبو العباس الوليد ابن بكر قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح ابن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: أبو الأبيض شامي تابعي ثقة

(2)

.

أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الدمشقي قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي-إذنا إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبى نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم البسري قال: حدثنا ابن عائذ قال: أخبرنا الوليد بن مسلم قال: حدثني اسماعيل ابن عياش أن رجلا من الجيش أتى أبا الأبيض العبسي بدابق قبل نزولهم على الطوانة فقال: رأيت بيدك قناة وفيها سنان يضيء سنانه لأهل العسكر كضوء كوكب، قال: إن صدقت رؤياك فإنها للشهادة، قال: فاستشهد في قتال أهل الطوانة.

قال أبو عبد الله بن عائذ: فحدثني محمد بن يحيى الثقفي أن أبا الأبيض قال هذه الأبيات:

ألا ليت شعري هل يقولن قائل

وقد حان منكم عند ذاك قفول

تركنا ولم يخبز من الطير لحمه

أبا الأبيض العبسي وهو قتيل

فعرىّ أفراسي ورنت

(3)

حليلتي

كأن لم تكن بالأمس ذات حليل

وذي امل يرجو تراثي وإن ما

يصير له منه غدا لقليل (3 - و)

ومالي تراث غير درع حصينة

وأجرد من ماء الحديد صقيل

(1)

حلية الاولياء:3/ 111.

(2)

الثقات للعجلي:489 (1887).

(3)

أي صرخت وولولت، فالرنة: الصوت. القاموس.

ص: 4317

وفي غير هذه الرواية أن أبا الأبيض خرج مع العباس بن الوليد في الصائفة:

فقال أبو الأبيض: رأيت كأني أتيت بتمر وزبد، فأكلته، ثم دخلت الجنة، فقال العباس: يعجل لك الزبد والتمر، والله لك بالجنّة، فدعا له بتمر وزبد، فأكله، ثم لقي أبو الأبيض العدو فقاتل حتى قتل، وكانت غزوة طوانة سنة ثمان وثمانين غزاها مسلمة والعباس بن الوليد.

‌أبو أحمد بن هرون الرشيد:

ابن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب الهاشمي، حكى عن المأمون، حكى عنه نشو الصغير، وقدم حلب صحبة المتوكل حين مربها مجتازا الى دمشق.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد المؤدب قال: أخبرنا أبو السعود احمد بن علي بن المجلي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد ابن عبد العزيز العكبري قال: أخبرنا أبو القاسم آدم بن محمد بن آدم البلخي قال:

أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني قال: أخبرني عمي قال: حدثني الحسن بن عليل العنزي قال: حدثني عبد الله بن أبي سعد قال: قال لي نشو الصغير:

حدثني أبو أحمد بن الرشيد قال: كنت يوما عند (3 - ظ) المأمون والى جانبي عماي: منصور وابراهيم، فجاء ياسر رجله فسارّ المأمون، فقام فقال لابراهيم:

إن شئت يا ابراهيم فانهض ونظرت إلى ياسر قد رجع مما يلي دار الحرم، فما كان بأسرع من أن سمعت شيئا أقلقني، فنظر إليّ المأمون وأنا أميل، فقال:

يا أبا أحمد مالك تميل؛ فقلت له: إني سمعت شيئا ما سمعت مثله، قال: هذه عمتك عليّة تطارح عمك ابراهيم خفيف الرمل

(1)

في شعرها:

مالي أرى الأبصار بي حافية

لم تلتفت مني إلى ناحية

لا تنظر الناس إلى المبتلي

وإنما الناس مع العافية

(1)

الرمل: من أجناس الغناء، وخفيف الرمل: الثامن من الايقاعات العربية وهو الذي تتوالى نقراته نقرتين نقرتين خفيفتين: معجم الموسيقى العربية لحسين محفوظ:75. هذا ولم استطع الوقوف على هذا الخبر في الأغاني.

ص: 4318

صحبى سلوا ربكم العافية

فقد دهتني بعدكم داهية

صار مني بعدكم سيدي

فالعين من هجرانه باكية

ويروي هذا الشعر لأبي العتاهية.

أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن عن عمه أبى القاسم الحافظ الدمشقي قال:

أبو أحمد بن هرون الرشيد وذكر نسبه كما سقناه، قدم دمشق في صحبة المتوكل مع من قدم معه من أهل بيته في سنة ثلاث وأربعين ومائتين فيما قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن محمد الخطابي الشاعر

(1)

.

وقد نبهنا في غير موضع من هذا الكتاب على أن المتوكل خرج من بغداد في أواخر سنة ثلاث وأربعين وقدم الشام سنة أربع وأربعين.

ذكر أبو أحمد بن كامل القاضي أن أبا أحمد (4 - و) بن الرشيد مات في شهر رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين وصلى عليه أحمد بن المتوكل.

‌أبو أحمد الزاهد:

روى بأذنة عن أبي أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي. روى عنه القاضي أبو عمر وعثمان بن عبد الله الطرسوسي.

نقلت من خط القاضي أبي عمرو الطرسوسي قاضي معرة النعمان في كتابه الذي وسمه بسير الثغور: حدثنا أبو أحمد الزاهد بأذنة قال: حدثنا أبو أمية محمد بن ابراهيم بن مسلم الطرسوسي قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني النبيل قال: أخبرت عن ابراهيم بن أدهم أنه قال: لقد أعربنا في كلامنا فما نلحن ولحنا في أعمالنا فما نعرب.

‌أبو أحمد الهاشمي:

أمير الثغور الشامية، كان من ولد العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وقدم حلب وافدا على الأمير سيف الدولة، وذلك أن أبا أحمد الهاشمي كان مقيما بثغر طرسوس، فتنكر الطرسوسيون على سيف الدولة بن حمدان لظلمه، وقبض وقوفهم.

(1)

سقطت ترجمته من تاريخ دمشق لابن عساكر.

ص: 4319

في أعماله، وقطعوا دعوته فتضمن رشيق النسيمي للطرسوسيين عمارة الثغر إن أقاموا الدعوة لأنوجور بن الإخشيذ وكافور بعده، فأجابوا إلى ذلك، وكان أبو أحمد الهاشمي بطرسوس فاجتمع ومحمد بن الحسين بن الزيات وسائر وجوه الطرسوسيين في دار ابن الزراد منهم، فأبرموا هذا (4 - ظ) الأمر على أن يكون أبو أحمد الهاشمي وابن الزيات أميري الثغور، فكان الخاطب يخطب لابن الهاشمي ولابن الزيات بعده، وأرسلوا رسولا إلى أنوجور وكافور في البحر يعرف بأحمد ابن الجصاصي من ولد العلوي البصري، وأضافوا إليه أمير قبرس عليا وبدر النسيمي.

وطال مقامهم بمصر ولم يبق بالثغر مال ينفق فراسل سيف الدولة أبا أحمد وابن الزيات سرا من رشيق ورشيق بالمصيصة، وضمن لهما رد الوقوف المقبوضة، وحمل مال ينفق بالثغر وترد دعوته، وكان السفير في ذلك يمن التربية غلام شعيب، فأجابا إلى ذلك، وأقاما الدعوة لسيف الدولة ولهما بعده، وأخرجا رسلهما إلى سيف الدولة.

وغزا الناس غزاة شتوية وبلغوا أألس

(1)

فغنموا وعادوا الى أن نزلوا مغارة الكحل

(2)

فوجدوا ابن الملايني قد جمع في الدرب الكبير، واختلف أبو أحمد وابن الزيات في كونها في المقدمة والساقة، فاختار الناس للساقة ابن الزيات، وتقدم الهاشمي الى المقدمة مكرها، ودخل الناس الدرب، وكانت في الساقة تحت مغارة الكحل وقعة عظيمة بين ابن الزيات والثغريين وابن الملايني، فسلم المسلمون وأصابوا من الروم طرفا وعادوا إلى الثغر.

وتنكر الأميران بعضهما لبعض، وكثر الخلاف بينهما، وهمّ أبو أحمد (5 - و) الهاشمي بالوثوب بابن الزيات وجمع له جموعا، فبادره ابن الزيات وبطش به وقبض عليه وعلى عدّة ممن كان معه، فقتل أكثرهم، واعتقل الهاشمي في بعض حصون الثغر، وغزا ابن الزيات-وإليه وحده الإمارة-غزاة صائفة تسمى غزاة قونية من درب الراهب، فغنم المسلمون وسلموا.

(1)

لم يذكرها ياقوت في معجمه.

(2)

من مناطق الثغور المتقدمة.

ص: 4320

وهرب الهاشمي من الحصن الذي كان فيه إلى سيف الدولة، وعاد إلى طرسوس فدخلها فسرّ به أهلها إلاّ طائفة كان هواها مع ابن الزيات منهم إبراهيم ابن أبي الأسود صاحب الشرطة، فلما حصل أبو أحمد الهاشمي بطرسوس ركب إلى السجن ليخلص من كان فيه من شيعته فخالفه ابن أبى الأسود إلى الجامع فاستنهض الناس إلى السجن، وقال لهم: إن الهاشمي يريد فتحه واطلاق الأعلاج، وإن فعل ذلك يبقى أسراؤكم في بلد الروم لا فداء لهم، فنفر الناس إليه قبل وصوله الى السجن، فوثبوا إليه وأنزلوه عن دابته وقبضوا عليه، وورد ابن الزيات من الغزاة فتسلمه وحمله الى حصن يقال له مقيل عيّاش، فيقال إن علي الجماس الذي تولى حمله، وهو كان صاحب البحر خنقه وردّاه من أعلى الحصن، وأظهر أنه أراد الهرب، فتدلى في حبل وانقطع به وسار ابناه الى بغداد متظلمين من ابن الزيات، فكتب لهما المطيع إلى سيف الدولة كتابا بإقادة الهاشمي من ابن الزيات (5 - ظ) فلم يعبأ بالكتاب، وكان للهاشمي قوم يميلون إليه بالثغر، فتنكروا لابن الزيات، وكان للهاشمي من أهل بيته رجل يعرف بابن عبد الواحد يعاديه، فعاضد ابن الزيات، فأقام في نفسه أنه إن حصل في يد علي بن عبد الله

(1)

امتثل فيه أمر المطيع، ولم يعصه، فاستوحش من سيف الدولة.

(1)

سيف الدولة الحمداني.

ص: 4321

‌ذكر من كنيته أبو اسحاق

‌أبو اسحاق الفزاري:

واسمه ابراهيم بن محمد بن الحارث وقد تقدم ذكره.

‌أبو أسحق القنسريني:

روى عن فرات بن سليمان. روى عنه بقية بن الوليد الحمصي.

أخبرنا الشيخ الزاهد أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي -قراءة عليه بحلب-قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني قال: أخبرنا الامام الواعظ أبو سعد هبة الله بن القاسم بن عطاء المهراني بنيسابور قال: أخبرنا الامام أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد المنصوري الطوسي قال: حدثنا الامام أبو الحسن الدارقطني، ح.

قال أبو بكر الجيّاني: وأخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن عثمان الغزّال قال:: أخبرنا شيخ القضاة البيهقي-إجازة-قال: أخبرنا الدارقطني، ح.

قال شيخنا أبو محمد عبد الرحمن: وأخبرنا الرئيس مسعود بن الحسن الثقفي -في كتابه-قال: أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي إذنا عن الدارقطني قال (6 - و) أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن عمرو بن حنان قال:

قال حدثنا بقيّة قال: حدثنا أبو اسحاق القنّسريني قال: حدثنا فرات بن سليمان عن محمد بن علوان عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

من أصل الدين الصلاة خلف كل برّ وفاجر، والجهاد مع كل أمير ولك أجرك، والصلاة على كل من مات من أهل القبلة

(1)

.

(1)

لم أجده بهذا اللفظ.

ص: 4322

قال فيه الدارقطني: لا يثبت.

‌أبو اسحاق ابن شهرام:

الكاتب ويعرف بابن ظلوم المغنية الشهرامية، واختلف في اسمه فقيل عبد الله ابن محمد بن شهرام، وقيل محمد بن عبد الله بن شهرام، وقد أشرنا الى ذلك فيما تقدم، وقيل في جده شهران.

قدم حلب واختصه سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان لخدمته، وأفضى إليه بأسراره وكان يسيره في رسائل الى ملك الروم، ووزر بعده لابنه شريف، وكان مدبر دولته.

وأمه ظلوم الشهرامية جارية أبيه، وبه تعرف، وكانت من المحسنات في الغناء، وكان أبو اسحاق كاتبا مجيدا، وشاعرا محسنا، روى عنه أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه شيئا من شعره.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-اجازة-قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي القاسم علي بن المحسّن بن علي التنوخي قال: أخبرنا أبي المحسّن بن علي قال: حدثنا أبو القاسم بن معروف، وذكر حكاية وقعت في مجلس سيف الدولة بحلب، قال فيها: ثم استدعى-يعني-سيف الدولة أبا اسحاق بن شهرام المعروف بابن ظلوم المغنية، وكان يكتب له ويترسل الى ملك الروم، ويبعثه في صغير (6 - ظ) أموره وكبيرها وذكر تمام الحكاية.

وقال التنوخي في موضع آخر: أبا اسحاق بن شهرام الكاتب، وكان خصيصا به جدا، يخدمه في أموره، وينفذه في صغير أخباره وكبيرها.

قرأت على ظهر كتاب المعاني للفرّاء بخط أبي عبد الله بن خالويه مكتوبا بخط عقيل أبو بخط عمار ابني الحسين بن حماد الموصلي، وكانا يقرآن بحلب على ابن خالويه صورته: قال ابن خالويه: حضر ذات يوم عندي أبو اسحاق بن شهرام،

ص: 4323

وأبو العباس ابن كاتب البكتمري، وأبو الحسن المعنوي، فأنشد عمار بيتا على فص خاتمه وهو:

وكل مصيبات الزمان وجدتها

سوى فرقة الأحباب هينة الخطب

وسأل الجماعة إجازته، فقال أبو اسحاق بن شهرام:

وكل مصيبات الزمان وجدتها

سوى فرقة الأحباب هينة الخطب

وقد قال لي قوم تبدل سواهم

لعلك تسلو إنما الحبّ كالحبّ

ومن لي بسلوى عنهم لو أطقتها

ولكن عذلي ليس يقبله قلبي

فيا حب لا تبخل عليّ بقبلة

ترد بها نفسي فيغبطني صحبي

فإني وبيت الله فيك معذب

الفؤاد عليل القلب مختلس اللب

ولي مثل قد قاله قبل شاعر

إذا ازددت منه زدت ضربا على ضرب

خرجت غداة النفر أعترض الدمى

فلم أرى أحلى منك في العين والقلب

فو الله ما أدري أحبّا رزقته

أم الحب أعمى مثل ما قيل في الحب

(7 - و) وقال أبو العباس بيتين وقال أبو الحسن المعنوي ثلاثة أبيات قد ذكرناها في ترجمتيهما، وقد ذكرنا الحكاية بتمامها في ترجمة الحسين بن علي بن حماد الموصلي، والد عمار المذكور فيما تقدم من هذا الكتاب.

وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وثلاثمائة.

‌أبو اسحاق الحنبلي:

قدم حلب علي أبي الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري الحلبي العابد، وحكى عنه.

‌أبو اسحاق الأنطاكي:

روى عن أبي عبد الله الجوزجاني، روى عنه أبو القاسم نصر بن منصور، وعبد الله بن الحسين (7 - ظ).

ص: 4324

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ -إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أنبأنا الشريف أبو القاسم النسيب قال: حدثني أبو محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو العباس البردعي قال: حدثنا عبد الله بن الحسين عن أبي اسحاق الانطاكي قال: حدثني أبو عبد الله الجوزجاني-رفيق ابراهيم-قال:

غزا ابراهيم بن أدهم في البحر، فذكر الحكاية في موت ابراهيم، وقد ذكرناها في ترجمته

(1)

.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغدادي الحافظ قال: أنبأني أبو القاسم الظفري، والآزجي ذاكر بن كامل، ويحيى بن أسعد بن بوش عن أبي سعد بن الصيرفي عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ قال:

أخبرنا المؤمل بن غدير التنوخي قال: حدثنا الحسن بن منصور الكندي قال:

أخبرنا أبو القاسم نصر بن منصور الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن منصور قال: سمعت أبا اسحاق الأنطاكي يقول: لقي رجل رجلا فقال له: من أين جئت؟ قال من الطوس، قال وأين تريد؟ قال: كوفة، فهل لك من حاجة؟ قال: نعم تحمل الألف واللام من الطوس حتى تأتي بها كوفة.

‌أبو اسماعيل الطفرائي الكاتب:

واسمه الحسين بن محمد وقد قدمنا ذكره.

‌أبو الاسود الدؤلي:

واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان، وهو أول من وضع علم النحو، وقد قدمنا ذكره في حرف الظاء

(2)

، وذكرنا أنه شهد صفين مع (8 - و) علي رضوان الله عليه.

نقلت من أخبار النحويين تأليف أبي بكر محمد بن عبد الملك التاريخي

(3)

في ذكر أبي الأسود الدؤلي قال: وقد ولي أبو الأسود البصرة لابن عباس، وشهد صفين

(1)

لم يصلنا من كتاب البغية تراجم من اسمه ابراهيم، كما أن مخطوطة ابن عساكر تبدأ بحرف الثاء من الكنى.

(2)

لم يصلنا حرف الظاء.

(3)

لم استطع الوقوف عليه.

ص: 4325

مع علي عليه السلام، وأصابه الفالج بالبصرة، ومات بها، وكان سعى بابن عباس رحمة الله عليه الى علي صلوات الله عليه حتى كان بينها في ذلك كلام.

ونقلت من خط روح بن محمد بن أحمد بن محمد بن اسحاق بن السني قال:

وأخبرنا فيما كتبه لي الى والدي رحمه الله، يعني جده أحمد بن السني قال: حدثنا أبو عثمان المازني أن أبا الأسود الدئلي تقدم الى زياد، فرفع مجلسه، فقال إن لي خصما، فقال إنك لخصم، اقعد فمن خصمك؟ قال: أم ولد لي، أدع بها

(1)

، فدعا بها فأجلسها، قال أبو الأسود: حملته قبلها ووضعته قبلها، قالت: حملته شهوة وحملته أنا كرها، فقال: يا أبا الأسود ادفعه إليها فهي أحق به، وتحول الى مجلسك وانصرفت المرأة، وقام ابو الأسود، ثم أقبل عليه فقال: يا أبا الأسود لو كان فيك فضل لاستعملناك قال: أللصراع يريدنا الأمير! قال: فأنشا أبو الأسود يقول:

زعم الأمير أبو المغيرة أنني

شيخ كبير قد دنوت من البلى

صدق الأمير أبو المغيرة ربما

نال المكارم من يدب على العصا

(8 - ظ)

يا أبا المغيرة رب أمر فادح

فرجته باللب مني والدها

(2)

‌أبو أسيد بن ربيعة الانصاري:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقيل إنه شهد في كتاب التحكيم بين علي ومعاوية (9 - و).

‌أبو أسيد

(3)

الفزاري الزاهد:

يقال بفتح الهمزة وضمها، وكان من التابعين، روى عنه عبد الله بن أبي زكريا، وحكى عنه سعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وكان يقال إنه

(1)

في الرواية بعض الاختصار أو السقط، وقد اختلف أبو الاسود وزوجته حول حضانة ابن لهما.

(2)

لم ترد هذه الابيات في ديوان أبي الاسود المطبوع.

(3)

ضبطه ابن العديم «أبو أسيد» و «أبو أسيد» وكتب فوق اسم أسيد: معا

ص: 4326

من الأبدال، وغزا أرض الروم، واجتاز بدابق في طريقه الى الغراة وقد ذكرنا في ترجمة عبد الله بن عبد الحليف أنه كان بأرض الروم مع عبد الله ويزيد بن الأسود (9 - ظ).

أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله الدامغاني قال: أخبرنا أبي قال:

أخبرنا أبو العز بن المختار بن المؤيد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: وحدثني يحيى بن عبد العزيز الجزري قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن سعيد-فيما أظن-أن أبا أسيد شهد جنازة فمر بعتبة باب داره وإذا به قد أصلح فقال: ما نظرت الى هذا بنهار منذ ثمانية عشر سنة (10 - و).

‌أبو الأشعث الصنعاني:

اسمه شراحيل، وقيل شرحبيل، وقد تقدم ذكره في حرف الشين.

‌أبو الأعور السلمي:

اسمه عمرو بن سفيلن، شهد صفين مع معاوية، تقدم ذكره.

‌أبو الأعين الأنطاكي:

شاعر مجيد من أهل أنطاكية، قرأت له أبياتا من الشعر بخط علي بن سنان الحلبي، في مجموع من تعليقه:

لا وحلو الهوى ومر التجني

وبخط العذار في ورد خده

لأذيبن وجنتيه بلحظي

مثلما قد أذاب قلبي بصده

قال: وله:

الرجل المهذب ابن نفسه

أغناه فضل نفسه عن جنسه

كم بين من تكرمه لغيره

وبين من تكرمه لنفسه

قال: وله أيضا:

ربما يرجو الفتى نفع فتى

خوفه أولى به من أمله

رب من ترجو به دفع أذى

سوف يأتيك الأذى من قبله

ص: 4327

‌أبو أمامة الباهلي:

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه صدي بن عجلان، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، تقدم ذكره.

‌أبو أمية السندي:

خصي عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، واسمه عبد الرحمن، تقدم ذكره (10 - ظ)

‌أبو أمية الخصي:

خادم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، غير الأول، اسمه منصور، قد تقدم ذكره.

‌أبو أمية الطرسوسي:

اسمه محمد بن إبراهيم، تقدم ذكره.

‌أبو أيوب:

مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، شهد صفين مع علي رضي الله عنه وغيرها، حكى عنه، روى عنه علي بن مطرف.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الصوفي-إجازه إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني قال: كتب إليّ أبو الحسن محمد بن علي بن صخر الأزدي: حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا يونس بن أرقم قال: حدثنا محمد ابن المغيرة عن علي بن مطرف عن أبي أيوب مولى عثمان، وكان انقطع مع علي وشهد معه المشاهد قال: جاء رجل إليه، فقال: يا أمير المؤمنين أرأيت هذه الخطايا التي استوجب الناس بها من الله العقوبات أهي من الله أم من الناس؟ قال: خلقها من الله وعملها من الناس، لا تسأل عنها أحدا غيري.

ص: 4328

‌حرف الباء من الكنى

‌أبو البختري:

شهد وفاة عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه بدير بن سمعان، وحكى عنه، روى عنه سفيان، وليس بسعيد بن فيروز. (11 - و)

أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا أبو القاسم إبراهيم بن أبي جعفر محمد بن إبراهيم الدواتي قال: أخبرنا أبو منصور بن شكرويه قال حدثنا أبو الحسن علي ابن القاسم بن الحسن النجاد-املاء-قال: حدثنا يعقوب بن محمد بن صالح قال: حدثنا بكر بن أحمد بن سعدويه القطان العبدي قال: حدثنا نصر بن علي عن محمد بن يزيد عن سفيان عن أبي البختري قال: دخلنا على عمر بن عبد العزيز وهو يجود بنفسه، فقلنا: يا أمير المؤمنين من توصي بأهلك؟ فقال:

إذا نسبت الله فذكروني، قال: فأعدنا، فأعاد به، ثم قال «إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ»

(1)

، بنّي أحد رجلين: رجل أطاع الله فما كان الله ليضيعه، ورجل عصى الله فما أبالي على أي جنب سقط.

قال الحافظ أبو القاسم: أظن أبا البخترى هذا مغراء العبدي، والله أعلم.

‌أبو بدر الحلبي:

حدث عن عبد الله بن عبيد بن نمير روى عنه بكر بن خنيس.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا اسماعيل بن (11 - ظ)

(1)

سورة الاعراف-الآية:196.

ص: 4329

عبد الله بن مسعود قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا الهقل عن بكر بن خنيس عن أبي بدر الحلبي عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده قال:

قلت: يا رسول الله ما الايمان؟ قال: السماحة، قلت: فأي المسلمين أفضل؟ قال.

من سلم المسلمون من لسانه ويده، وأفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وأعظم المسلمين في المسلمين من سأل عما لم يكن على المسلمين فحرم من أجل مسألته

(1)

.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن باز الموصلي-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: أبو بدر الحلبي، روى عن عبد الله بن عبيد بن نمير، روى عنه بكر بن خنيس

(2)

.

‌أبو بديل:

وعنبسة الوراق الأعرابي مولى أبي بديل.

‌أبو بردة بن عوف الأزدي:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقد ذكرنا قوله يومئذ في ترجمة مخنف ابن سليم.

‌أبو بردة بن نيار:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه.

(1)

انظر كنز العمال:3/ 8403.

(2)

لا ترجمة له في المطبوع من التاريخ الكبير للبخاري.

ص: 4330

‌ذكر من كنيته أبو البركات

(12 - و)

‌أبو البركات بن خليفة بن العطار:

الحراني الأمين، سكن حلب مدة طويلة، ثم عاد الى حران وتوفي بها، وكان أخوه قد مرض بحران، فسمع بمرضه فسار من حلب الى حران عائدا له فبرأ أخوه يوم وصوله، ومرض هو ومات.

وكان حدث بصحيح الامام أبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري عن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وسمع سعد الخير بن محمد الأنصاري وأبا الفضل محمد بن ناصر السلامي ونظراءهم سمع منه شيخنا الخطيب أبو عبد الله محمد بن تيمية خطيب حران، وغيره، أخبرني بذلك كله رفيقنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شجانه الحراني.

‌أبو البركات بن عبد المحسن بن سعيد بن عمرو:

التنوخي المعري الأطروش، شاعر مجيد من أهل معرة النعمان.

روى عنه شيئا من شعره القاضي أبو اليسر عبد الكريم بن عبد الغالب بن عبد الله المعري.

أخبرنا أبو القاسم بن الحسين بن رواحة الأنصاري-اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن ابراهيم السّلفي-ونقلته أنا من خط السلفي-قال: أنشدني القاضي أبو اليسر عبد الكريم بن عبد الغالب بن عبد الله المعري بالاسكندرية قال: أنشدني أبو البركات بن عبد المحسن بن عمرو التنوخي لنفسه بالمعرة:

ص: 4331

همّ الورى في العيد قطع ثيابهم

جددا وأكثر همنا الصابون (12 - ظ)

والبن والزيتون جل طعامنا

فيه وأين البن والزيتون

قرأت في بعض تعاليقي لأبي البركات بن عمرو الأطروش في نواب أبي مسلم:

مضى أبو مسلم حميدا

وجاره الله خير جار

وما علا موته علينا

براحة الناس من نزار

‌أبو البركات بن أبي جوزة المعري:

شاعر من شعراء معرة النعمان، متوسط الشعر، وهو من بني عمرو المعريين.

نقلت من خط أسامة بن مرشد بن منقد، وأنبأنا به عنه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: ومن شعراء الشام أبو البركات بن أبي جوزة، وليس من المشهورين بجيد الشعر، من شعره:

نثرت مقلتاي دمعا فريدا

حين بانوا عني فبت فريدا

يا أخلاّئي ليس قلبي على البين

كما تعهدون قدما جليدا

شفّه وجده بكم فهو نضو

(1)

مستهام لا يستطيع مزيدا

يا زمان اللوى سقتك الغوادي

والسواري ما كنت إلاّ حميدا

يا مغاني الأحباب بدّلت منهم

سرب وحش دعج النواظر غيدا

أشبهوها سوالفا وعيونا

ونفارا وخالفوها خدودا (13 - و)

قال أسامة بن منقذ: ومن شعره:

ألمّ خيال من سليمي فسلما

وهيج لي داء من الوجد أقدما

وألهب في الأحشاء نار صبابة

أبى جمرها في الحب إلاّ تضرما

على أنه لم يجر في القلب ذكرها

وان بعدت إلاّ جرت أدمعي دما

وإني لذو وجد بها وصبابة

إليها وان لم تشف ما بى من الظما

(1)

مجرد، مهزول. القاموس.

ص: 4332

أحنّ إليها كلما هبت الصبا

وغرد فمري الضحى فترنما

ألا ليت شعرى هل يعود كما مضى

زمان بإدراك الأماني تصرما

وذكر ابن الزبير في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان قال: أبو البركات ابن أبي جوزة المعري، شاعر من أهل معرة النعمان، هو وأخوه أبو نصر، وأورد لأبي البركات القصيدة الميمية المتقدمة البيتين الأولين والبيتين الآخرين.

‌أبو البركات بن الدويدة:

واسمه محمد بن أحمد بن محمد المعري، وقد سبق ذكره.

‌أبو البركات بن أبي جرأدة الحلبي:

واسمه عبد القاهر بن علي، وكان كاتبا مجيدا، وشاعرا حسن الشعر، أديبا، راويا للحديث، وقد ذكرناه. (13 - ظ).

‌أبو البركات بن علي:

ابن عبد الرزاق بن الخضر بن عجلان، البالسي، شيخ من أهل بالس، له شعر، كتب عنه عمر بن الربيب أبي المعالي أسعد بن عمار الموصلي.

فإنني قرأت بخطه في مجموع له: أنشدني بالقاهرة سديد الدين أبو البركات بن علي بن عبد الرزاق بن الخضر بن عجلان-من بني النابغة الجعدي، الشاعر المشهور- لنفسه في العشر الاول من جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وستمائة، حين قصد الديار المصرية من مدينته وهي بالس بالشام، شاكيا من نواب الملك الحافظ نور الدين أرسلان بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب الى السلطان الملك الكامل، وسألته عن عمره فقال: لي تسعة وسبعون سنة، وقد عزم على النقلة عن بالس:

سأرحل عنكم رحلة ليس بعدها

رجوع اليكم ما أمدني الدهر

لاني رأيت الحال تبدي لي الجفا

ولم يستقم لي في بليدتنا أمر

ص: 4333

وما أنا معتاد هوانا وقلة

ولا سيما يأتي وقد نفد الدهر

وفي الأرض مستغنى يعوض عنكم

وما أنا مجهول وإن مسّني الضرّ

نفضت يدي منكم اياسا لخيركم

كما تنفض الايدي اذ انجز القبر

قال: وأنشدني أيضا لنفسه في اليوم المذكور:

لما أتت كتب القضاة فضضتها

وعلمت ما فيها ففاضت أدمعي

أسفا على بعد المسافة والمدى

والدار تبكيهم وتندبهم معي

ص: 4334

‌ذكر من كنيته أبو بشر

(14 - و)

‌أبو بشر الحلبي:

واسمه عمران، روى عن الحسن البصري، وأبي عثمان النهدي، والزهري، وأبي مليح بن أسامة. روى عنه عبيد الله بن موسى، ووكيع بن الجراح، وحماد بن أسامة والحسن بن صالح، وقران بن تمام الكوفي، وعلي بن هاشم.

أخبرنا أبو القاسم بن أبي السعود بن قميرة البغدادي-بحلب-قال:

أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج بن الآبري عن طزاد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن سعد قال: أخبرنا قران بن تمام عن أبي بشر الحلبي عن الحسن قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

ساعات الاذى يذهبن ساعات الخطايا

(1)

.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا يحيى بن محمود ابن سعد الثقفي ومحمود بن أحمد بن عبد الواحد قالا: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن محمد بن الفضل قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن هرون قال: أخبرنا أحمد بن موسى قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا الحسن بن صالح عن أبي بشر الحلبي عن الزهري قال: تسبيحة في شهر رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره.

أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري (14 - ظ) قال: أخبرنا السيد أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر العلوي النقيب قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي المعروف بابن الطيوري، قال:

(1)

انظره في كنز العمال:6674،3/ 6672.

ص: 4335

أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن الحسن بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب بن اسحاق العباداني قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن مروان الدقيقي الواسطي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا أبو بشر الحلبي عن الحسن قال: ليس الايمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقته الاعمال

(1)

، من قال حسنا، وعمل غير صالح رده الله عز وجل على قوله: ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه

(2)

العمل ذلك بأن الله عز وجل يقول:

«اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه»

(3)

.

‌أبو بشر المؤذن:

مؤذن مسجد دمشق، يقال انه من أهل قنسرين، روى عن عامر بن لدين الاشعري، وعمر بن عبد العزيز ومكحول، روى عنه معاوية بن صالح الحضرمي وراشد بن سعد، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي (15 - و).

أنبأنا أبو حفص بن قشام الحلبي عن أبي العلاء الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر ابن أبي علي قال: أخبرنا أبو بكر الصفار قال: أخبرنا أحمد بن علي بن منجويه قال:

أخبرنا الحاكم أبو أحمد قال: أبو بشر مؤذن مسجد دمشق، روى عن عامر بن لدين الاشعري، روى عنه معاوية بن صالح الحضرمي، حديثه في أهل الشام، قال:

ويحتمل أنه هو الذي روى عنه راشد بن سعد، ويقال انه من أهل قنسرين، وهو الذي روى عنه عن مكحول أبي عبد الله الهذلي وأبي حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان القرشي.

وقال الحاكم: أخبرنا أبو العباس السراج قال: حدثنا أبو همّام الوليد بن شجاع قال: حدثني ابن وهب قال: حدثني معاوية بن صالح عن أبي بشر أنه رأى عمر بن عبد العزيز.

(1)

انظره في كنز العمال:1/ 11.

(2)

كتب ابن العديم في الهامش: نفعه.

(3)

سورة فاطر-الآية:10.

ص: 4336

أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أجاز لي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن أحمد ابن محمد الطبري قال: حدثتنا أم الضحاك عاتكة بنت أحمد بن عمرو بن أبي عامر النبيل، قالت: قرأت في كتاب أبي أحمد بن عمرو بن أبي عامر النبيل، وأجاز لي أن أروي عنه، قال: حدثنا أبو بكر-يعني-ابن شيبة قال: توفي أبو بشر مؤذن دمشق سنة عثمان وعشرين ومائة.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن نسيم في كتابه عن أبي القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا (15 - ظ) أبو عمرو ابن مندة قال: أخبرنا أبو محمد بن بوه قال: أخبرنا أبو الحسن اللبناني قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أبو بشر مؤذن مسجد دمشق مات سنة ثلاثين ومائة، وقال غيره عن ابن سعد: في خلافة مروان بن محمد

(1)

.

‌أبو بشر العطار:

كان بطرسوس، وحكى عن رجل مجهول كان بالثغر من رهط قيس بن ذريح، روى عنه أبو زكريا بن ابراهيم المزكي.

قرأت بخط تاج الاسلام أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني وأنبأنا به ولده أبو المظفر عبد الرحيم عنه قال: أخبرنا أبو محمد سفيان بن ابراهيم التككي-بقراءتي عليه بأصبهان-قال: أخبرنا أبو صالح محمد بن المؤمل البشتني، قدم علينا، قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن ابراهيم المزكي-املاء- قال: سمعت أبا بشر العطار يقول: كنت بطرسوس فوقع النفير، فلما قربنا من الجوزات سمعت أصوات حراسها فوق السطوح يكبرون بأنواع التكبير والتحميد ما سمعت بمثلها في حسن الصوت والهيئة والتعظيم لذكر الله عز وجل، فسمعت بعد ذلك منشدا ينشد هذه الابيات:

(1)

أرجح أن هذه الرواية عن ابن سعد منقولة عن كتاب الطبقات الصغرى.

ص: 4337

فوقع عليّ البكاء ولم أدر من ينشده، فلما أصبحنا قلت لبعض أهل طرسوس:

سمعت البارحة كذا وكذا، فقال: قم معي فجاء بي الى شيخ، ذكر أنه من فرسان العرب، وصعاليك الغزاة، فقال: هذا الفتى كان الذي سمعته (16 - و) البارحة يقول فينشد الابيات، فقال: أنا من رهط قيس بن ذريح حدثني أبي عن آبائه وأجداده، أن قيس بن ذريح لما فارق لبنى أنشأ هذه الأبيات واشتهر بذكر هنا وهي:

ولو أنني استطيع صبرا وسلوة

تناسيت لبنى غير ما مضمر حقدا

ولكن قلبي قد تقسمه الهوى

شتاتا فما ألفى صبورا ولا جلدا

سل الليل عني كيف أرعى نجومه

وكيف أقاسي الهم مستخليا فردا

كأن هبوب الريح من نحو أرضكم

يثير فتات المسك والعنبر الندا

‌أبو بشر التنوخي:

وقيل أبو بشير حكى بعض أمر وقعة اليرموك، وكان نصرانيا من تنوخ، خرج من أنطاكية مع باهان ملك الروم حين توجه الى اليرموك، حكى ذلك عنه أبو جهضم الأزدي، ذكر ذلك عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي، وأبو اسماعيل محمد بن عبد الله الأزدي البصري.

‌أبو بشر الوزير الحلبي النصراني:

كان وزيرا للأمير محمود بن نصر بن صالح بن مرداس الكلابي، أمير حلب، وكان قد ساعد محمودا بماله حتى ملكه حلب واستجذب إليه العرب، وكان محمود في أول ملكه حسن الأخلاق، كريم النفس، ثم تغير بعد ذلك على أصحابه وشحت نفسه، وتغيرت أخلاقه بعد رحيل السلطان العادل ألب أرسلان عن حلب (16 - ظ)

(1)

.

فتغير على وزيره أبي بشر، وكان القائد أبو الحسن بن أبي الثريا الذي كان وزيرا لعطية بن صالح بن مرداس قد سعى بأبي بشر ليلي وزارة محمود، فقبض

(1)

حاصر السلطان ألب أرسلان مدينة حلب سنة 463 هـ /1071 م ولم يثمكن من اقتحامها، بل حقق تسوية مع أميرها محمود بن نصر. انظر تفاصيل ذلك في كتابي امارة حلب:140 - 145.

ص: 4338

محمود أبا بشر الوزير، وطالبه بمال جليل، وكان محمود قد رغب في جمع المال وغلب عليه حب الدنيا، فذكر له أبو بشر أنه عاجز عن أداء ما طولب به، وأنه مما لا تصل يده ولا الى بعضه، فأمر محمود بقتل ولد كان لأبي بشر وبقتل أخيه فقتلا، وقطع رأساهما وعلفا في عنقه، فسمع أبو بشر وهو يقول:

ويخ دهري ما أمرّه

ما وفى خيره بشره

وحلف أبو بشر أنه بعدما فعله بابنه وأخيه لا يظهر له شيئا من ماله، وقال:

كل من عنده لي شيء مودع فهو في حل منه وسعة، وندم محمود على ما فعل وأراد الرجوع له وأرسل إليه شافع بن الصوفي أن يقرر عليه شيئا ويطلقه، فامتنع واتفق أن محمودا اصطبح وقدم إليه طعام بعد سكره، فأنفذ منه لأبي بشر مع فراشه، فقام قائما وقبل الأرض وشكر ودعا، فعرف ابن أبي الثريا، فركب ولقي الفراش ودفع إليه مائة دينار وسأله أن يقول لمحمود إن هذا شيخ خرف لأنه لم يقبل طعام مولانا، وقال: كافأه الله وعجل عليه، ففعل الفراش ذلك، ودخل ابن أبي الثريا عقيبه على محمود، وجاراه في حديث لا يتعلق بأبي (17 - و) بشر، فلم يقبل عليه ووجده مملوء القلب غيظا من جواب الفراش، فقال ابن أبي الثريا: الله لا يشغل لمولانا خاطرا فما أراه منبسطا في مجلسه ولا مصغيا إلى المملوك، فحدثه بما قال الفراش فقال: يا مولانا لم تزل إليه محسنا، ويقابله بالاساءة فكيف يكون بعدما جرى عليه وعلى ابنه وأخيه ما جرى، وأنا أدري أنك تريد ماله وقد تكرر قوله أن لا يعطيك شيئا.

قال محمود: هذا سيفي وخاتمي خذهما وامض إليه، فإن لم يقر بشيء فاقتله، فقام ابن أبي الثريا من عنده بذلك واشتغل محمود بالشرب فلهي عنه، وأحضر ابن أبي الثريا أبا بشر فلم يطالبه بمال، بل قال له: ما زلت تتجلد حتى صرت إلى هذه الحال، فقال: يا قائد السوء قد علمت أن هذا كله من سعيك، والأجل لا مرد له، وهذا موت الشهداء، ولكن استعد لرجلك بحبل فستموت ميته الكلاب وتجر جيفتك الى الخندق، وقتل أبو بشر ورمي وسط بئر بستان القصر.

وصعد أبو نصر بن النحاس ثاني يوم قتل أبي بشر إلى خدمة محمود، فقال

ص: 4339

له سرا تمضي الى أبي بشر لتقرير ما عليه ويطلق، فقال: يا مولانا وما قتلته! فأطرق محمود ساعة ثم قال: تمت عليه وعليّ الحيلة ويجب يا أبا نصر أن نكتم هذا الأمر، قال أبو نصر: فما حدثت به إلاّ بعد موت محمود.

ووزر ابن أبي الثريا لمحمود فلما ولي نصر بن محمود حلب أمر بقتل (17 - ظ) ابن أبي الثريا فقتل تحت القلعة وجرّ بحبل على ما ذكرناه في ترجمته، وصدق فأل أبي بشر.

نقلت ذلك من خط الشريف محي الدين أبي حامد محمد بن الشريف أبي جعفر الهاشمي الحلبي، رحمه الله.

‌أبو بقيّة:

راجز قدم مع المتوكل حلب في سنة أربع واربعين ومائتين وقال مزدوجة يصف المنازل من سامراء إلى دمشق أولها:

يا نفس إن العمر في انتقاص

وليس من موتك من مناص

أما تخافين من القصاص

وترتجين الفوز بالخلاص

فبادري بالطاعة المعاصي

وهي طويلة.

ص: 4340

‌ذكر من كنيته أبو بكر

‌أبو بكر بن أحمد بن علي بن عبد العزيز:

البلخي السمر قندي الحنفي الفقيه المعروف بالظهير، أصله من بلخ، وهو من أهل سمرقند، فقيه فاضل، مفت على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، قرأ الفقه على الامام قطب الدين علي بن محمد الأسبيجابي بعد الخمسمائة، ودرس الفقه بمراغة، وقدم حلب في أيام نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله، وأظنه نزل بها بالمدرسة الحلاوية ومدرسها إذ ذاك علاء الدين عبد الرحمن الغزنوي، ثم توجه الى دمشق وولي التدريس بها في الخزانة الغربية من جامع دمشق، ثم ولي التدريس بمسجد خاتون ظاهر دمشق.

ووقفت له (18 - و) على كتاب ألفه في شرح الجامع الصغير، وهو كتاب حسن في بابه، ووقف كتبه على المدرسة النورية الحلاوية بحلب، ووجدت تاريخ وقفه إياها في شوال سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وفي هذه السنة مات بدمشق، ولاح لي بقرائن الحال أنه كان أودع كتبه بحلب عنه الإمام علاء الدين الغزنوي مدرس الحلاوية بحلب، فلما حضره الموت بدمشق وقف كتبه على المدرسة بحلب.

وقرأت بخطه على ظهر كتاب من كتبه الموقوفة: رأيت فيما يرى النائم بمراغة وأنا مدرس بمدرسة الخليفة ليلة الجمعة أواخر ذي الحجة سنة سبع وأربعين وخمسمائة، الشيخ الإمام الزاهد أبا بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله، فناولني يده اليمنى فأخذتها ومسستها وقبلتها، وقلت له اقبلني فقال لي بالفارسية:

من أن توم، فقلت له: ومن ترازان توم، ثم أدخل طرف لسانه في فمي فامتصصته وابتلعت ريقه وقد أخذني وأسندني إلى حائط في مسجد كبير واسع كأنه مسجد الجامع، وكان طلق الوجه أبيض أحمر، حسن العينين خفيف اللحية.

ص: 4341

قرأت بخط ظهير الدين أبي بكر السمر قندي، من شعره، على ظهر كتاب من كتبه الموقوفة بالمدرسة الحلاوية: ومما ظهر لي من أمر الشام أن قلت:

الشام كامرأة لها دل به

شغف الرجال وانها حسناء

(18 - ظ)

فاقنع بذاك وخلها بقناعها

لا تكشفن فإنها قرعاء

وقرأت أيضا بخطه على ظهر كتاب من الكتب الموقوفة بيتين من شعره هما:

يا زائدا في أكله لقمة

أسقمت جسما سالما بالتخم

فيالها من لقمة أسقمت

جسما وردّت عدة من لقم

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني-ونقلته أنا من خط السمعاني -قال: وقال عمر بن محمد بن أحمد النسفي: التمس الاجازة مني الامام أبو بكر ابن أحمد البلخي السمرقندي بهذه الأبيات:

أيا مقتدي الأيام يا ذا العلا عمر

وقاك حفيظ الخلق من شبهة الضرر

أجز لأبي بكر بن أحمد مفضلا وبدّل

له بالأجر بالصفوة الكدر

جميع الذي صنفته وسمعته وخذ

صالح الدعوات في ظلمة السحر

قال: فكتبت إليه:

أجزت لسيدي وفريد عصري

أبي بكر بن أحمد ما ابتغاه

على شرط التحرز والتوقي

وذكر بالدعاء كما حكاه

أجيب دعاؤه فينا وفيه

وفي الدارين تم له مناه

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أبو بكر السمر قندي الحنفي (19 - و) الفقيه المعروف بالظهير، قدم دمشق وأقام بها مدة، وعقد له مجلس التدريس في الخزانة الغربية بشام من جامع دمشق التي جعلت

ص: 4342

مسجد ثم فوض إليه التدريس بمسجد خاتون الى أن مات بدمشق ليلة الاثنين، ودفن يوم الاثنين الثالث والعشرون من شوال سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.

‌أبو بكر بن أنس بن مالك:

الأنصاري البصري، غزا الروم واجتاز بدابق، وقدم على أبيه أنس بن مالك رضي الله عنه، وحكى له حكاية حكاها عنه ثابت البناني.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي-قراءة عليه بحلب-قال:

أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزاز قال: حدثنا اسحاق ابن بنت داود بن أبي هند قال: أخبرنا عبّاد بن راشد البصري عن ثابت البناني قال: كنت عند أنس بن مالك، وقدم علينا ابن له من غزاة له، يقال له أبو بكر فسائله فقال: ألا أخبرك عن صاحبنا فلان، بينما نحن قافلين في غزاتنا إذ ثار وهو يقول: وا أهلاه، فثرنا إليه وظننا أن عارضا عرض له، فقلنا: ما لك؟ فقال: إني كنت أحدث نفسي أن لا أتزوج حتى أستشهد (19 - ظ) فيزوجني الله تعالى من حور العين، فلما طالت عليّ الشهادة، قلت في سفري هذا ان رجعت هذه المرة تزوجت فأتاني آت قبيل في المنام، فقال أنت القائل إن رجعت تزوجت، قم فقد زوجك الله العيناء، وانطلق بي الى روضة خضراء معشبة فيها عشر جوار بيد كل واحدة صنعة تصنعها، لم أر مثلهن في الحسن والجمال، فقلت: فيكن العيناء؟ فقلن نحن من خدمها، وهي أمامك فمضيت فإذا روضة أعشب من الأولى، وأحسن فيها عشرون جارية في يد كل جارية

(1)

صنعة تصنعها ليس العشر إليهن بشيء من الحسن والجمال فقلت: فيكن العيناء؟ قلن نحن من خدمها وهي أمامك فإذا أنا بروضة وهي أعشب من الاولى والثانية في الحسن والجمال فيها أربعون جارية في يد كل واحدة منهن صنعة تصنعها ليس العشر والعشرون إليهن بشيء في الحسن والجمال، قلت: فيكن العيناء؟ قلن نحن من خدمها، وهي أمامك، فمضيت فإذا أنا بياقوتة مجوّفة فيها سرير عليه امرأة قد

(1)

كتب ابن العديم في الهامش: واحدة.

ص: 4343

فضل جنباها السرير، قلت: أنت العيناء؟ قالت: نعم مرحبا فذهبت أضع يدي عليها قالت: مه إن فيك شيئا من الروح بعد، ولكن تفطر عندنا الليلة، قال: فانتبهت قال:

فما فرغ الرجل من حديثه حتى نادى المنادي: يا خيل الله اركبي (20 - و) قال:

فركبنا وصافنا العدو، قال: فانني لأنظر الى الرجل وأنظر الى الشمس وأذكر حديثه فما أدري رأسه سقط أم الشمس سقطت.

أنبأنا حسن بن أحمد الصوفي عن الحافظ أبي طاهر قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسن بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثني أبي قال:

وأبو بكر بن أنس (بن) مالك بصري تابعي ثقة

(1)

.

‌أبو بكر بن أيوب بن شاذي:

الملك العادل سيف الدين، واسمه محمد، وقد سبق ذكره في المحمدين من هذا الكتاب.

‌أبو بكر بن جمهور:

كان من المجاهدين بطرسوس، وقرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد وحكى عنه.

وقع إليّ مجلد فيه أجزاء تتضمن أخبارا وحكايات عن أبي نصر إبراهيم بن علي بن عيسى بن الجراح، فقرأت في بعضها مما هو ملحق بها، وليس باسناد قال أبو بكر بن جمهور، وكان ممن يلزم طرسوس ويواصل الغزو: كنت بين يدي أبي بكر بن مجاهد، رحمه الله حتى جاءه رجل يريد القراءة عليه فوجده يقرئ رجلا قد تقدمه، فجلس في ناحية من الحلقة فلما فرغ الاول قام فجلس موضعه ثم ابتدأ يقرأ الحمد وأراد أن يقرأ أول سورة البقرة، فلما قال:«ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه» قال له أبو بكر: حتى تتم الختمة الأوّلة، ثم تقرأ غيرها (21 - و) فقال

(1)

الثقات للعجلي:492 (1907).

ص: 4344

الرجل: وأي ختمه يا استاذ؟ قال: التي بلغت منها إلى عبس، فاحتشم الرجل، ونهض وقرأ غيره، فسأله سائل عن الحديث، فقال: هو والله كما قال، ابتدأت عليه ختمة منذ ثلاث عشرة سنة ولم أفرع منها، وبلغت منها الى عبس، وعرض لي سبب فخرجت إلى البصرة، وطالت غيبتي فلم أقدم إلاّ في هذا الوقت

(1)

(20 - ظ).

‌أبو بكر بن حماد بن علي بن عبد الله الحلبي:

شاعر كتب عنه أبو البركات بن المستوفي أبياتا من شعره وذكره في تاريخ إربل -بما أجازه لنا-قال: أبو بكر بن حماد بن علي بن عبد الله الحلبي، اجتمت به في منزلي بإربل في ثاني شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وعشرين وستمائه، وانشدني لنفسه أبياتا عملها على الفرات:

ويوم مررنا بالفرات وجمعنا

كرام وأوقات السرور تساعد

نزلنا بها والماء يرقص ضاحكا

نرى العيش صفوا والغرام فرائد

وأمواهها تجري كدمع مولّه

رماه بفقد الإلف دهر معاند

‌أبو بكر الدقي:

اسمه محمد بن داود، دخل الثغر، وقد قدمنا ذكره.

‌أبو بكر الضحاك:

ابن قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة الفهري، وقد تقدم نسبه في ترجمة أبيه، كان في صحبة سليمان بن عبد الملك بدابق وحكى عن وفاته.

قرأت في كتاب الوصايا لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: حدثونا عن أبي بكربن الضحاك بن قيس الفهري قال: شهدنا مع سليمان (21 - ظ) بن عبد الملك جنازة رجل من قريش، فجلست قريبا منه، فأخذ حفنة من تراب، فقبض عليها، ثم أرسل أصابعه وبسط كفيّه والتراب فيها، ثم قال: إن هذا لمدفن طيب، قال:

(1)

الحقت هذه الترجمة بالاصل بورقة اضافية نبه المصنف الى وجودها.

ص: 4345

فو الله الذي لا إله غيره ما أتت له جمعة حتى دفناه إلى جنب القرشي ليس بينها أحد

(1)

.

‌أبو بكر بن عثمان قجمك:

السلوري المنبجي الحنفي، فقيه حنفي المذهب عارف بالفقه، صالح ورع تركماني من خيل سلور، من تركمان بلد منبج، سكنها واشتغل بالفقه وسمع الحديث بها من القاضي رافع الفايوي، وروى لنا عنه بحلب أمالي الامام برهان الدين البلخي في سنة ثمان وعشرين وستمائة في جمادى الأولى وسألته في هذا التاريخ عن مولده فقال: لي ثمانية وستون سنة تقديرا، وكان له شعر متوسط، وكان مشغوفا به وبنثره أيضا يعرضهما على الناس مستحسنا لهما.

أخبرنا بدر الدين أبو بكر بن عثمان بن قجمك السلوري الفقيه بحلب قال:

أخبرنا القاضي

(2)

(22 - و).

أنشدني الفقيه أبو بكر بن عثمان المنبحي لنفسه بحلب:

إذا اخترت أن تحيا فمت عن عوائق

من الحس خمس ثم عن مدركاتها

وقابل بوجه العقل عالم قدسه

فذاك حياة النفس عند مماتها

توفي الفقيه بدر الدين ابو بكر بن عثمان بمنبح .....

(3)

‌أبو بكر بن عمير الجرجاني:

سمع بأنطاكية القاسم بن أحمد بن محمد البغدادي، وبحلب سيار بن نصر بن سيار. روى عنه أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي، وقد سقنا عنه حديثا رواه عن القاسم في ترجمة القاسم من هذا الكتاب.

أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمر قندي-اجازة إن لم يكن سماعا-أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو

(1)

المعمرون والوصايا:165.

(2)

لم يكمل ابن العديم سرد الرواية وأبقى فراغا مقداره أربعة أسطر.

(3)

فراغ بالاصل.

ص: 4346

القاسم حمزه بن يوسف السهمي قال: اخبرنا الاسماعيلي قال: حدثني أبو بكر ابن عمير قال: حدثنا سيار بن نصر بن سيار البزاز البغدادي بحلب قال: حدثنا سهل بن عبد الرحمن الجرجاني-لقيته بالبادية بسوق فيد-عن محمد بن مطرف عن محمد بن المنكدر عن عروة بن الزبير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استعينوا على الحوائج بكتمانها فإن لكل نعمه حاسدا

(1)

‌أبو بكر بن محمد بن علي بن مغفل الاسدي الطيبي:

من أهل القرآن، فقير حسن السمت من أهل الطيب

(2)

، وعنده فضل وخوض في شيء من كلام أرباب الطريقة، قدم علينا حلب، ونزل في المسجد المعروف بنا، وكان حلو الكلام والمحاضره، وما كان خاليا من التصنع.

أنشدني أبو بكر بن محمد بن مغفل الطيبى في شهر رمضان من سنة احدى وثلاثين وستمائة بمسجدنا بحلب، قال: أنشدني البحراني الشاعر لنفسه بالموصل في سنة خمس وعشرين تقديرا.

يظن نحولي ذو السفاهة والغبا

غراما بهند واشتياقا الى دعد

(22 - ظ)

ولم يدر أني ماجد شفّ جسمه

لقاء هموم خيلها أبدا تردي

عدمت فؤادا لا يبيت وهمه

كرام المساعي وارتقاء إلى المجد

خليليّ مادار المذلة فاعلما

بداري ولا من ما أعدادها وردي

ولا لي في أن أصحب النذل حاجة

لصحة علمي أنه جرب يعدي

‌أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني:

الإمام علاء الدين، أمير كاسان، بلدة من وراء النهر من بلاد الترك، أقام ببخارى واشتغل بها بالعلم على شيخه الامام علاء الدين محمد بن أبي أحمد السمر قندي، وقرأ عليه معظم تصانيفه مثل: التحفة في الفقه، وشرح التأويلات في تفسير القرآن العظيم، وغيرهما من كتب الأصول، وسمع منه الحديث، ومن غيره

(1)

انظر كنز العمال:16809،6/ 16800.

(2)

بليدة بين واسط وخوزستان. معجم البلدان.

ص: 4347

وبرع في علمي الأصول والفروع، وزوجه شيخه السمرقندي بابنته فاطمة الفقيهه العالمة.

وخرج بها معه الى بلاد الروم

(1)

وكان محترما بها، فجرى بينه وبين فقيه من كبار الفقهاء كلام، فرفع الكاساني المقرعة على ذلك الفقيه، وتأذى ملك بلاد الروم من ذلك ولم يقل له شيئا، وكان يركب الحصان إلى أن مات، وله رمح يصحبه في الحضر والسفر، وعنده نخوة الإمارة وعزة النفس.

وسير من الروم رسولا إلى حلب إلى نور الدين محمود بن زنكي، فعرض عليه المقام بحلب والتدريس بالمدرسة الحلاوية، فأجابه إلى ذلك، ووعده أن يعود إلى حلب بعد رد جواب (23 - و) الرسالة، فعاد إلى الروم وأعاد الجواب على ملك الروم، ثم قدم حلب فأكرمه نور الدين محمود بن زنكي وولاه التدريس بالمدرسة الحلاوية المعروفة بمسجد السراجين، وفوض إليه نظرها، وزاوية الحديث بالشرقية بالمسجد الجامع، فحدث بالزاوية المذكورة عند خزانة الكتب، ودرس بالمدرسة المذكورة وبالجاولية، وكان حريصا على تعليمم العلم ونفع الطلبة، وكان فقيها عالما صحيح الاعتقاد، كثير الذم للمعتزلة وأهل البدع يصرح بشتمهم ولعنهم في دروسه، وصنف كتبا في الفقه والأصول منها كتابه في الفقه الذي وسمه «ببدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» رتبه أحسن ترتيب وأوضح مشكلاته بذكر الدلائل في جميع المسائل، ومنها كتابه الذي وسمه «بالسلطان المبين في أصول الدين» وكان مواظبا على ذكر الدرس ونشر العلم.

حدثني والدي رحمه الله قال: كان علاء الدين الكاساني كثيرا ما يعرض له النقرس في رجليه والمفاصل، فكان يحمل في محفة من منزله بالمدرسة، ويخرج الى الفقهاء بالمدرسة ويذكر الدرس ولا يمنعه ذلك الألم من الاشتغال، ولا يخل بذكر الدرس، وكانت زوجته فقيهة فاضلة تحفظ التحفة من تصنيف والدها، وتنقل المذهب وربما وهم الشيخ في الفتوى في بعض الأحيان، فتأخذ عليه ذلك الوهم وتنبهه على وجه الصواب فيرجع الى قولها.

(1)

الى ديار سلاجقة الروم.

ص: 4348

وسنذكرها في (23 - ظ) حرف الفاء فيمن اسمه فاطمة من النساء ان شاء الله تعالى.

أنبأنا جماعة من شيوخي عن الشيخ الامام علاء الدين الكاساني، ونقلته من خطه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الأجل الاستاذ علاء الدين-يعني-محمد بن أبي أحمد السمر قندي قال: حدثني الشيخ الامام أبو علي الحسن بن محمد بن خدام البخاري قال: حدثنا الشيخ القاضي الامام أبو علي الحسين بن الخضر بن محمد النسفي، جدي رحمه الله، قال حدثنا الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد ابن الفضل الكاغدي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي الشيخ الفقيه الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن اسحاق السمناني قال:

حدثنا اسماعيل بن توبة القزويني قال: حدثنا امام المسلمين محمد بن الحسن الشيباني رحمة الله عليه قال: حدثنا أبو حنيفة رحمه الله قال: حدثنا علقمه بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا بعث جيشا قال: اغزوا بسم الله، وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله. لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا حاصرتم مدينة أو حصنا فادعوهم إلى الاسلام فإن أسلموا فأخبروهم أنهم من المسلمين لهم مالهم وعليهم ما عليهم

(1)

الحديث.

أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن محمد البخاري الاصل (24 - و) الحلبي المولد والمربى، والشيخ نظام الدين محمد بن عتيق الديباجي الحنفي قالا: قال الشيخ الامام علاء الدين أبو بكر الكاساني في أول اعتقاده، وسمعناه منه: لا شيء أرضى عند الله تعالى من هداية العباد الى سبيل الرشاد، والإبانة لهم عن المرضي من الاعتقاد، وهو اعتقاد السنة والجماعه إذ به ينال خير الدارين وسعادة المحلين، فمن تمسك به فقد اتبع الهدى، ومن حاد عنه فقد ضلّ وغوى، وذكره إلى آخره (24 - ظ).

(1)

انظره في كنز العمال:11430،4/ 11008.

ص: 4349

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

:

حدثني محب الدين محمد بن محمود بن النجار الحافظ قال: سمعت جماعة يحكون لي عن الامام علاء الدين الكاساني المقيم بحلب أنه كان أقعد من رجليه لنقرس عرض له فيها، فنزل إليه نور الدين محمود بن زنكي ودخل إليه يعوده، فتحرك علاء الدين الكاساني له فظن نور الدين أنه يحاول القيام له، فقال له بالفارسية: بنشي بنشي أي اقعد لا تقم، فقال له: يا مولانا بنشي من الله.

سمعت شمس الدين أبا عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر قال: قدم علاء الدين الكاساني الى دمشق فحضر إليه الفقهاء وطلبوا منه الكلام معهم في مسألة، فقال: أنا ما أتكلم في مسألة فيها خلاف أصحابنا، فعينوا مسألة، قال: فعينوا مسائل كثيرة، فجعل يقول: ذهب إليها من أصحابنا فلان، فلم يزل كذلك حتى أنهم لم يجدوا مسألة إلا وقد ذهب اليها واحد من أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه، فانفض المجلس، وعلموا أنه قصد الغض منهم فقالوا إنه طالب فتنة، فلم يتكلموا معه.

قلت: وللشافعي رضي الله عنه مسائل انفرد فيها لم يذهب إليها أحد من أصحابنا أصلا كمسألة الخلوفة من ماء الزاني ونحوها، فكأن الفقهاء الذين حضروا مع الكاساني تجنبوا الكلام فيها لظهور دليل أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه فيها (26 - و) وأراد الكاساني أن يلجئهم الى تعيين مسألة من هذا النوع، فنكبوا عن ذلك لهذا المعنى، والله أعلم.

سمعت الفقيه شمس الدين الخسروشاهي بالقاهرة يقول لي: لأصحابكم في الفقه كتاب البدائع للكاساني، وقفت عليه ما صنف أحد من المصنفين من الحنفية ولا من الشافعية مثله، وجعل يعظمه تعظيما، قال لي: ورأيته عند الملك الناصر

ص: 4350

داود صاحب الكرك أهداه إليه بعض الفقهاء الحنفية، وأظنه قال الشمس نجا أحد المدرسين بدمشق فعجبت ممن يكون عنده مثل ذلك الكتاب ويسمح بإخراجه من ملكه.

سمعت النقيب السديد داود بن علي البصراوي يقول: كان الشيخ علاء الدين الكاساني لا يركب إلا الحصان ويقول: لا يركب الفحل إلا الفحل، وكان له رمح لا يفارقه وكان شجاعا، قال لي: وكان لا يأكل عمره كله إلا اللحم المطبوخ بالماء والحمص رحمه الله.

سمعت الفقيه جمال الدين أبا السرايا خليفة بن سليمان بن خليفة الكاتب قال: كان علاء الدين الكاساني قد أقام في بلاد الروم فتشاجر هو ورجل فقيه يعرف بالشعراني ببلاد الروم في مسألة المجتهدين هل هما مصيبان أم أحدهما مخطئ، فقال الشعراني: المنقول عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن كل مجتهد مصيب، فقال (26 - ظ) الكاساني: لا بل الصحيح عن أبي حنيفة: إن المجتهدين مصيب ومخطئ، والحق في جهة واحدة، وهذا الذي تقوله مذهب المعتزلة، وجرى بينهما كلام في ذلك، فرفع عليه الكاساني المقرعة فشكي الى ملك الروم، فقال سلطان الروم لوزيره: هذا قد افتات على الرجل فاصرفه عنا، فقال الوزير: هذا رجل شيخ وله حرمة ولا ينبغي أن يصرف بل ننفذه رسولا الى نور الدين محمود بن زنكي ونتخلص منه بهذا الطريق، فسير من الروم رسولا الى نور الدين الى حلب، وكان قدم الرضى السرخسي صاحب المحيط حلب وولاه نور الدين المدرسة الحلاوية بعد ولد العلاء الغزنوي، وكان في لسانه لكنة، فتعصب عليه جماعة من الفقهاء الحنفية بحلب وصغروا أمره عند نور الدين على ما ذكرناه في ترجمته في باب المحمدين، فأوجب ذلك أن عزل عن التدريس بها، وتوجه الى دمشق وكوتب عالي الغزنوي في الوصول الى حلب لتولي تدريس المدرسة، وكان بالموصل واتفق وصول الكاساني رسولا من الروم الى نور الدين، واحترمه وأكرمه، واجتمع فقهاء المدرسة وطلبوا من نور الدين أن يوليه التدريس بالمدرسة المذكورة، فعرض نور الدين عليه ذلك، فدخل المدرسة ورآها فأعجبته وأجاب نور الدين الى ما عرضه عليه، وقال له: هذه الرسالة أمانة (27 - و) معي

ص: 4351

فإذا أعدت الجواب إليهم عدت بعد ذلك، وقدمت حلب، وكتب نور الدين محمود خطّه لعلاء الدين الكاساني بالمدرسة، ورجع الكاساني وأعاد جواب الرسالة وعاد الى حلب، ووصل الخبر بوصوله فخرج جماعة عظيمة من الفقهاء الى لقائه الى باب بزاعا.

قال لي خليفة: وكنت إذ ذاك صبيا صغيرا، فخرجت مع والدي فيمن خرج، فعهدي بالشيخ الكاساني والفقهاء مجتمعون حوله، وأقام ذلك اليوم بباب بزاعا على عزم الدخول صبيحة تلك الليلة، فجاءه في أثناء النهار رجل من الفقهاء وقال له: عبر هاهنا رجل شيخ فقيه ومعه جماعة من الفقهاء، وقالوا: هذا عالي الغزنوي وقد جاء الى حلب لأخذ المدرسة، فقال النجيب-يعني-محمد بن سعد الله بن الوزان وجماعة غيره من الفقهاء للكاساني: المصلحة أن نقوم وندخل الى حلب، فبقي وقام وسار فوصل حلب بكرة، وكان عالي قد وصلها العصر من اليوم المتقدم، ونزل بالحجرة، فوصل الكاساني ودخل المدرسة والفقهاء حوله، فأرسل الفقهاء الى عالي وقالوا له: تقوم وتخرج لأجل الشيخ، فامتنع فأعادوا له القول ثانيا، وقالوا المصلحة: أنك تخرج بحرمتك وإلا يدخل من يخرجك قسرا بغير اختيارك، فلما رأى الجد في ذلك خرج من الحجرة ومضى الى حجرة صغيرة كانت في جانب المدرسة، فنزلها (27 - ظ) وكان نور الدين إذ ذاك غائبا عن حلب فكوتب في ذلك فولى الكاساني المدرسة الكبيرة، وكان ابن الحليم مدرسا بمدرسة الحدادين فاستدعي الى دمشق، وولي مكانه عالي الغزنوي.

قال لي مقرب الدين أبو حفص عمر بن قشام: إن الشريف النقيب أبا طالب -يعني-أحمد بن محمد، نقيب العلويين بحلب، خرج وتلقى الكاساني وحرضه على سرعة الوصول الى حلب، وقال لي ابن قشام: لما ورد الكاساني في الرسالة من الروم، وطلبه نور الدين لتدريس المدرسة أجاب الى ذلك، وقال: أعود وأودي جواب الرسالة، ثم أرجع، فمضى وبسطت له سجادة بالمدرسة وكانت تبسط كل يوم ويجتمع الفقهاء حولها الى أن قدم واستقل بالتدريس والنظر.

قال لي خليفة بن سليمان: ولم تزل حرمة الكاساني تعظم وتزيد، ويرتفع أمره

ص: 4352

عند نور الدين ومن بعده من الملوك الى أن تناقصت في أيام الملك الناصر صلاح الدين

(1)

فلزم مكانه بالمدرسة، ثم عظم بعد ذلك أمره عند الملك الظاهر وما زال يحترمه الى أن مات.

وقال لي السديد النقيب داود البصراوي: كان الكاساني يصعد الى قلعة حلب راكبا وينزل حيث ينزل الملك الظاهر، فاتفق أن صعد يوما والفقهاء بأجمعهم بين يديه، فلما وصل الى باب القلعة قام البواب وقال: يدخل الشيخ، ويرجع الفقهاء، فلوى الشيخ عنان (28 - و) حصانه وقال: يرجع الشيخ أيضا، فبلغ الملك الظاهر، فأرسل في الحال من أدخل الشيخ والفقهاء معه الى أن نزل الشيخ حيث ينزل، ودخل الشيخ والفقهاء معه الى مجلسه.

قلت: ولما توفي الكاساني تولى الملك الظاهر تربية ولده وكان صبيا واستخدم عتقاءه وولاهم تربية ولده بالقلعة، واجتهد في اشغاله بالفقه فلم ينجب.

قال لي خليفة بن سليمان: مات علاء الدين الكاساني يوم الاحد بعد الظهر وهو عاشر رجب في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، ثم فرأت بخط خليفة على ظهر كتاب: توفي الاستاذ الامام علاء الدين الكاساني ذو المكارم أبو بكر بن مسعود عاشر رجب بعد الظهر سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وتولى التدريس بعده الاستاذ الامام افتخار الدين في سابع عشر رجب.

سمعت ضياء الدين محمد بن خميس الوكيل المعروف بابن المغربي يقول:

حضرت الشيخ علاء الدين الكاساني عند موته، فشرع في قراءة سورة ابراهيم عليه السلام حتى انتهى الى قوله تعالى:«يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ»

(2)

فخرجت روحه عند فراغه من قوله: «في الاخرة» .

قلت: ودفن رحمه الله داخل مقام ابراهيم عليه السلام ظاهر حلب في قبة من شماليه كان دفن فيها زوجه فاطمة بنت علاء الدين السمر قندي ولم يقطع (28 - ظ)

(1)

كان صلاح الدين شافعي المذهب.

(2)

سورة ابراهيم-الآية:27.

ص: 4353

زيارة قبرها كل ليلة جمعة الى أن مات رحمه الله وزرت قبريهما في هذه القبة المذكورة غير مرة.

‌أبو بكر بن مسلم العابد:

صاحب قنطرة بردان كان من أهل طرسوس، وبردان هو نهر طرسوس، سمع بطرسوس أبا حمزة الأسلي العابد، حكى عنه الحسين بن شبيب الآجري الزاهد، وحكى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروروذي وصحبه الجنيد بن محمد.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:

أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن عمر بن بكر المقرئ قال: أخبرنا اسماعيل بن علي بن محمد بن عبد الله الفحام قال حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الصيدلاني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج المروزي قال: حدثنا الحسين ابن شبيب الآجري-وكان هذا من النساك المذكورين-قال: حدثنا أبو حمزة الأسلي بطرسوس قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبي واسرائيل عن أبي اسحاق عن عبد الله بن خليفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل ما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد

(1)

.

قال أبو بكر المروزي: قال لي أبو بكر بن مسلم العابد: حين قدمنا الى بغداد أخرج ذلك الحديث الذي كتبناه عن أبي حمزة، فكتبه أبو بكر بن مسلم بخطه (29 - و) وسمعناه جميعا، فقال أبو بكر بن مسلم: إن الموضع الذي يفضل لمحمد صلى الله عليه وسلم ليجلسه عليه، قال أبو بكر الصيدلاني: من رد هذا، فإنما أراد الطعن على أبي بكر المروزي، وعلى أبي بكر بن مسلم العابد.

أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف-فيما أذن لنا في روايته عنه، وقد سمعت منه غيره-قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز

(1)

تاريخ بغداد:8/ 52 (ترجمة الحسين بن شبيب الاجري).

ص: 4354

ابن علي بن أحمد بن الفضل الآزجي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم قال: سمعت مظفر بن سهل القارئ يقول: قال أبو بكر محمد ابن أحمد بن الحجاج المروروذي: دخلت على أبي بكر بن مسلم، صاحب قنطرة بردان، يوم عيد فوجدت عليه قميص مرقوع نظيف مطبق، وقدامه قليل من خرنوب يقرضه، فقلت له: يا أبا بكر اليوم عيد الفطر، وتأكل خرنوب؟ فقال لي:

لا تنظر الى هذا ولكن انظر الى أنه إن سألني من أين هو إيش أقول.

أنبأنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: وأما أبو بكر ابن مسلم، فمن المستأنسين بالله لا ينفك من مشاهدته ومذاكرته، وكان الجنيد من تلامذته

(1)

(29 - ظ).

‌أبو بكر بن نوفل بن الفرات بن مسلم الحلبي:

روى عن أبيه نوفل بن الفرات. روى عنه منصور بن أبي مزاحم، وذكر أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري في كتاب الوزراء أنه كان من كتاب المهدي

(2)

.

أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف-إذنا-قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد -يعني-ابن حيان قال: حدثنا أحمد-يعني-ابن الحسن قال: حدثنا أحمد -يعني-ابن ابراهيم قال: حدثنا منصور بن بشير قال: حدثنا أبو بكر -يعني-ابن نوفل بن الفرات عن أبيه أن عمر استعمل جعونة بن الحارث على ملطية فغنم، أو أصاب وغنم، ووفد ابنه الى عمر، فلما دخل عليه وأخبره الخبر، قال له عمر: هل أصيب من المسلمين أحد؟ قال: لا، إلا رويجل، فغضب عمر وقال: رويجل، مرتين. تجيئون بالشاة والبقرة ويصاب رجل من المسلمين، لا تلي لي أنت ولا أبوك عملا ما كنت حيا.

(1)

حلية الأولياء:10/ 309.

(2)

لم أقف له على ذكر في المطبوع من كتاب الوزراء والكتاب لابن عبدوس الجهشياري.

ص: 4355

‌أبو بكر بن يوسف بن محمد الحكيم الرسعني:

الملقب بالتقي، حكيم فاضل من أهل رأس عين، مهر في علم الطب، وشذا

(1)

شيئا من الأدب، وتمول ودخل الى بلاد الروم، واتصل بخدمة علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو وحظي عنده، واتخذ بها أملاكا كثيرة، ثم صار بعده مع ولده غياث الدين كيخسرو، ثم بعده مع ولده كيكاوس، وأرسله الى حلب الى الملك الناصر يوسف، وتوجه الى مصر الى الملك المعظم تورانشاه، ثم عاد الى مخدومه، ثم جاء رسولا الى الملك الناصر

(2)

وفي صحبته بنت علاء الدين زوج الملك الناصر، وأعطاه عطاء حسنا، وذلك في سنة احدى وخمسين وستمائة، وعاد الى الروم، ثم أرسله كيكاوس الى الملك الناصر فقدم حلب مجتازا، ونفذ الى الملك الناصر، ثم عاد، ثم قدم عليه رسولا حين طرق التتار بلاد الروم، فقدم دمشق، وأقام بها مدة، ثم عزم على التوجه الى مصر ليسير في البحر الى بلاد الروم، فسيره المصريون

(3)

في البحر لإبرام الصلح بينهم وبين الملك الناصر، فقدم الى دمشق واستحلف لهم الملك الناصر (30 - و) ثم صعد الى مصر وحضر يمين صاحبها الملك المنصور للملك الناصر، ثم عاد الى دمشق فأقام بها مدة.

وعزم على التوجه الى مصر لانقطاع الطرق الى الروم، فورد قاصد من كيكاوس بكتاب الى الملك الناصر يطلب منه أن يوجه اليه الحكيم المذكور، وأخبرني القاصد المذكور أنه لو وصل اليه قتله، فخاف خوفا عظيما ومرض وكتب الى الفرنج بالساحل يطلب منهم أمانا على نفسه وماله، فأجابوه الى ذلك، وأقام مريضا أياما وتوفي بدمشق في شهر ربيع الاول بين سنة سبع وخمسين وستمائة، وأوصى أن يتصدق عنه بثلث ماله ويستفك منه أسارى، وأسند وصيته الى الامير جمال الدين موسى ابن يغمور.

ووصل رسوله الى الفرنج بالامان له بعد موته وأحضره اليّ، وكان الحكيم

(1)

شذا الخبر: علم به. القاموس.

(2)

آخر ملوك بني أيوب في بلاد الشام أسره المغول من أصحاب هولاكو، ثم قتل بأمر منه.

(3)

يريد بهم المماليك الذين استولوا حديثا على السلطة في القاهرة.

ص: 4356

المذكور قد اجتمع بي مرارا، وكان حلو النطق دمث الاخلاق، وجرى بيني وبينه مذاكرات، وأنشدني عدة مقطعات من شعره أكثرها هجاء، فلم أكتب عنه شيئا، وأنشدني عماد الدين علي بن عبد الله بن التلمساني بحماة، قال: أنشدني الحكيم تقي الدين أبو بكر الرسعني لنفسه، وكتبها على باب شباك بالجوسق

(1)

بحماة:

انظر الى أثر الملوك

يرعك منه الرونق

فالرسم بعد الظاعنين

لسان حال ينطق

(30 - ظ)

عمروا القصور وعمّروا

وتجمعوا وتفرقرا

وتأبدوا زمنا بها

ومضوا كأن لم يخلقوا

‌أبو بكر بن أبي الخصيب المصيصي:

روى عن أحمد بن صالح، واسمه محمد، وأظنه محمد بن أحمد بن محمد المستنير وجدّه أبو الخصيب.

وقد تقدم ذكره.

‌أبو بكر بن أبي علي بن أبي سالم:

التنوخي المعري الاصل الحلبي المولد والمنشأ، السمسار في الخضر بباب الجنان بحلب، وهو ابن أخت أبي العلاء بن أبي الندى، شاعر حسن الشعر أدركته بحلب، وحضرته، وسمعت منه شيئا من شعره وشعر غيره من المعريين روى لنا عن خاله أبي القاسم بن أبي الندى، وعن أبي بكر المجلد النقيب بالحلاوية، وكان سمسارا بدار كوره بحلب، سألته في سنة خمس وعشرين وستمائة عن مولده، فقال: يكون عمري الآن أربعة وخمسين أو خمسة وخمسين سنة، فيكون مولده على هذا في حدود السبعين والخمسمائة.

وبلغني أنه وقف بين يدي الملك الظاهر رحمه الله، وأنشده قصيدة من شعره في مدحه، وكان ذلك من أول نظمه الشعر، فلما فرغ من انشاده قال: من هو هذا؟

(1)

كان على شاطئ العاصي حيث البيوت التي آلت الى أسرة الكيلاني، ثم زالت فيما بعد.

ص: 4357

فقيل هو ابن أخت أبي العلاء ابن أبي الندى، فقال الملك الظاهر: الخال لا يورث.

أنشدني أبو بكر بن أبي علي التنوخي الحلبي بها لنفسه: (31 - و)

كل يوم أسى لقلبي المشوق

واكتئاب على فراق فريق

حمّلوني ثقل الغرام وقد كنت

لثقل الغرام غير مطيق

يا رفيقي رفقا عليّ فما ينفع ذا

الوجد مثل رفق الرفيق

إن يكن يطلق الاسير فما بال

فؤادي المشوق غير طليق

أنا ملقى ما بين قلب حريق

من جوى لوعتي وجفن غريق

لو رأى حالتي عدوي لما

سرّ بها حاله فكيف صديقي

وأنشدني لنفسه:

وأسمر حياني عشية زرته

بما اعتصرت من طرفه واحوراره

سقاني بلحظ العين خمرا شرابها

الى اليوم عندي فضلة من خماره

سلافة لحظ أسكرتني ولم تكن

سلافة كأس عتقت من عقاره

فبت أسقّاها طلا ذات سورة

تفرق ما بين الفتى واصطباره

على ورد خديه وسوسن صدغه

ونرجس عينيه وآس عذاره

وأنشدني لنفسه وقال: هذه طريقة سلكتها على نهج أبي العلاء بن سليمان في استغفر واستغفرني، أتعمد في أول الابيات الى كم، وتارة كم:

الى كم أيها اللاهي

تجريك على الله

أتسهو عن رضا من لي

س عن رزقك بالساه

ألا ينهاك يا ذا الجهل

عن عصيانه ناه

(31 - ظ)

أتستمسل للنفس

بدنيا حبلها واه

وتمشي مشية المختال

في سربالك الزاهي

ولا تفكر يا مغرور في

صرف الردى الداهي

كن الأوّاه إن الله

يهوى كل أوّاه

ولا تبد له تيها

فيشنا كل تياه

ص: 4358

توفي أبو بكر السمسار التنوخي هذا بحلب في شهر ذي القعدة من سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.

‌أبو بكر بن أبي الفتح المكي:

إمام الحنفية بالحرم الشريف، كان شيخا حسنا تقيا حنفي المذهب، يؤم بالحنفية بين يدي الحجر، قدم علينا حلب في سنة احدى وستمائة وافدا على الملك الظاهر غازي رحمه الله، مسترفدا فوصله وأحسن قراه، ورجع الى مكة حرسها الله.

حدث عن أبي محمد المبارك بن علي بن الطباخ، نزيل مكة. روى عنه داود ابن سليمان بن خليل العسقلاني المكي، وكنت اجتمعت به بحلب حين قدمها، وكان يتردد الى والدي وعمي رحمهما الله، ولم أسمع منه شيئا.

وتوفي بمكة حرسها الله في المحرم سنة عشرين وستمائة، ودفن في المعلاة، وولي ولده إمامة الحنفية بعده.

‌أبو بكر بن أبي مريم الغساني:

واسمه عبد الله بن محمد، تقدم ذكره. (32 - و).

‌أبو بكر بن الاصبهاني المقرئ:

ويعرف بأبي بكر الاسكاف، أحد أئمة جامع طرسوس ذكره أبو عمرو عثمان ابن عبد الله الطرسوسي، فيما نقلته من خطه، في كتاب سير الثغور في ذكر أئمة الجامع بطرسوس، بعد أن ذكر أبا حفص عمر بن الحسن الموصلي ثم قال: وكان أبو بكر الاسكاف المقرئ تقدم قبله، فصلى بالناس ثلاثا-يعني-في صلاة التراويح وامتنع من الامامة، وقد رأيته وقرأت عليه، وكان من الابدال المبرزين، حدثني من أثق به أنه لقن في مدة خمسين سنة في جامع طرسوس، هو ومن يقرأ عليه في مجلسه أكثر من عشرة آلاف رجل لمواظبته على دراسة القرآن، وتلقينه وأن حلقته كانت أكثر الحلق عدد من يتلقّن ويلقّن، وكان قد وفده أهل طرسوس الى بغداد هو وأبو علي بن الاصبهاني مستصرخا حين ضايقها نقفور.

ص: 4359

‌أبو بكر الاحنف البغدادي:

سمع بالمصيصة شاكرا البغدادي، روى عنه أبو العباس النسوي.

قرئ على فخر الدين أبي العباس أحمد بن عبد الله بن محمد العقري الحميدي بالموصل قال: أخبرنا أبو المظفر عبد الصمد بن الحسين بن عبد الغفار الزنجاني قال: أخبرنا أبو نصر الحسن بن محمد بن ابراهيم اليوناراتي الاصبهاني قال: حدثنا الحسين بن عبد الملك الاديب قال: أخبرني (32 - ظ) أحمد بن الفضل المقرئ-أجازه-أن أبا العباس النسوي أخبرهم قال: سمعت أبا بكر الأحنف البغدادي بدمشق يقول: سمعت شاكرا بالمصيصة يقول: رأيت رب العزة في المنام بعد قتل حسين بن منصور

(1)

، رأيت كأني واقف بين يديه، أو كما قال، فقلت: يا سيدي أنت حكمت في كتابك من قتل قتل، ومن سرق قطع فايش كان جرم الحسين بن منصور حتى قتل وقطع يداه ورجلاه وصلب؟ فقال: ذلك أودعناه سرا من سرائرنا فأذاعه فعاقبناه، قال: فقلت: يا سيدي هو ذا الشبلي

(2)

يجيء بالعظائم! قال: وقال عز وجل: «وأعرض عن الجاهلين»

(3)

قال: فغدوت الى الشبّلي فقصصت عليه مثل ما رأيت، قال: فقال الشبلي: أعرضت عما دونه، أو كما قال.

‌أبو بكر الدينوري الطرسوسي:

شيخ الحرم، حكى عن مظفر القرميسيني، روى عنه أبو نعيم الحافظ

(4)

.

أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي، في كتابه، قال: أخبرنا أبو الاسعد القشيري قال: أخبرنا أبو صالح الحافظ قال: سمعت أبا نعيم الحافظ يقول:

سمعت أبا بكر الدينوري الطرسوسي يقول: سئل مظفر القرميسيني: ما خير

(1)

الحسين بن منصور الحلاج، واسمع الشهرة أعدم سنة 309 هـ /922 م. الاعلام للزركلي.

(2)

هو دلف بن جحدر الشبلي، اشتهر بالنسك والصلاح توفي سنة 334 هـ / 946 م. الاعلام للزركلي.

(3)

سورة الاعراف-الآية:199.

(4)

كتب ابن العديم في الهامش: هذا يأتي في الورقة الرابعة بعد هذه في الهامش بغير هذا الطريق.

ص: 4360

ما أعطي العبد؟ قال: فراغ العبد عما لا يعنيه ليشتغل ويتفرغ الى ما يعنيه.

(33 - و).

‌أبو بكر النيسابوري:

المعروف بالمغازلي من شيوخ الصوفية، حكى بحلب عن المزني صاحب الامام الشافعي، وبمنبج عن المرتعش، روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم الهمذاني ومنصور الهروي وقد ذكرنا حكايته عن المزني في ترجمة منصور الهروي.

قرأت بخط عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عبدوس أبي الفتح، حدثنا الشيخ أبو منصور محمد بن عيسى بن عبد العزيز واللفظ له، ح.

وأخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه قال:

أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي قالا: حدثنا أبو الحسن الهمذاني قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، المعروف بالمغازلي، بمنبج وقد أتى عليه مائة سنة وأكثر، ورأيت تحته قطعة خصاف

(1)

، وذكر أنه جالس عليها منذ أربعين سنة، ورأيت عليه عباءة مخمل رومي ذكر أنه يلبسها منذ ثلاثين سنة.

قال: قال لي جعفر المرتعش رحمه الله: سافرت خمسين سنة ليس نعيش الا بالحيلة، وسافرت ثلاثين سنة أمشي كل سنة ألف فرسخ، لم يفارقني فيها ثلاثة أخلاق: لم أعاشر الا من عرفته، ولم أنزل عن الفقر وإن فتح لي بشيء ولو نصف رغيف طالبت (33 - ظ) نفسي بالمواساة.

‌أبو بكر المعوّج الانطاكي:

الشاعر، شاعر مجيد من أهل أنطاكية، وينسب أيضا المصري، ولعله من أنطاكية وسكن مصر.

روى عنه شيئا من شعره أبو بكر الصولي، وأبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان.

(1)

الخصفة، وخصاف: الجلة تعمل من الخوص للتمر. القاموس.

ص: 4361

أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون، ح.

وأنبأنا زيد بن الحسن النحوي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو علي بن وشاح بن محمد بن عبد الصمد بن أحمد بن حنبش الخولاني قال: أنشدنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد قال: أنشدنا المعوج الانطاكي لنفسه في بدر الحمامي

(1)

وسقط عن فرسه ففصد:

لا ذنب للطرف ان زلت قوائمه

وليس يلحقه من عائب دنس

حملت بأسا وجودا فوقه وندى

وليس يقوى بهذا كله الفرس

قالوا فصدت فما خلق به حرك

خوفا عليك ولا نفس بها نفس

كفر الطبيب دعا كفا نقبلها

ونطلب العيث منها حين يحتبس

قرأت في كتاب العيادة

(2)

لابي بكر محمد بن يحيى الصولي-أظنه بخط كاتبه- (34 - و) قال: وزعم لي أبو بكر المعوّج الشاعر المصري أن بدرا الحمامي، ركب الى الميدان بمصر، فتقطر به فرسه، فاحتاج الى الفصد، فافتصد فدخل عليه فأنشده:

لا ذنب للطرف ان زلت قوائمه

وليس يلحقه من عائب دنس

حملت بأسا وجودا فوقه وندى

وليس يقوى بهذا كله الفرس

قالوا افتصدت فما نفس العلى معها

خوفا عليك ولا نفس لها نفس

كف الطبيب دعا كفا نقبلها

ونطلب الرزق منها حين يحتبس

وقد روي البيتان من هذه الابيات لابي تمام، ورويا لابي دلف، وقد ادعاهما أبو عبد الله بن خالويه، والصحيح أنهما لابي بكر المعوج الانطاكي في جملة هذه الابيات، والله أعلم.

(1)

من قادة الطولونية شغل دورا في الحروب ضد القرامطة دفاعا عن دمشق، ورد ذكره مرارا في نصوص كتابي الجامع في أخبار القرامطة.

(2)

لم أقف على ذكر بوجوده.

ص: 4362

قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي المدائني في مجموع وهبنية أبي رحمه الله:

أبو بكر المعوج يهجو وصيف البازمازي:

مدحتك يا وصيف البازمازي

ولم أتلق بخلك باحتراز

دعوتك للندى فهربت مني

كأني قد دعوتك للبراز

وكيف أقول ترغب في المعالي

اذا ما كنت ترغب في المخازي

ولم ألبسك ثوب المديح الا

وجدتك قد خريت على الطراز

‌أبو بكر القرشي المصيصي:

شاعر من أهل المصيصة (34 - ظ) مذكور حسن الشعر.

سير إليّ بعض الاصدقاء بالقاهرة، قطعة من تاريخ أبي اسحاق السقطي صاحب كتاب الرديف

(1)

، فقرأت فيه ما ذكره في حوادث سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة قال:

وفيها كانت غلبة الروم والنقفور بن الفقاص على عين زربة، وتل موزة، وتل صوغا، وحمام نوفل، وأرقينية، وما بين هذه المدن من القرى والرساتيق، وقيل بل ذلك كان في سنة تسع وأربعين، ثم قال: وأكثر شعراء الثغور والمنكوبون المراثي فيما حلّ بهم، ثم قال: وقال أبو بكر القرشي المصيصي في ذلك:

لا تبكين خليط الدار اذ بانا

ولا المعارج من دعد وأظعانا

وابك الثغور التي أضحت معالمها

دوارسا أقفرت ربعا وقيعانا

أبلغ خليفتنا عنا رسالتنا

لقيت يا صاح ان بلغت رضوانا

خليفة الله لو عاينتنا لجرت

منك الدموع لنا سكبا وتهتانا

جرّ العدو علينا في عساكره

كأنها قطع في الليل تغشانا

يسبي ويقتل ما يلقاه من أحد

كأنما ألبس الاسلام خذلانا

بعين زربة إذ حطت عساكره

وتل موزا الى أعبار جيحانا

وتل صوغا وما ولاه صبّحه

وبالخليج وحوز المرج مسّانا

(35 - و)

(1)

لم أقف على ذكر بوجوده.

ص: 4363

وبالكنيسة والحمّام زلزلها

وبالملندين قبل العيد وازانا

(1)

وحصن أرقان والأحواق ضعضعها

وبالمثقب والتينات غادانا

وأهل بياس ابتاعوا مدينتهم

من العدو كفى بالبيع خسرانا

وكم حصون إذا عددتها كثرت

يكفيك من باطن المنشور عنوانا

مدائن أضحت بالثغر موحشة

منابر عليّت بالبغي صلبانا

ترى الخنازير تسعى في مساجدها

وطالما عمرت فقها وقرآنا

ترى أئمتها صرعى وقد ذبحوا

عند المحاريب إذلالا وإيهانا

ترى المصاحف والأجزاء محرقة

هلا بكيت لها سرا وإعلانا

ترى الرجال كبدن الحج قد نحروا

حول الحصون عليها الطير قطعانا

ترى النساء مع الولدان يجمعهم

أراذل الروم أبكارا وصبيانا

ترى العرائس أقران العلوج

معا عوضن بالسيف أزواجا وأختانا

يقول فيها:

محمد يا رسول الله لو نظرت

عيناك أو سمعت أذناك شكوانا

وقد جفانا بنو الاسلام كلهم

فلا مغيث لنا والله مولانا

لأبكين على الاسلام مكتئبا حتى

أوسد في الأجداث أكفانا

ثم ذكر سنة احدى وخمسين وثلاثمائة وقال: وفيها وردت الاخبار بإغارة الروم على الحصون الثّمليّة واجتياح بلد الاسلام وهرب (35 - ظ) بقايا أهل الثغور عن معاقلهم الى الأقاصي.

