المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم وَبَهِ تَوْفِيقِي   ‌ ‌ذكْرُ المَعْرُوفين بالكُنَى ‌ ‌الألف ‌ ‌أبو إبْراهيم الزُّهْرِيّ واسْمُه أحْمَدُ - بغية الطلب فى تاريخ حلب - ط الفرقان - جـ ١٠

[كمال الدين ابن العديم]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبَهِ تَوْفِيقِي

‌ذكْرُ المَعْرُوفين بالكُنَى

‌الألف

‌أبو إبْراهيم الزُّهْرِيّ

واسْمُه أحْمَدُ بن سَعْد بن إبراهيم بن سَعْد، كان من العُبَّادِ، ودَخَلَ المِصِّيْصَة، وجَالَ في جَبَل اللُّكَام، ولَقِيَ به رَجُلًا من العُبَّادِ يقتَاتُ من لَبَن الظِّبَاء، وحَكَى عنهُ ذلك، وقد ذَكَرْنا الحِكايَة فيما تَقَدَّم من كتَابنا هذا في ترجَمَتِهِ في باب الأحْمَدِين

(1)

.

‌أبو إبْراهيم العَلَويّ الحَرَّانيّ

واسْمُه مُحَمَّد بن أحْمَد، واشْتَهر بالشَّريف أبي إبْراهيم، وعَقِبُه بحَلَب، وما زَالَت فيهم نِقَابَة العَلَويِّيْن بعدَهُ، وقد ذَكَرنا تَرْجَمته في باب المُحَمَّدِين (a) أيضًا.

(a) الأصل: الأحمدين، وصوابه المثبت، وترجمته المحال عليها في الضائع من أجزاء الكتاب.

_________

(1)

تقدمت ترجمته في الجزء الثاني من هذا الكتاب. وتوفي سنة 273 هـ، وترجمته في: تاريخ بَغْدَاد 5: 294 - 298، ابن أبي يعلى: طقات الحنابلة 1: 46 - 47، ابن الجوزي: المنتظم 12: 255 - 256، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 482، سير أعلام النبلاء 13: 117 - 118.

ص: 47

‌أبو الأبْطَال

(1)

رَجُلٌ قَدِمَ دَابِق على سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وحَكَى دُخُوله على سُليْمان وعلى ابْنه أَيُّوب، ومَوْت أيُّوب وخُلُوّ مَنَازِله منهُ. حَكَى عنه حَاتِم بن عُطَارِد (a)، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمةِ أَيُّوب

(2)

.

‌أبو الأبْيَض العَبْسِيّ (b) الشَّامِيِّ

(3)

من بني زُهَيْر بن جَذيْمَة، وقيل: من بَني عَامِر، وسَمَّاهُ [أبو](c) مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(4)

: عِيسَى، وأظُنه رَأَى في بعضِ الأسَانِيْد أبو الأبْيَض عبسِيّ فتَصَحَّف عليه، فظَنَّهُ عِيسَى، فإنَّ أبا زُرْعَة قال: لا يُعْرف اسْمهُ.

رَوَى عن حُذَيْفَة بن اليَمَان، وأنَس بن مَالِك. رَوَى عنهُ إبْراهيم بن أبي عَبْلَة، ورِبْعِيّ بن حِرَاش، ويَمَان بن المُغِيرَة.

(a) الأصل: مطارد، والمثبت من م، وانظر تاريخ ابن عساكر 66:6.

(b) كذا قيَّده في الأصل وم حيثما يرد، ومثله في تاريخ ابن عساكر 66: 7، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 9: 421، ويرد في بعض المصادر بالنون: العنسيّ، مثل: كتاب المعرفة والتاريخ للبسوي 2: 367 وتهذيب الكمال 33: 8، وتاريخ الإسلام 2: 1019، والكاشف 3: 308، وتهذيب التهذيب 12: 3، وتقريبه 2:388.

(c) إضافة لازمة؛ فإن اسمه عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازيّ، أبو محمد.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 6 - 7، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 28: 125 - 126.

(2)

ترجمة أيوب بن سليمان في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

توفي سنة 88 هـ، وترجمته في: التاريخ الكبير للبضاري (كتاب الكنى) 9: 8، العجلي: تاريخ الثقات 489، المعرفة والتاريخ 3: 367، شرح ديوان الحاسة للمرزوقي 1: 466 - 469، الجرح والتعديل 6: 293، 9: 336، وحلية الأولياء 3: 111، 10: 133 - 134، تاريخ ابن عساكر 66: 7 - 10، سير السلف الصالحين لقوام السنة 1213، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 421، تهذيب الكمال 33: 8 - 12، تاريخ الإسلام 2: 1019، الكاشف 3: 308، مختصر تاريخ دِمَشْقَ لابن منظور 28: 126 - 128، وتهذيب التهذيب 12: 3، تقريب التهذيب 2:388.

(4)

الجرح والتعديل 6: 293، وأفرد له أيضًا ترجمة أخرى (9: 336) ولم يذكره فيها باسم عيسى.

ص: 48

وغَزَا أبو الأبيض العَبْسِيّ (a) الطُّوَانَة، ونَزَل بِدَابِق مع الجَيْش الّذي كان عليه مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك بن مرْوَان واسْتُشهِدَ في غَزَاة الطُّوَانَة.

أخْبَرَنا أبو مُحمّد عَبْد اللَّطِيْف (b) بن يُوسُف إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي (c)، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يُونُس بن حَبِيْب، قال: حَدَّثنا أبو دَاوُد

(2)

، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن مَنْصُور، عن رِبْعيٍّ حَدَّثَ عن أبي الأبْيَضِ، عن أنَس بن مَالِك أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَان يُصَلِّي العَصْرَ والشَّمْسُ بَيْضاءُ مُحَلِّقَة.

قال أبو نُعَيْم

(3)

: رَوَاهُ الثَّوْرِيّ وزَائِدَةُ عن مَنْصُور مثْله، ولا يُعْرَف لرِبْعيّ، عن أبي الأبْيَض، عن أنَس غيره.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيلِ بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنا [

] (d)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد اللّه الحافِظ

(4)

، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، قال: حَدَّثنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أَبَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن عُبَيْد، قال: حَدَّثَني يَعْلَى (c)، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بن عَاصِم، عن عليّ بن

(a) الأصل: العيسي، والمثبت من م وكما تقدم في طالع الترجمة.

(b) م: عَبْد المَلِك بن عبد اللطيف.

(c) من هنا إلى مطلع الورقة [23 أ] بحسب ترقيم الأصل ساقط من م، وهو سقط في أصل النسخة المنقولة عنها فلم يتنبه له ناسخها، وأدرج النص متصلًا بما قبله.

(d) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر أربع كلمات، وتقدم لابن العديم في العديد من رواياته عن أبي الحجاج أبقاء هذا الفراغ، ويتصل سند أبي الحجاج الأدميّ بأبي عليّ الحداد من خلال أربعة رجال، هم: أبو المكارم بن اللبان؛ وهو أكثرهم إسنادًا عنه، ومحمد بن أحْمَد بن نَصْر الصيدلانيّ، وأبو سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي الرارانيّ، ومسعرد بن أبي مَنْصُور الجمال.

(e) عوضه في الحلية: حَدَّثَنَا سلمة.

_________

(1)

حلية الأولياء 3: 111.

(2)

مسند أبي داود الطيالسي 9: 284 (رقم 2132).

(3)

حلية الأولياء 3: 111.

(4)

حلية الأولياء 3: 111.

ص: 49

غَنَّام بن عليٍّ، قال: حَدَّثَني عُمَر أبو حَفْصٍ الجَزَرِيّ، قال: كَتَبَ أبو الأَبْيَضِ، وكان عَابِدًا، إلى بَعْضِ إخْوَانهِ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّك لَم تُكَلَّفْ من الدُّنْيا إلَّا نَفْسًا واحِدةً، فإنْ أنتَ أَصْلَحْتَها لَم يضرّك إفْسَاد مَنْ فَسَد بصَلَاحها، وإنْ أنْتَ أفسَدْتَها لم يَنْفَعْكَ صَلَاحُ مَنْ صَلَح بفَسَادها، واعْلَم أنَّكَ لن تَسْلم من الدُّنْيا حتَّى لا تُبَالي مَن أَكلها من أحْمَرٍ وأسْوَد (a).

أخْبَرَنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: [

] (b)، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو نُعَيْم

(1)

، قال: ومنهم - يعني من الأوْلِيَاءِ -: المُتَّبع للأَوْجب الأفْرَض، المُفَارق للأَنْزَر الأرْمَض، العَابِد المُكَنَّى بأبي الأَبْيَضِ، أسْنَدَ عن أنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن رَوَاحَة، عن الحافِظ أبي طاهر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا ثَابت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه الحُسَيْن بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا أبو العَبَّاس الوَلِيد بن بَكْر، قال: حدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الهاشمِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالح بن أَحْمَد بن عَبْد اللّه العِجليّ، قال: حَدَّثَنِي أَبي

(2)

، قال: أبو الأَبْيَضِ شَامِيٌّ، تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ.

أَنْبَأْنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعِيّ

(3)

، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن أبي العَقَب، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن

(a) الحلية: أو أسود.

(b) انظر التعليق في الرواية قبله.

_________

(1)

حلية الأولياء 3: 111.

(2)

العجلي: تاريخ الثّقات 489.

(3)

تاريخ ابن عساكر 66: 9.

ص: 50

إبْراهيم البُسْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ عَائِذ، قال: أخْبَرَنَا الوَلِيدُ بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنِي إسْمَاعِيْل بن عَيّاش أنَّ رَجُلًا من الجَيْشِ أَتَى أَبَا الأَبْيَضِ العَبْسِيّ بِدابِق قَبْل نُزُولهم على الطُّوَانَة، فقال: رأيْتُ بيدكَ قَنَاةً وفيها سِنَانٌ يُضيءُ سِنَانُه لأهْلِ العَسْكَر كضَوْءِ كَوْكَبٍ، قال: إنْ صَدَقَتْ رُؤْياكَ فإنَّها للشَّهَادة، قال: فاسْتُشْهِدَ في قِتَال أهل الطُّوَانَة.

قال أبو عبدِ اللّه بن عائِذ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بن يَحْيَى الثَّقَفِيّ أنَّ أَبَا الأَبْيَض قال هذه الأَبْيَات

(1)

: [من الطّويل]

ألَا لَيْتَ شعْري هَل يقُوْلَنَّ قَائِلٌ

وقد حَانَ منكُم (a) عند ذاك قُفُول

تَرَكْنَا ولم نُجْنِن (b) من الطَّيْرِ لَحْمَه

أَبَا الأَبْيَض العَبْسِيَّ وهو قَتِيْل

فعُرِّيَ أفْرَاسِي ورنَّتْ حَلِيْلَتي

كأنْ لَم تكُن بالأَمْسِ ذات حَلِيْل

وذِي أملٍ يَرجُو تُرَاثِي وإنَّما

يَصيْرُ لَهُ منه غَدًا لقَلِيْل

وما لي تُراثٌ غير دِرْع حَصِيْنَةٍ

وأَجْرَدُ من ماء الحَدِيْد صَقِيْل

وفي غير هذه الرِّوَايَةِ أنَّ أبا الأَبْيَض خَرَجَ مع العبَّاس بن الوَلِيدِ في الصَّائِفَة، فقال أبو الأَبْيَض: رأيتُ كأنِّي أُتِيْتُ بِتَمْرٍ وزُبْدٍ، فأكَلْتُه، ثمّ دَخَلْتُ الجَنَّة. فقال العبَّاسُ: نُعَجِّل لك الزُّبْدَ والتَّمْرَ، واللّهُ لك بالجَنَّةِ! فدَعَا له بِتَمْرٍ وزُبْدٍ، فأكَلَهُ، ثُمَّ لَقِيَ أبو الأَبْيَض العَدُوَّ، فقَاتَلَ حتَّى قُتِلَ.

وكانت غَزْوةُ طُوَانَة سَنَة ثَمانٍ وثَمانين؛ غَزَاها مَسْلَمَةُ والعبَّاسُ بن الوَلِيدِ.

(a) أقرب لأن تكون في الأصل: نحبر.

(b) ابن عساكر: منهم.

_________

(1)

الأبيات في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1: 466 - 469.

ص: 51

‌أبو أحْمَد بن هَارُون الرَّشِيْد بن مُحَمَّد المَهْدِيّ بن عَبْدِ اللّه المَنْصُور بن مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْدِ الله بن العبَّاس بن عَبْدِ المُطَّلِب الهاشِمِيّ

(1)

حَكَى عن المَأْمُون، حَكَى عنه نَشْو الصَّغير، وقَدِمَ حَلَبَ صُحْبَة المُتَوَكِّل حينَ مرَّ بها مُجْتَازًا إلى دِمَشقَ.

أَنْبَأْنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنَا أبو السُّعُود أَحْمَدُ بنُ عليِّ بن المُجْلِّيّ، إجَازَةً إنْ لَمْ يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز العُكْبَرِيِّ، قَال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم آدَمُ بن مُحَمَّد بن آدَم البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأَصْبَهَانِيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنِي عَمِّي، قال: حَدَّثَنِي الحَسَن بن عُلَيْل العَنَرِيّ، قال: حَدَّثَني عَبْدُ اللّه بن أبي سَعْد، قَال: قال لي نَشْو (a) الصَّغير: حَدَّثَني أبو أحْمَد بن الرَّشِيْد، قَال: كُنْتُ يَوْمًا عندَ المَأْمُون وإلى جانبي عَمّاي: منْصُور وإبْراهيم، فجاء يَاسِر دِخْلَة (b) فسَارّ المَأْمُون، فقَام فقَال لإبْراهيم: إنْ شِئْتَ يا إبْراهيم فانْهَض، فنَهَضَ ونَظَرْتُ إلى يَاسِر قد رجَع (c) ممَّا يلي دَار الحُرَم، فما كان بأسرَع من أنْ سَمِعْتُ شيئًا أقْلَقَني، فنَظَر إليَّ المأْمُون وأنا أميْلُ، فقال: يا أبا أحْمَد، ما لكَ تَمِيْل؟ فقُلتُ لَهُ:

(a) في الأغاني: ينشو.

(b) الأصل: رجله، والمثبت من الأغاني.

(c) في الأغاني: فنظرت إلى ستر قد رفع.

_________

(1)

توفي سنة 254 هـ، وترجمته في: المحبر لابن حبيب 244، المسعودي: التنبيه 205، 260 - 261، الثعالبي: برد الأكباد 66، ابن حزم: جمهرة أنساب العَرَب 23 (واسمه مُحَمَّد)، الأغاني 10: 86، 135، التحف والذخائر للرشيد بن الزُّبَيْر 116، تاريخ ابن عساكر 66: 5، ابن الأثير: الكامل 6: 216، 7: 189 (وذكر أنَّ اسمه مُحَمَّد)، تاريخ الإسلام 6: 236 - 237، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 28: 124 - 125.

(2)

الأغاني 10: 135.

ص: 52

إنِّي سَمِعْتُ شَيئًا ما سَمِعْتُ مثْلَهُ (a)، قال: هذه عَمَّتُك عُليَّة تُطَارح عَمّك إبْرَاهِيم خَفيف الرَّمل في شِعْرها: [من السريع]

ما لي أرَى الأَبْصَار بي خَافِيَهْ (d)

لَمْ تلتَفِتْ منِّي إلى نَاحِيَهْ

لا يَنْظُرُ النَّاسُ إلى المُبْتَلَى

وإنَّما النَّاسُ مع العَافِيَه

صَحْبِي سَلُوا رَبَّكُم العَافِيهْ

فقد دَهَتْني بَعْدَكُم دَاهِيَهْ

صَارَمَنِي بَعْدَكُم سَيِّدِي

فالعَيْنُ من (c) هِجْرانِهِ بَاكِيَه

ويروي هذا الشِّعْر لأبي العَتَاهِيَة

(1)

.

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، عن عَمِّه أبي القَاسِم الحافِظ الدِّمَشقيّ

(2)

، قال: أبو أحْمَد بن هَارُون الرَّشِيْد، وذَكَرَ نَسَبه كما سُقْناهُ

(3)

، قَدِمَ دِمَشْقَ في صُحْبَة المُتَوَكِّل (d) مع مَنْ قَدِمَ معَهُ من أهْلِ بَيْتِه في سَنَة ثَلاثٍ (e) وأرْبعين ومَائتِين، فيما قَرأتُ بخَطِّ أبي مُحَمَّد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد الخَطَّابيّ الشَّاعِر.

وقد نَبَّهْنا في غير مَوِضِعٍ من هذا الكتاب على أنَّ المُتَوَكِّل خَرَجَ من بَغْدَاد في أوَاخر سَنَة ثَلاثٍ وأرْبعين، وقَدِمَ الشَّامَ سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين.

ذَكَرَ أبو أحْمَد بن كَامِل القَاضِي أنَّ أبا أحْمَد ابن الرَّشِيْدِ ماتَ في شهر رَمَضَان سَنَة أرْبَعٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن، وصَلَّى عليه أحْمَدُ بن المُتَوَكِّلِ.

(a) الأغاني: بمثله.

(b) في ديوان أبي العتاهية 490 (والشعر يُنْسَب له) ومعجم الأدباء 5: 2351: جافية.

(c) ديوان أبي العتاهية: في.

(d) ابن عساكر: ابن أخيه المُتَوكِّل بن المعتصم بن الرشيد.

(e) ابن عساكر: أربع.

_________

(1)

ديوان أبي العتاهية 490، وانظره عند شكري فيصل: أبو العتاهية أشعاره وأخباره 679.

(2)

تاريخ ابن عساكر 66: 5.

(3)

لم ترد سياقة نسبه في تاريخ ابن عساكر، ولم يذكر في اسمه إِلَّا: أبو أحْمَد بن هارون الرشيد!.

ص: 53

‌أبو أحْمَد الزَّاهِدُ

رَوَى بأَذَنَة عن أبي أُمَيَّة مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ. رَوَى عنهُ القَاضِي أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد اللّهِ الطَّرَسُوسِيّ.

نَقَلْتُ من خَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو الطَّرَسُوسِيّ، قاضي مَعَرّة النُّعْمَان، في

كتابهِ الّذي وَسَمَهُ بسِيَر الثُّغُور: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد الزَّاهِدُ بأَذَنَة، قال: حَدَّثَنَا أبو أُمَيَّة مُحَمَّدُ بن إبْراهيم بن مُسْلِم الطَّرَسُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَاصِم الضّحّاكُ بن مَخْلَد الشَّيْبَانِيِّ النّبِيْلِ، قال: أُخْبِرتُ عن إبْراهيم بن أدْهَم أنَّهُ قال: لقد أعرَبْنا في كَلَامِنا فما نَلْحَنُ، ولَحَنَّا في أَعْمَالنا فما نُعْرِب.

‌أبو أحْمَد الهاشِمِيُّ

أميرُ الثُّغُور الشَّامِيَّة.

كان من وَلدِ العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب رضي الله عنه، وقَدِمَ حَلَبَ وَافِدًا على الأَمير سَيْف الدَّوْلَة، وذلك أنَّ أبا أحْمَد الهاشِمِيّ كان مُقِيْمًا بثَغْر طَرَسوس، فتَنَكَّر الطَّرَسُوسِيُّونَ على سَيْف الدَّوْلَةِ ابن حَمْدَان لظُلْمِهِ، وقبضِ وُقُوفِهم في أعْمَالهِ، وقَطَعُوا دَعْوتَهُ فتَضَمَّن رَشِيْق النَّسِيْميّ للطَرَسُوسِيِّيْن عِمارَةَ الثَّغْر إنْ أقامُوا الدَّعْوَة لأنوجُور بن الإخْشِيْذ وكَافُور بعدَهُ، فأجابُوا إلى ذلك، وكان أبو أحْمَد الهاشِمِيّ بطَرَسُوس فاجْتَمَع ومُحَمَّد بن الحُسَين بن الزَّيَّات وسَائر وُجُوه الطَّرَسُوسِيِّيْن في دَار ابن الزَّرَّادِ منهم، فأبْرَمُوا هذا الأمْرَ على أنْ يكُون أبو أحْمَد الهاشِمِيُّ وابنُ الزَّيَّات أَمِيْري الثُّغُور، فكان الخَاطِبُ يَخْطبُ لابن الهاشِمِيّ ولابن الزَّيَّات بعدَهْ، وأرْسَلُوا رسُولًا إلى أنوجُور وكَافُور في البَحْر يعرَفُ بأحمد بن الجَصَّاصِيّ من وَلدِ العَلَويّ البَصْرِيّ، وأضَافُوا إليهِ أمير قُبْرُس عليًّا وبَدْر النَّسِيْميّ.

وطَالَ مقامهم بمِصْر، ولَم يبقَ بالثَّغْر مال يُنْفَق، فرَاسَل سَيْف الدّوْلَة أبا

ص: 54

أحْمَد وابن الزَّيَّاتِ سِرًّا من رَشِيْق، ورَشِيْق بالمِصِّيْصَةِ، وضَمِنَ لهما رَدّ الوُقُوفِ المَقْبُوضَة وحَمْل مالٍ يُنْفَق بالثَّغْر، وتُرَدُّ دَعْوَته، وكان السَّفِيْر في ذلك يُمن التَّرْبَيةِ غُلَام شُعَيْب، فأجابا إلى ذلك، وأقاما الدَّعْوَة لسَيْفِ الدَّوْلَةِ ولهما بعده، وأخْرَجا رُسُلهُما إلى سَيْفِ الدَّوْلَةِ.

وغَزَا النَّاسُ غَزَاة شَتْويَّة، وبَلغُوا أألُسْ، فغَنِمُوا وعَادُوا إلى أنْ نزلوا مَغَارة الكُحْل، فوجدُوا ابن المُلَاينيّ قد جَمعَ في الدَّرْب الكَثير (a)، واخْتلفَ أبو أحْمَد وابن الزَّيَّاتِ في كَوْنهما في المُقدِّمَة والسَّاقَة، فاخْتَار النَّاسِ للسَّاقَة ابنَ الزَّيَّاتِ، وتقَدّمَ الهاشِمِيّ إلى المُقدِّمَة مُكْرهًا، ودَخَلَ النَّاسُ الدَّرْب، وكانت في السَّاقَة تحتَ مَغَارة الكُحْل وَقْعَة عَظِيمَة بين ابن الزّيَّاتِ والثَّغْرِيِّيْن وابن المُلَاينِيّ، فسَلِم المُسْلِمُونَ وأصَابُوا من الرُّوم طَرفًا وعَادُوا إلى الثَّغْر

(1)

.

وتَنَكَّر الأَمِيران بَعْضُهما لبعضٍ، وكَثُر الخِلَافُ بينهما، وهَمَّ أبو أحْمَد الهاشِمِيّ بالوثُوب بابن الزَّيَّاتِ، وجَمَعَ له جُمُوعًا، فبادَرَهُ ابنُ الزَّيّات وبَطَشَ بهِ، وقَبَضَ عليه وعلى عدَّة ممَّن كان معه، فقلَ أكْثَرَهُم، واعْتَقَل الهاشِمِيَّ في بعضِ حُصُون الثَّغْر، وغَزَا ابنُ الزَّيَّاتِ - وإليه وحْدَه الإمَارة - غَزَاة صَائِفَةً تُسَمَّى غَزاةَ قُوْنيَة من دَرْب الرَّاهِب، فغَنِم المُسْلِمُونَ وسَلِمُوا.

وهَرَبَ الهاشِمِيُّ من الحِصْن الّذي كان فيه إلى سَيْف الدَّوْلَة، وعاد إلى طَرَسُوس فدَخَلَها، فسرَّ به أهْلُها إلَّا طَائِفَة كان هَوَاها مع ابن الزَّيَّاتِ، منهم إبْراهيمُ بن أبي الأسْوَد صَاحِبُ الشُّرْطَة، فلمَّا حَصَلَ أبو أحْمَد الهاشِمِيّ بطَرَسُوس، رَكب إلى السِّجْن ليُخَلِّصَ مَن كان فيه من شِيْعَته، فَخَالَفَهُ ابنُ أبي الأسْوَد إلى

(a) بإهمال الثاء المثلثة في الأصل، وقد تكون: الكبير.

_________

(1)

أرَّخ ابن العديم في كتابه زبدة الحلب 1: 127 السنة التي وقعت فيها غزوة مغارة الكحل: في سنة 349 هـ أو 350 هـ.

ص: 55

الجَامع فاسْتنهَضَ النَّاسَ إلى السِّجْن، وقال لهم: إنَّ الهاشِمِيَّ يُرِيدُ فَتْحَهُ وإطْلَاقَ الأعْلَاج، وإنْ فَعَل ذلك يَبْقَى أُسَرَاؤكُم في بَلَد الرُّوم لا فِدَاء لهم، فنَفَرَ النَّاسُ إليهِ قَبْل وُصُوله إلى السِّجْن، فوَثَبُوا إليهِ، وأَنْزَلُوه عن دَابَّتِهِ، وقَبَضُوا عليه.

ووَرَدَ ابنُ الزَّيَّات من الغَزَاةِ، فتَسَلَّمَهُ وحَمَلَهُ إلى حِصْنٍ يُقال لَهُ مَقِيْل عَيَّاش، فيُقالُ إنَّ عليّ الجَمَّاس الّذي تَوَلَّى حَمْلَهُ، وهو كان صَاحِب البَحْر، خَنَقَه ورَدَّاهُ من أعْلَى الحِصْن، وأظْهَرَ أنَّهُ أرادَ الهَرَبَ فتَدَلَّى في حَبْلٍ وانْقَطَعَ بهِ، وسَارَ ابْناهُ إلى بَغْدَاد مُتَظَلِمِيْن من ابن الزَّيَّات، فكَتَبَ لهما المُطِيعُ إلى سَيْف الدَّوْلَة كِتَابًا بإقَادَة

(1)

الهاشِمِيّ من ابن الزَّيَّات، فلم يَعْبأ بالكتاب، وكان للهَاشِمِيّ قَومٌ يَمِيْلُونَ إليهِ بالثَّغْر، فتَنَكَّرُوا لابن الزَّيَّاتِ، وكان للهَاشِمِيّ من أهْلِ بَيْتِهِ رَجُلٌ يُعْرَفُ بابن عبد الوَاحِد يُعَادِيه، فعَاضَد ابن الزَّيَّاتِ، فأقام في نَفْسهِ أنَّهُ إنْ حَصَلَ في يَدِ عليّ بن عَبْد اللّه امْتَثل فيه أمْر المُطِيع، ولَم يَعْصِهِ، فاسْتَوْحَش من سَيْف الدَّوْلَةِ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو إسْحَاق

‌أبو إسْحَاقَ الفَزَارِيُّ

واسْمُهُ إبْرَاهِيمْ بن مُحَمَّد بن الحارِث، وقد تقدَّم ذِكْرهُ

(2)

.

(1)

القَوَد: القصاص، أقادَ القاتل بالقتيل: قتله به. لسان العَرَب، مادة: قود.

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 185 هـ، وانظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 488، العجلي: تاريخ الثّقات 54، ابن قُتَيبة: المعارف 514، الجرح والتعديل 1: 281 - 286، المسعودي: مروج الذَّهب 2: 56 - 59، النديم: الفهرست 1/ 2: 288 (وفيه: وفاته بالمِصِّيْصَة سنة 188 هـ)، مشاهير علماء الأمصار لابن حبَّان 289، حلية الأولياء 8: 253 - 265، صفة الصفوة 4: 259 - 260، معجم الأدباء 1: 93 - 96، تهذيب الكمال 2: 167 - 170، 33: 31، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 4: 798 - 803، العبر في خبر مَن غبر 1: 224، سير أعلام النبلاء 8: 473 - 477، الإعلام بوفيات الأعلام 84، تذكرة الحفاظ 1: 273 - 274، الوافي بالوفيات 6: 104، ابن كثير البداية والنهاية 10: 200 - 201، تهذيب التهذيب 1: 151 - 153، 12: 8، تقريب التهذيب 1: 41، 2: 390، النجوم الزاهرة 2: 119، شذرات الذَّهب 2:383.

ص: 56

‌أبو إسْحَاق القِنَّسْريَنِيُّ

(1)

رَوَى عن فُرَاتِ بن سُلَيمان. رَوَى عنه بَقِيَّة بن الوَلِيد الحِمْصِيِّ.

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الرَّحمن بن عَبْدِ اللّهِ بن عُلْوَان الأسَدِيُّ قراءةً عليه بحَلَب، قال: أَخْبَرَنَا الحافِظُ أبو بَكْر مُحمَّد بن عليّ بن يَاسِرٍ الجَيَّانِيّ، قال: أَخْبَرَنَا الإمَامُ الوَاعِظُ أبو سَعْد هِبَةُ اللّه بن القَاسِم بن عَطاء المِهْرَانِيِّ بنَيْسَابُور، قال: أَخْبَرَنَا الإمَامُ أبو مَنْصُور مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن أحْمد المَنْصُوريّ الطُّوسِيِّ، قال: حَدَّثَنَا الإمامُ أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، ح.

قال أبو بَكْر الجَيَّانيّ: وأخْبَرِنا الشَّيْخ أبو عليّ الحَسَنُ بن عُثْمان الغَزَّالُ، قال: أَخْبَرَنَا شَيْخُ القُضَاةِ البَيْهَقِيُّ إجازَةً، قال: أَخْبَرَنَا الدَّارَقُطْنيّ، ح.

قال شَيْخُنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحمن: وأَخْبَرَنَا الرَّئيسُ مَسْعُود بن الحَسَن الثَّقَفِيِّ في كتابه، قال: أَخْبَرَنَا أبو الحُسَيْن بن المُهْتَدي إذْنًا، عن الدَّارقُطْنِيّ

(2)

، قال: أَخْبَرَنَا أَحمدُ بن مُحمَّد بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا مُحمَّد بن عَمْرو بن حَنَان (a)، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق القِنَّسْريَنِيّ، قال: حَدَّثَنَا فُرَات بن سُلَيمان، عن مُحمَّد بن عُلْوَان، عن الحارِث، عن عليّ، قال: قال رَسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم: من أصْل الدِّين الصَّلَاة خَلْفَ كَلّ برٍّ وفَاجرٍ، والجِهَاد مع كُلّ أَمِير ولك أجْرَك، والصَّلَاةُ على كُلِّ مَنْ مَاتَ من أهْل القِبْلَة.

قال فيه الدَّارَقُطْنيُّ: لا يَثْبُتُ (b).

(a) في العلل المتناهية 1: 419: حبَّان، وصوابه بالنون كما في سنن الدَّارقطنيّ. انظر ترجمته في تاريخ بَغْدَاد 4: 216 - 219، تهذيب الكمال للمزي 26: 206 - 207، وبهامشهما إحالة على مصادر أخرى.

(b) عبارة الدَّارقطنيّ: وليس فيها شيء يثبت.

_________

(1)

ترجمته في: ميزان الاعتدال للذهبي 4: 489، ابن حجر: لسان الميزان 7: 8.

(2)

سنن الدَّارقطنيّ 1: 57 (رقم 7)، وانظر: العلل المتناهية لابن الجوزي 1: 418 - 419.

ص: 57

‌أبو إسْحَاق بن شهرَام الكَاتِبُ، ويُعْرَف بابن ظَلُوم المُغَنِّيَة الشْهرَاميَّة

(1)

واخْتُلِف في اسْمُه؛ ففيل: عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن شهرَام، وقيل: مُحمَّد بن عَبْد اللّه بن شهرَام، وقد أشرْنا إلى ذلك فيما تقَدَّم

(2)

، وقيل في جَدِّه: شَهْرَان.

قَدِمَ حَلَب، واخْتَصَّهُ سَيْفُ الدَّوْلَة أبو الحَسَن عليّ بن عَبد اللّه بن حَمْدَان لخِدْمَته، وأفْضَى إليهِ بأسْرَاره، وكان يُسَيِّره في رَسَائل إلى مَلِك الرُّوم، ووَزر بعدَهُ لابْنهِ شَرِيف، وكان مُدَبِّر دَوْلتَه.

وأُمُّه ظَلُوم الشَّهْرَامِيَّة جَارِيَة أبيهِ، وبهِ تُعْرَف، وكانت من المُحْسنَات في الغِنَاء، وكان أبو إسْحَاق كَاتِبًا مُجِيْدًا، وشَاعِرًا مُحْسنًا، رَوَى عنه أبو عَبْد اللّه الحُسَيْن بن أحْمد بن خَالوَيْه شَيئًا من شِعْره.

أَخْبَرَنَا أبُو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكنْديّ إجَازةً، قال: أَنْبَأْنَا أبو بَكْر مُحمَّد بن عَبد البَاقيّ، عن أبي القَاسِمِ عليّ بن المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيِّ، قال: أَخْبَرَنَا أبي المُحَسِّن بن عليّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسم بن مَعْرُوف، وذَكَرَ حِكَايةً وَقَعَت في مَجْلِس سَيْف الدَّوْلَة بحَلَب، قال فيها: ثُمَّ اسْتَدْعَى - يَعْني سَيْف الدَّوْلة - أبا إسْحَاق بن شَهْرَام المَعْرُوف بابن ظَلُوم المُغَنِّيَة، وكان يَكْتُب له، ويَتَرَسَّل إلى مَلِك الرُّوم، ويَبْعَثه في صَغِير أُمُوره وكَبِيرها، وذَكَرَ تَمام الحِكَايةِ.

(1)

توفي سنة 374 هـ، وترجمته في: الفرج بعد الشدة 3: 41 - 42، 5: 18 (وسماه: أبو إسحاق مُحَمَّد بن عبد اللّه بن مُحَمَّد بن شهرام الكاتب)، ونشوار المحاضرة 3: 181 - 182، تجارب الأمم لمسكويه 6: 22 - 27 (وفيه جملة من أخباره مع الرُّوم تدل على الدهاء والحنكة)، القفطي: تاريخ الحكماء 31، زبدة الحلب 1:146.

(2)

إن كان قد ترجم له فيكون في الضائع من الكتاب في تراجم العبادلة أو المحمدين.

(3)

نشوار المحاضرة 3: 181، الفرج بعد الشدة 3: 38 - 42.

ص: 58

وقال التَّنُوخِيّ في مَوْضِع آخر: أبا إسْحَاق بن شَهْرَام الكَاتِب، وكان خَصِيْصًا بهِ جدًّا، يَخْدمُه في أمُوره، ويُنْفذه في صَغِير أخْبَاره وكَبِيرها.

قَرأتُ على ظَهْر كِتَاب المَعَانِي للفَرَّاءِ

(1)

، بخَطِّ أبي عَبْد الله بن خَالَوَيْه، مَكْتُوبًا بخَطِّ عَقِيْل أو بخَطِّ عَمَّار بْنِ الحُسَيْن بن عليّ بن حَمَّاد المَوْصِليّ، وكانا يَقْرَآن بحَلَب على ابن خَالَوَيْه، صُوْرَتُه: قال ابنُ خَالَوَيْه: حَضَرَ ذَات يَوْم عندِي أبو إسْحَاقَ بن شهرَام، وأبو العبَّاس ابن كَاتِب البَكْتَمُرِيِّ، وأبو الحَسَن المَعْنَوِيّ، فأنْشَدَ عَمَّار بَيْتًا على فصّ خَاتمه، وهو

(2)

: [من الطويل]

وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزّمانِ وَجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنةَ الخَطْبِ

وسَأل الجَمَاعَة إجازَتَهُ، فقال أبو إسْحَاقَ بنُ شَهْرَام:[من الطويل]

وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمانِ وَجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هيِّنَةَ الخَطْبِ

وقَد قالَ لي قَوْمٌ: تبدَّلْ سِوَاهُمُ

لعلَّكَ تَسْلُو إنَّما الحُبُّ كالحُبِّ

ومَنْ لِي بسَلْوَى عنهُمُ لو أطَقْتُها

ولكنّ عَذْلِي ليسَ يقبَلُهُ قَلْبِي

فيا حِبّ لا تَبْخَلْ عليَّ بقُبْلَةٍ

تَرُدُّ بها نَفْسِي فيَغْبطَنِي صَحْبِي

فإنِّي وبَيْتِ اللّهِ فِيكَ مُعَذّبُ الـ

ـــفُؤَادِ عَلِيْلُ القَلْبِ مُخْتلَسُ اللُّبِّ

ولي مثَلٌ قد قالَهُ قَبْلُ شَاعِرٌ

إذا ازْدَدْتَ منهُ زِدْتُ ضَرْبًا على ضَرْبِ

خَرَجْتُ غَدَاةَ النَّفْرِ أَعْتَرضُ الدُّمَىَ

فلم أَرَ أحْلَى منكِ في العَيْنِ والقَلْبِ

فواللهِ ما أدْرِي أَحُبًّا رُزقتِهِ

أم الحُبُّ أعْمَى مِثْلَ ما قيلَ في الحُبِّ

(1)

تقدّم لابن العديم ذكر ما وجده على ظهر الكتاب المذكُور في ترجمته لأحمد بن مُحَمَّد المعنوي (الجزء الثالث)، وأورده أيضًا في تذكرته 228 - 230.

(2)

بيت الشعر لقيس بن ذريح، ديوانه 59، وفيه: ملمات الزمان.

ص: 59

وقال أبو العبَّاس بَيْتَيْن، وقال أبو الحَسَن المَعْنَوِيّ ثلاثة أبْيَاتٍ، قد ذَكَرْناها في تَرْجَمَتَيْهما

(1)

، وقد ذَكَرْنا الحِكَايَةَ بتَمَامها في تَرْجَمَةِ الحُسَين بن عليّ بن حَمَّاد المَوْصِلِيّ

(2)

، وَالد عَمَّار المَذْكُور فيما تَقَدَّم من هذا الكتاب.

وتُوفِّيَ في شَهْر رَبيع الآخر سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين وثَلاثِمائة.

‌أبو إسْحَاق الحَنْبَلِيُّ

(3)

قَدِمَ حَلَبَ على أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الحَمِيْد الغَضَائِرِيّ الحَلَبِيِّ العَابِد، وحَكَى عنه (a).

‌أبو إسْحَاق الأنْطَاكِيُّ

رَوَى عن أبي عَبْد اللّهِ الجُوزْجَانِيّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِمِ نَصْر بن مَنْصُور، وعبد اللّه بن الحُسين.

أَنْبَأْنَا أبو البَرَكات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(4)

، إجَازَة إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أنْبَأنَا الشَّريفُ أبو القَاسِم النَّسِيبُ، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد الكَتَّانِيِّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عَبدُ الوَهَّاب

(a) بعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة.

_________

(1)

ترجمة أبي العبَّاس ابن كاتب البكتمري في الضائع من أجزاء الكتاب، وكان قد ذكره (في الجزء الثاني) باسم أحْمَد بن عبد اللّه الحلبيّ، وأحال على ترجمته فيمن اسم أبيه على حرف الكاف (أحْمَد ابن كاتب البكتمري) لشهرته بهذا الاسم، فضاعت بضياع الجزء الضام لها. أما ترجمة أحْمَد بن مُحَمَّد أبو الحَسَن المعنوي ففي الجزء الثلث فيما مرّ.

(2)

ترجمة الحُسَيْن الموصلي في الجزء السادس.

(3)

كان حيًا في حدود سنة 313 هـ، فإن الغضائري المذكور توفي سنة 313 هـ، انظر العبر للذهبي 1:466.

(4)

تاريخ ابن عساكر 6: 348 - 349، وفيه تمام الحكاية.

ص: 60

المَيْدانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو العبَّاس البَرْدَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه (a) بن الحُسين، عن أبي إسْحَاق الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنِي أبو عَبْد اللّه الجُوزْجَانِيّ رَفِيْق إبْراهيم، قال: غَزَا إبْراهيم بن أدْهَم في البَحْر، فذَكَرَ الحِكَايَة في مَوْتِ إبْراهيم، وقد ذَكَرْناها في تَرْجَمَتِهِ

(1)

.

أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار البَغْدَاديّ الحافِظُ، قال: أَنْبَأني أبو القَاسِمِ الظَّفَرِيّ، والأَزَجِيّ ذَاكِر بن كَامِل، ويَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، عن أبي سَعْد بن الصَّيْرَفِيّ، عن أبي عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْدِ الله الصُّوْرِيّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنَا المُؤَمَّل بن غَدِير التَّنُوخِيِّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن مَنْصُور الكِنْديّ (a)، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم نَصْر بن مَنْصُور، قال: سَمِعْتُ أبا إسْحَاق الأنْطَاكِيِّ يَقُول: لقي رَجُلٌ رَجُلًا فقال له: من أينَ جِئْتَ؟ قال: من الطُّوْس! قال: وأينَ تُريد؟ قال: كُوْفَة، فهَل لك من حَاجةٍ؟ قال: نَعَم، تَحْمل الألفَ واللَّامَ من الطُّوْس حتَّى تأتي بها كُوْفَة.

‌أبو إسْمَاعِيْل الطُّغْرَائِيُّ الكَاتِبُ

(2)

واسْمُه الحُسين بن [عليّ بن](c) مُحمَّد، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(3)

.

(a) ابن عساكر: مُحَمَّد.

(b) بعده في الأصل: "قال: أخْبَرَنَا أبو القاسم نَصر بن منصُور الكنْديّ"، وهو زائدٌ، وانظر إسنادًا مشابهًا عن المؤمّل بن غدير التنوخي في كتاب الجامع لأخلاق الرواي وآداب السامع 2:24.

(c) إضافة لتصحيح اسْمُه، إِلَّا أن يكون قد نبه إلى جدّه تجوّزًا.

_________

(1)

تَرْجَمَة إبراهيم بن أدهم التميمي في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

توفي سنة 514 هـ، وتقدت تَرْجَمَتِه في الجزء السادس وفيها مصادر التَرْجَمَة له.

(3)

فيما تقدم في الجزء السادس.

ص: 61

‌أبو الأسْوَدِ الدُّؤَلِيّ

(1)

واسْمُه ظَالَمُ بن عَمْرو بن سُفْيان، وهو أوَّلُ مَن وَضَعَ علم النَّحو، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في حَرْف الظَّاءِ (a)، وذكَرْنا أنَّهُ شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ رِضْوَان الله عليه.

نَقَلْتُ من أخْبَار النَّحْوِيِّيْن، تأليفُ أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد المَلِكِ التَّارِيخِيّ، في ذِكْر أبي الأسْوَد الدُّؤَلِيّ، قال: وقد وَلِيَ أبو الأسْوَد البَصْرَة لابن عبَّاسٍ، وشَهِدَ

(a) الأصل: الطاء، وترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب.

_________

(1)

توفي سنة 69 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 117، البيان والتبيين 1: 110، 196، 324، 379، 2: 72، 354، 3: 100، 229، ابن سلّام الجمحي: طبقات فحول الشعراء 1: 12، طبقات ابن سعد 7: 90، تاريخ خليفة 200، 202، طبقات خليفة 191، تاريخ أبي حفص الفلاس 287، 336، 550، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 166، 205، الشعر والشعراء لابن قُتَيبة 374، المحبر لابن حبيب 235، تاريخ الطبريّ 4: 461 - 466، 5: 76، 79، 93، 136، 141، 150، 155، الفتوح لابن أعثم 4: 72 - 74، المعارف 66، 115، 434، 435، 598، مُعْجَمُ الشعراء، للمرزباني 94، الثّقات لابن حبَّان 4: 400، الفهرست 1/ 2: 491، الجرح والتعديل 4: 503، ابن حزم: جمهرة أنساب العَرَب 185، الزبيدي: طبقات النحويين 13 - 19، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 76، الأغاني 12: 215 - 243، الصابئ: الهفوات النادرة 284، السمعاني: الأنساب 5: 406 - 408، تاريخ ابن عساكر 25: 176 - 211، ابن الأنباري: نزهة الألباء 20 - 23، ابن الجوزي: المنتظم 5: 137، 160، 6: 96 - 98، معجم الأدباء، 4: 1464 - 1473، القفطي: إنباه الرواة 1: 45 - 58، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 85، 494 - 498، الحَافِظ اليغموري: نور القبس مختصر المقتبس 7 - 21، تهذيب الكمال للمزي 33: 37 - 38 (وفيه: الديليّ، ويُقالُ: الدؤلي)، أسد الغابة 3: 69 - 70، ابن الساعي: الدر الثمين 403، وفيات الأعيان 2: 535 - 539، الذهبي: تاريخ الإسلام 2: 735، طبقات القراء 1: 36 - 37، العبر في خبر مَن غبر 1: 57، معرفة القراء الكبار 1: 154 - 155، الإعلام بوفيات الأعلام 44، 57، الكاشف 3: 310، سير أعلام النبلاء 4: 81 - 86، ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار 7: 75 - 77، الوافي بالوفيات 16: 533 - 539، ابن كثير: البداية والنهاية 8: 312، اليافعي: مرآة الجنان 1: 116، تهذيب التهذيب 5: 37، 12: 10 - 11، تقرب التهذيب 2: 391، الإصابة 3: 304 - 305، 7: 14 - 15، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 345 - 346، النجوم الزاهرة 1: 184، بغية الوعاة 2: 22 - 23، شذرات الذَّهب 1: 297، خزانة الأدب للبَغْدَادي 1: 281 - 286، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 365.

ص: 62

صِفِّيْنَ مع عليّ عليه السلام، وأصَابَهُ الفَالِج بالبَصْرَة، وماتَ بها، وكان سَعَى بابن عَبَّاسٍ رحْمةُ اللّهُ عليه إلى عليّ صَلَوات اللّه عليه حتَّى كان بينهما في ذلك كَلَام.

ونَقَلْتُ من خَطِّ رَوْح بن مُحمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْحَاق بن السُّنِّيّ، قال: وأَخْبَرَنَا فيما كَتَبه لي إلى (a) وَالدِي رحمه الله، يَعْني جَدّه أحْمد بن السُّنِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو خَلِيْفَة الفَضْل بن حُبَاب الجُمَحِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثمان المَازِنِيّ أنَّ أبا الأسْوَد الدُّئليَّ تقدَّم إلى زِيَاد، فرَفَع مَجْلِسَهُ، فقال: إنَّ لي خَصمًا، فقال: إنَّك لخَصْم، اقْعد فَمن خَصْمكَ؟ قال: أُمّ وَلدٍ ليّ، أدْعُ بها، فدَعا بها فأجْلَسَها، قال أبو الأسْوَد: حَملتُه قَبْلها ووَضعْتُه قبلها، قالت: حَمَلْتَهُ شَهْوةً وحَمَلْتُه أنا كرْها، فقال: يا أبا الأَسْود، ادْفَعْهُ إلجها فهي أحقّ بهِ، وتحوَّل إلى مَجْلسك، وانْصَرفت المَرْأة، وقام أبو الأسْود، ثُمَّ أقْبَل عليه، فقال: يا أبا الأسْوَد، لو كان فيك فَضْل لاسْتَعْملنَاك، قال: أَللصِّرَاع يُريدنا الأَميْرُ؟! قال: فأنْشَأ أبو الأسْود يقُول

(1)

: [من الكامل]

زَعم الأَمِيْرُ أبو المَغِيْرَة إنَّنِي

شَيْخٌ كَبيرٌ قد دَنَوْتُ من البِلَى

صَدقَ الأميْر أبو المُغيْرَة رُبَّما

نَالَ المَكَارِم مَنْ يَدبُّ على العَصَا

يا أبا المُغِيْرة رُبَّ أمْرٍ فَادِحً

فرَّجتُهُ باللُّبِّ منِّي والدَّهَا

‌أبو أَسِيْد بن رَبِيعَة الأنْصَارِيّ

(2)

شَهِدَ صِفِّيْن مع عليّ رضي الله عنه، وقيل: إنَّهُ شَهِدَ في كتَاب التَّحْكِيم بين عليّ ومُعَاويَة (b).

(a) كذا في الأصل.

(b) بعده في الأصل بياض أكثر من ثلثي الصفحة.

_________

(1)

ديوان أبي الأسود الدؤلي 378.

(2)

كان حيًا سنة 37 هـ، وذكره ابن مزاحم في شهود التحكيم: وقعة صفين 506 وسماه: مَالِك بن ربيعة الأنصاريّ، أبو أسيد.

ص: 63

‌أبو أَسِيْد (a) الفَزَارِيّ الزَّاهِدُ

(1)

يُقال: بفَتْح الهَمْزة وضَمِّها.

وكان من التَّابِعين، رَوَي عنهُ عَبْدُ اللّه بنُ أبي زَكَريَّاء، وحَكَى عنه سَعِيْدُ بن عَبْد العَزِيِز، وعبْد الرَّحمن بن يَزْيدِ بن جَابِر، وكان يُقَال إنَّهُ من الأَبْدَالِ، وغَزَا أرْض الرُّوم، واجْتَاز بدَابِق في طَرِيقَه إلى الغَزَاةِ، وقد ذَكَرنا في تَرْجَمة عَبْد اللّه بن عَبْد الحلِيْف

(2)

أنَّهُ كان بأرْض الرُّوم مع عَبْد اللّه ويَزِيْد بن الأَسْود (b).

أَخْبَرَنَا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْفر بن عَبْد اللّهِ الدَّامَغانِيّ، قال: أَخْبَرَنَا أبيّ، قال: أَخْبَرَنَا أبو العِزِّ بن المُخْتَار بن المُؤيَّد، قال: أَخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَنُ بن عليِّ بن المُذْهِب، قال: أَخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنَا عبْدُ اللّه بن أحْمَد، قال: وحَدَّثَنِي يَحْيَى بن عَبْد العزيز الجَرَوِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن أبي سَلَمَة، عن سَعِيدٍ - فيما أظُنُّ - أنَّ أبا أَسِيْد شَهِدَ جنَازةً، فَمَّرَ بعَتبَةِ باب دَارِه وإذا به قد أصْلَح، فقال: ما نَظَرْتُ إلى هذا بنَهار منذُ ثَمانية عَشر سَنًة (c).

‌أبو الأشْعَث الصَّنْعَانِيُّ

اسْمُه شَرَاحِيْل، وقيل: شُرَحْبِيل، وقد تقَدَّم ذِكْرُه في حَرْف الشِّيْن

(3)

.

(a) ضبطه المؤلِّف بالضم والفتح معًا.

(b) بعده في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة.

(c) بعده في في الأصل بياض قدر ثلثي الصفحة.

_________

(1)

ترجمته في: الإكمال لابن ماكولا 1: 71، تاريخ ابن عساكر 66: 12 - 14.

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب. واسمه: شَرَاحيل بن آدة، أبو الأشعث الصنعانيّ، توفي في زمن مُعَاوِيَة بن أبي سفيان، وترجمته في: طبقات ابن سعد 5: 536، طبقات خليفة 51، 308، تاريخ خليفة 193، 195، تاريخ الثّقات للعجلي 489، المعارف لابن قتيبة 467 (وفيه: اسمه عمر بن سُلَيمان)، تاريخ البخاريّ الكبير 4: 255، التاريخ الصغير 1: 224، الجرح والعديل 4: 373 - 374، مشاهِير =

ص: 64

‌أبو الأعْوَر السُّلَمِيُّ

اسْمُه عَمْرو بن سُفْيان، شَهِدَ صِفِّيْن مع مُعاويَة، تقَدَّم ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو الأَعْيَن الأنْطَاكِيُّ

(2)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ من أهْل أنْطَاكيَة، قَرأتُ له أبْيَاتًا من الشِّعْر بخَطِّ عليّ بن سِنَان الحَلَبِيّ، في مَجْمُوعٍ من تَعْلِيقه

(3)

: [من الخفيف]

لا وحُلوِ الهَوَى ومُرِّ (a) التَّجَنِّي

وَبِخَطِّ العِذَارِ في وَرْدِ خَدِّهْ

لأُذِيْبَنَّ وجْنَتَيهِ بلَحْظِي

مِثْلَمَا قد أذَابَ قَلْبِي بصَدِّهْ

قال: وله

(4)

: [من الرجز]

الرَّجُل المُهَذَّبُ ابنُ نَفْسِهِ

أغْنَاهُ فَضْلُ نَفْسِهِ عن جِنْسِهِ (d)

(a) تَتِمَّة اليتيمة: ومن.

(b) تَتِمَّة اليتيمة: قنسه.

_________

= علماء الأمصار لابن حبَّان 183، السمعاني: الأنساب 7: 181، تاريخ ابن عساكر 22: 436 - 442، تهذيب الكمال 12: 408 - 410، وفي الكنى 33: 46، سير أعلام النبلاء 4: 357، الكاشف 2: 7، 3: 310 - 311، تاريخ الإسلام 2: 446، الوافي بالوفيات 16: 126 (باسم شراحيل)، تهذيب التهذيب 4: 319 - 320، 12: 12، تقريب التهذيب 1: 348، 2:392.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وكان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 153 - 167، (وانظر فهرس الأعلام)، تاريخ يَحْيَى بن معين 3: 43، 409، ولاة مصر للكندي 52، 58، تاريخ الطبريّ 3: 396 (وانظر فهرس الأعلام 10: 184)، الفتوح لابن أعثم 2: 397، 426، 490، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 167 - 168، 174، 176، 180، 189، 196 - 197، المسعودي: التنبيه والإشراف 213، الاستيعاب لابن عبد البر 3: 1178 - 1179، تاريخ ابن عساكر 46: 50 - 60، أسد الغابة 4: 109، الإصابة 7:9.

(2)

ترجم أول الثعالبي في تَتِمَّة يتيمة الدَّهر 56 - 57، وذكر أنَّه من ولد المعتصم، وأورد البيتين الأوّلين، أما بقية الشعر الدرج فقد سلكه في تَرْجَمة شاعر آخر يلقب بجرج المقل، وقال:"نسيت اسْمُه ولم أنس شعره"، انظر: تَتِمَّة اليتيمة 58.

(3)

البيتان في تَتِمَّة اليتيمة 56.

(4)

البيتان في تَتِمَّة اليتيمة 58 لجريح المقل.

ص: 65

كم بينَ مَن تَكْرِمُهُ لغَيْرِهِ

وبَيْنَ مَن تَكْرِمُهُ لنَفْسِهِ

قال: وله أيضًا

(1)

: [من الرمل]

رُبَّما يَرْجُو الفَتَى نَفْعِ فَتَىً

خَوْفهُ أَوْلَى بِه مِن أَمَلِهْ

ربَّ مَن تَرْجُو بهِ دَفْعَ أَذَىً

سَوفَ يَأتيِكَ الأذَى مِن قِبَلِهْ

‌أبو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ

صَاحِب رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، واسْمُه صُدَيّ بن عَجْلان، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو أُمَيَّةَ السِّنْدِيُّ

خَصِيُّ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز رضي الله عنه، واسْمُه عبد الرَّحْمن، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(3)

.

(1)

تَتِمَّة اليتيمة 58 (جريح المقل).

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 86 هـ، وترجمته في كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 190، طبقات ابن سعد 7: 411، تاريخ يَحْيَى بن معين 3: 147، طبقات خليفة 46، 302، الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 103، تاريخ أبي حفص الفلاس 229، 324، 469، 526، تاريخ البخاريّ الكبير 4: 326، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 170، 338، المعارف 309، المعرفة والتاريخ 2: 353، 3: 169، الجرح والتعديل 4: 454، الثّقات لابن حبَّان 3: 195، مشاهير علماء الأمصار لابن حبَّان 86، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 87، الاستيعاب 2: 736، السمعاني: الأنساب 7: 312، تاريخ ابن عساكر 24: 50 - 76، صفة الصفوة 1: 733 - 736، ابن الأثير: الكامل 2: 405، 4: 477، أسد الغابة 3: 16 - 17، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 368 - 369، تهذيب الكمال 13: 158 - 164، وترجم له المزي في الكنى 33: 49، تاريخ الإسلام 2: 1020، سير أعلام النبلاء 3: 359 - 363، الإعلام بوفيات الأعلام 50، العبر في خبر مَن غبر 1: 74، الكاشف 2: 28، الوافي بالوفيات 16: 305، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 73، الإصابة 3: 240 - 241، تهذيب التهذيب 4: 420 - 421، 12: 13، تقريب التهذيب 1: 366، 2: 392، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 343، شذرات الذَّهب 1:351.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وكانت وفاته بعد سنة 140 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 36: 117 - 120، (وفيه: السيدي)، تاريخ الإسلام 3:915.

ص: 66

‌أبو أُمَيَّةَ الخَصِيُّ

(1)

خَادِم عُمَر بن عَبْد العَزِيْز رضي الله عنه، غير الأوَّل، اسْمُه مَنْصُور، قد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيُّ

(3)

اسْمُه مُحَمَّدُ بن إبْراهيم، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ

(4)

.

‌أبو أيُّوب

(5)

مَوْلى عُثْمان بن عَفَّان رضي الله عنه، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه وغيرها، حَكَى عنه، رَوَى عنهُ عليّ بن مُطَرِّف.

أخْبَرَنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الصُّوْفيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قَال: أخْبَرَنَا أبو صَادِق

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 60: 359 - 360.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

توفي سنة 273 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 7: 187، الثقات لابن حبَّان 9: 137، تاريخ بَغْدَاد 2: 279 - 283، السمعاني: الأنساب 9: 65 - 66، تاريخ ابن عساكر 51: 239 - 246، ابن الجوزي: المنتظم 12: 273، تهذيب الكمال 24: 327 - 331، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 6: 594 - 595، سير أعلام النبلاء 13: 91 - 93، ميزان الاعتدال 3: 447، العبر في خبر مَن غبر 1: 394، تذكرة الحفاظ 2: 581، تهذيب التهذيب 9: 15 - 16، 12: 15، تقريب التهذيب 2: 141، 2: 392، المقريزي: المقفى الكبير 5: 54 - 55، السيوطيّ: طبقات الحفاظ 363، شذرات الذَّهب 3:308.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(5)

اسْمُه سُلَيمان، وقيل: عبد اللّه بن أبي سُلَيمان القرشي الأمويّ، توفي بعد سنة 110 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 259، تاريخ البخاريّ الكبير 5: 108، الجرح والتعديل 5: 75 - 76، الثقات لابن حبَّان 5: 33، تهذيب الكمال 15: 65 - 66، وفي الكنى 33: 62 - 63، الكاشف 2: 94، تاريخ الإسلام 3: 260، تهذيب التهذيب 5: 246، 12: 16، تقريب التهذيب 1: 332، 421، 2:393.

ص: 67

مُرْشِد بن يَحْيَى بن القَاسِم المَدِيْنِيّ، قال: كَتَبَ إليَّ أبو الحَسَن مُحَمَّد بنُ عليّ بن صَخْر الأزْديُّ: حدَّثَنَا يُوسُف بن يَعْقُوبَ النَّجيْرَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بن أرْقَم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المُغِيرَة، عن عليّ بن مُطَرِّف، عن أبي أَيُّوبَ مَوْلَى عُثْمان، وكان انْقَطَع مع عليٍّ وشَهِدَ معه المَشَاهِدَ، قال: جاءَ رجُلٌ إليهِ فقال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، أرَأيْتَ هذه الخَطَايَا الَّتي اسْتَوجَب النَّاسُ بها من اللّهِ العقُوبات، أهي من اللّه أم من النَّاسِ؟ قال: خَلْقُها من اللّه وعَمَلُها من النَّاسِ، لا تَسْأل عنها أحَدًا غيري.

‌حَرْفُ البَاء من الكُنَى

‌أبو البَخْتَرِيّ

(1)

شَهِدَ وَفاة عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رضي الله عنه، بدَيْر سِمْعَان، وحَكَى عنه، رَوَى عنهُ سُفْيان. وليس بسَعِيْد بن فيرُوز.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان، عن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعِيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إِبْراهيم بن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن إبْراهيم الدَّوَاتِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور بن شُكْرَويْه، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن القَاسِم بن الحَسَن النَّجَّاد إِمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن مُحَمَّد بن صالِح، قال: حَدَّثَنَا بَكْر بن أحْمَل بن سَعْدُويْه القَطَّانُ العَبْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن عليّ، عن مُحَمَّد بن يَزِيد، عن سُفْيان، عن أبي البَخْتَرِيّ، قال: دَخَلْنَا على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز وهو يَجُودُ بنَفْسه، فقُلْنا: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، مَنْ تُوْصِي بأهْلكَ؟ فقال: إذا نسيْتُ اللّه فذكِّرُونيّ، قال: فأعَدْنا، فأعادَ بهِ، ثُمَّ قال: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 16.

(2)

لم يرد الخبر في تاريخ ابن عساكر.

ص: 68

الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}

(1)

، بَنِيّ أحَدُ رَجُلَيْن: رَجُلٌ أطاعَ اللّه فما كان اللّهُ ليُضِيْعَهُ، ورَجُلٌ عَصَى اللّه فما أُبَالي على أيّ جَنْبٍ سَقَط.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

: أظُنُّ أبا البَخْتَرِيّ هذا مَغْرَاء العَبدِيّ (a) ، واللّهُ أعْلَمُ.

‌أبو بَدْر الحَلَبِيُّ

(3)

حَدَّثَ عن عَبْد اللّه بن عُبَيْد بن نُمَيْر، رَوَى عنهُ بَكْر بن خُنَيْس.

أخْبَرَنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل الدِّمَشْقِيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن نَصْر الصَّيْدَلانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم الحافِظ

(4)

، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ اللّه بن جَعْفَر قال: أخْبَرَنَا إسْمَاعِيْل بنُ عَبْد اللّه بن مَسْعُود، قال: حَدَّثَنَا عبْدُ اللّه بن صَالِح، قال: حَدَّثَنَا الهِقْل، عن بَكْر بن خُنَيْسٍ، عن أبي بَدْر الحَلَبِيّ، عن عَبْد اللّه بن عُبَيْد بن عُمَيْر، عن أبيهِ، عن جَدِّه، قال: قلتُ: يا رَسُول اللّه، ما الإيْمانُ؟ قال: السَّمَاحَة، قلتُ: فأيّ المُسْلِمِين أفْضَل؟ قال: مَنْ سِلمَ المُسْلِمُون من لسَانه ويَدِه، وأفْضَل المُؤْمِنين إيْمانًا أحْسَنُهُم خُلْقًا، وأعْظَمُ المُسْلِمِينَ في المُسْلمِيْن مَنْ سَأل عمَّا لم يكُن على المُسْلِمِين فحرَّم من أجْل مَسْألته.

(a) ابن عساكر: العيدي.

_________

(1)

سورة الأعراف، الآية 196.

(2)

تاريخ ابن عساكر 66: 16.

(3)

ترجمته في التاريخ الكبير للبخاريّ 9: 16، والأساي والكنى للحاكم 2:364.

(4)

حلية الأولياء 3: 357، بإسناد آخر يتصل بابن خنيس، وأخرجه الطبرانيّ في المعجم الكبير 17: 49 (رقم 105)، والحاكم في المستدرك 3:626.

ص: 69

أخْبَرنا أبو عَبْد اللّه الحُسَيْن بن بَاز المَوْصِلِيّ في كتابهِ، قَال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ بن عبْد الخالِقِ بن يُوسُف، قال: أخْبَرنا أبو الغَنَائم بن النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرنا أبو عبد اللّه مُحَمَّد بن إسْمَاعيل البُخَارِيّ

(1)

، قَال: أبو بَدْر الحَلَبِيّ، رَوَى عن عَبْد اللّه بن عُبَيْد بن عُمَيْر (a)، رَوَى عنه بَكْرُ بن خُنَيْس (b).

‌أبو بُدَيْل

(2)

وعَنْبَسة الوَرَّاق الأَعْرابِيّ مَوْلَى أبي بُدَيْل.

‌أبو بُرْدَةَ بن عَوْف الأزْدِيُّ

(3)

شَهِدَ صِفِّيْن مع عليٍّ رضي الله عنه، وقد ذَكَرْنا قَوْله يَوْمئذ في تَرْجَمة مِخْنَف بن سُلَيْم

(4)

.

(a) الأصل: نُمَيْر، تحريف، وتقدم في ذكر شيوخ المترجم له على النحو المثبت.

(b) تاريخ البخاري: حسين.

_________

(1)

البخاريّ: التاريخ الكبير (الكنى) 9: 16، وفيه: أبو بدد الحلبي.

(2)

كان حيًّا سنة 163 هـ، واسمه الوضاح، حسبما يرد في رواية أدرجها الطبريّ في تاريخه 8: 145 - 147، ونصحها: "وذكر عبد اللّه بن الوضاح، قال سمعت جَدِّي أبا بديل (وذكر خبر إرسال الرشيد إلى الغزاة في عهد أبيه المَهْدِيّ)

قُلْتُ: عليّ بعنبسة الوراق الأعرابي مولى آل البديل فأتي به"، وهذا النص مما استشهد به ابن خلدون في مقدمته (العبر 1: 588) ووصف أبا بديل بأنه من صنائع الدَّوْلَة.

(3)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 4، 8، 263، الفتوح لابن أعثم 2: 348، تاريخ ابن عساكر 66:16.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 70

‌أبو بُرْدَة بن نيِارٍ

(1)

شَهِدَ صِفِّين مع عليّ رضي الله عنه.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو البَرَكات

‌أبو البَرَكَات بن خَلِيْفَة بن العَطَّار الحَرَّانيّ الأَمِيْن

سَكَن حَلَب مُدَّةً طَوِيْلةً، ثُمَّ عادَ إلى حَرَّان وتُوفِّي بها، وكان أخُوهُ قد مَرضَ بحَرَّان، فسَمِعَ بمَرضِهِ فسَارَ من حَلَب إلى حَرَّان عَائدًا له، فبَرَأ أخوه يَوْم وصُولهِ، ومَرض هو وماتَ.

وكان حدَّثَ بصَحِيْح الإمام أبي عَبْدِ الله مُحمّد بن إسْمَاعيْل البُخَارِيّ عن أبي الوَقْت عبد الأوَّل بن عِيْسَى السِّجْزِيّ، وسَمِعَ سَعْد الخَيْر بن مُحمَّد الأنْصَاريّ، وأبا الفَضْل مُحمَّد بن نَاصِر السَّلَامِيِّ ونُظَراءَهُم، سَمِعَ منهُ شَيْخُنا الخَطِيْب أبو عَبْد اللهِ مُحمَّد بن تَيْمِيَّة خَطِيْب حَرَّان وغيرهُ، أخْبَرَني بذلك كُلِّهِ رَفِيقُنا أبو مُحمَّد عبد الرَّحمن بن عُمر بن شُحَانَة الحَرَّانيّ.

(1)

توفي سنة 42 هـ، وقيل: 45 هـ، واسمه: هانئ، وقيل: الحارث، وقيل: مالك، وترجمته في: تاريخ خليفة 205، طبقات ابن سعد 3: 451 - 452 (وفيه سياقة نسبه إلى قضاعة)، الجرح والتعديل 9: 99 - 100، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 49، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 56، الاستيعاب 4: 1535، الإكمال لابن ماكولا 7: 438، ابن الجوزي: المنتظم 5: 254، أسد الغابة 5: 52، تهذيب الكمال 33: 71 - 73، (وزاد فيه: البلوي)، تاريخ الإسلام 2: 447، سير أعلام النبلاء 2: 35 - 36، الكاشف 3: 312 (وفيه: ابن نياز)، الوافي بالوفيات 27: 220، (وسماه: هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان البلوي أبو بردة)، ابن كثير: الداية والنهاية 8: 61، (وفيه: خال البراء بن عازب)، الإصابة 7: 17 - 18، تهذيب التهذيب 12: 19، تقريب التهذيب 2: 315، 394.

ص: 71

‌أبو البَرَكاتِ بن عَبْد المُحْسِن بن سَعِيد بن عَمْرو التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ الأطْرُوش

شَاعِرٌ مُجيْدٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان.

رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره القَاضِي أبو اليُسْر عَبْد الكَرِيم بن عَبْد الغَالِب بن عبد الله المَعَرِّيّ.

أخْبَرنا أبو القَاسِم بن الحُسَيْن بن رَوَاحَة الأنْصَاريّ، إجَازَةً إنْ لَم يكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرنا الحَافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحمَّد بن أحمد (a) السِّلَفِيّ، ونَقَلْتُه أنا من خَطِّ السِّلَفِيّ، قال: أنْشَدَني القَاضِي أبو اليُسْر عَبْدُ الكَرِيم بن عَبْد الغَالِب بن عبد الله المَعَرِّيّ بالإسْكَنْدَريَّةِ، قال: أنْشَدَني أبو البَرَكاتِ بن عَبْد المُحْسِن بن عَمْرو التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ لنَفْسِه بالمَعَرَّة: [من الكامل]

هَمُّ الوَرَى في العِيْدِ قَطْعُ ثِيَابِهِمْ

جُدُدًا وأكثَرُ هَمّنا الصَّابُونُ

والبُنّ

(1)

والزَّيْتُونُ جلُّ طَعَامِنا

فيهِ وأينَ البُنُّ والزَّيْتُونُ

قَرَأَتُ في بعض تَعَالِيْقي لأبي البَرَكَات بن عَمْرو الأُطْرُوش في ثَوَاب (b) أبي مُسْلِمٍ: [من مجزوء البسيط]

مَضَى أبو مُسْلِم حَمِيْدًا

وجَارُهُ اللهُ خَيْرُ جَارِ

وما علا مَوْتُه علَينا

برَاحةِ النَّاسِ من نِزَارِ

(a) الأصل: إبراهيم، واسمه: أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم السلفي.

(b) مهملة الأول في الأصل.

_________

(1)

حتى لا ينصرف الذهن إلى أنه البر أو: التين بقرينة الجمع مع الزيتون، وأيضًا بدالة أنه طعام يؤكل، فقد قيَّده في الموضعين من الأصل بالنون، ولعله نوع من المأكول مما لم أقف على معرفته، ولا أظنّه البن الذي هو القهوة، فإن دخولها إلى بلاد الشام كان في وقت متأخر على هذا الزمن بقرون.

ص: 72

‌أبو البَرَكَات بن أبي جَوْزَة المَعَرِّيّ

شَاعِرٌ من شُعَرَاء مَعَرَّة النُّعْمَان، مُتَوسِّط الشِّعْر، وهو من بني عَمْرو المَعَرِّيِّيْن.

نَقَلْتُ من خَطِّ أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ، وأنْبَأنَا به عنه أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: ومن شُعَرَاء الشَّام أبو البَرَكَات بن أبي جَوْزَة، وليسَ من المَشْهُورين بجَيِّد الشِّعْر، من شِعْره:[من الخفيف]

نَثَرَتْ مُقْلَتايَ دَمْعًا فَرِيدا

حينَ بانُوا عنِّي فَبِتُّ فَرِيْدا

يا أخِلَّائي ليسَ قَلْبي علي البَيْـ

ـن كما تعهَدُونَ قِدْمًا جَلِيدا

شَفَّهُ وَجْدُهُ بِكُمْ فَهْوَ نِضْوٌ

مُسْتَهَامٌ لا يَسْتَطيعُ مَزيدا

يا زَمَانَ اللِّوَى سَقَتْكَ الغَوَادِي

والسَّواري ما كُنْتَ إلَّا حَمِيْدا

يا مَغاني الأحْبَابِ بُدِّلْتِ مِنْهُمُ

سِرْبَ وَحْشٍ دُعْجَ النَّوَاظِرِ غيْدَا

أشْبَهُوهَا سَوالِفًا وعُيُونًا

وَنِفارًا وخَالفُوها خُدُوْدَا

قال أُسامَةُ بن مُنْقِذ: ومن شِعْره: [من الطويل]

ألَمَّ خَيَالٌ مِن سُلَيمى فسَلَّما

وهَيَّجَ لي دَاءً مِنَ الوَجْدِ أقدَمَا

وألْهَبَ في الأحْشَاءِ نارَ صبَابةٍ

أبَى جَمْرُها في الحُبِّ إلَّا تَضَرُّما

على أنَّهُ لَم يَجرِ في القَلْبِ ذِكْرُها

وإنْ بَعُدَتْ إلَّا جَرَت أدْمُعي دَمَا

وإنِّي لَذُو وجْد بها وصَبَابةٍ

إلَيها وإنْ لَم تَشْفِ ما بي مِنَ الظَّما

أَحِنُّ إليها كُلَّما هَبَّتِ الصَّبَا

وغرَّدَ قُمْريُّ الضُّحَى فتَرَنَّما

ألا لَيْتَ شِعْري هَل يعُودُ كَما مَضَى

زمَانٌ بإدْرَاكِ الأمَانِي تَصَرَّمَا

وذَكَرَ بنُ الزُّبَيْر في كتاب جِنَان الجِنَان ورِيَاض الأذْهَان، قال: أبو البَرَكَات بن أبي جَوْزَة المَعَرِّيّ، شَاعِرٌ من أهْل مَعَرَّة النُّعْمَان، هو وأخُوه

ص: 73

أبو نَصْرٍ

(1)

، وأوْرَد لأبي البَرَكَات القَصِيدَة اليمِيَّة المُتَقدِّمة البَيْتَيْن الأوَّلَين والبَيْتَيْن الأخِرين.

‌أبو البَرَكَات بن الدُّوَيْدَة

(2)

واسْمُه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد المَعَرِّيّ، وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ

(3)

.

‌أبو البَرَكَات بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيّ

(4)

واسْمُه عَبْد القَاهِر بن عليّ، وكان كَاتبًا مُجِيْدًا، وشَاعِرًا حَسَن الشِّعْر، أَدِيْبًا، رَاوِيًا للحَدِيْث، وقد ذَكْرْناهُ

(5)

.

‌أبو البَرَكَات بن عليّ بن عَبد الرَّزَّاق بن الخَضِر بن عَجْلان البَالِسِيُّ

شَيْخٌ من أهْل بَالِس، له شِعْرٌ، كَتَبَ عنهُ عُمَر بن الرَّبِيْب أبي المَعَالِي أَسْعَد بن عَمَّار المَوْصِليّ.

فإنَّني قَرأتُ بخَطِّه في مَجْمُوعٍ له: أنْشَدَني بالقَاهِرَة سَدِيد الدِّين أبو البَرَكَات بن عليّ بن عَبد الرَّزَّاق بن الخَضِر بن عَجْلان، من بني النَّابِغَة الجَعْدِيّ، الشَّاعر

(1)

انظر ترجمة أبي نصر ابن جوزة فيما يلي.

(2)

ترجمته في: خريدة القمر (قسم الشام) 12: 53، ولعله المترجم له في دمية القصر للباخرزي 1: 142 - 143 ولم يسمه، لقبه بابن الدويدة المعري.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

توفي سنة 552 هـ، وترجمته في: خريدة القمر (قسم الشام) 12: 219 - 223، ابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق 345، معجم الأدباء 5: 2073 - 3074، أبو شامة: الروضتين 1: 324، وترجم له سبط ابن الجوزي في موضعين من كتابه مرآة الزمان 20: 478، 21: 22 - 23 (في وفيات سنة 552 هـ وسنة 556 هـ)، الذهبي: تاريخ الإسلام 12: 49، الوافي بالوفيات 19:49.

(5)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 74

المَشْهُور، لنَفْسِه في العَشْر الأُوَل من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة تِسْعٍ وعشرين وستِّمائة، حين قَصَدَ الدِّيَار المِصْرِيَّة من مَدِيْنَته وهي بَالِس بالشَّام، شَاكِيًا من نُوَّاب المَلِك الحافِظ نُور الدِّين أَرَسْلَان ابن المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب إلى السُّلْطان المَلِك الكَامِل، وسَألتُهُ عن عُمْره، فقال: لي تِسْعَة وسبْعُون سَنَةً، وقد عَزم على النُّقْلَة عن بَالِس:[من الطويل]

سَأرْحَل عنكُمْ رِحْلَةً ليسَ بَعْدَها

رُجُوعٌ إليكُمْ ما أمدَّنِيَ الدَّهْرُ

لأنِّي رَأيْتُ الحالَ تُبْدي ليَ الجَفَا

ولم يَسْتَقِمْ لي في بُليْدَتِنا أَمْرُ

وما أنا مُعْتَادٌ هَوَانًا وقِلَّةً

ولا سيَّما يأتي وَقَدْ نَفدَ العُمْرُ

وفي الأرْضِ مُسْتَغنىً يُعَوِّضُ عَنْكُمُ

وما أنا مَجْهُولٌ وإنْ مَسَّني الضُّرُّ

نَفَضْتُ يَدي منكُمْ إيَاسًا لخَيْرِكُمْ

كما تُنْفَضُ الأيْدِي إذا نَجَز القَبْرُ (a)

قال: وأنْشَدَني أيضًا لنفسِه في اليَوْم المَذْكُور: [من الكامل]

لمَّا أتَتْ كُتُبُ القُضَاةِ فَضَضْتُها

وعَلِمْتُ ما فيها فَفَاضَتْ أدْمُعِي

أسَفًا على بُعْد المَسَافَة والمَدَى

والدَّارُ تبكِيْهِمْ وتَنْدبُهُمْ مَعي

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو بِشْر

‌أبو بِشْرٍ الحَلَبِيُّ

(1)

واسْمُه عِمْرَان.

رَوَى عن الحَسَن البَصْريّ، وأبي عُثْمان النَّهْدِيّ، والزُّهْرِيّ، وأبي مَلِيْح بن أُسَامَةَ.

(a) القاف مهملة في الأصل.

_________

(1)

توفي بعد سنة 150 هـ، وترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري (الكنى) 9: 15، (وفيه: من أهل قنسرين)، تاريخ الإسلام 4:170.

ص: 75

رَوَى عنهُ عُبَيْدُ الله بن مُوسَى، ووَكِيْعُ بن الجَرَّاح، وحَمَّاد بن أُسَامَةَ، والحَسَنُ بن صَالِح، وقُرَّان بن تَمَّام الكُوْفيّ، وعليُّ بن هَاشِم.

أخْبَرنا أبو القَاسِم بن أبي السُّعُود بن قُمَيْرَة البَغدَاديّ بحَلَب، قال:

أخْبَرتنا الكَاتبةُ شهدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج بن الإِبَريّ، عن طَرَّاد بن مُحمَّد الزَّيْنَبيّ، قال: أخْبَرنا أبو الحُسَيْن عليُّ بن مُحمَّد بن بِشْرَان، قال: أخْبَرنا أبو عليّ بن صَفْوان، قال: حدَّثنا أبو بَكْر بن أبي الدنْيا

(1)

، قال: حدَّثنا أبو جَعْفَر أحْمد بن سَعْد، قال: أخْبَرنا قُرَّان بن تمَام، عن أبي بِشْرٍ الحَلَبِيِّ، عن الحَسَن، قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: سَاعَاتُ الأذَى يُذْهبن سَاعاتِ الخَطَايا.

أخْبَرنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرنا يَحْيَى بن مَحمُود بن سَعْد الثَّقَفيّ، ومَحمُود بن أحْمَد بن عَبْدِ الوَاحِد، قالا: أخْبَرنا أبو القَاسِم إسْمَاعيل بن مُحمَّد بن الفَضْل، قال: أخْبَرنا مُحمَّدُ بن أحمدَ بن هَارُون، قال: أخْبَرنا أحْمَدُ بن موسَى، قال: حدَّثنا مُحمَّدُ بن أحمد بن عليٍّ، قال: حدَّثنا يَحْيَى بن آدَم، قال: حدَّثنا الحَسَنُ بن صَالِح، عن أبي بِشْرٍ الحَلَبِيِّ، عن الزُّهْرِيّ، قال: تَسْبِيحَة في شَهْر رَمَضان أفْضَلُ من ألف تَسْبِيحةٍ في غيره.

أخْبَرنا أبو إسْحَاق إبْرَاهيْم بن عُثمان بن يُوسُف بن أيُّوبَ الكَاشْغَريّ، قال: أخْبَرنا السَّيِّدُ أبو عبدِ الله أحمد بن عليِّ بن المُعَمَّر العَلَويّ النَّقِيْبُ، قال: أخْبَرنا أبو الحُسَيْن المُبَارَك بن عَبْد الجبَّار بن أحمد الصَّيْرَفيّ المَعْرُوف بابن الطُّيُوريِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم بن الحَسَن بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن سُلَيمان بن أيُّوب بن إسْحَاق العَبَّادَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان الدَّقِيْقِيِّ الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبيدُ الله بن مُوسَى، قال:

(1)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة الفرج بعد الشدة) 2: 272، وينظر: شعب الإيمان للبيهقي 7: 181 - 182 (رقم 9936)، وكنز العمال للمتقي الهندي 3: 305 (رقم 6672).

ص: 76

أخْبَرَنا أبو بِشْر الحَلَبِيِّ، عن الحَسَن، قال: ليسَ الإيْمانُ بالتَّحَلِّي ولا بالتَّمَنِّي، ولكن ما وَقَر في القَلْب وصَدَّقته الأعْمَالُ، مَنْ قال حَسَنًا، وعَمِل غير صالح ردَّهُ الله عز وجل على قَوْله، ومَنْ قال حَسَنًا وعَمِل صَالِحًا رَفَعَهُ (a) العَمَلُ ذلك بأن الله عز وجل يَقُول:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ}

(1)

.

‌أبو بِشْر المُؤذِّن

(2)

مُؤذِّنُ مَسْجِد دِمَشْق، يُقَال: إنَّهُ من أهْل قِنَّسْرِيْن.

رَوَى عن عَامِر بن لُدَيْن الأشْعَرِيّ، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ومَكْحُول.

رَوَى عنهُ مُعاوِيَة بن صالح الحَضْرَميّ، ورَاشِد بن سَعْد، وسَعِيْد بن عَبْد العَزِيْز التَّنُوخِيّ (b).

أنْبَأنَا أبو حَفْص بن قُشَام الحَلَبِيِّ، في أبي العَلَاء الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن أبي عليّ، قال: أخبَرنا أبو بَكْر الصَّفّار، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عِليّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِمُ أبو أحْمَد

(3)

، قال: أبو بِشْر مُؤَذِّنُ مَسْجِد دِمشْق، رَوَى عن عَامِر بن لُدَيْن الأشْعَرِيّ، رَوَى عنهُ مُعاوِيَة بن صالح الحَضْرَميّ، حَدِيثُه في أهْلِ الشَّام، قال: ويُحْتَمل أنَّهُ هو الّذي رَوَى عنهُ رَاشِدُ بن سَعْد، ويُقال: إنَّهُ

(a) فوقه في الأصل علامة الصحة "صح"، وكتب في الهامش:"حـ: نفعه".

(b) بعده في الأصل بياض يستغرق ثلاثة أسطر من هذه الصفحة ونصف التي تليها.

_________

(1)

سورة فاطر، من الآية 10.

(2)

توفي سنة 128 هـ وقيل: سنة 130 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 465، تاريخ الثقات للعجلي 491، تاريخ ابن عساكر 66: 17، تهذيب الكمال 33: 76 - 77، تاريخ الإسلام 3: 574، تهذيب التهذيب 12: 21، تقريب التهذيب 2:395.

(3)

الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم 2: 306 - 307.

ص: 77

من أهْلِ قِنَّسْرِيْن، وهو الّذي رَوَى عنهُ عن مَكْحُول أبي عَبْد الله الهُذَلِيّ، وأبي حَفْصٍ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان القُرَشِي.

وقال الحاكِم

(1)

: أخْبَرَنا أبو العبَّاس السَّرَّاج (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو همَّام الوَلِيد بن شُجاع، قال: حَدَّثَني ابن وَهْبٍ، قال: حَدَّثَني مُعاوِيَةُ بن صالح، عن أبي بِشْرٍ أنَّهُ رَأى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز (b).

أنْبَأْنَا أحْمَدُ بن أزْهَر بن السَّبَّاك، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أجازَ لِي أبو القَاسِم عليّ بن المحسِّن التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطّبَري، قال: حدَّثَتْنا أمّ الضَّحَّاك عَاتِكَة بنت أحْمَد بن عَمْرو بن أبي عَاصم النَّبِيْل، قالت: قَرأتُ في كتاب أبي؛ أحْمَد بن عَمْرو بن أبي عَاصم النَّبِيْل، وأجاز لي أنْ أَرْوي عنه، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر - يعني ابن أبي شَيْبَة - قال: تُوفِّي أبو بِشْر مؤَذِّن دِمَشْق سَنَة ثَمانٍ وعِشْرين ومائة.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن نَسِيم في كتابهِ، عن أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا (c) أبو عرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن يَوَهْ (d)، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن اللُّنْبَانِيّ (e)، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدّنْيا، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن سَعْد

(3)

، قال: أبو بِشْر مؤَذِّنُ مَسْجِد دِمَشْقَ ماتَ سَنَة ثلاثين ومَائة، وقال غيرُه عن ابن سَعْد: في خِلَافة مَرْوَان بن مُحَمَّد.

(a) في الأسماي للحاكم: الثقفي.

(b) تتمته في الأسامي للحاكم: صلى العشاء.

(c) قوله: "قال أخْبَرَنا" ورد مكررًا في الأصل.

(c) الأصل: ابن بوه، وتقدم صحيحًا، ويرد ذكره كثيرًا في تاريخ ابن عساكر على النحو المثبت.

(e) وازى في الأصل بين نقط الباء والنون، فتقرأ على الوجهين: اللبناني واللنباني، وصوابه بتقديم النون، نسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان. واسمه: أحمد بن مُحَمَّد بن عمر، أبو الحسن اللنباني (ت 333 هـ)، انظر. أخبار أصبهان لأبي نعيم 1: 173، أنساب السمعاني 11: 223، اللباب لابن الأثير 3: 133، تاريخ الإسلام 7:658.

_________

(1)

الأسامي للحاكم 2: 309.

(2)

لم يرد في ترجمته من تاريخ ابن عساكر.

(3)

طبقات ابن سعد 7: 465.

ص: 78

‌أبو بشرٍ العَطَّار

(1)

كان بطَرَسُوسَ، وحَكَى عن رَجُلٍ مَجْهُول كان بالثَّغْر منْ رَهْط قيس بن ذَرِيح، رَوَى عنهُ أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن إبْراهيم المُزَكي.

قَرأتُ بخَطِّ تاج الإسْلَام أبي سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، وأنْبَأنَا بهِ وَلدُه أبو المُظَفَّر عَبْد الرَّحيم عنه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد سُفْيان بن إبْراهيم التَّكَكيِّ بقِرَاءَتي عليه بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا أبو صالح مُحَمَّد بن المُؤَمَّل البُشْتيّ - قَدِمَ علينا - قال: حَدَّثَنَا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن إبْراهيم المُزكيِّ إمْلاءً، قال: سَمِعْتُ أبا بشْر العَطَّار يَقُول: كُنْتُ بطَرَسوس فوقع النَّفِيْرُ، فلمَّا قَرُبنا من الجوزَات سَمِعْتُ أَصوَاتَ حُرَّاسها فَوْق السُّطُوح يُكَبِّرُونَ بأنْوَاع التَّكْبير والتَّحْمِيْد، ما سَمِعْتُ بمثْلها في حُسْن الصَّوْت والهَيْئَة والتَّعْظِيم لذِكر الله عز وجل، فسَمِعْتُ بعد ذلك مُنْشِدًا ينشِد هذه الأبيات، فوقَعَ عليَّ البُكَاءُ ولم أدْرِ من ينشده.

فلمَّا أصْبَحْنا، قلتُ لبعضِ أهْل طَرَسُوس: سَمِعْتُ البَارِحَة كَذَا وكذا، فقال: قُمْ عمي، فجاءَ بي إلى شَيْخ ذَكَرَ أنَّهُ من فُرْسَانِ العَرَب، وصعَاليْكِ الغُزَاةِ، فقال: هذا الفَتَى الَّذي سَمِعْتَهُ البَارحَة يقُول فيُنْشِد الأبْيات، فقال: أنا من رَهْطِ قيس بن ذَرِيح، حَدَّثَني أبي عن آبائهِ وأجْدادِه أنَّ قَيْس بن ذَرِيْح لمَّا فارق لُبْنَى أنْشَأ هذه الأبْيَات واسْتَهْتَر بذِكْرها، وهي

(2)

: [من الطويل]

ولو أنَّني أسْتَطِيع صبْرًا وسَلوةً

تَنَاسَيْتُ لُبْنَى غير ما مُضْمر حِقْدَا

ولكن قلْبي قد تَقَسَّمَهُ الهَوَى

شَتَاتًا فما أُلْفَى صَبُورًا ولا جَلْدَا

سَلِ اللَّيْل عنِّي كيفَ أرْعَى نُجُومَهُ

وكيف أُقَاسِي الهَمَّ مُسْتَخْليًا فرْدَا

كأنَّ هبُوبَ الرّيْح من نحو أرْضِكُمُ

يُثِيْرُ فُتَاتَ المِسْكِ والعَنْبَر النَّدَّا

(1)

ذكره ابن عساكر في تاريخه 49: 386، أورده في ترجمة قيس بن ذريح، ضمن الحكاية المذكورة أعلاه.

(2)

ديوان قيس بن ذريح 69.

ص: 79

‌أبو بِشْر التَّنُوخِيّ

(1)

وقيل: أبو بَشِير.

حَكَى بعضَ أمْر وَقعَة اليَرْمُوك، وكان نَصْرَانيًّا من تَنُوخ، خَرَجَ من أنْطَاكِيَةَ مع بَاهَان مَلِك الرُّوم حينَ تَوجَّه إلى اليرمُوك، حَكَى ذلك عنه أبو جَهْضَم الأزْدِيّ، ذَكَرَ ذلك عَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّد بن رَبيعَة القُدَّاميِّ، وأبو إسْمَاعِيْل مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الأزْدِيّ البَصْرِيّ

(2)

.

‌أبو بِشْر الوَزِيرُ الحَلَبيُّ النَّصْرانِيُّ

(3)

كان وَزِيرًا للأمِيْر مَحْمُود بن نَصْر بن صالح بن مِرْدَاس الكِلَابيِّ، أمير حَلَب، وكان قد سَاعَد محْمُودًا بماله حتَّى مَلَّكَه حَلَب واسْتَجْذَب إليه العَرَبَ، وكان مَحْمُود في أوَّل مُلكِه حَسَن الأخْلَاق، كَرِيم النَّفْسِ، ثمّ تغيَّر بعد ذلك على أصْحَابهِ وشحَّت نفسُه، وتغيَّرت أخْلَاقُهُ بعدَ رَحِيل السُّلْطان العَادِل ألْب أَرَسْلَان عن حَلَب، فتَغيَّر على وَزِيره أبي بِشْر.

وكان القَائِدُ أبو الحَسَن بن أبي الثُّرَيَّا، الّذي كان وَزِيرًا لعَطِيَّة بن صالح بن مِرْدَاس، قد سَعَى بأبي بِشْر ليَلِيَ وِزَارَة مَحْمُود، فقَبَضَ مَحْمُود أبا بِشْر الوَزِير، وطَالبَهُ بمالٍ جَلِيْل، وكان مَحْمُود قد رَغبَ في جَمْعِ المالِ وغَلَبَ عليه حُبُّ الدُّنْيا، فذَكَرَ له أبو بِشْر أنَّه عَاجِزٌ عن أدَاءِ ما طُوْلِبَ به، وأنَّهُ ممَّا لا تَصِل يَدُه [إليه](a) ولا إلى

(a) إضافة من زبدة الحلب 1: 270.

_________

(1)

ذكره الأزدي في فتوح الشام 273 - 277، (وفيه: أبو بشير التنوخي)، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 16.

(2)

الأزدي: فتوح الشام 273 - 277.

(3)

توفي سنة 464 هـ، ترجمته في: زبدة الحلب 1: 270 - 272.

ص: 80

بَعْضِه، فأمَر مَحْمُود بقَتْل وَلَدٍ كان لأبي بشر وبقَتْل أخيهِ فقُتِلَا، وقُطع رأساهمُا وعلِقا في عُنُقهِ، فسُمعَ أبو بِشْر وهو يَقُول:[من مجزوء الرمل]

وَيْح دَهْري ما أمَرَّهْ

ما وَفَى خَيْرُهُ بشَرّه

وحَلَفَ أبو بشرٍ أنَّهُ بعدَما فَعَلَه بابْنهِ وأخيْهِ لا يُظْهر له شَيئًا من مَاله، وقال:

كُلّ مَنْ عندَهُ لي شيءٌ مُوْدعٌ

فهو في حلٍّ منه وسَعَة.

ونَدِم مَحْمُود على ما فَعَل، وأرادَ الرُّجُوع له، وأرْسَل إليه شَافِع بن الصُّوْفيّ أنْ يُقَرِّر عليه شَيئًا ويُطْلقه، فامْتَنع.

واتَّفَق أنَّ مَحْمُودًا اصطَبَح، وقُدِّم إليه طَعَامٌ بعد سُكْرِه، فأَنْفَذَ منه لأبي بِشْر مع فَرَّاشِه، فقام قائمًا وقبَّل الأرْضَ وشَكَرَ ودَعا. فعَرف ابنُ أبي الثُّرَيَّا، فرَكِبَ ولَيَ الفَرَّاشَ ودفَعَ إليه مائة دِيْنارٍ، وسَألَهُ أنْ يقُول لمَحْمُود: إنَّ هذا شَيْخٌ خرِفٌ لأنَّهُ لم يقبل طَعَام موْلَانا، وقال: كَافأه الله وعَجّل عليه! ففَعَل الفَرَّاشُ ذلك.

ودَخَلَ ابنُ أبي الثُّرَيَّا عَقيْبَهُ على مَحْمُود، وجارَاهُ في حَدِيث لا يَتَعلَّق بأبي بِشر، فلم يقبل عليه ووجده مملوءَ القَلْب غَيْظًا من جَواب الفَرَّاش، فقال ابنُ أبي الثُّرَيَّا: اللهُ لا يَشْغَلُ لمَوْلَانا خَاطِرًا، فما أرَاهُ مُنْبَسطًا في مَجْلِسِهِ، ولا مُصْغيًا إلى المَمْلُوك! فحدَّثَهُ بما قال الفَرَّاشُ، فقال: يا مَوْلَانا، لَم تَزَال إليهِ مُحْسِنًا، ويُقَابلُه بالإسَاءةِ، فكيف يكُونُ بعدَ ما جَرَى عليه وعلى ابنِهِ وأخيهِ ما جَرَى؟ وأنا أدْرَى أنَّك تُريد مالَهُ، وقد تَكرَّر قَوْله أنْ لا يُعْطيك شَيئًا. قال مَحْمُود: هذا سَيْفي وخَاتمي خَذْهمُا وامْضِ إليه، فإنْ لَم يُقِرَّ بشيءٍ فاقْتُله.

فقام ابنُ أبي الثُّرَيَّا من عنده بذلك، واشْتَغَل مَحْمُود بالشُّرْب فلَهِىَ عنهُ، وأحْضَر ابنُ أبي الثُّرَيَّا أبا بِشْر فلَم يُطَالبْهُ بمالٍ، بَلْ قال له: ما زلتَ تَتَجلَّدُ حتَّى صرْتَ إلى هذه الحال!؟ فقال: يا قَائِدَ السَّوء، قد عَلِمتُ أنَّ هذا كُلّه من

ص: 81

سَعْيك، والأجَلُ لا مَردَّ له، وهذا مَوْتُ الشُّهَدَاءِ، ولكن اسْتَعِدَّ لرِجْلكَ بحَبْلٍ، فسَتَمُوت ميْتَة الكِلَاب، وتُجَرّ جِيَفَتُكَ إلى الخَنْدَق. وقُتِلَ أبو بِشْر ورُمِي وَسْطَ بئر بُسْتَان القَصْر.

وصَعِدَ أبو نَصْر بن النَّحَّاسِ ثَاني يَوْم قَتْل أبي بِشْرٍ إلى خِدْمَة مَحْمُود، فقال له سِرًّا: تَمْضِي إلى أبي بِشْر لتَقْرير ما عليه ويُطْلَقُ، فقال: يا مَوْلَانا، وما قَتلتَهُ!؟ فأطْرَقَ مَحْمُود ساعةً ثُمَّ قال: تَمَّت عليه وعليَّ الحِيْلَةُ، ويَجبُ يا أبا نَصْر أنْ نَكْتُم هذا الأمْر. قال أبو نَصْر فما حَدَّثْتُ به إلَّا بعدَ مَوْتِ مَحْمُود.

ووَزَر ابنُ أبي الثُّرَيَّا لمحمُود، فلمَّا وَلِيَ نَصْرُ بن مَحْمُود حَلَبَ، أمَرَ بقَتْل ابن أبي الثُّرَيَّا، فقُتِلَ تحتَ القَلْعَة، وجُرَّ بحَبْلٍ على ما ذَكَرْناهُ في تَرْجَمَتِهِ

(1)

، وصَدَقَ فَألُ (a) أبي بِشْر.

نَقَلْتُ ذلك من خَطِّ الشَّريف مُحيى الدِّين أبي حَامِد مُحَمَّد ابن الشَّريف أبي جَعْفَر الهاشميِّ الحَلَبيِّ، رحمه الله.

‌أبو بَقِيَّة

(2)

رَاجِزٌ قَدِمَ مع المُتَوَكِّل حَلَب في سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن، وقال مُزْدَوَجَةً يَصِفُ فيها المَنَازِلَ من سَامَرَّاء إلى دِمَشق، أوَّلها:[من الرجز]

وليسَ مِن مَوْتكِ من مَنَاصِ

أمَا تَخَافينَ مِنَ القِصَاصِ

(a) الأصل: قال.

_________

(1)

ترجمة علي بن يوسف في أبي الثريا، أبو الحسن، في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 18، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 28: 1137 - 138.

ص: 82

وتَرْتَجينَ الفَوْزَ بالخَلَاصِ

فبَادِري بالطَّاعَةِ المَعَاصِي (a)

وهى طَويْلةٌ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو بَكْر

‌أبو بَكْر بن أحْمَد بن عليّ بن عَبْد العَزِيْز البَلْخيِّ السَّمَرْقنديّ الحنفِيّ الفَقِيه المعرُوف بالظَّهِيْر

(1)

أصْلُهُ من بَلْخ، وهو من أهْل سَمَرْقند.

فَقِيْهٌ فَاضِلٌ، مُفْتٍ على مَذْهَب الإمَام أبي حَنيْفَة رضي الله عنه، قرأ الفِقْه على الإمَام قُطْب الدِّين عليّ بن مُحَمَّد الإسْبِيْجَابيِّ بعد الخمسمائة، ودَرَّسَ الفِقْه بمَرَاغَة.

وقَدِمَ حلَبَ في أيَّام نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي رحمه الله، وأظُنُّه نَزَل بها بالمَدْرَسَة الحَلاوِيَّة، ومُدَرِّسُها إذ ذاك عَلاء الدِّين عبد الرَّحْمن الغَزْنَوِيِّ، ثمّ تَوَجَّه إلى دِمَشْق، وولِيَ التَّدْرِيس بها في الخِزَانَة الغَرْبيَّةِ من جَامع دِمشْق، ثمّ ولي التَّدْرِيس بمَسْجِد خَاتُون ظَاهِر دِمَشْق.

ووَقفتُ لهُ على كتاب ألَّفه في شرْحِ الجامع الصَّغير

(2)

، وهو كِتَابٌ حَسَنٌ في بابه، ووَقَف كُتُبه على المَدْرَسَة النُّورِيَّة الحَلاويَّة بحَلَب، ووجَدْتُ تاريْخ وَقْفهِ إيَّاها في شَوَّال سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة، وفي هذه السَّنَة

(a) ابن عساكر: من المعاصي.

_________

(1)

توفي سنة 553 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 80، تاريخ الإسلام 12: 79، القرشي: الجواهر المضية 4: 104 - 105، تاج التراجم 301 - 302، اللكنوي: الفوائد البهية 27 (وفيه: أحمد بن علي).

(2)

شرح على الجامع الصغير للشيباني، انظر حاجي خليفة: كشف الظنون 1: 562.

ص: 83

ماتَ بدمَشْق، ولاحَ لي بقَرَائن الحالِ أنَّهُ كان أوْدعَ كُتُبه بحَلَب عند الإمَام عَلاء الدِّين الغَزنَوِيّ مُدَرِّس الحَلاويَّة بحَلَب، فلمَّا حَضَرهُ المَوْتُ بدِمَشْق وَقَفَ كُتُبه على المَدْرسَةِ بحَلَب.

وقَرأتُ بخَطّه على ظَهْر كتابٍ من كُتُبه المَوْقُوفَة: رَأيْتُ فيما يرى النَّائم بمَرَاغَة، وأنا مُدَرِّسٌ بمَدْرَسَة الخلَيفَة، لَيْلَة الجُمُعَة أواخر ذي الحجَّة سَنَة سَبعٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، الشَّيْخَ الإمَامَ الزَّاهِدَ أبا بَكْر مُحَمَّد بن أبي سَهْلٍ السَّرْخَسيِّ رحمه الله، فنَاوَلني يَدَهُ اليُمْنَى فأخَذْتُها ومَسَسْتُها وقبَّلتُها، وقُلْتُ لهُ: اقْبَلني، فقال لي بالفَارسِيَّةِ: مَنْ أنْ تُوَم، فقُلتُ لَهُ: ومَنْ تُرَا زَانْ تُوَم، ثمّ أدْخَل طرفَ لِسَانه في فيَّ فامْتَصَصْتُه وابتلَعْتُ رِيْقَهُ، وقد أخَذَني وأسْنَدَني إلى حَائطٍ في مَسْجِد كبير وَاسع كأنَّهُ مَسْجِدُ الجَامع، وكان طَلْقَ الوَجْهِ أبْيَضَ أحْمَر، حَسَن العَيْنَيْن، خَفِيف اللِّحْيَة.

قَرأتُ بخَطِّ ظَهِيْر الدِّيْن أبي بَكْر السَّمَرْقنديّ، من شِعْره، على ظَهْر كتَابٍ من كُتُبهِ المَوْقُوفَة بالمَدْرَسَةِ الحَلاويَّةِ: وممَّا ظَهَرَ لي من أَمْرِ الشَّام أنْ قلتُ: [من الكامل]

الشَّامُ كامْرَأةٍ لها دَلٌّ بهِ

شُغِفَ الرِّجالُ وإنَّها حَسْنَاءُ

فاقْنع بِذاكَ وخَلِّهَا بقِناعِهَا

لا تكْشِفَنَّ فإنَّها قَرْعَاءُ

وقَرأتُ أيضًا بخَطِّه على ظَهْر كتابٍ من الكُتُب المَوْقُوفَة بَيْتَيْن من شِعْره هُما

(1)

: [من السريع]

يا زَائِدًا في أكْلِهِ لَقْمَةً

أسْقَمْتَ جسْمًا سَالمًا بالتُّخَمْ

فيا لَها مِن لُقْمَةٍ أسْقَمَت

جِسْمًا ورَدَّتْ عِدَّةً من لُقَمْ

(1)

البيتان في الجواهر المضية 4: 104.

ص: 84

أخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانِيِّ ونَقَلْتُه أنا من خَطِّ السَّمْعَانِيِّ، قال: وقال عُمَرُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد النَّسَفِيِّ: الْتَمَس الإجَازَة منِّي الإمَام أبو بَكْر بن أحْمَد البلخِيُّ السَّمَرْقَنْديّ بهذه الأبْيَات

(1)

: [من الطّويل]

أيا مُقْتَدَى الأيَّام يا ذَا العُلَا عُمَر

وَقَاكَ حَفِيْظُ الخَلْقِ مِن شُبْهَةِ الضَّرَرْ

أَجِزْ لأبي بَكْرِ بنِ أحْمَدَ مُفْضِلًا

وبدِّلْ لَهُ بالأجْرِ بالصَّفْوَةِ الكَدَر

جَمِيعَ الّذي صنَّفْتَهُ وسَمِعْتَهُ

وخُذْ صَالِحَ الدَّعْوَاتِ ظُلْمَةِ السَّحَرْ

قال: فكَتَبْتُ إليه: [من الوافر]

أَجَزْتُ لسَيِّدِي وفَريدِ عَصْري

أبي بَكْرِ بنِ أحْمَدَ ما ابْتَغَاهُ

على شَرْطِ التَّحَرُّزِ والتَّوَقِّي

وذِكْري بالدُّعَاء كما حَكَاهُ

أُجِيْبَ دُعَاؤُهُ فِينا وفيهِ

وفي الدَّارَيْنِ تَمَّ لَهُ مُنَاهُ

أنْبَأنَا أبو البَرَكاتِ الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعِيّ

(2)

، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أبو بَكْر السَّمَرْقنديّ الحَنَفِيّ الفَقِيه المَعْرُوف بالظَّهِيْر، قَدِمَ دِمشْق، وأقامَ بها مُدَّةً، وعُقِدَ لَهُ مَجْلِسُ التَّدْرِيسِ في الخِزَانَة الغَرْبيَّةِ (a) بشَامٍ من جَامِع دِمَشْق الّتي جُعِلَتْ مَسْجِدًا، ثمّ فُوِّضَ إليهِ التَّدْرِيسُ بمَسْجِد خَاتُون إلى أنْ ماتَ بدِمَشْق لَيْلَة الاثْنَين، ودُفِنَ يَوْم الاثْنَين الثَّالث والعِشْرين من شَوَّال سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة.

(a) في تاريخ ابن عساكر: الشرقية.

_________

(1)

الأبيات الثلاثة والجواب عليها في الجواهر المضية 4: 105.

(2)

تاريخ ابن عساكر 66: 80.

ص: 85

‌أبو بَكْر بن أنَس بن مَالِكٍ الأنْصَاريّ البَصْرِيّ

(1)

غَزَا الرُّومٍ واجْتازَ بِدَابِق، وقَدِمَ على أبيهِ أنَس بن مَالِك رضي الله عنه، وحَكَى له حِكايَة حَكاها عنه ثَابِتٌ البُنَانِيّ.

أخْبَرَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد البَغْدَاديُّ قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنَا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللّه الشَّافِعِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن الحَسَن بن عَبْدِ الجبَار، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن الصَّبَّاح البزَّار (a)، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاقُ ابن بنت دَاوُد بن أبي هِنْد، قال: أخْبَرَنَا عَبَّاد بن رَاشدٍ البَصْرِيّ، عن ثَابِتٍ البُنَانِيّ، قال: كُنْتُ عند أنَسِ بن مَالِكٍ، وقَدِمَ علينا ابن له من غَزَاةٍ له، يُقال له أبو بَكْر، فسَائلَهُ فقال: ألَا أُخْبرُكَ عن صَاحِبنا فُلَانٍ، بينا نحنُ قَافِلين في غَزَاتنا إذ ثَارَ وهو يَقُول: وَا أهْلَاهُ (b) ! فثُرنا إليهِ وظَنَنَّا أنَّ عَارِضًا عَرضَ له، فقُلْنا: ما لكَ؟ فقال: إنِّي كُنْتُ أُحَدِّثُ نفْسِي أنْ لا أتَزَوَّجَ حتَّى أُسْتَثْهَد فيُزَوِّجَني اللّهُ تعالى من حُوْر العِيْن، فلمَّا طالَتْ عليَّ الشَّهَادَةُ، قُلْتُ في سَفَري هذا: إنْ رجَعْتُ هذه المرَّة تَزَوَّجت، فأتَاني آتٍ قُبَيْل في المَنَام، فقال: أنتَ القَائِل إنْ رَجَعْتُ تَزَوَّجت؟ قُمْ فقد زَوَّجَكَ اللّهُ العَيْنَاءَ، وانْطَلَق بي إلى رَوْضَةٍ خَضْراءَ مُعْشِبَة فيها عَشْرُ جَوَارٍ، بيَد

(a) الأصل: البزاز، ومثله في الغيلانيات، وتقدمت ترجمته في الجزء الخامس من هذا الكتاب، وانظر الرواية في تاريخ ابن عساكر 66: 20، وتهذيب الكمال 33: 86 - 87.

(b) قوله "وا أهلاه" جاء مكررًا في الغيلانيات.

_________

(1)

توفي بعد سنة 100 هـ، وترجمته في: الأسامي والكنى للحاكم 2: 251، العجلي: تاريخ الثقات 492، تاريخ ابن عساكر 66: 18 - 20، تهذيب الكمال 33: 85 - 88، تاريخ الإسلام 3: 185، تهذيب التهذيب 13: 33 - 34، تقريب التهذيب 2:396.

(2)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي) 305 - 306.

ص: 86

كُلّ واحدةٍ صنْعَةٌ تَصْنَعُها، لم أَرَ مثلَهُنَّ في الحُسْن والجَمَال، فقُلتُ: فيكُنَّ العَيْنَاءُ؟ فقُلْن: نحنُ من خَدَمها، وهي أمَامَك، فَمَضَيْتُ فإذا رَوْضَةٌ أَعْشَبُ من الأُوْلَى وأحْسَنُ، فيها عِشْرونَ جَارِيَةً، في يَدِ كلِّ جَارِيَة (a) صنْعَة تَصْنَعُها ليس العَشْرُ إليهنَّ بشيءٍ من الحُسْن والجَمَال، فقُلتُ: فيكُنَّ العَيْنَاءُ؟ قلن: نحنُ من خَدَمها وهي أمامَك، فإذا أنا بِرَوْضَةٍ وهي أعْشَبُ من الأُوْلَي والثَّانيَةِ في الحُسْن والجَمَالِ (b)، فيها أرْبُعونَ جَارِيَةً في يَدِ كُلّ واحدةٍ منهُنَّ صنْعَةُ تَصْنَعُها ليسَ العَشْرُ والعشرُونَ إليهنَّ بشيءٍ في الحُسْنِ والجَمَالِ، قُلتُ: فيكُنَّ العَيْنَاءُ؟ قُلن: نحن من خَدَمها، وهي أمَامكَ، فَمَضَيْتُ فإذا أنا بيَاقُوتةٍ مُجَوَّفَة، فيها سَرِيرٌ، عليه امْرَأة قد فضَل جَنْبَاها السَّرير، قُلتُ: أنتِ العَيْنَاء؟ قالت: نَعَم، مَرْحَبًا، فذَهَبْتُ أضَعُ يَدِي عليها، قالت: مَهْ! إنَّ فيك شَيئًا من الرُّوْح بَعْدُ، ولكن تُفْطِرُ عندَنا اللَّيْلة، قال: فانْتَبَهْتُ (c)، قال: فما فَرَغ الرَّجُل من حَدِيثه حتَّى نَادَى المُنَادِي: يا خَيْلَ اللّهِ ارْكَبِيّ، قال: فركِبنا فصَافَّنَا العَدُوّ، قال: فإنَّنِي لأنْظُر إلى الرَّجُل وأنْظُر إلى الشَّمْس وأذْكُرُ حَدِيثَهُ فما أدْرِي رَأسُه سَقَط أم الشَّمْسُ سَقَطَتْ.

أنْبَأنَا حَسَن بن أحْمَد الصُّوْفِيّ، عن الحافِظ أبي طَاهِر، قال: أخْبَرَنَا ثَابِت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنَا الحُسَيْن بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنَا الوَلِيد بن بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صَالِح بن أحْمَد بن عَبْد اللّه العِجْليّ، قال: حَدَّثَنِي أبي

(1)

، قال: وأبو بَكْر بن أنَس [بن](d) مَالِك بَصْرِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ.

(a) كتب فوقها في الأصل: "صـ"، وكتب الهامش: واصدة، وهي - أعني: واحدة - رواية الغيلانيات، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر 66: 20، وتهذيب الكمال 33:86.

(b) لم ترد في الغيلانيات.

(c) الغيلانيات: فانتهت.

(d) ساقطة من الأصل.

_________

(1)

تاريخ الثقات 492.

ص: 87

‌أبو بَكْر بن أيُّوب بن شَاذِي المَلِك العادِل سَيْف الدِّين

واسْمُه مُحَمَّد، وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ في المحمَّدين

(1)

من هذا الكتاب.

‌أبو بَكْر بن جُمْهُور

كان من المُجَاهِدين بطَرَسُوس، وقرأ القُرْآن على أبي بَكْر بن مُجَاهِد، وحَكَى عنه.

وَقَعَ إليَّ مُجَلّد فيه أجْزاء تتضمّن أخْبَارًا وحِكَايَاتٍ عن أبي نَصْر إبْراهيم بن عليّ بن عِيسَى بن الجراح، فقَرأتُ في بَعْضها ممَّا هو مُلْحقٌ بها، وليس بإسْنَادٍ: قال أبو بَكْر بن جُمْهُور، وكان ممّن يلزم طَرَسُوس ويُوَاصِل الغَزْو: كُنْتُ بين يَدَي أبِي بَكْر بن مُجَاهِد، رحمه الله، حتَّى جاءه رَجُلٌ يُريد القِراءَهً عليه، فوجَده يُقْرئ رجُلًا قد تقَدَّمه، فجلسَ في ناحيةٍ من الحَلْقَةِ، فلمَّا فَرغ الأوَّلُ، قام فجلَسَ مَوضِعَهُ، ثُمّ ابْتَدأ يَقْرأ الحَمْد، وأرَادَ أنْ يَقْرأ أوّلَ سُوْرة البَقَرة، فلمَّا قال:{الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ}

(2)

قال له أبو بَكْر حتَّى تُتمّ الخَتْمَة الأوَّلَة ثمّ تَقْرأ غيرها، فقال الرَّجُل: وأيّ خَتْمَة يا أُسْتَاذ؟ قال: الّتي بلغْتَ منها إلى عَبَس، فاحْتَشَم الرّجُل، ونَهَضَ وقَرأ غيره، فسَألَهُ سائِلٌ عن الحَدِيْث، فقال: هو واللّهِ كما قال، ابْتَدأتُ عليه خَتْمَةً مُنذ ثَلاث عَشرة سَنَةً ولَم أفْرَغ منها، وبلغْتُ منها إلى عَبَس، وعَرَضَ لي سَبَبٌ فخَرَجْتُ إلى البَصْرَة، وطَالَتْ غَيْبَتِي فلم أقْدَم إلَّا في هذا الوَقْت.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وكانت وفاته سنة 615 هـ، وترجمته في: وفيات الأعيان 5: 74 - 79، تاريخ الإسلام 13: 453 - 461.

(2)

سورة البقرة، الآيتان 1 - 2.

ص: 88

‌أبو بَكْر بن حَمَّاد بن عليّ بن عَبْد الله الحَلَبِيِّ

شَاعِرٌ كَتَبَ عنهُ أبو البَرَكَات بن المُسْتوفِيِّ أبْيَاتًا من شِعْره، وذَكَرهُ في تاريْخ إرْبِل

(1)

، بما أجَازَهُ لنا، قَال: أبو بَكْر بن حَمَّاد بن عليّ بن عَبْد الله الحَلَبِيِّ، اجْتَمَعْتُ به في مَنْزِلي بإرْبِل في ثاني شَهْر رَبيع الأوَّل من سَنَة اثْنَتَيْن وعِشْرين وسِتِّمائة، وأنْشَدَني لنفسِه أَبْيَاتًا عَملها على الفُرَات:[من الطّويل]

ويَوْمٍ مَرَرْنا بالفُرَاتِ وجَمْعُنا

كِرَامٌ وأوْقَاتُ السُّرُور تُسَاعِدُ

نَزَلنا بها والماءُ يرقُصُ ضَاحِكًا

نَرَى العَيْشَ صَفْوًا والغَرَامُ فَرَائدُ

وأمْوَاهُها تَجْري كدَمْعِ مُوَلَّهٍ

رَمَاهُ بفَقْدِ الإِلْفِ دَهْرٌ مُعَانِدُ

‌أبو بَكْر الدُّقِّيّ

(2)

اسْمُه مُحَمَّد بن دَاوُد، دَخَل الثَّغْر، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(3)

.

‌أبو بَكْر بن الضَّحَّاك بن قيسٍ بن خَالِد بن وَهْب بن ثعلَبَة الفِهْريُّ

وقد تَقَدَّمَ نَسَبُه في تَرْجَمَةِ أبيهِ

(4)

، كان في صُحبَة سُليْمان بن عَبْد المَلِك بِدَابِق، وحَكَى عن وَفَاتِهِ.

(1)

لم أقف على ذكره في المتبقي من تاريخ إربل.

(2)

توفي سنة 360 هـ، وترجمته في: طبقات الصوفية للسلمي 448 - 450، تاريخ بَغْدَاد 3: 172 - 174، السمعاني: الأنساب 5: 364 - 365، المنتظم 14: 309 (وفيه مصحفًا: الزقي)، تاريخ الإسلام 8: 154، ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار 8: 155 - 158، الوافي بالوفيات 3: 63، ابن الملقن: طبقات الأولياء 306 - 310، المقريزي: المقفى الكبير 5: 648.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

ترجمة والده الضَّحاك بن قيس بن خَالِد الفهري في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 89

قَرَأتُ في كتاب الوَصَايَا لأبي حَاتِم سَهْل بن مُحَمَّد السِّجِسْتَانِيّ

(1)

، قال: حَدَّثُونا عن أبي بَكْرِ بن الضَّحّاك بن قيسٍ الفِهْريّ، قال: شَهِدْنا مع سُليْمان عَبْدِ المَلِكِ جنَازَةَ رجُل من قُرَيْشٍ، فجَلَسْتُ قَرِيبًا منه، فأخَذَ حفْنَةً من تُرَابٍ، فقَبَضَ عليها، ثمّ أرْسَل أصَابعَهُ، وبَسَطَ كَفَّيْهِ والتُّراب فيها، ثُمَّ قال: إنَّ هذا لمِدْفنٌ (d) طَيِّبُ! قال: فواللهِ الّذي لا إله غيرُه ما أت له جُمعة حتَّى دَفَنَّاهُ إلى جَنْب القُرَشِيّ، ليس بينهما أحَدٌ.

‌أبو بَكْر بن عُثْمان بن قَجْمَك السَّلَّوْرِيُّ المَنْبِجِيُّ الحَنَفِيُّ

(2)

فَقِيْهٌ حَنَفِيّ المَذْهَب، عَارِفٌ بالفِقْه، صَالِحٌ، وَرِعٌ، تُرْكُمَانِيٌّ من خَيل سَلَّور (b)، من تُرْكُمَان بَلَد (c) مَنْبج، سَكَنَها، واشْتَغَل بالفِقْه، وَسَمِعَ الحَدِيْث بها من القَاضِي رَافِع الفَايَوِيّ (d). وروى لنا عنْهُ بحَلَب أمَالي الإمَام بُرْهَان الدِّين البَلْخِيّ في سَنَة ثَمانٍ وعشرين وسِتّمائة في جُمَادَى الأُوْلَى، وسَألتُه في هذا التَّاريخ عن مَوْلدِه، فقال: لي ثَمانيةٌ وستون سَنَةً تقدِيرًا.

وكان لهُ شِعْرٌ مُتَوسِّطٌ، وكان مَشْغُوفًا به وبنَثْره أيضًا، يَعْرِضُهما على النَّاسِ، مُسْتَحْسِنًا لهما.

أخْبَرَنَا بَدْر الدِّين أبو بَكْر بن عُثْمان بن قَجْمَكَ السَّلَّوْرِيّ الفَقِيه بحَلَب، قال: أخْبَرَنَا القَاضِي [

] (e).

(a) السِّجِسْتَانِيّ: إن هذا المدفن.

(b) كذا في الأصل، وفي وفيات الأعيان 7: 170 في ذكر الأمير حسام الدين طمان أنَّه من جَبَل سلور بحَلَب، ولم أقف على نسبته على الوجهين.

(c) الأصل: يلد.

(d) تقدمت نسبته: الفايانيّ، وانظر ترجمة رافع بن عبد اللّه الفاياني (الجزء الثامن).

(e) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر أربعة أسطر من هذه الصفحة، وسطرين من التي تليها، وقد تقدمت لابن العديم الرواية عنه في ترجمة شيخه رافع بن عبد اللّه الفاياني أو الفايويّ، انظر الجزء الثامن من هذا الكتاب.

_________

(1)

المعمرون والوصايا 165.

(2)

كان حيًا سنة 628 هـ.

ص: 90

أنْشَدَنِي الفَقِيهُ أبو بَكْر بن عُثْمان المَنْبِجيّ لنَفْسِه بحَلَبَ: [من الطّويل]

إذا اخْتَرْتَ أنْ تَحْيَا فَمُتْ عَنْ عَوَائقٍ

مِنَ الحسِّ خَمْسٍ ثُمَّ عن مُدْرَكاتِها

وقَابِلْ بوَجْهِ العَقْل عَالَمَ قُدْسِهِ

فَذاكَ حَيَاةُ النَّفْسِ عِندَ مَمَاتِها

تُوفِّي الفَقِيه بَدْر الدِّين أبو بَكْر بن عُثْمان بمنبج [

] (a).

‌أبو بَكْر بن عُمَير الجُرْجَانِيّ

سَمِعَ بأنْطَاكِيَة القَاسِمِ بن أحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ، وبحَلَب سَيَّار بن نَصْر بن سَيَّار.

رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن إبْراهيم الإسْمَاعِيْليّ، وقد سُقْنا عنه حَدِيثًا رَوَاهُ عن القَاسِمِ في تَرْجَمَةِ القَاسِمِ

(1)

من هذا الكتاب.

أنْبَأْنَا أبو حَفْص المُكْتِبُ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِمِ بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِمِ إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِمِ حَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنَا الإسْمَاعِيْليّ، قال: حَدَّثَنِي أبو بَكْر بن عُمَيْر، قال: حَدَّثَنَا سَيَّار بن نَصْر بن سَيَّار البَزَّار (b) البَغْدَاديّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن أيُّوب الطَّالقَانيِّ، قال: حَدَّثنا سَهْل بن عبد الرَّحْمن الجُرْجَانِيّ، لَقِيتُه بالبَادِيَة بسُوق فَيْد، عن مُحَمَّد بن مُطَرِّف، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن عُرْوَة بن الزُّبَيْر، عن أبي هُرَيْرَة، قال: قال رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: اسْتَعِينُوا على الحَوَائِج بكتْمَانِها فإنَّ لِكُلِّ نِعْمَة حَاسِدًا.

(a) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، وورد في ثنايا التَرْجَمَة أنَّه كان على قيد الحياة في سنة 628 هـ، وكانت سنه إذ ذاك نحو 68 عامًا.

(b) في تاريخ جرجان: البزاز.

_________

(1)

ترجمة القَاسِم بن أحْمَد البغدادي في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

تاريخ جرجان 223، ولم أقف على تخرج الحَديث بهذا الإسناد عند غيره.

ص: 91

‌أبو بَكْر بن مُحَمَّد بن عليّ بن مَغْفَل الأسَدِيُّ الطِّيبِيُّ

من أهْلِ القُرآن، فَقِيْرٌ حَسَن السَّمْت، من أهْلِ الطِّيْب

(1)

، وعندَهُ فَضْلٌ وخَوْضٌ في شيءٍ من كلام أرْبَاب الطَّرِيقَة، قَدِمَ علينا حَلَب، ونَزَل في المَسْجِد المَعْرُوف بنا، وكان حلو الكَلَام والمُحاضَرَة، وما كان خاليًا من التَّصَنُّع.

أنْشَدَني أبو بَكْر بن مُحَمَّد بن مَغْفَل الطِّيبِيّ في شهر رَمَضَان من سَنَة إحْدَى وثَلاثين وستِّمائة بمَسجِدنا بحَلَب، قال: أنْشَدَني البَحْرَانِيُّ الشَّاعرُ لنَفْسِه بالمَوْصِل في سَنَة خَمْسٍ وعشْرين تقدِيرًا: [من الطويل]

يَظُنُّ نُحُولي ذُو السَّفَاهَةِ والغَبَا

غَرَامًا بهِنْدٍ واشْتِيَاقًا إلى دَعْدِ

ولَم يَدْر أنِّي ماجدٌ شَفَّ جِسْمَهُ

لِقاءُ هُمُوم خَيْلُها أبدًا تُرْدِي

عَدِمْتُ فُؤَادًا لا يَبيتُ وهَمُّهُ

كِرَامُ المَسَاعِي وارْتِقَاءٌ إلى المَجْدِ

خَلِيليَّ ما دَارُ المَذَلَّةِ فاعْلَما

بدَارِي ولا من ما أعدَادها وِرْدِي

ولا ليَ في أنْ أصْحَبَ النَّذْلَ حَاجَةٌ

لصِحَّةِ عِلْمي أنَّهُ جَرَبٌ يُعْدِي

‌أبو بَكْر بن مَسْعُود بن أحْمَد الكَاسَانِيُّ، الإمَامُ عَلاء الدِّين

(2)

أمير كَاسَان، بلدَة من وراء النَّهْر من بلاد التُّرْك.

أقام ببُخَارَى، واشْتَغَل بها بالعِلْم على شَيْخه الإمَام عَلاءِ الدِّين مُحَمَّد بن أبي أحْمَد السَّمَرْقنديّ، وقَرأ عليه مُعْظَم تَصَانيفه مثل: التُّحْفَة في الفِقْه، وشَرْح

(1)

الطيب: بليدة بين واسط وخوزستان، أهلها نبط. معجم البلدان 4: 52 - 53.

(2)

توفي سنة 587 هـ، وترجمته في: الأعلاق الخطيرة لابن شداد 1/ 1: 268 - 269، الجواهر المضية للقرشي 4: 25 - 28 (واقتبس بعضها من ابن العديم)، ابن قطلوبغا: تاج التراجم 294 - 296 (واقتبس فيها من ابن العديم)، اللكنوي: الفوائد البهية 53، كشف الظنون 1: 371 (ذكر له كتاب: تحفة الملوك؛ وهو مختصر في الطب)، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 286 - 289، الزركلي: الأعلام 2: 70.

ص: 92

التَّأويْلات في تفسِير القُرآن العَظِيم، وغيرهما من كُتُب الأُصُول، وسَمِعَ منه الحَدِيْث، ومن غيره، وبَرَع في عِلْمي الأُصُول والفُرُوع.

وزوَّجَه شَيْخه السَّمَرْقنديّ بابْنَته فاطِمَة الفَقِيهَة العَالِمَة، وخَرَجَ بها معه إلى بلادِ الرُّوم، وكان مُحْتَرَمًا بها، فجَرَى بينَهُ وبين فَقِيْهٍ من كِبَار الفُقَهَاء كلامٌ، فرَفَع الكَسَانِيُّ المِقْرَعَة على ذلك الفَقِيه، وتأذَّى مَلِكُ بلادِ الرُّوم من ذلك ولَم يَقُل له شيئًا، وكان يرْكبُ الحِصَان إلى أنْ ماتَ، وله رُمْح يَصْحبه في الحَضَر والسَّفَر، وعنده نَخْوة الإمَارة، وعزَّة النَّفْسِ.

وسُيِّرَ من الرُّوم رَسُولًا إلى حَلَب إلى نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فعَرَض عليه المقام بحَلَبَ والتَّدْرِيس بالمَدْرَسَة الحَلاويَّة، فأجابَهُ إلى ذلك، ووَعَدَهُ أنْ يَعُود إلى حَلَب بعد رَدِّ جَوَاب الرِّسَالَةِ، فعاد إلى الرُّوم وأعاد الجَوَاب على مَلِك الرُّوم.

ثُمَّ قَدِمَ حَلَب، فأكْرَمهُ نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، ووَلَّاهُ التَّدْرِيس بالمَدْرَسَةِ الحَلاويَّة المَعْرُوفة بمَسْجِد السَّرَّاجين، وفَوِّضَ إليه نَظَرها، وزَاوِيَة الحَديْث بالشَّرْقيَّة بالمَسْجِد الجَامِع، فحَدَّثَ بالزَّاويَة المَذْكُورة عند خِزَانَة الكُتُب، ودَرَّس بالمَدْرَسَة المَذْكُورَة وبالجَاوَليَّة، وكان حَرِيْصًا على تَعْليم العِلْم، ونَفْع الطَّلَبَة.

وكان فَقِيْهًا، عَالمًا، صَحيْح الاعْتِقَادِ، كَثِيْر الذَّمّ للمُعْتَزِلة وأهل البدَع، يُصَرِّح بشَتْمهم ولعنهم في درُوسِهِ.

وصَنَّفَ كُتُبًا في الفِقْه والأُصُول؛ منها كتَابه في الفِقْه الّذي وَسَمَهُ ببَدَائع الصَّنَائع في تَرْتيب الشَّرَائع، رَتَّبه أحْسَن تَرْتيب، وأوْضَح مُشْكلاته بذِكْر الدَّلائل في جَمِيع المَسَائِل، ومنها كتابه الّذي وَسَمَهُ بالسُّلْطانِ المُبِيْن في أُصُول الدِّين، وكان مُوَاظِبًا على ذِكْر الدَّرْس، ونَشْر العِلْم.

ص: 93

حَدَّثَني وَالدِي، رحمه الله، قال: كان عَلاء الدِّين الكَاسَانِيّ كَثِيْرًا ما يَعْرِضُ له النِّقْرِس في رِجْلَيهِ والمَفاصِل، فكان يُحْمل في مِحَفَّة من مَنْزِله بالمَدْرَسَة، ويَخْرُج إلى الفُقَهَاءِ بالمَدْرَسَة، ويَذْكُر الدَّرْس ولا يمنَعُه ذلك الألَم من الأشْغَالِ، ولا يُخِلّ بذِكْر الدَّرْس.

وكانت زَوْجَته فَقيْهةً فَاضِلةً، تَحْفظ التحْفَة من تَصْنِيف وَالدها، وتَنْقل المَذْهَب، ورُبَّما وَهِم الشَّيْخ في الفَتْوَى في بعض الأحْيان، فتأخُذ عليه ذلك الوَهْم، وتُنَبِّهُه على وَجْهِ الصَّوَاب، فيَرْجع إلى قَوْلها.

وَسَنَذكُرها في حَرْف الفَاءِ فيمَن اسْمه فاطِمَة من النِّسَاء

(1)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالى.

أنْبَأنَا جَمَاعَةٌ من شُيُوخي عن الشَّيْخ الإمَام عَلاء الدِّين الكاسَانِيّ، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الإمَام الأجَلّ الأُسْتَاذ عَلاء الدِّين - يعني مُحَمَّد بن أبي أحْمَد السَّمَرْقَنْديّ - قال: حَدَّثَني الشَّيْخُ الإمَامُ أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن خِدَام البُخاريّ، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ القَاضِي الإمَام أبو عليّ الحُسَينُ بن الخَضِر بن مُحَمَّد النَّسَفِيّ، جَدِّي رحمه الله، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخ الإمَام الجلَيْل أبو بَكْر مُحَمَّد بن الفَضْل الكَاغَدِيّ، قال: حدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب الحارِثِيّ الشَّيْخُ الفَقِيهُ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إسْحَاق السِّمْنَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بنُ تَوْبَة القَزْوِينيّ، قال: حَدَّثَنَا إِمامُ المُسْلمِيْن مُحَمَّد بن الحَسَن الشَّيْبَانِيّ، رحْمَةُ الله عليه، قال: حَدَّثَنَا أبو حَنِيْفَة رحمه الله، قال: حَدَّثَنَا عَلْقَمَة بن مَرْثَد، عن ابن بُرَيْدَةَ، عن أَبيِهِ

(2)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ كان إذا بَعَثَ

(1)

ترجمتها في الجزء الضائع الخاص بتراجم النساء، وحفظ لنا القرشي جزءًا من ترجمتها في كتابه الجواهر المضية 4: 122 - 134، وأدرجنا نقله عن ابن العديم في الملتقط من الضائع (الجزء الحادي عشر).

(2)

سنن ابن ماجة 3: 953 (رقم 3858)، سنن أبي داود 3: 85 - 86 (رقم 3613)، السنن الكبرى للبيهقي 9:49.

ص: 94

جَيْشًا، قال: اغْزُوا بِسْمِ اللهِ، وفي سَبِيْلِ اللهِ، قاتِلُوا مَنْ كَفَرَ باللهِ، لا تَغُلّوا، ولا تَغْدروا، ولا تمَثُلُوا، ولا تقتُلُوا وَلِيدًا، وإذا حَاصَرْتُم مَدِينَةً أو حِصْنًا فادْعُوهم إلى الإسْلَام، فإنْ أسْلَمُوا فأخْبِروهُم أنَّهم من المُسْلمِيْن، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، الحَدِيْث.

أخْبَرَني الشَّريفُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عُمَر بن الحَسَن بن مُحَمَّد، البُخاريّ الأصْلِ (a)، الحَلَبِيّ المَوْلد والمَرْبَى، والشَّيْخُ نِظَام الدِّين مُحَمَّد بن عَتِيق الدِّيْبَاجِيّ الحنَفِيّ، قالا: قال الشّيْخُ الإمَام عَلاءُ الدِّين أبو بَكْر الكَاسَانِيّ في أوَّلِ اعْتِقَادِه، وسَمِعْنَاهُ منهُ: لا شَيء أرْضَى عند اللهِ تعالَى من هِدَايَةِ العبَاد إلى سَبِيل الرَّشَادِ، والإبانَة لهم عن المَرْضِيّ من الاعْتِقَاد، وهو اعْتِقَادُ السُّنَّة والجَمَاعَة؛ إذ به يُنَال خَيْر الدَّارَيْن، وسَعَادَةُ المَحَلَّين، فَمن تَمَسَّك بهِ، فقد اتَّبع الهُدَى، ومَنْ حَادَ عنه فقَد ضَلَّ وغَوَى، وذَكَرهُ إلى آخره.

(a) إلى هنا ينتهي السقط الحاصل في نسخة م.

ص: 95

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوفِيقِي

حدَّثني مُحِبُّ الدِّين مُحَمَّد بن مَحْمُود بن النَّجَّار الحافِظ، قال: سَمِعْتُ جَمَاعَةً يَحْكُون لي عن الإمَام عَلاء الدِّين الكَاسَانِيّ المُقِيْم بحَلَب: أنَّهُ كان أُقْعِدَ من رِجْليه لنِقْرِس عَرَضَ له فيها، فنَزَلَ إليهِ نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، ودَخَلَ إليه يَعُودُه، فتحرَّك عَلاء الدِّين الكَاسَانِيّ له، فظَنَّ نُور الدِّين أنَّهُ يُحَاول القيامَ له، فقال له بالفَارسِيَّةِ: بنشِي بنشِي؛ أي: اقْعُد لا تَقُم، فقال: يا مَوْلَانا بنشِي من اللهِ (a).

سَمعْتُ شَمْسَ الدِّين أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر، قال: قَدِمَ عَلاء الدِّين الكَاسَانِيّ إلى دِمَشْق، فحَضَرَ إليه الفُقَهَاءُ، وطَلَبُوا منه الكَلَام معهم في مَسْألَةٍ، فقال: أنا ما أتكلَّمُ في مَسْألَةٍ فيها خِلَافُ أصْحَابنا، فعيِّنُوا مَسْألَةً، قال: فعَيَّنوا مَسَائِل كَثِيْرةً، فجَعَل يَقُول: ذَهَبَ إليها من أصْحَابنا فُلَان، فلم يَزَل كذلك حتَّى إنَّهم لَم يَجدُوا مَسْألَةً إلَّا وقد ذَهَب إليها واحدٌ من أصْحَاب أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه، فانْفَضَّ المَجْلِسُ، وعَلِمُوا أنَّهُ قَصَدَ الغَضَّ منهم، فقالوا: إنَّهُ طَالِب فِتْنَة، فلم يَتَكلَّمُوا معه.

قُلتُ: وللشَّافِعِيّ رضي الله عنه مَسَائِل انْفَرد فيها لَم يَذْهب إليها أحدٌ من أصْحَابنا أصْلًا، كمَسْألَة المَخْلُوقَة من ماء الزَّاني ونَحْوها، فإنَّ الفُقَهَاء الّذين حَضَروا مع الكَاسَانِيّ تجَنَّبُوا الكَلَام فيها لظُهُور دَلِيْل أصْحَاب أبي حَنِيْفَة رَضِيَ اللهُ [عنهُ](b) فيها، وأرَادَ الكَاسَانيُّ أنْ يُلْجئَهم إلى تَعْيين مَسْألَةٍ من هذا النَّوع، فنَكَبُوا عن ذلك لهذا المَعْنَى، واللهُ أعْلَمُ.

(a) م: من الله تعالى.

(b) ساقطة من الأصل، والإضافة من م.

ص: 96

سَمِعْتُ الفَقِيه شَمْسَ الدِّينِ الخُسْرُوشَاهِيّ بالقَاهِرَة يقُول لي: لأصْحَابكم في الفِقْه كتابُ البَدَائِع للكَاسَانيّ، وقفتُ عليه، ما صَنَّفَ أحدٌ من المُصَنِّفين من الحنفِيَّة ولا من الشَّافِعيَّة مثْله، وجَعَل يُعَظِّمه تَعْظِيمًا. قال لي: ورَأيْتُه عند المَلِك النَّاصِر دَاوُد صَاحِب الكَرَك؛ أهْدَاهُ إليه بعض الفُقَهَاء الحنفِيَّة - وأظُنُّه قال: الشَّمْس نَجَا، أحَدُ المُدَرِّسين بدِمَشْق - فعَجِبْتُ ممَّن يكُون عندَهُ مثل ذلك الكتاب (a) ويَسْمَح بإخْرَاجِه من مُلكْه.

سَمِعْتُ النَّقِيْبَ السَّديْد دَاوُد بن عليّ البُصْرِاويّ يَقُول: كان الشَّيْخُ عَلاء الدِّين الكَاسَانِيّ لا يَرْكب إلَّا الحِصَان وبقُول: لا يرْكبُ الفَحْل إلَّا الفَحْل، وكان له رُمْح لا يُفَارقه، وكان شُجاعًا، قال لي: وكان لا يَأكُل عُمره كُلّه إلَّا اللَّحْم المَطْبُوخ بالماءَ والحِمَّص، رحمه الله.

سَمِعْتُ الفَقِيه جَمال الدِّين أبا السَّرَايَا خَلِيفَة بن سُلَيمان بن خَلِيفَة الكَاتِب، قال: كان عَلاء الدِّين الكَاسَانِيّ قد أقامَ في بلاد الرُّوم، فتَشَاجَرَ هو ورَجُل فَقِيْه يُعْرَفُ بالشَّعْرَانيّ ببلاد الرُّوم في مَسْألَة المُجْتَهدين هل هُما مُصِيْبان أم أحَدُهما مُخْطئ؟ فقال الشَّعْرَانيُّ: المنقُول عن أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه أنَّ كُلّ مُجْتَهد مُصِيْبٌ، فقال الكَاسَانِيُّ: لا؛ بل الصَّحيحُ عن أبي حَنِيْفَة أنَّ المُجْتَهدين: مُصِيْبٌ ومُخْطئٌ، والحقُّ في جِهَةٍ واحدةٍ، وهذا الّذي تَقُوله مَذْهَبُ المُعْتَزِلة، وجَرَى بينهما كَلامٌ في ذلك، فرَفَع عليه الكَاسَانِيُّ المِقْرَعَة، فشَكَى إلى مَلِك الرُّوم، فقال سُلْطانُ الرُّوم لوَزِيره: هذا قد افْتأَتَ على الرَّجُل فاصْرفه عنَّا، فقال الوَزِيرُ: هذا رَجُلٌ شِيْخٌ وله حُرْمَة، ولا يَنْبَغي أنْ يُصْرَف بل نُنْفذهُ رَسُولًا إلى نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي ونتَخَلَّصُ منه بهذا الطَّريق، فسُيِّر من الرُّوم رَسُولًا إلى نُور الدِّين إلى حَلَب.

(a) ساقطة من م.

ص: 97

وكان قَدِمَ الرَّضِي السَّرْخَسِيّ صَاحب المحيْط حَلَب ووَلَّاهُ نُور الدِّين المَدْرَسَة الحَلاويَّة بعد ولد العَلَاءِ الغَزْنَوِيّ، وكان في لِسَانه لُكْنَة، فتَعَصَّبَ عليه جَمَاعَة من الفُقَهَاءِ الحنفِيَّة بحَلَب، وصَغَّرُوا أمْرَهُ عند نُور الدِّين على ما ذَكَرْناهُ في تَرْجَمَتِهِ في (a) باب المُحَمَّدين

(1)

، فأوْجَبَ ذلك أنْ عُزِلَ عن التَّدْرِيس بها، وتَوَجَّه إِلى دِمَشْق، وكُوْتِبَ عَالي (b) الغَزْنَوِيّ في الوُصُول إلى حَلَب ليُوَلَّى تَدْرِيس المَدْرسَة، وكان بالمَوْصِل، واتَّفَق وُصُول الكَاسَانِيّ رَسُولًا من الرُّوم إلى نُور الدِّين، واحْتَرَمَهُ وأكْرَمَهُ، واجْتَمَع (c) فُقَهَاء المَدْرَسَة وطَلَبُوا من نُور الدِّين أنْ يُوَلِّيَهُ التَّدْرِيسَ بالمَدْرَسَةِ المَذْكُورة، فعَرَضَ نُور الدِّين عليهِ ذلك، فدَخَلَ المَدْرَسَة ورَآها فأعْجَبَتْهُ، وأجابَ نُور الدِّين إلى ما عرضَهُ عليه، وقال له: هذه الرِّسَالَة أمَانَةٌ معي، فإذا أعَدْتُ الجَوَابَ إليهم عُدْتُ بعد ذلك وقَدِمْتُ حَلَبَ، وكَتَبَ نُور الدِّين مَحْمُود خَطَّهُ لعَلاء الدِّين الكاسَانِيّ بالمَدْرَسَة، ورَجع الكاسَانِيّ وأعاد جَوَاب الرِّسَالَة، وعاد إلى حَلَب، ووَصَلَ الخبَرَ بوُصُوله، فخَرَجَ جَمَاعَةٌ عَظِيمَةٌ من الفُقَهَاءِ إلى لقَائه إلى باب بُزَاعَا.

قال لي خَلِيفَة: وكُنْتُ إذ ذاكَ صَبِيًّا صَغيرًا، فخَرَجْتُ مع وَالدِي فيمَن خَرَج، فعَهْدِي بالشَّيْخ (d) الكَاسَانِيّ والفُقَهَاء مُجْتَمعُون حوْله، وأقام ذلك اليَوْم بباب بُزَاعَا على عَزْم الدُّخُول صَبِيْحَة تلك اللَّيْلة، فجاءهُ في أثناءَ النَّهَار رَجُلٌ من الفُقَهَاء وقال له: عَبَرَ هَا هُنا رَجُلٌ شَيْخٌ فَقِيْهٌ، ومعهُ جَمَاعَة من الفُقَهَاء، وقالوا: هذا عَالِي الغَزْنَوِيّ، وقد جاءَ إلى حَلَب لأخْذِ المَدْرَسَة، فقال النَّجِيْب - يعني مُحَمَّد بن سَعْد الله بن الوَزَّان - وجَمَاعَة غيرُه من الفُقَهَاء للكَاسَانِيّ: المَصْلَحةُ أنْ

(a) ساقطة من م.

(b) م: علي.

(c) م: فاجتمع.

(d) الأصل، م: الشيخ.

_________

(1)

ترجمة مُحَمَّد بن مُحَمَّد رضي الدين السرخسيّ في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 98

نَقُوم ونَدْخُل (a) إلى حَلَب، فبَقى وقام وسَار فوَصَلَ حَلَب بُكْرة، وكان عَالي قد وَصَلَها العَصْر من اليَوْم المُتَقدِّم، ونزل بالحُجْرة، فوَصَلَ الكَاسَانِيّ ودَخَلَ المَدْرسَة والفُقَهَاء حَوْله، فأرْسَل الفُقَهَاء إلى عَالِي وقالوا له: تَقُوم وتَخْرُج لأجْل الشَّيْخ، فامْتَنعَ، فأعَادُوا له القَوْل ثانيًا، وقالوا: المَصْلَحة أنَّكَ تَخْرُج بحُرْمتك وإلَّا يَدْخُل مَنْ يُخْرجُكَ قَسْرًا بغير اخْتِيَارك، فلمَّا رَأى الجِدّ في ذلك خرَجَ من الحُجْرة ومَضَى إلى حُجْرهَ صَغِيرَةٍ كانت في جانب المَدْرَسَة، فنَزَلَها.

وكان نُور الدِّين إذ ذاك غائبًا عن حَلَب، فكُوْتِبَ في ذلك، فوَلَّى الكَاسَانِيّ المَدْرَسَة الكَبِيرة، وكان ابن الحَلِيم (b) مُدَرِّسًا بمَدْرَسَة الحَدَّادِين، فاسْتُدْعي إلى دِمَشْق، ووُلِّي مكانَهُ عَالِي الغَزْنَوِيّ.

قال لي (c) مُقَرِّب الدِّين أبو حَفْص عُمَر بن قُشَام: إنَّ الشَّريفَ النَّقِيْبَ أبا طَالِب - يعني أحْمَد بن مُحَمَّد - نَقِيْب العَلَويِّيْن بحَلَب، خَرَج وتَلقَّى الكَاسَانيّ، وحَرَّضَهُ على سُرْعة الوُصُول إلى حَلَب، وقال لي ابن قُشَام: لمَّا وَرَدَ الكَاسَانِيَّ في الرِّسَالَةِ من الرُّوم، وطَلَبَهُ (d) نُور الدِّين لتَدْرِيس المَدْرَسَة، أجاب إلى ذلك، وقال: أَعُود وأُؤدِّي جَوَاِبَ الرِّسَالَة ثُمَّ أرْجع، فَمضَى وبُسِطَت له سجَّادةٌ بالمَدْرَسَةِ، وكانت تُبْسَط كُلّ يَوْم ويَجْتَمع الفُقَهَاءُ حوْلها إلى أنْ قَدِم واسْتَقَلَّ بالتَّدْرِيس والنَّظَر.

قال لي (e) خَلِيفَة بن سُلَيمان: ولَم تَزَل حُرْمَةُ الكَاسَانِيّ تَعْظُم وتَزِيد، ويَرْتَفع أمْرُهُ عند نُور الدِّين ومَنْ بعْدَهُ من المُلُوك إلى أنْ تناقصَتْ في أيَّام المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين، فلَزم مَكانَهُ بالمَدْرَسَة، ثُمَّ عَظُم بعد ذلك أمْرُه عند المَلِك الظَّاهِر، وما زَالَ يَحْتَرمهُ إلى أنْ ماتَ.

(a) م: تقوم وتدخل.

(b) م: ابن الحكيم، أشتبهت على الناسخ حركة الفتح بالكاف، وانظر: الأعلاق الخطيرة لابن شداد 1/ 1: 268، في الكلام على المدرسة الحلاوية.

(c) ساقطة من م.

(d) م: وطلب.

(e) ساقطة من م.

ص: 99

وقال لي (a) السَّدِيْدُ النَّقِيْب دَاوُد البُصْرَاويّ: كان الكَاسَانِيُّ يَصْعَد إلى قَلْعَة حَلَب رَاكِبًا ويَنْزل حيثُ يَنْزل المَلِك الظَّاهِر، فاتَّفقَ أنْ صَعِدَ يَوْمًا والفُقَهَاء بأجْمَعهم بينَ يَدَيْهِ، فلمَّا وَصَلَ إلى باب القَلْعَة قام البَوَّاب وقال: يَدْخُل الشَّيْخُ، ويَرْجع الفُقَهَاء، فلَوَى الشَّيْخُ عِنَان حِصَانه وقال: يَرْجع الشَّيْخ أيضًا! فبَلغَ المَلِك الظَّاهِر، فأرْسَل (b) في الحال مَنْ أدْخَل الشَّيْخ والفُقَهَاء معه إلى أنْ نَزَل الشَّيْخ حيثُ يَنْزل، ودَخَلَ الشَّيْخُ والفُقَهَاءُ معه إلى مَجْلسهِ.

قُلتُ: ولمَّا تُوفِّي الكَاسَانِيّ، تولَّى المَلِكُ الظَّاهِرُ تَرْبية وَلدِه وكان صَبِيًّا، واسْتَخدَم عُتَقَاءه وولَّاهُم تَرْبية وَلَده بالقَلْعَة، واجْتَهد في إشْغَالِه بالفِقْه فلم يَنْجُب.

قال لي خَلِيفَةُ بن سُلَيمان: ماتَ عَلاء الدِّين الكَاسَانِيّ يَوْم الأَحَد بعد الظُّهْر، وهو عَاشِر رَجَب، في سَنَة سَبْعٍ وثَمانين وخَمْسِمائَة.

ثمّ قَرأتُ بخَطِّ خَلِيفَة على ظَهْر كتابٍ: تُوفِّي الأُسْتَاذُ الإمَامُ عَلاءُ الدِّين الكَاسَانِيّ ذو المَكَارِم أبو بَكْر بن مسْعُود عَاشِر رَجب بعد الظُّهْر سَنَة سَبْعٍ وثَمانين وخمْسِمائَة، وتَوَلَّى التَّدْرِيسَ بعدَهُ الأُسْتَاذُ الإمَامُ افْتِخار الدِّين في سَابِع عَشر رَجَب.

سَمِعْتُ ضِيَاءَ الدِّين مُحَمَّد بن خَمِيْس الوَكِيل المَعْرُوف بابنِ المَغْرِبيّ يَقُول: حَضَرْتُ الشَّيْخ عَلاء الدِّين الكَاسَانِيَّ عند مَوْتهِ، فشَرَع في قرَاءةِ سُوْرة إبْرَاهيم عليه السلام حتَّى انْتَهَى إلى قَوْلهِ تعالَى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}

(1)

فخَرَجَتْ رُوْحُه عند فرَاغه من قَوْلهِ {وَفِي الْآخِرَةِ} .

(a) ساقطة من م.

(b) م: فأرسل الملك الظاهر فأرسل!.

_________

(1)

سورة إبراهيم، من الآية 27.

ص: 100

قُلتُ: ودُفِنَ، رحمه الله، دَاخِل مَقَام إبْرَاهيم عليه السلام ظَاهِر (a) حَلَب، في قُبَّةٍ من شَماليْهِ كان دَفَنَ فيها زَوْجَهُ فاطِمَة بنت عَلاء الدِّين السَّمَرْقَنْديّ، ولَم يَقْطَع زيَارَة (b) قَبْرها كُلّ لَيْلَة جُمعة إلى أَنْ ماتَ رحمه الله، وزُرْتُ قَبْريهما في هذه القُبَّة المَذْكُورَة غير مَرَّة.

‌أبو بَكْر بن مُسْلِم العَابِد

(1)

صَاحِبُ قَنْطَرَة بَرَدَان، كان من أهْلِ طَرَسُوس، وبَرَدَان هو نَهْر طَرَسُوس.

سَمِعَ بطَرَسُوس أبا حَمْزَة الأسَلِيّ العَابد، حَكَى عنه الحُسَين بن شَبيْب الآجُرِّيّ الزَّاهِدُ، وحَكَى عنه أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّدُ بن الحَجَّاج المَرْوَرُّوذِيّ، وصَحِبَهُ الجُنَيْد بن مُحَمَّد.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عُمَر بن بُكَيْر المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ الفَحَّام، قال: حَدَّثَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد الصَّيْدَلانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْوَلُ بن مُحَمَّد بن الحَجَّاج المَرُّوذيّ (c)، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن شَبِيْب الآجُرِّيّ، وكان هذا من النُّسَّاك المَذْكُورين، قال: حَدَّثَنَا أبو حَمْزَة الأسَلِيّ (d) بطَرَسُوس، قال: حَدَّثنَا وَكِيعٌ، قال: حَدّثَنَا أبي وإِسْرَائِيل، عن

(a) م: داخل، وضرب عليه.

(b) ساقطة من م.

(c) كذا في الأصل، وفوقه:"صـ"، وفي م: المروزي، وتقدم المرورُّوذيّ، والمروزي: هي نسبة لمن ينتسب إلى مرو الشاهجان، والمروذي بالذال: فهي نسبة لمن هم من مرو الروذ، ويقال فيهم أيضًا: المرورُّوذي، والمثبت موافق لما عند الخطيب البغدادي.

(d) تاريخ بغداد: الأسلمي، وانظر ترجمته في الكنى ضمن هذا الجزء.

_________

(1)

توفي سنة 360 هـ، واسمه: مُحَمَّدُ بن مسلم بن عبد الرحمن، أبو بكر القنطري الزاهد، ترجمته في: تاريخ بغداد 4: 417 - 418، السمعاني: الأنساب 10: 500، ابن الجوزي: المنتظم 12: 162، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 195، النجوم الزاهرة 3:32.

(2)

تاريخ بغداد 8: 589 - 591، ونقله عنه ابن أبي يعلى الفراء في كتابه طبقات الحنابلة 2:67.

ص: 101

أبي إسْحَاق، عن عَبْدِ الله بن خَلِيفَة

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الكُرْسِيِّ الّذي يَجْلسُ عليه الرَّبُّ عز وجل، ما يفضُل منه إلَّا قَدْرَ أرْبَع أصَابِع، وإنَّ له أطِيْطًا كأطِيْط الرَّحْل الجَدِيْدِ.

قال أبو بَكْر المَرُّوذِيّ (a):[قال لي أبو علي الحُسَين بن شَبِيْب](b): قال لي أبو بَكْر بن مُسْلِم العَابِد: حين قَدِمْنا إلى بَغْدَاد أخْرَج (c) ذلك الحَدِيْثَ الّذي كَتَبْناهُ عن أبي حَمْزة، فكَتَبهُ أبو بَكْر بن مُسْلِم بخَطِّه وسَمِعْنَاهُ جَمِيعًا، فقال أبو بَكْر بن مُسْلم: إنَّ المَوضِع الّذي يَفْضُلُ لمُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ليُجْلِسَهُ عليه. قال أبو بَكْرٍ الصَّيْدَلانِيّ: منْ رَدَّ (d) هذا فإنَّما أرادَ الطَّعْنَ على أبي بَكْر المَرُّوذيّ (e)، وعلى أبي بَكْر بن مُسْلِم العَابِد.

أخْبَرَنا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن عُثْمان بن يُوسُف، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، وقد سَمِعْتُ منه غيره، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن النَّقُّور (f)، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ بن أحْمَد بن الفَضْل الأَزَجِيّ

(2)

، قال: حَدَّثنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن الحَسَن بن جَهْضَم، قال: سَمعْتُ مُظَفَّر بن سَهْل المُقْرئ يَقُول: قال أبو بَكْر أحمد بن مُحَمَّد (g) بن الحَجَّاجِ المَرْوَرُّوذِيّ: دَخَلْتُ على أبي بَكْر بن مُسْلم، صَاحِبِ قَنْطَرَة بَرَدَان، يَوْمَ عِيْدٍ، فوَجدْتُ عليه قَمِيْص مَرْقُوع نَظِيْفٌ مطْبَق، وقُدَّامهُ قليل

(a) الأصل: المروزي، بالزاي، م: الروزي، والمثبت كما تقدم، ومثل ما عند الخطيب.

(b) ما بين الحاصرتين إضافة من تاريخ بغداد وطبقات الحنابلة، توافق إسناد الرواية في أوّلها.

(c) م: أخر.

(d) م: من ورد.

(e) الأصل، م: المروزي، وفوقه في الأصل:"صـ"، وصوابه المثبت كما سلف.

(f) م: البقور.

(g) الأصل، م: مُحَمَّدُ بن أحمد، وصوابه المثبت كما تقدم في طالع الترجمة، وانظر تاريخ بغداد 4:418.

_________

(1)

أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية 1: 20 (رقم 3) عن عبد الله بن خليفة عن عمر، والمتقي الهندي: كنز العمال 6: 152 (رقم 15197).

(2)

انظر الخبر من طريق عبد العزيز الأزجي القرميسيني عند الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 4: 418.

ص: 102

من خَرْنُوب يقرضُه، فقُلتُ لَهُ: يا أبا بَكْر، اليَوْم عِيْدُ الفِطْر، وتَأكُل خَرْنُوبًا؟ فقال لي: لا تَنْظُر إلى هذا؛ ولكن انْظُر إلى أنَّهُ إنْ سَألني من أين هو؟ أيْش أقُول.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطيْف بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن أَحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ

(1)

، قال: وأمَّا أبو بَكْر بن مُسْلم، فَمن المُسْتأنسِيْن باللهِ لا يَنْفَكُّ من (a) مشَاهدَتِهِ ومُذَاكرتِهِ، وكان الجُنَيْدُ من تَلَامذَته.

‌أبو بَكْر بن نَوْفَل بن الفُرَات بن مُسْلِم الحَلَبِيُّ

رَوَى عن أَبِيهِ نَوْفَل بن الفُرَات، رَوَى عنهُ مَنْصُور بن أبي مُزَاحِم، وذكَرَ أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عُبْدوس الجَهْشِيَارِيّ في كتاب الوُزرَاء أنَّهُ كان من كُتَّاب المَهْدِيِّ

(2)

.

أخْبَرَنا عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ (b) بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(3)

، قال: حَدَّثنا أبو مُحَمَّد - يعني ابن حَيَّان (c) - قال: حَدَّثنا أحْمَد - يعني ابن الحَسَن (d) - قال: حَدَّثَنَا أحْمَد - يعني ابن إبْراهيم - قال: حَدَّثنا مَنْصُور بن بَشِير، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر - يعني ابن نَوْفَل بن الفُرَات - عن أَبِيهِ أنَّ عُمَر اسْتَعْمَل جَعْوَنَة (e) بن الحَارِث على مَلَطْيَة فغَنِم، أو أصَابَ وغَنِم، ووَفَد ابنُه إلى عُمَر، فلمَّا دَخَلَ عليه وأخْبَره الخَبَر، قال له عُمَر (f): هل أُصِيْبَ من المُسْلمِيْن أحَدٌ؟ قال: لا، إلَّا رُوَيْجِل، فغَضِبَ عُمَر وقال:

(a) الحلية: عن.

(b) م: أحمد.

(c) م: حبان.

(d) م: الحسين.

(e) م: معونة.

(f) من قوله: "فلما دخل

" إلى هنا سافط من م.

_________

(1)

حلية الأولياء 13: 309.

(2)

لم يرد له ذكر في نشرة كتاب الجهشياري.

(3)

حلية الأولياء 5: 334.

ص: 103

رُوَيْجلٌ! مَرَّتَين؛ تَجِيئُونَ بالشَّاةِ والبَقَرة ويُصَاب رَجُل من المُسْلِمِيْن! لا تَلِي لي أنْتَ ولا أبُوك عَمَلًا ما كُنْتُ حيًّا.

‌أبو بَكْر بن يُوسُف بن مُحَمَّد الحَكِيم الرَّسْعَنِيُّ المُلَقَّب بالتَّقِيّ

(1)

حَكِيمٌ فَاضِلٌ من أهْلِ رَأس عَيْن، مَهَر في عِلْمِ الطِّبّ، وشَذَا شَيئًا من الأدَب، وتموَّل ودَخَلَ إلى بلادِ الرُّوم، واتَّصَل بخِدْمة عَلاء الدِّين كَيْقُبَاذ بن كَيْخُسْرُو وحَظِي عنده، واتَّخذ بها أمْلَاكًا كَثِيْرة، ثمّ صار بعده مع وَلده غِيَاث الدِّين كَيْخُسْرُو، ثمّ بعده مع وَلَده كَيْكَاوُس، وأرْسَله إلى حَلَب إلى المَلِك النَّاصِر يُوسُف، وتَوَجَّه إلى مِصْر إلى المَلِك المُعَظَّم تُوْرَانشَاه، ثمّ عاد إلى مَخْدُومه، ثمّ جاء رَسُولًا إلى المَلِك النَّاصِر، وفي صُحْبَتهِ بنت عَلاء الدِّين زَوْج المَلِك النَّاصِر، فقَدِمَ معها حَلَب، وأحْضَرَها إليه إلى دِمَشْق، ودَخَلَ بها المَلِكُ النَّاصِر، وأعْطَاهُ عَطَاءً حَسَنًا، وذلك في سَنَة إحْدَى وخمْسِين وسِتِّمائة، وعاد إلى الرُّوم.

ثُمَّ أرْسَلَهُ كَيْكَاوُس إلى المَلِك النَّاصِر فقَدِمَ حلَبَ مُجْتَازًا، ونَفَذ إلى المَلِك النَّاصِر، ثمّ عاد، ثمّ قَدِمَ عليه رَسُولًا (a) حين طَرَق التَّتَار بلادَ الرُّوم، فقَدِمَ دِمَشْق، وأقام بها مُدَّةً.

ثُمَّ عَزَم على التَّوَجُّه إلى مِصْر ليَسِيْر في البَحْر إلى بلادِ الرُّوم، فسَيَّرَهُ المِصْرِيُّون في البَحْر لإبْرَام الصُّلْح بينهم وبين (b) المَلِك النَّاصِرِ، فقَدِمَ إلى دِمَشْق، واسْتَحْلَف لهم المَلِك النَّاصِر، ثمّ صَعِدَ إلى مِصْر، وحَضَر يَمِين صَاحِبها المَلِك المَنْصُور لمَلِك النَّاصِر، ثمّ عادَ إلى دِمَشْق فأقام بها مُدَّة.

(a) ساقطة من م.

(b) م: منهم ومن.

_________

(1)

توفي سنة 657 هـ.

ص: 104

وعَزم على التَّوَجُّه إلى مِصْر لانْقِطَاع الطُّرُق إلى الرُّوم، فوَرَد قَاصِدٌ من كَيْكَاوُس بكتابٍ إلى المَلِك النَّاصِر يَطْلبُ منه أنْ يُوجِّه إليه الحَكِيمٍ المَذْكُور، وأخْبَرَني القَاصِدُ المَذْكُور أنَّهُ لو وَصَلَ إليه قَتَله، فخَافَ خَوْفًا عَظيْمًا ومَرض، وكَتَبَ إلى الفِرنْج بالسَّاحِل يَطْلُب منهم أمانًا على نفسه ومَاله، فأجَابُوه إلى ذلك، وأقام مَرِيْضًا أيَّامًا، وتُوفِّيَ بدِمَشْق في شَهْر رَبيع الأوَّل من سَنَة سِبْعٍ وخمْسِين وسِتِّمائة، وأوْصَى أنْ يُتَصَدَّق عنه بثُلث مَالهِ، ويُسْتَفكَّ منه أُسَارى، وأسْنَد وَصِيَّتَهُ إلى الأَمِير جَمال الدِّين مُوسَى بن يَغْمُور. ووَصَلَ رَسُوله إلى الفِرِنْج بالأمَان له بعدَ مَوْتهِ، وأحْضَرهُ إليَّ.

وكان الحَكِيم المَذْكُور قد اجْتَمَع بي مِرَارًا، وكان حلو المَنْطق (a)، دَمِث (b) الأخْلَاق، وجَرَى بيني وبينه (c) مُذَاكَرَات، وأنْشَدَني عدَّة مُقَطَّعاتٍ من شِعْره؛ أكْثَرها هِجَاء، فلم أكْتُب عنه شيئًا.

وأنْشَدَني عِمَاد الدِّين علِيّ بن عَبْد الله بن التِّلِمْسَانِيّ بحَمَاة، قال: أنْشَدَني الحَكِيم تَقِيّ الدِّين أبو بَكْر الرَّسْعنِيّ لنَفْسِه، وكَتَبَها على باب شُبَّاكٍ بالجَوْسَق بحَمَاة:[من مجزوء الكامل]

انْظُر إلى أَثَر المُلُو

كِ يَرُعْكَ منهُ الرَّوْنَقُ

فالرَّسْمُ بعد الظَّاعنيـ

ن لسَانُ حَالٍ يَنْطقُ

عَمَرُوا القُصُورَ وعُمِّرُوا

وتَجَمَّعُوا وتَفَرَّقُوا (d)

وتأبَّدُوا زَمَنًا بها

ومَضَوا كأنْ لَم يُخْلَقُوا

_________

(a) الأصل، م: النطق.

(b) في الأصل وم: دمب، دبق!.

(c) م: مني ومنه.

(d) م: أو تفرقوا.

ص: 105

‌أبو بَكْر بن أبي الخَصِيْب المِصِّيْصيّ

رَوَى عن أحْمَد بن صالح، واسْمُه مُحَمَّد، وأظُنُّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن المُسْتَنِيْر، وجَدُّه أبو الخَصِيْب. وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو بَكْر بن أبي عليّ بن أبي سَالم التَّنُوخِيّ

(2)

المَعَرِّيّ (a) الأصْل، الحَلَبيّ المَوْلد والمنشَأ، السِّمْسَار في الخُضَر ببَاب الجنَان بحَلَب، وهو ابن أُخْت أبي العَلَاء بن أبي النَّدَى.

شَاعِرٌ حَسَن الشِّعْر، أدْرَكتُه بحَلَب، وحاضَرْتُه، وسَمِعْتُ منه شَيئًا من شِعْره وشِعْر غيره من المَعَرِّيّيْن، رَوَى لنا عن خاله أبي القَاسِم بن أبي النَّدَى، وعن أبي بَكْر المُجَلِّد النَّقِيْب بالحَلاويَّة، وكان سِمْسَارًا بدَار كُوْره بحَلَب.

سَألتُه في سَنَة خَمْسٍ وعشْرين وسِتّمائة عن مَوْلدِه، فقال: يكُون عُمري الآن أرْبَعةً وخَمْسِين أو خمْسَةً وخَمْسِين سَنَة، فيكُون موْلدُهُ على هذا في حُدُود السَّبْعين والخمسمائة.

وبَلَغَني أنَّهُ وَقَفَ بين يَدي المَلِك الظَّاهِر رحمه الله، وأنْشَدهْ قَصِيدَة من شِعْره في مَدحهِ، وكان ذلك من أوَّل نَظْمه الشّعْر، فلهَّا فَرغ من إنْشَادِه، قال: مَن هو هذا؟ فقيل: هو ابن أُخْتِ أبي العَلَاء بن أَبي النَّدَى، فقال له المَلِكُ الظَّاهِر: الخالُ لا يُوَرث.

أنْشَدَني أبو بَكْر بن أبي عليّ التَّنُوخِيُّ الحَلَبيُّ بها لنَفْسِه: [من الخفيف]

كُلّ يَوْمٍ أسَىً لقَلْبي المَشُوْقِ

واكْتِئابٌ على فِرَاقِ فَرِيقِ

(a) م: المصري، تصحيف.

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

توفي سنة 632 هـ.

ص: 106

حَمَّلُوني ثِقْلَ الغَرَام وقد كُنْـ

ـتُ لثِقْلِ الغَرَام غَيْرَ مُطيْقِ

يا رَفِيْقي رِفْقًا عليَّ فما ين

فَع ذا الوَجْدِ مثْلُ رِفْقِ الرَّفَيْقِ

إنْ يكُن يُطْلَقُ الأَسِيْر فما با

لُ فُؤِادِي المَشُوقِ غَيرُ طَلِيْقِ

أنا مُلْقىً ما بينَ قَلْبٍ حَرِيقٍ

مِن جَوَى لوعَتي وجَفْنٍ غَرِيقِ

لو رَأى حَالَتي عَدُوِّي لَمَا سُرّ

بها حالةً فكيفَ صَدِيْقي

وأنشدَني لنَفْسِه (a): [من الطويل]

وأسْمَرَ حَيَّاني عَشِيَّةَ زُرْتُهُ

بما اعْتُصِرَتْ مِن طَرْفه واحْورَارِهِ

سَقَاني بلَحْظِ العَيْن خَمْرًا شرَابُها

إلى اليَوْم عِندي فضْلَةُ مِن خُمارِهِ

لرُوَفَةُ لَحْظٍ أسْكَرتَنْي ولَم تكُنْ

سُلافةَ كأسٍ عُتِّقَت مِن عُقَارِهِ

فَبِتُّ أُسَقَّاها طِلًا ذاتَ سَوْرةٍ

تُفَرِّقُ ما بين الفَتَى واصْطِبَارِهِ

على وَرْدِ خدَّيهِ وسَوْسَنِ صُدْغِهِ

ونَرْجِسِ عَيْنَيْهِ وآسِ عِذَارِهِ

وأنشدَني لنَفْسِه وقال: هذه طَريْقَة سَلَكْتُها على نَهْج أبي العَلَاء بن سُلَيمان في اسْتَغْفر واسْتَغْفري

(1)

، أتعَمَّدُ في أوَّل الأبيات إلى كم، وتارةً كم:[من الهزج]

إلى كَمْ أيُّها اللَّاهِي

تَجَرِّيكَ على اللهِ

أتَسْهُو عن رِضَا مَنْ ليـ

ـس عن رِزْقِكَ بالسَّاهِ

ألَا يَنْهاكَ يا ذا الجَهْـ

ل عن عِصْيَانِهِ نَاهِ

أتَسْتمْسِكُ للنَّفْسِ

بدُنْيَا حَبْلُهَا وَاهِ

وتَمْشي مشْيَةَ المُخْتَا

ل في سِرْبَالِكَ الزَّاهِي

ولا تفكُرُ يا مَغْرُو

رُ في صَوْفِ الرَّدَى الدَّاهِي

(a) م: لنفسه أيضًا.

_________

(1)

استغفر واستغفري كتاب منظوم لأبي العلا المعري، مفقود، ضمنة عشرة آلاف بيت.

ص: 107

كُن الأوَّاهَ إنَّ الل

هَ يَهْوَى كُلَّ أوَّاهِ

ولا تُبْدِ لَهُ تْيهًا

فيَشْنَا كُلَّ تيَّاهِ

تُوفِّي أبو بَكْر السِّمْسَار التَّنُوخِيّ هذا بحَلَبَ في شَهْر ذي القَعْدَة من سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثين وستِّمائة.

‌أبو بَكْر بن أبي الفَتْح المَكِّيُّ

(1)

إمَامُ الحنفِيَّةِ بالحَرَم الشَّريف.

كان شَيْخًا حَسَنًا تَقِيًّا، حَنَفِيّ المَذْهَب، يَؤُمُّ بالحنفِيَّةِ بين يَدَي الحَجَرِ.

قَدمَ علينا حَلَب في سَنَة إحْدَى وستِّمائة وَافِدًا على المَلِك الظَّاهِر غَازِى، رحمه الله، مُسْتَرفِدًا، فوَصَلَهُ وأحْسَنَ قِرَاهُ، ورَجع إلى مكَّة حَرَمَها اللّهُ.

حَدَّثَ عن أبي مُحَمَّد المُبارَك بن عليّ بن الطَّبَّاخَ، نَزِيلُ مَكَّة. رَوَى (a) عنهُ دَاوُد بن سُلَيمان بن خَلِيل العَسْقَلانِيّ المَكّيّ.

وكُنْتُ اجْتَمَعْتُ بهِ بحَلَب حينَ قَدِمَها، وكان يَتَردَّد إلى وَالدِي وعَمِّي، رَحِمَهُما اللّهُ، ولم أسْمَعْ منه شيئًا.

وتُوفِّيَ بمَكَّة، حَرَسَها اللّهُ، في المحرَّم سَنَة عشْرين وستِّمائة، ودُفِنَ في المَعْلَاة، ووَلي وَلدُه إمَامَة الحنفِيَّةِ بعدَهُ.

(a) م: وروى.

_________

(1)

توفي سنة 620 هـ.

ص: 108

‌أبو بَكْر بن أبي مَرْيَم الغَسَّانِيُّ

واسْمُه عَبْد اللّه بن مُحَمَّد، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو بَكْر بن الأصْبَهَانِيّ المُقْرِئ ويُعْرفُ بأبي بَكْر الإسْكَافِ

(2)

أحَدُ أئمّةِ جَامع طَرَسُوس.

ذَكَرَهُ أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْدِ اللّه الطَّرَسُوسِيِّ، فيما نَقَلْتُهُ من خَطِّه، في كتَاب سِيَر الثُّغُور، في ذِكْر أئمَّة الجَامع بطَرَسُوس، بعد أنْ ذَكَرَ أبا حَفْص عُمَر بن الحَسَن المَوْصِليّ ثُمَّ قال: وكان أبو بَكْرٍ الإسْكَاف المُقْرِئ تَقَدَّم قَبْلَهُ، فصَلَّى بالنّاسِ ثلاثًا، يَعْني في صَلَاةِ التَّرَاوِيْح فامْتَنعَ من الإمَامَةِ، وقد رَأيتُه وقَرأتُ عليهِ، وكان من الأبْدَالِ المُبرِزيْن.

حَدَّثني مَنْ أثِقُ بهِ أنَّهُ لقَّنَ في مُدَّة خَمْسِين سَنَةً في جَامع طَرَسُوس، هو ومَنْ يقرأُ عليه في مَجْلِسِه، أكْثَرَ من عَشْرةِ آلاف رجُل لمُوَاظَبَته على درَاسَةِ القُرآن وتلقِيْنه، وأنَّ حَلْقَتَهُ كانت أكْثَر الحلَقِ عددَ مَنْ يتلَقَّن ويُلَقِّن، وكان قد وَفَدَهُ أهْلُ طَرَسُوس إلى بَغْدَاد هو وأبو عليّ بن الأصْبَهَانِيّ مُسْتَصْرِخًا حين ضَايقَها نَقَفُور

(3)

.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 156 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 437 (ذكره في ترجمة جده: أبو مريم الغساني)، طبقات خليفة 316 (وفيه: أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم)، حلية الأولياء 6: 88 - 91، ابن حبان: كتاب المجروحين 3: 146 - 147، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 154، ابن الجوزي: المنتظم 7: 191، صفة الصفوة 4: 221 (وسماه ابن الجوزي في كتابيه: أبو بكر بن عبد اللّه بن أبي مريم الغساني)، تهذيب الكمال 33: 108 - 111، 143، (وفيه: أبو بكر بن عبد الله)، سير أعلام النبلاء 7: 64 - 65، لسان الميزان 7: 337، تهذيب التهذيب 12: 28 - 30، 40، تقريب التهذيب 1: 450، 2:399.

(2)

كان حيًا سنة 354 هـ.

(3)

كان ذلك في سنة 354 هـ، وتقدم لابن العديم ذكر الوفد المرسل لبغداد عند كلامه على طرسوس وطَرْق الروم لها في الجزء الأول من هذا الكتاب.

ص: 109

‌أبو بَكْر الأحْنَف البَغْدَادي

(1)

سَمعَ بالمِصِّيْصَة شَاكِرًا البَغْدَاديِّ، رَوَى عنهُ أبو العبّاسِ النَّسَوِيُّ.

قُرِئ على فَخْر الدِّينِ أبي العبّاسِ أحْمَد بن عَبْدِ اللّهِ بن مُحَمَّد العَقْرِيّ الحُمَيْدِيّ بالمَوْصِل، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبدُ الصّمَد بن الحُسين بن عَبْدِ الغَفّار الزَّنْجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن إبْراهيم اليُوْنَارتيّ الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن عَبْدِ المَلِك الأدِيْبُ، قال: أخْبَرَني أحْمَد بن الفَضْل المُقْرِئ إجَازةً: أنّ أبا العبّاس النَّسَوِيّ أخْبَرَهُم، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر الأحْنَفَ البَغْدَاديّ بدِمَشْقَ يَقُول: سَمِعْتُ شَاكِرًا بالمِصِّيْصَة يَقُول: رَأيْتُ رَبَّ العِزّة في المَنَامِ بعدَ قتل حُسَيْن بن مَنْصُور، رأيتُ كأنِّي وَاقِف بنَ يَدَيْهِ، أو كما قال، فقُلتُ: يا سيِّدِي، أنْتَ حَكْمتَ في كتابكَ: مَنْ قَتَلَ قُتِل، ومَنْ سَرَق قُطع، فأيْش كان جُرْم الحُسين بن مَنْصُور حتَّى قُتِلَ وقُطع يَدَاه ورِجْلاه وصلِبَ؟ فقال: ذلك أوْدَعْناهُ سِرًّا من سَرَائرنا فأذَاعَهُ فعاقَبْناهُ، قال: فقُلتُ: يا سَيِّدِي، هو ذا الشِّبْليّ يَجِيءُ بالعَظَائم! قال: وقال عز وجل "وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"

(2)

، قال: فغَدَوْتُ إلى الشِّبْليّ، فقَصَصتُ عليه مثْلَ ما رَأيتُ، قال: فقال الشِّبْليُّ: أعْرَضْتُ عما دُوْنَه، أو كما قال.

‌أبو بَكْر الدِّيْنَورِيّ الطَّرَسُوسِيّ

(3)

شَيْخ الحَرَم.

(1)

لعله الذي ترجم له الخطيب البغدادي باسم: أحمد بن الحسن، أبو بكر الأحنف الصوفي، نزل دمشق وحدث بها عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، والجنيد بن محمد. انظر: تاريخ بغداد 5: 144.

(2)

سورة الأعراف، من الآية 199.

(3)

لعله المترجم له في الجزء الثالث برسم: أحمد بن محمد أبو بكر الطرسوسي الصوفي، شيخ الحرم، والمتوفى شة 374 هـ أو 375 هـ وترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام 8: 397، كما يكرر ابن العديم فيما يلي الترجمة له (الترجمة الثامنة بعد هذه) اعتمادًا على رواية أخرى وجدها، اتصل به إسنادها، وكتب الترجمة المذكورة في هامش النسخة.

