الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
راجح بن اسماعيل الحلبي:
(1)
سمعت راجح بن اسماعيل الحلبي ينشد الملك الظاهر قصيدة يرثي بها الأمير أبا الحسن علي بن الامام الناصر لدين الله أمير المؤمنين، وقد ورد الخبر الى حلب بوفاته، وجلس السلطان الملك الظاهر للعزاء فأنشدهم:
أكذا يهد الدهر أطواد الهدى
…
ويرد بالنكبات شاردة الردى
أكذا تغيب النيرات وينطفي
…
ما كان من أنوارها متوقدا
يا للرجال لنكبة نبوية طوت
…
العلى قلبا عليها مكمدا
ولحظة شنعاء لاحظها الهدى
…
دامي الجفون فغض جفنا أرمدا
لو كنت بالشهباء يوم تواترت
…
أنباؤها لرأيت يوما أسودا
يوم تزاحمت الملائكة العلى
…
فيه فعزت عن علي أحمدا
قصدت أمير المؤمنين رزية
…
عادات وقع سهامها أن تقصدا
هي ضعضعت شم الجبال وأخضعت
…
من لم يكن لمذلة متعودا
شنت على حرم الخلافة غارة
…
شعواء غادرت الفخار مطردا
فسقت أبا حسن ثراك صنائع
…
لك ليس تبرح غاديات عودا
يا طود زلت فزلزلت أرض
…
…
أن تتمهدا
(2)
يا ليث من يغني غناءك والظبى
…
تبكي دما يا غيث من يروي الصدا
(1)
-بداية هذه الترجمة مفقودة وجاءت الصفحة الحاوية للقصيدة مطموسة شبه كليا وأمكن تدارك بعض القصيدة من كتاب مفرج الكروب لابن واصل الحموي الجزء الثالث ط. القاهرة-دار القلم:230 - 232 (حوادث سنة 612 هـ).
(2)
-مطموس بالاصل ولم أجده في مصدر آخر.
يا وحشة المحراب منك اذا دجى
…
غسق الظلام ولم يجد متعبدا (2 - و)
هذا كتاب الله لم غادرته
…
من بعد احكام الذي فيه سدى
أسفي لمنتجع وعاف معيل
…
عدما سحابا منك يمطر عسجدا
تا لله ما ظفر الحمام بمثلها
…
يوما ولم يمدد إلى أحد يدا
يا دهر لست وإن عرفت بعده
…
في البغي أول من طغى وتمردا
أحيا بنيك وما عداك تعطف
…
منه ففيم عليه صرفك قد عدا
تعسا لجدك إذ كففت أنا ملا
…
يا طالما وكفت
(1)
ندا وكفت ردا
قال فيها:
ما للامامة أصبحت مفجوعة
…
بأعزها حسبا وأزكى محتدا
ورث الخلائف علم يوم مصابه
…
فلأجله اتخذوا الشعار الأسودا
منها:
يا خابط البيداء يحمي يومه
…
أرق فيرمي بالمطيّ الفدفدا
(2)
لاتحدونّ اليعملات
(3)
…
وخلها
تسري سيغنيها الزفير عن الحدا
ميعاد طرفك بالبكاء متى بدا
…
علم الحجاز ولاح معتليا كدا
(4)
فهناك صح يا آل هاشم دعوة
…
تذكي عليلا وتبكيّ جلدا
واقرأ السلام على المشاعر والصفا
…
واحبس هنالك النعي مرددا
واكتم عن الوفد الحلول مصابه
…
فالقوم صرعى السير من بعد المدا
وصل السّرى حتى تحل بيثرب
…
ليلا فعزّ به النبي محمدا
(2 - ظ)
وقل ابن عمك يومه أدناه من
…
أجل فكن جار الجنان له غدا
واعدل إلى العباس عم المصطفى
…
إن أنت عاينت البقيبع الغرقدا
وصف المصاب وقل فجعت بدوحة
…
نبوية كادت تطول الفرقدا
(1)
-وكف ربط واغلق.
(2)
-الفدفد: الفلاة. القاموس.
(3)
-النوق. القاموس.
(4)
-موضع قرب مكة. معجم البلدان.
وتركت بالزوراء
(1)
…
أهل قيامة
كان النعيم عليهم قد خلدا
صلى الإله على قبور أئمة
…
ملئت مع الحلم الشجاعة والندا
صبرا أمير المؤمنين فلم تزل
…
في كل حادثة بصبرك يقتدى
إن السماء تكاد عند مصابكم
…
تهوي وعقد الشهب أن يتبددا
وامنح غياث الدين صبرا منك لو
…
أرشدته يوما إليه لاهتدى
فهو الضعيف إذا تلم ملمة
…
بكم وما زال القويّ تجلدا
واسلم فلا سعت الليالي بعدها
…
أبدا إليك بما يسر به العدا
أنشدني الأمير شرف الدين راجح بن اسماعيل بن أبي القاسم الحلي لنفسه بحرّان في الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب، وذكر لي أنه كان مرض مرضة عظيمة، وكان هو أيضا مريضا، فلما أبل الملك الأشرف من مرضه عوفي الحلي أيضا فأنشده مهنئا:
هاجت فنون الهوى ورقاء في فنن
…
ناهيك من شجر أمرن بالشجن
ناحت وأفياؤها خضر مراتعها
…
وإلفها عن فروع البان لم يبن
شدت فأصغيت ملتذا بنغمتها
…
جهلا فماذا لقلبي هجتم يا أذني
(3 - و)
وقفت ما بين ملتّف الأراك وبي
…
من سجعها أنّة النائي عن الوطن
أبكى وتبكي فلولا أن علا نفسي
…
فاستيقظ الركب لم يدر الجوى بمن
فبعدها لا أرى بالجزع ذا جزع
…
على الديار ولا بالحزن ذا حزن
وأنت يا حامل الخطىّ معترضا
…
لقتل عشاقه خفف عن البدن
صل بالقوام ودع ما أنت حامله
…
فأين من لدنه فعل القنا اللدن
يا من ثنته شمول من شمائله
…
فاهتز مثل اهتزاز الذابل اليزني
في فترة الطرف أرسلت العذار فما
…
هذا التثني الذي يدعو إلى الوثن
علمت إذ قمت للعشاق منتصبا
…
أن سوف تظهر فيهم دولة الفتن
سل خدك الأحمر القاني أيشعر ما
…
شعاره فهو خوف الثأر في جنن
(1)
-هي بغداد.
من صرف الخمر في عنقود عارضه
…
واطلع البدر تحت الليل في غصمن؟؟؟
واستبق أسراك من أهل الغرام فقد
…
طاحت نفوسهم نهبا بلا ثمن
وهات قل لي أزيد الخيل في دمهم
…
أفتاك بالفتك أم سيف بن ذي يزن
فمل إلى السّلم فالأيام خالية
…
بصفو ملك بني أيوب من إحن
واشرب على برء موسى من
…
مشعشعة مشمولة عتقت في الدن من زمن
واطرب على الدولة الغراء مقبلة
…
تجر ثوب التهاني معلم الردن
حسب الهدى برء فياض الندى كلف
…
بالمكرمات نقي العرض من درن
لاحت بوارق بشراه فأطربني
…
ما خلفها من عموم العارض الهتن
(3 - ظ)
بشرى عرفت شذاها الشاذوي
(1)
…
وقد
خفيت عن عين عوّادي فلم ترني
جاءت وروحي قد راحت تقسمها
…
أيدي الردى فأعادتها إلى بدني
منها
ما بعدكم يا بني أيوب منتجع
…
لطالب الرزق يستعدى على الزمن
وكلتم بالرعايا عين عدلكم فما
…
درت بعدكم مالذة الوسن
تلاعب بصروف الدهر سطوتكم
…
تلاعب الريح في الآذي
(2)
بالسفن
فالملك بالشرق ممتد الرواق إلى
…
فسطاط مصر فأقصى الهند فاليمن
وقل لمفتخر بالباس من مضر
…
وبالسماحة من قيس ومن يمن
دعوا العلى أوفعدوا مثل سؤددهم
…
هذي المناقب لاقعبان من لبن
ما كل رونق وجه تحته كرم
…
هيهات قد ينبت المرعى على الدمن
ما يستوي العود مشتدا عريكته
…
وابن اللبون إذا مالذ في قرن
يا من يطوف به وفد العفاة كما
…
طاف الحجيج ببيت الله والركن
أجرتني حين جار الدهر معتمدا
…
جبري فكم منح عوضت من محن
وجدت لي بالذي صرت الغني به
…
وكنت أجوج من ميت إلى كفن
أنشدني راجح بن اسماعيل الحلي لنفسه بحرّان يمدح الملك العظم عيسى ابن الملك العادل، وأنشده إياها بحضرة أخيه الملك الأشرف موسى، وكان قد جرت بينهما وحشة أو جبت أن الملك المعظم أغرى خوارزم شاه جلال الدين
(1)
(4 - و) ببلاد أخلاط، وهي بلاد أخيه الملك الأشرف وأوجب ذلك أن سار الملك الأشرف من الجزيرة إلى دمشق واجتمع بأخيه طمعا في أن تزول الوحشة بينهما، فاتفق أن ورد الخبر إلى دمشق بنزول خوازم شاه على أخلاط محاصرا لها، فأنشده هذه القصيدة يعرض فيها بتقريعه على ما فعل، ويحذره عاقبة الخلاف وذلك في سنة أربع وعشرين وستمائه:
ملكت كما شاء الهوى فتحكمّ
…
وإلاّ ففيم الهجر لي وإلي كم
أخذت توريّ عن دمي أوما
…
ترى بخديك من أثاره لون عندم
(2)
ولو جحدت عيناك قتلي وأنكرت
…
أقر به خط العزار المتمم
أيحسن أن تمشي من الحسن مثريا
…
وتمنع من ماعونه فقر معدم
وفوق يواقيت الشفاه زبرجد
…
نقشت به أفراد در منظم
فما لي إذا حاولت منك التفاتة
…
احلت على تمويه طيف مسلم
وهبني أرضى بالخيال وزوره
…
فمن لي إذ تجفو بجفن مهوم
وبي حرق بين الجوانح كلما
…
خلت منك عيدان الأراك بميسم
تحدّث عن برد الثنايا نسيمها
…
فيا طيب ما أداه عن ذلك الفم
فظلت نشاوي مورقات غصونها
…
تثنى وباتت ورقها في ترنم
لي الله من غصن وريق ومبسم
…
وريق حماه اللحظ عن ورد حوم
فيا شغلي بالفارغ القلب والحشا
…
أطلت شقائي بالغزال المنعم
(4 - ظ)
وعيس رحلناها قسيا فأرقلت
…
الى غرض الآمال منا بأسهم
تظل الثنايا مدميات نحورها
…
فتقتص أيديهن من أنف مخرم
(1)
-جلال الدين منكبرتي خلف أباه في حكم واحة خوارزم والتصدي للمغول، واضطر الى القدوم الى منطقة خلاط وأعالي الجزيرة، وخلاط ما تزال تحمل الاسم نفسه في تركية على مقربة من بحيرة وان.
(2)
-العندم: دم الاخوين او البقم. القاموس.
وزنجي ليل بات رومي ثلجه
…
أغرّيريني منه تحجيل أدهم
تدرعته لما دجا وضريبه
…
إذا ضربته الريح لم أتلثم
وفي شعب الأكوار أبناء مطلب
…
شعارهم توشيع شعر منمنم
هداهم غلام من خزيمة عالم
…
ملئ بأعمال المطيّ المخزّم
جنبنا المذاكي وامتطينا الى العلى
…
نجائب من نسل الجديل وشدقم
فكم من هلال فوق بدر تريكه
…
إذا هي ألقت حافرا فوق منسم
تيممن أرض الغوطتين فلم تمل
…
بنا العيس عن أبواب عيسى المعظم
الى شرف الدين انبرت في برنيها
…
حراجيج
(1)
قد أدمين كل مخدّم
الى ملك من دوحة شاذويه
…
تفيء على ورد من الجود مفعم
الى طود حلم ثابت الهضب شامخ
…
الى بحر علم زاخر اللج خضرم
الى من كأن اللائذين بظله
…
من الأمن ما بين الحطيم وزمزم
الى مخبت
(2)
…
يغضي حياء ودمعه
يصيخ فيرضى دعوة المتظلم
الى كعبة تدعو بحي على الهدى
…
وتلبس أثواب الندى كل محرم
تريه وجوه الغيب مرآة فكره
…
فتؤمنه من كل ظن مرجّم
ويغشى غمار الموت في كل معرك
…
يراع له قلب الخميس العرمرم
(هـ-و)
ويطربه خلع النفوس على القنا
…
إذا رنحت أعطافها حمرة الدم
له نشوة في الجود ليست لحاتم
…
وشنشنة في المجد ليست لأخزم
(3)
فيا من له يوم النوال أنامل
…
إليها الغيوث المستهلة تنتمي
سحبن الندى في كل قطر كأنما
…
أغرن على نؤي سماك ومرزم
(4)
(1)
-أي في حملها نوق ضامرة. القاموس.
(2)
-أخبت: خشع. القاموس.
(3)
-الشنشنة: السجية والطبيعة، وقال عمر رضي الله عنه لابن عباس رضي الله عنهما: شنشنة أعرفها من اخزم: أي فيه شبه من أبيه في الرأي والحزم والذكاء. النهاية لابن الاثير.
(4)
-نوء السماك أربعة أيام في نيسان بمطره يزكو الزرع، ويطول الكلأ، أرزم الرعد أشتد صوته، والشتاء رزمة: برد وبه سمي نوء الرزم. انظر الازمنة والانواء لابن الاجدابي-ط. دمشق 155:1964. القاموس.
أعيذ علاكم أن يباح لملككم
…
حمى وبكم غرّ الممالك تحتمي
فسفح خلاط قاسيون وتركها
…
تقلّد طوق العار جيد المقطّم
فقد أنف الجفني من عار لطمة
…
فباع بعزّ الكفر ذلة مسلم
وجرّ على عبس وأشجع حتفها
…
مغار دريد بعد طعنة زهدم
وصبّح في جوّ اليمامة حاجب
…
بأشام يوم عابس حيّ أشأم
وما مات من نجىّ الضغائن هلكة
…
وأبقى جميل الذكر كابن مكدم
أبت لكم آباء صدق نمتكم
…
تخيل ضغن يقتضي نقض مبرم
فقد جر قبح الغدر مصرع مالك
…
فما رده ترصيع شعر يشأم
نصيحة عبد عاش في ظل ملككم
…
تقابله بالنجح أوجه أنعم
نداك به نادى فجاء مرخما
…
وان كان أصل الوضع غير مرخم
يعني أن راجح إذا رخمته حذفت الحاء فصار راج.
فدونكها أحلى من الامن موقعا
…
وأطيب من شوق إلي قلب مغرم
إذا حدّثت أبياتها عن علاكم
…
غدت أم أوفى دمية لم تكلم
(هـ-ظ)
قال راجح: فسر الملك الاشرف بهذه، وحنق عليّ الملك المعظم بسببها، فلما خرجنا من المجلس استدعاني الملك الاشرف وقال لي: والله شفيت قلبي في هذا اليوم، وأما الملك المعظم فانه أسرّ ذلك في نفسه حتى خرج الملك الاشرف من دمشق وخرجت عقب خروجه، وقبض على أخي وجعل له حجة وحبسه فبقى في السجن سنة.
أخبرني بعض الاصدقاء أن راجح الحلي توفي بدمشق في يوم الخميس الخامس والعشرين من شعبان سنة سبع وعشرين وستمائة.
وأنبأنا الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: وفي ليلة السابع والعشرين من شعبان-يعني-من سنة سبع وعشرين وستمائة توفي الشيخ الاديب أبو الوفاء راجح بن اسماعيل بن أبي القاسم الاسدي الحلي الشاعر المنعوت بالشرف
بدمشق، مدح جماعة من الملوك وغيرهم بمصر والشام والجزيرة وحدث بشيء من شعره بحلب وحرّان وغيرهما
(1)
.
راجح بن الحسين:
- وقيل الحسن-بن عتاب بن عتاب أبو الحسن النشائي منسوب الى النشاء المعمول من الحنطة، حدث بحلب عن محمد بن خلف بن صالح التيمي ومحمد بن كثير البصري. روى عنه الحافظ أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي وأبو الحسن علي بن محمد بن اسماعيل الطوسي.
أخبرنا عمي أبو غانم بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة والشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الاسدي، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد (6 - و) ابن عبد الرحمن وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرطوسي الحلبيون بها قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي بها قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي-بها- قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجليّ الحلبي بها قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير العابد الحلبي بها قال: حدثنا أبو الحسن الراجح بن الحسين بن عتاب بن عتاب النشائي بحلب قال:
حدثني محمد بن خلف بن صالح التيمي بكناسة الكوفة قال: حدثني سليمان الاعمش قال: بعث إليّ أبو جعفر المنصور في الليل، فقلت في نفسي ما وجه إليّ في هذا الوقت إلاّ وهو يريد أن يسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام، وذكر الحديث وقال فيه عن المنصور قال: حدثني أبي عن جدي قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت فاطمة باكية فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا بنية؟ قالت: يا رسول الله عيرنني نساء قريش وزعمن أنك زوجتني معد ما لا مال له، فقال لها رسول الله: والذي بعثني بالحق نبيا يا بنية ما زوجتك حتى زوجك الله من فوق عرشه وأشهد على ذلك جبريل وميكائيل
(2)
.
(1)
-ليس بالمطبوع من كتاب التكملة لو فيات النقلة.
(2)
-انظر كنز العمال:11/ 32928.
راجح بن أبي بكر بن ابراهيم بن محمد:
أبو الوفاء العبدري القرشي الميورقي، شيخ حسن صالح من أهل ميورقه
(1)
قدم الشام ونزل حماة فاتفق يوما أن (6 - و) رأى صاحبها الملك المظفر محمود ابن محمد بن عمر بن شاهانشاه بن أيوب
(2)
وهو يشرب في مركب في العاصي، فباداه: أما تخاف من الله؟ فنزل إليه وضربه وهو سكران ضربا مبرحا، فلما أفاق ندم على ذلك واعتذر وخرج راجح من حماة، وقدم علينا حلب وأقام بها مدة وتأهل بها، وصار له بها حرمة وافرة ورتب شيخا في الخانقاة التي وقفها قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، ثم إنه رتّب بعد ذلك شيخا في خانقاه ابن المقدم
(3)
بحلب، ثم عزل عنها ورتب له معلوم على مصالح المسلمين الى أن كسر التتار ملك الروم غياث
(4)
الدين فخاف من التتار، وخرج من حلب في سنة إحدى وأربعين وستمائة وتوجه إلى الديار المصرية ورافقته من دمشق إلى مصر وكنت إذ ذاك قد سيرت رسولا إلى مصر فحدثني ببيسان بشيء من الحديث عن أبي زكريا يحيى بن علي بن موسى المغيلي بعد مشاهدة سماعه عليه بموطأ يحيى بن يحيى، وأخبرني أنه سمع من محمد بن احمد بن خير، وسألته عن مولده فقال: بميورقة في سنة ثمان وسبعين في آخرها أو أوائل سنة تسع وسبعين وخمسمائة ولم يبق صاحب حماه الملك المظفر بعد ضربه إلاّ مدة يسيرة وفلج وبطلت حركته ودام مفلوجا إلى أن مات.
أخبرنا مخلص الدين أبو الوفاء راجح بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد العبدري القرشي المتوفي ببيسان قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن علي بن موسى
(1)
-من جزر الاندلس.
(2)
.627 - 642 هـ /1229 - 1244 م.
(3)
-انشأها عبد الملك المقدم بدرب الحطابين سنة أربع وأربعين وخمسمائة. الاعلاق الخطيرة-قسم حلب ص 94.
(4)
-من سلاجقة الروم، غياث الدين كيخسرو الثاني 634 - 644 هـ / 1237 - 1246 م.
المغيلي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي القيسي عرف بابن الرّمامة قال:
حدثنا أبو بحر سفيان (7 - و) بن العاصي الأسدي قال: حدثنا أبو عمر يوسف بن عبد البرقال: حدثني أبو عثمان سعد بن نصر قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا ابن وضّاح قال: حدثنا يحيى بن يحيى عن مالك، قال أبو عمر ابن عبد البر: وحدثني أبو الفضل أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي البزاز قال: أخبرنا أبو عبد الملك محمد بن عبد الله بن أبي دليم عن أبي الحرم وهب ابن ميسرة قال: حدثنا ابن وضاح قال: حدثنا يحيى بن يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس
(1)
.
توفي الشيخ راجح بن أبي بكر الميورقي في شوال سنة ثلاث وأربعين وستمائة بمكة شرفها الله ودفن بالمعلا
(2)
، أخبرني بذلك عبد المؤمن بن خلف الدمياطي.
(1)
- الموطأ ص 14 (3).
(2)
-موضع بالحجاز. معجم البلدان.
ذكر من اسمه راشد
راشد بن سعد المقراني:
ويقال الحبراني الحمصي شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وحدث عنه وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي أمامة الباهلي وعمرو بن العاص، وأبي الدرداء ويعلي بن مرة، وعبد الله بن بشر المازني، والمقدام بن معد يكرب وعبد الله بن نجي الهمداني، وعتبة بن عبد السلمي، وعبد الرحمن بن عائذ الثمالي وجبله بن الأزرق وعبد الرحمن بن قتاده وحمزه بن عبد كلال.
(7 - ظ).
روى عنه حريز بن عثمان الرحبي وثور بن يزيد الكلاعي، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومعاوية بن صالح الحضرمي، وأبو ضمرة محمد بن سليمان بن أبي ضمرة السلمي، وبكير بن عبد الله بن أبي مريم، والمقراني منسوب إلى بطن بن حمير وكذلك الحبراني أيضا.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الصوفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي، وأبو سعد محمد بن عبد الكريم بن محمد بن خشيش، ح.
وأخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري البغدادي قال:
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن علي بن صالح الكاغدي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين، ح.
قال أبو اسحاق الكاشغري: وأخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسين بن خيرون قالوا:
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو روح الربيع الحمصي محمد بن حرب قال: حدثنا الزبيدي عن راشد بن سعد المقراني عن أبي عامر الهوزني عن أبي كبشه الأنماري أنه أتى رجلا فقال له: أطرقني من فرسك وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أطرق مسلما فعقب له الفرس كان له كأجر ستين فرسا يحمل عليها في سبيل الله عز وجل فإن لم تعقب كان له كأجر فرس في سبيل الله عز وجل
(1)
. (8 - و).
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري-إذنا-عن الحافظ أبي طاهر السّلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال:
أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: راشد بن سعد شامي ثقه
(2)
.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي-اجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عمر بن أحمد الفقيه البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الدقاق قال: أخبرنا أبو حفص عمر ابن محمد بن عيسى الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن هاني الطائي الأثرم قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: راشد بن سعد لا بأس به.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان-اذنا-قال: أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: راشد بن سعد المقراني روى عن ثوبان وأبي أمامة ويعلى بن مرة وجبلة بن الأزرق ومعاوية.
(1)
-ليس في كتاب المعرفة والتاريخ للفسوي، انظره في كنز العمال: 15/ 43130.
(2)
-الثقات للعجلي:151.
روى عنه ثور بن يزيد وحريز بن عثمان ومعاوية بن صالح ومحمد بن سليمان أبو ضمره، سمعت أبي يقول ذلك. سئل أبي عنه فقال: ثقة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا صالح بن أحمد (8 - ظ) قال: حدثنا علي بن المديني قال: قلت ليحيى القطان: تروي عن راشد بن سعد؟ قال: ما شأنه هو أحب إليّ من مكحول.
وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا يعقوب بن اسحاق الهروي في كتابه إليّ قال:
حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: سألت يحيى بن معين عن راشد بن سعد فقال: ثقة
(1)
.
ذكر الحافظ أبو بكر محمد بن عمر الجعابي في كتاب الأخوة الذين روي عنهم الحديث راشد بن سعد الحمصي، وأخوه هو خالد بن سعد وقال: حدثني اسحاق بن موسى قال: حدثنا سليمان بن عبد الحميد قال: حدثنا أحمد بن يعقوب الكندي قال: حدثنا خالد بن عمرو قال: حدثنا بقية قال: حدثني صفوان عن راشد بن سعد قال: سألني طاووس: من أين أنت؟ فأخبرته فبسط إليّ يده وقال:
راشد الحمصي؟ قلت: نعم قال: إن هذا لوجه كنت أتمنى-أو قال أشتهي-أراه.
وقال أبو بكر الجعابي: حدثني أحمد بن موسى بن عمران الدوري قال:
حدثنا الفيريابي قال: حدثنا ابن أبي السرى قال حدثنا السري قال: حدثنا حريز بن عثمان عن راشد بن سعد أنه حضر يوم صفين مع معاوية وكان يجيز على الجرحى.
وقال حدثني اسحاق بن موسى قال: حدثنا سليمان بن عبد الحميد قال:
حدثنا ابن مصفى قال: حدثنا بقية عن صفوان قال: شهد راشد بن سعد صفين وذهبت عينه فيها (9 - و).
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقى قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفى قال:
أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 483.
محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث عشرة ومائة راشد ابن سعد المقراني بطن من حمير، يعني مات.
راشد:
غير منسوب غلام كان لعمار بن ياسر، له ذكر، وشهد صفين مع عمار رضي الله عنه.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود المحمودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن أحمد بن أحمد بن الخشاب-إذنا-قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو (9 - ظ) الحسن بن ننجاب قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى ابن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن السدى عن ابن حريث قال: أقبل غلام لعمار بن ياسر يومئذ اسمه راشد وهو يحمل شربة من لبن ليسقي عمارا، فقال عمار أما إني سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن آخر زادك من الدنيا شربة من لبن ثم شرب
(1)
.
***
(1)
- صفين لنصر بن مزاحم:388.
راغب الخادم:
مولى الموفق أبي أحمد بن جعفر المتوكل كان قائدا معروفا جليلا، وكان فاضلا فصيحا حسن المجالسة وله مال وافر وغلمان متوافرون، ولما مات مولاه انتقل إلى ثغر طرسوس وأقام بها، وابتنى بها دورا ومساكن له ولمواليه، وكان حين وصل إلى حلب سير ماله وثقله إلى طرسوس، وتوجه إلى خمارويه بن أحمد ابن طولون فأقام عنده مدة، وفرح أهل الثغر بكثرة غلمانه ومقامه بهم عنده، وتوهم أهل طرسوس أن خمارويه قبض عليه فعمدوا إلى والي طرسوس، وهو ابن عم خمارويه فقبضوا عليه ونهبوه وسجنوه إلى أن أطلق لهم راغب وهمّ خمارويه بعد ذلك بالقبض عليه فعصمه الله منه، وكان له ولمواليه نكاية في العدو، وآثار حسنه في الجهاد، وقيل إنه لما وصل حلب اجتمع بطفج بن جفّ لما لقيه بحلب، ووعده بأشياء عن خمارويه، فصعد إلى مصر في سنة تسع وستين ومائتين، وردّ راغب خادمه مكنون مع سائر أمواله وسلاحه إلى طرسوس، ومضى إلى خمارويه إلى مصر في خمس غلمان، وكتب طغج إلى محمد (9 - ظ) ابن موسى الأعرج بالقبض على مكنون وما معه، ففعل، ووثب عليه أهل طرسوس ومنعوه من ذلك، وكتبوا إلى خمارويه وقالوا: أطلق لنا راغبا حتى نطلق الأعرج، وأنفذ معه أحمد ابن طغان واليا على الثغور، وعزل عنهم الأعرج. ذكر ذلك ابن أبي الأزهر والقطربلي في تاريخهما الذي اجتمعا على تأليفه
(1)
.
وذكر أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق فيما قرأته في سيرة أبي الجيش خمارويه بن أحمد ابن طولون قال: وفي هذه السنة في هذه السنة في صفر منها-يعني سنة ثمان وسبعين ومائتين-مات أبو أحمد الموفق وعقد العهد لابنه أبي العباس، وكان للموفق غلام خادم من جلة غلمانه يعرف براغب، فلما مات مولاه أحزنه موته،
(1)
-لم يصلنا انظر حوله كتابي الجامع في أخبار القرامطة:1/ 173 - 174.
فأحب أن يسكن طرسوس، فاستأذن في ذلك، فأذن له، فخرج قاصدا يريد الثغر، وكان خمارويه يومئذ بدمشق فلما بلغ راغب إلى حلب وهمّ بالدخول إلى طرسوس قيل له: طرسوس من عمل أبي الجيش، وهو بالقرب منك، فلو صرت إليه زائرا وقضيت حقه، وعرفته ما عزمت عليه من المقام بالثغر ما ضرك ذلك، وكان أجلّ لمحلك وأقوى لك على ما تريده، فبعث بثقله وجميع ما كان معه مع غلام له يعرف بمكنون وأمره أن يتقدمه إلى طرسوس، ورحل هو مخفا إلى دمشق، فلقي أبا الجيش فأحسن أبو الجيش تلقيه وسر بنظره ووصله وأحسن إليه وكان يكثر عنده ويحادثه، وكانت لراغب عارضه وبيان وحسن عبارة (11 - ظ) وكان قد رأى الخلفاء وعرف كثيرا من أخبارهم، فكان يصل مجلسه بشيء من أخبارهم وسيرهم، فأنس به خمارويه، وكان يستريح الى حديثه ومذاكرته، فلما رأى راغب ما يخصه به خمارويه من التكرمة والأنس به والاستدعاء إذا تأخر استحيا أن يذكر له الخروج إلى طرسوس، فلما طال مقامه بدمشق ظن مكنون غلامه أن أبا الجيش قد قبض عليه ومنعه من الخروج إلى الثغر، فأذاع ما ظنه عند المطوعة وشكاه إليهم، وأكثر هؤلاء المطوعة من أهل الجبل وخراسان، معهم غلظ الأعجمية وسوء أدب الصوفية فأحفظهم هذا القول وظنوه حقا، فقالوا: تعمد إلى رجل قد خرج إلى سبيل الله محتسبا نفسه لله عز وجل. وفي مقام مثله في الثغر قوة للمسلمين وكبت لأعدائهم من الكافرين، فتقبض عليه وتمنعه من ذلك جرأة على الله فتلففوا وتجمعوا ومشى بعضهم الى بعض وأقبلوا الى واليهم وهو ابن عم خمارويه، فشغبوا عليه، فأدخلهم إليه ليسكن منهم ويعدهم بما يحبون، فقبضوا عليه وقالوا: لا تزال في اعتقالنا أو يطلق صاحبك صاحبنا، فإن قتله قتلناك به، وتسرع سفلهم إلى داره فنبهت وهتكت حريمه ولحقه كل ما يكره، وجاءت الكتب إلى أبي الجيش بذلك فأحضر راغبا وأقرأه الكتب: وقال له: والله ما منعناك ولا حظرنا عليك الخروج ولقد سررنا بقربك وما أوليت وأوليناك (12 - و) إلا جميلا، وقد جنى علينا سوء ظن غلامك ما لم نجنه فإذا شئت فارحل مصاحبا، وقل لأهل طرسوس:
يا جهلة ما يومنا فيكم بواحد تتسرعون الى ما نكره مرة بعد أخرى ونغضي عنكم، ويحلم الله عز وجل، ولولا المحافظة على ثغر المسلمين وعز الاسلام لا خشية منكم
ولا من كثرتكم، وإلى الله الشكوى، ولولا الخوف من غضبه عز وجل لجازيناكم على أفعالكم، فودعه راغب ورحل الى طرسوس، فلما صح عند أهل طرسوس خبر راغب أطلقوا عن محمد بن موسى بن طولون، فلما أطلق قال: أصلح الله بلدكم، ورحل عنهم فسكن بيت المقدس، وكان له دين وفيه خير كثير.
وقرأت في سيرة الاخشيد: تأليف أبي محمد بن زولاق قال: وحدثني احمد ابن عبيد الله عن أبيه قال: قال: طغج كنت بدمشق أخلف أبا الجيش فجاءني كتابه يأمرني بالمسير الى طرسوس، وأقبض على راغب وأقتله فسرت الى طرسوس، وكان شتاء عظيما فما أمكن أحد أن يتلقاني، فلقيني راغب وحده في غلمانه، وكان له مائتا غلام قد أشجو العدو، فأنزلني وخدمني وقضى حقي فأمسكت عنه، وحضرت معه غزاة أشجى فيها العدو فقال لي جماعة من أهل طرسوس:
بالله إلاّ صنت هذا الرجل وأحسنت إليه، ففعلت وآثرت رضا الله عز وجل فانصرفت الى دمشق وكتب الى أبي الجيش أعتذر وذكرت أشياء منعتني من القبض على راغب.
قال طغج: فما شعرت وأنا بدمشق (12 - ظ) حتى وافى أبو الجيش فلقيته وخدمته وجلست معه ليلة للشرب فلما تمكن منه الشراب قال لي: يا طغج شعرت بأنه ما جاء بي الى دمشق سواك، فاضطربت فلما رآني قد تغيرت اقلب الحديث، وانصرفت وأنا خائف منه وعلمت أنه يقتلني كما قتل صافي غلام أبيه بدمشق لأنه سار إليه من مصر وقتله فقتل أبو الجيش تلك الليلة وكفاني الله أمره لأني عملت مع راغب لله فكفيت
(1)
.
قرأت بخط القاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور الذي وضعه للوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات قال في ذكر طرسوس ومنازلها: ويلاصق شارع البرامكة الى جهة الغرب دار راغب مولى الموفق بالله، وهي الدار الصغيرة فيها مواليه وموالياته وأولادهم في حجر مفروزة، وكانت الرئاسة فيهم الى بشرى الراغبي ثم انتقلت الى أحمد بن بشرى، ووقوفهم
(1)
-تتهم معظم الروايات التاريخية طغجا بتدبير موامرة قتل خمارويه.
بنقابلس وغيرها وضياع في أعمال طرسوس بنواحي باب قلمية، منها ما يضمن، ومنها ما يقوم به الموالي، وذكر من الموالي جماعة من أهل العلم ومن أهل النجدة والشجاعة قد ذكرنا بعضهم في كتابنا هذا، ثم قال بعد ذلك: ثم تسير فتجد عجالين وبيادر حتى تصل بها يسارك الى دار راغب الكبرى وهي على مثال دار السيدة، غير أن تلك أعلى فناء، وفي هذه الدار خدم وشيوخ من الفرسان المقدمين، منهم أبو هلال الراغبي، وذكر حاله، وقد ذكرناه أيضا (10 - و) في هذا الكتاب.
قال: وما زال الجهاد بأهل هذه الدار حتى قل عددهم ونفد مددهم، وتفانوا موتا وقتلا وأسرا، واختلت جوانبها، حتى رأيت عبد الله بن اشكام الخراساني قد نزلها، ثم رأيت علي بن عسكر بعد نزلها، وخرجنا عن طرسوس وهي معمورة.
وقرأت بخطه في هذا الكتاب: وحدثني أبو بكر أحمد بن أفلح الراغبي قال:
سمعت أبي يحدث عن أبيه راغب مولى الراضي بالله أن قبر المأمون هو هذا الذي يظهر في داره المقببة صحيح يعلمه حقا يقينا.
قلت: إنما قال مولى الراضي لأن ولاءه في بني العباس وقد ذكر أولا أن راغب مولى الموفق، وذكر أن أحمد بن أفلح من موالي راغب
(1)
.
(1)
-جاءت هذه الترجمة بالأصل مضطربة الترتيب قد طمست كلمات كثيرة منها لذلك صعبت قراءتها بشكل يقيني، والمروي هو أن المأمون دفن في محراب جامع طرسوس، وكما جاء بالقاموس: دقة الخضر وضمور البطن.
ذكر من أسمه رافع
رافع بن خديج:
ابن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو بن يزيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس، أبو عبد الله الحارثي الأوسي الأنصاري، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، وشهد معه أحدا والخندق وأكثر مشاهده.
روى عنه عبد الله بن عمر وابن عمه أسيد بن ظهير بن رافع الأنصاري والسائب ابن يزيد ومحمود بن لبيد من الصحابة، ومن التابعين ابن ابنه عبيد الله بن رفاعة بن رافع، وعامر الشعبي ومجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، وأبو النجاشي وعمرة بنت عبد الرحمن، وقيل ابن ابنه عيسى بن سهل بن رافع بن خديج.
وشهد صفين مع علي رضي الله عنه وروى زيد بن حسن أنه شهد بصفين على كتاب الحكمين بين علي ومعاوية. (10 - ظ).
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن ابن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه قال:
أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي قال: أخبرنا محمد بن يوسف عن سفيان عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج أن بعيرا ندّ وليس في القوم إلاّ خيل يسيرة فرماه رجل بسهم فحبسه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا
(1)
.
(1)
-انظر كنز العمال:6/ 16521 - 15622.
أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن علي الكاغدي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي، ح.
قال أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن خيرون قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال:
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال: حدثنا ابراهيم بن المنذر الحزامي قال حدثنا محمد بن طلحة عن بنين ابن ثابت بن أنس بن ظهير وأخته سعدى بنت ثابت عن أبيهما عن جدهما قال:
لما كان يوم أحد حضر رافع بن خديج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأن (11 - و) رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغره فقال: هذا غلام صغير وهمّ برده فقال عم رافع بن خديج ظهير: رافع يا رسول الله ابن أخي رجل رام فأجازه فأصيت يوم أحد بسهم في لبته
(1)
أو في صدره شك محمد بن طلحة، قال فانتضل النصل فجاء به عمه ظهير بن رافع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ابن أخي أصيب بسهم، قال ما شئته إن شئت أن تخرجه أخرجناه وإن أحب أن ندعه فإن مات وهو فيه مات شهيدا، قال: أدعه يا رسول الله، قال ابراهيم قال لي محمد بن طلحة: فكان الحسين والمرأة يحدثان عن أبيهما عن جدهما أنه كان يقول كان رافع إذا سعل شخص النصل من وراء اللحم حتى ينظر إليه.
قال لي محمد بن طلحة: هلك رافع بن خديج في زمن معاوية بن أبي سفيان.
(13 - ظ)
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال أخبرنا أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال في كتابه إليّ قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد-إجازة-قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف ابن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: ومن الصحابة من اسمه رافع جماعة منهم: رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم
(1)
-اللبب: المنحر-القاموس.
ابن حارثة بن الحارث بن الخزرج أبو عبد الله الأنصاري الحارثي مديني مات قبل ابن عمر في سنة أربع وسبعين ومات وهو ابن ست وثمانين، أجازه النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ويقال إنه رمي يوم أحد بسهم فاتنقضت في زمن معاوية وأمه خطمة بنت عروة بن مسعود بن سنان بن عامر بن الخزرج، وروى رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث يسيرة وهو ابن أخي ظهير ومظهر بن رافع ابن عدي.
وشهد رافع أحدا والخندق والمشاهد كلها، وكان أصابه يوم أحد سهم في ترقوته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت نزعت السهم وتركت القطبة وشهدت يوم القيامة أنك شهيد فتركها، وكان إذا ضحك واستغرب بدا ذلك السهم
(1)
.
أسقط ابن السكن في نسبه بين زيد وجشم «عمرو بن يزيد» ولله أعلم.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة-إذنا-قال: أخبرنا (14 - ط) محمد بن عبد الله قال أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال:
رافع بن خديج الحارثي الأوسي البصري المديني أبو عبد الله الأنصاري، له صحبه، روى عنه السائب بن يزيد ومجاهد وعطاء والشعبي وابن ابنه عباية بن رفاعة، سمعت أبي يقول ذلك، وروى عنه ابن عمر، ومحمود بن لبيد وعمرة بنت عبد الرحمن
(2)
.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري-فيما كتب به إلينا من مكة- قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن عبد البر قال: رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن عمر بن يزيد بن
(1)
-الاستيعاب على هامش الاصابة:1/ 483.
(2)
-الجرح والتعديل:3/ 479.
جشم الأنصاري الحارثي الخزرجي، يكنى أبا عبد الله وقيل أبا خديج روي عن ابن عمر أنه قال له: يا أبا خديج، وأمه حليمة بنت مسعود بن سنان بن عامر ابن عدي بن أمية بن بياضة الأنصاري هو ابن أخي ظهير ومظهر ابني رافع بن عدي، رده رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر لأنه استصغره، وأجازه يوم أحد، شهد أحدا والخندق، وأكثر المشاهد، وأصابه يوم أحد سهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أشهد لك يوم القيامة، وانتقضت جراحته في زمن عبد الملك بن مروان فمات قبل ابن عمر بيسير سنة أربع وسبعين وهو ابن ست وثمانين.
قال الواقدي: (15 - و) مات في أول سنة أربع وسبعين وهو بالمدينة.
قال أبو عمر رحمه الله: روى عنه ابن عمر، ومحمود بن لبيد والسائب بن يزيد وأسيد بن ظهير. وروى عنه من التابعين من دون هؤلاء: مجاهد وعطاء والشعبي وابن ابنه عباية بن رفاعة بن رافع وعمرة بنت عبد الرحمن.
شهد صفين مع علي رضي الله عنه
(1)
.
قلت: وهكذا نسب ابن عمه أسيد بن ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو بن يزيد بن جشم وكان ابن عمه لحّا، وزاد بعد جشم بن حارثة بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس الأنصاري الحارثي.
وقال في ترجمة عمه ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو، وهو النبيت بن مالك بن الأوس، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد
(2)
، هو وأخوه مظهر بن رافع، وهو عم رافع بن خديج ووالد أسيد بن ظهير، فذكر نسب أسيد بن ظهير موافقا لنسب رافع بن خديج، وأدخل في نسبته ظهيرا: عمرا ويزيد فيما بين زيد وجشم كما فعل ابن السائب، وقال في ذكر رافع بن خديج: الحارثي الخزرجي، وليس بخزرجي بل هو أوسي من ولد أوس أخي الخزرج الأكبر الذي هو أصل الخزرج ووقع في
(1)
- الاستيعاب لابن عبد البر، على هامش الاصابة:1/ 483.
(2)
- المصدر نفسه:2/ 232 - 233.
نسب رافع الخزرج، وهو الخزرج الأصغر بن عمرو بن مالك بن الأوس لا ينسب إليه الخزرجي وربما توهم أنه من أولاد الخزرج الأكبر أصل الفخذ الثاني، وليس به
(1)
.
أنبأنا أبو الحسن علي بن الفضل قال: (15 - ظ) أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد-اجازة- قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: أخبرنا محمد بن معاوية قال: سمعت محمد ابن اسماعيل البخاري يقول: مات رافع بن خديج في زمن معاوية
(2)
. روى عنه عبد الله بن عمر، وقال ابن نمير: مات سنة أربع وسبعين بالمدينة (16 - و).
أنبأنا أبو الحسن المقدسي عن ابن بشكوال قال أخبرنا ابن عتاب وابن أبي تليد-إجازة-قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا سعيد بن السكن قال: حدثني محمد بن زهير قال: حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا غسان بن مضر عن أبي مسلمة عن أبي نضرة قال: لما مات رافع ابن خديج جعلن النساء يصرخن، أو يبكين، فقال ابن عمر: ويحكن أنه شيخ لا طاقة له بعذاب الله.
رافع بن عبد الله بن نصر بن سليمان القاضي:
أبو المعالي الفاياني، من الفايا قرية كبيرة من أعمال منبج، ولي القضاء بمنبج: وكان فقيها حنفيا ورعا، درس الفقه بمنبج، وكان تفقه على الامام برهان الدين أبي الحسن علي بن الحسن البلخي، وحدث عنه بأماليه التي أملاها بحلب.
روى عنه الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوى، وحدثنا عنه الفقيهان: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم وأبو بكر بن عثمان بن محمد المنبجيان.
(1)
-طمست اطراف هذه الورقة بالكامل وقد رممتها على ما ورد في الاستيعاب وقدرت بعض كلمات المصنف تقديرا.
(2)
-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 299 - 302.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوى-في كتابه إلينا من حران-وأخبرناه عنه-سماعا-أبو اسحاق إبراهيم بن محمد بن الأزهر الصريفيني، ح.
وأخبرنا الفقيه بدر الدين أبو بكر بن عثمان بن قجمك السلوري الحنفي المنبجي بحلب قالا: حدثنا القاضي أبو المعالي رافع بن عبد الله بن نصر بن سليمان الفاياني. قال عبد القادر إملاء في مدرسته بمنبج قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن محمد بن أبي جعفر البلخي الفقيه بحلب قال: حدثنا القاضي (16 - ظ) أبو بكر محمد بن الحسن بن منصور قال: أخبرنا الاستاذ أبو محمد عبد العزيز ابن أحمد الحلوائي قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي بن اسماعيل القفال قال: حدثنا علي بن اسماعيل قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا محمد ابن محمد بن حفص قال: حدثنا عوف عن زراره بن أوفى عن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل إليه الناس وقيل قدم رسول الله، وكنت فيمن جاء فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، قال: فكان أول ما قال أن قال: أيها الناس أفشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا الأرحام بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام
(1)
.
أخبرنا ابراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المنبجي الحنفي-قراءة عليه بباب بزاعا-قال: أخبرنا القاضي أبو المعالي رافع بن عبد الله بن نصر بن سليمان بمنبج قال: حدثنا الشيخ الامام برهان الدين أبو الحسن علي بن الحسن البلخي، إملاء بحلب، قال: حدثنا أبو المعين ميمون بن محمد بن معتمد المكحولي قال:
أخبرنا الحسن بن أبي الحسن الفضلي قال: أخبرنا محمد بن علي الصوري قال:
أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثنا عمر بن محمد عن إبراهيم بن عبد الله المخرمي عن أبي الفضل عاصم عن مالك بن أنس رحمه الله عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عن أبيه الحسين بن علي عن أبي طالب رضي الله عنه (17 - و) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في كل يوم مائة
(1)
-انظر كنز العمال:9/ 25251.
مرة لا إله إلا الله الملك الحق المبين كان له أمانا من الفقر، وأمن من وحشة القبر واستجلب به الغنى واستقرع به باب الجنة
(1)
.
توفي القاضي رافع بن عبد الله بمنبج في سنة اثنتين وستمائة، أخبرني بذلك إبراهيم بن محمد الأزهر الصريفيني عن بعض أهل منبج.
رافع بن عميرة الطائي:
كان دليلا بصيرا بالطريق حاذقا، دل بخالد بن الوليد على طريق السماوة حين سيره الى الشام، وسلك به المفازة حتى وصل به الى البشر جبل بالقرب من بالس من أعمال حلب وله ذكر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن بن صابر-اجازة-قالا: أخبرنا الشريف (17 - ط) النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف المقرئ قال:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد بن موسى بن عماد قال: حدثنا محمد بن الحارث عن المدائني والهيثم بن عدي قال: لما مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر عمر بن الخطاب خالدا بالمسير الى الشام واليا من ساعته
(2)
فأخذ على السماوة حتى انتهى الى قراقر
(3)
، وبين قراقر وبين سوى
(4)
خمس ليال في مفازة، فلم يعرف الطريق فدل على رافع بن عميرة الطائي، وكان دليلا بصيرا فقال لخالد:
خلف الأثقال واسلك هذه المفازة وحدك إن كنت فاعلا، فكره خالدا أن يخلف أحدا، فقال له رافع والله إن الراكب المنفرد يخشى فيها على نفسه وما يسلكها إلا مغرر فكيف أنت بمن معك؟ فقال: لا بد وأحب خالد أن يوافي المفازة ويأتي
(1)
-انظره في كنز العمال:2/ 3896.
(2)
-المعروف أن الذي وجه الامر الى خالد هو الخليفة الصديق قبل وفاته.
(3)
-قراقر ماء لكلب بالسماوة. معجم البلدان.
(4)
-سوى: ماء لبهراء من ناحية السماوة. معجم البلدان.
القوم
(1)
بغتة، فقال له الطائي: إن كان لا بد من ذلك فابغ لي عشرين جزورا سمانا عظاما، ففعل فظمأهن ثم سقاهن حتى روين، ثم قطع مشافرهن، وشرط شيئا من ألسنتهن وكمعهن لئلا تجتر لأن الإبل اذا اجترت تغير الماء في أجوافهن وإذا لم تجتر بقي الماء صافيا في بطونهن، ففعل خالد ذلك وتزودوا من الماء ما يكفي الركب، وسار خالد (17 - و) فكلما نزل منزلا نحر من تلك الجزر أربعا، ثم أخذ ما في بطونها من الماء فسقيته الخيل، وشرب الناس ما معهم، فلما سار إلى آخر المفازه انقطع ذلك عنهم، وجهد الناس وعطشت دوابهم، فقال خالد للطائي: ويحك ما عندك؟ فقال: أدركت الري إن شاء الله، انظروا هل تجدون عوسجة على الطريق، فوجدوها فقال: احفروا في أسفلها، فاحتفروا فوجدوا عينا غزيرة فشربوا منها وتزودوا، فقال رافع: ما وردت هذا الماء قط إلا مرة واحدة، وأنا غلام فقال راجز المسلمين.
لله در رافع أني اهتدى
…
فوز من قراقر إلي سوى
أرض إذا سار بها الجيش
(2)
…
بكى
ما سار قبلك من أنس أرى
(3)
قال: فخرج خالد من المفازه في بعض الليل فأشرف على البشر وذكر تمام الحكاية
(4)
وقد ذكرناها في آخر الكتاب في المجهولة أسماؤهم.
***
(1)
-يأتي قبائل البادية فينزل بها ضربات مباغتة فيمنعها من نجدة الروم ثم يباغت الجيش البيزنطي الذي أرسله هر قل بقيادة أخيه تيودور لطرد العرب من الشام.
(2)
-كتب ابن العديم في الهامش: الجبيش هو الصحيح، والجبيش: الركب المحلوق، القاموس.
(3)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 94 ظ -95 ظ.
(4)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 94 ظ -95 ظ.
ذكر من اسمه الربيع
الربيع بن خثيم:
أبو عبد الله، وقيل أبو يزيد الكوفي الثوري، من ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر. روى عن عمرو بن ميمون، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي.
روى عنه هلال بن يساف، وأبو عمرو عامر بن شراحيل للشعبي، وأبو عمران إبراهيم (17 - ظ) بن زيد النخعي والمنذر الثوري أبو يعلى وكثير بن مره وبكر بن ماعز، وسعيد بن مسروق، وهلال بن مينا، وابراهيم النخعي ونسير بن ذعلوق، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال:
أخبرنا أبو الحسن بن قيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدى أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا سعدان بن يزيد البزاز قال: حدثنا علي بن عاصم عن اسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن الربيع بن خثيم عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في أول النهار لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان معدال أربع رقاب من ولد اسماعيل
(1)
.
قال عامر: قلت للربيع بن خثيم: من حدثك هذا عن أبي أيوب؟ قال: عبد الرحمن بن أبي ليلي، قال عامر: فلقيت عبد الرحمن بن أبي ليلى فحدثني به.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد
(1)
-انظر كنز العمال:2/ 3880.
ابن محمد بن محمد اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال:
أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا عبد الرحيم بن راقد قال: حدثنا مسعدة بن صدقة ابو الحسن قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبيه عن الربيع بن خثيم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيأتي على الناس زمان تحل فيه العزلة ولا يسلم لذي دين دينه إلاّ من فر بدينه من شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجر كالطير بفراخه وكالثعلب بأشباله، ثم قال: ما أبقاه ما اتقاه في ذلك الزمان راعي غنم أقام الصلاة بعلم ويؤتي الزكاة ويعتزل الناس إلاّ من خير، ولشاة عفراء أرعاها بسلع
(1)
أحب إليّ من ملك بني النضير وذلك إذا كان كذا وكذا
(2)
.
قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث الربيع ومن حديث الثوري لم يروه إلا سعدة بن صدقة وعبد الرحيم بن واقد.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي بحلب قال:
أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن حمويه قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن خزيم الشاشي قال: أخبرنا أبو محمد عبد بن حميد الكشي قال: حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن منصور عن هلال بن يساف عن ربيع بن خثيم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الانصار قالت: قال أبو أيوب قال رسول الله صلى الله (18 - و) عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن فإنه من قرأ في ليلة: الله الواحد الصمد فقد قرأ الثلث أو قرأ ثلث القرآن
(3)
.
قرأت بخط أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف قال: حدثنا فضل بن عبد الوهاب قال: حدثنا
(1)
-سلع جبل بسوق المدينة وقيل قرب المدينة. معجم البلدان.
(2)
-انظر كنز العمال:14/ 38452،11/ 31135،7/ 20941.
(3)
-انظر كنز العمال:1/ 2668 - 2723،2669 - 2724.
يونس بن أرقم عن هارون بن سعد قال: قلت لمنذر الثوري: أشهد الربيع بن خثيم مع على شيئا من مشاهده؟ قال: أما صفين فقد شهدها.
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري وأبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي-قراءة عليهما بحلب في منزلي- قال أبو اسحاق: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز، وقال أبو الحجاج: أخبرنا الشيخ ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف وأبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش الآزجي قالوا: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر قال: أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك بن أحمد البردعي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا أبو حميد أحمد بن سنان الحمصي قال: حدثنا يحيى بن سعيد العطار قال: حدثنا يزيد بن عطاء عن علقمه بن مرشد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين: عامر بن عبد الله وأويس القرني وهرم بن حيان، والربيع بن خثيم، وأبو مسلم الخولاني والأسود بن يزيد ومسروق (18 - ظ) بن الأجدع والحسن بن أبي الحسن، فذكرهم.
وقال: وأما الربيع بن خثيم فقيل له حين أصابه الفالج: لو تداويت؟ فقال: قد عرفت أن الدواء حق، ولكن ذكرت «عادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا» كانت فيهم الأوجاع وكانت لهم الأطباء فما بقي المداوي ولا المداوى. وقال غيره: ولا الناعت بقي ولا المنعوت له، قال: وقيل له: لا تذكر الناس، قال: ما أنا عن نفسي راض فأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله في ذنوب الناس وأمنوا على ذنوبهم.
قال: وقيل له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا.
قال: وكان عبد الله بن مسعود إذا رآه قال: «وبشر المخبتين»
(1)
، أما إن محمدا لو رآك لأحبك.
(1)
-سورة الحج-الآية:24. والمخبتون الخاشعون المطمئنون.
قال: وكان الربيع بن خثيم يقول: أما بعد فأعدّ زادك، وخذفي جهازك، وكن وصي نفسك
(1)
.
وقال يوسف بن خليل: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد قال أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو حميد أحمد بن محمد الحمصي قال:
حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين، وأما الربيع بن خثيم فقيل له حين أصابه الفالج:
وذكر جميع ما ذكرناه
(2)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل (19 - و) بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي قال: كتب إلينا أبو سعد محمد بن أبي عبد الله المطرز أن أحمد بن عبد الله الحافظ أخبرهم قال:
حدثنا أبي قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين: فأما الربيع بن خثيم فقيل له حين أصابه الفالج: لو تداويت؟ فقال: لقد علمت أن الدواء حق، ولكن ذكرت «عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا
(3)
» كانت فيهم الأوجاع وكانت لهم الأطباء فما بقي المداوي ولا المداوى.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ابن الحسن الحداد المقرئ قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبدان بن أحمد قال: حدثنا أزهر بن مروان قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عبد الله بن الربيع بن خثيم قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبدان بن أحمد قال: حدثنا أزهر بن
(1)
-لم يرد هذا كله في ترجمة الربيع في الجرح والتعديل:3/ 459.
(2)
- حلية الأولياء:2/ 106 - 108.
(3)
- سورة الفرقان-الآية:38.
مروان قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عبد الله بن الربيع بن خثيم قال: حدثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: كان الربيع بن خثيم إذا دخل على عبد الله بن مسعود: لم يكن عليه اذن لأحد حتى يفرغ كل واحد من صاحبه، قال: فقال عبد الله: يا أبا يزيد لو رآك رسول الله صلى الله عليه (19 - ظ) وسلم لأحبك وما رأيتك إلاّ ذكرت المخبتين.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا جرير عن اسماعيل عن حماد بن أبي سليمان قال: كان ابن مسعود إذا رأى ربيع بن خثيم قال: مرحبا يا أبا يزيد ويجلسه إلى جنبه، ويقول: لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك.
أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة وعبد الرحيم بن يوسف ابن الطفيل قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السّلفي -كتابة-قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال:
أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: الربيع بن خثيم يكنى أبا يزيد، كوفي تابعي ثقة، من أصحاب عبد الله، وكان خيارا، وكان ابن مسعود إذا نظر إليه قال:«وبشر المخبتين» أما لو رآك نبيك لأحبك، وكان الربيع إذا جاء باب ابن مسعود يستأذن قالت له الجارية: ذاك الأعمى بالباب فيقول ابن مسعود: ليس هذا أعمى، ذاك الربيع بن خثيم
(1)
. (20 - و).
***
(1)
-تاريخ الثقات:154 - 156 (419).
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده-إذنا-قال:
أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: الربيع بن خثيم أبو يزيد الثوري، روى عن ابن مسعود، روى عنه إبراهيم النخعي والشعبي ومنذر أبو يعلى وبكر بن ما عز وسريته
(1)
، سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد بن أبي حاتم: أخبرنا ابن أبي خيثمه في كتابه إليّ قال: حدثنا أبو بكر بن أبي النضر قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا الأشجعي عن مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن الشعبي قال: حدثنا الربيع بن خثيم وكان من معادن الصدق.
ذكره أبي عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: الربيع بن خثيم ثقة لا يسأل عنه
(2)
.
أخبرنا يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد ابن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: في الطبقة الأولى من التابعين ومنهم المخبت الورع القنع الحافظ لسره، الضابط لجهره المعترف بذنبه، المفتقر إلى ربه أبو يزيد الربيع بن خثيم أحد الثمانية من الزهاد، وقيل ان التصوف مشارفة السرائر ومصارفة الظواهر.
(1)
-السرية: الجارية المتسرى بها.
(2)
-الجرح والتعديل:3/ 459 (2068).
قال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: (21 - و) حدثني أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا خلاد بن يحيى قال: حدثنا سفيان قال: أخبرتني سريه الربيع بن خثيم قالت: كان عمل الربيع كله سرا، إن كان ليجئ الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه.
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي سهل قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن الربيع بن خثيم أنه كان يجهر بالقراءة فإذا سمع وقعا خافت.
وقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو معمر قال: حدثنا مبارك بن سعيد عن أبيه قال: قيل لأبي وائل:
أنت أكبر أم الربيع بن خثيم؟ قال: أنا أكبر منه سنا، وهو أكبر مني عقلا
(1)
.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: سمعت أبا الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي يقول: حدثنا جدي قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن سفيان عن أبيه عن أبي وائل وقيل له: أيكما أكبر أنت أو الربيع بن خثيم؟ قال: أنا أكبر منه سنا وهو أكبر مني عقلا.
أخبرنا أبو الحجاج الآدمي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن محمد قال:
أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن (21 - ظ) محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مالك بن مغول عن الشعبي قال: ما جلس الربيع في مجلس منذ تأزر وقال: أخاف أن نظلم رجل فلا أنصره أو يفترى رجل على رجل فأكلف عليه الشهادة ولا أغض البصر ولا أهدى السبيل أو يقع لحامل فلا أحمل عليه.
(1)
- حلية الأولياء:2/ 105 - 116.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد: إجازة قال:
أخبرنا عبد العزيز بن الحسن، قالا: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بكر بن مروان قال: حدثنا أبو قلابة قال: حدثنا موسى بن مسعود قال: سمعت سفيان الثوري يقول: قيل للربيع بن خثيم: لو أرحت نفسك؟ قال:
راحتها أريد.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفى عن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثني الحسن بن الصباح قال: حدثنا شعيب ابن حرب عن مالك بن مغول عن الشعبي قال: لم يجلس الربيع بن خثيم في طريق منذ تأزر، قال: أخاف أن يفتري رجل على رجل فاتكلف الشهادة، أو تقع حمولة وغضّ البصر.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري -بقراءتي عليه-قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال قال: حدثنا محمد بن علي الوراق قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا جعفر قال:
سمعت مالكا يقول: قالت ابنة الربيع لأبيها: مالي أرى الناس ينامون وأنت لا تنام؟ قال: جهنم لا تدعني (22 - ظ) أنام.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد بن حيّان قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال: حدثنا أبو أيوب قال: حدثنا جعفر بن سليمان
قال: سمعت مالك بن دينار يقول: قالت ابنة الربيع للربيع: يا أبة مالك لا تنام والناس ينامون؟ فقال: إن النار لا تدع أباك ينام.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال:
حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس عن سفيان قال:
بلغنا أن أم الربيع بن خثيم كانت تنادي ابنها الربيع فتقول: يا بني يا ربيع ألا تنام؟ فيقول: يا أمة من جن عليه الليل وهو يخاف البيات حق له أن لا ينام! قال: فلما بلغ ورأت ما يلقى من البكاء والسهر نادته فقالت: يا بني لعلك قتلت قتيلا؟ فقال:
نعم يا والدة قد قتلت قتيلا، فقالت: ومن هذا القتيل يا بني حتى نتحمل على أهله فيعفوك، والله لو يعلمون ما تلقى من البكاء والسهر بعد لقد رحموك، فيقول:
يا والدة هي نفسي.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أحمد بن مساور قال:
حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع عن نسير بن ذغلوق عن بكر بن ماعز قال: انطلق الربيع بن خثيم وابن مسعود الى شاطئ الفرات فمر بتلك الحدادين، فلما رأى تلك النيران خر مغشيا عليه فجاء به ابن مسعود يحمله (22 - ظ) إلى داره، فانطلق فصلى بالناس الظهر فرجع إليه: يا ربيع يا ربيع، فلم يجبه، فرجع وصلى بالناس العصر، ثم رجع إليه: يا ربيع يا ربيع فلم يجبه فانطلق فصلى بالناس المغرب، ثم رجع: يا ربيع يا ربيع فلم يجبه، ثم رجع فصلى بالناس العشاء الآخرة، ثم رجع إليه: يا ربيع فلم يجبه حتى ضربه برد السحر.
قال أبو نعيم: رواه أبو وائل عن عبد الله حدثناه أبو بكر بن مالك قال:
حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن ابراهيم الدورقي قال:
حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا عيسى بن سلم عن أبي وائل قال: خرجنا مع عبد الله بن مسعود ومعنا الربيع بن خثيم فمررنا على حداد فقام عبد الله ينظر حديدة في النار فنظر ربيع إليها فتمايل يسقط، فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون على شاطئ الفرات فلما رآه عبد الله والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية: {إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ
مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} إلى قوله: {ثُبُورًا}
(1)
فصعق الربيع فاحتملناه فجئنا به الى أهله قال: ثم رابطه عبد الله الى الظهر فلم يفق، ثم رابطه الى العصر فلم يفق، ثم رابطه الى المغرب فلم يفق، ثم إنه أفاق فرجع عبد الله الى أهله.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا حسين بن علي عن محمد عن رجل من أسلم من المبكرين الى المسجد قال: كان الربيع بن خثيم اذا سجد فكأنه ثوب مطروح فتجئ العصافير فتقع عليه.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبله (23 - و) قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا هنّاد قال: حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن سعيد بن مسروق عن الربيع ابن خثيم أنه لبس قميصا سنبلانيا
(2)
أراه ثمن ثلاثة دراهم أو أربعة فإذا مدّ كمه بلغ أظفاره واذا أرسله بلغ ساعده، فإذا رأى بياض القميص قال: أي عبيد تواضع لربك ثم يقول: أي لحيمة، أي دميّة كيف تصنعان إذا سيرت الجبال و «دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا. وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا. وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ
(3)
».
وقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا أبو حيان قال:
حدثني أبي قال: كان ربيع بعدما سقط شقه يهادى بين رجلين الى مسجد قومه فكان أصحاب عبد الله يقولون: يا أبا يزيد لقد رخص الله لك، لو صليت في بيتك؟ فيقول: إنه كما تقولون ولكني سمعته ينادي حي على الفلاح فمن سمع منكم ينادي حيّ على الفلاح فليجبه ولو زحفا ولو حبوا.
قال: رواه جرير عن أبي حيان نحوه حدثناه أحمد بن محمد بن سنان قال:
حدثنا أبو العباس الثقفي قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبيه قال: أصاب الربيع الفالج فكان يحمل إلى الصلاة فقيل له:
إنه قد رخص لك؟ فقال: لقد علمت، ولكني أسمع النداء بالفلاح
(4)
.
(1)
- سورة الفرقان-الآيتان:12 - 13.
(2)
-منسوب الى سنبلان وهي محلة بأصبهان. معجم البلدان.
(3)
- سورة الفجر الايات 21 - 23.
(4)
-لقد نقل ابن العديم جل ما أورده صاحب حلية الاولياء في ترجمته للربيع 2/ 105 - 118.
قلت: وقد رواه عبد الله بن المبارك (23 - و) عن سفيان عن أبي حيان مثله.
أخبرناه الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن أبي المعالي الصالحي قال: أخبرنا عمر بن أبي الحسن قال: قرأت على محمد بن الحسين الامام: أخبركم محمد ابن عبد العزيز قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا حماد بن أحمد وعبد الله بن محمود قالا: أخبرنا ابراهيم الخلاّل قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال:
أخبرنا سفيان عن أبي حيان عن أبيه قال: عرض لربيع بن خثيم الفالج فكان يهادي بين رجلين، فقيل له: يا أبا يزيد لو جلست فإن لك رخصة فقال: إني أسمع حي على الفلاح فإذا سمع أحدكم حي على الفلاح فليجب ولو حبوا.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال:
أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني زياد بن أيوب قال: حدثنا علي بن يزيد الصدائي قال: حدثنا عبد الرحمن بن عجلان عن نسير قال: بتّ بالربيع بن خثيم ذات ليلة فقام يصلي فمر بهذه الآية: «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ» الآية
(1)
فمكث ليلته حتى أصبح ما يجوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثنا زياد ابن أيوب قال: حدثنا علي بن يزيد قال:
حدثنا حماد الأصم الحماني عمن حدثه-بعض أصحاب الربيع-قال:
ربما علمنا شعره عند المساء وكان ذا وفرة ثم يصبح والعلامة كما هي فنعرف أن الربيع لم يضع جنبه ليله على (24 - و) فراشه.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا أبو النضر العجلي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا سفيان عن نسير بن
(1)
- سورة الجاثية-الآية:21.
ذعلوق قال: كان الربيع بن خثيم يبكي حتى تبل لحيته دموعه فيقول: أدركنا أقواما كنا في جنبهم لصوصا.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا يوسف الصفار قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم قال: قيل للربيع بن خثيم ألا تمثّل ببيت شعر فقد كان أصحابك يتمثلون؟ قال ما من شيء يتكلم به إلاّ كتب وأنا أكره أن أقرأ في إمامي بيت شعر يوم القيامة.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد الحنبلي-بنابلس-قال:
أخبرتنا تجنى بنت عبد الله. قال: أخبرنا الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني العباس بن جعفر قال: حدثنا محمد بن سعيد عن أبي بكر بن عياش عن عاصم قال: قال رجل للربيع ابن خثيم ما يمنعك أن تمثّل بيتا من شعر فإن أصحابك كانوا يفعلون ذلك؟ قال: إنه ليس أحد يتكلم بكلام إلاّ كتب ثم يعرض عليه يوم القيامة واني والله أكره أن أقرأ في إمامي يوم القيامة بيت شعر.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد قال:
أخبرنا أبو علي (24 - ظ) الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا البغوي قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا غسان ابن المفضل الغلابي قال: سمعت من يذكر أن الربيع بن خثيم كان بالأهواز ومعه صاحب له فنظرت إليه امرأة فتعرضت له ودعته الى نفسها، فبكى الشيخ، فقال له صاحبه: ما يبكيك؟ قال: إنها لم تطمع في شيخين إلاّ ورأت شيوخا مثلنا.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن أبي المحاسن القرشي التاجر قال: أخبرنا أبو السعادات بن زريق وشهدة بنت الآبري الكاتبة، خ.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي النحوي قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد بن
محمد قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال: حدثنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم قال: جاء الربيع بن خثيم الى علقمة فدخل المسجد وكان في جانب المسجد جماعة من النساء فجعلن يمررن عليه في المسجد فغضّ بصره فلا يلتفت يمينا ولا شمالا.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال:
أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال:
حدثنا أبو همام قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: قال فلان: ما أرى ربيعا تكلم كلاما منذ عشرين عاما إلاّ بكلمة نصعد.
وقال أبو نعيم (25 - و) حدثنا أحمد بن سنان قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: قال رجل: صحبنا ربيع بن خثيم عشرين سنة فما تكلم إلا بكلمة نصعد، وقال آخر:
صحبته سنتين فما كلمني إلا كلمتين.
وقال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا شجاع بن الوليد عن سفيان الثوري عن رجل من بني تيم الله قال: جالست الربيع عشر سنين فما سمعته يسأل عن شيء من أمر الدنيا إلا مرتين قال مرة: حيّة والدتك؟ وقال مرة: كم لكم مسجد؟.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي-قراءة عليه- قال: أخبرنا الشريف أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن المكي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن ابراهيم العبقسي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن ابراهيم الديبلي قال:
حدثنا أبو صالح محمد بن الأزهر المعروف بابن زنبور قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن منذر الثوري قال: كان الربيع يكنس الحش
(1)
مرارا فيقال له، فيقول: إني أريد أن آخذ نصيبي منه.
(1)
-الحش هنا المكان الذي كانوا يتغوطون فيه. النهاية لابن الأثير.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد المقدسي بنابلس قال:
أخبرتنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا الحسين بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين ابن صفوان البرذعي قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا داوود بن عمرو الضبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الأسدي عن مفضل عن رجل عن ابراهيم-يعني-التيمي قال: أخبرني من سمع الربيع بن خثيم عشرين سنة لم يتكلم بكلام لا نصعد.
وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه قال: ما سمعت الربيع بن خثيم يذكر شيئا من أمر الدنيا قط.
أخبرنا الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا (25 - ظ) أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن منذر عن الربيع بن خثيم أنه كان يكنس الحش بنفسه فقيل له: إنك تكفى هذا، قال: إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة.
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال:
حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي عن مالك بن مغول عن الحسن قال:
قيل للربيع بن خثيم يا أبا عبد الله لو جالستنا فقال: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة فسد عليّ.
وقال: حدثنا أبو أحمد الغطريفي قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا غالب بن الوزير الغزّي قال: حدثنا حفص بن عمر قال: كان الربيع بن خثيم لا يعطي السائل أقل من رغيف ويقول: إني لأستحي من ربي أن أرى غدا في الميزان نصف رغيف.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن عجلان عن نسير
ابن ذعلوق قال: كان الربيع بن خثيم إذا جاءه سائل قال: أطعموه سكرا فإن الربيع يحب السكر.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم أنه قال لأهله: اصنعوا لنا خبيصا فصنعوه له فدعا رجلا به خبل فجعل يلقمه ولعابه يسيل، فلما ذهب قال أهله: يكلفنا وصنعنا ما يدرى هذا ما أكل! قال الربيع: لكن الله يدري (26 - و).
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا هناد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن بكر بن ماعز قال:
كان الربيع بن خثيم خبل من الفالج فكان يسيل من فيه لعاب، قال: فمسحته يوما قرآني كرهت ذلك، قال: والله ما أحب أنه بأعتى الديلم على الله عز وجل.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن ابراهيم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا أبو عبد الله الارتاحي عن أبي الحسن بن الفراء قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا هاشم بن الوليد قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال:
حدثنا عاصم قال: كان الربيع بن خثيم يصلي فسرق فرسه فقال له غلامه: يسرق فرسك وأنت تنظر اليه، هذا عمل الناس؟ قال: كنت بين يدي الله عز وجل ولم أكن أصرف وجهي عن الله تعالى
(1)
.
أخبرنا يوسف الدمشقي قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو علي
(1)
-ليس للربيع بن خثيم ذكر في تاريخ ابن عساكر.
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثنا عطاء بن (26 - ظ) مسلم قال: سمعت العلاء بن المسيب يقول: سرق للربيع بن خثيم فرس فقال أهل مجلسه: ادع الله عليه، قال: بل أدع الله له: اللهم إن كان غنيا فأقبل بقلبه، وإن كان فقيرا فأغنه.
وقال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال:
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبه قال: حدثني أبي وعمي أبو بكر قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس عن عمه عن الشعبي-وذكر أصحاب عبد الله-فقال: أما الربيع فأورعهم ورعا.
وقال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عثمان قال: حدثنا عبيد بن يعيش قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا مالك بن مغول قال: قال الشعبي: أصفهم لك-يعني أصحاب عبد الله كأنك شهدتهم-كان الربيع ابن خثيم أشدهم ورعا.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وأبو عبد الله محمد بن أبي سعد بن الحسين الحلبيان بحلب والقاضي حسن بن عامر العباسي الكلابي البابي بباب بزاعا قالوا: أخبرنا أبو الفرج الثقفي قال: حدثنا أبو علي بن أحمد الحداد -قراءة عليه وأنا حاضر-قال: حدثنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن عبد الله بن علي المعروف بابن أبي الغرائم قال: حدثنا أبو عمرو أحمد ابن حازم بن أبي غرزة قال: حدثنا عبد الله-يعني-بن موسى قال: حدثنا الربيع بن منذر عن أبيه عن الربيع بن خثيم في قوله: «وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً 1» قال: من كل أمر ضاق على الناس. (27 - و).
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا تجنى بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا الحسين بن محمد بن طلحة النعالي قال:
أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن
(1)
- سورة الطلاق-الآية:2.
صفوان البردعي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم عن نسير بن ذعلوق عن بكر ابن ماعز عن الربيع بن خثيم قال: يا بكر بن ماعز اخزن لسانك إلاّ فيما لك ولا عليك.
وقال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني شريح بن يونس قال: حدثنا المبارك بن سعيد عن رجل عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع بن خثيم يقول: يا بكر ابن ماعز اخزن لسانك إلاّ فيما لك فإني اتهمت الناس على ديني.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا عبد الله بن محمد العبسي قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا سفيان عن أبيه عن بكر بن ماعز قال: قال لي الربيع بن خثيم: يا بكر بن ماعز اخزن عليك لسانك إلاّ ممّا لك ولا عليك فإني اتهمت الناس على ديني أطع الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله الى عالمه لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ.
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا (27 - ظ) أبو الأحوص عن سعيد -يعني-ابن مسروق عن منذر الثوري قال: كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله قال: اتق الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله الى عالمه لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، وما خيرتكم اليوم بخير ولكنه خير من آخر شر منه وما تتبعون الخير حق اتباعه وما تفرون من الشرّ حق فرارة، ولا كل ما تقرءون تدرون ما هو، ثم يقول: السرائر السرائر اللاتي يخفين من الناس وهن لله تعالى بواد، والتمسوا دواءهن، ثم يقول: وما دواءهن إلاّ أن تتوب ثم لا تعود.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا النضر بن اسماعيل قال: حدثنا عبد الملك بن الأصبهاني عمن حدثه عن الربيع بن خثيم أنه قال لأصحابه: تدرون ما الداء والدواء
والشفاء؟ قالوا: لا، قال: الداء الذنوب والدواء الاستغفار والشفاء أن تتوب ثم لا تعود.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أنبأنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر، قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله ابن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء-اجازة-قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال:
حدثنا ابراهيم بن نصر قال: حدثنا قبيصة عن سفيان الثوري قال: قال الربيع بن خثيم: داء البدن الذنوب ودواؤها الاستغفار وشفاؤها ألا تذنب في الدنيا.
قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا عبد الصمد بن يزيد قال: سمعت فضيل بن عياض يقول: كان الربيع بن خثيم يقول في دعائه:
اشكو اليك حاجة لا يحسن بثها إلاّ اليك فاستغفرك منها وأتوب اليك.
