الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
(1)
احمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن يزيد بن المنادي، أبو الحسين البغدادي
حدث عن جده محمد، وأبي داود سليمان بن الأشعث وزكريا بن يحيى المروزي، وأبي البختري عبد الله بن محمد بن شاكر، والعباس بن محمد الدوري، ومحمد ابن أبي موسى الزرقي، وحامد بن محمد بن شعيب البلخي، وأبي العباس عيسى بن محمد بن عيسى المروزي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وكثيّر بن شهاب القزويني، وأبي بكر عمر بن ابراهيم، والحسن بن المتوكل، والحسن بن العباس الرازي، والعباس بن الفضل بن رشيد الطبرستاني، وأبي الاحوص محمد بن الهيثم، وأبي بكر أحمد ابن أبي العوام الرياحي، وابراهيم بن عمر بن دنوقا، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبي يوسف القلوسي، وعيسى بن جعفر الوراق، ومحمد بن اسحاق الصغاني، وأبي سليمان عبد الله بن جرير الجواليقي، وعبد العزيز بن محمد بن دينار، وهرون بن علي بن الحكم المزوق، وعلي بن داود، والقاسم بن زكريا، وسعدان بن نصر، وغيرهم.
روى عنه أبو الحسن بن الصلت، وأبو عمر بن حيوية، ومحمد بن فارس الغوري، وأبو
…
وقدم طرسوس، ثم عاد منها إلى بغداد سنة سبع وثلاثمائة،
(1)
-بداية المجلدة الاولى من الثمانية مجلدات المحفوظة في مكتبة أحمد الثالث بطوب قبي سراي-استانبول، ويرجح أنها ليست مجلدة التراجم الاولى بل سبقت بأجزاء ربما بلغ حجمها مجلدة.
وله مصنفات كثيرة وقفت منها على كتاب الحافظ لمعارف حركات الشمس والقمر والنجوم واوصاف الافلاك والاقاليم وأسماء بلدانها
(1)
، وعلى كتاب في الملاحم وسمه بكتاب ملاحم عابري الايام المقتص على محمد بن أبي العوام، وعلى كتاب له في الوفيات، وكتاب في خط المصحف، وعلى كتاب وازع المتنازعين في معنى كلا عن التهاتر لما من غوامضها جلا، ومن مصنفاته كتاب أفواج القراء. (2 - و).
أخيرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد بن منصور بن قبيس قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن جعفر ابن محمد بن عبيد الله بن يزيد أبو الحسين المعروف بابن المنادي، سمع جده محمد بن عبيد الله، ومحمد بن اسحاق الصغاني، والعباس بن محمد الدوري، وزكريا بن يحيى المروزي، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبا البختري عبد الله بن محمد بن شاكر العنبري، وأبا داود السجستاني، وعيسى بن جعفر الوراق، وأبا يوسف القلوسي، وخلقا كثيرا نحوهم وكان ثقة أمينا ثبتا، صدوقا، ورعا حجة فيما يرويه، محصلا لما يحكيه، صنف كتبا كثيرة، وجمع علوما جمة، ولم يسمع الناس من مصنفاته إلا أقلها.
وروى عنه المتقدمون كأبي (2 - ظ) عمر بن حيوية ونحوه، وآخر من حدث عنه محمد بن فارس الغوري.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزار قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: حدثني أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن علي الصيرفي قال: كان أبو الحسين بن المنادي صلب الدين خشنا شرس الأخلاق، فلذلك لم تنتشر الرواية عنه
قال: وقال لي أبو الحسن بن الصلت: كنا نمضي مع ابن قاج الوراق الى ابن
(1)
-من أشهر كتب الجغرافية وعلم الهيئة هو الان بحكم المفقود، كما أن بقية كتبه على أهميتها هي جميعا بحكم المفقود.
المنادي لنسمع منه، فاذا وقفنا ببابه خرجت الينا جارية له وقالت: كم أنتم؟ فنخبرها بعددنا، ويؤذن لنا في الدخول، ويحدثنا، فحضر معنا مرة انسان علوي وغلام له، فلما استأذنا قالت الجارية: كم أنتم؟ فقلنا نحن ثلاثة عشر، وما كنا حسبنا العلوي ولا غلامه في العدد، فدخلنا عليه، فلما رآنا خمسة عشر نفسا قال لنا: انصرفوا اليوم فلست أحدثكم، فانصرفنا، وظننا أنه عرض له شغل، ثم عدنا اليه مجلسا ثانيا، فصرفنا ولم يحدثنا، فسألناه بعد عن السبب الذي أوجب ترك التحديث لنا؟ فقال: كنتم تذكرون عددكم في كل مرة للجارية وتصدقون، ثم كذبتم في المرة الآخرة، ومن كذب في هذا المقدار أيؤمن أن يكذب فيما هو أكثر منه؟! قال: فاعتذرنا اليه، وقلنا: نحن نتحفظ فيما بعد، فحدثنا، أو كما قال. (3 - و).
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الانصاري قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثني عبد العزيز بن علي الوراق قال: ولد أبو الحسين بن المنادي لثمان عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول سنة ست وخمسين ومائتين، وقال غيره: سنة سبع وخمسين
(1)
.
كتب الينا أحمد بن أحمد البندنيجي أن منوجهر بن محمد أخبرهم قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أنبأنا أبو عمر بن حيوية الخراز قال: قرئ على أبي الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن المنادي في الوفيات التي جمعها قال: وأبو القاسم عصام بن عتاب ابن عصام الكندي البزاز يوم الاثنين، يعني من سنة سبع وثلاثمائة، وهو اليوم الذي دخلت فيه الى مدينتنا من طرسوس.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 69 - 70، وقد لحق النص المطبوع بعض التصحيفات.
الخطيب قال: حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال: توفي أبو الحسين بن المنادي يوم الثلاثاء لاحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة الخيزران
(1)
.
أحمد بن جعفر بن محمد بن هرون بن محمد بن عبد الله
ابن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم، أبو العباس الهاشمي، الملقب بالمعتمد على الله بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي (3 - ظ) بن المنصور.
قدم حلب صحبة أبيه المتوكل سنة أربع، وقيل ثلاث، وأربعين ومائتين، حين توجه الى دمشق وفي عودته منها.
وبويع له بالخلافة يوم الثلاثاء لاربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، وعقد العهد لاخيه أبي أحمد الموفق، فغلب على أمره، ومنعه من التصرف، وحكم على جيشه حتى أنه كان لا يمكنه من الخروج الى موضع إلاّ بأمره.
وخرج مرة الى ناحية الموصل ليمضي الى ابن طولون، فرده منها، ولم يبق له في الخلافة غير اسمها، وكان سمحا جوادا فصيحا، روى عنه وراقه الحضرمي بيتين من شعره.
أخبرنا تاج الامناء أحمد بن محمد بن الحسن-إذنا-قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: بويع له-يعني المعتمد على الله-بالخلافة يوم الثلاثاء لاربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين.
وكان قدم دمشق مع أبيه جعفر المتوكل
(2)
، فيما قرأته بخط عبد الله بن محمد الخطابي الشاعر.
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 70.
(2)
-مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر-لابن منظور-ط. دمشق 3/ 34:1984.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-كتابه-قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد-أمير المؤمنين المعتمد على الله-جعفر المتوكل بن محمد المعتصم بن الرشيد، ويكنى أبا العباس، ولي الخلافة بعد المهتدي بالله، وكان مولده بسر من رأى.
فأخبرنا عبد العزيز بن علي الوراق قال: أخبرنا محمد بن أحمد المفيد قال:
حدثنا أبو بشر الدولابي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن الازهر الكاتب قال: ولد أحمد بن جعفر المعتمد (4 - و) على الله بسر من رأى سنة تسع وعشرين ومائتين وأمه أم ولد يقال لها فتيان، رومية.
وقال الخطيب: أخبرني الازهري قال: أخبرنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن عرفة قال: كانت البيعة للمعتمد على الله-وهو أحمد بن جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بالله بن الرشيد بن المهدي بن المنصور بن محمد الكامل بن علي السجاد بن عبد الله-الحبر والبحر وترجمان القرآن-بن العباس-سيد العمومة ذي الرأي والمستسقى به-بن عبد المطلب-وهو شيبة الحمد-بن عمرو-وهو مطعم الثريد، وبذلك سمي هاشما لهشمه الثريد-بن عبد مناف، يوم الثلاثاء لاربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين
(1)
.
وأنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب بن يسران-اجازة-قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي، وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن عرفة، وذكر ما ذكره أحمد بن ابراهيم، وقال بعده: وركب يوم الاثنين الى دار العامة، ثم مر على الجوسق
(2)
،
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 60 - 61.
(2)
-قرية كبيرة من نواحي دجيل من أعمال بغداد. معجم البلدان.
وحضره من أولاد الخلفاء: بنو الواثق، وحمزة بن المعتز، والعباس بن المستعين وبنو المنتصر بن المتوكل، والعباس بن المعتصم، وبعث بولد المهتدي وعياله الى مدينة السلام، وقدم عبيد الله بن يحيى، فخلع عليه، وولي الوزارة.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني-اذنا-قال: أخبرنا أبو الحسن الغساني قال: (4 - ظ) أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا عمر بن حفص السدوسي قال: وبويع أحمد بن المتوكل، المعتمد على الله، يوم الثلاثاء لاربع عشرة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، وأمه أم ولد يقال لها فتيان، وقدم المعتمد بغداد يوم السبت ارتفاع النهار لعشر خلون من جمادى الآخرة، ونزل الشماسية
(1)
فأقام بها السبت والاحد والاثنين والثلاثاء، ودخل يوم الاربعاء بغداد، فعبرها مارا يريد الزعفرانية
(2)
لحرب الصفار
(3)
، وكان يوم الأربعاء لأربع عشرة خلت من جمادى الآخرة، ولاربع عشرة في أذار، سنة اثنتين وستين ومائتين، فكانت الحرب بين أمير المؤمنين والصفار بسيب بني كوما يوم الاحد العاشر من رجب، والتاسع من نيسان مع الظهر الى الليل سنة اثنتين وستين ومائتين.
قال أحمد بن علي: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقّاق قال: حدثنا محمد بن أحمد بن البرّاء قال: وأقبل يعقوب بن الليث -يعني-الصفّار، وخرج المعتمد إليه والتقى الجيشان وباصطربذ بين سيب بني كوما ودير العاقول
(4)
، فهزم يعقوب أقبح هزيمة، وذلك في رجب يوم شعانين؛ قال محمد بن أبي عون البلخي:
(1)
-في أعلى مدينة بغداد. معجم البلدان.
(2)
-قرية قرب بغداد. معجم البلدان.
(3)
-لمزيد من التفاصيل انظر تاريخ الطبرى-ط. دار المعارف:9/ 516 - 518. وحول الدولة الصفارية انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:345 - 346.
(4)
-على بعد خمسين ميلا من بغداد. مصادر الحاشية السابقة.
لله ما يومنا يوم الشعانين
…
فضّ الإله به جيش الملاعين
(5 - و)
وطار بالناكث الصفّار منشمر
…
كأنما بعده نسل السراحين
(1)
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي قال: أخبرنا زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي إذنا عن أبي القاسم علي بن أحمد البندار عن أبي أحمد عبيد الله بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الصولي إجازة قال: حدثنا الحسين بن إسحاق قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن الحارث قال: بويع المعتمد على الله، وهو أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل على الله، وأمه أم ولد يقال لها فتيان في يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، وهو اليوم الذي مات فيه المهتدي، ودعي له بالخلافة على المنبر يوم الجمعة لعشر بقين من رجب، وقد قيل إن المهتدي بالله مات يوم الخميس بعد ما بويع المعتمد بيومين.
قال: وركب المعتمد يوم الاثنين لسبع بقين من رجب إلى دار العامّة، وقعد لبني هاشم والناس فبايعوه، فلما كان يوم الخميس لأربع ليال بقين من رجب ركب في الميدان إلى وادي إسحاق، وخرج من الماء، فركب وظهر للعامة من الوادي إلى الجوسق في شارع الحسنيّة، ثم أمر أن يحدر عيال الواثق وولده إلى مدينة السلام، ولما مات المهتدي بالله نودي على أخيه عبد الله بن الواثق، وبذل لمن جاء به مال، ثم ظهر أمره أنه هرب إلى يعقوب الصفار، وأن يعقوب قبله أحسن قبول، وأظهر إكرامه، وكتب (5 - ظ) المعتمد إلى يعقوب في حمله فلم يجب إلى ذلك.
وقال أبو بكر الصّولي: حدثنا عون بن محمد قال: قتل المهتدي يوم حارب الأتراك جماعة بيده، ورأوا من شجاعته وبأسه ما لم يروه من أحد قط، فلما صار
(1)
-السرحان هو الذئب-القاموس المحيط. انظر تاريخ بغداد:4/ 61. حيث تصحف الشعر الى حد التشويه.
في أيديهم أرادوه على الخلع فأبى، وسمع الضجّة، فقال: ما هذا؟ قيل جاءوا بأحمد بن المتوكل للخلافة، فقال: أحمد هذا هو ابن فتيان؟ قالوا: نعم، قال: ويل لهم، فهلا أتوا بأبي عيسى أخيه، فإنه كان أقرب لهم إلى الله عز اسمه، وأنفع للمسلمين.
قال: وأوقع الأتراك البيعة لأحمد بن المتوكل على الله وسموه المعتمد، وذلك في يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، ولم يخلع المهتدي نفسه فقتلوه، وقيل مات من سهم وضربة كانابه، وصلى عليه جعفر ابن عبد الواحد الهاشمي
(1)
.
قال أبو بكر الصولي: وكان المعتمد جهيرا فصيحا صيّتا إذا خطب أسمع أقصى الناس، وكان يمثّل بينه وبين المستعين بالسخاء فيقال: ما ولي لبني العباس أسخى منهما، وكان جيد التدبير فهما بالأمور، جليلا في قلوب الناس، فلما جرى عليه ما جرى من تفويضه أمره، وغلب على رأيه، نقصت حاله عند الناس؛ وكان يحب الشعر ويشتهيه، ولم يكن له طبع يزنه به، فكان ربما وقع له الموزون، وربما لم يتزن فيغني المعنى في الشعر الذي هو عنه موزون ويعملون ألحانا عليه (6 - و) فيرى أنه جيد لما غني فيه، وليس كل مغن يفهم التقطيع والقسمة، ولا يغني إلا بشعر صحيح.
قال الصولي: أنشدني عبد الله بن المعتز للمعتمد مما وزنه صحيح:
الحمد لله ربي
…
ملكت مالك قلبي
فصرت مولى لملكي
…
وصار مولى لحبي
قال: وهو القائل لما أكثر الناصر لدين الله نقله من مكان الى مكان:
(1)
-لمزيد من التفاصيل انظر تاريخ الطبري:9/ 440 - 469.
ألفت التباعد والغربه
…
ففي كل يوم أطأ تربه
وفي كل يوم أرى حادثا
…
يؤدي إلى كبدي كربه
أمرّ الزمان لنا طعمه
…
فما لي ترى ساعة عذبه
قال: ومما قاله، وأنشدنيه جماعة، وبعض الناس ينحله الى غيره لما في نفوسهم مما كان يقع له في الوزن:
بليت بشادن كالبدر حسنا
…
يعذّبني بأنواع الجفاء
ولي عينان دمعهما غزير
…
ونومهما أعز من الوفاء
قال الصولي: وحكى عبد الله بن خرداذبه أنه رأى هذين البيتين بخط الحضرمي ورّاق المعتمد، وقد كتب الحضرمي: أنشدنيهما المعتمد لنفسه.
قرأت في كتاب معجم الشعراء لأبي عبيد الله المرزباني: المعتمد على الله أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل على الله كان يقول (6 - ظ) الشعر المكسور، ويكتب له بالذهب، ويغني فيه المغنون وذكر له هذين البيتين والأبيات التي قبلها
(1)
.
أنبأنا ابن المقير عن ابن ناصر عن أبي القاسم البندار عن أبي أحمد المقرئ قال: أخبرنا الصولي-إجازة-قال: وكان المكتفي أخرج إلينا مدارج مكتوبة بالذهب، فكان فيها من شعر المعتمد على الله الموزون:
طال والله عذابي
…
واهتمامي واكتئابي
لغزال من بني الأصفر
…
لا يعنيه ما بي
(1)
-وصلنا من معجم المزربقاني النصف الثاني فقط، وقد نشر بعناية عبد الستار أحمد فراج.
أنا مغرى بهواه
…
وهو مغرى باجتنابي
فإذا ما قلت صلني
…
كان لا منه جوابي
قال الصولي: ووجدت أيضا من الموزون:
عجّل الحبّ بفرقه
…
فبقلبي منه حرقه
مالك بالحب رقي
…
وأنا أملك رقه
إنما يستروح الصبّ
…
إذا أظهر عشقه
وبعد هذا أبيات لا نظام لها.
وقال الصولي: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عباد قال: طلب المعتمد ثلاثمائة دينار يصل بها عريب وقد حضرت مجلسه فلم يجدها، فطلب مائتين فلم يجدها، وكان قد أمر أن يطرح لها تكاء فأبت، فكان يجعل تحت ركبتها أترجتان
(1)
من الأتراج الكبار (7 - و) وربما قورتا، وجعل فيها دنانير؛ قال: فبلغني أنه لما لم يجد الدنانير قال شعرا:
أليس من العجائب أن مثلي
…
يرى ما قلّ ممتنعا عليه
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا
…
وما من ذاك شيء في يديه
إليه تحمل الأموال طرّا
…
ويمنع بعض ما يجبى إليه
قال الصولي: فكان المعتمد من أسمح الناس، قال له القاسم بن زرزر المغني: يا سيدي إلى جانب ضيعتي ضيعة لا تصلح إلا بها تباع بسبعة آلاف دينار وما عندي من ثمنها إلا ألفي دينار، فقال: أحضروني خمسة آلاف دينار، فجيء بها، فدفعها إليه فاشترى الضيعة، فسأله بعد أيام عنها، فعرفه شراءها، فقال: ما أحب أن يكون لك فيها وزن، ادفعوا إليه ألفي دينار مكان ألفيه، فأخذها وانصرف.
(1)
-الحامض. القاموس.
وقال أبو بكر الصولي: حدثنا الحسن بن إسماعيل قال: جلس المعتمد يشرب يوم الأحد لإثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب بالحسني
(1)
على المسنّاة الشرقية على دجلة مع المغنين والمخنثين، وأكل في ذلك اليوم من رؤوس الجداء، واصطبح، ثم تشكى في عشيته تلك، فتعالج وبات وقيذا
(2)
، فمات في ليلته، وأحضر المعتضد القضاة ووجوه الناس فنظروا إليه، ثم حمل إلى سر من رأى، ودفن بها، وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وستة أيام، وقيل: غير يوم، وقيل: يوما؛ وكان صوته الذي (7 - ظ) شرب عليه يوم اصطبح في شعر أبي نواس:
يا كثير النوح في الدمن
…
لا عليها بل على السكن
(3)
قال: وكان عمره يوم مات خمسين سنة كاملة، وكان أسنّ من الموفق بستة أشهر.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس، ح.
وأخبرنا عمر بن طبرزد-إذنا-قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي -إن لم يكن سماعا فإجازة-قال: أخبرنا أبو منصور بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عمر بن الحسن الأشناني قال: أخبرنا ابن أبي الدنيا قال: ومات المعتمد على الله ليلة الاثنين لإحدى عشرة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين فجأة ببغداد، وحمل إلى سر من رأى.
(1)
-قصر في دار الخلافة في بغداد منسوب الى الحسن بن سهل. معجم البلدان
(2)
-الوقيذ: الثقيل والشديد المرض. القاموس، ومن المرجح أن الصولي أودع أخباره في كتابه «الاوراق» الذي لم يصلنا كله.
(3)
-ديوانه-ط. دار صادر بيروت:645.
قال الاشناني: فدفن بها، فكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أيام؛ وكان أسمر رقيق اللون، أعين، خفيف-زاد الأشناني-العارضين؛
وقالا: لطيف اللحية، جميلا، وميلاده سنة تسع وعشرين ومائتين في أولها -زاد ابن السمرقندي-ويكنى أبا العباس، وأمه أم ولد يقال لها فتيان
(1)
.
أحمد بن جعفر بن محمد البزاز البغدادي
أبو بكر الوزان الحلبي الخزيمي:
بغدادي نزل حلب وسكنها، فنسب إليها، حدث عن سوّار بن عبد الله (8 - و) ابن سوار العنبري وأبي علي الحسن بن محمد البوسنجي، وزيد بن أخرم، ومجاهد بن موسى، ويحيى بن محمد بن السكن، وأبي جعفر محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، وحميد بن زنجويه النّسائي، ويعقوب الدورقي.
روى الحفاظ: أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحاكم، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني، ومحمد بن جعفر قاضي منبج، وأبو حفص عمر بن علي العتكي الأنطاكي، وأبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن محمد السراج، المعروف بابن الطبيز، وأبو بكر محمد بن عبد الله الأردبيلي، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الأبزاري ومحمد بن عبد الله الأبهري، وأبو المفضل محمد بن عبد الله بن البهلول الشيباني، وأبو العباس أحمد بن محمد بن عمر.
أخبرنا أبو روح عبد المعزّ بن محمد بن أبي الفضل الهروي، وزينب بنت عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الشعري في كتابيهما إلينا من هراة ونيسابور،
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 61 - 62.
وأخبرنا عنهما سماعا، أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي قالا:
أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي قال:
أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر البزاز البغدادي بحلب قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي قال: حدثنا يعلى بن منصور: وقال أبو روح سهل بن منصور قال:
حدثنا خالد بن موسى عن (8 - ظ) منصور بن زاذان عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبي سبرة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«حوضي عرضه كطوله كرانية
(1)
عدد نجوم السماء».
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم بن الإخوة قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر الوزان البغدادي، نزيل حلب بها، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن السّكن قال: حدثنا حبّان بن هلال قال:
حدثنا مبارك بن فضالة عن عبد الله بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحبّكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون المتشدقون والمتفيهقون» قالوا: يا رسول الله قد علمنا ما الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال:«المتكبرون»
(2)
.
أنبأنا أبو حفص عمر بن قشام الحلبي عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي
(1)
-من الرنو وهو ادامة النظر-القاموس. انظر أيضا كنز العمال في سنن الاقوال والافعال:14/ 39143 - 39145 - 39170 - 39180.
(2)
-كنز العمال:3/ 5199.
الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ قال: أبو بكر أحمد بن جعفر البزاز البغدادي، سكن حلب، مدينة من مدن الشام، سمع سوار (9 - و) بن عبد الله بن سوار العنبري، وأبا جعفر محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي.
وأخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن-إذنا-قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن جعفر بن محمد، أبو بكر البزاز، وقيل: الوزان، سكن حلب، وحدث بها
(1)
.
أحمد بن جعفر مشكان المصيصي:
حدث عن عبد الله بن رماحس الرّمادي؛ روى عنه أبو علي سعيد بن عثمان ابن السكن.
أحمد بن جعفر الارتاحي:
من أرتاح قرية كبيرة بين حلب والعمق، وكان بها حصن مانع، ولها ذكر في التاريخ.
حكى عن شيخ من الصالحين لقيه بأولاس
(2)
، حصن الزهاد.
حكى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه إلينا
(3)
منها قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 62 - 63.
(2)
-حصن على ساحل بحر الشام من نواحي طرسوس، فيه حصن يسمى حصن الزهاد. معجم البلدان.
(3)
-أي من الرها، وهي أورفا الحالية في تركية ليس بعيدا عن الحسكة السورية.
علي بن عبد العزيز قال: حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن جعفر الارتاحي قال: دخلت أولاس فاذا شيخ كبير، فدنوت منه، فقلت له: يا شيخ حدثني بشيء ينفعني الله عز وجل به، قال: عليك بالجد، فانه كان لي وردا أقرأ فيه جزوين من القرآن كل ليلة، قال: فنمت عنه، فنوديت من زاوية البيت: ان كنت تزعم حبي فلم جفوت يا هذا كتابي، أو ما تدبرت ما فيه لك من لطيف عتابي (9 - ظ) واذكاري، ومواعظي، وآلائي واعجازي؟! ثم أنشد:
إن كنت تزعم حبي
…
فلم جفوت كتابي
أما تدبرت ما في
…
هـ من لطيف عتابي
.
ومن أفراد حرف الجيم في آباء الأحمدين
أحمد جناب بن المغيرة، أبو الوليد المصيصي الحدثي، وقيل: الحلبي.
حدث عن: عيسى بن يونس بن أبي اسحاق السبيعي، وخالد بن يزيد بن خالد ابن عبد الله القسري.
روى عنه: أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، وابنه عبد الله بن أحمد، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، وجنيد ابن حكيم بن الجنيد الازدي، وأبو أحمد بن عبدوس السراج، وعباس بن محمد الدوري، ومحمد بن طاهر بن أبي الدميك، ومحمد بن هشام بن أبي الدميك، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وأبو يحيى محمد بن عبد الرحيم البزاز صاحب السابري، وأبو بكر المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن منصور الرمادي، وعثمان بن عبد الله الحافظ، ومحمد بن ابراهيم البزاز، ومحمد بن يعقوب بن الفرجي، وعمر ابن شبة النميري، ومحمد بن عيسى التميمي.
أخبرنا الاخوان أبو محمد عبد الرحمن وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان والاخوان أبو البركات سعيد وأبو الفضل عبد الواحد ابنا هاشم بن أحمد بن عبد الواحد الاسديون الحلبيون، وأبو الحجاج (10 - و) يوسف بن سوار بن عبيد السلمي البرجيني، كلهم بحلب، قالوا: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن العجمي الحلبي بها قال: أخبرنا الرئيس أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان قال: أخبرنا أبو القاسم طلحة بن علي بن الصقر بن عبد المجيب قال: أخبرنا أحمد بن عثمان الآدمي قال: حدثنا عباس الدوري قال: حدثنا أحمد
ابن جناب قال: حدثنا عيسى بن يونس عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عثمان بن حيان قال: سمعت أم الدرداء تقول: ان أحدهم يقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن الله عز وجل لا يمطر عليه دينارا ولا درهما، وبعضهم من بعض، فاذا أعطي أحدكم شيئا فليقبله، فان كان ذا غناء عنه فليضعه في ذي الحاجة من إخوانه، وإن كان إليه محتاجا فليستعن به على حاجته ولا يرد على الله عز وجل رزقه الذي رزقه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو الفتح ناصر بن محمد قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن النعمان، وابراهيم بن منصور سبط بحروية قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن ابراهيم بن علي قال: أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال: حدثنا أحمد بن جناب الحلبي قال: حدثنا عيسى-يعني-ابن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود»
(1)
.
وذكر أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتاب الجرح والتعديل قال: أحمد بن جناب بن المغيرة المصيصي أبو الوليد روى عن عيسى بن يونس روى عنه أبي وأبو زرعة، سئل أبي عنه فقال صدوق
(2)
. أخبرنا بذلك الخطيب أبو البركات بن هاشم إذنا عن أبي طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل عن أبي عمرو بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن ابن أبي حاتم (10 - ظ) أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني محمد بن أحمد
(1)
-انظر كنز العمال:6/ 17317.
(2)
-الجرح والتعديل:2/ 45.
ابن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: أخبرني علي بن محمد الحبيبي بمرو قال: سألت صالح بن محمد جزرة عن أحمد بن جناب المصيصي فقال:
صدوق.
قال الخطيب: أخبرنا الأزهري قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: أحمد ابن جناب بغدادي يروي عن عيسى بن يونس آخر من حدث عنه أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار الصوفي.
قال الخطيب: كذا قال: علي بن عمر، ولم يكن بغدادي الاصل انما هو مصيصي ورد الى بغداد
(1)
.
سمع أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي من أحمد بن جناب في رجب من سنة ثلاثين ومئتين فقد توفي بعد ذلك.
احمد بن جواس المنبجي
رجل صالح أثنى عليه علي بن عبد الحميد الغضائري، وحكى عنه مناما رأى فيه يحيى بن أكثم القاضي وهو ما أخبرنا به القاضي أبو المجد محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن بهرام القزويني، قراءة عليه بحلب، قلت له: أخبرك أبو حفص عمر بن عبد المجيد بن عمر الميائشي القرشي بمكة، فأقر به وقال: نعم، قال: أخبرنا محمد بن حامد المقدسي قال: أملى علينا الشيخ أبو محمد يحيى بن محمد الكلبي: أخبرنا الشيخ الفقيه أبو نصر أحمد ابن علي بن محمد المقرئ النسفي بها، والشيخ الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم البركدي قالا: أخبرنا أبو القاسم ميمون بن علي بن ميمون الميموني قال: حدثنا الامين أبو سهل اسحاق بن محمد بن اسحاق المروزي (11 - و) قال:
حدثنا أحمد بن محمد بن علوية العبدي قال: سمعت علي بن عبد الحميد بن سليمان الغضائري بحلب يقول: بلغني عن أحمد بن جواس المنبجي، وكان من خيار عباد الله، قال: رأيت يحيى بن أكثم في المنام، فقلت: يا يحيى ماذا فعل بك؟ فقال:
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 77 - 78.
وقفت بين يديه جل جلاله فقال: يا شيخ السوء لولا شيبتك لأحرقتك بالنار، قال:
فسقطت بين يدي ربي جل وعز ونزل بي ما ينزل بالعبد بين يدي مولاه، ثم أفقت، فقال: يا شيخ السوء لولا شيبتك لأحرقتك بالنار، قال: فسقطت بين يدي ربي جل جلاله، ونزل بي ما ينزل بالعبد بين يدي مولاه، ثم أفقت فقال: يا شيخ السوء لولا شيبتك لاحرقتك بالنار، قال: فقلت يا سيدي ومولاي ما هكذا أخبرت عنك فقال: يا يحيى بما أخبرت عني؟ فقلت: حدثني عبد الرزاق بن همام عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك عن نبيك صلى الله عليه وسلم عن جبريل صلوات الله عليه عنك تباركت وتعاليت أنك قلت: لا يشيب لي عبد في الاسلام ثم أحرقه بالنار فقال
(1)
: جل جلاله صدق عبد الرزاق، وصدق معمر، وصدق الزهري وأنس، وصدق نبي، وصدق جبريل، انطلقوا به الى الجنة.
قلت: وذكرنا هذا المنام فيما يأتي من كتابنا هذا في ترجمة بشرى بن عبد الله المقتدري عن علي بن عبد الحميد الغضائري عن أحمد بن علي الخواص أنه رأى المنام، وقد رواه عمر بن سعيد بن سنان (11 - ظ) عن أحمد بن سلم الخواص وفي الرائي للمنام اختلاف قد ذكرناه في ترجمة يحيى بن أكثم وقد قيل ان يحيى ابن أكثم رآه في حياته، وسنذكر ذلك فيما يأتى من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
(1)
-انظر كنز العمال:15/ 42678.
حرف الحاء في أباء الأحمدين
أحمد بن حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوبة الطائي
(1)
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أبو علي الموصلي، أخو علي بن حرب، وقيل: كنيته أبو بكر، نزل أذنة، مدينة من الثغور الشامية، قد ذكرناها في مقدمة كتابنا هذا، وحدث بها عن أبي محمد عبد الله بن ادريس الاودي، وأبي بشر اسماعيل بن ابراهيم بن عليّة الأسدي، وسفيان بن عيينة، وأبي يزيد قاسم بن يزيد الجرمي الموصلي، ومصعب ابن المقدام، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، وأبي بكر أحمد بن هشام بن الحكم وأخيه علي بن حرب، وأبي بكر موسى بن سعيد، وأحمد بن يوسف المنبجي، وأبي محمد أسباط بن محمد القرشي.
روى عنه عتيق بن عبد الرحمن الأسدي الأذني، ووصيف بن عبد الله الانطاكي الحافظ، وأبو الحسين محمد بن عبد الرحمن الملطي، وأبو الفضل صالح بن الاصبغ المنبجي، وأبو الليث سلم بن معاذ بن سلم البصري، ومحمد بن عبد الله البيروتي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن صدقة.
أخبرنا أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر العباسي (12 - و) قال: أخبرنا أبو الندى حسان بن تميم الزيات قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي قال: أخبرنا أبو القاسم عمر بن أحمد بن محمد الواسطي قال:
(1)
-صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو مازن بن الغضوبة قيل ان له صحبه. انظر الاصابة (8577).
أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن الملطي قال: حدثنا أبو علي أحمد بن حرب الطائي قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الرصافي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من رجل يعتذر الى أخيه فلا يقبل منه إلا تحمل كخطية صاحب مكس»
(1)
.
أنبأنا أبو حفص عمر بن هشام الحلبي قال: كتب الينا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني أن أبا جعفر محمد بن أبي علي أخبرهم قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: أخبرنا ابن فنجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو بكر أحمد بن حرب بن محمد بن حيان بن مازن بن الغضوبة الطائي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخو علي بن حرب، أصلهما من الموصل، سكن أحمد أذنة، سمع أبا محمد أسباط بن محمد القرشي، وأبا محمد عبد الرحمن بن محمد المحاربي، كناه لي أبو الليث سلم بن معاذ بن سلم البصري.
وقرأت في كتاب الجرح والتعديل لابي محمد بن أبي حاتم الرازي قال: أحمد ابن حرب الموصلي، أخو علي بن حرب الموصلي، كان يسكن الثغر، روى عن أبي معاوية الضرير، وأدركته، ولم أكتب عنه، وكان صدوقا
(2)
.
أنبأنا بذلك أبو البركات بن هاشم الخطيب عن أبي طاهر محمد بن الفضل قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم.
(1)
-المكس: النقص والظلم ودراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في الاسواق في الجاهلية، أو درهم كان يأخذه المصدق بعد فراغه من الصدقة- القاموس، هذا ولم أقف على هذا الحديث بنصه في أي من المصادر المتعلقة بجمع أنواع الحديث.
(2)
-الجرح والتعديل:2/ 49.
أخبرنا أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحسين بن أبي السنان العدل قال:
أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن أحمدين بن صفوان قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله الخطيب، وأبو البركات سعيد بن محمد بن ادريس قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد ابن ادريس قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن اياس الأزدي قال: ومنهم-يعني من الطبقة السابعة من علماء الموصل-أحمد بن حرب بن محمد، وكان فاضلا ورعا، ورحل عن الموصل الى ثغر أذنه رغبة في الجهاد، فأوطن هناك، وتكلم في مسألة اللفظ التي وقعت الى أهل الثغور فقال: فيما ذكر لي يقول محمد بن داود المصيصي، فهجره علي بن حرب لذلك وترك مكاتبته
(1)
.
وروى عن عبد الله بن ادريس، وسفيان بن عيينه، وشارك عليا في رجاله، وتفرد عنه باسماعيل بن علية، فان عليا لم يسمع منه.
وكان مولده في سنة أربع وسبعين ومائة، وتوفي في صدر خلافة هرون الرشيد بأذنه سنة ثلاث وستين ومائتين، ودفن بها، وله هناك ولد.
أخبرنا المبارك بن مزيد الخواص (12 - ظ) ببغداد قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الابهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحراني قال: أحمد بن حرب الطائي الموصلي نزل أذنه، ومات بها سنة ثلاث وستين، يكنى أبا علي.
نقلت من خط أبي طاهر السلفي وأنبأنا عنه أبو القاسم عبد الرحيم بن الطفيل
(1)
-لم أجده في القطعة المطبوعة من تاريخ الموصل للازدي.
وغيره قال: أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد بن الاكفاني عن أبي الحسن علي بن الحسين بن أحمد التغلبي قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد ابن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن غلاب الحراني قال:
أحمد بن حرب الموصلي أخبرني أبو عروبة أنه نزل أذنه ومات بها سنة ثلاث وستين ومائتين.
أحمد بن حريز بن أحمد بن خميس بن أحمد بن الحسين بن موسى، أبو بكر
السلماسي القاضي.
حج في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، واجتاز بحلب في طريقه، وذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي في تاريخ دمشق، بما أخبرنا به القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي اذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أحمد بن حريز بن أحمد بن خميس بن أحمد بن الحسين بن موسى أبو بكر السلماسي القاضي، قدم دمشق سنة ثمان وعشرين وأربعمائة حاجا
(1)
.
وحدث عن: أبي علي الحسين بن محمد بن يوسف اللحياني، وأبي القاسم الطيب بن يمن، وعيسى بن سليمان الفقيه، ويوسف بن الحسين، وعبد الله بن محمد بن حبابة، وأبي حفص بن شاهين، وأبي بكر بن شاذان، وأبي بكر بن اسماعيل الوراق، وأبي اسحاق ابراهيم بن أحمد الطبري، وأحمد بن طالب بن عثمان بن محمد، وأبي محمد كوهي بن الحسن بن يوسف، وغيرهم.
روى عنه: أبو الحسن بن أبي الحديد، وأبو القاسم بن أبي العلاء (13 - و) وأبو عبد الله بن أبي الحديد، وأبو القاسم عمر بن أحمد بن عمر الآمدي.
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا
(1)
-ثم أجده في تاريخ دمشق لابن عساكر.
أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن الحسن بن شوّاش، وأبو يعلى حمزة بن الحسن بن أبي حنش، وأبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، قالوا:
حدثنا أبو القاسم بن أبي العلاء سنة سبع وتسعين قال: أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن حريز بن أحمد بن خميس السلماسي قراءة عليه بدمشق، في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، قدم علينا حاجا، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف اللحياني قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا أحمد ابن حنبل حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا سفيان عن ابن نديمة: حدثني قيس بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر حرام
(1)
».
(1)
-انظره في كنز العمال:13856،13776،13145،5/ 13144.
ذكر من اسم أبيه الحسن من الاحمدين
أحمد بن الحسن بن أحمد أبو العباس الكفر طابي
خطيب سقبا من ضياع الغوطة
(1)
، أنشد عن أبي سالم الباري شعرا، وكتبه عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى، وذكره في معجم شيوخه وقال في ترجمته: ونقلته من خط أحمد بن الحسن بن أحمد الكفر طابي، الشيخ الصالح.
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم إجازة قال: أخبرنا أبو المواهب (13 - ظ) الحسن بن هبة بن صصرى قال: أنشدنا الشيخ أبو العباس الخطيب بسقبا، قرية من قرى الغوطة، قال: أنشدني الشيخ أبو سالم المعروف بابن الذكوري، من أهل البارة
(2)
، الخطيب ببعلبك.
الحر من عرف الدنيا فجاد بها
…
فإنّما هي دنيا كلّها غرر
تصفو لمن عاش فيها وهي كارهة
…
صفوا قليلا ويأتي بعده الكدر
ويح اللئام أما يدرون أنّهم
…
لا يصبح المال مقبورا وقد قبروا
لا بارك الله في مال تثمّره
…
يد البخيل ولا يجنى له ثمر
قال الحافظ أبو المواهب: ورأيته بخطه، أخبرني هذا الشيخ رحمه الله أنه سمع حديثا ببغداد وبدمشق، ولم يقع إلي من سماعه شيء، وتوفي بعد السبعين
(3)
(1)
-من قرى الغوطة الشرقية تبعد عن دمشق/10/كم.
(2)
-من قرى منطقة أريحا التابعة لمحافظة ادلب السورية تبعد عن ادلب/34/كم
(3)
-أي بعد سنة 570 هـ ذلك ان ابن صصرى قد توفى سنة 586 هـ /1190 م. انظره في الاعلام للزركلي.
وقد جاوز التسعين سنة، وأقام خطيبا ستين سنة، وحفّظ جماعة القرآن، وعادت عليهم بركاته.
أحمد بن الحسن بن جندب
(1)
الترمذي
أبو الحسن الحافظ صاحب الامام أحمد بن حنبل، قدم الشام ودخل الثغور الشامية، وسمع بها أبا توبة الربيع بن نافع الحلبي، ومحمد بن عيسى بن الطبّاع، وروى عنهما، وعن أحمد بن محمد بن حنبل وغيرهم؛ روى عنه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، وأبو عيسى الترمذي في جامعه وغيرهما.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد السّلمي البغدادي، وأبو (14 - و) سعد ثابت بن مشرّف بن أبي سعد البناء البغدادي، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الله روزبه البغدادي قالوا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي قال: حدثنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد الحموي قال: أخبرنا محمد بن يوسف الكريري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل هلال قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن كهمس عن بن بريدة عن أبيه قال: غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة
(2)
.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي فيما أذن لنا في روايته عنه قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أحمد بن الحسن بن جندب أبو الحسن الترمذي الحافظ رحال طوف الشام ومصر والعراق، واجتاز بدمشق.
سمع بمصر: سعيد بن الحكم بن أبي مريم، وسعيد بن كثير بن عفير، وأبا صالح عبد الله بن صالح.
(1)
-هو في مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور:3/ 40 «جنيدب» .
(2)
-انظره في جامع الاصول:8/ 78 (6010).
وبالشام: آدم بن أبي إياس، ويزيد بن عبد ربه الجرجسي، وأبا توبة الربيع ابن نافع، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وبالعراق يعلى بن عبيد، وعبيد الله بن موسى وأبا نعيم، وأبا النضر هاشم بن القاسم، وأسود بن عامر شاذان، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وعمرو بن عاصم الكلابي، وأبا النعمان محمد بن الفضل عارما، وأحمد بن حنبل، والحسن (14 - ظ) بن الربيع البوراني، ووضاح بن يحيى النهشلي، وقيس بن حفص الدارمي، ومحمد بن عرعرة بن الرند، وغيرهم.
روى عنه البخاري في الصحيح، وأبو عيسى الترمذي في جامعة، وإبراهيم ابن أبي طالب، وأبو بكر بن خزيمة، ومحمد بن النضر الجارودي، وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، وأبو عبد الله محمد بن الليث المروزي.
أنبأنا عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبوا بكر البيهقي والحيري، وأبوا عثمان الصابوني والبحيري-إجازة-قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أحمد بن الحسن الحافظ أبو الحسن الترمذي صاحب أحمد بن حنبل، ورد نيسابور سنة إحدى وأربعين ومائتين، فحدث في ميدان الحسين، ثم حج وانصرف إلى نيسابور فأقام بها مدة سنة يحدث، فكتب عنه كافة مشايخنا، وسألوه عن علل الحديث والجرح والتعديل، وذكر بعض من سمع منه، ثم قال: روى عنه محمد بن اسماعيل البخاري في الجامع الصحيح، وسمع منه مشايخنا بنيسابور.
أنبأنا تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: كتب إلي أبو نصر عبد الرحيم ابن عبد الكريم القشيري: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثني (15 - و) أبو أحمد الحسين بن محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد
ابن اسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي بنيسابور، وكان أحد أوعية العلم.
(1)
أحمد بن الحسن بن الحسين بن أحمد الشيرازي الواعظ أبو نصر
دخل الشام وجال في أقطارها وسواحلها، واجتاز بحلب، أو ببعض أعمالها، في طريقه ما بين الجزيرة واطرابلس الشام.
ذكر أبو سعد السمعاني بما أخبرنا به أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أحمد بن الحسن بن الحسين بن أحمد الشيرازي الواعظ من أهل شيراز، سكن ديار مصر والاسكندرية وكان حافظا فاضلا عارفا بطرق الحديث، رحل عن بلده وسافر إلى العراق والشام والسواحل والجزيرة، وكان بمصر يخرج على الشيوخ مثل: القاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، وأبي الحسن علي بن الحسن بن الحسين الخلعي وغيرهما.
سمع أبو نصر الشيرازي ببلده شيراز: أبا محمد عبد الرحمن بن محمد الدمشقي، وأبا بكر أحمد بن محمد بن علي الجواليقي، وأبا الحسن علي يوسف بن أحمد الحافظ، وأبا القاسم عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن القسام، وأبا القاسم عبد الصمد (15 - ظ) بن الحسن بن محمد بن جعفر الحافظ، وأبا بكر محمد بن الحسن بن أحمد بن الليث الصفار.
وبالاهواز: أبا عبد الله الحسين بن محمد بن عمر بن إبراهيم الخطيب الفرضي، وأبا القاسم رضوان بن الحسن بن يعقوب بن سهلان الفقيه، وأبا الحسن علي بن عمر بن أحمد البرمكي.
(1)
-مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور:3/ 40.
وبايذج
(1)
: أبا القاسم علي بن الحسن بن عبد الرحيم البصري.
وبكازرون
(2)
: أبا الحسين عبد الملك بن الحسن بن شياوش الفارسي.
وبالبصرة: أبا محمد الحسن بن محمد بن أحمد الفقيه الشافعي، وأبا الحسين محمد بن علي بن أحمد السيرافي، وأبا اسحاق إبراهيم بن محمد بن طلحة بن غسان البصري، وأبا الربيع سليمان بن نفيد بن راشد الحنفي الشاهد.
وبالنعمانية
(3)
: أبا بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن رزقويه البغدادي.
وببغداد: القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، وأبا الحسن أحمد ابن محمد بن أحمد بن عبدوس بن كامل الزعفراني السلمي، وأبا طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز، وأبا القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل الآزجي، وأبا الحسين محمد بن محمد بن محمد بن المظفر السراج الدقاق، وأبا بكر محمد بن عبد الملك بن بشران القندي، وأبا الفرج الحسين بن علي بن أحمد الطناجري، وأبا اسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي، وأبا حفص عمر بن محمد بن علي بن عطية المكي، وأبا طالب محمد بن علي بن الفتح بن العشاري، وأبا القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد بن لؤلؤ البغدادي، وأبا محمد الحسن (16 - و) بن علي محمد الجوهري.
وبأصبهان: أبا بكر محمد بن عبد الله بن ريذة الضبي، وأبا منصور أحمد ابن محمد بن إبراهيم الصيرفي، وأبا طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب، وأبا بكر محمد بن علي الجوزداني، وأبا الفرج محمد بن عبد الله بن جعفر البزاز الحافظ، وأبا طاهر عبد الكريم بن عبد الواحد بن محمد بن سليمان الحسناباذي.
وبمكة: أبا القاسم عبد العزيز بن بندار بن علي الشيرازي، وأبا القاسم عبد
(1)
-كوة وبلد بين خوزستان واصبهان، وهي أجل مدن هذه الكورة. معجم البلدان.
(2)
-مدينة بفارس بين البحر وشيراز. معجم البلدان.
(3)
-بليدة بين واسط وبغداد في نصف الطريق على ضفة دجلة. معجم البلدان.
الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الاديب، والقاضي أبا عبد الله محمد بن سلامة ابن جعفر القضاعي، وبمصر أيضا.
وسمع بمصر أبا الحسن محمد بن الحسين بن الطفال النيسابوري، وأبا القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، وأبا طاهر محمد بن الحسين بن محمد ابن سعدون الموصلي، وأبا زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري الحافظ، وأبا الحسن عبد الملك بن عبد الله بن محمود بن مسكين الفقيه، وأبا الحسين محمد بن الحسن بن الترجمان الغزي الصوفي.
وببيت المقدس: أبا عبد الله محمد بن علي البيهقي.
وبصور: أبا الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزال، وأبا محمد عبد الله بن علي عياض بن أحمد بن أبي عقيل القاضي، وأبا منصور نصر بن أبي نصر الطوسي المقرئ.
وباطرابلس أبا الحسن حامد بن منير بن عبد الرزاق الطرابلسي، وأبا الفيض محمد بن علي بن محمد بن عمرو بن رجاء (16 - ظ) الشاهد.
وبتنيس
(1)
: أبا الحسن علي بن الحسين بن عثمان بن جابر القاضي.
وبدمشق: أبا الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر التميمي، وأبا عبد الله محمد بن علي بن يحيى بن سلوان المازني، وأبا القاسم علي بن الفضل بن طاهر بن الفرات المقرئ، وأبا علي الحسين بن علي بن ابراهيم الاهوازي المقرئ وأبا القاسم الحسين بن محمد بن ابراهيم الحنائي.
وبميافارقين
(2)
: أبا الفتح العباس بن أحمد بن العباس بن بهات العدل.
(1)
-في مصر بين الفرما ودمياط. معجم البلدان.
(2)
-كانت من أعظم مدن الجزيرة قامت فيها الدولة المروانية، وكتب تاريخها ابن الازرق الفارقي. انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:367 - 369.
وبآمد
(1)
: أبا منصور محمد بن أحمد بن القاسم بن المقرئ، وأبا القاسم بن أحمد بن اسحاق بن أحمد الأصبهاني.
وبالموصل: أبا نصر أحمد بن عبد الباقي بن الحسين بن طوق الشاهد.
وبتكريت: أبا الغنائم حاجب بن حمزة بن القاسم بن شعيب الزاهد؛ وجماعة كثيرة سوى من ذكرناهم.
صنّف كتاب المعجم لأسماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمع منه ذلك الكتاب في مجلدين أبو الليث نصر بن الحسن بن القاسم السّكتي التاجر.
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر بن أبي المظفّر المروزي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا الامام والدي رحمه الله -إجازة-قال أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي الحافظ -كتابة-قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن الحسين، أبو نصر الشيرازي (17 - و) بمصر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله أبو بكر بن ريذة الضبيّ قال: أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحارث بن محمد بن عبد الرحمن اليحصبي قال: حدثنا أي قال: بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم عن حبيب بن عبيد عن المقدام بن معديكرب الزبيدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي على الناس زمان من لم يكن معه أصفر وأبيض لم يتهنّ بالعيش»
(2)
.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل عن أبي سعد السمعاني قال: مات أبو نصر أحمد ابن الحسن بن الحسين الشيرازي الحافظ منه بعد سنة ثلاث وستين وأربعمائه، فإن أبا الليث الشاشي سمع منه في هذه السنة بالإسكندرية.
(1)
-هي ديار بكر الحالية في تركية، وكانت من أشهر مدن الجزيرة.
(2)
-انظره في كنز العمال:3/ 6346.
أحمد بن الحسن بن زريق الحراني أبو محمد.
حدث بدمشق، واجتاز بحلب في طريقه اليها من حران، أو ببعض عملها.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أحمد بن الحسن بن زريق، أبو محمد الحراني، حدث بدمشق عن عبد الله بن محمد النفيلي، واسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرّقي، وعبد العزيز بن داود الحراني.
روى عنه أبو الميمون بن راشد، وأبو علي بن حبيب الحصائري، وأبو الطيب أحمد بن ابراهيم بن عبادك
(1)
. (17 - ظ).
أحمد بن الحسن بن عبد الله، أبو الحسن الملطي المقرئ
قرأ القرآن العظيم برواية عاصم بن أبي النجود على أبي الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ، وأخبره أنه قرأ على أبي محمد عبد الله بن سليمان الرقي، وأخبره أنه قرأ على أبي زيد عمر بن شبه، وأخبره أنه قرأ على أبي أحمد جبلة بن مالك بن جبلة البصري، وأخبره أنه قرأ على الفضل وأخبره أنه قرأ على عاصم.
روى عنه أبو الحسن احمد بن ملاعب الحلبي، أنبأنا بذلك عمر بن قشام عن أبي العلاء الحافظ قال: قرأت به على أبي العز الواسطي، وأخبره أنه قرأ على ابن ملاعب.
أحمد بن الحسن بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب أبو الفوارس:
قاضي بالس، حدث بها عن أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، روى عنه القاضي أبو البركات محمد بن علي بن محمد الأنصاري قاضي سيوط
(2)
.
أخبرنا أبو الحسن مرتضى بن حاتم بن المسلم الحارثي في كتابه إلينا قال:
(1)
-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور:3/ 42.
(2)
-أو اسيوط: كورة جليلة من صعيد مصر. معجم البلدان.
أخبرنا القاضي أبو البركات محمد بن علي بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا الشيخان:
القاضي الأجل أبو الفوارس أحمد بن الحسن بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب الحاكم يومئذ ببالس، والشيخ أبو بكر محمد بن منصور بن الفرج الدينوري بقراءتي عليهما بمدينة بالس في صفر سنة تسع وأربعين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن الحسين بن علي البيهقي رحمه الله قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار (18 - و) أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرّة عن سالم بن أبي الجعد عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة» ؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: «صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة»
(1)
، لم يرد أنها تحلق الشعر بل تحلق الدين.
أحمد بن الحسن بن علي كليب، أبو جعفر الطرسوسي:
حدث عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن سلام الطرسوسي، ومحمد بن إبراهيم بن أبي أميه الطرسوسي، وأبي حفص عمر بن محمد بن طاهر بن أبي خيثمة، وأبي بكر محمد بن محمد بن داود بن عيسى الكرجي.
روى عنه أبو القاسم هبة الله بن سليمان الجزري، وأبو الحسين عتيق بن إبراهيم بن أحمد بن الكاتب الاسكندراني، سمع منه طرابلس، وكتب عنه محتسب دمشق إبراهيم بن عبد الله بن حصن الأندلسي، وأبو اسحاق إبراهيم بن هبة الله ابن إبراهيم.
أخبرنا أبو محمد بن عبد الوهاب بن رواج الاسكندراني بمنظرة سيف الاسلام بين مصر والقاهرة، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي، والشريفان أبو محمد عبد الله، وأبو الطاهر اسماعيل ابنا أبي الفضل عبد الرحمن ابن يحيى الديباجي-اجازة من كل واحد منهم-قالوا: أخبرنا أبو محمد عبد الله
(1)
-انظره في كنز العمال:3/ 5480.
ابن يحيى بن حمود المالكي قال: أخبرنا أبو معشر الطبري قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن سليمان الجزري بميافارقين قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن كليب الطرسوسي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن داود بن عيسى (18 - ظ) الكرجي قال: حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي قال: حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة عن الأعمش عن يحيى بن وثاب عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم»
(1)
.
أحمد بن الحسن بن عيسى الخشاب، أبو الفتح الحلبي الكردي:
من بيوت حلب المذكورة القديمة، وعيسى الخشاب جدهم كان مقدما في دولة بني حمدان، وتقدم بنوه وعقبه بعده، ورأسوا بها، واتخذوا الاملاك بحلب، ومال إليهم الشيعة بها، وتولوا بها المراتب السنية، وسيأتي في كتابنا هذا ذكر جماعة منهم، وكان أبو الفتح هذا من فقهاء الشيعة، ومن أعيان حلب، وكان عنده تدين وورع، سمع بحلب الحسين بن أحمد القطان البغدادي، وأبا محمد عبد الرحمن بن الحسن الواعظ النيسابوري، وأبا الحسن محمد بن الحسين البصري، وكتب عنهم.
قرأت بخط أبي الحسن محمد بن أبي الفتح أحمد بن الحسن بن عيسى الخشاب لنفسه أبياتا يرثي بها أباه أحمد، وقد توفي بحلب.
أتاني الدهر بما لم أزل
…
أحذره منه وأخشاه
بفقد مولى فعله دائما
…
للخير أدناه وأقصاه (19 - و)
مراقبا في كل أفعاله
…
لله ذي العزّة مولاه
تالي كتاب الله مستشعرا
…
بآيه قد فاز مسعاه
(1)
-انظره في الجامع الصغير للسيوطي:9154.
قوام ليل صائم دهره
…
ذو غيرة للدين أوّاه
غزير علم عالم عامل
…
رجاه
(1)
في أفعاله الله
كريم نفس باذل جهده
…
ينهب منه المال والجاه
باك لأولاد نبي الهدى
…
قد ذهبت بالدمع عيناه
وصول أرحام على قطعها
…
يعطي بيمناه ويسراه
يا رب بلغ أحمدا سؤله
…
أكرم غدا في البعث مثواه
أحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن الحسين بن عيسى بن يحيى بن الحسين
ابن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
أبو الطيب بن القاضي أبي محمد العلوي، الزيدي الشريف، أخو الشريف أبي الغنائم الزيدي النسابة، أصله من الكوفة.
وتولى أبوه أبو محمد القضاء بحلب في أيام سعد الدولة أبي المعالي شريف ابن سيف الدولة بن حمدان، وكان أبو الطيب هذا وأخوه مع أبيهما أبي محمد بحلب.
وذكره أخوه أبو الغنائم عبد الله بن الحسن الزيدي النسابة في كتاب نزهة عيون المشتاقين في النسب
(2)
، وذكر له أبياتا من الشعر، وأنه أنشده إياها لنفسه وهي:
اصبر فإن الصبر مركريه
…
سيعقب الصبر بما تشتهيه (19 - ظ)
كم آمل أمرا وقد فاته
…
فلم ينل بالسعي ما يرتجيه
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية: لو قال «رجاؤه في فعله الله» كان أجود. والصواب ما قاله الشاعر لان الشعر لا يستقيم الا بذلك.
(2)
-هو في حكم المفقود.
فكن على الصبر صبورا عسى
…
ينفعك الصبر بخير تليه
فكم عسير عزّ في عسره
…
هوّنه الرحمن باليسر فيه
أحمد بن الحسن الانطاكي أبو بكر.
روى عن أبي زكريا الحبّال، روى عنه أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إبراهيم الأنباري الضرير.
أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي في كتابه إلينا من نيسابور عن أبي الحسن علي ابن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي قال: حدثني أبو الفضل أحمد بن علي بن زريق المعري قال: أخبرنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري قال: حدثني أبو الفرج عبد الصمد بن أحمد بن عبد الصمد قال: حدثني أبو عبد الله أحمد بن محمد ابن إبراهيم الأنباري الضرير قال: حدثني أبو بكر أحمد بن الحسن الأنطاكي عن أبي زكريا الحبال عن أبي زيد النحوي عن معاذ بن العلاء قال: لما فتحت مدائن كسرى بيع تابوت مقفل فاشتراه توبة بن جلهمة
(1)
بثمانين دينارا، ففتحه فإذا فيه لوح من الذهب مرصع بالجوهر فيه تسع عشرة كلمة بالسريانية، ففسرت بالعربية فإذا هي من أكثر التفكر في الله تزندق، ومن تعاطى النجوم كفر، ومن كثر حديثه كذب، ومن طلب الدنيا بالكيمياء افتقر، ومن وقّر أباه زيد له في العمر، ومن وقر أمه رأى في بيته ما يسره، ومن أحدّ النظر إلى والديه فقد عقّهما (20 - و) والدهن يذهب البؤس، والكسوة الحسنة تظهر الغنى، والإحسان إلى المملوك يكبت الأعداء، ومشاش الطير يورث السل، واستقبال الشمس يورث الداء الدفين، والتخلل بالقصب يورث الداء في الفم، والتدلك بالنخالة يورث الفقر، ومسح الوجه بالذيل يجلب الصّرفة
(2)
، وأكل سؤر
(3)
الفأر يورث النسيان، ومن بات وفي جوفه وزن
(1)
-لم يرد ذكره في كتب الصحابة.
(2)
-أي مسح الوجه بذيل الثوب يجلب مصائب الدهر. انظر مادة «صرف» بالقاموس.
(3)
-السؤر: البقية.
درهم من جزر أمن ريح القولنج باقي ليلته، وما أقفر بيت فيه خلّ، وفوت الحاجة خير من طلبها من غير أهلها.
أحمد بن الحسن الملطي المقرئ.
أبو الحسن، قرأ على أبي الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصّلت بن شنبوذ، وروى عنه.
قرأ عليه وروى عنه أبو محمد الحسن بن ملاعب الحلبي المكفوف، وقيل في موضع آخر: قرأ عليه أبو الحسن أحمد بن ملاعب بن عبد الله الحلبي، والصحيح الحسن بن ملاعب.
أحمد بن الحسن المنبجي من رواة الشيعة:
يروي عن يعقوب بن شعيب، روى عنه الحسن بن محمد.
أحمد بن الحسن الاقليدسي.
أبو يوسف الحاسب المصّيصي، وقيل فيه أحمد بن الحسين، وقفت على كتاب صنفه في الجبر والمقابلة في علم الحساب، وهو كتاب حسن، تكلم في مقدمته في الدلالة على أن جميع العلوم مفتقرة إلى الحساب (20 - ظ).
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
من اسم أبيه الحسين من الأحمدين
أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن الحسين
الاصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
أبو القاسم الحسيني الشريف العقيقي الدمشقي، وبعضهم يسميه محمدا، ونسب العقيقي إلى جد جده محمد بن جعفر، وكان يعرف بالعقيقي، منسوب إلى العقيق
(1)
من ناحية المدينة.
وأبو القاسم هذا هو صاحب الدار والحمام المعروفين بالعقيقي
(2)
بناحية باب البريد بدمشق وكان من وجوه الأشراف بدمشق وأولي المراتب العالية والممدحين بها، وكان قدم إلى حلب وافدا على الأمير سيف الدولة، وكان مكرما له محترما عنده.
وسمع بحلب أبا عبد الله بن خالويه اللغوي، وسمع منه عبد العزيز بن محمد بن عبدويه الشيرازي، ومدحه الوأواء الدمشقي، وعبد الله بن محمد الخطابي الشاعر.
أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين بن هبة الله في كتابه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: قرأت بخط عبد العزيز بن محمد بن عبدويه
(1)
-بناحية المدينة فيه قصور ودور ومنازل. معجم البلدان.
(2)
-مكان مكتبه تربه الملك الظاهر بيبرس والحمام الملاصقة لها. انظر منادمة الاطلال لبدران:119.
الشيرازي: سمعت الشريف أبا القاسم أحمد بن الحسين الحسيني المعروف بالعقيقي يقول في قول الله عز وجل في قصة يوسف وخطابه لأخوته: «إنه من يتق ويصبر
(1)
» قال: يتق الله في جميع أموره ويصبر على العزوبة كما (23 - و) صبر يوسف عن زليخا وعزو بته في تلك السنين كلها
(2)
.
قرأت في جزء وقع إليّ من أماني أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، نكتتب من إملائه وعليه خطه: سأل سيف الدولة جماعة العلماء بحضرته ذات ليلة فقال: هل تعرفون اسما ممدودا وجمعه مقصور؟ فقالو: لا، فقال ابن خالويه ما تقول أنت؟ قلت أنا أعرف اسمين ممدودين وجمعها مقصور، قال: ما هما؟ قلت:
لا أقول لك ذلك إلا بألف درهم، ثم كتبت رقعة فقلت: إنما لم أقلهما لأن لا تؤخذ بغير شكر، وهما صحراء وصحارى، عذراء وعذارى، فلما كان بعد شهر كتبت إليه إني قد أصبت حرفين آخرين ذكر هما الجرمي في كتاب التنبيه، وهما صلفاء وصلافى وهي الأرض الغليظة، وخبراء وخبارى وهي أرض فيها ندوّة
(3)
، فلما كان بعد عشرين سنة من هذا الحديث أمللت هذهع الأحرف على أبي القاسم العقيقي أيده الله، فلما مضى إلى دمشق كتبت إليه: إنه بإقبال الشريف ويمنه لما استغرب هذه الأحرف وجدت حرفا خامسا ذكره ابن دريد في الجمهرة وهو سبتاء وسباتاء وهي الأرض الخشنة
(4)
.
قرأت في جزء وقع إلي بخط أبي القاسم حمزة بن عبد الله بن الحسين
(1)
-سورة يوسف-الآية:9:
(2)
-انظر مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور:45 - 46.
(3)
-منقع الماء وما لان من الارض واسترخى. القاموس.
(4)
-الذي جاء في جهرة ابن دريد:3/ 476: «ويقال نشمت الارض اذا انزت بالماء قال: والمنماة من الارض السوداء وهي السبتاء، والجمع السباتى» . هذا وكتب ابن العديم في حاشية الاصل «بعده الورقة المزيدة» . وجاءت بداية هذه الورقة في 24 - و، ونهايتها في 23 ذظ.
الا طرابلسي يتضمن تعليق وأمالي عن أبي عبد الله بن خالويه، وذكر أنه قرأه على ابن خالويه ونقله من خطه؛ نسخة كتاب كتبه أبو عبد الله بن خالويه إلى أبي القاسم أحمد بن الحسين العقيقي الحسيني.
هنّأتني برا ملكتت به
…
شكري وشكرك واجب فرض
لم يبتلل وجه ولا شفعت
…
شفعاء لي في منّها حض
ففداك منّا عون لو ملكوا
…
عدد البحار إذا لما بضّوا
سلام الله عليك وصلواته ومغفرته ورحمتع أيها السيد الكريم والشريف ذا الحكمة، يازينة الدنيا وبهجتها، أطال الله بقاءك ووهب والدك
(1)
ابن خالويه وقاك وفدك، فلقد تقيلت آباءك الطاهرين وتسنمّت جدك وأسلافك المنتجين وأشبهتهم خلقا وخلقا، ومضيت على أساسهم، قفوت حميد أفعالهم، فأصبحت فذّ الدهر، وقريع العصر، وواحد السمحاء وسيد الأدباء براعة وفصاحة، وكريم الكرماء سخاء وسماحة، وتبعت جدّيك محمدا سيد المرسلين وعليا سيد الوصيّين صلوات الله على ذكرا هما كلما ذر شارق وطرق أثناء الليل طارق، ونزعت إليهما حذو القدّة
(2)
، والماء بالماء، تهذيب خلق ومحض ضريبة، ودماثة شمائل، كرم سجيّة، أقول من قس
(3)
إذا نطق، وأفصح من سحبان وائل إذا خطب، وأسخى من الافظة كفا، وأجود من السحاب جودا، وأبهى من فحت
(4)
العمر، وأسنى من الهالة
(5)
فأنسأ الله أجلك، وبعّغك أكلأ الأعمار يد المسند وسمير الليالي مايل
(1)
-كذا بالاصل.
(2)
-القذة: ريش السهم، والقذ: الصاق القذذ بالسهم.
(3)
-أي قس بن ساعدة الايادي، وقد ورد ذكره في المجلدة الاولى.
(4)
-الفخت: ضوء القمر-القاموس.
(5)
-كتب ابن العديم في الحاشية: يعني الشمس.
بحر صوفه
(1)
، ونعمت ظبية في تنوفه
(2)
واستدار من رمل عالج كوفه
(3)
، وظهرت في أطفور ناشئ فوفه
(4)
.
كتبت غرّة الشهر إلى غرة الزمان عن سلامة تتم بسلامته، ونعمة من الله جل وعز لا أقوم بشكرها، وتوق إلى الشريف العقيقي لا أصفه.
فأيهات أيهات العقيق ومن به
…
وأيهات وهل بالعقيق تواصله
وهيهات هيهات أين للعقيقي شروى ونظير.
عقم النساء فما يلدن شبيهه
…
إن النساء بمثله عقم
وعن لوعة لا تطفى حرارتها إلا باجتماع وشيك لدى مولانا الشريف بن الشريف، والسيد بن السيد شريف
(5)
بن سيف الدولة أطال الله حياته وأعاشه عمر نصر بن دهمان، إذ كان لا يقطع مجالسه إلا بذكر مناقبك وصفاتك أتاح الله من ذلك ما تحبه.
ووصل كتاب سيدنا الشريف أدام الله عزه بعد ظمأ إليه، فما أتممت قراءته حتى تبادر أهل المجلس إلى نسخه استحسانا لألفاظه الجزلة، ومعانيه الفخمة، ووصلت معه، وصل الله أيامه بمحابه، الهدية النفيسة، والكسوة الشريفة.
(1)
-صوف البحر هنا زبده.
(2)
-التنوفة: المفازة أو الارض الواسعة البعيدة الاطراف، أو الفلاة لا ماء بها ولا أنيس وان كانت معشبة. القاموس.
(3)
-رمال بين فيد والقريات متصلة بالثعلبية التي هي من منازل طريق مكة من الكوفة، والكوفة اشتق اسمها من التكوف وهو اجتماع الرمل فالعرب تقول: رأيت كوفان للرميلة المستديرة.
(4)
-لم أهتد الى المقصود تماما، فالفوف كل قشر، وضرب من برود اليمن وقطع القطن والزهر، والاطفور الراكب فرسه اذا ادخل قدميه في رفغيها-أي فخذيها- وهو عيب للراكب. القاموس وتاج العروس.
(5)
-حمل لقب سعد الدولة وخلف أباه في امارة حلب-انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:364 - 365.
وذكر تمام الرسالة، اقتصرت منها على ما فيه وصف العقيقي وتقريظه، وألغيت ما عداه.
قرأت بخط أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي وأنبأنا عنه أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن محمد النسابه وغيره قال: وجدت بخط أبي محمد عبد المنعم بن علي ابن (24 - ظ) النحوي الدمشقي سنة ثمان وسبعين-يعني-وثلاثمائة: وفي يوم الثلاثاء لأربع خلون من جمادى الأولى منها توفي الشريف أبو القاسم العقيقي بين الصلاتين، وركب ابن البقّال المحتسب ودار البلد وأمر أن لا يفتح أحد من الغد إلا خباز أو قصاب، وأغلق البلد بأسره يوم الأربعاء، وأخرجت جنازته ضحوة إلى المصلى، وحضر بكجور
(1)
وأصحابه ومشى الأشراف خلف سريره، ودفن في المقبرة التي كان بناها خارج باب الصغير
(2)
.
أحمد بن الحسين بن بندار بن أبان الاصبهاني القاضي الطرسوسي.
أبو بكر، سمع أبا سعيد بن الاعرابي، وعبد الله بن محمد بن العلاء الطرسوسي، وكان زاهدا عابدا.
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني عن أبيه الامام تاج الاسلام أبي سعد قال: وأبو بكر أحمد بن الحسين بن بندار بن أبان الاصبهاني القاضي الطرسوسي الشيخ العابد الصالح المجتهد.
سمع أبا سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الاعرابي، وعبد الله بن محمد بن العلاء الطرسوسي، ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ في التاريخ.
وقال أبو بكر الطرسوسي: ورد علينا نيسابور عند محنة أهل طرسوس
(3)
(1)
-صاحب دمشق وواليها. انظر تاريخ دمشق لابن القلانس بتحقيقي: 48 - 67.
(2)
-ما زال موقعه معروفا في دمشق يحمل هذا الاسم نفسه.
(3)
-أي عندما سقطت لبيزنطة، وسبق ذكر ذلك في المجلدة السابقة.
وسكنها الى أن توفي بها بها في شهر رمضان سنة سبعين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة باب معمر.
أحمد بن الحسين بن الحسن بن علي، أبو بكر البروجردي:
نزيل حلب (25 - و) حدث بها عن أبي الحسن علي بن محمد الفقيه، روى عنه أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري المقرئ.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر رواج الاسكندراني بمنظرة سيف الاسلام بين مصر والقاهرة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد ابن ابراهيم السلفي، والشريفان أبو محمد عبد الله وأبو الطاهر اسماعيل ابنا أبي الفضل عبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل العثمانيان الديباجيان-كلهم اجازة قالوا: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن حمود المالكي قال: أخبرنا أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد الطبري المقرئ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البروجردي بحلب قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد الفقيه قال: حدثنا أبو القاسم اسماعيل بن القاسم قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الحميد قال: حدثنا خلاد بن أسلم قال: حدثنا مروان بن معاوية عن أبان بن اسحاق عن الصباح بن محمد عن أبي حازم عن مرّة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استحيوا من الله حق الحياء» قالوا: يا رسول الله انا لنستحيي، قال: ليس ذلك، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى، وليحفظ البطن وما وعى وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء
(1)
(25 - ظ).
(1)
-انظره في كنز العمال:3/ 5753.
أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد، أبو الطيب الجعفي الكوفي
الشاعر المعروف بالمتنبي:
وقيل: هو أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار، وكان والده الحسين يعرف بعيدان السقاء، وكان أبو الطيب شاعرا مشهورا مذكورا محظوظا من الملوك والكبراء الذين عاصرهم، والجيد من شعره لا يجاري فيه ولا يلحق، والردي منه في نهاية الرداءة والسقوط، وكان يتعظم في نفسه ويترفع، وقيل انه ادعى النبوة في حداثته فلقب بالمتنبي لذلك، وكان عارفا باللغة قيما بها.
قدم الشام في صباه وجال في أقطارها، وصعد بعد ذلك الى الديار المصرية، وكان بها في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، ثم قدم حلب وافدا على الامير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، ومادحا له، فأكرمه ونفق عليه، وصار خصيصا به، ملازما له حضرا وسفرا الى أن خرج من حلب غضبان بسبب كلام وقع بينه وبين أبي عبد الله بن خالويه في مجلس سيف الدولة، فضربه ابن خالويه بمفتاح.
وكان دخوله الى حلب سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وخروجه منها الى مصر الدفعة الثانية في سنة ست وأربعين وثلاثمائة، وكان نزوله بحلب في محلتنا المعروفة بآدر بني كسرى.
قال لي والدي: وكانت داره دارا هي لآن خانكاه سعد الدين كمشتكين
(1)
ملاصقة لداري.
وكان ابن خالويه مؤدب ولدي الامير سيف الدولة: أبي المكارم، وأبي المعالي،
(1)
-قام مكانها «المدرسة الصلاحية» في محلة سويقة علي. انظر الآثار الاسلامية والتاريخية في حلب لاسعد طلس ط. دمشق 228:1956 - 229.
فظفرت بجزء خط ابن خالويه ذكر فيه ما يحفظه الاميران المذكوران، فذكر أنواعا من الفقه والادب (26 - و) وأشعار العرب وقال في جملتها: ويحفظان من شعر الشاعر المعروف بالمتنبي كذا وكذا قصيدة، وعينها، ولم يذكر أنهما يحفظان لغيره من العصريين شيئا، وهذا يدل على عظم قدره وجلالة أمره في ذلك الزمان.
روى عن أبي الطيب: القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي، وأبو الفتح عثمان بن جني النحوي، وأبو محمد الحسن بن علي بن الصقر الكاتب، وأبو الحسن علي بن أيوب بن الحسين بن الساربان الكاتب، والاستاذ أبو علي أحمد بن محمد مسكويه، وأبو عبد الله بن باكويه الشيرازي، وأبو الحسن علي ابن عيسى الربعي، وأبو القاسم بن حسن الحمصي، وعبد الصمد بن زهير بن هرون بن أبي جرادة، ومحمد بن عبد الله بن سعد النحوي الحلبيان، وعبد الله ابن عبيد الله الصفري الشاعر الحلبي، وعبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الجوع الوراق المصري، وأبو اسحاق ابراهيم بن عبد الله بن المغربي، وأبو بكر الطائي، وأبو القاسم النيلبختي، وأبو محمد الحسن بن عمر بن ابراهيم، وأبو العباس بن الحوت، وجماعة سواهم.
أنبأنا تاج الامناء أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: قال لنا هبة الله بن عبد الله بن أحمد الواسطي: قال لنا أبو بكر الخطيب: عيدان بكسر العين وبالياء المعجمة باثنتين من تحتها، هو والد أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي، كان يعرف بعيدان السقاء
(1)
.
أخبرني صديقنا أبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي مولى الحموي البغدادي قال: رأيت (26 - ظ) ديوان أبي الطيب المتنبي بخط أبي الحسن علي بن عيسى الربعي قال في أوله: الذي أعرفه من نسب أبي الطيب أنه: أحمد بن الحسين بن
(1)
-مختصر تاريخ دمشق:3/ 49. تاريخ بغداد:4/ 103.
مرة بن عبد الجبار الجعفي، وكان يكتم نسبه، وسألته عن سبب طيه ذلك؟ فقال:
اني أنزل دائما بعشائر وبقبائل من العرب، ولا أحب أن يعرفوني خيفة أن يكون لهم في قومي تره
(1)
، وهذا الذي صح عندي من نسبه
(2)
.
قال: واجتزت أنا وأبو الحسن محمد بن عبيد الله السلامي الشاعر على الجسر ببغداد وعليه من جملة السؤال رجل مكفوف، فقال لي السلامي: هذا المكفوف أخو المتنبي، فدنوت منه فسألته عن ذلك، فصدقه، وانتسب هذا النسب، وقال:
من هاهنا انقطع نسبنا.
وكان مولده بالكوفة في كنده سنة ثلاث وثلاثمائة، وأرضعته امرأة علوية من آل عبيد الله.
قال الربعي: وقال لي المتنبي: كنت أحب البطالة وصحبة البادية، وكان يذم أهل الكوفة لانهم يضيقون على أنفسهم في كل شيء حتى في الاسماء فيتداعون بالالقاب، ولما لقبت بالمتنبي ثقل ذلك علي زمانا، ثم ألفته.
وقال الربعي: رأيت عنده بشيراز جزءا من شعره بخط ابن أبي الجوع الوراق المصري، وعليه بخط آخر المتنبي السلمي البغدادي، فقال: ما كفاه أن عزاني الي غير بلدي حتى نسبني الى غير أبي، قال: وما أظن أن أحدا صدق في رواية هذا الديوان صدقي، فانني كنت أكاثره ونحن (27 - و) بشيراز وربما أخذ عني من كلام أبي علي النحوي، وسمعت شعره يقرأ عليه دفعات، ولم أقرأ عليه بلفظي الا العضديات والعميديات فإني قرأتها تكرمة لمن قيلت فيه، ونقلتها بخطي من مدرج بخطه كان معه. هذا آخر كلام الربعي.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي، فيما أذن لنا فيه، قال:
(1)
-أي ثأر.
(2)
-لم يترجم ياقوت للمتنبي في معجم الادباء.
أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: قال لنا أبو بكر الخطيب: أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد، أبو الطيب الجعفي الشاعر المعروف بالمتنبي، بلغني أنه ولد بالكوفة في سنة ثلاث وثلاثمائة، ونشأ بالشام، وأكثر المقام بالبادية، وطلب الادب وعلم العربية، ونظر في أيام الناس، وتعاطى قول الشعر من حداثته حتى بلغ فيه الغاية التي فاق أهل عصره، وعلا شعراء وقته.
واتصل بالامير أبي الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة، وانقطع اليه، وأكثر القول في مديحه، ثم مضى الى مصر، فمدح بها كافور الخادم، وأقام هناك مدة، ثم خرج من مصر وورد العراق، ودخل بغداد، وجالس بها أهل الأدب، وقرئ عليه ديوانه.
فحدثني أحمد بن أبي جعفر القطيعي عن أبي أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي قال: لما ورد المتنبي بغداد سكن في ربض حميد، فمضيت الى الموضع الذي نزل فيه لأسمع منه شيئا من شعره، فلم أصادفه، فجلست أنتظره، وأبطأ علي، فانصرفت من غير أن القاه، ولم أعد إليه (27 - ظ) بعد ذلك، وقد كان القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي سمع منه ديوانه ورواه عنه.
قال الخطيب: أخبرنا علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال: حدثني أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي الزيدي قال: كان المتنبي وهو صبي ينزل في جواري بالكوفة، وكان يعرف أبوه بعيدان السقاء، يستقي لنا ولا هل المحلة.
ونشأ هو محبا للعلم والادب فطلبه، وصحب الاعراب في البادية، فجاءنا بعد سنين بدويا قحا، وقد كان تعلم الكتابة والقراءة، فلزم أهل العلم والادب، وأكثر من ملازمة الوراقين، فكان علمه من دفاترهم.
فأخبرني وراق، كان يجلس اليه يوما، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى
ابن عيدان قط، فقلت له: كيف؟ فقال: كان اليوم عندي وقد أحضر رجل كتابا من كتب الاصمعي، سماه الوراق وأنسيه أبو الحسن، يكون نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، قال: فأخذ ينظر فيه طويلا، فقال له الرجل: أريد بيعه، وقد قطعتني عن ذلك، فان كنت تريد حفظه فهذا ان شاء الله يكون بعد شهر، قال: فقال له ابن عيدان فان كنت قد حفظته في هذه المدة فمالي عليك؟ قال: أهب لك الكتاب، قال:
فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يتلوه علي الى آخره، ثم استلبه فجعله في كمه وقام، فعلق به صاحبه وطالبه بالثمن، فقال: ما الى ذلك سبيل، قد وهبته لي، قال:
فمنعناه منه وقلنا له: أنت شرطت على نفسك هذا للغلام، فتركه عليه.
وقال (28 - ظ) أبو الحسن: كان عيدان والد المتنبي يذكر أنه من جعفى، وكانت جدة المتنبي همدانية صحيحة النسب لا أشك فيها، وكانت جارتنا، وكانت من صلحاء النساء الكوفيات.
قال التنوخي: قال أبي: فاتفق مجئ المتنبي بعد سنين الى الاهواز منصرفا من فارس، فذاكرته بأبي الحسن، فقال: تربي وصديقي وجاري بالكوفة، وأطراه ووصفه، وسألت المتنبي عن نسبه، فما اعترف لي به، وقال: أنا رجل أخبط القبائل وأطوي البوادي وحدي، ومتى انتسبت لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بينها وبين القبيلة التي أنتسب اليها، وما دمت غير منتسب الى أحد فأنا أسلم على جميعهم ويخافون لساني.
قال: واجتمعت بعد موت المتنبي بسنين مع القاضي أبي الحسن بن أم شيبان الهاشمي الكوفي وجرى ذكر المتنبي فقال: كنت أعرف أباه بالكوفة شيخا يسمى عيدان، يسقي على بعير له، وكان جعفيا صحيح النسب.
قال: وقد كان المتنبي لما خرج الى كلب وأقام فيهم ادعى أنه علوي حسني، ثم ادعى بعد ذلك النبوة، ثم عاد يدعي أنه علوي الى أن أشهد عليه بالشام بالكذب
في الدعوتين، وحبس دهرا طويلا وأشرف على القتل، ثم استتيب وأشهد عليه بالتوبة وأطلق
(1)
.
قرأت بخط عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الجوع الوراق المصري: سألت أبا الطيب المتنبي أحمد بن الحسين بن الحسن (28 - ظ) عن مولده ومنشئه؟ فقال: ولدت بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة في كنده، ونشأت بها، ودخلت مدينة السلام، ودرت الشام كله سهله وجبله.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الاخضر البغدادي في كتابه قال:
أخبرنا الرئيس أبو الحسن علي بن علي بن نصر بن سعيد البصري قال: أخبرنا أبو البركات محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل قال: أخبرنا علي بن أيوب بن الحسين بن الساربان قال: ولد أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن المتنبي بالكوفة في محلة كنده سنة ثلاث وثلاثمائة، وقال الشعر وهو صبي في المكتب.
وقرأت في بعض النسخ من شعره أن مولده قيل على التقريب لا على التحقيق وقرأت في تاريخ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي الحلبي، وأخبرنا به المؤيد بن محمد الطوسي اجازة عنه، قيل انه ولد-يعني المتنبي-سنة احدى وثلاثمائة
(2)
، والاول أصح، والله أعلم.
أخبرنا أبو الدر ياقوت بن عبد الله الحموي قال: ذكر أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني، ونقلته من خطه، أن المتنبي لما ذكر في القصيدة التي أولها.
كفى أراني ويك لومك ألوما
(3)
.
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 102 - 104.
(2)
-كذا بالاصل وجاء في تاريخ العظيمي ط. دمشق 280:1985 في حوادث سنة ثلاث وثلاثمائة: «وولد أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي بالكوفة في كندة» .
(3)
-ليس في ديوانه.
النور الذي يظاهر لا هو تيته في ممدوحه، وقال:
أنا مبصر وأظن أنّي حالم
(1)
ودار على الألسن، قالوا: قد تجلى لأبي الطيب ربّه، وبهذا وقع في السجن والوثاق الذي ذكره في شعره أيا خدّد الله ورد الخدود
(2)
.
ولم يذكر سبب لقبه على صدقه (29 - و) وإنما وجّه له وجها ما، كما حكى عنه أبو الفتح عثمان بن جني أن سببه هو قوله:
أنا في أمة تداركها الله
…
غريب كصالح في ثمود
(3)
وإنما هو أن الخيوط في رأسه كانت تديره وتزعجه، فتحين غيبة سيف الدولة في بعض غزواته، وقصد أعراب الشام، واستغوى مقدار ألف رجل منهم، واتصل خبره بسيف الدولة فكرّ راجعا وعاجله فتفرق عنه أصحابه، وجئ به أسيرا، فقال له: أنت النبي؟ قال: بل أنا المتنبي حتى تطعموني وتسقوني فإذا فعلتم ذلك فأنا أحمد بن الحسين، فأعجب بثبات جأشه وجرأته في جوابه، وحقن دمه وألقاه في السجن بحمص إلى أن قرر عنده فضله فأطلقه واستخصه، ولما أكثروا ذكره بالتبني تلقب به كيلا يصير ذمّا، إذا احتشم أخفي عنه، وشتما لا يشافه به. واستمر الأمر على ما تولى التقلب به.
قلت: قول أبي الريحان: «إنه تحين غيبة سيف الدولة في بعض غزواته» الى آخر ما ذكره ليس بصحيح، فإن أهل الشام وغيرهم من الرواة لم ينقلوا أن
(1)
-ليس في ديوانه.
(2)
-الشطر الثاني: وقد قدود الحسان القدود. ديوانه ط.76:1969.
(3)
-ديوانه:73.
المتنبي ظهر منه شيء من ذلك في أيام سيف الدولة ومملكته بحلب والشام، ولا أنه حبسه منذ اتصل به، وإنما كان ذلك في أيام لؤلؤ الإخشيذي أمير حمص.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن البغدادي كتابه قال أخبرنا أبو منصور بن زريق، قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: وأخبرنا علي بن المحسن التّنوخي قال:
حدثنا أبي (29 - ظ) قال: حدثني أبو علي بن أبي حامد قال: سمعت خلقا بحلب يحكون، وأبو الطيب المتنبي بها إذ ذاك، أنه تنبأ في بادية السماوة ونواحيها الى أن خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الإخشيذية فقاتله وأسره وشرد من كان اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب وحبسه في السجن دهرا طويلا فاعتل وكاد أن يتلف حتى سئل في أمره فاستتابه، وكتب عليه وثيقة أشهد عليه فيها ببطلان ما ادعاه ورجوعه الى الإسلام وأنه تائب منه، ولا يعاود مثله وأطلقه.
قال: وكان قد تلا على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه وكانوا يحكون له سورا كثيرة، نسخت منها سورة ضاعت وبقي أولها في حفظي وهو: والنجم السيار، والفلك الدوّار، والليل النهار إن الكافر لفي أخطار، امضى على سننك، واقف إثر من كان قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك زيغ من ألحد في دينه وضلّ عن سبيله، قال: وهي طويلة لم يبق في حفظي منها غير هذا.
قال: وكان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة-ونحن إذ ذاك بحلب-يذكر له هذا القرآن وأمثاله مما كان يحكى عنه، فينكره ويجحده.
قال: وقال له ابن خالويه النحوي يوما في مجلس سيف الدولة: لولا أن الآخر جاهل لما رضي أن يدعى بالمتنبي، لأن متنبي معناه كاذب، ومن رضي أن يدعى بالكذب فهو جاهل، فقال له (30 - و) أنا لست أرضى أن أدعى بهذا، وانما يدعوني به من يريد الغض مني، ولست أقدر على الامتناع.
قال الخطيب: قال لنا التنوخي: قال: قال لي أبي: فأما أنا فإني سألته بالأهواز في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، عند اجتيازه بها الى فارس، في حديث
طويل جرى بيننا، عن معنى المتنبي، لأني أردت أن أسمع منه هل تنبىّ أم لا؟ فأجابني بجواب مغالط لي، وهو أن قال: هذا شيء كان في الحداثة أوجبته الصورة، فاستحييت أن أستقصي عليه وأمسكت.
وقال لي أبو علي بن أبي حامد: قال لي أبي ونحن بحلب، وقد سمع قوما يحكون عن أبي الطيب المتنبي هذه السورة التي قدمنا ذكرها: لولا جهله أين قوله:
«امضي على سننك» إلى آخر الكلام من قول الله تعالى: «فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين»
(1)
إلى آخر القصة، وهل تتقارب الفصاحة فيهما أو يشتبه الكلامان
(2)
؟!
قرأت في نسخة وقعت إلي من شعر أبي الطيب المتنبي ذكر فيها عند قوله:
أبا عبد الإله معاذ أنى خفي
…
عنك في الهيجاء مقامي
ذكرت جسيم ما طلبي وإنّ
…
نخاطر فيه بالمهج الجسام
أمثلي تأخذ النكبات منه
…
ويجزع من ملاقاة الحمام
ولو برز الزمان إلي شخصيا
…
لخضبّ شعر مفرقه حسامي
وما بلغت مشيتها الليالي
…
ولا سارت وفي يدها زمامي
(30 - ظ)
إذا امتلأت عيون الخيل مني
…
فويل للتيقظ والمنام
(3)
وقال: أبو عبد الله معاذ بن اسماعيل اللاذقي: قدم المتنبي اللاذقية في سنة نيف وعشرين وثلاثمائة وهو كما عذر
(4)
، وله وفرة الى شحمتي أذنه، وضوى إلي فأكرمته وعظمته لما رأيت من فصاحته وحسن سمته، فلما تمكن الأنس بيني وبينه،
(1)
- سورة الحجر الآية:94.
(2)
- تاريخ بغداد:4/ 104 - 105.
(3)
-ديوانه:222.
(4)
-عذر تعذيرا: الغلام نبت شعر عذاره: القاموس.
وخلوت معه في المنزل اغتناما لمشاهدته، واقتباسا من أدبه، وأعجبني ما رأيت، قلت: والله انك لشاب خطير تصلح لمنادمة ملك كبير، فقال لى: ويحك أتدري ما تقول: أنا بني مرسل، فظننت أنه يهزل، ثم فكرت أني لم أحصّل عليه كلمة هزل منذ عرفته، فقلت له: ما تقول؟ فقال: أنا نبي مرسل، قلت له: مرسل الى من؟ قال: الى هذه الأمة الضالة المضلة، قلت: تفعل ماذا؟ قال أملأها عدلا كما ملئت جورا، قلت بماذا؟ قال: بإدرار الأرزاق والثواب العاجل والآجل لمن أطاع وأتى، وضرب الأعناق وقطع الأرزاق لمن عصى وأبى، فقلت له: إن هذا أمر عظيم أخاف منه عليك أن يظهر، وعذلته على قوله ذلك، فقال بديها:
أبا عبد الله معاذ أنى خفى
…
عنك في الهيجاء مقامي
الأبيات، فقلت له: لم ذكرت أنك نبي مرسل إلى هذه الأمة، أفيوحى إليك؟ قال: نعم، قلت: قاتل علي شيئا من الوحي إليك، فأتاني (31 - و) بكلام ما مر بسمعي أحسن منه، فقلت: وكم أوحي إليك من هذا؟ فقال: مائة عبرة وأربع عشرة عبرة، قلت: وكم العبرة؟ فأتى بمقدار أكبر الآي من كتاب الله، قلت:
ففي كم مدة أوحي إليك، قال: جملة واحدة، قلت، فأسمع في هذه العبر أن لك طاعة في السماء فما هي؟ قال: أحبس المدرار لقطع أرزاق العصاة والفجار، قلت أتحبس من السماء مطرها؟ قال: أي والذي فطرها، أفما هي معجزة؟ قلت: بلى والله، قال: فإن حبست عن مكان تنظر إليه ولا تشك فيه هل تؤمن بي وتصدقني على ما أتيت به من ربي؟ قلت: أي والله، قال: سأفعل فلا تسألني عن شيء بعدها حتى آتيك بهذه المعجزة ولا تظهر شيئا من هذا الأمر حتى يظهر، وانتظر ما وعدته من غير أن تسأله، فقال لي بعد أيام: أتحب أن تنظر الى المعجزة التي جرى ذكرها؟ قلت: بلى والله، فقال لي: إذا أرسلت إليك أحد العبيد فاركب معه ولا تأخر ولا يخرج معك أحد، قلت: نعم.
فلما كان بعد أيام تغيمت السماء في يوم من أيام الشتاء، وإذا عبده قد أقبل، فقال: يقول لك مولاي: اركب للوعد، فبادرت بالركوب معه، وقلت أين ركب مولاك؟ فقال: الى الصحراء ولم يخرج معه أحد غيري، واشتد وقع المطر، فقال:
بادر بنا حتى نستكن معه من هذا المطر، فإنه ينتظرنا بأعلى تل لا يصيبه فيه المطر، قلت: وكيف عمل؟ قال: أقبل ينظر الى السماء (31 - ظ) أول ما بدا السحاب الأسود وهو يتكلم بما لا أفهم، ثم أخذ السوط فأدار به في موضع ستنظر اليه من التل وهو يهمهم والمطر مما يليه ولا قطرة منه عليه، فبادرت معه حتى نظرت إليه، واذا هو على تل على نصف فرسخ من البلد فأتيته وإذا هو عليه قائم ما عليه من ذلك المطر قطرة واحدة، وقد خضت في الماء الى ركبتي الفرس والمطر في أشد ما يكون، ونظرت الى نحو مائتي ذراع في مثلها من ذلك التل يابس ما فيه ندى ولا قطرة مطر، فسلمت عليه، فرد علي وقال لي: ما ترى؟ فقلت: ابسط يدك فإني أشهد أنك رسول الله، فبسط يده فبايعته بيعة الاقرار بنبوته، ثم قال لي: ما قال هذا الخبيت لما دعا بك-يعني عبده-؟ فشرحت له ما قال لي في الطريق لما استخبرته، فقتل العبد وقال:
أي محل أرتقي
…
أي عظيم أتقي
وكلّما قد خلق الل
…
هـ وما لم يخلق
محتقر في همّتي
…
كشعرة في مفرقي
(1)
وأخذت بيعته لأهلي، ثم صح بعد ذلك أن البيعة عمّت كل مدينة بالشام وذلك بأصغر حيلة تعلمها من بعض العرب، وهي صدحة المطر، يصرفه بها عن أي مكان أحب بعد أن يحوي عليه بعضا وينفث بالصدحة التي لهم، وقد رأيت كثيرا منهم بالسكون وحضرموت والسكاسك من اليمن يفعلون هذا ولا يتعاظمونه
(1)
-ديوانه:174.
حتى أن أحدهم يصدح عن غنمة وابله وبقره، وعن القرية من القرى فلا يصيبها من المطر قطرة ويكون المطر (32 - و) مما يلي الصدحة، وهو ضرب من السحر، ورأيت لهم من السحر ما هو أعظم من هذا، وسألت المتنبي بعد ذلك: هل دخلت السكون؟ قال: نعم، ووالدي منها، أما سمعت قولي:
أمنسيّ السّكون وحضرموتا
…
ووالدتي وكندة والسّبيعا
(1)
فقلت: من ثم استفاد ما جوزه على طغام أهل الشام، وجرت له أشياء بعد ذلك من الحروب والحبس والانتقال من موضع إلى موضع حتى حصل عند سيف الدولة وعلا شأنه.
قلت: والصدحة التي أشار إلى أنها تمنع المطر معروفة إلى زماننا هذا، وأخبرني غير واحد ممن أثق به من أهل اليمن أنهم يصرفون المطر عن الإبل والغنم وعن زرع عدوه، وإن رعاء الإبل والغنم ببلادهم يستعملون ذلك، وهو نوع من السحر.
وذكر أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن فورجة في كتاب التجنّي على ابن جنيّ قال: أخبرني أبو العلاء أحمد بن سليمان المعري عمن أخبره من الكتاب قال: كنت بالديوان في بعض بلاد الشام، فأسرعت المدية في اصبع بعض الكتاب وهو يبري قلمه وأبو الطيب حاضر، فقام إليه وتفل عليه وأمسكها ساعة بيده، ثم أرسلها وقد اندملت بدمها، فجعل يعجب من ذلك ويري من حضر أن ذلك من معجزاته.
قال: ومما كان يمخرق به على أبيات البادية أنه كان مشّاء قويا على السير سيرا لا غاية بعده، وكان عارفا (32 - ظ) بالفلوات، ومواقع المياه، ومحال
(1)
-ديوانه:154.
العرب بها، فكان يسير من حلة إلى حلة بالبادية في ليلة وبينهما مسيرة ثلاث. فيأتي ماء ويغسل يديه ووجهه ورجله، ثم يأتي أهل تلك الحلّة فيخبرها عن الحلة التي فارقها، ويريهم أن الأرض طويت له، فلما علت سنّه رغب عن ذلك وزهد فيه.
وأقبل على الشعر وقد وسم بتلك السّمة.
أنبأنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر قال: أخبرنا الرئيس أبو الحسن علي بن علي بن نصر بن سعيد قال: أخبرنا أبو البركات محمد بن عبد الله ابن يحيى قال: أخبرنا علي بن أيوب بن الحسين قال: أنشدنا أبو الطيب المتنبي لنفسه. وكان قوم في صباه وشوا به إلى السلطان، وتكذبوا عليه، وقالوا له:
قد انقاد له خلق من العرب وقد عزم على أخذ بلدك حتى أوحشوه منه، فاعتقله وضيق عليه، فكتب إليه يمدحه:
أيا خدّد الله ورد الخدود
…
وفدّ قدود الحسان القدود
فهنّ أسلن دما مقلتي
…
وعذّبن علبي بطول الصّدود
قال فيها في ذكر الممدوح:
رمى حلبا بنواصي الخيول
…
وسمر يرقن دما في الصّعيد
وبيض مسافرة ما يقم
…
ن لا في الرقاب ولا في الغمود
يقدن الفناء غداة اللقاء
…
إلى كل جيش كثير العديد
(33 - و)
فولّى بأشياعه الخرشنيّ
…
كشاء أحس بزأر الأسود
يرون من الذعر صوت الرياح
…
صهيل الجياد وخفق البنود
فمن كالأمير ابن بنت الأمي
…
ر أم من كآبائه والجدود
سعوا للمعالي وهم صبية
…
وسادوا وجادوا وهم في المهود
أمالك رقي ومن شأنه
…
هبات اللّجين وعتق العبيد
دعوتك عند انقطاع الرجا
…
ء والموت مني كحبل الوريد
دعوتك لما براني البلى
…
وأوهن رجليّ ثقل الحديد
وقد كان مشيهما في النعال
…
فقد صار مشيهما في القيود
وكنت من الناس في محفل
…
فها أنا في محفل من قرود
تعجّل فيّ وجوب الحدود
…
وحدّي قبيل وجوب السجود
وقيل عدوت على العالمين
…
بين ولادي وبين القعودي
فما لك تقبل زور الكلام
…
وقدر الشهادة قدر الشهود
فلا تسمعن من الكاذبين
…
ولا تعبأن بمحك
(1)
اليهود
وكن فارقا بين دعوى أردت
…
ودعوى فعلت بشأو بعيد
وفي جود كفّيك ما جدت لي
…
بنفسي ولو كنت أشقى ثمود
(2)
وذكر أبو منصور الثعالبي في اليتيمة عن ابن جني أنه قال: سمعت أبا الطيب يقول: إنما لقبت بالمتنبي لقولي: (33 - ظ)
أنا في أمة تداركها الله
…
غريب كصالح في ثمود
ما مقامي بدار نخلة إلاّ
…
كمقام المسيح بين اليهود
(3)
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أنشدنا الأستاذ أبو علي أحمد بن محمد المعروف بمسكويه قال: أنشدنا المتنبي:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
…
عدوا له ما من صداقته بدّ
(4)
(1)
-في ديوانه:77 «بعجل» .
(2)
-ديوانه:76 - 77.
(3)
- يتيمة الدهر ط. القاهرة 1/ 129:1956.
(4)
-ديوانه:83.
قال: قيل للمتنبي: على من تنبأت؟ قال: على الشعراء، فقيل لكل نبي معجزة فما معجزتك؟ قال: هذا البيت.
وقرأت في رسالة علي بن منصور الحلبي، المعروف بدوخله، وهي التي كتبها إلى أبي العلاء بن سليمان وأجابه عنها برسالة الغفران، وذم فيها أبا الطيب المتنبي وقال: وذكر ابن أبي الأزهر والقطر بلي في التاريخ الذي اجتمعا على تصنيفه
(1)
أن الوزير علي بن عيسى أحضره إلى مجلسه فقال له: أنت أحمد المتنبي؟ فقال: أنا أحمد النبي، ولي علامة في بطني خاتم النبوة، وأراهم شبيها بالسلعة على بطنه فأمر الوزير بصفعه فصفع وقيد، وأمر بحبسه في المطبق.
ثم طالعت التاريخ المشار اليه فقرأت فيه حوادث سنة اثنتين وثلاثمائة (34 - و) قال: وفيها جلس الوزير علي بن عيسى للنظر في المظالم، وأحضر مجلسه المتنبي وكان محبوسا ليخلي سبيله، فناظره بحضرة القضاة والفقهاء، فقال: أنا أحمد النبي ولي علامة في بطني خاتم النبوة، وكشف عن بطنه وأراهم شبيها بالسلعة
(2)
على بطنه، فأمر الوزير بصفعه فصفع مائة صفعة، وضربة وقيده، وأمر بحبسه في المطبق
(3)
. فبان لي أن أبا الحسن علي بن منصور الحلبي رأى في تاريخ ابن أبي الازهر والقطربلي «ذكر أحمد المتنبي» فظنه أبا الطيب أحمد بن الحسين، فوقع في الغلط الفاحش لجهله بالتاريخ، فان هذه الواقعة مذكورة في هذا التاريخ في سنة اثنتين وثلاثمائة، ولم يكن المتنبي ولد بعد، فان مولده على الصحيح في سنة ثلاث وثلاثمائة، وقيل ان مولده سنة احدى وثلاثمائة، فيكون له من العمر
(1)
-اسم هذا الكتاب «الهرج والمرج» والقطربلي هو أبو محمد عبد الله بن الحسين وابن أبي الازهر هو محمد بن مزيد، انظر كتابي تاريخ أخبار القرامطة:26.
(2)
-السلع: البرص وتشقق القدم. القاموس.
(3)
-سجن بغداد.
سنة واحدة وأبو محمد عبد الله بن الحسين الكاتب بن القطربلي ومحمد بن أبي الازهر ماتا جميعا قبل أن يترعرع المتنبي ويعرف.
وهذا المتنبي الذي أحضره علي بن عيسى هو رجل من أهل أصبهان تنبأ في أيام المقتدر، يقال له أحمد ابن عبد الرحيم الاصبهاني، ووجدت ذكره هكذا منسوبا في كتاب عبيد الله بن أحمد بن طاهر الذي ذيل به كتاب أبيه في تاريخ بغداد
أخبرني ياقوت بن عبد الله الحموي قال: وقع لي كتاب مصنف في أخبار أبي الطيب صغير الحجم تصنيف الاستاذ (34 - ظ) أبو القاسم عبيد الله بن عبد الرحيم الاصبهاني، وذكر فيه ادعاءه النبوة، وقال فيه: وقد هجاه الشعراء بذلك فقال الضب الضرير الشامي فيه:
أطللت يا أيها الشقي دمك
…
لا رحم الله روح من رحمك
أقسمت لو أقسم الامير علي
…
قتلك قتل العشار ما ظلمك
ويروى قبل العشاء، فأجابه المتنبي فقال:
إيها أتاك الحمام فاخترمك
…
غير سفيه عليك من شتمك
همك في أمرد تقلّب في
…
عين دواة من صلبه قلمك
وهمّتي في انتضاء ذي شطب
…
أقد يوما بحده أدمك
فاخسئ كليبا واقعد على ذنب
…
وأطل بما بين أليتيك فمك
(1)
قال: وهجاه شاعر آخر فقال-وقيل هو الضب أيضا:
قد صح شعرك والنبوة لم تصح
…
والقول بالصدق المبين يتضح
الزم مقال الشعر تحظ برتبة
…
وعن التنبي لا أبا لك فانتزح
تربح دما قد كنت توجب سفكه
…
إن الممتع بالحياة لمن ربح
(1)
-ليس في ديوانه.
فأجابه بأبيات وهي:
نار الذراية من لساني تقتدح
…
تغدو عليّ من النهى ما لم يرح
بحر لو اغترفت لطامة موجه
…
بالأرض والسبع الطباق لما نزح (35 و)
أمري إلي فإن سمحت بمهجة
…
كرمت عليّ فإن مثلي من سمح
(1)
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي وأبو يعقوب يوسف بن محمود الساوي الصوفي قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي اجازة-ان لم يكن سماعا-قال: سمعت أبا عبد الله الحسين ابن علي بن همام الحسيني الطالقاني ببغداد يقول: هجا أبو عبد الله بن الحجاج أبا الطيب المتنبي لما دخل بغداد بمقطعات منها:
ياديمة الصفع هبّي
…
على قفا المتنبي
ويا قفاه تقدم
…
تعال واجلس بجنبي
ويا يدي فاصفعيه
…
بالنعل حتى تدبي
ان كان هذا نبي
…
فالقرد لا شك ربي
فلما بلغ أبا الطيب قال:
عارضني كلب بني دارم
…
فصنت منه الوجه والعرضا
ولم أكلمه احتقارا به
…
من ذا يعض الكلب إن عضا
(2)
كذا رواه السلفي «هبى» والمحفوظ «صبي» .
وقال لي ياقوت الحموي: وذكر الاستاذ أبو القاسم عبيد الله بن عبد الرحيم الأصبهاني في أخبار أبي الطيب قال: وقد تعلق قوم ممن يتعصب على المتنبي
(1)
-ليس في ديوانه.
(2)
-ليس في ديوانه المطبوع.
فانتزع من شعره أبياتا زعم أنها تدل على فساد اعتقاد، وقد جعل لها من يتعصب وجها منها.
هوّن على بصر ما شق منظره
…
فإنما يقظات العين كالحلم (35 - ظ)
قالوا: هذا البيت من اعتقاد السوفسطائية، وقوله في أخرى:
تمتع من سهاد أو رقاد
…
ولا تأمل كرى تحت الرجام
فإن لثالث الحالين معنى
…
سوى معنى انتباهك والمنام
(1)
قالوا: فهذا ينبي عن اعتقاد الحشيشية
(2)
، وقوله في أخرى:
تخالف الناس حتى لا اتفاق لهم
…
إلاّ على شجب والخلف في الشجب
فقيل تسلم نفس المرء باقية
…
وقيل تشرك جسم المرء في العطب
(3)
قالوا: فهذا مذهب من يقول بالنفس الناطقة، وقوله في عضد الدولة:
نحن بنو الدنيا فما بالنا
…
نعاف ما لا بد من شربه
تبخل أيدينا بأرواحنا
…
على زمان هي من كسبه
فهذه الأرواح من جوه
…
وهذه الاجساد من تربه
(4)
فهذا مذهب الهوائية وأصحاب الفضاء، وقوله في ابن العميد:
يعللنا هذا الزمان بذا الوعد
…
ويخدع عما في يديه من النقد
فإن يكن المهديّ من بان هديه
…
فهذا وإلا فالهدى ذا فما المهدي
(5)
(1)
-ليسا في ديوانه.
(2)
-اسم أطلق في بلاد الشام على فرع النزارية من اتباع الدعوة الاسماعلية الجديدة التي أسسها حسن الصباح، ولا نعرف أصل هذه التسمية وسبب اطلاقها
(3)
-ديوانه:44 وفيه فقيل تخلص نفس المرء سالمة.
(4)
-ديوانه:57 وفيه الشطر الاول من البيت الاول «نحن بنو الموتى
…
».
(5)
-ديوانه:108 - 109.
قالوا: فهذا مذهب أهل النجوم.
وقال لي ياقوت الحموي: نقلت من خط أبي الريحان محمد بن أحمد البيروني في رسالة له سماها التعلل بإجابة الوهم في معاني نظوم أولى الفضل قال في أثناء كلام ذكره: ثم ان لي من أخلاقهم-يعني الشعراء-أسوة حسنة ومسلاة (36 - و) أكيدة بامام الشعراء الذي طرق لهم ولمن بعده الى طريقته المخترعة في الشعر، وخلفهم من معاني كلامه في بروق تخطف أبصارهم وبصائرهم، كلما أضاء لهم مشوا فيه واذا أظلم عليهم قاموا، أبي الطيب المتنبي، حتى أن أفاضل أهل زماننا كأحمد بن فارس يحسده على ما آتاه الله من فضله، ويقول: انه مبخوت وإلاّ.
قال لي ياقوت كذا رأيته مبيضا بخطه.
ويقول: سألت أبا الفضل بن العميد عن معنى قوله:
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه ....
(1)
.
فأجابني بأن المتنبي خرج من الدنيا بعد ستين سنة عاشها ولم يكن وقف على معناه. وكان أبو الطيب على ضيق عطنه
(2)
رفيع الهمة في صناعته، فاقتصر لها في رحلته بمدح عضد الدولة ووزيره ابن العميد، وراوده الصاحب اسماعيل بن عباد على التزاور رغبة في مديحه، فأبى الانحطاط الى الكتبة، وهذا ما حمله على الخوض في مساوئ شعره، وليس يترفع عن حله ونثره في أثناء كتابته ومشاركة الحاتمي في ادامة حل نظمه في رسائله بعد مقالته التي عملها فيه محرضا عليه ومتنادرا به كنوادر المخنثين، كما حمل مثله أبا محمد المهلبي
(3)
مستوزر بختيار بن معز الدولة على
(1)
-ديوانه:244.
(2)
-العطن: وطن الابل ومبركها، ورحب العطن: كثير المال واسع الرحل، رحب الذراع. القاموس.
(3)
-انظر تحفة الامراء في تاريخ الوزراء لهلال من المحسن الصابئ ط. القاهرة 358:1958.
اغراء سفهاء بغداد عليه، ومعاملته بالسخف الذي أعرض بوجهه عنه وعنهم ولم يزد (36 - ظ) في الجواب على الخسأ ترفعا وتنزها واكتفاء من مهاجاتهم على ما في خلال شعره من مثل قوله:
أفاضل الناس أعراض لذا الزمن
…
يخلو من الغم أخلاهم من الفطن
(1)
وذكر أبياتا مثله وقال: ثم ما يدريني هل كان سبب الفتك به من الاعرابي نبذ من ذلك الاغراء، فالقائل بالشر غير مبال أيضا بفعله، وخاصة عند استماع ما كان حظي به لدى المقصودين من القبول والاقبال حتى أنه قال عند دخوله الى شيراز:
أنا لا أنشد ما ثلا، فأمر عضد الدولة بكرسي له، فلما دخل ورآه أنشده قائما، فأمره بالجلوس، فأبى وقال: هيبتك تمنع عن ذلك، فوقع قوله وفعله منه أحسن المواقع.
وكان المهلبي مع بختيار يناكر أن عضد الدولة فعل ذلك، حنفا وجهلا بالقدر.
قال: ومما يغيظني حقا قوم متسمون بالفضل يكابرون عقولهم في أمره، ويرتكبون في اطفاء نوره، كشمس المعالي قابوس، فقد كان يقول: ليس للمتنبي في ديوانه ما يسوى استماعا الا أربعة أبيات، ثم لم يكن يبتدئ من ذات نفسه بالاشارة اليها، وكان سوء خلقه يمنعني من سؤاله عنها، وكأبي الفتح البستي في قوله:
سئلت عن المتنبي فقلت
…
مقال إمرئ ليس يغلو
(2)
له في مواضع فصل الخطاب
…
وسائر ما قاله فهو فسل
(3)
(37 - و)
(1)
-ديوانه:266.
(2)
-كذا بالاصل، وينقص الشطر الثاني من هذا البيت تفعيلة، والبيتان من البحر المتقارب.
(3)
-الفسل: الرذل الذي لامروءة له. القاموس.
قال: ولو كان قلبه فقال: «ان مواضع منه فسل» وسائر ما قاله فصل خطاب لكان أبعد عن الاثم، وأقرب الى الصدق والصواب.
وذكر ابن الصابئ في كتاب الوزراء أن ابن العميد
(1)
كان يجلس المتنبي في دسته ويقعد بين يديه، فيقرأ عليه الجمهرة لابن دريد، لان المتنبي كان يحفظها عن ظهر قلب.
وقرأت في بعض مطالعاتي أن المتنبي لما اجتاز بالرملة ومدح طاهر بن الحسن ابن طاهر بن يحيى العلوي، أجلسه طاهر في الدست، وجلس بين يديه حتى فرغ من مدحته.
وقرأت في كتاب «نزهة عيون المشتاقين» لأبي الغنائم الزيدي قال: حدثني جماعة أن المتنبي لما مدح طاهر بن الحسن بن طاهر إجازة ألف دينار.
قلت: والقصيدة التي مدحه بها هي القصيدة البائية التي أولها:
أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب
…
وردوا رقادي فهو لحظ الحبائب
(2)
وقال ابن فورجة في كتاب «التجني على ابن جني» : حدثني الشيخ أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب مسكويه بأصبهان، وكان تربية ابن العميد ونديمه قال:
حضرت مجلس ابن العميد بأرجان
(3)
وقد دخل عليه أبو الطيب، وكان يستعرض سيوفا، فلما بصر بأبي الطيب نهض من مجلسه، وأجلسه في دسته، ثم قال لابي الطيب: اختر سيفا من هذه السيوف، فاختار منها واحدا ثقيل الحلي، واختار ابن
(1)
-لم يصلنا الجزء المتعلق بوزراء الدولة البويهية من كتاب الوزراء لابن الصابئ.
(2)
-ديوانه:29.
(3)
-مدينة كبيرة كثيرة الخير بها نخل كثير وزيتون وفواكه وهي برية بحرية سهلية جبلية، بينها وبين شيراز ستون فرسخا وبينها وبين سوق الاهواز ستون فرسخا أيضا. معجم البلدان.
العميد أخر غيره، فقال كل منهما: سيفي الذي اخترته أجود، ثم اصطلحا على أن يجرباهما، فقال ابن العميد: فبماذا (37 - ظ) نجربهما؟ فقال أبو الطيب: في الدنانير فيؤتى بها فينضد بعضها على بعض، ثم تضرب به، فان قدها، فهو قاطع، فاستدعى ابن العميد بعشرين دينارا، فنضدت ثم ضربها أبو الطيب فقدها وتفرقت في المجلس فقام من مجلسه المفخم يلتقط الدنانير المتبددة في كمه، فقال ابن العميد: ليلزم الشيخ مجلسه فان أحد الخدام يلتقطها ويأتيه بها، فقال: بل صاحب الحاجة أولى بها.
قال ابن فورجة: وكان رجلا ذا هيئة مر النفس شجاعا حفظة للآداب، عفيفا، وكان يشين ذلك كله ببخله.
قرأت على ظهر نسخة قديمة من شعر المتنبي ما صورته: وحكى أبو بكر الخوارزمي أن المتنبي كان قاعدا تحت قول الشاعر:
وان أحق الناس باللوم شاعر
…
يلوم على البخل الرجال ويبخل
وانما أعرب عن طريقته وعادته بقوله: وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه.
قال: فحضرت عنده يوما وقد أحضر مال، فصب بين يديه من صلات سيف الدولة على حصير قد افترشه، فوزن وأعيد في الكيس، وتخللت قطعة كأصغر ما تكون خلال الحصير، فأكب عليه بمجامعه يعالج لاستنقاذها منه، ويشتغل عن جلسائه حتى توصل الى اظهار بعضها، وأنشد قول قيس من الخطيم:
تبدت لنا كالشمس بين غمامة
(1)
…
بدا حاجب منها وضنت بحاجب (38 - و)
ثم استخرجها وأمر باعادتها الى مكانها وقال: انها تخضر المائدة.
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية: المعروف «تحت غمامة» ويتوافق هذا مع رواية جمهرة أشعار العرب لابي زيد القرشي ط. بولاق 123:1308.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب البغدادي في كتابه عن أبي بكر محمد ابن عبد الباقي الانصاري قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران-اجازة-قال: أخبرنا محمد بن علي بن نصر الكاتب-قلت: ونقلته من خطه ببغداد-قال: حدثني أبو الفرج عبد الواحد بن نصر الببغاء قال: كان أبو الطيب المتنبي يأنس بي ويشكو عندي سيف الدولة، ويأمنني على غيبته له، وكانت الحال بيني وبينه صافية عامرة دون باقي الشعراء، وكان سيف الدولة يغتاظ من عظمته وتعاليه، ويجفو عليه إذا كلمه، والمتنبي يجيبه في أكثر الأوقات، ويتغاضى في بعضها.
قال: وأذكر ليلة وقد استدعى سيف الدولة بدرة فشقها بسكين الدواة، فمدّ أبو عبد الله ابن خالوية النحوي جانب طيلسانه، وكان صوفا أزرق، فحثا فيه سيف الدولة صالحا، ومددت ذيل درّاعتي وكانت ديباجا فحشا لي فيها، وأبو الطيب حاضر، وسيف الدولة ينتظر منه أن يفعل مثل فعلنا، أو يطلب شيئا منها، فما فعل، فغاظه ذلك، فنثرها كلّها، فلما رأى أنها قد فاتته زاحم الغلمان يلتقط معهم، فغمزهم عليه سيف الدولة، فداسوه وركبوه، وصارت عمامته وطرطوره في حلقه، واستحيا ومضت به ليلة عظيمة، وانصرف فخاطب أبو عبد الله بن خالويه (38 - ظ) سيف الدولة في ذلك، فقال: من يتعاظم تلك العظمة يتضع إلى مثل هذه المنزلة لولا حماقته؟!
ومما يحكى من بخله وشحه ما قرأته في تاريخ أبي غالب همّام بن الفضل بن المهذب المعري
(1)
، سيره الي بعض الشراف بحلب، قال: وكان سيف الدولة قد أقطعه-يعني المتنبي-ضيعة تعرف ببصّف من ضياع معرة النعمان القبلية، فكان يتردد اليها، وكان يوصف بالبخل فمما ذكر عنه ما حدثوه جماعة من أهل بصف أن كلبا من كلاب الضيعة المعروفة بصهيان كان يطرق تين بصف فذكر ذلك لأبي الطيب المتنبي فقال للناطور: إذا جاء الكلب فعرفني به، فلما جاء عرفه، فقال:
شدوا على الحصان، وخرج إليه فطرده أميالا، ثم عاد لا يعقل من التعب وقد عرق فرسه، فقال له أهل بصف: يا أستاذ كيف جرى أمر الكلب؟ فقال كأنّه كان فارسا
(1)
-أكثر ابن العديم في كتابه النقل عن هذا التاريخ، وقد ورد ذكره مصنفه بين تلامذة أبي العلاء المعري.
مرة إن جئته بالطعنة عن اليمين عاد الى الشمال، وان جئته من الشمال عاد الى اليمين.
قال أبو همّام المعري: وحدثوا عنه أن أبا البهيء بن عدي، شيخ رفنّية
(1)
، وكان صديقا له: فنزل عنده ببصف، فسمعوه وهو يقول له: يا أبا البهيء أوجز في أكلك فإن الشمعة تتوا
(2)
، وسمعوه يحاسب وكيلا له وهو يقول: والحتان ما فعلتا، يعني فضه.
أخبرني ياقوت بن عبد الله مولى الحموي قال: قرأت في أخبار المتنبي تصنيف (39 - و) أبي القاسم عبيد الله بن عبد الرحيم الأصبهاني قال: وأخبرني أبو الحسين الطرائفي ببغداد أنه قال: رأيت المتنبي وقد مدح رجلا بقوله:
انصر بجودك ألفاظا تركت بها
…
في الشرق والغرب من عاداك مكبوتا
فقد نظرتك حتى حان مرتحل
…
وذا الوداع فكن أهلا لما شيتا
(3)
فأعطي دون الخمسة دراهم وقبلها.
قال: وأخبرني الطرائفي قال: حدثني المتنبي قال: أول يوم وصلت بالشعر الى ما أردته أني كنت بدمشق فمدحت أحد بني طغج بقصيدتي التي أولها:
أيا لائمي إن كنت وقت اللّوائم
…
علمت بما بي بين تلك المعالم
(4)
فأثابني الممدوح بمائة دينار، ثم ابيضت أيامي بعدها.
(1)
-بقاياها تحمل الآن اسم بعرين (أوبارين) وهي تتبع الآن منطقة مصياف وتبعد عنها مسافة/17/كم وعن مدينة حماة/42/كم.
(2)
-أي تقارب على الانطفاء-انظر مادة «تتأن» في القاموس.
(3)
-ديوانه:59.
(4)
-الممدوح هنا الامير أبو محمد الحسن بن عبيد الله بن طغج. ديوان المتنبي: 241.
قال أبو القاسم بن عبد الرحيم، واتصل بعد هذا بأبي العشائر الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان ونفق عليه نفاقا تاما، فأجرى ذكره عند سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، فأمره باحضاره عنده، فاشتط المتنبي عليه واشترط أن ينشده جالسا، وأن لا يكلف بتقبيل الأرض بين يديه، فأجابه الى ذلك، وأنشده، فصادف من سيف الدولة رجلا قد غذي بالعلم، وحشي بالفهم، فأعجبه شعره واستخلصه لنفسه وأجزل عطاءه، وأكرم مثواه ووصله بصلات كثيرة، وسلّمه إلى الرّواض فعلموه الفروسية، وصحب سيف الدولة في عدة غزوات إلى بلد الروم منها غزوة الفناء (39 - ظ) التي لم ينج منها إلاّ سيف الدولة بنفسه، وأخذت عليه الروم الطرق، فجرّد السيف وحمل على العسكر، وخرق الصفوف ونجا بنفسه
(1)
.
قرأت بخط محمد بن علي بن نصر الكاتب في كتابه الموسوم «بالمفاوضة» ، وأخبرنا به أبو حفص عمر بن محمد معمر بن طبرزد وغيره إجازة عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، قال: أنبأنا أبو غالب بن بشران قال: أخبرنا ابن نصر قال: حدثني أبو القاسم الرّقي المنجم عن سيف الدولة أنه انهزم في بعض السنين وقد حللت الصناديق عن بغاله في بعض دروب الروم، وأنها ملأت الدروب، وكان على فرس له يعرف بالثريا وأنه حرك عليها نحو الفرسخ حتى نزل، ولم يعثر ولم يتلعثم، وأخبرني أنه بقي في هذه السفرة في تسعة أنفس أحدهم المتنبي، وأنه كان يحدث أبا عبد الله بن خالوية النحوي حديث الهزيمة، وأن المتنبي كان يجري بفرسه فاعتلقت بعمامته طاقة من الشجر المعروف بأم غيلان، فكلما جرى الفرس انتشرت العمامة، وتخيل المتنبي أنه قد ظفر به، فكان يصيح: الأمان يا علج، قال:
فهتفت به وقلت: أيما علج، هذه شجرة قد علقت بعمامتك، فودّ أن الأرض
(1)
-كان ذلك سنة 339 هـ. انظر زبدة الحلب لابن العديم ط. دمشق 1951: 1/ 121 - 122.
خاست
(1)
به، وما سمعته يقول ذلك، فقال له ابن خالويه: أيها الامير أفليس قام معك حتى بقي في تسعة أنفس تكفيه هذه الفضيلة.
وقرأت في مجموع (40 - و) بخط بعض الفضلاء أنه لما فعل ذلك لحقه سيف الدولة وضحك منه وقال له: يا أبا الطيب أين قول:
الخيل والليل والبيداء تعرفني
…
والطعن والضرب والقرطاس والقلم
(2)
ولم يزل يضحك منه بقية يومه في منهزمه.
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقيّر عن أبي علي الحسن بن جعفر ابن المتوكل البغدادي ونقلته من خطه قال: حدثني الشيخ الإمام الفصيحي وقت قراءتي عليه ديوان أبي الطيب أحمد بن الحسين المتنبي وهو ابن عيدان السقاء قال:
قدم بعض الأشراف من الكوفة فدخل إلى مجلس فيه المتنبي، فنهض الناس كلهم له سوى المتنبي، فجعل كل واحد من الحاضرين يسأله عن الأحوال بالكوفة، وما تجدد هناك، فقال له المتنبي: يا شريف كيف خلفت الأسعار بالكوفة؟ فقال:
كل راوية برطلين خبز فأخجله. وقصد الشريف أن يعرّض بأن أباه كان سقاء.
ذكر ابن فورجه في «التجني على ابن جني» وقال: وقال: وأما محله-يعني المتنبي في العلم، فقال الحسن بن علي الجلاب: سمعته يقول: من أراد أن يغرب علي بيتا لا أعرفه فليفعل، قال: وهذه دعوى عظيمة، ولا ريب أنه صادق فيها.
وأخبرت عن أبي العلاء بن سليمان المعري أنه كان يسمى المتنبي «الشاعر»
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية: صوابه «ساخت» .
(2)
-ديوانه:250.
ويسمي غيره من الشعراء باسمه (40 - ظ) وكان يقول: ليس في شعره لفظة يمكن أن يغرم عنها ما هو في معناها.
وقرأت في بعض كلام أبي العلاء: قد علم أن أحمد بن الحسين كان شديد التفقد لما ينطق به من الكلام، يغير الكلمة بعد أن تروى عنه، ويفرّ من الضرورة وإن جلب إليها الوزن.
سمعت شيخنا ضياء الدين الحسن بن عمرو الموصلي، المعروف بابن دهن الخصا يقول: كان أبو العلاء المعري يعظم المتنبي ويقول: إياي عني بقوله:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
…
وأسمعت كلماتي من به صمم
(1)
أنبأنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السبّاك قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري-إجازة عن أبي علي التنوخي-قال: حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الصقر الكاتب-رجل من أهل معلثايا
(2)
، وممن نشأ بالموصل، وكان أبوه عاملا لسيف الدولة على أنطاكية، وهو من أهل الأدب قال:
جرى ذكر أبي الطيب المتنبي بين يدي أبي العباس النامي المصيصي فقال لي النامي:
كان قد بقي من الشعر زاوية دخلها المتنبي.
قال: وقال لي في هذا المجلس: كنت أشتهي أن أكون قد سبقته إلى معنيين قالهما ما سبق إليهما، ولا أعلم أنّ أحدا أخبر عنهما قبله، فقلت: ما هما؟ قال:
أما أحدهما فقوله: (41 - و)
رماني الدهر بالأرزاء حتى
…
فؤادي في غشاء من نبال
(3)
(1)
-ديوانه:249.
(2)
-بلد قرب جزيرة ابن عمر من نواحي الموصل. معجم البلدان.
(3)
-ديوانه:190.
والآخر قوله:
في جحفل ستر العيون غباره
…
فكأنما يبصرن بالآذان
(1)
أخبرني ياقوت بن عبد الله الحموي قال: حكى لي بعض الفضلاء في المذاكرة قال: لما ورد المتنبي إلى شيراز مادحا لعضد الدولة كان يجتاز على مجلس أبي علي وقد اجتمع إليه أعيان أهل العلم، وكان زي المتنبي زيا عجيبا يلبس طرطورا طويلا وقباء، ويعمل له عذبة طويلة تشبّها بالأعراب، فكان أبو علي يستثقله، ويكره زيّه، ويجد في نفسه نفورا منه، وكان إذا اجتاز عليهم يقول أبو علي لتلاميذه: إذا سلم عليكم فأوجزوا في الردّ لئلا يستأنس فيجلس إلينا، وكان أبو الفتح عثمان بن جني يعجب بشعره ويحب سماعه، ولا يقدر على مراجعة شيخه فيه، فقال أبو علي يوما: هاتوا بيتا تعربونه، فابتدر أبو الفتح فأنشد للمتنبي:
حلت دون المزار فاليوم لو زر
…
ت لحال النحول دون العناق
(2)
فقال أبو علي: أعد، أعد، فأعاده، فقال: ويحك لمن هذا الشعر فإنه غريب المعنى؟ قال: هو للذي يقول:
أمضى إرادته فسوف له قد
…
واستقرب الأقصى فثمّ له هنا
(3)
قال: فازداد أبو علي عجبا وقال: ما أعجب هذه المعاني وأغربها من (41 - ظ) قائلها؟ قال الذي يقول:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلى
…
مضرّ كوضع السيف في موضع الندى
(4)
(1)
-ديوانه:274. ومن أجل أخبار النامي انظر يتيمة الدهر:1/ 241 - 248 وترجمته المقبلة في كتابنا هذا.
(2)
-ديوانه:175.
(3)
-يعني انه نافذ الارادة لا بعيد لديه. ديوانه:265.
(4)
-ديوانه:95.
قال: فاستخف أبا علي الطرب وقال: ويحك من قائل هذا؟ قال: الذي يقول قال: ونسي البيت الذي أنشده قال: فقال أبو علي: أحسن والله، وأطلت أنت، من يكون هذا؟ قال: هو صاحب الطرطور الذي يمر بك فتستثقله ولا تحب محاضرته، قال: ويحك أهذاك يقول هذا؟! فقال: نعم، قال أبو علي: والله ما ظننت أن ذلك يأتي بخير أبدا، إذا كان في الغد ومر بنا فاسألوه أن يجلس إلينا لنسمع منه، فلما كان الغد ومرّ بهم كلموه وسألوه النزول عندهم ففعل، واستنشده أبو علي فملأ صدره، وأحبه وعجب منه ومن فصاحته وسعة علمه، فكلم عضد الدولة فيه حتى أحسن إليه وضاعف جائزته.
قلت: وهذه الحكاية لا يقبلها القلب ولا تكاد تثبت، فإن أبا علي الفارسي كان يعرف المتنبي قبل أن يصير بشيراز حين كانا بحلب، وقد حكى أبو الفتح عثمان بن جني عن أبي علي الفارسي في كتاب الفسر ما يشهد بخلاف ما تضمنته الحكاية.
قال أبو علي: خرجت بحلب أريد دار سيف الدولة، فلما برزت من السور إذا أنا بفارس متلثم قد أهوى نحوي برمح طويل فكدت أطرح نفسي من الدابّة فرقا، فلما قرب مني ثنى السنان وحسر لثامه، فإذا المتنبي وأنشدني:(42 - و)
نثرت رؤوسا بالأحيدب منهم
…
كما نثرت فوق العروس الدراهم
ثم قال: كيف ترى هذا القول أحسن هو؟ فقلت: ويحك قتلتني يا رجل.
قال ابن جني: فحكيت هذه الحكاية بمدينة السلام لأبي الطيب فعرفها، وضحك لها، وذكر أبا علي بالثناء والتقريظ بما يقال في مثله
(1)
.
وجرى للمتنبي مع ابن خالويه مثل هذه الواقعة التي حكاها أبو علي فإنني نقلت من خط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني المالكي
(1)
- الخبر في يتيمة الدهر:1/ 134.
من كتابه الموسوم «بالبداية والنهاية في التاريخ
(1)
» قال فيه: حدثني أبي قال:
حدثني-وبيض ولم يذكر من حدّث أباه-قال: حدثني ابن خالويه، وكان نديما ومجالسا لسيف الدولة، قال: خرجت في بعض الأيام إلى ظاهر حلب فقعدت أطالع في كتاب، وأنظر الى قوقق، فما رفعت رأسي إلاّ من وقع فرس، فنظرت فإذا بفارس مسدد نحوي رمحه، فقلت: والله ما أعرف بيني وبين واحد من الناس ما يوجب هذا ورأيت الفارس متلثما فلما دنا حط لثامه فإذا بأحمد بن الحسين المتنبي فسلم عليّ فرددت السلام وجاريته الحديث فقال: كيف رأيت قصيدتي التي أنشدتها أول أمس الأمير سيف الدولة؟ فقلت: والله إنها لمليحة، وإن أولها لا يحتاج إلى تمام في قولك:
«على قدر أهل العزم تأتي العزائم» ، وفيها كذا وكذا، فقال: ما رأيت إلا مليحا والذي فيه ما سبقني إليه؛ من أحسن فيه من ذكر الدراهم فإنها (42 - ظ) لا تأتي في شعر إلا بردته وضعّفته، إلا ما جاءني:
نثرتهم فوق الأحيدب نثرة
…
كما نثرت فوق العروس الدراهم
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن علي-إذنا-عن أبي الفتح محمد ابن عبد الباقي بن البطي عن أبي نصر الحميدي قال: أخبرنا غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسّن بن أبي نصر اسحاق الصابئ قال: وحدثني رضي الله عنه-يعني أباه هلال بن المحسّن-قال: حدثني أبو اسحاق جدي تجاوز الله عنه
(2)
قال: لما ورد أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي إلى بغداد متوجها إلى حضرة الملك عضد الدولة بفارس أعدّ له أبو محمد عشرة آلاف درهم وثيابا كثيرة مقطوعة وصحاحا، وفرسا بمركب ليعطيه ذلك عند مديحه له، فأخر المتنبي من ذاك ما كان متوقعا منه، وحضر
(1)
-لم يصلنا هذا الكتاب، ونقول ابن العديم عنه اهم مصدر لتعريفنا به، ويبدو انه ذيل به على تاريخ ابن المهذب المعري.
(2)
-قال ذلك لانه مات وهو متمسك بدين الصابئة الحرانيين.
مجلس أبي محمد للسلام عليه الذي لم يخلط به غيره، فغاظ أبا محمد فعله، وخاطبت المتنبي على استعماله ما استعمل وتأخيره من خدمة الوزير ما أخر، فقال: لم تجر عادتي بمدح من لم يتقدم له إليّ جميل، فقلت: إن الوزير شديد الشغف بموردك، ومعتقد فيك الزيادة بك على أملك، والامتناع من خدمته إلا بعد الاستسلاف لصلته غير مستحسن منك بل مستقبح لك، فقال: ليس الى مخالفة عادتي سبيل (43 - و) واتصل ذلك بأبي محمد من غير وجهتي، فأكد غيظه، وأظهر الاملال به، والاطراح له، وفرق ما كان أعده على الشعراء، وزادهم، مدة مقام أبي الطيب، من الاحسان والعطاء، وتوجه أبو الطيب إلى شيراز، ثم عاد منها، فكانت وفاته في الطريق بين دير العاقول ومدينة السلام، على ما شرح في أخباره؛ وقد كان أبو محمد اعتقد أن يقطعه بالفعال الجميل، والحباء الجزيل عن قصد شيراز، فلما جرى أمره على ما جرى، تغيرت نيته، واستحالت تلك العزيمة منه.
قلت: وهذا الوزير أبو محمد هو المهلبي.
قال: وحدثني قال: حدثني أبو علي والدي قال: حدثني أبو اسحاق والدي قال: راسلت أبا الطيب المتنبي في أن يمدحني بقصيدتين، وأعطيته خمسة آلاف درهم، ووسطت بيني وبينه صديقا له ولي، فأعاد الجواب بأنني ما رأيت بالعراق من يستحق المدح غيرك، ولا من أوجب علي حقا سواك، وإن أنا مدحتك تنكر لك الوزير أبو محمد المهلبي لأنني لم أمدحه، وجرى بيننا في ذاك ما قد عرفته، فإن كنت لا تراعي هذه الحال، لأنني لم أمدحه، وجرى بيننا في ذاك ما قد عرفته، فأن كنت لا تراعي هذه الحال، ولا تباليها فعلت ولم أرد منك عوضا من مال. قال:
فنبهني والله الى ما كان ذهب عني، علمت أنه نصحني، فلم أعاوده. (43 - ظ)
(1)
(1)
-في الحاشية: بلغ بدر الدين عبد الواحد.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
وذكر علي بن عيسى الربعي في كتاب «التنبيه» الذي رد فيه على ابن جني في كتاب «الفسر» قال: كنت يوما عند المتنبي بشيراز فقيل له: أبو علي الفارسي بالباب، وكانت بينهما مودة، فقال: بادروا إليه فأنزلوه، فدخل عليه أبو علي وأنا جالس عنده، فقال: يا أبا الحسن خذ هذا الجزء فأعطاني جزءا من كتاب التذكرة وقال: اكتب عن الشيخ البيتين اللذين ذاكرتك بهما، وهما:
سأطلب حقيّ بالقنا ومشايخ
…
كأنّهم من طول ما التثموا مرد
ثقال إذا لاقوا خفاف إذا دعوا
…
كثير إذا شدّوا قليل إذا عدّوا
فهما مثبتان في التذكرة بخطي، قال: وهذا من فعل الشيخ أبي علي الفارسي عظيم، قال الربعي: وكان قصد أبي علي الفارسي نفعه لا التأدب والتكثّر، وأيّا قصد فهو كثير.
قرأت بخط يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد الحصكفي في تعليق له، حكي أن السّريّ الرفّاء حين قصد سيف الدولة ابن حمدان رحمه الله أنشده بديها بيتين هما:
إني رأيتك جالسا في مجلس
…
قعد الملوك به لديك وقاموا
فكأنك الدهر المحيط عليهم
…
وكأنهم من حولك الأيام
(1)
(1)
-ديوانه:82 - 83.
ثم أنشده بعد ذلك ما كان قال فيه من الشعر، وبعد يومين أو ثلاثة (45 - و) أنشده أبو الطيب المتنبي: أيدري الدمع
(1)
أي دم أراقا.
إلى أن انتهى إلى قوله:
وخصر تنبت الأبصار فيه
…
كأنّ عليه من حدق نطاقا
قال: فقال السري هذا والله معنى ما قدر عليه المتقدمون، ثم إنه حمّ في الحال حسدا، وتحامل إلى منزله، فمات بعد ثلاثة أيام.
قلت: هكذا وجدته بخط الحصكفي، والمتنبي فارق سيف الدولة في سنة ست وأربعين وثلاثمائة والسري توفي بعيد سنة ستين وثلاثمائة ببغداد على ما نقله الخطيب في تاريخه
(2)
، وقيل سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، فعلى هذا لا يكون لهذه الحكاية صحة.
وقد نقل ابو اسحاق إبراهيم بن حبيب السقطي في تاريخه المسمى «بلوامع الأمور» أن السري توفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، فعلى هذا تكون هذه الحكاية محتملة الصحة بشرط أن يكون موت السري بالشام، ولم ينقل ذلك كيف، وهو أن هذه القصيدة من أول شعر أبي الطيب المتنبي في سيف الدولة والله أعلم.
أخبرنا ياقوت بن عبد الله الحموي قال: وحدث أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبيّ أن الصاحب إسماعيل بن عبّاد قال بأصبهان، وهو يومئذ على الانشاء:
بلغني أن هذا الرجل، يعني المتنبي، قد نزل بأرجان متوجها إلى ابن العميد، ولكن إن جاءني خرجت إليه من جميع (45 - ظ) ما أملكه، وكان جميع ما يملكه لا يبلغ ثلاثمائة دينار، فكنا نعجب من بعد همته وسمو نفسه وبلغ ذلك المتنبي، فلم
(1)
-كتب فوقها بالاصل: الربع، وليست القصيدة في ديوان المتنبي المطبوع.
(2)
- تاريخ بغداد:9/ 194.
يعرج عليه، ولا التفت إليه، فحقدها الصاحب حتى حمله على اظهار عيوبه في كتاب ألفه، لم يصنع فيه شيئا، لأنه أخذ عليه مواضع تحمّل فيها عليه.
أخبرني في بعض أهل الأدب قال: وحدت في كتاب بعض الفضلاء عن أبي القاسم عبد الصمد بن بابك قال: قال أبو الفتح بن جني: كنت أقرأ ديوان أبي الطيب عليه، فقرأت قوله في كافور:
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب
…
وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب
حتى بلغت إلى قوله:
ألا ليت شعري هل أقول قصيدة
…
فلا أشتكي فيها ولا أتعتّب
وبي ما يذود الشعر عني أقلّه
…
ولكن قلبي يا ابنة القوم قلّب
(1)
فقلت له: يعز علي كيف يكون هذا الشعر في ممدوح غير سيف الدولة، فقال:
حذرناه وأنذرناه فما نفع، ألست القائل فيه:
أخا الجود أعط الناس ما أنت مالك
…
ولا تعطين الناس ما أنا قائل
(2)
فهو الذي أعطاني لكافور بسوء تدبيره وقلة تمييزه.
وأحضر إليّ عماد الدين أبو القاسم علي بن القاسم بن علي بن الحسن الدمشقي، وقد قدم علينا حلب في رحلته إلى خراسان، جزءا فيه أخبار سيف الدولة بن حمدان
(1)
-ديوانه:50 - 51.
(2)
-ليس في ديوانه المطبوع.
(46 - و) تأليف أبي الحسن علي بن الحسين الديلمي الزرّاد، فنقلت منه: وكان لسيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل ليلة فيتكلمون بحضرته، وكان يحضره أبو إبراهيم، وابن ماثل القاضي، وأبو طالب البغدادي، وغيرهم، فوقع بين المتنبي وبين أبي عبد الله الحسين بن خالويه كلام، فوثب ابن خالويه على المتنبي فضرب وجهه بمفتاح كان معه، ففتخه وخرج دمه يسيل على ثيابه وغضب، فمضى الى مصر، فامتدح كافورا الاخشيدي.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي الحسن علي بن أحمد بن منصور الغساني وأبي الحسن علي بن المسلم السلمي قالا:
أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أملى علينا أبو عبد الله المحسن بن علي ابن كوجك، وأخبرنا أن أباه حدثه قال: كنت بحضرة سيف الدولة وأبو الطيب اللغوي والمتنبي وأبو عبد الله بن خالويه، وقد جرت مسألة في اللغة تكلم فيها ابن خالويه مع أبي الطيب اللغوي، والمتنبي ساكت، فقال له الامير سيف الدولة: ألا تتكلم يا أبا الطيب، فتكلم فيها بما قوى حجة أبي الطيب اللغوي، وأضعف قول ابن خالويه، فحرد منه وأخرج من كمه مفتاح حديد لبيته ليلكم به المتنبي، فقال له المتنبي: اسكت ويحك فانك عجمي، وأصلك خوزي، وصنعتك الحياكة فما لك وللعربية؟!.
ودفع الى بعض الشراف من أهل حلب كتابا فيه تاريخ جمعه أبو غالب همام ابن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب المعري قال: في حوادث سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وفيها: وصل أبو الطيب المتنبي الشاعر الى سيف الدولة ومدحه بالقصيدة الميمية.
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه
…
(1)
.
(1)
-ديوانه:244.
بعد انصرافه من حصن برزويه.
(1)
.
وقال في حوادث سنة ست وأربعين وثلاثمائة: فيها سار المتنبي من الشام الى مصر.
ووقع إلي أجزاء من تاريخ مختار الملك محمد بن عبيد الله بن أحمد المسبحي
(2)
، فقرأت فيه قصيدة لأبي الطيب يرثي بها أبا بكر بن طغج الاخشيذ، ويعزي ابنه أنوجور بمصر سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، والقصيدة ليست في (46 - ظ) ديوان شعره، فقد كان أبو الطيب صعد الى مصر مرة أخرى قبل هذه المرة التي ذكرناها، وأول القصيدة.
هو الزمان مشت بالذي جمعا
…
في كل يوم ترى من صرفه بدعا
إن شئت مت أسفا أو فابق مصطبرا
…
قد حل ما كنت تخشاه وقد وقعا
لو كان ممتنع تغنيه منعته
…
لم يصنع الدهر بالاخشيذ ما صنعا
وهي طويلة.
وقرأت في كتاب أبي القاسم يحيى بن علي الحضرمي الذي ذيل به تاريخ أبي سعيد بن يونس، وذكر فيه من دخل مصر من الغرباء فقال: أحمد بن الحسين بن الحسن الكوفي الشاعر، أبو الطيب، يعرف بالمتنبي، رحل من مصر سرا من السلطان ليلة النحر سنة خمسين وثلاثمائة، ووجه الاستاذ كافور خلفه رواحل الى جهات شتى، فلم يلحق
(3)
.
(1)
-بقايا هذا الحصن قريبة من جسر الشغر السورية.
(2)
-من أعظم من أرخ للدولة الفاطمية في مصر وصلتنا قطعة صغيرة من تاريخه فيها حوادث 414 - 416 موجودة في مكتبة دير الاسكوريال، وقد نشرت في مصر.
(3)
-كتاب ابن يونس بحكم المفقود وكذلك ذيله، ونقل المقريزي هذا الخبر في ترجمته للمتنبي في المجلدة الاولى من كتابه المقفى (مخطوطة برتو باشا) انما دون ذكر المصدر، لكنه زادنا بتفاصيل خبر مغادرته لمصر حيث قال: «وعند ما عزم على الهرب من مصر أرسل الى أبي بكر الفرغاني أحد جلساء كافور يقول له: اني أجد
أنشدنا علي بن أحمد المادرائي قال: كتب أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي في حاجة كانت له بالرملة:
إني سألتك بالذي
…
زان الامامة بالوصي
وأبان في يوم الغدير
…
لكل جبار غوي
فضل الإمام عليهم
…
بولاية الرب العلي
إلاّ قصدت لحاجتي
…
وأعنت عبدك يا علي
قال: وكان يتشيع، وقيل: كان ملحدا، والله أعلم.
قلت: وسنذكر (47 - و) في ترجمة طاهر بن الحسن بن طاهر حكاية عن الخالديين تدل على أن المتنبي كان مخالفا للشيعة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن الشيخ أبي منصور موهوب بن أحمد الجواليقي قال: قال علي بن حمزة البصري صاحب أبي الطيب المتنبي-أو غيره ممن صحب المتنبي، شك فيه أبو منصور قال: بلوت من أبي الطيب ثلاث خلال محمودة، وتلك:
(3)
وجعا، وللاستاذ عندي رقعة فيها مهم، فتدفعها اليه عشية العيد عند العتمة اذا خلا، فقد هنيته بالعيد وذكرت عذري في التأخر، فأخذ الفرغاني الرقعة، وهرب المتنبي من ساعته، وأصبح الناس بشغل العيد، وجلس كافور عشية العيد للشعراء فسأل عن المتنبي، وقال: سلو عنه، فتوانى من قيل له، وتوانى الفرغاني أيضا تلك الليلة في ايصال الرقعة الى كافور، فلم يوصلها اليه الا من الغد، فجاء بها كافور مع العتمة، وقال له والشمع بين يديه: دفع لي عبدك أبو الطيب المتنبي رقعة وهو ضعيف من شيء يجده، وعرفني أن فيها مهما، فاتهمه كافور أنه قد هجاه في الرقعة فأخذها بيده، وقال: أرسلوا الي أبي الطيب، سلوا عنه، فمضى عدة من الرسل في طلبه، فانكشف الامر أنه قد هرب، فوضع كافور الرقعة في الشمعة وأحرقها بيده، وعلم أنه هجاه، وأخذ يسب من حسن له التقصير في أمره، وتأسف عليه وقلق بذهابه». والمثير في خبر فرار المتنبي أن كافور الاخشيدي كان سيدا لمصر ولجنوب الشام بامكانه الايعاز الى عماله بملاحقة المتنبي، وهنا لا بد من افتراض وجود من دبر فرار المتنبي مما يرجح القول أنه كان يعمل لحساب الدعوة الاسماعلية.
أنه ما كذب، ولا زنى، ولا لاط، وبلوت منه ثلاث خلال ذميمة كل الذم، وتلك:
أنه ما صام، ولا صلى، ولا قرأ القرآن، عفا الله عنا وعنه آمين.
وذكر ابن فورجة في كتاب «التجني على ابن جني» عن أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري عن رجل من أهل الشام كان يتوكل لابي الطيب
(1)
في داره، يعرف بأبي سعد، قال: وبقي الى عهدنا، قال: دعاني أبو الطيب يوما ونحن بحلب، أظنه قال، ولم أكن عرفت منه الميل الى اللهو مع النساء ولا الغلمان فقال لي: أرأيت الغلام ذا الاصداغ الجالس الى حانوت كذا من السوق، وكان غلاما وسيما فحاشا فيما بسبيله، فقلت: نعم وأعرفه، فقال: امض فاتني به واتخذ دعوة وأنفق وأكثر، فقلت: وكم قدر ما أنفقه، فلم يزدني على قوله: أنفق وأكثر، وكنت أستطلع رأيه في جميع ما أنفق، فمضيت، واتخذت له ثلاثة ألوان من الاطعمة وصحفات من الحلواء، واستدعيت الغلام، فأجاب وأنا متعجب من جميع ما أسمع منه، اذا لم تجر له عادة بمثله، فعاد من (47 - ظ) دار سيف الدولة آخر النهار وقد حضر الغلام، وفرغ من اتخاذ الطعام، فقال: قدم ما يؤكل وواكل ضيفك، فقدمت الطعام فأكلا وأنا ثالثهما، ثم أجن الليل، فقدمت شمعة ومرفع دفاتره، وكانت تلك عادته كل ليلة، فقال: أحضر لضيفك شرابا واقعد الى جانبه فنادمه، ففعلت ما أمرني به، كل ذلك وعينه الى الدفتر يدرس ولا يلتفت إلينا إلاّ في الحين بعد الحين، فما شربنا إلاّ قليلا حتى قال: افرش لضيفك وافرش لنفسك وبت ثالثنا، ولم أكن قبل ذلك أبايته في بيته، ففعلت وهو يدرس حتى مضى من الليل أكثره، ثم أوى الى فراشه ونام، فلما أصبحنا قلت له: ما يصنع الضيف؟ فقال: احبه واصرفه، فقلت له: وكم أعطيه؟ فأطرق ساعة ثم قال: أنطه ثلاثمائة درهم، فتعجبت من ذلك، ثم جسرت نفسي فدنوت اليه وقلت: انه ممن يجيب بالشيء اليسير وأنت لم تنل منه حظا، فقطب ثم قال: أتظنني من هؤلاء
(1)
-كرر بالاصل عباره لابي الطيب.
الفسقة، أنطه ثلاثمائة درهم ولينصرف راشدا، قال: ففعلت ما أمرني به، وصرفته
قال: وهذا من بديع أخباره، ولولا قوة اسناده لما صدقت به.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفتح بن البطي عن أبي نصر الحميدي قال:
أخبرني غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن بن أبي اسحاق الصابئ قال: وحدثني رضي الله عنه-يعني والده هلال بن المحسن-قال: حدث الرضي أبو الحسين محمد بن الحسين الموسوي قال: حدثني أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف حكار قال: لما وصل أبو الطيب المتنبي الى حضرة عضد الدولة في أول مجلس شاهده فيه، قال لي عضد الدولة: أخرج واستوقفه واسأله كيف شاهد مجلسنا، وأين الامراء الذين لقيهم في نفسه منا؟ قال: فامتثلت ما أمرني به، ولحقته وجلست معه وحادثته وطاولته وأطلت معه في المعنى الذي ذكرته، فكان جوابه عن جميع ما سمعه مني أن قال: ما خدمت عيناي قلبي كاليوم، فجاء بالجواب موزونا، واستوفى القول في اختصار من اللفظ.
قرأت في مجموع صالح بن ابراهيم بن رشدين بخطه قال لي أبو نصر بن غياث النصراني الكاتب: اعتل أبو الطيب المتنبي بمصر العلة التي وصف الحمى في أبياته من القصيدة الميمية، فكنت أواصل عيادته وقضاء حقه (48 - و) فلما توجه الى الصلاح وأبل أغببت
(1)
زيارته ثقة بصلاحه، ولشغل قطعني عنه، فكتب إلي: وصلتني وصلك الله معتلا وقطعتني مبلا، فان رأيت أن لا تحبب العلة إليّ، ولا تكدر الصحة علي فعلت ان شاء الله.
ونقلت من هذا المجموع بخطه: ذكر لي أبو العباس بن الحوت الوراق رحمه الله أن أبا الطيب المتنبي أنشده لنفسه هذين البيتين:
(1)
-أي انقطعت عن زيارته.
تضاحك منّا دهرنا لعتابنا
…
وعلمنا التمويه لو نتعلم
شريف زغاويّ وزان مذكر
…
وأعمش كحال وأعمى منجّم
(1)
أنشدنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام الحلبي-قراءة عليه بها-قال:
أنشدنا الحافظ أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني الحافظ قال: أنشدني أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو الحسين البحيري قال: أنشدنا محمد بن الحسين بن موسى السلمي قال: أنشدني محمد بن الحسين البغدادي قال:
أنشدني المتنبي:
هنيئا لك العيد الذي أنت عيده
…
وعيد لمن سمّى وضحّى وعيّدا
فذا اليوم في الأيام مثلك في الورى
…
كما كنت فيهم أوحدا كان أو حدا
(2)
أخبرنا الشيخ الصالح أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الخطيب قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني قال: سمعت الشيخ أبا الحسن علي بن أحمد المديني قال: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي قال: سمعت السيد أبا الحسن محمد بن أبي (48 - ظ) اسماعيل العلوي يقول: دخل المتنبي على الاستاذ الرئيس أبي الفضل محمد بن الحسين، وبين يديه مجامر من آس ونرجس، قد أخفي فيها مواضع النار، لا ترى النار، ويشم رائحة الند، فقال:
يا أبا الطيب قل فيه شيئا، فأنشأ يقول:
أحبّ الذي حبّت الأنفس
…
وأطيب ما شمّه المعطس
ونشر من الند لكنه
…
مجامره الآس والنرجس
ولست أرى وهجا هاجه
…
فهل هاجه عزك الأقعس
وإنّ القيام الذي حوله
…
لتحسد أقدامها الأرؤس
(3)
(1)
-ليسا في ديوانه.
(2)
-ديوانه:94 من قصيدة قالها يمدح بها سيف الدولة ويهنئه بعيد الاضحى سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة.
(3)
-ليست في ديوانه.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الاخضر البغدادي في كتابه قال:
أخبرنا الرئيس أبو الحسن علي بن علي بن نصر بن سعيد البصري قال: أخبرنا أبو البركات محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل قال: أخبرنا علي بن أيوب بن الحسين بن الساربان قال: وخرج يعني المتنبي من شيراز لثمان خلون من شعبان قاصدا الى بغداد ثم الى الكوفة، حتى اذا بلغ دير العاقول
(1)
وخرج منه قدر ميلين، خرج عليه فرسان ورجاله من بني أسد وشيبان فقاتلهم مع غلامين من غلمانه ساعة وقتلوه، وقتل معه أحد الغلامين وهرب الآخر، وأخذوا جميع ما كان معه، وتبعهم ابنه المحسّد طلبا لكتب أبيه فقتلوه أيضا، وذلك كله يوم الاثنين لثمان بقين من رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة (49 - و).
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: خرج المتنبي الى فارس من بغداد فمدح عضد الدولة وأقام عنده مدة مديدة، ثم رجع يريد بغداد فقتل في الطريق بالقرب من النعمانية في شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة
(2)
.
وقرأت في تاريخ أبي محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني: لما هرب المتنبي الشاعر من مصر وصار الى الكوفة فأقام بها، وصار الى ابن العميد فمدحه، فقيل انه صار اليه منه ثلاثون ألف دينار، وقال له: تمضي الى عضد الدولة، فمضى من عنده اليه، فمدحه ووصله بثلاثين ألف دينار، وفارقه على أن يمضي الى الكوفة يحمل عياله ويجيء معهم إليه، وسار حتى وصل الى النعمانية
(3)
بازاء قرية تقرب منها يقال لها بنورا، فوجد أثر خيل هناك فتنسم خبرها فاذا خيل قد كمنت له، فصادفته لانه قصدها فطعن طعنة نكس عن فرسه، فلما سقط الى الأرض نزلوا
(1)
-كان على دجلة بينه وبين بغداد خمسة عشر فرسخا. معجم البلدان.
(2)
- تاريخ بغداد:4 - 105.
(3)
-بليدة بين واسط وبغداد. معجم البلدان.
فاحتزوا رأسه ذبحا، وأخذوا ما كان معه من المال وغيره، وكان مذهبه أن يحمل ماله معه أين توجه، وقتل ابنه معه وغلام من جملة خمس غلمة كانوا معه، وإن الغلام المقتول قاتل حتى قتل، وكان قتل المتنبي يوم الاثنين لخمس بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.
قال الفرغاني: وحدثت أنه لما نزل المنزل الذي رحل منه فقتل جاءه قوم خفراء فطلبوا منه خمسين (49 - ظ) درهما ليسيروا معه فمنعه الشح والكبر، فأنذروا به، فكان من أمره ما كان.
قال: وقيل بأنهم لما طلبوا منه الخفارة اعتذر في ذلك أن قال لهم:
لا أكذب نفسي في قولي
(1)
…
يذمّ لمهجتي سيفي ورمحي
ففارقوه على سخط وأنذروا به وكان من أمره ما كان.
وقرأت في جذاذة طرس مطروح في النسخة التي وقعت إليّ بسماع جد جد أبي القاضي أبي الحسن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة من شعر المتنبي على محمد بن عبد الله بن سعد النحوي الحلبي وفيها مكتوب بغير خط النسخة: المتنبي أبو الطيب أحمد بن الحسين، عاد من شيراز من عند فناخسرو وابن العميد وزيره بأموال جزيلة، فلما صار بالصافية من أرض واسط وقع به جماعة من بني أسد وغيرهم فقتلوه وخمس غلمان كانوا معه وولده، وسلبوا المال، وذلك في شوال من سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وكان المتولي لقتله رجل منهم يقال له فاتك بن أبي جهل، وهو ابن خالة ضبة الذي هجاه المتنبي، وكان على شاطئ دجلة.
وسمعت والدي رحمه الله يقول لي: بلغني أن المتنبي لما خرج عليه قطاع الطريق ومعه ابنه وغلمانه أراد أن ينهزم، فقال له ابنه: يا أبة وأين قولك:
(1)
-كذا بالاصل وهذا الشطر غير مستقيم الوزن وهو من الوافر، وليس بالديوان المطبوع.
الخيل والليل والبيداء تعرفني
…
والطعن والضرب والقرطاس والقلم
(1)
فقال له: قتلتني يا بن اللخناء ثم ثبت وقاتل حتى قتل. (50 - و).
سير الى الشريف الاجل العالم تاج الشرف شرف الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي الحسيني جزءا بخطه في مقتل أبي الطيب كتب فيه ما نقلته وصورته: نقلت من خط أبي بكر محمد بن هاشم الخالدي، أحد الخالديين في آخر النسخة التي بخطه من شعر أبي الطيب المتنبي ما هذه صورته، ذكر مقتله:
كنا كتبنا الى أبي نصر محمد بن المبارك الجبلي نسأله شرح ذلك، وهذا الرجل من وجوه التناء
(2)
بهذه الناحية وله أدب وحرمة فأجابنا عن كتابنا جوابا طويلا يقول فيه: وأما ما سألتما عنه من خبر مقتل أبي الطيب المتنبي رحمه الله، فأنا أنسقه لكما وأشرحه شرحا بينا:
إعلما أن مسيره كان من واسط في يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وقتل ببيزع
(3)
ضيعة بقرب من دير العاقول في يوم الاربعاء لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، والذي تولى قتله وقتل ابنه وغلامه رجل من بني أسد يقال له فاتك بن أبي الجهل بن فراس بن بداد، وكان من قوله وهو منعفر: قبحا لهذه اللحية يا سباب، وذلك أن فاتكا هذا قرابة لوالدة ضبّة بن يزيد العيني الذي هجاه المتنبي بقوله:
ما أنصف القوم ضبّة
…
وأمه الطرطبة
ويقال ان فاتكا خال ضبة، وأن الحمية داخلته لما سمع ذكرها بالقبيح في الشعر وما للمتنبي شعر أسخف من هذا الشعر كلاما، فكان على سخافته وركالته (50 - ظ) سبب قتله وقتل ابنه وذهاب ماله.
(1)
-ديوانه:250.
(2)
-أي الدهاقين أو الذين يتولون ادارة الاراضي والمزارع.
(3)
-قرية بين دير العاقول وجبل. معجم البلدان.
وأما شرح الخبر فان فاتكا كان صديقا لي، وكان كما سمي فاتكا لسفكه الدماء واقدامه على الاهوال، فلما سمع الشعر الذي هجي به ضبة، أحفظه ذلك واشتد عليه، ورجع على ضبة باللوم، وقال له: قد كان يجب أن لا تجعل لشاعر عليك سبيلا، وأضمر غير ما أظهر، واتصل به انصراف المتنبي من بلد فارس الى العراق، وأن اجتيازه بجبل ودير العاقول، فلم يكن ينزل عن فرسه وجماعة معه من بني عمه رأيهم في المتنبي مثل رأيه في طلبه واستعلام خبره من كل صادر ووارد وكان فاتك يتحرق خوفا أن يفوته، وكان كثيرا ما يجيئني وينزل عندي، فقلت له يوما وقد جاءني وهو يسأل قوما مجتازين عنه: قد أكثرت المسألة عن هذا الرجل فأي شيء عزمك أن تفعله به متى لقيته، قال: ما عزمي إلا الجميل، وأن أعذله على ما أفحش فيه من الهجاء، فقلت: هذا الأليق بأخلاقك والأشبه بأفعالك، فتضاحك ثم قال: يا أبا نصر والله لئن اكتحلت عيني به، أو جمعتني واياه بقعة لأسفكن دمه ولأمحقن حياته إلا أن يحال بيني وبينه، فقلت له: كف عافاك الله عن هذا القول، وارجع الى الله، وأزل هذا الرأي عن قلبك، فان الرجل شهير الاسم، بعيد الصوت، وقتلك إياه في شعر قاله لا يحسن، وقد هجت الشعراء الملوك في الجاهلية والخلفاء في الاسلام فما علمنا أن شاعرا قتل بهجاء، وقد قال:
هجوت زهيرا ثم إني مدحته
…
وما زالت الأشراف تهجا وتمدح
ولم يبلغ جرمه ما يوجب قتله، فقال: يفعل الله ما يشاء، وانصرف، فلم يمض لهذا القول (51 - و) إلاّ ثلاثة أيام حتى وافى المتنبي ومعه بغال موقرة بكل شيء من الذهب والفضة والثياب والطيب والجوهر والآلة، لأنه كان اذا سافر لم يخلف في منزله درهما ولا دينارا ولا ثوبا ولا شيئا يساوي درهما واحدا فما فوقه، وكان أكثر اشفاقه على دفاتره لانه كان قد انتخبها وأحكمها قراءة وتصحيحا.
قال فتلقيته وأنزلته داري وسائلته عن أخباره وعمن لقي، وكيف وجد من
قصده، فعرفني من ذاك ما سررت به، وأقبل يصف لي ابن العميد وفضله وأدبه وعمله وكرمه، وسماحة الملك فنا خسرو ورغبته في الادب وميله الى أهله، فلما أمسينا قلت له: على أي شيء أنت مجمع؟ قال: على أن أتخذ الليل جملا، فان السير فيه يخفّ عليّ، قلت هذا هو الصواب رجاء أن يخفيه الليل ولا يصبح إلاّ وقد قطع بلدا بعيدا، والوجه أن يكون معك من رجالة هذه المدينة الذين يخبرون الطريق، ويعرفون المواضع المخوفة فيه، جماعة يمشون بين يديك الى بغداد، فقطب وقال: لم قلت هذا القول؟ قلت: تستأنس بهم، قال: أما والجراز
(1)
في عنقي فما بي حاجة الى مؤنس غيره، قلت الامر كما تقول، والرأي في الذي أشرت به عليك، فقال: تلويحك هذا ينبي عن تعريض، وتعريضك يخبر عن تصريح، فعرفني الأمر وبين لي الخطب، قلت: ان هذا الجاهل فاتك الأسدي كان عندي منذ ثلاثة أيام، وهو محفظ عليك لأنك هجوت ابن أخته، وقد تكلم بأشياء توجب الاحتراس والتيقظ، ومعه أيضا نحو العشرين فارسا من بني عمه قولهم مثل قوله، قال: وغلامه-وكان عاقلا لبيبا فارسا-يسمع كلامنا، فقال: الصواب ما رآه أبو نصر، خذ معك (51 - ظ) عشرين راجلا يسيرون بين يديك الى بغداد، فاغتاظ غيظا شديدا وشتم الغلام شتما قبيحا، وقال: والله لا تحدّث عني أني سرت في خفارة أحد غير سيفي.
قلت: يا هذا فأنا أوجه قوما من قبلي في حاجة يسيرون بمسيرك ويكونون في خفارتك، قال: والله لا فعلت شيئا من هذا، ثم قال لي: يا أبا نصر أبخروا الطير تخشيني، ومن عبيد العصا تخاف عليّ، وو الله لو أن مخصرتي هذه ملقاة على شاطئ الفرات وبنو أسد معطشون لخمس وقد نظروا الى الماء كبطون الحيات ما جسر لهم خف ولا ظلف أن يرده، حاشى لله من فكر اشتغله بهم لحظة العين،
(1)
-أي السيف-القاموس.
فقلت له: قل ان شاء الله، فقال: كلمة مقولة لا تدفع مقضيا ولا تستجلب آتيا، ثم ركب فكان آخر العهد به.
قال: ولما صح عندي خبر قتله، وجهت من دفنه وابنه وغلامه، وذهبت دماؤهم هدرا. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد النبي وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وسلم تسليما وكتب محمد بن هاشم الخالدي بالموصل في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وهو يستغفر الله ويستقيله من كل ذنب وخطيئة عن عمد أو خطأ.
(1)
.
أما قولنا بخروا الطير تخشيني ومن عبيد العصا تخاف علي، فان أسد يلقبون خروا الطير، قال امرؤ القيس:
فرت بنو أسد خروا الطير عن أربابها
ويلقبون أيضا عبيد العصا، قال الشاعر، ونظنه امرؤ القيس أيضا:
قولا لدودان عبيد العصا.
آخر ما كان بخط أبي بكر الخالدي.
...... ما غركم بالأسد الباسل
(2)
(1)
-الآراء متباينة في عصرنا حول كيفية وأسباب مقتل المتنبي، وهناك من رأى وجود مؤامرة دبرتها السلطات البويهية، وأن الامر ارتبط بعقيدة المتنبي ونشاطاته التي قيل انها كانت لصالح الدعوة الاسماعيلية المرتبطة بالخلافة الفاطمية.
(2)
-روي أن حجر بن الحارث الكندي كان على بني أسد، وكانت له عليهم أتاوة في كل سنة، وقد بعث مرة اليهم جابيه الذي كان يجبيهم، فمنعوه ذلك، وضربوا رسله، فسار حجر اليهم بجيش كثيف فاجتاحهم وأخذ سرواتهم وجعل يقتلهم بالعصا فسموا عبيد العصا، وبعد فترة عفا عنهم، ثم انهم وجدوا غفلة منه فقتلوه، فثار بدمه امرؤ القيس الشاعر وكان أصغر أولاده. انظر شعراء النصرانية قبل الاسلام للويس شيخو ط بيروت 18،8:1967.
كذا في الاصل، قد أتم هذا هذا البيت وأظنه بخط أخيه أبي عثمان ولا أتحققه. (52 - و)
أخبرنا تاج الاماء أحمد بن محمد بن الحسن-كتابة-قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبي غالب شجاع ابن فارس بن الحسين الذهلي قال: أنشدني الحكيم أبو علي الحسين بن عبد الرحمن الثقفي النيسابوري لابي القاسم المظفر الزوزني الكاتب يرثي المتنبي-قلت: هو المظفر بن علي:
لا رعى الله سرب هذا الزمان
…
إذ دهانا في مثل ذاك اللسان
ما رأى الناس ثاني المتنبي
…
أي ثان يرى لبكر الزمان
كان في نفسه الكبيرة في جي
…
ش وفي كبرياء ذي سلطان
كان في لفظه نبيا ولكن
…
ظهرت معجزاته في المعاني
أنشدني نجيب الدين داود بن أحمد بن سعيد بن خلف بن داود الطيبي التاجر إملاء من لفظه بحلب قال: أنشدني شمس الدين بن الوالي بالموصل لأخت المتنبي ترثي أخاها المتنبي لما قتل:
يا حازم الرأي إلا في تهجمه
…
على المكاره غاب البدر في الطفل
(1)
لنعم ما عاملتك المرهفات به
…
ونعم ما كنت توليها من العمل
الأرض أم أضناها بواحدها
(2)
…
فاسترجعته وردّته الى الحبل
أحمد بن الحسين بن حمدان، أبو العباس التميمي الشمشاطي:
أديب فاضل شاعر، له معرفة بالنحو واللغة، قدم حلب في أيام سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان وأملى بها أمالي وفوائد، وكتب عنه بعض (52 - ظ)
(1)
-الطفل: الظلمة، والشمس طلعت واحمرت عند الغروب. القاموس.
(2)
-هذا الشطر مضطرب الوزن وقد يستقيم في قولنا: «الارض أم وأضناها بواحدها» .
أفاضل الحلبيين شيئا منها، وروى في أماليه عن أبوي بكر بن دريد وابن الأنباري، وأبوي عبد الله بن إبراهيم بن محمد نفطويه، والحسن بن اسماعيل المحاملي واسماعيل بن العباس الوراق، وأبي زكريا بن محمد، وحجظة البرمكي، ومغصا غلام أبي عبد الله نفطويه، ومحمد بن يحيى الصولي، ومحمد بن عبد الله بن الحسين المستعيني، وأبي نصر عبد العزيز بن نباتة السعدي، وجماعة سواهم.
روى عنه أبو القاسم سلامة بن محمد بن عترة، وأبو الحسن محمد بن عبد الكافي بن محمد، وأبو بكر أحمد بن عمر بن البقال، وغيرهم.
نقلت من أمالي أبي العباس أحمد بن الحسين الشمشاطي التي أملاها بحلب من خط من كتبها عنه بها، وأنشدنا الشيخ لنفسه.
إذا شئت أن تكبت الحاسدي
…
ن غيظا وتقمع كيد العدو
فأغض وعفّ وسوّ المسا
…
ء في الفضل يزداده بالغدو
تبت حاسديك على غصّة
…
وتحم عدوّك طيب الهدو
ونقلت من الأمالي المذكورة بعينها: أنشدنا الشيخ لنفسه-يعني التميمي-:
قد تستزلّ المرء أوقاته
…
ويطمح السمع به والبصر
فالكيّس العاصي هوى نفسه
…
والأيّد العفّ إذا ما قدر
استغفر الله فكم نظرة
…
سكرتها ما كلفت من سهر
قال: وأنشدنا الشيخ لنفسه: (53 - و)
حسرات تطول إن أنت أكثر
…
ت التفاتا إلى الزمان القديم
لك فيما فقدتّ أسوة أسيان
…
ن
(1)
وسال وجاهل وعليهم
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية: الاسيان الحزين.
كلّهم راعة الزمان بشيب
…
وفراق لصاحب ونعيم
فاستكانوا لذلك طوعا وكرها
…
ورضوا بالبقاء والتسليم
لو بقوا هانت الرّزايا ولكن
…
سلبوا بعد ذاك روح النسيم
قال: وأنشدنا الشيخ لنفسه:
أيها الرائح في العيد
…
بأرواح الوقوف
فاتر لحظك تفترّ
…
عن الدرّ الرصيف
أنت في العالم إحدى
…
بدع البرّ اللّطيف
إنّ من قلّدك السيف
…
جهول بالسيوف
أو غفول عند إيما
…
نك باللحظ الضّعيف
وقرأت في كتاب «اطرغش» تأليف أبي عبد الله الحسين بن خالويه النحوي، وذكر جماعة مدحوه ومدحوا كتابه المذكور، وقال: قال أبو العباس:
الشميشاطي تميمي
…
للعلم لألاء بجانبيه
ليس بنحو نحو سيبويه
…
إلاّ إذا قرأته عليه
وقد كان بين أبي العباس وبين ابن خالويه مودة تقتضي الثناء عليه، فإنني وقفت على أبيات لابي العباس يرثي بها أبا عبد الله بن خالويه بعد وفاته (53 - ظ) أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن الحسين بن حمدان، أبو العباس التميمي الشمشاطي، حدّث ببغداد عن محمد بن عبد الله بن الحسين المستعيني.
روى عنه أبو بكر أحمد بن عمر البقال، وقال: هو شيخ ثقة قدم علينا من الموصل في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة
(1)
.
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 106 - 107.
رأيت اجازة بخط أبي العباس التميمي كتبها لأبي الحسن محمد بن عبد الملك بن محمد، وقال في آخرها: وكتب أحمد بن الحسين التميمي بخطه بشاطئ دجلة في شوال سنة احدى وسبعين وثلاثمائة فتكون وفاته بعد ذلك.
أحمد بن الحسين بن سعد بن أبان:
الشاهد الطرسوسي، حدّث عن أبي بكر محمد بن إبراهيم الشيرازي، روى عنه
…
(1)
أحمد بن الحسين بن العباس الطرسوسي:
أبو علي حدّث
(2)
…
، روى عنه الحسن بن فارس الطرسوسي نزيل سمرقند.
أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن الحكم بن عبد الله:
أبو زرعة الرازي، رحل في طلب الحديث، ودخل حلب، وسمع بها أبا بكر محمد بن الحسين بن صالح بن إسماعيل السّبيعي الحافظ، روى عنه أبو الطيب أحمد بن علي الطالبي الجعفري وغيره، وذكره أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد، بما أخبرنا به زيد بن الحسن الكندي إذنا، قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا (54 - و) الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال:
أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن الحكم بن عبد الله، أبو زرعة الرازي، سمع محمد بن إبراهيم بن نومرد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، وعلي ابن ابراهيم القطان القزويني، وعبد الله بن محمد الحارثي، وبكر بن عبد الله المحتسب البخاري، والحسين بن إسماعيل المحاملي، ومحمد بن مخلد الدّوري وكان حافظا متقنا ثقة، رحل في الحديث، وسافر الكثير، وجالس الحفاظ،
(1)
-لم يكمل ابن العديم هذه الترجمة.
(2)
-فراغ بالاصل.
وجمع التراجم الأبواب، وحدّث ببغداد، فحدثنا عنه القاضيان: أبو العلاء الواسطي، وأبو القاسم التنوخي، وأبو زرعة روح بن محمد الرازي، ورضوان ابن محمد الدينوري
(1)
.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي-إجازة إن لم يكن سماعا-عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني قال: أخبرنا أبو البقاء المعمّر بن محمد بن علي الحبال بالكوفة قال: أخبرنا أبو الطيّب أحمد بن علي بن محمد الطالبي الجعفري قال حدثنا أبو زرعة أحمد ابن الحسين بن علي بن إبراهيم بن الحكم بن عبد الله الرازي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن اسماعيل السّبيعي بحلب قال: أخبرني المنذر بن محمد القابوسي قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي الحسين بن سعيد قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو أيوب الإفريقي عبد الله (54 - ظ) بن علي قال: حدثني سماك عن جابر بن سمرة قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناشدون عنده الشعر ويذكرون أمر جاهليتهم، فيضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبسم إليهم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن شجاع عن سالم قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن عبد المولى بن محمد اللبني قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أبو خلف عبد الرحيم ابن محمد المدبر قال: حدثنا المروزي-يعني أبا عبد الله الحسن بن علي بن محمد-قال: حدثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي الرازي رحمه الله قال:
حدثنا ابن رميس قال: حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي قال: حدثنا أبو زيد الهروي قال: حدثنا شعبة عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي حتى ترم قدماه، فقيل له أتفعل هذا وقد غفر «الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر
(2)
»؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا
(3)
! (55 - و)
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 109.
(2)
- سورة الفتح-الآية:2.
(3)
-انظره في كنز العمال:7/ 18581.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس الغساني قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا علي بن المحسن قال: سألنا أبو زرعة الرازي عن مولده، فقال: لست أحفظه، ولكن خرجت الى العراق أول دفعة لطلب الحديث سنة أربع وعشرين وثلاثمائة وكان لي آنذاك أربع عشرة سنة أو نحوها.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي-إجازة-قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: قرأت في كتاب أبي القاسم بن الثلاج بخطه: فقد أبو زرعة أحمد ابن الحسين الرازي في طريق مكة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة
(1)
.
أحمد بن الحسين بن علي بن محمد السكران:
ابن عبد الله بن الحسين بن الحسن الأفطس بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو القاسم الحسيني الأنطاكي الشاعر، ولد بمصر ثم انتقل إلى نصيبين، ثم أنطاكية، فسكنها فعرف بالأنطاكي لذلك.
ووفد على الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان إلى حلب، وكان عنده بها في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة حين استولى نقفور على حلب، وأسر الروم في تلك السنة امرأته فاطمة بنت محمد (55 - ظ) بن أحمد ابن محمد بن الشبيه العلوية، وخلصها الله تعالى من الأسر بغير سعي، وقد ذكرنا حكاية أسرها وخلاصها في ترجمتها في ذكر النساء فيما يأتي في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
وحكى عنه ابنه منها أبو يعلى، وكان أبو القاسم الشريف هذا شاعرا مجيدا
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 109.
جليل المقدار فاضلا أديبا، ومن شعره ما أورده الشريف النسابة أبو الحسن علي ابن أبي الغنائم العمري.
قدك عني سئمت ذلّ الضراعة
…
أنا ما لي وصنيعة وبضاعة
إنما العزّ قدرة تملأ الأرض
…
وإلاّ فعفّة وقناعة
أحمد بن الحسين بن القاسم:
وقيل ابن أبي القاسم، أبو خالد الصنعاني، قدم منبج، وحدث بها عن أبي القاسم يحيى بن الحسين بن موسى العطار، وسعيد بن العباس النيسابوري المقرئ؛ روى عنه المبارك بن محفوظ بن أحمد الرهاوي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام الحلبي الفقيه الحنفي فيما أذن لنا برويه عنه قال: أخبرنا أبو الفضائل عبد الوهاب بن صالح بن محمد بن علي الهمذاني في كتابه قال: حدثنا أبو القاسم عبد الغالب بن عمار بن الحسين بن محمد الخطيب بحلب قال: حدثني أبو الاسد محمد بن عبد العزيز بن محمد البالسي ببالس قال: أخبرنا والدي أبو تمام عبد العزيز (56 - و) بن محمد القاضي قال:
أخبرنا ناشي بن مروان البصير قال: حدثنا المبارك بن محفوظ بن أحمد الرهاوي قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن الحسين بن القاسم الصنعاني، قدم علينا منبج، قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن الحسين بن موسى العطار قال: حدثنا الحسين ابن عبد العزيز الواعظ الكواز قال: حدثنا أبو الفرج عبد الرزاق بن حمدان البطين قال: حدثنا أبو بكر محمد بن المنذر قال: حدثني الربيع بن سليمان قال:
سمعت الشافعي يقول: فارقت مكة وأنا ابن خمس عشرة سنة، وذكر القصة الى آخرها، أعني رحلة الإمام الشافعي رضى الله عنه
(1)
.
(1)
-يريد بذلك رحلته الى المدينة للاخذ على الامام مالك. انظر آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم الرازي ط. القاهرة 25:1593 - 28.
أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد:
أبو العباس البغدادي الحنبلي المقرئ العراقي، كان عارفا بعلوم القرآن، وانتفع به جماعة، وكان حسن المحاضرة، دخل حلب وسمع بها أبا عبد الرحمن بن أبي الرضا بن سالم الرحبي، وقرأ عليه قصيدة أبي عبد الله محمد بن علي المعروف بابن المتقنه في الفرائض بروايته لها عنه، وكانت قراءته عليه بمدرسة الزجاجين في شهر رجب من سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وسمع أيضا بحلب أبا الحسين أحمد ابن منير الأطرابلسي، وسمع ببغداد أبا محمد سعد الخير الأنصاري ومحمد بن عبد الله بن سهلون السبط (56 - ظ).
وروى عن هؤلاء المذكورين، وحدثنا أيضا بدمشق الإجازة عن أبي بكر محمد بن عبيد الله بن نصر الزاغوني، وروى عنه أبو عمر محمد بن أحمد بن محمد المقدسي، وشيخنا أبو محمد عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الحنبلي، وروى لنا عنه أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي.
أخبرنا الشيخ الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد البغدادي المقرئ، بقراءتي عليه بدمشق في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، قلت له: أخبركم محمد بن عبد الله بن سهلون السبط بقراءتك عليه فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن محمد بن عبد الله بن هزارمرد الصريفيني قراءة عليه في مسجده بصريفين
(1)
في شعبان سنة ستين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن اسحاق ابن سليمان بن حبابة قراءة عليه قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا شعبة وشيبان عن قتادة قال:
(1)
-ذكرها ياقوت باسم «صريفون» وقال: هي قرية كبيرة غناء شجراء بين عكبراء وأوانا على ضفة نهر دجيل.
سمعت أنس بن مالك قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم، فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
(1)
.
وأخبرنا به أعلى منه بدرجة الشيخ أبو سعد ثابت بن مشرف (57 - و) بن أبي سعد البناء البغدادي، بقراءتي عليه بحلب، قال: أخبرنا الشيخ أبو القاسم نصر بن نصر بن علي بن يونس العكبري وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني قالا: أخبرنا الشيخ أبو القاسم علي بن أحمد البسري قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن عبد الرحمن بن العباس البزاز المخلص قراءة عليه في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي فذكره باسناده مثله سواء.
وقع الى جزء بخط أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي، جزءا يتضمن أسماء جماعة أجازوا لأبي العباس أحمد بن الحسين بن محمد بن أحمد البغدادي العراقي هذا، فمنهم: أبو الفتح بن البطي وأبو محمد عبد الله بن الموصلي، وأبو بكر بن المقرّب ويحيى بن ثابت؛ ومن أهل أصبهان: أبو الخير مسعود الثقفي وأبو عبد الله الرستمي، وأبو المطهر الصيدلاني، وأبو موسى الحافظ وجماعة يطول ذكرهم.
قرأت بخط شيخنا ناصح الدين أبي محمد عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي في كتاب «الاستسعاد بمن لقيت من صالحي العباد في البلاد» وقد أجاز لنا الرواية عنه الشيخ أحمد بن الحسين بن محمد البغدادي ورأيت بخطه: العراقي سمع الحديث الكثير ببغداد، وقرأ القرآن العزيز بطرق كثيرة، وكان ماهرا فيه وتصدر لإقراء القرآن. تحت النسر
(2)
بجامع دمشق، فختم عليه القرآن جماعة، وكان كثير الحكايات والنوادر، قدم من بغداد مع الفقيه الأعز سنة أربعين وخمسمائة، قال لي:
(1)
-انظر كنز العمال:2/ 4876.
(2)
-الاشهر «قبة النسر» داخل جامع بني أمية بدمشق.
(57 - ظ) جئيت الى الشام بنية أنني أزور القدس، والى الآن ما زرته، فقلت:
معي تزوره إن شاء الله، فزاره في صحبتي سنة سبع وثمانين أو سنة ثمان.
وقرأت عليه فاتحة الكتاب تجويدا وتحريرا، وقرأت عليه كتاب «الفصيح» لثعلب، رواه عن سعد الخير الأندلسي، وقرأت عليه رسالة الشيخ ابن منير الى الشيخ شرف الإسلام جدي رواها عنه، قال: اجتمعت بابن منير في حلب، وسمعت الرسالة عليه، وقرأت عليه أيضا تصديقه القرآن إنشاء ابن منير، رواها أيضا عنه، وكان يصلي إماما في مسجد الخشابين
(1)
أقام به سنين، وكان له منهم أصحاب وجماعة، فحسن فيه الظن، وكان يقول: كان عندنا في الحربيه
(2)
قوم من المتشددين يسمون السبعية لا يسلمون على من سلم على من سلم الى سبعة على مبتدع.
وبلغ من العمر فوق السبعين سنة، ومات بدمشق.
أحمد بن الحسين بن محمد النفري:
أبو العباس، حدث بحلب عن القاضي أبي عمران موسى بن القاسم بن موسى ابن الحسن الأشيب، روى عنه أبو الحسن المهذب بن علي بن المهذب بن أبي حامد المعري.
قرأت بخط أبي صالح محمد بن المهذب بن علي بن المهذب، وأنبأنا به أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي إجازة، قال: أنبأنا محمد بن كامل بن ديسم قال: أخبرنا أبو صالح محمد بن المهذب إجازة قال: حدثنا أبي أبو الحسن المهذب في جمادى الأولى من سنة سبع وتسعين وثلاثمائه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين بن محمد النفريّ بحلب لسبع عشرة ليلة خلت من شوال سنة تسع وسنين
(1)
-ذكره ابن شداد بين مساجد دمشق وقال: «بين فنادق الخشب، حضرة سوق البقل، ومسبك الزجاج» الاعلاق الخطيره-قسم دمشق:103.
(2)
-من اشهر محال بغداد.
(58 - و) وثلاثمائه قال: حدثنا القاضي أبو عمران موسى بن القاسم بن موسى ابن الحسن الأشيب قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا موسى بن اسماعيل قال:
حدثنا معتمر عن أبيه قال: وحدث أيضا أبو عثمان النهدي عن عبد الرحمن بن أبي بكر أنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائه، فقال:«هل مع أحد منكم طعام» ؟ فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه فعجن، ثم جاء رجل مشرك طويل بغنم يسوقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أبيع أم عطية» ؟ أو قال «هبة» قال: لا بل بيع، فاشترى منه شاة فصنعت، وأمر نبي الله صلى الله عليه وسلم بسواد البطن أن يشوى. قال: وايم الله ما من الثلاثين ومائة إلا وقد جزّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم جزّة من سواد بطنها، إن كان شاهدا أعطاه إياها، وإن كان غائبا خبأها له؛ قال: وجعل منها قصعتين، فأكلنا أجمعين وشبعنا، وفضل في القصعتين، فحملته على البعير، أو كما قال
(1)
.
أحمد بن الحسين بن المؤمل:
أبو الفضل المعروف بابن الشواء، وكتب عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الدمشقي بها انشادا، ذكره في معجم شيوخه.
أنبأنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي في معجم شيوخه قال: أنشدني أحمد ابن الحسين بن المؤمّل أبو الفضل المعرّي المعروف بابن الشواء (58 - ظ) بدمشق لابن النوت المعري في بعض الوزراء من اليهود.
يهود هذا الزمان قد بلغوا
…
غاية آمالهم وقد ملكوا
العزّ فيهم والمال عندهم
…
ومنهم المستشار والملك
(1)
-انظر دلائل النبوة لابي نعيم الاصفهاني ط. حيداباد 353:1950 - 368.
ولست ممن فيهم يغرّكم
…
تهوّدوا قد تهوّد الفلك
(1)
أحمد بن الحسين النحوي المقرئ:
أبو بكر المعروف بالكتّاني، قرأ على أبي عمران موسى بن جرير الضرير الرقي النحوي، وقرأ عليه بحلب أبو الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي المقرئ، وحدث عنه بمصر.
أحمد بن الحسين، أبو بكر البصري:
حدث بأنطاكية عن عمران بن موسى النصيبي؛ روى عنه أبو الحسن محمد ابن الحسين الآبري، وسمع منه بها.
كتب إلينا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي أن الإمام أبا الفتح محمد بن عمر بن أبي بكر الحازمي أخبرهم قال: أخبرنا عيسى بن شعيب بن اسحاق السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن بسرى الليثي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن ابراهيم الآبري قال: قرأت على أبي بكر أحمد بن الحسين البصري بأنطاكية عن عمران بن موسى بن أيوب النصيبي عن أبيه في تاريخه، باسناد ذكره عن سعيد بن المسيّب عن ابن عباس فزاد فيه في نسبة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أدد بن السّميدع (59 - و) بن عائذ بن شالخ بن الهميسع.
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية: استغفر الله. وتربط رواية هذه الابيات باعتماد الخلافة الفاطمية في مصر على عدد من الوزراء اليهود مثل يعقوب ابن كلس وآل سهل، ولذلك جاءت رواية الشطر الاول من البيت الثالث في المصادر المصرية كابن ميسر:2. وحسن المحاضرة للسيوطي:2/ 153:
يا أهل مصر انى نصحت لكم
هذا ووردت ترجمة ابن المؤمل في ص 10 - 11 من معجم شيوخ ابن عساكر (مصورة مجمع اللغة العربية في دمشق).
أحمد بن الحسين المنبجي المعروف بدوقلة بن العبد:
شاعر مجيد من أهل منبج، وإليه تنسب القصيدة اليتيمة التي أولها:
هل بالطلول لسائل رد
…
أم هل لها بتكلم عهد
وسنذكره إن شاء الله تعالى في حرف الدال لأنه اشتهر بدوقلة، وصار اسمه مهجورا.
أحمد بن الحسين بن الزيات:
أبو الحسن، أمير الثغور الشامية، ولي إمارة الثغور في غالب ظني بعد أخيه أبي بكر محمد بن الحسين بن الزيات، وخرج عن طرسوس بعد استيلاء الروم عليها، وتوجه الى الديار المصرية، واتصل بكافور الاخشيدي، وسنذكر في ترجمة غيطة مولاة منصور النسيمي الخادم فيما يأتي من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى في ذكر النساء، أنه كان معها مال في عشر قماقم حصلت به في مصر، فاعترض فيه كافور وهم به، فخاطبه أمير الثغور أبو الحسن هذا، وقال: إنه كان هذا المال بطرسوس وعنها أخرج، وقد جرت لنا أحوال كنا فيها أحوج إليه من الأستاذ، فكففنا عنه وتركناه بحاله ليتولى من هو في يده منه ما تولى، فأمسك عنه خجلا.
وكان أحمد هذا وأخوه محمد من أهل الرقه، وسكنا الثغر.
أحمد بن الحسين الجزري التغلبي:
المعروف بالأصفر
(1)
، كان مقدما مذكورا، ظهر في الجزيرة، وعبر الى الشام مظهرا غزو الروم (59 - ظ) فتبعه خلق عظيم من المسلمين، وجرت له مع الروم وقعات، ودخل حلب في سنة خمس وتسعين وثلاثمائه، فقبض عليه لؤلؤ السيفي، وجعله في قلعة جلب.
(1)
-من الألقاب ذات المعاني والمضامين المهدوية.
وقرأت في تاريخ أبي غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب المعري قال: فحدثني من شاهد عسكره أنه كان يكون في اليوم في ثلاثين ألفا، ثم يصير في يوم آخر في عشرة آلاف وأكثر وأقل لأنهم كانوا عواما وعربا، ونزل على شيزر، وطال أمره فاشتكاه بسيل
(1)
ملك الروم الى الحاكم، فأنفذ إليه مفلحا اللحياني في عسكر عظيم فطرده سنة خمس وتسعين.
وقبض عليه أبو محمد لؤلؤ السيفي بخديعة خدعه بها، وذلك أنه أنفذ إليه أن يدخل إليه الى حلب، وأوهمه أنه يصير من قبله، فلما حصل عنده قبض عليه وجعله في القلعة مكرّما، لأنه كان يهوّل به على الروم.
قال أبو غالب همام بن المهذب: ورأيته أنا وقد خرج مبارك الدولة سنة ست، وله شعرة، والمصحف في حجره على السرج وهو يقرأ فيه.
ونقلت من خط يحيى بن علي بن عبد اللطيف بن زريق المؤرخ: وفي سنة خمس وتسعين ظهر رجل غازي متزيّ بزي الفقراء، ومعه خلق كثير من العرب يسمى أحمد بن الحسين أصفر تغلب، ويعرف بالأصفر، وتبعه وصحبه رجل من العرب يعرف بالحملي، وأسرى في جماعة من العرب وغيرهم ممن اجتمع إليه، ولقي عسكر الروم فأخذه وكسره (60 - و) إلى أرتاح، وسار يريد أنطاكية نحو جسر الحديد، فلقيه بطريق من بطارقة السقلاروس
(2)
في عسكر كان معه، فقتل الحملي وانهزم الأصفر إلى بلد سروج
(3)
، فانتهى إلى الماخسطرس
(4)
أن الاصفر ساكن في الجزيرة في ضيعة تعرف بكفر عزور
(5)
من عمل سروج، وهي ضيعة كبيرة ولها
(1)
-باسيل الثاني. انظر بالانكليزية امارة حلب:40 - 41.
(2)
-لقب حاكم أنطاكية البيزنطي.
(3)
-بلد في ديار مضر قرب حران. معجم البلدان.
(4)
-اللقب الذي حمله حاكم المقاطعة العسكرية-البند أو الثيم-في بيزنطة.
(5)
-تصحف الاسم في معجم البلدان الى «كفر عزون» .
سور، فقصده في عساكره وعبر الفرات، نازل كفر عزور وكان قد اجتمع إليها أكثر أهل تلك الأعمال لحصانتها، وأقام ثمانية عشر يوما وفتحها وأخذ منها اثني عشر ألف أسير وغنائم كثيرة، وحرم الأصفر، وهرب هو بالليل، وكانت عرب بني نمير وكلاب اجتمعت مع وثاب
(1)
في زهاء ستة آلاف فارس، فلقوا عسكر الروم وظفروا بهم، وهرب الروم إلى أنطاكية وجد الماخسطرس في طلب الأصفر والتمس من لؤلؤ أن يحمله إليه خوفا من ارهاج المسلمين عليه، وتوسط الحال بينهما على أن يأتي إلى حلب على أن يكون الأصفر في القلعة بحلب معتقلا أبدا، وحمله إليه في شعبان سنة سبع وتسعين، فقيده لؤلؤ واعتقله ولم يزل في القلعة إلى أن حصلت حلب للمغاربة
(2)
في سنة ست وأربعمائة.
أحمد بن الحسين أبو الفرج القاضي:
قاضي طرسوس، كان فاضلا عالما، وهو الذي مدحه المتنبي بالقصيدة التي أخبرنا بها أبو محمد عبد العزيز بن محمود الأخضر البغدادي في كتابه، قال:
أخبرنا الرئيس أبو الحسن علي بن (60 - ظ) علي بن نصر بن سعيد البصري قال: أخبرنا أبو البركات محمد بن عبد الله بن يحيى الوكيل قال: أخبرنا علي ابن أيوب بن الحسين بن الساربان قال: أنشدنا أبو الطيب المتنبي لنفسه يمدح أبا الفرج أحمد بن الحسين القاضي:
لجنّية أم غادة رفع السّجف
…
لوحشيّة لا ما لوحشيّة شنف
قال فيها
أردّد ويلي لو قضى الويل حاجة
…
وأكثر لهفي لو شفى غلة لهف
ضنى في الهوى كالسمّ في الشهد كامنا
…
لذذت به جهلا وفي اللذّة الحتف
(1)
-أمير نمير جد منيع بن شبيب الذي عاصر ثمال بن صالح بن مرداس. انظر زبدة الحلب:1/ 273.
(2)
-يريد بالمغاربة جند وعمال الخلافة الفاطمية.
فأفنى وما أفنته نفسي كأنما
…
أبو الفرج القاضي له دونها كهف
قليل الكرى لو كانت البيض والقنا
…
كآرائه ما أغنت البيض والزّغف
يقوم مقام الجيش تقطيب وجهه
…
وتستغرق الألفاظ من لفظه حرف
وإن فقد الاعطاء حنت يمينه
…
إليه حنين الإلف فارقه الإلف
أديب رست للعلم في أرض صدره
…
جبال جبال الأرض في جنبها قفّ
جواد سمت في الخير والشركفه
…
سموا لودّ الدهر أن اسمه كفّ
تفكّره علم ومنطقه حكم
…
وباطنه دين وظاهره طرف
(1)
وهي طويلة اقتصرت منها على هذه الأبيات.