وقال: ووافت قصيدة لأبي بكر القرشي المصيصي، وتداولها الناس أولها:

الى أهل الديانة أجمعينا

رسالة أهل ثغر صابرينا

وهي مائة وستون قافية، فيها ما حلّ بأهل الثغر من القتل والسبي والحرق والنهب وأمور في استماع بعضها إذكار «وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون

(2)

»، فلم يحفلوا بها ولا انثنوا عليها.

(1)

كتب ابن العديم في الهامش: اظنه وأفانا.

(2)

سورة يونس-الآية:101.

ص: 4364

‌أبو بكر الزبيري:

حكى بأنطاكية عن أبي الحسين الدراج، روى عنه عبد الواحد بن بكر الورثاني.

أنبأنا أبو محمد، وأبو العباس ابنا عبد الله بن علوان، قالا: كتب إلينا أبو الفضل محمد بن بنيمان قال: أخبرنا بنجير بن منصور قال: أخبرنا جعفر بن محمد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي، قال: أخبرنا عبد الواحد بن بكر الورثاني قال: سمعت أبا بكر الزبيري بأنطاكية يقول: سمعت أبا الحسين الدراج يقول: الناس في السماع على ثلاث أصول، فمن أشار الى الذات ألحد، ومن أشار الى المخلوقين أشرك، ومن ملكته حكمته فسمع من حاله فقد وجد.

‌أبو بكر المروذي:

روى عن رجل لم يسمه لقيه بطرسوس (36 - و).

‌أبو بكر الطرسوسي:

حكى عن نعيم بن حماد، روى عنه أحمد بن محمد بن سهل الخالدي.

أخبرنا أبو اليمن الكندي-إجازة-قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:

أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن علي بن حمويه بن أبرك الهمذاني-بها-قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: سمعت أبا العباس أحمد بن سعيد بن معدان يقول: سمعت أحمد بن محمد بن سهل الخالدي يقول: سمعت أبا بكر الطرسوسي يقول أخذ نعيم بن حماد في أيام المحنه سنة ثلاث وعشرين أو أربع وعشرين، وألقوه في السجن، ومات في سنة سبع وعشرين

(1)

، وأوصى أن يدفن في قيوده وقال: إنني مخاصم.

‌أبو بكر الطرسوسي:

من طبقة أبي أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، حدث هو وأبو أمية جميعا عن أبي اليمان الحمصي.

(1)

يريد بالمحنة محنة خلق القرآن ويروى أن موته كان سنة تسع وعشرين ولنعيم كتاب الملاحم والفتن حققته وسادفعه للطباعة قريبا أن شاء الله.

ص: 4365

روى عنهما أبو عوانة يعقوب بن اسحاق النيسابوري الحافظ.

‌أبو بكر الدينوري الطرسوسي

(1)

:

شيخ الحرم حكى عن مظفر القرميسيني، روى عنه أبو القاسم الأصبهاني.

أنبأنا أبو الفضل جعفر بن أبي الحسن بن أبي البركات الهمذاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل العثماني الديباجي، قال:

قرأت على الشيخ أبي بكر يحيى بن عمر بن شبل فأقر به، ح.

قال الهمذاني: وأخبرني السلفي أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ -فيما أجازه لي-قال: أخبرنا أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الدهستاني-في كتابه إليّ من خراسان-وأخبرني عنه ابن شبل المذكور أيضا قال: حدثنا الشيخ أبو حفص عمر بن الحسن الدهستاني قال: وسمعته، يعني، عبد الكريم ابن بنت بشر الحافي يقول: سمعت أبا القاسم الأصبهاني يقول: سمعت أبا بكر الدينوري الطرسوسي شيخ الحرم يقول: قال مظفر القرميسيني وسئل: ما خير ما أعطى العباد ربهم؟ قال: فراغ القلب عمّا لا يعنيه ليتفرغ الى ما يعنيه.

‌أبو بكر الطرسوسي:

إن لم يكن المتقدم فهو غيره، حكى عن الحسين الحلاّج، روى عنه أبو يعقوب اسماعيل بن يوسف الجبان.

أخبرنا أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي-في كتابه إلينا من نيسابور-قال:

أخبرنا (36 - ظ) أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن قال: سمعت الشيخ أبا سهل عبد الواحد بن محمد الصوفي يقول سمعت أبا يعقوب اسماعيل بن يوسف ابن الجبّان بقزوين يقول: سمعت أبا بكر الطرسوسي يقول: كان أبو منصور الحلاج يصحب عمرو المكي، فوقع بيده اسم الله الأعظم، فخرج من عنده فقال:

عمر قد حمل من عندنا ما يقطع عليه يديه ورجليه ويجرّد بالسياط، ويحرق بالنار.

(1)

كتب ابن العديم في الهامش: هذا المكتوب في الهامش تقدم في الورقة الرابعة قبل هذه بطريق غير هذه الطريق.

ص: 4366

‌أبو بكر الطرسوسي:

روى عن حامد بن يحيى، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عقيل البلخي.

‌أبو بكر المصري:

من العباد، وكان بالمصيصة، حكى عن بعض العباد لقيه بالمصيصة، روى عنه أبو بكر محمد بن داود الدقي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة، وابن عمه محمد بن زيد بن رواحة الحمويان-كتابة من كل واحد منهما-قالا: أخبرنا أبو (37 - و) أحمد ابن محمد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا الشيخ أبو الفضل محمد بن الحسن بن الحسين السلمي-بدمشق-عن أبي علي الحسن بن علي بن ابراهيم الأهوازي قال: حدثنا أبو محمد عبدان بن عمر بن الحسن المنبجي الطائي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن داود الدقي قال: حكى لي أبو بكر المصري أنه كان بالمصيصة، وكان يبيت في الجامع، ولم يكونوا يتركون أحدا يبيت فيه إلا من يعرفونه، فجاء القوّام إليّ فتى قائم يصلي وراء المحراب ليخرجوه، والفتى يصلي ما يخاطبهم، فجاموا إليّ وأنا مع أصحابي فقالوا: يا أبا بكر، هذا الفتى المصلي من أصحابك؟ فقلت:

لا، قال: فرجعوا اليه ليخرجوه فتخطى من الجامع الى كفربيا

(1)

وجعل يقول:

صدق أبو بكر ما أنا من أصحابه، ما أنا من أصحابه.

‌أبو بكر الجويني الصوفي:

من صوفية الثغر وعبادهم، ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في تاريخ الصوفية بما أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني-في كتابه إلينا من مرو-قال: أخبرنا أبو سعد الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر المزكي-إجازة- قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي: أبو بكر الجويني من أهل الثغر ومتأخريهم.

‌أبو بكر المجلد الحنفي:

نقيب المدرسة الحلاوية بحلب، كان من جملة الفقهاء بها، وكان نقيبهم، وكان يجلّد الكتب في بيته بالمدرسة، وكان شيخا (37 - ظ) حسنا بهي المنظر عنده

(1)

مدينة بازاء المصيصة على شلئ جيحان. معجم البلدان.

ص: 4367

محاصرة وكيس، رأيته ولم أسمع منه شيئا، وكان سمع الإمام علاء الدين الكاساني، وشيخنا افتخار الدين أبا هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، وروى شيئا من شعر أبي العلاء بن أبي الندى عنه وروى لنا عنه أبو بكر بن أبي علي التنوخي السمسار الشاعر بيتين من شعر أبي الندى، وقد ذكرنا هما في ترجمة أبي العلاء المحسن بن أبي الندى من هذا الكتاب.

(1)

‌أبو بكر بن الداية:

الأمير مجد الدين، كان أميرا حسنا يرجع الى دين وخير، وأمه داية نور الدين محمود بن زنكي، فلذلك عرف بابن الداية، واسمه محمد بن محمد بن نشتكين، وقد قدمنا ذكره في بابه، وكان خصيصا بنور الدين وجيها عنده وكان يعتمد عليه واستنابه في الملك بحلب حين غاب عنها، وحدث بحلب عن جماعة من الشيوخ الذين أجازوا له، وأخذ الإجازة تاج

(2)

الدين محمد البندهي، سمع منه شيخنا أبو هاشم وغيره، وقد أوردنا من حديثه شيئا في ترجمته فيما تقدم من هذا الكتاب.

(1)

انظر ما تقدم ص:4357 - 4359.

(2)

كذا بالاصل، ومن المرجح سقوط كلمة «من» .

ص: 4368

‌حرف التاء من الكنى

‌أبو الترك السلمي:

كان من أهل العلم والحديث والجهاد في سبيل الله بطرسوس، ذكره القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب «سير الثغور» ، وأثنى عليه ثناء حسنا.

قرأت بخط أبي عمرو الطرسوسي، وذكر (38 - و) سكك طرسوس فقال: ثم تذهب لوجهك فتجد عن يمينك كنيسة أبي سليم فرج الخادم، وهي دار كبيرة، تشتمل على دور كبيرة، يسكنها مواليه، فيها ديوانه وعاملهم وكاتبهم، ورئيسهم، وخزائن أسلحتهم وعددهم، وهذا الوقف أزجى وقوف طرسوس وأكثرها مالا، وأوفره وأكثره موالي صالحين مجاهدين متسكين، قد عرفت منهم الأكثر، وعرفت منهم رجلا نبيلا فارسا من أهل العلم والحديث، ذا صباحة ووضاءة ومنظر حسن، يعرف بأبي الترك السلمي، ما ركب قط الى نفير في صيف ولا شتاء، قرب النفير أم بعد مداه، صدق خبره أم كذب إلا لبس لأمته وسترها بدراعة، فسألته عن السبب في ذلك، فذكر أنه نودي في بعض الأزمنة بالنفير الى باب قلمية فبادر مسرعا، وكذلك كان رسم النجباء المتحركين في الجهاد، المسارعة الى النفير، فلقي العدو بمكان قريب من البلد، وكان السلطان حينئذ في الغزو، فباشر القتال، وأعانه من المسلمين قوم آخرون فظفرهم الله بمن ورد، ونصرهم وعادوا الى طرسوس سالمين غانمين فعقد بينه وبين الله عز وجل، لا ركب بعدها الى جهاد ولا نفير إلاّ بعد أن يتأهب أهبة الحرب، كما يتأهب من يبارز عدوه في مصافه وأوقات حذره وخوفه.

‌أبو تمام الطائي:

اسمه حبيب بن أوس، تقدم ذكره. (38 - ظ).

ص: 4369

‌أبو تمام الخراساني:

شاعر من طبقة المتنبي وأقرانه، كان بحلب.

قرأت في حكاية من أخبار أبي الطيب المتنبي، أنه كان عنده بحلب أبو تمام الخراساني وجماعة من الشعراء، فأنشدهم أبو عبد الله الشبلي، خادم المتنبي، بيت أبي المنصور المكفوف المقدسي، وسألهم إجازته، وهو في أوله شين وفي آخره شين:

شبه الهلال على غصن منعمة

بيضاء ناعمة في كفها نقش

فقال كل منهم بيتا وقال أبو تمام الخراساني:

شوقي إليك شديد غير منتقص

كأن في القلب أفعى فهو ينتهش

‌أبو توبة المصري:

حدث عن عبد الله بن عمر، روى عنه محمد بن أبي حميد.

ووفد على عمر بن عبد العزيز حين استخلف، فقد قدم عليه دابق أو خناصرة.

(39 - و).

‌أبو توبة الحلبي:

واسمه الربيع بن نافع، قد تقدم ذكره في حرف الراء.

ص: 4370

‌حرف الثاء في الكنى

‌أبو ثعلبة الخشّني:

من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وممن بايعه تحت الشجرة، روى عنه صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبي عبيدة عامر بن الجراح، ومعاذ بن جبل.

روى عنه أبو ادريس الخولاني، وسعيد بن المسيب، وجبير بن نفير، وأبو أسماء الرحبي، وأبو الزاهرية حدير بن كريب، وعمير بن هانئ، وحميد بن عبد الله المزني، وأبو رجاه العطاردي، ومكحول، وعطاء بن يزيد الليشي، وأبو عبد الله مسلم بن مشكم، وأبو أمية الشعباني.

واختلف في اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا فقيل (39 - ظ) جرثومة بن ناشم، وقيل جرثومة بن الأشتر بن جرثم، وقيل جرثومة بن ناشر، وقيل جرثومة بن عبد الكريم، وقيل جرثومة بن ناشج، وقيل جرثوم بن عمرو، وقيل جرثوم بن ناشم، وقيل جرثوم بن ناشب، وقيل جرثوم بن قيس، وقيل جرثوم بن ناشب وقيل جرهم ابن ناشم، وقيل جرهم بن لاشم، وقيل جرهم بن ناشج، وقيل لاشر بن حمير، وقيل لاشر بن جرهم، وقيل لاشر بن جرثوم، وقيل لاش بن حمير، وقيل لاشر بن جرهم، وقيل لاش بن حميد وقيل لا شومة بن جرثومة، وقيل لا شومة بن جرثوم وقيل الاشر بن جرهم، وقيل الأسن بن جرهم، وقيل الأشر بن جرثوم، وقيل الأسن ابن جرهم، وقيل الأشق بن جرهم، وقيل الأشق بن جرثومة وقيل ناشر بن حمير، وقيل ناشب بن عمرو، وقيل عمرو بن جرثوم، وقيل عرنوق بن لاشم.

وخشينة حي من قضاعة، وقيل هو من خشين، وهو وائل بن النمر بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير.

ص: 4371

غز أبو ثعلبة الحنشني القسطنطينية مع يزيد بن معاوية، واجتاز بحلب أو ببعض عملها.

أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البناء البغدادي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبيد الله بن نصر الزاغوي قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد بن محمد بن البسري قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الله بن يحيى (40 - و) بن عبد الجبار السكري قال: قرئ على أبى علي اسماعيل بن محمد ابن صالح الصفار قال: حدثنا سعدان بن نصر بن منصور قال: حدثنا علي بن عاصم قال: حدثنا داود بن أبي هند عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وأبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة أساوئكم أخلاقا

(1)

(40 - ظ).

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوز جانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أبو زرعه عبد الرحمن ابن عمرو الدمشقي قال: حدثنا حيوة بن شريح قال: سمعت بقية بن الوليد يقول:

اسم أبي ثعلبة الخشني لا شومة بن جرثومه

(2)

(41 - و).

‌حرف الجيم في الكنى

‌أبو جحيفة

(3)

:

أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السّلفي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي

(1)

انظره في كنز العمال:3/ 5199.

(2)

في تاريخ أبي زرعة الدمشقي:1/ 387 «واسم أبي ثعلبة الخشني: جرثوم» .

(3)

كتب ابن العديم في هامش الورقة التالية: «الورقة المزيدة أبو جحيفة» وبقي لنا جزء من هذه الورقة لذا وضعت عنوانا بين حاصرتين، وأبقيت هذه الترجمة في مكانها لم ألحقها بحرف الجيم لأن المؤلف لم يطلب ذلك.

ص: 4372

قال: حدثني يوسف بن عدي قال: حدثنا غنام عن الأعمش عن ابراهيم قال: خرح عليهم بعث فقال لي عبد الرحمن بن يزيد: اغد غدا حتى نطلب رجلا نجعل له فإني قد ثقلت عن هذا البعث، قال: فغدوت عليه فقال: اشتر لي فرسا فما أراني إلاّ تام في هذا البعث، فقلت: ما بدا لك؟ فقال: إني قرأت سورة براءة فوجدتها تحث على الجهاد، فخرج فإنه ليسير في بعض الطريق ومعه أبو جحيفة، فمرض فتخلف عليه، وعلى الساقه رجل من بني تميم غليظ، يقال له أبو برذعه، فلحقه فقال: ما خلفك؟ فقال: مرض هذا الرجل فتخلفت عليه، فجلده خمسين سوطا فمات، فكان يرون أنه مات شهيدا. (41 - ظ).

ص: 4373

حرف الجيم في الكنى

‌ذكر من كنيته أبو جعفر

‌أبو جعفر بن خلادة الأنطاكي:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

كتب عنه الحسين بن علي بن عمر بن كوجك العبسي الحلبي.

‌أبو جعفر بن سهل المروزي:

الكاتب، كان يتقلد الخراج بجند قنسرين والعواصم، وهو زوج ابنه أبي صالح ابن يزداد، حكى عنه أبو عبادة البحتري، وكتب إليه شعرا.

قرأت في أخبار أبي عبادة البحتري، جمع أحمد بن فارس المنبجي الأديب، قال: حدثنا أبو أحمد-يعني-عبيد الله بن يحيى بن أبي عبادة الوليد البحتري عن أبيه عن جده قال: كان بيني وبين أبي جعفر بن سهل المروزي-وهو زوج ابنة أبي صالح بن يزداد-مودة ومؤانسة، وكان يتقلد الخراج بجند قنسرين والعواصم، فأردت الخروج إلى منبج، وكنت معه بحلب، فخرجت ولم أودعه فكتبت إليه.

الله جارك في انطلاقك

تلقاء مروك

(1)

أو عراقك

لا تعذلنّي في مسيري

يوم سرت ولم ألاقك

إني خشيت مواقفا

للبين تسفح غرب ماقك

وعلمت أن لقاءنا

حسب اشتياقي واشتياقك (43 - و)

(1)

أي مدينته: مرو الشاهجان، حاضرة خراسان وأعظم مدنها. معجم البلدان.

ص: 4374

وذكرت ما يجد الم

ودع عند ضمك واعتناقك

فتركت ذاك تعمدا

وخرجت أهرب من فراقك

(1)

‌أبو جعفر بن على المحسن:

الحلبي الفقيه الشاعر، من أهل حلب، كان فقيها على مذهب الإمامية، ورحل إلى العراق، واشتغل على أبي جعفر الطوسي، وروى عنه، روى عنه سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي.

أخبرنا أبو المؤيد محمد بن محمود بن محمد، قاضي خوارزم، قال أخبرنا محمد بن محمد بن سعيد الراوندي قال: أخبرني والدي محمد بن سعيد بن هبة الله الراوندي قال: أخبرني والدي قطب الدين سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي قال: أخبرنا الشيخ أبو جعفر الحلبي قال: أخبرنا الشيخ الفقيه الثقه أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قال: أخبرنا الشيخ المفيد محمد بن محمد بن نعمان الحارثي قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمّار عن محمد بن أحمد عن جده عن علي بن حفص المدائني عن إبراهيم بن الحارث عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي

(2)

قرأت بخط بعض أدباء حلب، في تعليق له: أبو جعفر بن علي بن المحسّن الحلبي، شاعر من أهل حلب، وقيل إنه كان فقيها على مذهب الإمامية (43 - ظ) ورحل الى العراق واشتغل على أبي جعفر الطوسي، وعاش بعده إلى حدود السبعين وأربعمائة، وقيل إن له مصنفات على مذهبهم، وذكر أنّ له من قصيدة يمدح بها بعض الملوك:

مليك على هام الثريا مهاده

وفوق متون الصافنات مهوده

تمطّق ثدي الملك وهو ابن يومه

وما جال في خيط التميم وريده

(1)

ديوان البحتري-ط. دار صادر. بيروت:2/ 19. مع فوارق.

(2)

انظره في كنز العمال أ 1895،1/ 1840.

ص: 4375

وسار على النهج الذي سلكت به

مسالكه آباؤه وجدوده

يعد المذاكى وهي جرد صواهل

ليوم يذيب الصافنات وقوده

ويدخر المرّان حتى يردّه

وأملوده

(1)

ما طوره أو قصيدة

سليل مليك في العلاء معرق

يمت بمجد لا ترد شهوده

فيذعن بالتقصير كل منادد

وما الفخر الا ما رواه نديده

يقول فيها:

فيا ملكا تضحي الملوك أذلة

لديه كما ذلت لمولى عبيده

ويسجد رب التاج خوفا لبأسه

وقلّ له من ربّ تاج سجوده

بقيت على رغم الحسود مبلغا

من العمر ما تختاره وتريده

‌أبو جعفر بن أبي كريث:

أو ابن أبي كريب الخاطب المصيصي، خطب المصيصة له ذكر.

قرأت في شعر العباس الخياط الصيصي أبياتا في أبي جعفر الخاطب (44 - و) المصيصي يهجوه:

لنا خاطب من خرو يكنى أبا جعفر

له خطب بردها يحض على المنكر

فقل لأبي الأصبغ الأمير ولا تصغر

يعدّ له جبة وفروا مع الممطر

فإني على برده من البعد لم أصبر

فكيف ترى حال من إلى جانب المنبر

ومن شعر العباس فيه أيضا:

يستريح العباد لو قد عمينا

يا بغيضا من الرجال مقيتا

لك في منبر المصيصة وعظ

ينشف الحزن ثم ينسي القنوتا

ذاك من أجل أن حلقك في

هـ جمل ليس يستطيع السكوتا

أنت لو شئت أن تكون بليغا

للزمت السكوت حتى تموتا

وكان هذا العباس المصيصي مولعا بجهو الناس والأكابر منهم حتى أنه لا يكاد

(1)

الأملد: الناعم اللين منا ومن القضون، والمرأة أملود. القاموس.

ص: 4376

يقع له شعر في غير الهجاء، ولم يقع في هجوه هذا طعن على أبي جعفر الخاطب في دينه، فدلّ على صلاحه.

‌أبو جعفر الهاشمي القاضي الحلبي:

وأظنه-والله أعلم-ابن الخشاب الهاشمي، قاضي حلب الذي كان قاضيا بها في أيام شريف بن سيف الدولة، فعز له بالحسن الزيدي، والد أبي الغنائم النسابة، وتزوج القاضي الزيدي ابنته على ما ذكر أبو الغنائم في كتاب النسب، فإن لم يكن فهذا أبو جعفر قاضي حلب من أولي النباهة والفضل، فإنني قرأت (44 - ظ) في كتاب ذيل اليتيمة، الذي ذيل به أبو منصور الثعالبي كتابه، في ترجمة أبي الفتح الموازيني، وهو أحمد بن عبيد الله الماهر الحلبي، قال: وله-يعني الموازيني- في مرثية القاضي الهاشمي بحلب:

ناعي أبي جعفر القاضي دعوت إلى

الردى فلم ندر ناع أنت أم داع

تنعي العظيمين من مجد ومن شرف

بعد الرحيبين من خلق ومن باع

مهلا فلم تبق عينا غير باكية

ولا تركت فؤادا غير مرتاع

قد كان ملء عيون بعده امتلأت

حزنا ونزهه أبعاد وأسماع

‌أبو جعفر المبرقع الهاشمي:

أحد العباد الذين كانوا بأنطاكية روى عنه أبو سفيان العباسي.

أخبرنا عثمان بن أزريق-إذنا-قال: أخبرنا الشيخ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبو الحسين بن الطيوري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل قال: سمعت أبا الحسن علي بن عبد الله بن الحسن الهمذاني يقول: سمعت أبا بكر الدقي يقول: سمعت أبا سفيان العباسي يقول: قال لي أبو جعفر المبرقع الهاشمي:

خرجت من انطاكية وأنا جائع أريد الساحل، فجئت إلى معبر، فإذا رغيف مطروح، فقلت: هذا وقع من إنسان، ولم أر أخذه، فإذا الرغيف قد طفر

(1)

من الشط إلى

(1)

طفر: قفز.

ص: 4377

النهر، ثم جرى في عرض (45 - و) النهر، وطفر من النهر إلى الشط، فقلت:

هذا خبز المولى فأخذته وأكلته.

‌أبو جعفر الفقيه:

حدث بأنطاكية عن أبي محمد الحارث بن أبي أسامة، روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي.

أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستاني قال: أخبرنا الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال:

أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني قال: حدثنا أبو جعفر الفقيه بأنطاكية قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة أبو محمد قال: حدثنا يزيد بن هرون قال: أخبرنا الجريري عن أبي نضره عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم على راعي فلينادي ثلاثا فإن أجابه وإلا فليحلب وليشرب ولا يحملن، وإذا أتى أحدكم حائط بستان فلينادي ثلاثا صاحب الحائط فإن أجابه وإلاّ فليأكل ولا يحمل

(1)

.

‌أبو جعفر الملطي:

روى عن علي بن موسى الرضا، روى عنه أبو القاسم الاسكندراني.

أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي-في كتابه إلينا من نيسابور-قال: أخبرنا جدي عبّاسة الفرخزادي قال: أخبرنا أبو اسحاق الثعلبي قال: سمعت محمد بن الحسين السلمي يقول: سمعت منصور بن عبد الله يقول: (45 - ظ) سمعت أبا القاسم الاسكندراني يقول: سمعت أبا جعفر الملطي يقول: عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد في هذه الآية

(2)

قال: ما تيسر لكم فيه خشوع القلب وصفاء السر.

‌أبو جعفر المغازلي المصيصي:

حدث عن محمد بن حمير، روى عنه أحمد بن النضر العسكري.

(1)

انظر كنز العمال:9/ 25965.

(2)

لم يورد نص الآية المعنية.

ص: 4378

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي-فيما أذن لنا فيه- قال: أخبرنا أبو سعيد خليل بن أبي الرجاء الراراني قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا أحمد بن النضر قال: حدثنا أبو جعفر المغازلي المصيصي قال: حدثنا محمد بن حمير عن الأوزاعي عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوضوء مفتاح الصلاه

(1)

.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلاّ محمد بن حمير تفرد به المغازلي.

‌أبو جعفر المصيصي:

إن لم يكن المغازلي فهو غيره، حكى عن سهل بن عبد الله التستري، روى عنه فريج بن عبد الله النصيبي.

أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي-في كتابه إلينا من حران-قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا (46 - و) أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن الهمذاني قال: حدثني فريج بن عبد الله النصيبي قال: سمعت أبا جعفر المصيصي يقول: سمعت سهل بن عبد الله يقول: احفظوا السواد على البياض فما أحد ترك الظاهر إلاّ خرج إلى الزندقة.

‌أبو جعفر الجلابي:

وقيل الجياني، من شيوخ الصوفية كان بالتينات عند أبي الخير التيناتي حكى عنه أبو القاسم بكير بن محمد المنذري.

(1)

انظره في كنز العمال:7/ 19633.

ص: 4379

‌أبو جفنة المصيصي

(1)

:

شاعر مذكور من أهل المصيصة، لم أظفر له بشيء

(2)

(46 - ظ) من شعره، ووقع إليّ أبيات قالها عباس بن الخياط المصيصي في أبي جفنة الشاعر المصيصي يهجوه وهي:

أصبح دينارك في الأنفس

يزهر كالزهرة في الحندس

(3)

جاء مع الرقعة ذا سرعة

فيه غنى للرجل المفلس

كأنما في راحتى ثقله

ثقل أبي جفنة في المجلس

‌أبو جمل بن عمر بن قيس الكندي:

كان أميرا على أهل قنسرين في الجيش الذي سيره مروان مع جويرية بن سهيل الباهلي الى مصر، فبعثه جويرية الى الصعيد، فأتي بكاتب رجاء، يزيد بن موسى ابن وردان، فقيد وحبس، واستخرج منه ثلاثمائة ألف دينار، نقلت ذلك من تاريخ مختار الملك المسبحي.

‌أبو الجنوب:

رجل مذكور من أصحاب علي بن أبي طلب رضي الله عنه، شهد معه صفين، وحكى عنه، روى عنه النضر بن منصور.

أنبأنا أبو الحسن بن محمود الصابوي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الأديب -إذنا-قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين قال: أخبرنا أحمد ابن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي بن أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا أحمد ابن اسحاق الطيبي قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن ابان قال: حدثنا النضر بن منصور عن أبي الجنوب قال: شهدت مع علي صفين، قال: فأسر علي من أصحاب معاوية خمس عشر رجلا جرحى، فلم يزل يداويهم يموت واحد بعد واحد، يكفنهم ويصلي عليهم ويدفنهم.

(1)

الترجمة التالية بالأصل ترجمه «أبي جمل بن عمر» غير أن ابن العديم كتب الى جانبها في الهامش تؤخر كما كتب الى جانب الترجمة التي تلتها «تقدم» فنفذت ذلك.

(2)

كرر بالأصل سهوا كلمة «بشيء» .

(3)

الحندس: الليل المظلم. القاموس.

ص: 4380

‌أبو الجنويرية الجزمي:

واسمه حطّان، غزا بلاد الروم مع معن بن يزيد، واجتاز بحلب أو بعملها في امارة معاوية بن أبي سفيان، روى عن معن بن يزيد، روى عنه عاصم بن كليب.

(47 - و).

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي وأبو عبد الله محمد بن داود الدربندي الصوفيان وأبو القاسم بن رواحة وأبو الحسن بن الصابوني قالوا: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب بن البطر قال: أخبرنا أبو محمد بن البيّع قال:

حدثنا أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل المحاملي قال: حدثنا أحمد بن منصور داج قال: حدثنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو حمزة عن عاصم بن كليب قال حدثنا أبو الجويرية قال: أصبت جرة في إمارة معاوية، فيها دنانير في أرض الروم، وعلينا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له معن بن يزيد، قال:

فأتيناه بها فقسمها بين المسلمين وأعطاني مثل ما أعطى رجلا، ثم قال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيته يفعله يقول: لا نفل إلاّ بعد الخمس،

(1)

لأعطيتك، ثم أخذ فعرض علي من نصيبه، قال: فأبيت فقلت: ما أنا بأحق به منك.

‌أبو جهمة الاسدي:

شاعر شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقال يومئذ شعرا يجيب به كعب بن جعيل.

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي ابن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا ابراهيم بن ديزيل قال:

حدثنا يحيى بن (47 - ظ) سليمان قال: حدثنا أحمد بن بشير في حديثه-يعني- في قتل عبيد الله بن عمر أن كعب بن جعيل قال في ذلك:

ألا إنما تبكي العيون لفارس

بصفين ولت خيله وهو واقف

(1)

انظره في كنز العمال:4/ 10966.

ص: 4381

تركن عبيد الله بالقاع مسندا

تمج دم الحوف

(1)

العروق النوازف

تميل فتغشاه سبائب من دم

كما لاح في جنب القميص الكفائف

تنافسن فاستسمعن من أين صوته

فأقبلن شتى والعيون ذوارف

يسفن دما قد ضاع في يوم ضيعة

وأنكر منه بعد إلف معارف

تبدل من أسماء أسياف وائل

وكان فتى لو أخطأته المتالف

وفرّت تميم سعدها وربابها

وحالفت الجعداء فيمن تحالف

وزاد غيره في قول كعب بن جعيل:

معاوي لا تنهض بغير وثيقة

فإنك بعد اليوم بالذل عارف

فأجابه أبو جهمة الأسدي في ذلك:

تعرف والعراف ينجح أمّه

فإن كنت عرافا فإني لعائف

(2)

أغرتم علينا تسرقون ثيابنا

وليس لنا في أرض صفين قائف

(3)

وقال يحيى بن سليمان: أخبرني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان قال: وقال أبو جهمة الأسدي:

أنا أبو جهمة في جلد الأسد (48 - و).

أهجو بني تغلب بتال البعد.

أقود من شئت وصعبا لم أقد

(4)

.

‌أبو الجيش بن لؤلؤ السيفي:

أخو مرتضى الدولة أبي نصر بن لؤلؤ، كان أخوه مرتضى الدولة ملك حلب، وحضر أبو الجيش معه في الوقعة مع صالح ابن مرداس على تل حاصد

(5)

، فلما

(1)

الحوف: جلد يشق كهيئة الازار، أو أديم أحمر. القاموس.

(2)

العيافة: زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها، وهو من عادة العرب كثيرا. النهاية لابن الاثير.

(3)

القائف من يعرف الآثار. القاموس.

(4)

صفين لنصر بن مزاحم:411 مع فوارق كبيرة، وبتل: قطع. القاموس.

(5)

خارج حلب على مقربة منها.

ص: 4382

كسر مرتضى الدولة انهزم أبو الجيش وأبو سالم أخو مرتضى الدولة، وقصدا قلعة حلب، وأسر مرتضى الدولة فضبط أبو الجيش القلعة والبلد، وقويت به نفوس من كان في البلد من أهله ومن عاد من الجيش المفلول، وضبط البلد أبو الجيش وأمه ضبطا حسنا، فرأى صالح بن مرداس أنه لا يقدر على أخذ البلد لضبطه بأبي الجيش، فرأى أن يوقع الصلح فتراسلوا في ذلك، وأشركوا أبا الجيش

(1)

في حديث الصلح وتقريره فاجتمعوا بمرتضى الدولة وهو في القيد، وتحدثوا معه، فقال لهم: تدبرون الأمر على حسب ما ترونه ويستصوبه أخي أبو الجيش الذي هو الآن المستولي على القلعة والمدينة، فلم يزالوا يترددون حتى استقر الأمر مع صالح على الوجه الذي ذكرناه في موضعه، ولما أطلق مرتضى الدولة عاد الى القلعة والبلد، ولم يعارضه أبو الجيش في شيء

(2)

.

(1)

كذا بالأصل.

(2)

من أجل المزيد من التفاصيل انظر كتابي امارة حلب:45 - 47.

ص: 4383

‌حرف الحاء في الكنى

(48 - ظ)

‌ذكر من كنيته أبو حاتم

‌أبو حاتم الرازي:

واسمه محمد بن ادريس، وقد تقدم ذكره.

‌أبو حاتم بن حبان البستي:

واسمه محمد أيضا، وقدم تقدم ذكره.

ص: 4384

‌ذكر من كنيته أبو الحارث

‌أبو الحارث الاولاسي:

من حصن أولاس، واسمه فيض بن الخضر، تقدم ذكره.

‌أبو الحارث الرقي:

المقرئ أحد أئمة القراء المذكورين، قرأ القرآن العظيم على أبي شعيب صالح بن زياد السوسي، قرأ عليه بطرسوس أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش، وروى عنه.

‌أبو الحارث بن السندي الانطاكي:

أنبأنا حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن قشيش الحربي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة أربع وسبعين ومائتين، أبو الحارث بن السندي الأنطاكي-يعني-مات.

ص: 4385

‌ذكر من كنيته أبو حازم

‌أبو حازم المديني الاعرج:

اسمه سلمة بن دينار قدم خناصرة على عمر بن عبد العزيز وقد تقدم ذكره.

‌أبو حازم الاسدي:

الخناصري من أهل خناصرة من الأحص، من عمل حلب، حدث بخناصرة عن أبي هريرة رضي الله عنه، وحكى عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، روى عنه أبو الزناد ورجل غير مسمى.

أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف-فيما أذن لي فيه-قال:

أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا اسحاق بن اسماعيل الرملي قال: حدثنا هشام (49 - و) بن عمار قال: حدثنا بقية بن الوليد عن رجل عن أبي حازم الخناصري الأسدي قال: قدمت دمشق في خلافة عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة، والناس رائحين الى الجمعة، فقلت ان أنا صرت الى الموضع الذي أريد نزوله فاتتني الصلاة، ولكن أبدأ بالصلاة، فصرت الى باب المسجد فأنخت بعيري ثم عقلته، ودخلت المسجد، فاذا أمير المؤمنين على الأعواد يخطب الناس، فلما أن بصر بي عرفني، فناداني: أبا حازم إليّ مقبلا، فلما أن سمع الناس نداء أمير المؤمنين لي أوسعوا لي، فدنوت من المحراب، فلما أن نزل أمير المؤمنين، فصلى بالناس، التفت إليّ فقال: يا أبا حازم متى قدمت بلدنا؟ قلت: الساعة وبعيري معقول بباب المسجد، فلما أن تكلم عرفته فقلت: أنت عمر بن عبد العزيز قال: نعم، فقلت: تالله لقد كنت عندنا بالأمس بخناصرة أميرا لعبد الملك بن مروان، فكان وجهك وضيا، وثوبك نقيا ومركبك وطيا، وطعامك شهيا، وحرسك شديدا، فما الذي غير بك وأنت أمير المؤمنين؟ قال لي: يا أبا حازم أنا شدك الله

ص: 4386

ألا حدثتني الحديث الذي حدثتني بخناصرة، قلت له: نعم سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ان بين أيديكم عقبة كؤودا لا يجاوزها إلاّ كل ضامر مهزول،

(1)

.

قال أبو حازم: فبكى أمير المؤمنين بكاء عاليا حتى علا نحيبه، ثم قال: يا أبا حازم أفتلومني أن أضمر نفسي لتلك العقبة، لعلي أن (49 - ظ) أنجو منها وما اظني منها بناج.

قال أبو حازم: فأغمي على أمير المؤمنين فبكى بكاء عاليا حتى علا نحيبه، ثم ضحك ضحكا عاليا حتى بدت نواجذه وأكثر الناس فيه القول، فقلت: اسكتوا فإن أمير المؤمنين لقي أمرا عظيما.

قال أبو حازم: ثم أفاق من غشيته، فبدرت الناس الى كلامه فقلت له:

يا أمير المؤمنين لقد رأينا منك عجبا؟ قال: ورأيتم ما كنت فيه؟ فقلت: نعم قال:

إني بينما أنا أحدثكم إذ أغمي عليّ فرأيت كأن القيامة قد قامت، وحشر الله الخلائق، وكانوا عشرين ومائة صف، أمة محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ثمانون صفا وسائر الأمم من الموحدين أربعون صفا اذ وضع الكرسي، ونصب الميزان ونشرت الدواوين ثم نادى المنادي أين عبد الله بن أبي قحافة

(2)

فاذا بشيخ طوال يخضب بالحنة والكنم، وأخذت الملائكة بضبعيه فارتقوا به أمام الله فحوسب حسابا يسيرا، ثم أمر به ذات اليمين الى الجنة.

ثم نادى المنادي: أين عمر بن الخطاب فإذا شيخ طوال يخضب بالحناء بحنا

(3)

فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله فحوسب حسابا يسيرا، ثم أمر به ذات اليمين الى الجنة.

ثم نادى مناد: أين عثمان بن عفان؟ فإذا بشيخ طوال يصفر لحيته، فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله (50 - و) فحوسب حسابا يسيرا، ثم أمر به ذات اليمين الى الجنة.

(1)

لم أجده بهذا اللفظ بغير رواية الحلية.

(2)

أبو بكر الصديق الخليفة الراشدي الاول، رضي الله عنه.

(3)

أي تخضيبا. القاموس، وفي حلية الاولياء: فجثا.

ص: 4387

ثم نادى مناد: أين علي بن أبي طالب، فإذا بشيخ طوال أبيض الرأس واللحية، عظيم البطن، دقيق الساقين، وأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله، فحوسب حسابا يسيرا، ثم أمر به ذات اليمين الى الجنة.

فلما أن رأيت الأمر قد قرب مني اشتغلت بنفسي فلا أدري ما فعل الله بمن كان بعد علي، إذ نادى المنادي: أين عمر بن عبد العزيز؟ فقمت فوقعت على وجهي، ثم قمت فوقعت على وجهي، ثم قمت فوقعت على وجهي، وأتاني ملكان فأخذا بضبعي فأوقفاني أمام الله تعالى فسألني عن النقير والقطمير وعن كل قضية قضيت بها حتى ظننت أنى لست بناج، ثم إن ربي نفضل عليّ وتداركني منه برحمة وأمر بي ذات اليمين الى الجنة، فبينا أنا مار مع الملكين الموكلين بى إذ مررت بجيفة ملقاه على رماد، فقلت: ما هذه الجيفة؟ قالوا: أدن منه فسله يخبرك، فدنوت منه فوكزته برجلي وقلت له: من أنت؟ قلت: أنا عمر بن عبد العزيز، قال لي: ما فعل الله بك وبأصحابك؟ قلت: أما أربعة فأمر بهم ذات اليمين الى الجنة، فقال: أنا كما صرت ثلاثا، قلت: أنت من أنت؟ قال: أنا الحجاج بن يوسف، قلت له: حجاج، أرددها عليه ثلاثا، قلت: ما فعل الله بك؟ قال لي: قدمت على رب شديد العقاب ذو بطشه (50 - ظ) منتقم ممن عصاه، فقتلني بكل قتلة قتلت بها مثلها، ثم ها أنا موقف بين يدي ربي أنتظر ما ينتظر الموحدون من ربهم، إما الى جنة، وإما الى نار.

قال أبو حازم: فأعطيت الله عهدا بعد رؤيا عمر بن عبد العزيز أن لا أوجب لأحد من هذه الأمه نارا.

قال الحافظ أبو نعيم: رواه ابراهيم بن هراسة عن الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم مختصرا، أخبرناه محمد بن أحمد بن ابراهيم-إجازة-قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين قال: حدثنا السري بن عاصم قال: حدثنا ابراهيم بن هراسة عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز بخناصرة، وهو يومئذ أمير المؤمنين، فلما نظر إليّ عرفني، ولم أعرفه، فقال لي: أدن يا أبا حازم فلما دنوت منه عرفته، فقلت: أنت أمير المؤمنين؟ قال:

نعم، قلت: ألم تكن عندنا بالأمس بالمدينة أميرا لسليمان بن عبد الملك، فكان

ص: 4388

مركبك وطيا، وثوبك نقيا، ووجهك بهيا، وطعامك شهيا، وقصرك مشيدا، وحديثك كثيرا، فما الذي غير بابك وأنت أمير المؤمنين؟ قال: أعد علي الحديث الذي حدثتنيه بالمدينة، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، سمعت أبا هريرة يقول:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن بين أيديكم عقبه كؤودا مضرسة لا يجوزها إلا كل ضامر مهزول، فبكى

(1)

طويلا، (51 - و).

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن أبي العجائز الأزدي الدمشقي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي الدمشقي قال: أبو حازم الأسدي الخناصري، حدث عن أبي هريرة، وحكى عن عمر بن عبد العزيز، ووفد عليه الى دمشق، روى عنه رجل غير مسمى، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان المقرئ.

هكذا قال الحافظ إنه وفد على عمر الى دمشق بناء على حديث بقية، وحديث ابن هراسه عن سفيان أقرب الى الصحة، وقد رواه ابن المبارك عن سفيان وقال فيه:

قدمت على عمر بن عبد العزيز وقد ولي الخلافه

(2)

.

(1)

حلية الاولياء لابي نعيم:299 - 302.

(2)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 13 - و.

ص: 4389

‌ذكر من كنيته أبو حامد

‌أبو حامد بن محمد بن جعفر الحلبي:

المعروف بسناء الدولة.

قرأت بخط بعض الأدباء من أهل حلب قال: سناء الدولة، أبو حامد بن محمد ابن جعفر الحلبي، شاعر مجيد كان في أيام الصنوبري، روى أن الصنوبري شرب دواء فكتب إليه سناء الدولة:

أبن لي كيف أمسيت

وما كان من الحال

وكم سارت بك الناق

ة نحو المنزل الخالي

فكتب إليه الصنوبري:

كتبت إليك والنعلان ما إن

أقلّهما من السير العنيف

فإن رمت الجواب إلي فاكتب

على العنوان يدفع في الكنيف

(51 - ظ)

‌أبو حامد الزاهد:

حدث بأذنة عن جعفر بن محمد الخفاف، وأبي أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، روى عنه القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي قاضي معرة النعمان.

نقلت من خط القاضي أبي عمرو الطرسوسي: حدثنا أبو حامد الزاهد، بأذنة قال: حدثنا جعفر بن محمد الخفاف قال: حدثنا موسى بن أيوب قال: حدثنا عثمان بن كثير عن بقية عن ابراهيم قال: قال يونس بن عبيد: ما ندمت علي شيء ندامتي على أن لا أكون أفنيت عمري في الجهاد.

‌أبو حامد:

صاحب بيت المال، له ذكر، وكان بحلب، حكى عنه ابنه أبو علي بن أبي حامد وقد ذكرنا عنه حكاية.

ص: 4390

‌ذكر من كنيته أبو الحسن

‌أبو الحسن بن ثوابة:

كاتب مشهور، قدم حلب صحبة الوزير أبي الفتح الفضل بن الفرات حسين مر بها.

‌أبو الحسن بن أحمد بن محمد بن الدوّيدة:

واسمه علي، وقد تقدم ذكره.

‌أبو الحسن بن جعفر المتوكل:

ابن محمد المعتصم بن هرون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي، قدم حلب مع أبيه المتوكل سنة أربع وأربعين ومائتين (52 - و) وكان يعرف بابن فريدة.

أنبأنا أبو منصور بن محمد عن عمه الحافظ أبي القاسم قال: أبو الحسن بن جعفر المتوكل، وذكر نسبه، قدم مع أبيه المتوكل دمشق سنة ثلاث وأربعين ومائتين، فيما قرأته بخط أبي محمد عبد الله بن محمد الخطابي. وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الوراق قال: مات أبو الحسن بن المتوكل المعروف بابن فريدة في آخر ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين ومائتين

(1)

.

‌أبو الحسن بن جهشم:

الطرسوسي، روى عن الباغندي ويحيى بن محمد بن صاعد.

وكان ضعيفا في الرواية.

أنبأنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي عن أبي سعد السمعاني قال:

(1)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 18 - و.

ص: 4391

دفع إليّ الشيخ الإمام الحافظ أبو علي الحسن بن مسعود الوزير الدمشقي جزءا خفيا بخط الشيخ الإمام الحافظ الزاهد الحسن بن ابراهيم بن بقي الاندلسي، رحمة الله عليه مكتوب: رأيت بخط الشيخ الامام الحافظ أبي سعد مسعود بن نابه السجزي رحمه الله في ورقة مربعة مكتوبة، وسألته أن يملّ عليّ فقال: وجدت عند الشيخ أبي سعد مسعود بن علي بن معاذ السجزي ثم النيسابوري، رحمه الله تعالى، بخط الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله البياع الحافظ، رحمه الله في ورقة مربعة: اجتمعنا غداة الخميس الرابع والعشرين من شعبان (52 - ظ) سنة احدى وثمانين وثلاثمائة، فذكرنا الكذابين بنيسابور الذين ظهر لنا جرحهم، فأثبتناه في هذا الطبق للاعتبار، ونسأل الله تعالى العصمة من ذلك بمنه وطوله: أبو الحسن ابن جهشم الطرسوسي، يروي عن الباغندي وابن صاعد وأقرانهما، ثم ذكر جماعة وقال: جماعة من في هذا الطبق كذبة في الرواية، كتب محمد بن عبد الله بخطه.

قال الشيخ مسعود: وأشهد على ذلك جماعة واثبتوا خطوطهم عقيب خطه منهم، كما ذكره الحاكم ايده الله، وكتبه: عبد الرحمن العماري بخطه.

آخر: هؤلاء القوم الذين ذكر أساميهم في هذه الورقة، كلهم كذبة، تاب الله علينا وعليهم ولا تحل الرواية عنهم لمن أراد أن يأخذ ما يأخذه لله عز وجل، وكتب أبو جعفر العزائمي بخطه.

وآخر: عرفت المذكورين فيه بالصفة المذكورة فيه، وكتبه سعيد بن محمد بخطه.

قال الشيخ مسعود: فسألت الشيخ مسعود السجزي أن يثبت خطه عقيب ما كتب عنه، ليكون لي حجة بذلك، فكتب: نسخ هذا من ورقة بخط الحاكم الامام أبي عبد الله الحافظ رحمه الله، وفيه خطوط المشايخ: العماري، والعزائمي والشعيبي، رحمهم الله تعالى، والورقة عندي.

‌أبو الحسن بن زيد الشيزري:

شاعر مجيد، من أهل شيزر، كان في أيام (53 - و) نور الدين محمود بن زنكي، ووعظ أبا بكر بن الداية نائبه بحلب بأبيات.

ص: 4392

قرأت بخط الفقيه امام الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد بن سلامة الحلبي، المعروف بابن الركابي، وقال: أبو الحسن بن زيد الشيزري:

لئن حالت الأيام بيني وبين ما

أحاول أو أنحى عليّ زماني

ورمت مراما لم يرمه من الورى

سواي على ضعفي وبعد مكاني

ففي ظل نعمى ابن الوصي مواهب

تحقق آمالي وتعظم شاني

امام هدى لولا اهتدائي بنوره

ضللت ونالتني يد الحدثان

وان تك داري عنه أضحت بعيدة

فشكري على بعد المسافة دان

وقال: ونقلتها من خط المذكور:

بالله أقسم صادقا

قسما يجلّ عن المحال

اني امرؤ ما غيرتني

بعد بعدكم الليالي

كلا ولا خطر السلو وان

تسليتم ببالي

بل حافظ لعهودكم

في حال حلّي وارتحالي

أنتم وان بنتم أحب الي

من أهلي ومالي

وحديثكم أشهى الى

قلبي من العذب الزلال

ومحلكم مني بمنزل

ة اليمين من الشمال

وتعز فرقتكم عل

يّ وان أغيب فما احتيالي

(53 - ظ)

فعليكم مني السلا

م وبات حاسدكم بحالي

وبقيتم في نعمة

ووقيتم عين الكمال

وقال: من قصيدة في مجد الدين ابن الداية رحمه الله، ونقلتها من خط المذكور:

فلا تجورن مجد الدين مقتدرا

فالجور أقبح ما يستحسن الملك

وانظر لنفسك واعمل للمعاد

ولا يطغيك ادراك ما في طيه الدرك

وخف اصابة سهم من سهام يد

تمد في الليل والظلماء تحتبك

فطائر الجو لولا الحب أوقعه

في الحب تلقطه ما صاده الشرك

فان أبيت سوى ما قد أتيت به

بغيا ولا بد للاصوات تشتبك

ص: 4393

‌أبو الحسن بن عبد الله الفوطي:

الطرسوسي الصوفي، روى عن أبي القاسم الجنيد بن محمد، وعلّوش الدينوري، روى عنه عبد الله بن يوسف الأصبهاني.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: أخبرنا عمر بن أبي الحسن بن حموية قال: أخبرنا عبد الوهاب بن شاه بن أحمد الشاذياخي، ح.

وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن قالت: أخبرنا الشاذياخي قال: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت عبد الله بن يوسف الاصبهاني يقول: سمعت أبا الحسن بن عبد الله الفوطي الطرسوسي يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: اللهم ما عذبتني من شيء فلا تعذبني بذل الحجاب

(1)

.

وقال أبو القاسم (54 - و) القشيري: سمعت عبد الله الاصبهاني يقول:

سمعت أبا الحسن بن عبد الله الطرسوسي يقول: سمعت علوش الدينوري يقول:

سمعت المزين الكبير يقول: كنت بمكة فوقع لي انزعاج فخرجت أريد المدينة، فلما وصلت الى بئر ميمونة

(2)

اذا أنا بشاب مطروح، فعدلت اليه وهو ينزع، فقلت له:

قل لا اله الا الله، ففتح عينه وأنشأ يقول:

أنا ان مت فالهوى حشو قلبي

وبداء الهوى يموت الكرام

ثم مات فغسلته وكفنته، وصليت عليه، فلما فرغت من دفنه سكن ما بي من ارادة السفر، فرجعت الى مكة

(3)

.

‌أبو الحسن بن عمر:

ابن أبي الحسن بن محمد بن حموية الجويني، شيخ الشيوخ، هذا يكتب بخطه فيما يكتبه، ولا يسمي نفسه، وبعضهم يسميه عليا، وبعضهم يسميه محمدا، والصحيح ان اسمه كنيته، وكان شيخا حسنا فقيها فاضلا حسن السمت مليح الشيبة

(1)

الرسالة القشيرية:11.

(2)

المشهور بئر ميمون، انظر اخبار مكة للازرقي:2/ 222.

(3)

لم يرد هذا الخبر في ترجمة المزين في الرسالة القشيرية:27.

ص: 4394

كريم النفس نزيها، حسن الكلام والمنطق اذا تكلم، كثير السكوت الا فيما يعنيه، وكان لكثرة سكوته لا يكاد يعرف فضله من رآه، فاذا تكلم في الفقه أو في غيره كان كلامه أحسن الكلام وأكثر المتكلمين صوابا.

ولي القضاء بحران، ثم تولى التدريس بمصر في مدرسة الامام الشافعي، وتولى مشيخة الشيوخ بالديار المصرية ودمشق في دولة الملك العادل أبي بكر بن أيوب وبعده في دولة ابنه الملك الكامل، وكان عظيم (54 - ظ) الحرمة والمكانة عندهما، وكان والد الملك الكامل صاحب مصر من الرضاع، وسيره الملك العادل وابنه الملك الملك العادل

(1)

في رسائل متعددة الى حلب وبغداد وغيرها من البلاد، واجتمعت به بالياروقيه ظاهر مدينة حلب، وقد وردها رسولا من الملك الكامل محمد الى أخيه الملك الاشرف موسى وهو اذ ذاك مقيم بالياروقية بحلب، وسمعت منه الاربعين حديثا لابي الفتوح الطائي بروايته سماعا منه، وأحاديث من أول مسند الشافعي بسماعه للمسند من أبي زرعة، وأخبرنا أن مولده سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة في شوال.

وحدث شيخنا شيخ الشيوخ عن هذين المذكورين، وعن أبي الفرج الثقفي، وأبي منصور شهردار بن شيرويه الديلمي.

أخبرنا الشيخ الفقيه الامام أبو الحسن بن عمر بن حمويه شيخ الشيوخ بالياروقية ظاهر مدينة حلب، قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي

(2)

. (55 - و).

سمعت جمال الدين أحمد بن عثمان بن الصلاح الحراني الصوفي قال: كان الشيخ صدر الدين بن حمويه لا يترك أحدا يباشر خدمته، واذا دخل الحمام غسل نفسه وحك رجله بيده، ولا يمكن أحدا غيره من مباشرة ذلك، فدخلت يوما الحمام معه فأخذت حجر الرجل وجئت اليه، فقال: ما تريد؟ فقلت له مازحا: أحك رجلك لتعود من بركتي عليك فمدّ (55 - ظ) رجله فحككتها.

(1)

كتب ابن العديم في الهامش: صوابه «الكامل» .

(2)

كذا بالاصل ولم يكمل ابن العديم الرواية.

ص: 4395

وقال لي: قدم شيخ الشيوخ صدر الدين الينا، الى حران، وكان من عادته أن لا يأكل من وقف الخوانك

(1)

شيئا أصلا، فقال لي: اطبخ لنا أرزا ودفع اليّ ما أطبخه به، قال: فلما أردت الطبخ أفكرت في ماء نهر جلاب، وهو نهر بحران، وهو عكر من التراب الاحمر، ولا يصفو الا اذا وضع في الاناء، ورست فيه الطين، فقلت:

هذا أرز وأطبخه بهذا الماء يجيء أحمر اللون، فعدت الى نفسي وقلت: آخذ من ماء الصهريج الذي في الخانكاه، ثم أفكرت في أن الشيخ لا يتناول شيئا من وقف الخانكاه، ثم قلت للشافعي وجه في أن الماء لا يملك بحال، وهو على الاباحة، فأخذت منه وطبخت فلما استوى أتيته به وقدمته بين يديه، فنظر فيه، وأنكره وقال:

من أي ماء طبخت هذا الارز؟ فقلت من ماء الصهريج الذي للخانكاه، فقال: وما عرفت عادتي فقلت فلنا وجه في أن الماء مباح، وأنه لا يملك، فقال لي: وتعلمني الفقه أيضا ارفعه الى الصوفية، فأخذته وجئت به الصوفية ولم يأكل منه شيئا، وقال لي:

ارتد لنا جبنا ولبنا وما أشبه ذلك، فجئته بما طلب، فأكل منه، ولم يأكل من الارز رحمه الله.

توفي شيخنا شيخ الشيوخ أبو الحسن بالموصل في العشر الآخر من جمادي الاولى سنة سبع عشرة وستمائة بالموصل، وكان بها رسولا، وبلغنا خبر (56 - و) وفاته الى حلب، فعمل له العزاء بالمدرسة النورية المعروفة ببني أبي عصرون، وتولى ذلك شهاب الدين عبد السلام بن المطهر بن عبد الله بن أبي عصرون مدرسها لمصاهرة كانت بينهما، ولما قدمت الموصل رسولا في بعض السنين زرت قبر قضيب البان ظاهر الموصل وشيخ الشيوخ في تربة قضيب البان، وهو مدفون الى جانبه، وقرأت على الرقعة التي على قبره تاريخ وفاته رحمه الله.

‌أبو الحسن بن محمد بن محمد بن يوسف البخاري:

ابن أبي ذر قاضي القضاة بخراسان، وكان عابدا زاهدا سائحا قدم طرسوس للتعبد بها.

وذكره الحافظ أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور في ترجمة أبيه أبي ذر

(1)

جمع خانكاه أو خانقاه، أي تكية أو رباط.

ص: 4396

القاضي، كما أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن اسماعيل القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني والبحيري وأبو بكر البيهقي والحيري -فيما أجازوه لي-قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال:

محمد بن محمد بن يوسف قاضي القضاة بخراسان، أبو ذر البخاري كان ينتحل مذهب الحديث ويذب عن السنة وأهلها قال: وأعقب الولد الشيخ الزاهد العالم السياح العابد أبا الحسن بن أبي ذر، كان يتعبد اما بمكة أو بطرسوس، واما في جبالنا (56 - ظ) بنيسابور وقال ما كان يسكن بخارى تجنبا للدخول على السلطان.

‌أبو الحسن التهامي:

الشاعر، واسمه علي بن محمد، وقد تقدم ذكره.

‌أبو الحسن الفاسي:

الزاهد، نزيل حلب من أهل فاس، بلدة بالمغرب، واسمه علي بن محمد بن يوسف، وقد تقدم ذكره.

‌أبو الحسن بن يزيد:

الحلبي أنشد عنه الأستاذ أبو سعد الجرحوسي الزاهد.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدنا القاضي أبو النجح يوسف بن شعيب الشيرواني بنيسابور قال: أنشدنا حمزة بن هبة الله الحسني قال: أنشدنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الفارسي قال: أنشدنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: أنشدني الاستاذ الزاهد أبو سعد هو الجرجوسي قال: أنشدنا أبو الحسن بن يزيد الحلبي لبعضهم:

وخمائم نبهنني

والليل داجي المشرقين

شبهتها لما بكين

وما ذرين

(1)

جفون عيني

(1)

ذرت الريح الشيء: أطارته وأذهبته.

ص: 4397

بنساء آل محمد

لما بكين على الحسين

‌أبو الحسن بن أبي بكر بن جعفر اليزدي:

شيخ كان بطرسوس، روى عنه الحاكم أبو عبد الله، وقد ذكرنا عنه حكاية جرت له بطرسوس في (57 - و) ترجمة أبي القاسم يوسف بن يعقوب السوسي.

‌أبو الحسن بن أبي جرادة:

الحلبي، واسمه علي بن عبد الله، قد تقدم ذكره.

‌أبو الحسن بن أبي خازن:

القلانسي البغدادي واسمه علي بن يحيى، واشتهر بكنيته وكنية أبيه، وهو سبط صدقه البغدادي صاحب التاريخ، شاعر مجيد قدم حلب وكتب عنه بها شيء من شعره، روى لنا عنه الزين يونس بن أبي الغنائم البغدادي المقرئ.

أنشدنا أبو الفتح بن أبي الغنائم البغدادي قال: أنشدنا أبو الحسن بن أبي خازن القلانسي البغدادي بحلب:

سهرت جفوني في هوى من لم يدر

ذكر السهاد بجفنه والناظر

يا أيها البدر الذي ألحاظه

تغنيه عن حمل الحسام الباتر

أأمنت ان تهوى وتخضع مثلما

أنا خاضع فلبست حلة غادر

حكى لي شيخنا الصاحب قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: كان أبو الحسن بن أبي خازن شابا ذكيا، وكان يقرأ عليّ الفقه بالموصل هو وجماعة معه، فشاورني يوما في أكل تمر البلاذر

(1)

فنهيته عن ذلك، فمضى هو ورفيقان له واشتروا منه شيئا ودقوه وجعلوه في هريسة وأكلوها فجاءني أبو الحسن ابن أبي خازن ووجهه قد اكمد، فوقف معي في صحن المدرسة (57 - و) وأخبرني أنه أكل تمر البلاذر، فلم أنكر عليه خوفا أن يستشعر ويتوهم، فهونت الامر عليه، فجعل يحادثني ونحن نمشي، ثم دخل الى بيته في المدرسة فأخرج الجرة والابريق والكانون وجميع حوائجه، فعلمت انه قد أثر معه، فسكنته ثم أقمت عليه من يعالجه

(1)

نبات كان بعض الناس يتناولونه لتنشيط الذاكرة، وربما سبب الخبل.

ص: 4398

ويطعمه الهريسة في كل يوم، فواظب ذلك الى أن سكن عنه، ثم غلب عليه الأدب وأثر الذكاء معه في الشعر، فكان ينظم شعرا جيدا الى الغاية وجاء الينا الى حلب ونزل عندنا بالمدرسة.

قال لي أبو الفتح البغدادي المقرئ: توفي أبو الحسن بن أبي خازن القلانسي بميافارقين.

‌أبو الحسن بن أبي نصر:

الكناني العسقلاني، واسمه علي بن محمد، وهو مشهور بكنيته وكنية أبيه، شاعر قدم حلب ولم أظفر بشيء من شعره، ووقفت في شعر أبي بكر الصنوبري على أبيات كتبها الصنوبري يجيبه عن أبيات كتبها اليه ويشكره عن شعر مدحه به أولها:

ان تكن يا أخي ظبي الشعر قلّت

(1)

وتشظت

(2)

صفاته فاضمحلت

منها:

أبهذا المهدي طرائف ألفاظ

كما ريحت الرياض وظلت

من مديح يدق عن كل فهم

واذا دقت المدائح جلّت

في معان عزّت على الخلق إلا

أنها حين رمتها أنت ذلت

(58 - و)

حرمت يا أخي على قائل الشعر

ولكنها الراوية حلّت

فهي تحفى لطفا وتظهر حسنا

مثل ما أغمدت سيوف وسلّت

أنت شمس العلا الذي بعلاه

يتحلى العلى اذا ما تحلت

بإخائيك يا أبا حسن عادت

ليالي الاخاء لما تولت

ضحكت عنك طرّتا حلب حسنا

وذابت سماؤها فاستهلت

وخلت عسفلان يا بن أبي نصر

من المجد حين منك تخلت

‌أبو الحسن البغراسي:

واسمه علي، من شيوخ الصوفية بالثغور الشامية، وبغراس حصن قريب من أنطاكية، حكى عن أبي الخير التيناتى.

(1)

القلقل-بالضم-المعوان السريع التحرك. القاموس.

(2)

تفرقت، القاموس.

ص: 4399

روى عنه أبو القاسم الحسن بن أحمد بن هاشم المقرئ، وكان أحد الصالحين الزهاد.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: سمعت أبا عبد الله الصوري يقول: سمعت أبا القاسم الحسن بن أحمد يقول: سمعت أبا الحسن البغراسي يقول: قال لي أبو الخير التيناتي: إياك وكثرة السفر فإنه يقسّي القلب ويذهب بالدين.

وقال: سمعت أبا عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم يقول: سمعت أبا الحسن البغراسي يقول: قرأت فيما أوحى الله الى داود: يا داود قل لبني اسرائيل لا تجاوروني بالمعاصي فأبتليهم بالاسفار أمحق فيها الأعمار وأقل فيها الأعمال.

‌أبو الحسن العيشي:

أبو العبسي المؤدب، كان ببالس، وحكى عن بعض المجانين، حكى عنه أبو الفوارس بن حنيف الطبري. (58 - ظ).

أخبرنا أبو نصر عبد العزيز بن يحيى بن المبارك الزبيدي ببغداد قال: أخبرتنا شهدة ابنة أحمد بن الفرج بن الأبري قالت: أخبرنا جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الأرد ستاني بمكة في المسجد الحرام قال: أخبرنا الاستاذ أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المذكر قال: سمعت أبا الفوارس بن حنيف بن أحمد بن حنيف الطبري قال: سمعت أبا الحسن العيشي المؤدب يقول انحدرت من بالس أريد العراق، فدخلت الموصل فأقمت بها أياما فبينا أنا مار في بعض أزقتها فاذا صياح وجلبة، فسألت عنها فقيل هاهنا دار المجانين وهذا صوت بعضهم، فدخلت فاذا شاب مشدود متشحظ في الدم، فسلمت فرد، فقال: من أين تجيء؟ قلت من بالس قال: وأين تريد؟ قلت: العراق، فقال:

تعرف بني فلان فأشار الى أهل بيت؟ قلت: نعم، قال: لا صنع الله لهم ولا خار، هم الذين أدهشوني وتيموني وأحلوني هذا المحل، قلت: وما فعلوا؟ قال:

ص: 4400

زموا المطايا واستقلوا ضحى

ولم يبالوا قلب من يتموا

ما ضرهم والله يرعاهم

لو ودعوا بالطرف أو سلموا

ما زلت أذري الدمع في إثرهم

حتى جرى من بعد دمعي دم

ما انصفوني يوم بانوا ضحى

ولم يفوا عهدي ولم يرحموا

(1)

(59 - و)

‌أبو الحسن المشوق:

الشامي، صاحب المتنبي، وقيل أبو الحسين، روى عن أبي الطيب المتنبي، روى عنه محمد بن عمر الزاهر، وقاضي القضاة أبو بشر الفضل، وكان شاعرا مجيدا من العصريين.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي-اذنا عن أبي القاسم بن السمر قندي-قال: أنبأنا أبو يعقوب الاديب عن أبي منصور الثعالبي قال:

وأنشدني محمد بن عمر الزاهر قال: أنشدني أبو الحسن المشوق صاحب المتنبي لنفسه:

ليلة بتها بقربى

(2)

أسقى

عاتقا عانقت مداها الدهور

وكأن السماء والبدر والانج

م روض ونرجس وغدير

قال أبو منصور الثعالبي: وأنشدني أبو الحسن محمد بن أحمد الافريقي في كتاب شعار الندماء لابي الحسن المشوق الشامي-ولست أتحقق اسمه-في المشمش:

أما ترى المشمش يا خل الأدب

مشطبا أكرم بهاتيك الشطب

مثقب الهامات من غير ثقب

كأنها بنادق من الذهب

(3)

‌أبو الحسن المشعوف:

شاعر من طبقة أبي الطيب المتنبي وأقرانه، كان معه بحلب.

(1)

كتاب عقلاء المجانين لمحمد بن حبيب النيسابوري:135.

(2)

قربى اسم ماء قريب من تبالة. معجم البلدان.

(3)

يتيمة الدهر:1/ 306 - 307 مع فوارق وقد ألمت بالنص المطبوع تصحيفات كثيرة جدا.

ص: 4401

قرأت في بعض أخبار المتنبي أنه اجتمع عند أبي الطيب المتنبي بحلب أبو القاسم الناصبي، وأبو العدل، وأبو تمام الخراساني، وأبو عبد الله (59 - ظ) الدنف وأبو الحسن المشعوف، فأنشدهم أبو عبد الله الشبلي-خادم المتنبي-بيت أبي المنصور المكفوف المقدسي وسألهم اجازته وهو في أوله شين وآخره شين:

شبه الهلال على غصن منعمة

بيضاء ناعمة في كفها نقش

قال: فبدر أبو الحسن المشعوف فقال:

شفت بطلعتها من كان ذا نسك

فالقلب منه لما قد ناله دهش

وتمام الحكاية تأتي في ترجمة أبي عبد الله الشبلي، إن شاء الله تعالى.

‌أبو الحسن الدلفي:

الشاعر المصيصي، روى عن أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، ولقيه بمعرة النعمان، روى عنه أبو منصور الثعالبي في ذيل اليتيمة، وقال: حدثني أبو الحسن الدلفي المصيصي الشاعر، وهو ممن لقيته قديما وحديثا في مدة ثلاثين سنة قال: لقيت بمعرة النعمان عجبا من العجب، رأيت أعمى شاعرا طريفا يلعب بالشطرنج والنرد، ويدخل في كل فن من الجد والهزل، يكنى أبا العلاء وسمعته يقول: أنا أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر، فقد صنع لي أحسن بي اذ كفاني رؤية الثقلاء والبغضاء.

هكذا قال فان صح عن أبي العلاء ابن سليمان ذلك فلعله كان في أيام حداثته وصباه، فانه كان بعيدا من اللعب والهزل، وقد ذكر الثعالبي هذه الحكاية في ترجمة أبي العلاء بن سليمان ويحتمل ان يكون آخر يكنى أبا العلاء

(1)

، والله أعلم. (60 - و).

‌أبو الحسن الحلبي:

حكى عن السري الرفاء، روى عنه أبو الحسن محمد بن علي بن نصر الكاتب.

(1)

لم أستطع الوقوف على نسخة من ذيل يتيمة الدهر.

ص: 4402

قرأت في كتاب المفاوضة تأليف محمد بن علي بن نصر الكاتب بخطه، وأنبأنا به شيخنا أبو اليمن الكندي وغيره عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي غالب ابن بشران قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن نصر قال: حدثني أبو الحسن الحلبي، وكان شيخا يعرف أخبار سيف الدولة، قال: كنا مجتمعين يوما في دهليز سيف الدولة، وجماعة من الشعراء والشيوخ المتقدمين: كأبي العباس النامي وأبي بكر الصنوبري، ومن النشئ اللاحقين كأبي الفرج الببغاء والخالدين والسري، فتذاكروا الشعر، وأنشدت قصيدة المتنبي التي أولها:

فديناك من ربع وإن زدتنا كربا

فاستحسن الجماعة قوله في اعظام الربع.

نزلنا عن الاكوار نمشي كرامة

لمن بان عنه ان نلم به ركبا

فقال السري: لولا أنكم اذا سمعتم ما قلته بعد هذا ادعيتم انني سرقته منه لأمسكت، وأنشد قصيدة لامية قال فيها:

نحفي وتنزل وهو أعظم حرمة

من أن يذال براكب أو ناعل

فحكم الجماعة له بالزيادة في قوله نحفى وننزل.

(1)

.

قلت في هذه الحكاية نظر فان الصنوبري توفى سنة أربع وثلاثين، وأبو الفرج لم يكن ورد الى سيف الدولة.

‌أبو الحسن المصيصي العابد:

غزا بلاد الروم، وروى عن أبي خيثمة زهير بن حرب، روى عنه أبو علي الحسن بن قتيبة.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله-اجازة-قال: أخبرنا أبو سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد-

(1)

سبق لابن العديم أن أورد هذه الحكاية في ترجمة السري الرفاء ج 9 ص 4208 - 4209.

ص: 4403

اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال:

حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا الحسن بن قتيبة قال: حدثنا أبو الحسن المصيصي. قال أبو علي: وقد غزا معنا بلاد الروم، وكان رجلا صالحا عابدا، فحدثنا عن أبي خيثمة عن علي رفعه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى ركعتين بعد ركعتي المغرب قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة جاء يوم القيامة، فقيل هذا من الصديقين فيجوزهم، فيقال: هذا من الشهداء، فيجوزهم فيقال: هذا من النبيين فيجوزهم، فيقال: هذا من الملائكة فيجوزهم، فلا يجب حتى ينتهي الى ظل عرش الرحمن

(1)

.

حديث منكر.

‌أبو الحسن المصيصي:

شاعر ظفرت له بأبيات في مجموع بخط بعض أهل الأدب وهي: (61 - و).

أطيب من عود على جمر

ومن زلال شيب بالخمر

ومن نسيم النور في روضة

أنهارها ما بينها تجري

مقالة يسمعها ماجد

من شاكر يطنب في الشكر

‌أبو الحسن الأنطاكي:

شاعر من شعراء العصر، ذكره أبو منصور الثعالبي في يتيمة الدهر بما أنبأنا به عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمر قندي قال: أخبرنا أبو يعقوب الأديب-فيما كتب به الينا-قال: أخبرنا أبو منصور الثعالبي قال: أبو الحسن الأنطاكي، أنشدني له الزاهر:

لما تأمل جودك القطر

وسما ليدرك صدرك البحر

خجلا جميعا مثل ما خجلا

مذ قابلاك الشمس والبدر

يا صالح الخيرات ما صلحا

إلاّ لك التأييد والنصر

قال: وأنشدني له في وصف عود:

يملي القريض عليه لفظا محسنة

فينبري مخبرا عنها بأخبار

(1)

لم أجده بهذا اللفظ.

ص: 4404

ما جسّ أوتاره في وجه نائبة

إلاّ استقاد

(1)

بثارات وأوتار

تحنو عليه له أم تخاطبه

سرا فيخبرنا النجوى باظهار

وإن هفا فركت آذانه شفقا

عليه من وصمة النقصان والعار

(2)

‌أبو الحسن المعري:

شاعر مجيد من أهل معرة النعمان، وقع الي كذلك غير مسمى ولا منسوب، قرأت ذكره في المجموع المعروف بالربيبة جمع (61 - ظ) مستنير بن عبد الغالب المعري بخطه، قال: من قصيدة لأبي الحسن المعري:

دار غدت للفضل داره

افلاك اسعدها مداره

منها المحامد مست

قاة والمحاسن مستعاره

شرفاتها هيف الخص

ور لها بها حسن وشاره

فلكل طرف نحوها

ولكل جارحه اشاره

وعلى جميع الدور في

الدنيا تقلدت الإمارة

فترابها مسك سح

يق شق برد الليل فاره

لا يهتدي لنعوت أد

ناها الفحول بنو عمارة

وله أشعار كثيرة في الأطعمة منها قوله في صفة تقليه، ونقلتها من مختار كتاب رياض المهج تأليف محمد بن علي بن محمد بن أبي خالد السيرافي:

تقليه ما أنس لا انسها

معقودة ذات عقاقير

قابلتها خضراء قد فوفت

بالبيض تفويف الأزاهير

كأنما داراته فوقها

دراهم تحت دنانير

وقرأت في رياض المهج للسيرافي: أبو الحسن المعري يصف عجة:

ومنبسط إليّ بلا انقباض

وذاك لأننا صنوا ولاء

تشهى عجة وأتى بنعت

يدل على النباهة والذكاء

(1)

القود: القصاص.

(2)

يتيمة الدهر:1/ 307 - 308 مع فوارق، ولحق النص المطبوع تصحيفات

ص: 4405

فجئت بها ذراعا في ذراع

مدورة مهندسة البناء

بلا ثلم ولا شق تراه

عيون الناظرين ولا انطواء

أقاصيها أدانيها اعتدالا

تروق ذوي المروءة والثراء

كمثل سبيكة الذهب المصفى

وللشمس انحنت عند المساء

مزجت بيضها بصلا ولحما

وأبزارا ومربا ذا صفاء

فجاءت كالحياة لها نسيم

يرد الروح من بعد الفناء

وأنى للطهاة اذا أردنا

ونعم العلم إصلاح الغذاء

‌أبو الحسن البصري

سمع بحلب أحمد بن محمد الرافقي روى عنه حنش بن غالب.

نقلت من مجموع وقع إلى بماردين بخط بعض الفضلاء فيه قال-ولم يذكر (62 - و) من قال-.

وأخبرنا الشيخ الصالح الواعظ أبو حفص عمر بن محمد بن يحيى الزبيدي قال: أخبرنا حنش بن غالب قال: أخبرنا أبو الحسن البصري قال: حدثنا أحمد ابن محمد الرافقي-بحلب-قال: حدثنا عبد الله بن الحسن بن زيد الحراني قال:

حدثنا يحيى بن اسحاق بن يزيد الخطابي قال: دفع إلي عمر كتابا فقال: هذا كلام عمر بن عبد العزيز، فكان فيه: ما استحكمت ضلالة على قوم حتى يعترفوا بالذنوب ثم لا يتوبون، ليس الفقه بمعرفة ما لا يستطاع، ذلك شك فيه، ولكن بمعرفة ما يكون الوقوف عليه، كل تأويل رد الى إنكار كفر، ومن الريبة الخفية رقة القلوب مع المعاصي، والشغل بالحسنات مع المقام على السيئات، ومن الضلالة الموبقة الاعتراف بالذنب لا ينزع عنه، ومن العقوبات الخفية ترك علم لا يعمل به، وولاية لا يعدل فيها وبكتمان العلماء العلم وتضاغن قلوب أهل الملة، واعتساف المكسب، والتعرض للدنيا يفسد الدين وما بعد القدرة إلا الحسرة والندامة، وما بعد الامكان من الفرصة إلا الفوت، وستعلمون ما أقول لكم، وأفوض أمري الى الله «إن الله بصير بالعباد»

(1)

.

(1)

سورة غافر-الآية:44.

ص: 4406

‌أبو الحسن الفراء

شاعر مجيد، كان بحلب يعمل الفراء، وينظم شعرا جيدا، روى لنا عنه أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي غانم بن سندي (62 - ظ).

أنشدنا أبو الفضل بن سندي الحلبي قال: أنشدني أبو الحسن الفراء لنفسه بحلب:

أعد حديث العذيب يا عامر

وقل عن النازلين بالحاجر

يطربني ذكرهم وكم وله

جدّد ذكر الأحباب للذاكر

يقول لي عاذلي تموت أسى

لو كان يغنى ملامة الزاجر

والوفد قد أربحت تجارتهم

وأنت من ربح أجرهم خاسر

لا ناسك محرم أخو ورع

ولا جهول بما رجا ظافر

اقنع بطيف الخيال فهو

عسى يأتيك في خندس الدجى زائر

فقلت من لي بما تقول

وقد أمسيت صبّا مولها ساهر

قال: كان أبو الحسن الفراء من ظراف الناس، ومدح أكابر الحلبيين، ولم يأخذ على شعره جائزة قط، وكان يقول اذا مدح كبيرا أو غيره: أنا أعمل هذا محبة، فإذا دفع إليه جائزة ردها وانقطع عنه، ويقول: أنا أعمل في صنعتي كل يوم بدرهم يكفيني فلا حاجة لي الى أحد.

‌أبو الحسن الديلمي

كان بأنطاكية، وحكى عنه الوليد بن مسلم.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد الجويني، ح.

وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري قالا: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذياخي، ح.

وأخبرنا أبو النجيب الفارسي-في كتابه- (63 - و) قال: أخبرنا أبو

ص: 4407

الأسعد بن عبد الواحد بن عبد الكريم قال: أخبرنا جدي أبو القاسم القشيري، قال: ويحكى عن أبي الحسن الديلمي أنه قال: دخلت أنطاكية لأجل أسود قيل لي إنه يتكلم عن الأسرار، فأقمت الى أن خرج من جبل اللكام ومعه شيء من الطعام يبيعه، وكنت جائعا منذ يومين لم آكل شيئا، فقلت له: بكم هذا وأوهمت أني أشتري ما بين يديه؟ فقال: أقعد ثم حتى اذا بعناه نعطيك ما تشتري به شيئا، فتركته وصرت الى غيره أو همه أني أساومه، ثم رجعت إليه فقلت: إن كنت تبيع هذا فقل لي بكم؟ فقال: إنما جعت يومين أقعد حتى إذا بعناه نعطيك ما تشتري به شيئا فقعدت، فلما باعه أعطاني شيئا ومشى فتبعته فالتفت إلي وقال: إذا عرض لك حاجة، فأنزلها بالله إلا أن يكون لنفسك فيها حظ، فتحجب عن الله

(1)

.

(63 - ظ)

(1)

الرسالة القشيرية:105 - 106.

ص: 4408

‌أبو الحسن الرفني

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

من أهل رفنية

(1)

بلدة من العواصم وأعمال حلب، له كتب مصنفة في الحكمة والحساب، ذكر له منها كتاب الجبر، ويعرف بالحدود وعلله بالبرهان والهندسة.

وكتاب قسمة الأعداد

(2)

.

(1)

تقع آثار رفنية على مقربة من قرية بعرين (بارين) التابعة لمحافظة حماة والواقعة الى الغرب منها في لحف جبال العلويين، وقد شغلت دورا بارزا في أحداث الحروب الصليبية لذلك عدها ابن العديم من العواصم.

(2)

لم أقف على ذكر بوجود هذين الكتابين.

ص: 4409

‌ذكر من يكنى بأبي الحسين

‌أبو الحسين بن أحمد بن الطيب:

الفقيه البصير المعروف بالحكاك، له ذكر في التاريخ.

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ -إجازة إن لم يكن سماعا-قال: قرأت في كتاب لأبي محمد بن الأكفاني، ذكر أنه بخط عبد المنعم بن علي، المعروف بابن النحوي، قال: وفي يوم الاثنين لاحدى وعشرين ليلة خلت من صفر سنة خمس وسبعين وثلاثمائة خرج أبو الحسين الحكاك الفقيه من دمشق الى مصر، مستصرخا الى الملقب بالعزيز ومستحثا له بإخراج عسكر الى الشام بسبب العدو

(1)

، وأنه قد نزل على حلب

(2)

.

والظاهر أنه سيّر من شريف بن سيف الدولة حين خطب للعزيز، واجتاز بدمشق وذكر عبد المنعم يوم خروجه منها.

‌أبو الحسين بن حذيق:

كان من العباد بالمصيصة، وله كلام حسن وصحب ابراهيم الخواص، وحكى عن علي الرفاء وغيره من العباد، روى عنه أبو بكر الدقي وأبو القاسم (65 - و) منصور بن أحمد وقد سقنا عنه حكاية حكاها عن رجل بالمصيصة فيما يأتي.

أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن الحسين بن

(1)

العدو هنا الامبراطورية البيزنطية التي عظم نشاطها العدواني في بلاد الشام منذ أيام سيف الدولة الحمداني.

(2)

لا ترجمة له في تاريخ ابن عساكر.

ص: 4410

جهضم قال: حدثني أبو القاسم منصور بن أحمد قال: سمعت ابن حذيق يقول:

لهذه العلوم ثلاثة آداب: أحدها ألا يذكر إلا مع أهلها، والثانية ألا يذكر إلا في وقته، والثالثة وهو تاجه أن ينطوي الانسان على كتمانه وترك ذكره على دائم الأوقات حتى يسمعه من غيره.

أنبأنا أبو المظفر بن أبي سعد السمعاني قال: أخبرنا محمد بن الحسين السلمي قال: أبو الحسين بن حذيق، صحب ابراهيم الخواص وغيره، بغدادي، نزل المصيصة، وكان يقول: أنفع الناس جهدك، فإن لم تستطع فارفع أذاك عنهم.

‌أبو الحسين بن أبي التمام القاضي:

روى عن يونس بن علي بن يونس البوقي، إمام بوقا

(1)

، روى عنه أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي.

‌أبو الحسين بن أبي عبد الله بن حمزة بن الصوفي:

المقدسي الزاهد، أحد الأولياء المذكورين والأصفياء المستورين، وأرباب الكرامات المشهورين، كان قد أقام بحلب مدة، وكان يأوي الى دار الشيخ أبي محمد بن الحداد، وكان يتستر عن إظهار العبادة والكرامات، حتى أنه ما رآه أحد يصلي فرضا، ولا نفلا إلا قليلا، ويظهر حاله في صورة البله، وقيل إنه من نسل عمر الأطراف من ذرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ذكر لي حفيده أبو العباس أحمد بن (65 - ظ) يحيى بن أبي الحسين قال:

جدي أبو الحسين بن أبي عبد الله بن حمزة بن الصوفي المقدسي قال: وذكر أن حمزة كان شريفا عمريا من بيت المقدس، من ولد عمر الأطراف، وعرف بذلك لحسن عينيه، وكان يشبّه بعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه.

لقي الشيخ أبو الحسين يوسف بن أيوب الهمذاني، وسمع وعظه بمرو، ولقي غيره من الزهاد والعبّاد.

(1)

كان حصن بوقا من قرى أنطاكية. معجم البلدان.

ص: 4411

روى عنه يوسف بن محمد بن مقلد التنوخي أبو نصر عبد الواحد بن محمد ابن أبي سعد الكرجي، والشيخ أبو محمد بن الحداد الحلبي.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدنا يوسف بن محمد الدمشقي-من لفظه، وكتب لي بخطه-قال: أنشدني أبو الحسين بن عبد الله المقدسي الزاهد بدمشق:

ما لنفسي وما لها

قد هوت في مطالها

كلما قلت قد دنا

وتجلى ضلالها

رجعت تطلب الحرام

وتأبى حلالها

عاتبوها لعلها

ترعوي عن فعالها

وأعلموها بأن لي

ولها من يسالها

كذا قال «أبو الحسين بن عبد الله» والصحيح «أبي عبد الله» . (66 - و) سمعت الشيخ أبا الفضل محمد بن هبة الله بن أحمد بن قرناص الحموي يقول: أنشدت هذه الأبيات، وقيل لي إن الشيخ أبا الحسين الزاهد كان يتمثل بها كثيرا، قال: فلا أدري هي له، أو لغيره:

أراني كلما يممت أمرا

تصرم دون مبلغه حبالي

يظن الناس فيّ خلاف أمري

وتلك قضية فيها وبالي

على الدنيا مثابرتي وحزني

وبالدنيا همومي واشتغالي

وإذا فاتت زخارفها يميني

مددت الى تناولها شمالي

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا الامام تاج الاسلام أبو سعد المروزي قال: سمعت أبا نصر عبد الواحد بن محمد بن أبي سعد الكرجي الشيخ الصالح، وقد قطع البادية على التجريد، وشرط القوم من غير زاد وراحلة مرات، يقول لي مذاكرة: سألت الشيخ أبا الحسين المقدسي: هل رأيت أحدا من أولياء الله تعالى؟ قال: رأيت في سياحتي عجميا بمرو يعظ الناس ويدعو الخلق الى الله تعالى، يقال له يوسف.

ص: 4412

قال أبو نصر: أراد بذلك الامام يوسف بن أيوب الهمذاني.

قال أبو سعد المروزي: أبو الحسين أحد عباد الله الصالحين، ومن يضرب به المثل في الأحوال السنية والكرامات الظاهرة، وقطع البوادي على الوحدة، ولقي المشايخ، وصحبته الأكابر (66 - ظ) حتى سمعت أن الافرنج يعتقدون فيه، ويقولون إن السباع والوحوش مثل البهائم والغنم تسجد لأبي الحسين المقدسي.

وأخبرني والدي رحمه الله وغيره أن الفرنج كانوا يعظمون أبا الحسين الزاهد ويعتقدون فيه.

وقال لي: إن جماعة رأوه مرارا راكب الأسد.

حدثني القاضي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر قال:

حدثني رجل كان من الفقهاء الحنفية بدمشق، يقال له سلطان، قال: حكى لي رجل كان يصحب الشيخ أبا الحسين ويلازم خدمته قال: كان الشيخ يأتي الى الجبال المباحات يجني منها العنب ويعصره ويطبخه ربّا ويهدي منه الى أصحابه ومعارفه، فأتى الى جبل لبنان، وجمع منه شيئا وعصره، وقال لي: امض الى القرية الفلانية الى فلان وقل له: أبو الحسين يسلم عليك ويقول لك: أعره المرجل الذي لك ليطبخ فيه ربّا، وكانت تلك القرية على فراسخ من ذلك الموضع الذي هو فيه، قال: فقلت له: يا شيخ الموضع بعيد، والطريق مخوف، وفيه السباع والفرنج، فقال لي: ما عليك بأس، اركب حماري وخذ عصاي وامض فإن السباع متى رأت حماري وعصاي لا تعترضك وكذلك الفرنج.

قال: فأخذت العصا وركبت الحمار ومضيت فجعلت السباع تمر بي فأريها عصا الشيخ، وترى حماره تحتي فلا تلوي إلي وتمضي لشأنها، ولقيني جماعة من الفرنج (67 - و) فوجدت منهم من الخوف شيئا عظيما، فلما رأوا الحمار والعصا عرفوهما فلم يؤذني أحد منهم، وجئت الى القرية وأنا على غاية من الخوف الذي أصابني، فقلت لذلك الرجل: الشيخ يسلم عليك ويقول: خذ المرجل الذي لك وجئ إليه، فقال لي: الشيخ مقصوده المرجل وما له حاجة في أن يعنيني في

ص: 4413

هذا الطريق وما أظنه قال لك في أن أجيء، فقلت لما غشيني من الوحشة في الطريق والجزع: بلى قال لي تأخذه وتجيء، فجاء صحبتي الى المكان الذي به الشيخ، ووضعت المرجل على رأسي لأستظل به من الحر، فلما جئته قال لي: وما الذي حملك على أن تعني الرجل الى ها هنا؟ فقلت ما وجدته في الطريق من السباع والفرنج، فقال لي: أولم يكفك ما شاهدته في طريقك وما الذي يؤمنك أن يكون في المرجل عقرب تلدغك الساعة؟ قال: فما استتم الشيخ كلامه حتى لدغتني عقرب بين عيني وسقطت لوجهي وبقيت مطروحا ساعة حتى جاء الشيخ وأمرّ يده على الموضع فسكن وقمت.

قلت: ذاكرت بهذه الحكاية الشيخ الفقيه محمد اليونيني، فعرفها وقال:

الموضع الذي كان الشيخ به، وجرى له فيه هذه القضية هي يونين

(1)

، وهذه القرية خرج منها جماعة من الصالحين ودخلتها غير مرة.

أخبرني عمي جمال الدين أبو غانم بن هبة الله قال: حدثني الشيخ أبو محمد ابن الحداد (67 - ظ) الحلبي قال: حدثني الشيخ أبو الحسين الزاهد قال:

كنت يوما بالقحوانة

(2)

فصادفت جماعة من خيالة الفرنج وهم يشربون، فجئت الى قرية من قرى المسلمين التي تجاورهم وتقرب منهم، فقلت لهم: تعالوا حتى أعطيكم خيول الفرنج، قال: فأخذتهم وجئت بهم الى الموضع، والفرنج قد ناموا سكارى فانتقيت لهم أربعين حصان، من خيار خيولهم، وسلمتها إليهم، فأخذوها ومضوا، فانتبه الفرنج فلم يجدوا خيولهم، فافتكروا وقالوا: انظروا المجنون لا يكون هاهنا، قال: ففتشوا علي الى أن رأوني، فقالوا: أين خيولنا؟ فقلت لهم: عندي قد ربطتها لكم تأكل، قال: فقالوا لي: تعال أرنا إياها قال: قال:

فأخذتهم وجعلت أصعد بهم جبلا وأنزل واديا الى أن علمت أن المسلمين قد وصلوا بالخيول الى مأمنهم، فجئت بهم الى مغارة هناك، فأدخلتهم إليها وقلت: ها هي ذه خيولكم، وكنت قد ربطت قصبا على معالف وجعلت بين يديها تبنا وربطتها

(1)

ما تزال تحمل هذا الاسم نفسه على مقربة من بلدة بعلبك.

(2)

هي الاقحوانة بوادي الاردن قرب عقبة أفيق. معجم البلدان.

ص: 4414

ثمّ، قال: فنظروا الى ذلك وصلبوا على وجوههم وقالوا عمل علينا هذا المجنون، ولم يتعرضوا لي بسوء.

حكى لي عمي أبو المعالي عبد الصمد بن هبة الله قال: كان للشيخ أبي الحسن حمير، فكان يرسلها بكرة فتخرج إلى تل عرن، قرية بالنقرة، وليس معها أحد (68 - و) فترعى ثم تجيء إلى منزله سالمة وقد شبعت.

قال لي أبي رحمه الله: وكان يسوق حميره هذه بين يديه، فإذا جاء إلى مفرق طرق صاح فيها: خذي يمينا فتأخذ يمينا، وإن قال خذي يسارا أخذت يسارا، وإن قال شرقا أو غربا فعلت ما يقول.

قال لي والدي: وسيرت إليه خاتون زوجة قسيم الدولة أنابك زنكي شقه أطلس ليفصلها لامرأته، فاستدعى خياطا وفصّلها سراويلات لحميره.

وكان تعمد مثل ذلك سترا لحاله.