وقال حدثنا (28 - و) أبو محمد بن حيان قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن عبيدة العصفري قال: حدثنا عثمان ابن زفر قال: حدثنا الربيع بن المنذر عن أبيه قال: قال الربيع بن خثيم: من استغفر الله كتب في راحته آمن من العذاب.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي سهل قال: حدثنا عبد الله بن محمد العبسي قال: حدثنا حفص بن عتاب عن أشعث عن ابن سيرين عن الربيع بن خثيم قال: أقلوا الكلام إلا بتسع: تسبيح، وتكبير، وتهليل، وتحميد، وسؤالك الخير، وتعوذك من الشر، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءة القرآن.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي قال أخبرتنا تجني بنت عبد الله قالت: أخبرنا أبو عبد الله النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا
أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع بن خثيم يقول: لا خير في الكلام إلاّ في تسع: تهليل الله، وتكبير، وتسبيح، وتحميد وسؤالك من الخير، وتعوذك من الشر، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءتك القرآن.
أخبرنا الشريف أبو هاشم الهاشمي (28 - ظ) قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس الشامي، إمام جامع دمشق بها، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب بالأنبار قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد العلاف قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال:
حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز عن الربيع بن خثيم أنه كان إذا قيل له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن محمد اللبان قال:
أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمر بن ذر قال: قيل للربيع بن خثيم: كيف أصبحت يا أبا يزيد؟ قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي شبل قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبيه عن أبي يعلى قال: كان الربيع إذا قيل له كيف أصبحتم؟ يقول:
(29 - و) ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
قال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا شريح بن يونس قال: حدثنا اسماعيل بن جعفر عن حبيب بن حسان عن مسلم
البطين أن الربيع بن خثيم جاءته ابنته فقالت: يا أبتاه أذهب ألعب؟ قال: اذهبي فقولي خيرا.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي قال: أخبرتنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا الحسين بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: محمد بن فضيل حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه قال: رأيت لبنت الربيع بن خثيم ابنة فقالت: يا أبتاه أذهب ألعب؟ فقال: يا بنية اذهبي قولي خيرا.
وقال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثني محمد ابن عبد الله الأسدي قال: حدثنا قيس بن سليم العنبري عن خوات التيمي قال:
جاءت أخت الربيع بن خثيم عائدة الى بني له فانكبت عليه فقالت: كيف أنت يا بني؟ فجلس ربيع فقال: أرضعتيه؟ قالت: لا، قال: ما عليك لو قلت يا بن أخي فصدقت.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا (29 - ظ) عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثني أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا سهل بن محمود قال: حدثنا مبارك بن سعد عن ياسين الزيات قال: جاء ابن الكواء
(1)
الى الربيع بن خثيم قال:
دلني على من هو خير منك، قال: نعم من كان منطقه ذكرا وصمته تفكرا، ومسيره تدبرا فهو خير مني.
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن المساور قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز قال: قال ابن الكواء للربيع بن خثيم: ما نراك تعيب أحدا ولا تذمه؟ فقال: ويلك يا بن الكواء ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذنبي الى حديث الناس إن الناس خافوا الله على ذنوب الناس وأمنوه على نفوسهم.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا
(1)
-هو عبد الله بن أبي أوفى اليشكري من زعماء الخوارج الاوائل. انظر تاريخ الطبري:5/ 63 - 65.
أبو همام قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع عن أبي طعمة نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز قال: قال الربيع بن خثيم: الناس رجلان مؤمن وجاهل، فأما المؤمن فلا توده وأما الجاهل فلا تجاهله.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:
حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثنا خلف بن خليفة عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل قال: أتينا الربيع بن خثيم فقال ما جاء بكم؟ قلنا: جئنا لنحمد الله ونحمده معك ونذكر (30 - و) الله ونذكره معك، قال: الحمد لله الذي لم تأتوني تقولون:
جئنا تشرب فنشرب معك وتزني فنزني معك!
أخبرنا عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي قال: أخبرتنا تجنى بنت عبد الله قالت:
أخبرنا أبو عبد الله النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا الحسين ابن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني علي بن الحسن عن زيد بن الحباب عن صالح بن موسى عن أبيه قال: سمع الربيع بن خثيم رجلا يلاحي رجلا، فقال له: لا تلفظ إلاّ بخير ولا تقل لأخيك إلاّ ما تحب أن تسمعه من غيرك فإن العبد مسئول عن لفظه محصى عليه ذلك، أحصاه الله ونسوه.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا أبو قدامة عبد الله بن سعيد قال: حدثنا سفيان عن سالم ابن أبي حفصة عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم قال: حرف وأيما حرف:
«مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ»
(1)
.
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن منذر الثوري قال: قال الربيع بن خثيم سورة يراها الناس قصيرة، وأنا أراها طويلة عظيمة لله تعالى بحتا ليس لها خلط فأيكم قرأها فلا يجمعن إليها شيئا استقلالا لها وليعلم (30 - ظ) أنها مجزية، يعني سورة الاخلاص.
(1)
- سورة النساء-الآية:80.
وقال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا ابراهيم الحربي قال: حدثنا محمد بن مقاتل قال: حدثنا ابن المبارك عن سفيان، ح.
قال: وحدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا جعفر بن الصباح قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا الأشجعي قال: ما سمعت سفيان يقول: قال الربيع ابن خثيم: أريدوا هذا الخير بالله تنالوه لا بغيره، وأكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله، فإن الغائب إذا طالت غيبته رجيت جيئته وانتظره أهله وأوشك أن يقدم عليهم.
وقال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا ابراهيم الحربي قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع يقول: أكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن الربيع بن خثيم قال: ما غائب ينتظره المؤمن خير من الموت.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس قال: حدثنا هناد قال: حدثنا أبو زبيد عن حصين قال: قال الربيع بن خثيم: عجبت لملك الموت ولثلاثة: لملك ممنّع في حصونه يأتيه ملك الموت فينتزع نفسه ويدع ملكه خلفه، ومسكين منبوذ بالطريق يقذره الناس أن يدنوا منه لا يقذره ملك الموت أن يأتيه فينزع نفسه، ولطبيب (31 - و) نحرير يأتيه ملك الموت فينزع نفسه، ويدع طبه خلفه.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مصعب قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال: حدثنا مروان بن معاوية قال: حدثنا الربيع بن المنذر عن أبيه قال: قال الربيع: يا منذر، قلت: لبيك، قال: لا يغرنك كثرة اليأس من نفسك فإنه خالص إليك عملك.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:
حدثني أحمد بن ابراهيم قال: حدثني عثمان بن زفر قال: حدثنا ربيع بن منذر عن أبيه الربيع بن خثيم قال: كل ما لا تبتغي به وجه الله يضمحل.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السّلفي قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت محمد بن النضر الحارثي قال: كان الربيع بن خثيم يقول تفقه ثم اعتزل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الموحد قال: أخبرنا أبو المظفر هناد بن ابراهيم النسفي القاضي قال: سمعت علي بن عمر ابن بلال قال: سمعت علي بن أحمد بن علي الوراق قال: سمعت محمد بن الحسن الزاهد يقول: أصاب ابن خثيم فالج فقيل له: لو تداويت؟ فقال: قد هممت ثم ذكرت «عادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا» كانت (31 - ظ) فيهم الأوجاع وكان فيهم الأطباء فهلك المداوى والمداوي ولم يغن الدواء شيئا.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا الخطيب أبو عبد الرحمن الكشميهني قال: حدثنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني قال:
أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القاري قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن شاذان قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي قال: حدثني أبي قال أخبرنا علي بن شقيق عن عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري قال: كتب الربيع خثيم الى بعض أخوانه أن زمّ جهازك وكن وصي نفسك ولا تجعل أوصياءك الرجال.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد ابن سلم قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا المحاربي عن عبد الملك بن عمير قال: قيل للربيع بن خثيم: ألا ندعو لك طبيبا؟ قال: أنظروني، قال: فتفكر، ثم قال:«عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا» قال: فذكر من حرصهم
على الدنيا ورغبتهم كانت فيها، وقال: قد كانت فيهم أطباء وكان فيهم مرضى ولا أرى المداوي بقي ولا المداوى، وأهلك الناعت والمنعوت، لا حاجة لي فيه.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أبي بكر قال: أنبأنا (32 - و) أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم النسيب قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم-بالقاهرة-قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين. قال ابن حمد: إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل بن محمد الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن علي الوراق قال:
حدثنا الحماني عن المحاربي عن عبد الملك بن عمير قال: قيل للربيع بن خثيم في مرضه الذي مات فيه: ألا ندعو لك طبيبا؟ قال: أنظروني أتفكر، فقال:«إن عادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا» قد كانت فيهم أطباء فما أرى المداوي بقي ولا المداوى.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد الحموي قال: أخبرنا أبو عمران السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال:
حدثنا جعفر بن عون قال: حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه قال: كتب الربيع بن خثيم وصيته:
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
هذا ما أوصى به الربيع بن خثيم وأشهد الله عليه «كَفى بِهِ شَهِيداً»
(1)
وجازيا لعباده الصالحين ومثيبا بأن رضيت بالله ربا، وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا، وأن
(1)
- سورة الاحقاف-الآية:8.
آمر نفسي ومن أطاعني أن نعبد الله في العابدين ونحمده في الحامدين وأن ننصح لجماعة المسلمين.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال:
أخبرنا أبو نعيم الحافظ: قال حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال: حدثنا أحمد ابن موسى بن العباس قال: حدثنا اسماعيل بن سعيد قال: حدثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبيه قال: كانت وصية الربيع: هذا ما أوصى به الربيع، ح.
قال وحدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن أبيه عن منذر الثوري عن الربيع أنه أوصى عند موته فقال: هذا ما أوصى به الربيع على نفسه (32 - ظ) وأشهد الله عليه «وكفى به شهيدا» وجازيا لعباده الصالحين ومثيبا بأني رضيت بالله ربا، وبمحمد نبيا، وبالاسلام دينا، ورضيت لنفسي ومن أطاعني بأن أعبده في العابدين، وأحمده في الحامدين وأنصح لجماعة المسلمين.
قال أبو نعيم رواه شعبة عن سعيد بن مسروق عن الربيع. قال شعبة: فقلت لسعيد: من حدثك بهذا؟ قال: حدثنيه الحسن عن الربيع مثله.
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي سهل قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن سرية الربيع قال:
لما حضر الربيع بكت ابنته، فقال: يا بنية لم تبكين، قولي: يا بشراي لقي أبي الخير.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن حمد بن حماد قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحسين بن عمر الفراء في كتابه عن أبي اسحاق الحبّال وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسين، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم الأذني قال:
حدثني أبو الحسن بن الحسين قال: حدثنا محمود بن محمد قال: حدثني محمد بن علي قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا سفيان عن أبي حيان أن الربيع بن خثيم قال عند موته: لا تعلموا بي أحدا وسلوني الى ربي سلا.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الصوفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي (33 - و) قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي ابن قانع قال: سنة احدى وستين: الربيع بن خثيم، يعني مات فيها.
الربيع بن زياد بن سابور:
ويقال ابن سليم بن سابور الحرشي مولاهم الكاتب، كان بالرصافة كاتبا لهشام ابن عبد الملك على الرسائل، وولي خاتمه وحجابه وحرسه، وحكى عن هشام بن عبد الملك، وحكى عنه علي بن محمد المداري.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال:
حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال في تسمية عمال هشام:
الخاتم: الربيع بن زياد بن سابور مولى بني الحريش الحرشي (الحرس)
(1)
نصير مولاه، ثم عزله وولى الربيع بن زياد مع الخاتم الصغير والخاصة
(2)
.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الربيع بن زياد بن سابور، ويقال ابن سليم بن سابور الحرشي مولاهم الكاتب كان (33 - ظ) حاجبا لهشام بن عبد الملك وكان على خاتمه وحرسه وحكى عن هشام، حكى عنه علي بن محمد المداري وأظنه لم يلقه.
وذكر أبو الحسين الرازي أن الربيع بن زياد كان كاتبا لهشام بن عبد الملك على الرسائل والخاتم.
ربيع بن عبد الله الحموي الشامي:
كان من أهل حماة، روى عنه الشريف النسابة أبو عبد الله محمد بن أسعد
(1)
-فراغ بالاصل استدرك من تاريخ خليفة:2/ 545.
(2)
-سقطت ترجمة الربيع بن زياد من تاريخ ابن عساكر.
ابن علي الجواني ونقلت من خطه في كتابه المسمى «بالجوهر المكنون في النسب
(1)
».
قال مؤلف هذا الكتاب الشريف النسابة، وكان أحد شيوخي في الحديث، ويسمى ربيع بن عبد الله الحموي الشافعي، يرقي العقرب ويأخذها بعد أن يتفل عليها قدامي، ويقول شيئا لا أفهمه، فسألته: ما تقول عليها؟ فقال: لي رقية من بعض شيوخي يسندها عن بعض من هاجر الى الحبشة أنه سمعها من الحبشة يقولونها ويأخذون العقرب بها وهي: «هلسا بلسا بكفى فينا، برزاثا بدهدو، هدّو، دار يكز بالشيينرز بكز مما ركز مؤنسه سمنكرة كرنكر، أره» ثم قالها عليها قدامى بعد أن تفل عليها من ريقه، وأخذها، وقال لي: خذها أنت أبضا فقلت: يا شيخ غر غيري، والله لا مسستها أبدا ولا دنوت منها إلا أن تكون ميتة، واذا كانت ميتة ما أمسكها استقذارا لها.
ربيع بن محمود بن هبة الله:
أبو الفضل المارديني أحد الأولياء (34 - و) المعروفين بالكرامات، ورد حلب مرارا، وكان له مع عمي أبي غانم ووالدي صحبة، وكان اذا قدم حلب نزل بالمسجد المعروف بنا، الذي أنشأه جد أبي أبو غانم محمد، وعمر له والدي زاوية الى جانب هذا المسجد كان ينزلها اذا قدم حلب، وآخر قدمه قدم حلب قبل الستمائة أو فيها، وخرج والدي وعمي الى لقائه وأنا معهما، فالتقيناه خارج باب الأربعين بالقرب من خان مجد الدين، وكنت إذ ذاك صبيا لم أبلغ الحلم، وسمع الملك الظاهر غازي بقدومه فخرج الى لقائه، فوصل طاردا فرسه الينا ونحن معه شرقي مسجد السبرير
(2)
فترجل له عن فرسه، ومشى اليه وتبرك به، ودخل ونحن معه الى الشيخ علي بن الصكاك أبي الحسن الفاسي وأحضرني والدي بين يديه بحضرة الشيخ أبي الحسن واستقرأني شيئا من القرآن العظيم فقرأته، ودعالي رحمه الله، وسمعته في ذلك اليوم يقول للشيخ أبي الحسن: يا شيخ مت حتى نموت فاتفق أن الشيخ أبا الحسن توفي سنة إحدى وستمائة ثم توفي ربيع في أوائل سنة
(1)
-نقل ابن العديم عنه من قبل، ولم أقف لهذا الكتاب على ذكر.
(2)
-لم أقف على تعريف أو ذكر لهذا المسجد في مصدر حلبي آخر.
اثنتين وستمائة ثم إن الشيخ ربيع انفصل من زاوية الشيخ علي الفاسي ودخل معنا الى المسجد، فأقام به عندنا مدة، ثم سافر.
وكان الشيخ ربيع حنفي المذهب، وسمع الحديث من الحافظ أبي محمد القاسم بن علي ابن الحسن، وروى عنه وعن ابن أبي الضيف المكي، روى لنا عنه أبو الفضل محمد بن هبه الله بن أحمد بن قرناص، وعمى أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، وحكى لي عنه أبو موسى (34 - ظ) عيسى بن سلامة الحضرمي وأبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر الجزري الكردي، والأمير علي بن سليمان بن ايداش أمير الحاج الشامي، والقاضي أبو عبد الله محمد بن شيخنا أبي محمد عبد الرحمن بن الاستاذ، وعمي أبو المعالي عبد الصمد بن هبة الله والشيخ أبو القاسم الأسعردي نزيل البيت المقدس وأبو عبد الله محمد بن أبي سعد.
أخبرنا أبو الفضل محمد بن هبة الله بن أحمد بن قرناص بحلب قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو الفضل ربيع بن محمود بن هبة الله المارديني بحماة، وقد قدم علينا سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
قال أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الامام أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله الشافعي الدمشقي قال: أخبرنا الامام أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد بن الفتح السلمي-قراءة عليه-قال: أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد ابن أحمد بن طلاب الخطيب-قراءة عليه-قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن جميع الغساني بصيدا-قراءة منه علينا في داره-قال: حدثنا أبو سعيد الأذني قال: مكتوب على حاشية التوراة: اثنين وعشرين حرفا يجتمعون إليها علماء بني اسرائيل يقرءونها كل يوم، أولها: لا كنز أنفع من العلم، ولا مال أربح من الحلم، ولا حسب أربح من الأدب، ولا نسب أوضع من الغضب، ولا قدر أزين من العقل، ولا قرين أشين من الجهل، ولا شرف أكبر من التقوى، ولا كرم أجود من ترك الشهوات، ولا عقل أفضل من التقى، ولا حسنة أعلى من الصبر، ولا سيئة أسوأ من الفقر، ولا دواء ألين من (35 - و) الرفق، ولا داء أوجع من الحزن، ولا دليل أوضح من الصدق، ولا غناء أسمى من الحق،
ولا فقر أذل من الطمع، ولا عبادة أحسن من الخشوع، ولا زهد خير من القنوع، ولا حياة أطيب من الصحة، ولا حارس أحرس من الصمت، ولا معيشة أهنأ من العافية، ولا غائب أقرب من الموت.
حدثني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة وكتبه لي بخطه قال:
قال لي الشيخ ربيع بن محمود: كنت مع فقراء في البرية في طريق مكة فتمشيت معهم وأبعدنا أمام الحاج، فقال بعضنا: والله كنا نشتهي في هذا الموضع رطبا، فقال فقير من الجماعة: وتريدون ذلك؟ فقلنا: نعم، فمضى وتوارى عنا فجاءنا برطب رطب وما على الارض رطبة واحدة فأكلنا (35 - ظ).
أنشدني أبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر بن علي الجزري قال: سمعت الشيخ ربيع ينشد هذين البيتين، ونحن سائرون من مكة الى المدينة ولم نسمعه ينشد غيرهما، وكان لا يرى إنشاد الشعر ولا سماعه وإذا سمع أحدنا ينشد بيتا ينكر عليه والبيتان.
ليال وأيام تمر حواليا
…
من الوصل ما فيها لقاء ولا وعد
إذا قلت هذي مدة قد تصرمت
…
أتت مدة أخرى تطول وتمتد
أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي سعد الحلبي قال: كان الشيخ ربيع من أهل ماردين وحكى لي أنه مضى الى البيت المقدس ليزوره وهو اذ ذاك في يد الفرنج، قال: وكنت أعيش من عمل الفاعل، وكنت أعرف بماردين جماعة من النصارى، فنزلت عندهم في القدس وكنت أعمل عند الرهبان لأنهم لا يمنعوني من الصلاة وكنت أقتات مما يحصل لي من الأجرة، وآخذ ما يفضل لي من الأجرة وأزور به الصخرة، وأزن للذي (36 - و) على باب الصخرة لأخذ الجعل من المسلمين قرطسيا في كل مرة، وكلما فضل لي شيء فعلت به هكذا، ودخلت الى الصخرة وزرت وصليت، فكنت في بعض الأوقات لا أجد شيئا فجئت إليه يوما وليس معي شيء فقال: هات فقلت: ما معي شيء، فقال: ادخل، فأنكر عليه النصارى وقالوا له: كيف تترك هذا الرجل يدخل ولا تأخذ منه شيئا؟ قال: انه كان يؤدي الذي يؤديه من وسط قلبه، فلو كان معه شيء لأداه فلهذا تركته.
أخبرني أبو موسى عيسى بن سلامة بن سليم بن عبد الوارث الحضرمي الحميري قال: كنت سمعت أن الشيخ ربيع بن محمود أمي لا يعرف الخط، وأنه يقرأ القرآن في المصحف فجئت يوما الى موضعه الذي يقرأ فيه القرآن فتواريت عنه فسمعته يقرأ سورة الفتح ويؤدي أداء حسنا كأنه مارس القراءة ومهر فيها، فسلمت عليه، وقلت: على من قرأت؟ فقال لي: على الذي أنزله، فقلت: هذا أجدر أن تخبرني به، فأطبق المصحف وقال لي: كنت بالمدينة على ساكنها السلام أعمل بالفاعل، وأسقي بالقربة، وما يحصل لي في النهار أعمل به جفنة للفقراء مدة اثنتي عشرة سنة ولما كان بعد ذلك جعلت أرى كل من ألقاه يكلمني بكلام حكمة من الطير والدواب والجماد والحيطان وغيرها فشق علي ذلك وقلت لا اطيق حمل هذا لأنني لا أحسن الكتابة، فوقع لي أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم وأشكو اليه ما نزل بي فجئته (36 - ظ) وشكوت اليه ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي: يا ربيع ادع الله تعالى أن يسهل عليك قراءة القرآن في المصحف فهي أفضل العبادة، فقمت وتوضأت وجئت الى النبي صلى الله عليه وسلم وصليت ركعتين عنده ودعوت الله بما أمرني به الرسول صلى الله عليه وسلم ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقال لي يا ربيع افتح المصحف واقرأ، فأخذت مصحفا كان عندي ففتحته وجعلت أتبع سوره ويقع لي أن هذه الكلمة الحمد والأخرى لله، وما بعدها كذلك الى أن ختمت القرآن جميعه. قال: وصارت عبادته بعد ذلك الى أن مات رحمه الله.
حدثني الشيخ أبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر بن علي الجزري المعروف بالملقن قال: كان الشيخ ربيع بن محمود الماردي قدس الله روحه لا يدخر لغداء من عشاء، ولا لعشاء من غداء، وكان لا يفطر في كل شهر غير يوم أو يومين، ويؤثر أصحابه على نفسه ولا يأكل من مال سلطان ولا جندي ولا من له قطيعة على وقف وصحبناه مدة طويلة في البلاد مثل مكة والمدينة، ودمشق، وغيرها.
قال: وصليت معه ليلة العشاء الآخرة في الحرم الشريف بمكة، فلما فرغ من الصلاة قال لنا: قوموا بنا الى العمرة، وكنا معه أربعة نفر، وهو، فلما وصلنا الى التنعيم وأحر منا بالعمرة وأقبلنا الى مكة ووصلنا الى متكأ النبي صلى الله عليه (37 - و) وسلم وجلسنا ساعة تتبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا
متوجهين الى مكة فلما قربنا من موضع يقال له الشبيكة قال لنا الشيخ ربيع: قفوا مكانكم فوقفنا، ثم أخذ على يسار الطريق ومشى متياسرا الى أننا ما بقينا نرى منه في ظلام الليل إلاّ شبحه، فسمعناه يقول: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فتأملنا واذا بانسان واقف معه، فصافحه ووقف معه ساعة ثم عاد الينا فقال لنا: امضوا فصافحوه، فجئنا فسلمنا عليه وصافحناه فوجدنا يده على غاية من اللين والترف، وقلنا له: ادع لنا، فقال لنا: غفر الله لكم، ثم جذب يده منا ومشى على حاله متوجها الى العمرة، فلما جئنا الى الشيخ ربيع سألناه عنه فقال: هذا اسمه عبد المجيد اليمني من أهل اليمن يصلي الخمس الصلوات في الحرم ولا يرأه أحد.
قال لي يوسف الملقن: ومضيت مع الشيخ ربيع ليلة الى عمرة الحديبية وصلينا بها المغرب فلما أفطرنا أحرمنا وتوجهنا الى مكة وكان الطريق وعرا فتهنا عن الطريق فقال لنا الشيخ ربيع: قفوا فان الطريق قد اشتبه علينا في ظلام الليل فوقفنا على على عزيز أن نقف مكاننا الى الصباح، ثم نمضي ثم بدا للشيخ رأي فقال: سيروا بنا، فما أحسسنا بأنفسنا إلاّ في مكة حرسها الله، فسألناه-بعد أن طفنا بالبيت وسعينا- عن ذلك وقلنا: ان هذا لعجب قلت لنا: بيتوا فقد (37 - ظ) تهنا، ثم بدا لك فسرت بنا فجئنا على العادة ولم نته عن الطريق؟ فقال: لما قلت لكم قفوا اشتبه علي الطريق، فقلت لكم ذلك، فبعد ساعة رفع الله البيت لي حتى علا على جميع الجبال فوقع نظري عليه فقصدته ولم أزل أؤمه حتى وصلنا.
أخبرني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة والأمير علي بن سليمان ابن ايداش ابن السلار قالا: قال لنا الشيخ ربيع: كنت بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا وجاء رجل تركي من أتراك المدينة الى فقير في المسجد يستفتيه فقال له ذلك الفقير: امض الى الشيخ ربيع فهو على مذهبك، يريد أنه حنفي المذهب فجاء إليّ فقال ان رجلا من الزيدية له بنت، وقد سافر عنها زوجها أو غاب وهم يريدون يفسخون النكاح ويزوجوني بها فهل يجوز ذلك لي؟ فقال له الشيخ ربيع:
قد ذكر أبو الحسين القدوري في مختصره أنه لا يحل ذلك حتى يبلغ مائة وعشرين سنة من يوم ولد وبعد ذلك تزوج فقال: فأنا أفعل ذلك، قال الشيخ ربيع: فلما انفصل عني أخذني حياء وخجل من النبي صلى الله عليه وسلم وقلت: من أنا حتى
أفتي بمحضر من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن الفقهاء أنا أم من المفتين، والله ما هذا إلاّ جرأة عظيمة وأخذني حياء عظيم وخجل فنمت وأنا قاعد فرأيته صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي: أفلحت (38 - و) دنيا وآخرة، لو لم تعرف من العلم إلاّ هذه المسألة لكفتك، قال: فاستيقظت فسمعته يقول لي وأنا مستيقظ:
أفلحت دنيا وآخرة لو لم تعرف من العلم إلاّ هذه المسألة لكفتك، قال: فطاب قلبي وزال عني ما كنت أجده.
قال لي عمي أبو غانم: قال لي الشيخ ربيع: كنت في طريق مكة ولحق الناس عطش شديد، وكان معي أداوة ملأى من الماء فرأيت اثنين من الصوفية وهما ماشيان وقد اسودت وجوههما من شدة العطش فقلت لهما: تريدان الماء؟ فقالا:
نعم فناولتهما الإداوة وقلت: اشربا منها وخليا لي منها فأخذاها فشربا ما كان فيها جميعه ثم دفعاها إليّ فأخذتها وربطتها على الجمل فلما نزل الحاج أخذتها وحللتها فاذا هي ملأى من الماء.
أخبرني أبو موسى عيسى بن سلامة الحضرمي قال: سافرت سنة سبع وتسعين وخمسمائة الى بلاد المغرب فأقمت بها سنة، ثم خرجت الى الاسكندرية فلما قربت من الاسكندرية رأيت في المنام كأن الشيخ ربيع في الاسكندرية، وقد فتح طاقا على البحر فدعا وقال في أثناء دعائه: كتب الله سلامتك يا عيسى فبعد يومين أو ثلاثة وصلت الى الاسكندرية وسمعت أن الشيخ ربيع فيها، فخرجت اليه، وسلمت عليه، وقلت له: رأيتك في المنام البارحة الاولى وقد فتحت (38 - ظ) الطاق ودعوت بكذا وكذا؟ فقال لي: نعم كذا جرى، ثم قدم لنا طعاما فيه سمك، ولم يكن له عادة بأكل السمك، فقلت له: أراك تأكل السمك ولم يكن لك بذلك عادة؟ فقال لي:
كنت في هذا العام بالبيت المقدس فخرج على قلبي طلوع، ولم يزل يكبر الى أن صار قدر الأترجة الصغيرة فضيق عليّ فنمت فرأيت قائلا يقول لي: ان أردت أن يزول هذا عن قلبك فكل السمك، رأيت ذلك مرتين أو ثلاثة، فعزمت على أكل السمك، وقلت: لا أسأل أحدا فيه، ان قدم بين يدي أكلته والا فلا أسأله فأقمت شهرين بالبيت المقدس الى أن وصل رجل صالح فعزم عليّ بالتوجه الى الديار المصرية فرحلت معه الى الديار المصرية، ونزلت عند ابن السكري ومن عادتهم أن
يعملوا لي طعاما ليس فيه سمك ولا لحم فصنعوا لي أرزا بلبن، فلما جاء صاحب المنزل بعد العشاء الآخرة طلب الأرز، وكان قد جاء الى المرأة هدية زبدية فيها سمك مطبوخ فوضعتها الى جانب زبدية الشيخ التي فيها الأرز فطفئ السراج فأرادت أن تدفع اليه الأرز فدفعت اليه زبدية السمك، فلما دخل الى الشيخ وضعها بين يديه، فكشفها فاذا فيها السمك فخجل صاحب البيت وقال: والله ما تعمدت ذلك ولا علمت أن في الدار سمكا وأراد أن يأخذ زبدية السمك ويرفعها (39 - و) فقال له الشيخ: دعها وامض وارفع الخبز ووجد فيها السمك فأكله وشرب مرفته؟؟؟ ونام.
قال الشيخ: فرأيت ذلك الشخص الذي رأيته في بيت المقدس في النوم وقال:
يا شيخ ربيع ألم أقل لك انك اذا أكلت السمك برئ هذا الداء فانتبهت فأمررت يدي على صدري فلم أجد شيئا.
قال لي أبو موسى الحضرمي: ثم سألت الشيخ ربيع: ما رأيت في خلوتك هذه وكان في الخلوة خارج الاسكندرية أربعين يوما؟ فقال لي: كنت يوما جالسا اقرأ القرآن في المصحف واذا بغلام صاحب الموضع قد دخل عليّ بطبق فيه مشموم نارنج وليمون وريحان فنظرت اليه، وتركت النظر في المصحف فعميت ولم أر شيئا، وكان زمن الصيف فبقيت كذلك من بكرة ذلك اليوم الى الزوال، وما علمت من أين أتيت فلما كان عند الزوال وقع لي أن ذلك عقوبة ترك النظر الى المصحف والنظر الى ذلك الطبق وكشفت رأسي وسجدت وجعلت أتضرع الى الله تعالى فأبصرت ورفعت رأسي فرأيت الشمس زالت فتوضأت وصليت (39 - ظ).
***
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
سمعت القاضي جمال الدين أبا عبد الله محمد بن شيخنا الامام عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان يقول: سمعت الشيخ ربيع يقول لي: لا شك أن طبع البشرية يغلب الانسان في كثير من الأحوال، فانني أحكي لك أنني كنت نائما بمكة فرأيت كأنني راكب في البحر على ساحل الشام أقصد زيارة بعض الاماكن وكأن المركب الذي كنا به قد انكسرت رجله، ولم يكن معنا رجل فخفنا وكدنا نغرق ودعونا الله تعالى، وغلب الناس علينا، واذا بمركب قد لاح لنا وأقبل وجاء نحونا يمشي مسرعا حتى وصل الينا فأخرجوا لنا رجلا فعملناها لمركبنا فسلمنا، قال: وانتبهت وقلت: لأركبن البحر حتى أنظر ما يكون من هذه الرؤيا قال: فجئت الى ساحل جدة وطلبت الركوب في بعض المراكب فجعل أصحاب المراكب يطلبونني، وكل منهم يطلب أن أركب معهم لحسن عقيدتهم فيّ، فركبت في بعض المراكب واذا به ذلك المركب الذي عاينته في المنام بعينه قال: فسرنا في البحر فانكسرت رجل المركب على ما رأيته في النوم ودخل الماء في المركب وخفنا من الغرق واستولى اليأس علينا، وكنت كأحدهم، ولحقني من الجبن والخوف كما لحق الباقين، مع ما ظهر لي من أوائل الامر الذي شاهدته في المنام قال: وجعلت أصيح لصاحب المركب وهو على الصاري انظر الى هذه الجهة وأنا أنتظر الفرج كما شاهدت في النوم قال: فجعل ينظر الى تلك الجهة ثم صاح بعد ساعة جاء (41 - و) الفرج قد لاح لنا مركب، قال: فجاء المركب الذي شاهدته في النوم على الصفة التي شاهدتها وساق نحونا حتى وصل الينا، وقد كدنا نهلك وكان معهم رجل دفعوها الينا فأصلحنا بها مركبنا وسلمنا ولله الحمد.
أخبرني يوسف بن أبي طاهر المنبجي قال: ورد الشيخ ربيع بن محمود من مكة
الى حلب وأقام بمسجد جمال الدين عمك أياما ثم خطر للشيخ أبي الحسن علي الفاسي والشيخ ربيع وعمك أبي غانم أن يمضوا لزيارة الشيخ أبي زكريا الى دير النقيرة فقاموا وخرجوا وخرجت معهم ونحن أربعة نمشي حتى بتنا بأقذار قرية والدك، ثم قمنا منها وصلينا الظهر بحاضر طيء وأقمنا بها الى العصر ثم جئنا الى تل باجر وقت المغرب وكنت أنا والشيخ ربيع صائمين لاني قد آليت على نفسي أن لا أفطر حتى أختم القرآن، ولم أكن ختمته بعد فأتانا الفلاحون بطعام وجاؤوا في جملته بصحن كبير فيه بطة وهم فرحون كيف قدموا لنا بطة حتى نأكلها فقال الشيخ ربيع:
كلوا ولا تأكلوا من هذه البطة شيئا فامتثلنا أمره ولم نأكل منها وأنفسنا تشتهيها فقال الفلاحون: يا مشايخ كلوا فما هو لمن جني بل هو لمن رزق، والتفت الفلاح الذي جاء بها الى رفيقه وقال: يا فلان انظر الى فعل ذلك الظالم كيف ألزمنا وكلفنا عمل هذه البطة وأحوجا الى أن نحتال في ثمنها فلم يجعلها الله في رزقه وكانت في رزق هؤلاء السادة، فلما سمعنا منه نظر كل منا الى صاحبه وسكت وحمدنا الله تعالى على (41 - ظ) ذلك وعلمنا أن الشيخ ربيع كوشف بذلك.
قال لي يوسف المنبجي: وحججت في بعض السنين قبل أن يفتح البيت المقدس بسنة وكنت قد حججت ماشيا في ذلك العام واجتمعت بالشيخ ربيع بمكة، ولم يشعر بي إلاّ وأنا نائم على باب قبة الشراب وكنت قد قيل لي إنه ساكن بها، فرحب بي وقال لي: أنت رفيقي الى الشام بعد الوقفة في هذه السنة فان في هذه السنة الآتية يفتح الله البيت المقدس وبلاد الفرنج ولا تعلم بذلك أحدا، فخرجت بعد قضاء الحج في صحبته فلما أشرفنا على دمشق نزلنا من المحارة وقال للجمال: أنت في حل مما فيها وكان فيها له أشياء مما يحتاج اليه وأقمنا في دمشق أياما ثم صعدنا الى طبرية وقدر الله أن فتحت القدس والساحل في تلك السنة، وحضرت معه فتوح البلاد كلها.
قال لي يوسف المنبجي: وكنت مجاورا مع الشيخ ربيع في بعض السنين وأنا إذ ذاك صبي فاشتقت الى أهلي وقلت: هذه السنة أخرج الى أهلي إن جاءني من أعرف منهم، فلما قضى الحج ولم أر أحدا من أهلي ولا ممن أعرف من البلاد جئت
في بعض الايام وطفت بالبيت، وتقدمت الى الركن اليماني وأنا آيس من العود الى البلاد في تلك السنة ففتح الله عليّ أن قلت: يا رب ان رزقتني جملا أركب، وخبزا آكل وماء أشرب عدت الى أهلي في هذه (42 - و) السنة وإلا أقمت بمكة، وكان ذلك ضحوة ذلك النهار، وصليت الظهر في ذلك النهار عند الشيخ ربيع، فالتفت إليّ وقال لي: يا يوسف قد حصلت لك جملا تركب، وخبزا تأكل وماء تشرب، ولم أعلمه بقولي، والتفت الى بعض الجمالين وقال له: هذا الصبي الذي قلت لك في معناه، واكترى لي معه بأربعة دنانير مكفّا والخبز والماء عليه.
أخبرني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: قال لي الشيخ ربيع حججت في بعض السنين ورجعت الى البلاد فلما كنت في بعض الطريق نفد ما كان معي ولم يبق إلاّ الناقة فقلت لبعض الجمالين: احملني الى الكوفة وخذا الناقة، ففعل فلما وصلت الى الكوفة قلت لصاحب لي: إيش قعودنا نمضي الى بغداد فمضيت أنا وصاحبي الى بغداد وما أقمنا بها ومضينا منها على البوازيج
(1)
ووصلنا الى الموصل وما وصل خبر الحاج الى الموصل فوجدنا قضيب البان على باب الموصل فقلنا له: ادع لنا، فقال: أنتم دعاؤكم مستجاب الى أربعين يوما، وكنا إذا قلنا إننا جئنا من الحج لم نصدق.
قال لي عمي: قال لي الشيخ ربيع: كنت مرة مع الحاج من الموصل الى بغداد فنزلت وتمشيت أمام القافلة فرأيت رجلا، فمشيت معه قليلا، فقال لي: امش معي فمشيت معه ساعة، فقال لي: تدري أين أنت؟ (42 - ظ) قلت: نعم فودعني ومضى فبقيت في ذلك الموضع تلك الليلة وذلك اليوم الى العشاء الآخرة من الغد حتى وصلت الى قافلة الحاج.
أخبرني أبو موسى عيسى بن سلامة صاحب الشيخ ربيع قال: كنت مجاورا بمكة في سنة احدى وستمائة في صحبة الشيخ ربيع فقال لي: أريد أن أنفرد في هذه الأشهر يعني شهر رجب وشعبان، وشهر رمضان، بنفسي ولا يقربني أحد ففعل
(1)
-البوازيج بلد قرب تكريت. معجم البلدان.
ذلك، فلما كان يوم العيد جئت الى بابه فأردت الدخول اليه للسلام عليه، فضربت الباب فخرج إليّ وسلم عليّ وسلمت عليه، وجاء الناس يسلمون عليه، فقال: مات الشيخ أبو الحسن الفاسي؟ فقلت له: نعم من أخبرك بهذا، وكنت قد سمعت بموته من مراكب جاءت في البحر، فقال لي: رأيت في المنام كأن ثنيتي العليا قد سقطت، فقلت له: يؤوّل هذا بالأخوة والآباء؟ فقال: أي أب وأخ أعظم من الشيخ أبي الحسن، ثم قال لي: قد قرب الموت يا أصحابنا ما بقينا نجتمع بعد هذه الوقفة إلاّ في الدار الآخرة إن شاء الله، ثم قال لي: كنت قد عزمت على أني لا أخرج وأن أصوم الستة أيام أتبع شهر رمضان، وما كنت فعلت هذا قبل ذلك لأن مذهبي وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يكره صومها متتابعا، فرأيت الشيخ أبا الحسن الفاسي في المنام وقال: لأي شيء رجعت عن مذهبك، وعادتك، قم فاخرج الى الناس فقمت وخرجت لما سمعت ضربك الباب (43 - و).
قال لي عمي أبو غانم: سمعت الشيخ ربيع يقول: رأيت الشيخ أبا زكريا رحمه الله في المنام فقال لي: يا ربيع أول من يموت منا أنا، ثم الشيخ علي الفاسي، ثم أنت، فمضى لذلك قليل فمات الشيخ أبو زكريا، ثم ان الشيخ ربيع قدم حلب فوجد الشيخ أبا الحسن مريضا، فكان يقول له: يا شيخ مت حتى أموت أنا، فبقي الشيخ علي بعد ذلك مدة ثم مات بحلب، ثم مات بعده الشيخ ربيع بعد مدة قريبة بالبيت المقدس رحمهم الله تعالى.
حدثني عمي أبو المعالي عبد الصمد بن هبة الله بن أبي جرادة-وكان قد حج سنة احدى وستمائة-قال: لما وصلت مكة حرسها الله وجدت الشيخ ربيع في أواخر مرض أشفى فيه على الموت أيس منه أصحابه فرآهم منزعجين بسببه، وبكوا حوله، فقال لهم: لا تشغلوا قلوبكم فأني لا أموت إلا في البيت المقدس، فلما قضينا حجنا وكنت قد حججت على العراق، عرضت على الشيخ ربيع أن أحمله الى الشام، وعدت على طريق أيلة، وكان أكثر رغبتي في العود على طريق أيلة صحبة الشيخ ربيع، فصحبته وأصابه الذرب وقوي عليه في الطريق، وجئت الى عقبة أيلة وهي عقبة مشقة لا يركب فيها أحد فلم يمكن الشيخ ربيع النزول وصعد راكبا على الجمل والجمل الذي تحته في العقبة يصعد به كأنه يمشي في أرض سهلة، قال: ووصلنا الى
قبر الخليل عليه السلام وزرناه، ووصلنا الى البيت المقدس واشتد به المرض وفارقته منه فلما (43 - ظ) وصلت دمشق وصلني خبر وفاته، أنه توفي بالبيت المقدس في أواخر صفر أوائل شهر ربيع من سنة اثنتين وستمائة.
قال لي عمي أبو غانم: وبلغني أن الشيخ ربيع أوصى بأن يتولى غسله علي بن السلار، وكان ابن السلار بدمشق فتعجب أصحابه وقالوا: ابن السلار بدمشق، فكيف يغسله؟ فبينما هم على ذلك وصل ابن السلار من دمشق قبيل موته، قال:
ولما احتضر خرج أصحابه من عنده فسمعوه من داخل وهو يقول بانزعاج: ألمثلي يقال هذا؟ ثم سكت، ثم قال:«لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ»
(1)
فدخلوا اليه فوجدوه قد قضى نحبه.
وقال لي الامير علي بن سليمان بن ايداش بن السلار، أمير الحاج الشامي:
أوصى الشيخ ربيع إليّ في غسله وتجهيزه ودفنه، وكنت بدمشق ولم أعلم بذلك، فبلغني خبر وصوله الى البيت المقدس فعزمت على قصده وجذبني اليه جاذب فركبت من دمشق الى البيت المقدس واجتهدت في السير، وأظنه قال لي: وصلت في ثلاثة أيام فلحقته قبل أن يموت فتوليت غسله وتجهيزه ودفنه رحمه الله.
أخبرني الشيخ أبو القاسم الأسعردي بالمنحنى في طريق الحج، وكان حج في السنة التي حججت فيها على طريق تبوك في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكان رجلا صالحا خيارا، قد صحب المشايخ، وتأدب بهم، وجاور البيت المقدس مدة، وكان له زاوية بالحرم مما يلي باب الرحمة، قال: دخل الشيخ ربيع البيت المقدس وهو مريض، وقوي مرضه فسألناه من يغسله (44 - و) فقال لنا: الساعة يقدم من دمشق من يتولى ذلك، فقدم هذا شجاع الدين علي بن سليمان بن السلار أمير الحاج، وأشار اليه، قال أبو القاسم: وسمعته يقول وقت موته «لمثل هذا فليعمل العاملون» .
قلت: ودفن بمقبرة البيت المقدس الغربية المعروفة بمامليّ، وزرت قبره
(1)
- سورة الصافات-الآية:61.
عند مروري بالبيت المقدس، وقبره ظاهر معروف في تربة فيها جماعة من الصالحين، رحمه الله.
الربيع بن نافع:
أبو توبة الحلبي نزيل طرسوس، أحد الثقات الأثبات.
حدث عن عطاء بن مسلم الخفاف الحلبي، وأبي عثمان سعيد بن شبيب الطرسوسي. وعبد الله بن المبارك وسفيان وعيسى بن يونس وأيوب بن النجار اليمامي، واسماعيل بن عياش، وشريك بن عبد الله، وأبي سليمان عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون العنسي، وأبي كامل يزيد بن ربيعة الرحبي الصنعاني، وعبد الله بن عمرو الرقي، ويحيى بن حمزة، ومحمد بن القراب الجرمي، ومعاوية بن سلام، وسعد بن عبد العزيز، والهيثم بن حميد، وشهاب بن خراش، وأبي الأحوص، ومحمد بن المهاجر الأنصاري، وهشام بن يحيى بن يحيى، وأبو الخطاب مسلمة بن علي، وعلي بن سليمان الكسائي، والحكم بن ظهير، والربيع بن بدر عليلة، ومصعب بن ماهان الخراساني، وشعبة، وعمر بن المغيرة مفتي المساكين، وسليمان بن حيان الكوفي، والمعتمر بن سليمان، وأبي عمر الصنعاني والوليد بن صالح.
روى عنه أبو الليث يزيد بن جهور وعبد الله بن أبي مسلم الطرسوسيان، وأحمد بن خليد الكندي الحلبي، وأحمد بن ابراهيم بن فيل الأنطاكي، وابراهيم ابن سعد الجوهري، وأبو بكر بن محمد بن عبده المصيصي، وأبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد، وأبو محمد عبد الله ابن عبد الرحمن الدارميان، وفهد بن سليمان، وموسى بن سعيد بن النعمان، والعباس بن أحمد بن الأزهر المستملي اليمامي، وأحمد بن ابراهيم المقرئ، وعبد الكريم بن الهيثم القطان، وأحمد بن محمد بن حنبل، والحسن بن محمد بن الصباح، ومحمد بن عامر الأنطاكي، وأبو حاتم محمد بن ادريس بن المنذر الحنظلي، ورجاء ابن عبد الرحيم، ويحيى بن أكثم القاضي، وأبو جعفر محمد بن بكر، وابراهيم بن الحسين بن ديزيل، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث الدمشقي، وعلي
ابن زيد الفرائضي، وزهير بن محمد بن قمير، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم قاضي عكبرا
(1)
، وأبو القاسم عقيل بن الفضل التميمي، وأحمد بن الحسين بن جندب الترمذي، وأبو جعفر محمد بن جعفر السمناني، وأبو اسماعيل محمد بن اسماعيل الترمذي، وروى أبو عبد الله البخاري عنه تعليقا، وروى أبو عبد الله بن محمد بن اسماعيل البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج، وأحمد بن شعيب النسائي، وأبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني عن رجل عنه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصاري الحموي (45 - و) وأبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الأوقي، وأبو طالب بار سطغان بن محمود بن أبي الفتوح القاضي قالوا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد السّلفي قال: أخبرنا الرئيس أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي، قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن ابراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري المزكي قال: أخبرنا حمزة بن العباس بن الفضل قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي قال: حدثنا معاوية-يعني-بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن أبي بكره عن أبي بكرة قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيع الفضة بالفضة إلاّ عينا بعين، سواء بسواء، وأن لا نبيع الذهب بالذهب إلاّ عينا بعين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
تبايعوا الذهب بالفضة كيف شئتم والفضة بالذهب كيف شئتم.
حديث صحيح رواه مسلم عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن صالح عن معاوية
(2)
(45 - ظ).
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: حدثنا أبو محمد الحسن
(1)
-اسم بليدة من نواحي دجيل بينها وبين بغداد عشرة فراسخ.
(2)
-الجامع الصحيح للامام مسلم-ط. مصورة دار فكر بيروت:5/ 45 - 46
ابن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابراهيم بن دازيل
(1)
قال:
حدثنا الربيع بن نافع قال: قال بعض الحكماء: من أخطأته سهام المنايا قيدته الليالي والسنون
(2)
(46 - و).
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز-في كتابه الينا-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل قال: ربيع بن نافع أبو توبة سكن طرسوس، حلبي الاصل، سمع معاوية بن سلام، وعطاء بن مسلم
(3)
(47 - ظ).
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن بن القاسم الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة-اذنا ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: ربيع بن نافع أبو توبة، روى عن معاوية بن سلام، ومحمد بن المهاجر، وعطاء بن مسلم، روى عنه أبي سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد: أخبرنا علي بن أبي طاهر-في كتابه إليّ -قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله، وذكر أبا توبة فأثنى عليه، وقال: لا أعلم إلاّ خيرا.
سئل أبي عنه فقال: ثقة صدوق حجة
(4)
(47 - ظ).
ذكر أبو حاتم محمد بن حبان البستي في الطبقة الرابعة من تاريخ الثقات قال:
الربيع بن نافع، أبو توبة الحلبي، سكن طرسوس، يروي عن معاوية بن سلام، وعطاء بن مسلم الحلبي، روى عنه ابراهيم بن سعيد الجوهري، مات بعد سنة ثلاث وعشرين ومائتين
(5)
.
(1)
-أورده من قبل «ديزيل» .
(2)
-ترجم ابن عساكر لابي توبه:5/ 112 و-113 ظ، غير أن هذه ليست بين مواد هذه الترجمة.
(3)
-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 279 (956).
(4)
-الجرح والتعديل:3/ 471.
(5)
-تاريخ الثقات:8/ 239.
الربيع بن يونس بن محمد بن كيسان أبي فروة:
أبو الفضل الحاجب، وقيل الربيع بن يونس بن عبد الله بن أبي فروة الأموي مولى الحارث الحفار، مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقيل هو مولى عثمان بن عفان، تولى الحجبة لأبي جعفر المنصور، وقدم معه حلب حين قدمها مجتازا لزيارة البيت المقدس في سنة أربع وخمسين ومائة، ثم صار وزيرا له، ثم تولى الحجبة للمهدي، وقدم معه حلب حين قدمها في سنة ثلاث وستين ومائة وأغزى ابنة هارون، وجعل الربيع معه مدبر جيشه وقيل انه وزر بعد ذلك للهادي.
حدث الربيع عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، وعن أبي جعفر عبد الله بن محمد المنصور.
روى عنه ابنه الفضل بن الربيع، وموسى بن سهيل، وعبد الله بن عامر التميمي، وسليمان بن بشير، وخزيمة بن خازم، ومحمد بن عائشة القرشي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قالا: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن (48 - ظ) ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد الحنائي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان البزاز قال:
حدثنا محمد بن الحسن بن سهل قال: حدثنا عبد الله بن عامر التميمي قال: حدثنا الربيع الحاجب قال: حدثني أبو جعفر المنصور عن أبيه عن جده عن أبي جده رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الشتاء دخل البيت ليلة الجمعة وإذا جاء الصيف خرج ليلة الجمعة واذا لبس ثوبا جديدا حمد الله وصلى ركعتين وكسا الخلق
(1)
.
هكذا جاء في رواية أبي بكر الخطيب وقد سقط من الاسناد رجلان والله أعلم.
(1)
- تاريخ بغداد:8/ 414.
وقد رواه أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي عن أبي الحسين عبد الله بن محمد بن شاذان عن محمد بن سهل بن الحسن عن عبد الله بن عامر الأنصاري عن أبي بلال الأشعري عن خزيمة بن خازم عن الربيع الحاجب، وهو أقرب الى الصواب والله أعلم.
أخبرنا بذلك الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو البدر ابراهيم بن محمد ابن منصور القطيعي بكرخ بغداد قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور البزاز قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي قال: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن محمد بن شاذان قال: حدثنا محمد بن سهل بن الحسن قال:
حدثنا عبد الله بن عامر بن سعد الانصاري قال: حدثنا أبو بلال الأشعري قال:
حدثنا خزيمة بن خازم التميمي قال: حدثنا الربيع الحاجب قال: حدثني أبو جعفر (49 - و) المنصور عن أبيه عن جده عن أبي جده رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء الشتاء دخل البيت يوم الجمعة وإذا جاء الصيف خرج ليلة الجمعة، وإذا لبس ثوبا جديدا حمد الله تعالى وصلى ركعتين وكسا الخلق.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-اذنا-قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرني الحسن بن أبي بكر قال: ذكر أحمد بن كامل القاضي أن الربيع حاجب المنصور، هو الربيع بن يونس بن محمد بن أبي فروة، قال: واسم أبي فروة كيسان مولى الحارث الحفار مولى عثمان بن عفان قال: وكان ابن عباس المستوف يطعن في نسب الربيع طعنا قبيحا ويقول للربيع: فيك شبه من المسيح يخدعه بذلك، فكان يكرمه لذلك حتى أخبر المنصور بما قال له، فقال انه يقول: لا أب لك فتنكر له بعد ذلك، وفي الربيع يقول الحارث بن الديلمي:
شهدت بإذن الله أن محمدا
…
رسول من الرحمن غير مكذب
وأن ولاء كيسان للحارث الذي
…
ولي زمنا حفر القبور بيثرب
(1)
قرأت بخط بعض علماء النسب أن الربيع الحاجب هو الربيع بن يونس بن عبد الله بن أبي فروة، واسم أبي فروة فريذون بن نرسي بن بهرام بن توزل بن ماهشراد، وكان من أنباء مرازبة عمان وأم أبي فروة من بلي قضاعة، فهلك أبوه فباعه أخواله في أزمة، فسقط إلى عثمان بن عفان في أيامه فأعتقه حين (49 - ظ) عرف شرفه، وولي عبد الله بن أبي فروة خراج العراق لابن الزبير، والى الربيع تنسب قطيعة الربيع
(2)
، وعم الربيع اسحاق بن عبد الله بن أبي فروة أحد فقهاء المدينة.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الربيع بن يونس أبو الفضل حاجب أبي جعفر المنصور ومولاه.
(3)
قرأت في كتاب الوزراء والكتاب صنعه أبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري قال: وقلد المنصور الربيع مولاه نفقاته والعرض عليه، وهو الربيع ابن يونس بن أبي فروة، واسم أبي فروة كيسان، مولى الحارث الحفار مولى عثمان ابن عفان، وكان عبد الله بن أبي فروة كاتب مصعب بن الزبير على العراق، وكان يونس بن محمد شاريا شاطرا بالمدينة، فعلق أمة لقوم بالمدينة غلبها على نفسها فجاءت بالربيع فاستعبد ولم يكن ليونس حال أيام أبي العباس وأهداه إليه فخدمه، وخف على قلبه ثم خدم أبا جعفر بعده فخص به، واستولى على أمره قال: ولما عزم على تقليد الربيع العرض عليه قال له: اجلس في بيتك حتى يأتيك رسولي، فاغتم لذلك، فصار إليه الرسول بدراعة وطيلسان وشاشة، فقال له البس هذا واركب بهذا الزي، فركب وأمر الفراش أن يطرح له مرفقه تحت البساط تقصيرا به عن منزلة المهدي وعيسى بن علي لأنه كان يطرح لهما مرفقتين ظاهرتين، فلما وصل إليه قال له: قد وليتك (50 - و) الوزارة والعرض علي، ووليت ابنك الفضل الحجابة
(1)
-الخطيب البغدادي-المصدر نفسه.
(2)
-بكرخ بغداد. معجم البلدان.
(3)
- الخطيب البغدادي- المصدر نفسه.
فدخل عليه الربيع يوما والفضل يمشي خلفه، فأخذ الربيع بيده وقال: إن الحاجب لا يمشي خلف إنسان، فقال له المنصور: بلى يا ربيع هذا معك أنت وحدك.
قال: ولما قلد أبو جعفر الربيع العرض عليه حسن مذهبه، وآثر الخيرية حتى عرف بذلك، فكان أبو جعفر إذا أراد لانسان حيزا أمر بتسليمه إلى الربيع، وإذا أراد شرا أمر بتسليمه إلى المسيب فكتب العامل بفلسطين يذكر أن بعض أهلها وثب عليه، واستغوى جماعة منهم فعاث في العمل فكتب إليه أبو جعفر: دمك مرتهن إن لم توجه به فصمد له العامل فأخذه ووجه به فلما مثل بين يدي أبي جعفر قال: أنت المتوثب على عامل أمير المؤمنين لأنثرن من لحمك أكثر مما تبقى على عظمك، فقال وكان شيخا كبيرا بصوت ضئيل:
أتروض عرسك بعدما كبرت
…
ومن العناء رياضة الهرم
فقال يا ربيع: ما يقول؟ قال: يقول:
العبد عبدكم والمال مالكم
…
فهل عذابك عني اليوم مصروف
فقال أبو جعفر: يا ربيع قد عفوت عنه فخل سبيله واحتفظ به وأحسن إليه.
قال: وهذا الشعر لعبد بني الحسحاس، كان مولاه اتهمه بابنته فعزم على قتله فقال هذا الشعر وأوله:(50 - ظ).
أمن سمّية دمع العين مذروف
…
لو أن ذامنك قبل اليوم معروف
كأنها حين تبكى ما تكلمني
…
ظبي بعلباء ساجي
(1)
الطرف مطروف
لا تبك عينك إن الدهر ذو غير
…
فيه يفرّق ذو ألف ومألوف
العبد عبدكم والمال مالكم فهل
…
عذابك عني اليوم مصروف
(2)
قال: ولما استوزر المنصور الربيع ترك أن يسأله حاجة تخفيفا فقال له المنصور يوما: قد انقبضت عن مساءلتي حوائجك حتى أوحشتني، فقال: ما تركت ذاك أني وجدت لها غير أمير المؤمنين ولكني ملت الى التخفيف، قال: فاعرض عليّ
(1)
-في ديوان سحيم «بعسفان» والساجي: الساكن.
(2)
-ديوان سحيم عبد بني الحسحاس-ط القاهرة:62:195 - 63 مع فوارق كبيرة.
ما تحب من حوائجك قال: حاجتي يا أمير المؤمنين أن تحب الفضل ابني، قال:
ويحك إن المحبة لا تقع ابتداء وإنما تقع بأسباب قال: قد أوجدك الله السبيل إليها قال: وما ذاك؟ قال: تنعم عليه فإذا أنعمت عليه أحبك، فإذا أحبك أحببته قال: فقد والله حببّته إليّ قبل أن يقع من هذا شيء، ولكن كيف اخترت له المحبة من بين سائر الأشياء؟ قال: لأنك إذا أحببته كبر عندك صغير إحسانه وصغر عندك كبير اساءآته وكانت حاجاته عندك مقضية وذنوبه عندك مغفورة.
قال الجهشياري: وكانت وفاه المهدي والهادي مقيم بجرجان وهرون مع المهدي في عسكره، وقد كان الربيع قام بأمر البيعه ببغداد، وشغب الجند عليه وأحرقوا بابه ولقي منهم شرا إلى أن (51 - و) أعطاهم أرزاق ثمانية عشر شهرا وسكنهم إلى أن ورد مولى الهادي، وقد كان موسى عتب على الربيع من أجل ما أطلقه من المال واستكثره ولأن الخيزران وجهت إليه وإلى يحيى بن خالد، فأما الربيع فدخل إليها، وأما يحيى فامتنع من ذلك، وقال: أعرف الهادي غيورا وأكره الاقدام على الدخول إلى والدته فعتب على الربيع في دخوله، وأحمد من يحيى امتناعه، فوجه الربيع بابنه الفضل متلقيا له إلى همذان وحمل معه ألطافا وهدايا وأمره بالاعتذار إليه مما أنكره وتعريفه السبب الداعي إليه فقبل هداياه ورجع له، وتجاوز عن زلته وقلده وزارته وتدبير أموره، وما كان عمر بن بزيع يتولاه من دواوين الأزمه.
قال: وحكي أن الربيع لما لقيه شرع في الاعتذار إليه مما أنكره فقال: لا حاجة بك إلى الاعتذار قد كفاك الصفح منا مؤونته، ثم صرف الربيع عن الوزارة وقلدها ابراهيم بن ذكوان الحرّاني الأعور، صاحب طاق الحراني وأقرّ الربيع على دواوين الأزمة، فلم يزل عليها إلى أن توفي في سنة تسع وستين ومائة، وكانت وفاته وسنّه ثماني وخمسون سنة، وصلى عليه الرشيد وهو ولى عهد.
أنبأنا أبو اليمن الكندي وغيره قالوا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إذنا عن أبي غالب بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: وكان المهدي يوم توفي ابن ثلاث
(51 - ظ) وأربعين سنة، وكان على رسائله الربيع مولاه وعلى حجابته الفضل بن الربيع، وكان على حجابته قبل الفضل بن الربيع الربيع
(1)
.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الحسين علي الصيمري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن علي الصيرفي قال: حدثنا محمد بن عمر ابن سلم الحافظ قال: ذكروا أنه لم ير في الحجابه أعرق من ربيع وولده، وكان ربيع حاجب أبي جعفر ومولاه ثم صار وزيره، ثم حجب المهدي، وهو الذي بايع المهدي وخلع عيسى
(2)
بن موسى، ومن ولده الفضل حجب هرون ومحمد المخلوع
(3)
وابنه عباس بن الفضل حجب محمد الأمين، فعباس حاجب بن حاجب بن حاجب، وقيل إن الربيع بن يونس وزر للمنصور وللهادي ولم يزر للمهدي وأنه مات في أول سنة سبعين ومائة.
***
(1)
-الوزراء والكتاب لابن عبدوس:97 - 124،99 - 126.
(2)
-كان عيسى بن موسى ولي عهد السفاح بعد المنصور، فأرغمه المنصور على التخلي عن ولاية العهد لصالح ابنه المهدي، وفي أيام المهدي خلع من ولاية العهد نهائيا.
(3)
-الامين بن هارون الرشيد.
ذكر من اسمه ربيعة
ربيعة بن شرحبيل:
له ذكر في وقعة صفين، وشهدها مع علي رضي الله عنه، وقيل إنه شهد على كتاب لحكمين بين علي ومعاوية.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد بن الصابوني عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفزاء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال:
أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم ابن الحسين (52 - و) بن ديزيل قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا عمرو بن شمر عن جابر قال: سمعت زيد بن حسن يذكر كتاب الحكمين، وزاد فيه شيئا على ما ذكر محمد بن علي والشعبي في كثرة الشهود وفي زيادة في الحروف ونقصان، أملاه عليّ من كتاب عنده وذكره وقال: شهد على ما في هذا الكتاب من أصحاب علي عليه السلام: الأشعث بن قيس، وعبد الله بن العباس، والاشتر مالك بن الحارث، وسعيد بن قيس الهمداني وحصين والطفيل ابنا الحارث، وأبو أسيد ابن ربيعه الأنصاري، ورفاعة بن رافع الأنصاري، وعوف بن مالك بن المطلب القرشي، وبريده بن الحصيب الأسلمي، وعقبة بن عامر الجهني، ورافع بن خديج الأنصاري، وحجر بن عدي الكندي، ووفاء بن سمي البجلي، وعبد الله بن الطفيل العامري، وعبد الله بن جحل العجلي وعقبة بن زياد الأنصاري ويزيد بن جحيّة الكندي، ومالك بن كعب الهمداني، وربيعه بن شرحبيل، والحارث بن مالك، وحجر بن يزيد وعقبة بن حجيّة.
ربيعة بن عاصم العقيلي:
قدم مع زفر بن الحارث الكلابي وسيابة السلمي على معاوية بن أبي سفيان وكان طريقهم على الجزيرة فاجتازوا بقنسرين، أو ببعض عملها في طريقهم ما بين الجزيرة ودمشق وله ذكر في الأخبار (52 - ظ).
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو محمد بن صابر قال: أخبرنا سهل بن بشر -قراءة عن أبي نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي-قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن القاسم قال: أخبرنا علي بن الحسين بن بندار قال: حدثنا محمود بن محمد قال: وأخبرني حبش بن موسى عن الهيثم بن عدي عن ابن عياش أن قيسا أقبلت حين قتل عثمان من الكوفة والبصرة يريدون الشام، قال ابن عياش: أخبرني أبي قال: أخبرني زفر بن الحارث الكلابي قال: أتبعنا عليّ خيلا تبيتنا حتى وردنا عانات، قال: فمررنا بالجزيرة فإذا بلاد خصبة ريفية ومزدرع، وسعة، وقلة أهل وإنما كان الفرض والجند بحمص، والجزيرة وقنسرين يومئذ من حمص فقالوا:
من لنا بالمقام بهذه البلاد ولكن مهاجرنا إلى غيرها، فلما قدموا على معاوية، قال:
في الرحب والسعة، إنما هاجرتم إلى دينكم، وقد سبقكم أخوانكم من أهل الشام الى الريف والحدائق، ولكن عليكم بالجزيرة، فانزلوها، فوافق قولة هواهم، فرجعوا فنزلوا على أثناء الفرات والمديبر والمازحين
(1)
وفيهم ربيعه بن عاصم العقيلي وزفر بن الحارث وسيابة السلمي
(2)
.
ربيعة بن عباد:
ويقال عبّاد، وقال بعضهم: عبادة: الدّئلي الحجازي، ويقال فيه الدّولي والدّئلي، رأى النبي صلى (53 - و) الله عليه وسلم وروى عنه، وكان من شهد أليرموك في خلافة عمر رضي الله عنه وغزا الروم في خلافة عثمان رضي الله عنه، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.
روى عنه محمد بن المنكدر، وسعيد بن خالد القارظي، وأبو الزناد، وهشام ابن عروة، وعبد الله بن يزيد، وزيد بن أسلم، وأبان بن صالح، وبكير بن الأشج، وحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي-قراءة مني عليه- قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين الشيباني قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال:
(1)
-المديبر والمازحين من ديار مضر على مقربة من الرقة. معجم البلدان.
(2)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 107 - و.
حدثنا أبو بكر الشافعي-املاء-قال: حدثنا اسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي قال: حدثنا عبد الله بن رجاء قال: أخبرنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام قال: حدثنا محمد بن المنكدر أنه سمع ربيعة بن عباد الدؤلي أو عبّاد الدؤلي يقول:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف على الناس في منازلهم قبل أن يهاجر إلي المدينة فيقول: أيها الناس إن الله يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، قال:
ووراءه رجل يقول: يا أيها الناس إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم، فسألت:
من هذا الرجل؟ فقيل: أبو لهب.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري ومحمد بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد: اجازة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا احمد بن مروان قال: حدثنا عباس محمد الدوزي قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن ربيعة بن عباد رجل من بني الدئل قال: رأيت النبي صلم الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز
(1)
وهو يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ورجل يتعبه برمية يقول: يا أيها الناس إنه صابئ، إنه كذاب فقلت: من هذا فقالوا هذا عمه أبو لهب
(2)
.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي-اذنا، وسمعت منه غيره بدمشق-قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا أبو سعد ابن البغدادي قال: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن ابراهيم قال: أخبرنا ابراهيم بن عبد الله بن خرشيد قوله (53 - ظ) قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي رجاء قال: حدثنا حجاج قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي
(1)
-من أشهر أسواق عرب ما قبل الاسلام بالحجاز.
(2)
سقطت ترجمة ربيعة بن عباد من تاريخ ابن عساكر.
الزناد عن هشام بن عروة قال: رأيت ربيعة بن عباد وهو يحدث وأبي يسأله، فقال:
إن ابن عفان كان أغزانا في مغزاة فمررنا فيها على معاوية، وكان قد وجد علينا في شيء قد بلغه من أمرنا في غزاتنا تلك، فدخلنا عليه فجعلنا نعتذر إليه ونكذب ما بلغه عنا وجعل يوقفنا على بعض ذلك ويؤنبنا فيه، ثم قام رجل منا فقال: أصلح الله الأمير إنّا مكذوب علينا، فلينظر الأمير في أمرنا فإن كنا أثرنا عرف ذلك لنا، وإن كان لنا ذنب عفاعنا فقال معاوية: فذاك إذا، ثم قال الرجل:
لئن كنت لم أذنب فلا تظلمني
…
وإن كنت ذا ذنب فسوف أتوب
قال: ثم التفت في وجوه القوم جلساء معاوية فقال:
ولا ينسى قربان الأمير شفاعة
…
لكل امرئ مما أفاد نصيب
قال: فقبل منا معاوية وصنع بنا معروفا.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا احمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله النجاري قال: ربيعه بن عباد الدؤلي حجازي، ويقال عباد لا يصح عباد
(1)
(54 - و).
انبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: كتب إلينا أبو طاهر الخضر بن الفضل بن عبد الواحد المعروف برجل قال: أنبأنا أبو عمر عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: ربيعه بن عباد الدؤلي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم بذي المجاز يتبع الناس في رحالهم يدعوهم إلى الله.
روى عنه ابن المنكدر، وأبو الزناد، وبكير بن الأشج، وسعيد بن خالد، وحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس سمعت أبي يقول ذلك
(2)
.
(1)
-التاريخ الكبير:3/ 280.
(2)
-الجرح والتعديل:3/ 472.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه الينا من مكة قال:
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: ربيعة بن عباد الدؤلي من بني الدؤل بن بكر بن كنانة، مدني، روى عنه ابن المنكدر وأبو الزناد، وزيد بن أسلم وغيرهم، يعد في أهل المدينة، وعمّر عمرا طويلا لا أقف على وفاته وسنه، ويقال ربيعه بن عباد والصواب عندهم بالكسر من حديث أبي الزناد عن ربيعة بن عباد وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم بذي المجاز وهو يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا ووراءه رجل أحول (54 - ظ) ذو غديرتين وهو يقول: انه صابئ، انه صابئ، انه كذاب، فسألت عنه فقالوا:
هذا عمه أبو لهب قال: ربيعة بن عباد وأنا يومئذ أزفّر
(1)
القرب الأهلي
(2)
.
قلت: وقع لي نسخة من كتاب الاستيعاب لأبي عمر وهي أصل يعتمد عليه مصحح، وعليه حواش بخط بعض العلماء وأهل الدراية من المغاربة، فقرأت في حاشية الكتاب بخطه عند هذه الترجمة ما صورته قال: عباس عن ابن معين: وفي حديث ابن أبي الزناد عن أبيه عن ربيعة بن عبادة
(3)
وهو الصواب، ومن قال عباد فقد أخطأ.
ربيعة بن عمرو الجرشي الشامي:
قيل ان له صحبة وسماعا من النبي صلي الله عليه وسلم، روى عن سعد، روى عنه خالد بن معدان، وعلي بن رباح، وأبو المتوكل الناجي.
ويقال انه جد هشام بن الغاز، وكان فقيها وشهد صفين مع معاوية رضي الله عنه، وفقئت عينه يومئذ (55 - و).
نقلت من «كتاب القضاة» تأليف الحافظ عبد الغني بن سعيد من نسخة منقولة من خطه: حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد املاء قال: حدثنا علي بن محمد بن
(1)
-أي أحمل قرب الماء لاهلي. القاموس.
(2)
-الاستيعاب على هامش الاصابة:1/ 496.
(3)
-كذا بالاصل ويفترض أن يكون «عباد» .
حبون قال: حدثنا حرملة قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني ابن لهيعة عن الحارث ابن يزيد قال: لما كان يوم صفين اجتمع أبو مسلم الخولاني وحابس-يعني- الطائي وربيعة الجرشي، وكانوا مع معاوية، فقالوا: ليدع كل انسان منكم بدعوة فقال حابس الطائي: اللهم اجمع بيننا وبينهم، ثم احكم بيننا وبينهم، وقال ربيعه الجرشي: اللهم اجمع بيننا وبينهم ثم ابلنا بهم وابلهم بنا، وقال أبو مسلم الخولاني:
اللهم اكفنا وعافنا، فلما التقوا قتل حابس الطائي، وفقئت عين ربيعه الجرشي وعوفي أبو مسلم وقال في ذلك شاعر أهل العراق:
نحن قتلنا حابسا في عصابة
…
كرام ولم تترك بصفين مغضبا
(1)
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال:
أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال ربيعة الجرشي: قال بعض الناس: إن له صحته وليس له صحبة، هو شامي، جد هشام بن الغاز، روى عنه خالد بن معدان سمعت أبي يقول ذلك، حدثني أبي قال: حدثنا قرة بن حبيب قال: أخبرنا أبو عقيل الدورقي قال: حدثنا أبو المتوكل الناجي قال: سألت ربيعة الجرشي، وكان يفقه الناس في زمن معاوية
(2)
.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري-في كتابه-قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر (55 - و) قال: ربيعة بن عمرو الجرشي يعدفي أهل الشام، روى عنه علي بن رباح وغيره يقال: إنه جد هشام بن الغازي قال الواقدي: قتل ربيعة بن عمرو الجرشي يوم مرج راهط
(3)
وقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر رحمه الله: له أحاديث منها أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في أمتي خسف ومسخ وقذف قالوا: ثم ماذا يا رسول الله؟ قال:
(1)
-لم أقف له على ذكر أنه وصل الينا.
(2)
-الجرح والتعديل:3/ 472 - 473.
(3)
-قرب بلدة جوبر في أحواز دمشق بين القيسية واليمانية سنة 63 هـ وهي التي أوصلت مروان بن الحكم الى الخلافة. أنظر تاريخ خليفة:1/ 326 - 327.
باتخاذهم القينات وشربهم الخمور، ومنها قوله عليه السلام: استقيموا وبالحراء ان استقمتم، الحديث.
قال أبو عمر: حدثنا خلف بن قاسم قال: حدثنا أبو الميمون قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا محمد بن أبي أسامة قال: حدثنا ضمرة عن الشيباني قال: لما وقعت الفتنة قال الناس: اقتدوا بهؤلاء الثلاثة: ربيعة بن عمرو الجرشي، ومروان الأرحبي ويزيد بن نمران.
قال الشيباني: وقتل ربيعة بن عمرو الجرشي بمرج راهط
(1)
. (56 - و)
ربيعة بن كعب القصبر:
حكى عن سالم بن عبد الله بن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وغزا معهما بلاد الروم واجتاز بحلب أو ببعض عملها، روى عنه أبو خالد يزيد بن يحيى القرشي الدمشقي.
ربيعة بن لقيط بن حارثة بن عميرة التجيبي القردمي المصري:
شهد صفين مع معاوية، وحدث عنه، وعن عمرو بن العاص، وعبد الله بن حوالة الأزدي، ومطعم بن عبيدة البلوي، وعبد الله بن سندر، ومالك بن زهدم.
روى عنه ابنه اسحاق بن ربيعة، ويزيد أبي حبيب. (56 - ظ)
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد الصابوني-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب-إذنا- قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب
(2)
قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين قال: حدثني يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: حدثني الليث ابن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه أخبره من حضر صفين مع علي ومعاوية، قال ابن وهب: وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط أخبره
(1)
- الاستيعاب على هامش الاصابة:1/ 497، وأراد بالفتنة الفتنة الكبرى التي أودت بحياة الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان.
(2)
-اعتاد ابن العديم على رسم هذا أحيانا «ننجاب» وأحيانا أخرى «نينجاب» .
قال: شهدنا صفين مع علي ومعاوية، قال: فمطرت السماء علينا دما عبيطا. قال الليث في حديثه: إن كانوا ليأخذونه بالصحاف والآنية، وقال ابن لهيعة في حديثه:
حتى إن الصحاف والآنية لتمتلئ ونهريقها (57 - و).
أخبرنا سعيد بن هاشم الأسدي-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال: أنبأنا أبو طاهر الخضر بن الفضل بن عبد الواحد عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: ربيعة بن لقيط التجيبي روى عن عبد الله بن حوالة ومالك بن زهدم، روى عنه يزيد بن أبي حبيب، سمعت أبي يقول ذلك
(1)
. (57 - ظ).
ربيعة بن نجوان:
وقيل اسمه النعمان بن نجوان بن معاوية المعروف بأعشى بني تغلب، أحد بني معاوية بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى، بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار التغلبي النصراني، شاعر مشهور من أهل الجزيرة، قدم دابق وافدا على عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة ومدحه فلم يعطه شيئا، وكان في غزوة الطوانة
(2)
مع مسلمة بن عبد الملك.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد بن سهل بن بشران النحوي-إجازة-قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن ابن دينار اللغوي قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني الكاتب قال:
أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال: حدثنا أبو سعيد الحسين بن الحسن السكري قال: حدثنا محمد بن حبيب عن أبي عمرو الشيباني قال: كان الوليد بن عبد الملك محسنا الى أعشى تغلب، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفد إليه ومدحه فلم يعطه شيئا، وقال: ما أرى للشعراء في بيت المال حقا، ولو كان لهم فيه حق لما كان لك لأنك امرؤ نصراني فانصرف الأعشى وهو يقول:
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 475.