أحمد بن الحسين، وقيل الحسن:
أبو يوسف المصيصي الحاسب، له كتاب في الجبر والمقابلة، وقد ذكرناه فيمن اسم أبيه الحسن. (61 - و)
ومن أفراد حرف الحاء في آباء الأحمدين
أحمد بن الحصين التميمي:
ورد دابق في أيام عبد الملك بن مروان، وبها مسلمة بن عبد الملك، ودخل معه غازيا بلاد الروم حين توجه إلى القسطنطينية هو وأخوه مع الفتية الذين تابوا بالمدينة
(2)
.
وسيأتي ذكر خبرهم إن شاء الله تعالى.
أحمد بن حماد بن سفيان أبو عبد الرحمن القرشي:
مولاهم، الكوفي، قاضي المصيصة، حدث عن خراش بن محمد بن خراش،
(1)
-ديوانه:166 - 170.
(2)
-حكى ابن الاعثم الكوفي خبرهم بالتفصيل في كتابه الفتوح، وقد حققته وهو قيد الطباعة في بيروت.
وهرون بن سعيد الأيلي، وأبي مسعود محمد بن عبد الملك بن محمد المؤدّب، وعقبة بن مكرم، واسحاق بن موسى، وأبي كريب الهمداني، وحكيم بن سعيد المازني، وأبي بلال الأشعري، وأحمد بن عبد المؤمن، وعبد الله بن معاوية الجمحي، وجعفر بن دهقان، ويوسف بن موسى القطان، وأبي الربيع بن أخي رشدين، وعبد الرحمن بن الفضل بن مونق، ومحمد بن سليمان الأسدي، وعباد ابن يعقوب، وأبي عمرو بن حازم، ومحمد بن عوف، وأبي عبد الله أحمد بن يحيى ابن الوزير المصري، وكثير بن عبيد، وبشر بن هلال، وأبي سعد الأشج، وإبراهيم ابن مروان، وعبد الله بن حفص البرّاد، وعبد الله بن معاوية، واسرائيل
(1)
.
روى عنه: أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش، وأبو عمرو بن السماك، وأبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاّد الرامهرمزي، وعبد الباقي بن (61 - ظ) قانع، وأبو القاسم عبد الرحمن بن منصور ابن سهل بن عمرو الحلبي، وأبو بكر محمد بن الحسين السّبعي الحلبي الحافظ، وأحمد بن محمد بن عبد الرحمن الجلىّ الطرسوسي، وأبو عبد الله محمد بن نصر المصيصي، وجعفر بن محمد بن بنت حاتم، ومحمد بن إبراهيم بن حبّون الحجازي، ومحمد بن علي بن حبيش، وأبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد.
أخبرنا أبو حامد محمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا عمي أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد أبي جرادة قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل ابن أحمد الجليّ الحلبي بها قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المعروف بابن الطيوري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن منصور بن سهل قال:
حدثنا أحمد بن حماد القاضي قال: حدثنا يوسف بن موسى القطان قال: حدثنا
(1)
-يرجح أنه اسرائيل بن أسامة الكوفي. ذكره الطوسي بين أصحاب الامام جعفر الصادق. انظر رجال الطوسي ط. النجف 152:1961.
عيسى بن عبد الله أبو بكر العلوي قال: حدثني أبي عن جدي عن جده عن علي عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من زعم أنه يحبني ويبغض عليا فقد كذب»
(1)
.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري القاضي بجامع دمشق قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر ابن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي قال:
حدثنا الحسن بن عبد الرحمن برامهرمز قال: حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان قال: حدثنا عبد الله بن حفص البراد قال: حدثنا (62 - و) يحيى بن ميمون قال: حدثنا أبو الأشهب العطاردي عن الحسن عن أبي أيوب قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا أيوب ألا أدلك على عمل يرضاه الله عز وجل، أصلح بين الناس إذا تفاسدوا وحبب بينهم إذا تباغضوا»
(2)
.
أخبرنا أبو القاسم الأنصاري إذنا قال: أخبرنا أبو الحسن الغساني قال:
أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد بن حماد بن سفيان، أبو عبد الرحمن الكوفي القرشي مولاهم، سمع أبا بلال الأشعري، وهرون بن سعيد الأيلي، وعبد الله بن معاوية الجمحي وعقبة بن مكرم، وأبا كريب الهمداني، ويوسف بن موسى القطان ونحوهم، وقدم بغداد، وحدث بها فروى عنه أبو عمرو بن السماك وعبد الباقي ابن قانع، وجعفر بن محمد بن بنت حاتم بن ميمون، ومحمد بن علي بين حبيش، وكان ثقة، ولي قضاء المصيصة، وذكره الدارقطني، فقال: لا بأس به.
أنبأنا عبد العزيز بن الأخضر، أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد عن أحمد بن
(1)
-لم أجده بهذا اللفظ في مجاميع وكتب الحديث المتداولة.
(2)
-انظر في كنز العمال:3/ 5488.
علي بن خلف عن أبي عبد الله الحاكم قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال:
أحمد بن حماد بن سفيان القاضي، كوفي لا بأس به
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين المحتسب قال:
قرأنا على أحمد بن الفرج بن الحجاج الوراق عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: توفي أبو عبد الرحمن أحمد بن حماد بن سفيان بالمصيصة ليومين بقيا من المحرم سنة سبع وتسعين ومائتين، ورأيته لا يخضب.
أنبأنا حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الحربي قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة سبع وتسعين ومائتين: أحمد بن حماد بن سفيان الكوفي، وهو قاضي المصيصة؛ يعني مات.
أحمد بن حمدان العائذي الضبي:
أبو الحسن الأنطاكي، من بني عائذة بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد، وقيل عائذ الله بن سعيد بن (62 - ظ) ضبة من أهل أنطاكية، يروي عن الحسين بن الجنيد الدامغاني روى عنه علي بن الفضل بن طاهر البلخي، والمثلم بن المشخر الضبي.
من اسم أبيه حمدون من الاحمدين
أحمد بن حمدون بن اسماعيل بن داود:
أبو عبد الله الكاتب الشاعر، وقد سماه بعضهم محمدا؛ قدم حلب صحبة المتوكل حين قدمها، وغزا الروم مع المأمون والمعتصم، واجتاز بحلب في غزاته تلك.
روى عن أبيه حمدون بن اسماعيل، وعن الواثق بن المعتصم، روى عنه
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 124.
أحمد بن الطيب السرخسي، وعلي بن محمد بن بسام، والحسن بن محمد، عم أبي الفرج الأصبهاني، وجعفر بن قدامة، وكان أديبا شاعرا.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد، إذنا، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري-إجازة إن لم يكن سماعا-قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي علي البصري، إذنا، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الدوري قال: حدثنا أحمد بن اسحاق بن ابراهيم قال: حدثنا أحمد بن الطيب السرخسي قال: حدثني أبو عبد الله بن حمدون بن اسماعيل عن أبيه قال: سمعت المعتصم بالله يحدث عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم: وذكر الحجامة يوم الخميس فكرهها.
كتب إلينا أبو روح بن محمد الهروي أن زاهر بن طاهر المستملي أخبرهم -إجازة إن لم يكن سماعا-عن أبي القاسم علي بن أحمد البندار قال: أنبأنا أبو أحمد عبيد الله (63 - و) بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي، إجازة، قال:-في كتاب الأوراق، في ذكر من نفاه المتوكل-قال: ونفى أحمد بن حمدون النديم الى بغداد، وقطع طرف أذنه وقال له: أنت قدت علي بعض غلماني، ثم رده
(1)
.
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن، تاج الأمناء، قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن قال: أحمد بن حمدون بن اسماعيل بن داود، أبو عبد الله الكاتب، شاعر في غاية الظرف والملاحة والأدب، حكى عن الواثق وعن أبيه حمدون، قدم دمشق في صحبة المتوكل، وامتدحه البحتري.
روى عنه علي بن محمد بن نصر بن بسام-وهو ابن أخته-، وجعفر بن
(1)
-ليس في القسم المطبوع من كتاب الاوراق.
قدامة، والحسن بن محمد-عم أبي الفرج الأصبهاني-، وأحمد بن الطيب السرخسي.
وذكره أبو عبد الله محمد بن داود الجراح في كتاب الورقة في أسماء الشعراء، وأنشد له في أحمد بن محمد بن ثوابة، وكان ابن حمدون يلقبه لبابة، وكان ابن ثوابة قد دعا أبا القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب فبزل لموسى بن بغا رغيفا من بيت ابن ثوابة، فمات موسى من غد ذلك اليوم
(1)
. فقال:
استعذنا الإله من شر ما يطرق
…
صبحا ومن رغيف لبابه
قد دهانا الرغيف في الفارس المعلم
…
واجتث ملكه ونصابه
من رأى مصرع الأمير فلا يطعم
…
طعاما من منزل ابن ثوابه
فلقد حرم الإله على كل
…
أديب طعامه وشرابه (63 - ظ)
إن فيه خلائقا وخصالا
…
موجبات هجرانه واجتنابه
صلف معجب بغيض مقيت
…
أحمق مائق ضعيف الكتابه
قال: ومن شعره يعاتب أبا الحسن علي بن يحيى المنجم:
من عذيري من أبي حسن
…
حين يجفوني ويصرمني
كان لي خلاّ وكنت له
…
كامتزاج الراح بالبدن
فوشى واش فغيّره
…
وعليه كان يحسدني
إنما يزداد معرفة
…
بودادي حين يفقدني
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي ببلخ قال: وروي أنه رمدت عين الفتح بن خاقان
(2)
فقال فيه أحمد بن حمدون:
(1)
-ليس في المطبوع من كتاب الورقة. انظر مختصر ابن عساكر لابن منظور: 3/ 58.
(2)
-وزير المتوكل وقتل معه.
عيناي أحمل من عينيك للرمد
…
فاسلم وكان الأذى بي آخر الأبد
من ضن عنك بعينيه ومهجته
…
فلا رأى الخير في مال ولا ولد
فدتك من ألم الشكوى ولوعتها
…
نفس تخلصتها من مخلب الأسد
لولا رجاؤك لم تلبث ولا سكنت
…
ولا استقر قرار الروح في الجسد
أحمد بن حمدون:
وقيل: محمد بن حمدون، بن مغرض بن صالح بن عمر بن خالد بن سويد ابن يحيى بن الكوثر بن الفرج بن المنذر بن محذور بن سعدين بن مغرض بن عائذ ابن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبره التنوخي، أبو الحسين (64 - و) وقيل أبو الحسن، وقيل فيه: أحمد بن محمد، عوض حمدون، ويعرف بالقنوع المعري، شاعر من أهل معرة النعمان، حسن الشعر، روى عنه شيئا من شعره أبو يعلى محمد بن الحسن البصري، وابراهيم بن أحمد بن الليث الآذري الكاتب؛ وقيل: إنما لقب بالقنوع لأنه قال: قد قنعت من الدنيا بكسرة وكسوة.
وقال ابراهيم الآذري في ذكره: إنه رضي من دنياه بسد الجوع ولبس المرقوع، ولهذا لقب بالقنوع.
قرأت في مراثي بني المهذب، في مرثية أبي عبد الله الحسين بن اسماعيل بن جعفر بن علي ابن المهذب، وقال أبو الحسين أحمد بن حمدون القنوع يرثيه:
أما وذهاب الحزن في كل مذهب
…
وروعات قلب ذاهل غير قلّب
لقد شغلتني عن رزية واحدي
…
رزية أهل الفضل آل المهذب
فحتى متى يا دهر لست بمعتبي
…
وفيم على ما فات منك تعتبي
تصبرت حتى عيل صبري وأخلقت
…
قوي جلدي في موطني وتغربي
ولي عبرات عبرت عن ضمائري
…
بألسن دمع ترجمت عن تلهّبي
فلله أنفاس علت في تصعد
…
وأدمع أجفان هوت في تصوّب
وسنذكر في كل حرف ما سمي به، ونورد من شعره في ذلك الحرف ما نسب الى ذلك الاسم، والذي يترجح عندي أن اسمه محمد بن حمدون لان الاكثر عليه، والله أعلم. (64 - ظ).
أحمد بن حمدون البالسي:
حدث
(1)
روى عنه الفقيه أبو شاكر عثمان بن محمد بن الحجاج بن رزام البزاز النيسابوري.
أحمد بن حمدويه بن موسى:
أبو حامد المؤذن النيسابوري، كان من الصلحاء الراغبين في عمل الخير وقدم طرسوس مجاهدا في سبيل الله عز وجل، وأقام بها مرابطا ثلاث سنين.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر، وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبوي عثمان الصابوني والبحتري كتبوا اليه، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: أحمد بن حمدويه بن موسى النيسابوري أبو حامد المؤذن الفامي بباب عزرة.
وكان من أعيان الصالحين جاور بمكة خمس سنين، وبطرسوس ثلاث سنين، وكان كثير الحج والجهاد والاحسان الى أكابر العلماء، بلغني أن أبا بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة كان لا يخلو من مال لا حمد بن حمدويه قرضا عليه، وكان يفرق بمكة ونيسابور.
سمع بنيسابور ابراهيم بن عبد الله السعدي، ومحمد بن عبد الوهاب،
(1)
-فراغ في الاصل.
وقطن بن ابراهيم، ومحمد بن يزيد، وبالري أبا حاتم وطبقته، وببغداد أبا قلابة وطبقته، والكوفة أحمد بن حازم بن أبي غرزة وطبقته، وبالحجاز محمد بن اسماعيل بن سالم، وابن أبي مسرة وطبقتهما، وبالبصرة (65 - و) أبا داود السجستاني وطبقته.
روى عنه: أبو سعيد بن أبي عثمان، وابنه أبو سعيد، وأبو الطيب المذكر وغيرهم.
وقال أبو عبد الله الحاكم: سمعت أبا سعيد بن أبي حامد يقول: توفي أبي رحمه الله في جمادي الآخرة سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وصلى عليه أبو عمرو الحيري، ودفن في مقبرة الحسين بن معاذ.
من اسم أبيه حمزة من الاحمدين
أحمد بن حمزة بن الحسين بن الشام الحلبي:
أصله من طرابلس، وسكن حلب فنسب اليها، وكان أديبا فاضلا متقنا، له خط حسن على غاية ما يكون من الضبط والاتقان، وهو من بيت مشهور بالفضل والادب، وكان جدهم يعرف بالشام يده، فاختصر بعد ذلك، وقيل الشام.
قال لي ياقوت بن عبد الله الحموي: رأيت بخطه نسخة من شعر المتنبي نسخه بمصر في سنة ثمان وخمسمائة، وله عليه نكت حسنة من كلامه تدل على علمه وفضله، وذكر أنه نقله من نسخة بخط أبي بكر محمد بن هاشم الخالدي
(1)
.
أحمد بن حمزة بن حماد:
أبو الفضل، شاعر كان بمعرة النعمان، وقفت له على أبيات يرثي بها أبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، وعلى أبيات يرثي بها أبا طاهر حامد بن جعفر بن
(1)
-لم يترجم له ياقوت في معجم الادباء.
المهذب، فأما مرثيته في أبي العلاء (65 - ظ) فانني وقفت عليها في جزء وقع الي بخط بعض المعريين، جمع فيه مارثي به أبو العلاء حين مات، وأورد فيه لاحمد ابن حمزة بن حماد:
لعظيم هذا الرز حار لساني
…
ونأى وخان لما أجن جناني
هدم الردى من كان يبني جاهدا
…
مجدا لأهل معرة النعمان
أترى يد الدنيا تجود بمثله
…
هيهات ليس يرى له من ثان
شرف العلوم وتاج أرباب العلى
…
كنف العديم ومعدن الاحسان
أسفي عليه مجدد ما ينقضي
…
أو ينقضي عمري ووقت زماني
ما كنت أدري قبل ميتة أحمد
…
أن البحار تلف في الأكفان
حتى رأيت أبا العلاء موسدا
…
فرويت ذاك رواية بعيان
لله ما يحوي الثرى من جسمه
…
ويضم من شرف بغير بنان
فخر لو أن الفخر ينطق لا نبرى
…
منه التفاخر ناطقا ببيان
اني وان أوردت معنى حازه
…
علمي لقد خلفت فيه معاني
يا موت أنت سقيتني كأس الردى
…
وملأت قلبي غلّة الأحزان
وقصدت سيدنا فأمس ثاويا
…
ما بيننا فهو البعيد الداني
وأما مرثية أبي طاهر بن المهذب فانني قرأتها في جزء يتضمن مراثي بني المهذب المعريين حمله إلي بعضهم فنقلت منه قوله:
جسمي من الوجد الدخيل نحيل
…
وكذا الفؤاد متيم معلول (66 - ظ)
لي مقلة لا ينقضي هملانها
…
وجوى على مر الزمان طويل
ذهب الذي قد زال صبري بعده
…
عني وحزني ما أراه يزول
قد كنت أرجو أن يفادي ميت
…
ويكون منه لدى الحمام بديل
فأكون أول باذل نفسي له
…
لو كان لي فيما أروم سبيل
آل المهذب قد عرتكم نكبة
…
والصبر عند النائبات جميل
فقد الرئيس وليس يوجد مثله
…
طول الزمان لأن ذاك قليل
هو ماجد من أهل بيت طاهر
…
وفواضل فيساره مبذول
قد عاش ذا دعة لأهل وداده
…
ولحاسديه صارم مصقول
توفي هذا الشاعر في سنة تسع وأربعين وأربعمائة أو بعدها، فإنه رثى أبا العلاء في هذا التاريخ.
أحمد بن حمزة بن سويد المعري:
شاعر آخر كان بمعرة النعمان، ظفرت من شعره بأبيات وقعت إلي أيضا في الجزء الذي حمل إلي في مراثي بني المهذب، يرثي بها أبا الفضل عامر بن شهاب وأبا اليسر عبد الجبار بن محمد بن المهذب وهي:
يعارض وجدا في الحشا عارض الفكر
…
فينهلّ دمع العين مني ولا أدري
وأرفل في ثوب الكآبة كلما
…
تذكرت فقدي عامرا وأبا اليسر
تقيّين حازا كل فخر وسؤدد
…
فمجدهما عال على الأنجم الزهر
(66 - ظ)
وفيّين كانا زاهدين تورعا
…
فقد أمنا من كلفة الاثم والوزر
وما حيلة المشتاق فيمن يودّه
…
إذا غيّبوه عنه في ظلمة القبر
وقد رمت صبرا عنهما فوجدته
…
أمرّ مذاقا من مساوغة الصّبر
لقد ألبسا جسمي الصّبابه والضنا
…
وقد حملاني الحزن وقرا على وقر
سأبكيهما ما عشت دمعا فإن ونت
…
دموعي عن التسكاب بكّيت بالشعر
أحمد بن حمزة بن عبيد الله:
وقيل عبد الله، أبو نصر الأسدي الملقب بالمهند،
(1)
ويعرف بابن الخيشي الحلبي الشاعر، شاعر مجيد، جزل الألفاظ حسن المعاني، أصله من خلاط،
(2)
وأقام بحلب فنسب إليها، روى عنه شيئا من شعره أبو عبد الله بن الخياط الشاعر، وأبو الفوارس حمدان بن عبد الرحيم التميمي
(3)
، وكان قد أنزله حمدان حمدان عنده بداره بالأثارب، فأقام ابن الخيشي عنده بها أشهرا.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسن بن أحمد الملحي لفظا قال: أنشدني أيضا-يعني حمدان بن عبد الرحيم-لأبي الخيشي من قصيدة إلى سلطان الأمراء
(4)
يستهدي منه مملوكا.
وما ثلاثون دينارا تحوز بها
…
شكري وعندك نزر ألف دينار
غدا يسوّد نبت الشّعر عارضة
…
وعارض المجد مبيض بأشعاري
(67 - و) وقرأت في شرح خطبة ديوان شعر أبي القاسم بن أفلح الشاعر وهو الشارح لها لابن الخيشي الحلبي.
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية ح-أي حاشيه-بمهند الدولة.
(2)
-ما تزال تحمل هذا الاسم في تركيا ليس بعيدا عن بحيرة وان، وعلى مقربة منها وقعت معركة منازكرد 463 هـ /1071 م المشهورة، وسيرد ذكرها في ترجمة السلطان للب رأسلان.
(3)
-لحمدان ترجمة جيدة في كتابنا هذا ستأتي في حرف الحاء.
(4)
-هو سديد الملك علي بن المقلد بن منقده مؤسس حكم آل منقذ في شيزر. انظر تاريخ دمشق لابن القلانسي ط. دمشق 184:1983.
عقبان روع والسروج وكورها
…
وليوث حرب والقنا آجام
وبدور تمّ والترائك في الوغى
…
هالاتها والسابري غمام
جادوا بممنوع التلاد وجوّدوا
…
ضربا تجدّ به الطلى والهام
وتحاورت أسيافهم وجيادهم
…
فالأرض تمطر والسماء تغام (67 - ظ)
(1)
(1)
-في حاشية الأصل: بلغ بدر الدين عبد الواحد.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني قال: قال أبو عبد الله بن الخياط: رأيت الأمير ابن المهند أبا نصر أحمد بن حمزة الخيشي بطرابلس، وكنا نجتمع على الطريق وكان يتشوق إليّ أبدا، واجتمعنا يوما في أوائل شهر رمضان فعرض عليّ الإفطار عنده فامتنعت، فلم يراجعني، وافترقنا، وأتبعني غلامه وأنا لا أعلم، فعرف البيت ورصدني الى حين خروجي فخالفني إليه فغشّ القفل، ونقل جميع ما فيه الى بيت مولاه، فلما انصرفت عشاء وعاينت بيتي ظننت أني سرقت، وإذا الأمير الخيشي قد وافاني يضحك، فعلمت أنه صاحب القصة، وما برح حتى انصرفت معه، فأقمت عنده الشهر كلّه.
قال أبو عبد الله: ورأيته في هذا الشهر وقد بيّض سبعا وعشرين قصيدة لجماعة من الطرابلسيين وصار إليه منهم نحو مائتي دينار، فعرض علي القسمة فما فعلت، ولم يحصل لي أنا شيء.
قال القيسراني وكان أبو عبد الله يروي له أشعارا جيدة منها القطعة التي عملها في ابن الأحمر:
(1)
(1)
-هناك اشارات سريعة لدى يحيى بن سعيد الأنطاكي الى وجود أسرة زعامة في جبال بهراء (العلويين) ليس بعيدا عن طرابلس في القرن الخامس للهجرة، ولعل الممدوح هنا أمير هذه الأسرة أو منها. انظر تاريخ ابن سعيد ط. بيروت:260. زبدة الحلب:1/ 246.
هو البيين لا أشكو الصبابة لولاه
…
..
قال: وكان أبو عبد الله يستجيدها ويعجب من قوله فيها في صفة الطبيب
(1)
.
(69 - و) قال: وسمعته يوما ينشد:
لا تخد عن الأماني بالمواعيد
…
وكلفّ العزم رمي البيد بالبيد
فالجد ما صافحت بالمدلجين بها
…
أيدي النجائب هامات القراديد
(2)
فقلت: لمن هذا؟ فقال: للخيشي يمدح بها نصر بن محمود
(3)
يقول فيها:
صاحت بهام العدى والضرب يحرسهم
…
نصر من الله يا نصر بن محمود
نقلت من خط أبي المظفر أسامة بن مرشد بن علي منقذ، وأخبرنا به أبو الحسن محمد بن أحمد ابن علي عنه، إجازة، قال: ومن شعراء الشام الأمير المهند أبو نصر أحمد بن عبيد الله الأسدي المعروف بالخيشي، وهو شاعر مجيد عجيب الاسلوب، طويل النفس، يخرج من حسن الى حسن، وكان يبسط لسانه بالهجو سرا، ويترفع عنه ظاهرا؛ فمن شعره يمدح ضياء الدولة أبا علي حسن بن منيع
(4)
قصيدة أولها:
كم بين غيطل
(5)
…
في الهوى ومعان
من أربع أشتاقها ومغاني
فارقتها والقلب في قرصاتها
(6)
…
مستوطن فأنا البعيد الدّاني
(1)
-كتب ابن العديم فوقها: كذا.
(2)
-جمع قردة وقرد.
(3)
-نصر بن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس امير حلب (366 - 468 هـ / 1073 - 11076 م) انظر كتابي (بالانكليزية) امارة حلب:186 - 188.
(4)
-لعله الحسن بن منيع بن شبيب النميري أو ابن منيع بن مقلد الكلابي. انظر زبدة الحلب:273،1/ 263.
(5)
-الغيطل: السنور، ومن الضحى: حيث تكون الشمس من مشرقها لهيئتها من مغربها وقت العصر، ونعيم الدنيا، والشجر الكثير الملتف. القاموس.
(6)
-أي ساحاتها.
لولا غرام لي جريت بحكمها
…
لثنى إليها الاشتياق عناني
عجبا لصبري واشتياقي كلما
…
اعتلجا بقلبي كيف يتفقان
إني لأنأى مرغما وكذاك من
…
لا يبلغ الأوطار في الأوطان
وأصد عن شرب النمير
(1)
…
على الظما
والذلّ فيه تعلة الظمآن (69 - ظ)
لا خير في أرض ولا قوم معا
…
لا يعرفون بها شريف مكان
ومنها:
وإذا الرجال غدت عليّ قلوبهم
…
قلبا تفيض بجمة الأضغان
وليت أطراف العوالي متحها
(2)
…
في نزحها عوضا من الأشطان
(3)
إن لم أجشمها الخطار فلا عصت
…
يمناي يوم كريهة بيماني
(4)
أصبحت في الأقوام أحسب شاعرا
…
يا فضل
(5)
قد بالغت في نقصاني
أعلى السؤال معولي يا سنّة
…
شانت علاي ولم يكن من شاني
لا رزق إلا بالصوارم والقنا
…
عندي وبعض الرزق كالحرمان
أعززت بالآداب نفسا مرة
…
فعلام أعرضها بسوق هوان
ولقد صدفت عن القوافي برهة
…
وأرحت منها خاطري ولساني
حتى تعرض لي ضياء الدولة
…
العظمى
(6)
بغامر فضله فثناني
وعلا على عنق القريض نواله
…
متغطرسا فانقاد بعد حران
(1)
-النمير: الزاكي من الماء. القاموس.
(2)
-متح: نزع وصرع وقلع وقطع وضرب. القاموس.
(3)
-الشطن: الحبل الطويل. القاموس.
(4)
-اليماني هنا السيف.
(5)
-لا ندري أي فضل أراد هنا.
(6)
-يرجع أنه أراد بالدولة العظمى: الخلافة الفاطمية، هذا وليس بين وزراء الدولة الفاطمية أو أمراء بني عمار من حمل لقب ضياء الدولة. انظر الوزارة والوزراء في العصر الفاطمي للدكتور محمد حمدي المناوي ط. القاهرة 247:1970 - 276. الحياة العلمية في طرابلس الشام لعمر عبد السلام التدمري ط. بيروت 1972: 39 - 44.
هكذا ذكره أسامه ونسبه الى جده عبيد الله وأسقط ذكر أبيه حمزة.
وذكره ....
(1)
ابن الزبير في كتاب جنان الجنان وقال: شاعر مجيد من شعره:
هذا الحمى وكناس الغيد والبان
…
فاستوقف الركب واسأل أية بانوا
عسى حمائمه يعلمن من خبر
…
أو عندهنّ لسر الدّمع إعلان
أشبهننا فوق أكوار المطي وقد
…
مادت بهن من الأشجار أغصان (70 - و)
وما شجا القلب تغريد سجعن به
…
إلا ونمت صبابات وأشجان
إذا هتفن بأطراف الغصون ضحى
…
هاجت لنا الوجد أوطار وأوطان
وفي الهوادج أقمار تضمنها
…
مثل النواظر تحويهن أجفان
تألفت لتلاف الصبّ واختلفت
…
منها بدور وأغصان وكثبان
وفي رحالهم قلب تقسمه
…
بالبغض والحب آساد وغزلان
ما زال يطمعني منهم ويوئسني
…
ظبي غرير وباغي الغرم غيران
إن قلت إن شبابي قد مضى وأنا
…
كما عهدت الي ظمياء ظمآن
فكم بنعمي شبيب شبّ من هرم
…
وكم صد بأبي الريان ريان
كأنه وكأنّ الأعوجي إذا
…
رمى به الروع ضرغام وسرحان
ملء النواظر والراحات من يده
…
ووجهه للندى حسن واحسان
وقال:
أيا من يستحلّ دمي
…
ويظهر للورى ورعا
(1)
-فراغ بالاصل، وابن الزبير هو القاضي الرشيد، نشر من كتبه «الذخائر والتحف» ط. الكويت 1959. هذا ولم يستطع المحقق التعريف به بشكل مفيد، ولقد وقفت على ترجمة وافية له ولاخيه في المقفى للمقريزي مخطوطة برتو باشا 115 و-ظ، وقد عاصر المؤلف الوزير المصري شاور وتوفي في النصف الثاني من القرن السادس للهجرة.
أما ترثي لمكتئب
…
نقضت عهوده ورعا
وكان حمامه بكم
…
ومبدأ حبكم ولعا
فقل لفتى تعثر في
…
هواك سلامة ولعا
قال: وكتب الى الأمير سديد الملك، يعني أبا الحسن بن منقذ.
إني وحقك في طرابلس كما
…
تهوى العدى تحت المقيم المقعد (70 - ظ)
أما المحرم قد حرمت نجاز ما
…
وعدوا وفي صفر فقد صفرت يدي
قالت لي العلياء لما أن سقو
…
ني كاس مطلهم سكرت فعربد
قرأت بخط أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ، وأخبرنا به أبو الحسن محمد ابن أحمد بن علي إجازة عنه قال: كتب عبد الله بن الدويدة المعري الى جدي سديد الملك أبي الحسن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ وقد وفد عليه ابن الخيشي الشاعر:
يا عليّ بن منقذ يا هماما
…
حين يدعى الوغي يعدّ بجيش
قد أتاك الخيشي في وسط آب
…
بقريض يغنيك عن بيت خيش
أحمد بن حمزة بن محمد بن حمزة بن خزيمة الهروي:
أبو اسماعيل الحداد الصوفي المعروف بعمويه شيخ الصوفية بهراة
(1)
(71 - و).
أحمد بن حميدان الرماني:
أبو القاسم، له كلام حسن في الحقيقة وطريقة الصوفية.
روى عنه أبو الفرج هبة الله بن سهل، وقدم حلب في أيام سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، وحضر عنده وفاوضه في شيء.
(1)
-هي من مدن أفغانستان حاليا.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أبي طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي قال:
أخبرنا الحافظ أبو موسى محمد أبي بكر بن أحمد المديني إجازة قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر الإمام قال: أخبرنا أبو مسعود بن أبي القاسم قال: أخبرنا أبو سعد الماليني إجازة قال سمعت أبا الفرج هبة الله بن سهل يقول: سمعت أبا القاسم أحمد بن حميدان الرماني يقول: دخلت حلب فأحضرت بين يدي سيف الدولة فقال لي: بما تدخل في الصلاة؟ فقلت على مذهبنا أو مذهبكم؟ فقال:
وايش مذهبنا ومذهبكم؟ فقلت: أما على مذهبكم فتدخل بفرضين وسنة التكبير فرضاه، ورفع اليدين عند التكبير سنة، وأما على مذهبنا فالدخول بالله والخروج بالله عز وجل.
ذكر حرف الخاء في آباء الأحمدين
من اسم أبيه خالد
أحمد بن خالد المزني الحلبي:
حدث عن مبشّر بن اسماعيل الحلبي، روى عنه سليمان بن عبد الحميد البهراني.
أنبأنا عبد الجليل بن أبي غالب، وسمعت منه بدمشق، قال: أخبرنا أبو المحاسن (72 - و) نصر بن المظفر قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله بن مندة قال: أحمد بن خالد المزني من أهل حلب؛ سمع مبشّر بن اسماعيل؛ روى عنه سليمان بن عبد الحميد البهراني.
أحمد بن خالد الدامغاني:
أبو العباس، نزيل نيسابور، كان رحالا، واسع الرحلة، دخل الشام، وسمع بتل منّس
(1)
من ناحية حلب المسيّب بن واضح السلمي. (72 - ظ).
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر، وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر الغزال قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني ببغداد قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحتري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه:
(1)
-ما تزال تحمل الاسم نفسه، وتتبع الآن منطقه معرة النعمان في محافظة ادلب، وتبعد عن المعرة مسافة 6 كم وعن أدلب 45 كم. التقسيمات الادارية:273.
أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال: أحمد بن خالد أبو العباس الدامغاني نزيل نيسابور، شيخ ثقة، كثير الرحلة، سكن نيسابور وتوفي بها، سمع ببغداد داوود بن رشيد، وعبيد الله بن عمر القواريري وغيرهما، وبالبصرة نصر بن علي، وعمر بن علي وأقرانهما؛ وبالكوفة أبا كريب وأقرانه، وبالحجاز أبا منصور الزهري ويعقوب بن حميد، وبمصر الحارث بن مسكين، وأبا الطاهر، وعيسى بن حماد، وأبا الربيع الرشيدي وغيرهم؛ وبالشام محمد بن المصفى، والمسيّب بن واضح، وهشام بن عمار، ودحيم بن اليتيم، روى عنه أبو العباس الكوكبي، وأبو حامد بن الشرقي، وأبو بكر بن علي، وأبو عبد الله بن يعقوب، وهم حفاظ بلدنا.
قال أبو عبد الله الحافظ: أخبرني عبد الله بن محمد بن عبد الله عن (73 - و) أبيه قال: توفي أحمد بن خالد الدامغاني بنيسابور سنة ثمان وثمانين ومائتين.
ومن أفراد حرف الخاء في آباء الاحمدين
أحمد بن الخصيب بن عبد الرحمن:
نزيل طرسوس؛ حدث عن محمد بن عمرو بن جبلة، وأحمد بن محمد بن حنبل، وصحبه وأخذ عنه الفقه؛ روى عنه أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم، وكان فقيها تصدر بطرسوس، وكان له حلقة فقه بها.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، إجازة إن لم يكن سماعا، قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور الجمال قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال:
أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: أحمد بن الخصيب، سكن طرسوس.
حدثنا أبو محمد بن الحجاج قال: حدثنا أبو عمرو بن حكيم قال: حدثنا أحمد بن الخصيب بطرسوس قال: حدثنا محمد بن عمر بن جبلة قال: حدثنا
أبو الحواب عمار بن رزيق عن الاعمش عن أبي اسحاق عن أبي أسماء عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لبيك بحجة وعمرة معا
(1)
.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف قال: أخبرنا أبو محمد فارس بن أبي القاسم بن فارس الحربي قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء قال: أحمد بن الخصيب بن عبد الرحمن، ذكره أبو بكر الخلال، فقال: مشهور بطرسوس، كان له حلقة فقه، ورئيس قومه، نقل عن إمامنا (73 - ظ) مسائل جيادا
(2)
.
أحمد بن الخضر بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاووس:
أبو المعالي بن أبي طالب بن أبي محمد بن أبي البركات الدمشقي، شيخ حسن صحيح السماع ثقة، سمع والده الخضر بن هبة الله بن أحمد، وأبا يعلي بن كروس سمعت عليه الاربعين حديثا التي جمعها نصر بن ابراهيم المقدسي بروايته لها عن أبي يعلي بن كروس عن الفقيه نصر، وسألته عن مولده فقال: تقديرا بعد الاربعين وخمسمائة، فانني في عشر الثمانين، وكان سؤالي إياه في شوال سنة ثلاث وعشرين وستمائة بدمشق، قال لي: ودخلت حلب وأقمت بها مدة، وهو من بيت مشهور بدمشق، خرج منه جماعة من أهل الحديث.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاووس قال:
أخبرنا أبو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس السلمي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا الامام أبو الفتح نصر بن ابراهيم بن نصر المقدسي بقراءته علينا من لفظه بدمشق
(1)
-لم أقف عليه بهذا اللفظ في كتب الحديث المعتمدة.
(2)
- طبقات الحنابلة لابي يعلى ط. القاهرة 1/ 42:1952.
قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أحمد السراج بدمشق قال:
حدثنا أبو الحسن محمد بن جعفر بن السقاء بحلب قال: حدثنا محمد بن معاذ بن هشام قال: حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم الفراهيدي قال:
حدثنا هشام وأبان قالا: حدثنا يحيى عن أبي جعفر عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث (74 - و) دعوات لا شك فيهن، دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم» ، قال أبان:«دعوة الوالد على ولده» .
(1)
.
أخبرنا أبو المعالي قال: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس قال: أخبرنا أبو الفتح الفقيه قال: أخبرنا عبد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو الفتح-هو- الفرغاني قال: سمعت أبا القاسم المفسر يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن علي ابن الطيان القمي يقول: قال سالم خادم ذي النون المصري: قال ذو النون: رأيت مجنونا أسود في بعض البوادي كلما ذكر الله عز وجل أبيض، فسمعته يقول، وقد سألته: لم لا تأنسن بالناس؟ فقال:
أنست به فما أبغي سواه
…
مخافة أن أضل فلا أراه
وحسبك حسرة وضنا وسقما
…
يصادر عن موارد أولياه
أخبرني جمال الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمود الصابوني أن شيخنا أبا المعاني أحمد بن الخضر بن طاووس توفي بدمشق في رابع شهر رمضان من سنة خمس وعشرين وستمائة.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في ذكر من مات في سنة خمس وعشرين وستمائة: وفي شهر رمضان توفي الشيخ الاجل أبو المعالي بن الشيخ الاجل أبي البركات أحمد بن عبد الله بن علي بن طاووس بن
(1)
-انظر في كنز العمال:2/ 3322.
موسى بن العباس بن طاووس، البغدادي الاصل الدمشقي المولد والدار، بدمشق سمع من أبي يعلى حمزة بن أحمد بن فارس بن كروس السلمي، وغالب ظني أنني لقيته ببلبيس، ولم يتفق لي السماع منه، ولنا منه اجازة، وهو من بيت الحديث.
أحمد بن الخطاب السميساطي:
من أهل سميساط
(1)
من الثغور الجزرية على شاطئ الفرات،
(2)
وقد ذكرناه.
أنبأنا عبد الجليل بن أبي غالب قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر قال:
أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله محمد ابن مندة (74 - ظ) قال: أحمد بن الخطاب من أهل سميساط، حدث عن العلاء ابن هلال، روى عنه ابن قتيبة.
أحمد بن خلد:
أبو العباس المعروف بابن حياة أمها، رجل أديب فاضل، قرأ بحلب على أبي عبد الله الحسين بن خالويه، وتصدر بعده بحلب لافادة علم الادب، قرأ عليه جماعة من الادباء بها، ورأيته مضبوطا في بعض الاسانيد التي ظفرت فيها بذكره بفتح الخاء واللام.
أحمد بن خلف بن أحمد بن علي:
أبو العباس المعري، المعروف بالممتع، أديب شاعر فاضل كان مقيما بحلب في أيام بني مرداس الكلابيين، وهو شاعر حسن الشعر، سمع الحديث بحلب من
(1)
-مدينة على طريق الشام تبعد عن فسطاط مصر عشرة فراسخ. معجم البلدان.
(2)
-مدينة على شاطئ الفرات في طرف بلاد الروم على غربي الفرات ولها قلعة. معجم البلدان.
الشيخ أبي عبيد الله بن عبد السلام بن أبي نمير العابد، ومن أبي الحسن علي بن محمد بن الطيوري، وبمعرة النعمان من الشيخ أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن ابن سليمان، وحدث بمعرة النعمان عن أبي الحسين محمد بن أحمد الرقي الصوفي.
روى عنه أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان، وخرج عنه حديثا في معجم شيوخه، وذكره أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان في رسالة الغفران التي أجاب بها علي بن منصور الحلبي المعروف بدوخلة فقال: وسيدي الشيخ أبو العباس الممتع أدام الله عزه: في السن ولد، وفي المودة أخ، وفي فضله جد أو أب، وانه في أدبه لكما قال تعالى:«وما لأحد عنده من نعمة تجزى»
(1)
.
وإياه (75 - و) عنى أبو يعلى عبد الباقي بن أبي حصين بقوله في أبيات كتبها الى تلميذه أبي اليمن محمد بن الخضر المعروف بالسابق بن أبي مهزول المعري، ونقلته من خط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي:
أيها السابق الذي سبق النا
…
س الى المعجزات يوم الرّهان
ذهب الممتنع الأديب وخلاّ
…
ك أباه تجلو غريب المعاني
لأن أبا الممتنع اسمه خلف، فقال: ذهب الممتنع وخلاك خلفا من بعده.
كتبت الينا زينب بنت عبد الرحمن الشعري من نيسابور أن أبا القاسم محمود ابن عمر الزمخشري أخبرها اجازة، وقرأته بخطه في معجم أبي سعد السمان في الكتب الموقوفة في مشهد أبي حنيفة رضي الله عنه، ظاهر بغداد، قال: حدثني الاستاذ أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك قال: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو سعد
(1)
- سورة الليل-الآية:19. وانظر أيضا رسالة الغفران-ط. دمشق (دار كرم):231.
اسماعيل بن علي بن الحسين السمان اجازة قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن خلف الممتع بقراءتي عليه بمعرة النعمان قال: حدثنا أبو الحسين محمد أحمد الرقي الصوفي قال: حدثنا أبو هاشم محمد بن أحمد بن سنان بالموصل قال: حدثنا جدي قال: حدثنا عبد الله بن أيوب بن أبي علاج قال: حدثنا أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله: ما منتهى العلم الذي اذا علمه العبد كان عالما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حفظ على أمتي (75 - ظ)
(1)
أربعين حديثا من أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما»
(2)
.
وقع الي جزء بخط بعض المعريين يتضمن مراثي أبي العلاء أحمد بن عبد الله ابن سليمان فقرأت فيه لأحمد بن خلف الممتع يرثيه:
قبر تضمن شخص العالم العلم
…
يجلّ عن لامس أو لاثم بفم
جادت عليه غوادي الدمع واتصلت
…
بها السواري فأغنته عن الديم
وآلت الشمس لا تنفك كاسفة
…
فسوّدت غرر الأيام بالظّلم
فلو تكون على هاماتنا لمما
(3)
…
لما ألم بياض الشيب باللمم
نبغي السرور من الدنيا وقد قدرت
…
بها الهموم على الأقدار والهمم
وما تزال بنا الآمال مائلة
…
الى المطامع في وجد وفي عدم
إذا الشبيبة بانت عن أخي أرب
…
فلا مآرب بعد الشيب والهرم
نبكي الأقارب منّا والبكاء على
…
نفوسنا واجب إذ نقتدي بهم
فليت ذا الحلم منّا حين نفقده
…
مخبر بالذي يلقاه في الحلم
(1)
-الرقم بالاصل 77 - ظ -ومرد ذلك الى اضطراب في ترتيب الصفحات أعيد وضبط.
(2)
-انظره في كنز العمال:29184،10/ 29182.
(3)
-اللمم: الجنون وصغار الذنوب وتشعث الرأس والاصابة بالسوء. القاموس.
وليت من بديار الشام منزله
…
ليوم رب العلى والمجد لم يشم
في قلب كل يمان نازح ألم
…
فلا يلام حليف القرب في الألم
وفي تهامة أحشاء حشين أسى
…
وأعين كحلت بالسهد لا التهم
وقاطنون رأوا تحريم أمنهم
…
على النفوس وما بانوا عن الحرم
لا ينعمون بحال يظفرون بها
…
من الزمان وهم حالون بالنعم (76 - و)
قوم الى شرف الآباء نسبتهم
…
فطيب فرعهم الزاكي بأصلهم
يرون موت ابن عبد الله عندهم
…
نظير موت ابن عبد الله جدّهم
وما العراق بمذموم على جذل
…
لوصف أكثره بالغدر في الذمم
أبان صفحة أهل العلم فيه لمن
…
رأى التصفح من عرب ومن عجم
وبثّ من علمه كتبا مصححة
…
بها أبان لهم تصحيف كتبهم
وكان أحدث ما أملاه بينهم
…
يفوق أفضل ما أملى أولو القدم
فسلمت لسليمان وأسرته
…
بنو الأكارم طرف العلم بالكرم
فما يصنّف علم مثل علمهم
…
ولا يشرف بيت مثل بيتهم
تميّزوا بخلال لا نظير لها
…
مع الجلال جلال الحكم والحكم
وقد تضمّن عبد الله فخرهم
…
فليس يوجد فخر مثل فخرهم
يريد أبا محمد عبد الله بن أبي المجد أخي أبي العلاء، وكان قاضي معرة النعمان، والقصيدة طويلة اقتصرت منها على هذا القدر، وقرأت بعدها في الجزء المذكور، وله فيه أيضا:
أيّ بحر ما كان يخشى عبابه
…
وبدرّ المحار يزرى حبابه
وطريق الى العلاء محوب
(1)
…
بأبيه ما ضله محتابه
(1)
-الحوب: الابوان والاخت والبنت، ورقة الفؤاد والهم والحاجة والحزن والوجع والوحشة. القاموس.
يوم أفضى إلى قرار ضريح
…
كل جفن عليه تهمى سحابه
ما الخضمّ المحيط إلا الذي يع
…
رب فيه عن الأريب ارتيابه (76 - ظ)
غاض منه ما طبّق الأرض إذ فا
…
ض فلم تحم عنه طودا شعابه
فكأن الزمان لم يبق فيه
…
مذ عداة التقاء أو لأسرابه
ترب الدهر من وحيد بنيه
…
فبعيد بمثله أترابه
وتألت أن لا أتت بنظير
…
بعده في صفاته أحقابه
وادعى النقص غاية الفضل إذ لا
…
حكم يدرء المحال صوابه
ونأى النازح الغريب الذي كا
…
ن إليه نزوحه واغترابه
فعزيز على المحلّ الذي حو
…
ول عنه أن يغلق الدهر بابه
ولقد كان لا يخاف إذا آ
…
ن أوان الحجاب منه حجابه
ويرى نازلا به كلّ من حي
…
ن يروم الركوب يغش ركابه
طالبا منه ما يهون عليه
…
وهو مستصعب يعزّ طلابه
فكأنّ الملوك تصحب للعز
…
زة في كونها لديه صحابة
أدّبتها وهذّبت رأيها الثا
…
قب في كلّ مذهب آدابه
كلّ ملك يزينه عنه ما يح
…
فظ لا تاجه ولا ألقابه
لا يرجّيه للثواب وإن كا
…
ن جزيلا على العفاة ثوابه
ورع يؤنس الجليس ولا يؤا
…
نس منه إذا يغيب اغتيابه
لم يخلّف من طول دنياه ما يح
…
سب كيلا يطول فيه حسابه
أتنوخ اعقري الجياد وحطّي
…
كلّ عال على السها أطنابه
(77 - و)
فلقد راح واغتدى ابن تراب
…
بعد حمر القباب سودا قبابه
وإلى غير ما انتسبت إليه
…
من بني يعرب الكرام انتسابه
كل يوم ترون في الحيّ كالحو
…
م
(1)
تراغى قرومه وسقابه
(2)
لا تظني حولا يحول فللقى
…
قاضيا للآسي عليه انقضابه
واضربي في البلاد طولا وعرضا
…
أبدا لن ترى بها أضرابه
غاب عن لدنها السنان فما تح
…
دث نفعا بعد السنان كعابه
وتعرّي من المعرّة إذ كا
…
ن ذهاب الجمال عنها ذهابه
أو أقيمي بها فأكثر أسبا
…
ب علاها وفخرها أسبابه
منها:
بان منيّ من كان يكثر عني
…
في الخطوب التي تنوب منابه
إن قضى نحبه فإني من لا
…
ينقضي أو إليه يفضي انتحابه
وقليل لذي الكآبة والوج
…
د عليه بكاؤه واكتئابه
فوشى قبره الربيع ولا زا
…
ل مرّ باعلى ثراه ربابه
(3)
أحمد بن خليد بن يزيد بن عبد الله الحلبي:
أبو عبد الله الكندي، سمع بحلب زهير بن عبّاد الرواسي، وأبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، ومحمد بن أبي أسامة الحلبي، وعبيد بن جناد الحلبي القاضي، وأبا توبة الربيع بن نافع الحلبي، وبالثغور محمد بن عيسى الطبّاع، وإبراهيم بن مهدي المصّيصي، (77 - ظ) وإسحاق بن عبد الله الأذني التميمي، وعبد الله بن السري الأنطاكي، وسعيد بن رحمة، وعبد الرحيم بن مطرف السروجي، وبدمشق عبد الله بن يزيد بن راشد الدمشقي، وبحمص أبا اليمان
(1)
-الحوم: القطيع الضخم من الإبل الى الالف، وحام على الشيء: رامه. القاموس.
(2)
-القرم: شدة شهوة اللحم، والفحل، والقروم السيد. السقب: ولد الناقة ساعة يولد. القاموس.
(3)
-رب: جمع وزاد، والمرب: الارض الكثيرة النبات، والرباب: السحاب الابيض: القاموس.
الحكم بن نافع، وعبد الله بن جعفر الرّقي، وبالحجاز عبد الله بن الزبير الحميدي، واسماعيل بن أبي أويس، وبالعراق أبا نعيم الفضل بن دكين، وحدّث بحلب عنهم، وعن محمد بن معاوية النيسابوري، وأبي الحسين يوسف بن يونس الأفطس.
روى عنه أبو جعفر أحمد بن اسحاق بن يزيد قاضي حلب، وأبو بكر محمد ابن الحسين بن صالح السبيعي الحلبيان، وأبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف بن بريد الكوفي، وأبو الحسن علي بن أحمد بن علي المصيصي، وأبو بكر أحمد ابن مروان المالكي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، وأبو عبد الله عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، وعمر بن محمد بن سليمان العطار نزيل مصر، وأبو زرعة أحمد بن شبيب الصوري، وأبو عبد الله أحمد بن جعفر بن أحمد الحاضري الحلبي وأبو بكر محمد بن بركة برداعس القنّسري، وأحمد بن سعيد بن أم سعيد.
حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل الجوزدانية، ح.
وأخبرنا يوسف بن خليل بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن معمر بن عبد الواحد ابن الفاخر الأصبهاني (78 - و) بها قال: أخبرتنا خجسته بنت علي بن أبي ذر الصالحانية، وفاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل الجوزدانية، قالتا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة الضبي قال: أخبرنا الإمام أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال حدثنا أحمد بن خليد الحلبي أبو عبد الله بحلب سنة ثمان وسبعين ومائتين، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله بن محمد بن يوسف
الملثّم بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عمر الموصلي الفراء، ح.
قال لنا أبو عبد الله: وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال:
أخبرنا أبو الحسن الفراء إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن خليد الكندي قال: حدثنا يوسف بن الافطس أخو أبي مسلم المستلمي قال: حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا كان يوم القيامة دعا الله عز وجل عبدا من عبيده فيوقف بين يديه فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله» .
(1)
قال أبو القاسم الطبراني: لم يروه عن عبد الله بن دينار إلاّ سليمان بن بلال تفرد به يوسف بن يونس.
أنبأنا تاج الأمناء أبو المفضّل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم (78 - ظ) علي بن الحسن الدمشقي قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن علي ابن أبي العلاء قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي أن أبا الحسن الدارقطني ذكر هذا الحديث، يعني حديث الجاه فقال:
يوسف بن يونس الأفطس ثقة، وهو أخو أبي مسلم المستملي، وأحمد بن خليد ثقة أيضا.
قال أبو الحسن الدارقطني، وحدثني الحسن بن أحمد بن صالح الحافظ الحلبي أن هذا الحديث كان في كتاب أحمد بن خليد عن يوسف بن يونس عن سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وقد درس متنه ودرس اسناد الحديث الذي بعده، وبعده هذا الكلام فكتبه بعض الوراقين عنه، وألزق اسناد حديث سليمان بن بلال إلى هذا المتن.
(1)
-انظره في كنز العمال:6/ 16085،3/ 7430.
حدثنا يحيى بن عقيل بن شريف بن رفاعة بن غدير السعدي قال: أخبرني جدي لأمي وهو عم أبي أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير السعدي قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو العباس الاشبيلي، قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن خليد بن يزيد الحلبي قال: حدثنا محمد بن معاوية النيسابوري قال: حدثنا الوليد بن بكير عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبد الله قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أيها الناس توبوا الى الله قبل أن تموتوا، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة الصوم والصلاة تؤجروا (79 - و) وتجبروا وترزقوا وتنصروا»
(1)
.
وذكر أبو حاتم محمد بن حيان البستي في تاريخ الثقات في الطبقة الرابعة قال:
أحمد بن خليد أبو عبد الله الحلبي، يروي عن أبي اليمان، وقد سمع أبو اليمان صفوان بن عمرو وحريز بن عثمان وقد رويا جميعا عن عبد الله بن بسر، مات بعد الثمانين.
أنبأنا عبد الجليل بن أبي غالب الاصبهاني قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله بن مندة قال: أحمد بن خليد الحلبي حدث عن أبي نعيم مات بعد الثمانين.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه الينا قال:
أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء البعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا أبو يعقوب اسحاق ابن ابراهيم القراب قال: سمعت منصور ابن عبد الله يقول: سمعت علي بن محمود بن داود بن أبي الفهم القاضي التنوخي يقول: توفي أحمد بن خليد بن يزيد الكندي سنة تسع وثمانية ومائتين.
(1)
-لم أجده بهذا اللفظ في كتب ومجاميع الحديث المعتمدة.
من أسم أبيه خليفة من الاحمدين
أحمد بن خليفة الحلبي:
حدث
…
(1)
روى عنه أبو العباس أحمد بن جعفر بن نصر الجمال الرازي
أحمد بن خليفة الهراس المقرئ:
امام جامع معرة النعمان، كان مقرئا صالحا مرضي الطريقة محمود السيرة.
قرأت في تاريخ أبي غالب همام بن المهذب (79 - ظ) وفيها-يعني سنة ست وعشرين وأربعمائة-توفي أبو القاسم علي بن عبد الله بن الحسن بن عبد الملك الطبيب المعروف بالمنجم إمام المسجد الجامع بالمعرة، وقدم بعده أحمد بن خليفة الهراس، وكان صالحا محمودا يقرأ للسبعة روايات، قال: وفيها-يعني سنة ثلاثين-توفي أحمد بن خليفة امام الجامع بمعرة النعمان، وقدم ولده خليفة.
أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى الشافعي أبو العباس الخويّي:
القاضي، فقيه فاضل حسن الصورة كامل الاوصاف، قدم علينا حلب، وتولى بها الاعادة بالمدرسة السيفية ومدرسها اذ ذاك القاضي زين الدين أبو ذر عبد الله ابن شيخنا عبد الرحمن بن علوان، وسمع بحلب جماعة من شيوخنا مثل قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي وغيرهما.
وأقام بها مدة ثم سار منها الى دمشق، وحضر مجلس الملك المعظم عيسى بن الملك العادل صاحبها فأعجبه كلامه، ونفق عليه وارتفعت حاله عنده الى أن ولاه القضاء بدمشق والتدريس بالمدرسة العادلية، فسلك أحسن المسالك والطرق في القضاء، ولازم العفة والصلاح، وحمدت طريقته، وشكرت سيرته، ولم تزل
(1)
-فراغ بالاصل.
منزلته تزداد ومرتبته ترتفع الى أن مات الملك المعظم عيسى، وولي ابنه صلاح الدين داود (80 - و) دمشق فاستمر في القضاء على حاله، إلا أن داود بن عيسى ولىّ القضاء أيضا معه القاضي محي الدين يحيى بن محي الدين محمد بن الزكي، ونزل الملك الكامل محمد والملك الاشرف موسى على دمشق وحصراها وفتحاها، وسلمت الى الملك الاشرف موسى، فعزل ابن الزكي عن القضاء واستمر شمس الدين أحمد الخوّيي على قضاء القضاة في سنة سبع وعشرين وستمائة.
وسمت نفسه الى حفظ القرآن العزيز ولم يكن يحفظه، فحدثني جماعة بدمشق أنه ألزم نفسه بحفظه حتى حفظه جميعه، وكان يقرأه وهو قاضي القضاة على بعض القراء بدمشق، فكان يجلس بين يديه وهو قاضي القضاة بجامع دمشق كما يجلس التلميذ بين يدي الاستاذ، ثم انه رغب عن القضاء ومال الى الزهد والانقطاع، وطلب من الملك الاشرف الا قالة من القضاء، وأن يأذن له في الحج، فأجابه الى ذلك، وحج الى بيت الله الحرام، وأرسله الملك الاشرف في رسالة الى سلطان الروم كيقباذ بن كيخسرو، فتوجه اليه، واجتاز علينا بحلب في سنة أربع وثلاثين وستمائة، ثم انه ولي القضاء بعد ذلك مرة ثانية، فبقي قاضيا بها، ومرض مرضة بحمى السل، وتوفي بدمشق في سنة سبع وثلاثين وستمائة.
وكنت اذ ذاك رسولا بمصر فبلغتني وفاته وأنا بها، وكان بيني وبينه اجتماع ومخالطة بحلب ودمشق، وسمع معي بحلب الحديث وكان حسن العشرة حلو العبارة في بحثه، موفقا في أحكامه، لا (80 - ظ) تأخذه في الله لومة لائم، ولا يراعي في أحكامه ذا سلطان لسلطانه ولا ذا جاه لجاهه، بل يجري على سنن الحق وطريق العدل.
(1)
وكان قد سمع بنيسابور المؤيد بن محمد بن علي الطوسي، وحدث عنه
(1)
.78 ظ في الاصل.
بدمشق بشيء يسير، وصنف عده تصانيف منها كتاب في تفسير سورة الاخلاص، وكتاب في الفرائض وتعليلها وبيان الحكمة في مقاديرها، وكتاب في النفس.
وأخبرني ولده أنه توفي في السابع من شعبان سنة سبع وثلاثين وستمائة.
وأخبرني جمال الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن الصابوني قال: سألت القاضي شمس الدين الخويي عن مولده، فقال: في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة بخوي
(1)
، وذكر غيره في شوال.
وقرأت بخط عبد العزيز بن عثمان الاربلي: توفي قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى الخويي يوم السبت سابع شعبان سنة سبع وثلاثين وستمائة، ودفن من الغد بسفح جبل قاسيون، وولي قضاء دمشق يوم الاثنين سابع شهر ذي القعدة من سنة خمس وثلاثين وستمائة، يعني الولاية الثانية.
(1)
-بلد مشهور من أعمال أذربيجان حصن كثير الخير. معجم البلدان.
ذكر حرف الدال في آباء الأحمدين
ذكر من اسم أبيه داود
أحمد بن داود بن هلال:
أبو طالب القاضي، قاضي أذنة، حدث بالمصيصة وغيرها عن محمد بن حرب المديني، وأسد بن محمد (81 - و) الخشاب، روى عنه أبو حاتم محمد بن حبان البستي، وأبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش.
أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الصوفي في كتابه الينا من هراة قال: أخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس الجرجاني قال:
أخبرنا البحاثي قال: أخبرنا أبو الحسن الزوزني قال قال: أخبرنا أبو حاتم بن حبان قال: أخبرنا أبو طالب أحمد بن داود بن هلال بالمصيصة قال: حدثنا محمد بن حرب المديني قال: حدثنا اسحاق الفروي عن مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أقال نادما بيعته أقاله الله عثرته يوم القيامة» .
(1)
قال أبو حاتم: ما رواه عن مالك إلا اسحاق.
قرأت في كتاب القضاة تأليف الحافظ أبي محمد عبد الغني بن سعيد المصري، من نسخة منقولة من خطه، قال: أحمد بن داود بن هلال، أبو طالب، قاضي أذنة، روى عن أسد بن محمد الخشاب حديثا غريبا حدثناه أبو بكر النقاش قال:
حدثنا أبو طالب، وسماه أحمد بن داود بن هلال، قال: حدثنا أسد بن محمد
(1)
-انظره في كنز العمال:4/ 9679.
الخشاب قال: حدثنا أبو عثمان الصياد قال: حدثنا أبو اسحاق الفزاري عن الاوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (81 - ظ)«ما من أيام أحب الى الله عز وجل العمل فيهن من أيام العشر، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل؟» قال: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل
(1)
.
أحمد بن داود المكي:
سمع بحلب محمد بن أبي أسامة الحلبي، روى عنه أبو القاسم الطبراني.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو سعيد خليل بن بدر بن ثابت الصوفي قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن داود المكي قال: حدثنا محمد بن أبي أسامة الحلبي، ح.
وحدثنا أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة قال: حدثني أبي قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة عن السري بن يحيى عن عبد الكريم بن رشيد عن ابن الشخير عن أبيه قال: «كنت أسمع للنبي صلى الله عليه وسلم أزيزا بالدعاء وهو ساجد كأزيز المرجل»
(2)
.
أحمد بن دبيس الاحصي:
أبو العباس المعروف بابن عادب، شاعر من أهل الأحص، كان بحلب في أيام أتابك زنكي بن أقسنقر، قرأت له أشعارا بخط الاستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي الحلبي وأنبأنا بها المؤيد بن محمد بن علي الطوسي عنه. منها:
(1)
-انظر كنز العمال:12/ 35190.
(2)
-لم أجده بهذا اللفظ.
خاطر فما المجد إلاّ بين أخطار
…
وادلج فإن العلى للمدلج الساري
واضرب غواربها في كل مهلكة
…
تفز بعزّ مقيم غير سيّار
ولا ترحها فمن بعد الكلال لها
…
بالنجع راحة نفّاع وضرّار
وارخ الرواسم أو تدمى المناسم في
…
طلاب ثار العلى إن كنت ذا ثار
العجز يفرس أهليه الهوان كما
…
أن العلى في قرابيس وأكوار
وإن تطاول حرمان كما اغترضت
…
عوائق دون اغراض وايثار
المجد لا يقتضيه الماجدون إذا
…
ما اعتاص إلا بماضي الحد بتار
وارم الخطار إلى العلياء مقتحما
…
وناجها بعوالي كل خطّار
واصدع جلابيب هذا اللّيل مقتدحا
…
متى ظللت
(1)
زناد العزمة الواري
ولا ترق لمحبوب تفارقه
…
ولا تعرّج على ربع ولا دار
(82 - و)
أحمد بن دهقان:
أبو بكر الحافظ، كان يسكن الحدث، مدينة من الثغور قد ذكرناها. في صدر كتابنا هذا، ودهقان لقب، واسمه الفضل، وإنما ذكرناه هاهنا لأنه جاء في بعض الأسانيد هكذا، وسنذكر ترجمته في حرف الفاء من آباء الأحمدين إن شاء الله تعالى.
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية: أظنه «ضللت» .
ذكر حرف الذال في آباء الأحمدين
أحمد بن ذكر بن هارون بن اسحاق بن ابراهيم البجلي:
أبو العباس، سمع بمعرة النعمان أبا الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد ابن روح المعري، وكيل أبي الطيب المتنبي، وحدث عنه بعكا، روى عنه أبو زكريا عبد الرحيم بن نصر بن الحافظ البخاري.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل إذنا قال: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المشرّف المصري قال: أخبرنا أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر الحافظ البخاري قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن ذكر بن هرون بن إسحاق بن إبراهيم البجلي بعكا قال: حدثنا أبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن روح المعري قال: حدثنا عم أبي البهيء ميمون بن أحمد بن روح قال: حدثنا عبيد بن خلصة قال: حدثنا مالك بن يحيى القلانسي عن يعلى بن الأشدق عن عمه عبد الله بن جراد قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه (82 - ظ) النابغة، فأنشده شعرا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
«لا يفضض الله فاك» ، قال: فعاش النابغة عشرين ومائة سنة لم تسقط له سن
(1)
أحمد بن ذوالة المصيصي.
أنبأنا عبد الجليل بن أبي غالب قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر قال:
(1)
-النابغة الجعدي. انظر مقدمة الناشر لديوانه ط. دمشق 1964 ص م.
انظر ترجمة النابغة في الاصابة لابن حجر:3/ 509 حيث الحديث وطرق روايته.
أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله بن مندة قال: أحمد بن ذوالة المصيصي حدث عن أحمد بن خالد الوهبي، روى عنه أحمد بن رشدين.
أحمد ذو غباش القائد:
كان من قواد خمارويه بن أحمد بن طولون، وولاه حلب بعد السبعين والمائتين بعد ولاية محمد بن العباس بن سعيد الكلابي.
وقع إليّ جزء بخط أبي منصور هبة الله بن سعد الله بن سعيد بن الجبراني والد شيخنا تاج الدين أحمد بن هبة الله، يتضمن ذكر ولاة حلب، وكان أديبا وله عناية بالتاريخ.
قال في هذا الكتاب-ونقلته من خطه-: ثم تنقلت الحال بمحمد بن عباس إلى أن ولي حلب من ابن طولون، ثم ولي حلب بعده ابن ذو غباش، وكان من قواد الطولونية، ثم وليها بعده محمد بن ديوداد بن أبي الساج.
ويقال فيه أحمد بن يد غباش، وسنذكره إن شاء الله.
ذكر حرف الراء في آباء الأحمدين
أحمد بن راشد بن أبي الحسن:
أبو العباس الديار بكري ثم الحلبي، سكن (83 - و) حلب وأقام بها، وسمع بها جماعة منهم: يوسف بن محمد بن مقلد الدمشقي، وأبو الفضل محمد ابن يوسف الغزنوي وغيرهما.
وكان رجلا كيسا، عنده محاضرة ومجالسة، كتب عنه الشريف ادريس بن الحسن الادريسي فوائد، وأجاز لشيخنا أبي محمد عبد الله بن عمر بن حموية، وحدثنا عنه بتلك الإجازة.
أخبرنا شيخ الشيوخ أبو محمد عبد الله بن عمر بن حمّوية بدمشق قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن راشد بن أبي الحسن في كتابه إلينا من حلب قال: أخبرنا يوسف بن محمد بن مقلّد الدمشقي بحلب في ذي الحجة من سنة سبع وخمسين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، ح.
وأخبرناه عاليا تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عيسى الباقلاني قال: حدثنا أبو بكر أحمد جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال: حدثنا ادريس بن عبد الكريم المقرئ قال: حدثنا خلف بن هشام قال: حدثنا اسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن عقبة بن عامر أنه
سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة»
(1)
.
أحمد بن رستم بن كيلان شاه:
الديلمي الأصل، الدمشقي المولد (83 - ظ) أبو العباس الشافعي، وكان أبوه يعرف باسباسلار، شيخ حسن فقيه، أديب، شاعر، ناثر، أمين، ثقة.
قدم حلب، وأقام بها مدّة في صحبة أبي محمد طاهر بن جهبل الحلبي المعروف بالمجد، وتفقه عليه بها، وولاه ابن جهبل وقف المدرسة النورية المعروفة بالنفري
(2)
، وانتقل ابن جهبل إلى البيت المقدس، فانتقل في صحبته ولم يفارقه، وأقام بالبيت المقدّس بعد وفاته، وصار من المعدّلين بها.
ولما هدم الملك المعظم أسوار البيت المقدس في سنة خمس عشرة وستمائة خرج من البيت المقدس، وانتقل إلى دمشق وسكنها إلى أن مات.
وكان قد سمع بدمشق من أبي الفهم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أبي العجائز الأزدي، ومن أبي علي الحسن بن هبة الله بن يحيى المعروف بابن البوقي الواسطي، ومن أبي محمد القاسم بن علي بن الحسن الحافظ؛ وسمع بمصر من أبي الطاهر اسماعيل بن ياسين المقرئ، وأبي القاسم البوصيري وأبي عبد الله بن حمد الأرتاحي، وفاطمة بنت سعد الخير، وغيرهم.
اجتمعت به بالبيت المقدس وكتبت عنه الجزء الأول من حديث ابن سختام بروايته عن أبي الفهم بن أبي العجائز، وجزا من روايته عن أبي علي بن البوقي، وجزءا يتضمن عدة قصائد ومقاطيع من شعره، وخطبة من انشائه.
وأخبرني رفيقنا الحافظ إبراهيم بن الأزهر الصريفيني أن مولد شيخنا أحمد ابن اسباسلار رستم في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بدمشق. (84 - و).
(1)
-انظره في كنز العمال:1/ 2758.
(2)
-انظر حولها الاعلاق الخطيرة لابن شداد-قسم حلب:100 - 101.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن اسباسلار رستم بن كيلان شاه الديلمي الدمشقي قال: أخبرنا أبو الفهم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أبي العجائز الأزدي بجامع دمشق قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد بن ابراهيم الحنّائي قال: قرئ على أبي الحسن علي بن ابراهيم بن نصرويه بن سختام الفقيه السمرقندي، قدم علينا دمشق طالبا للحج فأقرّ به، قيل له: حدثكم الشيخ والدك أبو اسحاق إبراهيم بن نصرويه بن سختام بن هرثمة بن اسحاق بن عبد الله قال:
حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن محمد بن الحارث الحافظ عن علي علي اسماعيل الخجندي، وفتح بن عبيد قالا: حدثنا علي بن اسحاق عن محمد بن مروان عن الكلبي عن عامر بن خليفة الأنصاري عن الحسن عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن في القيامة لثلاث ساعات يشتغل فيها المرء عن ولده وعن والده وعن من في الأرض جميعا حتى يعلم في أي الفريقين يكون»
(1)
أخبرنا الفقيه أبو العباس أحمد بن رستم قراءة عليه بالبيت المقدس قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن هبة الله بن يحيى المعروف بابن البوقي الواسطي، قال:
حدثنا والدي شيخ الاسلام أبو جعفر هبة الله قال: قرئ على الشيخ أبي نعيم محمد بن ابراهيم بن محمد بن خلف الجماري، فأقربه وأنا حاضر أسمع قيل له:
أخبركم أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار قال: أخبرنا أبو محمد (84 - ظ) عبد الله بن محمد بن عثمان الحافظ الواسطي، الملقب بابن السقا، قال:
حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال: حدثنا مسدد بن مسرهد قال:
حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة الثقفي عن علي بن ربيعة عن أسماء بن الحكم الفزاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء أن ينفعني حتى حدثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وصدق أبو بكر، وكان اذا حدثني بعض أصحابنا حديثا
(1)
-لم أجده بهذا اللفظ.
استحلفته فان حلف لي صدقته، وانه حدثني أبو بكر، وصدق أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما من عبد يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويصلي ركعتين، ثم يستغفر الله عز وجل لذلك الذنب الا غفر له»
(1)
.
أنشدني أبو العباس أحمد بن رستم بن كيلان شاه الديلمي لنفسه في الغزل:
شهرت من لحظها لي مرهفين
…
يوم زمّت عيسها بالمازمين
(2)
عرفت في عرفات وانثنت
…
بشعار النسك نحو المشعرين
(3)
وأفاضت فأفاضت عبرتي
…
حات? الأعمال بين العلمين
لمنى ثم رمت خاذقة
…
جمرة أذكت بقلبي جمرتين
ثم طابت نفسها في طيبة
…
إذ ألبت سحرا باللابتين
(4)
حرمت عيني الكرى وادعة
…
حين ولت من وداع الحرمين (85 - و)
ليتها إذ عذبتني بالقلا
…
سمحت مالكتي بالأعذبين
كلما استنجدت فيها عزمة
…
لسلو فترت بالفاترين
كيف أسلو والهوى لمحة عين
…
أودعتني عارضا من عارضين
من مجيري من هواها فلقد
…
حجب النوم قسيّ الحاجبين
أعرضا عني فما ينفعني
…
طب بقراط ولا رأي حنين
ليس يرجى لي شفاء عنده
…
بل شفائي من برود الشفتين
قد رآني قاضيا حق الصبي
…
بحقاق حملت عنبرتين
وا عجبا مني ومن معجبة
…
بنت تسع وثلاث واثنتين
(1)
-انظره في كنز العمال:10278،4/ 10168.
(2)
-موضع بمكة بين المشعر الحرام وعرفة، وهو شعب بين جبلين يفضي آخره الى بطن عرفة. معجم البلدان.
(3)
-المشعر الحرام: مزدلفة. معجم البلدان.
(4)
-اللابة هي الحرة، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم ما بين لابتيها، يعني المدينة لانها بين حرتين. معجم البلدان.
وأنشدني أحمد بن رستم الشافعي لنفسه:
ربّ كاس عار من الآداب
…
همه ما يشيده للخراب
يتباهى بثوبه وثرى الم ......
…
ال وجسم يبلى وعيش لباب
مهملا أمر دينه ليس يدري
…
أن هذا جميعه للذهاب
وأنشدني لنفسه:
اشتدي أزمة تنفرجي
…
فالضيق منوط بالفرج
والعسر يؤول الى يسر
…
والروح تراح من الحرج
مذ لاح بياض في لمم
…
من بعد سواد كالسبج
فاسمع يا صاح وصية من
…
في زور الباطل لم يلج (85 - ظ)
اعلم واعمل بالعلم لكي
…
تسمو في الخلد ذرى الدرج
لا ترض أخاك وتوسعه
…
مكرا فالبهرج لم يرج
لا ترم الناس بمعضلة
…
يرموك بقاصمة الثبج
(1)
إياك فلا تك معتذرا
…
للاّئم من أمر مرج
إياك وعيب سواك وكن
…
ما عشت بعيبك ذا لهج
والخلّ فواس بما ملكت
…
كفاك بلا خلق سمج
أخبرني محب الدين أبو عبد الله محمد بن النجار أن شيخنا أبا العباس أحمد بن رستم الدمشقي توفي بها يوم الجمعة الرابع عشر من ذي الحجة من سنة إحدى وعشرين وستمائة، ودفن بجبل قاسيون.
أحمد بن رضوان:
أبو الفضل البرمكي، سمع بحلب أبا الحسن علي بن أحمد الجرجاني نزيل حلب، روى عنه أبو محمد الحسن بن محمد الأنطاكي الوراق.
(1)
-الثبج: ما بين الكاهل الى الظهر. القاموس.
أنبأنا أبو القاسم بن يوسف المعري عن أبي طاهر السلفي، ونقلته من خطه، قال: أخبرنا الشيخ أبو القاسم يوسف بن ابراهيم بن يوسف بن بكران النشوي، بالنشوى
(1)
، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين ابراهيم بن حمكان بن محمد النشوي قال: حدثنا أبي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن محمد الأنطاكي الوراق قال: حدثني أبو الفضل أحمد بن رضوان البرمكي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الجرجاني قال: حدثنا عمرو بن علي الصيرفي يقول: سمعت معاذ بن معاذ يقول: كنا عند هشام بن حسان ذات يوم فذكر ابن عون فقال: لأحدثنكم عن رجل والله ما رأت عيناي مثله قط، فقلت: من تقول القاسم بن محمد أو محمد بن سيرين؟ قال: ذاك القائم يصلي، قال: فإذا هو ابن عون قائم يصلي الى سارية.
أحمد بن رمضان المصري:
أبو العباس، حدث بطرسوس عن أحمد بن محمد بن سلام البغدادي، وأحمد بن شعيب، والعباس بن محمد بن العباس المصري، ومحمد بن مخلد العطار، روى عنه أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي قاضي معرة النعمان.
قرأت بخط أبي عمرو الطرسوسي القاضي، حدثنا أبو العباس أحمد بن رمضان المصري قراءة عليه ونحن ماشيان في صحن المسجد الجامع بطرسوس، فذكر حديثا.
أحمد بن روح بن زياد بن أيوب:
أبو الطيب البغدادي الشعراني (86 - و) سمع بأنطاكية عبد الله بن خبيق ابن سابق الأنطاكي، وحدث عنه، وعن العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي،
(1)
-مدينة بأذربيجان، ويقال هي من أران تلاصق أرمينية. معجم البلدان.
ومحمد بن حرب النشائي، والربيع بن سليمان، والحسن بن محمد الزعفراني، ومحمد بن يزيد بن ماجة القزويني، والحسن بن عرفة.
روى عنه القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن ابراهيم العسال، وحبيب بن الحسن القزاز، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأحمد بن بندار بن اسحاق الشعار، وعبد الرحمن بن منصور بن سهل بن أبي طالب.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الاصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت:
أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أحمد بن روح الشعراني ببغداد قال:
حدثنا عبد الله بن خبيق الأنطاكي قال: حدثنا الأنطاكي قال: حدثنا يوسف بن أسباط قال: حدثنا سفيان عن محمد بن جحادة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن روح ابن زياد بن أيوب، أبو الطيب الشعراني، حدث عبد الله بن خبيق الأنطاكي، ومحمد بن حرب النشائي، والحسن بن محمد الصباح الزعفراني.
روى عنه القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن ابراهيم العسال، وأحمد بن بندار (86 - ظ) بن اسحاق الشعار الأصبهانيان، وأبو القاسم الطبراني.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر قال: قال لنا أبو نعيم أحمد بن روح بغدادي، قدم أصبهان قبل سنة تسعين ومائتين، له مصنفات في الزهد والأخبار
(2)
.
(1)
-انظره في الجامع الصغير للسيوطي:2/ 384 (7085).
(2)
- تاريخ بغداد:4/ 159.
ذكر حرف الزاي في آباء الأحمدين
أحمد بن زرقان:
أبو بكر المصيصي، حدث عن حسين بن الفرج الخياط، روى عنه أبو علي الحسن بن حبيب.
أحمد بن زكريا بن يحيى بن يعقوب المقدسي:
أبو الحسن، حدث عن أحمد بن شيبان الرملي، ومحمد بن سليمان بن هشام البصري، واسماعيل بن حمدويه البيكبدني، وابراهيم بن محمد بن بزة الصنعاني، ومحمد بن حماد الطهراني، وابراهيم بن عبد الله بن أخي عبد الرزاق.
روى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد بن جميع الغساني، وأبو عبد الله محمد بن مندة الأصبهاني، ومحمد بن يوسف بن يعقوب الرقي، وأبو أحمد عبد الله بن بكر الطبراني، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن الحسن الكرخي، وأبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق الحساني، وتمام بن محمد بن أحمد الرازي.
وروى عنه تمّام أيضا مناولة فقال: أخبرني أحمد بن زكريا بن يحيى بن يعقوب المقدسي مناولة وهو مار الى الرقة، ففي مروره من دمشق الى الرقة اجتاز بحلب أو ببعض عملها.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن بن المسلّم قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاّب قال: أخبرنا أبو الحسين بن جميع قال: (87 - و) أحمد بن زكريا بن يحيى بن يعقوب أبو الحسن
المقدسي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شيبان قال: حدثنا مؤمّل بن اسماعيل قال: حدثنا سفيان الثوري عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي موسى قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة»
(1)
.
روى الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن هذا الحديث من طريق ابن جميع وقال عقيبه: كذا قال، والمحفوظ أن كنية أحمد بن شيبان أبو عبد المؤمن
(2)
.
أحمد بن زياد بن يوسف:
أبو بكر الحلبي، حدث بها عن سهل بن صالح الأنطاكي، روى عنه أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب قال: أنبأنا أبو الوفاء عقيل بن محمد بن عقيل قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الملك بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن زياد بن يوسف الحلبي بحلب قال: حدثنا سهل بن صالح قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة، أراه رفعه، أن رجلا مر بكلب على رأس قليب يلهث فنزع خفه فسقاه فغفر له. (87 - ظ)
(3)
.
السّري قال: كان بالبصرة شاب متعبد، وكانت عمة له تقوم بأمره، فأبطأت عليه مرة، فمكث ثلاثة أيام يصوم ولا يفطر على شيء، فلما كان بعد ثلاث قال:
يا رب رفعت رزقي، فألقي إليه من زاوية البيت مزود ملئ سويق، فقيل له:
هاك يا قليل الصبر.
(1)
-انظره في كنز العمال:16998،6/ 16096.
(2)
-مختصر ابن عساكر:3/ 82.
(3)
-اعقب هذا بياض بالاصل شمل كما يبدو عدة صفحات شملت بقية حرف الزاي وبداية حرف السين.
أحمد بن سطحان اليماني:
حدّث بطرسوس عن علي بن إبراهيم الناقد، وأبي حامد أحمد بن عبد الله الأصبهاني، وعبيد الله بن محمد بن العباس بن الفضل اللحام.
روى عنه أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي قاضي معرة النعمان.
أحمد بن سعد بن ابراهيم بن سعد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف:
أبو ابراهيم الزهري، خرج الى جبل اللكام والثغور، وتردد في نواحيها، ودخل المصيصة، وكان من العباد المذكورين ويقال إنه كان من الأبدال.
حدث عن علي بن الجعد، وأبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن، ومحمد ابن سلام الجمحي، وهشام بن عمار، وعفان بن مسلم، وابراهيم بن يحيى بن أبي المهاجر، وسعيد بن حفص الحراني، وابراهيم بن الحجاج، ودحيم، وإسحاق بن موسى الأنصاري، ويحيى بن عبد الله بن بكير ويحيى بن سليمان الجعفي، وعبيد بن إسحاق العطار، وعبد العزيز بن عمران، وعلي بن بحر بن بري.
روى عنه أبو العباس الأصم، وأبو القاسم البغوي، وأبو عوانه يعقوب (88 - ظ) بن إسحاق الإسفرائيني، والحسين بن اسماعيل المحاملي، وأبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وأبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي،
واسماعيل بن محمد الصفار، وأبو القاسم الحذّاء الحربي، والقاسم بن زكريا المطرز، ومحمد بن مخلد الدوري.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني في كتابه إلينا من مرو غير مرة قال: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي قراءة عليه، ح.
وأخبرنا أبو بكر القاسم بن أبي سعد عبد الله بن عمر بن الصفار في كتابه إلينا من نيسابور قال: أخبرنا الشيخان أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد ابن أبي القاسم القشيري قراءة عليه وأنا أسمع، وأبو البركات الفراوي إجازة، قال أبو البركات: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن عبد الله المحمي. وقال أبو الأسعد: أخبرنا أبو محمد عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري قالا: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفراييني قال: أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم قال: حدثنا أبو ابراهيم الزهري-وكان من الأبدال-قال:
حدثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن قال: حدثنا شعيب بن اسحاق قال:
حدثنا الأوزاعي قال: أخبرني يحيى بن أبي كثير أن عمرو بن يحيى أخبره عن أبيه يحيى بن عمارة أنه سمع أبا سعيد الخدري يقال: قال (89 - و) رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود
(1)
صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة»
(2)
.
وقال أبو عوانة في حديث ذكره: قلت لابن خراش-يعني عبد الرحمن بن خراش-: أخاف أن يكون أبو إبراهيم غلط على علي بن الجعد، فقال: أبو إبراهيم كان أفضل من علي بن الجعد كذا وكذا مرة، أحسبه قال: مائة مرة.
(1)
-ثلاثة أبعرة الى العشرة. القاموس.
(2)
-انظره في كنز العمال:6/ 15881 - 15882.
أنبأنا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم قال: حدثنا عثمان بن الحسين قال: حدثنا أبو القاسم الحربي الحذّاء قال: حدثني أبو إبراهيم الزهري قال: كنت جائيا من المصيصة فمررت باللكام، فأحببت أن أراهم
(1)
، فقصدتهم، ووافيت صلاة الظهر، قال: وأحسبه رآني منهم إنسان عرفني، فقلت له: فيكم رجل تدلوني عليه؟ فقالوا: هذا الشيخ الذي يصلي بنا، فحضرت معهم صلاة الظهر والعصر، فقال له ذلك الرجل: هذا من ولد عبد الرحمن بن عوف، وجدّه أبو أمه سعد بن معاذ، قال: فبش بي وسلم عليّ كأنه كان يعرفني، فقلت له: من أين تأكل؟ فقال: أنت مقيم عندنا؟ قلت:
الليلة، ثم جعل يحدثني ويؤانسني، ثم جاء الى كهف فدخل، وقعدت وأخرج قعبا فوضعه، ثم جعل يحدثني حتى إذا (89 - ظ) كادت أن تغرب، اجتمع حواليه ظباء، فاعتقل منها واحدة، فحلبها حتى ملأ ذلك القدح، ثم أرسلها، فلما سقط القرص جئناه، ثم قال: ما هو غير ما ترى.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الزهري قال: سمعت أبي يقول: مضى عمي أبو إبراهيم الزهري الى أحمد بن حنبل فسلم عليه، فلما رآه وثب إليه، وقام إليه قائما وأكرمه، فلما أن مضى قال ابنه عبد الله: يا أبة، أبو إبراهيم شاب، وتعمل به هذا العمل، وتقوم إليه؟! فقال له: يا بني لا تعارضني في مثل هذا، ألا أقوم الى ابن عبد الرحمن بن عوف!
(1)
-يعني المنقطعين هناك للعبادة. انظر تاريخ بغداد:4/ 182. حيث الرواية أكثر تفصيلا.
قال أبو بكر الخطيب: وكان-يعني أحمد بن سعد-مذكورا بالعلم والفضل موصوفا بالصلاح والزهد، ومن أهل بيت كلهم محدثون.
وقال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أنبأنا محمد بن أحمد رزق قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكى قال: أخبرنا محمد بن اسحاق السراج قال:
حدثنا أبو إبراهيم أحمد بن سعد الرضا.
وقال أبو بكر: أخبرني الأزهري قال: حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا أحمد بن سعد الزهري، وكان ثقة
(1)
.
أنبأنا تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن (90 - و) بن هبة الله الحافظ قال: أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو إبراهيم الزهري، سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن، وهشام بن عمار، وعبد الرحمن ابن إبراهيم دحيما، وإبراهيم بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وبمصر يحيى بن عبد الله بن بكر، وعبد العزيز بن عمران بن مقلاص، ويحيى ابن سليمان الجعفي، وبالعراق علي بن الجعد، وعلي بن بحر بن برّي، ومحمد ابن سلام الجمحي، وعبيد بن اسحاق العطار واسحاق بن موسى الأنصاري، وإبراهيم بن الحجاج السامي، وعفان بن مسلم، وسعيد بن حفص الحرّاني خال النفيلي.
روى عنه البغوي، وابن صاعد، والحسين المحاملي، وابن مخلد، وأبو عوانه الإسفرائيني وأبو الحسين بن المنادي، واسماعيل بن محمد الصفار، وأبو
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 183.
عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي، والقاسم بن زكريا المطرّز، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري وغيرهم، وكان يعد من الأبدال، وسكن بغداد، وخرج الى الثغر
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو الحسين بن المنادي قال: وأبو إبراهيم أحمد بن سعد بن إبراهيم القرشي ثم الزهري، كان معروفا بالخير والصلاح والعفاف الى أن مات.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا القزّاز قال: أخبرنا أبو بكر قال: أخبرنا أحمد ابن جعفر (90 - ظ) قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: سنة ثلاث وسبعين-يعني-ومائتين فيها مات أبو إبراهيم الزهري.
وقال أبو بكر: أخبرنا محمد بن عبد الواحد قال: حدثنا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع قال: أبو إبراهيم أحمد بن سعد بن إبراهيم الزهري توفي يوم السبت ودفن يوم الأحد لخمس خلون من المحرم سنة ثلاث وسبعين، وقد بلغ خمسا وسبعين سنة، كان ميلاده سنة ثماني وتسعين ومائة، ودفن في مقبرة التّبانيين
(2)
.
من اسم أبيه سعيد بن الأحمدين
أحمد بن سعيد بن الحسن بن النضر الشيحي:
أبو العباس الشامي، وهو جد عبد المحسن بن محمد بن علي الشّيحي التاجر لأمه.
وهو من أهل شيح بني حيّة بالقرب من بزاعا، أو من شيح الحديد بالقرب من الدّر بساك وكلتاهما من أعمال حلب.
(1)
-مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور:3/ 85.
(2)
- تاريخ بغداد:4/ 183.
وأخبرنا أبو المظفر السمعاني كتابة عن أبيه أبي سعد الإمام، قال في كتاب الأنساب: الشّيحي بكسر الشين المعجمة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها حاء مهملة مكسورة، هذه النسبة الى شيحة
(1)
وهي قرية من قرى حلب، وذكر منها جماعة منهم: أحمد بن سعيد الشّيحي
(2)
.
قلت: ولا أعرف في قرى حلب قرية يقال لها شيحه، اللهم إلاّ أن يكون في بلد منبج فإن بها قرية يقال لها شيحه، والذي يغلب (91 - و) على ظني أن أحمد ابن سعيد من شيح بني حيّة من وادي بطنان بالقرب من بزاعا.
حدث أحمد الشّيحي عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون الحلبي المقرئ، وأبي علي الحسن بن موسى الثغري، وأبي القاسم شهاب بن محمد بن شهاب الصوري، وأبي أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم الزاهد.
روى عنه الإمام القادر أبو العباس أحمد بن اسحاق أمير المؤمنين، وأبو طالب محمد بن علي العشاري، وأبو محمد إبراهيم بن الخضر الصائغ، وأبو أحمد عامر ابن أحمد بن محمد السلمي، وأبو الفضل محمد بن عبد العزيز بن العباس الهاشمي.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي الصوفي بالقاهرة قال: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي-قلت: وقرأته بخطه- قال: أخبرني أبو المجد صمصام بن عساكر بن يعقوب الكاتب بالاسكندرية، قال:
أخبرنا يحيى بن أبي مغيث اللخمي قال: كتب إليّ عبد السلام بن عبد العزيز ابن محمد الهاشمي من البصرة: حدثنا أبو الحسن بقية بن عبد الله بن محمد الزاهد
(1)
-في حاشية الاصل بخط ابن السابق الحموي «قلت: والشيحة قرية كبيرة مشهورة غربي حماه، ومن عملها أيضا» . وتبعد قرية الشيحة الآن عن مدينة حماه /8 كم/-التقسيمات الادارية:105.
(2)
- الانساب للسمعاني- ط. لندن:343.
إملاء في مسجده بقسامل
(1)
، وهو مجلس أملاه، قال: أخبرنا الإمام أبو العباس أحمد بن اسحاق القادر بالله أمير المؤمنين إجازة قال: أخبرنا أحمد بن سعيد الشّيحي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن عبد الرحيم الزاهد قرأت عليه، قلت له: حدثك أبو الحسن علي بن سعيد صاحب أبي بكر بن دانيار قال:
حدثني أبو المؤمّل العباس بن الفضل قال: حدثنا أبو عتبة قال حدثنا بقيّة (91 - ظ) قال: حدثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ينزل عليّ القرآن كلام الله غير مخلوق»
(2)
.
أنبأنا أبو البركات بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو علي محمد بن محمد بن المهدي قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن سعيد الشّيحي المعدّل قال: حدثنا أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون المقرئ قال: قال الحسين بن خالويه: كنت عند سيف الدولة وعنده ابن بنت حامد فناظرني على خلق القرآن، فلما كان تلك الليلة نمت، فأتاني آت فقال:
لم لم تحتج عليه بأول القصص «طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ» 3}، والتلاوة لا تكون إلاّ بالكلام.
قرأت بخط أبي طاهر السّلفي، وأخبرنا عنه جماعة من شيوخنا إجازة قال:
أبو العباس أحمد بن سعيد الشّيحي، كتب عن أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله ابن غلبون المقرئ الحلبي بمصر، وأبي أحمد محمد بن عبد الرحيم الزاهد القيسراني المعروف بابن أبي ربيعة بقيسارية، وعن غيرهما؛ روى عنه أبو
(1)
-خطة من خطط البصرة على شاطئ دجلة. معجم البلدان.
(2)
-لم أجده بهذا اللفظ حتى في كتب الاحاديث الموضوعة، وهو لا شك نتاج معركة خلق القرآن في العصر العباسي.
(3)
- سورة القصص-الآيات:1 - 3.
طالب محمد بن علي بن الفتح العشاوي، وآخرون من أهل بغداد، وكان استوطنها.
وهو من أهل الشام، وقد روى عنه الإمام القادر بالله أبو العباس أحمد بن اسحاق أمير المؤمنين.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: قال لنا أبو بكر الخطيب: أحمد بن سعيد، أبو العباس الشامي يعرف بالشّيحي، سكن بغداد وحدث بها عن عبد المنعم بن غلبون المقرئ وغيره؛ وله كتاب مصنف في الزوال وعلم مواقيت الصلاة، حدثناه عنه محمد بن علي بن الفتح الحربي.
وكان ثقة، صالحا دينا، حسن المذهب، وشهد عند القضاة وعدّل، ثم ترك الشهادة تزهدا.
وذكر لي أبو الفضل محمد بن عبد العزيز بن المهدي الخطيب أنه مات في ذي القعدة من سنة ست وأربعمائة، قال: ودفن بباب حرب
(1)
. (92 - و).
أحمد بن سعيد بن سلم بن قتيبة:
ابن مسلم بن عمرو بن الحصين بن ربيعة بن خالد بن أسيد الخير بن قضاعى ابن هلال بن سلامة بن ثعلبة بن وائل بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس ابن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الباهلي.
ولاه الواثق على الثغور والعواصم في سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وأمره بحضور الفداء مع خاقان الخادم، وصاحب الروم ميخائيل بن توفيل، فخرج على سبعة عشر من البريد على قدم، وأمضى الفداء، وبلغ عدّة المسلمين أربعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وستين إنسانا.
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 173.
فلما انقضت المدة بين خاقان والروم، أربعون يوما، غزا أحمد بن سعيد بن سلم شاتيا، فأصاب الناس الثلج والمطر، فمات منهم قدر مائتي إنسان، وغرق منهم في البذبذون
(1)
قوم كثير وأسر منهم نحوا من مائتين، فوجد الواثق عليه لذلك، وعزله وعقد لنصر بن حمزة الخزاعي في جمادي الآخرة من سنة إحدى وثلاثين.
وكان أبوه سعيد بن سلم من صحاب المأمون وقواده، وولي مرو.
وروى أحمد بن سعيد عن أبيه، روى عنه القاسم بن اسماعيل، وأبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا ابن توش قال: أخبرنا ابن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا أحمد بن سعيد بن سلم الباهلي عن أبيه قال: دخلنا الى الرشيد يوما فقال: أنشدني في شدة البرد فأنشدته لأبي محكان السّعدي.
في ليلة من جمادى ذات أندية
…
لا يبصر الكلب في ظلماتها الطنبا
ما ينبح الكلب فيها غير واحدة
…
حتى يلف على خرطومه الذنبا
فقال: هات غير هذا، فأنشدته:
وليلة قر يصطلى القوس ربّها
…
وأقدحه اللاّتي بها يتنبّل
فقال لي: ما بعد هذا شيء
(2)
.
(1)
-ضبط ياقوت هذا الاسم «بذندون» وهو ماء قرب طرسوس وهناك توفي الخليفة المأمون العباسي.
(2)
-هذا الخبر ليس في الجزء المطبوع من كتاب «الجليس الصالح» للمعافى بن زكريا النهرواني الجريري.
أنبأنا عمر بن طبرز وعن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران- إجازة-قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي، وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا أبو عبد الله نفطويه قال: وولى الواثق في هذه السنة-يعني سنة إحدى وثلاثين ومائتين-الفداء ومعه خاقان خادم الرشيد، ومعهما أبو رملة، وجعفر الحذّاء، وأمر بامتحان أسرى المسلمين ومن قال بخلق القرآن فودي به، ومن امتنع ترك في أيدي الروم، فأجابوا كلهم الى خلق القرآن وكانوا ألفين وتسعمائة وخمسين رجلا، أو نحوا من مائة مراهق
(1)
.
أحمد بن سعيد بن عباس بن الوليد، أبو العباس الكلابي:
ولي مدينة حلب في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، ومدحه أبو بكر الصنوبري وقرأت في بعض التواريخ أنه كان واليا حلب سنة أربع وعشرين وثلاثمائ ة، وكانت ولايته حلب بعد طريف السّبكري.
وقرأت في مختصر تاريخ (92 - ظ) السليل بن أحمد بن عيسى، اختصار الشمشاطي قال: وفيها يعني سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة دخل سيف الدولة حلب، وصرف عنها صاحب الاخشيذ محمد بن طغج، وكان أحمد بن سعيد الكلابي.
وهذا يدل على أنه وليها خلافة عن الاخشيذ مرة ثانية، فان الحسين بن حمدان وليها سنة اثنتين وثلاثين، وسار محمد بن طغج الاخشيد نحوه، فهزمه عن حلب، واستولى عليها، فقد استناب الاخشيذ عند استيلائه عليها هذه المرة أحمد بن سعيد الكلابي على حلب، وبقي واليا بها الى أن قدم اليها سيف الدولة وافتتحها من يده. (93 - و).
(1)
-الذي ذكره المسعودي في كتابه التنبيه والاشراف ط. القاهرة 1938: 161 «وعدة من فودي به من المسلمين في عشرة أيام أربعة آلاف وثلاثمائة واثنين وستين من ذكر وانثى، وقيل أربعة آلاف وسبعة وأربعين» .
وقرأت بخط أبي الحسين بن المهذب المعري في تاريخ جمعه قال: في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وفيها أغارت بنو كلاب على البلد، فخرج اليهم والي المعرة معاذ بن سعيد وجنده، واتبعهم الى مكان يعرف بمرج البراغيث
(1)
فعطفوا عليه فأسروه ومن كان معه، وعذبوهم بالماء والجليد، وأقام معاذ بن سعيد عند بني كلاب وأصحابه حتى خرج اليهم أبو العباس أحمد بن سعيد الكلابي فخلصهم.
أحمد بن سعيد بن نجدة الازدي الموصلي:
نزيل طرسوس، وقيل هو بغدادي ذكره أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد بما أنبأنا به أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن سعيد بن نجدة الازدي البغدادي، حدث عن: أبي بدر شجاع بن الوليد، وعلي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وأبي النضر هاشم بن القاسم، وداود بن المحبر، والحسين بن علوان، واسحاق بن سليمان الرازي.