ص: 110

حَكَى عن مُظَفَّر القِرْمِيْسِينِيّ، رَوَى عنهُ أبو نُعَيْم الحافِظ.

أخْبَرَنا المُؤيَّدُ بن مُحَمَّد الطُّوسيِّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو صالح الحَافِظ، قال: سَمعْتُ أبَا نُعَيْم الحافِظ

(1)

يَقُول: سَمِعْتُ أبا بَكْر الدِّيِنْورِيّ الطّرَسُوسِيّ يَقُول: سُئِلَ مُظَفَّر القِرْمِيسِيِنيّ: ما خَيْرُ ما أُعْطِىَ العَبْدُ؟ قال: فَرَاغُ العَبْدِ (a) ممَّا لا يَعْنيهِ ليَشْتَغل (b) ويتفرَّغ إلى ما يَعْنيْهِ.

‌أبو بَكْر النَّيْسَابُوريُّ المَعْرُوف بالمَغَازِليّ

من شُيُوخ الصُّوْفيَّة.

حكى بحَلَب عن المُزَنِيّ صَاحب الإمَام الشّافِعيّ، وبمنبج عن المُرْتَعِش، رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللّه بن جَهْضَم الهَمَذَانيّ، ومَنْصُور الهَرَويّ، وقد ذَكَرْنا حكَايتَهُ عن المُزَنِيّ في تَرْجَمَة مَنْصُور الهَرَويّ

(2)

.

قَرأتُ بخَطِّ عُبْدُوْس بن عَبْدِ اللّه بن مُحَمَّد بن عُبْدُوْس أبي الفَتْح: حَدّثَنَا الشَّيْخُ أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن عِيسَى بن عَبْد العَزِيْز، واللَّفْظُ له، ح.

وأخْبَرَنا الحَافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادر بن عَبْد اللّهِ الرُّهَاوِيّ (c) في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ اللّه بن أَحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قالا: حَدّثَنَا أبو الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: حَدّثَنَا أبو بَكْر النّيْسَابُوريّ المَعْرُوف بالمَغَازِليّ بمَنْبج، وقد أتَى عليه مائَهُ سَنَة وأكْثَر، ورَأيْتُ تحتَهُ قِطْعةُ خصَاف، وذكَرَ أنَّهُ جَالِسٌ عليها منذ أرْبَعيْن سَنَة، ورَأيْتُ عليه عبَاءة مُخْمَل رُوميّ ذكَرَ أنَّهُ يلبَسُها منذُ ثلاثين سَنَة.

(a) حلية الأولياء: القلب.

(b) لم ترد في الحلية، وفيها: ليتفرغ.

(c) م: الرفتاوي، تحريف.

_________

(1)

حلية الأولياء 13: 360.

(2)

ترجمته في الضائع من الكتاب.

ص: 111

قال: قال لي جَعْفَر المُرْتَعِشُ، رحمه الله: سَافَرْتُ خَمْسِين سَنَةً ليسَ نعيشُ إلَّا بالحِيْلَة، وسَافَرْتُ ثلاثين سَنَةً أمْشي كُلّ سَنَة ألفَ فَرسَخ، لَم يُفَارقني فيها ثلاثة أخْلَاق: لم أُعَاشِر إلَّا مَنْ عَرفْتُه، ولَم أنْزل عن الفَقْرِ، وإنْ فُتح لي بشيءٍ ولو نصف رَغِيف طالبْتُ نفسِي بالمُوَاسَاةِ.

‌أبو بَكْرٍ المُعَوَّجُ الأنْطَاكِيُّ الشَّاعِرُ

(1)

شَاعِرٌ مُجيْدٌ من أهْل أنْطَاكِيَة، وينسَب أيضًا المِصْرِيّ، ولعَلَّهُ من أنْطَاكِيَة وسَكَنَ مِصْر.

رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره أبو بَكْر الصُّوْلِيّ، وأبو سَهْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن زِيَادٍ القَطَّان.

أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن خَيْرُون، ح.

وأنبأنَا زَيْد بن الحَسَن النَّحويّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزّاز، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن وِشَاح (b)، قال: حدَّثنا عبدُ الصَّمَد بن أحْمَد بن خَنْبَش (c) الخولانِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو سَهْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن زِيَادٍ (d)، قال: أنْشَدَنا المُعَوَّجُ الأنْطَاكِيّ لنَفْسِه في بَدْر الحَمَاميّ وسقَط عن فَرَسِهِ ففَصَدَ: [من البسيط]

لا ذنبَ للطِّرْفِ إنْ زلَّتْ قَوَائمُهُ

وليسَ يَلْحقُه من عَائب دَنَسُ

(a) من قوله: (، وأخبرنا أبو منصور

،) إلى هنا ساقط من م.

(b) تاريخ بغداد: أبو وشاح محمد بن علي.

(c) م: حنيس.

(d) من قوله: "قال أنشدنا

"، إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

ذكره ياقوت عرضًا في معجم الأدباء 1: 425.

(2)

تاريخ بغداد 7: 601.

ص: 112

حَملْتَ بأسًا وجُوْدًا فوْقَهُ ونَدَىً

وليسَ يقْوَى بهذا كُلِّهِ الفَرَسُ

قالوا فَصَدْتَ فما خَلْقٌ بهِ حَركٌ

خَوْفًا عليك ولا نَفْسٌ بها نَفَسُ

كَفّ الطَّبِيْب دَعا كَفًّا نُقَبلها (a)

ويُطْلَبُ الغَيْثُ منها حين يَحْتَبِسُ

قَرَأتُ في كتاب العِيَادَة لأبي بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، أظُنُّه بخَطِّ كَاتبهِ، قال: وزَعَم لي أبو بَكْر المُعَوَّجُ الشَّاعرُ المِصْرِيُّ أنَّ بَدْرًا الحَمَامِيّ، رَكب إلى المَيْدَان بمِصْر، فتَقَطَّرَ (b) بهِ فَرَسُه، فاحْتاج إلى الفَصْد، فافْتَصَد، فدَخَلَ عليه فأنْشَدَهُ:[من البسيط]

لا ذَنْبَ للطِّرْفِ إنْ زَلَّتْ قَوَائمُهُ

وليسَ يلْحَقُهُ من عَائبٍ دَنَسُ

حَملْتَ بأسًا وجُوْدًا فَوْقَهُ ونَدَىً

وليس يَقْوَى بهذا كُلِّهِ الفَرَسُ

قالُوا افْتَصَدْتَ فما نَفْسُ العُلَى معها

خَوْفًا عليك ولا نَفْسٌ (c) لها نَفَسُ

كفّ الطَّبِيْب دَعَا كَفًّا نُقبلها

وتَطْلُبُ الرِّزقَ منها حين يَحْتَبسُ

وقد رُوي البَيْتان الأوَّلَان من هذه الأبْيَات لأبي تَمَّام

(1)

، ورُويا لأبي دُلَف، وقد ادَّعَاهُما أبو عَبْد الله بن خَالَوَيْه، والصَّحيحُ أنَّهما لأبي بَكْر المُعَوَّج الأنْطَاكِيّ في جُمْلَة هذه الأبْيَات، واللهُ أعْلَمُ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَتح أحْمَد بن عليّ المَدَائِنِيّ في مَجْمُوعٍ وَهَبْنِيْهِ أبي رحمه الله: أبو بَكْر المُعَوَّجُ يَهْجُو وَصِيْفَ البَازمَازِيّ

(2)

: [من الوافر]

مَدَحْتُكَ يا وَصِيْف البَازمَازي

ولم أتلَقَّ بخلك باحْتِرَازِ

(a) في م وتاريخ بغداد: فقبلها.

(b) م: تقنطر، وهو من قول العامة، وتقطَّر به الفرس: سقط. تاج العروس، مادة: قطر.

(c) م: يقصر.

_________

(1)

ليست في ديوان أبي تمام بشرح التبريزي.

(2)

البيتان الثاني والرابع في البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي 7: 88 دون عزو.

ص: 113

دَعَوْتُك للنَّدَى فهَرَبتَ منِّي (a)

كأنِّي قد دَعَوتُكَ للبرَازِ

وكيف أقُول ترغَب في المَعَالِي

إذا ما كُنْتَ تَرْغَبُ في المَخَازِي

ولم أُلْبسكَ ثَوْبَ المَدْح إلَّا

وجَدتُكَ قد خَريتَ على الطِّرَازِ

‌أبو بَكْر القُرَشِيُّ المِصِّيْصيُّ

(1)

شَاعِرٌ من أهْلِ المِصِّيْصَةِ، مَذْكُورٌ، حَسَن الشِّعْر.

سَيَّرَ إليَّ بعضُ الأصْدِقَاء بالقَاهِرَة قِطْعَةً من تاريْخ أبي إسْحَاق السَّقَطِيِّ

(2)

صَاحِب كتاب الرَّدِيْفِ، فقَرَأتُ فيه ما ذَكَرَهُ في حَوَادِث سَنَة ثَمانٍ وأرْبعين وثَلاثِمائة، قال: وفيها كانت غَلَبَةُ الرُّوم والنَّقَفُور بن الفَقَّاص (b) على عَيْن زُرْبَة، وتَلّ موْزَة

(3)

، وتَلّ صَوْغا

(4)

، وحَمَّام نوْفَل

(5)

، وأرْقِينية

(6)

، وما بين هذه المُدُن من القُرَى والرَّسَاتِيْق. وقيل: بل ذلك كان في سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين، ثُمَّ قال (c):

(a) م: معي، البصائر للتوحيدي: ففررت منه.

(b) م: اليعفور بن القفاص!، وتقدم ذكره على الرسم الذي يرد في أغلب المصادر: ابن الفقاس.

(c) م: ثم قلت.

_________

(1)

كان حيًا سنة 351 هـ.

(2)

عنوانه: لوامع الأمور، وتقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الثاني من الكتاب.

(3)

م: تل مورة، ووردت في الشعر المذكور: تل موزا، وسماها ياقوت: تل موزن، وابن شداد: الموزر، وهي بلدة قديمة بين رأس عين وسروج، تقع بين ديار بكر وديار مضر، وبينها وبين حران مسيرة يوم. انظر: معجم البلدان 2: 45، الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 68، كنوز الذهب 1:182.

(4)

تل صوغا: ضيعة تقع في سهل البقاع الشمالي من محافظة بعلبك بلبنان، وهي على نهر العاصي إلى الجنوب من بلدة جبولة، وذكرها سبط ابن العجمي بالعين المهملة تل صوعا، انظر: كنوز الذهب 1: 182.

(5)

لم أهتد للتعريف به.

(6)

أرْقِيْنية: ووردت في شعر أبي بكر المصيصي المذكور: حصن أرقان، ولعلها التي ذكرها ياقوت باسم: أرْقَنِين؛ وأنها بلد بالروم غزاه سيف الدولة، وجاء ذكره في شعر أبي فراس الحمداني (في ديوانه 115، ومعجم البلدان 1: 153)، وأورد ابن شداد ذكر "قلعة أرقنين" من قلاع ديار بكر بالجزيرة، وقيدها سبط ابن العجمي:"أرقنينة". الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 247، كنوز الذهب 1:182.

ص: 114

وأكْثَر شُعَرَاءُ الثُّغُور والمَنْكُوبُونَ المَرَاثِي فيما حَلَّ بهم، ثُمَّ قال: وقال أبو بَكْر القُرَشِيُّ المِصِّيْصيُّ في ذلك: [من البسيط]

لا تبكينَّ خَليْطَ الدَّارِ إذ بَانَا

ولا المَعَارِجَ من دَعْدٍ (a) وأظْعَانا

وَابْكِ الثُّغُورَ الّتي أضْحَتْ مَعَالمُها (b)

دَوَارِسًا أقْفَرَتْ رَبْعًا وقِيْعانا

أبْلِغْ خَلِيْفَتنا عنَّا رِسَالَتَنا

لقِيْتَ يا صَاحِ إنْ بَلَّغْتَ رِضْوَانا

خَلِيفَةَ اللهِ لو عَايَنْتَنا لجَرَتْ

مِنكَ الدُّمُوعُ لنا سَكْبًا وتَهْتَانا (c)

جَرَّ العَدُوُّ علينا في عَسَاكِرِهِ

كأنَّها قِطَعٌ في اللَّيْلِ تَغْشَانا

يَسْبي ويَقْتُلُ ما يَلْقَاهُ مِن أحَد

كأنَّما أُلْبِسَ الإسْلَامُ خِذْلَانا

بعَيْنِ زُرْبَةَ إذ حَطَّتْ عَسَاكِرُهُ

وتَلِّ موْزَا إلى أَعْبَارِ جَيْحَانا

وتَلِّ صوْغَا وما وَالاهُ صَبَّحَهُ

وبالخَلِيْجِ وجَوْزِ المَرْجِ مَسَّانا

وبالكَنِيْسَةِ والحَمَّامِ زَلْزَلَها

وبالمَلَنْدِينِ قبلَ العِيْدِ وَازَانا (d)

وحِصْنِ أرْقانَ والأحْوَاقِ ضَعْضَعَها

وبالمُثَقَّبِ والتِّيْنَاتِ غَادَانَا

وأهْلِ بَيَّاسٍ ابتاعُوا مَدِيْنَتَهُمْ

مِنَ العَدُوِّ كَفَى بالبَيْع خُسْرَانا

وكم حُصُونٍ إذا عدَّدْتَها كَثُرَتْ (e)

يَكْفِيْكَ من بَاطِنِ المَنْشُورِ عُنْوانا

مَدَائنٌ أصْبَحَتْ بالثَّغْرِ مُوْحِشَةً

مَنَابِرٌ عُلِّيَت بالبَغْي صُلْبَانا

تَرَى الخَنَازِيرَ تَسْعى في مَسَاجِدِها

وطَالَ مَا عُمِرَت فِقْهًا وقُرْآنَا

تَرَى أئمَّتَها صَرْعَى وقد ذُبِحُوا

عِندَ المَحَارِيبِ إذْلَالًا وإيْهانا (f)

تَرَى المَصَاحِفَ (g) والأجْزاءَ مُحْرَقَةً

هَلَّا بَكَيتَ (h) لها سِرًّا وإعْلَانا

تَرَى الرِّجَالَ كَبُدْنِ الحَجِّ قد نُحِرُوا

حَوْلَ الحُصُون عليها الطَّيْرُ قُطْعَانا (i)

(a) م: معالمهما.

(b) م: تكثرت.

(c) الأصل: الصاحف، والمثبت من م.

(d) م: وعد.

(e) مهملة الأول في الأصل، وفي م: وبهتانا.

(f) م: وارانا، وكتب ابن العديم في هامش الأصل:"أظنه: وافانا".

(g) الأصل: إبهانا، والمثبت من م.

(h) الأصل: يكبت، والمثبت من م.

(i) م: قيعانا.

ص: 115

تَرَى النِّسَاءَ مع الوِلْدَانِ يَجْمَعُهُمْ

أرَاذِلُ الرُّومِ أبْكَارًا وصِبْيَانا

تَرَى العَرَائسَ أقْرَانَ العُلُوجِ معًا

عُوِّضْنَ بالسَّيْفِ أزْوَاجًا وأخْتَانا

يقُول فيها:

مُحَمَّدٌ يا رَسُولَ اللهِ لو نَظَرَتْ

عَيْنَاكَ أو سَمِعَتْ أُذْنَاكَ شَكْوَانا

وقَد جَفَانا بنُو الإسْلَامِ كُلُّهُم

فلا مُغِيْثَ لَنا - واللهِ - مَوْلَانا

لأبْكِيَنَّ على الإسْلَام مُكْتَئبًا

حتَّى أُوَسَّدَ في الأجْدَاثِ أكْفَانا

ثُمَّ ذَكَرَ سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وثَلاثِمائة، وقال: وفيها وَرَدَت الأخْبارُ بإغْارة الرُّوم على الحُصُون الثَّملِيَّة (a)، واجْتِيَاح بَلَدِ الإسْلَام، وهَرَب بَقَايا أهْلِ الثُّغُور عن مَعَاقِلهم إلى الأقَاصِي.

وقال: ووَافَت قَصِيدَةٌ لأبي بَكْر القُرَشِيّ المِصِّيْصيّ، قُرِئتْ وتَدَاوَلها النَّاسُ، أوَّلها:[من الوافر]

إلى أهْلِ الدِّيانَةِ أجْمَعِيْنَا

رِسَالةُ أهْلِ ثَغْرٍ صَابِريْنَا

وهي مائة وستُّونَ قَافيَةً، فيها ما حَلَّ بأهلِ الثَّغْر من القَتْلِ والسَّبْي والحَرْق والنَّهْب، وأُمُور في اسْتِماع بَعْضها إِذْكَار {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}

(1)

، فلم يَحْفُلوا بها، ولا انْثَنُوا عليها.

‌أبو بَكْرٍ الزُّبَيْرِيُّ

حَكَى بأنْطَاكِيَة عن أبي الحُسَين الدَّرَّاج، رَوَى عنهُ عَبْدُ الوَاحِد بن بَكْرٍ الوَرْثَانِيّ.

(a) م: الثمانية، ولعلها منسوبة إلى ثمل الخادم، وهو أمير طرسوس في زمن الخليفة المتقي، وكان يتولى غزو البحر في مطلع القرن الرابع الهجري. تقدم ذكره في بعض التراجم.

_________

(1)

سورة يونس، من الآية 101.

ص: 116

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد، وأبو العبَّاسِ ابْنا عَبْدِ الله بن عُلْوَان، قالا: كَتَبَ إلينا أبو الفَضْلِ مُحَمَّد بن بُنَيْمان، قال: أخْبَرَنا بُنْجِير بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَاحِد بن بَكْر الوَرْثَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر الزُّبَيْرِيّ بأنْطَاكِيَة يَقُول: سَمِعْتُ أبا الحُسَين الدَّرَّاج يقُول: النَّاسُ في السَّمَاعِ على ثلاثة (a) أُصُول؛ فمَن أشَارَ إلى الذَّاتِ (b) ألْحَدَ، ومَنْ أشارَ إلى المَخْلُوقين أشْرَك، ومَنْ مَلَكَتْهُ حِكْمتُه فسَمِع من حَالهِ فقد وَجَدَ.

‌أبو بَكْرٍ المَرْوَزيُّ

رَوَى عن رَجُلٍ لَم يُسَمِّه؛ لَقِيَهُ بطَرَسُوس.

‌أبو بَكْرٍ الطَّرَسُوسِيُّ

حَكَى عن نُعَيْم بن حَمَّاد، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَهْل الخَالِديّ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال:

أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عَبْد اللهِ بن عليّ بن حَمُّوْيَه بن أَبْرَك الهَمَذَانيّ بها، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عبد الرَّحْمن الشِّيْرَازيّ، قال: سَمِعْتُ أبا العبَّاس أحْمَد بن سَعيد بن مَعْدَان يَقُول: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَهْل الخَالِديّ يَقُول (c): سَمِعْتُ أبا بَكْرٍ الطَّرَسُوسِيّ يقُول: أُخِذَ نُعَيْم بن حَمَّاد في أيَّام المِحْنَة، سَنَة ثَلاثٍ وعشْرين أو أرْبَع وعِشْرين، وألقَوهُ في السِّجْن، وماتَ في سَنَة سَبْعٍ وعشرين، وأوْصَى أنْ يُدْفَنَ في قيُودِهِ، وقال: إنَّني مُخَاصِم.

(a) الأصل، م: ثلاث.

(b) م: اللذات.

(c) ساقطة من م.

_________

(1)

تاريخ بغداد 15: 429.

ص: 117

‌أبو بَكْرٍ الطَّرَسُوسِيُّ

من طَبَقَة أبي أُمَيَّة مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ، حدَّثَ هو وأبو أُمَيَّة جَمِيعًا عن أبي اليَمَان الحِمْصِيّ. رَوَى عنهُما أبو عَوَانَة يَعْقُوبُ بن إسْحَاق النَّيْسَابُوريّ الحافِظ.

‌أبو بَكْرٍ الدِّيْنَورِيُّ الطَّرَسُوسِيُّ (a)

شَيْخ الحَرَم، حَكَى عن مُظَفَّر القِرْمِيْسِينِيّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الأصْبَهَانِيّ.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل جَعْفَر بن أبي الحَسَن بن أبي البَرَكَاتِ الهَمْدَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن بن يَحْيَى بن إسْمَاعيْل العُثْمانيّ الدِّيْبَاجِيّ، قال: قَرَأتُ على الشَّيْخ أبي بَكْر يَحْيَى بن عُمَر بن شِبْل فأقَرَّ بهِ، ح.

قال الهَمْدانِيّ: وأخْبَرَني السِّلَفِيّ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظُ، فيما أجَازَهُ

لي، قال: أخْبَرَنا أبو الفِتْيَان عُمَر بن أبي الحَسَن الدِّهِسْتَانِيّ في كِتَابِه إليَّ من خُرَاسَان، وأخْبَرَني عنه ابن شِبْل المَذْكُور أيضًا، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخ أَبو حَفْص عُمَر بن الحَسَن الدِّهِسْتَانِيّ، قال: وسَمِعْتُه - يعني عَبْد الكَريم ابن بنْت بِشْر الحَافِي - يَقُول: سَمِعْتُ أبا القَاسِم الأصْبَهَانِيّ يَقُول (b): سَمِعْتُ أبا بَكْرٍ الدِّيْنَورِيّ الطَّرَسُوسِيّ شَيْخ الحَرَم يَقُول: قال مُظَفَّر القِرْمِيْسِينِيّ وسُئِلَ: ما خير ما أَعْطَى العِبَادَ رَبُّهم؟ قال: فَرَاغُ القَلْب عمَّا لا يَعْنِيه ليتَفَرَّغ إلى ما يَعْنِيه.

(a) ألحق ابن العديم هذه الترجمة بهامش الأصل، وقد تقدّمت الترجمة له، ونبّه ابن فهد المكي، وهو أحد من تملك نسخة هذا الكتاب، على وقوع التكرار، وكتب فوق الترجمة:"هذا المكتوب في الهامش تقدَّم في الورقة الرابعة قبل هذه بطريق غير هذه الطريق"، ونقلت نسخة م الترجمتين كل في موضعها.

(b) قوله: "سمعت أبا القاسم

" إلى هنا ساقط من م.

ص: 118

‌أبو بَكْرٍ الطَّرَسُوسِيُّ

إنْ لم يَكُن المُتَقدِّم (a) فهو غَيْرُهُ، حَكَى عن الحُسَين الحَلَّاج، رَوَى عنهُ أبو يَعْقُوب إسْمَاعِيْل بن يُوسُفَ الجَبَّان.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ في كِتَابِهِ إليْنَا من نَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد هِبَةُ الرَّحمن بن عَبْد الوَاحِد بن عَبْد الكَريم القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو صالِح أحْمَد بن عَبْد المَلِك المُؤذِّنُ، قال: سَمِعْتُ الشَّيْخ أبا سَهْل عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد الصُّوْفيّ يقُول: سَمِعْتُ أبا يَعْقُوب إسْمَاعِيْل بن يُوسُف بن الجَبَّان بقَزْوِين يَقُول: سَمِعْتُ أبا بَكْر الطَّرَسُوسِيّ يَقُول: كان أبو منْصُور الحَلَّاج يَصْحُب عَمْرو المَكِّيّ، فوقَع بيَده اسْم اللهِ الأعْظَم، فخَرَجَ من عنده فقال عَمْرو: قد حَمَل من عندنا ما يقْطعُ عليه يَديه ورِجْلَيْهِ، ويُجَرَّد بالسِّيَاطِ، ويُحْرق بالنَّارِ.

‌أبو بَكْرٍ الطَّرَسُوسِيُّ

رَوَى عن حَامِد بن يَحْيَى، رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَقِيل البَلْخِيّ (b).

‌أبو بَكْرٍ المِصْرِيُّ

من العُبَّادِ، وكان بالمِصِّيْصَة، حَكَى عن بعضِ العُبَّادِ لَقِيَهُ بالمِصِّيْصَةِ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن دَاوُد الدُّقِّيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة، وابنُ عَمّه مُحَمَّدُ بن زَيْد بن رَوَاحَة الحَمَوِيّان، كتابةً من كُلِّ واحدٍ منهما، قالا: أخْبَرَنا أبو [طَاهِر](c) أحْمَدُ بن

(a) يقصد بالمتقدم: "أبو بكر الطرسوسي الذي عده من طبقة أبي أمية الطرسوسي"، ووقع الاختلاف لإضافته الترجمة التي قبلها في الهامش عند هذا الموضع.

(b) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر، ومتصل في م.

(c) ساقطة من الأصل، م.

ص: 119

مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو الفَضْل مُحَمَّد بنُ الحَسَن بن الحُسَين السُّلميِّ بدِمَشْق، عن أبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن إبْراهيم الأهْوَازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدَان بن عُمَر بن الحَسَن المَنْبِجِيّ الطَّائيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن دَاوُد الدُّقِّيّ، قال: حَكَى لي أبو بَكْر المِصْرِيُّ أنَّهُ كان بالمِصِّيْصَةِ، وكان يَبيْتُ في الجامع، ولم يكونُوا يتركون أحدًا يَبِيتُ فيهِ إلَّا مَنْ يَعْرفونَهُ، فجاء القُوَّامُ إلى فَتَىً قائم يُصَلِّي ورَاءَ المحرَاب ليُخْرجُوه، والفَتَى يُصَلِّى ما يُخَاطبُهُم، فجاءُوا إليَّ وأنا مع أصْحَابي، فقالوا: يا أَبا بَكْر، هذا الفَتَى المُصلِّي من أصْحَابكَ؟ فقُلتُ: لا، قال: فرجَعوا إليه ليُخْرجُوه فتَخَطَّى من الجامع إلى كَفَرْبيَّا وجَعَلَ يَقُول: صَدَقَ أبو بَكْر؛ ما أنا من أصْحَابهِ، ما أنا من أصْحَابهِ!.

‌أبو بَكْر الجُوَيْنِيُّ الصُّوْفيُّ

من صُوْفِيَّةِ الثَّغْر وعُبَّادِهم.

ذَكَرَهُ أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ في تاريخ الصُّوْفيَّة

(1)

، بما أخْبَرَنا بهِ أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن عَبْدِ الكَريم السَّمْعَانيّ في كِتَابِهِ إِليْنَا من مَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ الحُرْضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر المُزكِيّ (a) إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الرَّحمن السُّلمِيّ: أبو بَكْر الجُوَيْنِيّ من أهْلِ الثَّغْرِ ومُتأخِّرِيهم.

‌أبو بَكْر المُجَلِّدُ الحنفِيُّ

نَقِيْبُ المَدْرَسَةِ الحَلاويَّة بحَلَب، كان من جُمْلَةِ الفُقَهَاءِ بها، وكان نَقِيْبهم،

(a) م: التركي.

_________

(1)

كتاب مفقود وهو غير كتاب طبقات الصوفية.

ص: 120

وكان يُجَلِّد الكُتُب في بَيْتهِ بالمَدْرَسَةِ، وكان شَيْخًا حَسَنًا، بَهيّ المنظَر، عنده مُحاضَرة (a) وكَيْسٌ، رَأيتُه ولَم أسْمَعْ منه شيئًا.

وكان سَمِعَ الإمَام عَلاءَ الدِّين الكَاسَانِيّ، وشَيْخَنا افْتِخار الدِّين أبا هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشمِيّ، ورَوَى شَيئًا من شِعْر أبي العَلَاء بن أبي النَّدَى عنه، ورَوَى لنا عنْهُ أبو بَكْر بن أبي عليّ (b) التَّنُوخِيّ السِّمْسَار الشَّاعر بَيْتَيْن من شِعْر ابن أبي النَّدَى، وقد ذَكَرْناهمُا في تَرْجَمَةِ أبي العَلَاء المحسِّن بن أبي النَّدَى

(1)

من هذا الكتاب.

‌أبو بَكْر بن الدَّايَة، الأمِير مَجْد الدِّين

(2)

كان أميرًا حَسَنًا، يَرْجعُ إلى دِيْن وخَيْر، وأُمُّه دَايَة نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فلذلك عُرف بابن الدَّايَة، واسْمُه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نُشْتِكِيْن، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في بابهِ

(3)

.

وكان خَصِيْصًا بنُور الدِّين، وَجِيْهًا عنده، وكان يَعْتَمد عليه، واسْتَنابَهُ في المُلْك بحَلَب حين غَابَ عنها، وحَدَّثَ بحَلَب عن جَمَاعَهَ من الشُّيُوخ الّذين أجَازُوا له، وأخَذَ الإجَازَة [من](c) تَاج الدِّين مُحَمَّد البَنْدَهِيّ، سَمعَ منهُ شَيْخنا أبو هاشِم وغيره، وقد أوْرَدْنا من حَدِيثه شيئًا في تَرْجَمَتِهِ فيما تَقَدَّم مِن هذا الكتاب.

(a) الأصل: محاصرة، والمثبت من م.

(b) ساقط من م.

(c) إضافة لازمة.

_________

(1)

ترجمة المحسن بن أبى الندى في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

توفي سنة 565 هـ، وتررجمته في: سنا البرق الشامي للبنداري 37 - 38، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 21: 148، 157، زبدة الحلب 2: 476، 481، 488 - 502، 571 - 572، ابن شدَّاد: النوادر السلطانية 83، ابن واصل: مفرج الكروب 2: 9 - 11، تاريخ الإسلام 12: 341، 162، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 24، تاريخ ابن الوردي 2: 120، تاريخ ابن الفرات 4/ 1: 1، 4، 17، 47، 93 - 94، 104 - 109، العيني: عقد الجمان 1: 49، الوافي بالوفيات 10: 231 - 232.

(3)

في تراجم المحمدين مما ضاع من أجزاء الكتاب.

ص: 121

‌حَرْفُ التَّاءِ من الكُنَى

‌أبو التُّرْك السُّلَمِيُّ

كان من أهْل العِلْم والحَدِيْث والجِهاد في سَبِيْل اللهِ بطَرَسُوس، ذَكَرَهُ القَاضِي أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الطَّرَسُوسِيّ في كتَابِ سِيَر الثُّغُور، وأثْنَى عليهِ ثناءً حَسَنًا.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو الطَّرَسُوسِيّ، وذَكَرَ سكَك طَرَسُوسَ، فقال: ثمّ تَذْهَبُ لوجْهكَ، فتَجد عن يَمِيْنكَ كَنِيْسَة (a) أبي سُلَيْم فَرَج الخادِم؛ وهي دَارٌ كَبِيرةٌ، تَشْتَمِل على دُور كَثِيرة، يَسْكنها مَوَالِيهِ، فيها ديْوَانه وعَاملُهم وكَاتبهم ورَئيسُهُم، وخَزَائن أسْلِحتهم وعُدَدُهُم، وهذا الوَقْفُ أرْجَى وقُوف طَرَسُوس وأكْثَرها مالًا، وأوفَرهُ وأكْثَرهُ مَوَالِيَ صَالِحين مُجَاهدينَ مُتَنَسِّكِيْن، قد عَرفتُ منهم الأكْثَر، وعَرَفتُ منهم رَجُلًا نَبِيْلًا فَارِسًا من أهل العِلْم والحَدِيْثِ، ذا صَبَاحةٍ ووَضَاءةٍ ومَنْظَر حَسَن، يُعْرَفُ بأبي التُّرْكِ السُّلَمِيّ، ما رَكب قَطُّ إلى نَفِيرٍ في صَيْفٍ ولا شتَاء، قَرُبَ النَّفِيْرُ أم بَعُد مَدَاهُ، صَدَق خَبَرُه أم كَذب، إلَّا لَبِس لأْمَتَهُ وستَرها بدُرَّاعَةٍ! فسَألتُهُ عن السَّبَب في ذلك، فذَكَرَ أنَّهُ نُودِي في بَعْض الأزْمِنَة بالنَّفِيْر إلى باب قَلَمْيَة فبادَر مُسْرِعًا، وكذلكَ كان رسْم النُّجَباءِ المُتَحرِّكين في الجِهادِ، المُسَارعة إلى النَّفِيْرِ، فلَقِي العَدُوَّ بمكانٍ قَريب من (b) البَلَدِ، وكان السُّلْطانُ حينئذٍ في الغَزْو، فبَاشر القِتَال، وأعانَهُ من المُسْلمِيْن قَوْمٌ آخرونَ فظَفَّرَهُم اللهُ بمَن وَرَد، ونصَرَهُم وعَادُوا إلى طَرَسُوسَ سَالمِين غَانِمين، فعَقَدَ بينَهُ وبين اللهِ عز وجل لا رَكب بعدَها إلى جهادِ غَزْو ولا نَفِير، إلَّا بعد أنْ يتأهَّبَ أُهْبَة الحَرْب، كما يتأهَّب مَنْ يُبارز عَدُوَّه في مصَافِّه وأوْقَاتِ حَذَره وخَوْفهِ.

(a) قراءة تقريبية، وصورة ما كتبه ابن العديم:

|

(b) م: عن.

ص: 122

‌أبو تَمَّام الطَّائيُّ

اسْمُه حَبِيْب بن أَوْس، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو تَمَّام الخُرَاسَانيُّ

شَاعِرٌ من طَبَقَة المُتَنَبِّي وأقْرَانهِ، كان بحَلَب.

قَرَأتُ في حِكايَةٍ من أخْبَار أبي الطَّيِّب المُتَنَبِّي، أنَّهُ كان عندَهُ بحَلَب أبو تَمَّام الخُرَاسَانيّ وجَمَاعَة من الشُّعَراء، فأنْشَدَهم (a) أبو عَبْد اللهِ الشِّبْليّ، خَادِم المُتَنَبِّي، بَيْتَ أبي المَنْصُور المَكْفُوف المَقْدِسِيّ، وسَألَهم إجَازَته، وهو في أوّله شِيْن وفي آخره شِين:[من البسيط]

شِبْهُ الهِلَال على غُصْنٍ مُنَعَّمَةٌ

بَيْضاءُ نَاعِمَةٌ في كَفِّها نقَشُ

فقال كُلٌّ منهم بَيْتًا، وقال أبو تَمَّام الخُرَاسَانيُّ:[من البسيط]

شَوْقي إليكَ شَدِيدٌ غيرُ مُنْتَقصٍ

كأنَّ في القَلْب أفْعَى فَهْوَ يَنْتَهِشُ

(a) م: فأنشده.

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 231 هـ، وترجمته في: طبقات الشعراء لابن المعتز 258 - 262، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 263، 2: 187، 3: 66، 263، 311، 4: 20، 79، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 403، المسعودي: مروج الذهب 4: 364 - 374، النديم: الفهرست 1/ 2: 528 - 529، الصولي: أخبار أبي تمام، المرزباني: الموشح 343 - 368، الأغاني 16: 265 - 278، تاريخ بغداد 9: 157 - 164، ابن الأنباري: نزهة الألباء 123 - 125، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 14: 428 - 442، وفيات الأعيان 2: 11 - 26، تاريخ الإسلام 5: 805، سير أعلام النبلاء 11: 63 - 69، العبر في خبر من غبر 1: 324، الوافي بالوفيات 11: 292 - 299، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 299 - 301، النجوم الزاهرة 3: 261، حسن المحاضرة 1: 559، شذرات الذهب 3: 143 - 148، خزانة الأدب 1: 356 - 357، محسن الأمين: أعيان الشيعة 4: 389 - 539، معجم المؤلفين 3: 183 - 184، الزركلي: الأعلام 2: 165.

ص: 123

‌أبو تَوْبَة المِصْرِي

(1)

حَدَّثَ عن عَبْد الله بن عُمَر، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن أبي حُمَيْد. ووَفَدَ على عُمَر بن عَبد العَزِيْز حينَ اسْتُخْلِف، فقد قَدِمَ عليه دَابِق أو خُنَاصِرَة (a).

أبو تَوْبَة الحَلَبِيُّ

واسْمُه الرَّبيْع بن نَافعٍ، قد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في حَرْف الرَّاء

(2)

.

‌حَرْفُ الثَّاءِ في الكُنَى

‌أبو ثَعْلَبَة الخُشَنِيُّ

(3)

من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وممَّن بايَعَهُ تحتَ الشَّجَرة، رَوَى عنهُ صلى الله عليه وسلم، وروَى عن أبي عُبَيْدَة عَامِر بن الجَرَّاح، ومُعَاذ بن جَبَل.

(a) بعده في الأصل بياض قدر نصف هذه الصفحة، ونصف التي تليها.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 82، لسان الميزان 7: 23 (وفيه البصري عوض المصري).

(2)

فيما تقدم في الجزء الثامن.

(3)

توفي سنة 75 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 416، تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 387، تاريخ أبي حفص الفلاس 529، البرديجي: طبقات الأسماء المفردة 54، بحشل: تاريخ واسط 55، الجرح والتعديل 2: 543، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 88، حلية الأولياء 2: 29 - 31، الخولاني: تاريخ داريا 36 - 38، الاستيعاب 4: 1619، تاريخ ابن عساكر 66: 84 - 104، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 166 - 167، تهذيب الكمال 33: 167 - 175، أسد الغابة 5: 154 - 155، تاريخ الإسلام 5: 1140، سير أعلام البلاء 2: 567 - 571، الإعلام بوفيات الأعلام 46، العبر في خبر مَن غبر 1: 63، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 11 - 12، الإصابة 7: 28 - 29، تهذيب التهذيب 12: 49 - 51، تقريب التهذيب 2: 404، شذرات الذهب 1:313.

ص: 124

رَوَى عنهُ (a) أبو إِدْرِيس الخَوْلانِيّ، وسَعِيْد بن المُسَيَّب، وجُبَيْر بن نُفَيْر، وأبو أسْماء الرَّحبِيّ، وأبو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْر بن كُرَيْب، وعُمَيْر بن هَانئ، وحُمَيْد بن عَبْدِ اللهِ المُزَنِيّ، وأبو رَجَاءٍ العُطَارِدِيّ، ومَكْحُول، وعَطَاء بن يَزِيد اللَّيْثِيِّ، وأبو عَبْد الله مُسْلم (b) بن مِشْكم، وأبو أُمَيَّة الشَّعْبانِيّ.

واخْتُلِفَ في اسْمه واسْم أبيهِ اخْتِلَافًا كَثِيْرًا؛ فقيل: جُرْثُومَة بن نَاشم (c)، وقيل: جُرْثُومَة (d) بن الأشْتَر بن جُرْثُم، وقيل: جُرْثُومَة بن نَاشِر (e)، وقيل: جُرْثُومة بن عَبْد الكَريم، وقيل: جُرْثُومَة بن نَاشِج (f)، وقيل: جُرْثُوم بن عَمْرو، وقيل: جُرْثُوم بن نَاشِم (g)، وقيل: جُرْثُوم بن نَاشِب، وقيل: جُرْثُوم بن قَيْس، وقيل: جُرْهُم بن نَاشِب، وقيل: جُرْهُم بن نَاشِم، وقيل: جُرْهُم بن لَاشِم (h)، وقيل: جُرْهم بن نَاشِج (i)، وقيل: لَاشِر (j) بن حِمْيَر (k)، وقيل: لَاشِر بن جُرْهُم، وقيل: لَاشِر بن جُرثوم، وقيل: لاشِن بن حِمْيَر، وقيل: لَاشِن بن جُرْهُم، وقيل: لاشِن بن حُمَيْد، وقيل: لاشُوْمة بن جُرْثُومَة، وقيل: لاشُومَة بن جُرْثُوم، وقيل: الأشِر بن جُرْهُم، وقيل: الأسَنّ بن جُرْهُم، وقيل: الأشِر بن جُرْثُوم (l)، وقيل: الأسَنّ (m) بن جُرْهُم، وقيل: الأشَق بن جُرْهُم (n)، وقيل: الأشَقّ (o) بن جُرْثُومَة، وقيل: نَاشِر بن حِمْير، وقيل: نَاشِب (p) بن عَمْرو، وقيل: عَمْرو بن جُرْثُوم، وقيل: عُرْنُوق بن لَاشِم.

وخُشَيْنَةُ حَيٌّ من قُضاعَة، وقيل: هو من خُشَيْن، وهو وَائِل بن النَّمِر بن وَبْرَة بن ثَعْلَبَة بن حُلْوَان بن الْحَاف بن قُضاعَة بن مَالِك بن حِمْيَر.

(a) ساقطة من م.

(b) من قوله: "المزني

" إلى هنا ساقط من م.

(c) م: ناسم.

(d) قوله: "وقيل جرثومة" ساقط من م.

(e) م: ناسر.

(f) م: ناسم.

(g) م: ناسم.

(h) م: لاسم.

(i) مهملة في الأصل، م.

(j) م: الأشتر.

(k) قوله: "وقيل لاشر بن حمير"، ساقط من م.

(l) قوله: "وقيل الأشر بن جرثوم" ساقط من م.

(m) م: الأسق.

(n) قوله: "الأشق بن جرهم" ساقط من م.

(o) م: الأسق.

(p) م: ناسب.

ص: 125

غَزَا أبو ثَعْلَبَة الخُشَنِيّ القُسْطَنْطِينِيَّة مع يَزِيد بن مُعاوِيَة، واجْتازَ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها.

أخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف البَنَّاءُ البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكر مُحَمَّدُ بن عُبَيْدِ الله بن نَصْر (a) الزَّاغُونِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو عَبْد الله الحُسَين بن عليّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن البُسْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن يَحْيَى بن عَبْد الجَبَّار السُّكَّرِيّ، قال: قُرِئ على أبِي عليّ (b) إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن صالح الصَّفَّار، قال: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بن نصْر بن منْصُور، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بن أبي هِنْد، عن مَكْحُول، عن أبي ثَعْلَبَة الخُشَنِيّ

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أحَبَّكُم إليَّ وأقْرَبكم منِّي مَجْلِسًا يَوم القِيامَة أحاسنكُم أخْلَاقًا، وأبْغَضكُم إليَّ وأبعَدكم منِّي مَجْلِسًا يَوْم القِيامَة أسَاوئكُم أخْلَاقًا (c).

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين بن هِلالَة، قال: أخْبَرَنا أَسْعَدُ بن أبي سَعيد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد اللهِ الجُوزْجَانيَّة

(2)

، قالت: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة عبدُ الرَّحْمن بن عَمْرو الدِّمَشقيّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بن شُرَيْح، قال: سَمِعْتُ بَقِيَة بن الوَلِيدِ يَقُول: اسْمُ أبي ثَعْلَبَة الخُشَنِيّ لاشُوْمَة (d) بن جُرْثُومَة.

(a) ساقطة من م.

(b) ساقطة من م.

(c) بقية الصفحة بياض في الأصل تقدير ثلثيها.

(d) م: لاسومة.

_________

(1)

شعب الإيمان للبيهقي 6: 234 (رقم 7989)، حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني 3: 97، وينظر أيضًا: كنز العمال 3: 13 (رقم 5199)، وسلسلة الأحادث الصحيحة للألباني 2:419.

(2)

الأشهر في نسبتها: الجُوزْدَانِيَّة، نسبةً لقرية جُوزْدَان على باب أصْبهان، وتكرَّرت فيما سلف على الوجهين.

(3)

لم أقف عليه في تاريخ أبي زرعة الدمشقي بالسند عن ابن شريح، وذكره في تاريخه (1: 387) عن أبي مسهر، وفيه: اسم أبي ثعلبة الخشني: جرثوم.

ص: 126

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌حَرْف الجِيْم في الكُنَى

‌أبو جُحَيْفَة

(1)

أنبأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل المقدسِيّ، قال: أخبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يكُن سَمَاعًا، قال: أخبَرَنا ثَابت بن بندَار، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا الوَلِيد بن بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن زَكَريَّاء الهاشِمّي، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالح بن أحْمَد بن عَبْد الله العِجليّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَني يُوسُف بِن عَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا غَنَّام، عن الأَعمَش، عن إبْراهيم، قال: خَرج عليهم بعْثُ، فقال لي عبدُ الرَّحْمن بن يزيد: اغْدُ غَدًا حتَّى

(1)

اسمه وهب بن عبد الله، وقيل: وهب بن وهب السُّوائي، توفي سنة 64 هـ وقيل: 73 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 63، 319، طبقات خليفة 57، 132، تاريخ خليفة 273، تاريخ البخاري الكبير 8: 163، التاريخ الصغير 1: 187، المعرفة والتاريخ 3: 169، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 80، ابن زير الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 85، الاستيعاب 4: 1561 - 1562، تاريخ بغداد 1: 560 - 561، ابن الأثير: الكامل 4: 373 (أرخ وفاته سنة 74 هـ)، أسد الغابة 5: 95 - 96، 157، تهذيب الكمال 31: 133 - 133، وترجم له المزي أيضًا في الكنى 33: 184، سير أعلام النبلاء 3: 202 - 203، الكاشف 3: 244، الإعلام بوفيات الإعلام 46 (وفاته سنة 74 هـ)، تاريخ الإسلام 2: 893، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 6، تهذيب التهذيب 11: 164، تقريب التهذيب 2: 338، 405، الإصابة 6:326.

ووردت ترجمته في الأصل ضمن طيارات ملحقة، ولعل بعضها قد ضاع فلم يبق منها سوى هذه الرواية عنه، وكتب ابن فهد المكي الهاشمي، وهو ممن تملك نسخة الكتاب، إزاء موضع إدراجها في هامش الأصل:"الورقة المزيدة أبو جحيفة"، ولم تنقل نسخة م هذه الترجمة.

ص: 127

نَطْلب رَجُلًا نَجْعل له؛ فإنِّي قد ثَقلتُ عن هذا البَعْث، قال: فغَدَوْتُ عليه، فقال: اشْتَر لي فَرَسًا فما أرَاني إلَّا تامّ في هذا البَعْث، فقُلتُ: ما بَدا لك؟ فقال: إنِّى قَرأتُ سُوْرة بَرَاءة فوَجَدْتُها تحثُّ على الجِهَادِ، فَخَرَجَ، فإنَّهُ ليَسِيْر في بَعْضِ الطَّريق ومعه أبو جُحَيْفَة، فَرض فتَخَلَّفَ عليه، وعلى السَّاقَة رجُلٌ من بني تَمِيْم غَلِيظ، يقال له أبو بَرذَعَة، فلَحِقَه فقال: ما خَلفك؟ فقال: مَرِضَ هذا الرَّجُل فتخلَّفْتُ عليه، فجلدَهُ خَمْسِين سَوْطًا فماتَ، فكن يَرونَ أنَّهُ ماتَ شَهِيْدًا.

‌ذِكرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو جَعْفَر

‌أبو جَعْفَر بن خَلَّادَة الأنْطَاكِيُّ

(1)

كَتَبَ عنهُ الحُسَين بن عليّ بن عُمَر بن كَوْجَك العَبْسِيُّ الحَلَبِيُّ.

‌أبو جَعْفَر بن سَهْل المَرْوَزيُّ الكَاتِبُ

كان يَتَقَلَّدُ الخَرَاجَ بجُنْد قنَّسْرِيْن والعَوَاصِم، وهو زَوْجُ ابنَة أبي صالح بن يَزْدَاد، حَكَى عنه أبو عُبَادَة البُحْتُرِيّ، وكَتَبَ إليه شِعْرًا.

قَرَأتُ في أخْبَار أبي عُبَادَةَ البُحْتُرِيّ، جَمْعُ أحْمَدَ بن فَارِس المَنبِجِيّ الأدِيْب، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد - يعني عُبيد الله بن يَحيَى بن أبِي عُبَادَة الوَلِيد البُحْترِيّ - عن أَبيِهِ، عن جَدّه، قال: كان بينى وبين أبي جَعْفر بن سَهْل المَرْوَزيّ - وهو زَوْجُ ابنة أبي صَالِح بن يَزدَاد - مَوَدَّةٌ ومُؤَانَسَةٌ، وكان يَتَقَلَّدُ الخَرَاجَ بجُند قِنَسْرِيْن والعَوَاصِم، فأردْتُ الخُرُوج إلى منْبج، وكُنْتُ معه بحَلَبَ، فخَرَجْتُ ولَم أُوَدِّعه فكَتَبُت إليه

(2)

: [من مجزوء الكامل]

(1)

ذكره الحافظ ابن عساكر عرضًا في تاريخه 14: 261، في ترجمة ابن كوجك.

(2)

ديوان البحتري 3: 1495 - 1496.

ص: 128

اللهُ جَارُك في انْطِلاقِكْ

تلقاءَ مَروِكَ (a) أو عِراقِكْ

لا تَعذُلَنِّي في مَسِيري

يَوْمَ سِرْتُ ولم أُلَاقِكْ

إنِّي خشيْتُ مَوَاقِفًا

للبَيْن تَسْفحُ غَرْبَ مَاقِكْ

وعَلِمتُ أنَّ لقاءَنا (b)

حَسْبُ اشْتِيَاقي واشْتِيَاقِكْ

وذَكَرتُ ما يَجِدُ المُـ

ـــوَدِّعُ عند ضَّمِّكَ واعْتِنَاقِكْ

فتَرَكتُ ذاكَ تَعمُّدًا

وخرجتُ أهْرُبْ مِنْ فِرَاقك

‌أبو جَعْفَر بن عليّ بن المُحسِّن الحَلَبِيُّ الفَقِيهُ الشَّاعرُ

(1)

من أهْل حَلَب، كان (c) فَقِيهًا على مَذْهَب الإمامِيَّة، ورَحَلَ إلى العِرَاق، واشْتَغَل على أبي جَعْفَر الطُّوْسيّ، ورَوَى عنهُ، رَوَى عنهُ سَعيد بن هِبَةِ اللّه بن الحَسَن الرَّاوَنْدِيّ.

أخْبَرَنا أبو المُؤيد مُحَمَّد بن مَحمُود بن مُحَمَّد، قاضي خُوارَزْم، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سَعيد الرَّاوندِيّ، قال: أخبَرَني والدِي مُحَمَّد بن سعيد بن هِبَةِ اللّه الرَّاوَنْدِيّ، قال: أخْبَرَني وَالدِي قُطْبُ الدِّين سَعيدُ بن هِبَة اللّه بن الحَسَن الرَّاوَنْديّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو جَعْفَر الحَلَبيُّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الفَقِيهُ الثِّقَةُ أبو جَعفَر مُحَمَّد بن الحسن الطُّوسيِّ، قال: أخبَرَنا الشيخ المُفِيد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن نُعْمَان الحَارِثِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد التَّمَّار، عن مُحَمَّد بن أحْمَد (d)، عن جَدِّهِ، عن عليّ بن حَفْصٍ المَدَائنِيِّ، عن إبْراهيم بن الحَارِث (e)، عن عَبْد الله بن دِيْنار، عن ابن عُمَر

(2)

، رضي الله عنهما، قال: قال رَسُولُ اللّهِ

(a) الديوان: بكاءنا.

(b) الديوان: شامك.

(c) ساقطة من م.

(d) م: مُحَمَّد.

(e) في جامع الترمذي إبراهيم بن عبد اللّه بن حاطب.

_________

(1)

توفي في حدود سنة 470 هـ.

(2)

الجامع الكبير للترمذي 4: 211 (رقم 2411)، وانظر: المسند الجامع 10: 698 (رقم 8097).

ص: 129

- صلى الله عليه وسلم: لا تُكْثروا الكَلَام بغير ذِكْرِ اللّهِ، فإنَّ كَثْرةَ الكَلَامِ بغير ذِكرِ اللّهِ قَسْوَة القَلْب (a)، وإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ من اللّهِ القَلْبُ القَاسِي.

قَرأتُ بخَطِّ بعض أُدَبَاء حَلَب في تَعْلِيقٍ له: أبو جَعْفَر بن عليّ بن المُحَسِّن الحَلَبيّ، شَاعِرٌ من أهْل حَلَب، وقيل: إنَّهُ كان فَقِيهًا على مَذْهَب الإمامِيَّة، ورَحَلَ إلى العِرَاق، واشْتَغَل على أبي جَعْفَر الطُّوْسيّ، وعاشَ بعدَهُ إلى حُدُودِ السَّبْعين وأرْبَعِمائة، وقيل: إنَّ له مُصَنَّفاتٍ على مَذْهَبهم، وذَكَرَ أنَّ له من قَصِيدَة يَمدَحُ بها بعضَ المُلُوك:[من الطويل]

مَليْكُ على هَامِ الثُريَّا مِهَادُهُ

وفَوْقَ مُتُونِ الصَّافِنات مُهُوْدُهُ

تَمَطَّقِ ثَدْيَ المُلكِ وَهْوَ ابنُ يوْمِهِ

وما جَال في خَيْطِ التَّمِيْمِ وَرِيْدُهُ

وسَار على النَّهْجِ الّذي سلكتْ به

مَسَالِكَهُ آباؤُهُ وجُدُودُهُ

يُعِدُّ المَذَاكي وهي جُرْد صَوَاِهِلُ

لِيَومٍ يُذِيبُ الصَّافِناتِ وُقُودُهُ

ويَدَّخِرُ المُرَّانَ حتَّى يرُدَّهُ

وأُمْلُودُهُ مَاطُورُهُ أو قَصِيدُهُ

سَلِيْلُ مَليْك في العَلَاءِ مُعَرَّقٍ

يمُتُّ بمجدٍ لا تُرَدُّ شُهُودُهُ

فيُذْعِنُ بالتَّقْصِيرِ كُلُّ مُنَادِدٍ

وما الفَخْرُ إلَّا ما روَاهُ نَدِيْدُهُ

يقُول فيها:

فيا مَلِكًا تُضْحِي المُلُوكُ أذِلَّةً

لدَيْه كَما ذَلَّتْ لمَولىً عَبِيْدُهُ

ويَسْجُدُ رَبُّ التَّاج خَوْفًا لبَأسِهِ

وقَلَّ لَهُ من رَبِّ تاجٍ سُجُودُهُ

بَقِيْتَ على رَغْم الحَسُودِ مُبَلَّغًا

مِنَ العُمْرِ ما تَخْتَاره وتُريْدُهُ

(a) في جامع الترمذي والمسند الجامع: قسوة للقلب.

ص: 130

‌أبو جَعْفَر بن أبي كُرَيْث - أو: ابن أبي كُرَيْب - الخاطِبُ المِصِّيْميُّ

خَطِيْبُ المِصِّيصَة، لهُ ذِكرٌ.

قَرَأتُ في شِعْر العبَّاس الخيَّاط المِصِّيْصيّ أبياتًا في أبي جَعْفَر الخَاطِب المِصِّيْصيّ يَهْجُوه: [من مجزوء التقارب]

لنا خاطِبٌ من خَرِو

يُكَنَّى أبا جَعْفَرِ

له خُطَبٌ بَرْدُها

يَحضُّ على المُنْكَرِ

فقُل لأبي الأَصْبغ

الأَمِيرِ ولا تصْغرِ

يُعِدُّ له جُبَّة

وفَرْوًا مع المِمْطَرِ

فإنِّي على بَردِهِ

منَ البُعْدِ لَم أَصْبِرِ

فكيفَ تُرَى حَالُ مَنْ

إلى جَانِب المِنْبَرِ

ومن شِعْر العبَّاس فيه أيضًا: [من الخفيف]

يستَريحُ العِبَادُ لو قَدْ عَميْتا

يا بَغِيْضًا مِنَ الرِّجال مَقِيْتا

لكَ في مِنْبَر المِصيصَةِ (a) وَعْظٌ

يُنْشِفُ الحُزْنَ ثُمّ يُنْسِي (b) القُنُوتَا

ذاكَ مِن أجْل أَنَّ حلْقَكَ فيهِ

جَمَلٌ ليسَ يستَطِيعُ السُّكُوتا

أنْتَ لو شِئْتَ أنْ تكُون بَلِيغًا

لَلَزِمْتَ السُّكُوتَ حتَّى تَمُوتَا

وكان هذا العبَّاسُ المِصِّيْصي مُوْلَعًا بهَجْو النَّاسِ والأكَابِر منهم، حتَّى أنَّهُ لا يكادُ يقَع له شِعْر في غير الهِجَاءِ، ولَم يَقَع في هَجوه هذا طَعْنُ على أبي جعْفَر الخَاطِب في دِيْنهِ، فدَلَّ على صَلَاحهِ.

(a) فوقها بخط صغير: "خف"، لتخفيف الصاد الأول خلاف المعروف لضرورة الوزن.

(b) م: نمسي.

ص: 131

‌أبو جَعفَر الهاشِميُّ القَاضِي الحَلَبِيّ

(1)

وأظُنُّه - واللهُ أعلَمُ - ابن الخَشَّاب الهاشمِّي

(2)

، قاضي حَلَب، الّذي كان قَاضِيًا بها في أيّام شرِيف بن سَيف الدَّولَةِ، فعزَلهُ بالحَسَن الزّيدِيّ، وَالد أبي الغَنائِم النَّسَّابَة، وتزوَّج القَاضِي الزيْدِيّ. ابنتَهُ على ما ذَكَرَ أبو الغَنائِم في كتابِ النَّسَب، فإن لم يَكُن، فهذا أبو جَعفَر قاضي حَلَب من أُولي النَّبَاهَة والفَضْل، فإنَّني قَرأتُ في كتاب ذَيْل اليَتِيْمَة

(3)

، الّذي ذَيَّلَ به أبو مَنصُور الثّعالِبيّ كتابَهُ، في تَرجَمَةِ أبي الفَتْحِ المَوَازِينيّ، وهو أحْمَد بن عُبيد اللّه المَاهِر الحَلبِيّ، قال: وله - يعني المَوَازِينيّ - في مرثيَّة القَاضِي الهاشِميّ بحَلَب: [من البسيط]

نَاعِي أبي جَعْفَر القَاضِي دَعَوْتَ إلى الـ

ـــرَّدى فلم نَدْر نَاعٍ أنتَ أم دَاعِ

تَنْعي العَظِيمَينِ مِن مَجْدٍ ومِن شَرفٍ

بعدَ الرّحيبيْنِ من خُلْقٍ ومن بَاعِ

مَهلًا فلَم تُبْق عَيْنًا غير بَاكيةٍ

ولا تَركْتَ فُؤَادًا غَيرَ مُرتَاعِ

قد كانَ مِلْءَ عُيونٍ بعدَهُ امْتَلأت

حُزنًا ونُزهَةَ أبصارٍ وأسْمَاعِ

‌أبو جَعْفَر المُبَرْقَع الهاشِميّ

أحَدُ العُبَّاد الّذين كانوا بأنْطَاكِيَة، رَوَى عنهُ أبو سُفْيان العبَّاسيّ.

أخبَرَنا عُثْمان بن أُزْرْتُق إذْنًا، قال: أخبَرَنا الشّيْخُ أبو الفَتح مُحَمَّد بن عَبدِ البَاقِي بن (a) البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن عَبْد القَادِر بن يوسُف،

(a) سقطة من م.

_________

(1)

توفي قبل سنة 452 هـ، لرثاء الماهر الحلبي له، وكانت وفاة الماهر سنة 452 هـ.

(2)

تأتي ترجمته فيما بعد، في موضعها من هذا الجزء.

(3)

ترجمة أبي الفتح الموازي في تتمة اليتيمة 21، وأبياته في رثاء القاضي الهاشمي وردت في ترجمة أبي الفضل محمد بن عبد الواحد التميمي 79 - 80.

ص: 132

وأبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قالا: أخبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيز بن عليّ بن أحمَد بن الفَضْل، قال: سَمِعتُ أبا الحَسَن على بن عَبْد اللهِ بن الحَسَن الهَمَذَانيّ يَقُول: سَمِعتُ أبا بَكْر الدُّقِّيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا سُفْيان العبَّاسيّ يَقُول: قال لي أبو جَعْفَر المُبرقَع الهاشمِيّ: خَرَجْتُ من أنْطَاكِيَة وأنا جَائِعٌ أُريدُ السَّاحِل، فجئتُ إلى مَعْبر، فإذا رَغِيفٌ مَطْرُوح، فقُلتُ: هذا وَقَع من إنْسَان، ولم أُرَ أخذَهُ، فإذا الرَّغِيفُ قد طَفَر من الشَّطِّ إلى النَّهْر، ثمّ جَرَى في عُرْضِ النَّهْر، وطَفَرَ من النَّهْر إلى الشَّطِّ، فقُلتُ: هذا خُبْز المَوْلَى فأخَذْتُه وأكلتُه.

‌أبو جَعْفَر الفَقِيه

حَدَّثَ بأنْطاكيَة عن أبي مُحَمَّد الحارِث بن أبي أُسامَة. رَوَى عنهُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيَع الصَّيْدَاوِيّ.

أخبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخبَرَنا الفَقِيه أبو الحَسَن علِيّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع الغَسَّانِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَرِ الفَقِيه بأنْطَاكِيَةَ، قال: حَدَّثَنَا الحارِثُ بن أبي أُسامَة أبو مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا يزِيدُ بن هَارُون، قال: أخْبَرَنا الجُريرِيّ، عن أبي نَضْرَة، عن أبي سَعيد الخُدرِيّ

(2)

، عن رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال: إذا أتى أحدُكمُ على رَاعي فليُنَادِي ثلاثًا، فإنْ أجابَهُ، وإلَّا فليَحْلُبْ وليَشربْ ولا يَحمِلنَّ، وإذا أتى أحدُكمُ حَائِطَ بُسْتَانٍ (a) فليُنَادِي ثلاثًا صَاحِبَ الحائِطِ، فإنْ أجابَهُ وإلَّا فليأكُلْ ولا يَحمِل.

(a) ساقطة من م.

_________

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 383.

(2)

صحيح ابن حبان 12: 87 (رقم 5281)، السنن الكبرى للبيهقي 9: 359 - 360.

ص: 133

‌أبو جَعْفَر المَلَطِيُّ

رَوَى عن عليّ بن مُوسَى الرِّضَا، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الإسْكَنْدَرَانِيّ.

أخبَرَنا المُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسيِّ في كِتَابِهِ إليْنَا من نيسَابُور، قال: أخبَرَنا جَدِّي عبَّاسَة الفُرَّخْرَادِيّ، قال: أخبَرَنا أبو إسحَاق الثّعْلَبيِّ

(1)

، قال: سَمِعتُ مُحَّمَد بن الحُسَين السُّلَميّ يَقُول: سَمِعْتُ مَنْصُور بن عَبْدِ الله يَقُول: سَمِعْتُ أبا القَاسِم (a) الإسْكَنْدَرَانيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا جَعْفَر المَلَطِيّ يَقُول عن عليّ بن مُوسَى الرِّضَا، عن أَبيِهِ، عن جعْفَر بن مُحَمَّد في هذه الآيةِ

(2)

، قال: ما تَيَسَّر لكم فيهِ (b) خُشُوع القَلْب وصَفَاءُ السِّر.

‌أبو جَعْفَر المَغَازِليّ المِصِّيْصيُّ

حَدَّثَ عن مُحمّد بن حِمْيَر، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن النَّضْر العَسكَريّ.

أخبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْد اللّهِ الدِّمَشقيّ فيما أذِنَ لنا فيه، قال: أخبَرَنا أبو سَعيد خَليل بن أبي الرَّجَاء الرَّارَانيّ (c)، قال: أخبَرَنا الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّاد، قال: أخبَرَنا أَبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم سُليْمانُ بن أحْمَد الطّبَرَانِيّ

(3)

، قال: حَدَّثنا أحْمَدُ بن النّضْر، قال: حَدَّثنا أبو جَعْفَر المَغَازِليّ المِصِّيْصيّ،

(a) في تفسير الثعلبي: أبا القيم.

(b) في تفسير الثعلبي: منه.

(c) م: الرازاني، وصوابه المثبت براثين، نسبة إلى قرية راران من قرى أصبهان، العبر في خبر مَن غبر 3: 114، المشتبه في الرجال 296، النجوم الزاهرة 6: 158، شذرات الذهب 6:539.

_________

(1)

تفسير الثعلبي "الكشف والبيان" 10: 66 (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 2002 م).

(2)

قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ، سورة المزمل، من الآية 20.

(3)

المعجم الأوسط 2: 176، وانظر: الآثار لأبي يوسف الأنصاري 1، سنن الدارقطني 1: 365 - 366 (رقم 17)، الكامل لابن عبدي 4: 1437، السنن الكبرى للبيهقي 2: 380، كنز العمال 7: 429 (رقم 19633).

ص: 134

قال: حَدَّثَنَا مُحمّد بن حِميَر، عن الأوزَاعِيِّ، عن أبي سُفْيان، عن أبي نَضْرَة، عن أبي سَعيد الخُدرِيّ، عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال: الوُضُوءُ مِفْتاح الصَّلاةِ.

قال الطَّبَرَانِيُّ: لَم يَرْو هذا الحَدِيث عن الأوْزَاعيِّ إلَّا مُحمّدُ بن حِمْيَر، تَفَرَّدَ بهِ المَغَازِليُّ.

‌أبو جَعْفَر المِصِّيْصيُّ

(1)

إنْ لم يَكُن المَغَازِليّ فهو غَيْرُهُ، حَكَى عن سهْل بن عَبْد اللّه التُّسْتَرِيّ، رَوَى عنهُ فُرَج بن عَبْد اللّهِ النَّصِيْبيّ.

أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادر بن عَبْدِ اللّه الرُّهَاوِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من حَرَّان، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عَبْدُ اللَّهِ بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن عليّ بن أحْمَد بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللّه بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، قال: حَدَّثني فُريج بن عَبدِ اللّه النَّصِيْبيُّ، قال: سَمِعتُ أبا جَعْفَر المِصِّيْصيَّ يَقُول: سَمعْتُ سَهْل بن عَبْدِ اللّهِ يَقُول: احْفَظُوا السَّوَادَ على البَيَاض فما أحَدٌ تَرَك الظَّاهِرَ إلَّا خَرَجَ إلى الزَّنْدَقَة.

‌أبو جَعْفَر الجُلَّابِيُّ، وقيل: الجَيَّانِيّ

من شُيُوخ الصُّوْفيَّة، كان بالتِّينَات عند أبي الخَير التِّينَاتِيّ، حَكَى عنهُ أبو القَاسِم بُكَيْر بن مُحَمَّد المُنذِريّ (a).

(a) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

_________

(1)

ذكره ابن ماكولا في الإكمال 7: 62، وابن عساكر في تاريخه 48:253.

ص: 135

‌أبو جَفْنَة المِصِّيْصيُّ

شَاعِرٌ مَذْكُورٌ من أهْل المِصِّيْصَة، لَم أظْفَر بشيءٍ من شِعْرِه، ووَقَعَ إليَّ أبياتُ قالها عبَّاس الخيَّاط المِصِّيْصيّ في أبي جَفْنَة الشَّاعر المِصِّيْصيّ يَهْجُوه، وهي:[من السريع]

أَصْبَحَ دِيْنارُكَ في الأنْفُسِ

يَزهَرُ (a) كالزُّهْرَةِ في الحِنْدِسِ

جَاءَ مع الرُّقْعَة ذا سُرعةٍ

فيه غِنَىً لِلرَّجُلِ المُفْلِسِ (b)

كأنَّما في رَاحَتِي ثِقْلُهُ

ثِقْلُ أبي جَفْنَةَ في المَجلِسِ

‌أبو جَمَل بن عُمَر بن قَيس الكِنْدِيُّ

(1)

كان أمِيْرًا على أهلِ قِنَّسْرِيْن في الجَيشِ الّذي سَيَّرَهُ مَروَان مع جُوَيِرية بن سُهَيل البَاهِلِيّ إلى مِصْر، فبعَثَهُ (c) جُوَيريَة إلى الصَّعِيْد، فأُتي بكاتِب رجَاء، يزِيد بن مُوسى بن ورْدَان، فقُيِّد وحُبِسَ، واسْتُخْرج منه ثَلاثمائة ألف في دِيْنارٍ، نَقَلتُ ذلك من تاريخ مُختَار المُلك المُسَبِّحيّ

(2)

.

‌أبو الجنوب

(3)

رَجُلٌ مَذْكُورٌ مِن أصحَاب عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه، شَهِدَ معه (d) صِفِّيْن، وحَكَى عنه، روى عنهُ النَّضْر بن مَنْصُور.

(a) م: يزهوا.

(b) م: المقلس.

(c) م: فبعث.

(d) م: شهد وقحة.

_________

(1)

ترجمته في: ولاة مصر للكندي 110، (وفيه: أبو جمل بن عمرو).

(2)

تقدم التعريف بتاريخ المسبحي الضائع في الجزء الثاني.

(3)

اسمه: عقبة بن علقمة اليشكري، أبو الجنوب الكوفي، كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 6: 313، تهذيب الكامل 20: 213 - 215، وترج له المزي أيضًا في الكنى 33: 207، الكاشف 2: 273، ميزان الاعتدال 3: 87، تهذيب التهذيب 7: 247، 12: 60 تقريب التهذيب 2: 27.

ص: 136

أنبَأنَا أبو الحَسَن بن مَحْمُود الصَّابُونيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن أحْمَد الأدِيب إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن الحُسين (a)، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن الحَسَن بن أحْمَد (b)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إسحَاق الطِّيبيّ، قال: حَدّثَنَا إبْراهيمُ بن الحُسَين بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن عُمَر بن أَبَان، قال: حَدَّثَنَا النَّضْر بن مَنْصُور، عن أبي الجَنُوب، قال: شَهِدتُ مع عليٍّ صِفِّيْن، قال: فأسَرَ عليٌّ من أصحَاب مُعاوِيَة خَمْسَة عَشر رَجُلًا جَرْحَى، فلَم يَزل يُدَاويْهم، يَمُوت واحدٌ بعد واحدٍ، يُكَفِّنهم، ويُصَلِّي عليهم، ويَدْفنهم.

‌أبو الجُوَيريَة الجَرْميُّ

(1)

واسمُه حِطَّان.

غزا بلاد الرُّوم مع مَعْن بن يَزِيد (c)، واجْتازَ بحَلَب أو بعَمَلها في إمَارة مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، رَوَى عن مَعْن بن يَزِيد، رَوَى عنهُ عَاصِمُ بنُ كُلَيب.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد الأوَقِيّ، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن دَاوُد الدَّربندِيّ (d) الصُّوْفيَّان، وأبو القَاسِم بن رَوَاحَة، وأبو الحَسَن بن الصَّابُونِيّ، قالُوا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الخَطَّاب بن البَطِر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن البِيِّع، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللّه الحُسَين بن إسْمَاعِيْل المَحَامِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن منْصُور دَاجٌ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو حَمْزَة، عن

(a) م: أبو الحسين مُحَمَّد الصابوني.

(b) ساقطة من م.

(c) ساقطة من م.

(d) م: الذرندي.

_________

(1)

توفي بعد سنة 120 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 322، تاريخ يحيى بن معين 2: 121، تاريخ البخاري الكبير 3: 118، الجرح والتعديل 3: 304، الثقات لابن حبان 4: 210 - 211، تهذيب التهذيب 2: 396، 13: 62، تقريب التهذيب 1: 185، 2: 408، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 199. وتقدم لابن العديم الترجمة له في الجزء السادس، برسم حطان بن خفاف.

ص: 137

عَاصِم بن كُلَيب، قال: حَدَّثَنَا أبو الجُوِيريَة

(1)

، قال: أصبتُ جَرَّةً في إمَارة مُعاوِيَة، فيها دَنَانِيْر في أرْض الرُّوم، وعلينا رجُل من أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم يُقَال له: مَعْنُ بن يَزِيد، قال: فأتيناهُ بها، فقَسَمها بين المُسْلمِيْن، وأعْطَاني مثل ما أعْطَى رَجُلًا، ثمّ قال: لولا أنِّي سَمعْتُ رسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم ورَأيته يفعَله يَقُول: لا نَفْلَ إلَّا بعدَ الخُمُس، لأَعْطَيْتُكَ، ثمّ أخَذَ فعرضَ عليَّ من نَصِيْبهِ، قال: فأبَيتُ فقُلتُ: ما أنا بأحَقّ بهِ منْكَ.

‌أبو جَهْمَة الأسَدِيُّ

(2)

شَاعِرٌ شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ رضي الله عنه، وقال يَوْمئذٍ شِعْرًا يُجيْبُ بهِ كَعْب بن جُعَيْلٍ.

أنبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد، عن أبي مُحَمَّد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن الحَسَن البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيجاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بنَ دِيِزيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أحمَدُ بن بشِير في حدِيثه - يعني في قتل عُبَيْدِ اللّه (a) بن عُمَر - أنَّ كَعْب بن جُعَيْلٍ قال في ذلك

(3)

: [من الطويل]

ألَا إنَّما تَبْكي العُيُونُ لفَارِسٍ

بصِفِّيْنَ وَلَّتْ خَيْلُهُ وَهْوَ وَاقِفُ

(a) م: عبد الله، وجاء فيها - في الشعر بعده - صحيحًا.

_________

(1)

سنن أبي داود 3: 187 (رقم 2753)، شرح معالم الآثار للطحاوي 3: 242، السنن الكبرى للبيهقي 6: 314، وانظر: المسند الجامع 15: 373 (رقم 11718).

(2)

كان حيًّا سنة 37 هـ، وبعض أخباره في كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 361 - 362، الفتوح لابن أعثم 3: 76، تاريخ ابن عساكر 38: 75، 50:129.

(3)

الأبيات في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 298 - 299، طبقات فحول الشعراء لابن سلام 2: 575، وثلاثة منها في نسب قريش للزبيري 355 - 356.

ص: 138

تَركْنَ عُبَيْدَ اللّهِ بالقَاعِ مُسْنَدًا

تَمُجُّ دَمَ الحَوْفِ العرُوقُ النَّوازِفُ

تَمِيْلُ فتَغْشَاهُ سَبَائبُ مِن دَمٍ

كما لَاحَ في جَنْبِ القَمِيْصِ الكَفَائفُ

تَنَافَسْنَ فاسْتَسْمَعْنَ مِن أينَ صَوْتُهُ

فأقبَلن شَتَّى والعُيُونُ ذَوَارِفُ

يَسُفْنَ دَمًا قد ضَاع في يَوْم ضَيْعَةٍ

وأنكَرَ مِنهُ بَعْدَ إلْفٍ مَعَارِفُ

تَبدَّلَ مِن أسماءَ أسْيَافَ وَائِلٍ

وكان فَتَىً لو أخْطَأَتْهُ المَتَالِفُ

وفرَّت تَمِيمٌ سَعْدُها وربَابُها

وحَالَفَتِ الجَعْدَاءُ فيمَن تُحَالِفُ

وزادَ غيرُه في قوْل كَعْب بن جُعَيْل

(1)

: [من الطويل]

مُعَاوِيَ لا تَنهَضْ بغَيْرِ وَثيقةٍ

فإنَّكَ بَعْدَ اليَوْم بالذُّلِّ عَارِفُ

فأجابَهُ أبو جَهْمَة الأسَدِيُّ في ذلك

(2)

: [من الطويل]

تعرَّفَ والعرَّافُ يَنْجَحُ أمُّهُ

فإنْ كُنْتَ عرَّافًا فإنِّي لعَائِفُ

أغَرْتُم علَينا تَسْرِقُون ثِيَابَنا

وليسَ لنا في أرْضِ صِفِّيِنَ قَائِفُ

وقال يَحْيَى بن سُلَيمان: أخبَرَني نَصْرُ بن مُزَاحِم

(3)

، قال: حَدَّثَنَا عَمرو بن شَمرٍ، عن جَابِر، عن الشَّعْبِيّ، عن صَعْصَعَة بن صُوْحَان، قال: وقال أبو جَهْمَة الأسَدِيُّ: [من الرجز]

أنا أبو جَهْمَة في جلدِ الأسَدْ

أَهجو بني تَغْلِبَ بتال البعَدْ (a)

أَقُودُ مَن شِئْتُ وصَعْبًا لَم أُقَدْ

(a) وقعة صفين: ما ينجي النقد.

_________

(1)

وقعة صفين 360.

(2)

وقعة صفين 361 باختلاف في بعض الألفاظ.

(3)

وقعة صفين 362، وانظر: الفتوح لابن أعثم 3: 76.

ص: 139

‌أبو الجيش بن لؤلُؤ السَّيْفِيُّ

(1)

أخو مُرتَضَى الدَّوْلَة أبي نَصر بن لؤلُؤ.

كان أخُوه مُرتَضَى الدَّوْلَة (a) مَلِك حَلَب، وحَضَر أبو الجَيشِ معه في الوَقعَهَ مع صالح بن مِردَاس على تَلّ حاصِد

(2)

، فلمَّا كُسِرَ مُرتَضَى الدَّوْلَةِ انهَزَم أبو الجَيش وأبو سَالَم أخَوا مُرتَضَى الدَّولةِ، وقَصَدَا قلعَة حَلَب، وأُسِرَ مُرتَضَى الدَّوْلَهِ، فضَبَطَ أبو الجَيش القَلْعَةَ والبَلَد، وقَوِيَت به نفُوسُ مَنْ كان في البَلَدِ من أهلِه ومَنْ عَاد من الجَيشِ المَفلُولِ، وضَبَطَ البَلَدَ أبو الجَيش وأمُّه ضَبطًا حَسَنًا، فرَأى صالِح بن مِردَاسٍ أنَّهُ لا يقدِرُ على أخذ البَلَدِ لضَبْطِه بأبي الجَيش، فرَأى أنْ يُوْقِع الصُّلْحَ، فتراسَلُوا في ذلك، وأشْرَكُوا أبا الجَيش في تمَرير الصُّلْح مع مُرتضَى الدّوْلةِ، فَخَرَجَ مَشَايخ من أهْل حَلَب من (b) أبي الجَيش فِي حَدِيثِ الصُّلْح وتقرِيره (c)، فاجْتَمَعُوا بمُرْتَضَي الدَّوْلَة وهو في القَيْد، وتحدَّثُوا معه، فقال لهم: تُدَبِّرُون الأمرَ على حَسَب ما تَرَوْنَهُ ويَستصْوِبَهُ أخي أبو الجَيشِ الّذي هو الآن المُسْتَولِي (d) على القَلْعَة والمَدِينَة، فلم يَنَالوا يَتَردَّدُونَ حتَّى اسْتَقرَّ الأمرُ مع صالح على الوَجْهِ الّذي ذَكَرناهُ في مَوضِعه

(3)

، ولمَّا أُطْلِق مرتَضَى الدَّوْلَة عادَ إلى القَلْعَة والبَلَد، ولَم يُعَارضه أبو الجَيش في شيءٍ.

(a) م: مرتضى الدولة أبي نصر بن لؤلؤ.

(b) كذا في الأصل وم، ولعل الأظهر: مع.

(c) ساقطة من م.

(d) م: متولي.

_________

(1)

كان حيًا سنة 405 هـ، وانظر بعض أخباره مع أخيه مرتضى الدولة منصور في لؤلؤ في زبدة الحلب 1: 180 - 185.

(2)

يسمى اليوم: تل حاصل؛ باللام عوض الدال، وتقدَّم التعريف به في الجزء الأول.

(3)

لعله ضمن ترجمة صالح بن مرداس الكلابي، في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 140

‌حَرْفُ الحاءِ في الكُنَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو حَاتِم

‌أبو حَاتِم الرَّازِيُّ

واسْمُه مُحَمَّد بن إِدْرِيس، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو حَاتِم بن حِبَّان البُسْتِيُّ

(2)

واسْمُه مُحَمَّد أيضًا، وقدم تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ

(3)

.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الحارِث

‌أبو الحارِث الأوْلاسِيُّ

من حِصْن أوْلاس، واسْمُه فَيْض بن الخَضِر، تَقَدَّم ذِكْرُهُ

(4)

.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 277 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 2: 414 - 422، الجرح والتعديل 1: 349 - 375، 7: 204، الثقات لابن حبان 9: 137، تاريخ بغداد 2: 414 - 422، تاريخ ابن عساكر 52: 3 - 16، ابن الجوزي: انمتظم 12: 284 - 285، المزي: تهذيب الكمال 24: 381 - 391، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 597، سير أعلام النبلاء 13: 247 - 263، تذكرة الحفاظ 2: 567 - 569، الكاشف 3: 18، العبر في خبر مَن غير 1: 398، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 2: 207 - 211، البداية والنهاية 11: 59، تهذيب التهذيب 9: 31 - 34، 12: 63 تقريب التهذيب 2: 143، 2: 409، المقريزي: المقفى الكبير 5: 420 - 422، السيوطي: طبقات الحفاظ 259، شذرات الذهب 3:321.

(2)

توفي سنة 354 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 52: 249 - 254، ابن الأثير: الكامل 8: 566، تاريخ الإسلام 8: 73، تذكرة الحفاظ 3: 920 - 934، سير أعلام النبلاء 16: 92 - 104، العبر في خبر من غبر 2: 94، الوافي بالوفيات 2: 317، المقريزي: المقفى الكبير 5: 519 - 520، شذرات الذهب 4: 285، الزركل: الأعلام 6: 78.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

ترجمة الفيض بن الخضر بن أحمد، أبو الحارث الأولاسي الزاهد (ت 297 هـ) في الضائع من أجزاء الكتاب، وتقدم ذكره عند الكلام على حصن أولاس "حصن الزهاد" في الجزء الأول من هذا الكتاب، =

ص: 141

‌أبو الحارِث الرَّقِّيُّ المقرِئُ

(1)

أحَدُ أئمَّة القُرَّاءِ المَذْكُورين، قَرأ القُرآنَ العَظِيْم على أبي شُعَيْب صالِح بن زِيَاد السُّوْسِيّ، قرأ عليه بطَرَسُوس أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن زِيَاد النَّقَّاش، وروَى عنهُ.

‌أبو الحارِث بن السِّنْدِيّ الأنْطَاكيِّ

(2)

أنْبَأنَا حَسَنُ بن أحْمَد الأَوَقيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن قَشِيْش الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عُثْمان الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْد البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة أرْبعٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن، أبو الحارِث بن السِّنْدِيّ الأنْطَاكيِّ، يعني ماتَ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو حَازِم

‌أبو حَازِم المَدِيْنيُّ الأعْرَجُ

اسْمُه سَلَمَةُ بن دِيْنار، قَدِمَ خُنَاصِرَةَ على عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ

(3)

.

= وأورد له ابن العديم منامًا رآه في تذكرته 240. وانظر ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 49: 24 - 31، ابن الجوزي: المنتظم 13: 98، صفة الصفوة 4: 281 - 282، ابن الأثير الكامل 8: 59، (وفيه بالمعجمة: الأولاشي)، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 41، 646، 998، ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة 3: 171.

(1)

اسمه عبد بن أحمد، ترجمته في: طبقات القراء 1: 297 - 298، سير أعلام النبلاء 12: 380، ابن الجزري: غاية النهاية 2: 94.

(2)

توفي سنة 274 هـ، ووردت هذه الترجمه بهامش الأصل ولم تنقلها نسخة م.

(3)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 135 هـ، وقيل: 140 هـ، و 144 هـ، وانظر ترجمته في: تاريخ يحيى بن معين 3: 197، 228، 383، طبقات خليفة 264، المعارف لابن قتيبة 479، تاريخ البخاري الكبير 4: 78، التاريخ الصغير 2: 45، تاريخ الثقات للعجلي 495، المعرفة والتاريخ 1: 676 - 680، الجرح والتعديل 4: 159، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 129، حلية الأولياء =

ص: 142

‌أبو حَازِم الأسَدِيُّ الخُنَاصِريُّ

(1)

من أهْل خُنَاصِرَة من الأحَصّ، من عَمَل حَلَب.

حدَّث بخُنَاصِرَةَ عن أبي هُريَرَة رضي الله عنه، وحَكَى عن عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز رضي الله عنه، رَوَى عنهُ أبو الزَّنَاد ورَجُل غير مُسَمَّى.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف، فيما أذِنَ لي فيهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا حَمْد (a) بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(2)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن إسْمَاعِيْل الرَّمْليّ (b)، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّة بن الوَلِيد، عن رَجُلٍ، عن أبي حَازِم الخُنَاصِريّ الأسَدِيّ، قال: قَدِمْتُ دِمَشْقَ في خِلَافَة عُمَر بن عَبْد العَزِيْز يَوْم الجُمُعَة، والنَّاس رَائحين إلى الجُمُعَة، فقُلْتُ: إنْ أنا صِرْتُ إلى المَوضع الّذي أُريدُ نُزُولَهُ فاتَتْني الصَّلاة، ولكن أبدأُ بالصَّلاة، فصِرْتُ إلى باب المَسْجِدِ، فأنَخْتُ بَعِيْري ثمّ عقلْتُه، ودَخَلْتُ المَسْجِد، فإذا أَمِيرُ المُؤْمنِيْن على الأعْوَادِ يَخْطبُ النَّاس، فلمَّا أنْ بَصُرَ بي عرفَني، فنَادَاني: يا أبا حَازِم، إليَّ مُقْبِلًا، فلمَّا أنْ سَمِعَ النَّاسُ نداء أَمِير المُؤْمنِيْن لي أوْسَعُوا لي، فدَنَوتُ من المحرَاب، فلمَّا أنْ نَزَل أَمِير المُؤْمنِيْن، فصَلَّى بالنَّاسِ، التفَتَ إليَّ فقال: يا أبا حَازِم، مَتى قَدِمْتَ بَلَدَنا؟ قُلتُ:

(a) م: أحمد.

(b) حلية الأولياء: الحربي.

_________

= 3: 339 - 240، السمعاني: الأنساب 1: 308 - 309، تاريخ ابن عساكر 66: 126 - 131، ابن الجوزي: المنتظم 8: 32 - 35، صفة الصفوة 2: 156 - 167، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 150 - 152، 12: 95 - 99، تاريخ الإسلام 3: 664، سير أعلام النبلاء 6: 96 - 103، العبر في خبر مَن غبر 1: 146 (أرخ وفاته سنة 140 هـ)، تذكرة الحفاظ 1: 133 - 134، الكاشف 1: 383، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 75، تهذيب التهذيب 4: 143 - 144، 12: 64، تقريب التهذيب 1: 316، 3: 409، السيوطي: طبقات الحفاظ 60 - 61، شذرات الذهب 2:191.

(1)

ترجمته قي تاريخ ابن عساكر 66: 126 - 132.

(2)

حلية الأولياء 5: 299 - 302.

ص: 143

السَّاعَةَ، وبَعِيْري مَعْقُول ياب المَسْجِد، فلمَّا أنْ تكلَّم عَرَفْتهُ، فقُلتُ: أنْتَ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز؟ قال: نعم، فقُلتُ له: تاللَّهِ لقد كُنْتَ عندنا بالأمْسِ بخُنَاصِرَة أميرًا لعَبْد المَلِكِ بن مَرْوَان، فكان وَجْهُكَ (a) وضِيًّا، وثَوْبُكَ نَقيًا، ومَرْكَبُكَ وطيًّا، وطَعَامُكَ شَهيًّا، وحرَسُكَ شَدِيْدًا، فما الّذي غَيَّر بك وأنت أَمِيرُ المُؤْمِنِيْن؟ قال لي: يا أبا حَازِم، أُناشدُكَ اللَّه ألَّا حَدَّثتني الحَدِيْث الّذي حدَّثْتَني بخُنَاصِرة، قُلْتُ لهُ (b): نَعَم، سَمِعْتُ أبا هُريرَهَ يقُول

(1)

: سَمِعْتُ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: إنَّ بين أيدِيْكم عَقَبَةً كَؤودًا لا يُجاوزُها (c) إلَّا كُلّ ضَامِر مَهْزُول.

قال أبو حَازِم: فبَكَى أَميرُ المُؤْمنِيْن بُكَاءً عَاليًا حتَّى عَلَا نَحِيْبُه، ثُمَّ قال: يا أبا حَازِم، أفتَلُومني أنْ أُضْمِّرَ نَفْسِي لتلكَ العَقَبَةِ لعَلِّي أنْ أنْجُوَ منها وما أَظُنِّي منها بنَاجٍ.

قال أبو حَازِم: فأُغْمِي على أَمِير المُؤْمنِيْن، فبَكَى بُكَاءً عَاليًا حتَّى عَلا نَحِيْبُه، ثمّ ضَحِكَ ضَحكًا عَاليًا حتَّى بَدَت نَوَاجِذُه، وأكْثَر النَّاسُ فيهِ القَوْل، فقُلتُ: اسْكتُوا وكُفُّوا؛ فإنَّ أَمِيرَ المُؤْمنِيْن لَقِي أمرًا عَظيْمًا.

قال أبو حَازِم: ثُمَّ أفاقَ من غَشْيَته، فبدَرْتُ النَّاس إلى كَلامِهِ، فقُلتُ لَهُ: يا أَمِيرِ المُؤْمنيْن، لقد رَأينا منْكَ عَجَبًا؟ قال: ورَأيْتُمِ ما كُنْتُ فيهِ؟ قلتُ: نعم، قال: إنِّي بينما أَنا (d) أُحَدِّثكم إذ أُغْمِي عليَّ فَرأيْتُ كأنَّ القِيامَةَ قد قامَتْ، وحَشَرَ اللَّهُ الخَلائِقَ، وكانُوا عِشْرين ومائة صَفّ، أُمَّة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من ذلك ثَمانُون صَفًّا، وسَائر الأُمَمِ من المُوَحِّدِين أرْبعُون صفًّا، إذ وُضع الكُرْسِيُّ، ونُصِبَ المِيْزَانُ، ونُشِرَت الدَّوَاوِيْنُ، ثُمَّ نَادَى المُنَادِىِ: أين عَبْد اللَّه بن أبي قُحافَة؟ فإذا

(a) حلية الأولياء: وجبك!.

(b) ساقطة من م.

(c) حلية الأولياء والبداية والنهاية: يجوزها.

(d) ساقطة من م.

_________

(1)

أخرجه ابن كثير في البداية والنهاية 9: 206.

ص: 144

بشَيْخٍ طُوالٍ يَخضِبُ بالحنَّاءِ والكَتَم، وأخَذَت المَلائِكَةُ بضَبْعَيْهِ فارتقَوا به (a) أَمَامَ اللَّهِ فحُوْسِبَ حِسَابًا يَسِيْرًا، ثمّ أُمِرَ به ذات اليَمِيْن إلى الجَنَّة.

ثُمَّ نَادَى المُنَادِي: أين عُمَر بن الخَطَّاب؟ فإذا بشَيْخٍ طُوِال يَخْضِبُ بالحِنَّاءِ بَحْتًا (b)، فأخَذَت المَلائِكَة بضَبْعَيْه فأوْقَفُوه أَمَام اللَّهِ، فحُوسِب حِسَابًا يَسِيْرًا، ثمّ أُمِرَ بهِ ذات اليَمِيْن إلى الجَنَّة.

ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ: أين (c) عُثْمان بن عَفَّان؟ فإذا بشَيخٍ طُوَال يُصَفِّر لِحْيَته، فأخَذتِ المَلائِكَةُ بضَبْعَيْه فأوْقَفُوه أمامَ اللَّهِ، فحُوسِبَ حِسَابًا يسِيْرًا، ثمّ أُمِرَ بهِ ذات اليَمِيْن إلى الجَنَّة.

ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ: أين عليُّ بن أبي طَالِب؟ فإذا شَيْخٍ طُوَالٍ أبْيضٍ الرَّأسِ واللِّحْيَةِ، عَظِيْم البَطْنِ، دَقِيق السَّاقَيْن، وأخَذَت المَلائِكَة بضَبْعَيْهِ فأوقَفُوه أمَامَ اللَّه، فحُوسِبَ حِسَابًا يَسيْرًا، ثمّ أُمِرَ به ذات اليَمِيْن إلى الجَنَّة.

فلمَّا أنْ رَأيتُ الأمرَ قد قَرُبَ منِّي اشْتَغَلْتُ بنَفْسِي، فلا أدْرِي ما فَعَل اللَّهُ بمَن كان بَعْدَ عليٍّ، إذْ نَادَى المُنَادِي: أين عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز؟ فقُمْتُ فوَقَعْتُ على وَجْهي، ثمّ قُمْتُ فوَقَعْتُ على وَجْهي، ثمّ قُمْتُ فوَقَعْتُ على وَجْهي، وأتَاني مَلَكَان فأخَذَا بضَبْعِي، فأوْقَفاني (d) أمامَ اللَّهِ تعالَى، فسَألني عن النَّقِيرِ والقِطْمِير (e) وعن كُلِّ قَضِيَّةٍ قضيْتُ بها حتَّى ظَنَنْتُ أنِّي لسْتُ بنَاجٍ، ثُمَّ إنَّ رَبِّي تَفَضَّل عليَّ وتَدَاركني منه برَحْمَةٍ، وأمَرَ بي (f) ذات اليَمِيْن إلى الجَنَّة.

فبينا أنا مارٌّ مع المَلَكَين (g) المُوَكَّلَين بي، إذ مَرَرْتُ بجِيَفةٍ مُلْقاة على رَمَادٍ، فقُلتُ: ما هذه الجِيَفة؟ قالوا: ادْنُ منه فسَلْهُ يُخْبِرك، فدَنَوتُ منه فوَكَزْتُه بِرِجْلي

(a) حلية الأولياء: فأوقفوه.

(b) حلية الأولياء: فجثى.

(c) م: ابن.

(d) م: فأوقفني.

(e) زيد بعده في حلية الأولياء: والقتيل.

(f) م: وأمرني.

(g) م: الملائكة.

ص: 145

وقُلْتُ لهُ: مَنْ أنتَ؟ [فقال لي: مَن أنت](a)، قُلتُ: أنا عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، قال لي: ما فَعَلَ اللَّهُ بكَ وبأصْحَابكَ؟ قُلتُ: أمَّا أرْبَعَة فأُمِرَ بهم ذات اليَمِيْن إلى الجَنَّة (b)، فقال: أنا كما صِرْتُ؛ ثلاثًا، قُلتُ: أنْتَ مَنْ أنتَ؟ قال: أنا الحَجَّاج بنُ يُوسُف، قلتُ لهُ: حَجَّاج أُرَدِّدُها عليه ثلاثًا، قُلتُ: ما فَعَلَ اللَّهُ بكَ؟ قال لي: قَدِمْتُ على رَبٍّ شَدِيد العِقَاب، ذُو بَطْشَةٍ، مُنْتَقم ممَّن عَصَاهُ، فقَتَلَني بكُلِّ قِتْلةٍ قتلْتُ بها مثْلَها، ثُمَّ ها أنا مَوقُوف بين يَدي رَبِّي انْتَظر ما يَنْتَظر المُوَحِّدُونَ من رَبِّهم، إمَّا إلى جَنَّة، وإمَّا إلى نَارٍ.

قال أبو حَازِم: فأعطيْتُ اللَّه عَهْدًا بعد رُؤْيا عُمَر بن عَبْد العَزِيْز أنْ لا أُوْجب لأحدٍ من هذه الأُمَّة نارًا.

قال الحافِظُ أبو نُعَيْمِ

(1)

: رَوَاهُ إبْراهيم بن هَرَاسَة، عن الثَّوْرِيّ، عن أبي الزَّنَادِ، عن أبي حَازِم مُخْتَصَرًا.

أخْبَرناه مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا السَّرِيّ بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن هَرَاسَةَ، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن أبي الزَّنادِ، عن أبي حَازِم، قال: قَدِمْتُ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بخُنَاصِرَةَ، وهو يَوْمئذٍ أمِيرُ المُؤْمنِيْن، فلمَّا نَظَرَ إليَّ عَرفني، ولَم أعْرِفهُ، فقال لي: أُدْنُ يا أبا حَازِم، فلمَّا دَنَوتُ منه عَرِفْتُه، فقُلتُ: أنتَ أَمِيرُ المُؤْمنِيْن؟ قال: نعم، قُلْتُ: ألَم تكُن عندنا بالأمسِ بالمَدِينَة أميرًا لسُليْمان بن عَبْد المَلِك، فكان مَرْكَبُك وَطيًّا، وثَوْبُكَ نَقِيًّا، ووَجْهُكَ بَهيًّا، وطَعَامُكَ شَهيًا، وقَصْرُكَ مَشِيْدًا،

(a) ما بين الحاصرتين إضافة من حلية الأولياء.

(b) بعده في الحلية: "ثم لا أدري ما فعل اللَّه بمن كان بعد علي، فقال لي: أنت ما فعل اللَّه بك؟ قلت: تفضل عليَّ ربي وتداركني منه برحمة، وقد أمر بي ذات اليمين إلى الجنة".

_________

(1)

حلية الأولياء 5: 301 - 302.

ص: 146

وحَدِيثك كَثِيْرًا، فما الّذي غيَّر بابكَ (a) وأنت أَمِيرُ المؤمنِيْنَ؟ قال: أَعِدْ عليَّ الحَدِيْث الّذي حدَّثَتنِيْه بالمَدِينَة، فقُلتُ: نعم يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، سَمِعْتُ أبا هُريرة يَقُول: سَمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: إنَّ بين أيْديكم عَقَبَةً كَؤودًا مُضَرَّسةً لا يَجوزُها إلَّا كُلّ ضَامرٍ مهزُول، فبَكَى طَوِيْلًا.

أنْبَأْنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عُمَر بن عبد الرَّحْمن بن أبي العَجَاِئِز الأزْدِيّ الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ اللَّه الشَّافِعيّ الدِّمَشقيّ

(1)

، قال: أبو حَازِم الأسَدِيُّ الخُنَاصِريُّ (b)، حَدَّثَ عن أبِي هُرَيْرَةَ، وحَكَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ووَفَدَ عليه إلى دِمَشْق، رَوَى عنهُ رجُل غير مُسَمًّى، وأبو الزَّنَاد عَبْد اللَّه بن ذَكْوَان المُقْرِئ (c).

هكذا قال الحافِظُ: إنَّهُ وَفَدَ على عُمَر إلى دمَشْق بناءً على حَدِيثَ بَقِيَّة، وحَديث (d) ابن هَرَاسَة عن سُفْيان أقْرَب إلى الصِّحَّة، وقد رَوَاهُ ابنُ المُبارَك عن سُفْيان وقال فيه: قَدِمتُ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز وقد وَلي الخِلَافَة.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو حَامِد

‌أبو حَامِد بن (e) مُحَمَّد بن جَعْفَر الحَلَبيِّ المَعْرُوفُ بسَنَاء الدَّوْلَةِ

(2)

قَرأتُ بخَطِّ بعض الأُدَبَاء من أهْلِ حَلَب، قال: سَنَاء الدَّولَة، أبو حَامِد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الحَلَبِيّ، شَاعِرٌ مُجِيْدٌ كان في أيَّام الصَّنَوْبَريّ، رُوِي أنَّ الصَّنَوْبَريّ شَرِبَ دَوَاءً فكَتَبَ إليه سَنَاءُ الدَّولةِ:[من الهزج]

(a) حلية الأولياء: ما بك.

(b) ابن عساكر: ابن الخناصري.

(c) ابن عساكر: المدني.

(d) م: وحدث.

(e) ساقطة من م.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 66: 126 - 127.

(2)

من أهل القرن الرابع الهجري.

ص: 147

أَبِنْ لِي كيفَ أَمْسَيْتَ

وما كانَ من الحَالِ

وكم سَارَتْ بكَ النَّاقَـ

ـةُ نَحو المَنْزلِ الخَالِي

فكَتَبَ إليه الصَّنَوْبَريُّ

(1)

: [من الوافر]

كَتَبْتُ إليكَ والنَّعْلانِ ما إنْ

أُقِلُّهما (a) من السَّيْر العَنِيْف

فإنْ رُمْتَ الجَوَابَ إليَّ فاكْتُبْ

على العُنْوانِ: يُدْفُع في الكَنِيْف

‌أبو حَامِد الزَّاهِدُ

حدَّثَ بِأَذَنَةَ عن جَعْفَر بن مُحَمَّد الخَفَّافِ، وأبي أُمَيَّةَ مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ، رَوى عنهُ القَاضِي (b) أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد اللَّه الطَّرَسُوسِيّ قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان.

نَقَلْتُ من خَطّ القَاضِي أبي عَمْرو الطَّرَسُوسِيّ: حَدَّثَنَا أبو حَامِد الزَّاهد، بأَذَنَةَ، قال: حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد الخَفَّافُ، قال: حَدَّثَنَا موسى بن أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن كَثِيْر، عن بَقِيَّة، عن إبْراهيم، قال: قال يُونُسُ بن عُبَيْد: ما نَدِمْتُ على شيءٍ نَدَامتي على أنْ لا أكُون أفْنَيت عُمْري في الجِهَادِ.

‌أبو حَامِد

صَاحِبُ بَيْتِ المَال، لهُ ذِكْرٌ، وكان بحَلَبَ، حَكَى عنه ابنُهُ أبو عليّ بن أبي حَامِدٍ، وقد ذَكَرْنا عنه حِكَايَةً

(2)

.

(a) الديوان: أغبهما.

(b) م: الفاضلي.

_________

(1)

ديوان الصنوبري 334 - 335.

(2)

ذكر ابن العديم عنه حكايتين في ترجمة المتنبي في الجزء الثاني من هذا الكتاب، وترجم له في الكنى فيما يأتي.

ص: 148

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الحَسَن

‌أبو الحَسَن بنُ ثَوَابَة

(1)

كَاتِبٌ مَشْهُور، قَدِمَ حلَبَ صُحبَةَ الوَزِبر أبي الفَتْح الفَضْل بن الفُرَات حينَ مَرَّ بها.

‌أبو الحَسَن بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الدُّوَيْدَة

واسْمُه عليّ، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو الحَسَن بن جَعْفَر المتُوَكِّل ابن مُحَمَّد المُعْتَصِم ابن هَارُون الرَّشِيْد ابن مُحَمَّد المَهْديّ ابن عَبْدِ اللَّه المَنْصُور بن مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْد اللَّهَ بن العبَّاسِ الهاشمِيّ

(3)

قَدِمَ حلَبَ مع أبيهِ المُتَوَكِّل سَنَة أرْبعٍ وأرْبَعين ومَائَتَيْن، وكان يُعْرَف بابن فَرِيْدَة.

أنْبَأنا أبو مَنْصُور بن مُحَمَّد، عن عَمِّه الحافِظ أبي القَاسِم

(4)

، قال: أبو الحَسَن بن جَعْفَر المُتَوَكِّل، وذَكَرَ نَسَبَهُ، قَدِمَ مع أبيهِ المتُوَكِّل دِمَشْق سَنَة ثَلاثٍ

(1)

توفي سنة 312 هـ، وقيل: 316 هـ، وسماه التنوخي (الفرج بعد الشدة 2: 51، نشوار المحاضرة 8: 143): عبد بن جعفر بن ثوابة، أبو الحسن، وترجمته في: معجم الأدباء 6: 2470، الوافي بالوفيات 2:300.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وترجمته في خريدة القصر (قسم الشام) 12: 52، تاريخ ابن عساكر 66: 145 - 146، ابن فضل الده العمري: مسالك الأبصار 15: 473، الوافي بالوفيات 20: 350 - 352.

(3)

توفي سنة 272 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 142.

(4)

تاريخ ابن عساكر 66: 142.

ص: 149

وأربعين ومَائتَيْن، فيما قَرَأتُه بخَطِّ أبي مُحَمَّد عبد اللَّه بن مُحَمَّد الخَطَّابيّ.

وذَكَرَ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن القَوَّاس (a) الوَرَّاق، قال: ماتَ أبو الحَسَن ابن المُتَوَكِّل المَعْرُوفُ بابنِ فَرِيدَة في آخر ذِي الحِجَّةِ سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين ومَائتَيْن.

‌أبو الحَسَن بن جَهْشَم الطَّرَسُوسِيِّ

رَوَى عن البَاغَنْدِيّ، ويَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِدٍ. وكان ضَعِيْفًا (b) في الرِّوَايَةِ.

أنْبَأنَا أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، عن أبي سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: دَفَعَ إليَّ الشَّيْخُ الإِمَامُ الحافِظُ أبو عليّ الحَسَن بن مَسْعُود الوَزِير الدِّمَشقيِّ جُزْءًا خَفِيًّا (c) بخَطِّ الشَّيْخ الإمَام الحافِظ الزَّاهِد الحَسَن بن إبْراهيم بن بَقي الأنْدَلُسِيّ، رَحْمَةُ اللَّه عليه، مَكْتُوب: رَأيتُ بخَطِّ الشَّيْخ الإمَام الحافِظ أبي سَعيد مَسْعُود بن ناصِر (d) السِّجْزِيّ رحمه الله، في وَرَقَةٍ مُرَبَّعةٍ مَكْتُوبة، وسَألتُه أنْ يُمِلّ عليَّ، فقال: وَجَدْتُ عند الشَّيْخ أبي سَعيد (e) مَسْعُود بن عليّ بن مُعَاذ السِّجْزِيّ ثمّ النَّيْسَابُوِريّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تعالَى، بخَطِّ الحاكِم أبي عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه البَيَّاع الحافِظ، رحمه الله، في وَرَقَةٍ مُربَّعةٍ: اجْتَمَعْنا غَدَاة الخَمِيْس الرّابِع والعِشْرين من شَعْبان سَنَة إحْدَى وثَمانين وثَلاثِمائة، فذَكَرْنا الكَذَّابين بنَيْسَابُور الّذين ظَهَرَ لنا جَرْحهم، فأثْبَتناهُ في هذا الطَّبَق للاعْتِبَارِ، ونَسْأل اللَّه تعالَى العِصْمَة من ذلك بمَنِّه وطَوْلهِ: أبو الحَسَن بن جَهْشَم الطَّرَسُوسِيّ، يَرْوي عن البَاغَنْدِيّ وابن صَاعِد

(a) في الأصل، م: محمد بن أحمد بن أبي الفوارس! اشتبه عليه بأبي الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ (ت 411 هـ) الذي ينقل عنه الخطيب البغدادي وابن عساكر في تاريخيهما، والمثبت -وهو الصواب- موافق لما عند ابن عساكر؛ مصدر النقل.

(b) م: ضعفًا.

(c) م: خفيفًا.

(d) أشْكل رسمها على المؤلف فقيَّدها في الأصل مهملة الآخر: ناىه، وفي م: نابه، وانظر ترجمة أبي سعيد السجزي في سير أعلام النبلاء 18: 532 - 535، والبداية والنهاية 12:127.

(e) م: سعد.

ص: 150

وأقْرَانهما، ثُمَّ ذَكَرَ جَمَاعَةً، وقال: جَمَاعَةُ مَنْ في هذا الطَّبَق كَذَبَةٌ في الرِّوَايَةِ، وكَتَب مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بخَطِّهِ.

قال الشَّيْخُ مَسْعُود: وأشْهد على ذلك جَمَاعَة وأثْبَتُوا خُطُوطهم عَقِيبَ خَطِّه منهم (a)، كما ذَكَرهُ الحاكِم أَيَّدَهُ اللَّهُ، وكَتَبَه عبد الرَّحْمن العَمَّاريّ بخَطِّه.

آخر: هؤلاء القَوْم الّذين ذُكِرَ أسَامِيهم في هذه الوَرَقَة، كُلّهم كَذَبَة، تَابَ اللَّهُ علينا وعليهم، ولا تَحلّ الرِّوَايَةُ عنهم لمَنْ أرادَ أنْ يأخُذَ ما يأخُذُه للَّهِ عز وجل، وكَتَب أبو جَعْفَر العَزَائِميّ بخَطِّه.

وآخر: عَرفْتُ المَذْكُورين فيهِ بالصِّفَةِ المَذْكُورة فيه، وكَتَبهُ سَعيد بن مُحَمَّد بخَطِّه.

قال الشَّيْخُ مَسْعُود: فسَألتُ الشَّيْخ مَسْعُود السِّجْزِيّ أنْ يُثْبتَ خَطّه عَقِيْبَ ما كَتَبْتُ عنهُ، ليكون لي حُجَّةً بذلك، فكَتَبَ: نُسِخَ هذا من وَرَقَةٍ بخَطِّ الحاكِم الإمَام أبي عَبْدِ اللَّه الحافِظ رحمه الله، وفيه خُطُوط المَشَايخ: العَمَّاريّ، والعَزَائِميّ والشُّعَيْبيّ، رَحِمَهُم اللَّهُ تعالَى، والوَرَقَة عندي.

‌أبو الحَسَن بن زَيْد الشَّيْزَرِيُّ

شَاعرٌ مُجِيْدٌ (b)، من أهْلِ شَيْزَر، كان في أيَّام نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، ووَعَظ أبا بَكْر بن الدّايَة نَائبِهُ بحَلَب بأبْيَاتٍ.

قَرأتُ بخَطِّ الفَقِيه إمَام الدِّين أبي عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن سَعيد بن سَلامَة الحَلَبِيّ المَعْرُوف بابنِ الرِّكَابِيّ: وقال أبو الحَسَن بن زَيْد الشَّيْزَرِيّ: [من الطويل]

لئن حَالَت الأيَّامُ بيني وبينَ ما

أُحَاولُ أو أنْحَى عليَّ زَمَاني

(a) م: بينهم، وبعده في الأصل بياض قدر كلمة، وفوقه ضبَّة.

(b) قوله: "شاعر مجيد" ساقط من م.

ص: 151

ورُمْتُ مَرَامًا لَم يرُمْهُ مِنَ الوَرَى

سِوَايَ على ضَعْفي وبُعْدِ مَكَانِي

ففي ظِلِّ نُعْمى ابْنِ الوَصِيِّ مَوَاهِبٌ

تُحقِّقُ آمَالي وتُعْظِمُ شَانِي

إمامُ هُدًى لولا اهْتِدَائي بنُورِهِ

ضَلَلْتُ ونَالَتْني يَدُ الحَدَثَانِ

وإنْ تَكُ دَاري عَنْهُ أضْحَتْ بَعِيْدَةً

فشُكْري على بُعْدِ المَسَافَةِ دَانِ

وقال، ونَقَلْتُها من خَطِّ المَذْكُور:[من مجزوء الكامل]

باللَّهِ أُقْسِمُ صَادِقًا

قَسَمًا يَجلُّ عَنِ المُحَالِ

إنِّي امْرُؤٌ ما غيَرتْنـ

ـي بَعْدَ بُعْدِكُمُ اللَّيالِي

كَلَّا ولا خَطَر السُّلوُّ

وإنْ تَسَلَّيْتُم ببَالي

بل حَافِظٌ لعُهُودِكُمْ

في حَالِ حَلِّيْ وارْتِحَالي

أنْتُم وإنْ بِنتُمْ أحَبُّ

إليَّ مِن أهْلِيْ ومَالي

وحَدِيْثَكمُ أَشْهَى إلى

قَلْبي مِنَ العَذْبِ الزُّلالِ

ومَحَلُّكُم منّي بمَنْـ

ـزِلةِ اليَمِيْنِ منَ الشِّمَالِ

وتَعِزُّ فرقَتَكم علـ

ـيَّ وأَنْ أغِيْبَ فما احْتِيَالي

فعَلَيْكُم منِّي السَّلَا

مُ وباتَ حَاسِدُكُم بحَالي

وبَقِيْتُمُ في نِعْمَةٍ

ووُقِيْتُمُ عَيْنَ الكَمَالِ

وقال من قَصِيدَةٍ في مَجْد الدِّين بن الدَّايَةِ، رحمه الله، ونَقَلْتُها من خَطِّ المَذْكُور (a):[من البسيط]

فلا تَجُورَنَّ (b) مَجْدَ الدِّين مُقْتَدِرًا

فالجُورُ أقْبَحُ ما يَسْتَحسِنُ المَلكُ

وانْظُرْ لنَفْسِكَ واعْمَلْ للمَعَادِ ولا

يُطْغِيكَ إدْرَاكُ ما في طَيِّهِ (c) الدَّرَكُ

وخَفْ إصَابَةَ سَهْمٍ من سِهَام يَدٍ

تُمَدُّ في اللَّيْل والظَّلْماءُ تَحْتَبِكُ

(a) م: رحمة اللَّه عليه.

(b) م: تجوزن.

(c) م: قلبه.

ص: 152

فطَاِئرُ الجَوِّ لولا الحُبُّ أوْقَعَهُ

في الحَبِّ تَلْقطُهُ ما صَادَهُ الشَّرَكُ

فإنْ أبيتَ سِوَى ما قد أتَيْتُ بهِ

بَغْيًا فلا بُدَّ للأصْوَاتِ تَشْتَبِكُ

‌أبو الحَسَن بن عبدِ اللَّه الفُوَطِيُّ الطَّرَسُوسِيُّ الصُّوْفيُّ

رَوَى عن أبي القاسِم الجُنَيْد بن مُحَمَّد، وعَلُّوْش الدِّيْنَورِي، رَوَى عنهُ عَبْد اللَّه بن يُوسُف الأصْبَهَانِيّ.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أبي الحَسَن بن حَمُّوْيَه، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن شَاه بن أحْمَد الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَأتْنا زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن، قالت: أخْبَرَنا الشَّاذْيَاخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن يُوسُف الأصْبَهَانِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن عَبْدِ اللَّه الفُوَطِيّ (a) الطَّرَسُوسِيّ يَقُول: سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُول: سَمِعْتُ (b) السَّرِيّ يَقُول: اللَّهُمَّ ما عذَّبْتَني من شيءٍ فلا تُعَذِّبني بذُلِّ الحجابِ.

وقال أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(2)

: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه الأصْبَهَانِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن عَبْد اللَّهِ الطَّرَسُوسِيّ يَقُول: سَمِعْتُ عَلُّوْشَ الدِّيْنَورِيّ يَقُول: سَمِعْتُ المُزَيِّن الكَبِيرَ (c) يِقُول: كنت بمَكَّة، فوقَع لي (d) انْزِعاجٌ، فَخَرَجْتُ أُريدُ المَدِينَة، فلمَّا وَصَلْتُ إلى بئر مَيْمُونَة (e) إذا أنا بشَابٍّ مَطْرُوح، فعَدلتُ إليه وهو يَنْزِعُ، فقُلتُ لَهُ: قُلْ: لا إلَه إلَّا اللَّه، ففَتَح عَيْنَهُ وأنْشَأ يَقُول:[من الخفيف]

أنا إنْ مُتُّ فالهَوَى حَشْوُ قَلْبي

وبدَاءِ الهَوَى يَمُوتُ الكِرَامُ

(a) ساقطة من م.

(b) ساقطة من م.

(c) الرسالة القشيرية: علي المزين، وترجمة أبي جعفر المزين الكبير عند ابن الجوزي: المنتظم 13: 388 - 389.

(d) الرسالة القشيرية: بي.

(e) الرسالة القشيرية: بئر ميمون.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 11 (طبعة الكتاب اللبناني).

(2)

الرسالة القشيرية 303.

ص: 153

ثم ماتَ فغسَّلْتُه وكفَّنْتُه، وصَلَّيْتُ عليه، فلعَّا فَرَغْتُ من دَفْنهِ سَكَنَ ما بي من إرادةِ السَّفَر، فرجَعْتُ إلى مَكَّة.

‌أبو الحَسَن بن عُمَر بن أبي الحَسَن بن مُحَمَّد بن حَمُّوْيَه الحُوَيْنِيُّ

(1)

شَيْخ الشُّيُوخ، هذا (a) يَكْتُب بخَطِّه فيما يَكْتُبه، ولا يُسَمِّي نَفْسَهُ، وبَعْضُهم يُسَمِّيه: عليًّا، وبَعْضُهُم يُسَمِّيه: مُحَمَّدًا، والصَّحيح أنَّ اسْمه كُنْيَتهُ.

وكان شَيْخًا حَسَنًا، فَقِيهًا فَاضِلًا، حَسَن السَّمْت، مَلِيْح الشَيْبَة، كَرِيم النَّفْس، نَزِهَها، حَسَن الكَلَام والمَنْطِق إذا تكَلَّم، كَثِيْر السُّكُوت إلَّا فيما يَعْنِيهِ، وكان لكَثْرة سُكُوته لا يكادُ يَعْرف فَضْلَهُ مَنْ رآه، فإذا تكلَّم في الفِقْه أو في غيره كان كَلَامه أحْسَن الكَلَام، وأكْثَر المُتَكَلّمِيْن صَوَابًا.

وَلِيَ القَضَاءَ بحَرَّان، ثمّ تَولَّى التَّدْرِيس بمِصْر في مَدْرَسَة الإمَام الشَّافعيّ، وتولَّى مَشْيَخَة الشُّيُوخ بالدِّيَار المِصْرِيَّة ودِمَشْق في دَوْلة المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب، وبعدَهُ في دَوْلَة ابنهِ الملَك الكَامِل، وكان عَظِيمِ الحُرْمَة والمَكَانة عندَهما، وكان وَالد المَلِك الكَامِل صَاحِب مِصْر من الرَّضَاع، وسَيَّرَهُ المَلِكُ العادِل وابنُه المَلِك الكَامِل (b) في رَسَائِل مُتَعدِّدة إلى حَلَب وبَغْدَاد وغيرهما من البِلاد.

(a) كذا في الأصل وم، ولعل الأوجه: كذا، أو: هكذا.

(b) الأصل، م: العادل، وورد في الهامش بخط مخالف لخط النسخة، ولعله خط ابن فهد المكي:"صوابه الكامل".

_________

(1)

توفي سنة 617 هـ، وترجمته في: تكملة الإكمال لابن نقطة 2: 20 (وسماه عبد)، والكامل لابن الأثير 12: 165، المنذري: التكملة: 3: 15 - 16، وذيل الروضتين لأبي شامة 189 - 190، (وسماه: محمد)، والمختصر في أخبار البشر لأبي الفداء 3: 127، وتاريخ الإسلام 13: 527 - 528، والعبر في خبر مَن غبر 3: 175 (وفيه: عبد بن عمر بن علي الجويني)، والوافي بالوفيات 4: 259، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 8: 96 - 97، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 93، والنجوم الزاهرة 6: 251 (وفيه: محمد بن عمر)، وشذرات الذهب 5:77.

ص: 154

واجْتَمَعْتُ به باليَارُوْقِيَّة ظَاهِر مَدِينَة حَلَب، وقد ورَدَها رَسُولًا من المَلِك الكَامِل مُحَمَّد إلى أخيه المَلِك الأشْرَف مُوسَى وهو إذ ذاك مُقِيم باليَارُوْقِيَّة بحَلَب، وسَمِعْتُ منه الأرْبَعِين حَدِيثًا لأبي الفُتُوح الطَّائيّ برِوَايته سَمَاعًا منه، وأحَادِيْث من أوَّل مُسْنَد الشَّافِعيّ بسَمَاعه للمُسْنَد من أبي زُرْعَة، وأخْبَرَنا أنَّ مَوْلده سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة في شَوَّال.

وحدَّث شَيْخنا شَيْخ الشُّيُوخ عن هذين المَذْكُورين، وعن أبي الفَرَج الثَّقَفِيّ، وأبي مَنْصُور شَهْرَدَار بن شِيْرَوُيه (a) الدَّيْلَمِيّ.

أخْبَرَنا الشَّيْخ الفَقِيه الإمَام أبو الحَسَن بن عُمَر بن حَمُّوْيَه شَيْخ الشُّيُوخِ، باليَارُوْقِيَّة ظَاهِر مَدِينَة حَلَبَ، قال: أخْبَرَنا أبو زُرْعَة طَاهِر بن مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيّ [. . .](b).

سَمِعْتُ جَمال الدِّين أحْمَد بن عُثْمان بن الصَّلَاح الحَرَّانيّ الصُّوْفيّ، قال: كان الشَّيْخ صَدْر الدِّيْن بن حَمُّوْيَه لا يَتْرك أحدًا يُباشِر خِدْمتَهُ، وإذا دَخَل الحَمَّام غَسَل نَفْسَه وحَكَّ رِجْلَهُ بيَده، ولا يُمكِّن أحدًا غيره من مُبَاشَرة ذلك، فدَخَلْتُ يَوْمًا الحَمَّام معه، فأخَذْتُ حَجَر الرِّجْل وجِئْتُ إليه، فقال: ما تُرِيدُ؟ فقُلْتُ له مُمَازِحًا: أحكُّ رِجْلك لتعُودَ من بَرَكتي عليك، فمَدَّ رِجْلَهُ فحَكَكْتُها.

وقال لي: قَدِمَ شَيْخ الشُّيُوخ صَدْر الدِّيْن إلينا، إلى حَرَّان، وكان من عَادَته أنْ لا يَأكُل من وَقْف الخَوَانك شيئًا أصْلًا، فقال لي: اطْبُخ لنا أَرُزًّا، ودَفَعَ إليَّ ما أطْبخه به، قال: فلمَّا أردتُ الطَّبْخ أفكرتُ في ماء نهر جُلَّاب، وهو نَهْرٌ بحَرَّان، وهو عَكِرٌ من التُّراب الأحْمَر، ولا يَصْفُو إلَّا إذا وُضِعَ في الإناءِ ورَسَت فيه الطِّيْن،

(a) م: شرويه.

(b) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر نصف هذه الصفحة، وثلثي التي تليها، وجاء النص متصلًا بما بعده في م.

ص: 155

فقُلتُ: هذا أَرُز وأطْبُخه بهذا الماء يَجيء أحْمَر اللَّوْن، فعُدتُ إلى نَفْسِي، وقُلتُ: آخذ من ماء الصِهْرِيج الّذي في الخَانكَاه، ثُمَّ أفكرتُ في (a) أنَّ الشَّيْخ لا يَتَناول شَيئًا من وَقْف الخَانكَاه، ثمّ قُلْتُ: للشَّافِعِيّ وَجْهٌ في أنَّ الماءَ لا يُمْلَكُ بحالٍ، وهو على الإباحَة، فأخذتُ منه وطَبَخْتُ، فلمَّا اسْتَوى أتَيتُه به وقدَّمته بينَ يَدَيْهِ، فَنَظَرَ فيه، وأنْكَره وقال: من أيّ ماءٍ طَبَخْت هذا الأَرُزّ؟ فقُلْتُ: من ماء الصِهْرِيج الّذي للخَانكَاه، فقال: وما عَرفتَ عَادَتي؟! فقُلْتُ: فلَنا وَجْهٌ في أنَّ الماءَ مُبَاح، وأنَّهُ لا يُمْلَك، فقال لي: وتُعَلِّمني الفِقْه أيضًا؟! ارْفَعه إلى الصُّوْفيَّةِ، فأخَذْتُه وجِئْتُ به الصُّوْفيَّة، ولَم يَأكُل منه شيئًا، وقال لي: ارْتَد (b) لنا جُبْنًا ولَبَنًا وما أشْبَهَ ذلك، فجئته بما طلَبَ، فأكَلَ منه، ولم يَأكُل من الأَرُز، رحمه الله.

تُوفِّي شَيْخُنا شَيْخ الشُّيُوخ أبو الحَسَن بالمَوْصِل في العَشْر الأُخَر من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة سَبْع عَشرة وستمائة بِالمَوْصِل، وكان بها رَسُولًا، وبَلَغَنا خَبَرُ وَفَاته إلى حَلَب، فعُمِل له العزاء بالمَدْرَسَة النُّورِيَّة المَعْرُوفة ببني أبي عُصْرُون، وتوَلَّى ذلك شِهَاب الدِّين عَبْد السَّلام بن المُطَهَّر بن عَبْد اللَّه بن أبي عُصْرُون؛ مُدَرِّسُها، لمُصَاهَرة كانت بينَهما.

ولمَّا قَدِمْتُ المَوْصِل رَسُولًا في بعضِ السِّنِيْن، زُرْتُ قَبْر قَضِيْب البَان ظَاهِر المَوْصِل وشَيْخ الشُّيُوخ في تُرْبَة قَضِيْب البَان، وهو مَدْفُونٌ إلى جَانبه، وقَرَأتُ على الرُّقْعَة الّتي على قَبْره تَاريْخ وَفَاتهِ، رحمه الله.

‌أبو الحَسَن بن مُحَمَّد (c) بن مُحَمَّد بن يُوسُف البُخاريُّ، ابنُ أبي ذَرّ

قاضِي القُضَاة بخُرَاسَان.

كان عَابِدًا زَاهِدًا سائحًا، قَدِمَ طَرَسُوس للتَّعَبُّد (d) بها.

(a) ساقطة من م.

(b) م: أريد.

(c) م: أبو الحسن محمد.

(d) م: للبعد.

ص: 156

وذَكَرَهُ الحَافِظُ أبو عَبْد اللَّه الحاكِم في تاريخ نَيْسَابُور

(1)

، في تَرْجَمَةِ أبيه أبي ذَرّ القَاضِي، كما أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْدُ اللَّه بن عُمَر بن عليّ، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر بن أبي نَصْر، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر (a) أحْمَد بن إسْمَاعِيل القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبَوا عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، وأبَوَا بَكْرٍ البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ، فيما أجَازوه لي، قالُوا (b): أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الحافِظ، قال: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف قاضِي القُضَاة بخُرَاسَان، أبو (c) ذَرّ البُخاريّ، كان يَنْتَحِل مَذْهَب الحَدِيْث، ويَذُبّ عن السُّنَّة وأهْلها. قال: وأعْقَب الوَلد الشَّيْخَ الزَّاهِدَ العَالِمَ السَّيَّاح العَابِد أبا الحَسَن بن أبي ذَرّ، كان يَتَعبَّدُ إمَّا بمَكَّة أو بطَرَسُوس (d)، وإمَّا في جِبَالِنا بنَيْسَابُور، وقَلَّ ما كان يَسْكن بُخَارَى تَجنُّبًا للدُّخُول على السُّلْطان.

‌أبو الحَسَن التِّهَامِيُّ

الشَّاعرُ، واسْمُه عليّ بن مُحَمَّد، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

(a) م: أبو الحسن.

(b) م: قال.

(c) م: أن أبو.

(d) م: وإما بطرسوس.

_________

(1)

انظر تلخيص تاريخ نيسابور لأحمد بن محمد النيسابوري 71، واقتصر في تلخيص ترجمته على إيراد الاسم فقط:"محمد بن محمد بن يوسف قاضي القضاة بخراسان، أبو ذر البخاريّ".

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 417 هـ، وترجمته في: تتمة يتيمة الدهر 48، الباخرزي: دمية القصر 1: 115 - 126، تاريخ ابن عساكر 43: 220 - 223، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 18: 294 - 296، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 351 - 354، وفيات الأعيان 3: 378 - 381، العبر للذهبي 2: 231، تاريخ الإسلام 9: 271، سير أعلام النبلاء 17: 381 - 382، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 25 - 26 (أرخ وفاته سنة 416 هـ)، النجوم الزاهرة 4: 263 (أرخ وفاته سنة 416 هـ)، شذرات الذهب 5: 82 - 83 (أرخ وفاته سنة 416 هـ).

ص: 157

‌أبو الحَسَن الفَاسِيُّ (a) الزَّاهِدُ

نَزِيلُ حَلَب، من أهْلِ فاس؛ بَلْدَة بالمَغْرب، واسْمُه عليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف، وقد تقَدَّم ذِكْرُهُ

(1)

.

‌أبو الحَسَن بن يزيد الحَلَبِيُّ

(2)

أنْشَدَ عنه الأُسْتَاذُ أبو سَعْد الجَرْجُوسيّ (b) الزَّاهِد.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلب، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَنا القَاضِي أبو النُّجْح يُوسُفُ بن شُعَيْب الشِّيْرَوانِيّ بنَيْسَابُور، قال: أنْشَدَنا حَمْزَة بن هِبَة اللَّه الحَسَنيّ، قال: أنْشَدَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد الفَارسِيّ، قال: أنْشَدَنا الحاكِم أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الحافِظ، قال: أنْشَدَني الأُسْتَاذُ الزَّاهِد أبو سَعْد (c) هو الجَرْجُوسيّ، قال: أنْشَدَنا أبو الحَسَن بن يَزِيد الحَلَبِيّ لبَعْضِهم

(3)

: [من مجزوء الكامل]

وحَمَائِم نَبَّهْنَنِي

واللَّيْلُ دَاجي المَشْرِقَيْنِ

شَبَّهْتُها (d) لمَّا بَكَيْن

وما ذَرَيْن جُفُون (e) عَيْني

بنِسَاءِ آل مُحَمَّدٍ

لمَّا بَكَيْنَ على الحُسَينِ

(a) م: القاضي.

(b) مهملة في م حيثما ترد: الحرحوسي.

(c) م: أبو سعد محمد بن عبد اللَّه.

(d) اليتيمة والوافي: شبهتهنّ.

(e) اليتيمة: وما ذرفن دموع، وفي الوافي: وما ذرفن دماء.

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. كان حيًا سنة 601 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن الفرات 5/ 1: 28.

(2)

لعله: أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق الحلبي (ت 396 هـ)، انظر ترجمته في: العبر للذهبي 2: 189، تاريخ الإسلام 8: 766، سير أعلام النبلاء 16: 553 - 554، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 564، حسن المحاضرة 1: 403، شذرات الذهب 4:507.

(3)

الأبيات الثلاثة في يتيمة الدهر 2: 209، والوافي بالوفيات 2: 58 منسوبة لمحمد بن حمدان الخباز البلدي.

ص: 158

‌أبو الحَسَن بن أبي بَكْر بن جَعْفَر اليَزْدِيُّ

(1)

شَيْخٌ كان بطَرَسُوس، رَوَى عنهُ الحاكِم أبو عَبْد اللَّه، وقد ذَكَرْنا عنه حِكايَةً جَرَتْ له بطَرَسُوس في تَرْجَمَةِ أبي القَاسِم يُوسُف بن يَعْقُوب السُّوْسِيّ

(2)

.

‌أبو الحَسَن بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيُّ

(3)

واسْمُه عليّ بن عَبْد اللَّه، قد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(4)

.

‌أبو الحَسَن بن أبي خَازِن القَلَانِسِيُّ البَغْدَاديُّ

واسْمُه عليّ بن يَحْيَى، واشْتَهر بكُنْيَتهُ وكُنْيَة أبيهِ، وهو سِبْطُ صَدَقَة البَغْدَاديّ صَاحِب التَّاريخ.

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، قَدِمَ حلَبَ، وكُتِبَ عنهُ بها شيءٌ من شِعْره، رَوَى لنا عنْهُ الزَّيْن يُونُس بن أبي الغَنائِم البَغْدَاديّ المُقْرِئ.

أنْشَدَنا أبو الفَتْحِ بن أبي الغَنائِم البَغْدَاديّ، قال: أنْشَدَنا أبو الحَسَن بن أبي خَازِن القَلَانِسِيّ البَغْدَاديّ بحَلَب: [من الكامل]

سَهِرت جُفُوني في هَوَى مَنْ لَم يَدُرْ

ذِكْرُ السُّهَادِ بجَفْنِهِ والنَّاظِرِ

يا أيُّها البَدْرُ الّذي ألْحَاَظُهُ

تُغْنِيهِ عن حَمْلِ الحُسَام البَاتِرِ

أأمِنْتَ أنْ تَهْوى وتَخْضَعَ مِثْلَما

أنا خَاضِعٌ فلَبِسْتَ حُلَّةَ غَادِرِ

(1)

توفي سنة 548 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 12: 225 - 225.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

توفي سنة 445 هـ وترجمته في: المنتخب من معجم شيوخ السمعاني 2: 1236، زبدة الحلب 1:228.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 159

حَكَى لنا شَيْخُنا الصَّاحِبُ قاضِي القُضَاة أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، قال: كان أبو الحَسَن بن أبي خَازِن شَابًّا ذَكيًّا، وكان يَقْرأُ عليَّ الفِقْه (a) بالمَوْصِل هو وجَمَاعَة معه، فشَاورَني يَوْمًا في أكْل تَمْرِ البَلَاذُر، فنَهَيْتُه عن ذلك، فَمضَى هو ورَفِيْقانِ له واشْتَروا منه شيئًا ودَقُّوه وجَعَلوه في هَرِيْسةٍ وأكَلُوها، فجاءني أبو الحَسَن ابن أبي خَازِن ووَجْهُه قد اكْمَدّ، فوَقَفَ معي في صَحْنِ المَدْرَسَة، وأخْبرَني أنَّهُ أكَلَ تَمْر البَلَاذُر، فلم أُنْكِر عليه خَوْفًا من أنْ يَسْتَشْعِر ويَتَوهَّم، فهوَّنْتُ الأمرَ عليه، فجَعَل يُحَادثُني ونحنُ نَمْشِي، ثمّ دَخَل إلى بَيْتِه في المَدْرَسَة، فأخْرَج الجَرَّة والإبْرِيْق والكَانُون وجَمِيعَ حَوَائِجهِ، فعَلمْتُ أنَّهُ قد أثَّر معه، فسَكَّنْتُه ثمّ أَقَمتُ عليه مَنْ يُعَالجهُ ويُطْعِمُه الهَرِيْسة في كُلِّ يَوْم، فواظَبَ ذلكَ إلى أنْ سَكَنَ عنه.

ثمّ غلبَ عليه الأدَبُ وأثر الذَّكَاءُ معه في الشِّعْر، فكان يَنْظِم شِعْرًا جَيِّدًا إلى الغايةِ، وجاء إلينا إلى حَلَبَ، ونَزَل عندنا بالمَدْرَسَة.

قال لي أبو الفَتْحِ البَغْدَاديّ المُقْرِئ: تُوفِّي أبو الحَسَن بن أبي خَازِن القَلَانِسِيّ بمَيَّافَارقِين.

‌أبو الحَسَن بن أبي نَصْر الكِنَانِيُّ العَسْقَلانِيُّ

(1)

واسْمُه عليّ بن مُحَمَّد، وهو مَشْهُور بكُنْيَتهُ وكُنْيَة أبيهِ.

شَاعِرٌ قَدِمَ حلَبَ، ولَم أظْفَر بشيءٍ من شِعْره، ووَقَفْتُ في شِعْر أبي بَكْر الصَّنَوْبَريّ على أبْيَاتٍ كَتَبَها الصَّنَوْبَريُّ إليه يُجِيْبُه عن أبْيَاتٍ كَتَبَها إليه،

(a) م: على الفقيه.

_________

(1)

من أهل القرن الرابع الهجري.

ص: 160

ويَشْكُره عن شِعْرٍ مَدَحَهُ به، أوَّلها

(1)

: [من الخفيف]

إنْ تَكُن يا أخي ظُبَا الشِّعْر فُلَّتْ (a)

وتَشَظَّتْ صِفَاتُه فاضْمَحَلَّتْ

منها:

أيهذَا المُهْدِي (b) طَرائفَ ألْفَا

ظٍ كما رِيْحَتْ الرِّيَاضُ وظُلَّتْ

من مَدِيْحٍ يدقّ عن كُلِّ فهْم

وإذا دقَّتِ المَدَائِحُ جَلَّتْ

في مَعَان عزَّتْ على الخلقِ إلَّا

أنَّها حين رُمْتَها أنْتَ ذَلَّتْ

حَرُمْتَ يا أخي على قَائِل الشِّـ

ـعرِ ولكنَّها لرَاويهِ (c) حَلَّت

فهي تَخْفَى لُطْفًا وتُظْهر حُسْنًا

مثلما أُغْمدَتْ سُيُوفٌ وسُلَّت

أنتَ شَمْسُ العُلَا الّذي بعُلَاهُ

يتَحلَّى العُلَا إذا ما تَحَلَّت

بإخائيْكَ يا أبا حَسَنٍ عا

دَت لَيَالي الإخاءِ لمَّا تَوَلَّت

ضَحكَتْ عنكَ طُرَّتا حَلَبٍ حُسْـ

ـنًا وذَابَتْ سَمَاؤها فاسْتَهَلَّت

وخَلَتْ عَسْقَلانُ يا ابن أبي نَصْـ

ـرٍ من المَجْدِ حين منكَ تَخَلَّتْ

‌أبو الحَسَن البَغْرَاسيُّ

(2)

واسْمُه عليّ، من شُيُوخ الصُّوْفيَّةِ بالثُّغُورِ الشَّامِيَّة، وبَغْرَاس حِصْنٌ قريبٌ من أنْطَاكِيَة.

حَكَى عن أبي الخَيْرِ التِّيْنَاتِيّ. رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الحَسَن بن أحْمَد بن هاشِم المُقْرِئ. وكان أحَدَ الصَّالِحين الزُّهَّاد.

(a) م: قلت.

(b) م: للهدى.

(c) م: الرواية.

_________

(1)

ديوان الصنوبري 400 - 401 في المستدرك على الديوان نقلًا عن ابن العديم.

(2)

ترجمته في: صفة الصفوة 4: 284 (ذكر عارض).

ص: 161

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّه الصُّوْرِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا القَاسِم الحَسَن بن أحْمَد يَقُول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن البَغْرَاسِيِّ يَقُول: قال لي أَبو الخَيْر التِّيْنَاتِيّ: إيَّاكَ وكَثْرَة السَّفَر؛ فإنَّهُ يُقَسِّي القَلْبَ، ويَذْهَبُ بالدِّين.

وقال

(2)

: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه يَقُول: سَمِعْتُ أبا القاسِم يَقُول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن البَغْرَاسيّ يَقُول: قَرأتُ فيما أوْحَى اللَّهُ إلى دَاوُد: يا دَاوُد، قُلْ لبني إِسْرَائيِل: لا يُجَاوزُونِي بالمَعَاصِي فأبْتَليهم بالأَسْفَارِ، أُمْحِقُ فيها الأعْمَار، وأُقِلُّ فيها الأعْمَال.

‌أبو الحَسَن العَيْشِيُّ (a) - أو: العَبْسِيّ- المُؤدِّبُ

كان ببَالِس، وحَكَى عن بعض المجانِيْن، حَكَى عنه أبو الفَوَارِس بن حَنِيْف الطَّبَريُّ.

أخْبَرَنَا أبو نَصْر (b) عَبْدُ العَزِيْز بن يَحْيَى بن المُبارَك الزَّبيدِيّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَتْنا (c) شُهْدَة ابنهُ أحْمَد بن الفَرَج بن الإِبَرِيّ، قالت (d): أخْبَرَنَا جَعْفَرُ بن أحْمَد بن الحُسَين السّرَّاجُ

(3)

، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد الأَرْدِسْتَانِيّ بمَكَّة في المَسْجِد الحَرَام، قال: أخْبَرَنَا الأُسْتَاذ أبو القَاسِم الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن حَبِيْب المُذَكِّر

(4)

، قال: سَمِعْتُ أبا الفَوَارِس بن حَنِيْف بن أحْمَد بن حَنِيْف الطَّبَريّ (e)، قَال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن العَيْشِيّ (f) المُؤدِّبَ يقُول: انْحَدَرتُ من بَالِس أُريدُ العِرَاق،

(a) م: العيسى.

(b) م: أبو ذر.

(c) م: أخبرنا.

(d) م: قال.

(c) ابن حبيب: حنتف بن أحمد ابن أحمد بن حنتف الطبري.

(f) م وابن حبيب: العبسي.

_________

(1)

الطيوريات 3: 1011 (رقم 943).

(2)

الطيوريات 3: 1011 - 1012 (رقم 943).

(3)

مصارع العشاق 1: 179.

(4)

ابن حبيب: عقلاء المجانين 315 - 316.

ص: 162

فدَخَلْتُ المَوْصِل، فأقَمتُ بها أيَّامًا، فبينا أنا مارٌّ في بعضِ أزقَّتها فإذا صِيَاحٌ وجَلَبَةٌ، فسَألتُ عنها، فقيل: هَا هُنا دارُ المَجَانِيْن، وهذا صَوْتُ (a) بَعْضِهم. فدَخَلْتُ، فإذا شَابٌّ مَشْدُود مُتشَحِّطٌ في الدَّم، فسَلَّمْتُ فرَدَّ، فقال: من أين تَجيء؟ قُلتُ: من بَالِسَ، قال: وأين تُريد؟ قُلتُ: العِرَاق، فقال: تَعْرفُ بني فُلَانٍ؟ فأشَار إلى أهْلِ بَيْت، قُلتُ: نعم، قال: لا صَنَعَ اللَّه لهم ولا خَار (b)، هم الّذين أدْهَشُوني، وتيَّمُوني، وأحَلُّوني هذا المحلَّ، قُلتُ: وما فَعَلُوا (c)؟ قال: [من السريع]

زَمُّوا المَطَايَا واسْتَقلوا ضُحًى

ولَم يُبَالُوا قلبَ مَنْ تَيَّمُوا

ما ضرَّهُم واللَّه يَرْعاهُمُ

لو ودَّعُوا بالطّرفِ أو سَلَّمُوا

ما زلْتُ أُذرِي الدَّمْعَ في إثْرهِم

حتَّى جَرَى من بعد دَمْعِي دَمُ

ما أنْصَفُوني يَوْمَ بانُوا ضُحَى

ولَم يَفُوا عَهْدِي ولَم يَرْحَمُوا

‌أبو الحَسَن المَشُوْق الشَّامِيُّ

(1)

صَاحِبُ المُتَنَبِيّ، وقيل: أبو الحُسَين.

رَوَى عن أبي الطَّيِّب المُتَنَبِيّ، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن عُمَر الزَّاهِر، وقاضِي القُضَاة أبو بِشْر الفَضْل، وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا من العَصْريِّيْن.

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي إذْنًا، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أنْبَأنَا أبو يَعْقُوب الأدِيْب، عن أبي مَنْصُور الثَّعالِبِيّ

(2)

، قال:

(a) ابن حبيب: أصوات.

(b) ابن حبيب: ولا أجار، وفي بعض نسخه: ولا خارهم، وفي مصارع العشاق: ولا خار لهم.

(c) قوله: "قلت وما فعلوا" ساقط من م.

_________

(1)

ترجمته في: يتيمة الدهر 1: 290، وفيه: الممشوق.

(2)

يتيمة الدهر 1: 290 - 291.

ص: 163

وأنْشَدَني مُحَمَّد بن عُمَر الزَّاهِر، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن المَشُوْق صَاحِب المُتَنَبِيّ لنَفْسِه: [من الخفيف]

لَيْلَةً بتُّها بقُرْبَى (a) أُسَقّى

عاتقًا عانَقَتْ مَدَاها الدُّهُورُ

وكأنَّ السَّماءَ والبَدْرَ والأنْجُـ

ـــمَ رَوْضٌ ونَرْجِسٌ وغَدِيرُ

قال أبو مَنْصُور الثَّعالِبِيّ

(1)

: وأنْشَدَني أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد الإفْرِيْقِيّ في كتاب شِعَارِ (b) النُّدَماءِ لأبي الحَسَن المَشُوْق الشَّامِيّ، ولَسْتُ أتَحَقَّق اسْمُه، في المِشْمِش (c):[من الرجز]

أمَا تَرَى المِشْمِشَ يا خِلّ الأدَب

مُشَطَّبًا أكْرِم بهَاتِيْكَ الشُّطَبْ

مُثَقَّبَ الهَامَاتِ من غير ثُقَبْ

كأنَّها بَنَادِق من الذَّهَبْ

‌أبو الحَسَنِ المَشْعُوف

شَاعِرٌ من طَبَقَة أبي الطَّيِّب المُتَنَبِيِّ وأقْرَانه، كان معه بحَلَب.

قَرأتُ في بعض أخْبَار المُتَنَبِيّ أنَّهُ اجْتَمَع عند أبي الطَّيِّب المُتَنَبِيّ بحَلَب أبو القَاسِم النَّاصِبِيّ، وأبو العَدْل، وأبو تمَام الخُرَاسَانيّ، وأبو عَبْدِ اللَّه الدَّنفُ، وأبو الحَسَن (d) المَشْعُوف، فأنْشَدَهُم أبو عَبْدِ اللَّه الشِّبْليُّ خَادِم المُتَنَبِيّ بيتَ أبي المَنْصُور المَكْفُوف المَقْدِسِيّ، وسَألَهم إجازَته، وهو في أوَّلِه شِيْنٌ وآخره شِيْنٌ:[من البسيط]

شِبْهُ الهِلَالِ على غُصْنٍ مُنَعَّمةٌ

بَيْضاءُ نَاعِمَةٌ في كَفِّها نقَشُ

(a) يتيمة الدهر: بقرتم.

(b) كذا في الأصل، وعند الثعالبي في يتيمة الدهر: كتاب أشعار الندماء.

(c) زيد في م: يقول.

(d) م: أبو الحسين.

_________

(1)

يتيمة الدهر 1: 290، وعنده زيادة رجز على المثبت.

ص: 164

قال: فبَدَر أبو الحَسَن المَشْعُوف، فقال:

شَفَّتْ بطَلْعَتِها مَنْ كان ذَا نُسُكٍ

فالقَلْبُ منه لِمَا قد نَالَهُ دَهِشُ

وتَمام الحِكايَة (a) تأتي في تَرْجَمَةِ أبي عَبْدِ اللَّهِ الشِّبْليّ

(1)

، إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى.

‌أبو الحَسَن الدُّلَفيُّ الشَّاعِرُ المِصِّيْصيُّ

(2)

رَوَى عن أبي العَلَاء أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان، ولَقِيَهُ بمَعَرَّة النُّعْمَان.

رَوَى عنهُ أبو مَنْصُور الثَّعالِبِيّ في ذَيْل اليَتِيْمَة، وقال

(3)

: حَدَّثَني أبو الحَسَن الدُّلَفِيّ المِصِّيْصيُّ الشَّاعرُ، وهو ممَّن لَقِيتُه قَديْمًا وحَدِيثًا في مُدَّة ثلاثين سَنَةً، قال: لقيْتُ بمَعَرَّة النُّعْمَان عجبًا من العَجَب، رَأيتُ أعْمَى شَاعِرًا طَرِيفًا يلعَبُ بالشِّطْرَنْج والنَّرْد، ويَدْخُل في كُلِّ فَنّ من الجِدّ والهَزْل، يُكْنَى أبا العَلَاء، وسَمِعْتُه يَقُول: أنا أحْمَدُ اللَّه على العَمَى كما يَحْمدُه غيري على البَصَر (b)، فقد صَنَعَ لي وأحْسن بي إذْ كَفَاني رُؤيَة الثُّقَلَاءِ والبُغَضَاء.

(a) ساقطة من م.

(b) م: النظر.

_________

(1)

فيما يلي من هذا الجزء.

(2)

من أهل القرن الرابع الهجري، واسمه علي بن أحمد المصيصي الرامي، أبو الحسن الشاعر، كما صرح الثعالبي باسمه في كتابه لطائف المعارف 132 (نشرة P.De.Jong، 1867 م)، وذكره الثعالبي بالكنية واللقب في العديد من كتبه، وهو -كما يذكر- ممن أخذ عنه مدة ثلاثين سنة، ونقل عنه الحكاية المدرجة في تتمة اليتيمة 16، ونقل عنه حكاية أخرى في كتابه التوفيق للتلفيق 106، وفي كتاب تحسين القبيح وتقبيح الحسن 74 (تحقيق شاكر العاشور، بغداد، 1981 م)، وانظر: الإنصاف والتحري لابن العديم (ضمن إعلام النبلاء) 4: 132.

(3)

تتمة يتيمة الدهر 16، ونقله عنه ياقوت في معجم الأدباء 1: 307، وقد تقدم هذا النقل عن تتمة اليتيمة في ترجمة المعري في الجزء الثاني من الكتاب.

ص: 165

هكذا قال، فإنْ صَحَّ عن أبي العَلَاء بن سُلَيمان فلعَلَّهُ كان في أيَّام حَدَاثَته وصِبَاه، فإنّهُ كان بَعِيدًا من اللَّعب والهَزْل، وقد ذَكَرَ الثَّعالبِيّ هذه الحِكايَة في تَرْجَمَةِ أبي العَلَاء بن سُلَيمان، ويُحْتَمل أنْ يكُون آخر يُكْنَى أبا العَلَاء، واللَّهُ أعْلَمُ.

‌أبو الحَسَن الحَلَبِيُّ

(1)

حَكَى عن السَّرِيّ الرَّفَّاء، رَوَى عنهُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب.

قَرَأتُ في كتاب المُفَاوَضَة

(2)

، تألفُ مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب بخَطِّهِ، وأنْبَأنَا به شَيْخُنا أبُو اليُمْن الكِنْديّ وغيرُه، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِيّ، عن أبي غَالِب بن بِشْرَان، قال: أَخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر، قال: حَدّثَني أبو الحَسَن الحَلَبِيّ، وكان شَيْخًا يعرفُ أخْبَار سَيْف الدَّوْلَةِ، قال: كُنَّا مُجْتَمعين يَوْمًا في دِهْليز سَيْفِ الدّوْلَةِ، وجَمَاعَة من الشُّعَراءِ والشُّيُوخ المُتَقدِّمينَ؛ كأبي العبّاسِ النَّامِيّ، وأبي بَكْر الصَّنَوْبَريّ، ومن النَّشْءِ اللّاحِقين كأبي الفَرَج البَبَّغَاء، والخَالِديّيْن، والسَّرِيّ، فتَذَاكَرُوا الشِّعْر، وأُنْشِدَتْ قَصِيدَةُ المُتَنَبِيّ الّتي أوَّلُها

(3)

: [من الطويل]

فَديْناكَ من رَبْعٍ وإنْ زدْتَنا كَرَبا

فاسْتَحْسَن الجَمَاعَةُ قَوْله في إعْظَام الرَّبْع: [من الطويل]

نَزَلْنا عن الأكْوَارِ نَمْشِي كَرَامَةً

لمَنْ بانَ عنْهُ أَنْ نُلمَّ بهِ رَكْبَا

(1)

من أهل القرن الرابع الهجري.

(2)

تقدم للصنف إدراج هذا الحكاية بنصها، والتي نقلها عن كتاب المفاوضة، في ترجمة السري الرفاء (الجزء التاسع).

(3)

ديوان أبي الطيب المتني بشرح العكبري 1: 56، وعجز البيت: فإنَّك كنتَ الشَّرقَ للشّمس والغَرْبا.

ص: 166

فقال السَّرِيُّ: لولا أنَّكُمُ إذا سَمِعْتُم ما قلْتُهُ بعدَ هذا، ادَّعَيْتُم أنَّني سَرَقْتُهُ منه لأَمْسَكْتُ، وأنْشَد قَصِيدَةً لَامِيَّة قال فيها

(1)

: [من الكامل]

نَحْفَى ونَنْزِلُ وهو أعْظَمُ حُرْمَةً

من أنْ يُذَالَ برَاكبٍ أو نَاعِلٍ

فحَكَم الجَمَاعَةُ له بالزِّيادَةِ في قَوْله: نَحْفَى ونَنْزِلُ.

قلتُ: في هذه الحِكَايَة نَظَرٌ؛ فإنَّ الصَّنَوْبَريّ تُوفِّي سَنَة أرْبَعٍ وثلاثين، وأبو الفَرَج لَم يكُن وَرَدَ إلى سَيْفِ الدَّوْلَةِ.

‌أبو الحَسَنِ المِصِّيْصِيُّ العَابِدُ

غَزَا بلاد الرُّوم، ورَوَى عن أبي خَيثَمَة زُهَيْر بن حَرب، رَوَى عنهُ أبو عليّ الحَسَنُ بن قُتَيْبَة.

أخْبَرَنَا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْد اللَّه إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّاد، إجَازةً إنْ لم يكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْدِ اللَّهِ الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بنُ خَلَّاد، قال: حَدَّثَنَا الحَارثُ بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن قُتَيْبَة، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن المِصِّيْصيّ -قال أبو عليّ: وقد غَزَا مَعَنا بلاد الرُّوم، وكان رَجُلًا صَالِحًا عَابِدًا- فحدَّثنا عن أبي خَيْثَمَة، عن عليّ رَفَعَهُ: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْن بعد رَكْعَتَي المَغْرب، قَرَأ في كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الكِتَابِ و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

(2)

خَمْس عَشرة مرَّة جاءَ يَوْم القِيامة فقيل: هذا من الصِّدِّيقين فيَجُوزُهم، يُقال: هذا من الشُّهَدَاء، فيَجُوزُهم، فيُقال: هذا من النَّبِيِّيْن فيجُوزُهُم، فيُقال: هذا من المَلائِكَة فيَجُوزُهم، فلا يُحْجَبُ حتَّى يَنْتهى إلى ظِلّ عَرْش الرَّحمن. حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.

(1)

ديوان السري الرفاء 348.

(2)

سورة الإخلاص، الآية 1.

ص: 167

‌أبو الحَسَن المِصِّيْصيُّ

شَاعِرٌ ظَفِرْتُ له بأبْيَاتٍ في جموع بخَطِّ بعض أهْل الأدَب، وهي:[من السريع]

أطْيَبُ مِن عُوْدٍ على جَمْر

ومِنْ زُلالٍ شِيْبَ بالخَمْرِ

ومن نَسِيمِ النَّوْرِ في رَوْضَةٍ

أنْهَارها ما بينَها تَجْري

مَقَالَةٌ يَسْمَعُها مَاجِدٌ

من شَاكِرٍ يُطْنِبُ في الشُّكْرِ

‌أبو الحَسَنِ الأنْطَاكِيُّ

(1)

شَاعِرٌ من شُعَرَاءِ العَصْر، ذَكَرَهُ أبو مَنْصُور الثَّعالِبِيّ في يَتِيْمة الدّهْر، بما أنْبَأنَا بهِ عُمَرُ (a) بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِمِ بن السّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنَا أبو يَعْقُوبَ الأدِيْبُ فيما كَتَبَ به إلينا، قال: أخْبرَنا أبو مَنْصُور الثَّعالِبِيّ

(2)

، قال: أبو الحَسَن الأنْطَاكِيّ، أنْشَدَني له الزَّاهِرُ:[من الكامل]

لمَّا تأمَّل جُوْدَك القَطْرُ (b)

وسَمَا ليُدْرك صَدْرَكَ البَحْرُ

خَجلَا جَمِيعًا مثل ما خَجلَا

مُذ قَابَلاكَ الشَّمْسُ والبَدْر

يا صَالح الخَيْرات ما صَلَحا

إلَّا لكَ التَّأييْدُ والنَّصْرُ

قال

(3)

: وأنْشَدَني له في وَصْفِ عُودٍ: [من البسيط]

يُمْلي القَرِيْضَ عليه لَفْظ مُحْسِنَةٍ

فيَنْبري مُخْبرًا عنها بأخْبَارِ (c)

ما جَسَّ (d) أوْتارَهُ في وَجْهِ نَائبةٍ

إلَّا اسْتَقاد بثَارَاتٍ (e) وأوْتَار

(a) م: عمرو.

(b) ساقطة من م.

(c) يتيمة الدهر: بإجهار.

(d) يتيمة الدهر: ما حث.

(e) يتيمة الدهر: بتارات.

_________

(1)

ترجمته في: يتيمة الدهر 1: 291 - 292، وذكره الثعالبي باسمه وكنيته: أبو الحسن علي بن محمد الأنطاكي.

(2)

يتيمة الدهر 1: 291.

(3)

يتيمة الدهر 2: 292.

ص: 168

تَحْنُو عليه له أُمٌّ تُخَاطبُه

سِرًّا فيُخْبرنا النَّجْوَى (a) بإظْهارِ

وإنْ هَفَا فركَتْ آذانَهُ شفقًا (b)

عليه من وَصْمَة النُّقْصَانِ والعَارِ

‌أبو الحَسَنِ المَعَرِّيُّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ من أهْل مَعَرَّة النُّعْمَان، وَقَعَ إليَّ كذلك غير مُسَمًّى ولا مَنْسُوب، قرأتُ ذِكْرَهُ في المَجْمُوع المَعْرُوف بالرَّبيْبةِ، جَمْع مُستَنِيْر بن عَبْدِ الغَالِب المَعَرِّيّ بخَطِّه، قال: من قَصِيدَة لأبي الحَسَن المَعَرِّيّ (c): [من مجزوء الكامل]

دَارٌ غَدَتْ للفَضْلِ (d) دَارَهُ

أفْلَاكُ أَسْعُدِها (e) مُدَارَه

منها المَحَامِدُ مُسْتَـ

ـقَاةٌ والمَحَاسِنُ مُسْتَعَارَه

شَرُفاتها هيْفُ الخُصُـ

ـور لها بها حُسْنٌ (f) وشَارَه

فلكُلِّ طَرْفٍ نحْوها

ولكُلِّ جَارحَةٍ إشَارَه

وعلى جَميع الدُّور في

الدُّنْيا تقَلَّدتِ الإمَارَه

فتُرَابُها مِسْكٌ سَحـ

ـيْقٌ شَقّ بُرْدُ اللَّيْل فَارِه

لا تَهْتَدِي لنُعُوتِ أدْ

نَاهَا الفُحُولُ بنُو عُمَاره

وله أشْعَارٌ كَثِيْرة في الأطْعِمَة، منها قَوْله في صِفَة تَقْلِيَةٍ، ونَقَلْتُها من مُخْتَار كتاب رِيَاضِ المُهَج تألفُ مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن أبي خَالِد السِّيْرَافيّ:[من السريع]

تَقْلِيَةٌ ما أنْسَ لا أنْسَها

مَعْقُودةٌ ذاتُ عَقَاقِيرِ

(a) يتيمة الدهر: فيخبر بالنجوى.

(b) م: مشفقًا.

(c) زيد في م: يقول، وانظر الأبيات في يتيمة الدهر 2: 211 - 212.

(d) م: للفضل غدت.

(e) يتيمة الدهر: أسعده.

(f) يتيمة الدهر: لها تحاسين.

_________

(1)

ذكره الثعالبي في: يتيمة الدهر 3: 211 (وأورد أبياته الأولى)، وخاص الخاص 241 - 242، وسماه الثعالبي في كتابيه: أبو الحسن الغويري.

ص: 169

قَابلْتُها خَضْراءَ قد فُوِّفَتْ (a)

بالبَيْضِ تَفْويفَ الأزَاهِيْرِ

كأنَّما دَاراتهُ فَوْقَها

دَرَاهِمٌ تحتَ دَنَانِيْرِ

وقَرَأتُ في رِيَاض المُهَج للسِّيْرَافيّ: أبو الحَسَن المَعَرِّيّ يَصِفُ عُجَّة: [من الوافر]

ومُنْبَسِطٍ إليَّ بلا انْقِبَاضٍ

وذَاك لأنَّنا صِنْوَا وَلاءِ

تشهّى عُجَّةً وأتَى بنَعْتٍ

يَدُلُّ على النَّبَاهَةِ والذَّكَاءِ

فجئتُ بها ذِرَاعًا في ذِرَاعٍ

مُدَوَّرةً مُهَنْدَسَة البنَاءِ

بلا ثَلْمٍ ولا شَقٍّ تَرَاهُ

عُيُونُ النَّاظِرينَ ولا انْطِوَاءِ

أَقَاصِيْها أدَانِيْها اعْتِدَالًا

تَرُوقُ ذَوي المُرُوءَةِ والثَّرَاءِ

كَمثْلِ سَبِيْكَةِ الذَّهَبِ المُصَفَّى

أو الشَّمْسِ انْحَنَتْ عِندَ المَسَاءِ

مَزَجْتُ بِبَيْضِها بصَلًا ولَحْمًا

وأبْزَارًا ومُرْبًا ذا صَفَاءِ

فجأءَتْ كالحَيَاةِ لها نَسِيمٌ

يَردُّ الرُّوْحَ مِن بَعْدِ الفَنَاءِ

وأنِّى للطُّهَاةِ إذا أرَدْنَا

ونِعْم العِلْمُ إصْلَاحُ الغذَاءِ

‌أبو الحَسَن البَصْرِيُّ

(1)

سَمِعَ بحَلَب أحْمَد بن مُحَمَّد الرَّافِقِيّ، رَوَى عنهُ حَنَشُ بن غَالِب.

نَقَلْتُ من مَجْمُوعٍ وَقَعَ إليَّ بمَارِدِين بخَطِّ بعض الفُضَلَاء، فيه: قال -ولَم يَذْكُر مَنْ قال-: وأخْبَرَنَا الشَّيْخُ الصَّالِحُ الوَاعِظُ أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن

(a) م: فوقت.

_________

(1)

لعله المترجم له في صفة الصفوة 4: 13، ذكره بكنيته: أبو الحسن البصري المكي، أصله من مكة وسكن البصرة، وتوفي سنة 350 هـ.

ص: 170

يَحْيَى الزَّبِيْديّ، قال: أخْبَرَنَا حَنَش بن غالب، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد الرَّافِقِيّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن الحَسَن (a) بن زَيْد الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن إسْحَاقَ بن يَزِيد الخَطَّابيّ، قال: دَفَعَ إليَّ عُمَرُ كِتَابًا فقال: هذا كلام عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز، فكان فيه: ما اسْتَحكَتْ ضَلالةٌ على قَوْمٍ حتَّى يَعْترفُوا بالذُّنُوب ثمّ لا يَتُوبُونَ، ليس الفِقْهُ بمَعْرفَة ما لا يُسْتَطاع، ذلك شَكٌّ فيهِ، ولكن بمَعْرفَة ما يكُون الوقُوف عليه، كُلّ تَأوِيْل رُدَّ إلى إنْكَارٍ كُفْرٌ، ومن الرِّيْبة الخفيَّة رِقَّة القُلُوب مع المَعَاصِيّ، والشّغل بالحَسَناتِ مع المقَام على السَّيِّئَات، ومن الضَّلَالةِ المُوْبقة الاعْترَاف بالذَّنْب لا ينْزُع عنه، ومن العقُوباتِ الحفيَّةِ تَرْك عِلْم لا يُعْمل به، ووِلَايَة لا يُعْدل فيها، وبكتمان العُلَمَاء العِلْم، وتضَاغُن قُلُوب أهْلِ المِلَّةِ، واعْتِساف المَكْسَب، والتَّعرُّض للدُّنْيا يفْسد الدِّين، وما بعدَ القُدْرة إلَّا الحَسْرة والنَّدَامَة، وما بعد الإمْكان من الفُرْصَة إلَّا الفَوْت، وسَتَعْلَمُون ما أقُول لكم، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

(1)

.

‌أبو الحَسَنِ الفَرَّاءُ

(2)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، كان بحَلَب يَعْمل الفرَاء، ويَنْظِم شِعْرًا جَيِّدًا، رَوَى لنا عنْهُ أبو الفَضْلِ عبدُ الرَّحْمن بن أبي غَانِم بن سِنْدِي.

أنْشَدَنا أبو الفَضْل بن سِنْدِي الحَلَبِيّ، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن الفَرَّاء لنَفْسِه بحَلَب: [من المنسرح]

(a) م: الحسين.

_________

(1)

سورة غافر، الآية 44، وتقدَّمت قطعة أخرى من هذا الكلام المنسوب لعمر بن عبد العزيز في ترجمة أحمد بن محمد الرافقي، الذي يتصل سنده بروايته (الجزء الثالث).

(2)

ذكره ابن العديم في تذكرته 161 - 162، وذكر بأنه يُعرف أيضًا بابن الدمشقي.

ص: 171

أَعِدْ حَدِيثَ العُذَيْب يا عَامِرْ

وقُلْ عن النَّازِلين بالحَاجِرْ (a)

يُطْرِبُني ذِكْرُهُمْ وكَم وَلَهٍ (b)

جَدَّدَ ذِكْر الأحْبَابِ للذَّاكِرْ

يَقُولُ لي عَاذلي تَمُوتُ أسًى

لو كانَ يُغْني مَلَامَةُ الزَّاجِرْ

والوَفْدُ قد أُربحَتْ تِجَارَتُهُمْ

وأنتَ من ريحِ أجْرِهِمْ خَاسِرْ

لا ناسِكٌ مُحْرِمٌ أخُو وَرَعٍ

ولا جَهُولٌ (c) بما رَجَا ظَافِرْ

اقْنَعْ بطَيْفِ الخَيَالِ فَهْوَ عَسَى

يأتيكَ في حِنْدِسِ الدُّجَى زَائِرْ

فقُلْتُ مَنْ لي بما تَقُولُ وقَدْ

أمسَيْتُ صبًّا مُوَلَّهًا (d) سَاهِرْ

قال

(1)

: كان أبو الحَسَن الفَرَّاءُ من ظِرَاف النَّاسِ، ومَدَحَ أكَابِر الحَلَبِيِّيْن، ولَم يأخُذ على شِعْره جَائِزَةً قَطّ، وكان يقُول إذا مَدَح كَبيرًا أو غيره: أنا أعْمَلُ هذا مَحَبَّة، فإذا دَفَعَ إليهِ جَائِزَةً رَدَّها وانْقَطَعَ عنهُ، ويقُول: أنا أعْمل في صنْعَتي كُلّ يَوْم بدِرْهَم يَكْفيني فلا حاجَة لي إلى أحَدٍ.

‌أبو الحَسَن الدَّيْلَمِيُّ

(2)

كان بأنْطَاكِيَة، وحَكَى عنه الوَلِيد بن مُسْلِم.

أخْبَرَنَا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّدُ بن هِبَةِ اللَّه بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد الجُوَيْنِيّ، ح.

وأنْبَأتْنا زَيْنَبُ بنْتُ عَبْد الرَّحْمن الشَّعْرِيّ، قالا: أخْبَرَنَا أبو الفُتُوح بن شَاه الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

(a) م: موله.

(b) تذكرة ابن العديم: بالجاجر.

(c) م: جهور.

(d) م: مولعًا.

_________

(1)

تذكرة ابن العديم 162.

(2)

ترجمته في: حلية الأولياء 10: 153، صفة الصفوة 4: 288 - 289، ويعيد ابن العديم الترجمة له فيما بعد في الألقاب برسم: الديلمي العابد.

ص: 172

وأخْبَرَنا أبو النَّجِيْب الفَارسِيّ في كتابه، قال: أخْبَرَنَا أبو الأَسْعَد بن عَبْد الوَاحِد بن عَبْد الكَريم، قال: أخْبَرَنَا جَدِّي أَبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: ويُحْكَى عن أبي الحَسَنِ الدَّيْلَمِيّ أنَّهُ قال: دَخَلْتُ أنْطَاكِيَة لأجْلِ أسْوَد (a) قيل لي: إنَّهُ يَتَكلَّم على الأسْرَار، فأقمتُ [فيها](b) إلى أنْ خَرَجَ من جَبَل اللُّكَام ومعه شيء من الطَّعَام يَبِيْعُه، وكنتُ جائعًا منذ يَوْمَيْن لَم آكُل شيئًا، فقُلتُ لَهُ: بكم هذا؟ وأوْهَمْتُه (c) أنِّي أشْتَري ما بينَ يَدَيْهِ؟ فقال: أقْعُد ثَمَّ حتَّى إذا بِعْناه نُعْطِيكَ ما تَشْتري به شيئًا، فتَرَكْتُه وصِرْتُ إلى غيره أُوْهِمُه أنِّي أُسَاوِمُهُ، ثُمَّ رجعتُ إليهِ، فقُلتُ: إنْ كُنْتَ تَبِيْع هذا فقُل لي بكم؟ فقال: إنَّما جعت يوْمَيْن، اقْعُد حتَّى إذا بِعْناه نُعْطيك ما تَشْتَري به شيئًا، فقَعَدْتُ، فلمَّا باعَهُ أعْطَاني شيئًا ومَشَى، فتَبعْتُه فالْتَفَتَ إليَّ وقال: إذا عرَضَت (d) لك حاجَةٌ فأَنْزلها باللَّهِ إلَّا أن يكُون لنَفْسك فيها حَظٌّ، فتُحْجَب عن اللَّه.

(a) الرسالة القشيرية: إنسان أسود.

(b) إضافة من الرسالة القشيرية.

(c) الأصل، م: وأوهمت، والمثبت عن القشيري.

(d) الأصل، م: عرض، والمثبت عن القشيري.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 149.

ص: 173

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوْفِيقِي

‌أبو الحَسَن الرَّفَنِيُّ

(a)

من أهْلِ رَفَنِيَّة؛ بَلْدَة من العَوَاصِم وأعْمَال حَلَب.

له كُتُبٌ مُصَنَّفةٌ في الحِكْمَة والحِسَاب، ذُكِرَ له منها كتابُ الجَبْرِ، ويعرفُ بالحُدُود وعِلَلَهُ بالبُرْهَانِ والهَنْدَسَةِ، وكتاب قِسْمَةِ الأعْدَاد.

‌ذِكْرُ مَن يُكْنَى بأبي الحُسَين

‌أبو الحُسَين بن أحْمَد بن الطَّيِّب الفَقِيهُ البَصِيْرُ المَعْرُوفُ بالحَكَّاك

(1)

له ذِكْرٌ في التَّاريْخ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا عَمِّي أبو القَاسِم الحافِظ

(2)

، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: قَرَأتُ في كتابٍ لأبي مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، ذَكَرَ أنَّهُ بخَطِّ عَبْد المُنْعِم بن عليّ المَعْرُوف بابنِ النَّحوِيّ، قال: وفي يَوْم الاثْنَين لإحْدَى وعشرين لَيْلَةً خَلَتْ من صَفَر سَنَة خَمْس وسَبْعِين وثَلاثِمائة، خَرَجَ أبو الحُسَين (b) الحَكَّاكُ الفَقِيهُ من دِمَشْقَ إلى مِصْر مُسْتَصْرحًا إِلى المُلَقَّب بالعَزِيز، ومُسْتَحثًّا له بإخْرَاج عَسْكَر إلى الشَّام بسَبَب العَدُوّ، وأنَّهُ قد نَزلَ على حَلَبَ.

(a) م، الرقي.

(b) م: أبو الحسن.

_________

(1)

توفي بعد سنة 375 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 146 - 147.

(2)

تاريخ ابن عساكر 66: 146.

ص: 174

والظَّاهِرُ أنَّهُ سُيّر من شَرِيْف بن سَيْفِ الدَّوْلَة حين خَطَب للعَزِيز، واجْتازَ بدِمَشقَ. وذَكَرَ عَبْدُ المُنْعِم يَوْم خُرُوجهِ منها.

‌أبو الحُسَين بن حُذَيْق

(1)

كان من العُبَّاد بالمِصِّيْصَة، وله كلام حَسَنٌ، وصَحِبَ إبْراهيم الخَوَّاص، وحَكَى عن عليّ الرَّفَّاء وغيره من العُبَّادِ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر الدُّقِّيّ، وأبو القَاسِم مَنْصُور بن أحْمَد، وقد سُقْنا عنه حِكايَة حَكَاها عن رَجُلٍ بالمِصِّيْصَة فيما يأتي.

أنْبَأنَا الحَافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ اللَّهِ الرُّهَاوِيّ، قال: أخْبَرَنَا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ اللَّهِ بنُ أحْمَد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن عَبْد القَادِر بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بنُ عَبْد اللَّه بن الحَسَن بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَني أبو القَاسِم مَنْصُور بن أحْمَد، قال: سَمِعْتُ ابنَ حُذَيْق يَقُول: لهذه العُلُوم ثلاثةُ آدَابٍ: أحَدُها أَلَّا يُذْكَر إلَّا مع أهْلها، والثَّانيَة أَلَّا يُذْكَر إلَّا في وَقْتِهِ، والثَّالثة، وهو تَاجُه، أنْ ينطَوي الإنْسانُ على كتْمانهِ وتَرْك ذِكْره على دَائم الأوْقَاتِ حتَّى يَسْمَعَهُ من غَيْره.

أنْبَأنَا أبو المُظَفَّر بن أبي سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلَمِيِّ

(2)

، قال: أبو الحُسَين (a) بن حُذَيْق، صَحِبَ إبْراهيم الخَوَّاص وغيره، بَغْدَادِيٌّ، نَزَلَ المِصِّيْصَة، وكان يَقُول: انْفَع النَّاس جهْدَك، فإنْ لَم تَسْتَطع فارْفَع أذَاكَ عنهم.

(a) قوله: "السلمي قال أبو الحُسَيْن" ساقط من م.

_________

(1)

ذكره السلمي عرضًا في كتابه طبقات الصوفية 420، وكناه فيه: أبا الحسن بن حديق، وتقدم لابن العديم أن كناه أيضًا أبا الحسن في نقل له عن السلمي (انظر ترجمة أحمد بن محمد بن أبي سعدان الصوفي في الجزء الثاني)، وحقه التصحيح لولا أنه أدرجه في باب من يكنى بأبي الحسين.

(2)

لم يترجم له في كتابه طبقات الصوفية، ولعله من كتابه المفقود: تاريخ الصوفية.

ص: 175

‌أبو الحُسَين بن أبي التَّمَّام القَاضِي

رَوَى عن يُونُس بن عليّ بن يُونُس البُوْقِيّ، إمَام بُوْقا، رَوَى عنهُ أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْدِ اللَّهِ الطَّرَسُوسِيُّ.

‌أبو الحُسَين بن أبي عَبْدِ اللَّه بن حَمْزَة بن الصُّوْفيُّ المَقْدِسِيُّ الزَّاهِدُ

(1)

أحَدُ الأوْلِيَاءِ المَذْكُورين، والأصْفياءِ المَسْتُورين، وأرْبَاب الكَرَامَات المَشْهُورين.

كان قد أقَامَ بحَلَب مُدَّة، وكان يَأوِي إلى دَار الشَّيْخ أبي مُحَمَّد بن الحَدَّادِ، وكان يَتَستَّر عن إظْهار العِبَادَةِ والكَرَامَات، حتَّى أنَّهُ ما رَآه أحدٌ يُصَلِّي فَرضًا ولا نفلًا إلَّا قَليلًا، ويُظْهر حَالهُ في صُوْرة البَلَه.

وقيل: إنَّهُ من نَسْل عُمَر الأطْرَاف؛ من ذُرِّيَّة عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه.

ذَكَرَ لي حَفِيْدُه أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بنُ يَحْيَى بن أبي الحُسَين، قال: جَدِّي أبو الحُسَين بن أبي عَبْد اللَّهِ بن حَمْزَة بن الصُّوْفيّ المَقْدسِيّ، قال: وذُكِرَ أنَّ حَمْزَة كان شَرِيْفًا عُمَريًّا من بَيْتِ المَقْدِس، من وَلدِ عُمَر الَأطْرَاف، وعُرِفَ بذلكَ لحُسْن عَيْنيهِ، وكان يُشَبَّهُ بعليّ بن أَبي طَالِبٍ رضي الله عنه.

لَقِيَ الشَّيْخُ أبو الحُسَين يُوسُفَ بن أيُّوب الهَمَذَانيّ، وسَمِعَ وَعْظه بمَرْو، ولَقِي غيره من الزُّهَّادِ والعُبَّاد.

(1)

توفي سنة 548 هـ ظنًّا، وترجمته في: تذكرة الحفاظ 4: 1313 (ذكر عارض)، الحبر في خبر مَن غبر 3: 8، سير أعلام النبلاء 20: 380 - 384، مرآة الجنان 3: 323 وفيه: "أبو الحسن"، شذرات الذهب 6:350.

ص: 176

رَوَى عنهُ يُوسُف بن مُحَمَّد بن مُقَلَّد التَّنُوخِيّ، وأبو نَصْر عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن أبي سَعْد الكَرْجِيّ، والشَّيْخ أبو مُحَمَّد بن الحَدَّاد الحَلَبِيّ.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَنا يُوسُف بن مُحَمَّد الدِّمَشقيّ من لَفْظه، وكَتَبَ لي بخَطِّه، قال: أنْشَدَني أبو الحُسَين بن عَبْد اللَّهِ المَقْدِسيُّ الزَّاهِدُ بدِمَشْقَ (a): [من مجزوء الخفيف]

ما لنَفْسِي وما لَها

قد هَوَتْ في مِطَالِها

كُلَّما قُلْتُ قد دَنَا

وتَجلَّى ضَلَالُها

رَجَعَتْ تَطْلُبُ الحَرَا

مَ وتأبَى حَلَالَها

عَاتبُوها لعَلَّها

تَرْعَوي عن فِعَالِها

واعْلِمُوها بأنَّ لي

وَلَها مَنْ يَسَالُها

كذا قال: أبو الحُسَين (b) بن عَبْد اللَّه! والصَّحيحُ: أبي عَبْد اللَّهِ.

سَمِعْتُ الشَّيْخ أبا الفَضْل مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه بن أحْمَد بن قُرْنَاص الحَمَوِيّ (c) يَقُول: أُنْشِدت هذه الأبْيَات، وقيل لي إنَّ الشَّيْخ أبا الحُسَين الزَّاهِد كان يمثلُ بها كَثِيْرًا، قال: فلا أدْرِي هي له أو لغيره: [من الوافر]

أُرَاني كُلَّما يَمَّمْتُ أمْرًا

تَصَرَّمُ دُونَ مبْلَغِهِ حِبَالي

يَظُنُّ النَّاسُ فيَّ خِلَافَ أمْري

وتلكَ قَضِيَّةٌ فيها وَبَالي

على الدُّنْيا مُثَابَرَتي وحُزْني

وبالدُّنْيا هُمُوي واشْتِغَالي

وإذا فاتَتْ زَخَارِفُها يَمِيْني

مَدَدْتُ إلى تَنَاوُلها شِمَالي

(a) زيد في م: يقول.