(2)
-سنة خمس وثمانين للهجرة، انظر تاريخ خليفة:1/ 399.
لعمري لقد عاش الوليد حياته
…
إمام هدى لا مستزاد ولا نزر
(58 - و)
كأن بني مروان بعد وفاته جلاميد
…
ما تندى وإن بلها القطر
(1)
وذكر أبو محمد عبد الله بن سعيد القنطري عن الواقدي-يعني-في غزوة الطوانة قال: قيل لمسلمة بن عبد الملك إن القعقاع بن خليد العبسي هو الذي منع العباس بن الوليد بن عبد الملك من تعظيمه فقال لأعشى تغلب-وكان معه-: اهج بني عبس ببيتين لا تزد علبهما، فقال:
تعلّم عبس مشية قرشية
…
تلوي بها أستاهها ما تجيدها
فآخر عبس في الحديث نساؤها
…
وأول عبس في القديم عبيدها
(58 - ظ)
ربيعة الشعوذي:
قدم خناصرة من الأحص من عمل حلب، وافدا على عمر بن عبد العزيز، وحكى عنه سهل بن شعيب النخعي الكوفي (59 - و).
***
(1)
-لم أقف على هذا الخبر في كتاب الاغاني.
ذكر من اسمه رجاء
رجاء بن أيوب الحضاري:
قدم حلب صحبة المتوكل، وكان على حرسه وولاه الواثق قتال أبي حرب المبرقع
(1)
الذي خرج بفلسطين، وولاه حرب قوم من ذعار أهل الغوطة والمرج، وكان بالرقة فنفذ منها، الى دمشق. (59 - ظ)
ذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس أن رجاء بن أيوب الحضاري مات في آخر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين ومائتين منصرفا من دمشق.
رجاء بن حيوة بن حنزل:
- وقيل جرول، وقيل جندل-بن الأحنف بن السمط بن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية بني الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرثع بن معاوية بن كندة، وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد، أبو المقدام، وقيل أبو نصر بن أبي رجاء الكندي السكسكي الفقيه قيل إنه من أهل الأردن، وقيل من فلسطين، وقيل من حمص، وقيل إن جده جرول بن الأحنف له صحبة، وكان صحب سليمان بن عبد الملك بدابق الى أن توفي، وكان كبير الصحبة لعمر بن عبد العزيز، وهو الذي أشار على سليمان بتولية عمر بن عبد العزيز، وتولى أمره وقت ولايته الخلافة بدابق، ودام في صحبته بها وبخناصره.
روى عن أبيه حيوة، وعن عمران بن حصين، ومعاوية بن أبي سفيان ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي أمامة الباهلي، ومحمود بن الربيع الأنصاري، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري، وعبادة بن الصامت، وأبي سعيد
(1)
-أبو حرب اليماني، ثائر من كبار الشجعان من أهل فلسطين قضي علي ثورته سنة 227 هـ. انظر تاريخ الطبري:9/ 118 - 120.
الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وجمادة بن أبي أمية الدوسي، وأبي الدرداء، وأم الدرداء، والنواس بن سمعان ويعلى بن عقبة، وورّاد كاتب المغيرة وعبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز، وخالد بن يزيد بن معاوية، ونعيم بن سلامة والحارث بن حرمل بن تغلب بن ربيعة الحضرمي (60 - و) الرهاوي، وأبي صالح السمان وقبيصة بن ذؤيب.
روى عنه ابنه عاصم بن رجاء ومكحول، وقتادة بن دعامة، وعبد الملك بن عمير، وحميد الطويل، وأبو مجالد جراد بن مجالد، وعبد الله بن عون، وعبد الكريم بن الحارث ومحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، وأبو سنان عيسى بن سنان، وأشعث بن أبي الشعثاء، وعبد الله بن أبي زكريا، وعمر بن سعيد الفدكي، وسليمان ابن أبي داوود، والوليد بن سليمان بن أبي السائب، وأبو عبيد حاجب سليمان بن عبد الملك، وعدي بن عدي، ومحمد بن جحادة، وعروة بن رويم ومحمد بن عجلان، ورجاء بن مهران بن أبي سلمة، ومحمد بن الزبير، وثور بن يزيد الكلاعي، وابراهيم ابن أبي عبلة، وعبد الرحمن بن حسان الكناني، ومطر الوراق.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد-قراءة عليه بحلب- قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن ابراهيم بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا الحسين بن شاكر قال: حدثنا أحمد بن حفص قال:
حدثني أبي عن ابراهيم عن مطر عن رجاء بن حيوة عن حيوة عن عمران بن حصين أنه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلب والجنب، ونهى عن النجش والمس في البيع، ونهى أن يبتاع الرجل على بيع أخيه ويخطب على خطبة أخيه
(1)
.
وقال: أخبرنا أبو بكر (60 - ظ) الشافعي قال: حدثنا محمد بن علي بن الأعرج قال: حدثنا قطن-يعني-ابن ابراهيم قال: حدثنا حفص بن عبد الله قال:
(1)
-للجلب عدة معاني وأريد هنا منع المصدق من القدوم على أهل الزكاة فينزل موضعا ثم يرسل من يجلب اليه الاموال. والجنب ترك الاغتسال من الجنابة. والمس لمس الشيء باليد، والنجش الربا، وقيل هو مدح السلعة للترويج. النهاية لابن الاثير وانظر كنز العمال:4/ 9599.
حدثني ابراهيم عن مطر عن رجاء بن حيوة عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا جلب ولا جنب
(1)
.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم بن سلمان الاربلي قال: أخبرنا أبو العز محمد بن محمد بن مواهب بن الخراساني قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار بن محمد بن المؤيد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني الحسن بن عبد العزيز قال: كتب إلينا ضمرة عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال: كان رجاء يرى تأخير العصر، وكان بصلي ما بين الظهر والعصر.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الآزجي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بكران الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار في ذكر الأسامي والكنى قال: رجاء بن حيوة يكنى بأبي المقدام، حدثني بذلك أبو الحسن بن أبي قيس قال: حدثنا أبو الأصبغ محمد بن سماعة قال: حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة قال: ودع رجل رجاء بن حيوة فقال: حفظك الله يا أبا المقدام. (61 - و).
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن عبد الصمد العطار قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية قال: أخبرنا أبو عمران عيسى ابن عمر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا الوليد ابن شجاع قال: حدثني محمد بن شعيب بن شابور قال: أخبرنا الوليد بن سليمان ابن أبي السائب عن رجاء بن حيوة أنه حدثه قال: كتب هشام بن عبد الملك الى عامله أن يسألني عن حديث، قال رجاء فكنت قد نسيته لولا أنه كان عندي مكتوبا.
(61 - ظ)
(1)
-انظر كنز العمال:15917،6/ 15907 - 15919.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن علي الدامغاني البغدادي قال: أخبرنا أبي أبو منصور جعفر قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال:
أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد قال: حدثنا الزبير قال:
حدثني محمد بن سلام قال: قال ابن عون: أدركت ستة: ثلاثة يؤدون الحديث بلفظه، وثلاثة إذا حدثوا بالمعنى لم يبالوا كيف قالوا، فأما الثلاثة المؤدون فابن سيرين والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ورجاء بن حيوة، وأما الثلاثة الذين يجيبون بالمعنى: فالحسن وابراهيم والشعبي.
أنبأنا أبو القاسم بن رواحة عن أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: رجاء بن حيوة السكسكي شامي ثقة
(1)
.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حيوة بن شريح قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر قال: ما رأيت شاميا أفقه من رجاء بن حيوة. (63 - و)
أنبأنا أبو الفضل عبد الواحد بن هاشم الأسدي عن مسعود بن الحسن عن أبي
(1)
-تاريخ الثقات للعجلي:160 (439).
عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: رجاء بن حيوة الشامي الكندي، أبو المقدام روى عن عبد الله بن عمرو، ومعاوية، ومحمود بن الربيع، روى عنه ابن عون وجراد بن مجالد، سمعت أبي يقول
(1)
ذلك. (64 - و)
أخبرنا أبو علي الأوقي-فيما أذن لي في روايته عنه-قال: أخبرنا أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة اثنتي عشرة ومائة رجاء بن حيوة مولى كندة، نزل الشام، يعني مات فيها.
رجاء بن سراج:
له ذكر في التاريخ، وقدم مع عبد الملك بن مروان الى حلب سنة سبعين حين قدمها لقتال مصعب بن الزبير، فلما رجع عمرو بن سعيد الأشدق خالعا لعبد الملك ومتوجها الى دمشق، مضى معه حميد بن حريث بن بحدل ورجاء بن سراج وجماعة من أهل الشام الى دمشق، وفتحوها وملكها عمرو، ذكر ذلك محمد بن أحمد بن مهدي في تاريخه
(2)
.
رجاء بن عبد الرحيم:
أبو المضاء القرشي الهروي، رحل الى الشام وسمع بطرسوس أبا توبة الربيع ابن نافع الحلبي نزيل طرسوس وبحمص أبا اليمان الحكم بن نافع، وبدمشق أبا مسهر عبد الأعلى بن مسهر الدمشقي، وحدث عنهم وعن أبي نعيم الفضل بن دكين، وعلي بن عياش وأبي الوليد الطيالسي وعبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، وبشار بن موسى الخفاف، ومحمد بن المنهال الضرير، ويحيى بن عبد الله بن الضحاك، وسعيد بن أبي مريم، والقعنبي.
روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن الأزهر (64 - ظ) ومحمد بن علي ابن عمر المذكر، وإبراهيم بن محمد بن سفيان، ومحمد بن سليمان بن فارس،
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 501.
(2)
-لم يصلنا هذا التاريخ.
وأبو يحيى زكريا بن داوود الخفاف، وزنجويه بن محمد اللباد وأبو يحيى البزاز.
يحيى البزاز.
أخبرنا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي-في كتابه إلينا غير مرة- قال: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر، ح.
وأنبأنا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل عن زاهر قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني والبحيري وأبو بكر البيهقي والحيري-إجازة-منهم-قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا علي بن عيسى قال: حدثنا أبو يحيى زكريا بن داوود قال: حدثنا رجاء بن عبد الرحيم الهروي قال: حدثنا أبو توبة قال: حدثنا محمد بن الفرات قال: حدثنا أبو اسحاق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر المسلمين احذروا البغي فإنه ليس عقوبة هي أشد من عقوبة البغي، وصلوا أرحامكم فإنه ليس من ثواب هو أعجل من ثواب صلة الرحم وإياكم واليمين الفاجرة فإنها تدع الديار بلاقع
(1)
.
قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: رجاء بن عبد الرحيم أبو المضاء القرشي الهروي، أكثر حديثه عن الشاميين: أبي اليمان، وأبي توبة، وعلي بن عياش، وأبي مسهر، وهو كثير المناكير، حدث بنيسابور بالكثير، وسمع منه أبو يحيى البزاز، وابراهيم بن محمد (65 - و) بن سفيان، وأبو يحيى زكريا بن داوود الخفاف، ومحمد بن سليمان بن فارس وغيرهم، حدث بنيسابور بعد الخمسين (65 - ظ).
رجاء بن معبد بن علوان:
ابن زياد بن غالب بن قيس بن المنذر بن حرب بن حسان بن هشام بن مغيث ابن الحارث بن زيد مناة بن تميم التميمي، كان مع مسلمة بن عبد الملك حين دخل بلاد الروم غازيا، واستولى على بلد من بلاد الروم يقال له بلعم، وهو من
(1)
-انظر كنز العمال:16/ 44052،3/ 8811.
أجداد الوزير أبي الفضل محمد بن عبيد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله ابن عيسى بن رجاء بن معبد
(1)
.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي-اجازة عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا-قال:
وكان رجاء بن معبد استولى على بلعم، وهو بلد من ديار الروم حين دخلها مسلمة بن عبد الملك، وأقام بها، وكثر نسله فيها فنسب ولده إليها
(2)
.
رجاء بن مهران بن أبي سلمة:
أبو المقدام الفلسطيني الرملي، وكان أصله من البصرة وتحول الى الشام، وسكن الرملة، وكان بدابق ورأى بها الوضين بن عطاء، وروى عن رجاء بن حيوة وعبدة بن أبي لبابة، واسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وسليمان بن موسى، ويونس بن عبيد وعقبه بن أبي زينب والزهري، ونعيم بن سلامة، وابراهيم بن يزيد البصري، وعبادة بن نسي، وعمرو بن شعيب، ويزيد بن عبد الله بن موهب، ومقبل بن عبد الله الفلسطيني.
روى عنه زيد بن الحباب والحمادان: ابن سلمه وابن زيد، ويحيى بن العلاء، وعبد الله بن عون ومحمد بن يوسف وضمرة بن ربيعة وبشر بن المفضل وضمرة بن ربيعة (66 - و).
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار البغدادي قال:
أخبرنا أبو الوقت عبد الاول بن عيسى السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن ابن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران موسى بن عمر بن العباس قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن عبد الرحمن الدرمي قال: أخبرني العباس بن سفيان عن زيد بن حباب قال:
أخبرني رجاء بن أبي سلمة قال: سمعت عبدة بن أبي لبابة يقول: قد رضيت من أهل زماني هؤلاء أن لا يسألوني ولا أسألهم، إنما يقول أحدهم: أرأيت، أرأيت.
أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد البكري-فيما أذن لي
(1)
-انظر مادة بلعم في معجم البلدان.
(2)
-لم اقف على هذا الخبر في الاكمال لابن ماكولا.
روايته-قال: أخبرنا أبو القاسم (66 - ظ) علي بن الحسن الحافظ قال: قرأت بخط أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السلمي: وجدت بخط أبي الحسين محمد ابن عبد الله بن جعفر الرازي الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن بشر الهروي قال: حدثني سماعة بن محمد بن سماعة الرملي قال: حدثنا أبي قال:
حدثنا ضمره-يعني-ابن ربيعة عن رجاء-يعني-ابن أبي سلمة قال: رأيت الوضين بن عطاء بدابق وعليه هيئة رثة، ثم رأيته بدمشق عليه هيئة حسنة فقلت له:
قد رأيتك بغير هذه الهيئة؟ قال: رأيتني وأنا مسافر
(1)
.
أنبأنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا رجاء بن حامد المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا أبو يعقوب القراب قال:
أخبرنا محمد بن أحمد بن حمزة قال: حدثنا شكر قال: حدثنا أبو زرعة قال:
حدثت عن ضمرة بن ربيعة قال: ولد رجاء بن أبي سلمة سنة إحدى وتسعين ومات سنة احدى وستين.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: رجاء بن أبي سلمة أبو المقدام الفلسطيني عن رجاء بن حيوة، روى عنه ابن عون، وحماد ابن زيد، ومحمد بن يوسف، وزيد بن حباب، وقال الحسن: عن ضمرة، مات سنة إحدى وستين ومائة
(2)
(67 - و).
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل قال: أنبأنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رجاء بن أبي سلمة أبو المقدام الفلسطيني الرملي كان ينزل البصرة، ثم تحول الى الشام.
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 1222 - ظ.
(2)
-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 313 (1066).
روى عن رجاء بن حيوة، ونعيم بن سلامة، ويزيد بن عبد الله بن موهب، واسماعيل بن عبيد الله وعبادة بن نسي.
روى عنه ابن عون، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وبشر بن المفضل، ويحيى بن العلاء، ومحمد بن يوسف، وضمرة، وزيد بن الحباب، سمعت أبي يقول ذلك.
وقال: أخبرنا عبد الله بن أحمد في كتابه إلي قال: سألت أبي عن رجاء بن أبي سلمة فقال: ثقة.
وقال: ذكره أبي عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال: رجاء أبو المقدام ثقة
(1)
(68 - ظ).
أخبرنا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الحافظ في كتابه قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال:
أخبرنا أبو يعقوب اسحاق بن ابراهيم القراب قال: أخبرنا أحمد بن اسماعيل قال:
حدثنا البخاري قال حدثنا الحسن بن رافع قال: حدثنا ضمرة قال مات رجاء بن أبي سلمة سنة احدى وستين ومائة وكنيته أبو المقدام الفلسطيني روى عنه ابن عون وحماد بن زيد وحماد بن سلمه ومحمد بن يوسف وزيد بن حباب.
أنبأنا أبو علي الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال:
أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وستين ومائه رجاء بن أبي سلمه أبو المقدام-يعني مات فيها.
***
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 502.
رجب بن ابراهيم بن محمد الحنفي:
الفقيه تفقه بحلب، وسمع أبا عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن الحراني.
قال لي الفقيه خليفة بن سليمان بن خليفة الحنفي: كان رجب هذا من الفقهاء الحنفيه بحلب، ثم أنه انتقل الى دمشق، درس بها في مسجد من مساجدها، وأثنى عليه خيرا.
***
رزام المجنون:
كان مقيما بطرسوس مجاهدا، يعد في عقلاء المجانين.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن، وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان-فيما أذنا لي في روايته عنهما-قالا: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن -في كتابه-قال: (69 - ظ) أخبرني علي بن المؤمل قال: أخبرنا أبو عبد الله بن سعيد قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن اسماعيل الفارسي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب قال: سمعت علي بن عبد الملك بن دهثم القاضي يقول:
كان بطرسوس مجنون يقال له رزام، وكان مدهوشا يهذي ويسمع ويؤذي، فإذا خرج العسكر الى أرض العدو خرج لخروجهم، وحمل درقة وسيفا فكلما لقي العدو أفاق كأن لم يكن به جنون، وكان من أجسر الناس عليهم، وربما قتل في اليوم جملة من العدو فإذا عاد الى أرض الاسلام عاد الى جنونه.
***
ذكر من اسمه رزق الله
رزق الله بن عبد الوهاب:
ابن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان ابن يزيد بن أكينة بن الهيثم بن عبد الله أبو محمد بن أبي الفرج بن أبي الفضل التميمي الحنبلي قيل إن جده الأعلى عبد الله له صحبه، وكان اسمه عبد اللات فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وعلمه الوحي، وأرسله الى اليمامة والبحرين ليعلمهم أمر دينهم، ومسح بيده على صدره وقال: نزع الله من صدر ولدك الغل والغش الى يوم القيامة، وابنه الهيثم روى عن علي رضي الله عنه وما بين الهيثم، وبين رزق الله كلهم رواة، روى كل واحد منهم عن أبيه وكان رزق الله إمام الحنابلة في وقته في الفقه وكان عارفا بالقراءات تصدر لإفادة القرآن وعلومه والفقه والحديث (70 - و) قرأ القرآن العظيم على أبي الحسن علي بن عمر الجمامي وتفقه على أبيه أبي الفرج عبد الوهاب وعمه أبي الفضل عبد الواحد والقاضي أبي علي بن أبي موسى الهاشمي، وسمع الحديث من أبيه وعمه المذكور، وأبي عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي الفارسي، وأبي علي أحمد بن محمد البرداني، وأبي الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، وابي الحسين أحمد بن محمد بن المتيم الواعظ، وأبي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان، وأبي الحسن علي بن أحمد الحمامي، وأبي الحسن أحمد بن علي بن البادا، وأبي علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن شاذان البزاز، وأبي الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، وأبي الفضل عمر بن ابراهيم بن اسماعيل الهروي، وأبي الفرج محمد بن عمر بن محمد بن الجصاص وأبي القاسم عبد الملك، وأبي الحسين علي ابني محمد بن عبد الله بن بشران، وأبي عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي، وأبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد
البزاز، وأبي عمرو عثمان بن محمد بن يوسف بن دوست، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن حمدويه، وأبي القاسم الفضل بن محمد بن الفضل، وأبي الحسن علي بن المظفر الأصبهاني المقرئ، وأبي بكر محمد بن عمر العنبري.
روى عنه أبو مسعود سليمان بن ابراهيم الحافظ، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بن البطي وأبو الفضل محمد بن ناصر وأبو الحسن علي وأبو بكر محمد ابنا عبد الله بن نصر بن الزاغوني، والحافظ اسماعيل بن محمد (70 - ظ) الفضل وأبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد ابن الحسن البغدادي، وأبو الكرم المبارك بن الحسن بن الشهرزوري وأبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي، المعروف بشيخ الاسلام، وأبو عبد الله عثمان بن أبي نصر الصالح، وأبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء، وأبو الفضل عبد الملك ابن علي بن يوسف وأحمد بن محمد بن الأخوة، وثابت بن منصور الكليلي، وأبو علي أحمد بن محمد بن البرداني، وأبو منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين وصدقه بن الحسين بن محمد بن السياف، وأبو الحسين وأبو خارم ابنا أبي يعلى بن الفراء، وأبو الحسين بن محمد بن محمد بن بادويه السهلكي، وأبو مسعود بن كوتاه، والبديع أحمد بن سعد العجلي، وأبو غالب المبارك بن عبد الوهاب الفراء، وأبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن الصوفي، وأبو الفضل محمد بن عبد الواحد المغازلي، وآمنة بنت اسماعيل بن أحمد الصوفي وجماعة غيرهم يطول ذكرهم، وسيأتى في ذكر الحديث عنه أسماء جماعة من الرواة عنه، لم نذكرهم هنا عدولا عن التطويل، وكان قدم الى حلب رسولا من بغداد ولا أعلم أنه حدث بها.
أخبرنا أبو الفضائل عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن سكينة بظاهر مدينة حلب، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان -المعروف بابن البطي قراءة عليه وأنا حاضر-قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن (71 - و) بشران قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز قال: حدثنا سعدان بن نصر قال: حدثنا سفيان بن عينية عن عبدة بن أبي لبابة وعاصم عن زر بن حبيش قال: سألت أبيّ بن كعب عن ليلة القدر فحلف
لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين، قلت: بم تقول ذلك أبا المنذر؟ فقال: بالآية-أو بالعلامة-التي قال رسول صلى الله عليه وسلم إنها تصبح في ذلك اليوم تطلع الشمس ليس لها شعاع
(1)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن محمد ابن الفضل الحافظ وأبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن البغدادي، وأبو نصر أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله الغازي، وأبو بكر محمد بن شجاع بن محمد اللفتواني وأبو الخير شعبة بن أبي شكر الصباغ وأبو أحمد محمد بن أبي علي الموري وأبو العز الخليل بن تميم القصار وأبو الوفاء محمود بن عبد الواحد القرشي، وأبو الفتوح محمود بن غانم الحداد، وأبو الفضل عبيد الله بن ابراهيم السعدوي، وأبو محمد عبد الرحيم بن محمد بن الفضل الحداد، وأبو الحسين جابر بن محمد اللاذاني وأبو بكر جابر بن محمد بن أحمد الرناني وأبو الوفاء عمر بن الفضل المميز، وآمنة بنت عباد بن طباطبا العلوية، وأبو الروح محمد بن معمر بن أحمد العبدي، وأبو اسماعيل محمد بن محمد بن عبد الله الاكاف، وأبو الفضل (71 - ظ) ظفر بن محمد بن أحمد الحاجي المعلم، وأبو محمد محمود بن أحمد ابن عبد الله الخانيان، وأبو الوفاء محمد بن الفضل بن جله القاضي، وأبو محمد سفيان بن ابراهيم بن عبد الوهاب بن منده التككي، وأبو الفتح محمود بن الحسين ابن محمد الصافي، وأبو علي الحسن بن الفضل بن الحسن الآدمي، وأبو عبد الله محمد بن غانم بن أحمد البيع، وأبو الفضائل موسى بن المفضل الكاتب وأبو الفتح خالد بن عمر بن محمد بن عبد الله الغازي، وأبو حامد محمد بن ظفر الخطيب، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن الفضل الحداد، وأبو منصور عبد الملك بن محمد بن عبد الملك السربي وأبو الفضائل داوود بن محمد بن حمد الخباز وأبو الفتح عبد الرزاق بن محمد بن سهل الشرابي، وأبو مسعود عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بن كوتاه الحافظ، وأبو الفضل
(1)
-الحديث: تصبح الشمس صبيحة تلك الليلة مثل الطست ليس لها شعاع حتى ترتفع. كنز العمال:8/ 24496.
عبد الرحيم بن غانم العدل، وأبو الموجا الحسين بن محمد بن الفضل العسال، وأبو عبد الله محمد بن أبي الفتح القطان، وأبو جعفر محمد بن عبد الواحد الدلال، وأبو الوفاء أحمد بن ظفر الشاهد، وأبو الفتوح مبشر بن أبي سعد الزاهد، وأبو نصر اسماعيل بن عبد الرزاق الطرقي، وأبو سعيد عبد الجبار بن محمد الهراس، وأبو الفضل محمد بن عبد الواحد المغازلي، وأبو رشيد محمد بن الفضل الصيدلاني، وعبد الله بن أحمد بن القاسم الخابوطي، وأبو العباس أحمد بن محمد الكسائي، وأبو الرضا حيدر بن أبي طالب العلوي (72 - و) وأبو الخير محمود بن حمد بن ابن أحمد الجيراني، وأبو تراب طاهر بن أبي طالب العلوي، وأبو المعالي طاهر بن أبي الحسين بن أبي غالب بن سلة الأصبهاني، وأبو سعيد شيبان بن عبد الله المحتسب وأبو القاسم الحسن بن محمد بن جعفر المهراني وأبو القاسم ابراهيم بن محمد بن ابراهيم الدواتي، وأم البهاء شهراز رمية بنت عبد الواحد بن الفاخر العبشمي، وأبو الرضا محمود بن عبد الرزاق الخابوطي، وأبو المكارم حامد بن عبد الرزاق البيع، وأبو سعد محمد بن هبة الله الهاروني، وأبو علي سهل بن محمد ابن أحمد الحاجي وأبو الفتوح عبد الرزاق محمد القصري، وأبو المعالي طاهر بن المفضل الكاتب، وأبو المعالي الليث بن أبي الفارس الرازي، وأبو شكر حمد بن طاهر بن حمد الشيباني بأصبهان، وأبو علي أحمد بن سعد بن علي العجلي بهمذان، وأبو الجوائز سعد بن عبد الكريم بن الحسن الغندجاني بواسط، وأبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي، وأبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس الإمام بدمشق، وأبو غالب المبارك بن عبد الوهاب القزاز بعكبرا، وأبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن الفوشنجي باشكيذبان، وأبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي، وأبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، وأبو البركات اسماعيل بن أحمد بن محمد النيسابوري، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب (72 - ظ) وابنه أبو الفتح محمد بن علي ابن هبة الله الكاتب وأبو العباس احمد بن محمد بن محمد بن الاخوة العطار وأبو القاسم ظاهر بن أبي غالب المساميري، وأبو الوفاء محمد بن هبة الله الكاتب وأبو القاسم علي بن طراد بن محمد الوزير الزينبي ببغداد وجماعة سواهم قالوا: أخبرنا
أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي-قراءة عليه، وبعضهم قال: املاء من لفظة-قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا محمد ابن عثمان بن كرامة قال: حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنني بالحرب، ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها ولئن سألني عبدي لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن بكره الموت، وأكره مساءته ولا بد له منه
(1)
.
قال السمعاني: حديث صحيح أخرجه الإمام محمد بن اسماعيل البخاري في جامعة الصحيح عن محمد بن عثمان بن (73 - و) كرامة، هو العجلى الكوفي عن خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال أبي أيوب مولى عبد الله بن عتيق القرشي المدني عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أبي عبد الله القرشي الليثي المدني عن عطاء-هو- ابن يسار أبو محمد عن أبي هريرة.
كما أخرجناه ووقع إلينا عاليا وموافقه ولم يخرجه البخاري إلا عن ابن كرامة حسب من هذا الطريق، وخالد بن مخلد هو أبو القاسم القطواني كوفي روى عنه البخاري في صحيحة، وأخرج هذا الحديث عن ابن كرامه عنه ومن جلالة الرجل عنده يحدث عنه ثم يحدث عن رجل عنه.
قال السمعاني: سمعت أحمد بن سعد بن علي العجلي بهمذان يقول: كان شيخنا أبو محمد التميمي إذا روى هذا الحديث أو قرئ عليه قال: «أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون
(2)
».
(1)
-الجامع الصغير للسيوطي عن البخاري:1/ 268 مع خلافات لفظبة.
(2)
- سورة الطور-الآية:15.
وسمعت شيخ الشيوخ اسماعيل بن أبي سعد مذاكرة يقول: كان أبو محمد التميمي شيخنا إذا قرأ عليه أبو بكر بن الخاضبه هذا الحديث-يعني حديث عطاء عن أبي هريرة أخذ خده وقرصه وقال: أبا بكر ينبت تحت حبكم من ذا شيء.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان عن أبي الفرج مسعود بن الحسن بن القاسم الثقفي قال: أخبرنا رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود (73 - و) ابن سفيان بن يزيد بن أكينة بن الهيثم التميمي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول:
سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خطبته يقول: هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن اليعقوبي مولاهم بقراءتي عليه بجامع اشكيذبان
(1)
قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي ببغداد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان الدورقي قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن السماك الدقاق قال: حدثنا عمرو بن عبد الغفار قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه قال:
تعلموا العلم فإن أحدكم لا يدري متى يحتاج إليه.
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: أنشدنا اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي-إملاء-قال: أنشدنا أبو محمد التميمي قال: أنشدني أبو بكر محمد بن عمر العنبري لنفسه:
خبروها بأنني أرقد الل .... ل فقالت ماذا من العشاق (74 - و).
قلت إني رقدت أرتقب الطي
…
ف، فإني إليه بالأشواق
فاعذريني فلست أرقد ما عشت ولو كان في الرقاد التلاقي
(1)
-قرية بين هراة وبوشنج، معجم البلدان.
أخبرنا الشريف عبد المطلب قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد قال: أنشدنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن طاووس الامام المقرئ-إملاء من حفظه بدمشق في منزله بباب جيرون-قال: أنشدنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي لنفسه ببغداد:
وما شنآن الشيب من أجل لونه
…
ولكنه حاد إلى البين مسرع
إذا ما بدت منه الطليعة آذنت
…
بأن المنايا خلفها تتطلع
فإن قصها المقراض صاحت بأختها
…
فتظهر يتلوها ثلاث وأربع
وإن خضبت حال الخضاب لأنه
…
يغالب صنع الله والله أصنع
فيضحي كريش الديك فيه تلمّع
…
وأفظع ما تكساه ثوب ملمع
إذا ما بلغت الأربعين فقل لمن
…
يودّك فيما تشتهيه ويسرع
هلموا لنبكي قبل فرقه بيننا
…
فما بعدها عيش لذيذ ومجمع
وخلّ التصابي والخلاعة والهوى
…
وأمّ طريق الحق فالحق أنفع
وخذ جنة تنجي وزادا من التقى
…
وصحبة مأموم فقصدك مفزع
وقال عبد الكريم: أنشدنا اسماعيل بن أبي بكر الحافظ الدمشقي املاء قال:
أنشدني أبو محمد التميمي لنفسه: (74 - ظ)
مررنا على رسم الديار فسلمنا
…
وقلنا له يا ربع أين نأوا عنا
وجدونا بدمع كالرذاذ على الثرى
…
فصم المنادى فانصرفنا كما كنا
وما ذاك إلاّ أن رسم ديارهم
…
به كالذي نلقى فقد زادنا حزنا
فلما أيسنا من جواب رسومهم
…
نزلنا فقبلنا الثرى قبل أن رحنا
قرأت بخط عماد الدين أبي عبد الله محمد بن محمد الكاتب الأصبهاني لأبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي البغدادي.
وقفت للسلام يوم التقينا
…
ثم قالت بطرفها الفتان
تدعي حبنا وتصبر عنا
…
ليس هذا من عادة الفتيان
مدعي حبنا يموت قتيلا
…
ولصعب الأمور فينا يعاني
(1)
(1)
ليست في قسم العراق من خريدة القصر وجريدة العصر-ط بيروت 1976.
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أنشدنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدني أبو القاسم بن السمرقندي-املاء من كتابه-قال: أنشدنا أبو محمد التميمي لنفسه:
أبو القاسم بن السمرقندي-املاء من كتابه-قال: أنشدنا أبو محمد التميمي لنفسه:
ولما رأت فصي
(1)
…
يلوح سواده
بكت ثم قالت كل يوم إلى نقص
شكوت هوى يا ليته لم يكن
…
قضي وأبديت هجرانا وأقسمت أن نعصي
ولكنني وقت الصدود كطائر
…
غريب ينوح الدهر من ألم القص
لبست سوادي ثم خفت فضيحتي
…
فصار حدادي ما تسوّد من فصي
أخبرنا أبو هاشم قال: أنشدنا أبو سعد قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب قال: أنشدني أبو محمد التميمي ولم يسم قائلا، وأظنه (75 - و) من قبله.
وما وطني إلاّ الذي تسكنينه
…
ولا منزلي إلا الذي فيه أحبابي
بذكراك أدعو في صلاتي لأنني
…
أراك إذا صليت في صدر محرابي
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب الحافظ في كتابه إليّ قال: سمعت أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب الحنبلي بأصبهان يقول: أدركت من أصحاب أبي بكر بن مجاهد واحدا يقال له أبو القاسم عبيد الله بن محمد النقيب الخفاف، وقرأت عليه سورة البقرة، وقرأها على أبي بكر ابن مجاهد، وقال أيضا: وأدركت من أصحاب الشبلي أيضا واحدا وهو أبو القاسم عمر بن تعويذ وسمعت أبا القاسم يقول: رأيت أبا بكر الشبلي في درب سليمان بن علي ببغداد في شهر رمضان في عشية يوم، وقد اجتاز علي البقلي ينادي على البقل:
يا صائما من كل الألوان فلم يزل يكرر هذا اللفظ ويبكي ثم أنشأ يقول:
خليلي إن دام همّ النفوس
…
على ما أراه سريعا قتل
فيا ساقي القوم لا تنسني
…
ويا ربة الخدر عني رمل
لقد كان شيء يسمى السرور
…
قديما سمعنا به ما فعل
قرأت في مشيخة أبي علي الحسين بن محمد الصدفي الأندلسي قال: قدمت مدينة
(1)
-الفص هنا: حدقة العين. القاموس.
السلام فلقيت فيها جماعة منهم الشيخ الامام أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، ما لقيت في بغداد مثله، قرأت عليه كثيرا، وإنما لم أطل ذكره لعجزي عن التميمي، ما لقيت في بغداد مثله، قرأت عليه كثيرا، وإنما لم أطل ذكره لعجزي عن وصفه لكما له وفضله.
أخبرنا الشريف أبو محمد عبد الله بن عبد الجبار بن عبد الله العثماني في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: سمعت أبا الحسن (75 - ظ) علي بن محمد بن سلامة المقرئ الروحاني بمصر يقول: سمعت أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي ببغداد يقول: مولدي سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وقرأت القرآن على أبي الحسن الحمامي سنة سبع عشرة. وفيها توفي الحمامي.
قال الحافظ أبو طاهر السّلفي: وقد أجاز لي رزق الله.
قرأت بخط الامام أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، وأخبرنا به الشريف أبو هاشم الصالحي قال: أخبرنا أبو سعد قال: قرأت بخط أبي الحسين محمد بن محمد الحسين بن الفراء قال: مولد أبي محمد بن أبي الفرج التميمي سنة أربعمائة وقيل سنة احدى وأربعمائة.
قال السمعاني: وسمعت أبا البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الحافظ يقول: مولد أبي محمد التميمي سنة أربعمائة.
وقال السمعاني: قرأت بخط أبي الفضل محمد بن محمد بن محمد بن عطاف الموصلي في جزء خرّجه عن شيوخه وروى فيه أحاديث عن الامام أبي محمد بن أبي الفرج التميمي الواعظ ثم قال عقيبها: كان شيخنا هذا رحمه الله من أحسن من لقيته ببغداد لسانا، وأوضحهم بيانا، عالم بالكلام والأصول، لم أعرف منه غير الخير والصدق.
وقال السمعاني: سمعت أبا البركات اسماعيل بن أبي سعد الصوفي يقول: كان أبو محمد التميمي يجلس في الوعظ كل سنة أربع مرات نوبة منها في رجب عند قبر أحمد، وكان يحضر عنده عالم لا يعلم (76 - و) عددهم إلاّ الله كثرة.
وقال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا زبر محمد بن الفضل القزازي بآمل
(1)
يقول: أنشدني المقرئ أبو العز المبارك بن أبي شيبة البغدادي في وسط الفرات عند قفولنا من الحج في السفينة بقرب قرية يقال لها قزاقند على شط النهر، قال: كان الشيخ أبو محمد التميمي إذا طاب المجلس يذكر هذه الأببات:
لو كنت أعلم أن يوم فراقكم
…
يقضي عليّ لما ذكرت فراقا
حتى متى نلقي الردى لفراقكم
…
وتمر أيامي ولا نتلاقى
والله إن وعد الزمان لقاءكم
…
يوم التلاق لقيتكم مشتاقا
أخبرنا جعفر بن علي-في كتابه-قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: سألت أبا غالب شجاع بن فارس الذهلي عن أبي محمد التميمي رزق الله بن عبد الوهاب فقال: كان له لسان وعارضه وحلاوة منطق، وهو أحد الوعاظ المذكورين والشيوخ المتقدمين، حدث عن جماعة من الشيوخ وقد سمعت منه.
أنبأنا أبو القاسم بن رواحة عن أبي طاهر السّلفي قال: سألت أبا نصر المؤتمن ابن أحمد الساجي عن أبي محمد التميمي فقال: هو الإمام علما ونفسا وأبوة وما يذكر عنه فتحامل من أعدائه.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث التميمي وما رأيت شيخا ابن سبع وثمانين سنة أحسن سمتا وهديا واستقامة قامة منه، ولا أحسن كلاما وأظرف وعظا وأسرع جوابا منه، فلقد كان جمالا للاسلام كما لقب، وفخرا لأهل العراق خاصة ولجميع بلاد الاسلام عامة، وما رأينا مثله، وكان مقدما على الشيوخ الفقهاء، وشهود الحضرة، وهو شاب ابن عشرين سنة، فكيف به وقد ناهز التسعين سنة، وكان مكرما، وذا قدر رفيع عند الخلفاء منذ زمن القادر ومن بعده من الخلفاء إلى خلافة المستظهر
(2)
.
(1)
-أكبر مدينة بطبرستان. معجم البلدان.
(2)
.487 - 512 هـ /1094 - 1118 م.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز ابن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بن الهيثم بن عبد الله التميمي أبو محمد بن أبي الفرج بن أبي الفضل كان يسكن باب المراتب، فقيه الحنابلة وإمامهم في عصره، قرأ القرآن والحديث والفقه والأصول والتفسير والفرائض واللغة والعربية، وعمر حتى صار يقصد من كل جانب، وكان حسن الأخلاق، مليح المحاورة كثير المحفوظ، مجلسه كان جمّ الفوائد وكان ينشد الأشعار الرائقة لغيره ولنفسه، حمل عنه ونقل عنه الكثير، وانتفع الناس به، وكان يجلس في حلقة (76 - ظ) أبيه بجامع المنصور للوعظ والفتوى، وكان حسن العبارة مليح الإشارة فصيح اللسان إلى سنة خمسين وأربعمائة، ثم انقطع عن المضي إلى جامع المنصور، وانتقل إلى دار الخلافة بباب المراتب، وكان يمضي في السنة أربع دفعات: في رجب وشعبان إلى مقبرة أحمد بن حنبل رحمه الله، ويعقد مجلس الوعظ ثم ويجتمع عليه الخلق الكثير والجم الغفير لاستماع كلامه.
قرأ القرآن على أبي الحسن بن الحمامي، وسمع الحديث من أبيه أبي الفرج عبد الوهاب، وأبي عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي الفارسي، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيمّ الواعظ، وأبي الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي، وأبي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان، وأبي علي الحسن بن احمد بن ابراهيم بن شاذان البزاز، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الحرفي، وأبي الفرج محمد بن عمر بن محمد بن الجصاص، وأبي عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي، وأبي الفضل عمر بن ابراهيم بن اسماعيل الهروي، وأبي الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، وأبي الحسين علي بن عبد الله بن بشران السكري، وأخيه أبي القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله القندي وجماعة سواهم.
روى لنا عنه بأصبهان جماعة كثيرة أكثر من ستين نفسا فإنه وردها رسولا في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، وأكثر عنه أهل أصبهان، روى لنا عنه بأصبهان الحفاظ:
اسماعيل بن محمد بن الفضل، وأبو نصر (77 - و) أحمد بن عمر الغازي، ومحمد ابن أبي نصر اللفتواني، وأبو سعد بن أبي الفضل بن البغدادي، وأبو مسعود بن
كوتاه، وبهمذان أحمد بن سعد العجلي البديع، وببسطام أبو الحسين محمد بن محمد بن بادوية السهلكي وببغداد أبو القاسم بن السمرقندي، وعبد الوهاب بن المبرك الأنماطي، واسماعيل بن أبي سعد النيسابوري، وأبو القاسم علي بن طراد الوزير الزينبي، وبدمشق أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي، وأبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس إمام جامع دمشق، وبمكة آمنة بنت اسماعيل بن أحمد الصوفي، وبعكبرا أبو غالب المبارك بن عبد الوهاب الفراء، وبواسط أبو الجوائز سعد بن عبد الكريم الغندجاني وبأشكيذبان أبو الحسن عبد الرحيم بن عبد الرحمن الصوفي، وبمرو أبو الفضل محمد بن عبد الواحد المغازلي وجماعة كثيرة.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: رزق الله بن عبد الوهاب ابن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان ابن أكينه بن الهيثم بن عبد الله التميمي أبو محمد بن أبي الفرج بن أبي الحسن من ساكني باب المراتب، فقيه الحنابلة وشيخهم في وقته، قرأ القرآن بالروايات علي أبي الحسن علي بن عمر الحمامي، وقرأ عليه جماعة من القراء، وأقرؤوا عنه، وتفقه على أبيه وعلى عمه أبي الفضل عبد الواحد، ثم على القاضي أبي علي بن أبي موسى الهاشمي، وسمع الحديث من أبيه وعمه وأبي عمر (77 - ظ) عبد الواحد بن محمد بن مهدي، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيم الواعظ، وأبي الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي، وأبي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان، وأبي الحسين علي وأبي القاسم عبد الملك ابني محمد بن عبد الله بن بشران، وأبي الحسن أحمد بن علي بن البادا، وأبي عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي، وأبي الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، وأبي علي الحسن بن ابراهيم ابن شاذان، وأبي الفرج محمد بن عمر بن محمد بن الجصاص، وأبي الفضل عمر ابن ابراهيم بن اسماعيل الهروي وأبي الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة وغيرهم.
روى عنه أبو مسعود سليمان بن ابراهيم الحافظ الأصبهاني في معجم شيوخه، وأبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الهكاري وأبو علي أحمد بن محمد بن البرداني، وأبو الحسين وأبو حازم ابنا أبي يعلى بن الفراء، وأبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبو القاسم بن السمرقندي، وعبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبو الحسن علي، وأبو بكر محمد ابنا عبيد الله بن نصر الزاغوني، وأبو الفضل عبد الملك بن علي بن يوسف، وثابت بن منصور الكيلي، وأبو منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين، ومحمد بن ناصر الحافظ، وأبو الكرم المبارك بن الحسن بن الشهرزوري، وأحمد ابن محمد بن الأخوة، وصدقة بن الحسين بن محمد بن السياف، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي، وسلامة بن أحمد (78 - و) ابن الصدر، وعلي ابن محمد بن أبي عمر البزاز، وشاذي فتى الأنصاري وجماعة غيرهم.
وكان فقيها فاضلا في المذهب والخلاف والأصول، وله في ذلك مصنفات حسنة، وكان واعظا مليح العبارة، لطيف الاشارة فصيح اللسان، طريف المعاني يجلس في حلقة أبيه بجامع المنصور للوعظ والفتيا إلى سنة خمسين وأربعمائة، ثم انقطع عن المضي إلى جامع المنصور، وكان يمضي في السنة أربع دفعات في:
رجب وشعبان إلى مقبرة أبي عبد الله أحمد بن حنبل ويعقد مجلس الوعظ، ويجتمع عليه الخلق الكثير، وكان جميل الصورة له القبول العام والحرمة الكاملة عند الخلفاء والملوك والأعيان وخواص الناس وعوامهم، وقد روسل من دار الخلافة إلى ملوك العراق وخراسان وما وراء النهر وحدث هناك وروى عنه خلق كثير من أهل أصبهان يجوزون المائة، وكان له شعر أرق من النسيم وأعذب من النعيم وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا في النصف من شعبان سنة ثلاثين وأربعمائة فقبل شهادته، ولم يزل يشهد إلى أن ولي أبو عبد الله الدامغاني قضاء القضاة، فلم يشهد عنده وترك الشهادة.
قال ابن النجار: أنبأنا أحمد بن طارق، ونقلته من خطه، قال: سمعت أبا الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فنجان العجلي يقول: سمعت أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي يقول: سافرت من بغداد
ودخلت سمرقند وكان السلطان (78 - ظ) أبو الفتح ملك
(1)
شاه يومئذ بها وأتيت برسالة الامام المقتدي بأمر الله
(2)
أمير المؤمنين إلى السلطان ملك شاه إلاّ أنني رأيت أهل البلد هو ذا يروون الناسخ والمنسوخ لهبة الله المفسر عن خمس رجال إليه، فقلت لهم: الكتاب معي وهذا المصنف جدي لأمي ومنه سمعته، ولكن ما اسمعكم كل واحد منكم إلاّ بمائة دينار، فما كان الظهر حتى جاءني كيس فيه خمسمائة دينار والجماعة، فسمعوه عليّ وسلموا إليّ الذهب.
قال: فلما عدنا من سمرقند دخلنا أصبهان، وأمليت فيها الحديث في يوم الجمعة فقاموا إلى الجماعة ومدحوني على ما ذكرت، وقالوا: ما سمعنا أحسن من هذا فقلت لهم: أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي المقرئ قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسن المقرئ قال: أنشدنا أبو العباس أحمد ابن يحيى ثعلب:
وما تنفع الآداب والعلم والنهى
…
وصاحبها عند الكمال يموت
كما مات لقمان الحكيم وغيره
…
وكلهم تحت التراب صموت
فقالوا: ما أحسن هذا لساننا أعجمي وما نقدر نعبر الدعاء كما يجب، فقلت لهم: أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد الحمامي قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسن المقرئ قال: أنشدنا أحمد بن يحيى ثعلب:
سبيلي لسان كان يعرب لفظه
…
فياليته من وقفة العرض يسلم
وما تنفع الآداب إذ لم يكن تفى
…
وما ضر ذا تقوى لسان معجم (79 - و)
قال: فحضر جماعة وقد فاتهم المجلس، فتحسروا وندموا على فواتهم فقلت لهم: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الحمامي قال: أخبرنا محمد بن الحسن المقرئ قال: أخبرنا ادريس بن عبد الكريم المقرئ قال: من غاب خاب وأكل نصيبه الأصحاب.
(1)
.465 - 485 هـ /1072 - 1092 م.
(2)
.467 هـ /1075 - 1094 م.
أنبأنا ابن النجار قال: كتب إليّ عبد السلام بن شعيب بن طاهر الهمذاني قال: أخبرنا شهردار بن شيرويه بن شهردار قال: أخبرنا أبي قال: رزق الله بن عبد الوهاب أبو محمد التميمي شيخ الحنابلة ومقدمهم، قدم علينا رسولا سنة ثمان وخمسين، سمعت منه، وكان ثقة صدوقا فاضلا، ذا حشمة.
أنبأنا ابن النجار قال: قرأت بخط الحافظ أبي عامر محمد بن سعدون العبدري، وأنبأنيه عنه القاضي عبد الرحمن بن أحمد قال: رزق الله التميمي كان شيخا تقيا ظريفا لطيفا كثير الحكايات والملح، ما أعلم منه إلاّ خيرا مولده سنة أربعمائة
(1)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي-قراءة عليه وأنا أسمع- قال: أخبرنا تاج الاسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: سمعت أبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي يقول: توفي شيخنا أبو محمد التميمي في الليلة التي صبيحتها يوم الثلاثاء النصف من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ودفن بكرة يوم الأربعاء سادس عشر جمادى الأولى في داره بباب المراتب وصلى عليه ابنه الأكبر عبد الوهاب، ثم نقل بعد ذلك في يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة احدى (79 - ظ) وتسعين وأربعمائة الى مقبرة باب حرب، ودفن الى جنب قبر أحمد بن حنبل، وهو اليوم الذي توفي فيه ابنه عبد الوهاب رحمه الله.
رزق الله بن عبيد الجزري السنجاري:
كان رجلا صالحا فقيرا حسنا، وكان قد صحب عمي أبا غانم مدة طويلة بسنجار، وقدم علينا حلب ونزل عند عمي بالمسجد المعروف بنا، وبقي فيه مدة وكان له صوت حسن، وكان يغلب عليه الوجد والحال في بعض الأوقات فينشد البيتين والثلاثة انشادا طيبا ويترنم بصوت حسن من قلب مشتاق وعلقت عنه أبياتا من الشعر لا يحضرني ذكرها، وأملى عليّ يوما من الأيام قال: روي أن بعضهم
(1)
-انظر المستفاد من ذيل تاريخ بغداد:231 - 234.
عزل عن ولاية فكتب إليه صديق له يتغمم لذلك، فأجابه بأن قال أوزار خفت وأقلام بالسيئات جفت، والجنة بالمكاره حفّت.
قال لي يوسف بن أبي طاهر الكردي المنبجي الملقن كان رزق الله من الأولياء.
وحكى لي الشيخ عبد الله الكردي المحدث نزيل حلب قال: كان رزق الله ابن عبيد رجلا صالحا من الأسخياء الأجواد، وكان ذا مال وثروة، وكان أبوه عبيد من أهل الجزيرة ومات عن مال جزيل مقداره مائة ألف درهم، وكان لرزق الله أخ فدفع إليه رزق الله ما يخص أخاه من التركة، وأنفق رزق الله قسمه على الفقراء وتجرد عن الدنيا.
قال عبد الله: وكان من سيرة رزق الله أنه يكون له دين على (80 - و) انسان فإذا لقيه في الطريق رجع واختفى عن المدين ولا يلقاه، ويسير إليه الحجة التي له عليه ويقول والله تعمدت أن لا ألقاك لكي لا تخجل من ديني عليك، وأنت في حل من المال الذي لي عليك، وهذه الحجة التي لي عليك فخرّقها.
خرج رزق الله بن عبيد من عندنا من حلب في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وتوجه إلى سنجار وكان له بها زاوية فأقام بها إلى أن مات في حدود الستمائة رحمه الله.
رزق الله بن يحيى بن رزق الله:
ابن يحيى بن خليفة بن سلطان بن رزق الله بن غنائم بن غنّام، أبو الطيب الباجباري ثم الدنيسري، سافر في طلب الحديث، واجتهد في سماعه وتحصيله، وقدم علينا حلب وسمع معنا من جماعة من شيوخنا بها، سمع: قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، والشريف أبا هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، وعمي أبا غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، وأبا محمد عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان الأسدي، والخطيب أبا البركات سعيد بن هاشم، وأبا حامد عبد الله وعبد الرحمن بن العجمي، وغيرهم، ثم توجه من حلب إلى دمشق واجتمعت به بها، وسمع بها معنا شيخنا قاضيها أبي القاسم عبد الصمد بن محمد
ابن أبي الفضل الحرستاني، وأبي البركات الحسن، وأبي منصور عبد الرحمن ابني محمد بن الحسن بن عساكر، وأبي الفتوح محمد بن محمد البكري، وأبي نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي وغيرهم ثم عاد إلى العراق، وسمع في طريقه (80 - ظ) بحران والموصل وإربل وغيرها من البلاد، كتب عنه أبو البركات ابن المستوفي وذكره في تاريخ، وكان ينظم شعرا لا بأس به فمن شعره يهجو رجلا يدعى بالعفيف وأظنني سمعتها منه:
يا عفيفا أخف من ريشه الطير عقله
…
وثقيلا على النفوس كثهلان
(1)
ثقله
وفقيها شرب المثلث
(2)
…
مما يحله
فلقد خاب منزل أنت فيه تحله
ومن شعره ما ذكره أبو البركات بن المستوفي في ترجمته من تاريخ إربل وشاهدته بخطه وقال: أنشدني لنفسه:
توهمت أن العلم آفة حفظه
…
لقلة تكرار وكثرة بلغم
وما ذاك وهم صادق غير أن من
…
يخاف المعاصي واتقى الله يعلم
توجه رزق الله الباجباري في رحلته إلى هراة، وبلغني أنه توفي بها في شهر ربيع الآخر من سنة خمس عشرة وستمائة.
رزيق بن حيان:
وقيل زريق بتقديم الزاي، أبو المقدام الفزاري، مولى لهم، روى عن عمر ابن عبد العزيز ومسلم بن قرظة، روى عنه عبد الرحمن ويزيد ابنا يزيد بن جابر، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ودخل بلاد الروم غازيا في إمارة يزيد بن عبد الملك فاجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها (81 - و) وكان أحد الكتاب من أهل دمشق، وولاه عمر بن عبد العزيز والوليد وسليمان ابنا عبد اللك جواز مصر وأخذ عشر أموال التجارة بها.
(1)
-جبل ضخم من جبال نجد. معجم البلدان.
(2)
-المثلث شراب طبخ حتى ذهب ثلثاه. القاموس.
وقيل إن اسمه سعيد بن حيان ورزيق لقب.
أنبأنا أبو محمد بن عبد الله بن علوان عن الخضر بن الفضل عن أبي عمرو ابن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال:
رزيق بن حيان أبو المقدام مولى بني فزارة، كان على جواز مصر زمن الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز.
روى عن مسلم بن قرظة وعمر بن عبد العزيز، روى عنه يحيى بن سعيد الانصاري وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ويزيد بن يزيد بن جابر، سمعت أبي يقول ذلك ويقال زريق بن حيان، وسمعت أبا زرعة يقول: رزيق بن حيان أصح
(1)
.
(81 - ظ).
***
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 505 (2286).
رستم بن ترذوا الفرغاني:
كان قائدا جليلا، من كبار القواد في أيام المكتفي، ولي طرسوس والثغور الشامية سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فكان له نكاية وغناء في حرب الروم وغزا الصائفة في سنة أربع وستين، وغزا أيضا في سنة تسع وتسعين ومائتين وأحرق ربض ذي
(1)
الكلاع، وأظنه عزل عن ولاية الثغور أو مات سنة اثنتين وثلاثمائة.
وذكر أبو بكر محمد بن يحيى الصولي-فيما قرأته بخطه-أن رستم كان قد قدم حلب مع محمد بن سليمان حين تجهز إلى حرب الطولونية، وعاد معه إلى حلب، وقد أمر بالعودة إلى طرسوس للغزو، فورد مبارك القمي إلي محمد-يعني-ابن سليمان يأمره أن يقلد رستم بن ترذوا طرسوس، ففعل ذلك وضم إليه ألف رجل وذلك في سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
وقرأت بخط أبي بكر الصولي أيضا، وكان الفداء بين المسلمين والروم في شوال من سنة خمس وتسعين، فبلغت عدة من خرج من بلاد الروم ألفين وثمانمائة انسان، منهم ستمائة امرأة على يدي رستم بن ترذوا الفرغاني
(2)
.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، -ونقلته من خط العظيمي قال: سنة اثنتين وتسعين ومائتين وفي النصف من شوال دخل مدينة طرسوس رستم بن ترذوا واليا عليها وعلى الثغور الشامية وكان الفداء بين المسلمين والروم لست بقين من ذي القعدة، فكان الفداء ألف ومائتين (82 - و)، ثم غدر الروم فانصرفوا، ورجع المسلمون بمن بقي معهم من الأسرى من الروم، وكان عقد الفداء والهدية مع أبي العشائر والقاضي ابن مكرم، فلما أغار أنذر بقش على مرعش وقتل أبا الرجال عزل أبو العشائر وولي رستم وكان الفداء وتمامه على يديه، وكان المتولي لفداء الروم مقدم اسمه أشكانه.
(1)
-ذكر ابن العديم هذا في الجزء الاول ص 226.
(2)
-لم يرد هذا الخبر في المطبوع من كتاب الاوراق للصولي.
وقال: سنة أربع وتسعين فيها دخل ابن كيغلع طرسوس غازيا في أول المحرم، وخرج معه رستم، وهي غزاة رستم الثانية فبلغوا اسلند وففتح الله عليهم، وصاروا الى السبى في أيديهم نحوا من خمسة آلاف رأس وقتلوا من الروم مقتلة عظيمة وانصرفوا سالمين.
قال: وفيها كاتب أنذروا بقش السلطان يطلب الأمان، وكان على حرب أهل الثغور من قبل الروم فأمنوه وخلص معه أسرى من المسلمين، وكان ملك الروم بعث اليه من يقبضه فرجع الى ذلك البطريق الموجه اليه فأوقع به وبمن معه وكان رستم قد خف اليه في جمادى الأولى ليخلصه فوجده قد ظفر فتسلم الحصن منه، وانهزم بقية الروم، وحمل أنذروبقش كل ماله الى بلاد المسلمين وخلى سلاحه.
وقال سنة تسع وتسعين ومائتين فيها غزاه رستم بن ترذوا الصائفة من طرسوس وهو والي الثغور، حصر حصن مليح وأحيق؟؟؟ ربض ذي الكلاع
(1)
.
***
(1)
- انظر تاريخ الطبري:10/ 138 - 145، تاريخ العظيمي:276 - 278.
رشاء بن نظيف بن ما شاء الله:
أبو الحسن المقرئ المعري، من أهل معرة النعمان (82 - ظ) وسكن دمشق وحدث بها عن محمد بن ابراهيم الطرسوسي وأبي محمد الحسن بن اسماعيل ابن محمد الغساني، المعروف بالضراب، وسمعه بمصر وعن أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري ولقيه بمعرة النعمان.
روى عنه الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم بن العباس الحسيني، وأبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الحافظ.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر السلمي قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم بن العباس الحسيني قال: حدثنا الشيخ أبو الحسن رشاء بن نظيف ابن ما شاء الله في شهور سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو محمد الحسن ابن اسماعيل بن محمد الغساني الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري قال: حدثنا الحارث بن أسامة التميمي قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: حدثنا محمد بن أبان عن أبي اسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وذكرهم بأيام الله»
(1)
، قال: بنعم الله عز وجل
(2)
. (83 - و).
***
(1)
-سورة ابراهيم-الآية:14.
(2)
-ترجم ابن عساكر لرشاء بن نظيف:6/ 192 - و. ظ. ولم أقف على هذه الرواية فيها.
الرشيد بن علي بن المهنا بن صدقة:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أبو اليمن المعري من أهل معرة النعمان، شاعر مجيد، روى عنه شيئا من شعره ابن أخيه علوي بن عبد القاهر بن المهنا.
وهذا الرشيد هو أخو الناظر المعري.
قرأت في كتاب نزهة الناظر تأليف الكمال عبد القاهر بن علوي بن عبد القاهر ابن المهنا للشيخ أبي اليمن الرشيد بن علي بن المهنا بن صدقة يهجو أبا جعفر بن الشويهة:
رأيت في النوم أبي آدما
…
فقلت والقلب به وامق
أتعرف الشيخ أبا جعفر
…
صلى عليك الملك الخالق
فقال إن كان أبو جعفر
…
مني فحواء أمّكم طالق
وقرأت في هذا الكتاب: حدثني والدي-يعني-علوي بن عبد القاهر بن علي قال: حدثني عمي أبو اليمن الرشيد بن علي بن المهنا بن صدقة، فذكر حكاية سنذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
أنبأنا الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله الهاشمي قال: أنشدنا عبد القاهر ابن علوي المعري لأبي اليمن الرشيد بن علي بن المهنا في القطائف:
شفاء نفسي لو به أسعفت
…
قطايف تعذب في اللّقم
يشهد بالشهد لنا ظاهر
…
وباطن في اللون والطعم (85 - و)
كأنها الاسفنج في مائه
…
غريقة في دهنها الجمّ
قرأت في مجموع لبعض الشامين لأبي اليمن الرشيد المعري:
ونائم عن سهري قال لي
…
وقد طواني حبّه طيا
أأنت حيّ بعد قلت انتبه
…
فالميت في النوم يرى حيا
رشيد الخادم:
من خواص الرشيد، وكان له ذكر، وكان مع الرشيد في غزاته، ودخل معه الدرب حين غزا الروم، وحكى عنه.
ذكر من اسمه رشيق
رشيق بن عبد الله:
أبو الحسن الرقي المصيصى مولى رزق الله بن الحسن، أظن أن مولاه من الرقة، ونزل رشيق المصيصة فنسب اليها.
وحدث بها وببغداد وغيرهما عن أبي الحسن محمد بن عون الدمشقي وأبي بكر أحمد بن سعد الوراق، وعبد الله بن ابراهيم بن أيوب المخرمي، ومحمود بن محمد الواسطي، وأبي يعلى الموصلي، وأبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، وجماهر بن محمد الزملكاني وأبي الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، ومحمد بن الربيع بن سليمان الحيري، ومحمد بن الحسن العسقلاني، وأبي القاسم عبد الله ابن محمد البغوي، وأبي حفص عمر بن عبد الرحمن، وأبي يزيد خالد بن النضر القرشي البصري، وأبي بكر محمد بن سعيد بن محمد القطان، قاضي عسقلان، وأبي محمد عبد الله بن قحطبة وأبي يعقوب اسحاق بن أحمد الامام.
روى عنه تمام بن محمد الرازي، ومحمد بن عيسى بن عبد العزيز، وأبو عبد الله محمد بن جعفر بن عبيد الله (85 - ظ) المكتب وسمع منه بالمصيصة.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني -فيما أذن لي في روايته عنه-قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثني أبو الحسن رشيق بن عبد الله المصيصي قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي ببغداد قال: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي قال: حدثنا أبو ثميّلة عن سفيان الثوري عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يقعد الرجل مكان أخيه أو يقيمه وقال: تفسحوا
(1)
.
(1)
-كذا بالاصل وواضح أن النص لحقه بعض السقط يفيد معنى النهي من قبله صلى الله عليه وسلم، انظر كنز العمال:9/ 25764.
وذكر تمام بن محمد هذا الحديث في جزء آخر فقال فيه: أخبرني بن رشيق ابن عبد الله المصيصي مولى رزق الله بن الحسن.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البنّاء البغدادي بحلب قال: أخبرنا الشريف أبو الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري قال: قرأت على أبي عبد الله محمد بن جعفر بن عبد الله بن صالح بن ابراهيم ابن عبد الله المكتب بطرابلس في مكتبه قلت: حدثكم أبو الحسن رشيق بن عبد الله المصيصي بالمصيصة في شعبان سنة سبع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عون الدمشقي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا الوليد عن جابر عن ابن أبي عائشة (86 - و) قال: اذا أراد المتكلم بكلامه غير الله عز وجل زلّ عن قلوب جلسائه كما يزل الماء عن الصفا (86 - ظ).
رشيق بن عبد الله:
أبو الحسن النسيمي، مولى نسيم الشرابي، مولى المقتدر، كان قد حصل في الثغر الشامي مع محمد بن الزيات والي الثغور، وكان له أثر صالح في الجهاد، ولمّا جرى من ابن الزيات ما جرى وعزم على تغريق نفسه على ما نذكره في ترجمته كتب وصيته وتقدم الى أخيه وإلى أبي الحسن رشيق النسيمي أن يطوفوا ليلتهم في طرسوس ويحفظوا البلد، ثم غرق محمد بن الزيات نفسه فوقع الاتفاق من بعده على أبي الحسن رشيق النسيمي لأنه كان يظهر الميل الى سيف الدولة فأهّله أهل طرسوس للإمرة بها وولاية الثغور الشامية، فكان رشيق يغزو بأهل الثغور وينكي في العدو نكايات يظهر أثرها ويتناقل خبرها فمنها غزاته في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة التي سار فيها بأهل النجدة والبأس ودخل الى قرة وقلونية وسمندو، فسبى أهلها ونهب وقتل وأحرق وغنم غنائم كثيرة ومنها غزاته في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة التي غزا من طرسوس بأهلها الى قيسارية وهرقلة فدوخ تلك البلاد وغنم غنائم كثيرة، فلما ضعف أمر الثغور، وتراجع أمر سيف الدولة وكرهه أهل الثغور واستولى الروم على المصيصة وعين زربة وطرسوس
(1)
، والتجى
(1)
-انظر ما تقدم في الجزء الاول:1/ 196 - 197، وقد تواءم هذا كله مع سقوط حلب للبيزنطيين سنة 351 هـ. انظر زبدة الحلب:1/ 132 - 151.
أكثر أهل الثغر الى أنطاكية حصل رشيق النسيمي في أنطاكية وقطع خطبة سيف الدولة وكان سيف الدولة قد توجه الى ديار بكر لإقامة الفداء في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة واستناب (87 - و) الحاجب قرغويه في حلب فاستأمن أبو يزيد الشيباني ودزبر بن أونيم الديلمي وجماعة من الديلم الذين كانوا مع الحاجب بحلب الى رشيق وأطمعوا رشيقا في حلب، وحملهم على ذلك رجل ساقط يقال له ابن الأهوازي كان يتضمن الأرحاء بأنطاكية، وأدخلوا معهم في الرأي رجلا علويا يعرف بالأفطسي كان منحرفا عن سيف الدولة فجبى ابن الأهوازي الأموال فلما أظهر رشيق مباينة سيف الدولة وحصل عنده من حصل سيّر الحاجب قرغويه غلامه يمن في عسكر الى رشيق، فخرج اليه رشيق من أنطاكية والتقوا بناحية أرتاح فاستأمن يمن الى رشيق، وخلى عسكره فعادوا الى حلب، وسار رشيق وحصل على باب حلب وحصل على باب اليهود وهو المعروف الآن بباب النصر، وزحف على باب اليهود فخرج إليه بشارة الخادم الاخشيدي
(1)
خادم سيف الدولة في جماعة معه فقاتل الى وقت الظهر، فانهزم بشارة ودخل من باب اليهود، ودخلت خيل رشيق خلفه وحصلت في المدينة في اليوم الأول من ذي القعدة من سنة أربع وخمسين وكان الحاجب قرغويه في القلعة فأقام رشيق يقاتل القلعة ثلاثة أشهر وعشرة أيام، وفتح باب الفرج، ونزل غلمان الحاجب من القلعة فحملوا على أصحاب رشيق فهزموهم وأخرجوهم من المدينة فركب رشيق ودخل من باب أنطاكية فوصل الى القلانسيين، وخرج من باب قنسرين ومضى الى باب العراق فنزل غلمان الحاجب من القلعة (87 - ظ) وخرجوا من باب الفرج ووقع القتال بينهم وبين أصحاب رشيق، فطعن أبو يزيد الشيباني رشيقا فرماه وأخذ رأسه ومضى به الى الحاجب قرغويه، وكان أبو يزيد الشيباني ممن استأمن الى رشيق من عسكر سيف الدولة، وقيل إن أبا يزيد طعن رشيقا فوقع الى الأرض وضربه حسنش الديلمي واحتز رأسه عبد الله التغلبي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن علي
(1)
سبق لي أن نشرت ترجمة بشارة الاخشيدي نقلا عن كتاب المقفى للمقريزي، وقد استقى المقريزي معلوماته من كتاب بغية الطلب. انظر مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:306 - 308.
العظيمي قال: وفي هذه السنة يعني سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ملك مدينة حلب دون القلعة رشيق النسيمي والي أنطاكية وكسر عسكر قرغويه الحاجب وحاصر القلعة فقتل وهو محاصر القلعة وعاد قرغويه ملك حلب وملك أنطاكية دزبر الديلمي
(1)
عند قتل رشيق
(2)
.
وقرأت في تاريخ أبي غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب المعري: سنة أربع وخمسين وثلاثمائة قال: وفيها خرج ابن الأهوازي بأنطاكية وكان يتضمن بها المستغلات لسيف الدولة وكان قد حصل في أنطاكية رجل من وجوه أهل الثغر اسمه رشيق يعرف بالنسيمي، فعمل له ابن الأهوازي كتابا ذكر أنه من الخليفة ببغداد بتقليده أعمال سيف الدولة فقرئ على منبر أنطاكية، وكان قد اجتمع لابن الأهوازي جملة من مال المستغل وطالب قوما بودائع ذكر أنها عندهم، فعرض الرجال، وقبّضهم من أموال (88 - و) أنطاكية، وفرض لجماعة فرسان ورجالة أكثرهم من أهل الثغر وسار بهم الى حلب في عسكر كبير فحاصروا قرغويه الحاجب في القلعة بحلب، وكان القتال يجري بينهم كل يوم مدة شهور، وقتل رشيق النسيمي في الحرب، وكان فيما قيل متوجعا، وعقد ابن الأهوازي الإمارة بعد رشيق النسيمي لرجل ديلمي كان من رجال سيف الدولة يقال له دزبر، وعاد العسكر الى أنطاكية.
هكذا ذكر العظيمي وابن المهذب كما حكينا عن كل واحد منهما والصحيح أن استيلاء رشيق على مدينة حلب دون القلعة في ذي القعدة من سنة أربع وخمسين، وقتل رشيق على باب حلب في صفر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
قرأت بخط ثابت بن سنان بن قرة
(3)
المؤرخ في جزء كتب فيه وفيات من توفي من الأعيان من سنة ثلاثمائة الى السنة التي توفي فيها، قال ثابت: رشيق النسيمي المتغلب على حلب قتل في اليوم الرابع من صفر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
(1)
-ترجم ابن العديم لدزبر في المجلد السابقة انظره ص 3495 - 3496.
(2)
-انظر تاريخ العظيمي:300 - 302 حيث بعض الاشارات العابرة لهذه الأحداث.
(3)
-توفي ثابت سنة 365 هـ، انظر حوله ومؤلفاته كتابي الجامع في أخبار القرامطة:1/ 160 - 162.
ذكر من اسمه رضوان
رضوان بن اسحاق القرشي:
أبو زفر السامي من بني سامة بن لؤي من أهل دمشق، سكن أذنه بلدة من الثغور الشامية وحدث بها عن أبي يعقوب اسحاق بن ابراهيم الحنيني، وأبي عبد الله موسى بن داود الضبي القاضي بالثغر، وعثمان بن سعيد الحمصي، وأبي العلاء كثير بن الأسود الحبشي.
روى عنه أبو حاتم (88 - ظ) محمد بن ادريس الرازي. (89 - و).
أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد الخطيب عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال:
أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رضوان بن اسحاق القرشي أبو زفر الدمشقي من بني سامة بن لؤيء روى عن اسحاق بن ابراهيم الحنيني وعثمان ابن سعيد بن كثير بن دينار، وموسى بن داوود كتب عنه أبي بأذنه عند ابن الطبّاع في رحلته الأولى، سئل أبي عنه فقال: صدوق
(1)
.
رضوان بن تتش
(2)
:
ابن ألب أرسلان بن جغري بك بن سلجوق بن دقاق، أبو المظفر التركي السلجوقي ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة، ونشأ في دمشق في حجر أبيه، وكانت أمه أو ولد فزوجها أبوه من جناح الدولة حسين
(3)
، وجعله أتابكا له ومربيا، ولما توجه أبوه تتش لمحاربة بركيارق ووصل الى همذان كتب الى ولده رضوان الى دمشق
(4)
، وكان قد تركه بها، يستدعيه اليه من دمشق، وأمره أن يحضر معه
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 524.
(2)
-سبق لي نشر هذه الترجمة في ملاحق كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:387 - 396.
(3)
-مرت بنا ترجمة جناح الدولة حسين.
(4)
-اثناء الصراع على منصب السلطنة بعد وفاة ملكشاه، انظر تفاصيل ذلك في كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:221 - 231.
من تخلف بالشام من المعسكر، فامتثل أمر أبيه وخرج من دمشق بالعسكر متوجها الى أبيه، ووصل الى عانة وقيل الى الأنبار، فبلغه قتل أبيه تتش، فحط خيمه وسار مجدا عائدا، فوصل الى حلب وتسلمها من وزير أبيه أبي القاسم بن بديع في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وتولى حسين زوج أمه تدبير ملكه.
ووصل أخوه دقاق الى حلب، ومضى سرا من رضوان الى دمشق فملكها وقدم يغي سغان، ويوسف بن آبق بعسكرهما من أنطاكية الى خدمة رضوان، وسارا (89 - ظ) معه الى الرها ليتسلمها من نواب والده، فأرادا القبض على حسين لينفردا بتدبير رضوان، فبلغ حسين ذلك، فهرب الى حلب، وتبعه رضوان اليها واستوحش رضوان منهما، فرجعا الى أنطاكية.
وسار رضوان الى دمشق ليأخذهما من أخيه دقاق، ونزل جناح الدولة حسين بحلب، وسار معه سكمان بن أرتق، فلما وصل رضوان الى دمشق اعتقل دقاق نجم الدين ايلغازي بن أرتق، ولم يستتب لرضوان أمر دمشق فرجع الى حلب، وتوجه سكمان الى البيت المقدس، وتسلمه من نواب أخيه ايلغازي.
ووصل يوسف بن آبق الى رضوان الى حلب وسكنها فخاف منه رضوان وحسين فتقدما الى المجنّ الفوعي
(1)
فهجم عليه فقتله.
وخرج رضوان وحسين فتسلما تل باشر، وشيح الدير من نواب يغي سغان، وأغارا على بلد أنطاكية، ثم توجها الى دمشق وسار يغي سغان إليهما منجدا دقاق، فضعفت نفس رضوان عن دمشق، فسار الى البيت المقدس فتبعه دقاق وطغتكين ويغي سغان، وأشرف عسكر رضوان على التلف فهرب حسين على البرية الى حلب، ووصل دقاق وطغتكين الى ناحية حلب، واستنجد رضوان بسليمان بن ايلغازي صاحب سميساط، فوصل الى حلب بعسكر كبير واجتمع العسكران على نهر قويق، وتحاربا، فهرب دقاق وطغتكين الى دمشق ويغي سغان الى أنظاكية.
(1)
-مقدم أحداث حلب، انظر حوله كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية: 243 - 244.
وتغيرت نية رضوان على حسين فهرب من حلب الى حمص ومعه زوجته أم رضوان.
ثم تجدد بعد ذلك خروج الفرنج (90 - و) الى أنطاكية، ووصل يغي سغان الى الملك رضوان الى حلب الى خدمة رضوان، وتزوج رضوان بابنته خاتون جيجك، ونزل الفرنج على أنطاكية، وشنوا الغارات على بلد حلب، ووصل ابن يغي سغان الى حلب مستنجدا على الفرنج، فسير رضوان معه عسكر حلب وسكمان، فلقيهم من الفرنج دون عدتهم، فانهزم المسلمون الى حارم، وغلب أهل حارم من الأرمن عليها، وعاد سكمان بن أرتق مفارقا رضوان، وصار مع دقاق.
واستولى الفرنج على أنطاكية، وضعف أمر رضوان، واستمال الباطنية وظهر مذهبهم بحلب، وشايعهم رضوان، واتخذوا دار دعوه بحلب، وكاتبه ملوك الاسلام في أمرهم، فلم يلتفت، ولم يرجع عنهم، ودام على مشايعتهم.
وقوي الفرنج عليه فباع من أملاك بيت المال عدة مواضع للحلبيين، وقصد بذلك استمالتهم، وأن يتعلقوا بحلب بسبب أملاكهم فيها حتى أنه باع في ساعة واحدة ستين خربة من مزارع حلب لجماعة من أهلها وكتب بها كتاب واحد، يذكر حدود كل خربة ومشتريها وثمنها. وكان الكتاب عندي في جملة الكتب التي كانت لوالدي رحمه الله.