وسمعت أبا الفضل محمد بن أبي البركات بن قرناص الصالح بن الصالح يقول: بلغني أن الشيخ أبا الحسين الزاهد دخل على الشيخ أبي البيان الزاهد فأعطاه أبلوجا من السكر، فأخذه منه ولم يرده، وخرج من عنده فدفعه إلى أصحاب الشيخ أبي البيان، فقالوا له: خذه فإن الشيخ أعطاك إيّاه، فقال: ايش اعمل به أنا لا يأكل حماري سكرا.

وأخبرني القاضي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر-إن شاء الله-قال: حج الشيخ أبو الحسين الزاهد إلى مكة حرسها الله على ثلاث حمير، وكان إذا ضجر نام عليها معترضا ويصفها صفا، ويجعل رأسه على حمار، ووسطه على آخر ورجليه على آخر، وتمشي به كذلك، لا يتقدم أحد منها على الآخر، ولم يطلب من أحد في الطريق لها علفا، وكان يعلق عليها (68 - ظ) المخالي، قال: فمدّ بعض الناس يده إلى مخلاة منها، فوجد فيها رملا.

حدثني عمي أبو غانم قال: حدثني الشيخ أبو محمد بن الحداد قال: كنت يوما جالسا على باب داري فجاء إليّ شاذ بخت وسنقرجا، وكانا خادمين من خواص

ص: 4415

خدم نور الدين ومعهما أربعون اسيرا الفرنج، فقالا: أين الشيخ أبو محمد؟ فقلت لهما: ما تريدان ها أنا ذا؟ فقالا: المولى نور الدين يسلم عليك ويقول لك، انتق من هؤلاء، الأسارى أسيرا للشيخ أبى الحسين، قال: فاخترت له أسيرا منهم وتركته، فلما أقبل الشيخ أبو الحسين سلمته إليه، قال: فأخذه الشيخ أبو الحسين، ولم يحتجر عليه، وتركه باختيار نفسه، فكان ينام وحده ويمضي ويجيء وحده ولا يهرب، والله يحفظه بحيث لا يستطيع الهرب، قال: وكان يركب الشيخ أبو الحسين حماره ويعطي الأسير الغاشيه يحملها بين يديه، ويجيء إلى السوق إلى أشد الناس عداوة له من الروافض، فيقف عليه فيشتمونه ويقصد ذلك قصدا، قال:

فكانت عاقبة ذلك الأسير أنه أسلم، وحسن إسلامه.

حدثني أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر، قاضي العسكر، قال: حدثني صاحب للشيخ أبي الحسين الزاهد كان يخدمه، واسمه علي، قال: قال الشيخ أبو المعالي بن الحداد للشيخ أبي الحسين يوم جمعة: سألتك بالله العظيم (69 - و) إلا صليت اليوم الجمعة، وشدد عليه المسألة، فأجابه إلى ذلك، فلما غصّ المسجد الجامع بحلب بالزحام، جاء الشيخ أبو الحسين وهو متلفع بكساء له، والماء يتقاطر من لحيته، فجلس إلى جانب المنبر، فلما أقيمت الصلاة انقسم الناس طائفتين، فطائفة رأته يصلي، وطائفة رأته قاعدا لم يقم، فحلف بعضهم بالطلاق أنه رآه يركع ويسجد مع الإمام وهو يصلي، وحلف البعض الآخر بالطلاق أنه رآه قاعدا لم يتحرك من مكانه، ولم يصل فذهبت الطائفتان إلى القاضي تاج الدين الكر دري، وهو إذ ذاك يتولى القضاء والفتيا بحلب، فسألوه عن هذه الواقعة، وعن وقوع الطلاق وعدم وقوعه، فقال: اذهبوا إلى الشيخ أبي الحسين فهو يفتيكم فيها، وهو أخبر بها، فذهبوا إليه فقال الذين حلفوا أنه لم يصل: أرأيتموني أصلي؟ قالوا:

لا والله، قال فاذهبوا فإنكم لم تحنثوا، وقال للذين حلفوا أنه صلى: أرأيتموني صليت؟ قالوا: نعم، قال: اذهبوا فإنكم لم تحنثوا، فعادوا جميعا الى الكردري وذكروا له ما قال، فقال: أفتاكم بالحق.

وحدثني عمي أبو غانم قال: قال لي أبو محمد بن الحداد: كنت لا أرى أبا الحسين الزاهد يصلي، وكان إذا حضر وقت الصلاة يناديني: أبو محمد قم الى

ص: 4416

الصلاة، فأقوم إلى المسجد وأصلي بجماعة المسجد، ففكرت ذات يوم فيه وكنت (69 - ظ) أريد أن أرتقبه في وقت المغرب فإنه أضيق الأوقات، قال: فلما حان وقت المغرب وأذن المؤذن قال لي: قم الى الصلاة، فقلت له: نعم، وتباطئت فناداني الثانية، فقلت له: نعم وتغافلت، فناداني الثالثة وهو منزعج، فقلت له: نعم وتغافلت، فالتفت إليّ وهو منزعج وقال لي: يا مى شوم أنا أريد أن أكون مثل الكلب يخسأ ولا يرجى، ثم تركني ومضى.

وحدثني عمي أبو غانم، وقاضي العسكر محمد بن يوسف: أن الشيخ أبا الحسين حج في بعض السنين من دمشق، فسير معه بعض أهل دمشق وديعة جامدانا فيه قماش وكتاب إلى صاحبه إلى مكة حرسها الله قالا: فلما خرج أبو الحسن من دمشق ألقى الجامدان ومضى، فظفر به بعض الحجاج فحمله وجاء به الى مكة فنزل ذلك الرجل بمكة وأودع الجامدان عند صاحبه الذي أرسل إليه، فنظر إلى الجامدان فعرفه ففتحه فوجد فيه قماشه ووجد فيه كتابا من الرجل الذي سيره يذكر فيه أنه قد أرسل الجامدان مع الشيخ أبي الحسين.

قال: فقال صاحب الجامدان للرجل الذي تركه عنده: هذا الجامدان لي والقماش قماشي، وهذا الكتاب إليّ وأراه الكتاب فقال: أنا وجدته ملقى في المكان اللاني، قال: فالتقى صاحب الجامدان الشيخ أبا الحسين، فقال له: مثلك يكون اساس ما أنت إلاّ أمين! (70 - و) فالتفت إليه وقال: يا بارد ألم يصل إليك جامدانك فما وجه عتبك، ثم تركه ومضى.

سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى بن الشيخ أبي الحسين الزاهد بالميطور من سفح جبل قاسيون، قال: أخبرتني عمتي-يعني-بنت الشيخ أبي الحسين قالت: كنت في اللبّن، وهي قرية بين نابلس والبيت المقدس، والشيخ أبو الحسين والدي بها: وابني في الحج، وكان ذلك قبل عيد النحر بيومين، فعمل بعض من في اللبّن للشيخ أبى الحسين عجة، فاشتهيت أن يأكل ابني منها، فقلت: اشتهيت ابني فلانا يأكل من هذه العجة، فقال لي والدي أبو الحسين: هاتي، فدفعت إليه العجة والغضارة التي هي فيها والخبر، فأخذ ذلك وخرج بالمنديل، فحج ابني

ص: 4417

ورجع، وأحضر إليّ تلك الغضارة بعينها، فقلت: ما هذه؟ فقال: هذه احضرها إليّ الشيخ أبو الحسين وفيها العجة مع الخبز.

قال لي أحمد بن يحيى: وحدثتني عمتي المذكورة قالت: أخبرني أخي، بعض ولد الشيخ أبى الحسين قال: كان والدي أبو الحسين يجمع قشور البطيخ التي تلقي فيجعلها في قدر، ويأخذ مغرفة ويحركها ويخرجها فنأكلها، فنجدها من أطيب الأطعمة، فلما توفي الشيخ عمد بعض ولده ففعل مثل ما كان يفعل، فلم يطق أحد أن يأكلها، فقال بعضهم: القشور القشور، والقدر القدر، والمغرفة المغرفة، ولكن اليد التي كانت تحركها ليست اليد. (70 - ظ).

سمعت سيف الدين موسى بن شيخنا محمد بن راجح المقدسي يقول لي بحلب:

حكى لي الفقيه يعقوب الزنكلوني، من أصحاب الشيخ عثمان بن مرزوق عن صاحب الشيخ أبي الحسين الزاهد أنه قال: سافرت أنا والشيخ أبو الحسين رحمه الله من غزة إلى عسقلان، فاشتد بنا الحر وعطشنا، فقال لي: يا فلان تجيء حتى تزرع مقثأة؟ فقلت له: مبارك، فقال: أيما أحب إليك تحفر أم تزرع؟ فقلت:

أحفر والشيخ يزرع، فحفرت له جوبا

(1)

كثيرة وهو يطرح في كل جوبة حصاتين من الأرض، إلى أن زرعنا شيئا كثيرا، ثم انتقلنا فاستظللنا تحت شجرة بعيدا عن الموضع، فقال لي بعد ساعة: يا فلان، اذهب فآتنا من المقثاة ببطيخ، فذهبت فلم أر شيئا، فجئت معه فأقبلنا على المقثاة فإذا هي كلها لجة خضراء، فيها من البطيخ شيء كثير كبار وصغار، فأكلنا حتى شبعنا، ثم أخذ من ذلك البطيخ فوضعه في الخرج على الدابة، وحملناه معنا إلى عسقلان، وكان قد أصاب أهل عسقلان مرض، فما أكل أحد من أهل عسقلان قطعة إلاّ وبرأ من ذلك المرض.

قال لي موسى: وحكت لي ستي أم الشيخ عمر زوجة الشيخ أبو عمر قالت:

جاء الشيخ أبو الحسين إلينا ليلا بمردا قرية من نابلس، في وقت بارد (71 - و) فقعد عند جماعتنا ساعة وبين أيديهم نار يصطلون بها، ثم نهض قائما، فقالوا له:

يا سيدي أين تمشي في هذا الوقت المظلم البارد؟ فقال: أنا آخذ من هذه النار

(1)

الجوبة: الحفرة. القاموس.

ص: 4418

وأستضيء بها، فأخذ قطعة من حطب الزيتون وهي تشتعل من تلك النار كبيرة، ووضعها في ثوبه، ثم استضاء بها فلم يحترق الثوب، وأخذها وذهب.

سمعت عمي أبا غانم رحمه الله يقول: حدثني الشيخ أبو محمد بن الحداد قال: لما نزل الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي علي عزاز يحاصرها، جاءني الشيخ أبو الحسين الزاهد يوما من الأيام وقال: تعال حتى نحاصر عزاز ونعاون المسلمين، ثم عمل صورة قلعة من طين، وقال لي: امش حتى نزحف عليها، ثم جعل يقول: نصر من الله وفتح قريب، نصر من الله وكسر الصليب وجعل يكرر ذلك، ثم قال: ها أخذناها، أخذناها، أخذنا، ثم سكت، فوقع طائر عقيب ذلك ببطاقة يخبر بأنها فتحت في الوقت الذي كان من الشيخ أبي الحسين ما كان.

توفي الشيخ أبو الحسين الزاهد المقدسي بحلب

(1)

.

ودفن بمقابر المقام خارج باب العراق بتربة بني الحداد قبلي مقام إبراهيم عليه السلام، وقبره ظاهر يزار وتنذر عنده النذور وزرته مرارا.

‌أبو الحسين المالكي:

كان من شيوخ الصوفية بطرسوس وصحب خيرا (71 - ظ) النساج، روى عنه الحسين بن أحمد بن جعفر الصيرفي إنشادا ذكرناه فيما تقدم من كتابنا هذا.

وحكى أبو القاسم القشيري عنه حكاية غير مسندة.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: أخبرنا عمر بن أبي الحسن بن حموية، ح.

وأنبأتنا زينب عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي قال:

أخبرنا أبو القاسم القشيري قال وقال أبو الحسين المالكي: كنت أصحب خير النساج سنين كثيرة، فقال لي قبل موته بثمانية أيام: أنا أموت يوم الخميس قبل صلاة المغرب وأدفن يوم الجمعة قبل الصلاة وستنسى هذا، ولا تنس.

(1)

فراغ بالأصل، كان سيذكر به تاريخ الوفاه.

ص: 4419

قال أبو الحسين: فأنسيته الى يوم الجمعة فلقيني من خبرني بموته فخرجت لأحضر جنازته فوجدت الناس راجعين يقولون: يدفن بعد الصلاة، فلم أنصرف فحضرت فوجدت الجنازة قد أخرجت قبل الصلاة كما قال، فسألت من حضر وفاته فقال: إنه غشي عليه ثم أفاق، ثم التفت الى ناحية البيت وقال: قف عافاك الله فإنما أنت عبد مأمور وأنا عبد مأمور، والذي أمرت به لا يفوت والذي أمرت به يفوتني، فدعا بماء وجدد وضوءه وصلى وتمدد وغمض عينيه فرؤي في المنام بعد موته، وقيل له: كيف حالك؟ فقال: لا تسل تخلصت من دنياكم الوضرة

(1)

.

‌أبو الحسين الفراء:

الفقيه الطرسوسي روى عن حامد بن يحيى البلخي، روى عنه محمد بن خمّ. (72 - و).

نقلت من خط عبد الله بن علي بن عبد الله بن سويدة التكريتي-بها- وأنبأنا به عنه-سماعا منه-علي بن شجاع قال: أخبرنا محمد بن سعد قال:

حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا تميم قال: حدثنا الفقيه أبو الليث بن محمد قال:

حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن خمّ قال: حدثني أبو الحسين الفراء الفقيه الطرسوسي قال: حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال:

كان عندنا بمكة رجل من أهل خوزستان وكان رجلا صالحا وكان الناس يودعونه ودائع لهم، فجاء رجل فأودعه عشرة آلاف دينار، وخرج الرجل في حاجة فقدم مكة وقد مات الخوزستاني فسأل أهله وولده عن ماله، فلم يكن لهم به علم، فقال الرجل لفقهاء بمكة، وكانوا يومئذ مجتمعين متوافرين: أودعت فلانا عشرة آلاف دينار، وقد مات وسألت أهله وولده، ولم يكن لهم بها علم، فما تأمرون؟ فقالوا:

نحن نرجو أن يكون الخوزستاني من أهل الجنة، فإذا مضى من الليل ثلثه أو نصفه ائت زمزم فاطّلع فيها وناديا فلان بن فلان، أنا صاحب الوديعة، ففعل ذلك ثلاث ليال فلم يجبه أحد، فأتاهم فأخبرهم فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون نخشى أن

(1)

الرسالة القشيرية:25. والوضر: وسخ الدسم واللبن أو غسالة السقاء والقصعة ونحوهما. القاموس.

ص: 4420

يكون صاحبك من أهل النار ائت اليمن فإن فيها واديا يقال له برهوت

(1)

، وفيه بئر فاطلع فيها فإذا مضى ثلث الليل أو نصفه فناد: يا فلان بن فلان أنا صاحب الوديعة، (72 - ظ) ففعل ذلك، فأجابه في أول صوت، فقال: ويحك ما أنزلك ها هنا وقد كنت صاحب خير؟ قال: كان لي أهل بيت بخراسان فقطعتهم حتى متّ فأخذني الله عز وجل بذلك فأنزلني الله هذا المنزل، فأما مالك فهو على حاله وإني لم أأتمن ولدي على ذلك، فدفنته في بيت كذا، فقل لولدي ليدخلك داري، ثم صر الى البيت فاحفر فإنك ستجد مالك، وهو على حالته، فرجع فوجد ماله على حالته.

‌أبو الحسين الكرجي:

كان من الصالحين، وكان يرابط بطرسوس.

حكى عنه عمّويه الزنجاني.

أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين عن الحافظ أبي طاهر السّلفي قال: سمعت عمويّه الزنجاني الأشتر يقول: سمعت أبا الحسين الكرجي بنهاوند يقول: كانت أخت لي صالحة في الصغر، وكنت أنا أشتوفي أكثر السنين بطرسوس، فلما كان سنة من السنين عزمت على الخروج إليها، فسألتني أن لا أخرج فقلت: لا أصبر على برد قهستان

(2)

والثلوج، فهتف بي هاتف: راع قلبها وأقم عندها، فنحن لا ننزل الثلج في هذه الشتوة، فأقمت عندها، فلم يقع والله عندنا الثلج في تلك السنة.

‌أبو الحسين القرافي:

دخل التينات ولقي بها أبا الخير التيناتي. (73 - و).

(1)

ويقال: برهوت: واد باليمن يوضع فيه أرواح الكفار، وقيل هو بئر بحضرموت قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: أن فيه أرواح الكفار والمنافقين. معجم البلدان.

(2)

تعني هذه الكلمة: بلاد الجبال والمراد بها هنا الجبال التي بين هراة ونيسابور. معجم البلدان.

ص: 4421

‌أبو الحسين المستهام:

الحلبي، غلام المتنبي، والببغاء، شاعر كان يصحب المتنبي بحلب.

قرأت في مجموع جمعه بعض الأدباء: لأبي الحسين المستهام الحلبي غلام المتنبي:

نزلت على ابن حماد فحيّا

ويسر عنده سبل المقيل

وقال عليّ بالطباخ حتى

يزيد من البوادر والبقول

فغداني برائحة الأماني

وعشاني بميعاد جميل

قرأت في ذيل اليتيمة لأبي منصور الثعالبي

(1)

(73 - ظ).

‌أبو الحسين الحلبي:

إن لم يكن المستهام المقدم ذكره فغيره، روى عن أبي الطيب المتنبي وأبي العباس النامي.

قرأت بخط مفلح بن علي البغدادي الأديب: قيل كان سيف الدولة يضع الشعراء على هجاء أبي الطيب فلا يجيب أبو الطيب أحدا ترفعا فذكر أبو الحسين الحلبي أن النامي هجاه فقال:

قد صح شعرك والنبوة لم تصح

فدع النبوة لا أبا لك واسترح

وأربح دما أصبحت توجب سفكه

إن الممتعّ بالحياة لمن ربح

فأجابه أبو الطيب فقال:

نار النبوة من زنادي تقتدح

يغدو عليّ من المها ما لم يرح

أمري إليّ فإن سمحت بمهجه

كرمت عليّ فإن مثلي من سمح

فقال له النامي:

أطللت يا أيها الشقي دمك

لا رحم الله روح من رحمك

أقسم لو أقسم الأمير على

قتلك قبل العشاء ما ظلمك

(1)

لم يكمل ابن العديم رواية ما قرأه.

ص: 4422

فأجابه المتنبي فقال:

إيهم أتاك الحمام فاصطلمك

غير سفيه عليك من شتمك

همك في أمرد تقلب في

عين دواة لظهره قلمك

وهمّتي في انتضاء ذي شطب

أقدّ يوما بحده أدمك

فإخسأ ملوما واربع على ظلع

والطخ بما بين أليتيك

(1)

فمك

قلت: ولعمري إن المتنبي سفيه في شتمه وهجائه، ولم يكن مجيدا في الهجاء، وكان يملك الفحش المستقبح في هجائه كما في قصيدته التي يهجو بها ضبة.

‌أبو الحسين الحلبي الصائغ:

شاعر روى عنه الرشيد بن الزبير بيتا مفردا في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان، بعد أن ذكر في شعر الشريف البياضي أبياتا يهجو بها أبخر، وذكر بعدها بيتين لأبي الصلت في مثل ذلك، ثم قال: ومثله ما أنشدنيه أبو الحسين الحلبي الصائغ لنفسه من أبيات يهجو بها ابن حديد الشاعر، وهو:

بغم كمثل القبر بعد ثلاثة

في تتنه وصديده وعظامه

وابن حديد هذا هو عبد المحسن بن حديد المعري، وقد قدمنا ذكره.

‌أبو الحسين الوامق المعري:

شاعر خليع من أهل المعرة.

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن أبي العجائز قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أبو الحسين الوامق المعري الشاعر، قدم دمشق، أنشدنا أبو النيسر شاكر بن عبد الله الكاتب قال: أنشدني جدي القاضي أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان للوامق من قصيدة:

يا فتوني بمن رضاه فتوني

زد فؤادي من وجده المكنون

(1)

كتب ابن العديم في الهامش ما يفيد انه في رواية ثانية: اليتيه، هذا ولم ترد أبيات المتنبي في ديوانه.

ص: 4423

وفيها:

يا نواعير شيزر استقبلي

بالشجو قلبي وشيعي بالحنين

ذكريني بنهرك العذب أنهار

دمشق يا طيب ما تذكريني

أبباب البريد أذكر وجدي

أم بباب الجنان أم جيرون

ها إليها كالنجم ينقض أو كالماء

يجري من شاهق مسنون

أو كظمآن مفتر

(1)

عاين الموقد بي

ن المنثور والياسمين

عزمات كأنما خلقت من

عزمات الأمير بنجوتكين

وفيها:

يا أمير الجيوش شاعرك

الوامق رب المثقف الموزون

قال: وأنشدنا له:

وفى لي الدهر بموعود

وتابع النعمى بتجديد

ولاحت الأنوار في موضع

مرتفع الأنوار مسعود

يا عمري زد في المدى

فسحة ويا ليال ذهبت عودي

ومهمهة

(2)

خبت

(3)

نتجو به

من المهاري الوخد

(4)

القود

عادتها قطع الفلا والدجى

ما بين إرفال وتوخيد

لما انبرت بي من دمشق

الى ورد من الأنعام مورود

لاذ بها سكان جيرون عن

وجد وصبر غير موجود

وكاد دمع القوم يحكي به

سواد تلك الدرج السود

وودعت من ودعت واعتدت

تنصاع من بيد الى بيد

تزاحم الثلج بمن قلبه

يوقد نارا بهوى الغيد

(5)

(1)

أي: ضعف ولانت مفاصله. القاموس.

(2)

المهمهة: المفازة البعيدة والبلد المقفر. القاموس.

(3)

الخبت: المتسع من بطون الارض. القاموس.

(4)

الوخد للبعير: الاسراع وسعة الخطو. القاموس.

(5)

سقطت تراجم من اسمه «أبي الحسين» من مخطوطة تاريخ ابن عساكر.

ص: 4424

أنشدني أبو البركات الفضل بن سالم بن المهذب الكاتب المعري بها للوامق المعري:

أنا بالخراج مطالب

ووحق من أرجوه للغفران مالي درهم

والملك وقف لو قدرت أبيعه

لفعلت إلاّ أن ذاك محرم

قرأت بخط أبي العلاء بن الندى، في جزء وقع إليّ بخطه، وذكر فيه جماعة من شعراء المعرة، فكان فيما نقلته منه: الوامق شاعر خليع متهتك، سهل الألفاظ بالمرّة، ولم يذكر شيئا من شعره.

ص: 4425

‌من اسمه أبو حصين

‌أبو حصين القاضي:

الرقي، قاضي حلب، واسمه علي بن عبد الملك، وإليه ينسب حمام أبي حصين بحلب

(1)

، وقد تقدم ذكره.

‌أبو حصين المعري:

واسمه عبد الله بن محمد وإليه ينسب بنو أبي حصين بمعرة النعمان، وقد تقدم ذكره.

‌أبو حفص الشافعي:

الفقيه، كان بحلب وله شعر روى عنه الحافظ (74 - ظ) أبو المواهب الحسن ابن صصرى، وخرج عنه في معجم شيوخه.

أنشدنا الشيخ الأمين أمين الدين سالم بن الحسن بن موهوب بن صصرى الدمشقي بالصنمين

(2)

، ونحن متوجهون الى الحج سنة ثلاث وعشرين وستمائة قال: أنشدنا أبي قال: أنشدنا الفقيه الأديب أبو حفص الشافعي لنفسه بدمشق، وكان قد كتب بها من حلب الى شيخنا الإمام أبي المعالي فقيه الحرمين رحمه الله، وأنشدناها فلما قدم علينا استعدناها منه:

أصاب الدهر مني ما أصابا

وأوجب لي بلا جرم عقابا

وأوطأني على أمر شديد

ومن يبغي مع الأفعى حرابا

ولو خصصت منكم باعتناء

قلعت لصرفه بالكره نابا

لئن سعدت بخدمتكم عيوني

ملأت جناب حضرتكم عتابا

(1)

انظر حوله الآثار الاسلامية والتاريخية في حلب:720.

(2)

الى الجنوب من دمشق ما تزال تحمل الاسم نفسه.

ص: 4426

فكم أنفذت نحوك من كتاب

ولم أقرأ له يوما جوابا

بقيت اليوم في حلب عليلا

فلا مكثا أطيق ولا ذهابا

وخالطني على رغمي شكاة

بها أفني لياليّ انتحابا

أنادي في ظلام الليل صحبي

ودمع العين يسعدني انسكابا

فلا أحد يصيخ الى ندائي

ولا نومي يوافيني انتيابا

وأصعب ما ألاقي أن قلبي

يريد لقاءكم والدهر يابا

يعوقني عن الاتيان سقمي

وفقداني المماطر والثيابا

(75 - و)

لعل الله يشفيني سريعا

ويفتح لي من الأبواب بابا

أخبرنا الأمين سالم بن أبي المواهب قال: أخبرنا أبي قال: توفي رحمه الله -يعني-أبا حفص الفقيه عندنا، بدمشق، في شهور سنة خمس وسبعين وخمسمائة.

‌أبو حفيص القاضي:

قاضي حلب، وكان يسكن بها بسوق السراجين، واسمه عمر بن الحسن، ويكنى أبا الحسن، وأبو حفيص لقب له يعرف به، وقد تقدم ذكره في باب العين.

‌أبو حلمان الحلبي:

الصوفي، اسمه علي، ويكنى أبا الحسن، وأبو حلمان لقب له، وقد ذكرناه فيما تقدم.

ص: 4427

‌ذكر من يكنى بابى حمزة

‌أبو حمزة الأسلي:

حدث بطرسوس عن وكيع، روى عنه أبو بكر بن مسلم العابد، وأبو علي الحسين بن شبيب، وسمعاه بطرسوس، وقد سقنا عنه حديثا في ترجمة الحسين بن شبيب، وترجمة أبي بكر بن مسلم.

‌أبو حمزة الفقيه:

ابن أبي حصين، عبد الله بن محمد بن عمرو بن سعيد بن محمد بن داوود بن المطهر المعري، واسمه الحسن، ولي قضاء منبج، وهو الذي رثاه أبو العلاء المعري بالقصيدة الدالية التي أولها:

غير مجد في ملتي واعتقادي

نوح باك ولا ترنم شاد

(75 - ظ) وكان فقيها حنفيا، عارفا بالفقه، راويا للحديث، وقد تقدم ذكره.

‌أبو حمزة بن أبي حصين:

قاضي معرة النعمان، عزل عن القضاء وصودر في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وتولى قضاءها بعده أبو محمد عبد الله بن محمد بن سليمان.

قرأت ذلك بخط بعض المعريين، وهذا غير الأول، لأن ذاك توفي قبل هذا التاريخ بمدة طويلة.

ص: 4428

‌أبو حميد المصيصي:

واسمه عبد الله بن محمد وقد سبق ذكره.

حدث عن الحجاج بن محمد، روى عنه أبو عوانه، وعبد الله بن محمد الغزاء، أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني-في كتابه إليّ من مرو- قال: أخبرنا أبو البركات الفراوي، ح.

وأنبأنا أبو بكر بن الصفار قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري-قراءة عليه وأنا أسمع-وأبو البركات الفراوي-إجازة-قال أبو الأسعد: أخبرنا أبو محمد البحيري، وقال أبو البركات: أخبرنا أبو عمرو المحمي قالا: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفراييني قال أخبرنا أبو عوانه الأسفراييني قال: حدثنا أبو حميد المصيصي قال: حدثنا حجاج يروي شعبه عن قتاه عن أنس قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال: فيكم أحد من غيركم، قالوا: لا إلا ابن أخت لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان ابن أخت القوم منهم، أو من أنفسهم، قال: إن قريشا كانت حديث عهد بجاهلية فأردت (76 - و) أن أتألفهم، أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله الى بيوتكم، لو سلك الناس واديا وسلك الانصار شعبا لسلكت شعب الانصار

(1)

.

أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال:

أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن قشيش قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة تسع وستين ومائتين أبو حميد المصيصي -يعني-مات.

(1)

انظر كنز العمال:14/ 38941،11/ 30375،2/ 5008.

ص: 4429

‌أبو حيّه بن عبد عمرو:

قيل إن له صحبة، روى عنه عمار بن أبى عمار، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه وفي الصحابة أبو حبّة البدري وهو ابن عبد عمرو بن غزية، من بني مازن ابن النجار، قيل اسمه عامر، وقيل اسمه مالك، روى عنه عبد الله بن عمرو، ويحتمل أن يشبّه به إلاّ أن أبا علي سعيد بن عثمان بن السكن فرق بينهما.

أنبأنا علي بن المفضل المقدسي عن أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتّاب، وأبو عمران بن أبي تليد-اجازة-قالا:

أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: ومنهم-يعني من الصحابة-أبو حيه بن عبد عمرو، يقال له صحبة، شهد صفين مع علي بن أبي طالب، وروى عنه عمار بن أبي عمار، مولى بني هاشم قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن السرخسي قال:

حدثنا أحمد بن حرب قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد بن سلمه عن علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار قال: سمعت أبا حيّة قال: لما نزلت: «لم يكن الذين كفروا»

(1)

إلى آخرها، قال جبريل: يا رسول الله إن ربك يأمرك أن تقرئها أبيّا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيّ: إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة، قال أبي: وذكرت ثم يا رسول الله؟ قال: نعم فبكى

(2)

.

وأنبأنا أبو محمد بن الأخضر عن الحافظ أبي الفضل بن ناصر قال: أنبأنا الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن ماكولا قال: وقال الواقدي وأبو حبة بن غزية بن عمرو، من بني مازن بن النجار، ولم يشهد بدرا، وكذلك أبو حبة بن عبد عمرو، الذي كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بصفين

(3)

.

(1)

سورة البينة-الآية:1.

(2)

انظر الاستيعاب لابن عبد البر على هامش الاصابة أ 4/ 44 - 45.

(3)

الاكمال لابن ماكولا:2/ 321 - 322.

ص: 4430

‌حرف الخاء في الكنى

‌ذكر من كنيته أبو خالد

‌أبو خالد التنوخي:

القنسريني، شاعر من أهل قنسرين، كان في زمن المأمون.

نقلت من كتاب طبقات الشعراء لدعبل بن علي الخزاعي

(1)

في شعراء الجزيرة والشام قال: ولهم أبو خالد التنوخي، من أهل قنسرين يقول يحرض أهل الشام على طاهر بن الحسين

(2)

.

إيهن نزار وإيهن عنك قحطان

حتام شغلكم حرب وشنان

فيم التحارب يال الشام قد جشأت

عليكم بتلواها

(3)

خراسان

لا المال مال يال الشام إن قطعت

خيل الفرات ولا الأوطان أوطان

هذي أراكم بشرفئة رقم

فوها الى هلككم غرثان ظمآن

قد يممتكم فأدنى عفوها نقم

وودّها لكم غل وأضغان

‌أبو خالد الفارسي:

مولى عمر بن عبد العزيز روى عنه حيوة بن شريح. (76 - ظ).

أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام، عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر بن أبي علي قال: أخبرنا أبو بكر الصفار قال: أخبرنا أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو خالد فارسي

(1)

بحكم المفقود.

(2)

أبعده المأمون مؤقتا عن خراسان وولاه الجزيرة، ثم ما لبث أن بعث به الى خراسان حيث أسس الدولة الطاهرية. انظر كتابي: تاريخ العرب والاسلام: 344 - 345.

(3)

بتل: قطع. القاموس.

ص: 4431

أعتقه عمر بن عبد العزيز، وكان رجلا صالحا عن عمر بن عبد العزيز، روى حيوة ابن شريح عنه، قاله البخاري

(1)

.

‌أبو خالد النجار

(2)

:

من الثغر الشامي صحب ابراهيم بن أدهم، وحكى عنه (78 - و) روى عنه يوسف بن سعيد بن مسلّم.

أنبأنا أبو منصور بن محمد بن الحسن عن عمه أبي القاسم الحافظ قال:

أنبأنا الشريف النسيب قال: حدثني أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال:

أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن علي بن هرون البردعي قال: حدثنا سلامة بن محمد بن سلامة قال: حدثنا يوسف بن سعيد قال: حدثنا أبو الخطاب النجار قال: كنا في البحيرة نرعى الخيل ومعنا إبراهيم بن أدهم فغشيهم السبع فنفرت الخيل وتقطّعت، وأفزعنا، فخرج ابراهيم نحوه وجعل يقول: يا قسورة ان كنت أمرت فينا بشيء فامض لما أمرت به وإلاّ فارجع، فقد فزعت دوابنا، فرجع وهو يبصبص

(3)

.

‌أبو الخصيب بن المستنير المصيصي:

واسمه محمد وقيل أحمد غلبت كنيته على اسمه، روى عن بشر بن المنذر وأبي اليمان، وسعيد بن المغيره، روى عنه ابنه أحمد بن محمد بن المستنير، ومحمد ابن المسيب، وأبو عوانه الأسفراييني، وقد تقدم ذكره.

(1)

كتب ابن العديم بالهامش: يكتب بعدها أبو خالد من آخر الورقة التي بعد هذه، وهذا ما نفذته.

(2)

كتب ابن العديم بالهامش: يقدم الى محله في الورقة التي قبل هذه.

(3)

سقطت ترجمة النجار من مخطوطة ابن عساكر.

ص: 4432

‌ذكر من يكنى ابا الخطاب

‌أبو الخطاب بن عون الحريري

(1)

:

روى عن أبي العباس النامي شيئا من شعره.

روى عنه أبو القاسم المطرز، وكان شاعرا.

نقلت من خط أبي الحسن محمد بن علي بن نصر في كتاب المفاوضة وأخبرنا به أبو حفص عمر بن محمد المكتب-إجازة عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي- قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران-إجازة-قال: قرأ علينا محمد بن علي بن نصر قال: قال أبو الخطاب بن عون الحريري: وحدثني عنه أبو القاسم الشاعر بذلك، وقد رأيته ولم أسمع هذه الحكاية منه، قال: دخلت إلى أبي العباس النامي فوجدته جالسا ورأسه كالثغامه بياضا وفيه شعرة واحدة سوداء، قلت له: يا سيدي في رأسك شعره سوداء؟ قال: نعم هذه بقية شبابي وأنا أفرح بها ولي فيها شعر، قلت: أنشدنيه، فأنشدني:

رأيت في الرأس شعرة بقيت

سوداء تهوى العيون رؤيتها

(77 - ظ)

فقلت للبيض إذ تروّعها:

بالله ألا رحمت وحدتها

وقلّ لبث السوداء في وطن

تكون فيه البيضاء ضرتها

ثم قال: يا أبا الخطاب، بيضاء واحدة تروع ألف سوداء، فكيف سوداء بين ألف بيضاء.

(1)

كتب ابن العديم في الهامش: تقدم، وقد نفذت ذلك فقدمت هذه الترجمة وأخرت التي تقدمتها لانه كتب أيضا بالهامش: تؤخر.

ص: 4433

وقرأت بخطه في هذا الكتاب، وهو روايتى بالاسناد المذكور، قال:

وأنشدني-يعني-أبا يوسف بن البريدي لأبي الخطاب الحريري:

يا قرة العين الذي

صار عليها رمدا

مللت من عدّ ذنوب

ليس تحصى عددا

ما زلت تستفسد حبي

لك حتى فسدا

قال ابن نصر: وله اقطاع ملاح، وهو صاحب الأبيات المشهورة يغنّى بها وهي:

يا غائبا عن سوداء عيني

سكنت من قلبي السوادا

وشهرتها تغني عن ذكرها إلاّ أن فيها ما هو طرازها عند الشعراء أنشدنيه الاستاذ أبو الحسن مهيار وهو:

تميمة الوصل هجر يوم

في الدهر لكن أراه زادا

وكيف أرجو الوصال ممن

تاب من الهجر ثم عبادا

(1)

‌أبو الخطاب النحوي:

الشاعر، دخل حلب، وسمع بها بعض أولاد الشريف أبي ابراهيم العلوي.

قرأت بخط أبي الحسن محمد بن علي بن نصر في كتاب المفاوضة، وأنبأنا به أبو اليمن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أنبأنا أبو غالب (77 - و) ابن بشران قال: أخبرنا أبو الحسن بن علي بن نصر قال: ومن المليح النسيج ما أنشدنيه أبو الخطاب النحوي الشاعر لابي ابراهيم العلوي الحلبي، ولم يلقه، وانما رواه له وأنشده اياه بعض أولاده بحلب:

أومت بكف خلته بارقا

لولا عبير عرفه ساطع

وأبرزت وجها كشمس الضحى

يؤخذ من أنواره الطالع

(1)

ليسا في ديوان مهيار المطبوع.

ص: 4434

‌ذكر من يكنى أبا الخير

‌أبو الخير الاقطع التيناتي:

المغربي، وكان يقال له المباحي لأكله من المباحات، وقيل اسمه حماد بن عبد الله، وكان أسود اللون مغربيا، فسكن التينات وهي على أميال من المصيصة، وقد ذكرناها في صدر كتابنا هذا

(1)

، فنسب اليها وانما قيل له الاقطع لانه كان في جبال أنطاكية يطلب المباح، وكان عاهد الله ألا يشارك الطير في مأكولاتها، فرأى شجرة فيها ثمر فأكل منها، ونسي معاهدته، فاتفق ان تناش أمير الثغر، اتفق بلصوص (78 - ظ) فأمسكهم، وأخذه في الجملة، فقطع أيديهم وأرجلهم، وقطع يده معهم وأمسك عن رجله، وسنذكر صورة حاله في هذه الترجمة ان شاء الله.

روى عنه أبو القاسم بكير بن محمد، وعبد العزيز البحراني، وأبو الحسين أحمد بن الحسين الرازي، وأبو الحسين القيرواني، وأبو علي الاهوازي، وأبو الحسن محمد بن يزيد، وأبو بكر محمد بن عبد الله الرازي، ومنصور بن عبد الله الاصبهاني، وأبو بكر أحمد بن محمد الجيلي، وابراهيم بن داود الرقي، وابنه عيسى بن أبي الخير، وحمزة بن عبد الله العلوي، وأبو الحسن علي بن محمود الزوزني الصوفي، وأبو الحسن علي بن الحسن العابد، وأبو عمرو عثمان بن سعيد ابن عثمان الاسدي، وأبو الحسن البغراسي، وأبو بكر محمد بن خميس الصوفي، ومنصور بن عبد الله، وعبد الله بن محمد الشيحي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الانصاري قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الاصبهاني-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: حدثنا أبو الحسين بن عبد الجبار الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن علي الصوري

(1)

انظر الجزء الاول:153 - 161.

ص: 4435

يقول: سمعت أبا عمرو عثمان بن سعيد الاسدي يقول: قصدت زيارة أبي الخير التيناتي، فلما حصلت عنده رمى اليّ حبلا، فقال: خذ هذا فاصعد الجبل فاقطع حزمة حطب فبعها بدانقين فتقوت بدانق وتصدق بدانق، فقلت: قد ضاقت خزانة مولاي حتى أحمل الحطب وأطعم عباده (79 - و) فصاح وقال: الحلال، ثم القرآن ثم الله عز وجل، فبالحلال يستعان على القرآن، وبالقرآن يعرف الله عز وجل.

أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن محمد بن يوسف-فيما أذن لنا أن نرويه عنه-قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال:

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت غير واحد ممن لقي أبا الخير الاقطع، ان سبب قطع يده انه كان قد عاهد الله ان لا يتناول بشهوة نفسه شيئا مشتهى فرأى يوما بجبل لكام شجرة زعرور، فاستحسنها فقطع منها غصنا، فتناول منها شيئا من الزعرور، فذكر عهده وتركه، ثم كان يقول: قطعت عضوا فقطع مني عضو

(1)

.

أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي-في كتابه-قال:

أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي ابن أحمد بن الفضل قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمذاني قال: حدثنا بكير بن محمد قال: كنت عند الشيخ أبي الخير بالتينات فبسطني بمحادثته لي بذكر بدايته الى أن تهجمت عليه، فسألته عن سبب قطع يده، وما كان منه فقال: يد جنت فقطعت، فظننته أنه كانت له صبوة في حداثته من قطع طريق أو نحوه مما أوجب ذلك، فأمسكت، ثم اجتمعت معه (79 - ظ) بعد ذلك بسنين مع جماعة من الشيوخ فيهم أبو الحسن علي البغراسي، وأبو سليمان التل سابي، وأبو جعفر الجبّائي، وابراهيم بن امام راغب، فتذاكروا مواهب الله عز وجل لاوليائه وأكثروا ذكر كرامات الله عز وجل لهم، الى أن ذكروا طي المسافات، فتبرم الشيخ بذلك فقال: كم يقولون فلان مشى الى مكة في ليلة، وفلان مشى في يوم، أنا أعرف عبدا من عبيد الله عز وجل حبشي، كان جالسا في جامع اطرابلس

(1)

حلية الاولياء:10/ 378.

ص: 4436

ورأسه في جيب مرقعته فخطر له طيبة الحرم، فقال في سره يا ليتني كنت بالحرم، فأخرج رأسه من مرقعته فاذا هو في الحرم، ثم أمسك عن الكلام، فتغامز الجميع واتفقوا على أنه ذلك الرجل.

ثم قال أحدهم: تسأل الجماعة الشيخ أيده الله أن يخبرهم بسبب قطع يده، فقال كما قال لي: يد جنت فقطعت، فقيل: قد سمعنا منك هذا مرارا كثيرة أخبرنا كيف كان سببه؟ فقال: نعم أنتم تعلمون أني من أهل الغرب، فوقعت لي مطالبة السفر فسرت حتى بلغت الاسكندرية، فأقمت بها اثني عشرة سنة، ثم سرت منها فبلغت ما بين شطا ودمياط، فأقمت اثني عشرة سنة، فقيل له: اسكندرية بلد عامر أمكنك القيام بها اثنا عشر سنة، وبين دمياط وشطا مفازة لا زرع ولا ضرع فما (80 - و) كان قوتك؟ فقال: نعم كان في الناس خير في ذلك الزمان، وكان يخرج من مصر خلق كثير يرابطون بدمياط، وكنت بنيت كوخا على شط خليج، فكنت أجيء من ليل الى ليل الى تحت السور، فاذا أفطروا المرابطين ونفضوا سفرهم خارج السور زاحمت الكلاب على قمامة السفر فآخذ كفايتي، فكان ذلك قوتي صيفا، قالوا: ففي الشتاء؟ قال: نعم كان ينبت حول الكوخ من هذا البردي الجافي فيخصب في الشتاء فأقلعه مما كان منه في التراب يخرج غصن أبيض فآكله، وأرمي بالأخضر الجاسي، فكان هذا قوتي الى أن نوقرت في سري: يا أبا الخير تزعم أنك لا تشارك الخلق في أقواتهم وتشير الى التوكل، وأنت في وسط المعلوم جالس فقلت: الهي وسيدي ومولاي، وعزتك لا مددت يدي الى شيء مما تنبته الارض حتى تكون أنت الموصل إليّ برزقي من حيث لا أكون أنا أو لا فيه، فأقمت اثني عشر يوما أصلي الفرض وأتنفل، ثم عجزت عن النافلة، فأقمت اثني عشر يوما أصلي الفرض والسنة، ثم عجزت عن السنة فأقمت اثني عشر يوما أصلي الفرض لا غير، ثم عجزت عن القيام فأقمت اثني عشر يوما اصلي جالسا، ثم عجزت عن الجلوس فرأيت ان طرحت نفسي ذهب فرضي، فلجأت الى الله عز وجل بسري، وقلت: الهي وسيدي افترضت عليّ فرضا تسألني عنه وقسمت (80 - ظ) لي رزقا وضمنته لي فتفضل علي برزقي ولا تؤاخذني بما اعتقدت معك، فوعزتك لأجتهدن أني لا حللت عقدا عقدته معك، فاذا بين يدي قرصين بينهما شيء-ولم يذكر الشيء، ولا سأله أحد من الجماعة-قال فكنت آخذه على الدوام من ليل

ص: 4437

الى ليل، ثم طولبت بالمسير الى الثغر، فسرت حتى دخلت فومه

(1)

. ووافق ذلك يوم جمعة، فوجدت في صحن الجامع قاصا يتكلم على الناس، وحونه حلقة، فوقفت بينهم أسمع ما يقول فذكر قصة زكريا عليه السلام والمنشار، وما كان من خطاب الله عز وجل له حين هرب منهم، فنادته الشجرة: إليّ يا زكريا، فانفرجت له فدخلها وانطبقت عليه، ولحقه العدو فتعلقوا بعباءته، وناداهم الشيطان إليّ، فهذا زكريا، فأنّ، فأوحى الله اليه: يا زكريا لئن صعدت منك أنّه ثانية لأمحونك من ديوان النبوة فعض زكريا عليه السلام على الصبر حتى قطع بشطرين فقلت في نفسي: لقد كان زكريا صبّارا، إلهي وسيدي لئن ابتليتني لأصبرن وسرت حتى دخلت أنطاكية فرآني بعض أخواني، وعلم أني أريد الثغر فدفع الي سيفا وترسا للسبيل، فدخلت الثغر وكنت حينئذ أحتشم من الله عز وجل أن آوي وراء سور خيفة من العدو، فجعلت مقامي في غابة، فأكون فيها بالنهار وأخرج بالليل الى شط البحر فأغرز الحربة على الساحل (81 - و) وأسند الترس اليها محرابا، وأتقلد سيفي وأصلي الى الغداة، فاذا صليت الصبح غدوت الى الغابة، فكنت فيها نهاري أجمع، فبدوت في بعض الايام فعبرت بشجرة بطم قد بلغ بعضه وبعضه أخضر، وبعضه أحمر وقد وقع عليه الندى وهو يبرق، فاستحسنته وأنسيت عهد ربي، وقسمي به أنّي لا أمد يدي الى شيء مما تنبت الأرض، فمددت يدي الى الشجرة، فقطعت منها عنقودا، وجعلت بعضه في فمي وأنا ألوكه، ثم ذكرت العقد، فرميته من يدي، وبزقت ما كان في فمي، ثم قلت: حلت المحنة، ورميت الترس والحربة، وجلست موضعي يدي على رأسي، فما استقربي جلوسي حتى داروا بي فرسان، وقالوا لي: قم، وساقوني حتى أخرجوني الى الساحل، فاذا الامير بياس

(2)

وحوله جماعة على خيول، ورجالة كثيرة، وبين يديه جماعة سودان خماسين، كانوا يقطعون الطريق قبل ذلك اليوم في ذلك الموضع، فأسرى اليهم أمير بياس فكبسهم في السحر وأخذ من كان منهم حاضرا في الأكواخ، وافترقت الخيل

(1)

من الواضح أنها من بلاد الثغر في منطقة أنطاكية، علما بأن ياقوت لم يذكرها في معجم البلدان.

(2)

كتب ابن العديم في الهامش: «صوابه: الامير تناش» ، ويبدو أنه كان أميرا لبياس.

ص: 4438

تطلب من هرب منهم في الغابة، فوجدوني أسود معه سيف وترس وحربة، فلما قدّمت الى الأمير، وكان رجلا تركيا، قال لي: إيش أنت؟ قلت: عبد من عبيد الله، فقال للسودان: أتعرفونه؟ قالوا: لا، قال: بلى هو رئيسكم، وإنما تفدونه بنفوسكم لأقطعن أيديكم وأرجلكم (81 - ظ)، قدموهم، فلم يزل يقدم رجلا رجلا، ويقطع رجله ويده، حتى انتهى إليّ آخرهم، ثم قال لي: تقدم مدّ يدك، فمددتها فقطعت ثم قال: مد رجلك فمددتها، ثم رفعت رأسي الى السماء وقلت: إلهي وسيدي يدي جنت، رجلي إيش عملت؟ واذا بفارس قد وقف على الحلقة ورمى بنفسه الى الارض، وصاح إيش تعملون، تريدون أن تنطبق الخضراء على الغبراء، هذا رجل صالح يعرف بأبى الخير المباحي، وكنت أعرف بذلك، فرمى الأمير نفسه عن فرسه، وأخذ يدي المقطوعة من الأرض يقبلها، ويتعلق بي ويبكي ويقول: سألتك بالله عز وجل أن تجعلني في حل، فقلت: من أول ما قطعت يدي، ثم قال الشيخ أبو الخير، وهو يبكي: فأي مصيبة أعظم من مصيبتي هذه قطعت يدي، وانقطعت عني القرصين.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الحموي-بحلب-قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني-اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرني أبو الحسين بن عبد الجبار الطيوري قال: حدثنا محمد بن علي الصوري قال: أخبرني أبو بكر محمد بن خميس الصوفي عن أبي الخير التيناتي أنه قصده رجل من مكان بعيد فلما وصل اليه وحضرت صلاة الظهر والعصر، فلما كان صلاة المغرب صلى وجهر بالقراءة، لم يحقق التلاوة، فوجد ذلك الرجل في نفسه، وقال: كابدت مشقة السفر الى رجل لا يقيم فاتحة الكتاب وبات تلك (82 - و) الليلة، فلما أصبح خرج الى عين بالقرب ليتوضأ وجد السبع رابضا عندها فرجع هاربا والتقى به أبو الخير فتبين الخوف في وجهه، فتوجه الى العين، وتوجه الرجل يمشي خلفه ليرى ما يصنع فجاء أبو الخير الى السبع، فأخذ بأذنيه، وجعل يعركهما ويقول له: كم أقول لك اذا كان عندنا ضيف لاتؤذنا، فانصرف، فولى السبع ذاهبا، ورجع أبو الخير يريد المسجد، فلحقه الرجل في الطريق، فقال له كن كذا، والحن في الحمد.

ص: 4439

قلت: هذا الرجل هو ابراهيم بن داوود الرقي.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن أبي الحسن بن حموية الجويني، ح.

وأخبرتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن في كتابها إلى غير مرة من نيسابور قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.

وأخبرنا أبو النجيب اسماعيل بن عثمان الفارسي-في كتابه-قال: أخبرنا أبو الاسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال:

وأبو الخير التيناتي مشهور بالكرامات، حكى عن ابراهيم الرقي أنه قال: قصدته مسلما، فصلى صلاة المغرب فلم يقرأ الفاتحة مستقيما، فقلت في نفسي: ضاعت سفرتي، فلما سلمت خرجت للطهارة فقصدني السبع، فعدت اليه، فقلت: ان الأسد قصدني، فخرج وصاح على الأسد وقال: ألم أقل لك لا تعرض لضيفاني، فتنحى، وتطهرت، فلما رجعت قال:(82 - ظ) اشتغلتم بتقويم الظواهر، فخفتم الأسد، واشتغلنا بتقويم القلب فخافنا الأسد.

(1)

أنبأنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت محمد بن الحسين قال: وسمعت جدي اسماعيل بن نجيد يقول: دخل على أبي الخير جماعة من البغداديين يتكلمون بشطحهم بحضرته، فضاق صدره من كلامهم، فخرج فجاء السبع فدخل البيت، فانضم بعضهم الى بعض ساكتين وتغيرت ألوانهم، فدخل أبو الخير فقال: يا ساداتي أين تلك الدعاوى؟.

قال أبو نعيم: ومنهم-يعني-من الأولياء: أبو الخير الأقطع التيناتي له الآيات والكرامات توفي بعد الأربعين والثلاثمائة، كانت السباع والهوام يأنسون بمجالسته ويأوون إليه، وكان ينسج الخوص بإحدى يديه.

سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أحمد بن الحسين الرازي يقول: سمعت

(1)

لم يرد هذا الخبر في ترجمة التيناتي في الرسالة القشيرية.

ص: 4440

أبا الخير يقول: من أحب أن يطلع الناس على عمله فهو مرائي، ومن أحب أن يطلع الله على حاله فهو كذاب.

قال: وكان يقول: ما بلغ أحد حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة، ومعانقة الأدب وأداء الفريضة، وصحبة الصالحين، وخدمة الفقراء الصالحين.

وكان يقول: القلوب ظروف، فقلب مملوء ايمانا وعلامته الشفقة على جميع المسلمين والاهتمام بما يهمهم، ومعاونتهم على مصالحهم وقلب (83 - و) مملوء نفاقا فعلامته الحقد والغل والغش والحسد.

(1)

.

أخبرنا عمي أبو غانم بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفنح بن حموية، ح.

وأنبأتنا زينب الشعرية قالا: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذياخي قال: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: ومنهم-يعني-من مشايخ الصوفية: أبو الخير الأقطع، مغربي الأصل، سكن تينات، وله كرامات وفراسات حادة، كان كبير الشأن.

قال أبو الخير: ما بلغ أحد الى حالة شريفة إلاّ بملازمة الموافقة، ومعانقة الأدب وأداء الفرائض وصحبة الصالحين

(2)

(83 - ظ).

(1)

حلية الاولياء:10/ 378.

(2)

الرسالة القشيرية:26.

ص: 4441

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي امام الكلاسة بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم قال: أخبرنا الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد-بقراءة والدي عليه وأنا اسمع-عن أبي الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي عن أبي الحسن علي بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو القاسم بكير بن محمد المنذري قال: سمعت أبا الخير التيناتى يقول: بعثت الى الثغر فبكيت، فقيل لي:

محروسة ما عشت وفلان وفلان-طائفة من الأخيار-وما بقي منهم غيري، كلهم ما توا، وعاش أبو الخير التيناتي مائة وعشرين سنة، ومات سنة تسع وأربعين وثلاثمائة أو قريبا منه.

أخبرنا عمي أبو غانم قال: أخبرنا أبو الفتح بن حمويه، ح.

وأنبأتنا زينب النيسابورية قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.

وأنبأنا أبو النجيب القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: مات-يعني-أبا الخير الأقطع سنة نيف وأربعين وثلاثمائة

(1)

.

‌أبو الخير الموزة:

الشاعر، من أهل حران نفذ منها الى دمشق وعلم بها الصبيان، واجتاز بحلب في طريقه إليها، وفي عوده منها الى خرتبرت

(2)

وذكره العماد في السيل والذيل

(1)

المصدر نفسه.

(2)

ويعرف أيضا باسم حصن زياد، كان واقعا في ديار بكر بينه وبين ملطية مسيرة يومين، وبينهما الفرات. معجم البلدان.

ص: 4442

ولم يذكره في الخريدة (85 - و) وقال في ذكره، ورأيت ذلك في مسودته، وقال كان رجلا خيرا من أهل حران، معلما بدمشق، يعلم أولاد الأمراء، وتوفي بخرتبرت، وسبب تسميته الموزه أنه سئل عن هذين البيتين:

اسم من أهواه رطلان

وباقيه مدينه

ذات بر ذات بحر

من قرى الشام حصينه

فقال: هما في الموزة، فسمي بها ونبز بالموزه، ويقول أبو الحكم المغربي فيه من أرجوزته

(1)

:

والموزة الشاعر في قصته

أعجوبة وعبرة لمن وعى

وشعره في كبك مشتهر

ليس به بين الأنام من خفى

قال: وكبك غلام قال فيه أبو الخير الموزة:

لو تقاسي ما أقاسي يا كبك

من سقام وغرام قتلك

لست من حسن تفردت به

آدميا إنما أنت ملك

عذّب القلب بما تختاره

ليس هذا القلب لي بل هو لك

(1)

لم استطع الوقوف عليها.

ص: 4443

‌حرف الدال في الكنى

‌أبو دجانة الانصاري

(1)

:

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه .....

(2)

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقد ذكرناه.

‌أبو الدرداء:

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه عويمر بن زيد، غزا الصائفة واشتهر بكنيته، وقد ذكرناه في حرف العين.

‌أبو الدنيا الاشج:

اسمه عثمان بن خطاب بن عبد الله بن عوام البلوي (85 - ظ) وانما كني أبا الدنيا لطول عمره، وقيل ان كنيته أبو عمرو، وهو مغربي، ذكر أنه لقي علي بن أبي طالب رضي الله عنه بصفين، وله نسخة يرويها عنه، لا يعتمد على روايته، وقد قدمنا ذكره في الأسماء في حرف العين.

قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي، في تعليق له: الأشج المغربي، هو أبو عمرو عثمان بن خطاب بن عبد الله عوام البلدي

(3)

المريذي، ومريذة بالمغرب على ما روى، ولم أر أحدا من المغاربة يعرفها، ولعلها قد دثرت، وفي رواة أهل المغرب زيادة الله المرندي، وهو فيما أظن صقلي، والله أعلم.

(1)

كتب ابن العديم في الهامش: يقدم في أول حرف الدال. فنفذت ذلك.

(2)

فراغ بالاصل، واسمه «سماك بن خرشة» والمروي أنه استشهد يوم الحديقة في القتال ضد مسيلمة الكذاب. انظر تاريخ خليفة:1/ 90.

(3)

ذكره من قبل «البلوي» .

ص: 4444

‌حرف الذال في الكنى

‌أبو ذر الطرسوسي:

الفقيه الحنفي، فقيه معتبر من أهل طرسوس، له كتاب في الفقه على مذهب أبى حنيفة رضي الله عنه، سماه كتاب الخصال، وقفت عليه وهو كتاب حسن، وكان بطرسوس قبل انتقالها الى الروم.

ص: 4445

‌حرف الراء في الكنى

‌أبو رافع:

مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه أسلم، وقيل ابراهيم، شهد مع النبي صلى الله عليه أحدا، والخندق وما بعدها. وشهد مع علي رضي الله عنه صفين، والجمل والنهروان، روى عن (86 - و) النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه أبو سليم مولاه، والمطلب وكان يكتم اسلامه حين كان للعباس بن عبد المطلب، ووهبه العباس للنبي صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة بكتاب قريش الى النبي صلى الله عليه وسلم، فأظهر إسلامه

(1)

، وكان قبطيا.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن سيدهم الأنصاري الدمشقي بها، قال:

أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي قال: أخبرنا أبو الحسين علي ابن محمد بن عبد الله بن بشران المعدل قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري قال: حدثنا عبد الله بن أبي مريم قال: حدثنا محمد بن يوسف قال:

حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرقم بن الأرقم الزهري على الصدقة فاستتبع أبا رافع، فأتى أبو رافع النبي صلى الله عليه وسلم، فاستشاره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا رافع ان الصدقة حرام على محمد وآل محمد، وان مولى القوم منهم، أو من أنفسهم

(2)

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل-قراءة عليه وأنا أسمع-قال: أخبرنا

(1)

أراد باظهار اسلامه البقاء بالمدينة، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إنّا لا نحبس البرد ولا نخيس العهد. حلية الاولياء:1/ 184.

(2)

انظر كنز العمال:6/ 16531.

ص: 4446

مسعود بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم قال: حدثنا صالح (86 - ظ) بن زياد، ح.

قال أبو نعيم: وحدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن حماد قال: حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن قالا: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، ح.

قال: وحدثت عن أبي جعفر محمد بن اسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا يزيد بن هرون-واللفظ له-قالا: حدثنا الجراح بن منهال عن الزهري عن أبي سليم مولى أبي رافع عن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كيف بك يا أبا رافع اذا افتقرت؟ قلت:

أولا أتقدم في ذلك؟ قال: بلى، قال: ما مالك؟ قلت: أربعون ألفا وهي لله عز وجل، قال: لا، أعط بعضا وأمسك بعضا وأصلح الى ولدك، قال: قلت أولهم علينا يا رسول الله حق كما لنا عليهم؟ قال: نعم حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتاب- وقال عثمان بن عبد الرحمن: كتاب الله-والرمي والسباحة زاد يزيد: وأن يورثه طيبا.

قال: ومتى يكون فقري؟ قال: بعدي، قال أبو سليم: فلقد رأيته افتقر بعد، حتى كان يقعد فيقول: من يتصدق على الشيخ الكبير الأعمى، من يتصدق على رجل أعلمه رسول الله أنه سيفتقر بعده، من يتصدق فان يد الله العليا، ويد المعطي الوسطى، ويد السائل السفلى، ومن سأل عن ظهر غنى كان له شية يعرف بها يوم القيامة، ولا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي.

قال: فلقد رأيت رجلا أعطاه أربعة دراهم، فرد عليه منه درهما، فقال لا ترد، عليّ صدقتي فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاني أن أكنز فضول المال، قال أبو سليم: فلقد رأيته بعد استغنى (87 - و) حتى أني عاشر عشره

(1)

وكان

(1)

في حلية الاولياء: أتى له عاشر عشرة. وهو أقوم.

ص: 4447

يقول: ليت أبا رافع مات في فقره، أو هو فقير، قال: ولم يكن يكاتب مملوكا إلا بثمنه الذي اشتراه به

(1)

أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن هزار مرد الصريفيني قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داود الطوسي قال: حدثنا أبو عبد الله الزبير بن بكار قال: وحدثني أبو غزّية قال: حدثني ابراهيم بن سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن ابن اسحاق قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: اتت سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، امرأة أبي رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعديه على أبي رافع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك ولها يا أبا رافع؟ فقال تؤذيني يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم آذيته؟ فقالت:

والله يا رسول الله ما آذيته بشيء، ولكنه أحدث وهو يصلي، فقلت: يا أبا رافع ان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قد أمر المسلمين اذا خرجت من أحدهم ريح أن يتوضأ، فقام يضر بني، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ويضحك، ويمزح الى أبي رافع.

أخبرنا الحسين بن عمر بن باز-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال:

أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري (87 - ظ) قال: أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم كان قبطيا قال علي بن المديني: اسمه أسلم، ويقال هو ممن يعد في أهل المدينة، مات قبل علي، ويقال كان للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما بشر النبي بإسلام العباس أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

حلية الاولياء:1/ 184 - 185.

(2)

التاريخ الكبير-الكنى:83.

ص: 4448

أنبأنا أبو الحسن علي بن الفضل قال كتب الينا أبو القاسم بن بشكوال قال:

أخبرني أبو محمد بن عقاب، وأبو عمران بن أبي تليد-اجازة قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعد بن عثمان بن السكن قال: أخبرنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: أخبرنا عباس بن محمد قال:

سمعت يحيى بن معين يقول: أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، اسمه ابراهيم.

قال ابن السكن: وأسلم أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، كان شهد أحد والخندق وما بعد هما، وكان على ثقل النبي، وشهد فتح مصر، وهم يختلفون في اسمه، فيقال ابراهيم، وكان قبطيا مات في آخر خلافة علي أبي طالب، ويقال مات بالمدينة قبل عثمان رضي الله عنه.

وقال ابن السكن: الصحيح أن أبا رافع مات في خلافة علي، وكان خازنا لعلي ابن أبي طالب، وأوصى بولده الى علي، وكان شهد مع علي الجمل، وصفين، والنهروان رضي الله عنه، وكان يكفلهم ويزكي أموالهم

(1)

أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: ومنهم أسلم أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، أسلم قبل بدر، وكان يكتم اسلامه مع العباس، وقدم بكتاب من قريش الى المدينة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم فأظهر اسلامه ليقيم بها، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إنا لا نحبس البرد ولا نخيس العهد، كان ممن أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصيبه بعده فقر، ونهاه أن يكنز فضول الدنيا، وأعلمه عقوبة من يحوز المال ويكنزه

(2)

(88 - و)

(1)

انظر الاستيعاب على هامش الاصابة:4/ 69 - 70.

(2)

حلية الاولياء:1/ 183 - 184.

ص: 4449

‌ذكر من كنيته أبو الرضا

‌أبو الرضا بن النحاس:

الحلبي ابن أخت أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس، واسمه سالم، وقد قدمنا ذكره في حرف السين، وذكرناه هاهنا لشهرته بالكنية، وعرف بابن النحاس من قبل أمه.

وكان شاعرا مجيدا، روى عنه أبو عبد الله بن الملحي.

أخبرنا عبد الرحمن بن نسيم-إذنا-عن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسّن بن أحمد بن الملحي السلمي بلفظه وكتبه لي بخطه، قال: أبو الرضا بن النحاس شيخ حلبي، هو ابن أخت أبي نصر الوزير العالم المفيد الكاتب الشاعر المجيد، وكان أبو الرضا وصل الى دمشق عند القبض على خاله، لأخذ خاله، فاجتمعت به، وتحدثت معه وأنشدني أبو الرضا لخاله:

يا قلب أنت أذنت لي في هجره

وزعمت أنك قاصر عن ذكره

ورجعت تطلبه وأنت أضعته

هيهات فات الحزم فارط أمره

فاستحسنت هذه الأبيات، حتى غنى بها القيان، وهام بها الشيوخ والشبان.

فعمل أبو الرضا:

يا طرف أنت طرحتنى في حبه

وزعمت قلبك في هواه كقلبه

حتى إذا لفحتك نيران الجوى

فحرمت ما أملته من قربه

أنشأت تنكر ما جنيت وقلت خذ

قلبي المعنى في هواه بذنبه

(88 - ظ)

ذق مر ما ستحليته وجنيته

لا ينكر المغرور صرعة عجبه

واغرق بدمعك في البكاء فربما

قتل المتيم نفسه من كربه

ص: 4450

قال ابن الملحي: وكتب إليّ يوما:

يا من اذا ما البليغ الحبر جاذبه

حبل الفصاحة منسوب الى النوك

وأين الأولى غمر الأحرار فصاهم

حتى لقد أصبحوا مثل المماليك

الواهبي كل مصقول ومسمعه

وكل أجرد كالسرحان محبوك

قوم اذا ترك الأمجاد مكرمة

فمجدهم لسواهم غير متروك

ما زلت تدأب في العلياء تعمرها

مجاهدا في طريق غير مسلوك

دعوتنا دعوة بالأمس معجزة

فثن لا تجعلنها بيضة الديك

(1)

‌أبو الرضا بن اللعيبة:

الحلبي، شيخ حسن مستور، عنده ذكاء وفطنة وحسن محاضرة، وجميل معاشرة وصناعة جيدة فيما يعمله بيده ويتكسب به وكان يعمل السروج وغيرها ويشبهها بالكلاهي

(2)

الذي يجلب من الصين، وصان بذلك ماء وجهه، وكان قليل الاختلاط بالناس مشتغلا بما يعنيه، وكان عنده فضل وأدب وينظم شعرا حسنا، اجتمعت به ولم يتفق لي سماع شيء منه، وأنشدني شهاب الدين أبو جعفر يحيى بن خالد بن محمد بن القيسراني قال: أنشدني الرضي أبو الرضا بن اللعيبة لنفسه: (89 - و).

ولما نزلنا بالمحصب من منى

غداة أفاض الجمع من عرفات

تذكر كم قلبي فأضحت مدامعي

عليكم تجيد الرمي بالجمرات

توفي أبو الرضا بن اللعيبة بحلب بجبل بانقوسا، وكان قد سكن فيه

(3)

.

‌أبو رضوان بن سعيد:

المصيصي المؤدب، واسمه اليمان وقد تقدم ذكره في حرف الياء، روى عن محمد بن حمير، روى عنه عمر بن محمد الأسدي، وعبد الله بن زياد بن خالد المعروف بابن أبي سفيان، وأبو بكر محمد بن أبي يعقوب الدنيوري.

(1)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 25 - ظ.

(2)

الرصاص القلعي هو الكلهي وكذلك السيوف القلعية. المعرب للجواليقي: 276.

(3)

تبع هذا سطر فراغ بالاصل لعله كان سيذكر فيه تاريخ الوفاة.

ص: 4451

أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور الجمال قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا عمر بن بحر الأسدي قال: سمعت أبا رضوان بن سعيد المصيصي قال: حدثنا محمد بن حمير قال: حدثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة، لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت

(1)

.

‌أبو رمادة الضبي:

هو من هجان بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة ابن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، (89 - ظ) نزل بأرض الشام، بأرض حلب بالنقرة وحاوى

(2)

لبني أسد في دارهم، وولد له نحو من عشرة أولاد ذكور، وولد لهم أيضا أولاد تعرف بقبيلة أبي رمادة، وتأمّر فيهم من تأمّر، وساد فيهم من ساد، ونسلهم الى اليوم.

قلت ذكر ذلك محمد بن أحمد بن عبد الله الأسدي النسابة، في كتابه الذي قدمنا ذكره في أول كتابنا هذا، وبقرية الملّوحة من نقرة بني أسد قوم يقال لهم بنو الرمادي الى الآن، وهم-والله أعلم-من قبيلة أبي رمادة المذكور.

‌أبو رويحة الخثعمي:

قيل اسمه عبد الله بن عبد الرحمن، وقيل ربيعة بن السكن آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين بلال، وقدم معه الشام للجهاد، روى عنه عبد الجبار ابن عبد الله الخثعمي وقد ذكرناه في الأسماء.

‌أبو الرياح المصيصي:

وقيل فيه أبو الرماح أيضا، شاعر، وقع إليّ من شعره قوله في الفستق:

مثل الزبرجد في حرير أحمر

فى حقّ عاج في غشاء أديم

(1)

انظره في كنز العمال:1/ 2569 - 2/ 4056،2570.

(2)

كتب فوقها ابن العديم بالهامش مع علامة التصحيح «وجاور بني» .

ص: 4452

وقوله:

ورد البشير مع الصباح بأنه

لي زائر فاستعبرت أجفاني

يا عين قد صار البكا لك عادة

تبكين في فرحي وفي أحزاني

(90 - و)

‌أبو الريان الاصبهاني:

الملقب بالأثير، كان بحلب، وحكى عنه عبد الرحمن بن جوشن بن مزروع التنوخي حكاية سمعها منه بحلب، وقد ذكرناها في ترجمة عبد الرحمن.

‌أبو ريحانة:

صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه سمعون، وكان مجاب الدعوة، وقد ذكرناه فيما تقدم.

ص: 4453

‌حرف الزاي في الكنى

‌أبو الزاهرية:

قدم طرسوس ودخل على أبي معاوية الأسود، وحكى عنه.

روى عنه من لم يسمّ.

أنبأنا أبو محمد بن يحيى عن عبد الرحمن بن علي قال: أخبرنا أحمد بن ظفر قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن البناء قال: أخبرنا هلال بن محمد قال:

أخبرنا علي بن أحمد المصري قال: سمعت عثمان بن السكن قال: سمعت مؤذن غزة قال: حدثت عن أبي الزاهرية قال: قدمت طرسوس فدخلت علي أبي معاوية الأسود، وهو مكفوف البصر، وفي منزله مصحف معلق، فقلت: رحمك الله مصحف وأنت لا تبصر! فقال: تكتم يا أخي حتى أموت؟ قال: قلت: نعم، قال:

إني إذا أردت أن أقرأ القرآن فتح لي بصري.

‌أبو الزبير بن المنذر بن عمرو:

الكاتب، كان كاتبا للوليد (90 - ظ) بن يزيد بن عبد الملك، وكان معه حين وصل إلى الرصافة بعد موت هشام بن عبد الملك له ذكر.

ص: 4454

‌ذكر من كنيته أبو زرعة

‌أبو زرعة اللخمي:

كان مع مسلمة بن عبد الملك حين غزا القسطنطينية، وكان من وجوه عسكر مسلمة. (91 - و)

‌أبو زرعة الشيباني:

اسمه يحيى بن أبي عمرو زرعة، تقدم ذكره.

‌أبو زكريا بن مبشر:

كان بحلب، وكان من الأدباء في غالب ظني، فإنني رأيت ذكره بخط أبي الحسن الشمشاطي في كتاب الديرة

(1)

في مقدمة الكتاب، في ذكر الخالديين

(2)

، ذكر أن ابن كشاجم وغلامه أنشدا بحلب أبا الصقر القبيصي وأبا زكريا بن مبشر أبياتا لكشاجم، وذكر أن الخالديين ادعياها لهما.

‌أبو الزناد:

اسمه عبد الله بن ذكوان، كان عند هشام بن عبد الملك بالرصافة، وقد تقدم ذكره.

‌أبو زهير العبسي:

شهد صفين مع علي رضوان الله عليه، وروى شيئا من خبرها، وقد ذكرنا ذلك عنه في ترجمة عباس بن شريك.

‌أبو زياد الحلبي:

من رواة الشيعة، روى عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، روى عنه ابن محبوب.

(1)

لم يصلنا، هو بحكم المفقود.

(2)

للخالدين كتاب بالديره، لما يصلنا.

ص: 4455

‌ذكر من كنيته أبو زيد

‌أبو زيد الدمشقي:

حكى عن عمر بن عبد العزيز وفاته، روى عنه هشام بن عبيد الله الرازي، وكانت وفاته بدير سمعان.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن أحمد السمر قندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري (91 - ظ) قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد-وهو-ابن الحسين البرجلاني قال: حدثنا هشام بن عبد الله الرازي قال: حدثنا أبو زيد الدمشقي قال: لما ثقل عمر بن عبد العزيز دعي له طبيب، فلما نظر إليه قال: أرى الرجل قد سقي السم.

قال الطبيب هل حسست بذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قد عرفت حين وقع في بطني، قال: فتعالج يا أمير المؤمنين فإني أخاف أن تذهب نفسك، قال: ربي خير مذهوب إليه، والله لو علمت أن شفائي عند شحمة أذني ما رفعت يدي الى أذني فتناولته، اللهم خر لعمر في لقائك، فلم يلبث إلاّ أياما حتى مات رحمه الله.

‌أبو زيد الاعمى:

وفد على هشام بن عبد الملك بالرصافة، وشهد وفاته وروى عن ابن عبد الأعلى، روى عنه عبيد الله العتبي.

أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري-فيما أذن لي في روايته عنه-قال: أخبرنا أبو الحسن الفرضي-اجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا أبو المعمر المسدّد بن علي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم معلم ابن عدنان الحلبي

ص: 4456

قال: حدثنا المنقري قال: حدثنا العتبي عن أبيه قال: قال أبو زيد: وفدت إلى هشام بن عبد الملك، فشهدت وفاته (92 - و) فسمعت ابن عبد الأعلى يتمثل بهذه الأبيات:

وما سالم عما قليل بسالم

ولو كثرت حراسه وكتائبه

ومن يك ذا باب شديد وحاجب

فعما قليل يهجر الباب حاجبه

ويصبح بعد الحجب للناس مفردا

رهينة باب لم تنفس جوانبه

وما كان إلاّ الدفن حتى تفرقت

إلى غيره أحراسه ومواكبه

وأصبح مسرورا به كل كاشح

واسلمه احبابه وحبائبه

فنفسك اكسبها السعادة جاهدا

فكل امرئ رهن بما هو كاسبه

(1)

‌أبو زيد الطرسوسي:

التاجر سمع أبا سعيد محمد بن علي النقاش، كتب عنه أبو زكريا يحيى بن مندة، وذكره في تاريخ أصبهان فقال: أبو زيد الطرسوسي الشيخ الصالح الثقة المتدين، ثقيل الأذن، كان من وجوه التجار والأمناء سمع من أبي سعيد محمد بن علي النقاش، سكن سكة الغلاّلين في درب قدامة، سمع منه أبو زكريا بن مندة في ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.

‌أبو زينب بن عوف:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها وهو من رهط مخنف بن سليم، وقد ذكرنا خبر قتله في ترجمة صخر بن سمي وفي ترجمة مخنف بن سليم.

(1)

هذه المرة الرابعة التي روى بها ابن العديم هذه الابيات حول المناسبة نفسها.

ص: 4457

‌حرف السين في الكنى

(92 - ظ)

‌أبو ساسان الرقاشي:

هو حضين بن المنذر، وكنيته أبو محمد، وأبو ساسان لقب له، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقد تقدم ذكره.

‌ذكر من كنيته أبو سالم

‌أبو سالم بن الذكوري الباري:

من أهل البارة، قرية كبيرة من عمل حلب، لها كورة تنسب إليها، وكان خطيبا ببعلبك، أنشد عنه أبو العباس أحمد بن الحسن بن أحمد الكفر طابي انشادا ذكرناه في ترجمة أبي العباس الكفر طابي.

‌أبو سالم بن معد بن سعيد:

القاضي، شاعر كان بحلب ظفرت بشيء من شعره في مديح نشو الدولة سوتكين حاجب الأمير سيف الدين سوار، بخط أبي عبد الله العظيمي.

قرأت بخط الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي في مدائح نشو الدولة المذكور قطعتين في مدحه، قال العظيمي: وقال أبو سالم بن معد بن سعيد القاضي يمدحه:

غزاني غزال باعتدال بقدّه

وحسن معانيه وحمرة خده

وأمرض جسمي بالقطيعة والجفا

وما هكذا فعل المليك بجنده

وكيف اصطباري عنه والقلب قد صبا

إليه وشوقي زائد فوق حدّه

فإن لم يجرني بالرضا من صدوده

وإلاّ فإني ميت قبل صدّه

(93 - و)

ص: 4458

خليليّ مالي من معين على الأسى

ولا من يسليني بخالص وده

وينصفني من صرف دهر كأنني

جنيت عليه ناقضا عقد عهده

سوى الحاجب الندب الجواد الذي رقا

مراتب مجد قابلت شهب سعده

فذلك نشو الدولة الناهض الذي

كفانا ملمات الزمان بحده

وأو سعنا من جوده وعطائه

كرائم مال حمدها بعض حمده

تراه إذا ماجئته متطلبا

عطاياه يبدي بشره عند وفده

فترجع مملوء الحقائب موقرا

عطاء بلا من يشاب برفده

فما حاتم جودا وكعب بن مامة

ومعن الندى إلاّ عبيد لعبده

له شرف فوق السماك وهمة

وعلم بإرخاء الزمان وشدّه

أخو عزمات قاطعات كأنها

حسام تجلّى متنه بفرده

إذا الحرب دارت كان قطبا وأحجمت

فوارس موت عاينوا هول ورده

وثار غبار النقع ليلا وحرقت

قلوب رماها الخوف في حرّ وقده

تراه يخوض الموت في غمراته

يذب بحد السيف عن نيل مجده

فلا زال محروس الجناب ممتعا

مدى الدهر ما غنىّ الحمام بوجده

‌أبو سالم بن يحيى النصراني:

شاعر كان مقيما بأنطاكية، حسن الشعر ظفرت بقائمتين بخط بعض أدباء الحلبيين، وفيها لأبي سالم بن يحيى النصراني المقيم بأنطاكية:(93 - ظ)

أيا من برده القاني

وفي الشقوة ألقاني

ويا من طرفه الفان

ي من قتلاه ألفاني

قضيب قدّ من بان

تعالى الله من باني

غرير الحسن ماشاني

ولا يعلم ما شاني

فصرف الدهر ألجاني

الى طالبي الجاني

فياليت مشتّ البي

ن أو طاني أو طاني

ص: 4459

‌ذكر من كنيته أبو سعد

‌أبو سعد بن عبد الغالب بن أبي حصين:

المعري، ذكره ابن الزبير في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان وقال: أبو سعد بن عبد الغالب بن أبي حصين، مدحه شاعر متعرضا لنيله فقال:

يا منشدي شعرا يخبّر أنه

يبدي قديم مفاخري ومآثري

لو زرنني أنآك

(1)

كاره باطني

عني كما أدناك رونق ناظري

وجهلتني فقدمتني وقرينة ال

حرمان كدية

(2)

شاعر من شاعر

هكذا ذكر ابن الزبير وأظنه والله أعلم أبو سعد عبد الغالب بن أبي حصين، وهو شاعر كثير الشعر، وقد تقدم ذكره.

‌أبو سعد بن عليجة النسوي:

ذكر أنه سمع صحيح البخاري إما عن الكشميهني أو من في طبقته، وسمع الحسن السمرقندي، لقيه (94 - و) المؤتمن الساجي بحلب، وحكى عنه ما يدل على كذبه.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري-قراءة عليه-قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي-اجازة-قال: سمعت الشيخ الامام أبا نصر المؤتمن بن أحمد بن علي الساجي البغدادي يقول: دخلت حلب فرأيت أبا سعد بن عليجة النسوي، وذكر لي أنه سمع صحيح البخاري بعلو إما عن الكشميهني أو من كان في طبقته، فطالبته بالاصل، فقال: قد قرئ عليّ بحران وليس معي أصلي، فلما دخلت حران حضرت ابن جلبة قاضيها، وكان له قارئ

(1)

أي أبعدك أو جعلك تتأنى وتتريث.

(2)

الكدية: شدة الدهر. القاموس.

ص: 4460

يقرأ الحديث في مجلسه، فسألت عن ذلك، فقيل لي ذكر أنه سماعه وأخذنا نسخة فقرأناه عليه، فلما دخلت نيسابور ذكرته للحسن السمرقندي فقال: هو دجال من الدجاجلة، كان يسمع علي من حديث اسماعيل الصابوني ومن في طبقته ثم يسقطني من البين، ويثبت في كتابه عنهم.

قال المؤتمن: ثم بلغني أنه دخل مصر، وكان أيام المستنصر، فترفض وعمل أحاديث في فضائل أهل البيت، وسأل المستنصر أن لا يبقي في البلد أحد ممن يتسمى بالعلم إلا ويحضر مجلسه، فأكرهوا على ذلك حتى الحبال الحافظ.

‌أبو سعد بن مالك:

كان من أهل الحديث بحلب وسماه أهل الحديث (94 - ظ) أنسا، فكانوا يدعونه أنس بن مالك.

نقلت من خط الحافظ المفيد أبي عبد الله محمد بن يوسف البرزالي: فيما كتبه عن الفقيه العالم أبي نزار ربيعة بن الحسن بن علي اليمني: سمعته يقول: كان بحلب رجل يقال له أبو سعد بن مالك، فسموه أهل الحديث أنس بن مالك، وكان أيضا بهمذان رجل يقال له أبو بكر بن الاسقع، فقيل له: ما اسمك؟ فقال: أبو بكر بن الاسقع، فسمي بواثلة بن الاسقع

(1)

، وهو كبير السن شيخ.

‌أبو سعد بن المفضّل بن عبد الرزاق بن أبي حصين:

حكى عن أبيه أبي الفتح المفضل، روى عنه بعض أدباء معرة النعمان.

قرأت في جزء بخط بعض الادباء من المعريين: حدثني القاضي الاجل هلال الدولة، أبو سعد بن أبي حصين بمعرة النعمان، قال: حدثني والدي أبو الفتح المفضّل بن عبد الرزاق بن أبي حصين رحمه الله قال: كنا في بعض أعياد الضحية قد صلبنا وأكلنا الطعام، فسقط علينا طائر على جناحيه كتاب وفي رجليه زردتان من ذهب فمسكناه وفضضنا الكتاب، فوجدنا فيه مكتوب: سرّح هداه الله بعد النحر من مكة عمرها الله، وقد علمنا أنه لا يصل الى مطاره في يومه، فمن وقع عنده

(1)

واثلة بن الاسقع من الصحابة الاجلاء.

ص: 4461

فليكرم مثواه، ويأخذ (95 - و) ما في رجليه حلالا ويطلقه، فكتب القاضي المقدم ذكره أبو غانم عبد الرزاق في ظاهر الكتاب هذه الابيات:

لله ما أحملك الرسائلا

ليس على قلب بلى على كلا

غدوت محمولا وعدت حاملا

أنملة تصدر عن أناملا

فوقّه مذكيا وقابلا

وبقّه لكل عام قابلا

وذكر أن الطائر كان من حلب من حمام ابن صعصعة.

هكذا وجدت هذه الابيات منسوبة في هذا الجزء الى أبي غانم عبد الرزاق، ووجدتها في موضع آخر منسوبة الى أبي يعلى بن عبد الرزاق.

وقرأت في ورقة وقعت إليّ بخط بعض الحلبيين، وأظنه شمس الدين محمد ابن خالد بن القيسراني وصورة المكتوب فيها: أخذت هذه الورقة من الأستاذ أبي المعالي ابن البدوي، وروى لي أن ما في باطنها صحيح عن من رواه له عن المشايخ عن المذكور في باطنها بالمعرة المعروفة بالنعمان في مدينة حلب حماها الله، وفي باطنها مكتوب ما نسخته.

بسم الله الرحمن الرحيم، حكى لي القاضي أبو حصين عبد الباقي بن المحسن ابن عبد الباقي بن أبي حصين بالمعرة في سلخ صفر سنة أحد وثمانين وخمسمائة عن والده وأعمامه، وهم القاضي أبو البيان محمد بن عبد الرزاق بن أبي حصين، وأبو الفتح المفضل بن عبد الرزاق، وأبو القاسم المحسن بن عبد الباقي (95 - و) أنه وقع في دار القاضي أبو حمزة بن أبي حصين بالمعرة قبل هجم الافرنج

(1)

لها طائر حمام، الظهر من يوم الجمعة، وكان يوم عيد النحر، سقط على جرن فيه ماء في تلك الدار فمسك، فوجد على جناحه كتاب يقول فيه: سرح هذا الطائر بعد صلاة الصبح من يوم العيد من مكة، وقصده حلب، فأخذه القاضي أبو يعلى بن عبد الباقي وأطعمه في يداه وسقاه، وكتب على ظهر الكتاب: وقع هذا الطائر بالمعرة، الظهر من

(1)

هو جمت المعرة وهدمت من قبل الحملة الصليبية الاولى بعد احتلال أنطاكية عام 1098 م.

ص: 4462

يوم العيد وسرحه فوصل الخبر الى المعرة انه وصل الى حلب وزف بها العصر من ذلك اليوم، وكان الطائر للوزير ابن صعصعة، فعمل القاضي أبو يعلى بن عبد الرزاق هذه الأبيات:

لله ما أحملك الرسائلا

لست على قلب بلى على كلا

غدوت محمولا وعدت حاملا

أنملة تصدر عن أناملا

فبقه مذكيا وذاكيا

وأبقه لكل عام قابلا

الصواب فوقّه، ووقع في هذه الورقة كما ذكرنا، ووقع إلي ديوان شعر القاضي أبي يعلى عبد الباقي بن أبي حصين عبد الله، وفيه هذه الابيات، وهي له في ديوانه، وهو الصحيح، وفيها زيادة على الأبيات المذكورة في هاتين الروايتين، ولا يبعد عندي أن القاضي أبا يعلى عبد الباقي وأخاه القاضي أبا غانم عبد الرزاق كانا مجتمعين، فاجتمعا على نظم الابيات، فنسبت الى كل (96 - و) واحد منهما، فأما نسبتها الى أبي يعلى بن عبد الرزاق فلا أعرفه.

وأبو يعلى هو أخو عبد الرزاق، وكلاهما ابنا أبي حصين، والذي وجدته في ديوان أبي يعلى عبد الباقي بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة وكان محققا:

لله ما أحملك الرسائلا

مضيت محمولا وعدت حاملا

أنملة تصدر عن أناملا

ان كنت في عي اللسان باقلا

فأنت سحبان بليغ وائلا

أقبلت لا تجنّب القبائلا

ولا القنا تخشى ولا القنابلا

فقصّ يا رب له الأجادلا

وقصّه الحيول والحبائلا

ووقه مذكيا

(1)

وقاتلا

وبقه لكل عام قابلا معنى قصّه أي أبعده وأخره.

‌أبو سعد بن الوليد بن عبيد البحتري:

روى عن والده أبي عبادة البحتري شعره، وكان فاضلا أديبا، وكان يسكن

(1)

الذكاة: الذبح.

ص: 4463

منبج، وقد ذكرنا في ترجمة أخيه أبي الغوث ملاحاة جرت بينه وبين أخيه أبي سعد، وأن أباهما قال لهما: ان الغصنين من هذه الشجرة.

‌أبو سعد بن أبي الحسين بن عبد الله:

الشرابيشي الحلبي، والد شيخنا أبي عبد الله محمد بن أبي سعد، حكى عن الحافظ المرادي، وقطب الدين الحسن بن عبد الله بن العجمي، حكى عنه ولده محمد بن أبي سعد.

سمعت الشيخ الصالح أبا عبد الله محمد بن أبي سعد قال: حدثني أبي (96 - ظ) قال: كان بحلب رجل يقال له ابن سميع يسكن بباب اليهود الذي يقال له الآن باب النصر، وكان ضامن سوق الدواب مكاسا. قال الشيخ محمد:

وكان بينه وبين والدي معرفة، فاتفق أن حضرته الوفاة فأوصى الى والدي أن يخرج عنه حجة وصدقة، وغير ذلك، وكان له أخوات لم يكن له وارث غيرهن، وكان لبيت المال معه تعلق، وأثبت والدي وصيته عند محي الدين بن الشهرزوري، وحضر بعد موته بمدة نواب الحشر ووالدي داره لاعتبار تركته.

قال والدي: فابتدر أحد الجماعة وقال: رأيته في النوم وهو على حال حسنة، وقال لي: غفر الله له بهذه القطيطة، فنظرت فاذا هرة مبتلة في الشمس، فسمع أخواته من أعلى الدار قول القائل عن المنام فقالوا: والله نعرف له حكاية مع هذه القطة التي تذكر، وذلك أنه كان له هرة يألفها، وتدور به ويحضنها ويطعمها على مائدته ويأنس بها، فاتفق انه خرج يوما الى سوق الدواب فمضت الهرة الى المستراح فسقطت فيه، فلما جاء من سوق الدواب وعليه التراب جلس ومد رجليه الى أسفل القاعة، وطلب ماء ليغسل رجليه وسأل عن طعام هيئ له، فصعدت اخته لتصب له الطعام، وبقيت أخته الاخرى عنده تغسل رجليه، فقالت له

(1)

ما (97 - و) تعلم يا أخي ما جرى على القطيطة؟ فقال لها: وما ذلك؟ قالت: سقطت في المستراح،

(1)

جاءت بقية هذه الحكاية في 98 - ظ، وكتب ابن العديم بالهامش مقابل آخرها: تتلوه الورقة المزيدة. وهكذا جاءت المعلومات المسجلة على ثلاث ورقات بحاجة الى اعادة تنظيم، فكان ذلك.

ص: 4464

فقال: لا آكل حتى أخرجها؟؟ منعهم من انزال الطعام، وقام وشمر ثيابه، وأخذ المجرفة، وجاء الى المستراح وفك البلاط، وحفر حتى وصل الى رأس الجب الذي يستخرج منه الغائط، فأراد رفع الطابق فامتنع عليه، فخرج الى خارج الدار واستعان بمن أعانه على قلعه، ثم حفر في الحائط، وعارض خشبة، وجعل فيها حبلا وأمسكه بيده وانخرط فيه حتى نزل، فوجد الهرة جالسة على التقن

(1)

، فأخذها وصعد، وغسلها وتركها في الشمس حتى يبست، فهذا حاله مع الهرة.

(1)

التقن ترنوق البئر، ورسابة الماء في الجدول أو المسيل. القاموس.

ص: 4465

‌ذكر من كنيته أبو سعيد

‌أبو سعيد التيمي:

شهد صفين مع علي عليه السلام وروى عنه، حدث عنه حبيب بن أبي ثابت.

أنبأنا أبو العلاء أحمد بن أبي اليسر عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن ديزيل قال:

حدثنا يحيى الجعفي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عبد العزيز بن سياه الاسدي عن حبيب بن أبي ثابت قال: حدثنا أبو سعيد التيمي قال: كنا مع علي بن أبي طالب في مسيره الى الشام حتى إذا كنا (98 - ظ) ببعض السواد عطش الناس واحتاجوا الى الماء، فانطلق بنا حتى أتى صخرة ضرساء من الارض كأنها ربضة

(1)

عنز، فأمرنا فاقتلعناها، فخرج لنا ماء كثير فشربنا وشرب الناس منه حتى ارتووا، ثم أمرنا علي فأكفأناها عليه.

ثم سار وسرنا حتى أتينا المنزل، فقال علي عليه السلام: أمنكم أحد يعرف مكان هذا الماء الذي شربتم منه؟ قالوا: نعم، قال: فانطلقوا اليه، فانطلق منا رجال ركبانا ومشاة، فاقتصينا الطريق حتى أتينا المكان الذي نرى فيه، فطلبناه فلم نقدر على شيء حتى اذا عيل علينا الجهد، انطلقنا الى دير قريب منا فسألناهم: أين هذا الماء الذي عندكم هاهنا؟ فقالوا: وما قربنا ماء، فقالوا: بلى نحن شربنا منه، فقالوا:

أنتم شربتم منه؟ قلنا: نعم، فقالوا: ما بني هذا الدير إلا لهذا الماء، وما استخرجه إلا نبي أو وصي نبي أو خليفة نبي

(2)

.