(b) في م حيثما يرد تاليًا: الحسن.

(c) ساقطة من م.

ص: 177

أخْبَرَنا أبو هَاشِمِ عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبرَنا الإمَامُ تاجُ الإسْلَام أبو سَعْد المَرْوزيّ، قال: سَمِعْتُ أبا نَصْر عَبْدَ الوَاحِد بن مُحَمَّد بن أبي سَعْد الكَرْجِيّ الشَّيْخ الصَّالِح، وقد قَطَع البَادِيَة على التَّجْرِيد وشَرْط القَوْم من غير زَادٍ ورَاحلَةٍ مَرَّاتٍ، يقُول لي مُذَاكَرَةً: سَألتُ الشَّيْخِ أبا الحُسَين المَقْدِسِيّ: هل رَأيتَ أحدًا من أوْلِيَاءِ اللَّهِ تعالَى؟ قال: رأيْتُ في سيَاحَتي عَجَميًّا بمَرْوَ يَعظُ النَّاسَ ويَدْعُو الخَلْقَ إلى اللَّهِ تعالَى، يُقال له: يُوسُف.

قال أبو نَصْر: أرادَ بذلك الإمَام يُوسُفَ بن أَيُّوبَ الهَمَذَانيّ.

قال أبو سَعْد المَرْوَزيّ: أبو الحُسَين أحَدُ عِبَادِ اللَّه الصَّالِحينَ، ومَنْ يُضْرَبُ به المَثَل في الأحْوَالِ السَّنِيَّةِ، والكَرَامَاتِ الظَّاهِرَةِ، وقَطْعِ البَوَادِي على الوَحْدَة، ولُقِيّ المَشَايخ، وصُحْبَته الأكَابِر، حتَّى سَمِعْتُ أنَّ الإفْرنْج يعْتَقدُونَ فيه، ويقُولونَ: إنَّ السِّبَاع والوُحُوش مثل البَهَائِم والغَنَم تَسْجد لأبي الحُسَين المَقْدِسِيّ.

وأخْبَرَني وَالدِي رحمه الله وغيره: أنَّ الفِرنْج كانوا يُعَظِّمُونَ أبا الحُسَين الزَّاهِدَ ويَعْتَقدُونَ فيه.

وقال لي: إنَّ جَمَاعَةً رَأوهُ مِرَارًا راكب (a) الأسَد.

حدثني القَاضِي شَمْس الدِّين أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر، قال: حَدَّثَني رَجُلٌ كان (b) من الفُقَهَاءِ الخفِيَّة بدِمَشْق، يُقال له: سُلْطان، قال: حَكَى لي رَجُلٌ كانَ يَصْحَبُ الشَّيْخ أبا الحُسَين ويُلَازِم خِدْمَتَهُ، قال: كان الشَّيْخُ يأتي إلى الجِبَال المُبَاحَاتِ يَجْني منها العِنَبَ ويَعْصرُه (c) ويَطْبخُه رُبًّا ويُهْدِي منه إلى أصْحَابهِ ومَعَارِفه، فأتَى إلى جَبَل لُبْنَان، وجَمَعَ منه شيئًا وعَصَره، وقال لي: امْضِ إلى القَرْيَة الفُلَانيَّة؛ إلى فُلَان، وقُل له: أبو الحُسَين يُسَلِّم عليك ويقُول لك: أَعِرْهُ

(a) م: يركب.

(b) ساقطة من م.

(c) ساقطة من م.

ص: 178

المِرْجَل الّذي لك ليَطْبُخَ فيه رُبًّا، وكانت تلك القَرْيَة على فَرَاسِخ من ذلك المَوضِع الّذي هو فيه، قال: فقُلتُ لَهُ: يا شَيْخ، المَوضع بَعِيدٌ، والطَّريق مَخُوفٌ، وفيه السِّبَاع والفِرِنْجِ! فقال لي: ما عليكَ بأسٌ، إرْكَب حِمَاري وخُذْ عَصَاي وامْضِ؛ فإنَّ السِّبَاع متى رَأتْ حِمَاري (a) وعَصَاي لا تَعْتَرضُكَ وكذلك الفِرِنْج.

قال: فأخَذْتُ العَصَا، ورَكبتُ الحِمَار، ومَضَيْتُ، فَجَعَلَتِ السِّبَاعُ تَمُرّ بي فأُريها عَصَا (b) الشَّيْخ، وتَرَى حِمَارَهُ تحتي فلا تَلْوِي إليَّ وتَمْضِي لشَأنها، ولَقِيني جَمَاعَة من الفِرِنْج، فوَجَدْتُ منهم من الخَوْف شيئًا عَظيْمًا، فلمَّا رأوا الحِمَار والعَصَا عَرفوهُما، فلَم يُؤذنِي أحدٌ منهم.

وجِئْتُ إلى القَرْيَةِ، وأنا على غَايةٍ من الخوف الّذي أصَابَني، فقُلْتُ لذلك الرّجُل: الشّيْخ يُسَلِّم عليكَ ويُقول: خُذْ المِرْجَلَ الّذي لك وَجئْ إليه، فقال لي: الشَّيْخ مَقْصُودُه المِرْجَل، وما له حَاجةٌ فيَّ أنْ يُعَنِّيَني في هذا الطَّريق، وما أظُنُّه قال لك في أنْ أجيءَ؟! فقُلْتُ لِمَا غَشِيَني من الوَحْشَة في الطَّريق والجَزَع: بلى، قال لي: يأخُذه ويَجيء، فجاءَ صُحْبَتي إلى المكانِ الّذي به الشَّيْخُ، ووَضَعْتُ المِرْجَل على رَأسي لأسْتَظِلَّ بهِ من الحَرِّ، فلمَّا جئْتُه قال لي: وما الّذي حَمَلَك على أنْ تُعَنِّي الرّجُل إلى هَا هُنا؟ فقُلْتُ: ما وَجَدْتُه في الطَّريق من السِّبَاع والفِرِنْج! فقال لي: أوَلَم يَكْفك ما شَاهَدْته في طَرِيقكَ؟! وما الّذي يُؤمنُكَ أنْ يكُون في المِرْجَلِ عَقْربٌ تَلْدغكَ السَّاعَة؟ قال: فما اسْتَتمَّ الشَّيْخُ كَلامَهُ حتَّى لَدَغَتْني (c) عَقْرَبٌ بين عَيْنيَّ، وسَقَطت لوَجْهي، وبَقِيْتُ مَطْرُوحًا ساعَةً حتَّى جاء الشَّيْخ وأَمَرَّ يدَهُ على المَوضِع فسَكَن وقُمتُ.

(a) من قوله: "وخذ عصاي. . . " إلى هنا ساقط من م.

(b) م: عصاة.

(c) م: لسعتني.

ص: 179

قُلتُ: ذَاكَرْتُ بهذه الحِكايَة الشَّيْخَ الفَقِيه مُحَمَّد اليُوْنِينيّ فعَرِفها، وقال: المَوِضع الّذي كان الشَّيْخ به، وجَرَى له فيه هذه القَضِيَّة، هي يُوْنِين، وهذه القَرْيَة خَرج منها جَمَاعَة من الصَّالِحين، ودَخَلْتُها غير مَرَّة.

أخْبَرَني عَمِّي جَمال الدِّين أبو غَانِم بن هِبَة اللَّه، قال: حَدَّثني الشَّيْخُ أبو مُحَمَّد بن الحدَاد الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثني الشَّيْخُ أبَو الحُسَين الزَّاهِدُ، قال: كُنْتُ يَوْمًا بالقُحْوَانَة (a) فصَادَفْتُ جَمَاعَةً من خَيَّالةِ الفِرِنْج وهم يَشْربُونَ، فجئتُ إلى قَرْيَةٍ من قُرَى المُسْلمِيْن الّتي تُجَاورهم وتَقْرُب منهم، فقُلْتُ لهم: تَعالُوا حتَّى أُعطيْكُم خُيُول الفِرِنْج (b)، قال: فأخَذْتهم وجئتُ بهم إلى المَوضِع، والفِرنْج قد نامُوا سُكَارَى، فانْتَقَيْتُ لهم أرْبَعيْنَ حِصَانًا من خِيَارِ خُيُولِهم، وسَلَّمتُها إليهم، فأخَذُوها ومَضَوْا، فانْتَبه الفِرِنْج فلمْ يَجِدُوا خُيُولهم، فافْتَكرُوا وقالوا: انظرُوا المَجْنُونَ لا يكون هَا هُنا، قال: ففَتَّشُوا عليَّ إلى أنْ رَأوْني، فقالوا: أين خُيُولنا؟ فقُلْتُ لهم: عندي قد رَبَطتُها لم تَأكُل (c)، قال: فقالوا لي: تعال أَرِنا إيَّاها، قال (d): فأخَذْتهم وجَعَلْتُ أصعَدُ بهم جَبَلًا وأنْزِل وَادِيًا إلى أنْ عَلَمْتُ أنَّ المُسْلميْنَ قد وصَحلُوا بالخُيُولِ إلى مَأمَنِهم، فجئْتُ بهم إلى مَغَارة هناك، فأدْخَلْتُهم إليها وقُلتُ: ها هي ذه (e) خُيُولُكُم، وكُنْتُ قد ربطَتُ قَصَبًا على مَعَالفَ وجَعَلْتُ بينَ يَدَيْهِا تِبْنًا ورَبَطْتُها، ثُمَّ قال: فنَظَرُوا إلى ذلك وصَلَّبُوا على وُجُوهِهِم، وقالُوا: عَمِل علينا هذا المَجْنُون، ولَم يتعرَّضُوا لي بسُوْءِ.

(a) كذا قيَّدها في الأصل، ومثله عند ابن القلانسي في ذيل تاريخ دمشق (73 - 74، 96، 184 - 185)، وذكرها ابن القلانسي على الوجهين: القحرانة والأقحوانة؛ بما يدل على أنها واحدة، وهي قرية بالأردن من شاطئ بحيرة طبرية (ياقوت: معجم البلدان 1: 334)، عدم الكلام عليها في محاربة الفاطميين لصالح بن مرداس وأعوانه.

(b) م: الإفرنج.

(c) ساقطة من م.

(d) مكررة في الأصل.

(e) م: ها هي فيه.

ص: 180

حَكَي لي عَمِّي أبو المَعَالِي عبدُ الصَّمَد بن هِبَةِ اللَّه، قال: كان للشَّيْخ أبي الحَسَن حَميْرٌ، فكان يُرْسلُهَا بُكرةً فتَخْرج إلى تَلّ عَرَن؛ قَرْيَةٌ بالنُّقْرَة، وليسَ معها أحَدٌ، فتَرْعَى ثُمَّ تَجيءُ إلى مَنْزِله سالِمةً وقد شَبعَتْ.

قال لي أبي رحمه الله: وكان يَسُوق حَمِيرَهُ هذه بينَ يَدَيْهِ، فإذا جاءَ إلى مفْرَق طُرُق صَاح فيها: خُذي يَمينًا فتأخُذ يَمِينًا، وإن قال: خُذِي يَسَارًا أخَذَتْ يَسارًا، وإنْ قال: شَرْقًا أو غَرْبًا فَعَلَتْ ما يَقُول.

قال لي وَالدِي: وسَيَّرتْ إليه خَاتُون زَوْجَة (a) قَسِيم الدَّوْلَة أتَابِك زَنْكِي شُقَّة أَطْلَس ليُفَصِّلها لامرْأتهِ، فاسْتَدْعَى خَيَّاطًا وفَصَّلَها سَرَاويْلَات لَحِميره. وكان تَعمَّد (b) مثل ذلك ستْرًا لحاله.

وسَمِعْتُ أبا الفَضْل مُحَمَّد بن أبي البَرَكَات بن قُرْنَاص (c)، الصَّالِج ابن الصَّالِح يَقُول: بَلَغَني أنَّ الشَّيْخ أبا الحُسَيْن الزَّاهِد دَخَلَ على الشَّيْخ أبي البَيَان الزَّاهِد فأعْطَاهُ أُبْلُوجًا من السُّكَّر، فأخذَهُ منه ولَم يَردّه، وخَرَجَ من عنده فدَفَعَهُ إلى أصْحَاب الشَّيْخ أبي البَيَانِ، فقالُوا له: خُذْه فإنَّ الشَّيْخَ أعْطَاكَ إيَّاهُ، فقال: أيْشٍ أعْمَلُ به؟ أنا لا يَأكُل حِمَاري سُكَّرًا!.

وأخْبَرَني القَاضِي شَمْس الدِّين أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر إنْ شَاءَ اللَّهُ، قال: حَجَّ الشَّيْخُ أبو الحُسَين الزَّاهِدُ إلى مَكَّة، حَرَسَها اللَّهُ (d)، على ثلاثة (e) حَمِير، وكان إذا ضَجرَ نامَ عليها مُعْتَرضًا، ويَصُفُّها صَفًّا ويَجْعَل رأسَهُ على حِمَارٍ، ووسَطه على آخر، ورِجْليهِ على آخر، وتَمشِي به كذلك، لا يتقدَّم أحدٌ منها على الآخر، ولَم يطلُبْ من أحدٍ في الطَّريق لها عَلَفًا، وكان يُعَلّقِ عليها المَخَالِي، قال: فمدَّ بعضُ النَّاسِ يدَهُ إلى مِخْلَاةٍ منها، فوجَدَ (f) فيها رَمْلًا.

(a) م: زوجها.

(b) م: يعتمد.

(c) م: ابن أبي البركات الفرناص!.

(d) م: حرسها اللَّه تعالى.

(e) الأصل: ثلاث.

(f) م: إليها يده في المخلاة فوجد.

ص: 181

حَدَّثَني عَمِّي أبو غَانِم، قال: حَدَّثَني الشَّيْخ أبو مُحَمَّد بنُ الحَدَّادِ، قال: كُنْتُ يَوْمًا جالِسًا على باب دَاري، فجاءَ إليَّ شَاذْبَخْت وسُنْقُرجَا، وكانا خَادِمَيْن من خَوَاصِّ خَدَم نُور الدِّين، ومعهما أرْبعونَ أسِيْرًا من الفِرنْج، فقالا: أينَ الشَّيْخُ أبو مُحَمَّد؟ فقُلْتُ لهما: ما تُريدان، ها أنا ذا؟ فقالا: المَوْلَى نُور الدِّين يُسَلِّم عليك ويقُول لك: انْتَق من هؤلاء الأُسَارَى أسِيْرًا للشَّيْخِ أبي الحُسَين، قال: فاخْتَرْتُ أسِيْرًا منهم وتَرَكتُه، فلمَّا أقْبل الشَّيْخُ أبو الحُسَين سلَّمْتُه إليه، قال: فأخذَهُ الشَّيْخ أبو الحُسَين، ولَم يَحْتَجر عليه، وتَرَكَه باخْتِيَار نَفْسِه، فكان يَنام وَحْدَه ويَمْضي ويَجيء وَحْدَهُ ولا يَهْرُبُ، واللَّه يحْفَظُه بحيث لا يَسْتَطيع الهَرَب.

قال: وكان يَرْكبُ الشَّيْخُ أبو الحُسَين حِمَارَه ويُعْطي الأَسِيْر الغَاشِية يَحْملها بينَ يَدَيْهِ، ويَجيءُ إلى السُّوق إلى أشَدِّ النَّاسِ عَدَاوَةً له مِنَ الرَّوَافضِ، فيَقف عليه فيَشْتِمُونَهُ ويقْصدُ ذلك قَصْدًا، قال: فكانت عاقبَةُ ذلك الأَسِيْر أَنَّهُ أسْلَم، وحَسُن إسْلَامه.

حدَّثَنِي أبو عبد اللَّهِ مُحَمَّدُ بن يُوسُفَ بن الخَضِر، قاضي العَسْكَر، قال: حَدّثني صَاحِبٌ للشَّيْخِ أبي الحُسَين الزّاهِد كان يَخْدمُه واسْمُه عليّ، قال: قال (a) الشَّيْخِ أبو المَعَالِي بن الحدادِ للشَّيْخ أبي الحُسَين يَوْم جُمعة: سَألتُكَ باللَّهِ العَظِيْم إلّا صَلَّيْت اليَوْمَ الجُمُعَة، وشَدَّد عليه المَسْألَةَ، فأجابَهُ إلى ذلك، فلمَّا غصَّ المَسْجِدُ الجَامِعُ بحَلَب بالزِّحَام، جاءَ الشَّيْخ أبو الحُسَين وهو مُتَلفِّعٌ بكسَاءٍ له، والماءُ يَتَقاطَرُ من لِحْيَتهِ، فجلَسَ إلى جانب المِنْبَر، فلمَّا أُقيْمتِ الصَّلاةُ انْقَسم النَّاسُ طَائفتَيْن؛ فطَائِفَةٌ رَأتْهُ يُصَلِّي، وطَائِفَةٌ رأتْهُ قاعدًا لَم يَقُم، فحلَفَ بعْضُهم بالطَّلَاق أنَّهُ رآه يَرْكَعُ ويَسْجُد مع الإمَام وهو يُصَلِّي، وحَلَف البعضُ الآخرُ بالطَّلَاق أنَّهُ رَآهُ قَاعِدًا لَم يتحَرَّك من مَكانهِ ولَم يُصَلِّ!.

(a) م: قال لي.

ص: 182

فذَهَبتِ الطَّائِفتانِ إلى القَاضِي تَاج الدِّين الكَرْدَرِيّ، وهو إذْ ذاكَ يَتَولَّى القَضَاءَ والفُتْيَا بحَلَب، فسألُوه عن هذه الوَاقِعَة، وعن وُقُوع الطَّلَاقِ وعَدَم وقُوعهِ، فقال: اذْهَبُوا إلى الشَّيْخ أبي الحُسَين فهو يُفْتِيكم فيها، وهو أخْبَرُ بها، فذَهَبُوا إليه، فقال للّذين حَلَفُوا أنَّهُ لَم يُصَلّ: أرَأيْتُموني أُصَلِّي؟ قالوا: لا واللَّهِ، قال: فاذْهَبُوا فإنَّكُمُ لَم تحنَثُوا، وقال للّذين حَلَفُوا أنَّهُ صَلَّى: أرَأيْتُموني صَلَّيْت؟ قالوا: نَعم، قال: اذْهَبُوا فإنَّكُم لَم تحنَثُوا، فعَادُوا جَمِيعًا إلى الكَرْدَرِيّ وذَكَرُوا له ما قال، فقال: أفْتَاكُم بالحَقِّ.

وحَدَّثَني عَمِّي أبو غَانِم، قال: قال لي أبو مُحَمَّد بن الحَدَّادِ: كُنْتُ لا أرَى أبا الحُسَين الزّاهِد يُصَلِّي، وكان إذا حَضَر وَقْتُ الصَّلاةِ يُنَادِيني: أبو مُحَمَّد قُم إلى الصَّلاة، فأقُوم إلى المَسْجِد وأُصَلِّي بجَمَاعَةِ المَسْجِد، ففَكَّرْتُ ذات يَوْم فيهِ، وكُنْتُ أُرِيْدُ أنْ أَرْتَقِبَهُ في وَقْتِ المَغْرب فإنَّهُ أضْيَقُ الأوْقَاتِ، قال: فلمَّا حان وَقْتُ المَغْرب وأذَّنَ المُؤذِّن، قال لي: قُمْ إلى الصَّلاةِ، فقُلتُ لَهُ: نعم، وتَباطئْتُ فنَادَاني الثَّانيَةَ، فقُلتُ لَهُ: نَعَم وتَغافَلْتُ، فنَاداني الثَّالثة وهو مُنْزَعجٌ، فقُلتُ لَهُ: نَعَم، وتَغَافَلْتُ، فالْتَفَتَ إليَّ وهو مُنْزَعجٌ وقال لي: يا مَيْشُوم (a)، أنا أُرِيْدُ أنْ أكُونَ مثْلَ الكَلْبِ يُخْسَأُ ولا يرْجَى، ثمّ تَرَكَني ومَضَى.

وحَدَّثَني عَمِّي أبو غَانِم، وقاضي العَسْكَر مُحَمَّد بن يُوسُف أنَّ الشَّيْخِ أبا الحُسَين حَجَّ في بعضِ السِّنِيْن من دِمَشْق، فسَيَّرَ معه بعضُ أهْل دِمَشْقِ وَدِيْعَةً جَامَدَانًا فيه قُمَاش، وكتَاب إلى صَاحِبهِ إِلى مَكَّة، حَرَسَها اللَّهُ، قالا: فلمَّا خَرَجَ أبو الحُسَيْن من دِمَشْق ألْقَى الجَامَدَان ومَضَى، فظَفِر به بعضُ الحُجَّاج فَحَمَلَهُ وجاءَ بهِ إلى مَكَّة، فنَزَلَ ذلك الرَّجُل بمَكَّة، وأوْدَعِ الجَامَدَان عند صَاحِبهِ الّذي أُرْسِل إليهِ، فنَظَر إلى الجَامَدَان فعَرفه ففتَحَهُ فوجَد فبه قُمَاشَه ووَجَدَ فيهِ كِتَابًا من الرَّجُل

(a) كذا في الأصل وفوقه "صـ"، وهو من كلام العوام، صوابه: مشئوم. الصفدي: تصحيح التصحيف 503.

ص: 183

الّذي سَيَّرَهُ يَذْكُر فيه أنَّهُ قد أرْسَلِ الجَامَدَان مع الشَّيْخ أبي الحُسَين. قال: فقال صَاحِبُ الجَامَدَان للرَّجُل الّذي تَرَكَهُ عندَهُ: هذا الجاَمَدَانُ لي والقُمَاش قُمَاشِي، وهذا الكتابُ إليَّ وأرَاهُ الكتابَ، فقال: أنا وجَدْتُه مُلْقًى في المكان الفُلَانيّ، قال: فالْتَقَى صَاحِب الجَامَدَان الشّيْخ أبا الحُسَين، فقال له: مثْلُك يكُون النَّاس، ما أنتَ إلَّا أَمين، فالْتَفَتَ إليه وقال: يا بَارد، ألَم يَصِل إليك جَامَدَانُكَ، فما وَجْهُ عَتْبِكَ، ثُمَّ تَرَكَهُ ومَضَى.

سَمِعْتُ أبا العبَّاسِ أحْمَدَ بن يَحْيَى ابن الشَّيْخ أبي الحُسَين الزَّاهدِ بالميْطُور من سَفْح جَبَل قَاسِيُون، قال: أخْبَرَتْنِي عَمِّتي -يعني بنت الشَّيْخ أَبي الحُسَين- قالت: كنت في اللُّبَّن، وهي قَرْيَة بين نابُلُس والبَيْت المُقَدَّسِ، والشَّيْخ أبو الحُسَين وَالدِي بها، وابْني في الحَجِّ، وكان ذلك قبل عِيْد النَّحْر بيَوْمَيْن، فعَمِل (a) بَعْضُ مَنْ في اللُّبَّن للشَّيْخ أبي الحُسَين عُجَّةً، فاشْتَهيْتُ أنْ يَأكُل ابني منها، فقُلتُ: اشْتَهيْتُ ابني فُلَانًا يَأكُلُ من هذه العُجَّة (b)، فقال لي وَالدِي أبو الحُسَين: هَاتي، فدَفَعْتُ إليه العُجَّة والغَضَارَة الّتي هي فيها والخُبْز، فأخَذَ ذلك وخَرَج بالمِنْدِيل، فَحَجَّ ابني ورجَع، وأحْضَر إليَّ تلك الغَضَارَة بعَيْنها، فقُلتُ: ما هذه؟ فقال: هذه أحْضَرَها إليَّ الشَّيْخُ أبو الحُسَين وفيها العُجَّةُ مع الخُبْزِ.

قال لي أحْمَدُ بن يَحْيَى: وحَدَّثَتني عَمَّتي المَذْكُورَة، قالت: أخْبَرَني أخي، بعضُ وَلدِ الشَّيْخ أبي الحُسَين، قال: كان وَالدِي أبو الحُسَين يَجْمعُ قشُورَ البِطِّيْخ الّتي تلقَى فيَجْعَلُها في قِدْرٍ، ويأخُذُ مِغْرَفَةً ويُحَرِّكها ويُخْرِجُها فنَأكُلها، فنَجدُها من أطْيَب الأطْعِمَة، فلمَّا تُوفِّي الشَّيْخُ عمدَ بعضُ وَلدِه ففَعَل مثْل ما كان يَفْعَلُ، فلَم يُطِقْ أحَدٌ أنْ يَأكُلَها، فقال بَعْضُهم: القُشُورُ القشُور، والقِدْرُ القِدْر، والمِغْرَفَة المِغْرَفَة، ولكن اليَد الّتي كانت تُحَرِّكها ليسَتِ اليَد!.

(a) م: وكان قد عمل.

(b) م: يأكل منها.

ص: 184

سَمِعْتُ سَيْفَ الدِّين مُوسَى ابن شَيْخنا مُحَمَّد بن رَاجِح المقدِسِيّ يقُول لي بحَلَب: حَكَى لي الفَقِيه يَعْقُوب الزَّنْكَلُونيّ، من أصْحَاب الشَّيْخ عُثْمان بن مَرْزُوق، عن صَاحِب الشَّيْخ أبي الحُسَين الزَّاهِدِ أنَّهُ قال: سَافَرْتُ أنا والشَّيْخ أبو الحُسَين، رحمه الله، من غَزَّة إلى عَسْقَلان، فاشْتَدَّ بنا الحَرُّ وعَطِشْنَا، فقال لي: يا فُلَان، تَجيء حتَّى نَزرَع مَقْثأَةً؟ فقُلتُ لَهُ: مُبَارَك، فقال: أيّما أحَبّ إليك؛ تَحْفِر أم تَزْرعِ؟ فقُلتُ: أحْفِر والشَّيْخ يَزْرَع، فَحَفَرتُ له جُوَبًا كَثِيْرةً وهو يَطْرَحُ في كُلِّ جُوْبةٍ حَصَاتَين (a) من الأرْضِ، إلى أنْ زَرَعنا شَيئًا كَثِيْرًا، ثُمَّ انْتَقَلْنا فاسْتَظْلَلْنا تحتَ شَجَرَة بَعِيدًا عن المَوضِع، فقال لي بعد سَاعةٍ: يِا فُلَانُ، اذْهَب فآتنِا من المَقْثَأةِ ببِطِّيْخ، فذَهَبْتُ فلَم أرَ شيئًا، فجئتُ إليه فأخْبَرتهُ، فقال: أنتَ ما تَعْرف تجيب البِطِّيْخ، ثُمَّ قامَ وقُمْتُ معه فأقبلْنا على المَقْتَأة فإذا هي كُلُّها لُجَّةٌ خَضْراءُ، وفيها من البِطِّيْخ شيءٌ كَثِيْرٌ، كبارٌ وصِغَارٌ، فأكَلْنا حتَّى شَبعْنا، ثمّ أخَذَ من ذلك البِطِّيْخ فوضَعَهُ في الجُرْج على الدَّابَّةِ، وحَمَلناهُ معنا إلى عَسْقَلانَ، وكان قد أصَاب أهْلَ عَسْقَلان مَرَضٌ، فما أكَل أحدٌ من أهْلِ عَسْقَلان قِطْعَة إلَّا وبَرَأ من ذلك المَرَض.

قال لي مُوسَى: وحَكَتْ لي سِتِّي أُمُّ الشَّيْخِ عُمَر زَوْجَةُ الشَّيْخِ أبي عُمَر، قالت: جَاءَ الشَّيْخُ أبو الحُسَين إلينا لَيْلًا بمَرْدَا، قَرْيةٍ من نابُلُسٍ، في وَقْتٍ باردٍ فقَعَد عند جَمَاعتِنا ساعَةً وبين أيديهم نارٌ يَصْطَلُونَ بها، ثمّ نهَضَ قائمًا، فقالوا له: يا سَيِّدِي، أين تَمْشِي في هذا الوَقْت المُظْلِم البَارِد؟ فقال: أنا آخُذُ من هذه النَّار وأسْتَضِيءُ بها، فأخَذَ قِطْعَةً من حَطَب الزَّيْتُون وهي تَشْتَعِلُ من تلك النَّار كَبِيرة، ووَضَعَها في ثَوْبهِ، ثُمَّ اسْتَضَاء بها فلم يَحْتَرق الثَّوبُ، وأخَذَها وذَهَبَ.

(a) الأصل: حصانين، م: حصانين عن.

ص: 185

سَمِعْتُ عَمِّي أبا غَانِم، رحمه الله، يَقُول: حَدَّثَني الشَّيْخُ أبو مُحَمَّد بن الحَدَّادِ، قال: لمَّا نَزَل المَلِكُ العادِلُ نُوِر الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي على عَزَاز يُحَاصِرها، جَاءني الشَّيْخ أبو الحُسَين الزَّاهِد يَوْمًا من الأيَّام، وقال: تعال حتَّى (a) نُحَاصِرِ عَزَاز ونُعَاون المُسْلمِيْن، ثمّ عَمِل صُوْرة قَلْعَةٍ من طِيْن، وقال لي: امْشِ حتَّى نَزْحَف عليها، ثُمَّ جَعَل يَقُول:{نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ}

(1)

نَصْرٌ من اللَّهِ وكَسْرُ الصَّلِيب، وجَعَلِ يُكَرِّر ذلك، ثُمَّ قال: ها أخَذْناها، أخَذناها، أخَذْناهَا، ثُمَّ سَكَت، فوقَع طَائِر عقِيْبَ ذلك ببِطَاقَةٍ يُخْبرُ بأنَّها فُتِحَت في الوَقْتِ الّذي كان من الشَّيْخ أبي الحُسَين ما كان.

تُوفِّى الشَّيْخ أبو الحُسَين الزَّاهِد المقدِسيِّ بحَلَب [سَنَة ثَمانٍ وأرْبَعين وخَمْسمائة](b)، ودُفِنَ بمَقَابِر المقام خَارج باب العِرَاق بتُرْبةِ بني الحدَاد، قِبْليّ مَقَام إبْراهيم عليه السلام، وقبَرُه ظَاهِرٌ يُزَارُ، وتُنْذَر عندَهُ النُّذُور، وزُرْتُهُ مِرَارًا.

‌أبو الحُسَين المالِكِيُّ

كان من شُيُوخ الصُّوْفيَّة بطَرَسُوس، وصَحبَ خَيْرًا النَّسَّاج، رَوَى عنهُ الحُسَينُ بن أحْمَد بن جَعْفَر الصَّيْرَفِيّ إنْشَادًا ذَكَرْناهُ فيما تَقَدَّم من كتابنا هذا

(2)

.

وحَكَى أبو القَاسِم القُشَيْريّ عنه حِكايَهً غير مُسْنَدة (c).

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه، قال: أخْبَرَنا عمَر بن أبي الحَسَن بن حَمُّوْيَه، ح.

(a) ساقطة من م.

(b) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل تقدير أربع كلمات، والنص متصل في م، واستكماله من سير أعلام النبلاء 20: 384، وأرخ الذهبي وفاته على الظنّ.

(c) م: حكاية مسندة.

_________

(1)

سورة الصف، من الآية 13.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 186

وأنْبَأَتْنا زَيْنَبُ بنتُ عبد الرّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: وقال أبو الحُسَين المالِكِيّ: كُنْتُ أصْحَبُ خَيْر النَّسَّاج سِنِين كَثِيْرة، فقال لي قبل مَوْته كانيةِ أيَّام: أنا أمُوت يَوْم الخَمِيْس وَقْت المَغْرب، وأُدْفَن يَوْم الجُمُعَة قبل الصَّلاةِ، وسَتَنْسَى هذا، فلا تَنْسَ (6).

قال أبوِ الحُسَين: فأنسيْتُه إلى يَوْم الجُمُعَة (a)، فلَقِيَني مَنْ خَبَّرني بمَوْتِه، فخَرَجْتُ لأحضُر جنَازَته، فوَجَدْتُ النَّاس رَاجعين يقُولُون: يُدْفَن بعد الصَّلاةِ، فلم أنْصَرف فحَضَرتُ (c) فوَجدتُ الجنَازة قد أُخْرجَت قبل الصَّلاة كما قال، فسَألتُ مَنْ حَضَر وَفَاتَهُ، فقال: إنَّهُ غُشِي عليه ثُمَّ أفَاق، ثمّ الْتفتَ إلى نَاحِيَةِ البَيْت وقال: قِفْ عَافَاك اللَّه؛ فإنَّما أنتَ عَبْدٌ مأمُور وأنا عَبْد مأمُور، والّذي أُمرتَ به لا يَفوتكَ (d)، والّذي أُمِرتُ بهِ يَفُوتني، فدَعَا بماءٍ، وجدَّد وُضُوءَهُ وصَلَّى وتَمدَّد وغمَّض (e) عَيْنيهِ، فرُؤي في المَنَام بعدَ مَوْته، وقيل له: كيف حَالُكَ؟ فقال: لا تَسَل، تَخلَصْتُ عن دُنْياكم الوَضِرَة.

‌أبو الحُسَين الفَرَّاءُ الفَقِيه الطَّرَسُوسِيُّ

رَوَى عن حَامِد بن يَحْيَى البَلْخِيّ، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن خَمّ.

نَقَلْتُ من خَطِّ عَبْد اللَّه بن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن سُوَيْدَة التَّكْرِيتِيّ بها، وأنْبَأنَا به عنهُ سَمَاعًا منهُ عليّ بن شُجاع، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَعْد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد، قال: حَدَّثَنَا تَمِيْم، قال: حَدَّثَنَا الفَقِيه أبو اللَّيْث بن مُحَمَّد، قال:

(a) الرسالة القشيرية: قبل الصلاة فلا تنس هذا.

(b) من قوله: "قال أبو الحسين. . . " إلى هنا ساقط من م.

(c) ساقطة من م.

(d) الأصل، م: يفوت، والمثبت عن القشيري.

(e) الرسالة القشيرية: وأغمض.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 205.

ص: 187

حَدَّثَنَا أبي (a)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خَمَّ، قال: حَدَّثَني أبو الحُسَين الفَرَّاء الفَقِيه الطَّرَسُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَامِد بن يَحْيَى البَلْخِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيمان، قال: كان عندنا بمَكَّة رَجُلٌ من أهْلِ خُوزسْتان، وكان رَجُلًا صَالِحًا، وكان النَّاس يُودِعُونَهُ وَدَائع لهم، فجاء رَجُل فأوْدَعَهُ عَشرة آلاف دِينْار، وخَرَجَ الرَّجُلُ في حاجةٍ فقَدِمَ مَكَّة، وقد ماتَ الخُوزَسْتانيّ، فسَأل أهْله ووَلدَهُ عن مالهِ، فلَمِ يكُن لهم به عِلْم، فقال الرّجُل لفُقَهاء (b) بمَكَّة، وكانُوا يَوْمئذٍ مُجْتَمعين مُتَوافرين: أوْدَعتُ فُلَانًا عَشرة آلاف دِيْنارٍ وقد ماتَ، وسَألْتُ أهْلَهُ ووَلَدَهُ، ولَم يكُن لهم بها عِلْم، فما تأمُرونَ؟ فقالوا: نحنُ نَرْجُو أنْ يكُون الخُوزَسْتانِيّ من أهْل الجَنَّة، فإذا مَضَى من اللَّيْل (c) ثُلُثُه أو نصْفُهُ ائْتِ زَمْزَمَ فاطّلِعْ فيها ونادِ: يا فُلَانُ ابن فُلَانٍ، أنا صَاحِب الوَدِيْعَة، ففَعَل (d) ذلك ثلاثَ ليالٍ فلَم يُجِبْهُ أحَدٌ.

فأتاهم فأخبرَهُم، فقالُوا (e): إنّا للَّهِ وإنّا إليهِ رَاجعُونَ، نَخْشى أنْ يكُون صَاحِبَكَ من أهْلِ النَّار، ائْت اليَمَنَ فإنّ فيها وَادِيًا يُقال له: بَرْهُوْت، وفيه بئر فاطَّلعِ فيها، فإذا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْل أو نصْفُه فنَادِ: يا فُلَانُ ابن فُلَانٍ، أنا صَاحِبُ الوَدِيْعة، ففَعَل ذلك، فأجابَهُ في أوَّل صَوْت، فقال: وَيْحَك، ما انْزَلكَ هَا هُنا وقد كُنْتَ صَاحِب خَيْر؟ قال: كان لي أهْلُ بيتٍ بخُرَاسَان فقَطَعْتُهم حتّى متُّ فأخَذَني اللَّهُ عز وجل بذلك، فأنْزَلني اللَّهُ هذا المَنْزل، فأمَّا مالُكَ فهو على حاله، وإني لَم أأُتَمِن وَلدِي على ذلك، فدَفَنْتُه في بَيْت كذا، فقُل لوَلدِي ليُدخَلكَ دَارِي، ثُمَّ صِرْ إلى البَيْت فاحْفِر فإنَّك سَتَجدُ مالكَ وهو على حَالتهِ، فرجَع فوَجَد ماله على حَالته.

(a) من قوله: "قال حدثنا الفقيه. . " إلى هنا ساقط من م.

(b) م: الفقهاء.

(c) قوله: "من الليل" ساقط من م.

(d) م: فعل.

(e) م: فقالوا له.

ص: 188

‌أبو الحُسَين الكَرْجِيُّ

(a)

كان من الصَّالِحينَ، وكان يُرَابط بطَرَسُوس. حَكَى عنه عَمُّوَيْه الزَّنْجَانِيّ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّه بن الحُسَين، عن الحَافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ عَمُّوَيْه الزَّنْجَانِيّ الأشْتَر يَقُول: سَمِعْتُ أبا الحُسَين الكَرْجِيّ بنَهَاونْد يَقُول: كانت أُخْتٌ لي صالِحةٌ في الصِّغَر، وكُنْتُ أنا أشْتُو في أكْثَر السِّنِيْن بطَرَسُوس، فلمَّا كان سَنَة من السِّنِيْن عَزَمْتُ على الخُرُوج إليها، فسَألتنِي أنْ لا أخْرُج، فقُلتُ: لا أصْبرُ على بَرْد قُهُسْتَان والثُّلُوج، فهَتَف بي هَاتِفٌ: رَاعِ قَلْبها وأقِم عندَها، فنحنُ لا نُنْزلُ الثَّلْج في هذه الشَّتْوَة، فأقَمتُ عندَها، فلَم يَقَعْ واللَّهِ عندنا الثَّلْجُ في تلك السَّنَة.

‌أبو الحُسَين القَرَافِيُّ

(1)

دَخَلَ التِّيْنَات، ولَقِيَ بها أبا الخَيْر التِّيْنَاتِيّ (b).

‌أبو الحُسَين المُسْتَهَام الحَلَبِيُّ

(2)

غُلَام المُتَنَبِيّ والبَبَّغَاء، شَاعِرٌ كانَ يَصْحَبُ المُتَنَبِيّ بحَلَب.

(a) في م حيثما يرد: الكرخي.

(b) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

_________

(1)

ذكره القشيري: الرسالة القشيرية 3: 393، وابن الملقن: طبقات الأولياء 192 - 193.

(2)

ترجم له الثعالبي في تتمة يتيمة الدهر 18 - 19، وأورد له مقطوعات من شعره وعارضها بغيرها من أشعار البحتري وابن الرومي وغيرهما، وكذلك في كتابه خاص الخاص 243، وتتمة يتيمة الدهر 18، ابن الفوطي: مجمع الآداب 5: 221 وكناه: أبا الحسن، وأعاد ابن العديم ذكره في الألقاب، آخر هذا الجزء: المستهام الحلبي.

ص: 189

قَرأتُ في مَجْمُوعٍ جَمَعَهُ بعضُ الأُدَبَاء: لأبي الحُسَين المُسْتَهَام الحَلَبِيّ غُلَام المُتَنَبِّي

(1)

: [من الوافر]

نَزَلْتُ على ابن حَمَّادٍ فحيَّا

ويسَّرَ عِندَهُ سُبُلَ المَقِيْلِ

وقالَ علَيَّ بالطَّبَّاخ حتَّى

يزيدَ من البَوَادِرِ والبقُولِ

فغَدَّاني برَائحةِ الأمَانِي

وعَشَّاني بميْعَادٍ جَمِيلِ

قَرَأتُ في ذَيْل اليَتِيْمَة لأبي مَنْصُور الثَّعالِبِيّ [. . .](a).

‌أبو الحُسَين الحَلَبِيُّ

إنْ لم يَكُن المُسْتَهَام المُقَدَّم ذِكْره فغَيْره، رَوَى عن أبي الطَّيِّب المُتَنَبِيّ وأبي العبَّاسِ النَّامِيِّ.

قَرأتُ بخَطِّ مُفْلح بن عليّ البَغْدَاديّ الأدِيْب: قيل كان سَيْفُ الدَّوْلَةِ يضَعُ الشُّعَراءَ على هِجَاءِ أبي الطَّيِّب فلا يُجيْب أبو الطَّيِّب أحدًا تَرَفُّعًا، فذَكَرَ أبو الحُسَين الحَلَبِيُّ أنَّ النَّامِيّ هَجَاهُ، فقال

(2)

: [من الكامل]

قد صَحَّ شِعْركَ والنُّبُوَّة لَم تَصِح

فدَع النُّبُوَّة لا أبَا لكَ واسْتَرِحْ

وارْجَ دَمًا (b) أصْبَحت تُوْجبُ سَفْكَهُ

إنَّ المُمَتعَّ بالحَيَاةِ لمَنْ رَبْح

(a) بياض في الأصل قدر خمسة أسطر، والنصّ متصل في م، وانظر كلام الثعالبي عليه في تتمة اليتيمة 19 - 18.

(b) م: ذمًا.

_________

(1)

تذكرة ابن العديم 397.

(2)

تقدم لابن العديم -في ترجمته للمتنبي- ذكر هذه المهاجاة، ونسبها للضب الضرير الشامي. انظر الجزء الثاني، ولم ترد في مجموع شعر النامي.

ص: 190

فأجابَهُ أبو الطَّيِّب فقال

(1)

: [من الكامل]

نَارُ النُّبُوَّة مِن زنَادِي تقْتَدحْ

يَغدُو عليَّ من المهَا ما لَم يَرُحْ

أمري إليَّ فإنْ سَمِحْتُ بمُهْجة

كَرُمَتْ عليَّ فإنَّ مثْلي مَنْ سَمِحْ

فقال لهُ النّامِيّ

(2)

: [من الطويل]

أطْلَلْتَ (a) يا أيُّها الشَّقِيّ دَمَكْ

لا رَحِمَ اللَّهُ رُوْحَ مَنْ رَحِمَك

أُقْسِم لو أقْسَم الأَمِيرُ على

قَتْلِكَ قَبْل العِشَاءِ ما ظَلَمَك

فأجَابَهُ المتُنَبِيّ فقال

(3)

: [من المنسرح]

إيْهم أتاكَ الِحَمامُ فاصْطَلمَك

غير سَفيْهٍ عليكَ من شَتَمَكْ

همُّكَ في أَمْردٍ تُقَلِّبُ في

عَيْن دَواةٍ لظَهْره قَلَمكْ

وهمَّتي في انْتِضَاءِ ذي شُطَبٍ

أَقُدُّ يَوْمًا بحَدِّه أَدَمَكْ

فاخْسَأ مَلُومًا واربَعْ على ظَلعٍ

والْطِخْ بما بين إليتَيْكَ فَمَكْ

قُلتُ: ولعَمْري إنَّ المُتَنَبّي سَفِيْه في شَتْمه وهِجَائه، ولَم يكُن مُجِيْدًا في الهِجَاء، وكان يَسْلُك الفُحْش المُسْتَقْبَح في هِجَائهِ كما في قَصِيْدَتهِ الّتي يَهْجُو (b) بها ضَبَّة.

‌أبو الحُسَين الحَلَبِيُّ الصَّائِغُ

شَاعِرُ رَوَى عنهُ الرَّشِيْدُ بن الزُّبير بَيْتًا مُفْرَدًا في كتاب جِنَان الجِنَان

(a) م: أظللت.

(b) ساقطة من م.

_________

(1)

ليست في ديوانه بشرح العكبري ولا بشرح الواحدي.

(2)

لم يرد البيتان في مجموع شعر النامي، وانظرهما في خزانة الأدب للبغدادي 2: 348، باختلاف في الرواية.

(3)

لم ترد الأبيات في ديوان المتنبي بشرح العكبري ولا في شرح الواحدي، وثلاثة منها -باستثناء البيت الأول- عند الأصفهاني: الواضح في مشكلات المتنبي 7.

ص: 191

وريَاض الأذْهَان، بعدَ أنْ ذَكَر في شِعْر الشَّريف البَيَاضِيّ (a) أبْيَاتًا يَهْجُو بها أبْخَر، وذَكَرَ بعدَها بَيْتَيْن لأبي الصَّلْت في مثْل ذلك، ثُمَّ قال: ومثْلُه ما أنْشَدَنيه أبو الحُسَين الحَلَبِيّ الصَّائغِ لنَفْسِه من أبياتٍ يَهجُو بها ابن حَدِيْد الشَّاعر، وهو

(1)

: [من الكامل]

بفَمٍ كِمثْل القَبْر بعد ثلاثةٍ

في نَتْنه وصَدِيْدِه وعِظَامِهِ

وابنُ حَدِيد هذا هو عَبْدُ المُحْسِن بن حَديْد المَعَرِّيّ، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو الحُسَين الوَامِقُ المَعَرِّيُّ

(3)

شَاعِرُ حَسَنُ الشِّعْر، خَليْعٌ، من أهْلِ المَعَرَّة.

أنْبَأنَا أبو عَبد اللَّه مُحَمَّد بن عُمر بن عبد الرَّحْمن بن أبي العَجَائِز، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ

(4)

، قال: أبو الحُسَين الوَامِق المَعَرِّيّ الشّاعر، قَدِمَ دِمَشق.

أنْشَدَنا أبو اليُسْر شَاكِر بن عَبْد اللَّه الكَاتِبُ، قال: أنْشَدَني جدِّي القَاضِي أبو المَجْد مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان للوَامِق من قَصِيدَة: [من الخفيف]

يا فتُوني بِمَنْ رَضَاهُ فتُوني

زِدْ فُؤادِي مِن وَجْدِهِ المَكْنُونِ

(a) م: "الرياضي أو البياضي".

_________

(1)

نسب الصفدي بيت الشعر لابن حديد في هجاء الحلبي الصائغ، عكس الذي قاله ابن العديم، انظر: الوافي بالوفيات 19: 143 (في ترجمة عبد المحسن بن صدقة بن حديد المعري).

(2)

في الضائغ من أجزاء الكتاب.

(3)

تقدم لابن العديم التَّرجمة لشاعر اسمه الحسن بن أحمد المعري المعروف بالوامق، ووصفه بأوصاف تقرُب من هذا المكنى بأبي الحسين الوامق، وذكر في ترجمته تلك بعض ما أثبته هنا، ولعلهما واحد. (انظر الجزء الخامس فيما تقدم)، وترجم له الحافظ ابن عساكر 66: 149 - 150، (وفيه: الرائق بدل الوامق)، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 15: 475 - 476.

(4)

تاريخ ابن عساكر 66: 149.

ص: 192

وفيها

(1)

:

يا نَوَاعِيْرَ شَيْزَرٍ اسْتَقبلي بالـ

ــشَّجْوِ قَلْبي وشَيِّعي بالحنَيْنِ

ذَكِّريني بَنْهرِكِ العَذْب أنْهَا

رَ دِمَشْقٍ يا طِيْبَ ما تُذكِريْني

أبِبَابِ البَرِيدِ أذْكُرُ وَجْدِي

أم ببَابِ الجِنَانِ أم جَيْرونِ

ها إليها كالنَّجْمِ ينقَضّ أو كالـ

ماءِ يَجْري مِن شَاهِقٍ مَسْنُونِ

أو كظَمآن مفترٍ عاينَ المَوْ

قدَ بَينَ المَنْثُور واليَاسَمِيْنِ

عَزَماتٌ كأنَّما خُلِقَت مِن

عَزَماتِ الأَمِير يَنْجُوتكِيْنِ

وفيها

(2)

:

يا أميرَ الجُيُوش شَاعِرُكَ الوَا

مِق ربُّ المُثَقَّفِ المَوْزُون

قال: وأنْشَدَنا له

(3)

: [من السريع]

وَفَى لي الدَّهْرُ بمَوْعُودِ

وتَابَع النّعمَى بتَجْدِيدِ

ولاحَتِ الأنْوَارُ في مَوضِعٍ

مُرْتَفعِ الأنْوَارِ مَسْعُودِ (a)

يا عُمُري زِدْ في المَدَى فُسْحَةً

ويا ليالٍ ذَهبَتْ عُودِي

ومَهْمَهٍ خَبْتٍ ينجُوا بِهِ

مِنَ المَهَاري الوُخَّدِ القُودِ (b)

عادَتُها قَطْعُ الفَلَا والدُّجَى

ما بينَ إرْقَالٍ وتَوْخِيْدِ

لمَّا انْبَرَت (c) بي من دِمَشْق إلى

وردٍ منِ الإنْعَامِ مَوْرُودِ

لاذَ بها سُكَّانُ جَيْرُونَ عَن

وَجْدٍ وصَبْرٍ غَيرِ مَوْجُودِ

وكادَ دَمعُ القَوْم يحكي (d) بِهِ

سَوَادَ تِلكَ الدُّرجِ السُّودِ

_________

(a) م: بسعود.

(b) م: الوفود.

(c) ابن عساكر: أثيرت.

(d) ابن عساكر: يجلي.

_________

(1)

البيتان 3، 6 في تاريخ ابن عساكر 66: 149 - 150.

(2)

البيت في تاريخ ابن عساكر 66: 150.

(3)

الأبيات (باستثناء 3، 4، 5) في تاريخ ابن عساكر 66: 150.

ص: 193

وَوَدَّعت مَن ودَّعَت واغْتَدَت (a)

تَنْصَاعُ مِن بِيْدٍ إلى بِيْدِ

تُزاحِمَ الثَّلْجَ بِمَنْ قَلبُهُ (b)

يُوقَدُ نَارًا (c) بهَوَى الغِيْدِ

أنْشَدَني أبو البَرَكَات الفَضْل بن سَالِم بن المُهَذَّب الكَاتِب المَعَرِّيّ بها للوَامِق المَعَرِّيّ: [من الكامل]

أنا بالخَرَاجِ مُطَالَبُ ووَحَقِّ مَنْ

أرجُوهُ للغُفْرَانِ ما لي دِرْهَمُ

والمُلْكُ وَقْفٌ لو قَدرْتُ أبيعُهُ

لفَعَلتُ إلَّا أنَّ ذاكَ مُحَرَّمُ

قَرأتُ بخَطِّ أبي العَلَاء بن [أبي](d) النَّدَى، في جُزءٍ وَقَعَ إليَّ بخَطِّهِ، وذَكَرَ فيه جَمَاعَة من شُعَرَاء المَعَرَّة، فكان فيما نَقَلْتُهُ منه: الوَامِقُ شَاعِرُ خَلِيْعٌ مُتَهَتِّكٌ، سَهْل الألْفَاظ بالمرَّة، ولَم يَذْكُر شَيئًا من شِعْره.

‌مَنْ كُنْيَتُه (e) أبو حَصِينْ

‌أبو حَصِيْن القَاضِي الرَّقِّيُّ

(1)

قَاضِي حَلَب، واسْمُه عليّ بن عَبْد المَلِك، وإليهِ يُنْسَبُ حَمَّام أبي حَصِيْن بحَلَب، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

(a) الأصل: واعتدت، والمثبت من ابن عساكر.

(b) ابن عساكر: حلقه.

(c) م: نهارًا.

(d) إضافة حسب ما سماه ابن العديم في الكثير من المواضع، ومنها ترجمته الآتية في موضعها من الكنى، واسمه المحسن.

(e) الأصل: اسمه، والتصويب على جاري عادته.

_________

(1)

ترجمته في: يتيمة الدهر 1: 98 - 100، تاريخ ابن عساكر 43: 76، زبدة الحلب 1:112.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 194

‌أبو حَصِيْن المَعَرِّيُّ

واسْمُه عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد

(1)

، وإليهِ يُنْسَبُ بنو أبي حَصِيْن بمَعَرَّة النُّعْمَان، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو حَفْصٍ الشَّافِعيُّ الفَقِيهُ

(3)

كان بحَلَب، وله شِعْر، رَوَى عنهُ الحَافِظُ أبو المَوَاهِب الحَسَن بن صَصْرَى، وخَرَّجَ عنهُ في مُعْجَم شُيُوخِهِ.

أنْشَدَنا الشَّيْخُ الأَمِينُ أَمِيْن الدِّين سَالِم بن الحَسَن بن مَوْهُوب بن صَصْرَى الدِّمَشيّ بالصَّنَمَيْن، ونحنُ مُتَوَجِّهونَ إلى الحَجَّ سَنَة ثَلاثٍ وعشْرين وستمائة، قال: أنْشَدَنا أبي، قال: أنْشَدَنا الفَقِيهُ الأدِيْبُ أبو حَفْص الشَّافِعيّ لنَفْسِه بدِمَشْق، وكان قد كَتَبَ بها من حَلَب إلى شَيْخنا الإمَام أبي المَعَالِي فَقِيْهِ الحَرَمَيْن، رحمه الله، وأنْشَدَناها، فلمَّا قَدِمَ علينا اسْتَعَدناها منه:[من الوافر]

أصَابَ الدَّهْرُ منِّي ما أصَابَا

وأوْجَبَ لي بِلا جُرْمٍ عِقَابا

وأوْطَأَني على أمْرٍ شَدِيْدٍ

ومَنْ يَبْغي معَ الأفْعَى حِرَابَا

ولو خُصِّصْتُ منكُمْ باعْتِنَاءٍ

قلَعْتُ لصَرْفِهِ بالكُرْهِ نَابَا

لئن سُعِدَتْ بخِدْمَتِكم عُيُوني

ملَأتُ جَنَابَ حَضْرَتِكُمْ عِتَابا

فكم أنفَذْتُ نَحْوَكَ مِن كتابٍ

ولَم أقْرأَ لَهُ يَوْمًا جَوَابًا

(1)

كذا منسوبًا إلى جدِّه الأعْلى مُحمّد، وتقدّم ذكره في الكلام على القبائل في الجزء الأول، عند ذكر تنوخ، قال:"ويَنتسبُ إليه أيضًا [يعني تَنُوخ] من أهل معرّة النُّعمان بنو أبي حَصِيْن وهو أبو حَصِين القاضي، واسمُه: عبد اللَّه بن المُحسن بن عبد اللَّه بن مُحمَّد بن عَمْرو بن سعيد بن مُحمّد بن داود بن المُطهَّر، وفي داود يجتَمع بنُو سُليمان وبنو أبي حَصِيْن".

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

توفي سنة 575 هـ.

ص: 195

بَقِيْتُ اليَوْم في حَلَبٍ عَلِيْلًا

فلا مُكْثًا أُطِيقُ ولا ذَهَابا

وخَالَطَني على رُغْمي شكَاةٌ

بها أُفْني لياليَّ انْتِحَابا

أنَادِي في ظَلَام اللَّيْل صَحْبي

ودَمْعُ العَيْن يُسْعِدُني انْسِكَابا

فلا أحَدُ يُصِيْخ إلى نِدَائي

ولا نَوْمي يُوَافيْني انْتِيَابا

وأصْعَبُ ما أُلَاقيَ أنَّ قَلْبي

يُريدُ لقاءَكمُ والدَّهْرُ يابَى

يُعَوِّقُني عنِ الإتْيانِ سُقْمِي

وفُقْدَانِي المَمَاطِرَ والثِّيَابا

لعلَّ اللَّه يشْفيْنىِ سَرِيعًا

ويَفْتَحُ لي مِنَ الأبْوَاب بَابَا

أخْبَرَنا الأَمِينُ سَالِم بن أبي المَوَاهِب، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: تُوفِّي رحمه الله -يعني أبا حَفْص الفَقِيِه- عندَنا بدِمَشْقَ، في شُهُور سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة.

‌أبو حُفَيْص القَاضِي

(1)

قاضي حَلَب، وكان يَسْكُن بها بسُوق السَّرَّاجين، واسْمُه عُمَر بن الحَسَن، ويُكْنَى أبا الحَسَن، وأبو حُفَيْصٍ لَقَبٌ له يُعْرَفُ بهِ، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في باب العَيْن

(2)

.

‌أبو حلَمَان الحَلَبِيُّ الصُّوْفيُّ

(3)

اسْمُه عليّ، ويُكْنَى أبا الحَسَن، وأبو حلَمَان لَقَبٌ له، وقد ذَكَرْناهُ فيما تَقَدَّم

(4)

.

(1)

توفي سنة 306 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 13: 68 - 69، زبدة الحلب 1: 99، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 80، تاريخ الإسلام 7: 107، 121، سير أعلام النبلاء 14:254.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 153 - 154 وفيه: أبو حلخان.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 196

‌ذِكْرُ مَن يُكْنَى بأبي حَمْزَة

‌أبو حَمْزَة الأسَلِيُّ

(1)

حدَّثَ بطَرَسُوس عن وَكِيع، رَوَى عنهُ أبو بَكْر بن مُسْلِم العَابِد، وأبو عليّ الحُسَين بن شَبِيْب، وسَمِعَاهُ بطَرَسُوس، وقد سُقْنا عنه حَدِيثًا في تَرْجَمَةِ الحُسَين بن شَبِيْب، وتَرْجَمَة أبي بَكْر بن مُسْلم

(2)

.

‌أبو حَمْزَة الفَقِيه بن أبي حَصِيْن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن سَعيد بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن المُطَهَّر المَعَرِّيُّ

(3)

واسْمُه الحَسَن، وَلِيَ قَضَاءَ مَنْبج، وهو الّذي رَثَاهُ أبو العَلَاء المَعَرِّيّ بالقَصِيدَة الدَّاليَّة الّتي أوَّلها

(4)

: [من الخفيف]

غيرُ مُجد في مِلَّتي واعْتِقَادي

نَوْح باكٍ ولا تَرَنّم شَاد

وكان فَقِيهًا حَنَفِيًّا، عَارِفًا بالفِقْه، رَاوِيًا للحَدِيْثِ، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(5)

.

‌أبو حَمْزَة بن أبي حَصِيْن

(6)

قَاضِي مَعَرَّة النُّعْمَان، عُزِلَ عنِ القَضَاء وصُوْدر في سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، وتَوَلَّى قَضَاءَها بعدَهُ أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن سُلَيمان.

(1)

لعله المترجَم في تهذيب الكمال 29: 370 باسم: نصير بن الفرج الأسلي، أبو حمزة الثغري (ت 245 هـ).

(2)

ترجمة الحسين بن شبيب في الضائع من أجزاء الكتاب، وتقدَّمت ترجمة أبي بكر بن مسلم العابد في هذا الجزء.

(3)

توفي قبل سنة 400 هـ، وترجمته في: الجواهر المضية للقرشي 3: 65، الغزي: الطبقات السنية 3: 68 - 69.

(4)

سقط الزند 7.

(5)

في آخر الجزء الخامس من هذا الكتاب.

(6)

كان حيًّا سنة 443 هـ.

ص: 197

قَرأتُ ذلك بخَطِّ بعض المَعَرِّيِّيْن، وهذا غير الأوَّل، لأنَّ ذاك تُوفِّي قبل هذا التَّاريخ بمُدَّة طَوِيلَة.

‌أبو حُمَيْدٍ المِصِّيْصيُّ

(1)

واسْمُه عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد، وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ

(2)

.

حَدَّثَ عن الحَجَّاج بن مُحَمَّد، رَوَى عنهُ أبو عَوَانَة، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد الغَزَّاء (a).

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبدُ الرَّحيم بن أبي سَعْد السَّمْعَانيّ في كِتَابِه إليَّ من مَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ الفَرَاوِيّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو بَكْر بن الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، وأبو البَرَكَات الفَرَاوِيّ إجَازَةً -قال أبو الأسْعَد (b): أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد البَحِيْرِيّ، وقال أبو البَرَكَاتِ: أخْبَرَنا أبو عَمْرو المَحْمِيّ- قالا: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم عَبْد المَلِك بن الحَسَن الإسْفَرَاينِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَوَانَة الإسْفَرَاينِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حُمَيْد المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاج يَرْوِي شُعْبَة، عن قتَادَة، عن أنَس

(3)

، قال: جَمَعَ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأنْصَارَ فقال: فيكم أحدٌ من غيركُم؟ قالوا: لا؛ إلَّا ابن أُخْتٍ لنا، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْم

(a) م: الفراء.

(b) من قوله: "القشيري قراءة. . . " إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

توفي سنة 369 هـ، وترجمته في: الثقات لابن حبان 8: 367 - 368، تهذيب الكمال 16: 52 - 53، وترجم له المزي أيضًا في الكنى 33: 265 - 266، الكاشف 2: 125، تهذيب التهذيب 6: 7، 12: 80، تقريب التهذيب 1: 446، 2:414.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

صحيح مسلم 2: 46 (رقم 133)، الجامع الكبير للترمذي 6: 192 (رقم 3901)، وسنن النسائي 5: 106 (رقم 2611)، كنز العمال 10: 551 (رقم 30233)، كشف الخفاء للعجلوني 1: 30 (رقم 44)، والمسند الجامع 1: 442 (رقم 640)، ورواه سعيد بن منصور في سننه 3/ 2: 321 (رقم 2900) من طريق حميد الطويل عن أنس.

ص: 198

منهم، أو من أنْفُسِهم، قال: إنَّ قُرَيشًا كانت حَدِيث عَهْدٍ بجَاهِليَّةٍ، فأرَدتُ أنْ أتألَّفَهُم، أمَا تَرْضَونَ أنْ يَرْجعَ النَّاسُ بالدُّنْيا وتَرْجعُونَ برسُولِ اللَّهِ (a) إلى بُيُوتِكُم، لو سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وسَلَكَ الأنْصَارُ شِعْبًا لسَلَكْتُ شِعْبَ الأنْصَار.

أنْبَأنَا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن (b) عليّ بن مُحَمَّد بن قَشِيْش، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن عُثْمان الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْد البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة تِسْعٍ وسِتِّين ومَائتَيْن أبو حُمَيْد المِصِّيْصيّ؛ يعني: ماتَ.

‌أبو حَيَّة (c) بن عَمْرو

(1)

قيل: إنَّ له صُحْبَة، رَوَى عنهُ عَمَّارُ بن أبي عَمَّار، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه.

وفي الصَّحَابَة: أبو حَبَّة البَدْرِيّ، وهو ابن عَبْد عَمْرِو بن غَزِيَّة، من بني مَازِن بن النَّجَّار، قيل: اسْمُه عَامِر، وقيل: اسْمُه مالك، روى عنهُ عَبْد اللَّه بن عَمْرو (d)، ويُحْتَمل أنْ يَشْتَبه به إلَّا أنَّ أبا عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن فرَّق بينهما.

(a) م: برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

(b) م: أبو الحسين.

(c) كذا قيَّده في الأصل بالمثناة التحتية، وهو يوافق الترتيب على حروف المعجم، ويرد في ثنايا الترجمة بالباء الموحدة، وجاء مهملًا في م، وأورد الإمام ابن حجر العسقلاني مجموع الأقوال في تسميته، انظر تهذيب التهذيب 12: 66 - 67.

(d) م: عمر.

_________

(1)

ترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 379، الاستيعاب لابن عبد البر 4: 1627 (وفيه: أبو حبة)، ابن ماكولا: الإكمال 2: 322، الإصابة في تمييز الصحابة 7: 41، أسد الغابة 5: 167، تهذيب التهذيب 12: 66 - 67، تقريب التهذيب 2:410.

ص: 199

أنْبَأنَا عليّ بن المُفَضَّل المَقْدِسِيّ، عن أبي القَاسِم خَلَف بن عَبْد المَلِك بن بَشْكُوَال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَف (a) بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: ومنهم -يعني من الصَّحَابَة- أبو حَيَّة بن عَبْد عَمْرو، يُقال له صُحْبَة، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ بن أبي طَالِب، ورَوَى عنهُ عَمَّار بن أبي عَمَّار، مَوْلَى بني هاشِم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن السَّرْخَسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا عَفَّان، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن عليّ بن زَيْدٍ، عن عَمَّار بن أبي عَمَّار

(1)

، قال: سَمِعْتُ (b) أبا حَيَّةَ (c)، قال: لمَّا نَزَلَتْ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} (d) إلى آخرها، قال جِبْريلُ: يا رسُولَ اللَّه، إنَّ ربَّكَ يأمُرُكَ أنْ تُقْرئها أُبَيًّا، فقال رَسُولُ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم لأُبَيّ: إنَّ جِبْرِيلَ أمَرَني (e) أنْ أُقْرئَكَ هذه السُّورةَ، قال أُبَيٌّ: وذُكِرتُ ثَمَّ، يا رسُول اللَّه؟ قال: نَعَم، فبَكَى.

وأنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأخْضَر، عن الحافِظ أبي الفَضْل بن نَاصِر، قال: أنْبَأنَا الأَمِير أبو نَصْر عليّ بن هبَة اللَّه بن عليَّ بن جَعْفَر بن مَاكُولا

(2)

، قال: وقال الوَاقِدِيّ: وأبو حَبَّة بن غَزِيَّة بن عَمْرو، من بني مَازِن بن النَّجَّار، ولَم يَشْهَد بَدْرًا، وكذلك أبو حَبَّة بن عَبْد عَمْرو، الّذي كان مع عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه بصِفِّيْن.

(a) م. خالد.

(b) م: بعث.

(c) كذا في الأصل: بمثناة تحتية منقوطة باثنتين، وجاء بالباء الموحدة في مصادر تخرج الحدث جميعها.

(d) في م: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} ، سورة البينة، من الآية 1.

(e) م: قد أمرني.

_________

(1)

المصنف لابن أبي شيبة 6: 139 (رقم 30126)، المعجم الكبير للطبراني 22: 327 (رقم 823)، مجمع الزوائد للهيثمي 9: 311 - 312، وانظر: المسند الجامع 16: 55 (رقم 12218).

(2)

ابن ماكولا: الإكمال 2: 322.

ص: 200

‌حَرْفُ الخَاءَ في الكُنَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو خَالِد

‌أبو خَالِدٍ التَّنُوخِيُّ القِنَّسْرِيْنِيُّ

شَاعِرٌ من أهْل قِنَّسْرِيْن، كان في زَمَن المأْمُون.

نَقَلْتُ من كتاب طَبَقَات الشُّعَراءِ لدِعْبِل بن عليِّ الخُزَاعِيّ في شُعَرَاءِ الجَزِيْرَة والشَّام، قال: ولهم أبو خَالِدٍ التَّنُوخِيّ، من أهْل قِنَّسْرِيْنَ، يَقُول يُحَرِّض أهْلَ الشَّام على طَاهِر بن الحُسَين:[من البسيط]

إيهَنْ نِزَارُ وإيْهَنْ عنْكِ قَحْطَانُ

حتَّامَ شُغْلُكُمُ حَرْبٌ وشَنْآنُ

فِيْم التَّحَاربُ (a) يالَ الشَّامِ قد جَشَأت

عليكُمُ بتِلَواها (b) خُرَاسَانُ

لا المالُ مالٌ يالَ الشَّام إنْ قَطَعَتْ

خَيْلُ الفُرَاتِ ولا الأوْطَانُ أوْطَانُ

هَذِي أرَاكُمْ بشَرٍّ فئَةٌ رقُمٌ

فُوْهَا إلى هلْكِكُمْ غَرْثَانُ ظَمْآنُ

قد يَمَّمَتُكُمُ فأدْنَى عَفْوِها نِقَمٌ

ووُدُّها لَكُمُ غِلٌّ وأضْغَانُ

‌أبو خَالِدٍ الفَارسِيُّ

(1)

مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ. رَوَى عنه حَيْوَة بن شُرَيْح (c).

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن عليّ بن قُشَام، عن الحافِظ أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن أبي عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا

(a) الأصل: التجارب، ومهملة في ب.

(b) فوقها في الأصل: "صـ".

(c) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 158.

ص: 201

أحْمَد بنُ عليّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الحاكِمُ

(1)

، قال: أبو خَالِد فَارِسيٌّ أعْتَقَهُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وكان رَجُلًا صَالِحًا، عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى (a) حَيْوَة بن شُرَيْح عنه؛ قالَهُ البُخاريّ

(2)

.

‌أبو الخَصِيْب بن المُسْتَنِيْر المِصِّيْصيُّ

واسْمُه مُحَمَّد، وقيل: أحْمَد، غَلَبَتْ كُنْيَتُه على اسْمه.

رَوَى عن بِشْر بن المُنْذِر، وأبي اليَمَانِ، وسَعِيْد بن المُغِيرَة.

رَوَى عنهُ ابنُهُ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن المُسْتَنِيْر، ومُحَمَّد بن المُسَيَّب، وأبو عَوَانَة الإسْفَرَاينِيّ، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(3)

.

‌ذِكْرُ مَن يُكْنَى أبا الخَطَّاب

‌أبو الخَطَّاب بن عَوْن الحَرِيرِيُّ

(4)

رَوَى عن أبي العبَّاسِ النَّامِيِّ شَيئًا من شِعْره. رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الشَّاعِرُ المُطَرِّزُ. وكان شَاعِرًا.

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي الحَسَنِ مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر في كتاب المُفَاوَضَة، وأخْبَرَنا بهِ أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد المُكْتِبُ إجَازَةً، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد

(a) الأسامي للحاكم: دون.

_________

(1)

الأسامي للحاكم 4: 290.

(2)

لم يترجم له في تاريخيه الكبير والصغير.

(3)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب، في المحمدين، وتقدمت ترجمة ابنه أحمد بن محمد بن المستنير في الجزء الثالث.

(4)

ترجم له القفطي في إنباه الرواة 4: 118 - 119، ونسبه فيه: الجزيري، وأنه من أهل الجزيرة الفراتية، وأورد له الحكاية المذكورة أعلاه، وذكره الذهبي عرضًا في تاريخه 8:316.

ص: 202

البَاقِي، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن بِشْرَان إجَازَةً، قال: قَرأ علينا مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر، قال: قال أبو الخَطَّاب بن عَوْن الحَرِيرِيُّ -وحَدَّثَني عنه أبو القَاسِم الشَّاعرُ بذلك، وقد رَأيتُه ولَم أسْمَع هذه الحِكايَةَ منهُ (a)-: دَخَلْتُ إلى أبي العبَّاسِ النَّامِيِّ فوجَدْتُه جالِسًا ورَأسُه كالثَّغَامَةِ بياضًا، وفيه شَعرةٌ واحدةٌ سَوْدَاء. قُلْتُ (b) لهُ: يا سَيِّدِي، في رَأسكَ شَعرةٌ سَوْداء؟ قال: نعم هذه بَقِيَّةُ شَبَابي وأنا أفْرَحُ بها، ولي فيها شِعْرٌ، قُلتُ: أنْشَدَنيهِ، فأنْشَدَني

(1)

: [من المنسرح]

رَأيْتُ في الرَّأسِ شَعْرةً بقيتْ

سَوْدَاءَ تَهْوى العُيُونُ رُؤيتَهَا

فقُلْتُ للبِيْضِ إذْ تُرَوِّعُها:

باللَّهِ إلَّا رَحمْتِ وَحْدَتَها

وقَلَّ لبْثُ السَّوْدَاءَ في وطَنٍ

تكُون فيهِ البَيْضَاءُ ضَرَّتَها

ثُمَّ قال: يا أبا الخَطَّابِ، بَيْضاءُ واحدة تُرَوِّعُ ألفَ سَوْداء، فكيف سَوْداء بين ألفِ بَيْضاءَ!؟.

وقرأت بخَطِّه في هذا الكتاب، وهو رِوَايتي بالإسْنَاد المَذْكُور، قال: وأنْشَدَني -يعني أبا يُوسُف بن البَرِيْدِيّ- لأبي الخَطَّاب الحَرِيرِيّ: [من مجزوء الرجز]

يا قُرَّةَ العَيْنِ الّذي

صَارَ عليها رَمَدَا

مَلْلتُ من عَدِّ ذُنُو

بٍ لَيْسَ تُحْصَى عَدَدَا

ما زِلْتَ تَسْتَفْسِدُ حُبِّي

لكَ حتَّى فَسَدَا

قال ابن نَصْرٍ: وله أقْطَاعٌ ملَاحٌ، وهو صَاحِبُ الأبْيَاتِ المَشْهُورة التي يُغَنَّى بها، وهي:[من البسيط]

يا غَائِبًا عن سَوَادِ عَيْني

سكَنْتَ من قَلْبيَ السَّوَادَا

(a) بعده في الأصل: قال، وضرب عليها، ولم ترد في م.

(b) م: فقلت.

_________

(1)

شعر النامي 43.

ص: 203

وشهرَتُها تُغْني عن ذِكْرها إلَّا أنَّ فيها ما هو طِرَازُها عندَ الشُّعَراءِ؛ أنْشَدَنيهِ الأُسْتَاذُ أبو الحَسَن مِهْيار

(1)

، وهو [من مجزوء البسيط]

تَمِيْمَةُ الوَصْلِ هَجْرُ يَوْمٍ

في الدَّهْرِ لكنْ أرَاهُ زَادَا

وكيفَ أرْجُو الوِصَالَ ممَّن

تابَ مِنَ الهَجْرِ ثُمَّ عَادَا

‌أبو [الخَطَّاب]

(2)

النَّجَّار

من الثَّغْر الشَّامِيّ، صَحِبَ إبْراهيم بن أدْهَم، وحَكَى عنه، رَوَى عنهُ يوسُف بن سَعيد (a) بن مُسَلَّم.

أنْبَأنَا أبو مَنْصُور بن مُحَمَّد بن الحَسَن، عنِ عَمِّه أبي القَاسِم الحافِظ

(3)

، قال: أنْبَأنَا الشَّريفُ النَّسيْبُ، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الكتانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبدُ الوَهَّاب المَيْدانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن هَارُون البَرْدَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَلامَةُ بن مُحَمَّد بن سَلامَة (b)، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا أبو الخَطَّابِ النَّجَّار، قال: كُنَّا في البُحَيْرَة نَرْعَى الخَيْل ومعنا إبْراهيِمُ بن أدْهَم، فغَشِيَهُم السِّبُعُ، فنَفَرت الخَيْلُ (c) وتقَطَّعَت، وأفْزعنا، فخَرَجَ إبْراهيمُ نَحْوه وجَعَل يَقُول: يا قَسْورَة، إنْ كُنْتَ أُمِرْتَ فينا بشيءٍ فامْضِ لِمَا أُمرتَ بهِ وإلَّا فارْجع، فقد فزعتَ دَوَابَّنا، فرجَع وهو يُبَصْبِصُ.

(a) م: سعد.

(b) ساقطة من م.

(c) من قوله: "ومعنا إبراهيم. . . " إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

ليس في ديوان مهيار، ولعله من قيل غيره ولم نجده.

(2)

وردت كنيته في الأصل وم: "أبو خالد النجار" وفي متن الترجمة: "أبو الخطاب"، وجاء موضعها من الترتيب على حروف المعجم ضمن تراجم مَنْ يكنى أبا الخطاب، وكتب ابن فهد الهاشمي أحد متملكي النسخة بإزاء الترجمة:"تقدم إلى الورقة التي قبل هذه"، ولعل الوهم من ابن العديم؛ في كناه أبا خالد بدل أبا الخطاب، ولم أقف على ذكر له على الوجهين.

(3)

لم أقف عليه في مؤلفات الحافظ ابن عساكر، وأورد له رواية أخرى مشابهة في تاريخه 6:319.

ص: 204

‌أبو الخَطَّاب النَّحْوِيُّ الشَّاعِرُ

(1)

دَخَلَ حَلَب، وسَمِعَ بها بعضَ أوْلَادِ الشَّريف أبي إبْراهيم العَلَويّ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر في كتاب المُفَاوَضَة، وأنْبَأنَا به أبو اليُمْن الكنْدِيّ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب بن بِشْرَان، قال: أَخْبَرَنا أبو الحَسَن بن عليّ بن نَصْر، قال: ومن المَلِيْح النَّسِيْج ما أَنْشَدَنيْهِ أبو الخَطَّاب النَّحويّ الشَّاعر لأبي إبْراهيم العَلَويّ الحَلَبِيّ، ولَم يَلْقَهُ، وإنَّما رَوَاهُ له وأنْشَدَهُ إيَّاهُ بعضُ أوْلَادهِ بحَلَب:[من السريع]

أَوْمَتْ بكفٍّ خلْتُهُ بَارِقًا

لولا عَبِيرٌ عَرْفُهُ سَاطِعُ

وأبْرَزتْ وَجْهًا كشَمْسِ الضُّحَى

يُؤْخَذُ من أنْوَارهِ الطَّالِعُ

‌ذِكْرُ مَن يُكْنَى أبا الخَيْر

‌أبو الخَيْر الأقْطَع التِّيْنَاتِيُّ المَغْرِبيُّ

(2)

وكان يُقَال له: المُبَاحِيّ لأكْله من المُبَاحَات، وقيل: اسْمه حَمَّاد بن عَبْد اللَّه.

(1)

هو المترجم له قبل باسم أبي الخطاب بن عون الحريري، أورد له القفطي البيتين المذكورَين أعلاه في ترجمته له في إنباه الرواة 4: 118 - 119.

(2)

توفي سنة 349 هـ، وترجمته في: الرسالة القشيرية 262، طبقات الصوفية للسلمي 370 - 372، حلية الأولياء 10: 377 - 378، ابن الجوزي: المنتظم 14: 96 - 97، (أرخ وفاته سنة 343 هـ)، صفة الصفوة 4: 282 - 285، تاريخ ابن عساكر 66: 160 - 173، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 284 - 291، تاريخ الإسلام 7: 917 - 920، سير أعلام النبلاء 16: 22 - 23، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 8: 310 - 312، الوافي بالوفيات 13: 445، تاريخ ابن الوردي 1: 430 (وفيه: أبو الحسن)، ابن الملقن: طبقات الأولياء 190 - 195، حسن المحاضرة 1: 514، وتقدم لابن العديم الترجمة باقتضاب في الجزء السادس فيمن اسمه حماد، وأحال على ترجمته في الكنى لغلبة شهرته على الاسم.

ص: 205

وكان أسْوَد اللَّوْن، مَغْربيًّا، فسَكَنَ التِّيْنَات وهى على أمْيَالٍ من المِصِّيْصَة، وقد ذَكَرْناها في صَدْرِ كتَابِنا هذا

(1)

، فَنُسِبَ إليها، وإنَّما قيل له الأقْطَع لأنَّهُ كان في جِبَالِ أنْطَاكِيَة يَطْلُب المُبَاحَ، وكان عَاهَدَ اللَّه ألَّا (a) يُشَارك الطَّيْر في مَأكُولها، فرَأى شَجَرَةً فيها ثَمَرٌ فأكَلَ منها، ونَسِي مُعَاهَدته، فاتَّفَقَ أنَّ تُنَاش أَمِير الثَّغْر، اتَّفق بلُصُوصٍ فأمْسَكَهم، وأخَذَهُ في الجُمْلَةِ، فَقَطَعَ أيْدِيهم وأرْجُلهم، وقَطَع يدَهُ معهم، وأمْسَكَ عن رِجْلهِ، وَسَنَذْكُر صُوْرة حَاله في هذه التَّرْجَمَة إنْ شَاءَ اللَّهُ.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم بُكَيْر بن مُحَمَّد، وعَبْد العَزِيْز البَحْرَانِيّ، وأبو الحُسَين أحْمَدُ بن الحُسَين الرَّازِيّ، وأبو الحُسَين القَيْرَوانيّ، وأبو عليّ الأهْوَازِيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن يَزِيد، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيّ، ومَنْصُور بن عَبْدِ اللَّهِ الأصْبَهَانِيّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الجَبَليّ، وإبْراهيم بن دَاوُد الرَّقِّيّ، وابنه عِيسَى بن أبي الخَيْر، وحَمْزَة بن عَبْد اللَّهِ العَلَويّ، وأبو الحَسَن عليّ بن مَحْمُود الزَّوْزَنِيّ الصُّوْفيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن العَابِد، وأبو عَمْرو عُثْمانُ بن سَعيد بن عُثْمان الأسَدِيّ، وأبو الحَسَن البَغْرَاسيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن خَمِيْس الصُّوْفيّ، ومَنْصُور بن عَبْد اللَّه، وعبد اللَّه بن مُحَمَّد الشِّيْحِيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عَبْدُ اللَّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن عليّ (b) الصُّوْرِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَمْرو عُثْمان بن سَعيد الأسَدِيّ يَقُول: قَصَدْت زيَارة

(a) م: لا.

(b) ساقطة من م.

_________

(1)

في الجزء الأول من الكتاب.

ص: 206

أبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ، فلمَّا حَصَلْتُ عندَهُ رَمَى إليَّ حَبْلًا، فقال: خُذْ هذا فاصْعَدِ الجَبَلَ، فاقْطَع حُزْمةَ حَطَب فبِعْها بدَانقَيْن، فتَقَوَّتْ بدَانقٍ وتَصَدَّق بدَانق. فقُلتُ: قد ضاقَتْ خِزَانَة مَوْلاي حتَّى أحْمِل الحَطَبَ وأُطْعِم عِبَادَهُ!؟ فصَاح وقال: الحَلَالُ، ثُمَّ القُرآن، ثُمَّ اللَّه عز وجل، فبالحَلَالِ يُسْتَعانُ على القُرْآن، وبالقُرْآنِ يُعْرَف اللَّهُ عز وجل.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن مُحَمّد بن يُوسُف، فيما أَذِنَ لنا أنْ نَرْويه عنهُ، قال: أخْبرنا أبو الفَتْح مُحَمّدُ بن عَبْد البَاقِي، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ (a) بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(1)

، قال: سَمِعْتُ غير واحدٍ ممن لَقِيَ أبا الخير الأقْطَع، أنَّ سَبَب قَطْع يَدِه أنَّه كان قد عَاهَدَ اللَّه أن لا يَتَناوَل بشَهْوَة نَفْسه شَيئًا مُشْتَهى، فرَأى يَوْمًا بجَبَل لُكَام شَجَرَة زُعْرُور، فاسْتَحْسَنَها، فقَطَعَ منها غُصْنًا، فتَنَاوَل منها شَيئًا من الزُّعْرُور، فذَكَر عَهْدَهُ وتَركَهُ، ثمّ كان يَقُولُ: قَطَعْتُ عُضْوًا (b) فقُطِعَ منِّي عُضْوٌ.

أخْبَرَنا الحافظُ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ اللَّه الرُّهَاوِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أَبو الفَضْلِ عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدِ القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ بن أحْمَد بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليُّ بن عَبْدِ اللَّه بن الحَسَن بن جَهْضَم الهَمَذَانيّ، قال: حَدَّثَنَا بُكَيْر بن مُحَمَّد، قال: كُنْتُ عند الشَّيْخ أبي الخَيْر بالتِّيْنَاتِ، فبَسَطني بمُحَادثَته لي بذِكْر بدايَتِهِ إلى أنْ تهجَّمتُ عليه، فسَألتُهُ عن سَبَب قَطْع يَدِه، وما كان منهُ، فقال: يَد جَنتْ فقُطِعَتْ، فظَنَنْتُ أنَّهُ كانت له صبْوَةٌ في حَدَاثَتِهِ من قَطْعِ طَرِيقٍ أو نَحْوه ممَّا أوْجَبَ ذلك، فأمْسَكْتُ.

(a) م: أحمد.

(b) حلية الأولياء: غصنًا.

_________

(1)

حلية الأولياء 10: 378.

ص: 207

ثُمَّ اجْتَمَعت معه بعد ذلك بسِنين مع جَمَاعَةٍ من الشُّيُوخ فيهم أبو الحَسَن عليّ البَغْرَاسيّ (a)، وأبو سُليْمان التَّلّ سَابِيّ، وأبو جَعْفَر الجُبَّائِيّ، وإبْراهيم بن إمام رَاغِب، فتَذَاكَرُوا مَوَاهِبَ اللَّهِ عز وجل لأوْليَائهِ، وأكْثَرُوا ذِكْر كَرَامَاتِ اللَّهِ عز وجل لهم ولهم (b)، إلى أنْ ذَكَرُوا طَيَّ المَسَافَات، فتَبَرَّم الشَّيْخ بذلك، فقَال: كم يقُولونَ: فُلَان مَشَى إلى مَكَّة في ليلةٍ، وفُلَانٌ مَشَى في يَوْمٍ! أنا أعْرفُ عَبْدًا من عَبِيْد اللَّه عز وجل حَبَشِيٌّ، كان جالِسًا في جَامِع أطْرَابُلُس ورَأسُهُ في جَيْب مُرَقَّعَتهِ فخَطَر له طِيْبَة الحَرَم، فقال في سِرِّه: يا ليتَني كُنْتُ بالحَرَم، فأخْرَج رَأسَهُ من مُرَقَّعَته فإذا هو في الحَرَم، ثمّ أمْسَكَ عن الكَلَام، فتَغامَزَ الجميعُ واتَّفَقُوا على أنَّهُ ذلك الرَّجُل.

ثُمَّ قال أحَدُهُم: تَسْألُ الجَمَاعَةُ الشَّيْخ، أيَّدَهُ اللَّهُ، أنْ يُخْبِرَهُم بسَبَب قَطْعِ يَدِه، فقال كما قال لي: يَدٌ جَنَتْ فقُطِعَتْ! فقيل: قد سَمِعْنا منكَ هذا مِرَارًا كَثِيْرةً؛ أخْبِرنا كيفَ كان سَبَبُه؟ فقال: نعم، أنتُم تعلمُونَ أَنِّي من أهْل الغَرْبِ، فوَقَعَتْ لي مُطَالبة السَّفَرِ، فسِرْتُ حتَّى بَلَغْتُ الإِسْكَنْدَرِبَّة، فأقَمْتُ اثْنَتى (c) عَشْرَة سَنَةً، ثُمَّ سِرْتُ منها فبَلَغْتُ ما بين شَطَا ودِمْياط، فأقَمْتُ اثْنتي (d) عَشْرة سَنَةً، فقَيل له: إسْكَنْدريَّة بَلَد عَامِر أمْكَنَك القيام بها اثْنتي عَشرة (e) سَنَةً، وبين دِمْيَاط وشَطَا مَفَازَة لا زَرْع ولا ضَرْع؛ فما كان قُوْتُكَ؟ فقال: نَعَم، كان في النَّاسِ خَيْر في ذلك الزَّمانِ، وكان يَخْرُجُ من مِصْرَ خَلْقٌ كَثيْرٌ يُرَابطُونَ بدِمْيَاط، وكُنْتُ بَنيْتُ كُوْخًا على شَطِّ خَلِيْج، فكُنْتُ أَجيءُ من لَيْلٍ إلى ليْل إلى تحت السُّور، فإذا أفْطَر المُرَابِطونَ (f) ونفَضُوا سُفَرَهُم خَارجَ السُّور زَاحَمْتُ الكِلَابَ على قُامَةِ السُّفَر، فآخُذ كفَايَتي، فإن ذلك قُوْتي صَيْفًا، قالوا: ففى

(a) م: ابن البغراسيّ.

(b) كذا في الأصل، وم.

(c) الأصل، م: اثنى.

(d) الأصل، م: اثنى.

(e) الأصل، م: اثنا عشر.

(f) الأصل وم: "أفطروا المرابطين"، وفوقه في الأصل:"صـ".

ص: 208

الشِّتَاء؟ قال: نَعَم، كان يَنْبُتُ حَوْلَ الكُوْخِ من هذا البَرْدِيّ الجَافي فيُخْصِب في الشِّتَاء، فأقْلَعُه فما كان منه في التُّراب يَخرُج غضًّا (a) أبْيَضَ فآكُلُه، وأرْمي بالأخْضر الجَاسِي، فإن هذا قُوْتي إلى أنْ نُوْقِرْتُ (b) في سِرِّي: يا أبا الخَيْر، تَزْعُم أنَّك لا تُشَاركُ الخَلْقَ في أقْوَاتِهم، وتُشِير إلى التَّوَكُّلِ، وأنتَ في وَسَط المَعْلُوم جَالِسٌ!؟ فقُلتُ: إلهي وسَيِّدِي ومَوْلاي، وعِزَّتكَ لا مَددْتُ يَدِي إلى شيءٍ ممَّا تُنْبِته الأرْضُ حتَّى تكونَ أنتَ المُوْصِل إليَّ برِزْقي من حيثُ لا أكُون أنا أوَّلًا فيهِ، فأقَمتُ اثْنَى عَشر يَوْمًا أُصَلِّي الفَرْضَ وأتَنَفَّلُ، ثُمَّ عَجَزتُ عن النَّافلةِ، فأقْمتُ اثْنَى عَشر يَوْمًا أُصَلِّي الفَرْضَ والسُّنَّةَ، ثمَّ عَجِزتُ عن السُّنَّةِ فأقمتُ اثْنَى عَشر يَوْمًا أُصَلِّي الفَرْضَ لا غير، ثُمّ عَجِزتُ عن القيام، فأقَمتُ اثْنَى عَشر يَوْمًا أُصَلِّي جالِسًا، ثمّ عَجِزتُ عن الجُلُوس، فرَأيْتُ إنْ طَرحْتُ نَفْسِي ذَهَبَ فَرْضي، فلجأتُ إلى اللَّه عز وجل بسرِّي، وقُلتُ: إلهي وسَيِّدِي، افْتَرضْتَ عليَّ فَرْضًا تَسْألني عنهُ، وقسَمْتَ لي رِزْقًا وضَمِنْتَهُ لي، فتَفَضَّل عليَّ برِزْقي ولا تُؤاخِذني بما اعْتَقَدت معك، فوعِزَّتك لأجْتَهدنَّ أنِّي لا حَلَلْتُ عَقْدًا عَقَدتُه معك، فإذا بين يَدَيَّ قُرْصَان (c) بينهما (d) شيء، ولم يَذْكر الشَّيء، ولا سَأله أحدٌ من الجَمَاعَة، قال: فكُنْتُ آخُذُه على الدّوم (e) من لَيْلٍ إلى لَيل.

ثمّ طُوْلبتُ بالمَسِيْر إلى الثَّغْر، فسِرْتُ حتَّى دَخَلتُ فوْمَةَ (f)، ووَافَق ذلك يَوْم جُمعة، فوَجَدْتُ في صَحْن الجامع قَاصًّا يَتَكلَّمُ على النَّاسِ، وحَوْله حَلْقَة، فوقَفْتُ بينهم أسْمعُ ما يقُول، فذَكَرَ قِصَّةَ زَكَرِيَّاء عليه السلام والمِنْشَار، وما كان من خطَاب اللَّه عز وجل له حين هَرَب منهم، فنَادَتْهُ الشَّجَرة: إليَّ يا زَكَرِيَّاء،

(a) الأصل، م:"غض"، فوقها في الأصل "صـ".

(b) تاريخ ابن عساكر 66: 165: نوديت.

(c) الأصل، وم: قرصين، فوقها في الأصل "صـ"، والقُرص بمعنى الرغيف.

(d) م: وبينهما.

(e) كذا في الأصل و م، وعند ابن عساكر: على دور وقتي من الليل إلى الليل.

(f) ابن عساكر: حتى دخلت مصر.

ص: 209

فانْفَرَجَت له فدَخَلها وانْطَبَقَتْ عليه، ولحَقَهُ العَدُوّ فتَعَلَّقُوا بعَبَاءتهِ، ونادَاهُم الشَّيْطانُ: إليَّ، فهذا زَكَرِيَّاء، فأنَّ أنَّةً، فأوْحَى اللَّهُ إليه: يا زَكَرِيَّاء، لئن صَعدَتْ (a) منكَ أنَّةٌ، ثانية لأمْحُوَنكَ من دِيْوَانِ النُّبُوَّة، فعَضَّ زَكَرِيَّاء عليه السلام على الصَّبْر حتَّى قُطِعَ بشَطْرين. فقُلْتُ في نَفْسِي: لقد كان زَكَرِيَّاء صَبَّارًا (b)، إلهي وسَيِّدِي، لئن ابتَلَيْتَني لأصْبرَنَّ.

وسِرْتُ حتَّى دخَلْتُ أنْطَاكِيَة، فرآني بعضُ إخْوَاني، وعَلِم أنِّي أُريدُ الثَّغْرَ، فدَفَع إليَّ سَيْفًا وتُرْسا للسَّبِيل، فدَخَلْتُ الثَّغْر، وكُنتُ حينئذٍ أحْتَشِمُ من اللَّهِ عز وجل أنْ آوي وَراءَ سُور خيْفَةً من العَدُوّ، فجعَلْتُ مقامي في غابةٍ، فأكُون فيها بالنَّهَار وأخرجُ باللَّيْل إلى شَطِّ البَحْر فأغْرزُ الحَرْبة على السَّاحِل، وأُسْنِدُ التُّرْس إليها مِحْرَابًا، وأتَقَلَّدُ سَيْفي وأُصَلِّي إلى الغَداةِ، فإذا صلَّيْتُ الصُّبْح غَدَوتُ إلى الغَابةِ، فكُنْتُ فيها نَهَاري أجْمعَ.

فبَدَوت (c) في بعضِ الأيَّام فعَبرتُ بشَجَرَة بُطْم قد بلغَ بَعْضُه، وبَعْضُه أخْضَر، وبعضُه أحْمَر، وقد وَقَع عليه النَّدَى وهو يُبْرق، فاسْتَحْسنْتُه وأُنْسِيْتُ عَهْدَ رَبِّي، وقَسَمِي به أنِّي لا أمُدُّ يدي إلى شيءٍ مما تنبتُ الأرضُ، فَمدَدْتُ يَدي إلى الشَّجَرة، فقَطَعْتُ منها عنْقُودًا، وجَعَلْتُ بَعْضَهُ في فَمي وأنا أَلُوْكُهُ، ثمّ ذَكَرتُ العَقْدَ، فرَمَيتُه من يَدي، وبَزَقْتُ ما كان في فَمي، ثمّ قُلتُ: حَلَّت المِحْنَة، ورَميْتُ التُّرْس والحَرْبَة، وجلَسْتُ مَوضِعي يَدي على رَأسِي، فما اسْتَقَرَّ بي جُلُوسي حتَّى دَار (d) بي فُرْسَانٌ، وقالُوا لي: قُمْ، وسَاقُوني حتَّى أخْرَجُوني إلى السَّاحِل، فإذا الأَمِير تُنَاش (e) وحَوْله جَمَاعَة على خُيُول، ورِجَّالة كَثِيْرة، وبينَ يَدَيْهِ جَمَاعَة سُوْدَان

(a) م: لئن أتيت أي صعدت.

(b) ابن عساكر: صابرًا.

(c) ابن عساكر: فبدرت.

(d) الأصل، وم: داروا بي، وفوقها في الأصل "صـ"، وعند ابن عساكر: دار بي.

(e) في الأصل: أمير بياس، وفوقه "صـ"، وصوَّبه ابن العديم في الهامش، وفي م: نباش، وتقدم ذكره في طالع الترجمة.

ص: 210

جَمَّاسيْن كانُوا يقطعُونَ الطَّريق قبل ذلك اليَوْم في ذلك المَوضِع، فأسْرَى إليهم الأمِير تُنَاش (a) فكَبَسَهمِ في السَّحَر، وأخَذَ مَن كان منهم حَاضِرًا في الأكْوَاخ، وافْتَرقتِ الخَيْل تطلُب منْ هَرَب منهم في الغَابةِ، فوجَدُوني أسْوَد معه سَيْف وتُرْسٌ وحَرْبة، فلمَّا قُدِّمْتُ إلى الأَمِير، وكان رَجُلًا تُرْكِيًّا (b)، قال لي: أيْشٍ أنتَ؟ قُلتُ: عَبْدٌ من عَبِيْدِ اللَّه، فقال للسُّوْدانِ: أتَعْرِفُونَهُ؟ قالوا: لا، قال: بلى هو رَئيْسُكم، وإنَّما تَفْدُونَهُ بنُفُوسكم، لأقْطَعنَّ أيْديكم وأرْجُلكُم، قَدِّمُوهُم، فلم يَزَل يُقَدِّمُ رَجُلًا رَجُلًا، ويَقْطَعُ رِجلَهُ ويَدَهُ، حتَّى انْتَهَى إليَّ آخرهم، ثمّ قال لي: تَقَدَّم، مُدَّ يَدَكَ، فمَدَدتها فقُطِعَت، ثُمَّ قال: مُدَّ رِجْلك فمَدَدْتُها، ثمّ رفعْتُ رَأسي إلى السَّماءِ وقُلتُ: إلَهِي وسَيِّدِي، يَدي جَنَتْ، رِجْلي أيشْ عَمِلَتْ؟ وإِذا بفَارِسٍ قد وَقَفَ على الحَلْقَة ورَمَى بنَفْسِهِ إلى الأرْض، وصَاح: أيْشٍ تَعْملُون؟ تُرِدُونَ أنْ تنطَبقَ الخَضْرَاءُ على الغَبْرَاء، هذا رَجُلٌ صَالِحٌ يُعْرَفُ بأبي الخير المُبَاحيّ، وكُنْتُ أُعْرَفُ بذلكَ، فرَمَى الأَمِيرُ نَفْسَهُ عن فَرَسِهِ، واخَذَ يَدي المَقْطُوعَة من الأرضِ يُقَبِّلُها، ويتعلَّقُ بي ويَبْكى ويقُول: سَألتُكَ باللَّهِ عز وجل أنْ تَجْعلَني في حلٍّ، فقُلتُ: من أوَّلِ ما قطَعْتَ يدي.

ثُمَّ قال الشَّيْخ أبو الخَيْر وهو يَبْكي: فأيّ مُصِيْبَة أعْظَم من مُصِيْبتي هذه! قُطِعَتْ يدِي، وانْقَطَعَتْ عنِّي القُرْصَان (c).

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد اللَّه بن الحُسَين الحَمَوِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأَصْبَهَانِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن عَبْد الجبَار الطُّيُورِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عليّ الصُّوْرِيّ، قال: أخْبرَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن خَمِيْس الصُّوْفيّ عن أبي الخيرِ التِّيْنَاتِيّ أنَّهُ قصَدَهُ رَجُلٌ من مكانٍ

(a) الأصل: أمير بياس، م: نباس، وانظر التعليق قبله.

(b) قوله: "وكان رجلًا تركيًا" ساقط من م.

(c) الأصل، وم: القرصين، فوقها في الأصل "صـ".

ص: 211

بَعيدٍ، فلمَّا وَصَلَ إليه وحَضَرت صلاةُ الظُّهْر والعَصْر، فلمَّا كان صَلَاةُ المَغْرب صَلَّى وجَهَرَ بالقراءةِ لَم يُحَقِّق التِّلَاوة، فوجدَ ذلك الرَّجُل في نَفْسه، وقال: كابَدْتُ مَشَقَّة السَّفَر إلى رجُلٍ لا يُقِيْمِ فَاتِحَة الكِتَاب (a)! وباتَ تلك اللَّيْلة، فلمَّا أصْبَح خَرَج إلى عَيْن بالقُرْب ليَتَوضَّأ وجَدَ السَّبعُ رَابِضًا عندها فرجَع هَارِبًا، والْتَقَى به أبو الخَيْر فتبيِّن الخَوْف في وَجْهِهِ، فتَوَجَّه إلى العَيْن، وتَوَجَّه الرَّجُل يَمْشِي خلْفَهُ ليَرَى ما يَصْنَعُ، فجاء أبو الخَيْر إلى السَّبعُ، فأخَذَ بأُذُنَيهِ، وجَعَل يَعْركُهما ويقُول له: كَمْ أقُول لك إذا كان عندنا ضَيْفٌ لا تُؤْذِنا (b)، قُم فانْصَرف، فوَلَّى السَّبُعُ ذَاهِبًا، ورجَع أبو الخَيْر يُريد المَسْجِد، فلحقَهُ (c) الرَّجُل في الطَّريق، فقال له: كُن كذا، والْحَنْ في الحَمْدِ!.

قُلتُ: هذا الرَّجُل هو إبْراهيم بن دَاوُد الرَّقِّيّ.

أخْبَرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هبَةِ اللَّه بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن أبي الحَسَن بن حَمُّوْيَه الجُوَيْنِيّ، ح.

وأخْبَرَتْنا الحرَةُ زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن في كتابها إليَّ غيرِ مَرَّة من نَيْسَابُور، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو النَّجِيْب إسْمَاعِيْل بن عُثْمان الفَارسِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ

(1)

، قال: وأبو الخَيْرِ التِّيْنَاتِيّ مَشْهُور بالكَرَامَاتِ، حَكَي عن إبْراهيم الرَّقِّيّ أنَّهُ قال: قَصَدْتُه مُسَلِّمًا، فصَلَّى صَلَاةَ المَغْرب فلم يَقَرأ الفاتحة مُسْتَقِيْمًا (d)، فقُلْتُ في نَفْسِي: ضَاعَتْ سَفْرَتي، فلمَّا سَلَّمْتُ خَرَجتُ للطَّهَارَة، فقَصَدَني السَّبُعُ، فعُدتُ إليه، فقُلتُ: إنَّ

(a) ساقطة من م، وفيها: لا يقيم الفاتحة.

(b) م: لا تؤذنا فيه.

(c) م: فلحقنا.

(d) الرسالة القشيرية: مستويًا.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 163 (طبعة دار الكتاب اللبناني).

ص: 212

الأسَد قَصَدَني، فخَرَجَ وصَاح على الأسَد وقال: ألَم أقُل لك لا تَعْرض لضيْفَانِي، فتَنَحَّى، وتَطَهَّرْتُ، فلمَّا رَجَعْتُ قال: اشْتَغَلْتُم بتَقْويم الظَّوَاهر، فخفْتُم الأسَد، واشْتَغْلنا بتَقْويم القَلْب فخافَنا الأسَدُ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّطِيْف بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا حَمْد (a) بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحَافِظ

(1)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: وسَمعْتُ جدِّي إسْمَاعِيْلَ بن نُجَيْد يَقُول: دَخَلَ على أبي الخَيْر جَمَاعَة من البَغْدَاديِّيْن (b) يَتكلَّمونَ بشَطْحِهم بحَضْرته، فضَاقَ صَدْره من كَلامهم، فخَرَجَ، فجاء السَّبُعُ فدَخَلَ البَيْتَ، فانْضَمَّ بَعْضُهم إلى بعضٍ سَاكتِيْن، وتَغَيَّرت ألْوَانهم، فدَخَل أبو الخَيْر فقال: يا سَادَاتي، أين تلك الدَّعَاوي؟!.

قال أبو نُعَيْم

(2)

: ومنهم -يعني من الأوْلِيَاء-: أبو الخَيْر الأقطَع التِّيْنَاتِيّ، له الآيات والكَرَامَات (c)، تُوفِّي بعد الأربَعِين والثَّلاثمائة، كانت السِّبَاع والهَوَامّ يأنسُونَ بمُجَالسَته ويأوُونَ (d) إليه، وكان يَنْسج الخُوْصَ بإحْدَى يَديهِ. سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين يَقُول: سَمِعْتُ أحْمَد بن الحُسَين الرَّازِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا الخَيْر يقُول: مَنْ أحَبّ أنْ يَطَّلع النَّاس على عَمَلهِ فهو مُرَائي، ومَنْ أحبَّ أنْ يَطَّلع اللَّهُ على حَالهِ فهو كَذَّابٌ.

قال

(3)

: وكان يَقُول: ما بَلَغ أحدٌ حالةً شَرِيفةً إلَّا بمُلَازَمة المُوَافَقة، ومُعَانَقةِ الأدَب، وأداء الفَرِيْضَة، وصُحْبَة (e) الصَّالِحين، وخِدْمَة الفُقَرَاءَ الصَّالِحين (f).

(a) م: أحمد.

(b) م: المتقدمين.

(c) لم ترد في الحلية.

(d) قوله: "بمجالسته ويأوون" ساقط من م.

(e) حلية الأولياء: ومحبة.

(f) م: والصالحين، وفي الحلية: الفقراء الصادقين.

_________

(1)

حلية الأولياء 10: 377.

(2)

حلية الأولياء 10: 377.

(3)

حلية الأولياء 10: 378.

ص: 213

وكان يَقُول (a): القُلُوب ظُروفٌ، فقَلْبٌ مَمْلوءٌ إيْمانًا، وعَلَامَتُه الشَّفَقَة على جَميع المُسْلمِيْن، والاهْتِمام بما يَهمّهم (b)، ومُعَاوَنتهم على مَصَالِحهم، وقَلْبٌ مَملوءٌ نِفَاقًا فعَلامَتُه الحقْدُ والغِلُّ والغِشُّ والحَسَدُ.

أخْبَرَنا عَمِّي أبو غَانِم بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن حَمَّوْيَه، ح.

وأنْبَأتْنا زَيْنَبُ الشَّعْرِيَّة، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح بن شَاه الشَّاذْيَاخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: ومنهم -يعني من مَشَايخِ الصُّوْفيَّةِ-: أبو الخير الأقْطَع، مَغْربيّ الأصْل، سَكَنَ تِيْنَات، وله كَرَامَات وفِرَاسَاتٌ (c) حادَّة، كان كَبِير الشَّأْن.

قال أبو الخَيْر ما بَلغ أحَدٌ إلى حالةٍ شَرِيفةٍ إلَّا بمُلَازَمة المُوَافقة، ومُعَانَقَة الأدَب، وأداءِ الفَرَائِض، وصُحْبَة الصَّالِحينَ.

(a) قوله: "وكان يقول" ساقط من م.

(b) م: يهتمهم.

(c) القشيري: وفراسة.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 262.

ص: 214

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوفِيقِي

أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ إمام الكَلَّاسَةِ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الحَافِظ أبو مُحَمَّد القَاسِم ابن الحافِظ أبي القَاسِم، قال: أخْبَرَنا الفَقِيه أبو الفَتْح نَصْرُ اللَّه بن مُحَمَّد بقِرَاءةِ وَالدِي عليه وأنا أسْمعُ، عن أبي الفَتْح نَصْر بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، عن أبي الحَسَن عليّ بن عُبَيْدِ اللَّه (a)، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بُكَيْر بن مُحَمَّد المنذِريّ، قال: سَمِعْتُ أبا الخَيْر التِّيْنَاتِيّ يَقُول: بُعثْتُ إلى الثَّغْر فبكيْتُ، فقيل لي: مَحْرُوسَة ما عِشْتَ، وفُلَان وفُلَان طَائِفَة من الأخْيَار، وما بقي منهم غيري، كُلّهُم ماتُوا، وعاشَ أبو الخَيْر التِّينَاتِيّ مائة وعشرين سَنَة، وماتَ سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة أو قريبًا منه.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن حَمُّوْيَه، ح.

وأنْبَأتْنا زَيْنَبُ النَّيْسَابُوريَّة، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَأناَ أبو النَّجِيْب القَارِئُ، قال: أخْبَرنا أبو الأسْعَد القُشَيْريُّ، قالا: أخْبرنا أبو القاسم القُشَيريّ

(1)

، قال: ماتَ -يعني أبا الخَيْر الأقْطَع- سَنَة نَيّف وأرْبَعين وثَلاثِمائة.

(a) م: عبد اللَّه.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 262.

ص: 215

‌أبو الخَيْر المَوْزَة الشَّاعِرُ

من أهْلِ حَرَّان، نَفَذَ منها إلى دِمَشْقَ وعَلَّم بها الصِّبْيَانَ، واجْتازَ بحَلَب في طَرِيْقهِ إليها وفي عَوْدِه منها إلى خَرْتَبِرْت.

وذَكَرهُ العِمَادُ في السَّيْلِ والذَّيْل

(1)

، ولَم يَذْكُره في الخَرِيْدَة، وقال في ذِكْره، ورَأيْتُ ذلك في مُسَوَّدتِه، وقال: كان رَجُلًا خَيِّرًا من أهْل حَرَّان، مُعَلِّمًا بدِمشْقَ، يُعِلّم أوْلَاد الأُمرَاء، وتُوفِّيَ بخَرْتَبِرْت. وسَبَب تَسْمِيَته المَوْزَة أنَّهُ سُئِلَ عن هذين البَيْتَيْن:[من الرمل المجزوء]

اسْمُ مَنْ أهواهُ رِطْلا

نِ وبَاقيهِ مَدِيْنَهْ

ذَاتُ بَرٍّ ذاتُ بَحْرٍ

من قُرَى الشَّام حَصِيْنَه

فقال: هما في الموزَة، فسُمِّي بها ونُبِزَ بالمَوْزَة.

ويقُول أبو الحَكَم المَغْرِبيّ فيه من أرْجُوزَته: [من الرجز]

والمَوْزَةُ الشَّاعِرُ في قِصَّته

أعْجُوبَةٌ وعِبْرةٌ لمَنْ وَعَى

وشِعْرُه في كُبَكٍ مُشْتَهِرٌ

ليسَ به بينَ الأنَامِ مِنْ خَفَا

قال: وكُبَكٌ غُلَام، قال فيهِ أبو الخَيْر المَوْزَةُ:[من الرمل]

لو تُقَاسِي ما أُقَاسِي يا كُبَكْ

من سَقَامٍ وغَرَامٍ قَتَلَكْ

لَسْتَ من حُسْنٍ تفَردْتَ به

آدَمِيًّا إنَّما أنتَ مَلَكْ

عَذِّبِ القَلْبَ بما تَخْتَارُهُ

ليسَ هذا القَلْبُ لي بَلْ هُوَ لكْ

(1)

لم أقف عليه في مخطوطة السيل والذيل.

ص: 216

‌حَرْفُ الدَّال في الكُنَى

‌أبو دُجَانَة الأَنْصَاريُّ

(1)

صَاحِبُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، واسْمُه [سِمَاك بن أوْس بن خَرَشة](a)، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقد ذَكَرْناهُ

(2)

.

‌أبو الدَّرْدَاءِ

صَاحِبُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، واسْمُه عُوَيْمر بن زَيْدٍ، غَزَا الصَّائِفَة واشْتَهر بكُنْيَته، وقد ذَكرْناهُ في حَرْف العَيْن

(3)

.

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، والاستكمال من مصادر ترجمته التالية، ويقال فيه: سماك بن خرشة.

_________

(1)

سقطت ترجمته من م، توفي سنة 11 هـ وقيل: قُتل بصفين سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 375، الطبقات الكبرى لابن سعد 3: 556 - 557، 7: 391 - 393، تاريخ يحيى بن معين 3: 148، المحبر لابن حبيب 72، المعارف لابن قتيبة 271، المسعودي: التنبيه والإشراف 214، الجرح والتعديل 4: 279، الاشتقاق 456، الثقات لابن حبان 3: 180، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 43، الاستيعاب 4: 1644، صفة الصفوة 1: 485 - 486، الرافعي: التدوين في أخبار قزوين 108، ابن الأثير: الكامل 2: 75، 153 - 155، 174، 366، 3: 37، أسد الغابة 5: 184، تاريخ الإسلام 3: 45، سير أعلام النبلاء 1: 243 - 245، الوافي بالوفيات 15: 449، ابن كثير: البداية والنهاية 4: 15 - 17، الإصابة 7:57.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 31 هـ، وقيل: 32 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 391 - 393، طبقات خليفة 95، 303، تاريخ البخاري الكبير 7: 76 - 77، التاريخ الصغير 1: 66 - 67، 86، 233، المحبر لابن حبيب 75، 286، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 170، المعارف لابن قتيبة 268، المعرفة والتاريخ 3: 169، الجرح والتعديل 7: 26 - 28، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 84، أبو نعيم الأصبهاني: حلية الأولياء 1: 208 - 227، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 48، الاستيعاب 4: 1646، تاريخ ابن عساكر 47: 93 - 201، ابن الجوزي: المنتظم 5: 16 - 18، صفة الصفوة 1: 627 - 643، ابن الأثير: الكامل 2: =

ص: 217

‌أبو الدُّنْيا الأَشَجُّ

(1)

اسْمُه عُثْمان بنُ خَطَّاب بن عَبْدِ اللَّهِ بن عَوَّام البَلَوِيّ، وإنَّما (a) كُنِيَ أبا الدُّنْيا لطُول عُمره. وقيل: إنَّ كُنْيَته أبو عَمْرو، وهو مَغْربيٌّ، ذَكَرَ أنَّهُ لقي عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنه بصِفِّيْن، وله نُسْخَة يَرْويها عنه، لا يُعْتَمد على رِوَايتِه، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في الأسْماءِ في حَرْف العَيْن

(2)

.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، في تَعْلِيقٍ له: الأَشَجُّ المَغْرِبيُّ، هو أبو عَمْرو عُثْمان بن خَطَّاب بن عَبْد اللَّه بن عَوَّامِ البَلَدِيّ (b) المَرَنْدِيّ، ومَرَنْدَةُ بالمَغْرب على ما روى، ولَم أرَ أحدًا من المَغارِبَة يَعْرفها، ولعَلَّها قد دَثَرت، وفي رُواةِ أهْلِ المَغْرب زِيَادَة اللَّه المَرَنْدِيّ، وهو فيما أظُنُّ صِقِلِّيٌّ، واللَّهُ أعْلَمُ.

(a) م: وإنه.

(b) كذا قيَّده بالدال في هذا الموضع من الأصل وم، وتقدم له في الترجمة: البلوي، وعند الخطيب البغدادي والسمعاني والصفدي وابن حجر: البلوي.

_________

= 411، 3: 95 - 96، 114، 139، أسد الغابة 5: 185 - 186، تهذيب الكمال 22: 469 - 475، وترجم له المزي أيضًا في الكنى 33: 292، تاريخ الإسلام 3: 214 - 218، معرفة القراء الكبار 1: 123 - 126، تذكرة الحفاظ 1: 24 - 25، سير أعلام النبلاء 2: 335 - 353، الكاشف 2: 358، طبقات القراء 1: 18 - 19، العبر في خبر مَن غبر 1: 24، الوافي بالوفيات 23: 415 - 418، تهذيب التهذيب 8: 175 - 177، 12: 89، تقريب التهذيب 2: 91، 419، الإصابة 5: 46، النجوم الزاهرة 1: 88، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 244، السيوطي: طبقات الحفاظ 16، شذرات الذهب 1:196.

(1)

توفي سنة 327 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 13: 184 - 186، السمعاني: الأنساب 1: 261 - 262، 12: 199، تاريخ ابن عساكر 38: 348 - 354، ابن الجوزي: المنتظم 13: 378 - 381، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 536، ميزان الاعتدال 3: 33، الوافي بالوفيات 19: 481، لسان الميزان 4: 134 - 140.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 218

‌حَرْفُ الذَّال في الكُنَى

‌أبو ذَرّ الطَّرَسُوسِيُّ الفَقِيهُ الحَنَفِيُّ

(1)

فَقيْهٌ مُعْتَبَرٌ من أهْلِ طَرَسُوس، له كتاب في الفِقْه على مَذْهَب أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه سمَّاهُ كتاب الخِصَال، وَقَفْتُ عليه، وهو كِتَابٌ حَسَنٌ. وكان بطَرَسُوس قبل انْتِقَالها إلى الرُّوم.

‌حَرْفُ الرَّاء في الكُنَى

‌أبو رَافِع

(2)

مَوْلَى رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، واسْمُه أسْلَم، وقيل: إبْراهيم.

شَهِدَ مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أُحُدًا، والخَنْدَق وما بعدهما، وشَهِدَ مع عليٍّ (a) رضي الله عنه صِفِّيْنَ، والجَمَل، والنَّهْرَوَان.

(a) م: علي بن أبي طالب.

_________

(1)

توفي سنة 434 هـ، وترجمته في: الجواهر المضية للقرشي 4: 108، ابن قطلوبغا: تاج التراجم 304 - 305 (ترجمة مقتضبة عن ابن العديم مصرحًا به)، حاجي خليفة: كشف الظنون 1: 705.

(2)

ترجم له باقتضاب باسم أسلم (الجزء الرابع)، وأحال على ترجمته هذه في الكنى، وتوفي قبل سنة 36 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 4: 73 - 75، البلاذري: أنساب الأشراف (حميد اللَّه) 1: 477 - 478، تاريخ البخاري الكبير 2: 23، التاريخ الصغير 1: 101 - 102، المحبر لابن حبيب 92، 128، 406، المعارف لابن قتيبة 145، الطبري 3: 170 (وسماه: روَيفع، بالتصغير)، الجرح والتعديل 2: 306، المسعودي: مروج الذهب 4: 97 (ذكر عارض)، الثقات لابن حبان 3: 17 - 18، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 53، أبو نعيم الأصبهاني: حلية الأولياء 1: 183 - 185، الاستيعاب 1: 83 - 85، ابن الجوزي: المنتظم 5: 104، صفة الصفوة 1: 148، تهذيب الكمال 33: 301 - 302، (وفيه: أبو رافع القبطي)، تاريخ الإسلام 2: 380، سير اعلام النبلاء 2: 16 - 17، الكاشف 3: 334، الوافي بالوفيات 9: 51، تاريخ ابن الوردي 1: 211، ابن كثير: البداية والنهاية 5: 312 - 313، الإصابة 7: 65، تهذيب التهذيب 12: 92 - 93، تقريب التهذيب 2: 421، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 245، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 303.

ص: 219

رَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عنهُ أبو سُلَيْم مَوْلاهُ، والمُطَّلِب، وكان يَكْتُم إسْلَامَهُ حين كان للعبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، ووَهَبَهُ العبَّاس للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وقَدِمَ المَدِينَة بكتاب قُرَيْش إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فأظْهَرَ إسْلامَهُ، وكان قِبْطِيًّا.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سِيْدهُم الأنْصَاريّ الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصْرُ اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْدِ القَوِيّ المِصِّيْصيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ البَغْدَاديُّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن بِشْرَان المُعَدَّل، قال: أخْبرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحمّد بن أحْمَد المِصْرِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن أبي مَرْيَم، قال: حَدَّثَنَا مُحمّد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان، عن ابن أبي لَيْلَى، عن الحَكَم، عن مِقْسَم (a)، عن ابن عبَّاسٍ

(2)

، قال: اسْتَعْمَل رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أرْقَم بن الأرْقَم الزُّهْرِيّ على الصَّدَقَةِ، فاسْتَتْبع أبا رَافِع، فأتَى أبو رَافِعٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فاسْتَشَارَهُ، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يا أبا رَافِع، إنَّ الصَّدَقَة حَرَام على مُحَمَّدٍ وآل مُحمّد (b)، وإنَّ مَوْلَى القَوْم منهم، أو من أنْفُسِهم.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن أبي مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا

(a) الخطيب البغدادي: عن الحكم بن مقسم.

(b) قوله: "وآل محمد" لم يرد في هذه الرواية من كتاب الخطيب، وورد عنده في الرواية التي تليها.

_________

(1)

الخطيب البغدادي: الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة 19 - 20.

(2)

شرح معاني الآثار للطحاوي 3: 282، مجمع الزوائد للهيثمي 3: 90 - 91.

ص: 220

أبو نُعَيْم الحافِظ

(1)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا صالح بن زِيَاد، ح.

قال أبو نُعَيْم: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بنُ أحْمَد بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا المُغِيرَة بن عبد الرَّحْمن، قالا: حَدَّثَنَا عُثْمان بن عبد الرَّحْمن، ح.

قال: وحُدِّثْتُ عن أبي جَعْفَر (a) مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عليّ الحُلْوَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بنُ هَارُون، واللَّفْظُ له، قالا: حَدَّثَنَا الجرَّاح بن مِنْهَال، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سُلَيمِ مَوْلَى أبي رَافِع، عن أبي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كيف بكَ يا أبا رَافِع إذا افتقَرْتَ؟ قُلتُ: أوَلا (b) أتقَدَّم في ذلك؟ قال: بَلَى، قال: ما مالُكَ؟ قُلتُ: أربَعُونَ ألفًا وهي للَّه عز وجل، قال: لا، أَعْطِ بعضًا وأَمْسك بعضًا وأصْلِح إلى وَلدكَ، قال: قُلْتُ: أوَلَهُم علينا يا رسُول اللَّهِ حَقٌّ كما لنا عليهم؟ قال: نَعَم، حَقُّ الوَلَدِ على الوَالد أنْ يُعَلِّمهُ الكتابَ. وقال عُثْمان بنُ عبدِ الرَّحْمن: كتابَ اللَّه والرَّمي والسِّبَاحَة. زادَ يَزيد (c): وأنْ يُوْرِثهُ طيبًا. قال: ومَتَى يكُون فَقْري؟ قال: بَعْدي.

قال أبو سُلَيْم: فلقد رأيْتُه افْتَقَر بعدُ حتَّى كان يَقْعُد فيقُول: مَنْ يَتَصَدَّق على الشَّيخ الكَبِير الأعْمَى، مَنْ يَتَصَدَّق على رَجُلٍ أعْلَمه رسُول اللَّهِ (d) أنَّهُ سيَفْتقر بعدَهُ، منْ يَتَصَدَّق فإنَّ يَدَ اللَّهِ العُلْيا (e)، ويَد المُعْطِي الوُسْطَى، ويَد السَّائِل السُّفْلَى، ومَنْ سَأل عن ظَهْر غِنًى كان له شِيَةٌ يُعْرَفُ بها يَوْم القِيامَة، ولا تَحلّ الصَّدَقَة لغَنِيّ ولا لذي مرَّة سَويٍّ.

(a) م: حفص.

(b) الحلية وكنز العمال: أفلا.

(c) م: زيد، وتقدم في السند يزيد بن هارون، والمثبت موافق لما في الحلية.

(d) م: علمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

(e) الحلية: هي العليا.

_________

(1)

أبو نعيم الأصبهاني: حلية الأولياء 1: 184 - 185، وانظر أيضًا كنز العمال 16: 444 (رقم 45345).

ص: 221

قال: فلقد رَأيْتُ رَجُلًا أعْطَاهُ أرْبَعة دَرَاهِم، فردَّ عليه منه (a) دِرْهَمًا، فقال: لا تردّ عليَّ صَدَقَتي، فقال: إنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم نَهَاني أنْ أكْنِزَ فُضُول المالِ. قال أبو سُلَيْم: فلقد رأيْتُه بعدُ اسْتَغْنى؛ حتَّى أتَى (b) عَاشِر عَشرة. وكان يَقُول: ليتَ أبا رَافِعٍ ماتَ في فَقْره، أو وهو (c) فَقِيْرٌ، قال: ولَم يكُن يُكاتبُ مَمْلُوكًا إلَّا بثمنه الّذي اشْتَراهُ بهِ.

أنْبَأنَا أبو أحْمَد عَبد الوَهَّاب بن عليّ بن عليّ بن عُبَيْد اللَّه، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات عَبد الوَهَّاب بن المُبارَك الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن هَزَارْ مَرْد الصَّرِيفِيْنِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخَلِّص، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه (d) أحْمَد بن سُليَمان بن دَاوُد الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّهِ الزُّبَيْر بن بَكَّار، قال: وحَدَّثَني أبو غَزِيَّة، قال: حدَّثَنِي إبْراهيم بن سَعْد بن إبرَاهيْم بن عَبْد الرَّحْمن بن عَوْف، عن ابن إسحاق، قال: حَدَّثَني هِشَام بن عُرْوَة، عن أَبِيهِ، عن عائِشَة

(1)

، قالت: أتَت سَلْمى مَوْلَاة رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرأة أبَي رَافِعٍ، مَوْلَى رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (e)، إلى رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم تَسْتَعديه على أبي رَافِع، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ما لكَ ولها يا أبا رَافِع؟ فقال: تُؤْذيي يا رسُول اللَّه، فقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِمَ آذَيْتِه؟ فقالت: واللَّهِ يا رسُول اللَّهِ ما آذَيْته بشيءٍ، ولكنَّه أحْدَث وهو يُصَلِّي، فقُلتُ: يا أبا رَافِع، إنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أمرَ المُسْلمِيْن إذا خَرَجت من أحدِهم رِيْحٌ أنْ يتوضَّأ، فقام يَضْربُني، فجَعَل رسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ

(a) الحلية: منها.

(b) الأصل، م: أني، والمثبت من حلية الأولياء.

(c) الأصل، م: هو، والمثبت من الحلية.

(d) من قوله: "ابن هزار مرد. . . " إلى هنا أدرجه في غير موضعه، جاء بعد سند الزبير بن بكار.

(e) من قوله: "امرأة أبي رافع. . . " إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

مسند الإمام أحمد 43: 360 (رقم 26339)، والمعجم الكبير للطبراني 24: 301 (رقم 765)، ومجمع الزوائد للهيثمي 1:243.

ص: 222

عليه وسلَّم يَضْحكُ ويَضْحكُ، ويقُول: يا أبا رَافع، إنَّها لم تأمُرك إلَّا بخَيْر، وجَعَل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَضحكُ ويَمْزَحُ إلى أبي رَافِعٍ.

أخْبَرَنا الحُسَين بن عُمَر بن بَاز في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بنُ النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: أبو رَافِع مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كان قِبْطيًّا. قال عليّ بن المَدِيْنِيّ: اسْمُهُ أسْلَم، ويُقال هو ممَّن يُعَدّ في أهْلِ المَدِينَة، ماتَ قبل عليّ، ويُقال كان للعبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب فوَهَبَهُ للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فلمَّا بُشِّر النَّبِيّ بإسْلَام العبَّاس اعْتَقَهُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل، قال: كَتَبَ إلينا أبو القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا خَلَف بن القَاسِم، قال: أَخْبَرَنا أبو عليّ سَعِيْد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن سَعيد الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا عبَّاس بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يَقُول: أبو رَافِع مَوْلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، اسْمُه إبْراهيم.

قال ابنُ السَّكَن: وأسْلَمُ أبو رَافِع مَوْلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (a)، كان شَهِدَ أُحُدًا والخَنْدَق وما بعدهما، وكان على ثقَل النَّبيّ، وشَهِدَ فَتْحَ مِصْر. وهُم يَخْتلفُون في اسْمه، فيُقال: إبْراهيم، وكان قِبْطيًّا، ماتَ في آخر خِلَافة عليّ بن أبي طَالِب، ويُقال: مات بالمَدِينَة قبل قَتْل عُثْمان رضي الله عنه.

(a) من قوله: "اسمه إبراهيم. . . " إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

تاريخ البخاري الكبير 2: 23.

(2)

الاستيعاب 4: 1656.

ص: 223

وقال ابنُ السَّكَن: الصَّحيحُ أنَّ أبا رَافِع ماتَ في خِلَافَة عليّ (a)، وكان خَازِنًا لعليّ بن أبي طَالِب، وأوْصَى بوَلده إلى عليّ، وكان شَهِدَ مع عليٍّ الجَمَل، وصِفِّيْن، والنَّهْرَوَان رضي الله عنه، وكان يَكْفلُهم ويُزَكِّي أمْوَالهم.

أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن أبي مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم

(1)

، قال: ومنهم أسْلَم (b) أبو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أسْلَم قَبْل بَدْر، وكان يَكْتم إسْلَامَهُ مع العبَّاس، وقَدِمَ (c) بكتاب قُرَيْش إلى المَدِينَة على رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأظْهَرَ إسْلامَهُ ليُقِيم بها، فردَّهُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقال: إنَّا لا نَحْبسُ البُرُد ولا نَخِيسُ العَهْدَ، كان ممَّن أخْبَرَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ يُصِيْبهُ بعده فَقْرٌ، ونَهَاهُ أنْ يَكْنِزَ فُضُول الدُّنْيا، وأعْلَمَهُ عُقُوبَةَ مَنْ يَحُوزُ المَالَ ويَكْنِزُه.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الرِّضَا

‌أبو الرِّضَا بن النَّحَّاس الحَلَبِيُّ

(2)

ابن أُخْت أبي نَصْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن النَّحَّاس، واسْمُه سَالِم، وقد قَدَّمنا ذِكْره في حَرْف السِّيْن

(3)

، وذَكَرناهُ هَا هُنا لشُهْرته بالكُنْيَة، وعُرِفَ بابن النَّحَّاس من قِبَل أُمِّهِ.

وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا، رَوَى عنهُ أبو عَبْد اللَّه بن المِلْحِيّ.

(a) م: رضي الله عنه.

(b) م: ومنهم من أسلم.

(c) م: يوم قدم، الحلية: ثم قدم.

_________

(1)

حلية الأولياء 1: 183.

(2)

توفي بعد 550 هـ، ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 232، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 230.

(3)

تقدم ذلك في الجزء قبله، ترجم له باسم: سالم بن الحسن بن علي.

ص: 224

أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن نَسِيم إذْنًا، عن الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بنُ المُحَسِّن بن أحْمَد بن المِلْحِيّ السُّلَمِيّ، بلَفْظِه، وكَتَبَهُ (a) لي بخَطِّه، قال: أبو الرِّضَا بن النَّحَّاس شَيْخٌ حَلَبيٌّ، هوِ ابنُ أُخْت أبي نَصْر الوَزِير العَالِم المُفِيد الكَاتِب الشَّاعر المُجِيْد، وكان أبو الرِّضَا وَصَلَ إلى دِمَشْقَ عند القَبْض على (b) خَالِهِ، لأخْذ حَالهِ (c)، فاجْتَمَعْتُ بهِ، وتحدَّثْتُ معه، وأنْشَدَني أبو الرِّضَا لخالهِ (d):[من الكامل]

يا قَلْبُ أنتَ أذِنْتَ لي في هَجْرِهِ

وزَعَمْتَ أنَّك قَاصِرٌ عن ذِكْرِهِ

ورَجَعْتَ تطْلُبُهُ وأنْتَ أضَعْتَهُ

هَيْهاتَ فاتَ الحَزْم فَارِطُ أمْرِهِ

فاسْتُحْسِنَتْ هذه الأبْياتُ حتَّى غَنَّى بها القيَانُ، وهَامَ بها الشُّيُوخُ والشُّبَّان. فعَمِل أبو الرِّضَا:[من الكامل]

يا طَرْفُ أنْتَ طَرَحْتَني في حُبِّهِ

وزَعَمْتَ قَلْبَكَ في هَوَاهُ كقَلْبِهِ

حتَّى إذا لَفَحَتْكَ نِيْرَانُ الجَوَى

فَحُرِمْتَ ما أَمَّلْتَهُ مِن قُرْبِهِ

أنْشَأتَ تُنْكِرُ (e) ما جَنَيْتَ وقُلْتَ خُذْ

قَلْبي المُعَنَّى في هَوَاهُ بذَنْبِهِ

ذُقْ مُرَّ ما اسْتَحْليْتَهُ (f) وجَنَيْتَهُ

لا يُنْكِرُ المَغْرُورُ صرْعَةَ عُجْبِهِ

واغْرَقْ بدَمْعكَ في البُكَاءِ فرُبَّما

قَتَلَ المُتَيَّمُ نَفْسَهُ مِن كَرْبِهِ

قال ابنُ المِلْحِيّ: وكَتَبَ إليَّ يَوْمًا: [من البسيط]

يا مَنْ إذا ما البَليْغُ الحبْرُ جَاذَبَهُ

حَبْلَ الفصَاحَةِ مَنْسُوبٌ (g) إلى النُّوكِ

(a) م: بلفظه وكنيته وكتبه!.

(b) م: إلى.

(c) كذا في الأصل وم، وأكّدها في الأصل بحرف حاء أسفلها، وتقدمت كذلك في ترجمته السابقة له في الأسماء، وعند ابن عساكر: خاله.

(d) زيد فيها بيت ثالث عند أبن عساكر.

(e) ابن عساكر: تنظر.

(f) ابن عساكر: استحسنته.

(g) ساقطة من م.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 66: 232.

ص: 225

وابنَ الأُلَى غَمَرَ الأحْرَارُ فَضْلَهُمُ

حتَّى لقد أصْبَحُوا مِثْلَ المَمَالِيْكِ

الوَاهِبي كُلّ (a) مَصْقُولٍ ومُسْمِعَهُ

وكُلَّ أجْرَدَ كالسِّرْحَانِ مَحْبُوكِ

قَوْمٌ إذا تَرَكَ الأمْجَادُ مَكْرُمَةً

فمَجْدُهُمْ لسِوَاهُمْ غَيرُ مَتْرُوكِ

ما زلْتَ تَدْأَبُ في العَلْيَاءِ تَعمُرُها

مُجَاهِدًا في طَرِيقٍ غيرِ مَسْلُوكِ

دَعَوْتَنا دَعْوَةً بالأمْسِ مُعْجِزَةً

فثَنِّ (b) لا تَجْعلَنْها بَيْضَةَ الدِّيْكِ

‌أبو الرِّضَا بن اللُّعَيْبَةِ الحَلَبِيُّ

شَيْخٌ حَسَنٌ مَسْتُور، عنده ذَكَاء وفِطْنَة، وحُسْن محُاضَرَة، وجَمِيل مُعَاشَرَة، وصِنَاعَةٌ جَيِّدةٌ فيما يَعْمَلُه بيَدِه ويَتَكسَّبُ به، وكان يَعْمل السُّرُوج وغيرها ويُشَبِّهُها بالكَلَاهيّ الَّذي يُجْلَبُ من الصِّيْن، وصَان بذلك ماءَ وَجْهِه.

وكان قليل الاخْتِلَاط بالنَّاس مُشْتَغلًا بما يَعْنيه، وكان عندَهُ فَضْلٌ وأدَبٌ، ويَنْظِم شِعْرًا حَسَنًا. اجْتَمَعْتُ به، ولَم يَتَّفق لي سَمَاع شيء منه.

وأنْشَدَني شِهَاب الدِّين أبو جَعْفَر يَحْيَى بن خَالِد بن مُحَمَّد بن (c) القَيْسَرَانِيّ، قال: أنْشَدَني الرَّضِيُّ أبو الرِّضَا بن اللُّعَيْبَةِ لنَفْسِه (d): [من الطويل]

ولمَّا نَزَلْنَا بالمُحَصَّبِ مِن مِنَى

غَدَاةَ أفاضَ الجَمْعُ مِن عَرَفَاتِ

تَذَكَّركُمْ قَلْبي فأضْحَتْ مَدَامِعي

علَيكُمْ تُجيْدُ الرَّميَ بالجَمَرَاتِ

تُوفِّي أبو الرِّضَا بن اللُّعَيْبَة بحَلَب بجَبَل بَانَقُوسَا، وكان قد سَكَنَ فيه.

‌أبو رِضْوَان بن سَعِيْد المِصِّيْصيُّ المُؤدِّبُ

واسْمُه اليَمَان، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في حَرْف اليَاءِ

(1)

.

(a) م: الواهي كان.

(b) في م وابن عساكر: فتَنَّ.

(c) ساقطة من م.

(d) زيد في م: يقول.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وانظر ترجمته في الأسامي والكنى للحاكم 5:21.

ص: 226

رَوَى عن مُحمّد بن حِمْيَر، رَوَى عنهُ عُمَرُ بن مُحَمَّد الأسَدِيّ، وعبدُ اللَّهِ بن زِيَاد بن خَالِد المَعْرُوف بابنِ أبي سُفْيان، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب الدِّيْنَورِيّ.

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَنِ مَسْعُودُ بن أبي مَنْصُور الجَمَّال، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن بَحْرٍ الأسَدِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا رِضْوَان بن سَعيد المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحمّد بن حِمْيَر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زِيَادٍ، عن أبي أُمَامَةَ البَاهِلِيّ

(2)

، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَرأَ آيةَ الكُرْسِيّ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبةٍ، لَم يَحُل بينَهُ وبين دخُول الجَنَّةِ إلَّا المَوْت.

‌أبو رَمَادَةَ الضَّبِّيُّ

هو من هِجَان بن كَعْب بن بَجَالَة بن ذُهْل بن مَالِك بن بَكْر بن سَعْد بن ضَبَّة بن أدّ بن طَابِخَة (a) بن إلْيَاس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عَدْنَان.

نَزَل بأرْضِ الشَّامِ، بأرضِ حَلَب بالنُّقْرَة وجَاوَر بَني (b) أَسَدٍ في دَارهم، ووُلدَ له نحوٌ من عَشَرة أوْلَادٍ ذُكُور، ووُلِدَ لهم أيضًا أوْلَادٌ تُعْرَفُ بقَبِيلَةِ أبي رَمَادَةَ، وتأمَّرَ فيهم مَنْ تأمَّرَ، وسَادَ فيهم مَنْ سَاد، ونَسْلُهُمْ إلى اليَوْم.

(a) م: طاعة.

(b) الأصل: وحاوى لبني، وصححه في الهامش بالمثبت.

_________

(1)

تاريخ أصبهان 1: 417.

(2)

عمل اليوم والليلة للنسائي 49 (رقم 100)، وانظر: المسند الجامع 7: 404 (رقم 5242).

ص: 227

قُلْتُ: ذَكَرَ ذلك مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن عَبْد اللَّهِ الأسَدِيّ النَّسَّابَة في كتابهِ الّذي قَدَّمنا ذِكْره في أوَّل كتابنا هذا

(1)

، وبقَرْيَة المَلُّوْحَةِ من نُقْرَة بنَي أَسَدٍ قَوْمٌ يُقال لهم بنو الرَّمَادِيّ إلى الآن، وهُم -واللَّهُ أعْلَمُ- من قَبِيلَة أبي رَمَادَة (a) المَذْكُور.

‌أبو رُوَيْحَة الخَثْعَمِيُّ

(2)

قيل: اسْمُه عَبْدُ اللَّه بن عبد الرَّحْمن، وقيل: رَبِيْعَة بن السَّكَنِ، آخى رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بينَهُ وبين بِلَال، وقَدِمَ معَهُ الشَّام للجِهَادِ، رَوَى عنهُ عَبْد الجَبَّار بن عَبْد اللَّه الخَثْعَمِيّ، وقد ذَكَرْناهُ في الأسْماء

(3)

.

‌أبو الرِّيَاح المِصِّيْصيُّ

(4)

وقيل: فيه أبو الرَّمَّاح أيضًا، شَاعِرٌ، وَقَعَ إليَّ من شِعْره قَوْله في الفُسْتُق

(5)

: [من الكامل]

مثْل الزَّبَرْجَدِ في حَرِيْرٍ أحْمَرٍ

في حُقِّ عَاجٍ في غشَاءِ أَدِيْمِ

(a) م: أبي رماد.

_________

(1)

عنوان الكتاب "ديوان العرب وجوهرة الأدب في إيضاح النسب"، ونقل عنه ابن العديم نصوصًا عديدة، وجاء نقله المشار اليه أعلاه في الجزء الأول في أثناء الكلام على بني السيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبَّة.

(2)

ترجمته في: السيرة النبوية لابن هشام 1: 506 - 507، الاستيعاب 4: 1660 - 1661، تاريخ ابن عساكر 66: 234 - 236، أسد الغابة 5: 195، الإصابة 7:70.

(3)

في تراجم العبادلة، ضمن الأجزاء الضائعة من الكتاب، ولم يترجم له في اسم ربيعة.

(4)

ترجمته في: تتمة يتيمة الدهر 89 - 90، وفيه: أبو الرماح الفصيصي.

(5)

تتمة يتيمة الدهر 89.

ص: 228

وقَوْله

(1)

: [من الكامل]

وَرَدَ البَشِيرُ معَ الصَّبَاحِ بأنَّهُ

لي زَائِرٌ فاسْتَعْبَرَتْ أجْفَانِي

يا عَيْنُ قد صَارَ البُكَا لَكِ عادةً

تَبْكينَ في فَرحي وفي أحْزَاني

‌أبو الرَّيَّان الأصْبَهَانِيُّ المُلَقَّبُ بالأَثِيْر

كان بحَلَب، وحَكَى عنه عبدُ الرَّحْمن بن جَوْشَن بن مَزْرُوع التَّنُوخِيّ حِكايَةً سَمِعَها منه بحَلَب، وقد ذَكَرْناها في تَرْجَمَةِ عبد الرَّحْمن

(2)

.

‌أبو رَيْحَانة

(3)

صَاحِبُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، واسْمُه شَمْعُون (a)، وكان مُجَابَ الدَّعْوَة. وقد ذَكَرْناهُ فيما تَقَدَّم

(4)

.

(a) قيَّده في الأصل وم بالسين المهملة، ولم نجد فيمن ترجم له وذكره من قيَّده على هذا النحو، فكلهم متفقون على أنه: شمعون.

_________

(1)

البيتان في تتمة يتيمة الدهر 90، وذكر الثعالبي أنها تروى لابن سُكَّرة، ونسبها في كتابه الآخر (خاص الخاصّ 243 - 244) لأبي معشر الكاتب.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

ترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 425، البيان والتبيين 2: 143، البلاذري: أنساب الأشراف (حميد اللَّه) 1: 453 - 454، تاريخ البخاري الكبير 4: 264، التاريخ الصغير 1: 142، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 30، المعرفة والتاريخ 2: 318، 430، 516 (ونسبه في الأزد)، تاريخ ابن يونس الصدفي 1: 239، (ترجم له باسم سمعون، وقال: "ويقال في اسمه شمغون بالغين المعجمة وهو أصح عندي")، الجرح والتعديل 4: 388، حلية الأولياء 2: 28 - 29، الاستيعاب 4: 1661، ابن ماكولا: الإكمال 4: 362 - 363، تاريخ ابن عساكر 23: 193 - 204، 66: 236، أسد الغابة 5: 198، تهذيب الكمال 12: 561 - 567، وترجم له المزي في الكنى 33: 319، الوافي بالوفيات 16: 183، الإصابة 3: 212 - 213 (وفيه: شمغون؛ بمعجمتين)، تهذيب التهذيب 4: 365 - 366، 12: 97، تقريب التهذيب 1: 354 - 355، 2: 423، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 246.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 229

‌حَرْفُ الزَّاي في الكُنَى

‌أبو الزَّاهِرِيَّةِ

(1)

قَدِمَ طَرَسُوسَ ودَخَلَ على أبي مُعاوِيَة الأسْوَدِ، وحَكَى عنه. رَوَى عنهُ مَنْ لَم يُسَمّ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن يَحْيَى، عن عبد الرَّحْمن بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن ظَفَر، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أحْمَد بن البَنَّاءِ، قال: أخْبَرَنا هِلالُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحمد المِصْرِيُّ، قال: سَمِعْتُ عُثْمان بنَ السَّكَن، قال: سَمِعْتُ مُؤَذِّنَ غَزَّة، قال: حُدِّثْتُ عن أبي الزَّاهِرِيَّة، قال: قَدِمْتُ طَرَسُوس فدَخَلْتُ على أَبي مُعاوِيَة الأسْوَد، وهو مَكْفُوفُ البَصَر، وفي مَنْزِله مُصْحَفٌ مُعَلَّق، فقُلتُ: رَحِمكَ اللَّهُ، مُصْحَفٌ وأنتَ لا تُبْصِرُ! فقال: تَكْتُم يا أخي حتَّى أمُوْتَ؟ قال: قُلتُ: نعم، قال: إنِّي إذا أردْتُ أنْ أقرَأ القُرْآن فُتحَ لي بَصَرِي.

‌أبو الزُّبَيْر بن المُنْذِر بن (a) عَمْرو الكَاتِب

(2)

كان كَاتبًا للوَلِيْدِ بن يَزِيد بن عَبْدِ المَلِك، وكان معه حين وَصَلَ إلى الرُّصَافَة بعدَ مَوْت هِشَام بن عَبْد المَلِك، لهُ ذِكْرٌ.

(a) ساقطة من م.

_________

(1)

لعله حدير بن كريب الحضرمي ويقال الحميري، أبو الزاهرية الحمصي (ت 129 هـ)، تاريخ يحيى بن معين 3: 104، طبقات خليفة 311، طبقات ابن سعد 7: 450، الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 350، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 183 (وفيه: جدير)، العجلي: تاريخ الثقات 110، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 184، 284، الجرح والتعديل 3: 295، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 255، تهذيب الكمال للمزي 5: 491 - 492، وفي الكنى 33: 321، سير أعلام النبلاء 5: 193، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 190، تهذيب التهذيب 3: 218 - 219، 12: 98، تقريب التهذيب 1: 156، ابن بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 4: 93 - 95.

(2)

كذا قيَّد اسمه في الأصل، وتقدمت الإشارة في ترجمته في الأسماء (الجزء الثامن) أن الصواب في اسمه =

ص: 230

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو زُرْعَة

‌أبو زُرْعَة اللَّخْمِيُّ

(1)

كان مع مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك حين غَزَا القُسْطَنْطِينِيَّة، وكان من وُجُوه عَسْكَر مَسْلَمَة (a).

‌أبو زُرْعَةَ السَّيْبَانِيّ

(2)

اسْمُه يَحْيَى بن أبي عَمْرو زُرْعَة

(3)

، تَقَدَّم ذِكْرُهُ

(4)

.

(a) بقية الصفحة بياض في الأصل تقدير ثلاثة أرباعها.

_________

= المنذر لا أنه اسم لأبيه حسبما ذكره الطبري والأصفهاني وابن حمدون والنويري، وأن مصدر الوهم فيه من ابن عساكر الذي ترجم له استنادًا إلى الحكاية التي أوردها الأصفهاني في كتابه الأغاني، وتابعه ابن العديم على هذا الخطأ، وكان المنذر حيًا سنة 125 هـ وهي السنة التي مات فيها هشام بن عبد الملك، وترجمته في: تاريخ الطبري 7: 215، الفرج بعد الشدة 2: 403 - 404، الأغاني 7: 14 - 16، التذكرة الحمدونية 8: 45 - 46، النويري: نهاية الأرب 21: 465.

(1)

كان حيًا سنة 98 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 246 - 247، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 28: 325 - 326.

(2)

في الأصل الشيباني، والمثبت من م وباتفاق أغلب مصادر ترجمته التالية، وسيبان من حمير، وتوفي سنة 148 هـ، وقيل بعد 150 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 458 (وفيه: الشيباني)، طبقات خليفة 315 (وفيه: الشيباني)، تاريخ البخاري الكبير 8: 293، التاريخ الصغير 2: 85، 116، المعرفة والتاريخ 1: 133، 2: 437، الجرح والتعديل 9: 177، الثقات لابن حبان 7: 609 - 610، حلية الأولياء 6: 107 - 108، تاريخ ابن عساكر 64: 159 - 167، 66: 247، تهذيب الكمال 31: 480 - 483، وترجم له أيضًا في الكنى 33: 326 - 327، الكاشف 3: 264 (وفيه: السيناني)، تاريخ الإسلام 3: 1012، ميزان الاعتدال 4: 399 (وفيه: الشيباني، بالمعجمة)، تهذيب التهذيب 3: 326 - 337، 11: 260 - 261، 12: 100، تقريب التهذيب 2:355.

(3)

اسم أبي عمرو زرعة كما نصّ عليه المزي في تهذيب الكمال 31: 480.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 231

‌أبو زَكَرِيَّاء بنُ مُبَشِّر

كان بحَلَب، وكان من الأُدَبَاءِ في غَالِب ظَنِّيّ، فإنَّني رَأيْتُ ذِكْرِه بخَطِّ أبي الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ في كتاب الدِّيَرَة

(1)

في مُقَدِّمَة الكتاب، في ذِكْر الخَالِديَّيْن (a)؛ ذَكَرَ أنَّ ابن كَشَاجِم وغُلَامَهُ أنْشَدَا بحَلَب أبا الصَّقْر القَبِيْصِيّ وأبا زَكَرِيَّاء بن مُبَشِّر أبياتًا لكَشَاجِم، وذَكَرَ أنَّ الخَالِديَّين ادَّعَيَاهَا لهما.

‌أبو الزَّنَادِ

(2)

اسْمُه عَبْدُ اللَّهِ بن ذَكْوَان، كان عند هِشَام بن عَبْد المَلِك بالرُّصَافَة، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ

(3)

.

(a) في م حثما ترد: الخالدين.

_________

(1)

تقدّم التعريف بالكتاب في الجزء الأوّل.

(2)

توفي سنة 130 هـ، وقيل بعدها، وترجمته في: طبقات ابن سعد 5: 415، طبقات خليفة 259، تاريخ أبي زرعة الدّمشقيّ 1: 405 - 406، 412، تاريخ البخاريّ الكبير 5: 83، التاريخ الصغير 2: 27 (أرخ وفاته سنة 131 هـ)، المعرفة والتاريخ 1: 300، 352، مشاهير علماء الأمصار لابن حبَّان 215، الجرح والتعديل 5: 49 - 50، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 126، تاريخ ابن عساكر 28: 44 - 62، تهذيب الكمال 14: 476 - 483، وترجم له المزي في الكنى 33: 329، ابن الأثير: الكامل 5: 43، 130، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 406 - 408، الكاشف 2: 84، العبر في خبر مَن غبر 1: 133، تذكرة الحفاظ 1: 134 - 135، ميزان الاعتدال 2: 418 - 420، تاريخ الإسلام 3: 575، سير أعلام النبلاء 5: 445 - 451، الوافي بالوفيات 17: 162 - 163، تهذيب التهذيب 5: 203 - 205، 12: 101، تقريب التهذيب 1: 413، 2: 425، السيوطي: طبقات الحفاظ 61 - 63، شذرات الذهب 2:135.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 232

‌أبو زُهَيْرٍ العَبْسِيُّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ رِضْوَانُ اللَّهِ عليه (a)، ورَوَى شَيئًا من خَبَرها، وقد ذَكَرْنا ذلك عنه في تَرْجَمَةِ عبَّاسِ بن شَرِيْك

(2)

.

‌أبو زِيَادٍ الحَلَبِيُّ

من رُوَاةِ الشِّيْعَة، رَوَى عن أبي عَبْدِ اللَّه جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق رضي الله عنه، رَوَى عَنْهُ ابنُ مَحْبُوب.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو زَيْدٍ

‌أبو زَيْدٍ الدِّمَشقيُّ

(3)

حَكَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز وَفَاتَهُ، رَوَى عنهُ هِشَام بنُ عُبيْدِ اللَّهِ (b) الرَّازِيّ، وكانت وَفاتُه بدَيْر سِمْعَان.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَرُ بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بن أبي الدُّنيا

(4)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد -وهو ابن الحُسَيْن البُرْجُلَانِي

(a) م: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

(b) م: عبد اللَّه.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 95، 155، 259، 542.

(2)

ترجمة عباس في شريك في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 256، نحتصر تاريخ دمشق لابن منظور 28:332.

(4)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة المتحضرين) 3: 803.

ص: 233

- قال: حدَّثَنَا هِشَام بن عَبْد اللَّه الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو زَيْدٍ الدِّمَشقيّ، قَال: لمَّا ثَقُلَ عُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز، دُعِيَ له طَبِيْبٌ، فلمَّا نَظَر إليهِ قال: أرَى الرَّجُل قد سُقِي السّمّ. قال الطَّبِيْبُ: هل حَسَسْتَ بذلك يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْنَ؟ قال: نَعَم، قد عَرفتُ حينَ وَقَعَ في بَطْنِيّ، قال: فتَعَالَج يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْنَ؛ فإنِّي أخاف أنْ تَذْهَبَ نَفْسُكَ، قال: رَبِّي خَير مَذْهُوب إليهِ، واللَّهِ لو عَلِمْتُ أنَّ شِفَائي عند شَحْمَة أذُني ما رَفَعْتُ يَدِي إلى أُذُني فتَناولتهُ، اللَّهُمَّ خِر لعُمَر في لقَائكَ، فلم يَلْبَثْ إلَّا أيَّامًا حتَّى ماتَ رحمه الله.

‌أبو زَيْدٍ الأعْمَى

(1)

وَفَدَ على هِشَام بن عَبْد المَلِك بالرُّصَافَة، وشَهِدَ وَفَاته، ورَوَى عن ابنِ عَبْد الأعْلَى، رَوَى عنهُ عُبَيْدُ اللَّهِ العُتْبِيّ.

أخْبَرَنَا القَاضِي أبو القَاسِمِ عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتِهِ عنهُ، قَال: أخْبَرَنَا أبو الحسَن الفَرَضِيّ، إجَازَةً إنْ لم لَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللَّه الحَسَنُ بن أحْمَد بن عَبْدِ الوَاحِد، قال: أخْبَرَنَا أبو المُعَمَّر المُسَدَّد بنُ عليّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عَبْد الكَريم مُعَلّم ابن عَدْنَان الحَلَبِيّ، قال: حدَّثَنَا المِنْقَريّ، قال: حَدَّثَنَا العُتْبِيّ، عن أَبِيهِ، قال: قال أبو زَيْدٍ الأعْمَى: وَفَدْتُ إلى هِشَام بن عَبْد المَلِك (a)، فشَهِدْتُ وَفَاتَهُ فسَمِعْتُ ابنَ عَبْد الأعْلَى يتَمَثَّل بهذه الأبْيَات:[من الطويل]

وما سَالِمٌ عمَّا قليلٍ بسَالِم

ولو كَثُرَتْ حُرَّاسُهُ وكَتَائِبُه

(a) م: ابن عبد المطلب، تحريف.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 257، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 28:332.

ص: 234

ومَنْ يَكُ ذا بابٍ شَدِيدٍ وحَاجِبٍ

فعمَّا قليل يَهْجُر البابَ حَاجِبُه

ويُصْبِح بعد الحُجْب للنَّاسِ مُفْرَدًا

رَهِيْنَة بابٍ لم تُنَفَّس جَوَانِبُه

وما كان إِلَّا الدَّفْن حتَّى تَفَرَّقَتْ

إلى غيره أحْرَاسُهُ ومَوَاكبُه

وأصْبَح مسْرُورًا به كُلّ كَاشِح

وأسْلَمهُ أحْبَابُه وحَبَائبُه

فنَفْسَك اكْسِبها السَّعَادَة جَاهِدًا

فكُلّ امْرِئٍ رَهْنٌ بما هو كَاسِبُه

‌أبو زَيْدٍ الطَّرَسُوسِيُّ التَّاجرُ

(1)

سَمعَ أبا سَعيد مُحَمَّد بن عليّ النَّقَّاشَ، كَتَبَ عنهُ أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن مَنْدَة، وذَكَرَهُ في تاريخ أصْبَهَان فقال: أبو زَيْد الطَّرَسُوسِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ الثِّقَةُ المُتَدَيِّن، ثَقِيل الأُذن، كان من وُجُوه التُّجَّار والأُمَناءِ، سَمِعَ من أبي سَعِيد مُحَمَّد بن عليّ النَّقَّاش، سَكَنَ سِكَّة الغَلَّالِيْنَ (a) في دَرْب قُدَامَةَ، سَمِعَ منه أبو زَكَرِيَّاء بن مَنْدَة في رَبِيع الآخر سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين وأرْبَعِمائة.

‌أبو زَيْنَب بن عَوْف

(2)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها، وهو من رَهْط مِخْنَف بن سُلَيم، وقد ذَكَرْنا خَبَر قَتْلهِ في تَرْجَمَةِ صَخْر بن سُمَيّ وفي تَرْجَمَةِ مِخْنَف بن سُلَيم

(3)

.

(a) م: الغلايين.

_________

(1)

توفي سنة 482 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام للذهبي 10: 510، وسماه: عبد الواحد بن محمد بن عمر.

(2)

توفي سنة 37 هـ، واسمه زهير بن عوف، وتقدمت ترجمته في الجزء التاسع قبله، وانظر ترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 100 - 101، 263، (وفيه: أبو زُبَيب، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت)، الفتوح لابن أعثم 2: 446، طبقات خليفة 113، أسد الغابة 5: 205، الإصابة 3:16.

(3)

ترجمة صخر وترجمة مخنف في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 235

‌حَرْفُ السِّيْن في الكُنَى

‌أبو سَاسَان الرَّقَاشِيُّ

هو حُضَيْن بن المُنْذِر، وكُنْيَتُهُ أبو مُحَّمد، وأبو سَاسَان لَقَبٌ له، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليِّ رضي الله عنه، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو سَالِم

‌أبو سَالِم بن الذُّكُوْريّ البَارِيُّ

من أهُلِ البَارَة (a)، قَرْيَة كبيرة من عَمَل حَلَب، لها كُورَةٌ تُنْسَبُ إليها، وكان خَطِيْبًا ببَعْلَبَك، أنْشَدَ عنه أبو العبَّاس أحْمَدُ بن الحَسَن بن أحْمَد الكَفْرطَابِيّ إنْشَادًا ذَكَرناهُ في تَرْجَمَةِ أبي العبَّاسِ الكَفْرطَابِيّ

(2)

.

‌أبو سَالِم بن مَعَدّ بن سَعِيْد القَاضِي

شَاعِرٌ كان بحَلَب، ظَفِرْتُ بشيءٍ من شِعْره في مَديْح نَشْو الدَّوْلَة سُوْتكِيْن حَاجِب الأَمِير سَيْفِ الدَّوْلَة سِوَار، بخَطِّ أبي عَبْد اللَّه العُظَيْميّ.

قَرأتُ بخَطِّ الأُسْتَاذ أبي عَبْد اللَّه مُحمَّد بن عليّ العُظَيْميّ في مَدَائِح نَشْو الدَّوْلَةِ المَذْكُور قطْعَتَين من مَدْحهِ، قال العُظَيْميّ

(3)

: وقال أبو سَالِم بن مَعَدّ بن سَعيد

(a) م: البازي من أهل بازة.

_________

(1)

في الجزء السادس فيما تقدَّم، وانظر هناك مصادر ترجمته.

(2)

في الجزء الثاني من الكتاب.

(3)

الإشارة إلى كتاب العظيمي "المُؤصَّل على الأصل المُوَصَّل"، ولم يذكر ابن معد القاضي ولا القصيدة في مختصره:"تاريخ حلب".

ص: 236

القَاضِي يَمْدَحَهُ: [من الطويل]

غَزَاني غَزَالٌ باعْتِدَالٍ بقَدِّهِ

وحُسْنِ مَعَانِيْهِ وحُمْرَة خَدِّهِ

وأَمْرَض جِسْمي بالقَطِيْعَة والجَفَا

وما هكذا فعْلُ المَلِيْكِ بِجُنْدِه

وكيف اصْطِبَاري عنْهُ والقَلْبُ قد صَبَا

إليهِ وشَوْقي زائدٌ فَوْق حَدِّه

فإنْ لَم يُجِرْني بالرِّضَا من صُدُودِهِ

وإلَّا فإنِّي مَيِّتُ قَبْلَ صَدِّه

خَلِيليَّ ما لي من مُعِيْنٍ على الأَسَى

ولا مَنْ يُسَلِّيني بخَالصِ وُدِّه

ويُنْصفُني من صَرْفِ دَهْرٍ كأنَّني

جَنيْتُ عليه نَاقِضًا عَقْدَ عَهْدِه

سِوَى الحَاجِب النّدْبِ الجَوَادِ الّذي رَقَى

مَرَاتبَ مَجْدٍ قَابَلتْ شُهْبَ سَعْدِه

فذلكَ نَشْو الدَّوْلَةِ النَّاهِضُ الّذي

كَفَانا مُلِمَّاتِ الزَّمانِ بحَدِّه

وأوْسَعَنا من جُوْدِهٍ وعَطَائهِ

كَرَائمَ مَالٍ حَمْدُهَا بعضُ حَمْدِه

تراهُ إذا ما جِئْتَهُ مُتَطلِّبًا

عَطَايَاهُ يُبْدِي بشْرَهُ (a) عندَ وَفْدِه

فتَرجعُ مَمْلُوءَ الحقائبِ مُوقَرًا

عَطَاءً بلا منٍّ يُشَابُ برَفْدِه

فما حَاتِم جُوْدًا وكَعْبُ بن مَامَةٍ

ومَعْنُ النَّدَى إلَّا عَبِيْدٌ (b) لعَبْدِه

له شَرَفُ فَوْق السِّماكِ وهمَّةٌ

وعِلْمٌ (c) بإرْخَاءِ الزَّمان وشَدِّه

أخُو عَزَماتٍ قَاطِعَاتٍ كأَنَّها

حُسَام تَجَلَّى مَتْنُهُ بفِرِنْدِه

إذا الحَرْبُ دَارَتْ كان قطْبًا وأحْجَمَتْ

فَوَارسُ مَوْتٍ عايَنُوا هَوْلَ وِرْدِه

وثَارَ غُبَارُ النَّقْع لَيْلًا وَحُرِّقَتْ

قُلُوبٌ رَمَاها الخَوْفُ في حَرِّ وَقْدِه

تَرَاهُ يَخُوضُ المَوْتَ في غَمَراتهِ

يذبُّ بحدِّ السَّيْف عن نَيْل نَجْدِه

فلا زَالَ مَحْرُوسَ الجَنَابِ مُمَتعًا

مَدَى الدَّهْرِ ما غنَّى الحَمَامُ بوَجْدِه

(a) م: تندى نشره.

(b) م: عبد.

(c) ساقطة من م.

ص: 237

‌أبو سَالِم بن يَحْيَى النَّصْرانِيُّ

شَاعِرٌ كان مُقِيْمًا بأنْطَاكِيَةَ، حَسَن الشِّعْر، ظَفِرْتُ بقَائِمتَيْن بخَطِّ بعض أُدَبَاءِ الحَلَبِيِّيْن، وفيها: لأبي سَالِم بن يَحْيَى النَّصْرانِيّ المُقِيْم بأنْطَاكِيَةَ: [من الهزج]

أيَا مَنْ بُرْدُهُ القْانِي

وفي الشَّقْوَة ألْقَانِي

ويا مَنْ طرْفُهُ الفَانِـ

ي من قتلَاهُ ألْفَاني

قَضِيْبٌ قُدَّ مِنْ بَانٍ

تعالَى اللَّهُ من بَانِي

غَرِيرُ (a) الحُسْن ماشَانِي

ولا يَعْلَمُ ما شَانِي

فصَرْفُ الدَّهْر ألْجَانِي

إلى طَالِبيَ الجَانِي

فيا لَيْتَ مُشِتَّ البَيْـ

_________

نِ أوْطَانيَ أوطَاني

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو سَعْد

‌أبو سَعْد بن عَبْد الغَالِب بن أبي حَصِيْن المَعَرِّيُّ

(1)

ذَكَرَهُ ابنُ الزُّبَيْر في كتاب جِنَان الجِنَان وريَاض الأذْهَان، وقال: أبو سَعْد بن عَبْد الغَالِب بن أبي حَصِيْن، مَدَحَهُ شَاعِرٌ مُتَعَرِّضًا لنَيْلهِ فقال:[من الكامل]

يا مُنْشدِي شِعْرًا يُخَبِّرُ أنَّهُ

يُبْدِي قَدِيمَ مَفَاخِرِي ومَآثِري

_________

(a) م: عزيز.

_________

(1)

ترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 12: 63 - 64، وذكره بالاسم الذي رجحه ابن العديم آخر الترجمة: أبو سعد عبد الغالب بن أبي حصين، ومثله ما ذكره الصفدي في الوافي بالوفيات 18: 21 - 22، 407، ذكره عرضًا في ترجمة أخيه عبد الباقي، وترجمة أخيه الآخر عبد الرزاق ابني عبد اللَّه أبي حصين المعري.

ص: 238

لو زُرْتَنْي أنآكَ كارِهُ باطِني

عنِّي كما أدْنَاكَ رَوْنَقُ نَاظِري

وجَهِلْتَني فقَصَدْتَني وقَرِيْنَةُ الـ

ــحِرْمَانِ كدْيَةُ شَاعِرٍ مِن شَاعِرِ

هكذا ذَكَرَ ابن الزُّبير؛ وأظُنُّه -واللَّهُ أعْلَمُ- أبو سَعْد عَبْد الغَالِب بن أبي حَصِيْن، وهو شَاعِر كَثِيْر الشِّعْر، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو سَعْد بن عَلِيْجَة النَّسَوِيُّ

ذَكَرَ أنَّهُ سَمعَ صَحِيْح البُخاريّ إمَّا عن الكُشْمَيْهَنيّ أو مَنْ في طَبَقَته، وسَمعَ الحَسَن السَّمَرْقنديّ، لَقِيَهُ المُؤْتَمَن السَّاجِيّ بحَلَب، وحَكَى عنه ما يَدُلّ على كَذبهِ.

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّه بن الحُسَين الأنْصَاريّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ إجَازَةً، قال: سَمِعْتُ الشَّيْخ الإمَام أبا نَصْر المُؤْتَمَن بن أحْمَد بن عليّ السَّاجِيّ البَغْدَاديّ يَقُول: دَخَلتُ حَلَبَ فرَأيْتُ أبا سَعْد بن عَلِيْجَةَ النَّسَوِيَّ، وذَكَرَ لي أنَّهُ سَمعَ صَحِيْح البُخاريّ بعُلوٍّ إمَّا عن الكُشْمَيْهِنيّ أو مَنْ كان في طَبَقَته، فطَالبْتُه بالأصْلِ، فقال: قد قُرِئَ عليَّ بحَرَّان وليس معي أَصْلِي، فلمَّا دَخَلْتُ حَرَّان حَضَرْتُ ابنَ جَلَبَة (a) قَاضِيها، وكان له قَارِئٌ يَقْرأ الحَدِيْث في مَجْلِسهِ، فسَألتُ عن ذلك، فقيل لي: ذَكَرَ أنَّهُ سَمَاعُهُ وأخَذْنا نُسْخَةً فقَرأناهُ عليه، فلمَّا دَخَلْتُ نَيْسَابُور ذَكَرتُه للحَسَن السَّمَرْقنديّ فقال: هو دَجَّالُ من الدَّجَاجِلَةِ، كان يَسْمَعُ عليَّ من حَدِيث إسْمَاعِيْل الصَّابُونِيّ ومَنْ في طَبَقَته ثمّ يُسْقطنِي من البَيْن، ويُثْبتُ في كتابهِ عنهم.

(a) م: ابن حلبة.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 239

قال المُؤْتَمَنُ: ثمّ بَلَغَني أنَّهُ دَخَلَ مِصْرَ، وكان أيَّام المُسْتَنْصِر، فتَرَفَّضَ وعَمِل أحَاديْثَ في فَضَائِل (a) أهْلِ البَيْت، وسَأل المُسْتَنْصِر أنْ لا يبقَى في البَلَدِ أحَدٌ ممَّن يَتَسَمَّى بالعِلْم إلَّا ويَحْضُر مَجْلسَهُ، فأُكْرِهُوا على ذلك حتَّى الحَبَّال الحافِظ.

‌أبو سَعْد بن مَالِك

كان من أهْلِ الحَدِيْث بحَلَب، وسمَّاهُ أهْل الحَدِيْثِ أنَسًا، فكانُوا يَدْعونَهُ أنَس بن مَالِكٍ.

نَقَلْتُ من خَطِّ الحافِظ المُفِيد أبي عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن يُوسُف البِرْزَاليّ، فيما كَتَبَهُ عن الفَقِيهِ العالِم أبي نِزَار رَبِيْعَة بن الحَسَن بن عليّ اليَمَنِيّ (b): سَمِعْتُه يقُول: كان بحَلَب رَجُلٌ يُقال له: أبو سَعْد بن مَالِك، فسَمَّوه أهْل الحَدِيْثِ أنَس بن مَالِكٍ، وكان أيضًا بهَمَذَان رَجُلٌ يُقال له: أبو بَكْر بن الأَسْقَع، فقيل له: ما اسْمُكَ؟ فقال: أبو بَكْر بن الأَسْقَع، فسُمِّي بوَاثِلَةَ بن الأَسْقَع، وهو كَبِيْرُ السِّنِّ، شَيْخٌ.

‌أبو سَعْد بن المُفَضَّل بن عَبد الرَّزَّاق بن أبي حَصِيْن

حَكَى عن أَبِيهِ أبي الفَتْح المُفَضَّل، رَوَى عنهُ بعض أُدَبَاءَ مَعَرَّة النُّعْمَان.

قَرَأتُ في جُزْءٍ بخَطِّ بعض الأُدَبَاءِ من المَعَرِّيِّين: حَدَّثَني القَاضِي الأجَلّ هِلَال الدَّوْلةِ أبو سَعْد بن أَبي حَصِيْن بمَعَرَّة النُّعْمَان، قال: حَدَّثَني وَالدِي أبو الفَتْح المُفَضَّلِ بن عَبدِ الرَّزَّاق بن أبي حَصِيْن رحمه الله، قال: كُنَّا في بعضِ أعْيادِ الضَّحِيَّةِ قد صَلَّيْنا وأكَلْنا الطَّعَامَ، فسَقَطَ علينا طَائِرُ على جَنَاحهِ كتابُ، وفي رِجْلَيهِ زَرَدَتانِ من ذَهَب، فمَسَكْاهُ وفَضَضْنا الكتاب، فوَجَدْنا فيه مَكْتُوب: سُرِّح هَدَاهُ اللَّه بعدَ

(a) ساقطة من م.

(b) م: التيميّ، وهو يمني حضرميّ من شبام، انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء 22: 14 - 16، تاريخ الإسلام 13:212.

ص: 240

النَّحْر من مَكَّة عَمَّرَها اللَّه، وقد عَلِمْنا أنَّهُ لا يَصِلُ إلى مَطَاره في يَوْمه، فمَنْ وَقَع عندَهُ فليُكْرم مَثْوَاه، ويأخُذُ ما في رِجْلَيْهِ حَلَالًا ويُطْلقهُ، فكَتَبَ القَاضِي المُقَدَّم ذَكَرَهُ أبو غَانِم عَبد الرَّزَّاق في ظَاهِر الكتابِ هذه الأبْيَات:[من الرجز]

للَّهِ ما أحْمَلَكَ الرَّسَائِلَا

ليسَ على قلبٍ بَلَى على كُلَا

غَدَوْتَ مَحْمُولًا وعُدْتَ حَامِلا

أنْمُلَةً تَصْدُرُ عن أَنَامِلا

فَوَقِّهِ مُذَكِيًّا وقَاتِلا

وبَقِّهِ لكُلِّ عَامٍ قَابِلَا

وذُكِرَ أنَّ الطَّاِئِر كان من حَلَب من حَمَام ابن صَعْصَعَة.

هكذا وَجَدْتُ هذه الأبْيَات مَنْسُوبَةً في هذا الجُزء إلى أبي غَانِم عَبد الرَّزَّاق، ووَجَدْتُها في مَوضعٍ آخر مَنْسُوبَةً إلى أبي يَعْلَى بن عَبدِ الرَّزَّاق.

وقَرَأتُ في وَرَقَةٍ وَقَعَتْ إليَّ بخَطِّ بعض الحَلَبِيِّيْن، وأظُنُّه شَمْسَ الدِّين مُحَمَّد بن خَالِد بن القَيْسَرَانِيّ، وصُورة المَكْتُوب فيها: أَخذْت هذه الوَرقَة من الأُسْتَاذِ أبي المَعَالِي بن البَدَوِيّ، ورَوَى لي أنَّ ما في بَاطِنها صَحِيحٌ عن منْ رَوَاهُ له، عن المَشَايخ، عن المَذْكُور في بَاطِنها بالمَعَرَّة المَعْرُوفة بالنُّعْمان في مَدِينَة حَلَب، حَمَاها اللَّه، وفي بَاطِنها مَكْتُوب ما نُسْخَتُه:

بِسْمِ اللَّه الرَّحْمن الرَّحِيْمِ؛ حَكَى لي القَاضِي أبو حَصِيْن عَبْد البَاقِي بن المُحَسِّن بن عَبْد البَاقِي بن أبي حصِيْن بالمَعَرَّة في سَلْخ صَفَر سَنَة إحْدَى (a) وثَمانين وخَمْسِمائَة عن وَالدِه وأعْمَامهِ، وهُم القَاضِي أبو البَيَان مُحَمَّد بن عَبد الرَّزَّاق بن أبي حَصيْنِ، وأبو الفَتْح المُفَضَّل بن عَبد الرَّزَّاق، وأبو القَاسِم المُحَسِّن في عَبْد البَاقِيّ، أنَّهُ وَقَعَ في دَار القَاضِي أبو حَمْزَة بن أبي حَصِيْن بالمَعَرَّة قبل هَجْم الإفْرَنْج لها، طَائِرُ حَمَام، الظُّهْر من يَوْم الجُمُعَة، وكان يَوْم عِيْد النَّحْر، سَقَط على جُرْن فيه ماءٌ

(a) الأصل: أحد، وفوقها "صـ".

ص: 241

في تلك الدَّار، فمُسِكَ، فوُجِدَ على جَنَاحهِ كتاب يقُول فيه: سُرِّحَ هذا (a) الطَّائِر بعد صَلَاةِ الصُّبْح من يَوْم العِيْدِ من مَكَّة، وقَصْدُهُ حلَب، فأخَذَهُ القاضي أبو يَعْلَى بن عَبْد البَاقيّ، وأطْعَمَهُ في يَدَيهِ (b) وسَقَاهُ.

وكَتَبَ على ظَهْر الكتَاب: وَقَعَ هذا الطّائِر بالمَعَرَّة، الظُّهْر من يَوْم العِيْدِ وسَرَّحَهُ، فوَصَلَ الخَبَرُ إلى المَعَرَّة أنَّهُ وصَلَ إلى حَلَبَ، وزُفَّ بها العَصْر من ذلك اليَوْم، وكان الطَّائِرُ للوَزِير ابن صَعْصَعَة، فعَمِل القَاضِي أبو يَعْلَى بن عَبد الرَّزَّاق هذه الأبْيَات (c):[من الرجز]

للَّهِ ما أحْمَلَكَ الرَّسَائِلا

لَسْتَ على قَلْبٍ بَلَى على كُلَا

غَدَوْت مَحْمُولًا وعُدْتَ حَامِلا

أَنْمُلَةً تصدرُ عن أنَامِلَا

فبَقِّهِ مُذَكِيًّا وذَاكِيًا

وابْقِهِ لكُلِّ عَامٍ قَابِلَا

الصَّوَاب: فَوَقِّهِ، ووَقَعَ في هذه الوَرَقَة كما ذَكَرَنا.

ووَقَعَ إليَّ دِيْوان شِعْر القَاضِي أبي يَعْلَى عَبْد البَاقِي بن أبي حَصِيْن عَبْد اللَّه، وفيه هذه الأبيات، وهي له في دِيْوَانه، وهو الصَّحيح، وفيها زِيَادَة على الأبْيَاتِ المَذْكُورة في هاتَين الرِّوَايتَيْن، ولا يعُد عندي أنَّ القَاضِي أبا يَعْلَى عَبْد البَاقِي وأخاهُ القَاضِي أبا غَانِم عَبد الرَّزَّاق كانا مُجْتَمعين، فاجْتَمَعا على نَظْم الأبْيَات، فنُسِبَتْ إلى كُلِّ واحدٍ منهما، فأمَّا نسْبَتُها إلى أبي يَعْلَى بن عَبد الرَّزَّاق فلا أعْرفه.

وأبو يَعْلَى هو أخو عَبد الرَّزَّاق، وكلاهما ابْنا أبي حَصِيْن.

والّذي وَجَدْتُه في دِيْوَان (d) أبي يَعْلَى عَبْد البَاقِي بخَطِّ أبي المَكَارِم مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أبي جَرَادَة وكان مُحَقَّقًا (e): [من الرجز]

(a) ساقطة من م.

(b) الأصل وم: يداه، وفوقه في الأصل "صـ".

(c) زيد بعده في م: يقول.

(d) من قوله: "فأما نسبتها. . . " إلى هنا ساقط من م.

(e) بعده في م: هذه الأبيات.

ص: 242

للَّه ما أحْمَلَكَ الرَّسَائِلا

مَضَيْتَ مَحْمُولًا وعُدْتَ حَامِلَا

أَنْمُلَةً تصدرُ عن أَنامِلَا

إنْ كُنْتَ في عَيِّ اللِّسَانِ بَاقِلَا

فأنْتَ سَحْبَانُ بَليغ وَائِلا

أَقبلْتَ لا تَجنَّبُ القَبَائِلا

ولا القَنَا تخشَى ولا القَنَابِلَا

فقُصَّ يا رَبُّ لَهُ الأجَادِلا

وقَصِّهِ الحُبُولَ والحَبَائلَا

ووَقِّهِ مُذَكِيًّا وقَاتِلَا

وبَقِّهِ لكُلِّ عامٍ قَابِلَا

مَعْنى قَصِّهِ أي: أبْعِده وأَخِّرهُ.