وكان الملك رضوان بخيلا شحيحا يحب المال، ولا تسمح نفسه باخراجه، حتى أن أمراءه وكتابه كانوا ينبزونه بأبي حبّة، وذلك هو الذي أضعف أمره، وأفسد حاله مع الفرنج والباطنية. وجدد في حلب مكوسا وضرائب لم تكن، ومع هذا كله كان فيه لطف ومحاسنة (90 - ظ) للحلبيين حتى بلغني أنه مر يوما راكبا ليخرج من باب العراق، فلما وصل الى المرمى، وهو داخل السور بالقرب من باب العراق، سمع امرأة تنادي أخرى يا زليخا تعالي أبصري الملك، فأمسك رأس فرسه ووقف ساعة، ثم نظر فلم ير أحدا، فقال: أين هي زليخا؟ قولوا لها تأتي تبصرنا أو نمشي، وهذا من أبلغ اللطافة من ملك مثله.
وحدثني والدي قال: أخبرني أبي قال: وقع بين والدي أبي غانم وبين القاضي أبي الفضل بن الخشاب مشاجرة في التخم الذي بين قرية والدي أقذار وبين قرية ابن الخشاب عيطين، وآل الأمر في ذلك الى مواحشة وغلظة، فبلغ الملك رضوان فقال: أنا أخرج بنفسي وأقف معكما على التخم، فخرجا مع الملك ووقف معهما وقال لأحدهما: الى أين تدّعي؟ فقال: إلى ها هنا، وقال، للآخر: الى أين تدّعي؟ فقال: الى ها هنا، فقال لكل واحد منهما: أريد أن تهب لي نصف ما تدّعي على صاحبك، فأجاباه جميعا الى ذلك، وأصلح بينهما على أن نزل كل واحد عن نصف المدعى به، وجعل بينهما تخما اتفقا عليه، ورجع الى المدينة، وهذا أيضا من المآثر التي ينبغي أن تكتب وتسطر وتنقل في التواريخ وتذكر.
قرأت بخط الشريف ادريس بن الحسن الادريسي الاسكندراني قال الشيخ أبو الحسن بن الموصول، وأملانيه بدار الشريف أمين الدين أبي طالب أحمد بن محمد النقيب الحسيني الاسحاقي من تعليق لبعض (91 - و) أسلافه قال: وفي شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسمائة وصل الى حلب رجل كبير فقيه تاجر يقال له أبو حرب عيسى بن زيد بن محمد الخجندي ومعه خمسمائة جمل عليها أحمال أصناف التجارات، وكان شديدا على الاسماعيلية مسعدا لم يقصدهم، مبالغا في بابهم، أنفق في المجاهدين لهم بسببهم أموالا جليلة، فقام في غلمان له يستعرض أحماله وحوله جماعة من مماليكه وخدمه، وكان قد أصحب من خراسان باطنيا يقال له أحمد بن نصر الرازي، وكان أخوه قتله رجال هذا الخجندي، فدخل الى حلب، واستدل على أبي الفتح الصايغ رئيس الملاحدة بها، وكان متمكنا من رضوان، فصعد الى الملك رضوان، وعرفه ما جرى بينهم وبين الفقيه أبي حرب، وأطمعه في ماله، وأراه أنه بريء من التهمة في بابه إذ كان معروفا بعداوة الملحدة، فطمع رضوان وانتهز الفرصة فيه، وطار فرحا، فبعث بغلمان له يتوكلون به، فبرز الى أبي حرب عيسى الفقيه أحمد بن نصر الرازي وهجم عليه، فقال لغلمانه وأصحابه: أليس هذا رفيقنا؟! فقالوا: هو هو، فوقعوا عليه فقتلوه، وهجم جماعة من أصحاب أبي الفتح الباطني الحلبي على أبي حرب فقتلوا عن آخرهم، ثم قال أبو حرب: الغياث بالله من هذا الباطني الغادر، أمنا المخاوف وراءنا وجئنا إلى (91 - ظ) الأمنة، فبعث علينا من
يقتلنا، فرجعوا الى رضوان، فأخبروه بما قال، فأبلس، وصار السنة والشيعة الى هذا الرجل، وأظهروا إنكار ما تم عليه، وعبث أحداثهم بجماعة من أحداث الباطنية فقتلوهم، وأنهي ذلك الى الملك رضوان فلم يتجاسر على انكاره، وأقام الرجل بحلب، وكاتب أتابك ظهير الدين
(1)
وغيره من ملوك الشام فتوافت رسلهم عند رضوان بكتبهم ينكرون عليه ما جاءه في بابه، فأنكر وحلف أنه لم يكن له في هذا الرجل نية، وخرج الرجل عن حلب مع الرسل، فخيروه في التوجه نحو الرقة، وعاد الى بلده، ومكث الناس يتحدثون بما جرى على الرجل، ونقص في أعين الناس، فتوثبوا على الباطنية من ذلك اليوم.
أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي في حوادث سنة إحدى وخمسمائة قال: وفي هذه السنة بلغ فخر الملوك رضوان ما ذكر به عن مشايعة الباطنية واصطناعهم، وحفظ جانبهم، وأنه لعن بذلك في مجلس السلطان، فلما بلغه الخبر أمر أبا الغنائم بن أخي أبي الفتح الباطني بالخروج عن حلب فيمن معه، فانسل القوم بعد أن تخطف جانبهم، وقتل منهم أفراد
(2)
.
قلت ولما ملك رضوان حلب قتل أخوين له كانا من أبيه، فلما مات رضوان وملك ابنه ألب أرسلان قتل أخوين له كانا من أحسن الناس صورة فانظر (92 - و) الى هذه المؤاخذة العجيبة.
أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي قال: وفيها-يعني سنة تسعين وأربعمائة-عصى المجن الموفق على الملك رضوان، وتعصب معه الحلبيون ثم تخاذلوا عنه، واختفى، فقبض عليه الملك رضوان، وعلى ذويه وبنيه، واستصفى أمواله في ذي القعدة وعذبهم بأنواع العذاب، ثم قتله بعد ذلك، وقتلهم حوله.
(1)
-طغتكين أتابك دمشق، أنظر ترجمته في ملاحق كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:408.
(2)
-ليس في كتاب تاريخ العظيمي الموجود، ولعله مما أورده العظيمي في تاريخه الكبير الذي يعتبر بحكم المفقود.
قال: وفيها وصل رسول مصر الى الملك رضوان، يعني من المستعلي، بالتشريف والخلع، وخطب للمصريين شهرا، ثم عاد عن ذلك
(1)
.
وقال: سنة ثلاث وتسعين، وفيها كسرت الافرنج للملك رضوان على موضع يقال له كلاّ، وكان المسلمون في خلق وكان الافرنج في مائة فارس، فقتلوا خلقا من الناس، وأسروا خلقا، وكانت الكسرة يوم الجمعة خامس شعبان
(2)
.
وقال: سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، فيها كسر الفرنج الملك رضوان على عين تسيلوا من أرض أرتاح. وكان سبب ذلك حصن أرتاح، خرجوا اليه ليأخذوه، وجمع رضوان الخلق العظيم، وخرج لنجدة الحصن، ومعه من الرجّالة الخلق العظيم، وكان المصاف يوم الخميس، فانهزمت الخيل وأسلموا الرجالة، فقتل منهم الخلق العظيم، وفقد من الحلبيين جماعة كثيرة غزاة رحمهم الله، وانهزم أكثر من به
(3)
.
قلت: بلغني انه قتل من المسلمين مقدار ثلاثة آلاف ما بين فارس وراجل.
وهرب (92 - ظ) من بأرتاح من المسلمين، وقصد الفرنج بلد حلب، فأجفل أهله، ونهب من نهب، وسبي من سبي، واضطربت أحوال بلد حلب من جبل ليلون الى شيزر، وتبدل الخوف بعد الأمن والسكون وهرب أهل الجزر وليلون الى حلب، فأدركتهم خيل الفرنج فسبوا أكثرهم وقتلوا جماعة، وكانت هذه النكبة على أعمال حلب أعظم من النكبة الاولى على كلاّ، ونزل طنكريد
(4)
الفرنجي على تل أعذى من عمل ليلون وأخذه، وأخذ بقية الحصون التي في عمل حلب، ولم يبق في يد الملك رضوان من الأعمال القبلية إلا حماه، وليس في يديه من الأعمال الغربية شيء، وبقي في يده الاعمال الشرقية والشمالية وهي غير آمنة.
وضاق الأمر بأهل حلب، ومضى بعضهم الى بغداد واستغاثوا في أيام الجمع،
(1)
-انظر العظيمي:359.
(2)
-انظر العظيمي:360.
(3)
-انظر العظيمي:362.
(4)
-تانكرد ابن أخت بوهيموند الاول، من أبرز قادة الحملة الصليبية الاولى، وقد حكم أنطاكية أثناء غياب خاله بالاسر ثم في أوربا.
ومنعوا الخطباء من الخطبة مستصرخين بالعساكر الاسلامية على الفرنج، وكسروا بعض المنابر، فجهز السلطان محمد بن ملكشاه مودود صاحب الموصل وأحمديل الكردي، وسكمان القطبي في عساكر عظيمة ضخمة، ومات سكمان قبل وصوله الى حلب، ووصلت العساكر الى حلب، فأغلق رضوان أبواب حلب في وجوههم، وأخذ الى القلعة رهائن عنده من أهلها لئلا يسلموها، ورتب قوما من الجند والباطنية الذين في خدمته لحفظ السور، ومنع الحلبيين من الصعود اليه، وضبر
(1)
انسان من السور (93 - و) فأمر به فضربت عنقه، ونزع رجل ثوبه ورماه الى آخر، فأمر به فألقي من السور الى أسفل، وبقيت أبواب حلب مغلقة سبع عشرة ليلة، وأقام الناس ثلاث ليال لا يجدون ما يقتاتونه، وكثرت اللصوص، وخاف الأعيان على أنفسهم، وساء تدبير الملك رضوان، فأطلق العوام ألسنتهم بسبه وتعييبه وتحدثوا بذلك فيما بينهم، فاشتد خوفه من الرعية أن يسلموا البلد، وترك الركوب بينهم.
وبث الحرامية تتخطف من ينفرد من العساكر فيأخذونه. وعاث العسكر فيما بقي سالما ببلد حلب بعد نهب الفرنج له، ورحل العسكر الى معرة النعمان بعد استيلاء الفرنج عليها في آخر صفر من سنة خمس وخمسمائة وأقاموا عليها أياما، وقدم عليهم أتابك طغتكين، فراسل رضوان بعضهم حتى أفسد ما بينهم، وظهر لأتابك طغتكين منهم الوحشة، فصار في جملة ممدود
(2)
، وثبت له ممدود، ووفى له، وحمل لهم أتابك هدايا وتحفا، وعرض عليهم المسير الى طرابلس والمعونة لهم بالأموال، فلم يعرجوا، وسار أحمديل وبرسق بن برسق، وعسكر سكمان الى الفرات، وبقي مودود مع أتابك، فرحلا من المعرة الى العاصي، فنزلا على الجلالي، ونزل الفرنج أفامية: بغدوين، وطنكريد، وابن صنجيل، وساروا لقصد المسلمين، فخرج أبو العساكر سلطان بن منقذ من شيزر (93 - ظ) بأهله وعسكره، واجتمعوا بمودود وأتابك، وساروا الى الفرنج، ودارت خيول المسلمين حولهم ومنعوهم الماء، والأتراك حول الشرائع بالقسي تمنعهم الورد، فأصبحوا هاربين سائرين يحمي بعضهم بعضا.
(1)
-أي قفز، هذا وأودع ابن القلانسي في كتابه تاريخ دمشق أوسع التفاصيل عن حملة مودود هذه وعما آلت اليه باغتيال مودود في جامع دمشق:278 - 299.
(2)
-كذا بالاصل والاسم الاكثر شيوعا: مودود.
ونزل طنكريد على قلعة عزاز وبذل له رضوان مقطعة عن حلب، عشرين ألف دينار وخيلا وغير ذلك، فامتنع طنكريد من ذلك، ورأى رضوان أن يستميل طغتكين أتابك إليه، فاستدعاه الى حلب، فوصل إليه وتعاهدا على مساعدة كل منهما لصاحبه بالمال والرجال، واستقر الأمر على أن أقام طغتكين الدعوة والسكة لرضوان بدمشق، فلم يظهر من رضوان الوفاء بما تعاهدا عليه، ووصل مودود الى الشام، واتفق مع طغتكين على الجهاد، وطلب نجدة من الملك رضوان، فتأخرت الى أن اتفق للمسلمين وقعة استظهروا فيها على الفرنج، ووصل عقبيها نجدة للمسلمين من رضوان دون المائة فارس، وخالف فيما كان قرره ووعد به، فأنكر أتابك ذلك وتقدم بابطال الدعوة والسكة باسم رضوان من دمشق في أول شهر ربيع الأول من سنة سبع وخمسمائة.
أنبأنا سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: رضوان بن تتش بن ألب أرسلان بن جغري بك بن سلجوق بن تقاق التركي كان بدمشق (93 - ظ) عند توجه أبيه الى ناحية الري، فكتب إليه يستدعيه، فخرج إليه، فلما كان بالأنبار بلغه قتله، فرجع الى حلب فتسلمها من الوزير أبي القاسم، وكان المستولي على أمرها جناح الدولة حسين في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، ثم قدم دمشق بعد موت أخيه دقاق، فحاصرها وقرر له الخطبة والسكة، فلم تستتب أموره وعاد الى حلب، وأقام بها، وجرت منه أمور غير محمودة في قتال الفرنج، وظهر منه الميل الى الباطنية، واستعان بهم بحلب، ثم استدعى طغتكين أتابك الى حلب ولاطفه، وأراد استصلاحه، وقرر بينهما أمورا وأقام له طغتكين الدعوة والسكة بدمشق، فلم يظهر منه الوفاء بما وعد، فأبطلت دعوته.
وكان لما ملك حلب قد قتل أخويه أبا طالب وبهرام ابني تتش، ومات في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، ونقلته من خطه، قال: سنة سبع وخمسمائة، فيها مات الملك رضوان بن تاج الدولة صاحب
(1)
- تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 130 - و.
حلب بحلب، وجلس موضعه ولده تاج الدولة ألب أرسلان، وفيها قتل تاج الدولة ابن الملك رضوان أخويه ملك شاه وابراهيم صبيين أحسن الناس صورا
(1)
.
كذا وجدته، وابراهيم بقي زمانا، ورأيت ولده بحلب. وأظنه مبارك والله أعلم.
وقرأت في كتاب تاريخ وقع (94 - ظ) إليّ بماردين جمعه الرئيس أبو علي الحسن ابن علي بن الفضل الداري، وشاهدته بخطه. قال: وفيها، يعني سنة ثمان وخمسمائة مات الملك رضوان بن تتش بحلب، وتولى ولده الأخرس.
وقرأت في بعض ما علقته من الفوائد: مرض رضوان بحلب مرضا حادا، وتوفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة ودفن بمشهد الملك، فاضطرب أمر حلب لوفاته، وتأسف أصحابه لفقده، وقيل أنه خلف في خزانته من العين، والآلات، والعروض، والأواني ما يبلغ مقداره ستمائة ألف دينار.
قرأت في كتاب عنوان السير تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال: وملكها -يعني حلب بعده، يعني بعد قتل أبيه تتش-في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة أبو المظفر رضوان بن تتش تسع عشرة سنة وشهورا، وتوفي في سحرة يوم الاربعاء آخر يوم من جمادى الأولى سنة سبع وخمسمائة، وعمره اثنان وثلاثون سنة، وخلف عينا وعروضا تقارب ألف ألف دينار.
رضوان بن سعيد المصيصي:
ذكر أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب في ترجمة أبي العباس محمد بن أحمد بن عبد الكريم البزاز المخرمي، أنه روى عن رضوان بن سعيد المصيصي، وأظنه والله أعلم، وهما وقع في الرواية، وأنه أبو رضوان بن سعيد المصيصي واسمه اليمان
(2)
.
رضوان بن علي الرقي الطبيب:
من أهل الرقة، سافر الى بلاد الروم وصار بها طبيبا في خدمة كيخسرو بن كيقباذ، ولما دخل التتار بلاد الروم وكسروا كيخسرو. أسروا الحكيم رضوان ثم
(1)
-انظر العظيمي:366.
(2)
- تاريخ بغداد:1/ 316.
أطلقوه حين عرفوا أنه يعرف الطب، وسيره التتار رسولا الى حلب الى الملك الناصر يوسف بن محمد مرتين، واجتمعت به بحلب وأنشدني لنفسه بحلب من أبيات:
(95 - و)
من كل أروع يستلذ بطبعه
…
طعم الشفار حديدها من صالب
شكت القنا منه الصداع وحاولت
…
منه العلاج فشدها بعصائب
بلغني أن رضوان الحكيم توفي بموغان
(1)
ووصل الينا خبر وفاته في جمادى الآخرة من سنة خمس وأربعين وستمائة.
***
(1)
-ولاية بأذربيجان يمر بها القاصد من أردبيل الى تبريز. معجم البلدان مادة «موقان» .
ذكر من اسمه رفاعة
رفاعة بن رافع بن مالك:
ابن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق أبو معاذ الأنصاري الزرقي وأمه أم مالك بنت أبيّ بن سلول، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه وشهد معه بدرا وأحدا وسائر المشاهد بعدهما، وشهد مع علي رضي الله عنه الجمل وصفين، وقيل إنه شهد على كتاب التحكيم بين علي ومعاوية، وقد ذكرنا ذلك في ترجمته ربيعة بن شرحبيل.
وروى عن أنس بن مالك. روى عنه عبيد الله بن عمر وابن أخيه يحيى بن خلاد بن رافع، وابنه معاذ بن رفاعة.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد السلمي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي الصوفي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: حدثنا اسحاق بن عبد الله بن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع، وكان رفاعة ومالك بن رافع أخوين (95 - ظ) من أهل بدر، قال: بينما نحن جلوس حول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ونحن حوله-شك همام-إذ دخل رجل فاستقبل القبلة فصلى، فلما قضى الصلاة جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وعليك ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع الرجل فصلى وجعلنا نرمق صلاته لا ندري
ما بعيب منها، فلما قضى صلاته جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل-قال همام:
ولا أدري أمره بذلك مرتين أو ثلاثا-قال الرجل: ما ألوت فلا أدري ما عبت علي من صلاتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه ويديه الى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه الى الكعبين، ثم يكبر الله ويحمده ثم يقرأ من القرآن ما أذن الله له فيه، ثم يكبر فيركع فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ويقول: سمع الله لمن حمده فيستوي قائما حتى يقيم صلبه، فيأخذ كل عظم مأخذه، ثم يكبر فيسجد فيمكن وجهه-قال همام: وربما قال: جبهته من الارض-حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ثم يكبر فيستوي قاعدا على مقعده ويقيم صلبه-فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات (96 - و) حتى فرغ-لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك
(1)
.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء-بقراءتي عليه-قال:
أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الأنباري قال:
أخبرنا عبد القاهر بن محمد بن محمد بن أحمد عترة قال: حدثنا محمد بن عمران قال حدثنا اسماعيل-يعني-ابن اسحاق قال: حدثنا اسماعيل بن أبي أويس قال:
حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن عبد الله بن عمر عن رفاعة بن رافع الزرقي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لي حوض بين صنعاء وأيلة وإن آنيته عدد نجوم السماء
(2)
.
أخبرنا أبو عبد الله بن باز-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: رفاعة بن رافع الأنصاري الزرقي بن عفراء، شهد بدرا نسبه قتيبة عن رفاعة بن يحيى، مديني ثم قال البخاري: رفاعة بن رافع الزرقي الأنصاري المديني.
(1)
-انظره في كنز العمال:7/ 19628.
(2)
-انظر كنز العمال:39143 - 39180.
قال اسماعيل: حدثني به أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن رفاعة بن رافع الزرقي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم:
حوضي ما بين صنعاء وأيله
(1)
.
قلت: هكذا فرق البخاري بينهما وجعلهما اثنين، والذي يغلب على ظني أنهما واحد، وأنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أنس بن مالك فظنهما اثنين، وقد تابعه أبو محمد بن أبي حاتم ففرق بينهما، وجعلهما اثنين أيضا.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو بن (96 - ظ) مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: رفاعة بن رافع الأنصاري الزرقي البدري، وهو ابن عفراء.
روى علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه، وهو رفاعة بن رافع هذا، سمعت أبي يقول ذلك.
ثم قال ابن أبي حاتم: رفاعة بن رافع الزرقي الأنصاري، روى عن أنس بن مالك، روى عنه عبيد الله بن عمر، سمعت أبي يقول ذلك
(2)
، فجعلهما اثنين أيضا كما ترى.
أنبأنا أبو الفتوح بن أبي الفرج قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي، أمه أم مالك بنت أبيّ بن سلول، يكنى أبا معاذ، شهد بدرا وأحدا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد معه بدرا أخواه خلاد ومالك ابنا رافع، شهدوا ثلاثتهم بدرا، واختلف في شهود أبيهم رافع بن مالك بدرا، وشهد رفاعة بن رافع مولى علي الجمل وصفين وتوفي في أول إمارة معاوية.
وذكر عمر بن شبة عن المدائني عن أبي مخنف عن جابر عن الشعبي قال: لما خرج طلحة والزبير كتبت أم الفضل بنت الحارث الى علي بخروجهم فقال علي:
(1)
-التاريخ الكبير:3/ 319 - 323،321.
(2)
-الجرح والتعديل:3/ 492 - 493.
العجب لطلحة والزبير إن الله عز وجل لما قبض رسوله صلى الله عليه وسلم قلنا نحن أهله وأولياؤه لا ينازعنا سلطانه أحد فأبى علينا قومنا فولوا غيرنا وأيم الله لولا مخافة الفرقة وأن يعود الكفر، ويبور الدين لغيرنا فصبرنا على بعض الألم، ثم لم نر بحمد الله إلا خيرا، ثم وثب الناس على عثمان فقتلوه، ثم بايعوني ولم استكره أحدا، وبايعني طلحة والزبير ولم (97 - و) يصبرا شهرا كاملا حتى خرجا الى العراق ناكثين، اللهم فخذهما بفتنتهما للمسلمين.
فقال رفاعة بن رافع الزرقي: إن الله لما قبض رسوله صلى الله عليه وسلم ظننا أنّا أحق الناس بهذا الأمر لنصرتنا الرسول، ومكاننا من الدين فقلتم نحن المهاجرون الأولون وأولياء رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقربون، وإنّا نذكركم الله أن تنازعونا مقامه في الناس فخليناكم والأمر، فأنتم أعلم وما كان بينكم، غير أنّا لما رأينا الحق معمولا به والكتاب متبعا والسنة قائمة رضينا، ولم يكن لنا إلا ذلك، فلما رأينا الإثرة أنكرنا لنرضي الله عز وجل، ثم بايعناك ولم نأل، وقد خالفك من أنت في أنفسنا خير منه وأرضى فمرنا بأمرك.
وقدم الحجاج بن غزية الأنصاري فقال يا أمير المؤمنين:
دراكها دراكها قبل الفوت
…
لا وألت نفسي إن خفت الموت
(1)
يا معشر الأنصار انصروا أمير المؤمنين، أخرى كما نصرتم رسول الله أولى، والله إن الآخرة لشبيهة بالأولى إلا أن الأولى أفضلهما (97 - ظ).
رفاعة بن شداد:
أبو عاصم، وقيل رفاعة بن عامر القتباني البجلي، وقتبان بطن من بجيلة شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان أميرا على بجيلة، ونزل الموصل وكان رفيق عمرو بن الحمق، وروى عنه، روى عنه السدي وعبد الملك بن عمير.
أخبرنا أبو محمد المعافى بن اسماعيل بن الحسين بن أبي السنان-إجازة- قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد المؤدب الموصلي قال: أخبرنا أبو
(1)
- الاستيعاب على هامش الاصابة:1/ 489 - 491.
القاسم نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله الخطيب وأبو البركات سعد بن محمد بن ادريس قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد بن ادريس (95 - ظ) قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي في كتاب «طبقات محدثي أهل الموصل»
(1)
وفقائهم قال: ومنهم-يعني-من الطبقة الأولى:
رفاعة بن شداد وكان رفيق عمرو بن الحمق، أخبرني علي بن ابراهيم بن عيسى عن سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا محمد بن الحكم الشيباني قال: حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد قال: وحدثني المجالد بن سعيد عن الشعبي وابن أبي زائدة عن أبي اسحاق أن حجر بن عدي لما قفّي به من عند زباد نادى بأعلى صوته: اللهم إنّي على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها، سماع الله والناس، وكان عليه برنس في غداة باردة فحبس عشر ليال وزياد يطلب رؤوس أصحاب حجر، فخرج عمرو بن الحمق ورفاعة بن شداد حتى نزلا المدائن، ثم ارتحلا حتى أتيا أرض الموصل فأتيا جبلا فكمنا فيه وبلغ عامل ذلك الرستاق أن رجلين قد كمنا في جانب الجبل، فاستنكر شأنهما، وهو رجل من همدان يقال له عبد الله بن أبي تلعة، فسار إليهما في الخيل ومعه أهل البلد فلما انتهى إليهما خرجا، فأما عمرو بن الحمق فكان مريضا وكان بطنه قد استسقى، فلم يكن عنده امتناع، وأما رفاعة بن شداد فكان شابا قويا فوثب على فرسه فقال أقاتل عنك، فقال: وما ينفعني أن تقتل، انج بنفسك إن استطعت، فحمل على القوم فأفرجوا له، وخرج يتعدى به فرسه، وخرجت الخيل في طلبه، وكان راميا (99 - هـ) فأخذ لا يلحق به فارس إلا رماه فجرحه أو عقره، فانصرفوا عنه وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه: من أنت؟ قال:
إن تركتموه كان أسلم لكم، وإن قتلتموه كان أضر عليكم، فبعث به ابن أبي تلعة الى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي، وهو ابن أم الحكم، فلما رأى عمرا عرفه فكتب الى معاوية يخبره، فكتب إليه إنه زعم أنه طعن عثمان تسع طعنات وإنا لا نزيد عليه فاطعنه تسع طعنات، فأخرج فطعن تسع طعنات فمات في الأولى أو في الثانية، فبعث برأسه الى معاوية، وكان أول رأس حمل في الاسلام.
(1)
-هو بحكم المفقود.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رفاعة بن شداد القتباني، أبو عاصم، ويقال رفاعة بن عامر، وقتبان بطن من بجيلة، روى عن عمرو بن الحمق، روى عنه السدي وعبد الملك بن عمير سمعت أبي يقول ذلك
(1)
.
رفاعة بن ظالم الحميري:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه وله ذكر في الوقعة ذكره المدائني.
رفق بن عبد الله الخادم:
أبو الفضل المستنصري، كان من خدم المستنصر، وكان علي المطالب بمصر وقدمه مولاه المستنصر وولاه دمشق، ووجهه الى حلب في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة في الجيوش الكثيفة المصرية (99 - ظ) وقيل في سنة اثنين وأربعين وجعله المستنصر أمير الأمراء وأخرجه في التجمل العظيم وشيعه بنفسه عند خروجه ووصل رفق الى حلب ونزل عند مشهد الجفّ، وثمال بن صالح في حلب وقد فسد ما بينه وبين المستنصر، وعصى عليه، وجرى بين الحلبيين وبينه قتال فانكسر رفق وخرج وقبض وهو مجروح فمات في قلعة حلب في الأسر ودفن في مسجد اتخذه لنفسه حين نزل على حلب الى جانب مشهد الجف من شرقيه، وكان قبره ظاهرا في القبة الشرقية التي من قبلي الرواق الشرقي، وخلط ذلك المسجد بمشهد الجف، وكنت شاهدت القبر وأنا صبي فعفي أثره، وقال الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة حين جرى على رفق ما جرى:
يا رفق رفقا ربّ فحل غره
…
ذا المشرب الأهنى وهذا المطعم
حلب هي الدنيا تلذ وطعمها
…
طعمان شهد في المذاق وعلقم
قد رامها صيد الملوك فما
…
انثنوا إلا ونار في الحشا تتضرم
(2)
ونهب من العسكر المصري شيء عظيم من المال والقماش والآلات.
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 493.
(2)
-ديوان ابن أبي حصينة:1/ 247.
قرأت بخط بعض الحلبيين في قصيدة كتبها أبو نصر منصور بن تميم بن زنكل السرميني عن أبي زائدة محمد بن زائدة الكلابي الى أبي الفضائل سابق بن محمود ابن نصر بن صالح صاحب حلب يذكره فيها ويعرفه ما لبني كلاب من الوقائع والأيام المعروفة في نصرة صالح بن مرداس (100 - و) وبنيه قال فيها:
أليس هم أحيوا بذا ليوم ميتا
…
من الفخر وارتدوا من الملك ذاهبا
ومن قبله لما أتى الخادم التقوا
…
عساكره كالأسد لاقت ثعالبا
فكانوا لنا مثل الهشيم لموقد
…
فأيسر زاد ليس يشبع ساغبا
ثم كتب كاتب القصيدة تحت هذه الابيات شرحها وقال: هذا الخادم هو أمير الامراء رفق أجل أمراء مصر وصل في عساكر عظيمة بعد انهزام الشيخ ناصر الدولة ابن حمدان عن حلب وكان وصوله في سنة اثنين وأربعين وأربعمائة، ونزل على حلب وعمل عليه أصحابه، فظفر به معز الدولة ثمال بن صالح وأسره مجروحا وانهزمت عساكره وقعد ثلاثة أيام ومات.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن مقلد بن منقذ في تاريخه: سنة احدى وأربعين وأربعمائة فيها وصل أمير الامراء أبو الفضل رفق خادم كان على المطالب بمصر في عسكر عظيم ومضى الى حلب ونزل مسجد الجف فقيل ان الكلبيين داهنوا عليه فأشير عليه أن يرحل عنها الى صلدع فلم يفعل فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء فلم يفعل فأشير عليه ان ينشئ سجلا عن السلطان باقطاع معز الدولة الشام فما فعل فلما رآه أمراء العسكر لا يقبل منهم
(1)
(100 - ظ) انهزموا مع العسكر، وانهزم العسكر لما رأى رحيل أكثره، وأتوه أهل حلب وبنو كلاب فأخذوه وضرب على رأسه فشجه فمات بعد مدة في القلعة.
قال: وحدثني أبي قال: سمعت أن هذا الخادم لما أطلع الى قلعة حلب استعظموا خلقته وطوله، فكان بعض الفراشين يخدمه ويكرمه، فوهب له يوما سراويلا من سراويلاته دبيقيّه، ففصلها الفراش له ثوبين وسراويل، أو سراويلين وثوب كما قال،
(1)
-لمزيد من التفاصيل انظر كتابي امارة حلب:115 - 119.
ومات فدفن في مسجد الجفّ وأخذ من العسكر شيء عظيم من الاموال والآلات والدواب وغير ذلك.
قال: ومضيت أنا الى حلب في سنة سبع وعشرين وخمسمائة فرأيت مسجدا غير مسجد الجف، فشربنا منه فقلنا: ما هذا؟ فقالوا: هذا مسجد الخادم رفق.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي في كتابه، ونقلته أنا من خط العظيمي قال: سنة احدى واربعين وأربعمائة، فيها كان السيل الذي أهلك عسكر المصريين على السّعدى وصلدى قبلي حلب، وفيها كان قتل جعفر بن كليّد، وفيها انهزم ناصر الدولة، وسيّرت العساكر مع رفق الخادم وهو كاره لذلك، ولقبوه أمير الامراء المظفر عدة الدولة وعمادها، وكان عمره فوق الثمانين (101 - و)، ثامن عشر ذي القعدة من السنة، وشيعه المستنصر وسيّر معه التجمل العظيم، والعدد الكثير من المشارفة والمغاربة والعرب، وكاتب كل من يلقاه من المقدمين بأن يترجلوا له اذا لقوه، وتوسل ثمال ابن صالح الى الملك قسطنطين أن ينجده، فكتب قسطنطين الى المستنصر في الصفح عن ابن صالح وقال: ان لم تقبل فيه الشفاعة اضطر الى نجدته عليك، فوصل رسول الملك الى الرملة، يوم وصول رفق الخادم اليها فأوصله رفق الى مصر، وأعاد الرسالة وتوقف الوزير عن الجواب طمعا أن يملكوا حلب، ويستأنف الجواب وتحقق الملك قسطنطين توجه العساكر المصرية، فبعث الى أنطاكية عسكرا لحفظ الاطراف من نحو حلب، وبعث لثمال بن صالح مالا عينا وخلعا، وسار مقلّد بن كامل بن مرداس الى حمص واعتصم عليه واليها حصن الدولة حيدره بن منزو الكتامي، فحاصره ثم طلب الامان فآمنه وأنزله من القلعة، وخربها وخرب السور، وعاد الى حماة ففتحها وأخرب حصنها، وانتقل الى معرة النعمان، وأخرب سورها أيضا وظهر من فشل رفق الخادم ما أطمع الجند والكافة فيه، فعاثت السنابسة
(1)
وهو بالرملة في طرف العسكر، وهربوا الى البرية، فاتبعهم رفق بسرية من العساكر (101 - ظ) فعادت العرب عليهم وهزموهم، وأسروا الامير مراد، ونهبوهم فسير اليهم رفق، جعفر بن
(1)
-بنو سنبس من طئ سكان الرملة انذاك بزعامة آل الجراح.
حسان بن جراح فاسترجع منهم بعض ما نهبوه، وردهم الى الديوان
(1)
، فعرضهم وعليهم أكثر عدد العسكرية، ورحل رفق الى دمشق، وأثبت خلقا من قبائل العرب الكلبيين والطائيين، وانصرف من العسكر فرقة من العبيد والمشارقة ومن البحاترة فرقة والفزارين، وتحاربوا لأربع بقين من المحرم من السنة، وذلك يوم الجمعة، فقتل من الكتاميين نحو من مائة رجل، ونهبوا بعض الخيم، ثم تميزوا من ذلك المكان ونزلوا على باب توما، وبقوا ثلاثة أيام متصافين ولم يجر بينهم قتال، وخاف رفق ودخل بالخيام القصر، وترك مضاربه الخاصة على حالها، وأصلح بين الطوائف، فتوقف الكتاميون حتى وصلهم من ماله بألوف دنانير دية القتلى وعوض الخيام، ونهبت العرب أكثر غوطة دمشق، وهرب أهل القرى الى دمشق، ثم سار رفق الى حمص، وعرض العساكر بها وأثبت من العرب الكلبيين ألف فارس أخرى، وبلغه ان راشد بن سنان بن عليان
(2)
هرب من الاعتقال بصور، وحصل بظاهر دمشق واحتوى على أكثر أعمالها، وتسرعت العساكرية عند حصول رفق بحماة الى نهب أعمال شيزر اذ هي على أعمال (102 - و) حلب، ووصل الى صلدى يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ربيع الاول، وخيم على جبل جوشن يوم الاربعاء الثاني والعشرين منه، ووقع الطراد واستأمن سلطان القرمطي
(3)
في خمسمائة فارس من الكلبيين، وكان أخوه نبهان معتقلا في قلعة حلب، منذ أسر من كفر طاب، واقتتلوا يوم الجمعة واستراحوا السبت والاحد ورد رفق الخزانة السلطانية الى ورائه، ليلة الاثنين سابع عشرين ربيع، وأمر العسكر أن يدفعوا أثقالهم الى معرة مصرين، فاستشعروا الهزيمة، وأخذ العسكر من نصف الليل يرحلون، وانتهى ذلك الى رفق، فأتبعهم برسله يرسم لهم العودة فلم يرجع أحد، وانهزموا وأسفر الصبح وخرج من حلب خيل، وظنوا انها مكيدة فلما تحققوا هزيمة العسكر، نهبوا وأسروا، ونهب العرب بعضهم بعضا والعسكر، وخرج الحلبيون نهبوا آثار العسكر، من غلات وغيرها، ولحقوا رفق الخادم وجرحوه ثلاث جراح وداخلوه الى حلب أسيرا مكشوف الرأس، واختلط عقل رفق لاجل الجراح التي في رأسه، ومات في القلعة بعد ثلاثة
(1)
-أي جندهم في عداد الجيش الفاطمي.
(2)
-من زعماء قبيلة كلب المعادين للخلافة الفاطمية.
(3)
-كان آل القرمطي من زعماء قبيلة كلب.
أيام، ودفن في مسجد بظاهر حلب، وأسرت الروم أصحاب الأطراف من العسكر جماعة، فأنكر قسطنطين ذلك عليهم وردهم الى بلد الاسلام وكساهم.
قرأت في تاريخ جمعه أبو غالب (102 - ظ) همام بن الفضل بن جعفر بن علي ابن المهذب المعري سيّره إليّ بعض الشرّاف الهاشميين بحلب، قال: سنة احدى وأربعين وأربعمائة فيها وصل الامير أبو الفضل رفق، خادم كان على المطالب بمصر في عسكر عظيم، فانهزمت منه بنو كلاب عن حمص، وتبعها منزلا منزلا، حتى نزل على معرة النعمان، فلما رأى خراب السور، سأل: كم يحتاج الى أن يعود الى ما كان، فقدر له فكان ألفي دينار، فقال: أنا أعمره من عندي بمالي ولا أحوجكم الى غيري، ثم انه مضى الى حلب، ونزل على مسجد الجف، فقيل ان الكلبيين داهنوا عليه، فأشير عليه أن يرحل عنها الى صلدع، فلم يفعل فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء وكلب فلم يفعل، فقيل له أن ينشئ سجلا عن السلطان بأنه قد أقطع الشام لمعز الدولة ويعود بهيبته، فلم يفعل، فلما رآه أمراء العسكر لا يلتفت اليهم، ولا يقبل مشورتهم، انهزموا مع العرب وانهزم العسكر لما رأى العرب قد انهزمت، فأخذ وضرب رأسه فمات في القلعة، ودفن في مسجد الجف، ونهب من العسكر شيء عظيم من الاموال والقماش والدواب وغير ذلك.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي، فيما أجاز لي روايته عنه قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن (103 - و) الدمشقي قال: قرأت بخط أبي محمد بن الاكفاني في تسمية أمراء دمشق الامير أمير الامراء عدة الدولة رفق، وصل الى دمشق آخر نهار يوم الخميس الثاني عشر من المحرم من سنة احدى وأربعين وأربعمائة في حال عظيمة، وعدد وأموال وأثقال، وسار من دمشق متوجها الى حلب غداة يوم الخميس السادس من صفر من السنة المذكورة
(1)
.
***
(1)
- تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 131 و- ظ. وقد بحثت هذا الموضوع في كتابي امارة حلب:114 - 119.
رفيع أبو العالية الرياحي البصري:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
مولى امرأة من بني يربوع، أدرك الجاهلية وأعتق سائبة.
روى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبيّ ابن كعب، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وأبي موسى الاشعري، وسهل بن الحنظلية.
روى عنه داوود بن أبي هند، وقتادة وأبو خلدة، وعنبسة بن سعيد بن عثمان الطويل، وعاصم الاحول، وزياد بن حصين، والربيع بن أنس، وخالد بن دينار، وجعفر بن ميمون، وأبو المنهال، وحفصة بنت سيرين وحضر صفين، ورأى الصّفّين وعاد ولم يقاتل.
أخبرنا أبو الحسن المبارك بن أبي بكر بن مزيد الخواص الحنفي، وأبو عبد الله محمد بن نصر بن أبي الفرج بن علي الحصري البغداديان ببغداد قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني ببيت الله وأنا حاضر قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن ابراهيم بن المقرئ قال:
أخبرنا أبو محمد اسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن يحيى العدني قال: وحدثنا وكيع عن سفيان عن عوف الاعرابي عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى جمرة
العقبة قال: (105 - و) القطه لي، قال: فناولته مثل حصا الخذف فقال: مثل هذا فارموا واياكم والغلو في الدين
(1)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حميد الدوني قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني قال: أخبرنا أبو عروبة قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري عن الاعمش عن زياد بن الحصين عن أبي العالية عن ابن عباس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقوم يرمون فقال: رميا بني اسماعيل فان أباكم كان راميا
(2)
.
أخبرنا أبو القاسم محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الوقت قال: أخبرنا الداودي قال: أخبرنا الحموي قال: أخبرنا أبو عمران السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عباد بن العوام عن عوف عن أبي العالية قال: سألت ابن عباس عن شيء فقال: يا أبا العالية أتريد أن تكون مفتيا؟ فقلت: لا ولكن لا آمن أن تذهبوا ونبقى، فقال: صدق أبو العالية.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد ابن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا سوار بن عبد الله العنبري قال: حدثنا أبو داوود الطيالسي قال:
حدثنا أبو خلدة عن أبي العالية قال: لما كان قتال علي ومعاوية رضي الله عنهما، كنت رجلا شابا، فتهيأت ولبست سلاحي، ثم أتيت القوم فاذا صفان لا يرى طرفاهما، قال: فتلوت هذه الآية: «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم»
(3)
قال: فرجعت وتركتهم.
(1)
-انظر كنز العمال:12661،5/ 12132.
(2)
-انظره في كنز العمال:4/ 10838.
(3)
- سورة النساء-الآية:93.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: ومنهم، يعني من العبّاد والصوفية، ذو الاحوال السامية والاعمال الخافية، رفيع أبو العالية، كان وصاياه في لزوم الاتباع وعهوده في مجانبة الاحداث والابتداع، روى أبو العالية عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وأبيّ بن كعب، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي موسى الاشعري، وسهل بن الحنظلية وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم
(1)
.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان-فيما أذن لنا فيه-قال: أنبأنا أبو طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل قال: أنبأنا أبو عمرو بن محمد قال:
(105 - ظ) أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال:
رفيع أبو العالية الرياحي من بني تميم بصري أدرك الجاهلية، وكان أعتق سائبة مولى امرأة، روى عن أبي بكر وهو غير محفوظ، ويثبت له عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي أيوب وابن عباس.
روى عنه قتادة، وعاصم الاحول، والربيع بن أنس، وداوود بن أبي هند، وأبو خلدة، وحفصة بنت سيرين، سمعت أبي يقول ذلك، روى عنه زياد بن حصين ذكر أبي عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قال: رفيع أبو العالية ثقة
(2)
.
قال عبد الرحمن: سئل أبو زرعة عن أبي العالية رفيع، فقال: بصري ثقة.
أخبرنا أبو عبد الله بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال:
أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا البخاري قال: رفيع أبو العالية الرياحي بصري مولى امرأة أعتق سائبة.
وقال الانصاري وزائدة عن هشام عن حفصة عن أبي العالية سمع عليا.
وقال معاذ بن أسد: حدثنا الفضيل بن موسى قال: أخبرنا الحسين بن واقد عن ربيع بن أنس عن أبي العالية قال: دخلت على أبي بكر فأكل لحما ولم يتوضأ.
وقال محمد: حدثنا سلم بن قتيبة عن أبي خلدة قال: سألت أبا العالية: هل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أسلمت في عامين من بعد موته.
(1)
- حلية الاولياء:2/ 217 - 224.
(2)
-الجرح والتعديل:3/ 510.
وقال النضر: اعتقته امرأة من بني يربوع.
وقال آدم: حدثنا شعبة عن قتادة قال: لحقت أبا العالية، وكان أدرك عليا قال: قال علي: القضاة ثلاثة (106 - و).
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال:
حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا علي بن أنس العسكري قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد عن سعيد بن زيد أخي حماد قال: قال مهاجر أبو خالد مولى ثقيف: كان أبو العالية جاري وكان يقول لي: سلني واكتب عني قبل أن تلتمس العلم عند غيري فلا تجده.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني. وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بدمشق، قال أبو بكر: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله. وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله ابن علي بن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قالا:
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء. قال الارتاحي: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل ابن محمد الغساني الضرّاب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال:
حدثنا عبد الرحمن بن خراش قال: حدثنا محمد بن الحارث المروزي قال: حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبي خلدة عن أبي العالية (106 - ظ) قال: كنت آتي ابن عباس وقريش حوله فيأخذ بيدي فيجلسني معه على السرير، فتغامزت قريش ففطن بهم ابن عباس فقال: هكذا هذا العلم يزيد الشريف شرفا، ويجلس المملوك على الأسرة، قال: ثم أنشد محمد بن الحارث في أثره:
رأيت رفيع الناس من كان عالما
…
وإن لم يكن في قومه بنجيب
إذا حل أرضا عاش فيها بعلمه
…
وما عالم في بلدة بغريب
(1)
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال:
حدثنا أبو بكر محمد بن شجاع بن محمد الحافظ -إملاء من لفظه بأصبهان-قال:
أخبرنا أبو محمد بن أحمد بن عمر التاجر قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي بنيسابور قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال:
حدثنا محمد بن اسحاق-هو-الصنعاني قال: أخبرنا أبو نوح قراد قال أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه، فأول ما أتفقد منه صلاته، فإن أجده يقيمها أقمت وسمعت منه، وإن أجده يضيعها رجعت ولم أسمع منه، وقلت: هو لغير الصلاة أضيع.
أخبرنا أبو القاسم العطار قال أخبرنا أبو الوقت السجزي قال أخبرنا الداوودي قال أخبرنا الحموي قال أخبرنا أبو عمران بن عمر قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا أبو معمر اسماعيل بن ابراهيم قال: أخبرنا عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع عن أبي العالية قال: كنا نأتي الرجل لنأخذ عنه، فننظر إذا صلى فإن أحسنها جلسنا إليه، وقلنا: هو لغيرها أحسن، وإن أساءها قمنا عنه وقلنا: هو لغيرها أسوأ، قال أبو معمر: لفظه نحو هذا.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني قال: حدثنا أحمد بن موسى بن العباس قال: حدثنا اسماعيل بن سعيد قال: حدثنا قراد أبو نوح عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام، فأول ما اتفقد من أمره صلاته، فإن أجده يقيمها ويتمها، أقمت وسمعت منه، وإن وجدته يضيعها رجعت ولم أسمع منه وقلت:
لغير الصلاة أضيع.
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 136 و-.
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا حاجب بن أركين قال حدثنا محمد بن اسماعيل الأحمسي قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني خالد بن دينار عن أبي العالية قال: تعلمت الكتاب والقرآن فما شعر بي أهلي ولا رؤي في ثوبي مداد قط.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو عبد الله القاضي قال:
حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير قال: أخبرني من سمع (107 - و) أبا العالية يقول: لا يتعلم مستحي ولا مستكبر.
(1)
وقال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: حدثنا يحيى بن مطرف قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا أبو خلدة قال: سمعت أبا العالية يقول:
تعلموا القرآن خمس آيات، خمس آيات، فإنه أحفظ لكم، فإن جبريل عليه السلام كان ينزل به خمس آيات، خمس آيات
(2)
.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن حمد الدوني قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد بن بوان الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق الحافظ قال: حدثني عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال حدثنا علي بن بكار عن أبي خلدة عن أبي العالية. قال يوسف: ثم جعله عن عمر بن الخطاب، وهكذا حدثناه قديما قال: تعلموا القرآن خمسا خمسا كذلك نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم.
(1)
-كتب ابن العديم فوقها: تقدم، وهذا ما حدث فعلا لكنه لم يطلب الغاء هذه الرواية ولم يشطبها.
(2)
- حلية الاولياء:2/ 219 - 220.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الوقت قال: أخبرنا الداوودي قال أخبرنا الحموي قال أخبرنا أبو عمران قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال أخبرنا عمرو بن زائدة قال: حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم عن أبي خلدة عن أبي العالية قال:
كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نرض حتى ركبنا إلى المدينة فسمعناها من أفواههم.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف الأدمي قال: أخبرنا أبو المكارم الأصبهاني قال:
أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر، ح.
قال: وحدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا أبو همام قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قالا: عن عاصم الأحول عن أبي العالية قال:
تعلموا الاسلام فإذا علمتوه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الاسلام ولا تحرفوا الصراط يمينا وشمالا وعليكم (107 - ظ) بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وأصحابه قبل أن يقتلوا صاحبهم وقبل أن يفعلوا الذي فعلوا فإني قرأت القرآن قبل أن يقتلوا صاحبهم، وقبل أن يفعلوا الذي فعلوا بخمس عشرة سنة، وإياكم وهذه الأهواء المتفرقة فإنها تورث بينكم العداوة والبغضاء. زاد ابن المبارك في حديثه قال: فحدثت به الحسن فقال: صدق أبو العالية ونصح قال ابن المبارك فذكرته للربيع بن أنس قال: أخبرني أبو العالية أنه قرأه بعد النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين.
قال أبو نعيم الحافظ: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بن عيينة قال: سمعت عاصم الأحول يحدث عن أبي العالية قال: تعلموا القرآن فإذا تعلمتوه فلا ترغبون عنه، وإياكم وهذه الأهواء فإنها توقع بينكم العداوة والبغضاء، وعليكم بالأمر الأول الذي كانوا عليه قبل أن يتفرقوا، فإنّا قد قرأنا القرآن قبل أن يقتل صاحبهم-يعني عثمان-بخمسة عشر سنة. قال عاصم: فحدثت به الحسن فقال: قد نصحك والله وصدقك.
وقال أبو نعيم: أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم-فيما أذن لي-قال:
حدثنا محمد بن أيوب قال: حدثنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا أبو خلدة قال:
سمعت أبا العالية يقول: إن خير الصدقة أن تعطى بيمينك وتخفيها من شمالك.
(108 - و).
قال: وسمعت أبا العالية يقول: زارني عبد الكريم أبو أمية وعليه ثياب صوف، فقلت: هذا زي الرهبان إن المسلمين إذا تزاوروا تجملوا.
وقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: حدثنا أبو بكر بن النعمان قال:
حدثنا محمد بن سعيد بن سابق قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: اعمل بالطاعة وأحب عليها من عمل بها، واجتنب المعصية وعاد عليها من عمل بها فإن شاء الله عذب أهل معصيته وإن شاء غفر لهم.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سوار قال: حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي قال: حدثنا حفص بن غياث عن عاصم عن أبي العالية قال: ما أدري أي النعمتين أفضل أن هداني للاسلام، أو عافاني من هذه الأهواء.
وقال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال حدثنا أحمد بن علي الخزاعي قال حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت أن أبا العالية قال: إني لأرجو أن لا يهلك عبد بين نعمتين، نعمة يحمد الله عليها، وذنب يستغفر الله منه.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا الجوهري قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو خلدة عن أبي العالية قال:
ما مسست ذكري بيميني منذ ستين سنة أو سبعين سنة.
وقال: حدثنا أبي قال: حدثنا إبراهيم (108 - ظ) بن محمد بن الحسن قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثني نعيم عن عاصم قال: كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام.
وقال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا قتيبة
ابن سعيد قال: حدثنا جرير عن مغيرة قال: أول من أذن وراء النهر
(1)
أبو العالية الرياحي.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن التيمي عن رجل عن أبي العالية:
أنه كان إذا أراد أن يختم القرآن من آخر النهار أخره إلى أن يمسي، واذا أراد أن يختمه من آخر الليل أخره الى أن يصبح
(2)
.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن
(3)
قال أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال الارتاحي:
إجازة. قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن قالا: حدثنا أبو محمد الحسن ابن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا اسماعيل بن اسحاق قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا المحاربي وأبو خالد عن داوود قال:
سألت أبا العالية «فول وجهك شطر المسجد
(4)
الحرام» قال الشطر النصف وهي بلغة تغلب، ولكنه فول وجهك تلقاء المسجد الحرام
(5)
. (109 - و).
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال:
أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن اسحاق الموصلي قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن المثنى قال: حدثنا جعفر بن عون قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: «فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين
(6)
» قال: الجن عالم، والأنس عالم وسوى ذلك ثمانية عشر
(1)
-بلاد ما وراء نهر جيحون.
(2)
-أبو نعيم-المصدر نفسه.
(3)
-كذا بالاصل كرر «علي بن الحسن» بدون انتباه.
(4)
- سورة البقرة-الآية:144.
(5)
-لم ترد هذه الرواية في ترجمة أبي العالية في تاريخ دمشق لابن عساكر.
(6)
- سورة الجاثية-الآية:36.
ألف عالم من الملائكة على الارض، والأرض لها أربعة زوايا، كل زاوية أربعة آلاف عالم وخمسمائة عالم خلقهم الله لعبادته.
وقال أبو نعيم حدثنا محمد بن علي وجماعة قالوا: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا علي بن الجعد قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس، ح.
قال: وأخبرنا محمد بن أحمد بن ابراهيم في كتابه قال: حدثنا محمد بن أيوب قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي قال: حدثنا أبي عن أبيه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله ولا تشتروا: «بآيات الله ثمنا قليلا»
(1)
قال:
لا تأخذ على ما علمت أجرا، فإنما أجر العلماء والحكماء والحلماء على الله عز وجل وهم يجدونه مكتوبا عندهم في النوراة: يا بن آدم علم مجانا كما علمت مجانا.
قال: لفظ محمد بن أيوب.
ولفظ علي بن الجعد قال: مكتوب في الكتاب الأول: ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا
(2)
.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: (109 - ظ) أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا روح بن عبادة عن هشام بن أبي عبد الله عن جعفر بن ميمون عن أبي العالية قال: سيأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن وتبلى كما تبلى ثيابهم ثم لا يجدون له حلاوة ولا لذاذة، إن قصروا عما أمروا به قالوا: إن الله غفور رحيم لنا، وإن عملوا ما نهوا عنه قالوا: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك، أمرهم كله طمع ليس معه خوف، لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، أفضلهم في أنفسهم المداهن
(3)
.
(1)
-سورة البقرة-الآية:199.
(2)
-أبو نعيم-المصدر نفسه.
(3)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 137 و.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن ليث عن عثمان عن أبي العالية قال:
قال لي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: لا تعمل لغير الله فيكلك الله إلى من عملت له.
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي قال: حدثنا علي بن مسلم قال: حدثنا روح قال: حدثنا أبو خلدة قال: كان أبو العالية إذا دخل عليه أصحابه يرحب بهم ثم يقرأ (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة)
(1)
الآية.
وقال: حدثنا عبد الله بن (110 - و) محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله ابن سعيد بن الوليد قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال: حدثنا محمد ابن مصعب عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: إن الله تعالى قضى على نفسه أنه من آمن به هداة وتصديق ذلك في كتاب الله (ومن يؤمن بالله يهد قلبه)
(2)
ومن توكل على الله كفاه وتصديق ذلك من كتاب الله (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)
(3)
ومن أقرضه جازاه وتصديق ذلك في كتاب الله (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له)
(4)
ومن استجاره من عذابه أجاره وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل (واعتصموا بحبل الله جميعا)
(5)
والاعتصام الثقة بالله، ومن دعاه أجابه وتصديق ذلك في كتاب الله (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني)
(6)
.
وقال: حدثنا ابراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الربيع بن زيد عن سيار عن أبي المنهال قال: رأيت أبا
(1)
- سورة الأنعام-الآية:54.
(2)
- سورة التغابن-الآية:11.
(3)
- سورة الطلاق-الآية:3.
(4)
- سورة البقرة-الآية:245.
(5)
- سورة آل عمران-الآية:3.
(6)
- سورة البقرة-الآية:186.
العالية يتوضا فقلت: {(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)}
(1)
قال: ليس المتطهرين من الماء ولكن المتطهرين من الذنوب
(2)
. (111 - ظ).
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال:
أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: قال أحمد بن منيع: حدثنا أبو قطن قال: حدثنا أبو خلدة عن أبي العالية أنه مات في شوال يوم الاثنين سنة ثلاث وتسعين
(3)
. (111 - و).
رمضان بن صاعد بن أحمد بن علي:
أبو الفضل بن أبي الفتح بن أبي الفضل الضرير القرشي الآمدي، ويلقب بالضياء، شاعر محسن عالم بالطب والعربية واللغة والحساب والمنطق، قدم حلب مرارا ممتدحا لملوك بني أيوب، وكان مولده بماردين، روى شيئا من شعر أبيه عنه.
روى عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى وخرج عنه أبياتا من شعره في معجم شيوخه، وروى عنه أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني الكاتب، وذكره في كتاب «السيل والذيل» الذي ذيل به كتاب الخريدة، ومما وقع إليّ من شعره المختار:
لولا اعتراض الهوى كرها لما وقذا
(4)
…
ومنه في الطرف دمع طارف وقذا
يا للرجال ألذّ الحبّ أقتله إذا
…
ومن عجب أن يستلدّ أذا
فيا عذولي كفّا إن أمر كما
…
للعاشقين بما لا يستطاع بذا
وانما الحبّ داء لا دواء له
…
يعطى الجنون متى عقل الفتى أخذا
وأسعد الناس جدا من تجنبه
…
ومن علائقه عن قلبه نبذا
قرأت في معجم أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى
(5)
الحافظ،
(1)
- سورة البقرة-الآية:222.
(2)
-أبو نعيم-المصدر نفسه.
(3)
-التاريخ الصغير للامام البخاري:1/ 259.
(4)
-وقذه صرعه، وسكنه، وغلبه وتركه عليلا.
(5)
-لم أستطع الوقوف عليه.
وشاهدته بخطه، وأجازه لنا ولده أبو الغنائم سالم عنه، قال: رمضان بن أبي أبي المعالي صاعد بن أبي الفضل الديار بكري الأديب: أنشدنا الشيخ الفاضل أبو الفضل لنفسه من مرثية:
قلوب الورى من خيفة البين تخفق
…
وآمالهم أن يحيوا الدهر تخفق
(111 - ظ)
وان اغترار المرء بالعيش بعدما
…
تيقّن أن الموت لاقيه موبق
وما العمر إلاّ ساعة ثم تنقضي
…
فكل جديد بالجديدين يخلق
وعيش الفتى كالطريف يطرف مرة
…
ومرآه في دنياه كالطيف يطرف
وشيمة هذا الدهر اشمات حاسد
…
وتشتيت ملموم ونأي ممزق
أجل كل حي ما خلا الله حائن
…
له أجل عاداته ليس تخرق
وكل أليف سوف يحزن فقده
…
وكل اجتماع يعتريه التفرق
قال ابن صصرى: والقصيدة أطول من هذا أنشدناها بتمامها.
قرأت بخط عماد الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الاصبهاني في كتاب «سيل الجريدة وذيل الخريدة» . وأخبرنا به اجازة عنه أبو الحسن محمد بن أبي جعفر القرطبي وغيره قال: رمضان بن صاعد بن أحمد القرشي، ذكر أن مولده بماردين، وينعت بضياء الدين الضرير، الآمدي الدار والمنشأ، شاب من أهل الادب مكفوف البصر، كافي البصيرة عديم النظير والنظر، ان غاض قليب
(1)
عينه فقد فاضت عين قلبه، أو كبا طرف طرفه، فقد جرى قارح قريحته بطرائف تفوق في الافق لمائع شهبه.
وفد الى دمشق في آخر ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين وحضرت انشاده قصيدتين للملك الناصر في دفعتين، وأثبتّ منها ما فيه روح وروح، وضوعت عرصة كتابي الفيحاء من عطره مما له فوح، فالقصيدة الاولى من نظمه قصد بها (112 - و) أسلوب أبي نواس في كلمته:
(1)
-القليب: البئر.
أجارة بيتينا أبوك غيور
(1)
.
وما تعرّض لمعارضة الفحول إلاّ من عرّض نفسه لمحاولة الوحول، وعارض السمن بالنحول، والمخصب بالمحول
(2)
، ومطلعها:
تذكر نجدا والمحب ذكور
…
فللشوق في الاحشاء منه زفير
غريم غرام منجد القلب متهم
…
عزيز الهوى فالدمع منه غزير
اذا ما رجا برد الصبابة بالصبا
…
تضرم منها في الفؤاد سعير
كئيب كأنّ العشق يعشق
…
قلبه فلا هجر إلاّ أن يكون نشور
أبى سمعه لوم اللوائم في الهوى
…
فما يضمر السلوان منه ضمير
ومنها:
وقائلة والعيس ترحل للسرى
…
أما دون مصر للرجاء مصير
فقلت لها والعين يسبق دمعها
…
مقالي اني بالرحيل جدير
الى ملك لم ينتج الدهر مثله
…
وتعقم من بعد الدهور دهور
أغير صلاح الدين في الارض يرتجى
…
جواد وهل يغني غناه أمير
الى الناصر الملك المكارم تعتزى
…
فتى ماله في الاكرمين نظير
فتى ماله للمعتفين وماله
…
به غير ذكر في البلاد يسير
ومنها ويذكر البلاد التي في طريقه:
اليك قطعنا كل أرض كأنها
…
صحائف تطوى والركاب سطور
أخذه من قول ابن صرّدرّ
(3)
.
صحائف ملقاة ونحن سطورها (112 - ظ)
(1)
-ديوان أبي نواس-ط. دار صادر بيروت:327.
(2)
-يقال أرض محل، ومحله، ومحول، وممحلة اذا لحقها الجدب وانقطاع المطر-القاموس.
(3)
-هو علي بن الحسن بن علي البغدادي، شاعر مجيد، توفى سنة 465 هـ / 1073 م. الاعلام للزركلي.
على ضمّر قود كأن رؤوسها
…
علوا على هام الرجال قصور
رحلن بنا من ماردين وقد بدا
…
من الصبح مثل الوجه منك منير
فما واجهتنا الشمس حتى أحلنا
…
سميساط من شط الفرات عبور
ولما أتت رعبان أفرخ رعبنا
…
وهنّ بنا عن تل باشر زور
إلى حلب أو رثت كرسي ملكها
…
وقد أصبحت شوقا إليك تمور
فلم نسقها نشجا
(1)
…
إلى أن رعت حمى
حماة ونيران الشهاب تنير
يعني شهاب الدين الحارمي
(2)
.
فأصبحن بالعاصي يردن زلاله
…
وأمسين في حمص لهن نفور
تيممن بالركبان جنة جلق
…
ونحن إلى الملك المعظم صور
إليك صلاح الدين سارت ركائبي
…
ولولاك لم يعل الركائب كور
فدونك بنت الفكر عذراء دونها
…
أجارة بيتينا أبوك غيور
وان ابن هانئ دون ناظم درها
…
بصير بنظم الدر وهو ضرير
قال: ومطلع القصيدة الأخرى من نظمه:
أهدت إلى الصب أنفاس الصبا وصبا
…
فحن شوقا إلى عصر الصبا وصبا
وعاده في نسيم الريح رائحة
…
للغور رائحة هاجت له طربا
فغاض من صبره ما فاض تسلية
…
وفاض من دمعه ما غاض وانسكبا
وكاد يقضي لذكر الجزع من جزع
…
أيام لم يقض من أحبابه أربا
إذ شام برقا ذكا بالشام حين خبا
…
أبدى من الوجد ما كان الضمير خبا
(113 - و)
وفي كثيب الحمى لو أنه كثب
…
لعاشق شعب شمل بات منشعبا
سقى الحيا عهد ذاك الحي إن له
…
عندي عهود هوى لم أنسها حقبا
سقى الحيا عهد ذاك الحي إن له
…
عندي عهود هوى لم أنسها حقبا
أيام أشرب كاس الحب تثملني
…
عشقا ألثم من كاس اللها الحببا
(3)
(1)
-النشج مجرى الماء.
(2)
-خال صلاح الدين وواليه على حماة.
(3)
-الفقاقيع التي تطفو.
وأجتني ثمرات الوصل يا نعة
…
ولا أراقب إذا أحني على الرقبا
وللظبا بذاك الربع مرتبع
…
وللهوى من فنون اللهو ما طلبا
حيث البدور به تلقاك بادرة
…
إليك ساحبة من خمرها سحبا
من كل بيضاء كالبيضاء تشرق أو
…
سمراء كالصعدة السمراء منتصبا
هيف القدود لها يهفو الحليم إذا
…
أبدت نقائب يخفي نورها النقبا
ومنها في المخلص:
فدع هوى دعد المهوي فلست ترى
…
منه نصيبك إلاّ الذل والنصبا
وحاول الشرف الأعلى فشر فتى
…
راض بدون علاء نيله صعبا
إن العلى في العوالى السمر مشرعة
…
والعزفي البيض تفري البيض واليلبا
(1)
صيرن للنصر أسبابا وصير للأ
…
رزاق كف المليك الناصر السببا
لا ملك في الأرض إلاّ ملك مصرولا
…
سلطان إلاّ صلاح الدين منتدبا
الناصر الحق لما قل ناصره
…
والضابط الأمر لما ماج واضطربا
هو الذي ظهرت بالعدل آيته
…
فاختاره الله للاسلام وانتخبا
ذو الزهد في الذهب المرغوب فيه وفي
…
غير الذي يرتضي الرحمن مارغبا
(113 - ظ)
إذهابه لاقتناء المجد شيمته
…
لا يقتني المجد من لا يذهب الذهبا
ومنها:
ملك يرى أن جمع المال يفقره
…
وأن تفريقه يغنيه لا النشبا
كأن سائله يوم العطاء وقد
…
أغناه واهبه المال الذي وهبا
محض الضريبة ميمون النقيبة منص
…
ور الكتيبة يرضي الله إن غضبا
ماضي العزيمة فرّاج العظيمة وها
…
ب الغنيمة جودا يفضح الشهبا
صافي السريرة مصقول البصي
…
رة ممدوح العشيرة بادي الفخر إن نسبا
يا مخجل البدر حسنا والحيا كرما
…
والطود حلما وليث الغاب إن قطبا
(1)
-الترسة أو الدروع من الجلود، أو جلود يخرز بعضها الى بعض تلبس على الرءوس. القاموس.
مذغبت زلزلت الأمصار واضطربت
…
خلفا وقد ملئت أقطارها رعبا
فمذ قدمت ملأت الأرض من كرم
…
وهيبة كشفا عن أهلها الكربا
كم حملة لك في أهل الصّليب بها
…
صارت رماحك فيهم تشبه الصلبا
(1)
لن يكمل الملك أو تجتث دابرهم
…
وباذن الله أن تستأنف الغلبا
وتفتح المسجد الأقصى بمعشرك الأد
…
نى ونصر وفتح منه قد قربا
فاجعل مفاتيحه البيض الصوارم
…
والزرق اللهاذم والخطية السلبا
وناجه بمجانيق مخاطبة
…
تتلو على سوره من فتحه خطبا
لا تعز من بغير السيف خطبته
…
فالملك بالسيف والدنيا لمن غلبا
فجرد البيض واجعل أهله جزرا
…
وأوقد النار واجعلهم لها حطبا
(114 - و)
واسمع غريب مديح غير منتحل
…
من معرب غير معدود من الغربا
صفات مجدك لا تفنى فإن تك قد
…
أعيت على خاطري حصرا فلا عجبا
قال العماد الكاتب: وذكر والده أبا المعالي صاعد بن علي الكاتب: أنشدني رمضان-ولده-قال: كتب إليّ وأنا بحلب:
يا أيها الولد المهذب دعوة
…
من والد أودت به أشواقه
أفديك من ولد لنا متطلب
…
عقّا
(2)
وامرض والديه فراقه
قال: فكتبت اليه في جوابه:
أفدي الذي أهدى إليّ كتابه
…
موصوفة في ضمنه أشواقه
فكأن بهجة خطه صفحاته
…
وكأن رقة لفظه أخلاقه
وكأنني لما فضضت لطيمتي
…
نظم ونثر شابها إشفاقه
يعقوب حين أتته حلّة يوسف
…
أو كالسليم أبله ترياقه
قرأت في بعض تعاليقي من الفوائد أن رضوان بن صاعد قيل إنه توفي سنة إحدى وستمائة بآمد.
(1)
-الصلبا هنا الشديد الصلب. القاموس.
(2)
-علو او ارتفاع أمر. القاموس.
رؤية بن العجاج:
واسم العجاج عبد الله-بن رؤبة بن صخر بن كنيف بن عميرة بن حيّي بن ربيعة بن سعد بن مالك بن زيد مناة بن تميم أبو الجحاف وقيل أبو العجاج-بن أبي الشعثاء التميمي الراجز بن الراجز، وكان رؤبة من أعراب البصرة من المخضرمين وكان بليغا فصيحا، سمع أبا هريرة رضي الله عنه (114 - ظ) وأباه العجاج ودغفل ابن حنظلة النساب البكري.
روى عنه ابنه عبد الله والنضر بن شميل، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو زيد الانصاري، وأبو عمرو بن العلاء، وأبو زيد الانصاري، وعثمان بن الهيثم، وخلف الاحمر، ويونس بن حبيب، والعلاء بن أسلم بن أخي العلاء بن زياد، والكميت بن زيد، والطرماح بن حكيم، وأبو عبيدة الحداد، وأبو الضحاك العقيلي ويحيى بن سعيد القطان، وكان في عسكر سليمان بن عبد الملك في بعض غزواته الروم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام-فيما أذن لنا أن نرويه عنه، عن الحافظ أبي العلاء المحسن بن أحمد بن الحسن العطار-قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن اسحاق الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن رميس القصري قال: حدثنا يحيى بن محمد بن أعين المروزي قال: حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى قال: حدثنا رؤبه بن العجاج أن أباه لقي أبا هريرة-قال أبو عبيدة: وأظنه كان شهد لذلك، يعني رؤبة أنه كان شهدهما-فقال له: هل ترى بهذا بأسا:
طاف الخيالان فهاجا سقما
…
خيال تكنى وخيال تكتما
قامت تريك رهبة أن تصرما
…
ساق بخنداة وكعبا أدرما
(1)
(1)
-بخنداة وخنداة ضخمة، وأدرم لا حجم. انظر ديوان العجاج بشرح الاصمعي-ط. دار الشروق:261.
فقال أبو هريرة: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحدى بمثل هذا.
هكذا رواه يحيى بن أعين عن أبي عبيدة.
وقد رواه أبو حاتم (115 - و) السجستاني، ومحمد بن سلاّم الجمحي عن أبي عبيدة معمر بن المثنى عن رؤبه عن أبيه عن أبي هريرة، ولم يذكر أبو عبيدة في هاتين الروايتين أن رؤبة شهد أبا هريرة.
فأما رواية أبي حاتم السجستاني عن أبي عبيدة فأخبرنا بها أبو الفضل ذاكر بن اسحاق بن المؤيد الهمذاني قراءة عليه وأنا أسمع بالقاهرة المعزية قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج بن مكي الهمذاني بأبرقوه
(1)
، قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيّع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن أبو بكر الشيرازي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن اسحاق النيسابوري قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن المسيب بن اسحاق قال: حدثنا أبو حاتم المقرئ سهل ابن محمد قال: حدثنا ابن المثنى أبو عبيدة وهو معمر قال: حدثني رؤبة بن العجاج عن أبيه قال: أنشدت أبا هريرة:
طاف الخيالان فهاجا سقما
…
خيال تكنى وخيال تكتما
باتا يجوسان
(2)
…
أناسا نوّما
ساقا بخنداة وكعبا أدرما
قال: فقال أبو هريرة: كنا ننشد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا ولا ينكر علينا.
وأخبرناه عاليا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة ابن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ (115 - ظ) قال: حدثنا ابن صاعد وابن حماد قالا: حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد بن محمد
(1)
-بلد مشهور بأرض من كورة اصطخر قرب يزد. معجم البلدان.
(2)
-يجوسان: يتخللان ويتخطيان الرفاق. ديوان العجاج:259.
السجستاني قال: حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى قال: حدثنا رؤبة بن العجاج عن أبيه قال: أنشدت أبا هريرة:
طاف الخيالان فهاجا سقما
…
خيال تكنى وخيال تكتما
قامت تريك رهبة أن تصرما
…
ساقا خفنداة وكعبا أدرما
فقال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينشد بين يديه مثل هذا فلا ينكره
(1)
.
وأما رواية محمد بن سلام الجمحي عن أبي عبيدة فأخبرنا بها الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي-قراءة عليه وأنا أسمع-قال: أخبرنا تاج الاسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن كامل بن ديسم بن مجاهد المقدسي الامين-بقراءتي عليه بدمشق-قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن اسحاق الحافظ بأصبهان قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال:
حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى قال: حدثني رؤبة بن العجاج عن أبيه قال: أنشدت أبا هريرة رضي الله عنه:
طافا الخيالان فهاجا سقما
…
خيال تكنى وخيال تكتما
قامت تريك خشية أن تصرما
…
ساقا بخنداة وكعبا أدرما
(116 - و)
فقال-يعني-أبا هريرة: كنا ننشد مثل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يعاب علينا.
وتابع عثمان بن الهيثم أبا عبيدة فرواه عن رؤبة عن أبيه عن أبي هريرة مثله.
(2)
(1)
-الكامل لابن عدي:3/ 1040 - 1042.
(2)
-لم ترد هذه الرواية في المعجم الصغير للطبراني.
أخبرناه أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا السمعاني-اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو سعد ظفر بن علي بن حمد بن العباس الهمذاني بها، قال: أخبرنا فيد بن عبد الرحمن بن شاذي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن شعيب بن علي قال:
أخبرنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي الرازي قال: حدثنا أبو عبد الله بن مخلد قال: حدثنا أبو بكر حفص بن عمر بن يزيد الحبطي قال: حدثنا عثمان بن الهيثم قال: حدثنا رؤبة بن العجاج قال: حدثني أبي قال: دخلت مسجد الحديقة فإذا أبو هريرة عليه قيام من الناس فقلت هكذا أفرجوا عن وجهه، قلت: أصلحك الله اني أقول مثل هذا «طاف الخيالان» وذكر مثله.
وقد تابعهما يونس بن حبيب فرواه رؤبة عن أبيه عن أبي هريرة إلاّ أنه خالفهما في أن حاديا حدا بهذا الشعر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا بذلك عبد البر بن أبي العلاء في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا الاسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن علي بن ابراهيم بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب الموصلي قال: حدثنا عمر بن شبّة أبو زيد قال: حدثني أبو حرب البناني-رجل من حمير من آل حجاج بن باب-قال: حدثنا يونس بن حبيب عن رؤبة بن العجاج عن أبيه أبي الشعثاء عن أبي هريرة قال: كنا مع رسول الله صلى (116 - ظ) الله عليه وسلم في سفر وحاد يحدو:
طاف الخيالان فهاجا سقما
…
خيال تكنى وخيال تكتما
قامت تريك خشية أن تصرما
…
ساقا بخنداة وكعبا أدرما
والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينكر ذلك.
قال ابن عدي: قال أبو زيد: وهذا خطأ لان الشعر للعجاج، والعجاج انما قال الشعر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بدهر طويل، إلاّ أن أبا عبيدة قال:
قد قال: العجاج من رجزه في الجاهلية.
وقال ابن عدي: حدثنا ابن حماد قال: حدثني صالح بن أحمد، قال: حدثني
علي قال: قال يحيى بن سعيد: دع رؤبة بن العجاج، قلت: كيف كان؟ قال: أما انه لم يكذب، انما أراد به روايته عن أبيه قال: أنشدت أبا هريرة:
طاف الخيالان فهاجا سقما ..
لأنه لا يرويه عن رؤبة إلاّ أبو عبيدة معمر بن المثنى تفرد بهذا الحديث ولا يعرف هذا من غير رؤبة
(1)
.
وقد بينا رواية عثمان بن الهيثم ويونس بن حبيب لهذا عن رؤبة، والعجب من ابن عدي أن يقول ذلك، ثم يورد حديث يونس بعده.
أنبأنا عبد البر قال: أخبرنا البرمكي قال: أخبرنا الاسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا ابن عدي قال: حدثنا يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم بن يزيد قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثنا محمد بن اسحاق السهمي قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد قال: حدثنا رؤبة بن العجاج عن أبيه عن أبي هريرة قال: السواك بعد الطعام يذهب وضر الأسنان
(2)
.
قال ابن عدي: كذا قال في الاسناد أبو عبيدة الحداد. وعندي أنه معمر بن المثنى (117 - و) كما روى حديث «طاف الخيالان» أبو عبيدة معمر، وأبو عبيدة الحداد اسمه: عبد الواحد بن واصل.
