المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي (1)   ‌ ‌الحجاج بن هشام (*) : كان مع مسلمة - بغية الطلب فى تاريخ حلب - ت زكار - جـ ٥

[كمال الدين ابن العديم]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

(1)

‌الحجاج بن هشام

(*)

:

كان مع مسلمة بن عبد الملك غازيا ببلاد الروم، وحكى حكاية جرت لبعض أسراء الروم مستملحة:

وقع إلي ببغداد كتاب صنفه أحمد بن محمد بن اسحاق الزيات صاحب كتاب البلدان

(2)

ويشتمل على نوادر وغرائب وطرق وعجائب، فنقلت منه، وقال الحجاج ابن هشام: كنا مع مسلمة بن عبد الملك ببلاد الروم، فقفل منها، فنزل منزلا، ثم دعا بالأسارى فجعل يضرب رقابهم

(3)

، فقدم إليه شيخ منهم فأمر بضرب عنقه.

(1)

-النسخة الخطية لهذه المجلدة محفوظة في مكتبة فيض الله باستانبول برقم /1404/، وقد اعتبرتها المجلدة الخامسة على أساس الترتيب الابجدي لمحتوياتها.

(2)

-أكثر المؤلف النقل عنه في المجلدة الاولى، والكتاب بحكم المفقود.

(3)

-لم يذكر تاريخ هذه الواقعة، ومن الصعب تحديد ذلك، لان مسلمة بن عبد الملك بات منذ سنة 87 هـ ايام الوليد بن عبد الملك المسؤول الى أبعد الحدود عن حملات الصوائف والشواتي وغيرها في الاراضي البيزنطية. انظر تاريخ خليفة:1/ 397 - 425.

(*) -هناك ثلاث أوراق قبل بداية الكتاب، كانت فارغة، وقد كتب على وجه من الورقة الاولى بخط ابن السابق الحموي: مؤلف هذا الكتاب

هو عمر بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن يحيى بن زهير ابن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة، صاحب علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، واسم أبي جرادة: عامر بن ربيعة بن خويلد بن عوف ابن عقيل، الفقيه الحنفي كمال الدين، الملقب رئيس الاصحاب، المحدث المؤرخ الاديب ابن العديم، وأجداده وأولاده وأهل بيتهم علماء حنفية فضلاء أدباء. وأبو القاسم عمر هذا مولده بحلب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، ومات سنة ستين وستمائة، قال الحافظ الدمياطي ولي قضاء حلب خمسة من أنسابه-

ص: 2035

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(*) -متوالية، وشهرته تغني عن الاطناب، وصنف الكتب في التاريخ والفقه والحديث والادب، كذا لخصته من طبقات الحنفية للشيخ عبد القادر القرشي. قال الشيخ قاسم في تاج التراجم: صنف تاريخا سماه بغية الطلب في تاريخ حلب. وقال الصلاح الصفدي في الوافي بالوفيات: وصنف بحلب تاريخا مفيدا يقرب من أربعين مجلدا وقد أطنب في ترجمته.

1 -

الله الحافظ سارق مازق حاذق احبس؟؟؟؟.

2 -

يعلق ما فيه بنظر.

3 -

جزء من بغية الطلب في تاريخ حلب.

4 -

أقسم بالله على كل من أبصر خطي حيث ما أبصره أن يدعو الرحمن لي مخلصا بالعفو والتوبة والمغفرة.

5 -

الحمد لله. محمد بن عمر بن ابراهيم بن محمد بن عمر بن عبد العزيز

الشهير ابن من هو للشر عديم غفر الله تعالى له ولطف الله تعالى بوالده ورحم سلفه خصوصا كاتب هذا التاريخ ومؤلفه الجد الاعلى الشهير بالصاحب كمال الدين ابن العديم. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا.

(6)

-منسوب للامام السابع رحمه الله:

الناس بالناس ما دامت حوائجهم

والسعد والنصر اقبال وثارات

وأحسن الناس من بين الورى رجل

تقضى على يده للناس حاجات

قد مات قوم وماتت مكارمهم

وعاش قوم وهم في الناس أموات

(7)

سأنسى ودكم من غير بغض

وذاك لكثرة الور

فيه

إذا كثر الذباب على طعام

سأتركه ونفسي تشتهيه

ويمشي الكريم خميص بطن

ولا يرضى مقاسمة السفيه

وتجتنب الاسود ورود ماء

إذا كان الكلاب والغين فيه

وجاء على وجه من الورقة الثالثة:

1 -

كتاب من تاريخ حلب لابن أبي جراد. وهو الاستاذ البليغ الناظم الناثر الوزير الصاحب كمال الدين ابن العديم، كاتم السر، رحمه الله وشكر صنيعه، وهو بخطه الصحيح المليح.

2 -

الحمد لله وبه اكتفي ساقة الدهر في نوبة أقل عبيد الله تعالى وأفقرهم واحقرهم محمد بن أحمد بن اينال العلائي الدوادار الحنفي عامله ربه بخفي لطفه الجلي والخفي.

3 -

نوبة فقير عفو الله تعالى محمد بن محمد بن السابق الحنفي عفا الله عنهم أجمعين بالقاهرة المحروسة سنة ست وخمسين وثمانمائة أحسن الله عاقبتها في خير آمين. في يوم الاربعاء تاسع عشر ربيع الآخر.

4 -

الحمد لله على نعمه. أنهاه قراءة وكتابه داعيا لمالكه بطول البقاء محمد المدعو محمد بن فهد القاسمي الكريها سنة 869.

ص: 2036

فقال له الشيخ: وما أربك الى قتلي، أنا شيخ كبير فان تركتني فديت نفسي بأسيرين من المسلمين في يدي، قال: لو وثقت بك لتركتك، قال:

فاتركني فاني لا أغدر، قال ما تطيب بذلك نفسي الا أن تأتيني بضمين، قال ومن يضمني في عسكرك، فدعني أجل فيه فانظر، فأرسل معه رجلا يحفظه فجعل يدور ويتصفح وجوه الناس، حتى مر بفتى يحس فرسا له، فقال: هذا يضمنني، من غير أن يكلمه أو يعرفه، فأقبل الرسول على الفتى فقال: أتضمنه؟ قال: نعم، قال:

أتعرفه؟ قال: لا. قال: فكيف تضمنه؟ قال: رأيته يتصفح وجوه الناس فلم يرج عند أحد منهم فرجا غيري، فما كنت لأخيبه، فضمنه اياه وأطلقه، فما لبث أن جاء بأسيرين من المسلمين، فدفعهما (2 - و) الى مسلمة، ثم قال لمسلمة: ائذن للفتى يخرج معي حتى أكافئه، قال: قد أذنت له، فأقبل الرومي على الفتى فقال:

أنت والله يافتى ابني، قال: وكيف وأنا رجل من العرب من بني كلاب وأنت من الروم؟ قال: والله ما هو الا أن رأيتك فتحركت في رحم، علمت أنها بيني وبينك فمن أمك؟ قال رومية قال: هي والله ابنتي سبيت صبية، ثم مضى به الى قريته، فنظر الفتى الى ابنة الرومي، وهي خالته فكأنما رأى أمه، ثم أخرج اليه حليا وثيابا مقطعة كانت لأمه، قد صانوها وحفظوها فدفعوها الى الفتى، ثم زوده وأرسلوا الى أمه بالسلام، وقالوا له: أخبرها بسلامة أمها وأختها فأقبل الفتى حتى صار الى أهله، وأخرج لهم بعض الحلي، فنظرت اليه فارتاعت وأرسلت عينها بالبكاء، وقالت: ظهرتم على قريتنا وانهبتموها؟ قال: لا تراعي وقص عليها القصة وأخبرها بسلامتهم

(1)

.

‌الحجاج بن يوسف الثقفي الظالم المشهور:

ابن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، وهو قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور ابن عكرمة بن خصفة بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر الثقفي، أبو محمد دخل الثغور الشامية وولي بها، وقرأت في بعض مطالعاتي أنه كان بنى موضعا للسلاح

(1)

-يمكن اعتبار هذه الحكاية من الاصول الادبية التي بنيت عليه رواية ذات الهمة العربية وبالمقابل ملحمة دايجينس أكريتس (رجل الثغور) الاغريقية حيث البطل مزدوج النسب جمع بين العربية والاغريقية البيزنطية.

ص: 2037

بالمصيصة وجعل فيه السلاح ذخيرة للمسلمين، وكان يليها حينئذ. وكان في صحبه عبد الملك بن مروان، حين توجه لقتال مصعب بن الزبير، ونزل معه بطنان حبيب من أرض قنسرين.

رأى عبد الله بن عباس (2 - ظ) وحدث عن: أنس بن مالك، وسمرة بن جندب، وأبي بردة بن أبي موسى، وعبد الملك بن مروان.

روى عنه: أنس بن مالك، وثابت البناني، ومالك بن دينار، وحميد الطويل وسعد بن أبي عروبة وقتيبة بن مسلم وجراد بن مجالد.

أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو العلاء صاعد بن أبي الفضل بن أبي عثمان الشعيبتي الماليني

(1)

بهراة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أبي بكر بن أحمد السقطي قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد ابن الجارود الجارودي الحافظ املاء بهراة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البغدادي بجر جرايا

(2)

قال: حدثنا جعفر بن أحمد الدهقان قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا سيار عن جعفر عن مالك بن دينار قال: دخلت يوما على الحجاج فقال لي: يا أبا يحيى ألا أحدثك بحديث حسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: بلى، فقال: حدثني أبو بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له الى الله حاجة فليدع بها دبر كل صلاة مفروضة

(3)

.

أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال:

أخبرنا الحسن بن علي اللباد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أبي قال:

أخبرني أبو الميمون أحمد بن محمد بن بشر القرشي قال: أخبرني أبي قال: حدثنا أبو الحكم قال: حدثني محمد بن ادريس الشافعي قال: سمعت من يذكر أن المغيرة

(1)

-مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان. معجم البلدان.

(2)

-بلد من أعمال النهروان الاسفل بين واسط وبغداد من الجانب الشرقي. معجم البلدان.

(3)

-انظره في كنز العمال:2/ 2379.

ص: 2038

ابن شعبة نظر الى امرأته (3 - و) وهي تتخلل من أول النهار فقال: والله لئن كانت باكرت الغداء انها لرغيبة، وان كان شيء بقي في فيها من البارحة انها لقذرة فطلقها، فقالت: والله ما كان شيء مما ذكرت، ولكني باكرت ما تباكره الحرة من السواك فبقيت شظية في فيّ، قال: فقال المغيرة بن شعبة ليوسف أبي الحجاج بن يوسف:

تزوجها فانها لخليقة أن تأتي بالرجل يسود، فتزوجها، قال الشافعي: فأخبرت أن أبا الحجاج لما بني بها واقعها فنام، فقيل له في النوم: ما أسرع ما ألقحت بالمبير

(1)

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن الزينبي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال:

أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي أبو محمد

(2)

.

وقال يزيد بن عبد ربه: حدثنا أصحابنا عن أبي منصور عن عمرو بن قيس أن الحجاج بن يوسف سأله عن مولده فقال سنة الجماعة

(3)

سنة أربعين، فقال الحجاج وهو مولدي.

أنبأنا القاضي أبو القاسم بن محمد الانصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زبر قال: سنة أربعين فيها ولد الحجاج بن يوسف.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:

أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم وأبو الوحش (3 - ظ) سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نطيف قال: أخبرنا أبو شعيب عبد الرحمن بن محمد وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن قالا:

أخبرنا الحسن بن رشيق قال: أخبرنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا محمد بن

(1)

-سيرد بعد قليل ما يوضح مسألة المبير والحديث المروي حوله.

(2)

-التاريخ الكبير:1/ 373 (2816).

(3)

-السنة التي تسلم بها معاوية الخلافة من الحسن بن علي.

ص: 2039

حميد قال: حدثنا علي بن مجاهد قال: حدثني عبد الله بن محمد بن مرة قال:

سمعت زياد بن عبد الرحمن الكاتب يقول: ولد الحجاج بن يوسف سنة تسع وثلاثين.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال:

أخبرنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها يعني سنة احدى وأربعين ولد الحجاج بن يوسف

(1)

.

أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال:

أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا أبو موسى بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو محمد حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي ليس بثقة ولا مأمون.

أنبأنا أحمد بن عبد الله الأسدي عن أبي القاسم بن أبي محمد قال في نسخه ما شافهني به أبو محمد الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن مندة قال:

أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد، ح.

قال ابن مندة: وأخبرنا حمد بن عبد الله اجازة قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي أبو محمد، روى عن أنس، روى عنه مالك بن دينار (4 - و) وثابت وجراد بن مجاهد سمعت أبي يقول ذلك

(2)

.

أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني في معجم الشعراء، قال:

الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك ابن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس، وهو ثقيف بن منبه بن بكر بن

(1)

- تاريخ خليفة بن خياط:1/ 236.

(2)

-الجرح والتعديل:3/ 168 (717).

ص: 2040

هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر له شعير قليل

(1)

.

أخبرنا أبو نصر القاضي في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر ابن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف واسمه قسي بن منبه بن بكر بن هوازن أبو محمد الثقفي، سمع ابن عباس وروى عن أنس بن مالك وثابت البناني وحميد الطويل ومالك بن دينار وجراد بن مجالد وقتيبة بن مسلم وسعيد بن أبي عروبة، وكانت له بدمشق آدر منها دار الزاوية التي تقرب قصر ابن أبي الحديد، ولاه عبد الملك الحجاز فقتل ابن الزبير، ثم عزله عنها وولاه العراق وقدم وافدا على عبد الملك

(2)

.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن (4 - ظ) أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار. وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار. قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا النفيلي قال: حدثنا أبو مسهر عن أبي سعيد بن عبد العزيز قال: قال عمر بن عبد العزيز: كانت في الحجاج خلتان وددت أنهما لم تكونا فيه: حبه للقرآن وأهله، وقوله عند موته: اللهم إنهم يزعمون أنك لا تغفر لي فاغفر لي.

أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدى أبو بكر قال: أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثني

(1)

-ليس في المطبوع من معجم الشعراء.

(2)

- تاريخ دمشق:4/ 105 - ظ. وقصر ابن أبي الحديد موضع داخل بابي توما والشرقي قام فيه المدرسة المجاهدية القلبجية. انظر الاعلاق الخطيرة-قسم دمشق:243.

ص: 2041

أبي قال: قال ابن عون: كنت إذا سمعت الحجاج يقرأ، عرفت أنه طال مادرس القرآن.

أنبأنا ابن نسيم قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر بن المزرقي قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن القاسم الآدمي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان قال: حدثنا هرون بن سليمان ويحيى بن حكيم قالا: حدثنا عبد الرحمن بن بكر السهمي قال: حدثنا عمرو بن منخل السدوسي قال: قال مطهر بن خالد الربعي عن أبي محمد الحماني قال:

عملناه-يعني تجزئه القرآن-في أربعة أشهر وكان الحجاج يقرأه في كل ليلة.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الصوفي بالمسجد الاقصى قال:

أخبرنا (5 - و) أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الرحبي بفسطاط مصر قال:

أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن محمد بن علي بن أحمد الفارسي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال:

حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد الوكيعي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة الكوفي قال أخبرنا قبيصة عن سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: عجبا لاخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمنا.

وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ابراهيم أنه كان اذا ذكر الحجاج قال: ألا لعنة الله على الظالمين.

وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الاجلح عن الشعبي قال: أشهد أنه مؤمن بالطاغوت كافر بالله-يعني الحجاج.

وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ابراهيم قال: كفى بمن يشك في أمر الحجاج لحاه الله.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق-قال:

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ قال: حدثنا أبو منصور محمد بن محمد ابن أحمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، ح.

قال أبو منصور: وحدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن علي بن أيوب قال:

ص: 2042

أخبرنا أبو بكر بن الجراح الخزاز قال أخبرنا أبو بكر بن دريد-واللفظ للقاضي -قال: أخبرنا الحسن-يعني-ابن الخضر قال: أخبرنا ابن عائشة قال: أتي الوليد بن عبد الملك برجل من الخوارج فقال له: ما تقول في أبي بكر؟ قال: خيرا، قال: فعمر؟ قال: خيرا، قال فعثمان؟ قال خيرا، قال فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: الآن جاءت المسألة: ما أقول في رجل الحجاج خطيئة من خطاياه.

أخبرنا أبو بكر عيسى بن أبي الفضل السماني-قراءة عليه وأنا أسمع-قال:

أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي، قال: أخبرنا محمد بن يونس قالا: أخبرنا أبو أحمد عن القاسم ابن حبيب عن العيزار بن جرول قال: خرجت مع زاذان إلى الجبان

(1)

يوم العيد فصلى وستور الحجاج ترفعها الرياح، فقال: هذا والله المفلس، فقلت له: تقول مثل هذا وله مثل هذا؟ فقال: هذا المفلس من دينه.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة، قال أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي. قال الارتاحي: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، ح.

وأخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل بن سلامة قال أخبرنا علي بن الحسن، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال أخبرنا رشاء بن نظيف قال:

أخبرنا (6 - و) أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن مروان المالكي قال: حدثنا ابن أبي الدنيا وابراهيم الحربي عن سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا صالح بن سليمان قال: قال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم

(1)

-ناحية من أعمال الاهواز. معجم البلدان.

ص: 2043

وجئنا بالحجاج لغلبناهم وما كان يصلح لدينا ولا لآخرة، لقد ولي العراق، وهو أوفر ما يكون للعمارة، فأخسّ به حتى صيّره إلى أربعين ألف ألف دينار، ولقد أدي إليّ في عامي هذا ثمانون ألف ألف، وإن بقيت إلى قابل رجوت أن يؤدّي إليّ ما ودّي إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مائة ألف ألف وعشرة ألف ألف.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن البناء -إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الغنائم بن الدجاجي قال: أخبرنا.

اسماعيل بن سعيد بن سويد قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا محمد زياد بن الاعرابي قال: قال الهيثم بن عدي:

مات الحجاج بن يوسف وفي سجنه ثمانون ألف محبوس، منهم ثلاثون ألف امرأة، فوجد في قصّة رجل بال في الرحبة، وخري في المسجد، فقال أعرابي:

إذا نحن جاوزنا مدينة واسط

خرينا وصلينا بغير حساب

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إجازة ان لم يكن سماعا-قال أخبرنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور عبد الباقي ابن محمد قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله السكري قال (6 - ظ) زكريا بن يحيى المنقري: قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا أبو عاصم عن عباد بن كثير عن قحذم قال: أطلق سليمان بن عبد الملك في غداة: إحدى وثمانين ألف أسير، وأمرهم أن يمشوا ويلحقوا بأهلهم، وعرضت السجون بعد الحجاج فوجدوا فيها ثلاثة وثلاثين ألفا، لم يجب على أحد منهم قطع ولا صلب، وكان فيمن حبس أعرابي أخذ يبول في أصل ربض مدينة واسط، فكان فيمن أطلق فأنشأ يقول:

إذا نحن جاوزنا مدينة واسط

خرينا وصلينا بغير حساب

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو الفتح الكروجي قال أخبرنا أبو عامر الأزدي وأبو نصر الترياقي وأبو بكر الغورجي قالوا أخبرنا أبو محمد الجراحي قال أخبرنا أبو العباس المحسوبي قال: أخبرنا أبو عيسى الترمذي قال: حدثنا أبو

ص: 2044

داوود سليمان بن سلم البلخي قال: أخبرنا النضر بن شميل عن هشام بن حسان قال:

أحصوا ما قتل الحجاج صبرا فبلغ مائة ألف وعشرين ألفا.

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني بدمشق-قراءة عليه وأنا اسمع-قال أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال أخبرنا رشاء نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا يوسف بن عبد الله قال حدثنا أبو زيد قال حدثنا حلبس قال: قيل لأعرابي-وأراد الحجاج قتله: إشهد على نفسك بالجنون، قال:

لا أكذب على ربي وقد

عافاني وأقول قد أبلاني

قال: وحدثنا أحمد قال: حدثنا اسماعيل (7 - و) بن يونس قال: حدثنا الرياشي عن الأصمعي عن مبشر بن بشر أن رجلا هرب من الحجاج فمر بساباط فيه كلب بين حبين يقطر عليه ماؤهما فقال: يا ليتني كنت مثل هذا الكلب، فما لبث أن مرّ بالكلب في عنقه حبل، فسأل عنه، فقالوا: جاء كتاب الحجاج يأمر بقتل الكلاب.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو قاسم بن السمرقندي-اجازه ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال:

أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال: كانوا يرمون بالمنجنيق من أبي قبيس

(1)

وهم يرتجزون ويقولون:

خطارة مثل الفنيق

(2)

المزبد

أرمي بها عراز

(3)

هذا المسجد

قال: فجاءت صاعقة فأحرقتهم، فامتنع الناس من الرمي، فخطبهم الحجاج فقال ألم تعلموا أن بني اسرائيل كانوا اذا قربوا قربانا فجاءت نار فأكلتها، علموا

(1)

-أثناء حصار الحجاج لمكة التي اعتصم بها ابن الزبير.

(2)

-الفنيق: الفحل من الابل المكرم، لا يؤذى لكرامته على أهله، ولا يركب. القاموس.

(3)

-العرز: شجر من أصاغر الثمام وأدقه. القاموس.

ص: 2045

أنه قد تقبل منهم، وإن لم تأكلها، قالوا: لم تقبل؟! قال: فلم يزل يخدعهم حتى عادوا فرموا.

أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال أخبرنا علي بن الحسن، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن السّلمي قالا: أخبرنا أبو القاسم بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف: قال أخبرنا الحسن ابن اسماعيل الغساني قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال حدثنا زيد بن اسماعيل قال: حدثنا برد قال: أخبرنا يمان بن المغيرة (7 - ظ) عن عطاء بن أبي رباح قال: كنت مع ابن الزبير في البيت، فكان الحجاج اذا رمى ابن الزبير بحجر وقع الحجر على البيت، فسمعت للبيت أنينا كأنين الانسان: أوه.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الانصاري-قراءة عليه بدمشق-قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر بن أحمد الاسفرايني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان بن عبد الله المصري قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق بن يزيد الحلبي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن الوليد بن عرق الحمصي قال: حدثنا أبو معاوية عثمان بن خالد بن عمرو السلفي قال: حدثنا أبي قال حدثنا عكرمة بن يزيد الالهاني قال: حدثني الابيض ابن الاغر بن الصباح التميمي عن سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: كنت عند اسماء بنت أبي بكر، إذ دخل عليها الحجاج. قال: فقالت له:

إنك قاتل عبد الله بن الزبير؟ قال: فقال: نعم، قالت: أما انك قد قتلت صواما قواما، إني سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج من ثقيف ثلاثة كذاب ومبير وذيال

(1)

فأما الكذاب فقد مضى وهو مختار

(2)

، وأما المبير فهو أنت، فقال: أبير المنافقين، فقالت بل تبر المؤمنين، وأما الذيال فلم نره وسوف يرى

(3)

.

(1)

-الذيال: المهين المستخف النهاية لابن الاثير، ويروى دجال بدلا من ذيال. أنظر كنز العمال 140/ 38390.

(2)

-المختار بن أبي عبيد الثقفي. انظر خبر ثورته في كتابي «تاريخ العرب والاسلام» ص 148 - 153.

(3)

-يروى أن الحجاج دخل عليها ليخطبها لنفسه فرفضته.

ص: 2046

قال أبو الحسن الحلبي. غريب من حديث سفيان عن سهيل وهو غريب من حديث الابيض بن الأغر عن سفيان الثوري، تفرد به عكرمة بن يزيد (8 - و).

أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول ابن عيسى السجزي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال:

أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حمويه قال: حدثنا ابراهيم بن خريم قال: حدثنا عبد ابن حميد قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا العوام بن حوشب قال: حدثني من سمع أسماء-يعني بنت أبي بكر الصديق تقول للحجاج حين دخل عليها يعزيها بابنها ابن الزبير، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يخرج من ثقيف رجلان مبير وكذاب

(1)

»، فأما الكذاب فابن أبي عبيد تعني المختار، وأما المبير فأنت.

أخبرنا أبو القاسم بن سليمان المصري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار. وقالت خديجة:

أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي قالا: حدثنا محمود بن محمد، قال: حدثنا الحنفي-يعني-أحمد بن الاسود قال: حدثني ابن عائشة عن أبيه عن ابن أبي شميلة قال: كان الديماس

(2)

في زمن الحجاج حائطا لا سقف عليه، وكان الأحراس يجلسون على الحائط، فإذا تنحى المسجنون الى الظل رماهم الأحراس بالحجارة حتى يرجعوا الى الشمس وكان يطعمهم خبز الشعير قد خلط فيه الرماد والملح بالزيت (8 - ظ)، فلا يلبث الرجل أن يتغير، فجاءت امرأة تسأل عن ابنها فنودي به فخرج اليها فلما رأته قالت: ليس هذا ابني، ابني أشقر أحمر وهذا زنجي، فقال: بلى يا أمه أنا ابنك واختي فلانة وأخي فلان، ومنزلنا بموضع كذا وكذا، فلما علمت أنه ابنها شهقت فوقعت ميتة، فأعلم الحجاج

(1)

-انظره في كنز العمال:14/ 38391.

(2)

-الديماس: السرب المظلم. النهاية لابن الاثير.

ص: 2047

بذلك فأمر باطلاق من في الديماس فما منهم أحد حل قيده إلا في منزله مخافة أن يبدو له.

أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي بن صابر قالا:

أخبرنا علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد المصري قال: حدثنا أحمد بن مروان الدينوري قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الهيثم ابن جميل عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة قال: كان حطيط

(1)

صواما قواما يختم في كل يوم وليلة ختمة، ويخرج من البصرة ماشيا حافيا الى مكة في كل سنة، فوجه الحجاج في طلبه فأخذ، فأتي به الحجاج فقال له: إيها، قال: قل فإني قد عاهدت الله لئن سئلت لاصدقن، ولئن ابتليت لأصبرن، ولئن عوفيت لأشكرن، ولأحمدن الله على ذلك، قال: ما تقول في؟ قال: أنت عدو الله تقتل على الظنة، قال: فما قولك في أمير المؤمنين؟ قال: أنت شررة من شرره، وهو أعظم جرما، قال: خذوا ففظعوا عليه العذاب، ففعلوا فلم يقل حسا ولا بسا، فأتوه فأخبروه فأمر بالقصب فشقق، ثم شد عليه وصب (9 - و) عليه الخل والملح وجعل يستل قصبة قصبة، فلم يقل حسا ولابسا، فأتوه فأخبروه، فقال: أخرجوه الى السوق فاضربوا عنقه، قال جعفر: فأنا رأيته حين أخرج، فأتاه صاحب له فقال: لك حاجة؟ قال شربة من ماء، فأتاه بماء فشرب ثم ضربت عنقه، وكان ابن ثماني عشرة سنة.

انبأنا الكندي، أنبأنا أبو عبد الله بن البناء عن أبي الحسين بن الآبنوسي قال:

أخبرنا أحمد بن عبيد عن محمد بن مخلد قال: أخبرنا علي بن محمد بن خزفة، قالا: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا عبد الوهاب ابن نجدة قال: حدثنا عتاب بن بشير عن سالم الافطس قال: أتي الحجاج بسعيد بن جبير

(2)

وقد وضع رجله في الركاب، فقال: لا أستوي على دابتي حتى تبوأ مقعدك

(1)

-لم أقف على ذكره-لاعرفه-في مصدر آخر.

(2)

-كان من أعظم شخصيات الاسلام في وقته شهر بتقواه واستقامته، وكان مقتله بداية النهاية بالنسبة لحياة الحجاج، وذلك سنة خمس وتسعين. انظر تاريخ خليفة:1/ 410.

ص: 2048

من النار، فأمر به فضربت عنقه، قال: فما برح حتى خولط

(1)

قال: قيودنا قيودنا، فأمر برجليه فقطعتا ثم انتزعت القيود منه. قال عتاب: وقال علي بن بذيمة: ختم الدنيا بقتل سعيد بن جبير، وافتتح الآخرة بقتل ماهان

(2)

. وأخبرني غير علي: أن الحجاج كان يفزع بسعيد.

قال: وحدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا ابن ظفر قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن بسطام بن مسلم عن قتادة قال: قيل لسعيد بن جبير: خرجت على الحجاج؟ قال: أي والله، ما خرجت عليه حتى كفر.

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بدمشق قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي عن عبد الله بن عبد الرحمن قالا:

أخبرنا أبو القاسم (9 - ظ) علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن المقرئ، ح.

وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله الأرتاحي قالا: أخبرنا علي بن الحسين. قال الارتاحي: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، قالا: أخبرنا أبو محمد بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال:

حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو الخطاب قال: حدثنا أبو داوود عن عمارة ابن زاذان قال: حدثنا أبو الصهباء قال: قال الحجاج بن يوسف لسعيد بن جبير:

اختر أي قتلة شئت؟ فقال له سعيد بن جبير: بل أنت فاختر لنفسك فإن القصاص أمامك.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي

(1)

-أي الحجاج.

(2)

-لم أقف على ذكره في مصدر آخر لاعرفه.

ص: 2049

الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا ابن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة.

وذكره أبو حاتم عن العتبي أيضا قال: كانت امرأة من الخوارج من الأزد يقال لها فراشة، وكانت ذات نية في رأي الخوارج تجهز أصحاب البصائر منهم، وكان الحجاج يطلبها طلبا شديدا فأعجزته، فلم يظفر بها، وكان يدعو الله أن يمكنه من فراشه، أو بعض من جهزته

(1)

فمكث ما شاء الله ثم جيء برجل، فقيل هذا ممن جهزته فراشه، فخر ساجدا ثم رفع رأسه فقال له: يا عدو الله، قال: أنت أولى بها يا حجاج، قال أين فراشه؟ قال مرت تطير منذ ثلاث، قال: أين تطير؟ قال:

تطير ما بين السماء والارض (10 - و) قال: أعن تلك سألتك عليك لعنة الله، قال، عن تلك أخبرتك عليك غضب الله، قال سألتك عن المرأة التي جهزتك وأصحابك، قال: وما تصنع بها؟ قال: دلنا عليها، قال: تصنع بها ماذا؟ قال أضرب عنقها، قال: ويلك يا حجاج ما أجهلك، تريد أن أدلك وأنت عدو الله على من هو ولي الله «قد ضللت اذا وما أنا من المهتدين»

(2)

! قال: فما رأيك في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: على ذاك الفاسق لعنة الله ولعنة اللاعنين. قال: ولم لا أم لك؟ قال:

انه أخطأ خطية طبقت ما بين السماء والأرض، قال: وما هي؟ قال: استعماله اياك على رقاب المسلمين، فقال الحجاج: ما رأيكم فيه؟ قالوا: نرى أن تقتله قتلة لم تقتل مثلها أحدا، قال: ويلك يا حجاج جلساء أخيك كانوا أحسن مجالسة من جلسائك، قال: وأي أخوتي تريد؟ قال فرعون حين شاور في موسى، فقالوا:

«أرجئة وأخاه»

(3)

، وأشار عليك هؤلاء بقتلي. قال فهل حفظت القرآن؟ قال وهل خشيت فراره فاحفظه! قال: هل جمعت القرآن؟ قال: ما كان متفرقا فأجمعه قال: أقرأته ظاهرا؟ قال معاذ الله بل قرأته وأنا اليه

(4)

. قال: فكيف تراك تلقى الله ان قتلتك؟ قال: ألقاه بعملي وتلقاه بدمي. قال: اذا أعجلك الى النار، قال

(1)

-في الجليس الصالح:1/ 434 «أو من بعض من جهزته» .

(2)

- سورة الانعام. الآية:59.

(3)

-سورة الاعراف-الآية:111.

(4)

-في الجليس الصالح:1/ 435 «وانا انظر اليه» وهو أقوم.

ص: 2050

لو علمت أن ذاك اليك أحسنت عبادتك، واتقيت عذابك، ولم أبغ خلافك ومناقضتك قال: اني قاتلك؟ قال: اذا أخاصمك لان الحكم يومئذ الى غيرك، قال: نقمعك عن الكلام السيئ، يا حرسي اضرب عنقه وأومأ الى السياف ألاّ تقتله، فجعل يأتيه من بين يديه ومن خلفه، ويروعه بالسيف، فلما طال ذلك عليه رشح جبينه قال:

(10 - ظ) جزعت من الموت يا عدو الله. قال: لا يا فاسق ولكن أبطأت علي بما لي فيه راحة. قال: يا حرسي أعظم جرحه. فلما أحس بالسيف قال: لا اله الا الله، والله لقد أتمها ورأسه في الأرض.

(1)

.

أخبرنا أبو بكر السلماني قال: أخبرنا علي بن أبي محمد، ح.

وحدثنا محمد بن أحمد القرطبي قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا:

أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان. قال: وحدثنا محمد بن موسى قال:

حدثنا محمد بن الحارث عن المدائني قال: أتي الحجاج برجل من الخوارج وهو في خضراء واسط فلما مثل بين يديه ونظر الى بنيانه قال: «أتبنون بكل ريع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. واذا بطشتم بطشتم جبارين»

(2)

.

قال بعض جلسائه: اقتلوه قتله الله، فقال الخارجي: جلساء أخيك كانوا خيرا من جلسائك! قال الحجاج: أي أخوتي تعني؟ قال فرعون موسى حين قالوا لموسى:

«أرجئة وأخاه» وقالوا هؤلاء لك: اقتله، قال: فأمر بقتله فقتل.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور وأبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري، قال: حدثنا زكريا بن يحيى المنقري: قال: أخبرني الأصمعي قال:

حدثنا علي بن سلم الباهلي قال: أتي الحجاج بن يوسف بامرأة من الخوارج فجعل يكلمها ولا تكلمه معرضة عنه، فقال بعض الشرط: الامير يكلمك وأنت معرضة؟ فقالت إني لاستحي (11 - و) أن أنظر الى من لا ينظر الله اليه، فأمر بها فقتلت.

(1)

-الجليس الصالح:1/ 434 - 436.

(2)

- سورة الشعراء-الآيات:128 - 130.

ص: 2051

أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا أبو الحسن المقرئ قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو زيد قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثني جليس لهشام بن أبي عبد الله قال: قال عمر بن عبد العزيز لعنبسه بن سعيد قال: أخبرني ببعض ما رأيت من عجائب الحجاج فقال له: يا أمير المؤمنين كنا جلوسا عنده ذات ليلة، قال: فأتي برجل فقال: ما أخرجك هذه الساعة وقد قلت لا أجد فيها أحدا الا فعلت به وفعلت؟ قال: أما والله لا أكذب الأمير، أغمي على أمي منذ ثلاث فكنت عندها، فأفاقت الساعة فقالت:

يا بني مذ كم أنت عندي؟ فقلت لها: منذ ثلاث، قالت: أعزم عليك الا رجعت الى أهلك فانهم مغمومين بتخلفك عنهم فكن عندهم الليلة وتعود الي غدا، فخرجت فأخذني الطائف، فقال: ننهاكم وتعصونا اضربوا عنقه. ثم أتي برجل آخر فقال:

ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: والله لا أكذبك لزمني غريم لي على بابه فلما كانت الساعة أغلق بابه دوني وتركني على بابه، فجاءني طائفك فأخذني فقال: اضربوا عنقه فضربت عنقه، ثم أتي بآخر فقال: ما أخرجك هذه الساعة، قال كنت مع شربة أشرب، فلما سكرت (11 - ظ) خرجت فأخذني الطائف فذهب عني السكر فزعا، فقال يا عنبسة ما أراه الا صادقا خليا سبيله. فقال عمر بن عبد العزيز لعنبسة:

فما قلت له شيئا؟ لا. فقال: لا. فقال عمر لآذنه: لا تأذنن لعنبسة علينا الا أن تكون له حاجة.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا محمد الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري قال: حدثني أبي قال:

حدثنا أحمد بن عبيد قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن عوانة بن الحكم الكلبي قال: دخل أنس بن مالك على الحجاج ابن يوسف، فلما وقف بين يديه سلم عليه، فقال: إيه، إيه يا أنس، يوم لك مع علي ويوم لك مع ابن الزبير ويوم لك مع ابن الأشعث، والله لأستأصلنك كما

ص: 2052

تستأصل الشأفة، ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة

(1)

، قال أنس: إياي يعني الأمير أصلحه الله؟ قال: اياك سك

(2)

الله سمعك، قال أنس: إنا لله وانا اليه راجعون، والله لولا الصبية الصغار ما باليت أي قتله قتلت، ولا أي ميتة مت، ثم خرج من عند الحجاج فكتب الى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك، فلما قرأ عبد الملك كتاب أنس استشاط غضبا وصفق عجبا وتعاظمه ذلك من الحجاج، وكان كتاب أنس بن مالك الى عبد الملك بن مروان:

بسم الله الرحمن الرحيم:

الى عبد الملك بن (12 - و) مروان أمير المؤمنين من أنس بن مالك أما بعد:

فان الحجاج قال لي هجرا وأسمعني نكرا، ولم أكن لذلك أهلا فخذ لي على يديه، فاني أمت

(3)

بخدمتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إياه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

فبعث عبد الملك الى اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وكان مصادقا للحجاج فقال له: دونك كتابي هذين فخذهما واركب البريد الى العراق، فأبدأ بأنس بن مالك، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وادفع كتابه اليه وأبلغه مني السلام، وقل له يا أبا حمزة قد كتبت الى الحجاج الملعون كتابا اذا قرأه كان أطوع لك من أمتك، وكان كتاب عبد الملك الى أنس بن مالك:

بسم الله الرحمن الرحيم:

من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين الى أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت من شكاتك للحجاج وما سلطته عليك ولا أمرته بالاساءة اليك، فان عاد لمثلها فاكتب الي بذلك، أنزل به عقوبتي وتحسن لك معونتي والسلام.

(1)

-ويروى «لاقلعنك قلع الصمغة» أي لاستأصلنك. النهاية لابن الاثير.

(2)

-الاستكاك: الصمم-النهاية لابن الاثير.

(3)

-المت: التوسل بحرمة أو قرابة. النهاية لابن الاثير.

ص: 2053

فلما قرأ أنس كتابه وأخبر برسالته قال: جزى الله أمير المؤمنين عني خيرا وعافاه وكافاه عني بالجنة، فهذا كان ظني به والرجاء منه.

فقال اسماعيل بن عبيد الله لأنس: يا أبا حمزة إن الحجاج عامل أمير المؤمنين وليس بك عنه غنا ولا بأهل بيتك ولو جعل لك في جامعة ثم دفع إليك لقدر أن يضر وينفع فقاربه (12 - ظ) وداره. فقال أنس: أفعل إن شاء الله، ثم خرج اسماعيل من عنده فدخل على الحجاج، فلما رآه الحجاج قال: مرحبا برجل أحبه وكنت أحب لقاءه، فقال له اسماعيل: أنا والله قد كنت أحب لقائك في غير ما أتيتك به. قال:

وما اتيتني به؟ قال: فارقت أمير المؤمنين وهو أشد الناس عليك غضبا ومنك بعدا، قال: فاستوى الحجاج جالسا مرعوبا، فرمى إليه اسماعيل بالطومار، فجعل الحجاج ينظر فيه مرة ويعرق وينظر إلى اسماعيل أخرى فلما نقضه قال: قم بنا إلى أبي حمزة نعتذر إليه ونتوصاه، فقال له اسماعيل: لا تعجل، قال: كيف لا أعجل وقد أتيتني بآبدة

(1)

. وكان في الطومار إلى الحجاج بن يوسف.

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجاج بن يوسف أما بعد:

فإنك عبد طمت به الأمور فسموت فيها، وعدوت طورك وجاوزت قدرك، وركبت داهية أدا، وأردت أن تبورني، فإن سوغتكها مضيت قدما، وإن لم أسوغكها رجعت القهقري، فلعنك الله عبدا أخفش

(2)

العينين، منقوض الجاعرتين

(3)

، أنسيت مكاسب آبائك بالطائف، وحفرهم الآبار، ونقلهم الصخور على ظهورهم في المناهل، يا بن المستفرمة

(4)

بعجم الزبيب، والله لاغمزنك غمز الليث الثعلب، والصقر الأرنب، وثبت على رجل من أصحاب رسول الله صلى

(1)

-جاء بآبدة: جاء بأمر عظيم ينفر منه ويستوحش. النهاية لابن الاثير.

(2)

-الخفش: فساد في العين يضعف منه نورها، وتغمض دائما من غير وجع. النهاية لابن الاثير.

(3)

-ويروى «قاتلك الله أسود الجاعرتين» والجاعرتين هما لحمتان تكتنفان أصل الذنب، وهما من الانسان في موضع رقمي الحمار. النهاية لابن اثير.

(4)

-الفرم: تضييق المرأة فرجها بالاشياء العفصة. النهاية لابن الاثير.

ص: 2054

الله عله وسلم بين أظهرنا، فلم تقبل له إحسانه ولم تجاوز له (13 - و) اساءته جراءة منك على الرب عز وعلا، واستخفافا منك بالعهد والله لو أن اليهود والنصارى، رأت رجلا خدم عزير بن عزرة وعيسى بن مريم لعظمته وشرفته وأكرمته، فكيف وهذا أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمه ثمان وسنين، يطلعه على سره ويشاوره في أمره، ثم هو مع هذا بقية من بقايا أصحابه، فإذا قرأت كتابي هذا، فكن أطوع له من خفه ونعله، والا أتاك مني سهم مشكل بحتف قاض، «ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون»

(1)

.

قال القاضي: قول الحجاج سكّ الله سمعك، يقال استكت الأذنان واصطكت الركبتان، وقوله للحجاج يا بن المستفرمة بعجم الزبيب: كانت المرأة تستعمل عجم الزبيب لتضييق قبلها في ما ذكر بعض أهل العلم، وهو حبّه والنوى كله، يقال له عجم، واحدته عجمه، قال الأعشى:

مقادك بالخيل أرض العدو

وجذعانها

(2)

كلقيط

(3)

العجم

قيل صارت من صلابتها مثل النوى، وقال أبو عبيدة: عجم عجما أي لبك، لأنه نوى الفم، فهو أصلب لأنه ليس بنوى خلّ ولا نبيذ، فهو أصلب وأملس، وإنما أراد صلابتها وضمرها، ولقيط أراد ملقوط، مثل جريح ومجروح، ويروى كلقيط العجم أي ملقوط ملقى.

أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، قال أخبرنا الحسن بن علي الجوهري (13 - ظ) قال: أخبرنا محمد بن العباس قال:

أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال:

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني ابن أبي ذئب عن اسحاق بن يزيد قال: رأيت أنس ابن مالك مختوما في عنقه،، ختمة الحجاج أراد أن يذله بذلك، قال محمد بن عمر:

(1)

- سورة الانعام الآية:67.

(2)

-الجذع من أسنان الدواب ما كان منها شابا فتيا. النهاية لابن الاثير.

(3)

-في ديوانه-ط. دار صادر بيروت:198 «كلفيظ» .

ص: 2055

وقد فعل ذلك بغير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريد أن يذلهم بذلك، وقد مضت العزة لهم بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

.

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ ابو القاسم الدمشقي قال:

أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: أخبرنا أبو الحسن النسائي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير عن سماك بن موسى الضبي قال: أمر الحجاج ان توجأ عنق أنس بن مالك وقال: أتدرون من هذا، هذا خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتدرون لم فعلت به هذا؟ قالوا: الأمير أعلم، قال: سيء البلاء في الفتنة الأولى غاش الصدر في الفتنة الآخرة

(2)

.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان المصري قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي-قال أبو عبد الله إجازة-قال: أخبرنا عبد العزيز ابن الحسن بن اسماعيل، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أحمد بن علي من لفظه قال: أنبأنا أبو المعالي بن عبد الرحمن السلمي، ح.

وأخبرنا أبو بكر بن أبي (14 - و) الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن قالا:

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن المقرئ قال:

أخبرنا أبو محمد الغساني قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الأصمعي قال: قال عبد الملك بن مروان للحجاج: إنه ليس من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه فعب نفسك، فقال: أعفني يا أمير المؤمنين، فأبى، فقال:

أنا لجوج حقود حسود، فقال عبد الملك: ما في الشيطان شر مما ذكرت.

(1)

-الخبر ليس في الطبقات الكبرى لابن سعد.

(2)

-أراد بالفتنة الاولى فتنة مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وبالفتنة الثانية ثورة عبد الرحمن الاشعث.

ص: 2056

أخبرنا عمر بن طبرزد إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح عن شريح بن عبيد عن من حدثه قال:

جاء رجل الى عمر بن الخطاب، فأخبره أن أهل العراق قد حصبوا أميرهم، فخرج غضبانا، فصلى لنا صلاة فسها فيها حتى جعل الناس يقولون: سبحان الله سبحان الله، فلما سلم، أقبل على الناس فقال: من هاهنا من أهل الشام؟ فقام رجل، ثم قام آخر، ثم قمت أنا ثالثا أو رابعا، فقال: يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ، اللهم انهم قد لبسوا علي فالبس عليهم وعجل عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن (14 - ظ) الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوي قال: حدثنا سعيد بن مسعود قال: حدثنا يزيد بن هرون قال: أخبرنا العوام بن حوشب، قال: حدثني حبيب بن أبي ثابت قال: قال علي لرجل: لامت حتى تدرك فتى ثقيف، قيل له: يا أمير المؤمنين ما فتى ثقيف؟ قال: ليقالن له يوم القيامة: اكفنا زاوية من زوايا جهنم، رجل يملك عشرين أو بضع وعشرين سنة، لا يدع لله تعالى معصية إلا ارتكبها حتى لو لم يبق إلا معصية واحدة فكان بينه وبينها باب مغلق لكسره حتى يرتكبها يقتل بمن أطاعه من عصاه.

قال: وأخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري قال: أخبرنا جدي يحيى بن منصور القاضي قال: حدثنا محمد بن النضر الجارودي قال: حدثنا يعقوب بن ابراهيم الدورقي قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أيوب عن مالك بن أوس ابن الحدثان عن علي أنه قال: الشاب الذيال أمير المصرين يلبس فروتها ويأكل خضرتها ويقتل أشراف أهلها يشتد منه الفرق

(1)

ويكثر منه الأرق فيسلطه الله على شيعته.

(1)

-الخوف.

ص: 2057

قال: وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصنعاني بمكة، قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم بن عباد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا جعفر بن سليمان بن مالك بن دينار عن الحسن قال: قال علي لأهل الكوفة: اللهم كما ائتمنتهم فخانوني ونصحت (15 - و) لهم فغشوني فسلط عليهم فتى ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتها ويلبس فروتها ويحكم فيها بحكم الجاهلية قال يقول الحسن: وما خلق الحجاج يومئذ.

وقال أبو القاسم علي بن الحسن: أخبرنا أبو علي الحداد وجماعة قالوا:

أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا القاسم بن زكريا قال: حدثنا اسماعيل بن موسى السهمي قال: حدثنا علي بن مسهر عن الأجلح عن الشعبي عن أم حكيم بنت عمرو بن سنان الجدلية قالت: استأذن الأشعث بن قيس على علي عليه السلام، فرده فأدمى أنفه فخرج علي فقال: ما لك وله

(1)

يا أشعث أم والله لو بعبد ثقيف تمرست، اقشعرت شعيرات استك، قيل له: يا أمير المؤمنين ومن عبد ثقيف؟ قال: غلام يليهم لا يبقى أهل بيت من العرب يعني: إلاّ ألبسهم ذلا، قيل كم يملك؟ قال عشرين ان بلغ.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال:

أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن أحمد الحلبي قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة قال: حدثني أبي قال: أراد الحجاج الخروج من البصرة الى مكة فخطب الناس فقال: يا أهل البصرة اني أريد الخروج الى مكة، وقد استخلفت عليكم محمدا ابني، أوصيته فيكم بخلاف ما أوصى به رسول الله صلى الله (15 - ظ) عليه وسلم في الانصار، فانه أوصى في الانصار أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، ألا واني قد أوصيته فيكم ألا يقبل من محسنكم ولا يتجاوز عن مسيئكم، ألا وانكم قائلون بعدي كلمة، ليس يمنعكم من اظهارها الا الخوف، ألا وانكم

(1)

-لحق الخبر سقط بالاصل حيث لم يذكر اسم الذي استأذن على الامام علي فرده الأشعث بن قيس وأدمى أنفه.

ص: 2058

قائلون: لا أحسن الله له الصحابة، واني معجل لكم الجواب: لا أحسن الله عليكم الخلافة

(1)

.

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن العدل قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا الاصمعي قال: قيل للحسن

(2)

انك كنت تقول: الآخر شر، وهذا عمر ابن عبد العزيز بعد الحجاج؟! فقال الحسن: لابد للناس من متنفسات.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الاصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد محمد ابن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري قال: حدثنا هلال بن العلاء قال: حدثنا أبي قال: سمعت محمد بن أيوب الرقي قال:

حدثنا ميمون بن مهران قال: بعث الحجاج الى الحسن وقد هم به فأدخل عليه فقام بين يديه، قال: يا حجاج: كم بينك وبين آدم (16 - و) من أب؟ قال: كثير، قال فأين هم؟ قال: ماتوا، قال: فنكس الحجاج رأسه وخرج الحسن.

أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم العلوي، ح.

وحدثنا محمد بن أحمد بن علي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن سيده قال:

أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو سعيد الازدي-يعني الحسن ابن الحسين السكري قال: حدثنا الرياشي قال: حدثنا عباس الازرق عن السري بن

(1)

-الجليس الصالح:1/ 291.

(2)

-الحسن البصري، واسع الشهرة لا سيما في مجالات الزهد توفي سنة عشر ومائة. تاريخ خليفة:1/ 498.

ص: 2059

يحيى قال: مر الحجاج في يوم جمعة فسمع استغاثة، فقال: ما هذا؟ فقيل له: أهل السجون يقولون: قتلنا الحر، قال: قولوا لهم: «اخسئوا فيها ولا تكلمون»

(1)

قال: فما عاش بعد ذلك الا أقل من جمعة حتى مات.

أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله المكي عن مسعود بن محمد الثقفي عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا ابن خميرويه قال: أخبرنا الحسين بن ادريس قال: حدثنا ابن عمار قال: حدثنا زيد بن أبي الزرقاء عن عمار ابن زاذان قال: حدثني أبو الصهباء قال: بينما أنا عند سعيد بن جبير، قال له رجل:

ما تقول فيما يقوله الحسن؟ قال: وما يقول؟ قال: ان الحجاج كان أخذ الرجل قال:

أكفرت حيث خرجت علي؟ قال: فان قال نعم، خلا سبيله، وان قال: لا، ضرب عنقه، قال: رحم الله الحسن لا تقيه في الاسلام، ثم انه أبتلي وأخذ من العام المقبل في ذلك الشهر في ذلك اليوم، فركبت في سبعة أو تسعة حتى قدمنا واسطا، فأتي بسعيد بن جبير، فخرج الحجاج فقال: يا بن جبير (16 - ظ) أكفرت حين خرجت علي؟ قال: ما كفرت منذ أسلمت، قال: فاختر بأي قتلة تشتهي أن أقتلك، قال:

اختر أنت لنفسك فان القصاص أمامك، قال: فقتله فما قتل أحدا بعده.

أخبرنا أبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي قال:

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزاز-قراءة عليه وأنا أسمع-قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن بهزاد بن مهران قراءة عليه يوم الاثنين سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك الهرادي قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: أتي الحجاج بن يوسف برجل من الخوارج، فأدخل عليه والحجاج يتغذى، فجعل الخارجي ينظر الى حيطانه وما قد تجسد

(2)

فجعل يقول: اللهم اهدم، اللهم اهدم، اللهم اهدم، فقال له الحجاج، هيه كأنك لا تدري ما يراد بك؟ فقال الخارجي: هيه نزع الله ما ضغيك، وما عليك لو دعوتني الى طعامك؟ أما ان فيك ثلاث خلال مما نعت الله به عادا، فقال: «أتبنون

(1)

- سورة المؤمنون-الآية:108.

(2)

-لعله هذا يفيد أن القصر كان فيه بعض المجسمات والتماثيل.

ص: 2060

بكل ربع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. واذا بطشتم بطشتم جبارين»

(1)

! فامتلا الحجاج غيظا عليه فأمره بقتله، فأخرجوه الحرس

(2)

الى الرحبة ليقتلوه، فقال لهم: دعوني أتمثل بثلاثة أبيات فقالوا: تمثل بما شئت، فأنشأ يقول:

ما رغبة النفس في الحياة وان

عاشت طويلا فالموت لاحقها

(17 - و)

أو أيقنت أنها لا تعود كما

كان براها بالامس خالقها

ألاّ تمت غبطة تمت هرما

للموت كأس

(3)

والمرء ذائقها

ثم مد عنقه فضربت فانصرف قاتلوه الى الحجاج فأخبروه بقوله، فقال: لله دره ما كان أصرمه في حياته وعند وفاته.

أخبرنا عتيق السلماني ومحمد بن أحمد بن علي، قراءة من لفظه-قال عتيق:

أخبرنا علي بن الحسن، وقال محمد: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن-قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: وأنشد ابن قتيبة لرجل في الحجاج بن يوسف:

كأن فؤادي بين أظفار طائر

من الخوف في جو السماء محلق

حذار أمرى قد كنت أعلم أنه متى

ما يعد من نفسه الشر يصدق

وقد حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابراهيم بن حبيب قال: حدثنا محمد بن سلام عن القحذمي عن عمه عن سلم بن قتيبة قال: عددت أربعة وثمانين لقمة من خبز الماء، في كل لقمة رغيف وملء كفه سمك طري، يعني على الحجاج.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا يحيى بن أسعد بن بوش قال:

أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن

(1)

- سورة الشعراء-الآيات:128 - 130.

(2)

-كذا بالاصل والاقوم «فأمر بقتله، فأخرجه الحرس» .

(3)

-بعد ما وضع ابن العديم شارة رواية أخرى كتب «كأسا» .

ص: 2061

زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا ابن أبي سعد قال: حدثنا علي بن الحسن قال: أخبرني ابراهيم بن محمد عن الهيثم بن الربيع قال: قال الحجاج (17 - و): اني لارى الناس قد قلوا على موائدي فما بالهم؟ فقال رجل من عرض الناس: أصلح الله الآمير انك أكثرت خير البيوت فقل غشيان الناس لطعامك فقال:

الحمد لله وبارك الله عليك من أنت؟ قال: أنا الصلت بن قران العبدي، فأحسن اليه

(1)

.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله بن الملثم بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الارتاحي-قال: البوصيري: أخبرنا، وقال الارتاحي: أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، ح.

وأخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل بن سلامة قال: أخبرنا علي بن الحسن الشافعي، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن سيده قالا: أخبرنا علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال:

أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري قال: حدثنا عبد الرحمن بن مرزوق أبو عوف البزوري قال: حدثنا عبد الوهاب عن سعيد بن أبي عروبة قال: حج الحجاج فنزل بعض المياه بين مكة والمدينة ودعا بالغداء فقال لحاجبه: ابصر من يتغذى معي واسأله عن بعض الامر، فنظر نحو الجبل فاذا هو بأعرابي بين شملتين من شعر نائم، فضربه برجله وقال: ائت الامير فأتاه فقال له الحجاج: اغسل يدك وتغدا معي فقال:

انه دعاني من هو خير منك فأجبته، قال ومن هو؟ قال: الله تبارك (18 - و) وتعالى دعاني الى الصوم فصمت قال: في هذا الحر الشديد! قال: نعم صمت ليوم هو أشد حرا من هذا اليوم، قال: فأفطر وتصوم غدا، قال: ان ضمنت لي البقاء الى غد، قال: ليس ذاك إلي، وقال رشاء بن نظيف: ذلك إلي؟ قال: فكيف تسألني عاجلا

(1)

-الجليس الصالح:2/ 259.

ص: 2062

بآجل لا تقدر عليه، قال: انه طعام طيب، قال: لم تطيبه أنت ولا الطباخ ولكن طيبته العافية.

أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا ابن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا قال: وحدثنا ابراهيم بن محمد بن عرفة الازدي قال: حدثنا محمد بن عيسى الانصاري عن عبيد الله بن محمد التيمي قال: أتى الحجاج رجل متهم برأي الخوارج فقال له الحجاج:

أخارجي أنت؟ قال: لا والذي أنت بين يديه غدا أذل مني بين يديك اليوم ما أنا بخارجي، فقال له الحجاج: اني يومئذ لذليل وأطلقه

(1)

.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا تجني الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم ابن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عمر بن بكير قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الطائي قال: أخبرنا أبو بردة ابن عبد الله بن أبي بردة قال: كان يقال أن ربعي بن خراش لم يكذب كذبة قط، قال:

فأقبل ابناه من خراسان فدنا خلافي العريف

(2)

الى الحجاج فقال: أيها الامير:

(18 - ظ) ان الناس يزعمون أن ربعي بن خراش لم يكذب كذبة قط، وقد قدم ابناه من خراسان وهما عاصيان، فقال الحجاج علي به فلما جاءه قال: أيها الشيخ قال: ما تشاء، قال: ما فعل ابناك؟ قال: المستعان بالله خلفتهما في البيت، قال: لا جرم لا أسؤك فيهما هما لك.

أخبرنا أبو محمد بن هلاله قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الاصبهاني قال:

أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزجانية قال: أخبرنا أبو بكر بن ريذه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: حدثني عبد القاهر بن السري قال: اختفى رجل عند أبي السوار العدوي زمن الحجاج بن يوسف، فقيل للحجاج: انه عند أبي السوار العدوي، فبعث اليه الحجاج فأحضره، فقال له: الرجل الذي عندك، فقال ليس عندي، فقال:

(1)

-الجليس الصالح:1/ 239.

(2)

-اسم العريف «خلافي» ؟

ص: 2063

والا ابن أبي السوار

(1)

طالق؟ يعني امرأة أبي السوار فقال: ما خرجت من عندها وأنا أنوي طلاقها، فقال والا أنت بريء من الاسلام؟ فقال: فالى أين أذهب؟ فخلى سبيله.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي-قراءة عليه وأنا اسمع-قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي قال:

أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد العزيز العجلي-اجازة-قال: أخبرنا الحسين بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن المقتدر بالله الهاشمي ببغداد قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري-لفظا-قال: حدثنا ابن الانباري قال:

(19 - و) حدثني أبي عن أبي محمد عن أبي سعيد عن محمد بن عبد الله عن محمد ابن عمر قال: أمر الحجاج باحضار رجل من السجن، فلما حضر أمر بضرب عنقه، فقال: أيها الامير أخرني الى غد، قال: ويحك وأي فرج لك في تأخير يوم، ثم أمر برده الى السجن فسمعه الحجاج يقول، وهو يذهب الى السجن:

عسى فرج يأتي به الله انه

له كل يوم في خليقته أمر

قال الحجاج: والله ما أخذه إلا من القرآن «كل يوم هو في

(2)

شأن» وأمر باطلاقه.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد-قال البوصيري:

أخبرنا، وقال ابن أحمد أنبأنا-أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي قال:

أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، ح.

وأخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر عن أبي المعالي عبد الله بن صابر قالا:

أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم بن أبي الجن قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قالا:

أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الغساني قال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال:

حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو زيد عن الاصمعي قال: أتى يزيد بن أبي مسلم

(1)

-كتب ابن العديم في الحاشية: صوابه «أم اين» .

(2)

- سورة الرحمن-الآية:29.

ص: 2064

رجل برقعة وسأله أن يرفعها الى الحجاج فنظر فيها يزيد فقال: ليس هذه من الحوائج التي ترفع الى الأمير، فقال له الرجل: فإني أسألك أن ترفعها فلعلها (19 - ظ) توافق قدرا فيقضيها وهو كاره، فأدخلها وأخبره بمقالة الرجل فنظر الحجاج في الرقعة فقال: يا يزيد قل له: قد وافقت قدرا وقد قضيناها ونحن كارهون.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الأدمي الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار الغلابي قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك قال: حدثنا الهيثم ابن عدي عن عوانة قال: أوتي الحجاج بأسارى من أصحاب قطري من الخوارج فقتلهم إلا واحدا كانت له عنده يد، وكان قريبا لقطري، فأحسن إليه وخلا سبيله، فصار الى قطري فقال له قطري: عاود قتال عدو الله، فقال: هيهات غل يدا مطلقها، واسترق رقبة معتقها، ثم قال:

أأقاتل الحجاج عن سلطانه

بيد تقر بأنها مولاته

إني إذا لأخو الدناءة والذي

طمت على إحسانه جهلاته

ماذا أقول إذا وقفت إزاءه

في الصف واحتجت له فعلاته

أأقول جار عليّ لا إني إذا

لأحق من جارت عليه ولاته

(20 - و)

وتحدث الاقوام أن صنائعا

غرست لدي فحنظلت نخلاته

هذا وما ظني بجبن إنني

فيكم لمطرق

(1)

مشهد وعلاته

(2)

قرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير

(3)

: ثم كانت سنة إحدى وسبعين، وفيها: سار عبد الملك الى العراق يريد مصعبا، فبلغ ذلك مصعبا فتوجه اليه فالتقوا

(1)

-المطرق: الفحل الضارب. القاموس.

(2)

-هذا الخبر ليس بالمطبوع من كتاب الجليس الصالح.

(3)

-هو بحكم المفقود على أهميته.

ص: 2065

بمسكن

(1)

قال: وفي غزاته هذه استخرج الحجاج بن يوسف، وكان سبب ذلك أنه كان إذا نزل المنزل لم تنزل الساقة

(2)

الى وقت رحلته، فقال لكعب بن حامد العبسي وهو على شرطته: ابغني رجلا يكفني الساقة وينزلهم بنزولي ويرحلهم برحيلي، فقال: ان في الشرط لرجل من ثقيف، كثيف الوجه، له جراءة وإقدام يقال له الحجاج ابن يوسف، فولاه الساقة، وكان ينزل بنزول عبد الملك ويرحل برحلته فأعجب به عبد الملك.

قال أبو عثمان أخبرنا يحيى بن فليح أن عبد الملك لما توجه الى مسكن انتشر عليه من حاله، ولم يستطعه من ولاه الساقة، فذكر ذاك لروح بن زنباع فقال: والله لقد رأيت غلاما أخلق به، فلو وليته، فدعا به فولاه الساقة، فلما رحل الناس تخلف ثقل روح بن زنباع وأمرهم بالرحيل فتلكؤوا فأمر بعقر دوابهم، فلما بلغ ذلك روحا أتى عبد الملك ثم قال: ما أصبنا من صاحبك، ثم أخبره بما صنع وضبط الساقة فلم يكن يتخلف أحد (20 - ظ).

قال: ومنهم من قال: كان هذا في سنة اثنتين وسبعين، قال: وفيها دخل عبد الملك الكوفة فوجه منها الحجاج بن يوسف الى ابن الزبير بعد هزيمة مصعب، وقال:

ثم كانت سنة اثنتين وسبعين فكان فيها محاصرة الحجاج ابن الزبير وقطع المواد عنه وأقام الحج للناس الحجاج ولم يطف بالبيت، منعه ابن الزبير من ذلك.

أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الاسدي عن الحافظ أبي القاسم بن أبي محمد قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أخبرنا أبو طاهر بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر المقري قال: أخبرنا أبو الطيب الزراد قال: حدثنا عبيد الله بن سعد قال: قال أبي قال: ودخل عبد الملك الكوفة وبعث منها الحجاج بن يوسف الى عبد الله بن الزبير، ورجع عبد الملك الى دمشق فحج الحجاج على الموسم سنة اثنتين وسبعين، فلم يطف بالبيت وحاصر ابن الزبير قريب من سبعة أشهر، وقطع عنه المواد، وحج بالناس الحجاج سنة ثلاث وسبعين وهو بمكة يومئذ وأمير المدينة

(1)

-موضع قريب أو انا على نهر دجيل عند دير الجاثليق. معجم البلدان.

(2)

-مؤخرة الجيش.

ص: 2066

يومئذ طارق، ثم جمعت له مكة والمدينة ثم حج بالناس الحجاج سنة أربع وسبعين.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران الاشناني قال: حدثنا موسى ابن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط (21 - و) قال: سنة ثلاث وسبعين أقام الحج الحجاج بن يوسف، وقال: سنة أربع وسبعين أقام للناس الحج الحجاج بن يوسف

(1)

.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن نصر قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بالكوفة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن زيد بن علي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عقبة قال: حدثنا هرون بن حاتم قال:

حدثنا أبو بكر بن عياش قال: ثم بايع الناس عبد الملك بن مروان فحج بالناس الحجاج سنة ثلاث وسبعين، وابن الزبير محصور، وحج بالناس الحجاج سنة ثنتين وسنة ثلاث واربع وسبعين، ثم حج بالناس عبد الملك بن مروان سنة خمس وسبعين.

وقال أبو القاسم بن السمرقندي أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثني سلمة قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا اسحاق بن عيسى عن أبي معشر قال: وكان الحجاج بن يوسف حج وابن الزبير محصور سنة اثنتين وسبعين.

قال ابن بكير قال الليث: وحج عامئذ بالناس الحجاج بن يوسف فقاتل هو وابن الزبير وأقام للناس الحج، وفي سنة ثلاث وسبعين حج بالناس الحجاج بن يوسف

قال يعقوب: ويقال حج بالناس سنة أربع وسبعين الحجاج بن يوسف.

قال يعقوب: وفي سنة تسعين فتح على الحجاج بخارا، وفي سنة احدى وتسعين

(1)

- تاريخ خليفة:1/ 342 - 344.

ص: 2067

فتح على الحجاج بن يوسف بلخ

(1)

. وفي سنة اثنتين وتسعين فتح للحجاج خفان

(2)

وفي سنة أربع وتسعين (21 - ظ) فتح للحجاج بن يوسف السند وبيل

(3)

. وفي سنة خمس وتسعين فتح على الحجاج بن يوسف الصغد.

قرأت في تاريخ أبي محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني

(4)

ما ذكره في حوادث سنة احدى وخمسين وثلاثمائة قال: ورد على خزرون الاخشيدي كتاب ممن يكاتبه أنه وجد في هذا الشهر في جامع المصيصة أذج

(5)

تحت الجامع مبني طبقين وفيه صناديق كثيرة فيها خمسة آلاف درع، يغطي الفارس، كل درع ببرنس معمول منه وبه، وخمسة آلاف جوشن

(6)

وخمسة آلاف خوذة وخمسة آلاف ساعد حديد وخفاف حديد بساقات وخمسة آلاف رمح بأسنتها، ونفط ودهن بلسان وقسي كثيرة للرجل ونشاب وخوابي فيها كبود قد طبخت وجففت وطيبت للقوت في الحصار يقتات بها، وانه وجد طابق حديد بحلقه فقلعت فوجد الأزج، ووجد على الازج مكتوب من عهد عبد الملك بن مروان، وبعضه الحجاج بن يوسف وبعض هرون الرشيد (22 - و).

(1)

-أجل مدن خراسان على نهر جيحون واليها ينسب. معجم البلدان.

(2)

-كذا بالاصل وفي النفس شيء منه، فخفان موضع قرب الكوفة، والحديث عن الفتوحات فيما وراء النهر حيث جرى فتح شومان وكش ونسف وغير ذلك. أنظر تاريخ خليفة:1/ 403 - 404. معجم البلدان «مادة-خفان».

(3)

-كذا بالاصل والاقوم «السند والديبل» وكانت الديبل مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند، وأفضل مصدر تحدث عن الفتح العربي للسند هو كتاب «ججا نامه» وقد نقلته الى العربية وطبعته في بيروت ضمن كتاب «السير والمغازي والفتوح» .

(4)

-بحكم المفقود ويقارن بتاريخ الطبري.

(5)

-أي تحت قوس.

(6)

-الجوشن: الصدر والدرع. القاموس.

ص: 2068

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال:

حدثني أبي قال: أخبرني أحمد بن عبيد عن أبي عبد الله محمد بن زياد الاعرابي قال: بلغني أنه كان رجل من بني حنيفة يقال له جحدر بن مالك، فتاكا شجاعا قد أغار على أهل حجر

(1)

وناحيتها، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف، فكتب الى عامله باليمامة يوبخه بتلاعب جحدر به، ويأمره بالاجتهاد في طلبه والتجرد في أمره، فلما وصل الكتاب اليه، أرسل الى فتية من بني يربوع من بني حنظلة، فجعل لهم جعلا عظيما إن هم قتلوا جحدرا، أو أتوا به أسيرا، فانطلق الفتية حتى اذا كانوا قريبا منه أرسلوا اليه انهم يريدون الانقطاع اليه والتحرز به، فاطمأن اليهم، ووثق بهم، فلما أصابوا منه غرة، شدوه كتافا وقدموا به على العامل، فوجه به معهم الى الحجاج، وكتب يثني عليهم خيرا، فلما دخل على الحجاج قال له: من أنت؟ قال: أنا جحدر بن مالك، قال: ما حملك على ما كان منك، قال: جرأة الجنان وجفاء السلطان، وكلب الزمان، فقال له الحجاج: وما الذي بلغ منك فيتجرئ جنانك ويجفوك سلطانك ويكلب زمانك، قال: لو بلاني الامير أكرمه الله، لوجدني (24 - و) من صالحي الأعوان وبهم

(2)

الفرسان، ولوجدني من أنصح رعيته، وذلك أني ما لقيت فارسا

(1)

-مدينة باليمامة وأم قراها وبها كان ينزل الوالي. معجم البلدان.

(2)

-البهم في الاصل الذي لا يخالط لونه لون سواه، وأرادهها أنه ليس به شيء من العاهات والاعراض. النهاية لابن الاثير.

ص: 2069

قط الا كنت عليه في نفسي مقتدرا، قال له الحجاج: إنا قاذفون بك في حائر

(1)

فيه أسد عاقر ضار، فإن هو قتلك كفانا مؤونتك وان أنت قتلته خلينا سبيلك، قال:

أصلح الله الامير أعظمت المنة وأعطيت المنية وقربت المحنة، فقال الحجاج: فانا لسنا بتاركيك لتقاتله الا وانت مكبل بالحديد، فأمر به الحجاج فغلت يمينه الى عنقه، وأرسل به الى السجن، فقال جحدر لبعض من يخرج الى اليمامة: تحمل عني شعرا وأنشأ يقول:

ألا قد هاجني فازددت شوقا

بكاء حمامتين تجاوبان

تجاوبتا بلحن أعجمي على

غصنين من غرب وبان

(2)

فقلت لصاحبي وكنت أحزو

(3)

ببعض الطير ماذا تحزوان

فقالا الدار جامعة قريب

فقلت: بل أنتما متمنيان

فكان البان ان بانت سليمى

وفي الغرب اغتراب غير دان

أليس الليل يجمع أم عمرو

وايانا فذلك بنا تدان

بلى وترى الهلال كما تراه

ويعلوها النهار اذا علاني

اذا جاورتما نخلات حجر

وأودية اليمامة فانعياني

وقولا جحدر أمسى رهينا

يحاذر وقع مصقول يماني

(24 - ظ) قال: وكتب الحجاج الى عامله بكسكر

(4)

أن يوجه اليه بأسد ضارعات، يجر على عجل، فلما ورد كتابه على العامل امتثل أمره، فلما ورد الاسد على الحجاج أمر به فجعل في حائر، وأجيع ثلاثة أيام، فأرسل الى جحدر فأتي به من السجن ويده اليمنى مغلولة الى عنقه، وأعطي سيفا والحجاج وجلساؤه في منظرة لهم، فلما نظر جحدر الى الاسد أنشأ يقول:

(1)

-أي في مكان مستدير عليه سور.

(2)

-الغرب شجرة حجازية ضخمة شاكة. والبان الشجر أول ما ينبت. القاموس.

(3)

-الحزاء الذي يحزر الاشياء ويقدرها بظنه. النهاية لابن الاثير.

(4)

-كورة كبيرة حدها من الجانب الشرقي في آخر سقي النهروان الى أن تصب دجلة في البحر. معجم البلدان.

ص: 2070

ليث وليث في مجال ضنك

كلاهما ذو أنف ومحك

وشدة في نفسه وفتك

أن يكشف الله قناع الشك

فهو أحق منزل يترك

فلما نظر اليه الاسد، زأر زأرة شديدة، وتمطى وأقبل نحوه، فلما صار منه على قدر رمح، وثب وثبة شديدة فتلقاه جحدر بالسيف فضربه ضربة، حتى خالط لباب السيف لهواته، فخر الاسد كأنه خيمة قد صرعتها الريح، وسقط جحدر على ظهره من شدة وثبة الاسد، وموضع الكبول، فكبر الحجاج والناس جميعا وأنشأ جحدر يقول:

يا جمل انك لو رأيت كريهتي

في يوم هول مسدف وعجاج

وتقدمي لليث أرسف موثقا

كيما أثاوره على الاحراج

شثن براثنه

(1)

كأن نيوبه

زرق المعاول أو شباه زجاج

يسمو بناظرتين تحسب فيهما

لهبا احدهما شعاع سراج

(25 - و)

وكأنما خيطت عليه عباءة

برقاء أو خرق من الديباج

لعلمت أني ذو حفاظ ماجد

من نسل أقوام ذوي أبراج

ثم التفت الى الحجاج فقال:

ولئن قصدت بي المنية عامدا

اني لخيرك بعد ذاك لراج

علم النساء بأنني لا أنثني اذ

لا يثقن بغيرة الأزواج

وعلمت أني ان كرهت نزاله

اني من الحجاج لست بناج

فقال له الحجاج: ان شئت أسنينا عطيتك، وان شئت خلينا سبيلك، قال: لا بل أختار مجاورة الحجاج أكرمه الله، ففرض له ولاهل بيته وأحسن جائزته.

قال القاضي: مسدف مظلم من السدفة، والرسف مشي المقيد، والبراثن مخالب الاسد، والشبا والشباة حد الاسنة. قال أبو بكر: البرقاء التي فيها سواد وبياض

(2)

.

(1)

-شثن البراثن: غليظها وخشنها.

(2)

-الخبر ليس في المطبوع من كتاب الجليس الصالح.

ص: 2071

أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل وأبو الحسن بن أبي جعفر-قراءة علينا من لفظه، قال أبو بكر: أخبرنا علي بن أبي محمد بن الحسين، وقال أبو الحسن أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن اجازة-قالا: أخبرنا علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن المقرئ قال: أخبرنا أبو محمد العسالي قال: حدثنا أبو بكر الدينوري قال: وحدثنا ابراهيم بن نصر قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا حفص بن النضر السلمي قال: خطب الحجاج الناس يوما فقال: أيها الناس الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله، فقام اليه رجل فقال:(25 - ظ) يا حجاج ويحك ما أصفق وجهك وأقل حياءك تفعل ما تفعل، ثم تقول مثل هذا؟ فأمر به فأخذ فلما نزل عن المنبر دعا به: لقد اجترأت علي، فقال له: يا حجاج أنت تجترئ على الله فلا تنكره على نفسك واجترئ أنا عليك فتنكره علي، فخلا سبيله.

أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز العكبري قال: أخبرنا أبو علي الجازري، قال: أخبرنا أبو الفرج الجريري، قال:

حدثنا الحسين بن المرزبان النحوي، قال: حدثني علي بن جعفر بن بيان الجزري، قال: حدثني عمر بن شبة، قال: حدثنا علي بن محمد-يعني-المدائني عن أبي المضرجي قال: أمر الحجاج محمد بن المنتشر بن أخي مسروق بن الاجدع أن يعذب ازاذمرد

(1)

بن الهربد فقال له ازاذمرد: يا محمد ان لك شرفا قديما وان مثلي لا يعطي على الذل شيئا فاستأدني وارفق بي فاستأداه في جمعة ثلاثمائة ألف، فغضب الحجاج وأمر معدا صاحب العذاب أن يعذبه، فدق يده ورجليه فلم يعطهم شيئا.

قال محمد: فاني لأسير بعد ثلاثة أيام اذا أنا بازاذمرد معترضا على بغل قد دقت يداه ورجلاه، فقال لي: يا محمد، فكرهت أن آتيه فيبلغ الحجاج، وتذممت من تركه اذ دعاني فدنوت منه فقلت: حاجتك؟ فقال: قدوليت مني مثل هذا فأحسنت الي ولي عند فلان مائة ألف درهم فانطلق فخذها، قلت: لا والله لا آخذ منها درهما وأنت على هذه الحال، قال: فاني أحدثك حديثا سمعت من أهل دينك يقولون: اذا أراد الله تعالى بالعباد خيرا أمطرهم في أوانه، واستعمل (26 - و) عليهم خيارهم وجعل المال عند سمحائهم، واذا أراد بهم شرا أمطروا في غير ابانه، واستعمل عليهم

(1)

-كان من كبار الدهاقين وأكثرهم ثروة.

ص: 2072

شرارهم، وجعل المال في أشحائهم، ومضى، فأتيت منزلي فما وضعت ثيابي حتى جاءني رسول الحجاج فأتيته وقد اخترط سيفه فهو في حجره، فقال: ادن فدنوت قليلا، ثم قال: ادن، فقلت ليس بي دنو وفي حجر الامير ما أرى فاضحكه الله تعالى لي وأغمد السيف، فقال: ما قال لك الخبيث؟ فقلت: والله ما غششتك منذ استنصحتني ولا كذبتك منذ صدقتني ولا خنتك منذ ائتمنتني، فأخبرته بما قال فلما أردت ذكر الرجل الذي عنده المال، صرف وجهه وقال: لا تسمه، وقال: لقد سمع عدو الله الاحاديث

(1)

.

وقال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا محمد بن دريد قال: حدثنا أحمد بن عيسى عن العباس بن هشام عن أبيه عن عوانة قال: خطب الحجاج الناس بالكوفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أهل العراق تزعمون أنا من بقية ثمود، وتزعمون أني ساحر وتزعمون أن الله عز وجل علمني اسما من أسمائه أقهركم وأنتم أولياؤه بزعمكم وأنا عدوه، فبيني وبينكم كتاب الله تعالى، قال عز وجل «فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه

(2)

»، فنحن بقية الصالحين ان كنا من ثمود، وقال عز وجل:«انما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى»

(3)

والله أعدل في خلقه (26 - ظ) من أن يعلم عدوا من أعدائه اسما من أسمائه يهزم به أولياءه. ثم حمى وكثر كلامه فتحامل على رمانة المنبر فحطمها فجعل الناس يتلاحظون بينهم وهو ينظر اليهم، فقال: يا أعداء الله ما هذا الترامز أنا حديا الظبي السانح والغراب الأبقع، والكوكب ذي الذنب، ثم أمر بذلك العود فأصلح قبل أن ينزل من المنبر. قال المعافى: قول الحجاج: أنا حديا الظبي فانه أراد: إنا لثقتنا بالغلبة والاستعلاء نتحدى ارتفاع الظبي سانحا وهو أحمد ما يكون في سرعته ومضائه، والغراب الأبقع في تحدره وذكائه ومكره وخبثه ودهائه، وذا الذنب من الكواكب فيما ينذر من غرائب مكروه بلائه، والله ذو البأس الشديد، بالمرصاد له ولحزبه وأوليائه

(4)

.

(1)

-ليس بالمطبوع من كتاب الجليس الصالح.

(2)

- سورة هود-الآية:66.

(3)

- سورة طه-الآية:69.

(4)

-ليس بالمطبوع من كتاب الجليس الصالح.

ص: 2073

أخبرنا عتيق بن أبي الفضل ومحمد بن أحمد القرطبي من لفظه. قال عتيق:

أخبرنا علي بن الحسن، وقال محمد: أنبأنا عبد الله بن سيدة، قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب، قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر بن مروان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثنا هاشم بن الوليد، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الكلبي قال: سمعت الحجاج يقول: يزعم أهل العراق أني بقية ثمود، ونعم والله البقية

(1)

ثمود ما كان مع صالح إلا المؤمنون.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم (27 - و) بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ بقراءتي عليه، قال: أخبرنا عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال- قراءة عليه-قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمران الجندي، قال:

حدثنا محمد بن القاسم بن بنان قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو منصور الصاغالي قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثني أبو عبد الله الفراوي عن مالك ابن دينار قال: ما رأيت أحدا أبين من الحجاج ان كان ليرقى المنبر فيذكر احسانه الى أهل العراق، واساءتهم اليه، وتعديهم عليه حتى أقول في نفسي: اني لأحسبه صادقا واني لأظنهم ظالمين.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي، قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم، قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال، قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمود، قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، قال: أخبرنا أبو عبيد الله أحمد بن عمرو الواسطي، قال:

حدثنا عبد الله بن أبي سعيد، قال: حدثني مسعود بن عمرو، قال حدثني أبو عمرو النحوي، قال: حدثنا أبو زيد الانصاري عن أبي عمرو بن العلاء، قال: ما رأيت أحدا أفصح من الحسن ومن الحجاج، فقلت: فأيهما كان أفصح: قال: الحسن.

أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم: قال: قرأت على أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: ذكر سليمان

(1)

-ارجح أنه سقط من الاصل كلمة «بقية» .

ص: 2074

ابن أبي شيخ عن صالح بن سليمان قال: قال عتبة بن عمرو: ما رأيت عقول الناس إلاّ قريبا بعضها من بعض إلاّ الحجاج وإياس بن معاوية، فان عقولهما (27 - ظ) كانت ترجح على عقول الناس

(1)

.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم المؤدب قالت: أخبرنا علي بن الحسن بن الفضل الأديب قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن خالد قال: أخبرنا علي بن عبد بن العباس الجوهري قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني علي بن صالح قال: وخطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم فقال:

يا أهل العراق ان الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم والاسماع والاطراف والاعضاء والشغاف، ثم أفضى الى الامخاخ والأسماخ، ثم ارتفع فعشعش، ثم باض وفرخ فحشاكم شقاقا ونفاقا، وأشعركم خلافا، اتخذتموه دليلا تتبعونه وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تستشيرونه، فكيف تنفعكم تجربة، أو تعظكم موعظة، أو يحجزكم اسلام، أو يردكم تبيان، ألستم أصحابي بالاهواز حيث رمتم الكفر وسعيتم بالغدر واستجمعتم للمكر، وظننتم أن الله يخذل دينه وخلافته وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تسللون لو اذا وتنهزمون سراعا، ثم يوم الزاوية وما يوم الزاوية بها كان فشلكم وتسارعكم، وبراءة الله منكم ونكوص وليكم عليكم، اذ وليتم كالإبل الشوارد الى أعطانها، النوافر الى أوطانها، لا يسأل المرء عن أخيه (28 - و) ولا يلوي الشيخ على بنية، حتى عضكم السلاح وتقصفت فيكم الرماح، ثم يوم الجماجم بها كانت المعارك والملاحم

(2)

.

ضرب يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

يا أهل العراق الكفرات بعد الفجرات، والغدرات بعد الخترات،

(3)

والغزوات

(1)

-ترجم ابن عساكر للحجاج بشكل مطول ومع ذلك لم أقف على هذين الخبرين في ترجمته، هذا وكانت العرب تضرب المثل بذكاء اياس بن معاوية.

(2)

-من أيام ثورة ابن الأشعث-انظر كتابي «تاريخ العرب والاسلام» : 167 - 175.

(3)

-الختر: الغدر. النهاية لابن الاثير.

ص: 2075

بعد النزوات، ان بعثتكم الى ثغوركم غللتم وخرتم وخنتم وجبنتم، وان أمنتم أرجفتم واخترصتم وطعنتم، ونافقتم، لا تذكرون حسنة ولا تشكرون نعمة، هل استخفكم ناكث أو استغواكم غاو أو استنفركم عاص أو استفزكم ظالم أو استعضدكم خالع الا اتبعتموه وآويتموه ونصرتموه، يا أهل العراق هل شغب، شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر زافر إلاّ كنتم أشياعه وأنصاره، ألم تنهكم المواعظ ألم تزجركم الوقائع؟!.

ثم التفت الى أهل الشام فقال: أنا كالظليم

(1)

الرامح عن فراخه ينفي عنها القذر، ويباعد عنها الحجر، ويقيها من المطر، ويحميها من الضباب، ويحرسها من الذئاب، يا أهل الشام أنتم الجنة

(2)

والرداء، وأنتم العدة والحذاء.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش، قال: أخبرنا أبو علي الجازري، قال: أخبرنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكلبي، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي (28 - ظ) قال: حدثنا محمد بن عبيد الله بن عباس عن عطاء-يعني-ابن مصعب عن عاصم قال: خطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم، فقال: يا أهل العراق إن الشيطان قد استنبطنكم فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والاطراف ثم أفضى الى الأسماخ والأمخاخ، ثم ارتفع فعشش ثم باض وفرخ، ثم دب ودرج فحشاكم نفاقا وشقاقا وأشعركم خلافا، اتخذتموه دليلا تتبعونه، وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تشاورونه، فكيف تنفعكم تجربة أو ينفعكم بيان، ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم المكر، وأجمعتم على الكفر، وظننتم أن الله جل وعز يخذل دينه وخلافته، وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تتسللون لو اذا، وتنهزمون سراعا، يوم الزاوية بما كان من فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم، وبراءة الله منكم، ونكوص وليكم اذ وليتم كالإبل الشاردة عن أوطانها، النوازع، لا يسأل المرء عن أخيه ولا يلوي الشيخ على بنيه، حين عضكم السلاح ونخستكم الرماح، يوم دير الجماجم، وما يوم دير الجماجم، بها كانت المعارك والملاحم:

بضرب يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

(1)

-الظليم: ذكر النعام. النهاية لابن الاثير.

(2)

-الجنة الدفاع ومنها المجن.

ص: 2076

يا أهل العراق الكفرات بعد الفجرات، والعذرات بعد الخترات، والنزوة بعد النزوات ان بعثناكم الى ثغوركم غللتم وجبنتم، وان أمنتم أرجفتم، وان خفتم نافقتم، لا يتذكرون نعمة ولا يشكرون معروف، هل استخفكم (29 - و) ناكث، أو استغواكم غاو، أو استفزكم عاص أو استنصركم ظالم أو استعضدكم خالع الا لبيتم دعوته وأجبتم صيحته، ونفرتم اليه خفافا وثقالا وفرسانا ورجالا، يا أهل العراق هل شغب شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر زافر ألا كنتم اتباعه وأنصاره، ألم تنفعكم المواعظ، ألم تزجركم الوقائع، ألم يشدد الله عليكم وطأته، ويذقكم حر سيفه، وأليم بأسه ومثلاته.

ثم التفت الى أهل الشام فقال: يا أهل الشام انما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه، ينفي عنها القذر، ويباعد عنها الحجر، ويكنها من المطر، ويحميها من الضباب ويحرسها من الذئاب، يا أهل الشام أنتم الجنة والرداء، وأنتم الملاءة والحذاء، أنتم الاولياء والانصار، والشعار دون الدثار بكم يذب عن البيعة والحوزة وبكم ترمى كتائب الاعداء، ويهزم من عاند وتولى

(1)

.

أخبرنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي أذنا ولقيته بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي وحدثني أبو اسحاق ابراهيم بن طاهر الخشوعي عنه، قال: أخبرنا مشرف بن علي ابن التمار، اجازة: قال: أخبرنا أبو خازم محمد بن الحسن بن محمد بن خلف بن الخضر قال: قرأت على محمد بن أحمد بن القاسم الضبي قال: حدثنا أحمد بن كامل -قراءة عليه-قيل له: حدثكم أبو العباس محمد بن يزيد المبرد-قال ابن كامل:

وأنا أشك في سماعه-قال: حدثني التوزي في أسناد (29 - ظ) ذكره وآخره عبد الملك بن عمير الليثي قال: بينا نحن بالمسجد الجامع بالكوفة وأهل الكوفة يومئذ ذووا حال حسنة، يخرج الرجل منهم في العشرة والعشرين من مواليه، أتانا آت فقال: هذا الحجاج قد قدم أميرا على العراق: فاذا به قد دخل المسجد متعمما بعمامة قد غطا بها أكثر وجهه متقلدا سيفا متنكبا قوسا يؤم المنبر، فقام الناس نحوه حتى صعد المنبر، فمكث ساعة لا يتكلم، فقال الناس بعضهم لبعض قبح الله بني أمية،

(1)

-الخبر ليس بالمطبوع من كتاب الجليس الصالح.

ص: 2077

حيث تستعمل مثل هذا على العراق، فقال عمير بن ضابي البرجمي

(1)

: ألا أحصبه لكم؟ قالوا: أمهل حتى ننظر، فلما رأى عيون الناس اليه، حسر اللثام عن فيه، ونهض فقال:

أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

متى أضع العمامة تعرفوني

والله يا أهل الكوفة اني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها، واني لصاحبها كأني انظر الى الدماء بين العمائم واللحا.

هذا أوان الشد فاشتدى زيم

قد لفها الليل بسواق حطم

ليس براعي إبل ولا غنم

ولا بجزار على ظهر وضم

(2)

قد لفها الليل بعصلبي

أروع خراج من الدوي

(3)

مهاجر ليس بأعرابي

قد شمرت عن ساقها فشدوا

وجدت الحرب بكم فجدوا

والقوس فيها وتر عرد

(4)

مثل ذراع البكر

(5)

أو أشد (30 - و)

اني والله يا أهل العراق ما يقعقع لي بالشنان ولا يغمز جانبي كغمز التين، ولقد فررت عن ذكاء وفتشت عن تجربة، وان أمير المؤمنين نثر كنانته فعجم عيدانها فوجدني أمرها عودا وأصلبها مكسرا، فرماكم بي لأنكم طال ما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلال، والله لاحزمنكم حزم السلمة، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، فانكم لكأهل «قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف»

(6)

واني والله ما أقول إلاّ وفيت، ولا أهم الا أمضيت ولا أحلق الا فريت، وان أمير المؤمنين أمرني

(1)

-سيقتله الحجاج بعد قليل.

(2)

-الوضم: الخشبة أو البارية التي يوضع عليها اللحم، تقيه من الارض. النهاية لابن الاثير.

(3)

-الدو: الصحراء التي لا نبات بها، وأراد الحجاج هنا الفلوات وأنه صاحب أسفار ورحل، فهو لا يزال يخرج من الفلوات، ويحتمل أن يكون أراد به أنه بصير بالفلوات فلا يشتبه عليه شيء منها. النهاية.

(4)

-العرد: الشديد من كل شيء. النهاية.

(5)

-البكر: الفتى من الابل. النهاية.

(6)

- سورة النحل-الآية:112.

ص: 2078

باعطائكم وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة

(1)

، واني أقسم بالله لا أجد رجلا تخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام الا ضربت عنقه، يا غلام اقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين، فقرأ:

بسم الله الرحمن الرحيم:

من عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين الى من بالكوفة من المسلمين سلام عليكم.

فلم يقل أحد شيئا، فقال الحجاج: اكفف يا غلام، ثم أقبل على الناس فقال:

أسلم عليكم أمير المؤمنين فلم تردوا عليه شيئا؟ هذا أدب ابن نهيه

(2)

، أما والله لأؤدبنكم غير هذا الادب، أو لتستقيمن، اقرأ يا غلام كتاب أمير المؤمنين، فقرأ فلما بلغ الى قوله: سلام عليكم، لم يبق في المسجد أحد إلاّ قال: وعلى أمير المؤمنين السلام، ثم نزل فوضع للناس أعطياتهم، فجعلوا يأخذون حتى أتاه شيخ يرعش كبرا (30 - ظ) فقال: أيها الأمير اني من الضعف على ما ترى، ولي ابن هو أقوى على الأسفار مني، أفتقبله مني بديلا؟ فقال له الحجاج: تفعل أيها الشيخ، فلما ولى قال له قائل: أتدري من هذا أيها الامير؟ قال: لا، قال هذا عمير بن ضابئ البرجمي الذي يقول أبوه:

هممت ولم أفعل وكدت وليتني

تركت على عثمان تبكي حلائله

ودخل هذا الشيخ على عثمان مقتولا، فوطئ بطنه فكسر ضلعين من أضلاعه فقال: ردوه، فلما رد قال له الحجاج: أيها الشيخ هلا بعثت الى أمير المؤمنين عثمان بديلا يوم الدار، ان قتلك أيها الشيخ صلاح للمسلمين، يا حرسي اضربا عنقه. فجعل الرجل يضيق عليه بعض أمره فيرتحل، ويأمر وليه أن يلحقه بزاده، وفي ذلك يقول ابن عبد الله بن الزبير الأسدي.

(1)

-لقتال الخوارج بعد ما اشتدت شوكتهم وعظم خطرهم، وقد تخصص المهلب بحربهم وحقق أوسع النجاحات بعد حروب طويلة. أنظر كتابي «تاريخ العرب والاسلام»:177 - 180.

(2)

-ولي الحجاج العراقيين بعد بشر بن مروان. انظر تاريخ خليفة:1/ 345.

ص: 2079

تجهز فاما أن تزور ابن ضابئ عميرا واما أن تزور المهلبا

هما خطتا خسف نجاؤك منهما

ركوبك حوليا من الثلج أشهبا

فأضحى ولو كانت خراسان دونه

رآه مكان الشوق أو هو أقربا

(1)

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي الجن قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان، قال: حدثنا أبو سعيد الأزدي يعني الحسن ابن الحسين السكري قال: سمعت (31 - و) الزيادي أبا اسحاق يقول: سمعت الأصمعي يقول: أرجف الناس بموت الحجاج فخطب فقال: ان طائفة من أهل العراق وأهل الشقاق والنفاق نزع الشيطان بينهم، فقالوا: مات الحجاج، ومات الحجاج، فمه؟

(2)

وهل يرجو الحجاج الخير إلاّ بعد الموت، والله ما يسرني إلاّ أموت وان لي الدنيا وما فيها، وما رأيت الله رضي التخليد الا لأهون خلقه عليه ابليس حيث «قال أنك لمن المنظرين

(3)

» فانظره الى يوم الدين، ولقد دعا الله العبد الصالح فقال: «هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي

(4)

» فأعطاه ذلك إلاّ البقاء، فما عسى أن يكون أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل كأني والله بكل حي منكم ميتا، وبكل رطب يابسا ثم نقل في ثياب أكفانه الى ثلاثة أذرع طولا في ذراع عرضا، فأكلت الارض لحمه ومصت صديده وانصرف الحبيب من ولده يقسم الحبيب من ماله، ان الذين يعقلون يعقلون ما أقول. ثم نزل.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة-قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 110 و-112 و.

(2)

-وما في ذلك.

(3)

- سورة الاعراف-الآية:15.

(4)

- سورة ص-الآية:35.

ص: 2080

عبد الجبار ابن أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار-قال: حدثنا محمود ابن محمد الاديب، قال: حدثنا أبو القاسم (31 - ظ) علي بن الحسن بن بيان قال: حدثنا شبابة بن سوار قال: حدثنا أبو بكر الهذلي قال: مرض الحجاج، فقال الناس: مات. فأفلق فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل العراق والشقاق والنفاق والمراق، قلتم مات الحجاج فمه؟ فو الله ما سرني أني ممن لا يموت، والله ما رضي الله البقاء إلاّ لأهون خلقه عليه ابليس، ولقد سأل الله العبد الصالح سليمان فقال:«رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي»

(1)

، فأعطاه الله ذلك كله، ثم صار الى الموت. أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل، كأني بك وقد انطلق بك على سريرك الى ثلاث أذرع من الارض في ذراعين، ثم سن عليك التراب سنا

(2)

، فأكلت الديدان لحمك، ومصت دمك، ورجع الحبيبان أحدهما يقسم للآخر: حبيبك من ولدك يقسم حبيبك من مالك، ثم يمرون بحبوة قبرك بعد ثالثة فانهم لم يعرفوك، أما ان الذين يعلمون، يعلمون ما أقول.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم الخبري قالت: أخبرنا علي بن الحسن الشاعر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب، قال: أخبرنا أبو محمد بن المغيرة قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني علي بن صالح عن عامر بن صالح قال: مرض الحجاج مرضا (32 - و) شديدا، فأرجف أهل العراق بموته، فخرج مندملا من مرضه حتى أوفى على ذروة المنبر فقال: ألا إن أهل العراق أهل الشقاق والنفاق نفخ الشيطان في مناخرهم، فقالوا: مات الحجاج ومات الحجاج، وإن مت فمه؟ والله ما أحب ألا أموت، وهل أرجوا الخير كله الا بعد الموت، وما رأيت الله علا ذكره وتقدست أسماؤه رضي التخليد لأحد من خلقه إلا لأخسهم

(1)

- سورة ص-الآية:35.

(2)

-يقال: سنيت الشيء اذا فتحته وسهلته. النهاية.

ص: 2081

وأهونهم عليه إبليس، ولقد سأل العبد الصالح ربه فقال:«هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي» ففعل، ثم اضمحل فكأن لم يكن، يا أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، والله لكأني بي فيكم قد صار كل حي منا ميتا، وكل رطب يابسا، ونقل امرؤ في ثياب طهره الى أربع أدرع طولا في ذراعين عرضا، وأكلت الارض شعره وبشره، ومصت صديده ودمه، ورجع الحبيبتان أهله وولده، يقتسمان حبيبه من ماله، ألا إن الذين يعلمون يعلمون ما أقول حقا، ثم نزل.

أخبرنا عبد الغني بن سليمان بن بنين قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء-إجازة-قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب، ح.

وأخبرنا عتيق السلماني وأبو الحسن بن أحمد-من لفظه، قال عتيق: أخبرنا علي بن أبي محمد، وقال أبو الحسن: أنبأنا عبد الله بن صابر-قالا: أخبرنا أبو القاسم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قالا: أخبرنا (32 - ظ) الحسن ابن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا يوسف بن عبد الله الحلواني قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا الحسن الحفري قال: سمعت مالك بن دينار يقول: سمعت الحجاج على هذه الأعواد وهو يقول: امرؤ وزن عمله، امرؤ حاسب نفسه، امرؤ فكر فيما يقرأه في صحيفته ويراه في ميزانه، وكان عند قلبه زاجرا، وعند همه آمرا، امرؤ أخذ بعنان عمله كما يأخذ بخطام جمله، فإن قاده الى طاعة الله تبعه، وان قاده الى معصية الله كفّه.

أخبرنا أبو القاسم بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال وخديجة المرابطة-قال الحبال:

أخبرنا عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي بن الحسين بن بندار-قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا محمد ابن عبد الرحمن بن أخت هاني قال: أخبرني الحسن بن عرفة عن زياد بن السكن عن الشعبي قال: سمعت الحجاج على المنبر يقول: أما بعد فإن الله كتب على الدنيا

ص: 2082

الفناء، وعلى الآخرة البقاء، فلا فناء لما كتب عليه البقاء، ولا بقاء لما كتب عليه الفناء، فلا يغرنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة، واقهروا طول الأمل بقصر الأجل.

وقال: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال حدثنا الحنفي، يعني أحمد بن الأسود (33 - و) قال حدثنا رفيع بن سلمة العبدي عن أبي عبيدة قال: خطب الحجاج فقال: والله ما يسرني ما مضى لي من الدنيا بعمامتي هذه ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم الإربلي بحلب قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد الفرج قالت: أخبرنا طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثني محمد بن عمر بن علي الثقفي، قال: حدثني عبيد بن حسين بن ذكوان المعلم عن سلام بن مسكين، قال: خطب الحجاج، -أو قال: خطبنا-فقال: أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، زمّوا أنفسكم، وأخطموها بأزمتها الى طاعة الله، وكفوها بخطمها عن معصية الله.

وقال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني أبو محمد التيمي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا شهاب بن خراش قال: حدثنا سيار أبو الحكم قال:

سمعت الحجاج بن يوسف على المنبر يقول: يا أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، رجل خطم نفسه وزمها فقادها بخطامها الى طاعة الله وعنجها

(1)

بزمامها عن معاصي الله.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا ثابت بن بندار بن ابراهيم، قال: أخبرنا أبو تغلب عبد الوهاب بن علي بن الحسن الملحمي، قال: حدثنا المعافى بن زكريا الجريري-إملاء-قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: أخبرنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة عن أشياخه قال:

(1)

-عنج ناقته بزمامها: جذب زمامها لتقف. النهاية لابن الاثير.

ص: 2083

لما ولى عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف العراق، اتصل به سرفه في القتل، وأنه أعطى أصحابه الأموال، فكتب إليه عبد الملك.

أما بعد: فقد بلغني سرفك في الدماء، وتبذيرك الأموال، وهذا لا أحتمله لأحد من الناس، وقد حكمت فيك في القتل في العمد بالقود

(1)

، وفي الخطأ بالدية، وأن ترد الأموال الى مواضعها، فإنما المال مال الله عز وجل، ونحن خزانه، وسيان منع حق وإعطاء باطل فلا يؤمننك إلا الطاعة ولا يخيفنك الا المعصية، وكتب في أسفل الكتاب:

إذا أنت لم تترك أمورا كرهتها

وتطلب رضاي في الذي أنت طالبه

وتخشى الذي يخشاه مثلك هاربا

الى الله منه ضيّع الدر جالبه

فإن تر مني غفلة قرشية فيا

ربما قد غص بالماء شاربه (33 - ظ)

وإن تر مني وثبة أموية فهذا

وهذا كله أنا صاحبه

فلا تعد ما يأتيك مني فإن تعد

تقم فاعلمن يوما عليك نواد به

فلما ورد الكتاب على الحجاج وقرأه، كتب جوابه.

أما بعد: فقد جاءني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه سرفي في الدماء، وتبذيري الأموال، فو الله ما بالغت في عقوبة أهل المعصية، ولا قضيت حق أهل الطاعة، فإن يكن قتلي للعصاة سرفا وإعطائي أهل الطاعة تبذيرا، فليمض لي أمير المؤمنين ما سلف، وليحدد لي أمير المؤمنين فيما يحدث حدا أنتهي إليه ولا أتجاوزه، وكتب في أسفل الكتاب:

إذا أنا لم أطلب رضاك وأتقي

أذاك فيومي لا توارت كواكبه

إذا قارف الحجاج فيك خطيئة

فقامت عليه في الصباح نواد به

أسالم من سالمت من ذي هوادة

ومن لم تسالمه فإني محاربه

(1)

-القود: القصاص، وقتل القاتل بدل القتيل. النهاية لابن الاثير.

ص: 2084

إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه

وأقصي الذي تسري إلي عقاربه

فمن يتقي يومي ويرجو إذا غدي

على ما أرى والدهر جما عجائبه

(1)

أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن أبي محمد الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال في معجم الشعراء: كتب إليه-يعني الحجاج-عبد الملك بن مروان بأبيات ينكر عليه فيها إسرافه في الدماء والأموال، فأجابه الحجاج:(34 - و)

إذا أنا لم أطلب رضاك وأتقي

أذاك فيومي لا توارى كواكبه

وما لامرئ يعصي الخليفة جنة

تقيه من الأمر الذي هو راهبه

أسالم من سالمت من ذي قرابة

وإن لم تسالمه فإني محاربه

إذا قارف الحجاج فيك خطيئة

فقامت عليه في الصباح نوادبه

إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه

وأقص الذي تسري إليك عقاربه

وأعطي المواسي في البلاء عطية

ترد الذي ضاقت عليه مذاهبه

فمن يتقي يومي ويرعى مودتي

ويخشى غدي والدهر جم عجائبه

والأمر إليك اليوم ما قلت قلته

وما لم تقله لم أقل ما يقاربه

فقف بي على حد الرضا لا أجوزه

يد الدهر حتى يرجع الدر

(2)

حالبه

وإلا فذرني والأمور فإنني

رفيق شفيق أحكمته تجاربه

قال المرزباني: وله أيضا جواب لعبد الملك أوله:

لعمري لقد جاء الرسول بكتبكم

قراطيس تملأ ثم تطوى فتطبع

كتاب أتاني فيه لين وغلظة

وذكّرت والذكرى لذي اللب تنفع

قال وهي أبيات.

وأخبرنا بها أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم

(1)

-انظر الجليس الصالح:1/ 461 مع فوارق شديدة وان ذلك كان بعد قضاء الحجاج على ثورة ابن الاشعث.

(2)

-ذوات الدر: ذوات اللبن. النهاية لابن الاثير.

ص: 2085

يحيى بن بوش قال أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكرياء القاضي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا (34 - ظ) أبو حاتم قال: أخبرنا أبو عبيدة قال: لما قتل الحجاج ابن الأشعث وصفت له العراق قدّم قيسا، واتسع في إنفاق الأموال، فكتب إليه عبد الملك.

أما بعد: فقد بلغ أمير المؤمنين أنك تنفق في اليوم ما لا ينفقه أمير المؤمنين في أسبوع، وتنفق في الأسبوع ما لا ينفقه أمير المؤمنين في الشهر:

عليك بتقوى الله في الأمر كله

وكن لوعيد الله تخشى وتضرع

ووفر خراج المسلمين وفيئهم

وكن لهم حصنا تجير وتمنع

(1)

فكتب إليه الحجاج:

لعمري لقد جاء الرسول بكتبكم

قراطيس تملى ثم تطوى فتطبع

كتاب أتاني فيه لين وغلظة

وذكرت والذكرى لذي اللب تنفع

وكانت أمور تعتريني كثيرة

فأرضخ أو أعتل حينا فأمنع

إذا كنت سوطا من عذاب عليهم

ولم يك عندي في المنافع مطمع

أيرضى بذاك الناس أم يسخطونه

أم أحمد فيهم أم ألام فأقذع

وكانت بلاد جئتها حيث جئتها

بها كل نيران العداوة تلمع

فقاسيت منها ما علمت ولم أزل

أضارع حتى كدت بالموت أضرع

(2)

فكم أرجفوا من رجفة قد سمعتها

ولو كان غيري طار مما يروّع

وكنت إذا هموا بإحدى هناتهم

حسرت لهم رأسي ولا أتقنع (35 - و)

فلو لم تزد عني صناديد منهم

تقسّم أعضائي ذئاب وأضبع

فكتب إليه عبد الملك: اعمل برأيك

(3)

.

(1)

-ليست في المطبوع من معجم المرزباني.

(2)

-أغلب. النهاية لابن الاثير.

(3)

-الجليس الصالح:1/ 461.

ص: 2086

أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم الدمشقي، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم العلوي قال أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال:

أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن عيسى المؤدب قال: حدثنا ابن عائشة عن أبيه قال: خطب الحجاج يوما ثم أنشد قول سويد بن أبي كاهل:

كيف ترجون سقاطي بعدما

جلل الرأس بياض وصلع

ربّ من أنضحت غيظا صدره

لو تمنى لي موتا لم يطع

ويراني كالشجا في صدره

عسرا مخرجه لا ينتزع

جرذ يخطر ما لم يرني فإذا

أسمعه صوتي انقمع

لم يضرني غير أن يحسدني

فهو يزقو مثل ما يزقو الضرع

ويحييني اذا لاقيته

واذا يخلو له لحمي رتع

قد كفاني الله ما في نفسه

واذا ما يكف شيئا لم يضع

(1)

أخبرنا أبو الحجاج بن خليل الآدمي قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور محمد بن الحسن الجمال قال: أخبرنا أبو منصور محمود بن اسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم (35 - ظ) سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عبد الله بن ابراهيم الجمحي قال:

حدثني سعيد بن سلم، قال: كان الحجاج بن يوسف ينشد قول مالك بن أسماء بن خارجة

(2)

:

يا منزل الغيث بعد ما قنطوا

ويا ولي النعماء والمنن

يكون ما شئت أن يكون وما

قدّرت أن لا يكون لم يكن

يا جارة الحي كنت لي سكنا

وليس بعض الجيران بالسكن

(1)

- ابن عساكر:4/ 120 و.

(2)

-شاعر اسلامي شهر بالغزل، ولاه الحجاج أصبهان بعد ما تزوج أخته هندا الأغاني:16/ 41.

ص: 2087

أذكر من جارتي ومجلسها

طرائفا من كلامها الحسن

ومن حديث يزيدني مقة

ما لحديث الموموق

(1)

من ثمن

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبال وخديجة المرابطة-قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد.

قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي بن الحسين-قالا: حدثنا محمود بن محمد الاديب قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن سلام قال: حدثنا أبو كثير عبد القاهر بن السري قال: كتب الحجاج الى قتيبة بن مسلم.

أما بعد: فإني نظرت في سنيك فوجدتها مثل سني وكتب:

وإن امرأ قد سار خمسين حجة

الى منهل من ورده لقريب (36 - و)

اذا ما مضى القرن الذي كنت فيهم

وخلفت في قرن فأنت غريب

وما الدنيا إلا كما قال الشاعر:

أراها وان كانت تحب فإنها

سحابة صيف عن قليل تقشّع

أخبرنا عتيق السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد، ح.

وحدثنا محمد بن أحمد قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا علي ابن ابراهيم قال: أخبرنا أبو الحسن العدل قال: أخبرنا أبو محمد بن اسماعيل قال:

أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: ربما دخل الحجاج على دابته حتى يقف على حلقة الحسن، فيسمع الى كلامه، فإذا أراد أن ينصرف يقول: يا حسن لا تمل الناس، قال: فيقول الحسن: أصلح الله الامير، إنه لم يبق إلا من لا حاجة له.

(1)

-الموموق المحب المشتاق. النهاية لابن الاثير.

ص: 2088

وقال: أخبرنا أبو بكر الدينوري قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا أبو سلمة قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا علي بن زيد قال: قيل لسعيد بن المسيب: ما بال الحجاج لا يهيجك كما يهيج الناس؟ قال: لأنه دخل المسجد مع أبيه فصلى فأساء صلاته فحصبته، فقال الحجاج: لا أزال أحسن صلاتي ما حصبني سعيد.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي بدمشق، وأبو حفص عمر بن محمد ابن طبرزد قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري قال: أخبرنا أبو اسحاق البرمكي قال: أخبرنا أبو محمد بن ماسي قال حدثنا (36 - ظ) أبو مسلم الكجي، قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري-قال ابن عون: حدثنيه-قال:

دخلت أنا ومسلم البطين على أبي وائل فقلنا لجارية له يقال لها بريرة: قولي لأبي وائل يحدثنا ما سمع من عبد الله بن مسعود، فقالت: يا أبا وائل حدث القوم ما سمعت من ابن مسعود، قال: سمعت ابن مسعود يقول: أيها الناس إنكم مجموعون في صعيد واحد يسمعكم الداعي وينفذكم البصر ألا وإن الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره، فقلنا لها: قولي له بما تشهد على الحجاج؟ قالت: يا أبا وائل بما تشهد على الحجاج، تشهد أنه في النار؟ فقال: سبحان الله أحكم على الله عز وجل!

أخبرنا عتيق بن أبي الفضل، ومحمد بن أحمد-قراءة من لفظه. قال عتيق:

أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، وقال محمد: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:

أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن ابن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن محرز قال: حدثنا عبد العزيز بن منيب عن عبد الله بن عثمان بن عطاء الخراساني قال: حدثني شهاب ابن خراش قال: حدثني عمي يزيد بن حوشب قال: بعث إلى المنصور أبو جعفر فقال: حدثني بوصية الحجاج بن يوسف، فقلت: أعفني يا أمير المؤمنين، قال:

حدثني بها، فقلت:

ص: 2089

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف:

أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله وأنه لا يعرف إلا طاعة الوليد بن عبد الملك عليها يحيى، وعليها يموت، وعليها يبعث وأوصى بتسعمائة درع حديد: ستمائة منها لمنافقي أهل العراق يغزون بها، وثلاثمائة للترك.

قال: فرفع أبو جعفر رأسه الى أبي العباس الطوسي، وكان قائما على رأسه، فقال: هذه والله الشيعة لا (37 - و) شيعتكم.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء-في كتابه عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة، قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار. قال:

حدثني جدي أبو الحسن بن الحسين بن بندار-قالا: حدثنا محمود بن محمد الاديب، قال: حدثنا علي بن عمر النفيلي قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد ابن عبد العزيز قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما حسدت أحدا على شيء قط إلا الحجاج، حسدته على اثنتين: حبه للقرآن وإعطائه

(1)

، وقوله عند موته: اللهم إن الناس يزعمون انك لا تغفر لي، فاغفر لي.

وقالا: حدثنا محمود الأديب قال: حدثنا حنش بن موسى قال: أخبرنا المدائني عن جويرية أن الحجاج قال عند الموت: اللهم اغفر لي، فإن هؤلاء يزعمون أنك لا تغفر لي. فبلغت الحسن كلمته قال: أو قالها؟ قالوا: نعم قال: عسى.

وقالا: حدثنا محمود قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا الماجشون عن الزهري قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: ما آسي إلا على

(1)

-كتب ابن العديم بالحاشية: كذا في الاصل، والصحيح «واعطائه أهله» .

ص: 2090

كلمة بلغني أن الحجاج قالها عند موته: اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تغفر لي.

وقالا: حدثنا محمود قال: حدثنا عبد الله بن الهيثم قال: أخبرنا الوليد بن هشام قال (37 - ظ) قال: لما احتضر الحجاج بن يوسف جعل يقول: لئن كنت على ضلالة بئس حين المنزع، ولئن كنت على هدى لبئس حين المجزع.

أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي الحسن على بن المسلم الفقيه قال:

أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو علي بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: حدثنا محمد بن جعفر بن ملاس قال: حدثنا ربيعة بن الحارث الحمصي قال: حدثنا سليمان بن سلمة قال حدثنا محمد بن حمير قال: حدثنا عبد الملك قال: حدثنا الاحوص بن حكيم العبسي عن أبيه عن جده قال: حضرت نزيع الحجاج بن يوسف، فلما حضره الموت جعل يقول: مالي ولك يا سعيد بن جبير

(1)

.

أخبرنا

(2)

أبو المظفر يوسف بن زغلي بن عبد الله سبط الجوزي بحلب قال:

أخبرنا جدي أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن الفضل بن نظيف قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن الرازي قال: حدثنا هرون بن عيسى قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقري قال: حدثنا حرملة بن عمران قال: حدثنا ابن ذكوان أن الحجاج بعث الى سعيد بن جبير فأصابه الرسول بمكة، فلما سار به الرسول ثلاثة أيام رآه يصوم نهاره، ويقوم ليله، فقال له الرسول: والله إني لا علم أني أذهب بك الى من يقتلك، فاذهب أي الطريق شئت، فقال له سعيد:

إنه سيبلغ الحجاج أنك أخذتني، وإن خليت عني خفت أن يقتلك. قال: اذهب

(3)

بي إليه، فذهب به، فلما دخل قال له الحجاج: ما اسمك؟ قال سعيد بن جبير، فقال:

شقي بن كسير، فقال: أمي سمتني، قال شقيت، قال: الغيب يعلمه غيرك قال

(1)

-كتب ابن العديم بالحاشية: يتلوه مقتل سعيد بن جبير في آخر الجزء.

(2)

-وردت بداية هذا الخبر في آخر الجزء، وكتب ابن العديم بالحاشية «يقدم» وجرى تنفيذ ذلك.

(3)

-كتب ابن العديم قبالتها في الحاشية «فاذهب» .

ص: 2091

الحجاج: (43 - و) أما والله لأبدلنك من دنياك نارا تلظى، قال: لو علمت أن ذلك إليك ما اتخذت إلها غيرك. فسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الى أن قال: ما تقول في؟ قال: أنت بنفسك أعلم، قال: بثّ فيّ علمك قال: إذا أسؤوك ولا أسرك، قال: بثّ قال: نعم ظهر منك جور في حد الله وجرأة على معاصيه بقتلك أولياء الله عز وجل، قال: والله لاقطعنك قطعا، قال: إذا تفسد علي ديناي وأفسد عليك آخرتك والقصاص أمامك، قال: الويل لك، قال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار

(1)

، قال: اذهبوا به فاضربوا عنقه قال سعيد: فإني أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله، فلما ذهبوا به ليقتل تبسم، فقال الحجاج: مم ضحكت؟ قال: من جرأتك على الله عز وجل قال: أضجعوه للذبح، فاضطجع، فقال:«وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض»

(2)

.

فقال: اقلبوا ظهره الى القبلة، فقرأ سعيد: «فأينما تولوا فثم وجه

(3)

الله»، فقال: كبوه على وجهه. فقرأ سعيد: «منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى

(4)

»، فذبح فبلغ ذلك الحسن فقال: اللهم يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج فما بقي إلا ثلاثة، وقع في جوفه الدود فمات. (43 - ظ).

وقال ابن المسلم أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال:

أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن لال الهمذاني قال: حدثنا أوس بن أحمد قال: حدثنا محمد بن اسحاق السراج قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن عبد الله التميمي قال: لما مات الحجاج بن يوسف لم يعلم بموته حتى اشرفت جارية فبكت فقالت: ألا إن مطعم الطعام ومفلق الهام، وسيد أهل الشام قد مات، ثم أنشأت تقول:

اليوم يرحمنا من كان يغبطنا

واليوم يأمننا من كان يخشانا

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال:

(1)

- انظر الآية:185 من سورة آل عمران.

(2)

- سورة الانعام-الآية:79.

(3)

- سورة البقرة-الآية:115.

(4)

- سورة طه-الآية:55.

ص: 2092

أخبرنا أبو (38 - و) محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال:

حدثنا أبو زرعة قال: حدثني محمود بن خالد وغيره قالا: حدثنا يزيد بن عبد ربه قال: حدثنا عمير بن المغلس قال: حدثني أيوب بن منصور قال: سمعت عمرو بن قيس يقول: قال لي الحجاج: متى كان مولدك يا أبا ثور؟ قلت: عام الجماعة سنة أربعين، قال وهي مولدي، قال فتوفي الحجاج سنة خمس وتسعين، وتوفي عمرو بن قيس سنة أربعين، كذلك أخبرني محمود الصواب أبو منصور.