‌أبو سَعْد بن الوَلِيدِ بن عُبَيْد البُحْتُرِيّ

رَوَى عن وَالدِه أبي عُبَادَة البُحْتُرِيّ شِعْرَهُ، وكان فَاضِلًا أَدِيْبًا، وكان يَسْكُن مَنْبجِ، وقد ذَكَرْنا في تَرْجَمَةِ أخيهِ أبي الغَوْث

(1)

مُلَاحاةً جَرَت بينه وبين أخيهِ أبي سَعْد، وأنَّ أباهمُا قال لهما: إنَّ الغُصْنَيْن من هذه الشَّجَرة.

‌أبو سَعْد بن أبي الحُسَين بن عَبْدِ اللَّه الشَّرَابِيْشيُّ الحَلَبِيُّ

وَالد شَيْخنا أبي عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن أبي سَعْد، حَكَى عن الحافِظ المُرَادِيّ، وقُطْب الدِّين الحَسَن بن عَبْد اللَّهِ بن العَجَمِيّ، حَكَى عنه وَلدُه مُحَمَّد بن أبي سعْد.

سَمِعْتُ الشَّيْخِ الصَّالِحَ أبا عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن أبي سَعْد (a)، قال: حَدَّثَني أبيّ، قال: كان بحَلَب رجُلٌ يُقال له: ابنُ سُمَيعْ يَسْكُنُ بباب اليَهُود الّذي يُقال له الآن باب النَّصْر، وكان ضَامِنَ سُوق الدَّوَابِّ مَكَّاسًا.

(a) من قوله: "سمعت الشّيخ الصالح. . . "إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

ترجمة أبي الغرث يحيى بن الوليد في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 243

قال الشَّيْخُ مُحَمَّد: وكان بينَهُ وبين وَالدِي مَعْرفَةُ، فاتَّفَقَ أنْ حَضَرته الوَفَاةُ، فأوْصَى إلى وَالدِي أنْ يُخْرج عنه جَمَّةً وصَدَقَةً وغير ذلك، وكِان له أخَواتُ لَم يكُن لهُ وَارِثٌ غَيرهنَّ، وكان لبَيْت المَالِ معه تعلُّقُ، وأثْبَتَ وَالدِي وصِيَّتَهُ عند مُحيِي الدِّين بن الشَّهْرَزُورِيّ، وحَضَر بعدَ مَوْته بمُدَّة نُوَّاب الحَشْر ووَالدِي دَارَهُ (a) لاعْتِبَار تَركَته.

قال وَالدِي: فابْتَدر أحَدُ الجَمَاعَة (b) وقال: رَأيْتُه في النَّوْم وهو على حَال حَسَنة، وقال لي: غَفَرَ اللَّه له بهذه القُطَيْطَة، فنَظَرْتُ فإذا هِرَّةٌ مُبْتَلَّةٌ (c) في الشَّمْسِ، فسَمعَ أخَواتُهُ (d) من أعْلَى الدَّار قَوْلَ القائل عن المَنَام، فقالُوا: واللَّهِ نَعْرفُ له حِكايَةً مع هذه القطَّة الّتي تَذكُر، وذلك أنَّهُ كان له هِرَّة يَألفُهَا، وتَدُور به ويَحْضِنُها (e) ويُطْعمُها على مَائدتِه ويأنَسُ بها، فاتَّفَقَ أنَّهُ خَرَج يَوْمًا إلى سُوقِ الدَّوَابِّ، فَمَضَت الهِرَّةُ إلى المُسْتَراح فسَقَطَتْ فيه، فلمَّا جاء من سُوق الدَّوَابّ (f) وعليه التُّرابُ، جَلَسَ ومَدَّ رِجْلَيهِ إلى أَسْفَل القَاعَة، وطَلَبَ ماءً ليَغْسِلَ رِجْلَيهِ، وسَأل عن طَعَام هُيِّئَ له، فصَعدَتْ أُخْتُه لتَصُبَّ له الطَّعَامَ، وبَقِيَتْ أُخْتُه الأُخْرى (g) عندَهُ تَغْسِل رِجْلَيهِ، فقالت له: ما تَعْلَم يا أخي ما جَرَى على القُطَيْطَةِ؟ فقال لها: وما ذلك؟ قالت: سَقَطَتْ في المُسْتَراح، فقال: لا آكلُ حتَّى أُخْرجها، ومَنَعهُم من إنْزَال الطَّعَامِ، وقام وشَمَّر ثيَابَهُ، وأخذ المِجْرَفَة، وجاءَ إلى المُسْتَراح وفَكَّ البَلَاطَ، وحَفَرَ حتَّى وَصَلَ إلى رَأسَ الجُبُّ الّذي يُسْتَخْرجِ منهُ الغَائِطُ، فأرادَ رَفُع الطَّابِق فامْتَنعَ عليه، لخَرَجَ إلى خَارِج الدَّار، واسْتَعان بمَنْ أعانَهُ على قَلْعِهِ، ثمّ حَفَرَ في الحَائِط، وعَارَضَ خَشَبَةً، وجَعَلَ فيها حَبْلًا وأمْسَكه بيَدِه وانْخَرَط فيه حتَّى نَزَلَ، فوَجَدَ الهِرَّة جَالسَة على التِّقْن (h)، فأخَذَها وصَعِدَ، وغَسَلها وتَرَكَها في الشَّمْسِ حتَّى يَبسَتْ، فهذا حالهُ مع الهِرّة.

(a) م: ووالدي يداري عنه.

(b) م: أحد القوم من الجماعة.

(c) م: مبلية.

(d) م: إخوانه.

(e) م: ويحضيها.

(f) من قوله: "فمضت الهرة. . . " إلى هنا ساقط من م.

(g) م: وقعدت الأخرى.

(h) م: فوجد الهرة جالسة فأخذها.

ص: 244

‌أبو سَعدٍ الحَرَشِيُّ القَاضِي

(1)

له ذِكْرٌ ومُرُوءَة، وكان من أهْلِ بَالِس، وسَكَنَ حَلَبَ، وأدْرَكتُ بحَلَب شَيْخًا من ذُرِّيته أو من أقَاربه، وكان شَيْخًا حَسَنًا، وقَف رَبْعات كَثِيْرة على المَشَاهِد بحَلَب، وكان له اخْتِلَاطٌ بوَالدِي رحمه الله.

وهذا أبو سَعْد من أرْبَاب الفَضْل، وَجَدْتُ ذِكْرَهُ في تاريخ جَمَعهُ أبو المُغِيْث مُنْقِذ بن مُرْشِد بن عليِّ بن مُنْقِذ، وذَيَّلَ به تاريْخ أبي غَالِب هَمَّام بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ

(2)

، قال فيه: في سَنَة إحْدَى وثَلاثين وخَمْسِمائَة ماتَ القَاضِي أبو سَعد الحَرَشِيِّ بالرَّقَّة، رحمه الله، وكان من أفَاضِل المُسْلمِيْن، قد جَمَعَ الدِّين والأمَانَة والصِّدْق والصِّيَانة والرَّأفَهَ والكَرَم.

وحَدَّثَني بعضُ الأصْدِقَاء، قال: رَأيتُه بالرَّقّةِ وقد نَصَبَ ثَلاث خَشَبات، وقد أحْضَر قَوْمًا يُدَلُّونَهُ في زَنْبِيلٍ إلى رَكيَّةٍ مَحْفُورة، قُلتُ: يا سَيِّدِي، لَمَ تَفْعَل هذا؟ قال: هَا هُنا قَوْمٌ أُسَرَاءُ وقَوْم حُبِسُوا من الفِرِنْج والمُسْلمِيْن، ومعهم مَرَضُ، أنْزلُ أُدَاوِيْهم، فلُمْتُه على ذلك، فقال: هُمْ من خلْقَة اللَّهِ عز وجل.

وما عَمِلَ شَيئًا قَطّ بأُجْرَة، وكان يُدَاوِي الضُّعَفَاء، ويُعْطيهم الحَوَائِج، ويَمْشِي إليهم، ويَغْرم عليهم من مَالهِ.

قال ابنُ مُنْقِذ: وكان حَسَن الخُلُق، طَيِّب العِشْرة، وضَحُوك السِّنِّ. حَدَّثَني أخي مُؤَيَّد الدَّوْلَةِ قَال: شَكَوْتُ إليهِ بعضَ حَالي وما أعَانيه من شَقَاءِ (a) السَّفَرِ، فقال: اصْبِرْ على ما تَكْرَهُ وإلَّا بُلِيْتَ بما لا تُطِيْقُ.

(a) ساقطة من م.

_________

(1)

توفي سنة 531 هـ.

(2)

تقدم التعريف بالكتاب وذيله عند الكلام على تاريخ ابن المهذب في الجزء الأول.

ص: 245

وحَدَّثَني عنهُ جَمَاعَةٌ، قالُوا: أمَرَنا أتَابِكُ بجَمْلِهِ (a) من حَلَب إلى المَوْصِل ليُشَاهد البِرْكَة المَعْرُوفة بالقَلْعَة، فحُمِلَ من حَلَب على جَمَل في مَحَارة، وجَعَلُوا معه صَحبِيَّةً أرْمَنِيَّةً مأسُورة، فكان يَلْطُف بها ويُطْعِمُها (b)، فقال لها يَوْمًا يا صَبِيَّة، من أين أَسَرُوك أنت؟ قالت: من بَلَد كَذَا وكذا، ثمّ قالت له: فباللَّهِ يا عَمِيِّ من أين أسَرُوك أنتَ؟ قال: من الشَّرْقيَّة الّتي في جَامِع حَلَب.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللَّه القَيْسَرَانِيّ في دِيْوان شِعْره

(1)

أبْيَاتًا رَثَى بها القَاضِي أبا سَعد الحَرَشِيّ، وأخْبَرَنا بها أبو اليُمْن الكِنْدِيَّ وغيره، إجازةً عنه:[من الطويل]

تَوَخَّاكَ يُسرُ اللَّهِ جَارَ ابنِ يَاسِرِ

أخا الصَّلَحات والتُّقَى والمَآثِرِ

يُريدُ بابن يَاسِر: عَمَّار بن يَاسِر لأنَّهُ مَدْفُون بالرَّقَّة.

أبا سَعْدٍ انحلَّتْ على ذلكَ الثَّرَى

سَماءٌ تُحَلَّى بالسُّعُودِ الزَّوَاهِرِ

وإمِّا تَجَافى عَن صَدَى تُرْبِكَ الحَيَا

فجادَتْكَ أنْوَاءُ الجفُونِ المَوَاطِرِ (c)

مَتَى هَجَرِتهُ لا تَرَى غَيرَ عَاذِلٍ

وإنْ وَاصَلتُهُ لا تَرى غَيْرَ عَاذِرِ

لقد صَدَرتْ عَنْكَ القُلُوبُ صَوَادِيًا

منَ الوَجْدِ فاعْجَبْ للصَّوَادِي الصَّوَادِرِ

غَدَاةَ ثَنى منك السّحُوليُّ كِسْرَهُ

على ذي خِلَالٍ طَيِّبَاتِ المَكَاسِرِ

ومَدَّ الأَسَى بَاعًا إلى كُلِّ مُهْجةٍ

وألْقَى البُكَا سترًا على كُلِّ نَاظِرِ

بنَفْسِي غَرِيْب الجارِ والدَّارِ طَوَّحَتْ

بآمَالهِ إحْدَى اللَّيالِي الجَوَائِرِ

أقامَ على شَطِّ الفُرَات وجُهِّزَتْ

إليهِ الدُّمُوعُ بينَ سَارٍ وسَائِرِ

قَرِيبًا إلى دَاعي الخُطُوب يُجِيْيْبُا

بَعِيدًا على ذي خُلَّة ومَعَاشِرِ

فإنْ تُمْسِ في مَثْواكَ لا في عَشِيرةٍ

فقَدْ كُنْتَ مِن (d) تَمْهِيْدِهِ في عَشَاِئِرِ

(a) م: نحمله.

(b) ساقطة من م.

(c) م: النواظر.

(d) م: في.

_________

(1)

لم ترد القصيدة في مجموع شعر ابن القيسراني.

ص: 246

مِنَ البِرِّ في الأبْرَار والدِّين والتُّقَى

وهَجْرِ الدَّنَايَا واجْتِنَابِ الكَبَائِرِ

كذَاكَ العُرَب الفَضْلِ والبَذْلِ إنْ يَمُت

يَمُتُّ بقُرْبى في العُلَى وأوَاصِرِ

فيا هل بَكَى ماءُ الفُرَات نَزيلَهُ

أم الرَّقَّةُ البَيْضَاءُ رقَّت لزَائِرِ

وإنْ جرَّتِ القُرْبَى مِنَ اللَّهِ رَحْمَةً

إلى جَارها فَلْيَهْنَ أهْلُ المَقَابِرِ

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو سَعِيْد

‌أبو سَعِيْد التَّيْمِيّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ عليه السلام ورَوَى عنهُ، حَدَّثَ عنهُ حَبِيْبُ بن أبي ثَابِت.

أنْبَأنَا أبو العَلَاء أحْمَدُ بن أبي اليُسْر، عن أبي مُحَمَّد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بنُ شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بنُ نيِخْاَب، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بنُ دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى الجعفِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ (b) بن مُزَاحِم

(2)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن سيَاه الأسَدِيّ، عن حَبِيْب بن أبي ثَابِتٍ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد التَّيْمِيّ (c)، قال: كُنَّا مع عليّ بن أبي طَالِب في مَسِيْره إلى الشَّام، حتَّى إذا كُنَّا ببعض السَّوَادِ (d) عَطشَ النَّاسُ واحْتاجُوا إلى الماءِ، فانْطَلَقَ بنا

(a) ساقطة من م.

(b) م: أبو إسحاق نصر، وهو خطأ فكنيته أبو الفضل.

(c) زيد في كتاب نصر: المعروف بعَقِيْصا.

(d) وقعة صفين: حتى إذا كنا بظهر الكوفة من جانب هذا السواد.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ، وهو المعروف بعقيصا، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 144 - 145، 267، تاريخ يحيى بن معين 3: 503، تاريخ البخاري الكبير 7: 90 - 91، المعجم الكبير للطبراني 3: 146، الجرح والتعديل 7: 41، تاريخ بغداد 14:256.

(2)

وقعة صفين 144 - 145، وانظر تاريخ بغداد 14:252.

ص: 247

حتَّى أتَى صَخْرةً ضَرْسَاء (a) من الأرْضِ كأنَّها رِبْضَة عَنْز، فأمَرَنا فاقْتَلعْنَاها، فَخَرجَ لنا ماءٌ كَثِيْر فشَرِبنا وشَرِب النَّاس منهُ حتَّى ارْتَوَوا، ثمّ أمَرَنا عليٌّ فأكْفَأْناها عليه.

ثُمَّ سَارَ وسِرْنا حتَّى أتَيْنا المَنْزلَ (b)، فقال عليّ عليه السلام: أمنْكُم أحَدٌ يَعْرفُ مكان هذا الماءِ الّذي شَرِبَتُم منه؟ قالوا: نعم، قال: فانْطَلِقُوا إليه، فانْطَلَق منَّا رِجَالٌ رُكْبانًا ومُشَاةً، فاقتصَّيْنا الطَّرلِق حتَّى أتَيْنا (c) المكان الّذي نرى [أنَّهُ](d) فيهِ، فطَلبَنْاهُ فلم نَقْدر على شيءٍ، حتَّى إذا عِيْلَ علينا الجهْد، انْطَلَقنا إلى دَيْرٍ قَريبٍ منَّا فسَألْنَاهُم: أينَ هذا الماءُ الّذي عندَكم هَا هُنا؟ فقالوا: وما قُرْبَنا ماءٌ! فقالُوا: بلَى؛ نحنُ شَرِبنا منه، فقالوا: أنتم شَرِبتُم منه؟! قُلْنا: نعم، فقالوا (e): ما بُنَي هذا الدَّيْر إلَّا لهذا (f) الماء، وما اسْتَخْرجَه إلَّا بُنَيٌّ أو وَصِيّ نَبِيٍّ أو خَلِيفَة نَبِيٍّ (g).

‌أبو سَعيد المُعَيْطِيُّ، مَوْلاهُم

(1)

غَزَا القُسْطَنْطِينِيَّة مع مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، رَوَى عنهُ الوَلِيد بن مُسْلِم، وهو مَوْلَى مُحَمَّد بن عُمَر المُعَيْطِيّ (h).

‌أبو سَعيد المِصِّيْصيُّ

حَكَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز حِكايَةً مُنْقَطعَةً، رَوَى عنهُ بِشْر بن مُصْلح.

(a) وقعة صفين: ضِرْس.

(b) وقعة صفين: حتى مضينا قليلًا.

(c) وقعة صفين: انتهينا.

(d) إضافة من كتاب نصر ليستقيم الكلام.

(e) وقعة صفين: قال صاحب الدير.

(f) وقعة صفين: بذلك.

(g) قوله: "أو خليفة نبي" لم يرد في كتاب نصر.

(h) بقية الصفحة بياض في الأصل قدر أربعة أسطر، وكذا التي تليها بأكملها.

_________

(1)

كان حيًا سنة 98 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 267 - 268.

ص: 248

نَقَلْتُ من خَطِّ رَوْح بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن السُّنِّيّ: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عِيسَى بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُوسَى البَاغَشِيّ (a)، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن مُسْلِمٍ، قال: حَدَّثَني الأوْزَاعِيّ، عن بِشْر بن مُصْلِح، عن أبي سَعيدٍ المِصِّيْصيّ: أنَّ قَوْمًا دَخَلُوا على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز يَعُودُونَهُ في مَرض، فإذا فيهم شَابٌّ ذَابِلٌ نَاحِل، فقال له عُمَر: يا فَتَى، ما الّذي بَلَغ بكَ ما أرَى؟ قال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، ذُقْتُ حَلَاوَةَ الدُّنْيا فوَجَدْتُها مُرَّةً، فصَغُرَ في عَيْني زهْرُها وحَلَاوتُها، واسْتَوى عندي جَجَرُها وذَهَبُها، وكأنِّي أنْظُر إلى عَرْش رَبِّي بَارِزًا وإلى النَّاسِ يُساقُونَ إلى الجَنَّة، وأنا أُسَاقُ إلى النَّارِ، فأظْمأْتُ لذلك نَهَارِي، وأسْهَرْتُ له لَيْلي، فقليلٌ حَقِيرٌ كُلُّ ما أنا فيهِ، في جَنْب عَذَابِ اللَّه وعقَابهِ.

‌أبو سَعيد الأسْوَد

رَفِيْق إبْراهيم بن أدْهَم، كان معه بالمِصِّيصَةِ، وحَكَى عنه، رَوَى عنهُ مُحَمَّدُ بن الحُسَين.

أنْبَأنَا أبو مَنْصُور بن مُحَمَّد بن الحَسَن، عن عَمِّه الحافِظ أبي القَاسِم

(1)

، قال: أنْبَأنَا الشَّريفُ النَّسِيبُ، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد بن (b) الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبدُ الوَهَّاب بن جَعْفَر المَيْدانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن هَارُون البَرْدَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه (c) بن الحُسَين القَاضِي، قال:

(a) الأصل: البلخشتي، م: البلخشي، وهي نسبة لم أقف عليها، تحرفت من: الباغَشي، وهو أحمد بن موسى بن الحسين الباغَشيّ المستملي الجرجاني، أبو العباس (ت 387 هـ)، منسوب إلى باغَش من قرى جرجان. انظر ترجمته في تاريخ جرجان 116، ياقوت: معجم البلدان 1: 325، اللباب في تهذيب الأنساب 1:111.

(b) ساقطة من م.

(c) م: عبد اللَّه.

_________

(1)

لم أقف عليه عند ابن عساكر.

ص: 249

حَدَّثَنَا أبو حَفْص النَّسَائِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد الأسْوَد؛ رَفِيْق إبْراهيم بن أدْهَم، قال: خَرَجْنا من المِصِّيْصَة نُريدُ بيتَ المَقْدِس، فنَزَلْنا إلى سَفْح جَبَلٍ فتفَرَّق أصْحَابُنا، فبَعْضُهم قَائمٌ يُصَلِّي، وبَعْضُهم مُضْطَجعٌ نَائمٌ، وأنا جَالِسٌ مع إبْراهيم، فأحبَّ اللَّه أنْ يُرينا كَرَامَةَ إبْراهيم، فقال بعضُ أصْحَابنا: يا أبا إسْحَاق، ألَا تَرَى إلى هذا الجَبَل وما فيهِ من كَثْرة الشَّجَر والحَطَب، لو كان معنا لَحْمٌ لانْتَفَعْنا ببعضِ حَطَب هذا الجَبَل، فقال إبْراهيم: وتَشْتَهونَ لَحْمًا؟ قالوا: نَعَم، فقال: اللَّهُمَّ أطْعِمْهُم وإيَّانا لَحْمًا، فسَمِعْنا وَجْبَةً

(1)

في الجَبَل، فقُلْنا: إنَّهُ سَبُعٌ، فإذا بتَيْسٍ عَظِيم قد تَشَبَّك في الشَّجَر، فقَصَدْنا إليه حتَّى أخَذْناهُ وذَبَحْناهُ وسَلَخْناهُ، وأجَّجْنَا نَارًا، وكَبَّبْنا، وأكَلْنا وتَزَوَّدنا وارْتَحَلْنا.

‌أبو سَعيدٍ الأَذَنِيُّ

رَوَى عنهُ أبو الحُسَين بن جُمَيعْ في مُعْجَمه.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمّد بن أحْمَد بن جُمَيْع

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيدٍ الأَذَنِيُّ، قال: مَكْتُوبٌ على حَاشِيَة التَّوْراةِ اثْنَين وعشرين حَرْفًا، يَجْتَمعُ (b) إليها عُلمَاءُ بني إِسْرَائيِل، يقرؤُونها كُلّ يَوْم، أوَّلها: لا كَنْز أنْفَعُ من العِلْمِ (c)، ولا مَال أرْبَح من الحِلْمِ، ولا حَسَب أرَفعُ (d) من الأدَب، ولا نَسَب (e) أوْضَع من الغَضَب، ولا قَدَر أزْيَن من

(a) م: الخراساني، تصحيف.

(b) في أصول معجم الشيوخ لابن جميع: يجتمعون.

(c) الأصل: الحلم، والمثبت من م ومعجم الشيوخ.

(d) معجم الشيوخ: أربح.

(c) الأصل، م: سبب، والمثبت من معجم الشيوخ.

_________

(1)

الوَجْبَةُ: صوت الشيء يسقط، فيسمع له كالهدة. لسان العرب، مادة: وجب.

(2)

ابن جُميع: معجم الشيوخ 385.

ص: 250

العَقْلِ، ولا قَرِين أشْيَن من الجَهْلِ، ولا شَرَف أكْبَر من التَّقْوَى، ولا كَرَم أجْوَد من تَرْك الشَّهَواتِ، ولا عَقْل أفْضَل من التَّفَكُّر، ولا حَسَنة أعْلَى من الصَّبْر، ولا سَيِّئة أسْوأ من الفَقْرِ، ولا دَوَاء ألْيَن من الرِّفْق، ولا دَاء أوْجَعُ من الحُزْن، ولا دَلِيْل أوْضَح من الصِّدْق، ولا غَنَاء (a) أَسْمَى من الحَقِّ، ولا فَقْر أذَلّ من الطَّمَع، ولا عِبَادةَ أحْسَن من الخشُوع (b)، ولا زُهْد خَيْر من القنُوع، ولا حَيَاةَ أطْيَب من الصِّحَّة، ولا حَارِس أحْرَس من الصَّمْت، ولا مَعِيْشَة أهْنأ من العَافِيَةِ، ولا غَائِب أقْرَب من المَوْتِ.

‌أبو سَعيدٍ الحَلَبِيُّ

(1)

شَاعِرٌ ذَكَرَهُ أبو القَاسِم عليّ بن مُنْجِب بن سُلَيمان الكَاتِب المَعْرُوفُ بابنِ الصَّيْرَفِيّ في أشْعَار مَن سَكَنَ الأنْدَلُس

(2)

، وأوْرَدَ بَيْتَيْن من شِعْره مُسْتَشْهدًا بهما لا أنَّهُ من سَاكني الأنْدَلُسِ، وهُما:[من الوافر]

أَدَلَّ (c) بجَمعِهِ فكَفَاك جَدٌّ

يفُلّ سُعُودُهُ الجَيْشَ اللُّهَامَا

ضَرَبناهُ بذِكْرِك وهو لَفْظٌ

فكان القَلْبَ واليَدَ والحُسَامَا

‌أبو سَعيد الشَّجِيُّ (d) المَعَرِّيُّ

شَاعِرٌ من شُعَرَاءَ مَعَرَّة النُّعْمَان.

(a) معجم الشيوخ: غنى.

(b) م: الجوع.

(c) الأصل: أذل.

(d) في م: الشيحي، ولعله الصواب؛ نسبة إلى قرية شيح الحديد.

_________

(1)

لعل صاحب الترجمة هو الشاعر ابن سنان الخفاجي، والبيتان هما من شعره (ديوان الخفاجي 601)، وهو حلبيٌّ، واسمه عبد اللَّه بن محمد بن سعيد الحلبي الخفاجي، ولعل ابن الصيرفي أراد كتب ابن سعيد فجعلها كنية.

(2)

لم يرد في كتاب ابن الصيرفي: المختار من شعراء الأندلس، وذكر البيتن في كتابه الآخر: الأفضليات 77 دون عزو.

ص: 251

قرأت له أبياتًا بخَطِّ أبي القَاسِم المُحَسِّن بن عَبْد اللَّه بن عَمْرو التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ في كتابهِ الّذي وَسَمَهُ بالنَّائِب عن الإخْوَان، وهي

(1)

: [من المتقارب]

ولمَّا رَأيتُكِ خَوَّانةً

تَرَين القَبِيْحِ فعالًا جَمِيْلا

تُرِيديْنَ هذا وذَا ثُمَّ ذَا

ولا تَرْحَمين فُؤَادًا عَلِيْلا

تَبدَّلْتُ في حُبِّكُمْ غيرَكُمْ

فدَبَّ السُّلُوُّ قَليلًا قَليْلا

‌أبو سَعيد العُطَارِدِيُّ

رَجُلٌ فَاضِلٌ شَاعِرٌ، قال أبْيَاتًا من الشِّعْر على لسَان أبي الحَسَن عليّ بن عُبَيْد اللَّه (a) بن أحْمَد العَجَمِي البَزَّاز، وقد ذَكَرْنا الأبْيَات في تَرْجَمَةِ أبي الحَسَن العَجَمِيّ

(2)

، وكان ذلك بحَلَب في زَمَن أبي عَبْد اللَّه الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَويه؛ يَذْكُر في أبْيَاته ابن خَالَوَيْه.

(a) كذا في الأصل، وفي م والفلاكة والمفلوكون للدلجي 101: عبد اللَّه، وترجم له ابن عساكر (تاريخه 41: 419) وسماه: علي بن الحسين بن علي العجمي البزاز.

_________

(1)

البيت الأول والثالث عند الإربلي في كتابه المذاكرة في ألقاب الشعراء 40 دون عزو.

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. والأبيات المشار إليها ذكرها الدلجي في كتابه الفلاكة والفلوكون 101 في ترجمة ابن خالويه، ونص كلامه: "ووجد على نسخة من إصلاح المنطق بخط أبي الحسن علي بن عبد اللَّه بن أحمد البزاز ما مثاله: لما فرغت من هذا الجزء كان أبو سعيد العطاردي حاضرًا، فقال على لساني:

قَرأتُ ما فيه الحُسَين

مُسْتفهم الشَّكْل مرتِّين

أو كعذَار فَوْقَ عَارضين

قرَاءة صِدْق لَم تُشَب بمَيْن

فجاءَ كالمِسْك على لُجَيْن

حتَّى إذا ما تم باون

شرفني الأستاذ بالنُّونين

ص: 252

‌أبو السَّفَر

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (a) رضي الله عنه، ورَوَى شَيئًا من خَبَرها، رَوَى عنهُ أبو إسْحَاق.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللَّهِ البَغْدَاديّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حدَّثنا أبو الحسَن بن نِيْخَاب، قال: حدَّثنا إبْراهِيم بن دِيْزِبْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثني نَصْرٌ

(2)

، قال: حَدَّثَني عُمَر بن سَعْد (b)، عن أبي إسْحَاق -أو يُونسُ بن أبي إسْحَاق، عن أبي إسْحَاق (c)- عن أبي السَّفَر، قال: لمَّا التقَى النَّاسُ يوْمئذٍ -يعني بصِفّيْن- وجَدْناهم خَمْسَة (d) صفُوف قد قيَّدوا أنْفُسَهُم بالعَمَائِم، فقتَلنا صَفًّا ثُمَّ قتَلْنا صَفًّا (e) حتَّى قَتَلْنا ثلاثة (f) صفُوف وخَلَصْنَا إلى الصَّفِّ الرَّابِع، وما على الأرْض شَامِيُّ ولا عِراقيٌّ يُوَلِّي دُبُرَهُ، وأبو الأعْوَر السُّلمِيّ يقُول

(3)

: [من الطويل]

إذا ما فَرَرْنا كانَ أسْوأ فِرَارِنا

صُدُودَ خُدُودٍ وازْوِرَارَ المَنَاكِبِ

(a) م: علي بن أبي طالب.

(b) وقعة صفين: عمرو بن شمر.

(c) لم ترد الجملة المعترضة في كتاب نصر.

(d) الأصل، م: خمس.

(e) وقعة صفين: فقتلنا صفًا صفًّا.

(f) الأصل وم: ثلاث.

_________

(1)

توفي سنة 112 هـ، أو: 113 هـ، واسمه: سعيد بن يحمد الهمداني الكوفي، انظر ترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 329، طبقات ابن سعد 6: 299، تاريخ ابن معين 2: 194 - 195، 3: 263، 310، 370، طبقات خليفة 162، تاريخ خليفة 130، تاريخ البخاري الكبير 3: 519 - 520، المعرفة والتاريخ 2: 657، الجرح والعديل 4: 73، الثقات لابن حبان 4: 293، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 170، تهذيب الكمال 11: 101 - 102، وترجم له أيضًا في الكنى 33: 360 - 361، تاريخ الإسلام 3: 240، سير أعلام النبلاء 5: 70 (أرخ وفاته سنة 113 هـ)، الكاشف 1: 374، تهذيب التهذيب 4: 96 - 97، 12: 112، تقريب التهذيب 1: 307 - 308، 2:429.

(2)

وقعة صفين 329، وفيه زيادة على المثبت هنا.

(3)

ينسب الشعر أيضًا لقيس بن الخطيم، انظر ديوانه 87، وزيد في كتاب نصر بيت آخر.

ص: 253

ثُمَّ إنَّ بَجِيْلَة والأَزْدَ كَشَفُوا هَمْدَان حتَّى ألجأُوهم إلى تَلٍّ فصَعَدُوا عليهم حتَّى أحْدَرُوهم، فقُتِلَ منهم خَلْقُ كَثِيْرُ، ثُمَّ إنَّ هَمْدَانَ عَبَّأتْ لعَكٍّ فقيل:

هَمْدَان هَمْدَانُ وعَكٌّ عَكُّ

سيَعْلَم اليَوْم مَن الأرَكُّ

فقالت هَمْدَانُ: خَدِّمُوا (a) أي: اضْربُوا سُوْقهم، فقالت عَكٌّ: بَرْكُ كبَرْك الجَمَل (b)، فبَرَكُوا كما يَبْرُك الجَمَلُ، ورَمَوا بحَجَرٍ بينهم، فقالوا: لا نَفِرُّ حتَّى يَفِرُّ هذا الحَجَرُ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو سُفْيان

‌أبو سُفْيان بن حُوَيْطِب بن عَبْد العُزَّى

(1)

لهُ ذِكْرٌ، وشَهِدَ مع عليٍّ (c) رِضْوَانُ اللَّهِ عليه صِفِّيْن.

‌أبو سُفْيان القَيْنِيُّ، وقيل: القُتَبِيّ

(2)

كان من حَرَس عُمَر بن عَبْد العَزِيْز رضي الله عنه، وكان معه بخُنَاصِرَة.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي الحَسَن الفَرَضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ الزَّاهِدُ، وعَبْدُ اللَّهِ بن عَبد الرَّزَّاق، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن عَوْف، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن مُنِير، قال: أخْبَرَنا ابنُ خُرَيْم، قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن

(a) وقعة صفين: خدموا القوم.

(b) وقعة صفين: الكل، بلهجة عك، تقلب الجيم كافًا.

(c) م: علي بن أبي طالب.

_________

(1)

ترجمته في: الاستيعاب 4: 1677، الإصابة 7: 87 - 88.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 273 - 374، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 28: 340 - 341.

ص: 254

عَلَّاق، قال: حَدَّثَنَا أبو سُفْيان القَيْنِيّ، قال: كُنْتُ في حَرَس عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز، فكان على كُلِّ رَجُلٍ منَّا مُوَكَّل (a) به إذا أبْطَأ آذنُهُ، فأبْطَأ في يَوْم جُمُعَة، فقال لي المُؤذِّن: آذنْه، فدَخَلْتُ فوَجَدْتُه يعْتَمّ على مرْآةٍ، فقُلتُ: إنَّ المُؤذِّن قد اسْتَطَال، قال: نعم، حَبَسَتني هذه العِمَامَةُ أُصْلحُ خرُوقًا فيها وأُوَاريها.

قال: وكان عُمَر رَجُلًا مَقْرُورًا، فقال لغُلَامِه في الشِّتَاءَ: أَسْخِنْ لي الماءَ أتوضَّأ بهِ، فأقامَ بذلك مُدَّةً، ثمّ قال له عُمَرُ: إنِّي لا أدعُوكَ بالماءَ إلَّا وجَدْتُه عندك عَتِيدًا

(1)

سُخْنًا، فأنَّي ذلك؟ قال: يُطْبَخُ للعامَّة من الحَرَس وغيرهم، فيَفْضُلُ الجَمْرُ فأجْعَلُه عليه، ثمّ أطْمُرُه لك، قال: فكم لذلك؟ احْتَط وزِد! قال: شَهْرَين، قال فأمَرَ بنَفَقةٍ فجُعِلَت في بيت المَالِ لمَوضع ما انْتَفَع به من ذلك الجَمْرِ.

‌أبو سَلَمَة الإِمَام الحَلَبِيُّ

واسْمُه عُمَر بن عبد الرَّحْمن، حَدَّثَ بحَلَب عن أبي مُحَمَّد عَبْدِ اللَّه بن نَاجِيَة، رَوَى عنهُ أبو الحُسَين أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَهْلٍ المَنْبِجِيُّ الشَّاهِدُ.

دَفَع إليَّ رَفِيْقُنا الحافِظ أبو إسْحَاق إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الأزْهَر بخَطِّه ما ذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من كاب المعجَم بأحْماء التَّابِعِين

(2)

: قال عليُّ بن الخَضِر بن سُلَيمان بن سَعيد السُّلَمِيّ: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو الحُسَين أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَهْل المَنْبِجِيُّ الشَّاهِدُ بجَامِع دِمَشْقَ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَلَمَة الإمَام بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن نَاجِيَة،

(a) الأصل، م: ىوكل، مهملة، والمثبت من تاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

أي حاضرًا مُهيَّئًا. لسان العرب، مادة: عتد.

(2)

كتاب المعجم بأسماء التابعين من تأليف علي بن الخضر بن سليمان بن سعيد السلمي الصوفي الوراق (ت 455 هـ)، كتاب لم يصلنا، ويعد من موارد ابن عساكر في تاريخه، إذ نقل عنه نحو 53 نصًا مفرقة على تراجمه، ووضع له ترجمة مفردة. انظر: تاريخ ابن عساكر 41: 461 - 463، الدعجاني: موارد ابن عساكر 2: 1398.

ص: 255

قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن عُبَيْدِ اللَّه الصَّيرَفِيّ، عن يَحْيَى بن عُرْوَة المُرَاديّ، قال: سَمِعْتُ عليًّا يَقُول: قُبِضَ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأنا أُرَى أنِّي أحَقُّ النَّاسِ بهذا الأمْرِ، فاجْتَمَع النَّاسُ على أبي بَكْرٍ، فسَمِعتُ وأطَعْتُ، ثمّ حُضِرَ أبو بَكْرٍ فَكُنْتُ أُرَى أنَّهُ لا يعْدلُها (a) عنِّي، فولَاها عُمَر بن الخَطَّاب، فسَمِعتُ وأطَعْتُ، ثمّ إنَّ عُمَر أُصِيْبَ فظَننتُ أنَّهُ لا يَعْدلُها (b) عنِّي، فَجَعَلها في ستَّةٍ أنا أحَدهُم، فولَّوها عُثْمان، فسَمِعْتُ وأطَعْتُ، ثمّ إنَّ عُثْمان بن عَفَّان قُتِلَ، فجاؤوا فبايَعُوني طَائعيْنَ غير مُكْرَهين، ثمّ خَلَعُوا بيعَتي، فما وجَدْتُ إلَّا السَّيْف أوالكُفْر بما أُنْزل على مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

قال عليّ بن الخَضِر: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أبو الحُسَين أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَهْل المَنْبِجِيُّ الشَّاهِدُ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَلَمَةَ الإِمَامُ بحَلَبَ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن نَاجِيَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يَحْيَى الجلَّاب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين، عن سُفيان، عن عَبْدِ المَلِك بن عُمَيْر، عن رَجَاءَ بن حَيْوَة، عن أبي الدَّردَاءِ

(1)

، قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّما الحِلْم بالتَّحَلُّمِ، وإنَّما العِلْمُ بالتَّعَلُّم، ومَنْ يَتَحرَّ (c) الخَيْر يُعْطَهُ، ومَنْ يَتَّقي الشَّرَّ يُوقَّهُ.

‌أبو سَلِيْط الشَّامِيُّ

غَزَا الرُّومَ، ورَوَى عن عَبْد اللَّه بن مُحَيْرِيز، رَوَى عنهُ الحَكَمُ بن حَجْل.

(a) م: لا بُعد لها.

(b) م: لا بُعد لها.

(c) م: يتجر.

_________

(1)

أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 5: 174، والهيثمي: جمع الزوائد 1: 128، والعجلوني: كشف الخفاء 1: 249 (رقم 652).

ص: 256

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن بالبَيْت المُقَدَّس، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم، عَمِّي

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْل الأَصْبَهَانِيّ، قال: وأخْبَرَنا جَدِّي، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ عِصَام، قال: حَدَّثَنَا مُعَاذ بن هِشَام، قال: حَدَّثَني أبي، عن أبي سَعيد الحَكَم بن حَجْل، عن أبي سَلِيْط، رَجُل منِ أهْلِ الشَّام، قال

(2)

: غَزَونا الرُّوم فلمَّا رَجعْنا قال عَبْد اللَّه بن مُحَيْرِيز لرَجَاء بن حَيْوَة: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَفَع حاجَةَ ضَعِيْف إلى ذي سُلْطانٍ لا يستَطيع رفْعَها إليه، ثَبَّت اللَّه عز وجل قَدَمَيْهِ يَوْم القِيامَة.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو سُليْمان

‌أبو سُليْمان المَرْعَشِيُّ

(3)

حَكَى عن عليّ رضي الله عنه، رَوَى عنهُ الجَعْد بن (a) عُثمان. ومَرْعَش من أعْمَال حَلَب.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْدُ بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(4)

، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن أبي بَكْرٍ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الصَّمَد بن عليّ الطَّشْتِيّ (b)،

(a) كذا في الأصل، وم حيثما يرد تاليًا، وهو وجهٌ فيه، والأغلب على أن كنيته: أبا عثمان وأن اسم أبيه دينار، كما في تاريخ بغداد 16: 532، وفي تهذيب الكمال للمزي 4: 560: الجعد بن دينار، ويقال: ابن عثمان اليشكري، أبو عثمان الصيرفي البصري.

(b) في م وتاريخ بغداد: الطستي، وكلاهما واحد.

_________

(1)

لم أقف عليه عند ابن عساكر، وأورده بإسناد آخر ولفظ مختلف في تاريخه 18:110.

(2)

الفردوس للديلمي 3: 479 (رقم 5483)، كشف الأستار للهيثمي 3: 234 (رقم 1593).

(3)

ترجمته في: الجرح والتعديل 9: 380، تاريخ بغداد 16: 532 - 533.

(4)

تاريخ بغداد 16: 533.

ص: 257

قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن شَاكِر، قال: حَدَّثَنَا شِهَابُ بنُ عَبَّادٍ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن سُلَيمانَ، عن الجَعْد بن عُثْمان (a)، عن أبي سُليْمان المَرْعَشِيّ، قال: لمَّا سَارَ عليّ إلى أهْل النَّهْر (b)، سرْتُ معه، فلمَّا نَزَلْنا بحَضْرتهم، أخَذَني غَمٌّ لقِتَالهم لا يَعْلمهُ إلَّا اللَّه تعالَى، قال: حتَّى سَقَطْتُ الماءَ ممَّا أخَذَني من الغَمِّ، قال: فَخَرَجْتُ من (c) الماءِ وقد شَرَحَ اللَّهُ صَدْري لقِتَالهم، قال: فقال علِيُّ لأصْحَابهِ: لا تَبْدَؤوهم. قال فبَدَأ الخَوَارِجُ فرمَوْا، فقيل: يا أَميرَ المُؤْمنِيْن، قد رمَوا (d)، قال: فأذِنَ لهم بالقِتَالِ، قال فَحَمَلَتِ الخَوَارِجُ على النَّاَس حَمْلةً حتَّى بلغُوا منهم شِدَّةً، ثمّ حَمَلُوا عليهم الثَّانيَةَ فبلَغُوا من النَّاس أشَدَّ من الأُوْلَى، ثمّ حَمَلُوا الثَّالثة حتَّى ظَنَّ النَّاسُ أنَّها الهَزِيمَةُ، قال: فقال عليّ: والّذي فَلَقَ الحَبَّةَ، وبَرَأ النّسَمَةَ لا يقتُلُون منكم عشرةً، ولا يَبْقَى منهم عَشرةُ. قال: فلمَّا سَمعَ النَّاسُ ذلك حَمَلُوا عليهم، فقُتِلُوا، قال: فقال عليٌّ: إنَّ فيهم رَجُلًا مُخْدَج اليَدِ، أو مَثْدُون، أو مُوْدَن اليَدِ، قال: فأُتِيَ بهِ، قال: فقال عليٌّ: مَنْ رَأى منْكُم هذا؟ فأُسْكِتَ القَوْمُ، ثُمَّ قال عليٌّ: مَنْ رَأى منكم [هذا](e)؟ فأُسْكِت القَوْمُ، ثمّ قال عليٌّ: مَنْ رَأى منكم هذا (f)؟ فقال رَجُلٌ: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْنَ، رَأيْتُه جاء كَذَا (g) وكَذَا، قال: كَذَبْتَ ما رَأيْتَهُ، ولكن هذا أَمِيرُ خارِجَةٍ خَرجَتْ من الجنِّ.

قال أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

: أبو سُليْمان المَرْعَشِيُّ، سَمِعَ عليّ بن أبي طَالِبٍ، وحَضَر معه قِتَال الخَوَارِج بالنَّهْرَوَان، رَوَى عنهُ الجعدُ بن عُثْمان (h) اليَشْكُرِيّ.

(a) تاريخ بغداد: أبي عثمان، وتقدم التعليق عليه.

(b) تاريخ بغداد: إلى النهروان.

(c) تاريخ بغداد: عن.

(d) م: قدموا.

(e) ساقطة من الأصل وم، وفوق التي قبلها في الأصل "صـ"، والإضافة من تاريخ الخطيب.

(f) بعدها في م: فأسكت القوم.

(g) تاريخ بغداد: لكذا.

(h) في تاريخ بغداد: أبو عثمان، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.

_________

(1)

تاريخ بغداد 16: 532.

ص: 258

‌أبو سُليْمان الأنْطَاكِيُّ

رَوَى عن هِشَام أبي المِقْدَاد، حَدَّثَ عنهُ أبو سَلَمَة.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبد اللَّهِ بن عُلْوَان قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ النَّقِيْبُ أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز العبَّاسيّ القَاضِي ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الثِّقَةُ العَدْلُ أبو عليّ الحَسَن بنُ عَبْد الرَّحْمن بن الحَسَن المَكِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن إبْراهيم بن أحْمَد العَبْقَسِيَّ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو جعفر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عَبْد اللَّهِ بن الفَضْل الدَّيْبُليُّ المَكِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الحُسَين المَوْصِليّ، قال: حَدَّثَني أبو سَلَمَة، قال: حَدَّثَنَا أبو سُليْمان الأنْطَاكِيُّ، عن هِشَام أبي المِقْدَاد، عن مُحَمَّد بن كَعْب القُرَظِيّ، بمثْله ونَحْوه.

يَعْنى: ما حَكاهُ مُحَمَّد بن كَعْب القُرَظِيّ من دخُوله على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بخُنَاصِرَة، ونَظَرِه إليه وقد تغيَّرت حَاله، وسُؤاله إيَّاه عن ذلك، وما أجابَهُ به عُمَرُ، وقد تقدَّم ذلك في ترجَمَةِ مُحَمَّد بن كَعْب، وتَرْجَمَة عُمَر بن عَبْد العَزِيْز

(1)

.

‌أبو سُليْمان الدَّارَانِيُّ

واسْمُه عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن عَطِيَّة، كان قد مَرَّ بجَبَل اللُّكَام، وقد قَدَّمْنا ذكْرهُ

(2)

ومُروره باللُّكَام.

(a) الأصل، م: الفقعسي، وصوابه المثبت كما تقدم، نسبة إلى عبد القيس، انظر ترجمته في: الأنساب للسمعاني 9: 207، سير أعلام النبلاء 17: 181 - 183.

_________

(1)

ترجمة محمد بن كعب ترجمة عمر بن عبد العزيز في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب. توفي سنة 215 هـ، وترجمته في: حلية الأولياء 9: 254 - 280، طبقات الصرفية للسلمي 75 - 82، الخولاني: تاريخ داريا 51 - 57، الإكمال لابن ماكولا 6: 354، تاريخ بغداد 11: 523 - 526، تاريخ ابن عساكر 34: 122 - 157، السمعاني: الأنساب 5: 271، ابن =

ص: 259

‌أبو سُليْمان البُرْسَانِيُّ الزَّاهِدُ

من الشُّيُوخ المَعْرُوفين بالزَّهَادة، كان بالتِّيْنَات عند أبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ، وحَكَى عنه أبو القَاسِم بُكَيْر بن مُحَمَّد.

ويَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّهُ التَّلّ سَابِيّ الآتي ذِكْره، وقد تَصَحَّفَ (a).

‌أبو سُليْمان التَّلَ سَابِيّ

مَنْسُوبٌ إلى قَرْيَةٍ من قُرَى حَلَب على مَقْرُبة منها، يُقال لها: تَلّ سَاب.

كان زَاهِدًا عَابِدًا من شُيُوخ الثَّغْر وعُبَّادهم وسُيَّاحهِم، كان عند أبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ مع جَمَاعَة من شُيُوخ الثَّغْر.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم بُكَيْر بن مُحَمَّد اجْتِمَاعه بأبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ، وقد قدَّمنا ذِكْر الحِكايَةِ في تَرْجَمَةِ أبي الخَيْر

(1)

.

‌أبو سُليْمان المَغْرِبيُّ الزَّاهِدُ

(2)

نَزَل طَرَسُوسَ والمِصِّيْصَة. وكان مَشْهُورًا بالكَرَامَات، مَعْرُوفًا بالعِبَادَة، رَوَى عنهُ أبو عَبْد اللَّه بن الجَلَّاء، وأحمد بن عَبْد السَّلام، وأحمد بن مُحَمَّد، وأبو عليّ البَرْدَعِيّ.

(a) م: صحف.

_________

= الجوزي: المنتظم 10: 145 - 146، صفة الصفوة 4: 223 - 234، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 13: 424 - 433، وفيات الأعيان 3: 131، فوات الوفيات 2: 265 - 266، تاريخ الإسلام 5: 106، سير أعلام النبلاء 10: 182 - 186، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 8: 52 - 55، تاريخ ابن الوردي 1:328.

(1)

فيما مرّ من هذا الجزء.

(2)

ترجمته في: معجم البلدان 5: 8، صفة الصفوة 4: 285 - 286، وأورد له ابن العديم حكاية في تذكرته 238 - 240.

ص: 260

أخْبَرَنا الحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد اللَّه في كِتَابِهِ إليْنَا من حَرَّان، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُفَ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن دَاوُد، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ بن الجَلَّاء يَقُول

(1)

: سَمِعْتُ أبا سُليْمان المَغْرِبيّ يَقُول: كُنْتُ أحْمِلُ الحَطَبَ من الجَبَلِ، وأتقَوَّتُ منه، وكان طَرِيقي (a) فيه التَّوَقِّي والتَّحرِّي، قال: فرَأيْتُ جَمَاعَةً من البَصْرِيِّيْن في النَّوْم، منهم: الحَسَنُ، ومالك بن دِيْنار، وفَرْقَد السَّبَخِيّ، فسَألتُهم عن عِلْم حالي، فقُلتُ: أنتم أئمَّةُ المُسْلمِيْنَ، دُلُّوني على الحَلَال الّذي ليسَ للَّه عز وجل فيه تَبِعَةٌ، ولا للخَلْقِ فيه منَّةٌ، فَأَخَذُوا بيَدِي، فأخْرَجُوني من طَرَسُوس إلى مَرْج فيه خُبَّازَى، فقالوا لي: هذا الحَلَالُ الّذي ليسَ للَّهِ عز وجل فيه تَبِعَةٌ، ولا لمَخْلُوق فيه منَّة.

قال: فمَكُثتُ آكُل منه نِصْفَ سَنَة؛ ثلاثة أشْهُر في دَارِ السَّبِيْل، وثلاثة أشْهُر في غيره، آكُلُه نيًّا ومَطْبُوخًا، فصار لي حَدِيثٌ، فقُلتُ: هذه فِتْنَةٌ، فخَرَجْتُ من دار السَّبِيْل فكُنْتُ آكله ثلاثة أشْهُر أُخَر، وَأوْجَدَني اللَّهُ عز وجل قَلْبًا طَيِّبًا، حتى قُلتُ: إنْ كان أهْل الجَنَّة بهذا القَلْب الّذي لي، فَهُم واللَّهِ في شيءٍ طَيِّبٍ، وما كُنْتُ آنسُ بكلام النَّاسِ.

فخَرَجْتُ يَوْمًا من باب قَلَمْيَة إلى صِهْرِيج يُعْرَفُ بالدَّنف (b)، فجلَسْتُ عندَهُ، فإذا أنا بفَتَىً قد أقْبَل من ناحيةِ لَامِش (c) يُريدُ طَرَسُوسَ، وقد بَقي معي قُطَيْعَات من ثَمَن الحَطَب الّذي كُنْتُ أجئُ به من الجَبَل، فقُلْتُ: أنا قد قَنِعْتُ بهذا

(a) تذكرة ابن العديم: طريقتي.

(b) تذكرة ابن العديم: بالمُذَفَّف.

(c) تذكرة ابن العديم: لامس.

_________

(1)

تذكرة ابن العديم 238 - 240.

ص: 261

الخُبَّازَى، أُعْطِي هذه (a) القطَع هذا الفَقِيْر، إذا دَخَل طَرَسُوس اشْتَرى بها شيئًا وأكلَهُ، فلمَّا دَنَا منِّي أدْخَلتُ يَدِي إلى جَيْبي حتَّى أُخْرجَ الخِرْقَة، فإذا أنا بالفَقِيْرِ قد حرَّك شفَتَيْهِ، وإذا كُلّ ما حَوْلي من الأرْض ذَهَبٌ يَتَّقِد حتَّى كادَ يَخْطَفُ بَصَري، ولبسَني (b) منه هَيْبَةٌ، فجازَ ولم أُسَلِّم عليه من هَيْبَته.

قال أبو بَكْر -يعني مُحَمَّد بن دَاوُد الدُّقِّيّ (c)-: وزَادَني أبو الفَرَج بن أَبَان في هذه الحِكايَة، قال: فقُلْتُ له: فرَأيْتَهُ (d) بعدَ ذلك؟ فقال: نَعَم؛ خَرَجْتُ يَوْمًا خارجَ طَرَسُوس فإذا أنا بالفَتَى جالسٌ تحتَ بُرْج من الأبْرِجَةِ، وبينَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فيها ماءٌ، فسَلَّمْتُ عليه، ثُمَّ اسْتَدْعَيْتُ منه مَوْعِظَة، فمدَّ رِجْلَهُ (e) فقلَبَ الماءَ، ثُمَّ قال لي: كَثْرةُ الكَلَام تُنَشِّفُ الحَسَنات كما نشَّفَت الأرْضُ هذا الماءَ، قُمْ يَكْفِيْكَ (f)!

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّه بن الحُسَين بن عَبْد اللَّه الحَمَوِيُّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبرَنا الإمَامُ الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن الحَسَن السُّلَمِيّ، عن أبي عليّ الحَسَن بن عليّ الأهْوَازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدَانُ بن عُمَر بن الحَسَنِ المَنْبِجِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن دَاوُد الدُّقِّيّ، فذَكَرَ الحِكايَة.

كَتَبَ إلينا الحافِظُ عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدِ القَادِر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد اللَّه بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عَبْد السَّلام، قال: حَدَّثَني أبو سُليْمان المَغْرِبيّ، قال: كُنْتُ مارًّا في البَادِيَةِ، فبَقِيْتُ أيَّامًا لَم أجِدْ شيئًا آكُلُه، وقَرُبْتُ من بعضِ المَنَازِلِ، فوَقَع في سِرِّي: لو كان معي دِرْهَمٌ لاشْتَريتُ به في المَنْزلِ شيئًا،

(a) م: هذا.

(b) تذكرة ابن العديم: ولبستني.

(c) م: الرقي.

(d) م: أرأيته.

(e) تذكرة ابن العديم: رجليه.

(f) تذكرة ابن العديم: قم فقد يكفيك.

ص: 262

فنَظَرْتُ فإذا حَوَاليّ دَرَاهِمُ ودَنَانِيْر، فمَدَدْتُ يَدِي فأخَذْتُ منها دِرْهَمًا، فخُوطِبْتُ في سِرِّي: لو لم يكن معك هذا ما كُنَّا نُطْعمُكَ شيئًا؟ فرَمَيْتُ به وقُلتُ: ذَنْبٌ أتَيْتُه لا أعودُ إليهِ.

وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن دَاوُد الدُّقِّيّ، قال: حَدَّثَني أبو عليّ البَرْدَعِيّ، قال: قال أبو سُليْمان المَغْرِبيّ: رَكِبْتُ حِمَارةً لي أمرُّ من المِصِّيْصَةِ إلى عَيْن زُرْبَة، وفي الطَّريق ذُبَابٌ أزْرَقُ، فكانت الحِمَارةُ تحيدُ عن الطَّريق تطلبُ الدَّغَلَ حتَّى لا يُصِيْب بَطْنَها الذُّبَاب، وكُنْتُ أضْربُ رَأسَها وأردُّها إلى الطَّريق، فعَلْتُ هذا بها ثلاثَ مَرَّات، فقالت لي الحِمَارة في الثَّالثة: أوجعْ في رَأسِ نَفْسكَ تُوجعُ.

وقال ابنُ جَهْضَم: حَدَّثَني أحْمَدُ بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ أبا سُليْمان المَغْرِبيّ يقول، وقد سُئِلَ عن قَوْله في كلام الحِمَارة له، فقال: كان عندي حِمَارٌ فحمَّلْتُه ذات يَوْم حِمْلًا ثَقِيلًا وضَرَبتُه مرَّة أو مَرَّتَين، ففي الثَّالثة حرَّكَ رَأسَهُ إليَّ فقال: كم تَضْرِبُني وأنْتَ أحقُّ بالضَّرْب منِّي، قد حَمَّلْتَني ما أُنْسِيْتُ ذِكْرَ اللَّهِ عز وجل بهِ.

ص: 263

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوفِيقِي

‌أبو سِمَاك الأسَدِيُّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه.

أنْبَأنَا أبو العَلَاءِ أحْمَدُ بن سُلَيمان المَعَرِّيُّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيمان، قال: حَدَّثَني نَصْر -يعني ابن مُزَاحِم

(2)

- قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعْدٍ، عن عبد الرَّحْمن بن زِيَاد بن أَنْعُم الإفْرِيْقِيّ يَرْفعُه إلى عَمَّار، أنَّ عَمَّارًا يَوْمئذٍ كان عليه دِرْعٌ بَيْضاء، وهو يَقُول: أيُّها النَّاسُ، الرَّوَاح إلى الجَنَّة، فخَرَجَ النَّاس إلى القِتَال، وزَحَفَ بعضُهم إلى بعضٍ، فاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيْدًا، وكَثُرت القَتْلَى حتَّى أنَّ الرَّجُلَ ليَشُدّ طُنُبَ فُسْطَاطِه بيَدِ رَجُلٍ أو برِجْلِهِ.

قال: وزَادَ عُمَر بن سَعْدٍ في حَدِيثه: وجَعَل رَجُلٌ من بَني أَسَد يُكْنَى أبا سِمَاكٍ يأخُذُ إدْوَاةً من ماءٍ وشَفْرةً، ويَطُوفُ في القَتْلَى فإذا رَأى رَجُلًا جَرِيحًا ويَرَى مَن أقْعَدَهُ (a)، فيقُول: مَنْ أَمِير المُؤْمنِيْن؟ فإنْ قال (b): عليًّا، غَسَل عنه الدَّم وأقْعَدَهُ وسَقاهُ، وإنْ سَكَتَ وَجَأَهُ فكان يُسَمَّى المُخَضْخِضَ (c).

(a) وقعة صفين: وبه رمق أقعده.

(b) م: كان.

(c) الأصل: المحضحض، م: المحصحض، والمثبت من كتاب نصر.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37، وذكره نصر في كتاب وقعة صفين 339، الفتوح لابن أعثم 3:163.

(2)

وقعة صفين 339، وفيه اختلاف ظاهر.

ص: 264

‌أبو السَّمْرَاءِ الغَسَّانِيُّ

(1)

واسْمُه العَلَاءُ بن عَاصِم، قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو سَهْلٍ

‌أبو سَهْلٍ المِصِّيْصيُّ

(3)

رَوَى عن أَيُّوبَ بن سُوَيْدٍ، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن عليّ الخَزَّازُ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن أحْمَدَ بن مُحَمَّد بن قُدَامَةَ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ مُحَمَّد بن عَبْدِ البَاقِي بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَدُ بن الحَسَن بن زَكَرِيَّاء الطُّرَيْثِيثِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَدَ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد إسْمَاعِيْل بن عليّ بن إسْمَاعِيْل بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ الخَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا أَبو سَهْلٍ المِصِّيْصيُّ، قَدِمَ علينا هَا هُنا، قال: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بن سُوَيْد، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عن الزُّهْرِيّ، عن سَالِم، عن ابن عُمَر

(4)

: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أنْ يُبَالَ على قَارِعَة الطَّريق.

‌أبو سَهْل بن سُلَيمان المَعَرِّيُّ القَاضِي

(5)

شَاعِرٌ من أهْلِ المَعَرَّة، من بني سُليْمان، واسْمُه عبد الرَّحْمن بن مُدْرِك.

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 219 - 222.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

ترجمته في: تاريخ بغداد 16: 586.

(4)

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 16: 586.

(5)

توفي سنة 552 هـ، وقيل: 553 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 12: 46 - 47، معجم الأدباء 1: 301 (ترجمة عارضة في ثنايا ترجمة أبي العلاء المعري)، ابن العديم: الإنصاف والتحري (ضمن إعلام النبلاء) 4: 97، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 484 - 485 (سلكه في وفيات سنة 553 هـ)، تاريخ الإسلام 12: 71، الوافي بالوفيات 18: 265 - 266، المقريزي: المقفى الكبير 4: 99 - 100 (وفيه نماذج من شعره).

ص: 265

قَرأتُ بخَطِّ الوَزِير نِظَام الدِّين مُحَمَّد بن الحُسَين الطُّغْرَائِيّ، في مَجْمُوعٍ له: للقاضي (a) أبي سَهْل بن سُلَيمان المَعَرِّيّ (b): [من البسيط]

إنْ كان هَجْرُكَ عن خَوْف الرَّقِيْب فَصِلٍ

بالذِّكْر منْكَ فكم سَاعٍ بلا قَدَمِ

وابْعَثْ إلى الطَّرْفِ طَيْفًا إنْ بَعثت كَرَى

فإنَّهُ مُذْ حَجَبتُم عنه لَم يَنَمِ

وما رَأى حَسَنًا من بَعْد فرقَتِكُم

كأنَّهُ مُذْ رَأى يَوْم الفِرَاق عَمِي

ولو ملكَتُ اخْتِيَاري في زِيَارتكم

مشَيْتُ شَوْقًا إليكم مَشْيَة القَلَمِ

‌حَرْفُ الشِّيْن في الكُنَى

‌أبو شُجاع الحِمْيَرِيُّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مَحْمُود بن مُحَمَّد الصَّابُونِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الحُسَين بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان (c)، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمر، عن جَابِر الجُعْفِيّ، قال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيّ يَذْكُر عن صَعْصَعَة بن صُوْحَان، وذَكَرَ شَيئًا من حَدِيثِ صِفِّيْن، قال: فنَادَى أبو شُجاع الحِمْيَرِيُّ يَوْمئذٍ، وكان من ذَوي البَصَائر مع عليّ بن أبي طَالِب (d)، فقال: يا مَعْشَرَ حِمْيَر من أهْلِ الشَّام، أتَرَون أنَّ مُعاوِيَة خَيْرٌ من عليَّ!؟ أضَلَّ اللَّهُ سَعْيَكم، ثمّ أنْتَ يا ذا الكَلَاع؛

(a) م: القاضي.

(b) زيد في م: يقول.

(c) لعله أسقط منه إسناد نصر بن مزاحم، فإن يحيى الجعفي يروي عن نصر عن عمرو بن شمر. والخبر في كتابه (وقعة صفين 301 - 302) بالإسناد المذكور.

(d) م: رضي الله عنه.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ، وذكره نصر بن مزاحم (وقعة صفين 302) في رواية أوردها ابن العديم تاليًا.

ص: 266

فواللَّهِ إنْ كُنَّا نَرَى أنَّ لك نيَّةً في الدِّين والخَيْر! فقال له ذو الكَلَاع: هَيْهات أبا شُجاع، واللَّهِ إنِّي أعْلَم ما مُعاوِيَة بأفْضَل من عليّ، لكنِّني أُقاتِلُ على دَم عُثْمان، فاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيْدًا حتَّى قتَلُوا ذا الكَلَاع الحِمْيَرِيَّ.

‌أبو شَمِر بن أَبْرَهَةَ بن الصَّبَّاح بن لَهِيْعَة بن شَيْبَةَ بن مَرْثَد (a) بن يَنْكف بن يَنُوف (b) بن شُرَحْبِيل شَيْبَة الحَمْد بن مَعْدِي كَرِب، ويُقال: ابنُ شُرَحْبِيل (c) بن لَهِيْعَة بن عَبْد اللَّه؛ وهو مُصَبِّح بن عَمْرو بن ذي أصْبَح، واسْمُه الحَارِث بن مَالِك بن زَيْد بن غَوْث بن سَعْد بن عَوْف بن عَدِيّ بن مَالِك بن زَيْد بن سَهْل بن عَمْرو بن قَيْس بن مُعاوِيَة بن جُشَم بن عَبْد شَمْس بن وَائِل بن عَوْف بن حِمْيَر بن قَطَن بن عَوْف (d) بن زُهَيْر بن أيْمَن بن حِمْيَر بن سَبَأ الأَصْبَحِيُّ

(1)

أخو كُرَيْب بن أَبْرَهَة.

قيل: إنَّ له صُحْبَةً، وأنَّهُ وَفَدَ على رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وهو مِصْريٌّ، وقيل: إنَّهُ قُتِلَ مع مُعاوِيَةَ بصِفِّيْن.

(a) في الأصل، م: مزيد، والمثبت من خلاصة السير الجامعة 170 (مرثد الخير)، وتاريخ ابن عساكر 50: 112، و 66:287.

(b) في الأصل وم بإهمال النقط في اسمي (ينكف بن ينوف)، والإعجام من خلاصة السير الجامعة وابن عساكر.

(c) م: ابن شرحبيل شيبة الحمد.

(d) سقط من سياقة نسبه في م: "ابن حمير بن قطن بن عوف".

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: خلاصة السير الجامعة لنشوان الحميري 170 - 171، وقعة صفين 249، 420 (وفيه: شمر بن أبرهة)، الاشتقاق لابن دريد 530 (وفيه: ابن شمر بن أبرهة)، تاريخ ابن عساكر 66: 287 - 289، الإصابة 7:99.

وجاءت ترجمته في الأصل بعد ترجمة أبي شملة، فكتب ابن العديم إزاءها:"مُقدّم".

ص: 267

‌أبو شَمْلَةَ بن المَرَة الحَلَبِيُّ

حَكَى عنه أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن يُوسُف بن المُنَيِّرة الكَفْرطَابِيّ حِكايَةً، ذَكَرْتُه لأجْلها.

وهؤلاءِ بنو المَرَة كان لهم اتِّصَالٌ بابن الأَيْسَر بحَلَب، ونُسِبُوا إلى ابن الأَيْسَر، والمَنْسُوبُونَ (a) إلى بني الأَيْسَر في زَمَاننِا هم بنُو المَرَة، ويَنْتَسِبُونَ إلى بني الأَيْسَر بالأُمّ، ولا يُعْرفُونَ إلَّا ببني الأَيْسَر، لأنَّ بني الأَيْسَر أعْلَى نَسَبًا، وكانُوا أكْثَر وَجَاهَةً وانْتَقلُوا إلى مِصْر، وبقي بنو المَرَة بحَلَب.

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن مُنْقِذ، قال: وحَدَّثَني الأُسْتَاذُ أبو عَبْدِ اللَّه بن يُوسُف بن المُنَيِّرة، وهو أُسْتَاذِي، قال: حَدَّثَني أبو شَمْلَة بن المَرَة الحَلَبِيُّ، وكان قد سَكَنَ كَفَرْ طَاب، قال أصْبَحتُ يَوْمًا في ثَلْجٍ وبَرْدٍ يَزِيد عن (b) الحدِّ، فقُلْتُ لهم في دَارِي: اعْمَلُوا لنا كبُولًا، وهي (c) العَصِيْدَةُ، وأسْرِعُوا بها من أجْلِ (d) الصِّبْيَانِ، فعَملُوها، وبالَغُوا في جَوْدتها، فهم يُريدُونَ غَرْفَها، وإنْسَان يَدُقّ البابَ، قُلتُ: مَنْ؟ قال: رَسُول الأَمِير أبي سَالِمٍ نَاجِيَةَ يَسْتَدعيْك إلى المَعَرَّة بأمْرٍ وَصَلَهُ فيكَ من مَحْمُود لتَدْخُلَ إليه.

قال: قُلتُ: أُدْخل فنحنُ في غَدَاءٍ نتَغدَّى ونَسِيرُ، قال: لا واللَّه ما أقْدر أتركُكَ ولا آكُل أنا، ودَخَلَ فما برحَ إلى أنْ لَبسْتُ عُدَّتي وخَرَجْتُ والماءُ عليَّ يكادُ يُنْفِذُ اللُّبَّادَ، فمَضِيْنا وعَجُوزٌ لنا تقُول: أسْألُ اللَّهَ الرَّاحَةَ المُعَجَّلَة، فقد واللَّهِ سَئِمْنا! فمَضَيْنَا إلى بابِ المَدِينَة، وإذا فَارِسٌ آخَرُ يُخْبرُنا بمَوْت مَحْمُود، ويأمرُه بَردِّي، فرَجَعْتُ إلى دَارِي فوَجَدْتُ فيها كالجنَازَة، فدَقَقْتُ الباب ففَتَحُوا (e)، ودَخَلْتُ

(a) م: والمنسوبين.

(b) م: على.

(c) م: يعني وهي.

(d) م: لأجل.

(e) م: ففتحوا الباب.

ص: 268

فأجِدُ الطَّعَام على جِهَتهِ ما انْتَقَصَ حَرُّه، فأكَلْتُ أنا والرَّسُولُ الثَّاني، وعَجِبْتُ من حِرْمَان الأوَّل وحِرْمَاني، ورِزْق الثَّاني ورِزْقي، وإجَابَة دَعْوَة عَجُوزنا.

‌أبو الشِّيَابِ

(1)

رَجُلٌ من أصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، واسْمُه مُحَلَّم (a) بن سوار، نَزَل حَمَاةَ، وقيل فيه: الشِّيَاب أبو السَّكِيْنة مُحَلَّم، والشِّياب لَقَبٌ له، رَوَى عنهُ بِلَال بنُ سَعْد، وقد ذَكَرْناهُ

(2)

.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو شَيْبَة

‌أبو شَيْبَة الخُدْرِيُّ

(3)

صَاحِبُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

حَدَّثَ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بحَدِيثٍ واحدٍ، رَوَى عنهُ وَالد مُشَرِّس، وغَزَا القُسْطَنْطِينِيَّةَ مع يَزِيد بن مُعاوِيَة، واجْتازَ بحَلَب، وتُوفِّيَ بالقُسْطَنطِينِيَّة، وهو غَازٍ (b).

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ (c) بن قُشَام الفَقِيه إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو جعْفَر بن أبي عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الحاكِم، قال:

(a) م: محكم.

(b) بعده بياض في الأصل يشغل بقية الصفحة وهو أكثر من نصفها، وثلاثة أرباع التي تليها.

(c) ساقطة من م.

_________

(1)

ترجمته في: تهذيب الكمال 33: 367 وفيه: "أبو سكينة".

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

ترجمته في: الجرح والتعديل 9: 390، تاريخ ابن عساكر 66: 290 - 293، أسد الغابة 5: 228، الإصابة 7: 100 - 101.

ص: 269

فيمَن لا نَقفُ (a) على اسْمه: أبو شَيْبَة الخُدْرِيّ، سَمِعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ماتَ بأرْضِ الرُّوم.

‌أبو شَيْبَة

(1)

كان حَاضِنًا لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وكان معه بدَيْر سِمْعَان من أرض قِنَّسْرين، وحَكَى عن عُمَر، رَوَى عَنْهُ ابنُ أُخْته أبو الأَصْبغَ الأشْعَرِيّ.

أنْبَأنَا [. . .](b)، قال:[أنْبأنا](c) أبو الفَتْح نَاصِرُ بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد النَّجَّار، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن إبْراهيم بن نَصْر الزَّاهِد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن الوَلِيدِ الأنْصَاريُّ الأنْدَلُسِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبَو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بن أحْمَد فيما كَتَبَ إليَّ، قال: أخْبَرَني جَدِّي عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عليَّ اللَّخْمِيّ البَاجِيّ (d)، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن يُونُس، قال: أخْبَرَنا بَقِيّ بن مَخْلَد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، قال: حَدَّثَني أَسْوَد بن سَالِم، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ (e) بن عُمَارَة، عن أبي الأَصْبغَ الأشْعَرِيّ، عن خَالهِ أبي شَيْبةَ - وكان حَاضِنًا لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، قال: إنِّي معه جَالِسٌ بدَيْر سِمْعَان في مَجْلِسٍ تُرَى منْهُ (f) الطَّريق، فتَبَيَّن لي الغَضَبُ في وَجْههِ، فأمْسَكْتُ عن حَدِيثهِ حتَّى صَعِدَ إلينا كَاتِبُه اللَّيْثُ بن أبي رُقَيَّة (g)، فقال: يا لَيْث، يَحْضُر معك رَجُل من المُسْلمِيْن وأنتَ تَرْفع دابَّتَكَ لا تَقفُ عليه

(a) م: يوقف.

(b) بياض في الأصل وم قدر أربع كلمات، وانظر الرواية في تاريخ ابن عساكر 66:293.

(c) موضعها بياض في الأصل، والاستكمال من م، وعند ابن عساكر: أخبرنا.

(d) الأصل: البراحي، م: البراجي، تصحيف، ونسبته إلى باجة إفريقية. انظر ترجمته في: تاريخ الإسلام 8: 452، سير أعلام النبلاء 16: 377، ابن ناصر الدين: توضيح المشتبه 1: 309.

(e) في تاريخ ابن عساكر: سعد، ولم أقف عليه.

(f) م: فيه.

(g) الأصل: رَقَبة، والمثبت من م وتاريخ الطبري 6: 181، تاريخ ابن عساكر 66: 294، تهذيب الكمال 24: 254 - 255.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 293 - 294.

ص: 270

تَسْأله عن حَاجتِهِ؟ قال: ما فعَلْتُه في عَسْكَرِكَ إلَّا مرَّةً، وما عَجَّلْتُ إلَّا إليكَ مَخَافَة أن تَسْألني عن شيءٍ من أمْر المُسْلمِيْنَ، قال: لئن عُدْتَ لَم تَصْحَبني.

‌أبو شَيْبَة القَاصُّ

غَزَا بلاد الرُّوم، واجْتازَ في غَزَاتهِ بحَلَب، أو ببَعْضِ عَمَلها، وكان مع مَكْحُول وعبد اللَّه بن زَيْد، رَوَى عنهُ عليّ بن أبي حَملة، وقد ذَكَرْنا عنه حِكايَةً في تَرْجَمَةِ مَكْحُول

(1)

.

‌أبو شَيْخ بن عَمْرو الجُهَنِيُّ

(2)

شَهِدَ صِفِّيْنَ معِ عليٍّ رضي الله عنه، وأخَذَ رَايةَ نَهْد بَعْد عَبْد اللَّه بن عُمَر بن كَبْشَة، وأظُنُّه قُتِلَ يوْمئذٍ، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةِ صَخْر بن سُمَيّ

(3)

.

‌حَرْفُ الصَّادِ في الكُنَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو صالِح

‌أبو صالِح الأنْطَاكِيُّ

(4)

حَكَى عن أبي إسْحَاق الفَزَاريّ، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن يَحْيَى البَلاذُرِيّ، فإنِّي قَرأتُ في كتاب البُلْدان للبَلَاذُرِيّ

(5)

: حَدَّثَني أبو صالِح الأنْطَاكِيّ، قال: كان أبو

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وذكره ابن عساكر عرضًا في تاريخه 11:290.

(2)

توفي سنة 37 هـ ظنًّا.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

توفي سنة 230 هـ، واسمه محبوب بن موسى، أبو صالح الأنطاكي الفراء، ترجمته في: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8: 389، تهذيب الكمال 27: 265 - 267، تهذيب التهذيب 10:52.

(5)

فتوح البلدان 235 - 236.

ص: 271

إسْحَاق الفَزَارِيّ يَكْره شِرَاء (a) أرْض بالثَّغْر، ويقُول: غَلَبَ عليه قَوْمٌ في بَدْءِ الأمْرِ وأجْلَوا الرُّوم عنه، فلم يَقْتَسمُوه، وصَارَ إلى غيرهم، وقد دَخَلَتْ في هذا الأمْرِ شُبْهَةٌ، العَاقِلُ حَقِيقٌ بتَرْكها.

‌أبو صالِح المُتَعَبِّدُ الدِّمَشقيُّ

(1)

واسْمُه مُفْلِح بن عَبْدِ اللَّهِ، صَحِبَ أبا بَكْر بن سَيِّد حَمْدَوَيْه (b) وتخرَّج به، وحَكَى عنه.

رَوَى عنهُ أبو بَكْر الدُّقِّيّ (c)، وأبو الحَسَن عليّ القُجَّة، قَيِّم مَسْجِد أبي صالح الدِّمَشقيّ خارج الباب الشَّرْقيّ، والمُؤيَّد بن إبْراهيم بن إسْحَاق بن البَرِّيّ، وكان يَدْخُل إلى جَبَل اللُّكَامِ، يَطْلُبُ الزُّهَّادَ بهِ، وقد ذَكَرْناهُ في حَرْف المِيْم فيما تقَدَّم

(2)

.

‌أبو صالِح بن نَانَا المُلَقَّب بالسَّدِيْد

(3)

كَاتِبُ الأَمِير أبي المَعَالِي شَرِيْف بن سَيْف الدَّوْلةَ بحَلَب.

وكان يَتَولَّى أمْر مَمْلَكته بعدَ مَوْت أبيهِ، ويَحلّ منه مَحلّ الوِزَارَة، ووَجَدْتُ قراءتَهُ بخَطِّه على أبي عبدِ اللَّه الحُسَنِ بن خَالَوَيْه في كتاب الجَمْهَرَة لأبي بَكْر بن

(a) الفتوح: شرى.

(b) مهملة في الأصل، وفي م: حمدونة، والمثبت من مصادر الترجمة المتقدمة.

(c) م: الرقي.

_________

(1)

توفي سنة 330 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 301 - 303، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 205 - 206، سير أعلام النبلاء 15: 84 - 85، العبر في خبر مَن غبر 2: 38، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 204 - 205 (وفيه: الحنبلي)، اليافعي: مرآة الجنان 2: 224، القلائد الجوهرية 1: 251، النجوم الزاهرة 3: 275، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 2: 79 - 80، شذرات الذهب 4:173.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

كان حيًا سنة 371 هـ، وترجمته في: زبدة الحلب 1: 160.

ص: 272

دُرَيْد، ثُمَّ إنَّهُ انْفَصَل عن أبي المَعَالِي سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وثَلاثِمائة في شَهْر رَمَضَان بأوْلَادِه وأسْبَابِه وتَوَجَّه إلى بَغْدَاد، واسْمُه يُونُس بن عَبْدِ اللَّه بن نَانَا، وقد ذَكَرْناهُ

(1)

.

‌أبو صَالِح بن المُهَذَّب المَعَرِّيُّ

وهذا غير أبي صالِح مُحَمَّد بن عليّ بن المُهَذَّب الّذي كان في عَصْر أبي العَلَاء ابن سُلَيمان، فإنَّ هذا مُتأخِّر العَصْر بعد الخَمْسمائة.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر أحْمَد بن عليّ الفَنَكِيّ بدِمَشْق، قال

(2)

: أنْشَدَنا مُؤَيَّد الدَّوْلَة أُسامَةُ بن مُرْشِد بن مُنْقِذ لنَفْسِه، وذَكَرَ أنَّهُ قالها على لسَان الشَّيْخ أبي صالح بن المُهَذَّب رحمه الله، وكانت فيه حدَّةٌ مع فَضْلٍ وعِلْم وتُقًى، وكان نَزَل بشَيْزَرَ فَرِيقٌ من العَرَب معهم جَارِيَةٌ اسْمُها شَوْق مُسْتَحسَنَة، وكَتَبَ الأبْيَاتَ ورَمَى بها نُسَخًا بشَيْزَر، فوَقَع منها بيَدِ الشَّيْخ أبي صالح، رحمه الله، فقامَت قيامتُهُ، ولم يَدْر أحدٌ مَنْ عَمِل الأبْيَات، فقال له الشَّيْخُ العالِمُ أبو عَبْدِ اللَّه مُحمّد بن يُوسُف المَعْرُوف بابنِ المُنَيِّرة، رحمه الله، وهو مُؤَدِّبُهُ: هذه الأبْيَاتُ الّتي قد رُمِيَت ما يُحْسِنُ يَقُولُها إلَّا أنا، أو القَاضِي (a) أبو مُرْشِد بن سُلَيمان، أو أنْتَ! وأنا وأَبو مُرْشِد ما قُلْناها، وما قالها غيركَ، وهي

(3)

: [من المنسرح]

قُوْلَا لرِيْمٍ في حلَّةِ العَرَب

إلَيْكِ أشْكُو ما يَصْنَعُ اسْمُك بي

بِمَ اسْتَجَازَتْ عَيْنَاكِ سَفْكَ دَمِي

وأخْذ قَلْبي في جُمْلَةِ السَّلَبِ

(a) م: والقاضي.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

تقدمت قصة الجارية والقصيدة المدرجة في ترجمة أسامة بن مرشد بن منقذ في الجزء الثالث من هذا الكتاب.

(3)

تنسب الأبيات لأسامة بن منقذ، وتقدم ذكرها في ترجمته، وهي في ديوانه 156.

ص: 273

لَوْلَاكِ والدَّهْرُ كُلُّهُ عَجَبٌ

ما خُفِرَتْ فيَّ ذِمَّةُ العَرَبِ

جَارُكِ أوْلَى برَعْي ذِمَّتِهِ

إنْ أنْتِ رَاعَيْتِ حُرْمَةَ الصَّقَبِ

هذا هَوًى كُنْتُ في بُلَهْنِيَةٍ

عنه فيا لَلرِّجَالِ للعَجَبِ

أَيَسْتَرِقُّ الكَرِيمَ ذا النَّسَب الـ

ـوَاضِح عَبْدٌ مُسْتَعْجِمُ النَّسَبِ

ويَحْمِلُ الثَّأرَ مَنْ بهِ خَوَرٌ

عن احْتِمَالِ الحجَالِ والقُلُبِ

نَشَدْتُكِ اللَّهَ في احْتِمَالِ دَمِي

فمَعْشَري ما يَفُوْتُهُم طَلَبي

ما فَاتَ قَوْمي آلَ المُهَذَّبِ (a) من

قَبْلي ثَارٌ في سَالِفِ الحِقَبِ

فلَا تُرِقي دَمًا لذِي أدَبٍ

يَسْطُو بأقْلَامِهِ على القُضُبِ

‌أبو صِرْمَة

(1)

غَزَا القُسْطَنْطِينِيَّة مع يَزِيد بن مُعاوِيَة، ورَوَى عن أبي أَيُّوب الأنْصَاريّ حين حَضَرته الوَفَاةُ (b).

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الصَّقْر

‌أبو الصَّقْرِ القَبِيْصِيُّ

(2)

واسْمُه عَبْد العَزِيْز، وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ

(3)

.

(a) الديوان: آل المهلب.

(b) بعده في الأصل بياض قدر ثلاثة أسطر من الصفحة، وكذا الصفحة بعدها بأكملها.

_________

(1)

لعله الذي ترجم له المزي (تهذيب الكمال 33: 426 - 427) في الكنى: أبو صرمة الأنصاري المازني، واسمه: مالك بن قيس، وقيل: ابن أبي قيس، وهو يروي عن أبي أيوب الأنصاري.

(2)

توفي نحو سنة 380 هـ، وهو عالم بالفلك وعلم النجوم، وله مؤلفات وصلنا بعضها. ذكره النديم: الفهرست 2/ 1: 208، البيهقي: تاريخ حكماء الإسلام 92، الزركلي: الأعلام 4: 22.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 274

‌أبو الصَّقْرِ الزُّهْرِيُّ

كان مُتَّصِلًا بسَيْفِ الدَّولَة أبي الحَسَن بن حَمْدَان بحَلَب، ورَوَى عنهُ أبو الحَسَنِ الشِّمْشَاطِيّ في كتاب الدِّيَارات، في ذِكْر دَيْر قِنَّسْرَى، قال: هو على شَاطِئ الفُرَاتِ من الجانب الشَّرْقيّ، من ديار مُضَرَ، مُقَابل جِرْبَاس (a) وجِرْباس شَامُهُ (b)، وبين هذا الدَّيْر وبين مَنْبِج اثْنا عَشَر مِيْلًا.

قال: وحَدَّثَني أبو الصَّقْر الزُّهْرِيُّ، قال: دَخَلْتُه ونَقَلْتُ منه خَشَبَ صَنَوْبَر إلى حَلَب إلى الجَوْسَق الّذي بناهُ سَيْفُ الدَّوْلَة، وكان وَجَّهَني لحَمْل ذلك. قال: وقَرَأتُ في صَدْر الدَّيْر مَكْتُوبًا بخَطٍّ حَسَنٍ

(1)

: [من الطويل]

أيا دَيْر قِنَّسْرَى كَفَى بكَ نُزْهَةً

لمَنْ كانَ في الدُّنْيا يلَذُّ ويَطْربُ

هَوَاءٌ (c) كَدَمْعِ الصَّبِّ إذ بانَ إلْفُه

وماءٌ كريقِ الحبِّ بل هو أعْذَبُ

فلا زلْتَ مَعْمُورًا ولا زلْتَ آهلًا

ولا زلْتَ مُخْضَرًّا تُزَارُ وتُعْجِبُ

قال: فعرَّفَني جَمَاعَة من أهْلِ مَنْبِج أنَّهُ من أهْلِ مَنْبِج وأُدَبائهم، وكان كَثِيْرًا ما يَمْضِي إلى هذا الدَّيْر ويَقْصفُ فيهِ.

‌حَرْفُ الضَّادِ

‌فَارِغٌ

(a) مهملة في الأصل وم، والإعجام من ياقوت عند كلامه على دير قنسرى، ولم يفرد لها بابًا. معجم البلدان 2: 529، الخزل والدأل 2:163.

(b) مهملة في م، وعند ياقوت: شامية.

(c) م: هواه.

_________

(1)

البيتان الأول والثالث عند ياقوت: معجم البلدان 2: 529، الخزل والدأل 2:163.

ص: 275

‌حَرفُ الطَّاءِ في الكُنَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو طَالِب

‌أبو طَالِب الجَعْفَرِيُّ

(1)

كان صَاحِبَ أخْبَار، وله شِعْرٌ، وكان في صُحْبَة المُتَوَكِّل بحَلَب حين غَزَا سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين، وتَوَجَّه إلى دِمَشْقَ.

حَكَى عنه أبو نَصْر الأَوْسِيّ، وأبو الفَضْل أحْمَدُ بنُ أبي طَاهِر صَاحِبُ تاريخ بَغْدَاد (a).

‌أبو طَالِب البَغْدَاديُّ

أحَدُ العُلَمَاءِ الفُضَلَاءِ الأُدَبَاء الحُفَّاظ، واسْمُه أحْمَد بن نَصْر بن طَالِب، كان بحَلَب ويَحْضُر مَجْلِسَ سَيْفِ الدَّوْلَة ابن حَمْدَان مع جَمَاعَةٍ من العُلَمَاء.

قَرَأتُ في سِيْرَة سَيْفِ الدَّوْلَةِ تأليفُ أبي الحَسَن علي بن الحُسَين الدَّيْلَمِيّ الزَّرَّاد

(2)

، قال: وكان لسَيْفِ الدَّوْلَةِ مَجْلِسٌ يَحْضرُه العُلَمَاءُ كُلّ لَيْلَةٍ، فيَتَكلَّمونَ بحَضْرتِه، وكان يَحْضُر أبو إبْراهيم الشَّريف، وابنُ مَائِل القَاضِي، وأبو طَالِب البَغْدَاديُّ، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في الأحْمَدِين

(3)

.

(a) بعده في الأصل بياض قدر نصف صفحة.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 66: 345 - 347، ولعله: محمد بن عبد اللَّه بن الحسين، أبو طالب الجعفري، أخذ عنه ابن طيفور في كتابه: بغداد 80، 173، 187، وترجم له الصفدي في الوافي بالوفيات 3: 341 - 342.

(2)

تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الثاني.

(3)

تقدمت ترجمته في الجزء الثالث من الكتاب، وانظر هناك الإحالة على مصادر ترجمته.

ص: 276

‌أبو طَالِب الأنْطَاكِيُّ

شَاعِرٌ من العَصْريِّيْن، واسْمُه الحُسَين بن عليّ، وقد ذَكَرْناهُ في حَرْف الحَاءِ

(1)

، وأوْرَدَ له أَبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ في كتاب الأنْوَار أشْعَارًا كَثِيْرةً.

‌أبو طَالِب الوَاعِظ

وَصَلَ إلى حَلَب رَسُولًا من الخَلِيفَة المُسْتَرْشِد في سَنَة سِتّ عَشْرة وخَمْسِمائَة، واجْتَمَع ببني مُنْقِذ بشَيْزَر.

وذَكَرَهُ أبو الحَسَن عليّ بن مُرْشِد بن عليّ في تَارِيْخهِ، قال، ونَقَلْتُه من خَطِّهِ: سَنَة ستّ عَشْرَة وخَمْسِمائَة، وفيها وَصَلَ الوَاعظُ أبو طَالِب من الخَلِيفَة، فانْتَسَجَتْ بيني وبينَهُ مَوَدَّةٌ، فكَتَبَ إليَّ أبْيَاتًا وأنا دَاخِلٌ من الرُّكُوب

(2)

: [من السريع]

يا لَيْلَ ما جِئْتكُم زَائِرًا

إلَّا رَأيْتُ الأرْضَ تُطْوَى لي

ولا ثَنَيْثُ العَزْمَ عن دَارِكُم (a)

إلَّا تَعَثَّرْتُ بأَذْيَالي

فلم أعْلَم ما مَعْناها في وُصُولها وأنا مع أبي دُخُول من الصَّيْد، فأريْتُه الرُّقْعَةَ، وقُلتُ: ما مَعْنى هذا؟ فقال: واللَّه لا أعْلَم، وأرَيْتُها لعَمِّي عِزّ الدِّين في الحالِ، فقال: ما أعْلَم، فأمَرَني أنْ أخْلعَ عُدَّتي وأرْجع سَرِيعًا، فخَطَرَ لي أنَّهُ يَخْتَبرني ليَعْلَم بَدِيْهَتي، فكَتَبْتُ في ظَهْرِها (b):[من السريع]

كم لي إلى دَاركَ من صَبْوَةٍ

أَعْدَتْ فأبْكَتْ ليَ عُذَّالي

(a) في وفيات الأعيان لابن خلكان: بابكم.

(b) زيد في م: يقول.

_________

(1)

تقدمت ترجمته في الجزء السادس.

(2)

البيتان لأبي محمد عبد اللَّه بن القاسم ابن الشهرزوري. ابن خلكان: وفيات الأعيان 3: 52.

ص: 277

وحَرُّ نارٍ في الحَشَا مُحْرقٍ

لبُعْدكُم يَقْضِيِ بتَرْحَالي

إنْ كُنْتُ أَضْمَرتُ سُلُوًّا فلا

بلَغْتُ من وَصْلكَ آمَالي

وعِشْتُ من بَعْدِكَ وهو الّذي

أخْشَى لأنَّ المَوْتَ أَشْهَى لي

ورَجَعْتُ إلى مَجْلِس عَمِّي، فقَعَدتُ فيه ساعةً، وحَضَر الرَّجُل، فقُلتُ: يا سَيِّدنا جَمَال الأدَب والعُلَمَاءِ، ما عَلِمْتُ ما مَعْنِى البَيْتَيْن وأرَيْتُهُما لمَوْلَيَيَّ: عَمِّي وأبي، فما عَلِما، فقالا: واللَّهِ كذلك كان، قُلتُ: بل وَقَعَ لي أنَّكَ أرَدْتَّ تَخْتَبرُني، فعَمِلتُ في (a) سَاعتي هذه الأبْيَات وأنْشَدتها، فقال لي مَنْ حَضَر: واللَّهِ لولا أنَّها مَكْتُوبة في ظَهْر الرُّقْعَة لظنَنَّاها من حِفْظكَ، وكان واللَّهِ أَدِيْبًا مَلِيْحًا، وهو كان لازمًا لبني الشَّهْرَزُورِيّ والأبْيَاتُ لابن الشَّهْرَزُورِيّ.

وأنْشَدَني له أيضًا وقد مرَّ بقَبْر أخيه: [من الطويل]

مَرَرْتُ على قَبْرٍ تداعَتْ رُسُومُهُ

ومَنْزِلُه بين الجَوَانِح آهِلُ

فَرِيدٌ وفي الإخْوَانِ والأهْلِ كثرةٌ

بعيدٌ ومن دُون اللِّقَاءِ الجَنَادِلُ

فحرَّكَ منِّي سَاكِنًا وهو سَاكِنٌ

وثقَّفَ منِّي مَائِلًا وهو مَائِلُ

وقُلْتُ له: إنْ كُنْتَ أخلَيْتَ مَنْزِلًا

فقد مُلِئَتْ بالحُزْن منكَ المَنَازِل

عليكَ سلامُ اللَّهِ ما ذرَّ شَارِقٌ

وما حَنَّ مُشْتَاقٌ وما نَاحَ ثَاكِلُ

‌أبو طَالِب الشَّريفُ النَّقِيْبُ

(1)

هو أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الإسْحَاقيّ، نَقِيْبُ العَلَوِيّيْن بحَلَب، وكان مَشْهُورًا بكُنْيَته، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في الأحْمَدِين

(2)

.

(a) م: من.

_________

(1)

توفي سنة 653 هـ، ترجمته في تاريخ الإسلام للذهبي 14:749.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 278

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو طَاهِر

‌أبو طَاهِر بن (a) المُحَسِّن المَعْرُوف بابنِ الجَدي الكَاتِبُ الحَلَبِيُّ

واسْمُه مُحَمَّد، كان أحَد الكُتَّاب المُجِيْدين بحَلَب، ومن أهْلِ الفَضْل والرُّتَب، وإيَّاهُ عَنَى أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه (b) بن مُحَمَّد الخَفَاجِيّ في قَصِيْدَتهِ التَّائيَّة الّتي كَتَبها من القُسْطَنْطِينِيَّة يُدَاعبُهُ، وكان ممَّن أشَار على صَاحِب حَلَب بإرْسَالهِ إلى القُسْطَنْطِينِيَّة

(1)

: [من الكامل]

دَعْ ذا وقُل لي أنْتَ يا ابنَ مُحَسِّنٍ

وجَفَاءُ مثْلكَ من تَمام الحِرْفَةِ

ما كان حَقُّك أنْ تَمَلَّ وإنَّما

تاريْخُ وَصْلكَ من حِصَار القَلْعَةِ

كانت وِزَارَتُكَ الّتي دبَّرْتَني

فيها كمثْل الخِدْمَةِ التَّاجِيَّةِ (c)

صَاحَ الغُرَابُ بها ففرَّقَ بيننا (d)

قَدَرٌ رمَتْ فيه الخُطُوبُ فأصْمَتِ

قَرأتُ بخَطِّ أبي البَيَانِ نَبَأ بن مَحْفُوظ الأدِيْب الدِّمَشقيّ، فيما نَقَلَهُ من شِعْر أبي مُحَمَّد الخَفَاجِيّ، من نُسْخَةٍ مَنْقُولَةٍ من خَطِّ عَبْد الوَدُود بن عِيسَى النَّحْوِيّ، وعلى المَنْقُول منها خَطّ عَبْد الوَدُود بالتَّصْحِيح (e)، قال: قيل هذا أبو طَاهِر بن المُحَسِّن، وهو أحَدُ الكُتَّاب وأهْل اللَّسَن.

أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن هاشِم، قال: أخْبَرَني أبي هاشِم، قال: أخْبَرَني أبي أحْمَدُ، عن أخيهِ أبي نَصْر سَعيد بن عَبْد الوَاحِد بن هاشِم أنَّ أبا مُحَمَّد الخَفَاجِيّ كَتَبَ إليه يُعرِّض برَوْشَنٍ عَمِلَهُ أبو طَاهِر بن المُحَسِّن بن الجَدي

(2)

: [من الكامل]

(a) ساقطة من م.

(b) م: وإياه عنى محمد بن عبد اللَّه.

(c) الديوان: الرحبية.

(d) الديوان: شملنا.

(e) م: بالصحة والتصحيح.

_________

(1)

ديوان ابن سنان الخفاجي 666 - 667.

(2)

ديوان ابن سنان الخفاجي 655 - 656.

ص: 279

بحَيَاةِ زَيْنَبَ يا ابنَ عَبْدِ الوَاحِد

وبحَقِّ كُلِّ نَبِيَّةٍ (a) في يَاقدِ

ما صَارَ عندكَ رَوْشَنُ ابن مُحَسِّنٍ

فيما يقُول النَّاسُ أعْدَلَ شَاهِدِ

نَسَخَ التَّعَاقُلَ منهُ خِلْطُ عِمَارة

وَافاهُ في هذا الزَّمان البَارِدِ

يَاقِد: قَرْيَةٌ بحَلَب، وكان لأبي نَصْر بها ملكٌ، وله بها (b) فَلَّاحٌ له بنْتٌ كان يَزْعُمُ ذلك الفلَّاح أنَّها نَبِيَّة.

‌أبو طَاهِر بن أبي عَبْد اللَّه المَدِيْنِيُّ

(1)

سَمِعَ بعَيْن زُرْبَة إبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، ورَوَى عنهُ، وعن بُدَيْل بن مُحَمَّد بن أسَد، رَوَى عنهُ أحْمَد بن الحَسَن بن إسْحَاق الرَّازِيّ.

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللَّه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد فَارِس بن أبي القَاسِم بن (c) فَارِس، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أبي يَعْلَى مُحَمَّد بن الحُسَين بن الفَرَّاء

(2)

، قال: ذَكَرَهُ أبو نَصْر السِّجْزِيّ الحافِظ، رحمه الله، فقال: إنَّ أبا العبَّاس أحْمَد بن عليّ بن الحَسَن المُقْرِئ كَتَبَ إليَّ، وأدَّى إليَّ إجازَتهُ القَاضِي أبو الحَسَن بن الصَخْر الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الحَسَن بن إسْحَاق الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو طَاهِر بن أبي عَبْد اللَّه المَدِيْنِيّ، قال: حَدَّثَني بُدَيْل بن مُحَمَّد بن أسَد، قال: دَخَلْتُ أنا وإبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيِّ على أحْمَد بن حَنْبَل رضي الله عنه في اليَوْم الّذي ماتَ فيه، أو ماتَ في تلك اللَّيْلة الّتي تَسْتَقبل ذلك اليَوْم، قال: فجَعَل أحْمَد رضي الله عنه يقُول لنا: عليكم بالسُّنَّة، عليكم بالأثَر، عليكم بالحَدِيْث، ثمّ قال له إبْراهيم بن سَعِيْد: يا أبا عَبْدِ اللَّه، إنَّ الكَرَابِيْسِيّ وابن الثَّلْجِيّ قد تَكَلَّما،

(a) الديوان: بنية، وانظر تعثيب المصنف بعد رواية الأبيات.

(b) ساقطة من م.

(c) ساقطة من م.

_________

(1)

ذكره عرضًا ابن أبي يعلى الفراء في طبقات الحنابلة 1: 120.

(2)

طبقات الحنابلة 1: 120.

ص: 280

فقال أحْمَد رحمه الله: فيم تكلَّما؟ قال: في اللَّفْظ، فقال أحمد: اللَّفْظ بالقُرْآن غير مَخْلُوق، ومَنْ قال: لَفْظي بالقُرْآن مَخْلُوق؛ فهو جَهْمِيٌّ كَافِرٌ.

قال أبو طَاهِر: ثُمَّ لَقِيْتُ إبْراهيم بن سَعيد ببَغْدَاد وما دَخَلْتُ عليه إلَّا بعد كَدٍّ في دَاره وسَألتُه، فقُلتُ: أخْبَرَني بُدَيْل بن مُحَمَّد أنَّكَ سَألت أحْمَد بن حَنْبَل عن اللَّفْظ بالقُرْآن، فأخْبَرَني إبْراهيم أنَّهُ سَأل أحْمَد رحمه الله فقال: اللَّفْظ بالقُرْآن غير مَخْلُوق، ومَنْ قال: لفظي بالقُرْآن مَخْلُوق، فهو كاَفِرٌ، ثمّ دَخَلْتُ عليه بعد ذلك بعَيْن زُرْبَة، فسَألتُهُ عن هذه اللَّفْظَة، فأخْبَرَني بها كما أخْبَرَني أوَّلَ مرَّة.

‌أبو الطُّفَيْل

واسْمُه عَامِر بنُ وَاثِلَة، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وقد اختلف في سنة وفاته، والأكثر على أنه توفي بعد سنة 100 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 202، 309 - 313، 359، 478، 554 - 555، طبقات ابن سعد 5: 457، 6: 64، وأيضًا في الجزء المتمم لطبقاته (نشرة علي محمد عمر) 6: 550 - 551، تاريخ يحيى بن معين 3: 58، تاريخ خليفة 262، 325، طبقات خليفة 30، 127، 279، الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 459، تاريخ البخاري الكبير 6: 446 - 447، التاريخ الصغير 1: 285 - 287، المعارف لابن قتيبة 341 - 342، الفتوح لابن أعثم 3: 164 - 169، المعرفة والتاريخ 1: 295، الجرح والتعديل 6: 328، الثقات لابن حبان 3: 291، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 64، الأغاني 15: 102 - 108، جمهرة ابن حزم 183، تاريخ بغداد 1: 559 - 560، تاريخ ابن عساكر 26: 113 - 134، أسد الغابة 3: 96 - 97، 5: 233 - 234، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 338 - 340، تهذيب الكمال 14: 79 - 82 وترجم له المزي أيضًا في الكنى 33: 439، سير أعلام النبلاء 3: 467 - 470، الكاشف 2: 58 (وفاته سنة 110 هـ)، العبر في خبر مَن غبر 1: 89، تاريخ الإسلام 2: 1201، الوافي بالوفيات 16: 584 - 585، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 190، الإصابة 4: 19، 7: 110، تهذيب التهذيب 5: 82 - 84، 12: 138، تقريب التهذيب 1: 389، 2: 440، شذرات الذهب 1:403.

ص: 281

‌أبو الطَّيِّب بن جَهْوَر القَاضِي

قَاضِي طَرَسُوس، وكان سَلَفُه قُضَاة طَرَسُوس، وهُم بَيْتٌ مَشْهُور بها.

رَوَى عنهُ أبو عَمْرو الطَّرَسُوسِيّ، وأبو عِيسَى بن الطَّبِيْب عَامِل خَرَاج الثُّغُور.

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْدِ اللَّه الطَّرَسُوسِيّ القَاضِي في كتَاب سِيَر الثُّغُور، وذَكَرَ سِكَّةً تُعْرَفُ بابن دِيْنارٍ بطَرَسُوس، قال: فيها دُوْر بني جَهْوَر القُضَاة، وآخِر مَنْ ماتَ منهم القَاضِي أبو الطَّيِّب بن جَهْوَر، وعنه كَتَبْنا كتابَ الفَرَائِض، تَصْنِيف أحْمَد بن فَهْد بن خَالِد بن مُقَرِّن، تُوفِّي عن خَمْسمائة ألف دِرْهَمٍ سِوَى دُوْره وضِيَاعِهِ، وخلَّفَ وَلَدَيْن وابْنَةً، فأمَّا الوَلَدُ الذَّكَرُ فإنَّهُ أنْفَقَ جميع ما خَصَّه من مِيْرَاثهِ عن أَبِيهِ في مُدَّة ثَمانية أشْهُر، كما يُنْفقُهُ الشَّبَابُ في بطَالتهم، وتُوفِّيَ ودُفِنَ إلى جَانِب أبيهِ.

‌حَرْفُ الظَّاءِ في الكُنَى

‌أبو ظَبْيَان

(1)

غَزَا بِلَادَ الرُّوم، وحَكَى عن أبي أَيُّوب الأنْصَاريّ، وحَدَّثَ عنهُ، وكان معه في الغَزَاةِ، واجْتازَ بحَلَب، أو بَعْض عَملها، رَوَى عنهُ الأَعْمَشُ.

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْد اللَّهِ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَدُ (a) بن عَبْدِ اللَّهِ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن

(a) ساقطة من م.

_________

(1)

يغلب على الظن أنه حصين بن جندب بن عمرو الجنبي، المُترجم له فيما تقدم في الجزء السادس من هذا الكتاب، فانظره.

ص: 282

خَلَّاد، قال: حَدَّثَنَا الحَارِثُ بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَةُ -يعني ابن عَمْرو- قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق، عن الأَعْمَش، عن أبي ظَبْيَان

(1)

، قال: غَزَوْنا مع أبي أَيُّوبَ أرْضَ الرُّوم فَمرِضَ، فلمَّا ثَقُل قال: احْملُوني فإذا صافَّيْتُم العَدُوّ فادْفنُوني تحت أرْجُلِكم، فإنِّي مُحَدِّثكم بحَدِيث سَمِعْتُه من رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لولا أنِّي على حالي هذه ما حدَّثْتُكُمُوهُ؛ سَمِعْتُه يقُول: مَنْ ماتَ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شَيْئًا، دَخَلَ الجَنَّةَ.

وقد رُوَيَتْ هذه الحِكايَة، عن أبي ظَبْيَان، عن أشْيَاخ لَم يُسَمِّهم، عن أبي أَيُّوب.

أنْبَأنَا بذلك يُوسُف بن خَليل، قال: أخْبرنا مُحمّد بن أبي زَيْد، قال: أخبَرنا مَحْمُود الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن فَاذْشَاه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن إسْحَاق التُّسْتَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمانُ بن أبي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عن الأَعْمَش، عن أبي ظَبْيَان، عن أشْيَاخٍ لهم، قالوا (a): كُنَّا مع أبي أَيُّوبَ في أرْض الرُّوم، فمَرِضَ، فأوْصَانا: احْملُوني حتَّى إذا صَافَفْتُمُ (b) العَدُوّ فادْفنُوني تحت أقْدَامكُم، ثُمَّ قال: إنِّي مُحَدِّثكم حَدِيثًا لولا أنِّي على حالي هذه ما حَدَّثْتُكُموه؛ سَمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُول: مَنْ ماتَ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، دَخَلَ الجَنَّةَ.

(a) الأصل، م: قال، وفوقها في الأصل "صـ".

(b) في الأصل: صافتم وفوقها: "صـ"، والمثبت بفك الإدغام من م.

_________

(1)

مسند الإمام أحمد 5: 419، وانظر: المسند الجامع 5: 246 (رقم 3499).

ص: 283

‌حَرْفُ العَيْن في الكُنَى

‌أبو عَادِيَة الجُهَنِيُّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وحَدَّثَ عن عَبْد اللَّه بن عَمْرِو بن العَاص، رَوَى عنهُ كُلْثُوم بن جَبْر، وقيل: إنَّهُ هو الّذي طَعَن عَمَّار بن يَاسِر يَوْم صِفِّيْن فألقاهُ عن فَرَسه.

وقيل فيه: أبو غَادِيَة بالغين المُعْجَمة، وقيل: اسْمُه يَسَار بن سبْع (a)، وسَمِعَ من رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقد ذَكَرْناهُ في حَرْف اليَاءِ

(2)

.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا نَاصِرُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا سَعيدُ بن أبي الرَّجَاء، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن النُّعْمان وإبْراهيم بن مَنْصُور سِبْط بَحْرُوَيه، قالا: أخْبَرَنا ابن المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْلَى المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بنُ مَالِك النَّصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بن عَطِيَّة السَّعْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا كُلْثُوم بن جَبْرٍ، قال: سَمِعْتُ أبا عَادِيَة الجُهَنِيّ يَقُول: حَمَلتُ على عَمَّار بن يَاسِرٍ يَوْم صِفِّيْن، فدفعْتُه فألْقَيتُه عن فَرَسهِ، وسَبَقني إليه رَجُلٌ من أهْلِ الشَّام، فاحْتَزَّ رَأسَهُ، فاخْتَصَمْنا إلى مُعاوِيَة في الرَّأسِ، ووَضَعناهُ بينَ يَدَيْهِ؛ كلانا يَدَّعِي قَتْلَهُ، وكِلَانا يَطْلُبُ الجَائِزَة على رَأسِه، وعنده عَبْدُ اللَّه بن عَمْرو بن العَاصِ،

(a) م: سُبيع.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: وقعة صفين 341 - 342، تاريخ يحيى بن معين 3: 55، المسعودي: مروج الذهب 3: 129، وفيه: أبو العادية العاملي، وهو المترجم له فيما بعد: أبو الغادية المري وقيل: الفزاري، لاتفاق الحكاية فيهما حول مقتل عمار بن ياسر، وانظر: تاريخ الإسلام 2: 448، الإعلام بوفيات الأعلام 33، سير أعلام النبلاء 2: 544 - 545.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 284

فقال عَبْدُ اللَّه بن عَمْرو: سَمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُول لعَمَّار: تَقْتُله الفِئَةُ البَاغِيَةُ، بَشِّر قَاتِل عَمَّار بالنَّار. فتَرَكتُه من يَدِي فقُلتُ: لَم أقْتُلْهُ، وتَرَكَهُ صَاحِبي من يَده فقال: لَم أقْتُلْهُ، فلمَّا رَأى ذلك مُعاوِيَةُ أقبَل على عَبْدِ اللَّه بن عَمْرو فقال: ما يَدْعُوكَ إلى هذا؟ قال: إنِّي سَمِعْتُ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال قَوْلًا، فأحْبَبْتُ أنْ أقُولَهُ.

‌أبو عَامِر الرَّاهِب

(1)

تَوَجَّه إلى هِرَقْل إلى أنْطَاكِيَة فماتَ بها.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ نَاصِر بن مُحَمَّد بن أبي الفَتْح القَطَّانُ، قال: أخْبَرَنا أَبو الفَضْل جَعْفَر بن عَبْد الوَاحِد الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: وفيها -يعني في السَّنَة العَاشِرة من الهِجْرَة- ماتَ أبو عَامِر الرَّاهِبُ بأرْضِ الرُّوم عند هِرَقْلَ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو العبَّاس

‌أبو العبَّاس ابن جَعْفَر المُتَوَكِّل ابن مُحَمَّد المُعْتَصِم ابن هَارُون الرَّشِيْد ابن مُحَمَّد المَهْدِيّ ابن عَبْدِ اللَّه المَنْصُور بن مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْدِ اللَّهِ بن العبَّاسِ الهاشِميُّ المَعْرُوف بأبي العبَّاسِ الكَبْش

(2)

قَدِمَ حلَبَ مع أبيهِ المُتَوَكِّل سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن.

(1)

توفي سنة 9 هـ، وقيل: 10 هـ، وترجمته بن: المحبر لابن حبيب 470، الاستيعاب 1: 380 - 381 (في ترجمة ابنه حنظلة الغسيل).

(2)

توفي سنة 274 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 30، (ولقبه: بالكبير، تصحيف الكبش)، الكامل لابن الأثير 7: 427 (وفيه: أبو العباس بن الكبش ابن المتوكل!).

ص: 285

ذَكَرَ قدُومَه مع أبيهِ إلى دِمَشْق الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

في سَنَة ثَلاث وأرْبَعين، فيما ذَكَرَ أنَّهُ قَرأهُ بخَطِّ عَبْدِ اللَّه بن مُحَمَّد الخَطَّابيّ، والصَّحيحُ ما ذَكَرناهُ.

وكان المُعْتَمد ابن المُتَوَكِّل قد خافَ (a) أنْ يُبَايع لأبي العبَّاسِ الكَبْشِ بالخِلَافَة فحدَّرَهُ وأخاهُ أبا مُحَمَّد ابْني المُتَوَكِّلِ إلِى بَغْدَادَ، فحُبِسَا يَومَ الخَمِيْس لعَشْرٍ خَلَوْنَ من جُمَادَى الآخرة سَنَة إحْدَى وسَبْعِين ومَائتَيْن، ثُمَّ رضِي عنهما وخَلَع عليهما في صَفَر سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين، وأَذِنَ لهما في الشُّخُوص إلى سُرَّ مَنْ رَأى.

ذَكَرَ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن القَوَّاس (b) الوَرَّاق، قال: وفي صَفَر سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن مات أبو العبَّاس الكَبْش بسُرَّ مَنْ رَأى.

‌أبو العبَّاسِ ابن القَاضِي أبي الحَسَن عليّ بن يَزِيد الحَلَبِيّ

(2)

رَوَى عن أَبِيهِ وغيره.

أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن رَوَاج بمَنْظَرة سَيْف الإسْلَام بين مِصْر والقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد هِبَة اللَّه بن أحْمَد بن الأكْفانِيّ، ح.

قال ابنُ رَوَاج: وأخْبَرَتْنا أُمُّ أحْمَد بنتُ ابنَة أبي طَاهِر إسْمَاعِيْل بن مَكِّيّ بن عَوْف، قالت: أنْبَأنَا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر بن السَّمَرْقَنْديّ، ح.

(a) ساقطة من م.

(b) في الأصل وم: محمد بن أحمد بن أبي الفوارس! وتكرر عند ابن العديم تسميته على هذا النحو في عدة مواضع، وهو خلط بأبي الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ (ت 411 هـ) الذي ينقل عنه الخطيب البغدادي وابن عساكر في تاريخيهما، والتصحيح موافق لما عند ابن عساكر 67:30.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 67: 30.

(2)

توفي سنة 380 هـ.

ص: 286

وأنْبَأنَا عُمَرُ بن طَبَرْزَد، عن ابن السَّمَرْقَنْديّ، قالا: كَتَبَ إلينا أبو إسْحَاق الحَبَّال سَنَة ثَمانين وثَلاثِمائة: أبو العبَّاس ابن القَاضِي أبي الحَسَن بن يَزِيد الحَلَبِيّ يَوْم الأَحَد، وأُخْرِج يَوْم الاثْنَين لسَبْعٍ خَلَوْنَ من جُمَادَى الآخرة، حَدَّث.

‌أبو العبَّاس بن فَارِس الأدِيْبُ المَنْبِجِيُّ

هو أحْمَد بن فَارِس، رَوَى عن أبي الغَوْث بن البُحْتُرِيّ (a)، رَوَى عنهُ أبو القَاسِمِ الحُسَين بن عليّ بن أبي أُسامَة الحَلَبِيّ، وجَمَعَ أخْبَار أبي عُبَادَة البُحْتُرِيّ، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في الأحْمَدِين

(1)

.

‌أبو العبَّاسِ التَّنُوخِيُّ المَنْبِجِيُّ

وأظُنُّه الأوَّل، كان له مَجْلِسٌ للأدَبِ يُقرأ عليه، ووَقَعَ إليَّ أمالي ابن خَالَوَيْه فقَرَأتُ على ظَهْرها: أنْشَدَنا أبو العبَّاس التَّنُوخِيّ المَنْبِجِيّ لابن حُمَيدٍ المَنْبِجِيّ (b): [من الطويل]

فشَبَّهْتُ ما يَنْثَجُّ من فَتَقاتهِ

على دَيْرِ قُزْمَانٍ أكُفَّ بَني عَوْفِ

‌أبو العبَّاس البَغْدَاديُّ

(2)

صَحِبَ بِشْر بن الحَارِث العَابِد، وحَكَى عنه، وكان رَجُلًا صَالِحًا.

رَوَى بحَلَب عن بِشْر، رَوَى عنهُ عليّ بن خُلَيْد، والعبَّاس بن يُوسُفَ الشَّكْلِيّ، وأبو مُحْرِز، وقد ذَكَرْنا رِوَايته بحَلَب عن بِشْر في تَرْجَمَةِ عليّ بن خُلَيْد

(3)

.

(a) م: عن أبي الغوث بن المنبجي والبحتري!.

(b) بعده في م: يقول.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

ترجمته في: تاريخ بغداد 16: 602.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 287

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتِهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أَبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن إبْراهيم البَزَّازُ بالبَصْرَة، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن عُثْمان الفَسَوِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(2)

، قال: حَدَّثَني أبو مُحْرِز (a)، قال: كُنْتُ مع أبي العبَّاسِ البَغْدَاديّ بمَكَّةَ، فنَظَرَ إلى نَواةٍ مَطْرُوحة فأخَذَها، فلمَّا دَخَلْنا المَسْجِدَ إذا سَائلٌ يَسْألُ، قال: فنَاولَهُ النَّوَاةَ وقال: هذا جُهْدُ المُقِلِّ.

وقال أبو بَكْر الخطيبُ

(3)

: أخْبَرَنا أبو عُمَر الحَسَنُ بن عُثْمان الوَاعِظُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن جَعْفَر بن حَمْدَان، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن يُوسُفَ الشَّكْلِيُّ، قال: رأيْتُ أبا العبَّاس البَغْدَاديَّ جالِسًا على صَخْرة بسَاحِل الإسْكَنْدَرِيَّةِ والأمْوَاج تَضْربُ الصَّخْرَة، ويَدُهُ على خَدِّه يَنْظُرُ إلى الأمْوَاج، فوقَفْتُ أنْظُرُ إليه، فأقْبَلَ عليَّ بوَجْهِهِ، وأنْشَأ يَقُول:[من السريع]

أَنِسْتُ بالوَحْدَةِ مِن بَعْدِما

كُنْتُ مِنَ الوَحْدَةِ مُسْتَوْحِشَا

فَصِرْتُ بالوَحْدَةِ مُسْتَأنِسًا

وصَارَتِ الوَحْشَةُ (b) لي مَجْلِسَا

‌أبو العبَّاس بن المَوْصُول الحَلَبِيُّ الأسَدِيُّ

وهو جَدُّ بني المَوْصُول الحَلَبِيِّيْن، وهم بَيْتٌ من كِبَار بُيُوت الحَلَبِيِّيْن، فيهم الوُزَرَاءُ والفُضَلَاء.

(a) تاريخ بغداد: أبو محمد محرز.

(b) تاريخ بغداد: الوحدة.

_________

(1)

تاريخ بغداد 16: 602.

(2)

لم أقف عليه في كتابه المعرفة والتاريخ.

(3)

تاريخ بغداد 16: 602.

ص: 288

وهذا أبو العبَّاس رَوَى عنهُ أبو الفَرَج البَبَّغَاء حِكايَةً جَرَت له بحَلَب، ذَكَرَها القَاضِي التَّنُوخِيّ في كتاب الفَرَج بعدَ الشِّدَّة

(1)

.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي [. . .](a).

‌أبو العبَّاسِ البَدَوِيُّ العَابِدُ

جَالَ في أقْطَار الشَّام، وكان ببَعْلَبَك والرَّقَّة، ففيما بينهما اجْتازَ بحَلَب، أو ببَعْضِ عَمَلها.

رَوَى عنهُ أبو عَمْرو عُثْمان بن سَعيد بن عُثْمان الأسَدِيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّهِ بن الحُسَين بن عَبْد اللَّه الأنْصَاريُّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظُ، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا،

(a) الصفحة بعدها بياض في الأصل، ولعلَّ ابن العديم ترك الفراغ لإدراج الحكاية التي أوردها التنوخي في كتابه الفرج بعد الشدة، ذلك أن أغلب روايات التنوخي اتصل بها ابن العديم من طريق ابن طبرزد عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري. ونص كلام التنوخي:"حدَّثَنِي أبو الفَرج المخزُوميّ المَعْرُوف بالببَّغاء الشَّاعر، قال: كان بحلب بزَّاز يُعرف بأبي العبَّاس بن المَوْصُول، اعْتقله سَيْف الدَّولة بخَرَاجٍ كان عليه مدَّة، وكان الرَّجُل حاذقًا بالتَّعبير للرُّؤيا. فلمَّا كان في بعض الأيَّام، كُنتُ بحَضْرة سَيف الدَّولة، وقد وَصلت إليه رقْعَة البزَّاز، يسأله فيها حضُور مَجْلسه، فأمرَ بإحضاره. وقال: لأيّ شيءٍ سألتَ الحضُور؟ فقال: لعلمي أنَّهُ لا بُدَّ أنْ يُطلقني الأمير سيف الدَّولة مِن الاعْتقال في هذا اليوم. قال: ومن أين عَلِمْتَ ذلك؟ قال: إنِّي رَأيتُ البَارحة في منامي، في آخر اللَّيل، رَجُلًا قد سلَّم إليَّ مشْطًا، وقال لي: سَرِّح لحيتك، ففعلت ذلك، فتأوَّلت التَّسريح، سراحًا من شدَّة واعْتقال، ولكون المنام في آخر اللَّيل، حكمت أنَّ تأويله يصحُّ سريعًا، ووثقت بذلك، فجعلت الطَّريق إليه مسألة الحضور، لأسْتَعطف الأمير. فقال له: أحْسَنت التَّأويل، والأمر على ما ذَكَرت، وقد أطْلَقتك، وسوَّغتك خَرَاجك في هذه السَّنة، فخرَجَ الرَّجُل يَشْكره ويَدْعو له".

_________

(1)

التنوخي: الفرج بعد الشدة 2: 221 - 222، وفيها أنه رجل بزَّاز.

ص: 289

قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّهِ مُحَمَّدَ بن عليّ بن عَبْدِ اللَّهِ الصُّوْرِيَّ الحافِظَ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَمْرو عُثْمانَ بن سَعيد بن عُثْمان الأسَدِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا العبَّاسِ بَدَوِيّ ببَعْلَبَك، وقد سَألَهُ أبو بَكْر بن وَصِيْف فقال له: يا أُسْتَاذُ، حَدِّثنا بأحْسَنِ شيءٍ رَأيْتَ، فقال له: احْذَرْ شَطْحَ النُّفُوسِ ودَعَاوِيها، فإنِّي خَرَجْتُ من صَيْدَا أُريدُ بَيْرُوتَ، فلمَّا حَصَلْتُ بأقْطَارِ (a) بَيْرُوتَ، قالت لي نَفْسِي: السَّاعَة يَخْرُج العَدُوُّ ويأخُذُك، فقُلتُ: عَلَامَ (b) المَلِكُ يأخُذُه العَدُوّ؟، فجَعَلْتُ أخْطرُ وأقُولُ: عَلَامَ المَلِكُ يأخُذُه العَدُوّ؟، وإذا قد أحَاطَ بي الأعْلاجُ، فأخَذُوني وطَرَحُوني في شِيْنيّ (c)، ومَضَوا إلى قُبْرُس، فلمَّا نَزَلْنا إلى البَرِّيَّةِ (d) اسْتَأذَنْتُهم في الصَّلاةِ، فأذِنُوا لي، فأدَّيْتُ ما فاتَني من الفَرَائِض، ثُمَّ تنَفَّلْتُ بما فَتَح اللَّهُ تعالَى لي، ثمّ سَألتُ اللَّه تبارك وتعالى أنْ لا يُؤاخذْني بشَطْحِ نَفْسِي في دَعَاوِيها، وأنْ يُسَامحَني، ثمّ غَلَبَني النَّوْمُ فنمْتُ، ثمّ انْتَبَهْتُ في المكان الّذي أُخِذْتُ منه.

فقال له أبو بَكْر بن وَصِيْف: حَدِّثنا بشيءٍ آخر ممَّا رَأيْتَ، فقال له: عليك بالسُّكُون إلى اللَّهِ تعالَى، والتَّوَكُّل عليه، فإنِّي خَرَجْتُ من الرَّقَّةِ أُريدُ الشَّرْقَ، فحَصَلْتُ في مكانٍ مَعْرُوف بكَثْرة السِّبَاعِ، فقالت لي نَفْسِي: السَّاعَة يَخْرُج السَّبُعُ يَأكُلك، فقُلتُ: وَيْلكِ ثِقي باللَّهِ، واسْكُني إليه، فبينا أنا أُرَاجِعُها إذا أنا بشيءٍ قد وقَعَ بيَدَيهِ على كَتفي، فالْتَفتُ لأنْظُرَ ما هو، فمع لَفْتَتي قبَّلَ خَدِّي اليَمِيْن وذَهَبَ هَارِبًا في الغَابةِ، فنَظَرتُ إليه فإذا هو السَّبُعُ.

(a) الطيوريات: قنطار.

(b) كذا في الأصل مؤكّدة بحرف العين أسفلها، وفي الطيوريات؛ في هذا الموضع وتاليه: غلام.

(c) مهملة في م، والشيني: مركب من مراكب البحر، جمعه: شواني.

(d) الطيوريات: البرّ.

_________

(1)

الطيوريات للصيرفي 4: 1346 - 1347.

ص: 290

‌أبو العبَّاسِ الأدِيْبُ الأنْطَاكِيُّ

رَوَى عن حَبش (a) بن مُحَمَّد، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم يَحْيَى بن عَبْد البَاقِي الأَذَنِيّ.

قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد اللَّهِ الطَّرَسُوسِيّ، قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان: حَدَّثَني أبو عُمَيْر عَدِيّ بن أحْمَد بن عَبْد البَاقِي بطَرَسُوسَ، قال: حَدَّثَني عَمِّي أبو القَاسِمِ يَحْيَى بنُ عَبْدِ البَاقِي، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ الأدِيْبُ الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَبَشُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني العبَّاسُ بن هِشَام بن الكَلْبيّ، قال: حَدَّثَني أبي، عن أَبِيهِ، قال: خَرَجَ النُّعْمان بن المُنْذِر مُتَنزِّهًا إلى ظَهْر الحِيْرَة بعَقِب مَطَرٍ، في أيَّام نَوْرُوز، فنَظَر إلى قَبْر دَاثِرٍ، فقال له عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ: أمَّا تَدْري ما يقُول هذا القَبْرُ؟ قال: لا، قال: يقُول القَبْر: أيُّها الرَّكْبُ على الأرْض كما أنتُم كُنَّا، وكما نحنُ تَكُون (b). قال: فقال له النُّعْمانُ: لقد كَدَّرْتَ عليَّ صَفْوَ ما أنا فيهِ، ثمّ رَجَع، فرَأى قَبْرًا آخرَ فقال له عَدِيُّ بن زَيْدٍ: أتَدْرِي ما يقُول هذا القَبْرُ؟ قال: لا، قال: إنَّهُ يقُول

(1)

: [من الرمل]

رُبَّ رَكْبٍ قد أنَاخُوا عنْدَنا

يَشْرَبُونَ الخَمْرَ بالماءِ الزُّلَال

عطَفَ الدَّهْر عليهم عَطْفةً

وكذاكَ الدَّهْر حالًا بعدَ حَال

‌أبو العبَّاسِ الطَّرَسُوسِيُّ

حدَّثَ بطَرَسُوس، رَوَى عنهُ أبو أحْمَد (c) مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن مَكِّيّ الجُرْجَانِيّ.

(a) في الأصل -في هذا الموضع وتاليه- بإهمال أوله وثانيه: حدش، وفي م: حبس، ولم أقف على اسمه.

(b) م: نكون.

(c) م: أبو بكر أحمد.

_________

(1)

ديوان عدي بن زيد العبادي 82، ورواية البيت الثاني فيه:

وكذاك الدهر يرمي بالفتى

في طلاب العيش حالًا بعد حال

ص: 291

‌أبو العبَّاسِ المِصِّيْصيُّ

رَوَى عن يوسُفَ بن سَعيد بن مُسَلَّم، رَوَى عنهُ عَبْدُ اللَّهِ بنُ بَيَان السَّامَرِّيُّ.

أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن عَبْد اللَّهِ بن عُلْوَان، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن مُحَمَّد الثَّقَفِيّ في كتابهِ عن أبي بَكْر الخَطِيب

(1)

، قال: أخْبرَني أبو الحُسَين عليّ بن حَمْزَة بن أحْمَد المُؤذِّن بالبَصْرَة، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن يَعْقُوبَ النَّجِيْرَميّ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بن بَيَان السَّامَرِّيّ، قال: سَمِعْتُ أبا العبَّاس المِصِّيْصيَّ يَقُول: سَمِعْتُ يوسُفَ بن سَعيد بن مُسَلَّم يَقُول: سَمِعْتُ العُمَريّ -يعني خَالِد بن يَزِيد- يَقُول: الحِبْرُ في ثَوْب صَاحِب الحَدِيْثِ مثل الخَلُوق في ثَوْب العَرُوس (a).

‌أبو العبَّاسِ المِصِّيْصيُّ

رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد (b) الشِّمْشَاطِيّ أبْيَاتًا في دَيْر مُرَّان لابن أبي جَبَلَة

(2)

.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عَبْد اللَّهِ

‌أبو عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد المُقْرِئ

كان بطَرَسُوس (c).

(a) م: صاحب العروس.

(b) م: أحمد.

(c) بعده في الأصل بياض قدر نصف الصفحة.

_________

(1)

الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1: 251.

(2)

لم يرد له ذكر في المتبقي من كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار، وبعده في الأصل بياض قدر خمسة أسطر.

ص: 292

‌أبو عَبْدِ اللَّه بن جِبَاءَة المَعَرِّيُّ

(a)

شَاعِرٌ من بَيْتٍ مَشْهُور بالمَعَرَّة.

أنْشَدَني أبو البَرَكَاتِ بن سَالِم الكَاتِب المَعَرِّيّ بحَمَاةَ لأبي عَبْدِ اللَّه بن جِبَاءَة المَعَرِّيّ بَيْتَيْن يَهْجُو بهما عَلَوِيَّ بن المُهَنَّا المَعْرُوف بخُصَا البَغْل: [من السريع]

لَم يخْلُقِ الرَّحْمنُ مِن خلْقَةٍ

أقَلَّ نَفْعًا مِن خُصَا البَغْلِ

لا خَيْرُها يُرْجَى ولا شَرُّها

يُخْشَى ولا يَصْلُحُ للنَّسْلِ

‌أبو عَبْدِ اللَّه بن حَسَّان المَغْرِبيُّ

أحَدُ أوْلِيَاءِ اللَّه تعالَى، واسْمُه مُحَمَّد وإنَّما يُعْرَفُ بالكُنْيَة، قَدِمَ حلَبَ، وسَكَنَ في جوَارنا، حَكَى لنا عنه عَمِّي أبو غَانِم وغيرُه، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في المُحَمَّدين

(1)

.

‌أبو عَبْدِ اللَّه بن مَانَك

(2)

أحَدُ الزُّهَّاد، واسْمُه مُحَمَّد، قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(3)

.

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ بن وَاصِل المَعَرِّيُّ

(4)

شَاعِرٌ مَشْهُورٌ، كان بمَعَرَّة النُّعْمَان مُعَاصِرًا للقَاضِي أبي المَجْد مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد (b) بن سُلَيمان.

(a) تحرفت نسبته في م حيثما ترد: المغربي، وكرر ابن العديم فيما بعد الترجمة له بالكنية ذاتها.

(b) ساقطة من م.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وحفظ لنا ابن شداد جزءًا من هذه الترجمة الضائعة في كتابه الأعلاق الخطيرة 1/ 1: 127 - 128، ونقله عنه ابن الشحنة في الدر المنتخب 78، وانظر الملتقط من الضائع (الجزء الحادي عشر).

(2)

كان حيًا سنة 349 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 55: 217 - 219.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

في م: المغربي، وترجمته في: خريدة القصر 12: 109.

ص: 293

أنْشَدَ له أبو اليُسْر شَاكِر بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان الكَاتِب بَيْتَيْن في جَدِّه أبي المَجْد القَاضِي، وأخْبَرَنا بهما (a) في الإجَازَة أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر (b) إمام الكَلَّاسَة، عن أبي اليُسْر، وهُما

(1)

: [من البسيط]

لا مَلَّك [اللَّه](c) هذا الحُكْمُ غيرَكُمُ

ولا انْقَضَى مِن أبٍ إلَّا إلى وَلَدِ

ولا خَلَتْ منكُمُ الدُّنْيا فإنَّكُمُ

بَني سُليْمانَ منها الرُّوْحُ في الجَسَدِ

ووَجَدْتُ في بعضِ تَعَالِيْقي من الفَوَائِدِ: أبو عَبْد اللَّه بن وَاصِل المَعَرِّيّ في أبي المُغِيْث، كاتب جَلَال المُلْك، يعني ابنَ عَمَّار صَاحِب أطْرَابُلُس (d):[من البسيط]

وارَحْمَتي لغَرِيْبٍ حَثَّ أنيُقَهُ

إلى طَرابُلُسٍ يَبْغي بها فرَجَا

وَافَى فَقِيلَ له هذا الأجَلُّ أبو الـ

ـمُغِيْث مَلْجأُ مَحْرُوبٍ إلَيهِ لَجَا

أَبَشُّ كُلِّ الوَرَى وَجْهًا وأخْلَفُهُمْ

وَعْدًا وأكْذَبُ خَلْقٍ دَبَّ أو دَرَجَا

فقُلْتُ هذا كَبيرٌ واجْتَمَعْتُ بِهِ

فزَادَ شَيْخي على ما حَدَّثُوا دَرَجَا

‌أبو عَبْدِ اللَّه بن أبي كَامِل

كان بحَلَب عند الأَمِير ذكَا، ومعه أبو الغَوْث بن البُحْتُرِيّ، وابن بَسَّام، ورَوَى عنهُما شَيئًا من شِعْرهما، رَوَى عنهُ أبو الحَسَن المَادَرَائِيّ (e).

قَرأتُ بخَطِّ بعض الأُدَبَاءِ على ظَهْر كتابٍ: قال أبو الحَسَنِ المَادَرَائِيُّ: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ بن أبي كَامِل، قال: كُنْتُ أنا، وأبو زُنْبُور، وأبو الغَوْث بن البُحْتُرِيّ،

(a) الأصل وم: بها.

(b) م: ابن أبي خضر!.

(c) سقط من الأصل وم لفظ الجلالة، وفي الخريدة: أملك، وفي بعض أصوله ما يوافق رواية ابن العديم.

(d) زيد بعده في م: يقول.

(e) قيَّده في م في هذا الموضع وتاليه: المارداني.

_________

(1)

البيتان في خريدة القصر 13: 109.

ص: 294

وابن بَسَّام عند الأَمِير ذكَا، فلمَّا كادَتِ الشَّمْسُ تَغْربُ دَخَلَ شُعَاعُها من الشُّبَاك على أُتْرُجّ مُنَضَّد بين أيْدِيْنا، فقال ابنُ بَسَّامٍ

(1)

: [من الطويل]

إذا الشَّمْسُ مجَّتْ مَجَّةً مِن لُعَابِها

على صَبْغِ أُتْرُجٍّ لَدَينا مُنَضَّدِ

نَظَرْتُ فأنفَذتُ التَّعَجُّبَ كُلَّهُ

وأفنَيْتُهُ مِن عَسْجَدٍ فَوْقَ عَسْجَدِ

وشِعْر أبي الغَوْث ذَكَرْناهُ فيما تَقَدَّم

(2)

.

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ الجَزَرِيُّ

(3)

قَدِمَ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز دَابِق أو خُنَاصِرَة، ووَلَّاهُ قِسْمَة مَالٍ بالرَّقَّة، رَوَى عنهُ عُبَيْدُ اللَّهِ (a) بن عَمْرو الرَّقِّيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بدار الوِزَارَة بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه الحُسَين بن جَعْفَر بن السَّلَمَاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن جَامِع، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ مُحَمَّد بن سَعيد بن عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم

(4)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إبْراهيم ابن بنْت جَنَّاد البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا بَشَّار بن مُوسَى الخَفَّاف، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّه بن عَمْرو الرَّقِّيّ، قال: حَدَّثَني أبو عَبْدِ اللَّهِ -وكان من أعْوَان عُمَر بن عَبْد العَزِيْز- قال: بَعَثَ

(a) م: عبد اللَّه.

_________

(1)

لم يرد في مجموع شعر ابن بسام.

(2)

لم يرد في المتبقي من الكتاب، ولعله في ترجمة أبي الغوث يحيى بن البحتري، وهي ضمن الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 40 - 41، وفيه: أو أبو عبيد اللَّه.

(4)

الحراني: تاريخ الرقة 30 - 31.

ص: 295

إليَّ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، فدَفَعَ إليَّ مالًا أقْسِمُهُ بالرَّقَّة، وكَتَبَ إلى وَابِصَة كِتَابًا يَبْعَثُ معي بشُرَطٍ يَكُفُّون النَّاسَ عنِّي، وقال: لا تَقْسِمْ بينَهُم إلَّا على شَاطِئ نَهْرٍ (a)، فإنِّى أخَافُ أن يَعطَشُوا، قال: قُلتُ (b): إنَّك تَبْعَثُني إلى قَوْمٍ لا أعْرفُهم، وفيهم غَنيٌّ وفَقِيْرٌ؟ فقال: يا هذا، كُلُّ مَنْ مَدَّ يَدَهُ إليكَ فأَعْطِهِ.

قال أبو عليّ

(1)

: ولا أظُنُّ هذا إلَّا خَطأً، لأنَّ وَابِصَةَ لم يتأخَّر مَوْتُهُ إلى خِلَافَة عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، فلعَلَّهُ يكونُ (c) إلى ابن وَابِصَة، لأنَّ سَالِمًا ذَكَرُوا أنَّهُ وَلِيَ (d) الرَّقَّة بعد أبيهِ.

‌أبو عَبْدِ اللَّه الشَّامِيُّ

(2)

حَكَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ أبو المُلَيْح الحَسَنُ بن عُمَر الرَّقِّيّ

(3)

.

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ

(4)

حَرَسِيٌّ كان لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، حَكَى عنه، حَكَى عنه جَعْفَر بن بُرْقَان، وجَعْفَر بن سِيْدَان (e) الأزْدِيّ، وكأنَّهُ الأوَّل (f).

(a) في تاريخ الرقة: نهر جارٍ.

(b) زيد بعده في تاريخ الحراني: يا أمير المؤمنين.

(c) تاريخ الرقة: أن يكون.

(d) تاريخ الرقة: تولى.

(e) مهملة في الأصل، وفي م: سدان، وموضعها بياض في نشرة تاريخ ابن عساكر لتعذر قرائتها، والمثبت من كتاب الصمت لابن أبي الدنيا 286.

(f) بعده بياض في الأصل قدر خمسة أسطر.

_________

(1)

الحراني: تاريخ الرقة 31.

(2)

من أهل القرن الثاني الهجري، فوفاة أبي المليح الرقي الذي روى عه كانت في سنة 181 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 41.

(3)

بعده في الأصل بياض قدر ستة أسطر.

(4)

وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 38 - 39.

ص: 296

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ

(1)

مَوْلًى لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، سَمِعَ أبا بُرْدَةَ بن أبي مُوسَى يُحَدِّثُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز في مَجْلِس عُمَر، رَوَى عنهُ مَرْوَانُ بن جَنَاح (a).

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ الأنْطَاكِيُّ

حَكَى قَوْل عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ مُبَشِّر بن إسْمَاعِيْل الحَلَبِيُّ.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَدَ بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالمَسْجِد الأقْصَى، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّةِ، عن أبي مُحَمَّد رِزْق اللَّهِ بن عَبد الوَهَّاب التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُحمّد (b) بن دُوسْت، قال: حدثنا أبو عليّ الحُسَين بن صَفوان البَرْدَعيّ، قال: حدّثنا أبو بَكْر عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا

(2)

، قال: حَدَّثَني الحَسَنُ بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا مُبَشِّر بن إسْمَاعِيْل، عن أبي عَبْد اللَّهِ الأنْطَاكِيّ، قال: قال عُمَرُ بن عَبْد العَزِيْز: كانت المَسَاجِدُ على ثلاثةِ أصْنَافٍ: فصنْفٌ سَاكِتٌ سَالِم، وصنْفٌ في ذِكْر اللَّهِ عز وجل؛ والذِّكرُ مَعْرُوجٌ بهِ، وصنْفٌ في صَلاةٍ، والصَّلاةُ لها من اللَّهِ نُوْرٌ، فجُعِلَتْ من أفْنَاءِ الدُّوْر وأَنْدِيَةِ الأسْوَاقِ، فكانَ مَعْدِن خَوْضهم، ومَرَاجم ظنُونهم، يَتَفكَّهُونَ بالغَيْبَةِ، ويُفِيْدُ بعضُهم بَعْضًا النَّمِيْمَة.

(a) بعده في الأصل بياض قدر ستة أسطر.

(b) ساقطة من م.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 39 - 40.

(2)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة العزلة والانفراد) 3: 1285.

ص: 297

‌أبو عَبْدِ اللَّه الأنْطَاكِيُّ

(1)

له كَلَامٌ في الحَقِيْقَةِ، رَوَى عنهُ أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّدُ بن هِبَةِ اللَّه بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ بن حَمُّوْيَه، ح.

وأخْبَرَتْنا زَيْنَبُ بنتُ عبدِ الرَّحْمن الشَّعْرِيّ في كتابها، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح بن شَاه الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَأنا أبو النَّجِيْب القَارِئُ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الكَرِيم بن هَوَازِن القُشَيْريّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الرَّحمن السُّلَمِيّ

(3)

رحمه الله يَقُول: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَعيدٍ الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا عبَّاس بن حَمْزَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن أبي الحَوَارِيّ، قال: قال أبو عَبْدِ اللَّهِ الأنْطَاكِيُّ: إنَّ أقَلّ اليَقِيْن إذا وَصَلَ إلى القَلْب يَمْلأُ القَلْبَ نُورًا، فيَنْفي عنه كُلّ ريْبٍ، ويَمْتَلئُ القَلْبُ به شُكْرًا، ومن اللَّهِ خَوْفًا.

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ المَزَابِلِيُّ الأنْطَاكِيُّ

(4)

رَجُلٌ صَالِحٌ كان بأنْطَاكِيَة، وكان لا يَأكُل إلَّا مِن المُبَاح، حَكَى عنه عليّ بن مُحَمَّد التَّنُوخِيّ جَدّ أبي القَاسِم.

(1)

تقدمت ترجمته باسم أحمد بن عاصم الأنطاكي (الجزء الثاني)، وربما أفرده بترجمة مستقلة لاختلافه في الكنية إذ يكنى أبا عبد اللَّه وأبا عليّ، وقد تقدم لابن العديم ذكر قول الأنطاكي في اليقين في ترجمته باسم أحمد بن عاصم الأنطاكي، وانظر عنه: طبقات الصوفية للسلمي 137 - 140، الرسالة القشيرية 263.

(2)

الرسالة القشيرية 112.

(3)

لم يرد في كتابه طبقات الصوفية.

(4)

ترجمته في: نشوار المحاضرة للتنوخي 2: 349 - 350، ابن الجوزي: أخبار الحمقى والمغفلين 135 - 136.

ص: 298

أنْبَأنَا أحْمَدُ بن أزْهَر بن السَّبَّاك، عن القَاضِي أبي بَكْر مُحَمَّد بن أبي طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن بن عليّ بن مُحَمَّد التَّنُوخِيّ، عن أَبِيهِ

(1)

، قال: حَدَّثَني أبي، قال: كان عندنا بجَبَل اللُّكَام رَجُلٌ مُتَعَبِّدٌ يُقال له: أبو عَبْدِ اللَّه المَزَابِلِيّ، وإنَّما سُمِّي بذلك لأنَّهُ كان يَدْخُلُ البَلَد باللَّيْل، فيَتَتبَّعُ المَزابِل، فيأخُذُ ما يَجِد فيها، فيَغْسله ويَقْتاتُه، لا يَعْرفُ قُوْتًا غير ذلك، أو أنْ يُوغل في الجَبَلِ فيَأكُل من الثِّمَار المُبَاحَات.

وكان صَالِحًا مُجْتَهدًا إلَّا أنَّهُ كان [حَشَويًّا غير وَافِر](a) العَقْلِ، وكانت له سُوْق عَظِيمَةٌ في العامَّة.

وكان بأنْطَاكِيَة مُوسَى الزُّكُوْرِيّ (b) صَاحِبُ المُجُون، وكان له جارٌ يَغْشَى المَزَابِلِيَّ، فجَرَى، بين مُوسَى الزُّكُوْرِيّ وجَارِه شَرٌ، فشَكاهُ إلى المَزَابِلِيّ، فلَعَنَهُ المَزَابِلِيّ في دُعَائهِ، وكان النَّاس يَقْصِدُونَهُ في كُلِّ جُمُعة، فيَتَكلَّم عليهم ويَدْعُو، فلمَّا سَمِعُوا اللَّعْنَةَ لابن الزُّكُوْرِيّ جاء النَّاسُ إلى دَاره أرْسَالًا لقَتْلهِ، فهَرَبَ ونُهِبَتْ دَارُه، وطلبَهُ العامَّة فاسْتَتر.

فلمَّا طَالَ اسْتِتارُه، قال: إنِّي سَأحْتَالُ على المَزَابِلِيّ بحِيْلَةٍ أتخلَّص منه بها، فأعِيْنُوني، فقالُوا: ما تُريد؟ قال: أعْطُوني ثَوْبًا جَدِيدًا، وشَيئًا من مسْكٍ ومِجْمَرةً ونارًا وغِلْمَانًا يَؤْنِسُوني اللَّيْلةَ في هذا الجَبَلِ.

قال أبي: فأعْطَيْتُه ذلك كُلّه، فلمَّا كان في نصف اللَّيْل، مَضَى وخَرَجَ الغِلْمَان معه إلى الجَبَلِ، حتَّى صَعدَ فَوْقَ الكَهْف الّذي يَأوِي فيه المَزَابِلِيّ، فبخَّرَ

(a) إضافة من النشوار، وفي أخبار الحمقي: إلا أنه كان قليل العقل.

(b) تقدم ذكره في الجزء الثالث باسم: ابن الزكوربة.

_________

(1)

نشوار المحاضرة 2: 349، ونقله عنه ابن الجوزي في أخبار الحمقى 135.

ص: 299

بالنَّدِّ ونَفَحَ المِسْكُ، فدخلَتُ الرَّائِحَةُ إلى كَهْف أبي عَبْد اللَّهِ المَزَابِلِيّ، فصَاحَ بصَوْتٍ عَظِيم: يا أبا عَبْد اللَّه المَزَابِلِيّ، فلمَّا اشْتَمَّ المَزَابِلِيّ الرَّائِحَةَ، وسَمِعَ الصَّوْتَ، قال: ما لك عافَاكَ اللَّهُ، ومَنْ أنتَ؟ قال: أنا الرُّوْحُ الأَمِينُ جِبْرِيل، رَسُول رَبّ العالَمِين، أرْسَلَني إليكَ! فلم يَشُكّ المَزَابِلِيّ في صِدْق القَوْل، وأجْهشَ بالبُكَاءِ والدُّعَاء، وقال: يا جِبْرِيل، ومَنْ أنا حتَّى يُرْسلَكَ اللَّهُ إليَّ!؟ فقال: الرَّحْمنُ يُقْرئكَ السَّلامَ ويقُوِل لك: مُوسَى بن الزُّكُوْرِيّ غَدًا رَفِيْقُكَ في الجَنَّةِ، فصَعِقَ أبو عَبْدِ اللَّهِ، وسَمِعَ صَوْت الثِّيَابِ ورَأى بَيَاضَها، وتَركَهُ مُوسَى ورجَع.

فلمَّا كان من الغَدِ، كان يَوْم الجُمُعَة، فأقْبَل المَزَابِلِيّ يُخْبرُ النَّاس برسَالةِ جِبْرِيل، ويقُول: تَمَسَّحُوا بابن الزُّكُوْرِيّ، وسَلُوه أنْ يَجْعَلَني في حلٍّ، واطْلبُوهُ لي، فأَقْبل العامَّهَ أرْسَالًا إلى دار (a) ابن الزُّكُوْرِيِّ يطلبُونَه ويَسْتحلُّونَهُ، فظَهَرَ وأَمِنَ.

‌أبو عَبْدِ اللَّه الحَلَبِيُّ

سَمِعَ أبا إسْحَاق الفَزَارِيّ، رَوَى عنهُ عَبْدُ اللَّه بن خُبَيْق.

وكان من شُيُوخ الصُّوْفيَّة، وصَحِبَ الجُنَيْدَ.

أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل بحَلَب (b)، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبَيْدِ اللَّه بن مُحَمَّد بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء النَّهْرَوَانيّ الجَرِيْريّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ القَاضِي النَّيْسَابُوريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المُسَيَّب الأَرْغِيَانِيّ، قال: حَدَّثَني عَبْدُ اللَّهِ بن خُبَيْق، قال: حَدَّثَني

(a) ساقطة من م.

(b) ساقطة من م.

_________

(1)

الجريري: الجليس الصالح 3: 110.

ص: 300

أبو عَبْدِ اللَّهِ الحَلَبِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا إسْحَاق الفَزَارِيّ يَقُول: إنَّ للحَوَائِج فُرْسَانًا كفُرْسَانِ الحَرْبِ. وقال لي أبو إسْحَاق: إنَّ الرَّجُل ليَسْألني عن حَالي، ولو أخْبَرتُه لشَمِتَ بي.

‌أبو عَبْد اللَّه بن جِبَاءَة المَعَرِّيُّ

(1)

شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، من بَيْت مَعْرُوف بها.

أنْشَدَني مُوَفَّقُ الدِّين أبو البَرَكَاتِ الفَضْل بن سَالِم بن مُرْشِد بن المُهَذَّب الكَاتِب المَعَرِّيّ بحَمَاة لأبي عَبْد اللَّه بن جِبَاءَة المَعَرِّيّ يَهْجُو عَلَوِيّ بن المُهَنَّا المَعْرُوف بخُصَا البَغْل (a): [من السريع]

لَم يَخْلُقِ الرَّحْمنُ من خلْقَةٍ

أقَلَّ نَفْعًا من خُصَا البَغْلِ

لا خَيْرُها يُرْجَى ولا شَرُّها

يُخْشَى ولا تَصْلُحُ للنَّسْلِ

(a) بعده في م: يقول.

_________

(1)

تقدمت ترجمته بذات الكنية والاسم وباختلاف يسير في بعض الألفاظ.

ص: 301

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌أبو عَبْدِ اللَّه الحَلَبِيُّ

رَوَى عن حَيْوَة، رَوَى عنهُ أحْمَد بن حَنْبَل.

إنْ لم يَكُن الأوَّل فهو غَيْرُهُ.

أخْبَرَنا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْمر بن عَبْد اللَّه (a) الدَّامَغَانِيُّ البَغْدَاديُّ، قال: أخْبَرَنا أبي جَعْفَر (b)، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو العِزّ بن الختَار، قال: أخْبَرَنا ابن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ القَطيْعيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّه الحَلَبيّ، عن حَيْوَة، عن يَزِيد بن أبي حَبِيْب في قَوْل اللَّهِ عز وجل:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}

(1)

، قال: أُولئكَ أصْحَابُ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، كانوا لا يَأكُلونَ طَعَامًا يلتَمسُون به تَنعُّمًا ولا يلبَسُونَ ثِيَابًا يلتَمسُونَ جَمَالًا، وكانتَ قُلُوبُهُم على قَلْب واحد.

‌أبو عَبْدِ اللَّه الحَلَبِيُّ

رَوَى عن عَبْدِ اللَّهِ بن الفُرَات، رَوَى عنهُ عُمَر بنُ خَالِدٍ القُرَشِيّ، إنْ لم يَكُن المُتَقدِّمَيْن أو أحَدِهما، فهو غَيْرُهمُا.

(a) م: أبو جعفر بن عبد اللَّه.

(b) م: حفص.

_________

(1)

سورة الفرقان، من الآية 67.

ص: 302

أخْبَرَنا أبو الفَضْل جَعْفَر بن عليّ بن هِبَة اللَّهِ الهَمْدَانيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن عبدِ الرَّحْمن الدِّيباجِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بنْ المُشَرّف بن المُسَلّم الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عليّ بن إبْراهيم الدَّقَّاق، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن عليّ البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عبد الرَّحْمن بن خَلَّاد الرَّامَهُرْمُزيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا هَارُون بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي عُمَر العَدَنِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن خَالِدٍ القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّه الحَلَبِيّ، عن عَبْدِ اللَّه بن الفُرَاتِ، عن عُثْمان بن الضَّحَّاك، يرفَعُ الحَدِيْث إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: عَبْدُ مَنَافٍ عِزُّ قُرَيْش، وأسَد بن عَبْد العُزَّى رُكْنُها وعَضُدُها، وعَبْدُ الدَّار قَادَتُها وأوَائِلُها، وزُهْرَة الكَبِدُ، وبنُو تَمِيْم (a) وعَدِيٌّ بيتُها، ومَخْزُوم فيها كالأرَاكَة في نُصْرتها (b)، وسَهْمٌ وجُمَح جَنَاحَاها (c)، وعَامِر ليُوْثُها وفُرْسَانُها، وقُرَيْشٌ تبَعٌ لوَلدِ قُصَيٍّ، والنَّاسُ تَبَعٌ لقُرَيْشٍ.

‌أبو عَبْدِ اللَّه المَغْرِبيُّ الزَّاهِدُ

واسْمُه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في المُحَمَّدين

(2)

.

(a) في كتاب أمثال الحدث للرامهرمزي وكنز العمال: بنو تيم.

(b) أمثال الحديث وكنز العمال: نضرتها.

(c) م: جناحها.

_________

(1)

كتاب أمثال الحديث للرامهرمزي 235 (رقم 113)، وينظر كنز العمال 12: 88 (رقم 34112).

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وتوفي سنة 399 هـ، وترجمته في: طبقات الصوفية للسلمي 343 - 345، ابن الجوزي: المنتظم 13: 138 - 129، صفة الصفوة 4: 336، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 400 - 402، تاريخ الإسلام 6: 1016، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 8: 307 - 310، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 117.

ص: 303

‌أبو عَبْد اللَّه الشَّرِيفُ الحُسَيْنيُّ الزَّمِنُ الفَاسِيُّ

(1)

من أهْلِ فاس؛ مَدِينَة بالمَغْرب، أحَدُ الأوْلِيَاء الصَّالِحين، نَزَلَ حَلَب (a) وسَكَنها، وأقامَ بها إلى أنْ ماتَ بها بعد أنْ أُقْعِد.

وسَمِعْتُ عَمِّي أبا غَانِم يُثْنِي عليه، ومَضَيْتُ مع عَمِّي ووَالدِي إلى زِيَارته وهو مُقْعدٌ، وتَبرَّكْتُ بهِ.

وأخْبَرَني عَمِّي أبو غَانِم

(2)

، قال: أخْبَرَني الشَّريفُ أبو عَبْد اللَّه الفَاسِيّ الزَّمِن، قال: للمَحْمُوم يُنْجَم الماء وتَقْرأ عليه: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}

(3)

، {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا}

(4)

، {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}

(5)

، {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ}

(6)

، ويَرشّ الماء على المَحْمُوم عند أخْذها إيَّاهُ، وكان عَمِّي يَسْتَعمل ذلك للمَحْمُوم.

تُوفِّي الشَّريف الزَّمِن الفَاسِيّ بحَلَب قبل السِّتِّمائة، ودُفِنَ في تُرْبَة (b) الشَّيْخ أبي الحَسَن الفَاسِيِّ خارج باب الأرْبَعِين.

وكان قد اجْتَمَع بحَلَب ثلاثةٌ من الأوْلِيَاء الصَّالِحين من أهْلِ فَاس، فدفنُوا كُلّهم في هذه التُّرْبَة: الشَّريف الزَّمِن هذا، والشَّيْخِ عَبْد الحَقّ الفَاسِيّ، والشَّيْخ أبو الحَسَن الفَاسيّ، وكُلّهم اجْتَمَعْتُ بهِ، نَفَعنا اللَّه ببرَكتهم.

(a) الأصل: حلبها.

(b) في الأصل بالباء وإهمال الحرف الثالث: برية، وانظر كلام المصنف عقبه.

_________

(1)

سقطت ترجمته من م، وترفي قبل سنة 600 هـ، وذكره ابن العديم في تذكرته 296.

(2)

انظره في تذكرة ابن العديم 396.

(3)

سورة البقرة، من الآية 178.

(4)

سورة الأنفال، من الآية 66.

(5)

سورة النساء، الآية 38.

(6)

سورة الدخان، الآية 13.

ص: 304

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ المِصِّيْصيُّ

حَكَى عن مَمْلُوك لَم يُسَمّ، كان بالمِصِّيْصَة، رَوَى عنهُ مَخْلَد، وَسَنَذْكُر حكَايَتهُ في المَجْهُولين الأسْماء

(1)

إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى.

‌أبو عَبْد اللَّه النِّبَاجيُّ

(2)

صَلَّى بأهْل طَرَسُوس، واسْمه سَعيد بن بُرَيْد.

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ الخَلِيْعُ الشَّامِيُّ

(3)

شَاعرٌ مُجِيْدٌ منِ شُعَرَاء سَيف الدَّوْلَة أبي الحَسَن بن حَمْدَان بحَلَب، واسْمُهُ الغَمْرُ بن أَبي الغَمْر، روَى عنهُ أبو بَكر الخُوارَزْميِّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ إذْنًا، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أنْبَأنَا أبو يَعْقُوب الأدِيْبُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور الثَّعالبِيِّ

(4)

، قال: أمَّا الخَلِيْعُ فكُنْيَتُه أبو عَبْد اللَّهِ، وقد ذَهَب عنِّي (a) اسْمُه، وكان شَاعِرًا مُفْلِقًا (b) قد أدْرَكَ زَمَان البُحْتُرِيّ، وبَقِي إلى أيَّام سَيفِ الدَّوْلَةِ رحمه الله، فانْخَرَط في سلكِ شُعَرائهِ.

(a) الأصل، م: عليّ، والمثبت من اليتيمة للثعالبي.

(b) م: مطلقًا

_________

(1)

في جزء ضائع يلي هذا الجزء من الكتاب.

(2)

تقدمت ترجمته والإحالة على مصادرها في الجزء التاسع قبل هذا.

(3)

ترجمته في: الفهرست للنديم 1/ 2: 547 - 548، وسماه محمد بن أبي الغمر الخليع الرقي، وفي مرضع آخر (الفهرست 1/ 2: 543): الخالع أبو عبد اللَّه محمد بن الحسين، لقي سيف الدولة، معجم الشعراء للمرزباني 475 وسماه: محمد بن أحمد الخليع الأصغر الرقي، وأورد له الأبيات التي مطلعها:"أنا شاعر"، الآمدي: المؤتلف والمختلف 114، الثعالبي: يتيمة الدهر 1: 271 - 272.

(4)

يتيمة الدهر 1: 271.

ص: 305

فحَدَّثَني أبو بَكْر الخُوارَزْميّ، قال: رأيْتُ الخَلِيْع بحَلَبَ شَيْخًا قد أخَذَتْ منهُ السِّنُّ العاليَةُ، وثَقُلَتْ عليه الحَرَكة، فممَّا أنْشَدَني لنَفْسِه قَوْلُهُ:[من الكامل]

جِيْرَانُنا جارَ (a) الزَّمان عليهم

إذ جَار حُكمُهُم على الجِيْرَانِ

ما الشَّأنُ وَيْحَكَ في فِرَاق فَرِيقهم

الشَّأْن وَيْحَك في جُنُون جَنَاني

خُذْ يا غُلَامُ عنَان طَرْفكَ فاثْنه

عنِّي فقد حَوَتِ (b) الشَّمُولُ عِنَاني

سَكْران سُكْر هَوًى وسُكْر مدَامةٍ

أنِّى يَفِيقُ فَتًى به سُكْرَانِ

وقَوْله وهو ممَّا يُغَنَّى (c) به: [من المتقارب]

بأيّ المُدَامَيْن لَم أسْكَرِ

بكأسكَ أم طَرْفكَ الأحْوَرِ

سُقِيْت من الشَّمْسِ مشمُولةً

على غُرَّة القَمَرِ الأزْهَرِ

إذا الماءُ خَالطَها جَمَحت

كإكْلِيْل (4) دُرّ على جَوْهَرِ

كأنَّ على الشَّرْب من لونها

ثيابًا من الذَّهَب الأحْمَرِ

وقَوْلُهُ لسَيْفِ الدَّوْلَةِ

(1)

: [من الكامل]

أنا شَاعِرٌ، أنا شَاكِرٌ، أنا نَاشِرٌ

أنا رَاجِلٌ، أنا جَائِعٌ، أنا عَارِ

هىَ ستّةٌ فكُن الضَّمِيْنَ لنصْفِها

أكُن (e) الضَّمِيْنَ لنصْفِها بعِيَارِ

والنَّار عندي كالسُّؤَال فهَلْ تَرَى

أنْ لا تكلِّفَني دخُولَ النَّارِ

(a) م: خان.

(b) في اليتيمة: فقد ملك.

(c) اليتيمة: يتغنى.

(d) اليتيمة: جنحت أكاليل.

(e) المرزباني: وأنا.

_________

(1)

معجم المرزباني 475 باستنثاء البيت الأخير وزيادة بيت عليها، وفيه: قالها في أبي الأغر السلمي لما أجاره وقد قطع الأعراب عليه الطريق، وسبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 13: 313 ونسبها لإبراهيم بن أدهم.

ص: 306

‌أبو عَبْدِ اللَّه البَغْدَاديُّ المُنَجِّمُ

مُنَجِّم سَيْفِ الدَّوْلَةِ عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن حَمْدَان.

كان في صِحَابَة سَيْف الدَّوْلَة بحَلَب، وهو الّذي كَتَبَ إلى سَيْفِ الدَّوْلَة أبْيَاتًا ذَكَرَ أنَّهُ رَآها في المَنَام يَشْكُو فيها الفَقْر، فأجَابَهُ المُتَنَبِّي بقَوْله

(1)

: [من الخفيف]

قد سَمِعْنا ما قلتَ في الأحْلَام

وَقَعَ إليَّ نُسْخَة من شِعْر المُتَنَبِّي بخَطِّ بعضِ الأفَاضِل من المَغارِبَة، فيها أبْيَاتٌ كَتَبَها في الحَاشِيَة عند الأبْيَات الّتي للمُتَنَبِّي، ونُسْخَة الحَاشِيَة: كَتَبَ أبو عَبْدِ اللَّه المُنَجِّم إلى سَيْفِ الدَّوْلَة يَسْتَقْضِيه صِلَة، وكانت قد تأخَّرَتْ عنه، وذَكَرَ أنَّهُ صَنَعَ في ذلك أبْيَاتًا في المَنَام، وخَلَفَ أَنَّهُ لَم يغَيِّر منها شيئًا ولا بَدَّلَها عن حالها الّتي صَنَعَها عليه

(2)

: [من الخفيف]

كانَ رَسْمُ الثَّنَاءِ منِّيَ نَظْمًا

هُوَ حُسْنًا كلُؤْلُؤِ النّظَّامِ

لم أُقَدِّر لقاءكَ في النَّوْم فاسْتَظْـ

ـهرْتُ بالشِّعْر فيه والإتْمَامِ

وَلَكَ الفَضْلُ في تَطَوُّلك الجَـ

ـمِّ وذاكَ الإِحْسَانِ والإنْعَامِ

فتفَضَّلْ بِهِ ووَقِّعَ فإنِّي

مُوْثَقُ الحَالِ في يَدِ الإِعْدَامِ

زَادَكَ اللَّهُ رِفْعَةً وعُلوًّا

وسمُّوًا يَبْقَى معَ الأيَّامِ

فوَرَدَت على سَيْفِ الدَّوْلَةِ والمُتَنَبِّي معه، فلمَّا قَرأها اسْتقبَحها وكَذَّبَهُ فيها، وقال: يا أبا الطَّيِّب؛ أجِبْ هذا البَارِد، فكَتَبَ إليه

(3)

: [من الخفيف]

قد سَمِعْنَا ما قُلْتَ في الأحْلَام

وأَنَلنَاك بَدْرَةً في المَنَامِ

(1)

ديوان المتنبي بشرح العكبري 3: 377.

(2)

أبيات المنجم أوردها الجرواي في الحماسة المغربية 2: 1305 ولم يسم قائلها.

(3)

ديوان المتنبي 3: 377 - 378.

ص: 307

وانْتَبَهْنا كما انْتَبهتَ بلا شَيءٍ

فكانَ النَّوَالُ قَدْرَ الكَلَامِ

كُنتَ فيما كَتَبْتَهُ نائمَ العَيْن

فهل كُنْتَ نائمَ الأقْلَامِ

أيُّها المُشْتَكِي إِذا رَقَدَ الإِعْدَام

لا رَقْدَةٌ مع الإعْدَامِ

افْتَح الجفنَ واتْرُك القَوْلَ في النَّو

مِ ومَيِّز خِطابَ سَيفِ الأنامِ (a)

الّذي ليْسَ عنه مُغْنٍ ولا مِنْهُ

بَدِيْلٌ ولا لِمَا رَامَ حَامِ

كُلُّ إخائهِ كِرَامُ بني الدُّنْيا

ولكنَّه كَرِيمُ الكِرَامِ

‌أبو عَبْدِ اللَّه بن المنُجِّم

كان شَاعِرًا في صِحَابَةِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وأظُنُّه الّذي قَدَّمْنا ذِكْرَهُ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن أبي جَرَادَة في حَاشِيَةِ شِعْر أبي فِرَاسٍ الحَارِث بن سَعيد بن حَمْدَان، في ذِكْرِ أبي الحَسَن عليّ بن نَصْر بن حَمْدَان، قال: اخْتُرمَ حَدَثًا، وفيه يقُولُ ابن المُنَجِّم:[من الوافر]

رآكَ عِدَاكَ تغنِي السَّيْفَ ضَرْبًا

فقد نَبَزُوكَ بالسَّيْفِ المُحَلَّى

فرُمْحُكَ في صِفَاحِهِمُ المُجَلَّى

وسَيْفُكَ في رُؤوسِهِمُ المُعَلَّى

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ الشِّبْليُّ، خَادِم المُتَنَبِّي، وأبو عَبْد اللَّه الدَّنِفُ الشَّاعِرُ

من طَبَقَة المُتَنَبِّي وأقْرَانهِ، كانا عند أبي الطَّيِّب بحَلَب مع جَمَاعَةٍ من الشُّعَراءِ، فجمعتُ بينهما (b) في هذه التَّرْجَمَة لتَضَمُّن الحِكايَة ذِكْرَهمُا جَمِيعًا.

أخْبَرَنا يَاقُوتُ بن عَبْد اللَّه الرُّوميُّ الحَمَوِيُّ، وكَتَبَهُ لي بخَطِّهِ، قال: اجْتَمَعَ

(a) الديوان: الإمام.

(b) م: منهما.

ص: 308

عند أبي الطَّيِّب بحَلَب أبو القَاسِم النَّاصبِيُّ، وأبو العَدْلِ، وأبو تَمَّامٍ الخُرَاسَانيّ، وأبو عَبْدِ اللَّهِ الدَّنِفُ، وأبو الحَسَن المَشْعُوفُ، فأنْشَدَهُم أبو عَبْدِ اللَّهِ الشِّبْليُّ خَادِم المُتَنَبِّي بَيْتَ أَبي المَنْصُور المَكْفُوف المَقْدِسِيّ وسَألَهم إجازَتَهُ، وهو في أوَّلهِ شِيْنٌ وآخره شِينٌ:[من البسيط]

شِبهُ الهِلَالِ على غُصْنٍ مُنَعَّمةٌ

بَيْضاءُ نَاعِمَةٌ في كَفِّها نقَشُ

فبَدَر أبو الحَسَن المَشْعُوف فقال:

شَفَّتْ بطَلْعَتِها مَنْ كان ذَا نُسُكٍ

فالقَلْبُ منهُ لِمَا قد نَالَهُ دَهِشُ

ثم قال أبو القَاسِم النَّاصِبيُّ:

شُغْلُ المُحبّ عَنِ اللَّذّاتِ إنْ عَرَضَتْ

والصَّبُّ بالوَصْلِ مِنها كانَ يَنْتَعِشُ

ثم قال أبو العَدْلِ:

شَهدْتُ أنَّ هَوَاهَا لسْتُ تارِكَهُ

حتَّى أمُوْتَ وإنْ أَوْدَى بيَ الطَّيَشُ

ثُمَّ قال أبو تَمَّام الخُرَاسَانيُّ:

شَوْقي إليكِ شَدِيدٌ غيرَ مُنْتَقصٍ

كأنَّ في القَلْبِ أفْعَى فَهْوَ يَنْتَهِشُ

ثُمَّ قال أبو عَبْدِ اللَّهِ الدَّنِفُ:

شَيْئانِ فيها لعَمْري فيهما عَجَبٌ

وَجْهٌ جَمِيلٌ وفِعْلٌ كُلُّه وَحِشُ

ثُمَّ سَألوا أبا الطَّيِّب القَوْلَ فقال

(1)

:

شَمْسٌ تَلُوحُ على وَجْهٍ تَرُوقُ بِهِ

ما شَانَهُ كَلَفٌ فيه ولا نَمَشُ

(1)

لم أقف عليه في ديوانه.

ص: 309

‌أبو عَبْدِ اللَّهِ الرُّصَافِيُّ الحَلَبِيُّ الشَّاعِرُ

مَوْلًى لبَني أُمَيَّة، شَاعِرٌ رَوَى عن دِعْبِل بن عليّ الخُزَاعِيّ. رَوَى عنهُ مَنْ لَم يذْكر اسْمه.

قَرأتُ في كتاب المُسْتَنِير للمَرْزُبَانِيّ

(1)

، في أخْبَار دِعْبِل بن عليّ، قال: حَدَّثَني بعضُ أصْحَابِنا عن أبي عَبْد اللَّه الشَّاعر الرُّصَافيِّ الحَلَبِيّ، وهو مَوْلًى لبني أُمَيَّة، قال: كان دِعْبِل مُوْلَعًا بالهِجَاءِ، وكان لا يَمْدَحُ أحدًا إلَّا أقلّ ذاك؛ لا لأنَّ ذلك لم يكُن في طَبْعِهِ، ولكنَّه كان يرفَعُ نفسَهُ عنه، فإذا اضْطُرَّ إلى المَدِيْح قال البَيْتَ أو البَيْتَيْن او الأبْيَات القَلَائِل، وكانت له نَفْسٌ عَجِيْبَة.

قال: واجْتازَ بحَفْص بن عُمَر، وهو يتَولَّى ديارَ مُضَرَ، فلَم يُعْطِهِ حَفْص شَيئًا، وأدارَهُ (a) على أنْ يَمْتَدِحَه ليُعْطيَهُ على المَدِيْح، فِلَم يَفْعَل، وقال له: عَرَّضْتَ لي نفسَكَ طَمَعًا في أنْ أهْجُوَكَ، كما هَجَوْت الخُلَفَاءَ ومنْ يَتْلُوهُم، فيُقال إنَّ دِعْبِلًا هَجَا فُلَانًا أَمِيرَ المُؤْمنِيْنَ وهَجَا حَفْص بن عُمَر! هَيْهاتَ أنْ أفعَلَ ذلك.

‌أبو عَبْدِ اللَّه الرَّازِيُّ

من عُبَّادِ الصُّوْفيَّةِ، وكان بطَرَسُوس، وحَكَى عن بعض الصَّالِحين.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّدُ بن هِبَةِ اللَّه بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن حَمُوْيَه الجُوَيْنِيّ، خ.

(a) م: وأجازه.

_________

(1)

تقدم التعريف بكتاب المستنير، وهو كتاب ضائع، في ترجمة أبي العتاهية، في الجزء الرابع.

ص: 310

وأخْبَرَتَنْا زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن الشَّعْرِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح بن شَاه الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو النَّجِيْب القَارِئُ، قال: أخْبَرَنا أبو الأسْعَد القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ

(1)

، قال: وحُكيِّ عن أبي عَبْد اللَّهِ الرَّازِيّ، قال: خَرَجْتُ من طَرَسُوس حَافِيًا، وكان معي رَفِيْقٌ، فدَخَلْنا بعضَ قُرَى الشَّام، فجاءني فَقِيْرٌ بحذاءٍ، فامْتَنَعْتُ من قَبُولهِ، فقال لي رَفِيْقي: البَسْ هذا فقد عَيِيْت (a) فإنَّهُ فُتِحَ (b) عليك بهذا النَّعْل بسَبَبَي، فقُلتُ: ما لك؟ فقال: نَزَعْتُ نَعْلي مُوَافقَة لك ورِعَايةً لحقِّ الصُّحْبَةِ.

‌أبو عَبْد اللَّه الأَقْسَاسِيُّ العَلَويُّ

(2)

شَرِيفٌ فَاضِلٌ، قَدِمَ حلَبَ وَافِدًا على الأَمِير سَيْف الدَّوْلَةِ أبي الحَسَن عليّ بن حَمْدَان، وحَضَر وَفَاته، وصَلَّى عليه، وكَبَّر خَمْسًا. واسْمُه [. . .](c) وقد ذَكَرْناهُ.

(a) الأصل، م: عيت، والمثبت من الرسالة القشيرية.

(b) القشيري: قد فتح.

(c) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، وفي م قدر كلمة، ولم نقف على اسمه، ولم يرد له ذكر في المتبقي من الكتاب.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 193.

(2)

كان حيًّا سنة 356 هـ، وذكره ابن شداد (الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 315): وسماه: "أبو عبد اللَّه الأقساسي الكوفي"، والذهبي (سير أعلام النبلاء 16: 189) وسماه: "القاضي العلوي"، والصفدي (الوافي بالوافيات 31: 193) ذكره ثلاثتهم في ترجمة سيف الدولة ابن حمدان، وصلاته عليه، ولم أقف على اسمه أو مَن أفرد له ترجمة، وورد في كتاب أمراء الحج للهمذاني (المنشور بآخر كتاب قطع تاريخية من عنوان السير) ذكر أبي عبد اللَّه أحمد بن أبي الحسين عبد بن عبد اللَّه العلوي، حج بالناس من العراق في الحقبة الممتدة من سنة 366 - 388 هـ، فلعله هو. انظر: قطع تاريخية من كتاب عنوان السير للهمذاني 321 - 322.

ص: 311

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عَبْد الرَّحْمن

‌أبو عَبْدِ الرَّحمن السُّلَمِيُّ

واسْمُهُ عَبْد اللَّه بن حَبِيْب، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ رِضْوَان اللَّهِ عليهِ (a)، وقد قَدَّمْنا ذِكْرَهُ في العَبَادِلَةِ

(1)

.

‌أبو عبدِ الرَّحْمن الحَلَبِيُّ

رَوَى عن عَبْد اللَّهِ بن عَمْرو بن العَاص رضي الله عنه، رَوَى عنهُ قيس بن الحَجَّاج.

قَرَأتُ في كتاب الخَيْل والفُرُوسِيَّةِ، تأليفُ مُحَمَّد بن يعقوب ابن أخي خَزَّام الخُتَلِيِّ: حَدَّثني إبْراهيمِ -يعني: ابنَ عَبْد اللَّه بن الجُنَيْد الخُتَّليِّ (b) - قال: حَدَّثَني يَحْيَى بن بُكَيْر، قال: حدَّثَني عَبْدُ اللَّه بن لَهِيْعَة، قال: حَدَّثَني قَيْسُ بن الحَجَّاج،

(a) م: رضوان اللَّه عليه ورضوان اللَّه عليهم أجمعين.

(b) الأصل، م: الحلبي، وفوقه في الأصل علامة التصحيف "صـ"، وصوابه المثبت، انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7: 35، تاريخ الإسلام 6: 287، سير أعلام النبلاء 12: 631 - 632.

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 73 هـ، وقيل: 105 هـ. وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 172 - 175، تاريخ خليفة 273، طبقات خليفة 153، تاريخ البخاري الكبير 5: 72 - 73، التاريخ الصغير 1: 186، 232، تاريخ الثقات للعجلي 503، المعارف 528، المعرفة والتاريخ 1: 219 - 220، الجرح والتعديل 5: 37، الثقات لابن حبان 5: 9، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 164، حلية الأولياء 4: 191 - 195، تاريخ بغداد 11: 88 - 89، السمعاني: الأنساب 7: 181، ابن الجوزي: المنتظم 7: 101، صفة الصفوة 3: 58، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 113 - 114، المزي: تهذيب الكمال 14: 408 - 411، وترجم له المزي أيضًا في الكنى 34: 42، الذهبي: تاريخ الإسلام 2: 897 - 898، معرفة القراء الكبار 1: 146 - 151، سير أعلام النبلاء 4: 267 - 272، الكاشف 2: 79، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 6، تهذيب التهذيب 5: 183 - 184، تقريب التهذيب 1: 408، 2: 446، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 413 - 414.

ص: 312

عن أبي عَبْد الرَّحْمن الحَلَبِيّ، عن عَبْد اللَّه بن عَمْرو بن العَاص، قال: رِبَاطُ شَهْر أفْضَل من صِيَام دَهْرٍ.

‌أبو عَبْدِ الرَّحْمن المِصِّيْصيُّ

رَوَى عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، ورَجُل لَم يُسَمِّه، رَوَى عنهُ زُهَيْرُ بن عَبَّادٍ الرُّوَاسِيّ.

أخْبَرَنا عَبْد اللَّه بن عُمَر بن عليّ بن الخَضِر، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، عن أَبِيهِ عُمَر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن أسَد بن عَمَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ بالإجَازَة المُطْلَقَة، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِمِ، قال: أخْبَرَنا إسْحَاقُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن حُمَيْدٍ العَكِّيّ، قال: أخْبَرنا زُهَيْر بن عَبَّادٍ الرُّوَاسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن المِصِّيْصيّ، ممَّن أخْبَرهُ، عن يُونُس بن عُبَيْدٍ، عن الحَسَن، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ في وَجْهِ جِبْرِيل ومِيْكائِيل خُدُودًا من أثَر الدُّمُوع لو أنَّ سُفُن المَوَاقِيْر أُرْسِلتْ فيها لجَرَتْ، قال: فاطَّلَعَ اللَّه تبارك وتعالى إليهما فقال: ما هذا الخوفُ الّذي أرَى بكما وأنتما عَبْدَيَّ (a) لَم تَعْصِياني طَرْفَة عَيْنٍ، وأنتُما تَعْلمان أنِّي حَكَمٌ عَدْلٌ لا أجُور؟ قالا: أجَل رَبّنا؛ إنَّك حَكَم عَدْلٌ لا تَجُور، ولكنَّا لا نأمَن مَكْرَكَ، فقال اللَّهُ تبارك وتعالى: أجَل، فلا تأمنَا مَكْري؛ فإنَّهُ لا يأمنُ مَكْرِي إلَّا القَوْم الخَاسِرُونَ.