روى عنه: محمد بن علي الرقي المعروف بالمري، وزيد بن عبد العزيز الموصلي والوليد بن مضاء الخشاب، وغيرهم.
وذكر بعض الناس أن ابن نجدة هذا موصلي، وقال: مات في سنة ست وسبعين ومائتين.
أخبرنا عبد الجليل بن أبي غالب الاصبهاني اذنا قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة (93 - ظ) قال: أخبرنا والدي أبو عبد الله قال: أحمد بن سعيد بن نجدة الازدي الموصلي، حدث عن أبي بدر شجاع بن الوليد، سكن طرسوس ومات بها.
(2)
(1)
-لم يذكره ياقوت في معجمه ولم أقف على ذكره في الكتب الجغرافية، وواضح انه على مقربة من معرة النعمان.
(2)
- تاريخ بغداد:4/ 169.
أحمد بن سعيد بن أم سعيد:
أبو الحارث، سمع بحلب أبا عبد الله أحمد بن خليد بن يزيد الحلبي الكندي، وروى عنه وعن يونس بن عبد الأعلى.
روى عنه: محمد بن المظفر البزاز، وأبو بكر بن المقرئ.
أحمد بن سعيد المالكي:
أبو الحسين الصوفي، نزل طرسوس غازيا، وكان من أصحاب الجنيد بن محمد.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني في كتابه الينا من مرو قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن منصور بن عبد الرحيم الحرضي قال:
أخبرنا أبو بكر المزكي اجازة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: أحمد بن سعيد المالكي، أبو الحسين بغدادي الاصل، صحب الجنيد، ونزل طرسوس للغزو ومات بها.
سمعت الشيخ أبا سهل محمد بن سليمان يقول: لم أر فيمن رأيت أفصح من أبي الحسين المالكي.
أحمد بن سعيد الشيزري:
حدث بدمشق، وكان من طبقة ابن جوصاء.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: وجدت بخط أبي محمد بن الاكفاني-ذكر أنه نقله من خط بعض أصحاب الحديث-في تسمية من سمع منه بدمشق: أحمد ابن سعيد الشيزري، وفوقه غريب، وذكر طبقة فيها ابن جوصاء وأبو الدحداح (94 - و) في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.
اسم مفرد
أحمد بن سلم الحلبي السقاء:
حدث عن سفيان بن عينية، وعبيد الله بن موسى، وعبد الله بن السري المدائني، وعبد الرزاق، ومعن بن عيسى، وشبابة.
روى عنه: محمد بن الحسن بن قتيبة أبو العباس العسقلاني، ومحمد بن عوف الحمصي وصالح بن بشر.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمود بن أحمد الثقفي قال: أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء، ح.
وأخبرنا أبو الغنائم بن شهريار في كتابه الينا قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت أبي الفضل البغدادي (قالت): أخبرنا أبو طاهر بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال: حدثنا أحمد بن سلم الحلبي قال: حدثنا سفيان بن عينية عن مسعر عن سعد بن ابراهيم عن أبي سلمة عن عائشة قالت: ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى فارق الدنيا.
قال أبو الفرج: قال ابن المقرئ: يقال ان أحمد بن سلم حدث عنه ابن عوف الحمصي. ذكر أبو حاتم بن حبان البستي في تاريخ الثقات في الطبقة الرابعة فقال:
أحمد بن سلم السقاء من أهل حلب، يروي عن عبيد الله بن موسى وعبد الرزاق، حدثنا عنه ابن قتيبة وغيره.
وذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتاب الجرح والتعديل قال: أحمد بن سلم المقرئ شامي، المعروف بالسقاء، روى عن معن بن عيسى، وسفيان بن عيينة، وشبابة.
روى عنه: صالح بن بشر بن سلمة الطبري، وأبو عامر الامام الحمصي
(1)
.
من اسمه سلمان في آباء الاحمدين
أحمد بن سلمان بن أحمد بن سلمان بن أبي شريك:
أبو العباس الحربي (94 - ظ) الملقب بالسكر، لقبه أبوه بذلك في حال صغره، فاستمر اللقب عليه.
كان عالما بعلوم القرآن من التفسير والقراءات وغيره، وكان رجلا صالحا، سافر الى البلاد في طلب الحديث، وقدم حلب في رحلته.
وذكر لي الفقيه عز الدين عمر بن دهجان البصري المالكي أن أحمد بن سلمان الحربي ولد سنة أربعين وخمسمائة، قال لي: وقرأ القرآن بالروايات وسافر الى واسط، فقرأ بها بالقراءات العشر حتى مهر في ذلك وصنف وأقرأ، وكان عالما بتفسير القرآن وأسباب نزوله وتأويله وكان كل يوم اذا صلى الفرض بآيات يقعد في المسجد ويفسر لهم تلك الآيات، وكان يقول: والله اني لأعلم تفسير الآية وتأويلها وسبب نزولها ووقته فيمن نزلت، فايش يذهب علي بعد ذلك من القرآن أو ما هذا معناه.
قال: وكان كثير التلاوة للقرآن، طويل القنوت، كان يصلي التراويح كل ليلة بعشرة أجزاء من القرآن، فاذا كان النصف من رمضان صلى كل ليلة بنصف الختمة، وكان ينصرف من صلاة التراويح وقد صعد المسحرون المنارات، وكان خشن العيش يأكل من كسب يديه، وانقطع الى العلم.
قال: وكان عفيفا لطيف الاخلاق، كتب الكثير بخطه، وكان خطه رديئا، وكان مفيد الناس في زمانه يقرأ لهم، وينقل السماعات، ويدلهم على الشيوخ، وسافر
(1)
-الجرح والتعديل:2/ 54.
في طلب العلم والحديث الى البلاد، ودخل حلب ودمشق وغيرهما، وعاد الى بغداد فتوفي بالحربية في جمادي من سنة ستمائة (95 - و) ودفن بمقبرة أحمد رضي الله عنهما.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي قال في كتاب التكلمة لوفيات النقلة، في ذكر من مات في سنة احدى وستمائة: وفي ليلة العاشر من صفر توفي الشيخ المفيد أبو العباس أحمد بن سلمان بن أبي شريك البغدادي الحربي المقرئ المعروف بالسكر ببغداد، ودفن من الغد بباب حرب، ومولده سنة تسع وثلاثين أو سنة أربعين وخمسمائة.
قرأ القرآن الكريم ببغداد بالقراءات الكثيرة على أبي الفضل أحمد بن محمد شنيف، وأبي محمد يعقوب بن يوسف المقرئ، وبواسط على القاضي أبي الفتح نصر الله بن علي بن الكيال وأبي بكر عبد الله بن منصور بن الباقلاني، وسمع الكثير من أبي القاسم سعيد بن أحمد بن البناء وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي ابن أحمد، وأبي السعادات ظافر بن معاوية الحراني، وخلق كثير، وسمع بمكة شرفها الله تعالى، وبدمشق والقدس وغيرها.
وأقرأ وحدث ببغداد والشام، وكان مفيدا لاصحاب الحديث، كثير الخير، كثير التلاوة للقرآن الكريم، كثير القيام به، ويكرر قيامه به في ركعة أو ركعتين.
وعرف بالسكر لان أباه كان وهو صغير يحبه محبة كبيرة، واذا أقبل عليه وهو بين جملته أخذه وضمه اليه وقبله، وكان قوم يلومونه على افراط محبته له، فيقول: انه أحلى في قلبي من السكر، وتكرر ذلك منه، فلقب بالسكر وغلب عليه حتى كان لا يعرف إلا به.
(1)
.
(1)
-التكملة لوفيات النقلة ط. بغداد 3/ 80:1971 - 82.
أحمد بن سلمان بن الحسن بن اسرائيل بن يونس:
المعروف بالنجاد، الفقيه الحنبلي كان فقيها مفتيا ومحدثا متقنا، واسع الرواية، مشهور الدراية، قدم حلب، وسمع بها محمد بن معاذ المعروف بدران الحلبي، وأبا علي الحسن بن أبي جعفر الحلبي، وبطرسوس أبا الليث يزيد بن جهور الطرسوسي، وعبد الله بن جناب الطرسوسي، وسعيد بن مسلم بن أحمد بن مسلم، وبأنطاكية أحمد بن يحيى بن صفوان الانطاكي، وببالس جعفر بن محمد بكر البالسي، وبمنبج عمر بن سعيد بن سنان المنبجي، وحدث عن هؤلاء، وعن أبي بكر بن أبي الدنيا، وهلال بن العلاء، وأبي العباس أحمد بن أصرم بن خزيمة المزني، وأبي محمد عبد الله بن محفوظ وأحمد بن علي بن المثنى، والحارث ابن أبي أسامة التميمي، وأبي اسماعيل الترمذي، وعبد الملك بن محمد أبي قلابة الرقاشي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والحسن بن مكرم البزاز، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، وعثمان بن أبي شيبة، وأبي داود سليمان بن ابن الأشعث السجستاني، ومحمد بن سليمان الباغندي، واسحاق بن الحسن الحربي، وابراهيم بن اسحاق الحربي، ويعقوب بن يوسف، والحسين بن الهيثم الكسائي الرازي، ومحمد بن غالب بن حبيب التمتام، ومحمد بن عبدوس السراج، ومحمد بن عثمان العبسي، وأبي أحمد الزبير بن محمد الاسدي وادريس بن عبد الكريم المقرئ، ويحيى بن جعفر بن الزبرقان، ويحيى بن أبي طالب، وجعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، ومحمد بن يونس بن موسى، ومحمد بن (95 - ظ) الهيثم ابن حماد القاضي، واسماعيل بن اسحاق القاضي، وبشر بن موسى، وموسى بن اسحاق القاضي، وأحمد بن أبي خيثمة، وأحمد بن ملاعب المخرمي، وأحمد بن محمد البرتي، وأحمد بن علي الأبار، وأبي الاحوص العكبري، وأبي بكر محمد ابن أبي العوام، ومعاذ بن المثنى وغيرهم.
روى عنه أبو الحسن الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، وأبو بكر القطيعي، وأبو عبد الله الحسين بن محمد الغضائري، وأبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه، وأبو علي الحسن بن ابن شاذان، وأبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، وأبو بكر محمد بن عثمان القطان، وأبو عبد الله أحمد بن عبد الله المحاملي، وأبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن محمد كثير البيع، ومحمد بن عبد الله بن أبان الهيتي، وأبو عقيل أحمد بن عيسى بن زيد السلمي البزاز، وأبو القاسم الحسن بن الحسن بن ابن المنذر، وأبو عبد الله محمد بن يوسف بن كراكير الرقي، ومحمد بن الحسين ابن محمد بن الفضل القطان، وأبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي، وأبو الحسن محمد بن محمد بن ابراهيم بن مخلد، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن سعيد بن الروزبهان، ومحمد بن فارس الغوري، والحسين بن عمر بن برهان الغزال، وعلى ابن محمد بن بشران.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن سيدهم بن هبة الله الأنصاري الدمشقي بها قال: أخبرنا الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيّصي (96 - و) قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب عال:
أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطّان قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن سلمان بن الحسن النجاد قال: قرأت على محمد بن معاذ وهو المعروف بدرّان الحلبي: حدثكم القعنبي قال: حدثنا أبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء عمي من الرضاعة يستفتح بعد أن ضرب علينا الحجاب، فأبيت حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عمي من الرضاعة جاء يستأذن عليّ فأبيت أن آذن له حتى استأذنك فقال لها «ليلج عليك» فقالت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، فقال:«إنه عمّك فليلج عليك»
(1)
.
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 189 - 192.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلّم بن سلمان الإربلي قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن المظفر بن الحسن المعروف بابن سوسن التمار قال:
حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله الحرفي السمسار قال:
حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه قال: حدثنا أبو الليث يزيد بن جهور بطرسوس قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا بقية بن الوليد عن محمد بن الحجاج عن جابان عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس تفطر الصائم وتنقض الوضوء: الكذب، والغيبة، والنميمة، والنظرة بالشهوة، واليمين (96 - ظ) الفاجرة» ، قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها كما يعقد اليسار
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن سلمان بن الحسن ابن إسرائيل بن يونس، أبو بكر الفقيه الحبلي المعروف بالنجاد، كان له في جامع المنصور يوم الجمعة حلقتان قبل الصلاة وبعدها، إحداهما للفتوى في الفقه على مذهب أحمد بن حنبل، والأخرى لإملاء الحديث، وهو ممن اتسعت رواياته، وانتشرت أحاديثه.
سمع الحسن بن مكرم البزاز، ويحيى بن أبي طالب، وأحمد بن ملاعب المخرمي، وأبا داود السجستاني، وأبا قلابة الرقاشي، وأحمد بن محمد البري، واسماعيل بن اسحاق القاضي، وأبا الأحوص العكبري، ومحمد بن سليمان الباغندي، وأبا اسماعيل الترمذي، وجعفر بن محمد بن ساكر الصائغ، وأحمد بن أبي خيثمة، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن غالب التمتام، وأبا بكر
(1)
-انظر كنز العمال:8/ 23813.
بن أبي الدنيا، وهلال بن العلاء الرقيّ، وإبراهيم بن اسحاق، واسحاق بن الحسن الحربيين، وبشر بن موسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن عبدوس السراج، وخلقا سوى هؤلاء من هذه الطبقة.
وكان صدوقا، عارفا، جمع المسند، وصنف في السنن كتابا كبيرا.
روى عنه: أبو بكر بن مالك القطيعي، والدارقطني، وابن شاهين، وغيرهم من المتقدمين.
وحدثنا عنه: ابن رزقويه، وابن الفضل (97 - و) القطّان، وأبو القاسم ابن المنذر القاضي، ومحمد بن فارس الغوري، وعلي وعبد الملك ابنا بشران، والحسين بن عمر بن برهان الغزّال، وخلق يطول ذكرهم.
وقال أبو بكر الخطيب قال: قال ابن أبي الفوارس: أحمد بن سلمان، يقال مولده سنة ثلاث وخمسين ومائتين
(1)
.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد الخطيب الكشميهني قال: أنبأنا أبو بكر محمد ابن منصور السمعاني، ح.
وأخبرنا علي بن عبد المنعم بن علي بن الحداد الحلبي قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي الدمشقي قال: أنبأنا أبو بكر السمعاني قال: أبو بكر أحمد بن سلمان ابن الحسن بن إسرائيل بن يونس النجاد الفقيه، من أئمة بغداد في العلم والورع والزهد، سمع الحسن بن مكرم، ويحيى بن أبي طالب، وأبا داود السجستاني، وأبا قلابة الرقاشي، واسماعيل بن اسحاق، وهلال بن العلاء الرقيّ، ومن لا يحصى كثرة؛ روى عنه الدارقطني وابن شاهين وغيرهما من المتقدمين.
(1)
- تاريخ بغداد- المصدر السابق.
أخبرنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أحمد ابن علي قال: حدثني أحمد بن سليمان بن علي المقرئ قال: سمعت أبا الحسن ابن رزقويه غير مرة يقال: أبو بكر النجاد ابن صاعدنا.
قال أحمد بن علي: عنى بذلك أن النجاد في كثرة حديثه واتساع طرقه، وعظم رواياته، وأصناف فوائده لمن سمع منه، كيحيى بن صاعد لأصحابه، إذ كل واحد من الرجلين كان واحد وقته في كثرة الحديث. (97 - ظ).
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال: سمعت أبا علي بن الصواف يقول: كان أبو بكر النجاد يجيء معنا إلى المحدثين إلى بشر بن موسى وغيره، ونعله في يده، فقيل له: لم لا تلبس نعلك؟ قال: أحب أن أمشي في طلب الحديث-رسول الله صلى الله عليه وسلم-وأنا حافي.
وقال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني الحسين بن علي بن محمد الفقيه الحنفي قال: سمعت أبا اسحاق الطبري يقول: كان أحمد بن سلمان النجاد يصوم الدهر ويفطر كل ليلة على رغيف، ويترك منه لقمة، فإذا كان ليلة الجمعة تصدق بذلك الرغيف، وأكل تلك اللّقم التي استفضلها
(1)
.
وقال الخطيب: أخبرنا القاضي أبو عبد الله الضّيمري قال: حدثنا الرئيس أبو الحسن علي بن عبد العزيز في مجلسه في دار الخلافة قال: حضرت مجلس أبي بكر أحمد بن سلمان النجاد وهو يملي فغلط في شيء من العربية، فرد عليه بعض الحاضرين، فاشتد عليه، فلما فرغ من المجلس، قال: خذوا، ثم قال: أنشدنا هلال بن العلاء الرقيّ:
(1)
- تاريخ بغداد- المصدر السابق.
سيبلي لسان كان يعرب لفظه
…
فياليته في موقف العرض يسلم
وما ينفع الإعراب إن لم يكن تقى
…
وما ضرّ ذا تقوى لسان معجّم
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي-قراءة عليه وأنا أسمع-قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد الزينبي قال: أخبرنا أبو القاسم ابن (98 - و) مسعدة الاسماعيلي، ح.
قال شيخنا ابن طبرزد: وأخبرنا اسماعيل بن أحمد السمرقندي وابن مسعود المجلي-إجازة إن لم يكن سماعا منهما أو من أحدهما-قالا: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال:
سأل الشيخ أبو سعد الإسماعيلي أبا الحسن الدارقطني عن أبي بكر أحمد بن سلمان النجاد، فقال الشيخ أبو الحسن: قد حدّث أحمد بن سلمان من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: كان النجاد قد كف بصره في آخر عمره، فلعل بعض طلبة الحديث قرأ عليه ما ذكره الدارقطني، والله أعلم.
وقال أبو بكر الخطيب: سمعت محمد بن أحمد بن رزقويه يقول: مات أبو بكر النجاد في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
وقال الخطيب: حدثنا ابن الفضل القطان إملاء قال: توفي أحمد بن سلمان النجاد لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
وقال أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن يوسف العلاف، وأبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي قالا: توفي أحمد بن سلمان الفقيه النجاد يوم الثلاثاء؛ وقال ابن المحاملي: ليلة الثلاثاء لعشر بقين من ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة باب حرب، قال ابن المحاملي: صبيحة تلك الليلة؛ قال ابن العلاف: وأحسب أنه عاش خمسا وسبعين سنة.
حدّثنا عن أبن الحسن بن الفرات أنّ (98 - ظ) النجاد دفن في مقابر الحربية عند قبر بشر الحارث
(1)
.
أحمد بن سلمان بن أبي بكر بن سلامة بن الاصفر.
أبو العباس الحريمي المستعمل البغدادي، سمع أبا العباس أحمد بن أبي غالب الوراق المعروف بأبن الطلاية، وأبا القاسم سعيد بن البنّاء، وأبا بكر بن الأشقر الدلال، وهو آخر من روى عنه فيما أرى.
وحدث عنهم وعن أبي سعد بن البغدادي، وأبي محمد المقرئ، وأبي سعد السمعاني بالإجازة.
وأجاز لي رواية جميع مسموعاته، وجميع ما صحت عنه روايته، وكتب إليّ يذكر أنه دخل حلب عند عوده من دمشق، وذكر لي في كتابه إليّ أن مولده في عاشر محرم من سنة خمس وثلاثين وخمسمائة ببغداد. (99 - و).
أخبرني رفيقنا كمال الدين عباس بن بزوان الإربلي أن ابن الأصفر هذا توفي بكرة يوم الثلاثاء خامس وعشرين ذي الحجة سنة ست عشرة وستمائة بالموصل، ودفن بصحراء عنّاز
(2)
، وكان أوصى أن أغسّله وأصلي عليه، فغسلته وصليت عليه، وكان دينا صالحا، ثقته، صحيح السماع، رحمه الله.
من اسم أبيه سليمان في آباء الاحمدين
أحمد بن سليمان بن حميد بن ابراهيم بن أحمد بن علي بن ابراهيم المخزومي:
أبو العباس البلبيسي المعروف بابن كسا المصري، من أهل بلبيس
(3)
،
(1)
-البغدادي-المصدر السابق.
(2)
-مقبرة تجاه باب العراق في الموصل، كان أوقفها سنة 197 هـ عناز بن حماد المدني، انظر تاريخ الموصل:2/ 327.
(3)
-مدينة على طريق الشام تبعد عن الفسطاط مقدار عشرة فراسخ، معجم البلدان.
شاعر مجيد مشهور، كثير الشعر، طاف البلاد، ومدح الملوك وأخذ صلاتهم، وكان له ثروة وتجمل، وقدم حلب.
ومن شعره قوله:
وركبت ظهر توصّلي في أوبتي
…
وحلفت أني لا أنام عن السرى
حتى أريت الأفق أن بدوره
…
تخض وبدر الدين متّقدا يرى
أخبرني أبو علي القيلوبي قال: بلغ الحاجب علي الأشرفي، وهو بالشرق أن ابن كسا هجاه، فأحضره وقال: بلغني أنك هجوتني، وها أنا أهجوك لتعلم أينا أهجى، وأي الهجوين أوجع، ثم مدّة وما زال يضر به بالدبابيس حتى أشرف على الموت، ورفع على باب الى السجن فبقي بالسجن مدة، ثم أطلقه.
وبلغني أن ابن كسا توفي في صغر سنة أربع وثلاثين وستمائة بالقاهرة.
أنبأنا أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في ذكر من توفي سنة خمس وثلاثين وستمائة
(2)
: وفي شهر ربيع الآخر توفي أبو العباس أحمد بن سليمان بن حميد بن إبراهيم بن مهلهل القرشي المخزومي البلبيسي الشافعي المعروف بابن كسا بالقاهرة، ومولده ببلبيس في سنة سبع وستين وخمسمائة، تفقه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، وتأدب وقال الشعر، وسافر الكثير، وحدث بشيء من شعره ببلبيس وغيرها، وذكر أنه دخل دمشق واشتغل بها، وبالموصل وبغداد وخراسان، أنه اجتمع بفخر الدين الرازي، المعروف بابن الخطيب، بخوارزم، وكان له انس بالنظريات والخلاف.
أحمد بن سليمان بن عمر بن شابور الحلبي:
سمع اسحاق بن ابراهيم بن الأخيل الحلبي، وابراهيم بن عبد الله بن خرّزاد
(2)
-الذي عثر من هذا الكتاب يغطي حتى وفيات سنة 616 فقط.
الأنطاكي؛ روى عنه أحمد بن محمد الحلال، ومحمد بن إبراهيم بن أبي شيخ الرقيّ الصوفي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني عن أبي بكر أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن حفص الماليني، ح.
وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد بن الأخوة البغدادي وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن بن محمد بن سليم قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء بن أبي منصور الصيرفي، قال: سماعا، وقالت:
إجازة؛ قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد الثقفي، وأبو الفتح الكاتب، ح.
وقال لنا أبو الحجاج يوسف بن خليل: أخبرنا أبو عبد الله محمود بن (99 - ظ) أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، ح.
وأخبرنا أبو الغنائم بن شهريار في كتابه قال: أخبرتنا فاطمة بنت البغدادي.
قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد، قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ قالا: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أبي شيخ الصوفي الرقي قال: حدثنا أحمد بن سليمان الحلبي قال: حدثنا اسحاق بن الأخيل قال: حدثنا مبشّر بن إسماعيل عن الخليل بن مرّة عن عمرو بن دينار عن عطاء ابن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة»
(1)
.
(1)
-انظره في الجامع الصغير للسيوطي:1/ 74 (470).
أحمد بن سليمان بن عمرو:
أبو بكر الأنماطي، وقيل الأنطاكي، حدث بحلب عن مخلد بن مالك وأحمد ابن إبراهيم، ومؤمل بن إهاب؛ روى عنه عمر بن محمد بن سليمان العطار، وعبد الله بن سعيد الحلبي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني بدمشق قال: حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن علي الكتاني الحافظ قال: أخبرنا عبد الوهاب بن جعفر الميداني قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل بن نصر النابلسي قال: أخبرنا عمر بن محمد بن سليمان العطار قال: حدثني أبو بكر أحمد بن سليمان بن عمر الأنماطي بحلب قال: حدثنا مخلد بن (100 - و) مالك قال: حدثنا محمد بن يزيد عن مجاشع بن عمرو عن الزبرقان عن مقاتل بن حيان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الجنة ليحتاجون الى العلماء في الجنة، وذلك أنهم يزورون الله تعالى في كل جمعة فيقول لهم: تمنوا علي ما شئتم، فيلتفتون الى العلماء فيقولون: ماذا نتمنى؟ فيقولون: تمنوا كذا وكذا، قال: فهم يحتاجون إليهم في الجنة كما يحتاجون إليهم في الدنيا»
(1)
.
أحمد بن سليمان:
أبو الفتح الفخري الحلبي، شاعر من أهل حلب، كان في عصر عبد المحسن الصوري، ورحل الى مصر فأقام بها الى أن مات.
وجدت ذكره في مجموع جمعه بعض أهل الأدب، وقرأته بخطه، ذكر أن أحمد
(1)
-انظره في كنز العمال:10/ 28767.
ابن سليمان الفخري الحلبي كتب الى عبد المحسن الصوري
(1)
، وقد بلغه ما صار عليه عبد المحسن من الفقر والفاقة، وقرأتها أيضا بخط أبي طاهر السّلفي:
أعبد المحسن الصوري لم قد
…
جثمت جثوم منهاض كسير
فإن قلت العيالة
(2)
…
أقعدتني
على مضض وعاقت عن مسيري
فهذا البحر يحمل هضب رضوى
…
ويستثني بركن من ثبير
وإن حاولت سير البرّ يوما
…
فلست بمثقل ظهر البعير
إذا استحلى أخوك قلاك يوما
…
فمثل أخيك موجود النظير
تحرّك عل أن تلقى كريما
…
تزول بقربه إحن الصدور (100 - ظ)
فما كل البريّة من تراه
…
ولا كل البلاد بلاد صور
فكتب إليه عبد المحسن الصوري:
جزاك الله عن ذا النصح خيرا
…
ولكن جاء في الزمن الأخير
وقد حدّت لى السبعون حدّا
…
نهى عما أردت من الأمور
ومذ صارت نفوس الناس عني
…
قصارا عدت بالأمل القصير
وذكر صاحب المجموع أنه رحل الى مصر ومات بها.
ومن الأفراد
أحمد بن سنان، أبو جعفر المنبجي:
حدّث عن عبيد الله بن موسى العبسي، روى عنه موسى بن العباس.
أخبرتنا أم المؤيد زينب بنت الحافظ أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن في كتابها إلينا من نيسابور، وأخبرنا بذلك عنها إبراهيم بن محمد بن الأزهر
(1)
-من شعراء يتيمة الدهر، انظره:1/ 312 - 325.
(2)
-جاء في حاشية الاصل بخط ابن العديم «وبخط أبي طاهر السلفي القبالة» .
الصّريفيني، قالت: أخبرنا أبو محمد اسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر القارئ الواعظ قال: أخبرنا أبو حفص بن مسرور قال: حدثنا أبو سهل محمد بن سليمان ابن محمد بن سليمان الحنفي الصّعلوكي قال: حدثنا موسى بن العباس سنة ثلاث عشر وثلاثمائة قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن سنان المنبجي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن أبي حنيفة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم حنين عن لحوم الحمر الأهلية وعن متعة النساء قال: «وما كنا مسافحين» .
أحمد بن سهل بن محمد بن داود بن ميكائيل بن سليمان بن سلجق:
السلطان سنجر بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن جغري بك بن ميكائيل، أبو الحارث، قدم صحبة أبيه ملكشاه وهو طفل وكان قد ولد له بظاهر سنجار في طريقه الى الشام، وسنذكره في حرف السين فيما يأتي إن شاء الله تعالى. (101 - و)
أحمد بن سلامة بن أحمد بن سلمان، أبو العباس النجار:
رجل صالح، عارف الحديث، قدم حلب غير مرة، إحداها في سنة سبع وستمائة، وسمع بها شيخنا أبا هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب، وقدمها مرة أخرى، وحدث بها عن أبي الفرج بن كليب.
ذكر حرف الشين في آباء الأحمدين
أحمد بن شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن
سليمان:
أبو العلاء بن أبي اليسر بن أبي محمد بن أبي المجد بن أبي محمد، القاضي ابن أبي المجد أخي أبي العلاء التنوخي المعري، من أهل معرّة النعمان.
أخو شيخنا إبراهيم الذي قدمنا ذكره، وتمام نسبه قد تقدم في ترجمة أخيه.
شيخ حسن من أهل الفضل وبيت العلم والقضاء، وأبوه أبو اليسر من الفضلاء المشهورين، وأجداده الذين نسبناه إليهم ما منهم إلا فاضل مشهور.
وأبو العلاء هذا سمع أباه أبا اليسر شاكرا، والحافظ أبا القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي، وغيرهما، وقدم علينا حلب مرارا متعددة، وكان يسكن معرّة النعمان.
وكنت ظفرت بسماعه في عدة أجزاء من تاريخ دمشق للحافظ أبي القاسم، فانتخبت منها جزءا لطيفا، وقرأته عليه بسماعه منه، وسمعه بقراءتي جماعة كانوا معي بحلب. وسألته عن مولده فقال: في سنة أربع وأربعين أو خمس (101 - ظ) وأربعين وخمسمائة.
أخبرنا أبو العلاء أحمد بن شاكر بن عبد الله المعري، قراءة عليه بحلب، قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قراءة عليه وأنا أسمع قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن القزويني إملاء سنة ست وثلاثين وأربعمائة
قال: حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن سعيد المؤدب قال: حدثنا أحمد بن محمد العسكري قال: حدثنا مطلب بن شعيب قال: أخبرنا عبد الله بن صالح قال:
حدثني ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احفظوني في أصحابي، فمن حفظني في أصحابي رافقني وورد عليّ حوضي، ومن لم يحفظني فيهم لم يرد عليّ حوضي، ولم يرني إلا من بعيد»
(1)
.
قدمت معرّة النعمان في بعض قدماتي إليها في جمادى الأولى من سنة ثمان وثلاثين وستمائة، فأخبرني قاضيها أبو العباس أحمد بن مدرك بن عبد الله بن سليمان أن شيخنا أبا العلاء أحمد بن شاكر توفي بها في شهر ربيع الآخر من سنة ثمان وثلاثين المذكورة.
أحمد بن شبوية:
ابن أحمد بن ثابت بن عثمان بن مسعود بن يزيد الأكبر بن كعب بن مالك بن كعب بن الحارث بن قرط بن مازن بن سنان (102 - و) بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن عامر، وهو خزاعة، أبو الحسن الماخواني الخزاعي.
وقيل هو أحمد بن محمد بن ثابت، وشبويه لقب أبيه محمد أو جده، وقيل هو مولى لبديل بن ورقاء الخزاعي
(2)
، وهو منسوب الى قرية من قرى مرو يقال لها ماخوان
(3)
، وسكن طرسوس وأقام بها الى أن مات.
وذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب «الجرح والتعديل» فقال: أحمد
(1)
-انظر الجامع مع الصغير:1/ 45 (267). كنز العمال:11/ 3252.
(2)
-صحابي، انظره في طبقات خليفة بن خياط:307،326 (943،666).
(3)
-منها خرج أبو مسلم الخراساني الى الصحراء أثناء الثورة العباسية. معجم البلدان.
ابن شبّوية المروزي أبو الحسن الخزاعي، وهو أحمد بن محمد بن شبّوية حدثنا علي بن الهسنجاني عنه.
روى عن وكيع، وعبد الرزاق، وأبي أسامة.
مات بطرسوس سنة ثلاثين ومائتين، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك؛ سمعت أبا زرعة يقول: جاء نانعيه وأنا بحرّان، ولم أكتب عنه، وكذلك سمعت أبي يقول: أدركته ولم أكتب عنه.
روى عنه أيوب بن اسحاق بن سافري نزيل الرملة، وعبد الملك بن ابراهيم الجدي.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي: هو أحمد بن محمد بن شبّوية، حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني عنه هكذا
(1)
، وسنذكره في باب المحمدين من أباء الأحمدين إن شاء الله.
أنبأنا أبو يعقوب يوسف بن محمود الصوفي عن الحافظ أبي طاهر السّلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل الآزجي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد بجرجرائا
(2)
قال: أخبرنا أبو عمران موسى بن هرون بن عبد الله البزاز قال: ومات أحمد بن شبويه بطرسوس آخر سنة ثلاثين أو تسع وعشرين ومائتين.
أنبأنا أبو القاسم بن رواحة عن أبي طاهر الحافظ قال: أخبرنا أبو علي أحمد ابن محمد البرداني قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا
(1)
-الجرح والتعديل:1/ 55.
(2)
-بلد بين واسط وبغداد. معجم البلدان.
أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ قراءة عليه قال: قال أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ابن بنت منيع: مات أحمد بن شبويه بطرسوس سنة تسع وعشرين، أو سنة ثلاثين في أولها، يعني ومائتين. (102 - ظ)
من اسمه شعيب في آباء الأحمدين
أحمد بن شعيب بن عبد الاكرم الانطاكي:
حدث عن الحسن بن عبد الأعلى البياسي، ومحمد بن أبي يعقوب الدينوري، وعبيد بن محمد الكشوري، ويعقوب بن يوسف الفروي.
روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ، وكان من الصالحين العباد، والأخيار الزهاد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن أبي المظفر السمعاني، ح.
وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد بن الأخوة البغدادي، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسين بن محمد بن سليم قالوا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الدوري قالا: أخبرنا؛ وقالت: إجازة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين الكاتب، قالا:
أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ قال: حدثنا أحمد بن شعيب بن عبد الأكرم الأنطاكي، وكان يقال أنه من الأبدال، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله البوسي، وقال أبو مسلم وصاحبته: الحسن بن عبد الأعلى البياس-وهو الصحيح-، قال: حدثنا عبد الرزاق عن عبد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة
رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الغيث قال: «اللهم (103 - و) سيبا نافعا»
(1)
.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن أبي الرجاء الشهرياري في كتابه إلينا من أصبهان قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد البغدادي قالت:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن علي قال: حدثنا أحمد بن شعيب بن عبد الأكرم الأنطاكي قال: حدثنا عبيد بن محمد ابن إبراهيم الكشوري قال: حدثني محمد بن عمر بن أبي مسلم قال: حدثنا محمد ابن مصعب الصنعاني قال: حدثني القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم عن عمه عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكر عنده عمه أبو طالب، فقال:«لعله بشفاعتي يوم القيامة يجعل في ضحضاح من النار، يبلغ كعبيه، تغلي منه جبهته أو دماغه»
(2)
.
أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر:
أبو عبد الرحمن النسائي، القاضي الحافظ الإمام، كان علما من الاعلام، وإماما من أئمة الإسلام، واليه في علم الحديث ومعرفة رجاله النقض والابرام، رحل الرحلة الواسعة، وسافر في طلب الحديث وجمعه الى البلاد الشاسعة، قدم حلب، وسمع بها أبا العباس الفضل بن العباس بن ابراهيم الحلبي، وسمع بالمصيصة قاضيها أحمد بن عبد الله بن علي بن أبي المضاء المصيصي (103 - ظ).
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بحلب قال: أخبرنا أبو طاهر الشيحي
(1)
-في الجامع الصغير:2/ 334 (6691): «كان اذا رأى المطر قال: اللهم صيبا نافعا» وقد رواه البخاري عن عائشة أم المؤمنين.
(2)
-انظر كنز العمال:12/ 34092.
قال: أخبرنا أبو محمد الدوني قال: أخبرنا القاضي أبو نصر الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن قال: أخبرنا علي بن حجر قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن همام بن يحيى عن قتادة عن أنس قال: خرجت جارية عليها أوضاح
(1)
، فأخذها يهودي فرضخ رأسها، فأخذ ما عليها من الحلي، فأدركت وبها رمق، فأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«من قتلك أفلان» ؟ فقالت برأسها: قال: «ففلان» حتى سمى اليهودي، فقالت برأسها: نعم، فأخذ فاعترف، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضخ رأسه بين حجرين
(2)
.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن زريق القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال:
أخبرنا أبو سعد الماليني قراءة، قال: أخبرنا أبو بكر الوليد بن القاسم بن أحمد الصوفي بمصر قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي قال:
حدثنا الفضل بن العباس بن ابراهيم قال: حدثنا محمد بن حاتم قال: حدثني بشر، وهو ابن الحارث، قال: حدثنا ابراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب
(3)
.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء البغدادي بدمشق وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي بحلب قالا: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبيد الله (104 - ظ) ابن الزاغوني قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الانباري قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن عيسى قال:
(1)
-حلي من الفضة أو خلخال. القاموس.
(2)
-انظر كتاب «أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم» لمحمد بن فرج القرطبي ط. حلب 1396 هـ:15 - 16.
(3)
-انظره في كنز العمال:7/ 18196.
حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال: حدثنا محمد بن ربيعة عن أبي عميس، واسمه عبيد بن عبد الله، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذا انتصف شعبان فكفوا عن الصوم»
(1)
.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني في كتابه قال:
أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، ح.
وأنبأنا القاسم بن عبد الله بن عمر الصفار قال: أخبرتنا عمة أبي عائشة بنت أحمد بن منصور قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف قال: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت علي بن عمر الحافظ غير مرة يقول: أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.
وقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا علي الحافظ غير مرة يذكر أربعة من من المسلمين رآهم، فبدأ بأبي عبد الرحمن.
وقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت جعفر بن محمد بن الحارث يقول: سمعت مأمون المصري الحافظ يقول: خرجت مع أبي عبد الرحمن الى طرسوس سنة للفداء فاجتمع جماعة من مشايخ الاسلام، واجتمع من الحفاظ عبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن ابراهيم مربع، وأبو الأذان، وكيلجة، وسنجة ألف، وغيرهم، فتشاوروا (105 - و) من ينتقي لهم على الشيوخ، فأجمعوا على أبي عبد الرحمن النسائي، وكتبوا كلهم بانتخابه.
قال الحاكم أبو عبد الله: فأما كلام أبي عبد الرحمن على فقه الحديث، فأكثر
(1)
-في كنز العمال:8/ 23857 «اذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان» . انظره ايضا في الجامع الصغير:1/ 78 (494).
من أن يذكر في هذا الموضع، ومن نظر في كتاب السنن له تحير في حسن كلامه، وليس هذا الكتاب مسموع عندنا.
ومع ما جمع أبو عبد الرحمن من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره، فحدثني محمد بن اسحاق الاصبهاني قال: سمعت مشايخنا بمصر يذكرون أن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره، وخرج الى دمشق، فسئل بها عن معاوية بن أبي سفيان وما روى من فضائله فقال: لا يرضى منا معاوية رأسا برأس حتى يفضل فمازالوا يدفعون في حضنيه حتى أخرج من المسجد، ثم حمل الى الرملة، فمات بها سنة ثلاث وثلاثمائة وهو مدفون بالرملة
(1)
.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأخبرنا به اجازة عنه أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف وغيره، قال: قرأت على أبي عبد الله يعني محمد ابن أحمد بن ابراهيم الرازي بالاسكندرية عن أبيه أبي العباس قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عمر الصيرفي قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن نصر البزاز، وكتبه لي بخطه، قال: حدثنا علي بن محمد الكاتب المادرائي قال: حدثني أبو منصور تكين الامير قال: قرأ علي أبو عبد الرحمن النسائي كتاب الخصائص فقلت له: حدثني بفضائل معاوية، فجاءني بعد جمعة بورقة فيها حديثان، فقلت:
أهذه بس؟ فقال: وليست بصحاح، هذه غرم معاوية عليها الدراهم، فقلت له:
أنت شيخ سوء، لا تجاورني، فقال: ولا لي في جوارك حظ، وخرج.
قال علي بن محمد المادرائي: وحدثني أهل بيت المقدس قالوا: قرأ علينا أبو عبد الرحمن النسائي كتاب الخصائص، فقلت
(2)
له: أين فضائل معاوية؟ فقال:
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية «يؤخر» ثم كتب في مطلع الصفحة التالية (106 - و) يقدم.
(2)
-كذا بالاصل والاصح أن يقال: «فقلنا» .
وما يرضى معاوية أن يسكت عنه، قال: فرجمناه وضغطناه، وجعلنا نضرب جنبه، فمات بعد ثلاث.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الاشيرى قال: أنبأنا القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض قال: حدثنا الفقيهان أبو محمد عبد الله بن أبي جعفر الخشني، وعبد الرحمن بن محمد بن عتاب بقراءتي عليهما قالا: حدثنا أبو القاسم حاتم بن محمد قال: حدثنا أبو الحسن القابسي الفقيه قال: سمعت أبا الحسن بن هاشم المعري يقول: سئل أبو عبد الرحمن النسائي عن اللحن
(1)
. (106 - و).
أخبرنا أبو الفرج محمد محمد بن علي بن بن حمزة بن القبيطي في كتابه قال:
أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: سمعت منصور الفقيه وأحمد بن محمد بن سلمة الطحاوي يقولان: أبو عبد الرحمن النسائي امام من أئمة المسلمين.
وقال أبو أحمد بن عدي: أخبرني محمد بن سعيد البارودي قال: ذكرت لقاسم المطرز أبا عبد الرحمن النسائي فقال: هو إمام، أو يستحق أن يكون اماما
(2)
، أو كما قال:(105 - ظ).
(1)
-تبع هذا بياض صفحة كاملة، ولدى عودتي الى كتاب المقفى (مخطوطة برتوباشا) للمقريزي، وجدته ينقل باختصار ترجمة النسائي هذه وقد جاء عنده (84 - ظ) «عن اللحن في الحديث فقال: ان كان شيئا تقوله العرب وان لم يكن في لغة قريش فلا يغير، لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكلم الناس بكلامهم، وان كان ما لا يوجد في كلام العرب فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلحن».
(2)
-انظر الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ط. بيروت 1/ 146:1984.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
أحمد بن شكر بن عبد الرحمن بن أبي حامد بن عبد الرحمن:
الملقب بنان-بن علي-الملقب ذؤيب-بن أبي البركات-وكان يلقب عصية لطوله ودقته-بن هبة الله-ويكنى أبا الحمر-بن أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن موسى بن يعقوب بن محمد ابن المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة المعروف بابن الاسود الكندي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو العباس بن أبي حامد بن أبي القاسم بن أبي حامد الكندي المقدادي الحربي الخياط، المعروف بابن عصية المقرئ، من أولاد المحدثين من أهل الحربية.
وكان أبو الحمر هبة الله قدم من دمشق، وسكن الحربية، وأعقب بها.
سمع أبو العباس أباه أبا حامد، وجده أبا القاسم عبد الرحمن، وجده لامه أبا بكر محمد بن المبارك بن مشق، وأبا منصور عبد الله بن محمد بن علي بن علي بن عبد السلام الكاتب، وأبا الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب الحراني، وأبا الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، وخلقا غير هؤلاء يطول ذكرهم، وحدث ببعض حديثه وسمع منه جماعة من طلبة الحديث.
وقال لي أبو حفص عمر بن دهجان البصري: هذا الشيخ سافر الى البيت المقدس زائرا بعد أن حج الى بيت الله الحرام، فدخل حلب مرتين في ذهابه وعوده.
ومولده في سنة احدى وثمانين وخمسمائة بالحربية، وهو شيخ صالح خير متدين، متواضع (107 - و) كثيرة التلاوة للقرآن، محب للحديث وأهله، فقير صبور، متقنع بالحلال، يأكل من كسب يده، حسن الطريقة، صحيح العقيدة، محمود السيرة على قانون السلف.
أحمد بن شيبان الاحنف المصيصي:
حدث عن محمد بن كثير المصيصى، روى عنه أبو سهل أحمد بن محمد بن يزيد الفارسي نزيل المصيصة.
ذكر حرف الصاد في آباء الاحمدين
أحمد بن صافي:
أبو بكر التنيسي، مولى الحباب بن رحيم البزاز، سمع بحلب وغيرها من الثغور: أبا بكر محمد بن أحمد بن أبي ادريس الامام، وأبا أيوب سليمان بن محمد بن ادريس بن رويط، وأبا بكر محمد بن بركة بن الفرداج برداعس الحلبيين، وعثمان بن محمد بن علي بن علان الذهبي نزيل حلب، وأبا عمير عدي ابن أحمد بن عبد الباقي الآذي، وأبا الحسين مسدد بن يعقوب الفلوسي قاضي تنيس، وأبا عبد الله محمد بن الحكم، وبكر بن أحمد الشعراني، وأبا جعفر محمد ابن الحسين بن زيد، وأبا الحسن جعفر بن محمد الحروي، وأبا الحسن علي بن عبد الله بن أبي مطر، وأبا اسحاق ابراهيم بن ميمون الصواف، وأبا أحمد جابر ابن عبد الله بن حاتم الجهازي، وأبا بكر أحمد بن عمرو بن جابر الرملي، وأبا الحسن داود بن أحمد بن مصحح، وأبا الحسين علي بن محمد بن أبي الحديد المصري، وعبد القدوس بن عيسى بن موسى الحمصي، وأبا علي الحسين بن يوسف (107 - ظ) بن مليح الطرائفي، واسماعيل بن يعقوب الحراب.
روى عنه أبو الحسين الميداني، وسمع منه بدمشق عبد العزيز وعبد الواحد ابنا محمد بن عبدويه الشيرازي.
أنبأنا أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن الدمشقي قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال: أنبأنا أبو القاسم عبد المنعم
بن علي أحمد الكلابي قال: أخبرنا علي بن الخضر قال: أخبرنا أبو الحسين الميداني قال: حدثنا أحمد بن صافي التنيسي قال: حدثنا عثمان بن محمد الذهبي قال: حدثنا ابراهيم بن زياد قال: حدثنا محمد الاسفاطي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقلت: يا رسول الله: ان عبد الله بن داود حدثنا عن الاعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود عنك بحديث الصادق المصدوق، فهو عنك يا رسول الله، فذكر الحديث،؟ قال: رحم الله كل من حدث به الى يوم القيامة.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط الميداني: حدثنا أبو بكر أحمد بن صافي مولى الحباب بن رحيم البزاز، قدم علينا من تنيس في سنة ستين وثلاثمائة، بحديث ذكره، فتكون وفاته بعد ذلك، والله أعلم.
(1)
.
ذكر من أبوه صالح من الاحمدين
أحمد بن صالح بن عبد الرحمن:
أبو بكر الصوفي الحافظ الانماطي، المعروف بكيلجة، ويسمى أيضا محمدا، والاكثر على ذلك، وقد ذكرنا (108 - و) في ترجمة أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي أنه كان مع جماعة من مشايخ الاسلام والحفاظ بطرسوس، واجتمعوا للفداء، وقد استقصينا ترجمته في المحمدين، اذ الاكثر على أن اسمه محمد.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن زريق قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن صالح الصوفي، وهو محمد بن صالح بن عبد الرحمن، أبو بكر الحافظ الانماطي، المعروف بكيلجة، كان محمد بن مخلد يسميه أحمد في بعض رواياته، ومحمدا في بعضها.
(1)
-مختصر ابن عساكر لابن منظور:3/ 105.
حدث عن أبي حذيفة النهدي، وسعيد بن أبي مريم البصري، وموسى بن أيوب النصيبي، وغيرهم.
روى عنه أبو بكر بن أبي حامد صاحب بيت المال وسماه أحمد، كما سماه ابن مخلد هاهنا، وروى عنه غيرهما فسماه محمدا، وقد ذكرناه في المحمدين.
(1)
أحمد بن صالح بن عمر بن اسحاق:
أبو بكر المقرئ البزاز البغدادي، صاحب أبي بكر بن مجاهد، انتقل من بغداد الى الشام، ونزل أطرابلس وسكنها، فقد اجتاز بحلب أو بعملها.
ذكره أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد بما أخبرنا به أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد بن صالح بن عمر، أبو بكر المقرئ انتقل الى الشام، ونزل أطرابلس، حدث بها وبالرملة عن جعفر بن عيسى الناقد، ومحمد بن الحكم العتكي، وروى عنه (108 - ظ) الغرباء، وذكر ابن الثلاج أنه سمع منه.
وقال الخطيب: حدثنا يحيى بن علي، أبو طالب الدسكري لفظا قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسن بن مالك الجرجاني بها قال: حدثني أبو بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرئ البغدادي بأطرابلس قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن الحكم العتكي قال: حدثنا سليمان-يعني ابن سيف-قال: حدثنا أحمد بن عبد الملك قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة قال: كنت جالسا عند عبد الله بن زياد فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ان عذاب هذه الامة في دنياها» .
قال الخطيب: هكذا حدثناه أبو طالب من أصل كتابه، وقد سقط منه ألفاظ
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 203.
كثيرة ففسد بذلك، وصوابه ما أخبرناه أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد ابن القاسم المخزومي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي-إملاء- قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يوسف التركي قال: حدثنا اسحاق بن موسى قال:
سألت أبا بكر بن عياش، وعنده هشام بن الكلبي، فأخبرنا عن أبي حصين عن أبي بردة قال: كنت عند عبيد الله بن زياد فأتي برءوس من رؤوس الخوارج، فجعلت كلما أتي برأس أقول: الى النار، الى النار، فعيرني عبد الله بن يزيد الأنصاري وقال: يا بن أخ وما تدري، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«جعل عذاب هذه الأمة في دنياها»
(1)
.
كذا قال الخطيب: «وقد سقط منه ألفاظ كثيرة ففسد بذلك»
(2)
.
قلت
(3)
: (109 - و) والظاهر أنه تصحف يزيد بزياد لا غير، والصواب:
كنت جالسا عند عبد الله بن يزيد فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث، ولم يذكر أنه كان عند عبيد الله بن زياد، ولا أنه أتي برءوس الخوارج، فلا يفسد الحديث، والله أعلم.
أحمد بن صالح المصري:
أبو جعفر الحافظ المعروف بابن الطبري، حدث عن عبد الله بن وهب المصري، واسماعيل بن أبي أويس، وابراهيم بن الحجاج، وعنبسة بن خالد، وعبد الله بن ابن نافع.
روى عنه محمد بن اسماعيل البخاري، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني،
(1)
-انظره في كنز العمال:4/ 10523.
(2)
- تاريخ بغداد:4/ 205.
(3)
-أي ابن العديم.
وابنه أبو بكر عبد الله بن أبي داود، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وأبو اسماعيل الترمذي، وأبو بكر بن زنجويه، وأبو علي صالح بن محمد جزره، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وأبو حاتم محمد بن اسحاق الرازي، وسمع منه بأنطاكية.
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي، ومحمد بن عبد الكريم بن محمد، ح.
وأخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان الكاشغري قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي، وأبو المظفر (109 - ظ) أحمد بن محمد بن علي الكاغدي، قال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون.
وقال الكاغدي: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي، قالوا: أخبرنا الحسين ابن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن دستوريه قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال:
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أحمد بن صالح، أبو جعفر المصري، طبري الأصل، سمع عبد الله بن وهب، وعنبسة بن خالد، وعبد الله بن نافع، واسماعيل بن أبي أويس، وكان أحد حفاظ الأثر، عالما بعلل الحديث، بصيرا باختلافه.
(1)
-فراغ بالاصل شمل أربعة أسطر، هذا وقد أكثر الفسوي بالنقل عن أحمد ابن صالح في كتابه «المعرفة والتاريخ» برواية عبد الله بن جعفر بن دستوريه، ولم أتمكن من معرفة ما أراد نقله ابن العديم هنا. انظر المعرفة والتاريخ. ط. بيروت 368،3/ 4،435،433،386،311،191،2/ 184،686،1/ 280:1981.
وورد بغداد قديما، وجالس بها الحفاظ، وجرى بينه وبين أبي عبد الله أحمد بن حنبل مذاكرات، وكان أبو عبد الله يذكره ويثني عليه، وقيل إن كل واحد منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة-حدثنا-.
ثم رجع أحمد الى مصر فأقام بها، وانتشر عند أهلها علمه، وحدث عنه الأئمة منهم: محمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن اسماعيل البخاري، ويعقوب ابن سفيان (110 - و) الفسوي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو اسماعيل الترمذي، وأبو داود السجستاني، وابنه أبو بكر وصالح جزره؛ ومن الشيوخ المتقدمين:
محمد بن عبد الله بن نمير، ومحمود بن عيلان وغيرهما
(1)
.
أنبأنا تاج الأمناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحلال قال:
أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء، ح.
قال الحلاّل: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله الأصبهاني -إجازة-قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: أحمد بن صالح المصري، أبو جعفر، روى عن ابن عيينة، وابن وهب، وعبد الرزاق، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك.
قال: وسمعت أبي يقول: كتبت عنه بمصر، ودمشق، وأنطاكية
(2)
.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد قال: سمعت محمد
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 195 - 196.
(2)
-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور:3/ 106 - 107.
ابن عبد الله بن نمير يقول: حدثنا أحمد بن صالح: فإذا جاوزت الفرات فليس أحد مثله؛ سئل أبي عن أحمد بن صالح فقال: ثقة
(1)
.
أخبرنا أبو الفرج محمد بن علي بن حمزة بن فارس المعروف بابن القبيطي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن علي بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: سمعت محمد بن سعد السعدي يقال: سمعت أبا عبد الرحمن النّسائي (110 - ظ) أحمد بن شعيب يقول: سمعت معاوية بن صالح يقال:
سألت يحيى بن معين عن أحمد بن صالح فقال: رأيته كذابا يخطب
(2)
في جامع مصر.
وكان النّسائي هذا سيء الرأي فيه، وينكر عليه خمسة أحاديث منها:
عن ابن وهب عن مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة» .
قال ابن عدي: حدثناه العباس بن محمد بن العباس عن أحمد بن صالح بذلك.
قال ابن عدي: وأحمد بن صالح من حفاظ الحديث، وخاصة حديث الحجاز، ومن المشهورين بمعرفته، وحدث عنه البخاري مع شدة استقصائه، ومحمد بن يحيى، واعتمادهما عليه في كثير من حديث الحجاز، وعلى معرفته، وحدّث عنه من حدث من الثقات فاعتمدوه حفظا وإتقانا، وكلام ابن معين فيه تحامل.
فأما سوء ثناء النّسائي عليه، فسمعت محمد بن هارون بن حسان الرقي يقول: هذا الخراساني-يعني النّسائي-يتكلم في أحمد بن صالح، وحضرت
(1)
-الجرح والتعديل:2/ 56.
(2)
-كتب ابن العديم في الحاشية: خ (أي خطأ)«يخطر» . ووافق ما جاء بالمتن ما رواه ابن عدي في كتابه الكامل:1/ 184.
أحمد بن صالح فطرده من مجلسه، فحمله ذلك على أن تكلم فيه، وهذا أحمد ابن حنبل قد أثنى عليه، والقول فيه: ما قاله أحمد رحمه الله لا ما قاله غيره.
وحديث «الدين النصيحة» الذي أنكره عليه النّسائي فقد رواه عن ابن وهب يونس بن عبد الأعلى، وقد رواه عن مالك محمد بن خالد بن عثمة، وغيره.
وقال ابن عدي: سمعت محمد بن موسى الحضرمي-يعرف بأخي أبي عجيبة-بمصر يقول: سمعت بعض مشايخنا يقول: قال أحمد بن صالح: صنف ابن وهب مائة ألف وعشرين ألف حديث، فعند بعض الناس منها (111 - و) الكل-يعني حرملة-، وعند بعض الناس منها النصف-يعني نفسه-.
قال ابن عدي: وأحمد بن صالح من أجلّة الناس، وذاك أني رأيت جمع أبي موسى الزمن في عامة ما جمع من حديث الزهري يقول: كتب إليّ أحمد بن صالح: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، ولولا أني شرطت في كتابي هذا أن أذكر فيه كل من تكلم فيه متكلم، لكنت أجلّ أحمد بن صالح أن أذكره
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني أحمد بن محمد العتيقي قال: حدثنا علي بن عبد الرحمن ابن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى المصري قال: حدثنا أبي قال: كان أحمد بن صالح يكنى أبا جعفر؛ كان صالح جنديا من أهل طبرستان من العجم، وولد أحمد بن صالح بمصر في سنة سبعين ومائة، وتوفي بمصر يوم الاثنين لثلاث خلون من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين، وكان حافظا للحديث.
ذكر أبو عبد الرحمن النّسائي أحمد بن صالح فرماه وأساء الثناء عليه وقال:
(1)
-الكامل لابن عدي:1/ 184 - 187.
حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أحمد بن صالح كذاب يتفلسف.
وقال أبي: ولم يكن عندنا بحمد الله كما قال، ولم يكن له آفة غير الكبر
(1)
.
أنبأنا محمد بن علي الحراني قال: أخبرنا أبو الحسن بن عبد الله بن علي قال:
أخبرنا الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت
(2)
(111 - ظ) أبا داود السجستاني يقول: أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهمون الناس، يعني ليس بذاك في الجلالة.
قلت: والظاهر أن أبا داود إنما أراد أنه ليس كما يتوهمون في سوء الرأي فيه، فإن أبا داود ذكر عن أحمد بن صالح كلاما يشعر بتعظيمه وحسن الرأي فيه أخبرناه شيخنا أبو اليمن الكندي-إذنا-قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال: أخبرنا محمد بن عدي بن زهر البصري في كتابه قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال:
سمعت أبا داود يقول: كتب أحمد بن صالح عن سلامة بن روح، وكان لا يحدث عنه، وكتب عن ابن زبالة خمسين ألف حديث، وكان لا يحدث عنه، وحدث أحمد بن صالح ولم يبلغ الأربعين، وكتب عباس العنبري عن رجل عنه.
أخبرنا الكندي-إذنا-قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: كتب إلي عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي يذكر أن أبا الميمون البجلي أخبرهم.
قال أبو بكر: ثم أخبرنا أبو بكر البرقاني قراءة قال: أخبرنا محمد بن
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 201 - 202.
(2)
-كرر كتابة «سمعت» في مطلع الصفحة التالية.
عثمان القاضي قال: حدثنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله البجلي بدمشق قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري قال: سألني أحمد بن حنبل قديما: من بمصر؟ قلت: بها أحمد بن صالح فسر بذكره ودعا له
(1)
.
أنبأنا أبو الفرج بن القبيطي قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن مسعدة (112 - و) قال: أخبرنا حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: سمعت أحمد بن عاصم الأقرع بمصر يقول: سمعت أبا زرعة الدمشقي عبد الرحمن بن عمرو يقول: قدمت العراق فسألني أحمد بن حنبل: من خلفت بمصر؟ قلت: أحمد بن صالح، فسر بذكره، وذكر خيرا، ودعا الله عز وجل له.
قال ابن عدي: حدثنا عبد الملك بن محمد قال: حدثنا علي بن عبد الرحمن ابن المغيرة قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: سمعت أبا نعيم الفضل ابن دكين يقول: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى، يريد أحمد بن صالح.
قال أبو أحمد بن عدي: سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز يقول:
سمعت أبا بكر زنجويه يقول: قدمت مصر فأتيت أحمد بن صالح، فسألني: من أين أنت؟ قلت من بغداد، قال: فأين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟ قلت:
أنا من أصحابه، قال: تكتب لي موضع منزلك فإني أريد أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أحمد بن حنبل، فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة الى عفّان، فسأل عني فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني وبينك، فذهبت به الى أحمد بن حنبل، فاستأذنت له، فقلت: أحمد بن صالح بالباب، فقال: ابن الطبري؟ قلت: نعم، فأذن له، فقام اليه ورحب به، وقربه وقال له: بلغني أنك
(1)
- الخطيب البغدادي- المصدر نفسه.
جمعت حديث الزهري فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكران ولا يغرب (112 - ظ) أحدهما على الآخر حتى فرغا، وما رأيت أحسن من مذاكرتهما، ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلا يتذاكران ولا يغرب أحدهما على الآخر، الى أن قال أحمد ابن حنبل لأحمد بن صالح: عندك عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يسرني أن لي حمر النّعم وأن لي حلف المطيبين» ، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل:
أنت الأستاذ وتذكر مثل هذا! فجعل أحمد يتبسم ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح، عبد الرحمن بن اسحاق، فقال: من رواه عن عبد الرحمن؟ فقال حدثناه رجلان ثقتان: اسماعيل بن عليّة، وبشر بن المفضل، فقال أحمد ابن صالح لأحمد بن حنبل: سألتك بالله، إلا أمليته علي، فقال أحمد: من الكتاب، فقام فدخل وأخرج الكتاب وأملاه عليه؛ فقال أحمد بن صالح: لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث كان كثيرا، ثم ودعه وخرج.
وقال أحمد بن عدي: حدثنا العباس بن محمد بن العباس قال: حدثنا موسى ابن سهل قال: قدم أحمد بن صالح الرملة فسألوه أن يحدثهم ويجلس للناس، فأبى وامتنع عن ذلك، فكلموا ابن أبي السّري العسقلاني، فكلمه فجلس للناس، فحدثنا حينئذ بألوف من حفظه.
قال موسى: وسألته منذ ثلاثين سنة عن تفسير حديث أبي الطفيل، فقال (113 - و) نصدّق بهذه الأحاديث على وجوهها، ولا نسأل عن تأويلها، ثم سألته الآن عن مثل ذلك، فقال لي: هذه أخت تلك وبينهما نحو من ثلاثين سنة أو أكثر.
وقال ابن عدي: سمعت عصمة بن كماك يقول: سمعت صالح جزرة يقول:
حضرت مجلس أحمد بن صالح فقال أحمد: حرج على كل مبتدع وماجن أن يحضر مجلسي، فقلت: أما المبتدع فلست، واما الماجن فأنا هو، وذلك أنه قيل له:
إن صالح الماجن قد حضر مجلسك
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن عبد الله المعبّر بأصبهان قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل بن مخلد الغزّال قال: وأحمد بن صالح، أبو جعفر الطبري الأصل، وتوفي يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين؛ كان من حفاظ الحديث، واعيا، رأسا في علم الحديث وعلله، وكان يصلي بالشافعي
(2)
، ولم يكن في أصحاب ابن وهب أحد أعلم منه بالآثار.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر قال: أخبرني الطناجيري قال: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ قال: سمعت يحيى بن محمد بن صاعد يقول، ح.
قال أبو بكر: وأخبرنا البرقاني قال: قرأت على إسماعيل بن هشام الصّرصري حدثكم محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رشدين (113 - ظ) قال: مات أحمد بن صالح سنة ثمان وأربعين ومائتين، زاد ابن رشدين لثلاث بقين من ذي القعدة
(3)
.
(1)
-ابن عدي-المصدر نفسه.
(2)
-في مدينة الفسطاط، حيث قبر الامام الشافعي.
(3)
-البغدادي-المصدر نفسه.
وقد روينا عن ابن يونس
(1)
أنه توفي بمصر يوم الاثنين لثلاث خلون من ذي العقدة، فوقع الاتفاق على الشهر والسنة ووقع الاختلاف في الأيام لا غير.
من اسم أبيه الصقر من الأحمدين
أحمد بن الصقر بن أحمد بن ثابت:
أبو الحسن المنبجي المقرئ العابد، رجل صالح عارف بوجوه القراءات وعللها، وله مصنف في القراءات سماه «الحجّة» ذكر فيه القراءات السبعة، وبين وجوهها وعللها، وهو كتاب حسن، وقفت عليه وطالعته.
قرأ القرآن العظيم على أبي القاسم هبة الله بن جعفر بن محمد بن الهيثم المقرئ، وأبي طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم، وأبي عيسى بكار ابن أحمد بن بكار بن بنان بن بكار بن زياد، وأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم النحوي، وأبي الحسن علي بن محمد بن البزاز القلانسي؛ وأخذ القراءات عنهم دراية ورواية.
وأجاز أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، وشاهدت خطه له في الإجازة، وسماه بأبي الحسن أحمد بن الصقر العابد.
روى عنه: أبو محمد عبدان بن عمر بن الحسن المنبجي، وأبو الحسن علي ابن محمد بن معيوف العين ثرماني.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا عمي الحافظ (114 - و) أبو القاسم علي بن الحسن قال: بلغني أن أبا الحسن المنبجي الذي كان بدمشق توفي قبل الستين وثلاثمائة
(2)
.
(1)
-لم يصلنا تاريخ ابن يونس.
(2)
-ليس في المطبوع من مختصري ابن منظور وبدران.
ووقع إليّ جزء بخط بعض الفضلاء من أهل دمشق، كتبه بها، يتضمن وفاءات جماعة من المحدثين والعلماء قال: سنة ست وستين وثلاثمائة، توفي أبو الحسن المنبجي، وهو أحمد بن الصقر بن ثابت صاحب كتاب القراءات، في ربيع الآخر من السنة.
أحمد بن الصقر بن ثوبان:
أبو سعيد الطرسوسي، حدث عن أبي سلمة يحيى بن خلف الباهلي، وأبي كامل الجحدري، ومحمد بن عبيد بن حساب، وبشر بن معاذ العقدي، ومحمد ابن موسى الجرشي، وعقبة بن سنان الذارع، وروح بن قرة المقرئ، ونصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن عبد الله بن بزيع، وأحمد بن اسحاق البزار، ومحمد ابن عبد الأعلى الصنعاني، وعبد الجبار بن العلاء.
روى عنه الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي الحافظ الحلبي، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، وأبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي، وأبو بكر بن الجعابي، وعلي بن محمد بن لؤلؤ الوراق، وأبو بكر الاسماعيلي. (114 - ظ)
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد بن الصقر ابن ثوبان، أبو سعيد البصري، وأصله من طرسوس.
ذكر لي أبو نعيم الحافظ أنه كان مستملي بندار، سكن بغداد وحدث بها عن:
أبي كامل الجحدري، وبشر بن معاذ العقدي، ومحمد بن عبد الله بن بزيع،
ومحمد بن موسى الجرشي، ومحمد بن عبيد بن حساب، ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني، وعبد الجبار بن العلاء، ونصر بن علي الجهضمي.
روى عنه: أبو بكر الشافعي، وأبو بكر بن الجعابي، وأبو محمد بن السبيعي، وعلي بن محمد بن لؤلؤ، وأبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي وغيرهم، وكان ثقة.
وقال الخطيب: أخبرنا البرقاني قال: أخبرنا أبو بكر الاسماعيلي، قال:
حدثنا أبو سعيد أحمد بن الصقر بن ثوبان، بصري، ببغداد
(1)
.
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 206.
حرف الضاد في الآباء
فارغ
ذكر حرف الطاء في آباء الأحمدين
من اسم أبيه طاهر
أحمد بن طاهر بن النجم:
أبو عبد الله الميانجي، سمع بحلب قاضيها أبا اسحاق إبراهيم بن جعفر بن جابر، وروى عنه وعن أحمد بن يحيى ثعلب (115 - و) وأحمد بن علي الأبار ومحمد بن عبدوس، وأحمد بن يحيى الحلواني، ومحمد بن أيوب، ومحمد بن يوسف الضبي التركي، وموسى بن حمدون العكبري، ومحمد بن موسى الحلواني، وعلي بن سلم، وموسى بن هارون، وأبي بكر بن بنت معاوية بن عمرو وإبراهيم بن يوسف الرازي، وحفص بن عمر، ومكحول البيروتي، وأبي يعلى الموصلي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وجعفر الفريابي، وغيرهم.
روى عنه أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي.
قرأت بخط أبي محمد الحسن بن الحسين بن أحمد الخمكري الأديب، وكان من أصحاب أبي الحسين بن فارس بن زكريا فيما قرأه على أبي الحسين بن فارس، وعليه خطه، قال: أخبرنا أحمد بن طاهر قال: قرأت على أبي اسحاق إبراهيم بن جابر القاضي بحلب، فأقربه، قال: حدثنا سلم بن جنادة قال: حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن مسلم عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: «الكمأة من المنّ وماؤها شفاء للعين، والعجوة من الجنة وهي شفاء للسقم»
(1)
.
أحمد بن طاهر الدمشقي:
حكى عن عبد الله بن خبيق بن سابق الأنطاكي، ولقيه بها، روى عنه عمر ابن المؤمل الطرسوسي أبو القاسم.
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن كتابة، قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله قال: أنبأنا أبو طاهر بن الحنائي قال: أخبرنا أبو علي الأهوازي (115 - ظ) المقرئ قال: حدثنا أبو أسامة محمد بن أحمد بن محمد الهروي المقرئ بمكة قال: حدثنا أبو القاسم عمر بن المؤمل قال: حدثنا أحمد بن طاهر الدمشقي قال: حدثنا عبد الله بن خبيق قال: سألت يوسف بن أسباط: هل مع حذيفة المرعشي علم؟ فقال: معه العلم الأكبر، خوف الله عز وجل
(2)
.
أحمد بن طاهر الاسدي:
المعروف بابن الموصول الحلبي، وهو جدّ الوزير أبي الفضل هبة الله بن عبد القاهر بن أحمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن طاهر، وزير الملك رضوان ابن تتش
(3)
.
قرأت بخط بعض الحلبيين في جزء يتضمن مدائح الوزير أبي الفضل بن الموصول، وأظنه بخط سني الدولة أبي العلاء المحسن بن الحسين كاتب الحضرة وذكر في نسب الوزير أبي الفضل: جد جدّه أحمد بن طاهر الأسدي المذكور.
وذكر أنه كان من الشهود المميزين بحلب، وكان فيه من قوة النفس، وعظم
(1)
-انظره في كنز العمال:10 - 28308 - 28310.
(2)
-مختصر ابن عساكر لابن منظور:3/ 111.
(3)
-سترد ترجمة رضوان بن تتش.
المحل أجمل صفه، ومن الدين والزهد، ما لم يكن مثله في سواه من أهل زمانه، فلما اتصل خبره بالحاكم الفاطمي المستولي على مصر، وما هو عليه من الدين والأدب والعلم، والسؤدد الثاقب والفهم، حمله الشوق إليه على إيثار مشاهدته، فأنفذ رسولا قاصدا يستدعيه إليه ويسومه الوفادة عليه، وأصحبه من المال والدواب ما يستعين (116 - و) به على طريقه، رغبة منه في رؤيته، والتبرك بمؤانسته فلما مثل بين يديه مال بجملته إليه، وتقدم بأن يخلع عليه، وأمر بانزاله، واجمال ضيافته، فلما كان بعد ثلاث أمر بإحضاره، فلما حضر أكرم مثواه وقربه وأدناه، وأمره بمواصلة حضرته، وتقدم الى الحجاب برفع حجبته، فأقام عنده المدة الطويلة كل يوم يمضي تتضاعف حظوته، وتتزايد من قلبه مكانته.
وفي بعض الأيام وهو بين يديه أراد الحاكم من شدة محبته له، وإعجابه به أن يبالغ في كرامته ونباهة قدره فقال له: أدخل يدك يا أحمد حكّ ظهري، ففعل ما رسم له، وداخل يده من كمه وحك الموضع الذي أشار إليه من ظهره، فلما أخرج يده قال له الحاكم: يا أحمد ما أردت بذلك إلا إكرامك، حتى تقول وضعت يدي على ظهر أمير المؤمنين بن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأزيدك كرامة وتشريفا، وخلع عليه طيلسانا كان عليه، وقلده سيفا فاخرا كان يتقلد به يوم ركوبه في الأعياد، وأعطاه دواة كانت تحضر بين يديه للتوقيعات، وذلك كله عند ولده يتوارثه أب عن جد، ولم يزل مقيما عند الحاكم الى حين وفاته في أرفع رتبة وألطف منزلة.
فهذا ما نقلته من الجزء المشار إليه في مدائح الوزير أبي الفضل بن الموصول.
وقيل أن أحمد بن الموصول أقام عند الحاكم بمصر الى أن توفي في سنة تسعين وثلاثمائة.
ومن أفراد حرف الطاء في آباء الأحمدين
أحمد بن طغان:
قائد مذكور من قواد خمارويه بن أحمد بن طولون
(1)
وولي على طرسوس وعلى جميع الثغور الشامية في سنة تسع وسبعين ومائتين، سيره واليا عليها خماروية ابن أحمد بن طولون، وعزل عنها محمد بن موسى الأعرج، ودخلها ابن طغان يوم الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من شعبان من السنة، ذكر ذلك ابن أبي الأزهر والقطربلي في تاريخهما الذي اجتمعا على تأليفه وقالا في تاريخهما المذكور: في سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وفي شعبان، كان الفداء بين المسلمين والروم على يد أحمد بن طغان، وورد كتاب فيه:
أعلمك أن أحمد بن طغان نادى في الناس بحضور الفداء
(2)
، وأنه خرج الى اللامش معسكرا بالمسلمين يوم الجمعة لخمس خلون من شعبان وأنه صلى في الجامع وركب منه، ومعه راغب ومواليه، ووجوه البلد والقواد، والموالي، والمطوعة بأحسن زي وأكمل عدة، ووقع الفداء يوم الثلاثاء لتسع خلون منه، فأقاموا على ذلك اثني عشر يوما، فكان جملة من فودي به من المسلمين من رجل وامرأة وصبي:
ألفين وخمسمائة وأربعة أنفس، وانصرف الفريقان، وخرج أحمد بن طغان، واستخلف على طرسوس دميانة، ولم يعد الى طرسوس.
(1)
-لكل من أحمد بن طولون وابنه خمارويه ترجمة في كتابنا هذا.
(2)
-كان هذا هو الفداء السادس بين المسلمين وبيزنطه وروى المسعودي في التنبيه والاشراف:163 «فكان عدة من فودي به من المسلمين في عشرة أيام الفين وأربعمائه وخمسه وتسعين من ذكر وانثى وقيل ثلاثة آلاف رجل» .
قالا: ولما كان في هذا الشهر-يعني في صفر سنة أربع وثمانين-وافى يوسف بن البغامردي يخلف ابن طغان، فهوى به دميانة، فوثب براغب، فنصر (117 - و) راغب، وقبض على دميانة وابن البغامردي وابن اليتيم، فقيدهم وبعث بهم الى بغداد، وكتب أهل طرسوس الى هارون بن خمارويه لا توجه إلينا واليا من قبلك، فإن أتانا قاتلناه، فكف عنهم، وبعثوا الى المعتضد ليولي عليهم واليا.
قلت: وكان أحمد بن طغان حسن السيرة في تدبير الثغور، مشكور السياسة، وله غناء في الجهاد، وإليه ينسب المدي الطغاني الذي كان أهل طرسوس يتعارفونه وقد ذكرنا مقداره فيما تقدم في ذكر مدينة طرسوس في مقدمة كتابنا هذا
(1)
.
أحمد بن طلحة:
وقيل محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، أبو العباس المعتضد بالله ابن أبي أحمد الموفق الناصر ابن أبي الفضل المتوكل ابن أبي اسحاق المعتصم ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور ابن ذي الثفنات الهاشمي، أمير المؤمنين.
وإنما وقع الاختلاف في اسم أبيه، أي الموفق، لأن المتوكل قال: من غلب كنيته من ولدي على اسمه فاسمه محمد، وكان الغالب كنية أبي أحمد الموفق على اسمه، والأكثر على أن اسمه طلحة.
وأم المعتضد أم ولد يقال لها نخلة، ويقال ضرار، وكان اسمها قبل أن تصير إلى أبيه خفير فغير اسمها، وقيل إن اسمها خزر.
(1)
-كان كل مدي منه يبلغ أربعة عشر مكوما بالمكوك الطرسوسي، ومبلغ المكوك منه زيادة على المكوكين بالبغدادي المعدل. انظر ص 181 من الجزء الاول من كتابنا هذا.
وكان مولده سنة اثنتين، وقيل ثلاث وأربعين ومائتين، وبويع له بولاية العهد بعد موت أبيه في يوم الاثنين (117 - ظ) لثلاث بقين من المحرم من سنة تسع وسبعين ومائتين ثم ولي الخلافة بعد موت عمه المعتمد على الله يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين وهو ابن ست وثلاثين وقيل سبع وثلاثين، وبويع له ساعة موت المعتمد، وقعد على السرير وسلم عليه بالخلافة وقت طلوع الشمس من يوم الأحد، وكانت ولايته عهد المسلمين يوم الاثنين وولايته الخلافة يوم الاثنين، وموته يوم الاثنين، وقدم حلب من بين إحداهما في حياة أبيه، سيره لقتال خمارويه بن أحمد بن طولون في جيش.
فقدم حلب في وقت ارتفاع النهار من يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وسبعين ومائتين، وقدم إليها على طريق بالس على برية خساف حتى نزل الناعورة، ثم دخل حلب، ثم خرج من حلب إلى قنسرين ثم توجه إلى شيزر ثم إلى حماه إلى أن انتهى إلى الرملة وجرى بينه وبين ابن طولون وقعة الطواحين، وانهزم ابن طولون إلى مصر، ثم عادت النصرة لعسكر ابن طولون على أبي العباس فعاد مفلولا حتى وصل أنطاكية، ثم خرج منها إلى بغراس ثم نفذ إلى المصيصة ثم إلى أذنه ثم إلى طرسوس ثم عاد إلى المصيصة ثم الى الكنيسة السوداء، ثم نفذ إلى مرعش ثم إلى كيسوم، ثم إلى حصن منصور ثم إلى سميساط ثم خرج إلى الرها وتوجه إلى بغداد، ذكر ذلك سنان بن ثابت (118 - و) في سيرة المعتضد، ونقله من خط أحمد بن الطيب السّرخسي وذكر فيه المراحل التي نزلها أبو العباس من يوم خرج من بغداد إلى أن عاد إليها من وقعة الطواحين
(1)
.
وأما القدمة الثانية فقدمها وهو خليفة خلف وصيف الخادم وقد فارق مولاه الأفشين من برذعة عاصيا، ومضى إلى الثغور وخلع الطاعة، فسار خلفه، وجد في
(1)
-أكثر ابن العديم النقل في الجزء الاول مما ذكره ابن الطيب.
السير، وقدم حلب في طريقه في سنة سبع وثمانين فلحقه بعين زربة وقبض عليه وأحرق السفن، ونزل المصيصة، ثم عاد إلى أنطاكية، ثم إلى حلب ثم توجه إلى بغداد
(1)
.
وكان المعتضد من أشجع الخلفاء، وأعظمهم همة، وأحسنهم سيرة، وأكملهم رأيا، وأكرمهم نفسا، وأكثرهم عدلا.
وحدث عن يزيد بن سنان، وأبيه أبي أحمد الموفق، روى عنه إسماعيل بن اسحاق القاضي، وابن ابنه محمد بن علي المكتفي، وأظن أن المعتضد سمع كتاب السنن من أبي داود السجستاني
أخبرنا القاضي أبو المعالي محمود بن محمد إسماعيل اليعقوبي في كتابه إلينا من بوشنج
(2)
.
قال: أخبرنا محمد بن منصور الأديب قال: أخبرنا أحمد بن أبي عاصم الصيدلاني قال: أخبرنا أبو يعقوب اسحاق بن إبراهيم العراب الحافظ قال: أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن الحسين بن علي الجوزقي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن موسى الملحمي الأصبهاني قال: حدثنا محمد بن عبدان الجواليقي قال: حدثنا إسماعيل القاضي قال: حدثنا الإمام أبو العباس أحمد بن طلحة المعتضد بالله أمير المؤمنين قال: حدثنا (118 - ظ) يزيد بن سنان قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مؤمن يدخل قبره إلاّ وعمله معه، فإن كان محسنا أضاء له عمله، وإن كان مسيئا قبح له»
(3)
.
(1)
-لمزيد من التفاصيل، انظر زبدة الحلب:1/ 80 - 87.
(2)
-بليدة نزهة خصيبة في واد مشجر من نواحي هراة بينهما عشرة فراسخ، معجم البلدان.
(3)
-لم أجده بهذا اللفظ في مصدر آخر من كتب الحديث.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي قال:
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد الخطيب الكشمهني، ح.
وأخبرنا علي بن عبد المنعم بن علي بن الحداد الحلبي قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قالا: أنبأنا أبو بكر محمد بن أبي المظفر منصور بن محمد السمعاني قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي قال: أخبرنا أحمد ابن الحسين الحافظ قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ البيع قال: سمعت محمد ابن الفضل النحوي قال: سمعت أبا الطيب عبد الله بن شاذان قال: سمعت يوسف ابن يعقوب يقول: قرأت توقيع المعتضد إلى عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزير: «واستوص بالشيخين الخيرين الفاضلين: إسماعيل بن اسحاق الأزدى وموسى بن اسحاق الخطمي خيرا، فإنهما ممن إذا أراد الله بأهل الأرض شرا دفع عنهم بدعائهما» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد ابن نعيم الضبي قال: سمعت أبا الوليد حسان (119 - و) بن محمد الفقيه يقول:
سمعت أبا العباس بن سريج يقول: سمعت اسماعيل بن اسحاق القاضي يقول: دخلت على المعتضد وعلى رأسه أحداث روم صباح الوجوه، فنظرت إليهم، فرآني المعتضد وأنا آملهم، فلما أردت القيام أشار إليّ، فمكثت ساعة، فلما خلا قال لي: أيها القاضي والله ما حللت سراويلي على حرام قط.
وقع إليّ كتاب ذكر صاحبه في ترجمته فيه أخبار وحكايات قرأتها بخط أبي نصر إبراهيم بن علي بن عيسى بن الجراح فيه: حدثني أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي النحوي قال: سمعت القاضي اسماعيل بن اسحاق يقول:
دعاني أمير المؤمنين المعتضد بالله في بعض الأيام، فدخلت عليه وبين يديه جام لطيف في طبق لطيف فيه خبيص، وبيده ملعقة وهو يأكل منه، فسلمت عليه، فرد علي
السلام، وسوى الخبيص في الجام بالملعقة التي في يده حتى استوى وانبسط في الجام كما كان، ثم أمر برفعه، ثم قال لي: يا إسماعيل، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: ما على إمام المسلمين إذا عف عن أموالهم، ما أكل من شيء؟ قلت: لا شيء عليه يا أمير المؤمنين ولا حرج، بل نعمة يديمها الله، ويسعده بها، وكان بين يديه خادم وضيء الوجه جدا، فجعلت أنظر إليه وألحظه، فرآني المعتضد فقال:
يا إسماعيل، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: ما حللت سراويلي على حرام قط، ولا يسألني الله عنه، قلت: الحمد لله يا أمير المؤمنين، فأحدّث بهذا عنك؟ قال:
نعم، حدّث به عني ما أحببت.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الكشمهني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي، ح.
وأخبرنا أبو اليمن الكندي-إذنا-قال: أخبرنا أبو منصور بن محمد قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا التنوخي قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت القاضي أبا عمر محمد بن يوسف يقول: قدّم خادم من وجوه خدم المعتضد إلى أبي في الحكم فجاء فارتفع في المجلس، فأمره الحاجب بموازاة خصمه، فلم يفعل إدلالا بعظيم محلة من الدولة، فصاح أبي عليه وقال: قفاه، أتؤمر بموازاة خصمك فتمتنع! يا غلام، عمرو بن أبي عمرو النخاس الساعة، لأتقدم إليه ببيع هذا العبد، وحمل ثمنه إلى أمير المؤمنين، ثم قال لحاجبه: خذ بيده وسوّ بينه وبين خصمه فأخذ كرها وأجلس مع خصمه، فلما انقضى الحكم انصرف الخادم فحدّث المعتضد بالحديث وبكى بين يديه، فصاح عليه المعتضد وقال:(119 - ظ) لو باعك لأجزت بيعه، وما رددتك إلى
ملكي أبدا، وليس خصوصك بي يزيل مرتبة الحكم فإنه عمود السلطان وقوام الأبدان.
هذا القاضي هو أبو محمد يوسف بن يعقوب بن اسماعيل بن حماد بن زيد البصري.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا زاهر بن طاهر المستملي إذنا عن أبي القاسم بن أحمد البندار قال: أنبأنا أبو أحمد بن محمد المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي إجازة قال: ومات الموفق ليلة الخميس لثمان بقين من صفر-يعني من سنة ثمان وسبعين-وجلس أبو العباس يوم الخميس فعزاه الناس، وخطب يوم الجمعة للمعتمد ثم المفوض يعني جعفر بن المعتمد بالعهد، ثم لأبي العباس أحمد المعتضد بالله ولي عهد المسلمين.
وقال الصولي: بعد ذلك أمر المعتمد أن يجعل أبو العباس أحمد بن الموفق في ولاية العهد مكان جعفر المفوض، وكتبت الكتب وقريت عليه، وأدخل القضاة إليه حتى شهدوا بذلك في يوم الاثنين لثلاث بقين من المحرم يعني من سنة تسع وسبعين.
قال: فحدثني نصر الحاجب المعروف بالقشوري قال: أنا سفرت في ذلك لمال أطلقه لي المعتضد فأتيت المعتمد فأخبرته به بعد أن أشرت على المعتضد أن يحمل إليه مائتي ألف دينار، وثيابا وطيبا، ففعل ذلك، وطابت نفسه، وحمل إلى المفوض مثل ذلك، وفارقنا المعتمد على أن يرضى جعفر بذلك، فلما سألت (120 - و) المعتمد ذلك قال لي: أفيرض جعفر؟ قلت: نعم، قال فليجئني أحمد حتى أفعل ما يريد، فجاء فأجلسه على كرسي بين يديه وهو على سريره بعد أن ضمه إليه، وقبل المعتضد يده، فتحدثا ساعة بغير ما قصداه، ثم ابتداه المعتمد فقال: أحضر من شئت فإني أفعل ما تريد، فأحضر الناس وشهدوا على خلع جعفر
من ولاية العهد، وتولية المعتضد، وكتب بذلك كتب إلى النواحي، وأن المعتمد قد جعل إليه ما كان إلى الموفق من الأمر والنهي، ووقع المعتمد في الكتاب: أقر عبد الله أحمد الإمام المعتمد على الله أمير المؤمنين بجميع ما في هذا الكتاب، وكتب بخطه، وأقر جعفر بن أمير المؤمنين المعتمد على الله بجميع ما في هذا الكتاب، وكتب بخطه
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد أمير المؤمنين المعتضد بالله بن أبي أحمد الموفق بالله -واسمه-محمد بن جعفر المتوكل على الله بن محمد المعتصم بالله بن هرون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، يكنى أبا العباس.
ويقال إن اسم أبيه طلحة، وأمه أم ولد اسمها خفير، ويقال ضرار، توفيت قبل خلافته بيسير.
وكان مولده فيما أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال: أخبرنا علي بن أحمد ابن أبي قيس قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: (120 - ظ) حدثنا محمد بن حماد أن ميلاد أبي العباس سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: استخلف أبو العباس المعتضد بالله أحمد بن محمد في اليوم الذي مات فيه المعتمد على الله وله إذ ذاك سبع وثلاثون سنة.
وقال الخطيب: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا محمد بن أحمد بن البراء قال: وولي المعتضد بالله أبو العباس ابن أبي أحمد الموفق بالله لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وتسعين
(1)
-ليس في المطبوع من كتاب الاوراق للصولي.
ومائتين، وولد بسر من رأى في ذي القعدة سنة أثنتين وأربعين ومائتين
(1)
.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد-إذنا-قال: أنبأنا أبو أحمد المقرئ عن أبي بكر محمد بن يحيى الصولي قال: كانت البيعة بالخلافة لأبي العباس أحمد ابن الموفق بالله-واسم الموفق محمد، وقيل طلحة، وكان المتوكل على الله قال:
كل من غلبت عليه كنيته من ولدي فاسمه محمد-يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين، وسنه يوم ولي الخلافة سبع وثلاثون سنة، مولده في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين ومائتين، سمعت المكتفي بالله يذكر ذلك.
وقال الصولي: حدثني عبد الله بن المعتز قال: كان المتوكل على الله يجلسني والمعتضد آخر (121 - و) أيامه معه على السرير ونحن صغيران، فيرمي إلينا بالشيء فنتحارب عليه، فيضحك من فعلنا؛ قال: وكان هو أسنّ مني.
قال: وأم المعتضد يقال لها خزر، ويقال أن اسمها غيّر، كان اسمها ضرار ثم سميت بخفير، وكانت وصيفة لخديجة بنت محمد بن إبراهيم بن مصعب فاشتراها منها أخوها أحمد بن محمد، ثم اشتراها بعض القواد فأهداها إلى المتوكل، فوهبها لإسحق أم الموفق جاريته، فوهبتها للموفق. وكان الذي سماه المعتضد عبيد الله بن عبد الله قبل ولايته العهد ببيتين قالهما وكتب إليهما
(2)
إليه.
إرث الخلافة معضود بمعتضد
…
لازال عنه وموصول لمن ولدا
خليفة ملكه أمن وعافية
…
ورخص سعر وخصب فليعش أبدا
(1)
-كتب في الحاشية بخط مخالف: «لعله وسبعين ومائتين» ووافق المتن ما جاء في تاريخ بغداد:4/ 404.
(2)
-كذا بالاصل والاحسن أن يقال: «بهما» .
قال: وكان المعتضد من أكمل الناس عقلا، وأعلاهم همة، وأكثرهم تجربة، قد حلب الدهر أشطره، وعاقب بين شدّته ورخائه، وكان أبوه الموفق يسمى المنصور الثاني لانشعاب الأمور عليه وقيامه بها حتى تجلت، وكان المعتضد يسمى السفاح الثاني لأنه جدد ملك بني العباس بعد اخلاقه، وقتل أعداءه، فكان أول لهم كما كان السفاح أولا، وقد احتذى هذا المعنى علي بن العباس الرومي فقال يمدحه لما قام بالخلافه:(121 - ظ).
هنيئا بني العباس إنّ إمامكم
…
إمام الهدى والباس والجود أحمد
كما بأبي العباس أنشئ ملككم
…
كذا بأبي العبّاس أيضا يجدّد
إمام يظلّ الأمس يعمل نحوه
…
تلهّف ملهوف ويشتاقه الغد
(1)
قرأ في كتاب أخبار المعتضد من أخبار بغداد لعبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر الذي ذيل به على تاريخ أبيه قال: وكان المعتضد بالله خليفة لم يقم من خلفاء بني العباس بعد المنصور خليفة كان أكمل منه شجاعة، ورجلة، وجزالة، ورأيا، وحذقا بكل صناعة، وعدلا وانصافا وحسن سيرة، مؤيدا بالنصر، مقرونا بالظفر.
تولى الخلافة وهي علقة متمزقة متفرقه، فجمع أطرافها، وضم منتشرها، وشدد أركانها وقوّى عمادها، ووكد أسبابها، وسن السنن العادلة، وأبقى في رعيته الآثار الفاضلة، ودوّخ البلاد، وقوم العباد، حتى رد المملكه إلى حال جدتها بعد دروسها، ودانت له الأطراف، وخضعت له الأشراف، ولم يبق خارجي إلاّ قصمه، ولا مستصعب إلاّ وقمه ولا عاص الا اصطلمه وأمنت السبل بعد أن كانت مخوفة، واطمأنت النفوس بعد أن كانت مرعوبة، ودرت الأموال بعد أن كانت منقطعة، واستوت بالعدل والانصاف أحوال الرعية.
قال عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر: ومن سيرة المعتضد (122 - و)
(1)
-ديوانه-ط. القاهرة 2/ 660:1974.
الجميلة، وسننه الحسنة، ورفعه المواريث في أول خلافته، وما كان من الظلم فيها، وزيادته في مسجد الجامع بالجانب الغربي من قصر المنصور بمدينة السلام حتى اتسع، وتأخيره الخراج، وتسهيل العقاب
(1)
والطرقات، وقطعه الحجارة المانعة للمجتازين بها، ورفعه المكس الذي كان يجبى بمكة والمدينة، والخفارات بطريق الموصل، ورفعه البقايا التي كانت على العمال والرعية في جميع البلدان.
قال أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق: وفي تأخير الخراج والنوروز يقول يحيى بن علي:
إنّ يوم النوروز عاد إلى العه
…
د الذي كان سنّه اردشير
أنت حوّلته إلى الحالة الأو
…
لى وقد كان حائرا يستدير
وافتتحت الخراج فيه فلأم
…
ة في ذاك مرفق مذكور
منهم الحمد والثناء ومنك ال
…
رفد فيهم والنائل المشكور
قال الصولي: وكان الحسين بن عبد الله الجوهري جاء بهدايا من عند خمارويه بن أحمد وسعى في تزويج ابنة خمارويه من علي بن المعتضد، فقال المعتضد: قد علمت إنما أراد خمارويه أن يتشرف بنا، فأنا أتزوجها، فتزوجها بحضرة القضاة، وزوجه إياها ابن الجصّاص
(2)
.
قلت: ويقال إنه لم يكن عرس مثل عرس قطر الندى والمعتضد، وبوران (122 - ظ) بنت الحسن بن سهل، وعبد الله المأمون.
وقال الصولي: ولما ولي المعتضد الخلافة أمر بالزيادة في المسجد الجامع بالمدينة وأمر بتسهيل عقبة حلوان، وقال: هذا طريق الملك، فسهلت الى الموضع المعروف بدهليزان، وكان الناس يلقون منه تعبا شديدا، فبلغت النفقة عشرين ألف دينار
(1)
-جمع عقبه.
(2)
-كان تاجرا واسع الثراء، وقد أورد المقريزي في المقفى بعض أخباره.
عليهما، وأمر برد المواريث على ذوي الارحام في آخر سنة ست وثمانين بكتاب ابن أبي خازم القاضي الى أبي النجم بعد أن سأله بدر عما عنده فيه، وأنشئت الكتب بذلك، وما فعله في أمر النوروز وتأخيره لتأخير الخراج، وانما احتذى ما كان المتوكل فعله، وكتب فيه إبراهيم بن العباس الصولي كتابا بتأخيره الى سبعة عشر يوما من حزيران، فاحتذى المعتضد ذلك إلاّ أنه جعله لاحد عشر يوما من حزيران.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: أخبرنا أبي قال: حدثني أبي قال: لما خرج المعتضد الى قتال وصيف الخادم الى طرسوس وأخذه عاد الى أنطاكية فنزل خارجها، وطاف البلد بجيشه، وكنت صبيا اذ ذاك في المكتب، قال فخرجت في جملة الناس، فرأيته وعليه قباء أصفر، فسمعت رجلا يقول: يا قوم الخليفة أصفر بلا سواد، قال: فقال له أحد الجيش: هذا كان عليه وهو جالس في داره (123 - و) ببغداد، فجاءه الخبر بعصيان وصيف، فخرج في الحال عن داره الى باب الشماسية، فعسكر به، وحلف أن لا يغير هذا القباء أو يفرغ من أمر وصيف، وأقام بباب الشماسية أياما حتى لحقه الجيش، ثم خرج فهو عليه الى الآن ما غيره
(1)
.
أخبرنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب في كتابه عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد البندار عن أبي أحمد المقرئ قال: أخبرنا محمد بن يحيى اجازة قال: وشخص المعتضد من بغداد في النصف من شوال سنة سبع وثمانين لطلب وصيف الخادم، وكان خبره ورد عليه وهو عليل، فكتم علته وأغذ السير الى أن ظفر به لسبع بقين من ذي القعدة، ودخل به الى
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 404.
بغداد في أول المحرم سنة ثمان وثمانين ومائتين، وأركب الخادم الفالج، وألبس برنسا طويلا.
قال محمد بن يحيى: حدثني أبو أحمد يحيى بن علي قال: قال لنا المعتضد:
والله ما أدري كيف ظفرت بالخادم، وما هو إلاّ من أمر الله الذي لا يدرى كيف هو.
قال: فقلت: كيف يحب سيدنا أن يصف هذا الفتح، قال بسرعة سيرنا، وسبقنا خبرنا حتى وافيناه قبل أن يعلم بنا.
قال: فقلت:
ألمّ بعين زربة والمطايا
…
جنوح طيف أخت بني عدي
فقال فيها:
أمير المؤمنين هناك فتح
…
خطت به من الله العلي (123 - ظ)
لقد خسي الأعادي في النواحي
…
بما أنزلت بالخاسي الخصيّ
أتتك بحائن رجلاه منه
…
ألا يا ربّ حتف في مجي
خففت إليه حين أتاك عنه
…
بريد الصدق بالخبر الجلي
طويت الأرض طيا فتّ فيه
…
إليه تغلغل الموت الوحي
قال: وهي قصيدة.