قال الحافظ أبو القاسم: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أخبرنا أبو طاهر بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقري قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن جعفر قال: أخبرنا عبيد الله بن سعد الزهري قال: قال أبي: ثم توفي الحجاج لأربع وعشرين من رمضان-يعني-سنة خمس وتسعين.

قال: وحدثنا عبيد الله بن سعد قال: حدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: ولي الحجاج العراق وهو ابن ثلاثة وثلاثين: ومات وهو ابن ثلاثة وخمسين سنة.

أنبأنا القاضي أبو القاسم بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم ابن حمزة السلمي عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: حدثنا الهروي قال: قرأت على الرشيدي أن موسى بن هرون البردي حدثهم قال: سمعت ابن عيينة يقول. مات الحجاج سنة خمس وتسعين في شوال وهو يومئذ ابن اربع وخمسين.

قال: وأخبرنا أبي أبو محمد قال: حدثنا اسماعيل (38 - ظ) هو ابن اسحاق قال: قال ابن المديني: مات الحجاج سنة خمس وتسعين.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إذنا إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال:

أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثني أبو عبد الله قال:

حدثني-يعني-ابن سعيد قال: مات الحجاج بن يوسف سنة خمس وتسعين.

وقال: حدثنا حنبل قال: وحدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة قال:

قال ابن شوذب: ولي الحجاج العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين.

ص: 2093

قال: وحدثنا أبو نعيم قال: والحجاج بن يوسف في سنة خمس وتسعين، مات في رمضان ليلة سبع وعشرين، وولي سنة خمس وسبعين.

قال: وقال أبو نعيم: قدم الحجاج الكوفة وهو ابن ثلاث وثلاثين، وولينا عشرين سنة، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين.

وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال:

حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا الأصمعي قال: توفي الحجاج وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وولي العراق عشرين سنة.

قال: وحدثنا الأصمعي قال: حدثنا سهل بن أبي الصلت قال: مات الحجاج في رمضان سنة خمس وتسعين.

وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا الحسن بن (39 - و) محمد بن اسحاق قال:

حدثنا اسماعيل بن اسحاق قال: سمعت علي بن المديني يقول: مات الحجاج سنة خمس وتسعين، وفيها مات ابراهيم

(1)

، وفيها قتل سعيد بن جبير.

وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن اللالكاى قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال ابن بكير:

هلك الحجاج في سنة خمس وتسعين، وهلك الوليد سنة ست وتسعين.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال:

أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الحبار قال: أخبرنا أبو الحسن ابن قشيش الحربي قال: أخبرنا أبو محمد بن عثمان الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي ابن قانع قال: سنة خمس وتسعين، وفيها: مات الحجاج بن يوسف بعد سعيد بأيام، وهو الصحيح، ثم قال ابن قانع بعد ذلك: سنة ست وتسعين، وقيل فيها مات الحجاج بن يوسف.

(1)

-ابراهيم النخعي، ويروى أنه مات في السنة التالية. تاريخ خليفة بن خياط:1/ 421.

ص: 2094

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله-فيما اذن لنا أن نرويه عنه-قال:

أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة العصفري قال: وفيها-يعني سنة خمس وتسعين-مات الحجاج في شهر رمضان وهو ابن ثلاث وخمسين

(1)

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن محمد قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: قال يحيى بن سعيد: مات الحجاج سنة خمس وتسعين.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات لأنماطي-إذنا إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال:

أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: ولي الحجاج العراق (39 - ظ) سنة سبعين فاقام بالكوفة خمس سنين وأقام بواسط عشرين سنة ومات في سنة خمس وتسعين.

أنبأنا الكندي عن أبي عبد الله بن البناء عن أبي تمام عن أبي عمر الخزاز قال: أخبرنا محمد بن القاسم قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال أخبرنا سليمان بن أبي شيخ قال: وقال أبو سفيان الحميري: ولي الحجاج العراق عشرين سنة، قدمها سنة خمس وسبعين، ومات سنة خمس وتسعين في شهر رمضان ليلة سبع وعشرين، ولي في خلافة عبد الملك بن مروان إحدى عشرة سنة، وتسع سنين في خلافة الوليد، وكان الحجاج ولي الحجاز ثلاث سنين، وله ثلاثون سنة، ثم ولي العراق فمات وله ثلاث وخمسون سنة ودفن بواسط.

قرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير: ثم كانت سنة أربع وسبعين ففيها قدم الحجاج الكوفة، ومنهم من قال قدمها في رجب سنة خمس وسبعين، وقال: ثم كانت سنة خمس وتسعين، وفيها مات الحجاج بن يوسف بواسط، وكان يكنى

(1)

- تاريخ خليفة بن خياط:1/ 410.

ص: 2095

أبا محمد، مات لأربع بقين من شهر رمضان، ومنهم من قال لثلاث خلون من شهر رمضان، وقد بلغ من السن ثلاث وخمسين سنة.

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة قال: أخبرنا علي بن أبي محمد بن هبة الله، ح.

وحدثنا أبو الحسن بن أحمد، عن عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا علي ابن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن المقري قال: أخبرنا الحسن بن (40 - و) اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابراهيم الحربي قال:

حدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: لما مات الحجاج قال الحسن البصري: اللهم قد أمته فأمت عنا سننه، ثم قال: إن الله عز وجل قال لموسى عليه السلام: ذكر بني اسرائيل أيام الله، وقد كانت عليكم أيام كأيام القوم.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدثنا علي بن زيد قال: كنت عند الحسن فجاءه رجل فقال: مات الحجاج فسجد الحسن.

وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثني ابن نمير، قال: حدثنا ابن ادريس عن اسماعيل بن حماد عن أبيه قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج فبكى، وقال ما كنت أرى أحدا يبكي من الفرح.

أنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي عن أبي عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال: أخبرنا أبو بكر القطان قال: حدثنا أحمد ابن يوسف السلمي، قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ابن طاووس قال: دخل رجل على أبي فقال: مات (40 - ظ) الحجاج بن يوسف يا أبا عبد

ص: 2096

الرحمن، قال: فقال له أبي أربعوا

(1)

على أنفسكم، حبس رجل عليه لسانه، وعلم ما يقول، فقال له الرجل: يا أبا عبد الرحمن برح الخفاء هذه نساء وافد بن سلمة قد نشرن أشعارهن وخرقن ثيابهن ينحن عليه، قال: أفعلوا؟ قال: نعم قال:

«فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين»

(2)

.

أخبرنا المؤتمن أبو القاسم بن قميرة التاجر البغدادي-قراءة عليه بمنزلي بحلب-قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج البغدادية قالت: أخبرنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي قال: حدثني عبد الرحمن بن أخي الأصمعي قال: حدثني عمي قال:

حدثني أبو عمرو بن العلاء قال: هربت من الحجاج وكنت باليمن على سطح يوما فسمعت قائلا يقول:

ربما تكره النفوس من الأمر

له فرجة كحلّ العقال

قال: فخرجت فإذا رجل يقول: مات الحجاج، فما أدري بأيهما كنت أشد فرحا بفرجة أو بموت الحجاج، قال عمي: والفرجة من الفرج والفرجة فرجة الحائط.

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الكناني (41 - و) قال: أخبرنا سهيل بن بشر الاسفراييني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين النيسابوري، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد الذهلي قال: حدثنا أبو شعيب الحراني قال: حدثنا عفان قال: حدثنا سليم بن أخضر عن ابن عون قال: لما بلغ الحسن موت الحجاج قال:

اللهم إن أمتّه فأذهب عنا سنته. قال ابن عون: فقال لي محمد حين مات الحجاج:

إن لقيت خالدا الربعي فاسأله هل يعود علينا مثل الحجاج. قال ابن عون: فلقيت خالدا الربعي فسألته، فقلت: هل تجده يعود علينا مثل الحجاج؟ قال: لا ولكنها تلون خاص.

(1)

-أربع بمعنى قف واقتصر. النهاية لابن الاثير.

(2)

- سورة الانعام-الآية:45.

ص: 2097

أخبرنا أبو حفص المؤدب إذنا قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي -إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال قال: حدثنا أبو حفص عمر بن ابراهيم الكتاني املاء قال: حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي قال: حدثنا أبو عبد الله الابزاري قال: حدثنا داود بن رشيد قال: سمعت أبا يوسف القاضي يقول: كنت عند الرشيد، فدخل عليه رجل فقال: رأيت يا أمير المؤمنين الحجاج البارحة في النوم، قال: في أي زي رأيته بعد الحول فقلت: يا أبا محمد ما صنع الله بك؟ فقال: يا ماصّ بظر أمه أما يا ماصّ بظر أمه، قال هرون: صدقت والله أنت رأيت الحجاج حقا، ما كان أبو محمد ليدع صرامته حيا وميتا.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إذنا إن لم أكن سمعته أبو طالب بن أبي عقيل قال: أخبرنا أبو الحسن (41 - ظ) الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد بن النحاس قال: أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال: حدثنا عبد الله العتكي قال: حدثنا علي بن الحسين الدرهمي قال: حدثنا الأصمعي عن أبيه قال: رأيت الحجاج في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: قتلني بكل قتلة قتلت بها إنسانا، ثم رأيته بعد الحول فقلت: يا أبا محمد ما صنع الله بك؟ فقال: يا ماصّ بظر أمه أما سألت عن هذا عام أول.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إذنا إن لم أكن سمعته منه-قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا هرون بن معروف قال: حدثنا ضمرة قال: حدثنا ابن شوذب عن أشعث الحداني قال: رأيت الحجاج في منامي بحال سيئة، قلت: يا أبا محمد ما صنع بك ربك؟ قال: ما قتلت أحدا قتلة إلاّ قتلني بها، قلت: ثم مه؟ قال: ثم أمر بي إلى النار، قلت: ثم مه؟ قال: ثم أرجو ما يرجو أهل لا إله إلاّ الله، قال: فكان ابن سيرين يقول: إني لأرجو له، قال: فبلغ ذلك الحسن، قال: فقال الحسن: أما والله ليخلفن الله عز وجل رجاءه فيه، يعني ابن سيرين.

-أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن

ص: 2098

الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم عبد المنعم بن علي بن أحمد. وحدثنا أبو الحسن علي ابن مهدي عنه قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو نصر بن الجبان قال:

حدثنا الفضل بن (42 - و) جعفر المؤذن قال حدثنا محمد بن العباس بن الدرفس قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: كان الحسن البصري لا يجلس مجلسا إلاّ ذكر الحجاج فدعا عليه، قال: فرآه في منامه، قال: فقال: أنت الحجاج؟ قال: أنا الحجاج، قال: ما فعل الله بك؟ قال: قتلت بكل قتلة قتلة، ثم عزلت مع الموحدين، قال: فأمسك الحسن بعد ذلك عن شتمه

(1)

.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال:

حدثني أبي قال: أخبرني أبو بكر محمد بن علي دعامة القومسي قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي قال: حدثني الحسن بن عبد الرحمن الفزاري قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا أبو معشر قال: مات رجل عندنا بالمدينة، فلما وضع على مغتسله ليغسل استوى قاعدا، ثم أهوى بيده إلى عينيه فقال: بصر عيني بصر عيني بصر عيني إلى عبد الملك بن مروان وإلى الحجاج بن يوسف يسحبان أمعاءهما في النار، ثم عاد مضطجعا كما كان.

أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا أبو القاسم الشحامي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف قال حدثنا أبو بكر أحمد ابن سعيد بن فرصح قال حدثنا موسى بن الحسن قال: حدثنا سفيان بن زياد المخزومي قال: حدثنا ابراهيم بن عيينة أخو سفيان بن عيينة عن سماك بن حرب قال: قيل لي في النوم إياك والغيبة (42 - ظ) إياك والنميمة، إياك وأكل أموال اليتامى، إياك، والصلاة خلف الحجاج، فإني أقسمت أن أقصمه كما قصم عبادي.

قال: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس-هو الأصم- قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري قال: حدثنا سفيان بن زياد المخزومي فذكره، غير أنه قال: إياك والكذب، إياك والنميمة، إياك وأكل لحوم الناس، إياك والصلاة خلف الحجاج، فإني أقسمت لأقصمنه كما كان يقصم عبادي.

(1)

-هذا الخبر ليس في تاريخ ابن عساكر.

ص: 2099

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي:

‌الحجاج بن يوسف بن عبيد بن أبي زياد الرصافي

أبو محمد بن أبي منيع، وقيل أبو منيع كنية جده عبيد الله بن أبي زياد.

من أهل رصافة هشام بن عبد الملك، وهو مولى لآل هشام، وقيل مولى آل أبي سفيان، وقيل كان جده عبيد الله بن أبي زياد كاتبا لبعض بني مروان، وقيل إنه جده لأمه، والصحيح أنه جده لأبيه كما ذكرناه، وسنذكر ترجمته في موضعها إن شاء الله تعالى. سكن الحجاج حلب إلى أن مات بها، وحدث بها عن جده عبيد الله.

روى عنه أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو أسامة عبد الله بن محمد أبي أسامة، وعبد الصمد بن ابراهيم بن أبي سكينة الحلبيان، وهلال بن العلاء، ومحمد بن علي بن ميمون واسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقيون، والحسين بن الحسن المروزي، وأيوب بن محمد الوزان، وعمر بن بكير الناقد وأبو عبد الله محمد بن أسد الحسني الأسفرائيني وأبو جعفر محمد بن مهدي بن رستم الاصبهاني ومحمد بن ابراهيم بن الفضل الحراني وأبو بكر أحمد بن هاشم الأنطاكي المعروف بالاشلّ وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث البجلي الكزبرائي، ومحمد بن جبلة.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي بالبيت المقدس (44 - و) قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السلفي قال:

أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكرياء الطريثيثي، وأبو سعد محمد ابن عبد الكريم بن محمد بن خشيش، ح.

وأخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الزركشي بحلب، قال: أخبرنا

ص: 2100

أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وأبو المظفر أحمد بن محمد علي الكاغذي قال: أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن هرون. وقال أبو المظفر:

أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي-قالا: أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد ابن إبراهيم بن شاذان البزاز قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي الفارسي في رجب سنة أربع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع بن عبيد الله بن أبي زياد بحلب، قال: حدثنا جدي عن الزهري قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية بنت ظبيان بن عمرو، من بني بكر بن كلاب فدخل بها فطلقها.

فقال حجاج: حدثنا جدي قال: حدثنا محمد بن مسلم أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: فدّل الضحاك بن سفيان من بني أبي بكر بن كلاب عليها رسول الله عليه وسلم فقال له، وبيني وبينهما الحجاب: يا رسول الله هل لك في أخت أم شبيب، وأم شبيب امرأة الضحاك

(1)

.

أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي، ح.

قال: (44 - ظ) الحافظ أبو القاسم: وأخبرنا أبو المظفر القشيري قال أخبرنا أبي الاستاذ أبو القاسم قالا: أخبرنا أبو عوانة الحافظ: قال حدثني أحمد بن هاشم الأنطاكي، أبو بكر الأشل قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع-وهو الحجاج بن يوسف، ويكنى يوسف بأبي منيع سنة عشرين ومائتين قال: حدثني جدي عبيد الله ابن أبي زياد، قال: هذا كتاب ما ذكرنا محمد بن مسلم الزهري مما سألناه عنه من أول مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر صدرا من الحديث، وقال: فكان أول مشهد شهده الرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ورئيس المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فذكر حديثا طويلا ذكر فيه غزواته صلى الله عليه وسلم

(2)

.

(1)

- المعرفة والتاريخ للفسوي:3/ 269.

(2)

-ترجم ابن عساكر للحجاج بن يوسف هذا، لكنه لم يورد هذا الخبر. انظر ابن عساكر:4/ 131 ظ -132 و.

ص: 2101

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الانصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن سليمان بن حذلم قال:

أخبرنا أبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي قال: حدثنا الحجاج بن أبي منيع يوسف بن عبيد فذكر حديثا.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل: قال أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري (45 - و) قال: حجاج بن أبي منيع الشامي سمع جده عبيد الله ابن أبي زياد عن الزهري.

(1)

.

أخبرنا محمد بن عمر بن أبي بكر المقدسي نزيل سروج

(2)

-في كتابه الينا منها قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحراني قال: في الطبقة الخامسة من أهل الجزيرة: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي، سمعت هلالا يقول: أبو منيع عبيد بن أبي زياد، وهو مولى لآل هشام بن عبد الملك، قال وكنية الحجاج أبو محمد، وكان لزم حلب في آخر عمره.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بدار الوزارة بالقاهرة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الاصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد الحراني، في تاريخ الرقة، قال: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي أبو منيع اسمه عبيد الله ابن زياد، يكنى أبا محمد مولى لآل هشام بن عبد الملك

(3)

.

(1)

-التاريخ الكبير للبخاري:2/ 380.

(2)

-بلدة قريبة من حران من ديار مضر. معجم البلدان.

(3)

-تاريخ الرقة:146 وفيه مولى هشام بن عبد الملك.

ص: 2102

أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي-اذنا-قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:

أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني اجازة، ح.

وأنبأنا عمر بن محمد بن هشام عن أبي العلاء الهمذاني الحافظ (45 - ظ) قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال أخبرنا أبو أحمد بن علي بن منجوية قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو محمد الحجاج بن يوسف بن أبي منيع بن عبيد الله بن زياد الشامي، سكن الرصافة بالجزيرة، سمع جده عبيد الله بن أبي زياد الشامي، روى عنه أبو عبد الله محمد بن أسد الحبشي، وأبو عثمان بن محمد ابن بكر الناقد البغدادي، كناه لنا أبو عروبة السلمي، سمع هلالا-يعني-ابن العلاء يقوله.

وقال الحاكم أبو أحمد في ترجمة أبي منيع: أبو منيع عبيد الله بن أبي زياد الشامي، مولى لآل هشام بن عبد الملك، ويقال اسمه يوسف بن عبيد الله بن أبي زياد مولى لآل أبي سفيان، يعرف بالرصافي، سكن رصافة الرقة، روى عنه حجاج ابن أبي منيع الرصافي، وقال: قال حسين بن حسن المروزي: الحجاج بن أبي منيع الرصافي، رصافة الرقة، واسم أبي منيع يوسف بن عبيد الله بن أبي زياد مولى لآل أبي سفيان. قال حسين: حدثني رجل منهم بهذا الكلام.

قلت: هكذا نسبه الحاكم: الحجاج بن يوسف بن أبي منيع بن عبيد الله بن أبي زياد، وهو وهم والصحيح: الحجاج بن يوسف بن عبيد الله، أبو منيع هو يوسف أو عبيد الله على ما ذكره في ترجمة أبي منيع، وقوله: سكن الرصافة بالجزيرة، وهم أيضا، فان الرصافة من أعمال قنسرين من الشام، وليست من الجزيرة، وجده عبيد الله (46 - و) منها، لكنه رأى أبا عروبة ذكره من أهل الجزيرة فظن الرصافة من الجزيرة، وقوله أيضا: رصافة الرقة عرفها بالرقة لقربها منها، لا أنها من أعمالها، وهي شامية، وبعمل حلب قرية أخرى تعرف بالرصافة، بالقرب من قنسرين، وببغداد الرصافة، فعرفها برصافة الرقة لتميز عنهما، والله أعلم.

أخبرنا أبو الوحش بن أبي منصور بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، في تاريخ دمشق، قال: الحجاج بن يوسف

ص: 2103

ابن أبي منيع عبيد الله بن أبي زياد، أبو محمد الرصافي، سمع جده عبيد الله بن أبي زياد، أبا منيع الرصافي، روى عنه عمرو بن محمد بن بكير الناقد، وأبو عبد الله محمد بن أسد الحبشي الأسفراييني، وأبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو جعفر أحمد بن مهدي بن رستم الأصبهاني.

(1)

.

قلت: أورد الحافظ أبو القاسم ذكره في تاريخ دمشق كما ذكرناه عنه، ولم يذكر في ترجمته دليلا على أنه دخل دمشق، ولا أنه سكنها، ولا أنه اجتاز بها، وليس من شرطه كل من كان بالشام، وكونه من موالي آل هشام لا يدل على شيء من ذلك، والمعروف بالولاء لآل هشام هو جده عبيد الله بن أبي زياد، وهو رصافي أيضا.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: أنبأنا أبو نصر محمد بن الحسن بن البناء، وأبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن الدوري، قالا: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال:

أخبرنا محمد بن العباس بن حيوية، قال: حدثنا الحسين (46 - ظ) بن محمد- يعني-ابن عبد الله بن عبادة الواسطي قال: سمعت هلال بن العلاء يقول: كان حجاج بن أبي منيع من أعلم الناس بالارض وما أنبتت، وأعلم الناس بالفرس من ناصيته الى حافره، وأعلم الناس بالبعير من سنامة الى خفه، وكان مع بني هشام في الكتّاب، وهو شيخ ثقة.

ذكر أبو حاتم بن حبان البستي في كتاب تاريخ الثقات، في الطبقة الرابعة، قال: حجاج بن يوسف بن أبي منيع الرصافي، من أهل الشام كنيته أبو محمد، سكن حلب، يروى عن جده عبيد الله بن أبي زياد عن الزهري، روى عنه الحسين ابن الحسن المروزي، وأيوب بن محمد الوزان، مات بحلب سنة احدى وعشرين ومائتين.

(2)

.

‌الحجاج القضاعي الشاعر:

كان من جملة الشعراء الوافدين على عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة، وفد عليه بدابق وبخناصرة مع جرير والفرزدق وكثير وغيرهما

(3)

.

(1)

- تاريخ دمشق:4/ 131 ظ.

(2)

-الثقات لابن حبان-ط. حيدر آباد 8/ 202:1982.

(3)

-كذا بالاصل والاقوم وغيرهم.

ص: 2104

‌ذكر من اسمه حجر

‌حجر بن عدي:

الادبر بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الاكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كنده بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، أبو عبد الرحمن الكندي، وقيل في نسبه: حجر بن عدي بن الادبر بن عدي بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية ابن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور (47 - و) بن مرتع بن كندي بن عفير، وقيل هو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن الأدبر، وكان يقال له: حجر الخير، وسمي أبوه الادبر لانه طعن موليا في دبره فسمي الأدبر، وقيل ضرب بالسيف على أليته، وقيل ان الأدبر جده جبلة، وقيل الأدبر عدي جد أبيه، وقال بعضهم: حجر هو الادبر، وكان من أهل الكوفة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وشراحيل وقيل شرحيل بن مرة، روى عنه أبو ليلى الكندي المدني مولاه، وعبد الرحمن ابن عابس، وأبو البختري الطائي، وشهد صفين مع عليّ عليه السلام أميرا على كندة وقضاعة وحضر موت ومهرة.

وكان أحد الشهود على كتاب التحكيم وقال ابن سعد في كتاب الطبقات:

كان ثقة معروفا

(1)

.

(2)

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي (47 - ظ) قال: أخبرنا أبو عبد الله بن منده قال: أخبرنا محمد بن

(1)

- طبقات ابن سعد:6/ 217 - 220.

(2)

-كتب ابن العديم في الهامش: «يقدم» فقدم.

ص: 2105

عبد الله العماني قال: حدثنا أبو حصين الوادعي قال: حدثنا عبادة بن زياد الاسدي قال: حدثنا قيس بن الربيع عن أبي اسحاق السبيعي عن أبي البختري عن حجر بن عدي قال: سمعت شراحيل بن مرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

ابشر يا علي حياتك وموتك معي

(1)

.

(2)

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري-اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين ابن محمد بن عبيد الدقاق المعروف بالعسكري قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن سفيان عن أبي اسحاق عن أبي ليلى الكندي عن حجر بن عدي قال:

حدثنا علي أن الطهور

(3)

نصف الايمان.

قال ابن مندة: وأخبرنا خيثمة بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة قال: حدثنا محول بن ابراهيم عن عمر بن شمر عن أبي طوق عن جابر الجعفي وذكر عن محمد بن بشر قال: قام حجر بن عدي يخطب على شاطئ الفرات حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أشهد أني سمعت شراحيل بن مرة يزعم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبشر يا علي حياتك وموتك معي.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البركات الانماطي قال:

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا معاوية ابن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول: في أهل الكوفة حجر بن الادبر الكندي سمع من علي.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري، عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية

(1)

-انظره في كنز العمال 11/ 32984. تاريخ ابن عساكر:4/ 132 و.

(2)

-كتب ابن العديم في الهامش المقابل «يؤخر» فأخرته.

(3)

-ويروى «الطهور شطر الايمان» كنز العمال:9/ 25998.

ص: 2106

قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة (48 - و) الرابعة من الصحابة: حجر الخير بن عدي الأدبر.

-وانما طعن موليا فسمي الادبر-بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الاكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندي جاهلي اسلامي وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد القادسية وهو الذي افتتح مرج عذرا، وشهد الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء وقتله معاوية بن أبي سفيان وأصحابه بمرج عذراء، وابناه عبيد الله وعبد الرحمن قتلهما مصعب بن الزبير صبرا، وكان يتشيعان، وكان حجر ثقة معروفا، ولم يرو عن غير علي شيئا.

(1)

.

قلت: قد روى حجر عن شراحيل بن مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الذي قدمنا ذكره في فضل علي عليه السلام، وروى عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قوله.

أنبأنا أبو الوحش بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن ابن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الاولى من تابعي أهل الكوفة حجر بن الأدبر الكندي، والأدبر بن عدي بن جبلة، قتله معاوية

(2)

.

قال علي بن الحسن كذا فيه، وعدي الثاني مزيد. قلت: والذي يعلب على (48 - ظ) ظني أنه والادبر هو عدي، وعدي بن جبلة ليقع موافقا لما رواه ابن الفهم عن محمد بن سعد وقد تصحف على الناسخ والله أعلم.

وقد نسبه ابن الكلبي في كتاب جمهرة النسب فقال: حجر بن عدي بن الادبر ابن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن

(1)

- طبقات ابن سعد:6/ 217 - 220.

(2)

-المصدر نفسه.

ص: 2107

ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد ابن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

قال ابن الكلبي: وكان قد طعن في دبره فسمي حجر الادبر لذلك، جاهلي اسلامي وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه هانيء، وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء، وشهد القادسية، وشهد الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب عليه السلام، قتله معاوية وأصحابه بمرج عذراء، وكان الذي تولى قتله أبو الاعور السلمي

(1)

.

كتب إلينا أبو عبد الله بن عمر بن نصر أن عبد الحق بن عبد الخالق أخبره قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري قال: حجر بن عدي الكندي قتل في عهد عائشة قاله عمرو بن عاصم: عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن مروان، وسمع عليا وعمارا بصفين قولهما، يعد في الكوفيين، روى عنه أبو ليلى الكندي وعبد الرحمن بن عابس (49 - و) وهو ابن الأدبر، والأدبر عدي

(2)

.

أنبأنا أبو حفص الدارقزي عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني، ح.

قال ابن البناء: وأنبأنا أبو الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: حجر بن عدي بن الأدبر الكندي، وقيل الأدبر هو عدي، روى عن علي بن أبي طالب، روى عنه أبو ليلى الكندي، قيل إنه يكنى أبا عبد الرحمن قتل سنة احدى وخمسين.

أنبأنا أبو نصر بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد الاصبهاني

(1)

-النسب الكبير-ط. دمشق 1/ 74:1988.

(2)

-التاريخ الكبير:3/ 72 - 73.

ص: 2108

قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن ابي بكر الأصبهاني قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: فأما حجر-بالحاء المضمومة والجيم ساكنة، ويجوز ضمها في اللغة-فمنهم حجر بن عدي بن الأدبر جاهلي اسلامي يذكر بعضهم أنه وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم، هو وأخوه، وأكثر أصحاب الحديث لا يصححون له رواية، شهد القادسية وافتتح مرج عذراء، وشهد الجمل وصفين مع علي، ثم قتله معاوية بعد ذلك. وكان مع علي بصفين: حجر الخير، وحجر الشر فأما حجر الخير فهذا، وأما حجر الشر فهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة (49 - ظ) السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال:

وأما أدبر، عوض الزاي دال مهملة، فهو حجر بن عدي بن الأدبر الكندي، واسم الأدبر جبلة، وقيل: إن الأدبر هو عدي، وقال المرزباني: قد روي أن حجر بن عدي وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيه هانئ بن عدي، وقد روى حجر عن علي بن أبي طالب، روى عنه أبو ليلى الكندي

(1)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا محمد بن أحمد البابسيري قال:

أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: وحجر بن عدي هو الأدبر، والأدبر عدي بن جبلة.

أنبأنا .....

(2)

عن أبي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد-إجازة-قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال:

أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن، قال: وحجر الخير بن عدي بن الأدبر بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين، وفد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، ويقال إنما سمي جده الأدبر: لأنه طعن موليا، فسمي الأدبر، وشهد حجر القادسية، وافتتح مرج عذراء، وشهد

(1)

- الاكمال لابن ماكولا:1/ 52 - 53.

(2)

-كتاب المعرفة والتاريخ للفسوي:3/ 315 - 316.

ص: 2109

صفين، والجمل مع علي، لم أجد له عن رسول الله رواية إلا أن كلامه مروي من وجوه كثيرة

(1)

.

أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز قال:

أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد البر النمري قال:

حجر بن عدي بن الأدبر الكندي، يكنى أبا عبد الرحمن، كوفي، وهو حجر بن عدي بن معاوية بن جبلة بن الأدبر، وإنما سمي الأدبر لأنه ضرب بالسيف على أليته فسمي بهذا الأدبر، كان حجر من فضلاء الصحابة، وصغر سنه عن كبارهم، وكان على كندة يوم صفين، وعلى الميسرة يوم النهروان

(2)

، ولما ولّى معاوية، زيادا العراق وما وراءها وأظهر من الغلظة وسوء السيرة ما أظهر، خلعه حجر، ولم يخلع معاوية، وتابعه جماعة من أصحاب علي وشيعته، وحصبه يوما في تأخير الصلاة هو وأصحابه، فكتب فيه زياد الى معاوية فأمره أن يبعث به (50 - و) إليه مع وائل بن حجر الحضرمي في اثني عشر رجلا كلهم في الحديد، فقتل معاوية منهم ستة، واستحيى ستة، وكان حجر ممن قتل فبلغ ما صنع بهم زياد الى عائشة أم المؤمنين، فبعثت الى معاوية عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: الله الله في حجر وأصحابه، فوجده عبد الرحمن قد قتل هو وخمسة من أصحابه، فقال لمعاوية:

أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه، ألا حبستهم في السجون وعرضتهم للطاعون؟ قال: حين غاب عني مثلك من قومي، قال: والله لا تعدّ لك العرب حلما بعدها أبدا ولا رأيا، قتلت قوما بعث بهم إليك أسارى من المسلمين، قال: فما أصنع كتب إلي فيهم زياد يشد أمرهم، ويذكر أنهم سيفتقون علي فتقا لا يرقع، ثم قدم معاوية المدينة، فدخل على عائشة، فكان أول ما بدأته به قتل

(1)

-الاستيعاب لابن عبد البر على هامش الاصابة:1/ 355.

(2)

-المعركة الحاسمة التي خاضها الامام علي ضد الخوارج سنة 38 هـ. انظر كتاب المعرفة والتاريخ للفسوي:3/ 315 - 316.

ص: 2110

حجر، في كلام طويل جرى بينهما ثم قال: فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا، والموضع الذي قتل فيه حجر بن عدي ومن قتل معه من أصحابه يعرف بمرج عذراء.

قال أبو عمر بن عبد البر حدثنا خلف-يعني-ابن قاسم قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا ابن المبارك قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين أنه كان إذا سئل عن الركعتين عند القتل قال: صلاهما خبيب

(1)

وحجر وهما فاضلان.

قال أحمد: وحدثنا ابراهيم بن مرزوق (50 - ظ) قال حدثنا يوسف بن يعقوب الواسطي، وأثنى عليه خيرا، قال: حدثنا عثمان بن الهيثم قال: حدثنا مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقول-وقد ذكر معاوية وقتله حجرا وأصحابه -ويل لمن قتل حجرا وأصحاب حجر. قال أحمد: قلت ليحيى بن سليمان: أبلغك أن حجرا كان مستجاب الدعوة قال: نعم وكان من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

(2)

.

أنبأنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حجر بن عدي الأدبر بن جبلة بن عدي ابن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، وسمي أبوه الأدبر لأنه طعن موليا فسمي الأدبر، أبو عبد الرحمن الكندي من أهل الكوفة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وسمع عليا، وعمار بن ياسر وشراحيل بن مرة، ويقال شرحيل.

روى عنه أبو ليلى الكندي مولاه، وعبد الرحمن بن عابس، وأبو البختري الطائي وغزا الشام في الجيش الذين افتتحوا عذراء، وشهد صفين مع علي أميرا، وقتل بعذراء من قرى دمشق ومسجد قبره بها معروف

(3)

.

(1)

-هو خبيب بن عدي من أصحاب يوم الرجيع أسرته لحيان من هذيل وباعته لبني الحارث بن عامر بن نوفل في مكة حيث قتلوه. انظر مغازي الزهري بتحقيقي: 67 - 68.

(2)

- الاستيعاب:1/ 355 - 358.

(3)

-ما زالت قبته قائمة يراها المسافر من دمشق شمالا لدى مروره بمرج عذراء.

ص: 2111

قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد البلخي قال:

أخبرنا عبد الواحد بن علي العلاف قال: أخبرنا علي بن أحمد الحمامي قال: أخبرنا القاسم (51 - و) بن سالم بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: حدثنا أبو معشر قال: كان حجر بن عدي رجلا من كندة وكان عابدا، قال: ولم يحدث قط إلا توضأ، ولم يهريق ماء إلا توضأ، وما توضأ إلا صلى

(1)

.

قال القاسم: وحدثنا عبد الله قال: حدثني أبو همام الوليد بن شجاع السكوني قال: حدثني ابراهيم بن أعين عن السري بن يحيى عن عبد الكريم بن رشيد أن حجر بن عدي بن الأدبر كان يلمس فراش أمه بيده فيتهم غلظ يده، فينقلب على ظهره فإذا أمن أن يكون عليه شيء أضجعها.

أنبأنا عمر بن محمد بن معمر قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد السمرقندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: في تسمية أمراء يوم صفين من أصحاب علي حجر بن عدي هو أدبر الكندي

(2)

.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي-إذنا-قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أبو عبد الله النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكرياء التستري قال: حدثنا خليفة العصفري قال في تسمية الأمراء من أصحاب علي يوم صفين: قال أبو عبيدة: وعلى كندة حجر بن عدي الكندي

(3)

(51 - ظ).

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد الامين عن أبي محمد عبد الله بن أحمد

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 133 و.

(2)

-لم يرد اسمه في المطبوع من كتاب المعرفة والتاريخ للفسوي:3/ 315.

(3)

- تاريخ خليفة بن خياط:1/ 221.

ص: 2112

ابن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال:

حدثنا ابراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا عمر بن سعد بإسناده الاول-يعني فيما اقتصه من خبر صفين-قال: وبيتهم الشتاء حتى إذا كان ذو الحجة جعل علي يأمر الرجل الشريف من أصحابه فيخرج معه الجماعة فيقاتل ويخرج إليه رجل من أصحاب معاوية في جماعة فيقاتل ثم ينصرفان، فكان علي مرة يخرج الأشتر في خيله، ومرة حجر بن عدي الكندي، ومرة شبث بن ربعي، وذكر غير هؤلاء.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا عبد الواحد بن علي قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا القاسم بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا يعقوب بن اسحاق بحبان

(1)

قال: حدثنا أبو ظفر عن جعفر بن سليمان الضبعي قال: حدثني صاحب لنا عن يونس بن عبيد قال: كتب معاوية الى المغيرة بن شعبة: إني قد احتجت الى مال فأمدني بمال، فجهز المغيرة إليه عيرا تحمل المال، فلما فصلت العير، بلغ حجرا وأصحابه فجاء حتى أخذ بالقطار، فحبس العير، قال: لا والله حتى توفي كل ذي حق حقه، فبلغ المغيرة ذلك أنه قد رد العير معه، فقال شباب ثقيف: ائذن لنا أصلحك الله فيه فنأتيك برأسه الساعة، قال: لا والله ما كنت لأركب هذا من حجر (52 - و) أبدا، فبلغ معاوية فاستعمل زيادا وعزل المغيرة

(2)

.

وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم عن هشام بن حسان عن محمد قال: أطال زياد الخطبة، فقال له حجر:

الصلاة، فمضى زياد في خطبته فضرب حجر بيده الى الحصا وقال الصلاة وضرب الناس بأيديهم الى الحصا، فنزل زياد وصلى، وكتب فيه زياد الى معاوية، فكتب معاوية أن سرح به إلي، فسرح به إليه، فلما قدم عليه قال: السلام عليك يا أمير

(1)

-من محال نيسابور. معجم البلدان.

(2)

-كانت مسألة حمل الاموال من الأمصار الى العاصمة الأصل الاهم في اثارة الفتنة الكبرى وغيرها من بعد.

ص: 2113

المؤمنين، قال: أو أمير المؤمنين أنا؟ قال: نعم لا أقيلك ولا استقيلك، قال: فأمر بقتله، فلما انطلق به قال لهم: دعوني فلأصلي ركعتين، قالوا: نعم. قال: فصلى ركعتين ثم قال لهم: لولا أن تروا أن بي غير الذي بي لأحببت أن يكونا أطول مما كانتا، ثم قال: لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما، وادفنوني في ثيابي، فإني لاق معاوية بالجادة، وإني مخاصم، قال هشام: فكان محمد إذا سئل عن الشهيد يغسل، ذكر حديث حجر.

أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري ثم البغدادي بحلب، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري قال: حدثنا أبو الفضل أحمد بن ملاعب قال: حدثنا جندل بن والق قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن معمر عن هشام بن سيرين قال: أتى (52 - ظ) حجر بن عدي حيث دعا به معاوية فقال: إني لأرى هذا قاتلي، فإن هو قتلني فلا تطلقوا عني حديدا، وادفنوني في ثيابي ودمي فإني ملاق معاوية على الجادة.

أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي-فيما أذن لي في روايته عنه-قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب الأديب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي ابن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب الطيبي قال:

حدثنا ابراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: أخبرنا يحيى بن سليمان الجعفي قال:

حدثنا أبو بكر بن عياش وابن الأجلح حدثني ببعضه وأحمد بن بشير وغيرهم من أشياخنا، ومن اسماعيل بعضه، وبعضهم يزيد على بعض: أن معاوية بعث زياد بن أبي سفيان على الكوفة والبصرة، فقدم زياد الكوفة، فبعث الى حجر بن الأدبر الكندي وكانا جليسين متواخيين وكانا يريان رأي علي، وعلى حبه، ومن شيعته فقال له زياد: قد علمت الذي كنت أنا وأنت عليه من الرأي، وإني رأيت عليا ومعاوية اقترعا فقرعه معاوية، فسلمنا لأمره، فهلم فأبلغ بك وأشرفك في قومك

ص: 2114

وأقضي لك حوائجك، وأقضي دينك. وأخرج لك رزق أهلك، فاخرج معي الى البصرة، فقال حجر: لا والله إني لمريض، فقال زياد: صدقت إنك لمريض القلب، والهوى، والرأي، وأخاف أن أخلفك فتوغل على الناس وتوغرهم.

ثم سار زياد إلى البصرة وخلفه، واستعمل عمرو بن حريث المخزومي على الكوفة (53 - و) وأنزله القصر، وأوصى عمرا به فقال: كن عينا على حجر فانظر من جلساؤه في المسجد ومن غاشيته في أهله، وأعلمني ما يكون من أمرهم، ثم سار زياد إلى البصرة فقدمها، فكتب عمرو بن حريث من الكوفة الى زياد وهو بالبصرة: أخبرك إن حجرا قد عظمت حلقته في المسجد وكثرت غاشيته في أهله، فإن كانت لك في الكوفة حاجة فأقبل، فما هو الا أن قرأ كتابه قال زياد لأصحابه:

تجهزوا، فتجهزوا، ثم خرج فنزل الجلحاء

(1)

فإذا راكب من بني أسد يركض على فرس رسول لعمرو بن حريث فقال: أين الأمير، أين الامير، فقالوا: هو ذا، فأتاه فقال له زياد: ما وراءك، قال: أخبرك أن حجرا قد أعلن أمره وقد أظهر السلاح، واجتمع إليه في المسجد وخلع أمير المؤمنين

(2)

، فقال: لا ولكنك خلعت أنت، قال:

فما فعل أميري؟ -يعني عمرو بن حريث-قال: في الدار، فقال لاصحابه سيروا حتى نزل بقرية الجزماء

(3)

فإذا راكب على فرس، فقال: أين الأمير؟ فقالوا: هذا الأمير فما وراءك؟ قال: ظهر حجر وأعلن أمره واجتمع اليه، قال فما فعل أميري؟ قال: هو في الدار، قال: سيروا، فساروا حتى نزلوا قرية الرمان

(4)

، فإذا راكب يركض فقال مثل ما قال صاحباه، وقد كان حجر حين علم أن زيادا قد أقبل يريد الكوفة قال لأصحابه: إن هذا الطاغية قد أقبل فضعوا سلاحكم (53 - ظ) وقوموا، فإن هو أعطانا الذي نحب، والا أعلمناكم فرأيتم رأيكم، فقدم زياد الكوفة فجاءه وجوه أهلها وأشرافهم فجلسوا اليه وسلموا عليه، وأقبل محمد بن

(1)

-موضع فيه بركة وقباب على الطريق نحو الكوفة. معجم البلدان.

(2)

-كتب ابن العديم بالهامش أصوابه «أو خلع» .

(3)

-لم يرد ذكرها في معجم البلدان.

(4)

-لم يذكرها ياقوت في معجمه.

ص: 2115

الأشعث اليه فدخل فقال: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته، فقال: من هذا؟ قال: محمد بن الأشعث

(1)

، فقال: لا مرحبا ولا أهلا ما فعل الرجل والله لتأتيني به أو لاسلكن من السيف في بطنك شبرا، فقال: أصلح الله الأمير قد علم الناس عداوته لي، والذي بيني وبينه، والله لا يأمنني على شيء من أمره، فقال زياد، والله لتأتيني به أو لاسلكن من السيف في بطنك شبرا، قال: فخرج محمد كئيبا محزونا فلقي جرير بن عبد الله

(2)

فقال جرير: مالك؟ فقال: قد علمت الذي بيني وبين حجر ومجانبته لي، وقد غضب الأمير عليّ منه ووعدني القتل ان لم آته به، قال: فما تريد؟ قال: أريد أن يرضى عني ويعفيني من أمره، فأقبل جرير حتى دخل على زياد فرحب به زياد، فقال له جرير: أصلحك الله كلفت محمدا أن يأتيك بحجر، وقد عرفت عداوة حجر له ومجانبته إياه، فإنا نحب أن ترضى عنه، وأنا آتيك بحجر، قال: وتفعل؟ قال: نعم قال: فإنا قد رضينا عنه فأتنا به، فانطلق جرير حتى أتى حجرا، فدخل عليه في بيته وهو في اثني عشر رجلا من أصحابه، فكلمه جرير وقال له: أجب أميرك، فقال حجر: والله لا أفعل الا أن يعطيني موثقا وإيمانا لا يهجنا حتى يبعث بنا إلى (54 - و) معاوية فنكلمه ويرى فينا رأيه فإني قد عرفت أنه لن يدعنا، فرجع جرير الى زياد فقال له: أجئت به؟ قال: نعم أصلحك الله، وقد سأل شيئا، قال: ما هو؟ قال: كذا وكذا، قال: فذلك له، فأعطاه الأمان على ذلك، فأقبل حجر مع جرير حتى دخل على زياد فلما رآه زياد قال: مرحبا بك أبا عبد الرحمن فو الله إنك كما علمت حرب في السلم، سلم في الحرب، ولقد ركبت صدورا قد أهلك الله من ركب أعجازها، ما كنت قلت لك إنك ستوغر الناس وتفعل وتوغر عليّ، تجهز أنت وأصحابك، فتجهزوا، وكتب معهم زياد كتابا الى معاوية شديدا يخبره بأمرهم وأن تركهم فساد للناس، فساروا حتى نزلوا بمرج عذراء فحبسوا فيها، وكان فيما كتب زياد الى معاوية: إن لهم الأمان حتى يكلموك وتكلمهم، فسار اليهم معاوية حتى أتاهم بمرج عذراء ومعه الناس، فكلمهم وكلموه، ثم انصرف عنهم فاستشار وجوه أهل الشام فيهم، فأشاروا عليه بقتل القوم كلهم الا

(1)

-كان الأشعث بن قيس من أبرز زعماء كندة وقد ورث ابنه منصبه.

(2)

-جرير بن عبد الله البجلي واسع الشهرة.

ص: 2116

يزيد بن أسد البجلي وهو جد خالد بن عبد الله القسري فانه قال: يا أمير المؤمنين أنتم الأئمة ونحن المؤتمون، وأنتم العمد ونحن المعمدون، فان تعف نقل قد أحسنت وأجملت، وان تقتل فرأيك أثبت، فبعث اليهم معاوية رجلا أعور فأمره فقال: انطلق اليهم فاقتل شيوخهم واترك شبانهم، فأقبل الرسول فلما رأوه قال رجل من القوم: هذا (54 - ظ) رجل مقبل قد بعث اليكم، إحدى عينيه ميتة والأخرى حية وهو خليق أن يميت نصفكم، فأتاهم فأخذ شيوخهم فضرب أعناقهم وهم ستة حجر أحدهم، واستحيى ستة، فما هو الا أن قتلهم ندم معاوية وسقط في يده، ودخل عليه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: يا أمير المؤمنين ماذا صنعت لا تعدّ لك العرب حلما ولا رأيا، قتلت قوما بعث بهم أسرى في يدك! قال:

فما أصنع كتب إليّ زياد يشدد أمرهم وذكر أنهم سيفتقون علي فتقا ليس له أول ولا آخر، فكان فساد هؤلاء في صلاح أمة محمد، خير من فساد أمة محمد في صلاح هؤلاء، وغبت أنت عني وأصحابك، فقال له: ألا فرقتهم في كور الشام، وأطعمتهم من الكعك والزيت حتى تكفيكهم طواعين الشام!

وقال حدثنا يحيى-يعني-الجعفي قال: حدثنا ابن داوود قال حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي وعبد الله بن هبيرة عن عبد الله بن رزين الغافقي عن علي انه قال: يقتل منكم يا أهل الكوفة سبعة مثلهم مثل أصحاب الاخدود، قال فبعث معاوية الى بضعة عشر رجلا من أهل الكوفة فاختار منهم سبعة فقتلهم منهم حجر بن الأدبر.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله-إذنا-قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف قال أخبرنا علي بن أحمد بن عمر الحمامي قال: أخبرنا القاسم بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن (55 - و) حنبل قال: حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي قال: حدثنا حجاج بن محمد قال:

حدثنا أبو معشر قال: فاعترف

(1)

به معاوية وأمره على العراقين، يعني زيادا: قال: فلما

(1)

-الاشارة هنا إلى اعتراف معاوية بزياد والحاقه بنسبه. انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:124 - 125.

ص: 2117

قدم الكوفة دعا حجر بن الأدبر فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف تعلم حبي لعلي قال:

شديدا، قال: فان ذاك قد انسلخ أجمع. فصار بغضا فلا تكلمني بشيء أكرهه، فاني أحذرك، فكان إذا جاء ابان العطاء قال حجر لزياد: أخرج العطاء فقد جاء أبانه، فكان يخرجه، وكان لا ينكر حجر شيئا من زياد الا رده عليه، فخرج زياد الى البصرة واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث فصنع عمرو شيئا كرهه حجر، فناداه وهو على المنبر، فرد عليه ما صنعه وحصبه هو وأصحابه قال: فأبرد عمرو مكانه بريدا الى زياد وكتب اليه بما صنع حجر، فلما قدم البريد على زياد، ندم عمرو بن حريث وخشي أن يكون من سطواته ما يكره، وخرج زياد من البصرة الى الكوفة فتلقاه عمرو بن حريث في بعض الطريق فقال: انه لم يك شيء تكرهه وجعل يسكنه، فقال زياد: كلا والذي نفسي بيده حتى آتي الكوفة، فأنظر ماذا أصنع، فلما قدم الكوفة سأل عمرا عن البينة، وسأل أهل الكوفة، فشهد شريح في رجال معه على أنه حصب عمرا ورد عليه، فاجتمع حجر وثلاثة آلاف من أهل الكوفة فلبسوا السلاح وجلسوا في المسجد، فخطب زياد الناس وقال: يا أهل الكوفة ليقم كل رجل منكم الى سفيهه فليأخذه، فجعل (55 - ظ) الرجل يأتي ابن أخيه وابن عمه وغريبه فيقول:

قم يا فلان، قم يا فلان حتى بقي حجر في ثلاثين رجلا فدعاه زياد فقال: ابا عبد الرحمن قد نهيتك أن تكلمني، وان لك عهدا لله ألا تراب بشيء حتى تأتي أمير المؤمنين وتكلمه فرضي بذلك حجر، وخرج الى معاوية ومعه عشرون رجلا من أصحابه، ومعه رسل زياد حتى نزلوا مرج العذراء فقال حجر: ما اسم هذا المكان؟ قالوا: هذا مرج العذراء قال: أما والله اني لاول خلق الله كبر فيه.

قال وحدثنا عبد الله قال: أخبرت عن جعفر بن سليمان عن هشام قال: قال ابن سيرين: لم يكن لزياد هم لما قدم الكوفة الا حجرا وأصحابه، فتكلم يوما زياد وهو على المنبر فقال: ان من حق أمير المؤمنين، من حق أمير المؤمنين مرارا، فقال:

كذبت ليس كذلك، فسكت زياد ونظر اليه ثم عاد في كلامه فقال: ان من حق أمير المؤمنين، ان من حق أمير المؤمنين مرارا، قال حجر: كذبت ليس كذلك، فسكت زياد ونظر اليه، ثم عاد في كلامه فقال: ان من حق أمير المؤمنين، ان من حق أمير

ص: 2118

المؤمنين مرارا نحوا من كلامه، فأخذ حجر كفا من حصا فحصبه، وقال: كذبت عليك لعنة الله، قال: فانحدر زياد من المنبر فصلى ثم دخل الدار وانصرف حجر، فبعث اليه زياد الخيل والرجال: أجب، قال حجر: اني والله ما أنا بالذي يخاف ولا آتيه أخاف على نفسي. قال هشام: قال ابن سيرين: لو مال لمال أهل الكوفة معه، ولكن كان رجلا ورعا فأبى زياد ان يقلع عنه الخيل والرجال حتى اصطلحا أن يقيده بسلسلة ويرسله في ثلاثين من أصحابه الى (56 - و) معاوية، فلما خرج اتبعه زياد بردا بالكتب، بالركض الى معاوية: ان كان لك في سلطانك حاجة، أو في الكوفة حاجة فاكفني حجرا، وجعل يرفع الكتب الى معاوية حتى ألهفه عليه، فقدم فدخل عليه فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال معاوية: أو أمير المؤمنين أنا؟ قال: نعم ثلاثا، فأمر بحجر وبخمسة عشر رجلا من أصحابه، قد كتب زياد فيهم وسماهم، وأخرج حجرا وأصحابه الخمسة عشر وقد أمر بضرب أعناقهم، فقال حجر للذي أمر بقتله: دعني فلأصلي ركعتين قال: صلّه، قال: فصلى ركعتين خفيفتين، فلما سلم أقبل على الناس فقال: لولا أن تقولوا جزع من القتل لأحببت أن تكون ركعتان أنفس مما كانتا وايم الله لئن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني ماهان بنافعتي شيئا، ثم أخذ برده فتحرم به، ثم قال لمن يليه من قومه ومن يتحرم به: لا تحلوا قيودي ولا تغسلوا عني الدم، فاني اجتمع أنا ومعاوية غدا على المحجة.

قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثني أبو محمد بن أبي الحسن الجوهري قال:

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن الزبير الحنظلي عن فيل مولى زياد قال: لما قدم زياد الكوفة أميرا، أكرم حجر بن الأدبر، وأدناه، فلما أراد الانحدار الى البصرة دعاه فقال: يا حجر انك قد رأيت ما صنعت بك واني أريد البصرة، فأحب أن تشخص معي، فاني أكره أن تخلف بعدي فعسى أن (56 - ظ) أبلغ عنك شيئا فيقع في نفسي، فاذا كنت معي لم يقع في نفسي من ذلك شيء، فقد علمت رأيك في علي بن أبي طالب، وقد كان رأيي فيه قبلك على مثل رأيك فلما رأيت الله صرف ذلك الأمر عنه الى معاوية، لم أتهم الله، ورضيت به، وقد رأيت الى ما صار أمر علي واصحابه واني أحذرك أن تركب أعجاز

ص: 2119

أمور، هلك من ركب صدورها، فقال له حجر: اني مريض ولا استطيع الشخوص معك، قال: صدقت والله انك لمريض، مريض الدين، مريض القلب، مريض العقل، وايم الله لئن بلغني عنك شيء أكرهه لأحرصن على قتلك فانظر لنفسك أودع.

فخرج زياد فلحق بالبصرة. واجتمع الى حجر قراء أهل الكوفة، فجعل عامل زياد لا ينفذ له أمر، ولا يريد شيئا الا منعوه اياه، فكتب الى زياد: اني والله ما انا في شيء وقد منعني حجر وأصحابه كل شيء فأنت أعلم، فركب زياد بعماله حتى اقتحم الكوفة، فلما قدمها تغيب حجر، فجعل يطلبه فلا يقدر عليه، فبينا هو جالس يوما وأصحاب الكراسي حوله، فيهم الأشعث بن قيس، اذ أتى الاشعث ابنه محمد، فناجاه وأخبره أن حجرا قد لجأ الى منزله، فقال له زياد: ما قال لك ابنك؟ قال لا شيء، قال: والله لتخبرني ما قال لك حتى أعلم انك قد صدقت أو لا تبرح مجلسك حتى اقتلك، فلما عرف الاشعث اخبره، فقال لرجل من أهل الكوفة من أشرافهم: قم فاتني به، قال: اعفني أصلحك الله من ذلك ابعث غيري. قال: لعنة الله عليك خبيثا مخبثا (57 - و) والله لتأتيني به أو لأقتلنك، فخرج الرجل حتى دخل عليه، فأخذه وأخبر حجر الخبر، فقال له: ابعث الى جرير بن عبد الله فليكلمه فيك فاني أخاف ان يعجل عليك، فدخل جرير على زياد فكلمه فقال: هو آمن من أن أقتله ولكن أخرجه فابعث به الى معاوية، فجاء به على ذلك، فأخرجه من الكوفة ورهطا معه وكتب الى معاوية: أن اغن عني حجرا، إن كان لك فيما قبلي حاجة، فبعث معاوية فتلقي بالعذراء: فقتل هو وأصحابه، وملك زياد العراق خمس سنين ثم مات سنة ثلاث وخمسين.

قلت: هكذا جاء في هذه الرواية فيهم الأشعث بن قيس وهو وهم فاحش، فان هذه القصة كانت في سنة إحدى وخمسين أو في سنة خمسين، والأشعث مات في سنة أربعين قبل هذه الواقعة باحدى عشرة سنة، وقد ذكرنا فيما نقلناه من ابن ديزيل أن الذي طلب منه معاوية

(1)

احضار حجر اليه هو محمد بن الأشعث.

(1)

-كذا وهو سبق لسان والصحيح زياد.

ص: 2120

والعجب أن الحافظ أبا القاسم ذكر هذه القصة بهذا الاسناد ولم ينبه على هذا الوهم

(1)

.

أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال:

أخبرنا ابو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: وذكر بعض أهل العلم أنه يعني حجرا، وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيه هانئ بن عدي، وكان من أصحاب علي، فلما قدم زياد بن أبي سفيان واليا على الكوفة، دعا حجر بن عدي فقال: تعلم أني أعرفك وقد كنت أنا وإياك على ما قد علمت، يعني من حب (57 - ظ) علي بن أبي طالب وإنه قد جاء غير ذلك واني أنشدك الله أن تقطر لي من دمك قطرة فاستفرغه كله، إملك عليك لسانك، وليسعك منزلك، وهذا سريري فهو مجلسك، وحوائجك مقضية لدي، فاكفني نفسك فاني أعرف عجلتك، فأنشدك الله يا أبا عبد الرحمن في نفسك، واياك وهذه السفلة، وهؤلاء السفهاء أن يستزلوك عن رأيك، فانك لو هنت علي أو استخففت بحقك لم أخصك بهذا من نفسي، فقال حجر: قد فهمت، ثم انصرف الى منزله، فأتاه أخوانه من الشيعة: فقالوا: ما قال لك الأمير؟ قال: كذا وكذا، قالوا: ما نصح لك، فأقام وفيه بعض الاعراض، وكانت الشيعة يختلفون اليه ويقولون: انك شيخنا وأحق الناس بانكار هذا الامر، وكان اذا جاء الى المسجد مشوا معه، فأرسل اليه عمرو بن حريث، وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة، وزياد بالبصرة: أبا عبد الرحمن ما هذه الجماعة، وقد أعطيت الامير من نفسك ما قد علمت، فقال للرسول: تنكرون ما أنتم فيه اليك وراءك أوسع، فكتب عمرو ابن حريث بذلك الى زياد، وكتب اليه: ان كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل، فأخذ زياد السير حتى قدم الكوفة فأرسل الى عدي بن حاتم، وجرير بن عبد الله البجلي، وخالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة، والى عدة من أشراف أهل الكوفة، فأرسلهم الى حجر بن عدي ليعذر اليه وينهاه عن هذه الجماعة وان (58 - و) يكف

(1)

-مصدر الوهم هنا التداخل بين رواية اعتقال حجر من قبل زياد ورواية اعتقال مسلم بن عقيل من قبل عبيد الله بن زياد قبيل فاجعة كربلاء.

ص: 2121

لسانه عن ما يتكلم به، فأتوه فلم يجبهم الى شيء، ولم يكلم أحدا منهم وجعل يقول: يا غلام اعلف البكر قال: وبكر في ناحية الدار، فقال له عدي بن حاتم:

أمجنون أنت أكلمك بما أكلمك به، وأنت تقول يا غلام اعلف البكر فقال عدي لاصحابه: ما كنت اظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى، فنهض القوم عنه وأتوا زيادا فأخبروه ببعض، وخزنوا بعضا، وحسنوا أمره، وسألوا زيادا الرفق به، فقال: لست اذا لأبي سفيان، وأرسل اليه الشرط والبخارية فقاتلهم بمن معه ثم انفضوا عنه، وأتى به زياد وبأصحابه، فقال له: ويلك مالك؟ قال: اني على بيعتي لمعاوية لا أقيلها ولا أستقيلها، فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال:

اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه، ففعلوا، ثم وفدهم على معاوية، وبعث بحجر وأصحابه اليه، وبلغ عائشة الخبر، فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي الى معاوية يسأله أن يخلي سبيلهم، فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي:

جذاذها جذاذها،

(1)

لا يغن بعد العام أثرا، فقال معاوية: لا أحب أن أراهم، ولكن اعرضوا علي كتاب زياد، فقرئ عليه الكتاب وجاء الشهود فشهدوا، فقال معاوية ابن أبي سفيان: أخرجوهم الى عذراء فاقتلوهم هنالك، قال: فحملوا اليها، فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا: عذراء قال: الحمد لله، أما والله اني لأول مسلم نبح كلابها في (58 - ظ) سبيل الله، ثم أتي بي اليوم اليها مصفودا، ودفع كل رجل منهم الى رجل من الشام ليقتله قال: ودفع حجر الى رجل من حمير فقدمه ليقتله، فقال: يا هؤلاء دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما، فقيل له: طولت أجزعت، فانصرف فقال: ما توضأت قط إلاّ صليت وما صليت صلاة قط أخف من هذه، ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا وكفنا منشورا وقبرا محفورا، وكانت عشائرهم جاؤوهم بالاكفان وحفروا لهم القبور، ويقال بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث اليهم بالأكفان. وقال حجر: اللهم انا نستعديك على أمتنا، فان أهل العراق شهدوا علينا، وان أهل الشام قتلونا. قال:

(1)

-جذذ: قطع. أي اقتل اقتل ولن تبق بعد العام من أثر. انظر النهاية لابن الاثير.

ص: 2122

فقيل لحجر: مد عنقك، فقال: ان ذاك لدم ما كنت لأعين عليه، فقدم فضربت عنقه، وكان معاوية قد بعث رجلا من بني سلامان بن سعد يقال له هدبة بن فياض- قال الصوري: وفي نسخه قبّاص مضبوط مجوّد-فقتلهم وكان أعور، فنظر اليه رجل منهم من خثعم، فقال: ان صدقت الطير قتل نصفنا ونجا نصفنا، قال:

فلما قتل سبعة أردف معاوية برسول بعافيتهم جميعا فقتل سبعة ونجا ستة، أو قتل ستة ونجا سبعة، قال: وكانوا ثلاثة عشر رجلا، وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عائشة، وقد قتلوا، فقال: يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان (59 - و) فقال: غيبة مثلك عني من قومي، وقد كانت هند ابنة زيد بن مجرية-قال الصوري: وفي نسخة مخربة-الأنصارية وكانت شيعية قالت حين سير حجر الى معاوية:

ترفع أيها القمر المنير

ترفع هل ترى حجرا يسير

يسير إلى معاوية بن حرب

ليقتله كما زعم الخبير

تجبرت الجبابر بعد حجر

وطاب لنا الخورنق والسدير

وأصبحت البلاد له محولا

كأن لم يحبها يوم مطير

ألا يا حجر حجر بني عدي

تلقتك السلامة والسرور

أخاف عليك ما أردى عديا

وشيخا في دمشق له زئير

فان تهلك فكل عتيد قوم

الى هلك من الدنيا يصير

(1)

وتروى هذه الأبيات لهند أخت حجر بن عدي، ويروى فيها بيت قبل البيت الاخير، وبعد السادس:

يرى قتل الخيار عليه حقا

له من شر أمّته وزير

ويروى فيها بيت آخر هو:

ألا يا ليت حجرا مات موتا

ولم ينحر كما نحر البعير

(1)

- طبقات ابن سعد:6/ 218 - 220.

ص: 2123

وفي بعض الروايات: «أخاف عليك ما أردى عليا» وهو أشبه.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: (59 - ظ) أخبرنا عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا القاسم بن سالم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا نوح بن حبيب القومسي قال: سمعت أبا بكر بن عياش، وذكر عنده حجر، فقال: لما انطلق بحجر الى معاوية قالت أخته:

ألا يا أيها القمر المنير

تبصر هل ترى حجرا يسير

يسير الى معاوية بن حرب

فيقتله كما زعم الأمير

ألا يا حجر حجر بني عدي

تلقتك السلامة والسرور

قال نوح: قال أبو بكر بن عياش: قاتلها الله ما كان أشعرها.

وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني عمران بن بكار بن راشد البراد المؤذن الحمصي قال: حدثنا هاشم بن عمرو أبو عبد الله شقران قال: حدثنا اسماعيل بن عياش عن شرحيل بن مسلم الخولاني قال: لما أتي معاوية بن أبي سفيان بحجر بن عدي الادبر وأصحابه، استشار الناس في قتلهم، فمنهم المشير، ومنهم الساكت، ثم دخل منزله، فلما صلى الظهر قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أين عمرو بن الاسود؟ فقام عمرو بن الاسود، فحمد الله وأثنى عليه وقال:

ألا انا بحصن من الله حصين لم نمله، ولم نؤمر بتركه، فذكر الحديث.

قال ابن عياش: فقلت لشرحيل بن مسلم: كيف صنع بهم؟ قال: قتل بعضا، وخلى سبيل بعض، فقلت لشرجيل بن مسلم: ما كان شأنهم؟ قال: وجدوا كتابا لهم الى أبي بلال

(1)

، وأن محمدا وأصحابه قاتلوا على التنزيل فقاتلوا أنتم (60 - و) على التأويل.

أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور في كتابه قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون قال: أخبرنا محمد بن علي بن

(1)

-مرداس بن أدية من كبار زعماء الخوارج. انظر تاريخ خليفة:1/ 224.

ص: 2124

الحسن أبو عبد الله الحسيني المعروف بابن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو القاسم علي بن محمد بن الفضل الدهقان قال: حدثنا محمد بن علي بن السمين قال: حدثنا محمد بن زيد الرطاب قال: حدثنا ابراهيم بن محمد الثقفي قال:

أخبرني المسعودي قال: حدثنا معاوية بن هشام عن عطاء بن مسلم عن عمرو بن قيس قال: والله لحدثينه بعض أصحابنا أن حجر بن عدي كان عند زياد وهو يومئذ على الكوفة، اذ جاءه قوم قد قتل منهم رجل فجاء أولياء القتيل وأولياء المقتول فقالوا: هذا قتل صاحبنا، فقال أولياء القاتل: صدقوا ولكن هذا نبطي

(1)

، وصاحبنا عربي، ولا يقتل عربي بنبطي، فقال زياد: صدقتم ولكن أعطوهم الدية، فقالوا: لا حاجة لنا في الدية، انما كنا نرى أن الناس فيه سواء، فقام حجر بن عدي فقال: تعطيل كتاب الله، وخلاف سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأنا حي لتقتلنه أو لأضربن بسيفي حتى أموت والاسلام عزيز، قال: فو الله ما برح حتى وضع السكين على حلقه، وكان يقال: أول ذل دخل على الكوفة قتل حجر بن عدي قال: اسم المسعودي هذا يوسف بن كليب.

أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال:

أخبرنا أبو القاسم بن العلاف قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا أبو صالح الاخباري قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثنا أحمد بن (60 - ظ) ابراهيم قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا أبو معشر قال: فركب اليهم معاوية حتى أتاهم بمرج العذراء، فلما أتاهم سلم عليهم وسألهم: من أنت من أنت؟ حتى انتهى الى حجر فقال: من أنت؟ قال: حجر بن عدي، قال: كم مربك من السنين؟ قال: كذا وكذا، قال: كيف أنت والنساء اليوم؟ فأخبره، قال: كيف أنت والطعام اليوم؟ فأخبره، ثم انصرف وأرسل اليهم رجلا أعور معه عشرون كفنا، فلما رآه حجر تفاءل وقال: يقتل نصفكم ويترك نصفكم: قال فجعل الرسول يعرض عليهم التوبة والبراءة من علي، فأبى عشرة وتبرأ عشرة، فقتل الذين أبوا وترك الذين تبرءوا وحفر لهم قبورا، فجعل يقتلهم ويدفنهم، فلما انتهى الى حجر، جعل حجر يرعد، فقال له الذي أراد قتله: مالك ترعد؟ قال: قبر محفور وكفن منشور،

(1)

-أي من سكان العراق لما قبل الاسلام.

ص: 2125

وسيف مشهور، قال: تبرأ من علي؟ قال: لا أتبرأ منه، فضرب عنقه ودفنه، فلما كان بعد ذلك دخل عليه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: أقتلت حجر ابن الأدبر؟ قال: أقتل حجر بن الادبر أحب اليّ من أن أقتل معه مائة ألف قال:

أفلا سجنته فتكفيكه طواعين الشام؟ قال: غاب عني مثلك من قومي يشير علي مثل هذه المشورة، فلما حج معاوية دخل على عائشة فقالت له: يا معاوية قتلت حجر بن أدبر؟ قال: أقتل حجرا أحب الي من أقتل معه مائة ألف.

قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو المغيرة الخولاني عبد القدوس بن الحجاج عن ابن عياش-يعني-اسماعيل قال: حدثني شرحبيل بن مسلم قال: حدثني أبو (61 - و) شرحبيل شيخ ثقة من ثقات أهل الشام قال: لما بعث بحجر بن عدي الادبر وأصحابه من العراق الى معاوية بن أبي سفيان استشار الناس في قتلهم فمنهم المشير ومنهم الساكت، فدخل معاوية الى منزله، فلما صلى الظهر قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم جلس على المنبر، فقام المنادي فنادى:

أين عمرو بن الاسود العنسي؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: انا بحصن من الله حصين لم نؤمر بتركه، قولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق ألا وأنت الراعي ونحن الرعية، ألا وأنت أعلمنا بدائهم وأقدرنا على دوائهم وانما علينا أن نقول:

«سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير»

(1)

قال معاوية: أما عمرو بن الاسود فقد تبرأ الينا من دمائهم ورمى بها ما بين عيني معاوية، ثم قام المنادي فنادى:

أين أبو مسلم الخولاني؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد ولا والله ما أبغضناك منذ أحببناك ولا عصيناك منذ أطعناك ولا فارقناك منذ جامعناك، ولا نكثنا بيعتك منذ بايعناك، سيوفننا على عواتقنا، ان أمرتنا أطعناك وان دعوتنا أجبناك، وان سبقتنا أدركناك، وان سبقناك نظرناك، ثم جلس، ثم قام المنادي فقال أين عبد الله بن محمد الشرعبي؟ فقام فحمد الله، ثم قال: وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق إن تعاقبهم فقد أصبت، وان تعفو فقد احسنت، ثم جلس، ثم قام المنادي فنادى: أين عبد الله بن أسد القسري؟ فقام فحمد الله

(1)

- سورة البقرة-الآية:285.

ص: 2126

وأثنى عليه، ثم قال:(61 - ظ) يا أمير المؤمنين رعيتك وولايتك وأهل طاعتك ان تعاقبهم، فقد جنوا على أنفسهم العقوبة، وان تعفو فان العفو أقرب للتقوى

(1)

يا أمير المؤمنين لا تطع فينا من كان غشوما لنفسه ظلوما بالليل نؤوما عن عمل الآخرة سؤوما، يا أمير المؤمنين ان الدنيا قد انخسفت أوتادها ومالت بها عمادها، وأحبها أصحابها واقترب منها ميعادها، ثم جلس فقلت لشرحبيل: فكيف صنع؟ قال: قتل بعضا واستحيى بعضا، وكان فيمن قتل حجر بن عدي بن الأدبر.

قال: فلما قدم لتضرب عنقه قال: لا تطلقوا عني حديدا وادفنوني، وما أصاب الثرى من دمى فإني ألتقي أنا ومعاوية غدا بالجادة، قال أبي: قال أبو المغيرة، قال: فكان ابن عباس لا يكاد يحدث بهذا الحديث إلاّ بكى بكاء شديدا.

وقال: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي قال حدثنا اسماعيل بن ابراهيم قال: حدثنا ابن عون عن نافع قال: كان ابن عمر في السوق فنعي له حجر فأطلق حبوته

(2)

وقام وغلبه النحيب.

قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا أبو معمر قال: حدثنا ابن عليه عن ابن عون عن نافع أو عن من حدثه، قال: لما بلغ ابن عمر قتل حجر وهو في السوق حل حبوته ثم انتحب.

قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا حجاج قال:

قال محمد بن طلحة: وحدثنا أبو عبيد الازدي أن الحسن بن علي أتاه ناس من أهل الكوفة من الشيعة، فشكوا اليه ما صنع زياد بحجر وأصحابه وجعلوا يبكون عنده وقالوا: نسأل الله (62 - و) أن يجعل قتله بأيدينا، فقال: مه ان في القتل كفارات، ولكن نسأل الله أن يميته على فراشه-كذا قال:«أبو عبيد» وهو أبو عبيدة.

قال: وحدثنا عبد الله قال: أخبرت عن محمد بن حميد قال: حدثنا جرير عن سفيان الثوري قال: قال معاوية: ما قتلت أحدا إلاّ وأنا أعرف فيم قتلته وما أردت به، ما خلا حجر بن عدي فإني لا أعرف فيما قتلته.

(1)

- انظر سورة البقرة الآية:237.

(2)

-أي غير من وضعه حزنا وأخذ بالبكاء. النهاية لابن الاثير.

ص: 2127

قال: وحدثنا عبد الله قال: حدثنا يوسف بن موسى القطان قال: سمعت جريرا الرازي يقول: قال معاوية: ما قتلت أحدا إلاّ وأنا أعلم فيم قتلته إلاّ حجر بن عدي.

أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل عن ابي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني ابن عتاب وابن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي بن السكن قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن بسطام قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا يحيى بن آدم عن ابي بكر بن عياش عن الأعمش عن زياد ابن علاقة قال: رأيت حجر بن الأدبر حمله زياد الى معاوية على بعير، ورجلاه من جانب (62 - ظ).

ص: 2128

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي:

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر بن السمرقندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا محمد ابن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثني حرملة قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل أهل عذراء، حجر وأصحابه؟ فقال: يا أم المؤمنين إني رأيت قتلهم صلاحا للأمة، وأن بقاءهم فساد للأمة، فقالت:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء

(1)

.

وقال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن مروان بن الحكم قال: دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة، فقالت: يا معاوية قتلت حجرا وأصحابه وفعلت الذي فعلت، أما خشيت أن أخبأ لك رجلا فيقتلك؟ فقال: لا إني في بيت أمان، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن» ،

(2)

يا أم المؤمنين، كيف أنا فيما سوى ذلك من حاجاتك وأمورك؟ قالت: صالح. قال:

فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا عز وجل.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات الانماطي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: (65 - و) أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسين، وأبو الفضل بن خيرون، قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين

(1)

-انظره في كنز العمال:11/ 30887.

(2)

-انظره في كنز العمال:696،1/ 405.

ص: 2129

محمد بن أحمد قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن اسحاق قال: حدثنا خليفة بن خياط:

في التابعين من أهل الكوفة قال: حجر بن عدي قتل سنة احدى وخمسين يكنى أبا عبد الرحمن

(1)

.

قال أبو البركات الانماطي: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال:

حدثنا أبي قال: وفي سنة إحدى وخمسين قتل حجر بن عدي وأصحابه.

أنبأنا حسن بن أحمد الاوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك ابن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال:

أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وخمسين، حجر بن عدي، أبو عبد الرحمن، قتل.

أنبأنا أبو محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: سنة إحدى وخمسين، فيها قتل حجر بن عدي بن الأدبر، سمي بذلك لأنه ضرب بالسيف على أليته

(2)

.

وقال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقري قال: حدثنا محمد بن جعفر المنبجي قال: حدثنا عبيد الله بن سعد الزهري قال: قرأت بخط عمي يعقوب بن إبراهيم: مات زياد بن أبي سفيان سنة ثلاث وخمسين وفيها قتل حجر بن الادبر الكندي.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي الحسين محمد بن (65 - ظ) كامل بن ديسم قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن المسلمة أبو جعفر-فيما كتب إلي-قال:

أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى-إجازة-قال: أخبرنا أحمد بن القاسم

(1)

-طبقات خليفة:1/ 331 (1042).

(2)

- تاريخ خليفة:1/ 251. تاريخ ابن عساكر:4/ 138 ظ.

ص: 2130

ابن نصر النيسابوري قال: حدثنا أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا محمد ابن الحكم قال: حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى قال: قال عبد الله بن خليفة الطائي يرثي حجر بن عدي من قصيدة طويلة:

أقول ولا والله أنسى فعالهم

سجيس الليالي

(1)

أو أموت فأقبرا

على أهل عذرا السلام مضاعف

من الله يسقيها السحاب الكهورا

(2)

ولاقى بها حجر من الله رحمة

فقد كان أرضى الله حجر وأعذرا

ولا زال تهطال ملث

(3)

وديمة

(4)

على قبر حجر أو ينادى فيحشرا

فيا حجر من للخيل تدمى نحورها

أو الملك العادي إذا ما تغشمرا

(5)

ومن صادع بالحق بعدك ناطق

بتقوى ومن إن قيل بالجور غبرا

(6)

فنعم أخو الاسلام كنت وإنني

لأطمع أن تعطى الخلود وتجبرا

(7)

وقد كنت تعطي السيف في الحرب حقه

وتعرف معروفا وتنكر منكرا

قال: وقال قيس بن فهدان الكندي يرثيه:

يا حجر يا ذا الخير والحجر

يا ذا الفعال ونابه الذكر

كنت المدافع عن ظلامتنا

عند الطلوع ومانع الثغر

أما فقلت فأنت خيرهم

في العسر ذي العيصاء

(8)

واليسر

(66 - و)

يا عين بكي خير ذي يمن

وزعيمها في العرف والنكر

(1)

-يقال: لا آتيك سجيس الليالي: أي أخر الدهر. النهاية لابن الاثير.

(2)

-أي السحاب الاسود الكثير المطر. أنظر النهاية لابن الاثير.

(3)

-مقيم دائم. النهاية لابن الاثير.

(4)

-الديمة: المطر الدائم بسكون. النهاية لابن الاثير.

(5)

-الغشمرة: اتيان الامر من غير تثبت، والتهضم والظلم. القاموس.

(6)

-غبر غبورا: مكث وذهب. القاموس.

(7)

-الحبرة: النعمة وسعة العيش: النهاية لابن الاثير.

(8)

-الشديد، الصعب. القاموس.

ص: 2131

فلأبكين عليه مكتئبا

فلنعم ذو القربى وذو الصهر

يا حجر من للمعتفين

(1)

إذا

لزم الشتاء وقلّ من يقري

(2)

من لليتامى والأرامل إن

حقب

(3)

الربيع وضن بالوفر

أم من لنا في الحرب ان بعثت

مستبسلا يفري كما يفري

فسعدت ملتمس التقى وسقى

جدثا أجنك

(4)

مسبل القطر

كانت حياتك إذ حييت لنا

عزا وموتك قاصم الظهر

وتريثنا في كل نازلة

نزلت بساحتنا ولا تبري

يا طول مكتأبي لقتلهم حجرا

وطول حرارة الصدر

قد كنت أصعق جهرة أسفا

وأموت من جزع على حجر

فلقد جدلت وقد قتلت

ومن لم تستعبه

(5)

حوادث الدهر

فلذاك قلبي مشعر كمدا

ولذاك دمعي ليس بالنزر

ولذاك نسوتنا حواسر

يستبكين بالاشراق والظهر

ولذاك رهطي كلهم أسف

جم التأوه دمعه يجري

(6)

‌حجر بن عنبس الكوفيّ:

أبو العنبس وقيل أبو السكن، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به ولم يره، ويقال له كدّام

(7)

الدم، لأنه شرب الدم في الجاهلية، روى عن: علي رضي الله عنه، ووائل بن حجر. روى عنه: موسى (66 - ظ) بن قيس الحضرمي

(1)

-طلاب الرزق من انسان أو بهيمة أو طائر. النهاية لابن الاثير.

(2)

-أي من يضيف. القاموس.

(3)

-أي احتبس أو تأخر. القاموس.

(4)

-سترك. القاموس.

(5)

-أي لم تلحق به حوادث الدهراية وصمة أو عيبا. انظر القاموس.

(6)

- ابن عساكر:4/ 138 - ظ -139 و-ظ.

(7)

-كدم: عض. القاموس.

ص: 2132

والمغيرة بن أبي الحر الكندي، وسلمة بن كهيل. وشهد مع علي عليه السلام صفين والنهروان، وقيل إنه قتل بصفين وقبره بالرقة.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله-فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد الكراني، قال: أخبرنا محمود بن اسماعيل الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا موسى بن قيس الحضرمي قال: سمعت حجر ابن عنبس، وكان قد أكل الدم في الجاهلية، وشهد مع علي رضي الله عنه صفين، فقال: خطب أبو بكر وعمر فاطمة رضي الله عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

هي لك يا علي

(1)

.

أنبأنا أبو الفتوح بن أبي الفرج الحصري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر: قال حجر بن عنبس الكوفي، أبو العنبس، وقيل يكنى أبا السكن، أدرك الجاهلية، وشرب فيها الدم، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه آمن به في حياته، روايته عن علي بن أبي طالب ووائل بن حجر، وهو معدود في كبار التابعين.

ذكر البخاري قال: أخبرنا أبو نعيم عن موسى بن قيس الحضرمي قال: سمعت حجرا، وكان شرب الدم في الجاهلية، قال أبو عمر شعبه: كنى حجرا هذا أبا العنبس في حديث وائل بن حجر عن النبي عليه السلام (67 - و) في التابعين وغير شعبة يقول: حجر أبو السكن

(2)

.

أخبرنا

(3)

أبو عبد الله الحسين بن عمر قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد قال:

(1)

-لم أجده في المعجم الصغير للطبراني.

(2)

-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 73. الاستيعاب على هامش الاصابة:1/ 358.

(3)

-كتب ابن العديم فوقها «يقدم» ولم يسبق أن كتب «يؤخر» حتى يعاد الترتيب.

ص: 2133

أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبدان قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حجر بن عنبس أبو السكن الكوفي، كناه محمد عن هرون بن المغيرة عن عنبسة عن سلمة بن كهيل.

وقال شعبه: أبو العنبس سمع عليا، ووائل.

قال أبو نعيم عن موسى بن قيس، قال: سمعت حجر وكان شرب الدم في الجاهلية، قال: المكاء الصفير، وقال شعبة، عن سلمة: عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال آمين خفض بها صوته، قال أبو عبد الله: وخولف فيه في ثلاثة أشياء: قيل حجر أبو السكن الكوفي، كناه محمد عن هرون بن المغيرة عن عنبسة عن سلمة بن كهيل، وقال شعبة: أبو العنبس سمع عليا ووائل، قال أبو نعيم: عن موسى قال: سمعت حجر وقال: هو ابن عنبس، وزاد فيه علقمة، وليس فيه وقال: خفض وإنما هو جهر بها

(1)

.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب كتابة قال: أخبرنا أبو منصور محمد ابن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: حجر بن عنبس، أبو العنبس، ويقال أبو السكن الحضرمي، أدرك الجاهلية، غير أنه لم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن علي بن أبي طالب، ووائل بن حجر (67 - ظ) حدث عن سلمة بن كهيل، وموسى بن قيس والمغيرة بن أبي الحر، وكان ممن سكن الكوفة، وصحب عليا، وسار معه الى النهروان لقتال الخوارج، وورد المدائن في صحبته، وكان ثقة

(2)

.

‌حجر بن قحطان الوداعي:

يروى له شعر، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ذكر نصر ابن مزاحم في أخبار صفين قال: ولما عبأ معاوية حماة الخيل لهمدان، فردت خيله أسف فخرج بسيفه فحملت عليه همدان ففاتها ركضا، وانكسر أهل الشام، ورجعت همدان الى مكانها وقال حجر بن قحطان الوداعي:

(1)

-التاريخ الكبير:3/ 73.

(2)

- تاريخ بغداد:8/ 274.

ص: 2134

ألا يا بن قيس قرت العين إذ رأت

فوارس همدان بن زيد بن مالك

على عارفات للقاء عوابس

طوال الهوادي مشرفات الحوارك

موقرة

(1)

بالطعن في ثغراتها

يزلن ويلحقن القنا بالسنابك

عباها علي لابن هند وخيله

فلو لم يفتها كان أول هالك

وكانت له في يومه عند ظنه

وفي كل يوم كاسف الشمس حالك

وكانت بحمد الله في كل كربة

حصونا وعزا للرجال الصعالك

فقل لأمير المؤمنين أن ادعنا

إذا شئت إنا عرضة للمهالك

ونحن حطمنا السمر من حي حمير

وكندة والحي الخفاف السكاسك

وعك ولخم شائلين سياطهم

حذار العوالي كالإماء العوارك

(2)

(68 - و)

وقد روى ابن أعثم في كتاب الفتوح هذا الشعر لزياد بن كعب الهمداني والله أعلم

(3)

.

‌حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين:

ابن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور، وهو كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الكندي، ويعرف بحجر الشر، وعرف بذلك ليفصلوا بينه وبين حجر بن عدي، وكان حجر بن عدي يعرف بحجر الخير، وكلاهما من كندة، وكان شريرا أيضا فعرف بذلك للفصل بينهما، وكان جد حجر بن عدي جبلة بن عدي بن ربيعة، وجد جد حجر بن يزيد حجر بن عدي بن ربيعة، فكانا أخوين، ووفد حجر بن يزيد هذا على النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم، وعاد

(1)

-معودة، مصلبة ممرنة مجربة. القاموس.

(2)

-العوالي: الرماح، والعوارك: الحوائض. انظر وقعة صفين لنصر بن مزاحم-ط. القاهرة 497:1365 - 498.

(3)

-فتوح ابن الاعثم بتحقيقي-ط. بيروت 1126:1988.

ص: 2135

الى اليمن، ثم نزل بعد ذلك الكوفة، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وجعله على كندة، وهو أحد من شهد من أصحاب علي رضي الله عنه بينه وبين معاوية على كتاب تحكيم الحكمين، وشهد أيضا الجمل مع علي وجعله على خيل كندة.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال في تسمية امراء يوم الجمل من أصحاب علي، قال: وجعل على خيل كندة حجر بن يزيد

(1)

.

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر (68 - ظ) اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد الفقيه قال:

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر العدل قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال:

وكان مع علي بصفين حجر الخير وحجر الشر، فأما حجر الشر فهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة، وكان شريفا ولاه معاوية بعد ذلك أرمينية، وأرادوا أن يفصلوا بينه وبين حجر بن عدي، فقالوا لهذا حجر الشر.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب ابن عريب بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الكندي، المعروف بحجر الشر، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم وعاد الى اليمن، ثم نزل الكوفة، وشهد الحكمين بدومة، له ذكر

(2)

.

أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي، وأبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة الرابعة:

(1)

- كتاب المعرفة والتاريخ:3/ 313.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 139 ظ.

ص: 2136

حجر الشر بن يزيد بن سلمة بن مرة بن حجر بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين كان شريفا، وقد وفد الى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم، وإنما سمي حجر الشر، لأن حجر بن الأدبر (69 - و) كان يسمى حجر الخير، فأرادوا أن يفصلوا بينهما، وكان أيضا شريرا، وكان أحد شهود يوم الحكمين مع علي، وولاه معاوية بن أبي سفيان بعد ذلك أرمينية

(1)

.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: بلغني أن حجر بن يزيد بقي الى حين أخذ زياد حجر بن الأدبر وأنفذه الى معاوية، وكان ذلك في سنة إحدى وخمسين

(2)

.

‌حجوة بن مدرك الغساني:

الكوفي ثم المنبجي، أصله من الكوفة ونزل منبج، ثم انتقل الى دمشق فسكنها وله أشعار، روى عن: هشام بن عروة، وسفيان الثوري، وسليمان الأعمش، واسماعيل بن أبي خالد، وفضيل بن غزوان، ويونس بن أبي اسحاق، وعبد الملك بن أبي سليمان، وموسى بن عبيدة الربذي، وسعيد بن عبد الرحمن أخي أبي حرّة.

روى عنه: هشام بن عمار، وسعيد بن اسماعيل بن مساحق، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي الحراني، وعيسى بن موسى عنجار، وأبو الجماهر محمد بن عثمان الدمشقي، والحكم بن موسى.

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، قال: أخبرنا سهل بن بشر، قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الطّفال، قال حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي، قال: حدثنا موسى بن سهل، قال حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا (69 - ظ) حجوة بن مدرك عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجار أحق بشفعة جاره ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا

(3)

.

(1)

-لم أقف على ذكره بين الكوفيين في الطبقات الكبرى لابن سعد.

(2)

-ابن عساكر-المصدر السابق نفسه.

(3)

-انظره في كنز العمال:7/ 17701.

ص: 2137

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن عمير بن جوصاء-قراءة-قال: سمعت أبا الحسن ابن سميع يقول في الطبقة السادسة: حجوة بن مدرك الغساني.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي، عن عبد الكريم بن حمزة السلمي، عن أبي نصر بن ماكولا، قال: وأما حجوة: فحجوة بن مدرك، روى عن هشام بن عروة حديث قبض العلم، روى عنه: عيسى بن موسى التيمي

(1)

.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله-إجازة-ح.

قال: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حجوة بن مدرك، كوفي سكن دمشق، سألت أبي عنه فقال: محله الصدق

(2)

.

وذكر أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الكتاني الأصبهاني قال: قلت لأبي حاتم الرازي: ما تقول في حجوة بن مدرك يروى (70 - و) عنه الحكم بن موسى؟ فقال:

الغساني صدوق.

أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد-فيما أذن لنا في روايته، سمعته بدمشق-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي، قال: حجوة بن مدرك الغساني، أصله من الكوفة سكن دمشق وكان يكون بمنبح، وله أشعار في فتنة أبي الهيذام، روى عن: اسماعيل بن أبي خالد، ويونس بن اسحاق، وفضيل ابن غزوان، وموسى بن عبيدة، وسفيان الثوري، وهشام بن عروة والأعمش، وسعيد بن عبد الرحمن أخي أبي حرّة، وعبد الملك بن أبي سليمان.

(1)

- الاكمال لابن ماكولا:2/ 394، وحديث قبض العلم: «ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس

» انظره في كنز العمال:29095،10/ 28981.

(2)

-الجرح والتعديل:3/ 319.

ص: 2138

روى عنه: هشام بن عمار، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، وأبو الجماهير محمد بن عثمان، وعيسى بن موسى عنجار، والحكم بن موسى، وسعيد بن اسماعيل بن مساحق.

قال الحافظ أبو القاسم: قرأت في كتاب أبي الحسين الرازي فيما ذكره عن شيوخه قال: وكان مما قيل في تلك العصبية من الاشعار ما أفادنيه بعض أهل دمشق، عن أبيه، عن جده وأهل بيته من المرثيين قال: قال حجر بن مدرك الغساني يرثي أسعد الغساني:

ألا هبلت أم الفتى أسعد الندى

لقد ثكلت ليثا شديد الشكائم

أغرّ نمته عصبة يمنية

طوال الرماح ماضيات الصوارم

أتت بفتى رخو الحمائل صارم

إذا حام بان الموت فوق الجماجم

سأبكى فتى غسان أسعد ما دعت

على فنن الاشجار ورق الحمائم

(70 - ظ)

وأبكيه إما عشت بالبيض والقنا

وفتيان صدق كالليوث الضراغم

يخوضون نحو الموت خوضا

كأنهم مصاعب تحت الداميات المناسم

بأسيافهم زار الحتوف ابن كامل

ومن بعده مثواه زر بن حاتم

وقال حجوة:

قتلنا أناسا فاستقلنا بقتلهم

هنات أضعناها لنا أول الأمر

فلا تخدعي يا قيس عيلان واصبري

رويدك إنّا سوف نعقب بالصبر

ستأتيكم مثل الأسود مغيرة

على كل طيّار يزيد على الزجر

فإن يك فتياني نبوا عن قتالهم

بجانب حرلان

(1)

وخاموا عن النصر

(2)

(1)

-ناحية بغوطة دمشق فيها عدة قرى. معجم البلدان. وذكر كرد علي أنها مما يلى الصفوانية، شرقي باب توما. غوطه دمشق:168.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:139 ظ -140 و-ظ.

ص: 2139

‌حدير السلمي:

ويقال الأسلمي، أبو قرّة وقيل أبو فوزة، وقيل إن له صحبة، روى عن أبي الدرداء، ولقي كعب الأحبار، وسمع منه، روى عنه يونس بن ميسرة بن حلبس والعلاء بن الحارث وبشير مولى معاوية.

وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وذهبت عينه يومئذ، وشهد غزو الصائفة في زمن عثمان.

نقلت من كتاب صفين تأليف أبي جعفر محمد بن خالد الهاشمي، يعرف بابن أمه

(1)

، قال: حدثني الوليد بن مسلم، قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: لقي أبو قرة حدير السلمي كعب في فج معلولا

(2)

فقال: حدثني حديثا ينفعني الله به، قال: كيف أنتم إذا قاتلكم أهل الردة؟ قال: قلت أمن المسلمين أم من المشركين قال: بل من المسلمين، قال: قلت أمن العرب أم من العجم؟ قال:

لا بل من العرب، قال: قلت ولا يكون ذلك أبدا؟ قال: بلى، ثم قال: كيف بكم إذا قاتلتم أهل العاقول؟ قال: قلت أمن المسلمين أم من المشركين؟ قال: لا بل من المسلمين، قلت: أمن العرب أم من (71 - و) العجم؟ قال: من العرب، قلت:

لا يكون ذلك أبدا، قال: بلى ثم عسى ألا ينفك حتى تعور فيها عينك ويهدم فيها فوك، فلما كان بصفين أصيبت عينه وهدم فوه حضر ورمي بجلمودة فذهب فوه

(3)

.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني-بقراءتي عليه-قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال:

أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا

(1)

-بحكم المفقود وقد أكثر ابن العديم النقل عنه في المجلدة الاولى.

(2)

-على مقربة من دمشق ما زال قائما يزار حيث يحمل الاسم نفسه وفيه عدد من المشاهد المسيحية.

(3)

-سلفت رواية هذا الحديث أكثر من مرة، وآثار الصنعة بادية عليه، فالردة كانت قبل الفتوحات ومن ثم قدوم كعب وغيره الى بلاد الشام.

ص: 2140

أحمد بن إبراهيم القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: أخبرني الوليد عن صخر ابن جندلة أنه حدثة عن يونس بن ميسره بن حلبس عن أبي فوزة حدير السلمي قال: خرج بعث الصائفة، فاكتتب فيه كعب، فلما نفر البعث خرج كعب وهو مريض، قال: لأن أموت بحرستا

(1)

أحب إلي من أن أموت بدمشق، ولأن أموت بدومة

(2)

أحب إلي من أن أموت بحرستا هكذا قدما في سبيل الله.

قال: فمضى فلما كان بفج معلولا قلت: أخبرني، قال: شغلتني نفسي، قلت:

أخبرني، قال: سيقتل رجل يضيء دمه لأهل السماء، ومضينا حتى إذا كنا بحمص توفي بها فدفناه هنالك بين زيتونات بأرض حمص، ومضى البعث فلم يقفل حتى قتل عثمان

(3)

.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن اسماعيل بن أحمد السمرقندي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن ابراهيم بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد قال: ذكر عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني صخر بن جندلة أنه سمع يونس بن (71 - ظ) ميسرة بن حلبس يحدث عن أبي فروة حدير السّلمي قال: حضرت بعث الصائفة، في آخر خلافة عثمان بن عفان، وقد كان كعب أوقع اسمه في البعث، فأمر باخراجه، وهو مريض فقيل له: إنك مريض، فقال: أخرجوني في البعث فو الله لأن أموت بحرستا أحب إليّ من أن أموت بدمشق ولأن أموت بدومة أحب إليّ من أن أموت بحرستا هكذا قدما في سبيل الله، قال أبو فروة: فأخرجناه فمات حين انتهينا الى حمص

(4)

.

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن صفوان

(1)

-في احواز دمشق معروفة.

(2)

-خارج دمشق بلدة كبيرة عامرة.

(3)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 141 و.

(4)

-الكنى والاسماء للدولابي:2/ 81.

ص: 2141

البصري قال: حدثنا ابراهيم بن دحيم قال: حدثنا هشام عن صدقة بن خالد عن عثمان بن أبي العاتكة قال: حدثني أخ لي يقال له زياد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: «اللهم بارك لنا في شهرنا هذا الداخل

(1)

»، فذكر الحديث وقال: توالى على هذا الدعاء ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمعوه منه والسابع صاحب الفرس الخزبور

(2)

والرمح الثقيل حدير ابو فروة السلمي.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد-فيما أجازه لنا-قال: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن اللالكائي قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال:

حدثني أبي قال: أخبرنا (72 - و) موسى بن داود عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة قال: دخل حدير الأسلمي على أبي الدرداء يعوده، وعليه جبة من صوف، وقد عرق فيها وهو نائم على حصير، فقال: يا أبا الدرداء ما يمنعك أن تلبس من الثياب التي يكسوك معاوية، وتتخذ فراشا؟ قال: إن لنا دارا لها نعمل وإليها نظعن، والمخف فيها خير من المثقل.

أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي الحسن علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا العباس بن عبد الله الترفقي قال: حدثنا أبو يزيد عن الفضيل قال: كان أبو هريرة إذا أخذ عطاءه صرّ صررا، فبعث بصرة الى حدير وقال للرسول: انظر ما يقول، فلما أتاه قال: اللهم انك تذكر حديرا فاجعل حديرا لا ينساك، فسأل أبو هريرة الرسول، فأخبره، فقال: وضع الشكر عند من صنعه

(3)

.

كتب الينا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال:

(1)

-أنظره في كنز العمال:/4944.

(2)

-خزب: ورم أو سمن حتى كأنه وارم، الجلد تهيج والضرع تورم، القاموس.

(3)

-تاريخ دمشق لابن عساكر:4/ 141 ظ.

ص: 2142

أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا أبو الحسن الكارزي قال: أخبرنا علي ابن عبد العزيز عن أبي عبيد قال: سمعت ابن علية يحدث عن الجريري قال: حدثت أن أبا الدرداء ترك الغزو عاما فأعطى رجلا صرة فيها دراهم، فقال: انطلق فإذا رأيت رجلا يسير بين القوم حجزة

(1)

في هيئته بذاذة

(2)

فادفعها اليه، قال: ففعل فرفع (72 - ظ) رأسه الى السماء فقال: اللهم لم تنس حديرا فاجعل حديرا لا ينساك قال: فرجع الى أبي الدرداء فأخبره، فقال: ولي النعمة ربها.

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الفقيه-اجازة-عن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي الحسين الداراني قال: أخبرنا أبو الفرج الأسفراييني قال:

أخبرنا أبو بكر الخليل بن هبة الله بن الخليل قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال:

حدثنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاّب قال: حدثنا هشام بن خالد قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا يحيى بن حمزة عن العلاء بن الحارث أن أبا فوزة سار ميلا فلم يذكر الله، فرجع ثم قال: اللهم انك لم تنس أبا فوزة فاجعل أبا فوزة لا ينساك.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد ابن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو زرعة قال: في الطبقة التي تلي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العليا أبو فوزة حدير السلمي.

أنبأنا أبو عبد الله بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: حدير السلمي، وقال يحيى بن حسان: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا العلاء بن الحارث سمع أبا فوزة حدير مولى بني سليم قوله: حدثني عبد الله، قال: حدثنا دحيم قال:

حدثنا الوليد قال: حدثني صخر بن جندلة سمع يونس بن ميسرة (73 - و) عن

(1)

-أصل الحجزة موضع شد الازار، ثم قيل للازار حجزه. النهاية لابن الاثير.

(2)

-البذاذة رثاثة الهيئة. النهاية لابن الاثير.

ص: 2143

أبي فوزة حدير السلمي حضر آخر خلافة عثمان، وقال كعب: أخرجوني في البعث وهو مريض، فأخرجناه فمات حين انتهى الى حمص

(1)

.

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:

أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو فوزة حدير مولى بني سليم روى عنه العلاء بن الحارث

(2)

.

أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي عن أبي الفضل بن الحكاك قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم بن عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو فوزة حدير السلمي.

أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد-فيما أذن لنا في روايته عنه- عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: أما الأول أبو فروة بتقديم الراء فجماعة، وأما الثاني بتقديم الواو فهو أبو فورة حدير السلمي يروى عنه يونس بن ميسرة ذكره أبو بشر الدولابي في الاسماء والكنى كذا قاله بالراء

(3)

.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال: حدير أبو فوزة ويقال أبو فروة الاسلمي ويقال السلمي مولاهم، يقال إن له صحبة، سكن حمص. روى عن أبي الدرداء وكعب الأحبار، روى عنه العلاء بن الحارث وبشير مولى (73 - ظ) معاوية ويونس بن ميسرة بن حلبس، وخرج مع كعب من دمشق الى حمص

(4)

.

(1)

-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 97 - 98.

(2)

-كتاب الكنى والاسماء للامام مسلم:167.

(3)

-كتاب الكنى والاسماء للدولابي:2/ 81. الاكمال لابن ماكولا:7/ 61.

(4)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 140 - ظ.

ص: 2144

‌ذكر من اسمه حذيفة

‌حذيفة بن الحسن المصيصي:

حدث عن أبي أمية محمد بن ابراهيم بن مسلم الطرسوسي ومحمد بن ابراهيم الدمشقي، روى عنه الحافظ أبو أحمد عبد الله بن عدي.

أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد-إجازة-قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي-إجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو القاسم ابن مسعدة الاسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: حدثنا حذيفة بن الحسن قال: حدثنا محمد بن ابراهيم الدمشقي قال:

حدثنا يونس بن عطاء عن معروف مولى واثلة قال: سمعت واثلة يقول: رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامة سوداء

(1)

.

‌حذيفة بن قتادة المرعشي:

من أهل مرعش كان أحد العباد المذكورين، صحب سفيان الثوري وروى عنه.

روى عنه يوسف بن أسباط وابن أبي الدرداء ونبهان بن المغلس، والفيض بن اسحاق، ومحمد بن أبي الورد، واشتغل بالعبادة عن الرواية.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حموية، ح.

وأنبأنا زينب بنت الشعري، قالا: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي، ح،

وأنبأنا أبو النجيب اسماعيل بن عثمان القاري قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم قالا: أخبرنا أبو القاسم (74 - و) عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن رحمه الله يقول:

(1)

-الكامل لابن عدي:6/ 2328.

ص: 2145

سمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: كان أهل الورع في أوقاتهم أربعة: حذيفة المرعشي ويوسف بن أسباط، وابراهيم بن أدهم، وسليمان الخواص، فنظروا في الورع فلما ضاقت عليهم الأمور فزعوا الى التقلل

(1)

.

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود الملثم بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله بن حمد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء، قال:

ابن حمد-اجازة-قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا:

أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل بن محمد الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا عمير بن مرداس قال: حدثنا خلف بن تميم قال: سمعت يوسف بن أسباط يقول: حج حذيفة بن قتادة المرعشي من مرعش بعشرة دراهم، قال: وسمعته يقول:

ما حال في نفسي شيء منذ أربعين سنة إلا تركته

(2)

.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي بالبيت المقدس قال:

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني الحافظ عن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد (74 - ظ) بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا الحسن بن محبوب قال: حدثنا الفيض بن اسحاق قال: ذكر عند حذيفة المرعشي الوحدة وما يكره منها، قال: انما يكره ذلك للجاهل، فأما عالم، يعرف ما يأتي، أي فلا.

(1)

-لم أقف له على ترجمة في الرسالة القشيرية.

(2)

-لم أجد ترجمة حذيفة بن قتادة في تاريخ ابن عساكر.

ص: 2146

وقال: حدثنا الفيض قال: قال حذيفة: ما أعلم شيئا من أعمال البر أفضل من لزومك بيتك، ولو كانت لك حيلة لهذه الفرائض كان ينبغي لك أن تحتال لها.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا ذو النون بن أبي الفرج الصوفي -بقراءتي عليه مرة بعد أخرى-قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين المقرئ قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجرهي قال: حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال: سمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن أبي الورد يقول: كتب حذيفة المرعشي الى يوسف بن أسباط:

بلغني أنك بعت دينك بحبتين، وقفت على صاحب لبن فقلت: بكم هذا؟ فقال: هو لك بسدس، فقلت: لا بثمن، فقال هو لك، وكان يعرفك، اكشف عن رأسك قناع الغافلين، وانتبه من رقدة الموتى، واعلم أن من قرأ القرآن، ثم آثر الدنيا، لم آمن من أن يكون بآيات الله من المستهزئين.

بلغني أن حذيفة المرعشي توفي سنة سبع ومائتين (75 - و).

‌حذيفة بن اليمان:

ابن حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن، وقيل حذيفة بن اليمان بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن، وقيل: حذيفة بن حسيل، واليمان لقب حسيل، وقيل حسل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن، وقيل: اليمان ابن جابر بن عمرو بن ربيعة، وقيل: جروة هو اليمان الذي ينسب اليه حذيفة، وقيل ابن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس، وقيل:

الحارث بن قطيعة بن عبس وقيل: الحارث بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، أبو عبد الله العبسي القطعي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: هو حذيفة بن الحسيل بن اليمان. وقال بعضهم:

حذيفة بن حسيل بن جابر بن اليمان بن جابر.

شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم أحدا وما بعدها، وقتل أبوه يومئذ، قتله بعض المسلمين وهو يظنه مشركا، وأمه الرباب من بني عبد الاشهل، وكان صاحب

ص: 2147

سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه صلى الله عليه وسلم، روى عنه عمار ابن ياسر، وجندب البجلي، وأبو أمامة الباهلي، وأبو الطفيل، وابنه أبو عبيدة بن حذيفة، وأبو حذيفة سلمه بن صهيبة، وربعي بن خراش، وأبو ادريس الخولاني، وطارق بن شهاب، ويزيد بن شريك التميمي، وزيد بن وهب، ومسلم بن نذير، وعلقمة وعبد الله بن الصامت، والوليد بن المغيرة، وهمام بن الحارث، وأبو البختري وأبو واكل شقيق بن سلمه، وصلة بن زفر العبسي، وطلحة بن يزيد، وعمرو بن حنظله، وخالد بن الربيع العبسي الكوفي، وأبو مجلز، وعبد الله بن عكيم، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وثعلبة بن زهدم الحنظلي، وحبة بن جوين العرني (75 - ظ) وعمرو بن ضرار، وزر بن حبيش، وأبو عبيد المغيرة.

وسيره عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسولا الى ملك الروم الى قسطنطينية، فاجتمع بها بجبلة بن الايهم، وغزا بلاد الروم في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه في جيش أميره الوليد بن عقبة بن أبي معيط فاجتاز بحلب أو بعملها فيهما.

أخبرنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن عيلان قال: حدثنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا اسحاق الحربي قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان عن الاعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالمسواك

(1)

.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي-قراءة مني عليه بدمشق-قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن رزيق قال: حدثنا القاضي الحسين بن اسماعيل الضبي ببغداد أبو عبد الله قال: حدثنا علي-يعني-ابن شعيب قال: حدثنا يعقوب بن ابراهيم الزهري قال: حدثنا أبي عن صالح-يعني-ابن كيسان عن الزهري قال: قال أبو ادريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: والله اني لأعلم الناس بكل فتنة هي

(1)

-انظره في كنز العمال:7/ 17985. ويشوص فاه بالسواك: يدلك أسنانه وينقيها. النهاية لابن الاثير.

ص: 2148

كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما ذاك أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني من ذلك شيئا أسره إلي لم يكن حدث به غيري، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن بعد الفتن: منهن ثلاث. أو قال:

ثلاث لا يذرن شيئا منهن كرياح الصيف منها صغار، ومنها كبار. قال حذيفة: فذهب ذلك الرهط كلهم غيري

(1)

.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي-قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا (76 - و) أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد المقرئ قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن النقور قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن أخي ميمي قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد -املاء سنة ثمان عشرة وثلاثمائه-قال: حدثنا محمد بن يزيد أخو كرخويه قال:

حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا ابن جابر قال: حدثني بشر بن عبد الله الحضرمي قال: حدثني أبو ادريس أنه سمع حذيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية فجاءنا هذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:

نعم، قال: فهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم وهدنة على دخن، قلت وما دخنه؟ قال: قوم تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على باب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله فان ادركني ذلك، قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم

(2)

.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد ابن الحسن الشاشي قال: أنبأنا أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسيني قال:

أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله العدل قال: أخبرنا حمزة بن محمد قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا عبد الكبير بن المعافى بن عمران قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن حذيفة قال: كان أصحاب

(1)

-لاحظت أثناء عملي في كتاب الملاحم والفتين لنعيم بن حماد المروزي الخزاعي (ت 229 هـ) كثرة اعتماده على أحاديث منسوبة الى حذيفة بن اليمان.

(2)

-انظر كنز العمال:38681،14/ 38448.

ص: 2149

رسول الله صلى الله عليه وسلم (76 - ظ) يتعلمون الخير وكنت أتعلم الشر قيل:

لم؟ قال: انه من اعتزل الشر وقع في الخير.

أخبرنا أحمد بن محمد بن سيدهم الانصاري، قراءة عليه في منزله بدمشق، قال:

أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود قال:

حدثنا شعبة عن أبي اسحاق عن الوليد بن المغيرة عن حذيفة قال: قلت يا رسول الله اني ذرب اللسان، وعامة ذلك على أهلي، قال: فأين أنت من الاستغفار اني لاستغفر ربي في اليوم مائة مرة.

أخبرنا أبو الحسن المبارك بن أبي بكر بن مزيد الخواص، وأبو عبد الله محمد ابن نصر بن أبي الفرج الحصري-قراءة عليهما وأنا أسمع ببغداد-قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحسن بن أحمد-قال الحصري: وأنا حاضر-قال: أخبرنا سعيد ابن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس بن النعمان قال: أخبرنا أبو بكر بن المقري قال: حدثنا اسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان عن اسرائيل بن يونس عن أبي اسحاق عن مسلم ابن نذير عن حذيفة قال: شكوت الى النبي صلى الله عليه وسلم ذربا في لساني فقال:

أين أنت من الاستغفار، فإني لاستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة

(1)

.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي المرهبي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا عمرو بن بزيع قال: حدثنا الحارث بن حجاج عن أبي معمر التيمي عن ساعدة بن سعد بن حذيفة بن اليمان أن حذيفة كان يقول: ما من يوم أقر لعيني، ولا أحب لنفسي من يوم آتي أهلي فلا أجد عندهم

(1)

-انظر كنز العمال:2115،1/ 2113.

ص: 2150

طعاما، ثم يقولون ما نقدر على قليل ولا كثير. وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ان الله (77 - و) أشد حمية للمؤمن من الدنيا من المريض أهله من الطعام والشراب، والله أشد تعاهدا للمؤمن بالبلاء من الوالد لولده بالخير

(1)

.

أخبرنا المبارك بن أبي بكر بن مزيد الخواص، وأبو عبد الله محمد بن نصر بن أبي الفرج الحصري-قراءة عليهما وأنا أسمع ببغداد-قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحسن بن أحمد-قال الحصري: وأنا حاضر-قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، قال: أخبرنا أبو العباس بن النعمان، قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا اسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان عن أبي فروة الجهني قال: سمعت عبد الله بن عكيم قال: كنا عند حذيفة بالمدائن، فاستسقى دهقانا فأتاه باناء فيه فضة، فحذفه

(2)

به حذيفة، وكان رجلا فيه حدة، فكرهوا أن يكلموه، ثم التفت الى القوم فقال: اعتذر اليكم من هذا اني قد كنت تقدمت اليه ألا يسقيني في هذا، ثم قال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: لا تشربوا في آنية الفضة والذهب ولا تلبسوا الديباج والحرير، فانه لهم في الدنيا ولكم في الآخرة.

(3)

.

وقال: حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن عن حذيفة مثله.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا عمر بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا حماد بن (77 - ظ) سلمة قال: حدثنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن حذيفة قال: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة فاخترت النصرة. قال وكان يكنى أبا عبد الله، وسلمان الفارسي يكنى أبا عبد الله.

(1)

-انظره في كنز العمال:3/ 6164.

(2)

-أي رماه به.

(3)

-انظره في كنز العمال:15/ 41065.

ص: 2151

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي-فيما اذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر بن رضوان وأبو غالب ابن البناء، وعبد الله بن محمد بن نجا، ح.

وأخبرنا به عمر بن طبرزد اجازة عن أبي غالب بن البناء، قالوا: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا العباس بن ابراهيم قال: حدثنا محمد بن اسماعيل-يعني-الاحمسي قال: حدثنا عمرو العنقزي قال: حدثنا اسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة قال: قالت لي أمي: متى عهدك بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ فذكر الحديث، وقال في آخره سآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لي ولك فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى ما بينهما ما بين المغرب والعشاء ثم انصرف فاتبعة، قال: فبينا هو يمشي اذ عرض له عارض فناجاه ثم مضى واتبعته فقال: من هذا؟ قلت: حذيفة، قال: ما جاء بك يا حذيفة؟ فأخبرته بالذي قالت لي أمي فقال: غفر الله لك يا حذيفة ولأمك، أما رأيت العارض الذي عرض لي؟ قلت: بلى بأبي أنت وأمي، قال: فانه ملك من الملائكة لم يهبط الى الارض قبل ليلته هذه، استأذن ربه في أن يسلم علي (78 - و) فيسرني-أو قال:

فأخبرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة-

(1)

.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الانصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد ابن فضالة الحمصي قراءة عليه قال: حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني قال:

حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني قال: حدثنا فطر بن خليفة عن كثير أبي اسماعيل عن عبد الله بن مليل قال: سمعت عليا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انه لم يكن نبي قبلي إلا أعطي سبعة نجباء وزراء ورفقاء واني أعطيت

(1)

-انظر كنز العمال:34282،34259،12/ 34246،7/ 17795، 34285.

ص: 2152

أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وأبو بكر، وعمر، وعلي، والحسن والحسين، سبعة من قريش، وابن مسعود، وسلمان، وعمار، وحذيفة، وأبو ذر، والمقداد وبلال.

(1)

.

أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا يوسف بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو نعيم قال:

حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي قال: حدثنا شريك قال: حدثنا عثمان بن عمير قال: حدثنا زاذان عن حذيفة قال: قلنا: يا رسول الله لو استخلفت؟ فقال: لو استخلفت فعصيتم نزل العذاب، ولكن ما أقرأكم ابن مسعود فاقرؤوه، وما حدثكم حذيفة فاقبلوا، أو قال فاسمعوا

(2)

.

أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن (78 - ظ) الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي المعروف بابن البن-قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق-قال: أخبرنا جدي الحسين بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر، وأبو نصر بن الجندي قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: حدثنا أبو عبد الملك قال: حدثنا ابن عائذ قال: أخبرني محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس في حديث ذكره قال:

فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث رجلا فيخرج من الخندق فيعلم ما يريدون، فأتى رجلا وقد قبضه القر قال: ائت مطلع القوم فاعتل فتركه، ثم أتى آخر فاعتل فتركه، وحذيفة يسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساكت مما به من البلاء والضر، حتى أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يدري من هو، فقال: من هذا؟ قال: أنا حذيفة، قال: اياك أريد، سمعت حديثي الليلة ومساءلتي الرجال لأبعثهم ليخبروا لنا خبر القوم فيأتون، قال: أي والذي أرسلك بالحق اني أسمع، قال: فما منعك أن تقوم؟ قال: القر، قد علم الله الذي بي من البلاء، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذكر القر، ضحك حتى استغرب

(1)

-لم أجده بهذا اللفظ.

(2)

-لم أقف عليه بهذا اللفظ.

ص: 2153

ضحكا وقال: قم حفظك الله من فوقك ومن تحتك، وعن يمينك وعن شمالك حتى ترجع إليّ، فقام حذيفة مسرورا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى القوم لا يحس شيئا مما كان يجد، حتى خالط عسكرهم وجالسهم، ثم أقبل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر.

قال وأخبرني الوليد (79 - و) بن مسلم قال: أخبرني عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه زيد بن أسلم أنه أخبره قال: قال رجل لحذيفة: أشكو الى الله صحبتكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانكم أدركتموه ولم ندركه، ورأيتموه ولم نره، قال حذيفة: ونحن نشكو الى الله ايمانكم به ولم تروه، والله ما تدري لو أدركته كيف كنت تكون؟ لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق ليلة باردة مطيرة، اذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم أدخله الله الجنة، قال: فو الله ما قام منا أحد، قال: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيق ابراهيم يوم القيامة؟ فما قام منا أحد، ثم قال: هل من رجل يذهب فيعلم لنا علم القوم جعله الله رفيقي في الجنة، فما قام منا أحد، فقال أبو بكر: يا رسول الله ابعث حذيفة، قال: حذيفة، فقلت: دونك فو الله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حذيفة حتى قلت: يا رسول الله بأبي وأمي أنت، والله ما بي أن أقتل، ولكني أخشى أن أوسر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انك لن تؤسر، فقلت: يا رسول الله مرني بما شئت فقال: اذهب حتى تدخل في القوم فتأتي قريشا فتقول: يا معشر قريش انما يريد الناس أن يقولوا غدا: أين قادة الناس، أين رؤوس الناس، تقدموا، فتقدموا فتصلوا بالقتال، فيكون القتل بكم، ثم ائت كنانة فقل: يا معشر كنانة انما يريد الناس غدا أن يقولوا:

أين (79 - ظ) كنانة أين رماة الحدق، تقدموا، فتقدموا فتصلوا بالقتال، فيكون القتل بكم، ثم ائت قيسا فقل: يا معشر قيس انما يريد الناس غدا أن يقولوا: أين قيس أين أحلاس الخيل، أين فرسان الناس، تقدموا، فتقدموا فتصلوا بالقتال، ويكون القتل بكم، ثم قال لي: ولا تحدث في سلاحك شيئا.

قال: حذيفة: فذهبت فكنت بين ظهراني القوم أصطلي معهم على نيرانهم، وأذكر لهم القول الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين قريش، أين

ص: 2154

كنانة أين قيس، حتى اذا كان وجه السحر قام أبو سفيان يدعو باللات والعزى ويشرك، ثم قال: نظر رجل من جليسه، قال: ومعي رجل يصطلي، قال: فوثبت عليه مخافة أن يأخذني فقلت: من أنت؟ قال: أنا فلان، قلت: أولى، فلما رأى أبو سفيان الصبح، قال أبو سفيان: نادوا: أين قريش، أين رؤوس الناس، أين قادة الناس، تقدموا، قالوا: هذه المقالة التي أتينا بها البارحة، ثم قال: أين كنانة، أين رماة الحدق تقدموا، فقالوا: هذه المقالة التي أتينا بها البارحة، ثم قال: أين قيس، أين فرسان الناس، أين أحلاس الخيل، تقدموا، فقالوا: هذه المقالة التي أتينا بها البارحة، قال: فخافوا فتخاذلوا، وبعث الله عليهم الريح فما تركت لهم بناء إلاّ هدمته، ولا اناء الا أكفته، وتنادوا بالرحيل.