(1)

أي أرض خشنة، والصخرة تشبه جثة عنزة باركة على الارض.

(2)

انظر صفين لنصر بن مزاحم:161 - 162 مع فوارق.

ص: 4466

‌أبو سعيد المعيطي:

مولاهم، غزا القسطنطينية مع مسلمة بن عبد الملك، روى عنه الوليد بن مسلم وهو مولى محمد بن عمر المعيطي (99 - و).

‌أبو سعيد الحرشي:

القاضي، له ذكر ومروءة وكان من أهل بالس، وسكن حلب وأدركت بحلب شيخا من ذريته، أو من أقاربه، وكان شيخا حسنا، وقف ربعات كثيرة على المشاهد بحلب، وكان له اختلاط بوالدي رحمه الله.

وهذا أبو سعيد من أرباب الفضل، وجدت ذكره في تاريخ جمعه أبو المغيث منقذ بن مرشد بن علي بن منقد، وذيل به تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري، قال فيه: في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة مات القاضي أبو سعيد الحرشي بالرقة، رحمه الله، وكان من أفاضل المسلمين، قد جمع الدين والأمانة والصدق، والصيانة والرأفه والكرم.

وحدثني بعض الأصدقاء قال: رأيته بالرقة وقد نصب ثلاث خشبات، وقد أحضر قوما يدلونه في زنبيل الى ركية محفورة، قلت: يا سيدي لم تفعل هذا؟ قال: هاهنا قوم أسراء وقوم حبسوا من الفرنج والمسلمين، ومعهم مرض أنزل أداويهم، فلمته على ذلك، فقال: هم من خلقة الله عز وجل، وما عمل شيئا قط بأجرة، وكان يداوي الضعفاء ويعطيهم الحوائج ويمشي إليهم ويغرم عليهم من ماله (97 - ظ).

قال ابن منقد، وكان حسن الخلق طيب العشرة ضحوك السن. حدثني أخي مؤيد الدولة قال شكوت إليه بعض حالي وما أعانيه من شقاء السفر، فقال: أصبر على ما تكره وإلا بليت بما لا تطيق.

وحدثني عنه جماعة قالوا: أمرنا أتابك بحمله من حلب الى الموصل ليشاهد البركة المعروفة بالقلعة، فحمل من حلب على جمل في محارة، وجعلوا معه صبية أرمنية مأسورة، فكان يلطف بها ويطعمها، فقال يوما: يا صبية من أين أسروك؟ قالت: من بلد كذا وكذا، ثم قالت له: فبالله يا عمي من أين أسروك أنت؟ قال:

من الشرقية التي في جامع حلب.

ص: 4467

قرأت بخط أبي عبد الله القيسراني في ديوان شعره أبياتا رثى بها القاضي أبا سعيد الحرشي، وأخبرنا بها أبو اليمن الكندي وغيره، إجازه عنه:

تو خاك يسر الله جار ابن ياسر

أخا الصلحات والتقى والماثر

يريد بابن ياسر، عمار بن ياسر، لأنه مدفون بالرقة.

أبا سعيد انحلت على ذلك الثرى

سماء تحلى بالسعود الزواهر

وإمّا تجافى عن صدا تربك الحيا

فجادتك أنوار الجفون المواطن

متى هجرته لا ترى غير عاذل

وإن واصلته لا ترى غير عاذر

لقد صدرت عنك القلوب صوادبا

ن الوجد فاعجب للصوادي الصوادر

غداة ثنى منك السحولي

(1)

كسره

على ذي خلال طيبات المكاسر

ومدّ الأسى باعا إلى كل مهجه

وألقى البكا سترا على كل ناظر

بنفسي غريب الجار والدار طوحت

بآماله إحدى الليالي الجوائر

أقام على شط الفرات وجهزت

إليه الدموع بين سار وسائر

قريبا إلى داعي الخطوب يجيبها

بعيدا على ذي خلة ومعاشر

فإن تمس في مثواك لا في عشرة

فقد كنت من تمهيده في عشائر

من البر في الأبرار والدين والتق

وهجر الدنايا واجتناب الكبائر

كذاك الغريب والبذل إن يمت

يمتّ بقربى في العلى وأواصر

فيا هل بكى ماء الفرات نزيله

أم الرقة البيضاء رقت لزائر

وإن جرّت القربى من الله رحمة

إلى جارها فلهن أهل المقابر

(98 - و)

‌أبو سعيد المصيصي:

حكى عن عمر بن عبد العزيز حكاية منقطعة، روى عنه بشر بن مصلح.

نقلت من خط روح بن محمد بن أحمد بن محمد بن السني: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن موسى البلخشتي قال: حدثنا عبد الله ابن مسلم قال: حدثني الأوزاعي عن بشر بن مصلح عن أبي سعيد المصيصي أن قوما

(1)

يريد هنا لفه بالكفن، فالسحل: ثوب لا يبرم غزله وهو ثوب أبيض. القاموس.

ص: 4468

دخلوا على عمر بن عبد العزيز يعودونه في مرض فإذا فيهم شاب ذابل ناحل، فقال له عمر: يا فتى ما الذي بلغ بك ما أرى؟ قال: يا أمير المؤمنين دقت حلاوة الدنيا فوجدتها مرة، فصغر في عيني زهرها وحلاوتها، واستوى عندي حجرها وذهبها، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا وإلى الناس يساقون إلى الجنة، وأنا اساق الى النار فأظمأت لذلك نهاري وأسهرت له ليلي، فقليل حقير كل ما أنا فيه، في جنب عذاب الله وعقابه.

‌أبو سعيد الأسود:

رفيق إبراهيم بن أدهم، كان معه بالمصيصة، وحكى عنه، روى عنه محمد ابن الحسين.

أنبأنا أبو منصور بن محمد بن الحسن عن عمه الحافظ أبي القاسم قال:

أنبأنا الشريف النسيب قال: حدثني ابو محمد بن الكتاني قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن هرون (100 - و) البردعي قال: حدثنا عبيد الله بن الحسين القاضي قال: حدثنا أبو حفص النسائي قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أبو سعيد الأسود رفيق إبراهيم بن أدهم قال: خرجنا من المصيصة نريد بيت المقدس، فنزلنا إلى سفح جبل فتفرق أصحابنا، فبعضهم قائم يصلي، وبعضهم مضطجع نائم، وأنا جالس مع إبراهيم، فأحب الله أن يرينا كرامة إبراهيم فقال بعض أصحابا:

يا أبا اسحاق ألا ترى إلى هذا الجبل وما فيه من كثرة الشجر والحطب لو كان معنا لحم لا نتفعنا ببعض حطب هذا الجبل، فقال إبراهيم: وتشتهون لحما؟ قالوا: نعم، فقال: اللهم أطعمهم وإيانا لحما فسمعنا وجبة في الجبل، فقلنا إنه سبع، فإذا بتيس عظيم قد تشبّك في الشجر، فقصدنا إليه حتى أخذناه وذبحناه وسلخناه، وأججنا نارا وكببنا، وأكلنا وتزودنا وارتحلنا

(1)

.

‌أبو سعيد الاذني:

روى عنه أبو الحسين بن جميع في معجمه.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن

(1)

سقطت ترجمة أبي سعيد الاسود من مخطوطة تاريخ ابن عساكر التي اعتمدتها.

ص: 4469

علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن أحمد بن جميع قال: حدثنا أبو سعيد الأذني قال: مكتوب على حاشية التوراة اثنين وعشرين حرفا يجتمع إليها علماء بني اسرائيل يقرءونها كل يوم أولها: لا كنز أنفع من الحلم، ولا مال أربح (100 - ظ) من الحلم، ولا حسب أرفع من الأدب، ولا سبب أوضع من الغضب، ولا قدر أزين من العقل، ولا قرين أشين من الجهل، ولا شرف أكبر من التقوى، ولا كرم أجود من ترك الشهوات، ولا عقل أفضل من التفكر، ولا حسنة أعلى من الصبر، ولا سيئة أسوأ من الفقر، ولا دواء ألين من الرفق، ولا داء أوجع من الحزن، ولا دليل أوضح من الصدق ولا غنى أسمى من الحق، ولا فقر أذل من الطمع، ولا عبادة أحسن من الخشوع، ولا زهد خير من القنوع، ولا حياة أطيب من الصحة، ولا حارس أحرس من الصمت ولا معيشة أهنأ من العافية، ولا غائب أقرب من الموت.

‌أبو سعيد الحلبي:

شاعر ذكره أبو القاسم علي بن منجب بن سليمان الكاتب المعروف بابن الصيرفي في أشعار من سكن الأندلس، وأورد بيتين من شعره مستشهدا بهما لا أنه من ساكني الأندلس وهما:

أذلّ بجمعه فكفاك جدّ

يفلّ سعوده الجيش اللهاما

ضربناه بذكرك وهو لفظ

فكان القلب واليد والحساما

‌أبو سعيد الشجي:

المعري، شاعر من شعراء معرة النعمان.

قرأت له أبياتا بخط أبي القاسم المحسّن بن عبد الله بن عمرو التنوخي المعري في كتابه الذي وسمه «بالنائب عن الأخوان» وهي: (101 - و)

ولما رأيتك خوّانة

ترين القبيح فعالا جميلا

تريدين هذا وذا ثم ذا

ولا ترحمين فؤادا عليلا

تبدّلت في حبكم غيركم

فدب السلو قليلا قليلا

ص: 4470

‌أبو سعيد العطاردي:

رجل فاضل شاعر، قال أبياتا من الشعر على لسان أبي الحسن علي بن عبيد الله بن أحمد العجمي البزّاز، وقد ذكرنا الأبيات في ترجمة أبي الحسن العجمي، وكان ذلك بحلب في زمن أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، يذكر في أبياته ابن خالويه.

‌أبو السفر:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وروى شيئا من خبرها، روى عنه أبو اسحاق.

أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله البغدادي عن أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر قال: حدثني عمر بن سعد عن أبي اسحاق أو يونس بن أبي اسحاق عن أبي اسحاق عن أبي السفر قال: لما التقى الناس يومئذ-يعني بصفين-وجدناهم خمس صفوف قد قيدوا أنفسهم بالعمائم فقتلنا صفا ثم قتلنا صفا حتى قتلنا ثلاث صفوف وخلصنا إلى الصف الرابع، وما على الأرض شامي ولا عراقي يولي دبره، وأبو الأعور السلمي يقول:

إذا ما فررنا كان أسوأ فرارنا

صدود خدود وازورار المناكب

ثم إن بجيلة والأزد كشفوا همدان حتى ألجؤوهم إلى تل فصعدوا عليهم حتى أحدروهم، فقتل منهم خلق كثير، ثم إن همدان عبأت (101 - ظ) لعك فقيل:

همدان همدان وعك عك

سيعلم اليوم من الأرك

فقالت همدان: خدموا-أي اضربوا سوقهم-فقالت: عك برك كبرك الجمل، فبركوا كما يبرك الجمل، ورموا بحجر بينهم، فقالوا: لا نفر حتى يفر هذا الحجر

(1)

.

(1)

صفين:372 - 373.

ص: 4471

‌ذكر من كنيته أبو سفيان

‌أبو سفيان بن حويطب بن عبد العزى:

له ذكر، وشهد مع علي رضوان الله عليه صفين.

‌أبو سفيان القيني:

وقيل القتبي، كان من حرس عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وكان معه بخناصرة.

أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي الحسن الفرضي قال: أخبرنا أبو الفتح الزاهد، وعبد الله بن عبد الرزاق قالا: أخبرنا أبو الحسن بن عوف قال:

أخبرنا أبو علي بن منير قال: أخبرنا ابن خريم قال: حدثنا هشام قال: حدثنا عثمان ابن علاّق قال: حدثنا أبو سفيان القيني قال: كنت في حرس عمر بن عبد العزيز فكان على كل رجل منا يوكل به إذا أبنأ آذنه، فأبطأ في يوم جمعة فقال لي المؤذن:

آذنه، فدخلت فوجدته يعتم على مرآة، فقلت: إن المؤذن قد استطال، قال: نعم حبستني هذه العمامة أصلح خروقا فيها (102 - و) وأواريها.

قال: وكان عمر رجلا مقرورا فقال لغلامه في الشتاء: أسخن لي الماء أتوضأ به، فأقام بذلك مدة، ثم قال له عمر: إني لا أدعوك بالماء إلاّ وجدته عندك عتيدا سخنا فأنّى ذلك؟ قال: يطبخ للعامة من الحرس وغيرهم فيفضل الجمر فأجعله عليه، ثم أطمره لك، قال: فكم لذلك، احتط وزد، قال: شهرين، قال فأمر بنفقة فجعلت في بيت المال لموضع ما انتفع به من ذلك الجمر.

‌أبو سلمة الإمام الحلبي:

واسمه عمر بن عبد الرحمن، حدث بحلب عن أبي محمد عبد الله بن ناجية، روى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد بن سهل المنبجي الشاهد.

ص: 4472

دفع إليّ رفيقنا الحافظ أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن الأزهر بخطه ما ذكر أنه نقله من «كتاب المعجم بأسماء التابعين» قال علي بن الخضر بن سليمان بن سعيد السلمي: أخبرنا الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد بن سهل المنبجي الشاهد بجامع دمشق قال: حدثنا أبو سلمة الامام بحلب قال: حدثنا أبو محمد بن ناجية قال: حدثنا ابراهيم بن يوسف قال: حدثنا أبي عن عبيد الله الصيرفي عن يحيى بن عروة المرادي قال: سمعت عليا يقول: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرى أني أحق الناس بهذا الأمر، فاجتمع الناس على أبي بكر فسمعت وأطعت، ثم حضر أبو بكر (102 - ظ) فكنت أرى أنه لا يعدلها عني، فولاها عمر بن الخطاب فسمعت وأطعت، ثم ان عمر أصيب فظننت أنه لا يعد لها عني فجعلها في ستة أنا أحدهم، فولوها عثمان، فسمعت وأطعت، ثم ان عثمان بن عفان قتل فجاؤوا فبايعوني طائعين غير مكرهين، ثم خلعوا بيعتي، فما وجدت الا السيف أو الكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.

قال علي بن الخضر: حدثنا الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد بن سهل المنبجي الشاهد قال: حدثنا أبو سلمة الامام بحلب قال: حدثنا أبو محمد بن ناجية قال: حدثنا أحمد بن يحيى الجلاب قال: حدثنا محمد بن الحسين عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن رجاء بن حيوة عن أبي الدرداء قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: انما الحلم بالتحلم وانما العلم بالتعلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتقي الشّريوقه

(1)

.

‌أبو سليط الشامي:

غزا الروم، وروى عن عبد الله بن محيريز، روى عنه الحكم بن حجل.

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بالبيت المقدس قال: أخبرنا

(1)

انظره في كنز العمال:16/ 43894،29317،10/ 29266.

ص: 4473

الحافظ أبو القاسم عمي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني قال: وأخبرنا جدي قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا أحمد ابن عصام قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن أبي سعيد الحكم بن حجل عن أبي سليط -رجل من أهل الشام-قال: غزونا الروم فلما رجعنا قال عبد الله بن محيريز لرجاء بن حيوة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رفع حاجة ضعيف الى ذي سلطان لا يستطيع رفعها إليه ثبت الله عز وجل قدميه يوم القيامة

(1)

.

‌ذكر من كنيته أبو سليمان

‌أبو سليمان المرعشي:

حكى عن علي رضي الله عنه، روى عنه الجعد بن عثمان، ومرعش من أعمال حلب.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي-فيما أذن لنا فيه-قال:

أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال:

أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا عبد الصمد بن علي الطشتي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال: حدثنا شهاب بن عباد قال: حدثنا جعفر بن سليمان (103 - و) عن الجعد بن عثمان عن أبي سليمان المرعشي قال: لما سار علي إلى أهل النهر، سرت معه، فلما نزلنا بحضرتهم أخذني غم لقتالهم لا يعلمه إلاّ الله تعالى، قال: حتى سقطت الماء مما أخذني من الغم، قال: فخرجت من الماء وقد شرح الله صدري لقتالهم، قال: فقال علي لأصحابه: لا تبدؤوهم.

قال فبدأ الخوارج فرموا، فقيل: يا أمير المؤمنين قد رموا، قال: فأذن لهم بالقتال، قال فحملت الخوارج على الناس حملة حتى بلغوا منهم شدة، ثم حملوا عليهم الثانية فبلغوا من الناس أشد من الأولى، ثم حملوا الثالثة حتى ظن الناس أنها الهزيمة، قال: فقال علي: والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة لا يقتلون منكم عشرة، ولا يبقى منهم عشرة.

(1)

لم أجده بهذا اللفظ.

ص: 4474

قال: فلما سمع الناس ذلك حملوا عليهم، فقتلوا، قال: فقال علي: ان فيهم رجلا مخدج اليد أو مثدون أو مودن اليد

(1)

، قال: فأتي به قال: فقال علي من رأى منكم هذا؟ فأسكت القوم، ثم قال علي: من رأى منكم؟ فأسكت القوم، ثم قال عليّ: من رأى منكم هذا؟ فقال رجل: يا أمير المؤمنين رأيته جاء كذا وكذا قال: كذبت ما رأيته، ولكن هذا أمير خارجة خرجت من الجن.

قال أبو بكر الخطيب أبو سليمان المرعشي، سمع علي بن أبي طالب وحضر معه قتال الخوارج بالنهروان، روى عنه الجعد بن عثمان اليشكري

(2)

. (103 - ظ).

‌أبو سليمان الانطاكي:

روى عن هشام أبي المقدام، حدث عنه أبو سلمة.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان-قراءة عليه بحلب- قال: أخبرنا الشريف النقيب أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي القاضي ببغداد قال: أخبرنا الشيخ الثقة العدل أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن المكي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن ابراهيم بن أحمد الفقعسي قال:

حدثنا أبو جعفر محمد بن ابراهيم بن عبد الله بن الفضل الديبلي المكي قال: حدثنا أحمد بن الحسين الموصلي قال: حدثني أبو سلمة قال: حدثنا أبو سليمان الأنطاكي عن هشام أبي المقداد عن محمد بن كعب القرظي بمثلة ونحوه.

يعنى ما حكاه محمد بن كعب القرظي من دخوله على عمر بن عبد العزيز بخناصرة، ونظره إليه، وقد تغيرت حاله وسؤاله إيّاه عن ذلك، وما اجابه به عمر، وقد تقدم ذلك في ترجمة محمد بن كعب، وترجمة عمر بن عبد العزيز.

‌أبو سليمان الداراني:

واسمه عبد الرحمن بن أحمد بن عطية كان قد مر بجبل اللكام وقد قدمنا ذكره ومروره باللكام.

(1)

رجل مخدج اليد: ناقصها. والمثدون الذي يشبه النساء، والمودن: القصير العنق والالواح واليدين، الناقص الخلق، الضيق المنكبين. القاموس.

(2)

تاريخ بغداد:4/ 364 - 365.

ص: 4475

‌أبو سليمان البرساني:

الزاهد من الشيوخ المعروفين بالزهادة، كان بالتينات عند أبي الخير التيناتي، وحكى عنه أبو القاسم بكير بن محمد، ويغلب على ظني أنه التل سابي الآتي ذكره، وقد تصحف. (104 - و).

‌أبو سليمان التل سابي:

منسوب الى قرية من قرى حلب على مقربة منها، يقال لها تل ساب، كان زاهدا عابدا من شيوخ الثغر وعبادهم وسياحهم، كان عند أبي الخير التيناتي مع جماعة من شيوخ الثغر.

روى عنه أبو القاسم بكير بن محمد اجتماعه يأبى الخير التيناتي، وقد قدمنا ذكر الحكاية في ترجمة أبي الخير.

‌أبو سليمان المغربي:

الزاهد، نزل طرسوس والمصيصة، وكان مشهورا بالكرامات، معروفا بالعبادة، روى عنه أبو عبد الله بن الجلاّء، وأحمد بن عبد السلام، وأحمد بن محمد، وأبو علي البردعي.

أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله-في كتابه الينا من حران- قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثني محمد بن داود قال: سمعت أبا عبد الله بن الجلاء يقول: سمعت أبا سليمان المغربي يقول: كنت أحمل الحطب من الجبل، وأتقوت منه، وكان طريقي فيه التوقي والتحري، قال فرأيت جماعة من البصريين في اليوم منهم: الحسن ومالك بن دينار، وفرقد السبخي، فسألتهم عن علم حالي، فقلت: أنتم أئمة المسلمين دلونى على (104 - ط) الحلال الذي ليس لله عز وجل فيه تبعه، ولا للخلق فيه منّة، فأخذوا بيدي فأخرجوني من طرسوس الى مراج فيه خبازي

(1)

، فقالوا لي: هذا الحلال الذي

(1)

بقلة عريضة الورق لها ثمرة مستديرة. معجم أسماء النباتات.

ص: 4476

ليس لله عز وجل فيه تبعة، ولا لمخلوق فيه منّه.

قال: فمكثت آكل منه نصف سنة ثلاثة أشهر في دار السبيل، وثلاثة أشهر في غيره، آكله نيّا ومطبوخا، فصار لي حديث، فقلت: هذه فتنة، فخرجت من دار السبيل فكنت آكله ثلاثة أشهر أخر، وأو جدني الله عز وجل قلبا طيبا، حتى قلت: إن كان أهل الجنة بهذا القلب الذي لي فهم والله في شيء طيب، وما كنت آنس بكلام الناس.

فخرجت يوما من باب قلمية الي صهريج يعرف بالدنف، فجلست عنده فاذا أنا بفتى قد أقبل من ناحية لامش يريد طرسوس، وقد بقي معي قطيعات من ثمن الحطب الذي كنت أجيء به من الجبل، فقلت أنا قد قنعت بهذا الخبازي أعطي هذه القطع هذا الفقير إذا دخل طرسوس اشترى بها شيئا وأكله، فلما دنا مني أدخلت يدي الى جيبي حتى أخرج الخرقة، فاذا أنا بالفقير قد حرك شفتيه، واذا كل ما حولي من الأرض ذهب يتقد حتى كاد يخطف بصري، ولبسني منه هيبة فجاز ولم أسلم عليه من هيبته.

قال أبو بكر-يعني-محمد بن داود الدقي: وزادني أبو الفرج بن أبان في هذه (105 - و) الحكاية قال: فقلت له فرأيته بعد ذلك؟ فقال: نعم خرجت يوما خارج طرسوس فاذا أنا بالفتى جالس تحت برج من الأبرجة، وبين يديه ركوة فيها ماء، فسلمت عليه ثم استدعيت منه موعظة، فمد رجله فقلب الماء، ثم قال لي: كثرة الكلام تنشف الحسنات كما نشفت الأرض هذا الماء، قم يكفيك.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الحموي-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الاصبهاني قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن السلمي عن أبي علي الحسن ابن علي الأهوازي قال: حدثنا أبو محمد عيدان بن عمر بن الحسن المنبجي قال:

حدثنا أبو بكر محمد بن داود الدقي فذكر الحكاية.

كتب إلينا الحافظ عبد القادر قال: أخبرنا أبو الفضل الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا علي بن عبد الله

ص: 4477

ابن جهضم قال: حدثنا أحمد بن عبد السلام قال: حدثني أبو سليمان المغربي قال:

كنت مارا في البادية، فبقيت أياما لم أجد شيئا آكله، وقربت من بعض المنازل، فوقع في سري لو كان معي درهم لاشتريت به في المنزل شيئا، فنظرت فإذا حوالي دراهم ودنانير، فمددت يدي فأخذت منها درهما، فخوطبت في سري: لو لم يكن معك هذا (105 - ظ) ما كنا نطعمك شيئا؟ فرميت به وقلت: ذنب أتيته لا أعود إليه.

وقال: حدثنا محمد بن داود الدقي قال: حدثني أبو علي البردعي قال: قال أبو سليمان المغربي: ركبت حمارة لي أمرّ من المصيصة الى عين زربة، وفي الطريق ذباب أزرق، فكانت الحمارة تحيد عن الطريق تطلب الدغل حتى لا يصيب بطنها الذباب، وكنت أضرب رأسها وأردها الى الطريق، فعلت هذا بها ثلاث مرات، فقالت لي الحمارة في الثالثة: أوجع في رأس نفسك توجع.

وقال ابن جهضم: حدثني أحمد بن محمد قال: سمعت أبا سليمان المغربي يقول، وقد سئل عن قوله في كلام الحمارة له، فقال: كان عندي حمار فحملته ذات يوم حملا ثقيلا وضربته مرة أو مرتين، ففي الثالثة حرك رأسه إلي فقال: كم تضربني وأنت أحق بالضرب مني، قد حملتني ما أنسيت ذكر الله عز وجل به.

(106 - و)

ص: 4478

‌أبو سماك الاسدي

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

شهد صفين مع علي رضي الله عنه.

أنبأنا أبو العلاء أحمد بن سليمان المعري عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال:

أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر-يعني-بن مزاحم قال:

حدثنا عمر بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الافريقي يرفعه الى عمار، أن عمارا يومئذ كان عليه درع بيضاء، وهو يقول: أيها الناس الرواح الى الجنة، فخرج الناس الى القتال وزحف بعضهم الى بعض، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكثرت القتلى حتى أن الرجل ليشد طنب فسطاطه بيد رجل أو برجله.

قال: وزاد عمر بن سعد في حديثه: وجعل رجل من بني أسد يكنى أبا سماك يأخذ أداوة من ماء وشفرة، ويطوف في القتلى فإذا رأى رجلا جريحا ويرى

(1)

من أقعده، فيقول: من أمير المؤمنين؟ فإن: قال عليّا غسل عنه الدم وأقعده وسقاه، وإن سكت وجأه فكان يسمى المخضخض

(2)

.

‌أبو السمراء الغساني

واسمه العلاء بن عاصم، قدمنا ذكره. (107 - و)

(1)

في صفين: وبه رمق. وهو أقوم.

(2)

صفين:385.

ص: 4479

‌ذكر من كنيته أبو سهل

‌أبو سهل المصيصي

روى عن أيوب بن سويد، روى عنه أحمد بن علي الخزار.

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة-إذنا-قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن زكريا الطريثيثي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد اسماعيل بن علي بن اسماعيل بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن علي الخزاز قال: حدثنا أبو سهل المصيصي، قدم علينا هاهنا، قال: حدثنا أيوب بن سويد قال: حدثنا يونس عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، نهى أن يبال على قارعة الطريق

(1)

.

‌أبو سهل بن سليمان المعري

القاضي، شاعر من أهل المعرة، من بني سليمان، واسمه عبد الرحمن بن مسدرك.

قرأت بخط الوزير نظام الدين محمد بن الحسين الطغرائي، في مجموع له:

للقاضي أبي سهل بن سليمان المعري:

إن كان هجرك عن خوف الرقيب فصل

بالذكر منك فكم ساع بلا قدم

وابعث الى الطرف طيفا إن بعثت كرى

فإنه مذ حجبتم عنه لم ينم

وما رأى حسنا من بعد فرقتكم

كأنه مذ رأى يوم الفراق عمي

(107 - ظ)

ولو ملكت اختياري في زيارتكم

مشيت شوقا إليكم مشية القلم

(1)

انظر كنز العمال:26480،26460،9/ 26414.

ص: 4480

‌حرف الشين في الكنى

‌أبو شجاع الحميري:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه.

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود بن محمد الصابوني عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال:

حدثنا ابراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال: سمعت الشعبي يذكر عن صعصعة بن صوحان، وذكر شيئا من حديث صفين، قال: فنادى أبو شجاع الحميري يومئذ، وكان من ذوي البصائر، مع علي بن أبي طالب، فقال: يا معشر حمير من أهل الشام أترون أن معاوية خير من علي، أضل الله سعيكم، ثم أنت ياذا الكلاع فو الله إن كنا نرى أن لك نية في الدين والخير! فقال له ذو الكلاع: هيهات أبا شجاع والله إني أعلم ما معاوية بأفضل من علي، لكنني أقاتل على دم عثمان، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى قتلوا ذا الكلاع الحميري.

‌أبو شملة بن المرة:

الحلبي، حكى عنه أبو عبد الله محمد بن يوسف (108 - و) بن المنيرة الكفر طابي حكاية، ذكرته لأجلها، وهؤلاء بنو المرة كان لهم اتصال بابن الأيسر بحلب، ونسبوا الى ابن الايسر، والمنسوبون الى بني الايسر في زماننا هم بنو المرة، وينتسبون الى بني الايسر بالام، ولا يعرفون الا ببني الايسر، لان بني الايسر أعلى نسبا، وكانوا أكثر وجاهة وانتقلوا الى مصر، وبقي بنو المرة بحلب.

نقلت من خط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن مقلد بن منقذ قال:

ص: 4481

وحدثني الأستاذ أبو عبد الله بن يوسف بن المنيرة، وهو أستاذي، قال: حدثني أبو شملة بن المرة الحلبي، وكان قد سكن كفر طاب، قال أصبحت يوما في ثلج وبرد يزيد عن الحد، فقلت لهم في داري: اعملوا لنا كبولا، وهي العصيدة، وأسرعوا بها من أجل الصبيان، فعملوها، وبالغوا في جودتها، فهم يريدون غرفها وانسان يدق الباب، قلت: من؟ قال: رسول الأمير أبي سالم ناجية يستدعيك الى المعرة بأمر وصله فيك من محمود

(1)

لتدخل إليه.

قال: قلت: أدخل فنحن في غداء تتغدى ونسير، قال: لا والله ما أقدر أتركك ولا آكل أنا، ودخل فما برح الى أن لبست عدتي وخرجت والماء علي يكاد ينفذ اللبّاد، فمضينا وعجوز لنا تقول: أسأل الله الراحة المعجّلة، فقد والله سئمنا، فمضينا (108 - ظ) الى باب المدينة، وإذا فارس آخر يخبرنا بموت محمود، ويأمره بردي، فرجعت الى داري فوجدت فيها كالجنازة فدققت الباب ففتحوا، ودخلت فأجد الطعام على جهته ما انتقص حرّه، فأكلت أنا والرسول الثاني، وعجبت من حرمان الأول وحرماني، ورزق الثاني ورزقي وإجابة دعوة عجوزنا.

‌أبو شمر بن أبرهة:

ابن الصباح بن لهيعة بن شيبة بن مزيد بن ينكف بن ينوف بن شرحبيل -شيبة الحمد-بن معدي كرب، ويقال ابن شرحبيل بن لهيعة بن عبد الله وهو مصبّح بن عمرو بن ذي أصبح، واسمه الحارث بن مالك بن زيد بن غوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن حمير بن قطن بن عوف بن زهير بن أيمن بن حمير بن سبأ الأصبحي، أخو كريب بن أبرهة. قيل إن له صحبة، وأنه

(1)

من المرجح أنه أراد محمود بن نصر بن صالح بن مرداس أمير حلب، انظر حوله كتابي أمارة حلب:133 - 146.

ص: 4482

وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مصري، وقيل إنه قتل مع معاوية بصفين. (109 - و)

‌أبو الشياب

رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه محلم بن سوار، نزل حماة، وقيل فيه: الشياب أبو السكينة محلم، والشياب لقب له روى عنه بلال ابن سعد، وقد ذكرناه.

ص: 4483

‌ذكر من كنيته أبو شيبة

‌أبو شيبة الخدري:

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث واحد، روى عنه والد مشرّس، وغزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية، واجتاز بحلب، وتوفي بالقسطنطينية، وهو غاز. (109 - ظ)

أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام الفقيه-إذنا-قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد-في كتابه-قال: أخبرنا أبو جعفر بن أبي علي قال:

أخبرنا أبو بكر الصفار قال: أخبرنا أحمد بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد الحاكم قال: فيمن لا يقف عن اسمه أبو شيبة الخدري سمع النبي صلى الله عليه وسلم، مات بأرض الروم (110 - و).

‌أبو شيبة:

كان حاضنا لعمر بن عبد العزيز، وكان معه بدير سمعان من أرض قنسرين، وحكى عن عمر، روى عنه ابن أخته أبو الأصبغ الأشعري.

أنبأنا ..... قال: أ .....

(1)

أبو الفتح ناصر بن عبد الرحمن بن محمد النجار قال: حدثنا نصر بن ابراهيم بن نصر الزاهد قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الوليد الأنصاري الأندلسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد-فيما كتب إلي-قال: أخبرني جدي عبد الله بن محمد بن بن علي اللخمي البراحي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يونس قال: أخبرنا بقي بن مخلد قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم الدورقي قال: حدثني أسود بن سالم قال: حدثنا سعد بن عمارة عن أبي الاصبغ الاشعري عن خاله أبي شيبة-وكان حاضنا لعمر بن عبد

(1)

فراغ بالاصل.

ص: 4484

العزيز-قال: إني معه جالس بدير سمعان في مجلس يرى منه الطريق، فتبين لي الغضب في وجهه، فأمسكت عن حديثه حتى صعد إلينا كاتبه الليث بن أبي رقبة فقال: يا ليث يحضر معك رجل من المسلمين وأنت ترفع دابتك لا تقف عليه تسأله عن حاجته؟ قال: ما فعلته في عسكرك إلا مرة، وما عجلت إلا إليك مخافة أن تسألني عن شيء من أمر المسلمين، قال: لئن عدت لم تصحبني.

‌أبو شيبة القاص:

غزا بلاد الروم، واجتاز في غزاته بحلب، أو ببعض عملها، وكان مع مكحول وعبد الله بن زيد، روى عنه علي (110 - ظ) بن أبي حملة، وقد ذكرنا عنه حكاية في ترجمة مكحول.

‌أبو شيخ بن عمرو الجهني:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وأخذ راية نهد بعد عبد الله بن عمر بن كبشة، وأظنه قتل يومئذ، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة صخر بن سمي.

ص: 4485

‌حرف الصاد في الكنى

‌ذكر من كنيته أبو صالح

‌أبو صالح الأنطاكي:

حكى عن أبي اسحاق الفزاري روى عنه أحمد بن يحيى البلاذري فإني قرأت في كتاب البلدان للبلاذري: حدثني أبو صالح الانطاكي قال: كان أبو اسحاق الفزاري يكره شراء أرض بالثغر، ويقول: غلب عليه قوم في بدء الامر وأجلوا الروم عنه، فلم يقتسموه، وصار الى غيرهم، وقد دخلت في هذا الأمر شبهة، العاقل حقيق بتركها

(1)

.

‌أبو صالح المتعبد الدمشقي:

واسمه مفلح بن عبد الله، صحب أبا بكر بن سيد حمدويه وتخرج به، وحكى عنه.

روى عنه أبو بكر الدقي، وأبو الحسن علي القجّة، قيم مسجد أبي صالح الدمشقي خارج الباب الشرقي، والمؤيد بن ابراهيم بن اسحاق بن البري، وكان يدخل الى جبل اللكام، يطلب الزهاد به، وقد ذكرناه في حرف الميم فيما تقدم.

(111 - و)

‌أبو صالح بن نانا:

الملقب بالسديد، كاتب الأمير أبي المعالي شريف بن سيف الدولة بحلب، وكان يتولى أمر مملكته بعد موت أبيه ويحل منه محل الوزارة، ووجدت قراءته بخطه على أبي عبد الله الحسين بن خالويه في كتاب الجمهرة لأبي بكر بن دريد،

(1)

فتوح البلدان:176.

ص: 4486

ثم إنه انفصل عن أبي المعالي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة في شهر رمضان بأولاده وأسبابه وتوجه الى بغداد، واسمه يونس بن عبد الله بن نانا، وقد ذكرناه.

‌أبو صالح بن المهذب المعري:

وهذا غير أبي صالح محمد بن علي بن المهذب الذي كان في عصر أبي العلاء ابن سليمان، فإن هذا متأخر العصر بعد الخمسمائة.

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي الفنكي بدمشق، قال:

أنشدنا مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ لنفسه، وذكرنا أنه قالها على لسان الشيخ أبي صالح بن المهذب رحمه الله، وكانت فيه حدة مع فضل وعلم وتقى، وكان نزل بشيزر فريق من العرب معهم جارية اسمها شوق مستحسنة، وكتب الابيات ورمى بها نسخا بشيزر، فوقع منها بيد الشيخ أبي صالح رحمه الله، فقامت قيامته، ولم يدر أحد من عمل الابيات، فقال له الشيخ العالم أبو عبد الله بن يوسف المعروف بابن المنيّرة، رحمه الله، وهو مؤدبه: هذه (111 - ظ) الابيات التي قد رميت ما يحسن يقولها إلا أنا أو القاضي أبو مرشد بن سليمان، أو أنت، وأنا وأبو مرشد ما قلناها، وما قالها غيرك وهي:

قولا لريم في حلة العرب إليك

أشكو ما يصنع اسمك بي

بما استجازت عيناك سفك دمي

وأخذ قلبي في جملة السلب

لولاك والدهر كله عجب

ما خفرت فيّ ذمة العرب

جارك أولى برعي ذمته

ان أنت راعيت حرمة الصّقب

(1)

هذا هوى كنت في بلهنية

عنه فيا للرجال للعجب

أيسترق الكريم ذا النسب ال

واضح عند مستعجم النسب

ويحمل الثار من به خور

عن احتمال الحجال والقلب

(1)

الجوار. القاموس.

ص: 4487

نشدتك الله في احتمال دمي

فمعشري ما يفوتهم طلبي

ما فات قومي آل المهذب من

قبلي ثأر في سالف الحقب

فلا تريقي دما لذي أدب

يسطو بأقلامه على القضب

‌أبو صرمة:

غزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية، وروى عن أبي أيوب الانصاري حسين حضرته الوفاة (112 - و).

ص: 4488

‌ذكر من كنيته أبو الصقر

‌أبو الصقر القبيصي:

واسمه عبد العزيز وقد سبق ذكره.

‌أبو الصقر الزهري:

كان متصلا بسيف الدولة أبي الحسن بن حمدان بحلب، وروى عنه أبو الحسن الشمشاطي في كتاب الديارات في ذكر دير قنسري، قال: هو على شاطئ الفرات من الجانب الشرقي، من ديار مضر، مقابل جرباس وجرباس شامه

(1)

، وبين هذا الدير وبين منبج اثنا عشر ميلا.

قال: وحدثني أبو الصقر الزهري قال: دخلته ونقلت منه خشب صنوبر الى حلب الى الجوسق

(2)

الذي بناه سيف الدولة، وكان وجهني لحمل ذلك قال وقرأت في صدر الدير مكتوبا بخط حسن:

أيا دير قنسرى كفى بك نزهة

لمن كان في الدنيا يلذ ويطرب

هواء كدمع الصب إذ بان إلفه

وماء كريق الحب بل هو أعذب

فلا زلت معمورا ولا زلت آهلا

ولا زلت مخضرا تزار وتعجب

قال: فعرفني جماعة من أهل منبج أنه من أهل منبج وأدبائهم، وكان كثيرا ما يمضي الى هذا الدير ويقصف فيه.

(1)

أي من جهة بلاد الشام.

(2)

بنى سيف الدولة قصرا عظيما خاصا به خارج حلب، وساق اليه مياه قويق وقد هدمه نقفور فوقاس عندما احتل حلب.

ص: 4489

‌ذكر من كنيته أبو طالب

(113 - و)

‌أبو طالب الجعفري:

كان صاحب أخبار، وله شعر وكان في صحبة المتوكل بحلب حين غزا سنة ثلاث وأربعين، وتوجه الى دمشق، حكى عنه أبو نصر الأوسي، وأبو الفضل أحمد ابن أبي طاهر صاحب تاريخ بغداد

(1)

‌أبو طالب البغدادي:

أحد العلماء الفضلاء الأدباء الحافظ، واسمه أحمد بن نصر بن طالب، كان بحلب ويحضر مجلس سيف الدولة بن حمدان مع جماعة من العلماء.

قرأت في سيرة سيف الدولة تأليف أبي الحسن بن الحسين الديلمي الزراد قال: وكان لسيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل (113 - ظ) ليلة فيتكلمون بحضرته، وكان يحضر أبو ابراهيم الشريف، وابن ماثل القاضي، وأبو طالب البغدادي، وقد قدمنا ذكره في الأحمدين.

‌أبو طالب الانطاكي:

شاعر من العصريين، واسمه الحسين بن علي، وقد ذكرناه في حرف الحاء، وأورد له أبو الحسن الشمشاطي في كتاب الانوار أشعارا كثيرة

(2)

‌أبو طالب الواعظ:

وصل الى حلب رسولا من الخليفة المسترشد في سنة ست عشرة وخمسمائة، واجتمع ببني منقذ بشيزر، وذكره أبو الحسن علي بن مرشد بن علي في تاريخه،

(1)

وصلتنا قطعة منه صغيرة طبعت.

(2)

انظر كتاب الانوار ومحاسن الاشعار:87،10،2/ 8 - 283،88 - 284.

ص: 4490

قال، ونقلته من خطه: سنة ست عشرة وخمسمائة، وفيها وصل الواحد أبو طالب من الخليفة فانتسجت بيني وبينه مودة، فكتب إلي أبياتا وأنا داخل من الركوب.

ياليل ما جئتكم زائرا

إلاّ رأيت الأرض تطوى لي

ولا ثنيت العزم عن داركم

إلاّ تعثرت بأذيالي

فلم أعلم ما معناها في وصولها وأنا مع أبي دخول من الصيد، فأريته الرقعة، وقلت: ما معنى هذا؟ فقال: والله لا أعلم، وأريتها لعمي عز الدين في الحال، فقال:

ما أعلم، فأمرني أن أخلع عدتي وأرجع سريعا فخطر لي أنه يختبرني ليعلم بديهتي فكتبت في ظهرها:(114 - و).

كم لي الى دارك من صبوة

أعدت فأبكت لي عذّالي

وحرّ نار في الحشى محرق

لبعدكم يقضى بتر حالي

إن كنت أضمرت سلوا ولا

بلغت من وصلك آمالي

وعشت من بعدك وهو الذي

أخشى لأن الموت انتهى لي

ورجعت الى مجلس عمي، فقعدت فيه ساعة، وحضر الرجل، فقلت: يا سيدنا جمال الأدب والعلماء ما علمت ما معني البيتين وأريتهما لموليي: عمي وأبي، فما علما، فقالا: والله كذلك كان، قلت: بل وقع لي أنك أردت تختبرني، فعملت في ساعتي هذه الأبيات وأنشدتها، فقال لي من حضر: والله لولا أنها مكتوبة في ظهر الرقعة لظنناها من حفظك، وكان والله أديبا مليحا، وهو كان لازما لبني الشهرزوري والأبيات لابن الشهرزوري، وأنشدني له أيضا وقد مرّ بقبر أخيه:

مررت على قبر تداعت رسومه

ومنزله بين الجوانح آهل

فريد وفي الأخوان والأهل كثرة

بعيد ومن دون اللقاء الجنادل

فحرك مني ساكنا وهو ساكن

وثقف مني مائلا وهو مائل

ص: 4491

وقلت له إن كنت أخليت منزلا

فقد ملئت بالحزن منك المنازل

عليك سلام الله ماذر شارق

وما حنّ مشتاق وما ناح ثاكل

(114 - ظ).

‌أبو طالب الشريف:

النقيب، هو أحمد بن محمد بن جعفر الاسحاقي، نقيب العلويين بحلب، وكان مشهورا بكنيته، وقد تقدّم ذكره في الأحمدين.

ص: 4492

‌ذكر من كنيته أبو طاهر

‌أبو طاهر بن المحسن:

المعروف بابن الجدي الكاتب الحلبي، واسمه محمد، كان أحد الكتاب المجيدين بحلب، ومن أهل الفضل والرتب، وإيّاه عنى أبو محمد عبد الله بن محمد الخفاجي في قصيدته التائية التي كتبها من القسطنطينية يداعبه، وكان ممن أشار على صاحب حلب بإرساله إلى القسطنطينية:

دع ذا وقل لي أنت يا بن محسّن

وجفاء مثلك من تمام الحرفة

ما كان حقك أن تملّ وإنما

تاريخ وصلك من حصار القلعة

كانت وزارتك التي دبرتني

فيها كمثل الخدمة التاجية

صاح الغراب بها ففرق بيننا

قدر رمت فيه الخطوب فأصمت

قرأت بخط أبي البيان نبا بن محفوظ الأديب الدمشقي، فيما نقله من شعر أبي محمد الخفاجي، من نسخة منقولة من خط عبد الودود بن عيسى النحوي، وعلى المنقول منها خط عبد الودود بالتصحيح قال: قيل هذا أبو طاهر بن المحسن، وهو أحد الكتاب وأهل اللسن.

أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم قال: أخبرني أبي هاشم قال: أخبرني أبي أحمد عن أخيه أبي نصر سعيد بن عبد الواحد بن هاشم أن أبا محمد الخفاجي (15 - و) كتب إليه يعرض بروشن

(1)

عمله أبو طاهر بن المحسّن بن الجدي:

بحياة زينب يا بن عبد الواحد

وبحق كل نبيّة في ياقد

ما صار عندك روشن ابن محسّن

فيما يقول الناس أعدل شاهد

نسخ التعاقل منه خلط عمارة

وافاه في هذا الزمان البارد

(1)

الروشن: الكوة. القاموس.

ص: 4493

يا قد قرية بحلب، وكان لأبي نصر بها ملك وله بها فلاح له بنت كان يزعم ذلك الفلاح أنها نبية.

‌أبو طاهر بن أبي عبد الله المديني:

سمع بعين زربة إبراهيم بن سعيد الجوهري، وروى عنه، وعن بديل بن محمد ابن أسد، روى عنه أحمد بن الحسن بن اسحاق الرازي.

أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد فارس ابن أبي القاسم بن فارس قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى محمد ابن الحسين بن الفراء قال: ذكره أبو نصر السجزي الحافظ رحمه الله فقال: إن أبا العباس أحمد بن علي بن الحسن المقرئ كتب إليّ، وأدى إليّ إجازته القاضي أبو الحسن بن الصخر الأزدي قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن اسحاق الرازي قال:

حدثنا أبو طاهر بن أبي عبد الله المديني قال: حدثني بديل بن محمد بن أسد قال:

دخلت أنا وابراهيم بن سعيد الجوهري على أحمد بن حنبل رضي الله عنه في اليوم الذي مات فيه، أو مات في تلك الليلة التي تستقبل ذلك اليوم، قال: فجعل أحمد رضي الله عنه يقول لنا: عليكم بالسنة، عليكم بالأثر، عليكم بالحديث، ثم قال له ابراهيم بن سعيد: يا أبا عبد الله إن الكرابيسي وابن البلخي قد تكلما، فقال أحمد رحمه الله: فيم تكلما؟ قال: في اللفظ فقال أحمد: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي كافر.

قال أبو طاهر: ثم لقيت ابراهيم بن سعيد ببغداد-وما دخلت عليه إلاّ بعد كد-في داره وسألته فقلت: أخبرني بديل بن محمد أنك سألت أحمد بن حنبل عن اللفظ بالقرآن فأخبرني ابراهيم أنه سأل أحمد رحمه الله فقال: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر، ثم دخلت عليه بعد ذلك بعين زربة، فسألته عن هذه اللفظه، فأخبرني بها كما أخبرني أول مرة.

‌أبو الطفيل:

واسمه عامر بن واثلة، شهد صفين مع معاوية وقد تقدم ذكره.

ص: 4494

‌أبو الطيب بن جهور القاضي:

قاضي طرطوس، وكان سلفه قضاة طرسوس وهم بيت مشهور بها.

روى عنه أبو عمرو الطرسوسي، وأبو عيسى بن الطبيب عامل خراج الثغور.

نقلت من خط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي القاضي في كتاب سير الثغور، وذكر سكة تعرف بابن دينار بطرسوس قال: فيها دور بني جهور القضاة، وآخر من مات منهم القاضي أبو الطيب بن جهور، وعنه كتبنا كتاب الفرائض، تصنيف أحمد بن فهد بن خالد بن مقرن توفي عن خمسمائة ألف درهم سوى دوره وضياعه، وخلف ولدين وابنة، فأما الولد الذكر فإنه أنفق جميع ما خصّه من ميراثه عن أبيه في مدة ثمانية أشهر (115 - ظ) كما ينفقه الشباب في بطالتهم، وتوفي ودفن إلى جانب أبيه.

ص: 4495

‌حرف الظاء في الكنى

‌أبو ظبيان:

غزا بلاد الروم، وحكى عن أبي أيوب الأنصاري، وحدث عنه وكان معه في الغزاة، واجتاز بحلب، أو بعض عملها، روى عنه الأعمش.

أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد-إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر بن خلاّد قال:

حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا معاوية-يعني-بن عمرو قال: حدثنا أبو اسحاق عن الأعمش عن أبي ظبيان قال: غزونا مع أبي أيوب أرض الروم فمرض فلما نقل قال: أحملوني فاذا صافّيتم العدو فادفنوني تحت أرجلكم، فإني محدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أني على حالي هذه ما حدثتكموه سمعته يقول: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة

(1)

.

وقد رويت هذه الحكاية عن أبي ظبيان عن أشياخ لم يسمهم عن أبي أيوب.

أنبأنا بذلك يوسف بن خليل قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد قال: أخبرنا محمود الصّيرفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا الحسين بن اسحاق التستري قال: حدثنا عثمان بن أبي (116 - و) شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أشياخ لهم قال:

كنا مع أبي أيوب في أرض الروم فمرض فأوصانا احملوني حتى إذا صافتم

(2)

العدو فإدفنوني تحت أقدامكم، ثم قال: إني محدثكم حديثا لولا أني على حالي هذه

(1)

انظره في كنز العمال:1435،1/ 259.

(2)

كذا بالاصل، ولعلها تصحيف «صاففتم» علما بانها في الرواية أعلاه «صافيتم» .

ص: 4496

ما حدثتكموه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة.

‌حرف العين في الكنى

‌أبو عادية الجهني:

شهد صفين مع معاوية وحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص، روى عنه كلثوم ابن جبر، وقيل إنه هو الذي طعن عمار بن ياسر يوم صفين فألقاه عن فرسه.

وقيل فيه أبو غادية-بالغين المعجمة-وقيل اسمه يسار بن سبع، وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرناه في حرف الياء.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا ناصر بن محمد قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان وابراهيم ابن منصور سبط بحروية قالا: أخبرنا ابن المقرئ قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي قال: حدثنا عمرو بن مالك النصري قال: حدثنا يوسف بن عطية السعدي قال:

حدثنا كلثوم بن جبر قال: سمعت أبا عادية الجهني يقول: حملت على عمار بن ياسر يوم صفين، فدفعته فألقيته عن فرسه وسبقني إليه رجل من أهل الشام، فاحتز رأسه فاختصمنا إلى معاوية في الرأس، ووضعناه بين يديه كلانا يدعي قتله، وكلانا (116 - ظ) يطلب الجائزة على رأسه، وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار: تقتله الفئة الباغية، بشر قاتل عمار بالنار، فتركته من يدي فقلت: لم أقتله، وتركه صاحبي من يده فقال: لم أقتله، فلما رأى ذلك معاوية أقبل على عبد الله بن عمرو فقال:

ما يدعوك الى هذا؟ قال: اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قولا، فأحببت أن أقوله.

ص: 4497

‌أبو عامر الراهب:

توجه إلى هرقل إلى انطاكية فمات بها.

أخبرنا أبو الحجاج بن خليل-فيما أذن لنا فيه-قال: أخبرنا أبو الفتح ناصر ابن محمد بن أبي الفتح القطان قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي قال: أخبرنا أبو منصور الخطيب قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال:

وفيها-يعني في السنة العاشرة من الهجرة-مات أبو عامر الراهب بأرض الروم عند هرقل

(1)

.

(1)

هو أبو عامر الفاسق، كان من الأوس، وقف موقف العداء من النبي وساعد قبيلة قريش ضد المسلمين في أحد، ثم هرب الى الشام. انظر مغازي الواقدي: 1073،1049،1046،205.

ص: 4498

‌ذكر من كنيته أبو العباس

‌أبو العباس بن جعفر المتوكل:

ابن محمد المعتصم بن هرون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي المعروف بأبي العباس الكبش، قدم حلب مع أبيه المتوكل سنة أربع (117 - و) وأربعين ومائتين.

ذكر قدومه مع أبيه إلى دمشق الحافظ أبو القاسم في سنة ثلاث وأربعين، فيما ذكر أنه قرأة بخط عبد الله بن محمد الخطابي، والصحيح ما ذكرناه

(1)

.

وكان المعتمد بن المتوكل قد خاف أن يبايع لأبي العباس الكبش بالخلافة فحدّره وأخاه أبا محمد ابني المتوكل إلى بغداد فحبسا يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخر سنة إحدى وسبعين ومائتين، ثم رضي عنهما وخلع عليهما في صفر سنة اثنتين وسبعين وأذن لهما في الشخوص إلى سر من رأى.

ذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الوراق قال: وفي صفر سنة أربع وسبعين ومائتين مات أبو العباس الكبش بسر من رأى.

‌أبو العباس بن القاضي:

أبي الحسن علي بن يزيد الحلبي، روى عن أبيه وغيره.

أخبرنا عبد الوهاب بن رواج بمنظرة سيف الإسلام بين مصر والقاهرة قال:

أخبرنا الحافظ أبو طاهر السّلفي قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني، ح.

(1)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 63 - و.

ص: 4499

قال ابن رواج: وأخبرتنا أم أحمد بنت ابنه أبي طاهر اسماعيل بن مكي بن عوف قالت: أنبأنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر بن السمر قندي، ح.

وأنبأنا عمر بن طبرزد عن ابن السمر قندي قالا: كتب إلينا أبو اسحاق الحبال سنة ثمانين وثلاثمائة. أبو العباس (117 - ظ) بن القاضي أبي الحسن بن يزيد الحلبي يوم الأحد، وأخرج يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرى، حدّث.

‌أبو العباس بن فارس:

الأديب المنبجي، هو أحمد بن فارس، روى عن أبي الغوث بن البحتري، روى عنه أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة الحلبي، وجمع أخبار أبي عبادة البحتري، وقد قدمنا ذكره في الأحمدين.

‌أبو العباس التنوخي المنبجي:

وأظنه الأول، كان له مجلس للأدب يقرأ عليه، ووقع إليّ أمالي ابن خالويه فقرأت على ظهرها: أنشدنا أبو العباس التنوخي المنتجي لابن حميد المنبجي:

فشبّهت ما ينثجّ

(1)

من فتقاته

على دير قزمان أكف بني عوف

‌أبو العباس البغدادي:

صحب بشر بن الحارث العابد، وحكى عنه، وكان رجلا صالحا روى بحلب عن بشر، روى عنه علي بن خليد، والعباس بن يوسف الشكلي، وأبو محرز، وقد ذكرنا روايته بحلب عن بشر في ترجمة علي بن خليد.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي-فيما أذن لي في روايته عنه-قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن أحمد بن ابراهيم البزاز بالبصرة قال: حدثنا (118 - و) الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني أبو محرز قال: كنت مع أبي العباس البغدادي بمكة فنظر إلى نواة مطروحة

(1)

ثجّ الماء: سال. القاموس.

ص: 4500

فأخذها، فلما دخلنا المسجد إذا سائل يسأل، قال: فناوله النواة وقال: هذا جهد المقل.

وقال أبو بكر الخطيب: أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ قال:

أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدّثنا العباس بن يوسف الشكلي قال:

رأيت أبا العباس البغدادي جالسا على صخرة بساحل الاسكندرية والأمواج تضرب الصخرة ويده على خده ينظر إلى الأمواج، فوقفت أنظر إليه، فأقبل عليّ بوجهه وأنشأ يقول:

أنست بالوحدة من بعدما

كنت من الوحدة مستوحشا

فصرت بالوحدة مستأنسا

وصارت الوحشة لي مجلسا

(1)

‌أبو العباس بن الموصول:

الحلبي الأسدي، وهو جد بني الموصول الحلبيين، وهم بيت من كبار بيوت الحلبيين، فيهم الوزراء والفضلاء، وهذا أبو العباس روى عنه أبو الفرج الببغاء حكاية جرت له بحلب، ذكرها القاضي التنوخي في كتاب الفرج بعد الشدة.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي (118 - ظ)

(2)

‌أبو العباس البدوي العابد:

جال في أقطار الشام، وكان ببعلبك والرقة، ففيما بينهما اجتاز بحلب، أو ببعض عملها.

روى عنه أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الأسدي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الأنصاري قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ -إذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله

(1)

تاريخ بغداد:14/ 419 - 420. وفيه «وصارت الوحدة لي مجلسا».

(2)

لم يكمل ابن العديم ما أراد أن يرويه وجاءت الصفحة التالية فارغة، انظر كتاب الفرج بعد الشدة. ط. دار صادر-بيروت 2/ 221:1978 - 222.

ص: 4501

محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ يقول: سمعت أبا عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الأسدي يقول: سمعت أبا العباس بدوي ببعلبك، وقد سأله أبو بكر بن وصيف فقال له: يا أستاذ حدثنا بأحسن شيء رأيت، فقال له: احذر شطح النفوس ودعاويها، فإني خرجت من صيدا أريد بيروت، فلما حصلت بأقطار بيروت قالت لي نفسي: الساعة يخرج العدو ويأخذك، فقلت: علام الملك يأخذه العدو، فجعلت أخطر وأقول: علام الملك يأخذه العدو، وإذا قد أحاط بي الأعلاج فأخذوني وطرحوني في شيني، ومضوا إلى قبرس، فلما نزلنا إلى البرية استأذنتهم في الصلاة فأذنوا لي، فأديت ما فاتني من الفرائض ثم تنفلت بما فتح الله تعالى لي، ثم سألت الله تبارك وتعالى أن لا يؤاخذني بشطح نفسي في دعاويها (119 - ظ) وأن يسامحني، ثم غلبني النوم فنمت، ثم انتبهت في المكان الذي أخذت منه.

فقال له أبو بكر بن وصيف: حدثنا بشيء آخر مما رأيت، فقال له: عليك بالسكون إلى الله تعالى، والتوكل عليه، فإني خرجب من الرقة أريد الشرق فحصلت في مكان معروف بكثرة السباع، فقالت لي نفسي: الساعة يخرج السبع يأكلك، فقلت: ويلك ثقي بالله واسكني إليه، فبينما أنا أراجعها إذا أنا بشيء قد وقع بيديه على كتفي، فالتفت لأنظر ما هو، فمع لفتتي قبّل خدي اليمين وذهب هاربا في الغابة، فنظرت إليه فإذا هو السبع.

‌أبو العباس الأديب الأنطاكي:

روى عن حنش بن محمد، روى عنه أبو القاسم يحيى بن عبد الباقي الأذني.

قرأت بخط القاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي، قاضي معرة النعمان، حدثني أبي عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي بطرسوسي، قال: حدثني عميّ أبو القاسم يحيى بن عبد الباقي قال: حدثنا أبو العباس الأديب الأنطاكي قال: حدثنا حنش بن محمد قال: حدثني العباس بن هشام بن الكلبي قال: حدثني أبي عن أبيه قال: خرج النعمان بن المنذر متنزها الى ظهر الحيرة بعقب مطر، في أيام نوروز فنظر الى قبر داثر، فقال له عدي بن زيد: أما تدري ما يقول هذا القبر؟ قال: لا، قال: يقول القبر: أيها الركب (120 - و) على الأرض كما أنتم كنا،

ص: 4502

وكما نحن تكون، قال: فقال له النعمان: لقد كدرت عليّ صفو ما أنا فيه، ثم رجع، فرأى قبرا آخر فقال له عدي بن زيد: أتدري ما يقول هذا القبر؟ قال: لا قال: انه يقول:

ربّ ركب قد أنا خوا عندنا

يشربون الخمر بالماء الزلال

عطف الدّهر عليهم عطفة

وكذاك الدهر حالا بعد حال

(1)

‌أبو العباس الطرسوسي:

حدث بطرسوس، روى عنه أبو أحمد محمد بن محمد بن يوسف بن مكي الجرجاني.

‌أبو العباس المصيصي:

روى عن يوسف بن سعيد بن مسلم، روى عنه عبد الله بن بيان السامري.

أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان-فيما أذن لنا فيه-قال:

أخبرنا مسعود بن محمد الثقفي-في كتابه-عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرني أبو الحسين علي بن حمزة بن أحمد المؤذن بالبصرة قال: حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي-املاء-قال: حدثنا عبد الله بن بيان السامري قال: سمعت أبا العباس المصيصي يقول: سمعت يوسف بن سعيد بن مسلم يقول: سمعت العمري-يعني- خالد بن يزيد يقول: الحبر في ثوب صاحب الحديث مثل الخلوق في ثوب العروس.

‌أبو العباس المصيصي:

روى عنه أبو الحسن علي بن محمد الشمشاطي (120 - ظ) أبياتا في دير مران لابن أبي جبلة.

(1)

انظر شعراء النصرانية:441 - 442 مع فوارق.

ص: 4503

‌ذكر من كنيته أبو عبد الله

‌أبو عبد الله بن أحمد بن محمد:

المقرئ كان بطرسوس. (121 - و).

‌أبو عبد الله بن جباءة:

المعري، شاعر من بيت مشهور بالمعرة.

أنشدني أبو البركات بن سالم الكاتب المعري بحماة لأبي عبد الله بن جباءة المعري بيتين يهجو بهما علوي بن المهنا المعروف بخصا البغل:

لم يخلق الرحمن من خلقة

أقل نفعا من خصا البغل

لا خيرها يرجى ولا شرها

يخشى ولا يصلح للنسل

‌أبو عبد الله بن حسان المغربي:

أحد أولياء الله تعالى، واسمه محمد وإنما يعرف بالكنية، قدم حلب، وسكن في جوارنا، حكى لنا عنه عمي أبو غانم وغيره، وقد قدمنا ذكره في المحمدين.

‌أبو عبد الله بن مانك:

أحد الزهاد، واسمه محمد، قدمنا ذكره.

‌أبو عبد الله بن واصل المعري:

شاعر مشهور كان بمعرة النعمان معاصرا للقاضي أبي المجد محمد بن عبد الله ابن محمد بن سليمان، أنشد له أبو اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن سليمان الكاتب بيتين في جده أبي المجد القاضي وأخبرنا بهما في الاجازة أبو الحسن محمد بن أبي جعفر إمام الكلاسة، عن أبي اليسر وهما:

لا ملّك هذا الحكم غيركم

ولا انقضى من أب إلاّ الى ولد

ص: 4504

ولا خلت منكم الدنيا فانكم

بني سليمان منها الروح في الجسد

ووجدت في بعض تعاليقي من الفوائد: أبو عبد الله بن واصل المعري في أبي المغيث، كاتب جلال الملك، يعني ابن عمار صاحب اطرابلس

(1)

: (121 - ظ)

وا رحمتا لغريب حث أنيقه

الى طرابلس يبغي بها فرجا

وافى فقيل له هذا الأجلّ

أبو المغيث ملجأ محروب إليه لجا

أبشّ كل الورى وجها وأخلفهم

وعدا وأكذب خلق دبّ أو درجا

فقلت هذا كبير واجتمعت

به فزاد شيخي على ما حدثوا درجا

‌أبو عبد الله بن أبي كامل:

كان بحلب عند الأمير ذكا، ومعه أبو الغوث بن البحتري، وابن بسام، وروى عنهما شيئا من شعرهما، روى عنه أبو الحسن الماذرائي.

قرأت بخط بعض الادباء على ظهر كتاب: قال أبو الحسن الماذرائي: أخبرنى أبو عبد الله بن أبي كامل قال: كنت أنا وأبو زنبور وأبو الغوث بن البحتري وابن بسام عند الأمير ذكا، فلما كادت الشمس تغرب دخل شعاعها من الشباك على أترج منضّد بين أيدينا، فقال ابن بسام:

إذا الشمس مجّت مجة من لعابها

على صبغ أترج لدينا منضد

نظرت فأنفدت التعجب كله

وأفنيته من عسجد فوق عسجد

وشعر أبي الغوث ذكرناه فيما تقدم.

‌أبو عبد الله الجزري:

قدم على عمر بن عبد العزيز دابق أو خناصرة وولاه قسمة مال بالرقة، روى عنه عبيد الله بن عمرو الرقي. (122 - و).

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل-بدار الوزارة بالقاهرة-

(1)

انظر حول دولة بني عمار في طرابلس كتابي تاريخ العرب والاسلام:375.

ص: 4505

قال أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن السلماسي قال:

أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن جامع قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد ابن عبد الرحمن بن ابراهيم قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن بنت جنّاد البغدادي قال: حدثنا بشار بن موسى الخفاف قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي قال:

حدثني أبو عبد الله-وكان من أعوان عمر بن عبد العزيز-قال: بعث إليّ عمر ابن عبد العزيز، فدفع إليّ مالا أقسمه بالرقة، وكتب الى وابصة كتابا يبعث معي بشرط يكفون الناس عني وقال لا تقسم بينهم إلاّ علي شاطئ نهر فإني أخاف أن يعطشوا، قال: قلت: إنك تبعثني الى قوم لا أعرفهم، وفيهم غني، وفقير؟ فقال:

يا هذا كل من مدّ يده إليك فأعطه.

قال أبو علي: ولا أظن هذا إلاّ خطأ، لأن وابصة لم يتأخر موته إلى خلافة عمر بن عبد العزيز، فلعله يكون الى ابن وابصة، لأنّ سالما ذكروا أنه ولي الرقة بعد أبيه.

‌أبو عبد الله الشامي:

حكى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه أبو المليح الحسن بن عمر الرقي.

(122 - ظ).

‌أبو عبد الله:

حرسي كان لعمر بن عبد العزيز، حكى عنه، حكى عنه جعفر بن برقان، وجعفر بن سيدان الأزدي، وكأنه الأوّل.

‌أبو عبد الله:

مولى لعمر بن عبد العزيز، سمع أبا بردة بن أبي موسى يحدث عمر بن عبد العزيز في مجلس عمر، روى عنه مروان بن جناح. (123 - و).

‌أبو عبد الله الأنطاكي:

حكى قول عمر بن عبد العزيز، روى عنه مبشر بن اسماعيل الحلبي.

ص: 4506

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي-بالمسجد الأقصى-قال:

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي-بالاسكندرية-عن أبي محمد رزق الله ابن عبد الوهاب التميمي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد دوست قال: حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن أحمد بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثني الحسن بن الصباح قال:

حدثنا مبشّر بن اسماعيل عن أبي عبد الله الأنطاكي قال: قال عمر بن عبد العزيز:

كانت المساجد على ثلاثة أصناف: فصنف ساكت سالم، وصنف في ذكر الله عز وجل والذكر معروج به، وصنف في صلاة، والصلاة لها من الله نور، فجعلت من أفناء الدور وأندية الأسواق، فكان معدن خوضهم (123 - ظ) ومراجم ظنونهم، يتفكهون بالغيبة ويفيد بعضهم بعضا النميمة.

‌أبو عبد الله الأنطاكي:

له كلام في الحقيقة، روى عنه أحمد بن أبي الحواري.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح ابن حموية، ح.

وأخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري في كتابها قالا: أخبرنا أبو الفتوح ابن شاه الشاذياخي، ح.

وأنبأنا أبو النجيب القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله يقول: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي: قال حدثنا عباس بن حمزة قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: قال أبو عبد الله الأنطاكي إن أقل اليقين إذا وصل الى القلب يملأ القلب نورا، فينفي عنه كل ريب ويمتلئ القلب به شكرا، ومن الله خوفا

(1)

.

‌أبو عبد الله المزابلي:

الأنطاكي، رجل صالح كان بأنطاكية، وكان لا يأكل إلاّ من المباح، حكى عنه علي بن محمد التنوخي جد أبي القاسم.

(1)

الرسالة القشيرية:83.

ص: 4507

أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن القاضي أبي بكر بن محمد بن أبي (124 - و) طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن بن علي بن محمد التنوخي عن أبيه قال: حدثني أبي قال: كان عندنا بجبل اللكام رجل متعبد يقال له أبو عبد الله المزابلي، وإنما سمي بذلك، لأنه كان يدخل البلد بالليل، فيتتبع المزابل، فيأخذ ما يجد فيها، فيغسله ويقتاته، لا يعرف قوتا غير ذلك، أو أن يوغل في الجبل فيأكل من الثمار المباحات، وكان صالحا مجتهدا إلاّ أنه كان العقل

(1)

، وكانت له سوق عظيمة في العامة، وكان بأنطاكية موسى الزّكوري صاحب المجون، وكان له جار يغشى المزابلي، فجرى بين موسى الزكوري وجاره شر، فشكاه الى المزابلي، فلعنه المزابلي في دعائه، وكان الناس يقصدونه في كل جمعة، فيتكلم عليهم ويدعو، فلما سمعوا اللعنة لابن الزكوري جاء الناس الى داره أرسالا لقتله، فهرب ونهبت داره، وطلبه العامة فاستتر.

فلما طال استتاره قال: إني سأحتال على المزابلي بحيلة أتخلص منه بها فأعينوني، فقالوا: ما تريد؟ قال: أعطوني ثوبا جديدا، وشيئا من مسك ومجمرة ونارا وغلمانا يؤنسوني الليلة في هذا الجبل.

قال أبي: فأعطيته ذلك كله فلما كان في نصف الليل مضى، وخرج الغلمان معه الى الجبل حتى صعد فوق الكهف الذي يأوي فيه المزابلي، فبخّر بالند ونفج (124 - ظ) المسك فدخلت الرائحة الى كهف أبي عبد الله المزابلي، فصاح بصوت عظيم: يا أبا عبد الله المزابلي، فلما اشتم المزابلي الرائحة وسمع الصوت قال: مالك عافاك الله، ومن أنت؟ قال: أنا الروح الأمين جبريل، رسول رب العالمين أرسلني إليك، فلم ينسك المزابلي في صدق القول، وأجهش بالبكاء، والدعاء، وقال:

يا جبريل ومن أنا حتى يرسلك الله إليّ! فقال: الرحمن يقرئك السلام ويقول لك:

موسى بن الزكوري غدا رفيقك في الجنة، فصعق أبو عبد الله، وسمع صوت الثياب ورأى بياضها، وتركه موسى ورجع، فلما كان من الغد كان يوم الجمعة، فأقبل المزابلي يخبر الناس برسالة جبريل، ويقول: تمسحوا بابن الزكوري، وسلوه

(1)

كذا بالاصل، ويرجح سقوط كلمة:«ضعيف أو خفيف» .

ص: 4508

أن يجعلني في حل واطلبوه لي، فأقبل العامة أرسالا الى دار ابن الزكوري يطلبونه ويستحلونه فظهر وأمن.

‌أبو عبد الله الحلبي:

سمع أبا اسحاق الفزاري، روى عنه عبد الله بن خبيق.

وكان من شيوخ الصوفية وصحب الجنيد.

أخبرنا يوسف بن خليل بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد الجازري قال: أخبرنا القاضي (125 - و) أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني الجريري قال: حدثنا أحمد بن علي القاضي النيسابوري قال: حدثنا محمد بن المسّيب الأرغياني قال: حدثني عبد الله بن خبيق قال:

حدثني أبو عبد الله الحلبي قال: سمعت أبا اسحاق الفزاري يقول: إن للحوائج فرسانا كفرسان الحرب، وقال لي أبو اسحاق: إن الرجل ليسألني عن حالي، ولو أخبرته لشمت بي

(1)

.

‌أبو عبد الله بن جباءة:

المعري شاعر من أهل معرة النعمان، من بيت معروف بها.

أنشدني موفق الدين أبو البركات الفضل بن سالم بن مرشد بن المهذب الكاتب المعري بحماة لأبي عبد الله بن جباءة المعري يهجو علوي بن المهنا المعروف بخصا البغل:

لم يخلق الرحمن من خلقه

أقل نفعا من خصا البغل

لا خيرها يرجى ولا شرها

يخشى ولا تصلح للنسل

(2)

.

(125 - ظ)

(1)

ليس في المطبوع من كتاب الجليس الصالح:

(2)

كتب ابن العديم بالهامش: «هذا تقدم في الورقة الرابعة قبل هذا» . وحيث أنه لم يضرب على هذه الترجمة فقد احتفظت بها على الرغم من تكرارها.

ص: 4509

‌أبو عبد الله الحلبي:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

روى عن حيوة. روى عنه أحمد بن حنبل، إن لم يكن الأول فهو غيره.

أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله الدامغاني البغدادي قال: أخبرنا أبي جعفر قال: أخبرنا الشريف أبو العز بن المختار قال: أخبرنا ابن المذهب قال:

أخبرنا أبو بكر القطيعي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو عبد الله الحلبي عن حيوة عن يزيد بن أبي حبيب في قول الله عز وجل: «الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا»

(1)

قال:

أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا لا يأكلون طعاما يلتمسون به تنعما ولا يلبسون ثيابا يلتمسون جمالا، وكانت قلوبهم على قلب واحد.

‌أبو عبد الله المغربي الزاهد:

واسمه محمد بن اسماعيل، تقدم ذكره في المحمدين.

‌أبو عبد الله الحلبي:

روى عن عبد الله بن الفرات. روى عنه عمر بن خالد القرشي، ان لم يكن المتقدمين، أو أحدهما، فهو غيرهما.

أخبرنا أبو الفضل جعفر بن علي بن هبة الله الهمذاني-في كتابه-قال:

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الديباجي قال: أخبرنا أبو (127 - و) الحسن بن المشرف المسلّم الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي بن

(1)

سورة الفرقان-الآية:67.

ص: 4510

ابراهيم الدقاق قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي البغدادي قال:

حدثني أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي قال: حدثنا هرون ابن يوسف قال: حدثنا ابن أبي عمر العدني قال: حدثنا عمر بن خالد القرشي قال:

حدثنا أبو عبد الله الحلبي عن عبد الله بن الفرات عن عثمان بن الضحاك-يرفع الحديث الى النبي صلى الله عليه وسلم-قال: عبد مناف عز قريش، وأسد بن عبد العزّى ركنها، وعضدها، وعبد الدار قادتها وأوائلها، وزهرة الكبد، وبنو تميم

(1)

وعدّي بيتها، ومخزوم فيها كالا راكة في نصرتها، وسهم وجمح جناحاها، وعامر ليوثها وفرسانها، وقريش تبع لولد قصي، والناس تبع لقريش

(2)

.

‌أبو عبد الله الشريف:

الحسيني الزمن الفاسي، من أهل فاس مدينة بالمغرب، أحد الأولياء الصالحين نزل حلبها

(3)

وسكنها، وأقام بها الى أن مات بها بعد أن أقعد.

وسمعت عمي أبا غانم يثني عليه، ومضيت مع عمي ووالدي الى زيارته وهو مقعد وتبركت به.

وأخبرني عمي أبو غانم قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله الفاسي الزمن قال: للمحموم ينجم الماء وتقرأ عليه: «ذلك تخفيف من ربكم ورحمة

(4)

». «الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا

(5)

» «يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا

(6)

». «ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون

(7)

ويرش الماء على المحموم عند أخذها إياه، يستعمل ذلك للمحموم. (127 - ظ)

(1)

كذا بالأصل وهو تصحيف صوابه «تيم» .

(2)

انظره في كنز العمال:12/ 34112. وكتب ابن العديم في الهامش: الورقة أبو عبد الله الشريف، وجاءت الورقة موزعة على وجهي ورقتين مختلفتين.

(3)

كذا بالأصل.

(4)

سورة البقرة-الآية:178.

(5)

سورة الانفال-الآية:66.

(6)

سورة النساء-الآية:28.

(7)

سورة الدخان-الآية:12.

ص: 4511

توفي الشريف الزمن الفاسي بحلب قبل الستمائة ودفن في تربة الشيخ أبي الحسن الفاسي خارج باب الأربعين، وكان قد اجتمع بحلب ثلاثة من الاولياء الصالحين من أهل فاس، فدفنوا كلهم في هذه التربة: الشريف الزمن هذا، والشيخ عبد الحق الفاسي والشيخ أبو الحسن الفاسي، وكلهم اجتمعت به نفعنا الله ببركتهم.

‌أبو عبد الله المصيصي:

حكى عن مملوك لم يسم، كان بالمصيصة، روى عنه مخلد، وسنذكر حكايته في المجهولين الأسماء ان شاء الله تعالى.

‌أبو عبد الله النباجي:

صلى بأهل طرسوس، واسمه سعيد بن بريد

(1)

. (128 - ظ).

‌أبو عبد الله الخليع:

الشامي شاعر مجيد من شعراء سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان بحلب:

واسمه الغمر بن أبي الغمر، روى عنه أبو بكر الخوارزمي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري اذنا عن أبي القاسم بن السمر قندي قال: أنبأنا أبو يعقوب الأديب قال: أخبرنا أبو منصور الثعالبي قال:

أما الخليع فكنيته أبو عبد الله، وقد ذهب عليّ اسمه، وكان شاعرا مفلقا قد أدرك زمان البحتري، وبقي الى أيام سيف الدولة رحمه الله، فانخرط في سلك شعرائه.

فحدثني أبو بكر الخوارزمي قال: رأيت الخليع بحلب شيخا قد أخذت منه السن العالية، وثقلت عليه الحركة فمما أنشدني لنفسه قوله:

جيراننا جار الزمان عليهم

اذ جار حكمهم على الجيران

ما الشأن ويحك في فراق

فريقهم الشأن ويحك في جنون جناني

خذ يا غلام عنان طرفك فاثنه

عني فقد حوت الشمول عناني

سكران سكر هوى وسكر مدامة

أنى يفيق فتى به سكران

(1)

تقدمت ترجمته في الجزء التاسع:4281 - 4288.

ص: 4512

وقوله وهو مما يغنى به:

بأيّ المدامين لم أسكن

بكأسك أم طرفك الاحور

سقيت من الشمس مشمولة

على غزة القمر الأزهر

(129 - و)

إذا الماء خالطها جمحت

كأكليل درّ على جوهر

وقوله لسيف الدولة:

أنا شاعر أنا شاكر أنا ناشر

أنا راجل أنا جائع أنا عار

هي ستة فكن الضمين لنصفها

أكن الضمين لنصفها بعار

والنار عندي كالسؤال فهل ترى

أن لا تكلفني دخول النار

(1)

‌أبو عبد الله البغدادي المنجم

منجم سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان، كان فى صحابة سيف الدولة بحلب، وهو الذي كتب الى سيف الدولة أبياتا ذكر أنه رآها في المنام يشكو فيها لفقر، فأجابه المتنبي بقوله:

قد سمعنا ما قلت في الاحلام.

وقع إليّ نسخة من شعر المتنبى بخط بعض الأفاضل من المغاربة فيها أبيات كتبها في الحاشية عند الأبيات التي للمتنبي، ونسخة الحاشية: كتب أبو عبد الله المنجم إلى سيف الدولة يستقضيه صلة، وكانت قد تأخرت عنه، وذكر أنه صنع في ذلك أبياتا في المنام، وحلف أنه لم يغير منها شيئا ولا بدّ لها عن حالها التي صنعها عليه:

ولك الفضل في تطوّلك

هو حسنا كلؤلؤ النظام

لم أقدّر لقاءك في الن

وم فاستظهرت بالشعر فيه والإتمام

(129 - ظ)

(1)

يتيمة الدهر:1/ 267. مع فوارق.

ص: 4513

ولك الفضل في تطوّلك

الجمّ وذاك الاحسان والانعام

فتفضّل به ووقع فإني

موثق الحال في يد الاعدام

زادك الله رفعة وعلوا

وسموا يبقى مع الأيام

فوردت على سيف الدولة والمتنبي معه، فلما قرأها استقبحها وكذبه فيها، وقال:

يا أبا الطيب أجب هذا البارد، فكتب إليه:

قد سمعنا ما قلت في الأحلام

وأنلناك بدرة في المنام

وانتبهنا كما انتبهت بلا شيء

فكان النوال قدر الكلام

كنت فيما كتبته نائم العين

فهل كنت نائم الأقلام

أيها المشتكي إذا رقد الاعدام

لا رقدة مع الاعدام

افتح الجفن واترك القول

في النوم وميز خطاب سيف الأنام

الذي ليس عنه مغن ولا منه

بديل ولا لما رام حام

كل إخائه كرام بني الدنيا

ولكنه كريم الكرام

(1)

‌أبو عبد الله بن المنجم:

كان شاعرا في صحابة سيف الدولة، وأظنه الذي قدمنا ذكره.

قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة في حاشية شعر أبي فراس الحارث بن سعيد بن حمدان في ذكر أبي الحسن علي بن نصر بن حمدان قال:

اخترم

(2)

حدثا، وفيه يقول ابن المنجم (130 - و):

رآك عداك التغني السيف ضربا

فقد نبزوك بالسيف المحلى

فرمحك في صفاحهم المجلى

وسيفك في رؤوسهم المعلى

‌أبو عبد الله الشبلي:

خادم المتنبي وأبو عبد الله الدنف الشاعر، من طبقة المتنبي وأقرانه، كانا عند

(1)

لم ترد هذه الابيات في ديوان المتنبي المطبوع.

(2)

أي توفي.

ص: 4514

أبي الطيب بحلب مع جماعة من الشعراء، فجمعت بينهما هذه الترجمة لتضمن الحكاية ذكرهما جميعا.

أخبرنا ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي، وكتبه لي بخطه قال: اجتمع عند أبي الطيب بحلب أبو القاسم الناصبي، وأبو العدل، وأبو تمام الخراساني، وأبو عبد الله الدنف، وأبو الحسن المشعوف فأنشدهم أبو عبد الله الشبلي خادم المتنبي بيت أبي المنصور المكفوف المقدسي وسألهم إجازته، وهو في أوله شين وآخره شين:

شبه الهلال على غصن منعمة

بيضاء ناعمة في كفها نقش

فبدر أبو الحسن المشعوف فقال:

شفت بطلعتها من كان ذا نسك

فالقلب منه لما قد ناله دهش

ثم قال أبو القاسم الناصبي:

شغل المحب عن اللذات إن عرضت

والصب بالوصل منها كان ينتعش

ثم قال أبو العدل: (130 - ظ)

شهدت أن هواها لست تاركه

حتى أموت وإن أودى بي الطيش

ثم قال أبو تمام الخراساني:

شوقي إليك شديد غير منتقص

كأنّ في القلب أفعى فهو ينتهش

ثم قال أبو عبد الله الدّنف:

شيئان فيها لعمرى فيهما عجب

وجه جميل وفعل كلّه وحش

ثم سألوا أبا الطيب القول فقال:

شمس تلوح على وجه تروق به

ما شانه كلف فيه ولا نمش

(1)

(1)

ليس في ديوان المتنبي.

ص: 4515

‌أبو عبد الله الرصافي:

الحلبي الشاعر، مولى لبني أمية، شاعر روى عن دعبل بن عمي الخزاعي.

روى عنه من لم يذكر اسمه.

قرأت في كتاب المستنير للمرزباني في أخبار دعبل بن علي قال: حدثني بعض أصحابنا عن أبي عبد الله الشاعر الرصافي الحلبي، وهو مولى لبني أمية، قال:

كان دعبل مولعا بالهجاء، وكان لا يمدح أحدا إلاّ أقل ذاك لا لأن ذلك لم يكن في طبعه، ولكنه كان يرفع نفسه عنه، فإذا اضطر الى المديح قال البيت أو البيتين أو الابيات القلائل، وكانت له نفس عجيبة.

قال: واجتاز بحفص بن عمر، وهو يتولى ديار مضر فلم يعطه حفص شيئا وأداره على أن يمتدحه ليعطيه على المديح فلم يفعل وقال له: عرضت لي نفسك طمعا في أن (131 - ظ) أهجوك، كما هجوت الخلفاء ومن يتلوهم، فيقال إن دعبلا هجا فلانا أمير المؤمنين وهجا حفص بن عمر، هيهات أن أفعل ذلك.

‌أبو عبد الله الرازي:

من عباد الصوفية، وكان بطرسوس، وحكى عن بعض الصالحين.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حموية الجويني، ح.

وأخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري قالا: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذياخي، ح.

وأنبأنا أبو النجيب القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: وحكي عن أبي عبد الله الرازي قال: خرجت من طرسوس حافيا، وكان معي رفيق فدخلنا بعض قرى الشام، فجاءني

ص: 4516

فقير بحذاء، فامتنعت من قبوله فقال لي رفيقي: البس هذا فقد عميت

(1)

فإنه فتح عليك بهذا النعل بسببي فقلت: مالك؟ فقال: نزعت نعلي موافقة لك ورعاية لحق الصحبة

(2)

.

‌أبو عبد الله الاقساسي العلوي:

شريف فاضل، قدم حلب وافدا على الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، وحضر وفاته وصلى عليه وكبرّ خمسا واسمه ....

(3)

وقد ذكرناه.

(1)

في الرسالة القشيرية: عييت، وهو أقوم.

(2)

الرسالة القشيرية:132.

(3)

فراغ بالاصل.

ص: 4517

‌ذكر من كنيته أبو عبد الرحمن

(131 - ظ)

‌أبو عبد الرحمن السلمي:

واسمه عبد الله بن حبيب، شهد صفين مع علي رضوان الله عليه. وقد قدمنا ذكره في العبادلة.

‌أبو عبد الرحمن الحلبي:

روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، روى عنه قيس بن الحجاج.

قرأت في كتاب الخيل والفروسية: تأليف محمد بن يعقوب بن أخى خزّام الختّلي: حدثنى ابراهيم-يعني-بن عبد الله بن الجنيد الحلبي قال: حدثني يحيى بن بكير قال: حدثني عبد الله بن لهيعة قال: حدثني قيس بن الحجاج عن أبي عبد الرحمن الحلبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: رباط شهر أفضل من صيام دهر.

‌أبو عبد الرحمن المصيصي:

روى عن سفيان الثوري، ورجل لم يسمه، روى عنه زهير بن عباد الرواسي.

أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر-فيما أذن لنا في روايته عنه-عن أبيه عمر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أسد بن عمار قال: أخبرنا عبد العزيز الكتاني-بالاجازة المطلقة-قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم قال: أخبرنا اسحاق بن ابراهيم قال: حدثنا الحسين بن حميد العكي قال:

أخبرنا زهير بن عباد الرواسي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المصيصي عمن أخبره عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في (132 - و) وجه جبريل وميكائيل خدودا من أثر الدموع لو أن سفن المواقير أرسلت فيها لجرت

ص: 4518

قال: فاطلع الله تبارك وتعالى إليهما فقال: ما هذا الخوف الذي أرى بكما وأنتما عبدي لم تعصياني طرفة عين، وانتما تعلمان أني حكم عادل لا أجور؟ قالا: أجل ربنا إنك حكم عدل لا تجور، ولكنا لا نأمن مكرك، فقال الله تبارك وتعالى: أجل فلا تأمنا مكري فإنه لا يأمن مكري إلاّ القوم الخاسرون

(1)

.

أنبأنا أبو الميمون عبد الوهاب بن عتيق بن وردان قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حميد الأرتاحي قال: أنبأنا أبو الحسن بن الفراء قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حمزة بن محمد بن علي بن العباس الحافظ قال: حدثنا عمران بن موسى قال: حدثنا زهير ابن عباد قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المصيصي عن سفيان الثوري قال: كان في إزار علي رضي الله عنه ثمانية عشر رقعة فقيل: يا أمير المؤمنين لو لبست فقال: هذا أخشع للقلب، وأجدر ان يقتدي بي المسلم، قال سفيان: ولم أغالي بإزاري وهذا إزار أمير المؤمنين.

‌أبو عبد الرحمن القرشي الحلبي:

شاعر مجيد قديم العصر في زمان ابن المعتز أو قبله، هاشمي النسب.

قرأت في كتاب الأنوار تأليف أبي الحسن علي بن محمد الشمشاطي قال: ومن حسن الكلام وعذبه (132 - ظ) ومليحه قول أبي عبد الرحمن القرشي الحلبي:

ويوم حجب الغيث

به الصحو عن الارض

بنو عين من القطر

بمعقود ومرفض

فلما مخضته الريح

ابدى صادق المخض

وحضّ الرعد والبرق

العوالي أيما حض

فسدّ الجو بالطول

وسدّ الأرض بالعرض

وسح الماء حتى صارت

الربوة كالخفض

فباتت تتبارى

كتباري الخيل في الركض

(1)

لم أجده بهذا اللفظ، انظر سورة الاعراف-الآية:99. والسفن المواقير هي المثقلة بالاحمال.

ص: 4519

وكالأسهم إذ فوّقن

للأغراض بالنبض

فوجه الأرض معتم

بزهر ناعم غض

بمصفر ومحمر

ومخضر ومبيض

إذا هبت له الريح

تدانى البعض من بعض

كما التفت به الأهواء

بين الشم والعض

قال الشمشاطي: ولأبي عبد الرحمن الهاشمي:

كأنّ صبين باتا طول ليلهما

يستمطران على غدرانها المقلا

(1)

وقرأت في مجموع بخط بعض الأدباء ذكر أنه نقله من خط مسكويه من مجموعه المعروف بنديم الفريد

(2)

، لأبي عبد الرحمن الحلبي (133 - و):

شبهت حمرة خده وعذاره

بنقاب ورد معلم ببنفسج

‌أبو عبد الرحمن بن أبي الرضا بن سالم:

الرحبي. روى بحلب عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن المتفنه الرحبي قصيدته في الفرائض في رجب من سنة اثنتين واربعين وخمسمائة، سمع منه في هذا التاريخ أبو العباس أحمد بن الحسين العراقي، وأبو الحجاج يوسف بن حرب بن يوسف.

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد المقدسي قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو العباس أحمد بن الحسين العراقي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي الرضا بن سالم الرحبي قال: أنشدني الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد المقيم بالرحبة، المعروف بالموفق، وذكر أنه لقنه إياها، وقرأتها أنا عليه من الكتاب وهو يقابلني بحفظه ونحن يومئذ بحلب بمدرسة ابن العجمي في رجب من سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة:

أول ما نستفتح المقالا

بذكر حمد ربنا تعالى

(1)

لم يرد ذكر الهاشمي في المطبوع من كتاب الانوار للشمساطي.

(2)

لم أقف على ذكر بوجوده.

ص: 4520

والحمد لله على ما أنعما

حمدا به نجلو عن القلب العما

ثم الصلاة بعد والسلام

على نبي دينه الاسلام

محمد خاتم رسل ربه

وآله من بعده وصحبه

ونسأل الله لنا الاعانة

فيما توخينا من الإبانة

وذكر القصيدة الى آخرها

‌أبو عبيدة بن الجراح:

فتح حلب وقنسرين، واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح، وقد تقدم ذكره في حرف العين (133 - ظ).

ص: 4521

‌ذكر من كنيته أبو عبيد

‌أبو عبيد البسري الزاهد:

واسمه محمد بن حسان، غزا الروم في بعض السنين واجتاز بحلب أو بعض عملها في غزاته، وقد ذكرناه.

‌أبو عبيد بن حربوية:

واسمه .....

(1)

حدّث بمعرة النعمان روى عنه أبو زكريا يحيى بن مسعر المعري، وقد ذكرناه.

‌أبو عبيد:

صاحب الغريب

(2)

، واسمه القاسم بن سلاّم، قاضي طرسوس قدمنا ذكره في حرف القاف.

‌أبو عبيد بن أبي عمرو:

حاجب سليمان بن عبد الملك بن مروان ومولاه، اختلف في اسمه اختلافا كثيرا، فقيل اسمه عبد الملك، وقيل حيي وقيل حويّ، وقيل مسلم بن عبيد.

حدّث عن أنس بن مالك، وعمرو بن عبسة السلمي، ونعيم بن سلامة، ونافع مولى ابن عمر، وعطاء بن يزيد الليثي، وعمر بن عبد العزيز، ورجاء بن حيوة، وعقبة بن وشاح، وعبادة بن نسي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر.