نقلت من خط أبي الحسين علي بن المهذب التنوخي المعري في تعليق له في التاريخ حملة إليّ بعض عقبة قال: سنة ثماني وثمانين-يعني ومائتين-وفيها:
هرب وصيف الخادم من مدينة برذعة من مولاه الافشين، وسار الى الثغور الشامية وتبعه المعتضد وظفر به بناحية الكنيسة السوداء، وهو يريد دخول بلد الروم، فأخذه وانصرف به الى بغداد، فقتله، واعتل المعتضد لاتعابه نفسه في طلبه إياه علة كانت
فيها وفاته، وقيل انه وهو في طلبه، وقد عاينه حصره بول فاستبطأ نفسه أن ينزل وعظم عليه أن يبول في ثيابه وسرجه، فانفتقت مثانته وكان سبب موته.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا يوسف بن أيوب الامام بمرو وعبد الله بن يوسف الحربي ببغداد قالا: حدثنا أبو الحسين محمد بن علي بن الهاشمي لفظا قال: أنشدنا الامير أبو الحسن (124 - و) أحمد بن محمد ابن المكتفي بالله قال: أنشدني الصولي للمعتضد بالله:
يا لاحظي بالفتور والدعج
…
وقاتلي بالدلال والغنج
أشكو إليك الذي لقيت من الوجد
…
فمل لي لديك من فرج
حللت بالطرف والجمال من الناس
…
محل العيون والمهج
(1)
أخبرنا أبو القاسم بن الحسين بن رواحة الانصاري قال: أخبرنا أحمد بن محمد الأصبهاني الحافظ إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أخبرنا محمد بن علي بن محمد قال: أخبرنا أبو حاتم محمد بن عبد الواحد قال: أنشدني أبو الحسن وصيف بن عبد الله الدينوري للمعتضد:
غلب الشوق رقادي
…
مثل غلبي للأعادي
هاهنا جسمي مقيم
…
وببغداد فؤادي
أملك الأرض ولكن
…
تملك الخود قيادي
هكذا كلّ محبّ
…
باع قربا ببعاد
قلت: وقد رويت هذه الابيات ليحيى بن علي بن المنجم قال: عن لسان المعتضد أنبأنا بها أبو روح عبد المعز بن محمد عن أبي القاسم زاهر بن طاهر قال:
أنبأنا أبو القاسم بن أحمد عن أبي أحمد المقرئ قال: أخبرنا محمد بن يحيى
(1)
-ليس في المطبوع من كتاب الاوراق.
الصولي إجازة قال: حدثني يحيى بن علي قال: كنا مع المعتضد في بعض أسفاره فدعاني فقال لي: قلبي ببغداد وان كان جسمي هاهنا، فقل عني شعرا في هذا (124 - ظ) المعنى أكتب به الى من أريد ببغداد، فاني قد رمت ذلك فلم يتسق لي فقلت عن لسانه:
هاهنا جسي مقيم
…
وببغداد فؤادي
وكذا كلّ محبّ
…
باع قربا ببعاد
أملك الأرض ولكن
…
تملك الخود قيادي
غلب الشوق اصطباري
…
مثل غلبي للأعادي
فأنا أحتال أن يخفى
…
بجهدي وهو باد
ليس واد لا أرى فيه
…
حبيبي لي بواد
فاستحسن الأبيات وكتب بها.
قال الصولي: والناس يروونها للمعتضد، وقد حدثني بهذا يحيى بن علي، وكان ما علمت صدوقا فيما يحكيه، فأما الذي للمعتضد في هذا المعنى مما أنشدنيه له محمد بن يحيى بن أبي عباد:
إن جسمي بسميا
…
ط وقلبي بالعراق
غلب الشوق اصطباري
…
من تباريح الفراق
أملك الأرض ولا أملك
…
دفعا لاشتياقي
قال الصولي: ومن شعر المعتضد:
لم يلق من حرّ الفراق
…
أحد كما أنا منه لاق
يا سائلي عن طعمه
…
ألفيته مرّ المذاق (125 - و)
جسمي يذوب ومقلتي
…
عبرى وقلبي ذو احتراق
ما لي أليف بعدكم
…
إلاّ اكتئابي واشتياقي
فالله يحفظكم جميعا
…
في مقامي وانطلاقي
قال الصولي: وكانت دريرة جارية المعتضد مكينة عنده لها موضع من قلبه، فتوفيت فجزع عليها جزعا شديدا، ومن شعر المعتضد فيها لما ماتت، أنشدنيه محمد ابن يحيى بن أبي عباد، وكان إبراهيم بن القاسم بن زرزر المغني يغني منه بيتين، ويقول: الشعر واللحن للمعتضد طرحه علي:
يا حبيبا لم يكن يعدله
…
عندي حبيب
أنت عن عيني بعيد
…
ومن القلب قريب
ليس لي بداك في شيء
…
من اللهو نصيب
لك من قلبي على قلبي
…
وإن بنت رقيب
وخيالي منك مذغبت
…
خيال ما يغيب
لو تراني كيف لي بعدك
…
عول ونحيب
وفؤادي حشوه من
…
حرق الحزن لهيب
لتيقنت بأني
…
فيك محزون كئيب
ما أرى نفسي وإن
…
سلليتها عنك تطيب
لي دمع ليس يعصيني
…
وصبر ما يجيب (125 - ظ)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
وقال الصولي: ومن شعر المعتضد
ضاع الفراق فلا وجدته
…
وأتى الحبيب فلا فقدته
واهتاجني لما أتى
…
شوق إليه فاعتنقته
أنشدنيه يحيى بن علي قال: أنشدنيه المعتضد لنفسه وقال: اصدقني عنه فحلفت له أنه من حسن الشعر ومليحه.
قال الصولي: واعتل المعتضد في سنة تسع وثمانين ولم يزل عليلا مذ وقت خروجه إلى الخادم وتزايدت علته.
وقال: حدثني جابر وسعد بن غالب المطببان أن علّته كانت فساد مزاح وجفافا من كثرة الجماع، وكان دواؤه أن يقل الغذاء ويرطب بدنه قليلا قليلا ولا يتعب، فكان يستعمل ضد هذا ويريهم أنه يحتمي، فإذا خرجوا دعا بالجبن والزيتون والسموك والصّحاني، فلم يزل كذلك إلى أن سقطت قوته واشتدت علته في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين.
فوافى دار العامة مؤنس الخادم، ومؤنس الخازن، ووصيف موشجير، وديوداد بن محمد بن أبي الساج وأخوه، والفضل بن راشد، في السلاح في جميع أصحابهم، وأحضر خفيف السمرقندي أصحابه، وكذلك رشيق القاري، وجعفر
ابن بغلاقر، وحضر القاسم بن عبيدة الله (126 و) والنوشجاني، ويانس وثابت الرصاصي، وبشر وغلمان الحجر، فسألوا القاسم أخذ البيعة لأبي محمد علي بن المعتضد، فقال القاسم: لست أجسر أطلب مالا لهذا وأخاف أن أنفق بلا إذن، فيفيق أمير المؤمنين ويبلّ فأطالب بالمال، فقالوا له بأجمعهم: نحن نضمن المال لك وهو علينا، فقال: رأيكم، فإن أمير المؤمنين المعتضد أمرني أن أسلم المملكة إلى ابنه أبي محمد والخلافة، فبايع الجميع يوم الجمعة بعد العصر وسمي المكتفي، وأفاق المعتضد يوم السبت فلم يخبر بشيء، ثم توفي ليلة الاثنين لخمس ساعات مضت من الليل، فبعث غداة الاثنين لثمان ليال بقين من شهر ربيع الآخر إلى محمد ابن يزيد المهندس فأعلمه صاف أن المعتضد أوصى أن يدفن في دار محمد بن عبد الله بن طاهر، وينقل إليها أمهات أولاده وولده ليكونوا بالقرب من قبره، فمضى محمد يزيد وحفر قبرا عشر أذرع في خمس، وكفّن في ثلاثة أثواب أدرج فيها، وحضر القضاة والفقهاء، وغسله أحمد بن شيبة عند زوال الشمس، وصلى عليه يوسف القاضي، وأدخل حفرته بعد ثلاث ساعات من ليلة الثلاثاء.
وكتب القاسم إلى المكتفي بالخبر، وقد كان كاتبه قبل ذلك بحقيقه حال المعتضد وهو أخذ البيعة، فكانت مدة خلافته تسع سنين وتسعة أشهر وثلاثة أيام، ومات وهو ابن خمس وأربعين سنة. (126 ظ)
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا محمد عبد الله ابن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا أبو بكر عمر بن حفص السدوسي قال: المعتضد أرجف الناس بموته يوم الاثنين للنصف من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين، وذكر خاصته وقواته أنه لم يمت، وخطب له يوم الجمعة لعشر بقين من هذا الشهر، وأخذت البيعة بولاية العهد لعلي بن المعتضد بالله ليلة الثلاثاء، ودفن
في دار محمد بن عبد الله بن طاهر، وذكروا أنه أوصى أن يدفن فيها، فكانت ولايته تسع سنين وتسعة أشهر وخمسة أيام.
وأنبأنا الكندي قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر قال: أخبرني أبو القاسم الأزهري قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا إبراهيم بن محمد ابن عرفة قال: توفي المعتضد يوم الاثنين لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين، ودفن في حجرة الرخام في دار محمد بن عبد الله بن طاهر، وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضي، وتولى أمره، فكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر وخمسة أيام.
أنبأنا أبو اليمن قال أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر قال: أنبأنا إبراهيم ابن مخلد قال: أخبرنا إسماعيل بن علي قال: توفي أمير المؤمنين المعتضد بالله وله من السن خمس وأربعون سنة وعشرة أشهر وأيام، وكان رجلا أسمر نحيف الجسم معتدل (127 و) الخلق قد وخطه الشيب في مقدم لحيته طول، وفي مقدم رأسه بيضاء هكذا رأيته في خلافته إلا الشامة
(1)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي الحلبي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: قرأت على أبي القاسم بن السمرقندي أخبركم أبو الحسن بن النقور، وأبو منصور بن عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص قال: حدثنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى السكري قال: حدثنا أبو يعلى قال: حدثنا زكرياء بن يحيى بن جلاد المنقري قال: حدثنا الأصمعي، ح.
قال أبو شجاع البسطامي: ورأيت بخطي أن ابن السمرقندي رواه عن عبد العزيز بن علي بن بنت الحربي عن المخلص عن أبي أحمد بن المهتدى بالله،
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 406 - 407.
فالله أعلم، قال: أخبرني أبو أحمد بن المهتدي بالله قال: وقال المعتضد عند نزول الموت به: اللهم إنك تعلم أني أعلم أن لك السماوات والأرض وما بينهما فأسألك أن تغفر لي.
أخبرنا أبو اليمن إذنا قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال:
أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي المعروف بحجظة قال: قال: لي صافي الحرمي: لما مات المعتضد بالله كفنته والله في ثوبين قوهي قيمتهما ستة عشر قيراطا
(1)
. (127 ظ).
أحمد بن طولون:
أبو العباس قيل إنه ولي حلب في سنة ست وخمسين ومائتين، والذي صح أنه ولي الثغور الشامية في سنة اثنتين وستين ومائتين، ثم ولي حلب وقنّسرين والعواصم من جهة المعتمد.
وكان أبو أحمد الموفق منحرفا عنه، فلم يكن له حيلة في دفعه عن ذلك، ولما تمكن أبو أحمد الموفق استوحش أحمد بن طولون من جهته، وعقد موسى بن بغا لسيما الطويل على أنطاكية، فوصل إليها، واستولى عليها وعلى حلب.
وعصى أحمد بن طولون على أبي أحمد الموفق، وأظهر خلعه عن ولاية العهد، وأخذ خط قضاة بلاده باستحقاقه لذلك، ونزل أحمد بن طولون إلى حلب، فانحاز سيما إلى أنطاكية، فكاتبه أحمد بن طولون يدعوه إلى الطاعة، فامتنع، وكان أحمد إذا لاينه الإنسان لم ير منه إلا خيرا، ومن خاشنه قاتله، فحينئذ حصره في أنطاكية، ونصب عليه المنجنيقات، وكان سيما سيء السيرة، فراسل أهل أنطاكية أحمد بن طولون، ودلوه على موضع فتح منه الحصن، فركب سيما وقاتل حتى قتل، وأتي
(1)
- الخطيب البغدادي- المصدر نفسه.
برأسه إلى أحمد، فقال أحمد: أما إني كنت أحب لك غير هذا فأبيت، فأنا بريء من دمك، وقد كان بينهما قبل ذلك مرافقة ومصادقة، وكان ابن طولون راضيا منه بإقامة الدعوة له فأبى، وكان آخر قوله له: لأن يلعب الصبيان (128 - و) برأسي يا أحمد آثر عندي من أن تلعب أنت به.
واستولى أحمد بن طولون على الشام جميعه، وجبى أمواله، ولم يحمل شيئا إلى المعتمد، وقطع السبيل عن بغداد، وحال بين التجار وبين النفوذ من مصر والشام إلى بغداد، ووكل بالطرق، ومنع من في ناحيته أن يكاتبوا أحدا من أهل الأمصار، ومنع حمل مال الخراج بمصر والشام وقنسرين والعواصم، ولعن ابن طولون على منابر بغداد ومكة.
وولى أحمد بن طولون حلب غلامه لؤلؤ، وكاتبه أبو أحمد الموفق حتى عاث على مولاه، وجبى الخراج لنفسه، ومضى إلى أبي أحمد الموفق على ما نذكره في ترجمة لؤلؤ إن شاء الله.
وكان أحمد بن طولون من موالي بني العباس وقوادهم، وأولي النجدة والبأس والشجاعة، وله معروف كثير، بنى بمصر الجامع المعروف به، وبنى مصانع كثيرة ومرافق للمسلمين.
ونقلت من خط صالح بن إبراهيم بن رشيدين المصري في مجموعة: ولد أبو العباس أحمد بن طولون في سنة اثنتي عشرة ومائتين، ومات في ذي القعدة سنة سبعين ومائتين.
وقرأت في كتاب أبي القاسم يحيى بن علي الحضرمي الذي ذيل به تاريخ أبي سعيد بن يونس، قال في ذكر الغرباء ممن دخل مصر: أحمد بن طولون، يكنى أبا العباس، قدم واليا على مصر، حكي عنه حكايات، قال لي ابن رشيق: قال لي عدنان بن أحمد بن طولون: (128 - ظ) دخل والدنا أحمد بن طولون رحمه
الله مصر، ويكنى أبا العباس، في شهر رمضان لأربع عشرة ليلة خلت منه، سنة أربع وخمسين ومائتين، دخل مصر وله اثنان وثلاثون سنة، أقام بها ست عشرة سنة، وتوفي سنة سبعين ومائتين، ومبلغ سنة ثمان وأربعون سنة.
قلت: فمقتضى قول عدنان يكون مولد أحمد أبيه في سنة اثنتين وعشرين ومائتين، والله أعلم.
أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي قال: كتب إلينا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي وذكر أن أحمد بن طولون ملك حلب في سنة ست وخمسين ومائتين
(1)
.
أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد كتابة عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران إجازة قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي، وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: وفي هذه السنة-يعني سنة أربع وخمسين ومائتين-ولي أحمد بن طولون مصر خليفة لبابياك مكان مزاحم بن خاقان، فأخبرني من رأى أحمد بن إسرائيل خارجا من دار السلطان وهو يقول: إن أمير المؤمنين قد أمر بتولية ابن طولون مصر، وعليها وعليه السلام، فلم يزل عليها هو وولده إلى أن افتتحها محمد بن سليمان
(2)
.
وقال: ثم دخلت سنة اثنتين وستين ومائتين، فذكر فيها حوادث ثم قال:
وولي أحمد بن طولون الثغور الشامية على أن يحمل في كل سنة أربعمائة ألف دينار.
وقال في سنة أربع وستين ومائتين: وولي ابن طولون أجناد الشام وقنّسرين والعواصم والثغور.
وقال في سنة خمس وستين ومائتين: وقتل ابن طولون سيما الطويل.
(1)
-تاريخ العظيمي-نشر باسم تاريخ حلب-:262.
(2)
-سيرد الحديث عن ذلك، لا سيما لدى ذكر صاحب الخال القرمطي.
وقال فيها: ويقال إنه مات في محابس ابن طولون ثمانية عشر ألفا.
وقال في سنة تسع وستين: لعن المعتمد ابن طولون في دار العامة، وأمر بلعنه، وعقد لاسحق بن كنداج على أعمال ابن طولون.
قال: (129 - و) ولعن بمكة.
وقال: وفي هذه السنة بني أحمد بن طولون أربعة أروقة على قبر معاوية ابن أبي سفيان وأمر أن يسرج هنالك، وأجلس أقواما معهم المصاحف يقرءون القرآن.
أنبأنا أبو روح الهروي عن زاهر بن طاهر عن أبي القاسم البندار عن أبي أحمد المقرئ عن أبي بكر الصولي قال في سنة اثنتين وستين ومائتين: وولي أحمد ابن طولون الثغور الشامية إلى ما كان يلي من مصر، وفورق على أن يوجه في كل سنة بأربعمائة ألف دينار.
وقال الصّولي في سنة خمس وستين ومائتين: وجاء أحمد بن طولون إلى أنطاكية فافتتحها وقتل سيما الطويل، وكان بها.
وقال في سنة تسع وستين: وركب المعتمد يوم الجمعة فصار إلى دار العامة، وأحضر الناس، فلعن ابن طولون، وصلى بالناس المفوّض ولعنه، وعقد لاسحق على أعماله.
وقال في سنة سبعين: وورد الخبر أن ابن طولون أمر فبنيت أروقة عند قبر معاوية، وأجلس رجالا يقرءون في المصاحف عنده.
قلت إنما فعل ابن طولون هذا معاندة لبني العباس، وأبي أحمد الموفق حين لعن على المنابر وبمكة وامتنع من حمل الخراج.
قرأت في كتاب أبي القاسم يحيى بن علي الحضرمي الذي ذيل به تاريخ ابن يونس: حدثنا ابن رشيق قال: حدثنا سعيد بن هاشم الطبراني قال: حدثنا أحمد ابن محمد الطبراني قال: حدثني أبي قال: كنت جالسا عند أحمد بن طولون ذات يوم (129 - ظ) فدعا برجل، فأدخل إليه فناظره ثم قال لحاجب من حجابه: خذ هذا فاضرب عنقه وائتني برأسه، فأخذه ومضى به، فأقام طويلا ثم أتى وليس معه شيء، فقال له أحمد بن طولون: ما قصتك؟ وماذا فعلت؟ فقال: أيها الأمير الأمان، قال: لك الأمان، قال: مضيت بالرجل لأضرب عنقه فجزت ببيت خال، فقال لي:
ائذن لي أدخل هذا البيت فأصلي فيه ركعتين، فاستحييت من الله عز وجل أن أمنعه من ذلك فأذنت له، فدخل فأطال، فدخلت إلى البيت فلم أجد فيه أحدا وليس في البيت طاق نافذ، فجئت لأخبرك بذلك.
قال: فقال له: فهل سمعته يقول شيئا؟ قال: نعم، قال: ماذا سمعته يقول؟ قال: سمعته قد رفع يديه وهو يشير باصبعه وهو يقول: يا لطيف لما يشاء، يا فعال لما يريد صلي على محمد وآله والطف لي في هذه الساعة وخلصني من يديه، فدخلت البيت بعد هذا أطلبه فلم أجد فيه أحدا، فقال له أحمد بن طولون: صدقت هذه دعوة مستجابة.
وقال الحضرمي: سمعت محمد بن الحسن بن محمد بن يحيى يقول: سمعت أبا يعقوب بن صيغون الرجل الصالح يقول: كان لي صديق بالمعافر من خيار المسلمين، فقير كان له أربع بنات، فجمعن من غزلهن أحد عشر دينارا اشترين جارية أعجمية تستقي لهم من العيون والمصانع بالمعافر، وتخبز الخبز وتخدمهم، فهربت منهن في بعض الايام، فأخذها أصحاب (130 - و) المصالح في بني وائل، فجئت فأخبرني بذلك، فجئت الى أصحاب المصالح فكلمتهم فقالوا: لا ندفعها الا بأربعة دنانير، فخاطبت البنات فأخرجن الي أربعة أزواج حلق في كل زوج نصف دينار،
فجئت الى أصحاب المصالح، فقالوا: لا نأخذ الا أربعة دنانير، فانصرفت آخر النهار الى بركة المعافر وقد دخلها الماء، فجلست على حجر على الماء، وقلعت نعلي وجعلت الحلق عليها، فبينا أنا مهموم إذا برجل على بغل قد وقف بي، ونزل الى جانبي وقلب العنان وأمسكه بيده وحادثني، واستخبرني عن مسكني وموضعي واستوصف منزلي الى أن سألني عن سيرة الوالي، فأخبرته أن له معروفا، وقد عمل هذه المصانع للماء والمارستان، وبنى الجامع، وحبس عليها الأحباس، الى أن سألني عن تلك الحلق التي رآها على النعل، فأخبرته الخبر، فقال لي: أنت تصف الرجل بالعدل ويستعمل من هؤلاء القوم، يفعل هذا الفعل؟ فقلت: لا علم له بفعلهم، وحضرت صلاة المغرب فقال لي: تقدم وصل بي، ووقف على يميني فصليت به المغرب، ثم فرغ وركع، وركب بغله وأخذ على المقابر على الصحراء وانصرفت الى منزلي، فإني لجالس على إفطاري إذ سمعنا على الباب جلبة، فاطلعت إحدى البنات فقالت لي: يا أبت على الباب قوم من أصحاب السلطان (130 - ظ) فنزلت فإذا صاحب الشرطة سري فحملني على بغل وأخذ بي على الصحراء الى جبل، فإذا جمع وإذا بصاحبي جالس وبين يديه شمع، فقال لي: عندي يا إمامي، الساعة صليت بي المغرب، ثم قال: يا سري ما يقدر لي أبو أحمد الموفق على مثل ما كدتني به أنت، أبو أحمد يلقاني برجال، وألقاه برجال، وبكراع وسلاح وعدة، وألقاه بمثلها، أبو أحمد لا يقدر يوقف لي الليلة مثل هذا الرجل المستور في الليل وخلفه أربع بنات مظلومات يرفعون أيديهم الى الله، هذا يهلكني.
قال: ثم التفت إلي فقال: أنشدك الله إن دعوت علي، ثم قال: يا سوار أحضر ما قلت لك، فأحضر أربع صرر وأربع رزم ثياب وقال لي: يا شيخ ادفع الضرر الى أصحاب الحلق الى كل واحدة مائة دينار ورزمة من الثياب يكتسينها، وهذه ثلاثون دينارا ابتع بها جارية مشهورة مخبورة، وبيعوا هذه الجارية التي باتت
بحيث لا يصلح. أجريت عليك وعلى بناتك خمسه دنانير في كل شهر لكل نفس منكم دينار ومائدة طعام يوم الاثنين ومائدة يوم الخميس، ولا تدعو علي وانصرف.
وقال الحضرمي: حدثنا محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن يحيى قال:
حدثني أبو اسحاق بن الطبيب قال: ركب أحمد بن طولون الى الجامع في جيشه ورجالته، فاجتاز بالموقف، وكان في الموقف (131 - و) دكان فقاعي
(1)
، فعبث السودان بالفقاع فبددوه في مسيرهم، ثم جاء أحمد بن طولون وقد انكشف له الأرض فرأى الفقاع مبددا، وكان بين يديه ابناه العباس وخمارويه يحجبانه، فنزلا فرأيتهما يجمعان الفقاع من الأرض، ويردانه الى دكان الفقاعي حتى بقيت واحدة على بعد، فأومى باصبعه إليها، فرأيتهما قد علقا سيفي ذهب بأيديهما وجريا إليها حتى أخذها أحدهما وردها الى دكان الفقاعي، فحينئذ سار الأمير أحمد بن طولون.
قرأت في كتاب نزهة عيون المشتاقتين تأليف أبي الغنائم عبد الله بن الحسن النسابة قال: وحدثني فخر الدولة نقيب النقباء الطالبيين قال: حدثوني عن أحمد ابن طيلون
(2)
أنه أراد أن يرفع المكوث التي على الناس بمصر فقال لوزيره:
أبصركم مبلغ المكوس؟ فقال: مبلغها مائة ألف دينار في كل سنة، فقال له: أريد أن أرفعها عن الناس، فقال له الوزير: لا تفعل أيها الأمير فإنك إن حططتها ضاق عليك المال، وطالبك الرجال، فتقصر يدك عن مالهم ويكون ذلك فساد، فثنى عزمه عن حطها.
قال: فلما كان عشية ذلك اليوم رأى أحمد بن طيلون
(3)
الأمير في النوم
(1)
-الفقاع: الكمأة البيضاء الرخوة. القاموس.
(2)
-كتب ابن العديم فوقها: كذا.
(3)
-كذا بالاصل والمعروف عن ابن العديم أنه كان يلتزم تماما بصورة النص الذي كان ينقله.
كأن قائلا يقول له: يا فلان رجع بدالك مما هممت به من حط المكوس عن الناس، لو كنت تركته لله عز وجل لكان عوضك خيرا مما تركت، فانتبه فقال: والله لا أخذتها لقاء الله عز وجل، ثم أمر فحطت عن الناس بأسرها. (131 - ظ)
قال: ثم بقي مدة يسيرة وركب حتى أتى الى سفح الجبل فوقعت رجل الفرس في مثل الخوار من الأرض فنظروا، فإذا هو كنز فيه ألف ألف دينار، فأخذها وبنى منها مسجد ابن طيلون بمصر، ووجه الى الثغور بأربعمائة ألف دينار، واستقل ببقية المال، ولم يأخذ المكوس أيام حياته
(1)
.
هكذا قال: «ابن طيلون» وهي لغة العوام، وقد كان أبو الغنائم الزيدي يقع في ذلك كثيرا وكان لحانا. (132 - و)
نقلت من خط أبي الحسين علي بن المهذب بن أبي حامد المعري في تعليق له حمله إلي بعض عقبه-في التاريخ، سنة سبعين ومائتين، وفيها: توفي أحمد بن طولون في ذي العقدة، وقام مكانه ابنه خمارويه.
ونقلت من «تاريخ مصر وذكرولاتها» تصنيف أبي بكر عبيد الله بن محمد ابن سعيد بن أبي مريم قال: وفي سنة أربع وخمسين ومائتين ولي أحمد بن طولون مولى أمير المؤمنين.
وقال: في سنة تسع ابن طولون على حاله على الصلاة، وابن المدبر على الخراج؛ وفيها توفي المهتدي وبويع للمعتمد.
قال: وفي سنة ستين ومائتين أحمد بن طولون على الصلاة الى سنة سبعين ومائتين وفيها توفي أحمد بن طولون لعشر ليال خلت من ذي القعدة
(2)
.
(1)
-لمزيد من التفاصيل انظر سيرة أحمد بن طولون للبلوي ط. دمشق 1358: 74 - 76.
(2)
-هذا الكتاب بحكم المفقود.
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي غالب بن بشران قال:
أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا أبو عبد الله نفطويه قال: وشخص ابن طولون من دمشق ووافى المعتمد مدينة السلام فلعن بها ابن طولون، ثم ورد الخبر بوفاة ابن طولون بعد أيام.
أنبأنا ابن المقير عن ابن ناصر قال أنبأنا أبو القاسم البندار قال: أخبرنا أبو أحمد المقرئ إذنا عن أبي بكر الصّولي قال: سنة سبعين ومائتين قال: ووافى اسحاق بن كنداج لليلتين خلتا من جمادى الآخرة فخلع عليه خلعة فيها سيفان محليان وعقد له على المغرب، فشخص الى سر من رأى (132 - ظ) من يومه لأنه اتصل به مصير ابن أبي الساج الى عانة وأنه دعا بالرحبة لابن طولون وأن أحمد بن مالك ابن طوق دعا لابن طولون بقرقيسياء، وكذلك ابن صفوان العقيلي.
قال: وانصرف ابن طولون من دمشق وهو شديد العلة الى مصر، وانصرف أصحابه عن الرحبة وقرقيسياء، فخرج المعتمد يريد بغداد، وأمر بلعن ابن طولون على المنابر، وورد الخبر يوم السبت لست خلون من ذي الحجة بموت أحمد بن طولون، توفي بمدينة مصر.
قال الصولي: وفيها مات أحمد بن طولون والحسين بن زيد لعشر خلون من ذي القعدة.
قرأت في سيرة أحمد بن طولون من تأليف ابن زولاق المصري قال في آخرها:
ورآه عبد الله بن القاسم، وكان من أصحاب سيما الطويل، قال: رأيت فيما يرى النائم كأن سيما الطويل متعلق بأحمد بن طولون على باب مسجد، وهو يصيح بأعلى صوته يا رسول الله أعدني على أحمد بن طولون فإنه قتلني واصطفى ما ملكت، وأسرع في أهلي وولدي، فصاح به صائح: كذبت يا سيما ما قتلك أحمد بل قتلك عجيج شمل التاجر الذي ظننت أن عنده مالا فضربته حتى أشرف على الهلكة، ثم
دخنت عليه حتى مات في التدخين، أنت وأحمد خاطئان إلا أن أخفكما وزرا أحسنكما سيرة، وأكثر كما معروفا (133 - و) أقربكما من المغفرة
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسن المؤدب قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله المالكي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن علي ابن سيف العنزي قال: سمعت أبا عبد الله الحسين بن أحمد المنجم النديم قال:
سمعت محمد بن علي المادرائي قال: كنت أجتاز بتربة أحمد بن طولون فأرى شيخا عند قبره يقرأ ملازما للقبر، ثم إني لم أره مدة، ثم رأيته بعد ذلك، فقلت له:
ألست الذي كنت أراك عند قبر أحمد بن طولون وأنت تقرأ عليه؟ فقال: بلى كان قد ولينا رئاسة في هذا البلد وكان له علينا بعض العدل إن لم يكن الكل، فأحببت أن أقرأ عنده وأصله بالقرآن، قلت له: لم انقطعت عنه؟ فقال لي: رأيته في النوم وهو يقول لي: أحب أن لا تقرأ عندي، فكأني أقول له: لأي سبب فقال: ما تمر بي آية إلا قرعت بها وقيل لي: ما سمعت هذه؟
أحمد بن الطيب بن مروان الخراساني السرخسي:
ويعرف بابن الفرانقي، حدث عن أبي عبد الله أحمد بن حمدون بن اسماعيل النديم، وابن حبيب، وعمر بن شبة، وأبي جعفر محمد بن موسى، ومحمد بن يزيد الثمالي (133 - ظ) وعبد الله بن هارون الواثق بن المعتصم، وأبي الخطاب ابن محمد بن الحسين بن الحسن بن عمران الطائي، وأبي عبد الله الحسين بن علي ابن طاهر ذي اليمينين، ويعقوب بن اسحاق الكندي.
روى عنه أبو حامد أحمد بن جعفر الأشعري، وأحمد بن اسحاق بن إبراهيم الملحمي، وجحظة البرمكي، والحسن بن علي الخفاف، والحسن بن محمد الأموي
(1)
-لم يصلنا كتاب ابن زولاق.
عم أبي الفرج الأصبهاني، وأبو بكر محمد بن أبي الأزهر، وأبو علي المحسن بن علي بن محمد التنوخي.
وقدم حلب صحبة أبي العباس المعتضد حين قدمها في حياة أبيه لمحاربة خمارويه ابن أحمد بن طولون في سنة احدى وسبعين ومائتين؛ ووقفت على نسخة ذكر مسير أبي العباس لهذه الوقعة منذ خرج من بغداد الى أن عاد إليها في كتاب «سيرة المعتضد» تأليف سنان بن ثابت، وذكر أنه نقله من خط أحمد بن الطيب، وذكر فيه دخوله حلب، وذكر صفة المدينة وتسمية أبوابها وصفة قلعتها، وقد ذكرنا في صدر كتابنا شيئا مما نقله عنه، وكان أحمد بن الطيب نديما للمعتضد وخصيصا به قبل الخلافة وبعدها، ثم غضب عليه لأمور نذكرها إن شاء الله فقتله.
أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحاق بن محمد الهمذاني بالقاهرة المعزية قال:
أخبرنا أبو سهل عبد السلام الهمذاني قال: أخبرنا أبو منصور (134 - و) شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي أبو بكر قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الأسدي قال:
حدثنا أبو حامد أحمد بن جعفر الأشعري قال: حدثنا أحمد بن الطيب بن مروان السرخسي-وأدخلني عليه أبو الحسن الكردي-قال: حدثني أبو عبد الله محمد ابن حمدون بن اسماعيل قال: حدثني أبي عن المعتصم قال: سمعت المأمون يحدث عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن محمد بن علي بن عبد الله عن عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحتجموا يوم الخميس فمن احتجم يوم الخميس فناله مكروه فلا يلوم إلا نفسه»
(1)
.
قال أحمد بن الطيب: فذكرت هذا الحديث لعبد الله بن الواثق أبي القاسم فقال: سمعت أبي الواثق يحدث به عن المعتصم بهذا الاسناد.
(1)
-انظره في كنز العمال:10/ 28158.
هكذا جاء في هذه الرواية قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن حمدون، والمعروف أبو عبد الله أحمد بن حمدون، وقد تقدم ذكره.
وقع الى كتاب صنفه أحمد بن الطيب السرخسي، ووسمه بزاد المسافر، ذكر فيه وصية المسافر وخدمة الملوك، وهو كتاب كتبه الى بعض إخوانه وقد أراد سفرا لخدمة بعض الملوك، فوجدته كتابا حسنا جامعا لوصايا (134 - ظ) نافعة من كلامه وكلام غيره، فمما قرأت فيه من الوصايا البالغة من كلام أحمد بن الطيب قوله: إن أول ما أوصيك به وأحثك عليه، وأراه عزا وسعة وغنما وفائدة وأنسا، وكثرة وحصنا وجنة ونبلا ورئاسة، استشعار تقوى الله وخشيته والحذر منه في حالاتك كلها، فإنه لا يخاف من خافه، ولا يأمن من عصاه، يتفرق الأعوان، وينسأ
(1)
الاخوان، وينأى الجيران، ويجور السلطان، والله موجود بكل مكان لمن أيقن ألا حول ولا قوة إلا به، فاجعل الثقة بالله معولك، والاعتماد عليه ثقتل، والتوكل عليه نصيرك، والطاعة له سلاحك وعدتك، وإن نالك خير فاقرنه بشكر، فإن الشكر على الخير زيادة في النعمة، وإن يمسك ضير، فاجعل مفزعك الى الله.
وجماع القول: ارض بالله طبيبا يبرك من داء البطر عند النعم، وذل الاستكانة عند حلول المحن، وتعوذ بالله من الشيطان كما أمرك يحرسك من شياطين الانس والجن، وتعوذ بالله من شر نفسك يقك مصارع هواك، ازجر غضبك بتذكر الحال التي أنت عليها من عجز أو قدرة، فإن الغضب مع العجز يظهر الزلة والقلة، والغضب مع القدرة يظهر الطيش والعجلة، وفي الحاجتين جميعا تعدم الحلم (135 - و) والأناة، وحيث تعدم الحلم والأناة تعدم الفكرة، وحيث تعدم الفكرة تعدم الحكمة، وحيث تعدم الحكمة تعدم الخير كله.
واعلم أن الشهوة من أكبر أعوان الهوى، فمن قويت شهوته اشتد حرصه، ومن اشتد حرصه عمي عن مراشده، ومن عمي عن مراشده أخطر ببدنه ودينه.
(1)
-أي يؤجل أو يؤخر.
ونقلت من كتابه في خدمة الملوك قال: قال لي انسان مرة: لو صحبت الأمير أعزه الله بم كنت تخدمه؟ فقلت له: كنت أخدمه بأن لا أكذبه إذا سأل، ولا أصدقه إذا سكت، ولا أخونه إذا ولّى، ولا أذمه إذا عزل، ولا أساعد له عدوا، ولا أجالس من كان عنده طبيبا
(1)
، لا أسأل ما لم ينله نظرائي، ولا أرتفع فوق قدري، لا أكتسب به من غيره، ولا أشكر على نعمته سواه، فإن حسن موقعي منه شكرته بالزيادة فيما قرّب منه، وإن جرى المقدار بخلاف ذلك كنت غير لائم لنفسي، ولا عاتب على فعلي.
ووقفت على كتاب المسالك والممالك من تصنيف أحمد بن الطيب، وقد أوردت منه فوائد في صدر كتابنا هذا في ذكر البلدان المتعلقة بحلب.
قرأت في مجموع وقع إلي بيتين لأحمد بن الطيب وهما:
نعم مصاد المرء للشهادة اللحية الضخمة والسجادة (135 ظ)
قرأت بخط الشريف محمد بن الحسن بن كمال الشرف أبي الحسن الأفساسي:
وقف أحمد بن الطيب السرخسي على المبرد، فقال له المبرد: أنت والله كما قال البحتري:
فعالك إن سئلت لنا مطيع
…
وقولك إن سألت لنا مطاع
خصال النبل في أهل المعالي
…
مفرقة وأنت لها جماع
(2)
أنبأنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري عن أبي بكر أحمد بن
(1)
-كذا بالأصل ولعل الأصوب «ظنينا» .
(2)
-ديوان البحتري-ط. دار صادر بيروت:1/ 259.
إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي الأزهر قال: وحدثني أحمد ابن الطيب صاحب الكندي قال: دخلت يوما على أمير المؤمنين المعتضد بالله فإذا بين يديه برذعة الموسوس، فقال لي: يا أحمد ادن مني، فدنوت منه موضع السر، فقال لي: قل لبرذعة: يا أبا عبد الله خبز، وكان إذا قيل له هذا خرج الأمر عن يده فلم يقرب من أحد إلا أثر فيه، وكان المعتضد بفرط شهوته للصنعة قد اتخذ له ولنظرائه ولجماعة من الندماء بين يديه بابا مستطيلا ينطبق على وهدة إذا وطئ عليها الانسان خرج من بعض أقسامها كفان بلولب فاعتورتا الانسان الواقف وأطبقتا عليها قيدا مقسوما بهلالين في طرف أحدهما عمود للقفل وفي الآخر فراشة (136 - و) فإذا التقتا فكأن يدا أقفلت قفلا فلا يتهيأ للرجل مجنونا كان أو صحيحا التخلص منه إلا بعد أن يجيء الخادم بمفتاحه فيفتحه، فقال أحمد بن الطيب: فقلت: يا أبا عبد الله خبز فوثب وثبة ليقرب مني، فأخذه القيد، فبقي يزبد ولا يتهيأ له فيّ حيلة، والمعتضد يسكنه ويشغله عني حتى سكن، فقال له:
ما تشتهي يا أبا عبد الله؟ فقال له: أشتهي أن يجلس ابن الطيب الى جانبي، فقال:
قم يا أحمد فاجلس الى جانبه، فقلت على شريطة أن يضع أبو عبد الله يديه على الأرض ويقوم على أربعة، وكان الى جانب ذلك الموضع باب آخر لطيف على هذه الصورة، قال: نعم، فلما وضع يديه نالهما ما نال رجليه، فبقي موثقا، فوثبت فقربت منه، فنظر إلي من غير أن يتمكن مني لبطشه، فصاح صياح الشاة ووصل ذلك، فلم يتمالك المعتضد ضحكا، وكان بعيدا من الهزل، فلما بصر به برذعة وهو يضحك نظر إلي وهز رأسه ثم أقبل على المعتضد وقال:
يا بن الموفق لا تضاحك
…
واحذر وإلا صرت شاة
هذا خبيث مخبث
…
من شر خبّاث السعاة
فاحذره واكتب ما أقو
…
ل بظهر تذكرة الدواة
لا تأنسن به فإن
…
ني قد نصحت وها وهاة (136 ظ)
قال: فوالله لقد رأيت المعتضد وقد تغير وجهه وانحط أنسه، فلم أزل أتعرف ما أثر فيّ من تحريضه، فما زالت تلك الخبية في نفس المعتضد حتى قتل أحمد بسبب السعاية.
كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي أن زاهر بن طاهر الشحامي أنبأهم عن أبي القاسم علي بن أحمد قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد ابن أحمد بن أبي مسلم إذنا قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي إجازة قال: في سنة ثلاث وثلاثين غضب المعتضد على أحمد بن الطيب ووجه بشفيع اللؤلؤي ونحرير الصغير خادم بدر فقبضوا على جميع ما في داره، وقرروا جواريه على ماله حتى أخذوه، فاجتمع من ذلك ومن ثمن آلاته مما حمل الى بيت المال مائة وخمسون ألف درهم.
قال: فحدثني محمد بن يحيى بن أبي عباد قال: كان سبب غضب المعتضد على أحمد بن الطيب أن أحمد كان قديما يمدح عنده الفلاسفة ويستعقلهم ويحكي مذاهبهم، فيقول المعتضد: أنت على دينهم وكيف لا تكون كذلك وأستاذك الكندي
(1)
، وكان قد تخمر
(2)
في نفس المعتضد أنه فاسد الدين، وكان ابن الطيب أحمق معجبا يدعي ما لا يحسن، وكان مع قصر عقله في لسانه طول، فكان كثيرا ما يقول للمعتضد: الأمور تخفى عليك وتستر دونك، فقال له (137 و) يوما: ما الدواء؟
قال: توليني الخبر على أبي النجم وعبيد الله
(3)
، قال: قد وليتك، قال: فاكتب
(1)
-فيلسوف العرب أبو يوسف يعقوب بن اسحاق بن الصباح (ت 252 هـ / 866 م) انظر حوله كتابي مائة أوائل من تراثنا:426 - 429.
(2)
-أي استقر وتوارى. القاموس.
(3)
-عبيد الله بن سليمان بن وهب آخر وزراء المعتمد وأول وزراء المعتضد بقي في الوزارة حتى توفي سنة 288 هـ. انظر المؤسسات الادارية في الدولة العباسية لحسام السامرائي ط. دمشق 187:1971. وأبو النجم هو مولى المعتضد. انظر تاريخ الطبري:10/ 90.
بذلك رقعة، فكتب رقعة بخطه بتوليته، فجاء بها الى عبيد الله يعلمه ذلك ويتقرب إليه أنه لم يستر ذلك عنه، فأخذها عبيد الله ووثب، وطلبها ابن الطيب، فوجه إليه أنا أخرج بها إليك، ووكل به في داره، وركب الى بدر فأقرأه إياها، فركب الى المعتضد بالله حتى عرّفاه الخبر، ورمى عبيد الله بنفسه بين يديه وقال له:
أنت يا سيدي نعشتني وابتدأتني بما لم أؤمله، وكل نعمة لي فمنك وبك، فسكن منه، وقال: إنه يسعى عليكما عندي فاقتلاه وخذا ما يملكه، فأدخل المطامير، وكان آخر العهد به.
قال محمد بن يحيى الصولي: وقد قيل إن سبب ذلك أن عبيد الله لما أراد الخروج الى الجبل مع بدر قال المعتضد لبدر: الصواب أن يحضر أحمد بن محمد جراده ليعاون القاسم على خدمتنا، فسمع ابن الطيب ذلك فأداه الى عبيد الله فرده عبيد الله على المعتضد، وقال له نحو ما حكي في الخبر الأول، فعزم عليه ليخبرنه من قال له ذلك، فقال: ابن الطيب، فكان هذا سببه.
وقال أبو بكر الصولي: حدثني محمد بن أحمد أبو الحسن الأنصاري قال:
كان ابن الطيب يختلف معنا الى الكندي، وكان الكندي (137 ظ) يقول: هذا أحمق وسيتلف نفسه بحمقه، فكان كما قال.
قال الصولي: حدثنا الحسن بن اسماعيل قال: كان القاسم يغتاظ من ابن الطيب فيقول له أبوه: نحن نخنقه بوصفه، وكان المعتضد بالله ربما نفث بشكواه والتأذي منه بالكلمة بعد الكلمة فيقرظه عبيد الله ويحتج عنه، فذكر عبيد الله يوما بشيء قدّام المعتضد، فقال له المعتضد: كفاك إن عبيد الله ما ذكرت لي قط إلا احتج عنك ووصفك، وأنت ما ذكرته عندي قط إلا غمزت منه على جانب، قبحك الله وقبح طبعك السوء، ثم انكشف أمره فأوقع به في سنة ثلاث وثمانين.
أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد
الباقي الأنصاري إجازة عن أبي علي المحسن بن علي التنوخي قال: كان الذي نقمه المعتضد على أحمد بن الطيب أن عبيد الله بن سليمان دخل يوما على المعتضد وقد تغيظ المعتضد عليه من شيء بلغه عنه، وخاطبه بما يكره، فلما خرج قال:
يا أحمد ما ترى الى هذا الفاعل الصانع، قد أخرب الدنيا واحتجز الأموال، وفي جنبه ثلاثة آلاف آلاف دينار ما يمنعني من أخذها إلا الحلم عنه، وفعل الله بي وصنع إن أنا استعملته أكثر من هذا، قال: فخرج أحمد بن الطيب فوجد (138 و) عبيد الله على الباب ينتظره، فحمله الى داره وواكله وسقاه ووهب له مالا عظيما، وخلع عليه خلعا كثيرة، ورفق به وسأله أن يعلمه ما عساه جرى بعد خروجه من ذكره، فاستحلفه أحمد على كتمان ذلك فحلف له، فكتمه فخبره الخبر على حقيقته، وودعه أحمد ونهض، فركب عبيد الله من غد بعد أن عمل ثبتا يحتوي على جميع ماله من عين وورق وضيعة وخرثي
(1)
وقماش وعقار ودار، ودابة وبغل ومركب، وغلام وآلة وسائر الأعراض، وجاء الى المعتضد فخاطبه على الأمور كما كان يخاطبه، فلما حضر وقت انصرافه قال: أريد خلوة من أمير المؤمنين لمهم عارض أذكره، فأخلى مجلسه له، فحل سيفه بين يديه ومنطقته، وقبل الأرض وبكى وقال: يا أمير المؤمنين الله الله في دمي، أقلني واعف عني، وهب لي الحياة، واغفر لي إجرامي، وما في نفسك علي، فأما مالي فوالله، وابتدأ يحلف بالطلاق والعتاق وما تبعه من أيمان البيعة إن كتمتك منه شيئا، وهذا ثبت بجميع ما أملكه فخذه بطيبة من قلبي، وانشراح من صدري، بارك الله لك فيه، ودعني أخدمك بدابة واحدة، فقال له المعتضد: ما بك الى هذا حاجة، ولا في نفسي عليك ما يوجب هذا، فقال: الآن قد علمت أن رأي أمير المؤمنين عليّ (138 - ظ) فاسد إذ ليس يخرج إلي بما عنده فيّ، ولا يقبل ما بذلته، ولا يقع منه عقاب، وأخذ يلج في البكاء والتضرع، فرق له المعتضد وتغيظ من معرفته بذلك، فقال:
(1)
-الخرثي: أثاث البيت. القاموس.
أتحب أن أفعل هذا؟ قال: نعم، قال: تصدفني عن السبب الذي حملك على هذا، فعرفه ما جرى له مع أحمد بن الطيب، فرضي عنه وحلف له على ما سر به وخفف عن خاطره، ووثق له أنه لا يسيء إليه وأنفذ في الحال وقبض على أحمد بن الطيب وحبسه.
قال التنوخي: وقيل إن السبب في قتله أن أحمد بن الطيب دعاه الى مذاهب الفلاسفة والخروج عن الاسلام، فاستحل قتله، فلما أجمع على قتله أنفذ إليه يقول له: أنت كنت عرفتنا عن الحكماء أنهم قالوا: لا يجب للملوك أن يغضبوا، فإذا غضبوا، فلا يجب لهم أن يرضوا، ولولا هذا لأطلقتك لسالف ذمتك وخدمتك، ولكن اختر أي قتلة تحب أن أقتلك، قال: فاختار أن يطعم اللحم المكبب ويسقى الشراب العتيق حتى يسكر، ثم يفصد من يديه، ويترك دمه يجري الى أن يموت، فأمر المعتضد بذلك، ففعل به، وظن أحمد أن دمه إذا انقطع مات في الحال بغير ألم فانعكس ظنه.
قال: وذلك أنه لما فصد نزف جميع دمه ثم بقيت معه من الحياة بقية فلم يمت وغلبت عليه الصفراء فصار كالمجنون ينطح برأسه الحيطان (139 و) ويصيح ويضج لفرط الآلام ويعدو في محبسه ساعات كثيرة الى أن مات، فبلغ المعتضد ذلك، فقال: هذا اختياره لنفسه، وليس في الفساد بأكثر مما اختاره لنفسه من الرأي الذي جر عليه القتل.
أنبأنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف عن أبي الفتح بن البطي عن أبي عبد الله الحميدي قال: أخبرنا غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن ابن ابراهيم الصابئ قال: حدثني-يعني أباه-قال: حدثني جدي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبو اسحاق أبي قال: جرى بيني وبين أبي الحسين القاسم بن عبيد الله في وزارته للمكتفي بالله ذكر أحمد بن الطيب السرخسي الذي قتله المعتضد
بالله فقال: كان المعتضد بالله يعدد بعد قتله إياه ذنوبه إليه والأمور التي أنكرها عليه ليعلم أنه كان مستحقا ما عمله به، فمما حدثني به عنه أن كان له مجلس يجتمع إليه أهل العلم فيفاوضونه ويفاوضهم، وكنت ربما سألته عن هذا المجلس وما يجري فيه فيخبرني به، وسألته في بعض الأيام على عادتي، فقال: يا أمير المؤمنين مرّ بي أمس شيء طريف، قلت: ما هو؟ قال: دخل إلي في جملة الناس رجل لا أعرفه حسن الرواء والهيئة، فتوهمت فيه أنه من أهل الفضل والمعرفة، وقعد لا ينطبق من أول المجلس الى آخره، فلما انصرف من كان حاضرا لم ينصرف معهم، فقلت:
ألك حاجة؟ قال: نعم تخلي لي نفسك، فأبعدت غلماني، فقال لي: أنا رجل أرسلني الله تعالى الى هذا البشر وقد بدأت بك لفضلك، وأملت أن أجد عندك معونة على ما بعثت له، فقلت له: يا هذا أما علمت أني مسلم أعتقد أنه لا نبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قد علمت ذلك وما جئتك إلا بأمر وبرهان، فهل لك في الوقوف على معجزتي، فأردت أن أعلم ما عنده فقلت له:
هاتها، فقال: يحضر سطل فيه ماء، فتقدمت بإحضاره، وأخرج من كمه حجرين أصمين صلدين كأشد ما يكون من الصخر، وقال لي: خذهما، فأخذتهما، فقال:
ما هما:؟ فقلت: حجران، قال لي: رم أن تكسرهما فلم أستطع لشدتهما، وصلابتهما، فقلت: ما أستطيع، فقال: ضعهما في السطل، فوضعتهما، قال: وغطهما، فغطيتهما بمنديل، وأقبل يحدثني، فوجدته ممتعا كثير الحديث، شديد العبارة، حسن البيان، صحيح العقل لا أنكر منه شيئا، فلما طال الأمر قلت له:
فأي شيء بعد هذا؟ فقال: أخرج لي الحجرين، فكشفت عنهما وطلبتهما في السطل فلم أجدهما وتحيرت وقلت: ليس في السطل شيء، فقال لي: أنت تركتهما بيدك ولم أقرب منهما، ولا لحظت السطل بعيني فضلا عن غيره، فقلت صدقت، فقال لي: أما في هذا إعجاز؟ فقلت: بقيت عليك حال واحدة، قال: ما هي؟ قلت:
آتيك بحجر من عندي فتفعل به مثل هذا، فقال لي: وهكذا قال أصحاب موسى
له: نريد أن تكون العصا من عندنا، فتوقفت عن جوابه لأفكر فيه، فقام وقال:
فكر في أمرك الى أن أعود إليك وانصرف وندمت بعد انصرافه على إخراجي عنه، وأمرت الغلمان بطلبه ورده فتفرقوا في كل طريق وما وجدوه.
قال القاسم: وقال لي المعتضد بالله: أتدري ما أراد أحمد بن الطيب لعنه الله بهذا الحديث؟ فقلت: لا يا أمير المؤمنين، قال: إنما أراد أن سبيل موسى عليه السلام في العصا كانت كسبيل هذا الرجل في الحجرين وأن الجميع بحيلة، وكان ذاك من أكبر ما نقمت عليه.
أخبرنا أبو الحسن بن المقير إذنا عن أبي الفضل بن ناصر قال: أنبأنا أبو القاسم بن أحمد عن أبي أحمد بن أبي مسلم عن أبي بكر الصولي قال: وأنشدني يحيى بن علي لنفسه في ابن الطيب، وكان قد زعم أنه أحرق كتبه كلها إلا الحديث والفقه واللغة والشعر، فقال المعتضد: وما ينفعه ذلك مع كفره.
يا من يصلى رياء
…
ويظهر الصّوم سمعه
وليس يعبد ربّا
…
ولا يدين بشرعه
قد كنت عطلت دهرا
…
فكيف أسلمت دفعه
إن كنت قد تبت فالشّ
…
يخ لا يفارق طبعه
لو ظلت في كل يوم
…
مصلّيا ألف ركعه
وصمت دهرك لا مف
…
طرا ولا يوم جمعه
ما كنت في الكفر إلا
…
كالنار في رأس قلعه
(1)
تتلو القرآن ولو تس
…
طيع فرقت جمعه
وإن سمعت بحق
…
حاولت بالزور دفعه (139 ظ)
قل لي أبعد اتباع ال
…
كندي تعمر ربعه
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية: خ-أي في نسخة أخرى-تلعه.
وتستقي الكفر منه
…
ولا تحاذر شنعه
أظهرت تقوى ونسكا
…
هيهات في الأمر صنعه
ولو بدا لك سلح
…
منه لآثرت لطعه
(1)
فاذهب الى مذهب الشي
…
خ ربّ صك برجعه
فما تقاك مليحأ
…
وليس كفرك بدعه
فأنشدتها المعتضد بالله في آخر أيام ابن الطيب، فقال: اكتبها وادفعها إليه، ففعلت ذلك.
ذكر أبو الحسين محمد بن أحمد القواس قال: ولي أحمد بن الطيب الحسبة يوم الاثنين، والمواريث يوم الثلاثاء، وسوق الرقيق يوم الاربعاء لسبع خلون من رجب سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
قال: وفي هذا اليوم وهو يوم الاثنين لخمس خلون من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين غضب على أحمد بن الطيب.
قال: وفي يوم الخميس لليلة بقيت من جمادى الأولى ضرب أحمد بن الطيب مائة سوط وحول إلى المطبق
(2)
، وفي صفر سنة ست وثمانين ومائتين مات أحمد بن الطيب السرخسي.
(1)
-اللطع: أن تضرب مؤخر الانسان برجلك، ولطعه بالعصا: ضربه. القاموس.
(2)
-من سجون بغداد.
حرف الظاء في آباء الأحمدين فارغ
ذكر حرف العين في آباء الأحمدين
(140 و)
من اسم أبيه عاصم من الاحمدين
أحمد بن عاصم بن سليمان:
أبو عمر الجعدي البالسي الخضيب، حدث ببالس عن العباس بن اسماعيل قريق، ومحمد بن عمرو الباهلي، روى عنه أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ
أخبرنا أبو الفرج محمد بن علي بن حمرة القبيطي في كتابه قال: أخبرنا أبو الكرم المبارك بن الحسن الشهر زوري عن أبي القاسم اسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الرحمن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا أحمد بن عاصم البالسي قال: حدثنا محمد بن عمر الباهلي عن عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن مجاهد
(1)
بن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعجلن الى شيء تظن انك ان استعجلت اليه انك مدركه وان كان الله عز وجل لم يقدر ذلك، ولا تستأخرن من شيء تظن أنك ان استأخرت أنه مدفوع عنك وان كان الله عز وجل قد قدره عليك.
(1)
-كذا بالاصل وهي تصحيف صوابه «عن» انظر الكامل لابن عدي:5/ 1932. حيث الحديث وعلته في عبد الوهاب بن مجاهد ذلك أن عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
أحمد بن عاصم الانطاكي:
أبو عبد الله، وقيل أبو علي الزاهد الحكيم صاحب المواعظ، من كبار المشايخ وزهادهم وأولى الحكمة واللسان، روى عن الهيثم بن جميل الانطاكي، ومخلد بن الحسين، وأبي قتادة، وسفيان بن عيينة، ويوسف بن أسباط (140 ظ) وأبي معاوية محمد بن حازم الضرير، وأبي يعقوب اسحاق بن إبراهيم الحنيني، وقيل إنه رأى الفضيل بن عياض.
روى عنه أحمد بن أبي الحواري، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وأبو عمرو السراج، وأبو حصين محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى التميمي، وعبد العزيز بن محمد بن المختار، وأحمد بن صالح، واسحاق بن عبد المؤمن الدمشقي، وعلي بن الموفق البغدادي، ومحمود بن خالد، وأبو محمد عبد الله بن هلال الدومي الربعي، وعبد الواحد بن أحمد الدمشقي، وأبو الحسن محمد بن الفيض بن محمد بن الفياض الغساني.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني في كتابه إلينا من مرو غير مرة قال: أخبرنا الشيخ أبو سعد محمد بن منصور بن عبد الرحيم الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي إجازة قال: (141 و) أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: أحمد بن عاصم الأنطاكي كنيته أبو علي، ويقال أبو عبد الله، من متقدمي مشايخ الثغور من أقران بشر بن الحارث، وسري، وحارث المحاسبي.
سمعت أبا القاسم النصر أباذي يقول: كان يقال: أحمد بن عاصم الأنطاكي جاسوس القلوب وذكر لي غيره أن أبا سليمان الداراني كان يسميه كذلك.
أخبرنا أبو البركات بن محمد بن الحسن إذنا قال: أخبرنا علي بن الحسن ابن هبة الله قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلاّل قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر الحسين بن سلمة الهمذاني قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء، ح.
قال ابن مندة وأخبرنا حمد بن عبد الله الأصبهاني إجازة قالا: أخبرنا ابن أبي حاتم قال: أحمد بن عاصم أبو عبد الله الأنطاكي، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وسمعت أبا زرعة يقول: رأيته بدمشق يجالس محمود بن خالد وسمعت أبي يقول: أدركته ولم أكتب عنه، كان صاحب مواعظ وزهد.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرنا الفتوح عبد الوهاب بن شاه بن أحمد الشاذيافي، ح.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن في كتابها إلينا من نيسابور قالا: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه بن أحمد الشاذيافي، ح.
وأنبأنا أبو النجيب بن عثمان القاري قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا:
أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: (141 ظ) ومنهم أبو علي أحمد بن عاصم الأنطاكي من أقران بشر بن الحارث، والسري، والحارث المحاسبي، وكان أبو سليمان الداراني يسميه جاسوس القلوب لحدة فراسته
(1)
.
وقال أحمد بن عاصم: اذا طلبت صلاح قلبك فاستعن عليه بحفظ لسانك، وقال أحمد بن عاصم: قال الله تعالى: «انما أموالكم وأولادكم فتنة» ونحن نستزيد من الفتنة.
(2)
.
أخبرنا عبد الرحيم بن أبي سعد المروزي كتابة قال: أخبرنا أبو الخير جامع ابن عبد الرحيم بن ابراهيم السقاء الصوفي قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد العزيز الصفار قال: أخبرنا أبو عبد الرحيم السلمي قال: أحمد بن عاصم، وهو أحمد بن عاصم الانطاكي أبو علي، ويقال أبو عبد الله وهو الاصح، وهو من أقران بشر بن الحارث، والسري، وحارث المحاسبي، ويقال إنه رأى الفضيل بن عياض.
(3)
.
(1)
- الرسالة القشيرية- ط. القاهرة (محمد علي صبيح واولاده) ص 18.
(2)
- سورة الانفال-الآية:28.
(3)
-من كبار شخصيات التصوف الاولى انظرهم في الرسالة القشيرية:8 - 15.
سمعت أبا العباس محمد بن الحسن الخشاب يقول: سمعت جعفر الخلدي يقول: سمعت الجنيد وابن مسروق، والجريري يقولون: قال أبو عبد الله أحمد بن عاصم الانطاكي: قرة العين، وسعة الصدر، وروح القلب وطيب النفس في أمور أربعة: الاستبانة للحجة، والانس بالاحبة، والثقة بالعدة، والمفائز للمناية
أخبرنا عمي أبو غانم قال: أخبرنا عمر بن علي الجويني، ح.
وأنبأتنا زينب الشعرية قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذيافي، ح.
وأنبأنا أبو النجيب القاري قال: أخبرنا أبو الاسعد (142 و) القشيري قالا:
أخبرنا أبو القاسم بن هوازن القشيري قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي قال: حدثنا عباس ابن حمزة قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: قال أبو عبد الله الانطاكي:
ان أقل اليقين اذا وصل الى القلب يملأ القلب نورا، وينفي عنه كل ريب، ويمتلئ القلب به شكرا، ومن الله خوفا.
وقالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو جعفر بن أحمد بن سعيد الرازي قال: حدثنا عباس بن حمزة قال: سمعت أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أحمد بن عاصم الانطاكي يقول: من كان بالله أعرف كان له أخوف.
(1)
.
أنبأنا عبد الرحيم بن أبي سعد قال: أخبرنا أبو سعد الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر المزكي اجازة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السّلمي قال: سمعت عبد الله بن محمد الرازي يحكى عن أحمد بن عاصم أنه قال: وافقنا الصالحين في أعمال الجوارح وخالفناهم في الهمم.
(1)
- الرسالة القشيرية:17.
وقال أبو عبد الرحمن: سمعت محمد بن ظاهر الوزيري يقول: سمعت الحسن ابن محمد بن اسحاق يقول: سمعت سعيد بن عثمان الحناط يقول: حدثنا أحمد ابن أبي الحواري يقول: سمعت أحمد بن عاصم أبو عبد الله الانطاكي يقول:
الصبر هو أول مقام الرضا.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمّوية (142 ظ) قال: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذيافي، ح.
وأخبرنا أبو النجيب اسماعيل بن عثمان بن اسماعيل القاري، وزينب بنت عبد الرحمن في كتابيهما، قال أبو النجيب: أخبرنا أبو الاسعد القشيري، وقالت زينب: أخبرنا الشاذيافي، قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: وسمعته يعني محمد بن الحسين السلمي يقول: سمعت النصر أباذي يقول:
سمعت ابن أبي حاتم يقول: سمعت علي بن شهمردان يقول: قال أحمد بن عاصم الانطاكي-وسئل ما علاقة الرجاء في العبد-قال: أن يكون اذا أحاط به الاحسان ألهم الشكر راجيا لتمام النعمة من الله عليه في الدنيا، وتمام عفوه في الآخرة.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا اليه: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا اسحاق ابراهيم بن محمد بن يحيى يقول: أنشدنا مسعر بن علي البرذعي قال: أنشدنا عبد الله بن أحمد بن عقبة الاصبهاني قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن متوية لأحمد بن عاصم الأنطاكي:
داعيات الهوى تخفّ علينا
…
وخلاف الهوى علينا ثقيل
فقد الصدق في الأماكن حتى
…
وصفه اليوم ما عليه دليل (143 و)
لا نرى خائفا فيلزمنا الخوف
…
ولا صادقا كما قد نقول
فبقينا مردّدين حيارى
…
نطلب الصدق ما إليه سبيل
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل قال: أخبرنا جدي أبو محمد مقاتل بن مطكود السوسي قال: أنشدنا أبو علي الحسن بن علي الاهوازي قال: أنشدنا أبو القاسم العطار قال: أنشدنا أبو القاسم ابن أبي العقب قال أنشدني أبو زرعة الدمشقي قال: أنشدنا أحمد بن عاصم الأنطاكي:
هون عليك فكل الأمر منقطع
…
وخلّ عنك عنان الهمّ يندفع
فكلّ همّ له من بعده فرج
…
وكلّ همّ إذا ما ضاق يتّسع
إن البلاء وإن طال الزمان به
…
فالموت يقطعه أو سوف ينقطع
(1)
أخبرنا أبو بكر منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي اجازة قال: أخبرنا جد أبي أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي- اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا الامام أبو سعيد محمد بن علي الخشاب قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: سمعت أبا جعفر الرازي يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: سمعت أحمد بن عاصم الانطاكي يقول: يسير اليقين يخرج كل الشك من القلب، ويسير الشك يخرج اليقين كله من القلب (143 ظ)
(1)
-في مختصر ابن عساكر لابن منظور:3/ 130 ثلاثة أبيات غير هذه دالية.
ذكر من اسم أبيه العباس من الاحمدين
أحمد بن العباس بن أحمد بن الخواتيمي:
أبو العباس بن أبي الفضل، كان أبوه قاضي طرسوس، وكان ابنه من الثقات الامناء العدول المؤهلين للرئاسة.
حكى عنه القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي.
قرأت بخط القاضي أبي عمرو في سير الثغور من تأليفه قال: وحدثني أبو العباس أحمد بن العباس بن أحمد الخواتيمي، وهو ابن القاضي، وكان من يتحفظ اذا تكلم، ويعد من الصادقين، أنه أحصى على أبي بكر محمد بن محمد بن داود مدة شهري كانون الاول والآخر وعشرا من شباط في كل يوم كسوة لا تشبه التي تقدمتها.
وقرأت بخط أبي عمرو أيضا قال: توفي أبو العباس أحمد بن العباس بن الخواتيمي أول يوم من شهر صفر من سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وكان يرجى ويؤهل للرئاسة لفضله ونبله وستره وثقته وعدالته، وكان أبوه القاضي عليلا، فلما عزوه به، وانصرف المعزون من داره أمسك على لسانه فلم يتكلم ثلاثا ومات. (144 ظ).
أحمد بن العباس بن عثمان، أبو العباس الكشاني:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
روى إنشادا بحلب عن الفقيه علي بن عبد الله السمنقاني، روى عنه جعفر بن الحسن ابن أحمد بن علي أبو الفضل النيسابوري.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أنشدنا جعفر بن الحسن القارئ، بعين أيوب
(1)
إملاء، قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن العباس بن عثمان الكشاني المقرئ بحلب قال: أنشدني الفقيه علي بن عبد الله السمنقاني لنفسه:
الدمع ينطق واللسان كتوم
…
والصبر ناء والغرام مقيم
والقلب من ألم الفراق مروّع
…
فيه لهجران الحبيب كلوم
ولنا على خلل المنازل وقفة
…
منا البكاء ومنهم التسليم
فنفاوض الشكوى بكسر جفوننا
…
خوف الرقيب وسرنا مكتوم
أحمد بن العباس بن علي بن نوبخت:
كاتب أبي بكر محمد بن رائق، كان في صحبة أبي بكر بن رائق حين وصل الى حلب واليا عليها في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ومدحه أبو الفرج علي بن أبي بكر بن العلاف بحلب بأبيات أولها:
(1)
-لم يذكرها ياقوت في معجم البلدان.
غادني يا غلام بالبابلي
…
..... (145 - و)
وكان ابن نوبخت فاضلا أديبا، وكاتبا أريبا، وله رأي ثاقب، وتدبير حسن صائب؛ وقد ذكرنا دخوله حلب في ترجمة علي بن الحسن بن العلاف
(1)
.
من أسم أبيه عبد الله من الاحمدين
أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الحسين:
أبو نصر بن أبي محمد بن أبي العباس الماسرجسي المطوعي، كان كثير الغزو والجهاد، وخرج الى طرسوس مجاهدا، فتوفي بعد دخوله الى الشام وهو متوجه إليها بأعمال حلب.
وذكره أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور بما أخبرنا به أبو بكر عبد الله ابن عمر بن علي بن الخضر القرشي، وعبد الرحمن بن عمر الغزال في كتابيهما قالا:
أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي والحيري، وأبو عثمان الصابوني والبحيري فيما أذنوا لنا فيه قالوا:
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الحسين، أبو نصر بن أبي محمد بن أبي العباس الماسرجسي، ابن ابنه الحسن بن عيسى بن ماسرجس، وكان من المطوعة الكثيري الجهاد.
سمع جده أبا العباس، وأباه، وعمه أبا أحمد، وأبا أحمد والد الحسين، وغيرهم من أهل بيته، وسمع أبا بكر محمد بن اسحاق، وأبا العباس السراج وأقرانهما.
(1)
-القسم الحاوي لترجمته من البغية هو بحكم المفقود، ولم يذكره الثعالبي في يتيمة الدهر، ومن أجل ولاية ابن رائق انظر زبد الحلب:1/ 99 - 102.
توفي أبو نصر الماسرجسي في متوجهه (145 - ظ) الى طرسوس وخرجت له الفوائد عند خروجه الى طرسوس سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وفيها توفي بالشام.
أحمد بن عبد الله بن أحمد المرعشي أبو الحسن:
حدث عن أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، روى عنه القاضي أبو بكر محمد بن يوسف بن الفضل الجرجاني.
أخبرنا أبو بكر القاسم بن أبي سعد بن أبي حفص الصفار في كتابه إلينا من نيسابور قال: أخبرنا جدي أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور الصفار، وأخته عائشة قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن عمير بن خلف الشيرازي قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن يوسف بن الفضل الجرجاني-قدم علينا رسولا-قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن أحمد المرعشي قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا طالوت بن عبد الله الجحدري قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي الأحوص عن عبد الله قال:
أتى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني عن «شهد الله» بماذا شهد ربنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله اللوح وسماه محفوطا جعل دفيته من ياقوتة حمراء، ثم خلق الله القلم من لؤلؤة رطبة، مشقوق شفته، يستمدّ من غير من يستمدّ وأقام (146 - و) بإزاء عرشه، وأراد منهم الإقرار، فقال لهم: من أنا؟ فقالوا: أنت الله لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك، فأمر الله القلم اكتب «شهد الله أنه لا إله إلاّ هو» ، ثم خلق الله الملائكة بعلمه لا يعلم عددهم إلا الله، وأراد منهم الإقرار، فقال لهم: من أنا؟ فقالوا: «أنت الله لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك» ، فأمر الله القلم: اكتب «والملائكة» فكتب القلم «والملائكة» ثم وقف، وخلق الله آدم عليه السلام وسماه أبا البشر وخلق
ذريته على مثال الذر وأقامهم بإزاء عرشه، وأراد منهم الإقرار فقال لهم: من أنا؟ فقالوا: أنت «الله الذي لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك» فأمر الله القلم:
اكتب «وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم»
(1)
.
أحمد بن عبد الله بن اسحاق:
أبو الحسن وقيل أبو الحسين الخرقي، كان له اختصاص بالمتقي لله قبل أن يلي الخلافة فلما وليها خلع عليه، وولاه قضاء مصر والشامات جميعها والحرمين، ومرّ في الشارع والجيش معه، وكان المتقي يشاركة في الرأي ويقبل مشورته، وسيره في رسائل عدة منها أنه كان قدم مع المتقي الى الرقة حين قدمها وقد جرى له ما جرى مع توزون، فسيره المتقي رسولا الى حلب الى الإخشيذ أبي بكر محمد ابن طغج، فقدم عليه حلب يسأله أن يسير إليه (146 - ظ) ليجتمع معه بالرقة ويجدد العهد به، ويستعين به على نصرته ويقتبس من رأيه، ولما وصل أبو الحسن الى حلب تلقاه الإخشيذ وأكرمه وأظهر السرور، والمتعة بقرب المتقي، وسار الإخشيذ الى المتقي الى الرقة، فأكرمه وكناه، وخاطبه بأبي بكر، وسنذكر ذلك في ترجمة الإخشيذ إن شاء الله تعالى.
أنبأنا أبو روح عبد المعز الهروي عن زاهر بن طاهر قال: أنبأنا أبو القاسم البندار عن أبي أحمد المعرئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي إجازة قال في حوادث سنة ثلاثين وثلاثمائة: وصرف القضاة عن الجانبين ببغداد، وتقلد القضاء بهما أبو الحسين أحمد بن اسحاق الخرقي لأربع بقين من شهر ربيع الآخر، وخلع عليه في يوم خميس ونزل في جامع الرصافة، وقرأ عهده
(2)
.
وقال أبو بكر الصولي في حوادث سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة قال: ووجه المتقى لله أحمد بن عبد الله بن اسحاق القاضي من الرقة الى الأمير توزون ليؤكد الأيمان عليه ويجددها، ووافقه على شرائط اشترطها عليه المتقي لله، وأشهد عدو له
(1)
- سورة آل عمران-الآية:18.
(2)
- كتاب الاوراق (أخبار الراضي بالله والمتقي لله) ط. بيروت 1979 ص 226
عليه ووجوه الهاشميين أصحاب المراتب الذين يصلون الى السلطان أيام الموكب، ويتقدمون القضاة والعالم في السلام، ويسمعون أيمانه، وما عملت له منها مما يطوقون رقبته، فوصل القاضي الى بغداد يوم الخميس لأربع خلون من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، ففعل جميع ما تقدم به إليه المتقي (147 - و) لله، وكان قد وجه معه بخلع وطوق من ذهب ليخلعها على الأمير توزون إذا فرغ مما بينه، وبينه، ففعل هذا كله إلاّ أمر الخلع فإنه دافع عنه.
قال: وتحدث الناس بمجيء الخليفة الى هيت، وخرج القاضي إليه وعرفه جميع ما جرى وطيب نفسه، وسكن الى ذلك، ورجع القاضي الى الأمير توزون فعرفه ما صنع، فدخل بغداد للنصف من صفر، ثم ذكر قبض توزون على المتقي لله، وأنه كحله.
قال: وعبر توزون مع المستكفي بالله يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من صفر، ونزل بباب الشماسية، وقبض على أبي الحسين علي بن محمد بن مقلة وزير المتقي، وعلى القاضي الخرقي، وعلى جماعة معهم.
قال: وحمل القاضي الخرقي الى دار ابن شيرزاد ليؤدي ما بقي عليه من مال مصادرته التي فورق عليها. (147 - ظ)
(1)
أحمد بن عبد الله بن الحسن القاضي:
أبو الفضل الأنطاكي، من الرؤساء وأولي الهيئات والممدحين بأنطاكية، ومدح المتنبي فيه يدل على فضله وسعة علمه.
أنبأنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر قال: أخبرنا الرئيس أبو الحسن علي بن علي بن نصر بن سعد قال أخبرنا أبو البركات محمد بن عبد الله بن
(1)
- الصولي-المصدر نفسه:279 - 284، مع فوارق كبيرة.
يحيى قال: أخبرنا علي بن أيوب بن الحسين قال: أنشدنا أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي لنفسه يمدح القاضي أبا الفضل أحمد بن عبد الله بن الحسن الأنطاكي:
لك يا منازل في القلوب منازل
…
أقفرت أنت وهنّ منك أواهل
قال فيها:
جمع الزمان فلا لذيذ خالص
…
مما يشوب ولا سرور كامل
حتى أبو الفضل بن عبد الله رؤ
…
يته المنى وهي المقام الهائل
ممطورة طرقي إليه ودونها
…
من جوده في كلّ فجّ وابل
محجوبة بسرادق من هيبة
…
يثني الأزمّة والمطيّ ذوامل
للشمس فيه وللرياح وللسحاب
…
وللبحار وللأسود شمائل
ولديه ملعقيان والأدب المفاد
…
وملحياة وملممات مناهل
لو لم تهب لجب الوفود حواله
…
لسرى إليه قطا الفلاة الناهل
يدري بما بك قبل تظهره له
…
من ذهنه ويجيب قبل تسائل (148 و)
وتراه معترضا لها ومواليا
…
أحداقنا وتحار حين تقابل
كلماته قضب وهنّ فواصل
…
كلّ الضرائب تحتهن مفاصل
هزمت مكارمه المكارم كلها
…
حتى كأنّ المكرمات قتائل
وقتلن ذفرا والدهيم فما ترى
…
أمّ الدهيم وأم ذفر هائل
علامة العلماء واللجّ الذي
…
لا ينتهي ولكلّ لج ساحل
لو طاب ولد كل حيّ مثله
…
ولد النساء ومالهنّ قوابل
لو بان بالكرم الجنين بيانه
…
لدرت به ذكرا أم أنثى الحامل
ليزد بنو الحسن الشراف تواضعا
…
هيهات تكتم في الظلام مشاعل
ستروا الندى ستر الغراب سفاده
…
فبدا وهل يخفي الرباب الهاطل
(1)
(1)
-ديوانه:185 - 188.
أحمد بن عبد الله بن حمدون بن نصير بن ابراهيم:
أبو الحسن الرملي المعروف بالجبريني، أظن أن أصله من بيت جبرين
(1)
، وسكن الرملة.
سمع بحلب أبا بكر أحمد بن محمد بن أبي ادريس إمام جامعها، وبأنطاكية أبا بكر محمد بن الحسن بن فيل، وحدث عنهما وعن أبي محمد عبد الله بن أبان بن شداد العسقلاني، وأبي الفضل عباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة، وأبي هاشم محمد بن عبد الأعلى بن عليك الإمام، وأبي الحسن داود بن أحمد بن مصحح العسقلاني وأبي الحسن محمد بن بكار بن يزيد السكسكي الدمشقي.
روى عنه عبد الوهاب بن جعفر الميداني، وتمام بن محمد الرازي (148 ظ)
أحمد بن عبد الله بن سابور بن منصور الدقاق:
أبو العباس البغدادي السابوري، منسوب الى جده سابور، قدم حلب وسمع بها أبا نعيم عبيد بن هشام، وبركة بن محمد الحلبيين وحدث عنهما، وسمع بغيرها أبا بكر بن أبي شيبة، وعبد الله بن أحمد بن شبّوية، وسفيان بن وكيع وواصل بن عبد الأعلى الكوفي، ونصر بن علي الجهضمي، ومحمد بن أبي نوح فراد.
روى عنه أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ، وأبو عمر بن حيوية وأبو بكر الأبهري، وابن المقرئ، وعمر بن محمد بن سنبك، وأبو محمد عبد العزيز بن الحسن بن علي بن أبي صابر.
أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان الكاشغري في كتابه، وقرأت عليه بحلب قال: أخبرنا أحمد بن صالح بن شافع الجيلي قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد
(1)
-بلد بين القدس وغزة وكانت فيه قلعة عظيمة. معجم البلدان.
ابن عبد الله بن محمد بن البيضاوي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق قال: حدثنا بركة بن محمد بحلب قال: حدثنا يوسف بن أسباط بن واصل الشيباني عن سفيان بن سعيد عن خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الاستنشاق والمضمضة للجنب ثلاثا فريضة (149 - ظ).
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي-قالت: إجازة؛ قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين-قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي المقرئ قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق قال: حدثنا أبو نعيم الحلبي قال: حدثنا المعتمر بن سليمان عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد أن ابن عباس-قال: سمعته عن علي-قال: ألا أخبركم بخبر الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: بلى، قال: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-قراءة عليه وأنا أسمع-قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن طرّاد بن محمد الزينبي، ح.
قال ابن طبرزد: وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي وابن المجلي-إجازة إن لم يكن سماعا منهما أو من أحدهما-قالوا: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي قال: قرئ على حمزة بن يوسف السهمي وأنا حاضر أسمع قال:
سألت أبا الحسن الدارقطني عن أبي العباس أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق فقال: ثقة.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي بن ثابت قال: أحمد بن عبد الله بن سابور بن منصور أبو العباس الدقاق، سمع أبا بكر بن أبي شيبة، وأبا نعيم (150 و) عبيد بن هشام، وبركة بن محمد الحلبيين، وعبد الله بن أحمد بن شبّويه المروزي، وسفيان بن وكيع بن الجراح، ونصر بن علي الجهضمي، وواصل بن عبد الأعلى الكوفي.
روى عنه عمر بن محمد سنبك، وأبو عمر بن حيّويه، وأبو بكر الأبهري الفقيه، وغيره.
وقال الخطيب: أخبرني الأزهري قال: قال لنا محمد بن العباس الخزاز: مات أبو العباس أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق يوم السبت بالعشي، ودفن يوم الأحد ضحوة لعشر بقين من المحرم سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة
(1)
.
أنبأنا أبو الحسن بن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد ابن محمد بن أحمد السّلفي الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي-قرأت عليه من أصل ابن الفرات-قال: قرأت على أبي اسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي: أخبركم أبو الحسن محمد بن العباس بن الفرات في كتابه قال: قرئ على أبي عبد الله محمد بن مخلد ونحن نسمع فأقر به وقال: نعم، قال: سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة: فيها مات أبو العباس أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق في المحرم.
وأنبأنا حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا السّلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار: قال أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال:
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 225.
أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، أبو العباس بن سابور الدقاق في المحرم-يعني مات.
أحمد بن عبد الله بن سليمان:
ابن محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن داود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أنور بن أرقم بن أسحم، وقيل أنور بن أسحم بن النعمان، وهو الساطع بن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن بريخ بن جذيمة بن تيم اللاّت، وهو مجتمع تنوخ بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير بن العرنج بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر، وهو هود عليه السلام، أبو العلاء بن أبي محمد التنوخي المعري.
قرأ النحو واللغة على أبيه أبي محمد عبد الله بمعرّة النعمان، ومحمد بن عبد الله بن سعد النحوي بحلب.
وحدث عن أبيه أبي محمد عبد الله بن سليمان بن محمد-بن محمد
(1)
-، وجدّه سليمان بن محمد وأبي الفتح محمد بن الحسن بن روح، ويحيى بن مسعر (150 ظ) أبي زكريا وأخويه أبي المجد وأبي الهيثم عبد الواحد ابني عبد الله، وأبي الفرج عبد الصمد بن أحمد بن عبد الصمد الفقيه الضرير الحمصي، وأبي عبد الله محمد بن يوسف الرقي المعروف بابن كراكير، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الرحيم الرحبي، والقاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي قاضي معرة النعمان، وجدته أم سلمة بنت الحسن بن اسحاق بن بلبل.
ورحل إلى بغداد سنة ثماني وتسعين وثلاثمائة، ودخلها سنة تسع وتسعين
(1)
-كذا بالأصل وهي زيادة.
وثلاثمائة، وسمع بها أبا الحسن علي بن عيسى الربعي، وأبا أحمد عبد السلام ابن الحسين البصري المعروف بالواجكا.
وقرأ عليه ببغداد أبو القاسم التنوخي، وابن فورجه، وروى عنه أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي، وأقام مدة بالمعرة يقرأ عليه، وأبو المكارم عبد الوارث بن محمد بن عبد المنعم الأبهري، وأبو محمد الحسن بن علي بن عمر المعروف بقحف العلم، وابن أخيه القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد قاضي معرة النعمان، وابنه أبو المجد محمد بن عبد الله بن محمد، والشيخ أبو الحسين علي بن محمد بن عبد اللطيف بن زريق المعري، وابنه أبو الفضل أحمد بن علي، روى عنه سبعة أجزاء من حديث أبي العلاء عن شيوخه، وأبو الحسن يحيى بن علي بن عبد اللطيف ابن زريق، وجد جدي أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبيان، والقاضي أبو الفتح ابن أحمد بن أبي الروس (151 و) السروجي، والخليل بن عبد الجبار بن عبد الله التميمي القرّائي، وعثمان بن أبي بكر السفاقسي المغربي، وأبو التمام غالب بن عيسى بن أبي يوسف الأنصاري الأندلسي، وأبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي وأبو الحسن علي بن أخيه أبي المجد بن عبد الله بن سليمان، وزيد بن أخيه أبي الهيثم عبد الواحد، وأبو غالب همّام بن الفضل بن جعفر بن المهذب، وأبو صالح محمد ابن المهذب بن علي بن المهذب، وأبو اليقظان أحمد بن محمد بن أبي الحواري، وأبو العباس أحمد بن خلف الممتع، وابن أخته إبراهيم بن الحسن البليغ، ومحمد ابن الخضر المعروف بالسابق بن أبي مهزول، وأبو الفضل بن صالح المعريون، والقاضي أبو القاسم المحسن بن عمرو التنوخي المعري، وأبو القاسم عبيد الله بن علي ابن عبد الله الرقّي الأديب، وأبو الحسن رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، وأبو نصر محمد بن محمد بن هميماه السالار، وأبو الحسن الدلفي الشاعر المصيّصي، وأبو سعد إسماعيل بن علي السّمّان، وأبو الوليد الدربندي، وأبو طاهر
محمد بن أحمد بن أبي الصّقر الأنباري، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني، وأبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن التبريزي، وأبو المظفر إبراهيم ابن أحمد بن الليث الآذري.
وكتّابه الذين كانوا يكتبون مصنفاته وما يمليه: أبو الحسن علي بن عبيد الله ابن أبي هاشم، وابنه أبو الفتح محمد بن علي، وجعفر بن أحمد بن صالح، وأبو إسحاق إبراهيم بن علي بن إبراهيم الخطيب (151 ظ) القارئ.
وكان خشن العيش، قنوعا من الدنيا بملك ورثه من أبيه، والناس فيه مختلفون على مذهبين فمنهم: من يقول أنه كان زنديقا ملحدا ويحكون عنه أشياء تدل على كفره، ومنهم من يقول أنه كان على غاية من الدين والزهد، وأنه كان يأخذ نفسه بالرياضة والخشونة وظلف العيش، وأنه كان مقتنعا بالقليل، غير راغب في الدنيا، وسأورد من قول كل فريق ما فيه كفاية ومقنع، وقد أفردت كتابا جامعا في ذكره، وشرحت فيه أحواله وتبينت وجه الصواب في أمره، وسمته «بدفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري» فمن أراد معرفة حقيقة حاله فلينظر في ذلك الكتاب فإن فيه غنية في بيان أمره
(1)
، وتحقيق صحة اعتقاده، وعلو قدره ان شاء الله تعالى.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء البغدادي بدمشق، وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي بحلب قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الخطيب الأنباري من لفظه قال: أخبرنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي بقراءتي عليه في داره بمعرة النعمان قال: حدثني أبو زكريا بن مسعر
(1)
-نشرت قطعة من هذا الكتاب أولا من قبل الشيخ راغب الطباخ في أعلام النبلاء ثم أعيد نشرها في كتاب تعريف القدماء بأخبار أبي العلاء، وقد أشرت في مقدمتي الى وجود نسخة كاملة من هذا الكتاب.
التنوخي المعري قال: حدثنا أبو عروبة بن أبي معشر الحراني قال: حدثنا هوبر قال: حدثنا مخلد بن عيسى الخياط عن أبي الزناد عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (152 و) «إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار، فالصلاة نور المؤمن والصيام جنّة من النار
(1)
».
قرأت بخط أحمد بن علي بن عبد اللطيف المعري: وولد-يعني أبو العلاء- يوم الجمعة عند غروب الشمس لثلاثة أيام مضت من شهر ربيع الاول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.
وقرأت في تاريخ جمعه أبو غالب همّام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب المعري التنوخي قال: سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، فيها ولد الشيخ أبو العلاء أحمد ابن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي، يوم الجمعة لثلاث بقين من شهر ربيع الأول.
وسير إلي قاضي معرة النعمان أبو المعالي أحمد بن مدرك بن سليمان جزءا بخطه يتضمن أخبار بني سليمان، نقله من نسخة عنده، فقال في ذكر أبي العلاء: ولد يوم الجمعة قبل مغيب الشمس لسبع وعشرين ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، واعتل علة الجدري التي ذهب بصره فيها في جمادى الأولى من سنة سبع وستين وثلاثمائة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني أبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي قال: ذكر لي أبو العلاء المعري أنه ولد في يوم الجمعة لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة
(2)
.
(1)
-انظر كنز العمال:3/ 7438.
(2)
- تاريخ بغداد:4/ 241.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي جعفر أحمد بن علي، وأبو المحامد إسماعيل بن حامد ابن عبد الرحمن (152 ظ) القوصي قالا: أخبرنا أبو جعفر محمد بن المؤيد بن أبي اليقظان أحمد بن محمد بن حواري التنوخي المعري-قال أبو الحسن: إجازة- قال: أخبرني جدي أبو اليقظان قال: كان مولد الشيخ أبي العلاء بن سليمان المعري رحمه الله بمعرة النعمان يوم الجمعة مغيب الشمس لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وجدّر في أول سنة سبع وستين وثلاثمائة فعمي من الجدري، وغشّى يمنى حدقتيه بياضا، وأذهب اليسرى جملة.
ورحل إلى بغداد سنة ثمان وتسعين، ودخلها سنة تسع وتسعين، وأقام بها سنة وسبعة أشهر، ولزم منزله عند منصرفه من بغداد مدة سنة أربعمائة، وسمى نفسه رهين المحبسين للزومه منزله ولذهاب عينيه، وتوفي بين صلاتي العشاءين ليلة الجمعة الثالث من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة، فكان عمره ستا وثمانين سنة إلا أربعة وعشرين يوما، ولم يأكل اللحم من عمره خمسا وأربعين سنة، وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة، رحمة الله عليه.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي عن أبي طاهر أحمد ابن محمد السلفي قال: سمعته-يعني أبا محمد عبد الله بن الوليد بن غريب الإيادي المعري-يقول: دخلت على أبي العلاء وأنا صبي مع عمي أبي طاهر نزوره، فرأيته قاعدا على سجادة لبد وهو يسبح، فدعا لي ومسح على رأسي (153 و) وكأني انظر إليه الساعة، وإلى عينيه إحداهما بادرة والأخرى غائرة جدا، وهو مجدر الوجه نحيف الجسم.
أخبرني والدي رحمه الله يأثره عن شيوخ الحلبيين أنه بلغهم أن أبا العلاء بن سليمان قال: أحقق من الألوان لون الحمرة، وذلك أنني لما جدّرت ألبستني أمي قميصا أحمر فأنا أذكر ذلك اللون وأحققه قبل العما.
وقرأت فيما سيّره القاضي أبو المعالي أحمد بن مدرك قاضي المعرة من أخبار بني سليمان قال: ولما قدم من بغداد-يعني أبا العلاء-عزم على العزلة والانقضاب من العالم فكتب إلى أهل معرة النعمان:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب إلى السّكن المقيم بالمعرة شملهم الله بالسعادة، من أحمد بن عبد الله بن سليمان، خصّ به من عرفه وداناه، سلّم الله الجماعة ولا أسلمها ولم شعثها ولا آلمها.
أما الآن فهذه مناجاتي بعد منصرفي عن العراق، مجتمع أهل الجدل، وموطن بقية السّلف، بعد أن قضيت الحداثة فانقضت، وودّعت الشبيبة فمضت، وحلبت الدهر أشطره، وخبرت خيره وشره، فوجدت أقوى ما أصنعه أيام الحياة أن اخترت عزلة تجعلني من الناس كبارح الأروى
(1)
من سانح النعام، وما ألوت نصيحة لنفسي، ولا قصرت في اجتذاب المنفعة إلى حيّزي، فأجمعت على ذلك، واستخرت الله فيه بعد جلائه عن نفر يوثق بخصائلهم، فكلهم رآه حزما وعدّة إذا تم (153 ظ) رشدا، وهو أمر أسري عليه بليل قضى سنة، وخبت به النعامة، ليس بنسج الساعة ولا ربيب الشهر والسنة، ولكنه غذيّ الحقب المتقادمة، وسليل الفكر الطويل، وبادرت إعلامهم ذلك مخافة أن يتفضل منهم متفضل بالنهوض إلى المنزل الجارية عادتي بسكناه ليلقاني فيه، فيتعذر ذلك عليه، فأكون قد جمعت بين سمجين: سوء الأدب، وسوء القطيعة، وربّ ملوم لا ذنب له.
والمثل السائر خلّ امرأ وما اختار
(2)
، وما أسمحت القرون الإياب حتى وعدتها أشياء ثلاثة: نبذة كنبذة فتيق النجوم
(3)
، وانقضابا من العالم
(1)
-الأروى: أنثى الوعل. القاموس.
(2)
-المثل «دع امر أو ما اختار» في أمثال أبي عبيد. ط. دمشق 112:1980
(3)
-لعله يريد به الليل وفي القاموس الفتيق: الصبح المشرق.
كانقضاب القابية من القوب
(1)
، وثباتا في البلد إن جال أهله من خوف الروم، فإن أبى من يشفق عليّ أو يظهر الشفق إلا النفرة مع السواد كانت نفرة الأعضب
(2)
والأدماء
(3)
.
وأحلف ما سافرت استكثر من النشب، ولا أتكثّر بلقاء الرجال، ولكن آثرت الإقامة بدار العلم، فشاهدت أنفس ما كان لم يسعف الزمن بإقامتي فيه، والجاهل مغالب القدر، فلهيت عما ما استأثر به الزمان، والله يجعلهم أحلاس الأوطان، لا أحلاس الخيل والركاب، ويسبغ عليهم النعمة سبوغ القمراء الطلقة على الظبي الغرير، ويحسن جزاء البغداديين فلقد وصفوني بما لا أستحق (154 و) وشهدوا لي بالفضيلة على غير علم وعرضوا علي أموالهم عرض الجد، فصادفوني غير جذل بالصفات ولا هش الى معروف الأقوام، ورحلت وهم لرحلتي كارهون، وحسبي الله «وعليه فليتوكل المتوكلون
(4)
.»
قال: وانما قيل رهن المحبسين للزومه منزله، وكف بصره، وأقام مدة طويلة في منزله محتجبا لا يدخل عليه أحد، ثم ان الناس تسببوا اليه حتى دخلوا عليه، فكتب الشيخ أبو صالح محمد بن المهذب إلى أخيه أبي الهيثم عبد الواحد بن عبد الله بن سليمان رحمهما الله في ذلك.
بشمس زرود لا ببدر معان
…
ألمّا وإن كان الجميع شجاني
يقول فيها:
أبا الهيثم اسمع ما أقول فإنّما
…
يعين على ما قلت خير معان
قريضي هجاء إن حرمت مديحه
…
لأروع وضّاح الجبين هجان
(1)
-في القاموس: تخلصت قابة من قوب: أي بيضة من فرخ، يضرب لمن انفصل عن صاحبه.
(2)
-الاعضب: من لا ناصر له والقصير اليد.
(3)
-الأدماء: أي الفقراء.
(4)
- سورة يوسف-الآية:67.
أطلّ على بغداد كالغيث جاءها
…
بأسعد نجم في أجلّ أوان
نضاها ثياب المحل وهي لباسها
…
وبدّلها من شدّة بليان
فياطيب بغداد وقد أرجت به
…
على بعدها الأطراف من أرجان
غدا بكم المجد المضئ وإنّه
…
ليقمر من أضوائه القمران
ميسّر المعالي دوننا هل يسرّها
…
بطون وهاد أو ظهور رعان
(154 ظ)
نأى ما نأى فالموت دون فراقه
…
فما عذره في النأي إذ هو دان
فكن حاملا مني إليه رسالة
…
تبيّن لينا في هضاب أبان
فإن قال: أخشى من فلان تشبها
…
فقل ما فلان عندنا كفلان
هو الخلّ ما فيه اختلال مودّة
…
فلا تخشى منه زلة بضمان
فإن خنت عهدا أو أسأت خليقة
…
ولم يك شأني في المودّة شاني
فلا أحسنت في الحرب امساك مقبضي
…
يميني ولا يسراي حفظ عناني
لعلّ حياتي أن تعود نضيرة
…
لديه كما كانت وطيب زماني
قلت: وكان أبو صالح بن المهذب قائل هذا الشعر ابن عمة أبي العلاء.
وكان أبو العلاء مفرط الذكاء والحفظ، وأخبرني والدي رحمه الله فيما يأثره عن أسلافه أنه قيل لأبي العلاء: بم بلغت هذه الرتبة في العلم؟ فقال: ما سمعت شيئا إلا حفظته، وما حفظت شيئا فنسيته.
وحكى لي أيضا والدي فيما يأثره عن سلفه قال: سار أبو العلاء من المعرة الى بغداد، فاتفق عند وصوله إليها موت الشريف أبي أحمد الحسين والد المرتضى والرضي، فدخل الى عزيته، والناس مجتمعون، فخطا الناس في المجلس، فقال له بعضهم ولم يعرفه: الى أين يا كلب؟ فقال: الكلب من لم يعرف للكلب كذا وكذا اسما، ثم جلس في أخريات الناس الى أن أنشد الشعراء، فقام وأنشد قصيدته الفائية التي أولها (155 و):
أودى فليت الحادثات كفاف
…
مال المسيف وعنبر المستاف
يرثي بها الشريف المتوفى، فلما سمعها الرضي والمرتضى قاما إليه ورفعا مجلسه إليهما وقالا له: لعلك أبو العلاء المعري؟ فقال: نعم، فأكرماه واحترماه، وطلب أن تعرض عليه الكتب التي في خزائن بغداد، فأدخل إليها وجعل لا يعرض عليه كتاب إلا وهو على خاطره، فعجبوا من حفظه
(1)
.
وزادني غير والدي أنه لما أنشد:
أودى فليت الحادثات كفاف ....
قيل له: كفاف، فأعادها كفاف، فتأملوا ذلك وعرفوا أن الصواب ما قال.
أخبرنا الشريف أبو علي المظفر بن الفضل بن يحيى العلوي الاسحاقي- إجازة كتبها لي ببغداد وأنا بها وقد اجتمعت به بحلب وعلقت عنه فوائد-قال:
حدثني والدي رضي الله عنه وأرضاه يرفعه الى ابن منقذ قال: كان بأنطاكية خزانة كتب، وكان الخازن بها رجلا علويا، فجلست يوما إليه فقال: قد خبأت لك غريبة طريفة لم يسمع بمثلها في تاريخ ولا كتاب منسوخ، قلت: وما هي؟ قال: صبي دون البلوغ ضرير يتردد إلي وقد حفظته في أيام قلائل عدة كتب، وذاك أنني أقرأ عليه الكراسة والكراستين مرة واحدة فلا يستعيد إلا ما يشك فيه، ثم يتلو علي ما قد سمعه كأنه قد كان محفوظه، قلت: فلعله يكون يحفظ ذلك، قال:
سبحان الله كل كتاب في الدنيا (155 - ظ) يكون محفوظا له، وإن كان ذلك كذلك فهو أعظم، ثم حضر المشار إليه وهو صبي دميم الخلقة، مجدور الوجه على عينيه بياض من أثر الجدري كأنه ينظر بإحدى عينيه قليلا، وهو يتوقد ذكاء، يقوده رجل طوال من الرجال أحسبه يقرب من نسبه فقال له الخازن: يا ولدي
(1)
-ويروى أنه دب الخلاف اثر ذلك بينه وبين الشريف المرتضى بسبب المتنبي. انظر الخبر مفصلا في معجم الادباء (ط. بيروت 1980) 2/ 123 - 124.