قال حذيفة: حتى رأيت أبا سفيان وثب على جمل له معقول، فجعل يستحثه للقيام، ولا يستطيع القيام لعقاله. قال حذيفة: فو الله لولا ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا تحدث في سلاحك (80 - و) شيئا، لرميته من قريب. قال:

وسار القوم، وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فضحك حتى رأيت أنيابه

(1)

.

أنبأنا عبد الصمد بن محمد القاضى عن أبي المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن الحسين بن محمد المقري الماوردي، وأبو سعيد عبد الرحمن ابن منصور بن رامش قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بامويه قال: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي قال: حدثنا عباس بن محمد الدوري قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا زهير بن معاوية عن جابر عن سعد بن عبيدة عن صلة بن زفر عن حذيفة بن اليمان قال: صليت ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقام يغتسل وسترته، ففضلت منه فضلة في الاناء فقال: ان شئت فأرقه وان شئت فصب عليه، قال: قلت: يا رسول الله هذه الفضلة أحب إليّ مما أصب عليه، فاغتسلت به وسترني، قال: قلت: لا تسترني قال: بلى لأسترنك كما سترتني.

(1)

-انظر مغازي الواقدي-ط. أكسفورد 2/ 488:1966 - 490.

ص: 2155

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الاخوه وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي-قالت عين الشمس: اجازة- قال: أخبرنا أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي الكاتب، وأبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي-قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم أبو علي قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا الحسين بن عبد الأول قال: حدثنا أبو خالد قال: حدثنا أبو سعد البقال عن ابراهيم (80 - ظ) التيمي عن أبيه عن حذيفة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وحدي.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا ابن بشران قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال حدثنا محمد بن سعد قال: حذيفة بن اليمان بن حسل، ويقال حسيل بن جابر العبسي، حليف بني عبد الاشهل، وابن أختهم الرباب بنت كعب بن عدي بن كعب ابن عبد الاشهل، يكنى أبا عبد الله، شهد أحدا، وقتل أبوه يومئذ، وجاءه نعي عثمان بن عفان وهو بالمدائن، ومات بها سنة ست وثلاثين، اجتمع على ذلك محمد ابن عمر-يعني-الواقدي، والهيثم بن عدي.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال أخبرنا أبو طالب بن يوسف وأبو نصر بن البناء قالا: أخبرنا أبو محمد الجوهري عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة الثانية: حذيفة بن اليمان وهو ابن حسل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة، وهو اليمان ابن الحارث بن قطيعة ابن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر، وجروة هو اليمان من ولده حذيفة، وانما قيل اليمان لان جروة أصاب دما في قومه فهرب الى المدينة فحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان لانه حالف اليمانية، وأم حذيفة الرباب بنت كعب بن عدي بن كعب بن عبد الأشهل

(1)

(81 - و).

(1)

- انظر طبقات ابن سعد:7/ 15 مع فوارق شديدة.

ص: 2156

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر -اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو محمد ابن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن البرقي قال: ومن حلفاء بني عبد الاشهل من العرب، من غير أهل بدر، حذيفة بن اليمان، حليف بني عبد الأشهل، وأمه الرباب من بني عبد الأشهل، وهو حذيفة بن اليمان بن حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو ابن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، لم يشهد بدرا، وشهد أحدا مع أبيه، وقتل أبوه يوم أحد، قتله المسلمون ولا يعرفونه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، حدثنا بذلك كله ابن هشام عن زياد عن ابن اسحاق وتوفي حذيفة بن اليمان سنة ست وثلاثين في أولها، له رواية كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الانماطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود ابن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي قال: حذيفة بن اليمان، واليمان يقال له: حسيل بن جابر، وقال عمرو بن علي: حذيفة بن الحسل بن اليمان، وقال الواقدي: حذيفة بن اليمان بن حسيل بن جابر العبسي حليف بني عبد الأشهل وابن أختهم، أبو عبد الله العبسي الكوفي، سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه قيس بن أبي حازم، وأبو وائل وزيد بن (81 - ظ) وهب وأبو ادريس الخولاني، وربعي بن خراش في الوضوء وغير موضع، قال البخاري مات بعد عثمان بن عفان بأربعين يوما

(2)

، قال أبو نصر الكلاباذي الحافظ: وذلك أول سنة ست وثلاثين، وقال الذهلي: قال يحيى بن بكير: مات سنة ست وثلاثين، وقال الواقدي مثل يحيى، وقال ابن قتيبة مثل يحيى، وقال عمرو بن علي-يعني:

توفي بالمدائن بعد عثمان بأربعين ليلة، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: مات حين قتل عثمان.

(1)

-انظر سيرة ابن هشام-ط. القاهرة 2/ 87:1955 - 88.

(2)

-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 95.

ص: 2157

وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال:

أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: حذيفة أبو عبد الله، وقال في موضع آخر: حذيفة بن حسيل بن جابر وهو حذيفة بن اليمان وأبوه حسيل ابن جابر، كان ممن خلف بالمدينة يوم أحد، وهو شيخ كبير، فلما نشبت الحرب خرج فقتل بأحد.

وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل ابن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن اسحاق قال:

حدثنا خليفة بن خياط قال: ومن بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان حذيفة ابن اليمان لقب، اسمه حسيل بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عبس، أمه امرأة من الأنصار من الأوس، يكنى أبا عبد الله، مات بالكوفة في أول سنة ست وثلاثين نسبه لى (82 - و) رجل من ولده

(1)

.

أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا مكرم بن أحمد القاضي قال: حدثنا محمد بن الحسن صاحب النرسي قال: سمعت علي بن المديني يقول: حذيفة بن اليمان، هو حذيفة بن حسل، وحسل كان يقال له اليمان وهو رجل من عبس حليف الأنصار.

أخبرنا أبو حفص المؤدب-إذنا-قال أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي- اذنا إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا أبو الحسن ابن الحمامي قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد القرميسيني قال: أخبرنا ابراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: حذيفة بن اليمان بن جابر.

كتب إلينا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري من مكة حرسها الله قال:

أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأشيري قال: أخبرنا أبو

(1)

-طبقات خليفة بن خياط:1/ 112 (324).

ص: 2158

الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال: حذيفة بن اليمان، يكنى أبا عبد الله، واسم اليمان حسيل بن جابر، واليمان لقب، وهو حذيفة بن خسل، ويقال حسيل، بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث ابن مازن بن قطيعة بن عبس العبسي القطيعي من بني عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان حليف لبني عبد الأشهل من الأنصار، وأمه امرأة من الأنصار من الاوس من بني عبد الأشهل، اسمها الرباب بنت كعب بن عدي بن عبد (82 - ظ) الأشهل، اسمها الرباب بنت كعب بن عدي بن عبد الأشهل

(1)

، وانما قيل لأبيه حسيل:

اليمان، لأنه من ولد اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس، وكان جروة بن الحارث أيضا يقال له اليمان لأنه أصاب في قومه دما فهرب إلى المدينة، فحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان، لأنه حالف اليمانية.

شهد حذيفة وأبوه حسيل وأخوه صفوان أحدا، وقتل أباه يومئذ بعض المسلمين، وهو يحسبه من المشركين، كان حذيفة من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي بعثه رسول الله يوم الخندق ينظر إلى قريش فجاءه بخبر رحيلهم، وكان عمر بن الخطاب يسأله عن المنافقين، وهو معروف في الصحابة بصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر ينظر إليه عند موت من مات منهم فإن لم يشهد جنازته حذيفة، لم يشهدها عمر، وكان حذيفة يقول: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة، فاخترت النصرة، وهو حليف للأنصار لبني عبد الأشهل، وشهد حذيفة نهاوند

(2)

، فلما قتل النعمان بن مقرن أخذ الراية، وكان فتح همذان والري والدينور على يد حذيفة، وكانت فتوحه كلها سنة اثنتين وعشرين.

مات حذيفة سنة ست وثلاثين، بعد قتل عثمان، في أول خلافة علي. وقيل توفي سنة خمس وثلاثين، والأول أصح. وكان موته بعد أن أتى نعي عثمان إلى

(1)

-وردت هذه الجملة مكررة بالاصل.

(2)

-فتح الفتوح، المعركة التي تمت بوساطتها تصفية الامبراطورية الساسانية وازالتها من الوجود.

ص: 2159

الكوفة، ولم يدرك الجمل، وقتل صفوان

(1)

وسعيد ابنا حذيفة بصفين، وكانا قد بايعا عليا بوصية أبيهما بذلك (83 - و) إياهما، سئل حذيفة: أي الفتن أشد؟ قال: أن يعرض عليك الخير والشر فلا تدري أيهما تركب وقال حذيفة: لا تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها

(2)

.

قال: الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري-ونقلته من خطه:

زيادة مازن هاهنا في نسب حذيفة خطأ، والله أعلم فإن مازنا إنما هو ابن الحارث ابن قطيعة.

قال أبو عبيد: ومنهم يعني من بني عبس بنو رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة فمازن على هذا هو أخو جروه بن الحارث الذي يقال له اليمان والله أعلم

(3)

.

وقال ابن السكن في نسبه: حذيفة بن حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس، وهذا الاختلاف كله يحصل منه أنه من عبس فقط. والله أعلم بصواب ذلك من خطائه. وقيل في حسيل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن اليمان كذا جاء في النسب لأبي عبيد بتقديم ربيعة على عمرو. قال:

واليمان اسمه جروة-كذا ذكره بضم الجيم-بن الحارث بن قطيعة بن عبس.

هذه آخر حاشية الأشيري على ترجمة حذيفة.

قال أبو عمر بن عبد البر في ترجمة أبيه: حسيل بن جابر العبسي القطعي، ويقال حسيل، وهو المعروف باليمان، والد حذيفة بن اليمان، وانما قيل له اليمان لأنه نسب الى جده اليمان بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض، واسم اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس وإنما قيل لجروة اليمان لأنه أصاب في قومه دما فهرب الى المدينة فحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان لمحالفته اليمانية، شهد هو وابناه حذيفة وصفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (83 - ظ) أحدا، فأصاب حسيلا المسلمون في المعركة فقتلوه يظنونه من المشركين ولا يدرون وحذيفة

(1)

-كذا وصفوان هو أخو حذيفة. الاستيعاب على هامش الاصابة: 1/ 276 - 278.

(2)

-كتاب النسب لابي عبيدة-رسالة ما جستير قدمت في جامعة دمشق 238:1987.

(3)

-كتاب النسب لابي عبيدة-رسالة ما جستير قدمت في جامعة دمشق 238:1987.

ص: 2160

يصيح أبي أبي ولم يسمع فتصدق ابنه حذيفة بديته على من أصابه وقيل إن الذي قتل حسيلا عتبة بن مسعود

(1)

.

أنبأنا أبو الحسن بن المفضل عن أبي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني أبو محمد ابن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد-إجازة-قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال:

أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال:

في كتاب الحروف ومعرفه الصحابة

(2)

: وحذيفة بن اليمان أبو عبد الله العبسي، يقال هو حسيل بن جابر، يعني اليمان، هاجر الى النبي صلى الله عليه وسلم، هو من عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار ابن معد، شهد حذيفة مع أبيه حسيل وأخيه صفوان مشاهده بعد بدر، ومات في أول خلافة علي سنة ست وثلاثين، وقال بعضهم: مات بعد عثمان بأربعين يوما سنة خمس وثلاثين بالمدائن، وهو خطأ لأن عثمان قتل في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، لا خلاف بين أهل السيرة في ذلك، هو معدود في الكوفيين، وهو حليف بني عبد الأشهل، قال: خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والنصرة، فاخترت النصرة، وكان ممن هاجر هو وأبوه رحمهما الله، وهو معدود في الأنصار، واختلف في وقت وفاته والصحيح أنه مات أول سنة ست وثلاثين، وروى عنه عمار بن ياسر، وكان عمر يسأله عن المنافقين لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلمه بهم، وروى عنه أيضا من الصحابة جندب البجلي وأبو أمامة وأبو الطفيل وغيرهم.

(1)

- الاستيعاب:1/ 364.

(2)

-لم اقف على هذا الكتاب، وقد اتى على خبر مقتل اليمان في كتابه الدرر في اختصار المغازي والسير-ط. دمشق 168:1984.

ص: 2161

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي ثابت الخطيب قال: حذيفة ابن اليمان العبسي، حليف بني عبد الأشهل، واليمان لقب، واسمه حسل، ويقال حسيل بن جابر بن أسيد بن عمرو بن مازن، وقيل اليمان بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن ربيعة بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان. يكنى حذيفة أبا عبد الله. وأمه من بني عبد الأشهل تسمى الرباب لم يشهد حذيفة بدرا وشهد أحدا، وقتل أبوه يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحضر ما بعد أحد من الوقائع، وكان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقربه منه وثقته به، وعلو منزلته عنده، وولاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب المدائن، فأقام بها الى حين وفاته

(1)

.

أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد-فيما اذن لنا في روايته عنه-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال:

حذيفة بن اليمان، وهو حذيفة بن حسيل، ويقال حسل بن جابر بن أسيد بن عمرو ابن مالك ويقال اليمان بن جابر بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن ربيعة ابن قطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث. أبو عبد الله العبسي، حليف بني عبد الأشهل، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب سره من المهاجرين.

(85 - و) روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه أبو عبيدة بن حذيفة، وزيد بن وهب وأبو حذيفة سلمة بن صهيبة، وأبو الطفيل وربعي بن خراش، وطارق بن شهاب، وهمام بن الحارث وأبو إدريس الخولاني، وصلة بن زفر العبسي، وعمرو بن ضرار، وطلحة بن زيد، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعمر بن

(1)

- تاريخ بغداد:1/ 161 - 162.

ص: 2162

حنطلة، وزر بن حبيش، وعبد الله بن الصامت، وأبو عبيد المغيرة ومسلم بن نذير ويزيد بن شريك التيمي. وشهد اليرموك وكان البريد الى عمر بالفتح

(1)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي-إذنا إن لم يكن سماعا-قال أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري، وثابت بن بندار قالا: أخبرنا الحسين بن جعفر-زاد ابن الطيوري: وابن عمه أبو نصر محمد بن الحسن- قالا: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد العجلي، قال: حدثني أحمد قال: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله العبسي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أميرا على المدائن استعمله عمه عمر ومات بعد قتل عثمان بأربعين يوما سكن الكوفة وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: قال عمي أبو بكر: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد (85 - ظ) قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن ابراهيم السلماسي قال: أخبرنا نعمة الله بن محمد المربذي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال: أخبرنا سفيان بن محمد بن سفيان قال: حدثني عمي الحسن ابن سفيان قال: حدثنا محمد بن علي ابن عم رواد بن الجراح عن محمد بن اسحاق قال: سمعت أبا عمر الضرير يقول: حذيفة بن اليمان أبو عبد الله.

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حذيفة بن اليمان العبسي أبو عبد الله، هاجر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات بعد عثمان بأربعين يوما،

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 142 - ظ.

ص: 2163

قاله عبيد الله بن موسى عن سعد بن أوس عن بلال عن حذيفة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أبو اليقظان على الفطرة ثلاثا، ولن يدعها حتى يموت أو ينسيه القوم وقال أبو أحمد الزبيري عن سعد بن أوس عن بلال: بلغني عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح

(1)

.

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عبد الله حذيفة بن اليمان العبسي له صحبة

(2)

.

وقال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد قال: أخبرنا (86 - و) نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا علي بن ابراهيم قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد ابن أحمد المقدمي يقول: حذيفة بن اليمان يكنى أبا عبد الله.

وقال أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: حذيفة بن اليمان وهو ابن حسيل بن جابر العبسي، أبو عبد الله، حليف بني عبد الأشهل، صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي قبل عثمان بأربعين يوما، هاجر الى النبي صلى الله عليه وسلم أيام بدر، وكان نزل نصيبين

(3)

، وتزوج بها، شهد أحدا وقتل أبوه يومئذ، قتله المسلمون ولم يشعروا به، روى عنه عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهما من الصحابة.

أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني

(1)

-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 95 - 96.

(2)

-الكنى والاسماء للامام مسلم:135.

(3)

-هي ديار بكر حاليا في تركيا.

ص: 2164

أبو موسى بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أخبرني أبي قال: أبو عبد الله حذيفة بن اليمان يقال له حسيل.

أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار البقال قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا أبي عبد الرحمن قال حدثنا عثمان (86 - ظ) بن عمر قال: أخبرنا يونس بن يزيد عن الزهري عن عروة أن حذيفة بن اليمان أحد بني عبس، وكان حليفا في الأنصار، وقتل أبوه مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أخطأ به المسلمون، فجعل حذيفة يقول لهم: أبي أبي، فلم يفهموا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فزادت حذيفة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، وأمر به فأوري أو قال:

فأودي.

أنبأنا عبد الصمد بن محمد الأنصاري عن أبي المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن اسحاق قال: أخبرنا أبو داود الحراني قال: حدثنا جعفر بن عون قال:

حدثنا الوليد بن جميع قال حدثني أبو الطفيل عن حذيفة قال: ما منعنا أن نشهد بدرا إلاّ أنا أقبلنا أنا وأبي-يعني اليمان-نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر، فعارضنا كفار قريش، فأخذونا فقالوا: انكم تريدون محمدا، قال: قلنا ما نريده، قال: فأعطونا عهد الله وميثاقه لتنصر فن إلى المدينة، قال: فلما أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بذلك، قال: فأستعين الله عليهم وتفي لهم بعهدهم ارجعا الى المدينة، قال: فذلك الذي منعنا

(1)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال:

حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة عن المغيرة عن ابراهيم

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 146 - ظ -147 و.

ص: 2165

-سمع علقمة-قال: قدمت الشام قلت: اللهم (87 - و) وفق لي جليسا صالحا، قال: فجلست الى رجل فإذا هو أبو الدرداء فقال لي: ممن أنت؟ فقلت: من أهل الكوفة، فقال: أليس فيكم صاحب الوساد والسواك، يعني ابن مسعود ثم قال:

أليس فيكم صاحب السر الذي لم يكن يعلمه غيره، يعني حذيفة، وذكر الحديث

(1)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن البناء-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد بن الفضل-إجازة-قال: أخبرنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال:

حدثنا عبد الملك بن جريج قال: حدثني رجل عن زاذان أبي عمر قال: كنا عند علي يوما، فقلنا له: حدثنا عن أصحابك، فقال: عن أي أصحابي؟ قلنا: حذيفة بن اليمان قال: علم أسماء المنافقين، وسأل عن المعضلات حين غفل عنها، فإن تسألوه تجدوه بها عالما.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم-إذنا-قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو طالب بن يوسف وأبو نصر بن البناء قالا: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال:

أخبرنا أبو عمر بن حيوية-إجازة-قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن سليمان بن سحيم عن نافع بن جبير بن مطعم قال: لم يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسماء المنافقين الذين بخسوا به ليلة العقبة بتبوك غير حذيفة، وهم اثنا عشر رجلا ليس فيهم قرشي، وكلهم من الانصار (87 - ظ) أو من حلفائهم.

أنبأنا علي بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد-إجازة-قال: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي بن عثمان قال: أخبرنا جعفر بن محمد البزاز قال: حدثنا الحسن بن مكرم قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا مجالد

(1)

- تاريخ ابن عساكر:1/ 162.

ص: 2166

عن عامر عن صلة بن زفر قال: قلنا لحذيفة. كيف عرفت المنافقين، ولم يعرفهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ولا عمر؟ قال: إني كنت أسير خلف النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فنام على راحلته، فسمعت ناسا منهم يقولون:

لو طرحناه عن راحلته، فاندقت عنقه، واسترحنا منه، فسرت بينهم وبينه، وجعلت أقرأ وأرفع صوتي فانتبه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من هذا؟ فقلت:

حذيفة، فقال: من هؤلاء خلفك؟ قلت: فلان وفلان وفلان حتى عددتهم، قال:

وسمعت ما قالوا؟ قلت: نعم ولذلك سرت بينك وبينهم قال: فإن هؤلاء فلان وفلان منافقين فلا تخبرن أحدا

(1)

.

أنبأنا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل عن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الحسين بن موسى قال:

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن اسماعيل بن يحيى بن زكريا بن حرب قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن هاشم بن حيان العبدي الطوسي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا ابن أبي خالد قال: سمعت زيد بن وهب الجهني يحدث عن حذيفة قال: مرّ بي عمر بن الخطاب وأنا جالس في المسجد، فقال لي: يا حذيفة إن فلانا قد مات فاشهده، قال:

ثم مضى حتى إذا كاد أن يخرج من المسجد التفت فرآني وأنا جالس، فعرف فرجع إليّ فقال: يا حذيفة أنشدك الله أمن القوم أنا؟ قال: قلت: اللهم لا ولن أبرئ أحدا بعدك، قال: فرأيت عيني عمر جاءتا

(2)

.

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر الأسفراييني قال:

أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا محمد بن أحمد الذهلي قال: حدثنا محمد بن عبدوس قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا الفضل بن موسى قال: حدثنا يزيد بن عقبة الازدي عن ابن بريدة عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل حذيفة بن اليمان على بعض الصدقة، فلما قدم، قال: يا حذيفة هل رزئ من الصدقة

(1)

-لم يرد هذا الخبر في الاستيعاب في ترجمة حذيفة بن اليمان.

(2)

-أي بكى.

ص: 2167

شيء؟ قال: لا يا رسول الله أنفقنا بقدر إلا أن ابنة لي أخذت حذيا

(1)

من الصدقة (88 - و) قال: كيف بك يا حذيفة إذا ألقي في النار وقيل لك ائتنا بها؟ قال: فبكى حذيفة ثم بعث إليها فجيء بها فألقاها في الصدقة

(2)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال: أخبرنا اسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا عبد الرزاق قال:

أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال: كان عمر بن الخطاب إذا بعث أميرا كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلانا وأمرته بكذا وكذا، فاسمعوا له وأطيعوا، فلما بعث حذيفة الى المدائن كتب إليهم: إني قد بعثت إليكم فلانا فأطيعوه، فقالوا: هذا رجل له شأن، فركبوا ليلقوه فلقوه على بغل تحته إكاف، وهو معترض عليه رجلاه من جانب واحد، فلم يعرفوه فأجازوه فلقيهم الناس، فقالوا: أين الأمير؟ قالوا:

هذا الذي لقيتم، قال: فركضوا في أثره فأدركوه، وفي يده رغيف، وفي الأخرى عرق

(3)

، وهو يأكل، فسلموا عليه، فنظر الى عظيم منهم، فناوله العرق والرغيف، قال: فلما غفل ألقاه، أو قال: أعطاه خادمه.

أخبرنا أبو نصر القاضي-إذنا-قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسن النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن الحسين النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن محمد القاضي قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: حدثنا عبد الله (88 - ظ) بن يزيد المقرئ عن حيوة عن أبي صخر عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر بن الخطاب قال لأصحابه:

تمنوا، فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم، فأنفقه في سبيل الله عز وجل، فقال عمر: تمنوا فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهبا فأنفقه في سبيل الله، فقال: تمنوا، فقال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت

(1)

-أي قطعة. النهاية لابن الاثير.

(2)

-انظره في كنز العمال:6/ 16964.

(3)

-العرق: زبيل منسوج من نسائج الخوص، وكل شيء مضفور فهو عرق. النهاية لابن الاثير.

ص: 2168

جواهر ونحوه فأنفقه في سبيل الله، فقال عمر: تمنوا، فقالوا: ما نتمنى بعد هذا؟ فقال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان فأستعملهم في طاعة الله.

قال: ثم بعث بمال الى أبي عبيدة وقال: انظر ما يصنع فلما أتاه قسمه. قال:

ثم بعث بمال الى حذيفة، قال: انظر ما يصنع فلما أتاه قسمه، قال عمر: قد قلت لكم أو كما قال.

وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة قال: قال أبو عبيدة: ومضى حذيفة ابن اليمان-يعني سنة اثنتين وعشرين-بعد نهاوند الى مدينة نهاوند

(1)

، فصالحه دينار على ثمانمائة ألف درهم في كل سنة، وغزا حذيفة مدينة الدينور

(2)

فافتتحها عنوة، وقد كانت فتحت لسعد ثم انتقضت، ثم غزا حذيفة ما سبذان

(3)

فافتتحها عنوة، وقد كانت فتحت لسعد (89 - و) فانتقضت.

قال خليفة: وقد قيل في ماه غير هذا، يقال أبو موسى فتح ماه دينار

(4)

، ويقال السائب بن الاقرع، وقال أبو عبيدة: ثم غزا حذيفة همذان فافتتحها عنوة، ولم تكن فتحت قبل ذلك، ثم غزا الري فافتتحها عنوة، ولم تكن فتحت قبل ذلك وإليها انتهت فتوح حذيفة. قال أبو عبيدة: فتوح حذيفة هذه كلها في سنة اثنتين وعشرين، ويقال: همذان افتتحها المغيرة بن شعبة سنة أربع وعشرين، ويقال جرير ابن عبد الله افتتحها بأمر المغيرة

(5)

.

قرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير قال: ثم كانت سنة إحدى وعشرين فيها وقعة نهاوند، قالوا: وكانت أهل فارس والروم وأصبهان، وهمذان وقوس

(1)

-مدينة عظيمة في قبلة همذان، بينهما ثلاثة أيام-معجم البلدان.

(2)

-مدينة من أعمال الجبل قرب قرمسين بينها وبين هذان نيف وعشرون فرسخا-معجم البلدان.

(3)

-أصل الاسم ماه سبذان ليست بعيدة عن نهاوند. معجم البلدان.

(4)

-هي مدينة نهاوند. معجم البلدان.

(5)

- تاريخ خليفة:1/ 148.

ص: 2169

الماهين قال ابن عفير: الماهين ماه زند وماه فلق

(1)

، قالوا: إن صاحب العرب الذي جاءهم بكتابهم، وشرع لهم دينهم، قد مات، وملكوا عليهم بعده هذا الذي أسرع في هلككم ونقلكم عن بلادكم، ولا نظنه منتهيا حتى ينتزع جميع ما في أيديكم، فتعاهدوا وتعاقدوا أن يسيروا الى المسلمين حتى ينفوهم الى بلادهم، فبلغ ذلك عمار بن ياسر، فكتب فيه الى عمر فجمع عمر المسلمين واستشارهم، فكثرت الاقاويل فعزم على أن يكتب الى أهل البصرة فتفرقوا ثلاث فرق: فرقة تقيم في الذرازي حرسا لهم، وفرقة تقيم في أهل عهدهم لئلا ينتقضوا، وفرقة تسير الى إخوانهم بالكوفة مددا لهم، واستعمل على الناس النعمان بن مقرن (89 - ظ) المرى، فإن أصيب، فحذيفة بن اليمان، فإن أصيب فجرير بن عبد الله، فإن أصيب فالمغيرة بن شعبة، فإن أصيب فالأشعث بن قيس، واستعمل السائب بن الأقرع على المقاسم، فخرج حذيفة، فعسكر بأهل الكوفة حتى قدم عليه النعمان، وكان بكسكر عاملا عليها، وقدم أبو موسى على من خرج من أهل البصرة، وخرج جرير بن عبد الله عاملا على حلوان، فالتقى الناس بنهاوند فاستشهد النعمان، وولي أمر الناس بعده حذيفة فهزم الله المشركين، وغنم المسلمون غنيمة عظيمة.

(2)

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي الحلبي-قراءة عليه بها-قال: أخبرنا الشريف أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي ببغداد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد المكي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد المكي قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن ابراهيم بن عبد الله الديبلي قال: حدثنا أبو صالح محمد بن أبي الازهر قال:

حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن ابراهيم عن علقمة قال: كنا في جيش بالروم ومعنا حذيفة وعلينا الوليد، فشرب الوليد الخمر، فأردنا أن نحده، فقال حذيفة: أتحدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعوا فيكم، فبلغه، فقال:

لأشربن وإن كانت محرمة، ولأشربن على رغم أنف من رغم.

(1)

-انظر مادة «ماه دينار» في معجم البلدان.

(2)

-المنطقة التي قامت فيها مدينة واسط القصب عاصمة العراق منذ أيام الحجاج بن يوسف وهو الذي بناها. معجم البلدان.

ص: 2170

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي بالبيت المقدس وأبو عبد الله محمد بن داود الدربندي بحبرى بمسجد الخليل عليه السلام (90 - و) وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي قالوا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن البطر قال: أخبرنا عبد الله بن عبيد الله بن يحيى البيع قال: أخبرنا الحسين بن اسماعيل المحاملي قال:

حدثنا ابن أبي مذعور قال: حدثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي عن صلة بن زفر عن حذيفة قال: تعودوا الصبر فيوشك أن ينزل بكم البلاء، مع أنه لا يصيبكم أشد مما أصابنا، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا أحمد بن سعيد الجمال قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل قال: قيل لحذيفة: ما ميت الاحياء؟ قال الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه.

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن الحسن، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن علي-من لفظه بدمشق-قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال:

حدثني أبي عن وكيع عن محمد بن قيس عن عمرو بن مرة قال: قال حذيفة بن اليمان:

خياركم (90 - ظ) الذين يأخذون من ديناهم لآخرتهم ومن آخرتهم لدنياهم.

قال أحمد بن مروان: وحدثنا أبو بكر أخو خطاب قال: حدثنا خالد بن خداش قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول بلغني عن حذيفة بن اليمان أنه قال لرجل:

أيسرك أن تغلب شر الناس؟ قال: إنك إن تغلبه تكن شرا منه

(1)

.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 153 - ظ.

ص: 2171

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الاخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قالا: أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء-قالت: إجازة-قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمود وأبو الفتح بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن بكار قال: حدثنا أحمد-يعني-ابن يونس قال: حدثنا الاحوص-يعني-ابن حواب قال: حدثنا قيس عن حبيب بن أبي ثابت عن خالد بن سعد قال: لما ثقل حذيفة بالمدائن ركب إليه عقبة بن عمرو، وأبو مسعود من الكوفة، فقال له: أوصني فقال له: أوصيك إن الضلال كل الضلال إنكار ما كنت تعرف، وعرفان ما كنت تنكر وإياك والتلون في أمر الله عز وجل فإن أمر الله واحد.

أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد-اذنا إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا عمر بن شبيب السلمي قال: حدثنا ليث بن أبي سليم قال: لما نزل بحذيفة الموت جزع جزعا شديدا، وبكى بكاء شديدا، فقيل: ما يبكيك؟ قال: ما أبكي أسفا على الدنيا بل الموت أحب إلي، ولكن لا أدري على ما أقدم على رضا أم على سخط.

قال: ابن أبي الدنيا: وحدثنا داود بن رشد قال: حدثنا عباد بن العوام قال:

حدثنا أبو مالك الأشجعي عن ربعي بن خراش أنه حدثهم أن أخته-وهي امرأة حذيفة-قالت: لما كان ليلة توفي حذيفة جعل يسألنا أي الليل هو فنخبره، حتى كان السحر، قالت: فقال: أجلسوني فأجلسناه، قال: وجهوني فوجهناه، قال: اللهم إني أعوذ بك من صباح النار ومن مسائها.

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا الربيع بن ثعلب قال: حدثنا فرج بن فضالة عن أسد ابن وداعة قال: لما مرض حذيفة مرضه الذي مات فيه قيل له: ما تشتهي؟ قال:

اشتهي الجنة، قالوا: فما تشتكي؟ قال الذنوب (91 - و) قالوا: أفلا ندعو لك الطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني، لقد عشت فيكم على خلال ثلاث: للفقر فيكم أحب

ص: 2172

إلي من الغنى، والضعة فيكم أحب إلي من الشرف، وان من حمدني منكم ولا مني في الحق سواء، ثم قال: أصبحنا أصبحنا؟ قالوا: نعم، قال اللهم إني أعوذ بك من صباح النار حبيب جاء على فاقة ولا أفلح من ندم.

قال: وحدثني محمد بن أبان البلخي قال: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن اسماعيل بن كثير عن زياد مولى ابن عياش، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلت على حذيفة في مرضه الذي مات فيه، فقال: اللهم إنك تعلم لولا أني أرى هذا اليوم أول يوم من أيام الآخرة، وآخر يوم من أيام الدنيا، لم اتكلم بما اتكلم به، اللهم إنك تعلم، إني كنت أختار الفقر على الغنى، وأختار الذلة على العز، وأختار الموت على الحياة، حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم ثم تاب.

أخبرنا أبو المظفر يوسف بن زغلي سبط الجوزي قال: أخبرنا جدي أبو الفرج ابن الجوزي قال: أخبرنا محمد بن أبي القاسم قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال:

أخبرنا ابن عبد الله الأصبهاني قال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق الحربي قال: حدثنا محمد بن زيد الآدمي قال: حدثنا يحيى بن سليم عن اسماعيل بن كثير عن زياد مولى ابن عياش قال: حدثني من دخل على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فقال: لولا أني أرى أن هذا اليوم آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من الآخرة لم أتكلم بهذا الكلام، اللهم إنك تعلم أني كنت أحب الفقر على الغنى وأحب الذلة على العز، وأحب الموت على الحياة، حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين-قراءة عليه بالقاهرة-قال:

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الارتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن الحسين الفراء في كتابه، عن أبي اسحاق الحبال، وخديجة المرابطة. قال الحبال:

أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي أبو الحسن علي بن الحسين-قالا: حدثنا محمود بن محمد الاديب قال: حدثنا محمود قال: أخبرنا حبش بن موسى قال:

ص: 2173

أخبرنا المدائني عن عامر بن حفص عن جويرية بن أسماء (91 - ظ) ويونس عن الحسن قال: قال حذيفة وهو في الموت: حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، الحمد لله الذي سبق بي الفتن، أليس بعدي ما أعلم! أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو الحسن اللبناني قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال:

حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا داود بن المحبر عن سعيد بن راشد، عن صالح بن حسان أن حذيفة لما نزل به الموت قال: هذه آخر ساعة من الدنيا، اللهم إنك تعلم أني أحبك، فبارك لي في لقائك، ثم مات.

أخبرنا أبو الفضائل عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن سكينة، وأبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري البغداديان-قدما علينا حلب-قالا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال:

أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري قال: حدثنا الحسن بن سلام السواق قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا سعد بن أوس عن بلال قال: لما حضر حذيفة الموت، وانما عاش بعد قتل عثمان رضي الله عنه أربعين ليلة، فقيل له: يا أبا عبد الله ان هذا الرجل قد قتل فما ترى؟ قال: أما إذ أبيتم إلا ما أتيتم، فأجلسوني، فاسنده الى صدره رجل، فقال:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبو اليقظان على الفطرة ثلاثا، لن يدعها حتى (92 - و) يموت أو ينسيه الهرم

(1)

.

أنبأنا زيد بن الحسن البغدادي عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي أحمد

(1)

-أبو اليقظان هو عمار بن ياسر، وقد قتل في صفين، وكان في جيش الامام علي. انظر الحديث في كنز العمال:33659،11/ 33351.

ص: 2174

قال: حذيفة بن اليمان، عبسي، مات بالمدائن قبل الجمل، وهو حليف بني عبد الأشهل.

قال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: قال عمي أبو بكر: مات حذيفة حين جاء قتل عثمان.

أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي القاسم اسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله بن الطبري قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا ابن درستويه قال:

حدثنا يعقوب قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا سعد بن أوس عن بلال ابن يحيى قال: عاش حذيفة بعد قتل عثمان أربعين ليلة.

أخبرنا محمد بن هبة الله القاضي-إجازة-قال: أخبرنا علي بن الحسن قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن اسماعيل البخاري عن عبيد الله بن موسى، عن سعد بن أوس عن بلال بن يحيى عن حذيفة أنه مات بعد عثمان بأربعين يوما.

وقال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الاسعد قال:

أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال:

أخبرنا محمد بن الحسين (92 - ظ) بن شهريار قال: حدثنا أبو حفص الفلاس قال:

ومات حذيفة بن اليمان، ويكنى أبا عبد الله، بالمدائن سنة خمس وثلاثين، بعد قتل عثمان بأربعين ليلة، وحذيفة بن اليمان، هو: حذيفة بن حسل، وقال بعض أهل العلم عسل والصواب حسل.

أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي بن محمد الحربي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال:

سنة خمس وثلاثين: حذيفة بن اليمان، أبو عبد الله العبسي، حليف الأنصار، بالمدائن بعد عثمان بأربعين ليلة، ويقال قبله.

ص: 2175

قلت: وقتل عثمان كان لليلتين بقيتا من ذي الحجة، وقتل لاثنتي عشرة ليلة بقيت منه من سنة خمس وثلاثين، واذا كانت وفاة حذيفة بعده بأربعين يوما، فتكون وفاته في محرم سنة ست وثلاثين.

وقرأت في تاريخ سعيد بن كثير بن عفير: ثم كانت سنة ست وثلاثين، فكان فيها موت حذيفة بن اليمان العبسي في أولها بعد ما بلغه مقتل عثمان، وكان يكنى أبا عبد الله.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:

أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن أحمد الرزاز قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا عمرو بن علي، ح.

قال: وأخبرنا الأزهري قال: حدثنا محمد بن العباس قال: أخبرنا ابراهيم بن محمد الكندي قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قالا: ومات حذيفة بن اليمان ويكنى بأبي عبد الله بالمدائن سنة ست وثلاثين، قبل مقتل عثمان بأربعين ليلة، قال الخطيب لفظهما سواء، وقولهما قبل قتل عثمان خطأ، لأن عثمان قتل في آخر سنة خمس وثلاثين

(1)

.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا (93 - و) خليفة بن خياط قال: وفيها مات حذيفة بن اليمان، في أول سنة ست وثلاثين

(2)

.

قال علي بن الحسن: أنبأنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد قالا: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا أبو الزنباع قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: توفي حذيفة سنة ست وثلاثين. قال: وحدثنا محمد بن علي بن حبيش قال:

(1)

- تاريخ بغداد:1/ 163.

(2)

- تاريخ خليفة:1/ 200. تاريخ ابن عساكر:4/ 157 - ظ.

ص: 2176

حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: مات حذيفة سنة ست وثلاثين

(1)

.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة ست وثلاثين فيها: مات أبو عبد الله حذيفة بن اليمان بعد عثمان بأربعين ليلة. وقال الواقدي: مات حذيفة بن اليمان بن حسيل بن جابر العبسي، ويكنى أبا عبد الله بالمدائن سنة ست وثلاثين، وذكر ابن زبر أن أباه أخبره عن ابراهيم بن عبد الله البغدادي عن محمد بن سعد عن الواقدي.

أخبرنا أبو اليمن الكندي-إجازة-قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي -إجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن الفضل قال: حدثنا أبي قال: وفي سنة ست وثلاثين: حذيفة بن اليمان، يعني، مات.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا علي بن أحمد (93 - ظ) ابن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص-إجازة-قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد قال:

سنة ست وثلاثين توفي فيها حذيفة بن اليمان بالمدائن، وقد ذكرنا فيما تقدم من ذكر نسبه عن خليفة بن خياط أنه مات بالكوفة، ولم يتابعه على ذلك أحد، والله أعلم.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن طاوس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد قال: حدثنا زكريا بن عدي قال: سمعت حفص بن غياث يقول: رأيت أبا حنيفة في المنام فقلت له: أي الآراء وجدت أفضل

(1)

- ابن عساكر:4/ 157 - ظ.

ص: 2177

وأحسن؟ قال: نعم الرأي رأي عبد الله، ووجدت حذيفة بن اليمان شحيحا على دينه

(1)

.

‌حذيفة المصيصي:

غير منسوب، حدث مرسلا عن عمر رضي الله عنه. روى عنه محمد بن يوسف.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر بن باز، في كتابه، قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد ابن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد (94 - و) عبد الوهاب بن محمد بن موسى قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبدان بن محمد بن الفرج قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن سهل بن كردي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حذيفة المصيصي، قال عمر: مرسل، سمع منه محمد بن يوسف

(2)

.

(1)

- ابن عساكر:4/ 158 - و.

(2)

-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 97.

ص: 2178

‌الحراق بن الحصين بن عمران بن ماثل بن جبلة بن ثويل بن عدي بن جناب الكلبي:

شهد صفين مع معاوية وكانت راية كلب معه يومئذ بعد محرز بن حريث، وقتل محرز، فأخذها الحراق وقتل.

أخبرنا عبد الوهاب بن علي بن سكينة-في كتابه-قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم قالت: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الكاتب قال:

أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا الزبير بن أبي بكر قال: حدثني علي بن المغيرة قال: حدثني أبو المنذر قال: قال عوانة: كانت راية كلب يوم صفين مع ثويل بن بشر، فقتل، فأخذ الراية يزيد بن قيس بن يزيد ابن سبرة بن قيس بن كعب بن عليم، فقتل فأخذها مالك بن يزيد بن مالك بن كعب ابن عليم، فقتل، فأخذها محرز بن حريث بن عدي بن زهير بن عدي بن جناب، فارتث

(1)

فأخذها الحراق بن الحصين بن عمران بن ماثل بن جبلة بن ثويل بن عدي ابن جناب، فارتث، ثم كان الفتح، وكانوا هؤلاء مع معاوية.

(1)

-أصيب بجراح:

ص: 2179

‌ذكر من اسمه حرب

‌حرب بن بيان:

وقيل بنان بن رفيع بن عوذة بن واصل (94 - ظ) بن رياش الأسدي. أبو ذكوان القيسراني، حدث بحلب عن حاجب بن سليمان المنبجي، وروى عن زهير ابن عباد، ومؤمل بن اهاب، وأحمد بن عمرو، وروى عنه أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي الحافظ الحلبي، وأبو يعقوب المنجنيقي، ومحمد بن سهل العطار، وأبو هريرة بن أبي العصام.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي وولده أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ومحمد بن أحمد بن محمد الطرسوسي الحلبيون بها قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال: اخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن أبي نمير العابد الأسدي الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن الحسين السبيعي الحلبي قال: حدثنا ابو ذكوان حرب بيان بن رفيع بن عوذة ابن واصل بن رياش الاسدي القيسراني بحلب، قال: حدثنا حاجب بن سليان قال:

حدثنا أنس بن عياض عن يزيد بن عياض عن الاعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول عظم يتكلم من ابن آدم من بعد أن يختم على فيه عظم فخذه من جانبه الايسر

(1)

.

كذا وقع في أصل السماع حرب بن بيان والمشهور حرب بن بنان-بالنون:

(1)

-انظر الوسائل الى معرفة الاوائل للسيوطي-ط. القاهرة مكتبة الخانجي:152.

ص: 2180

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان-قراءة عليه-قال:

أخبرنا الحافظ

(1)

(95 - و) قال: وحرب بن بنان حدث عنه أبو هريرة بن أبي العصام وأبو يعقوب المنجنيقي ذكر ذلك في كتاب المختلف والمؤتلف

(2)

.

وأنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وحرب بن بنان، أبو ذكوان مصري، حدث عن زهير بن عباد، ومؤمل بن اهاب. روى عنه أبو يعقوب المنجنيقي، وأبو هريرة ابن أبي العصام.

(3)

.

‌حرب بن سعيد بن حمدان بن حمدون:

أبو الهيجاء التغلبي، وتمام نسبه قد سبق في ترجمة أخيه أبي فراس الحارث ابن سعيد، قدم حلب في عسكر ابن عمه الامير ناصر الدولة أبي محمد الحسن ابن عبد الله بن حمدان، أمير الموصل حين وفد على أخيه الامير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله، وكان أميرا شجاعا جوادا ممدحا.

قرأت في «كتاب المأثور في ملح الخدور»

(4)

تأليف الوزير أبي القاسم الحسين بن علي بن الحسين بن المغربي، بعد أن ذكر الحسين بن سعيد بن حمدان قال: وأخوه أبو الهيجاء حرب بن سعيد، كان بالعراق وتلك الديار وكان جليلا ممدحا، وفيه يقول سري بن أحمد بن السري الكندي:(95 - ظ).

ولو لم أكن جار الأمير لكان لي

أديم بظفر النائبات ممزق

بجود أبي الهيجا ألبست نعمة

مجددة تضفو عليّ وتشرق

وفيها يقول:

اذا ما اعتنقنا خلت أن قلوبنا

تناجى بأفعال النوى وهي تخفق

(1)

-فراغ بالاصل بمقدار سطرين.

(2)

-لم أهتد الى أي كتاب في المؤتلف والمختلف قد نقل عنه ابن العديم.

(3)

- الاكمال لابن ماكولا:1/ 365 - 366.

(4)

-لم أقف على ذكر له.

ص: 2181

قال ابن المغربي وله فيه:

أنت سعد الكفاة يا بن سعيد

وكفاهم بأن ترى أول سعدا

أنا حر اذا انتسبت ولكن

جعلتني لك الصنائع عبدا

‌حرب بن عدي:

شهد فتح قنسرين مع أبي عبيدة بن الجراح، وسيره مقدما على ثلاثة ألاف فارس أمد بها يزيد بن أبي سفيان الى قيسارية

(1)

، من أهل قنسرين والحاضر

(2)

ذكر ذلك محمد بن عمر الواقدي.

‌حرب بن قيس بن حرب الشيزري:

من أهل شيزر. حدث عن أحمد بن عبد الله، روى عنه أبو النضر كعب بن جعفر البلخي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الانصاري قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الاصبهاني-اذنا ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي قال: أخبرنا أبو النضر كعب بن عمرو بن جعفر بن محمد البلخي قال: حدثنا حرب ابن قيس بن حرب الشيزري في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة-املاء-قال: حدثنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا يزيد (96 - و) ابن عبيد قال: أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن عائشة رضي الله عنها أنها رأت على يدي امرأة أثر المغزل فقالت لها: أبشري بما لك عند الله عز وجل، لو رأيتم بعض ما أعد الله لكم معاشر النساء لما أقررتم ليلا ولا نهارا، ما من امرأة غزلت لزوجها ولنفسها ولصبيانها الا أعطاها الله عز وجل بكل طاقة نورا حتى ملأت مغزلها، فاذا ملأت مغزلها أعطاها

(1)

-على شاطئ بحر الشام، تعد من مدن فلسطين، بينها وبين طبرية ثلاثة أيام. معجم البلدان.

(2)

-حاضر قنسرين، والحاضر في بلاد الشام الضاحية، وقد تبع فيما مضى كل مدينة كانت قريبة من البادية حاضر، والاثر الباقي الدال على ذلك حاضر حماه.

ص: 2182

الله عز وجل بيتا في الجنة أوسع من المشرق الى المغرب ولها بكل ثوب مائة ألف وعشرين ألف مدينة وذكر تمام الحديث.

‌حرب بن محمد بن حرب بن عامر:

أبو الفوارس السلمي الحراني، قدم دمشق وحدث بها واجتاز في طريقه اليها بحلب أو ببعض عملها، وروى عن أبي القاسم الخضر بن أحمد الحراني. روى عنه أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن محمد بن الخصيب المصري القاضي.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله-اذنا-قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن صابر قال: أخبرنا سهل بن بشر-قراءة عليه-عن أبي نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي السجستاني قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن أحمد الحراني من بني قندهور قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو أسامة عن الاعمش قال: حدثنا سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي (96 - ظ) قال: قال عبد الله بن قيس:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل، يجعلون له ندا، ويجعلون له ولدا، وهو مع ذلك يرزقهم ويعطيهم.

(1)

.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حرب بن محمد بن حرب بن عامر أبو الفوارس السلمي الحراني، حدث بدمشق عن أبي القاسم الخضر بن أحمد الحراني. روى عنه أبو الحسن الخصيب بن عبد الله بن محمد بن الخصيب القاضي المصري.

(2)

.

‌حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوبة الطائي الخطامي:

وخطام فخذ من طيء، وجد جده مازن صاحب النبي صلى الله عليه وسلم

(3)

وحرب هو والد علي بن حرب، وأحمد بن حرب استقدمه عبد الله المأمون من

(1)

-لم أجده بهذا اللفظ الا في ترجمته في تاريخ ابن عساكر:4/ 161. ظ.

(2)

-ابن عساكر-المصدر نفسه.

(3)

-انظره في تاريخ الصحابة الذين روي عنهم الاخبار للامام الحافظ أبي حاتم محمد بن حبان البستى-ط. بيروت 246:1988.

ص: 2183

الموصل الى دمشق لتعديل أرض الشام ومساحتها، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.

حدث عن المعافى بن عمران ومحمد بن الحسن والمعافى بن عمران

(1)

وعفيف ابن سالم وهشيم بن بشير وسمع مالك بن أنس والفضيل بن عياض وسفيان بن عيينة وأبا الاحوص ومسلم بن خالد وشريكا وغيرهم.

روى عنه ابنه علي بن حرب وأبو منصور جعفر بن أحمد بن الجراح النصيبي أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد-اذنا ان لم يكن سماعا-قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس-اجازة ان لم أكن سمعته منه-قال:

أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا علي بن حرب قال: حدثني أبي قال: حدثنا المعافى بن عمران عن المفضل بن صدقة عن سماك بن (97 - و) حرب عن النعمان بن بشير قال: كنا اذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره، حتى نرى النبي صلى الله عليه وسلم قد سجد.

(2)

.

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم. وحدثني أبو البركات بن أبي طاهر عنه قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: كتب إليّ أبو الفرج محمد بن ادريس الموصلي يذكر أن المظفر بن محمد الطوسي حدثهم قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي قال: أبو محمد حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن، الوافد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان رجلا نبيلا ذاهمة، رحل في طلب العلم فكتب عن مالك بن أنس ونظرائه من أهل المدينة، وعن الفضيل بن عياض ومسلم ابن خالد وسفيان بن عينية ونظرائهم من المكيين، وعن شريك وأبي الاحوص

(1)

-كرر بدون انتباه اسم المعافى بن عمران.

(2)

-انظر الكامل لابن عدي:3/ 933.

ص: 2184

وهشيم والمعافى بن عمران وغيرهم. روى عنه ابنه علي بن حرب ومات سنة ست وعشرين ومائتين.

أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد بن حمزة السلمي عن أبي زكريا البخاري قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد قال-باب حرب بالباء: حرب بن محمد الموصلي، والد علي وأحمد ومعاوية.

أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن بن الغضوية الطائي الموصلي، والد علي بن حرب. حدث عن عفيف بن سالم الموصلي، ومحمد ابن الحسن والمعافى بن عمران وهشيم بن (97 - ظ) بشير. روى عنه ابنه علي بن حرب، وأبو منصور جعفر بن أحمد بن الجراح الحمصي واستقدمه المأمون الى دمشق لأجل المساحة.

قال الحافظ: قرأت بخط أبي الحسين الرازي، حدثني أبو علي بكر بن عبد الله بن حبيب الأهوازي قال: قال علي بن حرب الموصلي: وفي سنة أربع عشرة ومائتين، قدم عبد الله المأمون دمشق، ففرق المعدلين، يعني المساح، في أجناد الشام في تعديلها، يعني، مساحتها، ووجه في ذلك الى رؤساء أهل الجزيرة والموصل والرقة، فقدم عليه جماعة منهم: حرب بن عبد الله الطائي، وسفيان بن عبد الملك الخولاني، فاستعفوه من التعديل فأعفاهم وصرفهم، واجتلب لتعديل الشام المساح من العراق والأهواز والري، وأقام بدمشق تلك الشتوة على التعديل

(1)

.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 161 - ظ -162 - و.

ص: 2185

‌ذكر من اسمه حرملة

حرملة بن حكيم بن عفير، وقيل عمير، بن طارق بن قيس بن مرة بن همام، وقيل همام بن مرة، بن ذهل بن شيبان المري الشيباني، ويعرف بحرملة بن عسلة، وأمه عسلة بنت عامر بن شراكة، ويقال شراك قاتل الجوع الغساني، شاعر جاهلي كان مع الحارث بن جبلة الغساني بقنسرين.

قرأت بخط علي بن الحسن بن عبد الله الغندجاني فيما أخذه عن (98 - و) أبي محمد الغندجاني الأسود، المعروف بالأعرابي، وقرأه عليه، وشاهدت خط أبي محمد الأعرابي له بقراءته عليه، قال: أبو محمد الأسود: إن المنذر بن ماء السماء، وهو ذو القرنين

(1)

دعا ذات يوم الناس فقال: من يهجو الحارث بن جبلة الغساني؟ فقالوا له: حرملة بن عسلة المرّي فقال: يا حرملة اهجه ولك مائة من الإبل، فقال: أبيت اللعن إنهم أخوالي، وإنه لا ينبغي لي أن أهجوهم فتوعده، فقال حرملة بن حكيم بن عفير بن طارق بن قيس بن مرة بن همام، وأمه عسلة بنت عامر بن شراكة قاتل الجوع الغساني:

ألم تر أني بلغت المشيبا

وفي دار قومي عفّا كسوبا

وأن الإله تنصفته

(2)

بأن

لا أعق وأن لا أحوبا

وأن لا أكافر ذا نعمة

وأن لا أخيبه مستثيبا

وغسان قوم هم والدي

فهل ينسينهم أن أغيبا

(1)

-الخلاف كبير بين الكتاب العرب حول تحديد هوية ذي القرنين، وقد روي انه كان المنذر بن ماء السماء أو سواه من أمراء الحيرة، لانه ساح بالارض بعد ما اطلق شعره وجعله على شكل ضفيرتين كانتا في قرني رأسه القاموس.

(2)

-كتب ابن العديم في الهامش: تنصفته: عاهدته.

ص: 2186

فآثر بها

(1)

بعض من يعتريك

فإن لها من معد كليبا

(2)

وان لخالك مندوحة

وانّ عليه بغيب رقيبا

أم المنذر كانت نمرية وكلهم من ربيعة فانبرى شهاب بن العيف أخو بني سليمة عن عبد القيس فقال:

اللهم إن الحارث بن جبلة

زنّا أباه ظالما فقتله

وركب الشادخة

(3)

المحجلة

وكان في جاراته لا عهد له

وأي فعل سيء لافعله

فأخذهما الحارث بن جبلة جميعا فقال: يا حرملة اختر ما شئت من ملكي، فسأله جاريتين ضرابتين له، فأعطاهما إياه، فانطلق بهما، فنزل في النمر، فقعد يشرب هو ورجل من النمرّ يقال له كعب، فلما أخذ الشراب في النمري قال:

يا حرملة من هذه المرأة الحمراء، مرها لتسقيني فغضب حرملة، ثم أعادها فضربه حرملة بالسيف، وقال حرملة في ذلك:

يا كعب إنك لو قصرت

على حسن الندام وقلة الغرم

وسماع داجنة

(4)

تعللنا

حتى نؤوب تمايل

(5)

العجم

ألفيت فينا ما تحاول

من صافي الشراب ولذة الطعم

وصحوت والنمريّ تحسبه

عمّ السماك وخالة النجم

هلهل بكعب بعدما وقعت

فوق الجبين بساعد فعم

انتظر أي: انتظرته أن يعود، يتهكم به

(1)

-كتب ابن العديم في الهامش: يعني بالخصلة.

(2)

-كتب ابن العديم في الهامش: الكلاب.

(3)

-الشدخ: كسر الشيء الاجوف-النهاية لابن الاثير.

(4)

-كتب ابن العديم في الهامش: المغنية من الدجن.

(5)

-كتب ابن العديم في الهامش ما يفيد أنه في رواية أخرى: تناوم.

ص: 2187

جسد به نضخ الدماء كما

قنأت

(1)

أنامل من قاطف الكرم

والخمر ليست من أخيك

ولكن قد تخون بآمن الحلم

وتزين الرأي السفيه اذا

جعلت رياح شمولها ترمي (99 - و)

وأنا امرؤ من صلب مرة

ان أكلمكم

(2)

لا ترقيو كلمي

في أسرة لي ان لقيتهم

حامي الحقيقة دافعي الظلم

وأخذ ابن العيف فقال له: اختر مني ثلاث خلال: اما أن أطرحك على أسدين ضاريين في بئر، واما أن ألقيك من طار

(3)

سور دمشق، واما أن يقوم الدلامص -سياف كان له-فيضربك بعصاه هذه ضربة؟ فاختار ضربة الدلامص، فضربه- زعموا-على رأسه فانكسرت فخذه، فاحتمله راهب فداواه حتى برأ، وهو يخمع

(4)

منها، وكان هذا والحارث بن جبلة بقنسرين

(5)

.

‌حرملة بن زيد الجهني.

(6)

شهد صفين مع علي رضي الله (عنه) وكان على راية جهينة، فيما ذكره أبو البختري وهب، في خبر صفين له ذكر. (104 - و).

‌حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة بن النعمان بن حية بن شعبة:

وقيل ابن سعد بن الغوث بن الحارث، وقيل ابن الحويرث بن ربيعة بن مالك ابن صقر بن هني بن عمرو بن الغوث بن الحارث بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وقيل اسمه المنذر بن حرملة أبو زبيد الطائي، شاعر مشهور من المخضرمين، أدرك الجاهلية والاسلام وكان يفد على عثمان رضي الله عنه، ويستنشده شعره وكان نصرانيا في الرقة، ووفد على الحارث بن جبلة الغساني، وكان الحارث بن جبلة ينزل الجابية

(7)

من

(1)

-قنأ لونها: أي شديد الحمرة، والنضخ: الاثر ينبقى في الثوب والجسد. النهاية لابن الاثير.

(2)

-كلم: جرح-النهاية لابن الاثير.

(3)

-أي من أعلى.

(4)

-أي يعرج منها. القاموس.

(5)

-كتب ابن العديم في الهامش: يكتب هنا من أخر الجزء: حرملة بن زيد.

(6)

-كتب ابن العديم في الهامش: يقدم، فقدمته.

(7)

-في أحواز بلدة نوى في حوران السورية.

ص: 2188

نواحي دمشق ويقدم قنسرين أحيانا، فإما أن يكون وفد اليه الى قنسرين، أو اجتاز بها، أو ببعض عملها في وفادته اليه من الرقة (99 - ظ).

أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا عبد الوهاب ابن علي بن عبد الوهاب-اجازة-قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: قرئ على أبي بكر أحمد بن جعفر بن مسلم قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب، قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: أبو زبيد الطائي واسمه حرملة بن المنذر ابن معدي كرب بن حنظلة بن النعمان بن حية بن شعبة.

قال محمد بن سلام: وحدثني أبو الغراف قال: كان أبو زبيد الطائي من وزراء-وصوابه زوار الملوك-ولملوك العجم خاصة، وكان عالما بسيرهم، وكان عثمان بن عفان يقربه على ذلك ويدني مجلسه وكان نصرانيا، فحضر ذات يوم عثمان وعنده المهاجرون والانصار، فتذاكروا مآثر العرب وأشعارها فالتفت عثمان الى أبي زبيد فقال: يا أخا بيع المسيح أسمعنا بعض قولك فقد أنبئت أنك تجيد فأنشده قصيدته التي يقول فيها:

من مبلغ قومك النائين اذ شحطوا

أن الفؤاد اليهم شيق ولع

وصف فيها الأسد، فقال عثمان: تالله تفتأ تذكر الأسد ما حييت، والله إني لأحسبك جبانا هدانا قال: كلا يا أمير المؤمنين ولكني رأيت منه منظرا، وشهدت منه مشهدا لا يبرح ذكره يتجدد في قلبي (100 - و) ومعذور أنا بذلك يا أمير المؤمنين غير ملوم، فقال له عثمان: وأنى كان ذلك؟ قال: خرجت في صيافة

(1)

أشراف من أفناء قبائل العرب ذوي هيئة وشارة حسنة ترمى بنا المهارى بأكسائها القيروانيات على فتو البغال، تسوقها العبدان، ونحن نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام فاخروط -

(2)

وفي نسخة فاخرور ط -بنا السير في حماره القيظ

(3)

حتى

(1)

-أي مصطافين. القاموس.

(2)

-أي طال بنا السير وامتد. القاموس.

(3)

-أي شدة القيظ. القاموس.

ص: 2189

اذا عصبت الافواه وذبلت الشفاه، وشالت المياه

(1)

، واذكت

(2)

الجوزاء المعزي

(3)

وذاب الصيهد-وصوابه الصيخد

(4)

-وصر

(5)

الجندب،

(6)

وضاف العصفور الضب في جحره، أو قال في وجاره، وقال قائلنا: أيها الركب غوروا بنا في ضوج هذا الوادي

(7)

، واذا واد قد بد يمينا-وفي نسخة قد بدا لنا-كثير الدغل دائم العلل، شجراؤه مغنة وأطياره مرنة

(8)

، فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات

(9)

فأصبنا من فضالات المزاود وأتبعناها الماء البارد، فانا لنصف حر يومنا ذلك ومما طلته اذ صر أقصى الخيل أذنيه، وفحص الارض بيديه، فو الله ما لبث أن جال، ثم حمحم

(10)

فبال، ثم فعل فعله الذي يليه واحد فواحد، فتضعضعت الخيل، وتكعكعت

(11)

الابل، وتقهقرت البغال فبين نافر-وصوابه ناد

(12)

-بشكاله وناهض بعقاله، فعلمت أن قد أتينا، وأنه السبع ففزع كل امرئ منا الى سيفه فاستله من جربانه، ثم وقفنا زردقا

(13)

، فاقبل يتطالع (100 - ظ) من بغيه كأنه محنوب

(14)

، أو في هجار

(15)

مسحوب لصدره نحيط ولبلاعيمه غطيط،

(16)

ولطرفه وميض، ولارساغه نقيض. كأنما-يخبط هشيما، أو يطأ صريما، واذا هامة كالمجن وخد كالمسن، وعينان شجراوان كأنهما سراجان

(1)

-أي نقصت. القاموس.

(2)

-ذكت النار: ثارت واشتد لهبها. القاموس.

(3)

-الماعز خلاف الضأن. القاموس.

(4)

-الصيخد: الصلب. عين الشمس. القاموس.

(5)

-صوت وصاح شديدا. القاموس.

(6)

-الجندب: الجراد. القاموس.

(7)

-أي منعطف الوادي. القاموس.

(8)

-رن الصوت، رن رنينا: صاح. القاموس.

(9)

-نهبل: أسن، وعجوز نهبله، والناقة الضخمة. القاموس.

(10)

-الحمحمة: صوت الفرس دون الصهيل. النهاية لابن الاثير.

(11)

-أي أحجمت. النهاية لابن الأثير.

(12)

-أي شارد. القاموس.

(13)

-أي صفا.

(14)

-التحنيب: احديداب في وظيفي الفرس وصلبها. القاموس.

(15)

-الهجار: الوتر، والطوق، والتاج، وحبل يشد في رسغ رجل البعير، ثم يشد الى حقوه. القاموس.

(16)

-أي هدير. القاموس.

ص: 2190

يقدان

(1)

وقصرة ربلة

(2)

ولهزمة

(3)

رهلة، وكتد

(4)

مغبط

(5)

، وزور مفرط، وساعد مجدول، وعضد مفتول، وكف شثنة البراثن الى مخالب كالمحاجن فضرب بيديه فأرهج، وكشر فأفرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مغلولة، وفم أشدق كالغار الاحوق، ثم تمطى فأشرع بيديه، وحفز وركيه برجليه حتى صار ظله مثليه، ثم أقعى فاقشعر، ثم مثل فاكفهر، ثم جهم فازبأر

(6)

، فلا والذي بيته في السماء ما اتقينا بأول من أخ لنا من فزارة، كان ضخم الجزارة

(7)

فوقصه

(8)

ثم نفضه نفضة فقضقض متنيه، وجعل يلغ في دمه، فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فهجهجنا به، فكر مقشعرا بزبرته

(9)

كأن به شيهما

(10)

حوليا، فاختلج رجلا أعجز ذا حوايا فنفضه نفضة تزايلت مفاصله، ثم نهم فقرقر

(11)

، ثم زفر فبربر ثم زأر فجرجر، ثم لحظ فو الله لخلته البرق يتطاير من تحت جفونه من عن شماله ويمينه، فأرعشت الأيدي واصطكت الأرجل، وأطت

(12)

الاضلاع، وارتجت الأسماع وجمحت العيون، ولحقت البطون-وفي نسخة: ولحقت الظهور بالبطون- وانخزلت المتون وساءت (101 - و) الظنون.

فقال عثمان: اسكت قطع الله لسانك فقد رعت قلوب المؤمنين

(13)

.

(1)

-القصرة: أصل العنق. القاموس.

(2)

-غليظة. القاموس.

(3)

-رقبة. القاموس.

(4)

-الكتد: الكاهل. القاموس.

(5)

-الغبطة: النعمة. القاموس.

(6)

-أزبأر: تنفس وللشر تهيأ.

(7)

-الجزارة: اليدان والرجلان والعنق. القاموس.

(8)

-وقص: كسردق. القاموس.

(9)

-الزبرة: الكاهل والشعر المجتمع بين كتفي الاسد. القاموس.

(10)

-الشيهم: الدلدل، وذكر القنافذ، أو ما عظم شوكه من ذكرانها. القاموس.

(11)

-القرقرة: الضحك. القاموس.

(12)

-أنت الاضلاع تعبا أو حنينا. القاموس.

(13)

-انظر طبقات ابن سلام:196 - 199. وقد لحق النص المطبوع الكثير من التصحيف.

ص: 2191

وقال يصف الأسد:

فباتوا يدلجون وبات يسري

بصير بالدجى هاد هموسيس

الى أن عرسوا

(1)

وأغب عنهم

(2)

قريبا ما يحس له حسيس

خلا أن العتاق من المطايا

حسن به فهن اليه شوس

(3)

فلما أن رآهم قد تدانوا

أتاهم وسط أرجلهم يميس

(4)

فثار الزاجرون فزاد منهم

تقرابا وواجهه ضبيس

(5)

بنصل السيف ليس له مجن

فصد ولم يصادفه حبيس

فيضرب بالشمال الى حشاه

وقد نادى فأخلفه الأنيس

يشمر كالمحالق في قنوب

(6)

تقيه قضه الأرض الدحيس

(7)

فخر السيف واختلفت يداه

وكان بنفسه وقيت نفوس

فطار القوم شتى والمطايا

وغودر في مكرهم الرسيس

(8)

وجال كأنه فرس صنيع

يجر جلاله

(9)

ذيل شموس

كأن بنحره وبساعديه

عبيرا بات تعنؤه

(10)

عروس

فذلك أن تلاقوه تفادوا

ويحدث بينكم أمر شكيس

أنبأنا عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود الثقفي قال أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل قال أخبرنا اسماعيل (101 - ظ) بن سعيد العدل قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا الحسن بن غليل العنزي قال حدثنا دماد عن الأصمعي عن هزان الاقرع عن خالد ابن الحريث الطائي قال: كان أبو زبيد جاهليا اسلاميا، وأقام في الاسلام على

(1)

-التعريس: نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة. النهاية لابن الاثير.

(2)

-أي ابتعد عنهم وتخفى.

(3)

-الشوس: النظر بمؤخر العين تكبرا أو تغيظا. القاموس.

(4)

-يميس: يتبختر. القاموس.

(5)

-ضبيس: شكس.

(6)

-القنوب: مخالب الاسد. القاموس.

(7)

-قضة الارض الدحيس: الارض الممتلئة بالحصى أو بالرمل. القاموس.

(8)

-الرسيس: الشيء الثابت والفطن العاقل. القاموس.

(9)

-الجلال: ما تلبسه الدابه-القاموس.

(10)

-تعتني به. النهاية لابن الاثير.

ص: 2192

النصرانية، وعاش مائة وخمسين سنة، فكان يحمل في كل يوم أحد الى البيعة مع النصارى فيظل يومه يشرب فبينا هو في بعض تلك الآحاد يشرب وحوله النصارى وفي يده الكأس اذ رفع بصره الى السماء فنظر نظرا شديدا طويلا، ثم رمى بالكأس من يده وقال:

اذا جعل المرء الذي كان حازما

تحل به حل الحوار

(1)

وترحل

فليس له في العيش خير يريده

وتكفينه ميتا أعف وأحمل

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن عبيد الله بن القاسم المراغي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن بشر البغدادي بصور قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: سمعت أبا محمد التوربي قال: قلت لابن منادر أيهما أشعر قصيدة زياد الاعجم:

ان السماحة والمروة ضمنا

(2)

.

أو قصيدة أبي زبيد:

ان طول الحياة غير سعود

وضلالا تأميل نيل الخلود

(3)

فقال: قصيدة أبي زبيد قال: فقلت: لانك اقتفيتها

(4)

.

أنبأنا أبو الوحش (102 - و) بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن عساكر الدمشقي قال: حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة ابن النعمان بن حية بن شعبة، ويقال ابن سعد بن الغوث بن الحارث ويقال ابن الحويرث بن ربيعة بن مالك بن صقر بن هني بن عمرو بن الغوث بن الحارث بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن يشجب بن يعرب بن قحطان

(1)

-الحوار: ولد الناقة.

(2)

-من قصيدة قالها يرثي بها المغيرة بن المهلب-والشطر الثاني لهذا البيت «قبرا بمرو على الطريق الواضح» . انظر ديوانه-ط. دمشق 86:1983.

(3)

-القصيدة بتمامها في جمهرة أشعار العرب لابي زيد القرشي-ط. القاهرة 138:1308 - 141.

(4)

- ابن عساكر:4/ 164 ظ.

ص: 2193

ويقال حية بن شعبة، ويقال شعبة بدل سعد بن الغوث، ويقال اسمه المنذر بن حرملة، أبو زبيد الطائي، شاعر مشهور مخضرم، أدرك الجاهلية والاسلام، ولم يسلم، وكان نصرانيا، وفد على الحارث بن أبي شمر الغساني وكان ينزل بنواحي دمشق.

وقال الحافظ أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء، وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن قالوا: أخبرنا مجمد بن أحمد بن محمد قال:

أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وفيه-يعني الوليد بن عقبة بن أبي معيط -يقول أبو زبيد الطائي، وكان منقطعا الى الوليد، وكان الوليد يكنى بوهب، فقال أبو زبيد:

من يرى العيس

(1)

لابن أروى

على ظهر المرورى

(2)

حداتهن عجال

مصعدات والبيت بيت أبي

وهب خلاء تحن فيه الشمال

يعرف الجاهل المضلل أن

الدهر فيه النكراء والزلزال

بعد ما تعلمين يا أم وهب

كان فيهم عيش لنا وجمال (102 - ظ)

ووجوه تودنا مشرقات

ونوال اذا يراد النوال

فلعمرو الاله لو كان للسيف

نصال أو للسان مقال

ما تناسيتك الصفاء ولا

الود ولا حال دونك الاشغال

ولحميت لحمك المتعصي ضلة

من ضلالهم ما اعتالوا

أصبح الميت قد تبدل بالحي

وجوها كأنها الأقتال

(3)

غير ما طالبين ذحلا

(4)

ولكن

مال دهر على أناس فمالوا

قولهم تشرب الحرام وقد

كان شراب سوى الحرام حلال

وأبي طالب العداوة الا

طغيانا وقول ما لا يقال

(1)

-الابل، وابن أروى هو الوليد وكان واليا لعثمان على الكوفة فشرب الخمرة فعزل وخرج من الكوفة، وحد. انظر معجم الادباء لياقوت-ط. بيروت 5:205/ 1980 - 207.

(2)

-المروري: الارض لا شيء فيها. القاموس.

(3)

-الاعداء. القاموس.

(4)

-الذحل. الوتر. النهاية لابن الاثير.

ص: 2194

من يخنك الصفاء أو يتبدل

أو يزل مثل ما تزول الظلال

فاعلمن أنني أخوك أخو

الود حياتي حتى تزول الجبال

قال الزبير: أنشدنيها محمد بن فضالة هكذا، وكان أبي وعمي مصعب بن عبد الله ينشدان البيت الاول على غير ما ينشده عليه محمد بن فضالة، كانا يقولان:

من يرى العير لابن أروى

على ظهر المنقى

(1)

حداتهن عجال

(2)

أخبرنا أبو الحسن علي بن المقير-اذنا-قال: أنبأنا أبو المعالي الفضل بن سهل عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن اسحاق الكاتب -قراءة عليه-قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الحرقي قال: حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني قال حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال سمعت (103 - و) مشيختنا قالوا: وعاش أبو زبيد الطائي، وهو المنذر بن حرملة من بني حية خمسين ومائة سنة، وكان نصرانيا بالرقة، فيما زعم ابن الكلبي عن أبي محمد المرهبي، وكان يجعل له في كل أحد طعام كثير، ويهيأ له شراب كثير، ويذهب أصحابه فيتفرقون في البيعة ويحملنه النساء فيضعنه في المجلس، فجعل له الطعام في أحد من تلك الآحاد، وقدمت أباريقه وحملنه النساء، فجاءه الموت فقال:

اذا جعل المرء الذي كان حازما

يحل به حل الحوار ويحمل

فليس له في العيش خير يريده

وتكفينه ميتا أعف وأجمل

أتاني رسول الموت يا مرحبا به

لآتيه وسوف والله أفعل

(1)

-طريق للعرب الى الشام، والمنقى بين أحد والمدينة. معجم البلدان.

(2)

-نسب قريش لمصعب الزبيري-ط. القاهرة 139:1953. ابن عساكر 4/ 164 و-ظ.

ص: 2195

ثم مات فجاءه أصحابه فوجدوه ميتا

(1)

.

أخبرنا أبو البركات بن محمد-اذنا-قال: أخبرنا عمي أبو القاسم- اجازة أو سماعا-قال: أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة الضبي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن يوسف بن شمة الأصبهانيان قالا: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب النحوي قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: كان أبو زبيد الطائي خلا للوليد بن عقبة، فغاب غيبة عن الكوفة فقدم الوليد وقد هلك فأتى قبره فسلم عليه وأنشد يقول:

يا هاجري اذ جئت زائره

ما كان من عاداتك الهجر (103 - و)

يا صاحب القبر السلام على

من حال دون لقائه القبر

(2)

(1)

-المعمرون والوصايا لابي حاتم السجستاني-ط. القاهرة 108:1961.

(2)

-هذا الخير ليس في تاريخ ابن عساكر.

ص: 2196

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

:

‌ذكر من اسمه حريث

‌حريث بن بحدل:

ابن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة الكلبي أخو ميسون بنت بحدل، زوج معاوية، وخال ابنه يزيد بن معاوية، غزا القسطنطينية مع ابن اخته يزيد، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.

أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حريث بن بحدل بن أنيف، وساق نسبه كما ذكرناه وقال الكلبي: خال يزيد بن معاوية، أحد وجوه كلب، وهو ممن عمل في البيعة ليزيد، وكان غزا معه القسطنطينية سنة خمسين فيما ذكر الواقدي في كتاب الصوائف، له ذكر

(1)

.

‌حريث بن جابر الحنفي:

وقيل الخثعمي، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان أميرا على لهازم البصرة وله رجز وشعر قاله يوم صفين، وهو قاتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل: انه قتل ذا الكلاع الحميري، وقيل بل قتله الاشتر النخعي.

أنبأنا زين الامناء أبو البركات الحسن بن محمد عن أبي محمد عبد الله بن الخشاب قال أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني (105 - و)

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 164 ظ -

ص: 2197

قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو اسحاق بن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال:

حدثنا محمد بن عبيد الله، أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب شد يومئذ وهو يرتجز ويقول:

أنا عبيد الله ينميني عمر

وقد ذكرناه في ترجمة عبيد الله، فيما يأتي من هذا الكتاب ان شاء الله تعالى قال فحمل عليه حريث وهو حريث بن جابر الخثعمي وهو يقول:

قد شاهدت في نصرها ربيعة

في العصبة السامعة المطيعه

في الحق والحق لها شريعة

حتى تذوق كأسها الفظيعة

ثم طعن عبيد الله بن عمر، فصرعه فقتله، فقال في ذلك الصلتان العبدي وذكر أبياتا فيها:

حباك أخو الهيجا حريث بن جابر

بجياشة

(1)

تحكى الهزبر المزبدا

(2)

وذكر أبو البختري وهب بن وهب في خبر صفين قال فيما حكاه عن جعفر ابن محمد عن أبيه قال: فلما رأى ذلك عبد الله بن بديل، انصرف يريد موقفه فاستقبله عبيد الله بن عمر فشد عليه، وقتل أصحاب عبد الله بن بديل عبيد الله بن عمر، ويقال الذي قتله، أو أسرع في قتله كرب بن وائل العكلي، وقال بعضهم ما قتله إلاّ حريث بن جابر الحنفي، وذلك حين شد عليهم عبيد الله في الشدة الاولى وهو يرتجز فلما قال:

قد أبطأت عن نصر عثمان مضر

والربعيون فلا اسقوا المطر (105 - ظ)

سمعها حريث بن جابر فقال:

قد سارعت في نصرها ربيعة

في الحق والحق لها شريعة

(1)

-الجياشة: الطعنة التي يفور منها الدم.

(2)

- انظر صفين:337 - 338. مع فوارق واضحة في الشعر.

ص: 2198

أنت وليس تترك الوقيعة

ربيعة السامعة المطيعة

قال وقال حريث بن جابر في التداعي الى الحكومة.

لعمرو أبيك والابناء تنمي

وقد يشقي من الخبر الخبير

لقد نادى معاوية بن حرب

لا مر لا تضيق له الصدور

دعانا للتي كنا اليها

دعوناه وذاك لها سرور

فحكمنا القرآن بغير شك

وكان الله عدلا لا يجور

ولا تعجل معاوية بن حرب

فان سرور ما تهوى غرور

فانك والخلافة يا بن حرب

لكا لحادي وليس له بعير

‌حريث بن شهريار:

ابن دادار بن به كرد بن بهمومي بن بس شاه بن يزدفنّه بن مهردال، مولى معاوية بن أبي سفيان، هكذا قرأت نسبة في «كتاب القرع والشجر في النسب» تأليف

(1)

أبي محمد النسابة.

قال أبو محمد: وهو من بني ساسان بن أزد شير الملك الجامع.

شهد حريث صفين مع مولاه معاوية بن أبي سفيان، وكان بطلا شجاعا، وكان معاوية يعتمد عليه في أموره في حربه، وقتله علي رضي الله عنه بصفين.

وذكر أبو محمد النسابة في كتاب القرع والشجر، قال: وقيل بأنه بارز علي ابن أبي طالب عليه السلام يوم صفين، فثقف رأسه بالرمح، وقال: لولا أن الحظ فيك لغيري لقتلتك.

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن اسحاق بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن الحسين بن علي الكسائي، قال: حدثنا أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثنا نصر

(1)

-لم يصلنا وهو بحكم المفقود.

ص: 2199

-يعني-ابن مزاحم قال: حدثنا محمد بن عبيد الله عن شيخ له قال: كان فارس معاوية الذي (106 - و) يعده للمبارزة مولى له يقال له حريث، وكان يلبس سلاح معاوية متشبها به، فاذا قاتل قال الناس: ذاك معاوية، وان معاوية قال له: يا حريث اتق عليا، ثم ضع رمحك حيث شئت، فقال له عمرو بن العاص: انك والله يا حريث لو كنت قرشيا لاحب معاوية أن تقتل عليا، ولكن كره أن يكون لك حظها، فان رأيت منه فرصة فاقتحم عليه.

فلما خرج الناس الي القتال وتصافوا، خرج علي أمام أصحابه.

قال يحيى: فحدثني عمرو بن عبد الملك بن سلع الهمداني قال: حدثني أبي قال خرج حريث مولى معاوية يوم صفين فدعا عليا الى المبارزة، فقال: هلم يا أبا الحسن الى المبارزة، فخرج اليه علي وهو يقول:

أنا علي وابن عبد المطلب

أنا وبيت الله أولى بالكتب

أهل اللواء والمقام والحجب

نحن نصرناه على جل العرب

(1)

ثم حمل عليه علي فطعنه فدق ظهره.

قال: وحدثنا نصر قال حدثنا محمد بن عبيد الله أن معاوية جزع على حريث جزعا شديدا وعاتب عمرا فيما أشار عليه من لقاء علي فأنشأ يقول:

حريث ألم تعلم وعلمك ضائر

بأن عليا للفوارس قاهر

وأن عليا لم يبارزه فارس

من الناس الا قصدته الأظافر

أمرتك أمرا حازما فعصيتني

فجدك اذ لم تقبل النصح عاثر

أنبأنا أبو العلا أحمد بن شاكر بن سليمان عن أبي محمد بن الخشاب قال:

أخبرنا أبو الحسين (106 - ظ) بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال:

أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا ابن ديزيل قال: حدثنا يحيى قال: حدثني نصر قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر عن تميم

(1)

-ديوان الامام علي-ط. بيروت. مؤسسة الأعلمي:9 مع فوارق كبيرة.

ص: 2200

ابن حذيم قال: خرج حريث مولى معاوية يومئذ، وكان شديدا ذا بأس فقال.

أهاهنا علي، هل لك يا علي في المبارزة، أقدم اذا شئت أبا حسن، فأقبل علي نحوه وهو يقول:

أنا علي وابن عبد المطلب.

فذكر نحوه، يعني، نحو ما ذكرنا أولا.

وقد ذكر أبو البختري فيما نقله عن جعفر بن محمد عن أبيه في خبر صفين زيادة بيتين في شعر معاوية وهما بعد الابيات الثلاثة التي ذكرناها:

أدلاّك عمرو والحوادث جمة

غرورا فما جرت عليك الجرائر

وظن حريث أن عمرا نصيحه

وقد يهلك الانسان من لا يحاذر

(1)

قلت وفي ذلك يقول سعيد بن قيس الهمداني في أبيات:

أيرجو أن ينال حريث شرا

أبا حسن وذا ما لا يكون

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: حريث مولى معاوية بن أبي سفيان كان فارسا بطلا، وكان معاوية يعتمد عليه في حربه، وشهد معه صفين، وقتل يومئذ

(2)

.

‌حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد:

وقيل أحمر بن أسعد، أبو عثمان، وقيل أبو عون، الرحبي الشامي من رحبة

(3)

الشام، وسكن حمص، واجتاز فيما بينهما (107 - و) بنواحي حلب.

ووفد على عمر بن عبد العزيز، وأظنه بخناصرة، حدث عن: عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الرحمن بن ميسرة، وراشد بن سعد

(1)

- صفين لنصر بن مزاحم:308 - 310، مع فوارق بالشعر.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 167 - و.

(3)

-رحبه مالك بن طوق على الفرات اسمها الان «الرحيبة» على مقربة من الميادين السورية.

ص: 2201

المقرأي، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وسليم بن عامر، وحبيب بن عبيد، وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، وخالد بن معدان، وحبان بن زيد الشرعبي، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير، وسلمان بن شمير، وعبد الله بن غابر الالهاني، والقاسم بن محمد الثقفي، وسعيد بن مرشد، وشرحبيل بن شفعة الرحبي، وشبيب ابن أبي روح، وعمران بن محمد، ويزيد بن صبيح، وعمر بن عبد العزيز.

روى عنه: بشر بن اسماعيل الحلبي، وبقية بن الوليد، واسماعيل بن عياش، ويحيى بن سعيد القطان الحمصيون، ومعاوية بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الرحبي، وعيسى بن يونس، ومحمد بن حمير، ويزيد بن هرون، والوليد بن مسلم، ومحمد بن مصعب القرقساني، وعصام بن خالد، ويحيى الوحاظي، ومعاذ ابن معاذ، وسفيان بن حبيب واسحاق بن سليمان الرازي، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، وشبابة بن سوار، والحسن بن موسى الأشيب، وعلي بن عياش وأبو النضر الحارث بن النعمان، وأبو المغيرة الخولاني، ومسلمة بن علي الخشني وعلي بن الجعد، وأبو اليمان، وجنادة بن مروان، والوليد بن هشام، وآدم بن أبي اياس، وأبو الزرقاء عبد الملك بن محمد الصنعاني، والحكم بن نافع، وعمر ابن علي.

أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر السنجي (107 - ظ) قال:

أخبرنا أبو محمد الدروبي قال: أخبرنا أبو نصر الكسار قال: أخبرنا أبو بكر بن البستي قال: أخبرنا محمد بن هرون الحضرمي قال: حدثنا علي بن مسلم قال:

حدثنا يزيد بن هرون قال: أخبرنا حريز بن عثمان قال: حدثنا سليمان بن عامر عن أبي أمامة قال: جاء شاب الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في الزنا قال: فأقبل القوم عليه فزجروه، فقال: مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتحبه لأمك؟ قال لا والله جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لامهاتهم، أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا، وذكر الحديث بطوله وذكر الخالة والعمة.

(1)

.

(1)

-انظره في الكامل لابن عدي:2/ 858. كنز العمال:5/ 13611.

ص: 2202

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-قراءة عليه بدمشق-قال:

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو طالب محمد ابن علي بن فتح العشاري قال: حدثنا أبو الحسين بن سمعون قال: أخبرنا أبو محمد بن نصير قال: حدثنا أحمد بن محمد الطوسي قال: حدثني هرون بن عمر الدمشقي قال: حدثنا مبشر بن اسماعيل قال: حدثني حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف قال: لا تعادين رجلا حتى تعرف الذي بينه وبين الله عز وجل، فان كان محسنا فيما بينه وبين الله، لم يسلمه الله لعداوتك، وان كان مسيئا فيما بينه وبين الله، كفاك عمله.

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن ابراهيم الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر الاسفراييني قال: أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي قال: حدثنا محمد بن عبدوس قال: (108 - و) حدثنا داود بن رشيد قال:

حدثنا أبو الزرقاء عن حريز بن عثمان قال: صليت خلف عمر بن عبد العزيز فسلم تسليمة.

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: حدثنا أبو أحمد الغندجاني قال:

أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: حريز بن عثمان الحمصي الرحبي عن راشد بن سعد. سمع منه الحكم بن نافع، وقال: يزيد بن عبد ربه: مات حريز سنة ثلاث وستين ومائة ومولده سنة ثمانين

(1)

.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد من كتابه قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك البغدادي قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن أبي علي قال: أخبرنا محمد بن المظفر، ح.

قال: وأخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن عمر

(1)

-التاريخ الكبير:3/ 103 - 104.

ص: 2203

اليمني بمصر، قالا: حدثنا بكر بن أحمد بن حفص الشعراني قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى البغدادي بحمص، قال: وأبو عثمان حريز بن عثمان بن جبر ابن أحمد بن أسعد الرحبي المشرقي، لم يكن له كتاب، انما كان يحفظ مولده سنة ثمانين، ومات سنة ثلاث وستين، لا يختلف فيه، ثبت في الحديث.

أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الانماطي قال: أخبرنا محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد الكلاباذى قال: حريز بن عثمان، أبو عثمان الرحبي الحمصي، حدث عن عبد الله بن بسر، وعبد الواحد النصري (108 - ظ) روى عنه علي بن عياش، وعصام بن خالد في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر بني اسرائيل.

ولد سنة ثمانين، ومات سنة ثلاث وستين ومائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، قال: وقال أبو عيسى: مات سنة ثلاث وستين.

أخبرنا أبو نصر القاضي-من كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:

أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وعبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: أخبرنا محمد بن حماد الدولابي قال: حدثني محمد بن عوف قال: سمعت يزيد بن عبد ربه يقول: مولد حريز بن عثمان سنة ثمانين.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني، وأبو الفضل بن خيرون قالا:

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الأهوازي قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد الاهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في الطبقة الرابعة من أهل الشام-حريز بن عثمان رحبي حمصي

(1)

.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الآدمي قال: أخبرنا أبو محمد القاسم

(1)

-طبقات خليفة:2/ 808 (3020).

ص: 2204

ابن علي بن الحسن قال أخبرنا أبو القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله ابن أبي الحديد قال أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن عمير بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول:

الطبقة الخامسة حريز بن عثمان الرحبي حمصي (109 - و).

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عثمان حريز بن عثمان عن راشد بن سعد، روى عنه أبو اليمان، وأبو المغيرة وعلي بن عياش

(1)

.

أنبأنا أبو حفص بن محمد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني، ح.

قال: وأنبأنا أبو الفتح المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، قال:

حريز بن عثمان الحمصي، روى عن عبد الله بن بسر، يرمى بالانحراف عن علي ابن أبي طالب وعنه في ذلك اختلاف، هو: حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد الرحبي المشرقي، أبو عثمان، توفى سنة ثلاث وستين ومائة فيما أخبرني الحسن ابن أحمد الماد رائي عن بكر بن أحمد عن أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي في تاريخ الحمصيين

(2)

.

أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حريز بن عثمان بن جبر بن أحمر

(3)

بن أسعد أبو عثمان، وقيل أبو عون، الرحبي الحمصي، سمع عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراشد بن سعد، وعبد الرحمن بن ميسرة، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، وحبان بن زيد الشرعبي. روى عنه اسماعيل بن عياش، وبقية بن الوليد، وعيسى بن يونس، واسحاق بن سليمان

(1)

-الكنى والاسماء للامام مسلم:148.

(2)

- المؤتلف والمختلف للدارقطني- ط. بيروت 1/ 355:1986.

(3)

-ذكره من قبل ثم من بعد «أحمد» .

ص: 2205

الرازي، ومعاذ بن معاذ العنبري. وعثمان بن كثير بن دينار، ويزيد بن هرون، وشبابة بن سوار (109 - ظ) وأبو النصر الحارث بن النعمان البزاز، وعلي بن الجعد، والحسن بن موسى الأشيب، وآدم بن أبي اياس، وأبو اليمان، وعلي بن عياش، وكان قد قدم بغداد، فسمع بها منه العراقيون. قال شبانة: لقيت حريز بن عثمان ببغداد

(1)

.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي-اجازة ان لم يكن سماعا-عن أبي زكريا البخاري قال: أخبرنا عبد الغني بن سعيد قال: في باب حريز بالحاء: حريز بن عثمان الشامي

قال أبو محمد السلمي أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن جعفر بن ماكولا قال: وأما حريز، أوله حآء معجمة وراء مكسورة وآخره زاي، وذكر جماعة، وقال: وحريز بن عثمان بن جبر بن أحمد الرحبي المشرقي، أبو عثمان، روى عن عبد الله بن بسر وغيره، كان يرمى بالانحراف عن علي رضي الله عنه في ذلك اختلاف وقال في باب جبر في الآباء: وحريز بن عثمان بن جبر بن أسعد المشرقي مشهور

(2)

.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حريز بن عثمان بن جبر بن أحمد بن أسعد أبو عثمان، ويقال أبو عون الرحبي الحمصي، حدث عن: عبد الله بن بسر، وراشد بن سعد المقرأي وعبد الرحمن بن ميسرة، وعبد الواحد بن عبد الله النصري، وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، وحبان بن زيد الشرعبي، وخالد بن معدان، وحبيب بن عبيد الرحبي، وسلمان بن شمير، والقاسم بن محمد الثقفي، وسليم بن عامر، وعبد الله بن غابر (110 - و) الالهاني وشرحبيل بن شفعة الرحبي، ويزيد بن صليح، وعمران بن محمد، وشبيب بن أبي روح، وسعيد بن مزيد، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير.

(1)

- تاريخ بغداد:8/ 265 (4365).

(2)

- الاكمال لابن ماكولا:85،2/ 16 - 86.

ص: 2206

روى عنه: عيسى بن يونس واسماعيل بن عياش، وبقية ومعاذ بن معاذ، واسحاق بن سليمان الرازي، ويزيد بن هرون، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، وشبابة بن سوار، وأبو النضر الحارث بن النعمان، والحسن بن موسى الأشيب، وعلي بن الجعد، وآدم بن أبي اياس، وأبو اليمان، وعلي بن عياش، وأبو الزرقاء عبد الملك بن محمد الصنعاني، والوليد بن هشام المخرمي، وجنادة بن موسى، ومسلمة بن علي الخشني، ومحمد بن حمير، وأبو المغيرة الخولاني، ويحيى بن سعيد العطار الحمصي والوليد بن مسلم ووفد علي عمر بن عبد العزيز

(1)

.

كتب الينا الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي أن الشريف القاضي أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد العثماني أخبرهم قال:

أخبرني الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي الباهلي، اجازة.

وقرأت على ولده أبي محمد عبد الله بن محمد قالا: حدثنا الفقيه الحافظ أبو علي الحسين بن محمد بن محمد بن أحمد الغساني في كتاب «تقييد المهمل وتمييز المشكل من الاسماء والكنى والانساب لمن ذكر في الكتابين الصحيحين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم»

(2)

قال في باب الرحبي والأرحبي: فالرحبي بفتح الحاء المهملة، بعده باء منقوطة بواحدة، منسوب الى بني رحبة، بفتح الراء والحاء (110 - ظ) بطن من حمير وهو رحبه بن زرعة أخو سدد، بسين مهملة على وزن جمل، بن زرعة بن سبأ الأصغر، منهم: أبو أسماء الرحبي الشامي، فذكر جماعة، وذكر فيهم حريز بن عثمان الرحبي أبو عثمان الحمصي عن عبد الله ابن بسر قال: وقد تقدم ذكره في حرف الحاء، وانما قدم ذكره في حرف الجيم في باب جرير، وجرير، وحريز فقال: حريز، بحاء مهملة وزاي معجمة في آخر الاسم، هو حريز بن عثمان الرحبي أبو عثمان الحمصي، ورحبة بفتح الحاء المهملة والباء المنقوطة بواحدة في حمير، يروى عن عبد الله بن بسر، بسين مهملة، وعبد الواحد النصري بالنون، روى له البخاري ومسلم.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 167 و- ظ.

(2)

-لم أستطع الوقوف عليه.

ص: 2207

قلت: كذا قال الحافظ أبو علي الغساني، انه منسوب الى بطن من حمير، وهو رحبه في الموضعين، وهذا وهم منه، وانما هو منسوب الى رحبة الشام، وهي رحبة مالك بن طوق، وكان من أهلها، ثم سكن حمص، وروى عن غير واحد من أهلها، ويقال فيه الرحبي بالفتح، والرحبي بالاسكان لان حرف الحلق اذا توسط الكلمة فتح وأسكن.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر، ومحمد بن عبد الواحد الاكبر، قال حمزة: حدثنا، وقال أحمد: أخبرنا، الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله (111 - و) العجلي قال: حدثني أبي قال:

حريز بن عثمان الرحبي شامي ثقة، وكان يحمل على عليّ.

أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا عبد الملك بن محمد قال: حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت أبا مسلم المستملي يقول: حريز بن عثمان، يكنى أبا عثمان ينتقص عليا، وينال منه، وكان حافظا لحديثه، وسمعت معاذا يحدث عنه ويزيد بن هرون، وعمرو بن علي وشيوخنا.

وقال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث حريز نحو من ثلاثمائة، وهو صحيح الحديث إلاّ أنه يحمل على علي رضي الله عنه.

قال: وأخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: وحريز بن عثمان من الاثبات في الشاميين، يحدث عنه الثقات من أهل الشام، مثل الوليد بن مسلم، ومحمد بن مصعب، واسماعيل بن عياش، ومبشر بن اسماعيل، وبقية، وعصام بن خالد، ويحيى الوحاظي وحدث عنه من ثقات أهل العراق: يحيى القطان، وناهيك به،

ص: 2208

ومعاذ بن معاذ، ويزيد بن هرون، وسفيان بن حبيب، وغيرهم. وحريز يحدث عن أهل الشام عن الثقات منهم، وقد وثقه يحيى القطان، ومعاذ بن معاذ، وأحمد ابن حنبل، ويحيى بن معين ودحيم، وانما وضع منه ببغضه لعلي، وقال يحيى ابن صالح الوحاظي: أملى علي حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة (111 - ظ) عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في بغض علي حديث منكر منكر جدا لا يروى مسلم

(1)

ولا يصلح أن يذكر في الكتاب، قال الوحاظي: فلما حدثني بذلك قمت عنه وتركت الكتاب عنه.

(2)

.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: قال أخبرنا محمد بن عبد الملك قال:

أخبرنا أبو بكر بن أبي أحمد قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن علي بن حموية ابن أبرك الهمذاني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن يونس بن نعيم البغدادي بها قال: حدثني أبو علي الحسين ابن أحمد بن علي المالكي قال: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قال: حدثنا اسماعيل بن عياش قال: سمعت حريز بن عثمان قال: هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: «أنت مني بمنزلة هرون من موسى

(3)

» حق، ولكن أخطأ السامع، قلت: فما هو؟ فقال: انما هو أنت مني بمكان قارون من موسى، قلت: عمن ترويه؟ قال سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله وهو على المنبر.

قال الخطيب: عبد الوهاب بن الضحاك كان معروفا بالكذب في الرواية، فلا يصح الاحتجاج بقوله

(4)

.

أخبرنا أبو نصر بن هبة الله اذنا قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال:

كتب إليّ أبو سعد محمد بن محمد بن محمد، وأبو علي الحسن بن أحمد، وأبو

(1)

-كذا بالاصل وفي رواية الكامل لابن عدي:2/ 859 «لا يروي مثله من يتقي الله» .

(2)

-الكامل لابن عدي:2/ 856 - 859.

(3)

-انظره في كنز العمال:36572،13/ 36470،11/ 32881،5/ 14242، 16/ 44216.

(4)

- تاريخ بغداد:8/ 268.

ص: 2209

القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله البرجي، ثم أخبرني أبو المعالي عبد الله بن أحمد ابن محمد الحلواني بمرو قال: أخبرنا أبو علي الحداد (112 - و) قالوا: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن اسحاق- يعني-السراج قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال: حدثنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا اسماعيل بن عياش قال: عادلت

(1)

حريز بن عثمان من مصر الى مكة، فجعل يسب عليا ويلعنه، كذا وقع في نسخة السماع، وأظنه من حمص والله أعلم.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا سهل بن أبي سهل قال:

حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: وحريز بن عثمان، كان يتنقص عليا، ينال منه، وكان حافظا لحديثه.

قال أبو حفص: سمعت يحيى يحدث عن ثور عنه.

وقال أبو حفص في موضع آخر: حريز بن عثمان ثبت شديد التحامل على عليّ.

قال الخطيب: وأخبرنا البرقاني قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي قال: حدثنا الحسين بن ادريس قال: حدثنا ابن عمار قال: حريز بن عثمان يتهمونه أنه كان يتنقص عليا، ويروون عنه ويحتجون بحديثه وما يتركونه

(2)

.

أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: حدثنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا محمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس قال: حدثنا يحيى بن المغيرة قال: ذكر حريز، أن حريزا كان يشتم عليا على المنابر.

(1)

-المعادلة هنا الركوب على جمل واحد كل على طرف متعادلين متقابلين.

(2)

- تاريخ بغداد:8/ 266.

ص: 2210

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم (112 - ظ) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الموحد قال: أخبرنا أبو المظفر هناد بن ابراهيم ابن محمد النسفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن محمود المعدل قال: حدثنا محمد ابن المنذر بن سعيد الهروي قال: حدثنا عبد الله بن حماد الآملي قال سمعت يحيى ابن صالح الوحاظي، وقيل: لم لم تكتب عن حريز بن عثمان؟ قال: كيف أكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين، فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن عليا سبعين لعنة كل يوم

(1)

.

أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: حدثنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا عمران بن أبان قال: سمعت حريز بن عثمان يقول لا أحبه قتل آبائي-يعني عليا.

قال: وحدثنا العقيلي قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي قال: قلت ليزيد بن هرون: هل سمعت من حريز بن عثمان شيئا تنكره عليه من هذا الباب؟ قال: اني سألته أن لا يذكر لي شيئا من هذا، مخافة أن أسمع منه شيئا يضيق عليّ الرواية عنه قال: فأشد شيء سمعته يقول: لنا أمير ولكم أمير- يعني لنا معاوية، ولكم علي، فقلت ليزيد: فقد آثرنا على نفسه؟ قال نعم

(2)

.

أخبرنا أبو محمد عبد البر بن الحافظ أبي العلاء في كتابه (113 - و) قال:

أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا الحسن بن علي ابن عاصم قال: حدثنا الحسن بن علي بن راشد قال: جلسنا نتذاكر الحديث، فقال بعض اصحابنا: رأيت يزيد بن هرون في النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال:

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 176 و.

(2)

- تاريخ بغداد:8/ 267.

ص: 2211

غفر لي وشفعني وعاتبني، فقلت: غفر لك وشفعك ففيما عاتبك؟ قال: كتبت عن حريز بن عثمان، فقلت: ما أعلم إلاّ خيرا، قال: انه كان يبغض أبا الحسن علي ابن أبي طالب

(1)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا أبو الفرج الحسين بن عبد الله بن أحمد ابن أبي علاّنه المقرئ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن ابراهيم بن شاذان قال:

حدثنا أبو محمد السكري قال: حدثنا يحيى بن اسحاق بن ابراهيم بن سافري قال:

كنت عند أحمد بن حنبل وعنده رجلان-وأحسبه قال: شيخان-قال: فقال أحدهما: يا أبا عبد الله رأيت يزيد بن هرون في المنام، فقلت له: يا أبا خالد ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي وشفعني وعاتبني، قال: قلت غفر لك وشفعك قد عرفت، ففيم عاتبك؟ قال: قال لي: يا يزيد أتحدث عن حريز بن عثمان؟ قال: قلت: يا رب ما علمت إلاّ خيرا! قال: يا يزيد انه كان يبغض أبا الحسن علي بن أبي طالب، قال:

وقال الآخر: وأنا رأيت يزيد بن هرون في المنام، فقلت له: هل أتاك منكر (113 - ظ) ونكير؟ قال: أي والله وسألاني: من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ قال: فقلت:

ألمثلي يقال هذا، وأنا كنت أعلم الناس بهذا في دار الدنيا؟ فقالا لي: صدقت فنم نومة العروس لا بؤس عليك

(2)

.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل ابن بشر قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني محمد بن المظفر بن علي الدينوري المقرئ قال: حدثنا ابراهيم بن محمد المزكي ببغداد قال: سمعت أحمد بن محمد الحيري المزكي قال: حدثني عبد الله بن الحارث الصنعاني قال: سمعت حوثرة ابن محمد المنقري البصري يقول: رأيت يزيد بن هرون الواسطي في المنام بعد موته بأربع ليال فقلت: ما فعل الله بك قال: تقبل مني الحسنات، وتجاوز عني السيئات ووهب لي التبعات قلت: وما فعل بك بعد ذلك؟ قال: وهل يكون من الكريم إلاّ الكرم، غفر لي ذنوبي وأدخلني الجنة، قلت: بما نلت الذي نلت؟ قال: بمجالس

(1)

-الكامل لابن عدي:2/ 857.

(2)

- تاريخ بغداد:8/ 267 - 268، انما بشكل ناقص.

ص: 2212

الذكر، وقولي الحق، وصدقي في الحديث، وطول قيامي في الصلاة، وصبري على الفقر، قلت: منكر ونكير حق؟ قال: أي والله الذي لا إله إلاّ هو لقد أقعداني، وسألاني، فقالا لي: من ربك، وما دينك، ومن نبيك، فجعلت انفض لحيتي البيضاء من التراب فقلت: مثلي يسأل أنا يزيد بن هرون الواسطي وكنت في دار الدنيا ستين سنة أعلم الناس، قال أحدهما: صدق هو يزيد بن هرون، نم نومة العروس (114 - و) فلا روعة عليك بعد اليوم، قال أحدهما: اكتبت عن حريز بن عثمان؟ قلت: نعم وكان ثقة في الحديث، قال: ثقة ولكنه كان يبغض عليا أبغضه الله

(1)

.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:

أخبرنا أبو طاهر محمد بن أبي بكر بن عبد الله السنجي المؤذن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني المؤذن بنيسابور قال: حدثنا أبو زكريا يحيى ابن ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكي-املاء-قال: أخبرني أبو بكر محمد بن سليمان الزاهد أن محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع حدثهم قال أخبرنا أبو القاسم بن بشار البغدادي قال: حدثنا أحمد الوراق قال: سمعت عبيد الله القواريري قال: رأيت يزيد بن هرون بعد ما مات في النوم فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ورحمني، وعاتبني في روايتي عن حريز بن عثمان.

وقد روي أن هذا المنام رآه يزيد بن هرون نفسه وهو في الحياة، أخبرنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن-اجازة-قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الهيتي قال: حدثنا الحسين بن عبد الله بن روح الجواليقي قال: حدثني هرون بن رضى مولى محمد ابن عبد الرحمن بن اسحاق القاضي قال: حدثنا أحمد بن سنان قال: سمعت يزيد ابن هرون يقول: رأيت رب العزة تبارك وتعالى فقال لي: يا يزيد تكتب من حريز ابن عثمان؟ فقلت: يا رب ما علمت منه إلاّ خيرا فقال لي: يا يزيد لا تكتب منه شيئا (114 - ظ) فانه يسب عليا

(2)

.

(1)

-لم ترد هذه الرواية في تاريخ بغداد. وبالنسبة ليزيد بن هرون انظر تاريخ واسط لبحشل-ط. بيروت 125:1986 - 129.

(2)

- تاريخ بغداد أ 8/ 267.

ص: 2213

وقال الخطيب: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: سمعت بعض بعض أصحابنا يذكر عن يزيد بن هرون، قال: قال حريز بن عثمان: لا أحب من قتل لي جدين

(1)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الاحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثني أبي قال: ويقال في حريز بن عثمان مع ثبته أنه كان سفيانيا، وقال في موضع آخر: حريز ابن عثمان ثبت.

وقد روي أنه رجع عن مذهبه وروي أنه كان ينكر هذا المذهب.

أخبرنا الحسين بن عمر بن نصر في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عمران عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري قال: وقال أبو اليمان: كان حريز يتناول من رجل يعني عليا، ثم ترك

(2)

.

أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد قال أخبرني أبي أبو عبد الرحمن-يعني-النسائي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: أخبرني أبي أحمد قال: حدثنا أبو اليمان، قال: كان حريز يتناول من رجل ثم ترك (115 - و).

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي أبو بكر الخطيب قال: ولم يكن لحريز كتاب وكان يحفظ حديثه، وكان ثقة ثبتا، ويحكى عنه من سوء المذهب، وفساد الاعتقاد ما لم يثبت عليه.

(1)

- الخطيب البغدادي- المصدر نفسه.

(2)

-التاريخ الكبير:3/ 104.

ص: 2214

أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد قال أخبرني أبي أبو عبد الرحمن-يعني-النسائي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: أخبرني أبي أحمد قال: حدثنا أبو اليمان، قال: كان حريز يتناول من رجل ثم ترك (115 - و).

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي أبو بكر الخطيب قال: ولم يكن لحريز كتاب وكان يحفظ حديثه، وكان ثقة ثبتا، ويحكى عنه من سوء المذهب، وفساد الاعتقاد ما لم يثبت عليه.

قال الخطيب أخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال:

حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وبلغني عن علي بن عياش قال: حدثني حريز بن عثمان وسمعته يقول-يعني لرجل-: ويحك تزعم أني أشتم علي بن أبي طالب، والله ما شتمت عليا قط

(1)

.

أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا الاسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: حدثني سلمة بن شبيب قال:

سمعت علي بن عياش يقول: سمعت حريز بن عثمان يقول لرجل: ويحك تزعم أني أشتم علي بن أبي طالب والله ما شتمت عليا قط

(2)

.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن محمد قال:

أخبرني السكري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا جعفر بن محمد الازهر قال: حدثنا ابن الغلابي قال: حدثنا يحيى بن معين قال: سمعت علي ابن عياش قال: سمعت حريز بن عثمان يقول لرجل: ويحك أما خفت الله، حكيت عني أني أسب عليا والله ما أسبه ولا سببته قط.

(1)

- تاريخ بغداد:8/ 266.

(2)

-الكامل لابن عدي:2/ 857.

ص: 2215

وقال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف ابن أحمد قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا (115 - ظ) محمد بن اسماعيل: قال حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا شبابه قال: سمعت حريز بن عثمان قال له رجل: يا أبا عمرو بلغني أنك لا ترحم على علي؟ قال: فقال له: اسكت ما أنت وهذا، ثم التفت إليّ فقال: رحمه الله مائة مرة

(1)

.

أخبرنا محمد بن هبة الله بن محمد-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال:

حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: حدثنا تمام بن محمد قال: حدثني أبي أبو الحسين قال: أخبرني أبو عبد الرحمن مكحول بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي قال:

حدثنا جعفر بن أبان قال: سمعت علي بن عياش، وسأله رجل من أهل خراسان عن حريز، هل كان يتناول عليا، فقال علي بن عياش: أنا سمعته يقول: ان أقواما يزعمون أني أتناول عليا، معاذ الله أن أفعل ذلك حسيبهم الله.

قال الحافظ: قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال:

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن جعفر-فيما قرأته عليه-قال: قرئ على أبي بكر محمد بن اسحاق-يعني-ابن خزيمة، وأنا أسمع، قيل له: لست تحتج بحريز بن عثمان لسوء مذهبه قد احتج بحديث حريز البخاري، وأبو داود، والترمذي، وغيرهم من الأئمة.

(2)

.

أخبرنا عمر بن محمد الدارقزي-اذنا-قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن اسماعيل المهندس قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرنا أبو عبيد الله معاوية بن صالح قال: (116 - و) حريز بن عثمان الرحبي قال يحيى بن معين: ثقة، وقال لي أحمد-يعني-ابن حنبل: هو من المعدودين مع عبد الرحمن بن يزيد وأصحابه، قال أبو عبد الله: أدرك المهدي وقدم عليه.

(1)

- تاريخ بغداد:8/ 268 - 269.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 171 - ظ.

ص: 2216

قال الخطيب: أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي قال: حدثنا محمد بن أحمد اللؤلؤي قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الاشعث قال: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال: أخبرنا معاذ بن معاذ قال: أخبرني أبو عثمان الشامي- ولا أخالني رأيت شاميا أفضل منه-يعني حريز بن عثمان.

قال الخطيب: أخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال:

حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني أبو بشر بكر بن خلف قال: حدثنا معاذ بن معاذ قال: حدثنا حريز بن عثمان الرحبي الشامي، قال معاذ: ولا أعلمني رأيت شاميا أفضل منه

(1)

.

أنبأنا عبد البر بن الحسن قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: حريز بن عثمان أبو عثمان الحمصي الرحبي، قال معاذ بن معاذ: حدثنا حريز بن عثمان أبو عثمان، ولا أعلم أني رأيت أحدا من أهل الشام أفضله عليه

(2)

.

أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل التميمي قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: سمعت يحيى يقول: وحريز بن عثمان لا بأس به، وقال النسائي: أبو عثمان حريز بن عثمان شامي حمصي لا بأس به (116 - ظ) في الحديث.

أنبأنا عبد البرقال، أخبرنا أبو المحاسن قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: قلت ليحيى بن معين: فحريز بن عثمان؟ قال: ثقة.

وقال ابن عدي: سمعت محمد بن نوح الجنديسابوري ببغداد، وبمصر يقول:

سمعت أبا داود سليمان بن الاشعث يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حريز بن عثمان ثقة.

(1)

- تاريخ بغداد:8/ 268 - 269.

(2)

-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 104. الكامل لابن عدي:2/ 856.

ص: 2217

قال ابن عدي: حدثنا يوسف بن الحجاج قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال:

قلت لعبد الرحمن بن ابراهيم دحيم: من الثبت بحمص؟ قال صفوان: وبحير وحريز وثور وأرطاة

(1)

.

أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا ابن خيرون قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرني محمد بن أبي علي الاصبهاني قال: حدثنا أبو علي الحسين بن محمد الشافعي بالأهواز قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سمعته-يعني أبا داود-يقول:

سألت أحمد بن حنبل عن حريز، فقال: ثقة، ثقة، ثقة.

قال الخطيب: وأخبرنا البرقاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنويه قال:

حدثنا الحسين بن ادريس الانصاري قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال:

سمعت أحمد قال: ليس بالشام أثبت من حريز إلا أن يكون بحير، قيل لأحمد:

فصفوان؟ قال: حريز ثقة، وقال ابو داود: سمعت أحمد-وذكر له حريز وأبو بكر بن أبي مريم وصفوان-فقال: ليس فيهم مثل حريز ليس أثبت منه، ولم يكن يرى القدر، وقال: سمعت أحمد مرة أخرى يقول: حريز ثقة ثقة

(2)

.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: (117 - و) أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الاكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: قلت لعبد الرحمن بن ابراهيم: من الثبت بحمص؟ قال:

صفوان، وبحير، وحريز، وثور، وأرطاة، قلت: فابن أبي مريم؟ قال: دونهم.

قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: حدثنا أبو الحسن السقاء قال: حدثنا أبو العباس الاصم قال: سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى يقول: حريز بن عثمان الرحبي ثقة.

قال الحافظ: قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمد الفقيه، عن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن

(1)

-الكامل لابن عدي:2/ 857.

(2)

- تاريخ بغداد:8/ 269.

ص: 2218

حيوية قال: أخبرنا محمد بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا ابراهيم بن الجنيد قال:

سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو بكر بن أبي مريم وحريز بن عثمان الرحبي هؤلاء ثقات

(1)

.

أخبرنا ابو اليمن الكندي-إذنا-قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال:

أخبرنا الخطيب أبو بكر قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت موسى بن ابراهيم ابن النضر العطار يقول: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: وسئل علي بن المديني عن حريز بن عثمان فقال: لم يزل من أدركناه من أصحابنا يوثقونه.

وقال الخطيب: أخبرني عبد الله بن يحيى السكري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن ابراهيم قال حدثنا جعفر بن محمد (117 - ظ) بن الأزهر قال: حدثنا ابن الغلابي قال: حدثنا علي بن عياش الحمصي قال: جمعنا حديث حريز بن عثمان في دفتر، قال: نحوا من مائتي حديث، فأتيناه به فجعل يتعجب من كثرته ويقول:

هذا كله عني، مرتين

(2)

.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الاكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: سمعت يحيى بن صالح الوحاظ يقول: مات شعيب بن أبي حمزة، وحريز بن عثمان، وأبو مهدي سنة ثلاث وستين ومائة.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال:

أخبرنا الخطيب أبو بكر قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال:

حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال: حدثني سليمان البهراني قال: سمعت يحيى بن صالح قال: مات شعيب، وحريز، وأبو مهدي سنة ثلاث وستين ومائة.

قال الخطيب: أخبرنا عبد الله بن عمر الواعظ، قال: حدثني أبي قال: حدثنا

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 170 و.

(2)

- تاريخ بغداد:8/ 266.

ص: 2219

عثمان بن جعفر الكوفي قال: حدثنا أحمد بن سعد قال: حدثنا محمد بن مصطفى قال: مات حريز بن عثمان سنة اثنتين وستين.

قال الخطيب: وأخبرنا عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا اسحاق بن موسى قال: حدثنا محمد بن عوف قال: سمعت يزيد بن عبد ربه يقول: مات حريز سنة ثلاث وستين.

وقال الخطيب: أخبرنا علي بن أبي علي قال: أخبرنا محمد بن المظفر، ح.

(118 - و) قال وأخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن عمر اليمني قالا: حدثنا بكر بن أحمد بن حفص الشعراني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي قال: وأبو عثمان حريز بن عثمان بن جبير بن أحمر بن أسعد الرحبي المشرقي، مولده سنة ثمانين، ومات سنة ثلاث وستين.

وقال الخطيب: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: سمعت سليمان بن سلمة الحمصي الخبائري قال: مات حريز سنة ثمان وستين ومائة.

قال الخطيب: وهذا عندي خطأ، وما قبله أصح والله أعلم

(1)

.

أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: سمعت سليمان بن سلمة الحمصي الخبائري قال: مات حريز بن عثمان سنة ثمان وستين ومائة، وفيها مات سعيد بن عبد العزيز.

أخبرنا أبو علي الأوقي-فيما أجازه لي-قال: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال:

(1)

- تاريخ بغداد:8/ 269 - 270.

ص: 2220

أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة اثنتين وستين ومائة: حريز بن عثمان وله مذهب رديء، ويقال سنة ثلاث-يعني-مات

(1)

.

‌حريش السكوني:

شاعر شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقال يومئذ شعرا يخاطب به معاوية.

أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد الصابوني عن أبي محمد عبد الله ابن احمد بن احمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم عن عمرو بن شمر، وعمر (118 - ظ) بن سعد في إسنادهما قال:

وفرح أهل الشام بقتل هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر فقال رجل من السكون، يقال له حريش، وكان مع علي عليه السلام:

معاوي ما أفلتّ إلا بجرعة من

الموت رعبا تحسب الشمس كوكبا

تخب وقد أدميت بالسوط بطنه

دؤوما على فاس اللجام مشذّبا

(2)

فلا تكفرنه واعلمن أن مثلها

الى جنبها عالى بك الجري أو كبا

فإن تفخروا بابني بديل وهاشم

فنحن قتلنا ذا الكلاع وحوشبا

فإنهم ممن قتلتم على الهدى

أصيبوا فكفوا القول نسفي التحوبا

(3)

صبرنا لكم والأمر قد جدّ جده

وقد كان يوما يترك الطفل أشيبا

صبرنا لكم تحت العجاج نفوسنا

وكان خلال الصبر جذعا وموعبا

(4)

فلم نلق فيها خاشعين أذلة

ولم يك فيها حبلنا متذبذبا

كسرنا القنا حتى اذا ذهب القنا

ضربنا فغالبنا الصفيح المجربا

فلم ترفي الجمعين صارف وجهه

ولا صارفا من خشية الموت منكبا

(1)

-سقطت وفيات هذه السنة من كتاب المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان الفسوي.