روى عنه سهيل بن أبي صالح، وعبد الله بن أنس والأوزاعي ورجاء بن أبي سلمة، ومحمد بن عجلان، وعبد الله بن عامر الأسلمي، وعمرو بن الحارث وأبو

(1)

فراغ بالأصل، ولم أقف على ذكره في مصدر آخر متوفر.

(2)

غريب الحديث. مطبوع.

ص: 4522

رزين الفلسطيني، وبشر بن عبد الله بن يسار، وصالح بن راشد، وصالح بن الأخضر، وعبد الله بن سعد بن أبي هند، وأيوب بن موسى القرشي (134 - و).

أخبرنا أبو منصور بن محمد بن الحسن الدمشقي بها قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد طاوس قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن محمد بن أبي العلاء الفقيه، ح.

قال أبو القاسم: وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم الداراني قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات قالا:

حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر قال: حدثنا الحسن ابن حبيب قال: حدثنا أبو أمية قال: حدثنا محمد بن يزيد بن سنان قال: حدثنا يزيد-يعني أباه-قال: حدثنا أبو رزين عن أبي عبيد حاجب سليمان عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: اللهم بارك لنا في مكتنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في شامنا، وبارك لنا في يمننا وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا، فقال رجل: يا رسول الله العراق ومصر فقال هناك نبئت قرن الشيطان، وثمّ الزلازل والفتن

(1)

(134 - ظ).

‌أبو عتبه مولى عبد العزيز بن مروان:

كان بدابق في عسكر سليمان بن عبد الملك، حكى عن يزيد بن المهلب، وموسى ابن نصير، ويزيد بن أبي مسلم، وعثمان بن حيّان. (135 - و).

(1)

انظر كنز العمال:12/ 34879 - 35116،34880 - 14،38231/ 35117.

ص: 4523

‌ذكر من كنيته أبو عثمان

‌أبو عثمان بن حرب الأنطاكي:

حدث عن أحمد بن ابراهيم البالسي ببغراس، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ الحافظ.

أخبرنا أبو الغنائم بن أبي طالب بن شهريار-في كتابه إلينا من أصبهان- قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن أبي علي البغداوي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم ابن المقرئ قال: حدثنا حاجب بن مالك بن أركين الفرغاني-بدمشق وببغداد- قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم البالسي قال: حدثنا عيسى بن سليمان الشيزري عن أبي اسحاق الفزاري قال: قلت لسفيان الثوري: أعظم الله أجرك في شعبة، فقال:

رحم الله أبا بسطام، حدثني شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم حج مقرنا.

قال الشيخ أبو بكر: ذكرت الحديث لأبي عثمان بن حرب الأنطاكي ببغراس فقال: حدثنا أحمد بن إبراهيم البالسي قال: حدثنا عيسى بن سليمان عن أبي اسحاق عن أبيه قال: قلت لسفيان الثوري: أعظم الله أجرك في شعبه، ولم يقل الفزاري ولا غيره.

‌أبو عثمان الصنعاني:

واسمه شراحيل بن مزيد، قد تقدم ذكره.

‌أبو عثمان بن مروان:

ابن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي (135 - ظ) كان مع أبيه لما اجتاز بحلب هاربا من جيش بني العباس فلما قتل أبوه ببوصير أسر، وحمل

ص: 4524

إلى أبي العباس السفاح، فسجنه وبقي في السجن إلى أن أطلقة الرشيد.

‌أبو عثمان الواسطي:

دخل الثغور الشامية، وغزا الصائفة، وحكى عن شقران الثغري، روى عنه أبو عبد الله محمد بن الضوّ، وقد ذكرنا في ترجمة شقران حكايته عنه.

‌أبو عثمان الكرجي:

حكى بطرسوس حكاية سمعها منه أبو بكر عثمان بن محمد بن الحسين، صاحب الكتاني، رواها عن عبد الرحمن بن عمر رسته، وقد ذكرناها في ترجمة أبي بكر عثمان بن محمد.

‌أبو العدل الشاعر:

قد ذكرنا في ترجمة أبي عبد الله الشبلي وأبي عبد الله الدنف، حين أنشدهم الشبلي خادم المتنبي، وهم عند المتنبي، بيت أبي منصور المكفوف، وسألهم إجازته فقال أبو العدل:

شهدت أن هواها لست تاركه

حتى أموت وإن أودى بن الطيش

وذكرنا الحكاية بكمالها في ترجمتهما

(1)

.

‌أبو العز بن صدقه:

(2)

الحراني البغدادي وزير أبي المكارم مسلم بن قريش العقيلي، واسمه علي، كان يرجع إلى فضل وعلم وأدب وحسن تدبير وسياسة للملك، وكان مغاليا في مذهب السنة، وأبو المكارم مغال في التشيع.

وقدم مع أبي المكارم حلب حين ملكها وكان يتوسط عنده بالخير وعنده تدين، ثم إنه وصل الى حلب في سنة أربع وسبعين وأربعمائة، سيره أبو المكارم لجمع أموال حلب، وعدل عما كان يعمله في أول الأمر من العدل والإحسان، وصادر جماعة وضاعف الخراج، وكان أبو المكارم بالقادسية، فبلغ أبا العز الوزير أن

(1)

انظر ما تقدم ص 4515.

(2)

الترجمة التالية لترجمة أبي العدل في الاصل لابي عساف العقيلي، لكن المصنف كتب في الهامش: تؤخر، وكتب بالهامش مقابل ترجمة أبي العز: تقدم، فنفذت مطلبه.

ص: 4525

مملوكين أرادا قتل شرف الدولة أبي المكارم فعاد من حلب الى القادسية، فقبض عليه شرف الدولة وحبسه وصادره في سنة سبع وسبعين

(1)

قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد الكاتب الأصبهاني في (136 - ظ) حوادث سنة ثمان وسبعين وأربعمائه: في صفر كان مقتل شرف الدولة مسلم بن قريش، وكان أبو العز بن صدقة في اعتقال شرف الدولة فورد إلى بغداد فارا من حبسه، وكان قد اعتقله بعد أن وزر له السنين الطويلة ومهدّ أمره، ثم تغير عليه وقبضه فعاتبه بعض أصحابه فقال: ما آمنه لأنه عازم على قتال ابن جهير، ومتوجه

(2)

الى حربه ولولا ذلك لأطلقته، فإنني أخاف أن يخرج منه علي ما لا أتلافاه.

وحبسه بالرحبة وساعده ابن الجسّار وعمل سفينة خفيفة، وأظهر إنه يريد أن يخدم بها شرف الدولة، فلما تم خرج في زي امرأة من بيت عجوز إلى جنب الحبس نقب إليه، وخرج فلما وصل الى الباب قال بعض الناس: هذه الامرأه ما أطولها: فقال ابن الجسار: امسك قطع الله لسانك لا تذكر حرم الناس وكان الفرات ناقصا فلما جلس في السفينة زاد ذراعا، فانحدر الى الأرحاء ببغداد، وقصد باب المراتب.

وحكي عنه أنه كان يخاطب أصدقاءه بعد أن ولي الأعمال العظيمة والولايات بما كان يخاطبهم به، ويقول: لم ينقصوا بل زدت أنا، وزيادتي لا تمنع من توفيتي ما عودتهم.

وتوفي ابن صدقة بعد وصوله بأربعة أشهر (137 - و) في جمادي الأولى من هذه السنة

(3)

(1)

من أجل حكم مسلم بن قريش لامارة حلب انظر كتابي امارة حلب:163 - 170.

(2)

الاشارة هنا الى مسلم بن قريش، وحول حربه ضد ابن جهير انظر كتابي امارة حلب:171 - 173.

(3)

يفترض أن هذه المادة نقلت من كتاب نصرة الفترة وعصرة الفطرة للعماد الأصفهاني، وقد هذب الفتح البنداري هذا الكتاب ونشر باسم تاريخ دولة آل سلجوق، وحذف البنداري هذا الخبر أثناء التهذيب، ومعروف من كتاب النصرة نسخة خطية واحدة محفوظة في باريس، اتفقت مؤخرا مع مستشرق روسي على نشرها بالعربية وترجمتها الى الروسية أيضا.

ص: 4526

‌أبو العز بن علي بن المهنا:

المعري، أخو الناصر المعري، شاعر مجيد ومن شعره ما نقلته من خط يحيى ابن أبي طي النجار في مجموع له:

ونائم عن سهري قال لي

وقد طواني حبه طيا

أأنت حي بعد قلت: انتبه

فالميت في النوم يرى حيا

وله أيضا:

أيها البدر الذي حاز الملح

وحوى تيها ودلا ومرح

بالذي أعطاك في الحسن المنى

ارحم الصب الذي فيك افتضح

لتعطف على ذي لوعة

أفسد الهجران ما منه صلح

‌أبو عساف العقيلي:

شاعر كان بباب سيف الدولة بن حمدان من أهل البادية روى عنه أبو علي الهائم شيئا من شعره.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي القاسم علي عن أبيه (336 - و) المحسّن بن علي التنوخي قال أنشدني أبو علي الهائم قال: أنشدني أبو عساف الحاجي العقيلي، شيخ طويل كان بباب سيف الدولة حينا، ورجع إلى باديته:

ولقد عهدت بها نعائم ترتعي

وكأنها نوق بدت في أحلس

قصبا الحشائش سوقها فكأنها

قصب الزمرد أو عيون النرجس

‌أبو عطاء:

دخل على هشام بن عبد الملك بالرصافة فسأله عن فقهاء الأمصار، روى ذلك عنه ابنه عثمان بن أبى عطاء.

ذكر أبو المؤيّد الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي في مناقب

(1)

أبي حنيفة

(2)

(1)

كذا بالاصل.

(2)

لم استطع الوقوف عليه.

ص: 4527

رضي الله عنه قال: أخبرنا الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي الرشكى، قال:

قرأت على الإمام الحاكم أبي سعد المحسن بن محمد الملقب بابن كرامة الجشمي رحمه الله قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد النجار قال: أملى علينا أبو نصر الحسن بن أبي مروان قال: حدثنا أبو تراب أحمد بن سهل الطوسي قال: حدثنا أبان بن عبد الله قال: حدثنا قثم بن أبي قتادة عن عثمان بن أبي عطاء عن أبيه قال:

دخلت على هشام بن عبد الملك بالرصافة فقال: يا أبا عطاء هل لك علم بعلماء الأمصار؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين، قال: فمن فقيه أهل المدينة؟ قلت: نافع مولى ابن عمر، قال: فمن فقيه أهل مكة؟ قلت: عطاء بن أبي رباح، قلت

(1)

مولى أم عربي؟ قلت: لا بل مولى، قال: فمن فقيه أهل اليمن؟ قلت: طاوس بن كيسان، قال: مولى أم عربي؟ قلت: لا بل مولى، قال: فمن فقيه أهل اليمامة؟ قلت: يحيى بن كثير، قال: مولى أم عربي؟ قلت: لا بل مولى، قال: فمن فقيه أهل الشام؟ قلت: مكحول، قال: مولى أم عربي؟ قلت: لا (137 - ظ) بل مولى، قال: فمن فقيه أهل الجزيرة؟ قلت: ميمون بن مهران، قال: مولى أم عربي؟ قلت:

لا بل مولى، قال: فمن فقيه أهل خراسان؟ قلت: الضحاك بن مزاحم، قال: مولى أم عربي؟ قلت: لا بل مولى، قال: فمن فقيه أهل البصرة؟ قلت: الحسن وابن سيرين، قال: موليان أم عربيان؟ قلت: لا بل موليان، قال: فمن فقيه أهل الكوفة؟ قلت: إبراهيم النخعي، قال: مولى أم عربي؟ قلت: لا بل عربي، قال: كادت تخرج نفسي ولا تقول واحد عربي.

(1)

كذا بالاصل والاقوم «قال» .

ص: 4528

‌ذكر من كنيته أبو علي

‌أبو علي بن الضرّاب:

الحلبي الشطرنجي الشاعر، شاعر مجود، كان بحلب، وكان يجالس سديد الدولة أبا الحسن بن منقذ، روى عنه أبو علي الحسن بن محمد بن الفضل الكرماني السيرجاني، وسمع منه بحلب، وقد ذكرنا روايته عنه في ترجمته.

قرأت بخط القاضي أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة قال الشيخ أبو علي بن الضرّاب الحلبي يمدح العميد الرشيد شرف الملك أمين الحضرتين أبا سعد محمد بن منصور الأصبهاني:

خليلّي إن لم تسعداني على وجدي

فلا تعذلاني ما شتت الهوى وجدي

تسومان مني سلوة بعد ما بدا

لعيني لمع البرق بالأبلق الفرد

ولو كنتما خدني سهاد ولوعة

وعند كما من لاعج الشوق ما عندي

(138 - و)

لما لمتماني في الهوى ورثيتما

لمن بات منه في جهاد وفي جهد

فهل نفحة من جوّ هند أسوفها

(1)

وقد عبقت أعطافها من ربى نجد

عليلة أنفاس إذا ما تنفست

أتتك بأنباء عن البان والرند

لعليّ أن أطفي بها نار لوعتي

إذا خطرت أو أن أكفّ بها وجدي

وكيف تكفّ النّار ناسمة الصّبا

وما برحت بالريح ساطعة الوقد

أيا طللى هند سلام عليكما

وإن هجتما لي الوجد يا طللى هند

فكم أرب قضّيته في رباكما

وعيش تقضىّ في ظلالكما رغد

وخالية بالحسن حالية به تروح

على وصل وتغدو على صدّ

من البيض يمتار الضحى من جبينها

وجنح الدجى من فرعها الفاحم الجعد

إذا جال لحظ العين في حسن وجهها

أبى الحسن فيه أن يقر على حد

(1)

السوف: الشم والصبر. القاموس.

ص: 4529

وإن سحبت ريط

(1)

الدياجي لزورة

وأبدت من الأشواق مثل الذي أبدي

فمن ريقها خمري ومن حسن لفظها

سماعي ومن توريد وجنتها وردي

وفت لي ولون الرأس أسود حالك

يروق فلما حال حالت عن العهد

لإن بيّضت رأسي السنون بمرّها

لما هصرت فرعي ولا ثلمت حدّي

وما زلت ورّادا على كل خطّة

اذا ما أنارت حلة للردى تردي

وأعرض عن شرب النمير وبي ظما

شديد وذود

(2)

الهون يسرع في وردي

وإني إذا ما استفحل الخطب وانبرت

زحوف الرزايا في طراد وفي طرد

(138 - ظ)

لأركب أطراف العوالي إلى العلى

وقد صح عندي أنه مركب مرد

وأركب حتفي والحياة شهيّة

لها بين أنياب الأساود والأسد

ولو كان يجدي الاحتراز لعفته

فكيف وما يغني فتيلا ولا يجدي

سأقري الفيافي الغر كل نجيبة

تفرّ إلى الارقال من عنت الوخد

براها السرى حى تخيلت أنها

حباب تلوى أو صليف من القد

تجزّى بخفاق النسيم عن الكلا

وتغني بر قراق السّراب عن العدّ

وكيف ترود الروض والروض من يدي

وتستام ورد الماء والماء في غمدي

‌أبو علي بن كوجك:

الحلبي، كان من أهل حلب، وله شعر، وقيل انه ينتحل الشعر، واسمه محمد ابن علي.

قرأت في تاريخ مختار الملك المسبحي

(3)

في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة قال: وفي هذه السنة وصل أبو علي بن كوجك إلى مصر، ومعه جاريته حسن، وكانت صبية من أهل حلب تعرف بحسن بنت خاقان، من أهل بيت فيهم تصون وستر، واشتهت معاشرة الناس.

(1)

الريطة: كل ملاءة غير ذات لفقين، كلها نسج واحد، وقطعة واحدة. القاموس.

(2)

الذود: السوق والطرد والدفع. القاموس.

(3)

وصلتنا قطعة صغيرة منه فيها حوادث 414 - 416 هـ، نشرت في القاهرة.

ص: 4530

قال: ولها شعر صالح يستطرف من مثلها، وكانت تهوى غلاما من أولاد الكتاب المحارفين، وكان أديبا يعمل لأبي علي الشعر بعد الشعر، يمتاح به الناس، وكانت تكثر زيارته، فولدت على فراش أبي علي بن كوجك ولدا سمته المحسّن، وكنته أبا عبد الله، فخرج (139 - و) ثقيل الطلعة، بارد الشاهد، غث الأدب، وترسم بتعليم الصبيان فكانت تلك معيشته.

قال من أحسن غنائها شعر يزعم أنه لأبي علي بن كوجك وهو:

بكيت فأضحكني قوله

أتبكي ولي ناظر يطرف

وكيف أحاذر جور الهوى

ولي سيد في الهوى منصف

قرأت في كتاب الطنبوريين والطنبوريات

(1)

لعلي بن الحسين بن علي بن كوجك العبسي الحلبي قال: حسن جارية أبي علي بن كوجك-وليس المصنف- وذكر من حالها شيئا أضربت عن ذكره لقبحه.

وذكر المسبحي أيضا شيئا من ذلك، وذكرا جميعا أن سيدها سافر بها إلى مصر-يعني-من حلب.

‌أبو علي الصقلي:

أديب فاضل، حضر بحلب مجلس أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، وحكى عنه وعن أبي الطيب اللغوي، حكى عنه أبو الحسن علي بن منصور المعروف بدوخلة الحلبي.

قرأت في رسالة أبي الحسن علي بن منصور التي كتبها إلى أبي العلاء احمد ابن عبد الله بن سليمان، وأجابه أبو العلاء عنها برسالة الغفران: قال علي بن منصور: حدثني أبو علي الصقلي بدمشق قال: كنت في مجلس ابن خالويه اذ وردت عليه من سيف الدوله رحمه الله مسائل تتعلق باللغة (139 - ظ) فاضطرب لها ودخل خزانته واخرج كتب اللغة وفرقها على أصحابه يفتشونها ليجيب عنها،

(1)

لم أستطع الوقوف عليه.

ص: 4531

وتركته وذهبت إلى أبي الطيّب اللغوي، وهو جالس وقد وردت عليه تلك المسائل بعينها، وبيده قلم الحمرة، فأجاب به ولم يغيره، قدرة على الجواب

(1)

.

قلت كان هذا بحلب، لأن أبا الطيب ورد حلب إلى سيف الدولة، وجمع بينه وبين ابن خالويه وأقام بها الى أن مات، وقد ذكرنا ذلك في ترجمته.

‌أبو علي بن أبي حامد:

كان بحلب في أيام سيف الدولة، والمتنبي إذ ذاك بها، وحكى شيئا من أحواله. روى عن أبيه أبي حامد صاحب بيت المال، روى عنه المحسن بن علي التنوخي، وقد ذكرنا في ترجمة المتنبي عنه ما حكاه عنه.

‌أبو علي بن عمار:

القاضي، فخر الملك صاحب طرابلس الشام، كان بها مستوليا على أمرها إلى أن قصده الفرنج، فسار من طرابلس إلى بغداد، واجتاز في طريقه بحلب، أو عملها، وورد بغداد مستنفرا على الفرنج

(2)

، فأنفد السلطان محمد شبّارة

(3)

ليركب فيها، وأمر جميع الأمراء، وأرباب دولته بتلقيه واكرامه وكذلك أرباب دولة الامام المستظهر بالله، فلما نزل الشبارة قعد بين يدي الدست احتراما لمكان السلطان، فلما حضر عنده أكرمه واعتمد معه مالم يعتمد مع الملوك الذين معه (140 - و) مثله، ثم ذكر له ما ورد لأجله، ووصف له قوة عدوه، وطلب أن ينجده عليهم، ثم حضر الى دار الخليفة فذكر مثل ذلك ثم حمل الهدايا الى المستظهر وإلى السلطان، وكان فيها أشياء نفيسة، فوعده السلطان بالنجدة، وسير معه عساكر، وخلع عليه.

ثم ان الفرنج استولوا على طرابلس في ذي الحجة من سنة ثلاثين وخمسمائة

(4)

ونهبوها وسبوا النساء والاطفال، وغنموا الاموال، ثم ساروا الى جبيل وبها فخر

(1)

رسالة ابن القارح في رسائل البلغاء:276.

(2)

رجال الحملة الصليبية الاولى.

(3)

من انواع القوارب.

(4)

كذا بالاصل وهو تصحيف صوابه سنة اثنتين وخمسمائة. انظر تاريخ دمشق لابن القلانسي بتحقيقي:260 - 264.

ص: 4532

الملك أبو علي بن عمار، فملكوها، وخرج منها هاربا فسلم وقصد طغد كين صاحب دمشق فأكرمه وأقطعه بلادا كثيرة.

‌أبو علي الحلبي:

خطيب المسجد الأقصى، كان ورعا متدينا، وله كلام حسن مبين، أخذ عنه أبو بكر ابن العربي الإمام، صاحب كتاب الأحكام، وذكره في أول كتابه المسمى سراج المريدين

(1)

، فقال وإني لم أكن متخلقا بما أورده، ولا ضابطا على ما أعقده، فإن لي قدوة في شيخنا أبي علي الحلبي خطيب المسجد الاقصى، طهره الله، حضرت جمعه فيه، وقد علا على أعواد منبره فخطب: الحمد لله الذي تفرد دون خلقه بملك الدنيا والآخرة، وغمر برزقه كل نفس برة وفاجرة (140 - ظ) ثم ردهم بعد ذلك الى الحافرة «فإنما هي زجرة واحده. فإذا هم بالساهرة

(2)

»، أحمده على نعمته الوافرة، وأشكره على آلائه المتظاهرة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة باطنه ظاهرة، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ردده بين الأرحام المحصنة والأصلاب الفاخرة حتى أبرزه الله آية باهرة وابتعثه حجة قاهرة، فقام بأمر الله وشقاشق الكفر هادره، وبحاره زاخرة، ودعاته ثائرة، فلم يزل يجادل في الله بالأدلة المتناحرة، ويناضل عن دينه بالقواضب الباثرة حتى أطفأ النائرة،

(3)

وأعاد العيشة الناضرة، وأصلح أمر الدنيا والآخرة، صلى الله عليه وعلى الله وصحبه ما هطلت السحب الماطرة وجرت في البحار السفن الماخره.

عباد الله علوت على منبركم ولست بخيركم والله لو كانت الذنوب منظرا لكنت أفبحكم، أو ملبسا لكنت أخشنكم، أو صارت خبرا لكنت أفظعكم، أو فغمت

(4)

رائحة لكنت أتفلكم، فان تكلمت فنفسي أخاطب، ولئن وعظت فإني للتوبة طالب، وفي الإثابة راغب، يدعو إليها النهى ويصرف عنها الهوى.

قال: فأنزلتها من قلبي ثالثة الإيمان، وأضمرتها في نفسي حاجة لم أقضها الى

(1)

لم أستطع الوقوف على نسخة منه.

(2)

سورة النازعات-الآيتان:13 - 14.

(3)

النائرة: الفتنة.

(4)

فغم: سد خياشيمه. القاموس.

ص: 4533

الآن، ولكل شيء أوان، مع اعتقادي (141 - و) أنها بكر كلامه، وفضيضة ختامه، حتى رويت عن الحسن أن أبا بكر خطب فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإن لي شيطانا يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم ألا فراعوني فإن استقمت فأعينوني وان اعوججت فقوموني، ووليتكم ولست بخيركم. قال الحسن: بلى والله إنه لخيرهم ولكن المؤمن يهضم نفسه.

‌أبو علي الأنطاكي:

شاعر، قرأت له بيتين في الحماسة العراقية:

لا وحلو الهوى ومر التجني

ومخط العذار في صحن خدّه

لأذيبن وجنتيه بلحظي

مثل ما قد أذاب قلبي بصده

‌أبو علي الفقيه الخراساني:

الوزير، كان فقيها نبيلا، وزر لبعض القواد القادمين الى حلب في نفير خراسان، فإن بعض القواد من الاسباسلارية

(1)

قدم حلب، وكان هذا الفقيه وزيرا له، واجتمع بأبي القاسم الأفطسي بحلب، وحكى له مناما رآه: رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بالنفير، وحكى عنه الحكاية أبو القاسم الافطسي قال في ذكر فاطمة بنت محمد بن أحمد بن الشبيه، ما ذكره أبو الغنائم الزيدي في كتاب نزهة عيون المشتاقين، ورواه عن أبي اسماعيل يحيى بن أبي يعلى (141 - ظ) حمزة ابن أحمد الشاعر الأنطاكي قال: حدثني والدي أبو يعلى حمزة عن والدته فاطمة بنت محمد بن أحمد بن محمد الشبيه فذكر حديث فتح الروم حلب في سنة احدى وخمسين وثلاثمائة، وأسرها وخلاصها من الأسر-على ما نذكره في ترجمتها مع النساء إن شاء الله تعالى-قال: ثم جاء نفير من خراسان الى حلب مع اسباسلار من القواد جليل في خمسة آلاف فارس، فأنزلهم سيف الدولة، وحمل اليهم ما أعده لهم من الهدايا والعلوفات الكثيرة، وكان وزير هذا الاسباسلار شيخا كبيرا نبيلا يعرف بأبي علي الفقيه، فسأل عن امرأة شريفة أسرت فعرفوه

(1)

أي من ذوي الرتب العالية.

ص: 4534

خبرها فجاء إلى أبي القاسم الأفطسي الشاعر-يعني-زوج فاطمة المذكورة، وقال له: إنّا لم نعلم بفتح حلب، إلاّ أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: يا أهل خراسان ما تنفرون؟ فقلت: إلى أين يا رسول الله؟ فقال:

إلى حلب فإن العدو قد فتحها وأسر لي منها بنتا، فقلت: يا رسول الله فتدع بنتك مع الروم؟ فقال: لا ما تركتها، فتنبهت، وقد جئت وأنا أسأل عن الخبر، وذكر تمام الحكاية، ذكرناها في ترجمة فاطمة.

‌أبو علي الضرير المقرئ:

البجائي من بجاية بلد بالمغرب رجل مقرئ، عارف بالقراءات تصدر بجامع حلب لإقراء الناس، وإفادتهم، وأدركته وكان يقرأ على شيخنا أبي الحسن علي بن (142 - و) قاسم بن الزقاق الاشبيلي، حين ورد حلب، وكان أبو علي هذا رجلا صالحا، حسن الأداء، وانتفع به جماعة من الطلبة، وقرأ بحلب في ليلة من الليالي ثلاث ختمات وسورة البقرة من الختمة الرابعة في ركعة واحدة، وهو قائم وأكمل من سورة آل عمران الى آخر الربع الاول وهو جالس، وصلى الصبح في أول الوقت، وحضر ذلك جماعة من القراء، وكتبوا خطوطهم بذلك، وعرفت ذلك في وقته بحلب.

وكان سبب ذلك أن بعض القراء الشيعة استصغر فعل عثمان رضي الله عنه أنه ختم القرآن في ركعتين الى الصباح، وقال: أنا أفعل أكثر من فعله، وختم القرآن في ركعة واحدة قبل الصبح، أو أنه زاد على الختمة بما لا أتحققه الآن، فحمله ذلك على أن فعل ذلك اظهارا لزيادة قدرته على الاسراع في القراءة، وأن الفضيلة في فعل عثمان ترتيله القرآن وتدبره.

وبلغني عن أبي علي المقرئ هذا أنه قرأ على محي الدين محمد بن علي بن محمد بن العربي الحاتمي، في ليلة من ليالي الصيف بحلب ختمة جمع فيها للقراء الثمانية، أعني السبعة ويعقوب

(1)

، وتوفي أبو علي المقرئ هذا بحلب، بعد العشر والستمائة بسنين.

(1)

لعله يعقوب بن اسحاق الحضرمي قارئ أهل البصرة في عصره، وقد توفي سنة خمس ومائتين. انظر معرفة القراء الكبار للذهبي:1/ 157 - 158.

ص: 4535

‌ذكر من كنيته أبو عمر

‌أبو عمر بن عامر المصيصي:

روى عن الفرج بن سعيد الطرسوسي (142 - ظ) روى عنه عمر بن أحمد ابن السني.

أخبرنا السلار بهرام بن محمود بن بختيار الأتابكي-فيما أذن لي فيه-وقد سمعت منه غيره بظاهر دمشق، قال: أخبرنا الحافظ عبد الخالق بن أسد بن ثابت قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن أبي سعد البغدادي الحافظ بأصبهان من لفظه إملاء، قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار بن محمد قال: حدثنا أبو سعد بن حسنويه قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: حدثنا عمر بن أحمد بن السني قال: حدثني أبو عمر بن عامر المصيصي قال: حدثني فرج بن سعيد قال: حدثني مبشر بن اسماعيل قال: قلت للأوزاعي: الرجل نراه يجالس أصحاب البدع فنلقاه فنعاتبه فيقول: أنا ليس بيني وبين الناس إلا خير؟ فقال الأوزاعي: هذا رجل يريد أن يجمع بين الحق والباطل، وهما لا يجتمعان.

‌أبو عمر المنبجي:

روى عن خالد بن سعيد، روى عنه محمد بن بكر البالسي. (143 - و).

‌أبو عمر الريحاني:

الواعظ، سمع بمعرة النعمان أبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، روى عنه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب.

أنبأنا أبو عبد الله بن الدبيثي قال: أنشدني أبو عبد الله أحمد بن علي الخطيب من حفظه بباب منزله بدار القز قال: أنشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب

ص: 4536

النحوي قال: أنشدني أبو عمر الريحاني الواعظ قال: أنشدني أبو العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي لنفسه:

أأمكث في الدنيا كما هو عالم

ويسكنني نارا كقيصر أو كسرى

عبرت أسيرا في يديه ومن

يكن له كرم تكرم بساحته الأسرى

ص: 4537

‌ذكر من كنيته أبو عمرو

‌أبو عمرو مولى بني هاشم:

سمع بحلب محمد بن أيوب الأنماطي، روى عنه أبو عبد الله بن مندة الحافظ.

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.

وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الدمشقي، وأبو الفضائل محمود بن أحمد بن عبد الواحد قالوا: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد قال:

حدثنا والدي قال: أخبرنا أبو عمر

(1)

مولى بني هاشم قال: حدثنا محمد بن أيوب الأنماطي بحلب، فذكر حديثا (143 - ظ) سقناه في ترجمة محمد بن أيوب بهذا الإسناد

(2)

.

‌أبو عمرو العثماني:

سمع بحلب محمد بن عبد الرحمن الهمذاني، واسمه عثمان بن محمد، وقد ذكرناه فيما تقدم، وسقنا عنه حكاية في ترجمة محمد بن عبد الرحمن.

‌أبو عمرو الاوزاعي:

اسمه عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، تقدم ذكره.

‌أبو عمرو الكرجي:

الطرسوسي، قاضي معرة النعمان، واسمه عثمان بن عبد الله الطرسوسي قد تقدم ذكره.

(1)

كتب ابن العديم في الهامش: صوابه «أبو عمرو» .

(2)

سقطت ترجمته من تاريخ ابن عساكر.

ص: 4538

‌أبو عمرو الضّبابي:

كان من العباد الغزاة، وصحب الصوفية وتأدب بأخلاقهم وصحب محمد بن الخضر التيمي، وغزا معه، ومات في غزاته تلك، حكى عنه محمد بن الخضر التيمي.

أخبرنا أبو نصر عبد العزيز بن يحيى بن المبارك الزبيدي ببغداد قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبريّ قالت: أخبرنا جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد بمصر قال: أخبرنا أبو صالح السمر قندي قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن القاسم بن اليسع بالقرافة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن عبد الله الصوفي قال: قال أبو حمزة محمد بن ابراهيم الصوفي: حدثني الصلت بن بهرام المجاشعي قال: حدثني محمد بن (144 - و) الخضر التيمي قال: كان أبو عمرو الضبابي من أحسن من رأيته وجها ممن صحب الصوفية، وكان لا يرافق أحدا ولا يجالسه ولا يؤانسه إلا في طريق، فأتاني ذات يوم، ونحن ببلاد الروم، فقال: هل لك في مرافقتي فإني قد مللت الوحدة، وطالت عليّ الوحشة؟ فقلت: على خلال ثلاث، قال: وما هي؟ قلت: على أن لا أراك ضاحكا الى أحد من خلق الله، ولا مشتغلا بغير طاعة الله عز وجل ولا تعمل عملا حتى أقول لك، قال: قد فعلت، وكان معي لا يفارقني في حج ولا غزو، فكنت أرى منه أمورا أعلم أن الله سيرفعه بها في الدنيا والآخرة من حسن صلاته، وكثرة صيامه، وطول صمته، وقلة كلامه، فقلت له ذات يوم لأتبيّن معرفة عقله: ألا أشتري لك جارية، فقال: وما أصنع بها؟ قلت: ما يصنع الرجل بملك يمينه، فقال: لو أردت هذا لم أترك أهلي وأشخص عن وطني، وأخرج عن دنياي، ولكان لي منهم مقنع، وفي المقام معهم متسع، فقلت: ألق هذا الصوف عنك فإنه قد أثر ببدنك، وأنهك جسمك، فقال: أتأمرني أن ألقي عني ثوبا أتقرب الى الله عز وجل بخشونته وبفساعة ريحه

(1)

، وأنا أرجو منه حسن الثواب عليه عند منقلبي اليه! قلت: فهل لك أن تفطر فإن الصيام قد أنحلك والظمأ قد غيرك؟ فقال: سبحان

(1)

لعله قصد فظاعة ريحه.

ص: 4539

الله (144 - ظ) ما أعجب ما تأمرني به، هل الدنيا إلا يومان: فيوم قد مضى لي أو علي، ويوم أنا فيه لا أدري بما يختم لي من رحمة أو عذاب، فإن عذبني وأنا على حالة أتقرب اليه بها فهو أجدر أن يعذبني إذا فعلت أمرا أنا فيه مقصر، قلت:

فصم يوما وأفطر يوما، فقال: ذلك صوم الأبرار ومن أمن النار، الذين علموا أن الله عز وجل متجاوز عنهم، وقابل منهم، فأما أنا فأنت تعلم أني غير عامل

(1)

بما سبق في الكتاب من شقاء وسعادة، والله لئن عذبني الله على طاعته أحب إليّ من أن يغفر لي وأنا على معصيته، على أنه غير جائر على من خلقه، ولا معذبا له إلاّ بذنب، قلت:

أفلا أشتري لك وطاء تنام عليه؟ فقال: وأي وطاء أوطأ من ظهر الارض وقد سماه الله عز وجل «مهادا»

(2)

والله لا أفرش فراشا ولا أتوسد وسادا حتى ألحق بالله عز وجل، فقلت: فهل لك أن تريح نفسك في هذه الغزاة وترجع، فقال: وا عجباه من قولك تأمرني أن أرجع عن الجنة وقد فتح لي بابها، والله لا أزال أعرض نفسي على الله تعالى لعله يقبلني، فإن رزقني وخصني بالشهادة فهو الذي كنت أحاول وفيه أطالب، وان حرمني ذلك فبالذنوب التي سلفت وأنا أسأل الله أن يتفضل علي بما سألته ويجيبني فيما دعوته، فغزا معنا ونحن في خلق كثير مع محمد بن مصعب (145 - و) فلقينا العدو، فكان أول من خرج، فقلت: أبشر بثواب الله عز وجل فقد أعطاك الرضا، وفوق المزيد، فقال بصوت ضعيف: الحمد لله على كل حال، لقد نظرت الى كل ما تمنيت فوق ما اشتهيت، وبلغت ما أحببت، وأدركت ما طلبت من حور وولدان وسلسبيل وريحان، وإياك والتقصير لعل الله عز وجل أن يبلغك ما بلغني، ويرزقك ما رزقني.

(1)

كذا بالاصل ولعل الصواب: عالم.

(2)

انظر سورة النبأ-الآية:6.

ص: 4540

‌ذكر من كنيته أبو عمران

‌أبو عمران الطرسوسي:

روى عن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، وأبي يوسف الغسولي، روى عنه أحمد بن علي بن الجارود، وأحمد بن الحسن بن عبد الملك، ويوسف بن محمد المؤذن.

أنبأنا أبو الحجاج بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد قال:

أخبرنا أبو طاهر الراشتيناني، ح.

قال أبو الحجاج: وأخبرنا أبو المحاسن بن الاصفهبذ قال: أخبرنا أبو الفضل الثقفي قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر الذكواني قال: حدثنا أبو محمد بن حيّان قال: سمعت يوسف بن محمد المؤذن يقول: سمعت أبا عمران الطرسوسي قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: ما تحت أديم السماء أحفظ لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي مسعود. (145 - ظ).

أخبرنا يوسف الآدمي-إذنا-قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور قال:

أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم صد بن عبد الله الحافظ قال: أبو عمران الطرسوسي قدم أصبهان.

حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أحمد بن علي بن الجارود قال: سمعت أبا عمران الطرسوسي يقول: سمعت أبا يوسف الغسولي يقول: دخلت على سفيان ابن عيينة وبين يديه قرصين من شعير فقال: يا أبا يوسف أما إنها طعامي منذ أربعين سنة

(1)

.

(1)

حلية الاولياء:7/ 272 - 273.

ص: 4541

‌أبو عمران الملطي:

من أهل ملطية، وكان أحد العباد والفرسان المجاهدين.

أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني-في كتابه إلينا من مرو-قال: أخبرنا أبو سعيد الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر المزكي-إجازة- قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى في كتاب تاريخ الصوفية قال: أبو عمران الثغري من أهل ملطية أحد الفرسان، سئل عن التصوف فقال: حال حيّر فبلبل فلم يبق للمتحيّر ما يعرف به.

ص: 4542

‌ذكر من كنيته أبو عمرة

‌أبو عمرة الانصاري:

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها، واختلف في اسمه فقيل (146 - و) أسير، وقيل يسير بن عمرو، وقيل بشير وقيل اسمه عمرو بن محصن وقيل ثعلبه بن عمرو، وقيل ثعلبة بن محصن، وقيل أسد بن مالك، وقيل عبد الرحمن.

وقد تقدم ذكره فيما سبق.

روى عنه المطلب بن عبد الله بن حنطب.

أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتّاب، وأبو عمران بن أبي تليد-إجازة-قالا: أخبرنا أبو عمر ابن عبد البر قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: في ذكر من كني من الصحابة على حرف العين، من كتاب الحروف: ومنهم أبو عمرة الانصاري زعم بعضهم أن اسمه ثعلبة بن عمرو، ويقال بشير بن عمرو، وقتل مع علي بصفين وابنه.

روى عن عثمان بن عفان.

وقال ابن السكن: أخبرنا محمد بن زبّان الحضرمي قال: حدثنا عيسى بن حماد قال: أخبرنا الليث عن محمد بن عجلان عن عاصم بن عبيد الله عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبي عمرة الانصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان في غزوة فأصابتهم شدة حتى هموا بنحر ظهرهم، ثم ان عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله: لو أنك أمرت الناس فجمعوا أزوادهم، فدعوت فيها بالبركة، رجوت ان يبلغهم الله بها، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعوا أزوادهم على

ص: 4543

نطع، فدعا فيه بالبركة، ثم أمرهم أن يأتوه رسلا لا يبادر (146 - ظ) بعضهم بعضا فاحتملوا الزاد حتى لم يبق منهم أحد، وبقي منه بعد فراغ الجيش، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الأن أكثر أو حين جمع؟ قالوا: والذي أكرمك بما أعطاك ما ندري أهو الآن أكثر أو حين أتي به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أني رسول الله، وأشهد أن لا يشهد بها أحد مخلصا إلا وجبت له الجنة.

روى هذا الحديث ابراهيم بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن الاوزاعي، وابراهيم جميعا عن المطلب بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يروه بهذا الإسناد غير ابراهيم والله أعلم

(1)

.

(147 - و).

‌أبو عمرة المازني:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها.

قال الواقدي: وفيها-يعني سنة سبع وثلاثين-قتل بصفين: عمار، وخزيمة ابن ثابت وأبو عمرة المازني، وكانوا مع علي.

(1)

وردت الرواية الاخيرة في ورقة أضافها المصنف فيما بعد ونبه الى وجودها انظر الاستيعاب لابن عبد البر على هامش الاصابة:4/ 133 - 134.

ص: 4544

‌ذكر من كنيته أبو العلا

‌أبو العلاء بن بوين المعري:

وهو من أقارب أبي الحسن علي بن جعفر بن بوين المعري، الشاعر المشهور، شاعر وقع إليّ بيتان من شعره رواهما عنه أبو جعفر محمد بن أبي البيان محمد ابن علي التنوخي المعري.

قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي. وأخبرنا به اجازة عنه أبوا: القاسم بن رواحة، وابن الطفيل، وغيرهما قال: أنشدني أبو جعفر محمد ابن محمد بن علي بن الجواري التنوخي، وسمعته يقول: أنشد أبو العلاء بن بوين المعري قريب ابن بوين الكبير بيتين من نظمه لوالدي، وسأله اجازتهما، وكنت حاضرا بمصر، وهما:

بخل الزمان على الكرام بصفوه

وكذاك فعل مباين الأخلاق

وذهبت أسعى في البلاد موازرا

عزما يقوم بصالح الأعراق

فقال أبي:

وسلكت فيه نهج كل ممجد

لو ساعدته معونة الخلاّق

ولقيت في أبنائه وصروفه

وخطوبه ما ذو البصيرة لاق (147 - ظ)

وتباعدت عني الحظوظ

وإنما بيد الإله مفاتح الأرزاق

(148 - و)

ص: 4545

‌ذكر من كنيته أبو العلاء

(1)

‌أبو العلاء بن سليمان المعري:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

اسمه أحمد بن عبد الله بن سليمان، وقد قدمنا ذكره.

‌أبو العلاء بن العين زربي:

أصله من عين زربة من الثغور الشامية، وكان يسكن دمشق، وكان شاعرا مجيدا، روى عنه أبو الحسن علي بن مسهر الموصلي.

أنبأنا عبد المحسن بن عبد الله الطوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خميس الموصلي قال: حكى لي بعض الفضلاء من الأدباء وهو الرئيس الأديب أبو الحسن علي بن مسهر الموصلي رحمه الله أنه جاءه بدمشق في سنة نيف وسبعين وأربعمائة أبو العلاء بن العين زربي باكيا حزينا، فسأله عن حاله، فقال: انني عملت في المنام أشعارا كثيرة، لما أهذي به في اليقظة، فما حفظت منها شيئا، وقد رأيت ملك الموت عليه السلام في هذه الليلة الماضية وهو يقول لي: أنا ضيفك فعملت في المنام هذين البيتين وحفظتهما وهما:

قضى الله أن أقضي وتقضى منيتي

ولم أقض في الدنيا مناي ومنيتي

فلله ضيف زارني فقريته

حياتي فولى ظاعنا حين ولت

(139 - و) قال: ثم انه خرج عني، فوصلني خبره بعد يومين أو ثلاثة أنه مات الى رحمة الله تعالى.

‌أبو العلاء بن أبي الندى:

المعري، واسمه المحسّن، تقدم ذكره.

(1)

كذا بالاصل كرر العنوان.

ص: 4546

‌ذكر من كنيته أبو عيسى

‌أبو عيسى بن موسى:

ابن أبي القاسم بن محمد القزويني، شيخ حسن، حدث بحلب عن أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي، وتوفي بحلب في منتصف شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة، رحمه الله.

‌أبو عيسى بن الطبيب:

العامل على خراج الثغور حدث بطرسوس عن أبي الطيب بن جهور القاضي.

روى عنه القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي.

ص: 4547

‌حرف الغين في الكنى

‌أبو الغادية المري:

وقيل الفزاري شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وقيل انه هو الذي قتل عمار بن ياسر، وقد سبق في باب العين المهملة ذكر أبي عادية الجهني، وأنه طعن عمارا، وقتله غرة، وذكر شبيها بهذه القصة.

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي قال:

أخبرنا أبو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس بن المنجا بن كروس السلمي قال: حدثنا أبو الفتح نصر بن ابراهيم بن نصر المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر مسدد بن علي ابن عبد الله الأملوكي الحمصي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن علي بن الحسن بن ابراهيم العتكي الأنطاكي قال: حدثنا علي-يعني-أبا الحسن بن محمد بن السكن اللؤلوي قال: حدثنا الحسن بن (149 - ظ) عرفة قال: حدثنا خلف بن خليفة عن أبان المكين عن أبي هاشم الرماني أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كان جالسا على سرير اذ جيء برأس عمار بن ياسر، وألقي بين يديه، وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فجاء رجل فقال: أنا والله قتلته، فقال عبد الله بن عمرو:

ما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: إنا لله وإنا اليه راجعون، قال: اذهب ما أنت قتلته، أو قال ما أنت قاتله، اذ جاء قاتله أبو الغادية المري، فقال أنا والله قتلته، فقال له عبد الله بن عمرو: ما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: يا جبريل يا ميكائل، قال عبد الله: أوه أنت والله قاتله، أو أنت والله قتلته، أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قاتل عمار وسالبه في النار، فقال له معاوية:

ما تريد مني يا عبد الله تريد تضل الناس عني، فقال عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شيئا فقلت مثله.

ص: 4548

وقد قيل ان أبا الغادية طعنه وابن حوي احتز رأسه، وأن عمرو بن العاص قال لابن حوي، وقد قال: أنا قتلته، فقال له عمرو: فما كان منطقه؟ قال: ابن حوي: سمعته يقول:

اليوم ألقى الأحبة

محمدا وحزبه.

وقد ذكرنا ذلك في ترجمة ابن حوي فيما يأتي ان شاء الله تعالى من هذا الكتاب، وقد ذكرنا في ترجمة أبي عادية الجهني أنه هو الذي طعنه، والله أعلم.

(150 - و)

ص: 4549

‌ذكر من كنيته أبو غالب

‌أبو غالب الانطاكي:

حدث عن يحيى بن السكن، روى عنه علي بن حمزة بن صابح الأنطاكي علّون وأحمد بن محمد بن مسعود الأنطاكي.

‌أبو غالب الملطي:

روى بطرسوس عن أبي زرارة الريحاني، روى عنه أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي القاضي.

‌أبو غالب بن عبد الحق:

وزير آق سنقر البرسقي، قدم حلب سنة ثمان عشرة وخمسمائة، صحبة البرسقي، حين قدم حلب والفرنج محاصروها فرحلهم عنها، وملكها، ولما قتل البرسقى وزر لابنه مسعود بعده.

ص: 4550

‌ذكر من كنيته أبو غانم

(1)

‌أبو غانم بن سعيد بن عبد المنعم بن المنذر الحلبي

(2)

:

الملقب بالشرف بن الصيفي، أبي الفضل، شاب حسن فاضل اشتغل بالأدب، وقال الشعر الحسن، وولاه الملك الظاهر غازي بن يوسف القرية التي كانت له بالغور اقطاعا من عمه، وتعرف بالزراعة، فأقام مدة في دمشق وكان بيني وبينه اجتماع ومؤانسة، جمع بيننا اشتغالنا بالنحو في الحلقة، واجتماعنا في حلق الكتب لابتياعها، كتب (151 - ظ) لي أبياتا من شعره، وكنت قد وعدته باعارة ديوان شعر ابن عمار الكوفي، فأرسلها إليّ يقتضيني انجاز الوعد باعارته:

قل لفلان الدين يا سيدا

أضحى به زند الورى واري

وعدك بالأمس غدا باعثا

شوقي إلى شعر ابن عمار

فأعمر به ربع سروري فقد

نادته في ناديك أشعاري

‌أبو غانم بن المفضل:

ابن عبد الرزاق بن أبي حصين المعري، الملقب بالصفي، روى عن جده القاضي أبي غانم عبد الرزاق، وعمه القاضي أبي البيان محمد بن عبد الرزاق، روى عنه العماد أبو حامد محمد بن محمد بن أخي العزيز الكاتب.

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن عبد الجبار المقدسي قال: أخبرنا أبو حامد محمد بن محمد الكاتب قال: أنشدني القاضي الصفي أبو غانم بن أبي حصين

(1)

كتب المصنف بالهامش: يكتب هنا من الورقة التي بعدها أبو غانم بن سعيد بن عبد المنعم.

(2)

كتب ابن العديم بالهامش: يقدم في أول من كنيته أبو غانم. فقدمته.

ص: 4551

قال: أنشدني أبو البيان محمد قال: أنشدني عمي أبو يعلى في (150 - ظ) الزّلي

(1)

والمنشفة الرومي عند دخول الحمام:

ورومي حلعت عليه يوما

ثيابي كلها مع طيلساني

فلا بالمنطق الرومي أثنى

عليّ وقال هذا قد كساني

ولا قال اشكروا عني فلانا

فإني لا يطاوعني لساني

فعدت لآخذها فتشبشت بي

له أخت من البيض الحسان

(2)

وقال العماد أبو حامد الكاتب: أنشدني القاضي أبو غانم بالشام سنة سبعين وخمسمائة قال: أنشدني جدي أبو غانم لنفسه يصف الفقاع

(3)

:

ومحبوس بلا جرم جناه

له حبس بباب من رصاص

(4)

وقد ذكرنا الأبيات الثلاثة في ترجمة جده عبد الرزاق.

‌أبو غانم بن أبي الفتح بن الموصول:

الحلبي الأسدي له شعر، أنشدني عنه بعضه ابن عمي أبو يعلى عبد الكريم ابن عبد الصمد.

أنشدني ابن عمي أبو يعلى عبد الكريم بن عبد الصمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أنشدني أبو غانم بن أبي الفتح بن الموصول الحلبي لنفسه بها:

صاح دعني وما تقول الأعادي

وارتقي بي الى مكان الرشاد

ودر اللهو واسقني بنت كرم

عتقت في الدنان من عهد عاد

نزلت في الكؤوس كالنار يحكي

نورها نور كوكب وقّاد

(1)

لم اهتد الى المعنى الدقيق لهذه الكلمة وان كان من الواضح من سياق الرواية معناها العام.

(2)

انظر الخريدة- قسم الشام-2/ 62.

(3)

الفقاع شراب يتخذ من الشعير بعد تخميره، عرف بذلك لما يعلوه من الزبد.

(4)

الخريدة-قسم الشام 2/ 65.

ص: 4552

واستدار الحباب فاللؤلؤ الرطب

عليها كحل عقد اعتقادي (151)

وان تعسفتني بظلم فإني

مستجير بسادة أنجاد

‌أبو غانم بن الحلاوي:

الشاعر الحلبي، واسمه .....

(1)

، تقدم ذكره.

‌أبو غانم بن العديم:

الزاهد عمي، اسمه محمد بن هبة الله، قد تقدم ذكره.

‌أبو غانم النجار:

الحلبي الحاجي روى عن ابن منير الشاعر شعرا له. روى لنا عنه الشريف أبو الحسين علي بن محمد بن داود بن الناصر الحلبي.

أنشدني الشريف أبو الحسين بن الناصر الحسني الحلبي بها قال: أنشدني الحاجي أبو غانم النجار الحلبي ببليرمون

(2)

قال: أنشدني أبو الحسين أحمد بن منير لنفسه في ملك النحاة، وقد خمشه قط في يده:

عتبت على قط ملك النحاة

وقلت أتيت بغير الصواب

خشت يدا خلقت للندى

وفك العناة وضرب الرقاب

فقال لي القط ويك اتئد

أليس القطاط عداة الكلاب

(3)

وقد قيل أن هذه الأبيات لوحيش الشاعر، وقيل انها لفتيان الشاغوري.

‌أبو الغريب الاصبهاني:

ووجدته في موضع آخر أبو العريب بالضم، فلا أدري الضم بالغين أو بالعين وكان أحد الفقراء المجردين، أقام بطرسوس مدة، حكى عنه الحسين بن جعفر، وأبو القاسم فارس بن أبي الفوارس.

قرأت في كتاب الإخبار بفوائد الأخبار

(4)

، من كلام أبي بكر محمد بن

(1)

فراغ بالاصل حيث أهمل ذكر اسمه.

(2)

لم أهتد الى تحديد هذا الموقع.

(3)

ديوان ابن منير-ط. بيروت 124:1986 - 125.

(4)

لم أقف على ذكر بوجوده.

ص: 4553

ابراهيم بن يعقوب الطرسوسي قال: سمعت أبا القاسم فارس بن أبي الفوارس يقول: كنا بمصر جماعة من الفقراء ومعنا أبو الغريب، وكان يأتينا بالجامع حدث من أبناء المياسير، فوقع في قلب أبي العريب، فكان اذا رآه تغير وأدخل رأسه في مرقعته لا ينظر اليه، فقلنا له يوما: باسطه لعله يخف عنك، فمد كفه اليه كالسائل، وهو عنه معرض فدفع الفتى اليه خاتمه، فلبسه أبو العريب، وذهب الفتى وأخبر أبوه بذلك، فأرسل الى أبي العريب يسترد خاتم ابنه، فأدخل أبو العريب اصبعه (152 - و) في فيه يخرج الخاتم فامتنع عليه، فلم يملك اصبعه

(1)

أن قطع اصبعه بأسنانه، ووضعها مع الخاتم في كف الرسول، وقام فخرج.

قال أبو القاسم: فخرجنا في الفداء بعد سنين، فاذا أنا به في بعض بلاد الروم، فقلت له: كيف تجدك؟ فقال: كما كنت، قلت: ويحك قد عاش الفتى ومات أبوه، فلو قدمت معنا، فقال: والله لا دخلت ديار الاسلام وسرّي يعبد سواه.

ونقلت من كتاب سير السلف

(2)

تأليف الحافظ أبي القاسم اسماعيل بن محمد ابن الفضل: ذكر أبي الغريب الاصبهاني، رحمه الله، لقي المتقدمين من المشايخ، أقام بطرسوس برهة، ثم رجع الى مكة، ثم رجع الى شيراز فاعتل فيها علة شديدة وظننا أنه يموت، فقال: ان مت بشيراز فادفنوني في مقابر اليهود فتعجبنا من قوله، وسألناه عن ذلك فقال: اني سألت الله عز وجل أن يكون موتي بطرسوس ولا أشك أن موتي هنالك، فبرأ من العلة وخرج، وآخره مات بطرسوس.

وقال: قال الحسين بن جعفر: دخلنا على أبي الغريب بطرسوس وقد ورمت فخذاه، وشق من وركه الى ركبته، وسال منه القيح الكثير وهو بحالة عجيبة، فقال له بعض أصحابنا: كيف أنت؟ فقال: كما ترى، وبعد ما قلت «مسني الضرّ»

(3)

مات بطرسوس.

(1)

كذا بالاصل.

(2)

لم أقف على ذكر بوجوده.

(3)

في هذا اشارة الى قوله تعالى في سورة الانبياء-الآية 83: «وأيوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين» .

ص: 4554

‌أبو الغزير:

صاحب أبي عبيد البسريّ الزاهد، حكى عن أبي عبيد (151 - و) حكاية جرت له معه، وهو في الغزاة ببلاد الروم، رواها عنه عبيد بن فايد، فقد دخل في غزاته حلب أو بعض عملها.

أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أنبأنا أبو محمد بن الاكفاني قال:

أخبرنا أبو علي الحسين قال: حدثنا أحمد بن أبي حريصة الهمذاني-اجازة-قال:

أخبرنا عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر بن الجبّان قال: وحدثني أبو القاسم الفضل بن جعفر بن محمد المؤذن قال: حدثنا أبو يعقوب الاذرعي قال: حدثنا عبيد ابن فايد قال: قال لي أبو الغزير: كنت أنا وهو-يعني-أبا عبيد في بلاد الروم، وكنا قد هادفنا العدو فوقع فرس أبي عبيد للموت فجعلت أنا أتقلى من عدوّ مواجهنا وفرس يموت وهو قائم يصلي، فلما التفت من صلاته قلت: في هذا الموضع تصلي؟ فقال: ما أجد في قلبي شيئا، ثم نهض الفرس، وركب أبو عبيد، فقلت: لا أسأله بعدها عن شيء

(1)

.

‌أبو الغنائم تاج الملك:

واسمه

(2)

.

كان يتولى خزانة السلطان ملكشاه، وكان وجيها عنده، وقدم معه حلب، حين قدمها، وهو الذي تولى عمارة المسجد المعروف بمقام ابراهيم عليه السلام خارج باب العراق وشاهدت اسمه مكتوبا على الرواق الذي بين يدي المسجد منقورا في الحجر مع اسم ابنه محمد بن (153 - و) ملكشاه، وقد ذكرناه في حرف الخاء فيما تقدم من الكتاب.

قرأت في تاريخ أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن مقلد بن منقذ بخطه

(1)

لا ترجمة له في مخطوطة تاريخ دمشق لابن عساكر.

(2)

فراغ بالاصل، ولم يذكر اسمه في المواد التي أتي بها على ذكره في ترجمة نظام الملك الحسن بن علي الطوسي.

ص: 4555

في حوادث سنة خمس وثمانين وأربعمائة: قتل نظام الملك، وانه أتهم بذلك متولي الخزانة تاج الملك.

قال: وكان تاج الملك لا يفارق السلطان الى أن يدخل فراشه، ويدخل اليه وهو وخاتون في الفراش لا تختبي منه.

قال: وكان شيخا مليح الشيبة، أبيض الحواجب، يقول لي أبي: والله كأنه جدك رحمهم الله.

فلما مات السلطان-يعني-ملكشاه اجتمع مماليك خواجا بزرك

(1)

، وكانوا في سبعة آلاف مملوك مزوجين الى سبعة آلاف مملوكة له، وقالوا: ما قتل مولانا نظام الدين إلاّ بأمر تاج الملك، فانه باطني، وأمر به الباطنية فقتلوه، فوثبوا على تاج الملك فقتلوه، وتوازعوا جثته، فصار الى كل واحد منهم عظم أو قطعة لحم لفها، وجعلها في خريطته، حدثني بذلك جماعة من الثقات.

‌أبو الغوث بن محجز المنبجي:

شاعر مجيد، قيل انه انتقل من منبج الى حلب، وسكنها، وان درب أبي محجّز بالقطيعة ينسب اليه، وله مسجد حسن فيه، كان يقرئ فيه القرآن، وعندي في ذلك شك، فان الدرب ينسب الى أبي محجز لا الى ابن محجز.

وذكره أبو منصور الثعالبي في تتمة اليتيمة، وذكر له من الشعر قوله في غلام التحى (153 - ظ):

في سبيل الله خدّا

كان في الملمس خزّا

خانه الشعر فأضحى

يوسع اللاثم وخزا

قال: وله:

(1)

أي نظام الملك «السيد العظيم» .

ص: 4556

أيها الظبي الذي

أعرض عني وجفاني

فهو من أعظم همّي

حين أخلو بالأماني

ابتلاك الله مني

بالذي منك ابتلاني

ساعة حتى ترى كيف

الهوى ثمّ كفاني

قال: وكان يحفظ شعر البحتري.

قال: وكان أحضر الناس جوابا، وكان في عينيه سوء، فقال له صاحب منبج وقد رمدت عينه مرة: يا أبا الغوث قد اشرفت على العمى فماذا تعمل اذا عميت؟ فقال: أقرأ على قبرك أيها الأمير.

ص: 4557

‌حرف الفاء في الكنى

‌أبو فاختة:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وروى عنه، حدث عنه ابنه، وعمرو بن دينار.

أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود بن محمد الصابوني قال: أخبرنا أبو محمد ابن الخشاب النحوي-في كتابه-قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب (154 - و) قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى الجعفي قال:

حدثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي فاختة قال: أتيت عليّا يوم صفين بأسير، فقال له الاسير: لا تقتلني، فقال له علي: لا أقتلك صبرا اني أخاف الله رب العالمين، ثم قال له علي: أفيك خير، أتبايع؟ فقال الرجل: نعم، فقال علي للذي جاء به: خذ سلاحه، وخل سبيله.

ص: 4558

‌ذكر من كنيته أبو الفتح

‌أبو الفتح بن أحمد بن أبي الرءوس السروجي:

القاضي، دخل معرة النعمان، وقرأ بها على أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، وروى عنه شيئا من شعره، روى عنه أخوه القاضي أبو المهذب عبد المنعم بن أحمد بن أبي الرءوس.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري-قراءة عليه بمنزلي بحلب- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: سمعت أبا الزاكي حامد بن بختيار بن جروان النميري الخطيب بالشمانية-مدينة بالخابور-يقول: سمعت القاضي أبا المهذب عبد المنعم بن أحمد بن أبي الرءوس السروجي يقول: سمعت أخي القاضي أبا الفتح يقول: دخلت على الشيخ أبي العلاء التنوخي بالمعرة، ذات يوم، في وقت خلوة بغير علم منه، وكنت أتردد اليه وأقرأ عليه، فسمعته وهو ينشد قيله (154 - ظ):

كم غودرت غادة كعاب

وعمّرت أمها العجوز

أحرزها الوالدان خوفا

والقبر حرز لها حريز

يجوز أن تبطئ المنايا

والخلد في الدهر لا يجوز

‌أبو الفتح بن الاباريقي:

الحلبي الأديب، شاعر من أهل حلب روى عنه شيئا من شعره القاضي أبو البركات محمد بن علي بن محمد الأنصاري، قاضي سيوط وخرج عنه انشادا في مشيخته.

وسمع منه بحلب.

أخبرنا مرتضي بن حاتم المقدسي-في كتابه-قال: أخبرنا أبو البركات

ص: 4559

محمد بن علي القاضي قال: أنشدني الشيخ الأديب العفيف أبو الفتح بن الأباريقي الحلبي لنفسه:

شاور أخا اللب الفصي

ح فإن هديك في يديه

فمن استبد برأيه

عميت مراشده عليه

‌أبو الفتح بن بيان بن علي:

الحلبي الملقب بالتاج ابن أخت الاستاذ ثابت بن شقويق الأمّان، واسمه أحمد، وهو معروف بالكنية، رجل كيس، حسن المحاضرة، طيب المذاكرة ينظم الشعر، وهو متستر متدين، وكان متشيعا، روى لنا عن الاستاذ حماد البزاعي، وأبي جعفر بن المؤيد بن الحواري المعري، والمؤيد محمد بن يوسف بن الدخوار، وروى عن الشريف النسابة محمد بن أسعد الجواني.

سألته عن مولده في (155 - و) الحادي والعشرين من شعبان سنة أربع وعشرين وستمائة، فقال لي خمسة وستون سنة، فيكون مولده تقديرا في سنة ثمان أو سنة تسع وخمسين وخمسمائة.

أنشدني أبو الفتح بن بيان بن علي الحلبي بياقد

(1)

قال: أنشدني حماد البزاعي لنفسه:

يا بدر متّعت باشراقك

يا غصن منّيت بأوراقك

يا حسن الوجه عسى خلقك البد

يع يعدي سوء أخلاقك

يا نائم الليل هنيئا وان

حرمت فيه نوم عشاقك

فداء عينيك وحاشاهما

مما تلاقي عين مشتاقك

فاحذر على بعدك من داره

اذا بكى سرعة اغراقك

أنشدني أبو الفتح بن بيان الحلبي قال: أنشدني أبو جعفر بن المؤيد بن حواري المعري لنفسه:

(1)

قرية من نواحي حلب قرب عزاز.

ص: 4560

والأرض من خلع الغمام تدرّعت

حللا تعم تهائما ونجادا

وتلفعت صلع الأباطح والربى

من مونق العشب الأثيب بجادا

(1)

فتّظن أنفاس الشمال مريضة

والطير حول وسادها عوّادا

وشباه

(2)

ممشوق القوام مهفهف

فلّت مذربه الشفار حدادا

إن سلّه من غمد مقلمة غدا

صلاّ

(3)

يمجّ من اللهاة مدادا

أرى لمن أبدى خلوص ولائه

ونقيع سم للمريد عنادا

وإذا مشى بين الثلاث لكتبة

ابصرت منه فضائلا آحادا

خط يروق رواؤه فكأنما

نشرت أنامله بها أبرادا

(4)

(1)

الاثيب هنا الممتلئ، والبجاد: الثوب. القاموس، وفي نص دمية القصر المطبوع: أثيت، وهو تصحيف.

(2)

زاد في نص الدمية المطبوع: ومنها في صفة القلم. والشباة: إبرة العقرب. القاموس.

(3)

الصل: السيف. القاموس.

(4)

انظر دمية القصر:1/ 453 - 454.

ص: 4577

‌ذكر من كنيته أبو الفوارس

‌أبو الفوارس بن أبي الفرج:

البزاعي ابن أخت الأستاذ حماد البزاعي (165 - ظ) الأستاذ من أهل بزاعا، وكان مؤدبا بحلب، وله مكتب يعلم فيه أولاد الأعيان من الحلبيين، وانتفع به جماعة، وكان فيه صلاح وتقى، وعنده فضل وأدب، وينظم شعرا جيدا.

روى عنه شيئا من شعره أبو عبد الله محمد بن محمد العماد الكاتب، وعلي ابن سنان الحلبي السراج، وروى لنا عنه شيئا من شعره الزكي عبد الرحمن بن أبي غانم بن إبراهيم بن سندي الحلبي، والقاضي أبو محمد صقر بن يحيى بن صقر الفقيه، واسمه محمد بن أبي الفرج، واشتهر بالكنية، وقد قدمنا ذكره في المحمدين أيضا.

أنشدنا الزكي عبد الرحمن بن أبي غانم بن سندي قال: أنشدنا الأستاذ أبو الفوارس بن أبي الفرج البزاعي لنفسه، وذكر لي أنه عملها بديها، وقد اجتاز بدير عمان، وهو دير بجبل سمعان من غربي حلب وإلى جانبه دير سابان:

قد مررنا بالدير دير عمانا

ووجدناه داثرا فشجانا

ورأينا منازلا وطلولا

دارسات ولم نر السكانا

وأرتنا الآثار من كان فيها

قبل تفنيهم الخطوب عيانا

وبكينا فيه فكان علينا

لا عليه لماّ بكينا بكانا

لست أنسى يادير وقفتنا في

ك وإن أورثني النسيانا

من أناس حّلوك دهرا فخلو

ك وأمسوا قد عطلوك الآنا

(66 - و)

ص: 4578

فرقتهم يد الخطوب

فأصبحت خرابا من بعدهم أسيانا

(1)

وكذا شيمة الليالي تمي

ت الحي منا وتهدم البنيانا

حربا ما الذي لقينا من الدنيا

وماذا من خطبها قد دهانا

نحن في غفلة بها وغرور

وورانا من الردى ما ورانا

أنشدنا القاضي ضياء الدين صقر بن يحيى بن صقر قال: أنشدني أبو الفوارس الأستاذ لنفسه وقد عزل عامل بزاعا عنها وولي غيره.

مدبرا يعزلونه

ويولون مدبرا

شبه من يغسل الثياب

من البول بالخرا

قرأت للأستاذ أبي الفوارس البزاعي علي ظهر كتاب:

يا من كحلت بحسن صورته

عيني وكانت تشتكي الرمدا

فجلا القذا منها وآمنها

من أن تراه بعدها أبدا

أوليت عيني بالشفاء يدا

فأنعم وأول القلب منك يدا

فكلاهما في حبّك اشتركا

وعلى هواك معي قد اعتضدا

أنت الشّفاء لمدنف وصب

لو رام ذاك سواك ما وجدا

سألت غير واحد من أهل بزاعا عن وفاة أبي الفوارس الأستاذ فقال: قرب الستمائة. وسألت صديقنا زين الدين ابن النصيبي، وكان معلمه، عن وفاته، فقال:

توفي في غالب ظني في سنة تسع وثمانين وخمسمائة. (166 - ظ)

(1)

أي جبالنا. القاموس.

ص: 4579

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي

‌أبو الفوارس بن الطلائي:

الاسكندراني الواعظ، الملقب بالشمس، واعظ حسن، له قبول، قدم علينا حلب، ووعظ بها، وحضرت مجلسه وأنا صبي، ولا أتحقق ما سمعته منه، وله شعر حسن، روى لنا عنه شيئا منه الزين يونس بن أبي الغنائم المقرئ بالألحان.

أنشدني زين الدين أبو .....

(1)

يونس المقرئ قال: أنشدني أبو الفوارس الاسكندراني الواعظ بالقاهرة لنفسه:

رقصت لطيفة جوهر الأرواح

في جرم قالب هيكل الأشباح

وتمايلت مثل الغصون كأنها

شربت وما شربت سلاف الراح

وهي التي ما لم تزل سكرانه

(2)

من خمرة تسقى بلا أقداح

وإذا صحت من سكرة فلسكرة

لكنها سكرى بغير جناح

عربيّة عجمية صوفيّة

شاميّة مدنية يا صاح

ترتاح عند سماع ذكر حبيبها

شوقا له والعيش للمر تاح

وتأن أنّة عاشق جذب الهوى

بزما مه عن لذة الأفراح

علمت مباديها وعودتها له

وحي أتى من فالق الأصباح

(1)

فراغ بالأصل.

(2)

كتب المصنف في الهامش: في سكرها.

ص: 4580

‌حرف القاف في الكنى

‌ذكر من كنيته أبو القاسم

(168 - و)

‌أبو القاسم بن ابراهيم بن هبة الله:

ابن اسماعيل بن نبهان بن محمد الشافعي القاضي الفقيه الحموي، الملقب بالعماد، ويعرف أبوه بابن المقنشع، فقيه فاضل متورع، ولي قضاء حماة سنة اثنتي عشرة وستمائة، وبقي قاضيا بها إلى أن عزل عن القضاء، وتوجه إلى حلب فأقام بها مدة وتأهّل بها، وقطن، ثم رحل منها إلى حمص واتصل بخدمة الملك المجاهد شير كوه بن محمد بن شير كوه، وحظي عنده ثم من بعده عند ولده الملك المنصور إبراهيم، وسير إلى بغداد منها رسولا مرارا متعددة، وإلى حلب وغيرها من البلاد، ثم انتقلت حمص إلى الملك الأشرف موسى بن إبراهيم، فسيره رسولا إلى مصر إلى صاحبها الملك الصالح أيّوب، وكان قد صاهر وزير الملك الأشرف المخلص بن قرناص على ابنته، فتجدد من الحوادث أن قبض الملك الأشرف على وزيره المذكور، حميه ابن قرناص، فلم يعد إليه من مصر، وأقام بالديار المصرية إلى أن ولاه الملك الصالح أيوب القضاء بمدينة مصر، فبقي قاضيا يحكم بين الناس إلى أن عزل عن القضاء في سنة إحدى وخمسين وستمائة.

وكان موفقا في أحكامه عادلا في أقضيته حافظا لناموس القضاء، فقيها معتبرا، عارفا بالمذهب والخلاف، له هيبة وتصون وكان قد ولي التدريس بالمدرسة الأسدية بحلب، وولي التدريس بالنورية بحماة

(1)

. (168 - ظ).

ولما عزل عن قضاء مصر توجه منها إلى دمشق، فأقام بها مدة، ثم استدعي إلى حماة ليتولى قضاءها، وطلب من الملك الناصر يوسف لذلك، فسير إليه في ذلك،

(1)

في حي الباشورة على مقربة من قلعة حماة.

ص: 4581

وقرر أمره، وعين له ما يكفيه، واشترط في ولايته شروطا فيما يرجع إلى صيانة مجلس الحكم، وأن لا يعارض في أحكامه ولا يتجوه عليه بجاه من ذي سلطان ولا غيره، فأجيب الى ذلك جميعه، وخرج من مدينة دمشق مبرزا للتوجه الى حماة، فمرض بذات الجنب ثلاثة أيام، وتوفي يوم الخميس ثالث عشر المحرم من سنة اثنتين وخمسين وستمائة بمدرسة ابن الزنجاري بالعقيبة، ودفن بجبل الصالحين رحمه الله.

‌أبو القاسم بن برية:

الرقي القاضي درّس العلم بحلب، وقرأ عليه بها أبو القاسم الخضر بن عبد الله البالسي، وحكى عنه.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي-بالبيت المقدس-قال:

أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرني الشيخ أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن الفرّاء المقرئ البصري الدمشقي-بالمقدس-قال: سمعت أبا القاسم الخضر بن عبد الله البالسي يقول: قال لنا القاضي أبو القاسم بن بريه الرقي بحلب، ونحن ندرس عليه الفرائض والحساب، وغير ذلك: العلم أشد المعشوقين (169 - و) دلالا، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وأنت إذا أعطيته كلك على غرر من إعطائه لك البعض.

‌أبو القاسم بن جلبات المعري:

شاعر مذكور، وتلقب بالكامل، واسمه علي، وقد قدمنا ذكره.

‌أبو القاسم بن حسن بن أبي القاسم المقدادي:

قاضي رحبة مالك بن طوق، فقيه شافعي المذهب، من ولد المقداد بن الأسود، رأيته بالرّحبة، وذكر لي أنه قدم حلب، ثم عدت الى الرحبة مرة ثانية، فقيل لي إنه توجه إلى حلب في شغل يتعلق بصاحب الرحبة.

سمع مني شيئا من الحديث بالرحبة، وسمعت منه بها الأحاديث الخمسة التي خرجها الشيخ عسكر النصيبي من جزء الأنصاري، من حديث أنس بن مالك وهي الثمانيات، سمعتها منه بسماعه من عسكر النصيبي عن ابن منينا عن أبي بكر محمد

ص: 4582

ابن عبد الباقي قاضي المارستان وهي سماعي في جزء الأنصاري، من أبي اليمن الكندي، وأبي حفص ابن طبرزد عن قاضي المارستان، وإنما كتبناها عنه لأجل البلدة، وهو شيخ حسن فقيه.

‌أبو القاسم بن الحسين بن السميدع:

الأنطاكي، روى عنه القاضي أبو علي السرخسي حكاية مضحكة حكاها عن عامل كان بأنطاكية وكاتبه.

أنبأنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي-في كتابه-عن أبي عبد الله الحميدي قال: أخبرني غرس النعمة أبو الحسن بن الصابئ-إجازة-قال: وحدثني القاضي أبو علي السرخسي قال: حدثني أبو القاسم بن أبي علي الحسين بن السميدع الأنطاكي قال: كان عندنا بأنطاكية عامل من قبل أمير حلب، وكان له كاتب أحمق، فغرق في البحر شلنديان من مراكب المسلمين التي يقصدون فيها الروم، فكتب الكاتب عن صاحبه الى الأمير بحلب:

بسم الله الرحمن الرحيم أعلم الأمير أعزه الله أن شلنديين-أعني مركبين-صفقا-أي غرقا-من خبّ البحر-أي من شدة موجه-فهلك من فيها-أي تلفوا.

فأجابه أمير حلب: ورد كتابك-أي وصل-وفهمناه-أي قرأناه- فأدب كاتبك-أي اصفعه-واستبدله-أي اصرفه-فإنه مائق-أي أحمق- والسلام، أي قد انقضى الكتاب

(1)

.

‌أبو القاسم بن أبي عبد الله الحسن بن أبي الندى:

المعري التنوخي، أخو أبي العلاء بن أبي الندى لأبيه، وكان مقيما بحلب، وروى عن أخيه أبي العلاء شيئا من شعره.

(1)

انظر الهفوات النادرة لغرس النعمة:305 - 306.

ص: 4583

وأدركته ولم أسمع منه، وأنشدنا عنه (169 - ظ) ابن أخته أبو بكر بن أبي علي بن أبي سالم الحلبيّ.

أخبرني أبو بكر بن أبي علي السمسار الحلبي، أن خاله أبا القاسم هذا توفي منذ خمسة عشر سنة، وكان قوله ذلك لي في سنة خمس وعشرين وستمائة، فتكون وفاته في حدود العشر والستمائة

(1)

.

‌أبو القاسم الشيطمي:

واسمه نصر بن خالد، وكان شاعرا مجيدا، وهو أحد معلمي سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان.

روى عنه أبو الفرج الببغاء، وقد ذكرنا في حرف النون بعض أخباره وشعره، ولم نخل الكنى من ذلك، لشهرته بالكنية.

قرأت في كتاب أبي القاسم عبيد الله بن عبد الرحيم الذي وضعه في أخبار الشعراء قال: حدثني أبو نصر بن نباتة قال: كان الشيظمي الشاعر أحد معلمي سيف الدولة، وكان يتبسط عليه بدالة التربية والصحبة ولم يكن يجلس بحضرته غيره من أبناء جنسه وكان شيخا مبدنا لا يستطيع الوقوف، وكان سيف الدولة كثيرا ما يمازحه، فأنشده يوما:

والشيظمي اذا تنحنح للقرى

حك أسته وتمثل الأمثالا

فضرب بيده على فخذه وقال: ليس كذا علمك المعلم يا عزيز أبوه، بهذا اللفظ غير معرب له، وكان سيف الدولة، على ما حكي يكايده (171 - ظ) بما يفعله مع المتنبي، ويقصد مغايظته، وينفذ اليه في الليل من يدق عليه بابه، ويزعجه، بأن يقول له: اني رسول الأمير اليك، فاذا تكلف الخروج اليه واستعلام ما حضر فيه، قال له: ألست المتنبي؟ فيقول: لا، ثم يعود عليه بالشتم، وعلى من أنفذه، وعلى المتنبي الذي ذكره.

(1)

الترجمة التالية بالاصل هي ترجمة ابن السحلول، وقد كتب المنصف بالهامش: ترجمة الشيظمي هنا، كما وكتب بعد ورقة قبالة ترجمة الشيظمي: تقدم هذه الترجمة قبل ابن السحلول، فأعدت الترتيب منفذا رغبته.

ص: 4584

قلت: أراد أبو القاسم الشيظمي بقوله: ليس كذا علمك المعلم، أن البيت:

‌والتغلبي اذا تنحنح للقرى

.

يعرض بالرد على سيف الدولة.

(1)

.

قال ابن نباتة: وحمل اليه يوما مع بعض أصحابه ثيابا كثيرة وطيبا ودنانير لهما قدر، ووصى رسوله بأن يسلم اليه الجميع فاذا حصل في قبضته، قال له: أليس الشيخ هو المتنبي؟ والتمس خطه بالوصول، ففعل الرسول ما أمره به، فعظم هذا على الشيظمي وسبه وألقى

(2)

ما سلمه اليه في وجهه فارتجعه الرسول وانكفأ به، فلما كان في الليل استدعاه وداعبه وأعاد اليه الصلة جميعها، وكان دائما يستعمل معه هذا الجنس وأمثاله من العبث.

قرأت في كتاب المفاوضة تأليف أبي الحسن محمد بن علي بن نصر الكاتب بخطه وأخبرنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-اذنا-قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن أبي غالب بن بشران قال: قرأ علينا أبو الحسن محمد بن علي بن نصر الكاتب قال: حدثني أبو الفرج عبد الواحد (172 - و) بن نصر قال: كان الشيظمي منقطعا الى سيف الدولة قبل ورود المتنبي اليه، يقول شعرا مختل النسج مضطرب النظم، حتى اذا قامت للمتنبي سوق عند سيف الدولة دخله شبيه شيطان، فقال شعرا جيدا.

وكان سيف الدولة شجر بينه وبين أخيه ناصر الدولة منافرة بسبب الرحبة، لأنها كانت لأخته، وماتت ورام ناصر الدولة استضمامها الى أعماله، وهي جارية في أعمال سيف الدولة، فقال لنا: قد عرفتم ما كان من ناصر الدولة، فمن حضره في ذلك شيء فليقل، فغدا الشعراء عليه، فأنشدوه، فسمع من كل منهم، وقال:

اسمعوا الى من اختصر واقتصر، وأنشدنا لنفسه:

(1)

كان سيف الدولة تغلبيا.

(2)

كرر بالاصل كلمة «وألقى» .

ص: 4585

تركت لك الكبرى لتدرك سبقها

وقلت لهم بيني وبين أخي فرق

ولست أبالي أن أجئ مصليا

(1)

إذا كنت أهوى أن يكون لك السبق

وما عاقني عنها نكول وإنما

تغاضيت عن حقي فتم لك الحقّ

فاستحسنا ذلك ودعونا له، وأنشدني لنفسه

(2)

في ذلك من قطعة ميمية أولها:

في الحلم ما ينهى ذوي الأحلام

عما يخالف عادل الأحكام

قال فيها:

يا ناظري ويعزّ أن أقذى

ويا قلبي وكيف أروعه بملام

(172 - ظ)

لأعاتبنك مبقيا مستصلحا

قبل الظبا بعبارة الأقلام

أسخطت عمدا في عقوقي دولة

ثبتّها نصرا بحسن قيامي

إن كنت ناصرها فإني سيفها

والقتل لا يرضى بغير حسام

وبكفك الصمصام مني فارعه

حفظا ولا تخدع عن الصمصام

لك في الأباعد من عداتك شاغل

عما تعقّ به ذوي الأرحام

وحضر الشيظمي، وكان قد تأخر فأنشده:

سوق المكارم

(3)

آذني بكساد

شغل المكارم عنك بالاحقاد

أأخي وما أحلى دعاءك يا أخي

هذا وقد جرحت مداك فؤادي

أتضيمني وأبي أبوك وإنما

التفضيل بالآباء والأجداد

وبلادك الدنيا ولم تجدب ولا

استوبلتها

(4)

فلم انتجعت بلادي

يا طارق الغايات غير محاذر

إياك فهي مكامن الآساد

الآن أعذر حاسديّ وحجتي

في ذاك أنك صرت من حسادي

(1)

أي لا حق بالسبق.

(2)

كتب المصنف بالهامش: يعني الببغاء أنشد ابن نصر.

(3)

كتب ابن العديم بالهامش: صوابه الاكارم.

(4)

استوبل: كره أو استقذر.

ص: 4586

قلت: قد نسب بعض الناس البيت الثاني والثالث والرابع الى الأمير سيف الدولة، وزعم أنه كتب بها الى أخيه وليس ذلك بصحيح، والصحيح أنها للببغاء.

قال الببغاء في تمام ما رواه عنه ابن نصر في المفاوضة: وكان سيف الدولة يمازحه كثيرا، ويولع به دائما ويتبسط الشيظمي عليه فضل تبسط ويحتمله، فقال لنا أبو الفرح: كنا (173 - و) بحضرة سيف الدولة ليلة من الليالي، فدخل الشيظمي، فقال سيف الدولة: انظروا كيف أجننه ويرجع، فقال له حين أقبل: أي وقت هذا يقصد فيه السلاطين، وما الذي عرض حتى جئت فيه، ولم يزل يوبخه ويظهر الغيظ منه، فلما سمع الشيظمي ذلك رجع، فقال له سيف الدولة: الى أين؟ قال:

انصرف فإني قد بلغت غرضي وقضيت حاجتي، قال: وما هي؟ قال: حضرت لأغيظك وقد أغتظت، ولم يبق لي شغل، قال: فضحك سيف الدولة حتى استلقى، ثم قال: بحياتي أمعك شعر؟ قال: نعم، فأنشده قصيدة أولها:

من جانب الغي توخى رشده

ومن بغى الشكر بجود وجده

وفعلك الخير مفيد خيرة

أفلح من أطلق بالخير يده

ومضى فيها فاستحسنها سيف الدولة وأحسن جائزته عنها.

قرأت بخط المفضل بن أسد الفارزي الحلبي للشيظمي من قصيده:

فان ضاقت علي ديار بكر

فما ضاق العراق ولا الشام

إذا ستر لرجاء ثناه راج

تكلم حيث يتسع الكلام

‌أبو القاسم بن السحلول:

الزاهد، رجل من العباد الأتقياء، له كرامات كان بشيزر.

قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه: سنة أربع وثلاثين وخمسمائة في شوال وفي حادي عشر مات أبو القاسم بن السحلول الزاهد رحمه الله، وكان لا يأكل خبزا لأحد قط (170 - و) الا ما يعمل، ولقد حدثني جماعة، وهو حاضر يتحدث حينئذ، أنه حج وجاءت طريقه الى خيبر هو وجماعة من الحجاج فأخذوهم العرب، قال: ومشينا حتى نال الحر والعطش منا، وقال له

ص: 4587

أصحابه: ما تشتهي يا أبا القاسم؟ قال: اشتهيت رحمة الله وشربة من ماء، قالوا:

أين ذاك؟ قال: أما أنا فأتكل على الله وأموت ولا أتعب، ورجع الى موضع يلتجئ اليه، فوجد ماء معينا فغرف منه بيده فنادى أصحابه فجاءوا وشربوا واستراحوا، فاذا ناقة قد أقبلت من التي كانت لهم، وقد أخذها العرب، فجاءت الى أن حققوها، فرأوها ناقة أبي القاسم، فما وقعت إلاّ في يده، فقال: يا قوم لي فيها وديعة، سبعة دنانير، فقوا ننبلغ بها أن كانت ناقته، فمد يده الى قتبها، فوجد ذهبه في المكان الذي عمله، فسلم وسلمنا ببركته.

‌أبو القاسم بن محمد بن بديع:

ابن عبد الله بن عبد الغفار أخو أبي النجم بن بديع، واسمه علي.

وزر أبو القاسم هذا لتاج الدولة تتش بن ألب أرسلان بدمشق، وقدم معه حلب حين افتتحها، وكان قد جعله تتش بحلب حين توجه الى بلاد العجم، فلما مات تتش وصل ابنه رضوان فسلم اليه أبو القاسم حلب، وكان له شعر، روى عنه أخوه أبو النجم وزير رضوان.

أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود الساوي الصوفي-بالقاهرة-عن الامام أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أنشدنا أبو النجم هبة الله (170 - ظ) بن الأصبهاني ببغداد، قال: أنشدنا أخي أبو القاسم لنفسه:

بأصبهان سقاها الله لي سكن

لولا الضرورة ما فارقته نفسا

لا خلّص الله قلبي من مودته

ان كان سلوانه في خاطري هجسا

ويلي فقلبي عراقي يرق له

وقلبه جبلي قد عسى وقسا

‌أبو القاسم بن مبارك:

الشاعر المنبجي، شاعر من أهل منبج، روى عنه أبو الحسن الشمشاطي في كتاب الديرة، فقال: دير قزمان شمالي حلب ما بين جبرين وتل خالد، دير حسن، أنشدني أبو القاسم بن عبدان الشاعر من أهل منبج:

فشبهت ما ينثجّ

(1)

من فتقاته

على دير قزمان أكف بني عوف

(1)

ثج الماء: سال.

ص: 4588

سراة بني معن ومفزع مالك

وذروة ذودان ومعتمد الضيف

رأيتهم والنجم قد باح نوره

وثقلت الأيدي على الدرهم الزيف

فما قرعت ألفاظهم باب علة

ولا استعملوا القول المقيم على كيف

ولكنهم قد حنطوا لا وكفنوا

عسى أن سيأتينا وصلوا على سوف

‌أبو القاسم بن عبدان:

الاستاذ وجيه الدولة الحلبي.

فاضل أديب شاعر، وكان قد جمع الى فضله ركوب الخيل، وحضور الحرب، وكان منقطعا الى معز الدولة ثمال بن صالح، وكان ينادمه، وله فيه من قصيدة أولها:(171 - و).

أشاقك اظعان الخليط المفارق

وهاجك لمع البرق من أرض بارق

يقول فيها:

بكم يا بني مرداس يستنزل الحيا

ويستدفع المضرور شر البوائق

وقيل انه عاش الى أيام أبي المكارم مسلم بن قريش، وقتل في الحرب التي قتل فيها مسلم

(1)

على نهر عفرين، وهو شيخ كبير.

ذكر هذا أو نحوه عنه رجل من أهل حلب يقال له ابن النحوي في مصنف له سماه مناجاة الأرواح.

‌أبو القاسم بن أبي المكارم بن المهذب:

المعري التنوخي شاعر من أهل المعرة من أكابر بيوتها.

قرأت في كتاب نزهة الناظر وروضة الخاطر، تأليف عبد القاهر بن (173 - ظ) علوي قاضي معرة مصرين لأبي القاسم بن أبي المكارم بن المهذب الى سديد الملك ابن منقذ بشيزر:

(1)

انظر تفاصيل خبر مقتل مسلم بن قريش في كتابي امارة حلب:175 - 177.

ص: 4589

لا در زمان صرت أمدحكم

فيه لأطلب من جدواكم عدسا

مدحتكم غرة مني فكنت كمن

يبخر

(1)

الثوب بالهندي ثم فسا

‌أبو القاسم بن الحمامي:

خطيب طرسوس، كان خطيبا فصيحا حسن المقاصد، ذكره القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور ونقلته من خطه، وعد أئمة جامع طرسوس وخطبائه، فقال ومن الخطباء أبو القاسم بن الحمامي، وقد كان أوتي حظا من الحكمة والبيان ونصيبا وافرا من الخطب، لكل شأن، ورزق من حسن النثر في كلامه أمرا بديعا ومن تأتيه لما يحدث من أحوال الناس سببا صعبا منيعا.

قال القاضي أبو عمرو: حدثني أبو الفرج أبان بن أحمد بن أبان، أحد أمراء الثغر وحماته وفرسانه، وقد ذكر ذاكر فضل أبي القاسم بن الحمامي الخطيب، وحسن فصاحته، فقال: كان بعض الأمراء نادى بغزاة عقدها، فلما حضر المسجد الجامع للخروج منه على الرسم، اتصل الشتاء، ودامت الأمطار والأنداء فثبط فريق من الناس عن السفر، وعاين أبو القاسم وهو على المنبر دون ما يعهد من عدد من حضر، فخطب على رسمه ثم تلا وأومأ إلى الرعية يقول:«ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله» وأومأ الى السلطان الحاضر، لعقد تلك الغزاة، والخروج فيها، ثم قال:«ولا يرغبوا بأنفسهم (174 - و) عن نفسه» يومي إليه مرة وإليهم أخرى «ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلاّ كتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع (أجر) المحسنين»

(2)

، فتجددت

(3)

نيات جماعته موعظته في خطبته، وتجهزت طائفة كثيرة منهم للغزو مسرعه من وقته الذي ذكر فيه وساعته، وتخلىّ لما برزوا إلى ظاهر البلد ما كان اتصل من المطر وشدته،

(1)

كتب ابن العديم بالهامش: كمن قد بخر أجود.

(2)

سورة التوبة-الآية:120.

(3)

كذا بالاصل ولو قال: فجددت، لكان أقوم.

ص: 4590

ورزقوا في غزوهم الظفر والقهر والغلبة والنصر، وآبوا بالأعلاج مصفدّين، وبالسبايا والغنائم مثقلين، فاعترف من تجددت نيته لأبي القاسم بفضله وأن غزاته بحسن اختراعه في خطبته، وإن كان الله تمم ذلك بعونه وقدرته.

‌أبو القاسم القحطبي:

الصوفي كان أحد الصلحاء الصوفية بطرسوس، وذكره أبو عمرو الطرسوسي.

‌أبو القاسم الابار:

وكان أيضا من الزهاد بطرسوس، ذكره أيضا.

نقلت من خط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور، قال: وفي هذا الشارع-يعني-شارع النهر بطرسوس من الدور المذكورة، دار ابن القحطبي، على ضفة نهر بردان، قال: وفيها كان يسكن أبو القاسم بن القحطبي، أحد صلحاء الصوفية، وأبو القاسم الأبّار، أحد الزهاد الأخيار.

(174 - ظ)

‌أبو القاسم الزيدي:

الحراني الشريف قدم حلب ومنبج، وحكى أبو الحسن علي بن أحمد الشهرزوري أنه كان يقدم منبج مستميحا، ونزل على أبي علي بن الأشعث، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة الحسن بن الأشعث المنبجي، واسم أبي القاسم علي بن محمد ابن علي الزيدي، وقد ذكرناه في الأسماء.

‌أبو القاسم الملطي:

الصوفي صحب أبا القاسم الجنيد:

أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا أبو سعد الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكي-اجازة-قال:

أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أبو القاسم الملطي من أصحاب الجنيد.

سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب يقول: بلغني أن أبا القاسم

ص: 4591

الملطي مرّ مع الجنيد ببغداد بسوق النخاسين فوقعت منه التفاته الى جارية، فرأى الجنيد ذلك، فلما رجع أبو القاسم الى البيت ذهب الجنيد واشترى تلك الجارية، وجاء بها إلى أبي القاسم وقال: خذ ما التفت إليه.

‌أبو القاسم القاضي:

حدّث بحلب عن أبي كامل مخلد بن كامل. روى عنه أبو عبد الله الحسين بن خالويه.