قال ابن عدي: ولا يعلم لرؤبة مسندا إلاّ ما ذكرت، والذي أشار يحيى القطان فقال: أما إنه لم يكذب، يعني، في هذا الحديث، واذا لم يكن له إلاّ حديث واحد والحديث محتمل فيما كان يحدى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر، لم يكن بروايته بأس.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن، ح.
(1)
-ابن عدي-المصدر نفسه.
(2)
-انظر كنز العمال:9/ 26156 - 26264. والوضر: وسخ الدسم واللبن وما تشمه من ريح تجدها من طعام فاسد. القاموس. وانظر أيضا الكامل لابن عدي: 3/ 1042.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن اسحاق الحربي قال: حدثنا الرياشي قال: الاصمعي: أن أعرابيا لقي رؤبة بن العجاج فقال: ما اسمك؟ قال: رؤبة مهموزة، فقال له الأعرابي: والله لولا أنك همزت نفسك لبخستك.
قال الحربي: وسمعت الرياشي يقول: الروبة غير مهموزة: الناسب.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري إجازة عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني أبو الحسين العباس بن العباس الجوهري قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق قال: حدثني يحيى بن محمد بن أعين المرزوي (117 - ظ) قال: حدثنا أبو عبيدة قال: شهدت شبيل بن عزرة الضبعي أتى أبا عمرو بن العلاء وعنده يونس، فقال: إني سألت رؤبة عن اسمه فلم يدر من أين أخذ، فغضب يونس وقال: والله إني لأظنه أعلم بذلك من معد بن عدنان، فأنا أخبرك فيه بسبع لغات: أولهن مهموزة وهي من رأبت من القطعة التي يرأب بها القدح، والبقية غير مهموزة فمنهن روبة خميرة اللبن وروبة من النوم قال الشاعر:
فألفاهم القوم روبى نياما.
وأعطني روبة فرسك وهو جمامه
(1)
، فإنه كان يضربه قبل ذلك، وتقول: بقيت علينا روبة من الليل، وفلان لا يقوم بروبته، أي بما هو فيه، كل ذلك غير مهموز الأول، قال: فغضب شبيل وقام فقال أبو عمرو ليونس: ما أردت إليه؟.
قال المرزباني: وأخبرني عبد الله بن يحيى العسكري عن أبي اسحاق الطلحي قال: أخبرنا أبو سهيل عبد الله بن ياسين قال: أخبرنا أبو عبيدة أن شبيل بن عزره أتى أبا عمرو بن العلاء وهو جالس في داره، وعنده يونس فقال: سألت رؤبتكم هذا عن اسمه فلم يدر ما معناه، فقال له يونس: أأنت سألت رؤبة عن اسمه فلم يدر
(1)
-روبة الفرس ماء جمامه، والجمام: ماء الفحل. اللسان.
ما هو، والله ما كان معد بن عدنان بأفصح من رؤبة، وإني لست كرؤبة، أفتدري ما رؤبة وروبة حتى عد سبعا، فقام شبيل فانصرف، فقلنا: يا أبا عبد الرحمن فسر لنا، قال: أما رؤبة مهموز فقطعة الخشب يرأب القدح إذا انصدع، قال: أعطني (118 - و) روبة أشعب بها قدحي، وبهذه سمي رؤبه بن العجاج، وكان إذا لم يهمز اسمه غضب، ويقال: مضت روبة من الليل-غير مهموز-وهي ساعات الليل ومنه قول بشر بن أبي خازم: «وأما تميم تميم بن مر» البيت.
ويقال: طرقني روبة فرسك-غير مهموز-وهي جمامه، وروبة اللبن-غير مهموز-خميرته التي تطرح فيه، ويقال: إن فلانا لا يقوم بروبته إذا لم يقم برباعته
(1)
ورئاسته، ويقال ما زال على روبة واحدة غير مهموز.
قال المرزباني: وحدثني عبد الله بن جعفر النحوي قال: روي عن يونس أنه قال: قلت لرؤبة: لم سماك أبوك رؤبة أروبة الليل، أم روبة الفرس، أم روبة القدح، أم روبة اللبن؟ قال: وهذا يدل على صحة قول شبيل بن عزرة في رؤبة.
قال: وقد حكي أن رؤبة قال لشبيل: والله ما أدري لأيها سماني فهذا الذي عناه شبيل في قوله: لم يدر ما اسمه.
وقال المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن العباس الرياشي عن أبيه عن الأصمعي قال: أقام رؤبة بالبصرة أربعين سنة لم يتغير لسانه، فلما ظهر ابراهيم
(2)
بالبصرة خرج الى البادية هربا من الفتنة وقد كان تأله فلم يلبث أن جاء نعيه، قال: وكان آدم ضخما أسلع ليس في رأسه شعر إلا حفاف، وليس في فمه إلا ناب واحد تقلقل، وكان أبو مسلم حمله على برذون أشهب، فلم يزل يهنؤه بالهناء حتى صار أدهم
(3)
.
أخبرنا أبو محمد (118 - ظ) عبد الوهاب بن ظافر بن علي المعروف بابن
(1)
-كان الرئيس والمقدم في الجاهلية يأخذ المرباع، أي ربع الغنائم.
(2)
-ثار ضد المنصور بعد أخية النفس الزكية. انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام:262 - 264.
(3)
-ليس لرؤبة ترجمة في معجم المرزباني المطبوع.
رواج قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو صادق المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال:
حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسوي قال: رؤبة بن العجاج ليس بالقوي.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير-اذنا-قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العطار-في كتابه-قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو الجحاف رؤبة بن العجاج بن رؤبه التميمي، واسم العجاج عبد الله، عن أبيه العجاج التميمي، حديثه في البصريين، ويقال: شهد رؤبه بن العجاج أبا هريرة مع أبيه العجاج، روى عنه أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان البصري، وأبو الحسن النضر بن شميل المازني، كناه لنا محمد بن سليمان.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب قال: أخبرنا أبو الفتح مسعود بن الحسن بن القاسم-إذنا-قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق -إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: رؤبة بن العجاج روى عن أبي هريرة، واسم العجاج عبد الله أبو الجحاف، روى عنه ابنه عبد الله بن رؤبه، ويحيى بن سعيد القطان، والنضر بن شميل ومعمر بن (119 - ظ) المثنى سمعت أبي يقول ذلك.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا صالح بن أحمد قال: حدثنا علي بن المديني قال:
قال لي يحيى القطان: دع رؤبه بن العجاج قلت: كيف كان؟ قال: أما إنه لم يكذب
(1)
.
أنبأنا أحمد بن الأزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني ابراهيم بن شهاب قال: حدثنا الفضل بن الحباب عن محمد بن سلام قال: رؤبة بن
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 521.
العجاج يكنى أبا الحجاف، وهو أول من قال في تقصير الاسم وتخفيف عدد النسب فقال:
قد رفع العجاج ذكرا فادعني
…
باسمي إذا الأنساب طالت يكفني
(119 - ظ)
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-إذنا-قال: أنبأنا أبو بكر محمد ابن عبد الباقي عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرني عبد الله بن يحيى العسكري قال: حدثني أحمد بن بشر عن المازني قال: حدثني الأصمعي عن خلف قال: سمعت رؤبة بن العجاج يقول: لقيني الكميت والطرماح فسألاني عن الغريب ثم سمعته في شعرهما.
أنبأنا عبد البر بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال:
أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا أحمد بن علي المدائني قال: حدثنا علي بن عمر بن خالد قال: حدثني يحيى أبو زكريا عن الأصفر قال: سمعت الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: مدح رؤبة بن العجاج رجلا كان واليا على كرمان من أشراف العرب بهذه الكلمة:
دعوت ربّ العزّة القدّوسا
دعاء من لا يقرع الناقوسا
حتى أرانا وجهك المرغوسا
(1)
قال: فإذا الكميت عن يمينه والطرماح عن يساره قال: فجعل أحدهما يقول لصاحبه: ويل أمك أفسح أفسح، قال: فلما فرغ جعلا يسألانه عن الغريب فجعل يخبرهما.
وقال أبو أحمد بن عدي: حدثني محمد بن سالم الكوفي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي قال: أخبرنا عمي عن أبي عمرو بن العلاء قال: لم أر
(1)
-الرغس: النعمه والخير والبركة. انظر ديوان رؤبة ط. برلين 68:1903
بدويا أقام بالحضر إلاّ أفسد لسانه غير رؤبة بن العجاج والفرزدق (120 - ظ) فانهما زادا على طول الاقامة حدّة وحدّة.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال:
أخبرنا عبيد الله المرزباني-إجازة-قال: وحدثني علي بن عبد الرحمن قال:
أخبرني يحيى بن علي بن يحيي عن أبيه قال: الاصمعي: كان كلام رؤبة يشبه بسيل في صخر، وكان كلام الحسن البصري يشبّه بكلام رؤبة.
وقال المرزباني: وأخبرني محمد بن العباس قال: حدثني أبو الحسن الأسدي قال: أخبرنا محمد بن صالح بن النطاح عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: ختم الشعر بذي الرمة
(1)
والرجز برؤبة فقيل له: إن رؤبة حيّ؟ قال:
هو حيّ كميت قد ذهب شعره كما ذهب مطعمه ومشربه ونكاحه. فقيل: فهؤلاء الآخرون الذي يقولون اليوم؟ قال: مرقعون ومهندمون إنما هم كلّ على غيرهم إن قالوا حسنا سبقوا إليه وإن قالوا سيئا فمن عندهم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي القاسم بن بندار عن أبي أحمد القارئ قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن يحيي الصولي-إجازة-قال: حدثنا محمد بن العباس الرياشي عن أبيه أن الأصمعي قال: كان يشبه لسان رؤبة بسيل في صخر، وأقام بالبصرة أربعين سنة لم يتغير لسانه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر الفرضي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال: اختلفوا في الثلاثة من الرجاز (121 - و) فقال بنو تميم: العجاج أولهم ثم حميد بن مالك الارقط، ثم رؤبة بن العجاج.
وقال المرزباني: حدثني علي بن عبد الرحمن قال: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه قال: ذكر عبد الله بن رؤبة أن العجاج قال لرؤبة: من أين جئت أرجز
(1)
-هو غيلان بن عقبة بن نهيس، شاعر من فحول الشعراء توفي سنة 117 هـ /735. الاعلام للزركلي.
مني لا أبا لك؟ قال: قد والله علمت ذاك يا أبتاه من أن أني أرجز من أبيك، قال:
أساب أنت أبي؟ قال: لا والله لا أسب أباك ولا أبوك للسب بأهل.
وقال المرزباني: أخبرني الحسين بن علي قال حدثنا احمد بن سعيد قال:
حدثنا الزبير بن بكار قال: قال أبو العباس-يعني-السفاح لرؤبة كيف باهك؟ قال: يمتدّ ولا يشتدّ، فإذا أكرهته ارتد.
قال: وحدثني علي بن عبد الرحمن قال: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه قال: حدثني النهشلي قال: قال عبد الله بن رؤبة: دخل أبي على سليمان بن علي فشكا الباءة قال: يمتدّ ولا يشتدّ وأطيل الظمأ ثم أورد فلا أروى.
قال علي بن يحيى: وقال أبو عبيدة: سمعت رؤبة يحدث يونس قال: سألني الأمير سليمان بن علي: ما بقي من باهك؟ فقلت يمتد ولا يشتد وإذا أكرهته ارتد.
قال: وحدثني أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثني يموت بن المزرع قال:
حدثنا عيسى بن اسماعيل قال: حدثنا الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: كان ذو الرمة الشاعر يذهب الى القدر، وكان رؤبة بن العجاج يذهب الى الاثبات والسنه، فاجتمعا في يوم من أيامهما عند بلال بن أبي بردة وهو والي (121 - ظ) البصره وعرف بلال الخلاف بينهما فحصهما على المناظرة، فقال رؤبة: والله ما تفحص طائر أفحصوصا ولا تقربص سبع قربوصا إلاّ كان ذلك بقضاء من الله وقدره، فقال ذو الرمة: والله ما أذن الله للذئب أن يأخذ حلوبة غالة غلائل ضرا بك، فقال له: رؤبة أفبمشيئته أخذها أم بمشيئة الله؟ فقال ذو الرمة بل بمشيئته وإرادته، فقال رؤبة:
هذا والله الكذب على الذئب، فقال ذو الرمة: الكذب على الذئب خير من الكذب على ربّ الذئب.
وقال المرزباني: حدثنا أبو عبد الله ابراهيم بن محمد بن عرفة النحوي قال: من كلام رؤبة: من ساء خلقه عذب نفسه، ومن كثرت فكرته سقم جسمه، ومن لاحى الرجال سقطت مروءته وذهب كرمه.
وقال: حدثني أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثني محمد بن عبد: كان الصيمري باسناد له قال: قيل لرؤبة-وكان أفصح العرب: ما للبلاغة؟ قال لمحة دالة.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني-قراءة عليه وأنا اسمع- قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر-قراءة علينا من لفظه-قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا يوسف بن عبد الله قال: حدثنا مسلم (123 - و) قال: قيل لذي الرمة: مالك خصصت فلانا بمدحك؟ قال: لأنه وطأ مضجعي، وأكرم مجلسي، فحق عليّ أن يستولي على شكري.
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال:
أخبرنا أبو عبد الله المرزباني-إجازة-قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال:
أخبرنا خلف بن أحمد، أبو معاذ الضرير عن دماذ عن أبي عبيدة عن يونس قال: كان رؤبة بن العجاج يرعى إبل أبيه ويقوم عليها حتى صار كاملا وهو لا يرجز ولا يشعر، وتزوج العجاج امرأة شابة يقال لها عقرب، فولدت له أولادا وغلبت عليه فكان يقسم ابله على أولاده فيقول: الفلانة لفلان، والفلانه لفلان، فقيل ذلك لرؤبة فقال: ما العجاج بأحق بها مني لئن كان أفادها، إني لأقاتل عنها السنين وأتنجع بها الغيث وأفعل وأفعل، فقالت عقرب للعجاج: اسمع هذا وأنت حي فكيف بنا بعدك؟ فخرج إليه العجاج فزجره وصاح به وقال: اتبع إبلك ورجزه وقال:
لطال ما أجرى أبو الحجاف
في فرقة طويلة التجافي
لما رآني أرعشت أطرافي
استعجل الدهر وفيه كاف
يخترم الألف من الألاّف
سرهفته ما شئت من سرهاف
(1)
(1)
-أي أحسنت غذاءه.
حتى إذا ما آض ذا أعراف
(1)
كالكودن
(2)
المشدود بالاكاف
قال الذي عندك لي صوافي
(3)
من غير لا عصف ولا اصطراف
(4)
ليس كذاك ولد الأشراف
(5)
(122 - ظ)
فخرج رؤبة يجر رجليه فقال للرعاء: موعدكم مكان كذا وكذا، ورمى بنفسه وبات يهمهم ليلته فلما كان بأعلى سحرين جاء إلى أشياخ من قومه فقال: قد كان هذا الشيخ ما قد علمتم، وأنتم وإن لم تكونوا شعراء فقد تروون الشعر وتعرفونه، وقد جاش صدري بشيء، لو كان شعرا فعندي منه بحر لا يغضغض
(6)
وإلاّ يكن شعرا رجعت إلى إبلي فاصدقوني عن نفسي فقالوا: هات فأنشدهم:
إن أنت لم تنصف أبا الجحاف
وكان يرضى منك بالانصاف
وهو عليك دائم التعطاف
(7)
فمرّ في أرجوزة فقالوا: والله لقد أخذت غربه
(8)
وسلكت منهجه ووردت بحره، ولأنت أشعر منه، قال: فو الله لا أتبع ذنب بعير أبدا، وسمع العجاج بانشاده فخرج إليه فقال: ألعبت بك جن بوى الليلة، يعني مرعى لهم فليتك تقول
(1)
-أي حتى اذا صار كالبرذون.
(2)
-الكودن: البرذون الهجين.
(3)
-أي خوالص دون ولدك.
(4)
-العصف: الكسب، والاصطراف: التقلب بالامور.
(5)
-ديوان العجاج:102 - 113 مع فوارق والشرح منه.
(6)
-غضغض: نقص. القاموس.
(7)
-ديوانه:99.
(8)
-الغرب: المنحى. القاموس.
شعرا، ولكنك أو غد من ذاك فأنشده، فقال: اشهدوا أنّ أمر عقرب بيده، فقال:
اشهدوا أنها طالق سبعين.
قال: وأخبرني عبد الله بن يحيى العسكري قال: حدثنا أحمد بن محمد الأسدي قال: حدثنا أبو حاتم السجستاني قال: حدثنا أبو عبيدة قال: حدثنا عبد الله بن رؤبة قال: أول ما هاجني على قول الشعر أنّ أمي ماتت فخلفت لي قلائص أربع فجئت فدخلت حجر نباذة رويه
(1)
فدخلت بيتها فجلست (123 - و) فيه قال: وجعل أبي يطلبني حتى دل عليّ، فدخل وقد أحتزم لي بعقال فكتفني، ومضى بي فأدخلني بيتا له، وأغلق عليّ الباب وجعل يصلح قتبا له وهو يقول:
سر هفته ما شئت من سرهاف
حتى إذا ما آض ذا اعراف
كالكودن المشدود بالاكاف
يقول ما خلفته صواف
ليس كذاك ولد الأشراف
فأخرجت رأسي من خلف الباب وقلت:
إنك لم تنصف أبا الحجاف
وكان يرضى منك بالانصاف
تالله لو كنت مع الألاّف
يغدى عليّ بنبيذ صاف
قال: فوثب بالقتب فضرب به رأسي فشجه، ثم أدركته رقة الآباء فاشترى لي لحما وشواء، وأطعمني وقال لي: يا بني إنّ مالي لا يقوى على سرفك فهل لك في أن تخرج فتمتدح هؤلاء الملوك وعليك صدور القوافي، وعليّ أعجازها أو عليك أعجازها وعليّ صدورها؟ قال: فقلت: استخر الله فأنشأ في قصيدته:
كم قد رحلنا من علاة عنس
(2)
(1)
-أي ساقية نبيذ.
(2)
-ديوان العجاج وفيه «كم قد حسرنا» والعلاة: الناقة الجسيمة المشرفة، والعنس الشديدة الصلبة.
فاشتركنا فيها ومدح بها سليمان بن عبد الملك، فأمر له بعشرة آلاف فقلت:
النصف والنصف يا أبة قال: تعدو عليّ وأنت بولي! قال: قلت: امدح أنت وحدك وأنا وحدي وفارقته.
قال: وحدثني أحمد بن إبراهيم البزاز وأحمد بن محمد الجوهري قالا: حدثنا العنزي قال: حدثنا قعنب (123 - ظ) بن المحرر أبو عمرو الباهلي قال: حدثنا أبو زيد الأنصاري عن رؤبة بن العجاج قال: أول رجز قلته أنى خرجت مع أبي نريد سليمان بن عبد الملك حين قام فجعل يهمهم يقول الرجز، فهمهمت ثم قلت: با أبة قد قلت رجزا، قال: هاته فأنشدته:
كم قد رحلنا من علاة عنس
كبداء
(1)
كالقوس وأخرى حلس
(2)
الى ابن مروان قريع الأنس
ولابن عباس قريع حبس
(3)
أكرم عرس جبلا وعرس
(4)
قال: حتى أتيت على آخرها فقال: أعد فأعدتها عليه فحفظها ثم قال: اخس لا يسمعن هذا منك أحد فنفتضح، قال: ثم قدمنا بيت المقدس وجلس سليمان بن عبد الملك للناس، وأذن لأبي وقدم على الشعراء فابتدأ في قصيدتي ينشدها سليمان وأردت أن أقوم فأقول الشعر لي، فكرهت أن أفضح أبي على رؤوس الناس فلما فرغ وأخذ الجائزة وخرجنا قلت: يا ابه المقاسمة قال: لا والله ولا فلس، أي بني أنت أشعر الناس اذهب فاطلب لنفسك، وأخرجني من عياله.
قال: وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد النحوي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد عن المدائني قال: قال رؤبة بن العجاج: اشتركت أنا وأبي في أرجوزه.
(1)
-كبداء: عظيمة الوسط، كالقوس: يريد انحنت.
(2)
-في ديوان العجاج: جلس (بالجيم المعجمة).
(3)
-في ديوان العجاج «وابنه عباس» .
(4)
-ديوان العجاج:472 - 487 مع فوراق كبيرة.
إلى ابن مروان قريع الأنس
بين أبي العاصي وآل عبس (124 - و)
فأنشدتها رجلا حتى انتهيت الى الكلام الآخر، قال: ليس هذا من الكلام الاول، وجعل يميز كلامي وكلام أبي.
قال المرزباني: وحكي أن رؤبة أنشد سليمان بن عبد الملك هذه الأرجوزة وعمر ابن عبد العزيز حاضر حتى بلغ إلى قوله:
خرجت من بين قمر وشمس
من بين مروان وبين عبس
يا خير نفس خرجت من نفس
(1)
فقال عمر: كذبت ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسكت سليمان فلم يرد عليه شيئا.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزى عن اسماعيل بن أحمد بن عمر قال:
أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور قال: حدثنا الحسين بن هارون الضبى-إملاء- قال: وجدت في كتاب والدي: حدثني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثني أبو مسلم قتيبة بن عمر الحنفي عن أبيه قال: كنت في دار بني عمير إذ أقبل رجل على حجر
(2)
دهماء معه عبد أسود، فوسع القوم له فسألت عنه فقالوا: هذا رؤبة، فقال لهم: أنشدكم شعرا قلت، ما قلت غيره ثم أنشد:
أيّها الشامت المعير بالشيب
…
أقلن بالشباب افتخارا
قد لبست الشباب غضا طريا
…
فوجدت الشباب ثوبا معارا
(3)
(124 - ظ)
(1)
-لم ترد هذه الأبيات في ديوان رؤبة المطبوع.
(2)
-أي فرس.
(3)
-لم يردا في ديوانه المطبوع.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر الفرضي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله المزرباني-إجازة-قال: حدثنا ابن دريد قال:
أخبرنا أبو مسلم قتيبة بن عمر الحنفي عن أبيه قال: كنت يوما في مجلس بني عمير باليمن، إذا أقبل أعرابي على حجر دهماء إلى جانبه عبد أسود قد حاذى رأسه، فتزحزح القوم وقالوا: أبو الجحاف، وإذا هو رؤبة بن العجاج فقال له بعض القوم:
يا أبا الجحاف هل قلت شعرا قط غير الرجز؟ قال: نعم ثم أنشدنا:
أيها الشامت المعير بالشيب
…
أقلن بالشباب افتخارا
قد لبست الشباب غضا جديدا
…
أقلن بالشباب افتخارا
قال المرزباني: كتب إليّ أحمد بن عبد العزيز: أخبرنا عمر بن شبه قال: حدثني الأصمعي، قال: حدثنا عبد الله بن سالم قال: أتاني رؤبة فجلس في قبة لي مجلسا لا يراه من يدخل، ودخل أبو نخيلة
(1)
فجلس خارجا، فقيل له: أنشدنا أبا نخيله:
فافتتح قصيدة لرؤبة فجعل ينشدها ورؤبه يئط
(2)
كأن السياط في ظهره فلما بلغ نصفها قال رؤبة: كيف أنت يا أبا نخيلة؟ فقال أبو نخيلة: وا سوأتاه ولا أشعر أنك ها هنا
(1)
-هو اسمه وكنيته أبو الجنيد، شاعر راجز، اتصل بالأمويين ثم بالعباسيين قتل سنة 145 هـ /762 م. الاعلام للزركلي.
(2)
-يصوت أنينا أو تعبا أو حننينا. القاموس.
ان هذا كبيرنا وشاعرنا الذي يعول عليه، فقال، رؤبة: إياك وإياه ما كنت بالعراق فإن أتيت الشام فخذ ما شئت.
وقال: حدثنا علي بن يحيى قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا البغوي قال: حدثنا (126 - و) أبو الحسن الأثرم قال: حدثني أبو عبيدة قال: قلت لرؤبة:
أي القرآن أفصح؟ قال: كل القرآن فصيح إلاّ أني لم أقف على آية أفصح من قوله عز وجل: «فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}
(1)
».
كتب إلينا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا عبد الله بن عدي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح بن شيخ بن عميرة قال: حدثنا الرياشي قال: قال عبد الله بن رؤبة: كانت لنا حاجة إلى بعض السلاطين فعسرت علينا فرشوت دراهم فسهلت الحاجة، فقال رؤبة بن العجاج:
لما رأيت الشفعاء بلدوا
وسألوا أميرهم فأنكدوا
أتيتهم برشوة فأقردوا
(2)
وسهل الله بها ما شددوا
ذكر أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب الشعراء قال: حدثني الرياشي عن محمد بن سلام عن يونس قال: أتيت رؤبة ومعي ابن نوح، وكنا نفلس ابنه عبد الله، أي نعطيه الفلوس، فيخرجه إلينا فقال ابن نوح: أصبحت كما قلت:
كالكزر
(3)
المربوط بين الأوتاد
ساقط عنه الريش قبل الايراد
(1)
- سورة الحجر-الآية:94.
(2)
-أي ذلوا وخضعوا: القاموس، ولم ترد هذه الأبيات في ديوان رؤبة المطبوع.
(3)
-الكرز: الفحل، القاموس، وانظر ديوان رؤبة:38.
فقال: ما زلت لك ماقتا فقال يونس: فقلت: بل أصبحت كما قال ابن أبي سلمى:
فأبقين مني وأبقى الطراد
…
بطنا خميصا وصلبا سمينا
(1)
فقال: سل عما شئت.
وقال ابن قتيبة: حدثني سهل قال: حدثني أبو عبيدة قال: دخلت على رؤبة وهو يملّ
(2)
جرذانا في النار، فقلنا له: أتأكلها؟ فقال: (126 - ظ) نعم إنها خير من دجاجكم، إنها تأكل البرّ والتمر
(3)
.
نقلت من خط أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي:
وزعم أبو زيد أنه دخل على رؤبة وإذا قدامه كانون وهو يملّ في حجره جرذانا من جرذان البيت يخرج الواحد بعد الواحد فيأكله ويقول: هذا أطيب من اليربوع هذا يأكل التمر والجبن ويحسو الزيت والسمن.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر الفرضي عن أبي محمد الجوهري قال:
أخبرنا محمد بن عمران المرزباني-إجازة-قال: وحدثني عبد الله بن جعفر قال:
حدثنا المبرد عن المازني قال: سمعت أبا زيد يقول: دخلت على رؤبة وهو يصيد الفأر ويشويهن ويأكلهن فقال لي: هلم يا أبا زيد، فقلت له: سبحان الله آكل الفار! فقال:
إنما هي يرابيع البيت.
قال المازني: وسمعت أبا زيد يقول: قلت لرؤبة: أتهمز الفارة فقال: الهرة تهمزها
(4)
.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن أحمد الكاتب قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال: قال رجل: دخلت على رؤبة بن العجاج فإذا معه قوس وهو ينبض بها ويرمي الفار بالشام، فقلت له: ما هذا؟ فقال آكلها، والله لهي أطيب من اليربوع وما تأكل إلاّ طيب الطعام.
(1)
-ليس في ديوان زهير المطبوع.
(2)
-أي يعالج بالنار. القاموس.
(3)
- الشعر والشعراء:376 - 377.
(4)
-الهمز: الضغط والدفع والضرب. القاموس. ولم يرد هذا الخبر في الكامل للمبرد.
وقال المرزباني: كتب إليّ أحمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا عمر بن شبه عن أبي عبيدة قال: مات رؤبة سنة خمس وأربعين ومائة.
قال: وحدثني علي بن عبد الرحمن قال: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه (127 - و) قال: ذكر أبو عبيده أن رؤبة مات سنة خمس وأربعين ومائة بعد مخرج ابراهيم بأيام
(1)
.
قال: وروى محمد بن عبد الله اليعقوبي عن أبيه عن جده يعقوب بن داوود قال:
لقيت الخليل بن أحمد يوما بالبصرة، فقال لي: يا أبا عبد الله دفنا الشعر اليوم، جئنا من جنازة رؤبة.
***
(1)
-خرج في أول ليلة من شهر رمضان. تاريخ خليفة:2/ 649.
ذكر من اسمه روح
روح بن ابراهيم:
أبو سعدة الأنصاري، حدّث بالمصيصة عن عبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي حديثا في معجم شيوخه، سمعه منه بالمصيصة.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري الدمشقي بها، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: حدثنا أبو الحسين بن جميع قال: حدثنا روح بن إبراهيم بالمصيصة قال: حدثنا عبد الله بن الحسين بن جابر قال: حدثنا الحسين بن محمد المروزي قال: حدثنا سليمان بن قرم عن الأعمش عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤدّى عني إلاّ أنا أو علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(1)
.
روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة:
أبو حاتم، وقيل أبو خلف الأزدي، كان خصيصا بالمنصور أثيرا عنده، وقدم معه حلب حين مرّ بها لزيارة البيت المقدس، وولاّه افريقية ثم ولاه المهدي البصرة ثم الكوفة (127 - ظ) وكان شجاعا كريما (128 - و).
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن ابن نظيف، ح.
(1)
-لم أجده بهذا اللفظ.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء-إجازة-قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو خيثمة قال:
سمعت أبي يقول: بعث روح بن حاتم إلى كاتب له بثلاثين ألف درهم، وكتب إليه.
قد بعثت بها إليك ولا أقللها تكثرا ولا أكثرها تمننا، ولا أطلب عليها ثناء، ولا أقطع بها عنك رجاء.
روح بن زنباع الجذامي
شهد صفين مع معاوية، وجعله أميرا على جذام فلسطين.
روح بن معمر
أبو وائل الملطي شاعر من أهل ملطية، مدح يحيى بن خالد البرمكي وكان خصيصا به.
قرأت في كتاب الوزراء والكتاب للجهشياري قال: وكان يحيى أحسن إلى روح ابن معمر الملطي، ويكنى أبا وائل حتى خص به فقال روح:
قرّ بني يحيى إلى نفسه
…
وليس لي منه مكان قريب
فقلت للنفس صلي شكره
…
بالشكر لله فنعم المجيب
وقربى حالك من حفظه
…
بالصّبر في الدهر على ما ينوب
(128 - ظ)
وانّ من يحفظ أسبابه
…
عند الذي قرّبه لا يخيب
(1)
(1)
-ليس بالمطبوع من كتاب الوزراء والكتاب للجهشياري.
رود بن الحارث الكلاعي
وقيل ورقاء بن الحارث، فارس له ذكر، شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان.
وبارز علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بعض أيام صفين فقتله علي.
أخبرنا أبو العلاء أحمد بن أبي اليسر بن سليمان-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال: أنبأنا أبو محمد بن أحمد الأديب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن الطيبي قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن صعصعة بن صوحان العبدي أن عليا عليه السلام كان مصاف أهل الشام يوما بصفين حتى بدر عليا رجل من حمير من آل ذي يزن اسمه كريب بن الصباح ليس في أهل الشام يومئذ أشهر بشدة البأس منه، فبدر بين الصفّين، ثم نادى من يبارز فبرز إليه شرحبيل، فذكر في الحديث أنه قتله، وقتل اثنين بعده، ثم قال: هل بقي لي من مبارز؟ فخرج إليه علي بن أبي طالب، وذكر أنه قتله علي ثم قتل بعده الحارث بن وداعة الحميري فقتله علي، ثم نادى على من يبارز، فبرز إليه رود بن الحارث الكلاعي فقتله علي بن أبي طالب أيضا، وذكر تمام الحديث وقد استقصينا خبره في ترجمة الحارث بن الجلاح الحكمي
(1)
.
هذا في رواية ابن ديزيل، وذكر غيره أنه ورقاء بن الحارث الكلاعي والله أعلم.
***
(1)
- صفين لنصر بن مزاحم:356 - 641،357.
ذكر من اسمه روزبهان
(129 - و)
روزبهان بن جبهون الصوفي:
سمع الحافظ أبا طاهر السلفي وحدث عنه بالديار المصرية بالأربعين البلدانية، سمع منه رفيقنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري وأخبرني أنه دخل حلب ونزل بخانقاه القصر النورية
(1)
، فإنه سمع منه سنة ثلاث وستمائة بالديار المصرية.
روزبهان:
وقيل روزبهار بن أبي بكر بن محمد بن أبي القاسم الفارسي الكازروني الديلمي، شيخ صالح من أصحاب الوجد والشوق صحب أبا زيد الصوفي، وكان مقيما بالموصل ثم خرج عنها الى حلب ونزل بمشهد علي خارج باب الجنان، وسار الى دمشق، وأقام بها مدة، ثم خرج منها الى مصر، فأقام بها الى أن مات، وكان له كرامات ظاهرة.
وصحبه بحلب الشيخ يحيى بن عبد الله الصيّاح شيخ الرباط الذي فيه تربة الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين
(2)
، وسلك طريقه في الصياح.
سمعت الصاحب قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول:
قدم علينا الموصل روزبهار، وكان يدعي أنه من المشتاقين، ويطرأ عليه حال مذهلة، ويصيح صياحا عظيما، وربما عرض له ذلك وهو في الصلاة، فيصيح في الصلاة
(1)
-تحت القلعة، أنشأها الملك العادل نور الدين، وسميت بهذا لأنه كان في مكانها قصر من بناء شجاع الدين فاتك. الاعلاق الخطيرة-قسم حلب:93.
(2)
-انظر حولها الآثار الاسلامية والتاريخية في حلب:321.
فينكر عليه الفقهاء ذلك لما فيه من منافاة مذاهبهم ومخالفة الشرع، وكان قد نزل مسجدا ظاهر الموصل، وكان القاضي فخر الدين أبو الرضا بن الشهرزوري يزور روزبهار (129 - ظ) كثيرا، وكان إمام أهل الموصل في الفقه، قال: فأنكروا عليه ذلك، وقلنا له: أنت سيد الفقهاء وقدوة العلماء، وتزور هذا الرجل مع ما هو عليه من الامور المضادة لقاعدة الشريعة، وانتمائه الى ما ليس له قاعدة؟ فقال لنا:
إعلموا أنني كنت ليلة النصف من شعبان-أو قال ليلة القدر الشك مني-مستقبل القبلة وأنا قاعد أحيي الليلة، فأغفيت وأنا جالس، فرأيت الملائكة في النوم قد نزلوا من السماء ومعهم أنوار عظيمة ومعهم علم، فسألتهم: إلى أين؟ فقالوا:
إلى زيارة روزبهار، فقلت: وأنا أصحبهم، ومشيت صحبتهم فجاؤوا إلى المسجد، وسطعت الأنوار، فدخلنا فوجدنا روزبهار مستقبل القبلة وهو يصيح على جاري عادته، فسلّم عليه الملائكة، وصافحوه وانصرفوا واستيقظت، وقلت في نفسي، لا بد من زيارة هذا الرجل، فلما أصبحت وفتحت أبواب الموصل، خرجت إلى المسجد الذي هو نازل به، ودخلت المسجد فوجدت روزبهار مستقبل القبلة على الحال التي رأيته عليها في النوم، وهو يصيح، فجلست في جانب المسجد إلى أن سكن صياحه، ثم التفت إلي وقال: تزورنا في الليل وفي النهار فقلت ما بقي بعد هذا شيء فأنا أزوره لذلك.
سمعت أبا بكر محمد بن الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري يقول لي: أخبرني أبي-ولي من أبيه إجازة-قال: (130 - و) قال: أخبرني جدّك لأمّك عبد الكافي بن بدر بن حسان الأنصاري قال: كان الشيخ روزبهان-يعني- ابن أبي بكر الفارسي رضي الله عنه إذا حضر يوم الجمعة إلى الجامع يذكر بصوت عال جهوري، فكنت في بعض أيام الجمع في جامع عمرو بن العاص بمصر والخطيب يخطب على المنبر إذ صاح الشيخ روزبهان صياحا كبيرا على عادته، فقال بعض الحاضرين: لقد آذانا هذا الشيخ بصياحه وشوش علينا في مثل هذا الوقت، وقام مبادرا، ورفع يده ليضربه، فبقيت يده معلقة في الهواء، ولم يستطع أن يصل بها اليه.
كتب لي رفيقنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري بخطه وسيره إليّ -ويغلب على ظني أنني سمعته من لفظه-قال: سمعت أبا الحسن غلام الشيخ روزبهان الزاهد يقول: دخلنا حلب عند عودنا من الموصل ونزلنا بمشهد على ظاهر حلب ورأينا من أهلها إكراما عظيما، وانتقلنا منها الى دمشق ثم إلى مصر وتوفي الشيخ بها.
قرأت بخط أبي البركات المبارك بن أحمد بن المستوفي في تاريخ-وأجاز لنا الرواية عنه في كتابه الينا من إربل-قال: روزبهان الديلمي-ورأيته في موضع روزبهار بالراء-وهو صاحب أبي زيد الصوفي، سمعت الفقير الى الله أبا سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين سامحه الله يقول: ورد إربل من نحو خمسين سنة أو أكثر، ونزل بمشهد الكف فزاره مجاهد الدين (130 - ظ) قايماز وكان روزبهان يريد السفر الى مصر فقال: لو أقمت بهذا المشهد، مشهد الكف فهو مشهد حسن، فقال: أنا أريد مشهد القلب لا مشهد الكفّ.
قال أبو البركات: وحدّث بعض الاربليين أن روزبهان كان بالموصل في يده سسيخة خضراء وشعره منشور كالديلم، وفي يده طبرزين
(1)
يصيح دائما بصوت عال ثبج
(2)
تخشع له القلوب إلاّ في الأسواق، لا يأكل إلا من الدروزة
(3)
، هو وأصحابه، ومعه القوّالون والشبابات، وفي أصحابه حاجب، ومدروز، وخادم فإذا أراد المدروز الخروج سأل الحاجب أن يستأذن له، فكان الحاجب يقف بين يده أكثر النهار أو أكثر الليل قياما واحدا.
قال ابن المستوفي: وحدثني أبو المعالي صاعد الواعظ قال: كان روزبهان يصفق ويدخل في السماع من غير دف ولا شبابة، ويرقص هو وأصحابه.
زرت قبر روزبهان بن أبي بكر بن محمد أبي القاسم الفارسي بالقرافة بسفح
(1)
-الطبرزين من أنواع الفؤوس، ولعل السيخة من أنواع ما عرف فيما بعد باسم «الشيش» .
(2)
-مضطرب. القاموس.
(3)
-المساعدات وو أردات الأوقاف.
جبل المقطم بمصر، في بعض قدماتي الى مصر، فقرأت على عمود قبره مكتوبا أنه توفي صباح يوم الأربعاء خامس ذي القعدة من سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، ورأيت قبيرا صغيرا عند باب التربة، ومعي بعض صلحاء مصر فقال لي: هذا قبر قط كان لروزبهار، كان لا يأكل في شهر رمضان شيئا إلاّ وقت الإفطار، وكان يأنس به ويبيت عند رجليه ولما مات الشيخ (131 - و) مات القطّ يوم موته فدفن عنده في التربة، والقبير ظاهر يراه كل من يزوره.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال:
(1)
روزبهان هو الشيخ الصالح روزبهان بن أبي بكر بن محمّد بن أبي القاسم الفارسي الكازروني الصوفي، توفي في يوم الأربعاء الخامس من ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وقبره ظاهر يزار ويتبرك به بجانب بئر الحاجب لولو.
رويم الشيباني:
وقيل يزيد بن رويم أحد وجوه أصحاب علي رضي الله عنه، وشهد معه صفين وكان على رجاله الذهليين يومئذ وقيل على ذهل الكوفة.
رئاب بن حنيف:
قيل إن له صحبة، وأنه شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل يومئذ:
(131 - ظ).
***
(1)
-لم يذكره المنذري في كتابه التكملة لو فيات النقلة.
ذكر من اسمه رياح
رياح بن الحارث النخعي:
شهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وروى عن علي وسعيد بن زيد وعمار، وأبي أيوب الأنصاري، وروى عن عمار بن ياسر قوله.
روى عنه ابنه عبد الله بن رياح، وحنش بن الحارث بن لقيط، وأبو الحكم الحسن بن الحكم النخعي، وابن ابنه صدقة عن المثنى بن رياح.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل ابن أحمد بن عمر بن السمرقندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو محمد وأبو الغنائم ابنا أبي عثمان، وأبو القاسم بن البسري، وأبو طاهر القصّاري، وأبو الحسن الأنباري قالوا: أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي يعقوب قال: حدثنا يزيد ابن هارون قال: أخبرنا الحسن بن الحكم أبو الحكم عن رياح بن الحارث قال:
كنت إلى جنب عمار بن ياسر بصفين وركبتي تمسّ ركبته فقال رجل: كفر أهل الشام، فقال عمّار: لا تقل ذلك نبيّنا ونبيّهم واحد، وقبلتنا وقبلتهم واحدة، ولكنهم قوم مفتونون جاروا عن الحقّ فحق علينا أن نقاتلهم حتى يرجعوا إليه.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: رياح بن الحارث سمع سعيد بن زيد وعلي، يعد في الكوفين، قال عبد الرحمن بن مغراء حدثنا صدقة بن المثنى سمع جده رياح أنه حج مع عمر حجتين
(1)
.
(1)
-التاريخ الكبير:3/ 328.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله قال: أخبرنا الرئيس أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي في كتابه قال: أنبأنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رياح بن الحارث روى عن علي وسعيد بن زيد، وعمار بن ياسر، وأبي أيوب. روى عنه الحسن بن الحكم وحنش بن الحارث وابنه حدير بن رياح وابن (132 - و) ابنه صدقة بن المثنى ابن رياح سمعت أبي يقول ذلك
(1)
.
رياح بن عتيك الغساني:
كان فارسا مذكورا شاعرا معروفا له رجز، شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان وقتله الأشتر بصفين يوم الماء
(2)
.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين عن أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الباقلاني قال أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن اسحاق قال:
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال:
حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الشعبي عن الحارث بن أدهم وصعصعة بن صوحان، وأحدهما يزيد على الآخر قالا: فقتل الأشتر في تلك العركة بيده سبعة مبارزة منهم صالح بن فيروز العكّي، ومالك ابن أدهم السّلاماني، ورياح بن عتيك الغسّاني، والأجلح بن منصور الكندي وابراهيم بن الوضاح الجمحي، وزامل بن عتيك الجذامي ومحمد بن روضة الجمحي قال: وقتل الأشعث فيها خمسة، وذكرا قتل جماعة.
قال في الخبر: فخرج إليه رياح بن عتيك وهو يقول:
إنّي زعيم لكم بضرب
بذي غرارين جميع القلب
عبل الذراعين شديد الصلب
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 511.
(2)
-أول أيام معركة صفين. انظر صفين لنصر بن مزاحم:185 - 188.
فشد عليه الأشتر وهو يقول:
رويد لا تجزع من جلادي
جلاد قرن جامع الفؤاد
يجيب في الروع دعا المنادي (132 - ظ)
قال: فاضطر با هوّيا، ثم قتله الأشتر.
وروي في غير هذه الرواية:
رياح لا تجزع من جلادي.***
ذكر من اسمه ريّان
ريّان بن صبره بن هوذه الحنفي:
روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقيل إنه شهد معه صفين، روى عنه عيسى بن حطّان، واسماعيل بن زربي.
أخبرنا الحسين بن عمر بن باز-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال:
أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا البخاري قال:
ريّان بن صبرة الحنفي، سمع عليا، روى عنه عيسى بن
(1)
حطّان.
أخبرنا الخطيب أبو البركات سعيد بن هاشم-فيما أجاز لنا روايته عنه- قال: أنبأنا أبو طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: ريّان (133 - و) بن صبرة الحنفي روى عن علي، روى عنه عيسى ابن حطّان سمعت أبي يقول ذلك، وروى أبو أسامة عن اسماعيل ابن زربي عنه
(2)
:
قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة في حاشية كتبها في بعض الأجزاء: ريّان بن صبره الحنفي له ذكر في الغارات على أهل الشام.
الريان المعروف بالمدّلل:
حكى عن محمد بن كثير العبدي، حكى عنه أبو بكر احمد بن علي بن الفرح الحلبي. (133 - ظ).
(1)
-التاريخ الكبير:3/ 333.
(2)
-الجرح والتعديل:3/ 514.
رئيس بن عبد الله النميري:
أبو شهاب كان بمنبج، وأنشد بها أبياتا كتبها عنه ساعد بن فضائل بن ساعد أبو محمد المنبجي، ورواها عنه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أنشدني ساعد بن فضائل المنبجي-املاء من حفظه-بسمرقند قال: أنشدني أبو شهاب رئيس بن عبد الله النميري بمنبج لبعضهم:
قد لزم العالم ضدّ الصواب
…
وانتدبوا للظلم من كل باب
فأنت إن أحسنت ظنّا بهم
…
أصبحت كالنعجة بين الذئاب
وإن ظننت الخير منهم فقد
…
طلبت ماء من لميع السّراب
***
حرف الزّاي
زاكي بن كامل بن المسلم القطيعي:
أبو الفضل الهيتي، ويعرف بأسير الهوى قتيل الريم، ويلقّب بالمهذّب شاعر أديب حسن الشعر من أهل هيت، وصل إلى الموصل، وقدم منها الى الشام واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها، كتب عنه أبو الخطاب عمر بن محمد بن عبد الله العليمي المعروف بابن حوائج كش بالموصل، وأبو عبد الله محمد بن حمزه بن أبي الصقر القرشي الدمشقي، وخرّج عنه (134 - و) بيتين من شعره في معجم شيوخه.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي بدمشق قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمزة بن أبي الصّقر الدمشقي-اجازة-قال: أنشدني زاكي بن كامل بن المسلم القطيعي الهيتي، أبو الفضل، ويعرف بأسير الهوى قتيل الريم لنفسه، ونقلته من خط ابن أبي الصقر في معجم شيوخه:
لي بهجة كادت بحرّ كلومها
…
للناس من فرط الجوى تتكلم
لم يبق منها غير أرسم أعظم
…
متجردات في الهوى بتظلّم
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد النسابة قال: أخبرنا أبو الخطاب عمر بن محمد بن عبد الله العليمي-اجازة-قال: أنشدني الأديب أبو الفضل زاكي بن كامل الهيتي-إملاء من حفظه لنفسه-بالموصل:
نار الجوى بين الحشا والأضلع
…
أمطرت جذوتها سحائب أدمعى
يا ناكت الداء القديم بحبّه
…
ومجرعي غصصى بكأس مترع
مهلا على معذبي حسب الأسى
…
مابي عليك وبعض مابي مقنعي
قال العليمي: وأنشدني أيضا لنفسه:
سيدي ما عنك لي عوض
…
طال بي في حبّك المرض
كم بلا ذنب تهددني
…
فجفوني ليس تغتمض
أبغير الهجر تقتلني
…
لا أبالي هجرك الغرض (134 - ظ)
ورضاي في رضاي فقل
…
ما تشاء لست أعترض
أنت لي داء أموت به
…
كم أداويه وينتقض
توفي زاكي بعد سنة ست وأربعين وخمسمائة، فإن أبا الخطاب العليمي سمع منه في شهر ربيع الأول من هذه السنة.
***
ذكر من اسمه زامل
زامل بن عتيك الجذامي:
فارس شاعر شهد صفين مع معاوية، وقتل في الوقعة قتلة الأشتر النخعي.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن ابن أحمد الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد ابن اسحاق ننجاب الطيبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر قال: قال جابر الجعفي: خرج إليه-يعني الأشتر-زامل بن عتيك الجذامي فشد عليه وهو يقول:
يا صاحب السيف الخضيب المضرب
وصاحب الجوشن ذاك المذهب
هل لك في طعن غلام مجرب
يحمل رمحا مستقيم الثعلب
قال: وشدّ على الاشتر فطعنه على الجوشن، فصرعه، وشد الأشتر بسيفه (135 - و) فنسف قوائم الفرس، ثم ضربه بالسيف فقتله وهو يقول:
لا بدّ من قتلي أو من قتلكا
قتلت منهم خمسة من قبلكا
كلهم كانوا حماة مثلكا
(1)
(1)
- صفين لنصر بن مزاحم:19 - 198. مع فوارق، وثعلب الرمح: طرفه الداخل في جبة السنان. القاموس.
أنبأنا أبو العلاء أحمد بن شاكر قال: أخبرنا أبو محمد بن أحمد الأديب إجازة-قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسين قال: أخبرنا أحمد بن الحسن قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم
(1)
قال:
حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الشعبي عن الحارث بن أدهم وصعصعه ابن صوحان، وأحدهما يزيد على الآخر، قالا: فقتل الأشتر في تلك المعركة بيده سبعة مبارزة منهم: صالح بن فيروز العكي، ومالك بن أدهم السلاماني، ورياح ابن عتيل الغسّاني، والأجلح بن منصور الكندي، وإبراهيم بن الوضاح الجمحي، وزامل بن عتيل الجذامي، ومحمد بن روضة الجمحي.
قالا: وقتل الأشعث فيها خمسة.
قال عمرو بن شمر: قال جابر فخرج إليه زامل بن عتيك الجذامي فشد عليه وهو يقول فذكر كما ذكره الحافظ سواء.
زامل بن عمرو السّكسكي الحبراني الحميري الحمصي:
كان مع مروان بن محمّد بحرّان، وولاه مروان حين أفضت إليه الخلافة دمشق وحمص.
روى عن أبيه وعن ذي الكلاع الحميري وعريب الحبراني وشهاب (135 - ظ) ابن عبد الله الخولاني. روى عنه سعيد بن أبي هلال، وصعصعة بن صوحان وعمر بن محمد بن صهبان والزبيدي.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصّمد بن محمد-فيما أذن لنا في روايته- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد الرازي قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن اسحاق بن محمد بن يزيد قاضي حلب بدمشق قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل المروزي بحلب قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان قال: سمعت زامل بن عمرو الجذامي يحدّث عن ذي الكلاع قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله
(1)
- نصر بن مزاحم-المصدر نفسه:195 - 198.
صلى الله عليه وسلم يقول إنّما يبعث المسلمون على النّيات
(1)
.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد السوسي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهّاب الكلابي قال:
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة: زامل بن عمرو من اليمن حمصي، ولاّه مروان بن محمد دمشق بعد قتل الوليد-يعني-بن يزيد.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد (136 - و) الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل قال زامل بن عمرو السكسكي يعدّ في الشاميين عن عريب الحبراني، روى عنه سعيد بن أبي هلال والزبيدي
(2)
.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده-اجازة إن لم يكن سماعا- قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زامل بن عمرو السكسكي روى عن عريب الحبراني روى عنه سعيد بن أبي هلال والزبيدي سمعت أبي يقول
(3)
ذلك.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل-إذنا-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: زامل بن عمرو السكسكي الحبراني الحميري الحمصي أمير دمشق وحمص من قبل مروان بن محمد، روى عن أبيه عن جده وله صحبة، وعن عريب الحبراني وشهاب بن عبد الله الخولاني. روى عنه سعيد بن أبي هلال والزبيدي وعمر بن محمد بن صهبان.
(4)
(1)
-أنظر كنز العمال:3/ 7243.
(2)
-التاريخ الكبير:3/ 443.
(3)
-الجرح والتعديل:3/ 617.
(4)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 163 - و.
ذكر من اسمه زائدة
زائدة بن قدامة الكوفي:
أبو الصّلت الثقفي، سكن الكوفة، وقدم حلب غازيا فمات بها.
روى عن عبد الله بن عمر عن نافع، وعن سليمان بن مهران الأعمش، ومحمد ابن عمرو، وأبي اسحاق ومنصور وعمران بن مسلم، وعمر بن قيس، وسماك بن حرب.
روى عنه أبو اسماعيل ثابت بن محمد الزاهد، (136 - ظ) والهيثم بن جميل الأنطاكي، ومعاوية بن عمرو، والحسين بن الوليد وأبو أسامة وعبد الرحمن ابن مهدي ومصعب بن المقدام، والحسين بن الوليد القرشي، وخلف بن تميم وسفيان الثوري وعبثر بن القاسم، وحسين الجعفي.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين المقومي قال:
أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر قال: أخبرنا علي بن ابراهيم بن سلمة قال:
حدثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه قال: حدثنا عمرو بن عبد الله الاودي ومحمد بن اسماعيل قالا: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا زائدة بن قدامة قال: حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: جاء اعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبصرت الهلال الليلة فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: قم يا فلان فأذن في الناس أن يصوموا غدا.
(1)
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي وعبد الرحمن بن عمر بن الغزال-في كتابيهما-قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أنّ أبوي عبد الرحمن الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيرى كتبوا
(1)
-انظره في جامع الأصول لابن الأثير:6/ 271.
إليه وقالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر محمد بن داوود بن سليمان، قال: حدثنا علي بن محمد القباني قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا زائدة عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حرّق على قريظة والنضير نخلا لهم، فقال حسان بن ثابت.
وهان على سراة بنى لؤي
…
حريق بالبويرة مستطير
(1)
قال الهيثم: كنت مع زائدة بأرض الروم فحدثني بهذا الحديث وأمرني بالحريق.
قال أبو بكر: فسمعت عليّ بن محمد بن العلاء يقول: سمعت عبد الرحمن ابن خراش على باب محمد بن يحيى يقول: ما دخلت الى نيسابور إلاّ لهذا الحديث.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي بحلب قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن علي الأشيرى قال: أخبرنا القاضي عياض بن موسى -إذنا-قال: أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن سلفة الحافظ مكاتبة، ح.
(137 - ظ).
قال شيخنا أبو محمّد الأسدي: وأجازه لنا أبو طاهر، قال: حدثنا المبارك بن عبد الجبّار قال: حدثنا أبو الحسن الفالى قال: حدثنا القاضي ابن خربان قال:
حدّثنا عبد الله بن أحمد الغزّاء قال: أخبرنا يوسف بن مسلّم قال: حدثنا خلف ابن تميم قال: كتبت عن سفيان عشرة آلاف حديث أو نحوها فكنت أستفهم جليسي فقلت لزائدة: يا أبا الصّلت إني كتبت عن سفيان عشرة آلاف حديث أو نحوها فقال لي: لا تحدث إلاّ بما يحفظ قلبك وتسمع بأذنك، قال: فألقيتها.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو عبد الله السلماسي قال: أخبرنا الوليد ابن بكر قال: حدثنا أبو الحسن الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد
(1)
- ديوان حسان:1/ 210 مع فوارق، والبويرة موضع منازل بني النضير. معجم البلدان.
ابن عبد الله قال: حدثني أبي أحمد قال: زائدة بن قدامة ثقة يكنى أبا الصلت، لا يحدث أحدا حتى يسأل عنه، فإن كان صاحب سنة حدّثه وإلاّ لم يحدثه.
وقال: حدثني أبي قال: وزائدة بن قدامة الثقفي يكنى أبا الصلت، كان ثقة صاحب سنة لا يحدث أحدا حتى يسأل عنه، وإن كان صاحب سنّة حدّثه وإلاّ لم يحدث، وكان قد عرّض حديثه على سفيان الثوري وروى عنه الثوري.
(1)
أخبرنا الحسين بن عمر بن باز الموصلي-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا (137 - ظ) محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: زائدة بن قدامة أبو الصلت الكوفي، سمع عمر بن قيس وأبا اسحاق، ومنصور، وروى عنه أبو أسامة.
قال ابن أبي الأسود: حدثني موسى بن داوود قال: حدثني عثمان بن زائدة الرازي قال: قلت لسفيان: أريد آتي الكوفة ممّن أسمع؟ قال: عليك بزائدة وابن عيينة، قال: قلت: أبو بكر بن عياش؟ قال: إن أردت التفسير فعنده
(2)
.
أنبأنا أحمد بن عبد الله الأسدي عن مسعود بن الحسن قال: أخبرنا أبو عمرو ابن مندة-إجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زائدة بن قدامة أبو الصّلت الثقفي الكوفي، روى عن أبي اسحاق وسماك ومنصور، روى عنه عبثر بن القاسم، وعبد الرحمن بن مهدي، وحسين الجعفي، سمعت أبي يقول ذلك.
وقال: ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان قال: حدثنا موسى بن داوود قال:
سمعت عمار بن زائدة الرازي قال: قدمت الكوفة قدمة فقلت لسفيان الثوري:
من ترى أن أسمع منه؟ قال: عليك بزائدة وسفيان بن عيينة.
(1)
-الثقات للعجلي:163.
(2)
-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 432.
وقال: حدثنا سليمان بن داود القزاز قال: سمعت أبا داود الطيالسي قال:
حدثنا زهير قال: ولم يكن زائدة بالاستاذ في حديث أبي اسحاق.
وقال: سمعت أبي يقول: زائدة بن قدامة ثقة صاحب سنة، أحب إليّ من أبي عوانه وأحفظ من شريك (138 - و) ومن أبي بكر بن عياش، وكان يعرض حديثه على سفيان الثوري.
وقال: سمعت أبا زرعة يقول: زائدة صدوق من أهل العلم
(1)
.
قرأت بخطّ مظفر الفارقي مما ذكر أنه ننقله من خط أبي إسحاق النديم في كتابه الفهرست: زائدة بن قدامة الثقفي، من أنفسهم ويكنى أبا الصلت، مات بالروم في غزاة الحسن بن قحطبة سنة إحدى وستين
(2)
، وله من الكتب كتاب السنن يحتوي على ما مثل ما تحتوي عليه كتب السنن، كتاب القراءات، كتاب التفسير، كتاب الزهد، كتاب المناقب
(3)
.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا ناصر بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن عبد الواحد الثقفي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرزاق بن أحمد بن عبد الرحمن الخطيب قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر ابن حيان قال: حدثنا ابن رستة قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا عبد الرحمن ابن مصعب قال: مات زائدة سنة اثنتين وستين ومائة، قال شباب: مات زائدة سنة إحدى وستين ومائة، يكنى أبا الصلت
(4)
.
قال أحمد بن يونس: سمعت سفيان الثوري يقول: زائدة ثقة-يمازحه- هذا زائدة بن قدامة أبو قدامة أبو الصلت، سلوه
(5)
، قالوا: مات بحلب، وقال غيره:
مات بأرض الروم غازيا.
(1)
-الجرح والتعديل أ 3/ 613.
(2)
-ومائة.
(3)
-الفهرس للنديم-ط. طهران:282.
(4)
- تاريخ خليفة:2/ 685.
(5)
-كذا بالأصل، وهناك سقط لحق بالرواية.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد-إجازة إن لم يكن سماعا-قال:
أخبرنا أبو نعيم أحمد بن (138 - ظ) عبد الله الحافظ قال: حدّثنا أبو بكر عبد الله بن يحيى بن معاوية الطلحي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال:
مات أبو الصلت زائدة بن قدامة الثقفي بأرض الروم عام غزا الحسن بن قحطبة بالصائفة سنة ستين أو احدى وستين ومائة.
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو البركات الفراوي قال: أخبرنا أحمد بن علي بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي-بالكوفة- قال قال: حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع قال: حدثني أبي قال: مات زائدة بن قدامة سنة إحدى وستين ومائة.
أنبأنا الحافظ عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعدائي عن محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا اسحاق بن أبي اسحاق أبو يعقوب القراب-إجازة إن لم يكن سماعا-قال أخبرنا أحمد بن محمّد الماليني قال:
أخبرنا أبو أحمد بن عدي الجرجاني قال: حدثني أحمد بن سعيد بن موضح قال:
حدثنا موسى بن الحسن قال: قال لنا علي بن الجعد: مات زائدة بأنطاكية في السنة التي مات فيها الحسن بن قحطبة وهو والي الثغر، وأظنه كان في سنة ثلاث وستين
(1)
.
وقال القراب: وجدت في كتاب أبي معشر الخياط بخطه أنه سمع القيسي يقول:
سمعت محمد بن سعد يقول: سمعت الواقدي يقول: وزائدة بن قدامة الثقفي، من أنفسهم (139 - و)، ويكنى أبا الصلت، مات بالروم عام غزا الحسن بن قحطبة الصّائفة سنة ستين ومائة.
(2)
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي-إذنا-قال: أخبرنا أبو طاهر
(1)
-لا ترجمة لزائدة في المطبوع من كتاب الكامل لابن عدي.
(2)
- طبقات ابن سعد:6/ 378.
السّلفي الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفّار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وستين ومائة زائدة بن قدامة الثقفي أبو الصّلت سكن الكوفة، ومات غازيا بالثغر.
زائدة بن مزيدة بن زائدة العرضي:
شاعر من أهل عرض
(1)
كتب عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن شيئا من شعره بالسخنة
(2)
، وخرج عنه في معجم شيوخه، وعرض والسخنة من من أعمال حلب من المناظر.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة عن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: أنشدني زائد بن مزيدة بن زائدة العرضي لنفسه بالسخنة من أبيات:
ولم قضى بالبين ما بيننا
…
لا درّ درّ الدهر من حاكم
ما اقتل البين لأهل الهوى
…
وأصعب الحبّ على الكاتم
(3)
زائدة بن نعمة بن تعيم بن نجيح:
أبو نعمة القشيري المعروف بالمجفجف، شاعر بني مالك، بدوي حسن الشعر، قدم حلب ومدح بها الملك رضوان بن تتش وغيره، وكان يتردد اليها كثيرا. روى عنه شيئا من شعره (139 - ظ) الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، وأبو عبد الله محمد بن المحسن بن الملحي وأبو البدر محمد بن علي بن أبي البدر.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي-إذنا-قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسّن بن أحمد السلمي-من لفظه، وكتبه لي بخطه-قال: المجفجف، شاعر بدوي كثير الشعر، نقي الألفاظ مختارها، مستطرف المعاني، قليل اللحن، حسن الفن
(1)
-بلدة صغيرة كانت بين تدمر ورصافة هشام. معجم البلدان.
(2)
-ما تزال تحمل هذا الاسم نفسه على مقربة من تدمر.
(3)
-الذي وقفت عليه في مشيخة ابن عساكر:133 ترجمة زائدة بن نعمة التالي وليس زائدة بن مزيدة هذا.
يمدح من العرب السادات وأهل البيوتات، وله في صدقة بن مزيد ما شئت من القصائد الناصعة والمعاني الرائعة، وصل الى دمشق وأنشد أتابك قصيدة نونية، وخلع عليه خلعة تامة، وحمله على فرس عتيق، ورأيته بحلب بمجلس الملك رضوان، وهو ينشده قصيدة منها قوله لناقته:
لا راحة لك يا زيد ولا سنة
…
ولا لنا أو نرى السلطان في حلبا
أبا المظفر رضوان الذي أمنت
…
به البريّة لما خافت العطبا
الواهب النعم الخضر الذي عظمت
…
والجرد والمرد والهندية القضبا
سحابة تذهب العدم الضرّ بنا
…
وتمطر الفضّة البيضاء والذهبا
وتوقد الحرب في أعدائه فترى
…
عظامهم لا تني في قعرها حطبا
فالدهر يخدمه والنصر يقدمه
…
والله يولى عداه الويل والحربا
يا بن الألى ملكوا الدنيا وعمّ
…
جميع ماخولوه العجم والعربا
قوم مناقبهم لمّا مضوا بقيت
…
تخالها في سماء السؤدد الشهبا
(140 - و)
لهم من الله نصر لا يغبّهم
…
ومدحهم جمّل الأشعار والخطبا
إني أتيتك لا أبغي سواك حيا
…
ولا أرى في بلاد الله مضطربا
ومن أتاك طليحا
(1)
…
طالبا جدة
فإنه بالغ مما بغى الأربا
فأعطاه وخوّله وأجزل صلته وجمّله.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان البانياسي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زائدة بن نعمة بن نعيم بن نجيح أبو نعمة القشيري، المعروف بالمجفجف، شاعر قدم دمشق ومدح بها أتابك
(2)
، ولقيته بالرافقة وأنشدني شيئا من شعره.
أنبأنا سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أنشدني أبو نعمة زائدة بن نعمة ابن نعيم بن نجيح القشيري المعروف بالمجفجف لنفسه بالرافقة:
(1)
-الطليح: المهزول المتعب. القاموس.
(2)
-طغتكين صاحب دمشق، سبقت الاشارة اليه.
أهند على ما كنت تعهدها هند
…
أم استبدلت بعدي وغيرّها البعد
بلى غير شك إنها قد تبدّلت
…
لأنّ الغواني لا يدوم لها عهد
كما لم يدم عصر الشباب ولا الصبا
…
ولا ماكث في غير أيامه الورد
وعندي من الآراء والعزم صارم
…
متى أنتضيه ليس ينبو له حدّ
أتيتك يا بن الفضل من آل مزيد
…
ويا بن الألي ما فوق مجدهم مجد
وقد حكمت كل الملاحم أنه
…
على الجانب السّعدي طالعك السعد
وقلنا بأرض الجامعين وبابل
…
وقد أفسدت فينا الأعارب والكرد
ألا فتنحوا عن دبيس وداره
…
فلا بدّ من أن يظهر الملك الجعد
(1)
(140 - ظ)
ويجعله يوما عبوسا عصبصبا
…
بقتل العدا حتى تشيب له المرد
فلم يقبلوا منا وكانت ضلالة
…
ومن ضلّ في الدنيا فليس له رشد
قال الحافظ أبو القاسم: وأنشدني أبو نعمة لنفسه أيضا:
أصبح الربع من سمية خالي
…
غير هيق وناشط
(2)
وغزال
وثلاث كأنهن حمام في
…
رماد وأشعث الرأس بال
هللته الرياح فما توالي
…
نسجها
(3)
بالغدوّ والآصال
برّح
(4)
…
غربلت حصاه فأمسى
خالصا وحده بلا غربال
من قبول ومن دبور نوج
(5)
…
وجنوب ومن صبا وشمال
تجلب الغيث غير ريث حناه
…
لرسوم الديار والأطلال
كل نبت من الربيع وزهر
…
مثل جيد من العرائس حالي
أو كزيّ الذي عهدن لديه
…
في ظلال الخيام أو في الحجال
كل برّاقة الثنايا ترايا
…
برقيق الغروب عذب زلال
(1)
-الكريم، ومرت بنا من قبل ترجمة دبيس بن صدقة ص:3478 - 3493.
(2)
-الناشط: الثور الوحشي، وهيق صوت ضرابك الشيء اليابس على اليابس، ولعله أراد صوت الحمار.
(3)
-نسج الريح الربع: أن يتعاوره ريحان طولا وعرضا. القاموس.
(4)
-البارح الريح الحارة في الصيف. القاموس.
(5)
-النوجه الزوبعة من الرياح، والاشارة هنا الى أنواع الرياح.
وكان الغمام من بعد وهن
…
مازحته بقرفف
(1)
جريال
تطبّى الشيب بعد طول مشيب
…
والكريم الحليم بعد اكتهال
كنت في عينها كمرود
(2)
…
كحل
صرت في عينها كشوك السيّال
(3)
حيث صار السواد مني بياضا
…
وتبدلت أرذل الإبدال
فإذا الخيل أصبحت بي قياما
…
صافنات وأينقي وجمالي
(141 - و)
بجناب ابن سالم وحماه
…
احتمى
(4)
جانبي وجاهي ومالي
مثل ما كنت في عراق دبيس
…
لم تكن تخطر الهموم ببالي
فإذا سائلت قشير بمصر
…
ونمير بن عامر كيف حالي
وكلاب وفتية من عقيل
…
ورجال ببرقة من هلال
كان رد الجواب إني بخير
…
ما عدت مالكا
(5)
صروف الليالي
(6)
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: كتب إليّ أبو عبد الله محمد ابن محمد بن حامد الكاتب، ونقلته من خطه قال: أنشدني أبو البدر محمد بن علي ابن أبي البدر الكاتب الواسطي بها قال: أنشدني المجفجف البدوي لنفسه في بعض أصحاب سيف الدولة صدقه:
تريد الثنا ما للثنا عند معزل
…
تريد مزيدا ما عليك مزيد
تمزّق ثوب المجد عن كل لابس
…
وثوب سعيد الأريحي جديد
قال ابن النجار: زائدة بن نعمة بن نعيم بن نجيح، أبو نعمة القشيري، المعروف بالمجفجف، الشاعر، بدوي كثير الشعر، جيد الألفاظ، حسن المعاني،
(1)
-قرقف: أرعد. القاموس.
(2)
-المرود: الميل. القاموس.
(3)
-نبات له شوك أبيض طويل. معجم أسماء النباتات.
(4)
-كتب ابن العديم فوقها: يحتمي، أجود، وابن سالم صاحب قلعة جعبر.
(5)
-مالك بن سالم العقيلي صاحب قلعة جعبر لابيه ترجمة مقبلة.
(6)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 164. و-165. و.
يمدح سادات العرب وأهل البيوت والتقدم، وله في سيف الدولة صدقة وابنه دبيس عدة قصائد، وقد دخل الشام، ومدح ملوكها
(1)
.
أخبرني الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم بن مالك العقيلي قال: كان المجفجف شاعر جدي مالك صاحب قلعة جعبر فقصد تاج الدولة ابن منقذ بشيزر، ممتدحا له ونزل بمسجد بشيزر، فلم ير عند بني منقد احتفالا بأمره، فأمر غلامه أن يأتيه بدابته فركبها وفارقهم، وسار عن شيزر وكتب على حائط المسجد الذي كان نازلا به:
بت ضيفا ببني منقذ كهف الفقراء غير أني بت في المسجد والماء غذائي أشتكي الجوع الى الفجر وأجتر خرائي
قال: فطلبه تاج الدولة بن منقذ بعد يومين فلم يجده فأسقط في يده، وقال:
الساعة يمضي المجفجف الى قلعة جعفر
(2)
ويشتم أعراضنا، قال: فأرسل في الحال الى جدّك القاضي ابن العديم قاضي حلب مائة دينار وعشرة ثياب خز وقال له:
ما أعرف خلاص أعراض نسائنا إلاّ منك فتستدعي المجفجف وتستطلقنا (141 - ظ) منه وتدفع إليه بهذه الدنانير وهذه الثياب.
قال: فسير جدك وأحضر المجفجف وقال: أسألك في شيء وهو أنك لا تتعرض بذكر بني منقذ بقبيح، وتأخذ هذه الدنانير وهذه الثياب وتطلقهم لي، قال: فقال:
أذلّهم الله والله إني كنت راضيا منهم بثوب واحد من هذه الثياب وعشرة دنانير، وأخذها ومضى وأجاب جدك الى ما سأل.
قرأت في تاريخ أبي علي الحسن بن علي بن الفضل الداري، ورأيته بخطه بماردين، وذكر فيه قتل سيف الدولة صدقة بن دبيس بن مزيد، وقال: فرثاه
(1)
-لا ترجمة له في تاريخ ابن النجار.
(2)
-كذا بالاصل، وهو سبق قلم صوابه «جعبر» حيث بقاياها ما تزال تحمل هذا الاسم نفسه وسط بحيرة سد الفرات في سورية.
جماعة من جملتهم رجل يقال له: المجفجف من العرب، وكان يسكن قلعة جعبر من جملة قصيدته:
لم يدر قاتله شلّت أنامله
…
ما خوّلته يد الأيام من ظفر
كأنما كانت الأعراب قاطبة
…
أرواحها بين ذاك القوس والوتر
زائدة البزاز:
حكى حكاية شاهدها بحلب رواها عنه الأصمعي.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن عمر بن ظفر قال: أخبرنا أبو الوفاء محمد بن تركانشاه قال: أخبرنا السمسار قال: أخبرنا الأبهري قال: أخبرنا أبو عمرو بن حكيم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داوود قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا الأصمعي عن زائدة البزاز قال: رأيت بحاضر حلب شيخا يقود شيخا ويعنف به فقلت له: ارفق به فطالما رفق بك، قال: ومن تراه؟ قلت أبوك أو جدكّ قال:
فإنه ابن ابني، قال: قلت: وما بلغ به ما أرى؟ قال: كانت له امرأة سيئة الخلق، وكان منزله على درجة
(1)
.
***
(1)
-كذا بالاصل، ويلاحظ أن ابن العديم أضاف هذه الترجمة بأن كتبها بالهامش.
زبرج الثملي الاسود:
من موالي ثمل الخادم أمير طرسوس، وكان زبرج من الصالحين المرابطين بطرسوس، المقيمين بجامعها المشتغلين بالعبادة آناء الليل وأطراف النهار، لا يشغله عن ذلك إلاّ الجهاد أو تشييع جنازة أو عيادة مريض.
قرأت بخط أبي عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي في كتابه الذي وسمه بسير الثغور، وذكر فيه جامع طرسوس وقال: وفي هذا المسجد زبرج الثملي الأسود، ترك اللذة وزينة الدنيا في أيام ثمل رحمه الله، وحفظ القرآن وبرع فيه وتنسك وجعل قوته من الملح وقوام (142 - و) عيشه مما يجمعه منه من سنة الى سنة، وكان يأوي الى دويرة له بباب الصاف، طريقه اليها على رجل يعرف بأبي الحسن بن العلاء الأذني وكان ابن العلاء هذا من تناء
(1)
مدينة أذنة، وأحد وجوهها، ويظهر حبّ الصالحين، ويداخل أهل حصن أولاس ومن يجري مجراهم، فوشى به الى بني عبد الباقي من أفسد حاله معهم واقتضت الصورة أن ينحاز عن أذنة الى طرسوس لأنها كانت ملجأ كل طريد وعصمة كل شريد، وكان ذا لسان وحال فحدّث زبرج الثملي من تأنس به أن ابن العلاء هذا سأله مرارا، ورغب إليه أن يجعل إفطاره عنده، وأنه لما أكثر عليه استحيى منه، فأجابه فقدّم له طعاما عهد زبرج بمأكل مثله بعيد، فنال منه زيادة على العادة من قوته وما وظّفه على نفسه، وجاء الى منزله فقام الى ورده فلم يطق القيام لغبة النوم عليه فنام فرأى في منامه رجلا أسود قد تناول عصا أطول ما يكون يضرب بها زبرجا ولا يقلع عنه، ويكرّر عليه، قال زبرج: فقلت له: يا هذا لم تضربني ولأي ذنب تضربني؟ قال:
الساعة أقول لك فما زال ينتبه من منامه وتغلبه عينه ويعود الأسود لضربه، ويسأله زبرج عن ذنبه ليتنصّل منه أو يعتذر إليه، فلما بلغ فيه غاية ما يكره وكدّه وتعسفه
(1)
-الملاك، ولا سيما للاراضي.
بالضرب المبرّح قال له: يا زبرج أتأكل طعام ابن العلاء، هذا الضرب لذلك قال:
فقلت فإني لا أعود، قال: إن عدت عدنا، فأصبح كئيبا مهموما واجتاز بابن أبي العلاء لأنه على مدرجة طريقه وقد (142 - ظ) استحكم طمعه فيه فعاوده يسأل أن يفطر عنده، فأبى وعاوده وسأله ورغب إليه وقبّل بين عينيه ويديه ورجليه، فقال:
يا هذا ما يمكن بعدها أن أذوق لك طعاما، فضيّق عليه موضع الاعتذار فحدّثه بما رأى في منامه ففارقه ولم يعد لمثلها.
وخرج زبرج عن طرسوس، وخواصّ الناس ينظرون إليه نظرهم الى أبي الخير صاحب التينات أو أفضل لأن زبرجا من القرّاء المجاهدين، وحصل ببيت المقدس يشار اليه، ومات بها رحمة الله عليه.
قلت أظن أن زبرجا خرج من طرسوس الى بيت المقدس لما استولى نقفور على طرسوس في شعبان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، والله أعلم.