(2)

-المشذب: الفرس الطويل ليس بكثير اللحم.

(3)

-أي نزيل التغيظ والتوجع.

(4)

-الجذع: الشاب، ووعب: جمع واستوعب.

ص: 2221

ولم تر إلاّ قحف راس وهامة

وساقا طنونا

(1)

أو ذراعا مخضبا

كأنا وأهل الشام أسد مشيحة

(2)

بخفان

(3)

لا يبقين نابا ومخلبا

إذا الخيل حالت بينها قصد القنا

نثرت عجاجا ساقطا متنقبا

(4)

‌ذكر من اسمه الحر

(119 - و)

‌الحر بن سهم بن طريف الربعي التميمي:

من ربيعة تميم، شهد صفين مع علي رضي الله، وقال رجزا بين يدي علي.

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود الصابوني-كتابة-قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن الفراء قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن اسحاق بن ننجاب الطيبي قال:

حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال:

حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر الجعفي عن جابر، ح.

قال ابن ديزيل: وحدثنا عمر بن سعد الأسدي قال: حدثني رجل من الأنصار عن الحارث بن كعب الوالبي عن أبي الكنود، وأحدهما يزيد على الآخر: أن عليا لما أراد الشخوص الى الشام عسكر بالنخيلة

(5)

، وذكر خطبة خطبها، وأنه نزل فدعا بدابته فأتي بها فركبها، ثم مضى ومضى أمامه الحر بن سهم بن طريف الربعي وهو يقول:

يا فرسي سيري وأمي الشاما

وقطعي الأحزان

(6)

والأعلاما

(7)

(1)

-مقطوعا.

(2)

-حذرة.

(3)

-خفان موضع قرب الكوفة، وهو مأسدة. معجم البلدان.

(4)

-النقاب: ما تتنقب به المرأة، والنقبة: اللون والصدأ. وانظر كتاب صفين لنصر بن مزاحم:456 - 457 مع تصحيفات وفوارق كبيرة.

(5)

-موضع قرب الكوفة على سمت الشام. معجم البلدان.

(6)

-الحزن: ما غلظ من الارض. القاموس.

(7)

-العلم: المنار والجبل. النهاية لابن الاثير.

ص: 2222

ونابذي من خالف الإماما

إني لأرجو إن لقيت العاما

جمع بني أمية الطغامى

أن نقتل العاصي والهماما

وأن نزيل من رجال هاما

(1)

‌الحر بن الصباح النخعي:

شهد صفين مع علي رضى الله عنه، وروى (119 - ظ) شيئا من خبرها روى عنه عمر بن سعد الاسدي.

أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين-كتابة عن أبي محمد عبد الله ابن أحمد بن الخشاب-قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال:

حدثنا ابراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر قال: عمر بن سعد عن الحرّ بن الصباح النخعي أن الاشتر كان يقاتل على فرس له، في يده صفيحة يمانية اذا طأطأها خلت فيها ماء منصبا وإذا رفعها كاد يغشى البصر شعاعها فجعل يضرب بسيفه وهو يقول:

الغمرات ثم تنجلينا

ويكشفهن

(2)

فبصر به الحارث بن جمهان الجعفي، فلم يعرفه حتى دنا منه، فقال الاشتر:

جزاك الله عن أمير المؤمنين وجماعة المسلمين خيرا، فقال له الاشتر: ابن جمهان؟ قال: نعم، مثلك يتخلف عن مثل موقفي هذا؟ فقال: ما علمت بمكانك إلاّ الساعة لا أفارقكم حتى أموت.

‌الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس:

كان مع هشام بن عبد الملك بالرصافة في سنة ست ومائة، فولاه مصر، ثم

(1)

- كتاب صفين:149 مع فوارق.

(2)

-كذا بالاصل، وسقطت «ويكشفهن» من كتاب صفين:287، وينسب هذا الرجز للاغلب العجلي وهو:

الغمرات ثم ينجلين

عنا وينزلن بآخرين

شدائد يتبعهن لينا

ص: 2223

وفد عليه سنة ثمان، وقيل سنة تسع فعزله عن مصر، وقيل إنه ولي الموصل (120 - و).

أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن محمد بن ناصر قال: أجاز لنا ابراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن النحاس -إجازة-قال أخبرنا أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب التجيبي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز أبو الرقراق قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني ابن لهيعة عن موسى بن أيوب أن الحر بن يوسف أمير مصر سأل عبد الرحمن بن عتبة عن أمة اشتراها رجلان فوطئاها في طهر واحد فحملت، فقال: سل ابن خدام-يعني-عبد الله بن يزيد، وهو قاضي المصر، فسأله فقال: كتبت الى عمر بن عبد العزيز في مثل ذلك فكتب إليّ عمر قال: يرثهما الولد ويرثانه، وعاقبهما.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر ابن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: فمن ولد يوسف بن يحيى-يعني-ابن الحكم بن أبي العاص الحر بن يوسف بن يحيى والي الموصل

(1)

.

أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله-كتابة-قال: أخبرنا علي بن الحسن ابن أبي الحسين قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عيسى السعدي قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن جعفر النخالي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الحضرمي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: أخبرنا الليث ابن سعد قال: وفيها (120 - ظ) -يعني-سنة ست ومائة أمرّ الحر بن يوسف على أهل مصر، ونزع محمد بن عبد الملك. قال: ووفد الحر بن يوسف الى أمير المؤمنين-يعني-سنة ثمان ومائة فنزع عن مصر، وذكر أبو عمر بن يوسف الكندي أن ولاية الحر كانت على مصر ثلاث سنين سواء

(2)

.

(1)

-ليس بالجزء المطبوع من جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار.

(2)

-كتاب الولاة وكتاب القضاة للكندي-ط. بيروت 73:1908 - 74 حيث علل أسباب العزل.

ص: 2224

أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال ابن بكير: قال الليث:

وفي سنة ست ومائة أمر الحر بن يوسف على أهل مصر، ونزع محمد بن عبد الملك، وفيها-يعني-سنة ثمان ومائة وفد الحر بن يوسف الى هشام أمير المؤمنين فنزع من مصر.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله قال: الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أمره هشام بن عبد الملك على مصر سنة ست ومائة، فلم يزل عليها الى أن وفد عليه سنة ثمان ومائة، فعزله عنها، ويقال وفد عليه في شوال سنة سبع ومائة

(1)

.

‌الحر العبسي:

له ذكر

ذكر البلاذري في كتاب البلدان قال: وحدثني أبو صالح الفراء عن رجل من أهل دمشق يقال له عبد الله بن الوليد، عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي -فيما يحسبه-أبو صالح قال: لما غزا معاوية غزوة عمورية في سنة خمس وعشرين وجد الحصون فيما بين أنطاكية وطرسوسن خالية، فوقف عندهما جماعة من أهل الشام والجزيرة وقنسرين، ثم انصرف من غزاته، ثم أغزى بعد ذلك بسنة أو سنتين الحر العبسي الصائفة ففعل مثل ذلك وكانت الولاة تفعله

(2)

.

‌حزن بن عبد عمرو:

غزا الروم مع يزيد بن معاوية حين غزا الطوانة

(3)

، وحكى حكاية وقعت في تلك الغزاة روى عنه محمد بن اسحاق.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأبو حفص عمر بن محمد بن

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 173 - و.

(2)

- فتوح البلدان- ط. القاهرة 169:1932.

(3)

-بلد بثغور المصيصة-معجم البلدان مع شعر ليزيد بن معاوية.

ص: 2225

طبرزد-إذنا من كل واحد منهما-قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري -إجازة إن لم (121 - و) يكن سماعا-قال أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن زكريا بن حيوية قال:

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن المنادي قال: حدثني أبو موسى هارون بن علي بن الحكم المزوق قال: حدثنا حماد بن المؤمل أبو جعفر الضرير، قال: حدثنا مسلم بن عيسى قال: حدثنا محمد بن سلمة قال: حدثنا محمد بن اسحاق عن حزن بن عبد عمرو قال: اكتتبت في غزوة طوانة، فخرجنا حتى دخلنا أرض الروم، فخرجت أنا وأصحاب لي نتعلف فانتهينا الى قرية، فقال لى بعض أصحابي: من يأخذ برءوس دوابنا فيطول لها في هذا المرج حتى ترعى، وننطلق نحن الى القرية فنتعلف؟ فقلت: أنا، فأخذت برءوس دواب أصحابي فطولت لها في المرج وخليّت، وانطلق أصحابي فبينما أنا كذلك اذ سمعت تسليما: السلام عليكم ورحمة الله، فالتفت فإذا رجل عليه ثياب بياض ليست بالغليظة ولا الرقيقة فقلت وعليكم السلام ورحمة الله، فقال لي: أمن أمة محمد أنت؟ قلت:

نعم، قال: اني أراكم تلقون من أمرائكم هؤلاء شدة، قلت: أجل قال: فاصبروا فإن هذه الأمة أمة مرحومة، كتب الله عليها خمس صلوات، وخمس فتن أولا أسميها لك؟ قلت: بلى قال: أمسك، احداها موت نبيكم صلى الله عليه وسلم، واسمها في كتاب الله بغتة. ثم قتل عثمان واسمها في كتاب الله الصماء، ثم فتنة ابن الزبير واسمها في كتاب الله العمياء، ثم فتنة ابن الأشعث واسمها في كتاب الله البتراء، ثم تولى وهو (121 - ظ) يقول: بقيت الصيلم، بقيت الصيلم، بقيت الصيلم، قالها ثلاث مرات، ثم انطلق فلم أر له أثرا.

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة-إذنا-قال أخبرتنا الحرة عفيفة بنت أحمد قالت: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حاتم المرادي قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا محمد بن سلمة الحراني قال: حدثنا محمد بن اسحاق عن حزن بن عبد عمرو قال: دخلنا أرض الروم في غزوة الطوانة، فنزلنا مرجا فأخذت أنا برءوس دواب أصحابنا، فطولت لها، وانطلق أصحابي

ص: 2226

يتعلفون فبينا أنا كذلك إذ سمعت: السلام عليكم ورحمة الله، والتفت فإذا أنا برجل عليه ثياب بياض، فقلت: السلام عليك ورحمة الله، فقال: من أمة أحمد قال: قلت: نعم قال: فاصبروا فإن هذه الأمة أمة مرحومة، كتب الله عليها خمس فتن، وخمس صلوات قال: قلت: سمهن لي، قال أمسك: احداهن موت نبيهم واسمها في كتاب الله بغته، ثم قتل عثمان واسمها في كتاب الله الصماء، ثم فتنة ابن الزبير واسمها في كتاب الله العمياء، ثم فتنة ابن الاشعث واسمها في كتاب الله البتراء، ثم تولى وهو يقول: وبقيت الصيلم، وبقيت الصيلم، فذهب فلم أدر كيف ذهب.

ص: 2227

‌حسام بن غزي بن يونس المحلي:

أبو المناقب الشافعي، المصري، الفقيه، رجل فاضل أديب، فقيه كيس، دمث الاخلاق كثير المروءة، مطبوع النادرة (122 - و) خفيف الروح، جيد الشعر حسن المحاضرة، وكان له وجاهة بدمشق، وسيرّة الملك العادل أبو بكر محمد بن أيوب رسولا الى حلب الى الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، واجتمعت به بها في مجلس شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم بمدرسته بحلب، ولم يتفق لي سماع شيء منه، ثم اجتمعت به بدمشق في جامعها سنة ثلاث وعشرين وستمائة عند توجهي إلى الحج، وأنشدني عدة مقاطع من شعره، وسألته عن مولدة فقال لي: في حدود الستين وخمسمائة، وبلغني أنه ولد بقوص وربي بالمحلة

(1)

، وسمع الحديث من الشيخ أبي الفتح محمود بن الصابوني، ومن أبي عبد الله محمد بن يوسف بن علي الغزنوي، ومن شيخنا أبي القاسم عبد الصمد ابن محمد بن الحرستاني، وأبي البركات داود بن أحمد بن ملاعب، وحدّث عن:

أبي القاسم البوصيري بشيء من حديثه.

أنشدني عماد الدين حسام بن غزي المحلي لنفسه:

قيل لي من هويته عبث الشعر

بخدّيه قلت: ماذاك عاره

جمرة الخد أحرقت عنبر

الخال فمن ذلك الدخان عذاره

وأنشدني لنفسه مما كتبه إلى الملك العادل أبي بكر بن أيوب:

قل للمليك العادل المرتجى

مقال صدق ليس بالزور

(1)

-ما تزال تحمل هذا الاسم نفسه على مقربة من القاهرة.

ص: 2228

مملوكك العبد المحليّ قد

شارف أن يقرأ على الدّور

وكلما جمّع في يوسف

أنفقه في سورة النور-

في قوله شارف أن يقرأ على الدور تورية بالقراءة على أبي عمر الدوري صاحب أبي عمرو ابن العلاء المقرئ.

وأنشدني أبو المناقب حسام بن غزي المحليّ لنفسه مدحا في جمال الدين يحيى (122 - ظ) بن يوسف بن شيخ السلامة:

وقائلة من بعد يحيى بن برمك

ملاذ لملهوف وكنز لمعتف

فقلت لها: إن مات يحيى فعندنا

الوزير جمال الدين يحيى بن يوسف

أنشدني عماد الدين حسام بن غزي لنفسه:

أنا شاكر لمعاشري

إذ ساء في أخلاقه

لو كان يحسن عشرتي

لهلكت عند فراقه

وأنشدني لنفسه:

شوقي إليكم دون أشواقكم

لنكتة لابد ما تشرح

لأنني عن قلبكم غائب

وأنتم في القلب لن تبرحوا

سمعت الشيخ شرف الدين الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي قال:

سمعت العماد المحلي يقول: الناس يستحقرون الفلس، والفلس ينتفع به الإنسان يوما، وينتفع به شهرا، وينتفع به سنة، وينتفع به طول العمر، أما منفعة اليوم فيشتري به حمصا يأكله، فيكفيه لقوت يومه، وأنا اكتفي به، وأما منفعته شهرا فيشتري به باقة كبريت ينتفع بها جميع الشهر، وأما منفعته سنة فيشتري به إبرة يخيط بها سنة، وأما منفعته لجميع العمر فيشتري به مسمارا يضربه في الحائط وينتفع به طول عمره.

ص: 2229

وكان ممولا رحمه الله ويحكى عنه حكايات في البخل كان (123 - و) يتنادر بها، وكان يقرض من ماله من يحتاج الى القرض من غير فائدة، ويصبر بماله على المعسر وينظره.

وبلغني أن العماد حسام بن غزّى المحلي توفي بدمشق في شهر ربيع الآخر من سنة تسع وعشرين وستمائة في ليلة الاربعاء عاشر الشهر المذكور، ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر. (123 - ظ)

(1)

(1)

-عرف هذا الباب أيضا باسم باب الجنان، ويقع من غربي البلد فقد سمى بذلك لما يليه من الجنان. الاعلاق الخطيرة-قسم دمشق:88،36.

ص: 2230

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

:

‌ذكر من اسمه حسان

‌حسان بن الحباب بن الوليد القشيري:

أبو الندى الشطي، شاعر متوسط الشعر، أعرابي وتندر له أبيات فائقة، من شعراء الأمير شبل الدولة أبي كامل نصر بن صالح بن مرداس

(1)

وممن وفد عليه الى حلب واجازه. روى عنه أبو عبد الله أحمد بن محمد الخياط الشاعر الدمشقي.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي عن أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني قال: أنشدني أبو محمد هبة الله بن الأكفاني سنة سبع عشرة وخمسمائة من خطه قال: أنشدني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الخياط قال: أنشدني الأمير حسان بن الحباب الكناني، وكان يعرف بشاعر آل صالح يخاطب نصر بن محمود:

ما لي الى أبي علي حاجة

دون الأنام ولا له عندي يد

إلاّ يد غمرت فكنت كواحد

ممن يعان على الزمان ويسعد

قال القيسراني: وأنشدني ابن الأكفاني قال: أنشدني ابن الخياط قال:

أنشدني ابن الحباب لنفسه:

والله لولا قيود في قوائمنا

من الجميل وفي الأعناق أغلال

لكان لي في بلاد الله مضطرب

وفي الملوك لبانات وأشغال (125 - و)

(1)

-ولي الامارة مشاركة مع أخيه ثمال بعد مقتل أبيه صالح بن مرداس مؤسس الدولة المرداسية بحلب، ثم انفرد بالامارة حتى قتل سنة 429 هـ /1038 م. انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:373.

ص: 2231

لي حرمة الضيف والجار القديم

ومن أتاكم وكهول الحي أطفال

أتيتكم وجلابيب الصبى قشب

فكيف أرحل عنها وهي أسمال

قال القيسراني: والبيت الآخر أجود من بيت البحتري:

وشرخ شباب قد نضوت جديده

اليكم كما ينضو الذي سمل البرد

(1)

قال: وكان ابن الحباب شاعر بدوي متأدب بالطبع، له أشعار مشهورة في بني صالح.

قلت: قول ابن الخياط: يخاطب نصر بن محمود، أظنه والله أعلم خطأ، وانما هو نصر بن صالح، وما أظن ابن الحباب بقي الى أيام نصر بن محمود، والذي يدل على ذلك قوله:«مالي الى ابن أبي علي حاجة» ، وابن أبي علي هو نصر بن صالح، وأبو علي كنية صالح بن مرداس، وكنية محمود بن نصر أبو سلامة

(2)

.

قرأت بخط أبي النجم بن بديع في جزء وقع إليّ من كتابه الذي جمعه في الشعراء ذكر فيه جماعة من شعراء حلب، وذكر فيه حسان الشطي، شاعر بني صالح، توفي بحلب وقد جاز ثمانين سنة، وقال فيه: متوسط الشعر، وندر له أبيات، وأورد له هذه الأبيات الأربعة التي ذكرناها:«بالله لولا قيود في قوائمنا» الى آخرها.

وقفت في مدائح نصر بن صالح التي جمعها أحمد بن خلف الممتع المعري على قصائد من شعره فيه، بخط الممتع، منها قوله:

قلب تصدع من وجد وبلبال

وعبرة ذات تسكاب وتهطال

كأن دمعي وقد فاضت بوادره

ماء الغمام جرى من روس أجبال

صد الحبيب الذي ما كنت أحسبه

يصد فازداد تسهيدي وتعوالي

لئن نأى وسلا عني وأرقني

فلست عنه وان سليت بالسالي

يا ليلة جمعتنا تحت حندسها

وكشفت سترها من بعد اسدال

(1)

-ديوان البحتري-ط. بيروت-دار صادر:2/ 145.

(2)

-توفي محمود سنة 466 هـ /1074 م، وقتل نصر بن محمود سنة 468 هـ / 1076 م، ويلاحظ أن ابن العديم كتب بدون انتباه «محمود بن نصر» في حين أنه أراد نصر بن محمود. أنظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:373 - 374.

ص: 2232

عودي علينا فقد عادت شقا

وتنا وان جسمي من تذكارها بال

(125 - ظ)

قال فيها:

قتالة لا تزال الدهر جانية

لا تأتلي من هواني بعد إجلالي

خمصانة الكشح معطار منعمة

كأنها ظبية بالأمعز الخال

تسلبي الحليم بألحاظ مفتنة

مغنوجة كحلت من غير إكحال

تمشي اذا برزت من بيت جارتها

مشي البخاتي في وعث وأوحال

تصغي إذا عذلت فينا فتهجرنا

ذات الدلال ولا أصغي لعذال

يا من شغفت بها حتى ذللت لها

كأنني مجرم يدعى الى وال

جودي علينا فقد جاد المليك لنا

بمفضل عمنا منه بأفضال

ومما نقلته من خط الممتع من مدائح نصر بن صالح قول حسان بن الحباب أيضا من قصيدة:

شمس بألحاظ عينها ظبا البتر

(1)

مشهورة وكلت عيني بالسهر

فتانة فتنت قلبي إذا احتكمت

في مهجتي فتناهت شدة الضرر

وورد الدمع في خدي تورد ما في

صحن وجنتها الزاهي مع الخفر

ما قلب القلب في نار وأحرقه

إلاّ تقلب ما يبدو من الأزر

لهفي على دعص

(2)

رمل حاز مئزرها

من تحت غصن كغصن البانة النضر

استودع الله قلبي يوم ودعها

فقد نأى اذ نأت والروح، الأثر

لم أنسها والنوى حلت بساحتها

وقد بدت بين أتراب لها غرر

(126 - و)

بدت لنا بجبين كالهلال سنا

من تحت أسود حلكوك من الشعر

ترنو بعيني لياح لاح قانصة

فظل يرمقه من شدة الذعر

لما تراءت رأيت الشمس طالعة

وقت الضحى ورأيت البدر في السحر

(1)

-أي سيوف قاطعة.

(2)

-قطعة من الرمل مستديرة أو الكثيب منه المجتمع أو الصغير. القاموس.

ص: 2233

‌حسان بن كمشتكين

(1)

التركي:

صاحب منبج وأعمالها، كان أميرا مذكورا شجاعا، له صدقة ومعروف، وابتنى بمنبج مدرسة وقفها على أصحاب الامام (130 - ظ) أبي حنيفة رضي الله عنه، ووقف عليها أوقافا حسنة، وكان قد بلغ بلك بن بهرام بن أرتق عنه كلام أوجب تغيره عليه، فسير ابن عمه تمرتاش بن ايلغاري بن أرتق بقطعة من عسكره، وأمره بالمرور بمنبج والتقدم الى حسان بالمسير معهم الى تل

(2)

باشر، فاذا خرج قبضوه فتوجه تمرتاش اليه في صفر من سنة ثمان عشر وخمسمائة، وفعل ما أمره به، وقبض على حسان، ودخلوا منبج، وعصى عليه الحصن فلم يسلم اليه، وسيره الى

(3)

خرتبرت، وحبسه في جب، ودام على حصر منبج، ووصل بلك بنفسه، فضربه سهم من الحصن فقتله، وأخرج حسان من الجب وعاد الى منبج، ودام في ولايتها الى أن توفي سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وقد ذكرنا قصة حسان مع بلك مستقصاه في ترجمة بلك من هذا الكتاب.

قرأت بخط مرهف بن أسامة بن منقذ في مدرج علق فيه شيئا من التاريخ، قال: فيها قبض بلك على حسان البعلبكي، ونزل على قلعه منبج، وكان فيها عيسى أخو حسان، وعذب حسان أنواع العذاب ليسلم اليه منبج، فلم يفعل أخوه عيسى وأنفذ الى جوسلين وأطمعه بتسليم منبج اليه، فجمع جمعا كثيرا، وجاء فنصر الله بلكا عليه، فكسره، وعاد الى حصار منبج فأصابه سهم في ترقوته فمات، وكان قد جعل سجن حسان في قلعة

(4)

بالو، فلما قتل بلك نزل ابن عمه داود بن سكمان على بالو فأخذها وأفرج عن حسان، وقيل ان ذلك كان في ربيع الاول

(5)

.

(1)

-وردت هذه الترجمة على الورقة 130 - 131 و، وكتب فوقها تقدم هذه الترجمة الى ما قبل حسان بن مالك، فقدمتها.

(2)

-قلعة حصينة في شمال حلب، بينها وبين حلب يومان. معجم البلدان.

(3)

-خرتبرت أو خربوط أو حصن زياد، في أقصى ديار بكر، بينه وبين ملطية مسيرة يومين-معجم البلدان.

(4)

-قلعة حصينة وبلدة من نواحي أرمينية بين ارزن الروم وخلاط. معجم البلدان.

(5)

-من سنة 517 هـ. لمزيد من التفاصيل انظر كتابي الحروب الصليبية: 2/ 596 - 764،598.

ص: 2234

‌حسان بن مالك بن بحدل:

ابن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلاب ابن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن زيد بن مرة بن عمرو بن مالك بن حمير، أبو سليمان الكلبي كان له وجاهة، ومنزلة عند بني أمية، وكان مقدم بني كلب ورئيسهم، وعمته ميسون بنت بحدل زوج معاوية وهي أم يزيد بن معاوية، وشهد مع معاوية صفين، وكان على قضاعة دمشق يومئذ وهو الذي قام بأمر البيعة لمروان بن الحكم، وكان يسلم عليه بالامرة قبل ذلك وذكر أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري قال: حدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده قال: سلم على حسان بن مالك بن بحدل أربعين ليلة بالخلافة ثم سلمها الى مروان

(1)

وقال:

فألا يكن منا الخليفة نفسه

فما نالها إلاّ ونحن شهود

وقال بعض الكلبيين:

نزلنا لكم عن منبر الملك بعدما

ظللتم وما أن تستطيعون منبرا

(2)

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن (126 - ظ) الحافظ قال: حسان بن مالك بن بحدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، أبو سليمان الكلبي زعيم بني كلب ومقدمهم، شهد صفين مع معاوية وكان على قضاعة دمشق يومئذ، وكان له مقدار ومنزلة عند بني أمية، وهو الذي قام بأمر البيعة لمروان بن الحكم وقد كان يسلم عليه بالامرة قبل ذلك أربعين ليلة، وكان له شعر وداره بدمشق، وهي قصر البحادلة التي تعرف اليوم بقصر ابن أبي الحديد

(3)

وأقطعه اياها معاوية.

(1)

-اثر مؤتمر الجابية ومعركة مرج راهط سنة 64 هـ /684 م. انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:161 - 162.

(2)

- انساب الاشراف للبلاذري- ط. القدس 5/ 135:1936.

(3)

-داخل البابين الشرقي وتوما، قام في موضعه المدرسة المجاهدية القليجية. الاعلاق الخطيرة-قسم دمشق:243.

ص: 2235

قال الحافظ: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: مات يزيد-يعني-ابن معاوية وعلى الاردن

(1)

حسان بن مالك بن بحدل وضم اليه فلسطين، فولى حسان بن مالك، روح بن زنباع فلسطين

(2)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم ابن بشران قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حسان بن مالك بن بحدل الكلبي، أبو سليمان.

أنبأنا عبد الرحمن بن نجم الحنبلي قال أخبرتنا شهدة (127 - و) بنت ابن الآبري قالت: أخبرنا طراد بن محمد أبو الفوارس الزينبي قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين بن البادا قال: أخبرنا حامد بن محمد بن عبد الله الرفاء قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثني نعيم بن حماد عن ضمرة بن ربيعة عن رجاء بن أبي سلمة قال: خاصم حسان بن مالك عجم أهل دمشق الى عمر ابن عبد العزيز في كنيسة كان فلان، وسمى رجلا من الأمراء أقطعه إياها، فقال عمر:

ان كانت من الخمس العشرة كنيسة التي في عهدهم فلا سبيل اليها.

‌حسان بن ماهوية الانطاكي:

كان من صحابة هشام بن عبد الملك، وذكر أحمد بن يحيى البلاذري فيما حدثه به محمد بن سهم الأنطاكي عن مشايخ الثغر قال: وكان الذي بنى حصن المثقب هشام بن عبد الملك على يد حسان بن ماهويه الأنطاكي، ووجد في خندقه حين حفر عظم ساق مفرط الطول، فبعث به الى هشام

(3)

.

(1)

-كانت بلاد الشام أيام يزيد بن معاوية تتألف من خمسة أجناد هي: جند الاردن وجند فلسطين، وجند دمشق، وجند حمص، وجند قنسرين.

(2)

-هذا الخبر ليس في المطبوع من تاريخ خليفة بن خياط. تاريخ ابن عساكر 4/ 199 ظ - .. و.

(3)

- فتوح البلدان:171.

ص: 2236

‌حسان بن محمد:

شهد صفين مع معاوية، وجعله أميرا على قيس دمشق فيما حكاه أبو عبيدة.

أنبأنا بذلك القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا (127 - ظ) قال: حدثنا خليفة قال:

قال أبو عبيدة: وكان على قيس دمشق حسان بن محمد

(1)

.

قال أبو القاسم الحافظ كذا قال خليفة، وحكى جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي، وزيد بن الحسن بن علي، ورجل آخر أنه حسان بن بحدل الكلبي وهو الصواب وهو حسان بن مالك بن بحدل الكلبي، يعني المقدم ذكره

(2)

.

قلت: الذي ذكره جابر بن يزيد عن محمد بن علي، وزيد بن الحسن، ومحمد ابن المطلب أن حسان بن بحدل، كان على قضاعة دمشق، وذكروا أن الذي كان على قيس دمشق همام بن قبيصة، وسيأتي ذكره ان شاء الله تعالى، وقد ذكر الحافظ أبو القاسم في ترجمة حسان بن مالك بن بحدل، ما حكيناه عنه، أنه كان على قضاعة دمشق، وجعل في هذه الترجمة أن الصواب أنه كان على قيس دمشق، وهذا وهم وقد ذكر أبو البختري وهب بن وهب بن كثير فيما رواه عن جعفر بن محمد عن أبيه وابن أخي الزهري عن عمه، ومحمد بن اسحاق عن يزيد بن رومان، وابن سمعان عن الزهري، ومحمد بن ابراهيم بن الحارث، وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي عن مكحول وغيره، وغير هؤلاء قال: وبعضهم يزيد على بعض، قالوا: وجعل-يعني- معاوية على مضر دمشق، وهي الجند الثاني الضحاك بن قيس القرشي وعلى قضاعتها حسان بن مالك القضاعي.

قلت: وهو ابن بحدل.

(1)

- في تاريخ خليفة:1/ 222 «وعلى قيس دمشق حسان بن بحدل الكلبي» .

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 199 - ظ.

ص: 2237

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: حسان بن محمد ممن شهد مع معاوية صفين، وجعله على بعض العسكر

(1)

. (128 - و).

‌حسان بن مخدوج الذهلي:

كان سيد ربيعة، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان على ذهل الكوفة وقيل على الذهليين مع رئاسة الحيين-يعني-حي كندة وربيعة، وقيل إنّ عليا عليه السلام عزل الأشعث بن قيس واستعمل عليها حسان بن مخدوج الذهلي، وكان فاضلا ناسكا

(2)

.

قرأت في كتاب صفين وقد سقط اسم مؤلفه، وأظنه عن المدائني قال: لما أراد عليّ المسير الى صفين بلغه عن الاشعث تثاقل عن المسير من غير أن يصرح، وكانت له رئاسة ربيعة مع كندة، فلما بلغ ذلك عليا بعث اليه فقال: يا أشعث اني أترك عتابك استبقاء لما بيني وبينك، ولست أريد أن أمشي بك القهقري، انه قد بدا لي فيك رأي وستعلمه، فانصرف الاشعث ودعا عليّ حسان بن مخدوج الذهلي، وهو يومئذ سيد ربيعة نسكا وفضلا، فجمع له راية كندة وربيعة، وجعل رئاسة الأشعث له، فتكلم في ذلك رجال من أهل اليمن، فتكلم جابر بن حريث الحنفي فقال:

يا هؤلاء لا تجزعوا فانه ان كان صاحبكم ملكا في الجاهلية، وسيدا في الاسلام، فان صاحبنا أهل لهذه الرئاسة، قال: وغضب الأشعث بن قيس. قال: وقال حسان للأشعث يا أبا محمد أنا عندما يسرك، لك راية كندة، ولي راية ربيعة، فقال الأشعث:

معاذ الله أن أفرق بينهما ما كان لي فهو لك، وما كان لك فهو لي، فقال شقيق (128 - ظ) بن عبد الله المرادي، وقال بعضهم: ابن ثور الكندي:

قد أكمل الله للحيين نعمته

اذ قام بالأمر حسان بن مخدوج

من كان يطمع فينا أن يفرقنا

بعد الولاء وود غير ممزوج

فالنجم أقرب منه في تناوله

مما أراه فلا يولع بتهييج

ليست ربيعة أولى بالتي حدثت

من حي كندة حي غير محجوج

(1)

-ابن عساكر-المصدر نفسه.

(2)

- انظر صفين لنصر بن مزاحم:153 - 156.

ص: 2238

يأبى لنا الله أن نرضى نقيصتكم

حتى تفتّح يأجوج بمأجوج

قال: فسكن القوم، وقال مالك بن هبيرة من أصحاب معاوية وبعث الى الاشعث شعرا فيه:

من أصبح اليوم مثلوجا بأسرته

فالله يعلم أني غير مثلوج

زالت عن الأشعث الكندي رايته

وقلد الأمر حسان بن مخدوج

(1)

فترك الأشعث اجابته.

قال: وان حسان بن مخدوج حيث بلغه قول مالك بن هبيرة مشى برايته الى الأشعث، فركزها على داره، ومشى مع حسان وجوه قومه، فقال الاشعث: أترى هذه الرئاسة عظمت على عليّ، والله لهي أخف علي من زف النعام، ومعاذ الله أن تغيرني عن حالي، فعرض عليه عليّ أن يعيدها عليه، فقال الأشعث: يا أمير المؤمنين إن يكن أولها شرا فليس آخرها بعار، قال علي: لست بالذي يتركك حتى تلي، فقال الأشعث: ذلك اليك، قال: ثم ان عليا كتب الكتائب، قال:(129 - و) وجعل على ذهل الكوفة حسان بن مخدوج الذهلي، فولاها حسان أخاه الحسن بن مخدوج.

‌حسان بن المفرج بن دغفل بن الجراح:

ابن شبيب بن مسعود بن أسعد بن مزر بن سالم بن سعد بن سميع بن حوط ابن معبد بن عيسى بن أفلت بن سلسلة بن عمرو بن سلسلة بن غنم بن ثور بن معن الطائي، أمير كبير من آل الجراح، وكان قد لقب من جهة

(2)

مصر بعدة الدولة ورضيعها، وقدم الى حلب محالفا صالح بن مرداس الكلابي واتفقا على محاربة العساكر المصرية في أيام الظاهر

(3)

ومقدمها أمير الجيوش الدزبري

(4)

وحسان هو الذي هرب اليه أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي

(5)

حين قتل الحاكم أباه

(1)

- انظر صفين لنصر بن مزاحم:155 - 156 مع فوارق شديدة.

(2)

-يريد بذلك الخلافة الفاطمية.

(3)

-الخليفة الظاهر الفاطمي (411 - 427 هـ /1021 - 1036 م).

(4)

-أنوشتكين الدزبري، وقد بحثت في مسألة التحالف القبلي ضد الخلافة الفاطمية في كتابي امارة حلب-ط. دمشق 76:1988 - 105،86 - 112.

(5)

-للوزير المغربي ترجمة مقبلة سيرد فيها الحديث مفصلا عن علاقته وأسرته بالخلافة الفاطمية ثم عن مشاريعه في بلاد الشام والجزيرة.

ص: 2239

وعمه واخوته، وحصل عند حسان واستجاره فأجاره، وقدم الحاكم يارختكين وقلده الشام وأمر الناس بالترجل له منهم علي ومحمود ابنا المفرج، فشق عليهما ذلك وأبيا الصبر على هذه المذلة، وكتبا بذلك الى أبيهما وأخيهما حسان، فلما توسط يارختكين

(1)

الجفار أشار أبو القاسم بن المغربي على حسان بلقائه، وانتهاز الفرصة فيه، فسار حسان الى أبيه، وأجمع رأيهما على لقائه، فخرج يا رختكين من غزة، وكان حسان قد عرف خبره وبث الخيل من كل جانب، ووقعت الوقعة بين الفريقين وكانت الغلبة فيها لحسان والعرب، فأسر يارختكين وحرمه وأولاده واستولي على أمواله، وحصل أكثر ذلك في يد حسان، وعاد حسان وأبوه الى الرملة وهجموها واستولوا عليها وبالغوا في الفتك والهتك بأهلها، وكتب الحاكم الى المفرج يعاتبه وطالبه بانتزاع يارختكين من يد حسان، وحمله اليه الى مصر، ووعده على ذلك بخمسين ألف دينار، فاجتمع أبو القاسم ابن المغربي بحسان وقال: ان والدك سيركب اليك ويثقل عليك في أمر يا رختكين وما يبرح إلاّ به، ومتى أفرجتم عنه عاد الى الحاكم فرده اليكم في العساكر الكثيرة، فلما سمع حسان ذلك منه وكانت في رأسه نشوة، أحضر بارختكين في قيوده وأمر بضرب عنقه وأنفذ رأسه الى أبيه المفرج، فشق عليه ثم أشار ابن المغربي على المفرج وحسان بمراسلة أبي الفتوح الحسن بن جعفر العلوي أمير مكة ومبايعته، وسار رسولا عنهما وبايع وتلقب بالراشد، وخرج من مكة حتى اجتمع بحسان وأبيه، ودخل الرملة ونلقاه حسان وأبوه وآل الجراح، وقبلوا الارض بين يديه.

وكتب الحاكم الى حسان وأبيه وبذل (129 - ظ) لهما بذولا كثيرة واستمال آل الجراح، فمالوا الى الحاكم، وقوي أمره وضعف أمر أبي الفتوح، فاجتمع بالمفرج وقال: قد خفت من غدر حسان، فأبلغني مأمني وسيرني الى وطني فأعطاه ذمامه، وسيره الى مكة.

ثم ان المفرج مات بعد ذلك، واستقل حسان ابنه بالامارة على طيء وتجددت بينه وبين الظاهر بن الحاكم الوحشة، وتحالف هو وصالح بن مرداس الكلابي صاحب

(1)

-أرض من مسيرة سبعة أيام بين فلسطين ومصر، أولها رفح من جهة الشام. معجم البلدان.

ص: 2240

حلب على الانفراد بالشام جميعه وقدم حسان على صالح بن مرداس ومعه سنان ابن عليّان

(1)

الى حلب، واتفقوا على قصد العساكر المصرية ومقدمها أمير الجيوش أنوشتكين الدزبري والتقوا بالأقحوانة

(2)

، فكسرت العرب، وقتل صالح، وانهزم حسان على ما نذكره في ترجمة صالح ان شاء الله تعالى.

قرأت في مجموع لبعض الادباء من المعريين، أو غيرهم من الشاميين، لعبد المحسن الصوري

(3)

يمدح زهير وحسان ووصلهما وهما في خيمة نازلان في أطراف بلد حلب:

ما سمعت الخيمة تسع البحر

وقد حل هذه بحران

عقدت من يدي الأميرين في عز

زهير وفي علا حسان

فلماذا فخر السماء عليها وهي

فيها النجوم والقمران

وطلب جائزة القصيدة، فمطل بها، فمضى وقال:

زففت الى حسان من حسن منطقي

عروسا غدا بطن الكتاب لها خدرا

فقبلتها عشرا وهام بحبها

فلما طلبت المهر طلقتها عشرا (130 - و)

(4)

‌حسان بن نمير أبو الندى الكلبي الدمشقي:

المعروف بالعرقلة، شاعر حسن الشعر، كتب عنه شيئا من شعره أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي، وأنشدنا عنه الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان العباسي الدمشقي وقدم حلب وقال عند مسيره اليها، ونقلتها من ديوان شعره:

(1)

-أمير قبائل كلب، وتم الاتفاق بين زعماء كلب وكلاب وطئ على اقتسام بلاد الشام فيما بينهم، حيث تكون حلب لكلاب، ودمشق لكلب، والرملة لطيء، وحقق التحالف بعض النجاحات الاولى ثم ما لبث أن أنهار. انظر.79 - 101 pp،oppelA fo etarimE ehT :

(2)

- في وادي اليرموك على مقربة من عقبة افيق. معجم البلدان.

(3)

-من أهل صور يلقب بابن غلبون، كان من الشعراء المجيدين ولد سنة 339 هـ وتوفي سنة 419 هـ. انظره في يتيمة الدهر للثعالبي:1/ 312 - 325.

(4)

-ديوان العرقلة الكلبي-ط. دمشق 11:1970. خريدة القصر وجريدة العصر-قسم الشام:1/ 186.

ص: 2241

ذر المقام اذا ما ساءك الطلب

وسر فعزمك فيه الحزم والأرب

لا تقعدن بأرض قد عرفت بها

فليس تقطع في أغمادها القضب

ألم تكن لك أرض الله واسعة

ان أقفرت جلق ما أقفرت حلب

ولما كان بحلب عبر على قوم يرتمون بالحجارة، فضربه حجر طائح في عينه فقلعها، وعاد الى دمشق مخلا فقال:

جفاني صديقي حين أصبحت معدما

وأخرني دهري وكنت مقدما

وسافرت جهلا فانعورت وان أعد

الى سفرة أخرى قدمت على العما

وكم من طبيب قال تبرى أجبته

كذبت ولو كنت المسيح ابن مريما

استغفر الله من قول مثل هذا الكلام لما فيه من التنقص بالمسيح عليه السلام

(1)

سمعت شيخنا الصاحب قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول: كان العرقلة صاحب نادرة، وكان طيبا، وكان السلطان الملك الناصر (130 - ظ) يضحك منه، ومدحه قديما قبل أن يلي مصر وبشره في القصيدة بأخذه مصر، فوعده ان صارت اليه أن يعطيه ألف دينار، فلما ولي مصر جاءه العرقلة وامتدحه بقصيدته الرائية التي يقول فيها مقتضيا ما وعده به:

يا ألف مولاي أين الالف دينار؟،.

فأمر له السلطان الملك الناصر بألف دينار فقال: ما آخذها إلاّ تحت النسر

(2)

بدمشق وإلاّ فايش يوصلني بألف دينار الى دمشق وأخاطر بها مع الفرنج في الطريق فضحك منه السلطان وأطلقها له بدمشق.

أنشدنا الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن سليمان العباسي الدمشقي بها قال: أنشدني العرقلة حسان بن نمير الكلبي لنفسه:

يقولون: لم أرخصت شعرك في الورى؟

فقلت: لهم اذ مات أهل المكارم

أجاز على الشعر الشعير وانه

كثير اذا خلصته من بهائم

(3)

(1)

-ديوانه:93.

(2)

-بجامع بني أمية في دمشق.

(3)

-ديوانه مع فوارق.

ص: 2242

أنشدنا قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أنشدنا السلطان الملك الناصر يوسف بن أيوب هذين البيتين للعرقلة.

أنشدنا الشريف أبو المحاسن العباسي قال: أنشدنا العرقلة لنفسه:

يا صاح قد صاح الحمام وغردا

من في المدام وشربها قد فندا

أو ما ترى شجر الخريف كأنما

أوراقها ذهبا وكن زبر جدا

(1)

والكاس تعطينا لجينا كلما

غنيت من طرب فتأخذ عسجدا

(131 - و)

أنشدنا الفضل بن عقيل العباسي قال: أنشدنا العرقلة لنفسه:

ميلوا على الدار من ذات اللمى ميلوا

كحلاء ما جال في أجفانها ميل

هذا بكائي عليها وهي حاضرة

لا فرسخ بيننا يوما ولا ميل

جارت على يد الساقي ومقلته

كذاك جار على هابيل قابيل

ان يحسدوني عليها لا ألومهم

لكنني بزمام العقل معقول

(2)

أنشدنا أبو المحاسن الهاشمي قال: أنشدنا العرقلة لنفسه، وكتب بها الى المؤيد بن السديد الى بغداد يطلب منه نصفية:

عرجا بالنجيب نجل السديد

تلقيا منه بحر علم وجود

ثم قولا له ببغداد يا من ظل

كهفا لقاصد وقصيد

حاجتي شقة تشق على

كل بغيض من الورى وحسود

فاجعلنها طويلة مثل قرني

ولساني لا مثل قدي وجيدي

واجعلنها صفيقة مثل وجهي

جل من صاغ جلده من حديد

كي ترى في الشام شيخا خليعا

في قميص من العراق جديد

(3)

قال شيخنا الشريف أبو المحاسن أظن العرقلة مات بعد السبعين يعني والخمسمائة.

(1)

-ديوانه:21 مع فوارق.

(2)

-ديوانه:76 - 77. مع فوارق شديدة.

(3)

-ديوانه:35 مع فوارق واضحة وزيادة بيت في روايتنا.

ص: 2243

‌حسان السلماني البدوي:

من أهل سلمية وكان يدخل البادية مع العرب وقدم حماة ومدح ملكها الملك المظفر محمود بن محمد بن عمر بن شاهانشاه، وكان في عصرنا، ولم اجتمع به، وأنشدت من شعره قوله:

قسما بأطراف الرماح الشرع

والعاديات بكل ربع بلقع

وثنية ملئت بكل مهند

يرتاع منه كل ليث أروع

لا هاجمن الليل بين خيامكم

بفؤاد مرتاع لهول المطلع

مثلي يهاب اذا يهم بزورة

ظلم الحوادث في الظلام الأدرع

يا ربة البيت الذي أطنابه

أبدا على غير القنا لم ترفع (132 - و)

وعقيلة الحي الأولى غاراتهم

سترت سنا شمس النهار ببرقع

هل تعلمين لمن قتلت اعادة

نحو الحياة فماله من مطمع

بلغني أن حسان السلماني توفي ما بين العشرين والثلاثين والستمائة.

ص: 2244

‌ذكر من اسمه الحسن

‌ذكر من اسم ابيه ابراهيم ممن اسمه الحسن:

‌الحسن بن ابراهيم بن الحسن التنوخي:

أبو محمد الحلبي، شاعر حسن الشعر سمع بحلب انشاد أبي الفتح الحسن ابن عبد الله بن أبي

(1)

حصينة، روى عنه أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن أحمد بن الاخوة، والحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الاصبهاني.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدنا أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن محمد ابن الأخوه المخلطي بأصبهان، من لفظه، وكتب لي بخطه، قال: أنشدنا أبو محمد الحسن بن ابراهيم الحلبي لنفسه.

شرفت نفس كريم هي للذل تنافي

وتصون النفس عن تطلاب ما فوق الكفاف

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي بحلب، وأبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوى بالقاهرة، قالا: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أنشدنا أبو محمد (132 - ظ) الحسن ابن ابراهيم بن الحسن التنوخي الحلبي، ببغداد في مجلس أبي زكريا التبريزي اللغوي قال: أنشدني الامير أبو الفتح بن أبي حصينة بحلب لنفسه من قصيدة:

كأن الفتى يرقى من العمر سلما

الى أن يجوز الأربعين ويخط

(2)

قال الحافظ أبو طاهر: أبو محمد هذا له شعر جيد ومما أنشدني لنفسه:

(1)

-نشر ديوانه في دمشق 1956.

(2)

-ديوانه:1/ 10.

ص: 2245

أرى الناس والدنيا كلابا وجيفة

وفي نهشها بعض يهر على بعض

جرى حبها بين المفاصل منهم

وقد طبعت بالصد منهم على البغض

اذا رفعت قدر امرئ ومحله

تغرّ به حتى تعود الى الخفض

وان طال عمر المرء في الدهر برهة

فلا بد أن تأتي المنية بالعرض

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أنشدنا عبد الكريم بن محمد الامام قال أنشدنا أبو الفضل بن أبي العباس الوكيل قال: أنشدنا أبو محمد التنوخي لنفسه:

يا من كساني سقاما وجسمه منه عار

رضيت لو كنت ترضى فيه بذلي وعاري

قرأت بخط بعض الأدباء على ظهر كتاب: للشيخ السيد الأخ أبي محمد حسن ابن ابراهيم التنوخي الحلبي أدام الله حراسته:

كأن الذي نلت من أجلكم

ومذ كان لي زاجر قد كفاني

(133 - و)

لقد كنت آمل في قربكم

وحبيّك ترفعني في زماني

فقاسيت ضد الذي رمته

وهل خبر المرء مثل العيان

لحى الله من ترتضي نفسه

بعيش ولو ساعة في هوان

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي بحلب قال:

أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: الحسن بن ابراهيم التنوخي الحلبي أبو محمد كان شاعرا مجودا من أهل الأدب والفضل من أهل الشام ورد بغداد وكتب عنه أبو الفضل بن أبي عباس بن الأخوة.

‌الحسن بن ابراهيم بن سعيد بن يحيى بن محمد بن الخشاب:

أبو محمد الحلبي القاضي الرئيس الفاضل، أحد الصدور الذين تعقد عليهم الخناصر، وتفخر بذكر محاسنهم الدفاتر، كان لي صديقا صادقا، ورفيقا موافقا، وكان رحمه الله حسن الصورة، تام الخلقة، دمث الأخلاق، جميل الصحبة، صحيح

ص: 2246

المودة، حسن المحاضرة حلو المجاورة، كثير المحفوظ عند المذاكرة، وجيها عند الملك الظاهر غازي خصيصا به.

روى لنا عن القاضي محي الدين بن أبي المعالي محمد بن علي القرشي، قاضي دمشق، وعن أبيه القاضي أبي طاهر، وأبي زكرى يحيى بن سعد بن ثابت بن المراوي، وعلي بن الحكم الحلبي، وجماعة من شعراء عصره، وسمع الحديث من شيوخنا: قاضي القضاة (133 - ظ) أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وأبي هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي، وأبي حفص عمر بن طبرزد البغدادي، وغيرهم، صحبته حضرا وسفرا، وعلقت عنه فوائد وأناشيد، وكان شيعي المذهب لا يقدح في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن مولده فقال: في ثامن عشر شهر رمضان من سنة ثمان وستين وخمسمائة بحلب، وجمع تاريخا ابتداه من سنة خمسمائة الى أن توفي.

أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن أبي طاهر بن سعيد قال أخبرنا القاضي أبو المعالي محمد بن علي

(1)

(134 - و).

توفي أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب رحمه الله ليلة السبت الثامن عشر من جمادي الآخرة من سنة ثمان وأربعين وستمائة بحلب، ودفن ليلا في التربة المعروفة بسلفه داخل مدينة حلب بمحلة الجرن الأصفر، ودفن على والده أبي طاهر، وصليت عليه، وكان قد طلبني قبل وفاته بثلاثة أيام، وقال لي: أنا راحل الى الآخرة، وو الله لا أكتمك شيئا وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ولا أقدم أحدا من الصحابة على عليّ عليه السلام، وما تنقصت أحدا من الصحابة في باطني ولا في ظاهري ولا بخطي وإنني أعتقد أنهم سادة أئمة قدوة، ذكر لي هذا أو قريبا من معناه رحمه الله.

‌الحسن بن ابراهيم:

أبو محمد، روى بحلب عن علي بن أحمد الجرجاني، روى عنه محمد بن علي الهمذاني.

(1)

-لم يكمل ابن العديم هذا الخبر وقد بقيت بقية الورقة بوجهيها فراغ.

ص: 2247

أخبرنا أبو طالب أحمد بن حديد، في كتابه الينا من الاسكندرية، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو طاهر خالد بن عبد الواحد بن أحمد الخالدي، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الملك بن سياوش الكازروني قال: أخبرنا محمد بن علي الهمذاني قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن ابراهيم بحلب قال: حدثنا علي بن أحمد الجرجاني قال: حدثنا بندار قال: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: دعاء أصحاب الحديث للمحدث بمنزلة تكبير الحارس.

‌ذكر من اسم أبيه أحمد ممن اسمه الحسن:

(135 - و)

‌الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن ابراهيم بن فيل الاسدي:

أبو طاهر البالسي امام مسجد أنطاكية، أصل آبائه من الكوفة وسكنوا بالس

(1)

، وانتقل أبوه منها، ونزل انطاكية، وسكنها ابنه أبو طاهر، امام جامعها، وكان يتنقل قبل ذلك في بلاد الشام، وسمع بها الحديث، وبحلب حدث عن: أبيه أحمد بن ابراهيم، وعن حاجب بن سليمان المنبجي، وعامر بن سيار الحلبي النحلي، وأحمد بن بكر، وعمرو بن هشام البالسيين، وابراهيم بن سعيد الجوهري، وسهل ابن صالح الأنطاكي وعمر بن يزيد السياري، وأبي أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، وأحمد بن أبي رجاء ومحمد بن سليمان نوين، ويوسف بن سعيد ابن مسلم وعلي بن بكار المصيصين، ومحمد بن مصفى، ومالك بن سليمان الالهاني وكثير بن عبيد الحمصيين، وسعيد بن عمرو السكوني، ويحيى بن عثمان بن سعيد وأبي كريب محمد بن العلاء الهمداني، ووهب بن بيان المصري، ومحمد بن عمرو البصري واسحاق بن موسى الأنصاري، وعبد الله بن الحسين البزاز، وهارون بن موسى الفروي، وسفيان بن وكيع بن الجراح، ومحمد بن ابراهيم الصوري، وهاشم بن الوليد البيروتي، ومسلم بن عمرو الأسلمي، وأبي حميد عبد الله بن محمد وعمر بن زياد الباهلي، وعبد الجبار بن العلاء ومؤمل بن يهاب المكيين، وصالح بن زياد المقرئ وعقبة بن مكرم العمي ومحمد بن عمرو بن العباس الباهلي، وأبي معاذ عامر بن اسماعيل البغدادي، وهارون بن داود، ونوح (135 - ظ) بن حبيب القومسي، واسحاق بن موسى بن عبد الله الأنصاري، وأحمد بن سعيد

(1)

-هي بلدة مسكنة السورية الحالية على الفرات.

ص: 2248

الكندي، ومسلم بن عمرو الحذاء، وعيسى بن عبد الله العسقلاني، وسعيد بن نصير، وأبي محمد عبد الواحد بن عبد الملك بن صالح، وأحمد بن المبارك البغداديين روى عنه: آباء بكر: محمد بن الحسين السبيعي الحلبي، ومحمد بن ابراهيم ابن علي المقرئ، وأحمد بن محمد بن اسحاق السني الحفاظ، وأبو علي: الحسن ابن حجاج الطبراني، نزيل أنطاكية، والحسن بن جعفر الأنطاكي، وأبو حفص عمر ابن علي العتكي الأنطاكي، وأبو عمر أحمد بن محمد بن الجلي الطرسوسي وأبو الحسن علي بن الحسين بن عبيد الله بن بندار قاضي أذنه، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الحفاظ، وحميد بن سنيح، والحسين بن أيوب بن عبد العزيز الهاشمي.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد ابن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي، قالوا:

أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي، قال: أخبرنا علي بن عبد الله ابن أبي جرادة الحلبي، قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي نمير العابد الحلبي، قال: أخبرنا محمد بن الحسين ابن صالح السبيعي بحلب، قال: حدثنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن ابراهيم بن فيل الانطاكي (136 - و) البالسي امام مسجد جامع أنطاكية قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب قال:

سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: لقد جمع لي رسول الله يوم أحمد أبويه

(1)

.

وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الأخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي-قالت: اجازة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين-قالا: أخبرنا أبو بكر المقرئ قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن فيل البالسي، أبو الطاهر الأنطاكي بها، قال:

حدثنا نوح بن حبيب، فذكر باسناده نحوه.

(1)

-بقوله له: ارم سعد فداك أبي وأمي. انظر كنز العمال:37102،13/ 36645.

ص: 2249

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمد بن الحسن الدوني قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى والحسن بن محمد الدراع، ح.

قال الحافظ أبو بكر: وأخبرنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بن ابراهيم بن فيل قال: حدثنا عمر بن يزيد السياري قالوا: حدثنا عثام بن علي العامري قال: حدثنا الأعمش عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: رأيت النبي صلى الله عليه (136 - ظ) وسلم يعدد التسبيح، زاد عمر بن يزيد بأصابعه

(1)

.

قلت: كذا وقع في أصل سماع شيخننا أبو الطاهر محمد، وهو خطأ صحف الحسن بمحمد.

أخبرنا أبو الغنائم محمد بن أبي طالب بن شهريار الأصبهاني، في كتابه الينا منها، قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت أبي الفضل البغدادي قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن ابراهيم ابن فيل-وكان يقال انه من الأبدال-قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا خالد ابن عمرو قال: حدثنا سفيان عن عمرو عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

الحرب خدعة.

(2)

.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي-قراءة عليه وأنا أسمع بحلب-قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي الوزير-قراءة عليه-وأبو القاسم بن السمرقندي وأبو السعود بن المجلى وغيرهما-اجازة ان لم يكن سماعا، منهم أو من أحدهم-قالوا: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: وسألته-يعني الدارقطني-عن أبي الطاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل البالسي بأنطاكية فقال: ثقة.

(1)

-انظر الكامل لابن عدي:4/ 1517.

(2)

-انظره في كنز العمال:11400،4/ 10891.

ص: 2250

أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن الامام أبي سعد بن محمد بن منصور السمعاني-في كتابه الينا من مرو عن أبيه أبي سعد-قال: أبو طاهر الحسن بن أحمد بن فيل الأنطاكي أصله من الكوفة، وكان يتنقل في بلاد الشام، سكن بالس (137 - و) مدة، وأنطاكية مدة حتى سكن قرقيسياء

(1)

وروى عنه أبو حاتم بن حبان وسليمان بن أحمد الطبراني، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر بن المقرئ، وتوفي بعد سنة عشر وثلاثمائه.

كذا قال أبو سعد حتى سكن قرقيسياء، وفي ذلك نظر، فانه توفي بأنطاكية ولا أعلم أنه سكن بالس، فان الناقل من بالس أبوه أبو الحسن أحمد بن ابراهيم، وانما نسب أبو طاهر الى بالس لان أصله منها.

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله الشاهد قال: أخبرنا أبو يعلى بن كروس قال: أخبرنا أبو الفتح المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر الأملوكي، قال حدثنا أبو حفص العتكي قال: حدثنا أبو الطاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وهو ابن أخي أبي علي الحسين بن ابراهيم بن فيل، وكان امام جامعنا بأنطاكية سنة ثلاثمائة، وتوفي بها سنة احدى عشرة وثلاثمائة، قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين قال: حدثنا الفرج بن فضالة، عن عبد الله بن عامر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان من الشعر حكمة

(2)

.

‌الحسن بن أحمد بن ابراهيم البحري:

الفقيه، أبو محمد الحلبي، وقيل فيه الحسين والصحيح الحسن. سمع بحلب محمد بن معاذ بن المستهل الحلبي المعروف بدرّان، وحدث بها عنه، وعن أبي محمد حفص بن أحمد، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الأسدي الحلبي المعروف بالأسير، روى عنه أبو النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الأديب، والوليد بن أحمد بن محمد الزوزني، وأبو الفتح محمد بن الحسن بن روح. (137 - ظ).

أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال:

(1)

-هي البصيرة في سورية حيث يلتقي الخابور بالفرات.

(2)

-أنظره في كنز العمال 8010،8008،3/ 7992.

ص: 2251

كتب إليّ أبو محمد الحسن بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن أحمد الوادعي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الوليد بن أحمد الزوزني قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن ابراهيم البحري، بحلب، قال:

حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، المعروف بالأسير، قال: حدثني جدي عبد الرحمن بن عبيد الله قال: حدثني عبيد الله بن عمرو قال: حدثنا عبد الكريم عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمارا، ولم يتركوه حتى سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر آلهتهم بخير، فلما جاء الى الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك يا عمار؟ قال: بشر يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، قال: فكيف وجدت قلبك؟ قال مطمئن بالايمان، قال: فان عاودوا فعد.

(1)

.

وأخبرنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد في كتابه الينا من الاسكندرية قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا الصوري قال: أخبرني أبو النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس بن محمد بن قابوس بن خلف الأديب قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن ابراهيم البحري الفقيه الحلبي، قال حدثنا محمد بن معاذ بن المستهل بن أبي جامع دزّان قال: حدثنا عمرو بن مرزوق قال حدثنا المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله (138 - و) قال: قال عبد الله: اني لأحسب الرجل ينسى العلم بالخطيئة يعملها.

‌الحسن بن احمد بن ابراهيم:

أبو علي الحلبي، حدث عن عبد الصمد بن

(2)

بحلب، روى عنه شيخ الاسلام أبو الحسن علي بن أحمد الهكاري، فقال: حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم الحلبي بحلب قال حدثنا عبد الصمد بن

(3)

وذكر حديثا في فضائل الاعمال.

(1)

-انظر سيرة ابن هشام:1/ 3200.

(2)

-فراغ بالاصل، ولم أهتد الى عبد الصمد المعني هنا.

(3)

-فراغ بالاصل، ولم أهتد الى عبد الصمد المعني هنا.

ص: 2252

‌الحسن بن أحمد بن بكير:

سمع بحلب أبا بكر محمد بن الحسين السبيعي الحلبي، روى عنه أبو سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك الجوهري.

أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني، في كتابه، قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي المؤذن-قراءة عليه بمرو-قال:

أخبرنا أبو عبد الله اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك الجوهري قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن بكير قال:

حدثني محمد بن الحسين المعدل بحلب، قال: أخبرنا المنذر بن محمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا حصين بن مخارق عن مالك بن مغول عن عبد الله بن عمير عن أنس ابن مالك قال: قيل: يا رسول الله لو سعرت لنا؟ قال: إن الله هو المسعر والقابض والباسط، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطالبني أحد بمظلمة

(1)

.

‌الحسن بن أحمد بن حبيب:

أبو علي الكرماني، نزيل طرسوس، سمع أبا بكر بن أبي شيبة، وأبا الربيع الزهراني وأبا كريب محمد بن العلاء الهمداني (138 - ظ) ومحمد بن نمير وأبا كامل الجحدري ومحمد بن عبيد بن حساب وهدبة بن خالد وأبا سعيد الأشج ومحمد بن خالد العبدي، ومحمد بن عمرو بن مسعدة البيروتي ومسدد بن مسرهد وشيبان بن ....

(2)

والمقدمي.

روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو عبد الرحمن النسائي، وقال: لا بأس به ويحيى بن طالب اللكاف، وأحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن الجلي الطرسوسي، وأبو الفضل العباس بن أحمد بن الأزهر الخواتيمي، قاضي طرسوس.

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي-قراءة علينا من لفظه-قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد

(1)

-انظر كنز العمال:4/ 10078.

(2)

-فراغ بالاصل، وارجح أنه أراد شيبان بن فروخ، انظره في تهذيب التهذيب:4/ 374 - 375.

ص: 2253

الله الجوزدانية، قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني بطرسوس قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني قال: حدثنا عمار بن محمد عن سفيان الثوري عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري في قوله عز وجل (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا

(1)

نزلت في خمسة: في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم.

لم يروه عن سفيان إلا عمار بن محمد بن أخت سفيان تفرد به أبو ربيع

(2)

.

أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني (139 - و) -في كتابه إلينا من مرو-قال: أخبرنا والدي الامام أبو سعد السمعاني-إجازة إن لم يكن سماعا-قال في كتاب الأنساب: الكرواني بفتح الكاف والواو بينهما الراء الساكنة ثم الألف والنون، هذه النسبة الى كروان، وظني أنها قرية من قرى طرسوس، والمشهور بهذه النسبة الحسن بن أحمد بن حبيب الكرواني حدث بطرسوس عن أبي الربيع سليمان بن داود الزهراني روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني

(3)

.

كذا قال أبو سعد في كتاب الانساب، وضبطه هكذا، وهذا وهم فاحش، وإنما هو الكرماني من أهل كرمان ونزل طرسوس فوقع التصحيف والغلط في كتاب أبي سعد فظن أنه الكرواني، وظن أن كروان قرية من قرى طرسوس لمقام أبي علي بها وتحديثه فيها، والله أعلم

(4)

.

أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا ناصر بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن عبد الواحد الثقفي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا عبد الرزاق

(1)

- سورة الاحزاب-الآية:33.

(2)

-الجامع الصغير للطبراني:1/ 134 - 135.

(3)

- الانساب للسمعاني:480 - ظ.

(4)

-كرمان بلاد كبيرة بين فارس ومكران وسجستان. معجم البلدان. هذا وذكر ياقوت قرية اسمها «كروان» قال انها من قرى طوس (مشهد الحالية).

ص: 2254

ابن أحمد الخطيب قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان قال: وفي هذه السنة مات الكرماني بطرسوس، يعني، سنة إحدى وتسعين ومائتين.

أخبرنا أبو العباس أحمد بن أحمد البندنيجي-كتابة-قال: أخبرنا منوجهر ابن محمد بن تركانشاه قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أنبأنا أبو عمر بن حيوية (139 - ظ) الخزاز قال: قرئ على أبي الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي قال: سياق حال مقبوضي سنة إحدى وتسعين ومائتين قال: وجاءنا الخبر من طرسوس بموت أبي علي الكرماني في رجب، سمع الناس منه مسند مسدد، وغير ذلك، ثقة صالح، مذكور بالخير.

‌الحسن بن أحمد بن الحسن:

وقيل ابن الحسين أبو علي الوراق الخواص المصيصي، سمع بطرسوس أبا عبد الله محمد بن عمر الغلفي، وروى عنه سليمان بن محمد الخزاعي روى عنه تمام ابن محمد الرازي.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد-إذنا-قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني-ونقلته من خطه-قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى، قال: أخبرنا تمام بن محمد الرازي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الخواص المصيصي-في مسجد باب الجابية-قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عمر الغلفي بجامع طرسوس-قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله الهاشمي الرقي-بالرملة- قال: دخلت في بلاد الهند الى بعض قراها فرأيت شجر ورد أسود، يتفتح عن وردة كبيرة طيبة الرائحة، سوداء عليها مكتوب كما يدور بخط أبيض لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق عمر الفاروق، فشككت في ذلك وقلت إنه عمل معمول فعمدت (140 - و) الى جنبذة

(1)

لم تفتح، ففتحتها، فكان فيها وردة سوداء، فيها مكتوب بخط أبيض كما رأيت في سائر الورد، وفي البلد منه شيء كثير عظيم، وأهل تلك القرية يعبدون الحجارة لا يعرفون الله عز وجل

(2)

.

(1)

-الجنبذ-بالضم-كالجلنار من الرمان. القاموس.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 203 - و.

ص: 2255

‌الحسن بن أحمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن الحسين التميمي:

أبو طاهر بن أبي العباس بن أبي طاهر بن واصل، أصله من معرة النعمان وانتقل سلفه منها عندما هجم الفرنج المعرة

(1)

الى دمشق وامه من بني أبي الوقار، ويعرف بابن أبي الوقار لذلك، مولده بدمشق وسألته عنه فقال لي تخمينا في سنة سبع وسبعين، أو ثمان وسبعين وخمسمائة.

شيخ حسن صالح مستور، عليه سيماء الخير، سمع بدمشق أبا سعد عبد الواحد بن علي بن حموية الجويني، وأبا طاهر الخشوعي، والعماد أبا عبد الله محمد ابن محمد بن حامد الأصبهاني الكاتب، وأبا تراب الكرخي البغدادي، وذكر أنه سمع أبا المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ.

وحدث بدمشق والقاهرة، وذكر لي أنه دخل حلب مرتين، وأنه دخل بلاد المغرب وأقام بتونس مدة خمسة عشر

(2)

سنة سمعت منه شيئا يسيرا بدمشق.

أخبرنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن الحسن التميمي-قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق-قال: أخبرنا أبو سعد عبد الواحد بن علي بن محمد بن حمويه الجويني- شيخ الشيوخ، قراءة عليه بدمشق وأنا اسمع-قال: أخبرنا أبو بكر (140 - ظ) وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي قال: أخبرنا القاضي الإمام أبو نصر محمد بن علي بن عبيد الله بن أحمد بن ودعان قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الصيرفي البغدادي قال: حدثنا الحسين بن عصمة الأهوازي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن بشار الأنباري قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن اسماعيل المنقري قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء، فقال: أيها الناس كأن الموت على غيرنا كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا وجب، وكأن الذين نشيع من الأموات سفر عما قريب إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم، نسينا كل واعظة، وأمنا كل جائحة، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس طوبى لمن

(1)

-وصلت الحملة الاولى أنطاكية عام 1098، وبعد احتلالها توجهت جنوبا حتى وصلت المعرة، فاقتحمتها وأبادت كل من وجدته فيها ودمرت أسوارها ثم انسحبت منها.

(2)

-كذا بالاصل والصحيح «خمس عشرة سنة» .

ص: 2256

أنفق مالا اكتسبه من غير معصية، وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالط أهل الذل والمسكنه، طوبى لمن ذل في نفسه وحسنت خليقته وطابت سريرته وعزل عن الناس شره، طوبى لمن أنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة ولم تستهوه البدعة

(1)

.

‌الحسن بن أحمد بن صالح بن اسماعيل بن عمر بن حماد بن حمزة السبيعي:

أبو محمد الكوفي، ثم الحلبي الحافظ، رحل وسمع الكثير، وأصله من الكوفة وانتقل أهله الى حلب، وأقاموا بها، ومنهم جماعة من أهل الحديث (141 - و) مثل أبي بكر محمد بن الحسين بن صالح، وأبيه الحسين، والى بعضهم ينسب درب السبيعي بحلب.

وأبو محمد هذا كان حافظا متقنا، حدث عن أبي عثمان سعيد بن عثمان الوراق وعلي بن أحمد الجرجاني، وعبد الله بن اسحاق بن أبي مسلم الصفري، ومحمد بن الفضل بن العباس نزيل حلب، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، وأبي بكر أحمد ابن هرون البرديجي، ومحمد بن حبان البصري، وأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وعبد الله بن محمد بن ناجيه أبي عبد الله، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وعمر بن أيوب السقطي، وعبد الله بن ثابت بن يعقوب، ومحمد بن محمد بن نصر الكاغدي، ويموت بن المزرع العبدي، وأبي معشر الدارمي، وقاسم بن زكريا المطرز، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء، وأبي الحسن علي بن اسماعيل الشعيري وجعفر بن محمد بن موسى الحافظ، وأبي بكر الباغندي، وجماعة سواهم من الحلبيين وغيرهم.

روى عنه: الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، وأبو عبد الله محمد ابن عبد الله وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظان الأصبهانيان، وأبو بكر البرقاني، وعبد الله بن محمد بن محمد بن عبد الحميد القطان، وأبو طالب محمد بن الحسين ابن أحمد بن عبد الله بن بكير التاجر.

وكان مولده قبل الثلاثمائة.

(1)

-انظرها في كنز العمال:16/ 44175،15/ 43596.

ص: 2257

أخبرنا الشيخ الامام أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الأنصاري قال: أخبرنا أبو سعد المهراني قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري قال: حدثنا أبو الحسن الدارقطني، ح.

قال (141 - ظ) شيخنا عبد الرحمن: وأخبرنا السيد حمزة بن هبة الله الحسني، كتابة، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري، قال: حدثنا أبو الحسن، ح.

قال عبد الرحمن: وأنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي الحسين بن المهتدي عن أبي الحسن الدارقطني، ح.

وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو الفتح ناصر بن محمد بن أبي الفتح القطان الأصبهاني بها، قال: حدثنا أبو الفتح اسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الإخشيذ السراج-قراءة عليه وأنا اسمع-قال:

أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني الحافظ قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن صالح الحلبي قال: حدثنا سعيد بن عثمان الوراق: قال: حدثنا أبو التقي هشام بن عبد الملك قال: حدثنا بقية عن اسماعيل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لازكاة في مال امرئ حتى يحول عليه الحول

(1)

.

أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر، في كتابيهما، قالا:

أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم الحافظ، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي الحافظ قال: حدثنا جعفر بن محمد بن موسى النيسابوري، بحلب قال: حدثنا عبد الله بن هاشم بن حبان الطوسي، بانتخاب صالح جزرة، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان (142 - و) عن مالك قال: حدثني الزهري عن عطاء بن

(1)

-انظر كنز العمال:15900،6/ 15861.

ص: 2258

يسار أن معاوية باع سقاية

(1)

من فضة بأقل أو أكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا إلا وزنا بوزن. قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ ذاكرني علي بن عمر الحافظ بهذا الحديث، فتحيرت فيه وقلت:

يا سبحان الله الرواة كلهم ثقات، والسبيعي إمام فسألت أبا الحسن أن يحتال لي حتى اسمعه، فسأل أبا محمد ولم يجبه، فسمعته من أبي الحسن الى أن قرب خروجنا، فقصدناه معا فأجابني إليه، وحدثني به لفظا، ثم بعد ذلك كله وجدت الحديث في الموطأ مرسلا

(2)

.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-إذنا-قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال لنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي: رأيت أبا الحسن الدارقطني جالسا بين يدي أبي محمد بن السبيعي كجلوس الصبي بين يدي المعلم هيبة له

(3)

.

أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني-في كتابه إلي من مرو-والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفار-في كتابه إلي من نيسابور- قال أبو المظفر: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، وقال القاسم أخبرتنا عمة والدي عائشة بنت أحمد بن منصور الصفار قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي الأديب قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ الحاكم قال: سألت (142 - ظ) أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي الحافظ بالكوفة عن حديث اسماعيل بن رجاء عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس فقال: لهذا الحديث قصة تدل على عوار من لا يصدق في المذاكرة. قرأ علينا عبد الله بن محمد بن ناجية مسند فاطمة بنت قيس سنة ثلاثمائة، فدخلت على أبي بكر الباغندي، عند منصرفي من مجلس ابن ناجية، فسألني من أين جئته، فقلت: من مجلس ابن ناجية، وقال: أيش قرأ عليكم اليوم؟ فقلت: أحاديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس فقال: مرّ لكم عن اسماعيل بن رجاء الزبيدي عن الشعبي،

(1)

-السقاية اناء يشرب فيه. النهاية لابن الاثير.

(2)

-انظر الموطا-ط. بيروت 437:1971 (1321).

(3)

- تاريخ بغداد:7/ 273.

ص: 2259

فنظرت في الجزء، فلم اجد شيئا، فقال: اكتب: ذكر أبو بكر بن أبي شيبة، فقلت:

عن من؟ فمنعته من التدليس، وطالبته بالسماع، فقال: حدثني محمد بن عبيدة الحافظ قال: حدثني محمد بن المعلى الأثرم قال: حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قال:

حدثنا محمد بن بشر العبدي عن مالك بن مغول عن اسماعيل بن رجاء عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم «قصة الطلاق والسكنى والنفقة» ثم انصرفت الى حلب، وكان عندنا بحلب بغدادي يحفظ يعرف بابن سهل، فذكرت له هذا الحديث، فخرج الى الكوفة فذاكر أبا العباس بن سعيد، فقال أبو العباس:

ليس عند اسماعيل بن رجاء عن الشعبي قال ثم وجد أبو العباس اسماعيل بن رجاء عن الشعبي، فقال: قد وجدت عن اسماعيل بن رجاء عن الشعبي حرفين، قال السبيعي: قد كتب ابن عقدة هذا الحديث عن ابن سهل عني عن الباغندي، قال السبيعي: فاجتمعت مع فلان وسمى شيخا من أكابر حفاظ (143 - و) الحديث سنة ست عشرة وثلاثمائة فذاكرته به في جملة أبواب ذكرناها، فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بالرملة، فذاكرته به، فلم يعرفه، ثم اجتمعنا بعد ذلك بدمشق فاستعادنى اسناده تعجبا، ولم يعرفه، ثم اجتمعنا ببغداد بعد ذلك بسنين، وذكر هذا الباب، فقال لي حدثنا أبو القاسم علي بن اسماعيل الصفار قال: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة-ولم يعلم أن هذا الأثرم غير ذاك-قال: السبيعي فذكرت قصتي هذه لفلان المقيد وأتى عليه سنون فحدث بالحديث عن الباغندي، وحكى أنه دخل الكوفة، وأن أبا العباس بن سعيد سأله عنه فذكر القصة كما وقع لي، أضافها الى نفسه، ثم قال السبيعي: المذاكرة تكشف عن مثل هذا، فقال لي السبيعي: تذكر هذا الباب؟ فقلت: عن قرة بن خالد عن سيار عن الشعبي، فقال: حدثنا عن يحيى ابن حكيم عن خالد بن الحارث عن قرة. ثم قال: تحفظ عن سعد الكاتب عن الشعبي؟ قلت: لا، فقال: حدثنا عن نصر بن علي عن عبد الله بن داود الخريبي قال: حدثنا سعد الكاتب عن الشعبي، قلت: ابن ناجية حدثكم؟ قال: لا أدري، فقال أبو الحسن الدارقطني: نعم ابن ناجية حدثهم به، والسبيعي ساكت، قلت له: عبد الله ابن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن الشعبي؟ فقال: لا أعرفه، ثم قال لي: تعرفه عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أوحي

ص: 2260

إلي محمد صلى الله عليه وسلم في يحيى بن زكريا؟ فقلت: حدثناه الشافعي عن المسمعي عن أبي نعيم، فقال: المسمعي، لا يذكر. حدثنا عن حميد (143 - ظ) ابن ربيع الخزاز قال: حدثنا أبو نعيم، قلت: وقد تكلّم في حميد بن الربيع، فقال:

حدثني محمد بن ابراهيم بن جابر الفقيه قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: سألت أبي عن حميد بن الربيع فقال: دعوا المسكين وعن ماذا يسأل عن أمره؟ ثم قال لي السبيعي: تحفظ عن خالد الحذاء عن رجل عن الشعبي فقط؟ قلت: لا.

قال: حدّثنا عن محمد بن يحيى القطعي قال: حدثنا عبد الاعلى عن أبي خالد فقال له أبو الحسن ما كتبته في الدنيا إلا عنك عن ابن ناجية. قال الحاكم: أبو عبد الله هذا مجلس كبير مكتوب عندي، ولي معه على هذا النحو مجالس.

أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الغني بن سعيد، ثم أنبأنيه أبو طاهر بن الحنائي، وأخبرنيه أبو التمام كامل بن أحمد بن أبي جميل عنه، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الغني ابن سعيد قال: سمعت أبا الحسن علي بن عمر رحمه الله يقول: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول: كنت بمصر في مجلس حمزة بن محمد الكناني، وفي المجلس جماعة من أصحاب الحديث، وجرت المذاكرة، فذكرت لحمزة بن محمد هذا الحديث-يعني حديث عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة عن زائدة عن أبي حصين عن أبي صالح عن عائشة قال: صلى النبي صلى الله عليه (144 - و) وسلم في ثوب بعضه

(1)

عليّ، فأنكره غاية النكير، ولحقني من ذلك أمر عظيم، وكان في المجلس رجل قد كتب عن أبي العباس بن عقدة جمعه، حديث أبي حصين، فقال: أنا آتيكم بحديث أبي حصين لابن عقدة، فمضى وأتى به، فنظروا فيه فلم يجدوه، واذا هم ينظرونه في حديث أبي صالح عن ابي هريرة، فأخذت الكتاب فأخرجته من ترجمة أبي صالح عن عائشة، قد حدث به ابن عقدة عن علي ابن حسين بن حبان، فسرى عني. قال عبد الغني: وكان هذا الحديث عند حمزة عن أبي يعلى عن أبي خثيمة عن عبد الصمد عن زائدة نفسه ليس فيه شعبة، قلت

(1)

-انظره في كنز العمال:8/ 21705.

ص: 2261

أنا: وابن حبان رواه عن أحمد بن ابراهيم الدورقي عن عبد الصمد عن شعبة عن زائدة

(1)

.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي-قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني-ونقلته أنا من أصل سماع شيخنا منه-قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسن الخلال الأديب في داره بقراءتي عليه-قال: سمعت أبا علي الحسن بن أحمد بن الحسن الدقاق يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن فتوح بن عبد الله الحافظ، بواسط، يقول: سمعت أبا زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبا الحسن علي ابن بقاء بن محمد الوراق قالا: سمعنا الشيخ أبا محمد عبد الغني بن سعيد بن علي ابن سعيد بن بشير يقول: سمعت أبا الحسن علي بن عمر الحافظ يقول: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول: قدم علينا حلب الوزير أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات

(2)

، فتلقاه أهل البلد، وكنت منهم، فقيل له: اني من أصحاب الحديث، فقال لي: تعرف اسنادا اجتمع فيه أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل واحد منهم يروي عن صاحبه؟ فقلت: نعم وذكرت له حديث السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في العمالة، فقال لي: صدقت وعرف لي ذلك، وصارت لي به منزلة عنده.

وقد روي أن هذه الواقعة حكاها أبو محمد السبيعي أنها جرت له مع الوزير جعفر بن الفضل أنبأنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور ابن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثت عن أبي الحسن الدارقطنى

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 205 - و.

(2)

-انظر حوله تحفة الامراء في تاريخ الوزراء للصابئ-ط. القاهرة 229:1958.

ص: 2262

قال: سمعت أبا محمد الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي يقول: قدم علينا الوزير جعفر بن الفضل أبو الفضل

(1)

الى حلب فتلقاه الناس، فكنت فيمن تلقاه فعرف أني من أصحاب الحديث، فقال: تعرف إسنادا فيه أربعة من الصحابة كل واحد منهم عن صاحبه؟ فقلت: نعم وذكرت له حديث السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي عن عمر بن الخطاب في العمالة قال: فعرف لي ذلك وصار لي به عنده منزلة

(2)

(145 - و).

(1)

-هذا وهم فهذا غير ابن الفرات السابق، فهذا من وزراء الدولة الفاطمية تولى التدبير سنة 382 هـ، ولم تكن حلب في هذه الآونة تتبع الخلافة الفاطمية اسميا أو فعليا. أنظر الوزارة والوزراء في العصر الفاطمي لمحمد حمدى المناوي-ط. القاهرة 243:1970.

(2)

- تاريخ بغداد:7/ 273.

ص: 2263

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

:

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: الحسن بن أحمد بن صالح، أبو محمد السبيعي، سمع محمد بن حبان المصري، وعبد الله بن ناجية، وأحمد بن هرون البرديجي ومحمد بن جرير الطبري، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء، ويموت ابن المزرع العبدي، وعمر بن أيوب السقطي، وقاسم بن زكريا المطرز، وأبا معشر الدارمي، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، وجماعة من الغرباء بحلب.

روى عنه الدارقطني، وحدثنا عنه أبو بكر البرقاني، وأبو نعيم الأصبهاني وأبو طالب محمد بن الحسين بن بكير وغيرهم. وكان ثقة حافظا مكثرا، وكان عسرا في الرواية، ولما كان بآخره عزم على التحديث والاملاء في مجلس عام، فتهيأ لذلك ولم يبق الا-يعني-يوم المجلس، فمات

(1)

.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن أحمد بن صالح أبو محمد السبيعي الكوفي الحافظ، حدث عن محمد بن حبان البصري، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وأبي بكر البرديجي، وأبي جعفر الطبري، والحسن بن محمد بن عنبر الوشاء ويموت بن المزرع، وعمر ابن أيوب السقطي، وقاسم المطرز، وأبي معشر الدارمي، وعمر بن محمد بن نصر الكاغدي، وأبي عثمان سعيد بن عثمان الوراق (146 - و) وجعفر بن محمد النيسابوري ومحمد بن الفضل العباس نزيل حلب وعلي بن عبد الحميد الغضائري وعبد الله بن ثابت بن يعقوب.

(1)

- تاريخ بغداد:7/ 272 - 273.

ص: 2264

روى عنه أبو الحسن الدارقطني، وأبو عبد الله الحافظ، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو طالب محمد بن الحسين بن أحمد بن بكير-وقدم دمشق وذاكر بها

(1)

.

أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: قال محمد بن أبي الفوارس: توفي أبو محمد السبيعي يوم الاثنين السابع عشر من ذي الحجة سنة احدى وسبعين وثلاثمائة وكان ثقة قد كتب كتابا كثيرا، وكان يحفظ حفظا حسنا، ويذاكر، وكان عسرا في الحديث، وكان له أخلاق غير مرضية

(2)

.

‌الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان بن أبان الفسوي:

أبو علي الفارسي النحوي اللغوي، أخذ عن أبي اسحاق الزجاج، وأبي بكر ابن دريد، وأبي الحسن علي بن سليمان الاخفش، وروى عن علي بن الحسين بن معدان، وأبي بكر بن مجاهد.

قرأ عليه عضد الدولة فنا خسرو

(3)

بن بويه الأدب وحظي عنده. وروى عنه وكانت مكانته عنده جليلة، وصنف له الايضاح العضدي والتكملة، وقرأ عليه علي بن عيسى بن الفرج بن صالح الربعي، وأبو الفتح عثمان بن جني، وأبو طالب أحمد بن بكر العبدي، وروى عنه القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد، وعلي بن محمد بن الحسن (146 - ظ) المالكي وأبو محمد الجوهري وأبو القاسم الازهري، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، وأحمد بن فارس الأديب المنبجي، وأبو الحسن الزعفراني.

قدم حلب على سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وأقام بها عنده مدة، واجتمع بأبي عبد الله الحسين بن خالويه، وأبي سعيد السيرافي بحضرته، وجرت بينهما وبينه بحوث ومناظرات ومسائل، وكان يسمى ابن خالويه الجاهل، وذكر ذلك في غير موضع من كتاب التذكرة.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 203.

(2)

- تاريخ بغداد:7/ 274.

(3)

-أعظم ملوك الدولة البويهية شأنا، انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام: 320 - 321.

ص: 2265

وأملى بحلب المسائل الحلبية

(1)

، وهي المسائل التي وقعت له بحلب، وتكلم عليها، وكان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، فانني وفقت على سماع أحمد ابن فارس الأديب منه في جمادي الاولى من هذه السنة بحلب، وقيل: انه ورد حلب رسولا الى سيف الدولة، وكان حسن الكلام ماهرا في علم العربية حسن الغوص على المعاني الدقيقة، وله من الكتب المؤلفة كتاب رد فيه على أبي اسحاق الزجاج في كتاب معاني القرآن، مسائل لقبه «كتاب الاغفال»

(2)

وله كتاب «الحجة»

(3)

تكلم فيه على مذاهب القراء السبعة الذين ثبتت قراءتهم في كتاب أبي بكر بن مجاهد، ووجوهها في العربية، واحتج لكل واحد منهم، وله «كتاب الايضاح

(4)

والتكملة» الملقب بالعضدي عمله للملك عضد الدولة فنا خسرو، وكتاب يعرف «بالعوامل»

(5)

وكتاب المقصور والممدود

(6)

«وكتاب التذكرة»

(7)

وهو كتاب عزيز كبير الفائدة:

تكلم فيه (147 - و) على معاني آيات من القرآن، وأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاني أبيات من أشعار العرب، ومسائل من النحو والتصريف، أبدع فيه وهو كثير الفائدة، «وكتاب الايضاح

(8)

الشعري»، وله كتاب «المسائل الحلبية» التي ذكرناها «والمسائل

(9)

القصريات» «والمسائل البغداديات

(10)

»

(1)

-أو المسائل الحلبيات في اللغة والنحو، هذا الكتاب بحكم المفقود، انظر معجم الادباء:7/ 240.

(2)

-اسمه «الاغفال فما أغفله الزجاج من المعاني في تفسير القرآن» حققه محمد حسن اسماعيل-رسالة ماجستير في جامعة القاهرة.

(3)

-اسمه «الحجة في علل القراءات السبع» هو كتاب ضخم جرى تحقيق الجزء الاول منه وله مصورة في جامعة القاهرة برقم (24012).

(4)

-الايضاح هو الايضاح النحوي ألفه لعضد الدولة وقد حققه حسن شاذلي فرهود كرسالة دكتوراه في جامعة القاهرة، وأما التكملة فكتاب بالصرف نشرة فرهود نفسه عام 1981.

(5)

-ويعرف باسم «العوامل المائة» هو بحكم المفقود.

(6)

-هو بحكم المفقود.

(7)

-قيل انها في عشرين مجلدة، وهي بحكم المفقودة.

(8)

-هو بحكم المفقود.

(9)

-قيل ألفها في قصر ابن هبيرة، وهي بحكم المفقودة.

(10)

-حققت كرسالة دبلوم في جامعة المستنصرية.

ص: 2266

«والمسائل البصريات»

(1)

«والمسائل العسكرية»

(2)

«والمسائل الشيرازية»

(3)

وكتاب «نقض الهاذور»

(4)

. وذكر أبو حيان التوحيدي أنه كان يشرب ويتخالع ويفارق هدى أهل العلم.

أخبرنا أبو الفضل المرجى بن أبي الحسن بن هبه الله الواسطي التاجر قال:

أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن محمد بن الكناني الواسطي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار النحوي-قراءة عليه وأنا أسمع-قال: حدثنا علي بن الحسين بن معدان قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى أن أسعد بن هشام بن عامر كان جارا له، فأخبره أنه طلق امرأته، ثم ارتحل الى المدينة ليبيع عقارا له ومالا فيجعله في الكراع والسلاح، ثم يجاهد الروم حتى يموت، فلقيه رهط من قومه فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطا من

(5)

قومه أرادوا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:«أليس لكم فيّ أسوة»

(6)

فراجع امرأته. فلما أن قدم علينا أخبرنا أنه أتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله (147 - ظ) صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أدلك ألا أنبئك بأعلم أهل الارض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: من؟ قال: عائشة، فذهبت اليها ومررت بحكيم بن أفلح فاستلحقته اليها، فقال: ما أنا بقاربها اني نهيتها أن تقول بين الشيعتين شيئا، فأبت إلاّ مضيا، فأقسمت عليه، فقام معي فأتيناها فسلمنا عليها، ودخلنا، فعرفت حكيما، فقالت من هذا معك؟ قال: سعد بن هشام، فقالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، فقالت: نعم المرء كان عامرا قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه

(1)

-حققت ونوقشت كرسالة ماجستير في جامعة دمشق عام 1988.

(2)

-نشرت في بغداد عام 1982.

(3)

-حققها علي جابر المنصوري عام 1977 كرسالة دكتوراه في جامعة عين شمس.

(4)

-ردّ به على ابن خالويه-الكتاب بحكم المفقود.

(5)

-في رواية المصنف «ان رهطا منهم ستة» .

(6)

-في رواية المصنف زيادة «فلما حدثوه بذلك راجع امرأته» .

ص: 2267

وسلم، فقالت: أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فان خلقه كان القرآن، فهممت أن أقوم فبدالي فسألتها، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما تقرأ هذه السورة «المزمل» ؟ قلت: نعم، قالت: فان الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا، ثم أنزل الله تعالى التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعا بعد اذ كانت فريضة، فهممت أن أقوم فبدا لي فسألتها، فقلت: أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره

(1)

، فيبعثه الله عز وجل لما شاء ان يبعثه من الليل، فيتسوك وهو يتوضأ، ثم يصلي تسع (148 - و) ركعات لا يقعد فيهن إلاّ في الثامنة، فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ويصلي التاسعة فيجلس فيحمد الله ويذكره ويدعو، ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم فتلك احدى عشر ركعة، أي بني، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع، ثم صلى ركعتين، وهو جالس بعد ما يسلم فتلك تسع أي بني، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان اذا غلبه عن قيام الليل شيء: نوم أو وجع صلى من النهار اثني عشر ركعة، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن في ليلة، ولا قام ليلة حتى أصبح، ولا صام شهرا كاملا غير شهر رمضان، قال: فرجعت من عندها فأتيت علي ابن عباس فأنبأته بحديثها، فقال صدقت، أما اني لو كنت أدخل عليها لشافهتها به مشافهة، فقال حكيم بن أفلح: أما اني لو كنت أعلم أنك لا تدخل عليها ما أنبأتك بحديثها.

(2)

.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:

أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: قال لي التنوخي: ولد أبو علي الحسن ابن أحمد بن عبد الغفار النحوي الفارسي بفسا

(3)

، وقدم بغداد فاستوطنها

(1)

-زادت رواية المصنف «من الليل» .

(2)

-انظر مصنف الامام عبد الرزاق ط. بيروت دار القلم:41،3/ 39، مع بعض الفوارق.

(3)

-أنزه مدينة بفارس بينها وبين شيراز أربع مراحل. معجم البلدان

ص: 2268

وسمعنا منه في رجب من سنة خمس وسبعين وثلاثمائة: وعلت منزلته في النحو حتى قال قوم من تلامذته: هو فوق المبرد، وأعلم منه، وصنف كتبا عجيبة حسنة (148 - ظ) لم يسبق الى مثلها، واشتهر ذكره في الآفاق، وبرع له غلمان حذاق مثل:

عثمان بن جني، وعلي بن عيسى الشيرازي وغيرهما، وخدم الملوك، ونفق عليهم، وتقدم عند عضد الدولة، فسمعت أبي يقول: سمعت عضد الدولة يقول: أنا غلام أبي علي النحوي الفسوي في النحو، وغلام أبي الحسين الرازي الصوفي في النجوم.

أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة، قال:

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني-اجازة ان لم يكن سماعا- قال: سمعت القاضي أبا منصور العمراني بآمد يقول: سمعت أبا الحسن علي بن فضال النحوي يقول: كان عضد الدولة يقرأ الأدب على أبي علي الفارسي ويبالغ في اكرامه، ويحضره معه المائدة، فلما كبر وأضر كان يحضره أيضا على العادة المستمرة، وكان من رسمه أنه اذا فرغ من الأكل يلتفت والفراش قائم فيقلب الماء على يده، فاتفق يوما أن كان الفراش مشغولا، فلما التفت الشيخ ليغسل يده اختلسه عضد الدولة، وجاء مجيء الفراش فأخذ الابريق وقلب على يده الماء، فجاء الفراش، فأومأ اليه أن أمسك الى أن فرغ، وأعطاه المنديل فمسح يده، ورجع الى مكانه فقال الفراش: يا سيدنا تعلم من قلب على يدك الماء؟ فقال: أنت فقال: انما كان مولانا عضد الدولة فقام الشيخ أبو علي قائما وقال: لو لم أجد من حلاوة العلم إلاّ هذا لكان فضلا كبيرا، ثم رفع يديه نحو السماء وقال: أكرمك الله الذي أكرمتني لأجله أكرمك (149 - و) الله الذي أكرمتني لأجله، وجعل يكرره.

قرأت بخط أبي منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الجواليقي رحمه الله في تعليق له نقله من خط ابن برهان، وأنبأنا به شيخنا أبو اليمن الكندي عنه-قال فيما نقله من خط ابن برهان-قال أبو الفتح: بعد أن دعا لأبي علي كان اذا قعد على سريره الذي كان يقعد عليه أوقات درسه لا يرى العالم إلاّ دونه، وما كان يفكر في أحد حتى أنه كان اذا جرى حديث عضد الدولة قال صاحب السطح فعل كذا، وصاحب السطح قال كذا، وذلك أن الملك بشيراز كان يقعد في أكثر أوقاته

ص: 2269

على سطح له كان فيه مجلسه، فكان أبو علي يجري على ذلك ويقول صاحب السطح ثم قال أبو الفتح: وما كان مع ذلك إلاّ بحيث يضع نفسه فانه كان فوق كل من نظر في هذا العلم ولو عاش أبو العباس وأبو بكر

(1)

وطبقتهما لاخذوا عنه بلا أنفة ولو أدركه الخليل وسيبويه لكانا يقرّان له ويتجملان به، وقرأت عليه بالشام كتاب تصريف المازني، وكنت قليل المعرفة اذ ذاك باللغة، فسألته عن شيء من تفسير اللغة فيه، فنظر الى مغضبا وعبس وجهه، قال أبو الفتح: وكذا: طريقة النحويين.

قال: وذاكرت بكتاب العين

(2)

يوما شيخنا أبا علي فأعرض عنه، ولم يرضه لما فيه من القول المرذول والتصريف الفاسد، فقلت له كالمحتج عليه: فان في تصنيفه راحة لطالب الحرف (149 - ظ) لانه منساق متوجه وليس فيه التعسف الذي في كتاب الجمهرة، فقال: أرأيت لو أن رجلا صنف لغة بالتركية تصنيفا حسنا، هل كنا نقبلها منه ونستعملها، أو كلاما هذا نحوه قد بعد عهدي به.

وحدثنا قال: حدثني أبو بكر قال: ما رأينا كتاب العين بسر من رأى مع بعض أصحاب حنين، وكان أبو علي يقول: لما هممت بقراءة رسالة هذا الكتاب على محمد ابن الحسن، قال لي: يا أبا علي لا تقرأ هذا الموضع عليّ فأنت أعلم به مني.

محمد بن الحسن هو ابن دريد.

ومما نقله من خط ابن برهان قال ابن جني: وحدثني أبو علي أنه وقع حريق بمدينة السلام، فذهب له جميع علم البصريين، قال وكنت كتبت ذلك كله بخطي وقرأته على أصحابنا، فلم أجد من الصندوق الذي احترق شيئا البتّة إلاّ نصف كتاب الطلاق، فسألته عن سلوته وعزائه عن ذلك، فنظر إليّ معجبا، ثم قال: بقيت شهرين لا أكلم أحدا حزنا وهما، وانحدرت الى البصرة لغلبة الفكر عليّ وأقمت مدة ذاهلا متحيرا.

ومما نقله من خط ابن برهان، وذكر ابن برهان أنه نقله من خط أبي الحسن الزعفراني، مما حكاه عن أبي علي، قال أبو علي: من كثرة احتشامي وتقبضي

(1)

-المبرد وابن دريد.

(2)

-للخليل بن أحمد الفراهيدي.

ص: 2270

ما كنت أسمع السماعات الكثيرة، فلا أقول سمعوا لي وإلاّ لو كنت ممن لا يحتشم لقد كان من السماع بيد الناس غير قليل، وكان أبو علي اذا عبر عن لفظ ما، فلم- يفهمه القارئة عليه وأعاد (150 - و) ذلك المعنى عينه بلفظ غيره ففهمه، يقول: هذا اذا رأى ابنه في قميص أحمر عرفه، واذا رآه في قميص كحلي لم يعرفه، وكان رحمه الله خشن الملمس، حزن المتنفس، يريد من مبتدئي أصحابه أن يفهموا اللفظة من العلم بالكشف من القول، وكان ربما توقف بعضهم عن فهم ما يقوله، فينبو عنه، ويقول له: يا هذا أليس قد مضى في ذلك اليوم لنا شيء يشبه هذا، وو الله ما نعلم الى شيء يومي ولا كم بعد ذلك اليوم من يوم مجلسهما، ولعله أن يكون منذ ذلك اليوم الى وقتهما من الاصول والفروع ما لا يحيط بعلمه إلاّ الله خالقهما.

ومما نقله من خط ابن برهان قال أبو الفتح: وكان أبو علي رحمه الله كثيرا ما يروم إبراز الشيء الى لفظه وهو نصب عينه، ونجي فكره وساتر بينه وبين كل مرأي غيره، إلاّ أنه مع ذلك معازله متأب عليه غير مسمح ولا منقاد معه، فان لم يكن إلاّ آخذ عنه سهل المذهب سرحه، طيع الطبع سجحه

(1)

قد جاوده الى الأمد، وقاوده الى الخبار

(2)

والجدد

(3)

، وفاتشه الأنقاب، وصحبه في كل أوب وباب، أجبلا

(4)

فلم ينبطا

(5)

، وكان حري أن يحتذا ويختلطا، ثم كيف لنا بعد ساعة من ساعاته، ونفثة من رقياته، وعفا الله عنه فما أقل العوض في هذا السواد منه.

قرأت بخط سعيد بن المبارك بن الدهان النحوي، ذكر أبو الفتح في النوادر، أن كتب أبي علي الفارسي احترقت بالبصرة في ربيع الاول سنة خمس وثلاثمائة بدار أبي الريان الأهوازي الكاتب، وكان قد اسكنه إياها، ولم يكن بالدار تلك الساعة، فلما علم جاء الى الدار فوقع من غلامه المفتاح وكان الخشب ساجا

(6)

فلم ينكسر، فصعدوا الى السطوح وكان للدرجة باب مغلق فلم ينفتح وقويت النار فحالت بينه وبين الكتب، وكان في الدار أثاث كثير لصاحبها، فغشي على الشيخ،

(1)

-سجح: سهل ولان. القاموس.

(2)

-الخبار: ما لان من الارض واسترخى-القاموس.

(3)

-الجدد: ما استرق من الرمل، والارض الغليظة المستوية. القاموس.

(4)

-أجبلوا: صاروا الى الجبل، وأجبله: وجده جبلا، أي بخيلا. القاموس.

(5)

-نبط الماء: نبع، واستنبط: استخرج. القاموس.

(6)

-من الانواع القاسية.

ص: 2271

وحمل على الظهر الى دار أخرى لأبي الريان، فبقي يوما وليلة لا ينطق، وثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب إلاّ العسير بالكراهية، وبقي واجما سنة لا يقرئ ولا يقرأ، وكان أبو الريان يخدمه ويسليه بكل ما يقدر عليه، وكانت الكتب أربعمائة مجلد، فأعطاه ثلاثمائة دينار مغربية

(1)

وأربعين حزمة كاغد، وكان يستحثه

(2)

ويقول له:

الناس يقولون عنك صحفي لأنك عجزت عن العلم بعد مضي الكتب، وكان قد سلم له المجلد الاول من كتاب سيبويه لأنه كان معه، وكان لأبي الريان نسخة بخط السيرافي فوهبها له وعاد الى القراءة.

قرأت في تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري قال وحدثني الشيخ أبو العلاء (150 - ظ) رحمه الله أن أبا علي كان صديقا لجده القاضي أبي الحسن سليمان ابن محمد، وكان صادقه بأنطاكية، ثم ان أبا علي مضى الى العراق وصار له جاه عظيم من الملك فنا خسرو، وأن بعض الناس وقعت له حاجة في العراق احتاج فيها الى كتاب من القاضي أبي الحسن سليمان الى أبي علي الفارسي، فلما وقف على الكتاب قال: اني نسيت الشام وأهله.

قال: وكان أهل بغداد يقولون في زمانه لو عاش سيبويه لاحتاج اليه.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن سليمان أبو علي الفارسي النحوي سمع علي بن الحسين بن معدان صاحب اسحاق بن راهوية، وكان عنده عنه جزء واحد حدثنا عنه الأزهري، والجوهري، وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد، وعلي بن محمد بن الحسن المالكي، والقاضي أبو القاسم التنوخي ومن مصنفاته كتاب الايضاح في النحو وكتاب المقصور والممدود وكتاب الحجة في القرآن

(3)

.

قرأت بخط أبي طاهر السلفي وأنبأنا به أبو القاسم بن الطفيل وابن رواحة وغيرهما قال: أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي النحوي روى عن أبي اسحاق الزجاج، وأبي بكر السراج، وأبي بكر بن مجاهد المقرئ، وأبي الحسن

(1)

-من دنانير الخلافة الفاطمية وكانت أعلى ثمنا من سواها لوزنها وجودة عيارها.

(2)

-الكلمة غير واضحة بالاصل، ولعل هذه القراءة الصواب.

(3)

- تاريخ بغداد:7/ 275.

ص: 2272

الأخفش ونظرائهم، وروى عن علي بن الحسين ابن عم اسحاق بن راهوية فوائد، روى عنه عبد السلام البصري ببغداد وعثمان بن جني بالموصل، وابنه العلاء بن عثمان بصور، وأبو الحسن محمد بن عبد الواحد بمصر وأبو نصر الكسائي بأصبهان وقد روى عنه علي بن عيسى الربعي، وأبو محمد المدائني، وعبد الله بن خسرو وهلال بن ابراهيم الصابئ وأبو محمد الجوهري، ومن تواليفه كتاب الحجة وكتاب الايضاح وغيرهما.

قرأت بخط بهاء الشرق أبي علي الحسن بن جعفر بن المتوكل الهاشمي، وأنبأنا به أبو الحسن بن المقير عنه قال: حدثني أبو الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي قال:

حدثنا أحمد بن عبد الله الخطيب، قال: قيل انه دخل أبو علي الفارسي الى عضد الدولة وقد عزم على التوجه الى الأهواز، فقال: خار الله للملك في عزيمته وبلغه الأمل في طلبته أنشدنا شيخ لنا: (151 - و).

ودعته حين لا تودعه

نفس ولكنها تسير معه

ثم تولى وفي الفؤاد له

ضيق محل وفي الدموع معه

فقال له: أحسن الله جزاء الشيخ وأطال بقاءه أنشدنا بعض أشياخنا:

قالوا له قد سار أحبابه

وبدلوه البعد بالقرب

تالله ما سارت نوى ظاعن

سار من العين الى القلب

فقال أبو علي: أبت مكارم مولانا أن تخلي خادمها من فائدة.

قلت وذكر أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن العباس بن عبد الحميد الحراني في «كتاب روضة الأدباء» أن أبا علي دعا لعضد الدولة وقال: أيأذن مولانا في نقل هذين البيتين؟ فأذن له، فاستملاهما منه وكتبهما عنه.

وذكر أبو عبد الله أيضا أن عضد الدولة عرض عليه أن يكون في صحبته، فقال:

أنا من رجال الدعاء لا اللقاء فخار الله للملك في نهضته، وبارك له في عزيمته وجعل الفتح تجاءه والملائكة أنصاره، فقال له عضد الدولة: بارك الله فيك فاني أثق بطاعتك وأتيقن صفاء طويتك.

ص: 2273

قرأت في تاريخ سيره إليّ بعض الهاشميين بحلب، جمع أبي غالب همام بن الفضل بن الهذب المعري، قال: وفيها يعني سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة توفي أبو علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي النحوي ببغداد.

وقرأت بخط القاضي أبي المحاسن المفضل بن محمد بن مسعر النحوي المعري في (151 - ظ) كتابه الذي جمعه في أخبار النحويين قال: توفي-يعني-أبا علي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قال محمد بن أبي الفوارس: في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة توفي أبو علي الفسوي النحوي، ولم أسمع منه شيئا، وكان متهما بالاعتزال.

وقال الخطيب: حدثني أحمد بن علي بن التوزي قال: توفي أبو علي الفارسي النحوي في يوم الاحد السابع عشر من شهر ربيع الاول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة

(1)

.

قرأت في ديوان شعر الشريف الرضي محمد بن الحسين العلوي قال: يرثي أبا علي الحسن بن أحمد الفارسي النحوي، وتوفي ليلة الاحد السابع عشر من شهر ربيع الاول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ودفن بالشونيزيه عند قبر أبي بكر الرازي الفقيه، وكان قد نيف على التسعين.

(2)

.

وقرأت بخط الحافظ السلفي، وذكر أنه نقله من خط علي بن عبد الملك بن الحسين بن عبد الملك الدبيقي: ومات أبو علي الفارسي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة

أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: ذكر وفاة بعض الشيوخ الذين أدركتهم، وكتبت عنهم، وسمعت منهم، سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وفيها توفي أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفسوي الفارسي النحوي (152 - و).

(1)

- تاريخ بغداد:7/ 276.

(2)

- ديوان الشريف الرضي- ط. بيروت-دار صادر:1/ 588.

ص: 2274

‌الحسن بن أحمد بن علي بن مهران القهستاني:

أبو القاسم الأديب، سمع بالمصيصة محمد بن عمر بن يحيى المقرئ، روى عنه الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، ووفد على سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وكان يغشى مجلسه، وكان أديبا فاضلا، شاعرا.

أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي وعبد الرحمن بن عمر الغزال في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا اليه: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثني أبو القاسم يعني الدهستاني

(1)

قال: حدثنا محمد ابن عمر بن يحيى المقرئ بالمصيصة قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال:

حدثنا حجاج بن محمد قال أخبرنا شعبة عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه

(2)

.

قال الحاكم سمعت أبا القاسم الزاهد يقول: رأيت في المنام منشدا هذا البيت:

أتفرح بالأيام تمضي وتنقضي

وعمرك فيها لا محالة تذهب

قال: فلما استيقظت أضفت اليه بيتا آخر:

عجبت لمختار الغنى وهو فقره

وعامر دار وهو في الدار يخرب (152 - ظ)

قال الحاكم: وسمعت أبا القاسم يقول: كنا نختلف الى مجالس سيف الدولة بالشام، فكاد أن يقع في نفسي ما ليس من مذهبي فقلت:

الدهر ساومني عمري فقلت له

لا بعت عمري بالدنيا وما فيها

ثم اشتراه تفاريقا بلا ثمن

تبت يدا صفقه قد خاب شاريها

ذلت صعاب المعاني لي فأدركها

فهمي ونفسي أعيتني معانيها

قال وأنشدني لنفسه في المحبرة:

(1)

-ذكره من قبل ثم من بعد «القهستاني» .

(2)

-انظره في كنز العمال:6/ 16463.

ص: 2275

له قلب زنديق ووجه موحد

وآذان مرجئ وحلقوم مجبر

وقسوة معشوق وذلة عاشق

وظاهر كافور وباطن عنبر

أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرني أبي أبو سعدة-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: في كتاب الانساب: وأبو القاسم الحسن بن أحمد بن علي بن مهران القهستاني الاديب، كان أديبا فاضلا شاعرا بارعا، دخل بلاد الشام، وسمع بها بالمصيصة محمد بن عمر بن يحيى المقرئ سمع منه الحاكم أبو عبد الله الحافظ وذكره في التاريخ فقال أبو القاسم الاديب الفقيه الزاهد

(1)

.

وأنبأنا أبو بكر بن عمر وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم الشحامي عن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبوي عثمان الصابوني والبحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال:

الحسن بن أحمد بن علي بن مهران القهستاني أبو القاسم (153 - و) الاديب الفقيه الزاهد، سمع الحديث بالعراقين والحجاز ومصر والشام، وكانت رحلته في التصوف وكان الامير أبو علي بن ناصر الدولة جالسه وتلمذ له، وتخرج به، ورد نيسابور غير مرة فلم يحدث، ثم سألته فحدث بنيسابور سنة احدى واثنتين وتسعين وثلاثمائة، وتوفي بقاين

(2)

في ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.

‌الحسن بن أحمد بن علي بن المعلم:

أبو علي الحلبي، فقيه من فقهاء الشيعة، أديب شاعر متكلم، قرأ الفقه على أبي الصلاح الحلبي، واشتغل بعلم الأصول والادب وعلم العرب، وصنف للشيعة كتابين أحدهما يعرف «بالتاجي» والآخر يعرف «بمعالم الدين» وله كتاب في الأصول شرح فيه «الملخص»

(3)

، ولازم المسجد الجامع بحلب، وقرأ عليه

(1)

-ليس في النص المطبوع من كتاب الانساب للسمعاني.

(2)

-بلد قريب من طبس بين نيسابور واصبهان، وهي قصبة قهستان. معجم البلدان.

(3)

-لم يذكر أقا بزرك في كتابه الذريعة الى تصانيف الشيعة أيا من هذه الكتب كما لم يترجم له الامين في كتابه أعيان الشيعة، ولعل كتاب الملخص هو «الملخص في أصول الدين» للشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي. أنظر الذريعة-ط. بيروت، دار الاضواء:22/ 210.

ص: 2276

الحلبيون الفقه والأدب، وكان له شعر جيد فصيح ورسائل حسنة، وكتب في صباه لسبكتكين مملوك أمير الجيوش الدزبري، وكان ولاه مولاه قلعة حلب حين ملكها -أعني سبكتكين-وكان مولد أبي علي الحلبي بمعرة النعمان في حدود الأربعمائة قبلها، وانتقل مع أبيه الى حلب، قرأ عليه الأدب جد أبي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، والوزير أبو نصر بن النحاس، وقرأ عليه الفقه والأصول أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد الخفاجي الحلبي، وإيّاه عنى أبو محمد بقوله في القصيدة، التي كتبها من القسطنطينية يعتب فيها أهله وأصدقاءه:

وأقر السلام على الفقيه وقل له

وهو العتاد لدفع كل ملمة

حاشاك أن تصف الوداد وأهله

ويكون حبك كله بالقوة

ما كان ضرك لو بعثت تحية

وكتبت خمسة أسطر في رقعة

(153 - ظ)

أبمثل هذا يخصب البستان

أو يزداد حسن الدار في السهلية

(1)

السهلية محلة من محال حلب، كانت دار أبي علي بها، والبستان هو بستان الميدان خارج باب قنسرين، وكان قد مدح أبو علي بن المعلم سديد الدولة بن الرعباني بقصيدة حسنة أولها:

دعاني فتلك الدار دار بعيدها

أراجع أشواقي لها وأعيدها

فكان ثواب أبي علي من سديد الدولة أن ينجز توقيعا من صاحب حلب معز الدولة ثمال بن صالح صاحب حلب ببستان الميدان هذا المذكور، وأبيات الخفاجي أنشدنا إياها الخطيب أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم بن أحمد بن هاشم قال:

أنشدني أبي هاشم قال: أنشدني أبي أحمد قال: أنشدني أبو محمد الخفاجي ان لم أكن سمعتها منه.

وقرأت بخط أبي البيان نبأ بن محفوظ الأديب الدمشقي، وذكر أنه نقله من

(1)

-طبع ديوان ابن سنان الخفاجي في بيروت عام 1868، وسبق لي أن عدت اليه لدى تحضير أطروحتى عن امارة حلب، وكان ذلك في لندن، هذا ولم أستطع الوقوف على نسخة منه في دمشق.

ص: 2277

نسخة نقلت من خط عبد الودود بن عيسى النحوي من شعر أبي محمد الخفاجي، وعليها بخط عبد الودود النحوي عند ذكر أبيات أبي محمد عند قوله:«وأقر السلام على الفقيه» الى آخر الابيات الاربعة. هذا هو الشيخ الفاضل أبو علي المعروف بابن المعلم ولم يكن فقيها فقط، لكن كان ذا فضائل، من جملتها شعر وكتابة وهو ممن يتجمل به الشيعة.

قرأت بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن أبي جرادة في أول جزء يتضمن قصائد وأقطاعا من شعر (154 - و) أبي علي بن المعلم: ولد بمعرة النعمان وانتقل أبوه الى حلب وهو معه، ولزم المسجد الجامع، وقرأ علم الاصول ومذهب أهل البيت عليهم السلام، والأدب وعلم العرب، فمال اليه الناس، وأحبوه لواضح طريقته، وتنقلت به الحال وكتب لسبكتكين في عنفوان شبابه، ثم انتقل الى اللزوم للجامع.

قرأت بخط أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ في كتابه الذي علقه للرشيد بن الرشيد، وأنبأنا به أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عنه، قال: ومن شعراء الشام الفقيه أبو علي الحسن بن أحمد المعلم، ولد بمعرة النعمان، وانتقل أبوه الى حلب وهو معه، ولزم الجامع وقرأ علم الأصول، ومذهب أهل البيت عليهم السلام، والأدب وعلم العرب، وتنقلت به الحال ثم لزم الجامع.

قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي في شعر جد جدي أبي الفضل هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة الذي رواه عنه أبياتا كتبها الى الفقيه أبي علي بن المعلم في غرض له، وأخبرنا بها المؤيد بن محمد بن علي بن الحسن الطوسي كتابة، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أنشدنا القاضي أبو الفضل هبة الله بن أبي جرادة، وكتبها الى أبي علي بن المعلم يستنهضه في ولده أبي غانم محمد، وكان يعلمه الادب:

أبا علي هو الدهر الخؤون وما

يحظى بجدواه إلا الجاهل الغمر

ولست أنكر إن عريّت من نشب

وقد أطافت بك الآداب والفقر

(154 - ظ)

ص: 2278

كالطود لا يرتقي يوما أعاليه

سيل وإن كان محفوفا به الزهر

أغناك فضلك عن مال تجمعه

لقد تنوّق في تعويضك القدر

من كل قافية فالنجم سائرة

ما عاق إدلاجها أين

(1)

ولا ضجر

نتاج فكر حلا مما يقسمه

كأن ألفاظها من حسنها درر

تطوّف الأرض من سهل الى جبل

حتى لقد مل من تطوافها السفر

أو خطبة لضروب العلم جامعة

وللفصاحة في تأليفها أثر

جعلتها حجة للدين قاهرة

لمعشر أظهروا ضد الذي ستروا

غلو النفاق ولولا الخوف كان لهم

الى التظاهر إسراع ومبتدر

تحيى القلوب بذكر بها إذا تليت

كالأرض أحيت بها العرّاصة

(2)

الهمر

أغنى كلامك عن عبد الحميد

(3)

كما

أغنى عن النجم يستضوي به القمر

تقوم كتبك في إصلاح منحرف

ما لا تقوم به الخطية السمر

كم موقف لك في القرآن قد شهدت

به المحاريب والآيات والسور

ومن يد لك لم تقصد به عوضا

ولا تخللها منّ ولا كدر

أسديتها طلبا للأجر في نفر

فبعضهم شكروا وبعضهم كفروا

حقا فما أنت إلا روضة أنف

وما لسانك إلا الصارم الذكر

ومن يجاريك يكبو دون مطلبه

أنّى يساوى الحضيض الأنجم الزهر

أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيره عن أبي المظفر أسامة (155 - و) ابن مرشد بن علي بن منقذ في ما اختاره من شعر أبي علي بن المعلم وكتبه للرشيد بن الزبير، ووقع إلي أيضا في جزء من شعر أبي علي بن المعلم بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة:

خذ من زمانك واغتنم إمكانه

ودع التعلل والأماني جانبا

واصبر لأحكام الزمان فانها

نوب تجيء نوائبا ومواهبا

(1)

-الأين: الاعياء والتعب. النهاية لابن الاثير.

(2)

-العرصة: كل بقعة بين الدور، وعرصت السماء دام برقها. القاموس.

(3)

-عبد الحميد الكاتب، كاتب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.

ص: 2279

ماذا أفدت بما جمعت وما الذي

أغناك صنعك أن بكيت الذاهبا

فتعمد الحسنى ومال على التقى

وسم النجاة وكن مجدّا طالبا

ما مر مرّ وما تبقى فرصة

وهي الليالي تستجد مذاهبا

قد أنذرتك الحادثات وبصّرت

وأرتك فيك من الزمان عجائبا

حالا تحول وعيشة مربوبة

ونوى تشط وشعر فود شائبا

فعلام تختال الليالي ضلّة

وتعد أحكام الوجود نوائبا؟

فتغنم الأيام غير مراجع أسفا

ولا مبق لديك مآربا

قالا: وكان له صديقان توفيا في يوم واحد فقال فيهما:

تقاسما العيش رغدا والردى رنقا

(1)

وما علمت المنايا قبل تقتسم

وحافظا الودّ حتى في حمامهما

وقلّ ما في المنايا تحفظ الذمم

نقلت من خط الرئيس حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي

(2)

لأبي علي بن المعلم:

ومن عجب أني عليك محسّد

وأني على دعوى هواك ملام

(155 - ظ)

ولم تسلني الأيام عنك بمرّها

ولا كفّ من وجد عليك ملام

غرام على عهد الصبي والى النهى

وشوق على شيب العذار غلام

حلوم توقاها الهوى وبقية من

الصبر عفاها جوى وغرام

ويستام رشدي فيك لو كنت واجدا

سبيلا الى ما في هواك أسام

وقرأت بخط حمدان بن عبد الرحيم في تعليق له لأبي علي الحسن بن أحمد بن المعلم الحلبي:

استأثر الحسنى بعزم صادق

وإذا قدرت فعلت فعل الجاهل

لا العلم رادعي الغداة ولا التقى

أبدا قرين الإثم حلف الباطل

أتبصر الأمر الجلي وأنثني عنه

بصورة جاهل أو غافل

(1)

-رنق الماء: كدر. القاموس.