أنْبَأنَا أبو المَيْمُون عَبدُ الوَهَّاب بن عَتِيق بن وَرْدَان، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بنُ حَمْد (b) الأرْتاحِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو الحَسَنِ بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا

(a) كذا في الأصل، وم، وفوقها في الأصل:"صـ".

(b) م: حميد.

ص: 313

حَمْزَةُ بن مُحَمَّد بن عليّ بن العبَّاسِ الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا عمْران بنُ مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن عَبَّاد، قال: حَدَّثَنَا أبو عبدِ الرَّحْمن المِصِّيْصيُّ، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، قال: كان في إزَار عليّ رضي الله عنه ثَمانية عَشر رُقْعَةً، فقيل: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، لو لبسْتَ، فقال: هذا أخْشَعُ للقَلْب، وأجْدَر أنْ يقتَدِيَ بي المُسْلِم، قال سُفْيانُ: ولم أُغَالي بإزَاري وهذا إزار أَمِير المُؤْمنِين.

‌أبو عَبْدِ الرَّحْمن القُرَشِيُّ الحَلَبِيُّ

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، قَديم العَصْر، في زَمَان ابن المُعْتَزّ أو قبله، هاشِميّ النَّسَب.

قَرأتُ في كتاب الأنْوَار، تأليفُ أبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الشِّمْشَاطِيّ

(1)

، قال: ومن حَسَنِ الكَلَام وعَذْبِهِ ومَلِيحهِ قَوْل أبي عبد الرَّحْمن القُرَشِيّ الحَلَبيِّ: [من الهزج]

ويَوْمٍ حَجَبَ الغَيثُ

بهِ الصَّحْوَ عنِ الأرْضِ

بنَوْعَينِ منَ القَطْرِ

بمَعْقُودٍ ومُرْفَضِّ

فلمَّا مَخَضَتْه الرِّيْـ

ـحُ أبْدَى صَادِقَ المَخْضِ

وحَضَّ الرَّعْدُ والبَرْقُ الـ

ـعَوَالي أيّما حَضِّ

فسَدَّ الجَوَّ بالطُوْلِ

وسَدَّ الأرْضَ بالعَرْضِ

وسِحَّ الماءُ حتَّى صَا

رَت الرَّبْوَةُ كالخَفْضِ

فباتَتْ تتَبَارَى

كتَبَارِي الخَيْل في الرَّكْضِ

وكالأسْهُم إذ فُوِّقْـ

ـنَ للأغْراضِ بالنَّبْضِ

فوَجْهُ الأرْض مُعْتَمٌّ

بزَهْرٍ نَاعِمٍ غَضِّ

(1)

لم يرد النقل المذكور في نسخة كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار، بما يدل على نقص ما وصلنا منه، وقد طبع الكتاب بعد العثور على نسخة فريدة منه بخزانة أحمد الثالث بتركيا، كتبت في سنة 639 هـ.

ص: 314

بمُصْفَرٍّ ومُحْمَرٍّ

ومُخْضَرٍّ ومُبْيَضِّ

إذا هبَّت لَهُ الرِّيحُ

تَدَانى البَعْضُ مِنْ بَعْضِ

كما التفَّتْ بهِ الأهْوَا

ءُ بينَ الشَّمِّ والعَضِّ

قال الشِّمشَاطيِّ

(1)

: ولأبي عبد الرَّحْمن الهاشِميّ: [من البسيط]

كأنَّ صَبَّيْن باتا طُوْلَ لَيْلهما

يَسْتَمطِرَان على غُدْرَانها المُقَلَا

وقَرأتُ في مَجْمُوع بخَطِّ بعض الأُدَبَاء، ذَكَرَ أنّهُ نَقَلهُ من خَطِّ مَسْكَوَيْه من مَجْمُوعهِ المَعْرُوف بنَدِيم الفَرِيْدِ

(2)

: لأبي عبد الرَّحْمن الحَلَبِيّ

(3)

: [من الكامل]

شَبَّهْتُ حُمْرَةَ خَدِّه وعِذَاره

بنقَاب وَرْدٍ مُعْلَم ببَنَفْسَجِ

‌أبو عبد الرَّحْمن بن أبي الرِّضَا بن سَالم الرَّحبِيُّ

رَوَى بحَلَب عن أبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن المُتَقَّنة (a) الرَّحبِيّ (b) قَصِيْدتَه في الفَرَائِض في رجَب من سَنَة اثْنَتَبْن وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، سَمِعَ منه في هذا التَّاريْخ أبو العبَّاس أحْمَدُ بن الحُسَين العِرَاقِيّ، وأبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن حَرْب بن يُوسُف.

(a) أصل: المتفّنة، والمثبت من م والخريدة لابن العماد، وتقدم ذكره في الجزء الثاني على النحو المثبت، ويُقال فيه أيضًا ابن المتفننة (ت 577 هـ). انظر ترجمته في خريدة القصر 12: 241 - 242، ابن الدبيثي: ذيل تاريخ بغداد 1: 493 - 494 (وفيه: ابن المُتْقِنة).

(b) ساقطة من م.

_________

(1)

لم يرد في كتاب الشمشاطي المذكور آنفًا، وبيت الشعر في معاهد التنصيص للعباسي 3: 70 منسوبًا لمحمد بن أبي زرعة.

(2)

سماه ياقوت والصفدي: كتاب أنس الفريد، كتاب يتضمن أخبارًا وأشعارًا مختارة وحكمًا وأمثالًا، وهو غير مبوّب. انظر: معجم الأدباء 2: 495، الوافي بالوفيات 8:110.

(3)

البيت ذكره السري الرفاء في كتابه المحب والمحبوب 1: 52 منسوبًا للصنوبري، وعلى هذا أُدرج في المستدرك على ديوان الصنوبري 407.

ص: 315

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الإِمَامُ أبو العبَّاس أحْمَد بن الحُسَين العِرَاقِيّ، قال: أخْبَرَني أبو عبد الرَّحْمن بن أبي الرِّضَا بن سَالِم الرَّحبِيّ، قال: أَنْشَدَنِي الشَّيْخ الإِمَام أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد المُقِيْم بالرَّحْبَةِ، المَعْرُوف بالمُوَفَّقِ، وذَكَرَ أنَّهُ لقَّنَهُ إيَّاها، وقَرأتُها أنا عليه من الكتابِ وهو يُقَابلني بحِفْظه، ونحنُ يَوْمئذٍ بحَلَب بمَدْرَسَةِ ابن العَجَمِيّ في رَجَب من سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وخَمْسِمائَة

(1)

: [من الرجز]

أوَّلُ ما نَسْتَفْتحُ المَقَالَا

بذِكْرِ حَمْدِ رَبّنِا تَعالَى

والحَمْدُ للَّهِ على ما أنْعَمَا

حَمْدًا به يَجْلُو (a) عن القَلْب العَمَى

ثُمَّ الصَّلاةُ بعدُ والسَّلامُ

على نَبيٍّ دِيْنهُ الإسْلَامُ

مُحَمَّدٍ خَاتم رُسْلِ رَبِّهِ

وآلِهِ منَ بَعْدِه وصَحْبهِ

ونَسْألُ اللَّه لنا الإعَانَهْ

فيما تَوخَّيْنَا من الإبانَهْ

وذَكَرَ القَصِيدَةَ إلى آخرها.

‌أبو عُبَيْدَة بن الجَرَّاح

فَتَحَ حَلَب وقِنَّسْرِيْن، واسْمُهُ عَامِر بن عَبْد اللَّه بن الجَرَّاح، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في حَرْف العَيْن

(2)

.

(a) الأصل، م: نجلو، والمثبت من الرحبية.

_________

(1)

متن الرحبية في الفرائض 5 (ط 5، الرياض: الرئاسة العامة للإفتاء والدعوة، 1989 م).

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 18 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 3: 409 - 415، 7: 384 - 385، طبقات خليفة 27، 300، تاريخ خليفة 78، 119 - 139، 155، تاريخ البخاري الكبير 6: 444 - 445، التاريخ الصغير 1: 65 - 83، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 112، 120، المعرفة والتاريخ 3: 166، المعارف لابن قتيبة 247 - 248، تاريخ الطبري (أخباره كثيرة، ووفاته في 4: 288 - 289)، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 27، الجرح والتعديل 6: 325، أبو نعيم الأصبهاني: =

ص: 316

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عُبَيْد

‌أبو عُبَيْدٍ البُسْرِيُّ الزَّاهِدُ

واسْمُه مُحَمَّد بن حَسَّان، غَزَا الرُّوم في بعض السِّنِيْن واجْتازَ بحَلَب أو بعض عَملها في غَزَاته، وقد ذَكَرْناهُ

(1)

.

‌أبو عُبَيْد بن حَرْبُوَيه

(2)

واسْمُه [عليّ بن الحُسَيْن بن حَرْب](a)، حدَّث بمَعَرَّة النُّعْمَان، رَوَى عنهُ أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن مِسْعَر المَعَرِّيّ، وقد ذَكَرْناهُ

(3)

.

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل وم قدره ثلاث كلمات، والاستكمال من مصادر ترجمته.

_________

= حلية الأولياء 1: 100 - 102، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 41، الاستيعاب 4: 1710 - 1711، تاريخ ابن عساكر 35: 435 - 491، صفة الصفوة 1: 365 - 369، أسد الغابة 3: 84 - 86، 5: 249، تهذيب الكمال 14: 52 - 57، وترجم له المزي أيضًا في الكنى 34: 54، تاريخ الإسلام 3: 99، سير أعلام النبلاء 1: 5 - 23، العبر في خبر مَن غبر 1: 16 - 17، الكاشف 2: 56، الوافي بالوفيات 16: 575 - 576، ابن كثير: البداية والنهاية 5: 355، 7: 19 - 24، 75، الإصابة 4: 11 - 13، تهذيب التهذيب 5: 73 - 74، تقريب التهذيب 1: 388، 2: 448، شذرات الذهب 1:166.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 260 هـ، وترجمته في: الرسالة القشيرية 1: 93، السمعاني: الأنساب 3: 228، تاريخ ابن عساكر 52: 278 - 289، صفة الصفوة 4: 241 - 243، معجم البلدان 1: 430، تاريخ الإسلام 6: 237 - 238، ابن ناصر الدين: توضيح المشتبه 1: 503.

ونسبته عند ياقوت (معجم البلدان 1: 430) إلى قرية تسمى بُسْر، من أعمال حوران بموضع يسمى اللحا، ونص السمعاني في الأنساب 2: 228 على أن نسبته إلى بصرى البلدة الشامية المعروفة، وليس إلى بُسر ابن أرطأة، وإنما أبدلت الصاد سينًا فقيل البسري على قياس قولهم في السراط والصراط والسقر والصقر.

(2)

توفي سنة 319 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن يونس الصدفي (قسم الغرباء) 3: 151 - 152، تاريخ بغداد 13: 334 - 337، السمعاني: الأنساب 4: 110، ابن الجوزي: المنتظم 13: 302 - 303، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 15 - 16، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 356، العبر في خبر مَن غبر 2: 4، سير أعلام النبلاء 14: 536 - 538، الوافي بالوفيات 21: 19، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 3: 446 - 455، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 167، ابن حجر: رفع الإصر 268 - 276، النجوم الزاهرة 3: 231 - 232، شذرات الذهب 4: 93، معجم المؤلفين 7: 72، الزركلي: الأعلام 4: 277.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 317

‌أبو عُبَيْدٍ

صَاحِبُ الغَرِيْب

(1)

، واسْمُهُ القَاسِم بن سَلَّام، قَاضِي طَرَسُوس، قَدَّمْنا ذِكْرهُ في حَرْف القَافِ

(2)

.

‌أبو عُبَيْد بن أبي عَمْرو

(3)

حَاجِب سُليْمان بن عَبْدِ المَلِك بن مَرْوَان ومَوْلاه، اخْتُلفَ في اسْمُه اخْتِلَافًا كَثِيْرًا؛ فقيل: اسْمُه عَبْد المَلِك، وقيل: حُيَى، وقيل: حُوَيّ، وقيل: مُسْلم بن عُبَيْد.

(1)

أي كتاب غريب الحديث، صنَّفه على حروف المعجم.

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي القاسم بن سلام سنة 224 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 355، تاريخ البخاري الكبير 7: 172، التاريخ الصغير 2: 321، المعارف لابن قتيبة 549، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 211، الزبيدي: طبقات النحويين 217 - 221، تاريخ بغداد 14: 392 - 407، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 1: 259 - 262، تاريخ ابن عساكر 49: 58 - 85، ابن الأنباري: نزهة الألباء 109 - 114، ابن الجوزي: المنتظم 11: 95 - 97، صفة الصفوة 4: 120 - 132، معجم الأدباء 5: 2198 - 2202، القفطي: إنباه الرواة 3: 12 - 23، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 14: 300 - 304، وفيات الأعيان 4: 60 - 63، تهذيب الكمال 33: 354 - 369، وترجم له أيضًا في الكنى 34: 49، الحافظ اليغموري: نور القبس مختصر المقتبس 314 - 316، تاريخ الإسلام 5: 654، ميزان الاعتدال 3: 371، طبقات القراء 1: 199 - 202، سير أعلام النبلاء 10: 490 - 509، معرفة القراء الكبار 1: 360 - 365، العبر في خبر مَن غير 1: 308، تذكرة الحفاظ 2: 417 - 418، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 7: 22 - 24، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 2: 153 - 160، تاريخ ابن الوردي 1: 333، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 391 - 393، النجوم الزاهرة 2: 241، السيوطي: طبقات الحفاظ 182 - 183، بغية الوعاة 2: 253 - 254، القنوجي: التاج المكلل 96 - 97.

(3)

توفي بعد سنة 110 هـ، وترجمته في: التاريخ الكبير 3: 75 - 76، الجرح والتعديل 7: 111، تاريخ ابن عساكر 67 - 73، تاريخ الإسلام 3: 347 - 348، تهذيب التهذيب 12: 158، تقريب التهذيب 2:448.

ص: 318

حَدَّثَ عن أنَس بن مَالِك، وعَمْرو بن عَبَسَةَ السُّلَمِيّ، ونُعَيْم بن سَلامَة، ونَافِع مَوْلَى ابن عُمَر، وعَطَاء بن يَزِيد اللَّيْثِيّ، وعُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ورَجَاء بن حَيْوة، وعُقْبَة بن وِشَاحٍ، وعُبَادَة بن نُسَيّ، والقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بَكْرٍ.

رَوَى عنهُ سُهَيْل بن أبي صالح، ومالك بن أنسٍ، والأوْزَاعِيّ، ورَجَاء بن أبي سَلَمَة، ومُحَمَّد بن عَجْلان، وعبد اللَّه بن عَامِر الأَسْلمِيّ، وعَمْرو بن الحَارِث، وأبو رَزِيْن الفِلَسْطِيْنيّ، وبِشْر بن عَبْدِ اللَّه بن يَسَار، وصالح بن رَاشِد، وصالِح بن الأخْضَرِ، وعبد اللَّهِ بن سَعْد بن أبي هِنْدٍ، وأيُّوْب بن مُوسَى القُرَشِيّ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مُحَمَّد بن الحَسَن الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرَنا عَمِّي أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد هِبَةُ اللَّه بن أحْمَد بن طَاوُس، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن أبي العَلَاء الفَقِيه، ح.

قال أبو القَاسِم: وأخْبرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن أبي الحَسَن بن إبْراهيم الدَّارَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بنُ عليّ بن الفَضْل بن طَاهِر بن الفُرَات، قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِم بن أبي نَصْر، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن حَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا أبو أُمَيَّة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَزِيد بن سِنَان، قال: حَدَّثَنَا يَزِيد -يعني أباه- قال: حَدَّثَنَا أبو رَزِيْن، عن أبي عُبَيْد حَاجِب سُليْمان، عن نَافِعٍ، عن ابن عُمَر

(2)

، عن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: اللَّهُمَّ بارك لنا في مَكَّتِنا، وبارك لنا في مَدِيْنَتنا، وبَارِك لنا في شَامِنَا، وبارك لنا في يَمَنِنا، وبَارك لنا في صَاعِنَا، وبارك لنا في مُدنَّا، فقال رَجُلٌ: يا رسُول اللَّه، العِرَاق ومِصْر؟ فقال: هناك ينبتُ قَرْنُ الشَّيْطَان، وثَمَّ الزَّلَازِلُ والفِتَنُ (a).

(a) بعده بياض في الأصل قدر خمسة أسطر، وثلاثة أرباع الصفحة بعدها.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 1: 136.

(2)

مسند ابن حنبل 8: 187 (رقم 5987)، حلية الأولياء لأبي نعيم 6: 133، فتح الباري 13: 45 (رقم 7094)، وانظر: المسند الجامع 10: 788 (رقم 8227)، ولم يرد عند الجميع لفظ:"مكتنا".

ص: 319

‌أبو عُتْبَة، مَوْلَى عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان

كان بِدَابِق في عَسْكَر سُليْمان بن عَبْد المَلِك، حَكَى عن يَزِيد بن المُهَلَّب، ومُوسَى بن نَصْر (a)، ويَزِيْد بن أبي مُسْلِم، وعُثْمان بن حَيَّان (b).

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عُثْمان

‌أبو عُثْمان بن حَرْبٍ الأنْطَاكِيُّ

(1)

حَدَّثَ عن أحْمَد بن إبْراهيم البَالِسِيِّ ببَغْرَاس، رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ الحافِظُ.

أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن أبي طَالِب بن شَهْرَيَار في كِتَابِهِ إليْنَا من أصْبَهَان، قال: أخْبَرَتنا أُمُّ البَهَاء فاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي عليّ البَغْدَاديّ، قالت (c): أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مَحْمُود بن أحْمَد (d) الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا حَاجِبُ بن مَالِك بن أَرْكِيْن الفَرْغَانيّ بدِمَشْقَ وببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيم البَالِسِيّ، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بنُ سُلَيمان الشَّيْزَرِيُّ، عن أبي إسْحَاق الفَزَارِيّ، قال: قُلْتُ لسُفْيان الثَّوْرِيّ: أعْظَمَ اللَّهُ أجْرَكَ في شُعْبَةَ، فقال: رَحِمَ اللَّهُ أبا بِسْطَام، حَدَّثَني شُعْبَة (e)، عن الحَكَم، عن ابن أبي لَيْلَى، عن ابن مَسْعُود: أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حَجَّ مُقْرنًا.

قال الشَّيْخُ أبو بَكْر: ذَكَرْتُ الحَدِيْثَ لأبي عُثْمان بن حَرْب الأنْطَاكِيّ ببَغْرَاس، فقال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيم البَالِسِيّ، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن سُلَيمان،

(a) تاريخ ابن عساكر: نصير.

(b) تاريخ ابن عساكر: حبان.

(c) الأصل: قال.

(d) ساقطة من م.

(e) م: سعد.

_________

(1)

روى عنه ابن المقرئ في معجمه 67 حديثًا مسندًا، قال بعقبه: أظن اسم أبي عثمان محمد.

ص: 320

عن أبي إسْحَاق، عن أَبِيهِ، قال: قُلْتُ لسُفْيان الثَّوْرِيّ: أعْظَمَ اللَّهُ أجْرَكَ في شُعْبَة، ولَم يَقُل الفَزَارِيّ ولا غيره.

‌أبو عُثْمان الصَّنْعانِيُّ

واسْمُه شَرَاحِيْل بن مَرْثَد (a)، قد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو عُثْمان بن مَرْوَان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان بن الحَكَم بن أبي العَاصِ الأُمَوِيُّ

(2)

كان مع أبيهِ لمَّا اجْتازَ بحَلَب هَارِبًا من جَيْشِ بني العبَّاسِ، فلمَّا قُتِلَ أبوه ببُوْصِيْر أُسِرَ، وحُمِلَ إلى أبي العبَّاسِ السَّفَّاح، فسَجَنَهُ وبَقِي في السِّجْن إلى أنْ أطْلقَهُ الرَّشِيْدُ.

‌أبو عُثْمان الوَاسِطِيُّ

دَخَلَ الثُّغُور الشَّامِيَّةَ، وغَزَا الصَّائِفَةَ، وحَكَى عن شُقْرَان الثَّغْرِيّ، رَوَى عنهُ أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّدُ بن الضَّوّ، وقد ذَكَرْنا في تَرْجَمَةِ شُقْرَان

(3)

حكايتَهُ عنهُ.

(a) الأصل، م: مزيد، والتصويب من مصادر ترجمته.

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب، وتقدم لابن العديم ذكره في الكنى أيضًا:"أبو الأشعث الصنعاني". وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 22: 447 - 451، تهذيب الكمال 12: 410 - 411، وأعاد الرجمة، أيضًا في الكنى 34: 74، تهذيب التهذيب 4: 319 - 320، تقريب التهذيب 2: 348، الإصابة 3:223.

(2)

ترجمته في: جمهرة أنساب العرب لابن حزم 107، تاريخ ابن عساكر 67:78.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وانظر الحكاية المشار إليها في كتاب عقلاء المجانين لابن حبيب النيسابوري 245.

ص: 321

‌أبو عُثْمان الكَرْجِيُّ

حَكَى بطَرَسُوس حِكَايَةً سَمِعَها منه أبو بَكْر عُثْمان بن مُحَمَّد بن الحُسَين، صَاحِب الكَتَّانِيّ، رَوَاها عن عبد الرَّحْمن بن عُمَر رُسْتَه، وقد ذَكَرْناها في تَرْجَمةِ أبي بَكْر عُثْمان بن مُحَمَّد

(1)

.

‌أبو العَدْل الشَّاعِرُ

قد ذَكَرْنا في تَرْجَمَةِ أبي عَبْد اللَّه الشِّبْليّ وأبي عَبْد اللَّه الدَّنِف، حين أنْشَدَهُم الشِّبْليُّ خَادِم المُتَنَبِيّ، وهم عند المُتَنَبِّي، بَيْتَ أبي مَنْصُور المَكْفُوف، وسَألَهم إجَازتَهُ، فقال أبو العَدْل (a):[من البسيط]

شَهِدْتُ أنَّ هَوَاهَا لسْتُ تارِكُهُ

حتَّى أمُوتَ وإنْ أَوْدَى بيَ الطَّيَشُ

وذَكَرنا الحِكَايَة بكَمَالها في تَرْجَمَتِهما

(2)

.

‌أبو العِزّ بن صَدَقَة الحَرَّانيُّ البَغْدَاديُّ

(3)

وَزِير أبي المَكارِم مُسلِم بن قُرَيشٍ العُقَيْلِيّ، واسْمُه عليّ.

كان يَرْجعُ إلى فَضْل وعِلْم وأدبٍ، وحُسْن تَدْبير، وسيَاسَة للمُلْك، وكان مُغَاليًا في مَذْهَب السُّنَّة، وأبو المَكَارِمِ مُغَالٍ في التَّشَيُّع. وقَدِمَ مع أبي المَكَارِم حَلَب حين مَلَكها، وكان يَتَوسَّط عندَهُ بالخَيْر، وعنده تَدَيّن.

(a) زيد في م بعده: يقول.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

فيما تقدم من هذا الجزء.

(3)

توفي سنة 478 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 115 - 117، ابن الأثير: الكامل 10: 146.

ص: 322

ثُمّ إنَّهُ وَصَلَ إلى حَلَب في سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، سَيَّرَهُ أبو المَكَارِم لجَمْع أمْوَال حَلَب، وعَدَل عمَّا كان يَعْمله في أوَّل الأمْر من العَدْلِ والإحْسَان، وصَادَر جَمَاعَةً وضاعَف الخَرَاج، وكان أبو المَكَارِم بالقَادِسيَّة، فبَلغَ أبا العِزّ الوَزِير أنَّ مَمْلُوكَيْن أرادَا قَتْل شَرَف الدَّوْلَة أبي المَكَارِمِ، فعادَ من حَلَب إلى القَادِسيَّةِ، فقبضَ عليه شَرَف الدَّوْلَة وحَبَسَهُ وصادرَهُ في سنَة سَبْعٍ وسَبْعِين.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَاتِب الأصْبَهَانِيّ

(1)

في حَوَادِث سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة: في صَفَر كان مَقْتَلُ شَرَف الدَّوْلَةِ مُسْلِم بن قُرَيْشٍ، وكان أبو العِزَّ بن صَدَقَة في اعْتِقَال شَرَف الدَّوْلَةِ، فوَرَدَ إلى بَغْداد فارًّا من حَبْسه، وكان قد اعْتَقَلَهُ بعد أنْ وَزَر السِّنِيْن الطَّويلة، ومَهَّد أمْره، ثمّ تغيَّر عليه وقبَضَهُ، فعاتبَهُ بعضُ أصْحَابهِ، فقال: ما آمنُه لأنَّهُ عَازِم على قِتَالِ (a) ابن جَهِيْر، ومُتَوَجِّهٌ إلى حَرْبه (b) ولولا ذلك لأطلَقْتُه، فإنَّني أخَافُ أنْ يَخْرُج منه عليَّ ما لا أتلَافاهُ (c).

وحَبَسَهُ بالرَّحْبَةِ، وسَاعدَهُ ابن الجَسَّار، وعَمل سَفيْنَةً خَفِيْفةً، وأظْهَر أنَّهُ يُريد أنْ يَخْدُم بها شَرَف الدَّوْلَةِ، فلمَّا تَمَّ (d) خَرَج في زيَّ امْرأةٍ من بَيْت عَجُوز إلى جَنْب الحَبْس نقَبَ إليه وخَرج، فلمَّا وَصَلَ إلى الباب قال بعضُ النَّاسِ: هذه الامْرأةُ ما أطْوَلها! فقال ابنُ الجَسَّار: امْسك! قَطَعَ اللَّه لسَانك، لا تَذْكُر حُرَم النَّاس، وكان الفُرَات ناقصًا فلمَّا جَلَسَ في السَّفِيْنَة زَادَ ذِرَاعًا، فانْحَدَر إلى الأرْحَاء ببَغْدَاد، وقَصَدَ باب المَرَاتِب.

(a) م: قتل.

(b) الأصل، م: حرمه، والمثبت هو الأوجه.

(c) م: أتلاقاه.

(d) كذا في الأصل وم، وفوقها في الأصل:"صـ"، ولعل الأظهر: تمت.

_________

(1)

أحداث سنة 478 هـ تقع ضمن الضائع من كتاب البرق الشامي للعماد الكاتب ولم يرد في كتابه الآخر: تاريخ دولة آل سلجوق، ولم يرد ذكر ذلك أيضًا في المختصر الذي صنعه الفتح البنداري للكاتب.

ص: 323

وحُكِي عنه أنَّهُ كان يُخاطب أصْدِقَاءَهُ بعد أنْ وَلِيَ الأعْمَالَ العَظِيمَةَ والولَايات بما كان يُخاطبهم به، ويقُول: لم ينْقُصُوا بل زدْتُ أنا، وزِيَادتي لا تَمْنَعُ من تَوْفيتي ما عودَّتهم.

وتُوفِّيَ ابنُ صَدَقَة بعد وُصُولِه بأرْبَعة أشْهُر في جُمَادَى الأُوْلَى من هذه السَّنَةِ.

‌أبو العِزّ بن عليّ بن المُهَنَّا المَعَرِّيُّ

أخُو النَّاظِر المَعَرِّيّ.

شَاعِرٌ مجُيْدٌ، ومن شِعْره ما نَقَلْتُهُ من خَطِّ يَحْيَى بن أبي طَيّ النَّجَّار في مَجْمُوعٍ له

(1)

: [من السريع]

ونَائم عن سَهَري قال لي

وقد طَوَاني حُبُّه طيَّا

أأنت حَيٌّ بعدُ قُلتُ: انْتَبِه

فالمَيْتُ في النَّوْم يُرَى حيَّا

وله أيضًا: [من الرمل]

أيُّها البَدْرُ الّذي حَازَ المُلَحْ

وحَوَى تِيْهًا ودَلًّا ومَرَحْ

بالَّذي أعْطَاك في الحُسْنِ المُنَى

ارْحَمِ الصَّبَّ الّذي فيك افْتَضَحْ

لتَعَطَّفْتَ على ذي لَوْعَةٍ

أفْسَدَ الهِجْرَانُ ما مِنهُ صَلَحْ

‌أبو عَسَّاف العُقَيْلِيُّ

(a)

شَاعِرٌ كان بباب سَيْفِ الدَّوْلةَ ابن حَمْدَان من أهْلِ البَادِيَة، رَوَى عنهُ أبو عليّ الهَائِم شَيئًا من شِعْره.

(a) وردت ترجمته في الأصل وم قبل ترجمة أبي العز بن صدقة، وكتب ابن العديم إزاءها:"مؤخر"، وعند الأخرى:"مقدم" فأجريناه على ما أشار.

_________

(1)

البيتان في دمية القصر للباخرزي 2: 18 والوافي بالوفيات 24: 25، منسوبة لأبي عامر الفضل بن إسماعيل التميمي الجرجاني.

ص: 324

أنْبَأنَا أبو حَفص عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّب، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي، عن أبي القَاسِم عليّ، عن أَبِيهِ المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ، قال: أنْشَدَني أبو عليّ الهَائِم، قال: أنْشَدَني أبو عَسَّاف الحَاجِيَّ العُقَيْلِيّ، شَيْخٌ طَويْلٌ كان ببَاب سَيْفِ الدَّوْلَة حينًا، ورجعَ إلى بادِيَتهِ (a):[من الكامل]

ولقد عَهدْتُ بها نَعائمَ تَرْتَعي

وكأنَّها نُوْقٌ بَدَتْ في أحْلُسِ

قَصَبُ (a) الحَشَائِش سُوْقَها فكأنَّها

قَصَب الزُّمُرّد أو عُيُون النَّرْجِسِ

‌أبو عَطَاءٍ

دَخَلَ على هِشَام بن عَبْد المَلِك بالرُّصَافَةِ فسَألَهُ عن فُقَهَاءٍ الأمْصَارِ، رَوَى ذلك عنه ابنُهُ عُثْمان بن أبي عَطَاء.

ذَكَرَ أبو المُؤيَّد (c) المُوَفَّق بن أحمد المَكِّيِّ الخُوارَزْمِيّ في مَنَاقب أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه، قال: أخْبرَنا الإِمَامُ أبو الحَسَن عليِّ بن مُحَمَّد بن عليَّ الرُّشْكيّ، قال: قَرَأتُ على الإمَام الحاكمِ أبي سَعْد المُحَسِّن بن مُحَمَّد المُلقَّب بابن كَرَامَةَ الجُشُميّ، رحمه الله، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد أحْمَد بن مُحَمَّد النَّجَّار، قال: أمْلَى علينا أبو نَصْر الحَسَنُ بن أبي مَرْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو تُرَاب أحْمَدُ بن سَهْلٍ الطُّوْسيّ، قال: حَدَّثَنَا أَبَان بن عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا قُثَم بن أبي قَتَادَة، عن عُثْمان بن أبي عَطَاء، عن أَبِيهِ، قال: دَخَلْتُ على هِشَام بن عَبْدِ المَلِك بالرُّصَافَة، فقال: يا أبا عَطَاء، هل لك عِلْمِ بعُلمَاءَ الأمْصَار؟ قُلتُ: بلَى يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْنَ، قال: فَمن فَقِيْهُ أهْلِ المَدِينة؟ قُلتُ: نَافِع مَوْلَى ابن عُمَر، قال: فَمن فَقِيْهُ أهْلِ مَكَّة؟ قُلتُ: عَطَاء بن أبي رَبَاح، قال (d): أمَوْلَى أم عَرَبيٌّ؟ قُلتُ: لا (e)؛ بل مَوْلَى، قال: فَمن فَقِيْهُ أهْل اليَمَن؟ قُلتُ:

(a) بعده في م: يقول.

(b) الأصل، م: قصا، وبإهمال الباء.

(c) م: ابن المؤيد.

(d) الأصل، م: قلت.

(e) ساقطة من م.

ص: 325

طَاوُس بن كَيْسَان، قال: مَوْلًى أم عَرَبيّ؟ قُلتُ: لا؛ بل مَوْلى، قال: فَمن فَقِيْهُ أهْل اليَمَامَة؟ قُلتُ: يَحْيَى بن كَثِيْر، قال: مَوْلًى أم عَرَبيّ؟ قُلتُ: لا؛ بل مَوْلى، قال: فَمن فَقِيْهُ أهْلِ الشَّام؟ قُلتُ: مَكْحُول، قال: مَوْلًى أم عَرَبيّ؟ قُلتُ: لا؛ بل مَوْلَى، قال: فَمن فَقِيهُ أهْل الجَزِيْرَة؟ قُلتُ: مَيْمُون بن مِهْرَان، قال: مَوْلًى أم عَرَبيّ؟ قُلتُ: لا؛ بل مَوْلى، قال: فَمن فَقِيْهُ أهْلِ خُرَاسَان؟ قُلتُ: الضَّحَّاك بن مُزَاحِم، قال: مَوْلَى أم عَرَبيّ؟ قُلتُ: لا؛ بل مَوْلَى، قال: فَمن فَقِيْهُ أهْل البَصْرَة؟ قُلتُ: الحَسَن وابن سِيْرِيْن، قال: مَوْلَيان أم عَرَبيَّان؟ قُلتُ: لا بل مَوْليان، قال: فَمن فَقِيْهُ أهْلِ الكُوفَة؟ قُلتُ: إبْراهيم النَّخَعِيّ، قال: مَوْلَى أم عَرَبيّ؟ قُلتُ: لا؛ بل عَرَبيّ، قال: كادَتْ تَخْرُج نَفْسِي ولا تقُول وَاحدٌ عَرَبيّ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عليّ

‌أبو عليّ بن الضَّرَّاب الحَلَبِيُّ الشِّطْرَنْجيُّ الشَّاعرُ

شَاعِرٌ مُجَوِّدٌ، كان بحَلَب، وكان يُجَالِس سَدِيْد الدَّوْلَةِ أبا الحَسَن بن مُنْقِذ، رَوَى عنهُ أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن الفَضْل الكَرْمَانيّ السِّيْرَجَانِيّ، وسَمِعَ منه بحَلَب، وقد ذَكَرْنا رِوَايتَهُ عنه في تَرْجَمَتِهِ

(1)

.

قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي المَكَارِم مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أبي جَرَادَة: قال الشَّيْخُ أبو عليّ بن الضّرَّاب الحَلَبِيُّ يَمْدَحُ العَمِيْدَ الرَّشِيْد شَرَف المُلْك أمينَ الحَضْرَتين أبا سَعْد مُحَمَّد بن مَنْصُور الأصْبَهَانِيَّ: [من الطويل]

خَلِيليَّ إنْ لَم تسعدَاني على وَجْدِي

فلا تعذُلَاني ما شتت الهَوَى وَحْدي

تَسُومَان منِّي سَلْوةً بعدَما بَدَا

لعَيْنَيَّ لَمْعُ البَرْق بالأبْلَق الفَرْدِ

(1)

ترجمة الحسن بن محمد السيرجاني في الضائع من الكتاب.

ص: 326

ولو كُنتُما خِدْني سُهادٍ ولَوْعَةٍ

وعندَكما من لَاعِج الشَّوْق ما عِنْدِي

لَمَا لُمْتُماني في الهَوَى ورثَيْتُما

لمَنْ باتَ منه في جِهَادٍ وفي جَهْدِ

فهل نَفْحَةٌ من جَوِّ هِنْدٍ أَسُوْفُها

وقد عَبقَتْ أعْطَافُها من رُبَى نَجْدِ

عَلِيْلَة أنْفَاسٍ إذا ما تَنَفَّسَتْ

أتَتْكَ بأنْباءٍ عن البَان والرَّنْدِ

لعَلِّي أنْ أُطْفِئ بها نار لَوْعَتي

إذا خَطَرَتْ أو أنْ أكفَّ بها وَجْدِي

وكيف تكفُّ النَّار نَاسِمَةُ الصَّبَا

وما بَرحَتْ بالرّيح سَاطِعَة الوَقْد (a)

أيا طَلَلَى هِنْدٍ سَلَامٌ عليكما

وإنْ هجتُما لي الوَجْدَ يا طَلَلَى هِنْدِ

فكم أرَبٍ قضَّيْتُه في رُبَاكما

وعَيْشٍ تقضَّى في ظِلَالِكُما رَغْدِ

وخَاليَةٍ بالحُسْنِ حَاليَةٍ به تَرُوحُ

على وَصْلٍ وتَغْدُو على صَدِّ

من البيضِ يَمْتَارُ الضُّحَى من جَبِيْنها

وجنْح الدُّجَى من فَرْعِها الفَاحم الجَعْدِ

إذا جَالَ لَحْظُ العَيْن في حُسْن وَجْهها

أبَى الحُسْنُ فيهِ أنْ يَقِر على حدِ

وإنْ سحبَتْ ريْطَ الدَّيَاجِي لزوْره

وأبْدَتْ من الأشْوَاق مثْل الّذي أبْدِي

فمن رِيْقها خَمْري ومن حُسْن لَفْظها

سَمَاعِي ومِنْ تَوْرِيدِ وَجْنَتها وَرْدِي

وَفَتْ لي ولَوْنُ الرَّأسِ أسْوَد حَالِكٌ

يَرُوْق فلمَّا حال حَالتْ عن العَهْدِ

لإنْ بيَّضَتْ رَأسي السُّنُون بمَرِّها

لَمَا هَصَرتْ فَرْعِي ولا ثلَمَت حَدِّي

وما زلْتُ ورَّادًا على كُلِّ خُطَّةٍ

إذا ما أنارَتْ حُلّةٌ للرَّدَى تُرْدِي

وأعْرضُ عن شُرْب النَّمير وبي ظَمأً

شَدِيْدٌ وذَوْدُ الهُون يُسْرع في وِرْدِي

وإنِّي إذا ما اسْتَفْحَل (b) الخَطْبُ وانْبَرَت

زحُوفُ الرَّزَايا في طراد وفي طرْدِ

لأرْكَبُ أطْرَافَ العَوَالي إلى العُلَى

وقد صَحَّ عندِي أنَّهُ مَرْكب مُرْدِ

وأرْكَب حَتْفي والحَيَاةُ شهيَّةٌ

لها بين أنْيَاب الأسَاودِ والأُسْدِ

ولو كان يُجْدِي الاحْتِرَازُ لعِفْتُه

فكيفَ وما يُغْنِي فَتِيلًا ولا يُجْدِي

(a) الأصل: الوفد.

(b) م: استعجل.

ص: 327

سَأفْرِي الفَيَافِي الغُبر كُلّ نَجِيْبةٍ

تَفِرُّ إلي الإرْقَالِ من عَنَتِ الوَخْدِ

بَرَاها السُّرَى حتَّى تخيَّلْتُ أنَّها

حُبَابٌ تلَوَّى أو صَليْفٌ من القِدِ

تجَزَّى بخفَّاقِ النَّسِيم عن الكلَا

وتغْنَى برقْرَاق السَّرَاب عن العدِّ

وكيفَ ترودُ الرَّوْضَ والرَّوْضُ من يدي

وتَسْتَام وِرْدَ الماء والماءُ في غمْدِي

‌أبو عليّ بن كَوْجَك الحَلَبِيّ

كان من أهْلِ حَلَب، وله شِعْرٌ، وقيل: إنَّهُ ينْتَحل الشِّعْر، واسْمُه مُحَمَّد بن عليّ.

قَرَأتُ في تاريخ مُخْتَار المُلْك المُسَبِّحيّ

(1)

في سَنَة ثَمانٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة، قال: وفي هذه السَّنَة وَصَلَ أبو عليّ بن كَوْجَك إلى مِصْر، ومَعَهُ جاريتُه حُسْن، وكانت صَبِيَّةً من أهْلِ حَلَب تُعْرفُ بحُسْن بنت خَاقَان، من أهْلِ بَيْتٍ فيهم تصَوُّنٌ وسِتْرٌ، واشْتَهَت مُعَاشَرَة النَّاس.

قال: ولها شِعْرٌ صالِحٌ يُسْتَطرفُ من مثْلها، وكانت تَهْوَى غُلامًا من أوْلادِ الكُتَّاب المُحَارَفين (a)، وكان أَدِيْبًا يَعْملُ لأبي عليّ الشِّعْرَ بعدَ الشِّعْر، يَمْتَاح (b) بهِ النَّاس، وكانت تُكْثِرُ زِيَارَتَهُ، فوَلَدَتْ على فِراشِ أبي عليّ بن كَوْجَك وَلدًا سَمَّته المُحَسِّن، وكَنَّتْهُ أبا عَبْد اللَّه، فخَرَجَ ثَقِيْلَ الطَّلْعَة، بَارِدَ الشَّاهِد، غَثَّ الأدَب، وتَرَسَّمَ بتَعْليم الصِّبْيَان، فكانت تلك مَعِيْشَتُهُ.

(a) م: والمحارفين. وفي نشرة كتاب المسبحي: المخارقين، والمُحارَف: هو المحروم الذي قُتِّر عليه رزقه أو نقص حظه، يقال له: مُحارَفٌ. لسان العرب، مادة: حرف.

(b) المسبحي: يمتدح.

_________

(1)

مضى التعريف بتاريخ المسبحي في الجزء الثاني من هذا الكتاب، وانظر كلامه ضمن المستدرك على كتابه أخبار مصر 146 - 147.

ص: 328

قال: فكان من أحْسَن غِنَائها شِعْرٌ يُزْعَمُ أنَّهُ لأبي عليّ بن كَوْجَك، وهو:[من المتقارب]

بَكَيْتُ فأضْحَكَني قَوْلُهُ

أتَبْكي وليْ نَاظِرٌ يَطْرِفُ

وكيفَ أُحَاذِرُ حورَ الهَوَى

وَليْ سَيِّدٌ في الهَوَى مُنْصفُ

قَرَأتُ في كتاب الطُّنْبُورِيِّيْن والطُّنْبُورِيّات

(1)

لعليّ بن الحُسَين بن عليّ بن كَوْجَك العَبْسِيّ الحَلَبِيّ، قال: حُسْن جَارِيَة أبي عليّ بن كَوْجَك وليس المصنِّفَ، وذَكَر من حالها شيئًا أضْرَبْتُ عن ذِكْره لقُبْحهِ.

وذَكَرَ المُسَبِّحيّ أيضًا شَيئًا من ذلك، وذَكَرَا جَمِيعًا أنّ سَيِّدَها سافَرَ بها إلى مِصْر؛ يعني: من حَلَب.

‌أبو عليّ الصِّقِلِّيُّ

أدِيبٌ فَاضِلٌ، حَضَر بحَلَب مَجْلِسَ أبي عَبْد اللَّه الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه، وحَكَى عنه وعن أبي الطَّيِّب اللُّغَويّ. حَكَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن مَنْصُور المَعْرُوف بدَوْخَلَة الحَلَبِيّ.

قَرَأتُ في رِسَالة أبي الحَسَن عليّ بن مَنْصُور الّتي كَتَبَها إلى أبي العَلَاء أحمد بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان، وأجابَهُ أبو العَلَاء عنها برسَالةِ الغُفْرَان، قال عليّ بن مَنْصُور

(2)

: حَدَّثَني أبو عليّ الصِّقِلِّيّ بدِمَشْق، قال: كُنْتُ في مَجْلِسِ ابن خَالَوَيْه إذْ وَرَدَت عليه من سَيْفِ الدَّوْلَة، رحمه الله، مَسَائِل تتعلَّق باللُّغَةِ، فاضْطَرَب لها،

(1)

كتاب مفقود، ذكره البغدادي في هدية العارفين 1:686.

(2)

رسالة ابن القارح (ضمن رسالة الغفران لأبي العلاء المعري)251.

ص: 329

ودَخَلَ خِزَانتَهُ وأخْرَج كُتُبَ اللُّغَة، وفرَّقها على أصْحَابِه يُفَتِّشُونها (a) ليُجِيْبَ عنها، وتَرَكْتُه وذَهَبْتُ إلى أبي الطَّيِّب اللُّغَويّ، وهو جالسٌ، وقد وَرَدَت عليه تلك المَسَائِل بعَيْنها، وبيَده قَلَم الحُمْرة، فأجابَ به ولَم يُغَيِّرْهُ، قُدْرَةً على الجَوَابِ.

قُلْتُ: كان هذا بحَلَب؛ لأنَّ أبا الطّيِّب وَرَدَ حَلَب إلى سَيْف الدَّوْلَة، وجَمَعَ بينَهُ وبين ابن خَالَوَيْه، وأقام بها إل أنْ ماتَ، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَتِهِ

(1)

.

‌أبو عليّ بن أبي حَامِد

(2)

كان بحَلَب في أيَّام سَيْف الدَّوْلَة، والمُتَنَبِّي إذ ذاكَ بها، وحَكَى شَيئًا من أحْوَالهِ.

رَوَى عن أَبِيهِ أبي حَامِد صَاحِب بَيْت المَال، رَوَى عنهُ المُحْسِّن بنُ عليّ التَّنُوخِيّ، وقد ذَكَرْنا في تَرْجَمَةِ المُتَنَبِّي عنه ما حَكَاهُ عنهُ

(3)

.

‌أبو عليّ بن عَمَّار القَاضِيّ، فَخْر المُلْك

(4)

صَاحِبُ أطْرَابُلُس الشَّام.

(a) م: يقلّبونها.

_________

(1)

في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

(2)

ذكره التوفي باسمه في نشوار المحاضرة 8: 190: أبو علي محمد بن محمد بن أبي بكر بن أبي حامد صاحب بيت المال، وذكره أيضًا الخطيب البغدادي عرضًا في تاريخه 5: 167 - 168.

(3)

انظر ما تقدم في الجزء الثاني.

(4)

كان حيًا سنة 516 هـ، واسمه عمار بن محمد بن عمار، وترجمته في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 139 - 166، العظيمي: تاريخ حلب 361، 363، خريدة القصر 10: 153، 189، ابن الأثير: الكامل 10: 311 - 312، 344، 366، 389، 412، 452 - 454، 463، 467، 476، 477، 539، 563، 568، زبدة الحلب 1: 362 وما بعدها، سير أعلام النبلاء 19: 311 - 313، تاريخ ابن الوردي 2: 22، 29، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 169، ابن خلدون: العبر 9: 169 - 170، 568 - 569، 573 - 575، (فخر الملك أبو علي بن عمار)، والمقريزي: اتعاظ الحنفا 3: 38، 42 - 43، 78 - 80، وسماه ابن خلدون (وفيات الأعيان 1: 160 في ترجمة ابن منير الطرابلسي): أبو علي عمار بن محمد بن عمار.

ص: 330

كان بها مُسْتَوليًا على أمْرها إلى أنْ قصَدَهُ الفِرِنْج، فسَار من أطْرَابُلُس إلى بَغْدَاد، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بحَلَب أو عَملها، ووَرَدَ بَغْدَاد مُسْتَنفرًا على الفِرِنْج

(1)

، فأنْفَذَ السُّلْطان مُحَمَّد شَبَّارةً لِيَرْكب فيها، وأمرَ جميع الأُمَرَاء وأرْبَاب دَوْلته بتَلقِّيهِ وإكْرَامِهِ، وكذلك أرْبَاب دَوْلةِ الإمَام المُسْتَظْهِر باللَّهِ، فلمَّا نَزَل الشَّبَّارَة قَعَدَ بين يَدي الدَّسْت احْتِرَامًا لمكان السُّلْطان، فلمَّا حَضَرَ عندَهُ أكْرَمه واعْتَمَد معه ما لَم يَعْتَمد مع المُلُوك الّذين معه مثْلَهُ، ثمّ ذَكَر له ما وَرَدَ لأجْلِهِ، ووصَف له قُوَّة عدُوّه، وطلَبَ أنْ يُنْجدَهُ عليهم، ثمّ حَضَرَ إلى دار الخَلِيفَة فذَكَرَ مثْل ذلك ثمّ حَمَل الهَدَايا إلى المُسْتَظْهِر وإلى السُّلْطان، وكان فيها أشْيَاء نَفِيْسَة، فوعَدَهُ السُّلْطان بالنَّجْدَة، وسَيَّر معه عَسَاكِرَ، وخَلَعَ عَليه.

ثُمَّ إنَّ الفِرِنْج اسْتَولوا على أطْرَابُلُس في ذِي الحِجَّة من سَنَة ثلاث (a) وخَمْسِمائَة ونَهَبُوها وسَبَوا النِّسَاءَ والأطْفَال، وغَنِمُوا الأمْوَال، ثمّ سَاروا إلى جُبَيْل وبها فَخْر المُلْك أبو عليّ بن عَمَّار، فَلكُوها، وخَرَجَ منها هَارِبًا فسَلِم وقَصَدَ طُغْدُكِيْن صَاحِبَ دِمَشْقَ

(2)

، فأكْرَمَهُ، وأقْطَعَهُ بلادًا كَثِيْرةً.

‌أبو عليّ الحَلَبِيُّ

خَطِيْبُ المَسْجِد الأقْصَى، كان وَرِعًا مُتَدَيِّنًا، ولهُ كَلَامٌ حَسَنٌ مُبين (b).

(a) في الأصل، م: ثلاثين، والصواب المثبت. انظر: ابن الأثير: الكامل 10: 475، وعند ابن القلانسي 163 - 164، والمقريزي 3: 43: سنة 503 هـ.

(b) في الأصل بإهمال الباء الموحدة، وربما كان بالمثناة الفوقية، والمثبت من م.

_________

(1)

كان ذلك في سنة 501 هـ. انظر: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 160، الكامل لابن الأثير 10: 452، البداية والنهاية لابن كثير 12: 169، العبر لابن خلدون 9:170.

(2)

في شوال سنة 503 هـ. انظر: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 165.

ص: 331

أخَذَ عنه أبو بَكْر ابن العَرَبيّ الإمَامُ، صَاحِب كتاب الأحْكَام، وذَكَرَهُ في أوَّل كتابهِ المُسَمَّى سِرَاج المُرِيْدينَ

(1)

، فقال: وإنِّي وإنْ لَم أكُن مُتَخلِّقًا بما أُوْردُه، ولا ضَابِطًا على ما أعْقدُه، فإنَّ لي قُدْوَةً في شَيْخنا (a) أبي عليّ الحَلَبِيّ خَطِيْب المَسْجِد الأقْصَى، طَهَّرَهُ اللَّه (b)، حَضَرتُ جُمُعَةً فيه، وقد عَلَا على أعوَاد مِنْبَره فخطَبَ:

الحَمْدُ للَّهِ الَّذي تفرَّد دون خَلْقِة بمُلْك الدُّنْيا والآخرة، وغَمَر برزقهِ كُلّ نَفْسٍ برّةٍ وفَاجِرَة، ثُمَّ ردَّهُم بعد ذلك إلى الحَافِرَة {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ}

(2)

.

أحْمَدُه على نِعَمه الوَافِرة، وأشْكُره على آلائهِ المُتَظاهِرة، وأشْهَدُ أنَّ لا إِلَه إلَّا اللَّه، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، شَهَادةً باطِنَةً وظَاهِرة (c)، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُوله، ردَّدَهُ بينِ الأرْحَامِ المُحْصَنَة والأصْلَاب الفَاخِرة، حتَّى أبرزَهُ اللَّه آيةً (d) بَاهِرة، وابْتَعَثَه حُجَّةً قَاهِرة، فقام بأمْرِ اللَّهِ وشَقَاشِقِ الكُفْر هَادِرَة، وبِحَاره زَاخِرة، ودُعُاتهُ ثَائِرة، فلَم يَزَلْ يُجادِل في اللَّهِ بالأدِلَّةِ المُتَنَاصِرة، ويُنَاضِل عن دِيْنهِ بالقَوَاضِب البَاتِرَة، حتَّى أطْفَأ النَّائِرة، وأعادَ العِيْشَةَ النَّاضِرَة، وأصْلَحِ أمر الدُّنْيا والآخرة، صَلَّى اللَّه عليه وعلى آلهِ وصَحْبه ما هَطَلتِ السُّحُبُ المَاطِرَة، وجرَتْ في البِحَار السُّفُن المَاخِرَة.

عِبَادَ اللَّه، عَلَوْتُ على مِنْبَرَكم، ولَسْتُ بخَيْركم، واللَّه (e) لو كانَتِ الذُّنُوبُ

(a) سراج المريدين: قدوة بشيخنا.

(b) سراج المريدين: عمره اللَّه بدعرة الإسلام، مدى الليالي والأيام.

(c) في الأصل بإسقاط الواو، والمثبت من م وسراج المريدين، وبعده في مخطوطة سراج المريدين: ومرجوضة [كذا] عن دنس الشك طاهرة.

(d) ساقطة من م.

(e) م: باللَّه.

_________

(1)

عنوانه الكامل: "سراج المريدين، وموفي سبيل المهتدين، للاستنارة بالأسماء والصفات في المقامات والحالات الدينية والدنيوية، بالأدلة العقلية والشرعية، القرآنية والسنية"، والكتاب لا يزال مخطوطًا، منه نسخ بالمغرب، ونسخة في المكتبة الآصفية بحيدر آباد، وعنها صورة ميكروفيليمة بمعهد المخطوطات العربية، برقم 3177 (تصوف)، وانظر النص أعلاه في مصوره معهد المخطوطات، الورقة 4 أ.

(2)

سورة النازعات، الآيتان 13 - 14.

ص: 332

مَنْظرًا لكُنْتُ أقْبَحكم، أو مَلْبسًا لكُنْتُ أَخْشَنَكُم، أو صَارَتْ خَبَرًا لكُنْتُ أفْظَعَكُم، أو فغَمَتْ رَائِحةٌ لكُنْتُ أتْفَلكُم، فإنْ تكلَّمْتُ فنَفْسِي أُخاطِبُ، ولئن وَعَظْتُ فإنِّي للتَّوْبةِ طَالِب، وفي الإثَابةِ (a) رَاغِبٌ، يَدْعُو إليها النُّهَى، ويُصْرف عنها الهَوَى.

قال

(1)

: فأنْزَلْتُها من قَلْبي ثالثَة الأيْمان، وأضْمَرتها في نَفْسِي حاجةً لَمْ أقْضِهَا إلى الآن، ولِكُلِّ شيءٍ أوَان، مع اعْتِقَادِي أَنَّها بِكْر كلامهِ، وفَضِيْضة ختَامِهِ، حتَّى رويت عن الحَسَن أن أبا بَكْر خَطَب فقال: إنَّ رسُوِل اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يُعْصَم بالوَحْي، وكان معه مَلَكٌ، وإنَّ لي شَيْطَانًا يعْتَرينِيّ، فإذا غَضبْتُ فاجْتَنِبُونيّ، لا أُؤثر في أشْعَاركم وأبْشَاركم إلَّا فَرَاعُونِي، فإنْ اسْتَقَمْتُ فأعِيْنُونيّ، وإنْ اعْوَجَجْتُ فقَومُّوني، ووليتكمُ ولستُ بخَيْركم. قال الحَسَنُ: بلى واللَّهِ إنَّهُ لخَيْرُهم؛ ولكن المُؤْمِن يَهْضِم نَفْسَهُ.

‌أبو عليّ الأنْطَاكِيُّ

(2)

شَاعِرٌ، قَرأتُ له بَيْتَيْن في الحَمَاسَةِ العِرَاقِيَّة

(3)

: [من الخفيف]

لا وحُلْوِ الهَوَى ومُرِّ التَّجَنِيّ

ومَخَطِّ العِذَارِ في صَحْنِ خَدِّهْ

لأُذِيْبَنَّ وَجْنَتَيْهِ بلَحْظى

مثْلَ ما قد أذَابَ قَلْبي بصَدِّهْ

‌أبو عليّ الفَقِيهُ الخُرَاسَانيُّ الوَزِيْرُ

كان فَقِيْهًا نَبِيْلًا، وَزر لبعض القُوَّادِ القَادِميْن إلى حَلَب في نَفِير خُرَاسَان،

(a) م: الإنابة.

_________

(1)

لم أقف عليه في مخطوطة سراج المريدين.

(2)

يغلب على الظن أنه المتقدم باسم أبي الأعين الأنطاكي، وقد أورد له في ترجمته البيتين المُستشهَد بهما.

(3)

الحماسة العراقية لمحمد بن علي العراقي، حسبما ذكَر ابن العديم في ترجمة الحسين بن علي النقاش الأنطاكي، وقد تقدم ذكر البيتين في ترجمة أبي الأعين الأنطاكي.

ص: 333

فإنَّ بعضَ القُوَّادِ من الاسْبَاسْلَّارِيَّة قَدِمَ حلَبَ، وكان هذا الفَقِيهُ وَزِيرًا له، واجْتَمَع بأبي القَاسِم الأفْطَسِيّ بحَلَب، وحَكَى له مَنامًا رَآهُ: رَأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يأمرُه بالنَّفِيْر، وحَكَى عنه الحِكايَةَ أبو القَاسِم الأفْطَسِيّ، قال في ذِكْر فاطِمَة بنت مُحَمَّد بن أحْمَد بن الشَّبيْه، ما ذَكرهُ أبو الغَنائِم الزَّيْدِيّ في كتاب نُزْهَة عُيُون المُشْتاقِيْن

(1)

، ورَوَاهُ عن أبي إسْمَاعِيْل يَحْيَى بن أبي يَعْلَى حَمْزَة بن أحْمَد الشَّاعر الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنِي وَالدِي أبو يَعْلَى حَمْزَة، عن والدته فاطِمَة بنت مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد الشَّبيْه، فذَكَرَ حَدِيث فَتْح الرُّوم حَلَبَ في سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وثَلاثِمائة، وأسْرها وخَلَاصها من الأسْر على ما نَذْكره في تَرْجَمَتِها مع النِّسَاء إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى

(2)

.

قال: ثُمَّ جاء نَفِيرٌ من خُرَاسَان إلى حَلَب مع اسْبَاسلَّار من القُوَّادِ جَلِيْل في خَمْسَة آلاف فارس، فأنْزَلهم سَيْفُ الدَّوْلةِ، وحَمَل إليهم ما أعَدَّهُ لهم من الهَدَايا والعُلُوْفات الكَثِيْرة، وكان وَزِير هذا الاسْبَاسْلَّار شَيْخًا كبيرًا نَبِيْلًا يُعْرَفُ بأبي عليّ الفَقِيه، فسَأل عن امْرَأة شَرِيفةٍ أُسِرَتْ، فعرَّفُوهُ خَبَرَها، فجاءَ إلى أبي القَاسِم الأفْطَسِيّ الشَّاعر، يَعْني زَوْج فاطِمَة المَذْكُورَة، وقال له: إنَّا لَم نَعْلَم بفَتْح حَلَب، إلَّا أنِّي رَأيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في النَّوْم، فقال لي: يا أهْل خُرَاسَان، ما تَنْفِرُونَ؟ فقُلتُ: إلى أين يا رسُول اللَّهِ؟ فقال: إلى حَلَب، فإنّ العَدُوّ قد فَتَحها وأَسَرَ لي مِنها بِنْتًا، فقُلتُ: يا رسُول اللَّهِ، فتَدَع بِنْتَكَ مع الرُّوم؟ فقال: لا؛ ما تَرَكْتُها. فتَنَبَّهتُ، وقد جِئْتُ وأنا أسْأل عن الخَبَر، وذَكَرَ تَمَام الحِكَايَة، ذَكَرْناها في تَرْجَمَةِ فاطِمَة

(3)

.

(1)

تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الثاني.

(2)

ترجمتها ضمن الضائع من الكتاب.

(3)

في جزء تراجم النساء الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 334

‌أبو عليّ الضَّرِيْرُ المُقْرِئُ البِجَائيُّ

(1)

من بجَايَة (a)؛ بَلَد بالمَغْرب.

رَجُلٌ مُقْرئ، عَارِفٌ بالقِرَاءَات، تَصَدَّرَ بجَامِعِ حَلَب لإقْراءِ النَّاس وإفَادتهم، وأدْرَكْتُه وكان يَقْرأ على شَيْخنا أبي الحَسَن عليّ بن قاسم بن الزَّقَّاق الإشْبِيلِيّ حين ورَدَ حَلَب.

وكان أبو عليّ هذا رَجُلًا صَالِحًا، حَسَن الأدَاءِ، وانْتَفَعَ به جَمَاعَةٌ من الطَّلَبَةِ، وقَرأ بحَلَب في لَيْلَةٍ من اللَّيالِي ثلاث خَتْمات وسُوْرة البَقَرة من الخَتْمَة الرَّابِعةِ في رَكْعَةٍ واحدةٍ وهو قائمٌ، وأكْمَل من سُوْرة آل عِمْرانَ إلى آخر الرُّبْعِ الأوَّل وهو جالِسٌ، وصَلَّى الصُّبْحِ في أوَّلِ الوَقْتِ، وحَضَر ذلك جَمَاعَةٌ من القُرَّاء، وكَتَبُوا خُطُوطَهُم بذلك، وعَرْفْتُ ذلك (b) في وَقْتهِ بحَلَب.

وكان سَبَبُ ذلك أنَّ بعضَ القُرَّاءَ الشِّيْعَة اسْتَصْغر فعْل عُثْمان رضي الله عنه أنَّهُ خَتَم القُرْآن في رَكْعَتين إلى الصَّبَاح، وقال: أنا أفْعَل أكْثَر من فعْله، وخَتَم القُرْآن في رَكْعَة واحدةٍ قَبْل الصُّبْح، أو أنَّهُ زادَ على الخَتْمَة بما لا أتَحَقَّقُه الآن، فحَمَلُه ذلك على أنْ فَعَل ذلك إظْهارًا لزيادةِ قُدْرَته على الإسْرَاع في القراءة، وأنَّ الفَضيْلَة في فِعْل عُثْمان تَرْتِيلهُ القُرْآن وتَدَبُّره.

وبَلَغَنِي عن أبي عليّ المُقْرِئ هذا أنَّهُ قَرَأ على مُحْيِي الدِّين مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن العَرَبيِّ (c) الحَاتِميّ، في ليلَةٍ من ليالِي الصَّيْف بحَلَب خَتْمَة جَمَعَ فيها للقُرَّاء الثَّمَانِية؛ أعْني: السَّبْعَة ويَعْقُوبَ.

وتُوفِّي أبو عليّ المُقْرِئ هذا بحَلَب، بعد العَشْر والسِّتّمائة بسنين.

(a) م: النجابي من نجابة، تصحيف.

(b) م: بذلك.

(c) م: ابن المغربي.

_________

(1)

توفي بعد سنة 610 هـ.

ص: 335

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عُمَر

‌أبو عُمَرَ بن عَامِر المِصِّيْصِيُّ

رَوَى عن الفَرَج بن سَعيد الطَّرَسُوسِيّ (a)، رَوَى عنهُ عُمَر بن أحْمَد بن السُّنِّيّ.

أخْبَرَنَا السَّلّار بَهْرَامِ بن مَحْمُود (b) بن بَخْتِيار الأتَابِكيّ، فيما أذِنَ لي فيهِ، وقد سَمِعْتُ منه غيرَهُ بِظَاهِر دمَشْق، قال: أخْبَرَنَا الحافِظُ عَبْد الخَالِق بن أسَد بن ثَابِت، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعْد أحَمَدُ بن مُحَمَّد بن أبي سَعْد البَغْدَاديّ الحافِظُ بأصْبَهَان من لَفْظه إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ الجَبَّار بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد بن حَسْنُوَيه، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن جَعْفَر بن مَعْبَد، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن أحْمَد بن السُّنِّيّ، قال: حَدَّثَني أبو عُمَر بن عَامِر المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَني فَرَج بن سَعيد، قال: حَدَّثَني مُبَشِّرُ بن إسْمَاعِيْل، قال: قُلْتُ للأوْزَاعِيّ: الرَّجُلُ نَرَاهُ يُجالسُ أَصْحَابَ البِدَع، فَنَلْقَاه فَنُعَاتبُه، فيقُول: أنا ليسَ بيني وبين النَّاسِ إلَّا خَيْر؟ فقال الأوْزَاعِيُّ: هذا رَجُلٌ يُريدُ أنْ يَجْمَعَ بين الحقِّ والبَاطِل، وهما لا يَجْتَمعان.

‌أبو عُمَر المَنْبِجِيُّ

رَوَى عن خَالِد بن سَعِيد (c)، رَوَى عنهُ مُحَمَّدُ بن بَكْر البَالِسِيّ (d).

‌أبو عُمَر الرِّيْحَانِيُّ الوَاعِظُ (e)

سَمعَ بمَعَرَّة النُّعْمَان أبا العَلَاء أحْمَد بن عَبْدِ اللَّه بن سُلَيمان، رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن الخَشَّاب.

(a) م: المصيصي الطرسوسي.

(b) م: ابن مجموع.

(c) م: سعد.

(d) بعده في الأصل بياض قدر خمسة أسطر.

(e) قيَّده المؤلِّف في الأصل بالحاء، وأكّده في طالع اسْمُه بكتب حرف الحاء أسفله، وضبطه على النحو المثبت، وجاء في م حيثما يرد، وكذا في ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي: الزنجاني، ولم أقف على ما يعضد أيًا منهما.

ص: 336

أنْبَأْنَا أبو عَبْدِ اللَّه بنُ الدُّبَيْثِيّ

(1)

، قال: أنْشَدَني أبو عَبْدِ اللَّهِ أحْمَدُ بن عليّ الخَطِيبُ من حِفظِه بباب مَنْزِلِه بدَار القَزِّ، قال: أنْشَدَني أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن أحْمَد بن الخشَّاب النَّحويّ (a)، قال: أنْشَدَني أبو عُمَر الرّيْحَانِيُّ الوَاعِظُ، قال: أنْشَدَني أبو العَلَاء أحْمَد بن عَبْدِ اللَّهِ التَّنُوخِيّ لنَفْسِه

(2)

: [من الطويل]

أأمكُثُ (b) في الدُّنْيا كما هُوَ عَالمٌ

ويُسْكنُني (c) نارًا كقَيْصَرَ أو كِسْرَى

غَبَرْتُ (d) أسِيْرًا في يَديْهِ ومَنْ يَكُنْ

له كَرَمٌ تَكْرُمْ بسَاحَتِهِ الأسْرَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عَمْرو

‌أبو عَمْرو مَوْلَى بني هَاشِم

سَمِعَ بحَلَب مُحَمَّد بن أَيُّوبَ الأنْمَاطِيّ، رَوَى عنهُ أبو عَبْد اللَّه بن مَنْدَة الحافِظُ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليُّ بن الحَسَن، ح.

وأخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بنُ خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج يحيَى بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، وأبو الفَضائِل مَحْمُود بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد، قالُوا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعيْلُ بن مُحَمَّد بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا وَالدِي، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو (e) مَوْلَى بني هاشمٍ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوبَ الأنْمَاطِيِّ بحلب، فذكَرَ حَدِيثًا سُقْناهُ في تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بن أَيُّوب

(3)

بهذا الإسْنَادِ.

(a) من قوله: "قال أنشدني أبو محمد. . . " إلى هنا ساقط من م.

(b) اللزوميات: أأصبحُ.

(c) اللزوميات: وأدخل.

(d) الأصل: عبرت، والمثبت من اللزويات وذيل تاريخ بغداد.

(e) الأصل، م: عُمَر، وصوَّبه المصنّف في هامش الأصل، وهو صاحب الترجمة.

_________

(1)

ذيل تاريخ بغداد 2: 329.

(2)

لزوم ما لا يلزم 1: 82.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 337

‌أبو عَمْرو العُثْمانيُّ

(1)

سَمِعَ بحَلَب مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الهَمَذَانيّ، واسْمُهُ عُثْمان بن مُحَمَّد، وقد ذَكَرْناهُ فيما تَقَدّم

(2)

، وسُقْنا عنه حِكَايَةً في تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن

(3)

.

‌أبو عَمْرو الأوْزَاعِيُّ

اسْمَهُ عبد الرَّحْمن بن عَمْرو بن يَحْمَد (a)، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(4)

.

(a) م: ابن محمد.

_________

(1)

توفي سنة 365 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 40: 24 - 25، تاريخ الإسلام 8:243.

(2)

ترجمة عثمان بن عبد العثاني في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

ترجمة عبد بن عبد الرحمن الهمذاني في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وهو إمام الفقه والحديث المشهور بالشام، توفي سنة 157 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 488، تاريخ ابن معين 3: 205، تاريخ خليفة 428، طبقات خليفة 315، تاريخ أبي زرعة الدمشقي 3: 703، المعارف لابن قتيبة 496 - 497، تاريخ البخاري الكبير 5: 326، التاريخ الصغير 1: 290، 2: 116، المعرفة والتاريخ 1: 143 - 144، أخبار القضاة لوكيع 3: 207، الجرح والتعديل 1: 184 - 219، 5: 266 - 267، الثقات لابن حبان 7: 62 - 63، حلية الأولياء 6: 135 - 149، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 154، السمعاني: الأنساب 1: 388، تاريخ ابن عساكر 35: 147 - 229، ابن الجوزي: المنتظم 8: 196 - 198، صفة الصفوة 4: 255 - 256، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 12: 272 - 277، وفيات الأعيان 3: 127 - 128، تهذيب الكمال 17: 307 - 316، وتجم له المزي أيضًا في الكنى 34: 131، سير أعلام النبلاء 7: 107 - 134، العبر في خبر مَن غبر 1: 174، الكاشف 2: 179، تذكرة الحفاظ 1: 178 - 183، تاريخ الإسلام 4: 120، ميزان الاعتدال 2: 580، العبر في خبر مَن غبر 1: 174 - 175، الوافي بالوفيات 18: 207 - 209، 30: 222، تاريخ ابن الوردي 1: 299، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 115 - 120، تهذيب التهذيب 6: 155، تقريب التهذيب 1: 493، 2: 454، شذرات الذهب 2:256.

ص: 338

‌أبو عَمْرو الكَرْجِيُّ الطَّرَسُوسِيُّ

قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان، واسْمُهُ عُثْمانُ بن عَبْدِ اللَّه الطَّرَسُوسِيِّ قد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو عَمْرو الضِّبَابِيُّ

كان من العُبَّادِ الغُزَاةِ، وصَحِبَ الصُّوْفيَّة، وتَأدَّبَ بأخْلَاقِهم، وصَحِبَ مُحَمَّد بن الخَضِر التَّيْمِيّ، وغَزَا معه، وماتَ في غَزَاتهِ تلك، حَكَى عنه مُحَمَّد بن الخَضِرِ التَّيْمِيّ.

أخْبَرَنا أبو نَصْر عَبْد العَزِيْز بن يَحْيَى بن المُبارَك الزَّبِيْدِيُّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَتْنا شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج الإِبَرِيُّ، قالت: أخْبَرَنا جَعْفَرُ بن أحْمَد بن الحُسَين السَّرَّاجُ

(2)

، قال: أخْبرنا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن سَعيد (a) بمِصْر، قال: أخْبَرَنا أبو صالح السَّمَرْقنديّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّهِ الحُسَينُ بنُ القَاسِم بن اليَسَعِ بالقَرَافَة، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَمْرو، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد جَعْفر بن عَبْدِ اللَّهِ الصُّوْفيّ، قال: قال أبوِ حَمْزَة مُحَمَّد بن إبْراهيم الصُّوْفيّ: حَدَّثَني الصَّلْتُ بن بَهْرَام المُجَاشِيُّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن الخَضر التَّيْمِيّ، قال: كان أبو عَمْرو الضِّبَابِيُّ من أحْسَنِ مَنْ رَأيَته وَجْهًا ممَّن صَحِبَ الصَّوْفيَّة، وكان لا يُرَافقُ أحدًا ولا يُجَالسُه ولا يُؤانسُه (b) إلَّا في طَرِيق، فأتَاني ذات يَوْم، ونحن ببلَادِ الرُّوم، فقال: هل لك في مُرَافَقتِي فإنِّي قد (c) مَلَلْتُ الوَحْدَةَ، وطالَتْ عليَّ الوَحْشَةُ؟ فقُلتُ: على خَلَالٍ

(a) م: سعد.

(b) مصارع العشاق: يلابسه.

(c) ساقطة من م.

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي في حدود سنة 401 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 38: 418 - 430، معجم الأدباء 4: 1605 - 1606، تاريخ الإسلام 9: 33، الوافي بالوفيات 20: 71 - 72. وهو صاحب كتاب سير الثغور الذي نقل عنه ابن العديم كثيرًا من النصوص خاصَّة في الجزء الأول من الكتاب.

(2)

مصارع العشاق 1: 332 - 233.

ص: 339

ثلاث، قال: وما هي؟ قُلتُ: على أنْ لا أرَاك ضَاحِكًا إلى أحدٍ من خَلْقِ اللَّهِ، ولا مُشْتَغلًا بغرِ طَاعَة اللَّهِ عز وجل، ولا تَعْمل عَمَلًا حتَّى أقُولَ لك. قال: قد فَعَلْتُ، وكان معي لا يُفَارقني في حَجٍّ ولا غَزْوٍ، فكُنْتُ أرَى منه أُمُورًا أعْلَم أنَّ اللَّه سيَرْفَعُه بها في الدُّنْيا والآخرة؛ من حسْنِ صَلَاتهِ، وكَثْرة صِيَامِهِ، وطُوْل صَمْتهِ، وقلَّةِ كَلامهِ.

فقُلْتُ له ذات يَوْم لأتَبَيَّنَ مَعْرفَة عَملِهِ: ألَا أشْتَري لك جَارِيَةً، فقال: وما أصْنَعُ بها؟ قُلتُ: ما يَصْنعُ الرَّجُل بمِلْكِ يَمِيْنهِ، فقال: لو أردْتُ هذا لَم أتْرُك أهْلي وأشْخَصُ عن وَطَني، وأخْرُج عن دُنْياي، ولكان لي منهم مقْنَعٌ، وفي المقَام معهم مُتَّسَعٌ.

فقُلتُ: أَلْقِ هذا الصُّوفَ عنكَ، فإنَّهُ قد أَثَّرَ ببَدَنكَ، وأنْهَكَ جِسْمَكَ، فقال: أتأمُرُني أنْ أُلْقي عنِّي ثَوْبًا أتقَرَّبُ إلى اللَّهِ عز وجل بخُشُونَتِه وبفَسَاعَة (a) رِيْحه، وأنا أرْجُو منه حُسْنَ الثَّوَاب عليه عند مُنْقَلبي إليه!.

قُلتُ: فهل لك أنْ تُفْطِر؛ فإنَّ الصِّيَامَ قد أنْحَلَكَ، والظَّمَأَ قد غيَّرك؟ فقال: سُبْحَان اللَّه، ما أعْجَبَ ما تأمُرني به! هل الدُّنْيا إلَّا يَوْمانِ؛ فيَوْمٌ قد مَضَى لي أو عليَّ، ويَوْمٌ أنا فيه لا أدْرِي بما يُخْتَمِ لي من رَحْمَةٍ أو عَذَابٍ، فإنْ عذَّبَني وأنا على حَالةٍ أتَقرَّبُ إليه بها فهو أجْدَرُ أنْ يعذِّبني إذا فَعَلْتُ أمْرًا أنا فيه مُقَصِّرٌ. قُلتُ: فصُمْ يَوْمًا وأَفْطِر يَومًا، فقال: ذلك صَوْمُ الأبْرَار ومَنْ أمنَ النَّار، الّذين عَلِمُوا أنَّ اللَّه عز وجل مُتَجاوزٌ عنهم، وقَابِل منهم، فأمَّا أنا فأنْتَ تَعْلَمُ أنِّي غير عَامِلٍ بما سِيْقَ في الكتاب من شَقاءٍ وسَعَادَةٍ، واللَّه لئن عَذَّبني اللَّه على طَاعَتِه أحَب إليَّ من أنْ يَغْفِر لي وأنا على مَعْصِيَته، على أنَّهُ غيرُ جَائر على مَنْ خَلَقَهُ، ولا مُعَذِّبًا له إلَّا بذَنْبٍ.

(a) كذا في الأصل وم، ولم ترد في نشرة كتاب السراج، ولعله: بفناعة، الفنع: طيب الرائحة، أراد انتشار رائحته. لسان العرب، مادة: فنع.

ص: 340

قُلتُ: أفلا أشْتَري لك وَطَاءً تنام عليه؟ فقال: وأيُّ وَطَاءٍ أوْطَأُ من ظَهْر الأرْضِ؟ وقد سمَّاهُ اللَّه عز وجل مِهادًا، واللَّهِ لا أَفْرُشُ فِرَاشًا ولا أتَوسَّدُ وِسَادًا حتَّى ألْحَقَ باللَّهِ عز وجل.

فقُلتُ: فهل لك أنْ تُريح نفسَكَ في هذه الغَزَاةِ وتَرجعَ، فقال: واعَجَباه من قَوْلك! تأمُرني أنْ أرْجعَ عن الجَنَّةِ وقد فُتحِ لي بَابُها، واللَّه لا أزال أعرضُ نفسِي على اللَّهِ تعالى لعَلَّهُ يَقْبَلُني، فإنْ رَزَقنى وخَصَّني بالشَّهَادَة فهو الّذي كُنْتُ أُحَاولُ وفيه أُطَالِبُ، وإنْ حَرَمني ذلك فبالذُّنُوب الّتي سَلَفَتْ، وأنا أسْأل اللَّه أنْ يتفَضَّل عليَّ بما سَألتُه، ويُجيْبَني فيما دَعَوْته.

فغَزَا معنا ونحنُ في خَلْقٍ كَثِيْر مع مُحَمَّد بن مُصْعَب، فلَقِيْنا العَدُوَّ، فكان أوَّلَ مَن جُرِحَ، فقُلتُ: أبْشِر بثَواب اللَّهِ عز وجل؛ فقد أعْطَاكَ الرِّضَا، وفَوْق المَزِيد، فقال بصَوْتٍ ضَعِيْفٍ: الحَمْدُ للَّهِ على كُلِّ حالٍ، لقد نَظَرْتُ إلى كُلِّ ما تمنَّيْتُ فَوْقَ ما اشْتَهيْتُ، وبلَغْتُ ما أحْبَبْتُ، وأدْرَكتُ ما طَلْبتُ من حُورٍ وولْدَانٍ، وسَلْسَبيل ورَيْحَانٍ، وإيَّاك والتَّقْصِير لعلَّ اللَّه عز وجل أنْ يُبَلِّغكَ ما بَلَّغني، ويَرْزُقكَ ما رَزقَني.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عِمْران

‌أبو عِمْران الطَّرَسُوسِيّ

(1)

رَوَى عن أبي عَبْدِ اللَّه أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، وأبي يُوسُفَ الغَسُولِيّ، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن عليّ بن الجَارُود، وأحمد بن الحَسَن بن عَبْد المَلِكِ، ويُوسُفُ بن مُحَمَّد المُؤذِّن.

(1)

ترجمته في: تاريخ أصبهان لأبي نعيم 3: 346، وسماه في حلية الأولياء 7: 373: أبو عمران الطوسي.

ص: 341

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل الدِّمَشقيُّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن أبي زَيْد، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الرَّاشْتِيَانِيُّ، ح.

قال أبو الحَجَّاج: وأخْبَرَنا أبو المَحَاسِن بن الأصْفَهْبُذ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل الثَّقَفِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي بَكْر الذَّكْوَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان، قال: سَمِعْتُ يُوسف بن مُحَمَّد المُؤذِّنَ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عِمْرَان الطَّرَسُوسِيَّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّه أحْمَدَ بن حَنْبَلٍ يَقُول: ما تَحْتَ أَدِيْم السَّماءِ أحْفَظُ لأحَادِيْث رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من أبي مَسْعُودٍ.

أخْبَرَنا يُوسُف الأَدَميِّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا مَسْعُودُ بن أبي مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد اللَّهِ الحافِظُ

(1)

، قال: أبو عِمْران الطَّرَسُوسيّ قَدِمَ أصْبَهَان. حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بنُ حَيَّان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ بن الجَارُوْد، قال: سَمِعْتُ أبا عِمْرَان الطَّرِسُوسيِّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا يُوسُفَ الغَسُولِيّ يَقُول: دَخَلْتُ على سُفْيان بن عُيَيْنَةَ وبين يَدَيْهِ قُرْصَان (a) من شَعِير، فقال: يا أبا يُوسُف، أمَا إنَّها طَعَامي منذُ أرْبَعيْن سَنَةً.

‌أبو عِمْران المَلَطِيُّ

من أهْل مَلَطْيَة، وكان أحَدَ العُبَّادِ والفُرْسَان المُجَاهِدين

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ في كِتَابِهِ إلِيْنَا من مَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد (b) الحُرْضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ المُزكيِّ إجَازةً،

(a) الأصل، م: قرصين، وفوقها في الأصل:"صـ"، والمثبت كما في تاريخ أصبهان.

(b) الأصل، م: سعيد، وصوابه المثبت، وقد تكرر ذكره في العديد من الأسانيد التي اتصل سنده بها، وكناه الذهبي: سير أعلام النبلاء 20: 358، وابن تغري بردي. النجوم الزاهرة 5: 303: أبا نصر.

_________

(1)

تاريخ أصفهان 2: 346.

ص: 342

قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الرَّحمن السُّلَمِيّ في كتاب تاريخ الصُّوْفيَّة

(1)

، قال: أبو عِمْران الثَّغْرِيّ من أهْل مَلَطْيَة، أحَدُ الفُرْسَان، سُئِلَ عن التَّصَوُّف، فقال: حالٌ حَيَّرَ فبَلْبَلَ فلَم يُبْقِ للمُتَحيِّر ما يُعْرَف به.

‌ذِكرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عَمْرَة

‌أبو عَمْرَة الأنْصَاريُّ

(2)

صَاحِبُ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها.

واخْتُلِفَ في اسْمه؛ فقيل: أُسَيْر، وقيل: يُسَيْر بن عَمْرو، وقيل: بَشِير، وقيل: اسْمَه عَمْرو بن مِحْصَن، وقيل: ثَعْلَبَة بن عَمْرو، وقيل: ثَعْلَبَة بن مِحْصَن، وقيل: أُسَيْد بن مَالِك (a)، وقيل: عبد الرَّحْمن، وقد تقدَّم ذِكْرهُ فيمَا سَبَقَ

(3)

.

رَوَى عنهُ المُطَّلِب بن عَبْد اللَّه بن حَنْطَب.

أنْبَأْنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل، عن أبي القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال (b): أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَتّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْدٍ (c) إجَازةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَف بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ

(a) قوله: "وقيل أسيد بن مالك" ساقط من الأصل.

(b) مكررة في الأصل.

(c) م: ابن أبي بدر.

_________

(1)

من كتب السلمي المفقودة، وهو غير كتاب الطبقات.

(2)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 175، 187، 357 - 359، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 53، الاستيعاب 4: 1721، تهذيب الكمال 34: 137 - 139، أسد الغابة 5: 263 - 364، تاريخ الإسلام 2: 332، الكاشف 3: 362، تهذيب التهذيب 12: 186، تقريب التهذيب 2:456.

(3)

ترجم له في الجزء الرابع باسم: أُسَيْد في مالك، أبو عمرة الأنصاريّ.

ص: 343

سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال في ذِكْر مَن كُني منِ الصَّحَابَة على حَرْف العَيْن، من كتاب الحُرُوف: ومنهم أبو عَمْرَة الأنْصَاريّ، زَعم بعضُهمِ أنَّ اسْمه ثَعْلَبَة بن عَمْرو، ويُقال: بشِير بن عَمْرو، وقُتِلَ مع عليّ بصِفِّيْن وابنه (a). رَوَى عن عُثْمان بن عَفَّان (b).

وقال ابنُ السَّكَن: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن زَبَّان الحَضْرَميّ، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى بن حَمَّاد، قال: أخْبَرَنا اللَّيْث، عن مُحَمَّد بن عَجْلان، عن عَاصِم بن عُبَيْد اللَّهِ (c)، عن المُطَّلِب بن عَبْد اللَّه بن حَنْطَب، عن أبي عَمْرَة الأنْصَاريّ

(1)

: أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان في غَزْوةٍ، فأصَابتهم شِدَّة حتَّى هَمُّوا بنَجْر ظَهْرهم، ثُمَّ إنَّ عُمَر بن الخَطَّاب، قال: يا رسُول اللَّه، لو أنَّكَ أمَرت النَّاس فجَمَعُوا أزْوَادهم، فدَعَوت فيها بالبَرَكَة، رَجَوت أنْ يُبَلِّغهم اللَّه بها، فأمَرَهم رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَجَمَعُوا أزْوَادهم على نِطْع، فدَعَا فيه بالبَرَكَة، ثُمَّ أمرَهم أنْ يأتوه رِسْلًا لا يُبَادِرُ بعضُهم بعضًا، فاحْتَملوا الزَّاد حتَّى لَم يَبْقَ منهم أحدٌ، وبقي منه بعد فَرَاغ الجَيْش، فقال لهم رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هو الآن أكْثَر أو حين جُمِع؟ قالوا: والّذي أكْرَمَك بما أعْطَاك ما نَدْري أهو الآن أكْثَر أو حين أُتِي به (d)! فقال رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أشْهَدُ أنَّ لا إلَه إلَّا اللَّه، وأشهد أنِّي رسُول اللَّه، وأشهد أنْ لا يَشْهَد بها أحدٌ مُخْلصًا إلَّا وَجَبَتْ له الجَنَّةُ.

ورَوَى هذا الحَديْث إبْراهيم بن عَبْد اللَّه بن زَيْد، عن أَبِيهِ، عن الأوْزَاعيّ، وإبْراهيم جَمِيعًا عن المُطَّلِب بن عَبْد اللَّه، عن عبد الرَّحْمن بن أبي عَمْرَة، عن أَبِيهِ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولَم يَرْوه بهذا الإسْنَادِ غير إبْراهيم، واللَّهُ أعْلَمُ.

(a) كذا في الأصل وفوقه "صـ"، والذي في الاستيعاب 4: 1721: روى عنه ابن عبد الرحمن.

(b) م: رضي الله عنه.

(c) م: عبد اللَّه.

(d) من قوله: "قالوا والذي أكرمك. . " إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 1: 75 - 76 (رقم 63).

ص: 344

‌أبو عَمْرَة المَازِنِيُّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها.

قال الوَاقِدِيّ: وفيها -يعني سَنَة سَبع وثَلاثين- قُتِلَ بصِفِّيْن: عَمَّار، وخُزَيْمَة بن ثَابِت، وأبو عَمْرَة المَازِنِيّ، وكانوا مع عليّ (a).

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو العَلَاءِ

‌أبو العَلَاءِ بن بُوَيْن المَعَرِّيُّ

وهو من أقارب أبي الحَسَن عليّ بن جَعْفَر بن بُوَيْن المَعَرِّيّ الشَّاعِر المَشْهُور.

شَاعِرٌ وَقَعَ إليَّ بَيْتان من شِعْره؛ رَوَاهُما عنه أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي البَيَان مُحَمَّد بن عليّ التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، وأخْبَرَنا به إجَازَةً عنه أبَوَا القَاسِم ابن رَوَاحَة، وابن الطُّفَيْل، وغيرُهما، قال: أنْشَدَني أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عليّ بن الحَوَارِيّ التَّنُوخِيّ، وسَمِعْتُه يَقُول: أنْشَدَ أبو العَلَاء بن بُوَيْن المَعَرِّيُّ، قَرِيْبُ ابن بُوَيْن الكبير، بَيْتَيْن من نَظْمه لوَالدِي، وسَأله إجازتَهُما، وكُنْتُ حَاضِرًا بمِصْر، وهُما:[من الكامل]

بخَلِ الزَّمانُ على الكِرَامِ بصَفْوِهِ

وكَذاكَ فِعْلُ مُبَايِنِ الأخْلَاقِ

وذَهَبْتُ أسْعَى في البِلَادِ مُؤَازِرًا

عزمًا يقُومُ بصَالِحِ الأعْرَاقِ

(a) م: رضي الله عنه.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في المعجم الكبير للطبراني 1:211.

ص: 345

فقال أبي: [من الكامل]

وسَلَكْتُ فيهِ نَهْجَ كُلِّ مُمجَّدٍ

لو سَاعَدَتْهُ مَعُونَةُ الخَلَّاقِ

ولَقِيْتُ في أبْنائهِ وصُرُوفِهِ

وخُطُوبِهِ ما ذو البَصِيْرةِ لَاقِ

وتَبَاعَدَتْ عنِّي الحُظُوظُ وإنَّما

بيَدِ الإلَهِ مَفَاتِحُ الأرْزَاقِ

ص: 346

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌أبو العَلَاء بن سُلَيمان المَعَرِّيُّ

اسْمُه أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو العَلَاءَ بن العَيْن زَرْبِيّ

(2)

أصْلُهُ من عَيْن زُرْبَة من الثُّغُور الشَّامِيَّة، وكان يَسْكُن دِمَشْق.

وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا، رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن مُسْهِر المَوْصِلِيُّ.

أنْبَأنَا عَبْدُ المحسِن بن عَبْدِ اللَّه الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللَّه الحُسَين بن مُحَمَّد بن خَميْس المَوْصِليّ، قال: حَكَى لي بَعْضُ الفُضَلَاء من الأُدَبَاء، وهو الرَّئِيسُ الأدِيْبُ أبَو الحَسَن عليِّ بن مُسْهِر المَوْصِليّ، رحمه الله، أنَّهُ جاءه بدمَشْقَ في سَنَة نيف وسَبْعِين وأرْبَعِمائة أبو العَلَاء بن العَيْن زرْبيّ بَاكِيًا حَزِينًا، فسَألَهُ عن حَالهِ، فقال: إنَّني عَملتُ (a) في المَنَامِ أشْعَارًا كَثِيْرةً، لِمَا أَهْذِي به في اليَقَظَة، فما حَفِظتُ منها شيئًا، وقد رَأيْتُ مَلَك المَوْت عليه السلام في هذه اللَّيْلةِ المَاضِيةِ وهو يَقُول لي: أنا ضَيْفُكَ، فعَمِلتُ في المَنَام هذين البَيْتَيْن وحَفِظتُهما، وهُما:[من الطويل]

قَضَى اللَّهُ أنْ أقْضِيْ وتُقْضَى مَنيَّتي

ولَم أقْضِ في الدُّنْيا مُنَايَ ومُنْيَتي

(a) م: علمت.

_________

(1)

تقدمت ترجمته في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

(2)

توفي بعد سنة 470 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 134.

ص: 347

فَلِلَّه ضَيْفٌ زَارَني فقَرَيْتُهُ

حَيَاتي فوَلَّى ظَاعِنًا حِينَ وَلَّتِ

قال: ثمّ إنَّهُ خَرَج عنِّي، فوَصَلَني خَبَرُه بعد يَوْمَيْن أو ثلاثة أنَّهُ ماتَ إلى رَحْمَة اللَّه تعالى.

‌أبو العَلَاءَ بن أبي النَّدَى المَعَرِّيُّ

(1)

واسْمُه المُحَسِّن، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو عِيسَى

‌أبو عِيسَى بن مُوسَى بن أبي القَاسِم بن مُحَمَّد القَزْوِينيُّ

(3)

شَيْخٌ حَسَنٌ، حَدَّثَ بحَلَب عن أبي الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، وتُوفِّيَ بحَلَب في مُنْتَصَف شَعْبان سَنَة ثَمانٍ وثَلاثين وستِّمائة، رحمه الله.

‌أبو عِيسَى بن الطَّبِيْب

العَامِل على خَرَاج الثُّغُور.

حدَّثَ بطَرَسُوس عن أبي الطَّيِّب بن جَهْوَر القَاضِي. رَوَى عنهُ القَاضِي أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد اللَّه الطَّرَسُوسِيّ.

(1)

كان حيًا سنة 553 هـ، وترجمته في: خريدة القمر 12: 71 - 74، وفيه نماذج من أشعاره، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 480 - 481 (ذكره في وفيات سنة 5552)، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 16: 49 - 51.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

توفي سنة 638 هـ.

ص: 348

‌حَرْفُ الغَيْن في الكُنَى

‌أبو الغَادِيَة المُرِّيُّ، وقيل: الفَزَارِيّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان، وقيل: إنَّهُ هو الّذي قَتَلَ عَمّار بن يَاسِرٍ، وقد سَبَق في باب العَيْن المُهْملَة ذِكْرُ أبي عَادِيَة الجُهَنِيِّ

(2)

، وأنَّهُ طَعَنَ عَمَّارًا، وقَتَلَهُ غيرُه، وذكر شَبِيهًا بهذه القِصَّة.

أخْبَرَنا أبو القاسِم الحُسَينُ بن هِبَةِ اللَّه بن مَحْفُوظ بن صَصْرَى التَّغْلِبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَةُ بن أحْمَد بن فَارِس بن المُنَجَّا بن كَرَوَّس السُّلَمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَتْح نَصْرُ بن إبْراهيم بن نَصْر المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر مُسَدَّد بن عليّ بن عَبْد اللَّهِ الأمْلُوكِيُّ الحِمْصِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن علِيّ بن الحَسَن بن إبَراهيم العَتَكِيّ الأنْطَاكيّ، قال: حَدَّثَنَا عليِّ -يعني أبا الحَسَن بن مُحَمَّد بن السَّكَن اللُّؤْلُؤيّ- قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بنُ عَرَفَة، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن خَلِيفَةَ، عن أَبَان المُكْتِب، عن أبي هاشِمِ الرُّمَّانِيّ أنَّ مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان رضي الله عنه كان جالِسًا على سَرِير إذ جِيء برَأسِ عَمَّار بن يَاسِر، وأُلْقي بينَ يَدَيْهِ، وعندَهُ عَبْدُ اللَّهِ بن عَمْرو بن العَاص، فجاء رَجُلٌ، فقال: أنا (a) واللَّهِ قَتَلتُه، فقال عَبْدُ اللَّه بن عَمْرو: ما سَمِعْتَهُ يقُول؟ قال: سَمِعْتُه يقُولُ: إنَّا للَّهِ وإنَّا إليهِ رَاجعُونَ، قال: اذهَبْ ما أنتَ قَتلتَهُ، أو قال: ما أنتَ قاتِلُه، إذ جاءَ قاتلُهُ أبو الغَادِيَةِ المُرِّيّ، فقال: أنا واللَّهِ قَتَلْتُه، فقال له عَبْدُ اللَّه بن عَمْرو: ما سَمِعْتَهُ يقُول؟ قال: سَمِعْتُه يقُول: يا جِبْريل يا

(a) ساقطة من م.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 341، البلاذري: أنساب الأشراف (حميد اللَّه) 1: 172 - 173، تاريخ الإسلام 3: 448، الإعلام بوفيات الأعلام 33، سير أعلام النبلاء 3: 544 - 545.

(2)

تقدمت ترجمته في هذا الجزء.

ص: 349

مِيْكائِيل، قال عَبْدُ اللَّه: أوَّه أنْتَ واللَّهِ قاتِلُه، أو أنْتَ واللَّهِ قَتلتَهُ، أنا سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول

(1)

: قَاتِلُ عَمَّار وسَالبُهُ في النَّار. فقال له مُعاوِيَةُ: ما تُريد منِّي يا عَبْد اللَّه، تُرِيد تُضِلّ النّاسَ عنِّي! فقال عَبْدُ اللَّه بن عَمْرو: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم يقُول شَيْئًا فقُلْتُ مثْلَهُ.

وقد قيل: إنَّ أبا الغَادِيَة طَعَنَهُ وابن حُوَيّ احْتَزَّ رَأسَهُ، وأنَّ عَمْرو بن العَاصِ قال لابن حُوَيّ: وقد قال: أنا قَتَلْتُه، فقال له عَمْرو: فما كان مَنْطِقُه؟ قال ابنُ حُوَيٍّ: سَمِعْتُه يقُول: [من الرجز]

اليَوْم أَلْقى الأحِبَّه

مُحَمَّدًا وحِزْبَه

فقال له عَمْرو: صَدَقْتَ أنتَ صَاحبُهُ.

وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةِ ابن حُوَيّ، فيما يأتي إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى من هذا الكتاب

(2)

، وقد ذَكَرْنا في تَرْجَمَةِ أبي عَادِيَة الجُهَنِيّ أنّهُ هو الّذي طَعَنَهُ، واللَّهُ أعْلَمُ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو غَالِب

‌أبو غَالِب الأنْطَاكِيُّ

حَدَّثَ عن يَحْيَى بن السَّكَن. رَوَى عنهُ عليّ بن حَمْزَة بن صَابِح الأنْطَاكِيُّ عَلُّوْن، وأحمدُ بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الأنْطَاكِيِّ.

(1)

المستدرك للحاكم 3: 387، تاريخ الإسلام للذهبي 2: 330، مجمع الزوائد للهيثمي 7: 244، كنز العمال للمتقي الهندي 11: 724 (رقم 33544)، فيض القدير للمناوي 4: 467 (رقم 5998).

(2)

ترجمة ابن حويّ السكسكي تأتي فيما يلي من هذا الجزء.

ص: 350

‌أبو غَالِب المَلَطِيُّ

(1)

رَوَى بطَرَسُوس عن أبي زُرَارَة الحَرَّانيّ. رَوَى عنهُ أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْدِ اللَّه الطَّرَسُوسِيّ القَاضِي.

‌أبو غَالِب بنُ عَبْد الحَقّ

وَزِيرُ آقْ سُنْقُر البُرْسُقِيّ.

قَدِمَ حلَبَ سَنَة ثَمان عَشرة وخَمْسِمائَة، صُحْبَة البُرْسُقِيّ، حين قَدِمَ حلَبَ والفِرِنْج مُحَاصِرُوها فرحَّلَهُم عنها، ومَلَكَها، ولمَّا قُتِلَ البُرْسُقِيِّ وَزَرَ لابْنهِ مَسْعُود بعدَهُ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو غَانِم

‌أبو غانِم بن سَعيد بن عَبْد المُنْعِم بن المُنْذِر الحَلَبِيُّ المُلَقَّب بالشَّرَف ابن الصَّفِيّ أبي الفَضْل

(2)

شَابٌّ حَسَنٌ فَاضِلٌ، اشْتَغَل بالأدَب، وقال الشِّعْر الحَسَن، ووَلَّاهُ المَلِكُ الظَّاهِرُ غَازِي (a) بن يُوسُف القَرْيَة الّتي كانت له بالغَوْر إقْطَاعًا من عَمّه، وتُعْرفُ بالزَّرَّاعَة، فأقام مُدَّةً بدِمَشْق.

وكان بيني وبينه اجْتِمَاعٌ ومُؤَانَسَةٌ، جَمَعَ بيننا اشْتِغَاننَا بالنَّحو في الحَلْقَة، واجْتِمَاعُنا في حلَق الكُتُب لابْتِياعِها.

(a) الأصل: غاز.

_________

(1)

من أهل القرن الرابع الهجري، ووفاة القاضي الطرسرسي كانت في سنة 401 هـ.

(2)

وردت ترجمة الشرف ابن الصفي في الأصل بعد ترجمة أبي غانم النجار، فقُدِّمت بإشارة المؤلف وما كتبه إزاءها:"تقدم في أول من كنيته أبو غانم".

ص: 351

كَتَبَ إليَّ أبْيَاتًا من شِعْره، وكُنْتُ قد وَعَدْتُهُ بإعَارة دِيْوانِ شِعْر ابن عَمَّار الكُوْفيّ، فأرْسَلها إليَّ يَقْتَضِيني إنْجازَ الوَعْد بإعَارتهِ (a):[من السريع]

قُل لفُلَانِ الدِّينِ يا سَيِّدًا

أضْحَى بِهِ زَنْدُ الوَرَى وَارِ

وَعْدُكَ بالأمْسِ غَدَا باعِثًا

شَوْقي إلى شِعْرِ ابنِ عَمَّارِ

فاعْمُرْ بِهِ رَبْعَ سُرُورِي فَقَدْ

نادَتْهُ في نَادِيْكَ أشْعَارِي

‌أبو غَانِم بنُ المُفَضَّلِ بن عَبد الرَّزَّاق بن أبي حَصِيْن المَعَرِّيُّ، المُلَقَّبُ بالصَّفِيّ

(1)

رَوَى عن جَدِّه القَاضِي أبي غَانِم عَبد الرَّزَّاق، وعَمِّه القَاضِي أبي البَيَان مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق. رَوَى عنه العِماد أبو حامِد مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابن أخي العَزِيز الكَاتِبُ.

أنْبَأنَا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن عَبْدِ الجَبَّار المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد الكَاتِبُ

(2)

، قال: أنْشَدَني القَاضِي الصَّفِيُّ أبو غَانِم بن أبي حَصِيْن، قال: أنْشَدَني أبو البَيَان مُحَمَّد، قال: أنْشَدَني عَمِّي أبو يَعْلَى في الزِّلِّيّ

(3)

والمنْشَفَة الرُّوميّ عندَ دخول الحَمَّام: [من الوافر]

ورُوْميٍّ خَلَعْتُ علَيهِ يَوْمًا

ثِيَابي كُلَّهَا مَعَ طَيْلَسَاني

(a) زيد بعده في م: يقول.

_________

(1)

ترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 12: 65، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 16: 48 - 49 (سماه: أبو غانم عبد الرزاق بن أبي حصين، وأورد له من شعره المثبت أعلاه)، الوافي بالوفيات 18:407.

(2)

خريدة القصر 12: 61 - 63، ونقله عنه الصفدي في الوافي 18:407.

(3)

الزِّلِّيّ والزِّلَّيَّة: بالكسر، البساط، جمعها: زَلَالي. تاج العروس، مادة: زلل.

ص: 352

فلا بالمَنْطِقِ الرُّومِيّ أثْنَى

عَلَيّ وقالَ هذا قَد كَسَانِي

ولا قالَ اشْكُرُوا عني فُلَانًا

فإنّي لا يُطَاوِعُني لِسَانِي

فعُدْتُ لأخْذِها فَتَشَبَّثَتْ بي

لَهُ أُخْتُ مِنَ البِيْضِ الحِسَانِ

وقال العِمَادُ أبو حَامِد الكَاتب

(1)

: أنْشَدَني القَاضِي أبو غَانِم بالشَّام سَنَة سَبْعِين وخَمْسِمائَة، قال: أنْشَدَني جَدَّي أبو غَانِم لنَفْسِه يَصِفُ الفُقَّاع: [من الوافر]

ومَحْبُوس بلا جُرْمٍ جَنَاهُ

له حَبْسٌ ببابٍ من رَصَاصٍ

وقد ذَكَرْنا الأبْيَات الثَّلاثة في تَرْجَمَةِ جدِّه عَبد الرَّزَّاق

(2)

.

‌أبو غَانِم بن أبي الفَتْح بن المَوْصُول الحَلَبِيُّ الأسَدِيُّ

له شِعْرٌ، أنْشَدَني عنه بعْضَهُ ابنُ عَمِّي أبو يعلَى عَبْد الكَريم بن عبد الصَّمَد.

أنْشَدَني ابنُ عَمِّي أبو يَعْلَى عَبْدُ الكَريم بن عبد الصَّمَد بن هِبَةِ اللَّه بن أبي جَرَادَة، قال: أنْشَدَني أبو غَانِم بن أبي الفَتْحِ بن المَوْصُول الحَلَبِيِّ لنَفْسِه بها: [من الخفيف]

صَاحَ دَعْني وما تَقُولُ الأعَادِي

وَارْتَقي بي إلى مَكَانِ الرَّشَادِ

وَذَرِ اللَّهْوَ وَاسْقِني بِنْتَ كَرْمٍ

عُتِّقَتْ في الدَّنَانِ مِن عَهْدِ عَادِ

نُزِلَتْ في الكُؤوسِ كالنَّار يَحْكي

نُورُها نُورَ كَوْكَبٍ وَقَّادِ

واسْتَدَارَ الحبابُ فاللُّؤْلُؤُ الرَّطْـ

ـبُ عَلَيها كَحَلِّ عَقْدِ اعْتِقَادي

إنْ تعَسَّفْتَني بظُلْمٍ فإنِّي

مُسْتَجيْرٌ بِسَادَةٍ أنْجَادِ

(1)

خريدة القصر 12: 65.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 353

‌أبو غَانِم ابن الحَلَاوِيّ الشَّاعِرُ الحَلَبِيُّ

(1)

واسْمُه [يَحْيَى بن مُحمَّد بن المُسَلَّم](a)، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو غَانِم ابن العَدِيْم الزَّاهِدُ

عَمِّي، اسْمُه مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه، قد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(3)

.

‌أبو غَانِم النَّجَّار الحَلَبِيُّ الحَاجِيُّ

رَوَى عن ابنِ مُنِير الشَّاعِر شِعْرًا له. رَوَى لنا عنْهُ الشَّريفُ أبو الحُسَين عليّ بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن النَّاصِر الحَلَبِيّ.

أنْشَدَني الشَّريفُ أبو الحُسَين بن النَّاصِر الحُسَيْنيّ الحَلَبِيّ بها، قال: أنْشَدَني الحَاجِيّ أبو غَانِم النَّجَّار الحَلَبِيّ ببَلَّيْرَمُون

(4)

، قال: أنْشَدَني أبو الحُسَين أحْمَد بن مُنِير

(a) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، والاستدراك عن ابن عساكر.

_________

(1)

توفي سنة 530 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 12: 163، (ولقبه بالرئيس جمال الملك)، تاريخ ابن عساكر 64: 370 - 371.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب. توفي سنة 637 هـ، وترجمته في: معجم الأدباء 5: 2081 - 2082، ابن الأثير: الكامل 12: 209، تاريخ الإسلام 13: 847، سير أعلام النبلاء 4: 377 (ذكر عارض أرخ فيه لوفاته)، الوافي بالوفيات 5: 158، العيني: عقد الجمان 4: 278.

وفي أسرة ابن العديم فقيه آخر بذات الاسم والكنية، وينسب إلى الزهد أيضًا، وهو القاضي أبو غانم محمد بن هبة اللَّه بن أحمد (توفي بعد سنة 518 هـ)، ترجم له ياقوت في معجم الأدباء 5: 2078 - 2079، غير أن مراد ابن العديم الترجمة لعمّه.

(4)

بَلَّيرَمُون: كانت مزرعة في سهول حلب الغربية، تتبع محافظة حلب، وتقع على بعد 3 كم من مدينة حلب في ناحية الشمال الغربي، وتسمى اليوم: بلَّليرمون، بإضافة لام أخرى. طلاس: المعجم الجغرافي 3: 361، الأسدي: أحياء حلب 137.

ص: 354

لنَفْسِه في مَلِك النُّحَاةِ، وقد خَمَشَهُ قطٌّ في يَدِه

(1)

: [من المتقارب]

عَتَبْتُ على قطِّ مَلِكِ النُّحَاةِ

وقُلْتُ أتيْتَ بغَيْر الصَّوَابِ

خَمَشْتَ يَدًا خُلِقَت للنَّدَى

وفَكِّ العُنَاةِ وضَرْب الرِّقَابِ

فقال لي القطُّ وَيْكَ اتَّئِدْ

ألَيْسَ القِطَاطُ عُدَاةُ الكِلَابِ

وقد قيل: إنَّ هذه الأبْيَات لوُحَيْش الشَّاعِر، وقيل: إنَّها لفِتيَان الشَّاغُورِيّ

(2)

.

‌أبو الغَرِيْب الأصْبَهَانِيُّ

ووَجَدْتُه في مَوضِع آخر: أبو العُرَيْب بالضَّمِّ، فلا أدْرِي الفّمّ بالغَيْن أو بالعَيْن.

وكان أحَدَ الفُقَرَاءِ المُجَرَّدين، أقام بطَرَسُوس مُدَّةً، حَكَى عنه الحُسَين بن جَعْفَر، وأبو القَاسِم فَارِس بن أبي الفَوَارِس.

قَرَأتُ في كتاب الإخْبَار بفَوَائِد الأخْبَار، من كلام أبي بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن يَعقُوبَ الطَّرَسُوسِيّ

(3)

، قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِم فَارِس بن أبي الفَوَارِس يَقُول: كُنَّا بمِصْر جَمَاعَةٌ من الفُقَرَاءِ ومعنا أبو العُرَيْب (a)، وكان يأتِيْنا بالجَامِع حَدَثٌ من أَبْناءِ المَيَاسِيْر، فوقَع في قَلْب أبي العُرَيْب، فكان إذا رآهُ تغَيَّر وأدْخَل

(a) كذا قيَّده بالعين المهملة والضم، ويأتي في الرواية بعدها بالمعجمة، وقد نبه المؤلف في طالع الترجمة على الاختلاف فيه.

_________

(1)

ديوان ابن منير 124، وتقدم الخبر وأبيات الشعر في ترجمة ملك النحاة (الجزء الخامس)، وانظر تذكرة ابن العديم 110.

(2)

ديوان فتيان الشاغوري 30، وفيه بعض الاختلاف.

(3)

يقرُب عنوان الكتاب واسم مؤلفه (دون شهرته) مع كتاب: "الإخبار بفوائد الأخبار الموسوم ببحر الفوائد أو: معاني الأخبار" للإمام أبي بكر محمد بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي (ت 385 هـ)، شرح فيه المؤلف مجموعة من الأحاديث الشريفة، وقد حُقِّق القسم الأول من الكتاب لنيل شهادة جامعية (الماجستير) بجامعة أم القرى، مكة المكرمة، بتحقيق هشام حاتم الموصلي، 1413 هـ، ولم يرد في مقدمة التحقيق نسبته إلى طرسوس أو أن المؤلف ارتحل إليها، كما لم شد الحكاية التي أثبتها ابن العديم فيه.

ص: 355

رأسَهُ فِي مُرَقَّعَتهِ لا يَنْظُر إليه، فقُلْنا له يَوْمًا: باسِطْهُ لعَلَّهُ يَخِفُّ عنْكَ، فمَدَّ كَفَّه إليه كالسَّائِل، وهو عنه مُعْرضٌ، فدَفع الفَتَى إليه خَاتَمهُ، فلَبسَهُ أبو العُرَيْبِ، وذَهَب الفَتَى، وأُخْبِرَ أبُوه بذلك، فأرْسَل إلى أبي العُرَيب يَسْتَردّ خَاتم ابْنه، فأدْخَل أبو العُرب إصْبَعَه في فيه يُخْرِج الخَاتم فامْتَنعَ عليه، فلم يَمْلك إصْبَعه (a) أنْ قطع إصْبَعه بأسْنَانهِ، ووضَعَها مع الخاتم في كَفِّ الرَّسُول، وقَامَ فخَرَجَ.

قال أبو القَاسِم: فخَرَجْنا في الفِدَاءِ بعد سِنين، فإذا أنا به في بعض بلاد الرُّومِ، فقُلتُ لَهُ: كيف تَجدُكَ؟ فقال: كما كُنْتُ، قُلتُ: وَيْحَكَ، قد عاش الفَتَى وماتَ أبوه، فلو قَدِمْتَ معنا، فقال: واللَّهِ لا دَخَلْتُ ديار الإسْلَامِ وسرِّي يَعْبُد سِوَاهُ.

ونَقَلْتُ من كتَاب سِيَر السَّلَف، تأليفُ الحافِظ أبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْلِ

(1)

: ذِكْرُ أبي الغَرِيْب الأصْبَهَانيّ، رحمه الله (b)، لَقِي المُتَقدِّمين من المَشَايخ، أقام بطَرَسُوس بُرْهَةً، ثمّ رجَع إلى مَكَّةَ، ثمّ رَجع إلى شِيْرَاز، فَاعْتَلَّ فيها علَّةً شَدِيدةً وظَننَّا أنَّهُ يَمُوت. فقال: إنْ متُّ بشِيْرَازَ فادْفنُوني في مَقَابِر اليَهُود! فَتَعَجَّبْنا من قَوْلهِ، وسَألْنَاهُ عنِ ذلك، فقال: إنِّي سَألتُ اللَّه عز وجل أنْ يكُون مَوْتي بطَرَسُوس ولا أشكُّ أنْ موْتي هُنالك (c)، فبَرأ من العِلَّةِ وخَرج، وآخِرَهُ ماتَ بطَرَسُوس.

وقال

(2)

: قال الحُسَينُ بن جَعْفَر: دَخَلْنا على أبي الغَرِيْب بطَرَسُوس وقد ورمَت فخذَاهُ، وشُقّ من وَركِهِ إلى رُكْبَتهِ، وسَالَ منه القَيْح الكَثِيْر وهو بحالةٍ

(3)

عَجِيْبَةٍ، فقال له بعضُ أصْحَابنا: كيف أنتَ؟ فقال: كما تَرَى، وبَعْدُ ما قُلْت: مَسَّني الضّرُّ. مات بطَرَسُوسَ.

(a) كذا في الأصل وم!.

(b) في كتاب سير السلف: رضي الله عنه بدل: رحمه الله.

(c) سير السلف: هناك.

_________

(1)

الأصبهاني: سير السلف الصالحين 1298.

(2)

الأصبهاني: سير السلف الصالحين 1298.

(3)

سير السلف: بحال.

ص: 356

‌أبو الغزير

(1)

صَاحِبُ أبي عُبَيْد البُسْرِيّ الزَّاهِد.

حَكَى عن أبي عُبَيْدٍ حِكَايَةً جَرَتْ لهُ معه وهو في الغَزَاة ببلادِ الرُّوم، رَوَاها عنه عُبَيْد بن فَائِد، فقد دَخَل في غَزَاته حَلَبَ أو بَعض عَملها.

أنْبَأنَا أبو مَنْصُور عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

، إجَازَة إن لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَينُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن أبي حَريْصَة الهَمْدَانيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن عَبْدِ اللَّه بن عُمَر بن الجَبَّان، قال: وحَدَّثَني أبو القَاسِم الفَضْل بن جَعْفَر بن مُحَمَّد المُؤذِّنُ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوبَ الأذْرَعِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بن فَائِد، قال: قال لي أبو الغزي: كُنْتُ أنا وهو -يعني أبا عُبَيْد- في بلاد الرُّوم، وكُنَّا قد صَافَّنَا العَدُوُّ فوقَع فَرَسُ (a) أبي عُبَيْد للمَوْت، فَجَعَلْتُ أنا أتَقلَّى من عَدُوٍّ مُوَاجهنا وفَرَس يَمُوت، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، فلمَّا التَفَتَ من صَلَاته، قُلتُ: في هذا المَوضِع تُصَلِّي؟ فقال: ما أَجد في قَلْبي شيئًا! ثُمّ نَهَضَ الفَرَسُ، ورَكِبَ أبو عُبَيْدٍ، فقُلتُ: لا أسْأله بعدَها عن شيءٍ.

‌أبو الغَنائِم تَاج المُلْك

(3)

واسمُه [المَرْزُبان بن خُسْرُو فَيْرُوز بن دَارسْت](b).

(a) ساقطة من نشرة تاريخ ابن عساكر.

(b) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، وفي م كلمتان غير مقروءتان، والاستكمل من مصادر ترجمته المتقدمة، وهو باللقب أشهر من الاسم.

_________

(1)

في م: أبو العزيز، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 126، وفيه: أبو الغُرَيز.

(2)

تاريخ ابن عساكر 67: 126.

(3)

توفي سنة 485 هـ أو في التي بعدها، وترجمته في: تاريخ دولة آل سلجوق للعماد الكاتب 58 - 59، ابن الأثير: الكامل 10: 214 - 216، وفيات الأعيان 2: 131 (ذكر عارض في ترجمة الوزير نظام الملك)، تاريخ الإسلام 10: 568، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 5: 329.

ص: 357

كان يتولَّى خِزَانَة السُّلْطان مَلِكْشاه، وكان وَجِيْهًا عنده، وقَدِمَ معَهُ حَلَب حينَ قَدِمَها، وهو الّذي تَوَلَّى عِمارَة المَسْجِدِ المَعْرُوف بمَقام إبْراهيم عليه السلام خارج باب العِرَاق وشَاهَدْتُ اسْمه مَكْتُوبًا على الرِّوَاق الّذي بين يَدِي المَسْجِدِ مَنْقُورًا في الحَجَر مع اسْم ابنهِ مُحَمَّد بن مَلِكْشاه. وقد ذَكَرْناهُ في حَرْف الخاَءِ (a) فيما تَقَدَّم من الكتاب.

قَرَأتُ في تاريخ أبي الحَسَن عليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن مُنْقِذ بخَطِّه في حَوَادِث سَنَة خَمْسٍ وثَمانين وأرْبَعِمائةْ قُتِلَ نِظَام المُلْك، وأنَّهُ اتُّهِم بذلك مُتَولِّي الخِزَانَةِ تَاج المُلْك.

قال: وكان تَاجُ المُلْكِ لا يُفَارِق السُّلْطانَ إلى أنْ يَدْخُل فراشَهُ، ويَدْخُل إليه وهو وخَاتُون في الفِرَاشِ لا تَخْتبئ (b) منه.

قال: وكان شَيْخًا مَلِيْح الشَيْبَةِ، أبْيَضَ الحَوَاجِب، يقُول لي أبي: واللَّه كأنَّهُ جَدُّك رحمهم الله.

فلمَّا مَاتَ السُّلْطانُ -يعني مَلِكْشاه- اجْتَمَع مَمَالِيْك خُوَاجَا بُزُرْك، وكانوا في سَبْعَةِ آلاف مَمْلُوك مُزَوَّجين إلى سَبْعَة آلاف مَمْلُوكةٍ له، وقالوا: ما قُتِلَ مَوْلَانا نِظَام الدَّين (c) إلّا بأمْر تَاج المُلْك، فإنَّهُ بَاطِنيٌّ، وأمرَ به البَاطِنِيَّة فقَتَلُوه، فوثبَوا على تَاج المُلْك فقَتَلُوه، وتوازَعُوا جُثَّتَهُ، فصَار إلى كُلِّ واحدٍ منهم عَظْمٌ أو قِطْعَة لَحْمٍ، لَفَّها وجَعَلها في خَرِيْطَتهِ، حَدّثَني بذلك جَمَاعَةٌ من الثِّقَاتِ.

(a) كذا في الأصل وم، ولا يتصل اسمه بهذا الحرف، فلم نجد له ذكر فيه، ولعل المراد:"حرف الحاء"؛ فإنه أورد شيئًا من أخباره في ترجمة نظام الملك الحسن في علي الطوسي لاتهامه بمقتله.

(b) م: لا تخشى.

(c) كذا في الأصل وم وفوفه في الأصل "صـ"، وتقدم بلقب: نظام الملك.

ص: 358

‌أبو الغَوْث بن مُحَجِّز المَنْبِجِيُّ

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، قيل: إنَّهُ انْتَقل من مَنْبج إِلي حَلَب، وسَكَنَها، وأنَّ دَرْب أبي مُحَجِّز بالقطِيْعَة يُنْسَبُ إليهِ، وله مَسْجِدٌ حَسَنٌ فيه، كان يُقرئ فيهِ القُرْآن، وعندي في ذلك شَكٌّ، فإنَّ الدَّرْبَ يُنْسَب إلى أبي مُحَجِّز لا إلى ابن مُحَجِّز.

وذَكَرَهُ أبو مَنْصور الثَّعالِبِيّ في كتاب تَتَّمِة اليَتِيْمَة

(1)

، وذَكَرَ له من الشِّعْر قَوْله في غُلَام الْتَحَى:[من مجزوء الرمل]

في سَبِيْل اللَّهِ خَدًّا

كانَ في المَلْمَسِ خَزَّا

خَانَهُ الشَّعْرُ (a) فأضْحَى

يُوْسِعُ اللَّاثِمَ وَخْزَا

قال: وله

(2)

: [من مجزوء الرمل]

أيُّها الظَّبْيُ الّذي أعْـ

ـرَضَ عنِّي وجَفَاني

فَهْوَ مِن أعْظَمِ هَمِّي

حِينَ أَخْلُو بالأمَانِي

ابْتَلَاكَ اللَّهُ منِّي

بالَّذي مِنْكَ ابْتَلَاني

سَاعةً حتَّى تَرَى كَيْـ

ـفَ الهَوَى ثُمَّ كَفَاني

قال

(3)

: وكان يَحْفَظُ شِعْر البُحْتُرِيّ.

قال

(4)

: وكان أحْضَرَ النَّاس جَوَابًا، وكان في عَيْنَيهِ سُوءٌ، فقال له صَاحِبُ مَنْبج وقد رَمِدَتْ عَيْنُهُ مرَّةً: يا أبا الغَوْث، قد أشْرَفْتَ على العَمَى فماذا تَعْملُ إذا عَمِيْتَ؟ فقال: أقْرأُ على قَبْرِكَ أيُّها الأَمِيرُ!.

(a) تتمة اليتيمة: الدهر.

_________

(1)

وردت الأبيات في تتمة اليتيمة 32 في ترجمة أبي محمد طاهر بن الحسين بن يحيى المخزومي البصري! وليس في اسمه ابن محجز، ولعله وقع في أصل الكتاب خرم أو سقط أذهب طالع ترجمة أبي الغوث المنبجي.

(2)

تتمة اليتيمة 33.

(3)

لم يرد في تتمة اليتيمة مما يشي بوقوع السقط الذي تقدمت الإشارة إليه.

(4)

تتمة يتيمة الدهر 32.

ص: 359

‌حَرْفُ الفَاءِ في الكُنَى

‌أبو فَاخِتَةَ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، ورَوَى عنهُ، حَدَّثَ عنهُ ابنُه، وعَمْرو بن دِيْنارٍ.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مَحْمُود بن مُحَمَّد الصَّابُونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الخَشَّاب النَّحْوِيّ في كتابه، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِرٍ البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بنُ نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بنُ الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى الجُعْفِيّ، قال: حَدَّثَني سُفْيانُ بن عُيَيْنَة، عن عَمْرو بن دِيْنارٍ، عن أبي فَاخِتَةَ، قال: أتَيْتُ عليًّا يَوْم صِفِّيْن بأَسِيْر، فقال له الأَسِيْرُ: لا تَقْتُلْنِي، فقال له عليٌّ: لا أقْتُلكَ صَبْرًا إنِّي أخَاف اللَّه رَبَّ العالَمِين، ثمّ قال له عليٌّ: أفيك خَبْرٌ، أتُبَايعُ؟ فقال الرَّجُلُ: نعم، فقال عليّ للذي جَاءَ به: خُذْ سِلَاحَهُ، وخَلّ سَبِيلَهُ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الفَتْحِ

‌أبو الفَتْح بن أحْمَد بن أبي الرُّؤُوس السَّرُوي القَاضِي

دَخَلَ مَعَرَّة النُّعْمَان، وقَرأ بها على أبي العَلَاءَ أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان، ووَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره، رَوَى عنهُ أخوهُ القَاضِي أبو المُهَذَّب عَبْد المُنْعِم بن أحْمَد بن أبي الرُّؤُوس.

(1)

لعله سعيد بن علاقة أبو فاختة الكوفي، وهو يروي عن الإمام عليّ بن أبي طالب وآخرين، وروى عنه ابنه واسمه ثوير بن أبي فاختة. انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 176، تاريخ يحيى بن معين 3: 313، 530، تاريخ الثقات للعجلي 507، الثقات لابن حبان 4: 288، تهذيب الكمال 11: 28 - 29، وترجم له أيضًا في الكنى 34: 182، وتاريخ الإسلام 2: 937، تهذيب التهذيب 4: 70 - 71، 12: 300، تقريب التهذيب 1: 303، 2:462.

ص: 360

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد اللَّه بن الحُسَين الأنْصَاريّ قِراءَةً عليهِ بمَنْزِلي بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الزَّاكِي حَامِدَ بن بَخْتِيار بن جَرْوَان النُّمَيْرِيّ الخَطِيبَ بالشَّمْسَانِيَّةَ؛ مَدِينَة بالخَابُور، يَقُول: سَمِعْتُ القَاضِي أبا المُهَذَّبِ عَبْد المُنْعِم بن أحْمَد بن أبي الرُّؤُوس السَّرُوجِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أخي القَاضِي أبا الفَتْح يَقُول: دَخَلْتُ على الشَّيْخ أبي العَلَاءَ التَّنُوخِيّ بالمَعَرَّة، ذات يَوْم، في وَقْتِ خلْوَة بغير عِلْم منه، وكُنْتُ أتردَّدُ إليه وأقرأ عليه، فسَمِعْتُه وهو يُنْشِد من قِيْلِهِ

(1)

: [من مخلع البسيط]

كم غُوْدرت (a) غَادَةٌ كَعَابٌ

وعُمِّرَت أُمُّها العَجُوزُ

أحْرَزَها الوَالدَان خَوْفًا

والقَبْر حرْزٌ لها حَرِيْزُ

يَجُوز أنْ تُبْطِئَ المَنَايا

والخُلْدُ في الدَّهْرِ لا يَجُوزُ

‌أبو الفَتْح بن الأَبَارِبْقِيّ الحَلَبِيُّ الأدِيْبُ

شَاعِرٌ من أهْلِ حَلَب، رَوَى عنهُ شَيئًا منِ شِعْره القَاضِي أبو البَرَكَاتِ مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قاضي سُيُوط وخرَّجَ عنهُ إنْشَادًا في مَشْيَخَته. وسَمِعَ منه بحَلَب.

أخْبَرَنا مُرْتَضى بن حَاتِم المَقْدِسِيِّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات مُحَمَّد بن عليّ القاضِي، قال: أنْشَدَني الشَّيْخُ الأدِب العَفِيفُ أبو الفَتْح بن الأَبَارِبْقِيُّ الحَلَبِيُّ لنَفْسِه: [من مجزوء الكامل]

شَاوِر أخَا اللُّبّ الفَصِيْـ

ـحِ فإنَّ هَدْيَكَ في يَديْهِ

فمَنِ اسْتَبَدَّ برَأيهِ

عَمِيَت مَرَاشِدُهُ عليهِ

(a) معاهد التنصيص: بودرت.

_________

(1)

لم أقف على الأبيات في مؤلفات المعري، وهي في معجم الأدباء لياقوت 1: 304 - 305، وتاريخ الإسلام للذهبي 9: 728، وسير أعلام النبلاء 18: 32، ومعاهد التنصيص للعباسي 1:140.

ص: 361

‌أبو الفَتْح بن بَيَان بن عليّ الحَلَبِيُّ المُلَقَّبُ بالتَّاج

(1)

ابن أُخْتِ الأُسْتَاذ ثَابِت بن شَقْويق الأَمَّان، واسْمُه أحمد، وهو مَعْرُوفٌ بالكُنْيَة.

رَجُلٌ كَيِّسٌ، حَسَن المُحاضَرَة، طَيِّب المُذَاكَرَة، يَنْظُم الشِّعْر، وهو مُتَستِّر مُتَدَيِّن، وكان مُتَشَيِّعًا.

رَوَى لنا عن الأُسْتَاذِ حَمَّاد البُزَاعِيّ، وأبي جَعْفَر بن المُؤيَّد بن الحَوَارِيّ المَعَرِّيّ، والمُؤيَّد مُحَمَّد بن يُوسُف بن الدّخْوَار، ورَوَى عن الشَّريف النَّسَّابَة مُحَمَّد بن أَسْعَد الجَوَّانِيّ.

سَألتُهُ عن مَوْلدِه في الحَادِي والعِشْرين من شَعْبان سَنَة أرْبَعٍ وعشرين وستِّمائة، فقال: لي خَمْسة وستُّون سنَةً، فيكُون مَوْلدُهُ تَقْدِيرًا في سَنَة ثَمانٍ أو سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة.

أنْشَدَني أبو الفَتْح بنُ بَيَان بن عليّ الحَلَبِيُّ بيَاقِد، قال: أنْشَدَني حَمَّاد البُزَاعيِّ لنَفْسِه: [من السريع]

يا بَدْرُ مُتِّعْتُ بإشْرَاقِكْ

يا غُصْنُ مُلِّئْتَ بأوْرَاقِكْ

يا حَسَنَ الوَجْهِ عَسَى خَلْقُك الـ

ـبَدِيْعُ يُعْدي سُوْءَ أخْلَاقِكْ

يا نَائمَ اللَّيْلِ هَنِيئًا وإنْ

حَرَّمْت فيهِ نَوْمَ عُشَّاقِكْ

فِدَاءُ عَيْنَيكَ وحَاشَاهمُا

ممَّا تُلَاقي عَيْنُ مُشْتَاقِكْ

فاحْذَرْ علي بُعْدِكَ مِن دَارِهِ

إذا بَكَى سُرْعَةُ إغْرَاقِكْ

(1)

توفي بعد سنة 650 هـ.

ص: 362

أنْشَدَني أبو الفَتْح بنُ بيان الحَلَبِيُّ، قال: أنْشَدَني أبو جَعفَر بن المُؤيَّد بن حَوَاري المَعَرِّيّ لنَفْسِه

(1)

: [من الكامل]

لاحَظْتُهُ فَجَرى النَّجِيْعُ بخَدِّهِ

فَاقْتَصَّ لا مُتَعدِّيًا من نَاظِري

فكلاهمُا حتَّى المَعَاد مُضَمَّخٌ (a)

بدِمَائِهِ من جَائرٍ أو ثَائِرِ

تُوفِّي أبو الفَتْح بن بَيَان بحَلَب [. . .](b) وخَمْسِين وسِتِّمائة.

‌أبو الفَتْح بن عبد الرَّحْمن بن عَلَوِي بن (c) المُعَلَّى السِّنْجَارِيُّ الحَنَفِيُّ

(2)

كان أَدِيْبًا، له شِعْرٌ حَسَنٌ، ونَثْرٌ، وخُطَبٌ. ورَوَى عن الحَيْص بَيْص شَيئًا من شِعْره.

وقَدِمَ حلَبَ مُتَوَجِّهًا إلى دِمَشْقَ، فأقام بدِمَشْقَ إلى أنْ تُوفِّي بها سَنَة تِسْعٍ وعشرين وستِّمائة.

‌أبو الفَتْحِ بن عَبْد المُحْسِن بن سَعيد بن عَمْرو التَّنُوخِيُّ المَعَرِّيُّ

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، من بني عَمْرو المَعَرِّيِّيْن.

ويقُول عُلَماءُ المَعَرَّة: الشِّعْرُ عَمْرِيٌّ، لأنَّ بني عَمْرو كان فيهم كَثْرة، وهم مُجِيْدونَ.

(a) الخريدة: حتى الممات مضرج.

(b) بياض في الأصل وم قدر كلمتين، ولم أقف على سنة وفاته.

(c) ساقطة من م.

_________

(1)

البيتان في خريدة القصر 12: 91.

(2)

توفي سنة 629 هـ، وترجمته في: الجواهر المضية للقرشي 4: 73، وفيه: السخاوي بدل: السنجاري، ومثله في إيضاح المكنون 1: 159، وذكر له كتاب الإيضاح والتجريد في فروع الفقه الحنفي، ثم شرحه وسماه المعيد والمزيد.

ص: 363

نَقَلْتُ من خَطِّ عَبْد المُنْعِم بن الحَسَن بن الحُسَين بن اللُّعَيْبَةِ الحَلَبِيّ، في مَجْمُوعٍ له عَلَّقَ فيه فَوَائِد، قال: حَكَى لي القَائِدُ أبو اليُمْن بن أبي خُرَيْبَة (a) من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، ونحنُ نتصرَّفُ في جَبَل السُّمَّاقِ في شَوَّال سَنَة تِسْعَة عَشر وخَمْسِمائَة، قال: كان عندنا بالمَعَرَّة من بني عَمْرو أخَوَان الواحدُ يُكْنَى بأبي الفَتْحِ، والآخر أبي البَرَكَات، وكانا أطرُوشَيْن يُعَاشِران من أهْلها عَبْد المُنْعِم بن الأصْفَر، وكان أيضًا أطرُوشًا، ويتنادَمُونَ على الشَّرَاب، فكَتَب أبو الفَتْحِ بن عَمْرو إلى النَّاظِر الشَّاعِر، وكان أعْمَشَ:[من الوافر]

أنا وَأخي أبو البَرَكَاتِ عنْدِي

وعَبْدُ المُنْعِمِ الخِلُّ المُصَافِي

فسِرْ لتُجِيْبَ عنَّا سَائلِيْنا

ونُبْصِرُ نحنُ دُوْنكَ مَنْ يُوَافِي

‌أبو الفَتْحِ بن مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّهِ بن الرَّعْبَانِيّ الحَلَبِيِّ

من بَيْتٍ كبير بحَلَب، يُقال لهم بنو أمِيْن الدَّولَةِ (b).

‌أبو الفَتْحِ بن النِّنِّ القَطَّانُ

(c)

شَاعِرٌ من أهْل مَعَرَّة النُّعْمَان، قرأتُ له أبْيَاتًا بخَطِّ أبي المَجْد مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن سُلَيمان المَعَرِّيّ، وهي:[من الخفيف]

أنا وَافٍ ولَسْتِ لي بالوَافِي

فأَقِلّي أَسْرَفْتِ في الإسْرَافِ

قُرحَتْ مُقْلَتي عَلَيكِ فَما أَفْـ

ـرِقُ ما بينَ دَمْعَتي ورُعَافِي

وتَلافَيْتِني فقُلْتُ كَما قِيْـ

ـلَ مُحَالٌ بَعْدَ التِّلَافِ التَّلَافِي

(a) م: ابن أبي اللعيبة.

(b) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

(c) م: ابن اللبن القطان.

ص: 364

وله أيضًا ونَفَلْتُهما من خَطِّ أبي المجد المَذْكُور: [من الخفيف]

يا نُصَيرُ بنَ بنتِ شُهْدَ ألْحَا

ظُكَ عندِي أمْضَى من الأقْدَارِ (a)

ذَابَ جِسْمي به فَلَوْ هَبَّتِ الرِّيْـ

ـحُ مَضَى تَحتَ قَوْسِهِ في الغُبَارِ

‌أبو الفَتْح بن مُحَمَّد بن عُمَر الأَبِيْوَرْدِيّ الصُّوْفيُّ الحَلَبِيُّ

(1)

واسْمُه عُمَر؛ لكنَّه لا يُعْرف إلَّا بالكُنْيَة.

وُلد بحَلَب، وكان أبُوه صُوْفيًّا من أهْل أَبْيِوَرْد، ونَشَأ أبو الفَتْح بحَلَب، وكان جَارنا بحَلَب، وسَمِعَ أبا الفَرَج الثَّقَفِيّ، وحَدَّثَ عنهُ بحَلَب، وكان يخيطُ في حال شَبَابهِ ويَرْتَزق من ذلك، وكان صُوْفيًّا حَسَنًا من أهْلِ الخَيْر والصِّيَانَة، ولم يَتَّفق لي سَمَاع شيءٍ منه.

وتُوفِّيَ بحَلَب في يَوْم الاثْنَين الثَّاني والعِشْرين من ذي القَعْدَة من سَنَةِ تِسْعٍ وأرْبَعين وسِتِّمائة، ودُفِنَ بالتُّرْبَةِ الّتي جَدَّدتُها إلى جانب المَدْرَسَة الّتي أنْشَأَتُها ظَاهِر حَلَب، خَارِج باب العِرَاق، رحمه الله.

‌أبو الفَتْحِ بنُ النَّحَّاس الأنْصَاريُّ الدِّمَشقيُّ

من بَيْتٍ مَشهُور بدِمَشْق.

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، قَدِمَ حلَبَ، ومَدَحَ بها السُّلْطان المَلِكَ النَّاصِر صَلاح الدِّين يُوسُف بن أَيُّوبَ سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة.

(a) كتب ابن العديم إزاءه في هامش الأصل: "استغفر اللَّه تعالى".

_________

(1)

توفي سنة 649 هـ، وترجمته في: صلة التكملة للحسيني 1: 353، الذهبي: تاريخ الإسلام 14: 635.

ص: 365

رَوَى عنهُ العِمَاد أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابن أخي العَزِيز الكَاتِب، وذَكَرهُ في ذَيْل الخَرِيْدَة

(1)

ممَّا نَقَلْتُهُ من خَطِّه، قال: ومنهم أبو الفَتْح بن النَّحَّاس الأنْصَاريّ من أهْلِ دِمَشْق، رَأيتُه في مَجْلِس المَلِك النَّاصِر يُنْشدُه قَصِيدَةً منها (a):[من الوافر]

تَجَلَّتْ في الدُّجَى شَمْسُ النَّهَارِ

وزارَتْ بعد هَجْرٍ وازْوِرَارِ

أَلَمَّتْ بعدَ ما حَيَّتْ فأَحْيَتْ

قَتيْلًا نضْوَ شَوْقٍ وادِّكَارِ

فَتًى أَوْدَى بهِ فَتَّانُ طَرفٍ

تأَلَّفَ من فتُوِرٍ وانْكِسَارِ

أتَتْ واللَّيْلُ قد وَافَى بَهِيْمًا

كلَيْلِ الشَّعْرِ مَرْبَدَّ الشِّعَارِ

وقد بثَّت كَوَاكِبُهُ جُيُوشًا

لها في الجوِّ كالنَّقْعِ المُثَارِ

ونامَتْ أعْيُن السُّمَّارِ لمَّا

خَبَا النِّبْرَاسُ من بعدِ اسْتِعَارِ

وقالتْ بعدَما ألقَتْ رِدَاها

وحَلَّتْ خُلْسَةً عَقدَ الخِمَارِ

وعَادَ اللَّيْلُ من ذاكَ المُحَيَّا

مُنِيرًا ضَاحكًا مثْلَ النَّهَارِ

إلى كَمْ ذا الكَرَى بل أنْتَ ميْتٌ

تَنَبَّهْ واصْحُ من هذا الخُمَارِ

وقُم يا صَاحَ فالوَاشُونَ عنَّا

هجُودٌ تحْتَ أسْمَالِ الدِّثَارِ

وعُودُ العَوْدِ قد وَافَاكَ لدْنًا

نَضِيْرًا ذا اهْتِزَازٍ واخْضِرَارِ

فقُمْتُ مُقَبِّلًا منها جَبِيْنًا

سَرَتْ منه البُدُورُ إلى السِّرَارِ

وخَدًّا مثْل قَاني الوَرْدِ غَضًّا

حَوى الضِّدَّيْن من ماءٍ ونَارِ

وثَغْرًا فيه دُرٌّ في عَقِيْقٍ

وشهْدٌ في رُضَابٍ كالعُقَارِ

ونَحْرًا لَم أكُنْ لولا اعْتِذَارِي

بهِ في الحُبِّ مَخْلُوعَ العِذَارِ

وبتُّ مُعَانقًا منها قَضِيْبًا

رَشِيْقَ القَدِّ حُلْوَ المُسْتَدَارِ

(a) بعده في م: يقول.

_________

(1)

لم أقف عليه في مخطوط السيل والذيل.

ص: 366

‌أبو الفَتْحِ النَّقَّاش الحَلَبِيُّ

نقَاشُ السِّكَّة، واسْمُه مَسْعُود بن أبي الفَضْل، ويُلقَبُ بالتَّاج، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو الفَتح، نَدِيْمُ سَيفِ الدَّولَةِ عليّ بن حَمْدَان

شَاعِرٌ، أوْرَدَ له أبو مَنْصُور الثَّعالِبِيُّ في كتَاب اللُّطْفِ واللَّطَائِف

(2)

: [من البسيط]

قُمْ فاسْقِني قبل خَفْقِ النَّاي والعُوْد

ولا تَبِعْ طيْبَ مَوْجُودٍ بمَفْقُودِ

نحنُ الشُّهُود وخَفْقُ النَّاي خَاطِبُنا

نُزَوِّجُ ابنَ سحَابٍ بنْتَ عُنْقُودِ

‌أبو الفَتْحِ البَالِسِيُّ

(3)

قَرأتُ بخَطِّ صَدِيْقنا تَقِيّ الدِّين إسْمَاعِيْل بن عَبْد اللَّه بن عَبْد المُحْسِن الأنْمَاطِيّ على ظَهْر كتاب ما صُوْرته: جَمال الدِّين أبو الفَتْح البَالِسِيُّ (a): [من مجزوء الرجز]

لمَّا حَدَا الحَادِي بِهِمْ

بانُوا وبَانَ الجَلَدُ

وظَلْتُ مِن يَوْمِ النَّوَى

قَلْبي المُعَنَّى أَنْشُدُ

(a) بعده في م: يقول.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 613 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام 13: 389، العيني: عقد الجمان 3: 194 - 196، الوافي بالوفيات 2: 507 - 509، (وفيه: مسعود بن الفضل)، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 318 - 320.

(2)

الثعالبي: لطائف اللطف 146 - 147، وترجم له في يتيمة الدهر 1: 16، 101 - 103، وسماه: أبو محمد عبد اللَّه بن عمرو بن محمد الفياض، كاتب سيف الدولة ونديمه، ومثله في بقية كتب الثعالبي: ثمار القلوب 107، 225 وسماه: أبو محمد الفياض، وأخرى: الفياضي، وخاص الخاص 193.

(3)

توفي سنة 464 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 62: 29 - 30، تاريخ الإسلام 10:211.

ص: 367

وخَلَّفُوا بينَ الحَشَا

نَارَ الهَوَى تَتَّقِدُ

ونَاظِري مِن بَعْدِهِمْ

أَقْسَمَ أنْ لا يرْقُدُ

وإنْ أرادُوا شَاهِدًا

فدَمْعُ عَيْني يَشْهَدُ

وزادَ ما بي مِن جَفَا

حتَّى جَفَانِي العُوَّدُ

ولَسْتُ أُخْفِي حُبَّهُمْ

ولا غَرَامي أجْحَدُ

سَارُوا وشُتَّ شَمْلُنا

فَمُتهِمٌ ومُنْجِدُ

وكانَ صَبْري مُنْجِدًا

فِيهِمْ فخانَ المُنْجِدُ

آهٍ على دَهْرٍ مَضَى

فعَوْدُهُ مُسْتَبْعَدُ

وقد شَقِيْتُ بالهَوَى

تُرَى بقُرْبٍ أَسْعَدُ

وَقَفْتُ أبْكي رَبعَهُمْ

حِيْنًا وما لي مُسْعِدُ

إلَّا حَمَامَاتُ اللِّوَى

تَبْكي وطَوْرًا تُنْشِدُ

وهذا أبو الفَتْح هو نَصْرُ بن الحَسَن بن إبْراهيم، المُلَقَّب جَمال الدِّين، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في حرف النُّون من الأسْماء

(1)

.

‌أبو الفَتْح البَصْرِيُّ

سَمِعَ بطَرَسُوس أبا الحَسَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن المُسْتَفاضِ الفِيْريَابِيَّ. رَوَى عنهُ.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ: رَوَى أبو الحَسَن هذا -يعني الفِريَابِيّ- عن أحْمَد بن مَنْصُور الرَّمَادِيّ، وعبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، وإسْحَاق بن الحَسَن الحَرْبِيّ وأقْرَانهم، رَوَى عنهُ أبو الفَتْحِ البَصْرِيّ وغيره، وكان البَصْرِي قد سَمِعَ عليه بطَرَسُوس.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 368

‌أبو الفَتح الطَّرَسُوسِيُّ

رَوَى عن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد الكَرْجِيّ الطَّرَسُوسِيّ. رَوَى عنهُ رَشَاءُ بن نَظِيف.

‌أبو الفَتْح الرَّحبِيُّ الرَّوْحَاويُّ

قَدِمَ من الرّحْبَة إلى دِمَشْق، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بطَرف جَبَل البِشْر من عَمَل حَلَب، وكان رَجُلًا صَالِحًا.

قَرَأتُ في كتاب الاسْتِسْعَاد بمَن لَقِيَهُ ابن الحَنْبَلِيّ من صَالِحي العُبَّاد في البِلاد: قَرأتُ بخَطِّ أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن نَجْم بن الحَنْبَليّ، قال: الشَّيْخ أبو الفَتْح الرّحبِيّ (a)، وهو من قَرْيَةٍ يُقال لها الرَّوْحَا، من قُرَى الرَّحْبَة (b)، قَدِمَ دِمَشْق مَرَّتَين من الرَّحْبَة (c) في حَوَائِج له إلى نور الدِّين مَحْمُود، وكان نُور الدِّين يُحْسن فيه الظَّنّ.

وكان شَيْخًا حَسَنًا، دَيِّنًا، مُتَعَبِّدًا، شَافِعيًّا سَلفيًّا، صَائم الدَّهْر، وكان إذا قَدِمَ نَزل عندنا في مَجْلِس المَدْرَسَة الّتي لنا، وكان حَسَن المَلْقى، طَيِّب الخُلْق، يُفْشي السَّلام ويَهْديه إلى الغائب عنه، وكان يأتيه الخُبْز من الرَّحْبَة من طَعَامٍ يَعْرفه، فيَأكُل منه، وسَمِعْتُه يقول للشَّيْخ أبي الفَرَج: عندنا زَاوِيَة تُعْرف به، يَعْني جَدَّ أبي، رحمه الله (d).

(a) من قوله: "ابن نجم. . . " إلى هنا ساقط من م.

(b) م: من قرى الرحبة بحلب!.

(c) قوله: "من الرحبة" ساقط من م.

(d) م: رحمه اللَّه تعالى.

ص: 369

‌أبو الفِتْيَان في حَيُّوس الشَّاعِرُ

نَزِيلُ حَلَب، واسْمُه مُحَمَّد بن سُلْطان، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في المُحَمَّدين

(1)

.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو فِرَاسٍ

‌أبو فِرَاس بن حَمْدَان

واسْمُه الحَارِث بن سَعيد بن حَمْدَان الأَمِيرُ، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في حَرْف الحَاءِ

(2)

.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي الشاعر ابن حيوس سنة 466 هـ، وقيل: سنة 473 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر (ذيوله) 385، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 355، 506 - 508، وفيات الأعيان 4: 438 - 444، ابن الفوطي: مجمع الآداب 5: 242 - 243، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 195 (ت 473 هـ)، تاريخ الإسلام 10: 239، 358، سير أعلام النبلاء 18: 413 - 414، العبر في خبر مَن غبر 3: 321، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 15: 502 - 515، الوافي بالوفيات 3: 118 - 121 (أرخ وفاته سنة 473 هـ)، المقريزي: المقفى الكبير 5: 683 - 634، النجوم الزاهرة 5: 112، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 195 - 199، بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، القسم الثالث (5 - 6) 54. وانظر ترجمة خليل مردم بك له في مقدمة تحقيقه لديوان ابن حيوس 1: 5 - 49.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 357 هـ، وترجمته في: نشوار المحاضرة للتنوخي 1: 225 - 330، يتيمة الدهر 1: 35 - 88، ابن الجوزي: المنتظم 14: 227 - 231، زبدة الحلب 1: 127، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 395 - 398، وفيات الأعيان 2: 58 - 64، تاريخ الإسلام 8: 113، 212 - 213، سير أعلام النبلاء 16: 196 - 197، الوافي بالوفيات 11: 261 - 265، تاريخ ابن الوردي 1: 433، 439، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 278 - 288، مرآة الجنان 2: 277 - 278، النجوم الزاهرة 4: 19 - 20، شذرات الذهب 4: 300، محسن الأمين: أعيان الشيعة 4: 307 - 365، الطباخ: أعلام النبلاء 4: 47 - 52، معجم المؤلفين 3: 175 - 176، الزركلي: الأعلام 2: 155.

ص: 370

‌أبو فِرَاس بن أبي الفَرَج البُزَاعِيُّ الأُسْتَاذ

(1)

وقيل فيه: أبو الفَوَارِس وهو الصَّحيحُ، لكن غَلَبَ على ألْسنَة النَّاس أبو فِرَاس.

وهو ابنُ أُخْتِ الأُسْتَاذ حَمَّاد البُزَاعِيّ، وَسَنَذْكُره مع مَنْ كُنْيَتَهُ أبو الفَوَارِسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى

(2)

.

‌أبو فِرَاس العَامِرِيُّ المَعْرُوف بمَجْدِ العَرَب

(3)

شَاعِرٌ فَاضِلٌ أدِيبٌ، قَدِمَ الشَّامَ، وجَالَسَ أُدَبَاءَها، وخالَطَ كُبَرَاءها، وأقام مُدَّةً بشَيَزَر عند بني مُنْقِذ.

رَوَى عنهُ العِمَادُ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابن أخي العَزِيز الكَاتِبُ (a).

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الفَرَج

‌أبو الفَرَج بن أبي بَكْر العَلَّافُ الشَّاعِرُ

واسْمُه عليّ بن الحَسَن بن عليّ، قَدِمَ حلَبَ ورَوَى بها قَصِيدَة أبيهِ في مَرْثِيَّة الهِرّ، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(4)

.

(a) الصفحة بعده بياض في الأصل.

_________

(1)

توفي سنة 589 هـ ظنًا.

(2)

تأتي قريبًا في هذا الجزء.

(3)

توفي سنة 573 هـ، واسمه: علي بن محمد بن غالب العامري، انظر ترجمته في: خريدة القصر (قسم العراق) 2: 141 - 171، (وهي ترجمة طويلة ضمنها نماذج عديدة من أشعاره)، وانظر نقول العماد عنه في الخريدة: 10: 7، 194، 198، 11: 79، 88، 497، 499، 12: 162، 299، ابن الفوطي: مجمع الآداب 5: 285، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 350 - 351، فوات الوفيات 3: 87، الوافي بالوفيات 22: 109 - 110، الزركلي: الأعلام 4: 330.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 371

‌أبو الفَرَج بن أبي حَصِيْن عليّ بن عَبْد المَلِك (a) الحَلَبِيِّ القَاضِي

(1)

وكان أبُوه أبو حَصِيْن الرَّقِّيّ قاضي حَلَب.

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، ذَكَرَهُ أبو مَنصُور الثّعالبِيُّ في ذَيْل اليَتِيْمَة

(2)

، وقال: أبو الفَرَج بن أبي حَصِيْن القَاضِي الحَلَبيّ، من أظرَف النَّاس وِأحْلَاهم أدَبًا، وأبُوه الّذي كاتَبَهُ أبو فِرَاس وسَاجَلَهُ، ومَدَحَهُ السَّرِيُّ وأخَذ جائزَتَهُ، ولَم أسْمعَ لأبي الفَرَج أصْلَح من قَوْله فيمَن أبَى أنْ يُضِيْفَهُ

(3)

: [من الخفيف]

وأخٍ مَسَّهُ نُزُولي بقَرْح

مثْلَ ما مَسَّني من الجُوع قَرْحُ

بتُّ ضَيْفًا له كما حَكَمَ الدَّهْر

وفي حُكْمه علي الحُرِّ قُبْحُ

وابْتَداني يقُولُ وَهْوَ من السَّـ

ـكْرَة بالهَمِّ طَافِحٌ ليس يَصْحُو

لَمَ تغرَّبْتَ؟ قُلتُ: قال رَسُـ

ـولُ اللَّهِ والقَوْل منهُ نُصْحٌ (b) ونُجْحُ

سَافِرُوا تَغْنَمُوا فقال: وقد

قال عليه السلام: صُوْمُوا تَصِحوا

قال

(4)

: ولَم أسْمعَ في عُمُوم الخِيَانَة وورَاثَة (c) النَّاس أبَاهُم آدَم غير قَوْله: [من الخفيف]

كيفَ تَرْجُو (d) الوَفَاءَ مِن نَسْل مَنْ لَمْ

يَفِ للَّهِ في الجنَانِ بِحَبَّهْ

وعَزِيْزٌ في العَالَمينَ أميْنٌ

خَانَ عَهْدًا أبُوهُ في الخُلْدِ ربَّهْ

(a) زيد في م: الكاتب.

(b) م: يصح.

(c) م: ووزانة.

(d) تتمة اليتيمة: رجر.

_________

(1)

ترجمته في: تتمة اليتيمة 83 - 84، وخاص الخاص 343، وكناه أبا الفتح.

(2)

تتمة اليتيمة 83.

(3)

نسب الثعالبي الأبيات في اليتيمة 1: 300 لعبد المحسن الصوري وهى في ديوان الصوري 84، ونسبها الثعالبي في تتمة اليتيمة 84 وخاص الخاص 242 لأبي الفرج ابن أبي حصين، وني ابن خلكان (وفيات الأعيان 3: 234) على خطأ نسبتها لأبي الفرج، قال:"والثعالبي نسب أشياء إلى غير أربابها، وغلط فيها، ولعل هذا من جملة الغلط أيضًا".

(4)

تتمة اليتيمة 84.

ص: 372

وقَوْله في عثَاب الدَّهْر على قصْده (a) الكِرَام

(1)

: [من الكامل]

يا دَهْرُ ما لَكَ طُولَ عَهْدِكَ تَرْتَعي

رَوْضَ الأمَانِي بارضًا وحَمِيْما

يا دَهْرُ ما لَكَ والكِرَام ذَوِي العُلَى

ماذا يَضُرُّكَ تَرَكْتَ كَرِيْما

‌أبو الفَرَج بن عُبَيْد اللَّه بن الحُسَين الهِلَالِيِّ النَّحْوِي الحَلَبِيُّ، المَعْرُوف بالوَأْوَاء

واسْمُه عَبْد القَاهِر.

شَاعِرٌ، أدِيبٌ فَاضِلٌ، نَحْويٌّ، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو الفَرَج النَّحوِي المَعْرُوف بالمَسْتُور

(3)

واسْمُه الحُسَين بن مُحَمَّد.

رَوَى عن أبي الطَّيِّب المُتَنَبِّي، وأبي القَاسِم عبد الرَّحْمن بن إسْحَاق الزَّجَّاجِيّ، وأُرَاهُ لقيَهُما بحَلَب.

(a) م: قصيدة.

_________

(1)

البيتان في تتمة اليتيمة 84.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب. توفي سنة 551 هـ، وترجمته في: يتيمة الدهر 1: 19، خاص الخاص 199، خريدة القصر (قسم الشام) 13: 155 - 157، القفطي: إنباه الرواة 3: 186 - 187، ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 463 - 464 (وفيه: عبد القاهر بن عبد اللَّه)، تاريخ الإسلام 12: 30 (وفيه: عبد القاهر بن عبد اللَّه)، الوافي بالوفيات 19: 52 - 53، تاريخ ابن الوردي 2: 89، بغية الوعاة 2: 106، النجوم الزاهرة 5: 322، شذرات الذهب 6: 262، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 232 - 234، ويعيد ابن العديم الترجمة له في الألقاب فيما يلي.

(3)

توفي نحو سنة 393 هـ، وترجمته في: معجم الأدباء لياقوت 3: 1151 - 1152، القفطي: إنباه ارواة 1: 363، ابن الفرطي: جمع الآداب 5: 221 - 222، السيوطي: بغية الوعاة 1: 540.

ص: 373

وتُوفِّيَ سَنَة تِسْعٍ وثَمانين وثَلاثِمائة أو بعْدَها، فإنَّهُ حَدَّثَ عنهُما في هذه السَّنَة، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌أبو الفَرَج بن نَصْر المَخْزُوميُّ المَعْرُوف بالبَبَّغَاء

واسْمُه عَبْدُ الوَاحِد، وقد قَدّفنا ذِكْرَهُ

(2)

.

‌أبو الفَرَج ابن الشُّامّ يَدَهُ الطُّرابُلُسِيُّ

حَكَى عن أبي الفِتْيَانِ بن حَيُّوس، والبَليغْ المَعَرِّيّ حِكَايَةً شَهِدَها بحَلَب مع نَصْر بن مَحْمُود بن نَصْر بن صالح بن مِرْدَاس، روَاها عنه أَبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بنُ نَصْر بن صَغِير القَيْسَرَانِيّ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي عَبْد اللَّه القَيْسَرَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الفَرَج ابن الشَّامّ الطَّرابُلُسِيّ يُحَدِّثُ شَيْخي أبا مُحَمَّد تَوْفِيْق بن مُحَمَّد، قال: كُنْتُ عند نَصْر بن مَحْمُود بحَلَب، وقد خَرَجَ للشُّرْب في ظَاهِرها، فأُجْرِيَتْ له

(1)

لم يرد في تراجم من اسمه: الحسن بن محمد!.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب، واسمه: عبد الواحد بن نصر بن محمد، أبو الفرج المخزوميّ، وتوفي الببغاء سنة 392 هـ وقيل سنة 398 هـ، وترجمته في: الفهرست للنديم 1/ 2: 541، الثعالبي: يتيمة الدهر 1: 236 - 270، خاص الخاص 198 - 199، تاريخ بغداد 12: 260 - 262، السمعاني: الأنساب 2: 73 - 74، 4: 284، تاريخ ابن عساكر 14: 323 - 325، وأعاد الرجمة له في الكنى 67: 131، ابن الجوزي: المنتظم 15: 64 - 66، ابن الأثير: الكامل 9: 309، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 18: 174 - 177، وفيات الأعيان 3: 199 - 202، الذهبي: تاريخ الإسلام 8: 788، العبر في خبر مَن غير 2: 194 (وأرخ وفاته سنة 398 هـ)، تذكرة الحفاظ 3: 1028 (ذكر عارض)، سير أعلام النبلاء 17: 91، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 12: 53 - 67، الوافي بالوفيات 19: 377 - 281، النجوم الزاهرة 4: 219، شذرات الذهب 4:515.

ويُعيد ابن العديم ذكره فيما يلى ضمن المعروفين بألقابهم: الببغاء.

ص: 374

سَاقيَةٌ من قُوَيْق ونُضِّدَ حَوْلَها الفَاكِهَةُ والعَقِيْقُ والجَزْعُ وغير ذلك، فكان يَمْلأُ العَيْن بَهْجَةً، وكان أبو الفِتْيَانِ إذ ذاك بحَلَب، فقال نَصْرُ بن مَحْمُود: جِيئُوا بأبي الفِتْيَانِ ليَعْمَل في مَوضِعنا هذا شِعْرًا، فأتَى أبو الفِتْيَان وأعادَ عليه الأَمِيرُ ما وقَعَ في نَفْسِه، فقال: أيُّها الأَمِيرُ، أنا أَسْأَلُ أن أُعْفَى من هذا؛ فإنِّي رَجُلٌ شَيْخٌ وإلى يَوْمي هذا ما عُرِفَ لي سَقْطةٌ، ولا وقَفَ لي أحَدٌ على زَلَّةٍ في الشِّعْر، والبَدِيْهَةُ مُزِلَّةٌ للشَّاعِر، وإنْ أذنَ لي روَّيتُ في هذا وأنْشَدْتُه فيما بعدُ، فأعْفَاهُ، وكان النَّابِغ (a) يَوْمئذٍ بحَلَب قد عَمِي، فذَكَرُوه لنَصْر بن مَحْمُود، فأحْضَرَهُ، وعَمل في ذلك الماءِ مَقَاطِيع عدَّةً على ما وُصِفَ له من الحالِ.

هكذا وقع في الأصْلِ المَنْقُول منه: النَّابِغ وهو -واللَّهُ أعْلَمُ- تَصْحِيفٌ، وإنَّما هو: البَليغْ المَعَرِّيّ.

‌أبو الفَرَج، مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز

(1)

حَكَى عن عُمَر حِكَايَاتٍ كَثِيْرةً، وكان معه بخُنَاصِرَة.

أنْبَأْنَا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، عن عَمِّه أبي القَاسِم الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين الأَبَرْقُوهِيّ، وأبو عَبْدِ اللَّه الخَلَّالُ إذْنًا، قالا: أخْبَرَنا ابن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدٌ إِجَازَةً، ح.

قال: وأخْبَرَنا أبو طَاهِر، قال: أخْبَرَنا عليّ، قالا (b): أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: أبو الفَرَج مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز حِكَايَاتٍ كَثِيْرة.

(a) كتب ابن العديم فوقه في الأصل "صـ"، وعلق على وجه الصواب فيه بعد انتهاء النقل.

(b) م: قال.

_________

(1)

ترجمته في: الجرح والتعديل 9: 425 - 426، تاريخ ابن عساكر 67: 131، ميزان الاعتدال 4:561.

(2)

تاريخ ابن عساكر 67: 131.

(3)

الجرح والتعديل 9: 426.

ص: 375

وقال أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(1)

: سَمِعْتُ أبا زُرعَةَ يقُول: قَدِمَ علينا الرَّيَّ شَيْخٌ يُقال له: أبو الفَرَج، مَوْلى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، فكان يُحَدِّثُ عن عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز حِكَايَات كَثِيْرةً، وكان يَكْذبُ.

‌أبو الفَرَج الطَّرَسُوسِي الصُّوْفيُّ

شَيْخُ الصُّوْفيَّة ببَيْت المَقْدِس، وكان من كِبَار الشُّيُوخ وأعْيَانهم.

نَقَلْتُ من خَطِّ الحافِظ أبي الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسيّ، ما أخْبَرَنا به أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل الدِّمَشقيّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أبو جعفَر مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الطَّرَسُوسِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بن يُوسُف الهَكَّارِيّ شَيْخ الصُّوفيَّة، يَقُول: تَدْرِي لَمَ سَمَّت الصُّوْفيَّة القسْمَةَ طَرَسُوس؟ قُلتُ: لا، قال: لأنَّ القِسْمَةَ لَم تكُن بين الجَمْع إلى زَمَانِ الشَّيْخ أَبي الفَرَج الطَّرَسُوسِيّ شَيْخِ بَيْتِ المقدسِ، فأحْدَث القِسْمَةَ على الجَمْع ليَزُولَ شُغْلُ قَلْب المُتَأهِّلِ، ويَتَصرَّف في نَصِيبَهِ كما يُريدُ، فاخْتَصَروا هذا الكَلَام وقالوا: طَرَسُوس.

‌أبو الفَرَج الحَلَبِيُّ

رَوَى عن أبي طَاهِرٍ الرُّسْتُميّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الفَضْلُ بن عُبَيْد اللَّه.

قُرئ على فَخْر الدِّين أبي العبَّاسِ أحْمَد بن عَبْدِ اللَّه بن مُحَمَّد العَقْرِيّ الحُمَيدِيّ بالمَوْصِل، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبدُ الصَّمَد بن الحُسَين بن عَبد الغَفَّار الزَّنْجَانيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ الحاكِم أبو نَصْرٍ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن إبْراهيم اليُوْنَارِيّ الأصْبَهَانيّ، قال: أخْبَرَنا سُليْمان بنُ إبْراهيمِ بن مُحَمَّد الحافِظ في كتابهِ أنَّ الإمَام أبا الحَسَن مُحَمَّد في عَبد الوَاحِد بن عُبَيْدِ اللَّه حَدَّثهُ، قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِم الفَضلَ بنَ عُبَيْدِ اللَّه يَقُول:

(1)

الجرح والتعديل 9: 436.

ص: 376

أخْبرَني أبو الفَرَج الحَلَبِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا طَاهِر الرُّسْتُمِيّ ببَغْدَاد، قال: قال لي ابن شُرَيْح الفَقِيهُ: رَأيْتُ في المَنَام كأنَّ القِيامَة قد قامَت وحُشِر الخَلْقُ، نَادَى مُنَادٍ: ماذا أجَبْتُم المُرْسَليْنَ؟ فالتفَتُّ فلَم أرَ أحَدًا، ولَم أسْمَعَ جَوَابًا حتَّى كَرَّرها، فأجَبْتُ وقُلتُ: يا رَبّ، بالتَّصْدِيقِ والإيْمانِ، ثُمَّ قُلتُ: يا ربّ، لم أَزْنِ قَطُّ، ولَم أسْرِق، ولم أقْتُل نَفْسًا، فسَمِعْتُ النِّدَاءَ: إنِّي أغْفر لكم ما دونَ الكَبَائر.

‌أبو الفَرَج العِجْليُّ الكَاتِبُ

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّبُ، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أنْبَأنَا أبو يَعْقُوب الأدِيْبُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور الثَّعالِبيّ، قال:[. . .](a).

(a) بياض في الأصل قدر أربعة أسطر، وجاء النص متصلًا في م، وقد ترجم له الثعالبي في اليتيمة 1: 106 - 107، وأورد له نماذج من شعره، وما أورده الثعالبي يزيد على الحيز الذي أبقاه المؤلف، ويصعب تقدير ما كان في نيتة انتخابه من كلام الثعالبي، ونص كلام الثعالبي: "أبو الفَرَج العِجْليِّ الكَاتبُ، أنْشَدَني أبو بَكْر الخَوارزْمِيِّ له أبْياتًا تعجب من سَلَاستها، وسُهُولة مأخَذها، وعذُوبَة ألْفاظها، وذَكَر أَنَّهُ من أفْرَاد مَطْبُوعي تلك البِلَاد، فمنها قَوْله:[من المتقارب]

أقُول له يا مُذِيْقي الهَوى

سَألتكَ باللَّه لا تدْنني

ملَكت فؤادي فعَذَّبته

ولَم أكُ فيما مَضَى ذُقته

إلى أجَل ما دَنَا وَقْته

ولو أنَّهُ في يَدي صُنْته

ومنها قَوله: [من الكامل]

أرسَلْت نَظْرة وَامِق لك خَائف

وجعلت أوهِم أنَّ قَلْبِي مضْمر

من عَيْن وَاش لَحْظه ما يفتر

شَيئًا سوَى نظري وأنتَ المُضْمر

ومنها قوله: [من الخفيف]

وأُريه أنِّي سَلَوت وإنِّي

وهَوَاه يدبّ في كُلِّ قَلْب

لمَشُرق واللَّه صَبٌّ إليه

كدَبِيْب السَّوَاد في عَارِضَيه

ومنها قَوْله، وأنْشَدنيه غيره:[من الوافر]

عِذَار كالطّرَاز على الطّرَاز

ولو جَازَ السُّجُود له سَجَدْنا

وبَدْر في الحَقِيْقة لا المَجَاز

ولكن ليسَ ذاك بمُسْتَجاز

ص: 377

‌أبو الفَرَج بنُ الطيّب الأنْطَاكِيُّ الطَّبِيْب النَّصْرانَيُّ القَسُّ

(1)

كان طَبِيْبًا حَاذقًا من أهْل أنْطَاكِيَة، وله مُصَنَّفاتٌ حسَانٌ، منها: ثِمَار كُتُب جَالِينُوس؛ اخْتَصَر فيها السِّتَّة عَشر في مُجَلَّدٍ واحدٍ، وشَرْح فُصُول بُقْرَاط، وشَرْح العِلَل والأعْراض، وشَرْح قَاطيغُورْيَاس، وبَارا أرْمِينيَاس، وغير ذلك.

وكان ابن سِيْنَا يَغُضُّ منه ويتَنقَّصهُ، ويُلَقِّبهُ عَجُوز النَّصارَى إذا تكلَّم في الحكميَّات. قَرأ عليه المُخْتَار بن بُطْلَان الطِّبَّ ولازَمَهُ سِنِين عِدَّةً.

‌أبو فَضَالَة الأنْصَاريُّ

(2)

صَاحِبُ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بَدْرِيٌّ، شَهِدَ صَفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها، رَوَى عَنْهُ ابنُهُ فَضَالَةُ (a).

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ اللَّه، قال: أخْبَرَنا مَسْعُودُ بن أبي مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحدَادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحَافِظُ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو أحْمَد مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن حَفْص (b)، قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن رَاشِد المَكْحُوليُّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بنُ مُحَمَّد بن عَقِيل، عن فَضَالَة بن أبي فَضَالَة الأنْصَاريّ، قال: خَرَجْتُ مع أبي عائدًا لعليّ بن أَبي طَالِب (c)، وعليّ

(a) بعده بياض في الأصل قدر نصف صفحة.

(b) وقع في نشرة تاريخ أصبهان دمج للسندين: "حدثنا أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه بن الحسن بن حفص".

(c) م: رضي الله عنه.

_________

(1)

توفي سنة 435 هـ، وترجمته في: عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة 323 - 325 وسماه: أبو الفرج عبد اللَّه ابن الطيب.

(2)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: الاستيعاب لابن عبد البر 4: 1729، أسد الغابة 5: 273، تاريخ الإسلام 2:332.

(3)

تاريخ أصفهان 2: 182 - 183.

ص: 378

يَوْمئذٍ بأرْض يُقال لها يَنْبُع (a) وهو مَرِيْضٌ، فقال له (b): ما يُقِيْمُكَ بهذا المَنْزل؟ لو أصَابَكَ فيه أجَلُكَ وَلِيَكَ أعْرَابُ جُهَيْنةَ، فادْخُلِ المَدينَة فإنْ أصابَكَ أجَلُكَ وَليكَ أصْحَابُكَ وصَلَّوا عليك. وكان أبو فَضَالَة من أهْلِ بَدْرٍ، فقال له عليٌّ: إنِّي لسْتُ بميِّتٍ من (c) مَرَضي هذا، إنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إليَّ أنْ لا أَمُوت حتَّى أُدْمَى، ثُمّ تخْضَبُ هذه -يعني لِحْيَتَهُ- من دَم هذه -يعني هَامَتَهُ- قال: فقُتِلَ أبو فَضَالَة مع عليٍّ بصِفِّيْن.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الفَضائِل

‌أبو الفَضائِل الأنْطَاكِيُّ

(1)

وقيل: كُنْيَته أبو إسْحَاق، واسْمُه إبْراهيم بن أحْمَد، وأبو الفَضائِل لَقَبٌ له (d) غَلَبَ عليه.

شَاعِرٌ مُحْسِنٌ من أهْلِ أنْطَاكِيَة.

قَرأتُ بخَطِّ أبي حَلِيمِ ظَافِر بن جَابِر الطَّبِيْب الحَرَّانيّ، نَزِيلُ حَلَب: لأبي الفَضائِل الأنْطَاكِيّ في مُصْحفٍ أهْدَاهُ: [من الطويل]

ولمَّا تَوَلَّى رَدَّ كُلِّ هَدِيَّةٍ

عَفَافُكَ والدُّنْيا تَضُوعُ برَيَّاهَا

بَعَثْتُ الّذي يأبَى لكَ الدِّيْنُ رَدَّهُ

وإنْ خِفْتَ حيْفًا مِنكَ أذكَرَكَ اللَّهَ

(a) رسمها في الأصل: ىميع، م: البقيع، والمثبت من تاريخ أصفهان لأبي نعيم (مصدر النقل) وتاريخ ابن عساكر 42: 548، ولعله الصَّواب لكون ينبع من منازل جُهَينة، وجبل جهينة من عمل ينبع، انظر: الهمذانيّ: صفة جزيرة العرب 320 - 321، والبكريّ: معجم ما استعجم 1: 656.

(b) تاريخ أصبهان: فقال له أبي.

(c) م: في.

(d) ساقطة من م.

_________

(1)

من أهل القرن الرابع ومطلع القرن الخامس الهجري، وذكره الصفدي عرضًا في ترجمة رشأ بن عبد اللَّه غلام الخالديين، الوافي بالوفيات 14: 122 - 123.

ص: 379

‌أبو الفَضائِل بن سَعيد بن مَكِّيّ الحَلَبِيُّ

شَاعِرٌ قَدِيم العَصْر، ظَفِرْتُ له بأبْيَاتٍ يَصفُ فيها الدَّبَادبَ، وهي:[من البسيط]

وللدَّبَادب في أرْجَائهِ زَجَلٌ

تكادُ منه قُلُوبُ النّاسِ تَنْصَدِعُ

كهَدَّة الطَّوْد تَهْوى بين أوْدِيَةٍ

أو صَوْتِ سَيْل ترَدَّى ماؤُهُ دُفَعُ

أوِ الصَّوَاعقُ في طَخْياء (a) مُظْلمةٍ

أو كالزَّئير إذا ما هُيّجَ السَّبُعُ

فالأرْضُ تَرْجُفُ والأبْطَالُ تَزْحَفُ والأ

سْيَاف تَهْبط والأرْوَاح تَرْتَفِعُ

‌أبو الفَضائِل سَعيد الدَّولَة ابن حَمْدَان

(1)

صَاحِبُ حَلَب، واسْمُه سَعيد ابن سَعْد الدَّوْلَة شَرِيْف ابن سَيْف الدَّوْلَة عليّ بن عَبْد اللَّه بن حَمْدَان، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الفَضْل

‌أبو الفَضْلِ الدِّهْخُذَانِيّ الشَّقَّانِيُّ

(3)

واسْمُه العبَّاسُ بن أبي العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد، قَدِمَ حلَبَ، وكان من أهْلِ الأدَب.

(a) الأصل: طيخاء، م: صحيا، والطَّخوة: السحابة الرقيقة، وليلة طخياء: شديدة الظلمة. لسان العرب، مادة: طخا.

_________

(1)

توفي سنة 392 هـ، وترجمته وأخباره في زبدة الحلب 1: 168 - 174، وأعلام الزركلي 3:96.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

توفي سنة 506 هـ، وترجمته في: التدوين في أخبار قزوين للرافعي 4: 142، تاريخ الإسلام 11: 78 - 79، سير أعلام النبلاء 19: 279 - 280، توضيح المشتبه 5: 348 - 349.

ص: 380

رَوَى عن أبي بَكْرٍ أحْمَدَ بن مَنْصُور بن خَلَف، وأبي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بن إبْراهيم الزَّكِيّ.

رَوَى عنهُ أبو المَعَالِي بنُ شَاهْفُور الإسْفَرَاينِيّ، وأبو مَنْصُور المُظَفَّر بن أَرْدَشِيْر العبَادِيّ الوَاعِظُ.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا تاج الإسْلَام أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: سَمِعْتُ الإمَام أبا شُجاع البِسْطَامِيَّ يقُول بهَرَاةَ: سَمِعْتُ الإمَامَ أبا المَعَالِي بن شَاهْفُور الإسْفَرَاينِيّ ببَلْخ يَقُول: حُكِيَ عن الدِّهْخُذَانيّ أبي الفَضْل الشَّقَّانِيّ أنَّهُ قال: قَدِمْتُ حَلَب، فوَجَدْتُ شُعَرَاءَها يُقَبِّحُونَ شِعْر العَجَم وأهْلِ خُرَاسَان، ويقُولونَ: آثارُ التَّكَلُّفِ بَادِيَةٌ في أشْعَارهم، فقُلتُ: ما كُلُّهُم كما تَصِفُونَ، وأنْشَدْتُهم بَيْتَيْن لأبي الحَسَن بن طَلْحَة (a):[من الطويل]

ألَا هَاتِها وَرْدِيَّةً عِنَبِيَّةً

فقَدْ شَوَّشَتْ رِيْحُ الصَّبَا طُرَّةَ الوَرْد

وَلاحَ هِلَالُ العِيْدِ نَضْوًا كأَنَّهُ

بُدُوُّ غِرَار السَّيْفِ من أسْفَل الغمْد

فقالوا: [. . .](b).

قال لنا (c) شَيْخُنا أبو هاشِم: قال أبو سَعْد السَّمْعَانيّ: ولهُما ثالثٌ أنشَدناهُ أبو الفَضْلِ أحْمَدُ بن تَمِيْم التَّمِيْمِيُّ، إمْلاءً من حِفْظِه بأسْفَرَاين، قال: أنْشَدَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن الحُسَين بن طَلْحَة الإسْفَرَاينِيّ لنَفْسِه: [من الطويل]

ألَا هَاتِها وَرْدِيَّةً عِنَبِيَّةً

فقَدْ شَوَّشَتْ رِيْحُ الصَّبَا طُرَّةَ الوَرْدِ

ولَاح هِلَالُ الفِطْر نَضْوًا كأَنَّهُ

بُدُوُّ غِرَار السَّيْفِ من أسْفَلِ الغمْدِ

ولا تَخْشَ أطْوَارَ اللَّيالِي فإنَّها

تلَوَّنُ ولا تُبْقي على النَّحْسِ والسَّعْدِ

(a) بعده في م: أقول.

(b) بياض في الأصل قدر سطر، والنص متصل في م، ولم نقف على رد أهل حلب على الأبيات في المتاح من المصادر.

(c) ساقطة من م.

ص: 381

‌أبو الفَضْلِ بنُ حُجْر الأنْطَاكِيُّ

شَاعِرٌ ظَفِرْتُ له ببَيْتٍ مُفْرَدٍ.