هذا السيد رجل كبير القدر، وقد وصفتك عنده، وهو يحب أن تحفظ اليوم ما يختاره لك، فقال: سمعا وطاعة فليختر ما يريد.
قال ابن منقذ: فاخترت شيئا وقرأته على الصبي وهو يموج ويستزيد، فإذا مر به شيء يحتاج الى تقريره في خاطره يقول: أعد هذا، فأردده عليه مرة واحدة حتى انتهيت الى ما يزيد على كراسة، ثم قلت له: يقنع هذا من قبل نفسي، قال:
أجل حرسك الله، قلت: كذا وكذا وتلا علي ما أمليته عليه وأنا أعارضه بالكتاب حرفا حرفا حتى انتهى الى حيث وقفت عليه، فكاد عقلي يذهب لما رأيت منه، وعلمت أن ليس في العالم من يقدر على ذلك إلا أن يشاء الله، وسألت عنه فقيل لي: هذا أبو العلاء التنوخي من بيت العلم والقضاء والثروة والغناء.
قلت: ذكره لهذه الحكاية أنها كانت بأنطاكية لا يصح، فإن أنطاكية استولى عليها الروم وانتزعوها من أيدي المسلمين في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وولد (156 و) أبو العلاء بعد ذلك بأربع سنين وثلاثة أشهر، وبقيت أنطاكية في أيدي الروم الى أن مات أبو العلاء بن سليمان في سنة تسع وأربعين وأربعمائة وبعده الى أن فتحها سليمان بن قطلمش في سنة سبع وسبعين وأربعمائة
(1)
، فكيف يتصور أن يكون بها خزانة كتب وخازن علوي وهي في أيدي الروم، ويشبه أن تكون هذه الواقعة بكفر طاب أو بغيرها، وقد يتصحف كفر طاب بأنطاكية، وابن منقذ أبو المتوج مقلد بن نصر بن منقذ كان من أقران أبي العلاء، وكانت له كفر طاب فيحتمل أن يكون ذلك كان معه والله أعلم.
وقرأت في كتاب «جنان الجنان ورياض الأذهان»
(2)
لابن الزبير المصري ما يناسب هذه الحكاية، قال ابن الزبير: حدثني القاضي أبو الفتح محمود بن
(1)
-أشار الى ذلك بشكل مفصل في الجزء الاول لدى الحديث عن أنطاكية.
(2)
-هذا الكتاب بحكم المفقود.
القاضي اسماعيل بن حميد الدمياطي قال: حدثني أبي قال: حدثني هبة الله بن موسى المؤيد في الدين، وكانت بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة
(1)
، قال: كنت أسمع من أخبار أبي العلاء وما أوتيه من البسطة في علم اللسان ما يكثر تعجبي منه، فلما وصلت المعرة قاصدا للديار المصرية لم أقدّم شيئا على لقائه، فحضرت إليه، واتفق حضور أخي معي وكنت بصدد أشغال يحتاج إليها المسافر فلم أسمح بمفارقته والاشتغال بها، فتحدث معي أخي حديثا باللسان الفارسي فأرشدته الى ما يعمله فيها، ثم عدت الى مذاكرة أبي العلاء، فتجارينا الحديث الى أن (156 ظ) ذكرت ما وصف به من سرعة الحفظ، وسألته أن يريني من ذلك ما أحكيه عنه فقال:
خذ كتابا من هذه الخزانة-لخزانة قريبة منه-واذكر أوله، فإني أورده عليك حفظا، فقلت: كتابك ليس بغريب إن حفظته، قال: قد دار بينك وبين أخيك كلام بالفارسية إن شئت أعدته، قلت: أعده، فأعاده ما أخل والله منه بحرف، ولم يكن يعرف اللغة الفارسية.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل-إذنا-قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: وذكر أبو العلاء بن سليمان، وحكى تلميذه أبو زكريا التبريزي أنه كان قاعدا في مسجده بمعرة النعمان بين يديه يقرأ عليه شيئا من تصانيفه، قال: وكنت قد أتممت عنده سنتين ولم أر أحدا من بلدي، فدخل مغافصة
(2)
المسجد بعض جيراننا للصلاة فرأيته وعرفته وتغيرت من الفرح، فقال لي أبو العلاء: ما أصابك، فحكيت له أني رأيت جارا لي بعد أن لم ألق أحدا من بلدي منذ سنين، فقال لي: قم وكلمه، فقلت: حتى أتمم السّبق
(3)
، فقال: قم أنا أنتظرك، فقمت وكلمته بالأذربيجية شيئا كثيرا، الى
(1)
-داعي الدعاة الفاطمي، له ديوان شعر ومجالس وسيرته لنفسه، وأورد ياقوت في معجم الادباء:2/ 176 - 212 (من ط. بيروت 1980) رسائله مع أبي العلاء.
(2)
-أي فجأة وعلى حين غرة. القاموس.
(3)
-أي ما سبق لي أن بدأت بقراءته.
أن سألت عن كل ما أردت، فلما عدت وقعدت بين يديه قال لي: أي لسان هذا؟ قلت: هذا لسان أهل أذربيجان، فقال: ما عرفت اللسان ولا فهمته غير أني حفظت ما قلتماه، ثم أعاد لفظنا بلفظ ما قلنا، فجعل (157 و) جاري يتعجب غاية العجب، ويقول: كيف حفظ شيئا لم يفهمه.
وأخبرني عنه بمثل هذه الحكاية والدي رحمه الله يأثره عن أسلافه قال: كان لأبي العلاء جار أعجمي فاتفق أنه غاب عن معرة النعمان، فحضر رجل أعجمي يطلبه قد قدم من بلده فوجده غائبا ولم يمكنه المقام فأشار إليه أبو العلاء أن يذكر حاجته إليه، فجعل ذلك الرجل يتكلم بالفارسية وأبو العلاء يصغي إليه الى أن فرغ من كلامه، ولم يكن أبو العلاء يعرف باللسان الفارسي، ومضى الرجل، فقدم جاره الغائب، وحضر عند أبي العلاء فذكر له حال الرجل، وجعل يذكر له بالفارسية ما قال والرجل يبكي ويستغيث ويلطم الى أن فرغ من حديثه، وسئل عن حاله، فأخبرهم أنه أخبر بموت أبيه وأخوته وجماعة من أهله.
قال لي والدي: ومما بلغني من ذكائه أن جارا سمانا كان له وبينه وبين رجل من أهل المعرة معاملة، فجاءه ذلك الرجل وحاسبه برقاع كان يستدعي فيها ما يأخذ منه عند دعو حاجته إليه، وكان أبو العلاء في غرفة له يسمع محاسبتهما.
قال: فسمع أبو العلاء السمان المذكور بعد مدة يتأوه ويتململ، فسأله عن حاله، فقال: كنت حاسبت فلانا برقاع كانت له عندي، وقد عدمتها ولا يحضرني حسابه، فقال له: ما عليك من بأس تعال إلي فأنا أملي عليك حسابه، وجعل يملي (157 ظ) معاملته جميعها رقعة رقعة، والسمان يكتبها الى أن فرغ وقام، فما مضت إلا أيام يسيرة ووجد السمان الرقاع وقد جذبها الفأر الى زاوية في الدكان، فقابل بها ما أملاه عليه أبو العلاء، فلم تخرم حرفا واحدا.
أخبرني القاضي أبو المعالي أحمد بن مدرك بن سعيد بن مدرك بن علي بن
سليمان قاضي معرة النعمان، قال: أخبرني جماعة من سلفنا أن بعض أمراء حلب قيل له: إن اللغة التي ينقلها أبو العلاء إنما هي من الجمهرة، وعنده نسخة من الجمهرة ليس في الدنيا مثلها، وحسنوا له طلبها منه قصدا لأذاه فسيّر أمير حلب إليه من يطلبها منه، فقال للرسول: سمعا وطاعة للأمير، تقيم عندنا هذه الأيام حتى نقضي شغلك، ثم أمر من يقرأ عليه كتاب الجمهرة، فقرئت عليه حتى فرغت، ثم دفعها الى الرسول، وقال: ما قصدت بذلك إلا بأن أمرها على خاطري خوفا من أن يكون قد شذ منها شيء عن خاطري، فعاد الرسول بها وأخبر أمير حلب بذلك، فقال: من يكون هذا حاله لا يجوز أن يؤخذ منه هذا الكتاب، وأمر برده إليه.
قلت وكان أبو العلاء قد سمع الجمهرة من أبيه أبي محمد عبد الله، وسمعها أبوه من أبي عبد الله الحسين بن خالويه ورواها أبو عبد الله عن ابن دريد الأزدي.
وسمعت أبا المعالي قاضي المعرة يقول: سمعت (158 و) جماعة من أهلنا يقولون كان الشيخ أبو العلاء متوقد الخاطر على غاية من الذكاء من صغره، وتحدث الناس عنه بذلك، وهو إذ ذاك صبي صغير، فكان الناس يأتون إليه ليشاهدوا منه ذلك، فخرج جماعة من أهل حلب الى ناحية معرة النعمان وقصدوا أن يشاهدوا أبا العلاء، فدخلوا الى معرة النعمان وسألوا عنه، فقيل لهم هو يلعب مع الصبيان، فجاءوا إليه وسلموا عليه، فرد عليهم السلام، فقيل له: إن هؤلاء جماعة من أكابر حلب جاءوا لينظروك ويمتحنوك، فقال لهم: هل لكم في المقافاة؟ فقالوا:
نعم، فجعل كل واحد منهم ينشد بيتا وهو بافية حتى فرغ محفوظهم بأجمعهم وقهرهم، فقال لهم: أعجزتم أن يعمل كل واحد منكم بيتا يقافي به عند الحاجة؟ فقالوا له: فافعل أنت ذلك، فجعل يجيب كل واحد منهم من نظمه في مقابلة ما أنشده حتى قهرهم، فعجبوا منه وانصرفوا.
ومن أعجب ما بلغني من ذكائه ما حدثني به والدي رحمه الله قال: بلغني أنه لما سافر أبو العلاء الى بغداد وأقام بها المدة التي أقامها اجتاز في طريقه وهو متوجه بشجرة، وهو راكب على جمل، فقيل له طأطئ رأسك لئلا تلحقك الشجرة، ففعل ذلك، فلما عاد من بغداد ووصل الى ذلك الموضع، وكانت الشجرة قد قطعت، طأطأ رأسه (158 ظ) فقيل له في ذلك، فقال: هاهنا شجرة، فقال
(1)
له: ما هاهنا شجرة، فقال: بلى، فحفروا في ذلك الموضع، فوجدوا أصلها، والله أعلم.
أخبرني بعض أهل المعرة بها قال: كان أبو العلاء المعري يشرب الماء من بئر بالمعرة يقال له بئر القراميد، وكان يستطيب ماءه، فلما رحل الى بغداد سيرت له والدته من ماء بير القراميد شيئا، فلما وصل الماء لم يعلموه به، وسقوه منه، فلما شربه قال: لا إله إلا الله ما أشبه هذا الماء بماء بير القراميد.
وأخبرني الوزير الفاضل مؤيد الدين أبو طالب محمد بن أحمد بن العلقمي
(2)
ببغداد قال: سمعت شيخي في النحو ابن أيوب يقول: كان ببغداد رجل من أهل العلم يقال له: أبو القاسم، وكان أديبا وبينه وبين أبي العلاء بن سليمان مكاتبات قد تكررت، ولم يكونا اجتمعا، فاتفق أن أبا القاسم المذكور قدم الشام ودخل على أبي العلاء، ولم يكن رآه قبل ذلك، فسلم عليه فقال له: أبو القاسم؟ فقال:
نعم، فقيل له: كيف عرفت أنه أبو القاسم؟ فقال: أخذت اسمه من كلامه.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي: سمعته-يعني أبا الزاكي حامد بن بختيار خطيب الشمسانية
(3)
-يقول: سمعت عبد المنعم-يعني أبا المهذب بن أحمد بن أبي الروس-يقول: سمعت أخي-يعني أبا الفتح-يقول: دخل
(1)
-كذا بالاصل، والاصح أن يقال: فقيل له.
(2)
-آخر وزراء الدولة العباسية في بغداد، وقد شهد سقوطها لهولاكو.
(3)
-بليدة بالخابور. معجم البلدان.
أبو العلاء المعري يوما على عمه القاضي أبي محمد التنوخي فلما رآه من بعيد يقصده قال لجارية لهم: قومي الى سيدك وخذي بيده، فقامت وأخذت بيده، فلما قام أشار إليها أيضا، فأخذت بيده لتوصله الى حجرته، فلما أخذ يدها التفت الى عمه وقال: دخلت وهذه الجارية بكر، والآن فهي ثيب، فقال: ومن أين تعلم، أيوحى إليك؟ فقال: حاشى وكلا، قد انقطع الوحي بعد المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام، ولكنني لما دخلت مسكت يدها وعصب الزند كالأوتار المشدودة، فعلمت أنها بكر، والآن فقد ارتخت، فعلمت أن البكورية زالت، فبحث القاضي أبو محمد وإذا ابن له قد دخل بها في تلك الساعة.
وهذا القاضي أبو محمد هو ابن أخي أبي العلاء، وأبو العلاء عمه، ولعل بعض رواة هذا الخبر نقله من حفظه، فاشتبه عليه أي الرجلين عم صاحبه، فوهم والله أعلم.
أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: سمعت أبا الحسن علي بن بركات بن منصور التاجر الرحبي بالذنبة
(1)
من مضافات (159 و) دمشق يقول: سمعت أبا عمران المعري يقول: عرض على أبي العلاء التنوخي الكفيف كف من اللوبياء، فأخذ منها واحدة ولمسها بيده، ثم قال: ما أدري ما هي إلا أني أشبهه بالكلية، فتعجبوا من فطنته واصابة حدسه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة عن الحافظ أبي طاهر السلفي، ح.
وكتب إلينا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي قال: سمعت
(1)
-لم يزد ياقوت في تعريفه عن قوله: «من أعمال دمشق» ولم يذكرها كردعلي في غوطة دمشق.
أحمد بن محمد الأصبهاني يقول: سألت أبا زكريا التبريزي إمام عصره في اللغة ببغداد وقلت له: قد رأيت أبا العلاء بالمعرة، وعالي بن عثمان بن جني الموصلي بصور، والقصباني بالبصرة، وابن برهان ببغداد، وغيرهم من الأدباء، فمن المفضل من بينهم؟ فقال: هؤلاء أئمة لا يقال لهم أدباء، وأفضل من رأيته ممن قرأت عليه أبو العلاء.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي علي الأنصاري قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قال: سمعت أبا الطيب سعيد بن إبراهيم بن سعيد الطّلبيري الطبيب بالثغر يقول:
سمعت عبد الحليم بن عبد الواحد السوسي بسفاقس
(1)
يقول: سئل الحسن بن رشيق
(2)
عن أبي العلاء المعري هل هو أشعر أم أنت؟ فقال: قد ألفت أنا كتابا وهو كتابا في معناه، فالفرق ما بيننا كالفرق ما بين الترجمتين، سمى هو كتابه «زجر النّابح» وسميت (159 ظ) أنا كتابي «ساجور الكلب» يشير إلى أن أبا العلاء أفضل وألطف وأهدى إلى المعاني وأعرف
(3)
.
أخبرنا عبد الله بن أبي علي الحموي عن أبي طاهر أحمد بن محمد، وكتب إلي أبو القاسم عيسى بن عبد الله بن عيسى اللخمي-قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن الحسن بن زرارة اللغوي يقول: كان بالمشرق لغوي، وبالمغرب لغوي في عصر واحد لم يكن لهما ثالث وهما ضريران، فالمشرقي أبو العلاء التنوخي بالمعرة، والمغربي ابن سيدة الأندلسي. وابن سيده أعلم من المعري، أملى من صدره كتاب المحكم ثلاثين مجلدا، وما في كتب اللغة أحسن منه.
قلت: وهذا غير مسلم لابن زرارة فإن ابن سيدة إن كان أملى المحكم في اللغة
(1)
-من مدن تونس المشهورة.
(2)
-ابن رشيق القيرواني صاحب العمدة.
(3)
-عثر على مقتطفات من كتاب زجر النابح، نشرها بدمشق 1982، الدكتور أمجد الطرابلسي.
فأبو العلاء قد أملى من خاطره نثرا: «كالأيك والغصون، والفصول والغايات، والسجع السلطاني» وغير ذلك مما يتضمن اللغة وغيرها من الألفاظ البليغة، والكلمات الوجيزة، ونظما مثل:«استغفر أو استغفري، ولزوم ما لا يلزم، وجامع الأوزان» يزيد على المحكم في المقدار أضعافا مضاعفة، وكتبه محصورة ولولا خوف الإطاله بذكرها لذكرت أسماءها وبيان حجم كل مصنف منها، وقد استوعبت ذلك في كتاب «دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري» .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد بن عبد الله سليمان أبو العلاء التنوخي الشاعر من أهل معرة (160 و) النعمان، كان حسن الشعر، جزل الكلام، فصيح اللسان، غزير الأدب، عالما باللغة حافظا لها.
وذكر لي القاضي أبو القاسم التنوخي أنه ورد بغداد في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وأنه قرأ عليه ديوان شعره ببغداد.
قال الخطيب: وكان أبو العلاء ضريرا، عمي في صباه وعاد من بغداد إلى بلده معرة النعمان، فأقام به إلى حين وفاته، وكان يتزهد ولا يأكل اللحم، ويلبس خشن الثياب، وصنف كتابا في اللغة، وعارض سورا من القرآن، وحكي عنه حكايات مختلفة في اعتقاده حتى رماه بعض الناس بالالحاد
(1)
.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي علي الرمّاني قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي-إذنا إن لم يكن سماعا-؛ وكتب إلينا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز الأندلسي قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: يحكى عن أبي العلاء المعري في الكتاب الذي أملاه وترجمه «بالفصول والغايات» وكأنّه معارضة منه للسور والآيات، فقيل له: أين هذا من القرآن؟ فقال: لم تصقله المحاريب أربعمائة سنة.
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 240 - 241.
وسمعت والدي يقول: قيل إن أبا العلاء عارض القرآن العزيز، فقيل له:
ما هذا إلاّ مليح إلا أنه ليس عليه طلاوة القرآن، فقال: حتى تصقله الألسن أربعمائة سنة وعند ذلك انظروا كيف يكون.
وقرأت بخط الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي في كتاب له تتبع الكلام فيه على الصرفة
(1)
، ونصر فيه مذهب المعتزلة في أن القرآن ليس (160 ظ) بمعجز في نفسه، لكن العرب صرفوا عن معارضته، فقال فيه: وقد حمل جماعة من الأدباء قول أرباب الفصاحة أنه لا يتمكن أحد من المعارضة بعد زمان التحدي على أن نظموا على اسلوب القرآن وأظهر ذلك قوم وأخفاه آخرون ومما ظهر منه قول أبي العلاء في بعض كلامه: أقسم بخالق الخيل والريح الهابة بليل بين الشرط ومطالع سهيل إن الكافر لطويل الويل، وإن العمر المكفوف الذيل، اتق مدارج السّيل، وطالع التوبة من قبيل تنج وما أخالك بناج.
وقوله: أذلت العائدة أباها، وأضاءت الوهدة ورباها، والله بكرمه احتباها، أولاها الشرف بما حباها، أرسل الشمال وصباها «ولا يخاف عقباها»
(2)
.
وهذا الكلام الذي أورده ابن سنان هو في كتاب «الفصول والغايات في تمجيد الله تعالى والعظات»
(3)
وهو كتاب إذا تأمله العاقل المنصف علم أنه بعيد عن المعارضة وهو بمعزل عن التشبه بنظم القرآن العزيز والمناقضة، فإنه كتاب وضعه على حروف المعجم، ففي كل حرف فصول وغايات، فالغاية مثل قوله: نباج، والفصل ما يقدم الغاية، فيذكر فصلا يتضمن التمجيد أو الموعظة ويختمه بالغاية على الحرف من حروف المعجم، مثل تاج، وراج، وحاج، كالمخمسات والموشحات في الشعر.
(1)
-صرف الحديث أن يزاد فيه ويحسن من الصرف بالدراهم. القاموس. والمراد هنا أن الله تعالى صرف القوى البشرية عن المعارضة ولذلك عجزوا ولولا صرفه تعالى لهم لاستطاعوا أن يأتوا بمثله، هكذا يزعم.
(2)
- سورة الشمس-الآية:15.
(3)
-طبع في القاهرة 1977 بتحقيق محمود حسن زناتي.
وله كتاب آخر كبير نحو ستين مجلدا على هذا الوضع أيضا سماه «الأيك (161 و) والغصون» وسماه «الهمزه والردف» يتضمن أيضا تمجيد الله تعالى والثناء عليه والمواعظ، ولم ينسبوه فيه إلى معارضة القرآن العزيز، وإنما نسبوه في الفصول والغايات لا غير، وقد كان له جماعة يحسدونه على فضله ومكانته من أبناء زمانه تصدّوا لأذاه، وتتبعوا كلامه وحملوه على غير المقصد الذي قصده كما هو عادة أبناء كل زمان في افتراء الكذب واختلاق البهتان، ووقفت له على كتاب وضعه في الرد على من نسبه إلى معارضة القرآن والجواب عن أبيات استخرجوها من نظمه رموه بسببها بالكفر والطغيان، سمى الكتاب «بزجر النابح» ورد فيه على الطاعن في دينه والقادح.
قرأت بخط أبي طاهر السلفي في رسالة كتبها أبو المظفر إبراهيم بن أحمد بن الليث الآذري إلى الكيا أبي الفتح الأصبهاني قال: ومنها-يعني من قنسرين- أدلجت متوجها الى معرة النعمان، والسوق الى أبي العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي أسعده الله، يحدو ركابي، والحنين إلى لقائه يحثّ أصحابي، وبلغت المعرة ضحية فلم أطق صبرا حتى دخلت إلى الشيخ أبي العلاء أسعده الله، فشاهدت منه بحرا لا بدرك غوره، وقليب ماء لا يدرك قعره، فأما اللغة ضمن قلبه، والنحو حشو ثوبه، والتصريف نشر بيته، والعروض ملك يده، والشعر طوع طبعه، والترسل بين أمره ونهيه، ورأيت أسبابه كلها أسباب من علم أن العيش (161 ظ) تعليل وأن المقام فيها قليل.
قال فيها: ورأيت من كتبه كتاب «الفصول والغايات، وكتاب لزوم ما لا يلزم، وكتاب زجر النابح» وسبب تصنيفه هذا الكتاب أن قوما من حساده فكوا من مقاطيع له في كتاب «لزوم ما لا يلزم» أبياتا كفروه فيها، وشهدوا عليه باستحالة معانيها، ومقاصد الشيخ أبي العلاء فيها غير مقاصدهم، ومغايصه في معانيها غير مغايصهم، فمن ذلك قوله:
إنما هذه المذاهب أسباب
…
لجذب الدنيا إلى الرؤساء
عرض القوم لا يرقون لدمع
…
الشمّاء والخنساء
(1)
كالذي قام يجمع الزّنج بالبصرة
(2)
…
والقرمطي بالأحساء
(3)
وأول الأبيات:
يا ملوك البلاد فزتم بنسئ
(4)
…
العمر
والجور شانكم في النّساء
ما لكم لا ترون طرق المعالي
…
قد يزور الهيجاء زيّ النّساء
(5)
يرتجي الناس أن يقوم إمام
…
ناطق في الكتيبة الخرساء
كذب الظنّ لا إمام سوى العقل
…
مشيرا في صبحه والمساء
فإذا ما أطعته جلب الرّحمة
…
عند المسير والإرساء
ثم يقول: «إنما هذه المذاهب» الأبيات الثلاثة، فأي بأس بهذا الشعر، وهل أتي القوم إلا من ضعف الخيزة
(6)
وسوء الفكر.
قرأت بخط الإمام أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني: سمعت الشيخ أبا الطيب سعيد بن إبراهيم بن سعيد الأندلسي يقول: سمعت عبد الحليم بن عبد الواحد بسفاقس (162 و) يقول: قدم بعض أهل الأدب من المشرق إلى إفريقية، فسأله الحسن بن رشيق عن أبي العلاء المعري وقال: أنشدني شيئا من شعره، فأنشده القصيدة التي أولها:
(1)
-في اللزوميات ط. دمشق 1/ 61:1986 «غرض القوم متعه لا يرقو xx x لدمع الشماء والخنساء» .
(2)
-من أجل ثورة الزنج. انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:308 - 310.
(3)
-درست في كتابي الجامع في أخبار القرامطة تاريخ دولة الاحساء وعلاقاتها بالخلافة الفاطمية.
(4)
-النسئ. التأخير والتأجيل.
(5)
-في اللزوميات-المصدر نفسه: «زير نساء» .
(6)
-النحيزة: الطبيعة. القاموس.
منك الصّدود ومني بالصدود رضا
…
من ذا عليّ بهذا في هواك قضى
(1)
فلم يرتض هذا المذهب من الشعر، واستلانه، وعزم على هجائه، فهجاه، ثم أنشده بعد بعض أحد الأدباء ممن جاء من المشرق أيضا:
هات الحديث عن الزوراء أو هيتا
…
وموقد النار لا تكرى بتكريتا
(2)
فقطع ما عمل فيه من الهجو، وقال: لو أخرج أبو العلاء يده من المعرة وصكّ ابن رشيق صكّة لرده إلى الزّاب من حيث جاء، وكان رشيق أبوه مملوكا ربي بالزّاب.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الجبار بن عبد الله العثماني في كتابه قال:
سمعت الشيخ الإمام الحافظ السلفي رحمه الله إملاء من لفظه ومن كتابه قال: سمعت أبا المكارم عبد الوارث بن محمد بن عبد المنعم الأسدي رئيس أبهر
(3)
بأبهر، وكان من أفراد الزمان، يقول: سمعت رشاء بن نظيف بن ما شاء الله المقرئ الفاضل الكبير بدمشق يقول: ما حملت الأرمض مثل أبي العلاء العري في فنه؛ وكان يتغالى فيه، وكان قد رآه وقرأ عليه. (162 ظ).
(1)
- معجم الادباء:2/ 138.
(2)
-شروح سقط الزند-ط. القاهرة 4/ 1553:1948.
(3)
-مدينة مشهورة بين قزوين وزنجان. معجم البلدان.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله، وعيسى بن عبد العزيز الأندلسي-قراءة على الأول، وكتابة من الثاني-قالا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني-قال عبد الله: إجازة إن لم يكن سماعا-قال: سمعت محمد بن حمزة بن أحمد التنوخي يقول: سمعت عبد الباقي بن علي المعري يقول:
كان أبو نصر المنازي أحد وزراء نصر الدولة بن مروان بديار بكر، فأرسله إلى مصر رسولا، فوصل إلى المعرة، ودخل إلى أبي العلاء، مسلما، فتناشدوا وانبسط أحدهما إلى الآخر، فذكر أبو العلاء ما يقاسي من الناس وكلامهم فيه، فقال له أبو نصر: ماذا يريدون منك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة! فقال: والآخرة أيضا والآخرة أيضا، وأطرق ولم يكلمه إلى أن قام.
وهذا هو عبد الباقي هو أبو المناقب عبد الباقي بن علي من أهل معرة النعمان، وكان قد أقام بمصر وتلقب خريطة النايات، وشعره شعر بارد متهلهل النسج، والذي ذكره عن المنازي وجده في تاريخ غرس النعمة
(1)
أبي الحسن محمد بن هلال بن المحسّن بن إبراهيم بن هلال الصابئ-وقرأته فيه-قال: وحدثني الوزير فخر
(1)
-اسم هذا التاريخ: عيون التواريخ، ذيل به على تاريخ أبيه، وصلنا بشكل غير مباشر داخل كتاب مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي، وحقق كرسالة ماجستير في كلية الآداب بجامعة دمشق 1987. انظر ص 77 - 78. هذا والمنازي هو أحمد بن يوسف (ت 437/ 1045) شاعر مشهور أصله من منازكرد، وقد وزر في ميافارقين للدولة المروانية-انظره في أعلام الزركلي.
الدولة أبو نصر بن جهير قال: حدثني المنازي الشاعر قال: اجتمعت بأبي العلاء المعري بمعرة النعمان وقلت له: ما هذا الذي يروى عنك ويحكى؟ فقال: (163 و) حسدني قوم فكذبوا علي وأساءوا إلي، فقلت له: على ماذا حسدوك وقد تركت لهم الدنيا والآخرة؟! فقال: والآخرة أيها الشيخ؟ قلت: أي والله، ثم قلت له: لم تمتنع من أكل اللحم وتلوم من يأكله؟ فقال: رحمة مني للحيوان، قلت: لا بل تقول إنه من شر الناس، فلعمري إنهم يجدون ما يأكلون ويتجزون به عن اللحمان ويتعوضون، فما تقول في السباع والجوارح التي خلقت لا غذاء لها غير لحوم الناس والبهائم والطيور ودمائها وعظامها، ولا طعام يعتاض به عنها ولا يتجزى به منها، حتى لم تخلص من ذلك حشرات الأرض، فإن كان الخالق لها الذي بقوله نحن، فما أنت بأرأف منه بخلقه ولا أحكم منه في تدبيره، وإن كانت الطبائع المحدثة لذاك على مذهبك فما أنت بأحذق منها، ولا أتقن صنعة ولا أحكم عملا حتى تعطلها ويكون رأيك وعقلك أوفى منها وأرجح وأنت من أبجادها غير محسوس عندها، فأمسك.
قلت: وهذا يبعد وقوعه من أبي نصر المنازي فإنه كان قدم على أبي العلاء وحكى ما أخبرنا به أبو القاسم بن رواحة عن أبي طاهر السّلفي قال: سمعت أبا الحسن المرجي بن نصر الكاتب يقول: سمعت خالي الوزير أبا نصر أحمد بن يوسف المنازي يقول:
بعثني نصر الدولة أبو نصر أحمد بن مروان
(1)
سنة من ميافارقين إلى مصر رسولا، فدخلت معرة النعمان واجتمعت (163 ظ) بأبي العلاء التنوخي، وجرت بيننا فوائد، فقال أصحابه فينا قصائد، ومن جملتها هذه الأبيات:
تجمع العلم في شخصين فاقتسما
…
على البريّة شطريه وما عدلا
(1)
-أشهر أمراء الدولة المروانية. انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:367 - 369.
جاءا أخيري زمان ما به لهما
…
مماثل وصل الجد الذي وصلا
أبو العلاء وأبو نصر هما جمعا
…
علم الورى وهما للفضل قد كملا
هذا كما تراه رامح علم
…
وذاك أعزل للدنيا قد اعتزلا
هما هما قدوة الآداب دانية
…
طورا وقاصية إن مثلا مثلا
لولا هما لتفرّ العلم عن حلم
…
أو لافترى صاحب التمويه إن سئلا
يا طالب الأدب اسأل عنهما وأهن
…
إذا رأيتهما أن لا ترى الأولا
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به
…
فطلعة البدر تغني أن ترى زحلا
فلو كان المنازي واجه أبا العلاء بهذا الكلام القبيح المستفظع لما مدح أصحابه أبا نصر بما ذكره، وكذلك الذي احتج به في ترك اللحم لا يليق أن يصدر مثله من أبي نصر المنازي، وقد كان عارفا بالفقه، وشهد له سليم الرازي بأن له يدا في الفقه واللغة على ما نذكره في ترجمته، ومثل ما نقله الناقل عنه جوابا عن قوله في ترك أكل اللحم أنه رحمة للحيوان لا يحسن الجواب عنه بما ذكر، والرحمة للحيوان من الخصال المندوب إليها كما قال صلى الله عليه وسلم:«والشاة إن رحمتها رحمك»
(1)
، وقد ترك جماعة (164 و) من الزهاد والعباد أكل الشهوات والطيبات تقربا إلى الله تعالى، وعدّ ذلك في مناقبهم ومحاسنهم، ولم ينكر عليهم، فكيف يجعل الامتناع من أكل اللحم تركا للآخرة، وقد استقصينا الكلام على هذا في كتاب «دفع الظلم والتجري» .
وقد قال أبو نصر المنازي في أبي العلاء أبياتا خاطبه بها في مدحه:
لله لؤلؤ ألفاظ تساقطها
…
لو كن للغيد ما استأنسن بالعطل
ومن عيون معان لو كحلن بها
…
نجل العيون لأغناها عن الكحل
سحر من اللفظ لو دارت سلافته
…
على الزمان تمشي مشية الثمل
(1)
-انظره في كنز العمال:12/ 35233.
فمن هذا خطابه له وذكره لما قيل فيهما كيف يصح عنه أنه يواجهه بهذا الكلام الفاحش الخارج عن حسن الآداب، المجانب لصحة القول والصواب.
أخبرنا عبد الله بن أبي علي الانصاري عن أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: ذكر-يعني أبا الفضل هبة الله بن المثنى بن ابراهيم الهيتي-له أنه دخل المعرة، وكان أبو العلاء يعيش فيها، فنهاه أبو صالح بن شهاب عن الدخول عليه.
قلت: وهذا أبو صالح هو أبو صالح محمد بن المهذب بن علي بن المهذب ابن أبي حامد بن همام بن أبي شهاب، وكان ابن عمه أبي العلاء، وهو الذي كتب الأبيات النونية الى أبي الهيثم أخي أبي العلاء حين احتجب أبو العلاء ومنع الناس من (164 ظ) الدخول عليه وأولها:
بشمس زرود لا ببدر معان.
وقد ذكرناها وفيها من المدح والتقريظ لأبي العلاء والتحيل في الدخول عليه ما هو واضح، فكيف يمنع الناس من الدخول عليه وينهاهم عنه، اللهم إلاّ إن كان ذلك وقع في الوقت الذي قدم أبو العلاء من بغداد، وعزم على العزلة عن الناس، وكتب الى أهل المعرة ما كتب، وأراد أبو الفضل الهيتي الدخول عليه فنهاه أبو صالح عن ذلك مخافة أن يمضي فيتعذر عليه فيكون كما قال في رسالته:
«فأكون قد جمعت بن سمجين: سوء الأدب وسوء القطيعة» .
ذكر ابن السيد البطليوسي في شرح سقط الزند لأبي العلاء قال: وكان المعري متدينا، كثير الصيام والصدقة، يسمع له بالليل هينمة
(1)
لا تفهم، وكان لا يقرع أحد عليه الباب حتى تطلع الشمس، فاذا سمع قرع الباب علم أن الشمس قد طلعت، فقطع تلك الهينمة وأذن في الدخول عليه، وكان لا يرى أكل اللحم، ولا شرب
(1)
-الهينمة: الصوت الخفي. القاموس.
المسكر، ولا النكاح، وكان ذا عفة ونزاهة نفس، إلاّ أنه كان مخالفا لما عليه أهل السنّة.
وقول ابن السيد: «أنه كان مخالفا لما عليه أهل السنة» لا أعلم بأي طريق وقعت المخالفة، وقد وصفه بهذه الصفات المحمودة، وكان شافعي المذهب من أهل السنة والجماعة.
وقرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي في تعليق له: سمعته يقول:-يعني حامد بن بختيار ابن جروان الشمساني-سمعت عبد المنعم يقول:-يعني عبد المنعم بن أحمد بن أبي الروس السروجي-سمعت أخي-يعني أبا الفتح-يقول:
دخل رجل من أهل الساحل على الشيخ أبي العلاء التنوخي بالمعرة ونحن عنده، وكان يعرفه، فقال له: أريد أن يملي سيدنا علي شيئا من غريب القرآن، فقال يا هذا من أين وصل إليّ غريب القرآن وأنا هاهنا في زاوية البيت، فلما خرج قال لنا: مضى فلان؟ فقلنا: نعم، فقال: ضعوا ما في أيديكم من الكراريس وخذوا سواها، ففعلنا، فقال: اكتبوا غريب القرآن فأملى علينا غريب القرآن والكلام عليه ثلاثة أسابيع من صدره، فقلنا له بعد ذلك: العلم لا يحل منعه وقد منعت ذلك الرجل الساحلي، فقال: ما كنت لأضيع الحكمة مع رجل يسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتنقصهم.
وأخبرنا أبو القاسم بن رواحة عن أبي طاهر السلفي قال: قال لي الرئيس (165 و) أبو المكارم يعني عبد الوارث بن محمد بن عبد المنعم الابهري، وكان من أفراد الزمان ثقة مالكي المذهب: لما توفي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون شاعرا وختم في اسبوع واحد عند القبر مائتا ختمة، وهذا ما لم يشارك فيه.
وكانت الفتاوى في بيتهم على مذهب الشافعي من أكثر من مائتي سنة بالمعرة.
قلت: ولم ينقل أن أبا العلاء كان مبتدعا، لكن نسبوه الى ما هو أعظم من ذلك.
وقرأت في تاريخ غرس النعمة ابن الصابئ: أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري الشاعر، الأديب الضرير، وكان له شعر كثير، وفيه أدب غزير، ويرمى بالالحاد، وأشعاره دالة على ما يزن به من ذاك، ولم يك يأكل لحوم الحيوان ولا البيض، ولا اللبن، ويقتصر على ما تنبته الأرض، ويحرم ايلام الحيوان ويظهر الصوم زمانه جميعه، ونحن نذكر طرفا مما بلغنا من شعره ليعلم صحة ما يحكى عنه من الحاده، وله كتاب سماه «الفصول والغايات» عارض به السور والآيات، لم يقع الينا منه شيء فنورده.
وذكر أشعارا: نسبها اليه، فمنها ما هو من شعره في «لزوم ما لا يلزم» وفي «استغفر واستغفري» قد أجاب عنها في كتابه المعروف «بزجر النابح» والكتاب «بنجر الزجر» ، واذا تأملها المنصف حق التأمل لم يجد فيها ما يوجب القدح في دينه، ومنها ما وضع على لسانه وتعمل (165 ظ) تلامذته المنحرفون وغيرهم من الحسدة نظمها على لسانه وضمنوها أقاويل الزنادقة، وفيها من ركاكة اللفظ والعدول عن الفصاحة التي هي ظاهرة في شعره ما يوجب نفيها عنه وبعدها منه، فمما أورده وهو موضوع عليه:
إذا كان لا يحظى برزقك عاقل
…
وترزق مجنونا وترزق أحمقا
فلا ذنب يا رب السماء على إمرئ
…
رأى منك ما لا يشتهى فتزندقا
(1)
وهذا شعر في غاية السقوط والنزول والهبوط، يقضي على ناظمة بالجهل والعمه والكفر والسفه ومما أورد من الأشعار الموضوعة على لسانه البعيدة عن فصاحته وبيانه.
صرف الزمان مفرق الإلفين
…
فاحكم إلهي بين ذاك وبيني
أنهيت عن قتل النفوس تعمدا
…
وبعثت أنت بقبضها ملكين
وزعمت أن لها معادا ثانيا
…
ما كان أغناها عن الحالين
(2)
(1)
-عيون التواريخ:74. مع فوارق.
(2)
-المصدر نفسه:73. مع بعض الفوارق.
ولم يعز غرس النعمة شيئا من هذه الاشعار المكذوبة الى كتاب يعتمد عليه، ولا: نسب روايتها الى ناقل أسندها اليه، بل اقتصر في ذكرها كما ذكر على البلاغ ولم يتأمل أن مثلها مما يختلق عليه زورا ويصاغ.
وقد نسج أبو يعلى بن الهبارية على منوال غرس النعمة من غير فكر ولاروية، فقال في كتابه الموسوم «بفلك المعاني» المشحون بقول الزور فيما ينقله ويعاني:(166 و) وقد قال أبو العلاء أحمد بن سليمان مع تحذلقه ودعواه الطويلة العريضة وشهرته نفسه بالحكمة ومظاهرته:
ونهيت عن قتل النفوس تعمدا
…
وبعثت تقبضها مع الملكين
وزعمت أنّك في المعاد تعيدها
…
ما كان أغناها عن الحالين
قال ابن الهبارية: وهذا كلام مجنون معتوه يعتقد أن القتل كالموت، والموت، كالقتل، فليت هذا الجاهل الذي حرم الشرع وبرده، والحق وحلاوته، والهدى ونوره، واليقين وراحته، لم يذع ما هو برئ منه بعيد عنه ولم يقل:
غدوت مريض العقل والرأي فأتني
…
لتخبر أنباء الأمور الصحائح
حتى سلط الله عليه أبا نصر بن أبي عمران داعي الدعاة بمصر، فقال: أنا ذلك المريض رأيا وعقلا، وقد أتيتك مستشفيا فاشفني، وجرت بينهما مكاتبات كثيرة، وأمر باحضاره حلب، ووعده على الإسلام خيرا من بيت المال، فلما علم أبو العلاء أنه يحمل للقتل أو الإسلام سمّ نفسه فمات
(1)
.
وابن الهبّاريّة لا يعتمد على ما ينقله، وأبو نصر بن أبي عمران هو هبة الله ابن موسى، المؤيد في الدين، وكان اجتمع بأبي العلاء بمعرة النعمان، وذكرنا فيما نقله ابن الزبير باسناده أنه كانت بينه وبين أبي العلاء صداقة ومراسلة، وذكر حكايته معه.
(1)
- انظر معجم الأدباء:2/ 185.
وأما الرسائل التي جرت (166 ظ) بينه وبين أبي العلاء فإنني وقفت عليها، وملكتها نسخه، والمؤيد في الدين ابتداه وقال: بلغني عن سيدنا الشيخ بيتا، وذكر البيت المذكور، وقال: أنا ذلك المريض عقلا ورأيا وقد أتيتك مستشفيا، لم امتنعت عن أكل اللحم؟
فأجابه أبو العلاء أن ذلك لرقة تأخذه على الحيوان، وأن الذي يحصل له من ملكه لا يقوم بسعة النفقه.
فأجابه بجواب حسن وقال: إنه قد تقدم إلى الوالي بحلب أن يحمل إليه ما يقوم بكفايته، لا كما ذكر ابن الهبّاريّة بأن يحمل الى حلب، وأنه وعد عن الاسلام خيرا من بيت المال، فامتنع أبو العلاء عن قبول ما بذله له وأجابه عن كتابه بجواب حسن، فورد جواب المؤيد في الدين يتضمن الاعتذار إليه عن تكليفه المكاتبة في المعنى المذكور، وشغل خاطره، لا كما ذكر ابن الهبارية.
وكذلك قول ابن الهبّاريّة أن أبا العلاء «سم نفسه فمات» ، خطأ فاحش من القول فإن أبا العلاء مات حتف أنفه بمرض أصابه، وسنذكر ذلك إن شاء الله في ذكر وفاته.
قرأت بخط أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد سليمان أو بخط أبيه أبي محمد عبد الله فإن خطيهما متشابهان، في ورقة وقعت إليّ، ذكر فيها شيئا من أحوال أبي العلاء، وقال فيها: إن المستنصر بالله صاحب مصر بذل له ما لبيت المال بمعرة النعمان من الحلال، فلم يقبل منه شيئا وقال:(167 و).
كأنما غانة لي من غنى
…
فعدّ عن معدن أسوان
(1)
سرت برغمي عن زمان الصبى
…
يعجلني وقتي وأكواني
ضد أبي الطيب لما غدا
…
منصرفا عن شعب بوّان
(2)
(1)
-معدن أسوان هو الذهب.
(2)
-من شعر اللنزوميات انما لم أقف عليهم في طبعة دمشق.
وقال:
لا أطلب الأرزاق والمولى
…
يفيض علي رزقي
إن أعط بعض القوت أعلم
…
أن ذلك ضعف حقي
(1)
قال: وكان رضي الله عنه يرمى من أهل الحسد له بالتعطيل، وتعمّل تلامذته وغيرهم على لسانه الأشعار يضمنونها أقاويل الملحدة قصدا لهلاكه، وإيثارا لتلاف نفسه، فقال رضي الله عنه:
حاول إهواني قوم
…
فما واجهتهم إلا بإهوان
تخوّنوني بسعاياتهم
…
فغيروا نية إخواني
لو استطاعوا لوشوا بي
…
إلى المريخ في الشهب وكيوان
وقال:
غريت بذمّي أمة
…
وبحمد خالقها غريت
وعبدت ربي ما استطعت
…
ومن بريته بريت
وفرتني الجهال حا
…
شدة علي وما فريت
(2)
سعروا علي فلم أحس
…
وعندهم أني هريت (167 ظ)
وجميع ما فاهوا به
…
كذب لعمرك حنبريت
(3)
وقال أيضا في ذلك:
والله سلم بعدما
…
حشد العداة ونفّروا
وسعوا الى الأمراء علي
…
في المجال أفرفر
(4)
(1)
-ليسا في طبعة دمشق من الملزوميات.
(2)
-كتب ابن العديم في الحاشية: أي فرقت.
(3)
-كتب ابن العديم في الحاشية: أي خالص.
(4)
-كتب ابن العديم في الحاشية: انفض.
وتراسلوا وتألبوا
…
وسكت لما اسحنفروا
خالوني الصيد الأخير
…
سطا عليه غضنفر
والله يعلم أينا
…
أطغى وأي أكفر
قال: وكان يدفع الله سبحانه عند مكائد الأعداء، ويقوم له من المتقدمين من ينتخي له، ويذب عنه، فقال في ذلك رضي الله عنه:
ضعفت عن كيدهم غير
…
أن الله بالحكمة قواني
أعانني من عز سلطانه
…
فلم أبك قلة أعواني
وزينوا هلكي بعدوانهم
…
لكل ذي جور وعدوان
ومدّ في القصر
(1)
…
حديثي وكم
ذممت في قصر وإيوان
كفاني الصدق ورب رأى
…
تعظيمه معظم ديواني
فما رموا سهما لهم بالغوا
…
في سمه إلا وأشواني
(2)
يا دائبا في عنتي جاهدا
…
إبليس في ودّك أغواني
خال من الضغن وخال حجى
…
إني وإياك لخلوان (168 و)
كأن طرحي في لظى مالك
…
يدخله جنة رضوان
قال: ولم يكن من شأنه أن يلتمس من أحد من خلق الله شيئا، وكان كثير الأمراض فقال:
لا أطلب السّيب من الناس
…
بل أطلبه من خالق السّيب
ويشهد الأول أني امرؤ
…
لي جسد يغرق في عيني
تضرب أضراسي وطبي بها التعطيس
…
بالكندس في جيبي
ويلي مما أنا فيه وجل
…
الأمر عن ويح وعن ويب
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية: يعني القصر بمصر.
(2)
-كتب ابن العديم في الحاشية: أي لم يصب مقتلي.
لو أن أعمالي محمودة
…
لقلت حوطي بي وأعني بي
قال: وأبان عن تعظيم الله سبحانه واعتقاده الصحيح فيه فقال:
ترتاح في الصيف الى أشهر
…
القرّ وفي مشتاك للصيف
فخف إلها عز سلطانه
…
وجل عن أين وعن كيف
وعلم الناس محاسن الأخلاق فقال:
والرزق مقسوم فياسر ولا
…
تطلبه بالرمح والسيف
وكن لما تملكه باذلا
…
ولا تهاون بقرى الضيف
فاز امرؤ أنصف في دهره
…
وخاب من مال الى الحيف
سمعت العماد ساطع بن عبد الرزاق بن المحسن بن أبي حصين المعري يقول:
بلغني أن الناس لما أكثروا القول في الشيخ أبي العلاء بن سليمان ورموه بما (168 ظ) رموه به من الإلحاد، سير صاحب حلب قصدا لأذاه، فلما جاءه الرسول بات على عزم أن يأخذوه بكرة اليوم الآتي، فبات الشيخ أبو العلاء تلك الليلة في محرابه يدعو الله ويذكره، ويسأله أن يكفيه شره، وقال لبعض أصحابه أرقب النجم الفلاني فما زال يرقبه الى أن أخبره بأنه غاب، والشيخ يدعو مستقبلا القبلة. فلما أصبح جاءه الرسول فقال له أبو العلاء: امض فقد قضي الأمر، فقال: وما ذاك؟ قال: إن صاحبك مات، قال: تركته وهو في عافية، قال: إنه قد مات الليلة، فعاد فوجد الأمر كما ذكر، وذاك أنه سقط بيت كان به، وتقصفت الأخشاب فمات، هذا معنى ما ذكره لي أو قريب منه
(1)
.
(1)
-كان المعري معاصرا لحكم الدولة المرداسية، وقد درست تاريخ حكم هذه الدولة بشكل مفصل فلم أقف على خبر موت واحد من الامراء المرداسيين كما جاء بهذه الرواية، كما لم تتحدث المصادر عن علاقة بين المرداسيين وأبي العلاء سوى اللقاء بينه وبين صالح بن مرداس الذي سيأتي الحديث عنه.
وقرأت بخط الشريف إدريس بن الحسن بن علي بن عيسى بن علي الإدريسي الحسني قال: أخبرني الشريف النقيب: نظام الدين أبو العباس بن أبي الجن الحسيني قال: حدثني ابن أخت أمين الدولة الشريف القاضي الأفطسي قال: كان الشريف أبو ابراهيم محمد يحضر مجلس معز الدولة ثمال بن صالح بن مرداس الكلابي صاحب حلب، ويحضره المحبرة العباسي من ولد إسماعيل بن صالح وكل واحد منهما فقيه نبيل في المذهب الذي عرف به، وكان المحبرة يدق على أبي العلاء بن سليمان ويكفره ويحض معز الدولة على قتله، فكان معز الدولة يستطلع رأي (169 و) الشريف أبي إبراهيم فيه، فيقول فيه بخلاف ما يقول المحبرة ويقرظه عند معز الدولة ويرغبه في إبقائه وينشده من أشعاره التي لا يلم فيها بأمر منكر، فجمع المحبرة جماعة من الفقهاء وغيرهم من أهل السنّة وصعد الى معز الدولة وألجأه الى أن يبعث إليه فيحضره الى حلب، ويعقد له مجلس يخاطب فيه على ما شاع له من الشعر والتصانيف التي صنفها، فندب لإحضاره رسولا من خاصته، فيقال: إن أبا العلاء بن سليمان صعد في الليلة التي ورد فيها الرسول لإحضاره، وبسط منديلا عليه رماد فوضع عليه خده ودعا الله عز وجل بدعاء الفرج طول ليلته، فلم ينزل إلا ورسول ثان من معز الدولة يقول للأول:
لا تزعج الرجل واتركه، فعاد، واتفق في تلك الليلة أن سقط المحبرة من سطوح داره فمات.
وغبر على ذلك مدة طويلة وأبو إبراهيم محمد ينتظر الثواب من أبي العلاء على ما كان منه إليه، وكان أبو العلاء لا يمدح أحدا ترفعا وضنّا بنفسه وشعره، إلا ما كان من مدحه لنفسه أو أحد من أهل بيته كالقاضي التنوخي، والفصيصي، وما اضطر إليه، فابتدأه الشريف أبو ابراهيم بالقصيدة النونية التي أولها:
غير مستحسن وصال الغواني
…
بعد ستين حجة وثمان (169 ظ)
فأجابه عنها بالقصيدة المكتوبة في سقط الزند:
عللاني فان بيض الأماني
…
فنيت والظلام ليس بفان
(1)
قلت: والشريف المحبرة هو أبو علي محمد بن محمد بن هارون الهاشمي الحلبي، وكان قد تصدى للسعي بأبي العلاء، والتأليب عليه، وكان من أكابر الحلبيين وفقهائهم، ولم يسقط من سطح داره، لكن معز الدولة ثمال بن صالح اعتقله بقلعة حلب سنة أربعين وأربعمائة مع جماعة من أكابر حلب عندما طرق ناصر الدولة بن حمدان الشام، ثم قتله دونهم بسعاية علي بن أحمد بن الأيسر في سنة إحدى أو اثنتين وأربعين، ولم يكن الشريف أبو إبراهيم محمد بن أحمد ناظم النونية موجودا، ولا أدرك زمان ثمال فإنه توفي قبل الأربعمائة، ويحتمل أن أبا إبراهيم المذكور الذي كان يقرظ أبا العلاء عند معز الدولة هو أبو إبراهيم محمد بن جعفر بن أبي إبراهيم، فإنه كان جليل القدر محترما عند صالح بن مرداس وثمال بن صالح، لكن الشعر الذي ذكره لجده أبي إبراهيم الأكبر، والله أعلم
(2)
.
أنبأنا الشريف أبو علي المظفر بن الفضل بن يحيى العلوي قال: قرأت بخط ابن سنان الخفاجي في ذكر أبي العلاء بن سليمان أنه ترك أكل اللحم تزهدا، وكان مع ذلك يصوم أكثر زمانه ويفطر على الخل والبقل ويقول: ان في هذا لخيرا كثيرا.
أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد اجازة عن أبي الفضل بن ناصر قال: (170 و) حدثنا أبو زكريا التبريزي قال: كان المعري يجري رزقا على جماعة ممن كان يقرأ
(1)
-شروح سقط الزند. ط. القاهرة 2/ 425:1945.
(2)
-سيترجم ابن العديم لناصر الدولة الحمداني، ووقفت في المقفى للمقريزي على ترجمة لثمال من المرجح أنه نقلها عن كتاب بغية الطلب وقد نشرتها في ملحق كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية، انظر أيضا كتابي-بالانكليزية-امارة حلب:140 - 143.
عليه، ويتردد لاجل الأدب إليه، ولم يقبل لاحد هدية ولا صلة، وكان له أربعة رجال من الكتاب المجودين في خزانته وجارية يكتبون عنه ما يرتجله ويمليه.
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أنبأنا هبة الله بن علي العلوي الشجري قال: حدثنا أبو زكريا التبريزي قال: ما أعرف أن العرب نطقت بكلمة ولم يعرفها المعري، ولقد اتفق قوم ممن كان يقرأ عليه ووضعوا حروفا وألفوها كلمات وأضافوا إليها من غريب اللغة ووحشيها كلمات أخرى وسألوه عن الجميع على سبيل الامتحان، فكان كلما وصلوا الى كلمة مما ألفوه ينزعج لها وينكرها ويستعيدها مرارا ثم يقول:
دعوا هذه، والألفاظ اللغوية يشرحها ويستشهد عليها حتى انتهت الكلمات، ثم أطرق ساعة مفكرا ورفع رأسه وقال: كأني بكم وقد وضعتم هذه الكلمات لتمتحنوا بها معرفتي وثقتي في روايتي، والله لئن لم تكشفوا لي الحال وتدعوا المحال، وإلا هذا فراق ما بيني وبينكم، فقالوا له: والله الأمر كما قلت، وما عدوت ما قصدناه، فقال: سبحان الله، والله ما أقول إلاّ ما قالته العرب وما أظن أنها نطقت بشيء ولم أعرفه.
قرأت في كتاب تتمة اليتيمة لأبي منصور الثعالبي وذكر فيها أبا العلاء المعري فقال: (170 ظ) وكان حدثني أبو الحسن الدلفي المصيّصي الشاعر، وهو ممن لقيته قديما وحديثا في مدة ثلاثين سنة قال: لقيت بمعرة النعمان عجبا من العجب، رأيت أعمى شاعرا طريفا يلعب بالشطرنج والنرد، ويدخل في كل فن من الجد والهزل، يكنى أبا العلاء؛ وسمعته يقول: أنا أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر، فقد صنع لي وأحسن بي إذ كفاني رؤية الثقلاء والبغضاء.
قال: وحضرته يوما وهو يملي في جواب كتاب ورد من بعض الرؤساء إليه:
وافى الكتاب فأوجب الشكرا
…
فضممته ولثمته عشرا
وفضضته وقرأته فإذا
…
أحلى كتاب في الورى يقرا
فمحاه دمعي من تحدره
…
شوقا إليك فلم يدع سطرا
فتحفظتها واستعملتها في مكاتبات الإخوان
(1)
.
قلت: وهذا الذي حكاه الدلفي لم أسمعه في كتاب غير تتمة اليتيمة، ولم ينقل أحد من المعريين وغيرهم عن أبي العلاء اشتغالا بشطرنج أو نرد، أو دخولا في فن من فنون الهزل، ولم تزل أوقاته منذ نشأ مصروفة إلى الاشتغال بالعلم، كيف وهو أن منصب أبيه ومنصب أخيه لا يقتضى تمكينه من شيء من ذلك، فقد كانا من العلماء الفضلاء، وكان أبو العلاء يزيد عليهما.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن اسماعيل الطرسوسي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي إجازة (171 و) -قلت: ونقلته أنا من خط المقدسي، قال: سمعت الرئيس أبا نصر أحمد بن أحمد بن عبدوس الوفراوندي بها يقول: سألت شيخ الإسلام أبا الحسن علي بن أحمد بن يوسف الهكاري عن أبي العلاء المعري-وكان قد رآه-فقال: رجل من المسلمين.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة-قراءة عليه- قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي-إجازة، إن لم يكن سماعا-، ح.
وكتب إلينا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز اللخمي من الاسكندرية قال:
سمعت أبا طاهر السّلفي يقول: سمعت أبا الزاكي حامد بن بختيار بن جروان النميري الخطيب بالشمسانية-مدينة بالخابور-يقول: سمعت القاضي أبا الفتح عبد المنعم بن أحمد بن أبي الروس السروجي يقول: سمعت أخي القاضي أبا الفتح
(1)
- انظر معجم الأدباء:2/ 129 - 130.
يقول: دخلت على الشيخ أبي العلاء التنوخي بالمعرة ذات يوم في وقت خلوة بغير علم منه، وكنت أتردد إليه وأقرأ عليه، فسمعته وهو ينشد من قبله:
كم غودرت غادة كعاب
…
وعمرت أمّها العجوز
أحرزها الوالدان خوفا
…
والقبر حرز لها حريز
يجوز أن تبطئ المنايا
…
والخلد في الدّهر لا يجوز
ثم تأوه مرات وتلا قوله تعالى: «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ. وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاّ} (171 ظ) {لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ. يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ»
(1)
، ثم صاح وبكى بكاء شديدا وطرح وجهه على الأرض زمانا، ثم رفع رأسه ومسح وجهه وقال:
سبحان من تكلم بهذا في القدم، سبحان من هذا كلامه، وسكت وسكن، فصبرت ساعة ثم سلمت عليه، فرد علي وقال: يا أبا الفتح متى أتيت؟ فقلت: الساعة، فأمرني بالجلوس، فجلست وقلت: يا سيدنا أرى في وجهك أثر غيظ، فقال: لا يا أبا الفتح بل أنشدت شيئا من كلام المخلوق وتلوت شيئا من كلام الخالق، فلحقني ما ترى، فتحققت صحة دينه وقوة يقينه.
أخبرنا أبو القاسم الأنصاري عن الحافظ أبي طاهر السّلفي، وأنبأنا أبو القاسم اللخمي قال: وسمعت أبا طاهر أحمد بن محمد يقول: وقد كان شيخانا أبو زكريا التبريزي ببغداد وأبو المكارم الأبهري بأبهر، وهما هما ولا يخفى من العلم محلّهما، يبالغان في الثناء عليه ويصفانه بالزهد والدين القوي، والعقيدة الصحيحة القوية، والخوف من الله تعالى، وإن كل ما يذكر من شعره إنما كان يذكره على ما جرت به عادة أهل الأدب، كما فعله أبو الحسين بن فارس في فتيا فقيه العرب، وقبله أبو بكر بن دريد في الملاحن، وعدّ ذلك منهما في جملة
(1)
- سورة هود-الآيات:103 - 105.
المناقب والمحاسن، وهذا الإمامان فمن أجلاّء (172 و) من رأيته من أهل الأدب والمتبحرين في علوم العرب، والى أبي العلاء انتماؤهما وفي العربية اعتزاؤهما، وقد أقاما عنده برهة من الدهر للقراءة والأخذ عنه والاستفادة.
أخبرنا القاضي أبو المعالي أحمد بن مدرك بن سعيد بن سليمان قاضي معرّة النعمان قال: بلغني من شيوخ المعرة أن جماعة من أهل حلب خرجوا إلى ناحية المعرة فقالوا: نريد أن نجتمع بالشيخ أبي العلاء فقال: واحد منهم يقال له ابن الطرسوسي: أي حاجة بنا أن نمضي إلى ذلك الأعمى الأصطيك فقالوا:
لابد لنا من المضي إليه، فمضوا حتى وصلوا إلى بابه ودقوا الباب واستأذنوا عليه، فقال: يؤذن للجماعة كلهم ما خلا فلان فلا حاجة له إلى أن يجتمع بالأعمى الأصطيلي، فدخلوا وسألوه الإذن له، فأذن له، وعجبوا من ذلك.
قرأت بخط أبي الفرج محمد بن أحمد بن الحسن الكاتب الوزير في روزنامج أنشأه لولده الحسن يذكر فيه رحلته الى الحج من أذربيجان وعبوره بحلب ومعرة النعمان في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وكان رجلا جليلا وفاضلا، وسنذكر ترجمته في موضعها إن شاء الله.
ذكر معرّة النعمان ثم قال وحسنتها وغرّتها وديباجتها وعالمها وراويتها وعلاّمتها ونسابتها الشيخ الجليل العالم أبو العلاء أحمد عبد الله بن سليمان المعروف برهن المحبسين، وهو العالم المقصود (172 ظ) والبحر من الأدب المورود، والإمام الموجود، والأديب الذي يشهد بفضله الحسود، والزاهد الذي لو أحلّ الدين السجود لوجب له السجود، والفاضل الذي تنضى إليه الركائب، وتركب إلى الاقتباس منه الطريق الموعّر واللاحب
(1)
، وتهجر لمواصلته المناسب والمصاحب، وتطوى إليه البلاد، ويخالف للاكتحال به الرقاد ويحالف السهاد ليؤخذ منه العلم المحض والسداد، ويستفاد من مجالسته العلم المطلوب والرشاد،
(1)
-اللاحب الطريق الواضح. القاموس.
يفقد لديه الزيغ والإلحاد والفضول في الدين والعناد، الفهم ملء إهابه، والفضل حشو ثيابه، شخص الأدب ماثلا، ولسان البلاغة قائلا: جمال الأيام، وزينة خواص الأنام، وفارس الكلام، والمقدم في النثار والنظام، قد لزم بيته فما يرى متبرزا، وألف داره وأصبح فيها معتمدا متعززا لا يؤنسه عن الوحشة إلاّ الدفاتر، ولا يصحبه في الواحدة إلا المحابر، وقد اقتصر من دنياه على الزاوية، وأنس الاعتزال والعافية، وقصر همته على أدب يفيده، وتصنيف يجيده، وقريض ينظمه، ونثر ينثره فيحكمه، ومتعلّم يفضل عليه، ومسترفد صعلوك يحسن إليه، فهو عذب لمشرب، عف المطلب، نقي الساحة من (173 و) المآثم، بريء الذمة من الجرائم يرجع الى نفس أمّارة بالخير، بعيدة من الشر، قد كفّ عن زخرف الدنيا ونضرتها، وغضّ طرفه عن متاعها وزهرتها، ونقىّ جيبه فأمن الناس عيبه، قد استوى في النزاهة نهاره وليله، فلم يتدنّس بفاحشة قط ذيله، وعاد لإصلاح المعاد بإعداد الزاد، واعتزل هذه الغدّارة، وأفرج عن المراد.
وله دار حسنة يأويها، ومعاش يكفيه ويمونه، وأولاد أخ باق يخدمونه ويقرءون بين يديه، ويدرسون عليه، ويكتبون له، ووراق برسمه مستأجر، ثم ينفق على نفسه من دخل معاشه نفقة طفيفة، وما يفضل عنه يفرقه على أخيه وأولاده واللائذين به الفقراء والقاصدين له من الغرباء، ولا يقبل لأحد دقيقا ولا جليلا، فقد استعمل قول النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا أتاه فقال: يا رسول الله أي الناس أفضل؟ قال: رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه. قال ثم من؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره
(1)
وما روي أن عقبة بن عامر قال: يا رسول الله ما النجاة؟ قال: أملك عليك لسانك وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك
(2)
فقد اتخذ الله تعالى ذكره صاحبا، وترك الناس جانبا.
فمضيت اليه مسلما، وللاستسعاد به مغتنما، فرأيت شيخا (173 ظ) حكمت
(1)
-انظر كنز العمال:11/ 30968.
(2)
-المصدر نفسه:3/ 7854.
بأنه مولود في طالع الكمال، وأنه جملة الجمال، شمس عصره، وزينة مصره، وعلم الفضل المطلوب، وواسطة عقد الادب المحبوب يزيد على العلماء زيادة النور على الظلام، والكرام على اللئام، وينيف عليهم انافة صفحة الشمس على كره الارض ويشأهم
(1)
كما يشأى السابق يوم الامتحان والعرض.
وذكر قصائد سمعها منه من شعره، وقال في آخرها: يا ولدي أبقاك الله هذا ما علقته عن هذا الشيخ المذكور في زورة كانت أقصر من ابهام الضب، وعتاب الصب، وحسوة الطائر، وهجعة السائر، وسالفة الذباب، ودولة الخضاب، ثم عرضت عليه ما أسأرته النوائب من حالي، وتخطته الحوادث من نفقتي ومالي، فأبى عن القبول وامتنع وتلكأ علي ودفع، فلما عرفت مذهبه وظلف نفسه جئته من الباب الذي اقترن بمراده وأنسه.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي في رسالة كتبها الكيا أبو الفتح الحسن ابن عبد الله بن صالح الأصبهاني الى أبي المظفر الليثي الآذري، وقد سأله عن حاله في سفرة سافرها الى الشام وغيرها، قال فيها: وهل أدرك أبا العلاء المعري المحجوب حجب الله عنه السوء، وهو أديبهم الراجح، وعالمهم الفاضل، وشاعرهم البارع، وعهدي به راجعا من بغداد، ولم يصح بجانبي ليله النهار، ولم يقع على شبابه لوقائع الدهر غبار، وهو
…
احتجت الى علمه، وجئت
…
الى وطني أربح
رأيته معنا مغنّا
…
فتذكرت قول
…
لساني وقلبي
…
صارم كالسيف
(2)
كتبها الى الدهخذا أبي الفرج محمد بن أحمد قال: فيها والشيخ أبو العلاء المعري فاني وجدته كما قال أبو الطيب.
(1)
-شوأ: سبق أو أحزن أو أعجب. القاموس.
(2)
-كتبت هذه النصوص في الحاشية، ويبدو أن تلفا أصاب طرف الورقة فقام أحد الناس بإلصاق ورقة فوق التلف فطمس الكتابة ولم أجد في دفع الظلم والتجري وغيره من المصادر ما يساعد على تدارك المطموس.
علامة العلماء واللج الذي
…
لا ينتهي ولكل لج ساحل
(1)
ولم يكن التقائي به في دفعتين الا قدر قبسة العجلان وخفقه النعسان.
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان قال: أخبرني أبي أبو اليسر قال: أخبرني جدي أبو المجد محمد بن عبد الله قال: كان ظهر بمعرة النعمان منكر في زمن صالح بن مرداس، فعمد شيوخ البلد الى انكار ذلك المنكر، فأفضى الى أن قتلوا الضامن بها، وأهرقوا الخمر، وخافوا فجمعهم الى حلب واعتقلهم بها، وكان (174 و) فيهم بعض بني سليمان، فجاء الجماعة الى الشيخ أبي العلاء وقالوا له:
ان الامر قد عظم وليس له غيرك، فسار الى حلب ليشفع فيهم، فدخل الى بين يدي صالح، ولم يعرفه صالح، ثم قال له: السلام عليك أيها الامير.
الامير أبقاه الله كالسيف القاطع، لان وسطه، وخشن جانباه، وكالنهار الماتع قاظ، وسطه، وطاب جانباه، «خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين»
(2)
، فقال له: أنت أبو العلاء؟ فقال: أنا ذاك، فرفعه الى جانبه، وقضى شغله وأطلق له من كان من المحبسين من أهل المعرة، فعمل فيه-قال لي: قال لي أبي: قال لي جدي: وأنشدنيها لنفسه:
ولما مضى العمر إلا الأقل
…
وحان لروحي فراق الجسد
بعثت رسولا إلى صالح
…
وذاك من القوم رأي فسد
فيسمع مني هديل الحمام
…
وأسمع منه زئير الأسد
فلا يعجبني هذا النفاق
…
فكم محنة نفقت ما كسد
وقرأت هذه الحكاية في تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري، وذكر أن
(1)
-ديوانه:187.
(2)
- سورة الاعراف-الآية:199.
اجتماع أبي العلاء بصالح كان بظاهر معرة النعمان قال: سنة سبع عشرة وأربعمائة فيها: صاحت امرأة في الجامع يوم الجمعة، وذكرت أن صاحب الماخور أراد أن يغصبها نفسها، فنفر كل من في الجامع إلا القاضي والمشايخ، وهدموا الماخور، وأخذوا خشبه ونهبوه، وكان أسد الدولة صالح في (174 ظ) نواحي صيدا.
ثم قال: سنة ثماني عشرة وأربعمائة فيها: وصل أسد الدولة صالح بن مرداس الى حلب وأمر باعتقال مشايخ المعرة وأما ثلها، فاعتقل سبعون رجلا في مجلس الحصن سبعين يوما، وذلك بعد عيد الفطر بأيام، وكان أسد الدولة غير مؤثر لذلك، وانما غلب تاذرس
(1)
على رأيه وكان يوهمه أنه يقيم عليهم الهيبة، ولقد بلغنا أنه خاطبه في ذلك فقال له: أقتل المهذب وأبا المجد بسبب ماخور، ما أفعل وقد بلغني أنه دعي لهم في آمد وميافارقين، وقطع عليهم ألف دينار، واستدعى الشيخ أبا العلاء بن عبد الله بن سليمان رحمه الله بظاهر معرة النعمان، فلما حصل عنده في المجلس قال له الشيخ أبو العلاء: مولانا السيد الاجل، أسد الدولة ومقدمها وناصحها، كالنهار الماتع اشتد هجيره وطاب أبرداه، وكالسيف القاطع لان صفحه وخشن حداه:«خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين» فقال صالح: قد وهبتهم لك أيها الشيخ، ولم يعلم الشيخ أبو العلاء أن المال قد قطع عليهم والا كان قد سأل فيه، ثم قال الشيخ أبو العلاء بعد ذلك شعرا:
تغيبت في منزلي برهة
…
ستير العيون فقيد الحسد
فلما مضى العمر إلاّ الأقل
…
وحم لروحي فراق الجسد (175 ظ)
بعثت شفيعا إلى صالح
…
وذاك من القوم رأي فسد
فيسمع مني سجع الحمام
…
وأسمع منه زئير الأسد
فلا يعجبني هذا النفاق
…
فكم نفقت محنة ما كسد
(1)
-كان وزيره ومدبر أمره وقد قتل معه في معركة الاقحوانة.
قلت: وبلغني في غير هذه الرواية أنه قال بيتين حين أطلق صالح أهل المعرة:
نجى المعرة من براثن صالح
…
رب يداوي كل داء معضل
ما كان لي فيها جناح بعوضة
…
الله ألحفهم جناح تفضل
(1)
نقلت من خط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ في تاريخه قال: وحدثني أبي قال: حدثني أبو المعافى بن المهذب قال: عمل الشيخ أبو العلاء في بغداد:
منك الصدود ومني بالصدود رضا
وهي قصيدة مليحة، فلما ظهرت غني بها، فهو ليلة قاعد في بيته اذ سمع في جواره غناء من القصيدة:
بي منك ما لو بدا بالشمس ما طلعت
…
والغصن ماماس أو بالبرق ماو مضا
قال: فلطم وبكى واستغفر الله من ذلك وقال: والله لو علمت أنه يغنى بشعري لما نطقت به.
أنشدنا ضياء الدين الحسن بن عمرو بن دهن الخصا بقراءتي عليه بحلب قال:
أنشدنا أبو الفضل خطيب الموصل قال: أنشدنا أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي، ح.
وأنشدنا الخطيب أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن حرب (175 ظ) خطيب قلعة حلب، والشريف أبو المحاسن عبد الله بن محمد بن عبد الله الهاشمي الحلبيان بها، والقاضي شهاب الدين أبو العباس أحمد بن مدرك بن سعيد بن ابن سليمان المعري بها، وشهاب الدين أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي بدمشق، قالوا: أنشدنا القاضي المؤيد أبو جعفر محمد بن مؤيد بن أحمد بن حواري قال: أنشدني جدي أبو اليقظان أحمد بن محمد بن حواري قالا: أنشدنا
(1)
-انظر كتابي-بالانكليزية-امارة حلب:249،245.
أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري لنفسه وهي في أبي الرضا عبد الله بن محمد بن عبد الله القصيصي الكاتب:
يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر
…
لعل بالجزع أعوانا على السفر
وإن بخلت عن الأحياء كلهم
…
فاسق المواطر حيا من بني مطر
ويا أسيرة حجليها أرى سفها
…
حمل الحلي بمن أعيى عن النظر
ما سرت إلاّ وطيف منك يصحبني
…
سرى أمامي وتأويبا على أثري
لو حط رحلي فوق النجم رافعة
…
ألفيت ثم خيالا منك منتظري
يود أن ظلام الليل دام له
…
وزيد فيه سواد القلب والبصر
لو اختصرتم من الاحسان زرتكم
…
والعذب يهجر للافراط في الخفر
أبعد حول تناجي الشوق ناجية
…
هلا ونحن على عشر من العشر
قال فيها في المدح:
يا روع الله سوطي كم أروع به
…
فؤاد وجناء مثل الطائر الحذر (176 و)
باهت بمهرة عدنانا فقلت لها:
…
لولا الفصيصي كان المجد في مضر
وقد تبين قدري أن معرفتى
…
من تعلمين سترضيني عن القدر
القاتل المحل اذ تبدو السماء
…
لنا كأنها من نجيع الجدب في أزر
وقاسم الجود في عال ومنخفض
…
كقسمة الغيث بين النبت والشجر
قد أخذ قوم على أبي العلاء قوله: لولا الفصيصي كان المجد في مضر وجعلوا هذا القول دليلا على سوء اعتقاده لانه يشعر بتفضيل الفصيصي على النبي صلى الله عليه وسلم، لان المجد في مضر كان به صلى الله عليه وسلم، فلما جاء الفصيصي صار المجد في قحطان.
قالوا: وهذا تفضيل للفصيصي نعوذ بالله من ذلك، وكنت أبدا أستعظم معنى هذا البيت وأفكر له في وجه يحمل عليه، وتأويل يصرفه عن هذا المعنى القبيح الذي طعن به الطاعن على ناظمه، فلم يخطر لي في تأويله شيء أرتضيه، ومضى
لي على ذلك سنون، فرأيت في منامي ليلة من ليالي سنة اثنتين وثلاثين وستمائة كأنني أذاكر رجلا بهذا البيت وأقول له: ان هذا كفر، فقال لي ذلك الرجل: لم يرد أبو العلاء ما ذهبت اليه من التفضيل وانما أراد أن المجد كله كان في مضر دون غيرها من القبائل فلما جاء الفصيص وانما صار لقحطان به مجد ونصيب منه، وهذا تأويل حسن، وتكون الالف واللام لاستغراق الجنس والله أعلم. (176 ظ).
أنشدنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري قال:
أنشدنا هبة الله بن يحيى بن الحسن بن البوقي الفقيه الشافعي قال: أنشدنا أبو محمد الحسن بن علي بن عمر قحف العلم قال: أنشدنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري لنفسه:
أما يفيق المرء من سكر
…
مجتهدا في سيره والسرى
نمت عن الأخرى فلم تنتبه
…
وفي سوى الدين هجرت الكرى
كم قائل راح الى معشر
…
أبطل فيما قاله وافترى
على القرا يحمل أثقاله
…
وإنما يأمل نزر القرى
يفتقر الحيّ ويثرى وما
…
يصير إلا حثوة في الثرى
اسمع فهذا هاتف صادق
…
أراك عقباك فهلاّ ترى
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر الإمام قال: أنشدتنا أم سلمة سنّبك بنت عبد الغابر بن اسماعيل الفارسي بنيسابور، وأبو حفص عمر بن أحمد بن منصور الإمام بمرو قالا: أنشدنا أبو نصر الرامشي النحوي الإمام قال: أنشدني أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري لنفسه:
رغبت الى الدنيا زمانا فلم تجد
…
بغير عناء والحياة بلاغ
والقى ابنه اليأس المريح وبنته
…
لدي فعندي راحة وفراغ (177 و)
وزاد بلاء الناس في كل بلدة
…
أحاديث مما تفترى وتصاغ
تأمّلتها عصر الشباب فلم تسغ
…
وليس لها من المشيب مساغ
ومن شرّ ما أسرجت في الصبح والدجى
…
كميت لها بالراكبين مراغ
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن على بن ثابت الخطيب قال: وبلغنا أنه-يعني أبا العلاء-مات في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
(1)
وقرأت بخط أبي الفضل هبة الله بن بطرس الحلبي النصراني المعروف بابن شرارة: لزم أبو العلاء منزله من سنة أربعمائة الى أن توفي يوم الجمعة لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين بمعرة النعمان.
وقرأت في الجزء الذي سيره لي قاضي المعرة أبو المعالي بن سليمان في أخبار بني سليمان أنه توفي رحمه الله وقت صلاة العصر من يوم الجمعة الثاني من شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وأربعمائة، ودفن في مقابر أهله بمعرة النعمان، وصلى عليه ابن أخيه أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان رحمه الله.
وكذلك قرأت وفاته بخط مؤيد الدولة أبي المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ الكناني.
أخبرنا أبو العرب بن أبي الشكر بن أبي القاسم الأنصاري قال: أخبرنا محمد ابن المؤيد التنوخي قال: أخبرني جدي أحمد بن محمد المعري التنوخي (177 ظ) أبو اليقظان قال: وتوفي-يعني-أبا العلاء بين صلاتي العشاءين ليلة الجمعة الثالث من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 241.
وقرأت في تاريخ غرس النعمة أبي الحسن محمد بن هلال الصابئ في حوادث سنة تسع وأربعين وأربعمائة قال: وفي الجمعة الثالث عشر من شهر ربيع الأول توفي بمعرة النعمان من الشام أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان.
قال: وأذكر عند ورود الخبر بموته تذاكرنا أمره وإظهاره الإلحاد وكفره، ومعنا غلام يعرف بأبي غالب بن نبهان من أهل الخير والسلامة والعفة والديانة، فلما كان من غد يومنا حكى لنا وقد مضى ذلك الحديث يسمعه غرضا فقال: أريت البارحة في منامي رجلا ضريرا وعلى عاتقه أفعيان متدليان الى فخذيه وكل منهما يرفع فمه الى وجهه فيقطع منه لحما يزدرده وهو يصيح ويستغيث، فقلت من هذا-وقد أفزعني ما رأيته منه، وروعني ما شاهدته عليه-؟ فقيل لي: هذا المعري الملحد، فعجبنا من ذلك واستطرفناه بعقب ما تفاوضناه من أمره وتجاريناه
(1)
.
قلت: خفي على غرس النعمة تأويل المنام وهو أن الأفعيين: هو والذي كان يذاكره بإلحاد المعري وكفره، فرأى هذا الغلام في النوم ما عاينه منهما في اليقظة، قال الله سبحانه وتعالى:«أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه»
(2)
وأما (178 و) صياحه واستغاثته فإلى الله تعالى عليهما.
ذكر الوزير القاضي الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني في كتاب «إنباء الأنباه في أنباء النحاة» قال: قرأت بخط المفضل بن مواهب بن أسد الفارزي الحلبي قال: حدثني الشيخ أبو عبد الله الأصبهاني قال: لما حضرت الشيخ أبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي الوفاة أتاه القاضي الأجل أبو محمد عبد الله التنوخي
(3)
بقدح شراب فامتنع من شربه فحلف القاضي أيمانا مؤكدة لا بد من أن
(1)
-عيون التواريخ:78.
(2)
- سورة الحجرات-الآية:12.
(3)
-كتب ابن العديم في الحاشية: «يعني ابن أخيه قاضي المعرة» .
يشرب ذلك القدح وكان سكنجبين
(1)
، فقال أبو العلاء مجيبا له عن يمينه:
أعبد الله خير من حياتي
…
وطول ذمائها موت صريح
تعلّلني لتشفيني فذرني
…
لعلي أستريح وتستريح
وكان مرضه ثلاثة أيام ومات في اليوم الرابع ولم يكن عنده غير بني عمه، فقال لهم في اليوم الثالث: اكتبوا فتناولوا الدوى والأقلام، فأملى عليهم غير الصواب، فقال القاضي أبو محمد: أحسن الله عزاءكم في الشيخ فإنه ميت، فمات في غداة غد، وإنما أخذ القاضي هذه المعرفة من ابن بطلان، لأن ابن بطلان-كان يدخل على أبي العلاء، ويعرف ذكاءه وفضله، فقيل له قبل موته بأيام قلائل: إنه أملى شيئا فغلط فيه، فقال ابن بطلان: مات أبو العلاء، فقيل: وكيف عرفت ذلك فقال: هذا رجل (178 ظ) فطن ذكي ولم تجر عادته بأن يستمر عليه سهو ولا غلط، فلما أخبرتموني بأنه غلط علمت أن عقله قد نقص، وفكره قد انفسد
(2)
، وآلاته قد اضطربت، فحكمت عليه عند ذلك بالموت والله أعلم.
قرأت بخط بعض البغداديين، قيل: لما مات أبو العلاء المعري سامحه الله وقف على قبره سبعون شاعرا من أهل المعرة، فأنشد كل منهم قصيدة يرثيه بها فقال بعضهم:
إن كنت لم ترق الدماء زهادة
…
فلقد أرقت اليوم من عيني دما
سيرت ذكرك في البلاد كأنّه
…
مسك فسامعة تضمّخ أو فما
وأرى الحجيج إذا أرادوا ليلة
…
ذكراك أوجب فدية من أحرما
(1)
-شراب من العسل والخل أو السكر والخل. مفيد العلوم ومبيد الهموم لابن الحشاء-ط. الرباط 1941: ص 121 (1121).
(2)
-كتب ابن العديم في الحاشية: «صوابه فسد وانما حكى رحمه الله لفظ ابن بطلان على صورته» وكان ابن بطلان طبيبا عراقيا قدم الى حلب وسبق أن نقل ابن العديم عنه في المجلدة الاولى.
قلت: وهذه الأبيات لعلي بن محمد بن همام التنوخي، وسنذكرها في ترجمته إن شاء الله تعالى.
قرأت في مجموعة بخط بعض الفضلاء لابن أخي المعري يرثي عمه أبا العلاء.
لو كان ينفع بعد مصرع مالك
…
تطويلي الأشعار والأشعارا
لوقفت في سبل القوافي خاطري
…
ولبست من شعري عليك شعارا
قلت: وإياه عنى أبو محمد الخفاجي الشاعر في قصيدته الرائية بقوله:
ومقيما على المعرّة تطويه
…
الليالي وذكره منشورا
(1)
ووقع إلي جزء بخط بعض المعريين فيه بعض مارثي به أبو العلاء من الشعر (179 و) فقرأت فيه لأبي مسلم وادع بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان من جملة قصيدة:
ألا يا شبيه البحر أقسم لو درى
…
بموتك ما جاشت بليل غواربه
ويا من بكى طرف المكارم وحشة
…
له ولسان الفضل والحلم نادبه
ولو نطقت كتب العلوم إذا بكى
…
على فقده من كلّ علم غرائبه
ولو أنّ هذا الليل يعلم أنه
…
قضى لقضى ألاّ تزول غياهبه
ولو علمت شهب الظلام بفقده
…
إذا ندبته في الظلام كواكبه
سقى قبره السحب الغزار وخصه
…
من الله عفو لا يزال يصاحبه
فما زال كلّ الناس ينهب علمه
…
الى أن غدا صرف الردى وهو ناهبه
وقد عمّ أهل الأرض جمعا مصابه
…
كما عمّهم إحسانه ومواهبه
رعى الله قبرا أنت يا عمّ ملحد
…
به وسقاه من حيا المزن صائبه
ولولا توخيك الطهارة شيمة
…
لقلت: سقاه من دم الدمع ساكبه
(1)
-كان في المكتبه الظاهرية نسخة من ديوانه المطبوع مفقودة الآن.
وقرأت فيه لأبي يعلى عبد الباقي بن أبي حصين من قصيدة:
نصال الدهر أقصد من سواها
…
وإن أدمت ولم تدم النصال
ألم تر كيف لم يأمن شباها
…
أمين الأرض والورع البجال
وسار سريره فوق الهوادي
…
لقد خفّت مذ اليوم الجبال
وأقبر في المعرّة وهو أولى
…
بقبر في المجرّة لا يطال (179 ظ)
وقرأت فيه لأبي الفتح الحسن بن عبد الله بن أبي حصينة:
العلم بعد أبي العلاء مضيّع
…
والأرض خالية الجوانب بلقع
لا عالم فيها يبين مشكلا
…
للسائلين ولا سماع ينفع
وعظ الانام بما استطاع من الهدى
…
لو كان يعقل جاهل أو يسمع
ومضى وقد ملأ البلاد غرائبا
…
أسفي عليه وقد مشيت وراءه
ما كنت أعلم وهو يودع في الثرى
…
أن الثرى فيه الكواكب تودع
جبل ظننت وقد تزعزع ركنه
…
أنّ الجبال الراسيات تزعزع
وعجبت أن تسع المعرة قبرة
…
ويضيق عرض الارض عنه الأوسع
أسفي عليه وقد مشيت وراءه
…
ومتالع فوق المناكب ترفع
والشمس كاسفة الضياء كئيبة
…
والجوّ مسود الجوانب أسفع
والأرض عادمة النسيم كأنما
…
سدّت منافسها الرياح الأربع
لو فاضت المهجات يوم وفاته
…
ما استكثرت فيه فكيف الأدمع
إني لمحتشم وقد دخل الثرى
…
ويكون لي كبد ولا تتقطع
(1)
أخبرنا أبو اليمن الكندي في كتابه قال: أجاز لنا أبو عبد الله محمد بن نصر القيسراني، وقال: وكتبها عند قبر أبي العلاء بمعرة النعمان.
(1)
-ديوان ابن أبي حصينة-ط. دمشق 1/ 373:1956 - 374.
نزلت فزرت قبر أبي العلاء
…
فلم أر من قرى غير البكاء
ألا يا قبر أحمدكم جلال
…
تضمه ثراك وكم ذكاء
(1)
وزرت قبر أبي العلاء في البرية التي فيها مقابر أهله داخل معرة النعمان، بالقرب من آدر بني سليمان، رحمه الله.
أحمد بن عبد الله بن صالح:
ابن عبد الله بن صالح بن علي عبد الله بن العباس، أبو جعفر الصالحي من أهل حلب، وجدت ذكره (180 و) في جزء وقع إلي بخط القاضي أبي طاهر صالح بن جعفر الهاشمي يتضمن نسب بني صالح بن علي.
قال: وكان-يعني أحمد بن عبد الله بن صالح-سيد ولد عبد الله بن صالح في أيامه، وجليلهم الذي يقتدون برأيه ويرجعون الى أمره.
أحمد بن عبد الله بن صالح بن مسلم:
أبو الحسن العجلي الكوفي الحافظ، كان حافظا كبيرا كثير الحديث، تفقه في الحديث ومهر فيه، وخرج عن الكوفة وقدم الشام، ودخل أنطاكية، وتوجه منها الى الساحل، ودخل مصر، وتوجه الى أطرابلس المغرب وأقام بها الى أن مات.
سمع بأنطاكية نزيلها يعقوب بن كعب الحلبي، وبالمصيصة نزيلها موسى بن أيوب النصيبي، وروى عنهما وعن أبيه عبد الله بن صالح، وعن الامام أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وعبيد الله بن موسى، والحسين بن علي الجعفي، وأبي أحمد الأسدي، ومحمد بن جعفر غندر، ويحيى بن معين، وأبي داود الجفري، ومحمد ابن يوسف الفيريابي، وأبي سفيان الحميري، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وعثمان ابن محمد العبسي، ومحمد ويعلى ابني عبيد، وقاسم العرفطي، وأبي زيد سعيد بن
(1)
-ليسا فيما أورده العماد في الخريدة من شعره.
الربيع الهروي، وأسد بن موسى، وقبيصة بن عقبة، وعفان بن مسلم، وحجاج بن منهال، وعبد الله بن نافع الزبيري، وشبابه، وسليمان بن حرب، ويزيد بن هارون واسماعيل بن عبد الكريم وابن أبي مريم، واسماعيل بن خليل، ونعيم بن حماد، وعمر بن حفص بن غياث، وجعفر بن عون، ويعقوب بن اسحاق، ويحيى بن آدم، ونصر بن علي، وعمرو بن عون، والعلاء بن عبد الجبار.
روى عنه ابنه أبو مسلم صالح بن أحمد، وكان زاهدا، ورعا، وهو من بيت العلم والحديث، وجده صالح من شيوخ الكوفة من أقران سعيد الثوري (180 ظ) والد سفيان، وأبوه كان قاضيا بشيراز من أصحاب شعبة واسرائيل، وقد أخرجه البخاري في صحيحه، وابنه صالح بن أحمد كان من أهل العلم والرواية، وله سؤالات سأل عنها أباه.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الاصبهاني-إجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن ابراهيم البقال قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر ابن محمد السلماسي قال: أخبرنا أبو العباس الوليد بن بكر بن مخلد بن أبي زياد الغمري الاندلسي قال: سمعت علي بن أحمد-يعني ابن زكريا بن الخصيب الهاشمي-قال: سمعت صالح بن أحمد يقول: سمعت أبي أحمد يقول: طلبت الحديث سنة سبع وتسعين ومائة، وكان مولدي بالكوفة سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف-فيما أذن لنا أن نرويه عنه عن أحمد بن محمد بن أحمد السلفي-قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا أبو العباس الوليد بن بكر بن مخلد الغمري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن زكريا قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي قال: حدثني أبي قال: حدثنا يعقوب
ابن كعب قال: حدثنا يحيى بن اليمان العجلي عن أشعث بن اسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير قال: الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل. قال: هذا في العلم.
وقال: حدثنا أبو (181 و) مسلم قال: حدثني أبي قال: أخرج إلي أحمد بن نوح نفقة دنانير كثيرة فقال: خذ منها حاجتك، أراك رث الهيئة، فأخرجت اليه منطقة لي فيها دنانير بعت بها بزا بأنطاكية فقلت: لو كنت أحوج الخلق أجئ الى أسير آخذ منه.
قلت: وكان أحمد بن نوح محبوسا في المحنة مع أحمد بن حنبل
(1)
.
أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الانصاري عن الحافظ أبي طاهر قال:
أخبرنا أبو المعالي البقال قال: أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا أبو العباس الوليد بن بكر بن مخلد قال: وكان أبو الحسن أحمد بن عبد الله من أئمة أصحاب الحفاظ المتقنين، ومن ذوي الورع والزهد.
كما سمعت زياد بن عبد الرحمن أبا الحسن اللولي بالقيروان يقول: سمعت مشايخنا بهذا المغرب يقولون لم يكن لابي الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح الكوفي ببلادنا شبه ولا نظير في زمانه ومعرفته بالحديث واتقانه له، وزهده وورعه.
وقال: أخبرنا الوليد قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن زكريا بن الخطيب بأطرابلس المغرب قال: حدثنا أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم الحافظ بالقيروان قال: سألت مالك بن عيسى القفصي-وكان من علماء أصحاب الحديث بالمغرب-فقلت له: من أعلم من رأيت بالحديث؟ فقال لي: أما من الشيوخ فأبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح الكوفي الساكن باطرابلس المغرب.
وقال: أخبرنا الوليد قال: وحدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا أبو العرب قال:
(1)
-محنة خلق القرآن أيام الخليفة المأمون العباسي.
حدثنا مالك بن عيسى قال: حدثنا عباس بن يحيى الدوري عن عبد الله بن صالح العجلي-قال مالك بن عيسى: فقلت لعباس الدوري: إن له ابنا عندنا بالمغرب، فقال: أحمد؟ فقلت نعم، قال عباس: إنما كنا نعده مثل أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين-قال: قال لي علي بن أحمد: وقد ذكر أحمد بن عبد الله بن صالح أن ابن حنبل وابن معين قد كانا يأخذان عنه.
(1)
وقال: أخبرنا الوليد قال: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا محمد بن أحمد ابن غانم الحافظ قال: سمعت أحمد بن معتب-مغربي ثقة-يقول: سئل يحيى بن معين عن أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح بن مسلم فقال: ثقة ابن ثقة ابن ثقة.
قال (181 ظ) الوليد: وإنما قال فيه يحيى بن معين بهذه التزكية لأنه عرفه بالعراق قبل خروج أحمد بن عبد الله إلى المغرب، وكان نظيره في الحفظ إلا أنه دونه في السن، وكان خروجه إلى المغرب أيام محنة أحمد بن حنبل لأنه يقول في هذه السؤالات: دخلت على أحمد بن حنبل وهو محبوس بصور
(2)
، وذلك أن المأمون احتمل ابن حنبل إليه من بغداد للمحنة في القرآن.
وأحمد بن عبد الله هذا أقدم في طلب العلم، وأعلى إسنادا، وأجل عند أهل المغرب في القديم والحديث ورعا وزهدا من محمد بن اسماعيل البخاري لأنه سمع من الحسين بن علي الجعفي، ومن محمد بن جعفر غندر، ومن أبي داود الجفري، وأبي سفيان الحميري، وأبي عامر العقدي، ومحمد ويعلى ابني عبيد، ومن أسد ابن موسى بمصر، وسمع الأكابر من أصحاب سفيان وشعبة، وغيرهما، وهو كثير الحديث، خرج عن الكوفة والعراق بعد أن تفقه في الحديث، ثم نزل أطرابلس المغرب.
(1)
-وصلنا كتاب طبقات أبي العرب ناقصا، ليس فيه هذا الخبر، كما لم أقف عليه في كتاب المحن وهو لابي العرب أيضا.
(2)
-كتب ابن العديم في الحاشية: أظنه بطرسوس وقد تصحف.
قال: أخبرنا الوليد قال: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا أبو مسلم عن أبيه قال: آخر سفرة سافرتها الى البصرة كتبت بها ألف حديث منتقا إلا حديث حماد بن سلمة القعيني، واستعرت حديث حفص بن عمر النميري، وكانت عشرين ألف حديث فما تنقيت منها إلا مائتي حديث فسمعتها.
قال: أخبرنا الوليد قال: قلت لزياد بن عبد الرحمن: أي شيء أراد أحمد بن صالح بخروجه إلى المغرب؟ فقال: أراد التفرد للعبادة.
يحكي ذلك عن مشايخ المغرب، قال: وسمعت علي بن أحمد يقول نحو ذلك.
قال الوليد: وحدث أحمد، وتصانيفه وأخباره بالمغرب، وحديثه عزيز بمصر والشام والعراق لبعد المسافة.
وتوفي باطرابلس، وقبره هناك على الساحل، وقبر ابنه صالح إلى جنبه رحمهما الله.
أنبأنا أبو علي الأوقي عن أبي طاهر السّلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد قال: سمعت صالح بن أحمد قال: ومات أبي بعد الستين والمائتين. (182 و).
أحمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين:
ابن مصعب بن رزيق بن أسعد بن زاذان الخزاعي، الأمير أبو الفضل ابن الأمير أبي العباس ابن الأمير أبي طلحة ذي اليمينين؛ أمير فاضل من الأمراء الكبراء، والأجواد الكرماء، قدم الشام، ونزل جبل السماق فاستطاب ماءه، واستلذ هواءه، وأعجب به إعجابا كثيرا، ورحل منه عن هوى له، فقال أبياتا ذكرها السّري الموصلي في كتابه الذي سماه «المحب والمحبوب والمشموم والمشروب» فقال: أنشد المبرد قال: أنشدني أحمد بن عبد الله بن طاهر لنفسه:
يا جبل السماق سقيا لكا
…
ما فعل الظبي الذي حلّكا
فارقت أطلالك لا أنه
…
قلاك قلبي لا ولا ملكا
فأي لذاتك أبكي دما؟
…
ماءك أم ظبيك أم ظلكا
أم نفحات منك تبدي إذا
…
دمع الندى إثر الدجى بلكا
(1)
أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق السلمي:
أبو القاسم (182 ظ) العطار بن أبي محمد البغدادي، سمع أباه أبا محمد عبد الله، وأبا الوقت عبد الأول بن شعيب السّجزي، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البسطي وغيرهم بإفادة والده أبي محمد، وكان والده من شيوخ الحديث ببغداد.
وقال القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي فيما نقلته من خطه: كان يذكر -يعني أبا محمد عبد الله-أنه من ولد أبي عبد الرحمن السلمي.
وكان أبو القاسم ولده شيخا صالحا ورعا ثقة أمينا صموتا، حسن السمت، اجتمعت به بدمشق في سنة ثلاث وستمائة، وكان عطارا بها، وسمعت منه جزء بيتي الهرثمية، ثم قدم علينا حلب في سنة اثنتي عشرة وستمائة، وأنزله الملك المحسن أحمد بن الملك الناصر يوسف بن أيوب في جواره، وكان يصحبه بدمشق، فسمعت منه بحلب صحيح البخاري ومسند الدارمي بروايته لهما عن أبي الوقت، وغيرهما من الأجزاء، وكان رحمه الله تعجبه قراءتي الحديث، وكان به لما قدم علينا حلب رياح الشوكة؛ وسألته عن مولده فقال: يوم الجمعة ثامن عشر شهر ربيع الآخر من سنة ست وأربعين وخمسمائة-يعني ببغداد-.
أخبرنا الشيخ الثقة شمس الدين أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد
(1)
-المحب والمحبوب والمشموم والمشروب. ط. دمشق 2/ 193:1986 - 194.