(2)

-من كبار شعراء الفترة الزنكية، سيترجم له ابن العديم.

ص: 2280

وألوم إن بخل الصحاب وإنني

من بينهم نفس الضنين الباخل

يا للرجال وللطباع تحكمت

فتملكت قود اللبيب العاقل

فدع التعلل واقتبلها عزمة

فالسيف يقطع عند قصد الحامل

وتعمّد الصنع الجميع مواصلا

عمل العليم به وعلم العامل

لا عذر إن أنصفت نفسك جاهدا

وطلبت واضحة الطريق السابل

وقرأت بخطه لأبي علي أيضا:

أما غرامي فهو حيث ترينه من

سقم جسمي واختلاف عوائدي

أصبو لعارضة النسيم وأنثني

ظمآن أشرق بالزلال البارد

وعجبت من ليلي وزعمي طوله

عجب الخلي من المعنّى الواجد

(156 - و)

ما طال ليلي فيك لكن خالفت

حال المسهّد فيه حال الراقد

وقع إليّ بخط بعض الحلبيين كراسة من شعر أبي علي بن المعلم، فاخترت منها قوله، وكتب به الى الشيخ أبي محمد عبد الله بن سنان الخفاجي يعاتبه:

يا صاحبي وما عرفت مصاحبا

إلا قضية دهره تتقلب

أما نظرت نظرت صوب غمامة

وإذا انتجعت حيا فبرق خلّب

كالروضة الغناء عاقرها الندى

وإذا ظللت به فقفر سبسب

لا للجميل ولا لدفع ملمة

يوما ولا لسماع شكوى تقرب

لا تذكرن لي الصديق فإنه

قول يقال ومذهب مستغرب

عزت مطالبه فأعوز نيله

إلا منى من ضلة تتطلب

وإذا جهلت الناس لم أك

جاهلا نفسي ولا من حالها استعصب

عجماء عن فهم الجميل وإنها

عجماء تعرب في القبيح وتغرب

ومريضة الآراء طوع ضلالها

لا ترعوي جهلا ولا تستعتب

واخ على حكم الصفاء اتخذته

للأمر عرف

(1)

لليالي يعزب

(2)

(1)

-العرف: الجود وضد النكر. القاموس.

(2)

-عزب: بعد وغاب. القاموس.

ص: 2281

ضاقت عن الحسنى عوارف طوله

وثناه طوع هواه قلب قلّب

تبع الليالي شيمة وخليقة

وعلى مذاهبها يجيء ويذهب

متمرض طوع الحفيظة عاتب

ما بتّ من هفواته أتعتب

أضحي أسير هواه وهو طليقه

وأجدّ وهو بوده متطرب

(156 - ظ)

وإذا هززت هززت من لا يرعوي

وإذا عتبت عتبت من لا يعتب

أحنو عليه بعزة مأثورة

عندي وعاطفة ترق وتعذب

فإذا جفا واصلته وإذا هفا

أوجدته أني المسيء المذنب

هذي لعمرك يا أخي سجية

فينا ودين للزمان ومذهب

فاعدل إذا جار الزمان وكن

على حكم البصيرة عاذرا من تصحب

وسم الصديق مسام نفسك واقتصد

فالأمر مرّ وأيسر والمنية أقرب

ما أجهل الأقوام جدوا في السرى

طلبا لمن لا يستبان فيطلب

وأقل توفيق الفتى مع طوله

لا مورد عذب ولا مستعذب

فإذا عجبت من الزمان وأهله

فانظر بأمرك فالقضية أعجب

تدعو الى الحسنى وأنت مجانب

أبدا لها ولأهلها تتجنب

فاعذر أخاك وكن بما هذبته

ورجوت صالحه به يتهذب

سيان ما أصبحتما تريانه

شرّقت وهو على هواه مغرب

ومن شعره أيضا:

خليلي هل ماء العذيب كعهده

برود وهل ظلال الأراك عليل

وكيف أغالي الرمل منذ تقابلت

تمر عليه شمأل وقبول

(1)

فقد طال عهدي بالديار وأهلها

فعهدي وليلى والسقام طويل

فقا تعلما صوب الغمام فإنني

أميل مع الأشواق حيث تميل

(157 - و)

ولا تنكرا أن الديار تنكرت

فللشوق فيها والنزاع دليل

(1)

-القبول: ريح الصبا. القاموس.

ص: 2282

رسوم تبقاها البلى لصبابة

تراجع فيها أو يبل غليل

مواثل قد عرّى الزمان عراصها

فما يختفي سقم بها ونحول

فيا ساكني أرض الحمى إن جوّه

رطيب وإن الريح فيه بليل

فما لعيون تجتليه مريضة

وما لفؤاد بطيبة عليل

وما لدموع العاشقين تجوده

وأقذاؤها طوع الغرام محول

وما نقلته من الجزء المذكور من شعره:

علاقة تستجد الشوق عارضة

وصبوة تستزل الحلم والرشدا

ظللت منها على علم وبينة

أرى الغواية رشدا والضلال هدا

ومن شعره أيضا منه:

أهجرا وقد مالت بكم غربة النوى

وبات غراب البين للبين يتعب

دعوا للنوى هجرانكم وتجنبوا

مع القرب منكم أن يكون تجنب

وقال وقد سار معز الدولة ثمال بن صالح الى مصر ثم عاد الى حلب:

مضيت وخلفت المطامع جمة

تفيض وأنباء الأماني طواميا

وأقبلت إقبال السحاب تبسمت

بوارقه ثم انثنين بواكيا

فما كان ذاك العيش إلا تعلة

ولا كانت الأيام إلا لياليا

ولما استبان الرأي فيها إمامها

ولم ير في كف الحوادث كافيا

أعاد الى الطرف المسهد غمضه

ورد على مرضى البلاد العواقبا

كان أبو علي بن المعلم حيا في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة فإن معز الدولة ثمالا عاد الى حلب من مصر في هذه السنة

(1)

، فقد توفي بعد ذلك.

وقع الي رسالة للوزير أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس الحلبي، كتبها

(1)

-اجبر ثمال بن صالح على التخلي عن حلب نتيجة لفتنة البساسيري، وآلت أمور حلب للخلافة الفاطمية، انما لأمد قصير حيث انتزعها محمود بن نصر بن صالح، فأعاد المستنصر الفاطمي ثمالا الى حلب. انظر كتابي امارة حلب (بالإنكليزية): 154 - 162.

ص: 2283

الى أبي طاهر محمد بن الحسن المعروف بالجدي وذكر فيها أبا علي بن المعلم، وقال بعد ذكره: وعلى ذكره نضر الله وجهه، فعند الله يحتسب ذلك الشيخ الجامع لأشتات الفضائل، وضرائر المحاسن، فلقد كان أثبت شيوخ زمانه فهما، وان لم يفتهم علما وأقواهم تصورا ونفسا وان أوفوا عليه مطالعة ودرسا، وأنىّ لأخوانه الغابرين بعده، الذين لا بد أن يردوا، وان أنظرهم الأجل ورده مثله، ولا مثل له، طيب معاشره، وحسن مذاكرة وحفظا للغيب ومثابرة على ستر العيب:

سقاه ولولا دينه وعفافه

لقلت شآبيب الشرب المشعشع

‌الحسن بن احمد بن محمد بن ابراهيم الحلبي:

المعروف والده بالعريف الصناديقي، كان ينزل بسوق الصناديقيين

(1)

بحلب، وسمع يحيى بن الحسين بن محمد بن الربيع بن سنان الخفاجي، وصالح بن جعفر ابن عبد الوهاب العباسي القاضي (158 - و) الحلبيين وحدث بشيء يسير، سمع منه الشيخ الفقيه مشرق بن عبد الله العابد الحنفي، والحسن بن داود بن بابشاذ، والحسين بن الحسن الطرسوسي وغيرهم، وتوفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة أو بعدها فانه حدث في هذه السنة.

‌الحسن بن أحمد بن المؤمل أبو محمد الكفرطابي:

ذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في تاريخ دمشق، بما أنبأنا به القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: الحسن بن أحمد ابن المؤمل أبو محمد بن الكفرطابي، له ذكر، توفي أبو محمد بن الكفرطابي، فيما بلغني، في الثلث من ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت في رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة.

(2)

.

‌حسن بن أحمد بن يوسف الاوقي:

أبو علي الصوفي منسوب الى أوه

(3)

، شيخ صالح ورع تقي مجتهد في العبادة

(1)

-انظر الاعلاق الخطيرة-قسم حلب-:63.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 207 - ط.

(3)

-قرية بين زنجان وهمذان. معجم البلدان، وقد ذكره ياقوت واجتماعه به بالقدس.

ص: 2284

اجتمعت به في البيت المقدس، وشاهدت منه وليا من أولياء الله تعالى، قد أجمع الناس كلهم قاطبة على خيره وصلاحه، صائم النهار قائم الليل، قد أثرت العبادة وقيام الليل في بدنه، نحيل البدن مصفر اللون، ذابل الشفتين، منقطع الى الله مستغن عن الناس، معرض عن الدنيا وزخرفها، دخل الشام ومر بحلب مجتازا في طريقه الى الديار المصرية في سنة سبعين وخمسمائة في دولة الملك الصالح اسماعيل ابن محمود بن زنكي، وأقام بالاسكندرية، وصحب بها الحافظ أبا طاهر السلفي وخدمه، وسمع (158 - ظ) منه الكثير، وسمع من غيره من شيوخ الاسكندرية، مثل أبي الجيوش عساكر بن علي بن نصر المقرئ، وأبي المحاسن المشرف بن مؤيد ابن علي الهمداني وغيرهم، وكان سمع بمكة أبا الفضل يونس بن محمد بندار، ورابط بعد ذلك بعكا مدة، ونزل بالخضراء وهي دويرة بناها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بعسقلان، ووقف بها الاجزاء التي سمعها، وأقام بها الى أن خربت، فانتقل الى البيت المقدس، ولزم المسجد الأقصى، وأقام بدويرة الصوفية التي قبلي المسجد الى جانب المحراب، وانقطع الى الله تعالى الى أن سلم البيت المقدس الى الفرنج في سنة ست وعشرين

(1)

، وانتقل منه الناس، فلم يبرح مكانه، ولزم موضعه ذلك وعبادته الى أن أدركه أجله رحمه الله، قرأت عليه الكثير من مسموعاته مدة مقامي بالبيت المقدس، وكان والدي رحمه الله يحضر معي مجلس السماع بالمسجد، وذلك في سنة تسع وستمائة، وكانت تعجبه قراءتي الحديث، أول ما حضرت عنده وطلبت السماع منه: قال لي: هاهنا من يحدث غيري فأعدت الطلب منه، فأخرج إلي جزءا، فلما قرأته مال الي وأخرج الي جميع ما كان عنده من مسموعاته، وتطفل

(2)

بذلك وكان يجتمع معي جمع وافر للسماع منه رحمه الله.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني بالاسكندرية قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن أحمد بن محمود الثقفي رئيس أصبهان قال:

أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي قال: أخبرنا عبد الله بن يعقوب

(1)

-سلم الى فردريك بربروسا ثم ما لبث ان استرده الملك الصالح أيوب بمعونة الخوارزمية مما أثار الحملة الصليبية السابعة.

(2)

-طفل الكلام تطفيلا: تدبره، والليل دنا، والشمس دنت للغروب، القاموس.

ص: 2285

الكرماني قال: حدثنا بحر بن بحر الكرماني قال: حدثنا حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انكم اليوم على دين، واني مكاثر بكم الأمم فلا تمشوا القهقري بعدي

(1)

.

أخبرنا أبو علي الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر الحافظ قال: أخبرنا الشيخان:

أبو الفتح محمد بن عبد الواحد بن علي الوكيل وعمر بن محمد بن علكوية الزاهد قالا: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المعدل-املاء-قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا هرون قال: حدثنا أبو عامر العقدي قال: حدثنا محمد ابن هلال عن أبيه قال: قال أبو هريرة وهو يحدثنا: كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يجلس معنا في المسجد يحدثنا، واذا قام قمنا قياما حتى نريه قد دخل بعض بيوت أزواجه، قال: فحدثنا يوما فقمنا حتى قام، فنظر الى أعرابي قد أدركه فجبذه بردائه فحمر رقبته، قال: أبو هريرة: وكان رداؤه خشنا، فالتفت الى الاعرابي فقال له الاعرابي: احمل لي على بعيري هذين فانك لا تحمل من مالك ولا من مال أبيك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا واستغفر الله ثلاثا حتى تقيدني في جبذتك التي جبذتني، قال: فكل ذلك يقول له الاعرابي: لا والله لا أقيدكها، قال: فالتفت النبي صلى الله عليه (159 - ظ) وسلم الينا، ونحن مثل الخيل سراعا كلنا نبادر الأعرابي أن نأخذه، فقال: عزمت على كل رجل سمع صوتي وقولي أن لا يبرح مقامه حتى آذن له، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه، فقال: لا تعجل يا أبا حفص، ثم دعا رجلا فقال: احمل له على بعيريه هذين، على بعير شعيرا وعلى بعير تمرا، ثم التفت الينا فقال: انصرفوا على بركة الله عز وجل

(2)

أخبرنا حسن بن أحمد قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر قال: قرأت علي أبي علي الحسن بن حمزة بن محمد بن علي الحجالي، بالكوفة سنة ثمان وتسعين وأربعمائة عن أبي الحسين محمد بن علي بن خشيش التميمي المقرئ قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي

(1)

-انظره في كنز العمال:1066،1/ 913.

(2)

-انظر كنز العمال:18710،7/ 18709.

ص: 2286

حكمة التمار قال: حدثنا محمد بن عمران قال: حدثنا أحمد بن أبي سليم، عن الحسن البصري أنه قال ذات يوم لجلسائه: يا معشر الشيوخ ما ينتظر بالزرع اذا بلغ؟ قالوا: الحصاد، قال: يا معشر الشباب ان الزرع قد تدركه العاهة قبل أن يبلغ

أخبرنا حسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الفضل يونس بن محمد بن بندار السيسي بمكة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الواحد بن الفضل بن محمد الفارمذي رحمه الله قال:

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن علي بن عبد الله الطوسي قال: أخبرنا الشيخان أبو منصور بن طاهر بن العباس، وأبو حفص عمر بن الخضر بن محمد الثمانيني قالا: أخبرنا أبو الحسن المغيرة بن عمرو (160 - و) بن الوليد قال: حدثنا أبو سعيد المفضل بن محمد بن ابراهيم الجندي قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن مالك بن دينار قال:

بينا أنا أطوف ذات ليلة، اذا أنا بجويرية صغيرة تطوف بالبيت، وهي تقول: يا رب كم من شهوة قد ذهبت لذتها، وبقيت تبعنها، يا رب ما كان لك عقوبة ولا أدب إلاّ بالنار؟! قال مالك: فلم يزل ذلك حالي وحالها حتى طلع الفجر، قال مالك: ثم وضعت يدي على رأسي فقلت: ثكلتك أمك يا مالك، جويرية صغيرة غلبتك منذ الليلة!

أنشدنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال:

أخبرنا الفقيه أبو الجيوش عساكر بن علي بن نصر المقرئ قال: أنشدني الشيخ أبو الحسين عبد الكريم التكلي رحمه الله قال: أنشدني الصقلي بالاسكندرية من شعره لنفسه:

مزرفن

(1)

الصدغ يسطو لحظة غلبنا

بالخلق جذلان ان يشكو الهوى ضحكا

لا تعبثن بورد فوق وجنة

فانما نصبته عينه شركا

توفي أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس، في ليلة الجمعة عاشر صفر سنة ثلاثين وستمائة. أخبرني بذلك أبو عبد الله محمد بن يوسف

(1)

-الزرفين: حلقة للباب، وقد زرفن صدغيه: جعلهما كالزرفين. القاموس.

ص: 2287

البرزالي الاشبيلي، ودفن بمقابر ماملا ظاهر القدس الشريف، وزرت قبره بمقبرة دفن فيها الشيخ ربيع بن محمود المارديني وغيره من الصالحين (160 - ظ) حين توجهت الى الديار المصرية رسولا في سنة سبع وثلاثين وستمائة.

‌الحسن بن أحمد بن أبي الحسين:

أبو علي الكاتب الديباجي المصري، أصله من طرابلس، وولد بالديار المصرية ونشأ بها، واشتغل بالادب والعربية والكتابة، ونظم الشعر، وكان يكتب كتابة حسنة خطا ولفظا، وكتب الانشاء للملك الكامل أبي المعالي محمد بن بكر بن أيوب، وحظي عنده، وعلت منزلته، واعتمد عليه في أمر دولته، وكان سديدا عاقلا ذا رأى وسداد، ونباهة ورئاسة، ورد حلب رسولا الى الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، روى عنه ولده أبو عبد الله محمد بن الحسن الديباجي شيئا من شعره.

أنشدنا أبو السعادات المبارك بن حمدان المعروف بابن المرحل قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن الحسن الديباجي قال: سمعت والدي ينشد لنفسه، وكان جالسا بين يدي الأسعد بن مماتي يلتمس منه توقيعا براتب له، فقال يخاطبه:

أثل

(1)

وأثر في الانام مآثرا

تبقى على الأيام موثر شرحها

وافتح دواتك لي ووقع إننى

أتوقع النصر القريب بفتحها

قال: ومن شعره أيضا يمدح شرف الدين بن الأشرف بن الجبان من قصيدة أولها: (161 - و).

أما وسحر المقل

وحسن ذاك الكحل

وورد خديه الذي

صاغته أيدي الخجل

وما حوى ثغرك من

ذاك الرحيق السلسل

لأخدعن في هواك

رقية للعّذّل

أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري قال:

(1)

-الثلة: جماعة الغنم، وأثل: كثرت عنده الثلة، والكثير من الدراهم. القاموس.

ص: 2288

في ذكر من مات سنة سبع عشرة وستمائة في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي ليلة الثامن والعشرين من رجب توفي القاضي الأجل، أبو علي الحسن بن أبي المكارم أحمد بن أبي الحسين، المنعوت بالموفق ابن الديباجي، الكاتب بدمشق، وكان فاضلا متأدبا وكتب الخط الحسن، وكتب في ديوان الانشاء الكاملي مدة، وتوجه رسولا الى الشرق وعاد فأدركه أجله بدمشق، وله شعر، ورأيته، ولم يتفق لي السماع منه وكتبت شيئا من شعره عمن سمعه منه

(1)

.

كان قد بلغني أن الحسن بن أحمد الديباجي الكاتب توفي بدمشق في شهر رجب سنة سبع عشرة وستمائة أخبرني بذلك أبو السعادات بن المرحل، عن ولده أبي عبد الله محمد قال: وكان الملك الكامل يعتمد عليه في مهمات الامور، فحسده على مكانته الوزير يومئذ، وهو الصفي أبو محمد عبد الله (161 - ظ) بن علي بن شكر الدميري ودس اليه من سقاه سما فقتله في التاريخ.

‌الحسن بن احمد البالسي:

حدث عن أبي أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، وعبيد بن أسباط، وفرج ابن جبير، وروى عنه أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، فان لم يكن أبا طاهر ابن فيل فهو غيره.

أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال:

أخبرنا أبو الفضل جعفر بن يحيى الحكاك-اجازة قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله ابن سعيد بن حاتم الوائلي قال: أخبرنا الحسن بن بقاء بن محمد الهمداني قال:

أخبرنا الحسن بن الحسين بن بندار أبو بكر قال: أخبرنا الحسن بن أحمد البالسي قال: حدثنا محمد بن ابراهيم، وهو أبو أمية، قال: حدثنا محمد بن سابق قال:

حدثنا سعر، عن أبي قيس عبد الرحمن بن مروان، عن عمرو بن ميمون، عن أبي مسعود الانصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه-يعني-حديثا ذكره وهو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن

(1)

-ليس في المطبوع من كتاب التكملة لوفيات النقلة.

ص: 2289

في ليلة، فكبر ذلك في أنفسهم، فقال:«قل هو الله أحد-الله الصمد» . ثلث القرآن

(1)

.

‌الحسن بن أحمد أبو أحمد الامام:

سمع بحلب أبا محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن أخي الامام الحلبي، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن هرون الرشيدي. روى عنه أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح. (162 - و).

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر ابن أبي محمد البسطامي قال: حدثنا أبو الفتح عبد السلام بن أحمد بن اسماعيل يعرف ببكيرة، ح.

وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء بحلب-وأبو عبد الله الحسن بن المبارك الزبيدي، بمكة، قالا: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى ابن شعيب السجزي قالا: أخبرنا أبو عاصم الفضل بن يحيى بن الفضل الفضيلي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح قال: حدثنا أبو أحمد الامام -يعني-الحسن بن أحمد قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن أخي الامام، بحلب، قال: حدثنا سليمان بن سيف قال: حدثنا سعيد بن سلام قال:

حدثنا عمر بن محمد عن صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنوا موتاكم لا إله الاّ الله، ولا قوة إلاّ بالله

(2)

.

‌الحسن بن أحمد التنوخي:

أنشد عن وهب بن ناجية المري انشادا بحلب، رواه عنه أبو القاسم علي بن محمد بن عبدوس الكوفي.

أخبرنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي-في كتابه-قال:

أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو محمد

(1)

-انظره في كنز العمال:2724،1/ 2669.

(2)

-انظره في كنز العمال:15/ 42166.

ص: 2290

جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو القاسم المحسن بن حمزة (162 - ظ) ابن عبد الله الوراق قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن جعفر الدبيلي قال: أنشدنا ابن عبدوس قال: أنشدني الحسن بن أحمد التنوخي بحلب قال:

أنشدني وهب بن ناجية المري:

كن لما لا ترجو من الأمر أرجى

منك يوما لما له أنت راج

ان موسى مضى ليقبس نارا

من ضياء رآه والليل داج

فأتى أهله وقد كلم الله

وناجاه وهو خير مناج

(1)

وكذا الأمر ربما ضاق بالمرء

فتتلوه سرعة الانفراج

‌الحسن بن أحمد المعري:

الشاعر المعروف بالوامق، وقرأت بخطه على ظهر قصيدة من شعره: الوامقي هو شاعر من أهل معرة النعمان حسن الشعر.

رأيت بخط أبي العلاء المحسن بن أبي الندى المعري في خبر ذكر فيه جماعة شعراء المعرة فقال في ذكره: الوامق شاعر خليع متهتك، سهل الألفاظ بالمرة.

أخبرني شهاب الدين أحمد بن مدرك بن سعيد بن مدرك بن علي بن سليمان، أبو المعالي قاضي معرة النعمان يأثره عن المعريين، قالوا: كان الناظر والوامق ابن الدويدة أضافوا قاضي حمص، فأنزلهم بحمص بمكان يختص به، وأمر من يأتيهم بما يستدعونه من الضيافة، فأحضر لهم ما طلبوه حتى الشراب، وأحضر لهم فرشا (163 - و) ناموا فيها، فبالوا في الفرش، وأصبحوا خجلين من القاضي أن يبلغه ذلك فأنشأ الناظر فقال:

لا تلمنا ولم شرابك واصفح

يا معري من كل عيب ونقص

فقال الوامق:

أنت أصل الفساد والذنب

للخياط عند التفصيل لا للمقص

فقال ابن الدويدة:

(1)

-انظر سورة طه-الآية:10.

ص: 2291

واذا نحن في الحقائق عدنا

فهي خمر ونحن في أرض حمص

وأخبرني غير قاضي المعرة من المعريين، أن قاضي حمص حضر عندهم، وهم على تلك الحال ليشاهد أدبهم، فحملهم السكر على أن كلموه بكلام قبيح، فعملوا هذه الأبيات اعتذارا اليه والله أعلم.

وقيل ان قاضي حمص المشار اليه هو ابن مهدي وقد ذكرنا ذلك بإسناد آخر في ترجمة أبي الحسين أحمد بن محمد بن الدويدة.

وقعت إليّ أبيات بخط الوامق من شعره، كتب بها الى أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله المعري، قاضي معرة النعمان، يستشفع به الى عبد العزيز بن علي كاتب الامير ابن جبهان، وقد اطلق له ابن جبهان غلّة، فمطله عبد العزيز الكاتب:

يا حاكما أيامنا مشرقة منذ ولي يا قاضيا ألفاظه تفعل فعل الأسل لي صلة ما وصلت قد ضاق فيها حيلي (163 - ظ) جاد ابن جبهان بها أكرم أهل الدول فانظر إليّ نظرة تكشف عني غللي صدق ظنوني كلها فيك وحقق أملي اليك أشكو المطل من عبد العزيز بن علي أريد ما صاحبه بخطه وقع لي اذا اغتدا ممتثلا لأمرك الممتثل فوص للكيال بي وصاة شهم بطل كذا بخطه وينبغي أن يكون: «فوصّ لي الكيال بي» .

في هزه قرطاله والرد حتى يمتلي القرطال: الكيل وقل له ان الوفا في الكيل خير العمل

ص: 2292

وسل جرّيا بعده يسمح لي بالجمل فلم يزل محسنا وهكذا لم تزل دعائي أن تبقى وأن تمنح طول الأجل.

‌الحسن بن أحمد أبو علي السامي:

شاعر أظن أنه من أهل حلب، أو من أهل معرة النعمان، سمع بحلب أبا الحسين أحمد بن علي بن أبي أسامة الحلبي في سنة ست وأربعمائة، وأبا الحسن محمد بن عبد الله بن سعد النحوي الحلبي بها أيضا. (164 - و).

‌الحسن بن أحمد المهلبي العزيزي:

رجل فاضل كان متصلا بالعزيز الفاطمي، المستولي على مصر، ووضع له كتاب المسالك والممالك-العزيزي-وهو كتاب حسن في فنه، يوجد فيه ما لا يوجد في غيره من أخبار البلاد وفتوحها وخواصها، ذكر في كتابه هذا أنه دخل حلب، ولحق بقية من ولد صالح بن علي، يقال لهم بنو القلندر، وأنه شاهد لهم نعما ضخمة ورأى لهم منازل في النهاية السرو

(1)

.

قلت: وهؤلاء بنو القلندر كانت منازلهم بحلب بالقرب من باب قنسرين، والرحبة من مدينة حلب حرسها الله تعالى.

‌ذكر من اسم أبيه اسحاق ممن اسمه الحسن:

‌الحسن بن اسحاق بن ابراهيم بن زيد:

أبو محمد المعدل، دخل الشام وسمع بمنبج أحمد بن يوسف بن اسحاق المنبجي وببيت المقدس الفضل بن مهاجر، وروى عن محمد بن سعيد البرجمي، وعمر بن سهل، روى عنه أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الحافظ.

أخبرنا يوسف بن خليل بن عبد الله اجازة قال: أخبرنا مسعود بن الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد

(1)

-لم يصلنا كتابه، نقل عنه بن العديم مرارا في الجزء الاول، وعثر على قطعة منه تتعلق بوصف دمشق، نشرها صلاح الدين المنجد في مجلة معهد المخطوطات العربية في القاهرة 1958 - المجلد الرابع-الجزء الاول:43 - 66.

ص: 2293

الحسن بن اسحاق بن ابراهيم بن زيد قال: حدثنا الفضل بن مهاجر، ببيت المقدس، قال: حدثنا مسعود بن محمد بن مسعود قال: حدثنا يزيد بن موهب قال (164 - ظ) حدثنا أبو حازم الزاهد عن سفيان الثوري، عن ابراهيم الهجري، عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على كل مسلم في كل يوم صدقة، قلنا: ومن يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: السلام على المسلم صدقة وعيادتك المريض صدقة، وصلاتك على الجنازة صدقة، واماطتك الأذى على الطريق صدقة، وعونك الضعيف صدقة

(1)

.

وقال أبو نعيم الحسن بن ابراهيم بن زيد أبو محمد المعدل، توفي غرة ذي الحجة من سنة سبعين وثلاثمائة، حدث عن الشاميين والعراقيين، كثير الحديث صاحب أصول واتقان

(2)

.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال:

الحسن بن اسحاق بن ابراهيم بن زيد، أبو محمد الأصبهاني، المعدل، رحال سمع الفضل بن المهاجر ببيت المقدس، ومحمد بن سعيد البرجمي بحمص، وعمر بن سهل، واجتاز بدمشق أو بساحلها، روى عنه أبو نعيم الأصبهاني

(3)

. (165 - و)

(1)

-انظره في كنز العمال:17042،16424،6/ 16307.

(2)

- ذكر أخبار أصبهان:1/ 273.

(3)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 209 و.

ص: 2294

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي

‌الحسن بن اسحاق بن بلبل:

أبو سعيد النيسابوري، ثم المعري قاضي معرة النعمان، أصله من نيسابور، وقدم معرة النعمان وتولى بها القضاء، وحدث بها.

سمع بحلب عبد الرحمن بن عبيد الله الأسدي، وبحماة أبا المغيث محمد بن عبد الله بن العباس البهراني، وبمصر أبا عبد الله محمد بن أحمد بن موسى السوانيطي، وأبا عبد الرحمن النسائي، وأبا جعفر الطحاوي، وأبا الحسن بسام ابن أحمد المعافري، وببيت المقدس أبا عبد الله محمد بن أيوب بن مشكان، وبدمشق أبا محمد عبد الرحمن بن اسحاق بن ابراهيم بن اسماعيل الضامدي، وأبا بكر محمد ابن خريم، وأبا الحسن محمد بن عون بن الحسن بن عون الوحيدي، وأبا عبد الله محمد بن شيبة بن الوليد، وبالكوفة أحمد بن علي الخلال، وبالري أبا جعفر أحمد ابن محمد بن سليمان القطان.

وحدث عنهم وعن أبي سليمان محمد بن يحيى بن المنذر، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبي الخير وقاد بن الحسين بن عقبة الكلابي الرقي، وأبي الحسين مسبح ابن حاتم وأبي ميسرة أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني، وأبي محمد القاسم ابن عباد، وأبي بكر موسى بن اسحاق ابن موسى الأنصاري القاضي، وأبي عبد الله محمد بن أيوب بن الضريس الرازي، وأبي عبد الله محمد بن زكريا الغلابي، والسري بن سهل ومطين.

روت عنه ابنته أم سلمة آمنة بنت الحسن، وأبو الحسن علي بن محمد بن (166 - و) الطيوري الحلبي، والقاضي أبو محمد عبد الله بن سليمان بن محمد

ص: 2295

المعري، والد أبي العلاء، وأبو الحسين علي بن المهذب بن محمد بن همام بن عامر التنوخي، وأبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن روح، ومحمد بن عمر بن سماك بن حبيش، ومحمد بن مسعر بن محمد المعريون، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان القطان الحافظ، وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن ذكوان البعلبكي، وله كتاب مصنف في الرد على الإمام الشافعي، وبيان ما خالف فيه القرآن، وكان يذهب الى رأي الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.

أخبرنا المؤيد بن محمد بن علي النيسابوري في كتابه إليّ منها، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال: حدثني أبو الفضل أحمد ابن علي بن عبد اللطيف المعري-املاء بحلب-قال: حدثنا الشيخ أبو العلاء أحمد ابن عبد الله بن سليمان التنوخي قال: حدثتنا جدتي أم سلمة ابنة الحسن بن اسحاق ابن بلبل القاضي قالت: حدثني أبي أبو سعيد الحسن بن اسحاق-بقراءته علي من لفظه-قال: حدثنا أبو عبد الله السوانيطي محمد بن أحمد بن موسى بمصر قال:

حدثنا عبد الرحمن بن معاوية القرشي قال: حدثنا روح بن صلاح عن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن خراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيأتي عليكم زمان لا يكون فيه أعز من ثلاثة: أخ يستأنس به، أو سنة يعمل بها، أو درهم

(1)

حلال. (166 - ظ).

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البيان محمد بن عبد الرزاق ابن أبي حصين التنوخي قال: حدثنا أبي أبو غانم عبد الرزاق بن عبد الله قال:

حدثني أبي أبو حصين عبد الله بن المحسن بن عمرو التنوخي قال: حدثتني جدتي أم سلمة ابنة القاضي الحسن بن اسحاق بن بلبل قالت: حدثني أبي الحسن فذكر الحديث باسناده مثله.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله قال: أخبرنا جدي الحسن بن أحمد قال: أخبرنا

(1)

-انظره في كنز العمال:11/ 30886.

ص: 2296

أبو طاهر الحسين بن محمد بن الحسين الأيلي، امام جامع دمشق، قال: حدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن ذكوان البعلبكي قال: أخبرنا الحسن بن اسحاق بن بلبل قال: حدثنا السري بن سهل قال: حدثنا عبد الله بن رشيد قال:

حدثنا مجاعة بن الزبير، عن قتادة، عن أبي اسحاق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اشتاق الى الجنة سارع الى الخيرات، ومن أشفق من النار لها عن الشهوات، ومن ترقب الموت هانت عليه اللذات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات

(1)

.

أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي-إذنا-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: الحسن بن اسحاق بن بلبل أبو سعيد المعري القاضي، سمع بدمشق: أبا بكر محمد بن خزيم، وأبا محمد عبد الرحمن بن اسحاق ابن ابراهيم بن اسماعيل الضامدي، وأبا الحسن محمد بن عون بن الحسن الوحيدي وأبا عبد الله محمد بن شيبة بن الوليد وبغيرها (167 - و) أبا سليمان محمد بن يحيى ابن المنذر، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبا عبد الله محمد بن أيوب بن مشكان ببيت المقدس، وأحمد بن علي الخلال بالكوفة، وأبا الخير وقار بن الحسين بن عقبة الكلابي الرقي، وأبا بكر موسى بن اسحاق بن موسى الأنصاري القاضي، ومطينا، وأبا ميسرة أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني، وأبا الحسين مسبح بن حاتم العكلي، وأبا عبد الرحمن النسائي، وأبا محمد القاسم بن عباد، وأبا جعفر أحمد بن محمد بن سليمان القطان بالري، وأبا المغيث محمد بن عبد الله بن العباس البهراني بحماة، وأبا عبد الله محمد بن أحمد بن موسى بمصر.

روت عنه ابنته آمنة، وروى عنه أبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن روح المعري، وأبو الحسين علي بن المهذب بن محمد بن همام بن عامر التنوخي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان القطان الحافظ، ومحمد بن عمر بن سماك ابن حبيش المعري وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي، وهو أكبر منه، وأبو محمد عبد الله بن سليمان بن محمد المعري.

(1)

-انظره في كنز العمال:15/ 43440

ص: 2297

وقال الحافظ: كان ابن بلبل حيا سنة احدى وخمسين وثلاثمائة

(1)

.

سيّر الى بعض الشراف الهاشميين بحلب تاريخا جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن المهذب المعري، مما وجده بخط جد أبيه أبي الحسين علي بن المهذب، وأخذه عن أبي العلاء سليمان وغيره من أهل بلده قال: وفيها-يعني-سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة توفي القاضي أبو سعيد الحسن بن اسحاق من بلبل النيسابوري، بمعرة النعمان، وبقي قاضيها أربعين سنة، يعزل ويعود، وبها دفن (167 - ظ).

‌الحسن بن اسحاق الانطاكي:

وقيل فيه الحسين بن اسحاق، حدث عن الوليد بن مسلم، روى عنه الفضل ابن محمد الأنطاكي الاحدب.

‌الحسن بن أسد:

أبو نصر الفارقي، الأمير، شاعر مجيد، بليغ من أهل ميافارقين، وكان قد رأس بها وتأمر على جماعة من سوقتها فراسله ناصر الدولة بن مروان فملكه إيّاها فاستوزره، فلما قدمها السلطان تتش اليها سلمها أهلها اليه، فهرب من ميافارقين ووصل الى حلب، ثم عاد منها الى حران فقتل لما وقع منه.

وهو شاعر مجيد فصيح حسن الشعر فاضل أديب، عارف بالعربية، حكى عن الوزير أبي القاسم بن المغربي. روى عنه أبو المعالي الفضل بن سهل الأسفرائيني الحلبي المعروف بالأثير وأبو منصور أحمد بن محمد بن طاهر بن نباته، وأبو الحسن علي بن السند الشروطي الفارقيان، وعثمان بن عيسى البلطي النحوي.

قرأت بخط الحسن بن جعفر بن المتوكل على الله، وأخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير-اجازة عنه-قال: حدثني الفضل بن سهل الأسفرائيني الحلبي-يعني-المعروف بالأثير، قال: اجتمعت بابن أسد بحلب، فقال لي مرّ بي الوزير المغربي، فوقف علي، وقال: نحن بالأشواق الى لقائك لما ينتهي الينا من تلقائك، فلو زرتنا لأنسنا بك، فقلت له: قد كففت ذيل مطامعي ببيت قلته، فقال:

وما هو؟ فأنشدته: (168 - و).

(1)

- تاريخ ابن عساكر 209:4 - و- ظ.

ص: 2298

اذا شئت أن تحيا عزيزا

فلا تكن على حالة إلاّ رضيت بدونها

قال: فصفق المغربي وقال: أيها الشيخ هذا بيت تبر لا بيت شعر.

قلت: ووجدت هذا البيت في بعض الكتب منسوبا الى شاعر قديم.

أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين-بالقاهرة-عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أنشدني أبو منصور أحمد بن محمد بن طاهر بن نباتة-أحد الخطباء بميافارقين-قال: أنشدنا أبو نصر الحسن بن أسد النحوي الفارقي لنفسه:

أيا ليلة زار فيها الحبيب أعيدي

لنا منه وصلا وعودي

فإني شهدتك مستمتعا به

بين رنة ناي وعود

وطيب حديث كزهر الرياض

تضوع ما بين مسك وعود

سقتك الرواعد من ليلة

بها اخضر يابس عيشي وعودي

فلما نقضت أمرضتني

فزوري مريضك يوما وعودي

أخبرنا يوسف بن أبي الثناء الصوفي قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد الإمام- اذنا-قال: أنشدني أبو الحسن علي بن السّند الفارقي الشروطي بميافارقين قال:

أنشدنا أبو نصر الحسن بن أسد الفارقي النحوي لنفسه:

يا من هواه بقلبي مقداره ما يحدّ

طرفي حنا ففؤادي لأي شيء يحدّ (168 - ط).

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شحاته الحراني بها قال: قرأت بخط الشيخ حماد الحراني قال أنشدني الحافظ أبو الخطاب عمر بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن معمر العليمي الدمشقي-ح.

وأنبأنا أبو المعالي عبد الرحمن بن علي بن عثمان المخزومي عن أبي الخطاب العليمي قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد الخوارزمي بدمشق للحسن ابن أسد الفارقي:

ص: 2299

لو أن قلبك لما قيل قد بانوا

يوم النوى صخرة صماء صوان

لعيل صبرك مغلوبا ونم بما

أخفيته مدمع للسر صوان

زجرت أشياء في أشياء تشبهها

اذ بينهن رضاعات وألبان

فقال لي الطلح

(1)

يوم طالح ونوى

وحقق البين عندي ما وأى

(2)

البان

واستحلبت حلب جفني فانحلبا

وبشرتني بحر القتل حران

فالجفن من حلب ما انفك من حلب

والقلب بعدك من حران حران

قال: وذكر لي رحمه الله أن ابن أسد عبر من ميافارقين طالبا حلب، ثم عاد منها، فلما وصل الى حران أخذه المتولي بها يومئذ بحران فصلبه لما بلغه عنه من أشياء نقمها عليه، وكان يقول: عجبنا منه كيف جرى على لسانه في شعره مثل ما جرى له.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج المقدسي-إجازة- قال: أخبرنا عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني في خريدة القصر قال: الحسن بن أسد حسن القول أسده فارس (169 - و) النظم أشده، ذو اللفظ البليغ والمعنى البديع، والخاطر السريع، والكلام الصنيع، فلفظه عقد، ومعناه ليس بمعقد، وجوهر صنعته في سلك الفضل غير مبدد، فلله در ذا الصانع ذي الدر الناصع الذي تنصع جلود الحساد منه في المناصع

(3)

، اليوم عدو ابن أسد ساء نبأ، ودعم ويلا، وحسوده جر من الخجل ذيلا، وفر من الوجل ليلا، حيث أحييت ذكره بإطرائي إياه، وكدر ملؤه الصافي في منبع الفضل فأجريناه، وفي معين عين هذا الكتاب أنبعناه، وفي سوق الكساد ما بعناه، أقدم أهل العصر زمانا، وأقومهم بهذا الشعر صنعة وبيانا، كان في زمان نظام الملك

(4)

وملكشاه

(5)

، وشمله منهما الجاه بعد أن قبض عليه واسئ إليه، فإنه كان متوليا على آمد وأعمالها

(1)

-الطلع شجر عظام، والجمل المصاب باعياء. القاموس.

(2)

-وأى: وعد وضمن. القاموس.

(3)

-أي تقشعر جلود الحساد في المحافل. وكتب ابن العديم في الهامش: يقرأ مقلوبا.

(4)

-أشهر وأعظم وزراء السلطنة السلجوقيه، له ترجمة جيدة في آخر هذا الجزء.

(5)

-وصلت السلطنة السلجوقية ذروة توسعها في أيامه، توفي سنة 485 هـ / 1092 م دون أن يبلغ الاربعين من عمره.

ص: 2300

مستبعدا باستيفاء أموالها فخلصة الكامل الطبيب

(1)

. وقضى أربه ذلك الاريب فنشرع في الاشعار بأشعاره، ونشرح فيها بعض شعاره ولا ندع هذا الهم لا مهملا ولا مملا ونملي من فوائده ما يملأ الملأ مفصّلا، أودع فص الفصاحة خاتم كلمه، ونشر في معالم علمه خافق عمله، وشت عبارته بالطيب وشي العبير، ووشت في الحسن وشي التعبير، ورعت كلأ كلامه الافهام، وهامت في استحسانه الاوهام، وكان ينظم الشعر طبعا ويتكلف الصنعة (169 - ظ) فيه ويلتزم ما لا يلزم في رويه وقوافيه وكانت له نفس كل نفس يكرمها معتد، ونفس طويل في النظم ممتد سائر شعره شائع ذكره، يقع في منظومه التجنيس الواقع الرائق الرائع، وكان من فحول الشعراء في زمانه ومن المغبرين في وجوه أقرانه. (170 - و)

(2)

.

قرأت في تاريخ ميافارقين تأليف أحمد يوسف بن علي الازرق قال: لما مات السلطان ملكشاه وولى بركيارق السلطنة

(3)

بعد موت أبيه وصل موت ملكشاه الى ميافارقين، فاختبط الناس واختلفوا ثم وقع اتفاقهم أن نفّذوا الى السلطان بركيارق يستدعونه، وكتبوا إليه يقولون: إن هذه بلاد أبيك وما نريد غيركم فتصل لتأخذها، أو تسير نائبا عنك، فطال الامر ووعدهم بالحضور، واشتغل بتلك البلاد، وأجمع رأيهم على أن قدموا أبا سالم يحيى بن الحسن بن المحور على أن يحفظ البلد للسلطان، وسلموا إليه مفاتيح ميافارقين وأجلسوه، فلما تعذر وصول السلطان، اختلف الناس وماجوا فقال قوم: نستدعي ناصر الدولة بن مروان، وكان عند موت السلطان في أعمال بغداد فصعد الى الجزيرة وملكها، فعزم بعض الناس على استدعائه وكره بعضهم دولة بني مروان لما رأوه من عدل السلطان، وسار بعضهم الى السلطان تاج الدولة تتش الى نصيبين يستدعونه وقالوا: قد حفظنا البلد لكم وأنت أخو السلطان

(4)

وكان ابن أسد في المدينة، رأس الجهال والسوقة والرعام يدور في

(1)

-طبيب كان حظيا بحضرة ملكشاه. القفطي. انباء الرواة:1/ 294.

(2)

- الخريدة قسم شعراء الشام:2/ 417 - 418، وجاءت بقية الصفحة فارغة لدى ابن العديم.

(3)

-انظر لمزيد من التفاصيل كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:221 - 230.

(4)

-أخو السلطان ملكشاه-مدخل الى تاريخ الحروب الصلبية:215 - 220.

ص: 2301

المدينة ويحفظ السور، فانفذ ناصر الدولة الي ابن أسد ووعده الجميل، وطيب قلبه، فأجابه الى ما أراد فاستدعاه وانفقت ميافارقين (170 - ظ) خالية من الكبار وأهل البلد والمقدمين لتوجههم الى تتش، فوصلها ابن مروان في أول سنة ست وثمانين وأربعمائه وسلمها إليه ابن اسد، ودخل ناصر الدولة، وملكها واستوزر ابن أسد، ولقب محي الدولة، ثم سار تتش الى ميافارقين، فراسلهم وخوفهم، فحين رآه الناس صاحوا بأسرهم، وسلم البلد، إليه ودخله من يومه في شهر ربيع الاول سنة ست وثمانين وأربعمائة، واستقر السلطان بميافارقين، وسار عنها الى حران يجمع العساكر ليمضي الى بركيارق يصافه، وكان ابن أسد لما ملك السلطان انهزم واختفى ببعض البلاد ثم قصد السلطان وامتدحه بقصيدة يقول فيها بيتا عجيبا:

استحلبت حلب جفني فانهملت

وبشرتني بحر الشوق حران

ويقال إنه قال: بحر القتل حران، فكان فألا عليه، فلما لقي السلطان وامتدحه وأعجب الناس بشعره، قال بعض الناس: يا مولانا أتعرف هذا؟ فقال: من هو؟ قال:

هو الذي نفذ احضر ابن مروان الى ميافارقين وسلمها إليه قبل وصولك، وغلب على رأي أهل ميافارقين، فأمر بضرب عنقه فقتل بحران سنة سبع وثمانين وأربعمائة.

(1)

‌ ذكر من أسم أبيه اسماعيل ممن اسمه الحسن:

‌حسن بن اسماعيل بن الحسن بن كاسيبويه:

أبو علي، وقيل علي بن محمد، أبو (171 - و) الحسن الملقب بالقاضي المؤتمن الكاتب المصري، كان من كتاب الدولة الفاطمية، فلما تولى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب استكتب القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني واستقل القاضي المؤتمن بكتابة العاضد

(2)

الى أن عزل العاضد وخطب لبني العباس، ثم أن الملك الناصر أضافه الى ابنه الملك الظاهر، واستكتبه له، وسيره معه الى حلب مدبرا لامره، وكاتبا، فخدمه بحلب، وصار له عنده وجاهة زائدة، وحرمة وافرة، وملكه قرية من قرى حلب تعرف بالفهيدية من النهريات القبلية، وكان له

(1)

-اختزل ابن العديم رواية الفارقى، ولم ينقلها كاملة. انظر تاريخ الفارقى- ط. القاهرة 230:1959 - 238.

(2)

-آخر خلفاء الدولة الفاطمية (555 - 567 هـ /1160 - 1171 م).

ص: 2302

نثر جيد ونظم حسن، وقعت له على كتاب وضعه في الجواري نحافيه وضع الثعالبي أبي منصور في كتاب الغلمان،

(1)

ذكر فيه مائه جارية، وأورد فيه شيئا من شعره، ووجدته مترجما بتأليف: حسن بن اسماعيل بن الحسن بن كاسيبويه، والصحيح أن اسمه علي بن محمد، وسنذكره في باب من اسمه علي إن شاء الله تعالى.

قرأت في كتاب الجواري لحسن بن اسماعيل بن كاسيبويه ما أورده من شعره في جارية تتلو القرآن:

وجارية مثل الهلال بها أنسي

وتربو على البدر المنير مع الشمس

اذا تلت القرآن أحسب أنني

أرى الحور تشدوني به في ذرى الشمس

مكرمة أمسي وأصبح حبها

بقلبي فيومي في هواها كما أمسي

وهان لها قتلي كأن لم تكن تلت

كما النص أن النفس تقتل بالنفس

(2)

(171 - ظ)

ومما أورد في هذا الكتاب من شعره في جارية تروي حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

روت الحديث عن النبي

ظريفة في القلب تأوي

وأتت بما عند الرجال

من المحاسن والمساوي

أخبار تلد غنا بما تحوى

وليس لهن حاوي

في تارة بالقول تجرحنا

وفي الاخرى تداوي

يا ليتها في الوصل والهجران

أنفسنا تساوي

اجتمعت بالقاهرة برجل اسمه علي، ذكر لي أنه ولد القاضي المؤتمن، فذكر لي أن أباه المؤتمن مات بدمشق في مستهل شهر رمضان من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة قال لي شيخنا أبو اليمن الكندي: مات القاضي المؤتمن في داري هذه، وهي بالقرب من جيرون في زقاق العجم.

(1)

-لم أقف على ذكر لهذين الكتابين.

(2)

- انظر سورة المائدة-الآية:45.

ص: 2303

‌الحسن بن اسماعيل:

المجالدي المصيصي حدث

(1)

.

روى عنه أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز الحلبي الزاهد، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وقال: مصيصي ثقة.

‌الحسن بن الاشعث بن محمد بن علي:

أبو علي المنبجي الشافعي، من أهل منبج، حدث بها عن صالح بن الاصبغ أبي الفضل المنبجي، وأبي عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي القاضي، وأبي علي الحسن عبد الله بن سعيد الحمصي، وأبي اسحاق ابراهيم بن اسحاق، وأبي عبد الله الحسين بن عبد الوهاب.

روى عنه أبو القاسم (172 - و) علي بن محمد بن أبي العلاء، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، وأبو علي الحسن بن علي بن الحسين بن أبي شيبة المنبجي وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن ابراهيم الاردستاني، وعبد الرحمن بن محمد ابن محمد بن أحمد بن سعيد البخاري، وأبو معشر الطبري المقرئ، وأبو سعد اسماعيل بن علي الرازي السمان.

أخبرنا القاضي أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بها، قال:

أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي قال: قرأت على أبي علي الحسن بن الاشعث بن محمد بن علي المنبجي-بها في مسجده يوم النصف من ربيع الاول سنة سبع عشرة وأربعمائة-قلت له: أخبركم أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد الكندي الحمصي ببعلبك في مسجد الجامع، يوم الجمعة-قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز بن مروان الحلبي قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو خالد الاحمر عن عوف الاعرابي عن زراره بن أوفى عن عبد الله بن سلام قال:

قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فانجفل الناس إليه، وكنت فيمن انجفل إليه،

(1)

-فراغ بالاصل، وقد حدث عن: ابراهيم بن سعد، وفضيل بن عياض، ووكيع وهشيم، وابن ادريس والمطلب بن زياد وغيرهم. انظر تهذيب التهذيب:255/ 2.

ص: 2304

فلما رأيت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب فأول ما سمعته يقول: يا أيها الناس أفشوا السلام، وصلوا الارحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام

(1)

.

أخبرنا أبو نصر بن هبة الله بن محمد القاضي-اذنا-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسن بن أشعث بن محمد بن علي، أبو علي المنبجي، سمع ببعلبك أبا علي الحسن بن عبد الله بن سعيد (172 - ظ) البعلبكي الحمصي، وأبا الفضل صالح بن الاصبغ المنبجي وأبا اسحاق ابراهيم بن اسحاق، وأبا عبد الله الحسين بن عبد الوهاب.

روى عنه أبو القاسم بن أبي العلاء، وسمع منه بمنبج سنة سبع عشرة وأربعمائة، وأبو علي الحسن بن علي بن الحسين بن أبي شيبة المنبجي، وعبد الرحمن ابن محمد بن محمد بن أحمد بن سعيد البخاري، وأبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله بن ابراهيم الاردستاني.

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: حدثني أبو بكر يحيى بن ابراهيم بن أحمد السلماسي عن أبيه أبي طاهر قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الشهرزوري. قال يحيى: وأجازنيه أبو الحسن الشهرزوري قال: كان بمنبج شيخ يقال له أبو علي بن الاشعث، كان مؤاخيا للشريف الحراني، يعني أبا القاسم الزيدي، وكان الشريف إذا قصد منبج مستميحا، نزل عليه فأكرمه وأصلح أحواله، قال: ثم إن هذا الشيخ نعي إليه أخ من اخوانه فقال: هاه، ومات

(2)

.

قلت: حدث الحسن بن الاشعث يوم النصف من شهر ربيع الاول سنة سبع عشرة وأربعمائة، كما رويناه في الحديث المتقدم، فقد توفي بعد ذلك.

‌الحسن بن الياس:

أبو علي سمع أبا أميه محمد بن ابراهيم الطرسوسي بها، روى عنه أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج بن البرامي.

(1)

-انظر الجامع الصغير للسيوطي:1/ 185 (1226 - 1232).

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 211 - و. ظ.

ص: 2305

أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام (173 - و) بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج قال: حدثنا أبو علي الحسن بن الياس قال: حدثنا أبو أميه، قال: حدثنا أحمد ابن أبي الحواري قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن ثوبان قال: ما ينبغي أن يكون أحد أشد شوقا الى الجنة من أهل دمشق لما يرون من حسن مسجدهم

(1)

.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: الحسن بن الياس أبو علي حدث عن أبي أمية محمد بن ابراهيم، روى عنه أبو بكر بن البرامي

(2)

.

‌الحسن بن أيوب الهاشمي:

سمع بحلب يحيى بن محمد بن علي بن هاشم الخفاف الحلبي، روى عنه أبو الحسن محمد بن أحمد.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: قرأت بخط هبة الله بن عبد الرزاق الحافظ الشيرازي في معجم شيوخه: أخبرنا أبو غالب المقرئ بواسط قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن أيوب الهاشمي قال: حدثنا يحيى ابن محمد بن علي بن هاشم الخفاف قال: حدثنا الضحاك بن حجرة المنبجي قال:

حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال: حدثنا الثوري عن علقمة بن مزيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بالعابد يوم القيامة، فيقال له ادخل الجنة بعبادتك، ويقال للعالم قف قليلا فلا يشفع في شيء إلا شفع فيه

(3)

.

(1)

-قيل في تعليل هذا وجود لوحات الفسيفساء التي غطت جدران المسجد الاموي والتي ترمز بألوانها وموضوعاتها الى الجنة والحياة فيها.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 211 - ظ.

(3)

-لم أجده بهذا اللفظ في مصادر ومجاميع الحديث المتوفرة.

ص: 2306

‌حرف الباء في آباء من اسمه الحسن:

‌الحسن بن بشر الطرسوسي:

حدث عن محمد بن حمير. روى عنه محمد بن الحسن بن كيسان المصيصي أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد الكراني قال: أخبرنا محمود بن اسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن بن فاذ شاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان المصيصي قال: حدثنا الحسن بن بشر الطرسوسي، ح.

قال الطبراني: وحدثنا عمر بن اسحاق بن ابراهيم بن المعلى بن زيريق الحمصي قال: حدثنا عمي محمد بن ابراهيم، ح.

قال: وحدثنا موسى بن هرون قال: حدثنا هرون بن داوود النجار الطرسوسي قالوا: حدثنا محمد بن حمير قال: حدثني محمد بن زياد الالهاني قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة (173 - ظ) مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت

(1)

، زاد محمد بن ابراهيم في حديثه: وقل هو الله أحد

(2)

.

حرف التاء فارغ:

‌حرف الثاء في آباء من اسمه الحسن:

‌الحسن بن ثواب:

حدث ..... روى عنه

(3)

.

كتبه لي أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، في تذكرة ذكر فيها من دخل حلب من المحدثين، ولم يتيسر لي شيئا من حديثة.

(1)

-انظره في كنز العمال:1/ 2569 - 2/ 4056،2570.

(2)

-لم أجده في المعجم الصغير للطبراني. انظره في كنز العمال:1/ 2572.

(3)

-فراغ بالاصل. ترجم له ابن حبان في كتاب الثقات:8/ 180 ترجمة موجزة وترجم له الخطيب البغدادي ترجمة لا بأس بها، ذكر فيها من حدث عنهم ومن روى عنه وأنه مات يوم الجمعة في جمادى الاولى من سنة ثمان وستين ومائتين. تاريخ بغداد:7/ 291 - 292.

ص: 2307

‌حرف الجيم في آباء من اسمه الحسن:

‌الحسن بن جعفر الانطاكي:

أبو علي، حدث بحلب عن أبي طاهر الحسن بن أحمد بن فيل البالسي الأنطاكي روى عنه القاضي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سلمة الربعي:

قرأت بخط نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان القطان الموصلي: أخبرنا الشيخ أبو الفتح المفضل بن الحسين بن علي الطيان قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سلمة بن عبد الله المالكي الربعي قال: حدثنا أبو علي الحسن ابن جعفر الانطاكي بحلب قال: حدثنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل البالسي قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا طلق بن غنام عن شريك، وقيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدي

(1)

الامانة الى (174 - و) من ائتمنك ولا تخن من خانك

(2)

.

‌حرف الحاء في آباء من اسمه الحسن:

‌الحسن بن حبيب بن عبد الملك بن حبيب:

أبو علي الحضائري، الفقيه الشافعي.

سمع بطرسوس أبا أمية محمد بن ابراهيم بن مسلم الطرسوسي، وبأنطاكية العباس بن السندي الأنطاكي، وبمكة أبا جعفر محمد بن اسماعيل الصائغ، وأبا يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة، وأبا عبد الله أحمد بن داود، وببيروت العباس ابن الوليد البيروتي، وبدمشق أبا زرعة الدمشقي، وبدر بن الهيثم، وأبا بكر أحمد ابن علي بن يوسف الخزاز، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقيين، وبحمص أبا العطاف طارق بن مطرف الطائي الحمصي، وبمصر بكار بن قتيبة، والربيع بن سليمان المرادي، وأبا الحسن حبشي بن الربيع بن طارق، وأبا عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وابراهيم بن مرزوق، وأبا محمد أزهر بن زفر الوراق، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وفهد بن سليمان وأبا زكريا يحيى بن

(1)

-كذا بالاصل بدون حذف الياء.

(2)

-انظره في كنز العمال:3/ 5494.

ص: 2308

أيوب العلاف، وأبا غسان مالك بن يحيى، وعلي بن عبد الرحمن بن المغيرة، وبكر ابن سهل، وجعفر بن محمد بن عبيد الله الطائفي، وأبا يعقوب اسحاق بن الحسن الطحان، وجماعة غيرهم.

روى عنه أبا بكر محمد بن ابراهيم بن المقرئ، ومحمد بن أحمد بن عمران المطرز وأحمد بن محمد بن اسحاق السني، وابن أبي الحديد، وابن أبي (174 - ظ) دجانة، وأبو القاسم عبيد الله بن علي بن عبيد الله الداودي، وعلي بن الحسن بن طغان وأبو علي الحسن بن علي الصقلي النحوي، وابن مهنا، وأبو الحسن علي بن محمد بن شيبان، وابن داود الداراني المقرئ، وآباء الحسين: محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، ومحمد بن عبد الله الرازي، ومحمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي الحافظ النيسابوري، وأبو مسلم البغدادي الكاتب، وأبو الفتح المظفر بن أحمد ابن ابراهيم بن الحسن بن برهان المقرئ، وأبو حفص عمر بن شاهين الحافظ، وأبو سليمان بن زبر، وأبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، وأبو القاسم تمام بن محمد الرازي، ومحمد بن سليمان بن يوسف الربعي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعثمان بن عمران بن الحارث المقدسي، وصدقة بن محمد بن أحمد بن مروان القرشي، وحميد بن الحسن الوراق، وعبد الوهاب بن الحسين الكلابي، وحديد بن جعفر وغيرهم.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري-قراءة عليه في مقصورة الخضر بجامع دمشق-قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن جميع (175 - و) أخبرنا أبو الفضل مكرم بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد الداراني قال: أخبرنا أبو الفضل بن الفرات قال: أخبرنا أبو محمد بن معروف قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن حبيب قال حدثنا أبو أمية قال: حدثنا موسى بن داود عن شريك، عن محمد بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن قتل النساء والولدان يوم فتح مكة» .

(1)

.

(1)

-انظر الجامع الصغير للسيوطي:2/ 702.

ص: 2309

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الأخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قالا:

أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي-قالت اجازة-قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن ابراهيم بن عاصم بن زاذان المقرئ قال: حدثنا حسن بن حبيب بن عبد الملك، امام مسجد باب الجابية بدمشق، قال: حدثنا علان بن المغيرة قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: سخاء الحديث كسخاء المال.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله-فيما اذن لنا أن نرويه عنه-قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن حبيب بن عبد الملك بن حبيب، أبو علي الفقيه الشافعي المعروف بالحضائري، امام مسجد باب الجابية، أحد الثقات الأثبات.

سمع بمصر: أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأبا محمد الربيع ابن سليمان المرادي المؤذن، وابراهيم بن مرزوق البصري، وبكار بن قتيبة، وأبا محمد أزهر بن زفر الوراق، وأبا غسان مالك بن يحيى، وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم (175 - ظ) وعلان علي بن عبد الرحمن بن المغيرة، وفهد بن سليمان، وبكر بن سهل، وأبا يعقوب اسحاق بن الحسن الطحان، وجعفر بن محمد ابن عبيد الله الطائفي، وأبا زكريا يحيى بن أيوب العلاف، وأبا الحسن حبشي بن الربيع بن طارق.

وسمع بالشام: العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، وأبا أمية محمد بن ابراهيم بن مسلم الطرسوسي، وأبا جعفر محمد بن هشام بن ملاس، وأبا علي أحمد بن محمد بن أبي الخناجر، وأحمد بن كعب بن مريم المزي، وأبا العطاف طارق ابن مطرف الطائي الحمصي، وبدر بن الهيثم الدمشقي، وأبا بكر أحمد بن علي بن يوسف الخزاز الدمشقي، وأبا عمران موسى بن الحسن السقلي، وابراهيم بن أبي سفيان القيسراني، وصالح بن أحمد بن حنبل، وأبا هبيرة محمد بن الوليد، وهرون ابن موسى الأخفش، وأبا الجهم عمرو بن حازم القرشي، وحجاج بن الريان، وعمر

ص: 2310

ابن مضر العبسي، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد، وزكريا بن يحيى السجزي، ومنصور بن عبد الله الوراق، وأحمد بن علي المروزي القاضي، وأبا جعفر أحمد ابن عمرو الفارسي، وأبا عبد الملك البسري، وحميد بن هشام الداراني، وأبا زرعة الدمشقي وجعفر القلانسي، والعباس بن السندي، وأبا عبد الله بن أبي الزبر الصوري، وأبا العباس عبد الله بن عبيد بن يحيى بن حرب.

وبمكة: أبا جعفر محمد بن اسماعيل الصائغ، وأبا يحيى عبد الله بن أحمد ابن أبي مسرة، وأبا عبد الله أحمد بن داود المكيين.

روى عنه تمام بن محمد وأبو علي الحسن بن علي الصقلي النحوي، وأبو علي بن مهنا، وأبو الحسن بن داود الداراني المقرئ وأبو محمد بن أبي (176 - و) نصر، ومحمد بن سليمان بن يوسف الربعي، وأبو بكر بن أبي دجانه، وأبو القاسم علي بن الحسن بن طغان، وأبو بكر بن المقرئ وأبو مسلم البغدادي الكاتب، وأبو سليمان بن زبر وأبو الحسين الرازي، وأبو الحسين بن جميع، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عمران الجشمي المطرز، وحديد بن جعفر، وأبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني، وأبو القاسم عبيد الله بن علي ابن عبيد الله الداوودي المصري، وعثمان بن عمران بن الحارث المقدسي، وحميد ابن الحسن الوراق، وأبو حفص بن شاهين وأبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي النيسابوري الحافظ، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو الفتح المظفر بن أحمد بن ابراهيم بن الحسن بن برهان المقرئ، وصدقة بن محمد بن أحمد بن مروان القرشي، وعبد الوهاب الكلابي وأبو الحسن علي بن محمد بن شيبان

(1)

قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي: أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الحضائري. روى عن زكرياء بن يحيى السجزي، والعباس البيروتي وأبي أمية الطرسوسي، والربيع بن سليمان وابن عبد الحكم، وأبي زرعة النصري، وابن أبي مسرة المكي، والاخفش المقرئ، ذو رحلة، روى عنه أبو محمد عبد الرحمن بن ابي نصر التميمي، وآخرون من الدمشقيين، وقد روى عنه أبو بكر بن المقرئ الحافظ بأصبهان.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 214 و- ظ.

ص: 2311

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الانصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا مكي بن محمد ابن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، فيها:

توفي أبو علي الحسن بن حبيب. قال ابن زبر: وقال لي الحسن بن حبيب، أبو علي: ولدت في سنة اثنتين وأربعين ومائتين.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قال: توفي أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك الفقيه الحضائري بدمشق في سنة (176 - ظ) ثمان

(1)

وثلاثين وثلاثمائة، قال عبد العزيز: يروى عن الربيع بن سليمان المرادي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وابراهيم بن منقذ، والعباس بن الوليد بن مزيد، وغيرهم من المصريين والشاميين، ثقة نبيل، حافظ لمذهب الشافعي-رحمه الله-حدث بكتاب

(2)

الأم كله.

وكان مولده سنة اثنتين وأربعين ومائتين، فيما أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر، قال عبد العزيز: يروى عن الربيع بن سليمان المرادي، ومحمد بن عبد الله ابن زبر الربعي الحافظ قال: كان مولد الحسن بن حبيب في سنة اثنتين وأربعين ومائتين، قال عبد العزيز: حدثنا عنه أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، وعبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر وغيرهم.

قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي الحسن نجا بن أحمد، وذكر أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي، في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو علي الحسن ابن حبيب بن عبد الملك بن حبيب، مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة

(3)

‌ذكر من اسم أبيه الحجاج ممن اسمه الحسن:

‌الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى بن جرير بن جرير بن حيدرة الطبراني:

أبو علي الزيات، نزيل أنطاكية.

(1)

-كرر بالاصل كلمة «سنة» .

(2)

-للشافعي، مطبوع.

(3)

- ابن عساكر:4/ 214 - ظ.

ص: 2312

سمع بها أبا طاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وابنه أبا بكر محمد ابن الحسن بن أحمد، وأبا العباس الفضل بن محمد بن عبد الله الأحدب الأنطاكيين ومحمد بن عمران بن سعيد الأشقاثي، وموسى بن محمد بن هاشم الديلمي.

وروى عنهم وعن أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، ومحمد بن عبد الله بن ابراهيم، وأبي القاسم (177 - و) الحسين بن محمد بن داوود مأمون المصري، وأحمد بن محمد بن هارون بن أبي الدلهاث، وأبي الدنيا الأشج صاحب علي بن أبي طالب.

روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم وأبو العباس محمد بن موسى بن السمسار وأبو القاسم تمام بن محمد الرازي، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن أحمد بن عبدان، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر.

أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني (177 - ظ) قال: أخبرنا أبو الحسن بن السمسار قال: أخبرني أخي أبو العباس محمد بن موسى بن السمسار قال: حدثني أبو علي الحسن بن حجاج بن غالب ابن عيسى بن جرير بن حيدرة الطبراني الزيات، ح.

قال الحافظ أبو القاسم: وأنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أحمد بن صصرى-بقراءتي عليه-قال: أخبرنا تمام ابن محمد قال: أخبرني أبو علي الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى بن جرير ابن حيدرة الطبراني، ومسكنه أنطاكية، قدم دمشق، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن ابراهيم قال: حدثنا أحمد بن شبويه قال: حدثنا محمد بن مسلمة-وقال ابن السمسار: ابن سلمة-قال: حدثنا يزيد بن هرون عن حماد بن سلمة عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم: حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب

(1)

.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 214 - ظ -215 - و. كنز العمال:11/ 33021.

ص: 2313

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن حجاج بن غالب قال: حدثنا محمد بن عمران بن سعيد الأشقاثي بأنطاكية قال: حدثني عبد الله بن محمد بن عمر الطرسوسي قال: حدثني الحسين بن هرون قال: حدثني أحمد بن عبد الله العامري قال: سألت راهبا على عمود فقلت له: يا راهب ما أقعدك على هذا العمود، في فقر على عمود صخر لا أنيس لك؟ قال: فقال لي: يا عربي، بل الله ساكن السماء هو يعلم موضع المذنبين من خلقه، أو ليس هو صاحب يوسف في قعر الجب، وصاحب ابراهيم في النار، ينظر اليها الجهال نارا تأجج، وأهل السماء ينظرون اليها روضة خضراء؟ ثم سكت! أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحسن بن حجاج بن غالب بن عيسى بن جرير بن حيدرة، أبو علي الطبراني الزيات، سكن أنطاكية، وحدث بدمشق ومصر عن محمد بن عبد الله بن ابراهيم ومحمد بن عمران بن سعيد الأشقاثي، وأحمد بن محمد بن هرون بن أبي الدلهاث، ومحمد بن أبي طاهر أبي بكر، وأبي طاهر الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وأبي العباس الفضل بن محمد بن عبد الله الأنطاكي الأحدب وأبي القاسم الحسين ابن محمد بن داوود مأمون المصري، وأبي الدنيا الأشج صاحب علي بن أبي طالب وأبي عبد الرحمن النسائي صاحب السنن.

روى عنه أبو العباس بن (178 - و) السمسار، وتمام بن محمد، وعبد الرحمن ابن عمر بن نصر، وأبو عبد الله بن أحمد بن عبدان، وأبو الحسن علي بن عبد الله ابن الحسن بن جهضم.

وقال الحافظ: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا أبو علي الحسن بن حجاج بن غالب الطبراني الزيات، قدم علينا دمشق من أنطاكية سنة سبع وأربعين وثلاثمائة بحديث ذكره

(1)

.

(1)

-ابن عساكر:4/ 215 - و.

ص: 2314

‌الحسن بن الحجاج:

أبو محمد البغدادي، حدث بحلب عن أبي موسى محمد بن المثنى، روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي الحلبي الحافظ.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي، قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا أبو عبيد الله عبد الرزاق بن أبي نمير الأسدي القطبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن الحجاج البغدادي بحلب قال: حدثنا أبو موسى الزّمن، محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو داوود الطيالسي قال: حدثنا شبعة عن زياد بن كثير العدوي قال: خرج عبد الله بن عامر في يوم جمعة، وهو أمير البصرة فصعد المنبر ليخطب، وعليه ثياب رقاق، قال: فقام رجل (178 - ظ) من بين يدي المنبر فقال: أنظروا الى أميركم هذا، يلبس ثياب الفسّاق. وقال أبو بكر صاحب رسول الله-صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله يقول: من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله

(1)

.

‌ذكر من اسم أبيه الحسن ممن اسمه الحسن.

‌الحسن بن الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك:

الحضاري الكاتب وأصلهم من جرجرايا

(2)

، وقيل فيه الحسن بن الحسين، والصحيح الحسن.

ولي حلب وتوفي بها في جمادى الأولى من سنة إحدى وثلاثمائة، وسنذكره فيمن اسم أبيه الحسين-إن شاء الله تعالى.

قرأت بخط محمد بن علي العظيمي، وأنبأنا به عنه المؤيد بن محمد الطوسي وغيره قال: وفي سنة إحدى وثلاثمائة في جمادى مات بحلب، واليها الحسن بن

(1)

-انظره في كنز العمال:1073،1/ 932.

(2)

-بلد بين واسط وبغداد. معجم البلدان.

ص: 2315

الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك، ودفن بها وكان واليا من قبل المكتفى بن المعتضد

(1)

.

‌الحسن بن الحسن بن علي بن عبد مناف أبي طالب:

ابن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد الهاشمي المدني، وأمه بنت أبي مسعود الأنصاري، وقيل خولة بنت منظور، وهو الصحيح.

قدم الرصافة على هشام بن عبد الملك بن مروان يخاصم زيد بن علي، ومحمد ابن عمر بن علي في صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة إبراهيم بن سعد الزهري، فيما تقدم من كتابنا هذا.

حدث عن أبيه الحسن بن علي، وفاطمة بنت الحسين بن علي، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

روى عنه ابنه عبد الله بن الحسن بن الحسن، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية، وابراهيم بن الحسن، والوليد بن كثير، واسحاق بن يسار، وسهيل بن أبي صالح، وسعيد بن أبي سعيد، وأبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص، وحمد بن أبي زينب، والفضيل بن مرزوق.

أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرّف بن أبي سعد البناء البغدادي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن نصر بن علي بن يونس العكبري، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد البسري قال:

أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا محمد بن هارون قال: حدثنا محمد بن صالح (179 - و) بن النطاح قال: حدثنا المنذر بن زياد قال حدثنا عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: من أجرى لله على يديه فرجا لمسلم فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة

(2)

.

(1)

-لم يرد هذا الخبر في تاريخ العظيمي المطبوع.

(2)

-انظره في كنز العمال:15/ 43083.

ص: 2316

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال أخبرنا أبو البركات الأنماطي-إجازة ان لم يكن يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن اسحاق قال:

حدثنا خليفة بن خياط قال: حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، أمه خولة بنت منظور بن زبّان بن سيار من بني فزارة

(1)

.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء-إذنا إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكّار قال: فولد الحسن بن علي بن أبي طالب: الحسن بن الحسن، وأمه خولة بنت منظور بن زبّان ابن سيار بن عمرو بن عقيل بن هلال بن سمي بن مازن بن فزارة بن ذبيان بن بغيض ابن ريث بن غطفان، وأمها مليكة بنت خارجة بن سنان بن أبي حارثة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، وأمها تماضر بنت قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض.

وأخوته لأمه: ابراهيم، وداود، وأم القاسم بنو محمد بن طلحة بن عبيد الله، وكان الحسن بن علي خلف على خولة بنت منظور (179 - ظ) حين قتل محمد ابن طلحة.

قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان الحرامي عن أبيه قال: زوجه إياها عبد الله بن الزبير، وكانت عنده أختها لأمها وأبيها تماضر بنت منظور بن زبان، وهي أم بنيه: خبيب، وحمزة وعباد، وثابت، بني عبد الله بن الزبير، فبلغ ذلك منظور بن زبان فقال مثلي تفتات عليه بنيته، فقدم المدينة، فركز راية سوداء في مسجد رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فلم يبق قيسي بالمدينة إلاّ دخل تحتها، فقيل لمنظور: أين يذهب بك، تزوجها الحسن بن علي، وزوجها عبد الله بن الزبير؟ وملّكه الحسن أمرها، فأمضى ذلك التزويج، وفي ذلك يقول خفير العبسي:

(1)

-طبقات خليفة:2/ 598 (2045).

ص: 2317

إن الندا من بني ذبيان قد علموا

والجود في آل منظور بن سيّار

الماطرين بأيديهم ندا ديما

وكل غيث من الوسمي

(1)

مدرار

تزور جارتهم وهنا هديتهم

وما فتاهم لها وهنا بزوار

ترضى قريش بهم صهرا لأنفسهم

وهم رضا لبني أخت وأطهار

(2)

أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيورى وثابت بن بندار قالا: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر، وأبو نصر محمد بن الحسن قالا: حدثنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: وابنه حسن بن حسن بن علي ابن أبي طالب، وأمه ابنة أبي مسعود الأنصاري

(3)

، وهكذا قال أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي فيما رواه (180 - و) صالح ابنه عنه، وبنت أبي مسعود هي أم أخيه زيد بن الحسن بن علي، وأما الحسن بن الحسن فأمه خولة بنت منظور كما رويناه.

أنبأنا ابن طبرزد، عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء، عن الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا سليمان ابن اسحاق بن إبراهيم الجلاب قال: حدثنا حارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة من أهل المدينة حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، وأمه خولة بنت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سمى بن مازن بن فزارة

(4)

.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن

(1)

-الوسمي مطر الربيع الاول. القاموس.

(2)

-ليس في المطبوع من جمهرة انساب قريش، ولم أتمكن من معرفة هذا الشاعر.

(3)

-تاريخ الثقات للامام محمد بن عبد الله بن صالح العجلى-ط. بيروت 117:1984.

(4)

- طبقات ابن سعد:319،5/ 52 - 320.

ص: 2318

اسماعيل البخاري قال: الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي عن أبيه الحسن، روى عنه الحسن بن محمد وابراهيم بن الحسن، وروى خالد عن سهيل ابن أبي صالح عن حسن بن حسن عن النبي-صلى الله عليه وسلم-مرسل

(1)

.

أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، أبو محمد الهاشمي المديني.

روى عن أبيه الحسن، وفاطمة بنت الحسين، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

روى عنه ابنه عبد الله بن الحسن، وابن عمه (180 - ظ) الحسن بن محمد ابن الحنفية وابراهيم بن الحسن وسهيل بن أبي صالح وأبو بكر بن حفص بن عمر ابن سعد بن أبي وقاص، وحميد بن أبي زينب، وسعيد بن أبي سعيد مولى المهري، واسحاق بن يسار والد محمد بن اسحاق، والوليد بن كثير.

وقدم دمشق وافدا على عبد الملك بن مروان.

وقال الحافظ: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء، وأبو غالب، وأبو عبد الله ابنا البناء قالوا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال:

أخبرنا أحمد بن سليمان قال حدثنا الزبير بن بكار قال: وكان الحسن بن الحسن وصي أبيه وولي صدقة علي بن أبي طالب في عصره، وكان حجاج بن يوسف قال له يوما وهو يسايره في موكبه بالمدينة، وحجاج يومئذ أمير المدينة: أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي، فإنه عمك وبقية أهلك، قال: لا أغير شرط علي ولا أدخل فيها من لم يدخل، قال: إذا أدخله معك، فنكص عنه الحسن حين غفل الحجاج، ثم كان وجهه الى عبد الملك حتى قدم عليه، فتوقف ببابه يطلب الأذن، فمرّ به يحيى بن الحكم، فلما رآه يحيى عدل إليه فسلم عليه وسأله عن مقدمه وخبره وتحفىّ به ثم قال: إني سأنفعك عند أمير المؤمنين-يعني عبد الملك- فدخل الحسن على عبد الملك فرحب به وأحسن مسائلته، وكان الحسن بن الحسن

(1)

-التاريخ الكبير للبخاري:2/ 289 (2502).

ص: 2319

قد أسرع إليه الشبيب، فقال له عبد الملك: لقد أسرع إليك الشيب، ويحيى بن الحكم في المجلس، فقال له يحيى: وما (181 - و) يمنعه يا أمير المؤمنين، شيبه أماني أهل العراق، كل عام يقدم عليه منهم ركب يمنونه الخلافة، فأقبل عليه الحسن ابن الحسن فقال: بئس والله الرفد رفدت، وليس كما قلت، ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب، وعبد الملك يسمع، فأقبل عليه عبد الملك فقال: هلم ما قدمت له، فأخبره بقول الحجاج، فقال: ليس ذلك له، اكتبوا له كتابا لا يجاوزه، فوصله، وكتب له، فلما خرج من عنده لقيه يحيى بن الحكم، فعاتبه الحسن على سوء محضره، وقال: ما هذا بالذي وعدتني، فقال له يحيى: إيها عنك، والله لا يزال يهابك، ولولا هيبته إياك ما قضى لك حاجة وما ألوتك رفدا.

قال الحافظ: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني محمد بن سعد -وصوابه سعيد-قال: حدثنا شريك عن عبد الملك بن عمير قال: كتب الوليد ابن عبد الملك الى عثمان بن حيان المري

(1)

: انظر الحسن بن الحسن فاجلده مائة ضربة، وقفه للناس يوما، ولا أراني إلاّ قاتله: قال: فبعث اليه فجيء به والخصوم بين يديه، قال: فقام إليه علي بن حسين، فقال: يا أخي تكلم بكلمات الفرج يفرج الله عنك؛ لا اله الا الله الحليم، سبحان الله رب السماوات ورب العرش (181 - ظ) العظيم، الحمد لله رب العالمين، قال: فقالها قال: فانفرجت فرجه من الخصوم، فرآه فقال: أرى وجه رجل قد قرف

(2)

عليه كذبة خلو سبيله، أنا كاتب الى أمير المؤمنين بعذره فإن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

قال الحافظ: كذا في كتابي، والصواب محمد بن سعيد، وهو ابن الأصبهاني وقد أخبرنا بالحكاية على الصواب أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن بتبريز قال: أخبرنا أبو الفضائل محمد بن عمر بن الحسن بن يونس قال: حدثنا أبو

(1)

-والي الوليد على المدينة- تاريخ خليفة بن خياط:1/ 416.

(2)

-القرف: التهمة. القاموس.

ص: 2320

نعيم الحافظ، قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أبو علي بن ابراهيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد ابن سعيد، فذكرها، إلا أنه قال: عثمان بن سعيد المري، وذلك وهم، والصواب عثمان بن حيان كما تقدم، وكان والي الوليد على المدينة، ورويت من وجه آخر عن عبد الملك فزيد في إسنادها رجل وذكر أن الوالي كان هشام بن اسماعيل.

قال: أخبرنا بها أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أحمد بن الحسين الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ومحمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا حسين ابن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال حدثني أبو مصعب: أن عبد الملك بن مروان كتب الى عامله بالمدينة هشام بن اسماعيل: انه بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق فاذا جاءك كتابي هذا فابعث اليه، فليؤت به، قال: فجيء به اليه وشغله شيء، قال: فقام اليه علي بن حسين، فقال: يا بن عم قل كلمات الفرج (182 - و): لا إله إلاّ الله الحليم الكريم، لا اله الا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين. قال: فخلا للأخر وجهه، فنظر اليه وقال: أرى وجها قد قشب

(1)

بكذبة، خلوا سبيله، وليراجع فيه أمير المؤمنين.

(2)

.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البناء- اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وكان عبد الملك بن مروان قد غضب غضبة له، فكتب الى هشام بن اسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة، وهو عامله على المدينة، وكانت بنت هشام بن اسماعيل زوجة عبد الملك، وأم ابنه هشام، فكتب اليه: أن أقم آل علي يشتمون علي بن أبي طالب وأقم آل عبد الله بن الزبير يشتمون عبد الله بن الزبير، فقدم كتابه على هشام، فأبى آل علي وآل عبد الله بن الزبير، وكتبوا وصاياهم،

(1)

-القشب: الخلط، والاصابة بالمكروه والافتراء. القاموس.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 217 ظ -219 - و.

ص: 2321

فركبت أخت لهشام اليه، وكانت جزلة عاقلة، فقالت: يا هشام أتراك الذي يهلك عشيرته على يده، راجع أمير المؤمنين، قال: ما أنا بفاعل، قالت: فان كان لا بد من أمر فمر آل علي يشتمون آل الزبير، ومر آل الزبير يشتمون آل علي، قال: هذه أفعلها، فاستبشر الناس بذلك، وكانت أهون عليهم، فكان أول من أقيم الى جانب المرمر الحسن بن الحسن، وكان رجلا رقيق البشرة، عليه يومئذ قميص كتان رقيقة فقال له هشام: تكلم بسب آل الزبير فقال: ان لآل الزبير رحما أبلها ببلالها، وأربها بربابها

(1)

، (182 - ظ) يا قوم ما لي أدعوكم الى النجاة وتدعونني الى النار؟ فقال هشام لحرسي عنده: اضرب فضربه سوطا واحدا من فوق قميصه فخلص الى جلده فشرخه حتى سال دمه تحت قدمه في المرمر، فقام أبو هاشم عبيد الله بن محمد بن علي فقال:

أنا دونه أكفيك أيها الأمير، فقال في آل الزبير، وشتمهم، ولم يحضر علي بن الحسين كان مريضا، أو تمارض، ولم يحضر عامر بن عبد الله بن الزبير، فهم هشام ان يرسل اليه فقيل له: انه لا يفعل أفتقتله؟ فأمسك عنه، وحضر من آل الزبير من كفاه وكان عامر يقول: ان الله لم يرفع شيئا فاستطاع الناس خفضه، انظروا الى ما يصنع بنو أمية يخفضون ويغرون بشتمه وما يزيده الله بذلك إلاّ رفعة.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري-اذنا أو سماعا-قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي-املاء قال: أخبرنا علي بن عمر بن أحمد الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن اسماعيل الأدمي قال: حدثنا الفضل بن سهل قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا فضيل ابن مرزوق قال: سمعت حسن بن حسن يقول لرجل من الرافضة: والله لئن أمكن الله منكم لتقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولا تقبل منكم توبة.

قال ابن طبرزد: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري قال: حدثنا عبد الله بن اسحاق المدائني قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا يزيد بن هرون (183 - و) عن فضيل قال: سمعت الحسن بن

(1)

-أي أصلها وأنميها. القاموس.

ص: 2322

الحسن يقول لرجل من الرافضة: ان قتلك لقربة الى الله، عز وجل، فقال له الرجل انك تمزح، فقال: والله ما هذا بمزاح، ولكنه مني الجد.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال:

أخبرنا يحيى بن ابراهيم بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال: أخبرنا جعفر بن عون قال: أخبرنا فضيل ابن مرزوق قال: سمعت الحسن بن الحسن، وسأله رجل: ألم يقل رسول الله- صلى الله عليه وسلم-من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال لي: بلى، والله لو يعني بذلك رسول الله-صلى الله عليه وسلم-الامارة والسلطان لأفصح لهم بذلك، فان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-كان أنصح للمسلمين، لقال: يا أيها الناس هذا ولي أمركم، والقائم عليكم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، والله لئن كان الله ورسوله اختار عليا لهذا الأمر وجعله القائم للمسلمين من بعده، ثم ترك علي أمر الله ورسوله، لكان علي أول من ترك أمر الله وأمر الرسول.

قال البيهقي: ورواه شبابة بن سوار عن الفضيل بن مرزوق قال: سمعت الحسن بن الحسن أخا عبد الله بن الحسن وهو يقول لرجل ممن يتولاهم، فذكر قصة، ثم قال: ولو كان الامر كما يقولون ان الله ورسوله اختار عليا لهذا الأمر وللقيام على الناس بعد رسول الله-صلى الله عليه وسلم، ان كان علي لأعظم الناس خطيئة وجرما في ذلك (183 - ظ) اذ ترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني فلم يمض لما أمره أو يعذر فيه الى الناس، قال: فقال له الرافضي: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقال: أما والله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان يعني بذلك الامرة والسلطان، والقيام على الناس بعده لأفصح لهم بذلك، كما أفصح لهم بالصلاة، والزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت ولقال لهم: ان هذا ولي أمركم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا، فما كان من وراء هذا شيء، فان أفصح الناس كان للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 2323

قال البيهقي: وأخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن قال: حدثنا أبو العباس الاصم حدثنا: يحيى بن أبي طالب قال: حدثنا شبابة بن سوار، قال: أخبرنا الفضيل بن مرزوق فذكره.

(1)

.

أخبرنا أبو علي حسن بن ابراهيم بن هبة الله بن دينار المصري، بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: حدثنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد قال:

أخبرنا أبو بكر بن أبي علي القاضي، وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي عبد الله ابن علي بن مشرف والشريف أبو الفضل يحيى بن عبد الله بن هاشم الحلبيان بها قالا: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو علي الحداد-قراءة عليه وأنا حاضر-قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني: قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن فارس قال: حدثنا محمد بن عاصم قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا الفضيل بن مرزوق قال: سمعت الحسن بن الحسن أخا عبد الله بن الحسن وهو يقول لرجل ممن يغلو فيهم: ويحكم أحبونا لله عز وجل، فان أطعنا الله عز وجل فأحبونا، وان عصينا الله عز وجل فأبغضونا، قال: فقال له الرجل: ذوو قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، فقال: ويحكم لو كان الله نافعا بقرابة من رسوله بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب اليه منا أباه وأمه، والله اني لاخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين، والله اني لارجو أن يؤتي الحسن منا أجره مرتين، قال: ثم قال لقد أساء بنا آباؤنا وأمهاتنا ان كان ما تقولون في دين الله حقا، ثم لم يخبرونا به، ولم يطلعونا عليه، ولم يرغبونا فيه، فنحن والله أقرب منهم قرابة منكم، وأوجب عليهم حقا، وأحق بأن يرغبوا فيه منكم، ولو كان الأمر كما تزعمون، وأن الله اختار عليا لهذا الأمر والقيام على الناس بعده، ان كان علي أعظم الناس في ذلك خطيئة وجرما اذ ترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيه، لما أمره، أو يعدل فيه الى الناس، قال: فقال لنا الرافضي: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال أم والله لو عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الامارة والسلطان، والقيام على الناس لأفصح لهم بذلك، كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة، وصيام رمضان

(1)

-ابن عساكر:4/ 219 - و. ظ.

ص: 2324

وحج البيت، ولقال لهم: أيها الناس ان هذا ولي أمركم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، فان أنصح الناس كان للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم-اللفظ لأبي بكر بن أبي علي القاضي.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي مصعب قال: وتوفي الحسن بن الحسن فأوصى الى ابراهيم بن محمد بن طلحة وهو أخوه لأمه

(1)

.

‌الحسن بن الحسن بن علي بن عبد الباقي الانصاري:

الامام أبو المجد المعروف بابن النحاس، كان فقيها فاضلا شافعي المذهب، درس الفقه على مذهب الامام الشافعي رضي الله عنه، سمع بالاسكندرية الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأبا المظفر سعيد بن سهل الفلكي، وأبا سعد بن أبي عصرون بدمشق، وحدث بدمشق بشيء من حديثه، وكان ينظم الشعر، وذكر لي ابنه الشيخ الصالح أبو بكر بن الحسن (184 - و) أن أباه دخل حلب، وروى لنا عنه أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي، وأخبرني أن مولد هذا الامام- يعني ابن النحاس-في شهور سنة ثلاثين وخمسمائة.

أخبرنا أبو المحامد اسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي، وكان مجالسا حسنا، قال: أخبرنا الفقيه الامام مجد الدين أبو المجد الحسن المذكور ابن الحسن ابن علي أبي الحسن رحمه الله بقراءتي عليه في شهور سنة سبع وتسعين وخمسمائة بدمشق المحروسة قلت له: أخبرك الامام قاضي القضاء أبو سعد عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن أبي عصرون-وكان حاكما حسنا-قال: أخبرنا تاج الاسلام أبو عبد الله الحسين بن نصر بن محمد بن خميس-وكان مفتيا حسنا-قال: حدثنا الشيخ الثقة أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي-بقراءتي عليه، وهو يسمع في العشر الاخير من ربيع الاول سنة احدى وتسعين وأربعمائة ببغداد، بجانبها الشرقي، في مسجد الرباط، وكان اماما حسنا-قال: حدثنا الشيخ أبو سعد فضل الله بن

(1)

-كتاب نسب قريش للمصعب الزبيرى:49.

ص: 2325

محمد بنيسابور، في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وجميع حاله حسن، قال:

حدثنا أبو العباس المستغفري، بحديث حسن، قال: حدثنا أبو العباس بن أبي الحسين بن أبي الحسن قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، رجل حديثه حسن، قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا الحسن عن الحسن بن أبي الحسن عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحسن الحسن الخلق الحسن

(1)

.

قال أبو العباس بن أبي الحسين: أما الحسن الاول، فهو الحسن ابن زياد، وأما الحسن الثاني فهو الحسن بن حسان، وأما الحسن (184 - ظ) الثالث فهو الحسن بن أبي الحسن البصري، وأما الحسن الرابع فهو الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وعلى آبائه الكرام.

قال أبو المحامد القوصي: وتوفي هذا الامام مجد الدين رحمه الله بدمشق في شهر ربيع الاول سنة ستمائة، رحمة الله عليه. (185 - و).

(1)

-انظر كنز العمال:3/ 5152.

ص: 2326

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

:

‌الحسن بن الحسن بن علي بن ناهض:

الربعي ثم الشيباني الصعيدي، أبو علي المعروف بالمعتمد القفطي المصري، من أهل قفط بلدة من بلاد الصعيد، شاعر مجيد فاضل حسن المحاضرة، قدم حلب وأقام بها مدة، واجتمعت به مرارا متعددة، وأنشدني أشعارا كثيرة لم أكتب منها شيئا، وسمعته في بعض الأوقات في مجلس الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب ينشده من شعره مديحا فيه لا أتحققه الآن، وكتب عنه صاحبنا أبو محمد عبد الرحمن بن شجانة الحراني، وقال لي ابن شجانه: كان أبو علي الربعي عالما بالأدب، وأيام الناس، وعلم النسب، حسن الشعر جيده، كثير المحفوظ حلو النادرة توفي بالرها في منتصف شوال سنة ثمان عشرة وستمائة، ودفن بمقبرة باب شاع بكرم الدود.

‌الحسن بن الحسن المصيصي:

شاعر متقادم العصر، من أهل المصيصة، قرأت بخط المحسن بن عبد الله بن عمرو أبي القاسم التنوخي المعري في كتابه الذي وسمه «بالنائب عن الأخوان» للحسن بن الحسن المصيصي:

قد كنت أرجوك لي ان فاقة نزلت

وأن تحقق فيك الظن والأملا

متى وردت فلم أظفر بفائدة

ورحت أنشد بيتا سائرا مثلا

ما زلت أسمع كم من واثق خجل

حتى ابتليت فكنت الواثق الخجلا

(286 - و)

ص: 2327

‌ذكر من أسم أبيه الحسين ممن اسمه الحسن:

‌الحسين بن بندار بن عبيد الله بن خير:

أبو بكر الأنطاكي. حدث عن محمود بن محمد بن الفضل الأديب، والحسن ابن أحمد البالسي. روى عنه عبد الجبار بن أحمد المقرئ الطرسوسي والحسن ابن بقاء بن محمد الهمذاني.

أخبرنا أبو عمر لؤلؤ بن عبد الله الفنوني، بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بركات بن هلال السعدي-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قال: أخبرنا عبد الجبار بن أحمد المقرئ قال: حدثنا الحسن بن الحسين بن بندار الأنطاكي قال: حدثنا ابراهيم بن الفضل بن سليمان عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم: معترك المنايا ما بين الستين الى السبعين.

(1)

.

‌الحسن بن الحسين بن جعفر:

ابن أحمد بن داوود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أنور ابن أرقم بن أسحم وقيل أنور بن أسحم بن النعمان، وهو الساطع بن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم اللات، أبو الرجاء التنوخي المعري، حدث بمعرة النعمان عن آمنة بنت الحسن بن اسحاق بن بلبل. كتب عنه أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الدهستاني (186 - ظ) أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي-فيما أجازه لي-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الفتيان عمر بن عبد الكريم الدهستاني: أخبرنا أبو الرجاء الحسن بن الحسين بن جعفر بن أحمد بن داوود بن المطهر التنوخي بمعرة النعمان، قال: أخبرتنا آمنة بنت الحسن بن اسحاق بن بلبل قالت: حدثنا أبي القاضي أبو سعيد الحسن بن اسحاق بن بلبل سنة احدى وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن شيبة بن الوليد بن سعيد بن خالد بن يزيد بن تميم بن مالك-

(1)

-انظره في كنز العمال:15/ 42696.

ص: 2328

وتميم قتل يوم الدار مع عثمان-الدمشقي بدمشق قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا عبد الكريم بن يزيد الغساني عن أبي الحارث الخشني، عن أبيه الحسن بن يحيى الخشنى عن ابن جريج، عن ابن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، حتى اذا كان آخر ركعة قرأ بين السجدتين بفاتحة الكتاب سبع مرات، وقل هو الله أحد سبع مرات، وبآية الكرسي سبع مرات، ويقول لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير عشر مرات، ثم سجد آخر سجدة فيقول في سجوده بعد تسبيحه:

اللهم اني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك العظيم وبجدك الأعلى، وكلماتك التامة ثم يسأل الله، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم: لو كان عليه من الذنوب عدد رمل عالج، وأيام الدنيا لغفر الله-يعني- له، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لا تعلموها سفهاءكم فيدعون بها لأمر باطل فيستجاب لهم

(1)

.

‌الحسن بن الحسين بن الحسن بن عبد الله بن حمدان:

ابن حمدون بن الحارث بن لقمان، أبو محمد بن أبي عبد الله بن أبي محمد ابن أبي الهيجاء، الأمير الملقب ناصر الدولة وسيفها ابن ناصر الدولة بن ناصر الدولة ولي امرة دمشق في أيام المستنصر الفاطمي بعد أمير الجيوش أنوشتكين الدزبري في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وكان معز الدولة ثمال بن صالح ابن مرداس الكلابي أمير حلب، قد عصى بحلب على المستنصر، فسير ناصر الدولة الى حلب في سنة تسع وثلاثين، ومعه عبد العزيز بن حمدان، فوصلوا حلب بعد أن فتحوا في طريقهم حماة ومعرة النعمان، فخرج أهل حلب لقتاله فهزمهم واختنق منهم في الباب سبعة عشر ألف نفس، ونزل بصلدي قرية قريبة من حلب على نهر قويق وكان معه شجاع الدولة جعفر بن كليد فجاءهم سيل في الليل فأهلك العسكر، وانهزم

(1)

-انظر كنز العمال:7/ 19448. هذا ولم أقف للحسن بن حسين بن جعفر علي ترجمة في تاريخ ابن عساكر، كما أن هذا الحديث لم يرد في ترجمة ابن بلبل.

ص: 2329

ناصر الدولة من صلدي الى دمشق، فقبض عليه بدمشق الامير منير الدولة، وسيره الى مصر في يوم الجمعة مستهل شهر رجب من سنة أربعين وأربعمائة، وولي بعده دمشق طارق الصقلبي.

ثم رضي عنه المستنصر فاستولى على أمور الدولة (186 - ظ) بالديار المصرية وهم بزوالها، وحصر المستنصر بموافقه جماعة من القواد، فلم يتم له ما أراد، وظفر به فقتل

(1)

.

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: الحسن بن الحسين بن عبد الله بن حمدان بن حمدون، أبو محمد التغلبي الأمير المعروف ناصر الدولة وسيفها، ولي امرة دمشق في أيام الملقب بالمستنصر، بعد أمير الجيوش الدزبري في جمادي الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، فلم يزل واليا بها الى أن قبض عليه وسير الى مصر مستهل رجب سنة أربعين وأربعمائة، وولي بعده طارق الصقلبي المستنصري

(2)

.

قلت أسقط الحافظ ذكر جده الامير ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن عبد الله أخي سيف الدولة، وهو صاحب الموصل.

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت بخط شيخنا أبي محمد بن الأكفاني: الأمير المظفر ذو المجدين حسن بن حسين بن حمدان، أبو محمد، وصل الى دمشق في جمادي الآخرة من سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة في يوم الأربعاء السادس عشر منه، ووصل معه الشريف القاضي نقيب الطالبين أبو يعلى حمزة بن الحسن بن العباس، وقبض عليه الأمير منير الدولة بدمشق في يوم الجمعة مستهل رجب سنة أربعين وأربعمائة.

قرأت في كتاب «عنوان السير

(3)

» تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال:

(1)

-لمزيد من التفاصيل انظر كتابي بالانكليزية-امارة حلب:141 - 175،142.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 222 - ظ.

(3)

-لم يصلنا، وهناك نقول كبيرة عنه في كتاب عقد الجمان في تاريخ الزمان للبدر العينى مكتبة بيازيد-أستانبول رقم/11317.

ص: 2330

ومات أبو عبد الله الحسين بن ناصر الدولة (188 - و) أبي محمد بن حمدان بصور وهو واليها من قبل المصريين، فقام مقامه ابنه أبو محمد الحسن، واستولى على دمشق فنفذ اليه المستنصر خادما له في سنة أربعين وأربعمائة، فقبض عليه، ونفذ به الى مصر، ثم رضي عنه، فاستولى على أمور الدولة هناك، ثم أراد أن يزيل أمرهم فقتلوه في سنة ست وستين وأربعمائة.

هذا وهم في قتل ناصر الدولة الحسن، فانه قتل على ما يأتي ذكره في سنة ستين، وقتل ابنه الحسين في سنة خمس وستين.

قرأت بخط بعض الحلبيين: كان الشيخ ناصر الدولة بن حمدان وصل من مصر في عساكر كبيرة، ونزل على حلب، وحاصرها أياما، ومالكها اذ ذاك معز الدولة ثمال بن صالح، فأرسل الله تعالى عليه سيلا لم يسمع بمثله، غرق أكثر المضارب، وأتلف الرجال وأهلك الدواب المشبوحة، فانهزم عن حلب، وعاد الى مصر في شهور سنة احدى وأربعين وأربعمائة وفي ذلك يقول منصور بن تميم بن الزنكل من قصيدة يذكر فيها ما لبني كلاب من الوقائع والمآثر.

أليس هم ردوا ابن حمدان عنوة

على عقبة لا يتقون العواقبا

وجاء ابن كليد يكيد وقوة

فكدناه كيدا لم نمهله ثاقبا

غدا موقدا نارا فأمسى وقودها

وبات لكاس الحتف بالبغي شاربا

ولقى مقلد بن كامل جعفر بن كليد بكفر طاب فقتله، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة جعفر.

نقلت من تاريخ أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ بخطه: سنة ستين وأربعمائة: وفيها وثب ناصر الدولة الحسن بن الحسين بن الحسن (188 - ظ) ناصر الدولة بن عبد الله بن حمدان، وجماعة قواد الأتراك بمصر وحصروا المستنصر.

حدثني أبي قال: نظر ناصر الدولة ابن حمدان الى أخيه المهذب، وقد وفر له وفرة من شعره، فقال له: يا مهذب نحن قوم خوارج عرب أين أنت وهذا الشعر الذي قد تركته؟ فقال له المهذب: يا مولانا نحن قوم خوارج، وقل مامات الخارجي إلاّ مقتولا فيكون حمل المقتول بشعره المضفور خير من أن يخرق شدقه ويحمل

ص: 2331

به أو بلحيته، فقال ناصر الدولة: ذخيرة سوء ليوم مى شوم. قال: فحدثني جماعة بعد ذلك أنهم رأوا ناصر الدولة حين قتل والمهذب في جماعة الأمراء، ورأس المهذب محمول بدبوقته المضفورة، وناصر الدولة قد ثقب شدقه، وقد حمل به.

‌الحسن بن الحسين بن رجاء بن أبي الضحاك:

وقيل فيه الحسن بن الحسن بن رجاء بن الضحاك، ولي حلب، وأكثر أعمال الشام، وتوفي بها في جمادى الاولى من سنة احدى وثلاثمائة، ووليها بعده وصيف البكتمري، قرأته في تعليق وقع إليّ لبعض الحلبيين.

والصحيح أن اسم أبيه الحسن، وكان يتقلد فارس.

‌الحسن بن الحسين بن علي بن عبيد الله بن محمد:

أبو علي الرهاوي المقرئ. اجتاز بحلب أو بعملها في طريقة من الرها الى دمشق وذكره الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخ دمشق، بما أنبأنا به القاضي أبو نصر الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، قال: الحسن بن الحسين بن علي ابن عبيد الله بن محمد، أبو علي الرهاوى (189 - و) المقرئ حدث عن أبي محمد ابن أبي نصر.

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: توفي الحسن بن الحسين الرهاوى المقرئ في جمادى الآخرى سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وكان فيه تخليط عظيم، كان يحدث بما لم يسمع ويركب على الشيوخ بغير معرفة، فاذا قيل له أنكر ذلك.

حدث عن أبي محمد بن أبي نصر عن القاضي أبي الحسن بن صخر برسالة أبي بكر وكل واحد منهما لم يلق الآخر، وتوفي أبو الحسن بن صخر بعد الأربعين وأربعمائة.

قال ابن الأكفاني: في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وقد وجدت أنا نسخة الرهاوي بهذه الرسالة، وقد كتب فيها سماعة من أبي محمد بن أبي نصر سنة عشر وأربعمائة، وذكر أن سماعه بقراءته بخط أبي نصر بن الجبان، وليس الخط

ص: 2332

خط ابن الجبان فانه لا يخفى على من يعرفه، ونسب ابن الجبان الى غير أبيه فانه قال: وكتب أبو نصر عبد الوهاب بن ابراهيم، المعروف بابن الجبان بحضرة الشيخ، وابن الجبان اسم أبيه عبد الله بن عمر بن أيوب، لا يعرف في نسبة من اسمه ابراهيم وهذا أدل دليل على تخليطه وافتضاحه، والله يعصمنا من الكذب والتزوير، برحمته ومنه.

(1)

.

‌الحسن بن الحسين بن محمد بن عجل:

أبو محمد العجلي الكلابي، المعروف أبوه بالصوفي، وقيل ان اسم أبيه الحسن وانما لقب بالصوفي لأنه كان يقصر ثيابه، وتولى ابنه الحسن هذا رئاسة دمشق، وكان من أهل حلب وله بها (189 - ظ) دار وهي الدار التي وقفها قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم مدرسة على أصحاب الشافعي

(2)

، وكان له أملاك بحلب ومعرة مصرين، وكان أبوه مقيما بسرمين وهو جد سديد الملك علي بن منقذ صاحب شيرز لأمه وانتقل الى دمشق، وسكنها، وحدث ولده الحسن هذا عن أبي الحسن ابن عوف، وسمع منه أبو محمد بن صابر.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسن بن الحسين بن محمد، أبو محمد بن الصوفي الكلابي رئيس دمشق، سمع أبا الحسن بن عوف، وحدث بشيء يسير، سمع منه شيخنا أبو محمد بن صابر، وكان أصله من حلب، سكن أبوه دمشق، وكان يقصر ثيابه فلقب الصوفي.

قال الحافظ: بلغني أن الرئيس أبا محمد توفي سنة سبع وتسعين وأربعمائة يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من رجب ويقال سنة ست.

(3)

.

‌الحسن بن الحسين بن مندل:

أبو علي النحوي قدم معرة النعمان، ولقى بها أبا العلاء بن سليمان، قرأ عليه خميس بن علي الحوزي.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 222 - ظ -223 - و.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:223 - و- ظ.

(3)

- تاريخ ابن عساكر:223 - و- ظ.

ص: 2333

قرأت بخط أبي الكرم خميس بن علي بن أحمد الحوزي الواسطي على فصيح ثعلب، في تسميع ذكر فيه اسناده، ثم قال: إلاّ اني لم أقرأه على أحد أعلم به من شيخنا أبي علي الحسن بن الحسين بن مندل النحوي، ولكن لم يسنده، وكان يغضب اذا قيل له: على من قرأته؟ مع أنه قد لقي أبا العلاء المعري وغيره. (190 - و)

‌الحسن بن الحسين بن وأسانه بن محمد:

وقيل اسمه الحسين بن الحسن أبو القاسم التميمي الواساني شاعر مجيد.

حسن الشعر، خبيث اللسان هجاء، قيل ان مولده بحلب، ومسكنه دمشق، وقدم حلب من دمشق، ومدح بها أبا الفضائل سعيد بن شريف بن علي بن حمدان، واليه ينسب حمام الواساني

(1)

، وكان له دار الى جانبها بالقرب من البلاط، وكانت الحمام والدار قد قبضتا في أيام بني حمدان، فقدم حلب على أبي الفضائل ومدحه فأطلقهما، أو سلمهما إليه.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-اذنا-قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي-اجازة-قال: أخبرنا أبو يعقوب الاديب، في كتابه، عن أبي منصور الثعالبي قال: أبو القاسم الحسين بن الحسن بن واسانة ابن محمد الواساني، أعجوبة الزمان، ونادرته، وفرد عصره ونابغته، وهو أحد المجيدين في الهجاء، وكان في زمانه كابن الرومي في أوانه فمن شعره قوله يهجو ابن أبي أسامة:

يا ساكني حلب العواصم

جادها صوب الغمامه

أنا في مدينتكم غريب

لست من أهل الإقامة

والخان يحدث للغريب

إذا أبّن به سآمه

فعرضت من طول المقام.

بها وأعوزت المدامة

فخرجت في بعض الليالي

قاصدا باب السلامة

باب السلامة: باب كان جدده سيماء الطويل على جسر باب أنطاكية الراكب

(1)

-انظر حولها-الآثار الاسلامية والتاريخية في حلب:176.

ص: 2334

على نهر قويق عند الدارين، وسماه باب السلامة، وركب عليه بابا أخذه من قصر من قصور الهاشميين يعرف بقصر البنات (190 - ظ).

وشربت من بئر به

من يأته ينقع أوامه

ورتعت في فلواتها

وعلوت مرتقبا أكامه

فلمحت في بعض الوها

د وقد بعدت سواد هامه

فسعت أحسبها قطا

ة أو حدأة أو حمامة

(1)

وذكر تمام القصيدة، أضربت عن ذكرها تحوبا من ايرادها لما فيها من الهجو الفاحش، والقذف الشنيع، وهكذا سماه الثعالبي الحسين بن الحسن والأصح عندي الحسن بن الحسين، فانني نقلت من خط أبي عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي قاضي معرة النعمان، وكان فاضلا مسندا ثبتا، وكان في عصر الواساني، ولعله اجتمع به بحلب، وسمع منه ما صورته: لأبي القاسم الحسن بن الحسين التميمي الواساني يمدح الأمير أبا الفضائل سعيد بن شريف بن سيف الدولة ابن حمدان، ويسأله في رد حمامه وداره بحلب، وكانا مقبوضتين مقطعتين لبعض الجند.

لو كنت أمدح للجدا

لشرعت في بحر الندا

وأممت بالتأميل مو

لانا الأمير السيدا

أولى الملوك بأن ينا

ط به الرجاء ويقصدا

وأحق أن يهب الطري

ف لسائل والمتلدا

من لو رآه حاتم

في مجلس صخب الصدا

(191 - و)

بادي الوقار يهاب ف

يه جليسه أن يعندا

يقري البدور اذا قرى ال

قوم السديف مسرهدا

(2)

(1)

- يتيمة الدهر:1/ 351.

(2)

-السنام مقطعا. القاموس.

ص: 2335

أو طلحة الطلحات أو

كعب

(1)

لحروا سجدا

لكنني أنحي مطا

لبي السبيل الأقصدا

وأرى التجمل والتص

ون منذ كنت الأمردا

ولكل طالب بغية

من دهره ما عودا

ورأيت مولانا أقا

م اليوم أعلام الهدى

وأشاع عدلا قد أعا

د لنا الزمان كما بدا

عم القريب به وأس

هم في السرور الأبعدا

وكذاك مذهب مثله

ما جار فيه ولا اعتدا

فعلمت أني لا أرى

بين الشريد مصردا

(2)

أأبا الفضائل لو رأي

ت لدى الصلاة المسجدا

ولحظت فيه يدا تطا

ول كلما رفعت يدا

وسمعت أصواتا تغا

لي بالدعاء ليصعدا

تدعو لملكك بالدوا

م على الليالي سرمدا

وعلى عداك بأن يصو

ل عليهم سيف الردا

ويرد طرف الدهر عن

أيام عزك أرمدا (191 - ظ)

لعلمت أنك ما سمح

ت بما سمحت به سدا

لكن أعشت بذاك عد

لا لا يزال مجددا

وغرست فيه اليوم غر

سا تستظل به غدا

وفرضت جندا لا يزا

ل على العدو مجندا

فملكت أفئدة العبي

د ورعت أفئدة العدا

وحويت أجرا باقيا

بعد القرون مخلدا

ما زلت عضبا مغمدا

زمنا وليثا ملبدا

وحيا حمته يد الليا

لي أن يصوب

(3)

ويرعدا

(1)

-كعب بن مامه جاهلي ضرب المثل بكرمه وطلحة الطلحات عبد الله بن خلف اسلامي عاصر معاوية بن أبي سفيان وقد ضرب المثل بكرمه أيضا. انظر تاريخ خليفة: 1/ 268. جمهرة أنساب العرب لابن حزم:327،294،238.

(2)

-صرد: وجد البرد.

(3)

-كتب ابن العديم في الهامش: كي يصوب، أجود.

ص: 2336

حتى أتاك الملك عف

وا ما مددت له يدا

وأفاك مشتاقا يج

رّ الى ذراك المقودا

فسللت فيه مهندا

عضبا ورأيا محصدا

وعزيمة مثل الشها

ب تجوب خطبا أسودا

حتى استقام الأمر في

لطف وكان تأودا

(1)

فغدا سرير الملك من

ز عجا وراح ممهّدا

فاسعد بأنك لا تزا

ل على الزمان مؤيدا

يا أكرم الأملاك آ

باء وأبعدهم مدا

وأجلهم همما وأش

رفهم جميعا محتدا (192 - و)

ما جئت مجتديا وان

كنت الأجلّ الأمجدا

والأجود الوهاب ان

عدّ الرجال الأجودا

بل جئت لما أن رأيت

تك في الملوك الأوحدا

ورأيت رأيك بينهم

يدعى الأسدّ الأرشدا

فحثثت أمالي الى

ملك يسامي الفرقدا

يهب اللجين لسائلي

هـ لا هيا والعسجدا

والخبل بالحلل الفوا

خر والاماء والأعبدا

فسألته من عدله

ما لست فيه مفردا

فأكون بين الناس في

طلب الكثير مفنّدا

داري وحمامي أقل

لديك من أن يوجدا

فهما الغداة كقطرة

مدت خليجا مزبدا

والأرض أو سع للأنا

م وأنت أوسعهم يدا

وأحقهم طرا بأن

تهب الجزيل لتحمدا

فاقطع لأهيف عنهما

من بحر جودك موردا

واجعل له عيشا تو

سعه عليه أرغدا

واشغله عني يا سعي

د لقيت جدّا أسعدا

(1)

-أود: أعوج. القاموس.

ص: 2337

ان كان موقعه يها

ب اذا انتمى وتشددا (192 - ظ)

فأنا الذي أطبى القلو

ب إذا وقفت لأنشدا

أرمي عداك اذا طغوا

بأمض من حز المدا

عن مقول يهض الجنا

دل أو يعض الجلمدا

وأزين مجدك في المحا

فل راجزا ومقصّدا

ويسير شعري غائرا

بين الكرام ومنجدا

قال: فوعده أبو الفضائل باطلاقهما فكتب اليه يتنجز توقيعا بذلك.

يا أيها الملك الجليل

بك الحسن الجميل

وأنا المقيم على رجا

ئك لا أحول ولا أزول

اذ أنت تفعل ما يضي

ق به الملوك ولا تقول

واذا وعدت بفيك وع

دا فالنجاح له كفيل

واذا أمرت فما لأم

رك حين تبرمه حويل

تمضي كما يمضي السنا

ن الحشر والسيف الصقيل

ولعبدك المسكين في

حمامه خطب جليل

مالي إليه بغير تو

قيع أروح به سبيل

والعمر بالأيام يف

نى والحوادث تستديل

وبقاء مثلي بعد أق

راني الذين مضوا قليل

واذا نظرت الى مشي

بي قلت قد أزف الرحيل

(193 - و)

واذا استقل سواي يو

ما هاج من صدري غليل

فامنن بتوقيع به

يأمن له المجد الأثيل

يا من يقصر عن نوا

فل كفه الغيث الهطول

قد طال تعليلي به

لك بعدنا العمر الطويل

قال: فأطلق له ذلك، وسلمه اليه فقال يشكره لما تسلم ذلك:

أيها السيد استمع قول عبد

لم يشبه بالزور والبهتان

ص: 2338

بل هو الحق أشهد الله والنا

س وآتي عليه بالبرهان

أنت والله فهي بالغة الا

يمان أهل لليمن والإيمان

وحقيق بأن يبلغك ال

لله برغم الأعداء أقصى الأماني

وبأن لا تزال ما حنت الني

ب وغنى الحمام في الأغصان

عالي الجد نافذ الأمر والن

هي معافى مؤيد السلطان

وذليل الأعداء في حيث

ما كانوا عزيز الأنصار والأعوان

واذا عشت عمر نوح قرير ال

عين جم السرور أو لقمان

صرت منه الى الجنان وقوب

لمت بمحو الذنوب والغفران

يا أمير القلوب قاد هواها

واشتراها بأوفر الأثمان

فهي تعنو له وتمحضه النص

ح بلا ريبة ولا ادهان

ذاك أن القلوب تملك بالإح

سان والخوف مالك الأبدان

(193 - ظ)

والمطيع الراضي يقيمة ما

بايع غير المستكرة الغضبان

يا فتى ما له اذا عد أهل ال

فضل من مشبه ولا من مدان

في اتساع الأخلاق أو كرم الأع

راق أو هيبة وقوة شان.

أو سماح بالمال يرغب والأد

راع والخيل والقرى والقيان

كل جرداء كالهراوة أو أج

رد كالسوذينق

(1)

زاوي العنان

لاحق الأيطلين

(2)

يحسبه النا

ظر سمعا يخوت بين رعان

(3)

أوقفاه حسناء كالظبية الأد

ماء

(4)

نورا والشادن الوسنان

(5)

كاسيات محليات عقود ال

در فوق النحور والمرجان

أوهب الناس كلهم لكعاب

ذت دل أو حلّة أو حصان

لا يرى أن يقول لا أبدا لف

ظا بها أو اشارة ببنان

وكريم المزاح ان حضر الزا

د لبسط الأكيل والندمان

(1)

-الصقر أو الشاهين. اللقموس.

(2)

-الايطل: الخاصرة. اللقموس.

(3)

-أي يحسبه الناظر ذئبا ينقض بين جبل طويل. اللقموس.

(4)

-في الظباء لون تشرب بياضا.

(5)

-الوسن النعاس.