نَقَلْتُ من خَطِّ رَوْحِ بن مُحَمَّد بن أحمد السُّنِّيّ من مَجْمُوعٍ من فَوَائِده عن شُيُوخِهِ: أنْشَدَني أبو مَنْصُور بنُ المَرْزُبَان لأبي الفَضل بن حُجْر الأنْطَاكِيّ:

وقالوا تَطَامَنْ تَجُزْك الحَادِثَاتُ وقَدْ

تطامَنْتُ حتَّى بلَغْتُ الحُوْتَ وَهْيَ مَعي

‌أبو الفَضْلِ بنُ الدِّيْعَاص الوَزِيرُ الحَلَبِيُّ

كان وَزِيرًا بحَلَب لبعض مُلُوكها، وكان أَدِيْبًا شَاعِرًا، ذا ثَرْوة، وكان له عَقِبٌ بحَلَب، أدْرَكتُ منهم رَجُلًا شَيْخًا مُمَوَّلًا بحَلَب، وتُوفِّيَ ولَم يُخَلِّفْ غير بنْتٍ، وانْقَطَعَ نَسْلُهم، ووَقَعَ إليَّ من شِعْره بَيْتٌ مُفْردٌ.

وَجَدْتُ بخَطِّ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب في أثْناء مَجْمُوع من تَعْلِيقه، في دَار وَقْفِ القُرْآن بسِنْجَار ما صُوْرَته: أنْشَدَني الأَثِيْرُ -يعني الفَضْل بن سَهْل الحَلَبِيّ- لابن دِيْعَاص الحَلَبِيّ يَهْجُو وَزِير رِضْوَان صَاحِب حَلَب، والمُشَرَّف ابن الخَلَّال

(1)

: [من السريع]

قد زَنْجَرَ الدَّهْرُ على النَّاسِ

ما بينَ خُلَّالٍ ونَحَّاسِ

قُلتُ: يُريدُ أبا نَصْر بن النَّحَّاسِ، ولَم يكُن وَزِير رِضْوَان، ولا أدْرَك وِلَايَتَهُ.

أخْبَرَنا سَعيدُ (a) بن أبي طَاهِر الأسَدِيُّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيُّ في كتابهِ، قال: حَدَّثَني أبو الحَسَن يَحْيَى بن عليّ بن عَبْدِ اللّطِيْف التَّنُوخِيّ

(a) م: سعد.

_________

(1)

بيت الشعر في زبدة الحلب 1: 326.

ص: 382

المَعَرِّيّ بدِمَشْقَ، من حِفْظِه وإمْلَائهِ، قال: دَخَلَ أبو نَصْر المُهَنَّا بن عليّ بن المُهَنَّا التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ، المُلَقَّب بالنَّاظِر، على أبي الفَضْل بن الدِّيْعَاص الحَلَبِيّ الوَزِير يَوْمًا عند وُصُولهِ من مِصْر مُسَلِّمًا عليه، وعندَهُ قِرْدٌ قد أَتَى به في صُحْبَتهِ من هُناك، وكانت بينهما مُمَازَحةٌ، فأوْمَأ إلى القِرْد فصَفَعَهُ، فأطْرَق رأسَهُ ساعةً، ثُمَّ أنْشَدَهُ بَيْتَيْن، فنَدِمَ أبو الفَضْل على فعْلهِ، وسَألَهُ إخْفائهما، فقال: هَبْ أنِّي أخْفَيْتُهما فالحاضرُونَ تُرَى ما حَفِظُوا؟! وهُما: [من المنسرح]

قُلْ لأبي الفَضْلِ هكَذا أبَدًا

مِثْلُكَ مَن في السُّمُوِّ قَدْ زَادَا

أحْسَنْتَ يا سُخْنَةَ العُيُونِ كَما

سِرْتَ وَزِيرًا وعُدْتَ قَرَّادَا

‌أبو الفَضْل بن سَالِم العُطَارِدِيُّ المَنْبِجِيُّ

شَاعِرٌ، كان في أيَّام الأَمِير سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّهِ بن حَمْدَان، وقيل: إنَّهُ يَكْتُب له على الرَّسَائِل، وذَكَرَ له بعضُ النَّاسِ في مَصْلُوب هذين البَيْتَيْن، وقال: وتُرْوَى لغيره

(1)

: [من الكامل]

انْظُر إليهِ كأنَّهُ في جذْعِهِ

لمَّا تَوَشَّحَ بالحِبَالِ ودُرِّعَا

رَامٍ رَمَى عن قَوْسِهِ بمُفَوَّقٍ

وأرادَ صِحَّةَ رَمْيِهِ فَتَسَمَّعا

قال: وله أيضًا: [من البسيط]

وعُصْبَةٍ أصْبَحُوا رَكْبًا على خُشُبٍ

مَنْصُوبَةٍ قد رَمَى في الأرْضِ رَاسِيها

مُجَرَّدِينَ سِوَى ما كانَ مِن أُزُرٍ

ما تَرْتجي خَلَفًا يوْمًا لَيَالِيْها

(1)

نسبه أبو هلال العسكري: ديوان المعاني 2: 419، لبعض البصريين، ونسبه ابن ظافر الأزدي: غرائب التنبيهات 168: لابن المعتز وليس في ديوانه.

ص: 383

‌أبو الفَضْل بنُ صالِح المَعَرِّيُّ

رَوَى عن أبي العَلَاء أحْمَد بن عَبْدِ اللَّه بن سُلَيمان المَعَرِّيّ، رَوَى عنهُ أبو المَجْدِ عبدُ الرّحْمن بن مُحَمَّد بن أبي السَّرَايَا الحَلَبِيُّ.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بنُ الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أنْشَدَنا أبو المَجْد عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن أبي السَّرَايَا الحَلَبِيّ، إمْلاءً من حِفْظِه بالرَّقَّة، ح.

وأخْبَرَنا بهِ إجَازَةً عَاليًا أبو اليُمْن الكِنْدِيُّ ولَامِعَةُ بنْتُ المُبارَك بن كَامِل، عن أبي المَجْد عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن أبي السَّرَايَا الحَلَبِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو الفَضْل بن صالح المَعَرِّيّ بحَلَب، قال: أنْشَدَني أبو العَلَاءِ أحْمَدُ بن عَبْد اللَّه المَعَرِّيّ لنَفْسِه في الثَّلْج

(1)

: [من الوافر]

أتَانَا في الولَادَةِ وَهْوَ شَيْخٌ

فأزْرَى بالشَّبَابِ وبالشُّيُوخِ

وقالَ أرِيْدُ عندَكُمُ تَنُوخًا

فقُلْتُ أصَبْتَ إنَّا من تَنُوخِ

‌أبو الفَضْل بنُ أبي مَنْصُور القُمِّيُّ

(2)

شَاعِرٌ كان بحَلَب فِي سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة مع عَسْكَر السُّلْطان العَادِل ألْب أَرَسْلَان، ومَدَح نِظَام المُلْك في مَنْزلة العَسْكَر خارج باب قِنَّسْرِيْن.

ذَكَرَهُ أبو الطّيِّب البَاخَرْزِيّ في كتاب دُمْيَة القَصْر

(3)

، فقال: أبو الفَضْل بن أبي مَنْصُور القُمِّيّ، رَيْحَانَةُ الظِّرَافِ، ولَهْزَة الشِّرَافِ (a)، فيه أثَرُ النَّسِيم في القُضْب

(a) دمية القصر: الشباب.

_________

(1)

لم أقف عليه في شعر المعري، والبيتان في كتاب الأنساب للسمعاني 3:91.

(2)

كان حيًا سنة 463 هـ، وترجمته في: دمية القصر للباخرزي 1: 318 - 31، ولقبه: مجد الملك.

(3)

الباخرزي: دمية القصر 1: 318.

ص: 384

اللِّطَاف، وله شِعْرٌ حَسَنٌ كوَجْههِ، وفَضْلٌ يضْعُف الوَصْف عن بلُوغ كُنْهِه، وليسَ يَحْضُرني من شِعْره إلَّا ما مَدَح به الصَّاحِبَ نِظَامَ المُلْكِ على بابِ قِنَّسْرِيْن في رَجَب سَنَةَ ثَلاثٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة (a):[من الكامل]

ماذا على طَيْفِ الكَرَى لو عَادَا

دَنِفًا تَنَاهَى (b) سُقْمُهُ وتَمَادَى

فنِهايَةُ المأمُوْل منْهُ لِمَامُهُ لو

كان في إلْمَامِهِ مُنْقَادَا

أبدًا أضمُّ جفُونَ عَيْني علَّهُ

يَأوِي إلى إنْسَانِها (c) مُعْتَادَا

فيَقَر قَلْبٌ ليْسَ يهْدَأ سَاعةً

ويَنامُ طَرْفٌ لا يَذُوق رُقَادَا

هَيْهاتَ ليسَ يَزُور طَيْفٌ مُقْلَةً

ألِفَتْ سكُوبَ مَدَامِع وسُهَادَا

يا رَاحَةَ الأرْوَاح أَنْصِفْ مرَّةً

فلقد بَلَغْتَ بظُلمكَ الآمَادَا

أوَمَا تَرَى فَصْل الرَّبِيْع وقد غَدَا

أشْهَى الأوَانِ إلى القُلُوب مُرَادَا

والأرْض من خِلَعِ الغَمَامِ تَدَرَّعَتْ

حُلَلًا تَعُمُّ تَهَائمًا ونِجَادَا

وتلَفَّعَتْ صُلْعُ الأباطِح والرُّبَى

من مُوْنقِ العُشْب الأَثيثِ بجَادا

فتَظنّ أنْفَاسَ الشّمَالِ مَرِيْضةً

والطّيْر حَوْل وسَادها عُوَّادَا

وشَبَاة مَمْشُوق القَوَام مُهَفْهَفٍ

فَلَّتْ مُذْربه الشِّفارِ حِدَادَا

إنْ سَلَّهُ من غمْدِ مَقْلَمةٍ غَدَا

صِلًّا يمجُّ من اللَّهَاةِ مِدَادَا

أرَى لمَنْ أبْدَى خُلوصَ وَلائهِ

ونَقِيع سُمٍّ للمُريْدِ عنَادَا

وإذا مَشَى بين الثَّلاث لكتْبةٍ

أبصَرْتَ (d) منه فَضَائِلًا آحَادَا

خَطٌّ يَرُوق رُوَاؤُهُ فكأنَّما

نَشَرتْ أنَاملُهُ بها أبْرَادَا

(a) بعده في م: يقول.

(b) دمية القصر: تناءى.

(c) دمية القصر: إنسانه.

(d) الأصل: أنصرت، ومهملة في م، والمثبت عن الدمية.

ص: 385

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الفَوَارِس

‌أبو الفَوَارِس بن أبي الفَرَج البُزَاعِيُّ

(1)

ابنُ أُخْت الأُسْتَاذ حَمّاد البُزَاعِيّ الأُسْتَاذُ من أهْلِ بُزَاعَا.

وكان مُؤَدِّبًا بحَلَب، وله مَكْتَبٌ يُعَلِّم فيه أوْلَاد الأعْيَان من الحلَبَيِّيْن، وانْتَفَعَ به جَمَاعَةٌ، وكان فيه صَلَاح وتُقًى، وعندهُ فَضْلٌ وأدَبٌ، ويَنْظِم شِعْرًا جَيِّدًا.

رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد العمَاد الكَاتِبُ، وعليّ بن سِنَان الحَلَبِيُّ السَّرَّاج، ورَوَى لنا عنْهُ شَيئًا من شِعْره الزكِيَّ عبدُ الرَّحْمن بن أبي غَانِم بن إبْراهيم بن سِنْدي الحَلَبِيّ، والقَاضيِ أبو مُحَمَّد صَقْر بن يحْيَى بن صَقْر الفَقِيهُ.

واسْمُه مُحَمَّد بن أبي الفَرَج، واشْتَهر بالكُنْيَة، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في المُحَمَّدين

(2)

أيضًا.

أنْشَدَنا الزَّكِيُّ عبدُ الرَّحْمن بن أبي غَانِم بن سِنْدي، قال: أنْشَدَنا الأُسْتَاذُ أبو الفَوَارِس بن أبي الفَرَج البُزَاعيِّ لنَفْسِه، وذَكَرَ لي أَنَّهُ عَمِلَها بَدِيْهًا، وفد اجْتازَ بدَيْر عُمَان (a)، وهو دَيْرٌ بجَبَل سِمْعَان من غَرْبيّ حَلَب وإلى جَانبهِ دَيْر سَابَان

(3)

: [من الخفيف]

قد مَرَرْنا بالدَّيْرِ دَيْرِ عُمَانَا

وَوَجَدْناهُ دَائِرًا فشَجَانا

(a) كذا مجَّودًا بالضم حيثما ورد في الأصل، وعند ياقوت بالفتح. انظر الخزل والدأل 2: 136، معجم البلدان 2:534.

_________

(1)

توفي سنة 589 هـ ظنًا، وتقدم ذكره في هذا الجزء فيمن كنيته أبو فراس.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

الأبيات في معجم البلدان 2: 534، والخزل 2: 136 - 137، وكناه فيهما: أبا فراس، وهي كنية له أيضًا.

ص: 386

ورَأيْنا مَنَازِلًا وَطُلُولًا

دَارِسَات ولَم نَرَ السُّكَّانا

وأرَتْنا الآثارُ مَنْ كانَ فِيها

قَبْلَ تُفْنِيْهِمُ الخُطُوبُ عيَانا

وبَكَيْنا فِيهِ فكَانَ علَينا

لا عَلَيهِ لمَّا بَكَينا بُكَانا

لسْتُ أنْسَي يا دَيْرُ وَقْفَتَنا فِيـ

ـــكَ وإنْ أوْرَثْتنِيَ النِّسْيَانا

مِن أُنَاسٍ حَلُّوك دَهْرًا فَخَلَّوْ

كَ وأمْسَوا قَدْ عَطَّلُوكَ الآنا

فرَّقتهُمْ (a) يَدُ الخُطُوبِ فأصْبَحْـ

ـــتَ خَرَابًا (b) مِن بَعْدِهِمْ أُسْيَانا

وكَذَا شْمَيِةُ اللَّيالِي تُمِيْتُ الحَـ

ـــيَّ مِنَّا وتَهْدِمُ البُنْيَانَا (c)

حَرَبًا ما الّذي لَقِيْنَا منِ الدُّنْـ

ـــيا (d) ومَاذا من خَطْبِها قد دَهَانَا (e)

نحنُ في غَفْلَةٍ بِها وَغُرُورٍ

وَوَرَانا مِن الرّدَى ما وَرَانَا (f)

أنْشَدَنا القَاضِي ضِيَاء الدِّين صَقْرُ بن يحْيَى بن صَقْر، قال: أنْشَدَني أبو الفَوَارِس الأُسْتَاذُ لنَفْسِه وقد عزِلَ عَامِل بُزَاعَا عنها ووُلِّي غيره: [من مجزوء الخفيف]

مُدْبِرًا يَعْزِلُونَهُ

وَيُوَلُّونَ مُدْبِرَا

شِبْه مَنْ يَغْسِلُ الثِّيَا

بَ مِنَ البَوْلِ بالخَرَا

قَرأتُ للأُسْتَاذ أبي الفَوَارِس البُزَاعيِّ على ظَهْر كتابٍ: [من الكامل الأحذ]

يا مَنْ كَحَلْتُ بِحُسْنِ صُوْرَتِهِ

عَيْني وكانَتْ تَشْتَكِي الرَّمَدَا

فجَلَا القَذَا مِنها وآمَنَها

مِن أنْ تَرَاهُ بَعْدَها أبَدَا

أَوْلَيْتَ عَيْني بالشِّفَاء يَدًا

فانْعِمْ وأَوْلِ القَلْبَ مِنْكَ يَدَا

فكِلاهمُا في حُبِّكَ اشْتَركا

وعَلَى هَوَاكَ مَعي قَدِ اعْتَضَدَا

أنْتَ الشِّفَاءُ لمُدْنَفٍ وصِبٍ

لو رَامَ ذاكَ سِوَاكَ ما وَجَدَا

(a) الخزل: بددتهم.

(b) الخزل: يبابًا.

(c) الخزل: الأركانا.

(d) معجم البلدان: الدهره.

(e) لم يرد هذا البيت في كتاب الخزل والدأل.

(f) الخزل: وروانا. . . ما روانا.

ص: 387

سَألتُ غير واحدٍ من أهْلِ بُزَاعَا عن وَفَاةِ أبي الفَوَارِس الأُسْتَاذِ، فقال: قُرْب السِّتّمائة.

وسألتُ صَدِيْقنا زَيْن الدِّين ابن النَّصِيْبِيّ، وكان مُعَلِّمهُ، عن وَفاته، فقال: تُوفِّي في غَالِب ظَنِّي في سَنَة تسْعٍ وثَمانين وخَمْسِمائَة.

ص: 388

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ ثِقَتِي

‌أبو الفَوَارِس بن الطَّلَّائيّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ الوَاعِظُ، المُلَقَّب بالشَّمْس

واعظٌ حَسَنٌ، له قَبُول.

قَدِمَ علينا حَلَب، ووعَظ بها، وحَضَرْتُ مَجْلِسَهُ وأنا صَبيٌّ، ولا أتَحقَّقُ ما سَمِعْتُه منْهُ، وله شِعْرٌ حَسَنٌ، رَوَى لنا عنْهُ شَيئًا منه الزَّبْنُ يُونُس بن أبي الغَنائِم المُقْرِئ بالألْحَان.

أنْشَدَني زَينْ الدِّين أبو [بَكْر](a) يُونُس المُقْرِئ، قال: أنْشَدَني أبو الفَوَارِس الإسْكَنْدَرَانِيّ الوَاعِظ بالقَاهِرَة لنَفْسِه: [من الكامل]

رَقَصَتْ لَطِيْفَةُ جَوْهَرِ الأرْوَاحِ

في جِرْم قالَبِ هَيْكلِ الأشْبَاحِ

وتَمَايَلَت مِثلَ الغُصُون كأنَّها

شَرِبَتْ وما شَرِبَتْ سُلَافَ الرَّاحِ

وهي الّتي ما لَم تَزَل سَكْرانةٌ (b)

مِن خَمْرَة تُسْقَي بِلا أقْدَاحِ

وإذا صَحَتْ مِن سَكْرَةٍ فَلِسَكْرَة

لكنَّها سَكْرَى بِغيرِ جُنَاحِ

عَرَبيَّةٌ عَجَميَّةٌ صُوْفيَّةٌ

شَاميَّةٌ مَدَنيَّةٌ يا صَاحِ

تَرْتاحُ عِندَ سَمَاعِ ذِكْرِ حَبِيْبِها

شَوْقًا لَهُ والعَيْشُ للمُرْتَاحِ

وتَئِنُّ أنَّة عَاشِقٍ جَذَبَ الهَوَى

بزِمَامِهِ عن لَذَّةِ الأفْرَاحِ

عَلِمَتْ مبَاديها وعَوْدَتُها لَهُ

وَحْيٌ أتَى من فَالِقِ الإصْبَاحِ

(a) مرضعها بياض في الأصل قدر كلمة، وفي م: أبو يونس، واستكمال الكنية من ترجمته في الوافي بالوفيات 29: 399، وكناه الصفدي أيضًا: أبو الفتح!.

(b) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "في سُكْرها".

ص: 389

‌حَرفُ القَافِ في الكُنَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو القَاسِم

‌أبو القَاسِم بن إبْراهيم بن هِبَة اللَّه بن إسْمَاعيْل بن نَبْهَان بن مُحَمَّد الشَّافِعيُّ القَاضِي الفَقِيه الحَمَوِيُّ، الملُقَّب بالعِمَاد

(1)

ويُعْرف أبُوه بابن المُقَنْشِع.

فَقِيْهٌ فَاضِلٌ مُتَورِّعٌ، وَلي قضاءَ حَمَاةَ سَنَة اثْنَتي عَشْرة وسِتّمائة، وبقي قَاضِيًا بها إلى أنْ عُزِلَ عن القَضَاءٍ، وتَوَجَّه إلى حَلَب، فأقام بها مُدَّة، وتأهَّل بها، وقَطَن، ثُمَّ رَحَلَ منها إلى حِمْصَ، واتَّصَل بخِدْمَة المَلِك المُجَاهِدِ شِيرْكُوه بن مُحَمَّد بن شِيرْكُوه، وحَظِي عندَهُ ثُمَّ من بَعْده عندَ وَلدهِ المَلِك المَنْصُور إبْراهيم، وسُيِّر إلى بَغْدَاد منها رَسُولًا مِرَارًا مُتَعدِّدةً، وإلى حَلَب وغيرها من البِلَادِ.

ثُمَّ انتقلَتْ حِمْصُ إلي المَلِك الأشْرَف مُوسَى بن إبْراهيِم، فسَّيَرهُ رَسُولًا إلى مِصْر؛ إلي صَاحِبها المَلِك الصَّالِح أَيُّوب، وكان قد صَاهَر وزِير المَلِك الأشْرَف المخُلِّص بن قُرْنَاص على ابْنَته، فتجدَّد من الحَوَادِث أنْ قَبَضَ المَلِكُ الأشْرَف على وَزِيره المَذْكُور، حَمِيهِ ابن فُرْنَاص، فلم يَعُد إليه من مِصْر، وأقام بالدِّيَار المِصْرِيَّةِ إلى أنْ وَلَّاهُ المَلِكُ الصَّالح أيُّوب القَضَاءَ بمَدِينَة مِصْر، فبقي قَاضِيًا يَحكْمُ بين النَّاسِ إلى أنْ عُزِلَ عن القَضَاء في سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وسِتّمائة.

(1)

توفي سنه 652 هـ، وترجمته في: صلة التكملة للحسيني 1: 290، وسماه:"أبو القاسم القاسم بن أبي إسحاق إبراهيم. . . "، والذهبي: تاريخ الإسلام 14: 732، وسماه:"القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل النبهانَي"، ثم أعاد ذكره في ترجمة أخيه عبد الرحمن بن إبراهبم (تاريخ الإسلام 14: 757) وقال: "وهو أخو القاضي أبي القاسم قاضي حماة"، ابن حجر: رفع الإصر 307 وفيه: "قاسم بن إبراهيم ابن المقيشع".

ص: 390

وكان مُوَفَّقًا في أحْكَامِهِ، عَادِلًا في أقْضِيَتهِ، حَافِظًا لنَامُوس القَضَاء، فَقِيهًا مُعْتبَرًا، عَارِفًا بالمَذْهَب والخِلَاف، له هَيْبَةٌ وتَصَوُّنٌ، وكان قد وَلي التَّدْرِيس بالمَدْرَسَة الأسَدِيَّة بحَلَب، ووَلِيَ التَّدْرِيس بالنُّورِيَّة بحَمَاة.

ولمَّا عُزِلَ عن قَضاءِ مِصْر، توجَّه منها إلى دِمَشْق، فأقام بها مُدَّةً، ثمَّ اسْتُدِعي إلى حَمَاة ليتَوَلَّى قَضَاءَها، وطُلِبَ من المَلِك النَّاصِر يُوسُف لذلك، فسَيَّر إِليه في ذلك، وقرَّر أمْرَهُ، وعَيَّن له ما يَكْفيه، واشْتَرط في ولايته شرُوطًا فيما يَرْجع إلى صيَانة مَجْلِسِ الحُكْم، وأنْ لا يُعَارَض في أحْكَامه ولا يُتَجَوَّهُ عليه بجاهٍ من ذي سُلْطان ولا غيره، فأُجِيْب إلى ذلك جَمِيْعه، وخَرَجَ من مَدِينَة دِمَشْق مُبرزًا للتَّوجُّه إلى حَمَاة، فَمرض بذَات الجَنْب ثلاثَة أيَّام، وتُوفِّي يَوْم الخَمِيْس ثالث عَشر المُحَرَّم من سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وسِتّمائة بمَدْرَسَة ابن الزَّنْجَارِيّ (a) بالعُقَيْبَة، ودُفِنَ بجَبَل الصّالِحين، رحمه الله (b).

‌أبو القَاسم بن بُرَيْه الرَّقِّيُّ القَاضِي

دَرَّس العِلْم بحَلَب، وقَرأ عليه بها أبو القَاسِم الخَضِرُ بن عَبْدِ اللَّهِ البَالِسِيُّ، وحَكَى عنه.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالبَيْت المُقَدَّس، قال: أخْبَرَنا الحافظُ أبو طَاهر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَني الشَّيْخ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مَرْزُوق الزَّعْفَرَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الغَرَّاء (c) المُقْرِئ البَصْرِيّ الدِّمَشقيّ بالقُدْس، قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِم الخَضِر بن

(a) في صلة التكملة للحسيني: الزنجاني، وفي تاريخ الإسلام: المدرسة الزنجلية.

(b) م: رحمة اللَّه عليه.

(c) الأصل، م: القراء، وتقدم صحيحًا في ترجمه شيخه الخضر بن عبد اللَّه البالسي، وانظر ترجمته في: الإكمال لابن ماكولاء 7: 45، تاريخ الإسلام 10: 169، سير أعلام النبلاء 18: 338، توضيح المشتبه 6:433.

ص: 391

عَبْد اللَّه البَالِسِيّ يَقُول: قال لنا القَاضِي أبو القَاسِم بن بُرَيْه الرَّقِّيّ بحَلَب، ونحنُ نَدْرسُ عليه الفَرَائِضَ والحِسَابَ، وغير ذلك: العِلْمُ أشَدُّ المَعْشُوقينَ دَلَالًا، لا يُعْطِيكَ (a) بعضَهُ حتَّى تُعْطِيَهُ كُلَّكَ، وأنتَ إذا أعْطَيتَهُ كُلَّكَ على غَرَرٍ من إعْطَائهِ لك البعضَ.

‌أبو القَاسِم بنُ جَلَبَات (b) المَعَرِّيُّ

(1)

شَاعِرٌ مَذْكُورٌ، ويُلقَّب بالكَامِل، واسْمُه عليّ، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو القَاسِم بن حَسَن بن أبي القَاسِم المِقْدَادِيُّ

قاضي رَحْبَة مَالِك بن طَوق، فَقِيْهٌ شَافعِيّ المَذْهَب، من وَلد المِقْدَاد بن الأَسْوَد.

رأيتُه بالرَّحْبَةِ، وذكَرَ لي أنَّهُ قَدِمَ حلَبَ، ثمّ عُدْتُ إلى الرَّحْبَة مرَّةً ثانيَة، فقيل لي: إنَّهُ تَوَجَّه إلى حَلَب في شُغْلٍ يتَعلَّقُ بصَاحِب الرَّحْبَة.

سَمِعَ منّي شَيئًا من الحَدِيْثِ بالرَّحْبَةِ، وسَمِعْتُ منه بها الأحَادِيْث الخَمْسة الّتي خرَّجَها الشَّيْخ عَسْكَر النَّصِيْبِيّ من جُزْء الأنْصَاريّ، من حَدِيث أنَسِ بن مَالِك وهي الثُّمانيَّات، سَمِعْتها منه بسَمَاعِه من عَسْكَر النَّصِيْبِيّ، عن ابن مَنِيْنا، عن أَبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي قاضي المَارَسْتَان، وهي سَمَاِعي في جُزءِ الأنْصَاريّ من أبي اليُمْن الكِنْدِيّ وأبي حَفْصِ ابن طَبرْزَد عن قاضي المَارَسْتَان، وإنَّما كَتَبْناها عنه لأجْل البَلْدَة، وهو شَيْخٌ حسَنٌ فَقِيْهٌ.

(a) م: نعطيك.

(b) م: ابن جلباب.

_________

(1)

ترجمته في: الإمتاع والمؤانسة 1: 135، يتيمة الدهر 3: 99 - 102، وأورد الثعالبي له حكاية في كتابه خاص الخاص 65، وانظر ثلاثة أبيات من شعره في تذكرة ابن العديم 397.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب، ويعيد ذكره في آخر هذا الجزء في الألقاب: الكامل المعري.

ص: 392

‌أبو القَاسِم بن الحُسَين بن السَّمَيْدَع الأنْطَاكِيُّ

(1)

رَوَى عنهُ القاضِي أبو عليّ السَّرْخَسِيّ حِكايَةً مُضْحكة حَكَاها عن عَامِل كان بأنْطَاكِيَة وكَاتِبهُ.

أنْبَأْنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف في يُوسُف، قال أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن البَطِّيّ في كتابهِ، عن أبي عَبْد اللَّه الحُمَيْدِيّ، قال: أخْبَرَني غَرْس النِّعْمَة أبو الحَسَن بن الصَّابِئ

(2)

إجَازَةً، قال: وحَدَّثَني القَاضِي أبو عليّ السَّرْخَسِيّ، قال: حَدَّثَني أبو القَاسِم بن أبي عليّ الحُسَين بن السَّمَيْدَع الأنْطَاكِيُّ، قال: كان عندنا بأنْطَاكِيَة عَامِلٌ من قِبَل أمير حَلَب

(3)

، وكان له كاتبٌ أحْمَق، فغَرق في البَحْر شُلَنْديّان من مَرَاكِب المُسْلمِيْن الّتي يَقْصدُونَ فيها الرُّوم، فكَتَب الكَاتِبُ عن صَاحِبهِ إلى الأَمِير بحَلَب:

بِسْمِ اللَّه الرَّحْمن الرَّحِيْم؛ أُعلمَ الأَمِير -أعَزَّهُ اللَّهُ- أنّ شُلَنديَّيْن، أعْنِي: مَرْكَبين، صَفّقَا (a)، أي: غَرِقا، من خبِّ البَحْر، أي: من شِدّةِ مَوْجه، فهَلك مَنْ فيها، أي: تَلَفُوا.

(a) المقفى: صقعا.

_________

(1)

اقتبس ابن العديم ترجمته من حكاية وجدها، ووقع فيها خلط في إسنادها فاشتبه مع اسم المترجَم له، واسمه الحسين بن السميدع الأنطاكي المتوفى سنة 387 هـ، وليس بأبي القاسم بن الحسين بن السميدع، وإنما الكنية تتصل بأبي القاسم التنوخي، ويمكن تصويب الإسناد وطالع الخبر في هذه الحكاية كما يلي:"وحدثني القاضي أبو علي التنرخي [بدل السرخسي]، قال: حدثني أبو القاسم بن [أبي عليّ، عن] الحسين ابن السميدع الأنطاكي، قال:. . . ". وعليه فحقّ هذه الترجمة أن توضع في آباء حرف السين فيمن اسمه الحسين، وهي ضمن الأجزاء الضائعة من الكتاب.

وانظر الحكاية في نشوار المحاضرة للتنوخي 7: 178، وأخبار الحمقى لابن الجوزي 105، وانظر ترجمة الحسن بن السميدع الأنطاكي في تاريخ بغداد 8: 587 - 589، وتاريخ ابن عساكر 14: 67 - 69، وتاريخ الإسلام 6:740.

(2)

الهفوات النادرة 330.

(3)

أورد المقريزي هذه الحكاية في كتابه المقفى الكبير 3: 304، وذكر أن أمير حلب هو أنوشتكين الدزبري، وعامله هو عبد الصمد بن أبي الفوارس صاحب طرابلس، وذكر تمام الحكاية.

ص: 393

فأجابَهُ أميرُ حَلَبَ (a): وَرَدَ كتابك؛ أي: وَصَلَ، وفَهِمْناهُ؛ أي: قَرأناهُ، فأدِّب كاتِبكَ؛ أي: اصْفَعْهُ، واسْتَبْدل به؛ أي: اصْرفه، فإنَّهُ مَائِقٌ؛ أي: أحْمَقُ، والسَّلام؛ أي: قد انْقَضَى الكتابُ.

‌أبو القَاسِم بن أبي عَبْد اللَّه الحُسَيْن بن أبي النَّدَى المَعَرِّيُّ التَّنُوخِيُّ

(1)

أخُو أبي العَلَاء بن أبي النَّدَى لأبيهِ، كان مُقِيْمًا بحَلَب، ورَوَى عن أخيه أبي العَلَاءِ شَيئًا من شِعْره.

وأدْرَكتُه ولَم أسْمع منه، وأنْشَدَنا عنه ابنُ أُخْته أبو بَكْر بن أبي (b) عليّ بن أبي سَالِم الحَلَبِيّ (c).

أخْبرَني أبو بَكْر بن أبي عليّ السِّمْسَار الحَلَبيُّ، أنَّ خَالَهُ أبا القَاسِم هذا تُوفِّي منذ خَمْسَة عَشر سَنَة، وكان قَوْلَهُ ذلك لي في سَنَةِ خَمْسٍ وعشْرين وستِّمائة، فتكُون وَفاتهُ في حُدُود العَشْر والسِّتِّمائة.

‌أبو القَاسِم الشَّيْظَمِيُّ

(2)

واسْمَه نَصْر بن خَالِد.

(a) المقفى: فكتب إليه يوسف بن علي الفلاحي وزير الدزبري بدمشق عنه.

(b) ساقطة من م.

(c) بعده في الأصل بياض قدر ثمانية أسطر، والنص متصل في م.

_________

(1)

توفي نحو سنة 610 هـ.

(2)

ترجمته في: الفهرست للنديم 1/ 2: 544، يتيمة الدهر 1: 104، أورد له الثعالبي ثلاثة أبيات ولم يترجم له.

ووردت ترجمته في الأصل وم بعد ترجمة ابن السحلول، فأشار المؤلف في نسخة الأصل بتقديمها إلى هذا الموضع رغم عدم موافقتها للترتيب على حروف المعجم!.

ص: 394

وكان شَاعِرًا مُجِيْدًا، وهو أحَدُ مُعَلِّمِي سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن بن حَمْدَان. رَوَى عنهُ أبو الفَرَج البَبَّغَاء.

وقد ذَكَرْنا في حَرْف النُّون

(1)

بعض أخْبَاره وشِعْره، ولَم نُخْلِ الكُنَى من ذلك، لشُهْرته بالكُنْيَة.

قَرَأتُ في كتابِ أبي القَاسِم عُبَيْد اللَّهِ بن عبد الرَّحيم الّذي وضعَهُ في أخْبَارِ الشُّعَراء

(2)

، قال: حَدَّثَني أبو نصْر بن نُبَاتَة، قال: كان الشَّيْظَمِيُّ الشَّاعِرُ أحَدُ مُعَلِّمي سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وكان يتبَسَّطُ عليه بدَالَّة التَّرْبيةِ والصُّحْبَة، ولَم يكُن يجلِسُ بحَضْرته غيرُه من أبناءِ جِنْسهِ، وكان شَيْخًا مُبَدَّنًا لا يَسْتَطِيع الوقُوف، وكان سَيْفُ الدَّوْلَة كَثِيْرًا ما يُمَازحُهُ، فأَنْشَدَه يَوْمًا (a):[من الكامل]

والشَّيْظَمِيُّ إذا تَنَحْنَح للقِرَى

حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّل الأمْثَالا

فضربَ بيَده على فَخَذِه وقال: ليسَ كَذَا علَّمك المُعَلّم يا عَزِيز أبُوهُ! بهذا اللَّفظ غير مُعْرِب له.

وكان سَيْفُ الدَّوْلَةِ، على ما حُكِي، يُكَايدُهُ كَثيرًا بما يفعَلُه مع المُتَنَبِّي، ويقْصِدُ مُغَايظتَهُ، ويُنْفِذ إليه في اللَّيْلِ منْ يَدُقّ عليه بابَهُ، ويُزْعجهُ بأنْ يقُول له: إنِّي رَسُول الأَمِير إليك، فإذا تكلَّف الخُرُوجَ إليه واسْتِعلامَ ما حَضَر فيه، قال له: ألَسْتَ المُتَنَبِّي؟ فيقُول: لا، ثُمَّ يعُود عليه بالشَّتْمِ، وعلى مَنْ أنْفَذَهُ، وعلى المُتَنَبِّي الذي ذَكَرَهُ.

(a) بعده في م: يقول.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

كتاب مفقود لم يصلنا، ترجم لمؤلفه الصفدي (الوافي بالوفيات 19: 386)، وذكر أنه كان حيًا سنة 401 هـ، ولم يذكر هذا الكتاب بين مؤلفاته.

ص: 395

قُلتُ: أرادَ أبو القَاسِم الشَّيْظَمِيّ بقَوْله: ليس كَذَا عَلَّمك المُعَلِّم، أنّ البَيْتَ

(1)

: [من الكامل]

والتَّغْلِبِيُّ إذا تَنحْنَحَ للقِرَى

يُعَرِّض بالرَّدِّ على سَيْفِ الدَّوْلَة.

قال ابنُ نُبَاتَة: وحَمَل إليه يَوْمًا مع بعضَ أصْحَابهِ ثيَابًا كَثِيْرةً، وطِيْبًا، ودَنَانِيْر لها قَدْر، ووَصَّى رَسُوله بأنْ يُسِلّم إليه الجميعَ، فإذا حَصَل في قبضَتِهِ قال له: أليسَ الشَّيْخ هو المُتَنَبِّي؟ والْتَمس خَطّة بالوُصُول، ففَعَل الرَّسُولُ ما أمرَهُ به، فعَظُم هذا على الشَّيْظَمِيّ وسَبَّهُ، وألْقَى ما سلَّمَهُ إليه في وَجْهِهِ، فارْتَجَعَهُ الرَّسُول وانْكَفأ به، فلمَّا كان في اللَّيْل اسْتَدْعاهُ وَدَاعبَهُ وأعادَ إليه الصِّلَة جَمِيْعَها. وكان دَائمًا يَسْتَعمل معه هذا الجِنْسَ وأمْثَالَهُ من العَبَثِ.

قَرأتُ في كتاب المُفَاوَضَة، تأليفُ أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْرٍ الكَاتِب بخَطِّه، وأخْبَرَنا بذلك أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ إذْنًا، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، عن أبي غَالِب بن بِشْرَان، قال: قرأ علينا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب، قال: حَدَّثَني أبو الفَرَج عَبْد الوَاحِد بن نَصْر، قال: كان الشَّيْظَمِيّ مُنْقَطِعًا إلى سَيْفِ الدّوْلَة قبل ورُودِ المُتَنَبِّي إليه، يقُول شِعْرًا مُخْتلَّ النَّسْجِ، مُضْطَربَ النَّظْم، حتَّى إذا قامَتْ للمُتَنَبِّي سُوق عند سَيفِ الدَّوْلَةِ، دَخَلَهُ شَبِيْهُ شَيْطَانٍ، فقال شِعْرًا جَيِّدًا.

وكان سَيْفُ الدَّوْلَةِ شَجَر بينَهُ وبين أخيهِ ناصِر الدَّوْلَة مُنَافَرةٌ بسَبَب الرَّحْبَةِ، لأنَّها كانت لأُخْتِهِ وماتَتْ، ورَامَ ناصِرُ الدَّوْلَةِ اسْتِضْمَامَها إلى أعْمَالهِ، وهى جَارِبَةٌ

(1)

البيت لجرير في ديوانه 363، وعجزه: حكَّ استه وتمثل الأمثالا.

ص: 396

في أعْمَال سَيْف الدَّوْلَة، فقال لنا: قد عَرفْتُم ما كان منِ ناصِر الدَّوْلَةِ، فَمن حَضَرهُ في ذلك شيءٌ فليَقُلْ، فغَدَا الشُّعَراءُ عليه، فأنْشَدُوه، فسمعَ من كُلٍّ منهم، وقال: اسْمَعُوا إلى مَنْ اخْتَصَر واقْتَصَر، وأنْشَدَنا لنَفْسِه

(1)

: [من الطويل]

تركتُ لك الكُبْرَى لتُدْركَ سَبْقَها

وقُلْتُ لهم بيني وبين أخي فَرْقُ

وما عاقَني عنها نكُولٌ وإنَّما

تَغاضَيْتُ عن حَقِّي فتمَّ لك الحَقُّ

ولَسْتُ أُبالي أنْ أجئَ مُصَلِّيًا

إذا كُنْت أهْوَى أنْ يكون لك السَّبْقُ

فاستحْسَنَّا ذلكَ ودَعَونا له.

وأنْشَدَني لنَفْسِه -يعني البَبَّغَاء أَنْشَد ابن نَصْر- في ذلك من قِطْعَة مِيْمِيَّة أوَّلُها

(2)

: [من الكامل]

في الحِلْم ما يَنْهَى ذَوِي الأحْلَام

عمَّا يُخَالفُ عَادِلَ الأحْكَام

قال فيها:

يا نَاظِري ويَعُزُّ أنْ أَقْذَى ويا

قَلْبي وكيفَ أَرُوْعُهُ بمَلَامِ

لأُعَاتبنَّكَ مُبْقِيًا مُسْتَصْلِحًا

قَبْلَ الظُّبَا بعِبَارَة الأقْلَامِ

أَسْخَطْتَ عَمْدًا في عقُوقي دَوْلةً

ثَبَّتُّها نَصْرًا بحُسْنِ قيَامِي

إنْ كُنْتَ ناصِرَها فإنِّي سَيْفُها

والقَتْلُ لا يرضَى بغير حُسَامِ

وبكفِّكَ الصَّمْصَامُ منِّي فارْعَهُ

حِفْظًا ولا تُخْدَعْ عن الصَّمْصَامِ

لك في الأباعدِ من عُدَاتك شَاغِلٌ

عمَّا تعُقُّ به ذَوي الأرْحَامِ

(1)

الأبيات في يتيمة الدهر 1: 33 (باختلاف في الرواية، منسوبة إلى سيف الدولة ابن حمدان)، والكامل لابن الأثير 8: 580 - 581، ووفيات الأعيان 2:116.

(2)

لم يرد في ديوان الببغاء: لا في نشرة المطبعة الحميدية ولا في نشرة وولف.

ص: 397

وحَضَر الشَّيْظَمِيُّ، وكان قد تأخَّر، فأنْشَدَهُ

(1)

: [من الكامل]

سُوقَ المَكَارِم آذِني بكسَادِ

شُغِلَ الأكارِمُ (a) عنكِ بالأحْقَادِ

أأخي وما أحْلَى دُعَاءَكَ يا أخِي

هذا وقد جَرَحتْ مُدَاكَ فُؤادِي

أتضِيْمُني وأبي أبُوكَ وإنَّما الـ

ـتَفْضِيلُ بالآباءِ والأجْدَادِ

وبلادُكَ الدُّنْيا ولم تُجْدِبْ ولا اسْـ

ـتَوبَلْتَهَا فلمَ انتجَعْتَ بِلَادِي

يا طَارِقَ الغَايَاتِ غيرَ مُحَاذرٍ

إيَّاكَ فهي مَكَامِنُ الآسَادِ

الآن أعذِرُ حَاسِدِيَّ وحُجَّتِي

في ذَاكَ أنَّكَ صِرْتَ من حُسَّادِي

قُلتُ: قد نَسَبَ بعضُ النَّاسِ البيتَ الثَّاني والثَّالث والرَّابِعَ إلى الأَمِير سَيْف الدَّوْلَة، وزَعم أنَّهُ كَتَبَ بها إلى أخيه؛ وليسَ ذلك بصَحيح، والصَّحيحُ أنَّها للبَبَّغَاء.

قال البَبَّغَاء في تَمَام ما رَوَاهُ عنه ابن نَصْر في المُفَاوَضَة: وكان سَيْفُ الدَّوْلَةِ يُمازحُهُ كَثِيْرًا، ويوْلَعُ به دَائمًا، ويتَبَسَّط الشَّيْظَمِيُّ عليه فَضْل تَبَسُّطٍ ويَحْتَملُه، فقال لنا أبو الفَرَج: كُنَّا بحَضْرَة سَيْف الدَّوْلَةِ ليلَةً من اللَّيالِي، فدَخَل الشَّيْظَمِيُّ، فقال سَيْفُ الدَّوْلَةِ: انظرُوا كيفَ أُجَنِّنُهُ (b) ويَرجعُ، فقال له حين أقْبَل: أي وَقْتٍ هذا يقصَد فيه السَّلَاطين؟ وما الّذي عَرَضَ حتَّى جئتَ فيهِ؟ ولَم يَزَل يُوَبِّخه ويُظْهرُ الغَيْظ منهُ، فلمَّا سَمِعَ الشَّيْظَمِيُّ ذلك رجَعَ، فقال له سَيْفُ الدَّوْلَةِ: إلى أين؟ قال: انْصَرف، فإنِّي قد بلَغْتُ غَرَضي وقضَيْتُ حَاجَتي، قال: وما هي؟ قال: حَضَرْتُ لأُغيْظُكَ، وقد اغْتَظْتَ، ولَم يَبْقَ لي شُغْل! قال: فضَحِكَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ حتَّى اسْتَلْقَى. ثُمَّ قال: بحَيَاتي؛

(a) الأصل، م: المكارم، وصوَّبه ابن العديم في هامش الأصل بالمثبت.

(b) م: أخيبه.

_________

(1)

لم يرد في ديوان الببغاء في نشرتي الديوان المذكورتين آنفًا.

ص: 398

أمَعَكَ شِعْرٌ؟ قال: نَعَم، فأنْشَدَهُ قَصِيدَةً أوَّلها:[من الرجز]

مَنْ جَانَبَ الغيَّ تَوَخَّى رَشَدَهْ

ومَنْ بغَى الشُّكْرَ بجُودٍ وَجَدَهْ

وفعلُكَ الخير مُفِيدٌ خِيْرَه

أفْلَحَ مَنْ أطْلَقَ بالخَيْرِ يَدَهْ

ومَضَى فيها، فاسْتَحْسَنَها سَيْفُ الدَّوْلَةِ، وأحْسَن جَائزته عنها.

قَرأتُ بخَطِّ المُفَضَّل بن أسَدٍ الفَارزِيّ (a) الحَلَبِيّ للشَّيْظَمِيّ من قَصِيدَة: [من الوافر]

فإنْ ضَاقَتْ عَلَيَّ دِيَارُ بَكْرٍ

فما ضَاقَ العِرَاقُ ولا الشَّآمُ

إذا سِتْرُ الرَّجَاءِ ثَناهُ رَاجٍ

يكَلَّمَ حَيْثُ يتَّسِعُ الكَلَامُ

‌أبو القَاسِم بن السَّحْلُولِ الزَّاهِدُ

(1)

رَجُلٌ من العُبَّادِ الأتْقياءِ، له كَرَامَاتٌ، كان بشَيْزَر.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقذ في تَارِيْخهِ: سَنَة أرْبعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة في شَوَّال، وفي حَادِي عَشْرِه، ماتَ أَبو القَاسِم بن السَّحْلُولِ الزَّاهِد، رحمه الله، وكان لا يَأكُل خُبْزًا لأحدٍ قَط إلَّا ما يَعْمل (b).

ولقد حَدَّثَني جَمَاعَةٌ، وهو حَاضِرٌ تحدَّثُ حينئذٍ، أنَّهُ حَجَّ وجاءت طَرِيقُه إلى خَيْبَر هو وجَمَاعَةٌ من الحَجَّاج فأخَذُوهم العَرَبُ، قال: ومَشَينا حتَّى نال الحَرُّ والعَطَشُ منَّا، فقال له أصْحَابُه: ما تَشَتَهي يا أبا القَاسِم؟ قال: اشْتَهَيْتُ رَحْمَةَ اللَّهِ وشرْبةً من ماءٍ، قالوا: أين ذاكَ؟ قال: أمَّا أنا فأتَّكل على اللَّهِ وأَمُوتُ ولا أتْعَبُ، ورجَعَ إلى مَوضِع يلْتَجئ إليه، فوَجَدَ ماءً مَعِيْنًا فغَرَفَ منه بيَدِه، فنَادَى أصْحَابَهُ،

(a) م: الفارسي.

(b) كذا في الأصل، وم، وفوقه في الأصل "صـ".

_________

(1)

توفي سنة 534 هـ.

ص: 399

فجاءُوا وشَرِبُوا واسْتَراحُوا، فإذا نافةٌ قد أقْبَلَتْ من الّتي كانت لهم، وقد أخَذَها العَرَبُ، فجاءَت إلى أنْ حَقَّقُوها، فرَأوها ناقةَ أبي القَاسِم، فما وقعَتْ إلَّا في يَدِه، فقال: يا قَوْم، لي فيها وَدِيعَةٌ سَبْعَة دَنَانِيْر، قفُوا نتَبَلَّغَ بها إنْ كانت ناقَته (a)، فَدَّ يدَهُ إلى قَتَبها، فوَجَدَ ذَهَبَهُ في المكانِ الّذي عَمَلَهُ، فسَلِم وسَلمِنا ببَرَكتِه.

‌أبو القَاسِم بن مُحَمَّد بن بَدِيْع بن عَبْد اللَّه بن عَبْدِ الغَفَّار

(1)

أخُو أبي النَّجْم بن بَدِيْع، واسْمُه عليّ.

وَزَر أبو القَاسِم هذا لتَاج الدَّوْلَةِ تُتُش بن ألْب أَرَسْلَان بدِمَشْق، وقَدِمَ معَهُ حَلَبَ حين افْتَتَحَها، وكان قد جعلَهُ تُتُش بحَلَب حينَ تَوَجَّه إلى بلَادِ العَجَم، فلمَّا مَاتَ تُتُش وَصَلَ ابنُه رِضْوَان فسَلَّم إليه أبو القَاسِم حَلَب.

وكان لهُ شِعْرٌ، رَوَى عنهُ أخُوهُ أبو النَّجْم؛ وَزِير رِضْوَان.

أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَحْمُود السَّاوِيّ الصُّوْفيّ بالقَاهِرَة، عن الإمَام أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفيّ، قال: أنْشَدَنا أبو النَّجْم هِبَةُ اللَّهِ بن بَدِيْع الأصْبَهَانِيّ ببَغْدَاد، قال: أنْشَدَنا أخي أبو القَاسِم لنَفْسِه

(2)

: [من البسيط]

بأصْبَهَان سَقَاهَا اللَّهُ لي سَكَنٌ

لولا الضَّرُورَةُ ما فارقْتُه نَفَسَا

وَيْلي فقَلْبي عِرَاقيٌّ يرقُّ لهُ

وقَلْبُه جَبَلِيٌّ قد عَسَى (b) وقَسَا

لا خلَّصَ اللَّهُ قَلْبي من موَدَّته (c)

إنْ كان سلَوانُه في خَاطِري هَجَسَا

(a) كذا في الأصل، ومثله في م مهملة، ولعله: ناقتي.

(b) الدمية وديوان الطغرائي: جفا.

(c) رواية الباخرزي في الدمية: لا يرد اللَّه أحشائي بزورته، وفي ديوان الطغرائي: لا مرَّ في خاطري تقبيل وجنته.

_________

(1)

ذكره الباخرزي في دمية القصر 1: 301 - 302، وسماه: ابن البدج الأصبهاني، وأورد له نماذج من شعره من بينها الأبيات التي أوردها ابن العديم في ترجمته.

(2)

الأبيات في دمية القصر 1: 302، وتنسب أيضًا للطغرائي، انظر ديوانه 203.

ص: 400

‌أبو القَاسِم بن عَبْدَان الشَّاعرُ المَنْبِجِيُّ

شَاعِرٌ من أهْلِ مَنْبج.

رَوَى عنهُ أبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ في كتاب الدِّيَرَة، فقال: دَيْرُ قُزْمَان شماليّ حَلَب ما بين جِبْرِين وتَلّ خَالِد، دَيْرٌ حَسَنٌ، أنْشَدَني أبو القَاسِم بن عَبْدَان الشَّاعِر من أهْلِ مَنْبجَ (a):[من الطويل]

فشَبَّهْتُ ما ينثَجُّ من فَتَقاتهِ

على دَيْرِ قُزْمَانٍ أكُفَّ بني عَوْفِ

سراةِ بني مَعْنٍ ومفْزَع مَالِكٍ

وذروَةِ ذُوْدَانٍ ومعتَمَدِ الضَّيْفِ

رَأيتهم والنَّجْمُ قد باحِ نُوْرُه

وثُقلَت الأيْدِي على الدِّرْهَم الزَّيْفِ

فما قَرعَتْ ألْفَاظُهُمْ بابَ علَّةٍ

ولا اسْتَعْمَلُوا القَوْلَ المقيمَ على كَيْفِ

ولكنَّهُم قد حَنَّطُوا لا وكَفَّنُوا

عَسَى أنْ سَيَأتينا وصَلَّوْا على سَوْفِ

‌أبو القَاسِم بن مُبَارَك، الأُسْتَاذ وَجِيْه الدَّوْلَةِ الحَلَبِيُّ

(1)

فَاضِلٌ أدِيبٌ شَاعِرٌ، وكان قد جَمَع إلى فَضْلهِ رُكُوبَ الخَيْل، وحُضُور الحرب، وكان مُنْقَطِعًا إلى مُعِزّ الدَّولَةِ ثِمَال بن صالح، وكان يُنادمُهُ، وله فيه من قَصِيدَةٍ أوَّلُها:[من الطويل]

أشَاقَكَ أظْعَانُ الخلَيْطِ المُفَارِقِ

وهَاجكَ لَمْعُ البرقِ مِن أرْضِ بَارِقِ

يقُول فيها:

بكُم يا بني مِرْدَاسَ يُسْتَنْزَلُ الحيَا

ويَسْتَدفعُ المَضْرُورُ شَرَّ البَوَائِقِ

(a) بعده في م: يقول.

_________

(1)

توفي سنة 478 هـ.

ص: 401

وقيل: إنَّهُ عاشَ إلى أيّام أبي المَكَارم مُسْلِم بن قُرَيْشٍ، وقُتِلَ في الحَرْب الّتي قُتِلَ فيها مُسْلِم على نَهْر عِفْرِين، وهو شَيْخٌ كبير.

ذَكَرَ هذا أو نحوهُ عنه رَجُلٌ من أهْلِ حَلَب يُقال له: ابنُ النَّحويّ في مُصَنّفٍ له سَمَّاهُ مُنَاجَاة الأرْوَاح

(1)

.

‌أبو القَاسِم بن أبي المَكَارِم بن المُهَذَّب المَعَرِّيُّ التَّنُوخِيُّ

شَاعِرٌ من أهْل المَعَرّة من أكَابِر بُيُوتها.

قَرأتُ في كتاب نُزْهَةِ النَّاظِر ورَوْضَةِ الخَاطِر، تأليفُ عَبْد القَاهِر بن عَلَوِيّ قاضي مَعرة مَصْرِيْن: لأبي القَاسِم بن أبي المَكَارِم بن المُهَذَّب إلى سَدِيدِ المُلْك بن مُنْقِذ بشَيْزَر: [من البسيط]

لا درَّ درُّ زَمَانٍ صرْتُ أمْدَحُكم

فيه لأطْلُبَ من جَدْوَاكم عَدَسَا

مَدَحْتُكم غِرَّةً (a) منِّي فكُنْتُ كَمنْ

يُبَخِّرُ (b) الثَّوبَ بالهِنْديِّ ثمَّ فَسَا

‌أبو القَاسِم بن الحَمَّامِيِّ

خَطِيْبُ طَرَسُوس.

كان خَطِيْبًا فَصِيحًا، حَسَن المَقَاصِد، ذَكَرهُ القَاضِي أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْدِ اللَّه الطَّرَسُوسِيّ في كتَاب سِيَر الثُّغُور، ونَقَلْتُه من خَطِّهِ، وعَدَّ أئمَّة جَامِع طَرَسُوس وخُطَبائهِ، فقال: ومن الخُطَبَاءِ أبو القَاسِم بن الحَمَّامِيّ، وقد كان أُوْتي حَظًّا من الحِكْمَة والبَيَان، ونَصِيْبًا وَافِرًا من الخُطَب لكُلِّ شَأن، ورُزِقَ من حُسْنِ النَّثْر في

(a) م: عزة.

(b) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "كمن بَخَّر، أجود".

_________

(1)

لم أقف على ذكر لهذا الكتاب.

ص: 402

كَلامِهِ أمْرًا بَدِيْعًا، ومن تَأتِيه لِمَا يَحْدُثُ من أحْوَالِ (a) النَّاس سَبَبًا صَعْبًا مَنِيعًا.

قال القَاضِي أبو عَمْرو حَدَّثَني أبو الفَرَج أبَان بن أحْمَد بن أبَان، أحدُ أُمَرَاءِ الثَّغْر وحُمَاته وفُرْسَانهِ، وقد ذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضْلَ أبي القَاسِم بن الحَمَّامِيّ الخَطِيب، وحُسْن فَصَاحَته، فقال: كان بعضُ الأُمَرَاءِ نَادَى بغَزاةٍ عَقَدها، فلمَّا حَضَر المَسْجِدَ الجَامعَ للخُرُوج منه على الرَّسْم، اتَّصَل الشِّتَاءُ، ودَامَت الأمْطَار والأنْدَاء، فتَثَبَّط فَرِيقٌ منِ النَّاسِ عن السَّفَر، وعاينَ أبو القَاسِم وهو على المِنْبَر دُون ما يَعْهَدُ من عَدد مَنْ حَضَر، فَخَطَبَ على رَسْمه، ثُمَّ تَلَا، وأوْمَأ إلى الرَّعِيَّة؛ يَقُول:{مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ}

(1)

، وأوْمَأ إلى السُّلْطان الحَاضِر، لعَقْد تلك الغَزَاةِ، والخُرُوج فيها، ثُمَّ قال:{وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ}

(2)

، يُوْمئ إليهِ مرَّةً وإليهم أُخْرى {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}

(3)

، فتجدَّدَتْ نيَّاتُ جَماعَتهِ بمَوْعظَتهِ (b) في خُطْبَته، وتجهَّزتْ طَائِفَةٌ كَثِيْرةٌ منهم للغَزْو مُسْرِعةً من وَقْته الّذي ذَكَرَ فيه وسَاعته، وتخلّى لمَّا بَزُوا إلى ظَاهِر البَلَدِ ما كان اتَّصَل من المَطَر وشدَّته، ورُزِقُوا في غَزْوهم الظَّفَرَ والقَهْرَ والغَلَبَةَ والنَّصْر، وأتَوا بالأعْلَاج مُصَفَّديْن، وبالسَّبَايَا والغَنائِم مُثَقَّلِيْنَ، فاعْتَرفَ مَنْ تجدَّدَت نِيَّتُه لأبي القَاسِم بفَضْلهِ، وَأنَّ غَزَاتَهُ بحُسْنِ اخْتراعِهِ في خُطْبَتِه، وإنْ كان اللَّهُ تَمَّمَ ذلك بعَوْنه وقُدْرَته.

(a) م: يحدث بأحوال.

(b) في الأصل، م: موعظته.

_________

(1)

سورة التوبة من الآية 120.

(2)

سورة التوبة من الآية 120.

(3)

سورة التوبة من الآية 120، وأسقط في الأصل من الآية الكريمة كلمة:"أجر".

ص: 403

‌أبو القَاسِم القَحْطَبِيُّ الصُّوْفِيُّ

كان أحَدَ الصُّلَحَاءِ الصُّوْفيَّة بطَرَسُوس، وذَكَرَهُ أبو عَمْرو الطَّرَسُوسِيِّ

(1)

.

‌أبو القَاسِم الأبَّارُ

(a)

وكان أيضًا من الزُّهَّادِ بطَرَسُوس، ذَكرَهُ أيضًا

(2)

.

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْدِ اللَّهِ الطَّرَسُوسِيِّ في كتَاب سِيَر الثُّغُور، قال: وفي هذا الشَّارِع يعني شَارع النَّهْر بطَرَسُوس - من الدُّور المَذْكُورَة، دَار ابن القَحْطَبيِّ (b)، على ضَفَّةِ نَهْر بَرَدَان، قال: وفيها كان يَسْكُن أبو القَاسِم بنُ القَحْطَبيّ، أحَدُ صُلَحَاء الصُّوْفيَّةِ، وأبو القَاسِم الأبَّار، أحَدُ الزُّهَّادِ الأخْيَار.

‌أبو القَاسِم الزَّيْدِيُّ الحَرَّانيُّ الشَّريفُ

(3)

قَدِمَ حلَبَ ومَنْبجِ، وحَكَى أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الشهرَزُورِيّ أنَّهُ كان يقدمُ مَنْبج مُسْتَميحًا، ونَزَلَ على أبي عليّ بن الأشْعَث، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةِ الحَسَن بن الأشْعَثِ المَنْبِجِيّ

(4)

، واسْمُ أبي القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ (c) الزَّيْدِيّ، وقد ذَكَرْناهُ في الأسْماء

(5)

.

(a) سماه ابن العديم في الترجمة التالية: أبو القاسم ابن القحطبي.

(b) كذا في الأصل، وم، وفي ترجمته المتقدمة: القحطبي وليس ابن القحطبي.

(c) ساقطة من م.

_________

(1)

انظر ما ذكره الطرسوسي عنه في الترجمة بعده (ترجمة أبي القاسم الأبار).

(2)

يعني: القاضي عثمان بن عبد اللَّه الطرسوسي في كتابه سير الثغور.

(3)

توفي سنة 433 هـ، ترجمته في: تاريخ الإسلام 9: 539، سير أعلام النبلاء 17: 505 - 506، شذرات الذهب 5:160.

(4)

في الجزء الخامس من هذا الكتاب.

(5)

في الضائع من الكتاب.

ص: 404

‌أبو القَاسِم المَلَطِيُّ الصُّوْفيُّ

صَحِبَ أبا القَاسِم الجُنَيْد.

أنْبَأنَا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن عَبْدِ الكَريم بن مُحَمَّد المَرْوِزيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ الحُرْضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِيّ إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الرَّحمن السُّلَمِيّ، قال: أبو القَاسِم المَلَطِيُّ من أصْحَاب الجُنَيْد.

سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عَبدِ الوَهَّاب يَقُول: بَلَغَني أنَّ أبا القَاسِم المَلَطِيّ مرَّ مع الجُنَيْد ببَغْدَاد بسُوْق النَّخَّاسِيْن، فوَقَعَتْ منه الْتِفَاتَةٌ إلى جَارِيَةٍ، فرَأى الجُنَيْد ذلك، فلمَّا رجع أبو القَاسِم إلى البَيْتِ ذَهَب الجُنَيْد واشْتَرى (a) تلك الجَارِيَة، وجاء بها إلى أبي القَاسِم، وقال: خُذْ ما التفَتَّ إليه.

‌أبو القَاسِم القَاضِي

حَدَّثَ بحَلَب عن أبي كَامِل مَخْلَد بن كَامِل. رَوَى عنهُ أبو عَبْدِ اللَّه الحُسَين بن خَالَوَيْه.

أخْبَرَنا الشَّيْخُ الأَثِيْرُ أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن بن خَلَف الشَّافِعيّ بالقَصْر الغَرْبيّ بالقَاهرَة، قال: أخْبرَنا الفَقيهُ أبو القَاسِم عَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن حُسَيْن السِّبْييّ (b) إِجازة، قال: أخْبَرنا أبو الفَتْح مُحمّد بن عَبْد اللَّه بن الحَسَن ابن طَلْحَة التِّنِّيْسِيِّ إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عَبْدِ اللَّه السُّلَمِيِّ الحَدَّادُ المَعْرُوف بالمَحَاسِيِّ (c)، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عُمَر الفَقِيهُ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ خَالَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم القَاضِي بحَلَب، قال:

(a) م: فاشترى.

(b) م: السبتي.

(c) كذا قيّده مجوّدًا في الأصل، وفي م: المجاسي، وفي ترجمته من تاريخ ابن عساكر 54: 387: المحاسبي.

ص: 405

حَدَّثَنَا أبو كَامِل مُحَمَّد بن كَامِل، قال: حَدَّثَنَا أبو زَيْد، عن عَمْرو (a) بن جُمَيْع، عن جُوَيْبر (b)، عن الضَّحّاك، عن النَّزَّال بن سَبْرَة، عن عليّ عليه السلام، قال: مَسْألَة الرَّجُلِ السُّلْطانَ، مَسْألَة الوَلدِ وَالدَهُ، ولا عارَ فيه ولا مَنْقَصَة.

‌أبو القَاسِم الأفْطَسِيُّ العَلَويُّ

(1)

شَرِيْفٌ، فَاضِلٌ، شَاعِرٌ، أدِيبٌ، كان بحَلَب في أيَّام سَيْف الدَّوْلَة، واسْمُه أحْمَد بنُ الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد، وقد ذَكَرْناهُ في الأسْماءِ

(2)

، ونَذكُر هَا هُنا شَيئًا من خَبَره لشُهْرته بالكُنْيَةِ.

قَرَأتُ في كتاب التَّاريِخ المُجَدَّد

(3)

، تأليفُ أبي الحُسَيْن (c) مُحَمَّد بن العبَّاس بن مُحَمَّد بن الحَسَن الكَتَّانِيّ الدِّمَشقيّ، قال: كان أبو القَاسِم الأفْطَسِيُّ من فِتْيَانِ آل أبي طَالِب على تَكَهلِه، وظِرَافهم على قِلَّةِ حَالهِ، له لسَانٌ وهِمَّة وعَارضَة، ومَحبَّةٌ للأدَب وأهْلِهِ.

وقَصَدَ كَافُورًا فأحْسَنَ إليه بعد وَفَاةِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وأقامَ بمِصْر إلى الوَقْتِ الّذي خَرَجَ فيه مع تبر

(4)

. وكانت المَوَدَّة بيني وبينَهُ انْتَسَجَتْ، والحالُ وشجَتْ في آخر أيَّام سَيْفِ الدَّوْلَةِ في نَوَاحِيهِ، وكُنْتُ أتفَقَّدُه وهو مُعْتَقلٌ بحَلَب، ولا يَجْسُر أحدٌ على ذلك، فرَاعَى ذلك وشَكَرَهُ، وقوَّى ما بَيْننا وأكَّدَهُ، وكان كَثِيْر الجنَايَاتِ

(a) م: عمر.

(b) م: جوهر.

(c) م: الحسن.

_________

(1)

كان حيًا سنة 359 هـ.

(2)

في الجزء الثاني من الكتاب.

(3)

من الكتب المفقودة التي لم تصلنا، ومؤلفه -حسبما يظهر من النص المثبت- من أهل القرن الرابع الهجري لمعرفته بالشريف الأفطسي وصداقته له.

(4)

م: نتر، وكان خروج القائد تبر الأخشدي في شعبان سنة 359 هـ. المقريزي: المقفى الكبير 2: 585، اتعاظ الحنفا 1: 120، النويري: نهاية الأرب 28: 134، وفيه:"وخرج معه أبو القاسم العلوي الأقطيني".

ص: 406

على سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وحتى أنَّهُ من أقْوَى الأسْبَابِ كان في أمْر ابن الأهْوَازِيّ ورَشِيْق النَّسِيمِيّ، ودِزْبَر الدَّيْلَمِيّ، الخَوَارِج عليه

(1)

، فأسْخَطَهُ ذلك، وكان سَبَبُ اعْتِقَالهِ بعدَ ظَفَره بهم.

ومن جُرْأتِهِ عليه وطَرَائفهِ معه ما حَدَّثَني به أبو القَاسِم، قال: اجْتَمَعتُ يَوْمًا مع القُنَّائِيّ الكَاتِب بأنْطَاكِيَةَ، فذَكَرَ فَضَائِلَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ وأطْرَاهُ، ووَصَفَ شَجَاعتَهُ وفرُوسِيَّته، وسَخَاءَهُ وفَهْمَهُ وعِلْمَهُ، فقُلتُ: أنا أفْضُلُهُ في هذه الخَلَّالِ كُلِّها، وأزيدُ عليه بالشَّرَف، فأنا خَيْرٌ منه من كُلِّ وَجْهٍ! فَمَضَى القُنَّائيّ، فَحَكَى ذلك له.

وجِئْتُه بعد يَوْمٍ، فلَّمَا رآني قال للحَاجِب، وهو يَنْظُر إليَّ: أحْضر القُنَّائيّ، فقُلتُ: ولِمَ أَيُّهَا الأمِير؟ قال: ليُعِيْدَ بحَضْرتك كَلَامًا أعادَهُ عليَّ عنكَ، فقُلتُ: ما تَحْتاجُ إليهِ، أنا أذْكُرَه لك! فقال: هَاتِهِ، فأعَدْتُ عليه القَوْلَ من غير زِيَادَةٍ ولا نَقْصٍ، فقال: وما حَمَلَك على هذا؟ فقُلْتُ: غلَطٌ لَم يَضْرُرْكَ اللَّهُ بهِ ولَم يَنْفَعْنِي. فضَحِكَ، وقال: اللَّه حَسِيْبُكَ.

وحَدَّثَنِي أيضًا قال: اضْطُرِرتُ في خَرَاج كان عليَّ بحَارِم، وسُبِّبَ به لقَوْمٍ آذَوْني إلى أنْ بعْتُ حُلِيَّ بعض بَنَاتي وأدَّيْتُ الخَرَاج، ورَكبتُ بعد يَوْم أو يَوْمَيْن فاجْتَمعْتُ مع جَمَاعَةٍ من الأشْرَافِ والكُتَّابِ في طَرِيق المَيْدَان بحَلَب، فاجْتازَ بنا بَدَوِيٌّ قد خَلَعَ عليه سَيْفُ الدَّوْلَةِ وطَوَّقهُ بطَوْق ذَهَبٍ، فقُلْتُ لمَنْ كان معي: أُريكم حُلِيَّ ابْنَتِي؟ ها هو ذا؛ طَوْقٌ في عُنُق هذا البَدَوِيّ، قد أخَذَهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ من غير حَقِّهِ، وصَرَفَهُ في غير وَجْهِهِ، فنَقلَ بعْضُهُم هذا القَوْل إليه، فرَدَّ عليَّ الخَرَاج الّذي كُنْتُ أدَّيْتُه.

(1)

انظر خبر خروج ابن الأهوازي والنسيمي والديلمي بمعرفة بني كلاب على سيف الدولة مفصَّلًا في زبدة الحلب 1: 141 - 144.

ص: 407

وكان سَيْفُ الدَّوْلَةِ قبْل مَوْتهِ بأيَّامٍ أطْلَقَهُ، وفَكَّ قَيْدَهُ، وخَلَعَ عليه، وأطْلَقَ له أُلُوْفَ دَرَاهِم، واسْتَحَلَّهُ فأحَلَّهُ، واتَّفَقَ أنَّهُ حَضَر وَفاتَهُ، فتَوَلَّى هو الصَّلاةُ عليهِ.

‌أبو القَاسِم المُقْرِئ بالألْحَانِ

شَاعِرٌ من مَعَرَّة النُّعْمَان، كان حَضَر في مَجْلِسِ أبي العَلَاء بن سُلَيمان، وَلَم أظْفَر بشيءٍ من شِعره، ولمَّا حَضَرَ قال له أبو العَلَاء: إن رَأيْتَ أنْ تُحْيى القُلُوبَ بقراءةِ نَوْبةٍ، فقَرأ:{وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا}

(1)

، فلمَّا أنْهَى النَّوْبَة، أقْبَل عليه أبو العَلَاءِ، وقال: أحْسَنْتَ، لو رآكَ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّه صلى الله عليه وسلم لقرَّتْ عَيْنهُ بك، ثُمَّ أنْشَد

(2)

: [من السريع]

هذا أبو القَاسِم أعْجُوبَةٌ

لِكُلِّ مَنْ يَدْري ولا يَدْري

لا يُحْسنُ الشِّعْر ولا يَحْفَظُ الـ

ـــقُرْآن وهو الشَّاعِرُ المُقْرِي

وقد ذَكَرْنا الحِكَايَةَ مُسْنَدةً في تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بن الحُسَين بن صَعْصَعَة

(3)

لأَنَّهُ رَوَاها. وقيل: إنَّ هذين البَيْتَيْن لأَخِيهِ أبي مُسْلِم وَادِع، وهي به ألْيَقُ.

‌أبو القَاسِم النَّاصِبيُّ

شَاعِرٌ كان بحَلَب، ظَفِرْتُ له ببَيْت مُفْردٍ من الشِّعْر، وهو قَوْلهُ في مَجْلِسِ المُتَنَبِّي إجَازَةً لِبَيْت (a) أوَّله شِيْنٌ وآخره شِيْنٌ:[من البسيط]

شُغْل المُحِبِّ عنِ اللَّذَّاتِ إنْ عَرَضَتْ

والصَّبُّ بالوَصْلِ منها كان يَنْتَعِشُ

(a) م: لنفسه.

_________

(1)

سورة الإسراء، الآية 73.

(2)

لم أقف عليه في شعر المعري، والبيتان في معجم الأدباء 1: 334، الوافي بالوفيات 7:104.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 408

وقد ذَكَرنا الحِكَايَة بتَمَامها، وسَبَب ارْتِجاله هذا البَيْت في تَرْجَمَةِ أبي عَبْدِ اللَّه الشِّبْليّ وأبي عَبْد اللَّه الدَّنِف

(1)

.

‌أبو القَاسِم المِصِّيْصيُّ المُؤدِّبُ

(2)

رَوَى عنهُ (a) القَاضِي أبو عليّ المُحَسِّن بنُ عليّ التَّنُوخِيّ شَيئًا من شِعْره.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّب، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، عن القَاضِي أبي عليّ المحسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ

(3)

، قال: أنْشَدَنِي أبو القَاسِم عُبَيْدُ اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الكَاتِبُ الصّرَويّ (b) لنَفْسِه بالأهْوَاز، ونَقَلْتُه في ظَهْر تَقْويم لي كُنْتُ علَّقْتُه فيه:[من الطويل]

إذا حَمِدَ النَّاسُ الزَّمانَ ذَمَمْتُهُ

ومَنْ كان فَوْقَ الدَّهْرِ لا يَحْمَدُ الدَّهْرا

قال: وزَعمَ أنَّهُ حَاوَلَ أنْ يُضِيْفَ إليهِ شيئًا يَليقُ به، فتَعَذَّر عليه مُدَّةً طَوِيلَةً، فضَجِرَ منه وتَرَكَهُ مُفْردًا، وكان عندي في الحال أبو القَاسِم المِصِّيْصيُّ المُؤدِّبُ، فسَمِعَ القَوْل، فعَمِلَ في الحالِ إجَازَةً له، وأنْشَدناها لنَفْسِه:[من الطويل]

وإنْ أوْسَعَتْنِي النَّائِبَاتُ مَكَارهًا

ثَبَتُّ ولَم أَجْزَعْ وأوْسَعْتُها صَبْرا

إذا لَيْلُ خَطْب سَدَّ طُرْقَ مَذَاهِبِي

لَجَأْتُ إلى عَزْمِي فَأطْلَعَ لي فَجْرَا

‌أبو القَاسِم ابن المُقْرِئ

(4)

كَتَبَ عنهُ بعضُ الأُدَبَاءِ بحَلَب، وأظُنُّه أبا غَانِم بن الأَغَرّ، وكان قَبْل الخَمْسمائة أو في حُدُودها.

(a) ساقطة من م.

(b) م: الضروي.

_________

(1)

مرَّت ترجمتهما المشتركة في هذا الجزء.

(2)

من أهل القرن الرابع الهجري.

(3)

نشوار المحاضرة 7: 111.

(4)

كان حيًا في حدود سنة 500 هـ.

ص: 409

سَيَّرَ إليَّ الرَّئِيسُ أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إبْراهيم بن الخَشَّاب الحَلَبِيِّ بخَطِّ بعض الأُدَبَاء من الحَلَبِيِّيْن، كَتَبَ فيه عن أبي الفَتْح عَبْد اللَّه بن إسْمَاعِيل بن الجِلِّيِّ وغيره من الحَلَبِيِّيْن، قال فيه: أَنْشَدَنِي أبو القَاسِم بن المُقْرِئ: [من المتقارب]

إذا ما سَخِرْتَ بمَنْ لا تَشُكُّ

بأنَّكَ حَقًّا بِهِ تَسْخَرُ

فَقَدْ صِرْتَ أنْتَ لَهُ ضُحْكَةً

فيَسْخَرُ منكَ ولا تَشْعُرُ

‌أبو القَاسِم الحَمَوِيُّ

(1)

شَاعِرٌ من أهْل حَمَاة، حَسَن الشِّعْر من طَبَقَة أبي الفِتْيَان بن حَيُّوس.

قَرأتُ له أبياتًا بخَطِّ وَزِير رِضْوَان مُشَيِّد المُلْك أبي النَّجْم بن بَدِيْع في كُرَّاسَةٍ وَقَعَتْ إليَّ بخَطِّه، من كتابه الَّذي جَمَعَهُ في الشُّعَراءِ، قال: أبو القَاسِم الحَمَوِيُّ من حَمَاة، وهي بَلَدٌ من العَوَاصِم

(2)

: [من مجزوء الرمل]

لا تَقُل بَيْتَ هِجَاءٍ

لا ولا بَيْتَ مَدِيْحِ

سَبَقَ النَّاسُ إلى كُلِّ

قَبِيْحٍ ومَلِيْحِ

ونَقَلْتُ مِن خَطِّه له: [من الكامل]

لمَّا فَزِعْتُ إلى الخِضَابِ اسْتَهْزَأَتْ

سُعْدَى وقَالَتْ والمُحبُّ لِمَا بهِ

ما كانَ ينفَعُهُ لدَيَّ شَبَابُهُ

فعَلَامَ يُتْعِبُ نَفْسَهُ بخِضَابِهِ

وله، ونَقَلْتُهما من خَطِّه:[من مجزوء الكامل]

يا مَنْ حَديْثي حَيْثُ كُنْـ

ــتُ فَكُلُّهُ عنْهُ يَكُونُ

حتَّى يُقَالَ فكَمْ إذًا

ما ذا هَوًى هذا جُنُونُ

(1)

ترجمته في: تتمة اليتيمة 59.

(2)

المقطوعات الثلاث المدرجة أوردها الثعالبي في تتمة اليتيمة 59.

ص: 410

‌أبو قَتَادَة بن رِبْعِيِّ الأنْصَاريّ

صَاحِبُ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ رضي الله عنه، واسْمُه [الحَارِث بن رِبْعِيِّ بن بَلْدَمة](a)، وقد ذَكَرناهُ في الأسْماءِ

(1)

.

نَقَلْتُ من خَطِّ بَنُوْسَةَ وَرّاق بني مُقْلَة، عن أبي الحَسَن المَدَائِنِيّ: تَسْمِيَةُ مَن شَهِدَ صِفِّيْنَ من أصْحَاب رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم: عَمَّار بن يَاسِر، وأبو أَيُّوب خَالِد بن زَيْد بن ثَابِت الأنْصَاريّ، وأبو اليَسَرِ (b) كَعْب بن عَمْرو، ومالكُ بن التَّيَّهان (c)، وخُزَيْمَة بن ثَابِت الخَطْمِيّ، وأبو قَتَادَةَ بن رِبْعِيّ، ورِفَاعَة بن رَافِع بن مَالِك، والنُّعْمان بن عَجْلان.

‌أبو قُدَامَة العَابِدُ الفِلَسْطِيْنِيُّ الرَّمْليُّ البَكَّاءُ

كان غَازِيًا بعَيْن زُرْبَة، حَكَى عن سُليْمان الخَوَّاص، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن سَهْل الأُرْدُنِّيّ، وأبو قُدَامَة العَابِد (d).

(a) بياض في الأصل وم قدر ثلاث كلمات، والاستكمال من مصادر ترجمته، وقيل في اسمه أيضًا: النعمان ابن ربعي، وقيل: النعمان بن عمرو، وقيل غير ذلك، وهو بالكنية أشهر وأعرف.

(b) كذا مجوّدًا في الأصل.

(c) م: النبهان.

(d) كذا في الأصل، ولعل سهو، إن لم يكن آخر يشترك معه في الكنية والصفة.

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وقد اختلف في سنة وفاته، قيل سنة 38 هـ وقيل: 40 هـ، 54 هـ، 55 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 15، تاريخ خليفة 99، 105، 201، 223، طبقات خليفة 139، تاريخ أبي حفص الفلاس 276، 322، 487، المسعودي: مروج الذهب 3: 105، الثقات لابن حبان 3: 73 - 74، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 33 - 34، الجرح والتعديل 3: 74، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 63، الاستيعاب 4: 1731 - 1732، تاريخ بغداد 1: 501 - 505، تاريخ ابن عساكر 67: 141 - 153، صفة الصفوة 1: 647 - 648، المنتظم 3: 323، 5: 368، أسد الغابة 1: 327، 5: 274 - 275، تهذيب الكمال 34: 194 - 197، تاريخ الإسلام 2: 341، الكاشف 3: 368، ابن كثير: البداية والنهاية 8: 68 - 69، الإصابة 2: 291، 7: 155 - 156، تهذيب التهذيب 2: 141، 12: 204 - 205.

ص: 411

أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّمِ الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَتْنَا شهدَةُ بنتُ ابن الإِبَرِيّ قالت: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه في طَلْحة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سَهْل مَحْمُود بن عُمَر، قال: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بنُ الفَرَج العُكْبَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: وحُدِّثْتُ عن مُحَمَّد في الحُسَين، قال: حَدَّثَني أحْمَدُ في سَهْل الأُرْدُنِّيّ، قال: حَدَّثَني أَبو قُدَامَة الرَّمْليّ، قال: قرأ رَجُل هذه الآيةِ: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا}

(2)

، فأقْبَل عليَّ سُليْمانُ الخَوَّاصُ، فقال: يا أبا قُدَامَةَ، ما يَنْبَغِي لعَبْدٍ بعدَ هذه الآيةِ أنْ يَلْجأ إلى أحدٍ غير اللَّهِ في أمْره، ثُمَّ قال: واللَّهِ يا أبا قُدَامَة، لو عَامَلَ عَبْدٌ اللَّهَ عز وجل بحُسْن التَّوَكُّلِ عليه، وصِدْقَ النِّيَّةِ بطَاعَتِه، لاحْتاجَتْ إليهِ الأُمَرَاءُ فَمن دُوْنَهُم، فكيف يكُون هذا يَحْتاج (a) ومَوْئلُهُ ومَلْجَؤُهُ إلى العَزِيزِ (b) الحَمِيد.

نَقَلْتُ من خَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو الكَرْجِيّ (c)، قَاضِي مَعَرَّة النُّعْمَان: حَدَّثَنِي أبو أحْمَد عَبْدُ اللَّه بن دَاوُد الحَنَّاط الكَرْجِيّ (d) بطَرَسُوس، قال: حَدَّثَنِي أبي دَاوُد بن مُحَمَّد أبو صَالِح، قال: قرأ علينا السَّاوِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عليّ المُقْرِئ خُطْبَةَ أبي السَّرِيّ مَنْصُور بن عَمَّار الوَاعِظ رحمه الله في الجِهادِ، وكَتَبْنَاها عنه إمْلاءً.

قال مَنْصُور بن عَمَّار: وذَكَرَ الخُطْبَة، وقال في آخرها: الدَّلِيْلُ على ما أقولُ حَدِيْثُ أبِي قُدَامَةَ العَابِد الفِلَسْطِيْنيّ البَكَّاءُ، قال أبو قُدَامَةَ: بينا أنا خارجٌ من عَيْن زُرْبَةَ في سَرِيَّةٍ، وكُنْتُ علِى سَاقَة النَّاسِ، إذا أنا بهَاتف يَهْتفُ من ورَائي: أبا قُدَامَةَ، فلَم ألْتَفتْ إليهِ ومَضَيْتُ غير مَلْوٍ عليه، فهَتَفَ بي الثَّانيَة، فإذا أنا بامْرأةٍ كأجْمَل ما يكُون من النِّسَاء، فتَرَكْتُها ومَضَيْتُ، وخفتُ أنْ تكُون مَكِيْدَةً من

(a) ابن أبي الدنيا: محتاجًا.

(b) ابن أبي الدنيا: الغني.

(c) م: الكرخي.

(d) م: الخياط الكرخي.

_________

(1)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة التوكل على اللَّه) 1: 153.

(2)

سورة الفرقان، الآية 58.

ص: 412

إبْلِيْس يَقْطَعُنِي عن غَزَوَتِي ويَشْغَلني عن سَبِيل رَبِّيّ، قال: فصَوَّتَتْ بي الثَّالثَة بصَوْتٍ حَزين أوْجَعَتْ قَلْبِي وأدْمَعَت عَيْني، وهي تَقُول: أبا قُدَامَةَ، تَواضَعْ رَحِمكَ اللَّهُ، ليسَ هكذا كان مَنْ مَضَى قَبْلَكَ، قفْ علَيَّ، فوَقَفْتُ عليها، فلَمَّا بلَغَتْ إليَّ قالت: تَنَحَّ عن الطَّريق، فعَدَلْنا، فقالت: أبا قُدَامَةَ، إنِّي أُرِيْدُ أنْ أسْتَودعَكَ وَدِيْعَةً فاكْتُمها عَلَيَّ، قال: قُلتُ: وما هي؟ قال: فضَرَبت بيَدها إلي ردَائها والدُّمُوع تَنْحَدر على نقَابها، فقالت: أبا قُدَامَةَ، إنِّي أُرِيْدُ أنْ أسْتَودِعَكَ ودِيْعَةً أنِّي عَمَدتُ إلى ناصيَتِي ومَوَاضِع السُّجُود من قُصَّتِي فأخذْتُه وجَعَلْته قَيْدًا لفَرَس الغَازِي في سَبِيْل اللَّهِ، لعلَّ اللَّه تعالى يَنْظُر إلي شَعري في الثَّرَى قد وَطئتْهُ الخَيْل بسَنَابِكها فيَرْحَمْنِي، فواللَّهِ لولا أنَّكَ غَرِيْبٌ في زَمَنِي هذا ما أطلعتُكَ على سرِّيّ، ولا أخْبرتُكَ بداخِلَة أمْري، قال: قُلْتُ: إنِّي أخَاف أنْ آثم، قالىَ: لا يُؤْثمُكَ اللَّه، فودَدْتُ أنِّي قَدرتُ أنْ أقُدّ من جِلْدِي سَيْرًا (a) يكُون عِذَارًا لفَرَس الغَازِي في سَبِيْل اللَّهِ ليَنْظُرَ إليَّ الرَّحيمُ بخَلْقه، الرَّؤوفُ المَنَّان بعِبَادِه، ويَنْظُرِ إلى جَوَلان فَرَسِ الغَازِي في سَبِيْل اللَّهِ، ويَنْظُرِ إلى سُيُّور من جلدَة حُرَّة من حَرَائِر المُسْلِمِيْنَ، ويَرْحَمني.

قال: فبينا أنا أسيرُ إذا هاتفٌ يُنَادِي: يا عَمّ، قال: فالتفَتُ فإذا أنا بغُلَامٍ قد أقْبَل، فقال: يا أبا قُدَامَة، خُذْ هذه السِّكِّيْن في سَبِيْل اللَّهِ، فلم يَزَل يَطْلُب إليَّ حتَّى أخَذْتُها منه.

فبينا نحنُ نَسِيْرُ إذ نُودِيَ بالنَّفِيْر، قال: فتقدَّم الغُلَامُ أمام الخَيْل، وكَثُر العَدُوّ، فَخَشِيْتُ عليه أنْ يُقْتَلَ، قال: فرجعْتُ في طلَبهِ، فقُلتُ لَهُ: حَبِيْبِي، ليسَ هذا مَوضِعُ مثْلكَ، أنْتَ رَاجِلٌ بغير دَابَّةٍ، ولستُ آمَنُ عليكَ جَوَلَانَ الخَيْل وثَوَرانَ الحَرْب، فقال: أبا قُدَامَة، أتَأمرُني بالرُّجُوع وقد سَمِعْتُ اللَّه تعالَى يَقُول

(a) م: سبرًا، والسَّيْرُ: وجمعه: سُيُّور، ما يُقدّ من الجلد أو الأديم طولًا، تشدّ به دفتي السرج. لسان العرب، مادة: سير.

ص: 413

في مُحْكم كتابهِ (a): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

(1)

، أفتأمرُني (b) بالرُّجُوع بعد عِلْمي بوِعِيْدِ رَبِّي عز وجل!؟ قال: فلمَّا أنْ أبَى عَلَيَّ حَملتُه على هَجِيْن كان معي فتقدَّم فلَم يَزَل يَضْرِبُ يُمْنةً ويُسْرة، ثُمَّ رجعَ فسَلّمِ علَّي سَلَامَ مُوَدِّع كأنَّهُ أحسَّ بالمَوْت، ثمَّ انْطَلَقَ لَيْرمي السَّهْم (c) الثَّالثَ، فلمَّا وضَعَهُ في كَبدِ قَوْسِهِ أتاه مِزْرَاقٌ فضَرَبَهُ بين عَيْنيه، فنكسَ الغُلَامُ رَأسَهُ على عُنُقِ فَرَسِهِ، وهو يَقُول: نَجَوْتُ ورَبِّ الكَعْبَة، ثمّ نَادَى أخْفَضَ من الأوَّلِ: نَجَوتُ ورَبِّ الكَعْبَة.

قال: فَخشِيْتُ أنْ يَمُوتَ، فدَنَوْتُ منه، فقُلتُ: حَبِيْبي، لا تنسَ حَاجَتي الشَّفَاعَة، قال: لا يا أبا قُدَامَة، ولكن لي إليك حاجَةٌ، قُلتُ: وما هي؟ قال: أنا ابنُ صَاحِبةِ الوَديْعَة، فإذا أنْتَ أتيْتَ المَدِينَة فأتِ دُكَّان يَحْيَى العَلّاف؛ فإنَّ لي عندَهُ خُرْجًا، فخُذْه وانْطَلِق به إلى وَالدَتي، وصَبِّرْها؛ فإنَّها عام أوَّل أُصِيْبَت بوَالدِي، والعام يَزِيد عليها ثُكْلِي، قال: ثُمَّ سَكَتَ فماتَ.

فلمَّا سَكَنَت الحرب، ودَفنَّا القَتْلَى، حَفَرْنا له مَطْمُورةً، فألقْيْناهُ فيها بأطْمَاره، ودفناهُ، فواللَّهِ ما تمالَكْنا النُّهُوضَ حتَى نبذَتْهُ الأرْضُ علِى ظَهْرها، وأقْبَلَ عَلَيَّ أصْحَابي، فقالوا: يا أبا قُدَامَة، ألَم نَقُلْ لك إنَّهُ غُلَامٌ، ولعَلَّهُ خرَج عن غير إذْنِ أبَوَيهِ، فقُلتُ: مَهْلًا إِنَّ الأَرْضَ لتَقْبَلُ مَنْ هو شَرٌّ منه، إنَّها لتَقْبل اليَهُودَ وغيرَهُم، ثمّ تنحيَّتُ فصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْن، ودَعَوْتُ رَبِّي، وقُلتُ: اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُكَ، ابنُ عَبْدِكَ، ابنُ أمَتِكَ، فإنْ كُنْتَ تَعْلَم منه شيئًا فاسْتُرهُ عليه، قال: فواللَّهِ ما اسْتَتْمَمتُ الدُّعَاءَ حتَّى سَمِعْتُ وقْع خَلَاخِيل

(a) م: كتابه العزيز.

(b) م: فتأمرني.

(c) فوقها في الأصيل: "صـ".

_________

(1)

سورة الأنفال، الآيتان 15 - 16.

ص: 414

الحُور العِيْن، وهم (a) يقُولُونَ: تَنَحَّ يا أبا قُدَامَة وخَلِّ بيننا وبينَ وَليّ اللَّهِ، فتنحَّيْتُ، وأقْبَلَت السِّبَاعُ والطَّيْرُ من كُلِّ ناحيةٍ فتقاسَمَتْ لَحْمَهُ في أسْرَعَ من طَرْفَةِ عَيْن.

فلمَّا رَجَعْتُ إلى المَدِينَة، أخَذْتُ خُرْجَهُ ومَضَيْتُ به إلى مَنْزِله، فلمَّا قَرَعتُ بابَهُ، خَرجَتْ إليَّ أُخْتِّ له صَغِيرَة (b)، فلمَّا نظَرَتْ إليَّ قالت: يا أمَّه، هذا أبو قُدَامَة قد قَدِمَ، وما أرَى أخي معه! قال: فَخَرَجَتْ وَالدتُه فسَلَّمتْ علَيَّ، وقالت: أبا قُدَامَةَ، أَمُهَنِّئٌ أم مُعَزِّي؟ قُلتُ: وما مُهَنِّئٌ، وما مُعَزِّي (c)؟ قالت: أبا قُدَامَة، إنْ كان وَلدِيِ قد مات فعَزِّ، وإنْ كان اسْتُشهِدَ فهَنِّ، قال: قُلتُ (d): بل مُهَنٍّ رَحِمكَ اللَّهُ؛ إنَّ ولَدَكِ اسْتُشْهِدَ رَحْمَةُ اللَّهِ عليه، فقالت: الحَمْدُ للَّهِ، يا أبا قُدَامَة، إنَّ لي في وَلدِي عَلامةً هل رَأيتَها فيه؟ قُلتُ (e): نَعَم، قال (f): إنَّ الأرْض لَم تَقْبَلْهُ (g)، قالت: الحَمْدُ للَّهِ، ما فَعَل خُرْجُهُ يا أبا قُدَامَةَ؟ فنَاولْتُها ففَتَحَتْهُ وأخرجَتْ منه مِدْرَعَةَ شَعرٍ وغُلَّا من حَدِيدٍ، ثمّ قالت: أبا قُدَامَة (h)، كان وَلَدِي إذا جَنَّهُ اللَّيْلُ، وغارَت النُّجُومُ، ولَم يَبْقَ إلَّا الحَيّ القَيُّومِ، تدَرَّعَ بهذه المِدْرعَة، وغَلَّ بهذا الغُلِّ يَدَهُ إلى عُنُقهِ، ثُمَّ ناجَى مَنْ لا تأخذُه سِنَةٌ ولا نَوْمٌ، وكان يقُول في مُنَاجَاتهِ: أَيْ رَبّ، لا تَحْشُرني إلَّا من بُطُون السِّبَاعَ وحَوَاصل الطَّيْر، فالحَمْدُ للَّهِ الّذي مَنَّ عليه بذلك.

‌أبو القَعْقَاع الجَرْميُّ

(1)

شَهِدَ صِفّيْنَ مع عليّ رضي الله عنه، وحَكَى عن الوَقْعَةِ، رَوَى عنهُ أبو جَنَابٍ (i) الكَلْبيُّ.

(a) كذا في الأصل وم وفوقها وفوق التي تليها في الأصل "صـ"، كتبه كما وجده غير معرب.

(b) م: أخته صغيرة.

(c) من قوله: "وقال أبا قدامة. . . " إلى هنا ساقط من م.

(d) م: فقلت.

(e) م: قال.

(f) م: قالت.

(g) بعده في م: "قلت نعم".

(h) م: يا أبا قدامة.

(i) م: خباب.

_________

(1)

ترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 180، تاريخ البخاري الكبير 5: 77 وسماه عبد اللَّه بن خالد، وترجم له أيضًا في الكنى (9: 64) وفيه: أبو القعقاع الحرامي.

ص: 415

‌أبو القَوَاريْر

وَلِيَ طَرَسُوس بعد يَزِيد بن مَخْلَد الفَزَارِيّ، كما قَرَأتُه في كتاب البُلْدان، تأليف أحْمَد بن يَحْيَى البَلاذُرِيّ

(1)

، قال: قالوا: وكان عَبْدُ المَلِك بن صالح قد اسْتَعْمَل يَزِيدَ بن مَخْلَد الفَزَارِيَّ على طَرَسُوسَ، فطَرَدَهُ (a) مَنْ بها من أهْل خُرَاسَان، فاسْتَوْحَشُوا منه للهُبَيْرِيَّةِ، فاسْتَخْلَفَ أبا القَوَارِيْر (b)، فأقَرَّه عَبْد المَلِك بن صالح، وذلك في سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين (c) ومَائة.

‌حَرْف الكَاف في الكُنَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو كَامِل

‌أبو كَامِل الأحْمَسِيُّ

(2)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (4) رضي الله عنه، لهُ ذِكْرٌ.

(a) م: فطرقه.

(b) البلاذري: أبو الفوارس، وتقدم لابن العديم إثبات هذا النقل في الجزء الأول من الكتاب وذكره هناك: أبو الفوارس؟!.

(c) كذا في م، وفي الأصل بإهمال النقط، وتقدم في الجزء الأول مثله، وفي كتاب فتوح البلدان: سنة ثلاث وسبعين ومائة! ولعل ما أورده ابن العديم أقرب للصواب، فإن عبد الملك كان واليًا للرشيد على الجزيزة وبعض الشام منذ سنة 177 هـ، واستمر في ولايته هذه سنوات عدة حتى سنة 187 هـ، وهي السنة التي سجنه الرشيد فيها، بسبب سعاية فيه، وبقي مسجونًا حتى وفاة الرشيد سنة 193 هـ، ثم أقام في الرقة حتى وفاته سنة 196 هـ. انظر: تاريخ ابن خياط 458، تاريخ اليعقوبي 3: 288، 297، 303، تاريخ الطبري 8: 302 - 305، تاريخ ابن عساكر 37: 21، 30، الصفدي: تحفة ذوي الألباب 1: 236.

(d) م: علي بن أبي طالب.

_________

(1)

فتوح البدان 233.

(2)

كذا كناه ابن العديم: أبو كامل، ومثله في تقريب التهذيب لابن حجر 2: 465، وهو في جميع مصادر ترجمته التالية: أبو كاهل، وحقه التصويب لولا أنه سلكه فيمن كنيته أبو كامل، ولعل ما ورد عند ابن حجر في التقرب خطأ لأنه أورده صحيحًا بالهاء في تهذيب التهذيب، واسمه: قيس بن عائذ، وكان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 62، تاريخ يحيى بن معين 3: 300، المعرفة والتاريخ 2: 225 - 226، تاريخ البخاري الصغير 1: 199، الاستيعاب 4: 1738 - 1739، تهذيب الكمال 34: 211 - 213، تاريخ الإسلام 2: 990، الكاشف 3: 370، الإصابة 7: 161، تهذيب التهذيب 12: 208 - 209.

ص: 416

‌أبو كَامِل، مَوْلَى الغَاز بن رَبِيْعَة الجُرَشِيّ

(1)

غَزَا بلاد الرُّوِمِ، واجْتازَ بِدَابِق في دُخُوله، وكان مع مَكْحُول وسَابِق البَرْبَرِيّ في الغَزَاة، ورَوَى عنهُما، رَوَى عنهُ أبو مُسْهِر الغَسَّانِيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الرَّحيم بن يُوسُفَ بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ الحُسَين بن جَعْفَر السَّلَمَاسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَدَ الدَّقَّاق، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن سَعيد بن عبدِ الرَّحْمن الحَرَّانيّ الحافِظُ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عليّ بنُ عُثْمان النُّفَيْلِيُّ، قال: حَدَّثَنا أبو مُسْهِرٍ، قال: حَدَّثَنا أبو كَامِلٍ مَوْلَى الغَاز بن رَبِيْعَة، قال: سَمِعْتُ سَابِقًا البَرْبَرِيَّ يُنْشد مَكْحُولًا، وهو في الغَزْو

(3)

: [من الرجز]

يا نَفْسُ كُلُّ قَابرٍ مَقْبورُ

فيَهْلِكُ الزَّائرُ والمَزُوْرُ

ويَقْبِضُ العَارِيَةَ المُعِيْرُ

ليسَ على صَرْف الرَّدَى عُمُورُ

كَمْ مِن غَنِيٍّ مُكْثِرٍ فَقِيْرُ

حتَّى انْتَهى إلى قَوْله:

والصِّدْقُ بِّر والتُّقَى نَظِيْرُ (a)

والبِرَّ مَعْرُوفٌ بهِ المَبْرُورُ

وذو الهَوَى يَسُوقُهُ المَقْدُورُ

(a) الأصل: تطهير، والمثبت عن الحراني وديوان سابق البربري.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 156.

(2)

الحراني: تاريخ الرقة 145 - 146.

(3)

ديوان سابق البربري 114، وتقدم ذكر الخبر والأبيات في ترجمة سابق البربري (الجزء التاسع).

ص: 417

فقال مَكْحُول: لا.

كان مَكْحُول يقُول أوَّلًا بالقَدَر، ثمّ رَجع عن ذلك.

‌أبو كَرْب العِرَاقِيُّ

(1)

شَهِدَ قِتَال بُرْجَان غَازِيًا عام حَاصَر مَسْلَمَةُ بن عَبد المَلِك القُسطَنْطِينِيَّة

(2)

، واجْتازَ مع الجَيْش بِدَابِق في غَزَاتهِ، وقُتِلَ فيها شَهِيْدًا.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَني عَمِّي الحافِظ أبو القَاسِم

(3)

، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي العَقَب، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن إبْراهيم بن بُسْر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عَائِذ، قال: قال الوَلِيدُ: وقد كُنْتُ سَمِعْتُ عبد الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر يَذكر أنَّ نَفَرًا من أهْلِ دِمَشْقَ، كان يُسَمِّيهم بأسْمَائهم، فيهم رجُل كان يُكْنَى بأبي كَرِب، وقد كان أصَابَ دَمًا بالعِرَاق، فاسْتَفْتَى جَمَاعَة من الفُقَهَاءِ، فاجْتَمَع قولهم: إنَّهم لا يَعْرفُونَ وَجْهًا إذا لَم يُعْرَف وَليُّ الدَّم إلَّا أنْ يُجَاهِد في سَبِيْل اللَّه حتَّى يُقْتَل في سَبِيْل اللَّه، فلم تَزَل تلك حَاله يَغْزُو المغَازِي، ويَطْلُب القَتْلَ في اللَّهِ، حتَّى كان ذلك اليَوْم جُرِحَ (a) هؤلاءِ النَّفَر، وسَارُوا حتَّى إذا كان في بَعْضِ طَرِيقهم خَرَجَ خارجٌ منهم ليأتيهم بعِنَب، فإذا بقُبَّةِ ذَهَبٍ عليها جلالُ حَرير أخْضر، وإذا فيها حَوْراء، كان يُخْبرُ عمَّا رَأى من حُسْنها، فقالت: إليَّ، فأنا زَوْجتُكَ، وأنتَ قادمٌ علينا

(a) كذا في الأصل وم بالجيم المضمومة، وعند ابن عساكر: خرج، وهو أليق.

_________

(1)

توفي سنة 98 هـ، عام حصار القسطنطينية، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 158 - 159.

(2)

خبر الحصار في تاريخ الطبري 6: 530 - 532.

(3)

تاريخ ابن عساكر 67: 158 - 159.

ص: 418

يَوْم كَذَا ومعك فُلَانٌ وفُلَان، سَمَّت (a) أُولئك النَّفَر، فانْصَرَفَ الرَّجُلُ، ولَم يأتِ بعِنَب وأخْبَرَهُم بما رَأى، فكَتَب وصيَّتَهُ، وكَتَبُوا. وكان مع شَرَاحِيْل بن عُبَيْدة وأصْحَابهِ، فكان من مُصِيْبَتهم ما كان.

ثُمَّ أُمِرَ بانْصِرَاف النَّاس إلى ذلك المَرْج الّذي رجعَت إليهم فيه بُرْجَان (b)، فاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيْدًا، فقُتِلَ هؤلاءَ النَّفَر جَمِيعًا، فيهم أبو كَرْب، وأرْسَلت بُرْجَان النَّارَ على ذلك المَرْج، وعلى قَتْلَى المُسْلِميْن فخَرَّقَتْ ما حرَّقَتْ، حتَّى انْتَهت إلى أبي كَرِب وأصْحَابهِ، فأطافَتْ بهم ولَم تَأكُل النَّارُ منهم أحدًا.

يعني: عام حَاصَر مَسْلَمَةُ بن عَبْدِ المَلِك القُسْطَنْطِينِيَّة (c).

‌أبو كُرَيْب الغَسَّانِيُّ

(1)

وقيل فيه: أبو كَرْب الغَسَّانِيّ.

غَزَا الصَّائِفَة، واجْتازَ بِدَابِق، وقُتِلَ في وَقْعَة بُرْجَان شَهِيْدًا، وهو عندِي الأوَّل، واشْتَبه أَبو كَرْب بأبي كُرَيْب، أو صُغِّرت كُنْيَتُه، فإنَّ القِصَّة واحدةٌ، حَكَى عنه حِكايَة قَتْله عَطَاء بن قُرَّة السَّلُولِيّ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرنا أبو طَالب بن غَيْلَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ الشَّافِعيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن إسْحَاق الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بن العبَّاسِ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن المُبارَك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر،

(a) ابن عساكر: وسمت.

(b) م: يرجل.

(c) هذه الجملة الأخيرة ليست في تاريخ ابن عساكر، إضافة من ابن العديم.

_________

(1)

توفي سنة 98 هـ، ورجّح ابن العديم أنه والمترجَم قبله واحد، لاتفاقهما في الحكاية المذكورة.

(2)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي) 298 - 299.

ص: 419

قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي زَكَرِيَّاءَ، ومعنا مَكْحُول: أنَّ رَجُلًا مرَّ بكَرْمٍ بأرْض الرُّوم، فقال لغُلَامِهِ: أعْطِنِي مِخْلَاتي حتَّى آتيكم من هذا العِنَب، فأخذَها، ثُمَّ دَفَع فَرَسَهُ، فبينما هو في الكَرْم إِذا هو بامْرأة على مثل لَم يُر مثلها، فلمَّا رآها صدَّ عنها، فقالت: لا تَصُدَّ عنِّي؛ فإنِّي زَوْجُكَ فامْضِ (a) أمامَكَ فسَتَرى ما هو أفْضَل منِّي، فَمَضى (b) فإذا هو بأُخْرى، فقالت له مثل ذلك، وأظُنُّه أبا مَخْرَمَة.

قال عبدُ الرَّحْمن بن يَزيْد

(1)

: فأخْبَرَني عَطَاء بن قُرَّة (c) السَّلُولِيّ، قال: كُنَّا مع أبي مَخْرَمَة، فما عَدا أنْ جاءنا من ذلك العِنَب، فوَضِعَهُ ودَعا بقِرْطاسٍ ودَوَاة، فكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، فلمَّا رآهُ أبو كُرَيْب الغَسَّانِيّ كَتَبَ وصيَّتَهُ، ثمّ قام مُقَاتِل اللَّيْثِيّ فكَتَبَ وصِيَّتَهُ، ثمّ قام عَمَّار بن أبي أَيُّوبَ فكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، ثمّ قامَ عَوْفٌ اللَّخْمِيُّ فكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، ثُمَّ لقيْنا بُرْجَان، فما بقي من هؤلاء الخَمْسَة إلَّا قُتِلَ، قال: ولَم نَكْتُب نحنُ وَصَايَانا فلم نُقْتَل.

‌أبو الكَرَم بن الوَزَّان الشَّريفُ الحَلَبِيُّ

(2)

كَتَبَ عنهُ عَبْد المُنْعِم بن الحَسَن بن الحُسَين بن اللُّعَيْبَة الحَلَبِيّ.

قَرأتُ بخَطِّ ابن اللُّعَيْبَة: أنْشَدَني الشَّريفُ أبو الكَرَم بن الوَزَّان الحَلَبِّي ببَغْدَاد في المُحَرَّم سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة

(3)

: [من الطويل]

شَكَوتُ فقالَت: كُلُّ هذا تبرُّمًا

بحُبِّي أرَاحَ اللَّهُ قَلْبَكَ من حُبِّي

(a) الغيلانيات: فأمعن.

(b) ساقطة من م.

(c) الغيلانيات: مرة.

_________

(1)

الغيلانيات 299.

(2)

كان حيًّا سنة 555 هـ.

(3)

أورد الخرائطي هذه الأبيات في كتابه اعتلال القلوب 2: 312، ولم ينسبها، أنشده إياها أبو سهل الخرائطي، وتنسب الأبيات في كثير من الصادر إلى أعرابي لم يسمّ اسمه، انظر: الكامل للمبرد 1: 167، المحب والمحبوب للسري الرفاء 2:155.

ص: 420

فلمَّا كَتَمتُ الحُبَّ قالَتْ: لشَدَّ ما (a)

صَبرتَ وما هذا بِفِعْل (b) شَجي القَلْبِ

وأَدْنُو فَتُقْصِيْني فأبعُدُ طَالِبًا

رضَاها فتعتَدُّ التَّبَاعُدَ مِن ذَنْبي

فشَكْوَايَ تُؤْذيها وصَبْري يَسُرُّها

وتَجْزَعُ مِن بُعْدي وتَنْفِرُ مِن قُرْبي

فيا قَوْم هَل مِن حِيْلَةٍ تَعْرِفُونَها

أشِيْروا بها وَاسْتَوجِبُوا الأجْرَ مِن رَبِّي

‌أبو كَعْب الخَثْعَمِيُّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (c) رضي الله عنه، وقُتِلَ بها، وكان رَأس الخَثْعَمِيِّيْن من الكُوفَة.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الصَّابُونِيّ إذْنًا، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليِّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا ابنُ نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى الجُعْفِيّ، قال: حَدَّثَنَا نَصْرُ بن مُزَاحِم

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعْد، قال: حَدَّثَني أبو عَلْقَمَة الخَثْعَمِيّ، قال: ثمّ اقْتَتلُوا قِتَالًا شَدِيْدًا؛ يعنى خَثْعَم الشَّام وخَثْعَم العِرَاق، قال: وحَمَل شَمِرُ بن عَبْد اللَّه الخَثْعَمِيّ، من أَهْلِ الشَّام على أبي كَعْب رَأسِ خَثْعَم الكُوفَة فطَعَنَهُ، فقَتَلَهُ، ثمّ انْصَرفَ يَبْكي ويقُول: رحمكَ اللَّهُ يا أبا كَعْب، لقد قَتلْتُكَ في طَاعةِ قَوْم أنْتَ أمَسُّ بي رَحِمًا منهم، وأحبُّ إلَيَّ نَفْسًا منهم، ولكن واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُول، ولا أُرَى الشَّيطان إلَّا قد فَتَننا، ولا أُرَى قُرَيْشًا إلَّا قد لعبَتْ بنا. ووثَب كَعْب بن أبي كَعْب إلى رَايةِ أبيهِ فأخَذَها، ففُقِئت عَيْنُه، وصُرِعَ (d).

وذَكَرَ تَمَام القِصَّة، قد ذَكَرْناها في تَرْجَمَةِ شُرَيْح بن مَالِك

(3)

.

(a) م: أسد ما.

(b) م: يفعل.

(c) م: علي بن أبي طالب.

(d) تتمة العبارة في كتاب نصر: "وصرع منهم حول رايتهم ثمانون رجلًا"، وفي الرواية بعده ما يفيد بقاه كعب حيًّا.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 257.

(2)

وقعة صفين 257 - 258.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 421

‌أبو الكَنُود

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (a) رضي الله عنه، ورَوَى خَبَرها، رَوَى عنهُ الحَارِث بن كَعْب الوَالِبِيّ، وسُليْمان بن أبي رَاشِد، والحَارِث بن حَصِيرَة. أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مَحْمُود، عن أبي مُحَمَّد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن نِيخاب، قال: صَدًّ شنا إبْراهيمُ بن دِيْزِيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن مُزَاحِم

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعْد، عن سُليْمان بن أبي رَاشِد، عن أبي الكَنُود أنَّ مُعاوِيَة بَعَثَ حَبِيْبَ بن مَسْلَمَة، وشُرَحْبِيل بن السِّمْط، ومَعْن بن قُرّة (b) بن الأخْنَس السُّلَمِيّ، فدَخَلُوا على عليّ وأنا عنده. وذكَرَ شَيئًا من حَدِيث صِفِّيْن، قال: ثمّ مَكُث النَّاسُ على ذلك حتّى دَنَا انْسِلَاخ المُحَرَّم.

‌حَرْفُ اللَّام في الكُنَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ (c) أبو اللَّيْث

‌أبو اللَّيْث النَّحْوِيُّ

ابنُ أخي سَعيدٍ النَّحويّ.

(a) م: علي بن أبي طالب.

(b) وقعة صفين: يزيد.

(c) م: اسمه.

_________

(1)

كان حيًّا سنة 37 هـ وترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 177، وسماه نصر ابن مزاحم (وقعة صفين 200): عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود، وأعاد نصر ذكره في مرضع آخر من كتابه 454 - 356: ابن أبي الكنود، تاريخ الطبري 4: 540، 5: 83 (وذكره الطبري في مواضع أخرى بيانها في فهارس الكتاب)، الثقات لابن حبان 5: 44، وتهذيب الكمال 34: 229 - 231 وأورد فيه مختلف الأسماء التي سمي بها.

(2)

وقعة صفين 200 - 201.

ص: 422

وأظُنُّ اسْمَهُ عبد الرّحْمن بن مُحَمَّد، وقد قَدَّمْنا ذِكْر عبد الرَّحْمن في بابهِ

(1)

.

رَوَى عن عليِّ بن سُلَيمان الأخْفَش، رَوَى عنهُ أبو الحُسَين عليّ بن الحُسَين المَغْرِبيّ، وأبو عليّ مُحَمَّد بن عُمَر البَلْخِيّ، وسَمِعَ منه بحَلَب.

أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد المَجِيْد بن حَفْص الصَّفْرَاويُّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن النَّقُّور ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب طَاهِر بن عَبْد اللَّه الطَّبَريُّ، قال: أنْشَدَنا مُحَمَّد بن عُمَر أبو عليّ البَلْخِيُّ، قال: أنْشَدَنا أبو اللَّيْثِ النَّحَويّ بحَلَب لبعضِ المُحَدِّثِيْن: [من الخفيف]

لسْتُ ممَّن يَقُولُ كانَ وكُنَّا

غَيْرَ أنَّ الحَبِيْبَ خَانَ فَخُنَّا

زَارَ أعْدَاءَنا فَزُرْنا سِوَاهُ

فاسْتَوَينا وكانَ أظْلَمَ مِنَّا

قَرَأتُ في أوَّل مَجْمُوع بخَطِّ بعض الأُدَبَاءِ المُتَقدِّمي العَصْر ما صُوْرته: أمْلَى علَيَّ أبو عليّ مُحَمَّدُ بن عُمَر البَلْخِيّ، من حِفْظه، قال: أخْبَرَنا أبو اللَّيْث ابن أخي سَعيد النَّحويّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا عليّ بن سُلَيمان الأخْفَشُ أنَّ رجُلًا أنْشَد ضَادِيَّةَ أبي الشَّيْص في مَجْلِس المُبَرَّد، فقال المُبَرَّدُ: كم من ضَاديَّةٍ لا تُعْرَفُ، وهى أحْسَنُ منها وأطْرَف (a)، ثُمَّ أنْشَدَنا لبَشَّار بن بُرْد العُقَيْلِيّ

(2)

: [من الكامل]

غَمَضَ الجديْد (b) بصَاحِبيْكَ فغَمَضا

وبقِيْتَ بعْدَهمُا تُحاوِلَ (c) منْهَضَا

وكأنَّ قلبَكَ (d) عند كُلِّ مُصِيْبَةٍ

عظمٌ تكرَّر كَسْرُه (e) فتهيَّضَا

وأخٍ فُجعْتُ بهِ (f) فأذْكَرَهُ أخٌ

يَمْضِي (g) فتُذْكِرُكَ الحَوَادِثُ ما مَضَى

(a) م: وأظرف.

(b) ديوان بشار بن برد: الحديد.

(c) الديوان: تطلب في الحيالة.

(d) الديوان: قلبي.

(e) الديوان: صدعه.

(f) الديوان: سلوت له.

(g) الديوان: فمضى.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

ديوان بشار بن برد 91 - 94.

ص: 423

فاشرَبْ على بُعْدِ الأحِبَّةِ آنِفًا (a)

حُزْنَ (b) المَنِيَّةِ ظَاعِنين وخُفَّضَا

ولقد جريتُ مع الصِّبَا طَلْقَ الصّبا

ثُمَّ ارعَويْتُ فلم أجدْ لي مَرْكَضَا

وعَلِمتُ ما عَلِمَ امْرُؤٌ من (c) دَهْره

فأطَعْتُ عَاذلتي (d) وأعْطَيْتُ الرِّضَا

وصَحَوتُ من سُكْرِي وبتُّ مُوَكَّلًا

أرْعَى الحَمَامَةَ والغَزَال (e) الأبْيَضا

ولرُبَّ سَارِيَةٍ (f) تجُودُ بمَائها

وكذاك لو صَدَق الرَّبيْعُ لروَّضَا (g)

ومَنِيعَة المَرْقَى بَذَلتُ (h) لها الهَوَى

إمَّا مُكَفأةً وإمَّا مُقْرَضَا

أيَّام يَسْحَرني الكتابُ إذا أتَى

وأظلّ منها بالحَدِيْثِ مُمَرّضَا

باعَدْتُها لتزِيدَني من وُدِّها

فأبَتْ فكُنْتُ من الإباءِ مُحَرَّضَا (i)

وتخَوَّفتْ هَجْري وليسَ بكَائن

فشَكَت إلى الجِيْرَان شَكْوى مرمضَا

حتَّى إذا شربَتْ مياهَ مَوَدَّتي

وشَرِبْتُ برد شَرَابها متبرضَا

قالت لأختَيْها (j) اذْهَبا فتَجَسَّسا (k)

ما باله ترك السَّلام وأعْرَضَا

قد ذقْتُ أُلْفتَهُ وذُقْتُ فِرَاقَهُ

فوجَدْتُ ذا عَسَلًا وذا جَمْرُ الغَضَا

وَيْلي عليهِ ووَيْلَتي (l) من بَيْنِه

كان الّذي قد كانَ حُلْمًا (m) فانْقَضَى

سُبْحَانَ مَنْ خَلَق (n) الشَّقَاءَ لذي الهَوَى

ما كان إلَّا كالخِضَاب قد انْقَضَى

‌أبو اللَّيْث الخُرَاسَانيُّ

كان من العُبَّادِ بطَرَسُوس، لقيَهُ إبراهيم بن مَخلَد الوَاسِطِيّ بطَرَسُوس، وحَكَى عنه.

(a) الديوان: على تلف الأحبة إننا.

(b) الديوان: جزر.

(c) الديوان: في.

(d) الديوان: عُذَّالى.

(e) الديوان: والغراب.

(f) الديوان: ما كل بارقة.

(g) الديوان: فروضا.

(h) الديوان: ومنيفة شرفًا جعلتُ.

(i) لم يرد هذا البيت والذي يليه في الديوان.

(j) الديوان: لتربيها.

(k) الديوان: فتحسسا.

(l) م: وويلي.

(m) الديوان: حكما، وهو في الديوان عجز للبيت بعده.

(n) الديوان: كتب.

ص: 424

أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُرَجَّا بن أبي الحَسَن بن هِبَةِ اللَّهِ الوَاسِطِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد الكَتَّانِيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبرنا أبو الفَضْل مُحمّد بن أحْمد العَجَميّ قراءةً عليه، قال: أخْبَرنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد (a) البَزَّاز قرَاءةً عليه، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الصِّلْحِيُّ (b)، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بنُ عُثْمان بن سَمْعَان الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أسْلَم بن سَهْل بن أسْلَم المَعْرُوف ببَحْشَل

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا عَمِّي -يعني إبْراهيم بن مَخْلَد بن عُثْمان الوَاسِطِيّ- قال: رأيْتُ أبا اللَّيْث الخُرَاسَانيّ بطَرَسُوسَ يُعَزَّى، قُلتُ: ما شَأنُهُ؟ قال: فاتَتْهُ الصَّلاةُ في جَمَاعَةٍ.

‌أبو لَيْلَى الأنْصَاريُّ

(2)

صَاحِبُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

قيل: ليسَ له اسْمٌ، وقيل: اسْمُه يَسَار، وقيل: دَاوُد بن بِلَال بن بُلَيْل بن أُحَيْحَة بن الجُلَاح بن الحَرِيْش بن حَجْجَبَا بن كُلْفَة بن عَوْف بن عَمْرو بن عَوْف الأنْصَاريّ، وقيل: اسْمُه بِلَال، وقيل: اسْمه بُلَيْل بن أُحَيْحَة.

رَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عَنْهُ ابنُهُ عبد الرَّحمن بن أبي لَيْلَى. وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (c) رضي الله عنه، وشَهِدَ الجَمَل، ويُقال: كانت رَايَةُ عليّ رضي الله عنه معه.

(a) ساقطة من م.

(b) م: الصالحي.

(c) م: مع الإمام علي بن أبي طالب.

_________

(1)

تاريخ واسط 174.

(2)

تقدمت ترجمته باسم داود بن بلال، في الجزء السابع، وبهامشها الإحالة على مصادر ترجمته.

ص: 425

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوفِيقِي

‌حَرْفُ المِيْم في الكُنَى

‌أبو المُتَوَكِّل القِنَّسْرِيْنِيُّ

حَدَّثَ عن حُمَيْد بن العَلَاء، رَوَى عنهُ بَقِيَّةُ بن الوَلِيدِ الحِمْصِيّ.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالبيت المُقَدَّس، وأبو مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن ظَافِر رَوَاج (a) بمِصْرَ، قالا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الفَضْل بنُ عليّ بن أحْمَد الحَنَفِيّ المُقْرِئ بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد مُحمّد بن عليّ بن عَمْرو بن مَهْدِي الحافِظ النَّقَّاش، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمانُ بن أحْمَد بن أيُّوبَ الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم الكَشِّيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر المُعَيْطِيّ، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بن الوَلِيدِ، عن أبي المتُوَكِّلِ القِنَّسْرِيْنِيّ، عن حُمَيْد بن العَلَاءَ، عن أنَسٍ

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَضَى لأَخِيهِ المُسْلم حَاجَةً كان كمَنْ خَدَمَ اللَّه عُمْرَهُ.

(a) في الأصل وم: ابن رواج، وهو لقب لأبيه.

_________

(1)

تاريخ أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني 2: 298 (رقم 1790)، تاريخ بغداد للخطيب 4: 195، العلل المتناهية لابن الجوزي 2: 511 (رقم 843)، وفي لسان الميزان 5: 334 (رقم 1105) من طريق الثوري، عن الأعمش، عن أنس.

ص: 426

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو المَجْد

‌أبو المجد بن فَضْلَان الضَّرِيْر الدُّقِّيُّ البَغْدَاديُّ الشِّطْرَنْجيُّ

(a)

شَاعِرٌ من أهْلِ بَغْدَاد، قَدِمَ حلَبَ، وامْتَدَح السُّلْطان المَلِك الظَّاهِر غَازِي، كَتَبَ عنهُ شَيئًا من شِعْره عليّ بن سِنَان السَّرَّاج المَعْرُوف باللَّطِيْف، وكان شِيْعِيًّا غَاليًا.

قَرأتُ بخَطِّ المُنْتَجَب يَحْيَى بن أبي طَيّ النَّجَّار، في مَجْمُوعِهِ، قال: أبو المَجْدِ بن فَضْلَان الضَّرِيْر الدُّقِّيّ البَغْدَاديّ الشِّطْرَنْجيّ، وَرَدَ إلى حَلَب، وامْتَدَح السُّلْطان المَلِك الظَّاهِر، وذلك في سَنَة خَمْسَة وثَمانين وخَمْسِمائَة، وكان طبقَة لا يُلْحَقُ في لَعِب الشِّطْرَنْج، ولا شِعْرٌ لَطِيْفٌ، منه ما أنْشَدَنيه اللَّطِيْفُ السَّرَّاج، قال: أنْشَدَني ابن فَضْلَان لنَفْسِه يَمْدَح أهل البَيْت عليهم السلام: [من الرجز]

يا لَائمي في حُبِّ آلِ أحْمَد

ما يُبْغِضُ الخَمْسَةَ غَيْرُ مُشْرِك

أقْصِرْ فما لي في سِوَاهُمْ حاجَةٌ

إنْ أنا أخلَصْتُ لَهُمْ تَنَسُّكي

هُمْ جُنَّتي في هذِهِ وَجَنَّتي

في تِيْكَ واللَّهُ ضَمِيْنُ الدَّرَكِ

لو كانَ في الأرْضِ لهُمْ مِن سَادِسٍ

ما سُدِّسُوا تَحتَ العَبا بالمَلَكِ

‌أبو المَجْد بن مَنْصُور بن أبي القَاسِم الزَّجَّاج الآمِدِيُّ

(1)

سَمِعَ عَبْدَ القَاهِر بن يَحْيَى بن سَلامَة بن الثَّقَفِيّ الحَمَوِيّ بحَمَاةَ، وحَدَّثَ عنهُ بشَيْزَر، وبمَشْهَد بَرْصَايَا من بَلَد عَزَاز فى سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، وفيها دَخَلَ حَلَب، وحَدَّثَ أيْضًا في سَنَة اثْنَتي عَشْرة وسِتّمائة، فقد تُوفِّي بعد ذلك.

(a) وردت ترجمته في الأصل في طيارتين منفصلتين، عيَّن ابن العديم موضع إدراجهما، ولم تنقله نسخة م.

_________

(1)

توفي بعد سنة 612 هـ.

ص: 427

‌أبو المَجْدِ ابن أُخْتِ أحْمَد بن خَلَف المُمْتِع المَعَرِّيّ

شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان.

قَرأتُ في جُزءٍ وَقَعَ إليَّ بخَطِّ بعض المَعَرِّيِّيْن يَتَضَمَّن المَرَاثِي الّتي رُثي بها أبو العَلَاء بن سُلَيمان حينَ مات، وفيه: لأبي المَجْد ابن أُخْتِ المُمْتِع: [من الطويل]

صرُوفُ اللَّيالِي لا يُحيْطُ بها خُبْرُ

تُصَرِّفها فيْنا ويَحْتَكمُ الدَّهْرُ

فسِيَّانِ إذ قَصْرُ النُّفُوسَ مآلها

إلى المَوْتِ قَسْرًا طال أم قَصُرَ العُمْرُ

سَبِيْلُ الرَّدَى في سَائرِ الخلقِ واضحٌ

ومَسْلَكُهُ إلَّا بفِعْل التُّقَى وَعْرُ

ولَم أرَ إلَّا عَالمًا مثلَ جَاهِلٍ

يَضِلُّ على عِلْمٍ وبالدَّهْر يَغْتَرُ

فلولا التَّسَاوي ماتَ قَوْمٌ بدَائِهم

ولكن تسَاوَى في الرَّدَى العَبْدُ والحُرُّ

وما العُمْرُ إلَّا مثْلُ حَوْلٍ قَطَعْتَهُ

وكان سَواءً فيه يَوْمُكَ والشَّهْرُ

حَكَتْ سُفُنًا في لُجُّ بَحْرٍ جسُومُنا

تسيرُ بأرْوَاحٍ وغايَتُها الكَسْرُ

وكُلُّ طَليقٍ في الحَيَاة تظنُّهُ

أَسِير حمامٍ لا يُفَكُّ له أَسْرُ

يُسَرُّ بتَشْييدِ المَسَاكِن سَاكِنٌ

ومَسْكنه المِسْكِينُ لو عَلم القَبْرُ

وليسَ غنَاهُ بالحميْدِ مآلُهُ

وأحْمَدُ منْهُ في عَوَاقِبهِ الفَقْرُ

وشَرْخُ شَبَابِ المَرْءِ في العُذْر مُطْمِعٌ

فأمَّا إذا شَابَ العِذَارُ فلا عُذْرُ

بنَفْسِي مَفْقُود جَزَعْنا لفَقْده

فأصْبَح إلَّا فيْهِ يَسْتَحْسَنُ الصَّبْرُ

يَعِزُّ علينا أنْ نُعَزِّي بهِ العُلَا

ويُصْبحُ مَفْجُوعًا به المَجْدُ والفَخْرُ

ونَفْقدُ من أخْلَاقِهِ وعُلُومِهِ

رياضَ رَبِيْعٍ لَم يُصَوِّحْ بها الزَّهْرُ

لئن عَدِمَ الأولادَ من ظَهْره لقد

حوَى بأبي المَجدِ الّذي عَدم الظَّهرُ

قُلتُ: يُريدُ بأبي المَجْد أخاهُ، لأنَّ أوْلَاد أخيهِ كانوا يتولّون خِدْمَة عَمِّهم أبي العَلَاء.

نُجُومُ سَماءٍ لا يَغُضُّ ضِيَاؤُهَا

تَزَايدُ أنوارِ الشُّمُوسِ ولا البَدْرُ

ص: 428

لهم حِكَمٌ لم يُعْطَ لقمَانُ بَعْضها

وأحْكَام دَاوُدَ الّذي عندَهُ الزَّبْرُ

وفضْلُ سَمَاحٍ تَنْقُصُ السُّحْبُ عندَهُ

فليسَ بمَحْسُوبٍ إذا قَطَر القَطْرُ

وحَسْبُهُمُ فَخْرًا بعمِّهمُ الّذي

يُفَضِّلُهُ بَدْوُ البَسِيْطَة والحَضْرُ

علا عُلَماءَ الدَّهْرِ فهي جَدَاولٌ

وأبْرَزَ (a) ما يُبْدِيهِ من عِلْمهِ بَحْرُ

فَتًى عَلِمَتْ بَغْدَادُ غايةَ عِلْمِهِ

وما جَهِلَتْ من ذاكَ ما عَلِمَتْ مِصْرُ

أقامَ بها حَوْلَين يَجْني عُلُومَهُ

كما جُنِيَتْ من خَيْر أَغْرَسها الثُّمْرُ

وآبَ مع الأعْرَاب يزهى بلَفْظهِ

ويَعْظُم منها في فَصَاحَتهِ الفِكْرُ

أُقِرُّ بنُعْماهُ مُقِيْمًا وظَاعِنًا

وكُفْرُ أيِاديهِ الّتى سَلَفَتْ كُفْرُ

وأنظِمُ ما عُمِّرْتُ فى وَصْفِ فَضْلهِ

مَرَاثِيَ يرْويها ويَحْدُو بها السَّفَرُ

فأيْسَرُ ما فمِهِ من الفَضْل غايةً

يُقَصِّرُ عن إدْرَاكها النَّظْم والنَّثْرُ

‌أبو المحاسِن بن إسْمَاعِيْل الشَّوَّاءُ المَعْرُوف بابنِ الكُوْفيّ، ويُلَقَّب بالشِّهَاب الحَلَبِيّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، كان بحَلَب من شُعَرَاءِ المَلِكِ الظَّاهِر، ثُمَّ من شُعَرَاءِ وَلده المَلِك العَزِيز بعدَهُ.

(a) كذا في الأصل وم، ولعل الأظهر: وأنزر.

_________

(1)

اسمه يوسف وقيل: محاسن بن إسماعيل، ولعل ابن العديم فى ترجم له في الأسماء فإن ما أورده له هنا مقتضبٌ على شهرة صاحبه ومعاصرته له، توفي سنة 635 هـ، ترجمته في: وفيات الأعيان 7: 331 - 233 (وكانت بينهما مؤانسة ومودة ومخالطة كثيرة، وحقق اسمه على الصحيح، وفيه: وأكثر أهل حلب ما كانوا يعرفونه إلا بمحاسن الشواء، والصواب فيه هو الذي ذكرته ها هنا وإن اسمه يوسف وكنيته أبو المحاسن)، وترجم له ابن الشعار في موضعين (قلائد الجمان 5: 63 - 76) وسماه: محاسن بن إسماعيل وفي (قلائد 8: 145 - 204) وسماه: يوسف بن إسماعيل، وأورد له في الترجمتين نماذج كثيرة من أشعاره، تاريخ الإسلام 14: 202، سير أعلام النبلاء 23: 28، العبر في خبر من غبر 3: 225، الوافي بالوفيات 25: 151 - 161 (وفيه: محاسن بن يوسف)، اليافعي: مرآة الجنان 4: 70 - 71، ابن دقماق: نزهة الأنام 102 - 103، النجوم الزاهرة 6: 302، شذرات الذهب 7: 310، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 390، بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، القسم الثالث (5 - 6) 57، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 370 - 373.

ص: 429

وكان له بحَلَب (a) حَانُوْتٌ يَشْوي فيه الشَّوَّاءَ، سَمِعْتُه مِرَارًا يُنْشدُ المَلِك الظَّاهِر، والمَلِك العَزِيز بحَلَب.

‌أبو مِحْجَن بن عبدِ اللَّه بن المُنْذِر بن قَيْس بن سُمَيْر (b) بن نَمْرَان بن جُنْدُب بن هِلال بن صَعْب بن عَمْرو بن دميْمَة (c) بن حَدَس (d) بن أُرَيش بن إرَاش بن حَرْمَلَة بن لَخْم -واسْم لَخْم: مَالِك- ابن عَدِيّ بن الحارِث بن مُّرة بن أُدَد بن زَيْد بن يَشْجُبَ بن عَرِيْب اللَّخْمِيُّ الإرَاشِيُّ

(1)

من شُجْعَان أهْلِ الشَّام وفُرْسَانِهم، والمَشْهُورين منهم المَذْكُورين، غَزا مع مَسْلَمَةَ بن عَبْدِ المَلِك القُسْطَنْطِينِيَّة، وقُتِلَ بها، وكان بِدَابِق مع الجَيْش.

‌ذكر مَن كُنْيَتُهُ أبو مُحَمَّد

‌أبو مُحَمَّد بن جَعْفَر المُتَوكِّل ابن مُحَمَّد المُعْتَصِم ابن هَارُونَ الرَّشِيْد ابن مُحَمَّد المهدِي ابن عَبْدِ اللَّهِ المَنْصُور ابن مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن العبَّاسِ الهاشِميُّ، ويُعْرَفُ بابن لُجَيْن

(2)

كان في صُحْبَةِ أبيهِ المُتَوَكِّل سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعينَ ومَائتَيْن، حين خَرَجَ من بَغْدَاد للغَزَاة، وقَدِمَ معَهُ حَلَب في أوَائِل سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن.

(a) من قوله: "من شعراء الملك. . . " إلى هنا ساقط من م.

(b) ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 423: شمير.

(c) ياقوت: المقتضب من جمهرة النسب 272: زميمة، والمثبت موافق لابن حزم.

(d) الأصل، م: حرس، والمثبت عن ابن حزم 424 والمقتضب 272.

_________

(1)

توفي سنة 98 هـ، وترجمته في: جمهرة أنساب العرب لابن حزم 423 - 434، تاريخ ابن عساكر 67:199.

(2)

توفي سنة 377 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 184، ووقع في ترجمته عنده بياض كثير.

ص: 430

ذَكَرَ أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد الخَطَّابيّ قدُوْمَه إلى دِمَشْق صُحْبة أبيهِ فيما صَحْبهُ الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن أنَّهُ قرأه بخَطِّه، قال الحافِظُ

(1)

: وذَكَرَ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن القَوَّاس الوَرَّاق، قال: ماتَ أبو مُحَمَّد ابن المُتَوَكِّل المَعْرُوفُ بابنِ لُجَيْن، في شَعْبان سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن.

‌أبو مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بن يَزِيد بن مُعاوِبَة بن أبي سُفْيان صَخْر بن حَرْب بن أُمَيَّة بن عَبْد شْمس الأُمَوِيُّ

(2)

غَلَبَ على قِنَّسْرِيْنَ بعد اسْتِيْلَاء عَبْد اللَّه بن عليّ بن عَبْد اللَّه بن العبَّاس عليها، وعَبْد اللَّهِ بدِمَشْقَ، وكان مُقَدَّم الجَيْش، وكان المُدَبِّر للجَيْش أبا الوَرْد مَجْزَأَةُ بن الكَوْثَر بن زُفَر بن الحَارِث وكان ذلك في سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثين ومائة، فسَيَّرَ عَبْدُ اللَّه بن عليّ أخاهُ عبدَ الصَّمَد بن عليّ فلَقِيَهُم، فهَزَم السُّفْيَانِيّ عبدَ الصَّمَد ومَنْ معه، فلمَّا قَدِمَ على أخيهِ عَبْد اللَّهِ، أقْبَل عَبْدُ اللَّه بن عليّ بعَسَاكِره لقِتَالِ أبي مُحَمَّد وأبي الوَرْد ومعه حُمَيْد بن قَحْطَبَة، فالتقَوا بمَرْج الأَخْرَم (a)، وثبَتَ لهم عَبْدُ اللَّهِ وحُمَيْد، فهزمُوهُم، وقُتِلَ أبو الوَرْد، وهَرَب أبو مُحَمَّد ومَنْ معه من الكَلْبيَّةِ إلى تَدْمُر، ثُمَّ خَرَجَ إلى (b) الحِجَاز، فظُفِرَ به هُناك، وقُتِلَ.

هكذا وَقَع في التَّاريخ: بمَرْج الأخْرَم، والصَّوَابُ فيه: الأجَمّ، وهو بناحية قِنَّسْرِيْن بالمَطْخ.

(a) تقدم لابن العديم تسميته في ترجمة حميد بن قحطبة: مرج الأجمّ، وهو ما نبه عليه بعد إنتهاء الترجمة تاليًا.

(b) م: من.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 67: 184، وفيه بياض كثير.

(2)

توفي سنة 133 هـ، وتقدمت الترجمة له باسم زياد بن عبد اللَّه، انظر الجزء التاسع من هذا الكتاب.

ص: 431

‌أبو مُحَمَّد بن مَضَاء بن عَبْد البَاقِي الأزْدِيُّ الأَذَنِيُّ

(1)

من أهْلِ أَذَنَة.

حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن سُلَيمان لُوَيْنٍ المِصِّيْصيّ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر بن المُقْرِئ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللَّه الدِّمَشقيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّد بن عبد الرَّحيم بن أحْمَد ابن الإخْوَة وصَاحِبتهُ عَيْنُ الشَّمْس، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد (a) بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ. قالت: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا [. . .](b).

‌أبو مُحَمَّد بن مَعْمَعَة الكِنْدِيُّ المَنْبِجِيُّ

خَطِيب حِمْص، وقيل: إنَّهُ خَطَبَ بحَلَب.

واسْمُه عَبْدُ اللَّه، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في العَبَادِلة

(2)

، وهو الّذي كَتَبَ إليه أبو فِرَاس بن حَمْدَان

(3)

: [من مجزوء الرمل]

قُمْ فما للسُّقْمِ والحُـ

مَّى على جِسْمِكَ وَقْعُ

إنَّما يُخْشَى علَى مَنْ

فِيهِ للعَالَمِ نَفْعُ

‌أبو مُحَمَّد بنُ أبي النَّجِيْب

شَاعِرٌ من شُعَرَاءِ حَلَب، ظَفِرْتُ بشيءٍ من شِعْره في مَجْمُوعٍ وَقَعَ إليَّ بخَطِّ الأدِيْب أبي الحَسَن هِبَةِ اللَّه بن عِيسَى النَّصْرانِيّ الكَاتِب، ذَكَرَ أنَّهُ نقلَهُ من مَجْمُوع

_________

(a) م: سعد.

(b) ما بين الحاصرتين بياض في الأصل قدر سبعة أسطر، وفي م: أخبرنا بذلك وقد تقدم ذكره.

_________

(1)

ترجم له السمعاني في الأنساب 1: 147 وفيه: أبو محمد مضاء بن عبد الباقي الأزدي الأذني.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

لم يرد البيتان في ديوان أبي فراس.

ص: 432

وقَعَ إليه بحَلَب يَتَضَمَّن أشْعَارًا للحَلَبيِّيْن، فقَرأتُ بخَطِّ هِبَة اللَّه بن عِيسَى في أثْنَائهِ ما صُوْرَتُه:[من البسيط]

قالَتْ وفي يَدِهَا قَلْبي تُقَلِّبُهُ

هذا الّذي لَم أَزَلْ مُذْ غابَ أطْلُبُهُ

قُلْتُ احْفَظِيْهِ فَقدْ ضَيَّعْتِ مُهْجَتَهُ

واسْتَعْطِفيْهِ وإلَّا عَزَّ مَطْلَبُهُ

وله، ونَقَلْتُه من خَطِّه:[من مجزوء الكامل]

لَم أنْسَ مَن لاقَيْتُها

تَهْتَزُّ كالغُصُنِ الرَّطِيْبِ

مع كُلّ خَوْدٍ كالمَهَا

ةِ وكُلِّ فَاتِنَةٍ لَعُوبِ

يَسْلُبْنَ حبَّاتِ العُيُو

نِ لِصَيْدِ حَبَّاتِ القُلُوبِ

وَقَدِ اعْتَرَتْها خَجْلةٌ

وبَدَا بِها وَلَهُ المُرِيْبِ

أَبْدَتْ (a) إليَّ مُخَضَّبًا

وأظُنُّهُ بِدَمِ النُّدُوْبِ

قالت لمَنْ يَخْتَصُّها

لِسَرَائِر القَلْب الكَئِيْبِ

ها مُنْيَتي ومَنِيَّتي

وطَبِيْبُ إسْعَافي وَطِيْبِي

‌أبو مُحَمَّدٍ الحَلَبِيُّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ من أهْلِ حَلَبَ، قرأتُ له أبْيَاتًا بخَطِّ اللَّطِيْف عليّ بن سِنَان السَّرّاج الحَلَبِيّ في مَجْمُوع

(2)

: [من المديد]

وأَسِيْلِ الخَدِّ شَاحِبهِ

كُحِلَتْ عَيْناهُ بالفِتَنِ

ترَكَتْ حُمَّاهُ وَجْنَتَهُ

في اصْفِرَار اللَّوْنِ تُشْبِهُني

(a) في متن الأصل: وأبدت، ولا يستقيم به الوزن، فصححه في الهامش.

_________

(1)

ترجمته في: تتمة يتيمة الدهر 19 - 20، وسماه الثعالبي: أبو محمد الماهر الحلبي.

(2)

أوردها الثعالبي في تتمة اليتيمة 19 - 20، وتنسب الأبيات أيضًا لابن غلبون الصوري، انظر ديوانه 2: 43 - 44.

ص: 433

وأرَى خَدَّيْهِ وَردُهُما

ما جَنَى ذَنْبًا فكيفَ جُنِي

نُهِبَا حتَّى كأنَّهُما

ما حَوَتْ كَفَّا أبي الحَسَنِ

ذو جُفُون تَشْتَكِي أبَدًا

عَثَراتِ (a) النَّقْع بالوَسَنِ

وَيَدٍ تَنْدَى نَدًى ورَدًى

تَجْمَعُ الضِّدَّينِ في قَرَنِ

قال

(1)

: ومن مَنْثُور كلَامِهِ: خَلَصَ من سَبْكِ (b) النَّقْدِ خُلُوصَ الذَّهَب من اللَّهَب، واللُّجَيْن من يَدِ القَيْن، والمُدَام من نَسْج الفِدَام.

وقَوْله: أين السِّماكُ من السَّمَك (c)، والغَرْقَدُ من الفَرْقَد، والشَّرَاب من السَّرَاب (d).

‌أبو مُحَمَّد الأُمَوِيُّ

شَاعِرٌ حَسَنُ الشِّعْر، كان يَسْكُن جَبَل السُّمَّاق من نَوَاحِي حَلَب.

قَرأتُ أبْيَاتًا في مَجْموعٍ بخَطِّ القَاضِي (e) الفَاضِل عبد الرَّحيم بن عليّ البَيْسَانِيّ، نَقَلْتُ منه ما صُوْرَته: أبو مُحَمَّد الأُمَوِيّ سَاكِنُ جَبَل السُّمَّاق (f): [من البسيط]

يا صَاحِبَيَّ فدَتْ نَفْسِي نُفُوسَكُما

دَعَا الصَّبَابَةَ تَسْتَذْكِي وتَسْتَعِرُ

إنَّ المَلَامَة لا تَنْفَكُّ تحْدثُ لي

لَجَاجَةً كُلَّما عَنَّتْ لِيَ الذِّكَرُ

وكيفَ بالصَّبْر في أرْضِ الحِجَاز على

نُبُوِّهَا بي ونحو الشَّام لي وَطَرُ

يا صَاحِبيَّ وقِدْمًا ما سَألتكُما

لمَّا اسْمَدَرَّ بسَاعَاتِ النَّوَى النَّظَرُ

(a) في تتمة يتيمة الدهر: غبرات، ديوان ابن غلبون: عبرات النقع بالمزن.

(b) تتمة اليتيمة: سبل.

(c) تتمة اليتيمة: أين السمك من السماك.

(d) تتمة اليتيمة: والسراب من الشراب.

(e) م: الفاضلي.

(f) بعده في م: يقول.

_________

(1)

تتمة اليتيمة 20.

ص: 434

هَلْ تُونسَانِ بأعْلَى الشَّام هَاضبَةً

أم تشْهَدَان غَرِيْبًا عندَهُ الخَبَرُ

إنَّ الغَرِيْبَ ولو دَامَتْ سَلَامَتُهُ

وكان في نِعْمَةٍ تَسْرِي وتَبْتَكِرُ

تَعْتادُهُ ذِكْرٌ تمري بها دِرَرٌ

فما تَزالُ دُمُوعُ العَيْن تَبْتَدِرُ

ما أَنْسَ لا أنْسَ أيَّامًا لنا سلَفَتْ

والعُودُ أخْضَرُ في أفْنَانِهِ ثَمَرُ

هل مُبْلغٌ أهْلَ قِنَّسْرِيْنَ أنَّ لهُم

منِّي الثَّنَاءَ إلى أنْ ينْفَد العُمْرُ

‌أبو مُحَمَّد المَوْصِلِيُّ

(1)

شَاعِرٌ كان في عَصْر سَيْفِ الدَّوْلَةِ أبي الحَسَن بن حَمْدَان، وكان معه بحَلَب، لَم يقَعْ إليَّ من شِعْره إلَّا أبْيَاتٌ خَاطَبَ بها سَيْف الدَّوْلَة، وقد ماتَتْ أُمّ سَيْفِ الدَّوْلَةِ نُعْمٌ.

قَرأتُ بخَطِّ صالح بن إبْراهيمِ بن رِشْدِين، من مَجْمُوعِهِ، قال: ماتَتْ أُمُّ الأَمِير أبي الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن حَمْدَان، فرَثَاها النَّاسُ على طَبَقَاتهم فأطَالُوا، فقال أبو مُحَمَّد المَوْصِلِيُّ يُخَاطِبْهُ:[من الخفيف]

يا أميرًا عَلَا على النَّجْم همَّهْ

مثْل ما قد زَرَى على الخَلْق عَزْمَه

اكْثَر النَّاسُ فى التَّعَازي وقَالُوا

كُلّ مَعْنًى يُنْسِي أخا الهَمّ هَمَّه

فاخْتَصَرْتُ العَزَاءَ في نصْفِ بيْتٍ

كُلّ خَطْبٍ إذا تعَدّاك نِعْمَه

‌أبو مُحَمَّد الأدِيْبُ المَعَرِّيُّ

شَاعِرٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، رَوَى عنهُ نَصْر بن الحَسَن الدِّمَشقيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة الأنْصَاريِّ بحَلَب، وأبو يَعْقُوب يُوسُف بن مَحْمُود الصُّوْفيّ بالقَاهِرَة، عن الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد

(1)

ترجمته في: يتيمة الدهر 1: 356 والأبيات فيه.

ص: 435

السِّلَفِيّ، قال: أنْشَدَني نَصْرُ بن الحَسَن بن مُحَمَّد الدِّمَشقيّ ببَغْدَاد، قال: أنْشَدَني أبو مُحَمَّد الأدِيْبُ المَعَرِّيُّ بالمَعَرَّة: [من السريع]

الصِّدْقُ حُلْوٌ وَهْوَ المُرُّ

والكِذْبُ لا يألَفُهُ الحُرُّ

جَوْهَرَةُ الصِّدْقِ لها زِيْنَةٌ

يَحْسُدُها اليَاقُوتُ والدُّرُّ

‌أبو مُحَمَّد الأنْطَاكِيُّ

شَاعرٌ من أهْلِ أنْطَاكِيَة، ظَفِرْتُ له ببَيْتَيْن من الشِّعْر وهُما قَوْلُهُ:[من الطويل]

وكُنْتُ على حِفْظي هَوَاهَا وغَدْرِها

أرَاها بعَيْنٍ لا أَرَى فَوْقَها خَلْقَا

فما زَالَ منها الغَدْرُ حتَّى ترحَّلَتْ

عَنِ القَلْب غربًا وَاسْتَقَلَّ الهَوَى شَرْقا

‌أبو مُحَمَّد الرُّصَافِيُّ

من رُصَافَة هِشَام، من عَمل قِنَّسْرِيْن.

حَكَى عن أبي حَمْزَة العَابِد، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بنُ عليّ الكَرْجيّ (a).

أنْبَأنَا إبْراهيمُ بن عُثْمان بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي أحْمَدُ بن عَبْد الغَنِيّ بن حَنِيْفَة البَاجِسْرَائيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد جَعْفَر بن أحْمَد بن الحُسَين السَّرَّاجُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز الأَزَجِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد اللَّهِ بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عليّ الكَرْجِيّ، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد الرُّصَافِيّ (b)،

(a) م: الكرخي.

(b) في مصارع العشاق: الرفاقي.

_________

(1)

مصارع العشاق 1: 44.

ص: 436

قال: خَرَجَ أبو حَمْزَة يُشَيِّع بعضَ الغُزَاةِ، فسَمِعَ قَائلًا يقُول

(1)

: [من الكامل]

نَقِّل فُؤَادَكَ حيثُ شِئْتَ مِن الهَوَى

ما الحُبُّ إلَّا للحَبِيْبِ الأوَّلِ

فسَقَطَ مَغْشِيًّا عليه.

‌أبو مُحَمَّد المِصِّيْصيُّ العَابِدُ

(2)

كان من العُبَّادِ الصَّابرين على البَلَاء.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن عَبدِ الوَهَّاب الحافِظ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن الفَتْحِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن صَفْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ القُرَشِيّ، ح.

وأنْبَأنَا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم بن اللَّبَّان، عن أبي عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن أَبَان، قال: حدَّثنا أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر (a)، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بن الحَسَن، قال: كان رَجُلٌ بالمِصِّيْصَةِ ذَاهِب النِّصْف الأسْفَل، لَم سبقَ منه إلَّا رُوحُه في بَعْضِ جَسَده، ضَرِير (b) على سرِيرٍ مَثْقُوبٍ، فدَخَلَ عليه دَاخِلٌ فقال: كيف أصْبَحْتَ يا أبا مُحَمَّد؟ قال: مُلْكُ الدُّنْيا، مُنْقَطع إلى اللَّهِ (c)، ما لي إليه حاجَةٌ إلَّا أن يتَوفَّانِي على الإسْلَام.

(a) حلية الأولياء: أبو بكر بن عبيد.

(b) حلية الأولياء: طريحًا.

(c) م: اللَّه تعالى.

_________

(1)

البيت من مشهور شعر أبي تمام، انظر ديوانه بشرح التبريزي 4:253.

(2)

ترجمته في: صفة الصفوة 4: 287 ولم يسمه، ذكره: عابد مصيصي.

(3)

حلية الأولياء 12: 182، وانظر: صفة الصفوة لابن الجوزي 4: 287.

ص: 437

‌أبو مُحَمَّد المَرْعَشِيُّ

من مَشَايخ الصُّوْفيَّة، رَوَى عنهُ أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَمَّار الهَمَذَانيّ.

أخْبَرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ عُمَرُ بن عليّ بن حَمُّوْيَه، ح.

وأنْبَأتْنا زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو النَّجِيْب بن عُثْمان القَارِئُ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بن يُوسُفَ الأصْبَهَانِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن عَمَّار الهَمَذَانيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا مُحَمَّد المَرْعَشِيّ يَقُول: سُئِلَ شَيْخي عن التَّصَوُّف، فقال: سَمِعْتُ الجنيْد، وقد سُئِلَ عنه، فقال: هو أنْ يُمِيْتدُ الحقُ عنكَ ويُحْيِيكَ به.

‌أبو مُحَمَّد المَلَطِيُّ المُقْرِئُ

قرأ على يُونسُ، عن وَرْشٍ. قَرأ عليه الفَقِيه أبو الفَضْل مُحَمَّد بن جَعْفَر، وطَرِيقه في القُرآن في رِوَايةِ وَرْشٍ طَرِيقٌ مَعْرُوفٌ.

‌أبو مُحَمَّد المَرَاغِيُّ

(2)

سَمِعَ بحَلَبَ عليّ بن عَبْد الحَميْد الغَضَائريّ، ورَوَى عنهُ، وعن قُتَيْبَة. رَوَى عنهُ الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد، وأبو الفَضْل العبَّاس بن ابُكْجُور.

(1)

الرسالة القشيرية 183.

(2)

اسمه جعفر بن محمد بن الحارث، توفي سنة 356 هـ، وترجمته في: الأنساب للسمعاني 12: 174، تاريخ ابن عساكر 72: 145 - 146، معجم البلدان 5: 93، تاريخ الإسلام 8: 97، النجوم الزاهرة 4:18.

ص: 438

‌أبو المُخَارِق القَاضِي

(1)

قَاضِي الثَّغْر، اسْمُه بِشْرُ بن حَيَّان بن بِشْر بن حَيّان الأسَدِيّ، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

قَرَأتُ في شِعْر العبَّاسِ الخَيَّاط المِصِّيْصيّ، في أبي المُخَارِق القَاضِي (a):[من السريع]

قَاضٍ لنا بالثَّغْر لَم يَحْكُمِ

إلَّا بحُكْمٍ دَنِسٍ مُظْلِمِ

في رَأسِهِ الدَّهْرَ رُصَافيَّةٌ

لَم تُخْط في القدِّ مِنَ القُمْقُمِ (b)

تَرَاهُ مِن شِدّةِ وَسْوَاسِهِ

يُسْعَطُ مَشْدُودًا على سُلَّمِ

ولَم يَنَلْ دَهْرًا بأغْلَالِهِ

يَشْغَبُ في الدَّيْرِ على مْرْيَمِ

مِن ثَمَّ يَقْضِي بَيْنَنا دَائمًا

قَضِيَّةَ الشَّيْخ أبي ضَمْضَمِ

كَذَبَ الخيَّاطُ، وجَرَى على عادَته المُسْتَقبحة في الفِرْيَةِ على أهْلِ العِلْم والدِّين في هَجْوه.

‌أبو مَخْرَمَةَ السَّعْدِيُّ

(3)

من التَّابِعِين الأخْيَارِ، سَمِعَ أبا أُمَامَة البَاهِلِيّ. حَكَى عنه سُليْمان بن حَبِيْب المُحَارِبِيّ، وسُليْمان بن مُوسَى، وعَبْد الرَّحمن بن يَزِيد بن جَابِر، وعَطَاء بن قُرَّة السَّكُونِيّ، ومَزْيَد.

(a) زيد في م بعده: يقول.

(b) م: الفهم.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ أصبهان 280، تاريخ بغداد 7: 568 - 569.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

توفي سنة 98 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 457، تاريخ ابن عساكر 67: 200 - 203.

ص: 439

وغَزَا أرْض الرُّوم، وقُتِلَ في غَزَاته تلك مع مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك في وَقْعَة بُرْجَان، وكان في الجَيْش بِدَابِق.

أخْبَرَنا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبرزَد قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة اللَّه بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الشَّافِعيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن إسْحَاق الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن عَبْدِ العَزَيْز، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ، قال: سَمِعْتُ سَعِيدًا يَقُول: لا نَعْلَم أحدًا رَأى الحُوْرَ العِيْنَ عيَانًا إلَّا في المَنَام، إلّا ما كان من أبي مَخْرَمَة؛ فإنَّهُ دَخَلَ كَرْمًا لبعض حاجَته، فرَأى الحُوْر عيانًا في قُبَّتها، وعلى سَرِيْرها، فلمَّا رآها صَرَفَ وَجْهَهُ عنها، فقالت: إليَّ يا أبا مَخْرَمَة، فإنِّي أنا زَوْجَتُكَ، وهذه زَوْجَةُ فُلَان، وهذه زوْجَة فُلانٍ! فانْصَرَف إلى أصْحَابهِ فأخْبَرَهم فكتَبُوا وَصَايَاهم، ولَم يَكْتُب أحَدٌ وصيَّتَهُ إلَّا اسْتُشْهِدَ.

سَعِيْد المَذْكُور هو سَعيد بن عَبْد العَزِيْز.

ونَذْكُر أسْماءَ الجَمَاعَة الذين كَتَبُوا وَصَايَاهُم، وقد ذَكَرْناهُم في تَرْجَمَةِ أبي كُرَيْب الغَسَّانِيّ

(2)

؛ أخْبَرَنا بذلك أبو حَفْص المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا ابن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا ابن غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّافِعيّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم الحَرْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بن العبَّاس، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن المُبارَك، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر، عَطَاء بن قُرَّة السَّلُولِيّ، قال: كُنَّا مع أبي مَخْرَمَة، فما عَدَا أنْ جاءنا من فوَضَعَهُ ودَعَا بقِرْطاسٍ ودَوَاةٍ، فكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، فلمَّا رآهُ أبو كُرَيْب الغَسَّانِيّ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ، ثمّ قامَ مُقَاتِل اللَّيْثِيّ فكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، ثُمَّ قَام عَمَّار بن أبي أَيُّوب فكَتَبَ

(1)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)300.

(2)

تقدمت ترجمته قريبا في هذا الجزء.

(3)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)299.

ص: 440

وَصِيَّتَهُ، ثمّ قام عَوْفٌ اللَّخمِيّ فكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، ثمّ لقيْنا بُرْجَان، فما بقي من هؤلاء الخَمْسَة إلَّا قُتِلَ. قال: ولَم نَكْتُب نحنُ وَصَايَانا، فلم نُقْتَل.

‌أبو مُرْشِد سُلَيمان المَعَرِّيُّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، كان مُقِيْمًا بشَيْزَر، واسْمُه سُليْمان بن عليّ، وقد قَدّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو مَرْوَان المَغْرِبيُّ

أحدُ العُبَّاد وأرْبَاب الكَرَامَات من أهْل المَغْرب، وَرَدَ إلى حَلَب وأقام بها بمَسْجِد المَعْقِلِيَّةِ إلى أنْ ماتَ.

أخْبَرَني القَاضِي زيْنُ الدِّين أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّهِ بن عبدِ الرَّحْمن بن عَبْد اللَّه بن عُلْوَان القَاضِي بحَلَب، قال: أخْبَرَني الشَّيخُ أبو غَانِم إمام مَسْجِد المَعْقِلِيَّة وغيرُه أنَّهُ كان بحَلَب رجُلٌ مَغْربيٌّ، يُقال له أبو مَرْوَان المَغْرِبيّ، وكان على غَايةٍ من الزُّهْدِ والصَّلَاح، وكان يُذَكِّر بالمَنَارَة الّتي بمَسْجِد المَعْقِلِيَّة، وكان من كَرَامَاتهِ أنَّهُ يَضَع الحَبَّ على يَدِه، فيَسْقُط الطَّيْرُ على يَده ويَأكُله.

قال: فلمَّا حَضَره المَوْتُ (a)، أوْصَى أنْ يُدْفَن بالجُبَيْلِ بالتُّرْبَةِ الّتي بها قَبْر الحافِظ المُرَاديّ وابن الطَّحَّان، وبها جَمَاعَةٌ من الزُّهَّادِ والأوْلِيَاءِ، وأوْصَى أنْ يُدْفنَ عند باب التُّرْبَة، وقال: أُرِيْدُ أنْ أكونَ بوَّابَ هذه التُّرْبَةِ، فدُفِنَ عند بابها.

(a) م: فلما حضرته الوفاة.

_________

(1)

في الأصل، م: أبو مرشد بن سليمان، ويرد في ثنايا الترجمة صحيحًا، توفي بعد سنة 492 هـ، وترجمته في: خريدة القصر 13: 44 - 45، معجم الأدباء 1: 301 (ترجمة عارضة ضمن ترجمة أبي العلاء المعري)، وهو مؤلف كتاب: تفسير أبيات المعاني من شعر أبي الطيب المتنبي، مطبوع.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 441

ودَخَلْتُ هذه التُّرْبَة مع القَاضِي أبي مُحَمَّد، وأرَاني قَبْر أبي مَرْوَان عند بابها، وزُرْتُهُ معَهُ، وزُرْتُ مَنْ بها من الصَّالِحين، رحمهم الله أجْمَعِين (a)، ونَفَعَنا ببَرَكاتِهم آمين (b).

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو مُسْلم

‌أبو مُسْلم الخَوْلانِيُّ

دَخَلَ بلاد الرُّوم غَازِيًا، واسْمُه عَبْدُ اللَّهِ بنُ ثُوَب، وقد ذَكَرْناهُ فيما تَقَدَّم في العَبَادِلةِ

(1)

.

وقال ابنُ مَنْدَة: إنَّهُ تُوفِّي بأرْض الرُّوم بِحَمَّةِ بُسْرٍ.

(a) م: رحمة اللَّه عليهم.

(b) بعده في م: "تم الجزء بحمد اللَّه وعونه وحسن توفيقه، يتلوه بعد هذه الكراريس ذكر من كنيته أبو مسلم".

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. توفي سنة 62 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 448، تاريخ الثقات للعجلي 511، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 162 - 163، تاريخ الطبري 7: 199 - 200، 363 - 367، 377 - 390، 404 - 405، 468 - 470، 479 - 494، المعارف 439، تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 386، المعرفة والتاريخ 2: 382، الجرح والتعديل 5: 20، الثقات لابن حبان 5: 18، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 181، حلية الأولياء 2: 122 - 131، 5: 120 - 122، الاستيعاب 4: 1757 - 1759، تاريخ ابن عساكر 27: 190 - 233، ابن الجوزي: المنتظم 5: 331 - 332، صفة الصفوة 4: 208 - 213، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 42 - 49، تهذيب الكمال 34: 290 - 293، الخولاني: تاريخ داريا 103 - 107، فوات الوفيات 2: 169، الذهبي: تاريخ الإسلام 2: 745، سير أعلام النبلاء 4: 7 - 14، الكاشف 3: 377، تذكرة الحفاظ 1: 49، العبر في خبر مَن غبر 1: 49، اليافعي: مرآة الجنان 1: 111، الوافي بالوفيات 17: 99 - 100، ابن كثير: البداية والنهاية 8: 146، تهذيب التهذيب 5: 167، 12: 235 - 236، تقريب التهذيب 1: 405، 2: 473، السيوطي: طبقات الحفاظ 21، شذرات الذهب 1: 281، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 139 - 141.

ص: 442

‌أبو مُسْلم الخُرَاسَانيُّ

(1)

واسْمُه عبد الرَّحْمن، وقيل:[. . .](a) .

‌أبو مُسْلم الثَّقَفِيُّ

(2)

سَيَّاف الحَجَّاج بن يُوسُف، قَدِمَ دَابِق للغَزْو فردَّهُ عُمَر بن عَبد العَزِيْز منها، ومَنَعَهُ من الدُّخُول مع المُسْلِمِيْن.

أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن سَلْمَان، قال: أخْبَرَنَا حَمْدُ (b) بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم الحافِظ،

(a) بياض في الأصل قدر أزيد من سطر، والاختلاف في اسم أبيه لا في اسمه، قيل: عبد الرحمن بن مسلم، وقيل: عبد الرحمن بن عثمان، وعوض الفراغ في م:"قد تقدم ذكره".

(b) م: أحمد.

_________

(1)

توفي سنة 137 هـ، وقيل: 140 هـ، وترجمته في: كتاب أسماء المغتالين لابن حبيب (ضمن نوادر المخطوطات) 2: 193 - 195، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 3: 121 - 210، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 337، 343، 359، 262 - 364، 370، 376 - 384، المعارف لابن قتيبة 370 - 371، 420، تاريخ الطبري، وأخباره كثيرة في مفتتح دولة بني العباس (انظر الفهارس)، الفتوح لابن أعثم 8: 146 - 177، 219 - 229، المسعودي: مروج الذهب 4: 77 - 85، 138 - 144، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 133، تاريخ بغداد 11: 465 - 471، تاريخ ابن عساكر 35: 408 - 428، ابن الجوزي: المنتظم 7: 270 - 272، 275 - 278، 286 - 287، 332 - 333، 8: 4 - 15، وفيات الأعيان 3: 145 - 155، تاريخ الإسلام 3: 766، ميزان الاعتدال 2: 589 - 590، العبر في خبر مَن غبر 1: 143 (أرخ وفاته سنة 137 هـ)، سير أعلام النبلاء 6: 48 - 73، تاريخ ابن الوردي 1: 283 - 292، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 30 - 40، 63 - 73، ابن خلدون: العبر 5: 262 - 269، 298 - 302، 305 - 315، 446 - 447، 452 - 458، لسان الميزان 3: 436 - 437، شذرات الذهب 2:183.

(2)

سماه ابن عساكر في تاريخه 65: 388 - 394: يزيد بن أبي مسلم، وأورد خبر ردِّه عن إحدى الغزوات في عهد مصر بن عبد العزيز، وكانت وفاته سنة 101 هـ أو 102 هـ، انظر ترجمته في تاريخ خليفة 308، وفيات الأعيان 6: 309 - 312.

ص: 443

قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمان بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عَبْد البَاقِي، قال: حَدَّثَنَا المُسَيَّبُ بنُ وَاضِح، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق الفَزَارِيّ، عن الأوْزَاعِيّ أنَّ أبا مُسْلم لمَّا خَرَجَ في بَعْث المُسْلِميْن، ردَّهُ عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز من دَابِق، وقال: ليسَ بمثْلِهِ يَستَعينُ المُسْلِمُون في قِتَال عَدُوِّهم، وكان عَطاؤُه ألفَيْن، فردَّهُ عُمَرُ إلى ثلاثين، فرجَع من دَابِق إلى طَرابُلُس لأنَّهُ كان سَيَّافًا لحجَّاج، وكان ثَقَفِيًّا.

‌أبو مُسْلم المَرْعَشِيُّ

حدَّث [. . .](a) .

‌أبو مُسْلم الطَّرْسُوسِيُّ

(1)

رَوَى عن [. . .](b). رَوَى عنه أبو نُعَيْم عبد الرَّحْمن بن قُرَيْشٍ الجلَّابُ.

‌أبو مُسْلم الحَدَّادُ

إمَامُ مَسْجِد طَرَسُوس، رَوَى عن إسْحَاق بن إبْرَاهِيم القَارِيّ. رَوَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيُّ.

أخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ (c) عَتيقُ بن أبي الفَضْل بن سَلامَة السَّلَمَانِيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن أبي جَعْفَر بن عليّ -قال أَبو بَكْر أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(2)

، وقال

(a) بياض في الأصل قدر سطر ونصف، وذكر ابن عساكر في تاريخه رواية في إسنادها: أبو مسلم المرعشي يروي عن خالد بن خداش. انظر تاريخ ابن عساكر 57: 171.

(b) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات.

(c) قوله: "ابن مروان المالكي. أخبرنا أبو بكر" ساقط من م.

_________

(1)

ذكره ابن عساكر (تاريخه 35: 338) في تعداد شيوخ عبد الرحمن بن قريش الجلاب.

(2)

لم أقف عليه عند ابن عساكر.

ص: 444

أبو الحَسَن: أَنْبَأْنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر السُّلَمِيّ- قالا: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن إبْرَاهيم العَلَويُّ، قال: أخْبَرَنَا رَشَاءُ بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنَا الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل، ح.

وأخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عَبْد اللَّهِ المُلَثَّم، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم هِبَةُ اللَّه بنُ عليّ بن سُعُود البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد الأرتاحِيّ، قالا: أخْبَرَنَا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن عُمَر المَوْصِليّ، وقال الأرْتاحِيِّ: إجَازةً، قال: أخْبَرَنَا أبوِ القَاسِم عَبْدُ العَزِيزِ بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابُ، قَال: أخْبَرَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيُّ

(1)

، قال: حدَّثَنَا أبو مُسْلم الحَدَّادُ إمامُ مَسْجِد طَرَسُوس، ال: حَدَّثَنِي إسْحَاقُ بن إبْرَاهيم القَارِيُّ، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: قيل لبَعْضِ الحُكَمَاءِ: ما أرادُوا بالخَلْوَةِ والعُزْلَةِ؟ قال: ليَسْتَدْعُوا بذلك دَوَام الشُّكْرِ (a)، ويَثْبُت في قُلُوبهم، ليحْيَوا حَيَاةً طَيِّبةً، ويَذُوقُوا لذَاذَة حلَاوة المَعْرفَةِ.

‌أبو مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ

واسْمُه عَبْدُ الأعْلَى بن مُسْهِر، واشْتَهر بكُنْيَته، وقد قَدَّمْنا ذِكْرَهُ

(2)

.

(a) في كتاب المجالسة: الفكرة.

_________

(1)

الدينوري: المجالسة وجواهر العلم 43.

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. توفي سنة 218 هـ، وانظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 473، تاريخ البخاري الكبير 6: 73 - 74، التاريخ الصغير 3: 310، المعرفة والتاريخ 1: 118، 129، الجرح والتعديل 1: 286 - 292، 6: 29، الثقات لابن حبان 8: 408، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 136، 207، تاريخ بغداد 12: 350 - 355، السمعاني: الأنساب 10: 43 - 44، تاريخ ابن عساكر 33: 420 - 421، ابن الجوزي: المنتظم 11: 37 - 38، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 14: 230 - 234، تهذيب الكمال 16: 369 - 379، وترجم له أيضًا في الكنى 34: 294، سير أعلام النبلاء 10: 228 - 238، الكاشف 2: 147 (وفاته 218 هـ)، العبر في خبر مَن غبر 1: 294 - 295، تذكرة الحفاظ 1: 381، تاريخ الإسلام 5: 363، ابن فرحون: الديباج المذهب 2: 53، تهذيب التهذيب 6: 98 - 101، 12: 237، تقريب التهذيب 1: 465، 2: 473، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 355، السيوطي: طبقات الحفاظ 166 - 167.

ص: 445

‌أبو المُشَرَّف الدَّجَرْجَاوِيُّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، ذَكَرَ لي الوَزِير جَمال الدِّين أبو الحَسَن عليِّ بن يُوسُف القَفْطِيّ أنَّ أبا المُشَرَّف الدّجَرْجَاويّ كان من حَلَب، وانْتَقَلَ إلى دَجرْجَا؛ قَرْيَة بالصَّعِيْدِ من الدِّيَار المِصْرِيَّة، فنُسِبَ [إليها](a)، ووَقَعَ إليّ شِكَّة بالدِّيَار المِصْرِيَّة، فيها ذِكْر جَمَاعَة من الشُّعَراء، وأوْرَدَ فيها لأبي المُشَرَّف الدَّجَرْجَاويِّ

(2)

: [من البسيط]

قَاضٍ إذا انْفَصَلَ الخَصْمَانِ رَدَّهُمَا

إلى الخِصَام بحُكْمٍ غَيرِ مُنْفَصِلِ

يُبْدِي الزَّهَادَةَ في الدُّنْيا وزُخْرُفِها

جَهْرًا ويَقْبَلُ سِرًّا بَعْرَةَ الجَمَلِ

يُهَلِّلُ (b) الدَّهْرَ لا في وَقْت هَيْلَلَةٍ

ويَلْزمُ الصَّمْتَ وَقْتَ القَوْلِ والعَمَلِ

وما أُسَميْهِ لكنِّي نَعَتُّ لَكُمْ

نَعْتًا أدُلُّكُمُ فِيهِ على الرَّجُلِ

‌أبو المَشْكُورِ بن أبي العبَّاسِ الحَلَبِيِّ

(3)

شَاعِرٌ مُجَوِّدٌ من أقْرَان المَاهِر الحَلَبِيِّ.

قَرَأتُ في كتاب جَامِع الفُنُون وسَلْوَة المَحْزُون، في ذِكْر الغِنَاء والمُغَنِّين، تأليفُ أبي الحُسَين بن الطَّحَّان

(4)

، في باب ما مُدِحَ به المُغَنُّونَ في زَمَاننا هذا، يعني: زَمَانَهُ، قال: وكَتَبَ إليَّ أبو المَشْكُور الحَلَبِيُّ (c): [من الهزج]

(a) إضافة ليستقيم النص.

(b) الخريدة: مهلل.

(c) بعده في م: يقول.

_________

(1)

ترجمته في: خريدة القصر 15: 66، الرسالة المصرية لأبي الصلت (ضمن نوادر المخطوطات) 1: 53، ياقوت: معجم البلدان 2: 444، في كلامه على دجرجا التي ضبطها بكسر الجيم الأولى، وسماه: المشرف.

(2)

الأبيات الأربعة في الخريدة 15: 66، والبيت الأول والثاني في الرسالة المصرية 1:52.

(3)

من أهل القرن الخامس الهجري، لكونه من أقران الماهر الحلبي المتوفي سنة 452 هـ.

(4)

ابن الطحان: جامع [حاوي] الفنون 87.

ص: 446

أيا (a) مَنْ كُلُّ ذي فَضْلٍ

مَتِيْن (b) منْهُ يَمْتَارُ (c)

تعُودُ (d) القَلْبَ مِن شَدْوِ

كَ (e) أشْوَاقٌ وتَذْكَارُ

فخَبِّرْني ألِلأَوْتَا

رِ عندَ (f) القَلْبِ أَوْتَارُ

وهذا ابن الطَّحَّان كان مُغَنِّيًا حَاذِقًا، وعندَهُ فَضْلٌ وأدَبٌ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو المُصَبِّح

‌أبو المُصَبِّح الأعْشَى؛ أعْشَى هَمْدَان

(1)

من الخُطَبَاء البُلَغَاءِ، والشُّعَراءِ الفُصَحَاءِ.

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (g) رضي الله عنه، وله فيها أشْعَارٌ مَذْكُورَةٌ.

قال فيه أبو عُثْمان عَمْرو بن بَحْر الجاَحِظ في كتاب البَيَان والتَّبْييْن

(2)

: ومن الخُطَبَاءِ الشُّعَراءِ العُلَمَاء، وممَّن قد تُنَافَر [إليه] (h) الأشْرَاف: أَعْشَى هَمْدَان.

(a) في جامع الفنون: أبا.

(b) م، وجامع الفنون: يعود.

(c) جامع القرن: مبين.

(d) جامع الفنون: ينهار.

(e) جامع الفنون: ذكراك.

(f) جامع الفنون: عنك.

(g) م: الإمام علي.

(h) الأصل، م: ممن قد سافر، والتصويب من كتاب الجاحظ، بمعنى التحكيم، والمُنَافرة: المحاكة في الحسَب، أن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه ثم يحكِّما بينهما رجلًا، كما فعل علقمة بن علاثة مع عامر بن طفيل حين تنافرا إلى هَرم بن قطبة الفزاري. انظر: لسان العرب، مادة: نَفَر.

_________

(1)

اسمه عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن الحارث بن نظام بن جشم بن عمرو بن مالك بن جشم الهمداني الكوفي، توفي سنة 83 هـ، وترجمته في: الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 306، وأسماء المغتالين لابن حبيب (ضمن نوادر المخطوطات) 3: 265 - 267، الجاحظ: البيان والتبيين 1: 48، 3: 236، 4: 50، الاشتقاق 423، تاريخ الطبري 6: 375 - 378، الآمدي: المؤتلف والمختلف 14 - 15، الموشح للمرزباني 226 - 227، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 393 (وفيه: اسمه عبد الرحمن بن الحارث)، الأغاني 6: 37 - 49 (وفيه سياقة نسبه إلى قحطان)، تاريخ ابن عساكر 34: 477 - 483، ابن الجوزي: المنتظم 6: 253، ابن الأثير: الكامل 4: 97، 186، 240، 259، 463، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 321 - 324، تاريخ الإسلام 2: 924، سير أعلام النبلاء 4: 185، الوافي بالوفيات 18: 166 - 168.

(2)

البيان والتبيين 1: 48.

ص: 447

أخْبَرَنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد إِذْنًا، قال: أنْبَأنَا أَبُو القاسِم بن السَّمَرِقَنْدِيّ، عن أبي القَاسِم بن البُسْرِيّ، عن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن النَّجَّار، في تَسْميَةِ من نَزَلَ الكُوفَة (a) من الشُّعَراءِ، وكان بها، قال: وأَعْشَى هَمْدَان، وكان مع أَمِير المُؤْمِنِينْ عليه السلام (b)، وله أشْعَارٌ في صِفِّيْن.

أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حَكِيم، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَرَج يَحْيَى بن يَاقُوت بن عَبْدِ اللَّهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن النَّقُّور، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ أنَّ عَبْد اللَّه بن أبي سَعيد حَدَّثَهم، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن الحُسَين بن الرَّبِيْعِ، قال: حَدَّثَنِي الهَيْثَم بن عَدِيٍّ، قال: لمَّا عُزِلَ النُّعْمان بنُ بَشِير عن الكُوفَة، ووَلَّاهُ مُعاوِيَة حِمْصَ، وفَدَ عليه أَعْشَى هَمْدَان، قال: ما أقْدَمَكَ أبا المُصَبِّح؟ قال جئتُكَ لتصِلَنِيّ، وتَحْفَظ قَرَابَتِي، وتَقْضِي دَيْنِي! قال: فأطْرَقَ، ثُمّ رَفَعَ رأسَهُ، فقال: واللَّهِ ما شيءٌ، ثُمّ قال: هَهْ؛ كأنَّهُ ذَكَر شَيئًا، فقام فصَعِدَ المِنْبَرَ، فقال: يا أهْلَ حِمْصَ، وهم يَوْمئذٍ في الدِّيْوَان عِشْرُون ألْفًا، هذا ابنُ عَمٍّ لم من أهْل القُرْآن والشَّرَف، قد قَدِمَ عليكم يَسْتَرفدُكم، فما تَرَونَ فيهِ؟ قالوا: أصْلَحِ اللَّهُ الأمِيرَ، احْتَكِم له، فأبَى عليهم، فقالوا: إنَّا قد حَكَمنا له على أنْفُسِنا من كُلِّ رجُلٍ في العَطَاءِ بديْنَارين دِيْنَارَين، فعَجِّلْها له من بَيْتِ المَالِ، فعَجَّل له أرْبَعيْنَ ألفَ دِيْنَارٍ، فقبَضَها ثُمَّ أَنْشَأ يَقول

(1)

: [من الطويل]

لَم أرَ للحَاجَاتِ عند الْتِمَاسِها

كنُعْمانَ نُعْمَان النَّدَى ابن بَشِير

إذا قال أوْفَى بالمَقَال (c) ولَمَ يَكُن

كَمُدْلٍ إلى الأقْوَام حَبْلَ غُرُور

متَى أكفُر النُّعْمان لَم أكُ (d) شَاكِرًا

وما خَيْر مَنْ لا يَغْتدِي بشَكُور (e)

(a) م: بالكوفة.

(b) م: علي عليه السلام.

(c) بقية الصفحة بياض في الأصل قدر خمسة أسطر.

(d) الأغاني: لم ألف.

(e) الأغاني: ما يقول.

_________

(1)

انظر الأبيات في الأغاني 6: 39.

ص: 448

قَرَأتُ في جُزءٍ من فَوَائِد جَعْفَر بن الفَضْل بن الفُرَاتِ، إمَّا بخَطِّه أو بخَطِّ كاتبهِ: حَدَّثَني أبو الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد -يعني أبا العبَّاس بن عَبْد اللَّه بن عَمَّار- قال: حَدَّثَنَا ابنُ سَلَّام، قال: حَدَّثَنَا أَبانُ بن عُثْمان، قال: كان الأَعْشَى؛ أَعْشَى هَمْدَان، مع ابن الأشْعَث، وكان له مَدَّاحًا، فقال فيه

(1)

: [من الكامل]

ولقد سَألتُ الجُوْدَ (a) أين مَحَلَّه

فالجُوْدُ (b) بين مُحَمَّدٍ وسَعِيدِ

بين الأشَدِّ (c) وبين قَيْسٍ بَاذِخٍ

بَخْ بَخْ لوَالدِه والمَوْلُودِ

فلمَّا أُتِيَ به الحَجَّاج بعدَ هَزِيمَةِ ابن الأشعثِ قال له: أأنت المُبَخْبخُ للحَائن؟ قال: أنا الَّذي أقول

(2)

: [من الطويل]

أَبَى اللَّهُ إلَّا أنْ (d) يُتَّممِ نُورَهُ

ويُطْفِئ نارَ الفَاسِقين فتَخْمدَا

فقال: اقْعُد يا غُلَام اكْتُبها، فلمَّا فَرَغَ منها، قال: يا غُلَام اضْرب عُنُقهُ، واللَّهِ لا تُبَخْبخ لأحدٍ بعدَهُ!.

‌أَبُو مُصَبِّح الحِمْصِيُّ

(3)

رَوَى عن جَابِرٍ بن عَبْد اللَّه الأنْصَاريّ، ومالك بن عَبْدِ اللَّه الخَثْعَمِيّ. رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر، وحُصَيْن بن حَرْمَلَة المَهْرِيّ.

(a) الأغاني ومرآة الزمان: المجد.

(b) الأغاني: فالمجد.

(c) كذا في الأصل، وفي م: الأسد، وفي الأغاني: الأغر، وفي كتاب المغتالين لابن حبيب 2: 366 وتاريخ الطبري ومرآة الزمان والوافي بالوفيات: الأشج.

(d) م: أن لا.

_________

(1)

البيتان في الأغاني 6: 48، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 9:333.

(2)

بيت الشعر في تاريخ الطبري 6: 376، والأغاني 6: 47، ومرآة الزمان 10: 333

(3)

ترجمته في: تاريخ البخاري الصغير 1: 222، الجرح والتعديل 9: 445، الثّقات لابن حبان 5: 570، 583، تاريخ ابن عساكر 67: 236 - 239 وسماه ابن عساكر: أبو المصبح المقرائي الأوزاعي، تهذيب الكمال 34: 294 - 295، تاريخ الإسلام 3: 197، الكاشف 3: 378، المشتبه في الرجال 610 (أبو المصبح المَقْرَئي)، تهذيب التهذيب 6: 460، 12: 237، تقريب التهذيب 3:473.

ص: 449

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم الحُسَين (a) بنُ هِبَةِ اللَّهِ بن صَصْرَى التَّغْلِبِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا أبوِ القَاسِم عليّ (b) بن الحَسَن بن هِبَةِ اللَّه الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب ابن البَنَّاءِ، ح.

وأَخْبَرَنَا ابن طَبَرْزَد، عن ابن البَنَّاءِ إجَازَةً، قَال: أخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الآبِنُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق إبرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الفَتْحِ الجِلِّيِّ المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف مُحَمَّد بن سُفْيان بن موسَى الصَّفَّار المِصِّيْصيّ، صَاحِبُ المَصَاحِف في المَسْجِد الجامِع بالمِصِّيْصَة، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان سَعيد بن رَحْمَة بن نُعَيْم الأَصْبَحِيّ المِصِّيْصيّ، قال: سَمِعْتُ عَبْد اللَّه بن المُبَارَك، عن عبد الرَّحْمن بن يَزِيد بن جَابِر، قال: حَدَّثَني أبو مُصَبِّح، قَال: غَزَونا مع مَالِك بن عَبْد اللَّه الخَثْعَمِيّ أرْضَ الرُّوم، فسَبَقَ رَجُلٌ النَّاسَ، فَنَزَلَ يَمْشِي ويَقُودُ دابَّتَهُ، فقال مَالِكٌ: يا أبا عَبْد اللَّه، ألَا تَرْكَب؟ فقال: سَمِعْتُ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول

(2)

: مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَماهُ في سَبِيْل اللَّهِ سَاعةً من نهارٍ فهما حَرَام على النَّار. وأُصْلحُ دَابَّتِي لتُغْنيَني عن قَوْمِي.

قال أبو مُصَبّح: فَنَزَلَ النَّاسُ فلَم أرَ نازلًا أكثر من يَوْمئذٍ.

الرَّجُلُ الّذي نادَاهُ مالكٌ: يا أبا عَبْد اللَّه، هو جَابِر بن عَبْدِ اللَّه الأَنْصَاريّ رضي الله عنه، وكان في الغَزَاة مع مَالِك بن عَبْد اللَّه، وقد رَوَينا ذلك مُصَرَّحًا

(a) م: الحسن.

(b) ساقطة من م.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 67: 237.

(2)

المصنف لابن أبي شيبة 4: 217 (رقم 19380)، سنن الدارمي 2: 266، الجامع الكبير للترمذي 3: 271 (رقم 1632)، سنن النسائيّ 6: 14 (رقم 3116)، المعجم الكبير للطبراني 19: 297 (رقم 662)، السق الكبرى للبيهقي 3: 229، صحيح ابن حبان 10: 464 (رقم 4604)، فتح الباري 2: 390 (رقم 907)، وانظر: المسند الجامع 16: 307 (رقم 12488).

ص: 450

باسْمه في تَرْجَمَةِ جَابِر بن عَبْد اللَّه، فيما تَقَدَّم

(1)

من رِوَايَة حُصَيْن بن حَرْمَلَة المَهْرِيّ، قال: حَدَّثَني أبو مُصَبِّح الحِمْصِيّ، وذَكَرَ نَحْوًا من هذا، وقال: إذ مَرَّ مَالِك بجَابِر بن عَبْد اللَّه وهو يَمْشِي.

‌أبو مُضَر

سَمِعَ بالمِصِّيْصَة طَاهِر بن عَبْد المَلِك.

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَضْل إسْمَاعِيْل بن عليّ بن إبْرَاهِيم الجَنْزَوِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد هِبَةُ اللَّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد الأكْفانِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(2)

من لَفْظه، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَيْن (a) عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنَا أبو علِيّ الحُسَينُ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا

(3)

، قال: كَتَبَ إليّ أبو مُضَرَ، قال: قال لي طَاهِرُ بن عَبْد المَلِك بالمِصِّيْصَة: سَمِعْتُ أبي يَقُول: سَمِعْتُ الفُضَيْلَ يَقُول: أنا في طَلَب رَفِيْق منذُ عِشْرين سَنَةً إذا غَضِبَ لا يَكذبُ عليَّ.

‌أبو المُطَرِّف الأنْطَاكِيّ

رَوَى الحَمَاسَة عن أبي تَمَّامٍ الطَّائِيّ، رَوَاها أَبُو عَبْدِ اللَّه النَّمَرِيُّ، عن أبي رِيَاشٍ، عنه.

(a) في الأصل وم: الحسن، وتكررت كنيته في عشرات المواضع على النحو المثبت، وانظر ترجمته في تاريخ الإسلام 9: 258، سير أعلام النبلاء 17:311.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

لم أقف عليه في كتب الخطيب البغدادي.

(3)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة مداراة الناس) 3: 1255.

ص: 451

أنْبَأَنَا (a) أبو اليُمْن الكِنْديّ، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور بن الجَوَاليْقِيّ -قُلتُ: ونَقَلْتُها من خَطِّ ابن الجَوَالِيْقِيّ- قال: أخْبَرَنَا أَبُو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن الحَسَن بن عليّ بن عُمَر، ويُعْرَفُ بابن الصَّقْر الوَاسِطِيّ ببَغْدَاد، قال: قَرَأتُ على شَيْخنا أبي الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِيسَى الخَيْشِيّ النَّحْوِيّ، قال لي: قَرأتُ كتابَ الحَمَاسَةِ على أبي عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيّ، ورَوَاهُ لِى عن أبي رِيَاشٍ رحمه الله، وقال أبو رِيَاشٍ، فيما قَرأتُه أنا بخَطِّ عَبْد السَّلام البَصْرِيّ: أنْشَدَنا أبو المُطَرِّف الأنْطَاكِيُّ، قال: أنْشَدَنا أبو تَمَّامٍ الطَّائيّ، قال: وقال المَرَّار بن سَعيد الفَقْعَسِيّ: [من الطويل]

إذا شِئْتَ يَومًا أنْ تَسُودَ عَشِيْرةً

فبالحِلْم سدْ لا بالتَّسَرُّع والشَّتم

ولِلْحِلْم خَيْرٌ فاعْلَمَنَّ مغبَّةً

من الجَهل إلَّا أنْ تَشمَّس من ظُلْم

‌أبو المُعَافَى بن المُهَلَّب الحَمَوِيُّ

(1)

شاعِرٌ من أهْل حَمَاةَ، قَرَأَتُ لَهُ بَيْتَيْن أوردَهمُا قاضي مَعَرَّة مَصْرِيْن عَبْد القَاهِر بن عَلَوِي بن المُهَنَّا في كتاب زَهْر الرِّيَاض في المَنْثُور.

قال لي الشَّريفُ أبو حَامِد مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه العبَّاسيّ: سَمِعْتُ هذا الكتاب من عَبْد القَاهِر، ثمّ شَاهَدْتُ سَمَاعهُ منه، وأجَازَ لنا الشَّريفُ أَبو حَامِد إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى، والبَيْتَان

(2)

: [من السريع]

انْظُرْ إلى الخَيْرِيّ ما بَيْنَنا

مُلَبَّسًا (a) بالطَّلِّ قُمْصَانا

كأنَّما صَاغَتْهُ أَيْدِي الحَيَا

مِن أصفَرِ (c) اليَاقُوت صُلْبَانا

(a) وردت هذه الرواية بهامش الأصل، ولم تنقلها نسخة م.

(b) الخريدة: مقمَّصًا.

(c) الخريدة: أحمر.

_________

(1)

هكذا قيَّد المصنف اسمه كما وجده في كتاب زهر الرياض، وتحرف فيه اسم أبيه إلى المهلب عوض المهذب، وهو سالم بن عد الجبار بن محمد بن المهذب المتوفى سنة 512 هـ، وقد تقدمت ترجمته عند ابن العديم في الجزء قبله، وأورد البتين هناك في ترجمته.

(2)

البيتان في الخريدة 12: 129.

ص: 452

‌أبو المَعَالِي بن أبي الجَيْشِ بن أبي المَعَالِي المُقْرِئُ الدُّنَيْسَرِيُّ الحُصْرِيُّ الزَّاهِدُ

(1)

رَجُلٌ من أهْلِ الدِّين والقُرآن، رَاغِبٌ عن صُحْبَةِ أرْبَاب (a) الدُّنْيا، مُشْتَغِلٌ بما يَعْنيه، سَافَرَ من دُنَيْسَرَ إلى دِمَشْقَ، وقَرَأَ بها القُرْآنَ على أبي جَعْفَر أحْمَد بن عليّ القُرْطُبِيّ إمام الكَلَّاسَة وعلى غيره، واجْتازَ بحَلَب في طَرِيْقهِ إليها (b).

ذَكَرَهُ عُمَر بن الخَضِر بن أَلَلْمِش في كتاب حِلْيَةِ السَّريِّين في أخْبَار الدُّنيسَرِيِّيْن

(2)

، وقَرَأتُهُ بخَطِّه، فقال: قَرَأ القُرْآنَ (c) على أبي جَعْفَرٍ القُرْطُبِي بدِمَشْقَ، وقَرأ على غيره.

وهو رَجُلٌ زَاهِدٌ يُحبُّ الانْقِطَاعَ عن النَّاسِ، والخُمُولَ، وكَثْرة قراءةِ القُرْآن، ويَكْرَهُ الجاهَ والقُرْبَ من السُّلْطانِ، وأنْ يَؤُمَّ بهمِ أو بأتْبَاعِهم، وإذا عُرِضَ عليه شيْءٌ، من ذلكَ امْتَنَعَ حتَّى إنَّهُ امْتَنعَ من الإمَامةِ بالجَامِع الغَرْبيّ بدُنَيْسَر لكونها وِلَايَةً سُلْطانيَّةً.

‌أبو مُعاوِيَةَ الأَسْوَدُ الزَّاهِدُ

(3)

مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، قيل: إنَّ اسْمُه اليَمَان، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في حَرْف اليَاءِ من الأسْماءِ

(4)

.

(a) م: أهل.

(b) م: إليهما.

(c) في تاريخ دنيسر: قرأ القرآن بالقراءات.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ دنيسر 37.

(2)

نشر الكتاب باسم تاريخ دنيسر، وانظر نقل ابن العديم عنه 37.

(3)

توفي سنة 208 هـ، وترجمته في: حلية الأولياء 8: 271 - 273، تاريخ ابن عساكر 67: 240 - 245، ابن الجوزي: المنتظم 10: 196، صفة الصفوة 4: 271 - 273، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 14: 52، تاريخ الإسلام 4: 1269 - 1270.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 453

أَخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام إذْنًا، عن أبي العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الحافِظ، قال: أخْبَرَنَا أبو جَعْفَر بن أبي عليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ (a) الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنَا أحْمَد بن عليِّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنَا الحاكِم أبو أَحْمَد الحافِظ، قال فيمَن يُعْرَفُ بكُنْيَتهِ ولا نَقِفُ على اسْمهِ: أبو مُعاوِيَةَ الأَسْوَدُ الزَّاهِدُ.

‌أبو مَعْشَر

خَرَجَ من حِمْص غَازِيًا إلى الثَّغْر، وحَكَى عن امْرأةٍ خَرَجَت إلى الغَزَاة.

رَوَى عنهُ أحْمَد بن عبد الرَّحْمن، وقد سُقْنا الحِكَايَةَ عنه في المَجْهُولاتِ من النِّسَاء

(1)

، فيما يأتِي في آخر الكتاب إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى.

‌أبو المُغِيْثِ الرَّافِقِيُّ

(2)

اخْتُلفَ في اسْمُه، فقيل: مُوسَى بن إبْراهيم بن سَابِق، وقيل: عِيسَى بن سَابِق.

وَلَّاهُ عِيسَى بن مَنْصُور ابن عَمّه، وَالي حمْص، رَبْعَ أفَامِيَةَ، ثمّ عَزَلَهُ عنها، فتَوَجَّه منها إلى الرَّافِقَة. وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في الأَسْماءِ

(3)

.

(a) قوله: "ابن أبي عليّ، قال: أخبرنا"، ساقط من م.

_________

(1)

من أجزاء الكتاب الضائعة، موضعه بعد هذا الجزء.

(2)

كان حيًا سنة 240 هـ، وترجمته في: تاريخ اليعقوبي 2: 344، تاريخ الطبري 9: 197، معجم الشعراء للمرزباني 341 - 342، أخبار أبي تمام للصولي 203، الحصري القيرواني: زهر الآداب 4: 925 (وفيه: الرافعي)، تاريخ ابن عساكر 60: 388 - 390، 67: 250 - 252، ابن الأثير: الكامل 7: 73 (وفيه: الرافعي، وفي نسخة منه ما يوافق المثبت)، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 70، تاريخ الإسلام 5: 752، سير أعلام النبلاء 10: 574، النويري: نهاية الأرب 22: 286، تحفة ذوي الألباب 1: 285، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 319، ابن خلدون: العبر 5: 675، النجوم الزاهرة 2: 249، 301.

(3)

ضاعت ترجمته -إن ترجم باسم موسى أو عيسى- ضمن ما ضاع من أجزاء الكتاب.

ص: 454

‌أبو المُفَلْفَل التَّنُوخِيُّ الحَلَبِيُّ الشَّاعِرُ

(1)

شَاعِرٌ من أهْل حَلَب، ظَفِرْتُ بذِكْره ولَم أظْفَر بشيءٍ من شِعْره.

قَرَأتُ في أخْبَار أبي نُوَاسٍ لأبي عُبَيْدِ اللَّه (a) المَرْزُبانيّ، قال: حَدَّثَنَا علِيّ بن أبي عَبْدِ اللَّهِ الفَارسِيّ، قال: أخْبَرَنِي أبي، قال: أتَى أبو المُفَلْفَل الشَّاعر -وهو رجُلٌ من تَنُوخ من حَلَب- أبا نُوَاس عندَ قُدُومهِ من مِصْر يَجْتَدِيهِ، فطَالَ اخْتِلَافه جدًّا. قال: فأمَرَ أبو نُوَاسٍ غُلامًا له فحلَق رَأسَهُ وكَتَبَ عليه أرْبَعَة (b) أَبْيَاتٍ، وقال: إذا جاءَ أبو المُفَلْفَلِ فقُلْ له: يقُول لك مَوْلَايَ: اقْرأ ما على رَأسِه، فكان ما على رَأسِهِ (c):[من الطويل]

وأشْمَطَ (d) دَلَّاج علَيَّ ورَائح

يُطَالبُ نَيْلًا (e) لو يُعَانُ بِجُوْدِ

وإِنِّي وإيَّاهُ لقِرْنانِ نَصْطَلِي

من المَطْلِ نَارًا غير ذَات خُمُودِ

زَوَيْتُ (f) لهُ وَجْهًا قَطُوبًا عن النَّدَى

وأقْصَيْتُه (g) من نَائِلي بوَعِيْدِ

وَيُرْوَى:

وأَلْبَسْتُهُ من وَعْدِه بوَعِيْدِ

فإنْ كُنْتَ لا عن سُوْءِ رَأيكَ مُقْلِعًا

فدُوْنَكَ فاسْتَظْهر بنَعْل جَدِيْدِ (h)

فعندِي مَطْلٌ لا يَطِيْرُ غُرَابُه

عَتِيْدٌ (i) ولا يُدْعَى له بوَليْدِ

قال المَرْزُبانيّ: أخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بن يَحْيَى أنَّ أبا نُوَاسٍ خَاطَبَ بهذه الأَبْيَاتِ أبا المُفَلْفَل الشَّاعِر، قال: ويُقالُ إنَّهُ قالها للأَبْزَارِيّ.

(a) الأصل، م: عبد اللَّه، وكنية المرزباني معروفة مشهورة.

(b) كتب ابن العديم فوقها "صـ"، لكون الأبيات الواردة خمسة لا أربعة.

(c) زيد في م بعده: مكتوب، وانظر الأبيات في ديوان أبي نواس 191.

(d) ديوان أبي نواس: وأخوس.

(e) الديوان: رجاء نوال.

(f) الديوان: قطبت.

(g) الديوان: وأيأسته.

(h) الديوان: حديد.

(i) الديوان: مطير.

_________

(1)

ذكره المرزباني في معجم الشعراء 515 فيمن غلبت كنيته على اسمه.

ص: 455

‌أبو المُنَى بن عليّ الحَلَبِيُّ

شَاعِرٌ كان بحَلَب، ظَفِرْتُ بأبْيَاتٍ مَدَحَ بها حَاجِب سوَار سُوْتكِيْن، فإنِّي قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ

(1)

هذه القَصِيدَة لأبي المُنَى بن عليّ يَمْدَحُ بها الحَاجِبَ سُوْتكِيْن حَاجِبَ سوَار بحَلَب المُلَقَّب نَشْو الدَّوْلةِ (a): [من البسيط]

الحربُ من شِيَمي والشِّعْرُ من شُغُلي

والمَدْحُ في أفْرسِ الفُرْسَانِ من عَمَلي

وعفَّتي وصَلَاحِي دَائِبَان وِلي

إليهما الفَضْلُ والأجْوَادُ تَشْهَدُ لي

والغَادةُ الكَاعبُ الحَسَناء ليسَ تَرَى

منِّي سِوَى الصَّدِّ والهجرانِ والمَلَلِ

ولا جزعْتُ وقد شَطَّ المزارُ بها

ولا صبَوْتُ إلى سيَّارةٍ ذُلُلِ

ولا أَرِقتُ اشْتِيَاقًا حيثما رحَلَتْ

ولا نَظَرْتُ إلى سِجْفٍ ولا كِلَلِ

ولا وَقَفْتُ على آثارها أسفًا

ولا بَكَيتُ على رَبْعٍ ولا طَلَلِ

قال فيها:

لسُوْتِكِيْنَ نَظَمْتُ الشِّعْرَ مُمْتَدحًا

للحَاجِب الأرْيَحيِّ الضَّيْغمِ البَطَلِ

لَيْث الكَتَائِب مِقْدَامُ الضَّرائبِ وَهَّـ

ـابُ الرَّغَائبِ إعْطَاءً بلا مَلَلِ

وَافي العَزَائِمِ معْطَاءِ الغَنَائمِ غفَّـ

ــارُ الجَرَائمِ سَاقي المَوْتِ بالذُّبُلِ

ثَبْتُ الأصِيْلَةِ عَالٍ في القَبِيْلة بالـ

ـكَفّ الجَمِيلة حُلْوُ الخُلْقِ كالعَسَلِ

حِصْنٌ لشدَّتِنَا ذُخْرٌ لفَاقَتنا

نَشْوٌ لدَوْلتَنا أمْنٌ منَ الزَّلَلِ

(a) بعده في م: يقول.

_________

(1)

الإشارة إلى كتاب العظيمي "المُؤصَّل على الأصل المُوَصَّل"، المفقود، ولم يذكر من المثبت أعلاه شيء في مختصره:"تاريخ حلب".

ص: 456

‌أبو المنُجَّي بن مِسْعَر التَّنُوخِيُّ المَعَرِّيُّ

(1)

واسْمُه هِبَة اللَّه بن مُيَسّر بن مِسْعَر.

شَاعِرٌ من بَيْتٍ مَشْهُور بمَعَرَّة النُّعْمَان (a)، فيهم الرُّوَاةُ والعُلَمَاءُ والشُّعَراءُ.

رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره أبو عُبَيْدَة مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد بن هَمَّام بن المُهَذَّبِ، وقد ذَكَرْناهُ في حَرْف الهَاءِ

(2)

، وذَكَرنا شَيئًا من شِعْره.

ووَقَعَ إليَّ بعد ذلك قَصِيدَةً من شِعْره يَشْكُو فيها حَالَهُ وهو في الحَبْسِ والقَيْد، ويَشْكُو إلى أهْله، وقد ذَكَرْنا بعض هذه القَصِيدَة في حَرْف الهَاء في تَرْجَمَتِهِ بالإسْنَادِ، فنُورد القَصِيدَة بكَمَالِهَا هُنا لأنَّ بَقِيَّة القَصِيدَة أجْوَد ممَّا مَضَى منها، وفيها تَفْصِيل حَالهِ.

نَقَلْتُ من جُزءٍ وَقَعَ إليَّ بخَطِّ بعضِ المَعَرِّيِّيْن أوْدَعَ فيه شَيئًا مِن أشْعَار المَعرِّبِّين وغيرهم، فَنَقَلْتُ منهُ ما صُوْرته: القَاضِي أبو المُنَجَّى بن مِسْعَر رحمه الله: [من الكامل]

يا أخوتي كيفَ السَّبِيْل إليكُمُ

لا كان يَوْمٌ بنْتُ فيهِ عَنكم

فارقْتُ مُذْ فارقتكمُ سنَةَ الكَرَى

ووَصَلتُ حَبْلِ الدَّمْع منذُ صرَمْتُم

ولقد أرَى بيني وبينكمُ نَوًى

من دُوْنها وَضْح المَسَالكِ مبهمُ

تاللَّهِ ما أجْفُوكمِ لملَالَةٍ

أجْفُوكُمِ ويَعِزّ أنْ أجفُوكُمُ

واللَّهِ لا نَهْنَهْتُ (b) مَدْمَع نَاظِري

أنَّي جَرَى منْهُ لفُرْقتكم دَمُ

واللَّهِ ما أسَفِي على الدُّنْيا ولو

فَارقْتُها أَسفِي بكُم وعلَيكُمُ

(a) م: بالمعرة.

(b) م: بهمت.

_________

(1)

ترجمته في: خريدة القصر 13: 50.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 457

أدْعُوكُم شَوْقًا ونِيْرانُ الأَسَى

بين (a) الجَوَانح والحَشَا تَتَضَرَّمُ

وإذا ذَكَرتكُم تَفِيْضُ مَدَامِعي

بدَمٍ وكُلّ جَوَارِحي تَبْكِيْكُمُ

أُفْنِى اللَّيالِي بالتَّحرُّق والبُكَا

وكَذَاكَ أيَّامي بهِ تَتَصرَّمُ

عَيْنٌ مُؤرقَةٌ وجِسْمٌ نَاحِلٌ

وحَشًا مُقَلْقَلَةٌ وقَلْب مُغْرَمُ

ولقد حَمَلْتُ الحُزْنَ طِفْلًا فاغْتَدَى

دُوْني إذا ذُكِرَ الحَزِين مُتَمَّمُ

حتَّى لو أنَّ يَلَمْلَمًا حمَّلتهُ

بَعْضَ الّذي بي ما اسْتَقلَّ يَلَمْلَمُ

أَبَني أبي إنْ غبْتُم عن نَاظِري

فلأنْتُم عن خَاطِري ما غِبْتُمُ

أجدُ الحَيَاةَ مَريرةً ما لَم أكُنْ

أنا (b) في الحَيَاةِ كما أُحبُّ وأنْتُمُ

يا لَيْتَني فارقْتُ مُذْ فارقتكم

رُوْحي وبنْتُ إلى البِلى مُذْ بنْتُمُ

فالوَجْدُ بعدَكُمُ علَيَّ مُحَلَّل

والصَّبْرُ بعدَكُمُ علَيَّ مُحَرَّمُ

أبكي وتَنْدُبُني القَوَافي حين لا

خلٌّ يرقّ ولا نَسِيْبَ يَرْحَمُ

وتَهِيْج نَارُ الشَّوْق بين جَوَانحي

فكأنَّما بين الصّفَاقِ جَهَنَّمُ

فأبيْتُ من حَرِّ الصَّبَابَةِ والأَسَى

في جَذْوَة لا أسْتَطِيْعُ أُهَوِّمُ

وإذا ذَكَرتُ أبا الكِرَام تقَطَّعَتْ

كَبدِي وبرَّحَ بي نزَاع مُؤْلِمُ

ولقد أحنُّ إلى أبي الفَضْل الّذي

عَيْني تَسِحُّ دَمًا عليه وتسْجُمُ

فيلُومُ في جَزعي أبي ويَلُومني

عَمِّي ولَوْمُهما أعَقُّ وألْوَمُ

أَمُعَنِّفِي بملَامةٍ لتحرُقي

أسْلُوهُم هَيْهات أنْ أسْلُوهُمُ

أَبَني أبي والأكْرَمِيْنَ متَى دُعُوا

للمَكْرُمَاتِ وللنَّدَى فهُمُ هُمُ

هل مُسْعدٌ أشْكَو إليهِ وإنَّما

أشْكُو صرُوفُ الدَّهْرِ لا أشْكُوهُمُ

ذاد الكَرَى عن مُقْلتي خَيَالكُم

فالنَّوْمُ أقْلَع والسُّهَاد مُخَيِّمُ

بَخل الزَّمان بكُم علَيَّ فبَان بي

عنكُم وسَاعدَهُ القَضَاء المُبْرَمُ

(a) م: من.

(b) ساقطة من م.

ص: 458

أَتُراه يَسْمَح بالوِصَالِ فأشْتَكِي

وأبثُّ ما لاقَيْتُ منْهُ إليْكُمُ

إنْ خَفَّ وَبْلُكُم وشَطَّ مَزَارُكُم

فحَلِيْفِي رَبّ السَّماء عَليْكُمُ

كُنَّا نَذُمُّ من الزَّمانِ حَمِيْدَهُ

قدمًا فكيفَ الآن وهو مُذَمَّمُ

في كُلِّ يَوْمٍ منِ زَمَاني نَكْبَةٌ (a)

تَعْتادُني (b) خَتلًا ويَوْمٌ أَيْوَمُ

تَقْضي حَوَادِثُه علَيَّ بجَوْرها

وصرُوفها أنَّى تَشَاءُ وتَحْكُمُ

حظٌّ خُصِصْتُ به وجَدٌّ نَازِلٌ

بي في الحَضِيْض وجَانِبٌ مُتَهضَّمُ

ومن العَجَائِب أنَّني عَاتبْتُه

فيما جَنَاهُ فأعْقَبَتْني الصَّيْلَمُ

لا تَسْألي يا عَزّ عمَّا نابَني

فمن الحَدِيْثِ مُحَدَّثٌ ومُكَتَّمُ

كُفِّي كَفَاكِ ولا أبا لكِ أنَّني

أصبحَتُ والأعْدَاء فيَّ تَحَكَّمُوا

مُلْقًى بدار مَذَلَّةٍ مُسْتَوطنًا

سِجْنًا أُسَامُ الخسْفَ فيه وأُظْلَمُ

لا نَاصِرٌ لي ألْتَجي بفنَائهِ

أَنَّى انتَصَرْتُ ولا وَليٌّ مُكْرِمُ

أُمْسِي وأُصْبِح في الحَدِيْدِ مُكَبَّلًا

من غير ما جُرْم كأنِّي مُجْرِمُ

مُتَقمِّصًا ثَوْبَ الأَسَى قد بزَّني

ثَوْبَ التَّصَبُّر والتَّأسِّي أدْهَمُ

قَيْدٌ ثَقِيْلٌ قد بَرَاني حَمْلُهُ

وجَوًى أُكابدُهُ، وسِجْنٌ مُظْلمُ

سيَّان فيه لَيْلُنا ونَهَارُنا

وحَيَاتُنا ماذِيُّها والعَلْقَمُ

ولَذَاكَ أيْسَرُ من مَقَالَةِ حَاسِدٍ

يُسْدي التَّمائم بالمَحال ويُبْرَمُ

قُلْ للمُرِيْق دِمَاءَنا كُفَّ الأذَى

عنَّا فحَسْبُكَ سَعْيُكَ المُتَقدِّمُ

ألْزَمْتَنَا جُرْمًا ولمَّا نَجْنِهِ

ظُلْمًا فصَارَ لُزُومَ ما لا يَلْزَمُ

أمُحَمَّدٌ أدعُوكَ حينَ أظَلَّني

خَطْبٌ يَجِلّ عن الخُطُوب ويَعْظُمُ

ما خلْتُ أنَّكَ تَارِكي تَنْتَاشُنِي

طلْسُ الذِّئابِ وأنْتَ أنتَ الضَّيْغَم

(a) م: نكسة.

(b) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "ح: تغتالني"، ولعل مراده أن ما أختاره أجود وأحذق.

ص: 459

وتَنُوشُنِي سُمْر الرِّمَاح ولا أرَى

بيْضًا تُسَلّ ولا قنًى تَتَحَطَّمُ

يا خَالِ لا تَقْطَع أوَاصِرَ بَيْننا

واحْلُم فمثْلُك مَنْ يُعَقّ فيَحْلُمُ

واعْطِفْ على الأطْفَالِ عَطْفَة وَالد

حَدِبٍ فإنَّكَ أُمُّهُم وأبُوهُمُ

واذْكُر لهم ما ليسَ يُنْسى مثْلُهُ

فلأنتَ من نسْيَان ذلكَ أكْرَمُ

احْفَظْ لهم ما ليسَ يُجْهَل حَقُّه

ذِمَمٌ مُؤكَّدةٌ وعَقْدٌ مُحْكَمُ

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو مَنْصُور

‌أبو مَنْصُور بن بَابَا الحَلَبِيُّ

(1)

شَاعِرٌ نَاثِرٌ مُجِيْدٌ فيهما جَمِيعًا، من أهْل حَلَب، كان مُتَّصِلًا بخِدْمَة الوَزِير أبي نَصْر بن (a) النَّحَّاسِ، واسْتَخْدَمه في بعض الجِهَات بحَلَب.

وذَكَرَهُ أبو الطَّيِّب البَاخَرْزِيّ في كتاب دُمْيَة القَصْر

(2)

، فقال: ابنُ بَابَا، بابُ الأدَب عليه مَفْتُوحٌ، ودُسْتُور الفَضْلِ مَطْرُوحٌ، وزَنْدُ الشِّعْرِ بهِ مَقْدُوحٌ، قال يَمْدَحُ الصَّاحِبَ نِظَام المُلْكِ على باب قِنَّسْرِيْنَ من الشَّام (b) سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة.

بابُ قِنَّسْرِيْن: باب مَدِينَة حَلَب، وبِظَاهِره كان نُزُول السُّلْطان ومعه نِظَام المُلْك (c):[من الطويل]

يَمِيْنُكَ أنْدَى العَارِضَيْن سَحَابا

وعَزْمُكَ أمْضَى الصَّارِمَيْن ذُبَابَا

(a) ساقطة من م.

(b) الأصل: بالشام، وأقحم فوقها كلمة "من".

(c) هذه الإضافة التوضيحية من ابن العديم كتبها في هامش الأصل، وليست من كلام الباخرزي، ونقلتها نسخة م في المتن، وفيها بعده: يقول.

_________

(1)

كان حيًا سنة 463 هـ، وترجمته في: دمية القصر للباخرزي 1: 177 - 179.

(2)

دمية القصر 1: 177، وفيها ثلاثة أبيات زيادة على الذي نقله ابن العديم.

ص: 460

وأنْتَ أعَمُّ النَّاسِ طَوْلًا وسُؤْدَدًا

وأطيبَهُم جُرْثُومَة ونِصَابا

وأسْرَعُهُم في النَّائبِاتِ إغَاثةً

وأمْرَعُهُم يَوْمَ العَطَاء جَنَابا

شَهَادَة بَرٍّ لا يُحَابَى بمِثْلِها

إلَّا رُبَّما كان السَّحَابُ يُحَابَى (a)

يقُولُونَ إنَّ المُزْن يَحْكيكَ صَوْبُه

مُجَامَلةً، ها قد شَهدْتَ وغَابَا

وكم أزْمَةٍ عَمَّ البَرِّيَّةَ بُؤْسُها

فهل نابَ فيها عن نداكَ مَنَابَا

هَمَتْ ذَهَبًا فيها يَدَاكَ علَيْهم

وضَنَّتْ (b) يَدَاهُ أنْ تَرُشّ ذهَابَا

ولو كان للأسْيَافِ عَزمُكَ ما نَبَتْ

ولا ناطَ بالخَصْر النِّجادُ قِرَابَا

وما زلتَ تُرْضِي اللَّهَ في نَصْرِ دِيْنهِ

بمَألُكَةٍ تُزْجي الأُسُودَ عِضَابا (c)

إذا طُوِيَتْ كانَتْ وَغًا وقَسَاطلًا

وإنْ نُشِرَتْ كانَتْ ظُبًى وحرَابا

وما حَمَلَتْ غيرَ السُّيُوف رسَالةً

ولا طَلَبَتْ غير الرُّؤُوسِ جَوَابا

قد اخترطَتْ أيْدِي الخِلَافَة منكُم

سُيُوفًا على هَام العِدَاة غِضَابا

ومَنْ يَأتِ (d) عن قَوْسِ السَّعَادَةِ رَاميًا

نُحُورَ أعَاديهِ رَمَى فأصَابَا

دَعَاكَ على شَحْط المَزَار ابنُ صَالِح

فلَم تَرْض إلَّا أنْ تكُون جَوَابا

غَدَا طَالِبًا في ظِلِّ مُلْككَ عِيْشةً

فوَافَاهُ أحْظَى الوَافِدينَ طلَابَا

وكانَ إلى نَيْل السَّلامَةِ سُلَّمًا

أتَى وإلى باب السَّعَادَةِ بَابَا

هو الجَدُّ فليُمْسِ (e) الفَتَى في ظِلَالهِ

فلو أخْطَأ المَجْدُودُ قيلَ: أصَابَا

سَقَى حَلَبًا من جُوْدِ كَفِّكَ مَاطِرٌ

إذا لَم تَصُبْ فيها المَوَاطِرُ صَابَا

سمَوْتَ بها نحو السَّماءِ كأنَّما

ضربْتَ عليها بالنُّجُوم قِبَابا

فإنْ يئسَتْ منها الصُّقُور فطَالما

رَفَعتَ عليها باللِّوَاء عُقَابَا

(a) دمية القصر: محابا.

(b) دمية القصر: وهمت، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت أعلاه.

(c) دمية القصر: غضابا.

(d) دمية القصر: بات.

(e) م: فالتمس.

ص: 461

قال البَاخَرْزِيُّ

(1)

: للَّهِ دَرُّه في الجَمْعِ بين الصَّقْرِ والعُقَابِ بهذا المَعْنَى المُقَرْطِس لهَدَف الصَّوَاب.

بحَقٍّ تَوَلَّيتَ الخِلَافَة مُعْتقًا

برَأيكَ من رِقّ الخِلَافِ رِقَابَا

نَظمْتَ نِظَامَ المُلْكِ مَنْثُورَ مَجْدها

عُقُودًا على لَبَّاتها وسِخَابا

وجَلَّيْتَ يا شَمْسَ الكُفَاةِ غَياهبًا

برأيٍ غَدَا في النَّائِباتِ شِهَابا

غَصَبْت على المَجْدِ الرِّجالَ فسُدْتَهم

غِلَابًا ومنهم مَن يَسُودُ خلَابَا

قَرأتُ بخَطِّ الشَّيْخ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّهِ بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيِّ في دِيْوان شِعْر الوَزِير أبي نَصْر بن النَّحَّاس الحَلَبِيّ، وكان لَقِي أبا نَصْر وسَمِعَ منه، قال: وكان أبو مَنْصُور -يعني ابن بَابَا- مُتَّصِلًا بخِدْمَة أبي نَصْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن النَّحَّاسِ، فكَتَبَ إليهِ أبو نَصْر يُعَاتِبُه على تَشَاغُلِهِ بالشُّرْب:[من مجزوء الرمل]

خِدْمَةُ الأتْرَاكِ والكَا

سَاتُ مِن أيْدِي المِلَاحِ

ليسَ يَلْتامَان فَاخْتَرْ

خِدْمَةً أو شُرْبَ رَاحِ

وهذانِ البَيْتان يُرْوَيان لغير الوَزِير أبي نَصْرٍ، فلعَلَّهُ تَمَثَّل بهما.

قَرأتُ بخَطِّ أبي اليُمْن مُحَمَّد بن الخَضِر المَعْرُوف بالسَّابِق ابن أبي مَهْزُول قِطْعَتي شِعْر من نَظْمه في هَجْو ابن بَابَا المَذْكُور أحدَيْهُما

(2)

: [من الكامل]

أَنْشَا ابنُ بَابَا مَذْهَبًا أنْسَى بِهِ

في الدَّهْرِ كُلَّ مُطَفَّلٍ ومُطَفْشِلِ

أبدًا تَرَاهُ بِغَيْرِ دَاعٍ وَالِجًا

في مَنْزِلٍ أو خَارِجًا من مَنْزِلِ

مُتَغنِّمًا زادَ النَّدِيْم ورَاحَةً

في خسَّةٍ وضراعَةٍ وتَذَلُّلِ

(1)

دمية القصر 1: 179.

(2)

الأبيات في تذكرة ابن العديم 78.

ص: 462

يُبْدِي السُّجُودَ لمَطْمَعٍ في سَكْرةٍ

[مُتَودِّدًا](a) والوُدُّ عَنهُ بمَعْزِلِ

ولَقَدْ يَبِيْتُ على الطّوَى ويَظَلّهُ

حتَّى يَنَالَ بِهِ لَئِيْمَ المَأْكَلِ

والأُخْرى (b): [من السريع]

أنا ابنُ بَابَا إنْ طَلبتُ النَّدَى

يَوْمًا بمَدْحَ ابْنِ سُمَيْكَاتِ

فإنَّهُ مِن يَدِهِ سُبَّةٌ

والعَارُ في كَسْبِ الدَّنيَّاتِ

لا خَيْرَ في الدُّنْيا ولا أَهْلِها

ما عُدَّ مِن أهْلِ المُرُوَّاتِ

ابنُ سُمَيْكَاتِ: رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ من تَنَّاء الحَلَبِيِّيْن.

‌أبو مَنْصُور بن الخَلَّال (c) الرَّحْبِيُّ الْمَعْرُوف بتاج الرُّؤَسَاء

(1)

كان وَجِيهًا بحَلَب مُمَدَّحًا، ووَزَر لكَرْبُغَا صَاحِب المَوْصِل سَنَة تِسْعين وأرْبَعِمائة، ووَصَلَ كَرْبُغا إلى الرَّحْبَةِ وحَاصرَها في هذه السَّنَةِ، ففُتِحَت له أبْوَابُها، فآمنَ أهلَ أبي مَنْصُور بن الخَلَّال، وأقام مَنْ يَحْفَظ مَحلَّتهم، وأخْرَج الباقين منها ونَهَبَها.

وكان السُّلْطان أبو الفَتْح مَلِكْشَاه اسْتَخْدَمه بحَلَب حين فَتَحَها في سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة في جَمْعِ المال بعد عَوْدِه من أنْطَاكِيَة وتَرْتِيبه بحَلَب قَسِيم الدَّولَةِ آقْ سُنْقُر، وكان لُؤْلُؤ المَلكِيّ الخَادِم مَمْلُوكًا له أخذَهُ منه رِضْوَان بن تُتُش، وقد

(a) إضافة من تذكرة ابن العديم، وفيه بعده: والرد عنه بمعزل.

(b) بعده في م: يقول، والأبيات الثلاثة في تذكرة ابن العديم 79.

(c) م: الجلال.

_________

(1)

كان حيًا سنة 496 هـ، وترجمته في: زبدة الحلب 1: 335، الوافي بالوفيات 37: 69، وفيه: نصر بن عبد اللَّه بن نصر تاج الرؤساء، الرحبي الخلال.

ص: 463

مَدَحَهُ الوَزِير أبو نَصْر بن النَّحَّاس مع جَلَالَةِ قَدْره، وتَقَلُّده الوِزَارَة (a) قبلَهُ، فإنَّنِي قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن بن أبي جَرَادَة، في دِيْوان شِعْر أبي نَصْرِ بن النَّحَّاسِ، قال: وكَتَبَ بها إلى تَاج الرُّؤَسَاءِ أبي مَنْصُور بن الخَلَّال (b): [من الطويل]

أُجِلُّكَ عن مَدْح بنِعْتِكَ إنَّنِي

رَأيتُكَ أسْنَى مِنهُ قَدْرًا وأعْظَمَا

وأيُّ رَئيسٍ يَسْتَحِقُّكَ تاجُهُ

ولَو كانَ فَوْقَ الفَرْقَدَيْنِ مُخَيِّما

مَنَاقِبُ لولا أنَّها غَيْرُ أُفَّلٍ

يَدُومُ نَهَارًا نُورها كُنَّ أنْجُمَا

لِكَفِّكَ جُوْدٌ ليسَ يَبْرَحُ جَوْدُهُ

مُلِثًّا (c) إذا ما قيلَ أنْجَمَ أنْجَمَا

فَتًى عَمَّ آفاقَ البِلَادِ بِسَجْلِهِ

وأَصْبَحَ وَادِي مَعْبَري فيهِ مُفْعَما

وعَمَّم بالنُّوَّارِ هَامَ رُباهُمُ

وأَسْحَبَ ذَيْلَ النَّسْرِ مَن كانَ مُعْدِما

وذاكَ حِبَاءٌ لو بَعِلْتُ بشُكْرِهِ

لَكَانَ لسَانُ الحالِ عنِّي مُتَرْجِمَا

جَزيتُكَ بالإحْسَانِ قَوْلًا لأنَّنِى

وجَدْتُ طَرِيْقَ الفِعْلِ بالعُدْم مُبْهَمَا

وأفْضَلُ ما يَجْزِي بِهِ الحُرُّ مُنعِمًا

أفَاضَ علَيهِ البرَّ أنْ يَتَكَلَّمَا

وفيه: وفي أبي نَصْر بن النَّحَّاس قال ابنُ الدِّيْعَاص البَيْتِ الّذي قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(1)

: [من السريع]

قد زَنْجَرَ الدَّهْرُ على النَّاسِ

ما بينَ خَلَّالٍ ونَحَّاسِ

(a) م: للوزارة.

(b) زيد في م بعده: يقول.

(c) م: مليًا.

_________

(1)

في ترجمة ابن الديعاص من هذا الجزء.

ص: 464

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو مُوسَى

‌أبو مُوسَى الأشْعَرِيُّ

واسْمُه عَبْدُ اللَّهِ بن قيسٍ، صَاحِبُ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (a) رضي الله عنه، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في حَرْفِ العَيْن

(1)

.

‌أبو مُوسَى بن يُونُس الطَّرَسُوسِيُّ

(2)

حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن مُصْعَب القَرْقِسَانِيّ، رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن النَّضْر العَسْكَريّ.

(a) م: علي بن أبي طالب.

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 44 هـ، وقيل: 53 هـ، وقيل غير ذلك، وانظر ترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 499 - 553، طبقات ابن سعد 2: 344 - 345، 4: 105 - 116، 5: 16، تاريخ يَحْيَى بن معين 3: 21، تاريخ خليفة 97، 131 - 161، 168، 170، 178 - 179، 191، 211، طبقات خليفة 68، 132، 182، 318، تاريخ البخاري الكبير 5: 22 - 32، التاريخ الصغير 1: 109، 117، 134، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 118، 139، 145، 192 - 193، 199 - 201، المعارف لابن قتيبة 266، أخبار القضاة لوكيع 1: 283 - 287، تاريخ الطبري 4: 95، الجرح والتعديل 5: 138، الثقات لابن حبان 3: 221 - 222، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 65، حلية الأولياء 1: 256 - 364، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 58، 60، 62، الاستيعاب 4: 1762 - 1764، السمعاني: الأنساب 1: 266، تاريخ ابن عساكر 32: 14 - 102، ابن الجوزي: المنتظم 5: 251 - 252، صفة الصفوة 1: 556 - 562، أسد الغابة 3: 245 - 246، 5: 308 - 306، تهذيب الكمال 15: 446 - 453، وأيضًا في الكنى 34: 331، الكاشف 2: 119، العبر في خبر مَن غبر 1: 21 - 35، تاريخ الإسلام 2: 451، معرفة القراء الكبار 1: 121 - 123، سير أعلام النبلاء 2: 380 - 402، الوافي بالوفيات 17: 407 - 408، ابن كثير: البداية والنهاية 5: 99، الإصابة 4: 119 - 120، تهذيب التهذيب 5: 362 - 363، 12: 251، تقريب التهذيب 1: 441، 2: 478، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 442 - 443، السيوطي: طبقات الحفاظ 15، شذرات الذهب 1:235.

(2)

توفي سنة 261 هـ، واسمه عيسى بن يونس الطرسوسي، ويكنى أيضًا: أبا عبيدة، انظر ترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر 240، تهذيب الكمال 23: 76، ميزان الاعتدال 3: 328، الكاشف 2: 373، تهذيب التهذيب 8: 215، تقريب التهذيب 2:103.

ص: 465

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو سَعيد خَلِيل بن أبي الرَّجَاء الرّارَانِيّ (a)، قال: أخْبَرَنَا الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسمِ سُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيُّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ النَّضْر العَسْكَريّ، قال: حَدَّثنَا أبو مُوسَى بن يُونُس الطَّرَسُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُصْعَب القَرْقِسَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا هَمَّام بن يَحْيَى، عن قَتَادَة، عن أنَس بن مَالِكٍ، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قال اللَّهُ عز وجل: أعْدَدْت لعِبَادي الصَّالِحينَ ما لا عَيْنٌ رَأتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ على قَلْب بِشَرٍ.

‌أبو مُوسَى الوَرَّاق

رَوَى عن فَرْدَك المَجْنُون حِكَايَةً ذَكَرَ فيها أنَّهُ كان بحَلَب، ذَكَرَها مُؤلِّف كتاب عُقَلَاءِ المَجَانِيْن

(2)

، قال: قال أبو مُوسَى الوَرَّاقُ: سَنَحَ لي خُرُوج من حَلَبَ إلى الرُّهَا، فوَصَلْتُ إلى مَنْبِج، فإذا أنا بفَرْدَك المَجْنُون، وذَكَرَ الحِكَايَةَ عنه، وقد ذَكَرْنَاها في تَرْجَمَةِ فَرْدَك

(3)

.

‌حَرْفُ النُّون في الكُنَى

‌أبو النَّجَاء الْأَنْدَلُسِيُّ

(4)

من المَشَايخ الزُّهَّادِ الصَّالِحِينِ، الأَوْلِيَاء المَعْرُوفِين.

(a) م: الراري، وانظر المشتبه في الرجال للذهبي 296.

_________

(1)

المعجم الأوسط 2: 378 (رقم 1659)، وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي 10: 412.

(2)

لم يرد له ذكر في كتاب عقلاء المجانين لابن حبيب النيسابوري، ولعله ينقل عن الكتاب الذي وقع له بهذا الاسم (عقلاء المجانين) وذكر أنه لم يقف على اسم مؤلفه، ونقل عنه في ترجمة زهير المجنون الأنطاكي في الجزء التاسع قبله.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

توفي بعد سنة 570 هـ.

ص: 466

أَخْبَرنِي قُطْبُ الدِّين أبو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد ابن شَيْخنا أبي العبَّاسِ أحْمَد بن عليّ القَسْطَلانِيّ أنَّ أبا النَّجَاءَ الْأَنْدَلُسِيُّ حَجَّ وعاد على العِرَاق (a)، وقَدِمَ المَوْصِل واجْتَمَع بها بقَضِيْب البَانِ، وَوَصَلَ إلى الشَّام، فدَخَلَ حَلَب ودِمَشْقَ، ومَضَى إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة، وسَكَنَ جَزِيْرَة فُوَّة وماتَ بها، ودُفِنَ. قال: وله بها عَقِبٌ.

قال لي أبو عَبْدِ اللَّهِ: بَلَغَنِي عن الشَّيْخِ أبي النَّجَاء أنَّهُ لمَّا حَجَّ وقَدِمَ المَدِينَة، جاءَ من الشُّبَّاكِ الّذي عند أرْجُل الصَّحَابةِ، وسَلَّم منه على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ولَم يَدْخُل المَسْجِدَ احْتِرَامًا للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

قال: وكان مُوسِرًا، فكان يُسَافِر بالجِمَال الكَثِيْرة والأحْمَالِ الكَثِيْرة، وكان إذا دَخَل بَلَدًا سَيَّر منْ يَخْطب له امرَأةً، ويَسْتَأْجِر له دارًا، وسَيَّر مَنْ يَكْتَرِي له للسَّفَر، فأيُّ الأَمْرِين تَيَسَّر له فَعَلَهُ من سَفَرٍ أو إقَامَةٍ.

قال: وكان أبو النَّجَاء من تَلَامذَة ابن العَرِيْف، قال: وتُوفِّي أبو النَّجَاء بعد السَّبْعينَ والخَمْسمائة بفُوَّة.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو النَّجْم

‌أبو النَّجْمِ الرَّاجِزُ

(1)

واسْمُه الفَضْلُ بن قُدَامَة، كان بُرصَافَة هِشَام وبدَابِق، وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ في الأسْمَاءِ في حَرْف الفاءِ

(2)

.

(a) كذا في الأصل، وم، ولعله: على طريق العراق.

_________

(1)

توفي نحو سنة 120 هـ، وترجمته في: طبقات فحول الشعراء لابن سلام 2: 737 - 738، 745 - 753، الشعر والشعراء لابن قتيبة 302 - 305، معجم الشعراء للمرزباني 221، الموشح للمرزباني 250 - 252، الاشتقاق لابن دريد 345، الأغاني 10: 120 - 128، تاريخ ابن عساكر 48: 350 - 360، ابن الجوزي: المنتظم 7: 162 - 163 (سماه المفضل، وأرخ وفاته سنة 114 هـ)، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 36 (سماه مثل تسمية جده ابن الجوزي وأرخه كذلك)، تاريخ الإسلام 3: 296، الوافي بالوفيات 24: 57، معاهد التنصيص للعباسي 1: 18 - 26، خزانة الأدب 1: 102 - 104، الزركلي: الأعلام 5: 151.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 467

‌أبو النَّجْمِ الدُّكَّانيُّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، كَاتِبٌ منِ كُتَّاب الأَمِير وَهْسُوذَان، دَخَلَ حَلَب، واسْمُه [. . .](a)، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في موضِعه

(2)

.

‌أبو النَّجِيْب السُّهرَوَرْدِيُّ الفَقِيهُ الوَاعِظُ الصُّوْفيُّ

(3)

واسْمُه عَبْدُ القَاهِر بن عَبْد اللَّه، دَخَلَ حَلَب، ووَعَظَ بها، وقد ذَكَرْناهُ (b) .

‌ذِكْرُ مَنْ كُنْيَتُهُ أبو نَصْر

‌أبو نَصْر الطَّرَسُوسِيُّ الشِّيْرَازِيُّ

(4)

كان شِيْرَازِيًّا، وأقام بطَرَسُوس سنيْنَ فَنُسِبَ إليها، حَكَى عن أبي عَبْد اللَّهِ في خَفِيْف، روَى عنهُ مُحَمَّد بنُ عَبْد اللَّه بن عُبَيْدِ اللَّه (c) .

(a) بياض في الأصل وم قدر ثلاث كلمات.

(b) م: "وقد ذكرته في موضعه"، وترجمته المشار إليها في الضائع من أجزاء الكتاب.

(c) بعده بياض في الأصل قدر خمسة أسطر.

_________

(1)

أورد له ابن العديم في تذكرته 59 - 60 مقطوعتين من شعره، ولم يذكره باسمه، وزاد في ألقابه: الزنجاني النازل بالنصيرية، وذكره السلفي بكنيته ولقبه في معجم السفر 374، وأورد له بيتين من الشعر.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

توفي سنة 563 هـ، وترجمته في: الأنساب للسمعاني 7: 307، تاريخ ابن عساكر 36: 412 - 413، خريدة القصر 9: 161 - 163، ابن الجوزي: المنتظم 18: 180، ابن الأثير: الكامل 11: 333، ابن الدبيثي: ذيل تاريخ بغداد 4: 297، وفيات الأعيان 3: 204 - 205، تاريخ الإسلام 12: 300، العبر في خبر مَن غبر 3: 40، سير أعلام النبلاء 20: 475 - 478، العبر في خبر مَن غبر 3: 40، الوافي بالوفيات 19: 48 - 49، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 7: 173 - 175، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 254، الأسنوي: طبقات الشافعية 2: 64 - 65، الدلجي: الفلاكة والمفلكون 98 - 99، اليافعي: مرآة الجنان 3: 280، النجوم الزاهرة 5: 380، شذرات الذهب 6:346.

(4)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 52: 417 - 418، ذكره في إسناد وترجم له من خلاله.

ص: 468

‌أبو نَصْرٍ البَرْمَكِيُّ الحَلَبِيُّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ من أهْلِ حَلَب، ويُكْنَى أبا عليّ أيضًا، واسْمُه الحَسَن بن مَنْصُور، وقد ذَكَرْنَاهُ في حَرْف الحَاءِ

(2)

.

‌أبو نَصْر بن أبي جَوْزَة المَعَرِّيُّ

من بَنِي عَمْرو بن سَعيد بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن المُطَهَّر التَّنُوخِيّ، وهو أخُو أبي البَرَكَات، ذَكَرهُمُا ابنُ الزُّبَيْر في كتاب جِنَان الجِنَان، فقال (a): أبو البَرَكَات ابن أبي جَوْزَة المَعَرِّيّ، شَاعِرٌ من أهْل مَعَرَّة النُّعْمَان، هو وأخُوه أبو نَصْر، وأوْرَدَ لأبي البَرَكَاتِ ما ذَكَرْنَاهُ في تَرْجَمَتِهِ

(3)

، وأوْرَدَ لأبي نَصْر هذا البَيْتَ

(4)

: [من الوافر]

إذا اسْتَغْنيَتَ عن غَرَضٍ بحَظٍّ

فكُلُّ يَدٍ تَصُولُ بها يَمِيْنُ

‌أبو نَصْر بن أبي الحَلِيم الطَّبِيْبُ

كان طَبِيْبًا حَاذِقًا في صُحْبَة أتَابِك زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر، وأبُوه أيضًا طَبِيْب مَذْكُور قد ذَكَرْناهُ

(5)

، ولأبي نَصْر هذا ذِكْرٌ.

(a) من قوله: "ذكرهما ابن الزبير. . . "، إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 264 - 265.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

فيما تقدم من هذا الجزء.

(4)

أورد العماد الكاتب بيت الشعر -ضمن أبيات أخرى- منسوبًا لأبي إسحاق الغزي.

(5)

لم ترد لأبيه ترجمة في المتبقي من الكتاب، وورد في ترجمة أبي الفضائل الأنطاكي قول ابن العديم:"قَرأتُ بخطِّ أبي حَلِيم ظافِر بن جابِر الطّبِيْب الحَرَّانِيّ. . "، فإن كان هو في ترجمته في حرف الظاء، في جزء ضائع من أجزاء الكتاب. وترجم لظافر هذا ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء 325، 614، (وسماه: ظافر بن جابر بن منصور، أبو حكيم [كذا] السكري الطبيب، كان حيًا سنة 482 هـ، وهو موصلي انتقل منها إلى حلب وأقام بها إلى آخر عمره)، الصفدي: الوافي بالوفيات 16: 530، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 202.

ص: 469

‌أبو نَصْر الأوْلاسِيُّ

من الزُّهَّادِ بحِصْن أوْلَاس، رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّهِ بن جَهْضَم.

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ القَادِر بن عَبْد اللَّهِ الرُّهَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ اللَّهِ بن أحْمَد الطُّوْسيُّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ (a) بن عَبْدِ القَادِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد اللَّه بن الحَسَنِ بن جَهْضَم، قال: سَمِعْتُ أبا نَصْرٍ الأوْلاسِيّ يَقُول: رَأيْتُ في بَيْتِ المَقْدِس قَوْمًا فُقَرَاءَ نِيَامًا في المَسْجِد في يَوْمٍ شَدِيدِ البَرْد، فرَأيْتُ حَصِيْرًا تحتَهُم ارْتَفَع بنَفْسهِ ما كان فَضُلَ عنهم منه، فانْقَلَبَ عليهم وغَطَّاهم من غَيرِ أنْ يمسَّهُ أحدٌ، فقال له بعضُ الحاضِريْن: لعلَّ الرَيْحَ فَعَلَت ذلك، فقال: لَم تكُن رِيحٌ تَهُبُّ البَتَّة.

‌أبو نَصْر بن هِشَام الحَلَبِيُّ

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره رَافِع بن ظَافِر بن عليّ الرَّحبِيّ.

أنْبَأنَا عَبْدُ المُحْسِن بن عَبْد اللَّه بن أحْمَد الخَطِيبُ المَوْصِلِيّ، قال: أنْبَأنَا عمِّي، قال: أنْبَأنَا أبي، قال: أنْشَدَني أبو المَجْد رَافِعُ بن ظَافِر بن عليّ الرَّحبِيّ، قال: أنْشَدَني أبو نَصْر بن هِشَام الحَلَبِيُّ لنَفْسِه: [من الطويل]

رَأتْ فلتَاتِ الشَّيْب تُلْبِس مفْرَقي

ضِيَاءً كما يَبْدُو الحُسَام من الغمْدِ

رُوَيدَك ما عندِي شَبَاب يُزيْلُهُ

المَشِيْب فأخْشَى منكِ عَادِية الصَّدِّ

إذا لَم يكُن شَرْخُ الشَّبِيْبَةِ نَافِعي

فما رَغْبَتي في حَالِكِ اللَّوْن مُسْوَدِ

(a) قوله: "الطوسي، قال: أخبرنا أحمد" ساقط من م.

ص: 470

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌أبو النُّعْمان الأنْطَاكِيُّ

أحَدُ مَشَايخ الثَّغْرِ.

حَكَى عنه أحْمَدُ بن يَحْيَى البَلاذُرِي في أخْبَار البُلْدان

(1)

، قال: وقال أبو النُّعْمان الأنْطَاكِيُّ: كان الطَّريقُ فيما بين أنْطَاكِيَة والمِصِّيْصَة مُسْبعَةً يَعْترضُ النَّاسَ فيها الأسَدُ، فلمَّا كان الوَلِيد بن عَبْدِ الملك (a) شُكِيَ ذلك إليه، فوجَّه أرْبَعَةَ آلاف جَامُوْسَةٍ وجَامُوْسٍ، فنَفَعَ اللَّهُ بها.

‌أبو النَّمِر بن العَنَزِيّ القَاضِي

من بَيْتٍ كَبيرٍ بالشَّام مَشْهُور، ولهم اتِّصَالٌ بمُلُوكها، وحُرْمَةٌ عندَهُم، وأصلُهم من كَفَرْطَاب، وسَكَنُوا حَمَاةَ بعد اسْتِيْلَاء الفِرنْج على كَفَرْطَاب.

وهذا القَاضِي أبو النَّمِر كَتَبَ عنهُ مُؤَيَّد الدَّوْلَة أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ؛ فإنَّني نَقَلْتُ من خَطِّ أُسامَة من كتابهِ المَوسُوم بأزْهَار الأنْهَار، قال: حَدَّثني القَاضِي أبو النَّمِر بن العَنَزِيّ، رحمه الله، بحِصْن شَيْزَر، قال: سَافَرْتُ إلى اليَمَن فاتَّصَلْتُ ببعضِ سَلَاطين اليَمَن (b)، فأتاهُ الخبرُ بعِصْيَان أهْل بَلَد من بِلَادِهِ، فرَكِبَ وسَار إليه، وأنا صُحْبَتُهُ، وهو في خَلْقٍ كَثِيْر على الرِكّاب، وأَقْسَمَ ليَسْتَبِيْحَنَّ دِمَاءَهم وأموَالَهُم.

(a) الأصل، م: عبد اللَّه.

(b) قوله: "فاتصلت ببعض سلاطين اليمن" ساقط من م.

_________

(1)

فتوح البلدان 229.

ص: 471

فسِرْنا حتَّى نَزَلنا على المَدِينَةِ، وأمَرَ (a) بالتَّأهُّب لقِتَالهم وهَجْمِ المَدِينَةِ، فرَأينا امْرأةً قد خَرَجَت من المَدِينَة، وجَاءت تتَخَطَّى النَّاسَ حتَّى وَصَلَتْ إلى السُّلْطانِ وأنا عندَهُ، فسَلَّمَتْ عليه فرَحَّب بها، وأكْرَمَهَا وأجْلَسَها، ثمّ قال لها: ما حاجَتُكِ؟ قالت: جئتُكَ أسْألُكَ أنْ تَهَبَ لي هذه المَدِينَة وأهْلَها، فقال: هؤلاء قد أظْهَرُوا العِصْيَانَ والشِّقَاقَ، وقد أقْسَمْتُ أنْ أسْتَبيح دِمَاءَهُم وأمْوَالَهم، فقالت: بل تَرْجعُ عن هذا إلى المُعْتَادِ من صَفْحك وكَرَم عَفْوكَ، وتَهَبَ لي ذَنْبهُم ودِماءَهم وأمْوَالَهم، فقال: ما أفْعَلُ، ولا أُفْسدُ مَمْلكتي وأسْتَدْعِي عِصْيَانَ رَعيَّتي بصَفْحي عن هؤلاء المُنَافِقين، فغَضِبَتْ، وقامَتْ، وقالت: نَسِيْتَ حَقِّي وحُرْمَتي واطَّرَحْتَني، حتَّى أنِّي أسْألُكَ في مَدِينَةٍ من مَدَائنكَ لتَقْضِي بها حَقِّي، ولا تُوْجب (b) سُؤَالي! ثُمَّ ولَّت، فأطْرَقَ، ثُمَّ قال: رُدُّوها، فلمَّا عادَت اعْتَذَر إليها وتلَطَّفها، وقال: قد وَهَبْتُ لكِ البَلَدَ وأمْوَالَ أهْلِهِ (c) ودِمَاءَهُم، وها أنا رَاحِلٌ، ثُمَّ أمرَ النَّاسَ بالرَّحِيْل، ونفَّذَ مَنْ رَتَّبَ أمْرَ البَلَدِ وسَار.

فسَألْتُ عن تلكَ المَرْأةِ، فقيل لي: إنَّ هذه امْرأةٌ كانت تُرْضِعُهُ، وكان أبُوه مَالِكَ هذه البِلادِ فقام عليه أخُوه فقَتَلَهُ، ومَلَكَ البِلادَ، وهذا إذ ذَاكَ طِفْلٌ، فتطلَّبَهُ عَمُّه ليَقْتُلَهُ، فخَبَّتْهُ هذه المَرْأةُ بينها وبين ثِيَابها، وأخْفَتْهُ، وخرَجَتْ به من البَلَدِ فربَّتْهُ في خُمُولٍ، واخْتَفَى حتَّى كَبِرَ وجَارَ عَمُّهُ على الرَّعِيَّةِ، وأسَاء إليهم، فوَثَبوا عليه [و] قَتَلُوهُ، ونفَّذُوا وأحْضَرُوا هذا ومَلكُوه عليهم كما تَرَى، فهي تُذَكِّرُه بما فَعَلتهُ في حَقِّهِ، وهو يَرْعَى لها ذلك الصُّنْعَ.

(a) م: وأمرنا.

(b) م: توجيب.

(c) م: أهلها.

ص: 472

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو نُوَاسٍ

‌أبو نُوَاس الحَكَمِيُّ الشَّاعِرُ

واسْمُه الحَسَنُ بن هَانئ، ويُكْنَى أبا عليّ، وأبو نُوَاسٍ لَقَبُ لهُ، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَتِهِ في حَرْف الحَاءِ

(1)

.

‌أبو نُوَاسٍ الأنْطَاكِيُّ الشَّاعِرُ

حَسَن الشِّعْر مُخْتَارهُ، رَوَى عنهُ أبو عليّ مُحَمَّد بن عُمَر الزَّاهِي، وذَكَرَهُ أبو مَنْصُور الثَّعالِبِيُّ في اليَتِيْمَة

(2)

.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: كَتَبَ إلينا أبو القَاسِمِ إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ أنَّ أبا يَعْقُوب الأدِيْب أنْبَأهُم، قال: أخْبَرنا أبو مَنْصُور الثَّعالِبيُّ

(3)

، قال: وأنْشَدَني -يعني مُحَمَّد بن عُمَر الزَّاهِي (a)-

(a) في يتيمة الدهر، حيثما يرد: الزاهر، واسمه محمد بن عمر الزاهر، تأتي ترجمته فيما يلى بلقب الزاهي وفيها:"وقيل فيه: الزاهر".

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 196 هـ، وقيل: 199 هـ، وترجمته في: الشعر والشعراء لابن قتيبة 413 - 428، ابن المعتز: طبقات الشعراء 175 - 197، المرزباني: الموشح 303 - 329، تاريخ الطبري 8: 300، 316، 364، 509 - 524، الأزدي: تاريخ الموصل 195، المسعودي: مروج الذهب 5: 247 - 257 (وراجع فهرس الأعلام 6: 276)، النديم: الفهرست 1/ 2: 504 - 505، الأغاني 20: 17 - 26، تاريخ بغداد 8: 475 - 492، تاريخ ابن عساكر 13: 407 - 466، ابن الأنباري: نزهة الألباء 65 - 69، ابن الجوزي: المنتظم 10: 16 - 21، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 13: 334 - 352، وفيات الأعيان 2: 95 - 104، تاريخ الإِسلام 4: 1270، سير أعلام النبلاء 9: 279 - 281، العبر في خبر مَن غبر 1: 250 (توفي سنة 196 هـ)، الوافي بالوفيات 12: 283 - 289، البداية والنهاية 10: 227 - 235، النجوم الزاهرة 2: 156، حسن المحاضرة 1: 559، شذرات الذهب 2: 451، الخوانساري: روضات الجنات 3: 36 - 51، محسن الأمين: أعيان الشيعة 5: 331 - 390.

(2)

لم أقف علي ذكر له في يتيمة الدهر ولا في التتمة عليها.

(3)

وردت الأبيات دون المقدمة المذكورة في يتيمة الدهر 1: 285، ونسبها لعلي بن محمد الشاشي.

ص: 473

قال: أنْشدَني الأنْطَاكِيُّ لنَفْسِه، يعني أبا نُوَاس:[من الكامل]

ومُتيَمٍ أبْدَى إليَّ غَرَامَهُ

فعَذلْتُه والعَذْلُ فِعْلُ الجَاهِلِ

حتَّى إذا أبْصَرتُ مالِكَ رِقِّهِ

كادَتْ لوَاحِظُه تُصِيْبُ مقاتلِي

إنْ عُدْتُ أعْذُلُ عَاشِقًا من بعدها (a)

فأصَابَني رَبِّي بحَتْفٍ عَاجِلِ

‌أبو نُوح الحِمْيَرِيُّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ (b) رضي الله عنه، ورَوَى عن ذي الكَلَاعَ الحِمْيَرِيّ حَدِيثًا في ذِكْرِ أهْل صِفِّيْن (c)، قد ذَكَرْناهُ في مُقدِّمَة هذا الكتابِ

(2)

.

‌حَرْفُ الوَاوِ في الكُنَى

‌أبو وَائِل الأسَدِيُّ

واسْمُه شَقِيْقُ بن سَلَمَة، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(3)

.

(a) تتمة اليتيمة: بعده.

(b) م: مع الإمام علي بن أبي طالب.

(c) من قوله: "وروى عن ذي الكلام. . . " إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 333 - 336، الفتوح لابن أعثم 3: 114 - 120.

(2)

في الجزء الأول من الكتاب، ضمن الفصل الثاني من كلامه على صفِّين:"في بيان أن عليًا عليه السلام على الحق في قتاله معاوية رحمه الله".

(3)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 80 هـ، وقيل: 82 هـ، وقيل في حدود سنة 90 هـ، وانظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 6: 96 - 102، 180، تاريخ يحيى بن معين 3: 401، تاريخ خليفة 288، طبقات خليفة 155، تاريخ البخاري الكبير 4: 245 - 246، التاريخ الصغير 1: 287، المعارف لابن قتيبة 449، الجرح والتعديل 4: 371، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 159، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 196، حلية الأولياء 4: 101 - 112، الاستيعاب 4: 1774، تاريخ بغداد 10: 370 - 374، تاريخ ابن عساكر 23: 152 - 185، ابن الجوزي: المنتظم 6: 253 - =

ص: 474

‌أبو الوَرْدِ بن الهُذَيْل (a) بن زُفَر بن الحَارِث

(1)

واسْمُه مَجْزَأَةُ، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

‌أبو الوَفَاءَ الحَرَّانيُّ المَعْرُوفُ بالقَائِدِ

(3)

شَاعِرُ مَطْبُوعٌ كان بحَرَّان وبحَلَب مُنْقَطِعًا إلى آل وَثَّابٍ، وكان يَأنَسُ إلى أبي المَعَالِي بن المِلْحِيّ

(4)

، عَارِض الجَيْش بحَلَب، ثمّ إنّهُ انْتَقَلَ إلى دِمَشْقَ عند انْقِرَاض آل وَثّاب النُّمْيرِيِّيْن، فاسْتَوْطَنها إلى أنْ ماتَ.

(a) كذا قيَّد اسمه في الأصل، ومثله عند البلاذري (أنساب الأشراف 1/ 3: 169)، والأزدي (تاريخ الموصل 61):"أبو الورد بن الهذيل"، وصوابه: أبو الورد مجزأة بن الكوثر، والهذيل هو أخو الكوثر، وقد تقدَّم ذكره صحيحًا في ترجمة حميد بن قحطبة (الجزء السادس).

_________

= 254، صفة الصفوة 3: 28 - 30، أسد الغابة 3: 3، 5: 320، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 9: 250 - 252، وفيات الأعيان 2: 476 - 477، تهذيب الكمال 12: 548 - 554، وفي الكنى 34: 388، تاريخ الإِسلام 2: 942، سير أعلام النبلاء 4: 161 - 166، الكاشف 2: 15، تذكرة الحفاظ 1: 60، الوافي بالوفيات 16: 172 - 173، تهذيب التهذيب 4: 361 - 363، الإصابة 3: 225، تقريب التهذيب 1: 354، 2: 486، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 328، النجوم الزاهرة 1: 201، السيوطي: طبقات الحفاظ 28.

(1)

كان حيًا سنة 132 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن خياط 373 - 373، البلاذري، أنساب الأشراف 1/ 3: 169 - 171، تاريخ الطبري 7: 313 - 314، 443، ابن حزم: جمهرة أنساب 286 (وفيه سياقة نسبه)، مسكويه: تجارب الأمم 3: 17، تاريخ ابن عساكر 19: 34، 57: 46 - 48، ابن الجوزي: المنتظم 7: 310 - 311، المنبجي: المنتخب 103، ابن الأثير: الكامل 5: 329 - 330، 432، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 64، الصفدي: تحفة ذوي الألباب 1: 187، ابن خلدون: العبر 5: 291، الزركلي: الأعلام 3: 45.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

من أهل مطلع القرن السادس الهجري، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 67: 285 - 286.

(4)

هو العميد المحسن بن الملحي، أبو المعالي. زبدة الحلب 1: 384 - 386.

ص: 475

أنْبَأنا تاجُ الأُمَناء أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، عن عَمِّه الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن المُحَسِّن بن أحْمَد بن المِلْحِيّ، من لفظه وكَتَبَهُ لي بخَطِّه، قال: القَائِدُ أبو الوَفَاء، نُزْهَةُ العالَم، وأظْرَفُ بني آدَم، يُنْشِئ نَوَادِرَ أحَرّ من النَّارِ، وأحَادِيْثَ تقصُر عنها الأفْكَار، ويتحدَّثُ أشْهُرًا فلا يُعِيْد حَدِيثًا، ولا يُرَى مُسْتَرِيثًا (a)، بل قد خُصَّ من هذا الفَنِّ بما لَم يُخَصّ به بَشَر، ولا يلحَقُهُ فيه مَنْ نَظَمَ أو نَثَر، ولَم يُرَ في الجَامع المَعْمُور إلَّا مُصَلِّيًا في يَوْمهِ ما فاتَ في (b) أمْسِهِ، فالنَّاس مُجْمعُون (c) على اسْتِحْسَانِ مَقاصِدِه، فيَقفُونَ على مَصَادِره ومَوَارِده، فكان كما قال أبو نُوَاسٍ

(2)

: [من الوافر]

يُصَلِّي هذه في وَقْتِ هَاذِي

فكُلّ صَلَاتِهِ أبدًا قَضَاءُ

وكان آل وَثَّاب اقتَطعُوه إليهم، وأخَذُوه بكلتَى يَدَيْهم، يَتَنافسُون في الخِلعَ عليه، والإحْسان إليه (d)، ولَزِمَهُمِ سنين كَثِيْرةً إلى أنْ عبثَتْ بهم أيْدِي الزَّمان، وتنبَّهَتْ لهم أعْيُن الحدثانِ، ففَارقَهُم وانْتَقَلَ إلى دِمَشْق، فأقام بها إلى أنْ قَضَى نَحْبَهُ، ولَقي ربّه.

وكان أبو الوَفَاء لَعِبَ بالشِّطْرنَجْ مع وَالدِي

(3)

فغَلَبَهُ وَالدِي، وأخَذَ خاتَمهُ مَازِحًا، فعَمِل أبو الوَفَاء بَدِيْهًا:[من البسيط]

يا سَيِّدًا كُفَّ عنِّي أيْدِيَ النُّوَب

مِن بَعْدِ أنْ أشْرَفَتْ نفْسِي على العَطَبِ

(a) كذا في الأصل، وغير مقروءة في م، وموضعها بياض عند ابن عساكر لتعذر قراءتها، ولعل الأظهر: مستريبًا.

(b) م: من.

(c) م: مجموعون.

(d) قوله: "والإحسان إليه" ساقط من م.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 67: 285 - 286.

(2)

ديوان أبي نواس 13.

(3)

أي والد الحافظ ابن عساكر، والنقل متتابع عنه.

ص: 476

أعْدَائي لو غَلَبُوني قُمْتَ تَنْصُرُني

فهَل أُبَالي مِنَ الشِّطْرَنْجِ بالغَلَبِ

يا ابنَ الّذينَ شَأَوْا أبناءَ (a) عَصْرِهِمُ

في حَلْبَةِ المَجْدِ والإحْسانِ والأدَبِ

قَوْمٌ مَنَاقِبُهُمْ لمَّا مَضَوا بَقِيَتْ

مُنِيْرةً في سَمَاءِ المَجْدِ كالشُّهُبِ

يكُون جَاهُكَ (b) يَحْمِيْني فيُؤخَذُ لي

في اللِّعْبِ أو غَيْرِهِ شيءٌ منَ الذَّهَبِ

هَيْهَات سَالَمَني دَهْري وصِرْتُ وفي

يَدَيَّ مِنهُ ذِمَامٌ غَيرُ مُقْتَضَبِ (c)

وكان لأبي الوَفَاء خَاتَم، مزَحَ (d) معه رَجُلٌ فقال: بِعْني هذا الخَاتَم، فقال: ما أَبِيْعُه، ولكن خُذْه، فأخذَهُ ومَضَى! ومَطَلَهُ بردِّهِ، فعَمِلَ فيه:[من المنسرح]

صَارَ بهذا الزَّمان مَخْرَقَةٌ (e)

قَوْمٌ يُحِبُّونَ مِنْحَةَ الشُّعَرا

تغيَّر النَّاسُ والزَّمانُ مَعًا

وأهْمَلُوا الفَضْلَ فَهْوَ قد دَثَرا

مازَحْتُ بالأمْسِ أهْيَفًا حَسَنًا

قد كَمَّلَ الظَّرْفَ مِن بَني الأُمْرَا

إذا تَفَكَّرتُ في مَحَاسِنِهِ

حَسِبْتُهُ مِن جَمَالِهِ قَمَرا

فسَامَني خَاتَمِي، فقُلْتُ لَهُ:

اقْبَلْهُ منِّي فحَازَهُ وجَرَى

مَنْ يَقْبَلُ الرِّفْدَ والهَدِيَّةَ مِن

قَائِل شِعْرٍ فذَاك ذَقْنُ خَرَا (f)

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو الوَلِيد

‌أبو الوَلِيدِ الأنْطَاكِيُّ

رَوَى عنهُ أبو عَبْد اللَّهِ إبْراهيم بن عَرَفَة نِفْطَوَيْه (g).

(a) ابن عساكر: إنما.

(b) م، وابن عساكر: جاهل.

(c) ابن عساكر: منعصب.

(d) ابن عساكر: خرج.

(e) ابن عساكر: محرفة.

(f) ابن عساكر: حرا.

(g) م: عرفة بن نفطويه.

ص: 477

‌أبو الوَلِيد البَاجِيُّ

واسْمُه سُليمان بن خَلَف، تَوَلَّى قَضَاءَ حَلَب، وقد ذَكَرْناهُ في الأسْماء

(1)

.

‌حَرْفُ الهَاءِ في الكُنَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو هاشِم

‌أبو هاشِم بن عُتْبَة بن رَبِيْعَة بن عَبْد شَمْس

(2)

وقيل: إنَّ اسْمه شَيْبَة.

رَوَى عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عنهُ سَمُرَة بن سَهْمٍ. غَزَا مع مُعاوِيَةَ سَنَة إحْدَى وعِشْرين.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وكانت وفاته سنة 474 هـ، وترجمته في: الصلة لابن بشكوال 1: 317 - 320، تاريخ ابن عساكر 22: 224 - 229، الضبيّ: بغية الملتمس 2: 385 - 386، ابن سعيد المغربي: المغرب في حلى المغرب 404، معجم الأدباء 3: 1387 - 1389، وفيات الأعيان 2: 408 - 409، فوات الوفيات 2: 64 - 65، تاريخ الإسلام 10: 365، تذكرة الحفاظ 3: 1178 - 1183، العبر في خبر مَن غبر 2: 332، سير أعلام النبلاء 18: 535 - 545، الوافي بالوفيات 15: 372 - 374، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 122 - 123، البناهي: تاريخ قضاة الأندلس 95، مرآة الجنان 3: 83 - 84، الزركشي: عقود الجمان ورقة 124 ب - 126 ب، النجوم الزاهرة 5: 114، السيوطي: طبقات الحفاظ 439 - 440، شذرات الذهب 5:315.

(2)

توفي سنة 21 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 407، مصعب الزبيري: نسب قريش 153، تاريخ خليفة 191، طبقات خليفة 12، 126، تاريخ البخاري الكبير 9: 79 - 80، الجرح والتعديل 9: 453، الاستيعاب 4: 1767، تاريخ ابن عساكر 67: 287 - 295، ابن الأثير: الكامل 3: 21، 4: 191، أسد الغابة 2: 96، (وسماه خالد)، تهذيب الكمال 34: 359 - 361 (وأضاف المزي فما يقال في تسميته: "خالد وقيل: هشام، وقيل هشيم، وقيل مهشم")، تاريخ الإسلام 2: 196، الكاشف 3: 385، تهذيب التهذيب 12: 261، تقريب التهذيب 2: 483 (وفيه: أبو هاشم بن عقبة)، الإصابة 3:218.

ص: 478

قَرَأتُ في مغَازِي سَعيد بن يَحْيَى بن سَعيد الأُمَوِيّ، قال: حَدَّثَني أبي، عن ابن إسْحَاق، قال: ثمّ كانت غَزْوة الأَمِيرَيْن: مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان وعُمَيْر بن سَعيد (a) الأنْصَاريّ؛ عُمَيْر على دِمَشْقَ والبَثَنِيَّة وحَوْرَان وحِمْص وقِنَّسْرِيْنَ والجَزِيْرَة، ومُعاوِيَة على فِلَسْطين والأُرْدُنّ والسَّواحل وأنْطَاكِيَة ومَعرَّة مَصْرِيْن، وقِلَقْيَة (b)، وحينئذٍ صَالَح على قِلَقْيَة وأنْطَاكِيَة ومَعَرَّة مَصْرِيْن أبو هاشِم بنُ عُتْبَة بن رَبِيْعَة.

قال ابنُ إسْحَاقَ: وفي ذلك العام كانت وَقْعَةُ نَهَاوَنْد بالعِرَاق، في سَنَة إحْدَى وعشْرين.

قُلتُ: قد كان أبو هاشِم بن عُتْبَة وَاليًا من قِبَل مُعاوِيَة على هذه المَوَاضِع الّتي صالَح عليها.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل، عن أبي القَاسِم بن بَشْكُوَال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب، وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن عَبْد البَرّ، قال: أخْبَرَنا خَلَف بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ سَعيد بن عُثْمان بن السَّكَن، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُمَارَة، وعبدُ اللَّه بن أحْمَد بن خُشَيْش، قالا: حَدَّثَنَا يُوسُف بن مُوسَى القَطَّان، قال (c): حَدَّثَنَا جَرِير، عن مُغِيرَة، عن أبي وَائِل، عن سَمُرَة بن سَهْم؛ رَجُلٌ من قَوْمهِ

(1)

، قال: نَزَلتُ على أبي هاشِم بن عُتْبَة بن رَبِيْعَة، وهو طَعِينٌ، فأتَاهُ مُعاوِيَةُ يَعُودُهُ، فبَكَى أبو هاشِم، فقال مُعاوِيَةُ:

(a) م: سعد.

(b) كذا في الأصل وم، ومثله في تاريخ الطبري 4: 145 (وفيه بتشديد الياء)، وابن الأثير: الكامل 3: 21، وجاء رسمها عند ابن عساكر 46: 486: "ملنعلا"، ورسمها في الذي يليه:"فلسفه"!.

(c) م: قالا.

_________

(1)

سنن ابن ماجه 2: 1374 (رقم 4103)، الجامع الكبير للترمذي 4: 154 - 155 (رقم 2327)، سنن النسائي 8: 218 - 219 (رقم 5372)، المعجم الكبير للطبراني 7:362.

ص: 479

ما يُبْكِيْكَ! أَيْ خَالِ؛ أوَجَعٌ يُشْئِزُكَ أم حِرْصًا على الدُّنْيا، فقد ذَهَب صَفْوُها؟ فقال: على كُلٍّ لا، ولكن رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إليَّ عَهْدًا وَدِدْتُ إنِّي كُنتُ تَبِعْتُهُ، قال (a): إِنَّك لعَلَّك أنْ تُدْرِكُ أمْوَالًا تُقْسَمُ بين أقْوَامٍ، وإنَّما يَكْفيكَ من الدُّنْيا خَادِمٌ، ومَرْكَبٌ في سَبِيْلِ اللَّهِ، فأدْرَكْتُ فجَمَعْتُ.

قال أبو عليّ بن السَّكَن: أبو هاشِم بن عُتْبَة بن رَبِيْعَة بن عَبْد شَمْسٍ، وهو أخو مُصْعَب بن عُمَيْر لأُمِّه، وأخُو أبي حُذَيْفَة لأبيهِ، وخَال مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، يُقال: اسْمه شَيْبَة، أسْلَم يوْم فتح مَكَّة، ونَزَل الشَّام حتَّى ماتَ في خِلَافَة عُثْمان (b).

قُلتُ: مَعْنى يُشِيْزُك: يُقْلِقُكَ.

‌أبو هَاشِم الحَلَبِيُّ

حَدَّثَ عن المُعْتَمِر بن سُلَيمان. رَوَى عنهُ سَعيد بن عَبْد العَزِيْز الحَلَبِيُّ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللَّهِ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن نَصْر الصَّيْدَلانِيّ، وأبو المَحَاسِن مُحَمَّد بن الحَسَن بن الحُسَين التَّاجر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ إسْمَاعِيْلُ بن الفَضْل بن أحْمَد بن الإخْشِيْذ السَّرَّاج -قال الصَّيْدَلانِيُّ وأبو عليّ (c) الحَسَنُ بن أحْمَد الحَدَّادُ: وأنا حَاضِرٌ- قالا: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد الجَصَّاصُ، قال: حَدَّثَنَا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحَاق الحافِظُ بنَيْسَابُور، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان سَعيد بن عَبْد العَزِيْز الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو هاشِم الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بن سُلَيمان (d)، عن عَبْدِ

(a) م: فقال.

(b) م: عثمان بن عفان رضي الله عنه.

(c) ساقطة من م.

(d) في الجامع الكبير للترمذي 4: 520 والمسند الجامع 10: 645: مُعَمَّر بن سليمان الرقي.

ص: 480

اللَّه بن عُمَر، عن نَافِع، عن ابن عُمَر

(1)

، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أحَبّ الأسْماء إلى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وعَبْدُ الرَّحمن.

كذا وَقَع: أبو هاشِم، ويَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّهُ أبو نُعَيْم بن هِشَام الحَلَبِيّ، فإنَّهُ يَرْوي عن المُعْتَمِر بن سُلَيمان، ويَرْوي عنه سَعيد بن عَبْد العَزِيْز الحَلَبِيّ، واللَّهُ أعْلَمُ.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو هُرَيْرَة

‌أبو هُرَيْرَة الدَّوْسِيُّ

(2)

صَاحِبُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قَدِمَ صِفِّيْن ليُصْلِح بين عليٍّ ومُعاوِيَة، واجْتازَ بفَامِيَة مرَّةً فلم يُضيفُوه.

واخْتُلفَ في اسْمه اخْتِلَافًا كَبيْرًا، قيل: كان اسْمُه في الجَاهِلِيَّة عَبْد شَمْس، فسمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْد اللَّه، وقيل: عَبْد الرَّحْمن بن عَبْد غَنْم، وقيل:

(1)

المصنف لابن أبي شيبة 5: 264 (رقم 25902)، سنن الدارمي 2: 380 (رقم 2695)، صحيح مسلم 3: 1682 (رقم 2132)، سنن ابن ماجه 2: 1229 (رقم 3728)، سنن أبي داود 5: 236 (رقم 4949)، الجامع الكبير للترمذي 4: 520 (رقم 2833)، وانظر: المسند الجامع 10: 645 (رقم 8016).

(2)

توفي سنة 57 هـ، وقيل: 59 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 2: 362 - 364، 4: 325 - 341، طبقات خليفة 114، تاريخ خليفة 86، 154، 225، 227، أخبار القضاة لوكيع 1: 111 - 113، تاريخ الثقات للعجلي 513 - 514، المعرفة والتاريخ 1: 486، 3: 169، المعارف لابن قتيبة 277 - 278، حلية الأولياء 1: 376 - 385، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 35، الاستيعاب 4: 1768 - 1772، تاريخ ابن عساكر 67: 295 - 391، ابن الجوزي: المنتظم 5: 314 - 315، صفة الصفوة 1: 685 - 694، الرافعي: التدوين في أخبار قزوين 85 - 87، تهذيب الكمال 34: 366 - 379، أسد الغابة 5: 315 - 317، تاريخ الإسلام 2: 560، سير أعلام النبلاء 2: 578 - 632، معرفة القراء الكبار 1: 127 - 129، تذكرة الحفاظ 1: 32 - 37، الكاشف 3: 385، طبقات القراء 1: 21 - 22، العبر في خبر مَن غبر 1: 45، ابن كثير: البداية والنهاية 8: 103 - 115، تهذيب التهذيب 12: 262 - 267، تقريب التهذيب 2: 484، الإصابة 7: 199 - 207.

ص: 481

كان اسْمُه عَبْد عَمْرو، وقيل: عَامِر بن عَبْد شَمْس، وقيل: عَبْد نعم، وقيل: عبْد نِهْم بن عَامر، وقيل: اسْمُه سُكَيْن بن عَمْرو، وقيل: عَبْد اللَّه بن عَامِر، وقيل: عَبْد شَمْس بن عَبْد عَمْرو، وقيل: جُرْثُوم، وقيل: عَبْد العُزَّى، وقيل: عبد الرَّحمن بن صَخْر، وقيل: عَبْد اللَّه بن عَبْد العُزَّى، والأصَحُّ أنَّهُ عَبْدُ اللَّه بن عَمْرو، وقد ذَكَرْناهُ فيما تَقَدَّم في باب العَبَادِلة من هذا الكتاب

(1)

.

‌أبو هُرَيْرَة الأنْطَاكِيُّ

(2)

واسْمُهُ مُحَمَّد بن عليّ بن حَمْزَة بن صَابِح، ويُكْنَى أبا بَكْرٍ، وأبو هُرَيْرَة لَقَبٌ له.

حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن إبْراهيم الصُّوْرِيّ، وأحمد بن هاشِم، ومُحَمَّد بن العبَّاسِ بن المُبارَك، وابن نَجْدَة.

رَوَى عنهُ أبو حَفْص عُمَر بن شَاهِين، ومُحَمَّد بن سيْما البَزَّاز، وسَعِيْد بن عُثْمان بن السَّكَن، والحُمَيْدِيُّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد يُوسُف بن عبد الرَّحْمن بن عليّ البَكْرِيّ قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا [. . .](a)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم

(3)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سيْما (b) البَزَّاز، قال: حَدَّثَنَا أبو هُرَيْرَة الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا

(a) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، والنص متصل في م، ولم يسبق أن أسْند عن أبي محمد يوسف بن عبد الرحمن البكري المعروف بابن الجوزيّ.

(b) في حلية الأولياء: سليمان.

_________

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

توفي سنة 323 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 4: 131 - 132، (وفيه: ابن صالح بدل صابح)، تاريخ ابن عساكر 54: 309 - 310، تهذيب الكمال 26: 145 - 146، تاريخ الإسلام 7: 483، تهذيب التهذيب 9: 353، تقريب التهذيب 2: 192، السيوطي: طبقات الحفاظ 17.

(3)

حلية الأولياء 5: 10 - 11.

ص: 482

ابن نَجْدَة، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد، عن عُبَيْدِ اللَّه (a) بن الوَلِيد الوَصَّافِيّ، عن ابن سُوْقَة (b)، عن الحَارِث، عن عليّ (c)، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: الجِهادُ أرْبَعٌ: أمْرٌ بالمَعْرُوفِ، ونَهْيٌ عن المُنْكَرِ، والصِّدْق في مَوَاطِن الصَّبْر، وشَنآن الفَاسِق، فمَن أمرَ بالمَعْرُوف شَدَّ عَضُدَ المُؤْمنِيْن، ومَنْ نَهَى عن المُنْكَرِ أرْغَم أنْفَ الفَاسِق (d)، ومَنْ صَدَقَ في مَوَاطِن الصَّبْر، فقد قَضَى ما عليهِ.

أخْبَرَنا (e) أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد بن يُوسُف الأَوَقِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَيْن مُحَمَّد بن عليّ (f) بن خُشَيْش الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن عُثْمان الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْد البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة ثَلاثٍ وعشْرين وثَلاثِمائة، أبو هُرَيْرَة الأنْطَاكِيّ، في شَهْر رَمَضَان؛ يعني: ماتَ.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ في تَعْلِيقٍ له يَتَضَمَّن فَوَائِد، قال: من جُمْلَةِ مَنْ يُكْنَى بأبي هُرَيْرَة: أبو هُرَيْرَة مُحَمَّدُ بن عليّ بن حَمْزَة الأنْطَاكِيّ، رَوَى عن مُحَمَّد بن إبْراهيم الصُّوْرِيّ، عن مُؤَمَّل بن إسْمَاعِيْل، حَدَّثَ عنهُ سَعيدُ بن عُثْمان بن السَّكَن البَغْدَاديّ بمِصْر، وكان قد كَتَبَ عنهُ ببَغْدَاد.

(a) الأصل، م: عبد اللَّه، والتصويب من حلية الأولياء وكتاب المجروحين لابن حبان 2: 63، والسمعاني: الأنساب 13: 346، وتقدم الإسناد عنه بما يوافق المثبت.

(b) م: "عن أبي سرقة". وهو: محمد بن سوقة.

(c) م: علي رضي الله عنه.

(d) في حلية الأولياء: "الفاسقين"، ومن قوله:"فمن أمر بالمعروف. . . " إلى هنا ساقط من م.

(e) ورد الخبر بهامش الأصل ولم تنقله نسخة م.

(f) في الأصل: أبو الحسن علي بن محمد، وتقدم صحيحًا في الجزء الخامس من هذا الكتاب، وانظر تاريخ الإسلام 9: 337، تكملة الإكمال 2:424.

ص: 483

‌أبو هُرَيْرَة، إمَامُ مَسْجِد عَرْقَة

(a)

كان بالحَدَثِ، وهي بَلْدَةٌ من أعْمَال حَلَب على تَخْم الرُّوم.

حَكَى حِكَايَةً جَرَتْ لهُ مع عَبْدِ اللَّه بن صَالِح بن عليّ بن عَبْد اللَّهِ بن العبَّاس بها، رَوَى عنهُ خَصِيْبُ بن إبْراهيم.

أنْبَأنَا سَيْفُ الدَّوْلَةِ أبو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّد بنُ غَسَّان بن غَافِل الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الخَالِق بن أسَد بن ثَابِت، قال: أخْبَرَني ضَحَّاكُ بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا وُرَيْزَةُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا خَصِيْبُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أبو هُرَيْرَة إمامُ مَسْجِد عَرْقَة (b)، قال: قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بن صالِح الحَدَثَ، فخَرَجْتُ أُسَلِّم عليه، فلم أرَ طَعَامًا من حَرٍّ (c) وبارد أكْثَر من طَعَامِهِ، قال: فقُلتُ لَهُ: أيُّها الأَمِيرُ، العَدَسُ يُرِقّ (d) القَلْبَ، ويُحْدِر الدَّمْعةَ، قال: فأمَرَ طَبَّاخَهُ أنْ يُغَيِّر لنا ألْوَانَ الطَّعَامِ العَدَس (e)، فلمَّا مَرَّ يَوْمٌ واثْنَان (f)، قُلْتُ للطَّبَاخ: أين ألْوَانُكَ تلك الطَّيِّبَة؟ قال: هذا فعْلُكَ (g)؛ حَدَّثْتَ الأَمِيرَ حَدِيثًا فأخَذَ بهِ، قال: فقُمْتُ فدَخَلْتُ إليه، قُلتُ: أصْلَحِ اللَّهُ الأَمِير، الحَدِيْث الّذي حَدَّثْتُكَ في العَدَس إسْنَادُه ضَعِيْفٌ، قال: فضَحِكَ ودَعَا بالطَّبَّاخ فقال: أَعِدْ لهم الطَّعَامَ الأوَّلَ.

‌أبو هَمَّام الشَّعْبانِيُّ

(1)

كان مُرَابِطًا بقُوْرس من أعْمَال حَلَب.

(a) م: عرفة، والضبط من ابن العديم في نسخة الأصل، وهي غير عِرْقَة التي تقع شرقي طرابلس، فهذه أخرى من نواحي حلب بينها وبين بلاد الروم، أورد ذكرهما ياقوت في معجمه 4: 108 - 109، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 3.

(b) م: عرفة.

(c) ابن عساكر: حار.

(d) ابن عساكر: يرض، وفي مختصره لابن منظور بما يوافق المثبت.

(e) ابن عساكر: أن يصلح لنا طعام العدس.

(f) في الأصل: واثنين، وفوقها "صـ"، وفي م: مرّ يوم أو يومين، وعند ابن عساكر: مرّ يوم وآخر.

(g) ابن عساكر: عملك.

_________

(1)

ترجمته في: الجرح والتعديل 9: 455، البخاري: التاريخ الكبير 9: 81، تاريخ ابن عساكر 68: 4 - 5.

ص: 484

رَوَى عن رَجُلٍ من أصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من خَثْعَم، رَوَى عنهُ أبو سَلَّام الدِّمَشقيّ، ويَحْيَى بن أبي كَثِيْر.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه بن مَمِّيْل الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَتهِ عنْهُ، عن عليّ بن أبي مُحَمَّد بن هِبَة اللَّه

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح يُوسُف بن عَبْد الوَاحِد، قال: أخْبَرَنا شُجاع بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّه بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد البَغْدَاديُّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الكَريم بن الهَيْثم، قال: حَدَّثَنَا أبو تَوْبَة الرَّبِيْعُ بن نَافِعٍ، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَةُ بن سَلَّام، عن زَيْدِ بن سَلَّام أنَّهُ سَمِعَ أبِا سَلَّامٍ يَقُول: حَدَّثَني أبو هَمَّام الشَّعْبانِيّ أنَّهُ كان مُرَابِطًا بقُوْرس (a)، وكان فينا رَجُلٌ من خَثْعَم من أصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم [فقال: إنَّا أدْلَجنا مع رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم] (b) مُقْبِلين إلى تَبُوكَ، فذَكَرَ الحَدِيْثَ لَم يَزد [على](c) هذا.

‌أبو هُنَيْدَة

(2)

كان من الغُزَاةِ، وغَزَا عَمُّورِيَّة، واجْتازَ بحَلَب في دُخُولهِ إلى الغَزَاة من دَابِق، حَكَى عنه خَالِد بن دِهْقَان.

‌أبو هِلَالٍ الرَّاغِبِيّ الخَادِم

(3)

مَوْلَى رَاغِب مَوْلَى المُوَفَّق باللَّه.

(a) في نشرة تاريخ ابن عساكر: بتورس.

(b) ما بين الحاصرتين إضافة من تاريخ ابن عساكر، وورد في الأصل إشارة مخرج ناحية اليمين ولا يصل بنص.

(c) إضافة من تاريخ ابن عساكر، وفي م: ولم يرد هذا!.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 68: 96.

(2)

ترجمته في: الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 224 (ذكره في خلافة معاوية)، تاريخ ابن عساكر 68:5.

(3)

توفي قبل سنة 400 هـ.

ص: 485

كان من الغُزَاةِ المُجَاهِدين في سَبِيْل اللَّهِ (a)، المَوْصُوفين بالشَّجَاعَةِ والنَّجْدَة والشَّهَامة، وكان مُقِيْمًا بطَرَسُوس بدار رَاغِب مَوْلاه، وهي الدَّار الكُبْرَى.

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد اللَّه بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ القَاضِي، من كتَاب سِيَر الثُّغُور، الّذي ألَّفَهُ لابن الفُرَاتِ، قال: وفي هذه الدَّار -يَعْني دَار رَاغِب الكُبْرَى- خَدَم وشُيُوخ من الفُرْسَان المُقَدَّميْنَ، منهم: أبو هِلَال الرَّاغِبِيّ، أدْرَكتُه أنا وهو ابن قَرِيب من مائة سَنَة.

قال أبو عَمْرو: وحَدَّثَني أبو الطَّيِّب يُمْن بن عَبْدِ اللَّهِ الرَّيْدَانِيّ؛ أحَدُ فُرْسَان طَرَسُوس وقُوَّادها، أنَّهم كانُوا في بعض المغَازِي فوافَقُوا (b) العَدُوَّ، فظَفرَ أبو هِلَالٍ الخَادِم الرَّاغِبِيّ بالمرَلُّس (c)؛ أحَدُ فُرْسَانِ الرُّوم، فأخَذَهُ أسِيْرًا، فعَرَّفَهُ المرَلُّسُ نَفْسَهُ، وقال: أبْقِ عليَّ فأنا المرَلُّس، فدَفَعهُ إلى بعض السُّوَّاسِ أو المُكَارِيِّين، وقال له: امْضِ بهِ إلى الأَمِير ثَمِل، وعَرِّفْهُ أنَّكَ أنْتَ أسَرْتَهُ ليَدْفَع إليك ما جَرَى الرَّسْم بمثْلِهِ فيمَن أخَذ أَخِيْذًا، فلمَّا حَصَل عند ثَمل قال له: مَنْ أسَرَك؟ قال: رَجُلٌ خَادِمٌ من حَالِهِ وعَلَامَتهِ، وجَدتُه على فَرَسٍ من شِيَته وآلة وسِلَاح، هو كَذَا وكذا، قال له ثَمل: وما أخَذَكَ هذا السَّائسُ؟ قال: لا واللَّهِ!

فأذِنَ ثَمِل للنَّاسِ في المقَام في ذلك المَنْزل، وكان إذا أقامَ العَسْكَرُ في بلادِ الرُّوم بمكان نُودي: ألَا إنَّ الأَمِيرَ مُقِيمٌ ليتَّسِعَ النَّاسُ في الذَّبائِح وغيرها من المآكلِ، ومَنْ عَرَضَ له قِبَل الأَمِير مُهمٌّ قَصَدَهُ في مَضْربه، فقَضَى وَطْرَهُ.

فلمَّا أقام (d) أتاهُ المُسْلمُونَ بالتَّهْنئةِ بالفَتْحِ وبالظَّفَر بالمرَلُّس، والمرَلُّس جَالِسٌ بقُرْب ثَمل بحيثُ يَرَى النَّاسَ ولا يرَونَهُ، ويَسْمَعُ ثَمِل مُناجاتَهُ، فكُلّما

(a) م: سبيل اللَّه تعالى.

(b) كذا في الأصل، ولعله بتقديم القاف على الفاء، أي من مواقفة العدو ومواجهته.

(c) في م حيثما يرد تاليًا: المركس.

(d) م: قام.

ص: 486

دَخَلَ رَجُل للسَّلَام قال له ثَملٌ: أهذا الّذي أسرَكَ؟ فيقُول: لا، حتَّى جاءَ أبو هِلَالٍ الرَّاغِبِيّ، فقام المرَلُّس قَائمًا وسَجَد لأبي هِلالٍ تَعْظِيمًا، وقال لثَمل: أيُّها الأَمِيرُ، هذا الّذي أسَرَني، فقال أبو هِلَالٍ: ما أَعْرِفُ شَيئًا ممَّا تَقُول، ولا هو أَخيْذَتي! فاسْتَحْلَفَهُ ثَمِل بحَيَاتهِ، فقال: نَعَم؛ إلَّا أنَّهُ ليسَ من المُرُوءَة أنْ يُظْهرَ الرَّجُل أحسنَ أفْعَالهِ، وإنَّما يَحْسُنُ بالإنْسان أنْ يتحدَّثَ عنه غيره بما يأتي من الجَمِيل، قال ثَمل: يا أبا هِلال، لو غيرك أخَذَ المرَلُّس لَم يَسَعْنا معه أرْضُ النَّصْرانِيَّةِ، ولا أرْض الإسْلَام! قال أبو هِلَال: فأطْلق للسَّائس أنْ يَتَكلَّم، قال ثَمل: لا رَوْنق للكَذب ولا نَفَاذ.

‌أبو الهَيْثَم ابن القَاضِي أبي حَصِيْن عليّ بن عَبْد المَلِك بن بَدْر بن الهَيْثَم

(1)

وَلِيَ الوِزَارَة لشَرِيف ابن سَيْف الدَّوْلَةِ.

وكان لهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، ورَوَى عن أبي فِرَاس بن حَمْدَان، رَوَى عنهُ أبو المُطَاع ذو القَرْنَيْن ابن ناصِر الدَّوْلَة الحَسَن بن عَبْد اللَّه بن حَمْدَان.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد إذْنًا، قال: أنْبَأنَا أبو العِزّ أحْمَد بن عُبَيْد اللَّه بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: وأنْشَدَنا الأَمِيرُ أبو المُطَاعِ، قال: أنْشَدَني الحَصِيْنِيُّ أبو الهَيْثم، قال: أنْشَدَني أبو فِرَاس

(2)

: [من الطويل]

أفي كُلِّ يَوْم رِحلَةٌ بعد رحْلَةٍ

أُجرّعُ (a) نَفْسِي حَسْرةً وتَرُوعُها

(a) ديوان أبي فراس الحمداني: تُجَرَّع.

_________

(1)

ترجمته في: زبدة الحلب 1: 166.

(2)

ديوان أبي فراس الحمداني 179.

ص: 487

فلي أبدًا قَلْبٌ كَثِيْرٌ نِزَاعُهُ

ولي أبدًا نَفْسٌ كَثِيْر (a) نزُوعُها

لحَى اللَّهُ قَلْبًا لا يَهِيْمُ صَبَابةً

إليكَ وعَيْنًا لا تَفِيْضُ دُمُوعُها

قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان في دِيْوان شِعْر أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عِيسَى النَّامِيّ اليَشْكُرِيّ الّذي قَرأهُ عليه، قال: وكَتَبَ إليه أبو الهَيْثَم؛ يعني: الوَزِير أبا الهَيْثَم ابن القَاضِي أبي حَصِيْن، وَزِير سَعْد الدَّولَة (b):[من البسيط]

أسْتَودِعُ اللَّه إخْوانًا نَأَوْا فَكَوَوْا

قَلْبِي فَحَشْوُ الحَشَا مِن بَعدِهِمْ نَارُ

كأنَّ نَفْسِيَ قُدَّتْ مِن نُفُوسِهِمُ

فلَيْسَ تَسْكُنُ أو تُدْنيهِمُ الدَّارُ

فأجَابَهُ؛ يَعْني أبا الحَسَن النَّامِيّ (c): [من البسيط]

رُوْحي ورُوْحُكَ في أجْسَامِنا امْتَزَجا

كالخَمْرِ والماءِ والأخْلَاقُ أنْوَارُ

قد روَّق الوُدُّ من أسْرَارِنا فغَدَا

يَشفُّ مِن باطِنِ الجِسْمَيْنِ إضْمَارُ

‌حَرْفُ اليَاءِ في الكُنَى

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو يَحْيَى

‌أبو يَحْيَى، مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز

(1)

كان مع مَوْلاه بخُنَاصِرَة، وأشْهَدَهُ على نَفْسِه في عِدَّةٍ وعَدَها دُكَيْنًا الرَّاجِزَ.

‌أبو يَحْيَى المَوْصِلِيُّ

(2)

إمام بَني خُلَيْدٍ بالمَوْصِل.

(a) الديوان: قليل.

(b) بعده في م: يقول.

(c) بعده في م: يقول، ولم يرد البيتان في مجموع شعر النامي.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 6.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 6 - 7.

ص: 488

حَكَى عن عَبْدِ العَزِيْز بن مَرْوَان. رَوَى عنهُ الوَضَّاح أبو عَوَانَة، واسْتَوْفَدَهُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز عليه حين وَلِيَ الخِلَافَة، فقَد قَدِمَ عليه دَابِقَ أو خُنَاصِرَةَ.

‌أبو اليُسْر

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (a) رضي الله عنه (b).

‌أبو يُسَيْر، مَوْلَى مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك

رَوَى عن مَوْلاه مَسْلَمَة، رَوَى عنهُ سَعيدُ بنُ مَسْلَمَة، وكان مع مَوْلَاهُ مَسْلَمَة في مَنْزِلهِ بالنَّاعُورَة.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُفَ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن سَلْمَان، قال. أخْبَرَنا حَمْدُ (c) بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن حَكِيم أبو خَالِد العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن مَسْلَمَة، عن أبي يُسَيْر (d) مَوْلَى مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، عن مَسْلَمَةَ، قال: دَخَلْتُ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز في اليَوْم الّذي مات فيه، وفَاطِمَةُ بنتُ عَبْدِ المَلِك جَالِسَةٌ عند رَأسِه، فلمَّا رَأتْني تحَوَّلَتْ وجَلَسَتْ عند رجلَيْهِ، وجَلَسْتُ أنا عند رَأسِه، فإذا عليه قَمِيْصٌ وَسخ مُخَرَّق الجَيْب، فقُلْتُ لها: لو أبْدَلتُم هذا القَمِيْصَ؟ فسَكَتَتْ، ثمّ أعَدْتُ القَوْلَ عليها مِرَارًا حتَّى غَلِطَتْ فقالت: واللَّهِ ما له قَمِيْصٌ غيرهُ.

(a) م: علي بن أبي طالب.

(b) بعده بياض في الأصل قدر أربعة أسطر.

(c) م: أحمد.

(d) م: بشير.

_________

(1)

لعله: أبو اليَسَر -بفتحتين- ابن عمرو الأنصاري الذي ذكره نصر بن مزاحم في كتابه وقعة صفين 506.

ص: 489

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو يَعْقُوب

‌أبو يَعْقُوبَ البُوْقِيُّ

من أهْلِ بُوْقَا؛ قَرْيَة من قُرَى أنْطَاكِيَة.

حَكَى عن يُوسُفَ بن أسْبَاط، رَوَى عنهُ عَبْدُ اللَّه بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد اللَّه الطَّرَسُوسِيّ: حَدَّثَنَا أبو عِمْران مُوسَى بن عبد الرَّحْمن الإمَام ببَيْرُوت، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه الحافِظ، عن ابن خُبَيْق (a)، قال: حَدَّثَني أبو يَعْقُوبَ البُوْقِيّ، قال: رأيْتُ رَجُلًا يُسَلِّم على يُوسُفَ بن أسْبَاط فذَهَبَ يُعَانقهُ، فدَفَع يُوسُفُ في صَدْره، فقال له الرَّجُلُ: لا بُدَّ لنا عافاكَ اللَّه، فقُلْتُ: يا أبا مُحَمَّد، أليْسَ قد جاء في المُعَانَقة؟ قال: أَوَكُلّ أحَدٍ يَسْتحقُّ أنْ يُعَانَق!؟.

‌أبو يَعْقُوب الطَّبَريُّ

سَاكِن طَرَسُوس، حَكَى عن أبي بِشْرٍ الطَّالَقَانِيّ الصُّوْفيّ، رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليُّ بن عَبْد اللَّه بن الحَسَن بن جَهْضَم الهَمَذَانيّ.

أخْبَرَنا الحافِظُ عَبْدُ القَادِر الرُّهَاوِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْلِ الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز الأَزَجِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن جَهْضَم، قال: سَمِعْتُ أبا يَعْقُوبَ؛ سَاكِن طَرَسُوس، يَقُول: سَمِعْتُ أبا بِشْر الطَّالَقَانِيّ الصُّوْفيّ يَقُول: حَدَّثَني بعضُ أصْحَابِنا عن مَعْرُوف، قال:

(a) م: عن أبي خبيق.

ص: 490

رأيْتُ رَجُلًا في مَرْج الدِّيْبَاج، فذكَرَ تَمامَ الحِكَايَة، وقد ذَكَرْناها بتمَامها في المَجْهُولين الأسْماء

(1)

فيما يأتي إن شَاءَ اللَّهُ تعالَى.

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتَهُ أبو يَعْلَى

‌أبو يَعْلَى السُّلَمِيُّ المَلَطِيُّ

مَشْهُورٌ بالكُنْيَة، واسْمُه مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْد اللَّه الأقْطَع، قد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في بابهِ

(2)

.

‌أبو يَعْلَى الجَعْفَرِيُّ الشَّريفُ

(3)

رَجُلٌ من أهْلِ الفَضْل، وَرَدَ إلى حَلَب بعد الأرْبَعمائة هَارِبًا من العِرَاق. رَوَى عنهُ أحْمَد بن الحَسَن بن عِيسَى بن الخَشَّاب (a) الحَلَبِيّ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الفَتْح أحْمَد بن الحَسَن بن عِيسَى بن الخَشَّاب، قال: سَمِعْتُ هذه الحِكايَةَ من الشَّرِيف أبي يَعْلَى الجَعْفَرِيّ في بَلَدِ حَلَب، حين وَرَدَ إليها هَارِبًا من العِرَاق، أنَّ بعض خُلفَاء بني العبَّاس اسْتَحْضَر أبا جَعْفَر مُحَمَّد بن جَرِير الطَّبَريَّ صَاحِب التَّاريخ لأمرٍ من أُمُوره، وكان أبو جعْفَر لا يَقُوم لأحدٍ، فهو جالسٌ في دار الخَلِيفَة إذ دَخَل وَزِير الخَلِيفَة، فقام له النَّاس بِأجْمَعهم إلَّا أبو جَعْفَر، فنَظَرَ إليه الوَزِير ولم يخفَ عليه أنَّهُ لَم يَقُم له، فقال حين جلَس مَجْلسَهُ: مَنْ هذا الجَالِسُ؟ فقالوا: هذا صَاحِبُ التَّاريخ أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جَرِير الطَّبَريّ،

(a) في م حيثما ترد تاليًا: الحساب.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

كان حيًا بعد سنة 400 هـ.

ص: 491

فقال: ما له في بَلَدِ بَغْدَاد من الرَّبْع؟ فقيل: له شيءٌ، فقال: فله من البَسْط في ظَاهِر البَلَدِ؟ فقالوا: ليس له شيء، قال: فأيْش رَسْمُه على السُّلْطانِ؟ فقيل: ليسَ له رَسْمٌ على السُّلْطانِ، فقال الوَزِير: يَحقُّ لهذا أنْ لا يَقُوم للسُّلْطَان.

‌أبو يَعِيْش

(1)

رَجُلٌ كان يَغْزُو بالشَّام، واسْتَقْدَمَهُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز عليه، فقد دَخَلَ دَابِق أو خُنَاصِرَة، ودَخَلَ الثَّغْر الشَّامِيّ، لهُ ذِكْرٌ (a).

‌ذِكْرُ مَن كُنْيَتُهُ أبو يُوسُف

‌أبو يُوسُف الغَسُولِيُّ

(2)

كان من العُبَّادِ من أقْرَان إبْراهيم بن أدْهَم، والسَّرِيّ، وكان مُقِيْمًا بالثَّغْر الشَّامِيّ مُلَازمًا للغَزْو والجِهَادِ، حَكَى عن سُفْيان بن عُييَنَة، رَوَى عنهُ أَبو عِمْران الطَّرَسُوسِيّ.

أنْبَأنَا زَيْن الأُمَناءِ الحَسَنُ بن محَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بنُ الحَسَن

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر، قال: أَخْبَرَنا الحافِظُ أبو بَكْرٍ البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللَّهِ الحافِظُ

(4)

، قال: أخْبَرَني جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال:

(a) بعده في الأصل بياض قدر ستة أسطر.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 12.

(2)

توفي سنة 240 هـ، وضبطه ابن العديم بضم السين، وشددها في موضعين آخرين، ولعله منسوب إلى الغَسُولة: قرية من قرى دمشق (معجم البلدان 4: 204)، وترجمته في: طبقات الصوفية 29 - 30 (ذكر عارض)، صفة الصفوة 4: 277، تاريخ الإسلام 5:980.

(3)

لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر.

(4)

حلية الأولياء 10: 117.

ص: 492

حَدَّثني الجُنَيْد بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ السَّرِيّ يَذْكُر أبا يُوسُف الغَسُولِيّ، وكان أبو يُوسُف يَلْزَم الثَّغْرَ ويَغْزُو، فكان إذا غَزَا مع النَّاس ودَخَلُوا بلادَ الرُّوم أكل أصْحَابهُ من ذَبَاِئح (a) الرُّوم ومن فَوَاكِههم، وكان أبو يُوسُف لا يَأكُل، فيُقال له: يا أبا يُوسُفَ، تَشُكُّ أنَّهُ حَلَالٌ؟ فيقُول: لا، هو حَلالٌ، فيُقَال له: كُلْ من الحَلَال، فيقُول: إنَّما الزُّهْد في الحَلَال.

وأخْبَرَنا بذلك الحافِظُ عَبْد القَادِر الرُّهَاوِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْلِ ابن الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّه بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَنَا جُنَيْد، قال: سَمِعْتُ سَرِيًّا يَذْكُر أبا يُوسُف الغَسُولِيّ، فذَكَرَ مثْلَهُ.

قال أبو الحَسَن بن جَهْضَم: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَهْل بن عبدِ الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن خُبَيْق، قال: كان إبْراهيم بنُ أدْهَمَ وأبو يُوسُفَ الغَسُولِيَّ بالشَّام، فتعرَّضُوا للعَمَل، فكان أبو يُوسُفَ صَائمًا، وكان إبْراهيمُ مَرِيْضًا، فقالوا لرَجُلٍ: نَعْمَل معك جَمِيعًا، وأَعْطنا بالعَشيّ كَريّ رَجُل، فعَمِلا جَمِيعًا في الحصَادِ، فأعْطَاهُم أُجْرَة رَجُل، فاشْترَى أَبو يُوسُف شيئًا يَأكُلانه، فلمَّا وَضَعَهُ قال لإبْراهيم: تقدَّمْ كُلْ، قال: أليسَ قد أوْفَاك الأُجْرَةَ؟ قُلتُ: نعم، قال: أفَتَعْلَم أنَّك قد أوْفيْتَهُ العَمَل؟ قال: لا، فقال إبْراهيم: فكيف آكُلُ ما لا أدْرِي!.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن أبي سَعْد بن مُحَمَّد في كِتَابِهِ إليْنَا من مَرْو، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد الحُرْضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي إجَازةً،

(a) حلية الأولياء: طعام.

ص: 493

قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلَمِيُّ

(1)

، قال: أبو يُوسُف الغَسُولِيّ من الوَرِعين من أقْرَان السَّرِيّ، وكان وَرِعًا، دَيِّنًا، مُلَازمًا للثُّغُور والغَزْو، وكان لا يَأكُل ممَّا يَجدُونَه في بلَاد العَدُوّ، فيُقال له: تَشُكُّ في أنَّهُ حَلَالٌ؟ فيقُول: لا أشُكُّ في أنَّهُ حَلالٌ، ولكن الزُّهْد في الحَلَال.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عِيسَى بن عَبْدِ العَزِيز بن عِيسَى اللَّخْمِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد المُفِيدُ، قال: أخْبَرَنا أبو عِمْران مُوسَى بن هَارُون بن عَبْد اللَّهِ البزَّاز، قال: ماتَ أبو يُوسُفَ الغَسُولِيّ، رحمه الله، بطَرَسُوس سَنَة أرْبَعيْنَ، وكان قد رَأى إبْراهيم بن أدْهَم.

أنْبَأنَا حَسَنُ الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَربِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة أرْبَعيْن ومَائتَيْن أبو يُوسُفَ الغَسُولِيّ بطَرَسُوس، يعني: ماتَ.

‌أبو يُوسُفَ العَيْن زَرْبِيّ

حَكَى عن إبْراهيم بن أدْهَم، رَوَى عنهُ إبْراهيم بن عَبْد اللَّه بن الجُنَيْد الخُتَّلِيّ.

أنْبَأنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، إجَازَةً إنْ لمِ يَكُن سَمَاعًا، قال: أنْبَأنَا الشَّريفُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثني أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد بن مُحَمَّد الكَتَّانِيّ

(1)

لم يفرده بالترجمة، وذكره عرضًا في طبقات الصوفية 29 - 30.

(2)

لم أقف عليه عند ابن عساكر.

ص: 494

الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبدُ الوَهَّاب بن جَعْفَر المَيْدانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عليِّ بن هَارُون البَرْدَعيّ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ بن مَسْرُوق، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الجُنَيْد، قال: سَمِعْتُ أبا يُوسُفَ العَيْن زَرْبِيّ يَقُول: كان إبْراهيم بن أدْهَم يَحُثُّ مَنْ صَحِبَهُ على التَّكَسُّب، ويقُول: لا تَزَالُ بخَيْر عَزِيزًا ما اسْتَغْنَيْتَ عن النَّاسِ.

آخر الكُنَى من كتاب بُغْيَةِ الطَّلَب في تَارِيْخ حَلَب.

ص: 495

‌ذِكْرُ المَعْرُوفين بالنِّسْبَة إلى آبَائِهم ممَّن لَم يُعْرَف له اسْمٌ ولا كُنْيَة

‌ابنُ اصْطفَانُوْس الرُّوميُّ الأنْطَاكِيُّ

فَيْلَسُوفٌ شَاعِرٌ، وَجَدْتُ ذِكْرَهُ في سِيْرَة الوَزِير اليَازُوْرِيّ، جَمْعُ بعض المِصْرِيِّيْن لا أعْرفُ اسْمَهُ.

قَرَأتُ في سِيْرَة الوَزِير (a) أبي الحَسَن عليّ بن عبد الرَّحْمن اليَازُوْرِيّ، وَزِير المُسْتَنْصِر بمِصْر (b)، قال: وكان عندَ اسْتِقْرَار الهُدْنَة مع الرُّوم، في أيَّام أبي نَصْرٍ الفَلَاحيّ، قد وَصَلَ رَسُولان أحَدُهما هو المُتَكلِّم والمُتَرْجم عن الرُّوم، وكان ذا هَيْئَةٍ، أَدِيْبًا، شَاعِرًا، نَحْويًّا، فَيْلَسُوفًا، نَظَّارًا، وُلِدَ بالرُّوم، ونَشَأ بأنْطَاكِيَةَ، وسَافَرَ إلى العِرَاق، ولَقِيَ العُلَمَاء بهِ ولَقِنَ من العُلُوم والآدَاب ما عَلَا صيْتُه به، واشْتَهر ذِكْرُه في الآفاق، يُعْرَفُ بابن اصْطفَانُوس، والآخر مُتَحمّل الهَدِيَّة، وهو كصَاحِب حَرْب، يُعْرَفُ بمِيْخائِيْل، وذَكَرَ بعدَ ذلك أنَّ مَمْلَكَة الرُّوم عادَتْ إلى مِيْخائِيْل (c) هذا.

‌ابنُ الأُصَيْلح

(1)

كان مُعَلِّمًا بكَفَرْ طَاب، له بَيْتا شِعْر في يُوسُف بن المُنَيِّرة الكَفْرطَابِيّ، وكان مُعَلِّمًا أيضًا بكَفَرْ طَاب، وكان قَبْل التَّعْليْم حَائِكًا، ثُمَّ صَارَ مُعَلِّمًا، فعَمِلَ فيهِ ابنُ الأُصَيْلح:[من الخفيف]

(a) م: الوزير اليازوري.

(b) ساقطة من م.

(c) من قوله: "وذكر بعد ذلك. . . " إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

تقدمت ذات التَّرجمة في حرف الألف (الجزء الرابع) باسم الأصيلح، وخبره مع بيتي الشعر في تذكرة ابن العديم 97 - 98.

ص: 496

أيُّ عَقْلٍ لِحاَئكٍ في الأنَامِ

[لا](a) ولو قِيْدَ نحْوَهُ بزِمَامِ

نصْفُهُ نَازِلٌ مع الجِنِّ في البئـ

ــر وَباقيْهِ قَاعِدٌ مِن قيَامِ

ولهَذين البَيْتَيْن حكَايةٌ قد ذَكَرناها في تَرْجَمة يُوسُفَ بن المُنَيِّرة

(1)

.

‌البَاءُ

‌ابنُ بَاقِي المَعَرِّيُّ الوَاعِظُ

وكان يُلَقَّب جَلَال الدِّين.

وكان وَاعِظًا حَسَنًا فَصِيحًا، حَسَن النَّادِرَة، له قَبُول عند النَّاس، من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان.

قَرَأتُ في كتاب نُزْهَةِ النَّاظِر ورَوْضَةِ الخَاطِر، تأليفُ عَبْد القَاهِر بن عَلَوِيّ بن المُهَنَّا المَعَرِّيّ المَعْرُوف بابنِ خُصَا البَغْل، قال: وَعَظ جَلَال الدِّين ابنُ بَاقِي المَعَرِّيّ الوَاعِظُ بالمَعَرَّة، فكَتَبَ إليه شَخْصٌ: ما يَقُول سَيِّدنا في قَوْم إذا جَنَّ عليهم اللَّيْل أسْبَلُوا الذَّيْل، وجَثَوا (b) على الرُّكَب، وطَلَّعُوا في الثُّقَب (c)، وقالُوا: يا كَرِيم بكَ نَدْفعَ؟ فقال: أُولئك أقْوَام للمضَاجع في حُبِّهِ هجَرُوا، وللأعْيُن في طَاعَتهِ أسْهَرُوا، فقال في حَقِّهمِ مَوْلاهم (d):{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}

(2)

إذا جَنَّ عليهم لَيْل المَحَبَّة أسْبَلُوا ذَيْل الطَّاعَة، وجَثَوْا (e) على الرُّكَب، تَرَاهُم رُكَّعًا سُجَّدًا، وطَلَّعُوا في الثُّقَبِ؛ في ثُقَب صُحُف أعْمَالهم، وقالوا: يا كَرِيم، بكَ نَدْفَعُ كَيْد الشَّيْطان الرَّجِيْم.

(a) ساقطة من الأصل وم، والإضافة من تذكرة ابن العديم ومن روايته للأبيات في ترجمة الأصيلح.

(b) م: وحبوا.

(c) قوله: "وطلعوا في الثقب" ساقط من م.

(d) قوله: "فقال في حقهم مولاهم" ساقط من م.

(e) م: وحبوا.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

سورة الفرقان، من الآية 75.

ص: 497

أنْبَأنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن يُوسُفَ البِرْزَاليّ، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: وسَمِعتُه -يعني: أبا الحَجَّاج يُوسُف بن مُحَمَّد بن حَيْدَرة الأنْصَاريَّ الحَلَبِيَّ- يَقُول: قَدِمَ المَوْصِلَ من عندنا ابن بَاقِي الوَاعِظُ، وكان له قَبُولُ، في الوَعْظ، فجَعَل يَعظ عندَهُم في الجَامِع وفي غيره، فإذا كان اللَّيْل يَخْرُج وينام على الشَّطِّ، فقيل له في ذلك: لِمَ لا تَدْخُل عندنا البَلَد؟ فقال: يا أهل المَوْصِل، أنا نَازِل على الشَّطِّ، مُجَاورٌ لهذا البَطِّ، مَوْصِلكُم لا أدْخُلها قَطّ.

‌ابن بشِر بن البَرَاء بن مَعْرُور بن صَخر بن خَنْسَاء بن سِنَان بن عُبَيْد بن عديّ بن غِنْم بن كَعْب بن سَلَمَة بن سَعْد بن عليّ بن أسَد بن شَارِدَة بن يزِيد (a) بن جُشَم بن الخَزْرَج الأنْصَاريّ

(1)

كان من أصحَاب مُعاوِيَة، ووجَّهَهُ رَسُولًا إلى القُسْطَنْطِينِية، واجْتازَ في طَرِيْقهِ بحَلَب، أو ببَعْضِ عَمَلها، واجْتَمَع فيها بجَبَلَة بن الأيْهَمِ الغَسَّانِيّ، وحَكَى عنه

(2)

.

‌ابنُ بَطَّة

شَاعِرُ كان بحَلَب في أيَّام سَيْفِ الدَّوْلَة عليّ بن حَمْدَان، وهَجَا أبا الطّيِّب المُتَنَبي (b) بَأبياتٍ وَجَدْتُها في بَعْضِ أمَالي أبي عَبْدِ اللَّهِ بن خَالَوَيه.

(a) مهملة في الأصل والإعجام من م، وطبقات ابن سعد 7: 387، وتاريخ ابن عساكر.

(b) م: وهجا المتني.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 19 - 20.

(2)

انظر حكاية الأنصاري المشار إليها في تاريخ ابن عساكر، وبقية الصفحة بياض في الأصل، وكذا كامل التي تليها.

ص: 498

ذَكَرَ أبو عَبْد اللَّهِ بن خَالَوَيْه في أمَالي أمْلَاها أنَّهُ جَرَى بينَهُ وبين المُتَنَبِّي كَلامٌ آلَ به إلى أن قال له في مَجْلِسِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ: وهذا ابن بَطّة يقُول فيك لأنَّ أباكَ عِيْدَان (a) السَّقَّاءُ: [من المتقارب]

بحَقِّ المَزَادةِ والرّاوِيَهْ

وفَضْل الفُرَاتِ على السَّاقِيَهْ

وبالدَّلوِ تُزْهَى بأوْذَامِها (b)

ودَانِي مِياهِكَ والقَاصِيَهْ

ودَعْوَى النُّبُوَّةِ بينَ الوَرَى

بشِعْرٍ دَلَائلُهُ وَاهِيَهْ

وصَبْرِكَ لِلصَّفْع يُدْمِي القَفَا

بِجَيْرُونَ طَوْرًا وبالجابِيهْ

وبالشَّيْخِ عِيْدَانِ شَيْخِ الخَنَا

وبالطِّيْزِ من أُمِّكَ الزَّانِيَهْ

عَلَامَ جَحَدْتَ أبًا سَاقِطًا

وقُلْتَ أبي سَيِّدُ البَادِيَهْ

وقَد بانَ هَذا فلا تُخْفِهِ

فلَيْسَتْ أُمُوركَ بالخَافِيَهْ

‌ابنُ البَلِيغْ المَعَرِّيّ

واسْمُ البِليغْ إبراهيم بن الحَسَن، وابنُه هذا شَاعِرُ ظَفِرْتُ له بأبياتٍ في جُزءٍ يَتَضَمَّن ما رُثي به أبو العَلَاء أحْمَد بن عَبْد اللَّه بن سُلَيمان، قال جَامِعهُ: وَلَدُ البَلِيغْ المَعرِّيّ: [من البسيط]

قالُوا اقْتَصر في البُكَاء جَهْلًا

والعِلْمُ يَدْعُو إلى البُكَاءِ

وأيّ عَيْن تَكُفُّ دَمْعًا

بعد سَنَاها أبي العَلَاءِ

وَجدِيْ على فَقْدِهِ مُقِيمٌ

ما نجَمَتْ أنْجُمُ السَّمَاءِ

فما أُعزّي بني أخيْهِ

إذْ أنا خِلْوٌ منَ العَزَاءِ

ولو تَمَكَّنْتُ من فِدَاءٍ

ما سَبَقُونِي إلى الفِدَاءِ

فَظُفِّرُوا بالمُنَى جَمِيعًا

وبُلِّغُوا غَايَةَ البَقَاءِ

(a) جوَّده المؤلف بفتح العين في هذا الموضع وتاليه، وتقدم ضبطه في ترجمة المتنبي بالكسر.

(b) م: بأدوامها.

ص: 499

‌ابنُ بِلَال بن سَعْد بن تَمِيْم السَّكُونِيّ

غَزَا القُسْطَنْطِينِيَّة، واجْتازَ بِدَابِق في طَرِيْقهِ، لهُ ذِكرٌ.

‌ابنُ بِيْض

(1)

بكَسْر البَاءَ، ويُقالُ بالفَتْح أيضًا (a).

شَاعِرٌ قَدِمَ حلَبَ، وامْتَدَح بها يَزِيد بن المُهَلَّب وهو في سِجْن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بحَلَب، واسمُه حَمْزَةُ بن بِيض، وقد قَدّمْنا ذِكرهُ

(2)

.

‌التَّاءُ

‌ابنُ تُرَيْك الرَّفَنِيُّ

(3)

شَاعِرٌ كان في صُحْبَة أبي المَعَالِي المُحَسِّن بن أحْمَد بن المِلْحِيّ، من أهْلِ رَفَنِيَّة؛ بَلْدَة من العَوَاصِم دَثرَتْ، وكان مُتَوسِّط الشِّعْر، يَكْتُب خَطًّا حَسَنًا، ويَتَرسَّل.

أنْبَأنَا أبو البَرَكاَت الحَسَن بن مُحَمَّد، عن عَمِّه الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(4)

، قال: حَدَّثني أبو عَبْدِ اللَّه مُحَمَّد بن المحسِّن بن أحْمَد السُّلَمِيّ، من لفظه وكَتَبَهُ لي بخَطِّه، قال: ابنُ تُرَيْك (b)، وَصَلَ مع أبي من رَفَنِيَّة سَنَة سَبْعٍ وثَمانين، فأقام عندَهُ (c) أشْهُرًا، رَأيْتُ فيه من النَّخْوَةِ والأرْيَحيَّةِ وصِدْق اللَّهْجَة ما لا

(a) م: ويقال بفتحها.

(b) ابن عساكر: ابن تريل.

(c) ابن عساكر: عندنا.

_________

(1)

توفي نحو سنة 98 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 31.

(2)

تقدمت ترجمته فيما مرّ باسم حمزة بن بيض، (الجزء السادس).

(3)

م: الرقي، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 22 - 23، وفيه: ابن تريل.

(4)

تاريخ ابن عساكر 68: 22 - 23.

ص: 500

يُمَاثلُه فيه بَشَرٌ، وكان يَكتُب خَطًّا مَلِيْحًا، ويتَرسَّلُ بَدِيعًا سَرِيًا، ويَحْفَظُ من الأشْعَارِ لأهْلِ تلكَ النَّاحيَة كَثِيْرًا، وهو القَائلُ بَدِيْهًا، وقد اجْتَمَعْنا بمُقْرَى في بُسْتَان أبي الحُسَين بن النَّحَّاتِ (a):[من المجتث]

يا ليتَ أنِّي (b) بمُقْرَى

قَضَيْت كُلَّ زَمَانِي (c)

وكان ذلكَ عِنْدِي

يَفُوقُ كُلَّ الأمَانِي

مَعْ كُلِّ خلٍّ (d) ظَرِيفٍ

نَدْبٍ مِنَ الإخْوَانِ

يَسْعَى إليّ بكَأْسٍ

مِن قَبْلِ صَوْتِ الأذَانِ

صَفْرَاءَ كالشَّمْسِ أو لا

حَمْرَاءَ كالأُرْجُوَانِ

فما يكادُ يَرَاني

وَقْتًا سِوَى سَكْرانِ

هذا هُوَ العَيْشُ لا شُرْ

بُها مَعَ الفَرْغَاني (e)

إذا تَفَسَّحْتُ في مَجـ

لِسٍ مع الإخْوَانِ (f)

يقُولُ خَامُوْشَ بيسَى

وإنْ دَعَا زَنْد كَانى

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: ابنُ تُرَيْك شَاعِرُ كان في صُحبَة أبي المَعَالِي المُحَسِّن بن أحْمَد بن المِلحِيّ، ووَصَلَ معه من رَفَنِيَّة إلى دِمَشْق، وأظُنُّ ابن تُرَيكٍ هذا أبو البَرَكَات مُسَلَّم بن صَاعِد بن تُرَيْك، وقد سَمِعَ مُسَلّم هذا مع والد ابن المِلْحِيّ من أبي إسْحَاق إبْراهيم بن عَقِيل بن المُكَبِّريّ، فاللَّهُ أعلَمُ.

_________

(a) ابن عساكر: ابن البخات، م: ابن السحات.

(b) ابن عساكر: أبي!.

(c) ابن عساكر: من أزماني.

(d) ساقطة من تاريخ ابن عساكر.

(e) ابن عساكر: الفوعاني.

(f) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "ينبغي أن يكون: مع الندمان؛ لأن الإخوان جاء قبل هذا البيت بأربعة أبياتٍ"، ونُقل هذا أيضًا بهامش م.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 68: 22، ولم يرد عند ابن عساكر من النص المثبت أعلاه سوى طالع النقل:"ابن تريل [كذا] شاعر قدم دمشق".

ص: 501

‌الثَّاء

‌فَارِغٌ

‌الجِيْم

ابنُ جَعْوَنَة بن الحَارِث العَامِرِيُّ

كان عُمَر بن عَبْد العَزِيْز اسْتَعْمَل أباهُ جَعْوَنَة بن الحَارِث على مَلَطْيَة (a)، وكان ابنُه معه فغَزَا وأصَابَ وغَنِم، وسَيَّر ابنَهُ إلى عُمَر (b) بالغَنِيْمَة، فلمَّا دَخَلَ ابنُه وأخبَر عُمَر الخَبَر قال له عُمَر (c): هل أُصِيْبَ من المُسْلمِيْنَ أحَدٌ؟ فقال: لا إلَّا رُوَيْجل! فغَضِبَ عُمَر، وقال: رُوَيْجل رُوَيْجل؛ مَرَّتَين، تَجِيئُون بالشَّاةِ والبَقَرة، ويُصَاب رَجُلٌ من المُسْلِمِيْنَ! لا تَلي لي أنْتَ ولا أبُوكَ عَمَلًا ما دُمْتُ حيًّا.

وقد ذَكَرْنا هذا الخَبَر مُسْنَدًا في تَرجَمَةِ أبي بَكْر بن نَوْفَل بن الفُرَات في الكُنَى

(1)

.

وأظُنُّ صَاحِب التَّرْجَمَة مَنْصُور بن جَعْوَنَة، واللَّهُ أعْلَم.

‌ابنُ جنَاح

كان من صِحَابَةِ عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد الأَمِين ونُدَمائهِ

(a) جوّدها في الأصل في هذا الموضع بتشديد المثناة التحتية، وتقدم كلام المؤلف على وجه ذلك في الجزء الأول من كتابه.

(b) م: عمر بن عبد العزيز.

(c) م: عمر بن عبد العزيز.

_________

(1)

فيما تقدَّم من هذا الجزء.

ص: 502

وكان شَاعِرًا، رَوَى عن عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد. رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن المُطهّر الشِّمْشَاطِيِّ أبْيَاتًا قالها في دَيْر قُزمَان بالقُرْبِ من عَزَاز.

قَرَأتُ في كتاب الدِّيَرَة، تأليفُ أبي الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ، قال: حَدَّثَني ابنُ جنَاح، قال: مَضَيْتُ إلى دَير قُزْمَان، ومعي مَن آنسُ به من أخْوَاني، فرَأيتُه دَيْرًا حَسَنًا طَيِّبًا نَزِهًا، فأقَمتُ أيَّامًا، ورَأيتُ فيه شَمَّاسًا أمرَد كالبَدْر بقَدٍّ يقُدُّ القُلُوبَ، فأنْفَذْتُ إليه ليَحْضُر عندنا، فامْتَنعَ، فآنَستُهُ وجَعَلْتُ لا أُفارِقه، وتناولْتُ معه القُرْبان، ودَخَلتُ معه كُلّ مَدْخَلٍ إلى أنْ أنِسَ بي وعَاشَرني، وانْصَرفتُ وقَلبي معه، وقلتُ:[من البسيط]

يا دَيْرَ قُزْمَان كم لي فيكَ من وَطَرٍ

قضَّيتُهُ فسَقَاكَ اللَّهُ تَهْتَانا

أَقَمْتُ فيه أُسَقَّى من مُشَعْشَعَةٍ

تَنْفِي بسَوْرتها هَمًّا وأحْزَانا

تَجْلُو الدُّجَى بسَنَاهَا وهي نَيِّرةٌ

تخالها في كُؤوسِ الشَّرْب نِيْرَانا

حيَالَ رَوْضٍ أرْيَضٍ زَهْرُهُ عَطِرٌ

بَدِيعُ نُوْرٍ يُؤدِّي الحُسْنَ ألْوَانا

له بَدَائعُ أشْجَارٍ تَجاوَبُ في

أفْنَانها الطَّيْرُ مَثْنَى ثُمَّ وُحْدَانا

مُنادِمًا قَيْنَةً دَهْرًا ورُبَّتَما

نادَمْتُ قَسًّا وشمّاسًا ورُهْبَانا

وفيهمُ قَمَرٌ في لَيلِ مدرَعَةٍ

على قَضِيْبٍ حَوَى حُسْنًا وإحْسَانا

فلم أزَلْ أتَأنَّي في تَبَسُّطِهِ

وقد أخَذْتُ لقُرْبي منه قُرْبانَا

حتَّى اسْتَكَانَ إلى وَصْلِي ونَادَمَنِي

وكان من بَعْدِ ذا منه الّذي كَانَا

يا دَيْرَ قُزْمَان لا عُرِّيتَ من سَكَنٍ

ومن سَكُوبِ حيًا يا دَيْر قُزْمَان

يا جنَّةً خُصَّ من فيها بها فغَدَا

يَنَالُ سَاكنُها رَوْحًا ورَيْحَانا

ص: 503

‌الحَاءُ

‌ابنُ حُوَيّ السَّكْسَكِيِّ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وحَكَى عن عَمَّار بن يَاسِرٍ، وقيل: إنَّهُ هو الّذي قَتَلَهُ.

أنْبَأنَا أبو العَلَاء بنُ شَاكِرٍ، قال: كَتَبَ إلينا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللَّهِ بن أحْمَدَ بن أحْمَد بن أحْمَد النَّحْوِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بنُ نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن دِيْزِيْل (a)، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَني نَصْرُ بن مُزَاحِم

(2)

، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن شَمِر، عن جَابِر الجُعْفِيّ، قال: سَمِعْتُ الشَّعْبِيّ رجَع إلى حَدِيثه عن الأحْنَف بن قَيْسٍ، قال: ثُمَّ حَمَلَ عَمَّار بنُ يَاسِرٍ عليهم، فحَمَل عليه ابن حُوَيّ (b) السَّكْسَكِيّ، وأبو الغَادِيَةِ (c) الفَزَارِيّ، قال: فأمَّا أبو الغَادِيَةِ فطَعَنَهُ، وأمَّا ابنُ حُوَيّ فاحْتَزَّ رَأسَهُ، وقد كان ذو الكَلَاع سَمِعَ قَبلُ (d) عَمْرو بن العَاصِ يَقُول: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لعَمَّار بن يَاسرٍ: تَقْتُلك الفِئَةُ البَاغِيَةُ، وآخر شَرْبَةٍ تَشْربُها ضَيَاح (e) لَبَن، فكان ذو الكَلَاع يقُول لعَمْرو: وَيْحَك ما هذا يا عَمْرو، فيقُول له عَمْرو: أنَّهُ سَيَرجعُ إلينا، فأُصِيْب عَمَّارٌ بعد ذي

(a) من قوله: "قال حدثنا أبو الحسن. . . "، إلى هنا ساقط من م.

(b) في كتاب وقعة صفين حيثما يرد: ابن جَون، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.

(c) وقعة صفين: أبو العادية.

(d) الأصل: قتل، ولم ترد في كتاب وقعة صفين، وفيه:"وقد كان ذو الكلاع يسمع عمرو بن العاص يقول. . . ".

(e) مهملة في الأصل، م: صباخ، وفي كتاب وقعة صفين: ضياح من لبن، والضَّياح: الممزوج بالماء.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ، وترجمته في: وقعة صفين 300، 341 - 342، (وفيه: ابن جون السكوني)، المسعودي: مروج الذهب 3: 129، (وفيه: ابن جوين السكسكي وفي بعض نسخه كالمثبت)، تاريخ ابن عساكر 68: 27 - 28، ابن الأثير: الكامل 3: 310 (وفيه: ابن حوي السكسكي).

(2)

وقعة صفين 341 - 342.

ص: 504

الكَلَاع مع عليّ عليه السلام، وأُصِيْبَ ذو الكَلَاع مع مُعاوِيَةَ قبل ذلك، فقال عَمْرو بن العَاص لمُعاوِيَةَ: واللَّهِ يا مُعاوِيَة ما أدْرِي بقَتْل أَيّهما أنا أشَدُّ فَرَحًا؛ بقَتْل عَمَّارٍ أو ذي الكَلَاع؟ واللَّهِ لو بَقي ذو الكَلَاعِ حتَّى يقتَل عَمَّارٌ لمَالَ بعَامَّةِ أهْل الشَّام، ولأفْسَدَ علينا جُنْدَنا، وكان لا ينال رَجُلُ يجيءُ إلى مُعاويَة وعَمْرو بن العَاص فيقُول: أنا قتَلْتُ عَمَّارًا، فيقُول له عَمرو: فما سَمِعتَهُ يقُول عند ذلك؟ فيخلطُونَ (a) حتَّى قال ابنُ حُوَيّ: أنا قَتَلتُه، فقال له عَمْرو: فما كان آخر مَنْطِقِه؟ قال ابنُ حُوَيّ: سَمِعتُه يقُول: [من الرجز]

اليَوْمَ ألْقَى الأحبَّهْ

مُحَمَّدًا وحِزْبَهْ

قال له عَمْرو صَدَقْتَ؛ أنْتَ صَاحِبُه، ثمّ قال له: رُوَيْدًا أمَا واللَّهِ ما ظَفِرَتْ يَداكَ، ولقد أسْخَطْتَ ربَّكَ عز وجل.

‌ابنُ حَوْقَل النَّصِيْبِيُّ

(1)

رَجُلٌ فَاضِلٌ من أهْل نَصِيبِيْنَ، كان ببَغْدَاد وخَرَجَ منها يَوْم الخَمِيْس لسَبْع خَلَوْنَ من شَهْر رَمَضَان سَنَة إحْدَى وثَلاثين وثَلاثِمائة، وكان شَابَّا حينئذٍ، وشَرَع في جَمْع كتابِ جَغْرَافيَا

(2)

؛ فجَمَعَهُ جَمْعًا حَسَنًا، وذَكَرَ فيه شُؤون البِلَادِ وأحْوَالها ذِكْرًا اسْتَقْصَى فيه، وذَكَرَ فيه أنَّهُ شَاهد طَرَسُوسَ

(3)

. ودَخَلَ حَلَبَ، وغيرها من البِلَادِ، وبَقِي حَيًّا إلى قَرِيب السَّبْعين والثَّلاثمائة.

(a) م: فيختلطون، وفي كتاب وقعة صفين: فيخلط.

_________

(1)

توفي سنة 367 هـ، واسمه أبو القاسم محمد بن حوقل النصيبي، وترجمته عزيزة، انظر: كراتشكوفسكي: تاريخ الأدب الجغرافي 1: 300 وما بعدها، الزركلي: الأعلام 6: 111.

(2)

الإشارة إلى كتابه صورة الأرض، وهو كتاب استفاد منه ابن العديم في التعريف بالعديد من المواضع في الجزء الأول من كتابه، ونقل عنه الكثير من النصوص.

(3)

صورة الأرض 184.

ص: 505

‌الخَاءُ

‌ابن خِدَام الكَلْبيُّ

(1)

وقيل: ابن خِذَام بالدَّال والذَّال جَمِيعًا.

شَاعِرٌ من شُعَرَاءِ الجَاهِلِيَّة، كان مع امْرِئ القَيْسِ لمَّا دَخَلَ الرُّوم، واجْتازَ معه بناحيةِ حَلَب على المواضِع الّتي ذَكَرَها في قَصِيْدَتهِ الرَّائِيَّة مثل: حَمَاة، وشَيْزَر، وتَلّ مَاسِح، وتَاذِف، وباطَرْطَل، وقَذَارَان (a).

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللَّه بن خَالَوَيْه: قال أبو بَكْر؛ يعني ابن دُرَيْد: ابنُ خِدَام رَجُلٌ من كَلْبٍ، كان مع امْرِئ القَيْس في بلَادِ الرُّوم، وكَلْبٌ تَرْوي له شِعْرًا كَثِيْرًا.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا [. . .](b)، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن دُرَيْد في كتاب الجَمْهَرة

(2)

، قال: ابنُ خِدَامٍ هو شَاعِرٌ قَدِيم لا يُحْفَظُ له شِعْر إلَّا ما ذُكِرَ في هذا البَيْت؛ يعني بَيْتَ امْرِئ القَيْس

(3)

: [من الكامل]

عُوْجًا على الطَّلَلِ المُحِيْل (c) لأنَّنا

نَبْكي الدِّيَارَ كما بَكَى ابنُ خِدَامِ

(a) قيَّدها في الأصل وم بالدال المهملة: قداران، وتقدم ذكرها -وذكر المواضع الواردة قبلها- في الجزء الأول من هذا الكتاب.

(b) بياض في الأصل قدر سطر، والنص متصل في م.

(c) ساقطة من م، وفي جمهرة ابن دريد: لعلنا نبكي، كما يأتي في رواية الجوهري بعده.

_________

(1)

ترجمته في: طبقات فحول الشعراء ابن سلام الجمحي 1: 39، الشعر والشعراء لابن قتيبة 46 (في ترجمة امرئ القيس بن حجر).

(2)

جمهرة اللغة 2: 202.

(3)

ديوان امرئ القيس 151.

ص: 506

أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ أحْمَد بنُ عَبْد اللَّه بن عُلْوَان الأسَدِيُّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الدَّائم بن عُمَر (a) بن حُسَيْن الكِنَانِيُّ العَسْقَلانِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي (b) أبو البَرَكَات مُحَمَّد بن حَمْزَة بن الحَسَن العِرْقِيّ، ح.

قال شَيْخُنا أبو العبَّاس: وأجَازَهُ لنا ابنُ العِرْقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن جَعْفَر المَعْرُوفُ بابنِ القَطَّاعَ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن البِرِّ اللُّغَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد النَّيْسَابُوريّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر إسْمَاعِيْل بنُ حَمَّادٍ الجَوهَرِيُّ الفَارَابِيُّ

(1)

، قال: وابنُ خِذَامٍ رَجُلٌ من الشُّعَراءِ في قَوْل امْرِئ القَيْس

(2)

: [من الكامل]

عُوْجَا على الطَّلَ المُحِيْل لعَلَّنا

نَبْكِي الدِّيَار كما بَكَى ابنُ خِذَامِ

ذَكَرَهُ في خَذَم.

‌ابنُ الخَرَزِيّ

(3)

رَجُلٌ من الشُّجْعَان المُجَاهِدين، من أهْلِ الثَّغْر الشَّامِيِّ.

ذَكَرَ مُحَمَّد بن يَزيد المُبرَّدُ أبو العبَّاسِ أنَّ الرَّشِيْد لمَّا حَاصَرَ أهْلَ هِرَقْلَة خَرَجَ منها رَجُل والرَّشِيْدُ نائم (c) فدَعَا إلى البِرَاز، فلم يَخْرُج إليه أحدُ، فقال: ليَخْرُج إليَّ

(a) الأصل، م: محمد، وتقدم في الكثير من المواضع على النحو المثبت، وانظر ترجمته في تاريخ ابن عساكر 34: 107، وتاريخ الإسلام 13:375.

(b) ساقطة من م.

(c) في الأصل: قائم، وغير مقروءة في م والأظهر ما أثبت كما تدل عليه بقية الحكاية، وكما هو في نص الأصفهاني.

_________

(1)

الصحاح للجوهري 5: 1910، وأورد من بيت الشعر عجزه.

(2)

ديوان امرئ القيس 151.

(3)

كان حيًا سنة 187 هـ أو سنة 190 هـ؛ فإن الرشيد حاصر هرقلة في هاتين السنتين، وأورد المسعودي (مروج الذهب 2: 59 - 61) قصته مع الرشيد فى فتح هرقلة باختلاف في السرد، وسماه: ابن الجزري، وفي نسخه الأخرى: الجرزي، الحزري، الحرزي، كما أورد الأصفهاني هذه الحكاية (الأغاني 18: 177 - 179)، وسماه فيها: ابن الجزري.

ص: 507

منكم اثْنانِ، فلمَّا أحْجَم عنه القَوْمُ، قال: ليَخْرُج إليَّ ثلاثة، ثُمَّ لَم يَزل يَزِيدُ حتَّى قال: ليخرُج إليَّ منكم عشرُون! فلمَّا يئسَ انْصَرفَ والرَّشِيد نائم.

فلمَّا انتَبَه الرَّشِيْد خُبِّر بخَبَره فأسفَ واغْتَمَّ لِمَا كان من حُجَّابه (a) إذ لَم يُنبهُوه، فأحْضَر الرَّشِيْدُ قُوَّادَهُ ليَخْتَار منهم مَنْ يبُارزُه فضَجَّ الثَّغْرِيُّون وسَألوا أنْ يَسْمَع منهم، ودَعَا بهم، فقالُوا: إنَّك إنْ وجَّهْتَ رُؤَسَاء أصْحَابكَ مثل يَزِيد بن مَزْيَد، ونُظَرَائهِ فقَتَلَ هذا العِلْج قَتَلَ مَن لا يُعْرف، وإنْ قُتِلَ كان ذلك وَصْمَةً على الإسْلَامِ، وأعْلَمُوه أنَّ فيهم شَيْخًا يُعْرفُ بابن الخَرَزِيّ (b) يَثِقُون بشَجَاعَته، وأنْ يُخْرَج لمُبَارزَتهِ، فإنْ ظَفِرَ فالحَمدُ للَّهِ، وإنْ اسْتُشهدَ فرَجُل من العامَّةِ لا يُؤبَهُ له، فاسْتَصْوب قَوْلَهم.

ودَعَا الشَّيْخَ، وأمَرَ له بفَرِسٍ وسَيْفٍ ودَرَقَةٍ، فقال: أنا بسَيْفي هذا أوثَقُ وعن فَرَسي رَاضٍ، وأخَذَ الدَّرقَة وخرَجَ إلى العِلْج ومعَهُ عشرونَ يُشَيِّعُونه، ويَدْعُون له، فلمَّا بَصُر بهم العِلْج، قال: إنَّما كانت الشَّريطَةُ أنْ يَبْرُزَ إليَّ عِشْرون منكم، وقد زدْتُم على العَدَدِ واحدًا! فقالوا له: ما يَخْرُج إليك منَّا إلَّا رَجُل واحدٌ، فلمَّا التقَيا (c) تَطَاعَنا بالرِّمَاح حتَّى تكسَّرَتْ، وبالسُّيُوف حتَّى انْثَنَتْ، فبينما هما كذلك إذ انْهَزَم ابن الخَرَزِيّ، واتَّبَعَهُ العِلْجُ، وارْتَفع صِيَاح الرُّوم بالجذل والاسْتِبْشَار، ودَخَلَ المُسْلمِيْنَ بذلك جُبْنٌ شدِيْدٌ، وإنَّما كان ذلك حِيْلةً من ابن الخَرَزِيّ، فرَمَاهُ بوَهَقٍ معه، فإذا هو في حَلْقِهِ، وحَطَّهُ عن سَرْجهِ، وأتَى به يَسْحَبُه، فكَبَّر المُسْلمُون تَكْبيرةً تَضَعْضَع بها الرُّومُ، وقال الرَّشِيْدُ: لا قَوَام لهم بعد قَتْل العِلْج، فاحْملُوا عليهم، فحَمَلُوا على الجَيْشِ، فكان هذا السَّبَب في فَتْحِ هِرَقْلَة.

(a) بعده في الأصل: "حيث"، وضرب عليه.

(b) في م حيثما يرد تاليًا: ابن الجزري.

(c) م: التقت.

ص: 508

‌ابنُ الخَشَّاب

(a)

أدِيبٌ كان يُقْرِئ الأدَبَ بحَلَب في أيَّام سَيْف الدَّوْلَة.

نَقَلْتُ من خَطِّ صَدِيْقِنا عَبْد المحسِن بن الأنْمَاطِيّ، قال: ذَكَرَ لنا شَيْخُنا الإمَامُ أبو الثَّنَاء حَمَّاد بنُ هِبَةِ اللَّه بن حَمَّاد الحَرَّانيّ، وَفَّقَهُ اللَّهُ، أنَّ المُتَنَبِّي وَقَفَ على مَجْلِسِ ابن الخَشَّاب بحَلَب، وهو في حلْيَةِ العَرَب، والشَّيْخُ المَذْكُورُ يَقْرأُ عليه، فرُبَّما وَهِمَ الشَّيْخُ فغلَّطَهُ الطَّالبُ، فردَّ عليه المُتَنَبِّي دفْعَةً بعد أُخرى، وكان الشَّيْخ لا عِلْم له بالمُتَنَبِّي، فلمَّا أكْثَر من الرَّدِّ التفَتَ إليه الشَّيْخ وقال له: ادْخُل، فلمَّا دَخَلَ نَاولَهُ الشَّيْخُ رُقْعَةً كانت في الدَّوَاةِ فيها بَيْتُ شِعْرٍ يَمْتَحن بهِ هو:[من الخفيف]

كُلَّما قُلْتُ قَد دَنَا الوَصْلُ مِنْها

صَدَّهَا العَاذِلَاتُ مِن كُلِّ وَجْهِ

فكَتَبَ المُتَنَبِيّ (b): [من الخفيف]

وإذا ما نَأى العَوَاذِلُ عَنْها

وتَرَاءَتْ له تَعُجْ وتَعُجْ هي

فقال له: أنتَ المُتَنَبِّي؟ فقال: نَعَم؛ أنا هو.

قال الشَّيْخُ حَمَّاد: فبَقِي البَيْتان إلى زَمَانِ أبي العَلَاء بن سُلَيمان، فزَاد فيهما، فقال

(1)

: [من الخفيف]

وَلَها مَنْزِلٌ مِنَ الوُدِّ عَافٍ

وطَرِيقٌ إلى القَطِيْعَةِ مَجْهِي (c)

أتَلَقَّى رَسُولَها بِنَجَاحٍ

كَتِلِقَّائها رَسُولي بِنَجْهِ

(a) م: ابن الحساب.

(b) زيد بعده في م: يقول، ولم أقف على شعر المتنبي في ديوانه.

(c) م: مجهعي!.

_________

(1)

لم أقف عليه في كتب أبي العلاء المعري.

ص: 509

وقَرأتُ بخَطِّ أبي اليُمْن السَّابِق بن أبي مَهْزُول المَعَرِّيّ: سَألتُ أبا العَلَاء -يعني المَعَرِّيّ- إجَازَة هذا البَيْت، فقال: لا أعْرِفُ فيه غير حَرْفَيْن من اللُّغَة، ونَظَمها بَدِيْهًا لوَقْته:[من الخفيف]

كُلَّما قُلْتُ قَد دَنَا الوَصْلُ مِنْها

صَدَّها العَاذِلَاتُ مِن كُلِّ وَجْهِ

الإجَازَةُ:

أتَلَقَّى رَسُولَها بخُضُوعٍ

كُلَّما قَابَلَتْ رَسُولي بِنَجْهِ

الرَّدُّ القَبِيْح

(1)

.

ولَها مَنْزِلٌ مِنَ الوُدِّ عَافٍ (a)

وطَرِيقٌ إلى التَّجَنُّبِ (b) مَجْهِي

تَخْفِيف مَجْهِيٌّ (c)؛ وهو: الوَاضِح.

ولَم يَذْكُر السَّابِقُ بيتَ المُتَنَبِّي، والقافيةُ فيه مُرَكَّبةٌ من كَلمتَيْن.

قُلتُ: والعَجَبُ أنَّهم تكلَّفُوا لذلك هذا التَّكَلُّف، وأغْفَلُوا ذِكْر الوَجْه، الّذي هو وَجْهُ الإنْسان، لأنَّ الوَجْه المَذْكُور في البَيْتِ المُجَاز هو الجهَة لا الوَجْه المُواجَهُ بهِ، فقُلْتُ بَيْتًا آخر:[من الخفيف]

وإذا رُمْتُ سَلْوةً صَدَفَتْنِي

بقَوَامٍ ونَاظِرٍ وَبِوَجْهِ

‌ابنُ الخَشَّاب القَاضِي الهاشِميّ

(2)

هكذا وَقَعَ إليَّ فيما ذَكَرَهُ الشَّريفُ أبو الغَنائِم عَبْدُ اللَّه بن الحَسَن بن مُحَمَّد

(a) م: من القوعات.

(b) م: النجيب.

(c) م: مهجي.

_________

(1)

يقصد تفسير: نَجْه، وهو الزجر والردع.

(2)

كان حيًا سنة 363 هـ وهي سنة عزله عن قضاء حلب، وترجمته في: زبدة الحلب 1: 166، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 140.

ص: 510

الزَّيْدِيّ في كتاب عُيُون المُشْتاقِيْن

(1)

، في ذِكْر أبيهِ القَاضِي المُطَهَّر الحَسَن بن مُحَمَّد، وذِكَرَ أنَّ أباهُ قَدِمَ حَلَبَ في أيَّام أبي المَعَالِي شَرِيْف ابن سَيْف الدَّوْلَة، وكان قَاضيها رَجُلٌ يُقال له ابن الخَشَّاب الهاشمِيّ، فعَزَلَهُ شَرِيْفٌ عن القَضَاءِ ووَلَّى القَاضِي أبا مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد.

قال: وتَزَوَّج الحَسَنُ بن مُحَمَّد بحَلَب بنْتَ القَاضِي الهاشِميّ المَعْزُول. ووَلده [. . .](a) منها، وقد ذَكَرْناهُ.

‌ابنُ الخفَّانِيّ

(2)

صَحِبَ أبا الفِتْيَانِ مُحَمَّد بن سُلْطان بن حَيُّوس بحَلَب، ورَوَى عنه شَيئًا من شِعْره، رَوَى عنهُ أبو عَبْدِ اللَّهِ بن المِلْحِيّ، وذَكْرَ أنَّهُ مات بحَلَبَ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكاَت الحَسَنُ بن مُحَمَّد، قال. أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم علِيّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ

(3)

، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بنُ المُحَسِّن لَفْظًا، وكَتَبه لي بخَطِّه، قال: ابنُ الخفَّانِيّ (b) رَجُلٌ شَيْخٌ طاعنٌ في السِّنِّ، كان كَثِيْر الاجْتِمَاع والاخْتِلَاط بأبي الفِتْيَانِ بن حَيُّوس، يَحْفَظُ عُيُونَ شِعْره، ويُنْشدُ طَبْعًا بلا تَلْحين أحْسَن إنْشَادٍ، وأطْيَب نَغْمة، وكان سَافَر صُحْبَة أبي الفِتْيَان، وأقام نَائيًا (c) عن دِمَشْقَ مُدَّة سِنين كَثِيْرةً، وبحَلَب ماتَ.

(a) بياض في الأصل قدر كلمتين، ولعل ابن بنت القاضي ابن الخشاب هو الشريف أبو الغنائم عبد اللَّه.

(b) ابن عساكر: الخفافي.

(c) م، وابن عساكر: نائبًا، تحريف.

_________

(1)

تقدم التعريف بالكاتب في الجزء الثاني.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 30، وفيه:"ابن الخفافي".

(3)

تاريخ ابن عساكر 68: 30.

ص: 511

أنْشَدَني بَيْتًا سَمِعَهُ من أبي الفِتْيَان، وقال: هذا ما سَمعَهُ أحدٌ غيري من أبي الفِتْيَان، كُنَّا خَرَجْنا نتَصيَّدُ ببُزَاةٍ لنا ومعنا فُلَانٌ؛ أميرٌ ذَكَرهُ، فأرْسَل بَازهُ فحرم، ثمّ أرْسَل ثانيةً، فكان كذلك، وفي كُلِّ مرَّة يَقُولُ: لا حَوْل ولا قُوَّة إلَّا باللَّهِ، فقال أبو الفِتْيَان

(1)

: [من الخفيف]

مُكْثِرٌ (a) عندَ صَيْدِه قَوْلَ لا حَوْ

لَ إذا قالَ غَيرُهُ اللَّهُ أكْبَرُ

(a) مهملة في م، وكد ابن عساكر: مكبر.

_________

(1)

لم أقف عليه في ديوان ابن حيوس.

ص: 512

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌ابن خَلَف الجُمَحِيّ

(1)

شَابٌّ من قُرَيْشٍ؛ من أصْحَاب مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان، شَهِدَ معه صِفِّيْن.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن هِبَةِ اللَّه بن الشِّيْرَازيّ، فيما أذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بنُ عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدِ اللَّهِ بن الخَضِر، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن أبي طَالب، قال: حَدَّثَني أبي، عليُّ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَى أبو عَمْرو السَّعِيْدِيّ، قال: حَدَّثني جَعْفَر بن أحْمَد بن مَعْدَان، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن جَهْوَر، قال: حَدَّثَنَا القَاسِمِ بن عُرْوَة (a) مَوْلَى أبي أيُّوبَ المَكِّيّ، عن ابن دَأْب، قال: بَلَغَني أنَّ شابًّا من قُريْشٍ من بني جُمَح ابْنًا لخَلَف الجُمَحِيّ وكان مع مُعاوِيَةَ بصِفِّيْن، وكان فَارِسَ أهْلها، والّذي رَدَّ الأشْتَر عن مُعاوِيَة بعدَما غَشِيَهُ، دَخَلَ على مُعاوِيَة وقال: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، إنَّا تَرَكنا الحَقّ عيانًا، وعليّ بن أبي طَالِب يَدْعُونا (b) إليه في المُهاجِرين والأنْصَار، وبايَعْناكَ على ما قد عَلِمْتَ، ثُمَّ طاعَنْتُ عنك أسَد (c) أهْل العِرَاق بعدَما غَشِيَك، حتّى إذا نِلتَ ما رَجَوْتَ، وأمنْتَ ما خِفْتَ، جَعَلْتَ الدَّهْر أرْبَعة أيّام: يَوْمًا لسَعِيد بن العَاصِ، ويَوْمًا لمَرْوَانَ بن الحَكَم، ويَوْمًا لعَمْرو بن العَاص، ويَوْمًا للمغِيرَة بن شُعْبَة، وصِرْنا

(a) ابن عساكر: عمرو.

(b) ابن عساكر: يدعو.

(c) ابن عساكر: أشد.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 140 - 141.

(2)

تاريخ ابن عساكر 68: 140 - 141.

ص: 513

لا في عِيْرٍ ولا في نَفِيرٍ، ثُمَّ خَرَجَ من عنده وهو يَقُول (a):[من الطويل]

أظُنُّ قُرَيشًا باعِثي الحَرْبِ مرَّةً

عَلَيكَ ابنَ هِنْدٍ أو تَجُرَّ الدَّوَاهِيَا

أَيَوْمٌ لمَرْوَانٍ ويَوْمٌ لِصْهرِه

سَعِيدٍ ويَوْمٌ للمُغِيْرَ مُعَاوِيَا

ويومٌ لعَمْرٍو والحَوَادثُ جَمَّةٌ

وقد بَلَغَتْ منَّا النُّفُوسُ التَّرَاقِيَا

أَتَنْسَى بَلَائي يَوْمَ صَفَّينَ والقَنَا

رِوَاءٌ وكانَتْ قَبْلَ ذاكَ صَوَادِيَا

إذِ (b) الأشْتَرُ النَّخْعِيُّ في مُرْجَحِنَّةٍ

يَمَانيِةٍ يَدْعُو رَئيسًا يَمَانيَا

فطَاعَنْتُ عَنْكَ الخَيْلَ حتَّى تَبَدَّدَتْ

بَدَادَ بَنَاتِ الماءِ أبْصَرْنَ بَازِيَا

تَرَكْنَا عليًّا في صِحَابِ مُحَمَّدٍ

وكانَ إلى خَيْرِ الطَّريقَةِ دَاعِيَا

فلَّما اسْتَقَامَ الأمْرُ مِن بَعْدِ فَتْلِهِ (c)

وزُحْرخَ ما تَخْشَى ونِلْتَ الأمَانيِا

دَعَوْتَ الأُلَى كانُوا لمُلْكِكِ آفةً

وخِلْتَ مقَامي حَيَّةً أو أفَاعِيَا

فلمَّا بَلَغَ مُعاويَة قَوْلُهُ، بَعَثَ إليه وعندَهُ وُجُوهُ قُرَيْشٍ، فقال: يا ابن أخي، إنِّي مثَّلْتُ بين تَرْكي إيَّاكَ وبين مَعَاشِكَ، فوَجَدْتُ مَعَاشَكَ (d) أبْقَى لك، وأيْمُ اللَّهِ ما أخَافُ عليك نَفْسِي، ولكنِّي أخَافُ عليك من بَعْدِي؛ فإنِّي رَأيْتُكَ رَحْبَ الذِّرَاعَيْن بمَسَاءَةِ عَملٍ شَدِيد التَّقَحُّم عليه، فليَضق به (e) ذرْعُكَ، وليَقِلّ علَيَّ تَقحُّمُكَ، فإنَّك لسْتَ كُلّ ما شِئْتَ تَجدُ مَنْ يَحْملُ سَفَهَكَ، فَخَرَجَ الفَتَى من عندِه واسْتَحى وارْتَدَع، وأنْشَأ مُعاوِيَةُ يقُولُ:[من الطويل]

أيَا مَن عذيري مِن لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ

فيُخسِئَ (f) كَلْبًا كاَشِرَ النَّابِ عَاوِيَا

فما ليَ ذَنْبٌ في لُؤَيِّ بْنِ غَالبٍ

سِوَى أنَّني دَافَعْتُ عنها الدَّوَاهِيَا

وإنِّي لَبِسْتُ الجُوْدَ والحِلْمَ فيهِمُ

وأنْ مَنْ رمَاهُمْ بالأذَى قَد رَمَانيِا

فأصبَحْتُ ما ينْفَكُّ صَاحِبُ شِرَّةٍ (g)

يقُومُ لها بينَ السِّمَاطَيْنِ لَاهِيَا

(a) م: وهو ينشد ويقول.

(b) ابن عساكر: أو.

(c) ابن عساكر: ميله.

(d) ابن عساكر: وبين معاتبتك، فوجدت معاتبتك. . .

(e) م: بك.

(f) ابن عساكر: فنخشى.

(g) م: مره، ابن عساكر: سوءة.

ص: 514

فإنْ أنا جازَيْتُ السَّفيْهَ بذَنْبِهِ

فمِنْها يَمِيْني أُفْرِدَتْ مِن شِمَاليَا

وإِنْ أنا لَم أَجْزِ السَّفِيْهَ بذَنبِهِ

لوَى رَأسَهُ وازدَادَ غيًّا تَمَادِيَا

فَوليتُهُمْ أُذْني وكانَتْ سَجِيَّتي

لَياليَ لَم أَمْلِك وإذْ (a) كُنْتُ وَاليَا

فكَمْ قائلٍ أمّا هلكْت لقَوْمهِ

وقَائلةٍ لا تَبْعَدَنَّ مُعَاوِيَا

وإنِّي لكُمْ عَوْدٌ ذلُولٌ مُوَقَّرٌ

فقُلْ للأُلَى يَنْهاهُمُ ما نَهَانِيَا

قال: وحَدَّثنَا السَّعِيْدِيُّ (b)، قال: حَدَّثَني مُوسَى بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ الأنْصَاريُّ، عن أبي مِحْنَفٍ، قال: حَدَّثَني الصَّقْعَبُ، عن مُحَمَّد بن سُلَيم بمثْلِهِ، وزَادَ في آخر الخَبَر بعدَ الشِّعْر ثُمَّ دَعَا بالفَتَى فعَقَدَ له على بَعْضِ كُوَر الشَّام. وزَادَ في شِعْر مُعاوِيَة بعد البَيْتِ الثَّالث:[من الطويل]

ألَم أعْفُ عن أهْلِ الذُّنُوبِ وأُعْطِهم

عَطِيَّةَ مَنْ لا يَحْسبُ المالَ فَانِيَا

‌الدَّال والذَّال والرَّاء والزَّاي: فَارِغاتٌ

‌السِّيْن

‌ابن سَابِط الجُمَحِيّ

(1)

واسْمُهُ عبدُ الرّحْمن، مَرَّ بقِنّسْرِيْن غَازِيًا، رَوَى عنهُ عُمَر بن سَعيد بن أبي

(a) ابن عساكر: وإن.

(b) ابن عساكر: السعدي، وتقدم في طالع الخبر على النحو المثبت.

_________

(1)

توفي سنة 117 هـ أو 118 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 5: 472 (في سياق وترجمة حفيده عبد الرحمن بن عبد اللَّه)، تاريخ خليفة 349، نسب قريش للزبيري 397 (ذكره في ولد أبي حُميضة بن عمرو بن وهيب)، تاريخ البخاري الكبير 5: 294 - 295، التاريخ الصغير 1: 320، المعرفة والتاريخ 1: 334، 293 (ذكر عارض في إسنادين)، تاريخ الطبري 1: 266، الاشتقاق لابن دريد 132، الجرح والتعديل 5: 240، الثقات لابن حبان 5: 92 - 93، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 162، تاريخ ابن عساكر 34: 376 - 382، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 81، تهذيب الكمال 17: 123 - 127، الكاشف 2: 165، تاريخ الإسلام 3: 273، العبر في خبر مَن غبر 1: 114، الوافي بالوفيات 15: 69، 18: 147 - 148، تهذيب التهذيب 6: 200، 12: 295، تقريب التهذيب 1: 480، شذرات الذهب 2:85.

ص: 515

حُسَيْن، وأبو السَّودَاء، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(1)

.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن إذنًا، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخان: أبو القَاسِم إسْمَاعِيل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقنديّ، وأبو الحَسَن عليّ بن هِبَةِ اللَّهِ بن عَبْدِ السَّلام -قال أبو الحَسَن عليّ: أخْبَرَنا أبو طَاهِر عَبْد الكَريم بن الحَسَن بن رِزْمَة، وأبو عَبْدِ اللَّه بن سُكَيْنَة- قالا: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَاصِمُ بن الحَسَن بن مُحَمّد بن عليّ بن عَاصِم العَاصِميّ، وقال أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ: أخْبَرَنا أبو [. . .](a)، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَاصِمِ، قال: أخْبَرنا أبو الحُسَيْن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن بِشْرَان السُّكَّرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان البَرْدَعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بنِ أبي الدُّنْيا

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن جَمِيل المَرْوَزيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّه بن المُبارَك، قال: أخْبَرَنا عُمَرُ بن سَعيد (b) بن أبي حُسَيْن، عن ابن سَابِط الجُمَحِيّ أنَّهُ خَرَجَ من قِنَّسْرِيْن وهو قَافِلٌ، قال: فأشَار لي إنْسَان إلى قبر عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، فوقفتُ أنْظُر، فَمرّ عبَادِيٌّ فقال: لِمَ وَقفْتَ هَا هُنا؟ فقُلتُ: أنظُرُ إلى قَبْر هذا الرَّجُل الّذي قَدِمَ علينا مَكَّة في سُلْطانٍ وأمْرٍ، ثُمَّ عَجبْتُ إلى ما رُدَّ إليه! فقال: ألَا أُخْبرك ضَبَره لعَلَّك تَذْهَبُ (c)، قُلتُ: وما خَبَرَهُ؟ قال: هذا ملكُ الأرْضِ بَعَثَ إليه مَلَكُ السَّماء (d) والأرض، فأخَذَ رُوحَهُ، فجاءَ بهِ أهْلُهُ فجعَلُوه هَا هُنا، حتَّى يأتي اللَّه عز وجل يَوْم القِيامَة مع مَسَاكِيْن أهْلِ دِمَشْقَ.