زبيد بن عبد الخولاني المصري:
شهد صفين مع معاوية وكان معه راية خولان، فلما قتل عمار بن ياسر لحق بعلي ابن أبي طالب.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إليّ أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن سليم، ثم حدثني أبو بكر اللفتواني عنه قال: أخبرنا أبو بكر الباطرقاني قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال:
قال لنا أبو سعيد بن يونس: زبيد بن عبد الخولاني، من بني يعلى شهد الفتح بمصر، وكانت معه راية خولان بصفين، فلما قتل عمار بن ياسر انكفأ الى علي بن أبي طالب.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد-اذنا-عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة قال: أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: أما زبيد (143 - و) بضم الزاي وفتح الباء المعجمة بواحدة وسكون الياء التي تليها، فهو زبيد بن عبد الخولاني كانت معه راية خولان بصفين مع معاوية بن أبي سفيان-يعني-فلما قتل عمار بن ياسر انكفأ الى علي بن أبي طالب، قاله ابن
(1)
يونس.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: زبيد بن عبد الخولاني المصري له ذكر في كتب المصريين، ووفد على معاوية وشهد معه صفين ثم لحق بعلي بن أبي طالب
(2)
.
(1)
- الاكمال لابن ماكولا:4/ 169 - 170.
(2)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 166 - و.
ذكر من اسمه الزبير
الزبير بن بكار:
ابن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي الزبيري، أبو عبد الله بن أبي بكر، قاضي مكة، قدم طرسوس، وحكى عن بعض الغزاة بها.
روى عن أبيه أبي بكر وعمه مصعب ابني عبد الله بن مصعب، وسفيان بن عيينة، واسماعيل بن أبي أوبيس، ومحمد بن ثابت الأنصاري، وعبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، والنضر بن شميل، وعبد الله بن عمر، وعبيد الله ابن خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبيد الله بن عمر، وعبد الله بن نافع الصائغ، وأبي غزية محمد بن موسى، وعلي بن محمد، وابراهيم بن عبد الله بن سعد، وابراهيم بن عبد الرحمن، وعبد الجبار بن سعيد المساحقي، ومحمد بن يحيى ومحمد بن اسماعيل الجعفري، ومحمد بن محمد العمري، وعتيق بن يعقوب، وخالد بن وضاح (143 - ظ) وساعدة بن عبيد الله المزني، ومحمد بن الحسين، ويونس بن يحيى بن نباته، وحمزة بن عتبة، ويحيى بن المقداد بن يعقوب، ويحيى ابن محمد، ويحيى بن الحارث بن عبد الله الأصغر، وعمرو بن أبي سليمان، وابراهيم بن حمزة وذؤيب بن عمامة، واسحاق بن جعفر، وعلي بن صالح، ووهب ابن زمعة، وأحمد بن عبد الله بن المنذر، وأحمد بن أبي بكر الزهري، وهارون ابن عبد الله الزهري، وعمر بن أبي بكر المؤملي، وطريف بن مورق وابراهيم بن ابن المنذر، وعبد الله بن عمر بن القاسم، وبكار بن رباح المكي، ومحمد بن عبد العزيز الدراوردي، وعمر بن عثمان بن عمر اليمني، ومحمد بن الضحاك بن عثمان الحزامي وعبد الله بن عنبسة بن عبد الله بن عنبسة بن عمرو بن عثمان بن عفان، وأحمد ابن سلمان، ومحمد بن سلاّم، وعبد الله بن كثير بن جعفر، وموسى بن جعفر
ابن أبي كثير، وعلى بن المغيرة، وحميد بن محمد بن عبد العزيز، وعثمان بن عبد الله بن عبد العزيز، وسليمان بن داوود المجمعي، وجماعة غير هؤلاء يطول ذكرهم، ويكثر تعدادهم.
روى عنه أبو حاتم محمد ادريس الرازي، وجعفر بن أحمد الدمشقي، وابراهيم ابن عبد الصمد الهاشمي، وأبو الحسن علي بن عبد العزيز بن يحيى الوارق، وأبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داوود الطوسي وعلي بن سعيد البصري، وأبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، وأبو الحسن أحمد بن محمد المخرمي، وأبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة (144 - و).
أخبرنا الامام أبو نصر عمر بن محمد السهروردي، وأبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي وأبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري، كلهم بحلب، وأبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر القرشي بحلب ودمشق، وموسى بن عبد القادر الجيلاني بدمشق، وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن تيمية الحراني بحران، قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن سلمان البطي، ح.
وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي، بحلب، قال:
أخبرنا أبو الفتح بن البطي وأبو بكر يحيى بن عبد الباقي الغزال، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم بن سلمان الاربلي بحلب، قال:
أخبرنا ابن البطي وأبو الحسن بن تاج القراء قالوا: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي بن ابراهيم البانياسي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الصمد الهاشمي قال:
حدثنا الزبير بن بكار-قاضي مكة-قال: حدثنا ساعدة بن عبد الله المزني عن داوود بن عطاء المزني عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم ان هذا عم نبيّك صلى الله عليه وسلم نتوجه إليك به، فاسقنا، قال: فما برحوا حتى سقاهم الله، قال: فخطب عمر الناس فقال: أيها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس
ما يرى الولد لوالده (144 - ظ) يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمّه العباس واتخذوه وسيلة الى الله فيما نزل بكم.
(1)
.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي العشارى قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن اسماعيل المعروف بابن سمعون قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلم المخرمي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني ساعدة بن عبيد الله قال: حدثني داوود بن عطاء مولى الزبير عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن العباس رضي الله عنه فقال: اللهم بارك فيه وانشر منه
(2)
(145 - و).
***
(1)
-انظره في كنز العمال:13/ 37297.
(2)
-انظره في كنز العمال:11/ 33585.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي-بقراءتي عليه-قال:
أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبي ثابت بن بندار بن ابراهيم البقال قال:
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور النوشرى قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داوود الطوسي قال: قال حدثنا أبو عبد الله الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن محمد العمري قال: رأى انسان فيما يرى النائم قبيل ظهور بني العباس على بني أمية كان عاتكة بنت عبد الله ابن يزيد بن معاوية عريانة ناشرة شعرها وهي تقول:
إن الشّباب وعيشنا اللذّا الذي
…
كنابه زمنا نسرّ ونجذل
ذهبت بشاشته وأصبح ذكره
…
حزنا يعلّ به الفؤاد وينهل
فتأوّل ذلك الناس زوال دنيا بني أمية، فكان كما أولوه، وهذان البيتان للأحوص
(1)
في قصيدته التي يقول فيها:
يا بيت عاتكة الذي أتعزل
…
حذر العدى وبه الفؤاد موكّل
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي-قراءة مني عليه- قلت له: أخبركم أبو الحسن مسعود بن أبي منصور الجمال فأقرّ به قال: أخبرنا أبو منصور محمود بن اسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن الحسين بن فاذ شاه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن (146 - و)
(1)
-هو عبد الله بن محمد بن عبد الله، شاعر هجاء، صافي الديباجة، توفي سنة 105 هـ /723 م الاعلام للزركلي.
أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني مسلم بن عبد الله بن جندب الهذلي قال: خرجت أنا وزبّان السواق الى العقيق فلقينا نسوة نازلات من العقيق ذوات جمال وفيهن جارية حسناء العينين، فأنشد زبان قول أبي:
ألا يا عباد الله هذا أخوكم
…
قتيل فهل منكم به اليوم ثائر
خذوا بدمي إن متّ كلّ خريدة
…
مريضة جفن العين والطرف فاتر
قال: وأقبل عليّ وأشار اليها فقال: يا بن الكرام دم أبيك والله في أثوابها، فلا تطلب أثرا بعد عين، قال: وأقبلت عليّ امرأة معها جميلة وهي أجمل من تيك فقالت: ابن جندب؟ قلت: نعم فقالت: إن أسيرنا لا يفكّ وقتيلنا لا يؤدى فاحتسب أباك واغتنم نفسك ومضين.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي وأخبرنا به أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف-اجازة وغيره عنه-قال: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن المسدد بن المظفر الجنزي-من أصل كتبه بثغر جنزة
(1)
-قال: سمعت عليا-يعني-أبا القاسم بن عبد الرحمن بن الحسن النيسابوري يقول: سمعت أبا عبد الله-يعني- محمد بن عبد الله بن حمدويه الحافظ يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد الفارسي يقول: سمعت أحمد بن محمود قاضي الأهواز يقول: سمعت جعفر بن أحمد الدمشقي يقول: سمعت الزبير بن بكار يقول: رأيت بطرسوس شابا دائم التنفس وشمائل الحبّ لا تخفى (146 - ظ) بخفي وان أخفيتها فاستنطقته فأنشأ يقول:
أنا في أمري رشاد
…
بين غزو وجهاد
بدني يغزو عدوّي
…
والهوى يغزو فؤادي
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي-اجازة ان لم يكن سماعا- قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني-إذنا أو سماعا-
(1)
-اسم أعظم مدينة بأران. معجم البلدان.
قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال الأديب بأصبهان قال: حدثنا أبو مسلم عمر بن علي بن أحمد الليثي الحافظ -إملاء-قال: أخبرنا أبو الفضل الطرواحي وعلي بن سباشي قالا: أخبرنا أبو أحمد الحاكم قال: سمعت عبد الله ابن موسى يقول: سمعت هارون بن عيسى الحنفي يقول: سمعت علي بن سعيد البصري بمكة يقول: أقمت مع الزبير بن بكار قاضي مكة، وطال بنا الاجتماع والمؤانسة، ثم عزمت على الخروج فودعته فقلت: ان كان للقاضي حاجة بالبصرة.
أو أمر فليأمرني أفعل أمره، فقال: يا أبا الحسن لقد بلغ أنسي بك أنس الروح بالبدن وبلغت مفارقتي لك مفارقة الروح للبدن وحاجتي أن يقيض الله الاجتماع ثم دمعت عيناه وأنشأ يقول:
ولقد بكيت من الف
…
راق فهل بكيت كما بكيت
ولطمت وجهي جاه
…
دا وخمشته حتى اشتفيت
ثم عانقني وخرجت من عنده.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي الفرج مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو عبد الله، روى عن عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، ومحمد بن الضحاك وعمه مصعب بن عبد الله كتب عنه أبي بمكة ورأيته ولم أكتب عنه
(1)
.
أخبرنا أبو القاسم بن الطفيل-اذنا-عن الحافظ أبي طاهر السلفي قال:
أخبرنا أبو علي البرداني-اجازة ان لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الفضل ابن خيرون قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ قال: قال أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي: وفيها مات الزبير بن بكار-يعني-ست وخمسين ومائتين.
أنبأنا حسن بن أحمد بن يوسف الأوقى قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 585.
قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ست وخمسين ومائتين الزبير بن بكار، قاضي مكة، مات بها وقع من فوق بيته في جمادي.
الزبير بن جعفر:
ابن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم: أبو عبد الله بن أبي الفضل بن أبي اسحاق بن أبي جعفر بن أبي عبد الله بن أبي جعفر، المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد ابن المهدي بن المنصور الهاشمي، وقيل ان اسمه محمد، وقيل أحمد، وأمه قبيحة أم ولد، قدم حلب مع أبيه حين قدمها في سنة أربع وأربعين ومائة
(1)
، وكان المتوكل استصحبه معه مع أمه قبيحة لحبه لهما، وضنه بهما، وقيل انه لم ير في زمانه أصبح وجها منه ولا من أمه قبيحة، وولي الخلافة وهو أمرد وعمره تسعة عشر سنة
(2)
وشهر، بويع له بالخلافة بسر من رأى بعد المستعين في آخر سنة احدى وخمسين ومائتين، وقيل في المحرم منها، ثم جددت له البيعة في محرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
قرأ القرآن على محمد بن عمران، مؤدبة، وتأدب على يعقوب بن السكيت، وسمع الحديث من علي بن حرب الطائي، وأحمد بن بديل الكوفي القاضي ولا أعلم أنه حدث بشيء (147 - ظ).
وحكى عن أبيه المتوكل، حكى عنه ابنه عبد الله بن المعتز، ويزيد بن أحمد المهلبي، وعبد السميع الهاشمي والفضل بن العباس بن المأمون، والزبير بن بكار، وحمدون بن اسماعيل، وأحمد بن رزين القاضي وكان له شعر حسن.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد الله الشيحي ببغداد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: كتب إليّ أبو الفرج محمد بن
(1)
-كذا بالاصل والصواب: ومائتين.
(2)
-كذا بالاصل، وكان عليه أن يقول:«تسع عشرة» هذا وهناك روايات تقول-سبع عشرة.
ادريس بن محمد الموصلي يذكر أن أبا منصور المظفر بن محمد الطوسي حدثهم قال:
حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي قال: وفد علي بن حرب الطائي على المعتز بسرّ من رأى، فكتب عنه المعتز بخطه ودقق الكتاب، فقال علي: أخذت يا أمير المؤمنين في شؤم أصحاب الحديث، فضحك المعتز أو نحو هذا.
أنبأنا أبو محمد المعافى بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله، وأبو البركات سعد بن محمد بن ادريس قال: أخبرنا أبو منصور المظفر ابن محمد بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن اياس قال: ووفد على المعتز- يعني-علي بن حرب في سنة أربع وخمسين ومائتين، فذكر مثله، وقال: أخبرني بهذا غير واحد من شيوخنا وأحضره المعتز للطعام فأكل بحضرته، وأوعز له بضياع حرب كلها، فلم يزل ذلك جاريا له الى أيام (148 - و) المعتضد.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال:
أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني قال: حدثنا صالح بن أحمد الحافظ قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن عمروس-املاء- قال: سمعت أحمد بن بديل الكوفي قاضينا قال: بعث إليّ المعتز رسولا بعد رسول فلبست كمتي، ولبست نعل طاق فأتيت بابه، فقال الحاجب: يا شيخ نعليك، فلم ألتفت اليه، ودخلت الباب الثاني فقال الحاجب: نعليك، فلم ألتفت اليه، فدخلت الى الثالث فقال: يا شيخ نعليك، فقلت: أبا لواد المقدس أنا فأخلع نعلي! فدخلت بنعلي، فرفع مجلسي وجلست على مصلاه، فقال: أتعبناك أبا جعفر فقلت: أتعبتني وأذعرتني، فكيف بك سئلت عني؟ فقال: ما أردنا إلاّ الخير، أردنا نسمع العلم فقلت: وتسمع العلم أيضا، ألا جئتني فان العلم يؤتى ولا يأتي فقال: تعتب أبا جعفر، فقلت له: خلبتني بحسن أدبك، أكتب قال: فأخذ الكاتب القرطاس والدواة، فقلت له: أتكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرطاس بمداد، قال: فيما يكتب؟ قلت: في رق بحبر، فجاؤوا برق وحبر، فأخذ الكاتب يريد أن يكتب، فقلت: اكتب بخطك فأومأ الى أنه لا يكتب، فأمليت عليه حديثين أسخن الله بهما عينيه، فسأله ابن البناء أو ابن النعمان: أي حديثين؟
فقال: قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استرعى رعية (148 - ظ) فلم يحطها بالنصيحة حرم الله عليه الجنة
(1)
، والثاني: ما من أمير عشرة إلاّ يؤتى به يوم القيامة مغلولا.
(2)
.
أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحاق بن محمد بن المؤيد-القاهرة-قال:
أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج بن مكي الهمذاني قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيّع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن أبو بكر الشيرازي في كتاب الألقاب قال: المعتز بالله أبو عبد الله، واختلفوا في اسمه فقالوا:
محمد، وقالوا: الزبير بن جعفر بن محمد بن المتوكل، ولي في المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين، كان المستعين خلع نفسه وسلم الأمر الى المعتز، ثم خلع المعتز في رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، وقتل بعد الخلع بخمسة أيام أدخل الحمام فعطّش فيه حتى غشي عليه، وهو يطلب الماء ويمنعونه، ثم أخرج وهو يلهث عطشا، فدفع إليه كوز مملوء بالماء والثلج فشربه، ثم سقط ميتا، وهو يقول:
احتلتم على قتلي الله حسيبكم.
سمعت عبد الله بن موسى الجوهري يقول: حدثنا محمد بن الطيب الكاتب قال: سمعت إبراهيم بن اسحاق الغسيلي يقول: سمعت الحسين بن عيسى الدمشقي يقول: سمعت الفضل بن العباس بن سليمان يحكي ذلك عن أبيه.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد (149 - و) بن محمد القاضي قال: أخبرنا علي ابن أحمد الدمشقي قال: أخبرنا أحمد بن علي البغدادي قال: أخبرنا عبد العزيز ابن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد المفيد قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: أخبرني جعفر بن علي بن ابراهيم قال: كانت الجماعة علي أبي عبد الله المعتز بالله، واسمه الزبير بن جعفر بن محمد، وأمّه قبيحه، أم ولد رومية في المحرم، سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وإنما تحسب أيام ملكه منذ يوم خلع المستعين.
(1)
-انظر كنز العمال:6/ 14736 - 14737.
(2)
-انظره في كنز العمال:14723،6/ 14680. تاريخ بغداد:4/ 51 - 52.
وقال أبو بشر: سمعت أبا الجعد يقول: اسم المعتز بالله الزبير، ويقال: محمد وقال: أخبرني جعفر بن علي الهاشمي قال: كان المعتز بالله رجلا طويلا جسيما وسيما، أبيض مشربا حمرة، أدعج العينين حسنهما، أقنى الألف. حسن الوجه مليحا، جعد الشعر، كث اللحية، مدور الوجه، حسن المضحك، شديد سواد الشعر، أكحل العينين، مات وهو ابن أربع وعشرين سنة، وكان قاضيه الحسن بن أبي الشوارب، ونقش خاتمه محمد رسول الله، وله خاتم آخر نقشه المعتز بالله.
انبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: محمد أمير المؤمنين المعتز بالله بن جعفر المتوكل على الله بن محمد المعتصم بالله يكني أبا عبد الله، وقيل إن اسمه الزبير، وكان مولده بسر من رأى، فأنبأني إبراهيم بن مخلد قال: أخبرنا إسماعيل بن علي أن المعتز بالله ولد في شهر ربيع الآخر (149 - ظ) سنة ثنتين وثلاثين ومائتين.
قال: وأخبرنا الحسين بن علي الحنفي قال: أخبرنا الحسين بن هارون الضبي قال: أخبرنا محمد بن عمر الحافظ أن مولد المعتز يوم الخميس الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
قال: وكان منزله بسرّمن رأى والقول الأول عندنا أصح: بويع المعتز بسرّمن رأى عند خلع المستعين
(1)
.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: الزبير بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو عبد الله المعتز بالله بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور، قدم دمشق مع أبيه المتوكل، وبويع له بالخلافة بعد المستعين، حكى عن أبيه المتوكل، حكى عنه ابنه عبد الله بن المعتز، واختلف في اسمه فقيل محمد، وقيل أحمد، وقيل الزبير.
ذكر أبو العباس احمد بن يونس بن المسيّب الضبي أن اسمه أحمد.
(1)
- تاريخ بغداد:2/ 119 - 124.
وقال: أخبرني باسمه محمد بن عمران مؤدبه وبعض الناس يقول اسمه الزبير وهو خطأ، محمد بن عمران أعلم به
(1)
.
أخبرنا أبو الفضل بن اسحاق قال: أخبرنا عبد السلام بن أبي الفرج قال:
أخبرنا شهردار بن شيرويه قال: أخبرنا أبو بكر البيّع قال: أخبرنا حميد بن المأمون قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الرحمن قال: أنشدنا عبد الله بن أحمد (150 - و) الفارسي قال: أنشدنا أبو محمد علي بن محمد بن علي بن أحمد بن الحسين ابن عيسى بن رستم الماذرائي الوزير بمصر قال: أنشدني الأمير أبو العباس عبد الله بن المعتز بالله، واسم المعتز الزبير بن جعفر بن المتوكل على الله بن المعتصم.
قلت: وقد حكي عن المتوكل أنه قال: كل من غلبت كنية على اسمه من ولدي فاسمه محمد.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الآبنوسي قال: أخبرنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق قال: أخبرنا اسماعيل بن علي بن اسماعيل الخطبي قال: وقد كان المتوكل على الله بايع لابنه المعتز بالله بالعهد والخلافة بعد محمد المنتصر بالله، وللمؤيد بالله إبراهيم بن المتوكل على الله بالعهد بعد المعتز بالله، وكان المؤيد محبوسا مع المعتز فأخرج بخروجه، فلما بويع المعتز بالله بالخلافة وانتصب للأمر والنهي والتدبير وجّه أخاه أبا أحمد بن المتوكل على الله إلى بغداد لحرب المستعين بالله، وأوعز معه بالجيوش والكراع والسلاح والعدّة والآلة، فصار أبو احمد بالجيش إلى أكناف بغداد، وأخذ محمد بن عبد الله بن طاهر في الاستعداد للحرب ببغداد، وبنى سور بغداد وأحكمه، وحفر خندقها وحصّنها، ونزل أبو أحمد بن المتوكل على الله على بغداد، وحضر المستعين بالله ومن (150 - ظ) معه من الناس ونصب لهم الحرب، وتجرد من ببغداد للقتال، فغدوا وراحوا على الحرب، ونصبت المناجيق والعرّادات حول سور بغداد، فلم يزل القتال بينهم سنة اثنا عشر شهرا، وعظمت الفتنة، وكثر القتل، وغلت الأسعار ببغداد لشدّة
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 166 - ظ.
الحصار وأضرّ ذلك بالناس، وجهدوا، وداهن محمد بن عبد الله بن طاهر في نصرة المستعين، ومال الى المعتز وكاتب سرا، فضعف أمر المستعين، ووقف أهل بغداد على مداهنة ابن طاهر فصيحوا به وكاشفوه، فانتقل المستعين بالله من دار محمد ابن عبد الله إلى الرصافة فنزلها، وسعي في الصلح على خلع المستعين وتسليم الأمر للمعتز حتى تقرّر الأمر على ذلك، وسعى فيه رجال من الوجوه منهم:
اسماعيل بن اسحاق القاضي وغيره، ووقعت فيه شرائط مؤكدة فخلع المستعين بالله نفسه ببغداد في الرصافة يوم الجمعة لاربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين وسلّم الأمر للمعتز بالله وبايع له وأشهد على نفسه بذلك من حضره من الهاشميين والقضاة وغيرهم، فكانت خلافة المستعين بالله منذ يوم بويع له بسرّمن رأى بعد وفاة المستنصر بالله إلى يوم خلع ببغداد ثلاث سنين وتسعة أشهر وأحدر المستعين بعد خلعه الى واسط موكلا به فخرج من مدينة السلام ليلة الجمعة لاحدى عشرة خلت من المحرم بعد خلعه بثمانية أيام، فوصل واسط وأقام بها تسعة أشهر في التوكيل، ثم حمل إلى سرّ من رأى فقتل بقادسية سرّ من رأى لثلاث (151 - و) خلون من شوال، وقيل ليومين بقيا من شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين ومائتين، فتوفي وله من السن احد
(1)
وثلاثون سنة وشهران ونيف وعشرون يوما، وكان المستعين مربوعا أحمر الوجه خفيف العارضين بمقدم رأسه طول، حسن الجسم بوجهه أثر جدري في لسانه لثغة على السين يميل بها الى الثاء.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا أبي علي قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا احمد بن عبيد-إجازة-قالا: وأخبرنا أبو تمام علي بن محمد-في كتابه-قال:
أخبرنا أبو بكر بن بيري-قراءة علينا-قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد الزعفراني قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: بويع المعتز بالله-واسمه-الزبير بن جعفر، ويكنى أبا عبد الله في آخر سنة إحدى وخمسين ومائتين، وجددت له البيعة سنة اثنتين وخمسين ومائتين في المحرم، وفي هذه السنة قتل المستعين، وقتل المعتز في رجب سنة خمس وخمسين ومائتين.
(1)
-كذا بالاصل والصواب «احدى» ومرد هذا الى مصدر ابن العديم الذي اعتاد النقل بأمانة دونما أدنى تعديل.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد أبي الفضل عن زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم بن البندار-اذنا-عن أبي أحمد القارئ قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن يحيى الصولي-اجازة-قال في أخبار المستعين
(1)
حين انحدر الى بغداد حين قتل باغر وشعب الأتراك عليه بسر من رأى قال: وبقي الأتراك بسر من رأى متحيرين فاجمع رأيهم على أن يبايعوا المعتز، فبايعوه ومنعوا القواد من الانحدار بعد أن خرجوا (151 - ظ) يطلبون رضا المستعين ورجوعه، وأقاموا على فرسخ من بغداد، فلم يجبهم بما يحبون فرجعوا، وكان بسرّمن رأى ممن لم ممن لم يبرح جعفر الخياط، وسليمان بن يحيى بن معاذ فكان اخراجهم للمعتز ومبايعته بالخلافة لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرّم سنة إحدى وخمسين، وبايعوا أخاه ابراهيم المؤيد بالعهد بعده، وأعطوا الناس رزق شهرين فقنعوا بذلك لعوز المال، وذكر خلع المستعين نفسه على نحو ما ذكرناه في ترجمة محمد بن عبد الله بن طاهر.
وقال أبو بكر الصولي: بويع المعتز بالله، وهو محمد بن جعفر المتوكل على الله ويكنى أبا عبد الله، وأمه أم ولد رومية تسمى قبيحة البيعة الثانية في الوقت الذي خلع المستعين نفسه فيه، ومن هذا الوقت تحسب خلافته، وذلك يوم السبت لست خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ووصل اليه القضيب والبرد وجوهر الخلافة مع عبد الله بن عبد الله وشاهك الخادم.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-فيما أذن لي فيه-قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا عبد العزيز ابن علي قال: أخبرنا محمد بن أحمد المفيد قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال:
أخبرني جعفر بن علي الهاشمي قال: خرج أحمد الامام المستعين بالله أمير المؤمنين من سرّ من رأى يوم الاحد لخمس خلون من المحرم سنة احدى وخمسين ومائتين الى بغداد فوثب أهل (152 - و) سر من رأى فبايعوا لأبي عبد الله المعتز بالله.
قال أبو بشر: وأخبرني أبو موسى العباسي قال: لما أنزل المعتز بالله من لؤلؤة، وبويع له ركب الى أمّه وهي في القصر المعروف بالهاروني، فلما دخل عليها وسألته عن
(1)
-لم يصلنا هذا الجزء من كتاب الاوراق للصولي.
خبره قال لها: قد كنت كالمريض المدنف، وأنا الآن كالذي وقع في النزع، يعني أنه بويع له بسر من رأى والمستعين خليفة مجتمع عليه في الشرق والغرب.
وقال أبو بشر: أخبرني علي بن الحسن بن علي قال: لما سأل الأتراك المستعين بالله الرجوع إلى سرّ من رأى، فأبى عليهم قدموا سرّ من رأى يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرّم، فاجتمع الموالي وكسروا باب لؤلؤة، وأنزلوا المعتز بالله فبايعوه، وخلعوا المستعين، فركب المعتز بالله الى دار العامة يوم الخميس في المحرم سنة احدى وخمسين ومائتين، فبايعه الناس وعقد لنفسه لواء أسود، وخلع على ابراهيم المؤيد بالله وعلى أحمد المعتمد على الله وعلى أبي الموفق وأنهضه إلى بغداد مطالبا ببيعته التي أكدها له المتوكل على الله في أعناقهم، ومعه جماعة من الفقهاء، فشخص أبو أحمد يوم السبت لسبع بقين من المحرم.
وحصّن محمد بن عبد الله بن طاهر بغداد، ورمّ سورها، وأصلح أبوابها، وعسكر أبو أحمد بالشماسيّة، ووقع الحرب يوم السبت للنصف من صفر واتصلت الوقائع (152 - ظ).
قال أبو بشر: وسمعت جعفر بن علي الهاشمي يقول: بويع المعتز يوم الاربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم، وتوجّه أبو أحمد بن المتوكل على الله إلى بغداد في عشرة آلاف من سرّ من رأى فواقع أهل بغداد فقتل من الفريقين خلق عظيم وكانت هذه السنة فتنة المعتز والمستعين.
قال: وأخبرني أبو موسى العباسي قال: لما وجه المعتز بالله أخاه أبا احمد الموفق فحصرهم وأقام المستعين بالله ببغداد الى أن خلع سنة واشتد الحصار على أهل بغداد، وقد كان أهل بغداد لما رحل إليهم المستعين أحبوه، ومالوا نحوه غاية الميل حتى نزل بهم من الحصار ما نزل فنسبوا محمد بن عبد الله بن ظاهر إلى المداهنة في أمر المستعين بالله، وهجموا منزله يريدون نفسه.
قال: وأخبرني أبو موسى العباسي قال: فدس محمد بن عبد الله بن طاهر الى المستعين بالله من يعرض له بالخلع على أنه يتوثق له من المعتز بالله، ويسلم إليه الأمر، وكان المستعين بالله رجلا صالحا ضعيفا فأجاب المستعين بالله إلى ذلك، وكره الدماء بعد أن لم يجد ناصرا.
قال: وأخبرني جعفر بن علي قال: خلع المستعين بالله نفسه من الخلافة في المحرم أول سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد الغساني قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر (153 - و) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن ابراهيم الشافعي قال: أخبرنا عمر بن حفص قال: ودعي للمعتز ببغداد يوم الجمعة لثلاث خلت من المحرّم سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن احمد بن الحسن بن البنّاء قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران-اجازة-قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشيّ، وأبو العلاء علي بن عبد الرحيم الواسطي قالا: أخبرنا أبو عبد الله ابراهيم بن محمد ابن عرفة قال: ولم تزل الحرب دائمة بمدينة السلام الى يوم الاثنين لثمان بقين من ذي الحجة ثم تبدّى محمد بن عبد الله بن طاهر في الصلح على أن يبايع المعتز ويخلع المستعين يوم الخميس لثلاث من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين ودعي للمعتز بمدينة السلام يوم الجمعة لاربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين ودعي له بالمسجدين وبايع القواد وسائر الناس وأمر للجند برزق شهرين.
قال أحمد بن البناء: أخبرنا محمد بن أحمد بن الآبنوسي قال: أخبرنا عبد الله ابن عثمان بن يحيى قال: أخبرنا اسماعيل بن علي قال: خلافة أبي عبد الله المعتز بالله، واسمه محمد بن جعفر المتوكل على الله، وأمه أم ولد يقال لها: قبيحة أدركت خلافته، ومولده في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، واجتمع الناس على بيعة أبي عبد الله المعتز بالله بعد خلع المستعين، وبويع له ببغداد يوم الجمعة لاربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين فكانت خلافته (153 - ظ) منذ يوم بويع له ببغداد، واجتمع الناس عليه الى يوم خلع بسر من رأى، وقبض عليه صالح ابن وصيف فحبسه وذلك يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما، وحبس خمسة أيام، ثم قتل يوم الجمعة وقت العصر مستهل شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو ابن ثلاث
وعشرين سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوما، ومبدأ الوقت الذي بويع له فيه بسر من رأى بالخلافة الى وقت قتل أربع سنين وخمسة عشر يوما، وكان أبيض شديد البياض، معتدل الخلق جميل الوجه ربعة، حسن الجسم، على خده الأيسر خال أسود وشعره أسود خشن.
كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي منها: أن أبا القاسم الشحامي أخبرهم-إجازة-عن أبي القاسم البندار عن أبي أحمد القارئ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي-إجازة-قال: وكانت البيعة لولد المتوكل بالعهد يوم الاثنين غرّة المحرّم سنة ست وثلاثين ومائتين: بويع لمحمد وسمي المنتصر، ولأبي عبد الله وسمي المعتز، واسمه محمد وقيل الزبير، وبايعوا لإبراهيم وسّموه المؤيد، وأعطى الجند لأربعة أشهر، وأمر للهاشمين بخمسة آلاف درهم لكل رجل منهم، وأخرج الشيعه إلى الآفاق ليأخذوا البيعة، وقسمت أعال الدنيا بين ولاة العهود، فكان إلى المنتصر الغرب كله إلاّ القليل الى السواد (154 - و) والحرمين واليمن واليمامة والبحرين والسند والهند وكور الأهواز والمستغلات بسرّمن رأى وماءة الكوفة وماءة البصرة وما سبذان ومهرجانيه وأصبهان، وشهر زور، وقم وقاشان، وقزوين، وإلى المعتز كور خراسان وكور فارس وأرمينية وأذربيجان، وولي بعد ذلك في سنة أربعين حوز الأموال في جميع البلدان، ودور الضرب، فضرب اسمه على الدراهم، وإلى المؤيد جند حمص وجند دمشق، وجند الأردن، وجند فلسطين.
قال أبو بكر الصولي: حدثنا الحسين بن علي أبو علي الرازي قال: حدثني ابن أبي فنن قال: لما بنى المتوكل للمعتز داره ببركوارا
(1)
وطهره فيها، دخل الشعراء فأطالوا وذهبوا كل مذهب وعرفت طبع المتوكل فدخلت وأنشدت:
قل لأمين الله في خلقه
…
عشت سليما عالي الجد
بنيت للمعتز أعجوبة
…
ينزلها بالطائر السعد
دارا ترى العزّ محيطا بها
…
مختارة باليمين والرشد
(1)
-من المرجح أن ذلك كان في سامراء، وهذا الخبر ليس بالاجزاء المطبوعة من كتاب الاوراق للصولى، هذا ولم أستطع الوقوف على ترجمة لابن أبى فنن.
إذا رأيناها دكرنا بها
…
لما رأينا جنّة الخلد
أبقاك رب الناس حتى ترى
…
المعتزّ جدا وأبا جد
حولك من أبناء أبنائه
…
تسعون من شيب ومن مرد
كلّهم قد نال ما ناله
…
آباؤه الزهر من المجد
(154 - ظ) قال: فما بلغ أحد ممن أطال ما بلغت.
قال الصولي ودعوة المتوكل هذه ببركورا لما أعذر المعتز دعوة مشهورة، يقال إنها دعوة الاسلام لم يكن قبلها ولا بعدها مثلها إلاّ ما يحكى في وقت بناء المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل.
حدثني بها جماعة قد شاهدوها وجماعة من أولاد الخلفاء، والجلساء عن آبائهم: أن المتوكل جلس ومدت بين يديه مرافع ذهب مرصعة بالجوهر وعليها من العنبر والند والمسك المعجون أمثلة على جميع الصور، ومنها ما قد رصع بالجوهر مفردا ومنها ما عليه ذهب وجوهر، وجعل بساطا ممدودا فأحضر الجلساء وسائر الناس، فوضعت بين أيديهم صواني الذهب مرصعة بأنواع الجوهر، وجعل بين صوانيهم من الجانبين وبين طرفي هذا المعبّى فرجة، وجاء الفراشون بزبل
(1)
قد غشيت بالأدم مملوءة دنانير ودراهم نصفين فصبت في الفرجتين حتى ارتفعت على الصواني، وأمر الناس أن يشربوا ويتنقل من يشرب من تلك الدنانير ثلاث حفنات بكفه كأنها ما كانت، وكلما خفّ موضع جيء بالزبل فردّ إلى حاله، ووقف غلمان في آخر المجلس فصاحوا: إن أمير المؤمنين يقول لكم: ليأخذ من شاء ما شاء، فمد الناس أيديهم إلى المال فأخذوه وكان الرجل منهم يثقله ما معه فيخرج فيسلّمه إلى من معه ويرجع، وخلع على سائر الناس بعد ان صليت الظهر خلعا حسانا، على مراتبهم، وكذلك بعد العصر والمغرب، وأعتق (155 - و) ستة آلاف نسمة ولم يتخلف عن هذا الأمر أحد وكان فيه جلساء المتوكل كلهم.
قال: وكانت دعوة المأمون حين بنى على بوران ابنه الحسن بن سهل تسمى دعوة الإسلام حتى جاءت دعوة بركوارا
(2)
، فقيل هي مثلها، وقيل أقل وأكثر.
(1)
-جمع زبيل وهي القفة.
(2)
-كذا رسمها بالاصل وأحيانا: بركورا.
قال الصولي: وحدثني ابن المعتز قال: حدثني العنبري قال: حدثني حماد بن محمد عن ابن السمط قال: لما نثر على المعتز يوم بركوارا لم ألتقط، فقال لي المتوكل:
لم لا تلتقط وأنكر ذلك فقلت: خفت أو أوليك ظهري، قال: أما ترى الفتح
(1)
يلتقط فالتقطت وقلت:
هذي سماء تمطر الدراهما عند إمام يعمر المكاربا خليفة قد ولد الضراغما جاء بهم خلائفا أكارما لازال ملك الأرض فيهم دائما
فشتممني ابن الجهم
(2)
، فقال لي المتوكل: إنما شتمك غيظا لأنه لا يحسن أن يقول بديها كما تقول.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قال:
أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثني أبو يوسف يعقوب بن بيان الكاتب قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات قال: حدثنا أبي وجماعة من شيوخنا قال: لما حذق
(3)
المعتز القرآن دعا المتوكل شفيع (155 - ظ) الخادم بحضرة الفتح بن خاقان فقال: إني قد عزمت على تحذيق أبي عبد الله في يوم كذا، وتكون خطبته على حذاقته ببركوارا، فأخرج من خزانه الجوهر جوهرا بقيمة مائة ألف دينار في عشر صواني فضة للنثار على من يقرب من القواد مثل: محمد بن عبد الله ووصيف وبغا وجعفر الخياط ورجاء الحضاري، ونحو هؤلاء من قادة العسكر، وأخرج مائة ألف دينار عددا للنثار على القواد الذين دون هؤلاء في الرواق
(1)
-الفتح بن خاقان، قتل مع المتوكل.
(2)
-علي بن الجهم الشاعر العباسي المشهور.
(3)
-أي تعلم القرآن كله ومهر فيه-القاموس.
الذي بين يدي الابواب، وأخرج ألف ألف درهم بيضا صحاحا للنثار على من في الصحن من خلفاء القواد والنقباء.
قال شفيع: فوجهت الى أحمد بن جناب الجوهري فأقام معنا حتى صنفنا في عشر صواني من الجوهر الابيض والاحمر والاخضر والازرق بقيمة مائة ألف دينار، ووزن كل صينية ثلاثة آلاف درهم، وقال شفيع لابن جناب: اجعل في صينية من هذه الصواني جوهرا يكون قيمته خمسة آلاف دينار وانتقصه من باقي الصواني حتى يكون في كل واحدة تسعة آلاف وخمسمائة دينار، فإن أمير المؤمنين أمرني أن أدفع هذه الصينية الى محمد بن عمران مؤدب الامير أبي عبد الله إذا فرغ من خطبته، ففعل ذلك وشدوا كل صينية في منديل وختمت بخاتم شفيع، وتقدم شفيع الى كل من كان معه من الخدم أن ينثروا العين في الرواق، والورق في الصحن، ووعز الى الناس من الاكابر ووجوه الموالي (156 - و) والشاكرية
(1)
بحضور بركوارا في يوم سمي لهم ليشهدوا خطبة الامير المعتز، وكتب الى محمد بن عبد الله وهو بمدينة السلام بالقدوم الى سرّ من رأى لحضور الحذاق.
قال: فتوافى الناس الى بركوارا قبل ذلك بثلاثة أيام وضربت المضارب، وانحدر المتوكل غداة ذلك اليوم ومعه قبيحة ومن اختصت من حرم المتوكل وحشمها الى بركوارا، وجلس المتوكل في الإيوان على منصته، وأخرج منبر آبنوس مضبب
(2)
بالذهب، مرصع بالجوهر مقانعه
(3)
عاج، وقال بعضهم: عود هندي، فنصب تجاه المنصّة وسط الإيوان، ثم أمر بادخال محمد بن عمران المؤدب فدخل فسلّم على أمير المؤمنين بالخلافة ودعا له، فجعل أمير المؤمنين يستدنيه حتى جلس بين يدي المنبر، وخرج المعتز من باب في حنية الإيوان حتى صعد المنبر، فسلم على أمير المؤمنين، وعلى من حضر، ثم خطب فلما فرغ من خطبته دفعت الصينية الى محمد بن عمران، ونثر شفيع صواني الجوهر على من في الايوان، ونثر الخدم الذين كانوا في الرواق والصحن ما كان معهم من العين والورق وأقام المتوكل ببركوارا أياما في يوم
(1)
-أي الاتباع.
(2)
-مغطى: محاط -القاموس.
(3)
-المقنع والمقنعة ما تقنع به المرأة رأسها-القاموس.
منها دعته قبيحة فيقال: انه لم ير يوم مثله سرورا وحسنا وكثرة نفقة وان الشمع كله كان عنبرا، إلاّ الشمعة التي في الصحن فانه كان وزنها ألف منا، فكادت تحرق القصر، ووجد حرّها من كان في الجانب الغربي من دجلة.
وقد كان أمر (156 - ظ) المتوكل أن يصاغ له سريران أحدهما ذهب والآخر فضة، ويفرش السرير الفضة ببساط حب وبرذعة حب ووسادى حب ومخدتي حب ومسند حب منظوم على ديباج أسود، وكان طول السرير تسعة أذرع.
قال: فأخرج من خزانة الجوهر حبّ عمل منه ذلك، فكان أرفع قيمة الحبة دينارا، وأقل القيمة درهما، فاتخذ له ذلك، وأمر بفرش السرير الذهب بمثل فرش السرير الفضة منقوشا بأنواع الجوهر الاحمر والاخضر والاصفر والانواع ففرشا فقعد عليهما هو وقبيحة ثم وهبهما لها
(1)
.
أنبأنا أبو روح الهروي عن زاهر بن طاهر عن أبي القاسم البندار قال: أنبأنا أبو أحمد القارئ قال: أخبرنا محمد بن يحيى-اجازة-قال: حدثني عون بن محمد بن علي قال: لما بلغ المعتز مبلغ الرجال جلس المتوكل للتهنئة فجاء الناس على طبقاتهم، ودخل البحتري فأنشده:
ردي على المشتاق بعض رقاده
…
أو فاشركيه في اتصال سهاده
حتى بلغ قوله:
يهنيك في المعتز بشرى بيّنت
…
فينا فضيلة هدية ورشاده
قد أدرك الحلم الذي أبدى لنا
…
عن حلمه ووقاره وسداده
ومبارك ميلاد ملك مخبر
…
بقريب عهد كان من ميلاده
تمت لك النعماء فيه ممتّعا
…
بعلو همّته ووري زناده
(157 - و)
وبقيت حتى تستضيء برأيه
…
وترى الكهول الشيب من أولاده
(2)
(1)
-ليس بالمطبوع من كتاب الجليس الصالح.
(2)
-ديوان البحتري:1/ 52 - 53.
فأمر بإعادة هذا فأعاده، فقال: آمين: وأمر للبحتري بألف دينار.
قال الصولي: وعزل أحمد بن وزير البصرى عن قضاء سر من رأى إلاّ أنه لم يكن اليه قضاء القضاة. فحدثني يحيى بن أحمد بن وزير عن أبيه قال: ما رأيت أحسن وجها من المعتز ولا أبلغ خطابا قال لي لما ولاني القضاء: يا أحمد قد وليتك القضاء، وانما هي الدماء والفروج والاموال ينفذ فيها حكمك، ولا يردّ أمرك، فاتق الله وانظر ما أنت صانع قال: فما قرع قلبي كلام قط مثله.
قال-يعني-أحمد بن وزير: وحضرت عنده وقد عرض عليه أسارى من عامة أهل بغداد أخذوا في الحرب فأمر بقتلهم فقلت: يا أمير المؤمنين قصّاب وهرّاس استفزّهم الجهل وأرداهم الطمع، فان قتلتهم فليسوا بثأر وفي اطلاقهم نجاة لك من النار، فأمر باطلاقهم وان يدفع الى كل واحد منهم ثوب ودينار.
وقال الصولي: حدثني أحمد بن محمد بن اسحاق قال: سمعت الفضل بن العباس يقول: كان المعتز حسن الاخلاق جميل المذهب، لولا أنه حمل على قتل أخيه المؤيد وخوّف ما جسر على ما فعله به وما زال نادما على ذلك، وكانت له فعلة أخرى أطعم المضحكين حيّات على أنها سمك مرماهي
(1)
فماتوا كلهم، وأعطى ورثتهم الديات، وتاب الى الله عز وجل من ذلك وتصدق بمائة ألف (157 - ظ) درهم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني قال: أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: أخبرنا أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السّمان-لفظا بالري-قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى الشافعي بسامراء قال: أخبرنا أحمد بن علي بن يحيى بن حسان قال: حدثنا علي بن حرب الطائي قال: دخلنت على المعتز بالله فما رأيت خليفة كان أحسن وجها منه، فلما رأيته سجدت فقال: يا شيخ تسجد لأحد من دون الله؟ قلت: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل قال: حدثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا رأى ما يفرح أو بشر بما يسره سجد شكرا لله عز وجل.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر
(1)
-المرماهي هو سمك الانكليس. المعرب للجواليقي:338.
الخطيب قال: أخبرني أبو القاسم الأزهري قال: قال حدثنا عبد الله بن محمد المقرئ قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني أبو الغوث بن البحتري قال:
حدثني أبي قال: نظر إلي المعتز وأنا أنظر الى وجهه فقال: الى أي شيء تنظر؟ فقلت:
الى كمال أمير المؤمنين في جمال وجهه وجميل أفعاله
(1)
.
أخبرنا أبو جعفر المؤدب في كتابه قال: أنبأنا أبو غالب بن البناء عن أبي غالب ابن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا أبو عبد الله نفطويه قال: ولم يتول الخلافة قبله أحد أصغر منه سنا-يعني المعتز- وكان جميلا أبيض مشربا حمرة حسن الجسم، ولا أعرف له شعرا ولا تمثلا غير (158 - و) أنه حكي لي عن الزبير بن بكار أنه قال: أجلسني المتوكل أملي على بنيه فأقبل المعتز فعثر فجزعت لعثرته فقال: يا زبير أقبل على املائك ثم تمثل:
يموت الفتى من عثرة بلسانه
…
وليس يموت المرء من عثرة الرّجل
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي-فيما أذن لنا فيه-قال:
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني الحسن بن أبي طالب قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن علي قال: حدثنا يزداد بن عبد الرحمن قال: قال لي الزبير بن بكار: صرت الى أبي عبد الله المعتز بالله وهو أمير فلما علم بمكاني خرج مستعجلا فعثر فأنشأ يقول:
يموت الفتى من عثره بلسانه
…
وليس يموت المرء من عثرة الرّجل
(2)
وقد روي عن الزبير أنه حكى عن الرشيد أنه قدم إليه ليحدثه بالأخبار التي صنفها فأعجل المعتصم فعثر فقام وتمثل بهذا البيت رواه ثعلب عن الزبير، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة المعتصم.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم العلوي،
(1)
- تاريخ بغداد:2/ 124 - 125.
(2)
- الخطيب البغدادي-المصدر نفسه:2/ 125.
وأبو الوحش المقرئ عنه قال: أخبرنا أبو الفتح ابراهيم بن علي بن ابراهيم بن الحسن بن محمد قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو العيناء قال: دخل ابن السكيت على المعتز وكان يؤدبه وله عشر سنين فقال: بأي شيء يحب أن أبتدئ الأمير من العلوم قال: بالانصراف قال: أنا أخف نهوضا منك، فوثب فعثر بسراويله فالتفت فقال:(158 - ظ)
يموت الفتى من عثرة بلسانه
…
وليس يموت المرء من عثرة الرّجل
فخبّر بها المتوكل فأمر لابن السكيت بخمسين ألف درهم. قال أبو العيناء:
وإنما فعل ذلك المتوكل ليستر عوار ابنه في سوء أدبه على معلمه
(1)
.
قلت: قال أبو عبد الله نفطويه: ولا أعرف له شعرا، وقد روي له مقاطيع عدة فمن ذلك ما ذكره أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق قال: حدثني أحمد بن يزيد المهلبي قال: حدثني أبي قال: كان المعتز يشرب على بستان مملوء بالنمام
(2)
وبين النمام شقائق النعمان فدخل يونس بن بغا وعليه قباء أخضر وقد شرب فاشتدت حمرة وجناته فقال المعتز:
شبّهت حمرة خدّه في ثوبه
…
بشقائق النعمان في النمام
ثم قال: أجيزوا، فبدر بنان المغني، فقال: وكان ربما عبث بالبيت والبيتين:
والقد منه إذا بدا في قرطق
(3)
…
كالغصن في لين وحسن قوام
فقال له المعتز: غنّ الآن فيه، فعمل لحنا وتغنى فيه.
قال الصولي: حدثني محمد بن عبد السميع قال: حدثني أبي قال: لما قتل بغا
(4)
دخلنا فهنأنا المعتز بالظفر، فاصطبح ومعه يونس بن بغا وما رأينا وجهين قط اجتمعا
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 169 - و.
(2)
-نبت طيب الريح، سمى بذلك لسطوع رائحته فينم على حامله-معجم اسماء النباتات.
(3)
-القرطق: لبس-القاموس.
(4)
-كان ذلك سنة 254 هـ. انظر تفاصيله لدى الطبري:9/ 379 - 381.
أحسن من وجهيهما فما مضت ثلاث ساعات حتى سكرا ثم خرج علينا المعتز فقال:
(159 - و)
ما أن ترى منظرا إن شئته حسنا
…
إلا صريعا تهادى بين سكرين
سكر الشباب وسكر من هوى رشأ
…
تخاله والذي يهواه غصنين
ثم أمر بعض المغنين فغنى فيهما.
قال أبو بكر الصولي: ومن شعر المعتز قوله في يونس بن بغا، وفيه ألحان عملها المعتز في طريقه الرمل الثاني
(1)
.
علموني كيف أجفوك على رغم من أنفي وجفائي لك يا يونس مقرون بحتفي غير أن الله قد يعلم ما أبدي وأخفي فوقاني فيك ريب الدهر أن يأتي بصرف
(2)
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قال:
أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال:
حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عباد قال: حدثني عمر بن محمد بن عبد الملك قال: قعد المعتز ويونس بن بغا بين يديه والجلساء والمغنون حضور، وقد أعد الخلع والجوائز، إذ دخل بغا فقال: يا سيدي والدة عبدك يونس في الموت، وهي تحب أن تراه، فأذن له فخرج ففتر المعتز بعده ونعس، وقام الجلساء الى أن صليت المغرب، وعاد المعتز الى مجلسه ودخل يونس بين (159 - ظ) يديه الشموع، فلما رآه المعتز دعا برطل فشربه، وسقى يونس رطلا وغنى المغنون، وعاد المجلس أحسن ما كان فقال المعتز:
(1)
-الرمل من أجناس غناء المقامات. انظر معجم الموسيقى العربية لحسين محفوظ. ط. بغداد:1964.
(2)
-لم ترد هذه الاخبار في المطبوع من كتاب الاوراق.
تغيب فلا أفرح فليتك لا تبرح
…
وإن جئت عذبتني بأنك لا تسمح
فأصبحت ما بين ذين لي كبد تجرح
…
على ذاك يا سيدي دنوك لي أصلح
ثم قال: غنوا فيه، فغنوا فيه فجعلوا يفكرون، فقال المعتز لابن الفضل الطنبوري: ويلك ألحان الطنبور أملح وأخف فغن لنا، فغنى فيه لحنا فقال:
دنانير الخريطة
(1)
، وهي مائة دينار فيها مائتان، مكتوب على كل دينار ضرب هذا الدينار بالحسني لخريطة أمير المؤمنين، ثم دعي بالخلع والجوائز لسائر الناس، فكان ذلك المجلس من أحسن المجالس
(2)
.
قلت: وهذا يونس بن بغا الكبير، لا يونس الصغير المعروف بالشرابي
(3)
.
أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحاق الهمذاني بالقاهرة قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن اسحاق الحربي قال: أخبرنا أبو بكر الصولي، محمد بن يحيى قال:
حدثنا أحمد (160 - و) بن محمد بن اسحاق قال: حدثنا الفضل بن العباس بن المأمون قال: كنت مع المعتز في الصيد فانقطعنا عن الموكب هو وأنا ويونس بن بغا، ونظرنا الى دير فيه ديراني يعرفني وأعرفه ظريف مليح، فشكا المعتز العطش، فقلت: هاهنا ديراني ظريف مليح فقال: مر بنا، فجئنا، فخرج إلينا وأخرج لنا ماء باردا، وسألني عن المعتز ويونس فقلت فتيان من أبناء الجند فقال لي: تأكلون شيئا؟ قلنا: نعم فأخرج لنا أطلف
(4)
شيء في الدنيا فأكلنا أطيب أكل وجاءنا بأطيب اشنان وأحسن آلة، فاستظرفه المعتز، وقال لي: قل له بينك وبينه: من تحب أن يكون معك من هذين لا يفارقك، فقلت له: فقال: كلاهما وتمرا، فضحك المعتز حتى مال على الحائط، فقلت للديراني: لا بد من أن تختار فقال: الاختيار والله
(1)
-الخريطة: وعاء من أدم وغيره-القاموس.
(2)
-ليس في المطبوع من كتاب الجليس الصالح، والحسني دار الخلافة في بغداد.
(3)
-بغا الشرابي هو الذي وردت الاشارة الى قتله قبل قليل.
(4)
-كذا بالاصل صوابه «ألطف» .
في هذا دمار، ما خلق الله عقلا يميز بين هذين، ولحقنا الموكب فارتاع الديراني فقال له المعتز: بحياتي لا تنقطع عما كنا فيه ففرحنا ساعة، ثم أمر له بخمسمائة ألف درهم، فقال: والله لا قبلتها إلا على شريطة قال: وما هي؟ قال: يجيب أمير المؤمنين دعوتي مع من أراد، فوعدناه اليوم فجئناه فأنفق علينا المال كله، فوصله المعتز بمثله وانصرفنا.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي-فيما أذن لنا أن نرويه عنه-قال:
أخبرنا الحافظ (160 - ظ) أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو الفرج سهل بن بشر قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله الهمذاني-إجازة-قال: أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن خيران قال: أخبرنا ابن الأنباري قال: دخل الزبير بن أبي بكر على المعتز بالله وهو محموم فقال له: يا أبا عبد الله إني قد قلت في ليلتي هذه أبياتا وقد أعيى علي إجازة بعضها فأنشدني:
إني عرفت علاج القلب من وجع
…
وما عرفت علاج الحب والجزع
جزعت للحب والحمى صبرت
…
إني لأعجب من صبري ومن جزعي
من كان يشغله عن حبه وجع
…
فليس يشغلني عن حبكم وجعي
وقال أبو عبد الله:
وما أملّ حبيبي ليتني أبدا
…
مع الحبيب ويا ليت الحبيب معي
فأمر لي على البيت بألف دينار
(1)
.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل-فيما أذن لنا فيه- قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز قال: أنشدنا محمد بن خلف بن المرزبان قال: أنشدت للمعتز بالله:
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 169 - ظ.
الله يعلم يا حبيبي أنني
…
مذ غبت عنك مدله مكروب
(161 - و)
يدنو السرور إذا دنا بك منزل
…
ويغيب صفو العيش حين تغيب
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: كتب إلينا أبو القاسم الشحامي أن أبا القاسم بن البندار أجاز لهم عن أبي أحمد القارئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي -إجازة-قال: حدثني عمار بن محمد قال: حدثني حمدون بن اسماعيل قال:
اصطبح المعتز في يوم ثلاثاء ونحن بين يديه ثم وثب فدخل فاعترضته جارية كان يحبها وما كان ذلك اليوم من أيامها فقبلها وخرج فحدثني بما كان وأنشدني:
إني قمرتك يا همي ويا أملي
…
أمرا مطاعا بلا مطل ولا علل
حتى متى يا حبيب النفس تمطلني
…
وقد قمرتك مرات فلم تف لي
يوم الثلاثاء يوم سوف أشكره
…
إذ زارني فيه من أهوى على عجل
فلم أنل منه شيئا غير قبلته
…
وكان ذلك عندي أعظم النفل
قال: فأمر أن يعمل فيه لحن خفيف، فشربنا عليه سائر يومنا.
قال الصولي: وأنشدني عبد الله بن المعتز لأبيه:
بيضاء رود الشباب قد غمست
…
في خجل دائب يعصفرها
مجدولة هزها الصبي وغدت
…
يشغل لحظ العيون منظرها
الله جار لها فما امتلات
…
عيني إلاّ من حيث أبصرها
وعملت عريب
(1)
فيه لحنا.
قال: وحدثني عبد الله بن المعتز قال: أنشدنا أحمد بن حمدون المعتز في يونس بن بغا وقد خرج من عنده ثم عاد (161 - ظ).
الله يعلم يا حبيبي أنني
…
مذ غبت عني هائم مكروب
(1)
-مغنية محسنه، وشاعرة صالحة، كانت مليحة الخط والمذهب في الكلام، ونهاية في الحسن والجمال والظرف وحسن الصوت، وجودة الضرب وانقان الصنعة. جمهرة المغنين لخليل مردم بك-ط. دمشق 175:1964.
يدنو السرور إذا دنا بك منزل
…
ويغيب صفو العيش حين تغيب
وقال الصولي: حدثني عبد الله بن المعتز قال: بويع المعتز بالخلافة وله سبع عشرة سنة كاملة وشهر، فلما انقضت البيعه قال:
تفرد لي الرحمن بالعز والعلى
…
فأصبحت فوق العالمين أميرا
وقال الصولي: حدثني عبد الله بن المعتز قال: حدثتني امرأة من موالياتنا قال:
خرجت قبيحة أم المعتز على الأتراك، وأخرجت إليه قميص المتوكل مخضبا بدمائه، وقالت: أقتلهم في كل مكان فقال لها: ارفعيه وإلاّ صار القميص قميصين.
قال الصولي: وفيها يعني سنة خمس وخمسين ومائتين خلع المعتز، وقتل بعد خلعه بأيام، حدثني الحسين بن عبد الله بن عمر قال: حدثني علي بن الحسين بن عبد الأعلى قال: لما قبض صالح بن وصيف على الكتاب شغب الأتراك على المعتز يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب فركب صالح وباكباك ومحمد بن بغا المعروف بأبي نصر حتى وافوا باب المعتز فقالوا: أخرج إلينا، فوجه اليهم اني أخذت دواء فعاودوه مرات فوجه إليهم: إن كان ما لا بد منه فادخلوا وهو يرى أن أمره واقف بعد فدخلوا، فجروا برجله وضربوه، وأقاموه في الشمس، ثم قالوا له: اخلع نفسك، قال: نعم فأدخل حجرة ووجه إلى ابن أبي الشوارب
(1)
(162 - و) والفقهاء، فكتب كتاب الخلع وشهدوا عليه على أنّ له الأمان ولأخيه وابنه ولأمه، وكان لقبيحة سرب في الدار فنجت منه، وفرّت أخت المعتز، وكان المعتز طلب منها مالا وقت شغبهم عليه، فقالت: ليس عندي، فقال: إني مقتول، قالت: لا يجسرون عليه ووجهوا بخليفة بيناتكين إلى بغداد فهجم على محمد بن الواثق، وكان ينزل في الجانب الشرقي فأخذه وحمله، فوافى به سرّ من رأى ليلة الاربعاء لليلة بقيت من رجب فبويع من ساعته وسمي المهتدي بالله وأدخل المعتز إلى المهتدي يوم السبت لثلاث خلون من شعبان فقال له المهتدي أخلعت أم خلعت؟ قال: خلعت فوجئ في عنقه حتى سقط ثم أقيم، فقال: خلعت وسلمت ورضيت وسلم على المهتدي بالخلافة وأخرج فسلمه صالح إلى نوشري بن طاجنك فمشيّ في الحر، فطلب نعلا فلم يعط، فأرخى
(1)
-قاضي القضاة.
سراويله فمشى عليه، وأخذ من مال أخته ثلاثمائة ألف دينار ونادى المهتدي: من دلّ على مال من مالهم فله نصف العشر، فدل الناس على أموال كثيرة نحو ألف ألف دينار، فوفى لهم المهتدي بنصف العشر، وعذب المعتز بألوان العذاب فلم يكن عنده مال، فأدخل حماما ومنعوه الماء حتى اشتد في الحمام عطشه وقارب التلف، ثم أخرج فأعطي ماء فيه ثلج كثير، فحين جرع منه جرعا مات وذلك يوم السبت لعشر خلون من شعبان، فكانت خلافته مذ بايعوه قبل خلع المستعين (162 - ظ) وذلك يوم الجمعة لأربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين: ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرون يوما، وقتل بعد الخلع بأيام، وكان مولده في شهر رمضان سنة اثنتين ومائتين قبل خلافة أبيه، وكان المهتدي يقول قبل قتل المعتز لا يجتمع سيفان في غمد، ولا فحلان في شول
(1)
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال:
أجاز لنا أبو غالب محمد بن احمد بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء علي بن عبد الرحيم الواسطي قالا: أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفه الأزدي قال: وفي هذه السنة يعني سنة خمس وخمسين ومائتين هاج الموالي فخلعوا المعتز بحضرة القضاة والفقهاء بعد أن قرّعوه ووبخوه، فكانت خلافته أربع سنين وستة أشهر وأربعة عشر يوما منها بعد خلع المستعين ثلاث وستة أشهر وثلاثة وعشرون يوما، ومات عن أربع وعشرين سنة.
ووافى محمد بن الواثق يوم الاربعاء لليلة بقيت من رجب، وهو أبو عبد الله، وسمي المهتدي وتنبع أموال المعتز وأخذ له مالا وجوهرا، وطيبا ومتاعا كثيرا.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس قال حدثنا ابن أبي الدنيا قال: بويع المعتز بالله في المحرم سنة ثنتين (163 - و) وخمسين ومائتين عند خلع المستعين بالله، ومات يوم الثاني من شهر رمضان، بسر من رأى، ودفن بموضع يقال له باب السميدع سنة خمس وخمسين ومائتين، وله ثلاث وعشرون
(1)
-شالت الناقة بذنبها شولا: رفعته للقاح. القاموس.
سنة، وكانت خلافة المعتز بالله من يوم دعي له بالخلافة ببغداد الى يوم دفن ثلاث سنين وسبعة أشهر إلاّ ثلاثة أيام.
قال أبو بكر الخطيب: هكذا ذكر ابن أبي الدنيا أن وفاة المعتز كانت في شهر رمضان.
وأخبرنا الحسين بن أبي بكر قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمر بن حفص أن المعتز قتل يوم السبت ليومين من شعبان، وأخبرنا عبد العزيز بن علي قال: أخبرنا المفيد قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: أخبرني جعفر بن علي الهاشمي ان المعتز بالله صلى عليه محمد بن الواثق المهتدي، ودفن عند قبر المنتصر بالله يوم السبت لثلاث خلون من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين.
وقال الخطيب: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: قال ابن البراء: كانت خلافة المعتز الى أن خلع يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين: أربع سنين وستة أشهر وأربعة عشر يوما، وعمره ثلاثا وعشرين سنة، وأظهر قبره، وبقي الأمر يومين يعني بعد قتله حتى استخلف المهتدي
(1)
.
أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل-في كتابه-قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي، ح.
وأنبأنا به أبو القاسم بن الحرستاني عن السلمي عن التميمي قال: أخبرنا مكي ابن محمد قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: وفيها-يعني-سنة (163 - ظ) اثنتين وخمسين ومائتين بويع أبو عبد الله الزبير بن جعفر وهو المعتز بالله لثلاث خلون من المحرم.
قال: وفيها-يعني-سنة خمس وخمسين خلع المعتز بالله، وتوفي المعتز يوم السبت لليلتين خلتا من شعبان
(2)
.
الزبير بن عبد الواحد بن محمد
وقيل أحمد بن زكريا بن صالح بن إبراهيم، أبو عبد الله الهمذاني الأسد أباذي
(1)
- تاريخ بغداد:2/ 125.
(2)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 170 - ظ.
الحافظ، رحل وطوف البلاد، ودخل الشام، وكان في الرحلة مع أبي الحسن الآبرى، ودخل معه حلب وغيرها من بلاد الشام.
حدث عن محمد بن عبد الله القزويني قاضي مصر، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العقسلاني، ومحمد بن عمر الديماسي ومحمد بن نصير بن أبان، ومحمد بن اسحاق السراج، ومحمد بن اسحاق بن خزيمة، وأبي الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، وأبي بكر أحمد بن مروان المالكي، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان والحسن بن سفيان النسوي، وأبي خليفه الفضل بن الحباب البصري، وسعيد ابن عبد الله بن سهل بن يزيد بن مروان، وعبد الله بن محمد بن ناجيه البغداد بين، وأبي الدحداح، وزكريا بن أحمد بن يحيى البلخي، وأبي الحسن يعقوب بن اسحاق ابن إبراهيم بن حجر، ويوسف بن عبد الاحد القمي، وأبي عثمان عبد الحكم بن أحمد بن محمد بن سلام، وعبد الله بن أحمد بن موسى بن عبدان، والعباس بن الفضل الأرسوفي، وعلان المصري وأبي يعلى الموصلي، وعبد الله بن شيرويه النيسابوري، وأبي عمرو عثمان بن أحمد السرخسي، وعبدان الأهوازي، وعمران ابن موسى السختياني، وعبد الرحمن بن محمد بن المغيره البزاز، وعلي بن أحمد ابن سليمان المصري وأبي بكر بن خريم.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري، ومحمد بن مخلد الدوري العطار، وأبو الحسن الآبري، وصالح بن احمد الحافظ، وأبو حفص بن (164 - و) شاهين، وقاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، وأبو عبد الله محمد بن اسحاق بن مندة، وأبو علي الحسن بن الحسين بن حمكان الفقيه، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن تركان الهمذاني، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي وأبو الحسين الرازي، وأبو الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي، وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، وعلي بن الحسن بن حيويه، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن تركان الهمذاني (164 - ظ).
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني قال:
حدثنا صالح بن أحمد الحافظ قال: الزبير بن عبد الواحد الأسد أباذي عني بهذا الشأن، وجمع وعاجله الموت، كتبت عنه وهو صدوق
(1)
.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري-فيما أذن لي في روايته عنه-عن أبي الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا سهل بن بشر قال:
أخبرنا القاضي ابو الحسن علي بن عبد الله محمد الهمذاني بمصر قال: سمعت أبا نصر عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين الأنماطي يقول: الزبير بن عبد الواحد بن محمد بن زكريا أبو عبد الله الأسد أباذي.
روى عن الحسن بن سفيان النسوي، وعمران بن موسى السختياني، وعبد الله بن شيرويه، ومحمد بن اسحاق السراج، وابن خزيمة، وأبي خليفة، وعبدان، وأبي يعلى الموصلي، وعامة مشايخ الشام ومصر، وعاجله الموت، وكان ورعا حافظا وهو صدوق.
أنبأنا عبد الله بن عمر بن علي القرشي قال: أخبرنا الامام أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي والحيرىّ، وأبوا عثمان: الصابوني والحيري، قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن عبد الله الحاكم قال: زبير بن عبد الواحد بن أحمد بن زكريا بن صالح بن إبراهيم الحافظ أبو عبد الله (166 - و) الأسد أباذي قدم نيسابور بعد منصرفه
(1)
- تاريخ بغداد:8/ 472 - 473.
من الحسن بن سفيان سنة ثلاث وثلاثمائة، فسمع المسند من عبد الله بن شيرويه، وكتب عن جعفر الحافظ وأقرانهما، وكان أقام بنيسابور سنتين، فأما رحلته إلى آفاق الدنيا فمشهورة.
سمع أبا خليفة وعبدان وعبد الله بن محمد بن ناجية، وعلي بن أحمد بن سليمان بمصر ومشايخ الشام، وكان الزبير من الصالحين المذكورين المشهورين الثقات من الحفاظ، صنف الشيوخ والأبواب، كتبت عنه بأسد أباذ في سنة إحدى واثنتين وأربعين وثلاثمائة، ثم دخلت أسد أباذ سنة سبع وستين وثلاثمائة، فحضرني أخوه أبو عمرو عثمان بن عبد الواحد، كتبت عنه وسألته عن وفاة الزبير فذكر أنه توفي بأسد أباد غرة ذي الحجة من سنة سبع وأربعين رحمه الله، فإنه كان أحد أركان الحديث، وكان الزبير رحمه الله من عمال الدنيا، ومن أصحاب الحقائق، كتب معي كتابا إلى أبي علي الحافظ يعظه فيه، فأوصلت الكتاب واسترجعته، وهو عندي بخطه من نظر فيه عرف محل الزبير من الدين.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: الزبير بن عبد الواحد بن محمد بن زكريا بن صالح بن إبراهيم أبو عبد الله الأسد أباذي، أحد من رحل في الحديث، وطوّف في البلاد شرقا وغربا فسمع أبا خليفة الفضل بن الحبّاب البصري والحسين بن سفيان النسوي (166 - ظ) وعمران بن موسى السختياني، ومحمد ابن اسحاق بن خزيمة ومحمد بن اسحاق السراج، وعبد الله بن شيرويه النيسابوريين، وعبدان الأهوازي، وأبا يعلى الموصلي، وعبد الله بن محمد بن ناجيه البغدادي، وعلاّن المصري وغيرهم من أهل هذه الطبقة بالشام ومصر وكان حافظا متقنا مكثرا.
سمع منه ببغداد محمد بن مخلد الدوري، وكان الزبير إذ ذاك حدثا
(1)
.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي-إذنا-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الزبير بن عبد الواحد بن أحمد، ويقال ابن
(1)
- تاريخ بغداد:8/ 472 - 473.
محمد-بن زكريا بن صالح بن ابراهيم الأسد أباذي الحافظ، سمع بدمشق أبا الحسن بن جوصاء، وأبا بكر بن خريم، وزكريا بن أحمد بن يحيى البلخي، وأبا الدحداح، وابراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان، والحسن بن حبيب، وبعسقلان محمد بن الحسن بن قتيبة، وأبا الحسن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم بن حجر، ومحمد بن عمر الديماسي، وبمصر يوسف بن عبد الأحد القمي، وأبا عمار عبد الحكم بن أحمد بن محمد بن سلام الصدفى، ومحمد بن نصير ابن أبان.
وحدث عن عبد الله بن أحمد بن موسى بن عبدان، وعبد الرحمن بن محمد ابن المغيرة البزاز.
روى عنه محمد بن مخلد الدوري، وهو أكبر منه، وأبو حفص بن شاهين والحاكم أبو عبد الله، وقاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني، وأبو علي الحسن بن الحسين بن حمكان الفقيه الشافعي، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي، وأبو الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي النيسابوريان، وعلي بن الحسن (167 - و) ابن حيويّه الدامغاني وأبو عبد الله بن مندة، وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، وأبو الحسين الرازي، وسمع منه بحمص، وأبو العباس أحمد بن ابراهيم بن تركان الهمذاني
(1)
.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-كتابة-قال: أخبرنا أبو منصور ابن خيرون قال: أخبرنا علي بن أحمد الحافظ قال: أخبرني محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قال: زبير بن عبد الواحد الأسد أباذي كان من الصالحين المستورين الثقات الحفاظ، صنف الشيوخ والأبواب، كتبت عنه في سنة إحدى واثنتين وأربعين وثلاثمائة، ثم دخلت أسد أباذ
(2)
في سنة
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 171 - و. ظ.
(2)
-مدينة بينها وبين همذان مرحلة واحدة نحو العراق. معجم البلدان.
سبع وستين وثلاثمائة فحضرني أخوه عثمان بن عبد الواحد، فسألته عن وفاة الزبير فذكر أنه توفي بأسد أباذ في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وثلاثمائة
(1)
.
الزبير بن المنذر بن عمر:
وقيل فيه أبو الزبير بن المنذر، وكان كاتبا للوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكان في صحبته حين أتته الخلافة عند موت هشام، ووصل معه الى رصافة هشام.
حكى عن الوليد روى عنه المنهال بن عبد الملك، واسحاق بن أيوب وجويريه ابن أسماء.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري-إذنا-عن أبي القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر عن أبي غالب أحمد بن محمد بن سهل بن بشران النحوي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن دينار اللغوي قال:
أخبرنا أبو الفرج علي بن (167 - ظ) الحسين الكاتب الأصبهاني قال: أخبرني الحسين بن علي قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخزاز قال: وأخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدثنا عمر بن شبّة عن المدائني عن جويريه بن أسماء، وعن المنهال ابن عبد الملك، وعن اسحاق بن أيوب كلّهم عن الزبير بن المنذر بن عمر-قال:
وكان كاتبا للوليد بن يزيد-قال: أرسل إليّ الوليد صبيحة اليوم الذي أتته فيه الخلافة فأتيته فقال لي: يا أبا الزبير ما أتت عليّ ليلة أطول من هذه، عرضت لي أمور وحدثت نفسي فيها بأمور، وهذا الرجل قد أولع بي، فاركب بنا نتنفس، فركب وسرت معه، فسار ميلين ووقف على تلّ فجعل يشكو هشاما، إذ نظر إلى وهج قد أقبل.
قال عمر بن شبة في حديثه وسمع قعقعة البريد، فتعوذ بالله من شر هشام، وقال: هذا البريد قد أقبل بموت وحيّ أو بملك عاجل، فقلت لا يسوءك الله أيها الأمير بل يسرك ويبقيك، إذ بدا رجلان على البريد مقبلان أحدهما مولى لأبي سفيان بن حرب، فلما قربا أتيا الوليد فنزلا يعدوان حتى دنوا فسلّما عليه بالخلافة، فوجم فجعلا يكرران عليه التسليم بالخلافة، فقال: ويحكما ما الخبر أمات هشام؟
(1)
- الخطيب البغدادي- المصدر نفسه.
قالا: نعم قال: مرحبا بكما ما معكما؟ قالا: كتاب مولاك سالم بن عبد الرحمن فقرأ الكتاب وانصرفا، وسأل عن عياض بن مسلم كاتبه الذي كان هشام ضربه وحبسه (169 - و) فقالا: يا أمير المؤمنين لم يزل محبوسا حتى نزل بهشام أمر الله عز وجل، فلما صار إلى حال لا ترجى الحياة لمثله معها أرسل عياض إلى الخزان:
احتفظوا بما في أيديكم، ولا يصلن أحد إلى شيء، وأفاق هشام إفاقة، فطلب شيئا فمنعه فقال: أرانا كنّا خزّانا للوليد، وقضى من ساعته، فخرج عياض من السجن ساعة قضى هشام، فختم الأبواب والخزائن، وأمر بهشام فأنزل عن فراشه، ومنعهم أن يكفنوه من الخزائن، فكفنه غالب مولى هشام بن اسماعيل، ولم يجدوا قمقما حتى استعاروه، وأمر الوليد بأخذ ابنى هشام بن اسماعيل فأخذا بعد أن عاذ إبراهيم بن هشام بقبر يزيد بن عبد الملك، فقال الوليد: ما أراه إلاّ قد نجا، فقال يحيى بن عروة بن الزبير وأخوه عبد الله: إن الله لم يجعل قبر أبيك معاذا للظالمين، فخذه بردّ ما في يده من مال الله، فقال: صدقت وأخذهما، فبعث بهما إلى يوسف بن عمر، وكتب إليه أن يبسط عليهما العذاب حتى يتلفا، ففعل ذلك بهما، وماتا جميعا في العذاب بعد أن أقيم إبراهيم بن هشام للناس حتى اقتصوا منه المظالم.
وقال عمر بن شبّه في خبره: إنه لما نعي له هشام قال: والله لأتلقين هذه النعمة بسكره قبل الظهر ثم انشأ يقول: (148 - ظ).
طاب نومي ولذّ شرب السلافة
…
إذ أتانا نعي من بالرصافة
وأتانا البريد ينعي هشاما
…
وأتانا بخاتم للخلافة
فأصبحنا من خمر عانة صرفا
…
ولهونا بقينة عزّافة
قال: ثم حلف أن لا يبرح موضعه حتى يغنى في هذا الشعر ويشرب عليه، فغني له، وشرب حتى سكر، ثم دخل فبويع له.
***
زحر بن قيس الجعفي البدائي الكوفي:
من بني بدّاء الجعفيين، كان فارسا شريفا خطيبا بليغا، شهد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه صفين وحكى عنه، وعن الحسن بن علي رضي الله عنه روى عنه عامر الشعبي، وهو الذي سيّره علي من صفين إلى القطقطانة
(1)
، ليقطع الميرة عن معاوية، فبلغ معاوية، فسير معاوية الضحاك بن قيس إليه فهزمه زحر، فلامه معاوية، فلحق الضحاك بعلي رضي الله عنه.