ص: 2339

أقرب القوم منه من جاء للحا

جة غرثان

(1)

عند وضع الخوان

وحفي بفتية ليس منهم

غير ماضي العزيم ثبت الجنان

ووفي بعهده طاهر القل

ب جدود في نصحه غير وان

يفتديه بنفسه دون ما تح

وي يداه في المأزق المتداني

بهم أثبتت قواعد ملك

تامك

(2)

الفرع واطد الأركان

فتسلت عنه الملوك وحادت

عن ضراب من دونه طعان

(194 - و)

فهم عنده بمنزلة الأخ

وة دون الأتراب والأخدان

يكرم الشيخ منهم حين يلقا

هـ ويحنو عطفا على الفتيان

وهو في أعين الجماعة كالشم

اء من هضب يلبن أو أبان

(3)

ملك لا يرى العناد لريب ال

دهر غير الصفاح والأبدان

وجياد جرد الهوادي وسمر

عاسلات الكعوب كالأشطان

(4)

واقف همه على رب أحوا

ل حماة الرجال والشجعان

وانتخاب البيض الصوارم وال

سمر العوالي لكل حرب عوان

دهره نثرة وحسام

وجواد ذي ميعة وسنان

غير صاغ الى سماع أغان

مطربات ولا كعاب غوان

فهو والمجد مثل طرفي رهان

أو شقيقين أرضعا بلبان

ان هما أجريا لغاية سبق

بين غر من الملوك هجان

(5)

أقبلا أولين شدا وجاء ال

قوم من بعد في الرعيل الثاني

ما تكنى أبا الفضائل حتى

فضل الناس بين قاص ودان

وتسمى باسم السعادة والأس

ماء موصولة العرى بالمعاني

هو والله مشتري فلك أص

بح باليمن دائم الدوران

(1)

-جائع عطشان.

(2)

-التامك بالاصل السنام وهنا أراد سامي الفرع.

(3)

-يلبن جبل قرب المدينة وأبان جبل لفزارة وأبان أيضا جبل قرب فيد. معجم البلدان

(4)

-الشطن الحبل الطويل.

(5)

-ناقة هجان وابل هجان: بيض كرام.

ص: 2340

سار في برجه فأطفأ بالسع

د نحوس المريخ والدبران

(194 - ظ)

طرف الله عن علاه وان شاء

عدوا ما قلت عين الزمان

وكفانا فيه الملمات ما

صوب نجم أولاح برق يمان

فوحق الأنعام والكهف والط

ور وطه وسورة الرحمن

لو تركنا نختار بين الأماني

ونقتادهن بالأرسان

ما بلغنا في الحدس والظن معشا

ر سرور نراه رأي العيان

يا كريما آباؤه أمراء ال

عرب والعجم من بني ساسان

واذا ما دعيت للضيم اذ ع

نت لداعيه أيما اذعان

فأنا اليوم كالمدل من الآسا

د أو كالعصماء بين القنان

قد تحيرت والمهيمن في شك

رك ما لي بما يديت يدان

أي شيء يجزيك عني ومالي

غير ودي وغير شكر لساني

وهما يقصران عنه ولو كن

ت كقس في النطق أو سحبان

(1)

غير أني قد بعت نفسي مولا

نا وان لم أساوما أولاني

(195 - ظ)

فخذ الآن عهدي وارض من

عبدك ما يستطيعه امكاني

لاكون امرأ تقصيت جهدي

في جزاء الاحسان بالاحسان

ذكر أبو الطيب الباخرزي في كتاب دمية القصر، قال: أنشدني الشريف أبو طالب محمد بن عبد الله الانصاري له-يعني للواساني:

فلو كان لي بيت يحل دخوله

لامتعتكم بالعزف والقصف والسكر

ولكنما لي بيت سوء كأنه

بقية ناووس على ساحل البحر

(2)

توفي الواساني في حدود التسعين والثلاثمائة.

(1)

-قس بن ساعدة الايادي عاش قبيل المبعث، ورد ذكره في الجزء الاول، وسحبان هو سحبان وائل (54 هـ /674 م) خطيب يضرب به المثل في البيان. الاعلام للزركلي.

(2)

- دمية القصر وعصرة اهل العصر- ط. حلب 1/ 171:1971.

ص: 2341

‌ذكر من اسم أبيه حميد ممن اسمه الحسن

‌الحسن بن حميد المنبجي:

وقيل الحسين بن حميد المنبجي التجيبي، وسنذكره من اسمه الحسين ان شاء الله تعالى، وهو شاعر مجيد تنسب اليه القصيدة اليتيمة والاقرب انها له والله أعلم.

روى أبو القاسم منصور بن النعمان قال: أنشدنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق الحلبي قال: أنشدنا أبو سعيد النصيبي عن أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش قال: أنشدت هذه القصيدة المعروفة باليتيمة، ولم تعرف لأحد فلذلك سميت اليتيمة، ثم أنشدتها للحسن بن حميد المنبجي وهي:

هل بالطلول لسائل ردّ

أم هل لها بتكلم عهد

(1)

فذكرها وسنوردها في ترجمة دوقله بكمالها ان شاء الله تعالى (196 - و).

‌الحسن بن حميد المرعشي:

حكى عن بعض الغزاة في الثغور روى عنه حيدرة بن عبيد.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن أبي بكر السمعاني قال: أخبرنا سعد بن علي الرزاز بمرو في قدمته الاولى قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن أبي عبد الله المطرز، بأصبهان، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن محمد بن زيد الجرجاني قال: سمعت أحمد بن محمد بن عيسى يقول: سمعت حيدرة بن عبيد يقول: قال الحسن بن حميد المرعشي: دخلنا على رجل من الغرباء في بعض الثغور وهو يكيد بنفسه، فقيل له: كيف تراك؟ فقال:

غريب وحيد والمنايا تحثه

الى منزل فقر بغير أنيس

فقلنا: أبشر رحمك الله فان الغربة شهادة، ولا سيما وأنت مرابط في سبيل

(1)

-القصيدة اليتيمية-ط. بيروت 27:1983.

ص: 2342

الله، فبكى طويلا ثم قال: والله لولا طمعي في كرمه وعفوه لتقطعت نفسي من شدة الغصص والحسرات فما برحنا من عنده حتى فاظت نفسه رحمه الله.

‌حرف الخاء في آباء من اسمه الحسن

‌الحسن بن الخليل:

أبو علي الحلبي، وينسب ايضا الانطاكي، حدث عن عبيد بن جنّاد الحلبي، وأبي نعيم الفضل بن دكين، روى عنه أبو عمرو بن حكيم (196 - ظ) ومحمد ابن المنذر بن سعيد، وخيثمة بن سليمان الاطرابلسي وكان ثقة.

أخبرنا زين الامناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بدمشق قال:

أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن الخليل الانطاكي قال: حدثنا عبيد بن جناد، قال: حدثنا ابراهيم بن حميد الرواسي قال: حدثنا اسماعيل بن خالد قال: سألت ابن أبي أوفى: هل رأيت ابراهيم بن رسول الله؟ قال: نعم، كان أشبه الناس به، مات وهو صغير ولو قضي نبي لعاش ابراهيم

(1)

.

قرأت في كتاب تاريخ الثقات تأليف أبي حاتم محمد بن حبان البستي قال: في الطبقة الرابعة منهم: الحسن بن الخليل الحلبي، يروى عن أبي نعيم الفضل بن دكين حدثنا عنه محمد بن المنذر بن سعيد

(2)

.

‌حرف الدال في آباء من اسمه الحسن:

‌الحسن بن داود بن بابشاذ بن داود بن سليمان بن ابراهيم:

أبو سعد، وقيل أبو سعيد المصري، قدم حلب سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وسمع بها الحسن بن أحمد بن محمد بن ابراهيم الحلبي، وسمع ببغداد أبا محمد الحسن بن علي الجوهري وأبا الحسين محمد بن عبد الواحد بن رزمة، والخطيب أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت، وقرأ الفقه بها على القاضي أبي عبد الله الصيمري، وكان

(1)

-ليس للحسن بن خليل ترجمة في تاريخ ابن عساكر.

(2)

-الثقات لابن حبان:8/ 179.

ص: 2343

سمع بمصر أبا محمد بن النحاس وعلي بن منير الخلاّل، وتراب بن عمر الكاتب واسماعيل بن عمر بن راشد، وغيره (197 - و) كتب عنه أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت الخطيب، وكان يدرس الفقه ببغداد على مذهب الامام أبي حنيفة رضي الله عنه.

قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي، وأنبأنا به عنه أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيره، قال: ابن بابشاذ هو الحسن بن داود بن بابشاذ بن داود ابن سليمان المصري، معروف بالأدب والطلب، وقد كتب الحديث الكثير عن عبد الرحمن بن عمر بن النحاس، وعلي بن منير الخلال، وتراب بن عمر الكاتب، وآخرين ورحل في العلم وهو ابن أخي ابي الفتح أحمد بن بابشاذ الواعظ الجوهري، وقد روى عنه الخطيب وغيره.

وقرأت أيضا بخط الحافظ أبي طاهر: أبو سعد الحسن بن داود بن بابشاذ بن داود بن سليمان بن ابراهيم بن شهريار بن أبزون بن نور كوبه، كذا رأيت نسبه بخط علي بن بقاء الوراق على غير جزء مما كتبه له من فوائد اسماعيل بن عمر بن راشد المقرئ الزاهد المعروف بالحداد، انتقاء الصوري عليه وقرأة أبو سعد بنفسه على اسماعيل سنة عشرين وأربعمائة بمصر.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:

أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسن بن داود بن بابشاذ بن داود بن سليمان أبو سعد المصري، قدم بغداد، ودرس فقه أبي حنيفة على القاضي أبي عبد الله الصيمري، وتوجه فيه حتى درّس، وكان مفرط الذكاء، حسن الفهم يحفظ القرآن بقراءات عدة، ويحفظ طرفا من علم الادب والحساب والجبر والمقابلة، والنحو وكتب الحديث بمصر عن أبي محمد بن النحاس وطبقته.

قال الخطيب: كتبت عنه أحاديث، وكتب عني، وكان ثقة حسن الخلق وافر العقل، وكان أبوه يهوديا، ثم أسلم وحسن اسلامه، وذكر بالعلم، وهو فارسي الاصل، وأقام أبو سعد ببغداد الى أن أدركه أجله، فتوفى ليلة السبت، ودفن

ص: 2344

صبيحة تلك الليلة في يوم السبت لعشر بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ودفن في مقبرة الشوينزي، ولم تكن سنة بلغت الاربعين

(1)

.

أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال:

أنبأنا أبو اسحاق الحبال قال: سنة تسع وثلاثين أبو سعيد الحسن بن بابشاذ في ذي القعدة، توفي ببغداد.

‌حرف الراء في آباء من اسمه الحسن

(197 - ظ)

‌الحسن بن الربيع البجلي:

أبو علي البورائي

(2)

الكوفي، صحب عبد الله بن المبارك في غزاة بلاد الروم وكان معه بطرسوس، وعاد في صحبته، وشهد موته بهيت، وروى عنه وعن أحمد ابن حنبل، وعبد الجبار بن الورد، وأبي عوانه ومهدي بن ميمون، وأبي اسحاق الفزاري، وحماد بن زيد، وعنتر بن القاسم، وعبد الله بن ادريس، روى عنه أبو أسامة الكلبي، ويعقوب بن سفيان الفسوي، ومحمد بن أحمد بن الحسين، وحنبل ابن اسحاق، وخلف بن عمرو العكبري، وعباس بن محمد الدوري، وأحمد بن يوسف التجيبي، واسحاق بن الحسن الحربي، وجعفر الصائغ وأحمد بن عبيد الله النرسي، وكتب عنه أحمد بن حنبل (198 - و).

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال:

أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن الحسين-صاحب العباسي-قال:

أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن الحسين-صاحب العباسي-قال:

حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: وسئل يحيى بن معين، وأنا أسمع، عن الحسن بن الربيع قال: لو كان يتقي الله لم يكن يحدث بالمغازي، ما كان يحسن يقرأها، فقال له ابن بنت لابي اسامة: انه يحدث عن ابن المبارك عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ملك يوم الدين؟ فقال يحيى: كل من يحدثه عن حميد فقد كذب.

(1)

- تاريخ بغداد:7/ 307.

(2)

-ضبطه صاحب القاموس «البواري» نسبة الى بيع البواري-جمع بارية وهو الحصير المنسوج.

ص: 2345

قال أبو بكر الخطيب: لم يعبه يحيى الا بأنه كان لا يحسن قراءة المغازي وما فيها من الاشعار، وذلك لا يوجب ضعفه، وما ذكره ابن بنت أبي أسامة عنه من روايته الحديث عن حميد انما هو حكاية بلغته، وليس كل حكاية تكون حقا، وقد كان الحسن بن الربيع ثقة صالحا متعبدا.

وقال: أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق، ومحمد بن عبد الواحد الاكبر -قال حمزة: حدثنا، وقال محمد: أخبرنا الوليد بن بكر الاندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: حسن بن الربيع البورائي يبيع البواري كوفي ثقة رجل صالح متعبد

(1)

.

وقال الخطيب: أخبرنا علي بن طلحة المقرئ قال: أخبرنا محمد بن ابراهيم الغازي قال: أخبرنا محمد (198 - ظ) بن محمد بن داود الكرجي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال: الحسن بن الربيع كوفي ثقة، يقال الخشاب ويقال البورائي يبيع القصب.

قال أبو بكر الخطيب الحسن بن الربيع، أبو علي البجلي البورائي، سمع مهدي ابن ميمون، وعبد الجبار بن الورد وحماد بن زيد، وأبا عوانه وعنتر بن القاسم، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن ادريس، وأبا اسحاق الفزاري. روى عنه عباس الدوري، وحنبل بن اسحاق، وأحمد بن عبيد الله النرسي، وجعفر الصائغ، واسحاق ابن الحسن الحربي، وخلف بن عمرو العكبري، وهو من أهل الكوفة، قدم بغداد، وحدث بها.

قال الخطيب: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: أخبرني أبو محمد بن زياد قال: حدثنا أبو نعيم-يعني-ابن عدي قال: حدثنا أحمد بن يوسف التجيبي بجرجان قال: سمعت الحسن بن الربيع يقول: قدمت بغداد، فلما خرجت سبقني أصحاب الحديث، فلما برزت الى خارج قال لي أصحاب الحديث: توقف فان أحمد بن حنبل يجيء، فتوقفت، فجاء أحمد بن حنل، فقعد،

(1)

-تاريخ الثقات للعجلي:114.

ص: 2346

فأخرج ألواحه فقال: يا أبا علي أمل علي وفاة عبد الله بن المبارك في أي سنة مات؟ فقلت: سنة احدى وثمانين، فقيل له: ما تريد بهذا؟ فقال: أريد الكذابين

(1)

.

أنبأنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري، وأبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قالا: أخبرنا أبو الخير (199 - و) القزويني-قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني، وأبو بكر البيهقي وأبو الخير عثمان البحيري، وأبو بكر الحيري-اجازة منهم-قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو نصر الخفاف قال: حدثنا محمد بن المنذر قال: حدثني محمد ابن أحمد بن الحسين قال: سمعت الحسن بن الربيع يقول: رأيت ابن المبارك يقاتل بأرض الروم في يوم شديد الحر قد رفع قلنسوته عن رأسه.

أخبرنا الكندي-اجازة-قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال:

أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا علي بن ابراهيم المستملي قال: حدثنا أبو أحمد بن فارس قال: حدثنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: الحسن بن الربيع أبو علي الكوفي مات سنة عشرين ومائتين أو نحوها.

(2)

.

‌الحسن بن زمام بن يوسف بن يعقوب:

أبو علي الحديثي المعري ثم الحلبي، أصله من حديثه بني سليمان، قرية من قرى معرة النعمان، وولد بحلب، ونشأ بها، واشتغل بالأدب، وسماع الحديث، وسمع معنا على مشايخنا: قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وأبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله ابن علوان، وأبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، وغيرهم وكان يورق حسنا (199 - ظ) وينظم شعرا لا بأس به.

كتب عنه أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الغريب عبد الله بن علي التميمي الموصلي شيئا من شعره وكان يحضر معنا كثيرا، ولم أسمع منه شيئا من شعره،

(1)

- تاريخ بغداد:7/ 307 - 308.

(2)

-التاريخ الكبير للبخاري:2/ 294 - تاريخ بغداد:7/ 309.

ص: 2347

لكنه كتب إليّ أبياتا من شعره، قرأتها بخطه يستعير مني كتاب المذيل لأبي سعد السمعاني وهي:

أيها السيد الامام فلان الدين

يا ذا الانعام والاحسان

والذي نال من معاني المعالي

أشرف الذكر بالسجايا الحسان

والذي فضله المفضل أسمى

في سماء السناء من كيوان

والذي أيد الإله به مذهب

فخر الأئمة النعمان

(1)

والذي لو رآه نجل هلال

(2)

كان في بابه من الغلمان

والذي ليس مثله في البرايا

في جميع الأوقات والأزمان

في علاء سام وفهم علوم

مشكلات عصت على الأذهان

عبد نعمائك العميمة

ينهي ما به من مذيل السمعاني

من غرام واف وشوق شديد

وارتياح اليه منذ زمان

والى ما حكاه جرحا وعدلا

عن رواة الحديث بالاتقان

والى ما حواه من سير الناس

وما فيه من لطاف المعاني

فلعل الآراء زيدت علوا

وجلالا ينمي ولا نقصان

يسعف العبد منه جزءا فجزءا

كل ما مرّ أول جاء ثان (200 - و)

كتب الينا أبو البركات بن المستوفي من اربل قال: أنشدني-يعني-أبا محمد عبد الرحمن بن أبي الغريب عبد الله بن علي التميمي الموصلي الصقيل قال: أنشدني ابن زمام الحلبي لنفسه في غلام عليه قباء أخضر، وفي وسطه منطقة فضة.

عاينته لما تدرع أخضرا

وله من الورق الأنيق نطاق

فظننته غصنا تفتح نوره

وتكنفته بظلها الأوراق

(1)

-أبو حنيفة النعمان، وفي هذا اشارة الى أن ابن العديم كان من أتباع مذهب أبي حنيفة.

(2)

-علي بن هلال، أبو الحسن المعروف بابن البواب، خطاط مشهور، من أهل بغداد، وفي هذا البيت اشارة الى خط ابن العديم الجميل المتميز.

ص: 2348

توفي رفيقنا الحسن بن زمام بحلب سنة أثنتين أو ثلاث وثلاثين وستمائة.

‌الحسن بن زهرة بن الحسن بن زهرة:

ابن علي بن محمد بن محمد أبي ابراهيم بن أحمد بن محمد بن الحسين ابن اسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، أبو علي بن أبي المحاسن بن أبي علي بن أبي الحسن بن أبي سالم بن أبي ابراهيم الكلبي العلوي الحسيني الاسحاقي النقيب الكاتب، كتب الانشاء للملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وتقدم وولاه نقابة العلويين بحلب، وكان يكتب خطا حسنا، وعنده فضل وأدب، وتفنن في علوم شتى، وله معرفة بالقراءات والفقه والحديث والتواريخ وأخبار الناس، وعنده من العربية واللغة طرف حسن، وله شعر حسن ورسائل، وكان جميل الصورة دينا، حلو الحديث لبق الرئاسة، سيره الملك الظاهر غازي رسولا الى أماكن متعددة.

سمع بحلب محمد بن أسعد الجواني النسابة (200 - ظ) وشيخنا أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وغيرهما، وحاضرته كثيرا، ولم أكتب عنه شيئا وأخبرني ولده علي، النقيب بعده، أن ولادته بحلب سنة أربع وستين وخمسمائة ومن شعره ما قاله وقد نزل بالمعشوق مقابل سر من رأى، وكان قد حج في تلك السنة وأنشدنيها ولده علي عنه:

قد رأيت المعشوق وهو من الهجر

بحال تنبو النواظر عنه

أثر الدهر فيه آثار سوء

وأدالت يد الحوادث منه

عاد مستبذلا ومستبدلا عزا

بذل كأنه لم يصنه

وأنشدني أيضا قال: أنشدني أبي لنفسه وقد نزل بحاجر:

(1)

.

من شاقة حاجر وبقعتها

فلست اشتاق حاجرا أبدا

ولا زرودا أو الثعلبية والجفر

(2)

ونجدا وذلك البلدا

(1)

-موضع على طريق الحج: دون فيد حاجر. معجم البلدان.

(2)

-زرود: رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من الكوفة، والثعلبية من منازل طريق مكة من الكوفة، والجفر موضع من نواحي المدينة. معجم البلدان.

ص: 2349

فلا سقى حيها ولا جيد مغناها

وأضحت طرائقا قددا

توفي الشريف النقيب أبو علي الحسن بن زهرة في جمادى الاولى من سنة عشرين وستمائة بعد وصوله من الحجر، ودفن بسفح جبل جوشن، وحضرت دفنه والصلاة عليه.

‌الحسن بن زيد:

نزل ملطية، وحدث بها عن حميد الطويل، روى عنه أبو يعلى محمد بن أحمد ابن عبد الله بن مروان الملطي وقيل أبو يعلى الحسين بن محمد الملطي (201 - و).

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور قال: قرأت بخط أبي الفتيان عمر بن أبي الحسن الرواسي الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد السنجي أبو الحسن البغدادي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن الحسن الطاهري، قال: حدثنا جابر ابن عبيد الله الموصلي في مسجد ابن مالك، من حفظه، قال: حدثنا أبو يعلى محمد ابن أحمد بن عبد الله بن مروان الملطي بملطية سنة ست وثلاثمائة. قال: حدثنا الحسن بن زيد، ح.

وأنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:

أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا ابراهيم بن مخلد-اجازة-قال: حدثنا أبو القاسم جابر بن عبد الله بن المبارك الجلاب الموصلي-من حفظة ببغداد-قال:

حدثنا أبو يعلى الحسين بن محمد الملطي بها قال: حدثنا الحسن بن زيد، قال جابر:

سألت أبا يعلى عنه فقال: كان رجلا حل عندنا على جهة الجهاد، فكتبنا عنه قال:

حدثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

اذا أحب أحدكم ان يحدث ربه تعالى فليقرأ

(1)

.

(1)

-انظره في كنز العمال:2257.

ص: 2350

‌حرف السين في آباء من اسمه الحسن:

‌الحسن بن سعيد بن عبد الله بن بندار بن ابراهيم:

أبو علي الشاتاني الديار بكري المعروف بالعلم، وكان ينبز بقاع، وشاتان قلعة من نواحي ديار بكر (201 - ظ) كان فقيها أديبا شاعرا، جيد الشعر ظريفا، رحل الى بغداد وتفقه بها على مذهب الامام الشافعي، بالمدرسة النظامية، علي أبي الحسن علي بن سليمان الأصبهاني، ثم قرأ الفقه من بعده على أبي علي الحسن بن ابراهيم الفارقي، وأبي منصور سعد بن محمد الرزاز.

واشتغل بالأدب على الشريف أبي السعادات بن الشجري، وأبي منصور بن الجواليقي، وسمع بها الحديث من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبي القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام وأبي القاسم هبة الله بن الحصين الشيباني، وأبي الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبي بكر محمد بن القاسم الشهرزوري.

كتب عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر، والحافظ أبو المواهب الحسن بن صصري، والعماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني روى لنا عنه شيئا من الشعر أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحدوس، والفقيه أبو محمد اسماعيل بن هبة الله بن باطيش.

وقدم الشام سنة احدى وثلاثين وخمسمائة، وعقد بها مجلس الوعظ، وعاد الى شاتان، ثم انتقل الى الموصل وسكنها مدة، وسيره أتابك زنكي بن أق سنقر، وكان صاحب الموصل، رسولا منه الى دار الخلافة، والى عدة أطراف مرارا متعددة، وأقبل عليه الوزير (202 - و) أبو المظفر يحيى بن هبيرة، وأكرمه ومدح الوزير بقصيدة حسنة، وكان بالموصل في كنف الوزير جمال الدين محمد بن علي، وجيها عنده، وتولى البيمارستان بالموصل، وتصرف في وقفة، فلما نكب الوزير جمال الدين اختل أمره فارتحل الى الشام، وقدم حلب، وأقام بهامدة يغشى القاضي محي الدين أبا حامد محمد بن محمد بن الشهرزوي الحاكم بها يومئذ.

ص: 2351

ثم انتقل الى دمشق، وأكرمه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، وجعل له معلوما من البر، وكان يغشى بها قاضي القضاة كمال الدين أبا الفضل محمد بن عبد الله بن الشهرزوري ولم يزل كذلك حتى مات نور الدين محمود بن زنكي، فقطع وزيره أبو صالح عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي معلومه

(1)

فهجاه، وقصد الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ومدحه، فنفق عليه وأكرمه وزاد في اكرامه وبره، ثم رجع الى الموصل، وحدث بشيء يسير من مسموعاته، وكان بينه وبين العماد الكاتب مودة أكيدة ومؤانسة ومكاتبة بالشعر والنثر.

قال لي الفقيه عماد الدين اسماعيل بن باطيش: ان مولد العلم الشاتاني في سنة خمس عشرة وخمسمائة.

وأنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: ذكر لي-يعني-الشاتاني أن مولده سنة عشر وخمسمائة بقلعة شاتان (202 - ظ).

سمعت شيخنا أبا الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري قال:

أخبرني أبي قال: كان العلم الشاتاني يمدح مجاهد الدين قايماز، وكان محسنا اليه، فلما قبض على مجاهد الدين هجاه الشاتاني، فأطلق مجاهد الدين من الاعتقال، فقطع جاري العلم الشاتاني الذي كان له على جامع الموصل، فدخل عليه وأنشده أول قصيدة عملها:

كفاني عقابا ما جنيت على نفسي.

فقال له مجاهد الدين قايماز: حسبك لا تزد على هذا فلو أنك امرؤ القيس ما أتيت في الاعتذار بأبلغ من هذا، ثم عفا عنه، وأطلق جاريه على ما كان.

أنشدني أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحدوس الموصلي قال: أنشدنا علم الدين الحسن بن سعيد الشاتاني لنفسه:

قلت ثقلت اذ أتيت مرارا

قال: أثقلت كاهلي بالأيادي

قلت: طولت قال: أوليت طولا

قلت: أبرمت قال: حبل الوداد

(1)

-أي راتبه،

ص: 2352

وأنشدني أبو محمد بن الحدوس الفقيه قال: أنشدني الشاتاني أيضا لنفسه:

عم بالمعروف حتى لم يدع

أحدا ينفك عن منته

صدقت نيته في فعله

فاهتدى بالصدق من نيته

أنشدني عماد الدين أبو المجد اسماعيل بن هبة الله بن سعيد الشافعي الفقيه قال: أنشدنا علم الدين الشاتاني بالموصل بالجامع النوري، قبل (203 - و) وفاته بقليل، وأحضر دواة ورقعة وكتبتهما من لفظه في ذلك المجلس، ولم يسم قائلا:

مل معي ما عليك ضري ونفعي

نسأل الجزع عن ظباء الجزع

(1)

فعلي السؤال ليس عليّ العار

ان ضنت الغوانى برجعى

أنبأنا القاضي أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الحسن بن سعيد بن عبد الله بن بندار أبو علي الديار بكري الشاتانى، قلعة من ديار بكر، ذكر أنه سمع ببغداد أبا القاسم بن الحصين، وأبا بكر ابن صهر هبة، وأبا منصور بن زريق، وأبا الحسن بن عبد السلام الكاتب، وأبا البركات الأنماطي، وأبا الفضل بن ناصر، وأبا بكر محمد بن القاسم بن الشهرزوري.

وتفقه على أبي علي الحسن بن سلمان، وأبي منصور بن الرزاز ببغداد، وعلى أبي علي الحسن بن ابراهيم بن برهون الفارقي، وتأدب على الشريف ابن الشجري، وأبي منصور بن الجواليقي، وقال الشعر، وأنشأ الرسائل، وقدم دمشق في سنة احدى وثلاثين وخمسمائة، وعقد مجلس الوعظ، وعاد الى وطنه، ثم انتقل الى الموصل، وخدم دولة أتابك زنكي وولده رحمه الله، ورسل الى الخليفة المقتفي، والى عدة أطراف، وعاد الى دمشق سنة ثمان وستين وخمسمائة ومما أنشدني لنفسه مما كتب به الى خطيب خوارزم (203 - ظ) أحمد بن مكي، وكان مشهورا بالفضل جوابا له عن أبيات كتب بها اليه:

(1)

-الجزع: منعطف الوادي، وهناك أكثر من موقع محل اسم الجزع. انظر معجم البلدان.

ص: 2353

سلام كنشر الروض تسري به الصبا

فتعبق من أنفاسه وتطيب

على من يراه القلب مع بعد داره

قريبا ويدعو وده فيجيب

امام له في الفضل أشرف رتبة

اذا رامها خلق سواه يخيب

وقور اذا طاش الحليم حياؤه

على نفسه فما يروم رقيب

تفل غرار السيف حدة عزمه

فيرتاع منها الروع وهو مهيب

اذا ما علا صدر الأئمة منبرا

فقس عليه بالبيان خطيب

حبيب حباني من جواهر لفظه

بما قل عنه جرول وحبيب

(1)

فحلى بها جيدي وقد كان عاطلا

وجدد بردا أنهجته خطوب

وصفى لي العيش الذي هو دائما

بتكدير أحداث الزمان مشوب

يلقح أبكار القرائح فكره

نسيب لأرواح الأنام نسيب

ألا هل أرى نادي نداه فأرتوي

فقد كدت من برح الغرام أذوب

والأبيات التي كتب بها خطيب خوارزم ابتداء:

هدى علم الدين المفخم شأنه

له في عظامي والعروق دبيب

تشوقنى الذكرى اليه فأنثنى

وأيسر ما بين الضلوع لهيب

أحن اليه حنة كلما دعت

شآبيب دمع العين فهي تجيب

بعيدا اذا قلبت طرفي نازح

وان لحظته فكرتي فقريب (204 - و)

يشيم لكشف الغامضات مهندا

يطبق في أوصالها ويصيب

(2)

أتاني كتاب منه عم سروره

يهش له دامي الجفون كئيب

أراه افتخارا للفرزدق زانه

بطبع جرير مدحه ونسيب

تخيره عذب الكلام كأنه

رضيع هذيل بالعذيب ربيب

(1)

-جرول هو الحطيئة الشاعر، وحبيب هو أبو تمام.

(2)

-تاريخ دمشق لابن عساكر:4/ 227 و-ظ.

ص: 2354

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج-اذنا-قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الاصبهاني الكاتب قال: علم الدين الشاتاني أبو علي الحسن بن سعيد بن عبد الله، وشاتان من نواحي ديار بكر، مقامه بالموصل، مقر أهله، ومطار فضله، ووكر فراخه، وورد نقاخة

(1)

ومناخ أشياخه ومرمى مرامه ومرعى سوامه ومراد مراده، ومربض جواده ومراح مراحه ومغدى فلاحه ومرتع اغتباقه واصطباحه، ومرتع اغتباطه واصطلاحه ومنبت عمله ومثبت أمله، ومغنى غناه، ومبنى بناه، وأرض رضاه، وروض هواه، ووطن وطره، وحضيرة حضره، وبقعة شاته، ورقعة شاهه، وقلعة نجاته، وبلغة جاهه، وهو في مارستانها متول، وعلى ضبط الأوقاف مستول، وله شقشقة في الأدب تهدر فصاحة، وحملقة في النظر للعجب يسميها حساده حماقة، قد وفر الله حظه من النطق فما يرى السكوت، ويستلذ الاستكثار من الكلام ومواصلته، ولو هجر القوت اذا حضر أدبا لم يرض الا بأن ينفرد بالقول، وغيره يستمع، ويرفع بالفضل والكل متضع، لا جرم ترشقه سهام الايذاء، وتطرقه قوارض الطرقاء، ولقد كان في أمان من الطيش وضمان من طيب العيش، وفراغ ورفاغه

(2)

وبلغة من بلاغه ورفاهية، بغير كراهية، ونعمة لقدر فضله مضاهيه، وبضائع نافعة وذرائع موافقة، ونقود رائجة وعقود متناسقة، ذلك والصدر الوزير جمال الدين بالموصل في صدر وزارته مشرق الجمال متألق الاقبال، فائض السجال، مستفيض النوال، غامرا أولى الفضل بالافضال، وهم في ظله يقيلون، والى نيله يميلون، وبطوله يطولون، وبطوله يصولون، والى

(1)

-النقاخ: الماء البارد العذب الصافي. القاموس.

(2)

-السعة والخصب. القاموس.

ص: 2355

فيضه يوفضون، وفي روضة يرتاضون، ولنداه ينادون، ولجداه يجتدون، وبنجمه يهتدون، ولهديه يستهدون، وعلم العلم في العلم عنده عال وسعر الشعر في سوق الرجاء رائج غال، فلما نكب الوزير نضب الغدير، وفاض الجهد، وباض الجور، وغاض الماء، وقضي الامر، وانهز جودي الجود، وذوى عود الوعود، وابتليت بالحزن النهى، وبالخزن اللهى، وصين العرض، وبذل العرض، وقصر الطول، وضاق العرض، وحال الجريض

(1)

دون القريض، واغنى التصريح برد ذوي الحاجات عن التعريض، وانقطع الواصلون الى الموصل، وتفرق الفاصلون عن المحفل، وغلب اليأس على الرجاء، والبخل على السخاء، وأظلم الجو، وعدم الضوء وشتا الشاتاني بعده، وصاف، ففقد الانصاف، وحرم الاسعاف، ووقف أمره في الوقف، وعوض بدفعه بالعنف، ونفي حقه ونسي، وأرجي رجاؤه (205 - ظ) وأنسي، ورأى الموصل مقطعا والمفزع مفزعا، والمولى موليا، والسابق مصليا

(2)

والمعرفة نكرة، والمعزفة منكسرة، والمرقة مراقة، والورقة متخزقة، ورفقه الأدب عن المأدبة متفرقة، وطلب اسفار صبح حاله وسفور ود جماله في أسفاره وحله وترحاله.

فلما سار أنس بالشام من نور الدين نارا بل نورا،

(3)

«وكان أمر الله قدرا مقدورا»

(4)

فاتخذ دمشق دار هجرته، وغار أسرته ومبرك مبرته، ومسرح مسرته، ومجثم ربوضه، وموسم سننه وفروضه، ومرج مرجه، وبرح فرحه، وبيت قصده، وبيت قصيدته، فأشرق عند النور نوره، وانتظمت بأمره أموره، ودرت أنواء أدراره، وذرت أنوار أبداره، فلما خبا ذلك النور طوي المنشور، وأطبق الدستور، وتولى أبو صالح

(5)

ملك الملك الصالح بدأ بتبطيل المصالح، وتعطيل المنائح، ومنح الصلات ورفع الصدقات، وقال للشاتاني: غب وخب، واذا دعيت فلا تجب، فما لأريب عندنا أرب، وما لأديب لدينا إلاّ الدأب، والفضل فضوله، والعلم غلول،

(1)

-الجريض: الغصة. القاموس.

(2)

-أي التالي للسابق. القاموس.

(3)

-انظر سورة القصص-الآية:29.

(4)

- سورة الاحزاب-الآية:38.

(5)

-هو القطب ابن العجمي.

ص: 2356

وما علم العلم حينئذ كيف العمل، وخيم الامل أيحتمل أم يتحمل، أيغرب أم يشرق، أينجد أم يعرق، حتى تدارك الله ذماء الفضل، ورعى ذمام أهله باناره صبح الحق، وايضاح سبله، واعلاء أعلام الندى، وأحكام أحكام الهدى، ووصول الرايات الملكية (206 - و) الناصرية الى الشام وقيامه بنصر الاسلام، انتعش جد الكرم العاثر، وحيي رسم الجود الداثر، وفر ذلك الشيطان من ظل عمر،

(1)

وغم ذلك الغم ما أفاض من البر وغمر، وصار الشام بيوسف مصرا آخر باحسانه قد فرعون فرعونه وهامانه، وبسط المكرمات وأدر البرات ورد الصلات والصدقات، وعادت حال هذا الفاضل حاليه وقيمته عالية وديمة حظه هاميه، وخطوة فضله نامية، ومدحه بقصيدة أولها:

أرى النصر معقودا برايتك الصفرا

فسر وافتح الدنيا فأنت بها أحرى

ومنها:

يمينك فيها اليمن واليسر في اليسرى

فبشرى لمن يرجو الندى بهما بشرى

وهذا علم الدين ذو العلم الغزير، والفضل الكثير، والمحفوظ الوافر من كل فن، وهو المحظوظ بكل قبول، ومن قد وفد في ريعان عمره الى عمى العزير

(2)

ببغداد واتخذه المعان، ومدحه فأجازه ومنحه وسلمه الى ابن سلمان، فقرأ عليه الفقه، وبلغ من معرفته الكنه واكتسب خلقه الظرف، واكتسى شعره الرقة واللطف حاوي المحاسن صافي الباطن سليم القلب قويم اللب حلو الفكاهة، خلو من السفاهة بديع الفقرة، سريع النقرة، عجل الاوبة، طويل الفكرة، قليل العثرة، مستجيب العبرة مستريب بالكرة، واذا أردت أن تغيظه فتعرض له أو اعترض عليه، وتحدث بين يديه، وقلوب الفضلاء مغسولة (206 - ظ) وحكمتهم معسولة، وحدتهم مقبولة شدتهم لين، وغثهم سمين، ومقارنتهم فضيلة، ومجانبتهم رذيلة، شرفهم عتيد، وأنفهم شديد.

قد توجه من الموصل الى دار الخلافة مرار، ووجد برها وكرامتها على الاغيار

(1)

-اشارة الى الحديث: يا عمر ما رآك الشيطان سالكا فجا الا سلك فجا غير فجك.

(2)

-أحمد بن حامد.

ص: 2357

أوارا، وأقبل عليه الوزير الهبيري

(1)

لشغفه بأمثاله من أهل الفضل، وعاد نجيع السعي موفور المحل.

أنشدني لنفسه من قصيدة وازن بها قصيدة لي نظمتها في ابن هبيرة الوزير:

أهدى الى جسمي الفنا فأعلّه

وعسى يرق لعبده ولعلّه

ما كنت أحسب أن عقد تجلدي

يخل بالهجران حتى حله

يا ويح قلبي أين أطلبه وقد

نادى به داعي الهوى فأضله

ان لم تجد بالعطف منه على الذي

قد ذاب من برح الغرام فمن له

وأشد ما يلقاه من ألم الهوى

قول العواذل أنه قد مله

قال العماد: وعتب علي ونحن بدمشق متجنيا، وضن بمواصلته متظنيا، فانه كان يستشط من كل كلمة فيها قاع حتى يغضب من ذكر الفقاع، فعملت أبيات لا يخلو بيت فيها من هذه اللفظة في معان حكمية ليس فيها ذكره، وكانت تنشد وهو يغضب ويحرد ونسبها من أراد اغراءه بي إليّ فعتب لأجل ذلك علي وكتبت اليه:(207 - و).

لا أوحش الله منك يا علم الد

ين ندى الكرام والفضلا

أعن قلا ذا الصدود أم ملل

حاشى العلى ملاله وقلا

هل حالة في العلى لرب عسلا

ان يغتدي هاجرا لربّ علا

كنت أخا ان جفا الزمان وفى

أو قطع الودّ أهله وصلا

ان أظلمت خطة أضاء لها

وظلم الخطب جائرا عدلا

رفيق رفق لنا اذا عنف الد

هر وخلا يسدد الخللا

صديق صدق ما زال ان كذب الس

عاة للاصدقاء محتملا

فما الذي كدر الصفاء من ال

ود ولم يرو ورده الغللا

فضلك روح العلى وهل بدن

من روحه الدهر واجد بدلا

(1)

-الوزير عون الدولة يحيى بن هبيرة، من كبار وزراء الدولة العباسية 497 - 560 هـ. البداية والنهاية 12/ 250.

ص: 2358

عذب بما شئت من معاتبة

أما بهذا الهجر الممض فلا

في العمر ضيق فصنه منتهزا

في سعة الصدر فرصة العقلا

أما كفى نائب الزمان على

تفريق شمل الألاّف مشتملا

ما بالنا ما نرى وان كرموا

إلاّ من الأصدقاء كل بلا

اذا شعفنا بقرب ذي شعف

بقربنا قيل قد نأى وسلا

زهدت فينا وسوف تطلبنا

ربّ رخيص بعد الكساد غلا

ان كان في طبعك الملال من الش

يء فهلا أقللت ذا المللا

بعد كمال الاخاء تنقضه

فحاذر النقص بعد ما كملا (207 - ظ)

كم صاحب قال لي: ألست على

بلاء ودي تقيم؟ قلت بلا

كفى لخلي بدين خلته

مجدي وفضلي ومحتدي كفلا

وكل علم لم يكس صاحبه

حلما تراه عطلا بغير حلى

لحفظ قلب الصديق أجترع الص

اب وأبقي لكأسه العسلا

ان أنكر الحق كنت معترفا

به أو أعوج كنت معتدلا

أو قال ما قال كنت مستمعا

اليه بالقول منه محتفلا

فضلك في العالمين ليس له

مثل وقد سار في الورى مثلا

فأولنا الفضل يا ولي ألي ال

فضل ولا تبغ حل عقد ولا

يا علم الدين أنت علامة ال

علم الجلي الأوصاف وابن جلا

عرفنى العذر في احترامك ذن

ب العبد واحضر مستجيبا خجلا

وافصل جميلا هذي القضية بال

هدل وخل التفصيل والجملا

واعذر جهولا اذا حسدت فما

صار حسودا الا لما جهلا

وجلت من هجرك المخوف فصل

واجل عن القلب ذلك الوجلا

وابخل بودي يا سمح فالسمحاء ال

غر صبر بودهم بخلا

ان الكرام الذين أعرفهم

قد أوضحوا لي من عرفهم سبلا

يسامحون الصديق ان زلت النع

ل ويغضون ان رأوا زللا

وهم خفاف الى المكارم لي

لكنهم عن مكارهي ثقلا (208 - و)

فكن من المرتجى غناؤهم

في صدق ودي وحقق الأملا

ص: 2359

قال فكتب إليّ متعتبا ووصل متقربا:

قل لعماد الدين الذي رقمت

أقلامه في طروسه الحللا

تزيد أبصارنا اذا نشرت

نورا فتجلو بحسنها المقلا

فابن هلال ونجل مقلة لو

راما مداه في الخط ما وصلا

فكل تال لها ومستمع

يهز عطفا من راحها ثملا

يا بحر علم عذبا لوارده

كيف أساوى بفضله وشلا

لك اليراع الذي تفل به البي

-ض المواضى وتعزل الأسلا

أودعه الله ذو الجلال كما

أراد رزق العباد والأجلا

عمك عم الأنام نائله

فصير الناس كلهم خولا

وساد كل الورى بسؤدده

وشاد مجدا سامى به زحلا

من كنت قدما ربيب نعمته

نشوا وغصن الشباب ماذبلا

فلو رأى حاتم مواهبه

لصار من جود كفه خجلا

أراه مولاه ما أعدله

في الخلد فانقاد للردى جذلا

وارتاح للراحة التي امتزجت

بالروح فيها وعاف دار بلا

حيا الحيا قبره وأنبت ما

عليه من روضه الأنيق حلى

تا لله ما حلت عن ولائكم

يوما ولا اعتضت عنكم بدلا

(208 - ظ)

لكن رأيت الخمول أروح

مما أعاني الخصام والجدلا

في دار مولى تقيم لي أبدا

جموعه في خصومتي رسلا

يشير الى قاضي القضاة كمال الدين بن الشهرزوري، فان الجماعة كانوا يداعبونه بحضرته ويعضهونه

(1)

.

من كنت ليث الشرى فغادرني

بحمل أثقال جوره جملا

أرى نهيق الحمار يطربهم

وينكرون الجواد ان صهلا

يجحد فضلي وكل ذي أدب

يمتار مما أصوغ مرتجلا

(1)

-أي يأتونه بالافك والبهتان. القاموس.

ص: 2360

من لي بخل تدوم خلته

ولا أرى في خلاله خللا

ترى مياها عيني وبي ظمأ

وما أروى بوردها الغللا

وهذه قصتي مخمّرة

نظمت تفصيله له جملا

(1)

أنشدنا ابراهيم بن سليمان بن النجار الكاتب الدمشقي بها قال: أنشدني شهاب الدين فتيان الشاغوري لنفسه وذكر أنه أنشدها صفي الدين أبا الفضل بن القابض فكان في مجلسه العلم الشاتاني وكان ينبز بقاع، ويغضب اذا ذكرت هذه الكلمة بحضرته:

هاجتك رسوم عفت لزينب بالقاع

أمست درسا بعدها معطلة قاع

لاجاد عليها من السماء ملث ينه

ل بمثعنجر

(2)

الوديقة وقاع

ان كنت كريما على الجميل مسفا لم تمس

على هامة الدناءة وقاع (209 - و)

فاسلك سنن الفضل مادحا لأبي

الفضل تكن عنده ابن شوذب قعقاع

واسمع مثلا هل يقاس شارب خمر

اذا ما انتشى بشارب فقاع

قال: فغضب لذلك واستشاط غيظا والأبيات أكثر من ذلك لم يكن على خاطره غير هذه الخمسة منها:

أخبرني موفق الدين علي بن محمد البغدادي الشاعر بسنجار، مذاكرة، قال:

كان البهاء السنجاري في خدمة تقي الدين عمر بن شاهنشاه فقال له يوما: أريد أن أصيح على العلم الشاتانى قاع بحضرة السلطان الملك الناصر، وكان الشاتاني ينبز بقاع، ويغضب من ذلك، قال وكان يجلس الى جانب الملك الناصر في المجلس ويظهر تيها على غيره من الشعراء فقال له تقي الدين: لا تفعل، فما يعجب السلطان هذا، فقال له البهاء السنجاري: بلى ولا أقول ذلك إلاّ على وجه لطيف يعجب السلطان، فحضر اليوم الثاني والعلم الى جانب السلطان فوقف بين يدي السلطان فأمره بالجلوس فقال: معي خدمه فأمره بالانشاد فابتدأ وقال:

(1)

- خريدة القصر وجريدة العصر- قسم الشام:2/ 361 - 383، ومن المفيد اعادة ضبط نص هذا الكتاب المطبوع على نصنا هذا لازالة التصحيفات منه.

(2)

-المثعنجر: السائل من ماء أو دمع. وورق المطر: قطر. القاموس.

ص: 2361

ما للصدا إلاّ لديك انتقاع

ملكك الله جميع البقاع

وذكر قصيدة طويلة على هذه القافية يمدحه فيها قال: فتبرم العلم وجعل يكظم غيظه والسلطان قد استغرق في الضحك وجعل يستتر في البرج

(1)

المنصوب في الخيمة عن العلم ويجتهد أن لا يراه، وأهل المجلس منهم من خرج الى خارج الخيمة ومنهم من جعل يضحك ويخفي ذلك جهده فلما فرغ (209 - ظ) من الانشاد جلس الى جانب العلم وسكت ساعة، ثم التفت اليه وقال له: يا مولانا علم الدين قال الله تعالى: «ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها

(2)

قاعا»، يا علم الدين «قاع» على أي شيء انتصب؟ فصاح فيه، وقال: على كذا وكذا من عيالك وشتمه شتما قبيحا.

أخبرني عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري قال: كان العلم الشاتاني طريفا، وكان كثير المخالطة لكمال الدين ابن الشهرزوري وكان يداعبه كمال الدين، فحضر يوما عنده وسب الاسماعيلية وكفرهم، وسخف آراءهم، فسير كمال الدين رجلين من أصحابه ليفزعاه، ونزلا عليه ليلا وجذبا عليه سكينتين، وقالا له: نحن قد سيرنا سنان اليك لنقتلك، وهو يقول لك: ويلك كم تتجرأ علينا وتشتمنا وتتسمج في حقنا؟ قال: فطار عقله وجعل يتضرع اليهما ويسألهما أن لا يقتلاه ويقول: يكذب عليّ وما قلت شيئا، ومع هذا فأنا تائب ولا أعود الى شيء من ذلك أبدا، فقالا له بعد الجهد: فما يمكننا أن نمضي اليه إلاّ بعلامة أمرنا بها ليعلم أننا وصلنا اليك وقدرنا على قتلك، ولابد من قفل نقفله على أنثييك فقال لهما: العلم اقفلا ما شئتما، ولا تبطئا عليّ أكثر من يومين فأخذا قفلا وقفلاه على أنثييه، ومضيا فلما أصبح أرسل كمال الدين ابن الشهرزوري الى العلم يطلبه اليه فاعتذر عن الحضور وكتمه (210 - و) أمره، وقال: قد طلع لي دمل ولا سبيل لي الى المجئ اليك، فأرسل اليه: لابد حضورك فاعتذر، وقال: لا أطيق، فأرسل اليه محفة وقال: تحضر في المحفة، فحمل في محفة وأحضر عند القاضي كمال الدين وهو على غاية من الالم لان القفل ينحدر على أنثييه فيؤلمه، وهو بين فخذيه لا يطيق

(1)

-كان صلاح الدين يجلس داخل برج خشبي خشية تعرضه للاغتيال.

(2)

- سورة طه-الآية:105.

ص: 2362

المشي منه، فقال: ما بك؟ فقال: دمل فقال: ندعو لك طبيبا يبصرك فقال لا حاجة لي اليه فألح كمال الدين عليه في احضار الطبيب فصدقه الحال، وقال: انه حضر عندي رجلان ليلا وذكر له ما جرى عليه، فقال له كمال الدين كالجاهل بالقضية:

ألم أنهك وأقل لك لا تتعرض لهم ولا تذكرهم بسوء فانك لا تأمن غائلتهم، ثم قال له: فنحن نستدعي رئيس الباطنية هاهنا ونسأله في أمرك؟ فقال: افعل فأرسل الى رجل من أصحابه وأحضره على أنه رئيس الباطنية وخاطبه في معناه فقال: مفتاح القفل عندي وقد تركه عندي الرجلان ومضيا، فان شرطت عليه أنه لا يعود الى ذكرنا بسوء أطلقناه، فشرطوا عليه ذلك، وفتح القفل وأطلق وكانت هذه من مطايبات كمال الدين له.

سمعت القاضي نجم الدين الحسن بن عبد الله بن حمزة بن أبي الحجاج العدوي، قاضي حلب يقول: كان بدمشق رجلا يقال له البدر الارموي، وكان بينه وبين العلم الشاتاني شيء فحضرا يوما وليمة عند القاضي كمال الدين الشهرزوري وكان البدر الارموي يجعل في كمه قدرا صغيرة مربوطة في زنده ليجعل (211 - ظ) فيها طعاما يزله من الوليمة التي يحضرها وكان واسع الاكمام فراقبه العلم الشاتاني الى أن وضع فيها الطعام، وملأها وغافله، وضرب القدر على كمه فانكسرت، وتبدد جميع ما فيها من الطعام وسال في كمه وامتلأ كمه به، فجعل البدر الارموي ينفض كمه ويلوث به ثياب الناس حتى وصل من ذلك الى كمال الدين وجميع من في المجلس.

قال لي الفقيه عماد الدين أبو المجد اسماعيل بن باطيش: مات العلم الشاتاني في حدود سنة تسعين وخمسمائة بالموصل، وهذا وهم والصحيح ما أنبأنا به أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصري قال: بلغني وفاته-يعني الشاتاني-في شهر شعبان سنه تسع وسبعين، وقد جاوز السبعين، وقرأت ذلك بخط الحافظ أبي المواهب في معجم شيوخه، وكتب الينا أبو عبد الله بن الدبيثي من بغداد أن العلم الشاتاني توفي في شعبان سنة تسع وسبعين وخمسمائة، قال: وبلغني أنه تغير في آخر عمره.

ص: 2363

‌ذكر من اسمه سفيان في اباء من اسمه الحسن

‌الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني:

أبو العباس النسوي البالوزي الحافظ، صاحب مسند الحسن بن سفيان حافظ كبير، رحل رحلة واسعة دخل فيها الشام، وسمع بحلب أبا نعيم (211 - و) عبيد بن هشام وعبد الرحمن بن عبيد الله أخا الامام الحلبيين وسمع بتل منس

(1)

المسيب بن واضح السلمى التلمنسي، وروى عنهم، وعن هشام بن عمار، وهشام ابن خالد، ومحمد بن رمح، وابراهيم بن هشام بن يحيى، وابراهيم بن أيوب الحوراني، وأبي بكر بن أبي شيبة، واسحاق بن راهويه، وابراهيم بن يوسف البلخي، وأحمد بن محمد بن حنبل، وابراهيم بن الحجاج، وابراهيم بن المنذر الحزامي، وأبي بكر محمد بن الحسين الاعين، وحبان بن موسى، وسويد بن سعيد وأبي الربيع الزهراني وسهل بن عثمان العسكري، وشيبان بن فروخ، وعيسى بن حماد، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي، وعمرو الناقد، وعلي بن حجر، وعمرو بن زرارة، والعباس بن عثمان المعلم، وصفوان بن صالح، وعباس بن الوليد الخلال، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن معين وهرون بن سعيد، وعبد الله بن محمد بن أسماء ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وأبي كامل الجحدري وأبي خيثمة زهير بن حرب، وهدبة بن خالد ودحيم الدمشقي، وعبيد الله بن عثمان القواريري، وأبي مصعب، وحرملة بن يحيى، وأبي الطاهر وغيرهم.

روى عنه حفيده اسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان، وأبو محمد سفيان ابن محمد بن الحسن بن سفيان وأبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان، ومحمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني، وأبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة، وأبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي، وآباء بكر: محمد بن الحسن النقاش، وأحمد ابن ابراهيم الاسماعيلي ومحمد بن داود بن سليمان (211 - ظ) الزاهد وعبد الله ابن محمد بن مسلم الأسفرائيني، ومحمد بن جعفر البستي، وأبو علي الحسين بن علي الحافظ، وأبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي وأبو حاتم محمد بن حبان

(1)

-ما تزال تحمل هذا الاسم نفسه، وتبعد عن معرة النعمان مسافة 45 كم، وتتبع المعرة اداريا.

ص: 2364

البستي، وجعفر بن محمد بن سوار، وأحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي أبو حامد، وأبو جعفر محمد بن علي الجوسقاني، وعلي بن بندار الزاهر، وابراهيم بن اسماعيل القارئ، وابراهيم بن محمد بن عبدك.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور بن محمد بن الحسن الخياط، قراءة عليه بأصبهان، قال:

أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد ابن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي اليقطيني، ومحمد بن علي بن ابراهيم قال: حدثنا الحسين بن عبد الله القطان قال: حدثنا حكيم بن سيف، ح.

قال أبو نعيم: وحدثنا أبو عمرو بن حمدان قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال:

حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الحلبي، وحكيم بن سيف قالا: حدثنا عبيد الله عن عبد الكريم عن محمد بن المنكدر، ح.

قال: وأخبرنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور قال: حدثنا أبو نعيم الحلبي قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: جيء بأبي يوم أحد مجدعا، فجعلت أبكي عليه وأكشف عن وجهه، ولا ينهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما رفع قال: ما زالت الملائكة حافة بأجنحتها (212 - و) حتى رفع.

(1)

.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد المقدسي بمكة وأبو الفضل أحمد بن محمد ابن عبد العزيز بن الحباب، بالحجر تجاه الكعبة المعظمة، وأبو علي حسن بن أحمد ابن يوسف الاوقي، بالمسجد الاقصى، وأبو عبد الله محمد بن داود بن عثمان الدربندي، بحبرى عند تربة الخليل عليه السلام، وأبو الخطاب عمر بن ايملك ابن الاردعانسي بالبيت المقدس وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحه الانصاري بحلب، والخطيب أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن هبة الله بمنبج وآخرون قالوا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو القاسم ميمون بن عمر بن محمد الفقيه البابي بباب الابواب، قال: أخبرنا أبو حفص

(1)

- انظر مغازي الواقدي:1/ 266 - 8 26.

ص: 2365

عمر بن الحسن الآزجي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الأسفرائيني قال:

حدثنا ابراهيم بن محمد بن عبدك الشعراني قال: حدثنا الحسن بن سفيان النسوي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الأعين قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عقبة ابن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به.

(1)

.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد قال: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن حبان البستي قال: (212 - ظ) أخبرنا الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني أبو العباس بحديث ذكره.

أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي وعبد الرحمن بن عمر بن علي وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن اسماعيل القزويني قال:

أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا اليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال:

الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني أبو العباس النسوي-من قرية بالوز

(2)

، وهي على ثلاث فراسخ من البلد-بنسا، وهو محدث خراسان في عصره مقدم في التثبت والكثرة والرحلة، والفهم والفقه والادب، تفقه عند أبي ثور ابراهيم بن خالد، وكان يفتى على مذهبه، سمع بخراسان حسان ابن موسى واسحاق بن ابراهيم الحنظلي، وعمرو بن زرارة وقتيبة بن سعيد، وابراهيم بن يوسف وعلي بن حجر، وابراهيم بن عبد الله الخلال وأقرانهم.

وسمع ببغداد أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو بن محمد الناقد، وسويد بن سعيد، وأبا خيثمة، والقواريري وأقرانهم. وسمع بالبصرة ابراهيم بن

(1)

-انظره في كنز العمال:1/ 1084.

(2)

-من قرى نسا على ثلاثة فراسخ منها. معجم البلدان.

ص: 2366

الحجاج الشامي، وأبا الربيع الزهراني، وسهل بن عثمان العسكري، وعبد الرحمن ابن سلام الجمحي، وأبا كامل الجحدري، وهدبة بن خالد وشيبان بن فروخ، وأقرانهم، وسمع بالكوفة كتب الامهات عن آخرها من أبي بكر بن أبي شيبة فمن بعده في عصره. وسمع بالحجاز ابراهيم بن المنذر الحزامي، وأبا مصعب الزهري وأقرانهما، وسمع بمصر هرون بن سعيد (213 - و) الأيلي وعيسى بن حماد ومحمد ابن الرمح وأبا الطاهر وحرملة بن يحيى وأقرانهم. وسمع بالشام صفوان بن صالح وهشام بن خالد والمسيب بن واضح، وهشام بن عمار، ودحيم بن اليتيم، وأقرانهم وصنف المسند الكبير، والجامع والمعجم، وغير ذلك وهو راوية خراسان لمصنفات الأئمة فانه سمع مصنفات عبد الله المبارك عن آخرها من حبان بن موسى، وسمع أكثر المسند من اسحاق بن راهويه، وسمع السنن من أبي ثور، وسمع الكتب عن آخرها من أبي بكر بن أبي شيبة والسير من المسيب بن واضح، والموطأ من حرملة ابن يحيى والتيسيير من محمد بن أبي بكر المقدمى، وكان محدث عصره، حدث بنيسابور غير مرة آخرها سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وعاش بعد ذلك عشرين سنة، والرحلة اليه بخراسان وروى عنه أبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة وجعفر بن أحمد بن سوار، وعمر بن المبارك وأحمد بن محمد بن الحسن بن الشرقي وأبو بكر أحمد بن علي الرازي والصدر الاول من مشايخنا.

أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان ابن عطاء، أبو العباس الشيباني النسوي الحافظ، صاحب المسند، سمع بدمشق هشام بن خالد ودحيما، وابراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى، وصفوان بن صالح وهشام بن عمار وابراهيم بن أيوب الحوراني، وعباس بن الوليد الخلال والعباس ابن عثمان المعلم، وروى عنهم وعن هدبة (213 - ظ)، ابن خالد وأبي بكر بن أبي شيبة وحبان بن موسى، واسحاق بن راهويه، وعمرو بن زرارة، وقتيبة وابراهيم ابن يوسف البلخي، وعلي بن حجر، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو الناقد، وسويد بن سعيد، وأبي خيثمة، والقواريري، وابراهيم بن الحجاج وأبي الربيع الزهراني، وسهل بن عثمان العسكري، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي

ص: 2367

وأبي كامل الجحدري، وشيبان بن فروخ وابراهيم بن المنذر الحزامي، وأبي مصعب وهرون بن سعيد، وعيسى بن حماد ومحمد بن رمح وأبي الطاهر، وحرمله، والمسيب بن واضح.

روى عنه محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني الحافظ، والحسين بن علي أبو علي الحافظ، وأبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة، وهو من أقرانه، وجعفر بن محمد بن سوار وأبو عمر وأحمد بن المبارك المستملي، وأبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي، وأبو بكر محمد بن الحسن النقاش المقرئ، وأبو حامد ابن الشرقي، وأبو عمرو بن حمدان وأبو بكر محمد بن داود بن سليمان الزاهد.

وأبو بكر محمد بن جعفر البستي وأبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الأسفرائيني وأبو بكر أحمد بن ابراهيم الاسماعيلي الجرجاني، وأبو جعفر محمد بن علي الجوسقاني، وأبو حاتم محمد بن حبان البستي وابراهيم بن اسماعيل القاري، وعلي بن بندار الزاهد وابنا ابنيه اسحاق بن سعد بن الحسن وأبو محمد سفيان بن محمد بن الحسن بن سفيان.

أنبأنا أبو نصر بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: في نسخه ما شافهني به أبو عبد الله (214 - و) الحسين بن عبد الملك قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن محمد بن اسحاق قال: أخبرنا الحسين بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد، ح.

قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله-اجازة-قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: الحسن بن سفيان النسائي، روى عن حبان بن موسى وقتيبة بن سعيد، واسحاق بن راهويه، وأبي بكر بن أبي شيبة، فكتب اليّ وهو صدوق.

(1)

.

أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن اسماعيل القزويني قال أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا اليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال: سمعت أبا الوليد الفقيه يقول: كان الحسن

(1)

-الجرح والتعديل:3/ 16.

ص: 2368

ابن سفيان أديبا فقيها، أخذ الأدب عن أصحاب النضر بن شميل، والفقه عن أبي ثور، وكان يفتي على مذهب أبي ثور

(1)

.

وقال الحاكم: سمعت أبا عمرو بن أبي جعفر يقول: سمعت أبا بكر بن علي الرازي يقول، في حياة الحسن بن سفيان: ليس للحسن في الدنيا نظير.

وقال: سمعت أبا الوليد يقول: سمعت الحسن بن سفيان يقول: لما قدمت على علي بن حجر وكان من آدب الناس وكان لا يرضى قراءة أصحاب الحديث، فغاب القارئ عنه يوما فقال: هاتوا من يقرأ، فقمت فقلت: أنا فقال: اجلس، ثم قال في الثانية: من يقرأ؟ قلت أنا، فقال: اجلس وزبرنى الى أن قال الثالثة، فقلت:

أنا فقال كالمغضب: هات فقرأت ذلك المجلس وهو ذا يتأمل، ويجهد (214 - ظ) أن يأخذ علي شيئا في النحو واللغة فلم يقدر عليه فلما فرغت قال لي: يا فتى ما اسمك قلت: الحسن، قال: ما كنيتك؟ قلت: لم أبلغ رتبة الكنية، فاستحسن قولي، قال:

كنيتك أبا العباس قال: فكان الحسن بن سفيان يفتخر أن علي بن حجر كناه.

وقال الحاكم: سمعت أبا بكر محمد بن داوود بن سليمان يقول: كنا عند الحسن بن سفيان ببالوز، دخل عليه أبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة، وأبو عمر أحمد بن محمد الحيري، وأبو بكر أحمد بن علي الرازي الحافظ في جماعة أصحاب أبي بكر المطوعة، وهم متوجهون الى فراوة

(2)

، فقال له أبو بكر بن علي: قد كتبت للأستاذ أبي بكر محمد بن اسحاق هذا الطبق من حديثك، فقال: هات واقرأ فأخذ يقرأ، فلما قرأ أحاديث أدخل اسنادا منها في اسناد، فرده الحسن الى الصواب فلما كان بعد ساعة ادخل أيضا اسنادا في اسناد فرده الى الصواب، فلما كان في الثالثة قال له الحسن: ما هذا لا تفعل فقد احتملتك مرتين، وهذه الثالثة وأنا ابن تسعين سنة فاتق الله في المشاريخ فربما استجيبت فيك دعوة، فقال له أبو بكر محمد

(1)

-هو ابراهيم بن خالد، أبو اليمان الكلبي، الفقيه، صاحب الامام الشافعي، كان أحد ائمة الدنيا فقها وعلما وورعا وفضلا توفي سنة 240 هـ -/85 م. الاعلام للزركلي.

(2)

-رباط فراوة، من أعمال نسا بينها وبين دهستان وخوارزم. معجم البلدان.

ص: 2369

ابن اسحاق: مه لا تؤذي الشيخ، قال أبو بكر بن علي: انما أردت أن يعلم الأستاذ أن أبا العباس يعرف حديثه.

أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل عن زاهر بن طاهر عن أبي بكر أحمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا علي الحسين ابن علي الحافظ يقول: سمعت الحسن بن سفيان (215 - و) يقول: أنا فاتني يحيى ابن يحيى بالوالدة لم تدعني أخرج إليه، فعوضني الله بأبي خالد الفراء وكان أسند من يحيى بن يحيى.

قال: وأخبرنا أبو عبد الله قال: سمعت أبا بكر محمد بن جعفر البستى يقول:

سمعت الحسن بن سفيان يقول: لولا اشتغالي بحيان بن موسى، وسماع مصنفات ابن المبارك منه لجئتكم بأبي الوليد وسليمان بن حرب.

أخبرنا أبو نصر القاضي في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو سعيد هبة الله بن القاسم بن عطاء المهراني-اجازة فيما أرى-قال أخبرنا أبو نعيم المعقلي قال: حدثنى الفقيه أبو نصر أحمد بن جعفر الأسفرائيني بها قال: حدثنا الفقيه أبو الحسن الصفار قال: كنا عند الشيخ الإمام الزاهد الحسن بن سفيان النسوي وقد اجتمع لديه طائفة من أهل الفضل، ارتحلوا اليه من أطباق الأرض والبلاد البعيدة مختلفين الى مجلسه لاقتباس العلم، وكتبة الحديث، فخرج يوما الى مجلسه الذي كان يملي فيه الحديث فقال: اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع في الإملاء، قد علمنا أنكم طائفة من أبناء النعم وأهل الفضل هجرتم أوطانكم وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث، فلا يخطرن ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقا، أو أديتم بما تحملتم من الكلف والمشاق من فروضه فرضا فإني أحدثكم ببعض ما تحملته في طلب العلم من المشقة والجهد (215 - ظ) وما كشف الله سبحانه وتعالى عني وعن أصحابي ببركة العلم وصفوة العقيدة من الضيق والضنك.

اعلموا أني كنت في عنفوان شبابي ارتحلت من وطني أطلب العلم واستملاء الحديث، فاتفق حصولي بأقصى المغرب وحلولي بمصر في تسعة نفر من أصحابي

ص: 2370

طلبة للعلم وسامعي الحديث، وكنا نختلف الى شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة وأدراهم للحديث، وأعلاهم إسنادا وأصحهم رواية، فكان يملي علينا كل يوم مقدارا يسيرا من الحديث حتى طالت المدة وخفت النفقة ودفعت الضرورة الى بيع ما صحبنا من ثوب وخرقة الى أن لم يبق لنا ما كنا نرجو حصول قوت يوم منه وطوينا ثلاثة أيام بلياليها جوعا وسوء حال، ولم يذق أحد منا فيها شيئا وأصبحنا بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد من جملتنا من الجوع وضعف الأطراف وأحوجت الضرورة الى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال، فلم تسمح أنفسنا بذلك ولم تطب قلوبنا به وأنف كل واحد منا عن ذلك، والضرورة تحوج الى السؤال على كل حال، فوقع اختيار الجماعة على كتابة رقاع بأسامي كل واحد منا، وارسالها قرعة فمن ارتفع اسمه من الرقاع كان هو القائم بالسؤال واستماحة القوت لنفسه ولجميع أصحابه، فارتفعت الرقعة التي اشتملت (216 - و) على اسمي فتحيرت ودهشت ولم تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلة فعدلت الى زاوية من المسجد أصلي ركعتين طويلتين قد اقترن الاعتقاد فيها بالاخلاص أدعو الله سبحانه بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضر وسياقة الفرج، فلم أفرغ بعد عن اتمام الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه، نظيف الثوب طيب الرائحة يتبعه خادم في يده منديل فقال: من منكم الحسن بن سفيان؟ فرفعت رأسي من السجدة فقلت: أنا الحسن بن سفيان، فما الحاجة؟ فقال: إن الأمير ابن طولون صاحبي يقرئكم السلام والتحية ويعتذر إليكم في الغفلة عن تفقد أحوالكم والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم، وقد بعث بما يكفي نفقة الوقت وهو زائركم غدا بنفسه ويعتذر بلفظه إليكم، ووضع بين يدي كل واحد منا صرة فيها مائة دينار، فتعجبنا من ذلك جدا، وقلنا للشاب: ما القصة في هذا؟ فقال: أنا أحد خدم الأمير ابن طولون المختصين به والمتصلين بأقربائه وخواص أصحابه، دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلما في جملة أصحابي، فقال لي وللقوم: أنا أحب أن أخلو يومي هذا فانصرفوا أنتم الى منازلكم، فانصرفت أنا والقوم، فلما عدت الى منزلي فلم يتسق قعودي حتى أتاني الأمير مسرعا مستعجلا يطلبني (216 - ظ) حثيثا فأجبته مسرعا، فوجدته منفردا في بيت واضعا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل

ص: 2371

جسده، فقال لي: أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه؟ فقلت: لا، فقال: أقصد المحلة الفلانية والمسجد الفلاني واحمل هذه الصرر وسلمها في الحين إليه والى أصحابه، فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة ومهّد عذري لديهم، وعرفهم أني صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاها إليهم، فقال الشاب: سألته عن السبب الذي دعاه الى هذا، فقال: دخلت هذا البيت منفردا على أن أستريح ساعة فلما هدأت عيني رأيت في المنام فارسا في الهواء متمكنا تمكن من يمشي على بساط الأرض وبيده رمح فقضيت العجب من ذلك وكنت أنظر إليه متعجبا حتى نزل الى باب هذا البيت ووضع سافلة رمحه على خاصرتي فقال: قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه، قم وأدركهم، قم وأدركهم، قم وأدركهم فإنهم منذ ثلاثة جياع في المسجد الفلاني، فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا رضوان صاحب الجنة ومنذ أصاب سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد لا حراك بي له، فعجل إيصال هذا المال ليزول هذا الوجع عني.

فقال الحسن: فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله سبحانه وتعالى وأصلحنا أمورنا ولم تطب أنفسنا بالمقام حتى لا يزورنا الأمير، ولا يطلع الناس على أسرارنا فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط حياة ويتصل ذلك بنوع من الرياء (217 - و) والسمعة، وخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد منا واحد عصره وقريع دهره في العلم والفضل، فلما أصبح الامير ابن طولون أتى المسجد لزيارتنا وطلبنا وأحس بخروجنا أمر بابتياع تلك المحلة بأسرها ووقفها على ذلك المسجد وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل الفضل وطلبة العلم نفقة لهم حتى لا تختل أمورهم ولا يصيبهم من الخلل ما أصابنا وذلك كله بقوة الدين وصفوة الاعتقاد والله سبحانه ولي التوفيق.

قال الحافظ أبو القاسم: كان في الأصل في المواضع كلها طولون، والصواب ابن طولون

(1)

.

أنبأنا أبو بكر بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 228 و-230 و.

ص: 2372

قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت اسحاق ابن سعد بن الحسن بن سفيان بنسا يقول: توفي جدي أبو العباس رضي الله عنه سنة ثلاث وثلاثمائة.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال:

أنبأنا أبو سعد محمد بن محمد، وأبو علي الحسن بن أحمد، وأبو القاسم غانم بن عبيد الله، ثم أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد البزاز قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد قالوا: أخبرنا أبو نعيم قال: سمعت عبد الله بن محمد بن جعفر يقول: وفيها-يعني-سنة ثلاث وثلاثمائة مات الحسن بن سفيان النسائي.

أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني، والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفار-قال أبو المظفر: أخبرنا (217 - ظ) أبو البركات عبد الله بن محمد ابن الفضل الفراوي. وقال القاسم: أخبرتنا عمة والدي عائشة بنت أحمد بن منصور الصفار-قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي الأديب، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن الجراح المروزي العدل يقول: توفي أبو صالح الحسين بن الفرج المروزي وأبو العباس الحسن بن سفيان النسوي سنة ثلاث وثلاثمائة.

‌الحسن بن سفيان المصيصي:

حدّث

(1)

، روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن هرون الخلال.

‌الحسن بن السلم الحراني:

قدم دمشق وسمع بها هشام بن عمار، واجتاز بحلب في طريقه، وروى عنه من أهلها أبو أيوب سليمان بن محمد بن ادريس الحلبي.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم قال: الحسن بن السلم الحراني

(1)

-فراغ بالاصل، لم يذكر المؤلف عمن حدث، ولم أقف له على ترجمة أخرى.

ص: 2373

سمع هشام بن عمار بدمشق، وروى عنه أبو أيوب سليمان بن محمد بن إدريس الحلبي

(1)

.

‌الحسن بن سليمان بن القاسم:

شاعر كان بمعرة النعمان وقفت له على أبيات في مراثي بني المهذب يرثي بها الشيخ أبا القاسم جعفر بن علي بن المهذب وهي:

صبرا على دهرنا ومحنته

حين رمانا عن قوس نكبته

وابتز منا فتى لغيبته

غاب سرور الورى ومنيته

لو كان يفدى ميت لكان فدا

جعفر فرضا على عشيرته

لكنها ساعة موقتة

فكل خلق آت بوحدته (218 - و)

فكلنا للفناء موردنا

نشرب كأسا نفنى بجرعته

وكل حي يسعى الى جدث

في الأرض يهوى في قعر حفرته

فلو تدوم الدنيا على أحد

دامت على المصطفى وعترته

فالغر من يغتر بلذتها

وهو غدا واقف بحسرته

لا ينفع المال والبنون

ولا يفوز خلق إلا برحمته

يا جعفر قد حباك ربك بالفضل وشرفت في بريته

إن كان قد ضمك الثرى

فلقد خلفت قرما نزهو برفعته

ومن حق هذا الشعر أن لا يذكر، لكني رأيته مذكورا في كتاب جمع فيه مراثي بني المهذب المعريين فأحببت أن لا أخل بذكره، لأن لناظمه ذكرا في الجملة.

‌ذكر من اسمه سليمان في آباء من اسمه الحسن

‌الحسن بن سليمان بن الخير:

أبو علي الأنطاكي المقرئ المعروف بالنافعي من أهل أنطاكية، وسكن مصر وتصدر بها لإقراء القرآن، وكان قرأه على أبي الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وأبي الفتح أحمد بن عبد العزيز بن جعفر بن جعفر المقرئ المعروف بابن بدهن، وأبي القاسم المظفر بن عبد الله المعروف بزعزاع، صاحب ابن الأخرم، وأبي بكر

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 230 - و.

ص: 2374

محمد بن علي المصري، وعلي بن محمد البرزدي، قرأ عليه أبو العباس أحمد بن علي بن هاشم المقرئ، وأبو بكر محمد بن الحسن بن علي السوسي المقرئ، وكان يؤدب أولاد الوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات وله معرفة بالعربية (218 - ظ).

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد الأندلسي بحلب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف بن صاف اللخمي، وعبد الرحمن بن غالب الشراط، وأبو الوليد جابر بن أبي أيوب قالوا: أخبرنا أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح الرّعيفي قال: حدثنا أبي قال: قرأت بها-يعني برواية الدّورى عن الكسائي على أبي العباس أحمد بن علي بن هاشم المقرئ، وقرأ ابن هاشم على أبي الحسن بن سليمان الأنطاكي، وقرأ أبو علي الأنطاكي على أبي الفتح أحمد بن عبد العزيز المقرئ المعروف بابن بدهن وقرأ أبو الفتح على أبي عثمان سعيد بن عبد الرحيم المقرئ، وقرأ أبو عثمان الدوري.

قرأت بخط أبي طاهر السّلفي رحمه الله: أبو علي الحسن بن سليمان النافعي ثم الأنطاكي مقرئ قد قرأ القرآن على أبي الفتح أحمد بن عبد العزيز بن بدهن المقرئ، قرأ عليه أبو بكر محمد بن الحسن بن علي السوسي المقرئ بمصر.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد-فيما أذن لنا أن نرويه عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسن بن سليمان بن الخير، أبو علي الأنطاكي المقرئ المعروف بالنافعي، سكن مصر وقرأ بدمشق على أبي القاسم المظفر بن عبد الله، المعروف بزعزاع، صاحب ابن الأخرم وبغيرها على أبي الفتح عبد العزيز بن جعفر بدهن، وأبي الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي، وعلي بن محمد البرزندي، وأبي بكر محمد بن علي المصري، وكان يؤدب أولاد الوزير جعفر بن الفضل بن حنزابة

(1)

.

وقال: ذكر أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني أن أبا علي كان من أحفظ أهل عصره للقراءات والغرائب من الروايات، والشاذ من الحروف، ومع

(1)

-جزر البر يلقب به من كان قصيرا من النساء.

ص: 2375

ذلك يحفظ تفسيرا كبيرا، ومعاني واعرابا وعللا، واختلاف الناس في ذلك ينصّ ذلك نصا بطلاقة (219 - و) لسان وحسن منطق، ولا يلحن، وكانت له اشارات يشير بها لمن قرأ عليه تفهم عنه في الكسر والفتح والمدّ والقصر والوقف، وبما كان يبتدئ بالمسألة من غير أن يسأل عنها فينصّ أقوال العلماء فيها ليرى حفظة، وكان يظهر مذهب الروافض، ويشير الى القول بالتشيع بسبب السلطان شاهدت ذلك منه وذاكرت به فارس بن أحمد غير مرة، وكان لا يرضاه في دينه.

قال أبو عمرو: وبلغنى أنه قال لمحمد بن علي حين ختم عليه القرآن: يا أبا بكر انما قرأت عليك للرواية لا للدراية. قال: وسمعت فارس بن أحمد يقول وقد ذاكرته بأبي علي: كان أبو علي لا يقر بقراءته على الشنبوذي ما دام حيا، فلما توفي قال:

قرأت على الشنبوذي، وأسند عنه.

وقال أبو عمرو: قتل أبو علي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قتله صاحب مصر

(1)

.

قرأت في مختار من أخبار مصر للأمير المختار عزّ الملك محمد بن عبيد الله ابن أحمد المسبحي في حوادث سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قال: وفي اليوم الثالث عشر منه-يعنى من ذي الحجة، وهو يوم الأحد-قتل أبو علي الحسن بن سليمان الأنطاكي المقرئ النحوي، وفي هذا اليوم بعينه قتل أبو أسامة العجمي اللغوي، قتلا جميعا في يوم واحد. واستتر بسبب قتلهما أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي وخاف على نفسه بسبب اجتماعهم في دار العلم وجلوسهم فيها.

قلت: وهذا يدل على أن ما ذكره أبو عمرو الداني عن أبي علي الأنطاكي من اظهار مذهب (219 - ظ) الروافض أنه كان خوفا من الحاكم الفاطمي صاحب مصر أن يقع فيما وقع فيه، فكان يستر مذهبه ويظهر التشيع لما يعلمه من تهور الحاكم واقدامه على اراقة دماء المسلمين ووقع أبو علي فيما خاف منه.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 230 و- ظ.

ص: 2376

‌الحسن بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن ينوس:

أبو محمد البعلبكي: سمع بأنطاكية وصيف بن عبد الله الأنطاكي الحافظ

(1)

وعثمان بن محمد الذهبي، وروى عنهما وعن محمد بن عبد الله البيروتي المعروف بمكحول، وأبوي بكر محمد بن جعفر الخوارزمي، وأحمد بن مروان المالكي.

روى عنه مكي بن محمد بن الغمر أبو الحسن.

أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي اذنا-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي محمد عبد الكريم بن حمزة، ح.

وأنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة- اجازة ان لم يكن سماعا-عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن مكي ابن محمد بن الغمر المؤدب قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن ينوس ببعلبك قال: حدثنا أبو علي وصيف بن عبد الله الأنطاكي قال حدثنا أحمد بن حرب قال: حدثنا عبد الله بن ادريس قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا

(2)

.

‌الحسن بن سليمان بن سلام:

أبو علي الفزاري المصري المعروف بقبيطة الحافظ (220 - و) من ولد عيينة بن حصن الفزاري، أصله من البصرة، ونزل مصر وجال في ديار الشام وثغورها، وسمع بحلب أو بأنطاكية يعقوب بن كعب بن حامد الحلبي الأنطاكي، وسمع بالثغر محبوب ابن موسى الفراء وبالحجاز ابراهيم بن المنذر الحزامي، وببيت المقدس المعلى بن الوليد بن عبد العزيز بن القعقاع، وبعسقلان محمد بن أبي السري العسقلاني، وبحمص ابراهيم بن العلاء وأبا يحيى سليمان بن عبد الحميد، وبدمشق سليمان بن عبد الرحمن، ومحمد بن المبارك الصوري، وهشام بن عمار، وصفوان بن صالح،

(1)

-فراغ قبل كلمة عثمان مقداره كلمة.

(2)

-انظره في كنز العمال:7/ 21224.

ص: 2377

وبحران أحمد بن أبي شعيب الحراني، وعبد الله بن محمد بن نفيل، وبنصبين عبد الملك بن معاذ النصيبي، وبمصر أبا بشر اسماعيل بن مسلمة القعنبي، وأبا الأسود النضر بن عبد الجبار وأحمد بن صالح، وعبد الله بن يوسف وسعيد بن عفير، وسعيد ابن أبي مريم، ويوسف بن عدي، وبالعراق أبا غسان مالك بن اسماعيل، وعبد الله ابن عبد الوهاب الحجبي، ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني، وأبا نعيم ضرار بن صرد، ويحيى بن عبد الحميد، وأحمد بن يونس، ومسلم بن ابراهيم، وموسى ابن اسماعيل، وعفان بن مسلم، وحرمي بن حفص وأبا نعيم الملائي.

روى عنه أبو بكر بن خزيمة النيسابوري، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري الحافظ، وأبو الحسن محمد بن محمد بن بدر بن النفاخ الباهلي ومحمد بن اسماعيل المصري. (220 - ظ).

أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحاق بن محمد بن المؤيد بالقاهرة قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج بن مكي الهمذاني بأبرقوه

(1)

قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي-قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن عمر البيّع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن عبد الرحمن بن أحمد الشيرازي: في ألقاب المحدثين، قبيطة الحسن بن سليمان البصري، سكن مصر.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ الدمشقي قال: الحسن بن سليمان بن سلام أبو علي الفزاري المصري المعروف بقبيطة، أصله من البصرة، وسكن العسكر بمصر.

سمع بدمشق هشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، وصفوان بن صالح، ومحمد بن مبارك الصوري، وبمصر عبد الله بن يوسف، وأبا بشر اسماعيل بن مسلمة القعنبي، وأبا الاسود النضر بن عبد الجبار، وسعيد بن أبي مريم، وسعيد ابن عفير (221 - و) وعبد الله بن صالح، ويوسف بن عدي وأحمد بن صالح، وبحمص ابراهيم بن العلاء، وأبا يحيى سليمان بن عبد الحميد، وبالعراق محمد بن

(1)

-أهل فارس يسمونها وركوه، بليدة بنواحي أصبهان. معجم البلدان.

ص: 2378

سعيد بن الأصبهاني، ويحيى بن عبد الحميد وأبوي نعيم الملائي وضرار بن صرد، وسعدويه، وأبا غسان مالك بن اسماعيل وأحمد بن يونس، وموسى بن اسماعيل، ومسلم بن ابراهيم، وحرمي بن حفص، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي وعفان ابن مسلم، وبالجزيرة عبد الله بن محمد بن نفيل، وأحمد بن أبي شعيب الحراني، ومعافى بن سليمان، وعبد الملك بن معاذ النصيبي، وصبيح بن دينار البلدي، وبالثغور يعقوب بن كعب، ومحبوب بن موسى الفراء وابراهيم بن المنذر الحزامى بالحجاز، والمعلى بن الوليد بن عبد العزيز بن القعقاع ببيت المقدس ومحمد بن أبي السري بعسقلان.

روى عنه محمد بن اسماعيل المصري، والد أبي بكر المهندس، وأبوا بكر بن خزيمة، وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وأبو الحسن محمد بن محمد بن بدر بن النفاخ الباهلي

(1)

.

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور قال أخبرنا علي بن أبي محمد قال: كتب إليّ أبو محمد حمزة بن العباس بن علي وأبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن، ثم حدثني أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد قالا:

أخبرنا أبو بكر الباطرقاني قال: أخبرنا أبو عبد الله بن منده قال: قال لنا أبو سعيد ابن يونس: الحسن بن سليمان بن سلام الفزاري الحافظ المعروف بقبيطة، يكنى أبا علي توفي يوم السبت لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة احدى وستين ومائتين (221 ظ) وقال لي ابنه أبو العلاء: نحن من ولد عيينة بن حصن الفزاري

(2)

، كان ثقة حافظا.

أنبأنا أبو القاسم الحرستاني، عن أبي محمد السلمي، عن أبي محمد عبد العزيز ابن أحمد قال: أخبرنا مكي بن محمد قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال أبو جعفر الطحاوي: وفي سنة احدى وستين ومائتين مات أبو علي الحسن بن سليمان قبيطة في جمادى الآخرى.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 230 ظ -231 و.

(2)

-شغل عيينة دورا متميزا متقلبا في الفترة النبوية وبداية العصر الراشدي انظر مغازي الزهري:79 - 80.

ص: 2379

‌الحسن بن سهل بن عبد الله:

أبو محمد، أخو الفضل بن سهل، وزير المأمون، استوزره بعد موت أخيه الفضل بن سهل، وفوض اليه أموره، وقدم معه حلب حين قدمها غازيا، وتزوج المأمون ابنته بوران بنت الحسن، وأهدى الحسن أبوها معها من الأموال والجواهر شيئا عظيما، وكان أبوه مجوسيا، فأسلم وأسلم ابناه: الفضل والحسن زمن الرشيد، وكان كريما جوادا حسن السياسة والتدبير، وجيها عند المأمون، عظيم المنزلة عنده. روى عن عبد الله المأمون، روى عنه وريزة بن محمد الغساني، وأبو العلاء ويحيى بن خاقان.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: الحسن بن سهل بن عبد الله، أبو محمد، وهو أخو ذو الرئاستين الفضل بن سهل، كانا من أهل بيت الرئاسة في المجوس، وأسلما هما وأبوهما سهل، في أيام هرون الرشيد، واتصلوا بالبرامكة وكان سهل يتقهرم ليحيى بن خالد بن برمك، وضم يحيى الحسن والفضل ابني سهل الى ابنيه: الفضل وجعفر، يكونان معهما، فضم جعفر الفضل بن سهل (222 - و) الى المأمون، وهو ولي عهد فغلب عليه ولم يزل معه الى أن قتل الفضل بخراسان، فكتب المأمون الى الحسن بن سهل، وهو ببغداد يعزيه بأخيه ويعلمه أنه قد استوزره ويأمره باجرائه الامر مجراه، فلم يكن أحد من بني هاشم ولا من سائر القواد يخالف للحسن أمرا، ولا يخرج له عن طاعة الى أن بايع المأمون لعلي بن موسى الرضا بالعهد، فغضب بنو العباس وخلعوا المأمون وبايعوا ابراهيم بن المهدي، فحاربه الحسن بن سهل، ثم ضعف عنه، فانحدر الحسن الى فم الصلح

(1)

فأقام بها، وأقبل المأمون من خراسان، فقوي لذلك الحسن بن سهل، ووجه من فم الصلح من يحارب ابراهيم بن المهدي، فضعف أمر ابراهيم واستتر، ثم دخل المأمون بغداد وكتب الى الحسن ابن سهل، فقدم عليه فزاد المأمون في كرامته وتشريفه عند تسليمه عليه وذلك في سنة أربع ومائتين، ثم ان المأمون تزوج بوران بنت الحسن بن سهل، وانحدر الى فم

(1)

-نهر كبير فوق واسط بينها وبين جبل عليه عدة قرى. معجم البلدان.

ص: 2380

الصلح للبناء على بوران بها في شهر رمضان من سنة عشر ومائتين، فدخل بها ثم انصرف وخلف بوران عند أمها الى أن حملت اليه.

قال الخطيب: أخبرني أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب الوزان قال:

حدثنى جدي أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الفضل ابن قفرجل قال: حدثنا محمد ابن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن أبي سهل قال: لما بنى المأمون على بوران بنت الحسن بن سهل وانحدر اليهم الى ناحية واسط فرش له يوم البناء (222 - ظ) حصير من ذهب مسفوف، ونثر عليه جوهر كثير، فجعل بياض الدر يشرف على صفرة الذهب وما مسه أحد فوجه الحسن الى المأمون هذا نثار نحب أن يلقط، فقال المأمون لمن حوله من بنات الخلفاء: شرفن أبا محمد، فمدت كل واحدة منهن يدها فأخذت درة، وبقي باقي الدر يلوح على الحصير الذهب، فقال المأمون قاتل الله أبا نواس لقد شبه بشيء وما رآه قط فأحسن في وصف الخمر والحباب الذي فوقها فقال:

كأن صغرى وكبرى من فواقعها

حصباء در على أرض من الذهب

(1)

فكيف لو رأى هذا معاينة؟! وكان أبو نواس في هذا الوقت قد مات.

قال أبو بكر الخطيب: وقيل ان الحسن نثر على المأمون ألف حبة جوهر، وأشعل بين يديه شمعة عنبر وزنها مائة رطل، ونثر على القواد رقاعا، فيها أسماء ضياع، فمن وقعت بيده رقعة، أشهد له الحسن بالضيعة التي فيها، وأنفق الحسن في وليمته أربعة آلاف ألف دينار وكان يجري مدة اقامة المأمون عنده على ستة وثلاثين ألف ملاح، ولما أراد المأمون أن يصاعد أمر له بألف ألف دينار، وأقطعه مدينة الصلح وعاش الحسن الى أيام جعفر المتوكل.

(2)

.

(1)

-ديوان أبي نواس-ط. بيروت دار صادر:40.

(2)

- تاريخ بغداد:7/ 319 - 321.

ص: 2381

أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحاق قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج قال: أخبرنا شهردار بن شيرويه قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن (223 - و) عبد الرحمن الشيرازي، قال في كتاب الالقاب: ذو الرئاستين الحسن بن سهل، سمعت أبا اسحاق ابراهيم بن أحمد المستملي يقول: سمعت أبا عبد الله عبد الرحمن ابن محمد الحداني قال: سمعت محمد بن جعفر الكرابيسي قال: سمعت أبا العلاء يقول: سمعت ذو الرئاستين يقول ما أحب أن يكون لي بدل تجاربي شبابي. وباسناده قال: وسمعت ذو الرئاستين يقول: ما استقصيت في أمر قط إلاّ أبداني منه مكروه.

هكذا قال أبو بكر الشيرازي «ذو الرئاستين الحسن بن سهل» وكذا قال وريزة بن محمد الغساني: أخبرنا الحسن بن سهل ذو الرئاستين، وسيأتي ذكر ذلك، والمعروف بذي الرئاستين الفضل بن سهل أخو الحسن، ويحتمل أنه لقب بذلك حين تولى الوزارة بعد موت أخيه الفضل، والله أعلم. (223 - ظ).

ص: 2382

وبه توفيقي:

بسم الله الرحمن الرحيم أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال: أخبرنا محمد ابن عبد الله بن محمد بن همام الشيباني قال: حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان المقرئ الخاقاني قال: حدثني أبي عن أبيه قال: حضرت الحسن بن سهل-وجاءه رجل يستشفع به في حاجة فقضاها، فاقبل الرجل يشكره فقال له الحسن بن سهل: على ما تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاة، كما أن للمال زكاة، ثم أنشأ الحسن يقول:

فرضت علي زكاة ما ملكت يدي

وزكاة جاهي أن أعين وأشفعا

فاذا ملكت فجد فان لم تستطع

فاجهد بوسعك كله أن تنفعا

(1)

أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحاق بن محمد قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام ابن أبي الفرج قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن الحسين البغدادي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن اسماعيل بن محمويه العسكري قال:

حدثنا وريزة بن محمد الغساني قال أخبرنا الحسن بن سهل ذو الرئاستين قال:

أخبرنا عبد الله أمير المؤمنين المأمون قال: حضر املاك

(2)

رجل من بني هاشم، تمس قرابته قرابة أمير المؤمنين الرشيد، مجلس (224 - و) أمير المؤمنين فقال لمحمد

(1)

- تاريخ بغداد:7/ 322.

(2)

-خطبة وعقد قران.

ص: 2383

ابن الحسن

(1)

: اخطب يا محمد لفلان بن فلان على فلانة بنت فلان على صداق كذا في مال أمير المؤمنين، فقال محمد بن الحسن: يا أمير المؤمنين بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قدموا قريشا ولا تتقدموها

(2)

»، فان رأى أمير المؤمنين أن يأمر الشافعي أن يخطب وأتبعه، فقال الرشيد: اخطب يا شافعي، فقال الشافعي مرتجلا: الحمد لله باعث الاموات، وجامع الاشتات ومنشر الرفات، ومقيل العثرات ومنجح الطلبات، ومنزل البركات، وفاطر الارض والسماوات، وخالق البريات على ألسن مختلفات اللغات، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، شهادة من الشهادات وكلمة اخلاص من الكلمات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ابتعثه الله بالرسالات، ودل على صدقه بالدلالات، وأثبت حجته بالآيات المبينات، صلى الله عليه وعلى آله من المؤمنين والمؤمنات، أما بعد:

فان الله جعل النكاح زينة للبنات وسترا للعورات، وسببا للمصاهرات، جمع الله به بين الارحام المتباعدات وجعل القلوب المتباغضات متحاببات والنفوس المتنافرات متآلفات، والوجوه المنكرات معروفات، فقال عز من قائل {(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً)}

(3)

وهذا فلان بن فلان أتاكم خاطبا وفي مصاهرتكم راغبا يذكر فتاتكم فلانة بنت فلان، وقد بذل لها من الصداق كذا وكذا في مال أمير المؤمنين فأجيبوا خطبته، وشفعوا مسألته. أقول قولي هذا واستغفر الله (224 - ظ) لي ولكم، ثم قال للزوج: قبلت النكاح؟ قل:

نعم، قال: نعم، قال قد زوجتك بأمر أمير المؤمنين.

قال الرشيد: أخطب يا محمد، فقال محمد بن الحسن: الحمد لله الذي وكل بالخلق حفظته، وبالعرش حملته، وبالبيت سدنته وبالجنة والنار خزنته، واختار محمدا صلى الله عليه وسلم صفوته، وجعل الاسلام ملته والكعبة قبلته، وخير الناس أمته، وأمهات المؤمنين نسوته، وفاطمة الزهراء ابنته، والحسن والحسين

(1)

-محمد بن الحسن الشيباني-صاحب أبي حنيفة وأعظم فقهاء الحنفية.

(2)

-انظره في كنز العمال:12/ 33790 - 33791.

(3)

- سورة الفرقان-الآية:54.

ص: 2384

سيدي شباب أهل الجنة ذريته، وأتم عليه نعمته وهناه كرامته، واصطفى آدم وجعل نوحا اسوته، وأسجد له ملائكته، وخلق منه زوجته، وأسكنه جنته ووهب لابراهيم خلته، وأجاب دعوته وأسكن بواد غير ذي زرع ذريته، وجعل الحج أفئدته، ورزقهم ثمرته، وكشف عن أبواب بليته ورفع ضرعته، وشفع بحسن الآيات زلفته، وجعل يوسف آية للسائلين واخوته، وآنس في الجب وحدته، ورد غربته ونزع من قلب يعقوب حسرته وأخرج من فؤاده غصته، ورد على وجهه مقلته، وعلى قلبه مهجته، وألقى على موسى محبته، وحل من لسانه عقدته، وذكّر السامري قبضته، والعجل وحليته وأسف موسى وغضبته، حين ألقى على هرون حدته، وأخذ رأسه ولحيته، وطلب رقته، وذكر أخوته، وذكر الله في القصص قصته، فوجد عدوه وشيعته وذكر الله وكزته، وزوجه العبد ابنته، فقضى بأوفى الأجلين أجرته (226 - و) وأحمد في الطريق رجعته، وصدق الطلق حرمته، واقتبس النار ليلته، وآتى داوود ملكه وحكمته وعلّمه صنعته، وجعله خليفته، وآتى عيسى كتابه ونبوته، وجعله روحه وكلمته، وأنطقه في المهد ولو شاء أسكته، وأوصاه بالصلاة والزكاة، وثبته، وقد رفع الله درجته، وشرف منزلته، وجعل عليه صلواته ورحمته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له شهادة من اعترف بحقه، وعلم أنه مالك رقة وقد فرغ الله من خلقه وخلقه وأجله ورزقه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله وقد صب البلاء رأسه، وعم الضلال ناسه، وضرب العجز أجراسه، وبث المكروه أجناسه فلله در النبي المنتخب، وسيد العجم والعرب، وجامع الدين والأدب، ومنتهى الشرف والحسب وابن عبد الله بن عبد المطلب لقد أقام من الدين أودا، وشد من الحق عضدا، وادع الله في الله جلدا ولله در خليفته الصديق، لقد كان للحق سندا، ولدين عمدا ولم يعط في العقال قودا، واستخلف الفاروق ففرق شمل الكفر بددا وفتح بلدا بلدا حتى عبد الناس أحدا صمدا، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، فو الذي مرج البحرين وجعل مع العسر يسرين، لقد شق في قبر نبيه لهما قرين، وولى الختنين

(1)

بعد الصهرين، فلله ذو النورين، ولله أبو الحسن والحسين، شفع الله

(1)

-الختن: الصهر او كل من كان من قبل المراة كالاب والاخ. القاموس.

ص: 2385

ما وهب لهما بالاتمام وكافأهما على النقض والابرام واعلموا (226 - ظ) رحمكم الله أن الذي أحصاكم وعدكم عدا، وجعلكم أمة وعبدا جعل لكم النكاح رشدا، ورسم فيه مهرا ونقدا، فاقبلوا رحمكم الله من العزيز الغفور، ومن حلف بالنجم والطور وقال:«هل ترى من فطور»

(1)

، وجنبكم عبادة الاوثان وقول الزور ماحد لكم في سورة النور إذ قال عز من قائل:{(وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)}

(2)

وهذا فلان بن فلان أتاكم خاطبا، وفي مصاهرتكم راغبا، يذكر فتاتكم فلانة بنت فلان، وقد بذل لها من الصداق كذا، وكذا، فأجيبوه إذ خطب وشفعوه اذ رغب. أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم.

فقال الرشيد: أوجزت يا شافعي، وأجدت يا محمد، وكلاكما محسن (227 - و).

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني أبو القاسم الازهري قال: أخبرنا أحمد بن ابراهيم بن الحسن قال:

حدثنا ابراهيم بن محمد بن عرفة قال: سنة ست وثلاثين-يعني-ومائتين: فيها مات الحسن بن سهل، وقد أتت له سبعون سنة. وكان من أسمح الناس وأكرمهم، فحدثني بعض ولده أنه رأى سقاء يمر في داره فدعا به فقال: ما حالتك فشكا ضيقه، وذكر أن له ابنة يريد زفافها، فأخذ ليوقع له بألف درهم فأخطأ فوقع له بألف ألف درهم فأتى بها السقاء وكيله فأنكر ذلك وتعجب أهله منه واستعظموه وتهيبوا مراجعته فأتوا غسان بن عباد بن عباد، وكان غسان أيضا من الكرماء فأتى الحسن بن سهل فقال له: أيها الامير ان الله لا يحب المسرفين، فقال له الحسن: ليس في الخير اسراف ثم ذكر أمر السقاء، فقال: والله لا رجعت عن شيء خطته يدي، فصولح السقاء على جمله منها ودفعت اليه.

(1)

- سورة الملك-الآية:3.

(2)

- سورة النور-الآيتان:31 - 32.

ص: 2386

وقال أبو بكر الخطيب: أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم المازني قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا جعفر بن أبي العيناء قال: لما مات الحسن بن سهل قال أبي: والله لئن أتعب المادحين لقد أطال بكاء الباكين، ولقد أصيبت به الايام، وخرست بموته الاقلام، ولقد كان بقية فكيف اليوم وقد بادت البرية

(1)

(227 - ظ).

‌ذكر من اسمه سلامه في آباء من اسمه الحسن

‌الحسن بن سلامة بن ساعد:

أبو علي المنبجي الفقيه الحنفي، تفقه ببغداد على القاضي أبي عبد الله الدامغاني وسمع الحديث بها من الشريف أبي نصر محمد بن محمد الزينبي. روى عنه الامام أبو سعد السمعاني، وهو من بيت مذكور من منبج، وتفقه عليه أبو الفتح نصر الله ابن علي بن منصور الواسطي الحنفي.

أخبرنا الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال:

أخبرنا الحسن بن سلامة بن ساعد الحنفي-من أهل منبج بلدة بالشام، بقراءتي عليه-قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص الذهبي قال: حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال:

حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي قال: حدثنا أوس بن عبد الله قال: حدثنا الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اللهم بارك لأمتي في بكورها

(2)

.

أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي قال: أخبرنا الحافظ أبو سعد السمعاني ونقلته أنا من خط السمعاني بعد سماعي من شيخنا أبي هاشم قال: الحسن بن سلامة ابن ساعد المنبجي، أبو علي، من أهل منبج احدى بلاد الشام، ورد بغداد، وتفقه بها على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني على مذهب أبي حنيفة رحمه الله

(1)

- تاريخ بغداد:7/ 322 - 323.

(2)

-انظره في كنز العمال:14/ 38288،12/ 18049.

ص: 2387

(228 - و) وبرع فيه، وسكن بغداد، وتوطنها، ثم عدل، وقبلت شهادته وكان له يد باسطة في المتفق والمختلف، لقيته في رباط شيخنا اسماعيل بن أبي سعد شيخ الشيوخ، أول ما وردت بغداد نوبة واحدة، وقرأت عليه أحاديث من الجزء السادس من حديث المخلص عن الشريف أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، وما أعرف من حاله الا الخير غير أني سمعت بعض الناس ينسبه الى رأي الاعتزال والله أعلم.

قرأت بخط أبي سعد السمعاني، وأخبرنا به أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: توفي أبو علي الحسن بن سلامة المنبجي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ببغداد.

‌الحسن بن سلامة بن محمد:

المعروف بابن الحلبي أبو علي الحراني الدار، المصري المولد، وانما عرف بابن الحلبي، لان بعض أجداده خرج صحبة الحاج على الشام فأقام بحلب الى ان عاد الحاج، فقدم حران معهم، فعرف بالحلبي سكن أبوه سلامة مصر، وولد أبو علي الحسن هذا له بها، ثم خرج بولده هذا الى بلدته حران، فسكنها الى أن مات، واجتاز في طريقه بحلب، وسافر الى بغداد وخراسان، وسمع ببغداد من أبي بكر محمد بن عبد الباقي الانصاري قاضي المارستان، ومن أبي بكر محمد بن الحسن الحاجي وغيرهما، روى عنه الشيخ أبو الثناء حماد بن هبة الله الحراني.

حرف الشين: فارغ (228 - ظ)

‌حرف الصاد في آباء من اسمه الحسن

‌الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي:

أبو علي، رحل الى الشام، والجزيرة، والعراق، والجبال، والاهواز، والحجاز وخراسان، رحلة واسعة، وسمع الكثير، سمع بأنطاكية داود بن أحمد بن حيان الانطاكي وقد سقنا عنه حديثا في ترجمة داود بن أحمد فيما يأتي من كتابنا هذا.

وسمع اسحاق بن منصور، وعبده بن سليمان، والحسن بن محمد بن الصباغ، وأبا زرعة الرازي، وعلي بن خشرم، وعمرو بن عبد الله الاودي، ومحمد بن عوف

ص: 2388

الحمصي، وهبير بن الحسن الزاهد، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ومحمد ابن عبد العزيز الدينوري، ويونس بن عبد الاعلى الصدفي، وعيسى بن غيلان، وغيرهم.

روى عنه أبو علي النيسابوري الحافظ، وأبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ، ومحمد بن المظفر الحافظ ومحمد بن اسماعيل الوراق، وابراهيم بن محمد ابن حمزة الاصبهاني، وعمر بن محمد بن سنبك، وكان رجلا صالحا ثقة.

أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا اليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: الحسن بن صاحب بن حميد، أبو علي الشاشي، الرجل الصالح، كثير السماع والرحلة، كتب ببلاد خراسان والجبال، والاهواز (229 - و) والعراقين والحجاز والشام، والجزيرة، عن مثل علي بن خشرم، واسحاق بن منصور وأبي زرعة، والحسن بن محمد بن الصباح، وعمرو بن عبد الله الاودي، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ويونس بن عبد الاعلى، ومحمد بن عوف الحمصي، وكل من هؤلاء من ناحية أخرى، روى عنه أبو علي النيسابوري وابراهيم بن محمد بن حمزة الاصبهاني، ومحمد بن عمر الجعابي، وهم حفاظ الدنيا.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسن بن صاحب بن حميد، أبو علي الشاشي أحد الرحالين، كتب ببلاد خراسان، والجبال، والعراق، والحجاز، والشام، وقدم بغداد في سنة احدى عشرة وثلاثمائة، وحدث بها عن علي بن خشرم، واسحاق بن منصور، وأبي زرعة الرازي، وعمرو بن عبد الله الاودي، ومحمد بن عوف الحمصي، وعبدة بن سليمان البصري، نزيل مصر، وعيسى بن غيلان، وهبيرة بن الحسن الزاهد، ومحمد ابن عبد العزيز الدينوري، وغيرهم، روى عنه أبو بكر الجعابي، ومحمد بن اسماعيل الوراق، وعمر بن محمد بن سنبك، ومحمد بن المظفر، وكان ثقة.

ص: 2389

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب قال: أخبرنا أبو حفص بن خيرون قال:

أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا محمد ابن عبد الله النيسابوري الحافظ قال: سمعت علي بن بندار الزاهد يقول: توفي الحسن بن صاحب بالشاش سنه أربع عشرة وثلاثمائة

(1)

(229 - ظ).

‌الحسن بن صافي بن عبد الله:

أبو نزار بن أبي الحسن النحوي البغدادي، مولى حسين بن الأرموي التاجر ويعرف بملك النحاة، فقيه نحوي لغوي، شاعر ناثر، حسن الشعر والرسائل، عارف بالنحو واللغة، وله مصنفات في كل فن منها، وله مسائل أملاها في علم النحو وغيره، كان أبوه مولى حسين المذكور، وولد أبو نزار ببغداد، ونشأ بها، واشتغل بالفقه على الشيخ أحمد الاشنهي، وعلى أبي الفتح بن برهان وأسعد الميهني، وسمع الحديث من أبي طالب الزينبي وقرأ النحو على أبي الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي، ومهر فيه، ولقب نفسه ملك النحاة وتصدر الافادة ببغداد، وأخبرني من أثق به أنه قرأ بخطه على كتاب بوقف المدرسة النظامية: وكتب أبو نزار ملك العلماء عموما، والنحاة خصوصا.

وسافر من بغداد الى خراسان، وكرمان، وغزنة، ودخل الى ملك غزنة وأكرمه واحترمه، ثم قدم حلب، وأقام بها مدة، وكان يقرئ بها الادب بالمسجد الجامع، وقرأ عليه بها أبو المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة الحلبي، وأبو طالب الحسين بن محمد بن أسعد بن الحليم وغيرهما، وكان بينه وبين أبي الحسين بن منير بها مهاجاة ومهاترة، واتصل بالملك العادل أبي القاسم محمود بن زنكي وكان يكرمه ويحسن اليه، ثم انتقل الى دمشق وسكنها الى ان مات بها، روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، وذكره في تاريخه، وروى عنه أبو بكر عبد الله بن منصور ابن عمران الباقلاني الواسطي، وقرأ عليه علي بن الحسن بن عنتر المعروف بشميم الحلي وسلك طريقته (230 - و) في الترفع على الناس والتعظم.

روى لنا عنه الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان العباسي، والقاضي

(1)

- تاريخ بغداد:7/ 333.

ص: 2390

أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي الدمشقيان شيئا من شعره بدمشق، وكان شريف النفس صحيح العقيدة، عفيفا نزها عن الدنايا.

قال لي القاضي شمس الدين أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن مميّل الشيرازي، قاضي دمشق: كان ملك النحاة حسن العقيدة عفيفا، وسمعته يقول وأشار الى لحيته: اللهم ان كنت تعلم أني زنيت زنية في الاسلام فلا تغفر لهذه الشيبة.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن أبي بكر السمعاني قال: الحسن بن أبي الحسن أبو نزار الملقب بحجة العرب وملك النحاة، من أهل بغداد، وأظن أنه واسطي، والله أعلم، أحد الفضلاء المبرزين، وكان حسن الشعر متين اللفظ، سافر عن بغداد وتغرب وانتشر ذكره في الآفاق، ودخل بلاد: دغرا

(1)

، وكرمان، ولم يدخل بلاد خراسان، وانصرف الى كرمان وخرج منها الى الشام وقيل انه بها الساعة، ولقي الاكابر، ولقي مورده بالاكرام.

أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان بن البانياسي-كتابه-قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسن بن أبي الحسن، واسمه أبي الحسن صافي، مولى حسين بن الارموي التاجر أبو نزار البغدادي (230 - ظ) المعروف بملك النحاة، ذكر لي أنه ولد ببغداد في سنة تسع وثمانين وأربعمائة في الجانب الغربي في محلة تعرف بشارع دار الرقيق، ثم نقل الى الجانب الشرقي من بغداد الى جوار الخلافة المعظمة، وهناك قرأ العلم، وسمع الحديث من أبي طالب الزينبي، وقرأ علم المذهب على الشيخ أحمد الاشنهي، وقرأ علم أصول الدين على الشيخ أبي عبد الله المغربي القيرواني، وقرأ أصول الفقه على الشيخ أبي الفتح بن برهان، وقرأ علم الخلاف على الشيخ الامام أسعد الميهني، وقرأ النحو على الشيخ أبي الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي الاستراباذي، وقرأ الفصيحي على عبد

(1)

-لم أستطع التعرف اليها.

ص: 2391

القاهر الجرجاني، وفتح له الجامع ودرس فيه ثم سافر الى بلاد خراسان وكرمان وغزنة، ثم دخل الى الشام، وقدم دمشق ثم خرج منها، ثم عاد اليها واستوطنها الى ان مات بها، وذكر لي اسماء مصنفاته: الحاوي في علم النحو مجلدتان، العمد في علم النحو مجلدة، المنتخب في علم النحو، وهو كتاب نفيس، مجلدة، المعتضد في علم التصريف مجلدة ضخمة، أسلوب الحق في تعليل القراءات العشر، وشيء من الشواذ، مجلدتان، التذكرة السفرية انتهت الى أربعمائة كراسة، العروض مختصر محرر مصنف في الفقه على مذهب الشافعي سماه الحاكم مجلدتان، مختصر في أصول الفقه، مختصر في أصول الدين، ديوان مجموع من شعره من جملته ما أنشدني لنفسه يمدح سيدنا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم (231 - و) قلت وقرأت هذه الابيات بخط أبي نزار مع المقطعات الاربعة التي تأتي بعدها، في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:

لله أخلاق مطبوع على كرم

ومن به بشرف العلياء والكرم

أغر أبلج يسمو عن مساجلة

إذا تذوكرت الاخلاق والشيم

سمت علاك رسول الله فارتفعت

عن أن يشير إلى اثباتها قلم

يا من رأى الملأ الأعلى فراعهم

وعاد وهو على الكونين يحتكم

يا من له دانت الدنيا وزخرفت

الأخرى ومن بعلاه تفخر النسم

يا من به عاد وجه الحق متضحا

من بعد أن ظوهرت بالباطل الظلم

ومن تواضع جبريل الأمين له

ودون حق نهاه هذه القسم

علوت عن كل مدح يستفاض

فما الجلال إلاّ الذي تنحوه والعظم

على علاك سلام الله متصلا

ما شئت والصلوات الغر تبتسم

وقرأت بخطه وقال الحافظ: وانشدني في مدحه صلى الله عليه وسلم:

يا قاصدا يثرب الفيحاء مرتجيا

أن يستجير بعلياء خاتم الرسل

خذ عن أخيك مقالا إن صدعت

به مدحت في آخر الاعصار والأول

قل يا من الفخر موقوف عليه فإن

تذوكر الفخر لم يصدف ولم يمل

صيت إذا طلبت غاياته خرقت

سبعا طباقا فبذت كل ذي أمل

ص: 2392

علوت وازددت حتى عاد ممتدحا

جبريل عمّاله قد كان لم يطل

(231 - ظ)

وعدت والكبر قد نافى علاك فما

عدوت شيمة سبط الخلق مبتهل

أتتك غرّقوا في المدح خاضعة

لديك فاقبل ثناء غير منتحل

ثناء من لم يجد وجناء تحمله

إليك أوصد بالاقتار عن جمل

صلى عليك إله العرش مشتملا

عليك يا خير ما حاف ومنتعل

قال: وأنشدنا يمدحه صلى الله عليه وسلم، وهي أيضا مما قرأته بخط أبي نزار:

من حامل عن أخيه بسط مالكة

(1)

يهذها ان أفيض القال والقيل

يقول والحجرات الغرّ تسمعه

والوفد كل بما يعنيه مشغول

هل سامع يا رسول الله أنت

لمن ولاؤه لك مروي ومنقول

بلغت من غاية الاكرام منزلة

عنها أعيد الأمين الروح جبريل

فعاد من رام كفوا من مدائحه

يزهى ومقوله بالعجز مفلول

فاقبل إليك اختصارا عذر قائله

إن حقّ مدحك لم يبلغه تطويل

ولترضك الصلوات الغر دائمة

تزين امراطها ما شئت ترفيل

قال: وأنشدنا في مدحه صلى الله عليه وسلم وهي مما نقلته من خطه:

يا خاتم الأنبياء قاطبة

أتاك لفظ الثناء يستبق

كنت نبيا وطين آدم مجبول

وتلك الأنوار تأتلق

وعدت فينا تدعو إلى سبل الحق

فقد أوضحت بك الطرق

فارق عليك السلم مرقبة

مصبحها في العلاء تغتبق

(232 - و)

واشفع لمن عاد في ولائك مش

فوع القوافى تتلا فتتسق

مرط أليفاظه التي انتظمت

بطيب علياك في الورى عبق

تضوع من مجدك الأثيل إذا

استقبض ذكر أطيب فينتشق

(1)

-المالكة: الرسالة. القاموس.

ص: 2393

قال: وأنشدنا في مدحه صلى الله عليه وسلم، وهي مما نقلته من خط أبي نزار:

رأى البرق علوى الوميض فأنجدا

وأصدر ركب بالعقيق فأنجدا

وما برحت أبناء ميّة غضّة لديه

إلى أن جار بالركب واعتدا

رأي الشيخ ممطورا فمال بظله

ومدّ إلى أطراف طرته يدا

أمال إلى خفق النّسيم بجانبي

عطالة لما مرّ فاستزل الندا

أشيعث مقلاق الوضين يهزه

إلى البان وجدّ لا يزال مؤبدا

تذكر عهدا كاظميا وقل ما

تذكر مجهول المعارف معهدا

ولكنه ممن إذا انتسب احبتى

لفخر وان جاثاه ذو القوة انتدا

وموّار رحل النضو منتصب القرا

تراه كما أفضيت

(1)

سهما مسددا

تناقضه معروبة كلما ونت

أراها ملوىّ الجانبين مقدّدا

يهّز إلى أعلام يثرب همة

كما هّز ذمر يوم حرب مهندا

إذا زار مفتون بدنياه مالكا

يؤمله زار النبي محمدا

ألا ديّموا موق الهدى باهر العلى

كريم العرى طلق النقيبة أوحدا

إذا الملأ الأعلى تناجوا بذكره

وراموا هداه كان منه لهم هدا

(232 - ظ)

إليك رسول الله يممت ناظما

قوافي ما يممن غيرك مقصدا

تعاوضن عمن لم يزل متقربا

إليك بمدح لا يزال مخلدا

وحاشاك يا رب العلى أن ترده

بغير الذي سامى له وترددا

وقد وأبيك الخير شرفت منطقي

بذكرك واستبقيت مجدا وسؤددا

فصلى عليك الله ما شئت هاديا

وشاء وما استصرفت عن مؤمن ردا

(2)

أخبرنا هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدني أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني بواسط من لفظه قال أنشدني أبو نزار النحوي لنفسه يرثي أمير المؤمنين المسترشد بالله:

(1)

-كتب ابن العديم في الهامش: في رواية الحافظ أمضيت.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 221 - و-222 و.

ص: 2394

من النافض البيداء والليل دامس

عليه كلوح طاهر وقطوب

يغار إذا لم تهجر الشمس ضوءها

ولم تبد منها رنة ونحيب

نعى من بني العباس أروع ماجدا

كفاه تراثا بردة وقضيب

أنشدني الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل الدمشقي العباسي، قال:

أنشدني ملك النحاة أبو نزار الحسن بن أبي الحسن البغدادي الشافعي لنفسه:

أتنكر من الحق أخت دارم

إذا أصخت

(1)

لمقال عالم

سألتني عن العلى وأهلها

فلم أكن يا هنتا بكاتم

للعرب الفخر القديم في الورى

فأعرضي عن نبأ الأعاجم (233 - و)

هم الذين سبقوا الى العلى

فهم لديهم قائم المواسم

وإنهم إن نهضوا لغارة

شنوا على أسد الشرى الضراغم

وزحزحوا كسراهم عن ملكه

بالمشرفيات وباللهاذم

أنشدني القاضي شمس الدين أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي-بداره بدمشق-قال: أنشدني ملك النحاة لنفسه أبياتا يصف فيها امرأة. قال: وشذ بعضها عن خاطري منها:

جارية كلما خضعت لها قالت

عدمت النحاة والشعرا

طويلة القدر واللسان فما

أدري أأهجو أم أمدح القصرا

أحسن منها عندي مدققة

ساذجة لوزها قد انقشرا

فاللبن الفارسي أضر سني

والكشك في ذا الديار قد كثرا

أنشدني الشريف أبو المحاسن العباسي-إملاء من لفظه، بمنزله بدمشق- قال: أنشدني ملك النحاة لنفسه في علم الملك بن النحاس، وقد قدم دمشق رسولا الى الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، من المصريين فقتل الصالح بن رزيك، وبقي علم الملك بن النحاس مدة بدمشق ليس له شيء ونور الدين يقوم به، فسأل في تلك المدة ملك النحاة أن يجمع له مقدمة في النحو، فجمعها وأنفذها إليه وكتب على وجهها:

(1)

-أصغت.