أخبرنا الشيخ الأثير أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بن خلف ابن الحسين (175 - و) بن طلحة التنيسي-إجازة-قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن موسى بن عبد الله السلمي الحداد، المعروف بالمحاسني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عمر الفقيه قال: حدثنا ابن خالويه قال: حدثنا أبو القاسم القاضي بحلب قال: حدثنا أبو كامل محمد بن كامل قال: حدثنا أبو زيد عن عمرو ابن جميع عن جوبير عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي عليه السلام قال: مسألة الرجل السلطان مسألة الولد والده ولا عار فيه ولا منقصة.

‌أبو القاسم الافطسي:

العلويّ شريف فاضل شاعر أديب كان بحلب في أيام سيف الدولة، واسمه أحمد بن الحسين بن علي بن محمد، وقد ذكرناه في الأسماء ونذكرها هنا شيئا من خبره، لشهرته بالكنية.

قرات في كتاب التاريخ المجدد

(1)

تأليف أبي الحسن محمد بن العباس بن محمد بن الحسن الكناني الدمشقي، قال: كان أبو القاسم الأفطسي من فتيان آل أبي طالب على تكهله، وظرافهم على قلة حاله، له لسان وهمة وعارضة ومحبة للادب وأهله، وقصد كافورا فأحسن إليه بعد وفاة سيف الدولة، وأقام بمصر إلى الوقت الذي خرج فيه مع تبر، وكانت المودة بيني وبينه انتسجت، والحال وشجت في آخر أيام سيف الدولة في نواحيه، وكنت أتفقده وهو معتقل بحلب ولا يجسر أحد على ذلك، فراعى ذلك وشكره، وقوي ما بيننا وأكده، وكان كثير الجنايات (175 - ظ) على سيف الدولة، وحتى أنه من أقوى الأسباب كان في

(1)

هو بحكم المفقود.

ص: 4592

أمر ابن الأهوازي ورشيق النسيمي، ودزبر الديلمي الخوارج عليه، فأسخطه ذلك، وكان سبب اعتقاله بعد ظفره بهم.

ومن جرأته عليه وطرائفه معه ما حدثني به أبو القاسم قال: اجتمعت يوما مع القنّائي الكاتب بأنطاكية، فذكر فضائل سيف الدولة وأطراه، ووصف شجاعته وفروسيته، وسخاءه وفهمه وعلمه، فقلت: أنا أفضله في هذه الخلال كلها، وأزيد عليه بالشرف فأنا خير منه من كل وجه، فمضى القنّائي، فحكى ذلك له، وجئته بعد يوم فلما رآني قال للحاجب، وهو ينظر إليّ: أحضر القنائي، فقلت: ولم أيها الأمير؟ قال: ليعيد بحضرتك كلاما أعاده عليّ عنك، فقلت: ما تحتاج إليه، أنا أذكره لك، فقال: هاته، فأعدت عليه القول من غير زيادة ولا نقص، فقال:

وما حملك على هذا؟ فقلت: غلط لم يضررك الله به، ولم ينفعني فضحك، وقال:

الله حسيبك.

وحدثني أيضا قال اضطررت في خراج كان عليّ بحارم وسبب به لقوم آذوني إلى أن بعت حلي بعض بناتي وأديت الخراج، وركبت بعد يوم أو يومين فاجتمعت مع جماعة من الأشراف والكتاب في طريق الميدان بحلب، فاجتاز بنا بدوي، قد خلع عليه سيف الدولة وطوقه بطوق ذهب، فقلت لمن كان معي: أريكم حلي ابنتي ها هو ذا طوق (176 - و) في عنق هذا البدوي قد أخذه سيف الدولة من غير حقه، وصرفه في غير وجهه، فنقل بعضهم هذا القول إليه، فرد عليّ الخراج الذي كنت أديته، وكان سيف الدولة قبل موته بأيام أطلقه، وفك قيده وخلع عليه، وأطلق له ألوف دراهم واستحله فأحلهّ، وأتفق أنه حضر وفاته، فتولى هو الصلاة عليه.

‌أبو القاسم المقرئ بالالحان:

شاعر من معرّة النعمان، كان حضر في مجلس أبي العلاء بن سليمان، ولم أظفر بشيء من شعره، ولما حضر قال له أبو العلاء: إن رأيت أن تحيي القلوب بقراءة نوبة، فقرأ «ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا

(1)

»

(1)

سورة الاسراء-الآية:72.

ص: 4593

فلما أنهى النوبة أقبل عليه أبو العلاء وقال: أحسنت لو رآك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لقرّت عينه بك، ثم أنشد:

هذا أبو القاسم أعجوبة

لكل من يدري ولا يدري

ولا يحسن الشعر ولا يحفظ القرآن وهو الشاعر المقرئ وقد ذكرنا الحكاية مسندة في ترجمة محمد بن الحسين بن صعصعة لأنه رواها، وقيل إن هذين البيتين لأخيه أبي مسلم وادع، وهي به أليق.

‌أبو القاسم الناصبي:

شاعر كان بحلب، ظفرت له ببيت مفرد من الشعر، وهو قوله في مجلس المتنبي إجازة لبيت أوله شين وآخره شين (176 - ظ)

شغل المحبّ عن اللذات إن عرضت

والصب بالوصل منها كان ينتعش

وقد ذكرنا الحكاية بتمامها، وسبب ارتجاله هذا البيت في ترجمة أبي عبد الله الشبلي وأبي عبد الله الدنف.

‌أبو القاسم المصيصي المؤدب:

روى عنه القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي شيئا من شعره.

أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي قال: أنشدني أبو القاسم عبيد الله ابن محمد بن عبد الله الكاتب الصروي لنفسه بالأهواز، ونقلته في ظهر تقويم لي كنت علقته فيه:

إذا حمد الناس الزمان ذمته

ومن كان فوق الدّهر لا يحمد الدّهرا

قال: وزعم أنه حاول أن يضيف إليه شيئا يليق به، فتعذّر عليه مدة طويلة، فضجر منه وتركه مفردا، وكان عندي في الحال أبو القاسم المصيصي المؤدب، فسمع القول، فعمل في الحال اجازة له، وأنشدناها لنفسه:

وإن أو سعتني النائبات مكارها

ثبتّ ولم اجزع وأوسعتها صبرا

إذا ليل خطب سدّ طرق مذاهبي

لجأت إلى عزمي فاطلع لي فجرا

ص: 4594

‌أبو القاسم بن المقرئ:

كتب عنه بعض الأدباء بحلب وأظنه (177 - و) أبا غانم بن الأغرّ، وكان قبل الخمسمائة أو في حدودها.

سير إليّ الرئيس أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب الحلبي بخط بعض الأدباء من الحلبيين، كتب فيه عن أبي الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجليّ وغيره من الحلبيين، قال فيه: أنشدني أبو القاسم بن المقرئ:

إذا ما سخرت بمن لا تشك

بأنك حقاّ به تسخر

فقد صرت أنت له ضحكة

فيسخر منك ولا تشعر

‌أبو القاسم الحموي:

شاعر من أهل حماة، حسن الشعر من طبقة أبي الفتيان بن حيوس.

قرأت له أبياتا بخط وزير رضوان مشيد الملك أبي النجم بن يديع في كراسة وقعت إليّ بخطه، من كتابه الذي جمعه في الشعراء.

قال: أبو القاسم الحموي من حماة وهي بلد من العواصم:

لا تقل بيت هجاء

لا ولا بيت مديح

سبق الناس إلى ك

لّ قبيح ومليح

ونقلت من خطه له:

لما فزعت إلى الخضاب استهزأت

سعدى وقالت والمحب لما به

ما كان ينفعه لديّ شبابه

فعلام يتعب نفسه بخضابه

وله، ونقلتهما من خطه:(177 - ظ) يا من حديثي حيث كنت فكلّه عنه يكون

حتّى يقال فكم

إذا ماذا هوى هذا جنون

ص: 4595

‌أبو قتادة بن ربعي:

الأنصاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد صفين مع علي رضي الله عنه واسمه .....

(1)

وقد ذكرناه في الأسماء نقلت من خط بنوسة وراق بني مقلة، عن أبي الحسن المدائني: تسميته من شهد صفّين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمار بن ياسر، وأبو أيوب خالد بن زيد بن ثابت الأنصاري، وأبو اليسر كعب بن عمرو، ومالك ابن التيهان، وخزيمة بن ثابت الخطمي، وأبو قتادة بن ربعي، ورفاعة بن رافع بن مالك، والنعمان بن عجلان.

‌أبو قدامة العابد:

الفلسطيني الرملي البكّاء، كان غازيا بعين زربة حكى عن سليمان الخواص، روى عنه أحمد بن سهل الأردني، وأبو قدامة العابد.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا شهدة بنت ابن الآبري قالت: أخبرنا أبو عبد الله بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو سهل محمود بن عمر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الفرج العكبري قال: حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا قال: وحدثت عن محمد بن الحسين قال: حدثني أحمد بن سهل الأردني قال: حدثني أبو قدامة الرملي قال: قرأ رجل هذه الآية (178 - و):

«وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا»

(2)

فأقبل عليّ سليمان الخواص فقال: يا أبا قدامة ما ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله في أمره، ثم قال: والله يا أبا قدامة لو عامل عبد الله عز

(1)

فراغ بالاصل: واسمه الحارث بن ربعي. الكنى للدولابي:1/ 48.

(2)

سورة الفرقان-الآية:58.

ص: 4596

وجل بحسن التوكل عليه، وصدق النيّة له بطاعته لا حتاجت إليه الأمراء، فمن دونهم، فكيف يكون هذا يحتاج وموئله وملجؤه إلى العزيز الحميد.

نقلت من خط القاضي أبي عمرو الكرجي، قاضي معرة النعمان: حدثني أبو أحمد عبد الله بن داود الحناط الكرجي بطرسوس، قال: حدثني أبي داود بن محمد أبو صالح قال: قرأ علينا الساوي عبد الله بن علي المقرئ خطبة أبي السري منصور بن عمار الواعظ رحمه الله في الجهاد، وكتبنا هنا عنه، إملاء.

قال منصور بن عمار: وذكر الخطبة، وقال في آخرها: الدليل على ما أقول حديث أبي قدامة العابد الفلسطيني البكاء قال أبو قدامة: بينا أنا خارج من عين زربة في سرية، وكنت على ساقة الناس، إذا أنا بهاتف يهتف من ورائي: أبا قدامة، فلم ألتفت إليه ومضيت غير ملو عليه، فهتف بي الثانية، فإذا أنا بامرأة كأجمل ما يكون من النساء، فتركتها ومضيت، وخفت أن تكون مكيدة من إبليس يقطعني عن غزوتي ويشغلني عن سبيل (178 - ظ) ربي قال: فصوتت بي الثالثة بصوت حزين أوجعت قلبي وأدمعت عيني، وهي تقول: أبا قدامة تواضع رحمك الله، ليس هكذا كان من مضى قبلك، قف عليّ فوقفت عليها، فلما بلغت إليّ قالت:

تنح عن الطريق، فعدلنا فقالت: أبا قدامة إني أريد أن أستودعك وديعة فاكتمها عليّ، قال: قلت: وما هي؟ قال: فضربت بيدها الى ردائها والدموع تنحدر على نقابها، فقالت: أبا قدامة إني أريد أن أستودعك وديعة، إني عمدت الى ناصيتي ومواضع السجود من قصتي فأخذته وجعلته قيدا لفرس الغازي في سبيل الله، لعل الله ينظر الى شعري في الثرى قد وطئته الخيل بسنابكها فيرحمني، فو الله لولا أنك غريب في زمني هذا ما أطلعتك على سري، ولا أخبرتك بداخلة أمري، قال: قلت:

إني أخاف أن آثم قالت: لا يؤثمك الله، فوددت أني قدرت أن أقد من جلدي سيرا يكون عذارا لفرس الغازي في سبيل الله لينظر إليّ الرحيم بخلقه الرؤوف المنان بعباده، وينظر الى جولان فرس الغازي في سبيل الله وينظر الى سيور من جلدة حرة من حرائر المسلمين ويرحمني.

قال: فبينا أنا أسير إذا هاتف ينادي: يا عم، قال: فالتفت فإذا أنا بغلام قد أقبل، فقال: يا أبا قدامة خذ هذه السكين في سبيل الله، فلم يزل يطلب إليّ حتى أخذتها (179 - و) منه.

ص: 4597

فبينا نحن نسير إذ نودي بالنفير، قال: فتقدم الغلام أمام الخيل، وكثر العدو فخشيت عليه أن يقتل، قال: فرجعت في طلبه، فقلت له: حبيبي ليس هذا موضع مثلك، أنت راجل بغير دابة، ولست آمن عليك جولان الخيل وثوران الحرب، فقال: أبا قدامة أتأمرني بالرجوع وقد سمعت الله تعالى يقول في محكم كتابه: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ}.

{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»

(1)

. أفتأمرني بالرجوع بعد علمي بوعد ربي عز وجل! قال: فلما أن أبى عليّ حملته على هجين كان معي فتقدم فلم يزل يضرب يمنة ويسرة، ثم رجع فسلم علي سلام مودع كأنه أحس بالموت، ثم انطلق ليرمي السهم الثالث فلما وضعه في كبد قوسه أتاه مزراق، فضربه بين عينيه، فنكس الغلام رأسه على عنق فرسه، وهو يقول: نجوت ورب الكعبة، ثم نادى، أخفض من الأول:

نجوت ورب الكعبة.

قال: فخشيت أن يموت فدنوت منه فقلت: حبيبي لا تنسى حاجتي الشفاعة، قال: لا يا أبا قدامة، ولكن لي إليك حاجة، قلت: وما هي؟ قال: أنا ابن صاحبة الوديعة، فإذا أنت أتيت المدينة فات دكان يحيى (179 - ظ) العلاف فإن لي عنده خرجا، فخذه وانطلق به الى والدتي، وصبرّها فإنها عام أول أصيبت بوالدي، والعام يزيد عليها ثكلي، قال: ثم سكت فمات.

فلما سكنت الحرب ودفنا القتلى، حفرنا له مطمورة، فألقيناه فيها بأطماره، ودفناه، فو الله ما تمالكنا النهوض حتى نبذته الأرض على ظهرها، وأقبل علي أصحابي فقالوا: يا أبا قدامة ألم نقل لك إنه غلام، ولعله خرج عن غير إذن أبويه، فقلت: مهلا إن الأرض لتقبل من هو شرمنه، إنها لتقبل اليهود وغيرهم، ثم تنحّيت فصليت ركعتين، ودعوت ربي وقلت: اللهم إنه عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، فإن كنت تعلم منه شيئا فاستره عليه، قال: فو الله ما استتممت الدعاء حتى سمعت وقع خلاخيل الحور العين، وهم يقولون: تنح يا أبا قدامة وخل بيننا وبين ولي الله،

(1)

سور الانفال-الآيتان:15 - 16.

ص: 4598

فتنحيت وأقبلت السباع والطير من كل ناحية فتقاسمت لحمه في أسرع من طرفة عين.

فلما رجعت الى المدينة أخذت خرجه ومضيت به الى منزله، فلما قرعت بابه، خرجت إلى أخت له صغيرة، فلما نظرت إلى قالت: يا أمه هذا أبو قدامة قد قدم، وما أرى أخي معه، قال: فخرجت والدته فسلمت عليّ، وقالت: أبا قدامة أمهني أم معزّى؟ قلت: وما مهني، وما معزي؟ قالت: أبا قدامة إن كان ولدي قد (180 - و) مات فعزّ، وإن كان استشهد فهنّ، قال: قلت: بل مهن رحمك الله، إن ولدك استشهد رحمة الله عليه، فقالت: الحمد لله، يا أبا قدامة إن لي في ولدي علامة هل رأيتها فيه؟ قلت: نعم قال: إن الأرض لم تقبله، قالت: الحمد لله ما فعل خرجه يا أبا قدامة؟ فناولتها ففتحه وأخرجت منه مدرعة شعر وغلاّ من من حديد، ثم قالت: أبا قدامة كان ولدي إذا جنه الليل وغارت النجوم ولم يبق إلا الحي القيوم، تدرع بهذه المدرعة، وغل بهذا الغلّ يده الى عنقه، ثم ناجى من لا تأخذه سنة ولا نوم، وكان يقول في مناجاته: أي رب لا تحشرني إلا من بطون السباع وحواصل الطير، فالحمد لله الذي منّ عليه بذلك.

‌أبو القعقاع الجرمي:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وحكى عن الوقعة روى عنه أبو جناب الكلبي.

‌أبو القوارير:

ولي طرسوس بعد يزيد بن مخلد الفزاري، كما قرأته في كتاب البلدان تأليف أحمد بن يحيى البلاذري، قال: قالوا: وكان عبد الملك بن صالح قد استعمل يزيد ابن مخلد الفزاري على طرسوس، فطرده من بها من أهل خراسان، فاستوحشوا منه للهبيرية، فاستخلف أبا القوارير فأقره عبد الملك بن صالح، وذلك في سنة ثلاث وتسعين ومائة

(1)

.

(1)

فتوح البلدان:174.

ص: 4599

‌حرف الكاف في الكنى

‌ذكر من كنيته أبو كامل

(180 - ظ)

‌أبو كامل الاحمسي:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، له ذكر.

‌أبو كامل مولى الغاز بن ربيعة الجرشي:

غزا بلاد الروم واجتاز بدابق في دخوله، وكان مع مكحول وسابق البربري في الغزاة، وروى عنهما، روى عنه أبو مسهر الغساني.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل-بالقاهرة-قال:

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك ابن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد الدقاق قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الحراني الحافظ قال: حدثنا علي بن عثمان النفيلي قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا أبو كامل مولى الغازبن ربيعة قال: سمعت سابقا البربري ينشد مكحولا، وهو في الغزو:

يا نفس كل قابر مقبور فيهلك الزائر والمزور ويقبض العارية المعير ليس على صرف الردى عمور

ص: 4600

كم من غني مكثر فقير حتى انتهى الى قوله:

والصدق بر والتقى تطهير والبر معروف به المبرور وذو الهوى يسوقه المقدور (181 - و) فقال مكحول: لا، كان مكحول يقول أولا بالقدر، ثم رجع عن ذلك.

‌أبو كرب العراقي:

شهد قتال برجان

(1)

غازيا عام حاصر مسلمة بن عبد الملك القسطنطينية، واجتاز مع الجيش بدابق في غزاته، وقتل فيها شهيدا.

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرني عمي الحافظ أبو القاسم -إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني-بقراءتي عليه-قال: أخبرنا أبو محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال:

أخبرنا أحمد بن ابراهيم بن بسر قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: قال الوليد:

وقد كنت سمعت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر يذكر أن نفرا من أهل دمشق كان يسميهم بأسمائهم فيهم زجل كان يكنى بأبي كرب، وقد كان أصاب دما بالعراق فاستفتى جماعة من الفقهاء، فاجتمع قولهم إنهم لا يعرفون وجها إذا لم يعرف ولي الدم إلا أن يجاهد في سبيل الله حتى يقتل في سبيل الله فلم تزل تلك حاله يغزو المغازي، ويطلب القتل في الله، حتى كان ذلك اليوم جرح هؤلاء النفر، وساروا حتى اذا كان في بعض طريقهم خرج خارج منهم ليأتيهم بعنب، فإذا بقبة ذهب عليها جلال حرائر أخضر، وإذا فيها حوراء، كان يخبر عما رأى من حسنها، فقالت:

إليّ فأنا زوجتك، وأنت قادم علينا يوم كذا (181 - ظ) ومعك فلان وفلان، سمّت أولئك النفر، فاتصرف الرجل، ولم يأت بعنب وأخبرهم بما رأى، فكتب

(1)

برجان: بلد من نواحي الخزر. معجم البلدان. والمعني هنا بعض المرتزقة من أصل بلغاري وغير ذلك في الجيوش البيزنطية.

ص: 4601

وصيته، وكتبوا، وكان مع شراحيل بن عبيدة وأصحابه، فكان من مصيبتهم ما كان.

ثم أمر بانصراف الناس الى ذلك المرج الذي رجعت إليهم فيه برجان، فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل هؤلاء النفر جميعا، فيهم أبو كرب، وأرسلت برجان النار على ذلك المرج، وعلى قتلى المسلمين فحرّقت ما حرّقت حتى انتهت الى أبي كرب وأصحابه فأطافت بهم ولم تأكل النار منهم أحدا، يعني عام حاصر مسلمة بن عبد الملك القسطنطينية

(1)

.

‌أبو كريب الغساني:

وقيل فيه أبو كرب الغساني، غزا الصائفة، واجتاز بدابق وقتل في وقعة برجان شهيدا، وهو عندي الأول، واشتبه أبو كرب بأبي كريب، أو صغرت كنيته، فإن القصة واحدة، حكى عنه حكاية قتله عطاء بن قرة السلولي.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-قراءة عليه-قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق الحربي قال: حدثنا حمزة بن العباس قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثنا ابن أبي زكرياء، ومعنا مكحول أن رجلا مر (182 - و) بكرم بأرض الروم فقال لغلامه: أعطني مخلاتي حتى آتيكم من هذا العنب، فأخذها، ثم دفع فرسه فبينما هو في الكرم إذا هو بامرأة على مثل لم ير مثلها، فلما رآها صدّ عنها، فقالت: لا تصد عني فإني زوجتك فامض أمامك فسترى ما هو أفضل مني، فمضى فإذا هو بأخرى فقالت له مثل ذلك، وأظنه أبا مخرمة.

قال عبد الرحمن بن يزيد: فأخبرني عطاء بن قرة السلولي قال: كنا مع أبي مخرمة، فما عدا أن جاءنا من ذلك العنب، فوضعه ودعا بقرطاس ودواة، فكتب وصيته، فلما رآه أبو كريب الغساني كتب وصيته، ثم قام مقاتل الليثي فكتب وصيته، ثم قام عمار بن أبي أيوب فكتب وصيته، ثم قام عوف اللخمي فكتب

(1)

سقطت ترجمته من مخطوطة تاريخ دمشق لابن عساكر.

ص: 4602

وصيته، ثم لقينا برجان فما بقي من هؤلاء الخمسة إلا قتل، قال: ولم نكتب نحن وصايانا فلم نقتل.

‌أبو الكرم بن الوزان:

الشريف الحلبي كتب عنه عبد المنعم بن الحسن بن الحسين بن اللعيبة الحلبي.

قرأت بخط ابن اللعيبة: أنشدني الشريف أبو الكرم بن الوزان الحلبي ببغداد في المحرم سنة خمس وخمسين وخمسمائة:

شكوت فقالت كل هذا تبرما

بحبي أراح الله قلبك من حبي

فلما كتمت الحب قالت لشد ما

صبرت وما هذا بفعل شجي القلب

وأدنو فتقصيني فأبعد طالبا

رضاها فتعتد التباعد من ذنبي

فيا قوم هل من حيلة تعرفونها

أشيروا بها واستوجبوا الأجر من ربي

‌أبو كعب الخثعمي:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه وقتل بها، وكان رأس الخثعميين من الكوفة.

أخبرنا أبو الحسن بن الصابوني-إذنا-عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال:

أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا ابن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى الجعفي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا (182 - ظ) عمر بن سعد قال: حدثني أبو علقمة الخثعمي قال: ثم اقتتلوا قتالا شديدا-يعني خثعم الشام وخثعم العراق-قال: وحمل شمر بن عبد الله الخثعمي، من أهل الشام على أبي كعب رأس خثعم الكوفة فطعنه فقتله، ثم انصرف يبكي ويقول:

رحمك الله يا أبا كعب لقد قتلتك في طاعة قوم أنت أمس بي رحما منهم وأحب إليّ نفسا منهم، ولكن والله ما أدري ما أقول ولا أرى الشيطان إلاّ قد فتننا، ولا أرى قريشا إلاّ قد لعبت بنا، ووثب كعب ابن أبي كعب إلى راية أبيه فأخذها، ففقيت عينه وصرع

(1)

.

(1)

صفين لنصر بن مزاحم:291.

ص: 4603

وذكر تمام القصة، قد ذكرناها في ترجمة شريح بن مالك.

‌أبو الكنود:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وروى خبرها، روى عنه الحارث بن كعب الوالبي وسليمان بن أبي راشد والحارث بن حصيرة.

أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود عن أبي محمد بن الخشّاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال:

حدّثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد عن سليمان بن أبي راشد عن أبي الكنود أن معاوية بعث حبيب بن مسلمة وشرحبيل ابن السمط ومعن بن قرّة بن الأخنس السلمي، فدخلوا على عليّ وأنا عنده وذكر (183 - و) شيئا من حديث صفين، قال: ثم مكث الناس على ذلك حتى دنا انسلاخ المحرم

(1)

.

(1)

صفين لنصر بن مزاحم:225.

ص: 4604

‌حرف اللام في الكنى

‌ذكر من كنيته أبو الليث

‌أبو الليث النحوي:

ابن أخي سعيد النحوي، وأظن اسمه عبد الرحمن بن محمد، وقد قدمنا ذكر عبد الرحمن في بابه.

روى عن عليّ بن سليمان الأخفش، روى عنه أبو الحسين علي بن الحسين المغربي، وأبو علي محمد بن عمر البلخي، وسمع منه بحلب.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المجيد بن حفص الصّفراوي-إذنا- قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي-قراءة دليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن محمد بن النقور ببغداد، قال: أخبرنا أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال: أنشدنا محمد بن عمر أبو علي البلخي قال:

أنشدنا أبو الليث النحوي بحلب لبعض المحدثين:

لست ممن يقول كان وكنا

غير أن الحبيب خان فخنّا

زار أعداءنا فزرنا سواه

فاستوينا وكان أظلم منّا

قرأت في أول مجموع، بخط بعض الأدباء المتقدمي العصر ما صورته: أملى عليّ أبو علي محمد بن عمر البلخي، من حفظه، قال أخبرنا أبو الليث بن أخي سعيد النحوي بحلب قال: أخبرنا علي بن سليمان الأخفش أن (183 - و) رجلا أنشد ضادية أبي الشيص

(1)

في مجلس المبرد، فقال المبرد: كم من ضادية لا تعرف، وهي أحسن منها وأطرف، ثم أنشدنا لبشار بن العقيلي:

(1)

هو محمد بن علي الخزاعي، شاعر مطبوع، سريع الخاطر، رقيق الالفاظ من أهل الكوفة، مات سنة 196/ 811. الاعلام للزركلي.

ص: 4605

غمض الجديد بصاحبيك فغمضا

وبقيت بعدهما تحاول منهضا

وكأنّ قلبك عند كل مصيبة

عظم تكرر كسره فتهيضا

وأخ فجعت به فأذكره أخ

يمضي فتذكرك الحوادث ما مضى

فاشرب على بعد الأحبّة آنفا

حزن المنية ظاعنين وخفّضا

ولقد جريت مع الصبى طلق الصبى

ثم ارعويت فلم أجد لي مركضا

وعلمت ما علم امرؤ من دهره

فأطعت عاذلتي وأعطيت الرضا

وصحوت من سكري وبتّ موكلا

أرعى الحمامة والغزال الأبيضا

ولربّ سارية تجود بمائها

وكذاك لو صدق الربيع لروّضا

ومنيعة المرقا بذلت لها الهوى

إما مكافأه وإما مقرضا

أيام يسحرني الكتاب إذا أتى

وأظل منها بالحديث ممرّضا

باعدتها لتزيدني من ودها

فأبت فكنت من الإباء محرضا

وتخوفت هجري وليس بكائن

فشكت إلى الجيران شكوى مرمضا

(1)

حتى إذا شربت مياه مودّتي

وشربت برد شرابها متبرضا

(2)

قالت لاختيها اذهبا فتجسسا

ما باله ترك السلام وأعرضا

(184 - و)

قد ذقت ألفته وذقت فراقه

فوجدت ذا عسلا وذا جمر الغضا

ويلي عليه وويلتي من بينه

كان الذي قد كان حلما فانقضى

سبحان من خلق الشقاء الذي الهوى

ما كان إلاّ كالخضاب قد انقضى

(3)

‌أبو الليث الخراساني:

كان من العبّاد بطرسوس، لقيه إبراهيم بن مخلد الواسطي بطرسوس، وحكي عنه.

أخبرنا أبو الفضل مرجّا بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي-بحلب-

(1)

الرمض: شدة وقع الشمس على الرمل وغيره. القاموس.

(2)

برض الماء: خرج وهو قليل. القاموس.

(3)

ديوان بشار-ط. القاهرة 4/ 91:1966 - 94. وقد تشوه النص المطبوع لما ألم به من تصحيفات.

ص: 4606

قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني-قراءة عليه-قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الصلحي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن أسلم بن سهل بن أسلم المعروف ببحشل قال: حدثنا محمد بن عثمان قال: حدثنا عمي-يعني-إبراهيم بن مخلد بن عثمان الواسطي قال: رأيت أبا الليث الخراساني بطرسوس يعزّى، قلت: ما شأنه؟ قال: فاتته الصلاة في جماعة

(1)

.

‌أبو ليلى الأنصاري:

صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، قيل ليس له اسم، وقيل اسمه يسار، وقيل داود بن بلال بن بلبل بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبا بن كلفه بن عوف ابن عمرو بن عوف (184 - ظ) الأنصاري، وقيل اسمه بلال، وقيل اسمه بلبل بن أحيحة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه عبد الرحمن بن أبي ليلى.

وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وشهد الجمل، ويقال كانت راية علي رضي الله عنه معه. (185 - و).

(1)

تاريخ واسط لبحشل:174.

ص: 4607

‌حرف الميم في الكنى

‌أبو المتوكل القنسريني:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

حدّث عن حميد بن العلاء، روى عنه بقية بن الوليد الخمصّي.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي-بالبيت المقدس-وأبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن رواج-بمصر-قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمّد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا أبو نصر الفضل بن علي بن أحمد الحنفي المقرئ بأصبهان قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي الحافظ النقاش قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أبو مسلم الكشي قال: حدثنا محمد بن عمر المعيطي قال: حدثنا بقية بن الوليد عن أبي المتوكل القنسريني عن حميد بن العلاء عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم الله عمره

(1)

.

(1)

انظر كنز العمال:6/ 16457 - 15/ 34050،16458.

ص: 4608

‌ذكر من كنيته أبو المجد

‌أبو المجد منصور بن أبي القاسم:

الزجاج الآمديّ، سمع عبد القاهر بن يحيى بن سلامة بن الثقفي الحموي بحماة، وحدّث عنه بشيزر، وبمشهد برصايا من بلد عزار في سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وفيها دخل حلب. وحدث أيضا في سنة اثنتي عشرة وستمائة، فقد توفي بعد ذلك. (186 - و).

‌أبو المجد بن فضلان:

الضرير الدقي البغدادي الشطرنجي، شاعر من أهل بغداد، قدم حلب، وامتدح السلطان الملك الظاهر غازي، كتب عنه شيئا من شعره علي بن سنان السراج المعروف باللطيف، وكان شيعيا غاليا.

قرأت بخط المنتجب يحيى بن أبي طي النجار، في مجموعه، قال: أبو المجد بن فضلان الضرير الدقي البغدادي الشطرنجي، ورد إلى حلب، وامتدح السلطان الملك الظاهر، وذلك في سنة خمسة وثمانين وخمسمائة، وكان طبقة لا يلحق في لعب الشطرنج (186 - ط) وله شعر لطيف، منه ما أنشدنيه اللطيف السراج، قال:

أنشدني بن فضلان لنفسه يمدح أهل البيت عليهم السلام:

يا لائمي في حبّ آل أحمد

ما يبغض الخمسة غير مشرك

أقصر فما لي في سواهم حاجة

إن أنا أخلصت لهم تنسكي

هم جنتي في هذه وجنتي

في تيك والله ضمين الدرك

لو كان في الأرض لهم من سادس

ما سدسوا تحت العبا

(1)

بالملك

(187 - و)

(1)

أي تحت ضوء الشمس. القاموس.

ص: 4609

‌أبو المجد بن أخت أحمد بن خلف:

الممتع المعريّ، شاعر من أهل معرة النعمان. قرأت في جزء وقع إليّ بخط بعض المعريّين يتضمن المراثي التي رثي بها أبو العلاء بن سليمان حين مات، وفيه لأبي المجد بن أخت الممتع:

صروف الليالي لا يحيط بها خبر

يصرفها فينا ويحتكم الدهر

فسيان إذ قصر النفوس مالها

إلى الموت قسرا طال أم قصر العمر

سبيل الردى في سائر الخلق واضح

ومسلكه ألا يفعل التقى وعمر

ولم أر إلاّ عالما مثل جاهل

يضل على علم وبالدهر يغتر

فلولا التساوي مات قوم بدائهم

ولكن تساوى في الردى العبد والحر

وما العمر إلاّ مثل حول قطعته

وكان سواء فيه يومك والشهر

حكت سفنا في لج بحر جسومنا

تسير بأرواح وغايتها الكسر

وكلّ طليق في الحياة تظنه

أسير حمام لا يفك له أسر

يسر بتشييد المساكن ساكن

ومسكنه المسكين لو علم القبر

وليس غناه بالحميد مآله

وأحمد منه في عواقبه الفقر

وشرخ شباب المرء في العذر مطمع

فأما إذا شاب العذار فلا عذر

بنفسي مفقود جزعنا لفقده

فأصبح إلاّ فيه يستحسن الصبر

يعز علينا أن نعزي به العلى

ويصبح مفجوعا به المجد والفخر

ونفقد من أخلاقه وعلومه

رياض ربيع لم يصوّح

(1)

بها الزهر

(187 - ظ)

لئن عدم الأولاد من ظهره لقد

حوى بأبي المجد الذي عدم الظهر

قلت: يريد بأبي المجد أخاه، لأن أولاد أخيه كانوا يتولون خدمة عمهم أبي العلاء.

نجوم سماء لا يغضّ ضياءها

تزايد أنوار الشموس ولا البدر

لهم حكم لم يعط لقمان بعضها

وأحكام داود الذي عنده الزبر

(1)

التصوح: أن ييبس البقل من أعلاه. القاموس.

ص: 4610

وفضل سماح تنقص السحب عنده

فليس بمحسوب إذا قطر القطر

وحسبهم فخرا بعمّهم الذي

يفضّله بدو البسيطة والحضر

علا علماء الدهر فهي جداول

وأبرز ما يبديه من علمه بحر

فتى علمت بغداد غاية علمه

وما جهلت من ذاك ما علمت مصر

أقام بها حولين يجني علومه

كما جنيت من خير أغراسها التمر

وآب مع الأعراب يزهى بلفظه

ويعظم منها في فصاحته الفكر

أقر بنعماه مقيما وظاعنا

وكفر أياديه التي سلفت كفر

وأنظم ما عمرت في وصف فضله

مراني ترويها ويحدو بها السفر

فأيسر ما فيه من الفضل غاية

يقصر عن ادراكها النظم والنشر

‌أبو المحاسن بن اسماعيل الشوّاء:

المعروف بابن الكوفي، ويلقّب بالشهاب الحلبي، شاعر مجيد، كان بحلب من شعراء الملك الظاهر، ثم من شعراء ولده الملك العزيز بعده، وكان له بحلب حانوت يشوي فيه الشواء، سمعته مرارا ينشد الملك الظاهر، والملك العزيز بحلب.

(188 - و)

‌أبو محجن بن عبد الله:

ابن المنذر بن قيس بن سمير بن نمران بن جندب بن هلال بن صعب بن عمرو بن دميمة بن حريش بن اريش بن إراش بن حرملة بن لخم، واسم لخم مالك ابن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب اللخمى الاراشي من شجعان أهل الشام وفرسانهم، والمشهورين منهم المذكورين، غزا مع مسلمة بن عبد الملك القسطنطينية، وقتل بها، وكان بدابق مع الجيش.

ص: 4611

‌ذكر من كنيته أبو محمد

‌أبو محمّد بن جعفر المتوكل:

ابن محمّد المعتصم بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العبّاس الهاشمي، ويعرف بابن لجين، كان في صحبة المتوكل سنة ثلاث وأربعين ومائتين، حين خرج من بغداد للغزاة، وقدم معه حلب في أوائل سنة أربع وأربعين ومائتين.

ذكر أبو محمد عبد الله بن محمد الخطابي قدومه إلى دمشق صحبه أبيه فيما حكاه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن أنه قرأه بخطه، قال الحافظ: وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس الوراق قال: مات أبو محمد بن المتوكل، المعروف بابن لجين، في شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين.

(1)

(188 - ظ)

‌أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية:

ابن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموي، غلب على قنسرين بعد استيلاء عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس عليها، وعبد الله بدمشق، وكان مقدّم الجيش، وكان المدبر للجيش أبا الورد، مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث وكان ذلك في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فسير عبد الله بن علي أخاه عبد الصمد بن علي فلقيهم، فهزم السفياني عبد الصمد ومن معه، فلما قدم على أخيه عبد الله، أقبل عبد الله بن علي بعسكره لقتال أبي محمد، وأبي الورد ومعه حميد ابن قحطبة، فالتقوا بمرج الأجرم وثبت لهم عبد الله وحميد، فهزموهم، وقتل أبو الورد، وهرب أبو محمد ومن معه من الكلبية الى تدمر ثم خرج الى الحجاز، فظفر به هناك، وقتل.

(1)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 79 - و.

ص: 4612

هكذا وقع في التاريخ بمرج الأجرم، والصواب فيه الأجم، وهو بناحية قنسرين بالمطخ.

‌أبو محمد بن مضاء بن عبد الباقي:

الأزدي الأذني، من أهل أذنة حدّث عن محمد بن سليمان لوين المصيصي، روى عنه أبو بكر بن المقرئ.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي-قراءة عليه-قال:

أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن أحمد بن الأخوة وصاحبته عين الشمس، قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي. قالت: (189 - و) اجازة، قال: أخبرنا

(1)

‌أبو محمد بن معمعة:

الكندي المنبجي، خطيب حمص، وقيل إنه خطب بحلب، واسمه عبد الله وقد قدمنا ذكره في العبادلة، وهو الذي كتب إليه أبو فراس بن حمدان:

قم فما للسقم والحمى

على جسمك وقع

إنما يخشى على من

فيه للعالم نفع

(2)

‌أبو محمد بن أبي النجيب:

شاعر من شعراء حلب، ظفرت بشيء من شعره في مجموع وقع إليّ بخط الأديب أبي الحسن هبة الله بن عيسى النصراني الكاتب، ذكر أنه نقله من مجموع وقع إليه بحلب يتضمن أشعارا للحلبيين، فقرأت بخط هبة الله بن عيسى في أثنائه ما صورته:

قالت وفي يدها قلبي تقلّبه

هذا الذي لم أزل مذ غاب أطلبه

(189 - ظ)

قلت احفظيه فقد ضعيت مهجته

واستعطفيه وإلاّ عز مطلبه

(1)

فراغ مقداره ستة أسطر حيث لم يكمل المصنف ما أراد روايته.

(2)

ليسا في ديوانه المطبوع.

ص: 4613

وله، ونقلته من خطه:

لم أنس من لاقيتها

تهتز كالغصن الرطيب

مع كل خود كالمها

ة وكل فاتنة لعوب

يسلبن حبات العيون

لصيد حبات القلوب

وقد اعترتها خجلة

وبدا بها وله المريب

وأبدت

(1)

إليّ مخضبا

وأظنه بدم الندوب

قالت لمن يختصّها

لسرائر القلب الكئيب

ها منيتي ومنيّتي

وطبيب إسعافي وطيبي

‌أبو محمد الحلبي:

شاعر مجيد من أهل حلب، قرأت له أبياتا بخط اللطيف علي بن سنان السراج الحلبي في مجموع:

وأسيل الخد شاحبه

تركت عيناه بالفتن

تركت حماه وجنتّه

في اصفرار اللون تشبهني

وأرى خدّيه وردهما

ما جنى ذنبا فكيف جني

نهبا حتى كأنهما

ما حوت كفّا أبي الحسن

ذو جفون تشتكي أبدا

عثرات النقع بالوسن

ويد تندى ندى وردا

تجمع الضدين في قرن

(190 - و) قال: ومن منثور كلامه: خلص من سبك النقد خلوص الذهب من اللهب واللجين من يد القين والمدام من نسج الفدام

(2)

.

وقوله: أين السماك من السمك، والغرقد من الفرقد، والشراب من السراب.

(1)

كتب ابن العديم في الهامش تحت علامة التصويب «أبدت» .

(2)

الفدم: الغليظ الأحمق الجافي.

ص: 4614

‌أبو محمد الأموي:

شاعر حسن الشعر، كان يسكن جبل السّماق، من نواحي حلب، قرأت له أبياتا في مجموع بخط القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني، نقلت منه ما صورته: أبو محمد الأموي ساكن جبل السماق:

يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما

دعا الصبابة تستذكي وتستعر

إن الملامة لا تنفك تحدث لي

لجاجة كلما عنت لي الذّكر

وكيف بالصبر في أرض الحجاز على

نبوّها بي ونحو الشام لي وطر

يا صاحبيّ وقدما ما سألتكما

لمّا اسمدر

(1)

بساعات النوى النظر

هل تونسان بأعلى الشام هاضبة

أم تشهدان غريبا عنده الخبر

إن الغريب ولو دامت سلامته

وكان في نعمة تسري وتبتكر

تعتاده ذكر تمري بها درر

فما تزال دموع العين تبتدر

ما أنس لا أنس أياما لنا سلفت

والعود أخضر في أفنانه ثمر

هل مبلغ أهل قنسرين أن لهم

مني الثناء الى أن ينفد العمر

‌أبو محمد الموصلي:

شاعر كان في عصر سيف الدولة أبي الحسن (190 - ظ) بن حمدان، وكان معه بحلب، لم يقع إليّ من شعره إلا أبيات خاطب بها سيف الدولة، وقد ماتت أم سيف الدولة نعم.

قرأت بخطط صالح بن ابراهيم بن رشدين، من مجموعه، قال: ماتت أم الأمير أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، فرثاها الناس على طبقاتهم فأطالوا، فقال أبو محمد الموصلي يخاطبه:

يا أميرا علا على النجم همه

مثل ما قد زرى على الخلق عزمه

أكثر الناس في التعازي وقالوا

كلّ معنى ينسي أخا الهم همّه

فاختصرت العزاء في نصف بيت

كل خطب إذا تعداك نعمة

(1)

اسمدر: ضعف بصره أو شيء يتراءى للانسان من ضعف بصره عن السكر وغشي الدوار والنعاس. القاموس.

ص: 4615

‌أبو محمد الأديب المعري:

شاعر من أهل معرّة النعمان، روى عنه نصر بن الحسن الدمشقي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الأنصاري بحلب، وأبو يعقوب يوسف بن محمد الصوفي-بالقاهرة-عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أنشدني نصر بن الحسن بن محمد الدمشقي ببغداد قال:

أنشدني أبو محمد الأديب المعري بالمعرة:

الصدق حلو وهو المرّ

والكذب لا يألفه الحرّ

جوهرة الصدق لها زينة

يحسدها الياقوت والدرّ

‌أبو محمد الأنطاكي:

شاعر من أهل أنطاكية، ظفرت له ببيتين (191 - و) من الشعر وهما قوله:

وكنت على حفظي هواها وغدرها

أراها بعين لا أرى فوقها خلقا

فما زال منها الغدر حتى ترحّلت

عن القلب غربا واستقل الهوى شرقا

‌أبو محمد الرصافي:

من رصافة هشام، من عمل قنسرين حكى عن أبي حمزة العابد، روى عنه محمد بن علي الكرجي.

أنبأنا ابراهيم بن عثمان بن يوسف قال: أخبرنا أبو المعالي أحمد بن عبد الغنى ابن حنيفة الباجسرائي قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السرّاج قال: أخبرنا عبد العزيز الآزجي قال: حدّثنا علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثني محمد بن علي الكرجي قال: حدثني أبو محمد الرصافي قال: خرج أبو حمزة يشيع بعض الغزاة فسمع قائلا يقول:

نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى

ما الحب إلاّ للحبيب الأوّل

فسقط مغشيا عليه.

‌أبو محمد المصيصي العابد:

كان من العبّاد الصابرين على البلاء.

ص: 4616

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن عبد الوهاب الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفتح قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: حدثنا الحسين بن صفوان قال: أخبرنا أبو بكر القرشي، ح.

وأنبأنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن اللبان عن أبي علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثني علي بن الحسن قال: كان رجل بالمصيصة ذاهب النصف (191 - ظ) الأسفل لم يبق منه إلاّ روحه في بعض جسده، ضرير على سرير مثقوب، فدخل عليه داخل فقال: كيف أصبحت يا أبا محمد؟ قال: ملل الدنيا، منقطع الى الله، مالي إليه حاجة إلاّ أن يتوفاني على الاسلام

(1)

.

‌أبو محمد المرعشي:

من مشايخ الصوفية، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عمار الهمذاني.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن حموية، ح.

وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.

وأنبأنا أبو النجيب بن عثمان القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا:

أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت عبد الله بن يوسف الأصبهاني يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عمار الهمذاني يقول: سمعت أبا محمد المرعشي يقول: سئل شيخي عن التصوف فقال: سمعت الجنيد، وقد سئل عنه فقال هو أن يميتك الحق عنك ويحييك به

(2)

.

(1)

لم أقف على ترجمة له في حلية الأولياء.

(2)

الرسالة القشيرية:126.

ص: 4617

‌أبو محمد الملطي:

المقرئ، قرأ على يونس، عن ورش، قرأ عليه الفقيه أبو الفضل محمد بن جعفر، وطريقه في القرآن في روايته ورش طريق معروف.

‌أبو محمد المراغي:

سمع بحلب علي بن عبد الحميد الغضائري، وروى عنه، وعن قتيبة. روى عنه الحاكم أبو أحمد بن محمد، وأبو الفضل العباس بن ابكجور. (192 - و)

ص: 4618

‌أبو المخارق القاضي:

قاضي الثغر اسمه بشر بن حيان بن بشر بن حيان الأسدي، وقد تقدم ذكره.

قرأت في شعر العباس الخياط المصيصي، في أبي المخارق القاضي:

قاض لنا بالثغر لم يحكم

إلاّ بحكم دنس مظلم

في رأسه الدهر رصافية

(1)

لم تخط في القد من القمقم

تراه من شدّة وسواسه

يسعط

(2)

مشدودا على سلم

ولم يزل دهرا بأغلاله

يشغب في الدير على مريم

من ثم يقضي بيننا دائما

قضية الشيخ أبي ضمضم

(3)

كذب الخياط، وجرى على عادته المستقبحة في الفرية على أهل العلم والدين في هجوه.

‌أبو مخرمة السعدي:

من التابعين الأخيار سمع أبا أمامة الباهلي حكى عنه سليمان بن حبيب المحاربي، وسليمان بن موسى، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعطاء بن قرّة السكوني، ومزيد. وغزا أرض الروم وقتل في غزاته تلك مع مسلمة بن عبد الملك في وقعة برجان وكان في الجيش بدابق.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-قراءة عليه-قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: حدثنا أبو بكر الشافعي قال حدثنا ابراهيم بن اسحاق الحربي قال: حدثنا الحسين بن عبد العزيز

(1)

نسبة-كما هو مرجح-الى رصافة هشام حيث نشطت صناعة النسيج. انظر مادة رصافة في معجم البلدان.

(2)

سعط: أدخل الدواء في أنفه. القاموس.

(3)

الضمضم: الأسد الغضبان، والجريء، والجسيم. القاموس.

ص: 4619

قال: (192 - ظ) حدثنا أبو حفص قال: سمعت سعيدا يقول: لا نعلم أحدا رأى الحور العين عيانا إلاّ في المنام، إلاّ ما كان من أبي مخرمة، فانه دخل كرما لبعض حاجته، فرأى الحور عيانا في قبتها، وعلى سريرها، فلما رآها صرف وجهه عنها، فقالت: إليّ يا أبا مخرمة، فاني أنا زوجتك. وهذه زوجة فلان وهذه زوجة فلان، فانصرف الى أصحابه فأخبرهم فكتبوا وصاياهم ولم يكتب أحد وصيته إلاّ أستشهد.

سعيد المذكور هو سعيد بن عبد العزيز.

وذكر أسماء الجماعة الذين كتبوا وصاياهم، وقد ذكرناهم في ترجمة أبي كريب الغساني.

أخبرنا بذلك أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا ابراهيم الحربي قال: حدثنا حمزة ابن العباس، قال حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال:

حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: أخبرني عطاء بن قرة السلولي قال: كنا مع أبي مخرمة فما عدا أن جاءنا من ذلك العنب، فوضعه ودعا بقرطاس ودواة، فكتب وصيته، فلما رآه أبو كريب الغساني كتب وصيته ثم قام مقاتل الليثي فكتب وصيته، ثم قام عمار بن أبي أيوب فكتب وصيته، ثم قام عوف اللخمي فكتب وصيته، ثم لقينا برجان فما بقي من هؤلاء الخمسة إلاّ قتل، قال: ولم نكتب نحن وصايانا، فلم نقتل.

‌أبو مرشد بن سليمان المعري:

؟؟ يرا شاعر مجيد، كان مقيما بشيزر واسمه (193 - و) سليمان بن علي وقد قدمنا ذكره.

‌أبو مروان المغربي:

أحد العباد وأرباب الكرامات من أهل المغرب، ورد الى حلب وأقام بها بمسجد المعقلية

(1)

الى أن مات.

(1)

لم أقف على ذكر هذا المسجد في مصدر أو مرجع آخر متوفر للتعريف به.

ص: 4620

أخبرني القاضي زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الله بن علوان القاضي-بحلب-قال: أخبرني الشيخ أبو غانم إمام مسجد المعلقية وغيره أنه كان بحلب رجل مغربي، يقال له أبو مروان المغربي، وكان على غاية من الزهد والصّلاح، وكان يذكر بالمنارة التي بمسجد المعقلية، وكان من كراماته أنه يضع الحبّ على يده، فيسقط الطير على يده ويأكله، قال: فلما حضره الموت أوصى أن يدفن بالجبيل بالتربة التي بها قبر الحافظ المرادي وابن الطحان، وبها جماعة من الزّهاد والأولياء، وأوصى أن يدفن عند باب التربة، وقال: أريد أن أكون بوّاب هذه التربة، فدفن عند بابها ودخلت هذه التربة مع القاضي أبي محمد وأراني قبر أبي مروان عند بابها، وزرته معه، وزرت من بها من الصالحين رحمهم الله أجمعين، ونفعنا ببركاتهم آمين.

ص: 4621

‌ذكر من كنيته أبو مسلم

‌أبو مسلم الخولاني:

دخل بلاد الروم غازيا، واسمه عبد الله بن ثوب، وقد ذكرناه فيما تقدم في العبادلة.

وقال ابن منده انه توفي بأرض (193 - ظ) الروم بحمة بسر.

‌أبو مسلم الخراساني:

واسمه عبد الرحمن وقيل

(1)

.

‌أبو مسلم الثقفي:

سيّاف الحجاج بن يوسف، قدم دابق للغزو فرده عمر بن عبد العزيز منها، ومنعه من الدخول مع المسلمين.

أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف-اذنا-قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا يحيى بن عبد الباقي قال: حدثنا المسيّب بن واضح قال: حدثنا أبو اسحاق الفزاري عن الأوزاعي أن أبا مسلم لما خرج في بعث المسلمين، رده عمر بن عبد العزيز من دابق، وقال: ليس بمثله يستعين المسلمون في قتال عدوهم، وكان عطاؤه ألفين، فرده عمر الى ثلاثين، فرجع من دابق الى طرابلس لأنه كان سيافا للحجاج، وكان ثقفيا.

(2)

.

(1)

لم يكمل ترجمته لابي مسلم، ومفيد التنبيه هنا الى وجود ترجمة جيدة جدا لابي مسلم في المجلدة العاشرة من تاريخ دمشق لابن عساكر فيها مواد فريدة في بابها.

(2)

لم أقف على هذه الرواية في ترجمة عمر بن عبد العزيز في حلية الاولياء.

ص: 4622

‌أبو مسلم المرعشي:

حدّث

(1)

.

‌أبو مسلم الطرسوسي:

روى عن

(2)

.

روى عنه أبو نعيم عبد الرحمن بن قريش الجلاب. (194 - و).

‌أبو مسلم الحداد:

إمام مسجد طرسوس، روى عن اسحاق بن ابراهيم القارئ. روى عنه أبو بكر أحمد بن مروان المالكي.

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني، وأبو الحسن محمد ابن أبي جعفر بن علي. قال أبو بكر: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي بن صابر السلمي قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل، ح.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله الملثم قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري، وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عمر الموصلي-وقال الأرتاحي: إجازة-قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو مسلم الحداد-إمام مسجد طرسوس-قال: حدثني اسحاق بن إبراهيم القارئ قال سمعت أبي يقول: قيل لبعض الحكماء: ما أرادوا بالخلوة والعزلة؟ قال: ليستدعوا بذلك دوام الشكر، ويثبت في قلوبهم، ليحيوا حياة طيّبة، يذوقوا لذاذة حلاوة المعرفة

(3)

.

‌أبو مسهر الغساني:

واسمه عبد الأعلى بن مسهر، واشتهر بكنيته وقد قدمنا ذكره. (194 - ظ)

(1)

كذا بالأصل دونما اكمال.

(2)

كذا بالأصل دونما اكمال.

(3)

سقطت هذه الترجمة من تاريخ دمشق لابن عساكر.

ص: 4623

‌أبو المشرف الدجرجاوي:

شاعر مجيد، ذكر الوزير جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي أن أبا المشرف الدجرجاوي كان من حلب، وانتقل إلى دجرجا قرية بالصعيد من الديار المصرية، فنسب. ووقع إليّ شكة بالديار المصرية، فيها ذكر جماعة من الشعراء، وأورد فيها لأبي المشرف الدجرجاوي:

قاض إذا انفصل الخصمان ردهما

إلى الخصام بحكم غير منفصل

يبدي الزهادة في الدنيا وزخرفها

جهرا ويقبل سرّا بعرة الجمل

يهلل الدهر لا في وقت هيللة

ويلزم الصمت وقت القول والعمل

وما أسميه لكني نعّت لكم نعتا

أدلكم فيه على الرجل

‌أبو المشكور بن أبي العباس الحلبي:

شاعر مجود من أقران الماهر الحلبي.

قرأت في «كتاب جامع الفنون وسلوة المحزون في ذكر الغناء والمغنين»

(1)

، تأليف أبي الحسين بن الطحان في باب ما مدح به المغنون في زماننا هذا-يعني زمانه-قال: وكتب إليّ أبو المشكور الحلبيّ.

أيا من كلّ ذي فضل

متين منه يمتار

تعود القلب من شدوك

أشواق وتذكار

(195 - و)

فخبرني أللأوتار

عند القلب أوتار

وهذا ابن الطحان كان مغنيا حاذقا، وعنده فضل وأدب.

(1)

لم أقف على ذكر لهذا الكتاب في مكان آخر انما سيذكره المصنف ثانية فيفيدنا أنه من رجال القرن الخامس للهجرة.

ص: 4624

‌ذكر من كنيته أبو المصبح

‌أبو المصبح الاعشى:

أعشى همدان، من الخطباء البلغاء والشعراء الفصحاء، شهد صفين مع علي رضى الله عنه، وله فيها أشعار مذكورة، قال فيه أبو عثمان عمرو ابن بحر الجاحظ في كتاب البيان والتبيين: ومن الخطباء الشعراء العلماء وممن قد سافر الأشراف أعشى همدان

(1)

.

أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد-اذنا-قال: أنبأنا أبو القاسم بن البسري عن محمد بن جعفر بن النجار، في تسمية من نزل الكوفة من الشعراء، وكان بها، قال: وأعشى همدان، وكان مع أمير المؤمنين عليه السلام وله أشعار في صفينّ.

أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن يحيى بن حكيم قال: أخبرنا ابو الفرج يحيى بن ياقوت بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمر قندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: حدثنا أبو عبد الله الضبي أن عبد الله بن أبي سعيد حدثهم قال: حدّثنا عبد الله بن الحسين بن الربيع قال: حدثني الهيثم بن عدي قال: لما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه (195 - ظ) معاوية حمص، وفد عليه أعشى همدان قال: ما أقدمك أبا المصبح؟ قال جئتك لتصلني وتحفظ قرابتي، وتقضي ديني، قال: فأطرق، ثم رفع رأسه، فقال: والله ما شيء، ثم قال: هه كأنه ذكر شيئا، فقام فصعد المنبر، فقال: يا أهل حمص-وهم يومئذ في الديوان عشرون الفا-هذا ابن عم لكم من أهل القرآن والشرف، قد قدم عليكم يستر فدكم، فما ترون فيه؟ قالوا: أصلح الله الأميرا حتكم له، فأبى عليهم،

(1)

البيان والتبيين (طبعة السندوبي):1/ 70 - 71 وفيه «وممن قد تنافر اليه الاشراف» وهو أقوم.

ص: 4625

فقالوا: إنّا قد حكمنا له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين فعجلها له من بيت المال فعجل له أربعين ألف دينار، فقبضها ثم أنشأ يقول:

لم أر للحاجات عند التماسما

كنعمان نعمان الندى ابن بشير

إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن

كمدل إلى الأقوام حبل غرور

متى أكفر النعمان لم أك شاكرا

وما خير من لا يغتدي بشكور

(196 - و)

قرأت في جزء من فوائد جعفر بن الفضل بن الفرات، إما بخطه أو بخط كاتبه:

حدثني أبو الحسين قال: حدثنا أحمد يعني أبا العبّاس بن عبد الله بن عمار قال:

حدثنا ابن سلام قال: حدثنا أبان بن عثمان قال: كان الأعشى أعشى همدان مع ابن الأشعث، وكان له مدّاحا فقال فيه:

ولقد سألت الجود أين محله

فالجود بين محمد وسعيد

بين الأشدّ وبين قيس باذخ

بخ بخ لوالده وللمولود

فلمّا أتي به الحجّاج بعد هزيمة ابن الأشعث قال له: أأنت المبخبخ للحائن؟ قال: أنا الذي أقول:

أبى الله إلاّ أن يتمّم نوره

وتطفى نار الفاسقين فتخمدا

فقال: إقعد يا غلام اكتبها، فلما فرغ منها قال: يا غلام اضرب عنقه والله لا يخبخ لأحد بعده.

‌أبو مصبح الحمصي:

روى عن جابر بن عبد الله الأنصاري، ومالك بن عبد الله الخثعمي، روى عنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وحصين بن حرملة المهري.

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى التغلبي-إذنا-قال:

أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب (196 - ظ) بن البناء، ح.

وأخبرنا ابن طبرزد عن ابن البناء-إجازة-قال: أخبرنا أبو الحسين محمد

ص: 4626

ابن أحمد بن الأبنوسي قال: حدثنا أبو اسحاق إبراهيم بن محمد بن الفتح الجلي المصيصي قال: حدثنا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار المصيصي صاحب المصاحف في المسجد الجامع بالمصيصية قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن نعيم الأصبحي المصيصي قال: سمعت عبد الله بن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني أبو مصبح قال: غزونا مع مالك بن عبد الله الخثعمي أرض الروم، فسبق رجل الناس فنزل يمشي ويقود دابته، فقال مالك: يا أبا عبد الله ألا تركب؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله ساعة من نهار فهما حرام على النار

(1)

، وأصلح دابتي لتغنيني عن قومي

(2)

.

قال: أبو مصبح فنزل الناس فلم أر نازلا أكثر من يومئذ. الرجل الذي ناداه مالك: يا أبا عبد الله هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وكان في الغزاة مع مالك بن عبد الله، وقد روينا ذلك مصرحا باسمه في ترجمة جابر بن عبد الله، فيما تقدم من رواية حصين بن حرملة المهري، قال: حدثني أبو مصبح الحمصيّ وذكر نحوا من هذا، وقال إذ مرّ مالك بجابر بن عبد الله وهو يمشي. (197 - و).

‌أبو مضر:

سمع بالمصيصية طاهر بن عبد الملك.

أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو الفضل اسماعيل بن علي ابن إبراهيم الجنزوي قال: أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد الأكفاني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب-من لفظه-قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: كتب إليّ أبو مضر قال: قال لي طاهر بن عبد الملك بالمصيصية: سمعت أبي يقول: سمعت الفضيل يقول: أنا في طلب رفيق منذ عشرين سنة إذا غضب لا يكذب عليّ.

(1)

انظر كنز العمال:11411،4/ 10708.

(2)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 91 - ظ.

ص: 4627

‌أبو المطرف الأنطاكي:

روى الحماسة عن أبي تمام الطائيّ، رواها أبو عبد الله النمري عن أبي رياش عنه.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن الجواليقي.

قلت: ونقلتها من خط ابن الجواليقي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي ابن الحسن بن علي بن عمر، ويعرف بابن الصّقر الواسطي ببغداد قال: قرأت على شيخنا أبي الحسن محمد بن محمد بن عيسى الخيشي النحوي قال لي: قرأت كتاب الحماسة على أبي عبد الله النمري، ورواه لي عن أبي رياش رحمه الله، وقال أبو رياش: فيما قرأته أنا بخط عبد السلام البصري: أنشدنا أبو المطرف الأنطاكي قال:

أنشدنا أبو تمام الطائي قال: وقال المرار بن سعيد الفقعسي:

إذا شئت يوما أن تسود عشيرة

فبالحلم سد لا بالتسرع والشتم

وللحلم خير فاعلمن مغبة

من الجهل إلا أن تشمسّ من ظلم

(1)

‌أبو المعافى بن المهلب الحموي:

شاعر من أهل حماة، قرأت له بيتين أوردهما قاضي معرة مصرين عبد القاهر بن علوي بن المهنا في كتاب زهر الرياض في المنثور.

قال لي الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله العباسي: سمعت هذا الكتاب من عبد القاهر، ثم شاهدت سماعه منه، وأجاز لنا الشريف أبو حامد-إن شاء الله تعالى-والبيتان:

انظر إلى الخيرى

(2)

ما بيننا

ملبسا بالطل قمصانا (197 - ظ)

كأنمّا صاغته أيدي الحيا

من أصفر الياقوت صلبانا.

‌أبو المعالي بن أبي الجيش:

ابن أبي المعالي المقرئ الدنيسري الحصري الزاهد، رجل من أهل الدين

(1)

الحماسة بشرح التبريزي-ط -دار القلم بيروت:2/ 4

(2)

هو الخزامي، وهو نبت طيب الريح. معجم أسماء النباتات (مادة خزامي).

ص: 4628

والقرآن، راغب عن صحبة أرباب الدنيا مشتعل بما يعنيه، سافر من دنيسر الى دمشق وقرأ بها القرآن على أبي جعفر أحمد بن علي القرطبي إمام الكلاسة وعلى غيره، واجتاز بحلب في طريقه اليها.

ذكره عمر بن الخضر بن اللمش في «كتاب حلية السريين في أخبار الدنيسريين» وقرأته بخطه فقال: قرأ القرآن على أبي جعفر القرطبي بدمشق، وقرأ على غيره، وهو رجل زاهد يحب الانقطاع عن الناس والخمول وكثرة قراءة القرآن، ويكره الجاه والقرب من السلطان وأن يؤم بهم أو بأتباعهم وإذا عرض عليه شيء من ذلك امتنع حتى أنه امتنع من الامامة بالجامع الغربي بدنيسر لكونها ولاية سلطانية

(1)

.

‌أبو معاوية الأسود:

الزاهد مولى بني أمية، قيل إن اسمه اليمان وقد قدّمنا ذكره في حرف الياء من الأسماء.

أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام-إذنا-عن أبي العلاء الحسن بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر بن أبي علي قال: أخبرنا أبو بكر الصفار قال:

أخبرنا أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ قال: فيمن يعرف (198 - و) بكنيته ولا نقف على اسمه: أبو معاوية الأسود الزاهد.

‌أبو معشر:

خرج من حمص غازيا إلى الثغر، وحكى عن امرأة خرجت إلى الغزاة. روى عنه أحمد بن عبد الرحمن، وقد سقنا الحكاية عنه في المجهولات من النساء، فيما يأتي في آخر الكتاب إن شاء الله تعالي.

‌أبو المغيث الرافقي:

اختلف في اسمه، فقيل موسى بن ابراهيم بن سابق، وقيل عيسى بن سابق، ولاه عيسى بن منصور ابن عمه، والى حمص ربع أفامية، ثم عزله عنها، فتوجه منها إلى الرافقه.

وقد قدمنا ذكره في الأسماء.

(1)

تاريخ دنيسر:33 (7).

ص: 4629

‌أبو المفلفل التنوخي:

الحلبي الشاعر، شاعر من أهل حلب، ظفرت بذكره ولم أظفر بشيء من شعره.

قرأت في أخبار أبي نواس لأبي عبد الله المرزباني قال: حدثنا علي بن أبي عبد الله الفارسي قال: أخبرني أبي قال: أتى أبو المفلفل الشاعر، وهو رجل من تنوخ من حلب أبا نواس عند قدومه من مصر يستجديه فطال اختلافه جدا.

قال: فأمر أبو نواس غلاما له فحلق رأسه وكتب عليه أربعة أبيات، وقال:

إذا جاء أبو المفلفل فقل له: يقول لك مولاي: اقرأ ما على رأسه، فكان ما على رأسه:

وأشمط دلاّج عليّ ورائح

يطالب نيلا لو يعان بجود

وإني وإيّاه لقرنان نصطلي

من المطل نارا غير ذات خمود

زويت له وجها قطوبا عن الندى

وأقصيته من نائلي بوعيد

ويروى: ......

وألبسته من وعده بوعيد

(198 - ظ)

فإن كنت لا عن سوء رأيك مقلعا

فدونك فاستظهر بنعل جديد

فعندي مطل لا يطير غرابه

عتيد ولا يدعى له بوليد

(1)

قال: المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى أنّ أبا نواس خاطب بهذه الأبيات أبا المفلفل الشاعر، قال: ويقال إنّه قالها للأبزاريّ.

‌أبو المنى بن علي الحلبي:

شاعر كان بحلب، ظفرت له بأبيات مدح بها حاجب سوار سوتكين، فإني قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي هذه القصيدة لأبي المنى بن عليّ يمدح بها الحاجب سوتكين حاجب سوار بحلب الملقّب نشو الدّولة:

الحرب من شيمي والشعر من شغلي

والمدح في أفرس الفرسان من عملي

(1)

ديوان أبي نواس-ط. دار صادر بيروت:231 مع فوارق.

ص: 4630

وعفّتي وصلاحي دائبان ولي

إليهما الفضل والأجواد تشهد لي

والغادة الكاعب الحسناء ليس ترى

مني سوى الصد والهجران والملل

ولا جزعت وقد شطّ المزار بها

ولا صبوت إلى سيارة ذلل

ولا أرقت اشتياقا حيث ما رحلت

ولا نظرت إلى سجف ولا كلل

ولا وقفت على آثارها أسفا

ولا بكيت على ربع ولا طلل

قال فيها:

لسوتكين نظمت الشعر ممتدحا

للحاجب الأريحي الضيغم البطل

ليث الكتائب مقدام الضرائ

ب وهّاب الرغائب اعطاء بلا ملل

(199 - و)

وافي العزائم معطاء الغنائ

م غفار الجرائم ساقي الموت بالذبل

ثبت الأصيلة عال في القبيل

ة بالكف الجميلة حلو الخلق كالعسل

حصن لشدّتنا ذخر لفاقتنا

نشو لدولتنا أمن من الزلل

‌أبو المنجى بن مسعر التنوخي:

المعري واسمه هبة الله بن ميسر بن مسعر، شاعر من بيت مشهور بمعرة النعمان، فيهم الرواة والعلماء والشعراء.

روى عنه شيئا من شعره أبو عبيدة محمد بن عبد العزير بن محمد بن همام بن المهذب، وقد ذكرناه في حرف الهاء، وذكرنا شيئا من شعره.

ووقع إليّ بعد ذلك قصيدة من شعره يشكو فيها حاله وهو في الحبس والقيد، ويشكو إلى أهله، وقد ذكرنا بعض هذه القصيدة في حرف الهاء في ترجمته بالإسناد، فنورد القصيدة بكمالها هاهنا لأن بقية القصيدة أجود مما مضى منها، وفيها تفصيل حاله.

نقلت من جزء وقع إليّ بخط بعض المعريين أودع فيه شيئا من أشعار المعريين وغيرهم، فنقلت منه ما صورته: القاضي أبو المنجى بن مسعر رحمه الله:

يا أخوتي كيف السبيل إليكم

لا كان يوم بنت فيه عنكم

ص: 4631

فارقت مذ فارقتكم سنة الكرى

ووصلت حبل الدمع منذ صرمتم

ولقد أرى بيني وبينكم نوى

من دونها وضح المسالك مبهم

تالله ما أجفوكم لملالة

أجفوكم ويعزّ أن أجفوكم

(199 - ظ)

والله لا نهنهت مدمع ناظري

أنىّ جرى منه لفرقتكم دم

والله ما أسفي على الدنيا ولو

فارقتها أسفي بكم وعليكم

أدعوكم شوقا ونيران الأسى

بين الجوانح والحشا تتضرّم

وإذا ذكرتكم تفيض مدامعي

بدم وكل جوارحي تبكيكم

أفني اللّيالي بالتحرق والبكا

وكذاك أيامي به تتصرّم

عين مؤرقة وجسم ناحل

وحشا معلقلة وقلب مغرم

ولقد حملت الحزن طفلا فاغتدى

دوني إذا ذكر الحزين ملمم

حتى لو أن يلملما

(1)

حملته

بعض الذي بي ما استقل يلملم

أبنى أبي إن غبتم عن ناظري

فلأنتم عن خاطري ما غبتم

أجد الحياة مريرة ما لم أكن

أنا في الحياة كما أحبّ وأنتم

يا ليتني فارقت مذ فارقتكم

روحي وبنت إلى البلى مذ بنتم

فالوجد بعدكم عليّ محلل

والصبر بعدكم عليّ محرم

أبكي وتند بني القوافي حين لا

خل يرق ولا نسيب يرحم

وتهيج نار الشوق بين جوانحي

فكأنما بين الصفاق جهنم

فأبيت من حرّ الصّبابة والأسى

في جذوة لا استطيع أهوم

وإذا ذكرت أبا الكرام تقطعت

كبدي وبرّح بي نزاع مؤلم

ولقد أحن الى أبي الفضل الذي

عيني تسح دما عليه وتسجم

(200 - و)

فيلوم في جزعي أبي ويلومني

عمىّ ولو مهما أعق وألوم

أمعنفي بملامة لتحرقي

أسلوهم هيهات أن اسلوهم

أبني أبي والأكرمين متى دعوا

للمكرمات وللندى فهم هم

(1)

الململم: المجتمع المدور المضموم، واللملوم: الجماعة وجيش لملم: كثير مجتمع. القاموس.

ص: 4632

هل مسعد أشكو إليه وإنما

أشكو صروف الدهر لا أشكوهم

ذاد الكري عن مقلتي خيالكم

فالنوم أقلع والسهاد مخيّم

بخل الزمان بكم عليّ فبان بي

عنكم وساعده القضاء المبرم

أتراه يسمح بالوصال فاشتكي

وأبثّ ما لاقيت منه إليكم

إن خفّ وبلكم

(1)

وشط مزاركم

فخليفتي رب السماء عليكم

كنا نذم من الزمان حميده

قدما فكيف الآن وهو مذمم

في كل يوم من الزمان نكبة

تعتادني

(2)

ختلا ويوم أيوم

تقضي حوادثه عليّ بجورها

وصروفها أنى تشاء وتحكم

حظ خصصت به وجد نازل

بي في الحضيض وجانب متهضّم

ومن العجائب أنني عاينته

فيما جناه فأعقبتني الصّيلم

لا تسألي يا عزّ عما نابني

فمن الحديث محدّث ومكتمّ

كفي كفاك ولا أبا لك أنني

أصبحت والأعداء في تحكّموا

ملقى بدار مذلّة مستوطنا

سجنا أسام الخسف فيه وأظلم

لا ناصر لي ألتجي بفنائه

أنىّ انتصرت ولا وليّ مكرم

(200 - ظ)

أمسي وأصبح في الحديد مكبلا

من غير ما جرم كأني مجرم

متقمّصا ثوب الأسى قد بزني

ثوب التصبر والتأسي أدهم

قيد ثقيل قد براني حمله

وجوى أكابده وسجن مظلم

سيّان فيه ليلنا ونهارنا

وحياتنا ماذيها

(3)

والعلقم

ولذاك أيسر من مقالة حاسد

يسدي التمائم بالمحال ويبرم

قل للمريق دماءنا كفّ الأذى

عنّا فحسبك سعيك المتقدّم

ألزمتنا جرما ولمّا نجنه

ظلما فصار لزوم مالا يلزم

أمحمد أدعوك حين اظلّني

خطب يجل عن الخطوب ويعظم

ما خلت أنك تاركي تنتاشني

طلس الذئاب وأنت أنت الضيغم

(1)

الوبل: المطر الشديد الضخم القطر. القاموس.

(2)

كتب ابن العديم في الهامش ما يفيد أنه في رواية أخرى «تغتالني» .

(3)

الماذي: العسل. القاموس.

ص: 4633

وتنوشني سمر الرماح ولا أرى

بيضا تسل ولا قنى تتحّطم

يا خال لا تقطع أواصر بيننا

واحلم فمثلك من يعقّ فيحلم

واعطف على الاطفال عطفة والد

حدب فانك أمّهم وأبوهم

واذكر لهم ما ليس ينسى مثله

فلأنت من نسيان ذلك أكرم

احفظ لهم ما ليس يجهل حقه

ذمم مؤكدة وعقد محكم

‌ذكر من كنيته أبو منصور

‌أبو منصور بن بابا الحلبي:

شاعر ناثر مجيد فيهما جميعا من أهل حلب، كان متّصلا بخدمة الوزير أبي نصر بن النحاس واستخدمه في بعض الجهات (201 - و) بحلب وذكره أبو الطيب الباخرزي في كتاب دمية القصر فقال: ابن بابا، باب الأدب عليه مفتوح، ودستور الفضل له مطروح، وزند الشعر به مقدوح، قال يمدح الصّاحب نظام الملك على باب قنّسرين من الشام سنة ثلاث وستين وأربعمائة، ح.

باب قنسرين باب مدينة حلب وبظاهره كان نزول السلطان ومعه نظام الملك:

يمينك أندى العارضين سحابا

وعزمك أمضى الصّارمين ذبابا

وأنت أعمّ الناس طولا وسؤددا

وأطيبهم جرثومة ونصابا

وأسرعهم في النائبات اغاثة

وأمرعهم يوم العطاء جنابا

شهادة بر لايحابي بمثلها

إلا ربما كان السحاب يحابى

يقولون إن المزن يحكيك صوبه

مجاملة ها قد شهدت وغابا

وكم أزمة عمّ البرية بؤسها

فهل ناب فيها عن نداك منابا

همت

(1)

ذهبا فيها يداك عليهم

وضنّت يداه أن ترش ذهابا

ولو كان للأسياف عزمك ما نبت

ولا ناط بالخصر النجاد قرابا

وما زلت ترضي الله في نصر دينه

بمألكه

(2)

تزجي الأسود عضابا

(1)

همت: صبت. القاموس.

(2)

المألكة: الرسالة. القاموس.

ص: 4634

إذا طويت كانت وغا وقساطلا

وإن نشرت كانت ظبى وحرابا

وما حملت غير السيوف رسالة

ولا طلبت غير الرءوس جوابا

قد اخترطت أيدي الخلافة منكم

سيوفا على هام العداة غضابا

ومن يأت عن قوس السعادة راميا

نحور أعادية رمى فأصابا

(201 - ظ)

دعاك على شحط المزار ابن صالح

(1)

فلم ترض إلاّ أن تكون جوابا

غدا طالبا في ظلّ ملكك عيشه

فوافاه أحظى الوافدين طلابا

وكان إلى نيل السلامة سلما

أتى وإلى باب السعادة بابا

هو الجد فليمس الفتى في ظلاله

فلو أخطأ المجدود قيل أصابا

سقى حلبا من جود كفك ماطر

إذا لم تصب فيها المواطر صابا

سموت بها نحو الساء كأنما

ضربت عليها بالنجوم قبابا

فإن يئست منها الصقور فطالما

رفعت عليها باللواء عقابا

قال الباخرزي: لله دره في الجمع بين الصقر والعقاب بهذا المعنى المقرطس لهدف الصّواب.

بحقّ توليت الخلافة معتقا

برأيك من رق الخلاف رقابا

نظمت نظام الملك منثور مجدها

عقودا على لباتها وسخابا

(2)

وجليت يا شمس الكفاة غياهبا

برأي غدا في النائبات شهابا

غصبت على المجد الرجال فسدتهم

غلابا ومنهم من يسود خلابا

(3)

قرأت بخط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي في ديوان شعر الوزير أبي نصر بن النحاس الحلبي، وكان لقي أبا نصر وسمع منه، قال: وكان أبو منصور-يعني-ابن بابا متصلا بخدمة أبي نصر محمد بن الحسن ابن النحاس، فكتب إليه أبو نصر يعاتبه على تشاغله بالشرب:(202 - و)

(1)

كان محمود بن نصر بن صالح أمير حلب عندما حاصرها ألب أرسلان عام 463 هـ /1071 م. انظر كتابي امارة حلب:140 - 144.

(2)

السخاب: القلادة.

(3)

دمية القصر:1/ 243 - 246 مع زيادة ثلاثة أبيات.

ص: 4635

خدمة الأتراك

والكاسات من أيدي الملاح

ليس يلتامان فاختر

خدمة أو شرب راح

وهذان البيتان يرويان لغير الوزير أبي نصر، فلعله تمثل بهما.

قرأت بخط أبي اليمن محمّد بن الخضر المعروف بالسابق بن أبي مهزول قطعتي شعر من نظمه في هجو ابن بابا المذكور أحدهما:

أنشا ابن بابا مذهبا أنسى به

في الدهر كل مطفّل ومطفنشل

(1)

أبدا تراه بغير داع والجا

في منزل أو خارجا من منزل

متغنما زاد النديم وراحة

في خسة وضراعة وتذلل

يبدي السجود لمطمع في سكره

والودّ عنه بمعزل

(2)

ولقد يبيت على الطوى ويظله

حتى ينال به لئيم المأكل

والاخرى.

أنا ابن بابا ان طلبت الندى

يوما بمدح ابن سميكات

فانه من يده سبّة

والعار في كسب الدنيات

لا خير في الدنيا ولا أهلها

ما عدّ من أهل المروّات

ابن سميكات رجل نصراني من تناء الحلبيّين.

‌أبو منصور بن الخلال:

الرحبي المعروف بتاج الرؤساء، كان وجيها بحلب ممدّحا، ووزر لكربغا صاحب الموصل سنة تسعين وأربعمائة (202 - ظ) ووصل كربغا الى الرحبة وحاصرها في هذه السنة ففتحت له أبوابها، فآمن أهل أبي منصور بن الخلال، وأقام من يحفظ محلتهم، وأخرج الباقين منها ونهبها، وكان السلطان أبو الفتح ملكشاه استخدمه بحلب حين فتحها في سنة تسع وسبعين وأربعمائة في جمع المال بعد عوده من أنطاكية وترتيبه بحلب قسيم الدولة آق سنقر، وكان لؤلؤ الملكي الخادم مملوكا له أخذه منه رضوان بن تتش، وقد مدحه الوزير أبو نصر بن النحاس مع جلالة

(1)

الطفنشل: الضعيف من الرجال. اللسان.

(2)

كذا بالاصل وهذا الشطر غير مستقيم الوزن.

ص: 4636

قدره، وتقلده الوزارة قبله، فانني قرأت بخط أبي الحسن بن أبي جرادة، في ديوان شعر أبي نصر بن النحاس، قال: وكتب بها الى تاج الرؤساء أبي منصور ابن الخلال:

أجلك عن مدح ينعتك إنني

رأيتك أسنى منه قدرا وأعظما

وأي رئيس يستحقك تاجه

ولو كان فوق الفرقدين مخيّما

مناقب لولا أنها غير أفّل

يدوم نهارا نورها كنّ أنجما

لكفك جود ليس يبرح جوده

ملثا إذا ما قيل أنجم أنجما

فتى عم آفاق البلاد بسجله

وأصبح وادي معبرى فيه مفعا

وعمم بالنوار هام رباهم

وأسحب ذيل النسر من كان معدما

وذاك حباء لو بعلت

(1)

بشكره

لكان لسان الحال عني مترجما

(203 - و)

جزيتك بالاحسان قولا لأنني

وجدت طريق الفعل بالعدم مبهما

وأفضل ما يجزى به سحر منعما

أفاض عليه البر أن يتكلما

وفيه وفي أبي نصر بن النحاس قال ابن الديعاص البيت الذي قدمنا ذكره:

قد زنجر الدهر على الناس

ما بين خلال ونحاس

(1)

بعل: برم، لم يدر ما يصنع القاموس.

ص: 4637

‌ذكر من كنيته أبو موسى

‌أبو موسى الاشعري:

واسمه عبد الله بن قيس، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد صفين مع علي رضي الله عنه وقد قدمنا ذكره في حرف العين.

‌أبو موسى بن يونس الطرسوسي:

حدّث عن محمد بن مصعب القرقساني، روى عنه أحمد بن النضر العسكري.

أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو سعيد خليل بن أبي الرجاء الراراني قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد قال:

أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال:

حدثنا أحمد بن النضر العسكري قال: حدثنا أبو موسى بن يونس الطرسوسي قال: حدثنا محمد بن مصعب القرقساني قال: حدثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل:

أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر

(1)

(203 - ظ)

‌أبو موسى الوراق:

روى عن فردك الجنون حكاية ذكر فيها أنه كان بحلب، ذكرها مؤلف كتاب عقلاء المجانين قال: قال أبو موسى الوراق سنح لي خروج من حلب الى الرها، فوصلت الى منبج فاذا أنا بفردك المجنون، وذكر الحكاية عنه، وقد ذكرناها في ترجمة فردك.

(2)

.

(1)

انظره في كنز العال:15/ 43069.

(2)

لم أقف على ذكر فردك في كتاب عقلاء المجانين لابن حبيب النيسابوري.

ص: 4638

‌حرف النون في الكنى

‌أبو النجاء الاندلسي:

من المشايخ الزهاد الصالحين الأولياء المعروفين. أخبرني قطب الدين أبو عبد الله محمد بن شيخنا أبي العباس أحمد بن علي القسطلاني أن أبا النجاء الأندلسي حج وعاد على العراق، وقدم الموصل واجتمع بها بقضيب البان، ووصل الى الشام، فدخل حلب ودمشق، ومضى الى الديار المصرية، وسكن جزيرة فوّة ومات بها، ودفن.

قال: وله بها عقب.

قال لي أبو عبد الله: فبلغني عن الشيخ أبي النجاء أنه لما حج وقدم المدينة جاء من الشباك الذي عند أرجل الصحابة، وسلم منه على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل المسجد احتراما للنبي صلى الله عليه وسلم.

قال: وكان موسرا، فكان يسافر بالجمال الكثيرة والأحمال الكثيرة، وكان اذا دخل بلدا سيرّ من يخطب له امرأة، ويستأجر له دارا، وسير من يكتري له للسفر، فأي الأمرين (204 - و) تيسر له فعله من سفر أو اقامة.

قال: وكان أبو النجاء من تلامذة ابن العريف، قال: وتوفي أبو النجاء بعد السبعين والخمسمائة بفوّه.

ص: 4639

‌ذكر من كنيته أبو النجم

‌أبو النجم الراجز:

واسمه الفضل بن قدامة، كان برصافة هشام وبدابق، وقد سبق ذكره في الأسماء في حرف الفاء.

‌أبو النجم الدكاني:

شاعر مجيد، كاتب من كتاب الأمير وهسوذان، دخل حلب واسمه

وقد

(1)

قدمنا ذكره في موضعه.

‌أبو النجيب السهروردي:

الفقيه الواعظ الصوفي، واسمه عبد القاهر بن عبد الله، دخل حلب، ووعظ بها، وقد ذكرناه.

(1)

فراغ بالاصل، ووهسوذان هو ابن جستان وكان من رؤساء الديلم في جبالهم انظر تاريخ الطبري:9/ 273.

ص: 4640

‌ذكر من كنيته أبو نصر

‌أبو نصر الطرسوسي الشبرازي:

كان شيرازيا، وأقام بطرسوس سنين فنسب اليها، حكى عن أبي عبد الله بن خفيف، روى عنه محمد بن عبد الله بن عبيد الله.

‌أبو نصر البرمكي:

الحلبي، شاعر مجيد من أهل حلب، ويكنى أبا علي أيضا، واسمه الحسن ابن منصور، وقد ذكرناه في حرف الحاء.

‌أبو نصر بن أبي جوزه:

المعري، من بني عمرو بن سعيد بن محمد بن داود بن المطهر التنوخي، وهو أخو أبي البركات، ذكرهما ابن الزبير في كتاب جنان الجنان، فقال: أبو البركات ابن أبي جوزه المعري، شاعر من أهل معرة النعمان، هو وأخوه أبو نصر، وأورد لأبي البركات ما ذكرناه في ترجمته وأورد لأبي نصر هذا البيت:

اذا استغنيت عن عرض بحظ

فكل يد تصول بها يمين

‌أبو نصر بن أبي الحليم الطبيب:

كان طبيبا حاذقا في صحبة أتابك زنكي بن آق سنقر، وأبوه أيضا طبيب مذكور قد ذكرناه، ولأبي نصر هذا ذكر.

‌أبو نصر الاولاسي:

من الزهاد بحصن أولاس روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم.

أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا الخطيب (205 - و) أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر

ص: 4641

قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم قال: سمعت أبا نصر الأولاسي يقول: رأيت في بيت المقدس قوما فقراء نياما في المسجد في يوم شديد البرد، فرأيت حصيرا تحتهم ارتفع بنفسه ما كان فضل عنهم منه، فانقلب عليهم وغطاهم، من غير أن يمسه أحد، فقال له بعض الحاضرين:

لعل الريح فعلت ذلك، فقال: لم تكن ريح تهب البتة.

‌أبو نصر بن هشام الحلبي:

شاعر مجيد، روى عنه شيئا من شعره رافع بن ظافر بن علي الرحبي.

أنبأنا عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد الخطيب الموصلي قال: أنبأنا عمي قال: أنبأنا أبي قال: أنشدني أبو المجد رافع بن ظافر بن علي الرحبي قال: أنشدني أبو نصر بن هشام الحلبي لنفسه:

رأت فلتات الشيب تلبس مفرقي

ضياء كما يبدو الحسام من الغمد

رويدك ما عندي شباب يزيله

المشيب فأخشى منك عادية الصدّ

اذا لم يكن شرخ الشبيبة نافعي

فما رغبتي في حالك اللون مسوّد

(205 - ظ)

ص: 4642

‌أبو النعمان الانطاكي:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أحد مشايخ الثغر، حكى عنه أحمد بن يحيى البلاذري في أخبار البلدان، قال: وقال أبو النعمان الأنطاكي: كان الطريق فيما بين أنطاكية والمصيصة مسبعه يعترض الناس فيها الأسد، فلما كان الوليد بن عبد الله

(1)

شكي ذلك اليه، فوجه أربعة آلاف جاموسة وجاموس، فنفع الله بها

(2)

.

‌أبو النمر بن العنزي:

القاضي، من بيت كبير بالشام، مشهور ولهم اتصال بملوكها، وحرمة عندهم، وأصلهم من كفر طاب، وسكنوا حماة بعد استيلاء الفرنج على كفر طاب، وهذا القاضي أبو النمر كتب عنه مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ.

فانني نقلت من خط أسامة من كتابه الموسوم بأزهار الأنهار

(3)

قال: حدثني القاضي أبو النمر بن العنزي رحمه الله بحصن شيزر قال: سافرت إلى اليمن فاتصلت ببعض سلاطين اليمن، فأتاه الخبر بعصيان أهل بلد من بلاده، فركب وسار اليه، وأنا صحبته، وهو في خلق كثير على الركاب، وأقسم ليستبيحن دماءهم وأموالهم، فسرنا حتى نزلنا على المدينة، وأمر بالتأهب لقتالهم وهجم المدينة، فرأينا امرأة قد خرجت من المدينة، وجاءت تتخطى الناس حتى وصلت الى السلطان وأنا عنده (207 - و) فسلمت عليه فرحب بها، وأكرمها وأجلسها، ثم قال

(1)

كذا بالاصل وهو طغيان من القلم صوابه «عبد الملك» .

(2)

انظر فتوح البلدان بتحقيقي-ط. بيروت 2709:1989.

(3)

لم استطع الوقوف على نسخة منه.

ص: 4643

لها: ما حاجتك؟ قالت: جئتك أسألك أن تهب لي هذه المدينة وأهلها، فقال: هؤلاء قد أظهروا العصيان والشقاق، وقد أقسمت أن استبيح دماءهم وأموالهم، فقالت:

بل ترجع عن هذا الى المعتاد من صفحك وكرم عفوك، وتهب لي ذنبهم ودماءهم وأموالهم، فقال ما أفعل ولا أفسد مملكتي وأستدعي عصيان رعيتي بصفحي عن هؤلاء المنافقين، فغضبت، وقامت، وقالت: نسيت حقي وحرمتي واطرحتني، حتى أني أسألك في مدينة من مدائنك لتقضي بها حقي، ولا توجب سؤالي، ثم ولت، فأطرق، ثم قال: ردوها، فلما عادت اعتذر إليها وتلطفها، وقال: قد وهبت لك البلد وأموال أهله ودماءهم، وها أنا راحل، ثم أمر الناس بالرحيل ونفذ من رتب أمر البلد وسار.

فسألت عن تلك المرأة، فقيل لي ان هذه امرأة كانت ترضعه، وكان أبوه مالك هذه البلاد فقام عليه أخوه فقتله، وملك البلاد، وهذا إذ ذاك طفل، فتطلبه عمه ليقتله فخبته هذه المرأة بينها وبين ثيابها، وأخفته، وخرجت به من البلد فربته في خمول، واختفى حتى كبر وجار عمه على الرعية، وأساء إليهم، فوثبوا عليه قتلوه، ونفذوا أحضروا هذا وملكوه (207 - ظ) عليهم كما ترى، فهي تذكره بما فعلته في حقه، وهو يرعى لها ذلك الصنع.

ص: 4644

‌ذكر من كنيته أبو نواس

‌أبو نواس الحكمي:

الشاعر، واسمه الحسن بن هانئ، ويكنى أبا علي، وأبو نواس لقب له، وقد ذكرنا ذلك في ترجمته في حرف الحاء.

‌أبو نواس الانطاكي:

الشاعر، حسن الشعر مختاره، روى عنه أبو علي محمد بن عمر الزاهي، وذكره أبو منصور الثعالبي في اليتيمة.

أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الانصاري قال: كتب الينا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمر قندي أن أبا يعقوب الأديب أنبأهم قال:

أخبرنا أبو منصور الثعالبي قال: وأنشدني-يعني-محمد بن عمر الزّاهي قال:

أنشدني الأنطاكي لنفسه، يعني أبا نواس:

ومتيّم أبدى إليّ غرامه

فعذلته والعذل فعل الجاهل

حتى إذا أبصرت مالك رقة

كادت لواحظه تصيب مقاتلي

إن عدت أعذل عاشقا من بعدها

فأصابني ربي بحتف عاجل

(1)

‌أبو نوح الحميري:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وروى عن ذي الكلاع الحميري حديثا في ذكر أهل صفين، قد ذكرناه في مقدمة هذا الكتاب

(2)

. (208 - و).

(1)

يتيمة الدهر:1/ 301 مع سقط وتصحيفات كثيرة.

(2)

انظر المجلدة الاولى: ص 288.

ص: 4645

‌حرف الواو في الكنى

‌أبو وائل الاسدي:

واسمه شقيق بن سلمة تقدم ذكره.

‌أبو الورد بن الهذيل:

ابن زفر بن الحارث، واسمه مجزأة، وقد قدمنا ذكره.