السلمي قراءة عليه بدمشق قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السّجزي قال: أخبرتنا الحرة أم عزّي بيبي بنت عبد (183 و) الصمد بن علي بن محمد الهرثمية قالت: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأنصاري قال:
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا مصعب بن عبد الله بن مصعب قال: حدثني مالك بن أنس عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير»
(1)
.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قراءة عليه بحلب حرسها الله قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمّوية السرخسي قال:
أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا يوسف بن موسى قال: حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا محمد بن الحسن الصنعاني قال: حدثنا منذر عن وهب بن منبه
(2)
قال: مجلس يتنازع فيه العلم أحب إليّ من قدره صلاة، لعل أحدهم يسمع الكلمة فينتفع بها سنة أو ما بقي من عمره.
رجع شيخنا أبو القاسم من حلب إلى دمشق فتوفي بها في يوم الخميس سابع عشر شعبان من سنة خمس عشرة وستمائة، ودفن من يومه بجبل قاسيون. (183 ظ)
وأخبرني الحافظ أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي قال: أبو القاسم هذا بغدادي سكن دمشق، من أهل الصلاح والعفاف والخير، ويعرف بالشمس
(1)
-انظر كنز العمال:46412،46408،16/ 46407.
(2)
-كان أصله من الابناء، ولي القضاء لعمر بن عبد العزيز في اليمن، واتهم بالقدر وتوفي مسجونا سنة 111 هـ. نسب اليه كتاب التيجان في ملوك حمير، وصلتنا عدة أوراق من مغازيه.
العطار، محدث ابن محدث، وكان والده يذكر أنه من ولد أبي عبد الرحمن السلمي.
وذكر الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري في كتاب «التكملة لوفيات النقلة» فيمن مات سنة خمس عشرة وستمائة قال: وفي ليلة السابع عشر من شعبان توفي الشيخ الأجل أبو القاسم أحمد بن الشيخ الأجل أبي محمد عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق السلمي البغدادي العطار الصيدلاني، نزيل دمشق، بدمشق، وصلي عليه من الغد بالمدرسة المجاهدية ظاهر باب الفراديس، ودفن بجبل قاسيون.
سمع بإفادة والده، وذكر بعضهم أن أبا القاسم هذا توفي في جمادى الآخرة من السنة، والأول أكثر
(1)
. (184 و).
(1)
- التكملة لوفيات النقله:4/ 342 - 343 (1616).
أحمد بن عبد الله بن علي:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أبو العباس الفرائضي الرازي، سمع بحلب نزيلها سليمان بن المعافى بن سليمان ومحمد بن معاذ الحلبي المعروف بدرّان، وبالمصيصة الحسن بن منصور المصّيصي.
وروى عنهم وعن: الحسين بن أحمد بن الفضل الباهلي، والحسن بن علي بن زكريا العدوي، ومطين الحضرمي، وأبي بكر محمد بن قارن، وأبي بكر أحمد بن سعيد السوسي، وعثمان بن الأصبغ الرقّي، والحسين بن محمد بن أبي الأحوص، وجعفر بن محمد الفريابي، وأحمد بن جعفر القطان، وعبد الله بن أحمد القواريري، وأبي شعيب الحراني، وابن أبي حسان؛ وعن موسى بن عمران الوراق، سمع منه بطرسوس، ويوسف بن يعقوب القاضي، ومكي بن أحمد بن ماهان.
روى عنه: أبو الحسن الدارقطني، وأبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين، ويوسف القواس، وأحمد بن الفرج بن الحجاج، وعبد الله بن عثمان الصفار، وأبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق بن محمد بن يزيد الحلبي.
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي البركات الخضر بن شبل الحارثي قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف المقرئ-إجازة-قال: أخبرنا أبو الحسن
علي بن محمد الحلبي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الفرائضي قال:
حدثنا موسى بن عمران الوراق بطرسوس قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال: حدثنا يحيى بن اليمان قال: سمعت سليمان الأعمش يقول: إني لأرى الشيخ يخضب بالحناء، ليس عنده شيء من الحديث فأشتهي أن ألطم قفاه.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال:
أخبرنا أبو (185 - و) الحسن الدارقطني قال: أحمد بن عبد الله بن علي الفرائضي رازي ثقة.
أحمد بن عبد الله بن علوان:
أبو العباس الأسدي الحلبي، أخو شيخنا أبي محمد عبد الرحمن بن الاستاذ، شيخ حسن صالح، زاهد ورع، حسن الأخلاق، كثير العبادة والدعاء.
سمع بحلب الحافظ أبا بكر محمد بن علي بن ياسر الحياني، وأبا طالب عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي الحلبي، ومحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مسعود المسعودي الفنجديهي وغيرهم، وسمع بمكة أبا محمد عبد الدائم بن عمر بن حسين الكتاني وغيره، وبالموصل أبا الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي.
وكان سار من حلب صحبة والدته، وكانت امرأة صالحة، وصحبه أخيه الشيخ علوان إلى الحج، فجاور بمكة مع أخيه ووالدته يخدمهما إلى أن مات أخوه علوان، فأقام بمكة يخدم والدته إلى أن ماتت، فكانت إقامته بمكة عشرين سنة متوالية يخدم والدته، ثم عاد إلى حلب الحروسة من مكة بأخت له كانت مع والدته، وكان بعد ذلك يتردد من حلب حاجا إلى مكة في بعض السنين، وكان يجاور في بعضها، وآخر حجة حجّها في سنة ثمان وستمائة، سيره الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب ليلحق عمته ربيعه خاتون بنت أيوب، وكانت حجت في هذه السنة، ليعلمها مناسك
الحج، وكانت حجت من إربل، وعادت على الشام، فقدم معها، وكنت بالبيت المقدس، فقدم علينا معها في أوائل سنة (185 - ظ) تسع وستمائة، وأقام بعدها بحلب إلى أن مات.
وقال لي ابن أخيه القاضي الإمام زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن:
إنه تكمل للشيخ أحمد-عمه-إلى أن مات ثلاثون حجة إلى مكة حرسها الله بسني المجاورة.
وسمعت القاضي زين الدين المذكور يقول: كان الشيخ ربيع بن محمود المارديني-وكان أحد الأولياء-يقول: لو صعد أحد إلى السماء بخدمة والدته لصعد الشيخ أحمد، فإنه لم يخدم أحد والدته مثل خدمته.
قال: وبلغني أنه طاف ليلة بأمه من العشاء إلى الصباح ويدها على كتفه لضعفها ومعه إبريق فيه ماء، وهو يطوف والماء معه معدّ لأمه إن عرضت لها حاجة إليه.
قال: وكان الشيخ عبد الحق الفاسي، وكان أيضا أحد الأولياء قد سكن الفين، قرية في وادي بطنان، وأقام بمسجدها، وذلك بعد موت الشيخ أبي زكريا المدفون بدير النقيرة، وعزم عبد الحق على أن لا يخرج من الفين إلى أن يموت، فلما قدم الشيخ أحمد من مكة بعد المجاورة الطويلة، دخل عبد الحق من الفين قصدا لرؤيته، وأقام بحلب أياما قلائل حتى قضى حق زيارته، ثم عاد إلى الفين.
وسألت القاضي أبا محمد المذكور عن مولد عمه أبي العباس، فقال: لا أعلم، إلا أنه كان بينه وبين والدي في العمر مقدار سبع سنين، ومولد والدي في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة في ربيع، فيكون تقدير (186 - و) مولد عمي في سنة إحدى أو اثنتين وأربعين وخمسمائة، ثم وجدت في تعليق بخط رفيقنا رزق الله الدنيسري:
إن شيخنا أحمد مولده سنة أربع وأربعين وخمسمائة، فلا أدري من أين وقع له ذلك.
سمعت من الشيخ أحمد رحمه الله كتاب الصحاح للجوهري في اللغة، بحق سماعه لها من أبي محمد عبد الدائم الكناني عن أبي البركات بن العرقي، وبإجازته من ابن العرقي، وكان له إجازة حسنة من شيوخ مصر ودمشق وأصبهان، وغير ذلك من البلاد، أخذها له ولأخيه شيخنا أبي محمد بن عبد الرحمن الفنجديهي، وسمعت منه عدة أجزاء من حديثه، وعلقت عنه فوائد وانشادات عن شيوخه.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الاسدي الحلبي بها قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن العجمي الحلبي بها قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز قال: أخبرنا أبو قاسم طلحة ابن علي بن الصقر بن عبد المجيب بن عبد الحميد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال:
حدثنا ابن وهب قال: أخبرنا عمرو بن الحارث عن كعب بن علقة التنوخي عن عبد الرحمن بن شماسة المهري عن أبي الخير عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله (186 - ظ) عليه وسلم قال: «كفارة النذر كفارة اليمين
(1)
» هذا حديث صحيح أخرجه مسلم.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن علوان قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن أبي الحسن المسعودي قال: أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد بن عمر المقدر قال: أخبرنا الشيخ أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة قال: أخبرنا والدي أبو عبد الله محمد بن اسحاق قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن الحسين بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمي قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري عن معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يضحك
(1)
-انظره في جامع الاصول:11/ 554 (9159).
الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة» قالوا: وكيف يا رسول الله؟ قال: «يقتل هذا فيلج الجنة، ثم يتوب الله على الآخر فيهديه الى الاسلام، ثم يجاهد في سبيل الله فيستشهد»
(1)
.
أنشدنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان من لفظه قال: أنشدني الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي بالموصل بمسجده عند منزله، في سنة ثمان وستين وخمسمائة قال: أنشدني والدي لنفسه:
إني وإن بعدت داري لمغترب
…
منكم بمحض موالاة واخلاص
وربّ دان وإن دامت مودته
…
أدنى الى القلب منه النازح القاصي
(187 - و)
وأنشدنا أبو العباس قال: أنشدنا الخطيب أيضا لوالده:
إنا وإن بعد اللقاء فودنا
…
باق ونحن على النأي أحباب
كم نازح بالود وهو مقارب
…
ومقارب بودادنا مرتاب
أنشدنا أحمد بن عبد الله الاسدي قال: أنشدني شيخ بالحجاز لبعضهم:
قد تفاءلت بالأراك فلما
…
أن رأيت الأراك قلت أراكا
وتخوفت أن يكون سواكا
…
فيكون الذي أراه سواكا
توفي شيخنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بحلب في سنة سبع عشرة وستمائة، ودفن بالجبيل في التربة المدفون بها والده رحمها الله.
أحمد بن عبد الله بن عمر بن جعفر:
أبو علي المالكي البغدادي، نزيل حلب، وقيل ان اسم جد أبيه حفص بدل جعفر، حدث عن أبي جعفر الحسن بن علي بن الوليد الفسوي، وأبي شعيب
(1)
-انظره في كنز العمال:4/ 11124.
الحراني، وجعفر بن محمد بن المستفاص الفريابي، وخلد بن عمرو العكبري، والحسن بن علي بن الوليد الفارسي.
روى عنه محمد بن يونس بن هاشم الاسكاف، وتمام بن محمد بن عبد الله الرازي.
أخبرنا يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو طاهر بركات ابن ابراهيم بن طاهر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي، ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني-إجازة عاليا- قال: (187 - ظ) أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد ابن عبد الله الرازي قال: حدثنا أبو علي أحمد بن عبد الله بن عمر بن حفص البغدادي-ومسكنة حلب، قدم دمشق-قال: حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني قال: حدثنا يحيى بن عبد الله البابلتي قال: حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله من عذاب القبر وعذاب جهنم، ومن فتنة المحيا والممات، وشر المسيح الدجال.
هكذا في كتابه، والصواب حسان بن عطية عن محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة، والله أعلم.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد بن عبد الله بن عمر جعفر، أبو علي، سكن حلب، وحدث بدمشق عن: أبي شعيب الحراني، وجعفر الفريابي، والحسن بن علي بن الوليد الفارسي.
روى عنه تمام الرازي.
أحمد بن عبد بن محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق:
ابن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو العباس، صاحب الخال، نسب نفسه هكذا.
وقيل: أحمد بن عبد الله بن محمد بن جعفر.
وقيل: محمد بن عبد الله بن جعفر، وقيل عبد الله بن أحمد بن محمد بن اسماعيل (188 - و).
وقيل: ان اسمه الحسين بن زكرويه بن مهرويه
(1)
وقيل ابن مهري- الصواني، من أهل صوان، من سواد الكوفة، وهو المعروف بصاحب الخال، أخو علي بن عبد الله القرمطي، نسب نفسه الى محمد بن اسماعيل بن جعفر، وتسمى بالمهدي.
وبايعته القرامطة بعد قتل أخيه بنواحي دمشق
(2)
وصار الى السخنة، والاركه والزيتونة
(3)
وخناصرة من الأحص من أعمال حلب، ودخل هذه المواضع عنوة، ونهب ما فيها من الاموال والسلاح.
وأفسد بالشام، وعاث في بلادها، وغلب على أطراف حمص، وخطب على منابرها، وفتحوا له بابها، وسار الى حماه، ومعرة النعمان وغيرهما من البلاد، فقتل أهلها، والنساء والاطفال، ثم جاء الى سلمية، فمنعوه، ثم أعطاهم الامان ففتحوا له بابها، فدخل وقتل الهاشميين أجمعين بها، ثم قتل الرجال، ثم البهائم ثم الصبيان ثم خرج منها وليس بها عين تطرف.
وجهز جيشا كثيفا بخيل ورجاله مع بعض دعاته ويعرف بعميطر المطوّق،
(1)
-لقد تناولت هذه المسألة بالدراسة في كتابي الجامع في أخبار القرامطة وهو قيد الطباعة الان.
(2)
-سيذكر بعد قليل مقتل صاحب الناقة خارج دمشق.
(3)
-مواقع على مقربة من تدمر ما تزال تحمل هذه الاسماء.
الى ناحية حلب فأوقعوا بأبي الاغر خليفة بن المارك
(1)
بوادي بطنان، وقتلوا خلقا عظيما، وانتهبوا عسكره، وأفلت أبو الأغر في ألف رجل لا غير، فدخل الى حلب، ووصلوا خلفه الى حلب، فأقاموا عليها على سبيل المحاصرة، وتسرع أهل حلب في يوم الجمعة سلخ شهر رمضان من سنة تسعين ومائتين، وطلبوا الخروج لقتالهم فمنعوا من ذلك، فكسروا قفل باب المدينة، وخرجوا الى (188 - ظ) القرامطة فتحاربوا، ونصر الله الرعية من أهل حلب عليهم، وقتل من القرامطة جماعة كبيرة، وخرجوا يوم السبت يوم عيد الفطر مع أبي الأغر الى مصلى العيد، وعيد المسلمون وخطب الخطيب على العادة، ودخل الرعية الى مدينة حلب في أمن وسلامة، وأشرف أبو الأغر على عسكر القرامطة فلم يخرج اليه أحد منهم، فلما يئسوا من فرصة ينتهزونها من حلب ساروا ومضوا الى صاحب الخال.
ولما انتهى الى المكتفي بالله هذه الامور خرج نحوه، وجهز اليه عسكرا قويا في المحرم سنة احدى وتسعين ومائتين، فقتل من أصحاب القرمطي خلق كثير، وانهزم نحو الكوفة، فقبض بالدالية من سقي الفرات، وحمل الى الرقة الى المكتفي بالله.
فحمل الى بغداد، وشهر وطيف به على جمل، وقيل على فيل، ثم بنيت له دكة فقتل عليها هو وأصحابه في شهر ربيع الاول من سنة احدى وتسعين ومائتين.
وكثير مما يقع الاختلاف في اسمه ونسبه، واسم أخيه الذي قبله علي بن عبد الله، وبعضهم يسمي أخاه محمد بن عبد الله بن يحيى، والصحيح أن الذي ثبت عليه في اسمه ونسبه: أبو العباس أحمد بن عبد الله، وهو دعي.
وانما سموا القرامطة، زعموا أنهم يدعون الى محمد بن اسماعيل بن جعفر
(1)
-سترد فيما ترجمة أبي الاغر، هذا وذكر الطبري في حوادث سنة 290 هـ ص 2222 من ط. ليدن: ولثلاث عشرة بقيت من ربيع الاخر خلع علي أبي الاغر، ووجه لحرب القرمطي بناحية الشام، فمضى الى حلب في عشرة الاف رجل.
ابن محمد بن علي، ونسبوا الى قرمط، وهو حمدان بن الاشعث، كان (189 - و) بسواد الكوفة، وانما سمي قرمطا لأنه كان رجلا قصيرا، وكان رجلاه قصيرتين، وكان خطوه متقاربا، فسمي بهذا السبب قرمطا، وكان قرمط قد أظهر الزهد والورع وتسوق به على الناس مكيدة وخبثا.
وكان أول سنة ظهر فيها أمر القرامطة سنة أربع وستين ومائتين، وذكر بعض العلماء أن لفظة قرامطة انما هو نسبة الى مذهب يقال له القرمطة خارج عن مذاهب الاسلام، فيكون على هذه المقالة عزوة الى مذهب باطل، لا الى رجل
(1)
.
وانما قيل لهذا القرمطي صاحب الخال، لانه كان على خده الايمن خال
(2)
، ويعرف بابن المهزول زكرويه بن مهري الصواني، من أهل صوان، من سواد الكوفة وقيل هو وأخوه من قيس من بني عبادة بن عقيل من بني عامر، ثم من بني قرمطي ابن جعفر بن عمرو بن المهيّا بن يزيد بن عبد الله بن يزيد بن قيس بن جوثة بن طهفة بن حزن بن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، فادعى أنه من ولد محمد بن اسماعيل بن جعفر، فعلى هذا يكون منسوبا الى قرمطي، ولا يبعد أن يكون الأمران جميعا، والله أعلم.
وقرأت في رسالة أبي عبد الله محمد بن يوسف الانباري
(3)
الكاتب الى أخيه أبي علي في ذكر أخبار هذا (189 - ظ) القرمطي: انه ادعى أنه أحمد بن عبد الله بن جعفر، وأنه المهدي، وأنه نظر محمد بن اسماعيل في النسب، فلما وقف على بعد هذا النسب، ادعى بعد وقعة السطح
(4)
من الكسوة، أنه محمد بن
(1)
-عالجت في كتابي الجامع في أخبار القرامطة مسألة التسمية ووصلت الى محصلة أن كلمة قرمطي تعني باطني.
(2)
-اتخذ الخال علامة على صحة امامته.
(3)
-لعله هو الذي ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد:3/ 393. وانظر أيضا المصدر نفسه:14/ 65.
(4)
-قرية على مقربة من الكسوة جنوب دمشق. انظرها في معجم البلدان.
عبد الله بن جعفر، وكتب بذلك كتابا بخطه الى المعروف بابن حوي السكسكي ممن يسكن بيت لهيا
(1)
، فصار ابن حوي الى أبي نصر حمد بن محمد، كاتب طغج، ثم نزع عن هذا النسب الى عبد الله بن ادريس الحسني القادم من الحجاز الى مدينة أذرعات من جهة دمشق، وقيل ان القرمطي من يهود نجران، وأنه دعي وذكر أبو محمد عبد الله بن الحسين الكاتب القطربلي ومحمد بن أبي الازهر في التاريخ
(2)
الذي اجتمعا على تأليفه في حوادث سنة تسع وثمانين ومائتين قالا:
وفي آخر هذه السنة ظهر رجل يقال له محمد بن عبد الله بن يحيى، من ولد اسماعيل ابن جعفر العلوي بنواحي دمشق، يدعو الى نفسه، واجتمع اليه خلق كثير من الاعراب، وأتباع الفتن، فسار بهم الى دمشق، وكان بها طغج بن جف مولى أمير المؤمنين من قبل هارون بن خمارويه عامل أمير المؤمنين على مصر والشام، فلما بلغه خبره استعد لحربه، وتحصن طغج بدمشق، فحصره هذا العلوي بها، وكانت بينهما وقعات، وانقضت
(3)
.
قالا: وفي هذه السنة-يعني سنة تسعين ومائتين-جرت بين طغج بن جف وبين القرمطي حروب كثيرة كلها على طغج، فكتب الى هارون
(4)
(190 - و) يستنجده، فوجه اليه من مصر جيشا بعد جيش، كل ذلك يهزمهم القرمطي.
ثم وجه هرون بن خمارويه ببدر الحمامي، وكتب الى طغج في معاضدته، وضم اليه وجوه القواد بمصر والشام، فخرج الى القرمطي، فكانت بينهم حروب كثيرة أتت على أصحاب بدر الحمامي، وكان هذا القرمطي قد جعل علامته ركوب جمل
(1)
-من قرى غوطة دمشق. معجم البلدان.
(2)
-أنظر حولهما: تاريخ بغداد:291،3/ 288. بغية الوعاة للسيوطي-ط. القاهرة 104:1926. الاعلان بالتوبيخ للسخاوي-ط. القاهرة 694:1963.
(3)
-أي سنة 289 هـ.
(4)
-أي هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون صاحب مصر انذاك.
من
(1)
جماله، وترك ركوب الدواب، ولبس ثيابا واسعة، وتعمم عمة أعرابية، وأمر أصحابه أن لا يحاربوا أحدا وان أتي عليهم حتى ينبعث الجمل من قبل نفسه من غير أن يثيره أحد، فكانوا اذ فعلوا ذلك لم يهزموا، وكان اذا أشار بيده الى ناحية من النواحي انهزم من يحاربه، واستغوى بذلك الاعراب.
فخرج إليه بدر يوما لمحاربته، فقصد القرمطي رجل من أصحاب بدر يقال له زهير بزانة
(2)
، فرماه بها فقتله، ولم يظهر على ذلك أصحاب بدر إلاّ بعد مدة، فطلب في القتلى فلم يوجد، وكان يكنى أبا القاسم.
قال ابن أبي الأزهر: وحدثني كاتبه المعروف بإسماعيل بن النعمان، ويكنى بأبي المحمّدين، وسبب هذه الكنية أنه وافى مع جماعة من القرامطة بعد الصلح وقبولهم الأمان من القاسم بن سيماء، وكان على طريق الفرات، ومن عبد الله بن الحسين بن سعد وكان على القابون
(3)
، فكان القاسم بن سيماء يكنى أبا محمد وصاحب الخرائط قرابة أبي (190 - ظ) مروان يكنى أبا محمد، فكني إسماعيل هذا أبا المحمدين، فبقي معروفا بذلك.
فحدثني إسماعيل عن هذه الوقعة قال: فصرت إليه غير مرة وهو راكب على نجيبه، وعليه درّاعة ملحم، فقلت له: قد اشتد الأمر على أصحابنا، وقد قربوا منك، فتنح عن هذا الموضع إلى غيره، فلم يرد علي جوابا، ولم يثر نجيبه، فعدلت إليه ثانية، فقلت له: قم، فانتهرني ولم يرم إلى أن وافته زانة، أو قال: حربة، فسقط عن البعير، وكاثرنا من يريد أخذه، فمنعنا منه، وقتل زهاء مائة إنسان في ذلك الوضع، ثم أخذناه وتنحينا بأجمعنا.
(1)
-اقتباسا من رواية ان ناقة النبي كانت مأمورة يوم دخل المدينة مهاجرا صلى الله عليه وسلم.
(2)
-من أنواع الحراب.
(3)
-خارج دمشق معروفة بهذا الاسم.
فقلت: هذا الذي أقمتموه مقامه أهو أخوه؟ فقال لا والله ما نعلم ذاك غير أنه وافانا قبل هذه الحادثة بيومين، فسألناه من أنت من الإمام؟ فقال: أنا أخوه، ولم نسمع من الشيخ شيئا في أمره، يعني المكتني أبا القاسم.
وكان هذا المدّعي أخاه يكنى أبا العباس، واسمه أحمد بن عبد الله، فعقد لنفسه البيعة على القرامطة، ودعاهم إلى مثل ما كان أخوه يدعوهم إليه، فاشتدت شوكته، ورغبت البوادي في النهب، وانثالت عليه انثيالا، وذلك في آخر شهر ربيع الآخر من هذه السنة.
ثم صار الى دمشق فصالحه أهلها على خراج دفعوه إليه، فانصرف عنهم، ثم سار إلى أطراف دمشق وحمص فتغلب عليها، وخطب له على منابرها، وتسمى بالمهدي، ثم صار إلى مدينة حمص فأطاعه (191 - و) أهلها وفتحوا له بابها فدخلها، ثم صار إلى حماه، وسلمية، وبعلبك فاستباح أهلها، وقتل الذراري ولم يبق شريفا لشرفه، ولا صغيرا لصغره، ولا امرأة لمحرمها؛ وقتل أهل الذمة، وفجروا بالنساء.
وحدثني من كان معهم قال: رأيت عصاما سيافه وقد أخذ من بعلبك امرأة جميلة جدا ومعها طفل لها رضيع، فرأيته والله وقد فجر بها، ثم أخذ الطفل بعد ذلك فرمى به نحو السماء ثم تلقاه بسيفه فرمى به قطعتين، ثم عدل إلى أمه بذلك السيف بعينه، فضربها به فبترها.
فلما اتصل عظيم خبرهم، واقدامهم على انتهاك المحارم، ودام، خرج أمير المؤمنين المكتفي بالله متوجها نحوه، يوم الثلاثاء لتسع خلون من شهر رمضان، في قوّاده، ومواليه، وغلمانه، وجيوشه، وأخذ على طريق الموصل، ثم صار الى الرقّة وأقام بها، وأنفذ الجيوش نحو القرامطة، وقلّد القاسم بن عبيد الله بن سليمان تدبير أمر هذه الجيوش، فوجه القاسم محمد بن سليمان الكاتب
صاحب الجيش خليفة له على جميع القواد، وأمرهم بالسمع والطاعة، فنفذ عن الرقة في جيش ضخم، وآلة جميلة، وسلاح شاك؛ وكتب الى جميع القواد والأمراء في النواحي بالسمع له والطاعة لأمره، وضم محمد بن سليمان القواد بعضهم الى بعض، وصمد نحو القرمطي، فلم يزل يعمل التدبير، ويذكي العيون، (191 - ظ) ويشاور ذوي الرأي، ويتعرف الطرقات الى أن دخلت سنة إحدى وتسعين.
قال: وفي أول هذه السنة كتب أمير المؤمنين الى محمد بن سليمان، وإلى سائر القواد في مناهضة القرمطي فساروا إليه فالتقوا على اثني عشر ميلا من حماه في موضع
(1)
بينه وبين سلمية، فاشتدت الحرب بينهم وصدقوهم القتال، فتجمع القرامطة وحملوا على الميمنة حملة رجل واحد، فثبت الأولياء، فمروا صادفين عنها وجعلوها هزيمة، ومنح الله أكتافهم، وقتل منهم وأسر أكثر من عشرة آلاف رجل، وشرد الباقون في البوادي، واستمرت بهم الهزيمة، وطلبهم الأولياء الى وقت صلاة عشاء الآخرة من ليلة الأربعاء لسبع خلون من المحرم.
ولما رأى القرمطي ذلك، ورأى من بقي من القرامطة قد كاعوا
(2)
عنه، حمل أخا له يكنى أبا الفضل مالا، وتقدم إليه أن يلحق بالبوادي الى أن يظهر في موضع آخر، فيصير إليه، وتجمع رؤساء القرامطة، وهم الذين كانوا صاروا الى رحبة مالك بن طوق
(3)
، فطلبوا الأمان، وهم: أبو المحمدين، والنعمان بن أحمد، وأحمد بن النعمان أخو أبي المحمدين، ووشاح، وعطير، وشديد بن ربعي، وكليب من رهط النحاس، وعصمة
(4)
السياف، وسجيفة رفيقه، ومسرور، وغشام
(1)
-اسم الموضع عند الطبري 2239 «تمنع» ولعله قرية التمانعة الحالية التابعة لمدينة حماه.
(2)
-تخلوا عنه وهربوا أو تخاذلوا.
(3)
-اسمها الان الرحيبة على مقربة من الميادين على الفرات في سورية.
(4)
-تقدم قبل قليل أنه «عصام» .
فقالوا للقرمطي، وهو صاحب الخال،: قد وجب حقك علينا، وقد رأيت ما كان من جدنا واجتهادنا (192 - و) ومن حقك علينا أن ندعك ورأيك، وإنما يطلبنا السلطان بسببك، فانج بنفسك، فأخذ ألف دينار فشدها في وسطه في هميان
(1)
، وأخذ معه غلاما له روميا يقال له لؤلؤ، كان يهواه ويحل منه محل بدر من المعتضد بالله، وركب معه المدثر، وكان يزعم أنه ابن عمه، والمطوق غلامه، ومع كل واحد منهم هميان في وسطه.
فأما المطوق-وهو اتخذ له سخاب
(2)
وقت دخوله الى مدينة السلام- فإني سألت عنه أبا المحمدين فذكر أنه رجل من أهل الموصل، وأنه صار الى الإمام- بزعمه-فجعل يورق له ويسامره، ولم يعرف قبل ذلك الوقت.
وأخذوا دليلا، وسار يريد الكوفة عرضا في البرية، فغلط بهم الدليل الطريق، وأخرجهم بموضع بين الدالية والرحبة يقال له بنو محرز، فلما صاروا الى بني محرز نزلوا خارج القرية في بيدر عامر، فأخرجوا دقيقا كان معهم في مزود، واقتدحوا نارا، واحتطبوا ليخبزوا هناك، وكان وقت مغيب الشمس، فعلا الدخان، وارتاب الموكلون ببني محرز من أصحاب المسالح بما رأوه، فأموا الموضع، فلقوا الدليل فعرفه بعضهم، فقال ما وراءك؟ قال: هذا القرمطي وراء الدالية، فشدوا عليهم فأخذوهم، وكتبوا الى أبي خبزة وهو في الدالية يعلمونه بهذا، فأتاهم ليلا، فأخذهم وصار بهم الى الدالية، وأخذ من وسط غلام له هميانا فيه ألفا دينار، (192 - ظ) ومن وسط المدثر مثل ذلك، وأخذ الهميان الذي كان مع القرمطي، ووكل بهم في دار بالدالية، وكتب الى أحمد بن محمد بن كشمرد وهو
(1)
-الهميان-فارسية معربة، شداد السراويل: وتكة وما يجعل فيه الدراهم ويشد على الحقو. اللسان.
(2)
-السخاب: قلادة. اللسان: وجاء في الطبري:2243 - 2244 أنه لما دخل الرقة كان يشتم الناس اذا دعوا عليه ويبزق عليهم، فاتخذ له ما يشبه اللجام لئلا يفعل ذلك.
بالرحبة يخبره فأسرع في السير إليهم، فلما وافى احتبس القرمطي في بيت لطيف في مجنب الحيري، فحدثني بعض أهل الدالية قال: لما وافى ابن كشمرد سأل القرمطي ما أخذه منك؟ قال: ما أخذ مني شيء، فقال له المطوق: أتبغي من الإمام ما لا يحسن منه الإقرار به، ودعا بالبزاز فأخذ ثيابا، ثم دعا بالخياط ليقطع للقرمطي تلك الثياب، فقال ما لخياط للقرمطي: قم حتى أقدر الثوب عليك، فقال المطوق للخياط: أتقول يا بن اللخناء للإمام قم! اقطع ثكلتك أمك على سبعة أشبار.
وصار ابن كشمرد وأبو خبزه بالقرمطي الى الرقة، ورجعت جيوش أمير المؤمنين بعد أن تلقطوا كل من قدروا عليه من أصحاب القرمطي في أعمال حمص ونواحيها، وورد كتاب القاسم بن عبيد الله بأن القرمطي أدخل الرقة ظاهرا للناس على جمل فالج
(1)
، وعليه برنس حرير ودراعة ديباج، وبين يديه المدثر والمطوق على جملين في يوم الاثنين لأربع ليال بقين من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين حتى صير بهم الى دار أمير المؤمنين بالرقة فأوقفوا بين يديه، ثم أمر بهم فحبسوا، واستبشر الناس والأولياء بما هنأه الله في أمر هذا القرمطي، وقرظ أمير المؤمنين القاسم بن عبيد الله في (193 - و) هذا الوقت وأحمده فيما كان من تدبيره في أمر هذا الفتح، وخلع عليه خلعا شرفه بها، وقلده سيفا ولقبه بولي الدولة، وانصرف الى منزله بالرقة.
وخلف أمير المؤمنين عساكره مع محمد بن سليمان، وشخص من الرقة في غلمانه ووجوه أصحابه، وحرمه، وشخص معه أبو الحسين القاسم بن عبيد الى بغداد وحمل معه القرمطي والمدثر، والمطوق وجماعة ممن أسر في الوقعة مستهل صفر، وقعد في الحراقات في الفرات، ولم يزل متلوما في الطريق حتى وصل الى البستان المعروف بالبشرى ليلة السبت لليلتين بقيتا من صفر، فأقام به، ثم عبر من هناك الى
(1)
-الفالج: الجمل الضخم ذو السنامين. القاموس.
الجانب الشرقي، فعبأ الجيوش بباب الشماسية، وكان أمير المؤمنين قد عزم على أن يدخل القرمطي بغداد مصلوبا على دقل
(1)
، والدقل على ظهر فيل، وأمر بهدم الطاقات التي يجتاز بها الفيل اذ كانت أقصر من الدقل، ثم استسج ذلك، فعمل له دميانة غلام يازمار كرسيا ارتفاعه ذراعان ونصف، وأجلسه عليه، وركب الكرسي على ظهر الفيل، فدخل أمير المؤمنين مدينة السلام صبيحة يوم الاثنين مستهل ربيع الأول في زي حسن، وتعبئة جيش كثيف، وآلة تامة، وسلاح شاك، بين يدي القرمطي على جمل فالج، وعليه دراعة حرير (193 - ظ) وبرنس، ثم القرمطي على الكرسي على ظهر الفيل وعليه دراعة ديباج وبرنس حرير، ثم دخل أمير المؤمنين خلفه حتى اشتق مدينة السلام الى قصره المعروف بالحسني، والقاسم بن عبيد الله خلفه، وأمر بالقرمطي والمدثر فأدخلا الحبس بالحسني، ووجه بالأسرى الى الحبس الجديد بالجانب الغربي، ومضى المكتفي من ساعته من الحسني الى الثريا بعد أن خلع على أبي الحسين القاسم بن عبيد الله، وانصرف الى منزله.
ووافى محمد بن سليمان بعد اصلاحه الأمور وتلقطه جماعة من قوّاد القرمطي وقضاته وأصحاب شرطه، فأخذهم وقيدهم، وانحدر والقوّاد الذين تخلفوا معه إلى مدينة السلام فوافى بغداد إلى الباب المعروف بباب الأنبار ليلة الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، وكان أمر القوّاد جميعا بتلقي محمد بن سليمان والدخول معه إلى بغداد، ففعلوا ذلك، ودخل محمد بن سليمان صبيحة يوم الخميس وبين يديه نيف وسبعون أسيرا غير من أسمينا والقواد معه حتى صاروا إلى دار أمير المؤمنين بالثريا، فدخلوا عليه، وأمر أن يخلع على محمد بن سليمان، ويطوق بطوق ذهب، ويسور بسوار، وخلع على جميع القواد القادمين معه، وطوقوا وسوروا وانصرفوا إلى منازلهم، وأدخل الأسرى إلى الحبس الجديد بمدينة السلام في الجانب الغربي منها.
(1)
-الدقل: ما يشبه سارية السفينة. القاموس.
فلما كان في يوم السبت (194 - و) لعشر بقين من شهر ربيع الأول بنيت دكّة في المصلى العتيق من الجانب الشرقي الذي تخرج إليه الثلاث الأبواب ومن باب خراسان، تكسير ذرعها عشرون ذراعا في عشرين ذراعا، وجعل لها أربع درج يصعد منها إليها، وأمر القوّاد جميعا بحضور هذه الدكة، ونودي بذلك في الناس أن يحضروا عذاب القرامطة ففعلوا وكثر الناس في هذا الموضع، وحضر القوّاد والواثقي
(1)
المتقلد للشرطة بمدينة السلام، وحضر محمد بن سليمان، فقعدوا جميعا عليها، وأحضروها ثلاثمائة ونيفا وعشرين إنسانا ممن كان أسر قديما، ومن جاء به محمد بن سليمان، وأحضر القرمطي والمدّثّر فأقعدا، وقدم نيف وثلاثون إنسانا من هؤلاء الأسارى من وجوههم فقطعت أيديهم وأرجلهم وضربت أعناقهم، ثم قدم القرمطي فضرب مائتي سوط، ورش على الضرب الزيت المغلى، وكوي بالجمر، ثم قطعت يداه ورجلاه، وضربت عنقه، فلما قتل انصرف القواد وأكثر الناس ممن حضر للنظر إلى عذاب القرمطي، وأقام الواثقي إلى وقت العشاء الآخرة في جماعة من أصحابه حتى ضرب أعناق باقي الأسارى، ثم انصرف، فلما كان يوم الأربعاء لست بقين من هذا الشهر صير ببدن القرمطي إلى جانب الجسر الأعلى من الجانب الشرقي فصلب هناك، وحفر لأجساد القتلى آبار إلى (194 - ظ) جانب الدكة فطرحوا فيها، وطمت، فلما كان بعد أمر بهدم الدكة وتعفية أثرها ففعل ذلك.
قال ابن أبي الأزهر في هذا التاريخ في حوادث سنة ثلاث وتسعين ومائتين:
وفيها ورد الخبر بأن أخا الحسين بن زكرويه المعروف بصاحب الشامة ظهر بالدّالية من طريق الفرات في نفر واجتمع إليه جماعة من الأعراب وسار بهم إلى نحو دمشق،
فعاث في نواحيها، فندب للخروج إليه حسين بن حمدان فخرج في جماعة، وورد الخبر برجوعه إلى الدّالية.
(1)
-اسمه في الطبري:2245 «أحمد بن محمد الواثقي» .
فحدث محمد بن داود بن الجرّاح
(1)
أن زكرويه بعد قتل صاحب الشامة أنفذ رجلا كان معلما للصبيان يقال له عبد الله بن سعيد، فتسمى نصرا ليخفي أمره، فدار في أحياء كلب يدعوهم إلى رأيه، فاستجاب له جماعة من صعاليكهم وسقاطهم وسقاط العلّيصيين
(2)
، فسار فيهم إلى بصرى وأذرعات من كورتي حوران والبثنيّة فقتل وسبى، وأخذ الأموال.
قال: وأنفذ زكرويه رجلا يقال له القاسم بن أحمد داعية، فصار إلى نحو رستاق نهر ملخانا
(3)
.
قال: فالتقت به طائفة، فساروا إلى الكوفة حتى صبحوها غداه يوم النحر وهم غارون فوافوا باب الكوفة عند انصراف الناس من المصلى، فأوقعوا بمن قدروا عليه، وسلبوا وقتلوا نحوا من عشرين رجلا، وكان رئيسهم هذا قد حملوه في قبة يقولون: هذا ابن رسول الله وهو (195 - و) القاسم بن أحمد داعية زكرويه، وينادون يا ثارات الحسين-يعنون الحسين صاحب الشامة-، وشعارهم يا محمد يا أحمد-يعنون ابني زكرويه، ويموهون بهذا القول على أهل الكوفة-ونذر بهم الناس فرموهم بالحجارة من المنازل.
وإنما ذكرت هذا الفصل من قول ابن أبي الأزهر لأن فيه ما يدل على أن صاحب الخال كان يسمى الحسين بن زكرويه، وعاش زكرويه بعد ولديه القرمطيين في زعمه.
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب بن
(1)
-هو عم علي بن عيسى الوزير المشهور، قتل سنة 296 هـ /909 م، له كتاب الورقة مطبوع، وكتاب آخر هو «من اسمه عمرو بن الشعراء» نشره الاستاذ حمد الجاسر في مجلته العرب.
(2)
-من أمراء كلب.
(3)
- في الطبري:22260 «نهر تلحانا» .
البنّاء قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق قال: أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن علي بن اسماعيل الحطمي قال:
قام مقامه-يعني مقام صاحب الجمل-أخ له في وجهه خال يعرف به يقال له صاحب الخال، فأسرف في سوء الفعل، وقبح السيرة، وكثرة القتل، حتى تجاوز ما فعله أخوه، وتضاعف قبح فعله على فعله، وقتل الأطفال، ونابذ الإسلام وأهله، ولم يتعلق منه بشيء، فخرج الكتفي إلى الرقة، وسير إليه الجيوش، فكانت له وقائع وزادت أيامه على أيام أخيه في المدّة والبلاء حتى هزم وهرب، فظفر به في موضع يقال له الدّالية (195 - ظ) بناحية الرحبة، فأخذ أسيرا، وأخذ معه ابن عم له يقال له المدثر كان قد رشحه للأمر بعده، وذلك في المحرم سنة إحدى وتسعين.
وانصرف المكتفي بالله إلى بغداد وهو معه، فركب المكتفي ركوبا ظاهرا في الجيش والتعبئة، وهو بين يديه على الفيل، وجماعة من أصحابه على الجمال مشهرين بالبرانس، وذلك يوم الاثنين غرة ربيع الأول من سنة إحدى وتسعين، ثم بنيت له دكة في المصلى، وحمل إليها هو وجماعة أصحابه فقتلوا عليها جميعا في ربيع الآخر بعد أن ضرب بالسياط، وكوى جميعه بالنار، وقطعت منه أربعته، ثم قتل ونودي في الناس فخرجوا مخرجا عظيما للنظر إليه، وصلب بعد ذلك في رحبة الجسر.
وقيل إنه وأخوه من قرية من قرى الكوفة يقال لها الصوّان، وهما فيما ذكر ابنا زكرويه بن مهرويه القرمطي الذي خرج في طريق مكة في آخر سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وتلقى الحاج في المحرم من سنة أربع وتسعين فقتلهم قتلا ذريعا لم يسمع قط بمثله، واستباح القوافل، وأخذ شمسة
(1)
البيت الحرام، وقبل ذلك ما دخل الكوفة يوم الأضحى بغتة وأخرج منها، ثم لقيه جيش السلطان بظاهر الكوفة بعد دخوله إياها، وخروجه عنها، فهزمهم وأخذ ما كان معهم من السلاح والعدة، فتقوى
(1)
-أشبه بمظلة كانت توضع فوق الحجر الاسود وقد اختلف شكل الشمسة العباسية عن الشمسة الفاطمية.
بها، وعظم أمره في النفوس (196 - و) وهال السلطان، وأجلبت معه كلب وأسد، وكان يدعى السيد، ثم سير إليه السلطان جيشا عظيما فلقوه بذي قار بين البصرة والكوفة في الفراض
(1)
فهزم وأسر جريحا، ثم مات، وكان أخذه أسيرا يوم الأحد لثمان بقين من ربيع الأول سنة أربع وتسعين بعد أن أسر، فقدم به إلى بغداد مشهورا في ربيع الأول، وشهرت الشمسة بين يديه ليعلم الناس أنها قد استرجعت، فطيف به ببغداد، وقيل إنه خرج يطلب ثأر ابنه المقتول على الدكة
(2)
.
وذكر ابن أبي الأزهر في تاريخه أنه لما خرج على قافلة الحاج أن أصحابه أكبوا على الحاج فقتلوهم كيف شاؤوا واحتووا على جميع ما كان في القافلة، وسبوا النساء الحرائر، وجمع القرمطي لعنه الله أجساد القتلى، فعمل منها دكة تشبيها بالدكة التي قتل عليها أصحابه.
وسير إلي بعض الشراف الهاشميين بحلب تاريخا جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب، ذكر أنه تذكرة كتبها مما وجده في التواريخ المتقدمة، ومما وجده بخط جد أبيه الشيخ أبي الحسين علي بن المهذب بن أبي حامد محمد بن همام بن أبي شهاب وغيره قال فيه: سنة تسعين ومائتين فيها نجم بالشام قرمطي بأرض دمشق، انتسب إلى العلوية.
قال: وذكر الشيخ أبو الحسين علي بن المهذب أن أباه المهذب أخبره أن (196 - ظ) هذا القرمطي أول من وقع عليه هذا اللقب، وكان خرج في بطن من بني عدي من كلب يقال لهم بنو العلّيص، فخرج إليه طغج بن جفّ والي دمشق من قبل الطولونية محتقرا له في غير عدة ولا عدة، وكان هذا القرمطي في بادية كلب فأوقع بطغج، ودخل إلى دمشق مهزوما، ثم رجع فجمع عسكره، وحشد، وخرج
(1)
-في معجم البلدان: الفراض موضع بين البصرة واليمامة قرب فليج.
(2)
-مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور:3/ 139 - 141.
إليه فكان الظفر للقرمطي أيضا، وقتل حلقا كثيرا من أصحاب طغج، ونهبوا عسكره وعاد طغج إلى دمشق، فقوي القرمطي وكتب طغج إلى مصر، فوجه إليه جماعة من الفرسان والرجّالة، وأمدّهم من في الشام، فصار جيشا عظيما، فخرج وهو غير شاك في الظفر به، فأوقع القرمطي به، وكانت الوقعة في موضع بعرف بالكسوة، وسار القرمطي إلى بعلبك ففتحها وقتل أهلها، ونهب وأحرق، وسار منها إلى حمص فدعا لنفسه بها، وبث ولاته في أعمالها، وضرب الدنانير والدراهم، وكتب عليها المهدي المنصور أمير المؤمنين، وكذلك كان يدعى له على المنابر، وأنفذ سرية إلى حلب فأوقع بأبي الأغرّ خليفة بن المبارك السلمي، وعادت السرية، وجبى الخراج، وحمل إليه مال جند حمص، فأنفذ الأمير أبو الحجر المؤمل بن مصبح أمير برزويه والبارة والرّوق
(1)
وأفامية وأعمال ذلك-وبقي والي هذه المواضع من قبل الخلفاء ببغداد أربعين سنة فيها-رجلين من أهل معرة النعمان اسم أحدهما (197 - و) أحمد بن محمد بن تمام، والآخر ابن عاص القسري، وجاءا إلى القرمطي يرفعان على أهل معرة النعمان فمضيا إليه، وقالا له: إن أهل معرة النعمان قد شقوا العصا، وبطلوا الدعوة، وغيروا الأذان، ومنعوا الخرج، وكان أهل معرة النعمان قد أرسلوا معهما الخراج فأخذ منهما في الطريق، فلما قالا له ذلك، التفت إلى كاتبه وقال له: اكتب «وشهد شاهدان من أهلها» ، فسار إليها وقال لأصحابه: إن أغلقوا الباب فاجعلوها غارة على الدارين
(2)
، فخرج أهل معرة النعمان ولا علم لهم بما قد جرى، وأصحاب القرمطي يقولون: القوا مولانا السيد، فبلغ كثير من الناس إلى قرب حناك، وأخذ الأبواب أصحاب القرمطي على الناس، فقتل خلق كثير، ودخلها يوم الأربعاء النصف من ذي الحجة، فأقام يقتل المشايخ والنساء والرجال والأطفال، ويحرق وينهب خمسة عشر يوما، فذكر أن القتلى كانوا بضعة عشر ألفا.
(1)
-كتب ابن العديم في الحاشية: الروق هو الذي يقال له الروج كورة معروفة.
(2)
-كتب ابن العديم في الحاشية: لعله الذراري.
وخرج المكتفي إلى الرقة وأنفذ عساكره مع محمد بن سليمان الأنباري، وكان شهما شجاعا مدبرا، فحصل في حلب في جيش فيه ثلاثون ألفا مرتزقة، فيما ذكر غير واحد، وكان جهير بن محمد يقول له: تخرج إليهم فقد أهلكوا عشيرتي، فيقول له ابن الأنباري الكاتب: لو أخذوا بلحيتي ما خرجت إليهم حتى يهل هلال المحرم، يريد سنة إحدى وتسعين.
قال أبو غالب (197 - ظ) بن المهذب: سنة إحدى وتسعين، فيها: سار محمد ابن سليمان الكاتب الأنباري إلى القرامطة فأوقع بهم في قرية تعرف بالحسينية فقتلهم وبدد شملهم، ولما تصور القرمطي ورأى أنه لا طاقة له بعساكر الخلافة هرب قبل الوقعة بأصحابه، فحصل في قرية شرقي الرحبة تعرف بالدالية، في نفر يسير من خواص أصحابه، فتستروا بها، وبعث بعض أصحابه متنكرا ليمتار لهم ما يحتاجون إليه، فأخذ وأنكر، وأتي به إلى رجل كان يتولى معونة الدالية يعرف بأبي خبزة لأحمد ابن محمد بن كشمرد والي الرقة، وكان أبو خبزة صغير الشأن حقيرا في الجند، فسأله أبو خبزة عن خبره وقصته، فتبين منه قولا مختلفا، فألح عليه أبو خبزة، فأقر ذلك الرجل بأنه من رجال القرمطي، ودل عليهم في أي موضع هم، فخرج أبو خبزة فيمن جمعه من الأجناد الرجال إلى الموضع الذي فيه القرمطي وأصحابه فظفر بهم وبالقرمطي، وكان معهم حملان من المال، فأخذهم والمال معهم، وحملهم إلى ابن كشمرد والي الرقة، فأخذهم وكتب بخبرهم إلى المكتفي، فبعث إليه من تسلمهم منه وأوردهم الرقة، وانحدر المكتفي إلى مدينة السلام بغداد وهم معه، فبنى لهم دكة عظيمة بظاهر القصر المعتضدي، وعذبوا عليها بأنواع العذاب.
أخبرنا أبو البركات بن محمد بن الحسن كتابة (198 - و) قال: أخبرنا علي ابن أبي محمد الدمشقي قال: قرأت على أبي منصور بن خيرون عن أبي محمد الجوهري وأبي جعفر بن المسلمة عن أبي عبد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني
قال: أحمد بن عبد الله الخارج بالشام في أيام المكتفي بالله، وكان ينتمي إلى الطالبيين، وهو المعروف بصاحب الخال، وقتل بالدكة في سنة إحدى وتسعين ومائتين يروى له ولأخيه علي بن عبد الله شعر يشك في صحته، فمما يروى لأحمد:
متى أرى الدنيا بلا كاذب
…
ولا حروري ولا ناصبي
متى أرى السيف على كل من
…
عادى عليّ بن أبي طالب
متى يقول الحقّ أهل النهى
…
وينصف المغلوب من غالب
هل لبغاة الخير من ناصر
…
هل لكؤوس العدل من شارب
قال: ويروى له:
نفيت من الحسين ومن عليّ
…
وجعفر الغطارف من جدودي
وخيب سائلي وجفوت ضيفي
…
وبتّ فقيد مكرمة وجود
وأعطيت القياد الدّهر مني
…
يمين فتى وفيّ بالعهود
لئن لم أعط ما ملكت يميني
…
لحرب من طريف أو تليد
وأفتتحنها حربا عوانا
…
تقحم بالبنود على البنود
فإما أن أبوح بروح عزّ
…
وجدّ آخذ ثار الجدود
وإما أن يقال فتى أبيّ
…
تخرّم في ذرى مجد مشيد
وهي أكثر من هذا فيقال أن عبد الله بن المعتز أجابه عنها بقصيدة منها:
تهددنا زعمت شبوب حرب
…
تقحم بالبنود على البنود
فكان السيف أدنى عند ورد
…
إلى ودجيك من حبل الوريد
(1)
قرأت بخط أبي بكر محمد بن يحيى الصّولي، وأخبرنا به أبو القاسم عبد الصمد بن (198 - ظ) محمد بن أبي الفضل، فيما أذن لنا أن نرويه عنه، قال: كتب
(1)
-لم يصلنا قسم الاحمدين من معجم الشعراء للمرزباني.
إلينا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أن أبا القاسم البندار أنبأهم عن أبي أحمد ابن أبي مسلم عن أبي بكر الصولي قال: وأجلس القرامطة مكان علي بن عبد الله أخا له يقال له أحمد بن عبد الله، زعموا أنه عهد إليه، وصار أحمد بن عبد الله إلى حمص ودعي له بها وبكورها، وأمرهم أن يصلوا الجمعة أربع ركعات، وأن يخطبوا بعد الظهر، ويكون أذانهم: أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن عليا ولي المؤمنين حي على خير العمل؛ وضرب الدراهم والدنانير وكتب عليها الهادي المهدي، لا إله إلا الله محمد رسول الله، «جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا»
(1)
وعلى الجانب الآخر «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى»
(2)
.
ووجه أحمد بن عبد الله هذا برجل يعرف بالمطوق-أمرد فرأيته بعد ذلك- فكبس أبا الاغر وهو غافل، فقتل أكثر أصحابه، وأفلت أبو الاغر، ثم خرج المكتفي بالله اليه، وأقام بالرقة، وأنفذ الجيوش اليه محمد بن سليمان، وأنفذ غلامه سوسنا معه في جيش عظيم، فورد الخبر بأنه قتل، ذكر ذلك الصولي في سنة احدى وتسعين ومائتين.
قال: ثم أتى الخبر للنصف من المحرم من الدالية بأن فارسين من الكلبيين أحدهما من بني الاصبغ والآخر من بني ليلى نزلا بالسقافية
(3)
(199 - و) فأخذا فأقرا أنهما من القرامطة، وأن القرمطي بالقرب، فركب محمد بن علي أبو خبزة، وأحمد بن محمد بن كشمرد من الرحبة فظفرا بالقرمطي، وأخذ معه رجل يقال له المدثر، وكاتبه، وغلام أمرد حدث يقال له المطوق، وحمل الى الرقة، وقد ذكرنا خبره.
قال الصولي: ومما يروى من شعر أحمد بن عبد الله:
(1)
- سورة الإسراء-الآية:81.
(2)
- سورة الشورى-الآية:23.
(3)
-لم أجدها في المصادر الجغرافية.
متى أرى الدنيا بلا كاذب ..
وذكر الأبيات الاربعة، وقال: ومنه:
ثأرت بجدي خير من وطي الحصا
…
وأنصاره بالطف
(1)
قتلى بني هند
فأفنيت من بالشام منهم لأنهم
…
بقصدهم جاروا عن المنهج القصد
على أنهم جاشوا لنا وتجمعوا
…
وكادوا وكان الله أعلم بالقصد
فجاهدتهم بالله منتصرا به
…
فأفنيتهم بالبيض والسمر والجرد
قال الصولي: ولعلي بن عبد الله وأخيه أحمد بن عبد الله شعر أظن بعض من يميل إليهم ويكره السلطان عمله أو أكثره، وحمله عليهما.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن الدمشقي قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أحمد بن عبد الله، ويقال عبد الله بن أحمد بن محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، كما زعم، وهو صاحب الخال، أخو علي بن عبد الله القرمطي، بايعته القرامطة بعد قتل أخيه بنواحي دمشق، وتسمى (199 - ظ) بالمهدي، وأفسد بالشام، فبعث اليه المكتفي عسكرا في المحرم سنة احدى وتسعين ومائتين، فقتل من أصحابه خلق كثير، ومضى هو في نفر من أصحابه يريد الكوفة فأخذ بقرية تعرف بالدالية من سقي الفرات، وحمل الى بغداد، وأشهر وطيف به على بعير، ثم بنيت له دكة، فقتل عليها هو وأصحابه الذين أخذوا معه يوم الاثنين لسبع بقين من شهر ربيع الاول من سنة احدى وتسعين ومائتين، وكان شاعرا، وله في الفخار أشعار من جملتها:
سبقت يدي يده لضر
…
به هاشمي المحتد
(1)
-كربلاء.
وأنا ابن أحمد لم أقل
…
كذبا ولم أتزيد
من خوف بأسي قال بد
…
ر: ليتني لم أولد
يعني بدر الحمامي الطولوني أمير دمشق.
(1)
.
هكذا قال الحافظ أبو القاسم، ولا أعلم أحدا قال في صاحب الخال عبد الله ابن أحمد غيره، والمعروف بهذا الاسم ابن عمه المعروف بالمدثر، وكان سار الى الشام فلقيه شبل الديلمي مولى المعتضد بالرصافة في سنة أربع وثمانين ومائتين، فقتله القرامطة، وقتلوا أصحابه، ودخلوا الرصافة فأحرقوها، وجاءوا مسجدها ونهبوها، وساروا نحو الشام، فالظاهر أنه اشتبه عليه بصاحب الخال، وأكد عنده ذلك هذه الابيات الثلاثة التي عزاها (200 - و) اليه، وقوله فيها:
وأنا ابن أحمد لم أقل
…
كذبا ولم أتزيد
على أن هذه الابيات ليس مراد صاحب الخال منها أن أحمد أبوه، بل أراد بقوله:«وأنا ابن أحمد» أنه من نسل أحمد النبي صلى الله عليه وسلم.
أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي المضاء المصيصي القاضي:
قاضي المصيصة حدث عن
…
(2)
روى عنه أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسائي الامام، وقال فيه: ثقة.
أحمد بن عبد الله بن مرزوق:
أبو العباس الأصبهاني الدستجردي الحافظ، سمع أبا القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل، وغانم بن أبي نصر محمد بن عبيد الله البرجي، وهبة الله بن محمد بن الحصين البغدادي، وأبوي سعد أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، ومحمد
(1)
-مختصر تاريخ دمشق لابن منظور:139 - 141.
(2)
لم يذكر ابن العديم عمن حدث.
ابن محمد بن محمد بن عبد الله المطرز، وأبا منصور عبد الرحيم بن محمد بن أحمد الشرابي، والقاضي أبا بكر أحمد بن محمد بن الحسين الارجاني، وأبا طالب عبد القادر بن يوسف البغدادي، وأبوي علي الحسن بن أحمد الحداد الأصبهاني ومحمد بن محمد بن المهدي، وأبا محمد طاهر بن محمد بن عبد الله الفزاري.
روى عنه الحافظ أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، وذكره في معجم شيوخه، وقدم حلب سنة ثماني وأربعين وخمسمائة، وحدث بها وسمع منه بها أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعد الله البجلي الحنفي الفقيه، وحدث عنه بمصر، والحافظ أبو المحاسن (200 - ظ) عمر بن علي بن الخضر القرشي، وخرج عنه حديثا في معجم شيوخه، والحافظ أبو المواهب بن صصرى، وشيخنا أبو اليمن الكندي وسمع منه بدمشق.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قراءة عليه وأنا أسمع بحلب قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني -إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن مرزوق الأصبهاني ببغداد قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحيم بن أحمد بن يحيى الشرابي بشيراز قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن أبي الليث الشاهد قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن محمد خميرويه الكرابيسي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن عيسى الخزاعي الحكاني قال: حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال: أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال: حدثني عروة ابن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قالت: كان عتبة ابن أبي وقاص عهد الى أخيه سعد بن أبي وقاص أن يقبض إليه ابن وليدة زمعة وقال: انه ابني، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الفتح أخذ ابن وليدة زمعة فأقبل به الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل معه ابن زمعة، فقال
سعد: يا رسول الله هذا ابن أخي عهد الي أنه ابنه، وقال عبد ابن زمعة: يا رسول الله هذا أخي ابن زمعة وولد على فراشه، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ابن وليدة زمعة فاذا هو (201 - و) أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«هو لك يا عبد ابن زمعة من أجل أنه ولد على فراش أبيه» ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتجبي منه يا سودة بنت زمعة، مما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص وسودة بنت زمعه زوج النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
أنبأنا أبو البيان نبأ بن أبي المكارم بن هجام الحنفي، وسمعت منه بالقاهرة قال: أخبرنا الامام العالم أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعد الله البجلي الحنفي قراءة عليه وأنا أسمع سنة سبع وسبعين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو العباس أحمد ابن عبد الله بن مرزوق الأصبهاني قراءة عليه في تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بمدينة حلب: قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن محمد ابن الفضل قال: أخبرنا الامام أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني قال: حدثنا الشيخ أبو حفص هبة الله بن محمد بن عمر بن زاذان قال: حدثنا عمي أبو محمد عبد الله بن عمر بن زاذان قال: حدثنا أبو الحسين علي بن خفيف بن عبد الله الدقاق قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن داود القنطري قال: حدثنا خيرون بن واقد الإفريقي قال: حدثنا مخلد بن حسين عن هشام ابن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أقبل أبو بكر وعمر رضي الله (201 - ظ) عنهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذان السمع والبصر»
(2)
.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا الشيخ أبو العباس أحمد
(1)
- انظر الاصابة لابن حجر:2/ 425 (5275).
(2)
-انظره في كنز العمال:13/ 36114،11/ 32653.
ابن عبد الله بن مرزوق الأصبهاني الدستجردي بقراءتي عليه سنة سبع وأربعين وخمسمائة بدمشق قال: أخبرنا القاضي أبو محمد طاهر بن محمد بن عبد الله ابن الحسين الفزاري قال: أخبرنا أبو الفتوح حمزة بن محمد بن عبد الله السرخسي الصوفي قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي بنيسابور قال:
أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب الاصم قال: حدثنا محمد بن هشام بن ملاس النميري من أهل دمشق قال: حدثنا مروان قال: حدثنا حميد قال: قال أنس:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قيل يا رسول الله انصره ظالما؟ قال: تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه
(1)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي عن أبي سعد السمعاني قال:
أنشدنا أحمد بن عبد الله بن مرزوق الأصبهاني ببغداد لفظا قال: أنشدنا القاضي الامام أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين الارجاني لنفسه بتستر:
فلقد دفعت الى الهموم ينوبني
…
منها ثلاث شدائد جمعن لي
أسف على ماضي الزمان وحيرة
…
في الحال منه وخشية المستقبل
ما إن وصلت الى زمان آخر
…
إلا بكيت على الزمان الاول
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني-إجازة إن لم يكن سماعا- قال: أحمد بن عبد الله بن مرزوق الأصبهاني أبو العباس فقيه متودد الى الناس، وهو من أصحاب شيخنا اسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ من أهل أصبهان، دخل بغداد سنة خمس عشرة وخمسمائة، وتفقه على الحسن بن سلمان ثم رجع الى أصبهان، وسافر الى بلاد خوزستان، ثم ورد بغداد وأنا بها في سنة ست وثلاثين وخمسمائة.
سمع بأصبهان أبا سعد محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله المطرز، وأبا
(1)
-انظره في كنز العمال:3/ 7204.
علي الحسن بن أحمد الحداد، وأبا القاسم غنائم بن محمد بن عبيد الله البرجي وببغداد أبا سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي، وأبا علي محمد بن محمد ابن المهدي (202 - و)، وأبا طالب عبد القادر بن يوسف، وأبا القاسم هبة الله ابن محمد بن الحصين الشيباني، وبشيراز أبا منصور عبد الرحيم بن محمد بن ابن أحمد بن يحيى الشرابي، وغيرهم، كتبت عنه شيئا يسيرا، وسألته عن مولده فقال: قالت لي والدتي: ولدت بعد موت ملكشاه بسنة
(1)
.
قلت: وكانت وفاة السلطان ملكشاه في سنة خمس وثمانين وأربعمائة، فيكون مولده سنة ست وثمانين.
أحمد بن عبد الله:
أبي الحواري بن ميمون بن عياش بن الحارث الغطفاني، أبو الحسن التغلبي الزاهد المشهور، وقيل بأن اسم أبي الحواري ميمون؛ أصله من الكوفة، وسكن دمشق، وقدم الثغور الشامية والعواصم، وسمع بها أبا بكر محمد بن توبة الطرسوسي، وأبا جعفر محمد بن حاتم المصّيصي، وأبا معاوية الأسود الزاهد، والمسيب بن واضح بن سرحان التلمنسي.
وأنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أحمد بن عبد الله، أبي الحواري بن ميمون بن عياش بن الحارث، أبو الحسن التغلبي الغطفاني الزاهد، أحد الثقات، وذكر أبو عبد الله بن مندة أن أصله من الكوفة، وسكن دمشق.
روى عن سفيان بن عيينة، وأبي معاوية، وحفص بن غياث، ووكيع بن الجراح، ومروان بن محمد، عن شيخه واستاذه أبي سليمان الداراني، وأبي سعد
(1)
-ثالث سلاطين دولة السلاجقة وصلت الدولة في أيامه الى أوج اتساعها،
انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:332 - 333.
عبد الله بن إدريس، وأبي (202 - ظ) أسامة حماد بن أسامة، والوليد بن مسلم، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن يحيى بن اسماعيل، وعمرو بن أبي سلمة، وروّاد بن الجراح، وزكريا بن إبراهيم الخصّاف، واسحاق الحناط، وسليمان بن أبي سليمان الداراني، ومحمد بن يوسف الفريابي وعبد الله بن نمير، وإسماعيل بن عليّة، وجعفر بن محمد، وإسحاق بن خلف، وأبي بكر محمد بن توبة الطرسوسي، ومضاء بن عيسى، وأبي جعفر محمد بن حاتم، وعبد الله ابن أحمد بن بشير بن ذكوان، وعبد الواحد بن جرير العطار الدمشقي، وأبي مسهر الدمشقي، وسلام بن سليمان المدائني، وعيسى بن خالد اليمامي، وزهير ابن عباد، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأحمد بن ثعلبة، وعبد العزيز بن عمير الدمشقي، وأحمد بن معاوية بن وديع، وعلي بن حمزة الكسائي، وإبراهيم بن أيوب.
روى عنه أبو داود، وابن ماجه، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، ومحمود بن إبراهيم بن سميع، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، وأبو عبد الملك التستري، وسليمان بن أيوب بن حذلم، ومحمد بن يعقوب وأبو عبد الرحمن محمد بن العباس بن الوليد بن الدرفس، وأبو الحسن محمد ابن اسحاق بن الحريص، وجعفر بن أحمد بن عاصم، وأبو العباس أحمد بن مسلمة العذري، وأحمد بن عامر بن المعمر الأزدي، ومحمد بن الفيض الغساني، وعبد الله بن عتّاب بن الزفتي، ومحمد بن يزيد بن عبد الصمد، ومحمد بن خريم، ومحمد بن عون بن الحسن الوحيدي، وعبد الصمد بن عبد الله (203 - و) بن عبد الصمد، وسيار بن نصر، وأحمد بن سليمان بن زبان، والحسن بن محمد بن بكار بن بلال، وأبو محمد عبد الرحمن بن اسحاق بن إبراهيم بن الضامدي الدمشقيون، وعلي بن الحسين بن ثابت الرازي، وأبو عبد الله محمد بن المعافى الصيداوي، وعبد الله بن هلال الدّومي، وسعد بن محمد البيروتي، وأبو بكر
محمد بن يحيى السّماقي، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، وأبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب المشعراني، وأبو عصمة نوح بن هشام الجوزجاني، وأبو بكر محمد بن محمد الباغندي
(1)
.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي بدمشق قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري المعروف بابن الطبر قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن شمعون قال: حدثنا أحمد بن سليمان الكندي، المعروف بابن أبن هريرة بدمشق قال:
حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا دخل أحدكم الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ولا يمسح بيمينه»
(2)
.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى قال: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس السّلمي قال: حدثنا الفقيه الزاهد أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي قال: حدثنا أبو المعمّر المسدّد علي بن عبد الله بن عبد الله الحمصي قال: حدثنا أبو حفص (203 - ظ) عمر بن علي العتكي قال: حدثنا أبو العباس الفضل بن محمد الأحدب بأنطاكية قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا حفص بن غياث عن مسعر عن العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر، قال الله تبارك وتعالى لملائكته: اكتبوا لعبدي من الأجر مثل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم»
(3)
.
(204 - و)
(1)
-انظر مختصر تاريخ دمشق لابن منظور:3/ 142.
(2)
-انظر كنز العمال:9/ 26428. الكامل لابن عدي:5/ 1825،2/ 622.
(3)
-انظره في كنز العمال:3/ 6663.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد معمر بن طبرزد قال: سمعت اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي يقول: سمعت عبد الدائم بن الحسن الهلالي بدمشق في سنة ستين وأربعمائة يقول: سمعت عبد الوهاب بن الحسن الكلابي يقول: سمعت محمد بن خريم العقيلي يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: تمنيت أن أرى أبا سليمان الداراني في المنام، فرأيته بعد سنة، فقلت له: يا معلم ما فعل الله بك؟ قال: يا أحمد جئت من باب الصغير
(1)
فلقيت وسق شيح فأخذت منه عودا ما أدري تخللت به أو رميت به فأنا في حسابه من سنة إلى هذه الغاية».
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن علي بن الخضر البغدادي التاجر بحلب قال:
أخبرنا أبو السعادات المبارك بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز، وشهدة بنت أحمد بن الآبري ببغداد، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي قال:
حدثنا أبو بكر محمد بن (205 - و) بن سهل الخرائطي قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: حدثنا عون بن إبراهيم بن الصلت قال: حدثني أحمد بن
(1)
-من أبواب دمشق ما زال مكانه يحمل الاسم نفسه.
أبي الحواري قال: حدثني أحمد بن وديع عن الوليد بن مسلم قال: كانت امرأة من التابعين تقول: اللهم أقبل بما أدبر من قلبي، وافتح ما أقفل عنه حتى تجعله هنيئا مرئا بالذكر لك.
وقال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا أبو حفص النسائي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا أبو سلمة الطائي عن أبي عبد الله البناجي قال:
سمعت هاتفا يهتف عجبا لمن وجد حاجته عند مولاه فأنزلها بالعبيد.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الفتح اسماعيل بن عبد الجبار المالكي قال: سمعت أبا يعلى الحافظ يقول: سمعت علي ابن عمر الفقيه يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي يقول: سمعت عبد الله بن هلال الاسكندراني يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: كنت مع أبي سليمان الداراني في أمحل، فتلهفت
(1)
يوما، فنظر إلي وقال: ما هذا؟ قلت: قد ظهر بي منذ أيام، فقال: احذر هذا لو كان فيه خير لما أظهره الله فيك.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، والشيخ (205 - ظ) أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قالا: أخبرنا أبو الفتح بن أبي الحسن الصوفي، ح.
وأخبرتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن الشعري في كتابها قالا:
أخبرنا عبد الوهاب بن شاه بن أحمد الشاذيافي، ح.
وأنبأنا أبو النجيب اسماعيل بن عثمان القارى في كتابه قال: أخبرنا أبو الأسعد عبد الرحمن بن عبد الواحد القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم ابن هوزان القشيري قال: سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت
(1)
-أي أظهرت الحسرة. القاموس، هذا ولم أستطع تحديد موقع المحل.
أبا أحمد الحافظ يقول: سمعت سعيد بن عبد العزيز الحلبي يقول: سمعت أحمد ابن أبي الحواري يقول: من نظر الى الدنيا نظر إرادة وحب، أخرج الله نور اليقين والزهد من قبله.
وقال: سمعت أبا عبد الرحمن يقول: سمعت أبا أحمد الحافظ يقول: سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: من عمل بلا اتباع سنة، فباطل عمله.
وقال: قال أحمد: أفضل البكاء بكاء العبد على ما فاته من أوقاته على غير الموافقة.
قال: وقال أحمد ما ابتلى الله عبدا بشيء أشد من الغفلة والقسوة
(1)
.
أنبأنا أبو المفضل أحمد بن محمد قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلاّل قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الأصبهاني-إجازة- قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا محمد بن يحيى بن مندة الأصبهاني قال: حدثني هرون (206 - و) بن سعيد قال: قال يحيى بن سعيد:
قال يحيى بن معين، وذكر أحمد بن أبي الحواري فقال: أهل الشام به يمطرون
(2)
.
أخبرنا عمي أبو غانم قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمويه، ح.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذيافي، ح.
(1)
- الرسالة القشيرية:17.
(2)
-الجرح والتعديل:2/ 47.
وأخبرنا أبو النجيب القارئ إجازة قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: سمعت محمد بن الحسين يقول: كان بين أبي سليمان وأحمد بن أبي الحواري عقد لا يخالفه في شيء يأمره به، فجاءه يوما وهو يتكلم في مجلسه وقال: إن التنور قد سجر فما تأمر، فلم يجبه، فقال: مرتين أو ثلاثة، فقال أبو سليمان: اذهب فاقعد فيه-كأنه ضاق به قلبه-، وتغافل أبو سليمان ساعة ثم ذكر فقال: اطلبوا أحمد فإنه في التنور لأنه على عقد أن لا يخالفني، فنظروا فإذا هو في التنور لم تحترق منه شعرة
(1)
.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة المعزية قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: سمعت أبا الفتح اسماعيل ابن عبد الجبار بن محمد الماكي قال: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي قال: أحمد أبي الحواري الزاهد ثقة، كبير في العبادة والمحل؛ روى عنه مثل أبي حاتم الرازي في الزهد والعبادة، ومروان بن محمد، وعمّر حتى أدركه المتأخرون، آخر من روى عنه بالري إبراهيم (206 - ظ) بن يوسف الهسنجاني، وبخراسان الحسين بن عبد الله بن شاكر السمرقندي، وبالشام ابن خريم، ومحمد ابن الفيض.
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد الحافظ قال:
أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر ابن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الأصبهاني-إجازة- قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن أبي
(1)
-مختصر تاريخ دمشق:3/ 143.
الحواري أبو الحسن الدمشقي، روى عن حفص بن غياث، ووكيع، والوليد بن مسلم، وعبد الله بن وهب، يعد في الدمشقين، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، وكتبا عنه، سمعت أبي يحسن الثناء عليه ويطنب فيه
(1)
.
كتب إلينا أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي الطوسي أن أبا الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري أخبرهم قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن الحافظ قال: ومنهم-يعني من مشايخ الصوفية- أحمد بن أبي الحواري، واسمه ميمون، من أهل دمشق، وكنيته أبو الحسن، صحب أبا سليمان، وبشر بن السري، والنباجي، ومضاء بن عيسى، وغيرهم من المشايخ، ومات سنة ثلاثين ومائتين، وكان هو وأخوه محمد، وأبوه أبو الحواري، وابنه عبد الله كلهم من الورعين العارفين، وبيتهم بيت العلم والورع والزهد
(2)
.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: (207 - و) أخبرنا عمر بن علي بن محمد بن حمّوية، ح.
وأخبرتنا زينب الشعرية في كتابها قالا: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذيافي، ح.
وأنبأنا أبو النجيب القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: ومنهم أبو الحسن أحمد بن أبي الحواري من أهل دمشق، صحب أبا سليمان الداراني وغيره، مات سنة ثلاثين ومائتين.
وكان الجنيد يقول: أحمد بن أبي الحواري ريحانة الشام
(3)
.
(1)
-الجرح والتعديل:2/ 47.
(2)
-لم ترد هذه الرواية في الرسالة القشيرية:17.
(3)
- الرسالة القشيرية:17.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد بن محمد المروزي في كتابه منها قال: أخبرنا أبو الخير جامع بن عبد الرحمن بن ابراهيم السقّاء الصوفي قراءة عليه بنيسابور قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد العزيز الصفار الصوفي قال:
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: ومنهم أحمد بن أبي الحواري كنيته أبو الحسن، وأبو الحواري، اسمه ميمون من أهل دمشق، صحب أبا سليمان الداراني، وسفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية الفزاري، ومضاء بن عيسى، وبشر بن السري، وأبا عبد الله النباجي، وله أخ يقال له محمد بن أبي الحواري، يجري مجراه في الزهد والورع، وابنه عبد الله بن أحمد بن أبي الحواري من الزهاد، وأبوه أبو الحواري، كان بيتهم بيت الزهد والورع، مات سنة ثلاثين ومائتين.
أنبأنا عبد الرحيم بن عبد الكريم قال: أخبرنا أبو سعيد (207 - ظ) الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر المزكّي-إجازة-قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أخبرني أحمد بن محمد بن الفضل قال: مات أحمد بن أبي الحواري في سنة ثلاثين ومائتين.
أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير بن عبد الله بن صالح بن أسامة:
أبو العباس الذهلي القاضي والد القاضي أبي الطاهر الذهلي، ولي القضاء بالبصرة وواسط وغيرها من البلاد، وسمع بحلب صالح بن علي النوفلي الحلبي، وأبا أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي، وبمنبج حاجب بن سليمان ومحمد بن سلام المنبجيين، وبغيرهما من البلاد: علي بن عثمان بن نفيل الحراني، وأبا أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، وأبا الدرداء هاشم بن محمد الأنصاري مؤذن بيت المقدس، والعباس بن الوليد البيروتي، ومحمد بن عوف، ومحمد بن عبد النور الخزاز، وأحمد بن محمد بن يزيد بن أبي الخناجر الأطرابلسي، وربيعة
ابن الحارث الجيلاني الحمصي، والخليل بن عبد القهار الصيداوي، وأبا عيينة أحمد بن الفرج الحمصي، واسحاق بن سيار النصيبي، وأحمد بن عبد الحميد الكوفي، وسعيد بن محمد زريق الرسعيني، وابراهيم بن هانئ النيسابوري، وعلي بن موفق الأنباري، ويعقوب بن ابراهيم الدورقي ومحمد بن عبد الله المخرمي، وعمران بن بكار، ومحمد بن خالد بن خلي الحمصي، ومحمد بن حماد الطهراني، ومحمود بن (208 - و) خداش، ومحمد بن صالح بن البطاح.
روى عنه: ابنه أبو الطاهر محمد بن أحمد، وأبو الطاهر المخلص، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو بكر المقرئ، والمعافى بن زكريا الجريري، ومحمد بن أحمد الهاشمي المصيصي، وأبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين، وعبد الباقي بن قانع بن مرزوق.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي-قالت: إجازة-قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين-قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: أخبرنا أحمد (بن عبد الله)
(1)
بن نصر بن بجير القاضي قاضي واسط قال: حدثنا علي ابن الموفق الأنباري عن أحمد بن أبي الحواري عن أبي سليمان قال: لقيت عابدة بمكة فقالت (208 - ظ) لي: من أين أنت؟ فقلت: من أهل الشام، قالت:
اقرأ على كل محزون مني السلام.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: قال لنا أبو بكر الخطيب: أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير بن عبد الله بن صالح بن أسامة، أبو العباس الذهلي كان من شيوخ القضاة ومقدميهم، ولي قضاء البصرة
(1)
-جاء في الحاشية: «سقط ابن عبد الله» فأضفتها بين حاصرتين.
وواسط وغيرهما من البلدان، وحدث عن يعقوب بن ابراهيم الدورقي، ومحمد ابن عبد الله المخرمي، ومحمود بن خداش، ومحمد بن حماد الطهراني، وعمران ابن بكار، ومحمد بن خالد بن خلي الحمصيين، ونحوهم.
روى عنه أبو الحسن الدارقطني، والمعافى بن زكريا الجريري، وأبو طاهر المخلص، وكان ثقة.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال:
حدثني الحسن بن محمد الخلاّل قال: وجدت في كتاب أبي الفتح القواس: مات ابن بجير القاضي سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
قال: وكذلك حدثني عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ عن أبيه قال: وقال:
مات يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الآخر
(1)
.
أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال السلمي:
أبو الفضل، دخل الثغور الشامية وسمع بها أبا بكر محمد بن أحمد بن زرقان المصيصي، وعبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي، وأبا أمية بن ابراهيم الطرسوسي، وحدث عنهم وعن غيرهم.
وذكره أبو القاسم الدمشقي الحافظ (209 - و) في تاريخ دمشق بما أخبرنا به ابن أخيه تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن الدمشقي-إذنا- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ عمي قال: أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال، أبو الفضل السلمي، حدث عن أبيه عبد الله بن نصر، وأبي عامر موسى بن عامر المري، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأشعث، وابراهيم بن عتيق وأحمد بن علي بن يوسف الخزاز، وعمر بن مضر العبسي، ويزيد بن محمد بن
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 229.
عبد الصمد، وأبي حارثة أحمد بن ابراهيم بن هشام الدمشقيين، والمؤمل بن إهاب الربعي، ووريزة بن محمد الغساني الحمصي، وأبي أمية الطرسوسي، وأبي بكر محمد بن أحمد بن رزقان المصيصي، وأحمد بن محمد بن أبي الخناجر الأطرابلسي، وعبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي، وأبي سعد إسماعيل بن حمدويه البيكندي، ومحمد بن اسماعيل بن علية البصري قاضي دمشق، ومحمد ابن عبد الرحمن بن علي الجعفي الكوفي نزيل دمشق، وابراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأبي الخير فهد بن موسى الاسكندراني، والوليد بن مروان الأزدي الحمصي، وجعفر بن محمد بن حماد القلانسي.
روى عنه أبو الحسين الرازي، وعد الوهاب الكلابي، وأبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن درستويه، وأبو القاسم الحسن بن سعيد بن حليم القرشي، وأبو العباس أحمد بن عتبة بن مكين السلامي الحوثري، وعمران بن الحسن الحفاف الدمشقيون (209 - ظ) وأبو الفتح المظفر أحمد بن ابراهيم بن برهان المقرئ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن هرون البرذعي الصوفي، وأبو علي محمد بن علي الحافظ الإسفرائيني، وأبو حفص بن شاهين (210 - و).
أخبرنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن في كتابه قال:
أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: قرأت بخط أبي الحسين نجا العطار فيما ذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال السلمي، مات في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة
(1)
.
(1)
-مختصر تاريخ ابن عساكر:3/ 147 - 148.
أحمد بن عبد الله، أبو بكر الطرسوسي:
روى عن حامد بن يحيى السلمي، روى عنه أبو القاسم الطبراني.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي المؤدب فيما أذن لنا فيه مرارا قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن شهريار الأصبهاني قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله الطرسوسي قال: سمعت حامد بن يحيى البلخي يقول: سمعت (210 - ظ) سفيان بن عيينة يقول: رأيت كأن أسناني كلها سقطت، فذكرت ذلك للزهري، فقال: يموت أسنانك
(1)
، وتبقى أنت، فمات أسناني وبقيت، فجعل الله كل عدو لي محدّثا.
أحمد بن عبد الله الرصافي:
من رصافة هشام بن عبد الملك من عمل قنسرين، حكى عن عثمان بن عبد الله العابد، روى عنه محمد بن عيسى القرشي.
كتب إلينا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري المعروف والده بأزرتق أن أبا المعالي أحمد بن عبد الغني بن خيفة أخبرهم قال: أخبرنا جعفر بن أحمد السراج قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي بن أحمد الآزجي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم قال: حدثنا المفيد قال: حدثنا محمد بن عيسى القرشي قال: حدثنا أبو الأشهب السائح، وأحمد بن عبد الله الرصافي عن عثمان بن عبد الله، رجل من العباد، خرجت من بيت المقدس أريد بعض قراها في حاجة، فإذا أنا بعجوز عليها مدرعة من صوف، وخمار من صوف، تعتمد على عكاز لها، فقلت في نفسي: راهبة تريد ديرا، فحان منها التفاتة، فقالت لي: يا عبد الله، على (211 - و) دين الحنيفية؟ فقلت: وما أعرف دينا غيره،
(1)
-أي المساوين لك بالسن.
فقالت: ما اسمك؟ فقلت: عثمان، فقالت: يا عثمان من أين خرجت، وأين تريد؟ فقلت: من بيت المقدس الى بعض قراها في حاجة، فقالت: كم بينك وبين أهلك ومنزلك؟ فقلت: ثمانية عشر ميلا، فقالت: إن هذه لحاجة مهمة؟ قلت: نعم، فقالت: ألا سألت صاحب القرية يوجه إليك بحاجتك ولا يعنّيك، قال عثمان:
فلم أدر ما تريد، فقلت: يا عجوز ليس بيني وبينه معرفة، فقالت: يا حبيبي وما الذي قطع بينك وبين معرفته في حال بينك وبين الاتصال به؟ قال عثمان: ففهمت ما قالت، فبكيت، فقالت: مم بكاؤك من شيء كنت تعلمه فتركته وذكرته؟ قلت:
نعم، فقالت: احمد الله عز وجل الذي لم يتركك في حيرتك، فقلت: يا عجوز لو دعوت الله عز وجل بدعوة، فقالت: بماذا؟ قلت: ينقذني من حب الدنيا، فقالت: امض لشأنك فقد علم المحبوب ما ناداه الضمير من أجلك، ثم قالت:
يا عثمان تحب الله عز وجل؟ قلت: أجل، فقالت: اصدقني ولا تكن كذابا، فقلت: والله إني أحب الله عز وجل، قالت: يا عثمان فما الذي أفادك من طرائف حكمته إذ أوصلك بها الى محبته؟ قال: فأمسكت لا أجيبها، فقالت: يا هذا عساك ممن يحب كتمان المحبة؟ قال: فأمسكت لا أدري ما أقول لها، فسمعتها تقول: يأبى الله عز وجل أن يدنس طرائف حكمته وخفي (211 - ظ) مكنون محبته قلوب البطالين، ثم قالت يا عثمان أما والله لو سألتني عن محبة ربي لكشفت القناع الذي على قلبي وأخبرتك بمحبة سيدي وربي عز وجل: ثم استقبلت بوجهها الى القبلة وهي تقول: من أين لعقلي الرجوع إلهي، ومن أين لوجهي الحياء منك سيدي، إن لم تكن لي هلكت، وإن لم تكن معي في وحدتي عطبت، ثم استقبلتني بوجهها توبخني وهي تقول: يا عثمان، فقلت: لبيك، فقالت:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
…
هذا وربي في الفعال بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته
…
إن المحب لمن يحب مطيع
قال عثمان: فما ذكرت والله كلامها إلا هيجت علي أجزاني.
أحمد بن عبد الله، أبو العباس الحلبي المعروف بابن كاتب البكتمري:
وقيل إن اسم أبيه كاتب، وقيل اسمه عبد الله وأنه كان يكتب لوصيف البكتمري، وهو شاعر مشهور، وذكرناه فيمن اسم أبيه على حرف الكاف للاختلاف في اسمه ولكونه إنما يعرف بابن كاتب البكتمري.
أحمد بن عبد الدائم بن أحمد بن نعمة المقدسي:
أبو العباس الدمشقي الحنبلي، شيخ حسن فاضل من أهل الحديث المقيمين بجبل الصالحين بدمشق في سفح قاسيون، رحل الى بغداد واجتاز في طريقه حلب، وسمع ببغداد أبا الفتح محمد بن أحمد بن المنداي، وأبا الفرج بن كليب، وأبا الفرج بن الجوزي، وسمع بدمشق أبا اليمن زيد بن الحسن الكندي، ويحيى الثقفي، وأبا القاسم بن الحرستاني وعمر بن طبرزد، وحنبلا المكبر، وجماعة يطول ذكرهم.
واجتمعت به بدمشق، وسمعت بقراءته على جماعة من الشيوخ بدمشق، ثم قدم علينا حلب، وسمع بها من جماعة من شيوخنا مثل: قاضي (212 - و) القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي وغيرهما، ثم اجتمعت به بدمشق بعد ذلك، وسمعت منه جزء الحسن بن عرفة بسماعه من أبي الفرج بن كليب، وغير ذلك من حديثه.
وكان يورق بالاجرة ويكتب سريعا، وكتب شيئا كثيرا، ولم يكن بخطه بأس وكتب لي بخطه تاريخ دمشق للحافظ أبي القاسم الدمشقي، وكتاب الذيل لابي سعد السمعاني.
وكان حسن الخلق، سألته عن مولده فأخبرني أن مولده سنة خمس وسبعين وخمسمائة بدمشق، وأن أباه كان من أهل قرية تعرف بالفندق من جبل نابلس،
وأنه هاجر به، وهو حمل، منها في أيام صلاح الدين يوسف بن أيوب، فولد بدمشق، وسكنوا بجبل الصالحين.
وذكر لي أنه نسخ بخطه ألفي مجلد، وقال لي: أنا أنسخ الى الآن وأطالع، وعمري احدى وثمانون سنة، وكتبت أمس اثنتي عشرة ورقة، وأنا أشكر الله تعالى على ذلك.
حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الدائم بن أحمد بن نعمة المقدسي من لفظه بدمشق قال: أخبرنا أبو الفرج بن كليب الحراني قال: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز قال: أخبرنا أبو علي اسماعيل بن محمد بن اسماعيل الصفار قال: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي أبو علي قال: حدثني محمد بن صالح الواسطي عن سليمان بن محمد عن عمر بن نافع عن أبيه قال: قال عبد الله بن عمر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما على هذا المنبر-يعني منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم-وهو يحكي عن ربه قال: «ان الله عز وجل اذا كان يوم القيامة جمع السماوات السبع والارضين السبع في قبضته، ثم قال:» هكذا وشد قبضته ثم بسطها، ثم يقول (212 - ظ) عز وجل: أنا الرحمن، أنا الملك القدوس، أنا السلام، أنا المؤمن، أنا المهيمن، أنا العزيز، أنا الجبار، أنا المتكبر
(1)
أنا الذي الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا، أنا الذي أعدتها، أين الملوك أين الجبابرة.
(توفي
(2)
أحمد بن عبد الدائم بن أحمد بن نعمة المذكور في يوم الاثنين
(1)
-جاء في الحاشية اليمنى هذا المكان أخلاه والدي رحمه الله لكتابة وفاة المذكور، وتوفي بعد والدي فالحقته أنا، وكتب محمد بن عمر بن أحمد بن أبي جرادة
(2)
- انظر سورة الحشر-الآية:23 قوله تعالى: هو الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتوكل سبحان الله عما يشركون. وانظر أيضا كنز العمال:3/ 7469.
تاسع رجب سنة ثمان وستين وستمائة بمنزلة في سفح جبل قاسيون، ودفن هناك عند مشايخهم، وكان قد كف بصره، وذلك بعد وفاة والدي مؤلف هذا التاريخ رحمه الله
(1)
.
أحمد بن عبد ذي العرش الربعي المصيصي:
روى عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، كتب عنه بعض أهل العلم.
من اسم أبيه عبد الرحمن من الاحمدين
أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد:
ابن محمد بن عيسى بن طلحة بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو بكر العلوي المروزي الواعظ البكري، منسوب الى تلميذه أبي بكر محمد بن منصور السمعاني
حدث عن أبي منصور محمد بن علي بن محمود الكراعي، وأبي بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني، وأبي ابراهيم اسماعيل بن عبد الوهاب الناقدي، وأبي القاسم عبد الصمد بن محمد بن علي البخاري الهروي.
روى عنه الحافظان أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، وأبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، وكان قد أقام بدمشق مدة، وأخرج منها فمضى الى بلد الروم واجتاز في طريقه بحلب، وكان له قبول في الوعظ. (213 - و).
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي-قراءة عليه
(1)
-جاء أيضا في الحاشية الاخرى: وكتب هذين السطرين الدقيقين محمد ابن عمر بن أحمد بن أبي جرادة.
وأنا أسمع بحلب-قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي منصور المروزي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن البكري بالري قال: أخبرنا أبو ابراهيم اسماعيل ابن عبد الوهاب الناقدي بمرو قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن أبي سعيد العيار، ح.
قال أبو سعد: وأخبرناه عاليا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال بأصبهان قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن أحمد العيار الصوفي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن يحيى الأنصاري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا ابن الجعد عن شعبة عن الاعمش عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، «لا تسبوا الاموات فانهم قد أفضوا الى ما قدموا»
(1)
رواه البخاري في صحيحه عن علي بن الجعد.
أخبرنا تاج الامناء أبو المفضل أحمد بن محمد بن الحسن-اذنا-قال:
أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: أحمد بن عبد الرحمن ابن أحمد، أبو بكر العلوي الزيدي المروزي الشافعي الواعظ، قدم دمشق وأملى بها الحديث، وعقد بها مجالس الوعظ، وروى عن أبي منصور محمد بن علي ابن محمود نافلة الكراعي، وأبي القاسم عبد الصمد بن محمد بن علي البخاري الهروي، وأبي ابراهيم اسماعيل بن عبد الوهاب (213 - ظ) الناقدي الخراجي، وأبي بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني المراوزة، وارتبت ببعض سماعه، فكتبت الى أبي سعد بن السمعاني فكتب الي أنه وجد سماعه على أصول الكواعي والناقدي
(2)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أحمد بن عبد الرحمن الاشرف
(1)
-انظره في الجامع الصغير للسيوطى (9782).
(2)
-مختصر تاريخ ابن عساكر:3/ 150.
البكري، أبو بكر، ولد بنواحي أبيورد، وتفقه بمرو وخالط الفقهاء، وكتب الحديث الكثير، وقرأه، وكان ينتسب في التتلمذ الى والدي رحمه الله، وخرج الى ما وراء النهر، ودخل فرغانة، وأقام بأوش
(1)
مدة مديدة، ونفق سوقه عندهم في الوعظ والتذكير، ثم رجع الى مرو، وخرج منها الى البلاد، ولقي القبول التام فيها من العوام، وكان يكذب في كلام المحاورة كذبا فاحشا، ثم ولد له ولد علمه التذكير وحفظ المجالس، وخرج الى مازندران
(2)
، ومنها الى العراق وورد بغداد، وسمعت أنه خرج الى الشام، ووعظ هو وابنه بدمشق، وحصل لهما مبلغ من المال، وانصرف الى بغداد.
وكان سمع بمرو والدي الامام رحمه الله، وأبا ابراهيم اسماعيل بن عبد الوهاب الناقدي، وأبا منصور محمد بن علي بن محمد الكراعي وغيرهم، لقيته بمرو وظني أني سمعت بقراءته على أبي طاهر السبخي شيئا، ثم لقيته بالري منصرفي (214 - و) من العراق وهو متوجه إليه، وكتبت عنه حديثا واحدا لا غيره.
قال السمعاني: ورأيت في كتاب «القند في معرفة علماء سمرقند
(3)
» لابي حفص عمر بن محمد بن أحمد النسفي نسب أخي أبي بكر هذا، ولا أشك أن النسفي كتبه من قول أخيه، ولا يعتمد على قوله، وذكرت النسب ها هنا، وما ذكره عمر في حقهما.
قال: ذكر السيد العالم محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عيسى بن طلحة بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب المروزي، قال دخل سمرقند مع أخيه السيد العالم
(1)
-بلد من نواحي فرغانة كبير. معجم البلدان.
(2)
-اسم لولاية طبرستان. معجم البلدان.
(3)
-ما زال محجوبا عنا.
أحمد بن عبد الرحمن، وجلس أخوه للعامة مجالس، وذلك سنة تسع عشرة وخمسمائة، وروى حديثا عن محمد بن عبد الرحمن، أخي صاحب الترجمة، عن أبي نصر هبة الله بن عبد الجبار السجزي.
أنبأنا أبو البركات بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أخرج أبو بكر العلوي من دمشق في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وخمسمائة وسار إلى ناحية ديار الملك مسعود بن سليمان
(1)
، وانقطع خبره عنا بعد ذلك، وكان غير مرضي الطريقة.
أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله:
أبو العباس المقدسي الصوفي، قيم المسجد الاقصى، كان رجلا صالحا ورعا فاضلا، حسن السمت، من أهل الحديث والتصوف، سمع الحديث الكثير بدمشق من شيوخنا أبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني وغيرهما، وبحماه من أبي البركات بن قرناص، وببيت المقدس من أبي منصور عبد الرحمن بن محمد وكان يلازم السماع بقراءتي في المسجد الاقصى من الشيخ أبي علي الاوقي، وأقام بالبيت المقدس قيما بالمسجد الأقصى إلى أن خربت أسوار البيت المقدس، وشعثت دوره خوفا من استيلاء الفرنج عليه، فانتقل إلى حلب وسكنها ونزل بخانكاه سنقرجا بالقرب من القلعة
(2)
، كتب عنه بعض طلبة الحديث شيئا منه، وتوفي بحلب يوم الجمعة سلخ جمادي الاولى من سنة تسع وثلاثين وستمائة، وصلي عليه بالمسجد الجامع، ودفن بمقابر مقام ابراهيم عليه السلام خارج باب العراق، تجاه المشهد المعروف بالمقام من غربيه وشماليه، وحضرت دفنه والصلاة عليه رحمه الله.
(1)
-أي الى أسية الصغرى حيث دولة سلاجقة الروم. انظر مختصر تاريخ ابن عساكر:3/ 150.
(2)
-انظر الاعلاق الخطيرة لابن شداد قسم حلب:94.
أحمد بن عبد الرحمن بن علي:
ابن عبد الملك بن بدر بن الهيثم بن خلف بن خالد بن راشد بن الضحاك بن النعمان بن محرق بن النعمان بن المنذر اللخمي القاضي، أبو عصمة بن الوزير أبي الهيثم أبي حصين، وقيل بدر بن الهيثم بن خليفة بن راشد بن خالد بن الضحاك ابن قابوس بن أبي قابوس النعمان بن المنذر، أصله من الكوفة، ثم سكن (214 - ظ) سلفه الرقة، واليها ينسب جده القاضي أبو حصين قاضي حلب لسيف الدولة أبي الحسن بن حمدان، ووزر والده أبو الهيثم عبد الرحمن لسعد الدولة أبي المعالي شريف بن سيف الدولة، وانتقل أبو عصمة هذا الى طرابلس، وأظنه ولي بها القضاء، وهم من بيت القضاء والعلم، وبدر ولي قضاء الكوفة، ولابي عصمة عم يقال له عبد الحميد بن علي ولي قضاء جبيل، وسيأتي ذكره وذكر أبي الهيثم، وذكر أبي حصين في مواضعهم من كتابنا هذا ان شاء الله تعالى.
وأظن أبا عصمة ولد بحلب، والله أعلم، حكى بطرابلس انشادا عن قاضي القضاة أبي محمد بن معروف، رواه عنه الحافظ أبو عبد الله الصوري.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدنا أبو الفضل موسى بن علي المؤذن ببغداد قال: أنشدنا محمد بن عبد السلام بن أحمد الأنصاري قال أنشدنا محمد بن علي بن محمد الحافظ الصوري، ح.
وأنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني محمد بن علي الصوري قال: أنشدني القاضي أبو عصمة أحمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الملك بن بدر بن الهيثم اللخمي بطرابلس قال: أنشدنا قاضي القضاة أبو محمد عبد الله بن أحمد بن معروف لنفسه ببغداد مضمنا للبيت الآخر (215 - و).
أشتاقكم اشتياق الأرض وابلها
…
والأم واحدها والغائب الوطنا
أبيت أطلب أسباب السلو فما
…
ظفرت إلاّ ببيت شفني وعنا
أستودع الله قوما ما ذكرتهم
…
إلاّ تحدر من عيني ما خزنا
قال أبو بكر الخطيب: وأنشدني الصوري الابيات التي ضمن ابن معروف منها شعره البيت الآخر قال:
يا صاحبي سلا الأطلال والدمنا
…
متى يعود الى عسفان من ظعنا
إن الليالي التي كنا نسربها
…
أبدى تذكرها في مهجتي حزنا
أستودع الله قوما ما ذكرتهم
…
إلا تحدر من عيني ما خزنا
كان الزمان بنا غرا فما برحت
…
أيدي الحوادث حتى فطنته بنا
(1)
أحمد عبد الرحمن بن قابوس بن محمد بن خلف بن قابوس:
أبو النمر الاطرابلسي الاديب اللغوي، وقيل في جد أبيه محمد بن قابوس بن خلف.
كان بحلب في سنة سبعين وثلاثمائة، وقرأ بها على أبي عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه النحوي كتاب الجمهرة لابي بكر بن دريد، وغيرها، وشاهدت على أصل أبي عبد الله بن خالويه قراءته عليه بخطه، وروى عنه وعن أبي الحسن علي ابن محمد بن عمران الناقد البغدادي، والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي، وأبي بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرئ البغدادي، وأبي محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم الفقيه الحلبي البحري (215 - ظ) وأبي العلاء أحمد بن عبيد الله بن شقير
(1)
-ليس لابي عصمة ترجمة في المطبوع من تاريخ بغداد كما أن هذه الابيات غير موجودة في ترجمة الصوري من الكتاب نفسه.
النحوي اللغوي، وأبي نصر محمد بن محمد بن عمرو النيسابوري المعروف بالبنص.
روى عنه الحافظان أبو عبد الله محمد بن علي الصوري، وأبو سعد اسماعيل ابن علي السمان، والحافظ أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري، وأبو علي الحسن بن علي الاهوازي المقرئ.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن-فيما أذن لنا في روايته، وقرأت عليه اسناده-قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال:
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد قال: أخبرنا جدي أبو محمد قال: حدثنا الحسن ابن علي الاهوازي قال: حدثنا أبو النمر الاديب قال: حدثنا القاضي يوسف بن القاسم الميانجي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمذاني قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الاعمش عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي برزة الاسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فانه من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته»
(1)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي قال: أخبرنا أبو الفضل موسى بن علي الخياط -بقراءتي عليه-قال: أخبرنا (216 - و) أبو الفضل محمد بن عبد السلام الانصاري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الساحلي الحافظ قال:
(1)
-مختصر تاريخ دمشق:3/ 153. وانظر أيضا كنز العمال:3/ 7425، 8022.
قرأت على أبي النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد قابوس بن خلف الاديب بطرابلس قلت: أخبركم أبو عبد الله الحسين بن خالويه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد عن الرياشي عن الاصمعي عن منتجع بن نبهان الصيداوي قال: أخبرني رجل من بني الصيداء من أهل الصريم قال: كنت أهوى جارية من باهلة وكان أهلها قد أخافوني، وأخذوا علي المسالك فخرجت ذات يوم فاذا حمامات يسجعن على أفنان أيكات متناوحات في سرارة واد، فاستنفرني الشوق فركبت وأنا أقول:
دعت فوق أغصان من الأيك موهنا
…
مطوقة ورقاء في إثر آلف
فهاجت عقابيل الهوى اذ ترنمت
…
وشيب ضرام الشوق بين الشراسف
بكت بجفون دمعها غير ذارق
…
وأغرت جفوني بالدموع الذوارف
لكني سرت فآواني الليل الى حي، فخفت أن يكون من قومها، فبت القفر فلما هدأت الرجل، ورنقت في عيني سنة، واذا قائل يقول:
تمتع من شميم عرار نجد
…
فما بعد العشية من عرار
فتفاءلت بها والله، ثم غلبتني عيناني فإذا آخر يقول:
لن يلبث القرناء أن يتفرقوا
…
ليل يكر عليهم ونهار (216 - ظ)
فقمت وعبرت، وركبت متنكبا عن الطريق، فاذا راع مع الشروق وقد سرح غنما له وهو يتمثل:
كفى بالليالي المخلقات لجدة
…
وبالموت قطاعا حبال القرائن
فأظلمت والله علي الارض، فتأملته فعرفته، قلت: فلان؟ قال فلان، قلت ما وراءك؟ قال: ماتت والله رملة، فما تمالكت أن سقطت عن بعيري، فما أيقظني
إلاّ حرّ الشمس، فقمت وقد عقل الغلام ناقتي ومضى، فركبت إلى أهلي بأخيب ما آب به راكب، وقلت:
يا راعي الضّان قد أبقيت لي كمدا
…
يبقى ويتلفني يا راعي الضّان
نعيت نفسي إلى جسمي فكيف إذا
…
أبقى ونفسي في أثناء أكفان
لو كنت تعلم ما أسأرت
(1)
…
في كبدي
بكيت مما تراه اليوم أبكاني
أخبرنا أبو هاشم الحلبي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي المظفر-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن مهدي بن نصر بن مهدي الحسيني بالري قال: أخبرنا طاهر بن الحسين السمان قال: حدثنا اسماعيل بن علي الحافظ قال: قرأت على أبي النمر الاديب الاطرابلسي قلت له: أنشدكم ابن خالويه قال:
أنشدني أبو الحسن الوراق الشاعر لسعيد بن المسيب:
انظر لنفسك حين ترضى
…
وانظر لنفسك حين تغضب (217 - و)
فالمشكلات كثيرة
…
والوقوف عند الشك أصوب
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن تاج الامناء قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد بن خلف بن قابوس، أبو النمر الاطرابلسي الاديب، حدث بصور سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وبأطرابلس عن أبي الحسن علي بن محمد بن عمران الناقد البغدادي وأبي بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرئ البغدادي، وأبي عبد الله بن خالويه، وأبي نصر محمد بن محمد بن عمرو النيسابوري، وأبي محمد الحسن بن أحمد بن ابراهيم البحري، ويوسف بن القاسم الميانجي.
روى عنه أبو عبد الله الصوري، وأبو علي الأهوازي.
(1)
-أي أبقيت.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: وجدت بخط أبي الفرج غيث بن علي الصوري: قرأت بخط أبي طاهر الصوري في ذكر من أدركه بطرابلس من الشيوخ: أبو النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس، عاصر ابن خالويه، وكان يدرس العربية واللغة، وتوفي بها وخلف ولدا شخص الى العراق، وتقدم هناك
(1)
.
أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الجارود بن هرون:
أبو بكر الحافظ الرقي، دخل أنطاكية، وسمع بها الحافظ أبا عمرو عثمان ابن عبد الله بن خرزاد، وأبا محمد عبد الله بن نصر الاصم الانطاكيين، واجتاز (217 - ظ) بحلب في طريقه اليها.
وذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في تاريخه بما أنبأنا به تاج الامناء أحمد بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أحمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن الجارود بن هرون، أبو بكر الرقي الحافظ نزيل عسكر مكرم
(2)
.
ذكر أنه سمع بدمشق هشام بن عمار، وأبا زرعة النصري، ومحمد بن عوف بحمص، وحدث عنهم وعن أبيه عبد الرحمن بن الجارود، وعلي بن حرب، وأحمد ابن حرب، وهلال بن العلاء، وأحمد بن شيبان الرملي، وعثمان بن خرزاد وعبد الله بن نصر الانطاكيين، ويونس بن عبد الاعلى، والمزني، والربيع بن سليمان ويزيد بن سنان البصري، والحسن بن عرفة، والحسن بن محمد بن الصباح، وشعيب بن أيوب الصريفيني، وعيسى بن أحمد البلخي، ومحمد بن عبيد بن عتبة الكوفي، وأحمد بن منصور الرمادي، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وأبي زرعة، وأبي حاتم الرازيين.
(1)
-مختصر تاريخ ابن عساكر:3/ 153.
(2)
-بلد مشهور في خوزستان. معجم البلدان.
روى عنه القاضي أبو عمر محمد بن الحسين بن محمد البسطامي نزيل نيسابور، وأبو الحسن علي بن الحسن بن بندار بن المثنى الاستراباذي، وأبو اسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبراني المقرئ الشاهد، وأبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، وأبو علي منصور بن عبد الله بن خالد بن أحمد بن خالد الذهلي الخالدي، وأبو علي الحسن بن أحمد بن الليث الحافظ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الاعلى الاندلسي الورسي (218 - و).
أخبرنا أبو البركات بن محمد-إذنا-قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو سعد عبد الله بن أسعد بن أحمد بن محمد بن حيان النسوي الطبيب، وأبو بكر عبد الجبار بن محمد بن أبي صالح النيسابوري الصوفيان قالا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن محمد الصرام قال: أخبرنا القاضي الامام أبو عمر محمد بن الحسين بن محمد البسطامي قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود بن هرون الرقي قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك الدقيقي وعثمان بن خرزاد الانطاكي، وعباس الدوري قالوا: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا شعبة عن أبي التياح عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«يقول الله عز وجل: يا بن آدم أنا بدّك اللازم فاعمل لبدك، كل الناس لهم بدّ وليس لك مني بد» .
قال علي بن أبي محمد: رواه أبو بكر الخطيب عن الحسن بن محمد الخلال عن القاضي أبي عمر البسطامي، فأخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم، وأبو الحسن علي بن أحمد بن منصور، وأبو منصور ابن خيرون قالوا: قال لنا أبو بكر الخطيب هذا الحديث موضوع المتن مركب على هذا الاستاد وكل رجاله مشهورون معروفون بالصدق الا ابن الجارود فانه كذاب، ولم نكتبه الا من حديثه.
وقال أبو بكر في موضع آخر بهذا الاسناد: وقد رواه-يعني حديث بقية
عن مالك عن الزهري عن أنس، (218 - ظ) انتظار الفرج-شيخ كذاب: كان بعسكر مكرم عن عيسى بن أحمد العسقلاني عن بقية، وأفحش في الجرأة على ذلك لانه معروف أن الحيائري تفرد به، والله أعلم
(1)
.
ذكر الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي في كتاب تكملة الكامل في في معرفة الضعفاء: أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي، يضع الحديث ويركبه على الاسانيد المعروفة.
أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن ماكا:
أبو بكر المقرئ، مقرئ مذكور، قدم أنطاكية سنة أربعين وثلاثمائة وأقرأ بها القرآن العزيز.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن أبي محمد ابن هبة الله قال: قرأت بخط الحسن علي بن محمد بن ابراهيم الحنائي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسحاق بن ابراهيم الانطاكي المعروف بابن العريف قال:
قدم علينا أنطاكية سنة أربعين وثلاثمائة أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن ابن محمد ابن ماكا فقيل له: ان ابراهيم بن عبد الرزاق يذكر أنه قرأ على قنبل
(2)
، فلم يحفل بهذا القول الى أن ورد في بعض الايام رجل من أهل خراسان شيخ كبير عليه ثياب صوف، فجلس بين يدي الشيخ ابن ماكا، وقال: أريد أقرأ، فقرأ عليه عشرين آية وقال: حسبي آجرك الله، فقال له: أيش في كمك؟.
قال: قراءات، قال له: وعلى (219 - و) من قرأت؟ قال: قرأت على قنبل أنا ورجل من أهل أنطاكية يقال له ابراهيم بن عبد الرزاق الخياط، فقال الشيخ
(1)
-مختصر تاريخ دمشق:3/ 154 - 155.
(2)
-قنبل هو أبو عمر محمد بن عبد الرحمن بن محمد مقرئ مكة توفي فيها سنة احدى وتسعين ومائتين بعد ما طعن بالسن وشاخ، سمع منه ابراهيم بن عبد الرزاق الحروف فقط لانه لم يجاور عنده. معرفة القراء الكبار للامام الذهبي:1/ 230.
ابن ماكا: قوموا بنا الى الشيخ، فجاء الى ابن عبد الرزاق، فقال: يا شيخ اجعلني في حل، فجعله، وعرف ابن عبد الرزاق الرجل، فقال له: أيش لي معك، فأخرج خط قنبل بقراءة ابن عبد الرزاق عليه.
أحمد بن عبد الرحمن بن المبارك:
وقيل ابن عبد الرحمن بن علي بن المبارك بن الحسن بن نفاذة، أبو الفضل السّلمي الدمشقي، شاعر مجيد فاضل أديب، يلقب نشء الدولة، وبدر الدين، وكان يكتب للملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وصحبه حضرا وسفرا، وقدم معه حلب حين افتتحها.
أنشدنا عنه شيئا من شعره أبو محمد مكي بن المسلّم بن علاّن الدمشقي، وأبو المحامد اسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي، قال لي أبو المحامد:
كان لا يبارى في فضله، ولا يجارى في معرفته ونبله، وجمعه بن رئاسة نفسه وطيب أصله، وورث عنه حسن الكتابة وحلية الفضل لذريته ونسله.
قال: ومولده بدمشق في شهور سنة إحدى وأربعين وخمسمائة
(1)
.
وقال لي السديد أبو محمد مكي بن المسلم: إن أبا الفضل بن نفاذة دخل حلب مرارا، ومدح بها الملك الظاهر غازي رحمه الله.
أنشدنا سديد الدين أبو محمد مكي بن المسلّم قال: أنشدنا الأمير نشو الدولة أبو الفضل أحمد بن عبد الرحمن بن المبارك بن الحسن بن نفاذة السّلمي (219 - ظ) الدمشقي لنفسه:
سفرت عن جبينها الوضّاح
…
فأرتنا في الليل ضوء الصّباح
قلت لما زارت على غير وعد
…
تتهادى كالغصن تحت الرياح:
(1)
-انظر خريدة القصر للعماد الاصفهاني-قسم شعراء الشام-الجزء الاول- ط. دمشق 329:1955.
مرحبا بالتي أبادت همومي
…
وغمومي وأبدأت أفراحي
أيها اللائمي على حبها
…
أقصر فما أنت فيه من نصّاحي
مقلة الظبي سالف الريم قد
…
الغصن خدّ الشقيق ثغر الأقاحي
أنشدني شهاب الدين أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي قال: أنشدني الشيخ الرئيس الأديب الفاضل البارع نشء الدولة بدر الدين أبو الفضل أحمد بن عبد الرحمن بن علي بن المبارك بن الحسن بن نفاذة السلمي متغزلا على حرف الهمزة.
يا ساكنا في مهجتي تتبوّأ
…
لم لا ترقّ لأدمع لا ترقأ
لي منك جفن لا يجف وثقل هـ
…
م لا يخف ومضجع لا يهدأ
هل ما تمزق من فؤادي بالجفا
…
يا هاجري بيدي وصالك يرفأ
ومدلل أنا في هواه مذلّل
…
منه ومني مالك وموطأ
ثمل المعاطف قده متأود
…
بالغصن يزري إذ يهزّ ويهزأ
بلحاظه قلبي جريح مثخن
…
فالوصل يأسو والتجني ينكأ
سبحان خالقه ومبدع حسنه
…
والله يخلق ما يشاء ويذرأ (220 - و)
كالليل شعرا غاسقا والصبح وجها
…
شارقا أنواره تتلألأ
في ثغره حانية عانية
…
تسبى العقول بها وليست تسبأ
سفك الدماء وطرفه سيافه
…
وبه على أجرائها يتجرأ
متمرض الأجفان قلبي مذ جفا
…
متمرض وكلاهما لا يبرأ
صبري لدائرة الصبابة نقطة
…
تسمى وليس ترى ولا تتجزأ
يحظى به غيري وأحرم وده
…
وسواي يروى بالوصال وأظمأ
قال لنا أبو المحامد القوصي: وأنشدني لنفسه متغزلا على حرف الذال المعجمة:
رسل اللحاظ الى الخواطر تنفذ
…
وسهامها في كل قلب تنفذ
ومن العجائب وهي تصمي مهجتي
…
أني بوقع سهامها أتلذذ
إن السهام لتخطئ المرمى سوى
…
سهم بأهداب الجفون مقذذ
(1)
وبمهجتي صاح يعربد لحظه
…
تيها عليّ فطرفه متنبذ
رشأ يصيد بحسنه مهج الورى
…
وعلى العقول بسحره يستحوذ
تحوي القلوب بخفة وصناعة
…
أجفانه فاللحظ منه مشعبذ
سحر به فتن الأنام فحق
…
هاروت الإمام لجفنه يتتلمذ
مقبول شخص بالعيون مقبّل
…
ميهوب حسن بالأماني يجبذ
ميعاده مثل السراب ووصله
…
بالقول لا بالفعل فهو مطرمذ
(2)
من طبع أهل الشام قاس قلبه
…
لكنه في دلّه يتبغدذ (221 - ظ)
يا نظرة قد أعقبتني حسرة
…
طرفي جنا فعلام قلبي يؤخذ
وجدي به طول الزمان مجدد
…
والقلب منه بالصدود مجذذ
والحزن مرد في هواه مردد
…
والخد من مطر الدموع مرذذ
وأنشدنا أبو المحامد القوصي قال: وأنشدني رحمه الله لنفسه متغزلا على حرف الزاي:
أعانوا على القلب الجريح وأجهزوا
…
وسفك دمي ظلما أباحوا وجوزوا
هم رحلوا صبري غداة رحيلهم
…
وسرى بوجدي أبرزوا يوم برزوا
وكنت كنزت الدمع ذخرا لبينهم
…
فأنفقت يوم البين ما كنت أكنز
يعز وقد بانوا علي فراقهم
…
ويعزب صبري والتجلد يعوز
وكانوا حياتي فارقوني ففارقت
…
فها أنا حي في ثيابي مجنز
(1)
-له ريش.
(2)
-أي يقول ولا يفعل-القاموس.
وبي حب من لا الود يطلب عنده
…
ولا الوصل مرجو ولا الوعد منجز
لدائرة الأبصار من حول وجهه
…
إذا ما بدا من نقطة الخال مركز
له غصن قدّ بالملاحة مزهر
…
وديباج خد بالعذار مطرز
هو الرمح قدّا واعتدالا ولحظه
…
سنان به ما زال قلبي يوخز
حكى ألف الخط اعتدال قوامه
…
ولكنه من عطفه الصدغ يهمز
لقد صاد قلبي حبه بيد الهوى
…
ولم يجد فيه أنني متحرز
أخبرني أبو المحامد القوصي أن أبا الفضل بن نفاذة توفي بدمشق في شهور سنة احدى وستمائة تاسع المحرم منها.
أحمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد اللخمي:
أبو العباس بن أبي علي بن أبي المجد البيساني المصري المعروف بالقاضي الأشرف بن القاضي الفاضل، أصل سلفه من بيسان، وانتقلوا الى عسقلان، وولي جده قضاءها، وولد أبوه بها، ثم انتقل عنها الى مصر حين غلب عليها الفرنج، فنشأ بمصر على ما نذكره في ترجمته إن شاء الله، وولد له هذا الولد أبو العباس بمصر في المحرم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، أخبرني بمولده جمال الدين محمد بن علي الصابوني، وكان رجلا حسنا فاضلا، شريف النفس، وقورا مشتغلا بما يعنيه.
سمع الحديث الكثير في كبره بدمشق وبغداد وحلب، وغيرها من البلاد، وكان سمع الحافظ أبا محمد القاسم بن أبي القاسم الحافظ الدمشقي، وفاطمة بنت سعد الخير وغيرهما، وقدم علينا حلب رسولا الى بغداد فسمع بها من جماعة منهم: أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله وغيره، وكان قد سمع إنشاد السعيد ابن سناء الملك، وأجازت له بحنى الوهبانية وطبقتها، وكان ينظم الشعر، ولم يزل يطلب ويسمع الحديث حتى علت سنه.
ووقف على أهل الحديث كتبا حسنة بالمقصورتين المعروفتين به وبوالده بالكلاسة من جامع دمشق
(1)
.
وكان أخبرني عنه جماعة من المحدثين أنه يمتنع (221 - ظ) من الرواية والتحديث، ثم إنني اشتريت أجزاء من مسموعاته، فوجدته قد حدث بمدرسه أبيه بالقاهرة في سنة ثمان وعشرين وستمائة بشئ من حديثه، وسمع منه جماعة من طلبة الحديث منهم صاحبنا-بالديار المصرية-أبو الحسن علي بن عبد الوهاب بن وردان، وروى لنا عنه شيئا من شعره أبو الفضل عباس بن بزوان الإربلي، وأبو عبد الله بن الصابوني، وكنت اجتمعت به في سنة ست وعشرين وستمائة بدمشق، وفي سنة ....
(2)
وثلاثين بمصر، ولم يتفق لي سماع شيء منه.
أنشدني أبو الفضل عباس بن بزوان قال: أنشدني القاضي الأشرف أحمد بن عبد الرحيم بن علي بن البيساني لنفسه، وقال: أنشدتها الوزير ببغداد ارتجالا حين أرسلت الى بغداد.
يا أيها المولى الوزير ومن له
…
نعم حللن من الزمان وثاقي
من شاكر عني بذاك فإنني
…
من عظم ما أوليت ضاق نطاقي
منن تحفّ على يديك وإنما
…
ثقلت مؤونتها على الأعناق
أنشدنا جمال الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن الصابوني قال: أنشدني القاضي الأشرف بن القاضي الفاضل لنفسه بالقاهرة.
الحمد لله وشكرا له
…
كم نعمة ألبسني فاخره
أعطاني الدنيا بأفضاله
…
وأنظر لما خول في الآخره (222 - و)
(1)
-الكلاسه المكان القائم فيه قبر السلطان صلاح الدين الايوبي على مقربة من الجامع الاموي.
(2)
-فراغ بالاصل.
أنشدني جمال الدين ابن الصابوني قال: أنشدني القاضي الأشرف بن الفاضل قال: أنشدني هبة الله بن جعفر بن سناء الملك لنفسه:
لعلوي جربت لا لانحطاطي
…
جربي رفعة وما هوداء
جربت قبلي السماء وناهي
…
ك علوّا أن أشبهتني السماء
ولقد أجمع الرواة وما في
…
ذاك خلف أن اسمها الجرباء
سمعت أبا الفضل عباس بن بزوان رفيقنا رحمه الله يقول: مات القاضي الأشرف أبو العباس أحمد بن القاضي الفاضل بالقاهرة في ليلة الاثنين سابع جمادي الآخرة من سنة ثلاث وأربعين وستمائة، ودفن في يوم الاثنين بعد صلاة العصر بسارية الى جنب والده رحمهما الله.
أحمد بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب:
أبو الفوارس البالسي القاضي ببالس، حدث بها، روى عنه القاضي أبو البركات محمد بن علي بن محمد بن محمد الأنصاري قاضي سيوط
(1)
(222 - ظ)
أحمد بن عبد السيد بن شعبان بن محمد بن بزوان بن جابر بن قحطان:
أبو العباس الهذباني الكردي المعروف بصلاح الدين الإربلي، كان صائغا بإربل، واشتغل بالأدب، واتصل بخدمة الملك المغيث بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب حين كان بإربل، وكان يغني له، وخدمه وصار حاجبا له، ووصل معه الى مصر، فلما توفي اتصل بالملك الكامل فنفق عليه وتقدم عنده، وصار عنده أميرا كبيرا، وحبسه مدة، ثم أطلقه، وعظم عنده، وكان أميرا فاضلا شاعرا، حسن الأخلاق، قدم حلب في اجتيازه الى مصر، ثم قدم منبج صحبة الملك الكامل أبي المعالي محمد بن أبي بكر بن أيوب، حين وردها قاصدا بلد الروم بعساكره.
روى لنا عنه شيئا من شعره القاضي محي الدين محمد بن جعفر بن قاضي إربل،
(1)
-كورة جليلة من صعيد مصر. معجم البلدان.
والفقيه شهاب الدين أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي، وأبو الربيع سليمان بن بنيمان الإربلي.
وأخبرني أبو المحامد القوصي أن مولد الأمير صلاح الدين بإربل في شهور سنة أربع وستين وخمسمائة على ما ذكر.
أنشدنا القاضي محي الدين بن جعفر بن محمد بن محمود الإربلي قال:
أنشدني صلاح الدين أحمد بن عبد السيد بن شعبان الإربلي لنفسه بالجسور
(1)
ظاهر مدينة دمشق:
تعدّى الى الخيل الغرام كأنما
…
بطيب زمان الوصل يخبرها عنا (223 و)
نجاذبها رفقا بها وتمدّنا
…
إليكم من الشوق الذي اكتسب منا
أنشدني شهاب الدين أبو المحامد القوصي قال: أنشدني الأمير الأجل الفاضل صلاح الدين أبو العباس أحمد بن عبد السيد بن شعبان الهذباني رحمه الله بدمشق سنة ست وعشرين وستمائة لنفسه في الفراق:
والله لولا أماني القلب تخبرني
…
بأنّ من بان يدنو مسرعا عجلا
قتلت نفسي يوم البين من أسف
…
وكان حقا بأن أستعجل الأجلا
وأنشدنا قال: وأنشدني أيضا لنفسه وكتب بها الى صديق له:
لم ترحلوا عني لأن محلكم
…
قلب بكم ما إن يزال متيما
والبين إن نقض الخيام من الثرى
…
فالوجد أودعها الفؤاد وخيّما
قال: وأنشدني لنفسه في المعنى، وكتب بها الى صديق له:
على بقعة عنها ترحّلت وحشة
…
كأنس مكان أنت فيه مخيّم
وحسبي عذابا أنني عنك نازح
…
وغيري قريب بالوصال منعم
(1)
-نقلها كرد علي في غوطة دمشق باسم الجسورة. انظر ص 167 من ط. دمشق 1984.
أنشدني أبو الربيع سليمان بن بنيمان الإربلي قال: أنشدني صلاح الدين الإربلي أحمد بن عبد السيد لنفسه:
في حالة البعد روحي كنت أرسلها
…
تقبل الأرض عني فهي نائبتي
وهذه نوبة الأشباح قد حضرت
…
فامدد يمينك كي تحظى بها شفتى (223 ظ)
وأنشدني سليمان بن بنيمان قال: أنشدني صلاح الدين لنفسه:
ما الى ترك هواكم لي سبيل
…
كيف شئتم فاعدلوا عني وميلوا
آه ما قولى لكم آها على
…
زمن يفنى وأوقات تحول
إنما أبكي على يتم الهوى
…
بعد موتي من له حي حمول
أنشدنا أبو المحامد القوصي قال: أنشدني صلاح الدين الإربلي لنفسه، وذكر أنه أوصى بأن يكتب البيتان على قبره رحمه الله.
يا رب عبدك جاء رهن ذنوبه
…
مترجيا من عفوكم للجود
فشماله في شعر شيبة وجهه
…
ويمينه في عروة التوحيد
قال القوصي: وهذا الأمير صلاح الدين الإربلي رحمه الله كان فاضلا مجيد لشعره ودو بيتاته، مفيدا في محاضراته ومذاكراته، وصحب الملك المغيث مدة طويلة، وكانت صحبته له بإربل ودمشق صحبة جميلة؛ ثم خدم الدولة الملكية الكاملية فحصل له فيها المال الوافر والجاه الحسن، وكفر دهره في آخر وقته بحسنات المنح ما جناه عليه من سيئات المحن، وتوفي في الشرق في العسكر الكاملي في شهور سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ودفن بالرها
(1)
، ثم نقل الى قرافة مصر.
وقال لي ابن بنيمان: إنه توفي بالرها في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وكان قد مرض بالسويداء فنقل في محفة، فمات بالرها ودفن بها. (224 - و).
(1)
-هي أورفا حاليا في تركيا.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في ذكر من مات في سنة إحدى وثلاثين وستمائة في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي العشرين من ذي الحجة توفي الأمير الأجل أبو العباس أحمد بن عبد السيد بن شعبان بن محمد بن جابر بن قحطان الإربلي المولد والمنشأ، المصري الدار، المنعوت بالصلاح، بمدينة الرها، ودفن من يومه بالمقبرة المعروفة بمقبرة باب حران، وكنت إذ ذاك بها، ثم نقل من هناك الى مصر.
حدث بشيء من شعره، سمعت منه شيئا منه ببعض بلاد حمص، ومولده في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بإربل؛ ذكر أنه رآه بخط والده عبد السيد بن شعبان، وكان اتصل بخدمة مظفر الدين بن زين الدين صاحب إربل مدة، ثم توجه الى الشام، ثم اتصل بخدمة الملك الكامل، وتقدم وترسل عنه
(1)
(224 ظ).
(1)
-لم يصلنا الجزء الحاوي لترجمته من كتاب التكملة.
ذكر من اسم أبيه عبد العزيز من الأحمدين
أحمد بن عبد العزيز بن أيوب بن زيد:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي أبو عبد الله العرقي، من أهل عرقة
(1)
، وولد بالموصل، ففي نقلته من الموصل الى عرقة اجتاز بجلب أو ببعض عملها.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي-إذنا- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: أحمد بن عبد العزيز بن أيوب بن زيد أبو عبد الله العرقي الأطروش المعروف بالعجيل، ولد بالموصل وحدث بعرقة عن يحيى بن عثمان الحمصي.
روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوزان الأنطاكي.
(2)
.
أحمد بن عبد العزيز بن داود بن مهران الراذاني الحراني:
رحل الى مصر وسمع بها الحديث، ثم عاد الى بلده حران، ففي طريقه اجتاز بحلب أو ببعض عملها.
ذكره أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي في كتابه في تاريخ
(1)
-بلدة في شرقي طرابلس الشام بينهما أربعة فراسخ. معجم البلدان.
(2)
-ليس في مختصر تاريخ دمشق.
الغرباء ممن قدم مصر، وقرأته بخط عبد الغني بن سعيد الحافظ قال: أحمد بن عبد العزيز داود بن مهران الراذاني من أهل حران، هو ابن أخي أبي صالح عبد الغفار بن داود الحراني، قدم مصر سنة تسع وستين، وكان قد رحل وكتب الحديث، وكان يحفظ كتبا عن ثابت بن موسى وطبقته نحو النيف وعشرين ومائتين، ورجع الى (225 و) حران سنة سبعين ومائتين، ومات في رجوعه، وكتب عنه.
أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب السلمي:
المقدسي الواعظ، امام جامع الرافقة، أبو الطيب، قدم حلب مجتازا، وسمع بشيزر أبا السمع إبراهيم بن عبد الرحمن بن جعفر المعري التنوخي معلم بني منقذ، وبالبيت المقدس الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، وبمكة أبا عبد الله الحسين بن علي الطبري.
روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي في مصنفاته، وكان شاعرا حسن الشعر.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الوهاب الأنصاري الدمشقي المعروف بابن الشيرجي بحلب، وأبو اسحاق إبراهيم بن بركات بن إبراهيم المعروف بالخشوعي بقراءتي عليه بالربوة من ظاهر دمشق قالا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله الشافعي قال: أخبرنا أبو الطيب أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب السلمي المقدسي الواعظ -إمام جامع الرافقة
(1)
، بقراءتي عليه في المحرم سنة تسع وعشرين وخمسمائة-قال: أخبرنا الشيخ الإمام إمام الحرمين أبو عبد الله الحسين بن علي الطبري الفقيه بمكة حرسها الله في المسجد الحرام سنة سبع وثمانين وأربعمائة، ح.
قال الحافظ أبو القاسم: وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وأبو
(1)
-كانت الرافقة ملحقة بالرقة.
محمد اسماعيل بن أبي بكر القارئ (225 ظ) بنيسابور قالوا: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي بنيسابور قال: أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد الفارسي قال: حدثنا أبو سليمان داود بن الحسين بن عقيل البيهقي بخسروجرد
(1)
قال:
حدثنا يحيى بن يحيى بن عبد الرحمن التميمي قال: أخبرنا هشيم عن أبي هرون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول في آخر صلاته أو حين ينصرف: «سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين. والحمد لله رب العالمين»
(2)
.
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أنشدنا عمي الحافظ أبو القاسم قال:
أنشدني أبو الطيب لنفسه:
من لصب نازح الدار
…
نهب أشواق وأفكار
مستهام القلب محترق
…
بهوى أذكى من النار
فنيت بالبعد أدمعة
…
فهو يبكي بالدم الجاري
قائلا جار الزمان على
…
مهجتي في فرقة الجار
فالى من أشتكي زمنا
…
غالني في حكمه الجاري
بيد قذافة سلبت
…
كل أغراضي وأوقاري
صرت أرضى بعد رؤيتكم
…
بخيال أو بأخبار
كتب إلينا الحسن بن محمد الدمشقي أن علي بن الحسن الشافعي أنشدهم قال: وأنشدني يعني أبا الطيب المقدسي لنفسه معاتبة: (226 و).
يا واقعا بين الفرات ودجلة
…
عطشان يطلب شربة من ماء
إن البلاد كثيرة أنهارها
…
وسحابها فغزيرة الانواء
(1)
-مدينة كانت قصبة بيهق من أعمال نيسابور بينها وبين قومس. معجم البلدان.
(2)
- سورة الصافات-الآيات:180 - 182.
ما أختلت الدنيا ولا عدم الندا
…
فيها ولا ضاقت على العلماء
أرض بأرض والذي خلق الورى
…
قد قسم الأرزاق في الأحياء
قال الحافظ: وأنشدني أيضا لنفسه:
يا ناظري ناظري وقف على السهر
…
ويا فؤادي فؤادي مسكن الضرر
ويا حياتي حياتي غير طيبة
…
وهل تطيب بفقد السمع والبصر
ويا سروري سروري قد ذهبت به
…
وإن تبقى قليل فهو في ثر
فالعين بعدك يا عيني مدامعها
…
تسقي مغانيك وما يغني عن المطر
والقلب بعدك يا قلبي تقلبه
…
في النار أيدي الاسى من شدة الفكر
كم يبك قلبي على ما نابه أحد
…
في الناس كلهم إلا أبو البشر
لو أن أيوب لاقى بعض مالقيت
…
نفسي لبادر يشكو غير مصطبر
وما مصيبه اسرائيل فادحه
…
لأنه كان يرجو فرحة الظفر
(1)
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قراءة عليه وأنا أسمع قال:
أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب السلمي، أبو الطيب المقدسي، إمام جامع الرافقة-وهي بلدة على شط الفرات تعرف بالرقة الساعة، والرقة كانت يجنبها فخربت-كان واعظا ورد (266 ظ) بغداد حاجا، وسمع بمكة أبا عبد الله الحسين بن علي الطبري، سمع منه رفيقنا أبو القاسم الدمشقي وغيره.
أنبأنا القاضي أبو عبد الله محمد بن هبة الله بن محمد بن مميل الشيرازي قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال: أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن حبيب أبو الطيب المقدسي الفقيه الواعظ إمام جامع الرافقة، سمع أبا عبد الله الحسين بن علي الطبري بمكة، وذكر لي أنه سمع الفقيه نصر بن
(1)
-انظر مختصر ابن عساكر:3/ 157 حيث أورد له مقطوعة اخرى.
إبراهيم المقدسي، ودخل المغرب مع أبيه، وسمع من جماعة من الشيوخ، ولم يكن عنده عنهم شيء.
وكان له ديوان شعر حسن، سمعت منه بعضه بالرافقة، وكان قد قدم دمشق غير مرة، ورأيته في إحدى القدمات وأنا صغير ولم أسمع منه بدمشق شيئا، وكتبت عنه بالرافقة شيئا يسيرا، وكان شيخا مستورا معيلا مقلا.
وقال الحافظ أبو القاسم: فارقت أبا الطيب حيا في سنة تسع وعشرين وخمسمائة ومات بعد ذلك
(1)
.
ذكر من اسم أبيه عبد الغني من الأحمدين
أحمد بن عبد الغني بن أحمد بن عبد الرحمن بن خلف بن المسلم اللخمي القطرسي
أبو العباس بن أبي القاسم المغربي المصري، الملقب بالنفيس، شاعر مجيد، أصله من المغرب وهو مصري، ورد حلب، وامتدح بها الملك الظاهري غازي بن يوسف رحمه الله، وكان فقيها أديبا له (227 و) عناية بعلوم الأوائل، وترك الفقه، وتصرف وخدم في الديوان بقوص
(2)
.
روى لنا عنه شيئا من شعره أبو المحامد اسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي، وقال لي: كان هناك الاجل نفيس الدين، فاضلا أديبا فيلسوفا، ولم يزل برقيق الشعر موصوفا، وبدقيق فن الحكمة معروفا.
وذكره العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني في كتاب «خريدة القصر» بما أنبأنا به صديقنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن عبد الجبار بن أبي الحجاج المقدسي المصري قال: أخبرنا العماد الكاتب قال: النفيس بن القطرسي شاب
(1)
-في مختصر ابن عساكر:3/ 157 «مات أبو الطيب بعد سنة تسع وعشرين وخمسمائة» .
(2)
-مدينة كبيرة في صعيد مصر. معجم البلدان.
مصري فقيه في المدرسة المالكية بمصر، له خاطر حسن، ودراية ولسن، ويد في علوم الأوائل قوية، وروية من منابع الأدب ومشارعه رويّة، أنشدت له:
يسرّ بالعيد أقوام لهم سعة
…
من الثراء وأما المقترون فلا
هل سرني وثيابي فيه قوم سبا
…
أوراقني وعلى رأسي به ابن جلا
عيد عداني الغني فيه الى سفل
…
لا تعرف العرف أيديهم ولا القبلا
ظللت أنحر فيهم مهجتي أسفا
…
وهم به ينحرون الشاء والابلا
تبا لها قسمة لو أنها عدلت
…
لكان أرفع حظينا الذي سفلا
(1)
أنشدنا شهاب الدين أبو المحامد القوصي قال: أنشدنا الفقيه الأجل الأديب نفيس الدين أبو العباس أحمد بن عبد الغني القطرسي المصري لنفسه (227 ظ).
هلا عطفت على المحب المدنف
…
فشفيت غلة قلبه المتلهف
يا محرقا قلبي بنار صدوده
…
لو شئت كان ببرد ريقك ينطفي
أتلفتني بهواك ثم تركتني
…
حيران يدأب في تلافي متلفي
أو ما علمت بأنني رهن الضنا
(2)
…
متوقف لعذارك المتوقف
لا شيء أحسن من محب مغرم
…
وجد السبيل إلى حبيب منصف
من لي وقد سمع الزمان بخلسة
…
لولا تذكر طيبها لم تعرف
إذ بت معتنق القضيب على النقا
(3)
…
وظللت مغتبق السلاف القرقف
(4)
أجني جني الورد ثم يعيده
…
خجل بحوري الملاحة مترف
فعجبت من ورد يعود بقطفه
…
غض النبات كأنه لم يقطف
(1)
-لم أقف على هذا النص في قسم مصر من الخريدة.
(2)
-جاء الحاشية بخط ابن العديم: في نسخة غير هذه الرواية «وقف الهوى» وهو أحسن.
(3)
-النقو والنقا: عظم العضد أو كل عظم ذي مخ.
(4)
-القرقفة: الرعدة، والقرقف الماء البارد المرعد والقرقف الخمر. لسان العرب.
أنشدنا أبو المحامد قراءة عليه وأنا أسمع قال: أنشدني أبو العباس لنفسه:
يا من تعوذه محاسنه
…
من عين عاشقه اذا يشكو
فبوجهه ياسين طرته
…
وعلى لماه ختامه مسك
وأنشدنا القوصي-إجازة-قال أنشدنا ابن القطرسي يرثي صديقا له:
يا راحلا وجميل الصبر يتبعه
…
هل من سبيل إلى لقياك يتفق
ما أنصفتك جفوني وهي دامية
…
ولا وفى لك قلبي وهو يحترق
وأنشدنا القوصي من كتابه قال: أنشدنا أبو العباس لنفسه في شجرة ياسمين:
ولما حللناها سماء زبرجد
…
لها أنجم زهر من الزهر الغض (228 و)
تناولها الجاني من الأرض قاعدا
…
ولم أر من يجني النجوم من الأرض
وأنشدنا القوصي قراءة قال: وأنشدني ابن القطرسي لنفسه وأبدع فيهما:
أحب المعالي وأسعى لها
…
وأتعب نفسي لها والجسد
لأرفع بالعز أهل الولاء
…
وأخفض بالذل أهل الحسد
قال: وانشدني لنفسه:
يا صاحبي خذا لقلبي عصمة
…
فلقد هفا بهوى الغزال الأهيف
وترقبا شغل الرقيب لتخبرا
…
سعدى بشقوة عاشق متلهف
صنم فتنت به وتلك بلية
…
شنعاء من متكلم متفلسف
أنشدني رشيد الدين أبو بكر محمد بن عبد العظيم المنذري بالقاهرة، وكتبه لي بخطه قال: أنشدنا الشيخ الأجل أبو الحسين أحمد بن محمد بن اسماعيل الخزرجي التلمساني رحمه الله قال: أنشدنا الأديب البارع أبو العباس أحمد بن عبد الغني القطرسي لنفسه يمدح الملك الناصر ويهنيه بفتوح الشام وأنشدت بظاهر بيت المقدس في شعبان سنة ثلاث وثمانين:
فيك نتلو عليك إنا فتحنا
…
فتهنأ بما ملكت تهنا
ما رأى الناس قبل دولتك ال
…
غراء من نال كل ما يتمنا
أيد الله دينه بك حتى
…
كنت درعا له وسيفا وحصنا
(228 - ظ)
وأعز الهدى بعزك حتى
…
بدل الشام خوفه بك أمنا
فرأينا الثغور مبتسمات
…
لتلقّيك قائلات أمنّا
وسمعنا السيوف ينشد عنها
…
ما تقضى لبانه عند لبنا
تتهادى إليك مثل الغواني
…
حاليات وهنّ بالحسن أغنا
كلما رمت معقلا ملكته
…
لك يمنى لا تعدم الدهر يمنا
راقه منك خاطب نقد الهن
…
دي ضربا والسّمهرية طعنا
ونثار من السهام عليها
…
نظم الشمل بالوصال وهنا
ومجانيق راعت الجو حتى
…
درعته أنامل الريح مزنا
فسنا البرق لوعة فيه والرع
…
د أنين كذاك من خاف أنّا
فهي كالشهب في البروج وإن
…
كانت سماواتها من الأرض تبنا
حائرات بسطوة الملك النا
…
صر جورا به على العدل يثنا
ملك عنده تنال الأماني
…
إن دعونا صوب الغمام فضنّا
(1)
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في كتاب التكملة وفي الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول يعني من سنة ثلاث وستمائة توفي الشيخ الفقيه الأديب أبو العباس أحمد بن الشيخ أبي القاسم عبد الغني بن أحمد بن عبد الرحمن بن خلف بن المسلم اللخمي المالكي المعروف بالقطرسي المنعوت بالنفيس بمدينة قوص من صعيد مصر الأعلى وقد ناهز السبعين، تفقه على مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه على الفقيه أبي المنصور ظافر بن الحسين اليزدي، واشتغل
(1)
- التكملة لوفيات النقلة:3/ 156 - 157.
بالأصوليين والمنطق وغير ذلك، وقرأ الأدب على الشيخ الموفق أبي الحجاج يوسف ابن محمد المعروف بابن الخلال كاتب الدست، وصحبه مدة، وسمع من الشريف أبي المفاخر سعيد بن الحسين المأموني وغيره، وتصدر للإقراء، وله ديوان شعر مشهور ومدح جماعة من الملوك والوزراء وغيرهم وتقلب في الخدم الديوانية، وحدث، أنشدنا عنه جماعة من أصحابنا
(1)
.
أنشدني الشيخ الحافظ رشيد الدين أبو الحسن يحيى بن علي بن عبد الله القرشي للنفيس أحمد بن عبد الغني القطرسي من قصيدة، قال: وكان فقيها فاضلا متكلما أصوليا.
بين الكثيب والنقا
…
ما أرب لولا التقا
وفي اللثام قمر
…
أضلني وأشرقا
ومنها في ذكر الصعيد:
ليس صعيدا طيبا
…
لكن صعيدا زلقا
أخبرنا أبو المحامد القوصي أن مولد النفيس بن القطرسي بمصر وتوفي بها في شهور سنة ثلاث وستمائة.
أحمد بن عبد الغني القشيري الحموي:
الملقب بالتاج، ابن بنت (229 - و) الشيخ أبي سعد النحوي الحموي الضرير، شيخنا، وكان أبوه عبد الغني من أهل المغرب، وكان ولده هذا أحمد شاعرا مجيدا فاضلا، وكان مقيما بحماه عند جده لأمه أبي سعد النحوي، وقدم الى حلب في محاكمة شرعية.
روى لنا عنه شيئا من شعره عفيف الدين عبد الرحمن بن عوض المعرّي، ووصفه لي بالذكاء وحدة الخاطر، وجودة الشعر.
(1)
- التكملة لوفيات النقلة:3/ 156 - 157.
قال: وكان ناظما ناثرا فاضلا عروضيا، نحويا، حسن المحاضرة، رقيق الحاشية لطيف المعاشرة، وصنف كتابا في العروض، ومات ولم يبلغ ثلاثين سنة.
أنشدني عفيف الدين عبد الرحمن بن عوض قال: أنشدني تاج الدين أحمد بن عبد الغني حفيد الشيخ أبي سعد النحوي لنفسه يرثي شمس الدين محمد بن علي بن المهذب، وكان غرق بحماه في العاصي عند مسجد ابن نظيف، وكان صديقا له، فأسف عليه، وقال فيه يرثيه:
لتبك العيون الجامدات محمدا
…
فقد أبلت الأيام حسن شبابه
غريب غريق أدركته شهادة
…
تخفف عن أهليه عظم مصابه
كريم أسال البحر من سيب كفه
…
فلذ له أن مات تحت عبابه
وأنشدني عبد الرحمن بن عوض المعري قال: كتب إلي أحمد بن عبد الغني لنفسه، ثم أنشدنيها بعد ذلك:
ما بين خيف منى إلى الجمرات
…
فمواقف الحجاج من عرفات
(229 - ظ)
ظبيات أنس يقتنصن الأسد بال
…
ألحاظ أفديهن من ظبيات
عارضننا بالمازمين
(1)
…
سوافرا
عن أوجه بالورد منتقبات
ونحرننا عوض الأضاحي فاغتدت
…
أبداننا تجزى عن البدنات
منها:
أمعرة النعمان بعدك مل من
…
جسمي الضنا وسئمت طيب حياتي
أترى يساعدني الزمان فأرتوي
…
من عذبك السلسال قبل مماتي
ما بين ثغرتها وباب كفيرها
…
رام يصيب مواقع الثغرات
(1)
-موضع في مكة بين المشعر الحرام وعرفه، وهو شعب بين جبلين يفضي آخره الى بطن عرفه. معجم البلدان.
يا صاحبيّ خذا بثاري واعلما
…
أني قتيل جفونه الغنجات
قال لي عبد الرحمن بن عوض: توفي أحمد بن عبد الغني سنة اثنتين وعشرين وستمائة بحماه.
أحمد بن عبد القاهر بن أحمد بن عبد القاهر بن أحمد بن عبد الوهاب بن أحمد
ابن طاهر بن الموصول:
أبو سالم الحلبي المعروف بأمين الدولة، كان من عدول حلب وأمنائها وأعيانها، وكبرائها وعلمائها وفضلائها، ورواتها وأدبائها.
حدث بها عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي، وسمع منه بحلب القاضي أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الصمد الطرسوسي، والحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، وروى لنا عنه عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، والشيخ أبو محمد عبد الرحمن (230 - و) بن عبد الله علوان الأسدي وولده القاضي جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي الحلبي.
وذكر لي بعض الحلبيين أنه كان ينوب في كتابة الإنشاء في زمن نور الدين محمود بن زنكي في سنة أربعين وخمسمائة إلى أن توفي نور الدين.
وسمعت أبا الفضل هبة الله بن عبد القاهر بن الموصول يقول: كان أبو سالم بن الموصول مقداما في الأمور، جسورا على ما يفعله، وكان سني المذهب.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، قراءة عليه بحلب، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي الحلبي بها قالا: أخبرنا أمين الدولة أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن أحمد بن الموصول-بقراءة الحافظ عبد القادر الرهاوي عليه ونحن نسمع-قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عبد
الله بن اسماعيل بن أحمد بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا أبو عبيد الله بن عبد السلام بن عبد الواحد القطبي قال: أخبرنا أبو بكر السبيعي قال: أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن مستفاض الفيريابي القاضي ببغداد قال: حدثنا أبو جعفر العقيلي قال: حدثنا كثير بن مروان المقدسي عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عقبة بن وشاح عن عمران بن مصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يشار إليه بالأصابع» قالوا (230 ظ) يا رسول الله وإن كان خيرا؟ قال: «وإن كان خيرا فهي مزلة إلاّ من رحم الله وإن كان شرا فهو شر»
(1)
.
أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي وولده أبو عبد الله القاضي-بقراءتي عليهما بحلب منفردين-قالا: أخبرنا أمين الدولة أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن أحمد بن الموصول قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد الحلبي قال: أخبرنا عبد الرزاق بن أبي نمير العابد الأسدي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن صالح قال: أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن يوسف الأودي الصيرفي الكوفي ابن كارد بالكوفة قال: حدثنا محمد بن حفص بن راشد أبو جعفر قال: حدثنا الحارث بن عمران عن محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يطوف بالبيت وهو يقول:
اللهم اغفر لي ولأخي فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما قلت» ؟ قال: يا رسول الله إن أخا لي استودعني أن أدعو له في هذا المكان، فقال له رسول الله:«قد غفر لك ولأخيك»
(2)
.
قرأت بخط بعض الحلبيين: لأمين الدولة أبي سالم بن الموصول، قال: وكتب
(1)
-انظره في كنز العمال:3/ 5939.
(2)
-لم أجده بهذه اللفظ.
بهذه الأبيات إلى قاضي الحكم بحلب يتضوّر من عمة، وكان اغتصب أكثر أملاكه. (231 و).
يا حاكم الشرع إنّي أستغيث إلى
…
حكم الشريعة تحكيما علي ولي
وإني واثق من حسن رأيك لي
…
أن لا يسوّغ ظلمي من عليّ ولي
سير إلي الشريف جمال الدين أبو المحاسن عبد الله بن محمد بن عبد الله الهاشمي بيتين من شعر أبي سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول، وذكر أنه نقلها من خط والده أبي حامد محمد بن عبد الله
أشكو إليك زمانا
…
قد ضاع فيه الصواب
يضمّني فيه قوم
…
حاشى الكلاب كلاب
أنشدني الأمير بدران بين جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم العقيلي الحلبي لجده لأمة أمين الدولة أبي سالم بن الموصول يهجو رجلا من أهل حلب يلقب بالعفيف.
أعلن الدين مستغيثا ينادي
…
خلصوني وقعت وسط الكنيف
لعن الله دولة أصبح الجامو
…
س فيها ملقّبا بالعفيف
قال لي بدران بن حسين بن مالك: توفي جدي لأمي أبو سالم بن الموصول سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وذكر غيره وفاته كانت سنة سبعين وخمسمائة، والله أعلم.
من اسم أبيه عبد الكريم من الاحمدين
أحمد بن عبد الكريم بن يعقوب الانطاكي الحلبي:
أبو بكر المؤدّب، معلم أبي عدنان (231 ظ)، سمع بحلب أبا الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله الرافقي، وأبا عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي
الأذني، وأبا حفص عمر بن سليمان الشرابي في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وحدث عنهم، وعن المنقري، روى عنه أبو المعمّر المسدّد بن علي الأملوكي الحمصي.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن عبد الله، قاضي اليمن، ومكرم بن محمد بن حمزة بن أبي الصقر القرشي، أبو الفضل، بحلب، وأبو عبد الله محمد ابن غسان بن غافل الأنصاري بدمشق قالوا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن جعفر الحرستاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو المعمر المسدد بن علي الأملوكي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم الحلبي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي قال:
أخبرنا الفضل بن العباس بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال:
حدثنا أبو معاوية عن اسماعيل بن مسلم عن حميد بن هلال عن أبي قتادة العدوي قال: أذّن بلال بليل فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصعد فينادي: إنّ العبد نام، قال: فصعد بلال وهو يقول: ليت بلالا لم تلده أمه، وابتل من نضج دم جبينه، فصعد فنادى: إنّ العبد نام، فلما طلع الفجر أعاد الأذان.
حدث أبو بكر أحمد بن عبد الكريم بحمص (232 و) في محرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة، فقد توفي بعد ذلك.
أحمد بن عبد الكريم الانطاكي:
روى عن ابن قتيبة، روى عنه أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني.
أحمد بن عبد اللطيف المعري:
شاعر كان بمعرة النعمان، ظفرت له بقطعة يرثى بها أبا صالح محمد بن
المهذب، وأخشى أن يكون هو أحمد بن علي بن محمد بن عبد اللطيف بن زريق الآتي ذكره، وقد أسقط ذكر أبيه وحده، ونسبة إلى جده الأعلى، فإن بني زريق يعرفون ببني عبد اللطيف، فإن كان هو وإلاّ فهذا غيره، والأبيات مذكورة في مراثي بني المهذب، ووفاة أبي صالح كانت في سنة خمس وستين وأربعمائة، وهي:
أبني المهذّب وجدكم وجدي به
…
ومصابكم هذا الجليل مصابي
بي ما بكم من لوعة لفراقه
…
ولو استزدت لكنت غير محاب
يا وحشة الدنيا ووحشة أهلها
…
لفراق هذا الصّالح الأوّاب
ماذا أعدّد من جميل جلاله
…
ويسيرها يربي على إطنابي
أنا إن غدوت مقصّرا أو مقصرا
…
فلما بقلبي منه من أوصاب
أبني علي بن المهذب أصبحت
…
موصولة بحبالكم أسبابي
فبما تأكّد من صفاء ودادنا
…
ووشائج الأسباب والأنساب
كونوا لعذري باسطين فإنّه
…
قصر الغرام إطالة الإسهاب
أحمد بن عبد المجيد بن اسماعيل بن محمد القيسي الحنفي:
قاضي ملطيّة، فقيه مذكور، أخذ الفقه عن والده أبي سعد عبد المجيد الحنفي، قاضي بلاد الروم، وسنذكر أباه إن شاء الله تعالى في بابه.
ذكر من اسم أبيه عبد الملك من الاحمدين
أحمد بن عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس:
أبو العباس بن أبي عبد الرحمن الهاشمي، كان بمنبج مع أبيه، وله ذكر في بني صالح.
قرأت في كتاب نسب بني صالح بن علي بخط القاضي أبي طاهر الحلبي الهاشمي قال: وكان أحمد بن عبد الملك عالما بالطب والفلسفة، قد قرأ الكتب
وطلبها، ولقي أهل المعرفة بهذا الفن وأخذ عنهم فكان يعد العلاجات والأدوية والأشربة التي لا توجد عنه أحد إلاّ عنده ويعطيها في السبيل.
أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر المؤذن الحافظ:
أبو صالح النيسابوري، سمع بمنبج أبا علي الحسن بن الأشعث المنبجي، وبدمشق أبا القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز، وأبا عبد الله الحسين بن محمد ابن أحمد الحلبيين، ومسدد بن علي الأملوكي، ورشاء بن نظيف بن ما شاء الله، وبالموصل أبا الفرج محمد بن إدريس بن محمد وأخاه هبة الله بن إدريس، وبجرجان أبا القاسم حمزة بن يوسف السّهمي، وبأصبهان أبا نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، وعبد الله بن يوسف بن باموية الأصبهانيين، وأبا بكر بن أبي علي، وبهمذان أبا طالب علي بن الحسين الحسني، وببغداد أبا القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، وأبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، وسمع أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، وأبا نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري، وأبا الحسين محمد بن الحسين الحسيني العلوي، وأبا طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، وأبا زكريا يحيى ابن إبراهيم المزكى، وأبا بكر محمد بن زهير بن أخطل النسوي، وأبا سعيد محمد ابن موسى الصيرفي، وأبا سعد عبد الرحمن بن حمدان بن محمد الشاهد، وأبا عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، وأبا الحسن علي بن محمد بن السقا، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وأبا بكر محمد بن الحسن بن فورك وجماعة غيرهم.
روى عنه ابنه أبو سعد اسماعيل بن أحمد، وأبو بكر الخطيب البغدادي، وأبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وأبو القاسم زاهر، وأبو بكر وجيه ابنا طاهر بن محمد الشحاميان، وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن وابن أخيه أبو الاسعد هبة الرحمن بن أبي سعيد القشيريان، وأبو سعيد اسماعيل
بن أبي القاسم الفوسنجي، وأبو علي الحسن ابن عمر بن أبي بكر الطوسي البياع وأبو القاسم عبد الكريم بن الحسين بن أحمد الصفار البسطامي، وأبو الحسن طريف بن محمد بن عبد العزيز الحيري، وعبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وأبو الوفاء علي بن زيد بن شهريار، ومر بحلب مجتازا (233 - ظ).
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي-وهذا أول حديث سمعناه منه في مشيخته-قال: أخبرنا أبو محمد عبد الواحد بن عبد الماجد ابن عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن القشيري-وهذا أول حديث سمعناه منه بجامع حلب في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر الله الاصم رجب من سنة ست وخمسين وخمسمائة-قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي-وهذا أول حديث سمعته منه بقراءتي عليه، وأول حديث كتبته عنه-ح.
وحدثنا عمر بن بدر بن سعيد الموصلي من لفظه وحفظه-وهو أول حديث سمعته منه قال: حدثنا أبو الغنائم شيرويه بن شهردار بن شيرويه الكيا الديلمي- وهو أول حديث سمعته من لفظه وحفظه بهمذان-قال: حدثنا أبو القاسم زاهر ابن طاهر بن محمد الشحامي-وهو أول حديث سمعته من لفظه وحفظه، قدم علينا همذان-ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن عبد الغالب العثماني الاموي من لفظه وحفظه-وهو أول حديث سمعناه منه-قال: أخبرنا أبو مسلم هشام بن عبد الرحيم بن الاخوة البغدادي-وهو أول حديث سمعته منه-قال: حدثنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي-وهو أول حديث سمعته منه بأصبهان-ح.
وحدثنا ابراهيم بن محمد بن الازهر الصريفيني-وهذا أول حديث سمعته (234 - و) من لفظه-قال: حدثنا أبو الفتوح محمد بن الجنيد الاصبهاني من لفظه بأصبهان-وهذا أول حديث سمعته منه-ح.
وأنبأنا به أبو الفتوح الاصبهاني-وهذا أول حديث كتبناه عن كتابه-قال:
حدثنا زاهر بن طاهر بن محمد-وهذا أول حديث سمعته منه من حفظه من لفظه قال: حدثنا الشيخ أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي المؤذن-وهذا أول حديث سمعته منه-قال: حدثنا الامام أبو طاهر محمد بن محمد بن محمد بن محمش الزيادي-وهذا أول حديث سمعته منه في شهر ربيع الاول من سنة سبع وأربعمائة-قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز- وهذا أول حديث سمعته منه-قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي وهو أول حديث سمعته منه-قال: حدثنا سفيان بن عيينة-وهو أول حديث سمعته منه-عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء»
(1)
.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن أبي الفضائل هبة الله بن سلامة بن المسلم بن أحمد بن علي اللخمي المصري الخطيب الفقيه المعروف بابن الجميزي بحلب قال:
أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسن (234 - ظ) ظريف بن محمد بن عبد العزيز النيسابوري ببغداد، وأبو الوفاء علي ابن زيد بن شهريار الزعفراني بأصبهان قالا: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك ابن علي المؤذن بنيسابور قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي دينار عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو أن
(1)
-انظره في كنز العمال:3/ 5969.
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء» .
قال عبد الرحمن: هذا أول حديث سمعته من سفيان، قال أبو حامد: هذا أول حديث سمعته من عبد الرحمن، قال أبو طاهر: هذا أول حديث سمعته من أبي حامد، قال أبو صالح: هذا أول حديث سمعته من أبي طاهر، قال ظريف وعلي: هذا أول حديث سمعناه من أبي صالح، قال الحافظ أبو طاهر: وهذا أول حديث سمعته من ظريف ببغداد، ومن علي قبله بأصبهان، قال شيخنا أبو الحسن: وهذا أول حديث سمعناه من الحافظ السلفي، قلت: وهذا أول حديث سمعناه من أبي الحسن بن الجميزي.
أخبرنا الشريف أبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد بن عمروك البكري الصوفي-قراءة عليه بدمشق غير مرة-قال: أخبرنا (235 - و) أبو الاسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد ابن عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: أخبرنا الشيخ أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن سنة تسع وستين وأربعمائة قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة قال: أخبرنا أبو علي الحسين ابن داوود البلخي-املاء-قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا حميد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دخل سوقا من أسواق المسلمين فقال: لا اله الا الله وحده، كتب الله له ألف ألف حسنة ومحي عنه ألف ألف سيئة، وبنى له قصرا في الجنة»
(1)
.
أخبرنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي-في كتابه الينا من نيسابور-قال:
أخبرنا أبو الاسعد هبة الرحمن بن عبد الرحمن القشيري قال: أخبرنا أبو صالح
(1)
-انظره في كنز العمال:9443،4/ 9327.
أحمد بن عبد الملك المؤذن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن الاشعث المنبجي-بها- قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عبد الله الحمصي قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز ابن مروان الحلبي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: اذا قال لك الرجل: لم أذكر حاجتك فاعلم أنه لم يعنى بها (235 - ظ).
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا عبد الكريم ابن أبي بكر-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أنشدنا خره شير بن محمد بن عبد العزيز السهروردي قال: أنشدنا عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي املاء بنيسابور قال: أنشدنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك الحافظ قال: أنشدنا الشريف أبو الحسن عمران بن موسى المغربي لنفسه:
جزيت وفائي منك غدرا وخنتني
…
كذاك بدور التم شيمتها الغدر
وحاولت عند البدر والشمس سلوة
…
فلم يسلني يا بدر شمس ولا بدر
وفي الصدر مني لوعة لو تصورت
…
بصورة شخص ضاق عن حملها الصدر
أمنت اقتدار البين من بعد بينكم
…
فما لفراق بعد فرقتكم قدر
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-اجازة-قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن صرما عن أبي بكر الخطيب البغدادي قال: أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر، أبو صالح المؤذن النيسابوري، قدم علينا حاجا وهو شاب في حياة أبي القاسم بن بشران ثم عاد الى نيسابور، وقدم علينا مرة ثانية في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، فكتب عني في ذلك الوقت وكتبت عنه في المقدمتين جميعا، وكان يروي عن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأسفراييني، ومحمد بن الحسين العلوي الحسني، وأبي طاهر الزيادي، وعبد الله بن يوسف بن بامويه (236 - و) الاصبهاني، وأبي عبد الرحمن السلمي، ومن بعدهم.
وقال لي: أول سماعي في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وكنت اذ ذاك قد حفظت القرآن، ولي نحو من تسع سنين، وكان ثقة
(1)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي-قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني-اجازة ان لم يكن سماعا قال: أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر المؤذن، أبو صالح، من أهل نيسابور، الامين المتقن الثقة المحدث، الصوفي، نسيج وحده في طريقته وجمعه وافادته، وكان عليه الاعتماد في الودائع من كتب الحديث المجموعة في الخزائن الموروثة عن المشايخ، والموقوفة على أصحاب الحديث، وكان يصونها ويتعهد حفظها، ويتولى أوقاف المحدثين من الخبز والكاغد، وغير ذلك، ويقوم بتفرقتها عليهم، وايصالها اليهم، وكان يؤذن على منارة المدرسة البيهقية سنين احتسابا، ووعظ المسلمين وذكرهم الاذكار في الليالي، وكان في أكثر الاوقات قبل الصبح اذا صعد يكرر هذه الآية ويقول:«أليس الصبح بقريب»
(2)
وكان يأخذ صدقات الرؤساء والتجار ويوصلها الى المستحقين والمستورين من ذوي الحاجات والارامل واليتامى، ويقيم مجالس الحديث، وتقرأ عليه، وكان اذا فرغ يجمع ويصنف ويقيد، وكان (236 - ظ) حافظا ثقة، دينا خيرا، كثير السماع، واسع الرواية، جمع بين الحفظ والافادة والرحلة، وكتب الكثير بخطه.
سمع أبا نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري، وأبا الحسين محمد بن الحسين الحسني العلوي، وأبا محمد عبد الله بن يوسف بن بامويه الأصبهاني، وأبا طاهر محمد بن محمد محمش الزيادي، وأبا بكر أحمد بن الحسن الحيري، وأبا سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وأبا عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، وأبا زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، وأبا بكر محمد بن الحسن بن فورك، وأبا عبد الله
(1)
- تاريخ بغداد:4/ 267 - 268.
(2)
- سورة هود-الآية:81.
محمد بن عبد الله الحافظ البيّع، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وبجرجان أبا القاسم حمزة بن يوسف السهمي، وبأصبهان أبا نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، وأبا القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ، وجماعة كثيرة من مشايخ جرجان، والريّ، والعراق، والحجاز، والشام، كما تنطق به تصانيفه، وما تفرغ الى عقد الإملاء لكثرة ما هو بصدده من الاشتغال والقراءة عليه.
روى لنا عنه: أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي، وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري، وأبو سعيد إسماعيل بن أبي القاسم الفوسنجي، وأبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي، وأبو علي الحسن بن عمر بن محمد الطوسي، وجماعة سواهم (237 - و).
صنف التصانيف، وجمع الفوائد، وعمل التواريخ منها التاريخ لبلدنا مرو، ومسودته عندنا بخطه، وصحب جماعة من الشايخ الكبار مثل: أحمد بن نصر الطالقاني، وأبي الحسن الجرجاني، وأبي علي الدقاق، وأبي سعيد بن أبي الحسن، وأبي القاسم القشيري، وغيرهم من مشايخ العراق والشام، وكان حسن السيرة، مليح المعاشرة، حسن النقل والضبط.
وقال: كان مولد أبي صالح المؤذن في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ الدمشقي قال: أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر، أبو صالح المؤذن الحافظ، سمع بدمشق أبا القاسم بن الطبيز، وأبا عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي ومسدّد بن علي الأملوكي، ورشاء بن نظيف، وبخراسان أبا نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري، وأبا محمد عبد الله بن يوسف بن بامويه، وأبا طاهر محمد بن محمش، وأبا زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، وأبا بكر محمد بن زهير بن أخطل النسوي، وأبا عبد الرحمن
السلمي، وأبا سعيد الصيرفي، وأبا الحسن علي بن محمد بن السقاء، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وأبا القاسم بن بشران ببغداد، وغيرهم.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وحدثنا عنه ابنه أبو سعد (237 - ظ) إسماعيل ابن أبي صالح، وأبو القاسم زاهر، وأبو بكر وجيه ابنا طاهر بن محمد الشحاميان وأبو علي الحسن بن عمر بن أبي بكر الطوسي البياع، وأبو القاسم عبد الكريم بن الحسن بن أحمد الصفار البسطامي، وكان ثقة خيارا.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: وفيما كتب إليّ أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر يخبرني قال:
أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد، الشيخ الحافظ أبو صالح المؤذن الأمين المتقن المحدث الصوفي، نسيج وحده في طريقته وجمعه وافادته، وما رأينا مثله، حفظ القرآن، وجمع الأحاديث، وسمع الكثير وصنف الأبواب والمشايخ وسعى في الخيرات، وصحب مشايخ الصوفية، وأذّن سنين حسبة، ولو ذهبت إلى شرح ما رأيته منه من هذه الأخبار لسودت أوراقا جمّة، ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، وتوفي يوم الاثنين التاسع من شهر رمضان سنة سبعين وأربعمائة
(1)
.
وذكره أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو بن مندة في تاريخ أصبهان وقال: أبو صالح المؤذن قدم أصبهان وسمع من أبي نعيم، وأبي بكر بن أبي علي ومن في وقتهما حافظ للحديث، رحل وكتب الكثير وسمع.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل عن أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال:
سمعت أبا القاسم زاهر بن طاهر الشحامي بنيسابور (238 - و) يقول: خرج أبو صالح المؤذن ألف حديث من ألف شيخ له.
وأخبرنا أبو هاشم عن أبي سعد السمعاني قال: قرأت بخط أبي جعفر محمد بن
(1)
-مختصر تاريخ دمشق:3/ 158 - 159.
أبي علي الحافظ بهمذان: سمعت الشيخ الزكي أبا بكر بن أبي اسحاق المزكي يقول:
ما يقدر أحد يكذب في الحديث في هذه البلدة-يعني نيسابور-وأبو صالح المؤذن حيّ، لأنه كان يذب الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وقرأت بخط أبي جعفر أيضا: سمعت الشيخ الإمام أبا المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني المروزي يقول: إذا دخلتم على أبي صالح المؤذن فادخلوا بالحرمة يغفر لكم بغير مهلة، فإنه نجم الزمان وشيخ وقته في هذا الأوان.
قال: وقرأت بخطه أيضا: سمعت الشيخ الصالح أبا الحسن بن أحمد الكوار البسطامي يقول: سألت الله أن أرى أبا صالح المؤذن في المنام، فرأيته ليلة على هيئة صالحة، فقلت له: أبا صالح أخبرني عن ما عندكم، فقال: يا حسن كنت من الهالكين لولا كثرة صلاتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال
(1)
: أين أنتم عن الرؤية واللقاء؟ فقال: هيهات قد رضينا منه بدون ذلك، فانتبهت ووقع علي البكاء.
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد-إجازة إن لم يكن سماعا-قال:
قرأت بخط والدي رحمه الله: سمعت أسعد بن حيان النسوي يحكي عن أبي صالح المؤذن أنه دخل (238 ظ) على أحمد بن نصر الشبوي مع شاهفور، فقال الشيخ لفقير: خذ سلاحك، فأمر لشاهفور بسؤاله عن السلاح، فقال: هو الوضوء، ثم سأله عن الحديث، وأراد أن يقرأ عليه كتاب البخاري عن الشبوي فقال: ذكر في أوله الاعمال بالنية، وأنا ما سمعت هذا الكتاب لأحدث سمعته لأعمل به.
أخبرنا زين الأمناء الحسن بن محمد بن الحسن-إذنا-قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: سألت أبا سعد بن أبي صالح عن وفاة والده فقال: في سنة سبعين وأربعمائة، قيل: في أي شهر؟ فقال: في شهر رمضان، وذلك
(1)
-كذا بالاصل، والاصح: فقلت.
أنه كان قد سأل الله بمكة أن لا يقبضه إلا في شهر رمضان، فكان إذا دخل شهر رجب تفرغ للعبادة الى أن يخرج شهر رمضان.
وقال الحافظ أبو القاسم: كتب إلي أبو نصر إبراهيم بن الفضل بن إبراهيم البار قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي قال: سنة سبعين وأربعمائة ورد الخبر بوفاة أبي صالح المؤذن الحافظ في رمضان، وكان مولده سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة
(1)
.
أخبرنا أبو هاشم الحلبي عن أبي سعد السمعاني قال: قرأت بخط أبي جعفر محمد بن أبي علي الحافظ بهمذان: توفي الإمام الحافظ أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن يوم الاثنين بالباكر لتسع خلون من شهر رمضان سنة سبعين وأربعمائة، وقد بلغ خمسا وثمانين سنة (239 و) من عمره رآه بعض الصالحين في تلك الليلة في النوم كأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ بيده وقال له:«جزاك الله خيرا فنعم ما أقمت بحقي ونعم ما أديت من من قولي ونشرت من سنني» .
من اسم أبيه عبد الواحد من الأحمدين
أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل بن منصور:
أبو العباس المقدسي، ويعرف بالبخاري الحنبلي، فقيه فاضل رحل رحلة واسعة الى العراق، وخراسان، وما وراء النهر، ولحق الرضي النيسابوري وعلق عليه الخلاف ومهر فيه، وبرز على أقرانه، وعرف بالبخاري لطول مقامه ببخارى، وسمع الحديث الكثير بدمشق، وبالبلاد التي رحل إليها، روى لنا عنه أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي، وأبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله المعروف بالرشيد العطار، واجتاز في طريقه بحلب.
(1)
-مختصر تاريخ دمشق:3/ 159.
ذكر لي ذلك شيخنا عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي وقال إن أصحابنا المقادسة الذين رحلوا دخلوا كلهم حلب، وكان قد تصدر بحمص لإفادة علم الحديث والفقه، ورتب له الملك المجاهد شيركوه صاحبها بها معلوما، وحدث بها وبغيرها من البلاد، وروى عنه أخوه الحافظ ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد ابن أحمد، وذكر له ترجمة في جزء جمع فيه أخبار المقادسة ودخولهم الى دمشق وقع إلي بخطه فنقلت ما ذكره على قضه نقلا من خطه، وقد أجاز لي رواية ذلك مع غيره.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد وقال-ونقلته من خطه-: أحمد (239 ظ) بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل بن منصور، أبو العباس أخي، يعرف بالبخاري، وهو ممن يشتغل بالعلم من صغره الى كبره، وبرز على أقرانه، ودخل خراسان، وغزنه
(1)
، وما وراء النهر، وأقام مدة ببخارى، ولحق الرضي النيسابوري، وعلق عليه الخلاف، وكان قبل ذلك قد اشتغل ببغداد على أبي الفتح بن المني رحمه الله، وسمع الحديث الكثير بدمشق، وبغداد، وواسط، وهمذان، ونيسابور، وهراة، وبخارى، فسمع بدمشق أبا المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر، وأبا الفهم عبد الرحمن بن عبد العزيز الأزدي المعروف بابن أبي العجائز، وأبا المجد الفضل بن الحسين بن البانياسي، وأبا طالب الخضر بن هبة الله بن طاوس، وعبد الرزاق النجار، ومحمد بن علي البحراني، وغيرهم، وببغداد سمع أبا الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهير، وأبا السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وغيرهم، وبنيسابور أبا البركات عبد المنعم الفراوي، وخلقا كثيرا يطول ذكرهم، وأقام في سفره نحوا من أربع عشرة سنة، ورجع الى وطنه، ووجد أصحابنا به راحة عظيمة من قضاء حوائجهم عند السلاطين والحكام والولاة، مع عفة ودين وأمانة، وقل من رآه وعرفه إلا أحبه من قريب أو بعيد حتى أني سمعت من بعض من يخالفنا أنه قال (240 و) لشخص: لم لا تكون مثل البخاري الذي يدخل حبه على القلب بغير استئذان.
(1)
-عاصمة الدولة الغزنوية هي من مدن أفغانستان حاليا.
ومولده في سنة أربع وستين وخمسمائة في الشوال في العشر الآخر منه، ذكره لي والدي.
أخبرنا أبو المحامد اسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي قال: أخبرنا الفقيه الإمام شمس الدين أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي قراءة عليه بدمشق قال: أخبرنا الشيخ أبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله الفراوي؛ قال القوصي: وأجازه لي عبد المنعم، ح.
وأخبرناه عاليا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي الدمشقي بالمسجد الحرام تجاه الكعبة شرفها الله، والإمام عبد المحسن بن أبي العميد بن خالد أبو طالب الأبهري الخفيفي بمسجد الخيف من منى، وأبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبي بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وأبو البركات محمد بن الحسين بن عبد الله الأنصاري بحماه وبحلب قالوا: أخبرنا أبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو الحسن ظريف بن محمد بن عبد العزيز الحيري، وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم، وأبو محمد عبد الرحمن بن محمد الحيزباراني قالوا: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو عمرو اسماعيل ابن نجيد بن أحمد السلمي قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله البصري قال: (240 ظ) حدثنا أبو عاصم عن أيمن بن نابل عن قدامة بن عبد الله قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم جمرة العقبة لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك، وكانوا يمشون أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو الحسين يحيى بن علي الحافظ بمصر قال: أخبرنا أبو العباس أحمد ابن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل بن منصور المقدسي ثم الدمشقي الفقيه قال: أخبرنا أبو الفتح عبيد الله بن عبيد الله بن شاتيل الدباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن المظفر بن سوسن التمار قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: حدثنا أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح البزاز من لفظه
قال: حدثنا محمد بن الفرج الأزرق قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا حنظلة عن سالم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا
(1)
.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد-ونقلته من خطه-قال: سمعت والدتي تقول: لما حملت بأخيك أحمد رأيت كأن لنا كبشا له قرون، فأرسلت فأولته، فقيل: يولد لهم ولد يكون يدفع عنهم الخصوم، ولعمري إنه لكذلك، فإنه كان يمضي الى المخالفين ويناظرهم ويظهر كلامه على كلامهم، ويدخل على القضاة، وإن كان لأحد حاجة أو حكومة هو يتولى ذلك حتى أنه أثبت كتبا عند الحاكم لم يكن غيره يقدر على اثباتها.
قال أبو عبد الله-ونقلته من خطه-: سمعت والدتي تقول: رأى أبوك قبل أن يولد أخوك أنه يبول في المسجد، قالت: فسألت عن تأويله، فقيل: يولد لك مولود يكون عالما، أو ما هذا معناه.
وقال-ونقلته من خطه-: سمعت والدتي تقول: قال العز-يعني أبا الفتح محمد بن الحافظ عبد الغني-: كل من جاء منا ترك الاشتغال بالعلم غير فلان- يعني أخي-فإنه بعد مجيئه لم يترك الاشتغال بالعلم.
قال: وسمعت أخي أبا العباس يقول، وقد جاء من الغزاة، وكان غزا يافا فوقعت في فخذة نشابة جرخ
(2)
، قال: لما وقعت في كنت أشتهي لو وقعت في هذا الموضع حتى تحصل لي الشهادة (241 و) أي تقع في مقتل.
وقال: سمعت بعض أهلي يحكي أن جماعة من أصحابنا مضوا الى زيارة امرأة صالحة متعبدة، وكان فيهم أخي، فقالت: في هذه الجماعة ثلاثة من الأبدال، فسمت أخي أحمد أحدهم.
(1)
-انظره في كنز العمال:3/ 8923.
(2)
-من أنواع النشاب في الحروب الصليبية، غالبا ما استخدمت من قبل الفرنجة.
قال: وسمعت أبا العباس أحمد بن سعيد يقول: سمعت في النوم قائلا يقول:
ثلاثة من أهل الجنة، فسمى-يعني-أخي أحد الثلاثة.
وسعت أحمد يقول: لما وضعت جنازته-يعني أخي-غفوت والإمام يخطب، وكأن قائلا يقول: لو كانوا وضعوا على جنازته إزارا ثم وضعوا الإزار على الناس ليحصل لهم من بركته، أو ما هذا معناه.
قال: وتوفي رحمة الله عليه ليلة الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين وستمائة بالجبل
(1)
، ودفن بجنب قبر خاله الإمام موفق الدين رحمه الله.
وسمعت اختي قالتا: هلل الله قبل موته وأضاء وجهه وأسفر جدا، قالت أم محمد: وكان يهلل تهليلا فصيحا.
وقال: سمعت الحافظ أبا موسى عبد الله بن الحافظ عبد الغني يقول: لما مات كافور الخادم المنتمي الى ست الشام، رأيته تلك الليلة في المنام وهو في هيئة حسنة وعليه لباس حسن، فوقفت معه ساعة يحدثني، ثم عرفت أنه مات، فقلت: هل لقيت أصحابنا؟ فقال: نعم، فقلت: فمن فيهم أفضل، فقال: ما أعطي أحد مثل ما أعطي الشمس البخاري (241 ظ) أو قال: ليس أحد مثل منزلة الشمس البخاري.
أخبرنا الحافظ رشيد الدين يحيى بن علي في معجمه قال: الشيخ أبو العباس هذا-يعني البخاري-من أهل دمشق، فقيه فاضل من فقهاء الحنابلة، ويعرف بالشمس، البخاري، وأصلهم من البيت المقدس أو من أعماله.
حدث عن جماعة من شيوخ الشام والعراق، وكان مولده في العشر الآخر من شوال سنة أربع وستين وخمسمائة، وتوفي ليلة الجمعة الخامس عشر من جمادى
(1)
-أي جبل صالحيه دمشق. انظر القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لابن طولون-ط. دمشق 299:1949 - 300.
الآخرة سنة ثلاث وعشرين وستمائة. كتب إليّ مولده ووفاته أخوه الحافظ أبو عبد الله.
وذكر الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري في كتاب التكملة
(1)
أنه ولي القضاء بحمص، وليس كذلك، وإنما ولي التحديث بحمص في أيام الملك المجاهد شيركوه بن محمد، أحضره إليها للتحديث، فظن الناقل أنه ولي القضاء، وكان قاضي حمص صالح بن أبي الشبل، قبل وصول البخاري إلى حمص، واستمر في قضائها الى بعد وفاة البخاري ووفاة شيركوه.
أحمد بن عبد الواحد بن هاشم بن علي، أبو الحسين المعدل الاسدي الحلبي:
والد الخطيب أبي طاهر هاشم بن أحمد، سمع أبا محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن يحيى بن سنان الخفاجي الحلبي، وأخاه سعيد بن عبد الواحد بن هاشم، وأبا يعلى عبد الباقي، وأبا سعد عبد الغالب ابني عبد الله أبي حصين بن المحسن التنوخيين، وأبا الحسن علي بن مقلد بن منقد سديد الملك، وكان أمينا فاضلا، وتصرف في الديوان في الغربيات من عمل حلب؛ روى عنه ابنه الخطيب أبو طاهر هاشم بن أحمد خطيب حلب.
أنشدنا الخطيب أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم قال: أنشدنا أبي الخطيب أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد قال:
أنشدني أبي أبو الحسين أحمد بن عبد الواحد بن هاشم قال: أنشدنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد الخفاجي الحلبي لنفسه.
أرأيت من داء الصبابة عائدا
…
ووجدت في شكوى الغرام مساعدا
أم كنت تذكر بالوفاء عصابة
…
حتى بلوتهم فلم تر واحدا
تركوك والليل الطويل وعندهم
…
سحر يرد لك الرقاد الشاردا
وكأنما كانت عهودك فيهم
…
دمنا حبسن على البلى ومعاهدا
(1)
-لم يصلنا الجزء الحاوي لذكر وفاته من التكملة.
يا صاحبي ومتى نشدت محافظا
…
في الودّ لم أزل المعني الناشدا (242 و)
أعددت بعدك للملامة وقرة
…
وذخرت عندك بالصبابة شاهدا
ورجوت فيك على النوائب شدّة
…
فلقيت منك نوائبا وشدائدا
أما الخيال فما نكرت صدوده
…
عني وهل يصل الخيال الساهدا
سار تيمم جوشنا من حاجر
…
مرمى كما حكم النوى متباعدا
كيف اهتديت له ودون مناله
…
خرق تجور به الرياح قواصدا
ما قصّرت بك في الزيادة نية
…
لو كنت تطرق فيه جفنا راقدا
عجبت لاخفاق الرجاء وما درت
…
أني ضربت به حديدا باردا
ما كان يمطره الجهام سحائبا
…
تروى ولا يجد السراب مواردا
وإذا بعثت الى السباخ برائد
…
يبغي الرياض فقد ظلمت الرائدا
(1)
كتب إلينا عبد الوهاب بن علي الأمين أن الخطيب أبا طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد أنشدهم قال: أنشدنا والدي قال: أنشدني أبو الحسن علي بن مقلد ابن منقذ لنفسه:
أحبابنا لو لقيتم في مقامكم
…
من الصبابة ما لاقيت في ظعني
لأصبح البحر من أنفاسكم يبسا
…
كالبرّ من أدمعي ينشق بالسفن
أنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أنشدنا أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد الأسدي إملاء من حفظه بحلب، وأنبأنا صقر بن يحيى بن صقر عن الخطيب هاشم قال: أنشدني والدي من لفظه قال: أنشدني القاضي أبو يعلى ابن أبي حصين لنفسه:
بانوا فجفن المستهام قريح
…
يخفي الصبابة تارة ويبوح
(1)
-سبق أن ذكرت أن المكتبة الظاهرية كانت تحتوي على نسخه من ديوان ابن سنان لكنها مفقودة الان.
من طرفه وصلت جراحة قلبه
…
وإليه فاض نجيعه المسفوح
لم يبق بعدهم له من جسمه
…
شي فواعجباه أين الروح
أحمد بن عبد الواحد المدروز العجمي:
شيخ كبير صالح، ورد حلب (242 ظ) وأقام بها بمسجد السيدة علويه بنت وثاب بن جعبر النميريه والدة محمود بن نصر بن صالح بن مرداس، بالقرب من تحت القلعة
(1)
، وانضم إليه في المسجد جماعة من الفقراء الصالحين، وكان يخدمهم بنفسه ويدروز
(2)
لهم في زنبيل كبير كان معه، ويمد لهم من ذلك سفرة في كل يوم، ولما شاخ واحدودب وضعف عن حمل الزنبيل، كان يأخذ معه فقيرا من الفقراء يحمل الزنبيل معه، وكان يعرف بأحمد الزنبيل لذلك.
وكان حسن الأخلاق معروفا بالخير والصلاح، صحب روزبهار وقضيب البان بالموصل وشاهدته وأنا صبي وقد انحنى واحدودب، وقد حضر سماعا مع الفقراء، وطاب فانتصب قائما تام القامة، وكانت هذه عادته إذا طاب في السماع، وكان يحكى عن قضيب البان كرامات.
وأخبرني تاج الدين أحمد بن هبة الله بن أمين الدولة قال: سمعت الشيخ أحمد بن عبد الواحد المدروز يقول: إن سبب اشتغالي بالدروزة أنني كنت قد حججت وزرت النبي صلى الله عليه وسلم، فبقيت بالمدينة ثلاثة أيام لا أطعم طعاما، فجئت الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجلست عنده وقلت: يا رسول الله أكون ضيفك ولي ثلاثة أيام لم أطعم طعاما، قال: فهومت وانتبهت وفي يدي درهم كبير، فخرجت واشتريت به شيئا أكلته، وشيئا للبسي، ثم اشتغلت بعد ذلك بالدروزة.
(1)
-يبدو أن هذا المسجد قد اندثر لذلك لم يرد ذكره في الاعلاق الخطيرة ولا في الدراسات حول آثار حلب، وكان محمود بن نصر من أشهر أمراء الاسرة المرداسية كما أن أمة تمتعت بمكانة رفيعة وشغلت دورا كبيرا في تاريخ بني مرداس. انظر كتابي (بالانكليزية) امارة حلب:165،158 - 178.
(2)
-أي يقدم لهم المأكولات الطيبة. القاموس والمعرب للجواليقى ولسان العرب
قلت: وكان الملك الظاهر رحمه الله (243 و) وأمراؤه يحترمونه ويكرمونه، وتوفي رحمه الله بحلب بمسجد السيدة
(1)
في ثامن شوال من سنة سبع عشرة وستمائة، وكان قد ناهز مائة سنة، وصلي عليه بالمسجد الجامع، ودفن بمقام إبراهيم، ومروا بجنازته على باب داري وصعدت الى غرفة في الدار مشرفة على الطريق، فوجدت زوجتي فيها نائمة، فنبهتها وقلت: اجلسي وانظري جنازة الشيخ أحمد المدروز، فانتبهت وقالت لي: الساعة رأيت في منامي جنازة تمر بين السماء والأرض، والميت مغطى بازار أبيض والهواء يهببه، وقد جاءوا بالجنازة الى مشهد الملك رضوان خارج حلب فأدخلوا الجنازة الى البستان الى جانبه، وهو البستان المعروف بالجنينة.
قلت: وتبع جنازته جمع عظيم، رحمة الله عليه.
أحمد بن عبد الواحد بن مراء:
أبو العباس الحوراني القاضي، الملقب بالتقي الشافعي فقيه فاضل، أديب زاهد، شاعر، قدم حلب وأقام بها مدة وتفقه بها على شيخنا الشريف قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وسمع منه الحديث ومن شيخنا الشريف أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي وغيرهما، وبرز في علم الفقه والأدب، ثم توجه من حلب الى سنجار وولي بها القضاء، ثم انتقل عنها الى بغداد وذكر بها مسألة فولي الإعادة بالمدرسة المستنصرية من جهة الشافعية وسمع بها الحديث من ابن الخازن وغيره، ثم تزهد وانقطع عن الدنيا وجاور بمكة وبالمدينة.
وحدث بمكة وبسنجار عن أبي هاشم (243 ظ) عبد المطلب الهاشمي بشمائل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عيسى الترمذي، وبمسند الإمام الشافعي رضي الله عنه عن ابن الخازن النيسابوري وعن غيرهما، وكان لي به اجتماع بحلب، وكان
(1)
-كان لقب علوية أم محمود بن نصر «السيدة» .
يسمع معنا الحديث، ثم قدم الديار المصرية من المدينة-على ساكنها الصلاة والسلام في ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين وستمائة رسولا من صاحبها الى قطز المعزي، بعد أن استولى على مصر، وامتدت يده في الظلم، وقبض أوقاف المدينة بالديار المصرية، فوجده قد قتل وتولى قاتله الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، فاجتمع به، وقضى شغله وأطلق الوقف، وكنت إذ ذاك بمصر، فحضر إلي وعلقت عنه فوائد وشيئا من شعره، وسألته عن مولده، فقال: عمري الآن سبعة وسبعون سنة، وكان سؤالي إياه في رابع وعشرين من ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين وستمائة.
وأخبرني في ذلك اليوم قال: أخبرني هارون بن الشيخ عمر عن بعض الصلحاء المجاورين بمكة شرفها الله من أهل اليمن أنه فيما يرى النائم كأنه قد نزل الى البيت المعظم ليطوف به على جاري العادة، فلم يجده، فقال: ذهب الإسلام، راح الدين، فقيل له: مه كيف تقول هذا؟! قال: أين البيت الذي كان يطوف المسلمون، فقيل له الساعة يجيء، قال: من يجيء به؟ قيل: أهل مصر، أو أصحاب مصر، قال:
متى يجيء؟ قال: لا تعجل الساعة يجيء فبينا هو كذلك إذ جاء البيت، وعاد في مكانه كهيئته الأولى لكنه لا كسوة عليه، فقال: أين كسوته؟ فقيل: الساعة تجئ فبينا هو كذلك إذ أفرغ على البيت المعظم الكريم (244 و) كسوة بيضاء وانتبه.
قلت: فقدر الله تعالى أن التتار استولوا على الشام في سنة ثمان وخمسين، وخرج عسكر مصر ومن التجى إليهم من عسكر الشام مع قطز، والتقوا بعسكر التتار على عين جالوت فكسروا التتار ومضوا الى الشام جميعه فاستولوا عليه، ونرجو من ألطاف الله أن الكسوة البيضاء تكون عمارة الشام وعود ما تشعث من مدنه وحصونه إن شاء الله تعالى.
وأخبرني أبو العباس الحوراني أن بعض الصالحين أخبره من فيه أنه رأى أنه فتح في السماء بابان، ونزل من أحدهما ملائكة خيالة على خيل، وسمع قائلا يقول:
هؤلاء ملائكة قد نزلوا من السماء لنصرة الاسلام، وقيل للباب الآخر هذا الباب الاخر باب رحمة له سنين لم يفتح، وقد فتح الآن لتنزل منه الرحمة على الناس.
أخبرني أبو العباس بن عبد الواحد قال: أخبرني شخص من كبار الصالحين يعرف بعمر بن الزغب أنه كان مجاورا بالمدينة المقدسة، وأنه خرج في بعض السنين في يوم عاشوراء الذي تجتمع الإمامية فيه لقراءة المصرع الى قبة العباس، فسأل شيئا في محبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كما جرت عادة السؤال، فقال له رجل شيخ من الحاضرين: اجلس حتى تفرغ، فلما فرغوا أخذه الى داره وسلط عبدين له عليه، فكتفاه وأوجعاه ضربا، ثم قطع لسانه، وقال: اخرج الى الذي طلبت لأجله ليرد عليك لسانك، فجاء وهو مقطوع اللسان تجاه الحجرة المقدسة يستغيث ويقول:
يا رسول الله تعلم ما قد جرى عليّ في محبة صاحبك، فإن كان صاحبك (244 ظ) على حق أحب أن يرجع الي لساني، فإن لم يرجع الى لساني وإلا شككت في ايماني، قال: فبينما هو في أثناء الليل إذ استيقظ فوجد لسانه في فيه كما كان قبل قطعه، ثم عاد في مثل ذلك اليوم في العام المقبل الى القبة المذكورة، وقام وقال: أريد في محبة أبي بكر الصديق دينارا مصريا، فقال له حدث من الحاضرين اقعد حتى تفرغ، فلما فرغوا أتى به ذلك الحدث الى تلك الدار التي قطع فيها لسانه فأدخله إليها وأجلسه في مكان مفروش وأحضر له طبق طعام وواكله واستزاده في الأكل حتى اكتفى، ثم رفع الطعام وفتح بيتا، وجعل الفتى يبكي، فقام عمر المذكور لينظر سبب بكائه، فرأى قردا مربوطا عنده وهو ينظر إليه ويبكي، فسأله عن ذلك، فازداد بكاؤه وارتفع نحيبه، ثم سكنه حتى سكن، وسأله عن ذلك القرد ما هو، فقال لي: إن حلفت لي أنك لا تحكي هذه الحكاية في المدينة المقدسة أخبرتك، فحلف له بما استحلفه أنه لا يخبر بها أحد في المدينة النبوية، فقال له: اعلم أنه أتانا شخص في العام الماضي وطلب شيئا في قبة العباس التي أتيت إلينا العام فيها، وسأل شيئا في محبة أبي بكر الصديق وكان والدي من فقهاء الإمامية وعلماء الشيعة ممن يرجع الى فتياه وقوله في
مذهبه، فسلط عليه عبدين له فكتفاه وأوجعاه ضربا، ثم قطع لسانه وأخرجه وقال:
اذهب الى الذي طلبت لأجله ليرد عليك لسانك، فلما كان في أثناء الليل صرخ أبي صرخة عظيمة فاستيقظنا لها فوجدناه قد مسخ (245 و) قردا، وهو هذا، فجددنا إسلامنا نحن، وتبرأنا من ذلك المذهب، وخطر لنا إظهار موته، فأظهرنا موته، وأخذنا خشبة نخل بالية تشبه الآدمي، ولففنا عليها خرقا ودفناه، وكنت أظهرت أني حلفت أنه لا يتولى غسله إلا أنا ووالدتي لئلا يطلع أحد على شيء من ذلك.
قال: فقال له الشيخ عمر فأنا أزيدك في الحكاية زيادة، وهو أني أنا الشخص الذي قطع لساني، وقد عاد كما كان، فأكب عليه يقبل رأسه ويديه ويتبرك به، وأعطاه دينارا وكساه ثوبا، وكان يتفقده مدة مقامه في المدينة النبوية على ساكنها السلام.
قال: وحكى لي هذه الحكاية بمنى أيام الموسم، وذكر ان اسم الممسوخ كان أحمد.
أنشدنا محمد بن أبي محمد بن الصفار السنجاري بها قال: أنشدني تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الواحد الحوراني المدرس الشافعي-ثم اجتمعت بأبي العباس أحمد فأنشدني-قال: أنشدني الشيخ موفق الدين أبو الثناء محمود بن أحمد الخجندي الفقيه الشافعي لنفسه بسنجار
وجالس للدروس يعمه في
…
مسلك تيه للأسد فرّاس
في جدر ألفت مساكنها
…
من غصب وال ومكس مكاس
ينهى عن الظلم في دراسته
…
وأكله من مظالم الناس
فقف عليه وسل ملاءمة
…
بين نقيضي ذا الذاكر الناسي
تقطعه في معرك الجدال وما
…
في طلل بالوقوف من باسي
أنشدني تقي الدين أبو العباس الحوراني بمصر لنفسه وقال لي: هذه الأبيات أنشدتها (245 ظ) ببغداد حين استذللت في المسأله ومدحت بها المستنصر:
له شرف الخلافة من قريش
…
ومجد من مساعيها العظام
له سرّ النبوة من معد
…
فهذا السر في هذا الإمام
فرأي بين من واقتداء
…
وعزم بين سر وانتقام
أنشدنا أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن مراء لنفسه قراءة عليه وأنا أسمع:
دعها تسير من العراق سريعا
…
فلعلها ترد الحجاز ربيعا
أضحت تحنّ الى العقيق صبابة
…
وتمد أعناقا لهن خضوعا
وردت على ماء العذيب فسرّها
…
ذاك الورود فنقطته دموعا
والله لولا حبّ من سكن الحمى
…
ما كان قلبي للغرام مطيعا
أحمد بن عبد الوارث بن خليفة القلعي:
سمع بحلب الفقيه أبا علي عالي بن إبراهيم بن اسماعيل الغزنوي الحنفي، وحدث عنه بدمشق في شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمسمائة فقد توفي بعد ذلك.