ص: 2395

يا علم الملك افتخر بهذه المقدمة

ولا تقل فيما أمرت لافتخار ولمه

(233 - ظ)

فإنني أفصح من فاه وأجرى قلمه

قس إذا عاينني خيط بالعي فمه

ولو رأيت سيبويه قلت يا نحوي مه

والشعر لا يستطيع ما أقول منه علقمه

والفقه قد فقت لعمرو الله فيه أممه

أنشدني رجل من أهل الأدب وقال: كان ملك النحاة يهوى امرأة كانت له، فطلقها فسئل كيف حاله بعدها:

فأنشده لنفسه:

سلوت بحمد الله عنها

وأصبحت دواعي الهوى

من نحوها لا أجيبها

على أنني لا شامت

إن أصابها بلاء ولا راض

بواش يعيبها

سمعت قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، بقرية المزة، قال:

كان شيخنا ابن المنقي رجلا ينقي الحنطة، فاشتغل بالنحو وحفظ سيبويه، ومهر في علم النحو وبرز فيه حتى تصدر لإفادته، وكان بينه وبين ملك النحاة مناظرات في علم الأدب، وعند كل واحد منهما من التعظيم والتفخيم لأمره شيء كثير، فأدى ذلك الى أن صار بينهما عداوة وإحن ومهاجاة، قال: فعمل ملك النحاة في ابن المنقي:

ابن المنقي نقاوة السّفل

خزيت يا بن اللئام من رجل

قال: وكان ابن المنقي ضخما أيدا وكان ملك النحاة يخاف منه أن يضربه، فجمع بينهما تاج الدين بن الشهرزوري وأصلح بينهما، وتعانقا وقبّل كل واحد منهما صاحبه، وجلسا عنده بعد الصلح، فقال ابن الشهرزوري، أو غيره: ممن نأكل حلاوة الصلح؟ فقال ملك النحاة: منه، وأشار الى ابن المنقي، فقال ابن المنقي في الحال: نعم:

ص: 2396

وهدية مني لملك النحاة

ريح شناج يحتويها خصاه

لا عسل عندي ولا سكر

فليعذر الشيخ ويأكل خراه

(234 - و)

قال: فلما قال: «ويأكل» صاح فيه ملك النحاة وقال: بس لا تزد على هذا.

أخبرني تاج الدين أبو المعالي الضفل بن شيخنا أبي هاشم بن الفضل الهاشمي قال: أخبرني الوجيه عيسى المحنك، ح.

وأخبرني بهاء الدين أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب قال: أخبرني الشريف أبو جعفر عبد الله بن محمد الهاشمي قال: كان لملك النحاة بحلب تلميذ يقال له الذباب، وكان راوية شعره، وكان أبو الحسين بن منير كثيرا ما يمزح معه إذا لقيه ويقول له: ايش خري الملك على لسانك اليوم وما يشبه ذلك، وكان بين ملك النحاة وبين ابن منير مهاجاة فمر الذباب يوما بابن منير وهو جالس على حانوت بباب الجامع الغربي تجاه مدرسة الحلاويين، وكان يجلس بها كثيرا عند خياط بها وبيده قضيب يعبث به، فقال ابن منير لراوية ملك النحاة: ايه ايش عمل الملك اليوم فقال له: ما تريد أن تسمع: فقال: لابد، فقال: اتركني بالله، فقال: لابد أن تقول، فقال: قال فيك:

لبغضك الصديق يا ذا الخنا

تقدح في كل أبي بكر

يعرض بأنه يهجو مجد الدين أبا بكر بن الداية، وكان نائب نور الدين محمود ابن زنكي بحلب، وكان مبسوط اليد فيها، قال: فألقى ابن منير القضيب من يده وقال: لعنه الله، ولعن ساعة عرفناه فيها، وقام من وقته وكان ابن منير شيعي المذهب.

أخبرني الشريف أبو الحسين علي بن محمد بن داود بن الناصر (234 - ظ) الحسيني الحلبي بها قال: أخبرني جدي لأمي الشريف أبو جعفر عبد الله بن محمد ابن عبد الملك الهاشمي العباسي «والحاجي» أبو غانم النجار الحلبي قالا: اجتمع أبو الحسين بن منير وملك النحاة أبو نزار بحلب وقد خمش قط ملك النحاة في يده، فسأله ابن منير فقال: ما هذا في يدك؟ فقال: خمشني قط، فأنشده ابن منير:

ص: 2397

عتبت على قط ملك النحاة

وقلت أتيت بغير الصواب

جرحت يدا خلقت للندى

وبذل الهبات وضرب الرقاب

قالا: فهش أبو نزار لهذين البيتين، وجعل يشكر ابن منير، فأنشده بيتا ثالثا وهو:

فقال لي القط ويك اتئدا

أليس القطاط عداة الكلاب

قالا: فلما سمع ملك النحاة البيت الثالث شتمه، وأخذ السيف وقام اليه ليضربه فانهزم من بين يديه.

ويروى أول البيت الثاني خمشت يدا خلقت للندى».

وذكر لي بعض الادباء أن هذه الأبيات الثلاثة لو حيش الشاعر الدمشقي في ملك النحاة، قال: ولما أنشده البيت الثالث قام اليه بالسيف، فقال له وحيش وهو منهزم بين يديه: أنا ما قلت، القط قال:

وقال لي نجيب الدين أبو الفتح نصر الله بن أبي العز بن الصفار: ان فتيان الشاغوري ذكر له أن هذه الأبيات (235 - و) له في ملك النحاة، والله أعلم.

أخبرنا الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان العباسي الدمشقي قال:

كنت أصحب ملك النحاة وكان قد قرأ الفقه على الشيخ أسعد الميهني، وكان بدمشق رجل يقال له بسخاذ، فحبسه القاضي كمال الدين أبو الفضل بن الشهر زوري، فمضى ملك النحاة وأنا معه ليشفع في بسخاذ اليه، وكان قد صحب ابن الشهرزوري في القراءة على أسعد الميهني، فلم يقبل شفاعته، فاتكأ ملك النحاة على يدي وهو خارج وقد غضب لرده شفاعته وقال وهو خارج:

لست والله رفيقي

وحرم الشيخ أسعد

سمعت كمال الدين محمد بن طلحة النصيبي قال: سمعت شميم الحلوي يقول:

كنت أقرأ على ملك النحاة فاتفق يوما أن كان عنده جماعة يقرءون عليه شيئا من النحو، فجرى بحث فقلت: قال أبو علي الفارسي فيها كذا، وقال ابن جني كذا،

ص: 2398

فقال: وايش كان ذلك الكلب أبو علي الفارسي، وايش كان ذلك الكلب ابن جني، قال شميم: فتقدمت اليه وقلت له: يا سيدنا هؤلاء هم علماء النحو وكبراؤه، فاذا قلت انهم كلاب، وأنت تدعى ملك النحاة فتصير اذا ملك الكلاب لا ملك النحاة، قال: فقال لي: والله صدقت هؤلاء هم علماء النحو، قال: فلم أسمع منه بعد ذلك مثل هذا الكلام.

سمعت شيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز (235 - ظ) بن محمد الأنصاري يقول: سافر ملك النحاة الى غزنة، وأراد أن يجتمع بملك غزنة فقيل له: ان ملك غزنة يجلس على سرير عال، ويجلس وزيره بجانب السرير ولا يقعد أحد إلاّ تحت الوزير، فقال: مبارك، فأذن له فدخل الى ملك غزنه، وجاء الى السرير وكان طويل القامة، فوضع رجله على السند الذي الى جانب الوزير وتعلق في السرير ليقبل يد ملك غزنه، فتحرك له ملك غزنة، فقال: أيها الملك ينبغي للملك أن يقوم للملك، فقام له ملك غزنة فجلس على السرير الى جانبه.

وذكر لي بعض من كنت أحاضره، ويغلب على ظنى أنه القاضي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر أو ابراهيم بن سليمان النجار الكاتب أن ملك النحاة خلع عليه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي خلعه سنية، فلبسها يوما واجتاز بها على حلقة عظيمة فمال اليها لينظر ما هي فوجد رجلا قد علم تيسا له استخراج الخبايا وتعريفه من يريد أن يعرفه به من الحلقة باشارة لا يفهمها غير ذلك التيس المعلم، فوقف ملك النحاة وهو راكب بالخلعة فقال الرجل: في حلقتي رجل عظيم القدر، شائع الذكر، ملك في زي سوقه، أعلم الناس وأكرم الناس، وأجمل الناس فأرني إياه، فشق ذلك التيس الحلقة، وخرج حتى وضع يده على ملك النحاة فلم يتمالك ملك النحاة أن نزع الخلعة (236 - و) ووهبها لصاحب التيس، فبلغ ذلك نور الدين فعاتبه على ما فعل، فقال: يا مولانا عذري في ذلك واضح، لان في هذه المدينة مائة ألف تيس ما فيهم من عرف قدري غير ذلك التيس فضحك نور الدين منه.

ص: 2399

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، قال، ح.

وقرأت بخط عثمان بن جلدك الموصلي قال: سمعت الحافظ أبا محمد-يعني القاسم بن الحافظ أبي القاسم يقول: توفي أبو نزار يوم الثلاثاء، ودفن يوم الاربعاء التاسع من شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة ودفن بمقبرة الباب الصغير رحمه الله وقال القاسم: ودفن في مقبرة باب الصغير رحمه الله، قالا: وكان صحيح الاعتقاد كريم النفس

(1)

.

قال شيخنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي القاضي: وأخبرنا بذلك ولده أبو الحسن علي، قال: أخبرني أبي قال رؤي ملك النحاة في النوم بعد وفاته، فقيل له ما فعل الله بك؟ فقال: وفقني بين يديه فأنشدته القصيدة اللامية، فقيل له ما هي؟ فقال:

يا رب ها قد أتيت معتر

فا بما جنته يداي من زللي

ملأن كف من كل مأثمة

صفريد من محاسن العمل

فكيف أخشى نارا مستعرة

وأنت يا رب في القيامة لي

قال: فقال تعالى: اذهبوا به الى الجنة، قال: ولم يعرف أحد هذه الأبيات له إلاّ في المنام.

قرأت في «كتاب عجائب الأشعار وغرائب الأخبار» جمع مسلم بن محمود بن تعمية الشيزري قال: حدثني الشيخ الإمام العالم مهذب الدين أبو السخاء فتيان البانياسي في سنة تسع وستين وخمسمائة قال: رأيت ملك النحاة أبا نزار في النوم فسألته ما لقي من ربه، فقال: دع هذا واسمع مني، ثم أنشدني أبياتا لم أحفظ منها سوى هذين البيتين وهما المعنى:

فان نحن أجمعنا بعد بعد شفينا

النفس من ألم العتاب

وان ألوى بنا صرف الليالي

فكم من حسرة تحت التراب

(1)

- تاريخ دمشق:4/ 222 - ظ.

ص: 2400

‌الحسن بن الصباح بن محمد البزاز:

أبو علي البغدادي الواسطي قدم في المحنة الى طرسوس على المأمون، فلما مات المأمون اطلق.

حدث عن حجاج بن محمد الأعور، وسفيان بن عيينة، وجعفر بن عون، وأبي معاوية الضرير ومعن بن عيسى، وروح بن عبادة، وأبي المنذر اسماعيل بن عمر، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وشبابة بن سوار، ومؤمل بن اسماعيل وغيرهم.

روى عنه الامام محمد بن اسماعيل البخاري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن اسحاق الصاغاني، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وأبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وابراهيم الحربي وأبو اسماعيل (236 - ظ) الترمذي، وجعفر بن محمد بن المستفاض الفريابي، وقاسم ابن زكريا المطرز، والقاضي أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل المحاملي، وأبو القاسم البغوي.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-بقراءتي عليه بحلب-قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله الشافعي قال: حدثنا القاسم بن زكريا قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزاز قال: حدثنا مؤمل بن اسماعيل قال: حدثنا سفيان وشعبة عن أبي اسحاق عن رجل من آل أبي بكر عن القاسم قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السواك مطهرة للفم مرضاة لله تعالى

(1)

.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: الحسن بن الصباح بن محمد أبو علي البزاز، سمع سفيان بن عيينة وقطن بن عيسى، وأبا معاوية الضرير وروح بن عبادة، وجعفر بن عون، وحجاج بن محمد الاعور، وأبا المنذر اسماعيل بن عمر، وشبابه بن سوار وأبا عبد الرحمن المقرئ.

(1)

-انظر كنز العمال:9/ 26156 - 26157.

ص: 2401

وروى عنه محمد بن اسماعيل البخاري، ومحمد بن اسحاق الصاغاني، وابراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو اسماعيل الترمذي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وجعفر بن محمد الفيريابي، وعبد الله بن محمد بن ناجيه، وقاسم ابن زكريا المطرز، وأبو القاسم البغوي، ويحيى بن محمد بن صاعد وآخر من حدث عنه القاضي المحاملي.

وقال الخطيب: أخبرنا البرقاني (237 - و) قال: قرئ على الحسين بن علي التميمي وأنا أسمع: حدثكم أبو قريش محمد بن جمعة الحافظ قال: حدثنا الحسن ابن الصباح، وكان من أحد الصالحين.

قال الخطيب وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه فقال: صدوق وكان له جلالة عجيبة ببغداد، وكان أحمد بن حنبل يرفع من قدره ويجله.

(1)

.

أخبرنا أبو حفص عمرو بن محمد بن طبرزد-كتابة قال: أخبرنا أبو منصور ابن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: حدثني محمد بن علي الصوري قال: أخبرنا الخطيب بن عبد الله القاضي بمصر قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو علي الحسن بن الصباح بن محمد البزاز ليس بالقوي. قال أحمد بن علي الحافظ: هكذا ذكره النسائي في كتاب الأسماء والكنى، وذكره في تسمية شيوخه، فقال: ما أخبرنا البرقاني قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا الحسن بن رشيق بمصر قال: حدثنا عبد الكريم ابن أبي عبد الرحمن النسائي عن أبيه. قال: ثم أخبرني الصوري قال: أخبرني الخصيب بن عبد الله قال: ناولني عبد الكريم، وكتب لي بخطه قال: سمعت أبي يقول: الحسن بن الصباح بغدادي صالح.

وقال أحمد بن علي: حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي قال: أخبرنا أبو بكر الخلال قال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: سمعت ابن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: ما يأتي على ابن البزاز يوم إلاّ وهو يعمل فيه خيرا، ولقد كنا نختلف الى فلان المحدث، وسماه، قال: فكنا نقعد تتذاكر (237 - ظ) الحديث الى خروج

(1)

-الجرح والتعديل:3/ 19.

ص: 2402

الشيخ، وابن البزاز قائم يصلي الى خروج الشيخ، وما يأتي عليه يوم إلاّ وهو يعمل فيه أكثر.

أخبرنا أبو حفص المؤدب-اذنا-قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد قال:

أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: قرأت على البرقاني عن أبي اسحاق المزكي قال:

أخبرنا محمد بن اسحاق السراج قال: سمعت الحسن بن الصباح يقول: دخلت على المأمون ثلاث مرات، رفع اليه أول مرة: انه يأمر بالمعروف، وكان نهى أن يأمر أحد بالمعروف فأخذت عليه، فقال لي: أنت الحسن البزاز؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: وتأمر بالمعروف؟ قلت: لا ولكني أنهى عن المنكر، قال: فرفعني على ظهر رجل وضربني خمس درر، وخلى سبيلي، وأدخلت عليه المرة الثانية، رفع اليه أني أشتم علي بن أبي طالب، قال: فلما قمت بين يديه قال لي: أنت الحسن؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: وتشتم علي بن أبي طالب، فقلت: صلى الله على مولاي وسيدي علي يا أمير المؤمنين، أنا لا أشتم يزيد بن معاوية لانه ابن عمك، فكيف أشتم مولاي وسيدي؟ قال: خلوا سبيله.

وذهبت مرة الى أرض الروم الى بذ بذون

(1)

في المحنة، فدفعت الى أشناس فلما مات خلى سبيلي.

قال السراج: مات الحسن بن الصباح بن محمد أبو علي الواسطي، وكان لا يخضب، من خيار الناس، ببغداد بوم الاثنين لثمان خلت من ربيع الآخر سنة تسع وأربعين ومائتين.

أخبرنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: (238 - و) أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا أحمد ابن عيسى بن الهيثم التمّار قال: حدثنا عبيد بن محمد بن خلف البزاز قال: مات الحسن بن الصباح البزاز في ربيع الاول سنة تسع وأربعين ومائتين

(2)

.

(1)

-على مقربة من طرسوس، النهر الذي توفي عليه المأمون.

(2)

- تاريخ بغداد:7/ 230 - 232.

ص: 2403

‌الحسن بن صفوان الانطاكي

حكى عن طرّة الموسوس.

قرأت في كتاب «عقلاء المجانين» قال: وحدث الحسن بن صفوان الانطاكي قال:

كنت في دعوة، ومضى طرة الموسوس فأسمعنا من شعره وطريق فوائده، ولعبه بيديه ورجليه وازددنا سرورا، ولما أكلنا وحصلنا على الشراب أقبل عليه بعض من كان جالسا فأخذ يولع به، ويصيح السلاح السلاح. قال: هذا أول الجنون والحرب وأخذ يولع به، ويرميه بشيء من الفاكهة فقال له طرة: يا فتى أنت مجنون فأخذ يقرأ عليه ويعوذه وهو يزيد عليه في الولع، ثم رماه بأترجة فوقعت في فؤاده فكاد أن يهلك، فخشيت منه فطفر

(1)

عليه، ونطحه نطحة كسر فيها أنفه فخشيت منه، فطفر عليه ثانية ونطحة نطحة كاد أن يذهب باقي أنفه فيها، وهم أن يخنقه، فقمنا اليه ولم نزل نسأله الى أن خلاه وشاغلناه عنه الى أن شددنا ما كسر منه، وطرحنا عليه شيئا من الثياب وهم طرة بالخروج فقلنا له: اجلس نعمل الآن ما جرى، فقال: لا أفعل، فقلت فانه قد نفذ يستعدي عليك فالله الله أن تخرج فتؤخذ فتحبس (238 - ظ) وتقيد وتشد فأخذه ما كان يأخذه، ثم قام وقال لي: يقال هذا والله لو خاطبني الوالي لسمع مني الجواب، فقلنا ماذا يكون جوابك وقد فعلت ما فعلت؟ قال:

يكون ما تسمع ثم أخذ في انشاد هذه الأبيات:

ومعربد نادمته في مجلس

رأت العشيرة عفتى في المجلس

صاح السلاح فقلت شرا واقعا

وذكرت بيتا للفتى المتلمس

الشر لا يطفئه إلاّ مثله

فاطف الشرور بكل عضب أملس

فنطحته لما تغطرس نطحة

فإذا أخونا في مثال الأفطس

فتعلقوا بي كي أتمّ مدامتي

فأجبتهم منى بقلب موئس

لو أن جبريلا أتاني قاصدا

برسالة من ربه لم أجلس

قالوا: فتحبس قلت: ذاك هو المنى

الحبس خير من ذهاب الأنفس

(2)

(1)

-طفر: وثب في ارتفاع. القاموس.

(2)

-كتب بالهامش بخط مخالف: صرح أئمتنا بأن هذا كفر، فلا جزى الله قائله خيرا.

ص: 2404

حرف الضاد فارغ

‌حرف الطاء

‌الحسن بن طارق بن الحسن بن عوف:

أبو علي الحلبي التاجر، المعروف بابن الوحش، ويلقب بالزكي، تاجر من أهل حلب وألي النهى والوقار، وذوي المال واليسار، انقرض بيتهم، ولم يبق منه أحد إلاّ من ذرية البنات، وكان له شعر حسن، وعنده فضل وأدب، وكان سافر الى خراسان، وسمع بها الحديث من السيد أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسيني الراوندي (239 - و) الأديب، وحدث عنه بحلب، وروى عن أبي نصر المسلّم بن أبي الخرجين الدميك الحلبي.

روى عنه الشريف أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي شيئا من الحديث، وسمع منه بحلب، وروى عنه أبو الرضا فضل الله الراوندي شيئا من شعره سمعه منه بقاشان

(1)

، وأبو الخطاب عمر بن محمد العليمي وسمع منه بالموصل.

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج المصري، قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب في كتابه الموسوم بخريدة القصر قال: الشيخ الزكي أبو علي الحسن بن طارق الحلبي من المتأخرين، ذو نظم كاسمه حسن حال، وعلم عال وذكاء ذكي، واصل زكي، سافر الى بلادنا تاجرا ببضاعتي أدبه ونسبه، عارضا في سوق الفضل عقود درره وغرره، ذكره السيد الشريف أبو الرضا الراوندي، فقال:

أنشدني ابن طارق الحلبي لنفسه، في الدار التي بناها بهاء الدين عبد الله بن الفضل ابن محمود بقاشان، ومن العجيب أن ابن طارق لم يخرج من قاشان إلاّ بعد موته، وكان بين نظمه هذه الأبيات وموت بهاء الدين أشهر قريبة:

عمرت دار فناء لا بقاء لها

ظنّا بأنك عنها غير منتقل

أتعبت نفسك لا الدنيا ظفرت بها

وأنت لا شك في الأخرى على وجل

دار الإقامة أولى بالعمارة من

دار نعيمك فيها غير متصل

(1)

-مدينة قرب أصفهان تذكر مع قم، وبين قم وقاشان اثنا عشر فرسخا- معجم البلدان.

ص: 2405

فاعمل لنفسك ما ترجو النجاة به

فليس ينجيك إلاّ صالح

(1)

العمل

(239 - ظ)

أنبأنا بهذه الأبيات أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن قشام الحلبي قال:

أخبرنا أبو الرضا فضل الله الراوندي اجازة قال: أنشدني ابن طارق لنفسه وذكرها.

قرأت بخط أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي. وأخبرنا أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن محمد بن الحسن النسابة الدمشقي عن العليمي قال: أنشدني أبو علي الحسن بن طارق بن الحسن التاجر لنفسه بالموصل وكتبه لي بخطه:

ولقد أقول لمعشر ودعتهم يوم

الفراق ودمع عيني يسكب

لو كان لي حزم وعزم صادق

لعرفت ما آتي وما أتجنب

لهفي على شرخ الشباب وعصره

ولىّ ففارقنا الزمان المذهب

هل بعد شيب الراس إلاّ رحلة

عمن صحبناه ودار تخرب

والمرء يأمل أن يعيش مخلدا

والعمر يذهب والمنية تقرب

فتغنموا الساعات إن سمعت بما

ترجونه أو بعض ما تتطلب

فلخير زادكم التقى لمعادكم

يوم مهول وليس منه مهرب

ونقلت من خط العليمي ما أخبرنا به أبو عبد الله محمد بن تاج الأمتاء بن عساكر، قراءة عليه بدمشق عنه قال: أنشدنا أبو علي الحسن بن طارق بن الحسن الحلبي من لفظه لنفسه بالموصل وكتبه لي بخطه:

لما رأيت المشيب قد نزلا

وأن شرخ الشباب قد رحلا

عاتبت نفسي وقلت ويك

أما يكفيك أن المشيب قد نزلا

(240 - و)

وقد مضت دولة الشباب

فهل آمل من بعده به بدلا

(1)

-الخريده-قسم الشام-:2/ 158.

ص: 2406

وقرأت بخط العليمي وأخبرنا به أبو عبد الله بن أحمد عنه قال: أنشدني أبو علي الحسن بن طارق بن الحسن المجهز لنفسه وكتبه لي بخطه:

لم أستر الشيب بالخضاب

لأبتغي صبوة التصابي

ولا تزينت للغواني أستر

عن مثلهّن ما بي

لكن لبست السواد لمّا

سلط شيبي على شبابي

قرأت بخط الشريف أبي الرضا فضل الله بن عبيد الله الحسيني الراوندي في ديوان شعره، وأنبأنا عنه أبو حفص عمر بن علي بن قشام الحلبي قال: وكتب إليّ الشيخ الأجل زكي الدين أبو علي الحسن بن طارق بن الحسن الحلبي أدام الله نعمته، وقد بعث إليّ طبقا من الحلوى القاهرية وشيئا من السعترية:

قد أتى الصعتر يسعى

خادما للقاهرية

هو من صحراء حمص

وأراضي سلمية

وهي من أكرم أرض

في البلاد الساحلية

صنعت من كل فن

فهي حلواء هنيّة

وهي من أجمل شيء

يتهادى في الهدية

والهدايا سنة قد

سنها خير البرية

صلى الله عليه وآله وسلم (240 - ظ)

فكتبت إليه:

مرحبا بالقاهرية

خدمتها السعترية

بين هاضوم لطيف

وحلاوات شمهية

لزكي الدين فيها

صنعة جدّ سوية

أصبحت تحكي حلاه

وسجاياه الرضية

سيد بين جميع الن

اس جودا وحمية

حاطه الله إلهي

من أذى كل بلية

ص: 2407

قرأت بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن احمد بن أبي جرادة الحلبي في جزء أحضره إليّ رفيقنا أبو الفتح بن الصفار ذكر فيه جماعة من شيوخ حلب وأحوالهم ومواليدهم ووفاتهم فقرأت فيه بخط الشيخ أبو علي: الحسن بن طارق ابن الحسن رحل في التجارة وأقام بخراسان ثلاثين سنة أو أكثر من ذلك، وسمع شيئا من الحديث، مولده سنة أربع وسبعين وأربعمائة، وتوفي في عامنا هذا ليلة الاثنين الثالث عشر من المحرم سنة سبع وخمسين-يعني-وخمسمائة، والله سبحانه وتعالى المسؤول حسن الخاتمة وصلاح العاقبة، وإجزال الثواب والعفو والصفح عن الزلل والتوبة.

سمعت القاضي أبا محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب يقول: أخبرني ابن اليحمولي أن سبب موت الحسن بن طارق أنه كان نائما فانتبه فوجد على صدره حية فمات (241 - و).

‌ذكر من اسمه طاهر في اباء من اسمه الحسن

‌الحسن بن طاهر بن الحسين:

أبو علي الصوري الفقيه، فقيه من فقهاء الشيعة ومتكلميهم، وله مصنف في مذهبهم وتصدر في حلب لإقراء الفقه والاصول، قرأ عليه أبو المكارم حمزة بن علي ابن زهرة الحسيني، ومحمد بن عبد الملك بن أبي جرادة الحلبيان.

‌الحسن بن طاهر بن يحيى:

ابن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو محمد بن أبي القاسم بن أبي الحسين النسابة العلوي، شريف حسيني رئيس جواد كان مختصا بالإخشيذ، محمد بن طغج وسيره الى محمد بن رائق، وهو بحلب ليصلح بينهما، ثم توجه الإخشيذ الى حلب، ومضى معه الى المتقي وهو بالرقة وأكرمه المتقي ثم ان الإخشيد سيره بعد ذلك الى سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، فأصلح بينهما، وزوج سيف الدولة بابنة الإخشيد، وكان مثريا متمولا.

وذكر أبو الحسن الديلمي في «سيرة سيف الدولة» في حديث وقعة قنسرين

ص: 2408

قال: وسار الأمير سيف الدولة فلم يتعبه أحد من عسكر الإخشيذ وقطع الفرات من جسر منبج، وسار الاخشيذ فنزل الرقة، ونزل سيف الدولة مقابل عسكر الإخشيذ، ومشى الحسن بن طاهر في الصلح بينهما، واستقر على أن أفرج الإخشيذ لسيف الدولة عن حلب وحمص وأنطاكية، وكان ذلك في شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين-يعني-وثلاثمائة. (241 - ظ).

قرأت في كتاب «نزهة القلب المعنى في نسب بني المهنا

(1)

» تأليف الشريف النقيب محمد بن أسعد الجواني النسابة قال: كان الحسن بن طاهر قد قدم على الإخشيذ بمصر، وتوسط بينه وبين محمد بن رائق وبينه وبين سيف الدولة بن حمدان، واتسع أمر الحسن بن طاهر واختص به الإخشيذ حتى بلغ ارتفاع ضياعه مائة ألف دينار.

وقع إليّ نسخة كتاب من انشاء البختري في الصلح بين الإخشيذ ومحمد بن رائق كتبه عن الإخشيد محمد بن طغج وقال في أثناء الكتاب: ويسر لنا من أبي محمد الحسن بن طاهر أعزه الله ميمون النقيبه، مأمون السفارة، فسعى بيننا بحسن النية، وصدق الروية، وعرق النبوة، وارادة المصلحة، فعطفنا على فضيله السلم، فتسابقنا اليها تسابق فرسي رهان اجتهدا جريا، فوردا معا فأحرزنا غايتها، وفزنا بشرفها وحوينا مزيتها، وفئنا الى أمر الله وتعاطينا السواء، وآثرنا الوفاء. وذكر تمام الكتاب.

قرأت في «سيرة الإخشيذ محمد بن طغج» جمع الحسن بن ابراهيم بن زولاق

(2)

قال: وكان الإخشيذ قد اختص من الاشراف بعبد الله بن أحمد بن طباطبا، وبالحسن بن طاهر بن يحيى وكانا لا يفارقانه، هذا حسني وهذا حسيني، وبينهما عداوة الرئاسة والاختصاص إلاّ أن الحسن بن طاهر ناب عنه وسافر في صحابه، وتوسط بينه وبين محمد بن رائق مرتين، وتوسط بينه وبين ابن حمدان، وذكر أن سفارة الحسن بن طاهر بين الإخشيد (242 - و) ومحمد بن رائق في الصلح كانت في

(1)

-لم يصلنا هذا الكتاب وهو بحكم المفقود.

(2)

-كتب ابن زولاق على أهميتها بحكم المفقودة، وقد أكثر المؤرخون لا سيما المقريزي النقول عنها.

ص: 2409

سنة ثمان وعشرين، وذكر أن الإخشيذ رد مزاحم بن محمد بن رائق حين سيره ابن رائق اليه بعد أن أحسن اليه مع الحسن بن طاهر الى أبيه، وزوج الإخشيد ابنته فاطمة من مزاحم بن محمد بن رائق، تولى ذلك أبو محمد الحسن بن طاهر، وان الحسن بن طاهر سفر في الصلح بينهما وقرر الأمر، وسيأتي ذكر ذلك مستوفى في موضعه ان شاء الله تعالى. وذكر ابن زولاق أيضا في سيرة الإخشيذ هذه: قال وورد في سنة تسع وعشرين نعي أبي علي عبيد الله بن طاهر والد مسلم، فلم يتأخر عن تعزيته أحد وكان الحسن بن طاهر أخوه عليلا فكتم ذلك عنه، فركب الإخشيذ الى أبي جعفر مسلم فعزاه وسقاه الشراب، ثم سأل: هل علم أبو محمد الحسن ابن طاهر بوفاة أخيه؟ فقالوا: لا، فركب إليه عائدا وعزاه.

قال ابن زولاق: وكان الحسن بن طاهر قد خدم الإخشيذ وناب عنه، وكان السفير بينه وبين محمد بن رائق وانتقع معهما، حتى بلغ ارتفاع أملاكه مائة ألف دينار سوى أرزاقه وأرزاق بيته وعبيده ومواليه، وكان أيضا هو السفير بين الإخشيذ وبين من نازعه.

قال ابن زولاق: وحدثني بعض الكتاب قال: كان محمد بن رائق لما سار لقتال الإخشيذ راسله الإخشيذ بأبي محمد الحسن بن طاهر بن يحيى الحسيني، وكانت كتب الحسن بن طاهر ترد من الشام الى أخيه الحسين بن طاهر شقيقه، وكان ينوب عنه ويوقف الإخشيذ (242 - ظ) علي ما يرد عليه ويوفقه على كتبه، وكان اذا كتب الى الإخشيذ كتب مع الطائر، ويكتب كثيرا الى أخيه الحسين، فقال أبو عبد الله الحسين بن طاهر: فورد علي كتاب أخي الحسن بن طاهر من الشام يقول فيه وتسأل الإخشيذ أن يعفيني من ضمان بلبيس وفاقوس

(1)

فاني قد عجزت عنهما لقلة فائدتهما وكثرة غشيان البوادي لها، ولم تكن هاتان الضيعتان في يد أخي فحملت الكتاب وجئت به الى الإخشيد وقرأته عليه فقال: هاتوا حديد بن الحصّان -يعني-كاتب ديوان الخراج، فقال في أبي محمد الحسن بن طاهر ضمان بلبيس وفاقوس؟ قال: لا، قال: فأطرق، ثم قال: ما قصر أبو محمد فيما قاله، عزم محمد بن

(1)

-بلبيس مدينة بينها وبين فسطاط مصر عشرة فراسخ على طريق الشام، وفاقوس في آخر ديار مصر من جهة الشام في الحوف الاقصى. معجم البلدان.

ص: 2410

رائق يجيئنا على غفلة الى مصر فأشار أبو محمد بحفظ فاقوس وبلبيس يخرج الساعة الى فاقوس ثلاثة آلاف فارس وراجل والى بلبيس مثلها وتزاح عللهم، ويكونون على غاية اليقظة ولا ينامون الليل، ويحفظون هذه المواضع، قال الحسين بن طاهر فعجبت من فطنته وكتبت الى أخي: قد أعفاك من ضمان فاقوس وبلبيس وضمنها ممن يقرر عليهما، لان الحسن بن طاهر كان يتقي محمد بن رائق أن تقع كتبه في يديه فانها وقعت في يده مرة، فحدثني سليمان بن الحسن بن طاهر قال: أرسل محمد ابن رائق الى أبي فركب وأخذني معه فدخل عليه وهو مقطب، فلما جلس لم يكن منه إليه الانبساط الذي يعرفه فقال له: ايش خبر الأمير (243 - و) فقال: قد وقعت في أيدينا كتبك الى محمد بن طغج، قال: مع من؟ قال: مع صاحبك المعروف بالزطّي فقال: سبحان الله ما أصاب الأمير الدين ولا السياسة، فأما الدين فنهى جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلع أحد في كتاب أخيه بغير أمره، والسياسة انخراق الهيبة، أفليس يعلم الامير أني جئته من قبل محمد طغج، أفلي بد من مكاتبته وتعظيم أمره في غيبته وأن أطلعه على ما يحتاج اليه، فهذه رسل الأرض فايش يقول الأمير في رسل السماء؟ قد والله كتبت مع الطائر أكثر من هذا، وأستودع الله الامير ما يراني بعدها، فأخذ بذيله وما زال يرفق به ويترضاه ويقول له: أنت أولى من احتمل، وكان شريفا قوي النفس جريئا في خطابه وأكثر نعمته اكتسبها في هذه الوساطة بين هذين الرجلين.

وذكر ابن زولاق في هذا الكتاب في حديث اجتماع الاخشيذ والمتقي على الرقة قال: وطلب منه المتقي الحسن بن طاهر الحسيني فأدخله اليه، وكنى المتقى الحسن بن طاهر في مجلسه وعطس المتقي فشمته الحسن بن طاهر فقال المتقي:

يرحمك الله أبا محمد.

قلت: وهذا من المتقي زيادة عظيمة في الحرمة فان الخليفة كان لا يكنى أحدا حتى انه بلغني أنه قال في هذه النوبه للاخشيد: كيف أنت يا أبا بكر فاستعظم الإخشيد ذلك، وكتب الى نائبه بمصر وقال له: أكرمني أمير المؤمنين وكناني وقال لي: كيف أنت يا أبا بكر؟. (243 - ظ).

ص: 2411

وذكر ابن زولاق في مسير الإخشيذ الى قنسرين والتقائه مع سيف الدولة واستظهار سيف الدولة على الاخشيد، وان الاخشيذ عاد واستظهر على سيف الدولة، وأن الامير سيف الدولة عسكر مواجها للاخشيد فاختار الاخشيذ المسالمة وراسله بالحسن بن طاهر على مال يحمله اليه، وأن يكون لسيف الدولة من خرشنة

(1)

الى حمص، وزوجه ابنته فاطمة، وكان الولي الحسن بن طاهر بتوكيل الإخشيذ، فسر سيف الدولة بذلك، وعقد النكاح، ونثر سيف الدولة في مضربه على الحاضرين ثلاثين ألف دينار ونثر خارج المضرب أربعمائة ألف درهم، وحمل الى الحسن بن طاهر مالا كثيرا وخلعا وحملانا.

قلت: والحسن بن طاهر هذا هو والد طاهر بن الحسن الذي مدحه المتنبي بقوله:

اعيدوا صباحي فهو عند الكواعب ..

(2)

.

وسنذكره في حرف الطاء ان شاء الله تعالى.

ولما زرت الخليل صلى الله عليه وسلم في سنة سبع وثلاثين وستمائة، مضيت من زيارته الى مشهد اليقين فزرته

(3)

، ورأيت في مغارة عند باب المشهد قبرا يزوره الناس مكتوب عنده على لوح من الرخام نقشا: هذا قبر فاطمة بنت الحسن بن طاهر ابن يحيى بن الحسن، وعلى لوح آخر من الرخام لذلك القبر مكتوب نقشا في الحجر:

اسكنت من كان في الاحشا مسكنه

بالرغم مني بين الترب والحجر (244 - و)

يا قبر فاطمة بنت ابن فاطمة

بنت الائمة بنت الأنجم الزهر

يا قبر بنت الزكي الطاهر

الحسن بن طاهر من نماه أطهر البشر

يا قبر كم فيك من دين ومن ورع

ومن حياء ومن صون ومن خفر

(1)

-بلد قرب ملطية، ذكره المتنبي في شعره. معجم البلدان.

(2)

-ديوانه:29 - 31.

(3)

-واضح أن هذا في مدينة الخليل، ولم يذكره الهروي في كتاب الاشارات الى معرفة الزيارات لدى وصفه لمشهد الخليل. انظر كتابه هذا ص 30 - 31 - ط. دمشق 1953.

ص: 2412

وعلى اللوح بخط النقاش الذي نقش اللوحين: صنعه محمد بن أبي سهل النقاش بمصر، وصاحبة القبر هي بنت الحسن بن طاهر هذا، والله أعلم.

وقال أبو الغنائم الزيدي النسابة في كتاب «نزهة عيون المشتاقين» أن الحسن بن طاهر توفي بمصر في شوال سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وذكر أن أمه أم ولد.

وقال ابن خداع في «كتاب المعقبين من ولد الحسن والحسين» -ووقع إليّ بخطه-وكان لأبي محمد الحسن حظ من الدنيا، وتقدم عند السلطان توفي بمصر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.

ذكر محمد بن أسعد الجواني النسابة في كتابه الموسوم «بنزهة القلب المعنى في نسب بني المهنا» أن أبا محمد الحسن بن طاهر توفي بمصر سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.

وقال القضاعي توفي في شوال من سنة ست وثلاثين وثلاثمائة.

أنبأنا بذلك احمد بن أزهر عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عنه.

‌الحسن بن طاهر الوزير:

وزير سليمان بن قطلمش صاحب أنطاكية كان معه وزيرا له بأنطاكية وأسر في الوقعة التي قتل فيها سليمان بالناعورة

(1)

، ثم أطلقه تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان في صفر سنة تسع وسبعين وأربعمائة، فسار إلى أنطاكية، ولم يزل بها الى أن وصل السلطان ملكشاه الى حلب وتسلمها في شعبان من السنة المذكورة، ثم سار الى أنطاكية فسلمها اليه الحسن بن طاهر الوزير المذكور، واستخدمه ملكشاه في الأموال بأنطاكية، وولى البلد يغي سغان

(2)

بن ألب، وتركه في عسكر معه (244 - ظ)

(1)

-انظر تفاصيل ذلك في كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية:202 - 203.

(2)

-لمزيد من التفاصيل انظر كتابي نفسه:204 - 206، وبقي يغي سغان في أنطاكية حتى سقطت للحملة الصليبية الاولى.

ص: 2413

‌حرف العين في آباء من اسمه الحسن:

‌الحسن بن عامر بن الحسن:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أبو علي الكلابي البابي الحنفي القاضي من ولد العباس بن الوليد قاضي باب بزاعا، من أهل الباب، هو وسلفه، مولده ومنشأه بها، أقام بها قاضيا بعد أبيه عامر سنين عدة، وسمع الحديث بحلب من أبي الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي الأصبهاني، وحدثنا عنه بالباب، وكان شيخا حسنا جميل السيرة مستورا عفيفا وله أملاك بتلك الناحية، سألته عن مولده فقال سنة تسع وأربعين وخمسمائة.

أخبرنا القاضي أبو علي الحسن بن عامر بن الحسن البابي بمنزله بباب بزاغا- قراءة مني عليه-قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي بحلب قال أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد-قراءة عليه وأنا حاضر- قال: حدثنا أبو نعيم احمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبيد الله بن علي، المعروف بابن أبي العزائم، قال: حدثنا ابو عمرو احمد بن حازم بن أبي غرزة قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن بكير بن عامر عن عبد الرحمن بن أبي نعيم عن مغيرة بن شعبة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم توضأ، ومسح على خفيه فقلت: نسيت يا رسول الله لم تخلعهما قال: بل أنت نسيت بهذا أمرني ربي عز وجل

(1)

.

توفي القاضي حسن بن عامر البابي بباب بزاعا يوم الأحد السادس عشر من (246 - و) صفر سنة ست وعشرين وستمائة، وكنت بعد وفاته بيوم واحد قد قدمت الباب متوجها في رسالة.

(1)

-انظر كنز العمال:9/ 27645.

ص: 2414

‌الحسن بن العباس بن الحسن بن الحسين أبي الجن:

ابن علي بن محمد بن علي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، أبو محمد الحسيني، القاضي القمي، انتقل أبوه العباس بن الحسن من قم إلى حلب، وانتقل معه ابنه الحسن وأخوته الباقون في أيام سيف الدولة بن حمدان، ثم انتقل أبو محمد واخوته الى دمشق وولي أبو محمد قضاء دمشق، ثم إن الحاكم أرسله عنه الى حلب الى أبي نصر منصور بن لؤ لؤ السيفي

(1)

، فتوفي بها وكان رئيسا نبيلا جوادا ممدحا.

قرأت بخط الشريف أبي الحسن إدريس بن الحسن الادريسي الحسني: قال لي الشريف نظام الدين أبو العباس بن أبي الجن الحسيني: كانت نقلتنا الى حلب- يريد نقله الحسن أبي محمد القاضي، وأخيه مع أبيهما، الى حلب من بلد العجم- أيام سيف الدولة.

قرأت بخط الشريف أبي الغنائم عبد الله بن الحسن بن محمد الزيدي في كتابه «المجرد في النسب

(2)

» قال: والعقب من أبي الفضل العباس بن الحسن بن الحسين ابن علي بن محمد بن علي بن اسماعيل: أبو محمد الحسن القاضي، كان بدمشق، وأبو طالب محمد، وأبو عبد الله الحسين، وأبو الحسن علي القاضي كان ببعلبك، أمهم مريّه من العرب اسمها نقية. قال أبو الغنائم: كان القاضي أبو محمد الحسن، مقدم أهل بيته ورئيسهم، وكان (246 - ظ) جوادا وصولا بارا بأهله رضي الله عنه.

ونقلت من «كتاب المجدي في أنساب الطالبيين»

(3)

تأليف الشريف أبي الحسن بن محمد بن علي العلوي العمري، المعروف بابن الصوفي، جمعه للشريف مجد الدولة أبي الحسن بن فخر الدولة أبي يعلى حمزة بن حاكم الدولة، صاحب هذه الترجمة الحسن بن العباس، وذكر في أثناء الكتاب شيئا من نسب أبي الحسن

(1)

-حكم منصور بن لؤ لؤ حلب قبيل سقوطها لصالح بن مرداس-انظر كتابي بالانكليزية-امارة حلب:44 - 57.

(2)

-لم أقف على ذكر له.

(3)

-وهذا أيضا لم أقف على ذكر له.

ص: 2415

فقال: ومنهم، يعني، من ولد العباس بن الحسن بن الحسين أبي الجن الشريف القاضي بدمشق هو: الحسن بن العباس بن الحسن بن الحسين أبي الجن، مات عن أولاد سادة ولوا نقابة النقباء بمصر، والنقابة والقضاء بدمشق، وذكر من عقبه من صنف له الكتاب.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي-فيما أذن لنا في روايته عنه- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الحسن بن العباس بن الحسين أبي الجن بن علي بن محمد بن علي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو محمد الحسيني، ولي القضاء بدمشق خلافة أبي عبد الله محمد بن النعمان قاضي أبي علي منصور، الملقب بالحاكم، وكان أصلهم من قم، فانتقل أبو العباس الى حلب، وانتقل الحسن وأخوته الى دمشق، وولي قضاءها، ثم أرسله الملقب بالحاكم رسولا الى أمير حلب، فقال أبو الحسن ابن الدويدة المعري فيه، لما أن قدم الى حلب:(247 - و)

رأى الحاكم المنصور غاية رشده

فأرسله للعالمين دليلا

أتى ما أتى الله العلي مكانه

فأرسل من آل الرسول رسولا

فمات، فلما توفي رثاه الشعراء فقال فيه الشريف أبو الغنائم عبد الله بن الحسن ابن محمد الحسيني النسابة:

فروعك يا شريف شهدن حقا

بأن الطاهرين لها أصول

على حال الرسالة في صلاح

فقدت وهكذا فقد الرسول

قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط عبد المنعم بن علي بن النحوي: وفي ليلة الاربعاء لاثنين وعشرين ليلة خلت من جمادى الأولى سنة أربعمائة ورد من حلب فيج

(1)

بكتاب أبي تراب محسن بن أبي الجن يذكر فيه أن عمه أبا محمد بن أبي الجن الشريف القاضي مات بحلب يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الاولى سنة أربعمائة

(2)

(1)

-رسول.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 233. و- ظ.

ص: 2416

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا علي بن أبي محمد الدمشقي قال:

ذكر أبو محمد بن الاكفاني أن أبا محمد توفي في جمادى الاولى سنة أربعمائة. قال غيره: بحلب، وحمل الى دمشق، فدفن بها.

قرأت بخط أبي الغنائم الزيدي قال وتوفي القاضي أبو محمد بحلب سنة أربعمائة ونقل الى دمشق.

وقرأت بخط أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي، وذكر أنه نقله من خط عبد المنعم بن علي النحوي قال: وفي جمادى الآخرة وصل تابوت الشريف أبي محمد ابن أبي الجن (247 - ظ) من حلب فدفنوه ببستانه الذي شقته

(1)

في قصره.

‌ذكر من اسم أبيه عبد الله ممن اسمه الحسن:

‌الحسن بن عبد الله بن احمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة

السلمي، الامير ابو الفتح المغربي، شاعر مجيد بليغ كثير الشعر، أقام بحلب في أيام بني مرداس، وكان وجيها عندهم وتأمر

(2)

في زمنهم، روى عنه شيئا من شعره أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الحسن التنوخي الحلبي، وابن ابنه نصر بن منصور بن الحسن بن أبي حصينة وأبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري التنوخي، وجمع أبو العلاء ديوان شعره وشرح غريبه ومعانيه، وقال في مقدمة الديوان: الدهر مديد طويل يجوز أن يحدث في آخره، كما حدث في أوله، لأن الله سبحانه قدير على الممتنعات كلما حكم به فهو آت تقدست أسماؤه، وجلت نعماؤه ولا يمتنع أن ينشئ في هذا العصر من الشعراء من هو لاحق بالمتقدمين وشبيه من سلف من الفحول الأولين.

وكان مولاي الأمير الجليل أبو الفتح الحسن بن عبد الله بن أبي حصينة سألني أن أجمع شعره، فقرئ عليه

(3)

ما أنشأه من أنواع القريض، فوجدت لفظه غير مريض، ومعانيه صحاحا مخترعة، وأغراضه بعيدة مبتدعة، وهو وان كان متأخرا

(1)

-وردت هذه الكلمة بالاصل مهملة، ويمكن على أن تقرأ أيضا «شقيه» .

(2)

-اعتاد المرداسيون على تأمير الشعراء المجيدين في أيامهم.

(3)

-كذا بالاصل وفي الديوان المطبوع-دمشق 1956 - ص 3 «علي» وهو أقوم.

ص: 2417

في الزمان فكأنه ممن فرط في عهد النعمان، ومن سمع كلامه علم أنه لم يعر شهادة ولا حرم في إبداع الكلم سيادة.

وكفاه شهادة هذا العالم النحرير (248 - و) له بما شهد، وتصديه لجمع شعره، وعاش أبو الفتح بعد أبي العلاء مدة سنين.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار ابن أبي حسنه، أبو الفتح السلمي المعري الشاعر، ذكر لنا أبو عبد الله محمد بن المحسن بن الملحي أنه قدم دمشق، وله في وصفها أبيات من قصيدة ذكرها ابن ابنه أبو المظفر نصر بن منصور بن الحسن بدمشق عنه منها:

لو أن دارا أخبرت عن ناسها

لسألت رامة

(1)

عن ظباء كناسها

بل كيف تسأل دمنة ما عندها

علم بوحشتها ولا إيناسها

ممحوة العرصات يشغلها البلى

عن ساحبات الريط فوق دهاسها

بيض اذا انضاع النسيم من

الصبا خلناه ماء ينضاع من أنفاسها

يا صاحبي سقى منازل جلق

غيث يروي ممحلات طساسها

(2)

فرواق جامعها فباب بريدها

فمسارب القنوات من باناسها

(3)

فلقد قطعت بها زمانا للصبى

واللهو مخضرا كخضرة آسها

قبل النوى وسهامه مشغولة

الأفواق لم تبلغ الى بر جاسها

من لي برد شبيبة قضيتها

فيها وفي حمص وفي ميماسها

(4)

وزمان لهو بالمعرة موبق

بسياثها وبجانبي هرماسها

(5)

(248)

قرأت بخط مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ، وانبأنا به أبو

(1)

-هناك أكثر من رامة، وقيل رامة هضبة. معجم البلدان.

(2)

-الطساس جمع طس وهو الطست. النهاية لابن الاثير.

(3)

-ما تزال تحمل الاسماء نفسها في دمشق.

(4)

-منتزه حمص الرئيسي ما زال يحمل هذا الاسم نفسه.

(5)

-سياث خارج المعرة والهرماس موضع فيها. وانظر ديوان ابن أبي حصينه: 1/ 354 - 355. تاريخ ابن عساكر:4/ 233 ظ.

ص: 2418

الحسن محمد بن أحمد بن علي عنه، قال: الأمير أبو الفتح بن ابي حصينة، هو الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة وهو غزير القريحة، كثير الشعر مجيد بليغ، وكان مدح الأمير أسد الدولة أبا صالح عطية بن صالح بن مرداس بقصيدة أولها:

سرى طيف هند والمطي بنا تسرى

فاخفى دجى ليل وأبدا سنا فجر

فيها:

خليلي فكّاني من الهم واركبا

فجاج الموامي

(1)

الغرّ في النوب الغبر

الى ملك من عامر لو تمثلت

مناقبه أغنت عن الانجم الزهر

اذا نحن أثنينا عليه تلفتت

إلينا المطايا مصغيات الى قتر

(2)

منها:

وفوق سرير الملك من آل صالح

فتى ولدته أمه ليلة القدر

فتى وجه أبهى من البدر منظرا

وأخلاقه أشهى من الماء والخمر

فيها:

أبا صالح أشكو إليك نوائبا

عرتني كما يشكو النبات الى القطر

لتنظر نحوي نظرة لو نظرتها

الى الصخر فجرت العيون من الصخر

وفي الدار خلفي صبية قد

تركتهم يظلون أظلال الفراخ من الوكر

(249 - و)

لعل بشيرا منك يأتي إليهم

بأنك قد آمنتهم غصّة الدهر

(3)

ومنها:

جنيت على روحي بروحي جناية

فأثقلت ظهري بالذي شب من ظهري

(1)

-الصحارى.

(2)

-في الديوان:350 «مصغيات الى جبر» .

(3)

-سقط هذا البيت من ديوانه.

ص: 2419

عداد الثريا مثل نصف عدادهم

ومن نسله ضعف الثريا

(1)

متى يثري

فهب هبة يبقى عليك ثناؤها

بقاء النجوم الطالعات التي تسري

فلما فرغ من انشادها: أحضر الأمير أسد الدولة القاضي والشهود وكتب له وأشهد على نفسه بتمليك ابن أبي حصينة ضيعتين من ملكه لها ارتفاع كثير، وأجازه وأحسن إليه فأثرى وتمول، وعمر بحلب دارا خسر عليها مالا كثيرا وكتب على إزار روشنها:

دار بنيناها وعشنا بها

في نعمة من آل مرداس

قوم محوا بؤسي ولم يتركوا

على الأيام من بأس

قل لبني الدنيا ألا هكذا

فليفعل الناس مع الناس

هكذا نقلته من خط أبي المظفر أسامة في تعليقه الذي علقه لابن الزبير، وقد ذكر أسامة بن منقذ في موضع آخر هذه الحكاية أنها وقعت لابن أبي حصينة مع معز الدولة ثمال بن صالح، وهو أصح. أخبرنا بذلك الأمين أبو القاسم بن هبة الله بن محفوظ بن الحسن بن صصرى فيما أذن لنا في روايته عنه، وسمعت منه بدمشق، قال: أخبرنا أبو المظفر أسامة بن مرشد (249 - ظ) بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ قال: كان ابن أبي حصينة مداحا للأمير تاج الأمراء معز الدولة أبي العلوان ثمال بن أسد الدولة صالح بن مرداس، فامتدحه بقصيدة شكا فيها كثرة أولاده، وكان له أربعة عشر ولدا، أولها:

سرى طيف هند والمطي بنا تسرى

..

جنيت على نفسي بنفسي جناية

فاثقلت ظهري بالذي شب من ظهري

عداد الثريا مثل نصف عدادهم

ومن نسله ضعف الثريا متى يثرى

وأخشى الليالي الغادرات عليهم

لان الليالي غير مأمونة الغدر

ولي منك اقطاع قديم وحادث

تقلبت فيه تحت ظلك من عمري

وما أنا بالممنوع منه ولا الذي

أخاف عليه منك حادثة تجري

ولكنني أبغيه ملكا مخلدا

خلود القوافي الباقيات على الدهر

(1)

-هذا يعني أن عدد أولاده أربعة عشر لان نجوم الثريا سبعة.

ص: 2420

والقصيدة طويلة، فلما سمعها معز الدولة أمر باحضار شهود أشهدهم بتمليكه أبا الفتح الحسن بن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة ضيعتين من أعمال حلب ومنبج، فأثرى، وحسنت حاله وعمر بحلب دارا وكتب على ازار روشنها:

دار بنيناها وعشنا بها

في نعمة من آل مرداس

وذكر الأبيات الثلاثة كما نقلتها من خط أسامة.

سمعت الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك العقيلي قال: قال لي الخطيب (250 - و) هاشم خطيب حلب: لما بنى ابن أبي حصينة داره وكتب على ازار سقفها:

دار بنيناها وعشنا بها

في نعمة من آل مرداس

المانعي بؤسي فلم يتركوا

على الأيام من باس

قل لبني الدنيا ألا هكذا

فليفعل الناس مع الناس

بلغ نصر بن محمود ذلك فكتب له دارا إلى جانبها، وكانت خربة، وهي الآن لبعض الشراف بحضرة البلاط شرقي الدار التي كان على روشنها الأبيات، وهي الآن لبعض الهاشميين وبابها في الزاوية التي هي مقابل مسجد الشريف الزاهد، قال: وأطلق له ألف دينار.

قال: وقال لي الخطيب: والدار التي عمرها هي الدار التي تجاه حمام الواساني ولها ساباط راكب على حمام الواساني، وهي في زماننا هذا لولد قطب الدين الحسن بن العجمي.

كذا قال لي بدران: بلغ نصر بن محمود ولم يعش أبو الفتح بن أبي حصينة إلى أيام نصر بن محمود. وقد قيل إن الحكاية جرت مع نصر بن صالح أخي ثمال ابن صالح، فإنني قرأت في كتاب نزهة الناظر وروضة الخاطر تأليف عبد القاهر بن علوي المعري، المعروف بابن خصا البغل، قال: قيل: امتدح أبو الفتح بن أبي حصينة المعري رحمه الله نصر بن صالح بحلب، فقال له: تمنّ، فقال: أتمنى أن أكون

ص: 2421

أميرا، فجعله أميرا يجلس مع الأمراء، ويخاطب بالأمير وقربه، وصار يحضر في مجلسه وفي زمرة الأمراء، ثم وهبه أرضا (250 - ظ) بحلب قبلي حمام الواساني فعمرها دارا وزخرفها وقرنصها، وتمم بنيانها وكمل زخارفها ثم نقش على داير الدرابزين:

دار بنيناها وعشنا بها

في دعة من آل مرداس

قوم محوا بؤسي ولم

يتركوا عليّ للأيام من باس

قل لبني الدنيا ألا هكذا

فليفعل الناس مع الناس

قال: فلما أنهى العمل بالدار عمل دعوة وأحضر نصر بن صالح بن مرداس، فلما أكل الطعام رأى الدار وحسنها وحسن بنيانها ونقوشها، ورأى الأبيات فقرأها، فقال: يا أميركم خسرت على بناء الدار؟ فقال: والله يا مولانا ما للمملوك علم بل هذا الرجل تولى عمارتها، فأحضر معمارها وقال له: كم قد لحقكم غرامة بناء هذه الدار؟ فقال له المعمار: غرمنا ألفي دينار مصرية، فأحضر من ساعته ألفي دينار مصرية وثوب أطلس وعمامة مذهبة وحصانا بطوق ذهب وسخت ذهب وسر فسار

(1)

ذهب، ودفع ذلك جميعه إلى الأمير أبي الفتح وقال له:

قل لبني الدنيا ألا هكذا

فليفعل الناس مع الناس

ووقع إليّ مدائح نصر بن صالح مدونة، وفيها قصائد مدحه بها أبو الفتح ابن أبي حصينة وليس فيها القصيدة الرائية، ولا الأبيات السينية، والصحيح أنه مدح بهما معز الدولة ثمال بن صالح، وأكثر مديحه فيه. (251 - و).

وقرأت بخط أبي سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول هذه الأبيات الثلاثة، وذكر أنه كتبها في داره على حيط مجلسه، وقالها في أيام معز الدولة، يعني ثمال ابن صالح، وقد أطلق شيئا في عمارتها له.

وقرأت بخط رجل من الفضلاء في بعض الكتب أن ابن صالح لما بلغته هذه الأبيات نفذّ إليه مالا قيل مقداره ألف دينار وقيل ثلاثة آلاف دينار عوضا عما غرمه على الدار.

(1)

-لم أجدها في كتب المعرب ولا في معجم دوزي أو المعاجم الفارسية العربية.

ص: 2422

ومما يدل أن هذه الواقعة كانت مع معز الدولة، أني قرأت في ديوان شعر أبي الفتح بن أبي حصينة، الذي جمعه أبو العلاء بن سليمان أبياتا مدح بها أبا العلوان ثمال بن صالح، يذكر فيها غيبة غابها في عمارة داره التي عمرها بحلب، وكان قد تأخر عن الخدمة في الحضور بحضرته أياما عدة:

وقفنا فكم هاج الوقوف على المغنى

غليلا دخيلا من لبينى ومن لبنى

وعجنا عليه منذ عشرين حجة

نقضت فما عجنا على الحلم مذ عجنا

أربع التصابي قد فنيت وحبنّا

لأهلك لا يبلى بلاك ولا يفنى

كأنك تلقى ما لقينا من الهوى

وتضنى لفقد الظاعنين كما نضنى

سألناك لو أخبرتنا أين يممو

أوعس الحمى الأقصى أم الأوعس الأدنى

أم الحيّ لما أكدت المزن يمموا

ثمالا فشاموا من أنامله المزنا

لقد نجعوا ربعا خصيبا من الندى

وصاروا إلى من يمنح المدن لا البدنا

فتى كرم أفنى الصوارم في الوغى

ضرابا وأفنى بالطعان القنا اللدنا

(251 - ظ)

يد لك من كلتي يديه على الغنى

فيسرك في اليسرى ويمنك في اليمنى

هو البحر إلا أننا لا نرى له

سوى موقرات العيس من ماله سفنا

نظمت لأسنى الخلق مدحا وجدته

سنيا فأهديت السنى إلى الأسنى

أبا صالح إن كنت في القول محسنا

فإنك قد جازيتني عنه بالحسنى

وأعديتني بالجود حتى تركتني أجود

فأفني مكسبي قبل أن أفنى

تشاغلت أبني فيك مدحا وأبتنى

ففيك الذي أبنى ومنك الذي يبنى

إذا نحن جدنا أو نجحنا بنعمة فمنك

ومما جدت ذاك الذي جدنا

ومن شكر القوم الألى منك رزقهم

فإنك بالشكر الذي شكروا تعنى

إذا المرء أولى الفضل من فضل غيره

فمو ليه أولى بالثناء الذي يثنى

(1)

أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن محمود الساوي بالقاهرة قراءة عليه قال:

أخبرنا الحافظ أبو طاهر السّلفي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أنشدنا أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الحسن التنوخي الحلبي ببغداد في مجلس أبي زكريا

(1)

-ديوانه:1/ 50 - 51.

ص: 2423

التبريزي اللغوي، قال: أنشدني الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة بحلب لنفسه من قصيدة:

كأن الفتى يرقى من العمر سلما

إلى أن يجوز الأربعين فينحط

(1)

وهذا البيت من قصيدة من غرّ قصائده (252 - و).

وهذه أربع قصائد قالها في مدح معز الدولة ثمال بن صالح ذكر أبو العلاء بن عبد الله بن سليمان أنه عملهن في ليلة واحدة باقتراحه ذلك عليه لغرض جرى منه، ولما أصبح وأنشدهن بحضرته أجزل له من العطاء وأحضر له في جملته سفطا من ملابسه السنية فلبس ما فيه بين يديه، وأقطعه قرية تعرف بأعزال زيادة على ما كان معه من الإقطاع في ذلك الوقت، وذلك في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وهذه الأولى منهن:

أبى قلبه من لوعة الحب أن يخلو

فلا تعذلوا من ليس يردعه العذل

ولا تطلبوا مني مدى الدهر سلوة

فما يرعوي عنكم فؤادي ولا يسلو

ضنيت فلو أني على رأس شعرة

حملت ومالت لم ينمها بي الحمل

(252 - ظ)

كأن الليالي طالبتني لقربكم بتبل

(2)

فلما بنتم ذهب التبل

خليلي ما للربع يخلو وليس لي

فؤاد من التبريح يخلو كما يخلو

وما لي إذا ما لاح ايماض بارق

من العلم النجدي داخلني خبل

لئن كان جهلا ما بقلبي من الهوى

فمن لي بقلب لا يفارقه الجهل

ومن لي بوصل من أمامة بعد ما

تقطع منها اليأس أن يرجع الوصل

أيا قلب كم لا تستفيق من الجوى

وكم أنت لا يجلو غرامك ما تجلو

تحنّ إلى نعم وجمل كليهما

وما أنعمت نعم ولا أجملت جمل

فأقسم لولا أنت لم يخلق الجوى

ولولا أبو العلوان لم يخلق الفضل

فتى أتعب البيض الصوارم في العلى

وجرب فيها ما يمرّ وما يحلو

(1)

-ديوانه:1/ 10 - 13.

(2)

-التبل: الذحل والعداوة. النهاية لابن الاثير.

ص: 2424

فلا تحسبوا أن المعالي رخيصة

ولا أن إدراك العلى هين سهل

فما كل من يسعى الى المجد مدركا

ولا كل من تهوى العلى نفسه تعلو

وفوق سرير المجد من آل صالح

فتى ما له عن شغله بالعلى شغل

له نصل سيف يقطع الهام حدّه

وأقطع منه حامل النصل لا النصل

إذا سله سل العزيمة قبله

فلم يدر أي الصارمين له الفعل

فتى خلقه خلق الغمام فعنده

لطالبه إما الوبال أو الوبل

(1)

أبا صالح حلمتني كل منّة

فرفقا بما تسدي فقد ثقل الحمل

نظمت لك الدّر الذي ليس مثله

وأنت الذي ما في الملوك له مثل

(253 - و)

بلوت القوافي عند من لو بلوته

بغير القوافي لابتهجب بما تبلو

وكادت قوافي الشعر لما دعوتها

اليك توافي قبل أن وافت الرسل

لك الفضل لا للغيث انك

دايم وما دام سحّ للغيوث ولا هطل

وهبت لغالي المدح ما لك كله

كأنك لا يغلو عليك الذي يغلو

وأنت الذي لولاك لم يعرف العدل

(2)

وأنت الذي لولاك لم يعرف الندى

عوجا نحييّ ربوعا غير أدراس

بين اللوى وهضاب الأرعن الراسي

الى الأبارق حيث العين راتعة

من الحمى بين أنقاء وأدهاس

سقى الديار بحيث ألخبت من هجر

شؤبوب كل ملث الوبل رجاس

(3)

ديار ناس صحبناهم بها زمنا

يا حبذا ناس تلك الدار من ناس

إن أوحشوني فما أنسى بقربهم

أنسى فأمزج ايحاشي بإيناسي

يا صاحبي أبرق لاح مبتسما

من دون شماء أم مشكاة نبراس

أم نحن لما جعلنا قصدنا حلبا

بدا لنا النور من وجه ابن مرداس

(1)

-الوبال: الثقل والمكروه: والوبل: المطر الشديد الضخم القطر. القاموس.

(2)

-ديوانه:1/ 176 - 178.

(3)

-لخب لطم واللخب شجر المقل، ورجاس سحاب قوي. القاموس.

ص: 2425

متوج من بني الشداد قد جمعت

فيه المحامد من وجود ومن ناس

من فتش الناس من بدو ومن حضر

لم يلق مثل أبي العلوان في الناس

مردد في أصول غير ذاوية

من الندى بين مرداس وميّاس

(253 - ظ)

ما زلت أفرغ في أوصافه هممي

دهرا وأتعب أقلامي وقرطاسي

حتى أخذت أمانا من مكارمه

أن لا يقلقل في الآفاق أفراسي

يشيب وفري ولي من سيب راحته

وفر وأعرى ولي من فضله كاس

قسا عليّ زماني فاستجرت به

فبات لي غير قاس قلبه القاسي

يا من مكارمه اللاتي عرفت بها

مكارم أنبتت شعري على رأسي

جميل فعلك فخري في بني زمني

وحسن وصفك فخري بين جلاسي

وطيب ذكرك لا ينفك من خلدي

كأن ذكرك مقرون بأنفاسي

(1)

وهذه هي القصيدة الثالثة من جملة القصائد الاربع التي عملهن في تلك الليلة:

هاج الوقوف برسم المنزل الخالي

صبابة لم تكن مني على بال

لولا ظباء رياح لم أمت شغفا

بظبية من ظباء السرب معطال

لو شئت نجتك منها كل ناجية

مرقالة بنت سامي الطرف مرقال

صهباء مال من التأويب راكبها

ميل المعلل من صهباء جريال

تطوي البعيد ويطويها فقد جدلت

جدل المريرة من حل وترحال

الى فتى من بني الشداد همته

مقرونة بشعاع الكوكب التالي

مبارك الوجه لا يخفى تهلله

مثل الحسام جلاه الصيقل الجالي

تلقى المعز وتلقى الناس كلهم

فتزدري الوهد عند الباذخ العالي

صحبته غير ذي مال فصيرني

من جود كفيه ذا جاه وذا مال

(254 - و)

وبات يردف لي من سيب راحته

جودا بجود وافضالا بأفضال

سجية من كريم الخيم منصبه

مركب في كرام غير بخال

أبطال حرب وان حاولت فضلهم

في السلم ألفيت منهم غير أبطال

أمحلت قدما فما زالت غمائمهم

تجود مغناي حتى زال إمحالي

(1)

-ديوانه:1/ 178 - 179.

ص: 2426

والله يكلؤهم مما أحاذره

إن المهيمن نعم الحافظ الكالي

(1)

وهذه هي القصيدة الرابعة مما عمله في تلك الليلة وأنشدها معهن بحضرته في ذلك اليوم:

هل تعرف الربع الذي تنكرا

بين المواعيس الى وادي القرى

الى الشرى يا حبذا ذاك الشرى

حيث ترى منه الكثيب الأعفرا

معمما بنوره مؤزرا

يفشي نسيم الريح ذاك العبهرا

(2)

والرند فياح الشذا والعرعرا

حتى تسوف بالوهاد والذرى

عودا قماريا ومسكا أذفرا

منازلا ذكّرن من تذكرا

عيشا هنيئا وزمانا أنضرا

يا صاحبي غلسا أو هجّرا

وقبلا العيس المخوف الأغبرا

طلائحا تنفخ في صفر البرى

كأنها من الوجيف والسّرى

قسيّ رام أو جريد حسّرا

قلائصا باتت لغوبا حسّرا

يكتبن بالأيدي على وجه الثرى

من الذميل أحرفا وأسطرا

قلنا لها والنجم قد تغورا (254 - ظ)

والصبح قد أسفر أو ما أسفرا

وهي من الإدلاج تخفى أن ترى

يا عيس أميّ الملك المؤمرا

وا تنجعي ذاك الجناب الأخضرا

فان أزرناك المعز الازهرا

فما ترين نصبا ولا نرى

يا خير قيس محتدا وعنصرا

دونك هذا الكلم المسيرا

أرقني تأليفه وأسهرا

وبت لا أطعم أجفاني الكرى

حتى نظمت المؤنق المحبرا

قلائدا من القريض ندرا

كأنما أنظم منها جوهرا

تجارة قد أربحت من تجرى

فاسلم ولا زلت الأعز الأكبرا

مؤيدا مسددا مظفرا

معمّرا أو لا نرى معمّرا

(3)

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي كتابة قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي الارمنازي مما علقه عن أبي

(1)

.1/ 179 - 181.

(2)

-العبهر: النرجس والياسمين. القاموس.

(3)

-ديوانه:1/ 181 - 182.

ص: 2427

علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي الأرمنازي مما علقه عن أبي الحسن يحيى بن علي بن عبد اللطيف بن زريق المعري أن أبا الفتح بن أبي حصينة كانت وفاته سنة ست وخمسين وأربعمائة، أو في سنة سبع بحلب، ويقتضى أن يكون مولده قبل التسعين وثلاثمائة

(1)

.

‌الحسن بن عبد الله بن بركات بن شافع:

القرشي، أبو الفوارس الدمشقي، حدث بحلب عن أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني في شهر ربيع الآخر من سنة خمس واربعين وخمسمائه وبغيرها عن أبي علي الحسين بن محمد العلوي (255 - و) الطبري، والقاضي أبي محمد عبد الله ابن محمد بن المظفر السراج، وأبي الحسن علي بن حمزة الموسوي، وأبي سعيد محمد بن نوح الرصاصي وأبي القاسم محمود بن محمد بن عبد الرحمن المروزي، وأبي الفتح سالم بن عبد الله العمري، وأبي محمد عبد الجبار بن عبد الخالق بن أبي القاسم الشحامي.

وسمع أبا الفضل محمد بن الحسين الرفاء الواعظ خطيب سمرقند، وسمع بدمشق الحافظ أبا الحسين هبة الله بن الحسن بن عساكر المعروف بالصائن، وأبا القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان، وبالموصل أبا بكر بن علي بن ياسر الجياني وبالجزيرة أبا عبد الله بن سبيع.

روى لنا عنه أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري، قراءة عليه بحلب، وكتبه لي بخطه، قال: أخبرنا أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدمشقي، بقراءتي عليه بها، قال: أخبرنا السيد أبو علي الحسين بن محمد العلوي الطبري، والقاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن المظفر المتولي السراج قاضي بغ

(2)

وأبو القاسم محمود بن محمد بن عبد الرحمن المروزي المعروف بأولبه، وأبو محمد عبد الجبار بن عبد الخالق بن أبي القاسم الشحامي، قالوا: أخبرنا أبو بكر الشيروي، ح.

قال أبو الفوارس: وأخبرنا السيد أبو الحسن علي بن حمزة الموسوي، وأبو

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 234 - و.

(2)

-يقال لها أيضا: بغشور، بليدة بين هراة ومرو الروذ. معجم البلدان.

ص: 2428

الفتح سالم بن عبد الله العمري، وأبو سعيد محمد بن نوح الرصاصي قالوا: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي قال: أخبرنا أبو (255 - ظ) العباس الأصم قال: أخبرنا محمد بن هشام بن ملاس قال: حدثنا مروان بن معاوية قال:

حدثنا حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة الى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها

(1)

.

أنشدنا أبو السعادات المبارك بن أبي بكر بن حمدان قال: أنشدنا أبو القاسم ابن أبي الفرج بن أبي منصور اليعقوبي قال: أنشدنا أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن شافع الدمشقي لنفسه:

إذا سد اللئيم الباب دوني

وكلب عضني منه بناب

فبابي للورى أبدا ولوج

ونابي عن عضاض الكلب ناب

وكيف ولي نجار من قريش

ولي فضل إلى العلياء ناب

‌الحسن بن عبد الله بن الحسن بن سعيد بن عبد السلام:

أبو سعيد الخزاعي المصيصي المعروف بابن الدقيقي، سمع بالمصيصة أبا حفص عمر بن سليمان الشرابي مولى المعتز بالله، سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. روى عنه أبو محمد بن أبي نصر.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أنشدنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد قال: أنشدني أبو محمد بن أبي نصر قال: أنشدني أبو سعيد الحسن بن (256 - و) عبد الله بن سعيد بن عبد السلام الخزاعي، المعروف بابن الدقيقي المصيصي، بدمشق في شهر ربيع الآخر سنة خمسين وثلاثمائة قال:

أنشدني أبو حفص عمر بن سليمان الشرابي مولى المعتز بالله في المصيصة سنة إحدى

(1)

-انظره في التاج الجامع للاصول:9/ 471.

ص: 2429

وثلاثين وثلاثمائة قال: انشدنا أبو العباس عبد الله بن المعتز بالله لنفسه في منزله ببغداد:

يا من أعزّ بذلي في الخطوب له

إذا تعزز مخلوق بمخلوق

يا رازق الخلق صني بانفرادك

لي بالرزق عن كل مرزوق بمرزوق

لم يعصه أحد إلا بتخلية منه

ولم يرضه إلا بتوفيق

(1)

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال:

الحسن بن عبد الله بن الحسن بن سعيد بن عبد السلام، أبو سعيد الخزاعي المصيصي المعروف بابن الدقيقي، قدم دمشق سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وحدث عن أبي حفص عمر بن سليمان الشرابي مولى المعتز، روى عنه أبو محمد بن أبي نصر

(2)

‌الحسن بن عبد الله بن الحسن بن عبد الرحمن:

ابن طاهر بن محمد بن الحسين بن علي أبو علي بن العجمي، الملقب قطب الدين، أخبرني ابن عمي أبو الفضل هبة الله بن محمد بن أبي جرادة أنه حدث بحلب قال: وسمعت منه جزءا من الحديث مع بعض الطلبة للحديث بحلب، وكان أبو علي هذا له وجاهة بحلب وعنده فضل وأدب، وولي أوقاف المسجد الجامع وتمول وحج على طريق بغداد (256 - ظ) فاحترم من دار الخلافة. وصار في الطريق بينه وبين طاشتكين أمير الحاج مودة ومؤانسة ومكاتبة، ووقف على الفقراء وعلى أولاده وقوفا كثيرة.

أخبرني ولده بهاء الدين أبو القاسم عبد المجيد بن الحسن قال: سمعت والدي يقول أنه كان يقرأ القرآن في صباه بالمسجد الجامع، على رجل من القراء يقال له ابن الضريبة، وكان يقرأ معه أخوه أبو الفضل بن عبد الله بن الحسن، قال: وكان أخي ذكيا فطنا يحفظ سريعا، وكنت بطئ الحفظ واقف الخاطر حتى أنني تعبت أياما في حفظ قوله تعالى: «سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ}

(3)

» ولا احفظها فقال ابن

(1)

-ليست في ديوانه المطبوع-ط. دار صادر-بيروت.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 234 - و.

(3)

- سورة القلم-الآية:16.

ص: 2430

الضريبة يوما: لا إله إلاّ الله، هذا أخو أبي الفضل، فأخذتني الأنفة على نفسي وصغرت عندي لذلك، ودعوت الله أن يسهل عليّ حفظ القرآن، ثم اجتهدت حتى بلغ من أمري أنني كنت آخذ ستين آية وسبعين آية وأحفظها.

حدثني والدي رحمه الله قال: كان للقطب أبي علي بن العجمي جب فيه حنطة، في داره، فأمر بفتحه وبيع ما فيه من الحنطة، ففتح لتباع الحنطة عند تحرك السعر فوجدوا الماء في رأس الجب فوق الحنطة فجاؤوا إليه وأخبروه بذلك فقال: في سبيل الله، ثم نزحوا الماء، فوجدوه قد جرى من قناة إلى رأس الجب، ولم يصل منه الى الحنطة إلاّ القليل، وفسد شيء يسير من الحنطة، فأخبر بذلك فقال: الحمد لله، وقد جعلته في سبيل الله، لا أرجع فيه، فأخذ ثمنه، وصرفه في ملك اشتراه بحلب، ووقفه على فقراء المسلمين (257 - و).

وحدثني شرف الدين أبو حامد عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي قال: لما وقعت الفتنة بحلب بين السنة والشيعة، وهي الفتنة التي قتل ابن الخشاب بسببها، نهب الشيعة دار القطب ابن عمي بالقرب من الزجاجين، ونهبت دار الشيخ أبي يعلى بن أمين الدولة، وكانت بالقرب من دار القطب بالجرن الأصفر، وكان عنده أموال الأيتام بحلب مودعة، وكان القطب في القرية، فلما قتل ابن الخشاب وسكنت الفتنة ظفروا بشيء من الذهب المنهوب، فأرسله الوالي إلى القطب وقال له: هذا قد خلصناه من ذهبك فقال: قد نهبت دار ابن أمين الدولة، وفيها أموال الأيتام، ولا أتحقق يقينا أن هذا عين مالي، وأخاف أن يكون للأيتام فأرسلوه إلى الشيخ أبي يعلى فلا حاجة لي فيه.

أخبرني أبو القاسم عبد المجيد بن الحسن بن العجمي أن أباه توفي في ذي القعدة من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، ودفن في داره التي انتقل إليها بعد النهب بالبلاط، فأقام بها دفينا إلى أن نقله ابن ابنه منها الى تربه جددت له ولابنه ظاهر باب النصر بالقرب من الهزازة

(1)

، في سنة خمس وخمسين وستمائة.

(1)

-انظر الاعلاق الخطيره-قسم حلب:137،90.

ص: 2431

‌الحسن بن عبد الله بن الحسن الختلي:

أبو علي بن أبي طاهر الفقيه الشافعي، إمام جامع دمشق، قدم حلب حاجا مع اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، حين قدم الشام، ومرّ معه بحلب، وحدث عنه وعن أبي سعيد (257 - ظ) فضل الله بن أبي الخير الميهني.

روى عنه أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفاني، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني وسمع منه أبو طاهر إبراهيم بن حمزة الجرجرائي.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أبي طاهر الختّلي الفقيه، قدم علينا، قال: حدثنا أبو سعيد فضل الله بن أحمد قال: حدثنا أبو العباس المستغفري قال: حدثنا أبو العباس بن أبي الحسن قال: أخبرنا أبي الحسن قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا الحسن عن الحسن عن الحسن بن أبي الحسن البصري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أحسن الحسن الخلق الحسن

(1)

.

أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور، في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد، ونقلته من خطه، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الله بن الحسن الختلي، الشيخ الفقيه الشافعي، إمام الجامع بدمشق، قال: حدثنا أبو عثمان اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، إملاء بدمشق، فذكر حديثا.

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال:

الحسن بن أبي طاهر بن الحسن أبو علي الختلي الفقيه، سكن دمشق، وحدث بها عن أبي سعيد بن الخير الميهني، واسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، ومعه قدم دمشق حاجا حدث عنه عبد العزيز.

أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل بن (258 - و) البانياسي، كتابة، قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: الحسن بن عبد الله بن الحسن ابو علي الختّلي الشافعي

(1)

-انظره في كنز العمال:3/ 5152.

ص: 2432

الفقيه إمام جامع دمشق، سمع أبا عثمان الصابوني، سمع منه شيخنا أبو طاهر إبراهيم بن حمزة الجرجرائي، وأبو محمد بن الأكفاني، وهو الحسن بن أبي طاهر الذي تقدم ذكره.

قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي محمد بن الأكفاني: توفي شيخنا أبو علي الحسن بن عبد الله بن الحسن الختلي الإمام رحمه الله يوم الاربعاء ضحى نهار لتسع بقين من شعبان من سنة ستين وأربعمائة وصلي عليه العصر يوم الأربعاء في الجامع بدمشق، ودفن في باب الفراديس رحمه الله ورضي عنه.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: توفي أبو علي الحسن بن أبي طاهر الختّلي الشافعي القاضي الفقيه إمام الجامع بدمشق يوم الأربعاء الحادي والعشرين من شعبان سنة ستين وأربعمائة، وكان يحدث بحديث واحد عن فضل الله بن أحمد، وحدث عن اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني

(1)

.

‌الحسن بن عبد الله بن حمدان:

ابن حمدون بن الحارث بن لقمان بن راشد، وتمام نسبه قد مرّ في ترجمة أبي فراس ابن عمه، أبو محمد بن أبي الهيجاء التغلبي، الأمير ناصر الدولة، صاحب الموصل، قدم حلب هو وأولاده إلى أخيه الأمير سيف الدولة أبي الحسن عند قصد معز الدولة ابن بويه بلاده مستنجدا به (258 - ظ) في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، فأكرمه سيف الدولة، وأعظم له ولأولاده الانزال والضيافة، وأجلسه على السرير وجلس دونه إعظاما له، ومدّ يده لينزع خفّه، فأعطاه ناصر الدولة رجله ومكنه من ذلك فنزعه، وكان ناصر الدولة هو الأكبر، فسلك معه ما كان يسلكه أولا قبل أن يرتفع شأن الأمير سيف الدولة، وشق ذلك على سيف الدولة في الباطن واحتمله ولم يظهره.

قرأت في آخر «كتاب البديع في القراءات» لابن خالويه بخط أبي القاسم الحسين ابن علي بن عبيد الله بن أبي أسامة الحلبي الأديب: تمّ كتاب البديع، وذلك في

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 234 - و- ظ.

ص: 2433

شوال سنة سبع وأربعين وثلاثمائة بحلب أيام زار سيدنا الأمير ناصر الدولة، سيدنا الأمير سيف الدولة، أطال الله بقاءهما، مع سائر الامراء أولاده أدام الله عزهم.

وإيّاه-أعني ناصر الدولة-عنى أبو فراس بقوله في قصيدته الرائية التي يفخر فيها بقوله:

وفينا لدين الله عز ومنعة

ومنا لدين الله سيف وناصر

هما وأمير المؤمنين مشرد

أجاراه لما لم يجد من يجاور

ورداه حتى ملكاه سريره

بسبعين

(1)

ألفا بينها الموت سافر

وساسا أمور المسلمين سياسة

لها الله والاسلام والدين شاكر

(2)

أراد بذلك أن ناصر الدولة وأخاه سيف الدولة أجارا المتقي من البريديين، (259 - و) ومعه محمد بن رائق والوزير ابن مقله، فتلقاهم سيف الدولة بتكريت، وحمل إليهم الأموال والكساء والدواب وسار بهم إلى أخيه ناصر الدولة.

قال أبو عبد الله بن خالويه في شرح هذه الأبيات لأبي فراس: وقد كان يروي قديما في خطبة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه، يعني، عليا عليه السلام: كأني بأبناء الخلافة من بني العباس على متون الأفراس يستنجدون العرب، وسائر الناس قد غلبهم عبيد أغنام غصبوهم الكرامة، فما يجيرهم أحد إلاّ هم.

قال: وكان سيف الدولة يقول: صدق أمير المؤمنين والله، لقد اجتهدت بالمتقي وابنه أن يركبا العماريات والشهاري على كثرة ما قدت إليهما، فأبيا أن يغيرا فرسيهما أو ثوبيهما إلى الموصل، فقام أبو محمد الحسن بن عبد الله بنصرته، فلقبه

(3)

ناصر الدولة. قال: ولما لقب المتقي الحسن بن عبد الله ناصر الدولة قال الشاعر فيه:

من كأن شرّفه فيما مضى لقب

فناصر الدين ممن شرّف اللقبا

دعوك ناصرهم لما نصرتهم

وأعجز العجم ما حاولت والعربا

(1)

-في ديوان أبي فراس: بعشرين.

(2)

-ديوان أبي فراس الحمداني-ط. بيروت-دار حياء التراث العربي: 32 - 33.

(3)

-بالاصل «فلقيه» وواضح أنه تصحيف صوابه ما أثبتناه.

ص: 2434

قال ابن خالويه: قال لي الأمير أبو فراس: سمعت الأمير سيف الدولة يقول:

أنفق أخي في مدة أحد عشر شهرا اثنين وسبعين ألف ألف درهم، أكثرها من ذخائره

(1)

.

وقال أبو عبد الله بن خالويه ولم يزل، يعني، ناصر الدولة مشهورا بالبأس موصوفا بالشجاعة والاقدام، حدثني من سمعه قال (259 - ظ): كنت مع أبي صبيا قد زحف إلينا عمي الحسين ليستقيد من وقعتنا كانت به، فطلبت من أبي جوشنا، فمنعني لصباي، وكان معنا ابن خال أبي محمد علي بن داود بن وهزاد الكردي، فقال لي: يا أبا محمد حسين حموك، وهو الذي تعرف وو الله لئن لم ير قتالك لا دفع إليك ابنته، فما التقت الخيلان حتى ضربت فارسا فيهم، وجئت إلى أبي وأريته الدم يقطر من كمي.

قرأت في «كتاب المأثور في ملح الخدور» تأليف أبي القاسم الحسين بن علي بن الحسين الوزير المغربي ورأيته بخطه قال: ومن ولد أبي الهيجاء أبو محمد الحسن، وأبو الحسن علي: ناصر الدولة وسيفها رحمهما الله، المتجاذبان ملاءة المجد والجاريان على ساقه الكرم والفضل وفي مدحهما يقول أبو العباس أحمد بن محمد الدارمي النامي المصيصي رحمه الله:

بجبلي وائل وركني عزّها

وعارضي أفق نداها المنهمل

توازن القسمان في المجد اعتلى

تساوى العينين في اللحظ اتصل

يا حسن بن المحسنين دعوة للمجد

تدعاها وأخرى للوهل

(2)

ويا علي كم دعاء بك من ثغر

مخوف ورجاء مبتهل

هذا مقامي بين بحرين فلا ثمدا

منحت ظمأي ولا وشل

(3)

(1)

-لمزيد من التفاصيل انظر «الدولة الحمدانية في الموصل وحلب» للدكتور فيصل السامر-ط. بغداد 1/ 232:1970 - 258،240 - 269.

(2)

-الوهل: الفزع، ووهل: ذهب وهمه اليه. القاموس.

(3)

-الوشل: الماء القليل، والثمد الماء القليل لا مادة له وأبو العباس النامي، من شعراء سيف الدولة، وكانت مرتبته بعد مرتبة المتنبي. انظر يتيمة الدهر للثعالبي:1/ 241 - 248.

ص: 2435

ذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني في «كتاب عنوان السير في محاسن البدو والحضر» وقرأته فيه قال: ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن أبي الهيجاء، عبد الله بن حمدان لقبه المتقي لله بهذا اللقب، وهو ثاني من لقب في الدولة (260 - و) ولقب أخاه أبا الحسن سيف الدولة، وولي ناصر الدولة امارة الأمراء ببغداد وواسط في سنة ثلاثين وثلاثمائة وضرب دنانير سماها الأبريزية، وبيع الدينار منها بإثني عشر درهما، وزوج ابنته عدوية من الأمير أبي منصور بن المتقي لله على صداق تعجل منه مائة ألف دينار، كانت إمارته ببغداد ثلاثة عشر شهرا وثلاثة أيام.

وجدت في بعض تعاليقي أن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان، سخط على كاتب له، وألزمه منزله فاستؤمر في إسقاط المقرر له، فقال: إن الملوك يؤدبون بالهجران ولا يعاقبون بالحرمان.

ووقع في رقعة صديق كتب إليه يعتذر من التأخر عن حضرته: أنت في أوسع العذر عند ثقتي بك، وفي أضيقه عند شوقي إليك.

أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي، إذنا عن أبي القاسم بن أحمد عن أبي أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي، إجازة، قال: وكان الناس يكتبون على الدنانير محمد رسول الله، فزاد ناصر الدولة: صلى الله عليه، فكانت هذه منقبة لآل حمدان ما كانت لغيرهم تفرد بها ناصر الدولة. قال: ورأيت له توقيعا على قصة متظلم:

قد نصب الله الحكام وأنفذ أوامرهم على الولاة كما أنفذها على الرعية، ولو كان إلينا تصريفهم في الحكم على مرادنا لكففناهم عما نكره من الأمور المعينة علينا، لكن لا ولاية (260 - ظ) لنا عليهم إلا في الاستبدال بالمتسمح منهم، فإن أعادك إلينا ضعفا لا افتتانا عضدناه بالإمداد وأغنيناه عن الاستنجاد.

قال محمد بن عبد الملك بن الهمذاني في كتاب عنوان السير: ولم يزل، يعني، ناصر الدولة، مستوليا على ديار الموصل وغيرها حتى قبض عليه ابنه أبو تغلب في سنة ست وخمسين وثلاثمائة وكانت إمارته هناك اثنتين وثلاثين سنة، وتوفي يوم الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الاول سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.

ص: 2436

قرأت بخط ثابت بن سنان بن ثابت في جزء وقع إلي بخطه جمع فيه وفاءات الأعيان، قال في ذكر من مات سنة سبع وخمسين وثلاثمائة: الأمير ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان، مات، وهو معتقل في القلعة، اعتقله ابنه أبو تغلب فيها، بذرب عرض له بعقب قولنج، وكانت وفاته يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول، وقد تجاوز في السن ثمانين سنة

(1)

.

‌الحسن بن عبد الله بن حمزة بن أبي الحجاج العدوي:

الشافعي أبو المكارم الدمشقي القاضي، قاضي حلب، فقيه فاضل حسن الست كثير الصلاح (261 - و) والخير، ولي القضاء بحلب خلافة عن شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وكان سمع الحديث بدمشق من الفقيه أبي محمد عبد الرحمن بن علي بن المسلم الحرقي وحدث بحلب بشيء يسير، ولم يتفق لي سماع شيء منه، وروى لنا عنه أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي، وكان يدرس بدمشق، بالمدرسة الظاهرية على الشرف الأعلى ظاهر دمشق

(2)

، واستدعاه شيخنا قاضي القضاة أبو المحاسن واستنابه في القضاء بحلب، وفوض إليه تدريس الفقه على مذهب الامام الشافعي بالمدرسة النورية الشافعية المعروفة بمدرسة النفري

(3)

، وتقدم عند الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وسيره رسولا عنه الى عمه الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وكان يحضره المشورة في آخر أمره.

وأخبرني قاضي القضاة زين الدين أبو محمد بن شيخنا عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان أن مولد القاضي أبي المكارم بن أبي الحجاج في سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وذكر لي أنه أخبره بذلك.

أخبرنا أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي قال: أخبرنا القاضي نجم الدين أبو المكارم الحسن بن عبد الله بن حمزة بظاهر دمشق قال: أخبرنا الفقيه أبو محمد

(1)

-لمزيد من التفاصيل انظر «الدولة الحمدانية في الموصل وحلب» 266 - 269.

(2)

-كانت خارج باب النصر بمحلة المنيبع، وقد درست آثارها وخفي محلها الان منادمة الاطلال:116 - 117.

(3)

-انظر الأعلاق الخطيرة-قسم حلب:96.

ص: 2437

عبد الرحمن بن علي الخرقي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال:

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السلمي قال: أخبرنا أبو بكر جدي محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا محمد بن خازم أبو معاوية الضرير عن سلام أبي شرحبيل (261 - ظ) عن حبه بن خالد وسواء بن خالد قالا: دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعالج شيئا فأعناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتأسا من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما، فان الانسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشر ثم يرزقه الله تعالى

(1)

.

توفي القاضي أبو المكارم بن أبي الحجاج بحلب يوم السبت ثالث عشر شهر ربيع الاول من سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ودفن خارج مدينة حلب بالقرب من مقام ابراهيم عليه السلام، في تربة معروفة به.

وحدثني شيخنا ضياء الدين صقر بن يحيى بن صقر الشافعي أنه حضر وفاته، وأنه التفت إليه قبل موته وقال:«أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ» قال: فقرأت أنا بعدها:

«الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ}

(2)

»، قال: فجعل يكررها معي مرارا ومات، قال: وكان يقول عند موته في كل وقت: لا إله إلا الله، يقوى بها فاه من قلب مخلص.

‌الحسن بن عبد الله بن سعيد الحراني:

حدث بحلب

(3)

.

سمع منه بها، وروى عنه أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن الحسن الشهرزوري المالكي عابر الأحلام.

‌الحسن بن عبد الله بن صالح:

أبو الفتح الأصبهاني الكاتب الكيا كاتب بليغ وقفت له على رسالة الى أبي المظفر الآذري ذكر له موت سلطانه الذي كان يخدمه وأنه ألزم بعده بتولي أمر

(1)

-انظره في كنز العمال:/506.

(2)

- سورة المؤمنون-الآيتان:10 - 11.

(3)

-فراغ بالاصل لم يذكر ابن العديم عمن ومتى.

ص: 2438

الملك، فمن الرسالة ما قرأته بخط الحافظ السلفي قال: واعلم أنه أدام الله نعمته لقي أمما وشاهد عربا وعجما، لكنه لم يلق فيهم مثل نفسه، ولم يصادف إلا قاصرا عن محاسنه، فقيرا الى اقتباس فضله، وليت شعري هل أعجبته تلك الديار، وهل عظمت في همته العظيمة تلك الآثار، وهل تأمل وثاقه سور حلب، وجودة موقع الحصن من البلدة، فما كان يصلح إلا له، وما كنت تصلح إلا لها.

قال: وأعظم من ذلك كله في نفسي وأشدها إتعابا لفكري وأكثرها مؤونة ونفقة بحدسي ملعب إقامته، ولقد درت فيها مرارا، وقلبت فكري في المراد منها صعودا وانحدارا، تأملت ذلك البناء الهائل تأملا شافيا، وأرسلت طرفي في عجائبه فعاد حائرا خاسئا، ولم ينكشف لي الى هذه الغاية حقيقة المغزى منها وبها، نعم هل انجذب الى مغناطيس فضله شعراء معرة النعمان، فإني لم ألق فيها إلا شاعرا حتى قدرت عوامهم لو شاؤوا لخرج كلامهم في تعاملهم وتجاوزهم موزونا مقفى لوفور عدد الشعراء فيها، ومواتاة الوزن والمعاني الجيدة طبع أهليها، وأظنها تولد الشعراء طبعا وخلقة، كما تولد بعض الترب أحرار النقول خلصه فيها وجبله، وهل أدرك أبا العلاء المعري المحجوب، حجب الله عنه السوء، وهو أديبهم الراجح وعالمهم الفاضل، وشاعرهم البارع، وعهدي به راجعا من بغداد ولم يصبح بجانبي ليله نهار، ولم يقع على شبابه لوقائع الدهر غبار، وذكر تمام الرسالة.

وكان أبو الفتح هذا قد قرأ على أبي الحسين أحمد بن فارس، وكان بينه وبين أبي القاسم بن المغربي مكاتبات.

‌الحسن بن عبد الله بن الفضل بن محمد بن نوفل

(1)

:

الحلبي أبو المحاسن بن أبي عبد الله، من بيت الكتابة والرئاسة والتقدم، وكان شيخا حسنا بهي المنظر، وله شعر حسن، اجتمعت به بحضرة والدي، ولم أسمع منه شيئا من نظمه، وأنشدنا عنه ابنه أبو غانم:

(1)

-أثبت ابن العديم بالاصل ترجمة الحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو بعد ترجمة الكاتب الكيا، لكنه كتب في بدايتها: تؤخر، وكتب قبلها أيضا «الحسن بن عبد الله بن الفضل بن نوفل» وكتب في نهاية ترجمة الحسن بن عبد الله بن الفضل «بعده الحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو» ، وبناء عليه أعيد الترتيب.

ص: 2439

أنشدني كمال الدين أبو غانم الفضل بن الحسن بن عبد الله بن الفضل بن نوفل، بالراموسة قرية على باب حلب، قال: أنشدني والدي أبو المحاسن لنفسه، ثم سير إلي دفترا بخط والده من شعره، فقرأت الأبيات، التي أنشدني، فيه من خطه:

من ساءه أن بات في أسر الهوى

قلق الجوانح دامي الأماق

فلقد غدوت وقد سبتني أعين

الأتراك مسرورا بشد وثاقي

ها مهجتي فلتفعل الأخلاق ما شاءت

فمحمول على الأحداق

أحسن بهن إذا انتقبن أهلة

تكسو البدور التم ثوب محاق

وإذا أسفرت فما الشموس طوالعا

في الغاية القصوى من الاشراق

ناهيك من حسن بغير تصنع

لكنه من صنعة الخلاق

وأنشدني أبو غانم الفضل الكاتب لوالده أيضا:

إذا ما سألت المرء يوما فلا تكن

لجوجا فحرمان الفتى في لجاجه

(264 - و)

وكن قائلا ما تسمعن من معاذر

ففاعل هذا مدرك نيل حاجه

توفي أبو المحاسن الحسن بن نوفل بحلب سنة اثنتين وستمائة، ودفن في المقابر خارج باب أنطاكية.

‌الحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو:

ابن سعيد بن محمد بن داوود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة ابن أنور بن أرقم بن أسحم، وقيل أنور بن أسحم بن النعمان، وهو الساطع بن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم اللات، أبو حمزة الفقيه الحنفي المعري التنوخي القاضي، قاضي منبج، أخو أبي القاسم المحسن بن عبد الله، وكان فقيها مجيدا، حنفي المذهب، راويا للحديث، قرأت بخطه في كتاب خلق الانسان للأصمعي: حدثني أبو الحسن علي بن نصر البرنيقي، قراءة عليه، قال:

ص: 2440

حدثنا ابراهيم بن بسام (262 - و) قال: حدثنا علي بن سليمان الأخفش فذكر الكتاب الى آخره.

نقلت من خط القاضي أبي البيان محمد بن عبد الرزاق بن أبي حصين قاضي حمص في أشعار جد أبيه أبي القاسم المحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو، وأنبأنا شيخنا أبو اليمن الكندي عنه قال: وكان أخوه القاضي أبو حمزة الحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو رحمهم الله، يتولى الحكم في منبج ويستنيب فيه، فوصله قوم منهم، يسومونه المسير إليهم للنظر في أمورهم فقال:

يا أخي دعوة إذا غبت عني

لم أجد من يلفظها أدعوه

أن امرءا هو السبيل الى

الفرقة أمر مرضيه مكروه

كنت أرجوك للحياة وللموت

فمن لي بعد ذا أرجوه

أنا أشكو الكتب التي أنا

أفدي كاتبيها من كل ما حذروه

منعتني من امتناعي من الفرقة

حتى رضيت لي ما رضوه

يؤثر الناس من يعزون بالمال

إذا عز في الورى باذلوه

فيمسون موثرين على أنفسهم

من جميل ما فعلوه

وأنا مؤثر أولئك بالنفس

جزاء على الذي قدموه

لو سواهم دعاك للبين

ما كان جوابي له سوى فض فوه

فامض لا واحدا ولكن قلبي لك

ثان ومهجتي تتلوه

واقض أوطارهم ولا تنس

أوطانك لو ضاعفوا الذي أظهروه

(262 - ظ)

فالفتى بيّن الكآبة إما بات

عنه في عيشه أهلوه

كيف يلتذ بالمسرة من غيّب

عن أرضه وغاب أخوه

إنني أشتكي الى الله ما قيض

من بيننا ولا أشكوه

قرأت على الحسن بن عمرو بن دهن الخصا الموصلي، بالمسجد الجامع بحلب، قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد بن الطوسي قال:

ص: 2441

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي قال: أنشدنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري لنفسه في أبي حمزة الفقيه:

غير مجد في ملتي واعتقادي

نوح باك ولا ترنم شاد

منها:

وقبيح بناء إن قدم العهد

هوان الآباء والأجداد

سر إن اسطعت في الهواء رويدا

لا اختيالا على رفات العباد

رب لحد قد صار لحدا مرارا

ضاحك من تزاحم الأضداد

ودفين على بقايا دفين

في طويل الأزمان والآباد

منها:

أبنات الهديل أسعدن أوعدن

قليل العزاء بالاسعاد

إيه لله دركن فأنتن

اللواتي تحسن حفظ الوداد

ما نسيتن هالكا في الأوان

الخال أودى من قبل هلك اياد

بيد أني لا أرتضي ما فعلتن

وأطواقكن في الأجياد

فتسلبن واستعرن جميعا

من قميص الدجى ثياب حداد

(263 - و)

ثم غردن في المآتم واندبن

بشجو مع الغواني الخراد

قصد الدهر من أبي حمزة الأوّاب

مولى حجى وخدن اقتصاد

وفقيها أفكاره شدن

للنعمان مالم يشده شعر زياد

فالعراقي بعده للحجازي

قليل الخلاف سهل القياد

وخطيبا لو قام بين وحوش

علّم الضاريات بر النقاد

راويا للحديث لم يحوج

المعروف من صدقه الى الاسناد

انفق العمر ناسكا يطلب

العلم بكشف عن أصله وانتقاد

مستقي الكف من قليب زجاج

بغروب اليراع ماء مداد

ذا بنان لا يلمس الذهب الاحمر

زهدا في العسجد المستفاد

ص: 2442

ودّعا أيها الحفيان ذاك

الشخص إنّ الوداع أيسر زاد

واغسلاه بالدمع ان كان

طهرا وادفناه بين الحشا والفؤاد

وا حبواه الاكفان من ورق المصحف

كبرا عن أنفس الابراد

واتلوا النعش بالقراءة والتسبيح

لا بالنحيب والتعداد

اسف غير نافع واجتهاد

لا يؤدي الى غناء واجتهاد

منها:

كيف أصبحت في محلك بعدي

يا جديرا مني بحسن افتقاد

قد أقر الطبيب عنك بعجز

ويقضى تردد العواد

وانتهى اليأس منك واستشعر

الواجد أن لا معاد حتى المعاد

هجد الساهرون حولك للتمريض

ويح لأعين الهجاد

(1)

أنت في أسرة مضوا غير

مغرورين من عيشة بذات ضماد

(263 - ظ)

توفي أبو حمزة الفقيه الحنفي قبل الأربعمائة.

تم الجزء السابع والاربعون والمائة، ويتلوه في أول الثامن والاربعين والمائة الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي أبو سعيد القاضي النحوي.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجبين وسلم تسليما دائما كثيرا. (264 - ظ).

(1)

-انظر تعريف القدماء بأبي العلاء:28 - 29.

ص: 2443

‌الحسن بن عبد الله بن المرزبان:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أبو سعيد السيرافي، القاضي النحوي، كان أبوه مجوسيا يسمى بهزاد، فسماه أبو سعيد عبد الله، وسكن أبو سعيد بغداد وتولى بها قضاء الربع، وقدم حلب على سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان، وجمع بينه وبين أبي علي الفارسي، وجرت بينهما مباحثات في النحو بحلب، وقيل هي كانت سبب وضع أبي علي المسائل الحلبية، وكان أبو سعيد ماهرا في سائر العلوم، علم القرآن والفقه، واللغة والنحو، والكلام وعلوم الشعر، والمنطق والنجوم والحساب، وكان حنفي المذهب زاهدا ورعا وكان يورق بالأجرة، ويكتب خطا حسنا.

قرأ القرآن على أبي بكر بن مجاهد، وقرأ النحو على أبي اسحاق الزجاج وأبي بكر المبرمان، وأبي بكر بن السراج، وروى عن محمد بن منصور بن مزيد بن أبي الازهر، وأبي بكر بن دريد، وأبي عبيد بن خربويه، وعبد الله بن محمد ابن زياد النيسابوري، وأبي علي الكوكبي، قرأ عليه أبو بكر بن مجاهد الحساب، وأبو بكر المبرمان القرآن، وهما شيخاه وروى عنه محمد بن عبد الواحد بن رزمة، والحسين بن محمد بن جعفر الخالع، وعلي بن أيوب القمي، وأبو حيان التوحيدي وشرح كتاب سيبويه وكتاب الايمان لمحمد بن الحسن.

أخبرنا أبو جعفر يحيى بن أبي منصور بن عبد الله بن الدامغاني قال: أخبرنا أبو منصور أبي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوّار قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي بن السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد بن أبي الازهر قال: حدثنا الزبير ابن بكار قال: حدثني ابراهيم الحزامي عن محمد بن معن الغفاري قال: أتت امرأة

ص: 2444

عمر بن الخطاب رحمه الله، فقالت: يا أمير المؤمنين ان زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل واني أكره أن أشكوه، وهو يعمل بطاعة الله فقال: نعم الزوج زوجك، فجعلت تكرر عليه القول، وهو يكرر عليها الجواب، فقال له كعب الاسدي: يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته اياها عن فراشه، فقال له عمر: كما فهمت كلامها فاقض بينهما، فقال كعب: عليّ بزوجها، فأتي به، فقال له: ان امرأتك هذه تشكو، قال: أفي طعام أو شراب؟ قال: لا، فقالت المرأة:

يا أيها القاضي الحكيم رشده

ألهى خليلي عن فراشي مسجده

زهّده في مضجعي تعبده

نهاره وليله ما يرقده

فلست في أمر النساء أحمده

فاقض القضا كعب ولا تردده

فقال زوجها:

زهدني في فرشها وفي الحجل

أني امرؤ أذهلني ما قد نزل

في سورة النمل وفي السبع الطول

وفي كتاب الله تخويف جلل

فقال كعب:

ان لها حقا عليك يا رجل

نصيبها في أربع لمن عقل

فاعطها ذاك ودع عنك العلل (265 - ).

ثم قال: ان الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك ولها يوم وليلة، فقال عمر: والله ما أدري من أي أمريك أعجب أمن فهمك أمرهما، أم من حكمك بينهما، اذهب فقد وليتك قضاء البصرة.

أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد البغدادي، اذنا، قال: أخبرنا أبو منصور ابن خيرون، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب قال: الحسن بن عبد الله بن المرزبان أبو سعيد القاضي السيرافي النحوي، سكن بغداد وحدث بها عن محمد بن أبي الازهر البوشنجي وأبي عبيد بن خربويه الفقيه وعبد الله بن محمد بن محمد بن زياد النيسابوري وأبي بكر بن دريد ونحوهم.

ص: 2445

حدثنا عنه الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة، وعلي بن أيوب القمي، وكان يسكن بالجانب الشرقي، وولي القضاء ببغداد، وكان أبوه مجوسيا اسمه بهزاد، فسماه أبو سعيد عبد الله.

قال الخطيب: سمعت رئيس الرؤساء شرف الوزراء جمال الورى أبا القاسم علي بن الحسن يذكر أن أبا سعيد السيرافي كان يدرس القرآن والقراءات وعلوم القرآن والنحو واللغة، والفقه والفرائض، والكلام والشعر والعروض والقوافي، والحساب، وذكر علوما سوى هذه، وكان من أعلم الناس بنحو البصريين، وينتحل في الفقه مذهب أهل العراق.

قال الخطيب: قال رئيس الرؤساء وقرأ على أبي بكر بن مجاهد القرآن (266 - و) وعلى أبي بكر المبرمان النحو وقرأ عليهما: أحدهما القرآن، ودرس الآخر عليه الحساب قال: وكان زاهدا لا يأكل إلاّ من كسب يده فذكر جدي أبو الفرج عنه أنه كان لا يخرج الى مجلس الحكم، ولا الى مجلس التدريس في كل يوم إلاّ بعد أن ينسخ عشر ورقات، يأخذ أجرتها عشرة دراهم، تكون قدر مؤونته، ثم يخرج الى مجلسه.

قال الخطيب: ذكر محمد بن أبي الفوارس أبا سعيد فقال: كان يذكر عنه الاعتزال، ولم يكن يظهر من ذلك شيئا، وكان نزها عفيفا جميل الامر حسن الاخلاق

(1)

.

قرأت بخط أبي الحسن سالم بن علي بن تميم الحلبي في مختصر تاريخ النحويين لمحمد بن الحسن الزبيدي: أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي، وهو الذي فسر كتاب سيبويه، وكان يننحل علم المجسطي واقليدس والمنطق، ويتفقه لأبي حنيفة، وهو من أصحاب الجبائي

(2)

وكان ينزل الرصافة

(3)

.

(1)

- تاريخ بغداد:7/ 341 - 342.

(2)

-هو محمد بن عبد الوهاب، أبو علي، من أئمة المعتزلة، ورئيس علماء الكلام في عصره، واليه نسبت الطائفة الجبائية. توفي سنة 303 هـ /916 م. الاعلام للزركلي.

(3)

-رصافة بغداد.

ص: 2446

قال لي تاج الدين أحمد بن هبة الله بن الجبراني النحوي الحلبي: قدم أبو سعيد السيرافي حلب، وجمع سيف الدولة بن حمدان بينه وبين أبي علي الفارسي، وجرت بينهما مسائل، وهي كانت سبب وضع أبي علي الفارسي المسائل الحلبية، قال وكان قاضي الربع ببغداد.

قرأت في «كتاب الانتصار المنبي عن فضائل المتنبي (إ)»

(1)

تأليف أبي الحسن محمد بن أحمد المغربي، قال في أثناء الكتاب في ذكر أبي سعيد السيرافي، أنه كان مؤدب الامير أبي اسحاق بن معز الدولة (266 - ظ) أبي الحسين، وقال: يوشك أن يكون حدثني المعروف بابن الخزاز الوراق بالكرخ ببغداد، وأبو بكر القنطري وأبو الحسين الخراساني وهما وراقان أيضا من جلة أهل هذه الصناعة، أن أبا سعيد اذا أراد بيع كتاب استكتبه بعض تلامذته حرصا على النفع منه ونظرا في دق المعيشة كتب في آخره، وان لم ينظر في حرف منه، قال الحسن بن عبد الله: قد قرئ هذا الكتاب عليّ وصح، ليشترى بأكثر من ثمن مثله.

قلت: وهذا بعيد من أبي سعيد على زهده وورعه.

قرأت في رسالة في تقريظ أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ تأليف أبي حيان على بن محمد بن العباس التوحيدي ذكر في أولها أنه لقي جماعة من الشيوخ العلماء وأنهم كانوا يقرظون الجاحظ، فذكر منهم جماعة وقال: ومنهم أبو سعيد السيرافي شيخ الشيوخ، وامام الائمة معرفة بالنحو والفقه، واللغة والشعر، والغريب والعروض والقوافي، والقرآن والفرائض، والحديث والشروط، والكلام والحساب والهندسة، أفتى في جامع الرصافة خمسين سنة على مذهب أبي حنيفة فما وجد له خطأ ولا عثر منه على زلة، وقضى ببغداد، وشرح كتاب سيبويه في ثلاثة آلاف ورقة ومائتي ورقة بخطه في السليماني فما جاراه فيه أحد، ولا سبقه الى تمامه انسان، هذا مع الثقة والامانة والديانة والرزانة صام أربعين سنة وأكثر الدهر كله، قال لنا الاندلسي: فارقت بلدي في أقصى المغرب طلبا للعلم ومشاهدة العلماء، فكنت الى أن دخلت بغداد ولقيت أبا سعيد وقرأت عليه كتاب سيبويه نادما سادما، في اغترابي

(1)

-لم أقف على نسخة منه.

ص: 2447

عن أهلي ووطني، من غير جدوى في علم، أو حظ من دنيا، فلما سعدت برؤية هذا الشيخ، علمت أن سعيي قرن بسعدي وغربتي اتصلت ببغيتي، وأن عنائي لم يذهب هدرا وان رجائي لم ينقطع يأسا، قلت: هذا الاندلسي كنيته أبو محمد.

قرأت بخط القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني قال أبو حيان: وقد سأله الوزير فقال: أين أبو سعيد السيرافي من أبي علي، واين علي بن عيسى منهما، وأين ابن الراعي أيضا من الجماعة وفلان وفلان، فكان من الجواب: أبو سعيد أجمع لشمل العلم، وأنظم لمذاهب العرب، وأدخل في كل باب، وأخرج من كل طريق، وألزم للجادة الوسطى في الدين والخلق، وأروى للحديث، وأقضى في الأحكام، وأفقه في الفتوى وأحضر بركة على المختلفة، وأظهر أثرا في المقتبسة، ولقد كتب اليه نوح بن نصر

(1)

، وكان من أدباء ملوك آل سامان سنة أربعين كتابا خاطبه فيه بالامام، وسأله عن مسائل تزيد على أربعمائة، الغالب عليها الحروف وما أشبهها، وباقي ذلك أمثال مصنوعة عن العرب شك فيها، فسأل وكان كتابه مقرونا بكتاب الوزير التغلبي خاطبه فيه بإمام المسلمين (267 - و) ضمنه مسائل في القرآن وأمثالا للعرب مشكلة، وذكر كتبا كثيرة، وترددت اليه، ثم قال: وأبو علي فأشد تفردا بالكتاب وأكثر اكبابا عليه، وأبعد من كل ما عداه، مما هو علم الكوفيين وما تجاوز في اللغة كتب أبي زيد

(2)

وأطرافا مما لغيره: وهو يتقد بالغيظ على أبي سعيد بالحسد له كيف تم له تفسير كتاب سيبويه من أوله الى آخره بغريبه وشواهده وأمثاله وأبياته، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لأن هذا شيء ماتم للمبرد ولا للزجاج والسراج، ولا لابن درستويه مع سعة علمهم، وفيض نيلهم، ولأبي على أطراف من الكلام أجاد فيها، وحدثني بعض أصحابنا انه اشترى من شرح أبي سعيد بالاهواز في توجهه الى بغداد لاحقا بالخدمة الموسومة به والندامة الموقوفة عليه بألفي درهم، وكان أصحابه يأبون الاقرار به إلاّ من يزعم أنه أراد النقض عليه، واظهار الخطأ فيه، وكان الملك السعيد رضي الله عنه هم بالجمع بينهما فلم يقض ذلك لان أبا سعيد مات في رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائه، وأبو علي يشرب ويتخالع

(1)

-أمير الدولة السامانية (331 - 343 هـ -/943 - 954 م).

(2)

-سعيد بن أوس (119 - 215 هـ -737 - 830 م) أحد أئمة الادب واللغة من أهل البصرة ووفاته بها وهو من ثقات اللغويين. الاعلام للزركلي.

ص: 2448

ويفارق هدى أهل العلم وطريقه الديانين وعبادة المتنسكين، وأبو سعيد يصوم الدهر ولا يصلي إلاّ في جماعة ويقيم على مذهب أبي حنيفة، ويلي القضاء سنين ويتأله ويتحرج، وغيره بمعزل من هذا، ولولا الابقاء لحرمة (267 - ظ) العلم لكان القلم يجري بما هو خاف، ولكن الأخذ بحكم المروة أولى والاعراض عما يوجب اللائمة أحرى، وكان أبو سعيد حسن الحظ، ولقد أراده الصيمري أبو جعفر على الانشاء والتحرير، فاستعفى، وقال هذا أمر يحتاج فيه الى دربه، وأنا عار منها، والى سياسة وأنا غريب فيها:

ومن العناء رياضة الهرم.

قال: وحدثنا النفري أبو عبد الله، وكان يكتب النوبة للمهلبي بحديث مقيد لأبي سعيد قال: كنت أخط بين يدي الصيمري أبي جعفر محمد بن أحمد

(1)

، فالتمسني يوما لأن أجيب ابن العميد أبا الفضل عن كتاب فلم يجدني، وكان أبو سعيد بحضرته فبان أنه بفضل العلم أقوم بالجواب من غيره، فتقدم اليه أن يكتب ويجيب، فأطال في عمل نسخه كثر فيها الضرب والاصلاح، ثم أخذ يحرر والصيمري يقرأ ما يكتبه، فوجده مخالفا لجاري العادة، لفظا مبانيا لما يؤثره ترتيبا، قال:

ودخلت في تلك الحال فتمثل الصيمري.

يا باري القوس بريا ليس يصلحه

لا تظلم القوس واعط القوس باريها

ثم قال لأبي سعيد: خفف عليك أيها الشيخ، وادفع الكتاب الى أبي عبد الله تلميذك ليجيب عنه، فخجل من هذا القول، فلما ابتدأت من غير نسخة تحير مني أبو سعيد، ثم قال للصيمري: أيها الاستاذ ليس بمستنكر ما كان مني، ولا مستكثر ما كان منه، ان مال الفيء لا يصح الا من (268 - و) مستخرج وجهبذ في بيت المال، والكتاب جهابذة الكلام، والعلماء مستخرجوه، فتبسم الصيمري وأعجبه ما سمع، وقال: على كل حال ما أخليتنا من فائدة، وكان أبو سعيد بعيد القرين، لأنه كان يقرأ عليه القرآن والتفسير والفقه والفرائض والشروط والنحو واللغة

(1)

-كان الصيمري كاتب معز الدولة البويهي ومستشاره ووزيره، كان حسن التدبير شجاعا (ت:339 هـ /950) الاعلام للزركلي.