‌أبو الوفاء الحراني:

المعروف بالقائد، شاعر مطبوع، كان بحران وبحلب منقطعا الى آل وثاب

(1)

، وكان يأنس الى أبي المعالي بن الملحي، عارض الجيش بحلب، ثم إنه انتقل الى دمشق عند انقراض آل وثاب النميريين، فاستوطنها الى أن مات.

أنبأنا تاج الأسناء أحمد بن محمد بن الحسن عن عمه الحافظ أبي القاسم علي ابن الحسن قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسّن بن أحمد بن الملحي-من لفظه، وكتبه لي بخطه-قال: القائد أبو الوفاء، نزهة العالم، وأظرف بني آدم، ينشئ نوادر أحرّ من النار، وأحاديث تقصر عنها الأفكار، ويتحدّث أشهرا فلا يعيد حديثا، ولا يرى مستريثا، بل قد خصّ من هذا الفن بما لم يخص به بشر، ولا يلحقه فيه من نظم أو نثر، ولم ير في الجامع المعمور إلاّ مصليا في يومه ما فات في أمسه فالناس يجمعون على استحسان مقاصده فيقفون على مصادره وموارده، فكان كما قال أبو نواس (208 - ظ):

يصلي هذه في وقت هاذي

فكل صلاته أبدا قضاء

وكان آل وثاب اقتطعوه إليهم وأخذوه بكلتى يديهم، يتنافسون في الخلع عليه، والاحسان اليه، ولزمهم سنين كثيرة الى أن عبثت بهم أيدي الزمان، وتنبهت لهم أعين الحدثان، ففارقهم وانتقل الى دمشق، فأقام بها الى أن قضى نحبه، ولقي ربه،

(1)

أمراء قبيلة نمير.

ص: 4646

وكان أبو الوفاء لعب بالشطرنج مع والدي فغلبه والدي، وأخذ خاتمه مازحا، فعمل أبو الوفاء بديها:

يا سيدا كفّ عني أيدي النوب

من بعد أن أشرفت نفسي على العطب

أعدائي لو غلبوني قمت تنصرني

فهل أبالي من الشطرنج بالغلب

يا بن الذين شأوا

(1)

أبناء عصرهم

في حلبة الجد والإحسان والأدب

قوم مناقبهم لمّا مضوا بقيت

منيرة في سماء المجد كالشهب

يكون جاهك يحميني فيؤخذ لي

في اللّعب أو غيره شيء من الذهب

هيهات سالمني دهري وصرت وفي

يدي منه ذمام غير مقتضب

وكان لابي الوفاء خاتم، مزح معه رجل، فقال: بعني هذا الخاتم، فقال: ما أبيعه، ولكن خذه، فأخذه ومضى، ومطله برده فعمل فيه:

صار بهذا الزمان مخرقة

قوم يحبون منحة الشعرا

تغير الناس والزمان معا

وأهملوا الفضل فهو قد دثرا

(209 - و)

ما زحت بالامس أهيفا حسنا

قد كمل الظرف من بني الأمرا

إذا تفكرت في محاسنه

حسبته من جماله قمرا

فسامني خاتمي فقلت له

اقبله مني فحازه وجرى

من يقبل الرفد والهدية من

قائل شعر فذاك ذقن خرا

(2)

(1)

أي سبقوا. القاموس.

(2)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 13.-و. ظ.

ص: 4647

‌ذكر من كنيته ابو الوليد

‌أبو الوليد الانطاكي:

روى عنه أبو عبد الله ابراهيم بن عرفة نفطوية.

‌أبو الوليد الباجي:

واسمه سليمان بن خلف، تولى قضاء حلب، وقد ذكرناه في الاسماء.

ص: 4648

‌حرف الهاء في الكنى

‌ذكر من كنيته أبو هاشم

‌أبو هاشم بن عتبة:

ابن ربيعة بن عبد شمس، وقيل إن اسمه شيبة.

روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه سمرة بن سهم.

غزا مع معاوية سنة احدى وعشرين.

قرأت في مغازى سعيد بن يحيى بن سعيد الاموي قال: حدثني أبي عن ابن اسحاق قال: ثم كانت غزوة الاميرين: معاوية بن أبي سفيان وعمير بن سعيد الانصاري، عمير على دمشق والبثنية وحوران وحمص وقنسرين والجزيرة ومعاوية على فلسطين والاردن، والسواحل وأنطاكية، ومعرة مصرين، وقلقية، وحينئذ صالح على قلقية وأنطاكية (209 - ظ) ومعرة مصرين أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة.

قال ابن اسحاق: وفي ذلك العام كانت وقعة نهاوند بالعراق، في سنة احدى وعشرين.

قلت: قد كان أبو هاشم بن عتبة واليا من قبل معاوية على هذه المواضع التي صالح عليها.

أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد-اجازة-قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البرّ قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: حدثني محمد بن أحمد بن عمارة، وعبد الله بن أحمد بن خشيش قالا: حدثنا يوسف بن موسى القطان قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن أبي وائل

ص: 4649

عن سمرة بن سهم-رجل من قومه-قال-قال: نزلت على أبي هاشم بن عتبه ابن ربيعه، وهو طعين فأتاه معاوية يعوده، فبكى أبو هاشم فقال معاوية: ما يبكيك أي خال أوجع يشيزك أم حرصا على الدنيا، فقد ذهب صفوها، فقال: على كل لا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد الي عهدا وددت أني كنت تبعته، قال: انك لعلك أن تدرك أموالا تقسم بين أقوام، وانما يكفيك من الدنيا خادم، ومركب في سبيل الله، فأدركت فجمعت.

قال أبو علي بن السكن: أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وهو أخو مصعب بن عمير لأمه، وأخو أبي حذيفة لأبيه، وخال معاوية بن أبي سفيان، يقال اسمه شيبة، أسلم يوم فتح مكة، ونزل الشام حتى مات في خلافة عثمان.

قلت: معنى يشيزك: يقلقك.

حدث عن المعتمر بن سليمان. روى عنه سعيد بن عبد العزيز الحلبي.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله-اذنا-قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني، وأبو المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين التاجر قال: أخبرنا أبو الفتح اسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الإخشيد السراج-قال الصيدلاني: وأبو علي الحسن بن أحمد الحداد، وأنا حاضر- قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن أحمد الجصاص قال: حدثنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن اسحاق الحافظ بنيسابور قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز الحلبي قال: حدثنا أبو هاشم الحلبي قال: حدثنا المعتز بن سليمان عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان احب الأسماء الى الله عبد الله وعبد الرحمن

(1)

.

كذا وقع أبو هاشم، ويغلب على ظني أنه أبو نعيم بن هشام الحلبي، فانه يروي عن المعتمر بن سليمان ويروى عنه سعيد بن عبد العزيز الحلبي والله أعلم.

(210 - و).

(1)

انظره في كنز العمال:45209،16/ 45194.

ص: 4650

‌ذكر من كنيته أبو هريرة

‌أبو هريرة الدوسي:

صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، قدم صفين ليصلح بين علي ومعاوية، واجتاز بفامية مرة فلم يضيفوه، واختلف في اسمه اختلافا كبيرا، قيل كان اسمه في الجاهلية عبد شمس، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وقيل عبد الرحمن بن عبد غنم، وقيل كان اسمه عبد عمرو، وقيل عامر بن عبد شمس، وقيل عبد نعم، وقيل عبد نهم بن عامر، وقيل اسمه سكين بن عمرو، وقيل عبد الله بن عامر، وقيل عبد شمس بن عبد عمرو، وقيل جرثوم، وقيل عبد العزّى، وقيل عبد الرحمن بن صخر، وقيل عبد الله بن عبد العزّى، والأصح أنه عبد الله بن عمرو، وقد ذكرناه فيما تقدم في باب العبادلة من هذا الكتاب.

‌أبو هريرة الأنطاكي:

واسمه محمد بن علي بن حمزة بن صابح، ويكنى أبا بكر، وأبو هريرة لقب له.

حدث عن محمد بن ابراهيم الصوّري، وأحمد بن هاشم، ومحمد بن العباس بن المبارك، وابن نجدة، روى عنه أبو حفص عمر بن شاهي، ومحمد ابن سيما البزاز وسعيد بن عثمان بن السكن، والحميدي.

أخبرنا أبو محمد يوسف بن عبد الرحمن بن علي البكري-قراءة عليه بحلب- (210 - ظ) قال: أخبرنا

(1)

قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال:

أخبرنا أبو نعيم قال: أخبرنا محمد بن سيما البزاز قال: حدثنا أبو هريرة الأنطاكي قال: حدثنا ابن نجدة قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن خالد عن عبد الله

(1)

فراغ بالأصل.

ص: 4651

ابن الوليد الوصافي عن ابن سوقه عن الحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الجهاد أربع: أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، والصدق في مواطن الصبر، وشنآن الفاسق، فمن أمر بالمعروف شدّ عضد المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الفاسق، ومن صدق في مواطن الصبر، فقد قضى ما عليه

(1)

.

قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي في تعليق له يتضمن فوائد قال: من جملة من يكنى بأبي هريرة: أبو هريرة محمد بن علي بن حمزة الأنطاكي، روى عن محمد بن ابراهيم الصوري عن مؤمل بن اسماعيل، حدث عنه سعيد بن عثمان ابن السكن البغدادي بمصر، وكان قد كتب عنه.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي-اذنا-قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن خشيش الحربي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، أبو هريرة الأنطاكي، في شهر رمضان، يعني مات.

‌أبو هريرة امام مسجد عرفة:

كان بالحدث، وهي بلدة من أعمال حلب على تخم الروم. حكى حكاية جرت له مع عبد الله بن العباس بها روى عنه خصيب بن ابراهيم.

أنبأنا سيف الدولة أبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل الأنصاري قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت قال: أخبرني (211 - و) ضحاك ابن يزيد قال: حدثنا وريزه بن محمد قال: حدثنا خصيب بن ابراهيم قال: حدثنا أبو هريرة امام مسجد عرفة قال: قدم عبد الله بن صالح الحدث، فخرجت أسلّم عليه، فلم أر طعاما من حر وبارد أكثر من طعامه، قال: فقلت له: أيها الأمير العدس يرقّ القلب، ويحدر الدمعة، قال: فأمر طباخه أن يغير لنا ألوان الطعام العدس، فلما مرّ يوم واثنين، قلت للطباخ: أين ألوانك تلك الطيبة؟ قال: هذا فعلك حدثت الأمير حديثا فأخذ به، قال: فقمت فدخلت اليه، قلت: أصلح الله

(1)

انظره في كنز العمال:3/ 5513.

ص: 4652

الأمير، الحديث الذي حدّثتك في العدس اسناده ضعيف، قال: فضحك ودعا بالطباخ فقال: أعد لهم الطعام الأول.

‌أبو همام الشعباني:

كان مرابطا بقورس من أعمال حلب، روى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من خثعم، روى عنه أبو سلام الدمشقي، ويحيى بن أبي كثير.

أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي-فيما أذن لنا في روايته عنه، عن علي بن أبي محمد بن هبة الله-قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا اسماعيل بن محمد (211 - ظ) البغدادي قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع قال: حدثنا معاوية بن سلاّم عن زيد بن سلاّم أنه سمع أبا سلاّم يقول: حدثني أبو همام الشعباني أنه كان مرابطا بقورس، وكان فينا رجل من خثعم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

مقبلين الى تبوك فذكر الحديث لم يزد هذا.

‌أبو هنيدة:

كان من الغزاة، غزا عموّرية، واجتاز بحلب في دخوله الى الغزاة من دابق، حكى عنه خالد بن دهقان.

‌أبو هلال الراغبي الخادم:

مولى راغب مولى الموفق بالله، كان من الغزاة المجاهدين في سبيل الله، الموصوفين بالشجاعة والنجدة والشهامة، وكان مقيما بطرسوس بدار راغب مولاه وهي الدار الكبرى.

(1)

كذا بالأصل، فقد وضع المصنف شارة ليكتب شيئا في الهامش، لكنه لم يفعل، وللشعباني ترجمة في تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 120 - ظ أورد فيها الحديث: «قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فوقف ذات ليلة واجتمع اليه أصحابه فقال: ان الله أعطاني الليلة كنزين: كنز فارس والروم وأيدني بالملوك ملوك حمير الاحمرين، ولا ملك الا الله، يأتون يأخذون من مال الله، ويقاتلون في سبيل الله» . انظره في كنز العمال:11/ 31770.

ص: 4653

نقلت من خط أبي عمرو عثمان بن عبد الله إبراهيم الطرسوسي القاضي، من كتاب سير الثغور، الذي ألفه لابن الفرات، قال: وفي هذه الدار-يعني-دار راغب الكبرى خدم وشيوخ من الفرسان المتقدمين، منهم: أبو هلال الراغبي، أدركته أنا وهو ابن قريب من مائة سنة.

قال أبو عمرو: وحدثني أبو الطيّب يمن بن عبد الله الريداني-أحد فرسان طرسوس وقوادها-أنهم كانوا في بعض المغازي فوافقوا العدو (212 - و) فظفر أبو هلال الخادم الراغبي بالمرلّس أحد فرسان الروم، فأخذه أسيرا فعرفه المرلس نفسه، وقال: أبق عليّ فأنا المرلس فدفعه الى بعض السواس أو المكاريين، وقال له: امض به إلى الأمير ثمل وعرفه أنك أنت أسرته ليدفع إليك ما جرى الرسم بمثله فيمن أخذ أخيذا، فلما حصل عند ثمل قال له: من أسرك؟ قال: رجل خادم من حاله وعلامته، وجدته على فرس من شيته وآله وسلاح، هو كذا وكذا، قال له ثمل:

وما أخذك هذا السائس؟ قال: لا والله، فأذن ثمل للناس في المقام في ذلك المنزل، وكان إذا أقام العسكر في بلاد الروم بمكان نودي: ألا إن الأمير مقيم ليتسع الناس في الذبائح وغيرها من المآكل، ومن عرض له قبل الأمير مهمّ قصده في مضربه، فقضى وطره، فلما أقام أتاه المسلمون بالتهنية بالفتح وبالظفر بالمرلس، والمرلس جالس بقرب ثمل بحيث يرى الناس ولا يرونه، ويسمع ثمل مناجاته، فكلما دخل رجل للسلام قال له ثمل: أهذا الذي أسرك؟ فيقول: لا حتى جاء أبو هلال الراغبي، فقام المرلس قائما وسجد لأبي هلال تعظيما، وقال لثمل: أيها الأمير هذا الذي أسرني، فقال أبو هلال: ما أعرف شيئا مما تقول ولا هو أخيذتي فاستحلفه ثمل بحياته، فقال: نعم إلاّ أنه ليس من المروءة أن يظهر الرجل أحسن أفعاله، وإنما يحسن بالإنسان (212 - ظ) أن يتحدث عنه غيره بما يأتي من الجميل، قال ثمل: يا أبا هلال لو غيرك أخذ المرلس لم يسعنا معه أرض النصرانية، ولا أرض الإسلام، قال أبو هلال: فأطلق للسائس أن يتكلم، قال: ثمل لا رونق للكذب ولا نفاذ.

ص: 4654

‌أبو الهيثم بن القاضي أبي حصين:

علي بن عبد الملك بن بدر بن الهيثم، ولي الوزارة لشريف بن سيف الدولة، وكان له شعر حسن، وروى عن أبي فراس بن حمدان، روى عنه أبو المطاع ذو القرنين بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-إذنا-قال: أنبأنا أبو العز أحمد ابن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال:

وأنشدنا الأمير أبو المطاع قال: أنشدني الحصيني أبو الهيثم قال: أنشدني أبو فراس:

أفي كل يوم رحلة بعد رحلة

أجرع نفسي حسرة وتروعها

فلى أبدا قلب كثير نزاعه

ولي أبدا نفس كثير نزوعها

لحى الله قلبا لا يهيم صبابة

إليك وعينا لا تفيض دموعها

(1)

قرأت بخط القاضي أبي عمرو قاضي معرة النعمان في ديوان شعر أبي الحسن محمد بن عيسى النامي اليشكري الذي قرأه عليه (213 - و) قال: وكتب اليه أبو الهيثم-يعني-الوزير أبا الهيثم بن القاضي أبي حصين، وزير سعد الدولة:

أستودع الله أخوانا ناؤوا فكووا

قلبي فحشو الحشا من بعدهم نار

كأن نفسي قدّت من نفوسهم

فليس تسكن أو تدنيهم الدّار

فأجابه-يعني-أبا الحسن النّامي:

روحي وروحك في أجسامنا امتزجا

كالخمر والماء والاخلاق أنوار

قد روّق الودّ من أسرارنا فغدا

يشف من باطن الجسمين إضمار

(1)

لم ترد هذه الابيات في ديوان أبي فراس المطبوع.

ص: 4655

‌حرف الياء في الكنى

‌ذكر من كنيته أبو يحيى

‌أبو يحيى مولى عمر بن عبد العزيز:

كان مع مولاه بخناصرة وأشهده على نفسه في عدة وعدها دكينا الراجز.

‌أبو يحيى الموصلي:

إمام بني خليد بالموصل، حكى عن عبد العزيز بن مروان. روى عنه الوضّاح أبو عوانه، واستوفده عمر بن عبد العزيز عليه حين ولي الخلافة، وقد قدم عليه دابق أو خناصرة.

‌أبو اليسر:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه. (213 - ظ).

‌أبو يسير مولى مسلمة بن عبد الملك:

روى عن مولاه مسلمة، روى عنه سعيد بن مسلمة، وكان مع مولاه مسلمة في منزله بالناعورة.

أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف-إذنا-قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن الحسن قال:

حدثنا يزيد بن حكيم أبو خالد العسكري قال: حدثنا سعيد بن مسلمة عن أبي يسير مولى مسلمة بن عبد الملك عن مسلمة قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز في اليوم الذي مات فيه، وفاطمة بنت عبد الملك جالسة عند رأسه، فلما رأتني تحولت وجلست عند رجليه، وجلست أنا عند رأسه، فاذا عليه قميص وسخ مخرق الجيب، فقلت لها: لو أبدلتم هذا القميص، فسكتت، ثم أعدت القول عليها مرارا حتى غلطت فقالت: والله ما له قميص غيره

(1)

.

(1)

حلية الاولياء:5/ 258.

ص: 4656

‌ذكر من كنيته أبو يعقوب

(214 - و)

‌أبو يعقوب البوقي:

من أهل بوقا قرية من قرى أنطاكية، حكى عن يوسف بن أسباط، روى عنه عبد الله بن خبيق الأنطاكي.

قرأت بخط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي: حدّثنا أبو عمران موسى ابن عبد الرحمن الإمام ببيروت قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ عن ابن خبيق قال: حدثني أبو يعقوب البوقي قال: رأيت رجلا يسلم على يوسف بن أسباط فذهب يعانقه، فدفع يوسف في صدره فقال له الرجل: لابد لنا عافاك الله، فقلت: يا أبا محمد أليس قد جاء في المعانقة؟ قال: أو كل أحد يستحق أن يعانق.

‌أبو يعقوب الطبري:

ساكن طرسوس، حكى عن أبي بشر الطالقاني الصوفي روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمذاني.

أخبرنا الحافظ عبد القادر الرهاوي-في كتابه-قال: أخبرنا أبو الفضل الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا عبد العزيز الآزجي قال:

حدّثنا أبو الحسن بن جهضم قال: سمعت أبا يعقوب ساكن طرسوس يقول: سمعت أبا بشر الطالقاني الصوفي يقول: حدثني بعض أصحابنا عن معروف قال: رأيت رجلا في مرج الدّيباج، فذكر تمام الحكاية، وقد ذكرناها بتمامها في المجهولين الأسماء فيما يأتي إن شاء الله تعالى. (214 - ظ).

ص: 4657

‌ذكر من كنيته أبو يعلى

‌أبو يعلى السلمي الملطي:

مشهور بالكنية واسمه محمد بن أحمد بن عبد الله الاقطع، قدمنا ذكره في بابه.

‌أبو يعلى الجعفري:

الشريف، رجل من أهل الفضل ورد الى حلب بعد الاربعمائة هاربا من العراق. روى عنه أحمد بن الحسن بن عيسى بن الخشاب الحلبي.

قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن الحسن بن عيسى بن الخشاب قال: سمعت هذه الحكاية من الشريف أبي يعلى الجعفري في بلد حلب حين ورد اليها هاربا من العراق أن بعض خلفاء بني العباس استحضر أبا جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ لأمر من أموره وكان أبو جعفر لا يقوم لأحد، فهو جالس في دار الخليفة إذ دخل وزير الخليفة، فقام له الناس بأجمعهم إلاّ أبو جعفر، فنظر اليه الوزير ولم يخف عليه أنه لم يقم له، فقال حين جلس مجلسه: من هذا الجالس؟ فقالوا هذا صاحب التاريخ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، فقال: ما له في بلد بغداد من الرّبع؟ فقيل: له شيء

(1)

، فقال: فله من البسط في ظاهر البلد؟ فقالوا: ليس له شيء، قال: فايش رسمه على السلطان؟ فقيل له: ليس رسم على السلطان، فقال الوزير: يحق لهذا أن لا يقوم للسلطان.

‌أبو يعيش:

رجل كان يغزو بالشام، واستقدمه عمر بن عبد العزيز عليه (215 - و) فقد دخل دابق أو خناصرة، ودخل الثغر الشامي، له ذكر.

(1)

كذا بالاصل ولعل الاقوم «ليس له» .

ص: 4658

‌ذكر من كنيته أبو يوسف

‌أبو يوسف الغسولي:

كان من العباد من أقران ابراهيم بن أدهم، والسري، وكان مقيما بالثغر الشامي ملازما للغزو والجهاد، حكى عن سفيان بن عيينة، روى عنه أبو عمران الطرسوسي.

أنبأنا زين الأمناء الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني جعفر بن محمد قال: حدثني الجنيد ابن محمد قال: سمعت السري يذكر أبا يوسف الغسولي، وكان أبو يوسف يلزم الثغر ويغزو، فكان إذا غزا مع الناس ودخلوا بلاد الروم أكل أصحابه من ذبائح الروم ومن فواكههم (215 - ظ) وكان أبو يوسف لا يأكل، فيقال له: يا أبا يوسف تشك أنّه حلال؟ فيقول: لا هو حلال، فيقال له: كل من الحلال، فيقول: إنما الزهد في الحلال.

وأخبرنا بذلك الحافظ عبد القادر الرهاوي-في كتابه-قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل بن الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثنا جنيد قال:

سمعت سريا يذكر أبا يوسف الغسولي فذكر مثله.

قال أبو الحسن بن جهضم: حدثنا أحمد بن محمد بن سهل بن عبد الرحمن قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا عبد الله بن خبيق قال: كان ابراهيم بن أدهم وأبو يوسف الغسولي بالشام، فتعرّضوا للعمل، فكان أبو يوسف صائما،

ص: 4659

وكان ابراهيم مريضا، فقالوا لرجل: نعمل معك جميعا، وأعطنا بالعشي كري رجل فعملا جميعا في الحصاد فأعطاهم أجرة رجل، فاشترى أبو يوسف شيئا يأكلانه، فلما وضعه، قال لابراهيم: تقدم كل، قال: أليس قد أوفاك الأجرة؟ قلت: نعم، قال:

أفتعلم أنك قد أوفيته العمل؟ قال: لا، فقال ابراهيم: فكيف آكل ما لا أدري! أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد بن محمد-في كتابه إلينا من مرو-قال: أخبرنا أبو سعد الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكي -إجازة-قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي (216 - و) قال: أبو يوسف الغسولي من الورعين من أقران السّري، وكان ورعا دينا ملازما للثغور والغزو، وكان لا يأكل مما يجدونه في بلاد العدو، فيقال له تشك في أنه حلال؟ فيقول: لا أشك في أنه حلال، ولكن الزهد في الحلال.

أنبأنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الآزجي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد قال: أخبرنا أبو عمران موسى بن هارون ابن عبد الله البزاز قال: مات أبو يوسف الغسولي رحمه الله بطرسوس سنة أربعين، وكان قد رأى إبراهيم بن أدهم.

أنبأنا حسن الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة أربعين ومائتين أبو يوسف الغسولي بطرسوس-يعني-مات.

‌أبو يوسف العين زربي:

حكى عن إبراهيم بن أدهم روى عنه إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختّلي.

ص: 4660

أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن-اجازة إن لم يكن سماعا-قال: أنبأنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: حدثني أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني الصوفي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهّاب بن جعفر الميداني قال:

أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن هرون البردعي قال: حدثنا (216 - ظ) جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو العباس بن مسروق قال: حدثنا إبراهيم بن الجنيد قال: سمعت أبا يوسف العين زربي يقول: كان إبراهيم بن أدهم يحث من صحبه على التكسب، ويقول: لا تزال بخير عزيزا ما استغنيت عن الناس.

ص: 4661

آخر الكنى من كتاب بغية الطلب

في تاريخ حلب

ص: 4662

‌ذكر المعروفين بالنسبة الى آبائهم

ممن لم يعرف له اسم ولا كنية

‌ابن أصطفانوس الرومي الانطاكي:

فيلسوف شاعر، وجدت ذكره في سيرة الوزير اليازوري، جمع بعض المصريين لا أعرف اسمه.

قرأت في سيرة الوزير أبي الحسن علي بن عبد الرحمن اليازوري، وزير المستنصر بمصر قال: وكان عند استقرار الهدنة مع الروم في أيام أبي نصر الفلاحي، قد وصل رسولان أحدهما هو المتكلم والمترجم عن الروم، وكان ذا هيئة أديبا شاعرا نحويا فيلسوفا نظارا، ولد بالروم، ونشأ بأنطاكية، وسافر إلى العراق، ولقي العلماء به ولقن (217 - و) من العلوم والآداب ما علا صيته به، واشتهر ذكره في الآفاق، يعرف بابن اصطفانوس، والآخر متحمل الهدية وهو كصاحب حرب يعرف بميخائيل وذكر بعد ذلك أن مملكة الروم عادت إلى ميخائيل هذا

(1)

.

‌ابن الأصيلح:

كان معلما بكفر طاب له بيتا شعر في يوسف بن المنيرة الكفر طابي، وكان قبل التعليم حائكا، ثم صار معلما، فعمل فيه ابن الأصيلح:

أي عقل لحائك في الأنام

ولو قيد نحوه بزمام

نصفه نازل مع الجنّ

في البئر وباقيه قاعد من قيام

(1)

امتدت خلافة المستنصر الفاطمي من سنة 427 هـ /1036 م الى سنة 487 هـ /1094 م، وكان اليازوري من أشهر وزراء الدولة الفاطمية وزر من سنة 442 وحتى 450 هـ أما صدقة بن يوسف الفلاحي فوزر قبله من سنة 436 وحتى 439 وكانت الهدنة مع بيزنطية لعشر سنوات، ويرجح أنه أراد الامبراطور ميخائيل الخامس (1041 - 1042) أو أراد السادس (1056 - 1057). انظر الوزارة والوزراء في العصر الفاطمي لحمدي المناوي:257،254. أوربا العصور الوسطى لسعيد عبد الفتاح عاشور:426 - 428.

ص: 4663

‌الباء

‌ابن باقي المعري:

الواعظ، وكان يلقب جلال الدين، كان واعظا حسنا فصيحا، حسن النادرة، له قبول عند الناس من أهل معرة النعمان.

قرأت في كتاب نزهة الناظر وروضة الخاطر تأليف عبد القاهر بن علوي بن المهنّا المعري المعروف بابن خصا البغل قال: وعظ جلال الدين بن باقي المعري الواعظ بالمعرّة فكتب إليه شخص: ما يقول سيدنا في قوم إذا جن عليهم الليل أسبلوا الذيل، وجثوا (217 - ظ) على الركب، وطلّعوا في الثقب، وقالوا: يا كريم بك ندفع؟ فقال: أولئك اقوام للمضاجع في حبّه هجروا، وللأعين في طاعته أسهروا فقال في حقهم مولاهم:«أولئك يجزون الغرفة بما صبروا»

(1)

إذا جنّ عليهم ليل المحبّة أسبلوا ذيل الطاعة، وجثوا على الركب، تراهم ركعا سجدا، وطلّعوا في الثقب، في ثقب صحف أعمالهم، وقالوا: يا كريم بك ندفع كيد الشيطان الرجيم.

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي، ونقلته من خطه، قال:

وسمعته، يعني أبا الحجاج يوسف بن محمد بن حيدرة الأنصاري الحلبي يقول:

قدم الموصل من عندنا ابن باقي الواعظ، وكان له قبول في الوعظ فجعل يعظ عندهم في الجامع، وفي غيره فإذا كان الليل يخرج وينام على الشط، وقيل له في ذلك: لم لا تدخل عندنا البلد؟ فقال: يا أهل الموصل أنا نازل على الشط، مجاور لهذا البط، موصلكم لا أدخلها قط.

‌ابن بشر بن البراء:

ابن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب

(1)

سورة الفرقان-الآية:75.

ص: 4664

ابن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن شاردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج الأنصاري، كان من أصحاب معاوية، ووجهه رسولا إلى القسطنطينية، واجتاز في طريقه بحلب، أو ببعض عملها، واجتمع (218 - و) فيها بجبلة بن الأيهم الغساني وحكى عنه. (218 - ظ)

‌ابن بطة:

شاعر كان بحلب في أيام سيف الدولة علي بن حمدان وهجا أبا الطيب المتنبي بأبيات وجدتها في بعض أمالي أبي عبد الله بن خالويه.

ذكر أبو عبد الله بن خالويه في أمالي أملاها أنه جرى بينه وبين المتنبي كلام آل به إلى أن قال له في مجلس سيف الدولة: وهذا ابن بطة يقول فيك لأن أباك عيدان السقّاء.

بحق المزادة والراوية

وفضل الفرات على الساقية

وبالدلو تزهى بأوذامها

(1)

وداني مياهك والقاصية

ودعوى النبوّة بين الورى

بشعر دلائله واهية

وصبرك للصفّع يدمي القفا

بجيرون طورا وبالجابية

وبالشيخ عيدان شيخ الخنا

وبالطيّز من أمك الزانية

علام جحدت أبا ساقطا

وقلت أبي سيد البادية

وقد بان هذا فلا تخفه

فليست أمورك بالخافية

‌ابن البليغ المعري:

واسم البليغ إبراهيم بن الحسن، وابنه هذا شاعر ظفرت له بأبيات في جزء يتضمن مارثي به أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، قال جامعه: ولد البليغ المعري:

قالوا اقتصر في البكاء جهلا

والعلم يدعو إلى البكاء (219 - ظ)

وأي عين تكف دمعا

بعد سناها أبي العلاء

(1)

الوذم: السيوربين آذان الدولو. القاموس.

ص: 4665

وجدي على فقده مقيم

ما نجمت أنجم السماء

فما أعزي بني أخيه اذ

أنا خلو من العزاء

ولو تمكنت من فداء

ما سبقوني الى الفداء

فظفّروا بالمنى جميعا

وبلّغوا غاية البقاء

‌ابن بلال بن سعد بن تميم:

السكوني، غزا القسطنطينية، واجتاز بدابق في طريقه، له ذكر.

‌ابن بيض:

بكسر الباء، ويقال بالفتح أيضا، شاعر قدم حلب، وامتدح بها يزيد بن المهلب وهو في سجن عمر بن عبد العزيز بحلب، واسمه حمزة بن بيض، وقد قدمنا ذكره.

ص: 4666

‌التاء

‌ابن تريك الرفني:

شاعر كان في صحبة أبي المعالي الحسن بن أحمد بن الملحي، من أهل رفنية، بلدة من العواصم دثرت، وكان متوسط الشعر، يكتب خطا حسنا، ويترسل.

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن عمه الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن المحسن بن أحمد السلمي-من لفظه، وكتبه لي بخطه-قال: ابن تريك وصل مع أبي من رفنية سنة سبع وثمانين، فأقام عدة أشهر، رأيت فيه من النخوة والأريحية وصدق اللهجة (220 - و) مالا يماثله فيه بشر، وكان يكتب خطا مليحا، ويترسل بديعا سريعا، ويحفظ من الأشعار لأهل تلك الناحية كثيرا وهو القائل بديها وقد اجتمعنا بمقرى

(1)

في بستان أبي الحسين ابن النحات.

يا ليت أني بمقرى

قضيت كل زماني

وكان ذلك عندي

يفوق كل الأماني

مع كل خل ظريف

ندب من الأخوان

يسعى إليّ بكاس

من قبل صوت الأذان

صفراء كالشمس أولا

حمراء كالأرجواني

فما يكاد يراني

وقتا سوى سكران

هذا هو العيش

لا شربها مع الفرغاني

اذا تفسحت في

مجلس مع الاخوان

(2)

(1)

قرية في شرقي جبل قاسيون كانت من منتزهات دمشق، تاريخ الصالحية لابن طولون:19.

(2)

كتب ابن العديم بالهامش: ينبغي أن يكون «مع الندمان» لان الاخوان جاء قبل هذا البيت بأربعة أبيات.

ص: 4667

يقول خاموش بيسى

وإن دعا زند كانى

(1)

أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم-اذنا ان لم يكن سماعا-قال: ابن تريك شاعر كان في صحبة أبي المعالي المحسن بن أحمد ابن الملحي، ووصل معه من رفنية الى دمشق، وأظن ابن تريك هذا أبو البركات مسلم بن صاعد بن تريك، وقد سمع مسلم هذا مع والد ابن الملحي من أبي اسحاق إبراهيم بن عقيل بن المكبرى، فالله أعلم.

(2)

(220 - ظ).

(1)

ردد في هذا البيت كلمات فارسية فمعنى خاموش: اسكت، ولربما عنت بيسي: فسق، وزندكاني: عمر، معاش.

(2)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 134 - و.

ص: 4668

الشاء: فارغ

‌الجيم

‌ابن جعونة بن الحارث العامري:

كان عمر بن عبد العزيز استعمل أباه جعونة بن الحارث على ملطية، وكان ابنه معه فغزا وأصاب وغنم، وسير ابنه الى عمر بالغنيمة، فلما دخل ابنه وأخبر عمر الخبر قال له عمر: هل أصيب من المسلمين أحد؟ فقال: لا إلاّ رويجل، فغضب عمر، وقال رويجل مرتين، تجيئون بالشاة والبقرة، ويصاب رجل من المسلمين، لا تلي لي أنت ولا أبوك عملا ما دمت حيا.

وقد ذكرنا هذا الخبر مسندا في ترجمة أبي بكر بن نوفل بن الفرات في الكنى.

وأظن صاحب الترجمة منصور بن جعونة، والله أعلم.

‌ابن جناح:

كان من صحابة عبد الله بن محمد الأمين وندمائه، وكان شاعرا، روى عن الله بن محمد.

روى عنه أبو الحسن علي بن محمد بن المطهر الشمشاطي أبياتا قالها في دير قزمان بالقرب من عزاز.

قرأت في كتاب الديرة تأليف أبي الحسن الشمشاطي قال: حدثني ابن جناح قال: مضيت الى دير قزمان، ومعي من آنس به من أخواني، فرأيته ديرا حسنا طيبا نزها، فأقمت أياما، ورأيت فيه شماسا أمرد كالبدر بقد يقد القلوب، فأنفذت إليه ليحضر عندنا، فامتنع فأنسته وجعلت لا أفارقه، وتناولت معه القربان ودخلت معه (221 - و) كل مدخل الى أن أنس بي وعاشرني، وانصرفت وقلبي معه وقلت:

ص: 4669

يا دير قزمان كم لي فيك من وطر

فضّيته فسقاك الله تهتانا

أقمت فيه أسقّى من مشعشعة

تنفي بسورتها هما وأحزانا

تجلو الدجى بسناها وهي نيرة

تخالها في كؤوس الشرب نيرانا

حيال روض أريض زهره عطر

بديع نور يؤدي الحسن ألوانا

له بدائع أشجار تجاوب في

أفنانها الطير مثنى ثم وحدانا

منادما قينة دهرا وربما

نادمت قسا وشماسا ورهبانا

وفيهم قمر في ليل مدرعة

على قضيب حوى حسنا واحسانا

فلم أزل أتأنّى في تبسطه

وقد أخذت لقربي منه قربانا

حتى استكان الى وصلي ونادمني

وكان من بعد ذامنه الذي كانا

يا دير قزمان لا عريت من سكن

ومن سكوب حيا يادير قزمانا

يا جنة خص من فيها بها فغدا

ينال ساكنها روحا وريحانا

ص: 4670

‌الحاء

‌ابن حوي السكسكي:

شهد صفين مع معاوية، وحكى عن عمار بن ياسر، وقيل اله هو الذي قتله.

أنبأنا أبو العلاء بن شاكر قال: كتب إلينا أبو محمد عبد الله بن أحمد (221 - ظ) ابن أحمد بن أحمد النحوي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال:

أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن ابن نينجاب قال: حدثنا ابراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال:

حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال: سمعت الشعبي-رجع الى حديثه عن الأحنف بن قيس-قال: ثم حمل عمار بن ياسر عليهم، فحمل عليه ابن حوي السكسكي، وأبو الغادية الفزاري، قال: فأما أبو الغادية فطعنه، وأما ابن حوي فاحتز رأسه، وقد كان ذو الكلاع سمع قبل عمرو ابن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر: تقتلك الفئة الباغية، وآخر شربة تشربها صاح

(1)

لبن، فكان ذو الكلاع يقول لعمرو: ويحك ما هذا يا عمرو، فيقول له عمرو: أنه سيرجع الينا، فأصيب عمار بعد ذي الكلاع مع علي عليه السلام، وأصيب ذو الكلاع مع معاوية قبل ذلك، فقال عمرو بن العاص لمعاوية والله: يا معاوية ما أدري بقتل أيهما أنا أشد فرحا، بقتل عمار أو ذي الكلاع والله لو بقي ذو الكلاع حتى يقتل عمار لمال بعامة أهل الشام، ولأفسد علينا جندنا وكان لا يزال رجل يجيء الى معاوية وعمرو بن العاص فيقول: أنا قتلت عمارا، فيقول له عمرو: فما سمعته يقول عند ذلك؟ (222 - و) فيخلطون حتى قال ابن حوي: أنا قتلته، فقال له عمرو: فما كان آخر منطقه؟ قال ابن حوي: سمعته يقول:

(1)

اللبن الرقيق الكثير الماء.

ص: 4671

اليوم ألقى الأحبة

محمدا وحزبه

قال له عمرو: صدقت أنت صاحبه، ثم قال له: رويدا أما والله ما ظفرت يداك، ولقد أسخطت ربك عز وجل.

(1)

‌ابن حوقل النصيبي:

رجل فاضل من أهل نصيبين، كان ببغداد وخرج منها يوم الخميس لسبع خلون من شهر رمضان سنة احدى وثلاثين وثلاثمائة وكان شابا حينئذ، وشرع في جمع كتاب جغرافيا

(2)

فجمعه جمعا حسنا، وذكر فيه شؤون البلاد وأحوالها ذكرا استقصى فيه، وذكر فيه أنه شاهد طرسوس، ودخل حلب، وغيرها من البلاد وبقى حيا الى قريب السبعين والثلاثمائة.

(1)

صفين لنصر بن مزاحم:387 - 388.

(2)

طبع أكثر من مرة آخرها بعنوان «صورة الارض» .

ص: 4672

‌الخاء

‌ابن خدام الكلبي

(1)

:

وقيل ابن خذام بالدال والذال جميعا، شاعر من شعراء الجاهلية، كان مع امرئ القيس لما دخل الروم، واجتاز معه بناحية حلب على المواضع التي ذكرها في قصيدته الرائية مثل: حماة وشيزر، وتل ماسح، وتاذف، وباطرطل، وقذاران.

قرأت بخط أبي عبد الله بن خالويه: قال أبو بكر-يعني-ابن دريد: ابن خدام رجل من كلب، كان مع امرئ القيس في بلاد الروم، وكلب تروي له شعرا كثيرا.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-فيما أذن لنا أن نرويه عنه-قال:

أخبرنا

(2)

.

قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد في كتاب الجمهرة قال: ابن خدام هو شاعر قديم لا يحفظ له شعر إلاّ ما ذكر في هذا البيت-يعني-بيت امرئ القيس.

عوجا على الطلل المحيل لأننا

نبكي الديار كما بكى ابن خدام

(3)

أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي-قراءة عليه وأنا أسمع-قال: أخبرنا أبو محمد عبد الدائم بن محمد بن حسين الكناني العسقلاني قال: أخبرنا القاضي أبو البركات محمد بن حمزة بن الحسن العرقي، ح.

قال شيخنا أبو العباس: وإجازة لنا ابن العرقي قال: أخبرنا أبو القاسم علي

(1)

الترجمة الاولى في حرف الخاء لابن الخرزي لكن المصنف طلب تأخيرها.

(2)

فراغ بالأصل.

(3)

ديوان امرئ القيس:162. جمهره اللغة لابن دريد-ط. حيدرآباد 2/ 202:1345 وفيها «لعلنا نبكي» .

ص: 4673

ابن جعفر المعروف بابن القطاع قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن البر اللغوي قال:

أخبرنا (223 - ظ) أبو محمد اسماعيل بن محمد النيسابوري قال: أخبرنا أبو نصر اسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي قال: وابن خذام رجل من الشعراء في قول امرئ القيس:

عوجا على الطلل المحيل لعلنا

نبكي الديار كما بكى ابن خذام

‌ابن الخرزي:

رجل من الشجعان المجاهدين، من أهل الثغر الشامي.

ذكر محمد بن يزيد المبرد أبو العباس، أن الرشيد لما حاصر أهل هرقلة خرج منها رجل والرشيد قائم فدعا الى البراز، فلم يخرج اليه أحد، فقال: ليخرج اليّ منكم اثنان، فلما احجم عنه القوم قال: فليخرج إليّ ثلاثة، ثم لم يزل يزيد حتى قال: ليخرج إليّ منكم عشرون، فلما يئس انصرف والرشيد نائم فلما انتبه الرشيد خبر بخبره

(1)

فأسف واغتم لما كان من حجابه حيث (222 - ظ) اذ لم ينبهوه، فأحضر الرشيد قواده ليختار منهم من يبارزه فضج الثغريون وسألوا أن يسمع منهم، ودعا بهم فقالوا: انك إن وجهت رؤساء أصحابك مثل يزيد بن مزيد، ونظرائه فقتل هذا العلج قتل من لا يعرف، وان قتل كان ذلك وصمه على الاسلام، وأعلموه أن فيهم شيخا يعرف بابن الخرزي يثقون بشجاعته، وأن يخرج لمبارزته، فان ظفر فالحمد لله، وان استشهد فرجل من العامة لايؤبه له، فاستصوب قولهم.

ودعا الشيخ، وأمر له بفرس وسيف ودرقة، فقال: أنا بسيفي هذا أوثق وعن فرسي راض، وأخذ الدرقة وخرج الى العلج ومعه عشرون يشيعونه، ويدعون له، فلما بصر بهم العلج، قال: انما كانت الشريطة أن يبرز إليّ عشرون منكم، وقد زدتم على العدد واحدا، فقالوا له: ما يخرج إليك منا إلاّ رجل واحد، فلما التقيا تطاعنا بالرماح حتى تكسرت، وبالسيوف حتى انثنت، فبينما هما كذلك إذا انهزم ابن الخرزي، واتبعه العلج وارتفع صياح الروم بالجذل والاستبشار، ودخل

(1)

لم يرد هذا الخبر في أي من كتب المتوفرة: الكامل، الفاضل والتعازي.

ص: 4674

المسلمين بذلك جبن شديد، وإنما كان ذلك حيلة من ابن الخرزي، فرماه بوهق معه، فإذا هو في حلقه، وحطّه عن سرجه، وأتى به يسحبه، فكبر المسلمون تكبيرة تضعضع بها الروم، وقال الرشيد: لا قوام لهم بعد قتل العلج فاحملوا عليهم فحملوا (223 - و) على الجيش، فكان هذا السبب في فتح هرقلة.

‌ابن الخشاب:

أديب كان يقرئ الادب بحلب في أيام سيف الدولة.

نقلت من خط صديقنا عبد المحسن بن الانماطي قال: ذكر لنا شيخنا الإمام أبو الثناء حماد بن هبة الله بن حماد الحراني، وفقه الله، أن المتنبي وقف على مجلس ابن الخشاب بحلب، وهو في حلية العرب، والشيخ المذكور يقرأ عليه، فربما وهم الشيخ فغلطه بالطالب، فرد عليه المتنبي دفعة بعد أخرى، وكان الشيخ لا علم له بالمتنبي، فلما أكثر من الرد التفت اليه الشيخ وقال له: ادخل فلما دخل ناوله الشيخ رقعة كانت في الدواة فيها بيت شعر يمتحن به هو:

كلما قلت قد دنا الوصل منها

صدّها العاذلات من كل وجه

فكتب المتنبي:

وإذا ما نأى العواذل عنها

وتراءت له تعج وتعج هي

فقال له: أنت المتنبي؟ فقال: نعم أنا هو.

قال الشيخ حماد: فبقي البيتان (224 - و) الى زمان أبي العلاء بن سليمان فزاد فيهما فقال:

ولها منزل من الود عاف

وطريق الى القطيعة مجهي

(1)

أتلقى رسولها بنجاح

كتلقائها رسولي بنجه

(2)

وقرأت بخط أبي اليمن السابق بن أبي مهزول المعري: سألت أبا العلاء

(1)

واضح.

(2)

برد قبيح.

ص: 4675

-يعني المعري إجازة هذا البيت، فقال: لا أعرف فيه غير حرفين من اللغة ونظمها بديها لوقته:

كلما قلت قد دنا الوصل منها

صدّها العاذلات من كل وجه

الإجازة.

أتلقى رسولها بخضوع

كلما قابلت رسولي بنجه

الرد القبيح.

ولها منزل من الودّ عاف

وطريق الى التجنب مجهي

تخفيف مجهّي وهو الواضح.

ولم يذكر السابق بيت المتنبي، والقافية فيه مركّبة من كلمتين.

قلت: والعجب أنهم تكلفوا لذلك هذا التكلف، وأغفلوا ذكر الوجه، الذي هو وجه الإنسان، لأن الوجه المذكور في البيت المجاز هو الجهة لا الوجه المواجه به، فقلت بيتا آخر:

وإذا رمت سلوة صدفتني

بقوام وناظر وبوجه

(224 - ظ)

‌ابن الخشاب:

القاضي الهاشمي، هكذا وقع إليّ فيما ذكره الشريف أبو الغنائم عبد الله بن الحسن بن محمد الزيدي في كتاب عيون المشتاقين في ذكر أبيه القاضي المطهر الحسن ابن محمد، وذكر أن أباه قدم حلب في أيام أبي المعالي شريف بن سيف الدولة، وكان قاضيها رجل يقال له ابن الخشاب الهاشمي، فعزله شريف عن القضاء وولى القاضي أبا محمد الحسن بن محمد.

قال: وتزوج الحسن بن محمد بحلب بنت القاضي الهاشمي المعزول.

ص: 4676

وولده ....

(1)

منها وقد ذكرناه.

‌ابن الخفاني:

صحب أبا الفتيان محمد بن سلطان بن حيوس بحلب، وروى عنه شيئا من شعره، روى عنه أبو عبد الله بن الملحي وذكر أنه مات بحلب.

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن الشافعي-اذنا ان لم يكن سماعا-قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسن لفظا، وكتبه لي بخطه، قال: ابن الخفاني رجل شيخ طاعن في السن، كان كثير الاجتماع والاختلاط بأبي الفتيان بن حيوس، يحفظ عيون شعره، وينشد طبعا بلا تلحين، أحسن انشاد وأطيب نغمة، وكان سافر صحبة أبي الفتيان وأقام نائيا عن دمشق مدة سنين كثيرة، وبحلب مات، أنشدني بيتا سمعه من أبي الفتيان، وقال هذا (225 - و) ما سمعه أحد غيري من أبي الفتيان كنا خرجنا تنصيد ببزاة ومعنا فلان-أمير ذكره-فأرسل بازه فحرم، ثم أرسل ثانية، فكان كذلك، وفي كل مرة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله فقال أبو الفتيان:

مكثر عند صيده قول لا

حول إذا قال غيره الله أكبر

(2)

(225 - ظ)

(1)

فراغ بالاصل.

(2)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 136 - و.

ص: 4677

‌ابن خلف الجمحي:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

شاب من قريش من أصحاب معاوية بن أبي سفيان، شهد معه صفين.

أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن هبة الله بن الشيرازي-فيما أذن لنا أن نرويه عنه-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن-اذنا-قال:

أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الخضر قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب قال:

حدثني علي بن محمد قال: حدثني أبو عمرو السعيدي قال: حدثني جعفر بن أحمد ابن معدان قال: حدثنا الحسن بن جهور قال: حدثنا القاسم بن عروة مولى أبي أيوب المكي عن ابن داب قال: بلغني أن شابا من قريش من بني جمح ابنا لخلف الجمحي وكان مع معاوية بصفين، وكان فارس أهلها، والذي ردّ الاشتر عن معاوية بعد ما غشيه، دخل على معاوية وقال: يا أمير المؤمنين إنّا تركنا الحق عيانا، وعلي ابن أبي طالب يدعونا اليه في المهاجرين والانصار وبا يعناك على ما قد علمت، ثم طاعنت عنك أسد أهل العراق بعد ما غشيك، حتى اذا نلت ما رجوت وأمنت ما خفت جعلت الدهر أربعة أيام: يوما لسعيد بن العاص، ويوما لمروان بن الحكم، ويوما لعمرو بن العاص، ويوما للمغيرة بن شعبة، وصرنا لا في عير ولا في نفير ثم خرج (227 - و) من عنده وهو يقول:

أظن قريشا باعثي الحرب مرة

عليك ابن هند أو تجر الدواهيا

أيوم لمروان ويوم لصهره

سعيد ويوم للمغير معاويا

ص: 4678

ويوم لعمرو والحوادث جمة

وقد بلغت منا النفوس التراقيا

أتنسى بلائي يوم صفين والقنا

رواء وكانت قبل ذاك صواديا

إذ الأشتر النخعي في مر جحنّة

(1)

يمانية يدعو رئيسا بمانيا

فطاعنت عنك الخيل حتى تبددت

بداد بنات الماء أبصرن ناريا

تركنا عليا في صحاب محمد

وكان الى خير الطريقة داعيا

فلما استقام الامر من بعد فتله

وزحزح ما تخشى ونلت الامانيا

دعوت الأولى كانوا الملك آفة

وخلت مقامي حية أو أفاعيا

فلما بلغ معاوية قوله، بعث اليه وعنده وجوه قريش، فقال: يا بن أخي اني مثلت بين تركي اياك وبين معاشك، فوجدت معاشك أبقى لك، وايم الله ما أخاف عليك نفسي، ولكني أخاف عليك من بعدي فاني رأيتك رحب الذراعين بمساءة عمل شديد التقحم عليه، فليضق به ذرعك، وليقل عليّ تقحمك فانك لست كل ما شئت تجد من يحمل سفهك، فخرج الفتى من عنده واستحى وارتدع، وأنشأ معاوية يقول:(227 - ظ).

أيا من عذيرى من لؤي بن غالب

فيخسئ كلبا كاشر الناب عاويا

فما لي ذنب في لؤي بن غالب

سوى أنني دافعت عنها الدّواهيا

واني لبست الجود والحلم فيهم

وان من رماهم بالاذى قد رمانيا

فأصبحت ما ينفكّ صاحب شرة

يقوم لها بين السماطين لاهيا

فان أنا جازيت السفيه بذنبه

فمنها يميني أفردت من شماليا

وان انا لم أجز السفيه بذنبه

لوى رأسه وازداد غيا تماديا

فوليتهم أذني وكانت سجيتي

ليالي لم أملك واذ كنت واليا

فكم قائل إمّا هلكت لقومه

وقائلة لا تبعدن معاويا

(1)

كتيبة.

ص: 4679

واني لكم عود ذلول موقر

فقل للأولى ينهاهم ما نهانيا

قال: وحدثنا السعيدي قال: حدثني موسى بن محمد بن عبد الله الانصاري عن أبي مخنف قال: حدثني الصقعب عن محمد بن سليم بمثله، وزاد في آخر الخبر بعد الشعر، ثم دعا بالفتى فعقد له على بعض كور الشام، وزاد في شعر معاوية بعد البيت الثالث:

ألم أعف عن أهل الذنوب وأعطهم

عطية من لا يحسب المال فانيا

(1)

(1)

سقطت ترجمة الجمحي هذه من تاريخ دمشق لابن عساكر.

ص: 4680

الدال والذال والراء والزاي: فارغات

‌السين

ابن سابط الجمحي:

واسمه عبد الرحمن، مر بقنسرين غازيا، روى (228 - و) عنه عمر بن سعيد بن أبي حسين، وأبو السوداء، وقد قدمنا ذكره.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن-اذنا-قال: أخبرنا الشيخان: أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمر قندي، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام- قال أبو الحسن علي: أخبرنا أبو طاهر عبد الكريم بن الحسن بن رزمة، وأبو عبد الله بن سكينة-قالا: أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن رزمة، وأبو عبد الله بن سكينة-قالا: أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن رزمة، وأبو عبد عاصم العاصمي. وقال أبو القاسم بن السمر قندي: أخبرنا أبو ....

(1)

قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران السكري قال: حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن جميل المروزي قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حسين عن ابن سابط الجمحي أنه خرج من قنسرين وهو قافل، قال: فأشار لي انسان الى قبر عبد الملك بن مروان، فوقفت أنظر فمر عبادي فقال:

لم وقف ها هنا؟ فقلت: أنظر الى قبر هذا الرجل الذي قدم علينا مكة في سلطان وأمر، ثم عجبت الى ما رد اليه! فقال: ألا أخبرك خبره لعلك تذهب، قلت: وما خبره؟ قال: هذا ملك الارض بعث اليه ملك السماء والارض فأخذ روحه، فجاء به آله فجعلوه ها هنا حتى يأتي الله عز وجل يوم القيامة (228 - ظ) مع مساكين أهل دمشق.

(1)

فراغ بالاصل.

ص: 4681

‌ابن سنان الخفاجي:

إمام مسجد الغضائري داخل باب أنطاكية بحلب كان في أيام سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان.

قرأت بخط القاضي أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة الحلبي:

حدثني الشيخ الامام الامين أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة رضي الله عنه، أن بعض بني سنان الحلبيين كانت له حجر مقرب من الخيل العتاق

(1)

في زمان سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، وكان يسكن بها بدرب العدول، وجماعة أهل حلب يومئذ يرتبطون الخيل العربية ويعدون العدد للقاء الروم، ومجاورة الثغور، وشن الغارات عليهم في أكثر الاوقات، وكان سحر كل يوم ينزل من بيته إلى مسجد المعروف بالغضائري داخل باب أنطاكية، يصلي بالناس فيه، ويقال انّه أول مسجد بني بها، لان أبا عبيدة بن الجراح لما فتحها دخل من الباب، واختط ذلك المكان، وأمر أن يبنى مسجدا فبني، وهو الآن أعمر مما تقدم فصلى بهم الفجر في بعض الايام، فلما سلم ودعا، أقبل على الجماعة، وهو جالس في المحراب، فقال لهم: قد رأيت في هذه الليلة مناما سرني، وأسأل الله أن يحققه لي يوم القيامة، ثم قصه عليهم فقال: رأيت القيامة (229 - و) قد قامت، وقد جمع الخلق للحساب، ونصب الميزان ومناديا ينادي: يا فلان بن فلان فيحضر ويحاسب، وتوضع أعماله في كفتيه، والكاتب يحصيها، فمن ثقلت حسناته أمر به الى الجنة، ومن ثقلت سيئاته أمر به الى النار، وقد رأيت في ذلك الجمع هول المطّلع، ثم نادى المنادي باسمي، فأحضرت ونشرت صحيفتي، ووزنت حسناتي وسيئاتي، فرجحت سيئاتي، فأمر بي الى النار، فسحبت وبي من الهلع ما لم يستطع، وادا المنادي يصيح: ردوه، فرددت وقيل للوزان ضع هذا في كفة الميزان، فحط فيها مهرة غراء غشواء

(2)

، لم تر العين أحسن من شياتها، فرجحت حسناتي، فأمر بي الى الجنة فنالني من الفرح والاستبشار ما أيقظني، فقمت وتوضأت، وأتيت الى الصلاة فعجب الحاضرون من هذا المنام، ولم يلبث أن جاء الغلام فقال له: يا سيدي ان

(1)

الاصيلة العالية المكانة.

(2)

الغشواء: التي تغشى وجهها بياض. القاموس.

ص: 4682

الفرس قد ولدت في هذه الساعة مهرة، ووصف صفة المهرة التي رآها سيده في منامه، ولم تبق الا يسيرا وماتت، فكثر العجب من تحقيق الرؤيا، وقام صاحب الفرس ومعه جماعة مع الغلام الى أن عاينوا المهرة في الحال بالصفة التي ذكرها في المنام، فكثر حمد صاحبها لله اذ كانت تلك المهرة فكاكه من النار، فنسأل الله خاتمة الخير والنجاة منها، انه عفو غفور.

‌ابن سيف المعري:

كتب عنه أبو المحاسن عبد اللطيف بن سعد الدولة أبي المكارم بن الأثير بيتين لابن الفقاعي الشاعر المعري، قد ذكرناهما في ترجمة ابن الفقاعي بعد هذا.

ص: 4683

‌الشين

‌ابن شكاب الأنطاكي:

روى عن مرّار بن حموية، روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي بحلب قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر ابن أحمد بن عبد الله بن البطر قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد ابن رزقوية قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخواص قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق قال: حدثنا ابن شكاب الانطاكي قال: حدثنا مرّار بن حموية قال: حدثنا سعيد بن شعيب قال: حدثنا عبد الله بن الوليد بن صفوان قال: حدثنا عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبيش قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: الصبر عدة العاقل وملجأ المغلوب.

ص: 4684

‌الصاد

‌ابن صدقة الموصلي:

النحوي، كان من النحاة المتصدرين بحلب في أيام سيف الدولة ابن حمدان واجتمع به ابن خالويه بين يدي أبي المرجى بن حمدان، وجرى بينهما كلام.

روى عن أبي بكر بن دريد، روى عنه بعض علماء حلب، وأظنه سلامة الممرث الحلبي.

‌ابن صدقة الهاشمي:

شاعر، له أبيات في أبي عبد الله بن خالويه (230 - و) يمدحه فيها وأظنه يعرض بابن صدقة الموصلي فيها.

نقلت من خط علي بن ثروان الكندي في أمالي أبي عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه، وذكر أنه نقلها من خط ابن خالويه، لابن صدقة الهاشمي فيه:

اذا ما المرء أشبه والديه

فأية حجة بقيت عليه

وما زال الحسين له سجايا

تذكرنا مخايل خالويه

شأى

(1)

كبراء أهل العلم طرا

بفطنته وحدة أصغريه

(2)

وفلّ الموصلي له لسان

به أنحى على ابن درستوية

كنصل السيف يضحك والمنايا

تعبّس تارة في مضربيه

فأجلب حين لم يغلب خداعا

فكاد الصفع يأخذ أخدعيه

(1)

شأى: سبق. القاموس.

(2)

قلبه ولسانه.

ص: 4685

حرف الضاد: فارغ

‌الطاء

‌ابن طليب الكوكبي:

شاعر مجيد، كان في أيام المأمون كان من أهل قرية يقال لها كوكبا من قرى أنطاكية، حضر عند المأمون حين اجتاز الى أنطاكية، حكى عنه رجل من أهل أنطاكية لم يسم.

قرأت في كتاب الزهرة للوشاء أبي الطيب قال: أخبرني أبو محمد القاسم بن محمد النحوي قال: أخبرني علي بن سليمان القيسي قال: أخبرني رجل من أهل أنطاكية بأنطاكية قال: لما مرّ بنا المأمون غازيا بلاد الروم نزل بكوكبا، وهي قرية من قرى أنطاكية، فنظر (230 - ظ) الى زيتون حامل والى كروم كذلك، قال: لمن هذا فقالوا لرجل من أهل كوكبا يقال له ابن طليب فقال لعله صاحب الشعر الذي يقول:

غش بني آدم فكلهم

لله عاص وكن لهم دغلا

قالوا: نعم يا أمير المؤمنين، قال وما فعل؟ قالوا: شيخ كبير في منزله، قال آتوني به، فجاؤوا به، فلما مثل بين يديه قال: أنشدني شعرك، فأنشده:

قال:

غش بني آدم فكلّهم

لله عاص وكن لهم دغلا

وكل بضرس وطا الأنام بظلف

تأت حزما وتحكم العملا

لا تحف بالنازل المقيم ولا

تبك على ظاعن إذا رحلا

من غاب أو حال عن مودته

فخلّ عنه واطلب به بدلا

ولا تقل احفظ الذمام ولا

أنسى فلانا وحسن ما فعلا

ص: 4686

إنس أباك المفروض طاعته

عليك فيما يحيي لك الأملا

ومل مع الريح ميل منتقل

عن كدر العيش وابتغ الدّولا

وكن من الناس من أبيك فلا

أقرب منه مستوحشا وجلا

إن مستشير أتاك منتصحا

فا مدد له كيف ما اشتهى الطولا

خلّط على الناس ينسبوك الى

الظرف وشتّت عليهم السبلا

قدم وأخر واسلك بهم

طرقا يلقون فيها العثار والزللا

واسقهم السّمّ إن ظفرت بهم

وامزج لهم من لسانك العسلا

(231 - و)

إنّ رجال الوفاء قد ذهبوا

لأن نجم الوفاء قد أفلا

قال: فلما بلغ هذا البيت الأخير، قال له المأمون: أولى لك، لقد استحققت القتل لأمرك بغير ما أمر الله به، ولكنك نجوت بهذا البيت، امض لسبيلك، فقال:

يا أمير المؤمنين الى أين، الى عجائز الحي وصبية صغار يعيرونني بأني وقفت بين يدي أمير المؤمنين، ثم رجعت صفرا! قال: أو ما ترضى أن تفلت بحشاشتك؟ قال:

يا أمير المؤمنين وأنّى بك أن تضيف الفضل إلى الفضل، وتقرن الإحسان بالإحسان، فضحك المأمون وقال: ادفعوا اليه عشرة آلاف درهم.

ص: 4687

حرف الظاء: فارغ

‌العين

‌ابن العارف:

هذا رجل متزي بزي الأجناد خدم السلطان الملك الظاهر غازي بن يوسف ابن أيوب، ركان يشعر جيدا، ووقفت له على قصيدة حسنة مزدوجة في التاريخ.

وأدركته، ولم أسمع منه شيئا وأدركت اباه العارف وكان شيخا صوفيا من صلحاء الصوفية بحلب، وكان له اختلاط بعمي ووالدي وجماعة الزهاد بحلب.

قرأت بخط الخطيب تاج الدين محمد بن هاشم بن أحمد بن هاشم، خطيب حلب، في مجموع له: لبدر الدين ابن العارف رحمه الله.

يا حادي الأظعان قف بهنة

عساي أحيا بودا عهنه (231 - ظ)

واستوقف الركب ولو هنية

أو كو ميض البرق في الاجنة

لعلني احظى ولو بنظرة

تكون لي من السقام جنّة

جننت لما جن ليلي بيننا

وليس بي لولا الفراق جنّة

اصبحت من هجرانهن في لظى

وكان لى من وصلهن الجنة

ودعن فاستودعن قلبي زفرة

يحترق الانس بها والجنة

ان عادت العيس بهن عودة

كان لها عليّ أي منّة

سرت وقلبي في الحمول مغرم

يهيم ما بين قبابهنه

ناشدتك الله تحمل حاجة

في النفس يا حادي ركابهنه

اذا حدوت الظعن في جنح الدجى

عرض بذكري بين عيسهنة

وقل رأيت في الديار ناحلا

جنح الدجى يقرع من الفراق سنة

لم يبق فيه السقم غير أنّة

فلم يكد يظهر لولا الأنّه

توفي ابن العارف هذا بحلب بعد وفاة الملك الظاهر بمدة.

ص: 4688

‌ابن عبد الرحمن الهاشمي:

شاعر من أهل حلب له شعر قاله في دير اسحاق بقرب الناعورة، ويقال فيه دير الزبيب أيضا، ذكرها أبو الحسن الشمشاطي، وذكر أنه كتب بها الى آخر، وهي:

أما طربت لهذا العارض الطرب

أما رأيت الصبا والجو في لعب

تعانقا فكأن القطر بينهما

من فضة وكأن الزهر من ذهب

(232 - و)

ونحن في دير اسحاق ومجلسنا

يشكو مغنيك فأحضره ولا تغب

لنجعل ليوم عيدا في ملاحته

وننخب الهمّ بالأدوار والنخب

قال أبو الحسن الشمشاطي: وأنشدني النامي لابن عبد الرحمن الهاشمي في دير اسحاق:

وافق أخاك تجده خير رفيق

إن كنت لست عن الصبا بمفيق

واذا مررت بدير اسحاق فقل

جادتك غر سحائب وبروق

دير يشبه ماؤه بهوائه

وهواؤه بملاءة المعشوق

وكأن عيشي كان في أفنائه

درك المنى في كاشحي ورفيقي

‌ابن العصب المنبجي:

المؤدب النحوي واسمه محمد بن عثمان، وكان أديبا فاضلا عارفا بالعربية، صحب الشغواني الشاعر المنبجي، وروى عنه.

‌ابن عفيف الحمصي:

شهد صفين مع معاوية، وكان على الحميريين والحضرميين يومئذ، وله ذكر.

‌ابن عمر بن عبد العزيز:

حكى عنه أنه أمرهم بمشترى موضع قبره بدير سمعان، وهو دير النقيرة من بلد معرة النعمان، روى عنه عبد العزيز بن الربيع بن سبرة.

أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي-فيما أذن لي

ص: 4689

في روايته عنه-قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن الحسين الحذاء قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا سهل بن محمود قال: حدثنا حرملة ابن عبد العزيز قال: حدثني أبي عن ابن لعمر بن عبد العزيز قال: أمرنا أن نشتري موضع قبره (232 - ظ) فاشتريناه من الراهب قال: فقال الشاعر:

أقول لما نعى الناعون لي عمرا

لا يبعدن قضاء العدل والدين

قد غادر القوم في القبر الذي لحدوا

بدير سمعان جريان الموازين

(1)

(233 - و)

‌ابن عون:

غزا مع معاوية بن هشام، وحكى عنه وعن محمد. روى عنه يزيد بن هرون.

نقلت من خط أبي بكر محمد بن عبد الملك من كتاب نتائج الافكار

(2)

قال:

وحدثنا يحيى-يريد-يحيى بن جعفر بن الزبرقان، قال: أخبرنا يزيد بن هارون (233 - ظ) قال: أخبرنا ابن عون قال: ذكر عند محمد: يصلح الكذب في الحرب؟ فأنكر ذلك، وقال: ما أعلم الكذب إلاّ حراما، قال ابن عون فغزوت، فخطبنا معاوية بن هشام فقال: اللهم انصرنا على عموريه، وهو يريد غيرها، فلما قدمت ذلك لمحمد، فقال أما هذا فلا بأس به.

أظن هذا محمد بن شهاب الزهري، والله أعلم، فانه كان عند هشام بن عبد الملك بالرصافة، والذي ذكره عن معاوية بن هشام ليس من الكذب في شيء بل هو من المعاريض.

(1)

حلية الاولياء:5/ 320، مع فوارق.

(2)

لم أقف على ذكر بوجوده.

ص: 4690

الغين فارغ

‌الفاء

‌ابن الفقاعي المعري:

كان أبوه فقاعيا

(1)

بمعرة النعمان، وقال ابنه الشعر.

أنشدني أبو طالب عبد الرحمن بن مرشد بن عبد الرحمن بن الأثير قال:

أنشدني خالي أبو المحاسن عبد اللطيف بن سعد الدولة أبي المكارم بن الأثير قال:

أنشدني ابن سيف المعري لابن الفقاعي الشاعر المعري، وكان أبوه يبيع الفقاع بمعرة النعمان:

تملكت يا مهجتي مهجتي

وأسهرت يا ناظري ناظري

وفيك تعلمت نظم القريض

فلقبني الناس بالشاعر

قال: وروي أن الفقاعي دخل على أبي العلاء بن سليمان، وابنه هذا الشاعر معه، فقال له: لي صغير يقول الشعر، وما أدري ما هو، فقال: أحضره، فلما أحضره أنشده هذين البيتين، فقال له: قم لعن الله هذه المدرة

(2)

.

وقد رويت بزيادة في الأبيات:

مكانك يا ناظري ناظري مكان

السواد من الناظر

وشخصك إن لم يكن حاضرا

فتمثال شخصك في خاطري

ملكت فرق لمستضعف

ويا ناصر الشوق كن ناصري

ولا كان ذا أملي يا ملول

ولا خطر الهجر في الخاطر

وفيك تعلمت نظم القريض

فلقبني الناس بالشاعر

(1)

أي كان يعمل في انتاج ما يشبه «بيرة» هذه الايام.

(2)

المدرة: قطع الطين اليابس.

ص: 4691

القاف: فارغ

‌الكاف

‌ابن كعب:

شهد صفين مع معاوية، وهو الذي نشر المصاحف يومئذ ورفع المصحف على الرمح ودعا إليه.

أنبأنا أبو البركات الأمين عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: وحدثني عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب الزهري قال:

لما كره أهل الشام القتال، وملوّه من طول منازلتهم بالسيوف، قال عمرو بن العاص لمعاوية، وهو يومئذ على القتال: هل أنت مطيعي فتأمر رجالا ينشرون (234 - و) المصاحف، ثم يقولون: يا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن ما بين فاتحته إلى خاتمته، فإنك متى ما تفعل ذلك يختلف أهل العراق ولا يزيد أمر الشام إلاّ اجتماعا، فأطاعه معاوية، فأمر عمرو بن العاص رجلا من أهل الشام يقال له ابن كعب فنشر المصاحف، ثم نادى ورفع المصحف على الرمح، فقال:

يا أهل العراق ندعوكم الى القرآن من فاتحته الى خاتمته تأخذوا بما فيه وتعطون ما فيه، فاختلف أهل العراق فقالت طائفة منهم، كرهوا القتال: أجبنا إلى كتاب الله، وقالت طائفة منهم: أو لسنا على كتاب الله وسنته، فأختصموا بينهم، فلما رأى علي عليه السلام اختلافهم ووهنهم قارب معاوية فيما يدعوه إليه من ذلك.

‌ابن الكواء:

شهد صفين مع علي، واسمه عبد الله بن أوفى، وقد تقدم ذكره في العبادلة.

ص: 4692

‌ابن الكلابي:

راوية أبي فراس الحارث بن سعيد بن حمدان، روى عن أبي فراس، روى عنه بعض الناس.

قرأت بخط بعض الادباء، ويغلب على ظني أنه خط محمد بن الخضر، المعروف بالسابق بن أبي مهزول المعري قال: حدثني ابن الكلابي راوية أبي فراس قال: كنت عند أبي فراس يوما فإذا بغلام خشن

(1)

الوجه (234 - ظ) قد أقبل في ثوب أخضر ومطرف أخضر مسلّما عليه، فلما رآه قال:

وغدوت في خضر الثياب مسلما

فكأن وجهك ضفدع في طحلب

(2)

(1)

كتب المصنف في الهامش: أظنه «وحش» .

(2)

لم أجده في ديوانه المطبوع.

ص: 4693

حرف اللام: فارغ

‌حرف الميم

‌ابنا مالك الاسلميان:

شهدا صفين مع علي رضي الله عنه، وقتلا بها مع هاشم المرقال، وقيل إن عليّا رضي الله عنه مرّ عليهم فقال:

جزى الله خيرا عصبة أسلميّة

حسان الوجوه صرعوا حول هاشم

يزيد وعبد الله منهم ومنقذ

وعزره وابنا مالك في الاكارم

(1)

ويروى:

وابنا هاشم ذي المكارم.

وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى.

‌ابن ماسوية الطبيب:

كان طبيبا حاذقا قدم مع المأمون حلب حين قدم غازيا، وكان معه حين مرض بالبذندون وعالجه فلم ينجع علاجه وقد ذكرناه.

‌ابن مقبل شاعر:

شهد صفين مع معاوية، واسمه تميم بن أبيّ بن مقبل، وقد ذكرناه في حرف التاء واستقصينا نسبه، وهو من بني العجلان بن عبد الله بن كعب.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء-اجازة-قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران-في كتابه-قال:

أخبرنا أبو الحسن المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد

(1)

ديوان الامام علي:89 مع فوارق.

ص: 4694

ابن إبراهيم بن عرفة نفطوية-فيما يرويه-قال: وكان ابن مقبل في عسكر معاوية، وكان يمدح أهل الشام، ويحث على الطلب بدم عثمان رحمه الله، (235 - و) ويعرض بعلي رحمه الله، وكان النجاشي في عسكر علي فمن شعر ابن مقبل للنجاشي:

ولو شهدت أم النجاشي ضربنا

بصفين فدتنا بكل مكان

ولو كنت وجه الخنفسا شهدتنا

حملت قناة غير ذات سنان

(1)

فأجابه النجاشي فقال:

ما دفنت قتلى سليم وعامر

بصفين حتى حكم الحكمان

ونجىّ ابن حرب سابح ذو غلالة

أجش هزيم

(2)

الركض والذألان

(3)

إذا قلت أطراف الرماح ينلنه

مرته به الساقان والقدمان

قرأت في ديوان شعر ابن مقبل من رواية أبي عمرو وابن الأعرابي، قال أبو عمرو: وخرج ابن مقبل في بعض أسفاره فمرّ بمنزل عصر العقيلي، وقد جهده العطش، فاستسقى فخرجت إليه ابنتاه بعسّ، وكان أعور كبيرا، فأبدتا له بعض الجفوة، فقالت إحداهما: لا خير في العيش بعد الكبر والشيب، وقالت الأخرى: إنّ هذا لقي بلية من عورة وخبث مرآته فنفذ ولم يشرب شيئا، فبلغ ذلك أباهما فتبعه ليردّه فأبى عليه فقال له: ارجع ولك أعجبهما إليك، فرجع.

ولم يعرف هذا الحديث ابن الأعرابي، فقال:

يا حرّ أمسيت شيخا قد وهى بصري

والتاث مادون يوم البعث من عمري

(235 - ظ)

(1)

ديوان ابن مقبل-ط. دمشق:345:1962 مع فوارق.

(2)

كتب ابن العديم في الهامش: والعو، أيضا.

(3)

ذال: سرع أو مشى في خفه وميس. القاموس.

ص: 4695

يا حرّ من يعتذر من أن يلمّ به

ريب الزمان فإني غير معتذر

يا حرّ أمسى سواد الرأس خالطه

شيب القذال اختلاط الصفو بالكدر

يا حرّ أمست لبانات الصبى ذهبت

فلست منها على عين ولا أثر

قد كنت أهدي ولا أهدى فعلّمني

حسن المقادة أنى فاتني بصري

كان الشباب لجاجات وكنّ له

فقد فرغت إلى حاجاتي الأخر

راميت شيبي كلانا قائم حججا

ستين ثم ارتمتنا أقرب الفقر

راميته منذ راع الشيب فاليتي

(1)

ومثله قبله في سالف العمر

أرمي النحور فأشويها وتثلمني

ثلم الإناء فأغدو غير منتصر

في الظهر والرأس حتى يستمرّ به

قصر الهجار

(2)

وفي الساقين كالقتر

قالت سليمى ببطن القاع من سرح

ولا خير في العيش بعد الشيب والكبر

واستهزأت تربها مني فقلت لها

ماذا تعيبان منى يا ابنتي عصر

(1)

الفالية هنا شعر الرأس فهو الذي يفلى. القاموس.

(2)

الهجار: الوتر، وحبل يشد في رسغ رجل البعير ثم يشد الى حقوه. القاموس.

ص: 4696

لولا الحياء ولولا الدين عبتكما

ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري

قد قلتما لي قولا لا أبا لكما

فيه حديث على ما كان من قصري

ما أنتما والذي تهدى حلو مكما

إلاّ كحيران إذ يسري بلا قمر

إن ينقض الدهر منيّ مرة لبلى

فالدهر أزور بالأقوام ذو غير

لقد قضيت فلا تستهزئا سفها

مما تقمأته

(1)

من لذّة وطري

يا جارتيّ على ثأج

(2)

سبيلكما

سيرا حثيثا ألماّ تعلما خبري

(236 - و)

إني أقيدّ بالمأثور راحلتي

ولا أبالي ولو كنّا على سفر

لا تأمن السّيف إذ روحتها إبلي

حتى ترى نيبها يضمزن

(3)

بالجرر

ما يصب السيف ساقيه فحقّ له

وما تدع ضربتي لا ينجه حذري

ولا أقوم على حوضي فأمنعه

بذل اليمين بسوطي باديا حسري

(1)

تقما الشيء: أخذ خياره. القاموس.

(2)

الثأج: صوت الغنم. القاموس.

(3)

ضمز البعير: أمسك جرته في فيه ولم يجتر. القاموس.

ص: 4697

وما تهيبني الموماة أركبها

إذا تجاوبت الأصداء بالسحر

ولا أقوم إلى المولى فأشتمه

ولا يخرّقه نابي ولا ظفري

أبقى الخطوب وحاجات تضيفني

وما جنى الدهر من صفو ومن كدر

مثل الحسام كريما عند خلتهّ

لكل أزرة هذا الدهر ذا إزر

(1)

وقال: تزوج امرأة من بني نهم، وهو عمرو عبد الله بن ربيعة بن عامر، يقال لها كبيشة عوراء، فنهاه عنها أخوته وتشاءموا بها، فأبى إلاّ أن يتزوجها، وقال له رجل من قومه: ألا تزوج فلانه فإنه بالحراء أن تكون وولودا، وتنجب لك، فقال: والله لو تزوجت كلبة لولدت مني وأنجبت، فولدت له عشرة أنفس منهم جارية، فنزلوا ناحية ضلع، والضلع الممدود من الأرض، أراد ناحية ضلع بني شيصبان، وهم من الجنّ، ناحية الكانف، فطرقتهم حية

(2)

فقتلت سبعة من ولده، وقتلت أيضا كبيشة، فقال ابن مقبل:

ألا ناد يا ربعي كبيشة باللوى

بحاجة محزون وإن لم تناديا

(236 - ظ) وذكر الأبيات بطولها.

‌ابن الملثم:

ولد الوزير عز الدين بن الملثّم، كان والده قد وزر للملك الأفضل علي بن يوسف بن أيوب، وكان ابنه هذا شابا حسنا فاضلا، قدم حلب واشتغل بها على شيخنا أبي البقاء يعيش بن علي بن يعيش ونظم شعرا جيدا.

أنشدني أبو الربيع سليمان بن بليمان الإربلي لابن الملثم:

(1)

ديوان ابن مقبل:72 - 82. والازرة: الاحاطة والمعاونة والمساواة والستر. القاموس.

(2)

كذا بالاصل وأقدر أنه تصحيف «جنية» .

ص: 4698

وذي هيئة يزهى بحال مهندس

أموت به في كل يوم وأبعث

محيط بأشكال الملاحة وجهه

كأن به اقليدسا يتحدث

فعارضه خط استواء وخاله

به نقطة والشكل شكل مثلث

وأنشدني أيضا لابن الملثم أيضا.

وعلى الفتي أن لا يقصر سعيه

يوم الرهان ولا يرد عنانه

فإذا جفاه الفضل عيبت نفسه

وإذا جفاه الحظ عيب زمانه

‌ابن الموصول الاسدي:

من تنّاء حلب، ومن بيت كبير فيهم الوزارة، كان حسن التعبير للرؤيا.

أنبأنا الخطيب عبد المحسن بن عبد الله بن الطوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله ابن خميس قال: وحكي أنه كان بحلب رجل يعرف بابن الموصول من تنّاء البلد وأعيانها، وكان شيخا جيد التعبير، فجاءه رجل من أهل الموصل ويعرف بابن حطام فقال: رأيت في المنام كأني حملت لحم بقر، فقال له: يموت رجل عامل وترثه، فقال له: ما أعرف لي بحلب قرابة أرثه، فلما كان بعد أيام قدم حلب ابن عمّ له، فتقلد بعض أعمال حلب، ومات فورثه ذلك الرجل، فقال له: من أين أخذت ذلك التعبير فقد صح، فقال لأنّ البقر عوامل واللحم مال.

‌شاعر من بني المنخل

المعريين تنوخي.

أنشدني العفيف عبد الرحمن بن عوض المعري لشاعر من بني المنخل المعريين.

عاينت في المحراب دميته التي

نطقت ونطق مثالها لم يعرف

وسمعت سورة يوسف من قارئ

قابلته فرأيت صورة يوسف

النون: فارغ وكذلك الواو

ص: 4699

‌حرف الهاء

‌ابنا هاشم الاسلميان:

قيل كانا من القراء الذين شهدوا مع علي رضي الله عنه صفين وقتلا بها مع هاشم المرقال.

أنبأنا أبو البركات الامين عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن (237 - و) شاذان قال: حدثنا ابن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثني نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن رجل عن أبي سلمة قال: ولما أصيب هاشم أصيب معه عصابة من القراء فمر عليهم علي بن أبي طالب عليه السلام فترحم عليهم ثم أنشأ يقول:

جزى الله خيرا عصبة أسلمية

صباح وجوه صرّعوا حول هاشم

يزيد وعبد الله منهم ومعبد

وسلمان وابنا هاشم ذي المكارم

وعزرة لا يبعد ثناه وذكره

اذا اخترط البيض الخفاف الصوارم

(1)

‌ابن هبيرة:

غزا مع حبيب بن مسلمة الفهري بلاد الروم، وحدث عنه. روى عنه عبد الله ابن لهيعة، وقد ذكرنا حكايته عن حبيب في ترجمة حبيب بن مسلمة فيما تقدم، فقد اجتاز معه بناحية حلب.

‌ابن هرمة الشاعر:

اسمه ابراهيم بن علي بن هرمة قدمنا ذكره.

(1)

صفين لنصر بن مزاحم:404 - 405، مع فوارق واضحة.

ص: 4700

‌حرف الياء

‌ابن يعلى:

غزا الصائفة مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وحكى عن أبي أيوب الأنصاري، روى عنه بكير بن الأشج، واسمه عبيد بن يعلى، وقد قدمنا ذكره في الأسماء.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب-اذنا-قال: أخبرنا أبو الفتح مفلح ابن أحمد بن محمد المرزمي الوراق قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت قال (237 - ظ): أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد اللؤلؤي قال حدثنا أبو داود سليمان ابن الأشعت قال: حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن ابن يعلى قال: غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأتي بأربعة أعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبرا.

قال أبو داود: قال لنا عن سعيد عن ابن وهب في هذا الحديث عن ابن وهب قال: بالنبل صبرا، فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن قتل الصبر، فو الذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتها، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فأعتق أربع رقاب

(1)

.

(1)

لم أقف على هذا الحديث في سنن أبي داود أو مصدر آخر:

ص: 4701

‌الكنى

‌ابن أبي البيان المعري:

وأبو البيان هو محمد بن عبد الرزاق بن عبد الله بن أبي حصين، وقد ذكرنا ترجمته، وكان له ولد يقال له أبو المعالي توفي شابا ورثاه ببيتين ذكرناهما في ترجمته فلعله هو والله أعلم.

نقلت من خط ولد مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن علي بن منقد، في مجموع فيه شيء من أشعار المعريين، قال فيه: ابن أبي البيان في كتاب معنون بحمرة:

هذا كتاب فتى جفاؤك مضرم

نارا من الأشجان بين ضلوعه

(238 - و)

ودليله في فيض مقلته دما

إن الكتاب معنون بنجيعه

‌ابن أبي الجهم المعري:

وأظنه أبا المرجا بن أبي الجهم، شاعر من أهل معرة النعمان، له أبيات قالها، وقد هجم الفرنج معرة النعمان، وقتلوا أهله.

قرأت في كتاب نزهة الناظر وروضة الخاطر، تأليف القاضي عبد القاهر بن علوي بن المهنا، المعروف بابن خصا البغل لابن أبي الجهم المعري:

إلى كم الى أبلى ببين وفرقة

وتشتتيت شمل لا تقرّ بي الدار

وقد قتلوا أهلي وأضحت ديارهم

قفارا وفيها للأحبة آثار

سأيكيهم ما لاح نجم وما دجى

ظلام وما حنت على الأيك أطيار

لعل الليالي الماضيات بقربنا

تعود فتقضى بالمعرة أوطار

أنشدني أبو البركات الفضل بن سالم المعري-بها-لعلي بن الدويدة المعري

ص: 4702

في أبي المرجا بن أبي الجهم، وكان يتشاءم بطلعته، ويغلب على ظني أنه ابن أبي الجهم صاحب الترجمة، والله أعلم.

أبو المرجا له وجه سماجته

تهدي الى من رآه البؤس والمرضا

رأيته ومعي صحب دعوتهم

لكي نقضي بهم من يومنا غرضا

فقلت بالرغم سر معنا على مضض

ولم أزل حاملا من نحوه مضضا

بطلعة لو بدت للشمس ما طلعت

من الكآبة أو للبرق ما ومضا

فقال والله لا آتي فقلت له

منك الصدود ومني بالصدود رضا

(238 - ظ)

‌ابن أبي الحصين:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها. وقد ذكرنا حديثه، وحديث عبد الله بن الحجاج حين عبرا على جسر الرقة، فسقطت قلنسوة هذا وقلنسوة هذا، فنزل كل واحد منهما وأخذ قلنسوته، وركب فقال عبد الله بن الحجاج: ان يكن زاجر الطير صادقا أقتل وشيكا، وتقتل، فقال له ابن أبي الحصين: ما شئ أوتاه أحب إليّ مما ذكرت، فقتلا جميعا يوم صفين، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة عبد الله ابن الحجاج باسناد.

‌ابن أبي زرعة الدمشقي:

شاعر اجتاز بدير محلى بنواحي المصيصة، وله فيه شعر ذكرته في ترجمة محمد ابن عبد، كان كاتب ابن طولون.

‌ابن أبي سرح:

هو

(1)

شهد صفين مع معاوية.

أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران -إجازة-قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا نفطويه

(2)

(239 - و).

(1)

كذا بالاصل، وهو «عبد الله بن سعد بن أبي سرح» أخو عثمان بن عفان لأمه، ولاه عثمان مصر بعد عمرو بن العاص.

(2)

كذا بالاصل دون أن يكمل المصنف روايته.

ص: 4703

‌ابن أبي سمينة:

إمام جامع طرسوس كان قارئا صالحا له ذكر.

قرأت بخط القاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتابه، الذي سماه سير الثغور، قال: ومن أئمة طرسوس الصلحاء المذكورين بالقراءة وطيب الصوت ابن أبي سمينة صلى بالناس بضعة عشر سنة لم يقبل لأحد برا ولا أجاب الى قبول صلة.

قال أبو عمرو: حدثني أبو الطيب الجرجرائي شيخ من المجاهدين أن أبا محمد الأولاسي حدثه أن ابن أبي سمينة حمل إليه بعض الأمراء ألف دينار ليصرفه في الصالحين المسجدية، فقال ابن أبي سمينة للرسول: أبلغ صاحبك السلام وقل له:

لو علمت أن في هذا المسجد من يؤثر أن يرتزي مما أنفذت درهما واحدا لما صليت بهم يوما واحدا، فليردوا المال على أهله.

‌ابن أبي قباس:

خطيب جامع طرسوس، وإمام أهلها.

قرأت بخط أبي عمرو القاضي الطرسوسي في كتاب سير الثغور في ذكر أئمة المسجد الجامع بطرسوس، قال: وقد صلى بأهل هذا المسجد أئمة من أهل العفاف والستر واليقين والتقوى والصبر والزهادة والعبادة وسمو الذكر منزلتهم في الدنيا والآخرة عظيمة، ومواقع منافع الاسلام وأهله بهم حسنة جسيمة، يفتخر بذكرهم عند القرّاء، وتستنزل بهم بركات السماء، منهم: ابن أبي فياس

(1)

وكان من فرسان (239 - ظ) المحراب.

حدثني أبو حفص عمر بن أحمد البروجردي المقرئ، شيخ عابد فاضل، قال:

حدثني أستاذي السوسنجردي أن ابن أبي قباس كان إذا قرأ في محراب طرسوس سمعت قراءته في سوق الصفارين، وكان إذا خطب حيّر السامعين وألهى المحزونين.

وقال أبو عمرو: حدثني أحمد بن هرون الكوفي-كهل من أبناء طرسوس

(1)

كذا وهو طغيان من قلم المصنف أو تصحيف في الاصل الذي نقل عنه.

ص: 4704

ووجوهها-قال: حدثني أبي قال: كتب السلطان

(1)

قديما الى الاقاليم بسبّ ابن طولون فسبّ على منبر طرسوس على لسان ابن أبي قباس، كما سبّ بكل مكان، وحج ابن أبي قباس فسلك الركب الذين كانوا معه طريق مصر، فدخلوها في شهر رمضان، وكان يصلي بابن طولون عشرة أئمة كل واحد منهم تسليمه واحدة، فصار ابن أبي قباس الى باب دار ابن طولون، فدخل في جملتهم، ووقع للحجاب والبوابين أن ابن أبي قباس أحد العشرة المرسومين للصلاة، فلما أقيمت تقدم وكل واحد من العشرة يحسبه يصلي عن اذن ومؤامرة، ومنهم من يحسبه أحدهم فافتتح فقرأ فحيّر السامعين شجى وطيبا، وتمموا صلاتهم فلما أرادوا النهوض للتراويح أمر ابن طولون أن يصلي ترويحته ففعل ثم أخرى، ثم أخرى حتى فرغ من جميعها، ومن الوتر، وانصرفوا، ولم يصل أحد من العشرة فرضا ولا نافلة، فسأل ابن طولون حجابه عنه، فقالوا: ما نعرفه ولا رأيناه. قبل وقتنا هذا، وقال بعضهم (245 - و) ما ظنناه إلاّ واحدا من العشرة المرسومين بالصلاة فتقدم ابن طولون الى الحجاب إن عاد أن لا يحجب فعاد لليلته المقبلة وتقدم وصلى، فلما أراد الانصراف استوقفه الحجاب، وسألوه من هو ومن أين هو فما أجابهم، فرد الى ابن طولون فخاطبه وسأله عن اسمه ونسبه فقال انا ابن أبي قباس فسرّ به سرورا عجيبا، وأمره بالصلاة به ما بقي من الشهر وحده وأمره بسبه بحيث يسمع كما سبه على منبر طرسوس، فاستعفاه فأبى عليه واستعفاه فما وجد له منه محيصا، وسأله الأمان فآمنه وقام فخطب، فلما وصل الى حيث يسب رخم واختصر فحتم عليه أن لا يغادر من السب حرفا واحدا إلاّ لفظ به، ففعل وأتى عليه عن آخره، فأمر له بألف دينار، وزوده الى مكة، وحمله فحج وعاد الى طرسوس شاكرا لابن طولون حامدا.

‌ابن أبي عياش الالهاني:

كان على حرس عمر بن عبد العزيز، وكان معه بخناصرة، وعزله عمر، وولى عمرو بن مهاجر مولى الانصار.

(1)

يريد به دار الخلافة ببغداد، ومر بنا في ترجمتي أحمد بن طولون وابنه من بعده خمارويه بعض تفاصيل أخبار الصراعات بين الدولة الطولونية والخلافة العباسية.

ص: 4705

‌ابن أبي موسى الحلبي:

شاعر مجيد، كان في عصر البرامكة.

قرأت في أخبار البرامكة، تأليف أبي حفص عمرو بن الأزرق الكرماني في ذكر موسى بن يحيى بن خالد بن برمك قال: وفيه يقول ابن أبي موسى الحلبي:

(240 - ظ).