ويقال إنه هو الذي قدم برأس الحسين رضي الله عنه إلى يزيد بن معاوية وليس به.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور محمد ابن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني محمد بن عبد الواحد الصغير قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن المغلس قال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني عبد الله-يعني-بن سعيد عمه عن زياد وهو البكّائي قال: حدثنا المجالد بن سعيد قال: حدثني الشعبي قال:
أخبرني زحر بن قيس الجعفي قال: بعثني علي على أربعمائة من أهل العراق، وأمرنا أن ننزل المدائن رابطة، قال: فو الله إنا لجلوس عند غروب الشمس على الطريق، إذ جاءنا رجل قد أعرق دابته قال: فقلنا من أين أقبلت؟ قال: من الكوفة فقلنا: متى (169 - و) خرجت؟ قال اليوم قلنا: فما الخبر؟ قال: خرج أمير المؤمنين إلى الصلاة صلاة الفجر، فابتدره ابن بجرة وابن ملجم فضربه أحدهما ضربة إن الرجل ليعيش مما هو أشد منها، ويموت مما هو أهون منها، قال: ثم
(1)
-موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف. معجم البلدان.
ذهب، فقال عبد الله بن وهب السبأي
(1)
ورفع يده الى السماء: الله أكبر الله أكبر قال: قلت له: ما شأنك؟ قال: لو أخبرنا هذا أنه نظر إلى دماغه قد خرج، عرفت أن أمير المؤمنين لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، قال: فو الله ما مكث إلاّ تلك الليلة حتى جاءنا كتاب من الحسن بن علي: من عبد الله حسن أمير المؤمنين إلى زحر ابن قيس أما بعد: فخذ البيعة ممن قبلك، قال فقلنا: أين ما قلت؟ قال: ما كنت أراه يموت
(2)
.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن الغساني عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير الطبري قال: قال هشام بن محمد: قال أبو مخنف: ثم إن عبيد الله بن زياد نصب رأس الحسين في الكوفة فجعل يدار به، ثم دعا زحر بن قيس، فسرّح معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية، وكان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدي، وطارق بن أبي ظبيان الأزدي، فخرجوا حتى قدموا بها الشام على يزيد.
قال هشام: فحدثني عبد الله (169 - ظ) بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي عن أبيه عن الغاز بن ربيعه الجرشي من حمير قال: والله إنا لعند يزيد بن معاوية بدمشق، إذ أقبل زحر بن قيس حتى دخل على يزيد بن معاوية فقال له يزيد:
ويلك ما وراءك وما عندك؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله وبنصره، ورد علينا الحسين بن علي بن أبي طالب، في ثمانية عشر من أهل بيته، وستين من شيعته قال: فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال، فاختاروا القتال على الاستسلام، فغدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل ناحية، حتى إذا أخذت السيوف مأخذها من هام القوم، جعلوا يهربون الى غير وزر، ويلوذون منا بالآكام والحفر، لو اذا كما لاذ
(1)
-نسبت اليه المصادر أدوارا كبيرة في حوادث الفتنة الكبرى وقيام الفرق الاسلامية، وتشكك معظم الأبحاث الحديثة بوجوده تاريخيا.
(2)
- تاريخ بغداد:8/ 487 - 488.
الحمائم من صقر، فو الله يا أمير المؤمنين ما هو إلا جزر
(1)
، أو نومة قائل حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجزّرة
(2)
، وثيابهم مزملة وخدودهم معفرة، تصهرهم الشمس وتسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم بقيء سبسب، قال: فدمعت عين يزيد وقال: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سميّه، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه ورحم الله الحسين، ولم يصله بشيء
(3)
.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي قال: حدثنا عبد الوهاب ابن محمد الغندجاني (170 - و) قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل قال زحر بن قيس: خرجت حين أصيب علي إلى المدائن، وكان أهله بها، قاله محمد بن أبي بكر عن أبي محصن عن حصين عن الشعبي
(4)
.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين الطيوري قال:
أخبرنا أبو الحسن العتيقي، ح.
قال الحافظ وأخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال:
أخبرنا الحسين بن جعفر قالا: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: زحر بن قيس الجعفي كوفي تابعي ثقة من كبار التابعين
(5)
.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن علوان-إذنا-عن مسعود بن الحسن قال
(1)
-كهذا بالأصل وفي تاريخ الطبري: جزر جزور، وهو الأقوم.
(2)
-في الطبري «مجرده» وهو تصحيف.
(3)
- تاريخ الطبري:5/ 459 - 460. تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 203 و.
(4)
-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 445 (1484).
(5)
-الثقاب للعجلي:165 (4570) تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 203 - و.
أخبرنا أبو عمرو بن منده-إذنا أو سماعا-قال أخبرنا أحمد بن عبد الله قال أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال زحر بن قيس قال: خرجت حين أصيب علي الى المدائن، روى عنه الشعبي سمعت أبي يقول ذلك
(1)
.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن-فيما أذن لنا فيه-قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: زحر بن قيس الجعفي الكوفي تابعي ثقة، أحد أصحاب علي بن أبي طالب، أنزله علي المدائن في جماعة جعلهم هناك رابطة، روى عنه عامر الشعبي وحصين بن عبد الرحمن
(2)
.
هكذا قال الخطيب وقد قال البخاري عن حصين عن الشعبي.
أنبأنا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: زحر بن قيس الجعفي الكوفي، أدرك عليا وشهد معه صفين، وكان شريفا فارسا، وله ولد أشراف.
حكى عن علي بن أبي طالب، والحسن بن علي روى عنه الشعبي (170 - و) وكان خطيبا بليغا، ووفد على يزيد بن معاوية
(3)
.
هكذا قال الحافظ أبو القاسم، والذي يقع لي أن الذي قدم برأس الحسين على يزيد هو غير زحر بن قيس الجعفي، فإن الجعفي شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقدّمه على أربعمائة من أهل العراق، وبقي بعده مؤمرا، وأمره الحسن رضي الله عنه بأخذ البيعة له، وقال فيه أحمد بن عبد الله العجلي تابعي ثقة من كبار التابعين، وكان شريفا في قومه، فيبعد عندي أن يقاتل الحسين ويخرج برأسه ويحضر بين يدي يزيد، ويقول ما قال، قول متشف، وقد وافق الجعفي في اسمه واسم أبيه وفي كونه من الكوفة، فظن الحافظ أبو القاسم أنه الجعفي وليس به، والله أعلم.
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 619 (2801).
(2)
- الخطيب البغدادي- المصدر نفسه.
(3)
-ابن عساكر-المصدر نفسه.
زخول:
من ساكني حلب وتنّائها
(1)
وعمال السلطان، وكان له محل ومقدار، وفيه ظرف ومجون حكى عنه يحيى بن أبي عبادة البحتري
(2)
.
قرأت في أخبار أبي عبادة الوليد بن يحيى البحتري تأليف أحمد بن فارس الأديب المنبجي
(3)
قال: وحدثني أبو أحمد-يعني-عبيد الله بن يحيى بن الوليد البحتري قال: حدثني أبي قال: خرجنا الى حلب في وقت من الأوقات، وكنا جماعة من أهل منبج، للقاء بعض السلاطين، فقيل لنا إن هاهنا رجلا من التناء والعمال، له محل ومقدار، يقال له زحول، والصواب أن تلقوه فلقينا منه رجلا ماجنا خليعا، جعل يسأل كل واحد منا عن خبره، وبمن يعرف سؤلا حفيا، وكان أخي أبو سعيد في الجماعة، فسألنا كما سأل الجماعة فقلنا له (171 - و): نحن بنو البحتري فقال: أنا ما أحسن أقول الشعر، ولكن يا بني الفاعلة الصانعة، وجعل يشتمنا بأقبح الشتم، فقلنا له:
وما يحدوك على هذا؟ قال: يحدوني عليه قول أبيكما فيّ على إكرامي له:
قد مررنا بزحول يوم دجن
(4)
…
فأتانا بعدل فحم يغني
يعني امرأة سوداء.
خنفساء أعمت من القبح عيني
…
وأصمّت من سيء القول أذني
لست تدري إذا أشارت بلحن
…
أتغني جليسها أم تزني
فقال: من أهجا أنا أو أبو كما؟ قلنا له: أنت أهجا منه ومن جرير.
زرافة حاجب المتوكل:
قدم مع المتوكل حلب سنة أربع وأربعين ومائتين، حين قدمها وتوجه منها
(1)
-أي من ملاك الاراضي.
(2)
-كذا بالاصل وهناك سقط ويفترض قوله «الوليد بن يحيى» .
(3)
-لم أقف على ذكر لهذا الكتاب.
(4)
-أي في يوم ممطر. القاموس.
الى دمشق، وحكى عن المتوكل وعن ذي النون المصري حكى عنه عيسى البغدادي.
وجاء في فتنة المعتز والمستعين الى ناحية حلب ومنبج ومعه الشارباميان
(1)
ومظفر بن كندر وأقاموا على بيعة المستعين وجرت لهم أحوال بتلك الناحية.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عثمان بن محمد-هو- العثماني قال: قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثني محمد بن أحمد الحذاء قال: سمعت هارون بن عيسى البغدادي يقول: حدثني أبي عن زرافة صاحب المتوكل قال: لما انصرف ذو النون من عند أمير المؤمنين، دخل عليّ ليودعني فقلت له: اكتب لي دعوة ففعل، فقربت إليه جام لوزينج فقلت له: كل من هذا فإنه يرّزّن الدماغ
(2)
وينفع العقل، فقال: العقل ينفعه غير هذا، قلت:
وما ينفعه؟ قال: اتباع أمر (171 - ظ) الله والانتهاء عن نهيه، أما علمت أن البني صلى الله عليه وسلم قال: إنما العاقل من عقل عن الله أمره ونهيه، فقلت له:
أكرمني بأكلة، فقال: أريد ألذ من هذا، فقلت له: وأي شيء ألذ من هذا؟ فقال: هذا لمن لا يعرف الحلواء ولا يعرف أكله، وإن أهل معرفة الله يتخذون خلاف هذا اللوزينج، قلت: لا أظن أحدا في الدنيا يحسن أن يتخذ أجود من هذا، وإن هذا من مطبخ أمير المؤمنين المتوكل على الله، فقال: أنا أصف لك لوزينج المتوكل على الله، فقلت: هات الله أبوك، فقال: خذ لباب مكنون محض طعام المعرفة، واعجنه بماء الاجتهاد، وانصب أثقيّه الانكماد، وطابق صفو الوداد، ثم اخبز خبز لوزينج العبّاد، بحر نيران نفس الزهاد، وأوقده بحطب الأسى حتى ترمي نيران وقودها بشرر الضنا، ثم احش ذلك بقند
(3)
الرضى، ولوز الشجا مرضوضان بمهراس الوفا، مطيبان بطيبة رقة عشق الهوا، ثم اطوه طي الأكياس للأيام بالعزا، وقطعه بسكاكين السهر جوف الدجى، ورفض لذيد الكرى، ونضّده على جامات القلق والشهق، وانثر عليه سكرا يعمل من زفرات الحرق، ثم كل
(1)
-هرثمة شارباميان، كان من كبار القادة. انظر الطبري:9/ 158.
(2)
-يقوي. القاموس.
(3)
-القند: السكر.
بأنامل التفويض في ولائم المناجاة، بوجدان خواطر القلوب، فعند ذلك تفريج كرب القلوب، ومحل سرور المحبّ بالملك المحبوب، ثم ودعني وخرج رحمه الله
(1)
.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد في كتابه إلينا من هراة عن زاهر بن طاهر قال: أنبأنا أبو القاسم بن البندار عن أبي أحمد القارئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي-إجازة-قال: (172 - و) وفيها-يعني-سنة اثنتين وخمسين ومائتين مات زرافة بمصر.
***
(1)
-ذو النون المصري هو ثوبان بن ابراهيم الاخميمي أحد الزهاد والعباد المشهورين، توفي سنة 245 هـ /859 م، والخبر منقول عن ترجمته في حلية الاولياء: 9/ 331 حتى 10/ 4.
ذكر من اسمه زرعه
زرعة بن موسى:
أبو العلاء الكاتب الطبراني النصراني شاعر مجيد، وكاتب بليغ له شعر حسن وحظ وافر من الأدب، وكان كاتبا للأمير مكين الدولة أبي علي الحسن بن علي بن ملهم، وقدم معه من طبرية الى حلب، وكتب له أيام ولايته، فلما انقضى أمر ابن ملهم، وتسلم حلب الامير أبو سلامة محمود بن نصر بن صالح بن مرداس، قصد محمود واتصل بخدمته، وكتب له وحظي عنده، وصار عنده في محل الوزارة، فلما نزل السلطان ألب أرسلان على حلب ورحل عنها، وتنكر محمود على أصحابه، قبض على أبي العلاء وتغير له عما كان عليه.
وذكر أبو غالب همام بن الفضل المعرّي أنه كان وزيرا لمحمود وقبض عليه في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، حين عاد الى حلب بعد رحيل السلطان عنها وتوجهه مع السليماني الى ناحية دمشق
(1)
.
أخبرنا الخطيب أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم بن أحمد بن عبد الواحد ابن هاشم قال: أخبرني أبي هاشم قال: أخبرني أبي أحمد قال: أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد سعيد بن سنان قال: ح.
وأنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الشاعر: كتب إليّ الشيخ أبو العلاء زرعة بن موسى الكاتب: (172 - ظ)
وكنت على الأيام دوني طليعة
…
وردءا إذا كرت عليّ جيوشها
فما أنا إلا كالطريدة غرّها
…
الفرار فأضحت كلّ كف تنوشها
(1)
-انظر تفاصيل أخبار هذه الاحداث في كتابي امارة حلب:123 - 143.
فكتبت إليه:
كتبت فهجّنت الذين تقدموا
…
واعلمتنا أن التأخرّ في السّبق
وأغضيت عن نظم القريض سماحة
…
به فظننا أن ذلك عن حق
وقال الحافظ: بالحق
فإن عدت تهدي منه كل عجيبة
…
إلينا فكم من معجز لك في النطق
وقال الحافظ: من آية
ومن لي بأن ألقى بعيني كلما
…
شكوت وما يرتاب مثلك في صدقي
وو الله لو شاطرتك العمر ما وفت
…
حياتي بأدنى منّة لك في عنقي
قال الحافظ أبو القاسم: وذكر أبو الحسن الكفرطابي أن زرعة كتب بيتية هذين الى الأمير أبي الحسن بن منقذ، والله أعلم
(1)
.
أنبأنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر بن علي قال: أخبرنا أبو المظفر أسامة ابن مرشد بن علي بن منقذ قال: ومن شعراء الشام الشيخ أبو العلاء صاعد بن سمان ومن شعره يرثي أبا المتوّج مقلد رحمه الله فذكر البيتين.
وقرأت في بعض مجموعات أسامة أن أبا العلاء صاعد بن عيسى بن سمان الكاتب كتبهما الى جدّه أبي الحسن علي بن منقذ، فأما نسبة أسامة البيتين الى أبي العلاء صاعد بن عيسى بن سمان الكاتب فوهم وقع من أسامة، وأظنه والله أعلم وقف على رقعة مترجمة باسم أبي العلاء، أو وقف على كتاب ذكر فيه البيتين أو أنشدهما:(173 - و)
والحاضرون بمزج السوس إذ لأمت
…
فيك الكرام وذلت حولك النجب
والقائمون بأمر الحرب في حلب
…
أمام طرفك والأرواح تستلب
وسايل هي في حكم العلى ذمم
…
مرعية وهي فيما بيننا نسب
فارجع لعادتك الحسنى التي سلفت
…
عود الكرام فقد زادت بنا الريب
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 206 - ظ.
ما يحمل القلب يوما أن يروّع
…
من أحبابه وهو من أعدائه يجب
لعلها عطفة تقضي عواقبها
…
إلى عواط من جدواك ترتقب
فربما كان مكروه النفوس إلى
…
محبوبها سببا ما مثله سبب
نقلت من مجموع وقع إليّ بخط بعض أهل شيزر، في غالب ظني ذكر أنه نقله من خط أبي عبد الله الحسن بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة: من كلام زرعة ابن موسى الكاتب، عن الأمير محمود بن صالح الى ملك الروم وقد بلغه سؤاله عنه، بعد أن ملك حلب:
أمّا خادم الحضرة العالية الملكيّة أدام الله بسطها، فحقيق عليه المثابرة على عبوديتها بجميع جوارحه، وأن يكون التذكر لقربها والحنين الى عواطفها ملء جوانحه، وأمّا هي فإذا أهمها أمره وخطر ببالها ذكره، فقد تكلفت غير لازب
(1)
، وأوجبت على مكارمها ما ليس بواجب، لولا ما تتقاضاه الحميّة من الربّ والحرمة من المحاماة والذبّ، ولما كان
(2)
الله عز وجل قد خصها بمكارم الاخلاق وبث محامدها في الافاق، فهي لا تستبعد مسرى النّمة الى مستحق، ولا ترى في الحفاظ بين بعيد الدار (173 - ظ) وقريبها من فرق، ولا جرم أنها سألت عن خادمها سؤالا جدد لميته رمقا، وكسا عود مسرته ورقا، وأكسبه على مقارعة الخطوب ثباتا، والى عصمة الجناب الأجليّ تطلعا والتفاتا، والسلام.
ونقلت من هذا المجموع مما نقله من الروزنامج الذي بخط أبي عبد الله الحسن بن علي بن أبي جرادة وقال زرعة:
وإن امرأ أمسى ودون حبيبه
…
عريض فوادي الرّسّ فالسبعان
(3)
لمعترف بالنأي ممن يحبه
…
ومعذورة عيناه في الهملان
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال:
(1)
-اللزوب: أللصوق والثبوت. القاموس.
(2)
-كرر بالاصل: ولما كان.
(3)
-الرس قرب المدينة والسبعان واد قرب سلم ليس بعيدا عن المدينة. معجم البلدان.
زرعة بن موسى أبو العلاء الطبراني النصراني، كاتب الأمراء بني ملهم، له شعر حسن ذكره أبو الحسن محمد بن الحسن بن الكفرطابي الدمشقي الشاعر
(1)
.
زرعة أبو عبد الرحمن:
روى عن ابن عباس وعن أبي أيوب الأنصاري، وكان معه في الغزاة التي غزاها، روى عنه يزيد بن حمير ومالك بن مغول.
أخبرنا أبو الخير بدل بن أبي المعمر بن اسماعيل التبريزي-مشافهة-قال أخبرنا أبو الفرج يحيى بن أبي الرجاء، محمود بن سعيد الثقفي الأصبهاني قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد-قراءة عليه، وأنا حاضر-قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد ابن فارس قال: حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات قال أخبرني أبو داوود-يعني- الحفري قال: حدثنا شعبة عن يزيد بن حمير قال: سمعت زرعة أبا عبد الرحمن قال: كنا مع أبي أيوب في غزاة فرأى إنسانا مريضا قد وطئ له على دابة فقال:
ابشر فما من مسلم يمرض في سبيل الله إلاّ حطّت خطاياه ولو بلغت قنزعة رأسه
(2)
. (174 - و).
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز-في كتابه-قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال حدثنا عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: زرعة أبو عبد الرحمن عن ابن عباس: من المزي والودي الوضوء، قاله محمد بن يوسف عن مالك بن مغول
(3)
.
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 206 - ظ.
(2)
-لم يرد هذا الخبر في ترجمة أبي أيوب في حلية الأولياء.
(3)
-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 440.
أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد قال: أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي قال:
أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد الله-اجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زرعة أبو عبد الرحمن كوفي، روى عن ابن عباس في المزي والودي، روى عنه مالك بن مغول، سمعت أبي يقول ذلك
(1)
.
***
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 605.
زرقان:
رجل كان بطرسوس وسمع بها عبد الله بن المبارك وروى عنه، روى عنه ابن بسام-أو ابن سام-.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البنّاء بحلب قال: أخبرنا أبو الفتح محمد ابن عبد الباقي البطي، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني، ح.
وأخبرنا الخطيب أبو عبد الله محمد بن الخضر بن تيميّة الحراني بهاء قال:
أخبرنا أبو الفتح بن البطي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري، قال ابن الزاغوني: وأخبرنا ابن البسري إجازة، ح.
وأخبرنا أبو يعقوب (174 - ظ) يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة، قال أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ -إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو صالح عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أحمد الحنوي -بالمدينة-قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب ببغداد. قالا: أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الله الفارسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثني ابن بسام-وقال أبو صالح: ابن سام-وقالوا كلهم أبو الذي تقلّد القضاء، قال: سمعت زرقان يقول: سمعت ابن المبارك يقول على سور طرسوس:
ومن البلاء وللبلاء علامة
…
أن لا يرى لك عن هواك نزوع
العبد عبد النفس في شهواتها
…
والحرّ يشبع تارة ويجوع
***
ذكر من اسمه زريق
زريق بن أبان:
أبو عمرو الحلبي، حدث عن محمد بن سلمة الحراني، روى عنه يعقوب بن سفيان.
زريق بن حيان:
أبو المقدام الفزاري، وقيل فيه رزيق-بتقديم الراء-وقد ذكرناه فيما تقدم، وقيل ان اسمه سعيد بن حيان، وزريق لقب.
وقال أبو زرعة الرازي: رزيق بن بن حيان أصح.
أنبأنا عبد الجليل بن أبي غالب قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو عمرو بن منده قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله محمد بن اسحاق بن منده قال:
زريق
(1)
(175 - و).
زفر بن الحارث الكلابي:
…
ومعاوية رضي الله عنهما، وكان رسول معاوية الى عائشة بوقعة صفين، روى عنه ثابت بن الحجاج وجحشنة بن العلاء.
أخبرنا بذلك أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسيف بن الطفيل بالقاهرة المعزية -قراءة عليه وأنا أسمع-قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال:
أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن جامع الدهان قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن ابراهيم القشيري الحافظ قال: حدثنا هلال بن العلاء
(1)
-ألم بالاصل اثر هذا سقط بدايته نهاية ترجمة زريق بن حيان ونهايته بداية ترجمة زفر بن الحارث الكلابي.
قال: حدثنا حسن بن عياش قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا ثابت بن الحجاج عن زفر بن الحارث قال: كنت رسول معاوية بن أبي سفيان الى عائشة أم المؤمنين بوقعة صفين.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات المبارك بن عبد الوهاب الأنماطي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال:
أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: أخبرنا محمد ابن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا خالد بن حيان بن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج عن زفر بن الحارث قال: كنت رسول معاوية الى عائشة بوقعة صفين، فلما قدمت عليها قالت: من قتل من الناس؟ قلت:
عمار بن ياسر، قالت: ذاك رجل يتبعه الناس في دينه، قالت: ومن؟ قلت: هاشم
(1)
الأعور، قالت: ذاك رجل ما كادت (175 - ظ) أن ترد رايته، قال: ثم نمت عن صلاة العشاء، فأراد بعض أهلها أن يوقظني فقالت: دعوه فإنه رجل قد أدأب السير ولا يضره أن يؤخر هذه الصلاة الى ثلث الليل أو نصف الليل، خالد يشكّ.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز-في كتابه الينا من الموصل-قال:
أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال:
أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: قال لي محمد ابن مقاتل عن ابن المبارك قال: أخبرنا عيسى بن عمر سمع جحشنة بن العلاء عن زفر بن الحارث قال: بعثني معاوية الى عائشة فقالت: لا فوت عليك الى نصف الليل في العشاء.
قال البخاري: زفر بن الحارث الكلابي الشامي الجعفري، سمع عائشة ومعاوية روى عنه ثابت بن الحجاج وجحشنة، قال قتيبة: وهو والد مزاحم بن زفر العامري
(2)
.
(1)
-هاشم بن عتبة بن أبي وقاص.
(2)
-التاريخ الكبير:3/ 430 (1428).
قلت: هكذا قال البخاري الجعفري، وليس زفر من بني جعفر بن كلاب، وإنما هو من بني عمرو بن كلاب.
أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد قال: أخبرنا أبو طاهر الخضر بن الفضل-في كتابه-قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زفر بن الحارث الكلابي الشامي، روى عن عائشة ومعاوية، روى عنه ثابت بن الحجاج وجحشنة، سمعت أبي يقول ذلك
(1)
(176 - و) -
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن ابن أحمد الهمذاني-في كتابه-قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال:
أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو عبد الله زفر بن الحارث الكلابي العامري الشامي، والد مزاحم بن زفر، سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان القرشي، روى عنه ثابت بن الحجاج الكلابي وجحشنة بن العلاء.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود بن المجلى-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن مخلد قال: قرأت على علي بن عمر حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش: زفر بن الحارث يكنى أبا عبد الله ..
وأنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي غالب محمد بن أحمد بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين بن دينار قال: أخبرنا أبو القاسم الآمدي قال: زفر بن الحارث بن معاز الكلابي، سيد قيس في زمانه يكنى أبا الهذيل، وكان على قيس يوم مرج راهط
(2)
وهو القائل:
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 607 (2748).
(2)
-وقعت سنة 64 هـ بين قيسية الشام ويمانيتها، وتحقق النصر فيها لليمانية مما أدى الى تثبيت اختيار مروان بن الحكم للخلافة، وموقع مرج راهط قرب بلدة جوبر في أحواز دمشق. انظر تاريخ خليفة:1/ 326 - 327.
وقد ينبت المرعى دمن الثرى
…
وتبقى حزازات النفوس كما هيا
آتبني
(1)
…
سلاحي لا أبا لك إنني
أرى الحرب لا تزداد إلاّ تماديا
أيذهب يوم واحد إن أسأته
…
بصالح أعمالي وحسن بلائيا
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم ابن حمزة السّلمي قال: أخبرنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: وأما معاز -آخره زاي-فهو زفر بن الحارث بن معاز الكلابي أبو الهذيل سيد قيس في زمانه، وكان على قيس يوم مرج راهط، له أخبار كثيرة وله شعر
(2)
.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد الدهان قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد القشيري قال: ومن التابعين زفر بن الحارث الكلابي قال: سمعت هلالا يقول: إنما سمي تل
(3)
زفر لأن زفر بن الحارث نزل عليه.
أخبرنا أبو الحسن المبارك بن محمد بن مزيد بن هلال الخواص قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الطيوري قال: أخبرنا علي بن عمر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن مودود قال: في الطبقة الأولى من التابعين من أهل الجزيرة: زفر بن الحارث الكلابي حدّث عن عائشة، وكان رسول معاوية اليها بوقعة صفين، وكان نزل البصرة، ثم خرج عنها بعد وقعة (177 - و) الجمل فشهد وقعة المرج مع الضحاك بن قيس، وذكر أنه مات في أيام عبد الملك بن مروان.
(1)
-كتب ابن العديم في الهامش: الصواب: «أرينى» وهذا ما ورد في رواية تاريخ خليفة:1/ 327.
(2)
- الاكمال لابن ماكولا:7/ 273.
(3)
-لم أهتد الى تحديد موقع هذا التل.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال: زفر بن الحارث بن عمرو بن معاز بن يزيد بن عمرو بن الصعق، واسمه خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ابن معاوية بن بكر بن هوازن أبو الهذيل، ويقال أبو عبد الله الكلابي.
سمع عائشة، ومعاوية، روى عنه ثابت بن الحجاج، وجحشنة بن العلاء، سكن البصرة، ثم انتقل الى الشام، وكان في جيش البصرة الذي خرج لإغاثة عثمان بن عفان في الحصر وشهد وقعة صفين، وكان فيها أميرا على أهل قنسرين، وهم في الميمنة، وشهد وقعة مرج راهط زبيريا مع الضحاك بن قيس، ثم هرب ولحق بقر قيسياء
(1)
من أرض الجزيرة، فتحصن بها
(2)
.
وقال: ذكر أبو محمد بن زيد في «كتاب الدولتين»
(3)
فيما نقلته من كتاب ابنه أبي سليمان الحافظ عنه، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله عن أبي زيد قال: حدثنا أبو سلمة الغفاري أيوب بن عمر قال: حدثني عبد الله بن مصعب قال: قال زفر بن الحارث: إني لعند عبد الملك يوما إذ أخلاني، فأنا الى جانبه قد مدّ رجليه، إذ دخل الأخطل فقال: يا أمير المؤمنين أتدني هذا منك وهو أعدى الناس لك، وأوثبهم عليك وهو (177 - ظ) الذي يقول:
فإني زبيري الحياة فإن أمت
…
فإني لموص هامتي بالتزبّر
قال: فجلس عبد الملك وأحمرت عيناه فقلت: يا أمير المؤمنين، إن هذا ابن النصرانية إنما ربّى لحمه على شرب الخمر، ولحم الخنزير، وأنا أطوع الناس لك، وأسعاهم في مرضاتك، قال: فما زلت به حتى هدأ، ولقد خفته.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا
(1)
-هي البصيرة في سورية حيث يلتقي الخابور بالفرات.
(2)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 211 - ظ.
(3)
-هو بحكم المفقود.
موسى بن زكريا التستري قال: حدثنا خليفة العصفري قال: وقال أبو عبيدة: كان على أهل قنسرين الميمنة زفر بن الحارث، يعني، يوم صفين مع معاوية.
قال: وكان عليها يعني الجزيرة، في أيام يزيد بن معاوية سعيد بن مالك بن بحدل فأخرجه زفر بن الحارث الكلابي حين وقعت الفتنة.
وقال: حدثنا خليفة بن خياط: وأصيب يومئذ-يعني يوم المرج-ثلاثة بنين لزفر بن الحارث الكلابي وفيه يقول زفر:
لعمري لقد أبقت وقيعة راهط
…
لمروان صدعا بيننا متنائيا
أريني سلاحي لا أبالك إنني
…
أرى الحرب لا تزداد إلاّ تماديا
أبعد ابن عمرو وابن معن تتابعا
…
ومقتل همام أمنى الأمانيا (178 و)
أتذهب كلب لم تنلها رماحنا
…
وتترك قتلى راهط هي ما هيا
فلم تر مني نبوة قبل هذه
…
فراري وتركي صاحبيّ ورائيا
عشية أخزى بالقريتين
…
لا أرى من الناس إلاّ من علي ولاليا
أيذهب يوم واحد إن أسأته
…
بصالح أيامي وحسن بلائيا
فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنا
…
وتثأر من نسوان كلب نسائيا
فقد ينبت المرعى على دمن الثرى
…
وتبقى حزازات النفوس كما هيا
(1)
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور وأبو منصور بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال: حدثنا زكريا بن يحيى المنقري قال: حدثنا الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: فرّ زفر بن الحارث الكلابي عن ابنه ومولى له فقتلا، فأنشأ يقول:
ولم تر مني نبوة غير هذه
…
فراري وتركي صاحبيّ ورائيا
عشية أخزى بالفرار ولا أرى
…
من الناس إلاّ من عليّ ولاليا
(1)
- تاريخ خليفة:326،1/ 222 - 327، ولم يرد بالمطبوع رواية أخراج سعيد بن مالك بن بحدل من الجزيرة.
أيذهب يوم واحد إن أسأته
…
بصالح أيامي وحسن بلائيا
فقد ينبت المرعى على دمن الثرى
…
وتبقى حزازات النفوس كما هيا
فلا صلح حتى تحط الخيل بالقنا
…
وتثأر من نسوان كلب نسائيا
(178 - ظ)
أريني سلاحي لا أبالك إنني
…
أرى الحرب لا تزداد إلاّ تماديا
ذكر أبو بكر أحمد بن جابر البلاذري في كتاب أنساب الأشراف قال: وهرب زفر بن الحارث الكلابي-يعني يوم المرج-الى قرقيسياء، وبها عياض، فمنعه من دخولها، فقال له زفر بن الحارث: أوثق لك بالطلاق والعتاق إذا أنا دخلت الحمام بها أن أخرج منها، فأذن فدخلها، فلم يدخل الحمام وأقام بها وأخرج عياضا عنها، وتحصن بها، وثابت إليه قيس
(1)
.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-إذنا-عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وفي ذلك يقول زفر بن الحارث الكلابي:
أفي الله اما بحدل وابن بحدل
…
فيحيى واما ابن الزبير فيقتل
كذبتم وبيت الله لا تقتلونه
…
ولما يكن يوم أغر محجل
ولما يكن للمشرفية بيننا
…
وميض كضوء الشمش حين ترحل
قال الزبير: يريد ببحدل وابن بحدل يزيد بن معاوية.
يعني الزبير أن يزيد ابن بنت بحدل، لأن أمه ميسون بنت بحدل الكلبية.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير-قراءة عليه وأنا أسمع-قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر البغدادي-إجازة-قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم
(1)
- أنساب الاشراف- ط. القدس 5/ 140:1936.
ابن مرزوق قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثني محمد بن حميد عن عمه قال: لما أنشد القطامي زفر الحارث:
فإن قدرت على يوم حزنت به
…
والله يجعل أقواما بمرصاد.
فقال له زفر: لا أقدرك الله على ذلك.
زفر بن عاصم:
ابن عبد الله بن بريد بن عبد الله بن الأصرم بن شعيثة بن الهزم بن رؤيب ابن عبد الله بن هلال أبو عبد الله (179 - و) الهلالي، كان ينزل ناحية حلب ولما أفضى الأمر الى أبي العباس السفاح ولاه عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس حلب، فأقام فيها من قبله الى أن استولى أبو مسلم الخراساني على الشام، وفي أيام أبي جعفر المنصور، وأقام فيها ولاة من قبله، وكان إذ ذاك زفر واليا بحلب في سنة سبع وثلاثين ومائة، فعزله أبو مسلم، وكان لزفر آثار محمودة، وجهاد في الروم، وغزا الصائفة غير مرة.
وحدّث عن عروة بن رويم، وعمر بن عبد العزيز، روى عنه مالك بن أنس ويحيى بن حمزة الخضرمي.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن الدمشقي قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر، فيما ذكر أنه نقله من خط أبي الحسن محمد بن عبد الله الرازي، قال:
أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي الدمشقي، قال: حدثنا جدي أحمد قال: حدثنا أبي عن أبيه قال: حدثني زفر بن عاصم بن بريد الهلالي عن عروة بن رويم قال: حدثني حبيب بن عبد الرحمن بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وسألني عن دمشق وما حولها فأخبرته فقال:
حرلان مهاجر ابراهيم عليه السلام ثم أمر بالتحويل عنها.
قال أبو الحسين الرازي: حرلان هذه قرية في غوطة دمشق بينها وبين دمشق اثنا عشر ميلا، وهي حرلان بلاد ألف من أرض دمشق، وليس (179 - ظ) هي
حران بألف، التي في أرض الجزيرة، كذا قال: وانما هاجر ابراهيم من أرض بابل الى حران التي بأرض الجزيرة، والله أعلم.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال:
أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: زفر بن عاصم عن عمر بن عبد العزيز منقطع، سمع منه مالك بن أنس
(1)
.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال:
كتب الينا أبو الفرج بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد قال:
أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زفر بن عاصم، روى عن عمر بن عبد العزيز منقطع، روى عنه مالك بن أنس سمعت أبي يقول ذلك
(2)
.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل-بالقاهرة المعزية-قال:
أخبرنا الحافظ أبو طاهر السّلفي قال: سمعت القاضي أبا الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي الحافظ يقول: زفر بن عاصم يروي عنه مالك أحاديث.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زفر بن عاصم بن عبد الله بن يزيد، أبو عبد الله الهلالي، حدث عن عروة بن رويم، وعمر بن عبد العزيز روى عنه (180 - و) يحيى بن حمزة ومالك ابن أنس.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي-اذنا-قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن
(1)
-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 431 (1435).
(2)
-الجرح والتعديل:3/ 608 (2753).
زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وولى أبو جعفر الصائفة يعني سنة أربع وخمسين زفر بن عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي، فدخل من المصيصة حتى أتى أنقرة، فبث السرايا، فغنم وسلم، وخرج من درب مرعش، وغزا-يعني-سنة ست وخمسين زفر بن عاصم الهلالي بلاد الروم فأغار على قينة وقونية
(1)
.
قلت هذا كان في سنة أربع وخمسين ومائة وست وخمسين ومائة.
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي عن الاستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي قال: سنة أربع وخمسين ومائة: وغزا الصايفة زفر بن عاصم الهلالي من أهل قنسرين فدخل أرض الروم من ناحية المصيصة حتى بلغ أنقرة، فأصابهم برد، وأصاب ظهرهم القرحة، وجهد الناس، وتقطع عامتهم ولقوا الجهد
(2)
.
أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أنبأنا أبو القاسم علي بن ابراهيم وغيره قالوا: أخبرنا أبو محمد بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال:
أخبرنا أبو عبد الملك قال: حدثنا ابن عائذ قال: أخبرني عبد الأعلى بن مسهر قال:
كان على الصائفة سنة أربع وخمسين (180 - ظ) زفر بن عاصم، وفي سنة ست وخمسين ومائة: زفر بن عاصم.
زفر بن عبد الله:
أبو منصور الضرير البصري، نزل أذنة إحدى بلاد الثغر الشامي، وحدث بأذنة عن جعفر بن سليمان، ومعاوية بن عبد الكريم، وحماد بن زيد، وأبي أمية بن يعلى، روى عنه أبو حاتم محمد بن ادريس الرازي.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب عن أبي طاهر الخضر بن الفضل
(1)
- تاريخ خليفة:665،2/ 663. تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 213 - ظ.
(2)
-تاريخ العظيمي:226 - 227.
رجل قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم الرازي قال: زفر بن عبد الله البصري الضرير، نزيل أذنة، أبو منصور، روى عن حماد بن زيد، وجعفر بن سليمان، وأبي أمية بن يعلى، ومعاوية بن عبد الكريم، سمع منه أبي بأذنة سنة عشرين ومائتين وروى عنه
(1)
.
زفر مولى مسلمة بن عبد الملك بن مروان:
كان مع مولاه مسلمة بنواحي حلب، وهو أخو فاطمة بنت عبد الملك من الرضاعة، وحكى عنها، روى عنه ابنه راشد بن زفر.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله-فيما أذن لنا أن نرويه عنه-قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن طاووس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال: أخبرنا أبو الحسين (181 - و) بن بشران قال:
أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: سمعت محمد بن الحسين يحدث بهذا الحديث، فلم أحفظه، فحدثني علي بن أبي مريم عنه قال:
حدثني يوسف بن الحكم قال: حدثني راشد بن زفر مولى مسلمة بن عبد الملك عن أبيه قال: تناول الوليد بن عبد الملك يوما عمر بن عبد العزيز، فرد عليه عمر، فغضب الوليد من ذلك غضبا شديدا، وأمر بعمر فعدل به الى بيت فحبس فيه.
قال راشد: فحدثني أبي زفر، مولى مسلمة، وكانت فاطمة أرضعتها أم زفر، قال: قالت لي فاطمة: يا زفر فمكث ثلاثا لا يدخل عليه أحد، ثم أمر باخراجه، ان وجد حيا، قال: فأدركناه وقد زالت رقبته شيئا، فلم نزل نعالجه حتى صار الى العافية.
قالت: فقلت له يوما: انك قد عرفت الوليد وعجلته وخلقه، فلو داريته بعض
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 609 (2759).
المداراة! قالت: فقال لى: أحدثك يا فاطمة حديثا فاكتميه ما دمت حيا، قلت: نعم قال: لما حبسني أتاني تلك الليلة آت في منامي فقال لي:
ليس للعلم في الجهالة حظ
…
انما العلم طرفة الاعضاء
فرفعت الى القائل رأسي، فإذا هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: فسلمت عليه في منامي فقال: ان الوليد جاهل بأمر الله، قليل الرعاية لحرمات الله، ولا يجمع بين ما وهب الله لك من العلم بأمر الله، مع ما حرمه من ذلك ليبين فضل نعمة الله عليك في العلم بأمر الله على كثير من جهله بأمر (181 - ظ) الله أحرى وأجدر أن لا يتركا جميعا، قال عمر: يا فاطمة ما أكاد أغضب إلاّ كأني أنظر الى عبيد الله بن عبد الله قائما يخاطبني تلك المخاطبة
(1)
.
***
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 214 - ظ.
ذكر من اسمه زكرياء
زكريا بن يشوى:
ابن بحزائل بن شلموث بن ارحيبا بن شمويل بن اليعازر بن موسى بن عمران ابن بصير بن قاهث بن لاوي بن يعقوب.
وقيل زكريا بن حيا، وقيل زكريا بن دان، وقيل زكريا بن لدن بن مسلم بن صدوق بن بخشان بن داوود بن سلمان بن مسلم بن صديقة بن برحية بن ملقاطيه ابن أحور بن سلوم بن بهقانيبا بن حاش بن أنيا بن خثعم بن سليمان بن داوود أبو يحيى النبي صلى الله عليه وسلم.
قيل إنه كان بحلب وأنه لما ألقى قلمه مع حملة الاقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة حين تنافسوا في كفالة مريم، كان ذلك على نهر قويق بحلب، وقد ذكرنا ذلك في مقدمة الكتاب في ذكر نهر قويق بالاسناد إلى عبد الملك بن دليل الفزاري، إمام مسجد حلب، عن عباس الحذاء عن سعيد بن اسحاق الدمشقي في قول الله عز وجل:{(إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ 1)} قال: على نهر بحلب يقال له قويق.
وقيل في القصة إن زكريا صلى الله عليه وسلم لما ولدت مريم ولفتها أمها في خرقة، تلقاها أحبار بني اسرائيل أيهم يكفل مريم، فتنافسوا في كفالتها، فقال (182 - و) زكريا: أنا أحق بها لأن أختها عندي، وقيل خالتها، فلما تنافسوا في ذلك قالوا حتى نلقي أقلامنا على الماء وهي الأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة في بيت مدارسهم، وكانوا نيف وعشرين رجلا، فذهبوا إلى نهر لهم، فألقوا أقلامهم فجرى
(1)
- سورة آل عمران-الآية:44.
الماء بأقلامهم واستقر قلم زكريا عليه السلام على قبة كأنه رسب في الطين، فقرعهم بذلك، وأخذ مريم وكفلها.
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزقويه قال: أخبرنا أحمد بن سندي بن الحسن قال: حدثنا الحسن بن علي القطاني قال: حدثنا اسماعيل بن عيسى قال: حدثنا اسحاق بن بشر قال: أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس وعبد الله بن اسماعيل عن أبيه عن مجاهد عن ابن عباس، وقريش المكتب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس، وادريس عن جده وهب بن منبه. قال اسحاق: قالوا: إن زكريا بن دان، أبا يحيى كان من أبناء الأنبياء الذين كانوا يكتبون الوحي بيت المقدس، وكان عمران بن قاتار أبو مريم من أبناء ملوك بني إسرائيل من ولد سليمان قال ابن عباس: ولم يكن أحد من أبناء الأنبياء إلاّ ومن نسله أو جنسه محرر لبيت المقدس، والمحرر الذي يكون حبيسا لبيت المقدس.
قال: وأخبرنا اسحاق عن ابن سمعان عن بعض من أسلم من (182 - ظ) أهل الكتاب أن مريم بنت عمران كانت من آل داوود: من سبط يهوذا بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام، وكان زكريا بن دان تزوج أخت مريم بنت عمران، فهي أم يحيى.
قال: وأخبرنا اسحاق قال: أخبرنا جويبر عن أبي سهل وابن سمعان عن مكحول قالا: كان زكريا وعمران تزوجا أختين، فكانت أم يحيى عند زكريا:
وكانت أم مريم عند عمران، وكان الله تعالى أمسك عنها الولد حتى أيست، وكانوا أهل بيت من الله بمكان (183 - و).
***
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي بها، قال أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو سهل غانم بن أحمد بن محمد بن سعيد الحداد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب قال: أخبرنا أحمد بن ابراهيم بن شاذان البزاز قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا هدبه بن خالد قال: حدثنا حماد ابن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان زكريا عليه السلام نجارا
(1)
.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-قراءة عليه-قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن ابراهيم الشافعي قال: حدثنا اسحاق بن الحسن الحربي قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان عن سلمة بن نبيط عن الضحاك: «ثلاثة أيام إلا رمزا» قال: الرمز: الاشارة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن أحمد بن ابراهيم في كتابه قال: حدثنا محمد بن الفضل بن موسى قال: حدثنا محمد بن بكار قال: حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي قال: لو رخص لأحد في ترك الذكر لرّخص لزكرياء قال الله تعالى: «آيَتُكَ} (154 - و){أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ}
(1)
-انظره في كنز العمال:11/ 32329.
{وَالْإِبْكارِ}
(1)
» ولو رخص لأحد في ترك الذكر، لرّخص للذين يقاتلون في سبيل الله، قال الله تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً»
(2)
.
أخبرنا أبو القاسم بن محمد القاضي إذنا عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن بن زرقوية قال: أخبرنا أحمد بن سندي الحداد قال: حدثنا الحسن بن علي القطان قال: حدثنا اسماعيل بن عيسى قال: حدثنا اسحاق بن بشر قال: أخبرنا مقاتل وجويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: {(ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ} قال: ذكره الله منه برحمة عبده زكريا حيث دعاه فذلك قوله: {(ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّا. إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا)} يعني دعا ربه دعاء خفيا في الليل لا يسمعه أحد وتسمع أذنيه فقال: (رب إني وهن) أي ضعف {(الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)} يعني غلب البياض السواد {(وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا)} أي رب إني لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى فتخيبني فيما بقي، فكما لم أشق بدعائي فيما مضى، فكذلك لا أشقى بدعائي فيما بقي، عودتني الاجابة من نفسك (وإني خفت الموالي عن ورائي) فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني {(فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا)} يعني من عندك ولدا يرثني، يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس القربان وقلمي الذي أكتب به الوحي، «ويرث (184 - ظ) من آل يعقوب» النبوة «وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا» يعني مرضيا عندك، قوله:{(وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً)} قال ابن عباس: خاف أنها لا تلد فقال: وامرأتي عاقر وأنت تفعل ما تشاء، فهب لي ولدا، فإذا وهبته فاجعله رضيا زاكيا بالعمل، فاستجاب الله له، وكانا قد دخلا في السن هو وامرأته فبينا هو قائم يصلي في المحراب، حيث يذبح القربان، إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل، فقال: يا زكريا إن الله يبشرك وهو قوله {(نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى)} واسم يحيى هو اسم من اسماء الله، اشتق من ياحي، سماه الله فوق عرشه {(لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا}
(3)
قال ابن عباس: لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولدا نظيرها.
هل تعلم له سميا، يعني هل تعلم له ولدا، ولم يكن لزكريا قبله ولد، ولم يكن قبل
(1)
- سورة أل عمران الآية 41.
(2)
-سورة الانفعال الآية:45.
(3)
- سورة مريم-الآيات:2 - 8.
يحيى أحد يسمي يحيى قال: وكان اسمه حي، فلما وهب الله لسارة اسحاق، فكان اسمها يسارة، ويسارة من النساء التي لا تلد، وسارة من النساء الطالقة الرحم التي تلد، فسماها الله سارة، وحول الياء من يساره إلى حي، فسماه يحيى ثم قال:{(مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ)} يعني عيسى {(مِنَ اللهِ)} وكان يحيى أول من صدق بعيسى وهو ابن ثلاث سنين، وبين يحيى وعيسى ثلاث سنين، وهما ابنا خالة، ثم قال تعالى (وسيدا) يعني حليما (وحصورا)
(1)
يعني لا ماء له ولا يحتاج إلى النساء.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم الفقيه المقدسي-قراءة عليه بنابلس-قال: أخبرنا تجني بنت عبد الله الوهبانية (185 - و) قالت: أخبرنا أبو عبد الله النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر قال:
أخبرنا أبو علي بن صفوان البرذعي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني الفضل بن يعقوب قال: حدثنا أبو عصام العسقلاني قال: حدثنا سفيان عن طلحة عن عطاء (وأصلحنا له زوجة
(2)
قال: كان في لسانها طول. (185 - ظ).
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني بدمشق قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي-قراءة علينا من لفظه بدمشق- قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله بن الملثم بالقاهرة قال:
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري، وأبو عبد الله محمد بن حميد بن حامد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء الموصلي.
قال ابن حمد: اجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل بن محمد الغساني قال: حدثنا أحمد ابن مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن محمد البغدادي قال: حدثنا عبد المنعم عن
(1)
- سورة آل عمران-الآية:39.
(2)
- سورة الانبياء-الآية:90.
أبيه عن وهب بن منبه أن زكريا عليه السلام هرب ودخل جوف شجرة، فوضع على الشجرة المنشار وقطع بنصفين، فلما وقع المنشار على ظهره أنّ، فأوحى الله اليه:
يا زكريا إما أن تكف عن أنيتك، أو أقلب الأرض ومن عليها، قال: فسكت حتى قطع صلى الله عليه وسلم بنصفين
(1)
.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الحافظ قال: أخبرنا أبو التقى صالح بن حميد ابن ملهم اللبان المالكي بمصر قال: (186 - ظ) أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الله ابن عبيد الله بن محمد المحاملي بن بنت أبي جدار قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن الحسن بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن موسى النقاش قال: أخبرنا محمد بن صالح الخولاني قال: حدثنا محمد بن ابراهيم الخولاني قال:
حدثنا سعيد بن نصير قال: حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم قال: حدثنا الهيثم-وكان من خيار عباد الله-قال: لما قتل يحيى بن زكريا قالوا: اطلبوا زكريا وإلاّ دعا عليكم فتهلكوا، فهرب منهم زكريا، وتبعوه، فنادته شجرة: تعال الى هاهنا، فانفرجت له، فدخل فيها، ثم انضمت عليه، فلم يقدروا عليه، فقال لهم الملعون ابليس: من تريدون؟ قالوا: نريد زكريا قال: هو في هذه الشجرة، قالوا: كيف علمت، قال: هذا طرف ثوبه قالوا: كيف نقدر عليه: قال: هاتوا المنشار، فجاؤوا به، فنشروا الشجرة، فلما بلغ أضلاعه أوجعه فصاح، فأوحى الله عز وجل اليه: إما أن تكف صوتك، واما أن أخرّب الأرض فلا تعمر الى يوم القيامة، قال: فصبر.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني-اذنا-قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة السّلمي-اجازة أو سماعا-قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن ابن رزقويه قال: أخبرنا أحمد بن سندي الحداد قال: أخبرنا الحسن بن علي قال:
أخبرنا اسماعيل بن عيسى قال: حدثنا اسحاق بن بشر قال: أخبرنا أبو يعقوب الكوفي (187 - و) عن عمرو بن ميمون عن أبيه عن ابن عباس قال: ان رسول الله
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 216 - ظ.
الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به رأى زكريا عليه السلام في السماء فسلم عليه، فقال له: يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان، ولم قتلك بنو اسرائيل؟ قال: يا محمد أخبرك أن يحيى كان خير أهل زمانه، وكان أجملهم وأصبحهم وجها وكان كما قال الله:«سيدا وحصورا» وكان لا يحتاج الى النساء فهويه امرأة ملك بني اسرائيل، وكانت بغيّه، فأرسلت اليه وعصمه الله وامتنع يحيى، وأبى عليها، وأجمعت على قتل يحيى ولهم عيد يجتمعون في كل عام، وكانت سنّه الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب، قال: فخرج الملك الى العيد، فقامت امرأته تشيعه، وكان بها معجبا، ولم تكن تفعله فيما مضى، فلما أن شيعته قال الملك: سليني فما سألتني شيئا إلاّ أعطيتك، قالت: أريد دم يحيى بن زكريا قال: سليني غيره، قالت:
هو ذاك، قال: هو لك، قال: فبعثت جلاوزتها الى يحيى وهو في محرابه يصلي، وأنا الى جانبه أصلي، قال: فذبح في طست وحمل رأسه ودمه اليها، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فما بلغ من صبرك؟ قال: ما انفتلت من صلاتي، قال:
فلما حمل برأسه اليها، فوضع بين يديها، فلما أمسوا خسف الله بالملك وبأهل بيته، وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو اسرائيل: قد غضب إله (187 - ظ) زكريا لزكريا فتعالوا حتى نغضب لملكنا، فنقتل زكريا، قال: فخرجوا في طلبي ليقتلوني، فجاءني النذير فهربت منهم، وابليس أمامهم يدلهم عليّ، فلما تخوفت أن أعجزهم، عرضت لي شجرة فنادتني فقالت: إليّ، وانصدعت لي، فدخلت فيها، قال: وجاء ابليس حتى أخذ بطرف ردائي، والتأمت الشجرة، وبقي طرف ردائي خارجا من الشجرة، وجاءت بنو اسرائيل، فقال ابليس: أما رأيتموه دخل هذه الشجرة وهذا طرف ردائه، دخلها بسحره، فقالوا: نحرق هذه الشجرة، فقال ابليس: شقوه بالمنشار شقا، قال فشققت مع الشجرة بالمنشار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
يا زكريا هل وجدت له مسّا أو وجعا؟ قال: لا انما وجدت ذلك الشجرة، جعل الله روحي فيها.
قال: وحدثنا اسحاق قال: حدثنا ادريس عن وهب قال: ان الذي انصدعت له الشجرة ودخل فيها كان أشعيا قبل عيسى، وان زكريا مات موتا، فالله أعلم.
زكريا بن ادريس الانطاكي:
حدث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، روى عنه أحمد بن جعفر بن سهل أبو العباس السامري.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن (188 - و) أحمد بن ابراهيم عن أبيه أبي العباس الفقيه أن أبا الحسن محمد بن المغلس ابن جعفر البزاز أخبرهم بمصر قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن سهل السامري بالرملة قال: حدثنا زكريا بن ادريس الأنطاكي قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: قال: حدثنا خالد بن خالد عن عكرمة:
«وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ»
(1)
قال: ذاك الله عز وجل.
زكريا بن أيوب:
أبو يحيى الأنطاكي حدث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، روى عنه أحمد بن مسعود بن عمرو بن يحيى الزّنبري، وأبو عمران موسى بن العباس الجويني، وأبو جعفر محمد بن الحسين بن زيد.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الواحد بن محمد بن أحمد ابن الهيثم قال: أخبرنا أبو الفتح علي بن محمد بن عبد الصمد الدليلي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن ابراهيم بن علي بن عاصم بن المقرئ قال: حدثنا أحمد بن مسعود ابن عمرو بن يحيى بن ادريس الزنبري المصري بمصر قال: حدثنا أبو يحيى زكريا ابن أيوب الأنطاكي قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أطول الناس أعناقا يوم القيامة المؤذنون.
(2)
.
ذكر أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر قال: زكريا بن أيوب، يكنى أبا يحيى،
(1)
- سورة يوسف-الآية:76.
(2)
-انظره في كنز العمال:7/ 20894.
من أهل أنطاكية، قدم الى مصر وحدث (188 - ظ) بها، وكان ثقة، فتوفي فيما حدثني به حمزة بن زكريا أبو يعلى يوم الخميس من أول يوم من شهر رمضان سنة ثمانين ومائة.
زكريا بن عبد الرحمن الملطي:
أبو يحيى، روى عنه ابراهيم بن صدقة المدائني.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن-اذنا-قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان ابن أحمد الدقاق قال: حدثنا محمد بن أحمد البراء قال: حدثنا ابراهيم بن صدقة صديق شعيب بن حرب قال: حدثنا زكريا بن عبد الرحمن أبو يحيى الملطي قال: لما فتحت الشام على عهد عمر بن الخطاب أصيب جبل فيه غار، فاذا على الغار قفل فكسر القفل فوجد في الغار لوح من حديد فيه مكتوب بماء الذهب.
ألا تنقل النعيم من ملك
…
قد انقضى ملكه الى ملك
ما اختلف الليل والنهار ولا
…
دارت نجوم السماء في الفلك
وملك ذي العرش دائم أبدا
…
ليس بفان ولا بمشترك
قال: فبعث باللوح الى عمر فقرأه، ثم بكى، وقال: رحم الله كاتب هذا، هذا مؤمن لم يجد لإيمانه موضعا يستره فيه إلاّ هذا الغار.
زكريا بن منظور بن ثعلبة:
وقيل بن عقبة بن ثعلبة بن أبي مالك، وقيل زكريا بن يحيى بن منظور بن ثعلبة ابن أبي مالك، أبو يحيى القرظي المدني (189 - و) القاضي حليف الأنصار، قدم حلب غازيا، وحدث بها وبغيرها عن أبيه منظور، وأبي حازم سلمة بن دينار الأعرج وجدّه لأمه محمد بن عقبة بن أبي مالك الانصاري، وعطاف بن خالد القرشي، وعمر مولى غفرة، وهشام بن عروة، وزيد بن أسلم، وثابت بن يزيد الحجازي، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ونافع مولى عبد الله بن عمر.
روى عنه هشام بن عمار، وداوود بن سليمان بن حفص بن أبي داوود الطرسوسي، ومحمد بن الحسن بن زبالة، وهارون بن معروف البغدادي، وعبد
الله بن عبد الوهاب الحجبي، وعتيق بن يعقوب الزبيري، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله، وأبو اسحاق ابراهيم بن المنذر الحزامي المدنيون، وعبد الله بن الزبير الحميدي المكي، وأبو ابراهيم اسماعيل بن ابراهيم الترجماني، وداوود بن رشيد الخوارزمي، وعباد بن موسى الختلي، واسحاق بن أبي اسرائيل ويعقوب ابن حميد بن كاسب، وشريح بن يونس، وأبو مسلم عبد الرحمن بن واقد، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ومحمد بن الصباح الدولابي، وابراهيم بن عبد الله الهروي، وموسى بن مروان الرقي، ويعقوب بن كعب الحلبي، وسمعا منه بحلب.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي-قراءة عليه بمنزله بدمشق، وأنا أسمع-قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي المقرئ قال: أخبرنا أبو الحسين ابن النقور قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين بن أخي ميمي، قال: حدثنا أبو القاسم (189 - ظ) عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا داوود بن رشيد قال: حدثنا زكريا بن منظور عن أبي حازم عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: القدرية مجوس هذه الأمة، فان مرضوا فلا تعودوهم، وان ماتوا فلا تشهدوهم
(1)
.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا القاسم بن الليث قال: حدثنا موسى بن مروان قال: حدثنا زكريا بن منظور، وكنت لقيته بحلب، وكان غازيا.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي-فيما أذن لنا فيه-عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أبو أيوب سليمان بن اسحاق بن ابراهيم قال: أخبرنا الحارث ابن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة السابعة من أهل المدينة زكريا بن منظور القرظي، ويكنى أبا يحيى، وكان أعور قد لقي أبا حازم وعمر مولى غفرة
(2)
.
(1)
-انظره في كنز العمال:1/ 566.
(2)
- الطبقات الكبرى لابن سعد:5/ 437.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال:
أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثامنة من أهل المدينة زكريا بن منظور القرظي (190 - و) ويكنى أبا يحيى.
(1)
.
أنبأنا عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي البغدادي قال: أخبرنا عبد الله بن عمر الواعظ قال: أخبرنا أبي قال:
وفي كتاب جدي حدثنا ابن رشدين قال: سألت أحمد بن صالح عن زكريا بن منظور شيخ روى عنه الحزامي والترجماني فقال: ليس به بأس، قلت لأحمد: هو من ولد ثعلبة بن أبي مالك القرظي، فلم يحفظ ذاك، قال أبو جعفر بن رشدين: هو زكريا بن منظور بن عقبة بن ثعلبة بن أبي مالك.
وقال أبو بكر: أخبرنا البرقاني قال: حدثني محمد بن أحمد بن محمد الأدمي قال: حدثنا محمد بن علي الإيادي قال: حدثنا زكرياء الساجي قال زكريا بن منظور ابن أبي ثعلبة الأنصاري فيه ضعف
(2)
.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز الموصلي في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك أبو يحيى القرظي أبو مالك
(3)
.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل-في كتابه-قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس بن أحمد قال: أخبرنا أحمد
(1)
-هذا النص منقول عن كتاب الطبقات الصغرى لابن سعد، انظر تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 218 - ظ.
(2)
- تاريخ بغداد:8/ 453 - 454.
(3)
-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 424 (1408) وفيه: «القرظي المدني ليس بذلك» .
ابن منصور بن خلف قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا مكي ابن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو يحيى زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي المدني، عن أبي حازم، روى عنه ابراهيم بن المنذر
(1)
(190 - ظ).
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخطيب ابن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو يحيى زكريا بن منظور بن أبي مالك.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد الأنصاري عن أبي الفتح نصر الله بن محمد اللادقي قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال:
أخبرنا طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن أحمد قال: حدثنا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد بن محمد المقدمي يقول: زكريا ابن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي من أهل المدينة، يكنى أبا يحيى.
أخبرنا ابن طبرزد-فيما اذن لنا أن نرويه عنه-قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن ابراهيم ابن عمر قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: أبو يحيى زكريا بن منظور القرظي مديني ليس بثقة.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال:
أخبرنا عبد الله بن عدي قال: زكريا بن يحيى بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي الأنصاري، مدني، يكنى أبا يحيى، وذكر له أحاديث، ثم قال: وزكريا بن
(1)
-الكنى والاسماء للامام مسلم:195. ابن عساكر: المصدر نفسه.
منظور (191 - و) ليس له أحاديث أنكر مما ذكرته، وله غير ما ذكرت من أحاديث غرائب، وهو ضعيف كما ذكر إلا أنه يكتب حديثه
(1)
.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام-فيما أجازه لنا-قال: أنبأنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال:
أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو يحيى زكرياء بن منظور بن ثعلبة ابن أبي مالك، القرظي، المديني، الأنصاري، وكان قد ولي القضاء، فحمله هارون الى الرقة في قضية قضاها، روى عن أبي حازم سلمة بن دينار، ليس بالقوي عندهم، روى عنه ابراهيم بن المنذر الحزامى، وابراهيم بن عبد الله الهروي.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن زنجويه قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: ومنظور بن ثعلبة-بالظاء فوقها نقطة-روى عن أبيه ثعلبة، روى عنه محمد بن اسحاق وابنه زكريا بن منظور، وزكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك الأنصاري، روى عن أبي سلمة ونافع تكلموا فيه.
أخبرنا أبو علي الأوقي-مشافهة-قال: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ قال:
أخبرني أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الازجي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بكران بن عمران الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن مخلد بن حفص العطار (191 - ظ) قال: زكريا ابن منظور أبو يحيى القرظي، حدثنا بذلك أحمد بن ابراهيم القهستاني قال: حدثنا عيسى بن يعقوب قال: حدثني أبو يحيى القرظي زكريا بن منظور، ذكره ابن مخلد في كتاب الأسامي والكنى.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد-فيما أذن لنا فيه-قال: أخبرنا أبو منصور ابن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: زكريا بن
(1)
-الكامل لابن عدي:3/ 1067 - 1069.
منظور بن عقبة بن ثعلبة بن أبي مالك، أبو يحيى القرظي المدني حدث عن أبي حازم سلمة بن دينار، وعن هشام بن عروة، وعطاف بن خالد، وثابت بن يزيد الحجازي.
روى عنه محمد بن الحسن بن زبالة، وعيسى بن يعقوب الزبيري، وابراهيم ابن المنذر المدنيون، وعبد الله بن الزبير الحميدي المكي، وأبو ابراهيم الترجماني، واسحاق بن أبي اسرائيل وعباد بن موسى الختلي، وغيرهم، وذكر يحيى بن معين أنه كان يسكن بغداد
(1)
.
أخبرنا محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك، أبو يحيى القرظي المدني، القاضي حليف الأنصار، حدث عن أبيه وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ونافع وأبي حازم الأعرج، وزيد بن أسلم، وجده لأمه محمد بن عقبة بن أبي مالك الأنصاري، وهشام بن عروة، وعمر مولى غفرة، وعطاف بن خالد القرشي.
روى عنه هارون بن معروف البغدادي، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، وابراهيم بن المنذر الحزامى، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله، وعتيق بن يعقوب الزبيري المدنيون، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، وموسى بن مروان (192 - و) الرقي، وهشام بن عمار، وأظن هشاما سمع منه بدمشق لأنه اجتاز بها حين توجه الى الغزو، وقد حدث بحلب، وأبو مسلم عبد الرحمن بن واقد، واسماعيل ابن ابراهيم بن اسماعيل الترجماني ويعقوب بن كعب الحلبي، ويعقوب بن حميد ابن كاسب، وداوود بن سليمان بن حفص بن أبي داوود الطرسوسي، وعباد بن موسى الختلي، ومحمد بن الصباح الدولابي، وشريح بن يونس، واسحاق بن أبي اسرائيل، وداوود بن رشيد.
(2)
قلت: ذكر الحافظ أبو القاسم زكريا بن منظور فيمن دخل دمشق بناء على الظن، وقال لأنه اجتاز بها حين توجه الى الغزو، وقد حدث بحلب، بل غلبة الظن تشهد بخلاف ما زعم، لأن زكريا كان ساكنا ببغداد، والظاهر من حال من يغزو من
(1)
- تاريخ بغداد:8/ 453.
(2)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 218 - و.
بغداد أن يتوجه الى الثغور لا على دمشق، وقد حمله هارون الى الرقة لأنه قضى على حماد البربري، فأحضره الى الرقة من بغداد، فيحتمل أنه توجه من الرقة الى الغزو، وطريقه على حلب، فحدث بها.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين-إذنا-قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد ابن محمد السلفي-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين المعروف بابن الطفال قال:
أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد ابن حماد الدولابي قال: حدثنا أبو عبد الله معاوية بن صالح في تسمية من سأل عنه يحيى بن معين قال: سمعت يحيى يقول: زكريا بن منظور ليس بثقة
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن (192 - ظ) زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو سعيد الصيرفي قال:
سمعت محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس الدوري يقول: سمعت يحيى يقول: زكريا بن منظور ليس بشيء، فراجعته فيه مرارا، فزعم أنه ليس بشيء، قال:
وكان طفيليا.
وقال الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن عدي البصري -في كتابه-قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سئل أبو داوود عن زكريا بن منظور قال: سمعت يحيى بن معين يضعفه.
وقال: أخبرنا يوسف بن رباح البصري قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن اسماعيل المهندس-بمصر-قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال: زكريا بن منظور القرظي ليس بثقة
(2)
.
كتب إلينا عبد البر بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال:
أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال أخبرنا أبو أحمد
(1)
-انظر كتاب معرفة الرجال للامام يحيى بن معين:1/ 73 (184).
(2)
- الخطيب البغدادي- المصدر نفسه.
ابن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سئل يحيى بن معين عن زكريا بن منظور فقال: ليس بشيء
(1)
.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي أحمد قال: أخبرنا البرقاني قال: أخبرنا الحسين بن علي التميمي قال: حدثنا أبو عوانة يعقوب بن اسحاق الأسفراييني قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: زكريا بن منظور ضعيف.
قال أبو بكر بن أبي أحمد: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: (193 - و) حدثنا سهل بن أحمد الواسطي قال:
حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: وزكريا بن منظور فيه ضعف.
وقال: أخبرنا البرقاني قال: حدثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي قال: حدثنا أحمد بن طاهر بن النجم قال: حدثنا سعيد بن عمرو البرذعي قال: قلت لأبي زرعة:
زكريا بن منظور؟ قال: واهي الحديث، منكر الحديث.
وقال
(2)
أخبرنا البرقاني: قال حدثني محمد بن أحمد بن محمد الأدمي قال:
حدثنا محمد بن علي الأيادي قال: حدثنا زكريا الساجي قال: زكريا بن منظور بن أبي ثعلبة الأنصاري فيه ضعف.
أنبأنا أبو محمد بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال:
أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك أبو يحيى القرظي المدني منكر الحديث.
قال ابن عدي: وسمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي روى عنه الليث منكر الحديث
(3)
.
(1)
-ابن عدي-المصدر نفسه.
(2)
-كتب ابن العديم في الهامش: مكرر.
(3)
-ابن عدي-المصدر نفسه.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر الاسكندراني المعروف برواج-قراءة عليه بمصر-قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد بن الحسن الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسوي قال: زكريا بن منظور ضعيف (193 - ظ).
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قرأت على البرقاني عن محمد بن العباس الخزاز قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسعدة الفزاري قال: حدثنا جعفر بن درستويه قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن القاسم بن محرز قال: سألت يحيى بن معين عن زكريا بن منظور فقال:
شيخ ضعيف كان هاهنا ببغداد.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأشناني قال: سمعت أحمد ابن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: فزكريا بن منظور كيف حديثه؟ قال: ليس به بأس.
قال أبو بكر الخطيب: قد اختلف قول يحيى فيه، وقال أحمد بن صالح في زكريا مثل ما حكى الدارمي عن يحيى.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول:
سمعت يحيى بن معين يقول: كان زكريا بن منظور قد ولي القضاء، فقضى على حماد البربري، فلذلك حمله هارون الى الرقة بذلك السبب، وليس بثقة.
وقال في موضع آخر: سئل يحيى عن زكريا بن منظور، فقال: ليس به بأس، فقلت له: قد سألتك مرة فلم أرك تجيد الرأي أو نحو هذا من الكلام؟ فقال: ليس به بأس، وإنما كان فيه شيء زعموا أنه كان طفيليا
(1)
.
(1)
- الخطيب البغدادي- المصدر نفسه.
أخبرنا أبو محمد بن أبي العلاء-في كتابه إلينا من همذان-قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد (194 - و) بن عدي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر قال: حدثنا عباس قال: سئل يحيى عن زكريا بن منظور، فقال ليس به بأس، فقلت: قد سألتك عنه مرة فلم أرك تجيد الرأي فيه، فذكر نحو هذا الكلام فقال: ليس به بأس.
وقال ابن عدي حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قلت: ليحيى ابن معين: فزكريا بن منظور كيف حديثه؟ قال: ليس به بأس.
وقال ابن عدي: حدثنا عبد الرحمن، وابن حماد قالا: حدثنا عباس قال:
سمعت يحيى يقول: زكريا بن منظور ليس بشيء، فراجعته فيه مرارا، فزعم أنه ليس بشيء وأنه طفيلي، زاد ابن حماد وقال مرة أخرى: ليس به بأس، وإنما كان فيه شيء زعموا أنه طفيلي
(1)
.
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك، أبو يحيى القرظي الأنصاري، روى عن أبي حازم، وزيد بن أسلم وجده محمد بن عقبة، روى عنه عبد العزيز الأويسي، وهارون بن معروف، وأبو ثابت المديني والحجبي، وهشام ابن عمار وابراهيم بن المنذر، وعتيق بن يعقوب، سمعت أبي يقول ذلك، وقال:
قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: زكريا بن منظور ليس بشيء ولي القضاء، فقضى على حماد البربري، فلذلك حمله هارون الى الرقة بذلك السبب، وليس بثقة. فراجعته مرارا، فزعم أنه ليس بشيء، كان طفيليا.
سألت (194 - ظ) أبي عن زكريا بن منظور فقال: ليس بالقوي، ضعيف الحديث منكر الحديث، يكتب حديثه.
(1)
-ابن عدي-المصدر نفسه.
وقال: سألت أبا زرعة عن زكريا بن منظور فقال: ليس بالقوي
(1)
.
أخبرنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: زكريا بن منظور أبو يحيى القرظي مدني متروك.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: في باب من يرغب عن الرواية عنهم، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم منهم: زكريا بن منظور مديني.
زكريا بن يحيى بن أياس بن سلمة بن حنظلة بن قرة:
أبو عبد الرحمن السجزي ويعرف بخياط السنة، دخل الشام وسمع بحلب أبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، وحدث عنه وعن نصر بن أبي علية الدقاق البالسي، واسحاق بن راهويه، وأحمد بن السكن الأيلي المكتب، وابراهيم بن المستمر، وأبي مسعود اسماعيل بن مسعود الجحدري، وابراهيم بن اسحاق بن أبي الجحيم، والجراح بن مخلد، وحسين بن الحسن المروزي، وبكر بن خلف، وابراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وابراهيم بن يوسف البلخي وجعفر بن محمد بن الفضل الرسعني، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني، وأزهر بن جميل، وأحمد بن علي بن يوسف (195 - و) الخزاز، وسلمة بن شبيب والسري بن يحيى بن السري وبشر ابن الوليد القاضي وسعيد بن يحيى الأموي وسويد بن سعيد، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وداوود بن رشيد الخوارزمي، ودحيم ومحمد بن المصفى الحمصي، ومحمد بن موسى الجرشي، ومحمد بن بشار، ومحمد بن حميد الرازي، وعباد بن الوليد، وأبي بكر عبد السلام بن عمر الجنبي، وعبد الله بن مطيع، وعمرو بن علي، وقتيبة بن سعيد وشيبان بن فروخ، وعثمان بن أبي شيبة، والفتح بن نصير بن عبد الرحمن الفارسي، وعباس بن عثمان المعلم، وصفوان بن
(1)
-الجرح والتعديل:3/ 597 (2701).
صالح، وشعيب بن شعيب بن اسحاق، وعمرو بن عثمان، وعبد الوهاب بن الضحاك، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وأبي أمية عمرو بن هشام الحراني، ومحمد بن عمر بن هياج، وعبد الاعلى بن حماد النرسي، ووهب بن بقية، وهناد بن السري، ومجاهد ابن موسى، وهشام بن عمار، ونصر بن علي الجهضمي، ويوسف بن سلمان الباهلي، وأبي قدامة عبيد الله بن سعيد.
روى عنه أبو عبد الرحمن احمد بن شعيب النسائي، وأبو بكر أحمد بن ابراهيم ابن احمد بن محمد بن عطية بن الحداد، واسحاق بن ابراهيم المنجنيقي، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، وأبو الحارث احمد بن محمد بن عمارة، وأبو الطيب أحمد بن ابراهيم بن عبادل، وأبو بكر محمد بن ابراهيم بن زوزان الأنطاكي، وابو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، ومحمد بن المنذر المعروف بشكر (195 - ظ) وأبو القاسم بن أبي العقب، وأبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، ويحيى بن عبد الله بن الحارث، وأبو طاهر محمد بن سليمان بن ذكوان، ومحمد إبراهيم بن مروان، وأبو علي بن شعيب، وأبو الميمون بن راشد وأبو علي الحضائري، وأبو بكر محمد ابن سهل القطان، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن أبي ثابت، وأبو اسحاق ابن سنان.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن الأسدي بدمشق قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الاسدي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد المصيصي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن يعقوب بن أبي العقب قال: حدثنا أبو عبد الرحمن زكريا بن يحيى السجزي قال: حدثنا ابن أبي خلف، وابن أبي عمرو عثمان، قالوا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة أن صفية ابنة حيي حاضت، فذكرت ذلك عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحابستنا هي؟ قالت: إنها قد أفاضت ثم حاضت بعد ذلك، قال: تنفر، وقال ابن أبي عمر: تنفر إذا. (196 - و).
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي قال: أنبأنا أبو زكريا البخاري: قال أخبرنا الحافظ أبو
محمد عبد الغني بن سعيد قال: زكريا بن يحيى السجزي خياط السّنة، به يلقب.
وقال أبو محمد السّلمي: أنبأنا أبو نصر بن ماكولا قال: زكريا بن يحيى السجزي خياط السنّة
(1)
.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد ابن أبي الحسين قال: قرأت بخط عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري، وأنبأنيه أبو طاهر الحنّائي، ح.
قال أبو القاسم: وأخبرني أبو التمام كامل بن أحمد بن أبي جميل عنه قال:
أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى قال: أخبرنا عبد الغني بن سعيد قال:
زكريا بن يحيى بن إياس السجزي، أبو عبد الرحمن، كان بدمشق، حافظ ثقة حدث عنه أبو عبد الرحمن النسوي، وأبو يعقوب المنجنيقي، ويحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا عنه أحمد، واسحاق ابنا ابراهيم بن الحداد، ذكر لي عبد الله بن محمد بن حكيم أن أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب أخرج إليهم كتاب شيوخه فيه زكريا بن يحيى أبو عبد الرحمن السجستاني ثقة.