ص: 2449

والعروض والقوافي والحساب والهندسة والشعر والحديث والاخبار وهو في كل هذا اما في الغاية واما في الوسط، واما على بن عيسى فعلى الرتبة في النحو واللغة والكلام، والعروض، والمنطق بل أفرد صناعة، وأظهر براعة، وقد عمل في القرآن كتابا نفيسا، هذا مع الدين المتين، والعقل الرصين، واما ابن المراغي ما يلحق هؤلاء مع براعة اللفظ وسعة الحفظ، وقوة النفس وظل الدين وغزارة النفث، وكثرة الرواية.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي-اذنا ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: سمعت الصوري-يعني أبا عبد الله الحافظ -يقول: حدثني من أثق به عن أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي أنه قال: حضرت مجلس أبي بكر ابن مجاهد أول ما حضرت وهو يملي، فجلست في أخريات الناس، فقال المستملي:

واجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف، فقلت: كسني

(1)

يوسف فلم يفهم عني، فقمت قائما فأعدت القول، فقال ابن مجاهد: من هذا فأشاروا الي فتطاولت، وكان أبو سعيد دميما (268 - ظ) حقير المنظر، فقلت: كسني يوسف، فاستدعاني وقربنى اليه، فتحصلت في أعلى المجلس بعد أن كنت في أدناه، وقال الصوري في هذا المعنى:

اذا المرء لم يعرف له قدر مثله

فأصبح مغموضا له حق فضله

فلا بأس أن يثنى بصالح فعله

وما خصه ذو الفضل منه بفضله

قرأت بخط أبي محمد الحسن بن فارس بن زكريا اللغوي، مما أخذه عن أبي الحسين بن فارس، قال: وعرض على الشيخ أبي الحسين تفسير الابيات في كتاب اصلاح المنطق لابن السكيت، من تصنيف أبي محمد بن أبي سعيد السيرافي، فنظر فيه مليا ثم ارتضاه، وأثنى على أبي محمد، ثم قال: أنا أفضله في الغريب على أبيه أبي سعيد رحمه الله، ومدة مقامي بمدينة السلام كان عندي، فقيل للشيخ أبي

(1)

-كتب ابن العديم فوق الياء «قف» .

ص: 2450

الحسين: يقال أن أبا سعيد كان في الغريب يرجع اليه ولا يأنف، فقال الشيخ أبو الحسين: وليس ذلك بعيب، ولكن في هذا الزمن قوم يقدرون أنه لا يتبين فضل الرجل وعلمه وأدبه الا بنقصه الآخر.

ونقلت من خطه أيضا: قلت للشيخ أبي الحسين أيده الله: لماذا لم تشاهد علي ابن عيسى حين دخلت بغداد، فقال: انما تركته لمكان أبي سعيد السيرافي رحمه الله كرهت أن يستوحش منه مع ان علي بن عيسى كان يشكوني، وأبو سعيد رحمه الله في النحو كان من الكبار (270 - و) المتقدمين وأما علي بن عيسى فقد نظرت في علمه ولست استحسنه، فقلت له: قيل انه هو أسن من أبي سعيد؟ فقال: نعم كذا قيل والسلام.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: حدثت عن أبي الحسن محمد بن العباس بن الفرات قال:

كان أبو سعيد السيرافي عالما فاضلا منقطع النظر في علم النحو خاصة، وكانت سنه يوم توفي ثمانين سنة

(1)

.

قرأت في تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري: وفيها-يعني سنة أربع وستين وثلاثمائة-توفي أبو سعيد السيرافي ببغداد، كذا قال أبو غالب، وقد حكينا عن أبي حيان التوحيدي أنه مات سنة ثمان وستين وثلاثمائة في رجب وهو الصحيح، وقد تابعه على ذلك هلال بن المحسن الصابئ وأبو القاسم الازهري.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-اذنا-قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر الثابتي قال: حدثني هلال بن المحسن قال: توفي القاضي أبو سعيد السيرافي في يوم الاثنين الثاني من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة عن أربع وثمانين سنة.

وأخبرنا أبو اليمن الكندي-فيما أجازه لي-قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني الازهري قال: توفي أبو سعيد

(1)

- تاريخ بغداد:1/ 342.

ص: 2451

السيرافي بين صلاتي الظهر والعصر في يوم الاثنين الثاني من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة الخيزران بعد صلاة العصر من هذا اليوم

(1)

.

وقرأت بخط الحافظ السلفي، وذكر أنه نقله من خط علي بن عبد الله بن الحسين بن عبد الملك بن الفضل الدبيقي، قال: ومات أبو سعيد السيرافي في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.

كذا قال والصحيح ما حكيناه عن أبي حيان وابن الصابئ والازهري.

(270 - ظ).

‌الحسن بن عبد الله بن منصور بن حبيب بن ابراهيم:

أبو علي الانطاكي، المعروف بالبالسي، من أهل بالس، وسكن أنطاكية، فنسب اليها، حدث عن الهيثم بن جميل الانطاكي، ومحمد بن كثير الصنعاني، وموسى بن أيوب النصبيي، واسحاق بن ابراهيم الحنيني، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن محمد الكرماني، وموسى بن داوود القاضي، ومحمد بن المبارك الصوري.

روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن الوليد بن أبي هشام، وأبو العباس محمد بن جعفر بن محمد بن ملاس النميري، وأبو العباس أحمد بن الحسين بن علي ابن زبيدة، وأبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة، وأبو عبد الله الحسين بن محمد ابن غوث، وأبو العباس أحمد بن عيسى بن محمد المكتب، وأبو الحسن يوسف ابن عبد الاحد، وأبو العباس القاسم بن عبد الله بن ابراهيم الكلاعي، ومكحول البيروتي، وأبو الجهم بن طلاب وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم الرازي، وموسى بن عبد الله بن وردان، والباهلي، وغسان بن أبي غسان القلزمي، وأبو جعفر الطحاوي الامام.

أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي قراءة عليه بدمشق قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن الفضل بن أحمد سمكويه الخياط قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن

(1)

- الخطيب البغدادي- المصدر نفسه.

ص: 2452

الفضل الباطرقاني قال: حدثنا محمد بن الحسن بن يوسف الامام قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم الرازي قال: حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور الانطاكي قال: حدثنا موسى بن داوود عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران (271 - و) عن حنش عن ابن عباس قال: ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، ونبئ يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين، وكان فتح بدر يوم الاثنين، وأنزلت المائدة يوم الاثنين «اليوم أكملت لكم دينكم»

(1)

، ورفع الركن يوم الاثنين، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين

(2)

.

قال الحافظ أبو القاسم: والمحفوظ أن نزول المائدة «اليوم أكملت لكم دينكم» ووقعة بدر كانا يوم الجمعة

(3)

.

أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي، اجازة، قال: أنبأنا أبو اسحاق الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مرزوق قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي بن جابر قال: حدثنا الباهلي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عبد الله البالسي قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا أبو هلال الراسبي عن عبد الله بن بريدة قال: قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: احياء العلم المذاكرة، وآفته النسيان، واضاعته أن يحدث به من ليس له بأهل.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: كتب الي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وأخبرنا أبو بكر اللفتواني عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: الحسن بن عبد الله بن منصور يعرف بالبالسي سكن (271 - ظ)

(1)

- سورة المائدة: الآية:3.

(2)

-انظره في كنز العمال:12/ 35522.

(3)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 235 و- ظ. حيث ترجم للبالسي دون ايراد هذين الخبرين.

ص: 2453

انطاكية، وأصله من أهل بالس، قدم الى مصر سنة ثمان وخمسين ومائتين فحدث عن الهيثم بن جميل وغيره.

أنبأنا عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد عن أبيه أبي سعد عبد الكريم السمعاني قال: والحسن بن عبد الله بن منصور البالسي سكن أنطاكية، ذكره فيمن هو من بالس

(1)

.

أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال: الحسن بن عبد الله بن منصور ابن حبيب بن ابراهيم، أبو علي الانطاكي المعروف بالبالسي، حدث بدمشق، ومصر، عن الهيثم بن جميل، واسحاق بن ابراهيم الحنيني وموسى بن داود، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن محمد الكرماني، ومحمد بن كثير الصنعاني، وموسى بن أيوب النصيبي.

روى عنه أبو العباس بن ملاس، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الوليد بن أبي هشام، وأبو العباس أحمد بن الحسين بن علي بن زبيدة، وأبو عبد الله الحسين بن محمد ابن غوث، وأبو العباس القاسم بن عبد الله بن ابراهيم الكلاعي وأبو الجهم بن طلاب، ومكحول البيروتي، وأبو العباس أحمد بن عيسى بن محمد المكتب المعروف بالوشاء، وأبو الحسن يوسف بن عبد الاحد، ومحمد بن اسحاق بن خزيمة

(2)

.

قرأت بخط أبي طاهر السلفي، وأنبأنا به عنه جماعة من شيوخنا قال: الحسن ابن عبد الله بن منصور البالسي حدث عن محمد بن المبارك الصوري، والهيثم بن جميل، وموسى بن داود وغيرهم. روى عنه أبو جعفر الطحاوي بمصر، وغسان بن أبي غسان القلزمي بالقلزم

(3)

.

‌الحسن بن عبد الله النهاوندي:

شاعر سمع بحلب أبا عبد الله الحسين بن خالويه، وروى عنه أبياتا ذكرناها في ترجمة الصنوبري روى عنه أبو الجوائز الواسطي

(4)

.

(1)

- الانساب:63 - ظ.

(2)

-ابن عساكر-المصدر نفسه.

(3)

-القلزم هي السويس الحالية.

(4)

-لم أهتد الى معرفته.

ص: 2454

أخبرنا أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد الطوسي، في كتابه الينا من الموصل غير مرة، قال: أخبرنا عمي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو منصور عبد المحسن بن علي بن محمد البغدادي قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أنشدنا أبو الجوائز الواسطي قال: أنشدني أبو علي الحسن بن عبد الله النهاوندي الاديب لنفسه، في أمرد نصراني، واسمه عيسى:

دعني أمر لطيتي

لا تعقلن مطيتي

أتميتني عشقا

وأنت سمى محيي الميت

تقبيل وجهك منيتي

ولو أن فيه منيتي

سهل علي مناله

لكن بلائي عفتي

‌الحسن بن عبد الاعلى البياسي:

من أهل بياس بلدة من الثغور الشامية.

حدث عن عبد الرزاق

(1)

روى عنه أحمد بن شعيب بن عبد الاكرم الانطاكي.

أخبرنا يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم ابن أحمد بن محمد بن محمد بن الاخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد الحسن بن محمد بن سليم قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي.

وقالت عين الشمس-اجازة-قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي، وأبو الفتح الكاتب قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا أحمد بن شعيب بن عبد الاكرم الانطاكي، وكان يقال انه من الأبدال قال: حدثنا الحسن بن عبد الاعلى البياسي قال: (272 - ظ) حدثنا عبد الرزاق عن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا رأى الغيث قال: اللهم شيئا نافعا

(2)

.

‌الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن علي بن جبير:

أبو محمد البزاز النهاوندي.

(1)

-الامام عبد الرزاق بن همام الصنعاني صاحب المصنف.

(2)

-انظر الجامع الصغير للسيوطي:2/ 334 (6691).

ص: 2455

سمع بحلب صالح بن علي النوفلي، وروى عنه وعن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني الرقي، وسليمان بن عبد الحميد الحمصي البهراني.

روى عنه القاضي أبو الحسن علي بن الحسن الجراحي.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن علي جبير، أبو محمد البزاز النهاوندي، سكن بغداد، وحدث بها عن صالح بن علي النوفلي الحلبي، وعبد الملك بن عبد الحميد الميموني الرقي، وسليمان بن عبد الحميد البهراني الحمصي، روى عنه القاضي أبو الحسن الجراحي

(1)

.

‌الحسن بن عبد الرزاق:

ابن عبد الوهاب بن الخضر بن عبد الوهاب بن محمد بن عجلان البالسي، القاضي، أبو مسلم، قاضي الرقة.

حدث عن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني. روى لنا عنه أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي.

أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا القاضي أبو مسلم الحسن بن عبد الرزاق ابن عبد الوهاب بن الخضر بن عبد الوهاب بن محمد بن عجلان البالسي-بقراءتي عليه بالرقة-قلت له: أخبركم محمد بن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني قراءة عليه وأنت تسمع، فأقر به، ع.

وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا محمد بن محمد الكشميهني بحلب قال: حدثنا أبو بكر محمد بن منصور بن (273 - و) محمد بن عبد الجبار السمعاني-املاء-قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه -بأصبهان-قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المعدّل مع جماعة قالوا: حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قال:

(1)

- تاريخ بغداد:7/ 337.

ص: 2456

حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن الاوزاعي، عن حسان بن عطيه، عن أبي كبشة، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار

(1)

.

‌ذكر من اسمه عبد الكريم في آباء من اسمه الحسن

‌الحسن بن عبد الكريم بن جعفر بن المهذب:

أبو محمد المعري القاضي ولي قضاء سرمين، وكان حنفي المذهب فقيها.

نقلت عن ظهر كتاب الشروط لابي جعفر الطحاوي، أظنه بخط أبي صالح محمد ابن المهذب المعري: وصل القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الكريم بن جعفر بن المهذب الى سرمين مستهل شعبان من سنة ثلاث وستين وأربعمائة وبيده تقليد القضاء بناحية سرمين وأعمالها، والعلامات السلطانية عليه، وهو مؤرخ في النصف من رجب.

يريد بالعلامات السلطانية علامة السلطان ألب أرسلان الملقب بالعادل.

‌الحسن بن عبد الكريم:

أبو الربيع الساحلي اليمامي، غزا بلاد الروم (273 - ظ) واجتاز بحلب، أو ببعض عملها في غزاته.

حدث عن أبي روق الهزاني، وأبي علي الصحاف، والمنتصر بن محمد الديباجي وواهب بن يحيى المازني، وعلي بن الحسن القاضي، ومحمد بن حمدويه.

روى عنه أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن ادريس الاسترباذي الحافظ، وذكره في تاريخ سمرقند وقال: الحسن بن عبد الكريم أبو الربيع اليمامي الساحلي كهل ورد علينا سمرقند من ناحية أسفيجاب

(2)

مع الغزاة متوجها الى قتال الروم، كان فاضلا من أصحاب الحديث يحفظ ويعلم، ويروى عن واهب بن يحيى المازني البصري، وأبي علي أحمد بن محمد بن ابراهيم الصحاف

(1)

-انظره في كنز العمال:10/ 29175.

(2)

-من أعيان بلاد ما وراء النهر في حدود تركستان. معجم البلدان.

ص: 2457

الاصبهاني، وأبي روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني البصري ومحمد بن حمدويه ابن سهل المروزي، والمنتصر بن محمد بن المنتصر الديباجي، وعلي بن الحسن القاضي الشاوغري. كتبنا عنه مات بأسفيجاب في رجب سنة تسع وستين وثلاثمائة.

‌ذكر من اسمه عبد الواحد في آباء من اسمه الحسن

‌الحسن بن عبد الواحد بن عبد الاحد بن معدان الحراني:

أبو عبد الله الشاهد.

حدث عن أبي يوسف بن القاسم الميانجي، روى عنه أبو محمد عبد العزيز ابن أحمد الكتاني. وذكره أبو القاسم الدمشقي في تاريخ دمشق، ففي طريقه من حران الى دمشق، دخل حلب أو بعض عملها. (274 - و).

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله-فيما أذن لنا ان نرويه عنه-قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد هبه الله بن احمد قال: حدثنا عبد العزيز ابن احمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن عبد الواحد بن عبد الاحد بن معدان الحراني-قراءة عليه-قال: حدثنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال: حدثنا أبو الوليد والحوضي، قالا:

حدثنا شعبة قال: أخبرني عبد الله بن دينار قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله: كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار

(1)

.

أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال الحسن بن عبد الواحد بن عبد الأحد بن معدان، أبو عبد الله الحراني الشاهد، حدث عن الميانجي، روى عنه عبد العزيز الكتاني

(2)

.

‌الحسن بن عبد الواحد بن أحمد:

أبو محمد الأنصاري العين زربي، من أهل عين زربه، فقيه له تصانيف على مذهب الشيعة، منها «عيون الأدلة»

(3)

قرأ الفقه على ابن الميراج، وعلى أبي جعفر

(1)

-انظره في كنز العمال:4/ 9697.

(2)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 236 - ظ.

(3)

-ذكره صاحب الذريعة الى تصانيف الشيعة:15/ 376 بقوله «عيون الادلة -الاثني عشر جزء في الكلام» . وقد تعذر عليه قراءة اسمه ولقبه بشكل صحيح.

ص: 2458

الطوسي، مولده سنة ست وعشرين وأربعمائة، وتوفي ليلة الاثنين السادس من صفر سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

‌الحسن بن عبد الوهاب بن علي الصائغ:

أبو علي، وقيل أبو محمد، المقرئ (274 - ظ) الحلبي، حدث بحلب عن أبي العباس منير بن أحمد بن الحسن الخلال، سمعه بمصر، وعن أبي عمرو عثمان ابن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي، سمعه بحلب، وعن احمد بن محمد بن القاسم الأنماطي، روى عنه شيخ الاسلام أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف الهكّاري، وأبو سعد اسماعيل بن علي السمان.

أنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري عن أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري قال: حدثني أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك قال: أخبرنا أبو سعد السمان قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عبد الوهاب بن علي الصائغ بحلب، بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي، قال.

حدثنا أبو عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن مبارك بن الحسن عن محمد بن سيرين عن سعد ابن مالك قال: قلت يا رسول الله ادع الله أن يستجيب لي دعوتي، قال: إن الله لا يستجيب دعاء عبد حتى يطيّب طعمته

(1)

.

‌الحسن بن عبيد الهمذاني

حدث بطرسوس عن عبد الحميد بن عصام الجرجاني روى عنه محمد بن أيوب بن المعافى العكبري.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خالد بن بخيت الدقاق قال: حدثنا محمد بن أيوب بن المعافى

(1)

- انظر تاريخ بغداد:14/ 237.

ص: 2459

العكبري قال: حدثنا الحسن بن عبيد الهمذاني، بطرسوس قال: حدثنا عبد الحميد ابن عصام الجرجاني قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي قال: حدثنا سفيان الثوري عن سفيان بن عينية عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه سئل عن الصالحين قال: هم الصائمون.

‌ذكر من اسمه علي في آباء من اسمه الحسن:

‌الحسن بن علي بن ابراهيم بن علي بن محمد الجويني

أبو علي البغدادي الكاتب ويعرف بابن اللعيبة ويلقب فخر الكتاب، قدم حلب وأقام بها مدة في أيام نور الدين محمود بن زنكي بن آق سنقر، وانقطع اليه.

وكان يكتب خطا حسنا، وكتب الكثير بخطه وتبع علي بن هلال في (275 - و) طريقته، وأحسن أقلامه قلم النسخ، ويقع في خطه نوادر أجاد فيها، وكان كتب على عمر الخطاط ببغداد في صدر عمره، وكان خطه وهو ببغداد يميل الى طريقة البغداديين، فلما قدم الشام وأقام بحلب، جاد خطه وكتب على طريقة ابن البواب لكثرة نقله خطه، وأجود كتابته ما كتبه بحلب، ثم أنه سافر الى الديار المصرية فمالت كتابته الى طريقة المصريين، وأقام بمصر الى أن مات بها، وكان له شعر لا بأس به.

روى عن أبي منصور بن الجواليقي، وأبي البركات عبد القاهر بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة.

كتب عنه أبو البركات عبد القاهر بن علي بن أبي جرادة الحلبي بها، وروى عنه شيخنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل.

سمعت الشيخ أبا الحسن علي بن أبي بكر الهروي يسيء الثناء على أبي علي الجويني ويصفه بقلة الدين، وحكى لنا عنه أنه كان يكتب المصحف وربما يكون حاضرا عنده شراب مسكر خمر أو نبيذ فإذا نشفت الدواة واحتاج الى أن يسقيها ألقى عليها من ذلك الشراب، هذا معنى ما سمعته منه، نسأل الله التوبة والعصمة.

وأخبرني أبو علي الحسن بن محمد بن اسماعيل القيلوي قال: أخبرني ظهير

ص: 2460

الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن صدقة، نائب الوزارة كان ببغداد قال: سافرت مع أبي، يعني، جلال الدين أبا رضا لما سار رسولا عن الراشد الى حلب، وكان معنا ابن المطلب الكاتب، والحسن بن علي بن ابراهيم الجويني قال: فشربا ليلة، وخرجا من بين الخيم فتعثرا في أطناب خيمة زنكي فاضطربت الخيمة، فأحس زنكي بذلك، وسأل عنه فقيل له (275 - ظ): هؤلاء سكارى من أهل بغداد، فأمر بأن يصلبا إذا طلع الصبح، فبلغ ذلك والدي فركب قبل الصبح، ووقف على ظهر دابته هو وأصحابه، فلما استيقظ زنكي رآهم فسأل عن الحال فقيل له هذا جلال الدين يشفع في أصحابه الذين أخذوا الليلة، وأمر مولانا بصلبهم، فقال: سلموا اليه أصحابه وأطلقوهم، قال فأخذناهم ورجعنا الى الخيمة، فلما عدنا لم يرجع الجويني معنا وأقام بقلعة حلب من ذلك اليوم.

وأظن أن الجويني ثاب في آخر عمره، وأقلع عما كان عليه، وله أشعار تدل على ذلك سنذكر بعضها إن شاء الله تعالى.

قرأت بخط العماد أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب، وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن حموية، شيخ الشيوخ بدمشق بها، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد، إجازة ان لم يكن سماعا، قال: فخر الكتاب الحسن بن علي الجويني المقيم بمصر، ذو الخط الرائق، واللفظ الشائق والخلق العذب والصدر الرحب كتب إلي يستدعي اقلاما واسطية

(1)

.

تقول يدي عند افتقاد يراعها

الأصم السميع الأخرس المتكلم

الى كم أمني بالجواد المسوّم

الأنيق لعين الناظر المتوسم

أقوم زيغ الخط منه بحاذق

صبور جليد واسطي مقوم

أغير الأجل العالم الصدر

انتحي بذاك عزيز الدولة بن المقدم

(276 - و)

أغير عماد الدين أرجوه سندا

يشيد من خطي الصنيع المنمنم

(1)

-ليس له ترجمة في المطبوع من الخريدة عن الشام ومصر.

ص: 2461

قرأت بخط أبي البركات بن أبي جرادة: أنشدني فخر الكتاب حرس الله عزه لبعض العراقيين.

يندم المرء على ما فاته

من لبانات اذا لم يقضها

وتراه فرحا مستبشرا

بالتي أمضى كأن لم يمضها

انها عندي وأحلام الكرى

لقريب بعضها من بعضها

وجدت بخط الحسن بن ابراهيم الجويني من شعره أبياتا حملها إليّ بعض الأصدقاء بدمشق فنقلتها وهي:

ما ينفع القرب وهو مجتنب

فكم بعيد وداره كثب

اذا الوصال أنتأت مطالبه

فما يد للدنو تحتسب

يشجو فؤادي الهوى وليس له

في مخلص من عذابه أرب

ما حيلة الصب في هوى رشأ

تبعده من وصاله القرب

فلا نوالا هواه يبذله

ولا مزارا خياله يهب

ظبي هواه للقلب مجتذب

لكن رضاه للصب مجتنب

لكل قلب جمال صورته

على جميل العزاء مغتصب

كأن في صحن خده قبسا

بأنفس العاشقين يلتهب

نار على القلب من تورّدها

برد وفيه من بعدها لهب (276 - ظ)

سقيا لعيش من النعيم به

كانت ذيول السرور تنسجب

أيام مجنى هواي في ظلها

الوصل ومرعى همومي اللعب

بين شموس تظلها سدف

(1)

على غصون تقلها كثب

في ربيع لهوي بالكرخ يا حبذا

الكرخ محلا وحبذا حلب

ونقلت من خط أبي علي الجويني لنفسه من أبيات مدح بها أبا الفضل غسيان ابن جلب راغب بالديار المصرية:

(1)

-الباب، أوسدته، وسترة تكون بالباب تقيه من المطر. القاموس.

ص: 2462

يقول وفد التهاني

أبشر بنيل الأماني

فقد أتتك سعود

تبقى بقاء الزمان

وكل ماض بعيد

مما تحاول دان

يا من يجرد عزما

كالصارم الهندواني

بحدك الق أعاديك

لا بحد اليماني

يا من لعلياه سير

الأمثال في البلدان

يا واحدا لا يدانيه

في البرايا مدان

يا من يرى الجود حتما

فرضا على الانسان

وفي النوافل يأتي

بعارفات حسان

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل-اجازة عند قراءتي عليه بدار الوزارة بالقاهرة قال: أنشدنا فخر الكتاب الحسن بن علي (277 - و) بن ابراهيم الجويني لنفسه من قصيدة:

فإن قلت لي صبرا فلا صبر لامرئ

غدا بيد الأيام تقتله صبرا

وإن قلت لي عذر فو الله ما أرى

لمن ملك الدنيا اذا لم يجد عذرا

وأنشدنا أبو القاسم بن الطفيل في كتابه قال: أنشدنا فخر الكتاب الحسن بن علي الجويني لنفسه وقال لنا: قلت أخاطب نفسي المسكينة الموثقة الرهينة:

أبا علي يا رهين الثرى

كم فرصة أهملتها فاخرة

قد فاتت الدنيا فبعدا لها

بادر وقم فاستدرك الآخرة

قال شيخنا أبو القاسم: وأنشدنا لنفسه.

يا ابن الجويني الذي

تجنى وينسى ما جنا

كم غارس في جنة

تعبت يداه وما جنى

ص: 2463

يا آمن الدنيا التي

تصل المنايا بالمنى

كم حل في جسم خمار

الفقر من سكر الغنى

يا بائعا دار البقا

أتقيم في دار الفنا

يا دار دنيانا التي

تقضى وتبعد من دنا

خير القنايا أن يجود

العبد فيك بما اقتنى

قال شيخنا أبو القاسم: قال لنا الجويني وقلت أعني نفسي على طريق اللزوم:

يا ليت شعري ما يقال

اذا الجويني انتقل

(277 - ظ)

ما كان يفعله يقال

وما عداه لم يقل

من يستقل من ذنبه

من قبل مصرعه يقل

قال أبو القاسم: قال لنا الجويني: وقلت: بعقب افاقتي من مرض صعب:

يا رب عافيت من العلة

تفضلا فاعف عن الزلة

الحمد لله الذي عمني

من فضله ما لم أكن أهله

وصانني شكرا لنعماه

عن مواقف الذلة والبذله

فكم له عندي من نعمة

ديمتها وطفاء منهلة

أهفو ويعفو فأرتجو

فضله لكنكم لا تأمنوا عدله

أخبرني أبو السعادات بن أبي بكر بن حمدان أن الجويني توفي سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، ثم قرأت بالقاهرة في درج وقع إلي بخط الجويني في آخره: كتبه العبد الخائف من ذنبه اللاجئ الى كنف ربه عز وجل حسن بن علي بن ابراهيم الجويني، في سنة خمس وثمانين وخمسمائة وله حينئذ من العمر اثنتان وثمانون سنة بحمد الله ومنّه.

وأنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: في ذكر من توفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة من كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي التاسع من صفر توفي الشيخ الفاضل أبو علي الحسن بن علي بن ابراهيم الجويني الكاتب بالقاهرة، حدث عن أبي منصور موهوب بن أحمد الجواليقي، وهو مشهور بجودة الخط،

ص: 2464

وله أدب وشعر حسن، أنشدنا عنه غير واحد من أصحابه، وقيل انه توفي سنة ست وثمانين

(1)

.

قلت: وهو الصحيح.

‌الحسن بن علي بن ابراهيم بن يزداد بن هرمز بن شاهوه:

أبو علي الاهوازي المقرئ وكان يعرف بامام الحرمين، قدم حلب في سنة ثلاث وعشرين واربعمائة، وحدث بها عن أبي القاسم تمام بن محمد الرازي وأبي الحسين عبد الوهاب بن الحسن الكلابي، وسمع بمعرة النعمان أبا عمرو عثمان بن عبد الله ابن ابراهيم الطرسوسي قاضيها، وحدث بغيرها عن (278 - و) أبي القاسم نصر ابن أحمد المرجي، وأبيه علي بن ابراهيم، وأبي محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف وأبي طلحة عبد الجبار بن محمد بن الحسن الطلحي البصري وأبي علي الحسن بن محمد بن الحسن بن القاسم بن درستويه، والقاضي المعافى بن زكريا ابن طرارا الجريري، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن نفيس الامام، وأبي الحسن علي بن الحسن بن القاسم بن عبد الله الطرسوسي وأبي زرعة أحمد بن محمد بن عبد الله التستري، وأبي الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن النعمان نزيل الرملة، وأبي القاسم عبد العزيز بن عثمان بن محمد الصوفي، وأبي الحسن علي ابن أحمد بن محمد بن الرفاء السامري، وأبي الحسن أحمد بن ابراهيم بن فراس، وأبي العباس أحمد بن محمد بن أبي سعيد الكرخي قاضي مكة، وأبي محمد عبد الله بن محمد بن اسماعيل بن يوسف الشيباني، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عمر ابن نصر، وأبي محمد طلحة بن أسد بن المختار الرقي، وأبي علي الحسن بن علي بن الحسن بن شواش الارتاحي، وأبوي بكر: ابن هلال الحنائي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيث، وأبي العباس منير بن أحمد بن الحسن المصري الخلال، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الماوردي، وأبي الحسين جعفر بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب، وهبة الله بن موسى بن الحسين المزكي الموصلي، وعبد الوهاب الميداني، وأبي بكر بن أبي الحديد وأبي مسلم الكاتب، وعلي بن بشرى العطار، وأبوي نصر: ابن الجبان، وابن الجندي.

(1)

- التكملة لوفيات النقلة:1/ 118 - 119 (34).

ص: 2465

روى عنه أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد بن الجلي الحلبي والخطيب (278 - ظ) أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، وأبو سعد اسماعيل بن علي الرازي السمان، والحافظ أبو منصور المظفر بن الحسين بن ابراهيم بن هرثمة الفارسي، وعلي ابن محمد بن شجاع الربعي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن علي الهروي المقرئ مجاور المسجد الاقصى، وأبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري، وعبد العزيز ابن أحمد الكتاني، وأبو علي الحسن بن الحسين التفليسي، وعلي بن الخضر السلمي والفقيه أبو الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي، ونجا بن أحمد العطار، وصهره أبو الحسن عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله وأبا عبد الله: ابن أبي الحديد السلمي، ومحمد بن محمد بن الحسين الطوسي، وأبو علي اسماعيل بن العباس بن أحمد الصيدلاني النيسابوري، وأبو طاهر بن الجنائي، وأبو القاسم علي بن ابراهيم النسيب العلوي، وأبو القاسم بن أبي العلاء.

وله كتب صنفها في القراءات وفي غيرها منها «الموجز في القراءات السبعة» وكتاب في «القراءات العشرة» وكتاب «الوجيز في القراءات الثمانية» ، وكان يطعن على أبي الحسن الاشعري وله كتاب في ذمه وقفت عليه، ورد عليه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي في كتاب سماه:«تبيين كذب المفتري فيما نسب الى الإمام أبي الحسن الاشعري»

(1)

.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرني أبي أبو الفضل هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قال: حدثني الشيخ أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد الجلي الحلبي قال: حدثنا الشيخ أبو علي الحسن بن علي ابن ابراهيم الاهوازي (279 - و) -إملاء بحلب في شوال سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة-قال: حدثنا أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي قال: حدثنا أبو أيوب سليمان بن محمد الخزاعي قال: حدثنا هشام بن خالد الازرق قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فاذا الناس على رجل

(1)

-طبع للمرة الثانية بدمشق 1399 هـ.

ص: 2466

فقال: ما هذا؟ قالوا: علامة يا رسول الله، قال: وما علامة، قالوا: أعلم الناس بالشعر وأعلم الناس بكلام العرب، وما اختلف فيه العرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: علم لا ينفع وجهل لا يضر، العلم ثلاث ما خلاهن فضل: علم آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة

(1)

.

أخبرنا أبو المعالي أحمد بن الخضر بن هبة الله بن طاوس الدمشقي بها، قال:

أخبرنا أبو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس بن كروس السلمي قال: أخبرنا الفقيه نصر بن ابراهيم بن نصر المقدسي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن ابراهيم ابن يزداد المقرئ بدمشق سنة ثلاثين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب ابن الحسن بن الوليد الكلابي قال: حدثنا طاهر بن محمد قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن قال: حدثنا حفص بن سليمان عن كثير بن زاذان، عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن بلفظه واستظهره أدخله الله الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته (279 - ظ) كلهم قد وجب له النار

(2)

.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم، كتابة، قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت بخط أبي محمد بن صابر قال لي أبو محمد مقاتل بن مطكود: قال لي أبو علي: ولدت يوم الاربعاء السابع والعشرين من الحرم سنة اثنتين وستين وثلاثمائة.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال:

قرأت بخط أبي علي الاهوازي: وأنبأنا أبو طاهر بن الحنائي قال: أخبرنا أبو علي قال: رأيت رب العزة في النوم وأنا بالاهواز، وكأنه يوم القيامة، فقال لي: بقي علينا شي، اذهب فمضيت في ضوء أشد بياضا من الشمس، وأنور من القمر حتى انتهيت الى طاقة أمام باب، فلم أزل أمشي عليه ثم انتبهت.

(1)

-انظره في كنز العمال:10/ 28659.

(2)

-انظر كنز العمال.1/ 2347 - 2350.

ص: 2467

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الانصاري بحلب، وأبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي الصوفي، بالقاهرة، قالا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: سمعت أبا البركات الخضر بن شبل بن الحسن الحارثي صاحبنا بدمشق يقول: سمعت الشريف النسيب أبا القاسم علي بن ابراهيم بن العباس العلوي المعروف بابن أبي الجن يقول: أبو علي الأهوازي المقرئ ثقة، ثقة.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله (280 - و) الدمشقي قال: الحسن بن علي بن ابراهيم بن يزداد بن هرمز بن شاهوه أبو علي الاهوازي المقرئ، سكن دمشق وقدمها يوم الاحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة احدى وتسعين وثلاثمائة، قرأ القرآن بروايات كثيرة، وأقرأه، وصنف كتبا في القراءات.

وحدّث عن نصر بن أحمد بن محمد بن المرجي، وأبي حفص الكتاني، وأبي طلحة عبد الجبار بن محمد بن الحسن الطلحي البصري، وأبي الحسن علي بن أحمد ابن محمد بن الرفاء السامري، وهبة الله بن موسى بن الحسين المزني الموصلي، وأبي الحسن أحمد بن ابراهيم بن فراس، وأبي القاسم عبد العزيز بن عثمان بن محمد الصوفي، وأبي مسلم الكاتب، وأبي العباس أحمد بن محمد بن أبي سعيد الكرخي، قاضي مكة، وأبي الفرج المعافى بن زكريا بن طرارا، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن نفيس الامام، وأبي الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن النعمان، نزيل الرملة، وأبي العباس منير بن أحمد بن الحسن المصري الخلال، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الماوردي، وأبي محمد بن أبي نصر وعبد الوهاب الكلابي، وعبد الوهاب الميداني، وأبي بكر بن أبي الحديد، وأبي الحسين جعفر بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن بن أبي المغيث، وأبي علي الحسن بن محمد بن الحسن بن القاسم بن درستويه، وأبي محمد عبد الله بن محمد بن اسماعيل ابن يوسف الشيباني، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وتمام الرازي، وعلي بن بشرى العطار، وأبي نصر بن الجبان، وأبي نصر بن الجندي، وأبي بكر (280 - ظ) ابن هلال الحنائي، وأبي محمد طلحة بن أسد بن المختار الرقي.

ص: 2468

روى عنه أبو بكر الخطيب، وعلي بن محمد بن شجاع الربعي، وأبو سعد اسماعيل بن علي الرازي السمان، وأبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، وعلي بن الخضر السلمي، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن الحسين الطوسي، وأبو علي اسماعيل بن العباس بن أحمد الصيدلاني النيسابوري، والفقيه أبو الفتح نصر بن ابراهيم، وأبو علي الحسن بن الحسين التفليسي، ونجا بن أحمد العطار، وصهره أبو الحسن عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله وأبو طاهر بن الحنائي.

وحدثنا عنه أبو القاسم النسيب، وذكر أنه ثقة، وذكر أنه أخبره أنه دخل دمشق سنة أربع وتسعين وثلاثمائة.

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال:

أخبرنا أبو محمد بن الاكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: اجتمعت بهبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الحافظ ببغداد، فسألني عن من بدمشق من أهل العلم فذكرت له جماعة منهم: الحسن بن علي الاهوازي المقرئ فقال: لو سلم من الروايات في القراءات!.

قال الحافظ: قال لنا أبو محمد بن الاكفاني: قال لنا الكتاني: وكان مكثرا من الحديث، وصنف الكثير في القراءات، وكان حسن التصنيف، وجمع في ذلك شيئا كثيرا، وفي أسانيد القراءات غرائب، كان يذكر في مصنفاته أنه أخذها رواية وتلاوة، وأن شيوخه (281 - و) أخذوها كذلك رواية وتلاوة.

قال الحافظ أبو القاسم بعد حديث ذكره عنه: هذا حديث منكر وفي اسناده غير واحد من المجهولين، وللاهوازي أمثاله في كتاب جمعه في الصفات، سماه «كتاب البيان في شرح عقود أهل الايمان» ، أودعه أحاديث منكرة، كحديث «ان الله لما أراد أن يخلق نفسه، خلق الخيل فأجراها حتى عرقت، ثم خلق نفسه من ذلك العرق» مما لا يجوز أن يروى، ولا يحل ان يعتقد، وكان مذهبه مذهب السالمية، يقول بالظاهر ويتمسك بالاحاديث الضعيفة، التي تقوي له رأيه، وحديث اجراء

ص: 2469

الخيل موضوع وضعه بعض الزنادقة ليشنع به على أصحاب الحديث في روايتهم المستحيل، فيقبله بعض من لا عقل له، ورواه وهو مما يقطع ببطلانه شرعا وعقلا.

قال الحافظ أبو القاسم سمعت أبا الحسن علي بن أحمد بن منصور، يحكي عن أبيه أبي العباس، ح.

وأنبأنا به أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي الحسن عن أبيه أبي العباس قال: لما ظهر من أبي علي الاهوازي الاكثار من الروايات في القراءات أتهم في ذلك، فسار أبو الحسن رشاء بن نظيف، وأبو القاسم بن الضراب وابن القماح الى العراق لكشف ما وقع في نفوسهم منه ووصلوا الى بغداد، وقرأوا على بعض الشيوخ الذين روى عنهم الاهوازي، وجاؤوا بالإجازات عنهم وبخطوطهم فمضى الاهوازي اليهم وسألهم أن يروه تلك الخطوط التي معهم، ففعلوا (281 - ظ) ودفعوها اليه فأخذها وغير أسماء من سمي لتستتر دعواه، فعادت عليه بركة القرآن فلم يفتضح، هذا معنى ما سمعته يقول، وبلغني عنه أنهم سألوا عنه بعض المقرئين الذين ذكر أنه قرأ عليهم وحلّوه له، فقال: هذا الذي تذكرونه قد قرأ علي جزو أو نحوه.

قال أبو الحسن: وحدثني والدي أبو العباس قال: عاتبت أو عوتب أبو طاهر للواسطي المقرئ في القراءة على أبي علي الاهوازي، فقال: أقرأ عليه العلم، ولا أصدقه في حرف واحد.

قال أبو الحسن: وحدثني أبو طاهر محمد بن الحسن بن علي بن الملحي قال:

كنت عند رشاء بن نظيف المقرئ العدل في داره على باب الجامع، وله طاقة إلى الطريق فاطلع فيها وقال: قد عبر رجل كذاب، فاطلعت فوجدته الاهوازي

(1)

.

قرأت

(2)

بخط الامام الحافظ أبي طاهر السلفي رحمه الله قال: وسمعت أبا محمد-يعني هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاووس يقول: سمعت أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي يقول: قدم أبو علي الاهوازي دمشق وحضره رشاء

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 240 - و-241 و.

(2)

-هذه بداية ورقة ملحقة بالاصل أشار المصنف الى بداية الاخذ عنها في الوجه/282 - و/قبل اكتماله.

ص: 2470

ابن نظيف المقرئ، وحضر ما عنده، ثم خرج رشاء الى العراق وأودع كتبه عنده، فلما رجع رأى أسانيد أبي علي قد تضاعفت، فقال له: يا هذا من أين لك هذه ولم ترحل بعدي، ولا قدم دمشق شيخ قرأت عليه، فقطعه وكان يتكلم فيه.

وقرأت بخطه بعده سمعته يقول: سمعت علي بن أبي العلاء المصيصي الفقيه يقول: ذكر أبو علي الاهوازي، في جملة ما ذكر، أنه قرأ على أبي الحسن الحمامي وأبو الحسن متأخر لم يكن الاهوازي محتاجا اليه، فلما اتهم بادعائه روايات استغربوها كتبوا الى أبي الحسن الحمامي، فذكر أنه لم يقرأ عليه قط، وأخذ خط الحمامي بذلك وحمل الى دمشق.

وقرأت بخط الحافظ أيضا: أبو علي الحسن بن علي بن ابراهيم بن يزداد بن هرمز المقرئ المعروف بالاهوازي، قرأ القرآن بالاهواز على أبي الحسين أحمد بن عبد الله بن الحسين بن اسماعيل الجبي صاحب أبي جعفر بن جرير بن يزيد الطبري وأبي الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ، وعلى أبي العباس أحمد بن محمد بن عبيد الله بن اسماعيل العجلي التستري، صاحب أبي العباس أحمد ابن عبد الصمد الرازي، وأبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد البغدادي وعلى أبي الحسن علي بن الحسين بن عبيد البغدادي المعروف بالغضائري صاحب ابن شنبوذ، أبي الحسن، وابن مجاهد أبي بكر، وببغداد على أبي الحسن علي بن اسماعيل بن الحسن القطّان المعروف بالخاشع، وأبي حفص عمر بن ابراهيم بن كثير الكتاني وأبي الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى بن عبيد بن (282 - ظ) طرارة الجريري، وأبي اسحاق ابراهيم بن أحمد بن محمد الطبري، وأبي الفرج محمد بن أحمد بن ابراهيم الشنبوذي، ونظرائهم، وبالبصرة على أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن محمد بن عبد الله العجلي اللالكي صاحب الشذائي أبي بكر، وعلى أبي بكر محمد بن أحمد بن علي الباهلي النجاء صاحب القاسم بن زكريا بن عيسى المقرئ، وعلى أبي الحسن علي بن الحسين بن عبد الحميد الشمشاطي، وعلى أقرانهم، وبالبطائح على أبي عبيد الله محمد بن محمد بن فيروز بن زاذان الكرخي، صاحب أبي بكر محمد بن هرون بن نافع البصري المعروف بالتمار، وبدمشق على أبي بكر

ص: 2471

محمد بن أحمد بن عبد الله بن هلال السلمي، بعد أن طاف ممالك الاسلام، وصار علما من الأعلام يرحل إليه للقراءة عليه، وصنف وتصدى للإقراء والرواية، وشهرته تغني عن الاطناب في ذكره، والإسهاب في أمره.

وأما الحديث فقد سمع بالموصل أبا القاسم المرجي الراوي، عن أبي يعلى، وبدمشق عمران بن الحسن الخفّاف، وعبد الوهاب بن الحسن الكلابي، وأبا بكر محمد بن أحمد بن أبي الحديد، وتمام بن محمد الرازي، وبمكة أبا العباس النسوي وببغداد أبا حفص بن شاهين، والمعافى بن زكريا الجريري، وأبا حفص الكتاني، وبالبصرة محمد بن المعلى الازدي، وابن وصيف، وبمصر منير بن الحسن، وأحمد ابن عمر الجهازي، والحسن بن عبد الرحمن بن أبي عروة الحطاب، وعبدان بن أحمد الاصبهاني، وابن جميع الصيداوي، وفاتك بن عبد الله الصوري، وخلف بن محمد الحافظ الواسطي، وغيرهم من شيوخ صيدا، واطرابلس، وقد تكلم فيه رشاء بن نظيف بن ما شاء الله وهو مقرئ من أقرانه، سمع أبا مسلم الكاتب بمصر، ولم يكن من المسندين وجرّح مثل الأهوازي في جلالته وعظم شأنه يقول بعض أقرانه ما لا سبيل اليه.

ونقلت من خط الحافظ: سمعته، يعني، القاضي أبا منصور سالم بن محمد بن منصور العمراني بآمد يقول: سمعت والدي يقول: لم يكن بعد ابن مجاهد في القراء كأبي علي الاهوازي بدمشق، وتصانيفه تدل على فضله، وقال أبو منصور:

وهو شيخ والدي الذي قرأ عليه

(1)

(283 - و).

أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: أنبأنا أبو الفضائل الحسن بن الحسن بن أحمد الكلابي قال: حدثني أخي لأمي أبو الحسن علي بن الخضر بن الحسن العثماني قال: توفي أبو علي الحسن بن علي الاهوازي يوم الاثنين الرابع من ذي الحجة سنة ست وأربعين، تكلموا فيه، وظهر له تصانيف زعموا أنه كذب فيها.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ علي بن الحسن بن

(1)

-نهاية الورقة الملحقة.

ص: 2472

عساكر قال: أخبرنا أبو محمد بن الاكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال:

توفي شيخنا أبو علي الاهوازي المقرئ (282 - و) يوم الاثنين الرابع من ذي الحجة بعد الظهر، سنة ست وأربعين وأربعمائة، وكانت له جنازة عظيمة، حدث عن ابن المرجي وأبي حفص الكتاني، وعبد الوهاب بن الحسن بن الوليد وغيرهم، وانتهت اليه الرئاسة في القراءة في وقته ما رأيت منه الا خيرا.

قال علي بن الحسن: وذكر أبو محمد بن صابر عن أبي القاسم علي بن ابراهيم أنه مات يوم الاثنين الثاني عشر من ذي الحجة.

وذكر عن مقاتل السوسي أنه توفي لست بقين من ذي القعدة، وذكر صهره عبد الباقي بن أحمد أنه مات يوم الثلاثاء، ودفن يوم الاربعاء في العشر الاول منه.

وذكر أبو عبد الله محمد بن علي بن قبيس فيما وجدته بخطه مثل ذلك.

(1)

.

‌الحسن بن علي بن ابراهيم:

أبو القاسم الطرسوسي، حدث عن أبي بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة، وطاهر بن يحيى بن قبيصة الفلقي، روى عنه أبو عثمان البحيري، وأبو سعيد محمد بن علي بن عمرو النقاش الحافظ.

أخبرنا الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا تاج الاسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا الاستاذ أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري بنيسابور قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد (283 - ظ) البحيري قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن علي بن ابراهيم الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة الامام، قال: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا الوليد بن محمد الموقري عن الزهري عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بالغلمان فيسلم عليهم ويدعو لهم بالبركة.

(2)

.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 241 - و.

(2)

-انظره في كنز العمال:7/ 18497.

ص: 2473

‌الحسن بن علي بن أحمد بن مسعود:

أبو محمد الحلبي الملحي، من أهل حلب، وسكن دمشق وحدث بها.

أخبرنا عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم بن الحسن الدمشقي-فيما كتبه الينا-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الشافعي قال:

الحسن بن علي بن أحمد بن مسعود أبو محمد الحلبي الملحي، سكن دمشق، وحدث، سمع منه أبو محمد بن الأكفاني،

(1)

فيما أري.

‌الحسن بن علي بن أحمد بن وكيع بن خلف بن وكيع:

أبو محمد التنيسي، وقيل الحسن بن علي بن الحسن بن أحمد بن وكيع، وبعضهم سماه الحسن بن محمد بن وكيع، وكناه أبا محمد، وبعضهم سماه علي بن الحسن بن وكيع، وكناه أبا الحسن. ووقع إليّ نسخة من شعره صحيحة ابتدأ في أول الديوان وقال: قال أبو محمد الحسن بن علي بن أحمد بن وكيع، وختمه بقوله: آخر شعر أبي محمد الحسن بن علي بن وكيع، ثم انه كتب بعده نقلته من نسخة كان في آخرها مكتوبا: نقلته من نسخة كان في آخرها بخط ابن وكيع يقول:

علي بن الحسن بن (284 - و) علي بن وكيع بن خلف: إنني قرأت هذا الديوان، وهو جميع شعري على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الجوري.

ولد أبو محمد بتنيس، وكان شاعرا مجيدا، ويلقب بالعاطس، وقدم حلب ومدح بها الأمير سيف الدولة أبا الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وروى عنه شيئا من شعره أبو نصر المهنا بن علي بن المهنا المعري المعروف بالناظر وسماه عليا، وسمع منه بمعرة النعمان، وأبو محمد بن النحاس، وسماه الحسن بن محمد، وروى عنه أبو القاسم الحضرمي المعروف بالطحان، وسماه الحسن بن علي بن أحمد ابن وكيع، وهو الصحيح وأبو محمد عبد الرحمن بن عمرو أبو سعد أحمد بن محمد الهروي.

ذكره أبو القاسم الحضرمي الطحان في تاريخه

(2)

الذي ذيل به على تاريخ أبي

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 239 - ظ.

(2)

-لم يصلنا وهو بحكم المفقود.

ص: 2474

سعيد بن يونس فقال: الحسن بن علي بن أحمد بن وكيع بن خلف الشاعر أبو محمد أصله بغدادي، ومولده هو بتنيس، سمعت منه.

أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني، عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو يعقوب الأديب، إذنا، قال: أخبرنا أبو منصور الثعالبي قال: أبو محمد الحسن ابن علي بن وكيع التنيسي، شاعر بارع، وعالم جامع قد برع على أهل زمانه، ولم يتقدمه أحد في أوانه وله كل بديعة تسحر الأوهام وتستعد الافهام.

(1)

.

قرأت في «كتاب العروس في فضائل تنيس

(2)

» تأليف القاضي أبي القاسم عبد المحسن بن عثمان بن غانم الخطيب قال: وأما شعراء هذه المدينة، من أهلها ومن قطنها منهم، ودخلها، فمن أهلها، ولو لم أجد سواه لكفى كما قيل: والناس ألف منهم كواحد، وواحد كالألف، ان امر عنا

(3)

: فهو أبو محمد الحسن بن علي ابن وكيع، وقبره الآن بها في المقبرة الكبرى، وله كتاب مصنف في سرقات أبي الطيب المتنبي تأليفه، وهو يجمع فضلا جامعا، وعلما كثيرا بارعا في عدة مجلدات، وديوان شعر ابن وكيع هذا أيضا عليه أربعة مجلدات على حروف المعجم.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي الفتح بن يحيى الكناري الموصلي الصفار قال:

أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد ابن محمد بن عبد القاهر الطوسي الخطيب قال:

أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الشاشي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد المقرئ التميمي قال: أنشدنا أبو محمد بن النحاس قال: أنشدني أبو محمد الحسن بن محمد بن وكيع التنيسي لنفسه:

حاسبني الدهر على ما مضى

بدّل فرحاتي بترحات

فليته جازى بما نلته

لكنه أضعف مرّات (284 - ظ)

أنبأنا أبو حامد محمد بن أبي جعفر عبد الله بن محمد بن عبد الملك الهاشمي،

(1)

- يتيمة الدهر:1/ 372.

(2)

-لم أهتد الى ذكره.

(3)

-المريع: الخصيب. القاموس.

ص: 2475

ان شاء الله قال: أخبرنا القاضي أبو محمد عبد القاهر بن علوي بن عبد القاهر ابن المهنا المعري قال: أنشدني والدي رحمه الله قال: أنشدني عمي-يعني- أبا نصر الناظر قال: أنشدني أبو الحسن علي بن وكيع التنيسي وفد علينا المعرة، لنفسه في الروض:

أما ترى الروض كيف قد أظهر

بدائعا كان حسنها يستر

وابتسمت زهرة الزمان لنا

عن الربيع المحبب الأزهر

حاك لنا من ثيابه حللا

جوّد في نسجها وما قصر

صوّره الله كي يشوقنا

إلى جنان النعيم إذ صوّر

كأن طرف الزمان أبصره

فشاقه حسن ذلك المنظر

فظلّ مستعبر الجفون هوى

له ولولا الهوى لما استعبر

أخجل حسن السماء فاحتجبت

بسحبها خجلة فما تظهر

أودع أسراره الثرى زمنا

ثم انثنى معلنا لما أضمر

فالأرض تثني على السحاب بما

درهم من نورها وما دنّر

(1)

انظر بعينيك نحو نرجسه

فحسنه فوق كلما يظهر

كأنه والعيون ترمقه

كواكب في سمائها تزهر

أحاط مبيضّه بصفرتة

فراق بالحسن طرف من أبصر

حاكى خواتيم فضة جدد

مفضضات بأصفر الجوهر (285 - و)

انظر إلى روضة البنفسج

والآس على جانبه قد خطّر

كمطرح أزرق أحيط على

أرجائه فروز له أخضر

يشق تلك الرياض منفجرا

جدول ماء بفيضه يزخر

كأنه والشقيق منبسط عليه

من جانبيه قد أزهر

(1)

-نسبة الى الدينار، والدينار في العادة من الذهب، والدرهم من الفضة.

ص: 2476

ساق من الروم شقّ من طرب

عن يقق

(1)

الصدر قرطقا أحمر

فالروض يحكى لنا الجنان وما جرى

من الماء فيه كالكوثر

قم تغنم طيبه ولذته

فليس في ترك ذا امرؤ يعذر

واغد إلى متجر الصبى عجلا

فتاجر اللهو مربح المتجر

قرأت في تاريخ مختار الملك محمد بن عبيد الله بن أحمد المسبحي في حوادث سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة قال: وفيه-يعني شهر ربيع الآخر-توفي أبو محمد ابن وكيع الشاعر، ويلقب بالعاطس بتنيس يوم الثلاثاء لسبع بقين منه، وكان شاعرا مليح الشعر، مطبوعا حلو الألفاظ، وكان في كلامه حكله.

(2)

.

‌الحسن بن علي بن احمد كياءك العطار:

أبو علي الطبري حدث بحلب، وسمع منه بها أبو معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري وعده في جملة شيوخه.

قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي، نفر من شيوخ أبي معشر الطبري، فذكر جماعة، ثم قال: قال أبو معشر الطبري: سمعت بمصر على اسماعيل الحداد، وذكر غيره، وقال: وسمعت بحلب على أبي علي الحسن بن (285 - ظ) علي بن أحمد كياكي-كذا-العطار الطبري، وبخطه في الحاشية كياءك (286 - و-ظ).

(1)

-اليقق: المتناهي في البياض-النهاية لابن الاثير.

(2)

-حكل على الخبر: أشكل. القاموس.

ص: 2477

‌الحسن بن علي بن اسحاق بن العباس أبو علي الطوسي

(1)

:

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

الوزير المعروف بنظام الملك ويعرف بخواجا بزرك، وخواجا بالفارسية الوزير، وبزرك العظيم، وزر للسلطان العادل ألب أرسلان بن جغري بك، وقدم معه حلب في سنة ثلاث وستين وأربعمائة حين قدمها محاصرا لها.

ثم وزر بعده لولده السلطان ملكشاه أبي الفتح، وقدم معه حلب سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وسمع بحلب أبا الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلي الحلبي، وروى عن أبي عبد الله بن محمد الطوسي، وأبي بكر محمد بن يحيى بن ابراهيم المزكي، وأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وأبي حامد أحمد بن الحسن الأزهري، وأبي بكر محمد بن أحمد بن محمد الصفار، وأبي بكر محمد بن أحمد ابن الحسن الطاهري، وأبوي منصور: شجاع بن علي بن شجاع المصقلي الشيباني، ومحمد بن أحمد بن علي القاضي، وأبي نصر علي بن عبد الله الكاغدي، وأبي بكر أحمد بن منصور بن خلف المقرئ، وأبي القاسم اسماعيل بن زاهر الطوسي، وأبي الحسين علي بن عبد الله بن أحمد، وأبي مسلم محمد بن علي بن مهر برد الأديب، وأميرك بن أحمد، وأحمد بن عبد الرحمن الصائغ، وأبي عبد الله عبد الرحمن ابن عبد الله المذكر، وأبي الحسن علي بن محمد بن يحيى المرندي، وغيرهم.

(1)

-أضيف بخط ابن السابق عنوان هو: نظام الملك، أحد أفراد الدنيا. هذا وسبق لي نشر هذه الترجمة في ملاحق كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية 349 - 373.

ص: 2478

روى عنه أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف بن عمر الأرموي، وأبو الصمصام (287 - و) ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسني، وأبو الفتح نصر الله محمد بن عبد القوي اللاذقي، وأبو نصر محمد بن محمود الشجاعي، وأبو محمد الحسن ابن منصور السمعاني، وأبو القاسم نصر بن نصر الواعظ العكبري، وأبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبو الفتح محمد بن عبد الله البسطامي، وأبو سفيان محمد بن أحمد العبدوسي، وأبو بشر مصعب بن عبد الرزاق المصعبي، وأبو الحسين محمد بن محمد بن محمد السهلكي، وأبو القاسم: علي بن طراد الزينبي، واسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، وأبو الفضل محمد بن أبي نصر بن المسعودي، وأبو غالب محمد بن ابراهيم الصّيقلي، وأبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا، وغيرهم.

وعقد مجلس الإملاء لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان وزيرا عادلا سائسا قيما بأمور المملكة فاضلا، عالما، جوادا، حليما، كثير الصدقة والمعروف، ووقف عدة مدارس لطلبة العلم، وكان كثير المخالطة لأهل العلم، مكرما لهم، حسن الأخلاق.

أخبرنا أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب البغدادي-قراءة عليه بدمشق-قال: أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، ح.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن عبد الله بن موهوب بن البناء -بدمشق-قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن نصر الواعظ العكبري، قالا: حدثنا الصاحب الأجل العالم العادل، نظام الملك، قوام الدين، غياث الدولة، وشمس الملة، أتابك أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق رضي (287 - ظ) أمير المؤمنين، إملاء في يوم الثلاثاء ثالث عشر المحرم من سنة ثمانين وأربعمائة، بالمدرسة ببغداد، قال:

أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف المقرئ بنيسابور، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن اسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو العباس محمد بن اسحاق السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا مالك بن أنس عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الأنصاري عن أبي قتادة السلمي ان

ص: 2479

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذا جاء أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس.

(1)

.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد المروزي قال:

أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي بدمشق قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق الوزير بأصبهان قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد ابن محمد الطوسي قال: حدثنا أبو عبد الله بن محمد الخازمي قال: حدثنا عبد الله ابن عمر بن علك قال: حدثنا عبدان بن محمد الزاهد: قال: حدثنا علي بن عيسى قال: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا عبد الله بن السري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إذا لعن آخر هذه الامة أولها، فمن كان عنده علم فليظهره، فان كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم»

(2)

. (288 - و).

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة بقراءتي عليه قال: أخبرنا والدي أبو الفضل هبة الله بن محمد، ح.

وأخبرنا أبو هاشم الحلبي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي المظفر، قالا: أخبرنا أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسني-بقراءتي عليه بالموصل-قال:

أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق الوزير بأصبهان قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن يحيى بن ابراهيم المزكي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن داود بن سليمان قال: حدثني ابراهيم بن عبد الواحد قال: حدثنا وريزة بن محمد الغساني قال:

حدثنا الفضل بن محمد عن أبيه عن جده قال: قيل لعبد الله بن عباس كم تكتب العلم؟ فقال: اذا نشطت فهو لذتي، واذا اغتممت فهو سلوتي.

قرأت في «كتاب زينة

(3)

الدهر» لأبي المعالي سعد بن علي الحظيري الكتبي،

(1)

-انظر كنز العمال:7/ 20777.

(2)

-انظره في كنز العمال:10/ 29141.

(3)

-لم أقف على ذكر له.

ص: 2480

وذكر نظام الملك وقال: وبلغني أنه كان يقول الشعر، والذي وقع إليّ من شعره، وهو بديع، وكان عند كبره يتكئ على عصا.

بعد الثمانين ليس قوة

لهفي على قوة الصبوة

كأنني والعصا بكفي

موسى ولكن بلا نبوة

قال الحظيري: وله:

أتذكرها وقد خرجت عشيا

بأتراب لها كالعين رود

فمدت من أصابعها وقالت

خضبناهن من علق الوريد (280 - ظ)

نقلت من مجموع بخط ولد أسامة بن مرشد بن منقذ، وقال خواجه بزرك رحمه الله:

أأحبابنا لا شتت الدهر شملكم

ولا ذقتم من لوعة البين ما عندي

تحملتم لي كلكم شوق واحد

وحملتموني شوق كلكم وحدي

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال:

قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن أحمد بن السمرقندي: مولده-يعني الصاحب نظام الملك-يوم الجمعة الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة ثماني وأربعمائة.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي، عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال في كتاب الإكمال: بزرك بفتح الباء، وبعدها زاي مضمومة، ثم راء ساكنة، فهو نظام الملك، قوام الدين، غياث الدولة، رضي أمير المؤمنين، أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق، يعرف بين العجم بالبزرك، ومعناه العظيم، سمع الكثير، وحدث، وأملى بخراسان جمعا، وبالثغور، وبقوهستان

(1)

وغيرها من البلاد، وسمعت منه إملاء

(1)

-الجبال بين هراة ونيسابور. معجم البلدان.

ص: 2481

بالري، وسمعت منه بنواحي خت

(1)

، وبقراءة غيري، وكان ثقة، ثبتا، متحريا، فهما، عالما

(2)

.

وقال ابن ماكولا في موضع آخر من الكتاب المذكور: أما نظام فهو نظام الملك، قوام الدين، غياث الدولة (289 - و) وزين الوزراء، أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق، ولد بطوس، وسمع الكثير، وحدث بمرو، ونيسابور، والريّ وأصبهان، وبغداد، وجميع بلاد خراسان، وبلاد أرّان

(3)

وهي جنزه وبرذعه، وبيلقان، وسائر البلاد

(4)

.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن أبي بكر السمعاني قال: الحسن بن علي بن اسحاق بن العباس الطوسي، أبو علي الوزير نظام الملك، العالم العادل، كعبة المجد، ومنبع الجود، ومعدن الكرم والافضال، ذو القلم الماضي، واللسان القاضي، والمعدله، والامانة، والصلاح، والديانة؛ وكان صاحب أناة، وحلم، ووقار، وصفح، وصمت، وكان مجلسه عامرا بالقراء والفقهاء، وأئمة المسلمين وأعلام الدين، وأهل الخير، والستر، والصلاح؛ وصار مثل الكعبة، يقصده كل أحد من الاقطار؛ وأمر ببناء المدارس في الامصار، ورغب في العلم كل أحد، سمع الحديث الكثير، وأملى في البلاد، وحضر مجلسه أكثر الحفاظ والمحدثين، ورغبوا في السماع منه لعلو رتبته، وارتفاع درجته.

وأما ابتداء حالته: فانه كان من أولاد الدهاقين: وأرباب الضياع بناحية بيهق، وقصبة الراذكان من نواحي طوس، قيل انه نفي عن والدته رضيعا. وان أباه كان يطوف به على المرضعات فيرضعه حسبة حتى شب، ولم يدر أحد مكنون سر الله في (289 - ظ) أمره، فنشأ، وساقه التقدير الى أن علق به شيء من العربية، وقاده

(1)

-مدينة من نواحي جبال عمان. معجم البلدان.

(2)

- الاكمال:1/ 268.

(3)

-اسم لولاية واسعة وبلاد منها: جنزه وهي التي تسميها العامة كنجة وبرذعة وشمكور وبيلقان، وبين أذربيجان وأران نهر يقال له الرس، كل ما جاوره من ناحية المغرب والشمال فهو من أران. معجم البلدان.

(4)

- الاكمال:7/ 357.

ص: 2482

ذلك الى الشروع في رسوم الاستيفاء، فلم يزل الدهر يعلو به، وينخفض حضرا وسفرا. وكان يطوف في بلاد خراسان، ووقع الى غزنة في صحبة بعض المتصرفين الى أن تنبه بخته. وحان وقته، ووقع في شغل أبي علي بن شاذان المعتمد عليه ببلخ من جهة الأمير جغري حتى حسن حاله عند ابن شاذان. وظهر أثر خدمته. ولاحت آثار كفايته، وصار معروفا عند ذي أمره، الى ان توفي أبو علي بن شاذان، فذكر أنه أوصى الى الملك الب ارسلان، به، وذكر له كفايته وأمانته واستصلاحه لشغله، فنصبه مكانه، وصار وزيرا له. والحال بعد مستورة، والدولة مغمورة الى ان انتهت الدولة الركنية

(1)

نهايتها، وكانت ولاية مرو لالب ارسلان ملكا، وهو الوزير المتمكن من الامر، فاتفقت وفاة طغرلبك، ولم يكن له من الاولاد من ينوب منابه، فتوجه الامر الى ألب ارسلان، وتعين للسلطنة، فتحرك عن مرو، والوزير يرتب أمره. ويرتب قواعد ملكه حتى زحف الى نيسابور. والى العراق، وخطب له على منابر خراسان، والعراق.

وارتفع أمر الصاحب. وصار سيد الوزراء. صافيا له الورد من سنة خمس وخمسين وأربعمائة. وانقضت أيام فترة المذاهب والرسوم الممقوتة في الدولة الماضية. وأظهر الله مكنون سره في دولة نظام الملك (290 - و) فجرى له من الرسوم المستحسنة، ونفي الظلم، واسقاط المؤن والقسم، وحسن النظر في أمور الرعية، وتقدير المعاملات على سنن الانصاف والعدل. وضبط الامور، واستقامت الاحوال، ورتبت الدواوين أحسن ترتيب، وتزينت الاقطار بآثار العدل والانصاف، وكان من أكفى الكفاة والسلطان من أعدل الولاة، فصفي العيش واطردت التجارات، وأهلت الطرق، وقل أهل العيث والفساد، وأخذ الوزير في بذل الصلات وبناء المدارس والمساجد والرباطات وتحصين العمارات بالاوقاف الدارة، وتزيين المدارس بخزائن الكتب المودعة فيها، المشتملة على نفائس الاعلاق؛ ثم اسكان البقاع طلبة العلم والمدرسين في كل فن من الفنون. وكل ذلك من الاسباب الموثقة للملك، والبذور.

(1)

-أي دولة طغرل بك أول سلاطنة السلاجقة الذي خلفه الب ارسلان. انظر كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:123 - 124.

ص: 2483

حتى انقضت النوبة للسلطان الب ارسلان بعد استكمال عشر سنين، الى سنة خمس وستين وأربعمائة، وطلع نجم الدولة الملكشاهية، وظهرت كفاية نظام الملك بعد تقدير الله، في تقرير تلك المملكة، مع اتفاق الوقعة الهائلة للسلطان عند قصدهم ما وراء النهر

(1)

، وطغاء الخصوم اللد من كل ناحية، وتزاحم الاولاد المستعدين للملك، حتى توطدت أسباب الدولة، واستقام الامر، فصار الملك حقيقة لنظامه ورسما واسما للسلطان، فما كان له إلا إقامة رسم (290 - ظ) التخت والاشتغال باللهو والصيد، وكان تحمل اليه الاحمال المجلوبة من الاقطار، والدهر وسنان، والسعد جذلان، والنحس خزيان، واستمر على ذلك عشرون سنة اتفقت لهم فيها غزوات الى الروم، وظفر منها بطرف الدنيا من الاموال، والعبيد، والدواب وغيرها؛ ثم نهضات الى الموصل، وحلب وتلك الديار، وحركات الى ما وراء النهر، وكان في أثناء ذلك ظهور خصوم من الاطراف يتمنون أماني فلا يدركونها، ويتحركون عن مواضعهم وكانت عاقبتهم تؤول الى أنهم يتركونها، وكل ذلك بكمال كفاية نظام الملك، وتمهيده القواعد، وبركة أيامه، وسعادة جده.

الى أن انتهى الحال الى الكمال، فما رضيت تلك النوبة المباركة، والدولة الميمونة الا وان تختم بعاقبة تليق بها، وما كانت الا الشهادة. فأدركه قضاء الله في شهر رمضان شهيدا، ووجئ في الطريق بين أصبهان ومدينة السلام ليلة، ومضى الى رحمة الله سنة خمس وثمانين وأربعمائة وما كانت الا زوال بركته وحشمته حتى تغيرت الامور واضطربت المملكة، وتشوشت أمور العالم، ونسيت تلك الرسوم، وما ركدت بعد سنين آثار النائرة. والظن انها لا تعود الى مثل ذلك والله أعلم.

قال أبو سعد: سمع بأصبهان أبا مسلم محمد بن علي بن مهر برد الاديب وأبا منصور شجاع بن علي بن شجاع المصقلي، وبنيسابور أبا القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وأبا أحمد بن أحمد بن الحسن الازهري، وخلقا يطول ذكرهم.

روى لنا عنه عمي الشهيد أبو محمد الحسن بن منصور السمعاني، وأبو بشر مصعب بن عبد الرزاق المصعبي بمرو. وأبو نصر محمد بن محمود الشجاعي بسرخس

(1)

-انظر كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:291.

ص: 2484

وأبو الحسين محمد بن محمد بن محمد بن السهلكي ببسطام

(1)

، وأبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ بأصبهان، وأبو القاسم علي بن طراد بن محمد ابن علي الزينبي ببغداد، كتب عنه املاء بجامع الرصافة

(2)

، وأبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي اللاذقي، بدمشق، وأبو الفتح محمد بن محمد بن عبد الله البسطامي ببلخ.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي منصور بن الجواليقي عن الخطيب أبي زكريا التبريزي أن فخر الملك بن نظام الملك حدثه ان والده كان يكتب (291 - و) للأمير ياخر صاحب بلخ، وفي رأس كل حول يصادره، ويأخذ ما معه، ويقول له: قد سمنت، ويدفع إليه فرسا ومقرعة، ويقول: هذا يكفيك، فلما طال عليه هرب منه، ولقيه أصحاب ياخر فأخذوه وهو على فرس بطيء فلقي ركابيا فأعطاه فرسه، فقويت نفسه، وهرب منهم، ودخل إلى داود بن ميكائيل، فلما رآه أخذ بيده، وسلمه إلى ولده ألب أرسلان وقال له: هذا حسن الطوسي فتسلمه، واتخذه والدا، ودخل ياخر في الحال وقال: هذا كاتبي وقد أخذ أموالي، وكان قد ركب خلفه فقال له داود: لا خطاب لك معي، والخطاب لولدي محمد، فلم يتمكن من خطابه، ولمّا خاطبه فيه لم يسمح به.

داود بن ميكائيل هو جغري بك، ومحمد ابنه هو ألب أرسلان، ولكل واحد من الملوك السلجوقية اسمان، اسم عربي واسم تركي.

أخبرنا عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: سمعت أبا منصور علي بن علي بن عبد الله الأمين يقول: سمعت الأمير أبا الحسن العبادي يقول: حين جاءنا نعي نظام الملك في شهر رمضان سنة خمس وثمانين-قال: كنت بسرخس في مجلس شيخي أبي علي الفارمذي فقال في أثناء كلامه: وهذا الحسن

(1)

-بلدة كبيرة بقومس على جادة الطريق الى نيسابور بعد دامغان بمرحلتين. معجم البلدان.

(2)

-رصافة بغداد.

ص: 2485

سد للفتن، مشفق على المسلمين، وكان يشير إليه-فنظرت فإذا النظام جالس تحت سريره-ثم قال الأمير العبادي: أخاف بعد قتله ظهور (291 - ظ) الفتن، فإن الشيخ قال: هو سد للفتن.

أخبرنا عبد المطلب قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر بن أبي المظفر قال:

قرأت بخط والدي رحمه الله: سمعت الفقيه الأجل أبا القاسم، يعني عبد الله بن علي بن اسحاق، أخا نظام الملك يقول: كان أخي نظام الملك يملي بالريّ، فلما فرغ قال: إني لأعلم أني لست أهلا لما أتولاه من هذا الإملاء، لكني أريد أربط نفسي على قطار بغلة

(1)

حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال: قال والدي رحمه الله، وسمعته-يعني الفقيه الأجل-يقول:

سمعته-يعني نظام الملك-يقول: مذهبي في علو الحديث غير مذهب اصحابنا، إنهم يذهبون الى أن الحديث العالي ما قل رواته، وعندي: إن الحديث العالي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن بلغت رواته مائة.

قرأت بخط الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل، وأنبأنا به الحسن ابن المقيّر عنه، قال: حدثني الشيخ الإمام أحمد بن محمود بن ابراهيم الضرير الآزجي المعروف بابن الصياد، صاحب الشيخ أبي سعد المعمّر بن علي بن المعمّر، الواعظ المعروف بابن أبي عمامة قال: سمعت من لفظ الشيخ أبي سعد الواعظ قال: لما قدم السلطان ملك شاه إلى بغداد، كان وزيره الحسن بن علي بن اسحاق، نظام الملك، في سنة ثمانين واربعمائة، قصد الناس نظام الملك، واستجدوه، وكثر عليه الناس والشعراء، فلم يرد أحدا ممن قصده، حتى قيل انه لما خرج إلى النهروان تقدم بأن يثبت ما خرج منه (292 - و) مدّة مقامه، فكان مائة ألف ونيف وأربعين ألف دينار.

أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد ابن منصور قال: وقرأت بخط والدي: سمعت الفقيه الأجل يعني أبا القاسم عبد الله بن علي بن اسحاق يقول: كنت بمكة، وأردنا الخروج إلى عرفات، فأخبرني

(1)

-كذا بالاصل، ولعلها تصحيف صوابه «نقلة» .

ص: 2486

رجل أن إنسانا من الخراسانية مات في بعض الزوايا، وأنه انتفخ وفسد، ولزمني القيام بحقه لما أديت من الأمانة إليّ فيه، فتمكثت لذلك.

قال: فرآني بعض من كان يأتمنه الصاحب نظام الملك على أمور الحاج فقال لي: ما وقوفك ها هنا والقوم قد ذهبوا؟! فقلت: أنا واقف لكذا وكذا، فقال:

اذهب ولا تهتم لأمر هذا الميت، فإن عندي خمسين ألف ذراع من الكرباس لتكفين الموتى من جهة الصاحب نظام الملك.

أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي قال: أخبرنا تاج الإسلام أبو سعد السمعاني قال: وكان أكثر ميله إلى الطائفة المتصوفة مع الإيمان بما كانوا يتوسلون به إليه من فنون الرؤيا، فيقبلهم على ذلك، ويقربهم، وينجح حوائجهم، ويوصل إليهم مآربهم، ويقضي ديونهم ويدر عليهم الادرارات والمرسومات.

وحكي عن بعض المعتمدين أنه قال: حاسبت مع نفسي وطالعت الجرائد فبلغ ما قضاه الصدر من ديون واحد من المتنمسين المقبولين عنده في مدة سنين يسيرة ثمانين ألف دينار حمر، وكان صادقا فيما حكاه.

نقلت من خط عماد الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب، وأنبأني عنه أبو الحسن محمد بن أبي جعفر وغيره، قال: ومناقب نظام الملك أكثر من أن تحصى، وحكى من أحضر محاسبة ابن اسمحا اليهودي بإحالاته وتوقيعاته، فوجدها في أشهر قد اشتملت على ثلاثين ألف دينار، ليس فيها توقيع إلاّ لفقيه، أو فقير، أو شريف، أو لرجل من أهل بيت (292 - ظ).

أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: سمعت أبا الفضل مسعود بن محمود الطرازي ببخارى يقول: سمعت شيخنا الحسن بن الحسين الأندقي يحكى عن عبد الله الساوجي أنه قال: كان الوزير نظام الملك استأذن السلطان ملك شاه في سفر الحج، فأذن له، وكان ببغداد، فعبر الدجلة، وعبروا بالقماشات والآلات، وضربت الخيام على شط الدجلة، فكنت أريد أن أدخل إليه يوما، فرأيت على باب الخيمة واحدا من الفقراء يلوح من جبينه سيماء القوم، فقال لي: يا شيخ أمانة توصلها إلى الصاحب، قلت: نعم، فأعطاني رقعة مطوية، فدخلت، ولم أنشر الرقعة،

ص: 2487

وما نظرت فيها، وحفظت الأمانة، فوضعت الرقعة بين يدي الوزير فنظر فيها، فبكى بكاء كثيرا حتى ندمت، وقلت في نفسي: ليتني كنت نظرت فيها، فإن كان شيء بسوءه ما دفعته إليه، ثم قال لي: يا شيخ أدخل علي صاحب الرقعة، فخرجت فلم أجده، فطلبته فلم أظفر به، فأخبرت الوزير أني لم أجده، فدفع إليّ الرقعة، فاذا فيها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال لي: اذهب إلى الحسن وقل له أين تذهب إلى مكة، حجك ها هنا، أما قلت لك اقم بين يدي هذا التركي وأغث أصحاب الحوائج من أمتي؟ فرجع النظام وما خرج.

قال: وكان يقول لي الوزير مرات: لو رأيت ذلك الفقير حتى نتبرك به، فرأيته يوما على شط الدجلة وهو يغسل (293 - و) خريقات له، فقلت له: إن الصاحب يطلبك، فقال: ما لي وللصاحب، كانت عندي أمانة فأديتها.

قال أبو سعد: وعبد الله الساوجي هو عبد الله بن حسنويه بن اسحاق الساوجي من أهل ساوة، نفق سوقه على الوزير نظام الملك حتى أنفق عليه وعلى الفقراء بإشارته واقتراحه في مدة يسيرة قريبا من ثمانين ألف دينار حمر.

قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين وأنبأنا عنه صديقنا ورفيقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: وفيه-يعني محرم سنة خمس وثمانين وأربعمائة-مرض نظام الملك، فلم يداو نفسه بغير الصدقة فعوفي.

أخبرنا أبو هاشم بن الفضل العباسي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: وأما ميله-يعني نظام الملك-الى أهل العلم، ورغبته في أولي الفضل فهو أنه لا يخلو مجلسه عنهم في أي قطر كان، وكان بابه مجمع الأفاضل من الفقهاء للمناظرة بين يديه، والشعراء والمترسلين يعرضون بضائعهم عليه، فيقابل كل أحد بما يليق به من خلعة أو صلة، أو إدرار على قدر حاله.

قال: سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن حماد الطحان بقاسان يقول:

سمعت عبد الله بن هرون البزاز يقول: كان نظام الملك في مجلس الشيخ أبي علي الفارمذي، فبكى حتى ابتل ثيابه، فقال له: لا تبك كي ترشوي، (293 - ظ)

ص: 2488

يعني تصير ثيابك مبلولة؛ ثم قال بعد ساعة: لو كانت الدنيا بحذافيرها لإنسان وأنفقها في المصالح وسبل الخير لا يصل إلى الله بها؛ ثم قال بعد ساعة: ينتقل من الدست إلى موضع الحساب، وقال بالفارسية: أر بيكشاه بحساب كاهت خواهند برد

(1)

.

وقال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا البركات اسماعيل بن أبي سعد الصوفي ببغداد مذاكرة يقول: سمعت محمد الاصبهاني، وكان مختصا بنظام الملك، قال:

كان النظام إذا دخل عليه الأستاذ أبو القاسم القشيري والإمام أبو المعالي الجويني يقوم لهما ويجلس في مسنده كما هو، وإذا دخل عليه أبو علي الفارمذي يقوم إليه ويجلسه في مكانه، ويجلس بين يديه، فقال لي أبو المعالي الجويني يوما: قل للصدر عني: يدخل عليك الأستاذ أبو القاسم وهو إمام في كذا وكذا علم، لا تكرمه هذا الإكرام الذي تكرم به هذا الشيخ يعني أبا علي الفارمذي؟!

قال محمد الأصبهاني: وفي ضمن هذا الكلام تعريض بنفسه أيضا، فاغتنمت خلوة من النظام وقلت: يا مولانا إمام الحرمين قال لي: كذا على كذا، وحكيت له ما قال لي، فقال النظام: هو وأبو القاسم القشيري وأمثالهما إذا دخلوا علي يقولون لي: أنت كذا وأنت كذا، ويثنون علي، ويطرونني بما ليس في. فيزيدني كلامهم عجبا وتيها في نفسي، وإذا دخل علي هذا الشيخ-يعني أبا علي الفارمذي- (294 - و) يذكر لي عيوب نفسي وما أنا فيه من الظلم، فتنكسر نفسي وأرجع عن كثير مما أنا فيه؛ ذكر لي هذا أو معناه. فإني كتبته من حفظي.

وقال السمعاني: قرأت في بعض مسودات والدي رحمه الله بالري بخطه:

سمعت الفقيه الأجل أبا القاسم عبد الله بن علي بن اسحاق يقول: سمعت الصاحب نظام الملك يوصي ابني ويقول: إنك شرعت في أمر-يعني الفقه-فلا تقنع فيه بالاسم، وإذا تناهيت فيه فلا تغرر بنفسك، وأيقن ان ما لا تعلم أكثر مما تعلم. ثم حكى الصاحب أن الإمام أبا حامد الغزالي الصوفي كان رحل الى أبي نصر الاسماعيلي بجرجان، وعلق عنه، ثم رجع الى طوس، فقطع عليه الطريق، وأخذ

(1)

-يبدو أن الجملة الفارسية تردد معنى سابقتها العربية.

ص: 2489

تعليقه، فقال لمقدم قطاع الطريق: ردوا علي تعليقتي، فقال: وما التعليقة؟ قال:

مخلاة فيها كتب علمي، وقصصت عليه قصتي، فقال لي: كيف تعلمت وأنت تأخذ هذه المخلاة تتجرد من عملك، وبقيت بلا علم! فردها عليّ، فقلت: هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني لأمري، قال: فدخلت طوس، وأقبلت على أمري ثلاث سنين حتى تحفظت جميع ما علقت، فصرت بحيث لو قطع الطريق لا أحرم علمي.

قال أبو سعد: قرأت في كتاب «سر السرور»

(1)

لصديقنا القاضي أبي العلاء محمد بن محمود الغزنوي أن نظام الملك كان في بعض أسفاره إذ صادف راجلا في زي (294 - ظ) العلماء قد مسه الكلال، وأضجره التعب، فقال له نظام الملك:

أيها الشيخ أعييت أم أعييت؟ فقال الرجل: أعييت يا مولانا، فتقدم الى حاجبه ليقرب إليه بعض الجنائب، ويصلح من شأنه، وأخذ في اصطناعه، وإنما أراد ليمتحن فضله وعلمه باللغة، فإن عيي في اللسان وأعيى في المشي.

قال: وذكر أنه ولى رجلا قضاء سرخس، فلم يرتض طرائقه فيه، فصرفه بآخر، وتوسل المعزول بشفاعة بعض الأكابر، فوقع نظام الملك على ظهر كتاب الشفاعة قلدناه أمرا عظيم الخطر، ليوم الفزع الأكبر، فاثاقل وتقاعد عن حسن القيام به، ولم يبال بالتفريط في جنب الله. ألم يعلم أنه المقلّد لا المقلّد!.

أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد ابن الحسين اليزدي الفقيه قال: سمعت أبا نصر محمود بن الفضل الأصبهاني يقول:

سمعت نظام الملك أبا علي الحسن بن علي بن اسحاق الوزير برد الله مضجعه يقول:

رأيت في المنام إبليس في صورة رجل طوال مصفار اللون كوسجا

(2)

فلما وقع بصري عليه عرفت أنه إبليس، فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلم يبرح من موضعه فأعدت هذه الكلمة عليه مرات بصوت، وأنا أقول في نفسي ما أعجب ذلك، هذا إبليس ولا يهرب من قول «لا حول ولا قوة إلا بالله» فكنت في ذلك وأنا رافع صوتي (295 - و) بها إذ ترآى لي بيت خلف ظهره فدخل، فقلت له: يا لعين أنت

(1)

-لم أقف عليه.

(2)

-الكوسج الناقص الاسنان. القاموس.

ص: 2490

خلقك الله وأمرك بسجدة واحدة، فخالفته، حتى لعنك ولعن متابعيك، وأنا الحسن ابن علي بن اسحاق أمرني بالسجدة، فأسجد له كل يوم سجدات، لا جرم ما من حاجة أرفعها عليه إلا ويستجيبها لي وأنا في كل نعمه وراحة منه. فقال:

من لم يكن للوصال أهلا

فكل إحسانه ذنوب

أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: قرأت بخط والدي رحمه الله سمعت الفقيه الأجل أبا القاسم عبد الله بن علي بن اسحاق يذكر أن الصاحب نظام الملك أخاه كان يقول: كنت أتمنى أن يكون لي قرية خالصة ومسجد أتخذ فيه لطاعة ربي، ثم بعد ذلك تمنيت أن يكون لي قطعة من الارض بشربها، أتقوت بريعها، ومسجد أتخلى فيه لعبادة ربي في جبل، ثم الآن أتمنى أن يكون لي رغيف كل يوم، ومسجد أتعبد فيه لربي.

قال أبو سعد: قال والدي رحمه الله. وسمعته يقول: كنت ليلة من الليالي عنده وأنا على أحد جانبيه، والعميد خليفة على الجانب الآخر، وبجنب العميد خليفة فقير مقطوع اليد اليمنى، قال: فشرفني الصاحب بالمؤاكلة، وجعل يلحظ العميد خليفة كيف يؤاكل الفقير؛ قال: فتنزه خليفة من مؤاكلة الفقير لما رآه يأكل بيساره، فقال لخليفة: تحول (295 - ظ) الى هذا الجانب، وقال للفقير: إن خليفة رجل كبير في نفسه يستنكف من مؤاكلتك، فتقدم إليّ، وأخذ يؤاكله.

وقال: قرأت بخط الإمام والدي رحمه الله: سمعت الفقيه أبا القاسم عبد الله ابن علي بن اسحاق الطوسي يقول: دخل أخي نظام الملك على الإمام أبي الحسن الداوودي وقعد بين يديه، وتواضع له غاية التواضع، فقال له الإمام أبو الحسن:

أيها الرجل إن الله سلطك على عبيده، فانظر كيف تجيبه إذا سألك عنهم.

قلت: هذا أبو الحسن الداوودي هو عبد الرحمن بن المظفر بن محمد بن داود ابن أحمد البوشنجي كان من العلماء الأبرار، وهو يروي كتاب البخاري عن الحموي.

قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب، وأخبرنا أبو

ص: 2491

الحسن بن أبي جعفر إجازة عنه، قال: وكان نظام الملك من طوس، وأهل طوس، يقال لهم في اصطلاح الناس بقر طوس، وكان للخزانة صائغ يقال له حسين، حسن الصناعة في الصياغة، قال: استدعاني يوما نظام الملك، وقال: أحضر لي قوالب لعمل سخوت، فأحضرتها له فأول ما وقعت يده على قالب فيه صورة البقر، وقد كنت غفلت عن الحديث فعجل وقال: يا أستاذ ما تخلينا من يدك فلم يترك الظرف واللطف مع جلالة قدره، وكبر سنه.

أخبرني أبو علي الحسن بن اسماعيل القيلوي بحلب قال: قرأت في بعض مطالعاتي أن الشريف أبا يعلى (296 - و) بن الهبارية كان له رسم على الوزير نظام الملك فنظم قطعتين من الشعر، إحداهما يمدحه فيها ويقتضيه رسمه، والأخرى يهجوه فيها، وترك الورقتين اللتين فيهما الشعر في عمامته، وحضر عند نظام الملك.

وأراد أن يدفع إليه الرقعة التي فيها الاقتضاء، فدفع إليه الأبيات التي هجاه فيها.

وإذا فيها مكتوب:

لا غرو أن ملك ابن اسحاق وساعده القدر وصفا لدولته وخصّ أبا الغنائم بالكدر فالدّهر كالدولاب ليس يدور إلاّ بالبقر يعني بأبي الغنائم تاج الملك، وكان من أصحاب السلطان ملكشاه، وكان بين نظام الملك وبينه عداوة.

قال: فلما قرأ نظام الملك الأبيات وقع على رأسها يطلق لهذا القواد رسمه مضاعفا، وناوله إياها، فأخذ ابن الهبارية الرقعة، فلما نظرها أخذ يعتذر، فقال له النظام: لا تقل شيئا، وخذ الرقعة، وامض الى الديوان، فمضى وأخذ رسمه.

قال: إن ابن الهبارية

(1)

هجاه بعد ذلك بقوله:

لا يشمخن بأنفه

غير الكريم المفضل

اهون بفقري والكلا

ب على عيال أبي علي

(1)

-لم أستطع الوقوف على ديوان لابن الهبارية.

ص: 2492

فأهدر دمه، ثم عفا عنه، والقصة قد ذكرناها في ترجمة أبي يعلى بن الهبارية (296 - ظ)، وقيل إن الأبيات الرائية للأبيوردي، والصحيح أنها لابن الهبارية.

قرأت بخط عبد المنعم بن الحسن بن اللعيبة في دستور جمعه قال الفقيه الأبيوردي يهجو خواجا بزرك وزير السلطان ملك شاه رحمه الله، وهو الوزير أبو علي الحسن بن اسحاق.

لا غرو أن وزر ابن اسحاق وساعده القدر وصفت له الدنيا وخص أبو الغنائم بالكدر فالدهر كالدولاب ليس يدور إلاّ بالبقر

(1)

ولما تمت هذه الأبيات الى الوزير رحمه الله استدعى الأبيوردي وكانت أياديه عنده جمة، وله عليه رسوم في كل سنة لها قيمة كبيرة، فلما مثل بين يديه قال له:

يا هذا بم استوجبت منك أن تهجوني تعصبا لعدوي علي؟ وهذا أبو الغنائم الذي ذكره هو تاج الملك عدو الوزير، فأنكر أن هذا شعره، فقال له الوزير: إن لزمت الإنكار أحضرت من أنشدنيها، فوافقك عليها، ومع هذا فأنت تعلم ما لي عندك من الأيادي التي لا تذكر، وما كنت تسألني فيه من الحوائج التي تؤخذ عليها الأموال مع الرسوم، فلاذ الفقيه بالعذر، واعترف أنها من جملة غلطاته التي لا تستقال، وعثراته القبيحة، فقال له الوزير: لا شك أن الرسوم التي لك لا تكف ولا تكفي، وقد تقدمت باضعافها لك، فاقبضها ولا تغلط بعد ذلك.

ونقلت من خط العماد الكاتب أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد وذكر شعرا (297 - و)

(2)

العجم فيه-يعني في نظام الملك-: إن الله أقام الارض على قرن ثور وملكها الثور.

اخبرنا أبو هاشم الصالحي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر المروزي قال:

(1)

-ليست هذه الابيات في ديوان الابيوردي-ط. دمشق 1975.

(2)

-لقد سقط من الاصل-كما يبدو-على الاقل ورقة واحدة. ولعل هذا النص مأخوذ من الخريدة قسم شعراء خراسان، وانا لم أتمكن من الوقوف على هذا القسم من الخريدة حتى أتاكد وأتدارك.

ص: 2493

أنشدني كيخسره بن يحيى بن باكير الفارسي من حفظه أملاه على قال: أنشدني أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي للسيد العلوي البلخي:

تولى الارض أعجاز لئام

وباد سوالف كرمت وهاموا

(1)

كذاك الدور إن خربت واقوت

تولاهن اصداء وهام

قال عبد الكريم: قال لي كيخسره بن علي: قال لي أبو زكريا التبريزي: قاله السيد البلخي لما أفضت الوزارة الى نظام الملك في حقه، فلما بلغ البيتان إليه أرسل بي إليه، واستأذن في زيارته، فأذن فزاره وحمل معه بمائة ألف درهم أغراضا ودنانير واعتذر إليه وكأنه هجاه بهذين البيتين، ثم تعاهدا على أن يعود على شغله في الاستيفاء فوفيا بالعهد الى أن مات.

أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: سمعت محمد بن يحيى بن منصور الجنزي الإمام يقول: سمعت في حياة والدي رجلا يقول: أقام والدي في حجرة النظام الوزير ثلاثة أيام بلياليها ما أكل فيها ولا شرب، وكان الفراش قد نسي أن يقدم له شيئا الى أن تنبه النظام لذلك، فقام بنفسه وحمل إليه الطعام بنفسه.

قال الإمام محمد بن يحيى: فحكيت هذه الحكاية لوالدي، فسكت.

قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ (297 - ظ) في تاريخه قال: حدثني أبي عنه-يعني عن نظام الملك-قال: كان رجلا يصوم الدهر، وله في أصبهان أربع نسوة يعمل له في كل دار طعام ولأصحابه ومن يكون عنده بقيمة وافية، فأي دار اراد أن يجلس بها كان الطعام الكثير معدا له-كما قال-: عشرة رؤوس غنم مشوية، وعشرة ألوان وعشر جامات حلواء.

سمعت القاضي أبا عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر الحنفي قاضي العسكر رحمه الله، وقد جرى ذكر نظام الملك وميله الى أهل العلم، يقول: كان نظام الملك يتعصب للشافعية كثيرا، فكان يولي الحنفية القضاء، ويولي الشافعية المدارس،

(1)

-كذا في الاصل، وجاء في الحاشية بخط مخالف: هام بلا واو وكتابة الواو خطأ.

ص: 2494

ويقصد بذلك ان يتوفر الشافعية على الاشتغال بالفقه، فيكثر الفقهاء منهم، ويشتغل القضاة بالقضاء، فيقل اشتغالهم بالفقه ويتعطلون.

قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب، وأنبأنا عنه أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن القاضي وغيره قال: كان عثمان بن جمال الملك بن نظام الملك رئيس مرو، وهناك شحنة مرو مملوك السلطان بردي فقبض عليه لأمر جرى منه، ثم أطلقه، فجاء مستغيثا، فنفذ السلطان تاج الملك، ومجد الملك وجماعة أرباب دولته وقال لهم: أمضوا الى خواجه حسن وقولو له: إن كنت شريكي في الملك فلذلك حكم، وان كنت تابعي فيجب أن تلزم حدك، وهؤلاء أراذل قد استولى كل واحد منهم على مملكة، فواحد ببلخ، وواحد بهراة، وواحد ببلد كذا، ثم لا يقنعهم ذلك حتى يتجاوزوا (298 - و) حدودهم في سفك الدماء؛ وقال للأمير بكبرد، وكان من خواصه كن معهم حتى لا يحرفوا ما يقول.

فأتوا الى نظام الملك وقالوا له، فقال: نعم، قولوا له: أما علم أنني شريكه في الملك، أو ما يذكر حين قتل أبوه كيف قمت بتدبير أمره، واعلموا أن ثبات القلنسوة معذوق بفتح هذه الدواة، ومتى أطبقت هذه، زالت تيك التي يقر؛ فقال له الرسل:

قد كبرت يا مولانا وقد ضجرت، وقد أثر فيك الأمران وعدلا بك عن الرأي الذي الذي ما زالت الآراء معه، فقال لهم: قولوا للسلطان عني ما أردتم، فقد دهمني ما لحقني من توبيخه، فلما خرجوا من عنده قالوا: الصواب أن لا نذكر ما قاله، وعرفوا بكبرد حرمة مكانه، وسألوه أن لا يخبر بما جرى، فلم يفعل، ومضى بكبرد من حالة، وأخبر السلطان، وبكر الجماعة فوجدوا السلطان جالسا ينتظرهم فقال لهم: ما قال لكم؟ قالوا: قال أنا وأولادي عبيد دولته، فقال السلطان: لم يقل هكذا، ثم وقع التدبير في أمره

(1)

.

وقال: في ليلة السبت عاشر شهر رمضان قتل نظام الملك في نهاوند، بين نهاوند والسحنة

(2)

وهو سائر مع العسكر الى بغداد، وذلك بعد أن فرغ من أفطاره،

(1)

-هناك من يتهم ملكشاه بتدبير عملية اغتيال نظام الملك من قبل الحشيشية.

(2)

-موضع بين بغداد وهمذان وهو أقرب الى همذان-معجم البلدان.

ص: 2495

وتفرق من كان على طبقه من العلماء والفقراء والأجناد، وحمل في محفة الى مضرب حرمه، فأتاه صبي ديلمي في صورة مستميح أو مستغيث، فضربه بسكين كانت معه فقضى عليه، وهرب، فوقع في عثرة عثرها بطنب خيمة فأدرك (298 - ) فقتل، وركب السلطان ملك شاه الى مخيم نظام الملك، وسكن معسكره

(1)

.

وحكي أن أحد الصالحين قال نظام الملك وهم في الإفطار: رأيت في بارحتنا كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاك وأخذك فتبعته، فقال ارجع أيها الرجل فلهذا أبغي، فأولها.

نقلت من خط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين وأنبأنا به عنه رفيقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: وفي ليلة السبت عاشر شهر رمضان-يعني من سنة خمس وثمانين-قتل نظام الملك، قوام الدين، أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق رضي الله عنه قريبا من نهاوند، وهو سائر مع العسكر في محفته، فضربه صبي ديلمي في صورة مستميح أو مستغيث، بسكين كانت معه، فقضى عليه، وأدرك فقتل، وجلس لعزائه عميد الدولة ابن جهير ببغداد

(2)

.

وفضائله المشهورة في كل مكان وزمان تنوب عن لسان مادحه، وأفعاله الصالحة من المدارس، والربط، والقناطر، والجسور، والصدقات الدارة باقية على الأيام.

وتحدث الناس أن قتل نظام الملك كان برضى من السلطان وتدبير تاج الملك أبي الغنائم، وإشارة تركان خاتون لانهم كانوا عزموا على تشعيث خاطر المقتدي، وكان نظام الملك يمنعهم من ذلك

(3)

.

قال ابن الحصين: وبلغني أن أبا نصر الكندري

(4)

لما عزل عن وزارة السلطان،

(1)

-انظر تاريخ آل سلجوق-ط. القاهرة 1300 هـ:59 - 60 مع تفاوت كبير.

(2)

-وزير المقتدي وصهر نظام الملك. انظر كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:193 - 194.

(3)

-أراد السلطان ملكشاه الغاء الخلافة العباسية أو على الاقل نقل الخليفة من بغداد الى مكة. انظر مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:221.

(4)

-وزير السلطان طغر لبك.

ص: 2496

وفوضت الوزارة الى نظام الملك، وحبس وسعى (299 - و) نظام الملك في قتله، فلما هم الجلاد بقتله، قال له: قل للوزير نظام الملك: بئس ما فعلت، علّمت الأتراك قتل الوزراء وأصحاب الدواوين، ومن حفر مغواة وقع فيها، ومن سن سنة فله وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة، ورضى بقضاء الله المحتوم، فكان الأمر كما قال.

قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه قال: سنة خمس وثمانين وأربعمائة فيها: قفز باطنية على خواجا بزرك ببغداد وهو محمول في محفته التي كان يحمل فيها من ضعفه وكبره في تاسع شهر رمضان، فجرحه وحمل الى داره التي ببغداد، فجاء السلطان ملك شاه يفتقده ويتوجع له، فقال له خواجا:

يا سلطان العالم كبرت في دولة أبيك ودولتك، كنت تمهلت علي فما بقي من عمري إلا القليل، أو صرفتني ولا أمرت أن يفعل بي هكذا، فأخرج السلطان مصحفا في تقليده، وحلف له بما فيه أنه لم يأمر، ولم يعلم، ثم قال: وكيف أستجيز هذا وأنت بركة دولتي، وبمنزلة أبي، وكان الذي اتهم بذلك متولي الخزانة تاج الملك أبا الغنائم.

قال ابن منقذ: حدثني أبي عنه قال: فمات خواجا، ومضى السلطان فمات في العشر الاخير من شوال

(1)

.

قال: وذكر أن السلطان لما مات اجتمع مماليك خواجا بزرك، وكانوا في سبعة آلاف مملوك مزوجين الى سبعة آلاف مملوكة. فقتلوا تاج الملك على ما نذكر في ترجمة تاج الملك (299 - ظ).

(1)

-مات ملكشاه مسموما بعد مقتل نظام الملك بفترة وجيزة-انظر مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:221 - 222.

ص: 2497

كذا قال ابن منقذ أنه قتل ببغداد وحمل الى داره التي ببغداد، وهو وهم، والصحيح أنه قتل بقرب نهاوند وهو متوجه الى العراق.

نقلت من كتاب «الاستظهار في التاريخ على الشهور»

(1)

تأليف القاضي أبي القاسم علي بن محمد السمناني قال: في شهر رمضان من سنة خمس وثمانين وأربعمائة قتل الشيخ الكبير قوام الدين نظام الملك أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق، رضي أمير المؤمنين رضي الله عنه في ظاهر نهاوند وهو سائر الى العراق، قتله انسان ديلمي غيلة بعد الفطر ليلة الجمعة حادي عشر منه.

وكان مولده في ذي القعدة من سنة ثمان وأربعمائة، وبقي في الأمر وزيرا، وناظرا، ومشرفا نحو خمسين سنة، وبلغ في الوزارة ما لم يبلغه أحد من وزراء الدولتين، وكان يضرب له الطبل والقصاع ثلاث صلوات حضرا وسفرا، وهو الذي بنى الدولة السلجوقية وأسس قواعدها، وتفتحت الدنيا على يديه، وكان صدوق اللسان جيد الرأي، كبير النفس حليما وقورا، يصلي الليل، ويصوم في أكثر الاوقات.

وهو أول وزير بنى المدارس في البلاد، وأجرى على المدرسين، والمتفقهة، والأدباء والشعراء، وأهل البيوتات، والرؤساء. ولم ينظر قط الى ظهر محروم، وما قصده أحد في أمر إلا ناله أو معظمه، فأما الحرمان فلا، ولم يبق عليه من عظيم الملك غير ما فعله وبناه وخلد به ذكره في العالم، وفاق به على جميع من تقدم، رضي الله عنه وأرضاه (300 - و) وأحسن له الجزاء عني، فلقد وصلني في سبع سفرات بألف وأربعمائة دينار من ماله، غير الثياب والنزل والاقامة، وأجرى علي من مال بيت المال سبعمائة دينار وعشرين دينارا في كل سنة، وولاني قضاء الرحبة

(1)

-لم استطع الوقوف عليه.

ص: 2498

والرقة وحران وسروج وحلب وأعمال ذلك كله، وخاطبني بالقاضي السديد العالم، بحر العلماء، عين القضاة في مكاتبته إلي، فأحسن الله له عني الجزاء.

وكان يكرم العلماء على اختلاف مذاهبهم، وله فضل وكرم وبصيرة بالرجال، قريب من القلوب، لا يتشاغل إلا بتلاوة القرآن وسماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومناظرة الفقهاء بين يديه، وتقدم في زمانه من لم يكن متقدما من الرجال، وتأخر من كان متقدما، واسترجع الممالك كلها، وقبضها الى السلطان.

وهو أول من أقطع البلاد والضياع للعساكر والأجناد، وكان يرعى لأهل البيوتات بيوتهم وللعلماء علمهم، وللشعراء شعرهم، وللأدباء أدبهم، وللأشراف شرفهم. وكان أمر الدولة في الزيادة الى أن شاركه في الرأي غيره، وداخل السلطان سواه، فهلكت الدولة، ولم يبق للسلطان بعده إلا نيف وثلاثون يوما رضي الله عنه.

ذكر أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهمذاني في كتاب عنوان السير في محاسن أهل البدو والحضر وقال: نظام الملك، أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق الطوسي، وزر للسلطان ألب أرسلان، ولولده السلطان ملك شاه تسعا وعشرين سنة (300 - ظ) وقتل بالقرب من نهاوند في الليلة الحادية عشرة من شهر رمضان سنة خمس وثمانين وأربعمائة، وعمره ست وسبعون سنة وعشرة أشهر، وتسعة عشر يوما، اغتاله أحد الباطنية وقد فرغ من فطوره، وقيل إن السلطان ملك شاه ولف عليه من قتله لأنه سئم طول عمره، ومات بعده بشهر وخمسة أيام.

وتقدم نظام الملك في الدنيا التقدم العظيم، وأفضل على الخلق الافضال الكثير، وعم الناس بمعروفه، وبنى المدارس لاصحاب الشافعي، ووقف عليهم الوقوف، وزاد في الحلم والدين على من تقدمه من الوزراء، ولم يبلغ أحد منهم منزلته في جميع أموره، وعبر جيجون فوقع على العامل بأنطاكية ما يصرف الى الملاحين، وملك

ص: 2499

من الغلمان الأتراك ألوفا عدة، وكان جمهور العساكر وشجعانهم وفتاكهم من مماليكه.

وتحدث أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: سألته عن السبب في تعظيمه الصوفية، فقال: أتاني صوفي وأنا أخدم ابن ياخر الأمير التركي، فوعظني وقال: أخدم من تنفعك خدمته ولا تشتغل بمن تأكله الكلاب غدا، فلم أعرف معنى قوله، فانفق أن ابن ياخر شرب من الغد، واغتبق، وكانت له كلاب كالسباع تفرس السباع بالليل، فغلبه السكر وخرج وحده، فلم تعرفه الكلاب، فمزقته، فعلمت أن الرجل كوشف، فأنا أطلب مثاله. (301 - و).

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي، بحلب، وأبو يعقوب يوسف بن محمود الساوي بالقاهرة عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني نزيل الاسكندرية قال: سمعت صواب بن عبد الله الخصي النظامي ببغداد يقول: قتل مولاي الوزير أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق شهيدا في رمضان سنة خمس وثمانين وأربعمائة، بقرب نهاوند، وكان آخر كلامه أن قال: قل للعسكر: لا تقتلوا قاتلي فإني قد عفوت عنه، وتشهد ومات، فمضيت أنا فاذا هو قتل، ولو قلت لهم لما قبلوا قولي.

أخبرنا الشريف عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا الامام تاج الاسلام أبو سعد السمعاني قال: سمعت أبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي الحافظ يقول: استشهد أبو علي الحسن بن علي بن اسحاق الوزير وهو متوجه الى العراق بقرية يقال لها سحنة، وذلك في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

قلت: وزرت قبره بأصبهان.

وقال أبو سعد: قرأت بخط والدي رحمه الله بالري: سمعت الشيخ الفقيه

ص: 2500

الأجل أبا القاسم عبد الله بن علي بن اسحاق يقول: حكى لي بعض من رآه-يعني أخاه نظام الملك-في المنام، فسأله عن حاله، فقال: لقد كاد أن يعرض علي جميع عملي لولا الحديدة التي أصبت بها.

أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين بالقاهرة قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: سمعت أبا مسلم داود بن محمد بن الحسن القزويني، بقزوين، يقول: سمعت (301 - ظ) أبا بكر الطحان الصوفي بهمذان يقول: رأى الشيخ أبو عمرو عثمان الكرجي الصاحب أبا علي الحسن بن علي بن اسحاق الطوسي الوزير في المنام وكأنه في الجنة وهو متوج بتاج مرصع بالجواهر، قال: فقلت: بأي شيء بلغت هذه المنزلة؟ فقال، بفضل الله وحده.

أخبرنا عبد المطلب بن أبي المعالي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد قال:

أنشدنا أبو مضر طاهر بن مهدي الطبري إملاء بنيسابور قال: وأنشدني أبو عبد الله محمد بن الحسين الأرزني إملاء من حفظه، قال أبو مضر: بمرو، وقال أبو عبد الله: بجبل تروع

(1)

، قالا: أنشدني شبل الدولة أبو الهيجاء مقاتل بن عطية البكري لنفسه في مرثية نظام الملك:

كان الوزير نظام الملك لؤلؤة

يتيمة صاغها الرحمن من شرف

عزّت ولم تعرف الايام قيمتها

فردها غيرة منه الى الصدف

‌الحسن بن علي بن الحسن بن أحمد بن وكيع بن خلف بن وكيع:

أبو محمد التنيسي، وقيل الحسن بن علي بن أحمد بن وكيع، وقيل الحسن ابن محمد بن وكيع، وقيل علي بن الحسن بن وكيع أبو الحسن، وقد سبق ذكره.

(1)

-لم أستطع التعرف الى موقعه.

ص: 2501

‌الحسن بن علي بن الحسن بن حرب:

أبو علي قاضي الثغور الشامية.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل بالقاهرة، قال:

أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد الدهان قال: حدثنا أبو علي (302 - و) محمد بن سعيد بن عبد الرحمن في تاريخ الرقة قال: الحسن بن علي بن الحسن بن حرب، قاضي الثغور، ولد سنة ثلاثين ومائتين، ومات سنة ثنتين وثلاثمائة بطرسوس يكنى أبا علي

(1)

.

‌الحسن بن علي بن رشيد:

أبو علي المقرئ الرسعني الضرير، من أهل رأس عين، روى بحلب عن أبي زكريا يحيى بن عمار بن أبي القاسم العصار شيئا من شعره، كتب عنه أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي:

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن الدمشقي بها، قال:

أخبرنا أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي، إجازة، قلت: ونقلته أنا من خط العليمي قال: أنشدني أبو علي الحسن بن علي بن الحسن بن رشيد المقرئ الرسعني الضرير إملاء من حفظه بحلب قال: أنشدني أبو زكريا يحيى بن عمار بن أبي القاسم العصار الرسعني الضرير إملاء من حفظه بحلب، قال: أنشدني أبو زكريا يحيى بن عمار بن أبي القاسم العصار الرسعني لنفسه برأس عين:

أرى قلمي قد زل عن كون وصفه

وزلت يدي عن قصد ما أنا طالبه

(1)

-تاريخ الرقة:162.

ص: 2502

حسام نبا من بعد حزم وحدّة

فكلّت غراراه وفلّت مضاربه

إذا رمت حرفا صدّني وأعاقني

يغالبني طورا وطورا أغالبه

فلا خير فيمن خان ودّ حبيبه

وأسدل ديجورا وغابت كواكبه

فذره بقاع بلقع لا يرى به

أنيسا ولا تلمم به فتعاتبه

(302 - ظ)

‌الحسن بن علي بن الحسن بن شواش:

المقرئ الأرتاحي أبو علي الكتاني المعدل، من أرتاج قرية من عمل حلب بالقرب من ثغر حارم انتقل الى دمشق وسكنها وتولى بها الاشراف على وقف الجامع، وأظن انتقاله الى دمشق عنها لغلبة الروم عليها.

حدث عن أبي القاسم اسماعيل بن القاسم بن اسماعيل الحلبي المؤدب، ويوسف بن القاسم الميانجي، وأبي العباس أحمد بن محمد بن علي بن هرون البردعي والفضل بن جعفر التميمي، وأبي سليمان بن زبر.

روى عنه أبو علي الحسن بن علي الأهوازي، وأبو سعد السمان، وأبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأبو طاهر محمد بن الحسين الحنائي، وأبو طاهر بن أبي الصقر الانباري، وأبو نصر أحمد بن محمد بن سعيد، ونجا بن أحمد، وأبو الفرج سهل بن بشر، وأبو القاسم بن أبي العلاء.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن داود بن عثمان الدربندي بمسجد الخليل عليه السلام بحبرى، وأبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي، وأبو الخطاب عمر بن إيلملك بن الأردعانسي بالبيت المقدس، وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحسين المقدسي، وأبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجباب المصري بمكة حرسها الله، وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي بحلب، وأبو الحسن علي

ص: 2503

ابن عبد الرحمن بن هبة الله بن مساور الخطيب المنبجي بها قالوا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن ابراهيم السّلفي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسين بن محمد الحنائي بدمشق، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن الشواش وأبو عبد الله (302 - و) محمد بن علي بن سلوان المازني قالا: أخبرنا أبو القاسم الفضل بن جعفر بن محمد التميمي المؤذن قال: حدثنا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الفرج بن عبد الواحد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسهر عبد الاعلى بن مسهر الغساني قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبرئيل عليه السلام، عن الله عز وجل أنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار وأنا الذي اغفر الذنوب ولا أبالي، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي كلكم جائع إلاّ من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي لو أن أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم لم ينقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا في صعيد واحدة فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم ما سأل لم ينقص ذلك من ملكي شيئا إلا كما ينقص المخيط غمسة.

وقال ابن شواش: فيه غمسة واحدة، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحفظها عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلاّ نفسه

(1)

.

قال أبو مسهر قال سعيد بن عبد (303 - ظ) العزيز كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.

(1)

-انظره في كنز العمال:15/ 43590.

ص: 2504

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: الحسن بن علي بن الحسن بن شواش أبو علي الكتاني المقرئ المعدّل، أصله من أرتاح مدينة من أعمال حلب، وتولى الإشراف على وقوف جامع دمشق.

حدث عن الفضل بن جعفر، ويوسف بن القاسم الميانجي، واسماعيل بن القاسم بن إسماعيل، وأبي سليمان بن زبد، وأبي العباس أحمد بن محمد بن علي ابن هرون البردعي، روى عنه أبو علي الأهوازي وهو من أقرانه، وأبو سعد اسماعيل بن علي السمان وعبد العزيز بن أحمد وأبو نصر أحمد بن محمد سعيد وأبو الفرج سهل بن بشر، وأبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر، وأبو القاسم بن أبي العلاء، ونجا بن أحمد، وأبو طاهر محمد بن الحسين الحنائي.

أخبرنا أبو الوحش بن نسيم-إذنا-قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا الكتاني قال: توفي شيخنا أبو علي الحسن بن علي بن شواش في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة

(1)

.

‌الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي الحسن الأنصاري

أبو علي البطليوسي الأندلسي، ويكنى أيضا أبا محمد من أهل بطليموس بلدة بالأندلس نحو صقلية، خرج من بلاد المغرب فسمع في طريقه بالاسكندرية الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد السّلفي، وأبا بكر محمد بن الوليد الطرطوشي (304 - و) وخرج الى العراق، ثم الى خراسان، وسكن نيسابور واشتغل بها بشيء من علم الكلام والفقه على أبي نصر عبد الرحيم بن أبي القاسم القشيري، وعمر بن أحمد الصفار.

(1)

- تاريخ ابن عساكر:4/ 221 - ظ -222 - و.

ص: 2505

وسمع الحديث من أبي نصر القشيري، ومن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي، وسهل بن ابراهيم المسجدي، وأبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وأحمد بن محمد الميداني، وأبي القاسم الفضل بن محمد بن الفضل العطار.

وحدث بنيسابور بشيء من حديثه، ثم خرج من نيسابور، وعاد الى بغداد، وحدث بها في صفر سنة ست وخمسين، وسمع منه بها القاضي عمر بن علي بن الخضر القرشي الحافظ، وخرّج عنه حديثا في معجم شيوخه، وقدم دمشق، فأقام بها مدة، وحدث بها بشيء من مسموعاته، ثم توجه الى مكه حرسها فأقام بها مدة يسيرة وحمله الشيخ علوان بن عبد الله بن علوان الحلبي أخو شيخنا أبي محمد عبد الرحمن الى حلب، فحدث في طريقه بالعراق، وقدم حلب وحدث بها بكتاب صحيح البخاري، وسنن أبي داود، وغيرها وأقام بحلب الى أن مات.

روى عنه أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني وخرج عنه في معجم شيوخه المسمى بالتحبير

(1)

وفي مذيله، والحافظ أبو المواهب الحسن ابن هبة الله بن صصرى الدمشقي، وخرج عنه حديثا في معجم شيوخه، والقاضي أبو الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي.

روى لنا عنه عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، والشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي بحلب (304 - ظ) وأبو منصور يونس بن محمد بن محمد بن محمد الفارقي بدمشق.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا تاج الاسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: حدثنا أبو علي المغربي من لفظه بنيسابور -قال: أخبرنا أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري قال:

أخبرنا أبو نصر محمد بن الفضل النسوي، قدم علينا، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد الفقيه النسوي قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا محمد ابن المتوكل العسقلاني قال: حدثنا الوليد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤمر جبريل كل غداة فيدخل بحر

(1)

-لم أقف له على ذكر في كتاب التحبير للسمعاني.

ص: 2506

النور فينغمس فيه انغماسة، ثم يخرج فينتفض انتفاضة فيسقط منه سبعون ألف قطرة، يخلق الله تعالى من كل قطرة ملكا فيؤمر بهم الى البيت المعمور فيصلون فيه، ثم يؤمر بهم إلى حيث شاء الله يسبحون إلى يوم القيامة

(1)

.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي بها، قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو علي الحسن بن علي بن الحسن الأنصاري البطليوسي-بحلب في سنة ست وستين وخمسمائة-قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر ابن طاهر بن محمد الشحامي بنيسابور قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن ابن محمد الكفجرودي قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن محمد ابن اسحاق الحافظ قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين بن أبي معشر السلمي بحران (305 - و) قال: حدثنا-يعني-ابن موسى الفزاري قال: أخبرنا-يعني-ابن أنس عن حميد عن أنس أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين.

أخبرنا يونس بن محمد بن محمد بن محمد الفارقي الخطيب بدمشق قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن الحسن الأنصاري البطليموسي-بثغر حلب سنة ست وستين وخمسمائة-قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله البيروتي ببيروت قال: حدثنا بحر بن نصر قال: حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني قال: حدثنا مالك عن الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

(2)

.

(1)

-انظره في كنز العمال:12/ 34798.

(2)

-انظره في كنز العمال:3/ 8291.

ص: 2507

آخر الجزء الخمسين والمائة من تاريخ حلب ويتلوه في الحادي والخمسين أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي:

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وعلى آله الطاهرين وصحبه الأكرمين وسلم تسليما كثيرا، وهو حسبي (305 - ظ).

ص: 2508