ألا إنما موسى بن يحيى بن خالد

سماء علينا بالرغائب تمطر

على كل حال من يسار وعلة

فتروى كما تروي البقاع فتزهر

وإن له في الحرب إن هي شمرت

ودارت رحاها والقنا تتكسر

سنانا شكا طول الحصار لشربه

دما من نحور في الوغا تتفجر

ص: 4706

‌ذكر جماعة عرفوا بغير آبائهم

‌جد أبي عمرو بن العلاء:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه.

أنبأنا أبو القاسم ابن رواحة، وابن الطفيل قالا: أخبرنا أبو طاهر السّلفي -إذنا إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي -إذنا إن لم يكن سماعا-أنه سمع أبا مسلم عمر بن علي بن أحمد بن الليث يقول:

سمعت أبا الحسن علي بن أبي بكر الحافظ الجرجاني يقول: سمعت مسعود بن علي السجزي قال: سمعت الحاكم أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ يقول: جد أبي عمرو بن العلاء، كان مع علي بن أبي طالب في الجمل وصفين.

‌أبو القاضي أبي عمر:

دخل الى صفين، وحكى أنه شاهد على جدار بيت المال بها أبياتا، رواها عنه ابنه القاضي أبو عمر.

أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي، وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبوي بكر: البيهقي والحيري (241 - و) وأبوي عثمان الصابوني والبحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثني عبيد الله بن منصور قال: سمعت القاضي أبا نصر محمد بن محمد الحافظ المعروف بالبنص-بحلب-قال: سمعت أبا عمر القاضي يقول: سمعت أبي يقول: دخلت بيت المال بصفين، بعد أن دثر، فرأيت على أحد جدرانه مكتوبا: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه:

أبى الله إلا أن صفين دارنا

وداركم ما لاح في الافق كوكب

الى أن تموتوا أو نموت وما لنا

ولا لكم من حومة الموت مذهب

(1)

(1)

ديوان الامام علي:13 مع فوارق.

ص: 4707

‌ابن بنت علي بن بكار:

المصيصي الزاهد، حكى عن جده علي بن بكار، روى عنه محمد بن عيسى الطباع.

قرأت بخط أبي عمرو القاضي الطرسوسي: حدثنا محمد بن سعيد بن الشفق قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: سمعت ابن ابنة علي بن بكّار قال: كان جدّي في طول ليالي الشتاء إذا سمع صوت الدّيك، يقول: أوه انقطع ظهري، أحب أن يكون الليل أطول مما هو.

‌أخو أبي القاسم:

علي بن محمد بن أبي حامد الكاتب، اجتاز بنواحي بلد الروم مما يلي خرشنة، واجتاز بحلب أو بعملها في طريقه إليها، وحكى عن رجل حكى له عن شاب عراقي كتب أبياتا على حائط، روى عنه أخوه أبو القاسم المذكور، وقد ذكرنا ما حكاه في المجهولين الأسماء والأنساب والالقاب فيما يأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى.

‌عم يحيى بن سعيد الانصاري:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه.

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد (244 - ظ) بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثني زيد بن الحباب قال: حدثنا جويرية بن أسماء الضبعي قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن عم له شهد صفين مع علي قال: لما كنا بصفين كان الرجل من أصحاب علي يشد على أصحاب معاوية حتى يدخل خندق معاوية فيقتل، ويشد الرجل من أصحاب معاوية على أصحاب علي فيدخل خندق علي فيقتل، حتى امتنع العسكران من القتل، وعقرت الخيل فأرسل علي الى عمرو بن العاص، وكان يلي حرب معاوية: إن عسكرنا قد امتنع علينا من القتلى ولا أراكم إلا قد لقيكم مثل ما لقينا، فليؤمن بعضنا بعضا حتى نواري قتلانا، وتواروا قتلاكم، فبعث إليه عمرو:

ص: 4708

إني قد فعلت، فجلس عمرو على باب الخندق، فكان إذا مر عليه بالرجل من أصحاب علي سأل عنه فيخبر، فمر عليه برجل من أصحاب علي من المتهجدين، أظنه سماه، فسأل عنه عمرو فأخبر، فقال عمرو بن العاص: ترى علي ومعاوية بريئان من دم هذا؟!

‌عم الحسين بن الفهم:

كان في صحبة المعتصم حين قدم حلب، وغزا معه بلاد الروم (245 - و).

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري عن الحافظ أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال:

حدثنا محمد بن جعفر بن علاّن الوراق قال: حدثنا أبو عيسى الطوماري قال:

حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثني عمي قال: كنت مع المعتصم في بعض الغزوات، قال: فنزلنا على حصن فحاصرناهم وقاتلناهم فلحق أمير المؤمنين صداع فأمرنا بالكف عن القتال، فاطلع علينا بطريق من الحصن فقال: لم كففتم عن القتال؟ قلنا: لحق أمير المؤمنين صداع، فمضى ورجع وألقى الينا قلنسوة، فقال: يلبس أمير المؤمنين هذه فإنه يهدأ عنه الصداع، فلبس أمير المؤمنين القلنسوة، فهدأ عنه الصداع، فقال: افتقوا هذه القلنسون وانظروا ما فيها، فوجدوا فيها رقاقية مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، سبحان من لا ينسى من نسيه، ولا ينسى من ذكره، كم نعمة لله على عبد شاكر وغير شاكر في عرق ساكن وغير ساكن، حم عسق.

‌غلام كشاجم:

كان أديبا، روى عن سيده، وذكر أبو الحسن الشمشاطي فيما نقلته بخطه أن ابن كشاجم وغلامه أنشدا بحلب أبا الصقر القبيصي، وأبا زكريا بن مبشر أبياتا لكشاجم في دير اسحاق، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة ابن كشاجم (246 - ظ).

‌جد أبي عبد الله الحسن المزني

(1)

:

روى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه حفيده، وأقدمه عمر بن عبد العزيز

(1)

ألحق المصنف عددا من التراجم المتفرقة على أوراق زادها، مما دعا الى اعادة ترتيبها.

ص: 4709

عليه حين استخلف، فقدم خناصرة أو دابق، وكانت عنده قطيعة من أديم أحمر للنبي صلى الله عليه وسلم.

‌ابن بنت حامد:

من كبار المعتزلة المتكلمين قدم حلب وافدا على الأمير سيف الدولة بن حمدان، وتكلم مع أبي عبد الله بن خالويه بحضرته في مسألة خلق القرآن، وذكر ابن خالويه أنه قطعه، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة ابن خالويه، وهذا ابن بنت حامد كان يكنى أبا بكر، واسمه أحمد بن عبيد الله، وقد سبق ذكره.

‌ابن بنت أبي عبد الله:

محمد بن يوسف بن المنيّرة كان من أهل شيزر، روى أبياتا لجده أبي عبد الله بن المنيرة، رواها عنه عثمان بن عيسى البلطي.

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو الفتح عثمان بن عيسى البلطي، إجازة، ح.

وأنبأنا حمزة بن علي بن عثمان المخزومي قال: أنشدنا البلطي قال: أنشدني رجل من أهل شيزر يزعم أنه ابن بنت الشيخ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن منيرة لجده المذكور:

ومهند تقفو المنون سبيله

أبدا فكيف يقال ريب منون

شرك المنايا في النفوس فرحن عن

غبن وراح وليس بالمغبون

(241 - ظ)

لو أن سيفا ناطفا لتحدثت

شفراته بسرائر وشجون

فكأنما القدر المتاح مجسّما

في حدّه أو عرض عزّ الدين

‌والد مشرس:

حدث عن أبي شيبة الخدري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه مشرس، وغزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية واجتاز بحلب، أو ببعض عملها.

ص: 4710

‌ابن أخي شهر بن حوشب:

غزا مع عمه شهر أنطاكية، ومات عند فقوله من الغزاة، وقد ذكرنا حكاية موته في ترجمة شهر بن حوشب.

‌مولى عمر بن عبد العزيز:

كان بدابق أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف قال: أخبرنا ابن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا ابن عيينة عن عمر بن ذر قال: قال مولى لعمر بن عبد العزيز لعمر حين رجع من جنازة سليمان:

مالي أراك مغتما؟ قال: لمثل ما أنا فيه يغتم له، ليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أحد في شرق الأرض وغربها إلاّ وأنا أريد أؤدي إليه حقهّ غير كاتب إليّ فيه، ولا طالبه مني

(1)

.

‌مولى آخر لعمر:

إن لم يكن الأول، حدث عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز.

وبالاسناد قال أبو نعيم قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أحمد ابن الحسن قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا سهل بن محمود قال: حدثنا عمر بن حفص المعيطي قال حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: قلت:

كم ترك لكم عمر من المال؟ فتبسم وقال: حدثني مولى لنا كان يلي نفقته قال:

قال لي عمر حين احتضر: كم عندك من المال؟ قال قلت أربعة عشر دينارا قال:

فقال: تحتملون بها من منزل إلى منزل؟ فقلت: كم ترك من الغلة؟ قال ترك لنا غلة ستمائة دينار كل سنة، ثلاثمائة دينار ورثناها عنه، وثلاثمائة دينار ورثناها عن أخينا عبد الملك، وتركنا اثني عشر ذكرا وست نسوة اقتسمنا ماله على خمس عشرة

(2)

.

(1)

حلية الاولياء:5/ 289.

(2)

المصدر نفسه:5/ 334.

ص: 4711

‌ابن أخي أبي قلابة:

دخل أنطاكية غازيا ورآه أبو قلابة في المنام أنه من أهل الجنة.

أخبرنا أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحسين بن أبي السنان-فيما أجازه لي-قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم المؤدب قال: أخبرنا ابو القاسم نصر بن محمد قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله وأبو البركات سعد ابن محمد بن إدريس قالا: أخبرنا محمد بن إدريس قال: أخبرنا أبو منصور بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد الأزدي قال: حدثني العلاء بن أيوب عن إبراهيم بن سعد الجوهري قال: حدثني زيد بن يزيد الموصلي عن الأوزاعي عن القاسم بن مخيمرة قال: كان لأبي قلابة ابن أخ مسرف على نفسه:

فتوفي.

قال أبو قلابة: فكنت شبه النائم فإذا طائران أبيضان عظيمان قد صارا في كوة (243 - و) البيت فقال أحدهما لصاحبه: انزل فتشّه، فنزل يدور حوله، ثم رجع إلى صاحبه فقال: لم أجد شيئا، فنزل إليه الآخر فجعل يدور حوله ويفتشه، ثم غمز منقاره في جوفه، ثم أخرجه وهو يقول: لا إله إلاّ الله، وجدت في جوفه تكبيرتين كبرهما على سور أنطاكية في سبيل الله، ثم قال لأبي قلابة: يا أبا قلابة قم الى ابن أخيك فإنه من أهل الجنة.

وقد روى نحو من هذه الحكاية عن ابن أخي شهر بن حوشب رواها، شهر، وقد ذكرناها في ترجمة شهر إلاّ أنه لم يذكرها مناما.

‌ابن عم للاشعث بن قيس:

شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقال شعرا يوم منعهم أهل الشام الماء بصفين.

قرأت في كتاب صفين، ما روى عن عمر بن سعد قال: ثم مضى-يعني- عليا نحو رايات كندة فإذا مناد ينادي إلى جنب مضرب الأشعث بن قيس رافع صوته، وهو أحد بني عمه وهو يقول:

ص: 4712

لئن لم يجلّي الأشعث اليوم كربة

من الموت فيها للنفوس تفلت

فنشرب من ماء الفرات بسيفه

فهبنا أناسا قبل كانوا فموّتوا

فإن أنت لم تجمع لنا اليوم أمرنا

وتلقى التي فيها التشمت

فمن ذا الذي تثنى الخناصر باسمه

سواك ومن هذا إليه التلفّت

وهل من بقاء بعد يوم وليلة

نظل عطاشا والعدو يصوّت

هلموا إلى ماء الفرات ودونه

صدور العوالى والصفيح المشتت

وأنت امرؤ من عصبة يمنية

وكل امرى من عصبة حيث يثبت

قال: فرجع علي مغموما الى منزله واستيقظ الأشعث لقول الرجل، فأتى عليا من ساعته، وهو لا يرجو جدّ الأشعث ولا مناصحته، وعند علي تلك الساعة قوم من أصحابه فيهم الأشتر، فقال الاشعث: يا أمير المؤمنين أيمنعنا القوم ماء الفرات، وأنت فينا، ومعنا سيوفنا، خل عني وعن الناس، فو الله لا أرجع إليك، حتى أرده أو أموت دونه، وأمر الأشتر ان يعلو بخيله على الفرات فيقف حتى آمره بأمري، قال علي: ذلك إليك، فانصرف الأشعث إلى مضربه، وذكر تمام القصة، وغلبته على الماء

(1)

. (243 - ظ).

‌أخو بشر بن غالب:

روى عن الحسن بن علي رضي الله عنه، روى عنه أخوه بشر ولم يسمه، وكان قدم من أنطاكية على الحسن رضي الله عنه.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر الخلمي قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الصمد بن شاه الكشاني-إملاء ببخارى-قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن ابن الحسن بن عبد الرحمن بن علي بن أيوب العكبري-بها-قال: حدثنا عمّ أبي الحسن بن علي بن أيوب قال: حدثنا أبو القاسم عمر بن يحيى بن داود بن الفحام العكبري-بعكبرا-قال: حدثنا يوسف بن الحكم قال: حدثنا شريح ابن يونس قال: حدثنا عمرو بن جميع الحلواني عن الأعمش عن بشر بن غالب

(1)

صفين لنصر بن مزاحم:185 مع فوارق.

ص: 4713

عن أخيه قال: وفدت على الحسن بن علي رضي الله عنهما فسائلني عن أميرنا وعن بلدنا وعن مؤذنينا فأخبرته فقال: سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مدينة كثر فيها المؤذنون إلاّ قلّ بردها.

وقد رواه هبيرة بن جريز عن الأعمش عن بشر بن غالب أن أناسا من أهل أنطاكية شكوا إلى الحسن بن علي برد بلادهم (245 - ظ) فقال: سمعت جدّي يقول: وذكر نحوه.

أخبرنا بذلك أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي، اذنا عن أبي الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يحيى القطان قال:

حدثنا أبو يعقوب اسحاق بن إبراهيم الأذرعي قال: حدثنا محمد بن الخضر بن علي قال: حدثنا موسى بن أيوب قال: حدثنا النعمان بن العباس، وكان من خيار الناس بأنطاكية، عن هبيرة بن جرير عن الأعمش عن بشر بن غالب أن أناسا من أهل أنطاكية شنكوا الى الحسن بن علي برد بلادهم فقال: سمعت جدي يقول: أيما بلدة باردة كثر فيها النداء بالأذان انكسر بردها.

وقد روي عن بشر بن غالب قال: قدم على الحسين بن علي عليهما السلام ناس من أهل أنطاكية، وفي رواية قدم أهل أنطاكية، فسألهم عن حال بلدهم وعن سيرة أميرهم فذكروا خيرا إلاّ أنهم شكوا إليه البرد، فقال الحسين بن علي:

حدثني أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوا من ذلك، وقد تقدم ذكره في مقدمة الكتاب في باب فضل أنطاكية فدل على أن أخا بشر بن غالب كان من أنطاكية، والله أعلم

(1)

(246 - و)

‌مولى مسلمة بن عبد الملك:

روى عن مولاه مسلمة. روى عنه هشام بن الغاز، وكان مع مولاه بمنازله.

أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف-فيما أذن لنا فيه-قال: أخبرنا أبو الفتح ابن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر

(1)

انظر ما تقدم في الجزء الاول:103 - 104.

ص: 4714

قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا هشام بن الغاز قال: حدثني مولى لمسلمة ابن عبد الملك قال: حدثني مسلمة قال: دخلت على عمر بعد الفجر في بيت كان يخلو فيه بعد الفجر، ولا يدخل عليه أحد، فجاءت جارية بطبق عليه تمر صيحاني، وكان يعجبه التمر، فرفع بكفه منه فقال: يا مسلمة أترى لو أن رجلا أكل هذا، ثم شرب عليه الماء، فإن الماء على التمر طيب، أكان يجزيه إلى الليل؟ قلت: لا أدري، فرفع أكثر منه، قال: فهذا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين كان كافيه دون هذا حتى ما يبالي أن لا يذوق طعاما غيره، قال: فعلى ما يدخل النار؟ قال مسلمة: فما وقعت مني موعظة ما وقعت هذه

(1)

.

(1)

حلية الأولياء:5/ 277.

ص: 4715

‌ذكر المعروفين بالألقاب

‌الألف

‌أجدع السكاسك:

شاعر شهد صفين مع معاوية وقال شعرا كتب به مع كتاب معاوية بن حديج الى الأشعث بن قيس حين عزله علي رضي الله عنه عن رئاسة كنده.

قال محمد بن خالد الهاشمي في أخبار صفين: بعد أن نزل معاوية صفين وبلغه عزل الأشعث قال: وأمر معاوية بن أبي سفيان معاوية بن حديج الكندي أن يكتب الى الأشعث بن قيس، فكتب إليه كتابا-ذكرناه في ترجمة معاوية بن حديج- قال: ثم دعا أجدع السكاسك فقال: الق الى الأشعث شيئا تحركه فأنشأ يقول:

أشعث الخير يا شبيه أبيه

أنت فينا الهمام وابن الهمام

إنمّا الشام كالعراق ولكن

غمّ أهل العراق بعض الشآم

فلهم دينهم وحبّ علي

ولنا ديننا وحبّ الإمام

ثم لا حاكم يميّز ما بي

ن الفريقين دون يوم الخصام

قد ترى بالعراق جمعا عظيما

يمنيين من رؤوس الأنام

كعدي ومالك وسعد

وشريح وذاك فاس اللجام

وزياد وشيخ كندة حجر

وابن قيس وزحر نعم المحامي

(247 - و)

والمرادي هاني ورجال

كأولاكم في النقض والابرام

لا ينادون بالعتاب ولا يطم

ع في فيئهم ذوو الأحلام

قد دعوناك بالتي تجمع الش

مل وفيها تعاطف الأرحام

ثم فيها إحدى الخلال من الله

ونزع الشجا وترك الحرام

لا ينادى لها سواك من ال

ناس فخذها يا بن الملوك العظام

ص: 4716

‌الأحوص الأنصاري:

الشاعر، وفد على عمر بن عبد العزيز بخناصرة، واسمه عبد الله بن محمد بن عبد الله، وقد قدمنا ذكره.

‌الأحوص الذفافي:

ويعرف بالمختزر أيضا، واسمه عبد الله بن محمد، وكان شاعرا، وهو منسوب إلى ذفافة بن عبد العزيز العبسي، وقد ذكرناه في العبادلة، وكان يصحب أبا طالب علي بن اسماعيل بن صالح الهاشمي بحلب، وتزوج علوة التي كان يشبب بها أبو عبادة البحتري، فهجاه البحتري.

‌الأخطل التغلبي:

الشاعر، كان برصافة هشام واسمه غياث بن عوف، وقد قدمنا ذكره.

‌أعشى همدان:

ويكنى أبا المصبّح، شهد صفين مع علي وقد ذكرناه.

ص: 4717

‌الباء

‌الببغاء الشاعر:

كان من شعراء سيف الدولة بحلب، وهو أبو الفرج عبد الواحد ولقب بالببغاء للثغة كانت في لسانه، وقد قدمنا ذكره.

‌البديع الحلبي:

شاعر ذكره ابن الزبير فيمن قدم الديار المصرية من الشام، في جنان الجنان ورياض الأذهان، وذكر له هذه الأبيات:

وإذا الفتى قحطت به أيامه

لم يرضه فعل الزمان الأنكد

يمسي ويصبح في الكتائب

(1)

ممرض

يرنو الى الدنيا بعيني أرمد

(247 - ظ)

وكثير أيام الحياة أقل من

أن يبتلى بتفرق وتبعد

قرأت في كتاب جامع الفنون تأليف أبي الحسين بن الطحان المغني، في باب ما مدح به المغنون في زماننا هذا، يعني زمانه قال: وللبديع فيّ:

لو كان يرزق بالفضائل فاضل

كانت بفضلك تقرن الأرزاق

فلقد حويت أبا الحسين فضائلا

لم يحوها فيما مضى اسحاق

(2)

قرأت في تاريخ الأمير مختار الملك المسبحي في حوادث سنة إحدى عشرة وأربعمائة ذكر جماعة من الشعراء الذين مدحوه وكتبوا إليه، وكانوا موجودين في هذا التاريخ، فذكر جماعة وقال: ومنهم البديع الحلبي وأنه شاعر متوسط الشعر، فمما كتبه إليّ قوله:

(1)

كتب المصنف في الهامش تحت علامة التصحيح: أكنان.

(2)

اسحاق الموصلي الاديب المغني المشهور.

ص: 4718

يا أيها الملك الذي طابت أزومة عوده

والسيد السامي إلى أعلى مناقب صيده

ومن الأولى حازوا العلى من قومه وجدوه

والأفضلين بجمعهم من جنده وعبيده

ندب أطال يد المعالي في الزمان بجوده

جمع المناقب والنهى مقرونة بسعودة

نصح المليك فأضحت الأملاك طوع جنوده

واسترشد الملك العقيم برشده ورشيده (248 - و)

يا عز ملك الحاكم المحمود ظل عميده

كم نار حرب أضرمت مشبوبه بوقوده

وخميس ملك مصحر في حده وحديده

نكست بالأقلام طول رماحه وبنوده

وفللت بالآراء حدّ صفاحه وعميده

فاليمن في يمناك قد ملكت من اقليده

يا أيها البحر الذي عذبت رشاف وروده

مغناك كالبيت الذي ضاق الفضاء بوفوده

لو يستطيع لزاره غور الثرى بنجوده

يا سيدا فهم الورى من نظمه وفريده

اخترت جوهر سلكه فانصاع نظم عقوده

ولقد حويت مناقبا خلدتها بخلوده

باد الزمان ولم تبد هل حيلة لمبيده

يا أيها المختار فهمك دق عن تحديده

أنت الذي غمر الورى بطريفه وتليده

ص: 4719

فارفع ظلامة من رمى مرماته بوعيده

وسطا عليه بجوره وبصرفه وحقوده

فسعى إليك مشمرا برسيمه ووخيده

لتسد منه فاقة عزت على تسديده

فامنن عليه بخلعه ليشق قلب حسوده

من جيد الرقم الذي يختال في توريده

فلقد حباك جواهرا من مدحه وقصيده

يزهو بجوهرها على ضليله

(1)

ولبيده

أمحمد بمحمد ووصيّه وشهيده

أنظر إليه نظرة تغنيه عن ترديده

فلأنت أكرم من مشى بالله فوق صعيده

واسلم سلمت على الزمان وأنت درة جيده. (248 - ظ)

قال المسبحي: وله أيضا والأبيات التي ذكرها ابن الزبير من هذه القصيده:

صب يروح الى الغرام ويغتدي

ومفنّد في الحب أي مفنّد

غريت به العذال حتى أنه

يلفى الأسى بغرور عذل موصد

كم لائم في الحبّ لام ومرشد

في عذله أضحى وليس بمرشد

دنف أضرّ به الغرام ولا يرى

نصحا لقول عذوله والحسّد

شط المزار به فأصبح مفردا

متأسفا يبكي لفرقة مفرد

كيف السلوّ وفي الحشى نار الأسى

تزداد بين تضرم وتوقد

عهدي بهم والعيش غض جامع

شمل الوصال ولم يكن بمبدّد

فأزاح صرف الدهر حتى صبحنا

ليل وحتى ليلنا بالسرمد

وإذا الفتى قحطت به أيامه

لم يرضه فعل الزمان الأنكد

يمسي ويصبح في اكتئاب ممرض

يرنو إلى الدنيا بعيني أرمد

(1)

كتب المصنف بالهامش: حاشية: يريد بالضليل امرئ القيس.

ص: 4720

وكثير أيام الحياة أقلّ من

أن يبتلى بتفرق وتبعد

وركائب خلّفتها دلج السرى

والليل في لون الغداف الأسود

والنجم في أرجائه متحير

عان كتحيير الضرير المقعد

أطوي بها أجواز كل تنوفه

(1)

قفر وأقطع كل خرق فدفد

حتى أنخت بباب عز الملك في

نعم تزيد على النعيم الأرغد

ملك إذا استمطرت مزن بنانه

جادت يداه بمزن برق مرعد

(249 - و)

ورث المعالي عن أبيه وجده

فجرى طريفا في الأنام بمتلد

قوم تردّوا بالمكارم واكتسوا

حلل الرئاسة بالأغر الأمجد

أموالهم مبذولة لعفاتهم

وديارهم لو فودهم كالمسجد

حرم تحرمت الوفود بربعهم

فسما إليه بمقسم ومؤكد

الواهبون تكرما أموالهم

والمجزلون حبا الوفود الوفّد

والمطعمون إذا المرابع أمحلت

والواهبون لكل ما لم يوجد

والقائمون بكل جد واجب

والصّافحون عن المسيء الأعتد

والضاربون إذا الكتيبة أحجمت

رأس المتوج في العجاج الأربد

وإلى جدودك ينتمي كرم الورى

وإليك مقصد كل سفر منجد

ولديك مغنم كل طالب حاجة

ويزين ذكرك في القريض المنشد

يا أيها المختار خيرة عصره

يا سيدا قد ساد كل مسود

حزت المكارم والمناقب والحجى

يا ذا المعالي والنهى والسؤدد

ورقيت في العلياء أعلى رتبة

شرفت على شرف السها والفرقد

يا وارث الماضين محض علومهم

يا كامل العلم الشريف المقعد

يا أيها الملك الهمام ومن غدا

متكفلا بحبا الوفود القصّد

إني استجرت من الزمان

بنداك أنت على البرية مسعدي

أما وقد حلت بجودك فاقتى

رشدا وحازت حبل نائله يدي

(249 - ظ)

(1)

أي أجوز بها مفازة واسعة. القاموس.

ص: 4721

فسأغتدى وأروح غير مروّع

مما تروح به الخطوب وتغتدي

وسأقتدي بذوى المعالي والنهى

وأخو الحجى بذوي المعالي يقتدي

ولأصبحن بعزّة ذا عزة

تسطو على صرف الزمان المعتدى

ولأسطون على الزمان بصارم

من جوده في النائبات مجدد

ملك إذا استسقى العفاة سحابه

رووا بوابلها عطاش الورّد

خلط الوقائع بالصنائع فاستوى

ميل وذلّل كل صعب أعند

يزهو بأنمله اليراع لأنها

تجري بحتف عدى ونيل مرفد

ما تنتضي يوما لدفع ملّمة

إلاّ وفلّت غرب كلّ مهند

فنوالها للمعتفي يحيي الندى

وعقابها للخالع المتجرّد

يا حلية الدنيا وزينة أهلها

يا واحدا في كل فضل أوحد

قضّيت صومك بالصلاة وبالتقى

والعيد عاد بسعد جدك فأسعد

سعد عليك مجدد يحظى به

وتبيد ثوب خليعه بمجدد

لا زلت ترقى في المعالي صاعدا

أبدا على رغم العدى والحسد

مولاي قد أجهدت فانف بنعمة

جهدي وجوّدت القريض فجود

‌البديع المعري:

شاعر من أهل المعرة، واسمه علي وقع إليّ من شعره قوله:

يا صاح آنسني دهري وأو حشنى

منهم فاضحكني فيهم وأبكاني

(250 - و)

قد قلت أرض بأرض بعد فرقتهم

فلا تقل لي جيران بجيران

‌البليغ المعري:

شاعر محسن واسمه ابراهيم بن الحسن، وقد قدمنا ذكره في حرف الألف.

‌البنص:

حافظ أديب، وهو أبو نصر محمد بن محمد القاضي، ولقب البنص تركيبا من أبي نصر كنيته، وقد ذكرناه.

ص: 4722

‌البرهان الرندي الفقيه:

كان من الفقهاء المفتين بحلب، وكان حنفي المذهب، ولم أعرف اسمه، ووقفت له على فتوى أفتى فيها مع علاء الدين عبد الرحمن الغزنوي وشرف الدين بن أبي عصرون في مسألة سئلوا عنها في رجل يقول: إني سلفي المذهب، ويزعم أن الله تعالى في الجهة.

فأفتى وقال في أثناء كلامه: اما السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ما كانوا يسبتون لله من الصفات ما كان يستحيل في حقه من صفات المحدثات كالأجسام والأعراض والجواهر، بل ينزهونه سبحانه وتعالى عما يستحيل في حقه، ويشبتون له ما يجوز في حقه وما كانوا يتحدثون في الله وفي ذاته إلاّ عند الحاجة والضرورة، ولهذا قيل عنهم: تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله، في كلام حسن اختصره.

ص: 4723

‌الجيم

‌جران العود:

شاعر من العرب، لقب بجران العود لقوله:

عمدت لعود فالتحيت جرانه

وللكيس أمضى في الأمور وأنجح

والجران عرق على عنق البعير.

قدم خناصرة، وذكرها في شعره، وجعلها خناصرات حيث قال:

نظرت وصحبتي بخناصرات

ضحيّا بعد ما متع النهار

الى ظعن لأخت بني نمير

بكابة

(1)

حيث زاحمها العقار

العقار الرمل، واسم جران العود المستورد

(2)

العقيلي، وقد ذكرناه.

(1)

كابة: ماء من وراء النباج، نباج بني عامر. معجم البلدان حيث استشهد ببيتي جران العود وزادهما.

(2)

فراغ بالأصل، انظر حوله الشعر والشعراء لابن قتيبة:450 - 354 حيث ذكره وبين سبب تسميته بجران العود، دون أن يبين اسمه الأول.

ص: 4724

‌الخاء

‌الخلب التنوخي:

المعريّ أديب فاضل من أهل معرة النعمان، قرأ بحلب على أبي عبد الله بن خالويه الكثير. (250 - ظ)

ص: 4725

‌خطير الملك ابن الوزير اليازوري:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أبي محمّد، وزير المستنصر الفاطمي توجه من الديار المصرية الى حلب في حياة أبيه لترتيب أمورها واصلاح أحوالها.

قرأت في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان، تأليف ابن الزبير، قال بعد حكاية ذكرها: ومثل ما ذكرته من اختلال أحوال ذوي الجاه والمال ما حدثني به القاضي ابراهيم بن مسلّم الفويّ بمصر، وقد جرى مثل هذا الحديث، قال:

شاهدت خطير الملك، ولد الوزير اليازوري أبي محمد، وزير المستنصر بالله بمصر وكان من أعظم وزراء الدولة الفاطمية خطرا وأوفاهم قدرا، وولىّ ابنه خطير الملك المذكور قضاء القضاة بسائر أعمال الدولة، والمظالم، وناب عن والده في الوزارة، وسار الى حلب وغيرها من أعمال الشام لتمهيد أمورها، واصلاح أحوالها، وتقريرها.

وآلت به الحال بعد قتل أبيه الى الفقر المدقع، والحاجة الشديدة الى أن جلس للخياطة بالأجرة في بعض مساجد فوّة

(1)

.

قال ابن مسلم: فرأيته في بعض الأيام يطالب رجلا بأجرة خياطة خاطها له والرجل يدافعه ويماطله وهو يلجّ في الطلب، ولا يرخص له (252 - و) في الإنظار والمهلة، فلما ألح عليه قال: يا سيدنا اجشاء هذا المقدار اليسير من جملة ما ذهب منك في السّفرة الشامية، فقال: دع ذكر ما مضى.

(1)

بليدة على شاطئ النيل من نواحي مصر قرب رشيد. معجم البلدان.

ص: 4726

قال ابن مسلم: فسألته عما قصده الرجل، فلم يفصح عنه الى أن علمت من غيره أنه كان أنفق برسم مائدة في سفره ستة عشر ألف دينار، وأنه كان لا يمدّ سماطة في الطريق التي يعدم فيها الماء للشرب فضلا عن غيره إلاّ وعليه ما جرت عادة الرؤساء بتقديمه من الخضر والطعام في الحضر، وذلك أنه كان اتخذ حياضا من الخشب مملوءة من الطين، وزرع فيها من البقل ما يجنى منه الذي يحتاج برسم مائدته في كل يوم.

ص: 4727

‌الدال

‌الدميك النحوي:

الحلبي الشاعر، واسمه منصور بن المسلّم بن أبي الخرجين، وقد قدمنا ذكره.

‌الدنف الشاعر:

كنيته أبو عبد الله، تقدم ذكره في الكنى.

ص: 4728

‌الذال

‌ذو طليم:

شهد صفين واسمه حوشب تقدم ذكره.

ص: 4729

‌الراء

‌الراعي الشاعر:

واسمه عبيد بن حصيين، ولقب الراعي (252 - ظ) لكثرة وصفه الإبل في شعره، وقيل لوصفه الرعي في قصيدته اللامية التي أولها:

ألم يشقك بوادي العذبة الطلل.

وقدم حلب وذكر ذلك في شعره.

وقد قدمنا ذكره.

‌الرّقعمق:

شاعر ماجن يحكي أصوات الطيور والطبول، وغير ذلك في شعره، واسمه أحمد بن محمد أبو حامد الأنطاكي، وقيل فيه أبو الرقعمق أحمق وهو لقب، وقد ذكرناه.

ص: 4730

‌الزاي

‌الزاهي:

وقيل فيه الزاهر، اسمه محمد بن عمر، تقدم ذكره.

‌الزاهي:

غير الأول المعري-في غالب ظني-متأخر العصر، بلغني أنه انشد قول ابن المغربي.

قال الطبيب وقد تأمل علتي

هذا الفتى أودت به الصفراء

فعجبت منه وقد أصاب ومادرى

لفظا ومعنى والراد خطأ

فقال الزاهي في الحال الراهنة:

رثا طبيبي لسقامي ومن

اسقمني هجرانه مارثا

وقال هذا مرض معضل

وربما أشفقت أن يلبثا

وهذه الصفراء قتالة

فليته ذكّر ما أنثا

‌الزاهر المعري:

واسمه الحسين بن محمد، وقد ذكرناه وهو شاعر مجيد، ووقع الي أبيات من شعره بخطه كتبها الى بعض بني سليمان يعزيه بميت من أهله.

أرى كل حزن دون ما بي من الحزن

وما نال قلبي من مصاب أبي اليمن

هلال ثوى تحت التراب وغيبت

محاسن وجه كان مجتمع الحسن

فإن سر قلبي بعده بمسرة فلا

نظرت عيني ولا سمعت أذني

رمته الليالي بغتة بحمامه

على صغر منه وعن غفلة مني

فان لم أمت حزنا عليه وحسرة

فلا زال جسمي في ثياب من الحزن

ص: 4731

أبا اليمن ان اصبحت في الترب غائبا

فقد كان ودي أن تغيب في جفني

وإني على حزني عليك وحسرتي

أظن الردى والعلم يؤخذ بالظن

فصبرا عليه ياذويه فأنتم أولو

الحلم والأرباب والرجح الوزن

فما زال يمرى نحوكم رب حاجة

فيبلغ ما يرجوه من شاسع المدن

وكم نعمة اهد يتموها لطالب

وكم منة أسديتموها بلا من

وآل سليمان هم خير معشر

من الناس طرا لا أحاشي ولا أكني

متى أتاهم خائف فكأنما

يلوذ ويأوي من ذراهم الى حصن

فلا روعوا من بعده برزية

وعاشوا من الدهر المشتت في أمن

ص: 4732

‌السين

‌السابق بن أبي مهزول المعري:

شاعر أديب فاضل واسمه محمد بن (253 - و) الخضر، وقد قدمنا ذكره، وكان يكتب خطا حسنا، ووقع الي كراسه من شعره بخطه وكتب على ظاهرها من صهيل السابق.

‌سجادة الفقيه:

وكان قاضيا على المدائن، وقدم حلب مع المتوكل سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

أنبأنا أبو البركات الأمين عن عمه الحافظ أبي القاسم قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن محمد الخطابي الشاعر في أسماء من شخص مع المتوكل الى دمشق من الفقهاء سجادة.

وقال الحافظ أبو القاسم قرأت على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي تمام علي بن محمد عن أبي عمر بن حيوية قال: حدثنا محمد بن القاسم قال:

حدثنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت سجادة يقول: كنت قاضيا على المدائن فبعث إليّ المأمون بخادم له يوما نصف النهار، فقال: المأمون يأمرك أن تهدم دار فلان وتستخرج منها قبر سلمان، قال: فدعوت صاحب الدار فسألته عن الدار فقال:

داري توارثناها، قال: فكتبت الى المأمون: ان هذا حق في يد رجل لا يخرج إلاّ ببينة، قال: فلما كان بعد أيام اذا رسول المأمون قد جاء الى صاحب المعونة

(1)

يأمره يهدمها، فهدم الدار واستخرج منها قبرا فقالوا: هذا قبر سلمان

(2)

.

(1)

أي قائد الشرطة.

(2)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 145 - ظ. والمعني هنا الصحابي سلمان الفارسي.

ص: 4733

‌الشين

شكر الحافظ أحد الرحالين، سمع بالمصيصة وطرسوس يوسف بن (253 - ظ).

سعيد بن مسلم المصيصي، وأبا أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، واسم شكر محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان، وقد قدمنا ذكره.

‌الشهاب اليازكجي:

كان يصحب يا زكوج الناصري، فنسب اليه، وكان فقيها فاضلا مترسلا، يرجع الى أدب وفضيلة وكفاية في الأمور، قدم علينا حلب في أيام الملك الظاهر، فأحسن اليه ووصله، واجتمعت به في مجلس أبي عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر، وجالسته ولم أتحقق شيئا من مجالسته ومحاضرته، وكان قصيرا جدا، كافيا جلدا، وبلغني أنه كان وزر لحسام الدين أبي الهيجاء السمين، ومضى معه الى بغداد.

وكان هو المتحدث بينه وبين وزير بغداد، فضمن للوزير أشياء عن مخدومه، وضمن لمخدومه شيئا عن الوزير فأقام أبو الهيجاء أياما، فلم يظهر أثر لما قاله عن كل واحد منهما، فأرسل الى الديوان وقال: أين ما وعدتم به؟ فقالوا: وأين ما قررته على نفسك على لسان صاحبك، فأنكر أبو الهيجاء ذلك، فطلب الشهاب اليازكجي الى الوزير، وقيل له: أتنقل عنا مالم نقل؟ فقال: أنا أردت للخليفة مملوكا مثل أبي الهيجاء السمين، وأردت لأبي الهيجاء أستاذا مثل الخليفة، فان كان ما أعجبكم ذلك فافسخوا البيعة، وما جرى شيء، فأعجب الوزير ذلك منه، ودخلوا فيما أراد، وكان حسن التوصل، مطبوعا حلو النادرة، (254 - و) ونفق على الملك الظاهر، وكان يستحليه، ثم سافر من حلب الى الديار المصرية، ولم يزل بها الى أن مات في سنة سبع عشرة وستمائة.

ص: 4734

‌الغين

‌الغراب:

شاعر من أهل معرة النعمان، ولا نعرف له اسما.

أخبرنا القاضي أبو المعالي أحمد بن مدرك بن سعيد بن مدرك بن علي بن سليمان قال: كان لبعض أهل المعرة زوجة فغاب عنها الى مصر، ففسخ القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن سليمان نكاحها وزوجها رجلا يقال له الغراب من أهل المعرة، فكتب زوجها الاول إلى القاضي:

أعبد الله قاضي الشام جمعا

أعيذك أن ترى غير الصواب

وأن تقضي على أحد بما لم

يوافق في الشريعة والكتاب

خلفت عليّ اذ زوجت عرسي

بشيخ وهو يدعى بالغراب

فكتب القاضي أبو محمد اليه:

اذا فارقت عرسك عن ملال

ولم ترجع تحن الى اياب

ولم تترك لها فرضا مقيما

كما يهدى لربات الحجاب

رأيت بأن أبلغها مناها

لتأخذ من تريد من الشباب

فأفقس فخها لما صلته

تصيد به على ساق الغراب

ص: 4735

قال: فبلغ الغراب ذلك فقال:

كتابك جاء يخسف بالغراب

وينسبه الى غير الصواب

بليت بحيّة من عهد عاد

لها بين الجنادل والصلاب

لها من عمرها سبعون عاما

وعشرونا وعشر في الحساب

(254 - ظ)

اذا نفخت عليّ رأيت ريشي

لنفختها يطير مع السحاب

فقم ان كنت ذا حرص عليها

فخذها مع قماشي مع ثيابي

لئن أنجاني الرحمن منها

وفك يدي من أسر العذاب

فلا شيّدت في العمران وكرا

ولا عششت إلاّ في الخراب

ص: 4736

‌الفاء

‌الفاخر الحلبي:

شاعر من أهل حلب، واسمه سالم بن منصور، وقد ذكرناه في حرف السين فيمن اسمه سالم.

‌الفرخ:

شاعر من موالي بني أمية، اجتاز بدير حنينا، وهو دير في طرف بلد حلب بالقرب من الناعورة بين بالس والرصافة، وكتب على حائطه شعرا له.

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن عمه الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الحسين الرازي: أخبرني أبو علي الحسن بن القاسم بن دحيم ابن ابراهيم الدمشقي قال: حدثني محمد بن سعيد الربعي قال: لما أراد جعفر المتوكل الخروج من الشام الى العراق أحب أن يجعل طريقه على البرية لينظر الى آثار بني أمية ومصانعهم، وكان في طريقه دير يعرف بدير حنينا، فلما أزمع على ذلك اتصل خبره ببعض موالي بني أمية، فقال: والله لأنغصن عليه نزهته بأبيات أحبرها، ثم تقدمه الى الدير فجعل لصاحب الدير جعلا على أن يدعه يكتب في صدر الهيكل أبياتا، فأذن له فكتب:

أيا منزلا بالدير أصبح ثاويا

تلاعب فيه شمأل ودبور

(255 - و)

كأنك لم تقطنك بيض نواعم

ولم يتبختر في فنائك حور

وأبناء أملاك عباشم ساده

صغيرهم عند الأنام كبير

إذا نزعوا تيجانهم فضراغم

وإن لبسوا تيجانهم فبدور

على أنّهم يوم اللقاء قساور

ولكنهم يوم النّوال بحور

ولم يصبح الصهريج والناس حوله

عليه فساطيط لهم وخدور

ص: 4737

وحولك رايات لهم وعساكر

وخيل لها بعد الصهيل نخير

ليالي هشام بالرصافة قاطنا

وفيك ابنه يادير وهو أمير

اذ الملك غضّ والخلافة لدنة

وأنت خصيب والزمان طرير

وروضك مرتاض وينعك يانع

ودهر بني مروان فيك نضير

بمسلمة الميمون وهو الذي له

تكاد قلوب المشركين تطير

بلى فسقيت الغيث صوبا مباكرا

إليك به بعد الرواح بكور

تذكرت قومي فيكم فبكيتهم

وإنّ شجيّا بالبكاء لجدير

فعزّيت نفسي وهي نفسى لها إذا

جرى ذكر قومي أنّة وزفير

رويدك إنّ اليوم يعقبه غد

وإنّ صروف الدائرات تدور

لعل زمانا جار يوما عليهم

لهم بالذي تهوى النفوس يحور

(1)

فيفرح مرتاد ويأمن خائف

ويطلق من ذلّ الوثاق أسير

قال فلما قرأه المتوكل قال: والله ما كتب هذا إلاّ رجل من بني أمية (255 - ظ) يريد أن ينغص عليّ ما أنا فيه، فمن أتاني به فله ديته، فطلب فأتي به، وإذا هو رجل من بني أمية من أهل دمشق يعرف بالفرخ، فأمر المتوكل بقتله، وقال:«ذلك بما قدمت يداك» وما الله «بظلام للعبيد»

(2)

.

قال أبو الحسين: وزادني في هذه الحكاية بعض أهل العلم أن المتوكل لما قرأها بكى بكاء شديدا، وأمر بهدم الموضع فهدم الحائط

(3)

.

وقد ذكر أبو الحسين الشمشاطي أن قائل هذا الشعر رجل من ولد روح بن زنباع، ودير حنينا كان معاوية بن هشام بن عبد الملك قد نزله، واتخذه متنزها له يتصيد فيه، فخرج يوما يتصيد فمر به ثعلب، وهو بالناعورة فمضى خلفه،

(1)

الحور: الرجوع.

(2)

كذا بالاصل والآية «ذلك بما قدمت يداك وان الله ليس بظلام العبيد» سورة الحج الآية:10.

(3)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 145. ظ -146. و.

ص: 4738

فسقط به الفرس، فمات وقد ذكرنا القصة في ترجمة معاوية بن هشام بن عبد الملك.

‌الفرزدق الشاعر:

فدم.

واسمه همام بن غالب، وقد تقدم ذكره.

‌الفرقد المعري:

شاعر. (256 - و).

ص: 4739

‌القاف

‌قنزع الشاعر المعري:

شاعر من أهل المعرّة لم أظفر بشيء من شعره، وكان في حدود الاربعمائة، وكانت له امرأة شاعرة قد ذكرناها فيمن لا يعرف اسمها من النساء.

‌القنوع المعري:

شاعر مجيد، واسمه أحمد بن محمد، وقد ذكرناه.

ذكره أبو المظفّر إبراهيم بن أحمد بن الليث الآذري فقال: والقنوع الشاعر فلا أنساه، هذا شيخ عجيب الخلقة، جيد الكديه، سامي القمة، بديع العمّة، قصير الهمة، في عينيه خفش إذا باهى الشخص خاله شخصين وإذا لمح الواحد حسبه اثنين، قد رضي من الثواب باليسير، ومن النّوال بالقليل، لا بل رضي من دنياه بسد الجوع، ولبس المرقوع فلهذا تلقّب بالقنوع، ومن شعره المليح المطبوع قوله:

أرى الادلال داعية الدلال

فمالي قد جزعت لذاك مالي

نعم أشفقت من تلفي ولكن

أبى لي حسن صدّي أن أبالي

تصدّى للصّدود وكان قدما

على حال اتصال من وصالي

فقال سلوت متهما غرامي

ولست وإن سلاعنيّ بسال

نويت عتابة أنّى التقينا

ولكني بدا لي إذ بدا لي

نقلت هذا الفصل والأبيات من خط الحافظ أبي طاهر السّلفي، من رسالة كتب بها أبو المظفر الآذري إلى الكيا

(1)

أبي الفتح الحسن بن عبد الله بن صالح الأصبهاني، جواب عن رسالة كتبها إليه وسأله عن من لقي من الشعراء بمعرة النعمان (256 - ظ)

وقال أبو منصور الثعالبي: لقب بالقنوع لأنه قال: رضيت من الدنيا بكسرة وكسوة

(2)

.

(1)

الكيا: العظيم، الجليل، المبجل.

(2)

لعل الثعالبي قد ذكره في ذيل اليتيمة، حيث لا ذكر له في المطبوع من اليتيمة.

ص: 4740

‌الكاف

‌الكامل المعري:

الشاعر واسمه علي بن جلبات، قد تقدم ذكره.

‌الكامل بن المغربي:

هو أبو القاسم الحسين بن علي، وقد تقدم ذكره.

‌كشاجم:

هو أبو الفتح محمود بن الحسين، ولقّب كشاجم لأنه كان: كاتبا شاعرا منجما، وكان بحلب، وقد قدمنا ذكره.

‌الكمال الاسكندراني:

رجل فاضل اجتاز بحلب، ونفذ منها إلى ملطية، وله شعر أنشدنا عنه بعضه الشيخ عماد الدين عبد الله بن الحسن بن النحاس، قال لي: كان لي صديق يقال له الكمال الاسكندراني، ولم يعرف اسمه، وكان بملطية، فسألت عنه فدللت على منزله فجئته ودققت الباب عليه، وكنت إذ ذاك أسمع، ولم يحدث بي الصمم، فقال: من؟ قلت: صديق مشتاق، فقال: لعلك فلان؟ فقلت: أنا هو، فخرج إليّ وأدخلني منزله، فتحادثنا حديث الدنيا، فأنشدني ارتجالا لنفسه بملطية:

هذه الدنيا عيوب كلها

غير شيء واحد فيها مليح

كيف ما عبرتها قد عبرّت

حسن كان وإن كان قبيح

ص: 4741

‌الميم

‌الماهر الحلبي:

واسمه أحمد بن عبيد الله، وقد ذكرناه.

‌المتنبي الشاعر:

واسمه أحمد بن الحسين، وقد تقدم ذكره.

‌المجتبى الانطاكي:

كان حكيما وله تصانيف في الحكمة.

نقلت من خط مظفّر الفارقي، قال: نقلت من خط محمد بن اسحاق النديم في كتاب الفهرست: الأنطاكي ويلقب بالمجتنهي واسمه .... كذا، مات قريبا في سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وله من الكتب: كتاب البحث الكبير في الحساب الهندي، كتاب في الحساب على البحث بلا محو، كتاب تفسير الأرثماطيقا، كتاب استخراج التراجم، كتاب تفسير اقليدس، كتاب في المكعبات

(1)

.

(257 - و)

‌المجاهد:

لم يقع إلي اسمه، وكان رجلا صالحا من أولياء الله تعالى.

قال لي عميّ أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة: كان المجاهد عندنا بحلب، مقيما بالمدرسة الحلاوية، وكان من أولياء الله تعالى.

قال لي عمي: وكان الشريف الزاهد محمد العلوي له قبول عند بعض نساء

(1)

الفهرس للنديم-ط. طهران:342 وقد لحق النص المطبوع بعض التصحيفات.

ص: 4742

الأمراء بحصن كيبا

(1)

، فلما فارقها وقدم حلب دفعت إليه عنبريتا

(2)

وقالت:

خذ هذا معك وديعة، اذكرنا به إلى أن تعود، قال فأخذه، وكان معه فوضعه في المشهد الذي كان نازلا به، خارج باب العراق، المعروف بمشهد بدر الدولة:

قال: فسرقه بعض أصحابه.

قال: فحمل على قلبه من ذلك، وضاق صدره وقال لي الشريف: والله ما بي إلاّ أنهم يظنون بي ظن السوء، ولكن أخي المجاهد عندهم يخبرهم.

قال: وكان المجاهد إذ ذاك عندهم بحصن كيبا، قال عمي: فقال لهم المجاهد في ذلك الوقت: إن الوديعة التي لكم عند فلان قد سرقت في هذا اليوم.

‌المرصع المعري:

شاعر اسمه

(3)

تقدم ذكره.

‌المحترز الذفافي:

وقيل المخترز الشاعر، وهو لقب، واسمه عبد الله بن محمد، ويلقب أيضا الأحوص، وينسب إلى ذفافة بن عبد العزيز العبسي، وكان يصحب بعض بني صالح بن علي بحلب، وقد ذكرناه، وذكرنا شيئا من شعره.

وتزوج علوة الكراعة التي كان البحتري يشبب بها في شعره فهجاه البحتري.

‌المستهام الحلبي:

كنيته أبو الحسين، وقد تقدم ذكره. (257 - ظ)

‌المشتهي الحلبي:

شاعر مجيد، تقدم ذكره

‌المتع المعري:

اسمه أحمد بن خلف الشاعر، تقدم ذكره.

‌المعوج الانطاكي:

كنيته أبو بكر، تقدم ذكره في الكنى.

(1)

كذا بالاصل والمشهور «كيفا» .

(2)

لعل المقصود هنا وعاء للعنبر.

(3)

فراغ بالاصل.

ص: 4743

‌النون

‌النابغة الجعدي:

واسمه حبان، وقيل قيس، وقد تقدم ذكره.

‌الناشئ الصغير:

شاعر متكلم، واسمه علي بن عبد الله بن وصيف، وقد ذكرناه.

‌النامي المصيصي:

الشاعر، اسمه أحمد بن محمد، كان من شعراء سيف الدولة بحلب، وقد قدمنا ذكره.

‌النامي اليشكري العراقي:

واسمه محمد بن عيسى، كان من شعراء سعد الدولة أبي المعالي شريف بن سيف الدولة، وقد ذكرناه.

‌الناظر المعري:

شاعر من أهل المعرة، واسمه مهنا بن علوي، وقد تقدم ذكره.

ص: 4744

‌الواو

‌الواله:

شاعر متقدم العصر، لا يعرف اسمه، وكان من أهل الشام، وله أبيات في دير رمانين، من جبل سمعان من أعمال حلب، والقرية تعرف الآن في زمننا بتر مانين.

قرأت في كتاب الديرة تأليف أبي الحسن الشمشاطي قال: دير رمانين (258 - و) بين حلب وأنطاكية يشرف على بقعة سرمدا في أحسن موضع وأنزهه، وفيه يقول الواله:

ألف المقام بدير رمانينا

للروض إلفا والمدام خدينا

والكاس والابريق يعمل دهره

ويداه تجنى الورد والنسرينا

يغدو إذا الناقوس أيقظه على

عذراء أوطنت الدنان سنينا

بكر إذا ما الهمّ عاين كاسها

يوما رأى في ما يرى السكّينا

ومن العجائب مسكة

(1)

ترضى بأن

يختار قارا

(2)

في اللباس وطينا

ويطارح الطنبور طول حياته

حتى كأن عليه فيه يمينا

إن الذين غدوا بلبك غادروا

وشلا بعينك لا يزال معينا

هانت على طرباته عذاله

لما اشترى الدنيا وباع الدينا

(3)

عمر هو البلد الحرام فكم ترى

فيه الندى والتين والزينونا

‌الوامق المعري:

شاعر تقدم ذكره، والوامق لقب له.

(1)

المسكة: الاسورة والخلاخل من القرون والعاج، وصمغ مقو للقلب. القاموس.

(2)

مقرا. القاموس.

(3)

كتب ابن العديم في الهامش: استغفر الله تعالى.

ص: 4745

نقلت من خط الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي: وكان بمعرة النعمان شاعر يعرف بالوامق موصوف بالخلاعة والمجون، فكان ينظم أشعارا في حائك واسكاف وصانع ومن يجري مجراهم، ويستعمل ألفاظ تلك الصناعة ومعانيها في ذلك الشعر، فمما يروى له في غلام اسكاف قوله:

إنّ سّن بالهجران شفرته

ليقدّ قلبي قد مجتهد

فلأصبرن كصبر تختجه

متمسكا بمحلل العقد

‌الواواء الحلبي النحوي:

وهو أبو الفرج عبد القاهر بن عبيد الله الفراش، وكان نحويا شاعرا فاضلا، قرأ على الطلبطلي النحوي، وأبي عبد الله الأصبهاني صاحب أبي العلاء، وقد ذكرناه فيما تقدم.

‌الوصاف:

صاحب المخصرة

(1)

، شاعر كان بحلب في أيام سيف الدولة أبي الحسن علي ابن عبد الله بن حمدان، ودخل إليه بحلب وامتدحه مع الواصلي والصقري.

وقع إليّ جزء من تاريخ جمعة أبو اسحاق بن حبيب السقطي، صاحب كتاب الرديف (258 - ظ) فقرأت فيه في حوادث سنة ست وأربعين وثلاثمائة: وفيها كان قدوم المهلبي الوزير الى البصرة من الاهواز في يوم الأربعاء سلخ شهر ربيع الأول، فنزل بني يشكر، ثم دخل فيمن معه من الجيش، فنزل الأبلة، فمدحه بها المعروف بالوصّاف صاحب المخصرة:

قريب هوى الحسناء والوصل

شاسع ممنعة قربها البعد مانع

تقل البعير المستقل اذا مشى بها

ولها الانسان بالماء جارع

وحورية أودعتها القلب والحجى

وروحي فلم تردد عليّ الودائع

(1)

المخصرة: ما يتوكا عليه كالعصا ونحوه، وما يأخذه الملك يشير به اذا خاطب، والخطيب اذا خطب. القاموس.

ص: 4746

يقول فيها:

أنا الشاعر الوصّاف أولعت بالعلى

فمجدي محفوظ ومالي ضائع

ومخصرتي شمس النهار وبدرها

أضاء لكفي والنجوم الطوالع

رفعت بشعري الشعر يا بن محمد

وأنت وزير للوزارة رافع

لبحر عمان موج ماء اذا طما

وبحرك درموجه متدافع

أحليك مدحا لم تزل عنه غائبا

وقد يلبس السيف الحلى وهو قاطع

ص: 4747

‌ذكر من عرف بالنسبة الى القبائل

أو البلاد أو الآباء أو الى الصنائع

‌الألف

‌الانطاكي الشاعر:

هو أبو طالب الحسين بن علي الأنطاكي شاكر مجيد (259 - و) مكثر أورد له أبو الحسن علي بن محمد الشمشاطي في كتاب الأنوار شعرا كثيرا، ويطلقه منسوبا إلى أنطاكية ولا يسميه ولا يكنيه، وفي بعض المواضع يذكر اسمه ونسبه فمن ذلك ما قرأته في كتاب الأنوار قال: وللأنطاكي في الدواة وما فيها:

يسطو بخطّار كأن خاطري

مسلّط في جسمه فهو سلط

يكتن في زنجية كأنما

كيانها من النّظام منخرط

كأنما سوادها وحليها

تأليف ضدين شباب وشمط

كأنما مقطّعها مهندّ

محتبس في غمده لم ينض قط

كأنما سكينها صدغ على

خدّ مهاة بفتيت المسك لطّ

(1)

وقرأت في كتاب الأنوار قال: أنشدنا أبو القاسم العلوي قال: وأنشدني الأنطاكي من قصيدة يعني في رحى الماء

(2)

.

وللماء من حولنا ضجة

إذا الماء كافح تلك العروبا

جبال تؤلفها حكمة

فتمحو البحار بها لا السهوبا

يقابلنا في قميص الدجى

إذا الأفق أصبح منه سليبا

حيازيمها الدهر منصوبة

تعانق للماء وفدا غريبا

(1)

لم ترد هذه الأبيات في المطبوع من كتاب الأنوار.

(2)

في كتاب الأنوار:12/ 13: «وأنشدني للانطاكي من قصيدة» .

ص: 4748

عجبت لها شناحبات الخدود

لم يذهب الريّ عنها الشحوبا

إذا ما هممنا بغشيانها

ركبنا لها ولدا أو نسيبا

(259 - ظ)

يجاورها كل ساع يرى

وإن جد في السير منها قريبا

خليّ الفؤاد ولكنّه

يحن فيشجي الفؤاد الطروبا

(1)

‌الأنطاكي:

شاعر كان في عصر ابن خالويه، ومدحه بأبيات.

قرأت في كتاب أطرغش

(2)

، تأليف أبي عبد الله بن خالويه قال بعد أن ذكر أبيات ابن صدقة الهاشمي التي ذكرناها في ترجمته، ثم قال: وقال للأنطاكي

‌شرواه:

وما ماتوا وكيف يقول ماتوا

وفينا ابن المقدم خالويه

فان حققت موتهم فحقق

حصول علومهم في قبضيه

يريد بذلك الخليل وسيبويه وابن درستويه جاء ذلك في شعر الجفني

(3)

، وسنذكره إن شاء الله تعالى في ترجمته، وفي شعر ابن صدقة الهاشمي، وقد ذكرناه.

‌الأنطاكي المقرئ:

روى عنه أبو عبد الله محمد بن السرى.

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر-في كتابه-قال:

أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبي نصر بن عبد الله الحميدي قال: أنشدنا الرجل الصالح ابو مروان عبد الملك بن سليمان الخولاني رحمه الله بالأندلس قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن السري قال: أنشدنا الأنطاكي المقرئ للمناسكي:

(1)

كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار:2/ 13.

(2)

لم أستطع التعرف الى نسخة موجودة منه.

(3)

انظر ما يلي ص-4752 - .

ص: 4749

أصبحت قد شفّ قلبي خوف عليه مقيم (260 - و)

خوف تمكّن مني والقلب منيّ سقيم

لولا رجائي لوعد وعدته يا كريم

في سورة الحجر نصا لقابلتني الغموم

على لسان نبي قلبي لديه عليم

«نبيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم»

(1)

فقد وثقت بهذا والقلب مني كليم

من آية أذهلتني فيها وعيد جسيم

هي التي قلت فيها والقول منه حكيم

ألا «وإن عذابي هو العذاب الأليم»

(2)

فالقلب بين رجاء وبين خوف يعوم

‌الأنطاكي الحاسب:

رجل له تصانيف في الحساب، والهندسة، وأظنه والله أعلم هو المجتبى الأنطاكي.

قرأت بخط علي بن عبد الله بن بدر الهذباني قال: الأنطاكي الحاسب، وكان يعمل الأسطرلابات وغيرها، وله من الكتب البحث الكبير في حساب الهندي، كتاب في الحساب على البحث بلا نحو

(3)

تفسير الأرثماطيقا، استخراج التراجم تفسير اوقليدس.

‌الأوزاعي:

اسمه عبد الرحمن بن عمرو، وقد تقدم ذكره.

(1)

سورة الحجر-الآية:49.

(2)

سورة الحجر-الآية:50.

(3)

في الترجمة المتقدمة نقلا عن الفهرست للنديم «بلا محو» .

ص: 4750

‌الباء

(260 - ظ)

‌البالسي الضرير:

شاعر من أهل بالس، ذكر له ابن زولاق في سيرة أحمد بن طولون أبياتا قالها في أحمد بن طولون، حين حصر الموفق المعتمد على الله وحبسه، يخاطب أحمد بن طولون ويمدحه حين قام بنصرة المعتمد:

يا سمّي النبي لانسى الله

لك الذب عن حريم النبي

دولة الدين والخلافة عزّت

بك لا بالطريد عنها النفي

المزال اسمه على الرغم من كل مقام امرئ كريم سنيّ رام مالا ينال فلقد خاب وخاب اعتداده بالخصي

‌البحتري:

من ولد بحتر بن عتود الطائي المنبجي، واسمه الوليد بن عبيد، الشاعر أبو عبادة المشهور، وقد قدّمنا ذكره.

‌البيزوربي المغربي:

المقرئ الحمصي، من حمص الأندلس

(1)

، وكان مقرئا مجودا، عارفا بالنحو والأدب، وأقام بحلب مدة يقرئ الناس، وكان متهما في دينه وله شعر، واسمه عبد الله بن محمد أبو محمد، وقد قدمنا ذكره.

(1)

حمص الأندلس: اشبيلية. معجم البلدان.

ص: 4751

‌الجيم

‌الجفني:

شاعر كان في عصر ابن خالويه، ومدحه، فإني قرأت في كتاب أطرغش تأليف أبي عبد الله بن خالويه-وعليه خطه-قال ابن خالويه: وكتب إليّ الجفني يهجو ابن صدقة، لما قطعته بين يدي أبي المرجى رحمه الله.

كشرت له فأصبح مجلخّدا

(1)

لحرّ جبينه ولو جنتيه

(261 - و)

وأيّدك الإله عليه نصرا

بقدرته وأدحض حجتيه

وأشبهت الخليل وكان طبّا

وسرت على مذاهب سيبويه

وذكر بعدها أبياتا لابن صدقة الهاشمي، وبعدها للأنطاكي، وقد ذكرنا ذلك.

(1)

أي أصبح مستلقيا لا غناء عنده. القاموس.

ص: 4752

‌الحاء

‌الحاجري الحلبي:

وقع إليّ ببغداد مجموع فيه شعر منسوب إلى الحاجرى الحلبي، وذكره هكذا، ولم أسمع به ولا عرفته، والأبيات:

بحق الهوى يا سعد أسعد أخا

وجد ومل بي إلى ذاك الأبيرق من نجد

لأسأل عن قلبي فثم تركته

أسير غرام لا يعيد ولا يبدي

يميل إذا هبّت صبا حاجرية

ويهتز شوقا إن تأوه ذو وجد

ومل بي على رمل العقيق لعلني

على ربع من أهوى أسلم من بعد

فما أكثر الأسرى لديه بحبه

ولكنني المقتول من بينهم وحدي

‌الحلبي:

حكى عن سلاّم الأسود حكاية رواها عنه عمر بن عبد الله.

أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز الآزجي قال: حدّثنا أبو الحسن علي بن عبد الله ابن الحسن قال: حدّثنا عمر بن عبد الله قال: سمعت الحلبي يقول: نظر سلاّم الأسود الى رجل ينظر الى حدث فقال له: يا هذا (261 - ظ) أبق على جاهك عند الله عز وجل فإنك لا تزال ذا جاه ما دمت له معظما.

‌الحلبي الفقيه:

فقيه على مذهب العراقيين، كان في أيام البرامكة.

نقلت من كتاب في أخبار البرامكة تأليف أبي حفص عمرو بن الأزرق الكرماني، قال: ذكر احمد بن محمد أن الفضل بن يحيى بن خالد حدّثهم يوما عن يحيى بن

ص: 4753

أبي مريم المديني، وكان يخاصم رجلا يقال له الحلبي في الفقه، وكان ابن أبي مريم يقول بقول أهل المدينة، والحلبي يقول بقول أهل العراق، قال: فلما جاء ابن أبي مريم الى أبي علي فقال: جعلت فداءك خاصمت اليوم الحلبي بين الملأ وأفحمته، وذاك أني سألته عن قول الله جل وعز:«وقيل من راق»

(1)

، قال: إذا مات الانسان قالت الملائكة بعضها لبعض: أيكم يرقى بروحه، فيقول: هذا أنت، ويقول: هذا انت، قال: فقلت: هم والله أطوع من أن يتدافعوا أمره، والله ما يرضى أبو الوزير الكاتب أن يتدافع فيوج

(2)

الديوان بأمره فكيف يرضى الله بذلك من ملائكته، وإنما تفسير ذلك أنه إذا مرض الانسان «قيل من راق» يرقيه، فقال: قال أبو علي: فقد كان ينبغي لك أن تحتج بقوله تبارك وتعالى: «وظن أنه الفراق»

(3)

، فإن ذلك يدل على أنه حي بعد، قال: فقال له ابن أبي مريم: ولو كان لي هذا العقل كنت يحيى بن خالد. (262 - و)

‌الحلبي المتكلم:

إن لم يكن الفقيه المتقدم، فهو غيره، وهو من أصحاب حسين النّجار.

وإيّاه عنى أبو أحمد يحيى بن علي النديم بقوله في شهادة شهدها الحلبي على أبي سهل بن نوبخت:

وفي الحلبي كل نحس وشنعه

ونعم أخو الأخوان عند الحقائق

على أنّه ممن يجوّر ربّه

وينحله مذموم فعل الخلائق

وما يأمن الجيران منه شهادة

عليهم بعظمى ليس فيها بصادق

وينشدك الشعر الغثيث لنفسه

فيحلف عنه أنه غير سارق

وما ضرني لو أنّه لي موافق

ولا ضرني أن كان غير موافق

وذلك أنه شهد على أبي سهل اسماعيل بن نوبخت أنه يتعرض بحرم المسلمين ويدخلهن إلى منزله، وحمله على ذلك رجل يعرف بابن أبي عوف، وكان الحلبي صديقا لأبي سهل، وكان أبو سهل يفضل عليه ولكنه استشهد.

(1)

سورة القيامة-الآية:27.

(2)

الرسل حملة البريد.

(3)

سورة القيامة-الآية:28.

ص: 4754

هكذا ذكر عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر في ذيل تاريخ أبيه.

‌الحلبي:

غير مسمى ولا مكنى، ذكر له أبو الحسن الشمشاطي أشعارا كثيرة في كتاب الأنوار، ولم يذكر اسمه، ولا اسم أبيه فمن ذلك قوله:

ما الدار في حلب بدار ثواء

هذا الشتاء بها كألف شتاء

ألقى عليها الزمهرير ملاءة

نسجت من الأرواح والأنداء

خفت بها ظلم الغيوم وأصبحت

ونهارها كالليلة الليلاء

(262 - ظ)

كم قطرة في إثر أخرى خلتها

بحرا أمامي زاخرا وورائي

ما كنت من سمك البحار أظنني

حتى سكنت مدينة من ماء

ومما اورده له في كتاب الانوار:

أرى خطرات ما تزال كأنّها

صدور القنابين الجوانح تخطر

وعينا تصوم الدهر من لذة الكرى

فإن أفطرت ظلت على الدمع تفطر

أقلّب طرفا للنجوم مسامرا

ونجم الدجى وسط السماء مسمّر

وأورد له أيضا:

قضيب متى تضممه تضم بضمه

قضيب نسيم في قميص نعيم

تألف من ضدين ضدين رانيا

بعين صحيح في جفون سقيم

له ليل شعر في صباح جبينه

ونيران خد في مياه أديم

وخصر حكى عرض البخيل نحافة

وردف حكى في النيل عرض كريم

ونقلت من الجزء الاول من كتاب الأنوار للشمشاطي، وأظنه بخطه قال:

وللحلبي:

ص: 4755

وفي الأخوان للأخوان عز وما

تغنى السهام بلا قسمي

ومثلك من أطاعته المعالي

وأدته الى الشرف العلّي

لأنك للوفاء أخ وخل

إذا عزى الوفاء إلى الوفي

متى يهززك ذو شرف يصادف

مضاءك من مضاء المشرفي

وانك للسوي الودّ إمّا

تشوه ودّ ذي الودّ السوي

سبيلي في هواك سبيل قصد

يوديه إلى الود النقي

فشق مني بودّ أخ ودود

توقى الود إلاّ من تقي

وقال الشمشاطي في كتاب الانوار وله يرثي أبا تمام:

سألتكما ان تعقبا سقمي سقما

وان تتركا قلبي على دمه يدمي

(263 - و)

دعاني وفكرا لو بثثت شجونه

على ردم يأجوج هتكت به الردما

فما الميت أبكي بل حجى ومروءة

وعلما أرى فيه المذلة واليتما

فيا لحبيب دعوة لو تغرغرت

بمسمع آجال إذا لغدت صمّا

تشتت رأي كنت في عينه قذى

وفي أذنه وقرا وفي فمه سما

وما كنت دون الناس أشرف منصبا

وفرعا ولكن كنت أشرفهم علما

(1)

قلت: ان كثيرا من الناس يقولون ان الحلبي الذي ذكره الشمشاطي وأورد شعره في كتاب الأنوار هو أبو بكر الصنوبري، وليس الأمر كذلك لأنه أورد له هذه الأبيات التي رثى بها الحلبي أبا تمام حبيب بن أوس، والصنوبري لم يدرك أبا تمام الطائي، لأن أبا تمام توفي سنة احدى-أو اثنتين-ومائتين ولم يكن الصنوبري ولد بل يحتمل أن يكون هذا الحلبي هو عمران الحلبي الذي نذكره بعد هذا.

وتروى هذه المرثية لديك الجن في أبي تمام.

‌الحلبي:

شاعر كان في عصر البحتري، واسمه عمران، وقيل محمد بن عمران وهو الذي يقول فيه البحتري:

(1)

في كتاب الانوار مجموعة مختارة من شعر الحلبي ليس بينها أيا مما أورده أبن العديم هنا.

ص: 4756

سل الحلبي عن حلب

وعن إغبابه حلبا

(1)

ولخالد الكاتب فيه أهاج كثيرة، وقد ذكرناه في حرف العين.

‌الحلبي:

شيخ شاعر، غلب على عقله، ان لم يكن عمران الحلبي، فهو غيره، روى عنه أبو بكر محمد بن أبي الأزهر.

قرأت بخط أبي القاسم عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي: أخبرنا أبو بكر (263 - ظ) أحمد بن ابراهيم بن الحسن بن شاذان-قراءة عليه وأنا اسمع.

وأنبأنا مكرم بن محمد بن حمزة بن أبي الصقر قال: أخبرنا أبو القاسم الخضر -ويسمى-الحسين بن علي بن الخضر بن أبي هشام قال: أخبرنا أبو البركات أحمد بن عبد الله بن طاوس قال: أخبرنا أبو القاسم علي التنوخي قال: أخبرنا أبو بكر بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي الأزهر-قراءة عليه-قال:

وكنت يوما عند ابراهيم بن رومي كاتب أحمد بن محمد الطائي، وعنده شيخ يعرف بالحلبي، وكان أديبا شاعرا، فغلب على عقله، اذ دخل علينا البكثري ومعه أخوه، قد تولى في ذلك الوقت نهر بوق والزيبين

(2)

، فلم يستقر بهما المجلس حتى التفت الحلبي الى البكثري فضحك، ثم نظر الى أخيه وتفرس في أذنه، وكانت كأنها كنف قد ملئ شعرا، فقال غير محتشم لأحد:

بالله يا بكثري قل لي

مقالة الصادق الصدوق

أشعر أذني أخيك ازكى

عندك أم زرع نهر بوق

فخجلا وأقبل ابن رومي يغتاظ ولا يتهيأ له التعرض لما يكره، فنظر اليه الحلبي على تلك الحال فقال، وكان ابن رومي ألثغ فقال:

إن كنت أنكرت

قولي يا ألثغ الكتاب

فجئ بأذن شبيه

لمثله في الكلاب

(1)

انظر ديوان البحتري:2/ 140 - 141.

(2)

من طسوج بغداد في أحوازها.

ص: 4757

حتى تقول بأني

أخطأت فيه صوابي

فوثب البكثري لينصرف فأسر اليه ابن رومي شيئا كأنه أقام به العذر عنده، ثم أقبل على الحلبي فعذله ووثب فوثبنا لوثبته فقال الحلبي:

ان كنت قمت لأن أقوم فبا

ب دارك لي مناص (264 - و)

لي أن أردت مخلص

منكم وما لكم خلاص

لأجرحنك يا بن رومي

بما فيه القماص

(1)

فلقد رأيت ابن رومي يضحك اليه ويمسح أعطافه وما يثنيه عن الباب شيء، حتى خرج وخرجت أنا بخروجه، فبصر بي الحلبي خارجا عن الدار فوقع لي عنده ذاك أحسن موقع فأنشأ يقول:

إنّ فضل الأديب ان حصّل

الخلى على غيره لفضل مبين

لم يطق حمل ما سمعت أبا بكر

فبادرت والفؤاد ضمين

لا تفكر في كان وارم بها الع

رض وفكر إن شئت فيما يكون

وقال: والله لأهجونه، والله لأهجونه، وكرهت أن أزيد في المعنى، وانصرف على الجملة، فكان اذا رآني والصبيان يعبثون به يقصدني فتهمني نفسي فيقول:

سبحان الله حقك الحق الواجب، حقك الحق الواجب، فأتفادى منه، وانصرف.

(1)

أي حتى أذلك بعد عزك. القاموس.

ص: 4758

‌الخاء

‌الخالديان الموصليان:

وهما: أبو بكر محمد، وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم بن وعلة بن عرام بن يزيد بن عبد الله بن يثربي بن عبد السلام بن خالد العبدي، قيل نسبا الى جدهما الأعلى خالد العبدي، وقيل الى قرية من قرى الموصل يقال لها الخالدية، ويحتمل الأمران جميعا، قدما حلب وافدين على الأمير سيف الدولة (264 - ظ) ابن حمدان وكانا يجتمعان معا على نظم الشعر، وانشاده وعلى التصنيف، وقد ذكرنا هما فيما تقدم.

ص: 4759

‌الدال

‌الديلمى العابد:

كان شيخا زاهدا غزا بلاد الروم، واجتاز بحلب أو ببعض عملها. حكى عنه الوليد بن مسلم.

وهو أبو الحسن الديلمي.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا القاضي أبو المكارم أحمد بن محمد بن عبد الله اللبان قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا عمر بن الحسن الحلبي قال: حدثنا محمد بن المبارك الصوري قال: سمعت الوليد بن مسلم يقول: غزا المسلمون غزاة فيهم الديلمي فأسروه الروم فصلبوه على الدقل، فلما رآه المسلمون مصلوبا حملوا على الروم فأخذوا المركب الذي فيه الشيخ، فأنزلوه من الدقل، فقال لهم: أعطوني ماء أصب عليّ، فقالوا:

لم تصب عليك؟ قال: إنّي جنب لأنهم لما صلبوني تجلت لي نعسة فرأيت نفسي كأني على نهر فيه وصائف فمددت يدي الى واحدة منهن فافترعتها، فأصابتني جنابة

(1)

.

(1)

حلية الاولياء لابي نعيم:10/ 153.

ص: 4760

‌الراء

‌الرفيشي:

الأديب الأنطاكي

(1)

(265 - و).

‌الزاي

‌الزهري:

هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، قد تقدم ذكره.

(1)

كذا بالاصل.

ص: 4761

‌السين

‌السوسنجردي سنجردي المقرئ:

كان مقيما بطرسوس مرابطا، حكى عن ابن أبي قباس. قرأ عليه أبو حفص عمر بن أحمد البروجردي، وحكى عنه، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة ابن أبي قباس.

‌الشين

‌الشامي المقرئ:

شاعر ذكره العماد أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب في خريده القصر، من شعراء حلب، وقال: أنشدت له بيتا واحدا من شعر له في مسلم بن قريش في عصره، وهو على حصار حران وهو:

بقية صفين والنهروان

فدونك ما سنّ فيهم علي

(1)

أنبأنا بذلك أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج قال: أخبرنا المعاد الكاتب.

‌الشباميون:

من بني شبام، شهدوا صفين مع علي رضي الله عنه.

قرأت بخط أبي علي البرداني قال: والمشارق بطن من همدان، وهم أخوة شبام الذين قتل منهم في يوم صفين ثمانمائة، فلما رجع علي رضي الله عنه الى الكوفة سمع النوح عليهم فقال:

(1)

خريده القصر-قسم الشام:2/ 164، وقد تصحف الاسم فغدا «المفدى» وكانت حران قد ثارت ضد مسلم بن قريش، انظر حول هذه الثورة ولونها المذهبي كتابي امارة حلب:169 - 170.

ص: 4762

مررت على شبام فلم تجبني

وعز عليّ ما لقيت شبام

(1)

(265 - ظ)

‌الشغواني المنبجي:

الشاعر، شاعر من أهل منبج، صحب أبا عبادة البحتري، وروى عنه شعره وجمعه، روى عنه ابن العصب محمد بن عثمان المنبجي المؤدب النحوي.

‌الشيباني:

شاعر كان بمعرة النعمان.

قرأت في مراثي بني المهذب المعريين له أبياتا يرثي بها أبا صالح محمد بن المهذب، وتوفي بالمعرة في رجب من سنة خمس وستين وأربعمائة، وذكره هكذا منسوبا الى شيبان، ولم يذكر اسمه ولا نسبه وقال: وقال الشيباني رحمه الله يرثيه:

همّ يروح به الفؤاد ويغتدي

ومدامع نطقت بحزن مكمد

ورزية فجع الأنام بكونها

فغدا اللبيب لها بعظم تبلّد

حزنا على الشيخ الجليل سما العلى

نجل المهذب ذي الفخار محمد

كنا نعوذ به ونسأل كفه

فينالنا من فيضها السح الندي

يا قوم قيل قضى الزمان بفقده

لا كنت من يوم عبوس انكد

شردت طيب النوم عن أجفاننا

بعد الهجوع لذة في المرقد

لهفي على الشيخ الجليل وقد ثوى

بعد الجلالة في ضريح الفدفد

مستبدلا للترب بعد وسائد

ومن الحشايا صم ذاك الجلمد

أما المعرة فهي بعد وفاته

وفراقه في يوم حزن أسود

وكذا الذين بها هنالك أصبحوا

من سيد فيها وغير مسود

(266 - و)

(1)

سقط هذا البيت من ديوان الامام علي المطبوع.

ص: 4763

منها:

قد قلت لما أن رأيت سريره فوق

الأكف ودمع عيني منجدي

يا حامل النعش الذي من فوقه

بحران من علم ونيل العسجد

يا حامل النعش الذي من تحته

ملاك ذي العرش الكريم الامجد

مهلا به فلقد حملت ممجدا

يهدي الى الخيرات من لم يهتدي

ما كان إلاّ رحمة في أرضنا

من ذي الجلال بها نروح ونغتدي

فاليوم قد فقد العزاء لفقده

شق القلوب مع الجيوب وعدّد

ص: 4764

‌الصاد

‌الصّفري:

جماعة يقال لهم بنو الصفري من موالي صالح بن علي بن عبد الله بن العباس، وعليهم وقف بحلب، وأظن جدهم كان يخدمه في استعمال آلات الصفر مثل الطشت والابريق وغير ذلك، والحلبيون يسمون هؤلاء الطشتية، ويزعمون أن جدهم حمل رأس الحسين عليه السلام في طست، فوقف الأعداء عليه وقفا، وهذا لا أصل له، بل هذه الوقوف كلها على موالي صالح بن علي، ولم يكن في زمن الحسين.

فمن الصفريين:

عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله، أبو العباس الصفري وقد ذكرناه.

ومنهم: عبد الله بن اسحاق الصفري الحلبي، روى عنه أبو القاسم الطبراني، وقد ذكرناه أيضا (266 - ظ).

‌الصنوبري:

واسمه أحمد بن محمد، وقد ذكرناه، وذكرنا أن جده كان فيه حدة وذكاء، فقيل له: إنك لصنوبري الشكل فعرف بذلك.

ص: 4765

‌الضاد

‌الضّبعي:

كان في جملة ابن الفرات، وقلده المظالم بحلب له ذكر.

ص: 4766

‌الطاء

‌الطرسوسي النجراني الشاعر:

وقفت على شيء من شعره في أمالي أبي عبد الله بن خالويه بخط علي بن ثروان الكندي، ذكر أنه نقله من خط ابن خالويه، قال في أثناء كلام جرى بينه وبين المتنبي في مجلس سيف الدولة بن حمدان: وهذا الطرسوسي النجراني يقول فيك يوم أرجف بقتلك:

يا دراس النفاق والكفر والتعطيل مذ باد أحمد المتنبي

تارة ينتمي الى هاشم الجود وطورا ينمى لصخر وحرب

ومتى ما صحبت تصحب كلبا خسّ والله أن يقاس بكلب

لم تكن طاهر الولادة أصليا وفرع الدفلي عن الأصل ينبي

إن يكن كان يعرف الشعر طبعا فهو لم يعرف اعترافا برب

لا يشل الإله كف فتى أهوت الى كافر بجزر وعضب

حسبه النار والمقامع يصلاها بما كان فيه والله حسبي

ص: 4767

‌العين

(267 - و)

‌العماني الشاعر:

الراجز النهشلي، من بني نهشل بن دارم من بني فقيم، واسمه محمد بن ذؤيب، وقد ذكرناه في موضعه من المحمدين، وعرف بالعماني ولم يكن عمانيا، وإنما غلب عليه العماني لأن دكينا نظر إليه وهو يسقي الإبل ويرتجز فرآه مصفرا ضريرا، فقال: من هذا العماني لصفرة وجهه، فلزمه ذلك.

قرأت في مجموع وقع إليّ قيل إنه بخط أبي علي الحسن بن ابراهيم الآمدي صاحب الوزير أبي الفضل بن الفرات ذكر فيه أخبارا قال في أولها: اختيار من كتاب أجزاء بخط اليزيدي ترجمتها أخبار أبي الأسود النوشجاني، يعني الخليل بن أسد، قال النوشجاني: حدثني العمري قال: حدثني فراس بن محمد بن عطاء الشامي قال: أدخل عبد الملك بن صالح بن علي على هرون-وهو بمنبج- العماني الشاعر الراجز فأنشأ يقول:

يا ناعش الجد إذا الجد عثر

وجابر العظم إذا العظم انكسر

أنت ربيعي والربيع ينتظر

وخير أنواء الربيع ما بكر

فقال هرون: لا جرم والله لنبكرن عليك ولأعجلن ذلك، فأمر له بأربعة آلاف دينار وخمسين ثوبا فقال: وأنشده:

هارون يا بن الأكرمين حسبا

لما ترحلت فكنت كثبا

من أرض بغداد تأم المغربا

طابت لنا ريح الجنوب والصّبا

(267 - ظ)

ص: 4768

ونزل الغيث لنا حتى ربا

ما كان من نشر وما تصوّبا

فمرحبا ومرحبا ومرحبا

فقال هرون: وبك أهلا.

‌العمري:

هو حفص بن عمر.

‌العبسي:

صاحب اسحاق بن ابراهيم الموصلي، قدم حلب مع اسحاق في صحبة المأمون، حين قدمها ونفذ منها الى دمشق.

وحكى عن المأمون.

أنبأنا أبو محمد وأبو العباس ابنا عبد الله، وأبو البركات سعيد بن هاشم الأسديون قالوا: كتب الينا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميدان قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد ابن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: وذكروا عن العبسي صاحب اسحاق بن ابراهيم قال: كنت مع المأمون بدمشق، وكان قد قلّ المال عنده حتى ضاق وشكا ذلك الى أبي اسحاق المعتصم، فقيل له: يا أمير المؤمنين كأنك بالمال قد وافاك بعد جمعه.

قال: وكان حمل اليه ثلاثون ألف ألف من خراج ما كان يتولاه، قال:

فلما ورد عليه ذلك المال قال المأمون ليحيى بن أكثم: اخرج بنا ننظر الى هذا المال.

قال: فخرجا حتى أصحرا، ووقفا ينتظرانه، وكان قد هيء بأحسن هيئة وحليت أبا عره، وألبست الأحلاس الموشاة، والجلال المصبّغة (268 - و) وقلدت العهن وجعلت البدر بالحرير الصيني الأحمر والأخضر والأصفر، وأبديت رؤوسها.

ص: 4769

قال: فنظر المأمون الى شيء حسن فاستكثر ذلك، وعظم في عينه واستشرفه الناس ينظرون اليه ويتعجبون منه، فقال المأمون ليحيى بن أكثم: يا أبا محمد ينصرف أصحابنا هؤلاء الذين تراهم الساعة خائبين الى منازلهم، وننصرف بهذه الأموال قد ملكناها دونهم، إنّا إذا للئام.

ثم دعا محمد بن يزداد فقال: وقّع لآل فلان بألف ألف، ورجله في الركاب، ولآل فلان بمثلها ولآل فلان بمثلها، قال: فو الله إن زال كذلك حتى فرق أربعة وعشرين ألف ألف ورجله في الركاب، ثم قال: ادفع الباقي الى المعلى لعطاء جندنا.

قال العبسي: فخرجت حتى قمت نصب عينه، فلم أرد طرفي عنه يلحظني إلاّ رآني بتلك الحال، فقال: يا أبا محمد وقع لهذا بخمسين ألف درهم من الستة آلاف ألف، لا يخلسن ناظري، فلم يأت على ليلتان حتى أخذت المال

(1)

(1)

تاريخ دمشق لابن عساكر:19/ 147 - ظ.

ص: 4770

‌الفاء

‌الفصيصي الحلبي:

وهو من بني الفصيص التنوخيين، الذين كانوا بحلب.

وجدت ذكره هكذا في تاريخ المختار عزّ الملك أبي عبد الله المسبحي في حوادث سنة إحدى عشرة سنة وأربعمائة، وقد ذكر الشعراء الذين (268 - ظ) كتبوا اليه ومدحوه وعدّ جماعة منهم وقال: ومنهم المعروف بالفصيصي الحلبي، من أهل حلب، وهذا رجل أديب مفنن، وكان قد وصل الى مصر لأجل ما جرى بينه وبين عزيز

(1)

الدولة وشكواه لأمير المؤمنين الحاكم بأمر الله سلام الله عليه، فكتب إليّ:

الى المختار أشكو ما ألاقي

من المطل لقرمط والنفاق

لأنّ الحاكم المولى إمامي

حباني منه بالنّعم الوثاق

وقال لمعشر الكتاب مشوا

أمور العبد حبا لانطلاقي

فما فعلوا ومشوني طويلا

الى أن صحت من ألم بساقي

وأظهر بعضهم حسدا وشرا

يدلّ على التهاب واحتراق

فلو أني استحل لما استحلوا

(2)

سبقت بكشفهم سبق العتاق

ولكني رجعت الى أصول تنزه

عن قبيح واختلاق

(1)

عزيز الدولة فاتك ولته الخلافة الفاطمية الحكم في حلب سنة 407 هـ /1017 م وقد اغتيل عام 413 هـ /1022 م. انظر كتابي امارة حلب:51 - 55.

(2)

كتب المصنف بالهامش: «أحلل ما أحلوا» أحسن.

ص: 4771

فذكّر حضرة تشفي غليلي

وتسعدني وتطلق من رباقي

ويغنيني بحسن الرأي منها

عن القوم الذين نووا شقاقي

فمالي غير خير الخلق جمعا

أمير المؤمنين لدى اعتياقي

يزيل صعوبة الأوقات عني

بالفضال على الأيام باق

سلام الله في شرق وغرب

عليه ورحمة ذات اتساق

ص: 4772

‌القاف

‌القشيري المغربي:

رجل فاضل أديب عارف بالحساب من أهل المغرب، قدم حلب، ونزل بها بالمدرسة النورية الحلاوية، وكان يلقب تقي الدين.

أنشدني ضياء الدين أبو بكر بن الجبلي الحلبي قال: أنشدني التقي القشيري الحاسب المغربي بحلب لبعض المغاربة يصف نهرا:

ومهدّل الشطين تحسب أنه

متسيل من فضة لصفائه

فاءت عليه مع الظهيره سرحة

صديت لفيئتها صفيحة مائه

فتراه أسمر في غلالة أزرق

كالدارع استلقى لظل لوائه

‌الكاف

‌الكمدي:

منسوب الى جدّه كمد واسمه يحيى بن ..

(1)

بن كمد الحراني، وقد سبق ذكره فيما تقدّم.

(1)

كذا بالاصل.

ص: 4773

‌الميم

‌المصيصي:

شاعر من أهل المصيصة إن لم يكن العباس بن الوليد، فهو غيره، أورد له أبو الحسن الشمشاطي في كتاب الأنوار هذين البيتين:

تقول وعانقتني يوم بين

وما أن عانقت غير السّقام

أجسمك ذا خيال زار جسمي

فقلت نعم ووصلت كالمنام

(1)

‌المصيصي:

وأظنه العباس بن الوليد.

قرأت بخط جعفر بن شمس الخلافة له في قصير:

تقطع دواجا

(2)

سابغا

وريقة من ورق التوث

اني أراه في حشا أمه

صور من نطفه برغوث

‌المعتصمي:

شاعر متقدم العصر ذكر الشمساطي في كتاب الديرة في ذكر دير القائم الأقصى، وهو غربي الفرات على طريق الرقة، من أعمال حلب، أن المعتصمي نزله.

روى عنه الايمني.

قال الشمشاطي في كتاب الديرة: أنشدني الداري قال: أنشدني الأيمني قال:

أنشدني المعتصمي في دير القائم الأقصى.

(1)

ليسا في المطبوع من كتاب الانوار.

(2)

الدواج اللحاف الذي يلبس. القاموس.

ص: 4774

قال: ونزلته فرأيت فيه (269 - ظ) راهبا أمرد لم تر عيني قط أحسن منه وجها وقدّا، فسألته أن يجلس لأشرب على وجهه، فجعل يسقيني ليلتي، فلما قارب طلوع الفجر نهض الى صلاته، فسمعته يقرأ مزاميره بصوت ما رأيت قط أشجى ولا أطيب منه، فعلق قلبي به وتهيأ مسيره في غد فقلت:

رأيت البدر مجلوا بدير القائم الأقصى

له عينان لحظهما مطاع الأمر ما يعصى

على غصن يميل به رطب قد علاد عصا

وأفئدة الورى وخدا تسير اليه أو نصّا

ولم أر مثله بكمال لطف الحسن قد خصا

فرصّ الحب في قلبي ملاحة لحظه رصا

شربت بكفه بكرا كأن بكاسها خصا

الى أن خلت أن الفجر في جنح الدجى لصا

فقام ينص مزمارا بألحان له نصا

كأن بقلبي الولهان من تذكاره حرصا

قال: فانصرف، وفي قلبي من حبه النار.

‌المغازلي:

روى بحلب عن المزني صاحب الامام الشافعي. روى عنه منصور الهروي، وقد ذكرنا عنه حكاية رواها عن (270 - و) المزني عن الشافعي في ترجمة منصور ابن عبد الله الهروي، وأظن أن المغازلي هذا هو أبو بكر النيسابوري، والله أعلم.

ص: 4775

‌الملطي:

من أهل ملطية، له كلام حسن.

قرأت في كتاب الجواهر تأليف اسحاق بن ابراهيم الموصلي قال: وقال الملطي:

إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تعلم حسن القول فإن غلبت على حسن القول فلا تغلبن على حسن الصمت (270 - ظ).

ص: 4776