وقال أبو القاسم: كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وحدثني أبو بكر محمد بن شجاع عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: زكريا بن يحيى بن إياس، يكنى أبا عبد الرحمن، يعرف بخياط السنة، من أهل سجستان (196 - ظ) يقال إنه حنظلي، قدم مصر وكتب عنه وخرّج، وتوفي بدمشق بعد الثمانين ومائتين.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميّل الشيرازي-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال:
زكريا بن يحيى بن إياس بن سلمة بن حنظلة بن قرّة، أبو عبد الرحمن السجزي، المعروف بخياط السنة، سكن دمشق، وحدث بها عن دحيم واسحاق ابن راهوية، ونصر بن علي الجهضمي، وعبّاد بن الوليد، ومحمد بن حميد الرازي، وأحمد
(1)
-الاكمال لابن ماكولا:4/ 550.
ابن السكن الأيلي المكنب وأبي بكر عبد السلام بن عمر الحيني، وقتيبة بن سعيد، وعبد الله بن مطيع، وحسين بن حسن المروزي، ومحمد بن يسار، وعمرو بن علي، والجراح بن مخلد، وابراهيم بن المستمر، وأبي مسعود اسماعيل بن مسعود الجحدري، وشيبان بن فروخ، ومحمد بن موسى الجرشي، وعثمان بن أبي شيبة، ونصر بن أبي علية البالسي الدقاق، والفتح بن نصر بن عبد الرحمن الفارسي نزيل مصر، وإبراهيم بن اسحاق بن أبي الجحيم، وبكر بن خلف، وعباس بن عثمان المعلم، وهشام بن عمار، ومحمد بن مصطفى، وصفوان بن صالح، وابراهيم بن يوسف البلخي، وابراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وشعيب بن شعيب بن اسحاق، ومجاهد بن موسى وجعفر بن محمد بن الفضل الرسعني، وعمرو بن عثمان، وداوود بن رشيد، وعبد الوهاب بن الضحاك، وأبي أمية عمرو بن (197 - و) هشام الحراني، وأحمد بن يوسف الخزاز، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وسويد بن سعيد، ومحمد بن عمر بن هياج، وسعيد ابن يحيى الأموي، وعبد الأعلى بن حماد النرسي، وهناد بن السري، وبشر بن الوليد القاضي ووهب بن بقية، والسري بن يحيى بن السري، وأزهر بن جميل، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن المثنى.
روى عنه أبو عبد الرحمن في سننه، واسحاق بن ابراهيم المنجنيقي، ويحيى ابن محمد بن صاعد، ومحمد بن ابراهيم بن مروان، ويحيى بن عبد الله بن الحارث وأبو بكر محمد بن سهل القطان، وأبو القاسم بن أبي العقب، وأبو علي بن شعيب وهو بسّنه، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن أبي ثابت، وأبو اسحاق ابن سنان، وأبو علي الحضائري، وأبو الحسن بن جوصاء، وأبو الحارث أحمد ابن محمد بن عمارة، وأبو الميمون بن راشد، وأبو طاهر محمد بن سليمان بن ذكوان، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية الحداد، وأبو الطيب أحمد بن ابراهيم بن عبادل، وأبو القاسم الطبراني، ومحمد بن المنذر شكر، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن روزان الأنطاكي وغيرهم.
وقال: ذكر أبو الحسين محمد بن عبد الله الرازي، قال: أخبرني أبو الميمون أحمد بن محمد بن بشر القرشي قال: أخبرني أبي قال: سمعت بشر بن محمد بن
بشر بن نهيك الطائي صاحب طاحونة الشقراء يقول: (197 - ظ) كان عثمان بن أبي شيبة يسمى أبا عبد الرحمن السجزي: السفياني.
قال أبي: وسمعت أبا طالب الخياط يقول لأبي عبد الرحمن السجزي: أنت من لدن خراسان إلى الشام تعرف بخياط السنّة، صرت اليوم تتشيع.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي القاسم بن صابر، وذكر أنه نقله من خط عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: قال عبيد بن أحمد بن فطيس: حدثني أبو علي الأنصاري قال: حدثني زكريا السجزي، وكان مولده سنة خمس وتسعين ومائة، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائتين، وكان عمره خمسا وتسعين سنة
(1)
.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة-إجازة إن لم يكن سماعا-عن أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا مكي ابن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال لنا الهروي: فيها- يعني-سنة تسع وثمانين ومائتين مات زكريا بن يحيى السجزي.
زكريا بن يحيى الحميري:
الكندي الكوفي الأعمى، قدم خناصرة على عمر بن عبد العزيز، وروى عنه، وعن عامر الشعبي، وعكرمة مولى بن عباس، وعبد الله بن يزيد، وحبيب بن يسار، وأنيسة بنت زيد بن أرقم.
روى عنه حماد بن أسامة، وجعفر بن عون العمري وحاتم بن اسماعيل المدني، وعبد الحميد ومحمد بن بشير العبدي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري-إذنا-قال: أنبأنا أبو الفتح (198 - و) نصر الله بن محمد المصيصي قال أخبرنا نصر بن ابراهيم المقدسي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الوليد الانصاري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد-فيما كتب إليّ -قال: أخبرني جدي عبد الله بن محمد بن
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 220. و-221. و.
علي اللخمي الباجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يونس قال: أخبرنا بقي بن مخلد قال: حدثنا أحمد بن ابراهيم الدورقي قال: حدثني سهل بن محمود- وهو-أبو السري قال: حدثنا محمد بن بشر العبدي قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: أقمنا عند عمر بن عبد العزيز بخناصرة أربعين يوما، قال: فأتى برجل قد نقش على خاتم الخلافة، فقال: ويحك ما حملك على هذا؟ قال: الطمع والشيطان فقال لجلسائه من قريش وأهل الشام: ما ترون في هذا؟ قالوا: الرأي فيه مستقيم تقطع يده، قال: لكني أرى غير ذلك، هذا رجل همّ بسرقة، ولم يسرق قال: فاستحلفه أن لا يعود، وأمر بعض من عنده فعزّره سوطين أو ثلاثة، وخلى سبيله.
أخبرنا سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن ابراهيم قال: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس قال: سمعت عثمان ابن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: زكريا بن يحيى الكوفي عن الشعبي من زكريا هذا؟ قال: ليس بشيء قلت: ابن من (198 - ظ) هو؟ قال: ابن يحيى
(1)
.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: زكريا بن يحيى الكندي الحميري الأعمى، سمع حبيب بن يسار وأنيسه، والشعبي، وعكرمة، روى عنه أبو أسامة وجعفر ابن عون
(2)
.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: كتب إلينا الرئيس مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة-إجازة إن لم يكن سماعا-قال أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال:
(1)
-ليس لزكريا بن يحيى الكوفي ترجمة في تاريخ دمشق لابن عساكر، كما لم يترجم له الخطيب البغدادي في تاريخه.
(2)
-التاريخ الكبير للبخاري:3/ 418 - 419 (1391).
زكريا بن يحيى الكندي الحميري الأعمى، روى عن الشعبي وأنيسه، وحبيب ابن يسار، وعبد الله بن يزيد، وعكرمة، روى عنه عبد الحميد، وحاتم بن اسماعيل، وأبو أسامة، وجعفر بن عون، سمعت أبي يقول ذلك
(1)
.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي-فيما أذن لنا في روايته عنه-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: زكريا بن يحيى الحميري الكندي الكوفي، حدّث عن الشعبي، وحبيب بن يسار، وعبد الله بن يزيد، وعكرمة، وعمر بن عبد العزيز، وأنيسه بنت زيد ابن أرقم.
روى عنه عبد الحميد، وحاتم بن اسماعيل المدني، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ومحمد بن (199 - و) بشر العبدي، وجعفر بن عون العمري الكوفيون، ووفد على عمر بن عبد العزيز.
زكريا بن يحيى ابو يحيى الأنطاكي:
صاحب الأكسية، حدّث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي والحارث بن عمران الجعفي، روى عنه أبو عمرو عثمان بن خرزاد الأنطاكي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال:
أخبرنا علي بن المسّلم قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاّب قال: أخبرنا أبو الحسين ابن جميع قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بأنطاكية قال: حدثنا عثمان بن خرزاد قال: حدثنا زكريا بن يحيى صاحب الأكسية قال: أخبرنا الحارث بن عمران الجعفري عن محمد بن سوقه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع رجلا يقول: اللهم اغفر لفلان بن فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ فقال: حمّلني رجل أن أدعو له بين الباب والمقام، أو بين الركن المقام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
غفر لصاحبك.
(1)
-الجرح والتعديل:2/-6 - 601 (2713).
أخبرنا عبد الجليل بن أبي غالب-فيما أذن لنا في روايته عنه، وقد سمعت منه غيره-قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب ابن محمد بن اسحاق بن منده قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله قال: زكريا بن يحيى الأنطاكي حدّث عن الهيثم بن جميل، توفي سنة نيف وثمانين ومائتين.
قرأت في تاريخ مختار الملك المسبحي قال: سنة ثمانين ومائتين فيها مات أبو يحيى زكريا بن يحيى الأنطاكي. (199 - ظ).
زكرى المعدني:
من أهل المعدن، رجل صالح من أولياء الله تعالى، كان عندنا بحلب، وكان كثير الصحبة لعمي ووالدي، وكان يأنس بي، وتظهر له كرامات كثيرة ويخرجها مخرج التباله، واتخذ له كعاب غزلان مصبغة، وجعلها في كيس، وكان إذا أخبر بوقوع شيء يقول: أخبرتني الكعيبات، وكان لازما للوقار، ولا يخرج إلى ما يخالف به الشرع، وإذا قرئ بحضرته شيء من أخبار الصالحين أو الرقائق، غلب عليه الحال، وتسبقه الدموع، فيقوم من المجلس أو يشير الى القارئ، بالسكوت، وكان يخبرنا بأمور أنها تقع، فتقع على ما أخبر به، وكان رحمه الله محبوبا إلى الناس، قريبا الى القلوب، خفيف الروح، وكان عمي أبو غانم يميل إليه، ويعتقد فيه، وكان له عادة في أن يخرج بأهله وأولاده ومن يعز عليه إلى صمّع الفوقا، قرية من قرى حلب، كان له فيها حصة في أيام البطيخ، فطلبه عمي أن يخرج معه، وسبقت الجماعة وخرجت والشيخ زكرى معي راكب على حمار، فكنت معه في بعض الطريق فأنشد:
قلبي بحرّ سهام الدبس مجروح
…
بين العصائد والاسمان مطروح
قد قدموا السمن والأعسال في قدح
…
القلب في قلق والدمع مسفوح
ثم جعل يبكي بكاء شديدا، حتى رق قلبي لكثرة بكائه، ووصلنا إلى القرية وعمي بها وكان ولد عمي الأكبر أبو الفضل هبة الله قد تركناه ليخرج بعدنا بزوجته، وهي أختي الكبرى، فصلينا المغرب مع عمي، وقام عمي لورده بين المغرب والعشاء (200 - و)، وجلست أنا وزكرى فأبطأ وصول النساء عنا، فسلم عمي
من بعض أوراده، وقال: قد أبطأ الجماعة، فالتفت الشيخ زكرى إلي وقال: قد تاهوا عن الطريق، ثم أبطأوا ساعة، فقال لي زكرى: قد سقطت أختك عن الدابة ولكنها سلمت، ثم قال لي: الساعة يصلون، وكنا ننتظر وصولهم من جهة القبلة، من جهة حلب، فوصلوا بعد ساعة من جهة الشمال من جهة عزاز، فقمت إليهم فأخبروني أنهم تاهوا عن الطريق وتعدوا الموضع الذي يسامت صمع، وأخبروني أن أختي سقطت عن الدابة واشتغلوا بها ساعة، وكان يتفق له معنا وقائع كثيرة من هذا النوع.
ومما أعرفه من كراماته، أن عمي أبا غانم عزم على زيارة البيت المقدس في سنة سبع وستمائة أو سنة ثمان، فتوجه وأهله معه، وبرز إلى تربة مجد الدين ابن الداية، بالقرب من مقام ابراهيم عليه السلام وبات بها، وبتنا معه لنودعه، وخرج معنا الشيخ زكرى فيمن خرج، فلما ودعناه أخذني الشيخ زكرى منعزلا عن الجماعة وقال لي: ما أعود ألتقى عمك بعد اليوم إلاّ في القيامة، فحكيت ذلك لوالدي فتألم لذلك، وخاف علي عمي لعلمه أن الشيخ زكرى لا يخبر بشيء إلاّ ويقع، وأقام عمي بالبيت المقدس، واشتاق إلى أخيه، وتوجه إليه والى الزيارة وأنا معه ووصلنا إلى البيت المقدس وأقمنا به مدة، وعدنا جميعا مع عمي إلى حلب، وأنسينا قول الشيخ زكرى الذي قال لي وقت وداع عمي، فلما وصلنا إلى حمص لقينا رجل قد خرج من حلب وكان من (200 - ظ) أصحاب الشيخ أبي الحسن الفاسي فأخبرنا أن الشيخ زكرى توفي بحلب من أربعة أيام أو خمسة وكانت وفاته في سنة تسع وستمائة، ودفن بالجبيل خارج باب الأربعين في تربة الشيخ علي الفاسي عند رجليه رحمهما الله.
زكي بن عبد الله:
أبو الفهم الحلبي، كتب عنه شيخنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الفهم بن عبد الرحمن اليلداني، وخرّج عنه إنشادا.
كتب إلينا أبو محمد عبد الرحمن اليلداني، ونقلته من خطه، قال: أنشدنا أبو الفهم زكي بن عبد الله الحلبي.
وطائرة أبدا تتبع
…
فطورا تطير وطورا تقع
تموت إذا تركها الكماة
…
وتحيى إذا الضرب فيها وقع
قلت: وهي في الكرة.
زمّاخ بن يحيى بن صافي:
الأعسر الشيزري، شاعر متوسط الشعر، من أهل شيزر وكان أبوه يحيى فارسا مذكورا بها، موصوفا بالشجاعة، وجدّه صافي من أتباع بني منقد بها. وانقطع زماخ إلى سابق الدين عثمان الداية صاحب شيزر.
أنشدني أبو السعادات المبارك بن أبي بكر بن حمدان الموصلي لزماخ بن يحيى بن صافي الشيزري ذكر لي أنها من جملة قصيدة مدح بها ناصر الدين أبا سعيد محمد بن شيركوه المعروف بالملك القاهر، وأنه شاهدها في مدائحه:
يروى نداه الصدى مع عظم صولته
…
كصفحة السيف من ماء ومن نار
الطيب الخيم والأصل القديم له
…
المجد الموثّل والعاري من العار
ولو جرى في نداه الناس أغرقهم
…
ما كل ماء على شاط بزخّار
فاق الورى بأياديه التي هطلت
…
من الندى سحبا من بحره الجاري
اجتزت في بعض السنين بشيزر، فسألت بعض من حضر عندي من أماثلها، عن شعراء شيزر فذكر لي زمّاخ بن صافي الأعسر، ومضى الى منزله وسيّر لي رقعة فيها أبيات كتبها زماخ المذكور عن سابق الدين عثمان بن الداية الى سنان صاحب الدعوة النزارية، جوابا عن أبيات كتبها سنان الى سابق الدين عثمان يتهدده وهي:
يا ذا الذي بقراع السيف هددني
…
لا قام مصرع جنبى حين تصرعه
قام الغراب الى البازي يهدده
…
واستأسدت للقاء الأسد أضبعه
(201 - و)
يا من يفك فم الأفعى بأصبعه
…
يكفيه مما تلاقي منه أصبعه
قال: فأجابه زماخ الأعسر عن سابق الدين عثمان بهذه الأبيات:
يا من يقول مقالا ليس تسمعه
…
أذني ولا هو ذو قدر فيرفعه
وظني بقراع السيف أوعده
…
والرعب في قلبه والخوف يقطعه
وما درى أنني البازي ترهبه
…
نفس الغراب الذي في الكهف موضعه
(1)
وأنني أسد والأسد ترهبني
…
هذا وكم أسد بي حان مصرعه
والضبع أنت ورجلاك العراج بها
…
والضبع أعرج والميتات مرتعه
ما يستحي ثعلب مع ضعف أسرته
…
يمر بالأسد الضاري يفزّعه
وقد فككت فم الأفعى فما قدرت
…
يوما على إصبع مني فتلسعه
والسم ليس يضر الآن جسم فتى
…
الله يحفظه مما يروعه
فالعير لا يرهب الأفعى ويأكلها
…
قسرا ومن خالص الدرياق مدمعه
فكم تغطي الهدى جهلا وتستره
…
بأسود الكفر والايمان يقشعه
هدد بذلك غيري كي تخوفه
…
ما يجزع الطود من شن يقعقه
توفي زماخ الأعسر هذا في سنة عشر أو إحدى عشرة وستمائة، فإنني سألت ابن أخيه عن وفاة عمه، فقال: مات قبل موت السلطان الظاهر بسنتين
(2)
.
***
(1)
-الكهف احدى قلاع الدعوة الاسماعيلية الجديدة.
(2)
-توفي الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين سنة 613 هـ، زبدة الحلب: 3/ 170 - 171.
زمّل بن عمرور بن العتر:
ابن خشّاف-وقيل خشّاف، وقيل حشّاف بن خديج-بن واثلة بن حارثة بن هند بن حزام بن ضنّة بن عبد بن كثير بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضامة العذري الحزامي الضنّي، وقيل هو:
زمل بن ربيعة، وقيل: زميل بن عمرو، وقيل: زامل بن عمرو العذري من بني هند بن حزام.
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له كتابا، وعقد له لواء، فشهد بلوائه ذلك صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وسكن الشام، واستعمله معاوية على شرطته، وهو أحد شهود معاوية في أمر الحكمين، روى عنه ابنه المقداد بن زمل وصعصعة بن صوحان.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري-إجازة إن لم يكن سماعا-قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيّويه قال أخبرنا أحمد بن معروف بن بشر قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب قال: حدثنا شرقي بن القطامي عن مدلج بن المقداد بن زمل العذري، قال: وحدثني ببعضه أبو زفر الكلبي قالا: وفد زمل بن عمرو العذري على النبي صلى الله عليه وسلم (201 - و) فأخبره بما سمع من صنمهم فقال: ذلك مؤمن الجن فأسلم، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء على قومه، فشهد به بعد ذلك صفين مع معاوية، ثم شهد به المرج
(1)
فقتل، وأنشأ يقول حين وفد على النبي صلى الله عليه وسلم:
إليك رسول الله أعملت نصّها
…
أكلفها حزنا وقورا من الرمل
(1)
-مرج راهط.
لأنصر خير الناس نصرا مؤزرا
…
وأعقد حبلا من حبالك في حبلي
وأشهد أن الله لا شيء غيره
…
أدين له ما أثقلت قدمي نعلي
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم الحداد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن اسحاق قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا سهل بن السري قال:
أخبرنا سهل بن شاذويه عن عبد الله بن محمد بن أبي بلج عن محمد بن خاقان عن هشام بن الكلبي عن شرقي بن القطامي عن مدلج بن المقداد العذري عن أبيه، قال:
وحدثني ببعضه الحارث بن عمرو بن جزي عن عمه عمارة بن جزي، قال:
قال زمل بن عمرو: سمعت صوتا من صنم ثم ذكر الحديث.
قال: وأخبرنا أبي قال: وأخبرنا محمد بن عبد الله بن دينار قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن سوار قال: حدثنا علي بن حرب قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى العذري عن أبي المنذر-وهو-هشام بن السائب عن الشرقي عن مدلج العذري عن أبيه، ثم ذكر الحديث بطوله
(1)
.
***
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 221. و-ظ.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ابن البناء-إذنا عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري-قال: أخبرنا أبو عمر ابن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الرابعة من بني عذرة بن سعد بن زيد بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة زمل بن عمرو بن العتر بن خشاف بن خديج بن وائل ابن حارثة بن هند بن حزام بن عبد ضنّة بن عبد بن كثير بن عذرة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب له كتابا، وعقد له لواء، وشهد بلوائه ذلك يوم صفين مع معاوية، من ولده مدلج بن المقداد بن زمل، كان شريفا بالشام، وكانت عنده آمنة أخت خالد بن عبد الله القسري
(1)
.
أخبرنا ابن طبرزد إذنا عن أبي غالب بن البناء عن عبد الكريم بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا علي بن عمر الدارقطني قال: زمل بن عمرو بن العتر بن خشاف ابن خديج بن واثلة بن حارثة بن هند بن حزام بن ضنّة العذري، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وكتب له كتابا، وعقد له لواء، فشهد بلوائه ذلك صفين مع معاوية، قال ذلك ابن الكلبي
(2)
.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبي قال: زمل بن عمرو العذري (204 - و) وقيل: ابن ربيعة ويقال: زميل بن عمرو
(1)
-لا ترجمة لزمل في المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد.
(2)
- المؤتلف والمختلف للدار قطني أ 2/ 619.
من بني هند بن حزام أنى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بصوت سمع من صنم
(1)
.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرح الحصري-فيما كتب به إلينا من مكة- قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري قال:
زميل. ويقال زمل بن ربيعة الضنّي، ثم العذري له خبر في أعلام النبوة، من رواية أهل الاخبار، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآمن به، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء على قومه، وكتب له كتابا، ولم يزل معه ذلك اللواء حتى شهد به صفين مع معاوية، وقتل يوم مرج راهط.
وقال ابن الكلبي هو زمل بن عمرو بن العتر بن خشاف بن خديج بن واثلة بن حارثة بن عبد بن حزم بن ضنّة العذري.
وذكر خبره كما ذكرنا سواء، وكذلك ذكره الطبري ومن كتابه أخذه، والله أعلم
(2)
.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السّلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: ومن ولد حارثة بن هند بن ضنّة زمل بن عمرو بن العتر بن خشّاف بن خديج بن (246 - ظ) واثلة بن حارثة ابن هند، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له كتابا، وعقد له لواء، وشهد بلوائه صفين مع معاوية.
وقال: وأما خشاف بفتح الخاء المعجمة زمل بن عمرو، وساق نسبه كما تقدم، وشهوده صفين، ثم قال: قال ذلك ابن الكلبي، والطبري، ثم قال: وأما عتر بكسر العين المهملة وسكون التاء المعجمة باثنتين من فوقها: زمل بن عمرو بن العتر
(3)
.
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 221 - و.
(2)
-تاريخ الطبري:5/ 54. الاستيعاب على هامش الاصابة:1/ 570.
(3)
- الاكمال لابن ماكولا:6/ 293،5/ 215،1/ 158.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي-فيما اذن لنا فيه-قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: زمل بن عمرو بن العتر بن خشاف بن خديج بن واثلة بن حارثة بن هند بن حزام بن ضنّة بن عبد بن كثير بن عذرة، وقيل: زمل بن ربيعة، وقيل: زميل بن عمرو العذري، من بني هند بن حزام، له وفادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم-وسكن الشام، روى عنه ابنه المقدام بن زمل وكان عند معاوية بدمشق، واستعمله على شرطته، وهو أحد شهوده في التحكيم، وسنذكر ذلك في ترجمة ناتل بن قيس الجذامي. وأقطعه معاوية دارا عند باب توما، وشهد بيعة مروان بن الحكم بالجابية فيما ذكره البلاذري
(1)
.
وقال: أخبرنا الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال حدثنا أحمد بن عمران قال:
حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في تسمية عمال يزيد بن معاوية، وعلى خاتمه زمل بن عمرو، وقال: وفي سنة أربع وستين وقعة مرج راهط بالشام، قال أبو الحسن-يعني-المدائني: وقتل يومئذ ربيعة بن عمرو الجرشي، وزمل بن عمرو العذري
(2)
.
***
(1)
- انساب الأشراف:5/ 128. تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 221. و- 222.
و
(2)
-لا ذكر لزمل في تاريخ خليفة المطبوع.
زنكل بن علي العقيلي الرقي:
مولى لبني عقيل من أهل الرقة، صحب عمر بن عبد العزيز ووزر له، وكان في صحبته بخناصرة، حدّث عن محمد بن المنكدر وأيوب السختياني وأم الدرداء، روى عنه جعفر بن برقان، وأبو المليح الحسن بن عمر الرقي، واسحاق بن نجيح.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة-بدار الوزارة-قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: حدثنا أبو عبد الله السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن جامع الدهان قال:
حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري الحافظ قال: حدثني جعفر ابن محمد الخراساني قال: حدثنا أبو علي حسن بن أبي منصور الحمصي قال:
حدثنا عبد الصمد بن عبد الحميد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبي قال: حدثني سلمة بن كلثوم عن جعفر عن زنكل عن أيوب السختياني عن شعيب بن عبد الله ابن عمرو بن العاص عن أبيه عن جدّه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلف، وعن (25 - ظ) شرطين في بيع، وعن بيع مالم نملك، وعن ربح مالم يضمن
(1)
.
وقال: حدثنا أبو علي القشيري الحافظ قال: حدثنا محمد بن الخضر بن علي قال: حدثنا ابن أبي أسامة قال: حدثنا أبي عن جعفر بن محمد عن زنكل بن علي قال: سألت أيوب السختياني فقلت: ما ترى فيمن يبايع ويقرض قال: سمعت عمرو بن شعيب يذكر حديثا يرفعه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع مالا يملك، وعن ربح مالا يضمن.
(1)
-لم اجده بهذا اللفظ، انظر كنز العمال:4/ 9934 - 9561،9942 - 9564.
وقال: حدثنا أبو علي قال: حدثنا هلال بن العلاء قال: حدثنا محمد قال:
حدثنا جعفر بن برقان عن زنكل بن علي عن محمد بن المنكدر قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام
(1)
.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن جعفر النيسابوري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن علي بن رزين الهروي قال: حدثنا عبد الرحيم بن حبيب البغدادي قال: حدثنا اسحاق بن نجيح الملطي عن زنكل بن علي السلمي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يتركهن العرب وهي بهم كفر: الاستسقاء بالأنواء والطعن في النسب والنوح
(2)
.
وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كبّر العبد سرّت تكبيرته ما بين السماء والأرض من شيء
(3)
. (206 - و).
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد-إذنا-قال: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي-اذنا أو سماعا-قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقوز قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو سعيد بن سالم الشاشي قال: حدثنا أبو المليح عن زنكل بن علي. قال أبو سعيد: زنكل بن علي وزير لعمر بن عبد العزيز، قال: قال حذيفة بن اليمان: يا طاعون خذني إليك -ثلاث مرات-قبل سفك دم حرام، وقبل جور في الحكم، وإمارة الصبيان، وكثرة الرئاسة.
أخبرنا أبو القاسم بن الطفيل قال: أخبرنا أبو طاهر السّلفي قال: أخبرنا أبو
(1)
-انظره في كنز العمال:5/ 13154.
(2)
- تاريخ بغداد:11/ 86.
(3)
- تاريخ بغداد:11/ 86.
الحسين بن الطيوري قال: حدثنا أبو عبد الله بن السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن عبد الله قال: حدثنا محمد بن سعيد القشيري الحافظ قال: الأعشى الشاعر الرقي ذكروا أنه من ولد زنكل بن علي، زنكل بن علي يتولى بني عقيل.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زنكل بن علي العقيلي الرقي، كان من صحابة عمر بن عبد العزيز حدّث عن محمد بن المنكدر، وأيوب السختياني، وأم الدرداء، روى عنه: أبو المليح الحسن بن عمر الرقي وجعفر بن برقان
(1)
.
***
(1)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 222. ظ -2223. و.
ذكر من اسمه زنكي
زنكي بن آق سنقر
(1)
:
أبو المظفر التركي، وقيل آق سنقر بن الترغال من قبيلة ساب يو، وقيل إن آق سنقر كان مملوكا للسلطان ملك شاه وقد ذكرنا (206 - و) ذلك في ترجمته، ويعرف زنكي بأتابك بن قسيم الدولة، لأنه كان عنده ولدان للسلطان محمود بالموصل يربيهما، وكان مولده بحلب في أيام ولاية أبيه في سنة ثمانين وأربعمائة، وربي بها، وكان في أول أمره مضافا الى آق سنقر البرسقي
(2)
، والبرسقي شحنة بغداد، وولاه البصرة، فلما عزل البرسقي عن شحنكية بغداد فارق البصرة وقصد السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه، فأكرمه وأقطعه البصرة وأعاده اليها في سنة ثمان عشرة وخمسمائة، ثم ترقت به الحال الى أن ملك الموصل في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، وكان ختلغ آبه بحلب وأساء السيرة مع أهلها، فحصروره، وبالمدينة بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار بن أرتق، فأجمع رأي ختلغ آبه وسليمان على أن سارا الى أتابك زنكي ويحكماه فيما يفعل، فلم يوقع لواحد منهما بحلب، وتوجه إليها فقدمها، وكان له أتراب
(3)
بحلب من الحلبيين، قد تربي بينهم، فكانوا يميلون إليه لذلك فسلموا الى نائبه حلب في شهر رمضان سنة احدى وعشرين وخمسمائة وتوجه إليها فتسلمها في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة في جمادى الآخرة وتوجه بعد ذلك الى السلطان محمود، وعاد في سنة ثلاث وعشرين ومعه توقيع مجدد بولاية الجزيرتين والشام وحلب والشط، وملك: حمص، وحماة، وبعلبك، والرقة ودارا، وحران، ورأس عين، واشتغل بمحاربة الفرنج، ففتح من أيديهم معرة النعمان، وكفر طاب وبارين
(1)
-سبق لي نشر هذه الترجمة في كتابي الحروب الصليبية:725 - 138.
(2)
-تقدمت ترجمته.
(3)
-الترب من ولد معك أو كان من سنك. القاموس.
والأثارب وزردنا وتل أعذى، وبزاعا، وسروج والرها، وكان له أثر عظيم (207 - و) في نصرة الإسلام، وكف عادية الفرنج ومهد لمن بعده فتح البلاد، بعد أن كان الفرنح قد ضايقوا مدينة حلب واستولوا على حصونها، وأخذوا المناصفة من المسامين الى بابها، فأغاثهم الله بزنكي وبولده من بعده.
وكان زنكي ملكا عظيما وشجاعا جبارا، كثير العظمة والتجبر، وهو مع ذلك يراعي أحوال الشرع وينقاد إليه، ويكرم أهل العلم، وبلغني أنه كان إذا قيل له:
أما تخاف الله خاف من ذلك، وتصاغر في نفسه فأظهر الله تعالى سره المحمود في ولده محمود.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي -ونقلته من خط العظيمي-قال في حوادث سنة إحدى وعشرين وخمسمائة قال، بعد ذكر حصار الحلبين وبدر الدولة بن أرتق وابراهيم بن الملك رضوان ختلغ آبه غلام السلطان محمود: وطال الأمر على ختلغ آبه وحفروا خندقا حول القلعة، فكلما خرج منها رجل أو دخل اليها أخذ، الى نصف ذي الحجة وصل الأمير سنقر دراز، والأمير حسن قراقش، وجماعة أمراء في عسكر قوي الى باب حلب، واتفق الأمر على أن يسير بدر الدولة وختلغ آبه الى باب الموصل الى عماد الدين قسيم الدولة بن قسيم الدولة زنكي بن آق سنقر، الى الموصل، فلمن ولى عاد الى منصبه، وأقام بحلب الأمير حسن قراقش والرئيس ابن بديع، فأصلح عماد الدين بينهما، ولم يوقع لأحد منهما، وطمع (207 - ظ) بملك البلد، وسير سرية الى حلب مع الأمير الحاجب صلاح الدين العمادي، فوصل الى حلب، وأطلع الى القلعة واليا من قبله، ورتب الأمور وجرت على يده على السداد، وهو الذي تولى إنزاله وإليه إطمأن.
وقال العظيمي: سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، في جمادى الآخرة منها وصل الأمير عماد الدين قسيم الدولة أبو سعيد زنكي بن آق سنقر قسيم الدولة الى حلب وملكها، وصعد القلعة، وبات بها وعاد الى نقرة بني أسد، وقبض على ختلغ آبه، وحمله الى حلب وسلّمه الى عدوه ابن بديع، فكحلوه بداره في النصف من رجب.
وقال العظيمي: وفي جمادى الآخرة-يعني-من سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة عاد الأمير عماد الدين قسيم الدولة زنكي من عند السلطان الى الموصل ومعه طغراء
(1)
بتجديد الجزيرتين والشام وحلب والشط، وما اتصل بذلك، بعدما خرج عن يده بالدركاه مائة وعشرون ألف دينار.
قال: وفي مستهل رجب-يعني-من سنة أربع وعشرين، وصل عماد الدين زنكي بن آق سنقر الى أكناف الفرات وفتح قلعة السن
(2)
، وسير سرية تقدمت مع الثقل الى باب حلب، ونهضت الخيل أغارت على بلد عزاز، وعاثوا في بلد جوسلين مقابلة له على قديم قبيحه في غيبة الأمير قسيم الدولة، ثم عبر الأمير قسيم الدولة بتاريخ الأحد ثامن عشرين رجب، فخيم بظاهر حلب، وتكررت الرسل في الصلح، فاصطلحوا مدة سنة، وكان الأمير قد رعى زرع الرها في طريقه (208 - و) وظفر بالتركمان أيضا وكسرهم.
قال: وفي هذه المدة تزوج أتابك قسيم الدولة بخاتون بنت الملك رضوان، ودخل بها ليلة الاثنين في عشرين من شعبان.
قال: وفي يوم الاثنين عاشر شوال تسلم أتابك عماد الدين حماه، وقبض على خير خان صاحب حمص، وأنهب عسكره وخف الى حمص، فنزل ربضها، وطلب من أولاد خير خان التسليم، فامتنعوا وشبت الحرب بينهم وشنّع على الأمير أطسيس ابن ترك فقتلوه، ورمي برأسه، ونقبوا القلعة فبطل النقب ونصبت المجانيق فبطلت، وطال الشرح، فهجم الشتاء، فعاد العسكر الى حلب ثاني ذي الحجة.
وقال فيها: يعني-سنة خمس وعشرين وخمسمائة في المحرم، سار أتابك عماد الدين مشرقا يوم الخميس غرته، وكان السلطان محمود شتى ببغداد، فلما كان في ثالث عشر ربيع الآخر شرق نحو أصبهان وبلغه أن أخاه باين بالعداوة، فرد أمر العراق الى عماد الدين قسيم الدولة زنكي مضافا الى ما كان في يده من الجزيرة
(1)
-مرسوم عليه توقيع (طغراء) السلطان.
(2)
-السن مدينة على دجلة فوق تكريت عند مصب الزاب الاسفل. معجم البلدان.
والشام، هذا كله ودبيس
(1)
مقيم بفم البرية يتواعد بغداد بالخراب، وبلغ أتابك عماد الدين وفاة السلطان محمود بن تبر، وهو على القريتين، فسار نحو الموصل ليلة الخميس سادس عشر شوال ومعه دبيس.
وكان لهذا السلطان عند الأمير ولدان أحدهما الذي كانت أمه عند سنقر البرسقي وماتت، اسمه ألب أرسلان أبو طالب، والآخر الذي كان عند دبيس، فبعث عماد الدين يسوم المسترشد أن يخطب لأبي طالب (208 - ظ) ولد السلطان، فاعتذر المسترشد إليه بأنه صبي، وأن المنقول رسم لولده داوود وهو بأصبهان، وقد وصلت رسل البلاد كلها تقول: اخطب لداوود فنحن له طائعون، وأنا منتظر جواب كتاب سنجر عم القوم، وكان أتابك عماد الدين قد أخذ خبر عودة ابن الأنباري رسول الخليفة من دمشق، كان المسترشد نفذه في معنى دبيس الى تاج الملوك، فوجده قد صار الى عماد الدين، فعاد وكانت في صحبته قافلة عظيمة فيها أموال، فبعث عماد الدين إليه سرية للقبض عليه، فقبضوا عليه ونهبوا القافلة في كياد الخليفة وفك القيود عن دبيس وخلع عليه، وحمل له من المال والجوهر والخيل والعدد ما لا حدّ عليه، وخرج من الدار التي كان يشرب فيها وسلمها إليه بآلاتها وكل ما فيها
(2)
.
قلت: وبعد ذلك وصل داوود بن محمود بن محمد بن ملكشاه الى زنكي، فأخذه وسار به الى بغداد وأنزله في دار السلطنة ببغداد، وزنكي في الجانب الغربي والخليفة إذ ذاك الراشد بعد قتل المسترشد، فوصل السلطان مسعود الى بغداد فحصرهم بها، فوقع الوباء في عسكره، فسار الى أرض واسط ليعبر الى الجانب الغربي، فاغتنم زنكي غيبته، وسار الى الموصل وسار داوود الى مراغة
(3)
، وبلغ الخبر الى السلطان مسعود، فعاد فهرب الراشد ولحق أتابك زنكي بالموصل، ودخل مسعود بغداد، فبايع محمدا (209 - و) المقتفي، وخطب له ببغداد وأعمال
(1)
-انظر ترجمة دبيس التي تقدمت في مجلدنا هذا نفسه.
(2)
-لمزيد من التفاصيل انظر تاريخ دمشق لابن القلانسي:366 - 368. وانظر أيضا تاريخ العظيمي:381 - 384.
(3)
-مراغه بلدة مشهورة عظيمة، اعظم وأشهر بلاد أذربيجان. معجم البلدان.
السلطان وبقيت الخطبة بالشام والموصل على حالها الى أن اتفق زنكي والسلطان مسعود واصطلحا، وخطب بالشام والموصل للمقتفي ولمسعود، وفارق الراشد إذ ذاك زنكي، وسار عن الموصل الى خراسان، وذلك في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.
قرأت بخط القاضي علاء الدين أبي محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب في تاريخ
(1)
مختصر عمله أبو شجاع محمد بن علي بن شعيب الفرضي البغدادي المعروف بابن الدهان، وذكر: أنه نقله من خطه، قال في حوادث سنة إحدى وعشرين:
واتفق الأمر على أن يسير بدر الدولة وخطلبا الى باب الموصل الى عماد الدين زنكي، فلمن ولى عاد الى منصبه وأقام بحلب الأمير قراقش والرئيس فضائل بن بديع، فأصلح عماد الدين بينهما، ولم يوقع لأحد منهما، وسيّر سرية الى حلب صحبة الحاجب صلاح الدين العمادي، فوصل الى حلب وطلع الى القلعة، وأقام فيها واليا من جانبه.
وقال: وفي هذه السنة-يعني-سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة دخل عماد الدين زنكي بن آق سنقر الى حلب في يوم الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة والطالع السنبلة أربع عشرة درجة، وطالعه الأصلي الميزان، كذا حكى لي البرهان، وقبض على خطلبا وسلمه الى ابن بديع فكحله في منتصف رجب سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، قال: وانحاز قاضي القضاة الزينبي الى الموصل في ولاية الراشد والآن (209 - ظ) عاد وسمع البينة في خلع الراشد وانضاف الى الراشد لما أصعد الى الموصل أبو الفتوح الواعظ الإسفرائيني وجلال الدين بن صدقة الذي كان وزيره، وقوام الدين بن صدقة وأكابر بيت صدقة، وحصل الجماعة عند زنكي بالموصل، ولما اتفقت الكلمة على المقتفي لأمر الله وعلى السلطان مسعود استشعر الراشد من زنكي، وطلب منه أن يعبر الى الجانب الغربي ليمضي الى همذان، فمشى بين يديه الى أن حصل في الشبارة وعبر وتخلف عند زنكي جلال الدولة صدقة وجماعة من بيته، وسمعت قوام الدين صدقة يحكي أن الراشد لما حصل على شاطئ دجلة
(1)
-لم أقف على ذكر بوجوده.
بالموصل يريد العبور وزنكي بين يديه، قال لأبي الرضا بن صدقة: أريد أقتل زنكي، فقال أبو الرضا لابن عمه قوام الدين: قل لزنكي يسرع خطوه بحيث يبعد عن الراشد، ففعل، وعرف زنكي ذلك لأبي الرضا، فاستوزره، ومضى الراشد الى أصفهان وصحبته أبو الفتوح الإسفرائيني وأقام عليها الى أن قتل.
وقال: في خامس عشر جمادى الآخرة-يعني-سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، فتح زنكي الرّها، كان نازلا على آمد فكتب إليه رئيس حران يخبره أن صاحب الرها
(1)
قد توجه الى الشام، فأغذ زنكي السير حتى نزل على الرّها، وحال بينها وبين صاحبها، وحاصرها أشد الحصار، وفتحها بالسيف فغنم المسلمون منها.
قرأت في تاريخ أبي المحاسن (210 - و) بن سلامة بن الحرّاني لحران، دفعه إليّ الخطيب سيف الدين أبو محمد عبد الغني بن شيخنا فخر الدين أبي عبد الله محمد بن الخضر بن تيمية، وذكر لي أنه نقله من خط شيخه المؤلف أبي المحاسن، قال: وفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة نزل-يعني-أتابك زنكي على الرها وفيها الافرنج، فحصرها وأخذها بالسيف يوم السبت السادس عشر من جمادى الآخرة، وكانت أيام الشتاء والبرد قال الشاعر:
إذا كانت جمادى في جمادى
…
فذاك القر والبرد الشديد
ولما فتحها أوصى بأهلها خيرا، ولم يسب أهلها، ونوى عمارتها ووجدوا على عضادة المحراب مكتوبا:
أصبحت صفرا من بني الأصفر
…
أختال بالأعلام والمنبر
دان من المعروف حال به
…
ناء عن الفحشاء والمنكر
مطهر الرحب على أننى
…
لولا جمال الدين لم أطهر
فبلغ ذلك رئيس حران جمال الدين فضل الله أبا المعالي فقال: امحوا جمال الدين واكتبوا عماد الدين، فبلغ ذلك أتابك عماد الدين فقال: صدق الشاعر لولاك
(1)
-كانت الرها أول امارة تأسست للصليبيين بالمشرق، وأدى تحريرها الى اثارة الحملة الصليبية.
ما طمعنا فيها، وأمر عماله إذا جاءت جائحة في الغلة أن يأخذوا الخراج على قدرها، فكانوا يأخذون خراجا، وتارة نصف خراج، وتارة ثلث خراج، وتارة ربع خراج، وتارة لا يأخذون شيئا إذ أمحلت البلاد، وقسم الماء الذي لحران ثلاثة أقسام:
قسما للسلطان، وقسما للشتايات وقسما (210 - ظ) لآبار حران ولخندق القلعة، فلما أخذ الرها نزل على البيرة، وفيها الأفرنج وذلك في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وجاءه الخبر من الموصل أن نصير الدين نائبه بالموصل قتل، فخاف عليها وسار حتى دخل الموصل وأخذ فرخانشاه ابن السلطان الذي قتل نصير الدين جقر بن يعقوب فقتله بدم نصير الدين.
سمعت شيخنا قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قاضي حلب رحمه الله يقول: كان عندنا بالموصل رجل يقال له موسى يؤذن بالمدرسة، وكان أشقر شكله شكل الأرمن، وكان جهوري الصوت، وكان له قرية ملّكه اياها أتابك زنكي، فسألته عن السبب في تمليكه القرية، فقال: إني كنت مع أتابك لما نزل محاصرا للرها، فنزلت الى السوق واشتريت لباسا من لباس الأرمن، وتزييت في زيهم، ووصلت الى البلد لأنظره وأكشف حاله، فجئت الى الجامع فدخلته ورأيت المنارة، فقلت في نفسي أصعد الى المنارة وأؤذن وحتى يجري ما جرى، فصعدت وناديت: الله أكبر الله أكبر، وأذّنت والكفار على الأسوار، فوقع الصياح في البلد إن المسلمين قد هجموا البلد من الجهة الأخرى، فترك الكفار القتال ونزلوا عن السور فصعد المسلمون وهجموا المدينة، فأعطاني أتابك هذه القرية لذلك.
قرأت في تاريخ حران جمع أبي المحاسن بن سلامة الحراني، قال: حدثني أبي رحمه الله قال: كان (211 - و) أتابك زنكي بن قسيم الدولة آق سنقر رحمه الله إذا ركب مشى العسكر خلفه كأنهم بين حيطين مخافة أن يدوس العسكر شيئا من الزرع، ولا يجسر أحد من هيبته يدوس عرقا من الزرع ولا يمشي فرسه فيه، ولا يقدر أحد من الأجناد يأخذ لفلاح علاقة تبن إلاّ بثمنها أو بخط من الديوان الى رئيس القرية، وإن تعدى أحد عليه صلبه عليها، وكان إذا بلغه عن جندي أنه تعدى على فلاح قطع خبزه
(1)
وطرده، حتى عمر البلاد بعد خرابها وأحسن الى أهل
(1)
-الخبز هنا المرتب أو العطاء.
مملكته، وكان لا يبقي على مفسد، وأوصى ولاته بأهل حران وعماله، ونهى عن الكلف والمغارم والسخر والتثقيل على الرعية، وأقام الحدود في بلاده رضي الله عنه، هذا ما حكاه أبو المحاسن عنه.
وسمعت من جماعة من فلاحي حلب أنه كان عليهم منه جور وظلم في أيام ولايته، وأكثر ما كان يذكر عنه من الظلم ما يلزم الناس به من جمع الرجّالة للقتال والحصار، فإن كان ذلك في جهاد الكفار، فقد كان يجب عليهم ذلك، وله إلزامهم به، وبلغني أنه كان لا يتجاسر أحد من رعيته كائنا من كان أن يظلم أحدا من خلق الله، ويقول: لا يتفق ظالمان يعني نفسه وغيره.
وبلغي أن أتابك زنكي تزوج خاتون بنت الملك رضوان وبنى بها في دير الزبيب خارج مدينة حلب، وكان إذ ذاك فيه بقايا عمارة ودامت معه بحلب (211 - ظ) الى أن دخل يوما الى الخزانة بحلب ليعتبر ما فيها، فرأى الكبر الذي كان على أبيه آق سنقر حين أسره تاج الدولة تتش وقتله بين يديه صبرا، وهو ملوث بالدم، فقيل له: هذا كبر أبيك الذي قتل فيه، فانزعج لذلك وأخذه بيده، ودخل على زوجته بنت الملك رضوان، وألقى الكبر بين يديها وهو مضمخ بالدم وقال لها: أما هذا فعل من لا رحمه الله، يعني جدها تاج الدولة تتش؟ ثم هجرها من ذلك اليوم، وانقطع عن الدخول اليها، ودام على ذلك.
فحدثني عمي أبو غانم عن أبيه أبي الفضل قال: كان أتابك زنكي متزوجا بنت الملك رضوان فهجرها، وبقي مهاجرا لها مدة من الزمان، فجاءت الى والدي القاضي أبي غانم وهو قاضي حلب إذ ذاك وقالت له: أيها القاضي قد جئتك متمسكة بذيلك، ومستجيرة بالشريعة المطهرة، فإني مع أتابك لا أعلم حالي معه، أمطلقة أم معلقة، وأنا مهجورة من مدة طويلة، فوعدها الاجتماع به في ذلك، ثم صعد إليه الى القلعة ولقيه، وهو راكب على الباب فقال له: يا مولاي، قد جاءت إليّ خاتون
(1)
وذكرت لي كذا وكذا، قال: فساق أتابك فرسه ولم يجبه بشيء، قال: فأمسك والدي بلجام الدابة ومنعه من المسير، وقال: يا مولاي هذه الشريعة المطهرة لا ينبغي الخروج
(1)
-قباء محشو يتخذ للحرب، المعرب للخواليقي:252 - الحاشية (2).
عنها، فقال أتابك:(212 - و) اشهد على أنها طالق، قال: فأرسل والدي حينئذ لجام الدابة من يده، وقال: أما الساعة فنعم.
وسمعت عمي أبا غانم يقول: قال لي والدي أبو الفضل: لما مات أبي القاضي أبو غانم ولاني أتابك زنكي القضاء بعده على أهل حلب وأعمالها وأحضرني مجلسه، وقال لي: يا قاضي هذا أمر قد نزعته من عنقي وقلدتك اياه فانظر كيف تكون واتق الله ساو بين الخصمين هكذا، وجمع بين سبابته ووسطاه، ولا تمل على أحد الخصمين ولا تحاب أحدا ومن امتنع عليك فها إنّا من ورائك.
أخبرني أبو محمد عبد اللطيف بن محمد بن أبي الكرم بن المعلى السنجاري قال: أخبرني أبي قال: كان بالموصل رجل من أهل الصلاح ينكر المنكر أين رآه، فإن رأى خمرا أراقه أو رأى جنكا
(1)
أو عودا كسره، فيضرب على ذلك، فيجلس في بيته ويداوي أثر الضرب، ثم يخرج، فإن رأى منكرا أنكره على عادته، فيضرب ضربا عنيفا، فيجلس في البيت على العادة ويداوي نفسه الى أن يبرئ ويخرج وينكر على عادته، فاتفق يوما من الأيام أن خرج فنظر الى دجلة، وزنكي بن آق سنقر راكب في شبارة
(2)
وعنده مغنية تغني، وهو يشرب، وعنده جماعة، فنزع ذلك الرجل ثيابه وسبح وجاء الى الشبارة التي فيها زنكي، فعلّق (212 - ظ) يده فيها ليصعد، فقال بعض من مع زنكي: أأضرب يده بالسيف؟ فقال: لا اتركه، فتعلق وصعد فجلس فأشار ذلك الشخص الى زنكي أأضربه؟ فقال: لا اتركه، فقعد في الشبارة وأخذ الجنك وقطع أوتاره ثم أخذ الأقداح وصبها في دجلة وغسلها بالماء وتركها في الشبارة، وألقى جميع ما ثم من الخمر في الماء، وغسل الآنية وتركها، ثم مد يده الى إزار المغنية فأخذه وسترها به، ثم ألقى بنفسه في دجلة وسبح وعبر، ولم يكلمه زنكي كلمة، وأما زنكي فإنه لما سبح ذلك الرجل وعبر قال: نرجع وندخل الى دورنا فليس لنا في هذا اليوم اشتغال بما كنا فيه، وأمر الملاحين فأتوا بالشبارة الى داره فنزل فيها.
(1)
-آلة موسيقية هي ال. praHnaisreP معجم الموسيقى العربية.
(2)
-من أنواع القوارب.
قال: وأما الرجل الذي كان ينكر، فكان بعد ذلك إذا أنكر المنكر لا يتجاسر أحد على ضربه، وإذا رأوه مقبلا لينكر عليهم انهزموا منه، واختفوا من طريقه، ولما مات غلقت أسواق الموصل لحضور جنازته رحمه الله.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زنكي بن آق سنقر أبو المظفر التركي المعروف بابن قسيم الدولة. دخل دمشق في صحبة الأمير ممدود صاحب الموصل، الذي قتل بدمشق، وكان من خواصه، ثم ترقت به الحال إلى أن ملك الموصل وحلب وحماة وحمص، وحصر دمشق ثم استقرت الحال على (213 - و) أن يخطب له على منبرها، وملك بعلبك وغيرها من بلاد الشام والجزيرة، واسترجع عدة من حصون الفرنج وبلادهم، مثل: المعرة وكفر طاب وتل بارين وفتح مدينة الرها، وكان له أثر حسن في مقاومة متملك الروم لما حصر شيزر
(1)
، وأسر عدة من أبطال العدو، وكان شهما صارما قتل وهو محاصر لقلعة ابن مالك
(2)
في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة بالرقة رحمه الله
(3)
.
قرأت في تاريخ أبي شجاع محمد بن علي بن الدهان الفرضي في حوادث سنة إحدى وأربعين وخمسمائة قال: وفي هذه السنة قتل عماد الدين زنكي ليلة الأحد سادس شهر ربيع الآخر على قلعة جعبر قتله خادم له اسمه يرنقش، وانهزم الى قلعة جعبر.
قلت: وفي تعليقي من الفوائد أن أتابك زنكي سار من الرها، ونزل على قلعة جعبر بالمرج الشرقي تحت القلعة يوم الثلاثاء ثالث ذي الحجة من سنة أربعين وخمسمائة فأقام عليها الى ليلة الأحد سادس شهر ربيع الآخر نصف الليل من سنة احدى وأربعين وخمسمائة، فقتله يرنقش الخادم، كان تهدده في النهار فخاف منه فقتله في الليل في فراشه، وقيل إنه شرب ونام فانتبه فوجد يرنقش الخادم وجماعة
(1)
-انظر تفاصيل ذلك في تاريخ دمشق لابن القلانسي:415 - 418.
(2)
-أي قلعة جعبر.
(3)
-تاريخ دمشق لابن عساكر:6/ 223 - و.
من غلمانه يشربون فضل شرابه، فتوعدهم، ونام فأجمعوا على قتله، فقتله يرنقش المذكور.
سمعت والدي رحمه الله يقول: (213 - ظ) أن حارس أتابك كان يحرسه في الليلة التي قتل فيها بهذين البيتين:
يا راقد الليل مسرورا بأوله
…
إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
لا تأمنن بليل طاب أوله
…
فرب آخر ليل أجج النارا
قرأت في تاريخ حران تأليف أبي المحاسن بن سلامة الحراني قال: فلما كان في سنة أربعين وخمسمائة نزل-يعني-أتابك زنكي على قلعة جعبر بالمرج الشرقي تحت القلعة يوم الثلاثاء ثالث ذي الحجة، فأقام عليها الى ليلة الأحد سادس ربيع الآخر نصف الليل من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فقتله يرنقش الخادم كان تهدده في النهار فخاف منه فقتله في الليل في فراشه، وجاء الى تحت القلعة فنادى أهل القلعة شيلوني، فقد قتلت السلطان، فقالوا له: اذهب الى لعنة الله قد قتلت المسلمين كلهم بقتله
(1)
، وافترقت العساكر فأخذ أولاد الداية نور الدين محمود الملك العادل ابن عماد الدين زنكي وطلبوا حلب والشام فملكها، وسار أجناد الموصل بسيف الدين غازي الى الموصل وأعمالها فملكها وملك الجزيرة، وبقي عماد الدين أتابك زنكي وحده فخرج اليه أهل الرافقة فغسلوه بقحف جرّة ودفنوه على باب مشهد الإمام علي عليه السلام في جوار الشهداء من الصحابة، وبنى بنوه عليه قبة فهي باقية الى الآن.
كذا قال أبو المحاسن، وإنما دفن أولا داخل مشهد علي رضي الله عنه قريبا من الباب (214 - و) ثم نقل من ذلك الموضع الى جوار الشهداء لما نذكره بعد هذا، وبني عليه ولده نور الدين محمود حائطا يقصر عن القامة ولم يبن عليه قبة.
أخبرني الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم بن مالك العقيلي قال: لما طال حصار أتابك زنكي لعمي علي بن مالك على قلعة جعبر تقدم حسان
(1)
-يعزو المؤرخ الفرنجي وليم الصوري، وقد اعتمد على روايات معاصرة، مقتل زنكي الى مؤامرة دبرها صاحب قلعة جعبر.
البعلبكي صاحب منبج الى عمي، وقال له: من تحت القلعة يا أمير علي ايش بقى يخلصك من أتابك؟ فقال له: يا عاقل يخلصني الذي خلصك من جب خرتبرت
(1)
، فذبح أتابك في تلك الليلة، وكان حسان قد قبض عليه بلك بن بهرام بن أرتق، وطلب منه أن يسلم إليه منبج فلم يفعل، فسيره الى خرتبرت وحبسه في جب بها وحاصر منبج، فجاءه سهم فقتله عليها وخلص حسان وعاد الى منبج.
وقال لي بدران: ومن عجيب ما اتفق في حصار القلعة ما حكاه لي جماعة من عبيدنا وشيوخ أصحابنا أن أتابك زنكي لما قصد القلعة وحاصرها، وبها عمي عليّ أقام مضايقا لها حتى عدموا الماء فبذل عمي ثلاثين ألف دينار ليرحل عنها فأجابه الى ذلك، ونزل رسول عمي اليه وقد جمع الذهب حتى قلع الحلق من آذان عماتي أخواته على ما حكى لي المشايخ.
قال: فلما نزل الرسول إليه قال لبعض خواصه: امض بفرسه وقدّمه الى قدر اليخني فإن شرب منه فأعلمني، قال: فمضى به (214 - ظ) الى قدر اليخنى وجعل مرقة اليخنى بين يديه فشربها الفرس فأخبره بذلك، فقال ان الماء عندهم قليل جدا، فقال للرسول: ارجع اليهم فلا سبيل الى الصلح إلاّ على القلعة، فقال له الرسول:
لا تفعل، فقال: قد فعلت وأنتم فما بقي عندكم ماء يكفيكم، قال: فصعد الرسول الى القلعة وأخبر عمي بذلك فأسقط في يده، قال: وكان في القلعة بقرة وحش، وقد أجهدها العطش فصعدت في درجة المئذنة حتى علت عليها ورفعت رأسها الى السماء وصاحت صيحة عظيمة ملأت الوادي، قال: فأرسل الله سبحانه سحابة ظللت القلعة وأمطروا حتى رووا، ولما كان عشية ذلك اليوم باتوا تلك الليلة فقتل أتابك في جوف الليل وفرّج الله عنهم.
قلت: وكان القاضي أبو مسلم قاضي الرقة هو الذي خرج من الرقة مع جماعة من أهلها، وتولى تجهيز زنكي ونقله الى الرقة ودفنه، فكان ثوابه من نور الدين محمود بن زنكي أن وقف عليه وعلى ذريته من بعده قرية عامرة ببلد حلب.
(1)
-يعرف أيضا باسم حصن زياد في أقصى ديار بكر بينه وبين ملطية مسيرة يومين وبينهما الفرات. معجم البلدان.
أخبرني شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي مسلم قاضي الرقة، بالرقة، قال: كان أتابك زنكي حين قتل وحمل الى الرقة قد دفن في مشهد علي بن أبي طالب عليه السلام داخل الباب على يمين الداخل والمكان معروف، فأرانيه حين حكى لي هذه الحكاية، قال: وكان بالمشهد قيم أعجمي (215 - و) يقال له ببنار، وكان صالحا فاتفق ليلة النصف من شعبان أن رأى في المنام كأنه خرج من البلد وجاء الى المشهد فرأى على بابه ثلاثة أفراس يمسكها عبد أسود، قال: فدخلت المشهد فرأيت ثلاثة رجال، فقلت: من أنتم؟ فقال أحدهم: أنا علي بن أبي طالب وهذان الحسن والحسين، ثم سألني عن القبر فقلت هذا قبر سلطان عظيم، فقال لي: مه السلطان العظيم هو الله، فقلت هذا قبر أتابك زنكي الشهيد، فقال لي: تمضي إلى ولده محمود وتقول له: نحن جعلنا هذا المكان معبدا لم نجعله مدفنا، فقل له: ينقله من هاهنا، قال: ثم مشوا الى المكان الذي يقال فيه الكف، ودعوا ثم قال لي:
يا ببنار أنت ما تقول له، نحن نقول له، قال: فأصبح ببنار ودخل الى جدي القاضي موفق الدين أبي مسلم فحكى له ما رأى وعنده جماعة، فأخذ جدي وكتب كتابا الى نور الدين محمود يخبره فيه بصورة المنام قال: فلم يصل إليه الكتاب حتى سير نور الدين محمود كتابا الى القاضي أبي مسلم يقول له: اني رأيت ليلة نصف شعبان علي بن أبي طالب وولديه الحسن والحسين عليهم السلام، وقالوا لي: تنقل أباك من المشهد فنحن جعناه معبدا لم نجعله مدفنا وقد سيرت اليك أربعة آلاف قرطيس تبني له تربة مثل ترب الفقراء والمساكين، لا مثل ترب الملوك والسلاطين، وتنقله اليها، قال: فبنى له حظيرة مختصرة (216 - ظ) بالقرب من باب المشهد، ونقله اليها، ورأيتها بالرقة وهي قصيرة البنيان.
سمعت قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول: قد رؤي أتابك زنكي بعد موته في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بفتحي الرّها.
زنكي بن مودود بن آق سنقر
أبو سعيد الملقب عماد الدين صاحب سنجار وهو حفيد المقدم ذكره.
ويلقب الملك العادل.
وكان عادلا يميل إلى الدين وأهله، وكان أخوه عز الدين مسعود بن مودود بعد موت الملك الصالح ابن عمه قد ملك حلب فسير إليه عماد الدين زنكي وقال:
كيف تختص أنت ببلاد عمي وابنه وأمواله، وأنا لا أصبر على ذلك وطلب منه حلب، ويدفع إليه سنجار عوضا عنها، فأجابه إلى ذلك، وأخذ جميع ما كان بحلب من الأموال والذخائر، واتفقا على تسليم حلب إلى زنكي وتسليم سنجار إلى عز الدين، فسير عماد الدين زنكي ولده قطب الدين الى حلب فتسلمها، ثم ورد بعده بأهله وأمواله وزوجته بنت عمه نور الدين وأجناده، ووصل إلى حلب على البرية من جهة الأحصّ والتقاه أكابر الحلبيين، وصعد إلى قلعة حلب في ثالث عشر المحرّم من سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وقيل في مستهله، ووصل الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى حلب ونزل عليها ثلاثة أيام، فقال له زنكي: مر إلى سنجار وافتحها وادفعها إليّ وأنا أدفع إليك حلب فرحل الملك الناصر عن حلب ومضى إلى الموصل، ثم رحل (216 - و) عنها إلى سنجار وفتحها في ثاني عشر شعبان من السنة وعاد عنها وعزم على منازلة حلب، وبلغ عماد الدين زنكي ذلك فخرب عزاز وحصن بزاعا وحصن بالس، وحصن كفر لاثا بعد أخذه من بكمش، وأخذ رهائن الحلبيين خوفا من تسليم البلد، ونزل الملك الناصر على حلب وقت الضحى من يوم السبت لأربع بقين من المحرّم من سنة تسع وسبعين وخمسمائة وأقام عليها شهرا يجد في القتال، فرأى عماد الدين زنكي أنه لا طاقة له به وأن أخاه عز الدين قد جعلها خالية من الأموال والذخائر، فأحضر اليه الأمير طمان واتفق معه على أن يخرج في السر ليلا، ويتحدّث في تقرير الأمر بينهما على تسليم حلب وأعمالها الى الملك الناصر وأن يعوضه عنها بسنجار ونصيبين والخابور والرقة وسروج، وأن تكون بصرى لطمان، ويكون في خدمة زنكي، وكتم ذلك عن الحلبيين والأجناد، وكان يخرج الى اصطبله وداره بالحاضر ويظهر أنه يخرج لحفظ أخشابه بهما، ويجتمع بالسلطان الى أن قرر ما قرره، ولم يشعر أحد من الجانبين إلا وأعلامه قد رفعت على قلعة حلب، واستقر الأمر على إجراء الأمراء وأعيان المدينة على عادتهم في معايشهم وأملاكهم، وكان الحلبيون يجدون في قتال عسكر الملك ويخرج منهم في كل يوم عشرة آلاف مقاتل أو أكثر يجدون في القتال، فخافوا على أنفسهم لما تكرر
منهم في قتال الملك الناصر مرّة بعد أخرى في أيام الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين وفي أيام عماد الدين (216 ظ) زنكي وصرخ العوام بسبه ونزل عماد الدين زنكي من قلعة حلب يوم الخميس ثالث وعشرين من صفر من سنة تسع وسبعين وخمسمائة ورتب فيها طمان إلى أن يتسلم نواب عماد الدين ما اعتاض به عن حلب واستنابه في بيع جميع ما كان في قلعة حلب حتى باع الأغلاق والخوابي، واشترى الملك الناصر منها شيئا كثيرا، ونزل عماد الدين في ذلك اليوم الى السلطان الملك الناصر، وعمل الملك له وليمة واحتفل، وقدّم لعماد الدين أشياء فاخرة من الخيل والعدد والمتاع الفاخر، وسار عماد الدين نحو بلاده حتى نزل مرج قراحصار، وسار الملك الناصر وشيّعه ورجع.
سمعت عمي أبا المعالي عبد الصمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: نقل عز الدين صاحب الموصل من حلب حين ملكها جميع ما في قلعة حلب من الذخائر والسلاح والأموال إلى الرقة، وصانع عماد الدين على أن يأخذ منه سنجار وأعطاه حلب، فقدم عماد الدين إلى حلب مجدّا في السير على البرية.
قال لي عمي: فخرجت أنا ووالدك والتقيناه وقدم من ناحية الأحص، ودخل حلب وأقام بها فلم يجد في قلعتها من الذخائر والأموال إلاّ القليل، فبلغ الملك الناصر فقال: أخذنا والله حلب، وكان لما بلغه تسلم عز الدين حلب قال:
خرجت حلب من أيدينا، فقيل له: كيف؟ قلت في عز الدين لما أخذها خرجت حلب عن أيدينا، وقلت في عماد الدين أخذنا حلب، فقال: لأن عز الدين ملك صاحب رجال ومال (217 - و) وعماد الدين لا رجال ولا مال، وجاء الملك الناصر ونازل حلب فقال له عماد الدين امض الى سنجار وخذها وأنا أدفع إليك حلب وتعطيني سنجار، فرحل عنها الملك الناصر بعساكره ونازل سنجار وفتحها، وعاد الملك الناصر ونزل على حلب وبها الأمراء الياروقية في قوتهم وعدتهم، فسعى الأمير طمان بين عماد الدين والملك الناصر وصالحه على أن يعطيه سنجار ويأخذ حلب، ولم يعلم أحد من الأمراء وأهل البلد إلاّ وأعلام الملك الناصر على قلعة حلب، فشق عليهم ذلك، وجرى على الياروقيه أمر عظيم وخافوا على أخبازهم، وكذلك على أهل البلد لأن الملك الناصر كان قد حاصرها في أيام الملك الصالح ورأى من قتالهم ونصحهم مالم
يشاهده من غيرهم، وصعد الرئيس
(1)
بحلب مقدم الأحداث إلى عماد الدين ووبّخه على ذلك، فقال له وهو في القلعة: لم نخرج منها بعد فما فات شيء فاستهزأ به الرئيس وجمع له الحلبييون والأجناد إجانات الغسالين إلى تحت القلعة يشيرون بذلك الى أنه يغسل فيها كالمخانيث، وعمل عوام حلب فيه شعرا ملحونا من نظم العامة الجهال، وكانوا يغنون بها ويدقون على طبل لهم منها:
يا حباب قلبي لا تلوموني
…
هذا عماد الدين مجنون
قايض بسنجار لقلعة حلب
…
وزاده المولى نصيبين
(217 - ظ)
قال: وضرب آخر من العوام السفلة على طبله وقال مشيرا الى عماد الدين:
وبعت بسنجار قلعة حلب عدمتك من بايع مشتري خريت على حلب خرية نسخت بها خرية الأشعري
وقرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن الحصين-فيما كتبه بخطّه-عن القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي في دستوره الذي جعله تاريخا للماجريات في كل يوم بعضه بخط الفاضل وبعضه بخط الحصين، قال: يوم الجمعة سابع عشر صفر-يعني-من سنة تسع وسبعين وخمسمائة في ليلة خرج الحسام طمان، واجتمع بالسلطان وتقرر الأمر في تسليم حلب إلى السلطان وقلعتها، وأخذ العوض عنها سنجار، ونصيبين، والخابور والرقة، وسروج وعقد المصافاة مع العماد على المساعدة في الغزو بعسكر سروج والرقة متى استدعوا للجهاد، وأن يساعد بنفسه وباقي رجاله متى خفّ ركابه لذلك، وأن يتابع السلطان في حالتي سلمه وحربه، ويخلص في طاعته في بعده وقربه، وحررت من الجانبين نسخة يمين يستحلف بأحديهما العماد ويحلف هو بالأخرى.
وقال: خرج في آخر نهار هذا اليوم حسام الدين طمان وجورديك وجماعة
(1)
-عرفت حلب وغيرها من مدن الشام ولا سيما دمشق منصب رئيس المدينة منذ القرن الحامس أو قبيل ذلك، وغالبا ما كان مقدم الاحداث هو الشاغل لهذا المنصب، وهذا ما مكنه من شغل دور فعال ومؤثر.
من أمراء الياروقية، وحضروا خدمة السلطان الملك الناصر، ولخصوا من نسخة اليمين فصولا مختصرة استوفوا أقسام الحلف بها على السلطان، وباتوا تلك الليلة بالعسكر التقوي
(1)
خوفا من تشغيب (218 - و) العوام.
وقال: يوم السبت ثامن عشر صفر خرج الأمراء الحلبيون من الياروقية والمماليك النورية وحضروا خدمة السلطان، وجاء أعيان المدينة وبياضها، وشملهم انعام السلطان في رد الأملاك على أربابها واقرار الأجناد على معائشهم واقطاعاتهم واجراء الرعايا على عوائدهم.
وقال-يعني في هذا اليوم-أعلن أهل حلب بسب عماد الدين زنكي بن مودود، وذمه وتسخيف رأيه، ووصف ذله وجبنه فيما اعتمده من السلم والتسليم حتى حملوا الى باب القلعة مغزلا وقطنا وأجّانة، يعنون انك شأنك شأن النساء من الغزل والغسل.
وقال: يوم الاحد تاسع عشر صفر خرج في أوله الأمراء الحلبيون الى الخدمة بأسرهم، وساروا في الخدمة الى الميدان الأخضر وفتحت أبواب حلب بأسرها وجلس أهلها في معايشهم.
وقال:-يعني في هذا اليوم-أنعم السلطان على ابنة نور الدين محمود بن زنكي زوجة عماد الدين زنكي بن مودود باقطاع من أعمال حلب وعبرته في كل سنة عشرون ألف دينار.
وقال: يوم الخميس ثالث عشري صفر خرج عماد الدين زنكي بن مودود من قلعة حلب وركب السلطان فتلقاه واعتنقا راكبين، وتسايرا، فلما قاربا مخيم السلطان تقدم عماد الدين أمامه فترجل عن فرسه قريب أطناب الدهليز حيث ينزل الأمراء في خدمة السلطان، فأمسك السلطان رأس فرسه حتى دخل عماد الدين الى دهليز سرادقه (218 - ظ) ثم سار السلطان فنزل حيث جرت عادته، ودخل وفرش تحت قدمي عماد الدين عدة ثياب أطلس، ودخل السلطان فجلسا معا، وجلس الأمراء
(1)
-نسبة الى تقي الدين عمر الذي سيكون صاحب حماه ومؤسس حكم الاسرة الايوبية فيها.
الحلبيون كلهم على مراتبهم ومدّ الخوان، ولم يزل السلطان يبسط العماد ويؤانسه ويشغل الوقت بالأخبار المصرية والغزوات وغيرها، والعماد ملازم للصمت والتثاقل حتى حضر سليمان بن جندر بحكم التحجب عن السلطان، وخدم عماد الدين وقدم بين يديه ما حمل من الخزانة الناصرية في عشرين بوقجة: مائة ثوب وسكين بنصاب ناب، وأصناف الثياب أطلس ورومي، وخوارزمي وأنطالي وخطاي، وسقلاطون وعتابي، وغير ذلك، وقدم له الملك العزيز عثمان تسعة أثواب خونجي ومشجر وآمدى وسكين ومنديل، وقدم له الملك الظاهر غازي مثل ذلك، وقدم له من اصطبل السلطان عشرة أرس
(1)
خيلا عرابا، وخمس حجور، وخمسة أحصنة، وقدم له الملك العزيز عثمان ثلاثة أحصنة، والملك الظاهر مثل ذلك، ونهض عماد الدين وخدم وانفصل، وسار على حاله الى منزل يعرف بقراحصار وهو على نحو فرسخين من حلب في جهة المشرق، ويقال قراحصا.
أخبرنا القاضي بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: رحل عز الدين-يعني-مسعود بن مودود من قلعة حلب في سادس عشر شوال-يعني- من سنة سبع وسبعين وخمسمائة طالبا للرقة وسار حتى أتى الرقة (219 - و) ولقيه أخوه عماد الدين عن قرار بينهما واستقر مقايضه حلب بسنجار، وحلف عز الدين لأخيه عماد الدين على ذلك في حادي عشرين شوال، وسار من جانب عماد الدين من تسلم حلب، ومن جانب عز الدين من تسلم سنجار.
وفي ثالث عشر المحرم سنة ثمان وسبعين صعد عماد الدين الى قلعة حلب.
وقال: وسار-يعني-السلطان الملك الناصر طالبا حلب، فنزل عليها في سادس عشرين محرم سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وكان أول نزوله بالميدان الأخضر، وسيّر المقاتلة يقاتلون ويباسطون عسكر حلب ببانقوسا، وباب الجنان غدوة وعشية، ولما نزل على حلب استدعى العساكر من الجوانب، واجتمع خلق عظيم، وقاتلها قتالا شديدا، وتحقق عماد الدين أنه ليس له به قبل، وكان قد ضرس
(1)
-كذا بالاصل، بدلا من رؤوس، ونسبت الاقمشة المهداة الى مصدر صنعها.
من أفراخ
(1)
الأمراء عليه وجبههم، فأشار الى حسام الدين طمان رحمه الله أن يسفر له مع السلطان قدس الله روحه في اعادة بلاده وتسليم حلب اليه.
واستقرت القاعدة، ولم يشعر أحد من الرعية ولا من العسكر حتى تم الأمر، وانحكمت القاعدة واستفاض ذلك، واستعلم العسكر منه ذلك فأعلمهم، وأذن لهم في تدبير أنفسهم، فأنفذوا عنهم وعن الرعية جورديك النوري وبيلك الياروقي فقعدوا عنه الى الليل، واستحلفوه على العسكر وعلى أهل البلد، وذلك في سابع عشر صفر سنة تسع وسبعين، وخرجت العساكر الى خدمته الى الميدان (219 - ظ) الأخضر ومقدموا حلب، وخلع عليهم، وطيب قلوبهم، وأقام عماد الدين بالقلعة يقضي أشغاله وينقل أقمشته وخزائنه، والسلطان مقيم بالميدان الأخضر الى يوم الخميس ثالث عشر صفر، وفي ذلك اليوم نزل عماد الدين الى خدمته وسيّر معه بالميدان الأخضر وتقرر بينهما قواعد، وأنزله عنده في الخيمة وقدّم له تقدمة سنيّة وخيلا جميلة، وخلع على جماعة من أصحابه، وسار عماد الدين من يومه الى قراحصار سائرا الى سنجار، فأقام السلطان بالمخيم بعد مسير عماد الدين الى يوم الاثنين سابع وعشرين صفر، ثم في ذلك اليوم صعد قدّس الله روحه قلعة حلب مسرورا منصورا
(2)
.
أنشدت لزنكي بن مودود صاحب سنجار دو بيت:
السكر صار كاسدا من شفتيه
…
والبدر تراه ساجدا بين يديه
والحسن عليه كلّ شيء وافر
…
إلاّ فمه فانه ضاق عليه
توفي عماد الدين زنكي بن مودود بسنجار، ودفن بالمدرسة التي أنشأها ظاهر مدينة سنجار رحمه الله.
(1)
-الاضراس: اشتداد الزمان، والافراخ: الافزاع-القاموس.
(2)
- انظر سيرة صلاح الدين لابن شداد-ط. القاهرة 1903 ص 39.
سمعت تاج الدين محمد بن خير الله النفيعي الفقيه الحنفي بسنجار يقول لي:
رأيت عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي صاحب سنجار في النوم وهو في هيئة حسنة وثياب جميلة وهو راكب خارج سنجار نحو القبلة فقلت له الى أين؟ فقال:
الى الغزاة.
قال لي ابن خير الله: وكان له غزوات متعددة (220 - و) رحمه الله، وكان قد جمع الغبار الذي صار على درعه في غزواته وادخرها لتجعل في أكفانه، فجعلت في أكفانه حين مات رحمه الله.
قال: وكان كثير الخير والمعروف، وبنى بسنجار مدرسة، هو مدفون بها وبيمارستانا، وبنى بنصيبين مدرسة لأصحاب أبي حنيفة، ووقف على ذلك وقوفا كثيرة (220 - ظ).
***