‌ابن سِنَان الخَفَاجِيّ

إمامُ مَسْجِد الغَضَائِريّ دَاخِل باب أنْطَاكِيَة بحَلَب، كان في أيَّام سَيْف الدَّوْلَةِ أبي الحَسَن بن حَمْدَان.

(a) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، والنص متصل في م.

(b) م: سعد.

(c) كذا في الأصل، وفي رسالة ابن أبي الدنيا: ترهب.

(d) ابن أبي الدنيا: السموات.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة المتحضرين) 3: 800.

ص: 516

قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي المَكَارِم مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك (a) بن أِبي جَرَادَة الحَلَبِيّ: حَدَّثني الشَّيْخُ الإمَامُ الأَمِينُ أبو الحَسَن عليُّ بن عَبْدِ اللَّهِ بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة رضي الله عنه، أنَّ بعضَ بني سِنَان الحَلَبيِّيْنَ كانت له (b) حُجْرٌ مُقرِبٌ من الخَيْلِ العِتَاق في زَمَانِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ أبي الحَسَن عليّ بن حَمْدَان بحَلَب، وكان يَسْكُنُ بها بدَرْب العُدُوْل، وِجَمَاعَة أهْل حَلَب يَوْمئذٍ يَرْتَبِطُونَ الخَيْل العَرَبيَّةَ ويُعِدُّونَ العُدَدَ للقاءَ الرُّوم، ومُجَاورَة الثُّغُور، وشَنِّ الغَارات عليهم في أكْثَر الأوقَاتِ، وكان سَحرَ كُلّ يَوْم يَنْزل من بَيْته إلى المَسْجِد المَعْرُوف بالغَضَائِريّ دَاخِل باب أنْطَاكِيَة، يُصَلِّي بالنَّاسِ فيه.

ويُقال إنَّهُ أوَّل مَسْجِدٍ بُني بها، لأنَّ أبا عُبَيْدَة بن الجَرَّاح لمَّا فَتَحَها دَخَلَ من البابِ، واخْتَطَّ ذلك المكانَ، وأمرَ أنْ يُبْنَى مَسْجِدًا فبُنِي، وهو الآن أعْمَر ممَّا تقدَّم.

فصَلَّى بهم الفَجْرَ في بَعْضِ الأيَّام، فلمَّا سَلَّم ودَعَا، أقْبَلَ على الجَمَاعَة، وهو جَالِسٌ في المِحْرَابِ، فقال لهم: قد رَأيْتُ في هذه اللَّيْلةِ مَنامًا سَرَّني، وأسْأل اللَّه أن يُحقِّقَهُ لي يَوْم القِيامَة، ثُمَّ قصَّهُ عليهم، فقال: رَأيْتُ كأنَّ القِيامَة قد قامَت، وقد جُمعَ الخَلْقُ للحِسَاب، ونُصِبَ المِيْزَانُ ومُنَادٍ يُنَادِي: يا فُلَان ابن فُلَان (c)، فيُحْضَر ويُحَاسَب، وِتُوضَع أعَمالهُ في كفَّتَيه، والكَاتِب يُحْصيْهَا، فَمن ثَقُلَتْ حَسَناتُهُ أُمِر به إلى الجَنَّةِ، ومنْ ثَقُلَتْ سيِّئَاتُه أُمِرَ بهِ إلى النَّارِ، وقد رَأيْتُ في ذلك المُجْمَع هَوْل المُطَّلعَ، ثمّ نَادَى المُنَادِي باسْمِي، فأُحْضِرتُ ونُشِرَتْ صَحِيْفَتي، وَوُزنَتْ حَسَناتي وسَيِّئاتي، فرجَحَت سَيِّئاتي، فأُمِرَ بي إلى النَّارِ، فسُحِبْتُ وبي من الهَلَع ما لَم يُسْتَطَعْ، وإذا المُنَادِي يَصِيح: ردُّوه، فرُدِدْتُ، وقيل للوَزَّان: ضَعْ هذا في

(a) م: عبد اللَّه، وأورد ابن العديم الحكاية إلى آخرها في كتابه التذكرة 85 - 87.

(b) م: لهم.

(c) م: يا فلان، يا ابن فلان.

ص: 517

كَفَّة المِيْزَان، فَحَطَّ فيها مُهْرَةً غَرَّاءَ غَشوَاءَ، لم تَرَ العَيْنُ أحْسَنَ من شِيَاتها، فرَجَحت حَسَناتي، فأمرَ بي إلى الجَنَّةِ، فنَالني من الفَرَح والاسْتِبْشَارِ ما أيْقَظَني، فقُمْتُ وتَوضَّأتُ، وأتَيْتُ إلى الصَّلاةِ.

فعَجبَ الحاضرُونَ منِ هذا المَنَام، ولَم يَلْبَث أنْ جاءَ الغُلَامُ فقال له: يا سَيّدي، إنَّ الفَرَس قد ولَدَت في هذه السَّاعَة مُهْرَةً، ووَصَفَ صفَةَ المُهْرَة الّتي رآها سَيِّدُهُ في مَنامِهِ، ولَم تَبْق إلَّا يَسِيْرًا وماتَتْ، فكَثُر العَجَبُ من تَحْقِيق الرُّؤيا (a)، وقام صَاحِبُ الفَرَسِ ومعه جَمَاعَةٌ مع الغُلَام إلى أنْ عَاينُوا المُهْرَةَ في الحالِ بالصِّفَةِ الّتي ذَكَرها في المَنَام، فكَثُر حَمْدُ صَاحِبها للَّه (b) إذ كانت تلك المُهْرَة فكَاكَهُ من النَّارِ.

فنَسْأل اللَّه (c) خَاتمة الخَيْر والنَّجَاة منها، إنَّهُ عفُوٌّ غَفُور.

‌ابنُ سَيف المَعَرِّيُّ

كَتَبَ عنهُ أبو المَحَاسِن عَبْد اللَّطيْف ابن سَعْد الدَّوْلَة أبي المَكارِم ابن الأَثِيْر بَيْتَيْن لابن الفُقّاعِيّ الشَّاعر المَعَرِّيّ، قد ذَكَرْهُما في تَرْجَمَةِ ابن الفُقَاعِيّ بعد هذا

(1)

.

‌الشِّيْنُ

‌ابنُ شِكَاب الأنْطَاكِيُّ

رَوَى عن مَرَّار بن حَمُّوْيَه، رَوَى عنهُ أبو العبَّاسِ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مَسْرُوق.

(a) م: فتعجب الناس وكثر تعجبهم في تحقيق الرؤيا.

(b) م: للَّه تعالى.

(c) م: اللَّه تعالى.

_________

(1)

تأتي قريبًا في هذا الجزء.

ص: 518

أخْبرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّهِ بنُ الحُسَين بن رَوَاحَة الحَمَوِيُّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الخَطَّاب نَصْر بن أحْمَد بن عَبْد اللَّهِ بن البَطِر، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن رِزقُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد جَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَيْر الخَوَّاص، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَسْرُوق، قال: حَدَّثَنَا ابن شِكَاب الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا مَرَّار بن حَمُّوْيَه، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بنُ شُعَيْب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بن الوَلِيد بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بن بَهْدَلَةَ، عن زِرّ بن حُبَيْشٍ (a)، قال: سَمِعْتُ عَبْد اللَّهِ بن مَسْعُود يَقُول: الصَّبْر عُدَّةُ العَاقِلِ ومَلْجأ المَغْلُوب.

‌الصَّادُ

‌ابنُ صَدَقَة المَوْصِلِيُّ النَّحْوِيُّ

كان من النُّحَاةِ المُتَصَدِّرين بحَلَب في أيَّام سَيْفِ الدَّوْلَةِ ابن حَمْدَان، واجْتَمَع بهِ ابن خَالَوَيْه بين يَدي أبي المُرَجَّي بن حَمْدَان، وجَرَى بينهما كَلامٌ.

رَوَى عن أبي بَكْر بن دُرَيْد، رَوَى عنهُ بعضُ عُلَماءِ حَلَب، وأظُنُّه سَلامَة المِمْرَثُ الحَلَبِيُّ.

‌ابن صَدَقَة الهاشِميُّ

شَاعرٌ، له أبْيَاتٌ في أبي عَبْدِ اللَّه بن خَالَوَيْه يَمْدَحُه فيها، وأظُنُّه يُعَرِّض بابن صَدَقَة المَوْصِلِيّ فيها.

(a) م: عن رزين بن حبيش.

ص: 519

نَقَلْتُ من خَطّ عليّ بن ثَرْوَان الكِنْدِيّ في أمالي أبي عَبْدِ اللَّهِ الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَها من خَطِّ ابن خَالَوَيْه، لابن صَدَقَة الهاشِميّ فيه (a):[من الوافر]

إذا ما المَرْءُ أشْبَه وَالِدَيْهِ

فأيَّةُ حُجَّةٍ بَقِيَتْ علَيهِ

وما زَال الحُسَينُ لَهُ سَجَايَا

تُذِكِّرُنا مَخَايلَ خَالَوَيْهِ

شَأى كُبَرَاءَ أهْلِ العِلْم طُرًّا

بفِطْنَتهِ وحِدَّةِ أصْغَرَيْهِ

وفَلَّ المَوْصِلِيَّ له لسَانٌ

به أَنْحَى عَلَى ابْنِ دَرَسْتَوَيْهِ

كنَصْلِ السَّيْفِ يَضْحَكُ والمَنَايا

تُعَبِّسُ تارةً في مَضْرَبَيْهِ

فأَجْلَبَ حين لَم يغْلِبْ خِدَاعًا

فكادَ الصَّفْعُ يأخُذُ أخْدَعَيْهِ

‌حَرْفُ الضَّاد:

‌ فَارغٌ

‌الطَّاءُ

‌ابنُ طُلَيْب الكَوْكَبِيُّ

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، كان في أيَّام المَأْمُون، كان من أهْل قَرْيَةٍ يُقال لها كَوْكَبا من قُرَى أنْطَاكِيَةَ، حَضَر عند المَأمُون حين اجْتازَ إلى أنْطَاكِيَة، حَكَى عنه رَجُل من أهْلِ أنْطَاكِيَة لَم يُسَمّ.

قَرَأتُ في كتاب الزّهْرَة

(1)

للوَشَّاءِ أبي الطّيِّب، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد القَاسِمُ بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ، قال: أخْبَرَني عليّ بن سُلَيمان القَيْسِيّ، قال: أخْبَرَني

(a) م: فيه يقول.

_________

(1)

كتاب الزهرة: زهرة الرياض، كتاب في الأدب يقع في عشر مجلدات، لم يصلنا، ومؤلفه محمد بن أحمد بن إسحاق، أبو الطيب الوشاء (ت 325 هـ). انظر: معجم الأدباء 5: 2303 - 2304، الزركلي: الأعلام 5: 309.

ص: 520

رَجُلٌ من أهْلِ أنْطَاكِيَة بأنْطَاكِيَةَ (a)، قال: لمَّا مَرَّ بنا المَأْمُونُ غَازِيًا بلاد الرُّوم نَزَل بكَوْكَبا، وهي قَرْيَةٌ من قُرَى أنْطَاكِيَة، فنَظَر إلى زَيْتُون حَامِلٍ وإلى كُرُوم كذلك، قال: لمَن هَذا؟ فقالوا: لرَجُلٍ من أهْل كَوْكَبا يُقال له: ابن طُلَيْب، فقال: لعَلَّهُ صَاحِب الشِّعْر الّذي يقول: [من المنسرح]

غُشَّ بَني آدَمٍ فكُلُّهُمُ

للَّهِ عَاصٍ وكُنْ لهُمْ دَغِلَا

قالوا: نَعَم يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: وما فَعَل؟ قالوا: شَيْخٌ كَبِيرٌ في مَنْزِله (b)، قال: آتُوني به، فجاؤوا به، فلمَّا مَثل بينَ يَدَيْهِ، قال: أنْشَدَني شِعْرك، فأنْشَدَه، قال:[من المنسرح]

غُشَّ بنى آدَمٍ فكُلُّهُمُ

للَّهِ عَاصٍ وكُنْ لهُمْ دَغِلَا

وكُلْ بضِرْسٍ وطَا الأنامَ بظِلْـ

فٍ تأْتِ حَزْمًا وتُحْكِمُ العَمَلا

لا تَحْفُ بالنَّازِلِ المُقِيْمِ ولا

تَبْكِ على ظَاعنٍ إذا رَحَلَا

مَنْ غابَ أو حَالَ عن مَوَدَّتِهِ

فخَلِّ عنه واطْلُبْ بِهِ بَدَلا

ولا تَقُلْ أحفَظُ الذِّمَامَ ولا

أنْسَى فُلَانًا وحُسْنَ ما فَعَلَا

انْسَ أباكَ المَفْرُوضَ طَاعتُهُ

عَلَيْكَ فيما يُحْيي لَكَ الأمَلَا

ومِلْ مَعَ الرِّيح مَيْلَ مُنْتَقلٍ

عن كَدَرِ العَيْشِ وَابْتَغِ الدُّوَلَا

وكُنْ مِنَ النَّاسِ مِن أبيْكَ فلا

أقْرَبَ مِنهُ مُسْتَوحشًا وجَلا

إنْ مُسْتَشيرٌ أتَاكَ مُنْتَصحًا

فامْدُد له كيف ما اشْتَهي الطّولا

خَلِّطْ على النَّاسِ يَنْسُبُوكَ إلى الـ

ـــظَّرف وشَتِّتْ عليهِمُ السُّبُلَا

قَدِّم وأَخِّرْ واسْلُكْ بِهِمْ طُرقًا

يَلْقَوْنَ فيها العِثَارَ والزَّلَلَا

واسْقِهِمُ السَّمَّ إنْ ظَفِرْتَ بِهِمْ

وامْزُجْ لهُمْ مِن لِسَانكَ العَسَلا

إنَّ رجَالَ الوَفَاءِ قد ذَهَبُوا

لأنَّ نَجْمَ الوَفَاءِ قَد أفَلَا

_________

(a) ساقطة من م.

(b) قوله: "في منزله" ساقط من م.

ص: 521

قال: فلمَّا بَلَغَ هذا البَيْت الأخير، قال له المَأْمُون: أوْلَى لك، لقد استَحْققْت القَتْل لأمْركَ بغير ما أمرَ اللَّهُ به، ولكنَّكَ نَجَوتَ بهذا البَيْت، امْضِ لسَبِيْلكَ، فقال: يا أَمير المُؤْمنِيْن، إلى أينَ؟ إلى عَجَائز الحَيّ وصبْيَةٍ صغَار يُعَيِّرُونني بأنِّي وقَفْتُ بين يَدي أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، ثمّ رجَعتُ صِفرًا! قال: أوَمَا تَرْضَى أنْ تُفْلتَ بحُشَاشَتكَ؟ قال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، وأنَّى بكَ أنْ تُضِيْفَ الفَضْل إلى الفَضْلِ، وتَقْرِن الإحْسان بالإحْسانِ؟ فضَحِكَ المَأْمُون وقال: ادْفَعُوا إليه عَشرةَ آلافِ دِرْهَمٍ.

‌حَرْفُ الظَّاء:

‌ فَارِغٌ

‌العَيْن

‌ابنُ العَارِف

(1)

هذا رَجُل مُتَزيّ بنيّ الأجْنَادِ، خَدَم السُّلْطان المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُفَ بن أَيُّوب، وكان يَشعرُ جَيِّدًا، ووَقَفْتُ لهُ على قَصِيدَةٍ حَسَنة مزْدوجَةٍ في التَّاريخ، وأدْرَكتُه، ولَم أسْمَعْ منه شيئًا، وأدْرَكْتُ أباهُ العَارِفَ وكان شَيْخًا صُوْفيًّا من صُلَحَاء الصُّوْفيَّة بحَلَب، وكان له اخْتِلَاط بعَمِّي ووَالدِي وجَمَاعَة الزُّهَّادِ بحَلَب.

قَرأتُ بخَطِّ الخَطِيب تَاج الدِّين مُحَمَّد بنِ هاشِم بن أحْمَد بن هاشِم، خَطِيْب حَلَب، فى مَجْمُوع له: لبَدْر الدِّين ابن العَارِف رحمه الله: [من الرجز]

يا حَادِيَ الأظْعَانِ قِفْ بِهِنَّهْ

عَسَايَ أحْيَا بوَدَاعِهِنَّهْ

واسْتَوْقِفِ الرَّكْبَ ولو هُنَيْئَةً

أو كَوَميْضِ البَرْقِ في الأجِنَّهْ

لعلَّني أحْظَى ولو بنَظْرَةٍ

تَكونُ لي مِنَ السَّقَامِ جُنَّهْ (a)

(a) سقط هذا البيت من م.

_________

(1)

توفي بعد سنة 613 هـ بمدة.

ص: 522

جُنِنْتُ لمَّا جَنَّ لَيْلَي بَيْنَنا

وليسَ بي لولا الفِرَاقُ جِنَّهْ

أصْبَحْتُ مِن هجرَانهنَّ في لَظَى

وكانَ ليْ مِن وَصْلِهنَّ الجَنَّهْ

ودَّعنَ فاسْتَودعْنَ قَلْبي زَفْرةً

يَحْتَرِقُ الإنْسُ بها والجِنَّهْ

إنْ عادَتِ العِيْسُ بِهِنَّ عَودَةً

كانَ لها عليَّ أيُّ منَّهْ

سِرْتُ وقَلْبي في الحُمُول مُغْرَمٌ

يَهِيْمُ ما بَيْنَ قِبَابِهِنَّهْ

ناشَدْتُكَ اللَّهَ تَحَمَّلْ حَاجَةً

في النَّفْسِ يا حَادِي رِكَابِهِنَّهْ

إذا حدَوْتَ الظَّعْنَ في جُنْح الدُّجَى

عَرِّضْ بذِكْري بيْنَ عِيْسِهِنَّهْ

وقُلْ رَأيْتُ في الدِّيَار نَاحِلًا

يَقْرَعُ مِن بعدِ الفِرَاقِ سِنَّهْ

لَم يُبْقِ فيهِ السُّقمُ غَيْرَ أنَّةٍ

فلَم يَكَدْ يَطهَرُ لولا الأنَّهْ

تُوفِّي ابن العَارِف هذا بحَلَب بعد وَفَاة المَلِك الظَّاهِر بمُدَّةٍ.

‌ابنُ عَبْد الرَّحْمن الهاشِميّ

(1)

شَاعرٌ من أهْلِ حَلَب، له شِعْر قالَهُ في دَيْر إسْحَاق بقُرْب النَّاعُورَة، ويُقال فيه دَيْر الزَّبِيْب أيضًا، ذَكَرَها أبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ، وذَكَرَ أنَّهُ كَتَبَ بها إلى آخر، وهي

(2)

: [من البسيط]

أمَا طَربْتَ لهذا العَارِض الطَّرِبِ

أمَا رَأب الصَّبَا والجَوَّ في لَعبِ

تَعَانَقا فكأنَّ القَطْرَ بينهما

مِن فِضَّةٍ، وكأنَّ الزَّهْرَ من ذَهَبِ

(1)

في م ومسالك الأبصار: أبو عبد الرحمن الهاشمي، أورد له ابن فضل اللَّه العمري مقطوعات من شعره في كلامه على دير إسحاق الواقع بين حمص وسلمية، منها المثبت أعلاه وغيرها، وسماه: أبو عبد الرحمن الهاشمي السلماني، من أهل سلمية. انظر: مسالك الأبصار 1: 414 - 416.

(2)

الأبيات في مسالك الأبصار 1: 415.

ص: 523

ونحنُ في دَيْر إسْحَاقٍ ومَجْلِسُنا

يَشْكُو مُغَنِّيكَ (a) فاحْضرْهُ ولا تَغِبِ

لنَجْعَلَ اليَوْمَ عِيْدًا في ملَاحَتِهِ

وتَنْخُبَ الهَمَّ بالأدْوَارِ والنُّخَبِ

قال أبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ: وأنْشَدَني النّامِيِّ لابن عبدِ الرَّحْمن الهاشِميّ في دَير إسْحَاق

(1)

: [من الكامل]

وَافِق أخاكَ تَجدْهُ خَيْرَ رَفِيقِ

إنْ كُنْتَ لَسْتَ عن الصِّبَا بمُفِيْقِ

وإذا مَرَرْتَ بدَيْر إسْحَاقٍ فقُلْ

جَادَتْكَ غُرُّ سَحَائبٍ وبُرُوقِ

دَيْرٌ يُشَبَّهُ مَاؤُه بهَوَائهِ

وهَوَاؤُه بمُلَاءَةِ (b) المَعْشُوقِ

وكأنَّ عَيْشي كان في أفْنَائهِ

دَرَكُ المُنَى في كَاشِحي ورَفِيْقي

‌ابنُ العَصْب المَنْبِجِيُّ المُؤدِّبُ النَّحْوِيُّ

(2)

واسْمُه مُحَمَّد بنِ عُثْمان، وكان أَدِيْبًا فَاضِلًا عَارِفًا بالعَرَبِيِّةِ، صَحِبَ الشَّغْوَانِيّ الشَّاعر المَنْبِجِيّ، وروَى عنهُ.

‌ابنُ عَفِيف الحِمْصِيُّ

(3)

شَهِدَ صَفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وكان على الحِمْيَرِيِّيْن والحَضْرَميِّيْنَ يَوْمئذٍ، ولهُ ذِكْرٌ.

(a) كذا في الأصل، وفي مسالك الأبصار: مغيبك.

(b) مسالك الأبصار: بلطافة.

_________

(1)

الأبيات -سوى الأخير- في مسالك الأبصار 1: 414.

(2)

لعله المترجَم له في اليتيمة 3: 120 وسماه الثعالبي: ابن العصب الملحي.

(3)

ترجمته في: تاريخ خليفة بن خياط 196، تاريخ ابن عساكر 68:38.

ص: 524

‌ابنُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز

(1)

حُكِيّ عنهُ أنَّهُ أمَرَهُم بمُشْتَرى مَوضع قَبْره بدَيْر سِمْعَان، وهو دَيْر النَّقِيْرَة من بَلَد مَعَرَّة النُّعْمَان، رَوَى عنهُ عَبْد العَزِيْز بن الرَّبِيعْ بن سَبْرَة.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف البَغْدَاديّ، فيما أَذِنَ لي في رِوَايتهِ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّدُ بن عَبْد البَاقي بن سَلْمَان المَعْرُوفُ بابنِ البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بنُ أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أَبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد اللَّه الحافِظ

(2)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّه بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن الحُسَين الحَذَّاءُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بنُ مَحْمُود، قال: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَني أبي، عن ابنٍ لعُمَرَ بن عَبْد العَزِيْز، قال: أمَرَنا أنْ نَشْتَرِي مَوضِع قَبْرهِ، فاشْتَريناهُ من الرَّاهِب، قال: فقال الشَّاعرُ

(3)

: [من البسيط]

أقُول لمَّا نَعَى النَّاعُونَ لي عُمَرًا

لا يبْعَدَنَّ قَضَاء (a) العَدْلِ والدِّين

قد غَادَر القَوْم في القَبْر (b) الّذي لحدُوا

بدَيْر سِمْعَانَ جُرْبان (c) المَوَازِين

‌ابنُ عَوْن

غَزَا مع مُعاوِيَةَ بن هِشَام، وحَكَى عنه وعن مُحَمَّد، رَوَى عنهُ يَزِيد بن هارُون.

(a) حلية الأولياء وديوان كثير: قوام.

(b) حلية الأولياء وديوان كثير: الحد.

(c) ديوان كثير: قسطاس.

_________

(1)

ذكره الطبري في تاريخه 6: 572، في خبر مشترى موضع القبر. وردت ترجمته في الأصل ضمن طيارتين مُفردتين، ولم تنقلهما نسخة م، ذكره الطبري في تاريخه 6: 573، في خبر مشترى موضع القبر.

(2)

حلية الأولياء 5: 320.

(3)

البيتان في تاريخ الطبري 6: 573 دون عزو، ونسبها ابن الأثير (الكامل 5: 59) لكثير عزة، وهما في ديوان كثير 538.

ص: 525

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك من كتاب نَتَائج الأفْكَارِ

(1)

، قال: وحَدَّثَنَا يَحْيَى -يُريْدُ يَحْيَى بن جَعْفَر بن الزِّبْرَقَان- قال: أخْبَرَنَا يَزِيدُ بن هَارُون، قال: أخْبَرَنَا ابن عَوْن، قال: ذُكِرَ عند مُحَمَّد: يَصْلُحِ الكَذِبُ في الحَرْب؟ فأنْكَر ذلك، وقال: ما أعْلَم الكَذِب إلَّا حَرَامًا، قال ابنُ عوْن: فغَزَوْتُ، فخَطَبنا مُعاوِيَةُ بن هِشَامٍ، فقال: اللَّهُمَّ انْصُرنا على عَمُّورِيَّة، وهو يُريدُ غيرها، فلمَّا قَدِمْتُ [ذَكَرتُ](a) ذلك لمُحَمَّد، فقال: أمَّا هذا فلا بَأْسَ بهِ.

أظن هذا مُحَمَّد بن شِهَاب الزُّهْرِيّ، واللَّهُ أعْلَمُ، فإنَّهُ كان عند هِشَام بن عَبْد المَلِك بالرُّصَافَة، والّذي ذَكَرَهُ عن مُعاوِيَة بن هِشَام ليسَ من الكَذِب في شيءٍ بل هو من المَعَارِيْض.

‌الغَيْن:

‌ فَارِغٌ

‌الفَاءُ

‌ابن الفُقَّاعِيّ المَعَرِّيّ

(b)

كان أبُوه فُقَّاعِيًّا بمَعَرَّة النُّعْمَان، وقالَ ابنُه الشِّعْرَ.

أَنْشَدَنِي أبو طَالِب عبد الرَّحْمن بن مُرْشِد بن عبد الرَّحْمن ابن الأَثِيْر، قال: أنْشَدَني خالي أبو المَحَاسِن عَبْد اللَّطِيْف ابن سَعْد الدَّوْلَة أبي المَكَارِم ابن الأَثِيْر، قال: أنْشَدَني ابن سَيْف المَعَرِّيّ لابن الفُقَّاعِيّ الشَّاعر المَعَرِّيّ، وكان أبُوه يَبِيْع

(a) إضافة من كتاب الصمت لابن أبي الدنيا.

(b) ألحق ابن العديم ترجمة ابن الفقاعي بهامش الأصل، ولم تنقلها نسخة م.

_________

(1)

لم أقف على ذكر للكتاب، وانظر كتاب الصمت لابن أبي الدنيا 255.

ص: 526

الفُقَّاع بمَعَرَّة النُّعْمَان

(1)

: [من المتقارب]

تَملَّكت يا مُهْجَتي مُهْجَتي

وأسْهَرت يا نَاظِري نَاظِري

وفيك تعلَّمْتُ نَظْم القَرِيْض

فلَقَّبَني النَّاسُ بالشَّاعِرِ

قال: ورُوي أنّ الفُقّاعِيّ دَخَلَ على أبي العَلَاء بن سُلَيمان، وابنُه هذا الشَّاعر معه، فقال له: لي وَلَد صَغِير يقُول الشِّعْر، وما أدْري ما هو، فقال: أحْضرهُ، فلمَّا أحْضَرهُ أنْشَده هذين البَيْتَيْن، فقال له: قُمْ لَعَنَ اللَّهُ هذه المَدَرة.

وقد رُوِيَت بزيادة في الأبْيَات: [من المتقارب]

مَكَانك يا نَاظِري نَاظِري

مَكان السَّوَاد من النَّاظِرِ

وشَخْصُك إنْ لم يَكُن حَاضِرًا

فتمثالُ شَخْصك في خَاطِري

ملكت فرقِّ لمُسْتَضْعف

ويا نَاصِر الشَّوْق كُن نَاصِري

ولا كان ذا أمَلي يا ملُولُ

ولا خَطَرَ الهَجْر في الخَاطِر

وفيك تعلَّمْتُ نَظْم القَرِيْض

فلقَّبَني النَّاسُ بالشَّاعِر

‌القَاف:

‌ فَارِغٌ

‌الكَافُ

‌ابن كَعْب

(2)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وهو الّذي نَشَر المَصَاحِفَ يَوْمئذٍ ورَفَع المُصْحَف على الرُّمْح ودَعَا إليهِ.

(1)

البيتان بن نشوار المحاضرة للتنوخي 3: 213، ونسبهما لأبي الفتح ابن البكتمري الكاتب، والوافي بالوفيات 13: 279 - 280، ونسبهما لخالد بن يزيد الكاتب البَغْدَاديّ، وليسا في ديوانه.

(2)

كان حيًّا سنة 37 هـ، ولم نقف على ذِكْر له في كتاب نصر (وقعة صفين) والذي فيه ممن رفع المصاحف من أصحاب معاوية: أبو الأعور السلمي. انظر: وقعة صفين 481، 493.

ص: 527

أنْبَأنَا أبو البَرَكَاتِ الأَمِينُ، عن أبي مُحَمَّد بن الخَشَّابِ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر البَاقِلّانِيُّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بنُ نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: وحَدَّثَني عَبْد اللَّه بن وَهْب، قال: أخْبَرَني يُونُس، عن ابن شِهَاب الزُّهْرِيّ، قال: لمَّا كَرِه أهْلُ الشَّام القِتَال، ومَلُّوه من طُول مُنَازلَتهم بالسُّيُوف، قال عَمْرو بن العَاص لمُعاوِيَةَ، وهو يَوْمئذٍ على القِتَال: هل أنْتَ مُطِيعي فتأمُر رجالًا يَنْشرُونَ المَصَاحِفَ، ثُمَّ يقُولُون: يا أهْلَ العِرَاق، نَدْعُوكم إلى القُرْآن ما بين فَاتِحَته إلى خَاتمَته، فإنَّك متى ما تَفْعلِ ذلك يَخْتلفُ أهْل العِرَاق ولا يَزِيد أمرُ الشَّام إلَّا اجْتِمَاعًا، فأطاعَهُ مُعاوِيَةُ، فأمَرَ عَمْرو بن العَاص رَجُلًا من أهْل الشَّام، يُقال له: ابن كَعْب، فنَشَر المَصَاحِفَ، ثمّ نَادَى ورَفَع المُصْحَف على الرُّمْح، فقال: يا أهل العِرَاق، نَدْعُوكُم إلى القُرْآن من فاتِحَته إلى خَاتمَته، تأخُذوا بما فيه وتُعْطُونا ما فيه.

فاخْتَلَفَ أهْلُ العِرَاق، فقالت طَائِفَةٌ منهم كَرِهُوا القِتَال: أجَبْنَا إلى كتاب اللَّه، وقالت طَائِفَةٌ منهم: أوَلَسْنَا على كتابِ اللَّهِ وسُنَّته؟! فاخْتَصَمُوا بينَهم، فلمَّا رأى عليٌّ عليه السلام اخْتِلَافهُم ووَهْنَهم قاربَ مُعاوِيَة فيما يَدْعُوهُ إليهِ من ذلك.

‌ابنُ الكَوَّاء

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ، واسْمُه عَبْد اللَّه بن أوْفَى، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في العَبَادِلةِ

(2)

.

(1)

توفي نحو سنة 80 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 502، ابن قتيبة: المعارف 535 (وفيه: عبد اللَّه بن عمرو الناسب، من بَنِي يشكر)، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 191، 208 - 209، تاريخ الطبري 1: 75 - 76، 4: 318، 339، 5: 63 - 65، 91، 179، 212، النديم: الفهرست 1/ 2: 282، (وفيه: عبد اللَّه بن عمرو)، ابن دريد: الاشتقاق 340، (وفيه أيضًا ابن عمرو)، الأغاني: 15: 102، تاريخ ابن عساكر 27: 96 - 107.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 528

‌ابنُ الكِلَابيّ

رَاوِيةُ أبي فِرَاس الحَارِث بن سَعيد بن حَمْدَان، رَوَى عن أبي فِرَاسٍ، رَوَى عنهُ بعضُ النَّاسِ.

قَرأتُ بخَطِّ بعضِ الأُدَبَاءِ، ويَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّهُ خَطّ مُحَمَّد بن الخَضِر المَعْرُوف بالسَّابِق بن أبي مَهْزُول المَعَرِّيّ، قال: حَدَّثَني ابنُ الكِلَابيّ رَاوِيةُ أبي فِرَاسٍ، قال: كُنْتُ عند أبي فِرَاس يَوْمًا فإذا بغُلَام خَشِن (a) الوَجْهِ قد أقْبَل في ثَوْب أخْضَر ومِطْرف أخْضَر مُسَلِّمًا عليه، فلمَّا رَآهُ قال

(1)

: [من الكامل]

وغَدَوْتَ في خُضْرِ الثِّيَابِ مُسَلِّمًا

فَكَأنَّ وَجْهَكَ ضِفْدَعٌ في طُحْلُبِ

‌حَرْفُ اللَّام:

‌ فَارِغٌ

‌المِيْم

‌ابنُ مَاسُوَيْه الطَّبِيْب

(2)

كان طَبِيْبًا حاذقًا قَدِمَ مع المَأْمُون حَلَب حين قَدِمَ غَازِيًا، وكان معه حين مَرضَ بالبَذَنْدُون (b) وعَالجَه فلم يَنْجَعْ عِلَاجه، وقد ذَكَرْناهُ

(3)

.

(a) كتب ابن العديم بن هامش الأصل: "أظُنُّه: وحش".

(b) الأصل: البدندون، وقد تقدم ذكرها في الجزء الأول من الكتاب.

_________

(1)

لم يرد في ديوان أبي فراس الحمداني.

(2)

اسْمُه يوحنا (يحيى) بن ماسويه الحرانيّ، أبو زكرياء، توفي سنة 243 هـ، وترجمته في: الفهرست للنديم 2/ 1: 294 - 295، صاعد الأندلسي: طبقات الأمم 49 - 50، القفطي: تاريخ الحكماء 380 - 390، ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء بن طبقات الأطباء 246 - 255، ابن العبري: تاريخ مختصر الدول 227 - 228، 235، 239 - 250، ابن فضل اللَّه العمري: مسالك الأبصار 9: 288، الوافي بالوفيات 29: 61 - 64.

(3)

في حرف الياء في الأسماء، ضمن الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 529

‌ابْنا مَالِك الأسْلَميَّان

(1)

شَهِدَا صِفِّيْن مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَا بها مع هاشِمٍ المِرْقَال، وقيل: إنَّ عليًّا رضي الله عنه مرَّ عليهم فقال: [من الطويل]

جَزَى اللَّهُ خَيْرًا عُصْبَةً أسْلَميَّةً

حِسَان الوُجُوه صُرعُوا حَوْل هاشِم

يَزِيْد وِعَبْدُ اللَّهِ منهم ومُنْقذٌ

وعَزْرَة وابْنا مالكٍ في الأكَارِم

ويُرْوَى:

وابْنَا هاشِم ذِي المَكَارِم

وَسَنَذْكُر ذلك إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالَى

(2)

.

‌ابنُ مُقْبِل

(3)

شَاعِرٌ شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، واسْمُه تَمِيْم بن أُبَيّ بن مُقْبِل، وقد ذَكَرْناهُ في حَرْف التَّاء

(4)

، واسْتَقْصَيْنا نَسَبَهُ، وهو من بَني العَجْلَان بن عَبْد اللَّه بن كَعْب.

(1)

توفيا سنة 37 هـ، وذكر خبرهما نصر بن مزاحم (وقعة صفين 356) وسمَّاهما: ابنا هاشم، وهو وجه في تسمية والدهما، وتأتي الترجمة لهما بهذا الاسم فيما بعد.

(2)

سيعيد المصنف الترجمة لهما قريبًا باسم: ابنا هاشم الأسيان.

(3)

توفي بعد سنة 37 هـ، وترجمته في: طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي 1: 143، 150، الشعر والشعراء لابن قتيبة 225 - 226، الاشتقاق لابن دريد 25، 54، 70، الإصابة 1: 195 - 196، الوافي بالوفيات 10: 416 (وفيه: تميم بن أبي مقبل)، خزانة الأدب للبغدادي 1: 231 - 233، الزركلي: الأعلام 2: 87.

وله ديوان شعر مطبوع، بتحقيق عزة حسن، دار الشرق العربي، 1995 م. وانظر عنه أيضًا دراستين جامعيتتن: تميم بن أبي بن مقبل "حياته وشعره"، إعداد مسعود عامر، جامعة دمشق، 1987 م، وتميم بن أبي بن مقبل "حياته وشعره"، إعداد سهام فالح، جامعة اليرموك (الأردن)، 1988 م.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 530

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب (a) بن بِشْرَان بن كتابهِ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَيْن المَرَاعِيشِيّ وأبو العَلَاءِ الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عَرَفَة نِفْطَوَيْه فيما يَرْويهِ، قال: وكان ابنُ مُقْبِلِ بن عَسْكَر مُعاوِيَة، وكان يَمْدَحُ أهْل الشَّام، ويَحُثّ على الطَّلَب بدَم عُثْمان رحمه الله، ويُعَرِّض بعليّ رحمه الله، وكان النَّحَاشِيُّ بن عَسْكَر عليٍّ، فن شِعْر ابن مُقْبِل للنَّجَاشِيّ

(1)

: [من الطويل]

ولو شَهِدَتْ أُمُّ النَّجَاشِيّ ضَرْبَنا

بصِفِّيْن فدَّتْنَا بكُلِّ مَكَانِ (b)

ولو كُنْتَ وَجْهَ الخُنْفُسَاء شهِدْتَنا

حَمَلْتَ (c) قَنَاةً غير ذَاتِ سِنَانِ

فأجَابَهُ النَّجَاشِيُّ فقال

(2)

: [من الطويل]

ما دُفِنَتْ قَتْلَى سُلَيْم (d) وعَامِرٍ

بصِفّيْن حتَّى حُكِّمَ الحَكَمَانِ

ونَجَّى ابن حَرْبٍ سَابِحٌ ذو عُلَالةٍ

أجَشُّ هَزِيم الرَّكْض (e) والذَّأَلانِ

إذا قُلْتُ أطْرَافَ الرِّمَاح يَنَلْنَهُ

مَرَتْهُ بهِ السَّاقان والقَدَمَانِ

قَرَأتُ في دِيْوان شِعْر ابن مُقْبِل من رِوَايَة أبي عَمْرو وابن الأعْرَابِيّ، قال أبو عَمْرو: وخَرَجَ ابنُ مُقْبِل في بعضِ أَسْفَاره، فَمَرَّ بمَنْزِل عَصَرٍ العُقَيْلِيّ، وقد جَهَدُه العَطَشُ، فاسْتَسْقَى فخرجَتْ إلِيه ابْنَتَاهُ بعُسٍّ، وكان أعْوَرَ كَبِيرًا، فأبْدَتَا بعضَ الجَفْوة، فقالت أحدَيْهُما: لا خَيْر في العَيْشِ بعدَ الكِبَر والشَّيْب، وقالت الأُخْرى:

(a) من قوله: "أحمد بن الحسن. . . " إلى هنا ساقط من م.

(b) الديوان: يماني.

(c) الديوان: جرم الخنفساء شهدتم جُعلت.

(d) وقعة صفين: قريش.

(e) كتب ابن العديم في الهامش: "والعَدْو؛ أيضًا"، وروايته في كتاب وقعة صفين:"أجش هزيم والرماح دواني".

_________

(1)

ديوان ابن مقبل 243.

(2)

أبيات النجاشي في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 524.

ص: 531

إنَّ هذا لقي بليَّةٍ من عَوَره وخُبْثِ مَرْآتهِ، فنَفَذَ ولَم يَشْرب شَيئًا، فبَلَغَ ذلك أباهمُا، فتَبِعَهُ ليرُدَّهُ فأبَى عليه، فقال له: ارجعْ ولك أعْجَبُهما إليك، فرجَع -ولَم يَعْرف هذا الحَدِيْثَ ابن الأعْرَابِيّ- فقال

(1)

: [من البسيط]

يا حُرَّ أَمْسَيتُ شَيْخًا قد وَهَى بَصَري

والْتَاثَ ما دُوْن يَوْم البَعْث (a) من عُمُرِي

يا حُرَّ مَن يَعْتَذِرْ من أنْ يُلِمَّ بهِ

ربّ الزَّمانِ فَإنِّي غيرُ مُعْتَذِرِ

يا حُرَّ أمْسَى سَوَادُ الرَّأسِ خالَطَهُ

شَيْبُ القَذَالِ اخْتِلَاط الصَّفْو بالكَدَرِ

يا حُرَّ أمْسَتْ لُبَانَاتُ (b) الصِّبَا ذَهَبَتْ

فلَسْتُ منها على عَيْن ولا أثَرِ

قد كُنْتُ أهْدِي ولا أُهْدِى فعَلِّمْنِي

حُسْنُ المَقَادةِ أَنِّي فَاتَني بَصَري

كان الشَّبَابُ لجاجَاتٍ وكُنَّ له

فقد فَرَغْتُ إلى حَاجَاتي الأُخَرِ

رَاميْتُ (c) شَيْبي كلانًا قائم حِجَجًا

ستِّين ثُمَّ ارتَمَتْنا (d) أقْرَبَ الفُقَرِ

رَامَيتُهُ منذُ راعَ الشَّيْبُ فالِيَتي

ومثْلهُ قبْلَهُ بن سَالفِ العُمُرِ

أرْمِي النّحُورَ فأُشْوِيْها وتَثْلِمُني

ثَلْمَ الإناءِ فأغْدُو غير مُنْتَصِرِ

في الظَّهْرِ والرَّأسِ حتَّى يَسْتَمِرَّ به

قصْرُ الهِجَارِ وفي السَّاقَيْن كالقُتَرِ (e)

قالت سُلَيْمَى ببَطْنِ القَاعِ من سُرُحٍ

لا خَيْرَ في العَيْش بعد الشَّيْب والكِبَرِ

واسْتَهْزَأتْ تِرْبُها منِّي فقُلْتُ لها

ماذا تَعِيْبان منِّي يا ابنتَي عَصَرِ

لولا الحَيَاءُ ولولا الدِّيْنُ عِبْتُكُما

ببعضِ ما فيكما إذ عِبْتُما عَوَري

قد قلتُما لي قَوْلًا لا أبَا لكُما

فيه حَدِيث على ما كان من قِصَري

ما أنْتُمَا والّذي تَهْدِي حُلُومُكُما

إِلَّا كحيرَانَ إذ يَسْري بلا قَمَرِ

إنْ ينقُضِ الدَّهْرُ منِّي مرَّةً لبِلًى

فالدَّهْرُ أزْوَرُ (f) بالأقْوَام ذُو غِيَرِ

(a) الديوان: الوعد.

(b) ديوان ابن مقبل: تَليات.

(c) م: راضيت.

(d) الديوان: ارتمينا.

(e) الديوان: كالفتر، وسقط هذا البيت والذي قبله من م.

(f) الديوان: أورد.

_________

(1)

ديوان ابن مقبل 69 - 74، من قصيدة طويلة عدد أبياتها 78 بيتًا.

ص: 532

لقد قَضَيْتُ فلا تَسْتَهْزِئا سَفَهًا

ممَّا تقَمّأتُهُ من لذَّةٍ وَطَرِي

يا جَارَتيَّ (a) على ثَأْجٍ سَبِيْلكُما (b)

سَيْرًا حَثِيْثًا ألَمَّا تَعْلَمَا خَبَرِي

إنِّي أقَيِّدُ بالمَأْثور رَاحِلَتِي

ولا أُبَالي ولو كُنَّا على سَفَرِ

لا تأمَنُ السَّيْفَ إذ رَوّحْتُها إبِلي

حتَّى تَرَى نِيْبَهَا يَضْمِزْنَ بالجِرَرِ

ما يُصِبِ السَّيْفُ سَاقَيهِ (c) فحُقّ له

وما تدَعْ ضَرْبَتي لا يُنْجِهِ حذَرِي

ولا أقُومُ على حَوْضي فأمْنَعُه

بَذْلَ اليَمِيْن بسَوْطِي بَادِيًا حُسَري (d)

وما تهَيَّبُني المَوْمَاةُ أرْكَبُها

إذا تَجَاوَبَتِ الأصْدَاءُ بالسَّحَرِ

ولا أقُومُ إلى المَوْلى فأَشْتِمَهُ

ولا يُخَرِّقهُ (e) نابي ولا ظُفُرِي

أبْقَى الخُطُوب وحَاجَاتٌ تُضَيِّفُني

وما جَنَى الدَّهْرُ من صَفْوٍ ومن كدَرِ

مِثْلَ الحُسَام كَرِيْمًا عند خلَّتِهِ

لكُلِّ أُزْرَة هذا الدَّهْر ذا إزَرِ

وقال: تزوَّج امْرأةً من بني نِهْمٍ، وهو عَمْرو بن عَبْد اللَّه بن رَبيعَة بن عامر، يُقال لها كُبيشَةُ عوْرَاء، فنَهَاهُ عنها أخوَتُه وتَشاءَمُوا بها، فأبَى إلَّا أنْ يتزوَّجَها، وقال له رَجُلٌ من قَوْمِهِ: ألَا تزَوّج فُلَانة فإنَّهُ بالحَرَاء أنْ تكُون وَلُوْدًا، وتُنْجب لك، فقال: واللَّهِ لو تَزَوَّجْتُ كلْبةً لولَدَت منِّي وأنْجَبَت، فولَدَتْ له عَشرة أنْفُس ليسَ منهم جَارِيَة، فنَزَلُوا ناحيةَ ضِلع، والضِّلع: المَمْدُود من الأرْضِ، أرادَ ناحية ضِلْع بَني شَيْصَبَان، وهُم من الجِنِّ، ناحية الكَانفِ، فطَرَقتهُم حَيَّةٌ، فقَتَلَتْ سَبْعَةً من وَلدِه، وقَتَلَتْ أيضًا كُبَيْشَة، فقال ابنُ مُقْبِل (f):[من الطويل]

ألَا نَادِيا رَبْي كُبَيْشَةَ باللّوَى

بحاجةِ مَحْزُون وإنْ لَم يُنَادِيَا (g)

وذَكَرَ الأبْيَات بطُولها.

(a) م: وأجازني.

(b) الديوان: طريقكما.

(c) الديوان: ساقه.

(d) الديوان: حتري.

(e) الديوان: يخدشه.

(f) في م: "فقال ابن مقبل فيهم يقول"، وانظر ديوان ابن مقبل 285.

(g) الأصل: تناديا.

ص: 533

‌ابن المُلَثَّم

وَلَدُ الوَزِير عِزّ الدِّين ابن المُلَثَّم، كان وَالدُه قد وَزر للِك الأفْضَل عليّ بن يُوسُف بن أيُّوب، وكان ابنُه هذا شَابًّا حَسَنًا فَاضِلًا، قَدِمَ حلَبَ، واشْتَغَل بها على شَيْخنا أبي البَقَاء يَعِيْش بن عليّ بن يَعِيْش، ونَظَم شِعْرًا جَيِّدًا.

أنْشَدَني أبو الرّبيْع سُليْمان بن بُلَيْمان (a) الإرْبِلِيّ لابن المُلَثَّم

(1)

: [من الطويل]

وذِي هَيْئَة يُزْهي بخَالٍ مُهَنْدَسٍ

أمُوْتُ به في كُلّ يَوْم وأُبْعَثُ

مُحِيْط بأشْكَال المَلَاحَةِ وَجْهُه

كأنَّ به أُقْلِيْدِسًا يتحدَّثُ

فعَارضُهُ خَطُّ اسْتِوَاء وخَالُهُ

نقطَة والشَّكْلُ شَكْلٌ مُثلَّثُ

وأنْشَدَني أيضًا لابن المُلَثَّم أيضًا: [من الكامل]

وعلى الفَتى أنْ لا يُقَصِّرَ سَعْيَهُ

يَوْمَ الرِّهَانِ ولا يُرَدُّ عِنَانُهُ

فإذا جَفَاهُ الفَضْلُ عِيْبَتْ نَفْسُهُ

وإذا جَفَاهُ الحظُ عِيْبَ زَمَانُهُ

‌ابنُ المَوْصُول الأسَدِيّ

(2)

من تُنَّاءِ حَلَب، ومن بَيْتٍ كَبير فيهم الوِزَارَة، كان حَسَن التَّعْبير للرُّؤيا.

أنْبَأنَا الخَطِيبُ عَبْد المحسِن بن عَبْد اللَّه بن الطُّوسيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَبْدِ اللَّه بن خَمِيْس، قال

(3)

: وحُكِي أنَّهُ كان بحَلَب رَجُل يُعْرفُ بابن المَوْصُول من تُنَّاءِ

(a) تقدم رسمه بن العديد المواضع: بُنيمان، ليتفق بذلك مع العديد من المصادر التي أوردته وتمت الإشارة إليه لأول وروده بن الجزء الأول من هذا الكتاب، وهو بهذا الرسم -بُلَيْمان، بلام عرض النون- يوافق ما في كتاب ابن المستوفي: تاريخ إربل "نشرة بشار عواد" 496، وقلائد الجمان لابن الشعار 2:65.

_________

(1)

الأبيات في وفيات الأعيان 1: 167 منسوبة لتقي الدين مصر جلدك التقوي، والوافي بالوفيات 7: 74 منسوبة لنفيس القطرسي، وفي موضع آخر منه (الوافي 11: 97) منسوبة لجعفر بن أحمد العلوي، وفي معجم الأدباء 6: 2770 للبديع الإسطرلابي، وفي فوات الوفيات 1: 285 لجعفر بن أحمد العلوي.

(2)

ذكره ابن العديم في تذكرته 241 - 242.

(3)

تذكرة ابن العديم 241.

ص: 534

البَلَد وأعْيَانها، وكان شَيْخًا جَيِّد التَّعبير، فجاءه رَجُلٌ من أهْلِ المَوْصِل ويُعْرَفُ بابن حَطامٍ، فقال: رأب بن المَنَام كأنِّي حَملتُ لَحْمَ بَقَر! فقال له: يَمُوتُ رَجُل عَامِل وتَرِثه، فقال له: ما أعْرفُ لي بحَلَب قَرَابَة أَرِثهُ، فلمَّا كان بعد أيَّامٍ قَدِمَ حلَبَ ابنُ عَمٍّ له، فتقلَّد بعضَ أعْمَال حَلَب، وماتَ فوَرِثه ذلك الرَّجُل، فقال له: من أين أخَذْت ذلك التَّعْبِير فقد صَحَّ؟ فقال: لأنَّ البَقَر عَوَامِل، واللَّحْم مَالٌ.

‌شَاعِرٌ من بني المُنَخَّل المَعَرِّيِّيْن؛ تَنُوخِيٌّ

(a)

أنْشَدَني العَفِيف عبد الرَّحْمن بن عَوَض المَعَرِّيّ لشَاعِر من بني المُنَخَّل المَعَرِّييْن: [من الكامل]

عَايَنْتُ في المِحْرَابِ دُمْيَتَهُ الّتي

نطَقَتْ ونُطْقُ مِثالِها لَم يُعْرفِ

وسَمِعْتُ سُوْرَةَ يُوسُفٍ مِن قَارِئٍ

قابلتُهُ فرَأيْتُ صُورَةَ يُوْسُفِ

‌النُّون: فَارِغٌ، وكذلك الوَاو

‌الهَاءُ

‌ابْنَا هاشِم الأسْلَميَّان

(1)

قيل: كانا من القُرَّاءِ الّذين شَهِدُوا مع عليٍّ رضي الله عنه صِفِّيْن، وقُتِلَا بها مع هاشِم المِرْقَال.

(a) وردت ترجمته بهامش الأصل ولم تنقلها نسخة م.

_________

(1)

م: أبو هاشم الأسلميان، وتوفيا سنة 37 هـ، وتقدمت الترجمة لهما في هذا الجزء باسم: ابنا مالك الأسيان، وخبرهما مع الشعر المنسوب للإمام علي كرم اللَّه وجهه في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 356، وانظر ديوان الإمام علي 90، 177.

ص: 535

أَنْبَأْنَا أبو البَرَكَات الأَمِينُ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرّاء، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا ابنُ نِيْخَابٍ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن دِيْزيْل، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَني نَصْر بن مُزَاحِم

(1)

، عن عَمرو بن شَمر (a)، عن رَجُلٍ، عن أبي سَلَمَة، قال: ولمَّا أُصِيْبَ (b) هاشِمِ أُصِيْبَ معه عصَابَة من القُرَّاءِ (c)، فمَرَّ عليهم عليّ بن أبي طَالِب عليه السلام، فتَرَحَّم عليهم، ثُمَّ أَنْشَأ يَقُولُ:[من الطويل]

جَزَى اللَّهُ خَيْرًا عُصْبَةً أسْلَميَّةً

صِبَاحَ وُجُوه صُرِّعُوا حَول هاشِمِ

يَزِيدٌ وعَبْدُ اللَّه منْهُم (d) ومَعْبَدٌ

وسَلْمَانُ (e) وابْنا هَاشِمٍ ذي المَكَارِم

وعَزْرَة (f) لا يَبْعَدْ ثَناه وذِكْره

إذا اخْتَرَط البِيْضَ الخِفَافَ (g) الصَّوَارِم

‌ابنُ هُبَيْرَة

(2)

غَزَا مع حَبِيْب بن مَسْلَمَة الفِهْريّ بلادَ الرُّومِ، وحَدَّثَ عنهُ. رَوَى عنهُ عَبْدُ اللَّهِ بن لَهِيْعَة، وِقد ذَكَرْنا حكايتَهُ عن حَبِيْب في تَرْجَمَةِ حَبِيْب بن مَسْلَمَة فيما تَقَدَّم

(3)

، فقد اجْتازَ معه بنَاحِيَة حَلَب.

(a) الأصل: مصر بن سعيد، والمثبت من كتاب وقعة صفين.

(b) وقعة صفين: قتل.

(c) وقعة صفين: من أسلم من القراء.

(d) وقعة صفين: بشر، وفي الديوان: شقيق وعبد اللَّه بشر ومعبد.

(e) وقعة صفين والديوان: وسفيان.

(f) وقعة صفين والديوان: "وعروة"، ورواية ديوان الإمام علي: وعروة لا ينأى فقد كان فارسًا إذا الحرب هاجت بالقنا والصوارم.

(g) وقعة صفين: إذا اختُرطت يومًا خفافُ.

_________

(1)

وقعة صفين 356.

(2)

كان حيًا في حدود سنة 40 هـ، ولم أقف على ترجمته، وانظر الحية المشار لها في تاريخ ابن عساكر 12:77.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 536

‌ابنُ هَرْمَة الشَّاعرُ

اسْمُه إبْراهيمُ بن عليّ بن هَرْمَة، قَدّمْنا ذِكْرهُ

(1)

.

‌اليَاءُ

‌ابنُ يَعْلَى

(2)

غَزَا الصّائِفَة مع عبد الرّحْمن بن خَالِد بن الوَلِيد، وحَكَى عن أبي أَيُّوبَ الأنْصَاريّ (a)، رَوَى عنهُ بُكَيْر بن الأَشَجّ.

واسْمُه عُبَيْد بن يَعْلَى، وقد قدَّمْنا ذِكْرهُ في الأسْماءِ

(3)

.

أخْبَرَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّبُ إذْنًا، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْحِ مُفْلِح بن أحْمَد بن مُحَمَّد الدُّومِيِّ (b) الوَرَّاق، قال: أخْبَرَنَا الخَطِيبُ أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن

(a) بعده في الأصل: عنه!.

(b) الأصل، م: المرري، وصوابه المثبت كما في هامش كتاب الإكمال لابن ماكولا 3: 370، وسير أعلام النبلاء 20: 165 - 166.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي ابن هرمة سنة 150 هـ، وقيل: 176 هـ، وترجمته في: الشعر والشعراء لابن قتيبة 388، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 3: 335 - 336، ابن المعتز: طبقات الشعراء 16، التديم: الفهرست 1/ 2: 503، الأغاني 4: 357 - 376، 5: 168 - 173، الموشح للمرزباني 261 - 262، تاريخ بغداد 7: 46 - 50، السمعاني: الأنساب 13: 401، تاريخ ابن عساكر 7: 63 - 80، فوات الوفيات 1: 34 - 35، تاريخ الإسلام 3: 809، سير أعلام النبلاء 6: 207، الوافي بالوفيات 6: 59 - 60، النجوم الزاهرة 3: 84، محسن الأمين: أعيان الشيعة 2: 189 - 195.

(2)

كذا قيده المصنف بالياء حيثما يرد، وصوابه بالتاء المكسورة: تِعْلَى، كما نصَّ عليه ابن ماكولا بن الإكمال 7: 437 وفيه الترجمة له، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه 9: 343، وترجم له أيضًا: البخاري في تاريخه الكبير 5: 443 - 444، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 5: 403، والمزي في تهذيب الكمال 19:190.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 537

ثَابِت

(1)

، قال: أخْبَرَنَا القَاضِي أبو عُمَر القَاسِم بن جَعْفَر بن عَبْد الوَاحِد الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ أحْمَدُ بن مُحَمَّد اللُّؤْلُؤيّ، قال: حَدَّثَنا أبو دَاوُد سُليْمان بن الأشْعَث

(2)

، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بن وَهْب، قال: أخْبَرَنِي عَمْرو بن الحَارِث، عن بُكَيْر بن الأَشَجّ، عن ابن يَعْلى، قال: غزَوْنا مع عَبْد الرَّحْمن بن خَالِد بن الوَلِيدِ فأُتِي بأرْبَعةِ أعْلَاجٍ من العَدُوّ فأمَرَ بهم فقُتلُوا صَبْرًا -قال أبو دَاوُد: قال لنا عن سَعيد، عن ابن وهْبٍ في هذا الحَدِيْثِ عن ابن وَهْبٍ- قال: بالنَّبْل صَبْرًا، فبَلَغَ ذلك أبا أيُوبَ الأنْصَاريّ، فقال: سَمِعْتُ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن قَتْل الصَّبْر، فوالّذي نفسِي بيَدِه لو كانت دَجَاجةٌ ما صَبَرْتها، فبَلَغَ ذلك عبد الرَّحْمن بن خَالِد بن الوَلِيدِ، فأعْتَقَ أرْبَع رِقَاب.

‌الكُنَى

‌ابنُ أبي البَيَان المَعَرِّيّ

(3)

وأبو البَيَان هو مُحَمَّد بن عَبد الرَّزَّاقِ بن عَبْد اللَّه بن أبي حَصِيْن، وقد ذَكَرنا تَرْجَمَتَهُ

(4)

، وكان له وَلد يُقال له أبو المَعَالِي تُوفِّي شابًّا، ورَثَاهُ ببَيْتَيْن ذَكَرْناهمُا بن تَرْجَمَتِهِ فلعَلَّهُ هو، واللّهُ أعْلَمُ.

(1)

لم أقف عليه في كتب الخطيب البغدادي، وانظر حكاية القتل صبرًا في تاريخ ابن عساكر 34: 330 بإسناد لا يتصل بالخطيب البغدادي.

(2)

سنن أبي داود 3: 136 - 137 (رقم 3687)، وانظر: شرح معاني الآثار للطحاوي 3: 182، صحيح ابن حبان 13: 424 - 425 (رقم 5610).

(3)

ترجم له الثعالبي في يتيمة الدهر 4: 126 - 127، وأورد الشعر المذكور إضافة إلى أبيات أخرى من نظمه، وسمَّاه: ابن أبي الثياب! وذكره العماد الأصفهاني في ترجمة عبد الرزاق بن أبي حصين ونصه: "أنشدني ابن أبي البيان ابنه، القاضي أبو غانم بالشام سنة سبعين وخسمائة، قال: أنشدني جدي أبو غانم بالشام. . . "، انظر خريدة القصر 12:65.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وترجم له العماد الأصفهاني في خريدة القمر 12:67.

ص: 538

نَقَلْتُ من خَطِّ وَلد مُؤَيَّد الدَّوْلَةِ أُسامَة بن مُرْشِد في عليّ بن مُنْقِذ، في مَجْمُوعٍ فيه شيء من أشْعَار المَعَرِّيِّيْن، قال فيه: ابنُ أبي البَيَان في كتاب مُعَنْون بحُمْرَة (a): [من الكامل]

هذا كتابُ فَتًى جفاؤُك مضْرم

نَارًا من الأشْجَان بين ضلُوعهِ

ودَلِيْلُه في فَيْضِ مُقْلَتهِ دَمًا

إنّ الكِتَابَ مُعَنْوَنٌ (b) بنَجِيْعهِ

‌ابنُ أبي الجَهْم المَعَرِّيّ

وأظُنُّه أبا المُرَجَّا بن أبي الجَهْم، شَاعِر من أهْل مَعَرَّة النُّعْمَان، له أبْيَاتٌ قالها، وقد هَجَم الفِرِنْجُ مَعَرَّة النُّعْمَان، وقَتَلُوا أهْلَهُ.

قَرَأتُ في كتاب نُزْهَةِ النَّاظِر ورَوْضَة الخَاطِر، تأليفُ القَاضِي عَبْد القَاهِر بن عَلَوِي بن المُهَنَّا، المَعْرُوف بابنِ خُصَا البَغْل: لابن أَبي الجَهْم المَعَرِّيّ (c): [من الطويل]

إلى كَمْ إلى أُبْلَى بَبَيْنٍ وفُرْقةٍ

وتَشْتِيْت شَمْلٍ لا تَقرُّ بيَ الدَّارُ

وقد قَتَلُوا أهْلي وأضْحَتْ دِيَارُهُمْ

قِفارًا وفيها للأحِبَّةِ آثَار

سَأبْكيهِمُ ما لَاحَ نَجْمٌ وما دَجَى

ظَلَامٌ وما حنَّتْ على الأيْكِ أطْيَارُ

لعلَّ اللَّيالِي المَاضِياتِ بقُرْبنِا

تَعُودُ فتُقْضَى بالمَعَرَّةِ أوْطَارُ

أنْشَدَني أبو البَرَكَاتِ الفَضْل بن سَالم المَعَرِّيّ بها لعليّ بن الدُّوَيْدَة المَعَرِّيّ في أبي المُرَجَّا بن أبي الجَهْم، وكان يُتَشاءم بطَلْعَته، ويَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّهُ ابن أبي الجَهْم صَاحِب التَّرجَمَة، واللَّهُ أعْلَمُ:[من البسيط]

أبو المُرَجَّا لَهُ وَجْهٌ سماجَتُهُ

تُهدِي إلى مَنْ رآهُ البُؤْسَ والمَرَضَا

رَأيتُهُ ومَعي صَحْبٌ دعَوتُهُمُ

لكي نُقَضِّي بِهِم مِن يوْمِنا غَرَضَا

(a) بعده في م: يقول، وانظر الشعر في يتيمة الدهر 4:126.

(b) يتيمة الدهر: مخضب.

(c) بعده في م: يقول.

ص: 539

فقُلْتُ بالرُّغْمِ سِرْ مَعْنا على مَضَضٍ

ولَم أزَلْ حَاملًا مِن نَحْوِهِ مَضَضا

بطَلْعَةٍ لو بَدَتْ لِلشَّمْسِ ما طلعَتْ

مِنَ الكآبةِ أو للبَرْقِ ما وَمَضَا

فقالَ واللَّهِ لا آتي فقُلْتُ لَهُ

مِنْكَ الصُّدُودُ ومَنِّي بالصُّدُودِ رِضَا

‌ابنُ أبي الحُصَيْن

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقُتِلَ بها.

وقد ذَكَرْنا حَديثهُ، وحَدِيْثَ عَبْد اللَّهِ بن الحَجَّاج حينَ عَبَرا على جِسْرِ الرَّقَّة، فسقَطَت قَلَنْسُوَة هذا وقَلَنْسُوَة هذا، فنزل كل واحدٍ منهما وأخذَ قَلَنْسُوَتَهُ، ورَكب فقال عَبْد اللَّهِ بن الحَجَّاج: إنْ يكن زَاجر الطَّيْر صَادقًا أُقْتَل وَشِيكًا وتُقْتل، فقال له ابنُ أبي الحُصَيْن: ما شيء أُوتاه أحبّ إليَّ ممَّا ذَكَرتَ، فقُتِلَا جَمِيعًا يَوْم صِفِّيْن.

وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةُ عَبْد اللَّه بن الحَجَّاج

(2)

بإسْنَادٍ.

‌ابنُ أبي زُرْعَة الدِّمَشقيّ

(3)

شَاعِرٌ اجْتازَ بدَيْر مُحَلَّى بنَوَاحِي المِصِّيْصَة، وله فيه شِعْر ذَكَرْتُه في تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بن عَبْد (a)، كان كاتِب ابن طُوْلُون.

(a) م: عُبَيْد، وترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب.

_________

(1)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لنصر 152، وسماه: عبد اللَّه بن أبي حصين، وزاد في نسبه في مرضع آخر (ص 263): الأزدي، وتاريخ الطبري 4: 566، 5: 27، وسمَّاه: عبد اللَّه بن أبي الحصين الأزدي، وأعاد ذكره الطبري في خبر مقتل الحسين عليه السلام (تاريخ الطبري 5: 412) في أحداث سنة 61 هـ، وتقدم عنده القول إنه من قتلى صفين، إِلا أن يكرن آخر!.

(2)

في الضائغ من أجزاء الكتاب، وخبره المشار إليه مع عبد اللَّه بن الحجاج في كتاب وقعة صفين 152، وتاريخ الطبري 4:566.

(3)

ذكَرهُ ياقوت في معجمه 2: 533 والخزل والدأل 3: 191، عند كلامه على دير محلى، وأورد من شعره في الدير المذكور، ومثله في مسالك الأبصار لابن فضل اللَّه العمري 1: 417 - 418، وأورد له أبياتًا قالها في هذا الدير.

ص: 540

‌ابنُ أبي سَرْح

(1)

هو [. . .](a)، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ.

أنْبَأنَا أبو حَفْصٍ المُؤدِّب، عن أبي غَالِب بن البنَاء، قال: أخْبَرَنَا أبو غَالِب بن بِشْرَان إجَازَةً، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين المَرَاعِيشِيّ وأبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنَا نِفْطَوَيْه [. . .](b) .

‌ابنُ أبي سَمِيْنَة

إمَام جَامِع طَرَسُوس، كان قارئًا صَالِحًا، لهُ ذِكْرٌ.

قَرأتُ بخَطِّ القاضِي أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد اللَّه الطَّرَسُوسِيّ في كتابهِ الّذي سمَّاهُ سِيَر الثُّغُور، قال: ومن أئمَّةِ طَرَسُوس الصُّلَحَاءَ المَذْكُورين بالقراءةِ وطِيْب الصَّوْت: ابنُ سَمِينَة، صَلَّى بالنَّاسِ بضْعَة عَشر سَنَةً لَم يَقْبَل لأحدٍ برًا، ولا أجابَ إلى قَبُول صِلَةٍ.

قال أبو عَمْرو: وحَدَّثَني أبو الطّيِّب الجَرْجَرَائيّ؛ شَيْخٌ من المجاهِدين، أنَّ أبا مُحَمَّد الأوْلاسِيّ حَدَّثَهُ أنَّ ابن أبي سَمِيْنَة حَمَل إليهِ بعضُ الأُمَرَاءِ ألف دِينارٍ ليصْرِفَهُ في الصَّالِحين المَسْجِديَّةِ، فقال ابنُ أبي سَمِينَة للرَّسُول: أبْلغ صَاحِبَكَ السَّلامَ، وقُلْ له: لو عَلِمتُ أنَّ في هذا المَسْجد مَنْ يُؤثر أنْ يَرْتزيَ (c) ممَّا أنفَذْتَ دِرْهَمًا واحدًا لَمَا صَلَّيْتُ بهم يَوْمًا واحدًا، فليردوا المال على أهْلِهِ.

(a) بياض في الأصل قدر سبع كلمات، والنص متصل في م، ولعله كما تقدم ترجيحه: عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح، انظر وقعة صفين لابن مزاحم 489.

(b) بياض في الأصل قدر خمسة أسطر.

(c) م: يرتشي.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ، ولعله عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح (ت 59 هـ)، ذكره نصر في كتابه وقعة صفين 161، 186 (وورد في الشعر: ابن أبي سرحة)، 489، وابن حزم: بجمهرة أنساب العرب 160، وابن سعيد: المغرب في حلى المغرب 1: 64 - 65.

ص: 541

‌ابنُ أبي قَبَّاس

خَطِيْبُ جَامع طَرَسُوس وإمَام أهْلها.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو القَاضِي الطَّرَسُوسِيّ في كتَاب سِرَ الثُّغُور، في ذِكْر أئمَّة المَسْجِد الجَامِع بطَرَسُوس، قال: وقد صلَّى بأهْل (a) هذا المَسْجِد أئمَّةٌ من أهْل العَفَاف والسّتْر واليَقِيْن والتَّقْوَى والصَّبْر والزَّهَادَةِ والعِبَادَة وسمُوّ الذِّكْرِ، مَنْزلَتُهم في الدُّنْيا والآخرة عَظِيمَة، ومَوَاقع مَنافع الإسْلَام وأَهْله بهم حَسَنَة جَسِيْمَة، يُفْتَخر بذِكْرهم عندَ القُرّاءِ، وتُسْتَنْزل بهم بَرَكاتُ السّماءِ، منهم: ابنُ أبي قَبَّاسٍ (b)، وكان من فُرْسَانِ المِحْرَاب.

حدَّثَني أبو حَفْصٍ عُمَر بن أحْمَد البَرُوجِرْديّ المُقْرِئ؛ شَيْخٌ عَابِدٌ فَاضِلٌ، قال: حَدَّثَني أُسْتَاذِي السُّوسَنْجَرْدِيّ أنَّ ابن أبي قَبَّاس كان إذا قَرأ في مِحْرَاب طَرَسُوس سُمِعَت قرَاءتُه في سُوْق الصَّفَّارين، وكان إذا خَطَبَ حيَّر السَّامِعين وألْهَى المَحْزُونين.

وقال أبو عَمْرو: حَدَّثَني أحْمَدُ بن هَارُون الكُوْفيّ؛ كَهْلٌ من أبناءِ طَرَسُوس ووُجُوهها، قال: حَدَّثَنِي أبيّ، قال: كَتَبَ السُّلْطان قَديْمًا إلى الأقَاليْم بسَبِّ ابن طُوْلُون، فسُبَّ على مِنْبَر طَرَسُوس على لسَان ابن أبي قبَاسٍ، كما سُبَّ بكُلِّ مكَانٍ.

وحَجَّ ابن أبي قباس فسَلَك الرَّكْبُ الّذين كانوا معه طَرِيقَ مِصْرَ، فدَخَلُوها في شَهْر رمَضَان، وكان يُصَلِّي بابن طُوْلُون عَشرهَ أئمّةٍ؛ كُلّ واحدٍ منهم تَسْليْمةً واحدةً، فصَار ابن أبي قبَاسٍ إلى باب دَار ابن طُوْلُونَ، فدَخَل في جُمْلَتَهم، ووقَع للحُجَّاب والبَوّابين أنَّ ابن أبي قَبَّاس أحد العَشَرة المَرْسُومين للصَّلَاةِ، فلمَّا أُقِيْمَت

(a) ساقطة من م، وفيها: بهذا المسجد.

(b) كتبه في الأصل في هذا الموضع: فياس، ومهملة في م.

ص: 542

تقدّم، وكُلُّ واحدٍ من العَشرة يَحْسِبُه يُصَلِّي عن إذْن ومُوَامَرة، ومنهم مَنْ يحسِبُه أحدَهُم، فافْتَتَح فقَرأ فحيّر السَّامِعين شَجَىً وطِيْبًا، وتَمَّموا صَلَاتهم، فلمَّا أرادُوا النُّهوض للتَّرَاويح أمَر ابن طُوْلُون أن يُصَلِّي ترويحتَه ففَعَل، ثُمّ أُخْرى، ثُمَّ أُخْرى، حتَّى فَرَغ من جَمِيعها، ومن الوَتْر، وانْصَرفُوا، ولَم يُصَلّ أحدٌ من العَشرة فرْضًا ولا نَافِلَة، فسَأل ابن طُوْلُون حُجَّابَهُ عنه، فقالوا: ما نَعْرِفه ولا رَأيناه قبل وَقْتنا هذا، وقال بَعْضُهم: ما ظَننَّاهُ إلَّا واحدًا من العَشرة المَرْسُومين بالصَّلاة، فتقدّم ابنُ طُوْلُونَ إلى الحَجَّاب: إنْ عادَ أنْ لا يُحْجب، فعاد لليلَتِهِ المقبِلةِ، وتقدَّم وصَلَّى، فلمَّا أرادَ الانْصِرَافَ اسْتَوقفَهُ الحُجَّابُ، وسَألُوه: مَنْ هو، ومن أين هو؟ فما أصَابهُم، فرُدّ إلى ابن طُولُونَ، فخاطبَهُ، وسَألَهُ عن اسمِهِ ونَسَبِهِ، فقال: أنا ابنُ أبي قبَّاس، فسُرَّ به سُرُورًا عجَيْبًا، وأمرَهُ بالصَّلاةِ بهِ ما بقي من الشهْر وَحْدَهُ، وأمرَهُ بسَبِّهِ بحيثُ يسْمَع (a) كما سَبَّهُ على مِنْبَر طَرَسُوس، فاسْتَعْفَاهُ فأبَى عليه، واسْتَعْفاهُ فما وجَد له منه مَحِيْصًا، وسَألَهُ الأمَان فآمنَهُ وقام فخَطَبَ، فلمَّا وَصَلَ إلى حيثُ يَسُبّ رَخَّمَ واخْتَصَر (b)، فخَتَّمَ عليه أن لا يُغَادِر من السَّبِّ حَرْفًا واحدًا إلَّا لفظَ بهِ، ففَعَل وأتى عليه عن آخره، فأمرَ له بألف ديْنارٍ، وزَوَّدَهُ إلى مَكَّة، وحَمَلَهُ فحجَّ وعاد إلى طَرَسوس شَاكِرًا لابن طُوْلُون حَامِدًا.

‌ابنُ أبي عَيَّاش الألْهَانِيّ

(1)

كان على حَرَس عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وكان معه بخُنَاصِرَة، وعَزَلَهُ عُمَر، ووَلَّى عَمْرو بن مُهاجِرٍ مَوْلَى الأنْصَار.

(a) قوله: "بحيث يسمع" ساقط من م.

(b) م: واستحضر.

_________

(1)

تَرْجَمَتِه في تاريخ خليفة 325، تاريخ ابن عساكر 68:40.

ص: 543

‌ابنُ أبي مُوسَى الحَلَبِيُّ

شَاعِرٌ مُجيْدٌ، كان في عَصْر البَرَامِكَة.

قَرَأتُ في أخْبَار البَرَامِكَة، تأليفُ أبي حَفْصٍ عَمْرو بن الأزْرَق الكَرْمَانيّ

(1)

، في ذِكْر مُوسَى بن يَحْيَى بن خَالِد بن بَرْمَك، قال: وفيهِ يَقُول ابنُ أبي مُوسَى الحَلَبِيِّ (a): [من الطّويل]

ألَا إنّما مُوسَى بن يَحْيَى بن خَالِدٍ

سَمَاءٌ علينا بالرَّغَائب تُمْطِرُ

على كلِّ حالٍ من يَسَارٍ وعلّةٍ

فتروى كما تروي البِقَاعُ فتَزْهَرُ

وإنَّ له في الحَرْب إنْ شَمَّرَتْ

ودَارَت رحَاهَا والقَنَا تتكَسَّرُ

سِنَانًا شكا طُولَ الحِصَار لشُربِهِ

دَمًا من نُحُورٍ في الوَغَى تتَفَجَّرُ

‌ذِكْرُ جَمَاعَةٍ عُرِفُوا بغَيْر آبَائهم

‌جَدُّ أبي عَمْرو بن العَلَاءِ

(2)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (a) رضي الله عنه.

أنْبَأنَا أبو القَاسِمٍ بن رَوَاحَة، وابن الطُّفَيْل، قالا: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسين المُبارَكُ بن عَبْدِ الجبَار الصَّيْرَفِيّ، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، أنَّهُ سَمِعَ أبا مُسْلم عُمَر بن عليّ بن أحْمَد بن اللَّيْث يَقُول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر الحافِظ الجرجَانِيّ يَقول: سَمِعْتُ مَسْعُودَ بن عليّ

(a) بعده في م: يقول.

(b) م: عليّ بن أبي طالب.

_________

(1)

تقدّم التعريف بالمؤلف وكتابه المفقود في الجزء الثالث.

(2)

كان حيًا سنة 37 هـ.

ص: 544

السِّجْزِيّ

(1)

، قال (a): سَمِعْتُ الحاكِم أبا عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الحافِظ يَقُول: جَدُّ أبي عَمْرو بن العَلَاءِ كان مع عليّ بن أبي طَالِب (b) في الجَمَل وصِفِّيْن.

‌أبو القَاضِي أبي عُمَر

دَخَل إلى صِفِّيْن، وحكى أنَّهُ شَاهَدَ على جِدَار بَيْت المَال بها أبياتًا، رَوَاها عنه ابنُه القَاضِي أبو عُمَر.

أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر بن أبي نَصْرٍ، قالا: أخْبَرَنَا أبو الخَيْر (c) القَزْوِينيّ، قال (d): أخْبَرَنَا زَاهِر بن طَاهِر عن أبَوَي بَكْر: البيهَقِيِّ والحِيْرِيّ، وأبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، قالُوا: أخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الحافِظ، قال: حَدَّثَني عُبَيْدُ اللّهِ بنُ مَنْصُور، قال: سَمِعْتُ القَاضِي أبا نَصْرٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحافِظ المَعْرُوف بالبِنْص بحَلَب، قال: سَمِعْتُ أبا عُمَر القَاضِي يَقُول: سَمِعْتُ أبي يَقُول: دَخلتُ بيتَ المَالِ بصِفِّيْن، بعد أنْ دَثَرَ، فرأيْتُ على أحَدِ جُدْرانهِ مَكْتُوبًا: قال أَمِير المُؤْمنِيْن عليّ بن أبي طَالِب صَلَواتُ اللّه عليه (e): [من الطّويل]

أَبَى اللّهُ إلَّا أنَّ صِفِّيْنْ دَارُنا

ودَارُكُم ما لَاحَ في الأُفْقِ كَوْكَبُ

إلى أنْ تَمُوتُوا أو نَمُوت وما لنا

ولا لكُم من حوْمَةِ المَوْتِ مَذْهَبُ

(a) م: يقول.

(b) م: رضي الله عنه.

(c) م: أبو الحَسَن.

(d) م: قالا.

(e) زيد بعده في م: يقول.

_________

(1)

سؤالات السجزي 175.

ص: 545

‌ابنُ بنْتِ عليّ بن بَكَّار المِصِّيْصيّ الزَّاهِد

(1)

حَكَى عن جدِّه عليّ بن بَكَّار، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بنُ عِيسَى الطَّبَّاع.

قَرأتُ بخَطّ أبي عَمْرو القَاضِي الطَّرَسُوسِيِّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ سَعيد بن الشَّفَق، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، قال: سَمِعْتُ ابنَ ابنةِ عليّ بن بَكَّار، قال: كان جَدِّي في طُول لَيَالي الشِّتَاء إذا سَمِعَ صَوْتَ الدِّيْكِ يَقُول: أوَّه انْقَطَعَ ظَهْري، أُحبُّ أنْ يكُونَ اللَّيْلُ أطْوَلَ ممَّا هو.

‌أخُو أبي القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن أبي حَامِد الكَاتِب

اجْتازَ بنَوَاحِي بَلَد الرُّوم ممَّا يلي خَرْشَنَة، واجْتازَ بحَلَب أو بعَملها في طَرِيْقَهِ إليها.

وحَكَى عن رَجُلٍ حَكَى له عن شَابٍّ عِرَاقيٍّ كَتَبَ أبْيَاتًا على حَائطٍ، رَوَى عنهُ أخُوه أبو القَاسِم المَذْكُور، وقد ذَكَرْنا ما حَكَاهُ في المَجْهُولين الأَسْمَاء والأنْسَاب والألْقَاب

(2)

فيما يأتي بعد هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

(1)

لم أقف على تَرْجَمَتِه، وابن بكّار جدّ المترجم له هو: الزاهد العارف عليّ بن بكار أبو الحَسَن البصري (ت 207 هـ) نزيل المِصِّيْصَة والثُّغُور، صحب إبْرَاهِيم بن أدهم مدة، وروى عن جَمَاعَة منهم الأوزاعي. وروى عنه: بركة بن مُحَمَّد الحَلَبِيّ، وعبد اللّه بن خبيق الأنطاكيّ، وكان ابن بكار فارسًا مجاهدًا في سبيل اللّه، مرابطًا بالثغور. انظر: ابن سعد: الطبقات الكبرى 7: 490، أبو نعيم الأصبهاني: حلية الأولياء 9: 317 - 322، ابن الجوزي: المنتظم 10: 79 (أرخ وفاته 199 هـ)، صفة الصفوة 4: 366، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 5: 133، الذّهبيّ: سير أعلام النبلاء 9: 584.

وهناك فقيه آخر - وليس هو المراد - اسْمُه عليّ بن بكار بن هارون، أبو الحَسَن المصيصي (ت بعد 240 هـ) الملقب بالصغير تمييزًا له عن سلفه. الذّهبيّ، تاريخ الإسلام 5:1184.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب، مما يلي هذا الجزء.

ص: 546

‌جَدُّ أبي عَبْد الله الحَسَن المُزَنِيّ (a)

رَوَى عن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، رَوَى عنهُ حَفِيْدُه، وأقْدَمهُ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز عليه حينَ اسْتُخْلِفَ، فقَدِمَ خُنَاصِرَة أو دَابِق، وكانت عنده قُطَيْعَة من أَديم أحْمَر للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم.

‌ابنُ بنْت حَامِد

(1)

من كِبَار المُعْتَزِلة المُتكَلِّميْن، قَدِمَ حلَبَ وَافِدًا على الأَمِيرِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ ابن حَمْدَان، وتكلَّم مع أبي عَبْد اللّه بن خَالَوَيْه بحَضْرته في مَسْألَةِ خَلْق القُرآن، وذَكَرَ بنُ خَالَوَيْه أنَّهُ قَطَعَهُ، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةِ ابن خَالَوَيْه

(2)

.

وهذا ابن بنْت حَامِد كان يُكْنَى أبا بَكْر، واسْمُه أحْمَد بن عُبَيْد الله، وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ

(3)

.

‌ابنُ بنْت أبي عَبْد الله مُحَمَّدُ بن يُوسُف بن المُنَيِّرة

(4)

كان من أهْل شَيْزَر، رَوَى أبْيَاتًا لجَدِّه أبي عَبْد اللّه بن المُنَيِّرة، رَوَاها عنه عُثْمان بن عِيسَى البَلَطِيّ.

(a) ورد ترجمته (وما يليها من تراجم حتَّى ترجمة ابن عم الأشعث بن قيس) في طيارات ملحقة، لم يعيِّن المؤلِّف موضعها، فأدرجناها هنا مُتتابعة.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 71: 259، لسان الميزان 1:219.

(2)

ترجمته ابن خَالَوَيْه، واسمه: الحسين بن أحْمَد في الضائع من أجزاء الكتاب، وقد أورد ابن العديم خبر مناظرة ابن خَالَوَيْه له في خلق القرآن في ثنايا ترجمة أحْمَد بن سيد الشيحي الشامي (الجزء الثاني).

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

من أهل القرن السادس الهجريّ، فإن البلطيذ الَّذي أورد ذكره توفي سنة 599 هـ (الخريدة 12: 385).

ص: 547

أخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح عُثْمان بن عِيسَى البَلَطِيّ إجَازَةً، ح.

وأنْبَأنَا حَمْزَةُ بن عليّ بن عُثْمان المَخْزُوميّ، قال: أنْشَدَنا البَلَطِيّ، قال: أنْشَدَني رَجُلٌ من أهْلِ شَيْزَر، يَزْعُمُ أنَّهُ ابن بنْت الشَّيْخ أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن يُوسُف بن مُنَيِّرة لجَدِّه المَذْكُور

(1)

: [من الكامل]

ومُهَنَّدٍ تَقْفُو المَنُونُ سَبِيْلَهُ

أبدًا فكَيفَ يُقالُ رَيْبُ مَنُونِ

شَركَ المَنَايا في النُّفُوسِ فَرُحْنَ عن

غَبَنٍ ورَاحَ وليسَ بالمَغْبُونِ

لو أنَّ سَيْفًا نَاطِقًا لتَحَدَّثَت

شَفَراتُهُ بسَرَائرٍ وشُجُونِ

فكأنَّما القَدَرُ المُتَاحُ مُجَسَّمًا

في حَدِّه أو عِرْضُ (a) عِزِّ الدِّين

‌وَالدُ مِشْرَس

حَدَّثَ عن أبي شَيْبَة الخُدْرِيّ صَاحِب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، رَوَى عنهُ ابنُه مِشْرَس، وغَزَا القُسْطَنْطِينِيَّة مع يَزِيد بن مُعاوِيَة واجْتَازَ بحَلَب، أو ببَعْضِ عَمَلها.

‌ابنُ أخي شَهْر بن حَوْشَب

(2)

غَزَا مِع عَمِّه شَهْر أنْطَاكِيَة، وماتَ عند قفُوله من الغَزَاةِ، وقد ذَكَرْنا حِكايَة مَوْته في تَرْجَمَةِ شَهْر بن حَوْشَب

(3)

.

(a) الخريدة: عزم.

_________

(1)

أبيات ابن منيرة الكفرطابي في خريدة القصر 11: 574، والوافي بالوفيات 5:248.

(2)

تَرْجَمَتِه في: تاريخ ابن عساكر 68: 79 - 80.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 548

‌مَولَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز

(1)

كان بِدَابِق.

أنْبَأنَا عَبْد اللَّطيف بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنَا ابن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنَا حَمْد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا أَبو نُعَيم

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن مَالِك، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن وَكِيع، قال: حَدَّثَنَا ابن عُيَيْنَة، عن عُمَر (a) بن ذَرّ، قال: قال مَوْلَى لعُمَر بن عَبْد العَزِيْز لعُمَر حينَ رجَعَ من جنَازَة سُليْمان: ما لي أرَاكَ مُغْتَمًّا؟ قال: لمثْل ما أنا فيهِ يُغْتَم له، ليسَ من أُمَّة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أحدٌ في شَرْق الأرْض وغَرْبها إلَّا وأنا أُريد أنْ أؤدِّي إليهِ حقّه غير كاتب إليّ فيهِ، ولا طَالبه (b) منِّي.

‌مَوْلَى آخر لعُمَر

إنْ لم يَكُن الأوَّل، حَدَّثَ عنهُ عَبْد العَزِيْز بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز.

وبالإسْنَاد قال أبو نُعَيْم (c)، قال: حدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن حَيَّان (d)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الحَسَن (e)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إبْراهِيم، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بن مَحْمُود، قال: حَدَّثَنَا عُمَر (f) بن حَفْص المُعَيْطِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، قال: قُلتُ: كم تَرَكَ لكم عُمَر من المال؟ فتَبسَّم وقال (g): حَدَّثَني مَوْلَى لنا كان يَلي نَفَقته، قال: قال لي عُمَر حين احْتضر: كم عندك (h) من المال؟ قال: قُلْتُ:

(a) م: عَمْرو.

(b) م: مطالبه.

(c) م: قال إبْرَاهِيم، وانظر حلية الأولياء 5:334.

(d) مهملة في الأصل وم، والمثبت عن الحلية.

(e) حلية الأولياء: الحُسَيْن.

(f) م: عَمْرو.

(g) م: فيقسم أو قال.

(h) م: كم عبد لي.

_________

(1)

تَرْجَمَتِه في: حلية الأولياء 5: 289، تاريخ ابن عساكر 45: 168 (في تَرْجَمَة عمر بن عَبْد العَزِيْز).

(2)

حلية الأولياء 5: 289، وانظر في تاريخ ابن عساكر 45:168.

ص: 549

أرْبَعة عَشر دِيْنارًا، قال: فقال: تَحْتَملونَ (a) بها من مَنْزِل إلى مَنْزِل؟ فقُلتُ: كم تَرَكَ من الغلَّة (b)؟ قال: تَرَكَ لنا غلَّة ستِّمائة دِيْنار كُلّ سَنَة؛ ثلاثمائة دِيْنار وَرثْناها عنه، وثَلاثِمائة دِيْنار وَرثناها عن أخينا عَبْد المَلِك، وتَرَكَنا اثْنَى عَشر ذَكَرًا وستّ نِسْوَة، اقْتَسَمْنا مالهُ على خَمْس عشرة.

‌ابنُ عَمّ للأشْعَث بن قَيْسٍ

(1)

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه، وقال شِعْرًا يَوْم مَنعهم أهْلُ الشَّام الماءَ بصِفِّيْن.

قرأتُ في كتاب صِفِّين

(2)

، ممَّا رُوِي عن عُمَر بن سَعْد، قال: ثمَّ مَضَى - يعني عليًّا - نحو رَايات كِنْدَة، فإذا مُنادٍ يُنَادِي إلى جَنْب مَضْرب الأشْعث بن قَيْس رَافِع صَوْته، وهو أحَدُ بَنِي عَمِّه، وهو يَقُول:[من الطّويل]

لئن لَم يُجَلِّي الأشْعَثُ اليَوْمَ كُرْبةً

مِنَ المَوْتِ فيها للنُّفُوسِ تفلُّتُ (c)

فنَشْربَ مِن ماءِ الفُرَاتِ بِسَيْفِهِ

فَهَبْنا أُنَاسًا قَبْلُ كانُوا فَمُوِّتوا

فإنْ أنتَ لَم تَجْمَعْ لنا اليَوْمَ أمْرَنا

وتلْقَى الّتي فيها [عليكَ](d) التَّشَمُّتُ

فمَن ذا الّذيْ تُثْنى الخنَاصِرُ باسْمِه

سِوَاكَ ومَنْ هذا إليهِ التَّلَفُّتُ

وهل مِن بَقَاءٍ بعدَ يَوْمٍ وليْلَةٍ

نظَلُّ عِطَاشًا والعَدُوُّ يُصَوِّتُ

(a) م والحلية: تحتملوني.

(b) كذا في الأصل، وم، ومثلهما في حلية الأولياء، ولعل الأظهر: النِّحْلة، وهي العطية دون عوض.

(c) ابن مزاحم: تعنت.

(d) إضافة من كتاب نَصْر ليستقيم الوزن.

_________

(1)

كان حيًا سنة 37 هـ.

(2)

النقل عن كتاب صفِّين تأليف أبي جعْفر مُحمّد بن خَالِد الهاشميّ ويُعرف بابن أُمِّه، وهو كتاب نقل عنه ابن العديم في العديد من المواضع، وانظر الرواية عن مُحمَّد بن عُبَيْد الله عن الجرجاني في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 165 - 166.

ص: 550

هَلُمُّوا إلى ماءِ الفُرَات ودُوْنَهُ

صُدُورُ العَوَالي والصَّفِيحُ المُشَتّتُ

وأنْتَ امْرُوٌ من عُصْبَةٍ يَمَنَيَّةٍ

وكُلُّ امْرئٍ من عُصْبَةٍ حَيْثُ يُثْبَتُ (a)

قال: فرجَع عليّ مَغْمُومًا إلى مَنْزِله، واسْتَيقَظ الأشْعَثُ لقَول الرَّجُل، فأتَى عليًّا من سَاعته، وهو لا يَرْجُو جِدّ الأشْعَث ولا مُنَاصحتهُ، وعند عليّ تلك السَّاعَة قَوْمٌ من أصْحَابه فيهم الأشْتَرُ، فقال الأشْعَثُ: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، أيَمْنعُنا القَوْمُ ماءَ الفُرَات، وأنت فينا، ومَعَنا سُيُوفنا؟! خَلِّ عنِّي وعن النَّاس، فوالله لا أرْجع إليك، حتَّى أَرِدَهُ أو أمُوت دُونه، وأمُر الأشْتَر أنْ يَعْلُو بخَيْله على الفُرَات فيَقف حتَّى آمرَهُ بأمْري، قال عليٌّ: ذلك إليك، فانْصَرف الأشْعَثُ إلى مَضْربه، وذَكَرَ تَمَام القِصَّة وغَلَبَتَهُ على الماءِ.

‌ابنُ أخي أبي قِلَابَة

(1)

دَخَلَ أنْطَاكِيَة غَازِيًا، ورَآهُ أبو قِلَابَة في المَنَام أنَّهُ من أهْلِ الجَنَّة.

أخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد المُعَافَى بن إسْمَاعِيْل بن الحُسَين بن أبي السِّنَان، فيما أجَازَهُ لي، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنْصُور بن مَكَارِم المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنَا أبَو القَاسِم نَصْر بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَضائِل الحَسَن بن هِبَة اللّه وأبو البَرَكَات سَعد بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قالا: أخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس، قال: أخْبَرَنَا أبو مَنصُور بن الطُّوسيّ، قال:

(a) ابن مزاحم: من غصنه حين ينبت.

_________

(1)

لم أقف على ذِكْر المترجَم له، واسم أبي قلابة؛ عم المُترجَم له، هو: عبد اللّه بن زيد (أو: يزيد) الجرمي (توفي نحو سنة 104 هـ)، انظر: طبقات ابن سعد 7: 183 - 185، مشاهير علماء الأمصار لابن حبَّان 145، الخولاني: تاريخ داريا 60 - 64، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 106، ابن الجوزي: المنتظم 7: 91 - 93، صفة الصفوة 3: 238 - 239، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 391 - 394، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 331، السيوطيّ: طبقات الحفاظ 43.

ص: 551

أخْبَرَنَا أبو زَكَرِيَّاء يَزِيد بن مُحَمَّد الأزْدِيّ، قال: حَدَّثَني العَلَاء بن أَيُّوب، عن إبْراهيم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَني زَيْد بن يَزِيد المَوْصِليّ، عن الأوْزَاعِيِّ، عن القَاسِم بن مُخَيْمِرَة، قال: كان لأبي قِلَابَة ابن أخ مُسْرف على نَفْسه، فتُوفِّي، قال أبو قِلَابَة: فكُنْتُ شِبْه النَّائم فإذا طَائِرَان أبْيَضان عَظِيمان قد صَارَا في كُوَّة البَيْت، فقال أحَدُهما لصَاحِبه: انْزل فتِّشْهُ، فنَزَلَ يَدُور حَوْله، ثمّ رجعَ إلى صَاحِبهِ فقال: لَم أجد شيئًا، فنَزَلَ إليهِ الآخر فجَعَل يَدُورِ حَوْله ويُفَتِّشه، ثمّ غَمَزَ منْقَاره في جَوْفه، ثمّ أخْرَجَهُ وهو يَقُول: لا إلَه إلَّا اللّه، وَجَدْتُ في جَوْفه تَكْبِيرتَيْن كبَّرَهُما على سُور أنْطَاكِيَةَ في سَبِيْل اللّه، ثمّ قال لأبي قِلَابَة: يا أبا قِلَابَةَ، قُمْ إلى ابن أخيكَ فإنَّهُ من أهْل الجَنَّة.

وقد رَوَى نحو من هذه الحِكايَة عن ابن أخي شَهْر بن حَوْشَب رَوَاها شَهْر، وقد ذَكَرْناها في تَرْجَمَةُ شهر

(1)

إلَّا أَنَّهُ لَم يَذْكُرها مَنامًا.

‌عَمُّ يَحْيَى بن سَعيد الأنْصَاريّ

شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ رضي الله عنه.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد الأَمِين، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللّه بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنَا أبو الحسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنَا أبو طَاهِر البَاقِلَّانيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نِيْخَاب، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الحُسَيْن قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيمان الجُعْفِيّ، قال: حَدَّثَني زَيْدُ بن الحُبَاب، قال: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بن أسْماءَ الضُّبَعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعيد الأنْصَاريّ، عن عَمٍّ له شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليٍّ (a)، قال: لمَّا كُنَّا بصِفِّيْن

(a) م: مع الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وذكر الحكاية في الجزء الأوّل من الكتاب في باب "ذِكْر البَحْر الشّامي".

ص: 552

كان الرَّجُل من أصْحَاب عليٍّ (a) يشُدُّ على أصْحَاب مُعاوِيَة حتَّى يَدْخُل خَنْدَق مُعاويَة فيُقْتَل، ويَشُدّ الرَّجُلُ مَن أصْحَابِ مُعاوِيَة على أصْحَاب عليّ فيَدخُل خَنْدَق عليّ فيُقتَل، حتَّى امْتَنَع العَسْكَرِان من القَتلى، وعُقِرت الخَيْل، فأَرْسَل عليّ (b) إلى عَمْرو بن العَاص، وكان يَلي حربَ مُعاوِيَة: إنَّ عَسْكَرنا قد امْتَنَع علينا من القَتْلَى ولا أرَاكُم إلَّا قد لَقيَكُم مثْل ما لَقِينا، فليُؤمن بَغضُنا بعضًا حتَّى نُوَاري قَتْلانا، وتُوارُوا قتْلاكم، فبَعَثَ إليهِ عَمْرو: إنِّي قد فَعَلتُ، فجلَس عَمْرو على باب الخَنْدَق، فكان إذا مُرُّ عليه بالرَّجُل من أصْحَاب عليٍّ سَأل عنه فيُخْبَر، فمرَّ عليه برَجُل من أصْحَاب عليٍّ من المُتَهجِّدين، أظُنُّه سَمّاهُ، فسَألَ عنه عَمْرو فأُخْبر، فقال عَمْرُو بن العَاص: تُرَى علي ومُعاوِيَة بَريئان من دَمْ هذا؟!.

‌عَمُّ الحُسَين بن الفَهْم

كان في صُحْبَة المُعْتَصِم حين قَدِمَ حلَبَ، وغَزَا معه بلاد الرُّوم.

أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عَبْد اللّه بن الحُسَين الأنْصَاريّ، عن الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد العَتيقِيّ، قال: حَدّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عَلَّان الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا أبو عِيسَى (c) الطُّومَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن فَهْمٍ، قال: حَدَّثَني عَمِّي (d)، قال: كُنْتُ مع المُعْتَصِم في بعضِ الغَزَواتِ، قال: فنَزَلْنا على حِصْنٍ، فحاصَرْناهم وقَاتلناهُم، فلَحِقَ أَمِيرَ المُؤْمنِيْن صُدَاعٌ، فأمرَنا بالكَفِّ عن القِتَال، فاطَّلَعَ علينا بِطْرِيْقٌ من الحِصْن، فقال: لَمَ كَفَفْتُم عن القِتَالِ؟ قُلْنا: لِحَقَ أَمِرَ المُؤمنِين صُداعٌ، فَمضَى، ورجَعَ وألْقَى

(a) م: الإمام عليّ.

(b) م: رضي الله عنه.

(c) كذا في الأصل و "م"، ومثله في أصول كتاب الطيوريّ، وصحّحه محققه نقلًا عن تاريخ بَغْدَاد: أبو عليّ عِيسَى.

(d) الطيوريات: حَدَّثَنَا عمر.

_________

(1)

الطيوريات 2: 374 - 376 (رقم 321).

ص: 553

إلينا قَلنسُوَةً، فقال: يَلْبَسُ أَمِيرُ المؤمنِينَ هذه، فإنَّهُ يَهْدَأ عنه الصُّدَاعُ، فلَبسَ أَمِيرُ المؤمنِيْن القَلَنْسُوَةَ، فهَدَأَ عنه الصُّدَاعُ، فقال: افتُقُوا هذه القَلَنْسُوَةَ، وانْظُرُوا ما فيها، فوَجَدُوا فيها رَقًّا (a) فيه مَكْتُوبٌ: بِسْمِ اللّه الرَّحْمن الرّحِيم، سُبْحَانَ منْ لا يَنْسَى منْ نَسِيَهُ، ولا ينْسَى مَنْ ذَكَرَهُ، كَمْ نِعمَةٍ للّه على عَبْدٍ شَاكرٍ وغير شَاكِرٍ في عِرْقٍ سَاكِنٍ وغير سَاكنٍ، {حم (1) عَسَق}

(1)

.

‌غُلَام كَشَاجِم

كان أدِيبًا، رَوَى عن سَيِّده، وذَكَرَ أبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ، فيما نَقَلتُه بخَطّه، أنَّ ابن كَشَاجِم وغُلَامَهُ أنْشَدا بحَلَب أبا الصَّقر القَبِيْصِيّ (b)، وأبا زَكَرِيَّاء بن مُبَشِّر (c) أبْيَاتًا لكَشَاجِم في دَيْر إسْحَاق، وقد ذَكَرْنا ذلك في تَرْجَمَةِ ابن كَشَاجِم

(2)

.

‌أخو بِشر بن غَالِبِ

(3)

رَوَى عن الحَسَن بن عليّ رضي الله عنه، رَوَى عنهُ أخوه بِشْر ولم يُسَمِّه، وكان قَدِمَ من أنطَاكِيَة على الحَسَن رضي الله عنه.

أخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِمِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن جَعْفَر الخُلْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن عبد الصَّمَد بن شَاه الكُشَانِيّ إمْلاءً ببُخُارَى، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِمِ عبد الرَّحْمن بن

(a) الطيوريات: ورقًا.

(b) م: المصيصي.

(c) م: ميسر.

_________

(1)

سورة الشورى، الآيتان 1 - 2.

(2)

ترجمته في حرف الميم، ضمن أجزاء الكتاب الضائعة، واسم كشاجم: محرد بن الحُسَيْن.

(3)

لعلّه بشير بن غالب الأسديّ، أخو بشر بن غالب، انظر: الثّقات لابن حبَّان 6: 101، الجرح والتعديل 2:377.

ص: 554

الحَسَن بن عبد الرَّحمن بن عليّ بن أَيُّوب العُكْبَرِيّ بها، قال: حَدَّثَنَا عَمُّ أبيّ، الحُسَيْن بن عليّ بن أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عُمَر بن يَحْيَى بن دَاوُد بن الفَحَّام العُكْبَرِيّ بعُكْبَرا، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بن الحَكَم، قال: حَدَّثَنَا سُرَيْج بن يُونُس، قال: حدَّثَنَا عَمْرو بن جُمَيعْ الحُلْوَانِيّ، عن الأَعْمَش، عن بِشْر بن غَالِب، عن أخيْهِ، قال

(1)

: وَفَدْتُ على الحَسَن بن عليّ رضي الله عنهما، فسَائلني عن أَمِيرنا، وعن بَلَدنا، وعن مُؤَذِّنِينا، فأخْبَرتُه، فقال: سَمِع جدِّي رسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم يَقُول: ما من مَدِينَةٍ كَثُر فيها المُؤذِّنونَ إلَّا قَلَّ بَرْدُها.

وقد رَوَاهُ هُبيرَة بن جَرِير، عن الأَعْمَش، عن بِشْر بن غَالِب أنَّ أُنَاسًا من أهْلِ أنْطَاكِيَة شَكوا إلى الحَسَن بن عليّ بَرْد بلادهم، فقال: سَمِعْتُ جَدِّي يَقُول، وذَكَرَ نَحْوه.

أخْبَرَنَا بذلك أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي إذْنًا، عن أبي الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنَا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عبد الرَّحمن بن عَبْد اللّه بن يَحْيَى القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوب إسْحَاق بن إبْراهيم الأذْرَعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الخَضِر بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا مولىَ بن أَيُّوب، قَال: حَدَّثَنَا النُّعْمان بن العبَّاس، وكان من خِيَار النَّاس بأنطَاكِيَة، عن هُبيرَة بن جَرِير، عن الأَعْمَش، عن بِشر بن غَالِب، أنَّ أُنَاسًا من أهْلِ أنْطَاكِيَة شَكوا إلى الحَسَن بن عليّ بَرْدَ بلادهِم، فقال

(2)

: سَمِعْتُ جَدِّي يَقُول: أيّما بَلْدَة باردة كَثُر فيها النِّدَاءُ بالأذانِ انْكَسر بَرْدُها.

(1)

الضعفاء الكبير للعقيلي 3: 364 (رقم 1370)، الكامل لابن عدي 5: 1764، تاريخ بَغْدَاد للخطيب البَغْدَادي 15: 26، الموضوعات لابن الجوزي 2: 90 - 91.

(2)

تقدّم تخريجه في الجزء الأوّل من الكتاب.

ص: 555

وقد رُوِيَ عن بِشر بن غالب، قال: قَدِمَ على الحُسَين بن عليّ عليهما السلام ناسٌ من أهْل أنْطَاكِيَة - وفي رِوَايَة: قَدمَ أهل أنْطَاكِيَة - فسَألَهُم عن حَال بَلَدهم، وعن سِيْرة أَميْرهم، فذَكَروا خَيْرًا إلَّا أنَّهم شَكوا إليهِ البَرْدَ، فقال الحُسَين بن عليّ: حَدَّثَني أبيّ، عن جدِّي رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، فذَكَرَ نَحْوًا من ذلك.

وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في مُقدّمَة الكتاب في باب فَضْل أنْطَاكِيَة

(1)

، فدَلَّ على أنّ أخا بِشْر بن غَالِب كان من أَنْطَاكِيَة، واللّهُ أعْلَمُ.

‌مَوْلَى مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك

(2)

رَوَى عن مَوْلاهُ مَسْلَمَة، رَوَى عنهُ هِشَام بن الغَاز، وكان مع مَوْلاه بمَنَازله.

أخْبَرَنَا عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنَا أبو الفَتْح بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنَا حَمْد (a) بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّه، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنا أحْمد بن أبي الحَجَّاج، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللّه بن المُبَارَك، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن الغَاز، قال: حَدَّثَني مَوْلَى لمَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، قال: حَدَّثَني مَسْلَمَة، قال: دَخَلْتُ على عُمَر بعد الفَجْر في بَيْتٍ كان يَخْلُو فيه بعد الفَجْر، ولا يَدْخل عليه أحَدٌ، فجاءت جَارِبَة بطَبَق عليه تَمْر صَيْحَانِيّ، وكان يُعْجبُه التَّمْر، فرفَع بكَفِّه منه، فقال: يا مَسْلَمَة، أتَرَى لو أنَّ رَجُلًا أكَلَ هذا، ثمّ شَرِبَ عليه الماء، فإنَّ الماء على التَّمْر طَيِّبٌ، أكان يُجْزيه إلى اللَّيْل؟ قُلتُ: لا أدْرِي، فرَفَعَ أكْثَر منه، قال: فهذا؟ قُلتُ: نَعَم يا أَمِير المُؤْمنِيْن، كان كَافيه دُون هذا حتَّى ما يبُالي أنْ لا يَذُوق طعَامًا غيره، قال: فعَلَى ما يَدْخل النَّار؟ قال مَسْلَمَة: فما وقَعت منِّي مَوْعِظَة ما وقعَتْ هذه.

(a) م: أحْمَد.

_________

(1)

انظره في الجزء الأوّل من الكتاب.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 215 - 216.

ص: 556

‌ذكْرُ المَعْرُوفين بالأَلْقَاب

‌الألفُ

‌أَجْدَعُ السَّكَاسِكُ

شَاعِرٌ شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وقال شِعْرًا كَتَبَ به مع كتاب مُعاوِيَةَ بن حُدَيْج إلى الأشْعثِ بن قَيْس حين عَزَلَهُ عليّ (a) رضي الله عنه عن رئاسَةِ كِنْدَةَ.

قال محمد بن خَالِد الهاشِمِيُّ في أخْبَار صِفِّيْن، بعد أنْ نَزَلَ مُعاوِيَة صِفِّين، وبَلَغَهُ عَزْلُ الأشْعَث، قال: وأَمَرَ مُعاوِيَةُ بن أبي سُفْيان مُعاوِيَةَ بن حُدَيْجٍ الكِنْدِيَّ أنْ يَكْتُبَ إلى الأشْعَث بن قَيْسٍ، فكَتَبَ إليهِ كِتَابًا ذَكَرْناهُ في تَرْجَمَةِ مُعاوِيَة بن حُدَيْج (b)، قال: ثُمَّ دَعَا أَجْدَع السِّكاسك فقال: الْقِ إلى الأشعَثِ شَيْئًا تُحَرِّكه، فأنْشَأَ يَقُول (c):[من الخفيف]

أَشْعَثَ الخَيْرِ يا شَبِيْهَ أبيْهِ

أنْتَ فينا الهُمَامُ وابنُ الهُمَامِ

إنَّما الشَّامُ كالعِرَاقِ ولكِنْ

غمَّ أهْلَ العِرَاقِ بَعْضُ الشَّامِ (d)

فلَهُمْ دِيْنُهُمْ وحُبُّ عليٍّ

وَلنَا دِيْنُنا وحُبُّ الإِمَامِ

ثمّ لا حَاكِمٌ يمُيِّز ما بَيـ

ـنَ الفَرِيْقَينِ دُوْنَ (e) يَوْم الخِصَام

قَد تَرَى بالعِرَاق جَمْعًا عَظيمًا (f)

يَمَنِّيْنَ (g) مِن رُؤوسِ الأَنَام

كعَدِيٍّ ومَالكٍ وسَعِيْدٍ

وشرَيْحٍ وذاكَ فَأْسُ (h) اللِّجَامِ

وزِيَادٍ وشَيْخ كِنْدَةَ جُجْرٌ

وابْنِ قَيْسٍ وزَحْرُ (i) نِعْمَ المُحَامِي

(a) م: عليّ بن أبي طالب.

(b) من قوله: "الكندي .... "، إلى هنا ساقط من م، وترجمة مُعَاوِيَة بن حديج المُحال عليها في الضائع من أجزاء الكتاب.

(c) م: يقول هذه الأبيات، وانظر بعض الأبيات في كتاب الفتوح لابن أعثم 3:275.

(d) ابن أعثم: دين أهل العراق غير الشَّام.

(e) ابن أعثم: قبل.

(f) ابن أعثم: أن بالعراق رجالًا.

(g) ابن أعثم: بمسميين.

(h) ابن أعثم: فدس.

(i) ابن أعثم: وابن قيس زحر.

ص: 557

والمُرَادِيِّ هَانيءٍ ورِجَالٍ

كأُوِلاكُمْ في النّقْضِ والإبْرَام

لا يُنَادُون بالعِتَابِ (a) ولا يطْـ

ـــمَعُ في فَيئِهمْ ذَوو الأَحْلَام

قد دَعَوْنَاكَ بالَّتي تَجْمَعُ الشَّمْـ

ــلَ وفيها تَعاطُفُ الأَرْحَام

ثُمَّ فيها إحْدَى الخِلَالِ (b) من اللهِ

ونَزْعُ الشَّجَا (c) وتَرْكُ الحَرَامِ

لا يُنَادَى لَها (d) سِوَاكَ منَ النَّا

سِ فخُذْها يا ابْنَ المُلُوكِ العِظَام

‌الأَحْوَصُ الأنْصَاريُّ الشَّاعِرُ

وَفَدَ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بخُنَاصِرَة.

واسْمُه عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(1)

.

‌الأحْوَصُ الذُّفَافِيّ

(2)

ويُعْرَفُ بالمُخْتَزر أيضًا، واسْمُه عَبْد اللّه بن مُحَمَّد.

وكان شَاعِرًا، وهو مَنْسُوبٌ إلى ذُفَافَة بن عَبْد العَزِيْز العَبْسِيّ، وقد ذَكَرْناهُ في العَبَادِلة

(3)

، وكانَ يَصْحَبُ أبا طَالِب عليّ بن إسْمَاعِيْل بن صالح الهاشِمِيّ بحَلَب، وتَزَوَّج عَلْوَة الّتي كان يُشَبِّبُ بها أبو عُبَادَة البُحْتُرِيّ، فهَجَاهُ البُحْتُرِيُّ (e).

(a) ابن أعثم: لا يراوون بالقبيح.

(b) ابن أعثم: أخذ الحلال.

(c) ابن أعثم: وقرع السخا.

(d) ابن أعثم: لا يبارى.

(e) م: فهجاه البُحْتُرِيّ يقول وقد تقدّم ذكره.

_________

(1)

في تراجم العبادلة ضمن الضائع من أجزاء الكتاب، وترجم له باقتضاب فيمن اسمه الأحوص، انظر الجزء الثالث فيما تقدم من هذا الكتاب.

(2)

تقدمت التَرْجَمَة له باسم الأحوص (الجزء الثالث)، وقيَّده هناك الدفافي بالمهملة، ولقبه بالمحترز، بالحاء، ويترجم له فيما بعد في الألقاب: المحترز الذفافيّ، وقيل: المخترز.

(3)

ضمن الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 558

‌الأخطَلُ التّغْلِبيُّ الشّاعِرُ

(1)

كان برُاصَافَة هِشَام، واسْمُه غِيَاث بن غَوْث (a)، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

‌أعْشَى هَمْدَان

ويُكْنَى أبا المُصَبِّح، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع علِيّ (b)، وقد ذَكَرْناهُ

(3)

.

‌البَاءُ

‌البَبَّغَاء الشَّاعرُ

كان من شُعَرَاءِ سَيْفِ الدّوْلَة بحَلَب، وهو أبو الفَرَج عَبْد الوَاحِد، ولُقِّبَ بالبَبَّغَاء للَثْغَةٍ كانت في لِسَانه، وقد قَدّمْنا ذِكْرهُ

(4)

.

(a) الأصل: عَوْف، وصوابه المثبت كما في مصادر تَرْجَمَتِه المتقدمة.

(b) م: مع الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.

_________

(1)

توفي سنة 90 هـ، وقيل: 93 هـ وترجمته في: كتاب ألقاب الشعراء لابن حبيب (ضمن نوادر المخطوطات) 2: 317، طبقات الشعراء لابن سلام 2: 298، 451 - 502، الشعر والشعراء لابن قُتَيبة 242 - 249، تاريخ الطبريّ 7: 290، خاص الخاص للثعالبي 153، المرزباني: الموشح 165 - 175، الأغاني 8: 201 - 229، تاريخ ابن عساكر 104 - 123، ابن الأثير: الكامل 4: 310 - 311، 317 - 321، 5: 306، تاريخ الإسلام 2: 1055 - 1056، سير أعلام النبلاء 4: 589، ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار 14: 222، الوافي بالوفيات 23: 634 - 638، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 84، خزانة الأدب 1: 459 - 462.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

تقدمت ترجمته في الكنى، ولعله ترجم له أيضًا في الأسماء. ضمن الضائع من أجزاء الكتاب، فإنَّ اسْمُه عبد الحمن بن عبد الله بن الحَارِث بن نظام بن جشم بن عمرو بن مَالِك بن جشم الهمداني الكُوْفِيُّ.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وتقدم ذكره في الكنى برسم: أبو الفرج بن نَصْر الببغاء.

ص: 559

‌البَدِيْعُ الحَلَبِيُّ

شَاعِرٌ ذَكَرَهُ ابنُ الزُّبَيْر فيمَن قَدِمَ الدِّيَار المِصْرِيَّة من الشَّام، في جِنَان الجِنَان وريَاض الأذْهَانِ، وذكَرَ له هذه الأَبْيَات:[من الكامل]

وإذا الفَتَى قحطَتْ بهِ أيَّامُهُ

لم يُرْضِهِ فِعْل الزَّمانِ الأَنْكَدِ

يُمْسِي ويُصْبح في اكْتئاب (a) مُمرَّضٍ

يَرْنُو إلى الدُّنْيا بعَيْنَي أرْمَدِ

وكَثِير أيَّام الحَيَاةِ أقَلُّ من

أَنْ يُبْتَلَى بِتَفرُّق وتَبَعُّدِ

قَرَأتُ في كتاب جَامِع الفُنُون، تأليفُ أبي الحُسَين بن الطَّحَّان المُغَنِّي

(1)

، في باب ما مُدِحَ به المُغَنُّون في زَمَاننا هذا، يعني زَمَانَهُ، قال: وللبَدِيْعِ في: [من الكامل]

لو كانَ يُرْزَقُ بالفَضائِل فَاضِلٌ

كانت بفَضْلِكَ تُقْرَنُ (b) الأرْزَاقُ

فلَقَد حَوَيْتَ أبا الحُسَينِ فَضَائلًا

لَم يَحْوِها فيما مَضَى إسْحَاقُ

قَرَأْتُ في تارِيخ الأَمِير مُخْتَار المُلْكِ المُسَبِّحيّ في حَوَادِثِ سَنَة إحْدَى عَشْرة وأرْبَعِمائة ذِكْر جَمَاعةٍ منٍ الشُّعَراء الّذين مَدَحُوه وكَتَبُوا إليهِ، وكانوا مَوْجُودين في هذا التَّاريخ، فذَكَرَ جَمَاعَةً، وقال

(2)

: ومنهم البَدِيْعُ الحَلَبِيُّ وأنَّهُ شَاعِرٌ مُتَوسِّطُ الشِّعْر، فمِمَّا كَتَبَهُ إليَّ قَوْلهُ:[من مجزوء الكامل]

يا أيُّها المَلِكُ الّذي

طابَتْ أَرُوْمَةُ عُوْدِهِ

والسَّيِّدُ السَّامِي إلى

أعْلَى مَنَاقِبِ صيْدِهِ

(a) م: اكتباب، وكتب ابن العديم في هامش الأصل:"ح: اكىنان"، [كذا مهملة الحرف الثالث].

(b) جامع الفنون: ترزق.

_________

(1)

حاوي (جامع) الفنون 87، وفيه زيادة بيتين عليهما.

(2)

انظر المستدرك على كتاب أخبار مصر للمسبحي 176.

ص: 560

ومِنَ الأُلَى حَازُوا العُلَى

مِن قَوْمِهِ وجُدُودِهِ

والأفْضَليْن بجمعِهمْ

مِن جُنْدهِ وعَبِيْدِهِ

نَدْبٌ أطَال يَدَ المَعَا

لِي في الزَّمَانِ بجُوْدِهِ

جَمَعَ المَنَاقِبَ والنُّهَى

مَقْرُونةً بِسُعُودِهِ

نصَحَ المَلِيْكَ فأضْحَتِ

الأمْلَاكُ طَوْعَ جُنُودِهِ

واسْتَرْشَدَ الملكُ العَقِيْـ

ـــمُ بِرُشْدهِ ورَشِيْدِهِ

يا عِزُّ مُلْكِ الحاكِمِ الـ

ــمَحْمُودِ ظَلَّ عَمِيْدِهِ

كم نَارِ حَرْبٍ أُضْرِمَتْ

مَشبوبةٍ بوقُودِهِ

وخَمِيْس ملكٍ مُصحرٍ

في حَدِّهِ وَحَدِيْدِهِ

نكَّسْتَ بالأقْلَامِ طُو

لَ رِمَاحِهِ وبنُودِهِ

وفَلَّلْتَ بالآرَاء حَدَّ

صفَاحِهِ وغَمِيدِهِ

فاليُمْنُ في يُمْنَاكَ قد

مُلِّكْتَ مِن إقْليْدِهِ

يا أيُّها البَحْرُ الّذي

عَذُبَت رِشَافُ وُرُودِهِ

مَغْناكَ كالبَيْتِ الّذي

ضَاقَ الفَضَا بوُفُودِهِ

لو يَسْتَطِيعُ لَزَارَهُ

غَوْرُ الثَّرَى بنُجُودِهِ

يا سَيِّدًا فَهِمَ الوَرَى

مِن نَظْمِهِ وفَرِيْدِهِ

اخْترتَ جَوْهَر سِلْكِهِ

فانْصَاغَ نَظْمُ عُقودِهِ

وَلَقَد حَوَيْتَ مَنَاقِبًا

خَلَّدْتَها بخُلُودِهِ

بادَ الزَّمانُ ولَم تبِدْ .... هَل حِيْلَةٌ لمُبِيْدِهِ

يا أيُّها المُخْتَارُ فهـ

ــمُكَ دَقَّ عَنْ تَحْدِيْدِهِ

أنْتَ الّذي غَمَرَ الوَرَى

بِطَريْفِهِ وتَلِيْدِهِ

فارْفَعْ ظُلامَةَ مَن رَمَى

مَرْمَاتِهِ بوَعِيْدِهِ

ص: 561

وسَطَا علَيهِ بجَوْرِهِ

وَبِصَرفِهِ وحُقُودِهِ

فسَىَ إليكَ مُشَمِّرًا

بِرَسِيْمِهِ ووَخِيْدِهِ

لتَسُدَّ منهُ فاقةً

عزَّتْ على تَسْدِيْدِهِ

فامْنُنْ علَيهِ بخِلْعَةٍ

لِتَشُقّ قَلْبَ حَسُودِهِ

مِن جَيِّدِ الرَّقم الّذي

يُخْتَالُ في تَوْريدِهِ

فلَقَدْ حَبَاكَ جَوَاهِرًا

مِن مَدْحِهِ وقَصِيْدِهِ

يَزْهُو بجَوْهَرِها على

ضِلِّيْلِهِ ولَبِيْدِهِ

يُرِيدُ بالضِّلِّيْل: امْرَأَ القَيْس.

أمُحَمَّدٌ بمُحَمَّد

ووَصِيِّهِ وشَهِيْدِهِ

انْظُرْ إليَهِ نَظْرَةً

تُغْنيهِ عَنْ تَرْدِيْدِهِ

فَأَنْتَ أكْرَمُ مَنْ مَشَى

باللّهِ فَوْقَ صَعِيْدِهِ

وَاسْلَمْ سْلمتَ على الزَّما

نِ وأنْتَ دُرَّةُ جِيْدِهِ

قال المُسَبِّحيُّ

(1)

: وله أيضًا الأبْيَات الَّتِي الّتي ذَكَرَهَا ابن الزُّبَيْر من هذه القَصِيدَة: [من الكامل]

صبٌّ يَرُوح إلى الغَرَام ويَغْتَدِي

ومُفَنَّد في الحُبِّ أيّ مُفَنَّدِ

غِريتْ به العُذَّالُ حتَّى أنَّهُ

يلْفَى الأَسَى بغُرُور عذلٍ مُوْصَدِ

كم لَائم في الحُبِّ لَام ومُرْشِدٍ

في عَذْلِه أضْحَى وليسَ بمُرْشِدِ

دَنِفٌ أضَرَّ به الغَرَام ولا يَرَى

نُصْحًا لقَوْل عَذُولِه والحُسَّدِ

شَطَّ المَزَارُ بهِ فأصْبَح مُفْرَدًا

مُتَأسِّفًا يَبْكِي لفُرْقَةِ مُفْرَدِ

(1)

لم يرد في المتبقي من كتاب المسبحي، واستدركه المحقق ضمن الضائع من الكتاب، انظر أخبار مصر 177.

ص: 562

كيفَ السُّلُوُّ وفي الحَشَا نَار الأَسَى

تَزْدَاد بينَ تَضَرُّم وتَوَقُّدِ

عَهْدِي بهم والعَيْشُ غَضٌّ جَامِعٌ

شَمْل الوِصَالِ ولَمْ يكُن بمُبَدَّدِ

فأزَاحَ صَرْفُ الدَّهْر حتَّى صُبْحُنا

لَيْلٌ وحتَّى ليلُنا بالسَّرْمَدِ

وإذا الفَتَى قحطَتْ به أيَّامُهُ

لَم يُرْضِهِ فِعْلُ الزَّمانِ الأَنْكَدِ

يُمْسِي ويُصْبح في اكْتِئاب مُمرَّضٍ

يرنُو إلى الدُّنْيا بعَيْنَي أرْمَدِ

وكَثِيْر أيَّام الحَيَاةِ أقَلُّ من

أنْ يُبْتَلَى بتَفَرُّق وتبعُّدِ

ورَكائبٍ خَلَّفْتُها دُلْج السُّرَى

واللَّيْلُ في لَوْن الغُدَافِ الأسْوَدِ

والنَّجْم في أرْجَائهِ مُتَحيِّرٌ

عَانٍ كتَحْيير الضَّرِيْر المُقْعَدِ

أطْوي بها أجْوَاز كُلّ تَنْوفَةٍ

قَفْرٍ وأقْطَعُ كُلّ خَرْق فَدْفَدِ

حتَّى أنَختُ بباب عِزّ المُلْكِ في

نِعَم تَزِيْدُ على النَّعِيم الأرْغَدِ

مَلِكٌ إذا اسْتَمْطَرَتَ مُزنَ بنَانِهِ

جَادَت يَدَاهُ بمُزْن بَرْقٍ مُرْعدِ

وَرِثَ المَعَالِي عن أَبِيهِ وجَدِّه

فجَرَى طَرِيفًا في الأنَامِ بمتْلدِ

قَوْمٌ تردَّوا بالمَكَارِم واكْتَسَوْا

حُلَل الرِّئَاسَةِ بالأَغَرِّ الأمْجَدِ

أمْوَالُهُمْ مَبْذُولةٌ لعُفَاتِهم

ودِيَارُهُمْ لوفُوْدِهم كالمَسْجِدِ

حَرَمٌ تحرَّمَتِ الوُفُودُ بَرَبْعِهِم

فسَما إليهِ بمُقْسم ومُؤكَّدِ

الوَاهبُونَ تكرُّمًا أمْوَالَهُم

والمُجْزْلُونَ حبَا الوُفُود الوُفَّدِ

والمُطْعِمُونَ إذا المَرَابِعُ أمْحَلَتْ

والوَاهِبُونَ لِكُلِّ مَا لَم يُوْجدِ

والقَائِمونَ بكُلِّ حدٍّ وَاجب

والصَّافُحونَ عن المُسِيء الأعْتَدِ (a)

والضَّارِبُونَ إذا الكَتِيْبَة أحْجَمَتْ

رَأس المُتَوَّج في العِجَاجِ الأرْبَدِ (b)

وإلى جُدُودكَ يَنْتَمِي كَرَمُ الوَرَى

وإليكَ مقْصَد كُلّ سفَرٍ مُنْجِدِ

(a) م: المعتد.

(b) م: الأريد.

ص: 563

ولديكَ مَغْنَم كُلّ طَالِب حَاجَةٍ

ويزين ذِكْركَ في القَرِيْضِ المُنْشَدِ

يا أيُّها المُخْتَار خِيْرَة عَصْره

يا سَيِّدًا قد سَادَ كُلَّ مُسَوَّدِ

حُزْتَ المَكَارِمَ والمَنَاقِبَ والحِجَى

يا ذَا المَعَالِي والنُّهَى والسُّؤْددِ

ورَقِيْت في العَلْيَاء أعْلَى رُتْبَةٍ

شَرُفَتْ على شَرَف السُّهَا والفَرْقَدِ

يا وَارث المَاضِيْن مَحْضَ عُلُومهم

يا كَامِل العِلْم الشَّريف المَقْعَدِ

يا أَيُّها المَلِكُ الهُمَام ومَن غَدَا

مُتَكِفِّلًا بحبَا الوُفُود القُصَّدِ

إنِّي اسْتَجَرْتُ من الزَّمانِ ورَيبِهِ

بندَاك أنْتَ على البَرِّيَّةِ مُسْعِدي

أمَّا وقد حَلَّتْ بجُوْدكَ فاقَتى

رشْدًا وحَازَتْ حَبْل نَائلِهِ يَدِي

فسَأغْتَدِي وأرُوحُ غير مُرَوَّع

ممَّا تَرُوح بهِ الخُطُوبُ وتَغْتَدِي

وسَأقْتَدِي بذَوِي المَعَالِي والنُّهَى

وأخُو الحِجَى بذَوِي المَعَالِي يَقْتَدِي

ولأُصْبِحَنَّ بعِزَّة ذا عِزَّة

تَسْطُو على صَرْفِ الزَّمانِ المُعْتَدِي

ولأَسْطُونَّ على الزَّمان بصَارِم

من جُودِهِ في النَّائِباتِ مُجَدّدِ

مَلِكٌ إذا اسْتَسْقَى العُفَاةُ سحابَه

رَوَّا بَوابلِها عِطَاشَ الوُرَّدِ

خَلَط الوَقَائِعَ بالصَّنَائع فاسْتَوى

ميْلٌ وذلَّل كُلَّ صَعْب أَعْنَدِ

يَزْهُو بأنْملِهِ اليَرَاعُ لأنَّها

تَجْري بحَتْفِ عدىً ونَيْلٍ مُرْفِدِ

ما تُنْتَضَى يَومًا لدَفعْ ملمَّةٍ

إلَّا وفلَّتْ غَرْبَ كُلّ مُهَنَّدِ

فنَوالها للمُعْتَفي يُحْيي النَّدَى

وعقابُها للخَالِع المُتَجَرِّدِ

يا حلْيَةَ (a) الدُّنْيا وزِيْنَة أهْلها

يا وَاحِدًا في كُلِّ فَضْلٍ أَوحَدِ

قضَّيْتَ صَوْمَك بالصَّلاةِ وبالتُّقَى

والعِيْدُ عادَ بسَعْدِ جَدِّك فأسْعَدِ

سَعْدٌ عليكَ مُجَدَّدٌ يَحْظى بهِ

وتَبِيْد ثَوْبَ خَلِيْعِهِ بِمُجَدَّدِ

(a) م: حيلة.

ص: 564

لا زلتَ تَرْقَى في المَعَالِي صَاعِدًا

أبدًا على رَغْمِ العِدَى والحُسَّدِ

مَوْلاي قد أُجْهدْتُ فانْف بنعمَةٍ

جُهْدِي وجوَّدتُ القَرِيْضَ فجَوّدِ

‌البَدِيْعُ المَعَرِّيُّ

(1)

شَاعِرٌ من أهْلِ المَعَرَّة، واسْمُه عليّ.

وَقَعَ إليّ من شِعره قَوْلُه: [من الطّويل]

يا صَاح آنَسَنِي دَهْري وأوْحَشَنِي

منهم فأضْحَكَنِي فيهم (a) وأبْكَانِي

قد قُلْتَ أرْضٌ بأرْضٍ بعد فُرْقَتهم

فلا تَقُل لي جِيْرَانٌ بجِيْرَانِ

‌البَلِيْغُ المَعَرِّيّ

(2)

شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، واسْمُه إبراهيم بن الحَسَن، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ في حَرْف الألف

(3)

.

(a) ياقوت: دهري.

_________

(1)

توفي سنة 524 هـ، واسمه: طراد بن عليّ بن عبد العزيز، أبو فراس السلمي الدّمشقيّ المعروف بالبديع، وترجم له: ياقوت مُعْجَمُ الأدباء 4: 1457 - 1458، (وأورد في تَرْجَمَتِه بيتي الشعر اللذين ذكرهما ابن العديم أعلاه)، السلفي: مُعْجَمُ السفر 132 - 133، ابن شاكر الكتبي: فوات الوفيات 2: 131 - 133، الذّهبيّ: تاريخ الإسلام 11: 402، الصفدي: الوافي بالوفيات 16: 420 - 422، بغية الوعاة 2 " 19، الزركلي: الأعلام 3: 225.

(2)

من أهل القرن الخامس الهجري لأخذه عن أبي العلاء المعري.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب، ووقع ذكره في طالع تَرْجَمة أبي العلاء المعري (الجزء الثاني) ضمن تعداد أسماء من قرأ على أبي العلاء المعري، وذكر ابن العديم أن الحَسَن بن إبراهيم البليغ هو ابن أخت أبي العبَّاس أحْمَد بن خلف الممتع.

ص: 565

‌البِنْصُ

حَافِظٌ أدِيبٌ، وهو أبو نَصْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد القَاضِي، ولُقِبَ البِنْص تَرْكِيبًا من أبي نَصْرٍ كُنْيَته، وقد ذَكَرْناهُ

(1)

.

‌البُرْهَانُ المَرَنْدِيُّ الفَقِيهُ

(2)

كان من الفُقَهَاء المُفْتِين بحَلَب، وكان حَنَفِيَّ المَذْهَب، ولَم أَعْرف اسْمه.

ووَقفتُ لهُ على فَتْوَى أفْتَى فيها مع عَلاء الدِّين عبد الرَّحْمن الغَزْنَوِيّ وشَرَف الدِّين بن أبي عُصْرُون في مَسْألَةٍ سئلُوا عنها في رَجُلٍ يَقُول: إنِّي سَلَفِيّ المَذْهَب، ويَزْعُمُ أنَّ اللّه تعالَى في الجهة. فأفْتَى وقال في أثْناء كَلَامِهِ: أمَّا السَّلَفُ الصَّالِح، رِضْوَان اللّه عليهم أجْمَعِين، ما كانُوا يُثْبِتونَ للّه من الصِّفَات ما كان يَسْتَحِيل في حَقِّه من صِفَات المُحْدَثات كالأجْسَامِ والأعْرَاض والجَوَاهِر، بل يُنَزِهُونه سُبْحَانه وتَعالَى عَمَّا يَسْتَحيل في حَقِّهِ، ويُثْبِتُون له ما يَجُوز في حَقِّه، وما كانوا يتحَدَّثُونَ في

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وهو من أهل القرن الرابع الهجري لمجالسته سَيْفُ الدَّوْلَة الحمدانيّ، وذكره التنوخي في نشوار المحاضرة 1: 95، وقال:"وكان رَجُلًا من أهل نَيسَابُور أقام ببَغْدَاد قطعة من أيَّام المقتدر وبعدها إلى أيَّام الراضيّ، وكان من أصحابنا في المذهبين، يعني: في الفقه مَذْهَبُ أبي حنيفة، وفي الكلام مَذْهَبُ أهل العدل والتوحيد، وكان مشهورًا بالطيبة والخلاعة وخفّة الروح وحسن المحاضرة مع عفة وستر، وتقلد الحكم في عدة نواح بالشام"، ونقله ياقوت في مُعْجَم الأدباء 2:526. كما ترجم الذّهبيّ في تاريخه 8: 342 لشاعر اسْمُه: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عمرو أبو نَصْر النَّيْسَابُورِيّ المحدث الشاعر الملقب بالبيض (ت بعد 360 هـ)، نزل حَلَب ومدح سَيْفُ الدَّوْلَة، فلعله هو.

(2)

من أهل القرن السادس الهجري لاقترَانه بالغزنوي وابن أبي عصرون، ولعله نسبته إلى مَرَنْد؛ من مشاهير مدن أذربيجان، بينها وبين تبريز يومان، وينتسب إليها العديد من العلماء الذين عددهم السمعاني وياقوت، وليس من بينهم من اتصلت علاقته بحَلَب. انظر: أنساب السمعاني 12: 197 - 199، وياقوت: مُعْجَمُ البلدان 5: 110.

ص: 566

اللّه وفي ذَاتهِ إلّا عند الحاجَةِ والضَّرُورَة، ولهذا قيل عنهم: تَفَكّرُوا في آلاءِ اللّه ولا تَتَفَّكُروا في الله

(1)

، في كَلَام حَسَن اخْتَصَرتُهُ.

‌الجِيْم

‌جِرَانُ العَوْد

(2)

شَاعِرٌ من العَرَب، لُقِّبَ بِجِرَان العَوْد لقَوْله

(3)

: [من الطّويل]

عَمَدْتُ لعَوْدٍ فالْتَحَيْتُ (a) جِرَانَهُ

ولَلْكَيْسُ أمْضَى في الأُمُور وأنْجَحُ

والجِرَانُ: عِرْقٌ (b) على عُنُق البَعِيْر.

قَدِمَ خُنَاصِرَة، وذَكَرَها في شِعْره، وجَعَلها خُنَاصِرَات حيثُ قال (d):[من الوافر]

نَظَرْتُ (c) وصُحْبَتي بخُنَاصِرَاتٍ

ضحيًّا بعدمَا مَتَعَ النَّهَارُ

إلى ظُعُنٍ لأُخْت بَنِي نُمَيْر (d)

بكَابةَ حيثُ زَاحَمَها العقَارُ (e)

العقَار: الرَّمْل.

(a) ديوان جران العرد: فالتجيت.

(b) م: عرف، وفي معاجم اللغة: الجران هو باطن العنق.

(c) ديوان جران العود: رأت.

(d) الديوان: بَنِي غفار.

(e) كذا قيَّدها في الأصل بالقاف، ومثله في تفسير المعنى بعده، ورواية الديوان: عفار، وتقدم بالفاه أيضًا في الجزء الأوّل عند كلام المؤلِّف على خناصرة.

_________

(1)

حديثِ نبويّ أخرجه الطبرانيّ في الأوسط 6: 250 (رقم 6319)، والسيوطي في المقاصد الحسنة 159 (رقم 342).

(2)

مختلف في سنة وفاته، قيل إنَّهُ جاهلي وأدرك الإسلام حتَّى عدي أُمَيَّة، وقيل: توفي سنة 68 هـ، وترجمته في: كتاب ألقاب الشعراء لابن حبيب (ضمن نوادر المخطوطات) 2: 314، الشعر والشعراء لابن قُتَيبة 369 - 370، الإكمال لابن ماكولا 2: 69، منتهى الطلب من أشعار العَرَب لابن المبارك 2: 5 - 44، توضيح المشتبه 6: 150، 390، الزركلي: الأعلام 3: 250.

(3)

ديوان جران العود 45.

(d) ديوان جران العود 86 - 87.

ص: 567

واسْمُ جِرَان العَوْد المُسْتَورِد، [

] (a) العُقَيْلِيّ، وقد ذَكَرْناهُ

(1)

.

‌الخَاءُ

‌الخِلْبُ التَّنُوخِيُّ المَعَرِّيُّ

(2)

أدِيبٌ فَاضِلٌ من أهْلِ مَعَرَّة النُّعْمَان، قَرَأ بحَلَب على أبي عَبْد اللّه بن خَالَويْه الكَثِيْر.

(a) بياض في الأصل قدر كلمتين، وهو مختلف في اسْمه واللقب يغلب عليه، قيل: المستورد، وقيل: كلدة، وقيل: عَامِر بن الحَارِث بن كلفة، والأغلب في نسبته النميري لا العُقَيْلِيّ. انظر مجموع الأقوال في مقدمة ديوانه المطبوع بتحقيق نوري حمودي القيسي 5 - 7.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

من أهل القرن الرابع الهجري لاتصاله بابن خَالَوَيْه، ولم نقف على ذِكْر له.

ص: 568

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبَهِ تَوْفِيقِي

‌خَطِيْرُ المُلْكِ ابن الوَزِير اليَازُوْرِيّ أبي مُحَمَّد، وَزِير المُسْتَنْصِر الفَاطِميّ

(1)

توجَّه من الدِّيَار المِصْرِيَّة إلى حَلَب في حَيَاةِ أبيهِ لتَرْتيب أُمُورها وإصْلَاح أحْوَالها.

قَرَأتُ في كتاب جِنَان الجِنَان وريَاضِ الأذْهَان، تأليفُ ابن الزُّبَيْر، قال بعد حِكايَةٍ ذَكَرَها

(2)

: ومثْل ما ذَكَرْتُه من اخْتِلَال أحْوَال ذَوي الجاهِ والمَال، ما حَدَّثَني بهِ القَاضِي إبْرَاهيم بنُ مُسَلَّم الفُوِّيّ بمِصْر، وقد جَرَى مثْلُ هذا الحَدِيْث، قال: شَاهَدْتُ خَطِيْرَ المُلْك، وَلَدَ الوَزِير اليَازُوْرِيّ أبي مُحَمَّد، وَزِير المُسْتَنْصِر باللهِ بمِصْرَ، وكان من أعْظَمِ وُزَرَاء الدَّوْلَةِ الفَاطِميَّةِ خَطَرًا، وأوْفَاهُمْ قَدْرًا، ووَلِيَ ابنُه خَطِيْرُ المُلْك المَذْكُور قَضَاءَ القُضَاةِ بسَائر أعْمَالِ الدَّوْلَةِ، والمَظَالِم، ونَاب عن وَالدِه في الوِزَارَة، وسار إلى حَلَب وغَيْرها من أعْمَالِ الشَّام لتَمْهيدِ أُمُورها، وإصْلَاحِ أحْوَالها، وتَقْرِيرها. وآلتْ به الحالُ بعدَ قَتْلِ أبيهِ إلى الفَقْرِ المُدْقِع، والحاجَةِ الشَّدِيدَةِ إلى أنْ جَلَسَ للخَيَّاطةِ بالأُجْرَة في بَعْضِ مَسَاجِدِ فُوَّة.

(1)

توفي بعد سنة 461 هـ، وترجمته في: نهاية الأرب للنويري 28: 222، اتعاظ الحنفا للمقريزي 2: 208، 233 - 234، 246 - 247، المقفى الكبير 5: 549 - 550 (وسماه: مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ بن عبد الرحمن، أبو الحَسَن خطير الملك)، ابن حجر العسقلاني: رفع الإصر 355، (وورد اسْمُه: خطير الدين مُحَمَّد بن الحَسَن، وأرخ وفاته سنة 450 هـ).

(2)

قارن باتعاظ الحنفا 2: 233 - 234، 247، والمقفى 5:550.

ص: 569

قال ابنُ مُسَلَّم: فرَأيْتُهُ في بعضِ الأيَّام يُطَالِبُ رَجُلًا بأُجْرَة خَيَّاطة خَاطَهَا له، والرَّجُلُ يُدَافِعُه ويُماطلُهُ وهو يَلَجُّ في الطَّلَب، ولا يُرَخِّصُ له في الإنْظَار والمُهْلَة، فلمَّا ألَحَّ عليه، قال: يا سَيِّدنا، اجْعَل هذا المِقْدَارَ اليَسِيْر من جُمْلَةِ ما ذَهَبَ منكَ في السَّفْرَة الشَّامِيَّةِ، فقال: دَعْ ذِكْرَ ما مَضَى.

قال ابنُ مُسَلَّم: فسَألتُه عمَّا قَصَدَهُ الرَّجُل، فلم يُفْصح عنه إلى أنْ عَلِمْتُ من غيره أنَّهُ كان أنْفَق برَسْم مَائِدَة في سَفَره ستَّة عَشر ألف دِيْنارٍ، وأنَّهُ كان لا يَمُدّ سِمَاطَهُ في الطَّريق، الّتي يُعْدَمُ فيها الماءُ للشُّرْب فَضْلًا عن غيره، إلَّا وعليه ما جَرَتْ عَادَة الرُّؤَسَاء بتَقْدِيمِهِ من الخُضَر والطَّعَام في الحَضَرِ، وذلك أنَّهُ كان اتَّخذ حيَاضًا من الخَشَبِ مَمْلوءةً من الطِّيْن، وزَرَع فيها من البَقْل ما يُجْنى منه الّذي يُحْتاج برَسْمِ مَائدتهِ في كُلّ يَوْم.

‌الدَّال

‌الدُّمَيْك النَّحْوِيُّ الحَلَبِيُّ الشَّاعرُ

(1)

واسْمُه مَنْصُور بن المُسَلَّم بن أبي الخُرْجَين، وقد قَدَّمْنا ذِكْرَهُ

(2)

.

(1)

توفي بعد سنة 510 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (قسم الشَّام) 12: 169 - 177، (وأورد له الكثير من أشعاره)، تاريخ ابن عساكر 60: 356 - 358 (أرخ وفاته سنة 510 هـ)، مُعْجَمُ الأدباء 6: 2729 - 2730، إنباه الرواة 3: 326 - 327، ابن الصابوني: تكملة إكمال الإكمال 177 - 180، الوافي بالوفيات 26: 388 - 389، بغية الوعاة 2: 303، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 251، الزركلي: الأعلام 7: 304.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وحفظ لنا الصابوني بعضًا من تَرْجَمَة ابن العديم له، أدرجناها في الملتقط من الضائع في الجزء بعده.

ص: 570

‌الدَّنِفُ الشَّاعِرُ

كُنْيَته أبو عَبْدِ اللّه، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في الكُنَى

(1)

.

‌الذَّال

‌ذو ظُلَيْم

شَهِدَ صِفِّيْنَ، واسْمُه حَوْشَب تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌الرَّاءُ

‌الرَّاعِي الشَّاعِرُ

واسْمُه عُبَيْد بنُ حُصَيْن، ولُقِّبَ الرَّاعِي لكَثْرة وَصْفه الإِبِلَ في شِعْره، وقيل: لوَصْفه الرَّعْي في قَصِيْدَتهِ اللَّامِيَّة الّتي أوَّلُها

(3)

: [من البسيط]

ألَم يَشُقْكَ بوَادِي العذْبةِ الطَّلَلُ

وقَدِمَ حلَبَ، وذَكَرَ ذلك في شِعْره، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(4)

.

(1)

تقدمت تَرْجَمَتِه مع تَرْجَمَة أبي عَبْد اللهِ الشبلي.

(2)

انظر الجزء السادس من هذا الكتاب.

(3)

لم أقف على الشعر المَذْكُور في ديوانه الَّذي جمعه راينهرت فايبرت، ولا في غيره من المصادر.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي الشَّاعِر الراعي سنة 90 هـ، وترجمته في: طبقات الشعراء لابن سلّام الجمحي 2: 502 - 521، خاص الخاص للثعالبي 155، الاشتقاق لابن دريد 295، المؤتلف والمختلف للآمدي 122، الشعر والشعراء لابن قُتَيبة 201 - 202، ابن حزم: جمهرة أنساب العَرَب 279 (وفيه سياقة نسبه)، الأغاني 24: 112 - 120، تاريخ ابن عساكر 38: 185 - 193، تاريخ الإسلام 2: 997، 3: 43، 96، سير أعلام النبلاء 4: 597 - 598، الوافي بالوفيات 19: 429 - 431، خزانة الأدب 3: 150 - 151.

ص: 571

‌الرَّقَعْمَقُ

وقيل فيه: أبو الرَّقَعْمَق أحْمَق، وهو لَقَبٌ.

شَاعِرٌ مَاجنٌ يَحْكي أصْوَات الطُّيُور والطُّبُول، وغير ذلك في شِعْره، واسْمُه أحْمَد بن مُحَمَّد أبو حَامِد الأنْطَاكِيّ، وقد ذَكَرْناهُ

(1)

.

‌الزَّاي

‌الزَّاهِرُ المَعَرِّيُّ

واسْمُه الحُسَين بن مُحَمَّد، وقد ذَكَرْناهُ

(2)

.

وهو شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، ووَقَعَ إليَّ أبْيَات من شِعْره بخَطِّه كَتَبَها إلى بعضِ بَنِي سُلَيْمان يُعزِّيه بميِّت من أهْله (a):[من الطّويل]

أَرَى كُلَّ حُزْن دُوْنَ ما بي من الحُزْن

وما نال قَلْبي من مُصَاب أبي اليُمنِ

هِلَالٌ ثَوَى تحت التُّراب وغيبَت

مَحَاسِن وَجْهٍ كان مُجْتَمع الحُسْنِ

فإنْ سُرَّ قَلْبي بعدَهُ بمَسَرَّة فلا

نَظَرت عَيْني ولا سَمِعَت أُذني

رَمَته اللَّيالِي بغْتَةً بحِمَامِهِ

على صِغَر منْهُ وعن غَفْلَةٍ منِّي

فإنْ لَم أَمُت حُزْنًا عليه وحَسْرةً

فلا زَال جِسْمي في ثِيَابٍ من الحُزْنِ

أبا اليُمْن إنْ أصْبَحْتَ في التُّرْب غَائِبًا

فقد كان ودِّي أنْ تغيَّب في جَفْني

(a) بعده في م: يقول.

_________

(1)

في الجزء الثالث.

(2)

في الجزء السادس من هذا الكتاب. وتوفي بعد سنة 428 هـ، حسبما ذِكْر ابن العديم في تَرْجَمَتِه في الأسماء هناك.

ص: 572

وإنِّي على حُزْني عليك وحَسْرَتي

أظُنُّ الرَّدَى، والعِلْم يُؤخَذُ بالظَّنِّ

فصَبْرًا عليه يا ذَويه فأنتُم أُولوا

الحِلْم والألْبَاب والرُّجَّح الوَزْنِ

فما زَال يَسْري نحْوَكُم ربُّ حاجةٍ

فيَبْلغ ما يَرْجُوه من شَاسِع المُدنِ

وكم نِعْمَة أهْدَيْتُموها لطَالب

وكم منَّة أسْدَيْتُموها بلا مَنِّ

وآل سُليْمانٍ هُم خَيْر مَعْشَر

من النَّاس طرًّا لا أُحَاشي ولا أُكْني

مَتَى أتاهُم خَائِفٌ فكأنَّما

يَلُوذ ويَأوي من ذُرَاهُم إلى حِصْنِ

فلا رُوِّعُوا من بعْدِه برزيَّة

وعَاشُوا من الدَّهْر المُشَتِّتِ في أمْنِ

‌الزَّاهِي

(1)

وقيل فيه الزَّاهِر، واسْمُه مُحَمَّد بن عُمَر، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌الزَّاهِي

غير الأوَّل المَعَرِّيّ في غَالِب ظَنِّي، مُتَأخِّر العَصْر، بَلَغَني أنَّهُ أنْشَد قَوْل ابن المَغْرِبيّ (a):[من الكامل]

قال الطَّبِيْبُ وقد تأمَّل علَّتِي

هذا الفَتَى أوْدَت بهِ الصَّفْرَاءُ

فعَجِبْتُ منه وقد أصَابَ وما دَرَى

لَفْظًا ومَعْنَىً والرَّاد خطاءُ

فقَال الزَّاهِي في الحَال الرَّاهِنَة: [من السريع]

رَثَى طَبِيْبي لِسقَامِيْ ومَنْ

أسْقَمَني هِجْرَانُهُ ما رَثَا

(a) بعده في م: يقول.

_________

(1)

من أهل القرن الخامس الهجري لاتصاله بالثعالبيّ، وذكره الثعالبي كثيرًا في كتابه يتيمة الدَّهر 1: 243، 291، 401، 404، 407، 418، 426، 429، 2: 369، ذِكْر عارض أخذ عنه إنشادًا في هذه المواضع، وسماه الزاهر بالراء.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 573

وقال هذا مَرَضٌ مُعْضِلٌ

ورُبَّما أشْفَقْتُ أنْ يَلْبَثَا

وهذِهِ الصَّفْرَاءُ قَتَّالةٌ

فَلَيْتَهُ ذَكّرَ ما أَنَّثَا

‌السِّيْن

‌السَّابِقُ بن أبي مَهزُول المَعَرِّيُّ

(1)

شَاعِرٌ أدِيبٌ فَاضِلٌ، واسْمُه مُحَمَّد بن الخَضِر، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

، وكان يَكْتُب خَطًّا حَسَنًا، ووَقَعَ إليَّ كُرَّاسَة من شِعْره بخَطِّه، وكَتَبَ على ظَاهِرها: من صَهِيْل السَّابِق.

‌سَجَّادَة الفَقِيهُ

(3)

وكان قَاضِيًا على المَدَائِن، وقَدِمَ حلَبَ مع المُتَوَكِّل سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الأَمِين، عن عَمِّه الحافِظ أبي القَاسِم

(4)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبِي مُحَمَّد عَبْدِ اللّهِ بن مُحَمَّد الخَطَّابيّ الشَّاعر، في أسْماء مَنْ شَخصَ مع المُتَوَكِّل إلى دِمَشْق من الفُقَهَاءِ: سَجَّادَة.

(1)

توفي سنة 538 هـ، وذكر العماد الأصفهاني أنَّه قريب عهد به، وترجم له في الخريدة (شعراء الشَّام) 12: 125 - 127، 375، تاريخ ابن عساكر 52: 401 - 403، القفطي: المحمدون من الشعراء 426 - 428، وذكر ابن خلكان له حكاية عنه؛ وفيات الأعيان 5: 132، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 15: 474 - 475، فوات الوفيات 3: 347 - 349، الوافي بالوفيات 3: 39 - 41، شذرات الذَّهب 6: 192، الزركلي: الأعلام 6: 113.

(2)

تَرْجَمَته في الضائع من أجزاء الكتاب، وتقدم لابن العديم (الجزء التاسع) ذكره في الأسماء: السابق بن أبي مهزول، وأحال على تَرْجَمَتِه الضائعة في المحمدين.

(3)

تَرْجَمَته في: تاريخ ابن عساكر 68: 72.

(4)

تاريخ ابن عساكر 68: 72.

ص: 574

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

: قَرأتُ على أبي عَبْد الله يَحْيَى بن الحَسَنِ، عن أبي تَمَّام علي بن مُحَمَّد، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القَاسِم، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي خَيْثَمَة، قال: سَمِعْتُ سجَّادَة يَقُول: كُنْتُ قاضِيًا على المَدَائِن، فبَعَثَ إليَّ المَأْمُونُ بخَادِمٍ له يَوْمًا نصْفَ النَّهَار، فقال: المَأْمُونُ يأمرُكَ أنْ تَهْدِمَ دارَ فُلَانٍ وتَسْتَخْرج منها قَبْر سَلمْان، قال: فدَعَوْتُ صَاحِبَ الدَّار فسَألتُهُ عن الدَّار، فقال: دَار (a) تَوَارَثْناها، قال: فكَتَبْتُ إلى المَأْمُون: إنَّ هذا حَقٌّ في يَدِ رَجُلٍ لا يخرج إلَّا ببيِنَة، قال: فلمَّا كان بعد أيَّام إذا رَسُول المَأْمُون قد جاء إلى صَاحِب المَعُونَةِ (b) يأمُرُه بهَدْمِها، فهَدَم الدَّار، واسْتَخْرَج منها قبرًا؛ فقالوا: هذا قَبْرُ سَلمْان.

‌الشِّيْن

‌شَكَّر الحافِظُ

(2)

أحَدُ الرّحَّالين، سَمعَ بالمِصِّيْصَة وطَرَسُوس يوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم المِصِّيصيّ، وأبا أُمَيَّة مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِي.

واسْمُ شَكَّر: مُحَمَّد بن المنذِر بن سَعيد بن عُثْمان، وقد قَدَّمْنا ذِكْرَهُ

(3)

.

(a) الأصل: داري، والمثبت من ابن عساكر.

(b) ابن عساكر: العونة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 68: 72.

(2)

توفي سنة 302 هـ، وقيل: 303 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 56: 31 - 34، تاريخ الإسلام 7: 72، تذكرة الحفاظ 2: 748، العبر في خبر مَن غبر 2: 126، سير أعلام النبلاء 14: 221 - 222، الوافي بالوفيات 5: 67، طبقات الحفاظ 315، شذارات الذهب 3: 242، الزركلي: الأعلام 7: 111.

وضبط لقبه: "شَكَّر" من ابن العديم، وجاء في بعض مصادر ترجمته المتقدمة بالضم في أوله.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 575

‌الشِّهَاب اليَازْكُجِيُّ

(1)

كانَ يَصْحَبُ يَازكُوج النّاصِريّ، فنُسِبَ إليه.

وكان فَقِيهًا فَاضلًا، متَرَسِّلًا، يَرْجع إلى أدَبٍ وفَضِيْلةٍ، وكِفَايَةٍ في الأُمُور.

قَدِمَ علينا حَلَب في أيَّام المَلِك الظّاهِر، فأحْسَنَ إليه ووَصَلَه.

واجْتَمَعْتُ به في مَجْلِس أبي عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر، وجَالَسْتُه، ولَم أتَحقَّق شَيئًا من مُجَالسته ومُحَاضَرته، وكان قَصِيْرًا جدًّا، كَافِتًا (a) جَلدًا.

وبَلَغَني أنَّهُ كان وَزَر لحُسَام الدِّين أبي الهَيْجَاءِ السَّمِين، ومَضَى معه إلى بَغْدَاد، وكان هو المُتَحَدِّثُ بينَهُ وبين وَزِير بَغْدَاد، فضَمِنَ للوَزِير أشْيَاءَ عن مَخْدُومه، وضَمِنَ لمَخْدُومه شَيئًا عن الوَزِير، فأقام أبو الهَيْجَاء أيَّامًا، فلَم يَظْهَر أثَرٌ لِمَا قَالهُ عن كُلّ واحدٍ منهما، فأرْسَل إلى الدِّيْوَان وقال: أين ما وَعَدْتم بهِ؟ فقالوا: وأين ما قَرَّرتَهُ على نفسِكَ على لسَانِ صَاحِبكَ، فأنْكَر أبو الهَيْجَاء ذلك، فطُلِبَ الشِّهَابُ اليَازْكُجِيّ إلى الوَزِير، وقيل لأ: أتَنْقُل عنّا ما لَم نَقُلْ؟ فقال: أنا أرَدْتُ للخَلِيفَةِ مَمْلُوكًا مثل أبي الهَيْجَاءِ السَّمِين، وأرَدْتُ لأبي الهَيْجَاءِ أُسْتَاذًا مثل الخلَيفَةِ، فإنْ كان ما أعْجَبكم ذلك فافسَخُوا البَيْعَة، وما جَرَى شيء! فأعجبَ الوَزِير ذلك منه، ودَخَلُوا فيما أرادَ.

وكان حَسَن التَّوصُّل، مَطْبُوعًا، حُلْو النّادِرَة، ونَفَقَ على المَلِك الظَّاهِر، وكان يَسْتَحليهِ، ثُمَّ سَافَرَ من حَلَب إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة، ولَم يزل بها إلى أنْ ماتَ في سَنَة سَبعْ عَشرة وستِّمائة.

(a) في الأصل: كافيًا، بإهمال ما قبل الأخير، وسقطت الكلمة من م، ولعله المثبت بالتاء، وهو الضامر الجسم: والانكفات: الانقباض وضمور الفرس. تاج العروس، مادة: كفت.

_________

(1)

توفي سنة 617 هـ.

ص: 576

‌الغَيْن

‌الغُرَاب

شَاعِرٌ من أهْل مَعَرّة النُّعْمَان، ولا نَعرفُ له اسمًا.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو المَعَالِي أحْمَد بن مُدْرِك بن سَعيد بن مُدْرِك بن علِيّ بن سُلَيمان، قال: كان لبعض أهْلِ المَعَرَّة زَوْجةً فغَاب عنها إلى مِصْر، ففسَخَ القَاضِي أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحمَّد بن سُلَيمان نكَاحَها، وزَوَّجَها رَجُلًا يُقال له الغُرَاب من أهْلِ المَعَرَّة، فكَتَبَ زَوْجُها الأوَّل إلى القَاضِي:[من الوافر]

أعَبْدَ اللهِ قاضي الشَّامِ جَمْعًا

أُعِيذُكَ أنْ ترى غَيْرَ الصَّوَابِ

وأنْ تقضِي على أحَدٍ بما لَم

يُوَافِقْ في الشَّريْعَةِ والكِتَابِ

خَلَفْتَ عليَّ إذ زَوَّجْتَ عِرْسِي

بشَيْخٍ وَهْوَ يُدعَى بالغُرَابِ

فكَتَبَ القَاضِي أبو مُحَمَّد إليه (a): [من الوافر]

إذا فَارَقْتَ عِرْسَكَ عن مَلَالٍ

ولَم تَرجِعْ تَحِنُّ إلى إيَابِ

ولَم تتركْ لها فَرضًا مُقِيِمًا

كما يُهْدى لرَبَّاتِ (b) الحِجَابِ

رأيْتُ بأنْ أُبلِغها مُنَاهَا

لتأخُذَ مَنْ تُرِيد مِنَ الشَّبَابِ

فأفقَسَ فَخُّها لمَا صَلَتْهُ

تَصِيدُ بهِ على سَاقِ الغُرَابِ

قال: فبَلغَ الغُرَاب ذلك فقال: [من الوافر]

كتابُكَ جاء يَخْسِفُ بالغُرَابِ

وينسُبُهُ إلى غَيْرِ الصَّوَابِ

بُلِيْتُ بِحيَّةٍ مِن عَهْدِ عَادٍ

لَها بَيْنَ الجَنَادِلِ والصِّلَابِ

لَها مِنْ عُمْرِها سَبْعُونَ عامًا

وَعِشرُونا وعَشْرٌ (c) في الحِسَابِ

(a) بعده في م: يقول.

(b) م: لأرباب.

(c) م: وعشرة.

ص: 577

إذا نَفَخَتْ علَيَّ رأيتَ رِيْشِي

لِنفْخَتِها يَطِيْرُ مَعَ السَّحَابِ

فقُم إنْ كُنْتَ ذا حِرْصٍ علَيها

فخُذْها مَع قُماشِي مَعْ ثِيَابي

لئنْ أنْجَانيَ الرَّحْمنُ منها

وفَكَّ يَدي مِن أَسْرِ العَذَابِ

فلا شيَّدْتُ في العُمْرَانِ وَكْرًا

ولا عَشّشْتُ إلَّا في الخَرَابِ

‌الفَاءُ

‌الفَاخِرُ الحَلَبِيُّ

شَاعِرٌ من أهْل حَلَب، واسْمُه سَالِم بن مَنْصُور، وقد ذَكَرْناهُ في حَرْف السِّيْن فيمَن اسْمُه سَالَم

(1)

.

‌الفَرْخ

(2)

شَاعِرٌ من مَوَالِي بني أُمَيَّة، اجْتازَ بدَيْر حَنِيْنَاء، وهو دَيْرٌ في طَرَف بَلَدِ حَلَب، بالقُرْبِ من النَّاعُورة؛ بين بَالِس والرُّصَافَة، وكَتَبَ على حَائطِه شِعْرًا له.

أنبأنَا أبو البَرَكَات الحسَن بن مُحَمَّد، عن عَمِّه الحافِظ أبي القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَين الرّازِيّ: أخْبرَني أبو عليّ الحَسَن بن القَاسِم بن دُحَيْم بن إبْراهيم الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن سَعيد الرَّبَعِيِّ، قال: لمَّا أرادَ جَعْفَر المُتَوَكِّل الخرُوجَ من الشّام إلى العِرَاق، أحَبَّ أنْ يجعَل طَرِيقَهُ على البَرِّيَّة لينظُرَ إلى آثار بني أُمَيَّة ومَصَانعِهم (a)، وكان في طَرِيْقهِ دَيْر يُعْرفُ بدَيرِ

(a) ابن عساكر: ومصايفهم.

_________

(1)

تقدمت ترجمته في الجزء التاسع.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 68: 74 - 75.

(3)

تاريخ ابن عساكر 68: 74 - 75، وأدرج ابن فضل الله العمري الحكاية في كلامه على دير الرصافة، وانظر الأبيات أيضًا في الحماسة البصرية 2: 611 - 612، ومعجم البلدان لياقوت 5:510.

ص: 578

حَنِيْنَاء، فلمَّا أزْمَع على ذلك اتَّصَل خَبَرهُ ببعضِ مَوَالِي بني أُمَيَّة، فقال: واللهِ لأُنَغِصَنَّ عليه نُزْهته بأبياتٍ أُحَبِّرها، ثُمَّ تقَدَّمَهُ إلى الدَّيْر، فجَعَل لصَاحِب الدَّيْر جُعْلًا على أنْ يَدَعَهُ يكْتُب في صَدْر الهَيْكَل أبْيَاتًا، فأذِنَ له فكَتَبَ:[من الطويل]

أيا مَنْزِلًا بالدَّيْرِ أصْبَح ثَاوِيًا (a)

تَلَاعَبُ فيه شَمْأَلٌ ودَبُورُ

كأنَّكَ لَم تَقْطُنْكَ بِيْضٌ نَوَاعِمٌ

ولَم يَتَبَخْتَرْ في فِنَائِكَ حُورُ

وأبناءُ أمْلَاكٍ عَبَاشِمُ (b) سَادَة

صغِيْرُهُمُ عندَ الأنَام كَبِيرُ

إذا نَزَعُوا تِيْجَانَهُم فضَرَاغِمٌ

وإنْ لبسُوا تِيْجَانَهُم فبُدُورُ

على أنَّهم يَوْمَ اللِّقَاءِ قَسَاورٌ

ولكنّهم يَوْم النّوَالِ (c) بُحُورُ

ولَم يُصْبح الصِهْرِيج والنَاسُ حَوْلَهُ

عليه فَسَاطِيْطٌ لهم وخُدُورُ

وحَوْلكَ رَاياتٌ لَهُم وعَسَاكِرٌ

وخَيْل لها بعدَ الصَّهِيْلِ نَخِيْرُ (d)

لَيَالي هِشَامٌ بالرُّصَافَة قَاطِنًا

وفيْكَ ابنه يا دَيْرُ وهو أمِيْرُ

إذِ المُلْكُ (ح) غَضٌّ والخِلَافَةُ لَدْنَةٌ

وأنْتَ خَصِيْبٌ والزّمانُ طَرِيْرُ (f)

ورَوْضُكَ مُرْتَاضٌ وينعُك يَانِعٌ (g)

ودَهْر (h) بني مَرْوَان فيكَ نضِيْرُ

بمَسْلَمَةَ المَيْمُون وهو الّذي لَهُ

تَكَادُ قُلُوبُ المُشْرِكين تَطيْرُ

بَلَى فسُقِيْتَ الغَيْثَ صَوْبًا مُبَاكِرًا (i)

إليكَ به بَعْدَ (j) الرَّوَاح بكُورُ

تَذَكَّرْتُ قَوْمي فيكم فبكيْتُهم

وإنَّ شَجِيًّا بالبُكَاء لجَدِيْرُ

فعزَّيْتُ (k) نفسِي وهي نَفْسٌ لها إذا

جَرَى ذِكْرُ قَوْي أنَّةٌ وزَفِيْرُ

(a) ابن عساكر: خاويا، البصري وياقوت: خاليًا.

(b) ابن عساكر وياقوت: غياشم.

(c) ابن عساكر: عيد النوال.

(d) البصري وابن عساكر وياقوت: شخير.

(e) البصري وياقوت: العيش.

(f) البصري وياقوت: وأنت طرير والرمان غرير.

(g) ابن عساكر: وبيعك بائع، البصري وياقوت: ونورك نير.

(h) ابن عساكر: ورجو، البصري وياقوت: وعيش.

(i) البصري: بكى فسقاك الغيث صوب غمامة، ابن عساكر: مناكير، ياقوت: فسقاك الله صوب سحائب.

(j) ابن عساكر: إليك يصعد، البصري وياقوت: عليك بها بعد.

(k) ابن عساكر: تغربت، ولم يرد البيت عند ياقوت.

ص: 579

رُوَيْدَكَ إنَّ اليَوْمَ يُعْقِبُهُ غَدٌ

إنَّ صرُوفَ الدَّائراتِ تَدُورُ

لعلَّ زَمَانًا جَار يَوْمًا عليهم

لَهُم بالَّذي تَهْوَى النّفُوس يَحُورُ

فيَفْرح مُرْتَاد ويأمَن خَائِفٌ (a)

ويُطْلَقُ من ذُلِّ (b) الوَثَاقِ أَسِيْرُ

قال: فلمَّا قَرأهُ المُتَوَكِّل، قال: واللهِ ما كَتَبَ هذا إلَّا رَجُلٌ من بني أُمَيَّةَ يُريدُ أنْ يُنَغِّصَ عليَّ ما أنا فيه، فَن أتاني به فلَهُ دِيَتُه، فطُلِبَ فأُتِيَ به، وإذا هو رَجُلٌ من بني أُمَيَّةَ من أهْل دِمَشْقَ يُعْرَفُ بالفَرْخ، فأمَرَ المُتَوَكِّلُ بقَتَلهِ، وقال: ذلك بما قَدَّمَتْ يَدَاكَ وما اللهُ بظَلَّامٍ للعَبِيْد

(1)

.

قال أبو الحُسَين: وزَادَني في هذه الحِكايَةِ بعضُ أهْل العِلْم أنَّ المُتَوَكِّل لمَّا قَرَأها بَكَى بُكَاءً شَدِيْدًا، وأمَرَ بهَدْم المَوضِع، فهُدِمَ الحائط.

وقد ذَكَرَ أبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ أنّ قَائِل هذا الشِّعْر رَجُلٌ من وَلَد رَوْح بن زِنباع

(2)

.

ودَيْرُ حَنِيْنَاء كان مُعاوِيَةُ بن هِشَام بن عَبْد المَلِك قد نَزَلُه، واتَّخَذَهُ مُتَنزَّهًا له يتصيَّد فيه، فَخَرَجَ يَوْمًا يتَصَيَّد فمَرَّ به ثَعْلَب، وهو بالنَّاعُورَة فمضَى خَلْفَهُ، فسَقَطَ به الفَرَسُ، فاتَ، وقد ذَكَرْنا القِصَّة في تَرْجَمَةِ مُعاوِيَة بن هِشَام بن عَبْد المَلِك

(3)

.

(a) البصري وياقوت: فيفرح محزون وينعم بائسٌ.

(b) ابن عساكر: كل، البصري ياقوت: ضيق.

_________

(1)

اقتباس من الآية الكريمة {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} سورة الحج، الآية 10.

(2)

مثل هذا ما قاله البصري في الحماسة البصرية 2: 611.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 580

‌الفَرَزْدَق الشَّاعِرُ

(1)

قَدِمَ [

] (a)، واسْمُه هَمَّام بنُ غالب، وقد تَقَدّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌الفَرْقَد المَعَرِّيُّ (b)

شَاعِرٌ [مُجِيدٌ](c).

‌القَاف

‌قُنْزَع الشَّاعِرُ المَعَرِّيُّ (d)

شَاعِرٌ من أهْل المَعَرَّة لَم أظْفَر بشيءٍ من شِعْرِه، وكان في حُدُود الأرْبَعمائة، وكانت له امْرَأةٌ شَاعِرةٌ وقد ذَكَرْناها فيمَن لا يُعْرفُ اسْمُها من النِّسَاءِ

(3)

.

(a) بياض في الأصل قدر ست كلمات، وذكر ابن قتيبة مقدمه إلى الشام، ولم أقف على دخوله حلب أو ما يجاورها، انظر: الشعر والشعراء لابي قتيبة 236، 238.

(b) م: المغربي، ولم أقف على ذكر له، ولم يتقدم له ذكر عند ابن العديم.

(c) ما بين الحاصرتين إضافة من م، وبعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

(d) م: المغربي.

_________

(1)

توفي سنة 110 هـ، وقيل 112 هـ، وترجمته وأخباره كثيرة في كتب التراجم والمجاميع الأدبية، منها: طبقات فحول الشعراء لابن سلام 1: 44 - 46، 2: 298 - 374، الشعر والشعراء لابن قتيبة الدينوري 235 - 241، المرزباني: معجم الشعراء 537 - 540، الموشح 127 - 148، النديم: الفهرست 1/ 2: 496، خاص الخاص للثعالبي 152 - 153، الأغاني 21: 193 - 283، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 10: 498 - 509، وفيات الأعيان 6: 86 - 100، تاريخ الإسلام 3: 134، سير أعلام النبلاء 4: 590، العبر في خبر من غبر 1: 104، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 14: 90، الوافي بالوفيات 27: 383 - 391، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 265 - 266، النجوم الزاهرة 1: 268 - 269، خزانة الأدب 1: 217 - 223.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

في جزء ضائع من أجزاء الكتاب موضعه بعد هذا الجزء.

ص: 581

‌القَنُوعُ المَعَرِّيُّ

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، واسْمُه أحْمَد بن مُحَمَّد، وقد ذَكَرناهُ

(1)

.

ذَكَرَهُ أبو المُظَفّر إبْراهيم بن أحْمَد بن اللَّيْث الأذْرِيّ

(2)

فقال: والقَنُوع الشَّاعر فلا أنْسَاهُ، هذا شَيْخٌ عَجِيْبُ الخلْقَة، جَيِّد الكدْيَةِ، سَامِي القمَّة (a)، بَدِيْع العمَّة، قَصِيْر الهِمَّة، في عَيْنَيه خَفَشٌ، إذا بَاهَى الشَّخْصَ خَالَهُ شَخْصَيْن، وإذا لَمح الوَاحدَ حَسِبَهُ اثنَيْن، قد رَضِي من الثَّوَابِ باليَسِيْر، ومن النَّوَالِ بالقَلِيل، لا بل رَضِي من دُنياهُ بسَدِّ الجُوع، ولُبْس المَرقُوعِ، فلهذا يُلقَّبُ بالقَنُوع، ومن شِعْره المَلِيْح المَطْبُوع، قَوْلُه:[من الوافر]

أرَى الإدْلَال دَاعِيَةَ الدّلَالِ (b)

فما لي قد جَزعتْ لِذاكَ مَا لي

نَعَمْ أَشْفَقْتُ مِن تَلَفي ولكِنْ

أبَى لي حُسْن صَدِّي أنْ أُبَالي

تصَدَّى للصُّدُودِ وكانَ قِدْمًا

على حَالِ اتِّصَالٍ مِن وِصَالِي

فقال سَلوتَ مُتَّهِمًا غَرَاي

ولَسْتُ وإنْ سَلَا عنِّي بسَالِ

نَوَيْتُ عتابَهُ أنِّى التقَيْنا

ولكنِّي بَدَا لي إذْ بَدَا لي

نَقَلْتُ هذا الفَصْل والأيات من خَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفيِّ، من رسَالة كَتَبَ بها أبو المُظَفَّر الأذْرِيِّ إلى الكِيَا أبي الفَتْح الحَسَن بن عَبْد اللهِ بن صالِح الأصْبَهَانِيّ، جَوَابًا عن رِسَالة كَتَبَها إليه وسَأله عن مَنْ لَقِي من الشُّعَراء بمَعَرَّة النُّعْمَان.

(a) م: اللتمة، ومن هنا إلى آخر ترجمة المجاهد ساقط من م.

(b) كذا في الأصل، ولعل الأظهر: الملال.

_________

(1)

ترجم له في الجزء الثاني باسم: أحمد بن حمدون - وقيل: محمد بن حمدون - القنوع المعري، وانظر هناك مصادر ترجمته، وترجم له أيضًا في الجزء الثالث باسم: أحمد بن محمد القنوع.

(2)

ذكره الأذري في رسالة كتب بها إلى بعض أصحابه من أصبهان يذكر فيها سفرته إلى الشام ومن لقي فيها من العلماء، وتقدم التعليق على هذه الرسالة في الجزء الثاني من الكتاب.

ص: 582

وقال أبو مَنْصُور الثَّعالبيِّ

(1)

: لُقِّبَ بالقَنُوع لأنَّهُ قال: رَضِيْتُ من الدُّنْيا بكِسْرَة وكُسْوَةٍ.

‌الكَافُ

‌الكَامِلُ المَعَرِّي الشَّاعرُ

واسْمُه عليّ بن جَلَبَات، قد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌الكَامِلُ ابن المَغْرِبيِّ

هو أبو القَاسِم الحُسَينُ بن عليّ، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(3)

.

‌كَشَاجِم

(4)

هو أبو الفَتْح مَحْمُود بن الحُسَين، ولقِّبَ كَشَاجِم لأنَّهُ كان: كَاتبًا شَاعِرًا مُنَجِّمًا، وكان بحَلَب، وقد قَدّمْنا ذِكْرهُ

(5)

.

(1)

تتمة يتيمة الدهر 13.

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب، وذكره ابن العديم أيضًا في الكنى، فيما تقدم من هذا الجزء: أبو القاسم بن جلبات المعري.

(3)

تقدم في الجزء السادس.

(4)

توفي سنة 360 هـ، وترجمته في: الفهرست للنديم 1/ 2: 433، الثعالبي: خاص الخاص 184 - 185، تاريخ ابن عساكر 57: 104 - 106، وفيات الأعيان 2: 360 (ذكر عارض ضمن ترجمة السري الوفاء)، فوات الوفيات 4: 99 - 100، تاريخ الإسلام 8: 168، سير أعلام البلاء 16: 285 - 286، العبر في خبر مَن غبر 2: 110، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 15: 197 - 226، الوافي بالوفيات 25: 258 - 263، ابن خلدون: العبر 7: 273 (ذكره من كُتَّاب القرامطة)، حسن المحاضرة 1: 560، شذرات الذهب 4: 321، الزركلي: الأعلام 7: 167 - 168.

(5)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 583

‌الكمال الإسْكَنْدَرَانيُّ

رَجُلٌ فَاضِلٌ اجْتازَ بحَلَب، ونَفَذَ منها إلى مَلَطيَة.

وله شِعْرٌ، أنْشَدَنا عنهُ بعضَهُ الشَّيْخُ عِمَاد الدِّين عَبْدُ اللهِ بنِ الحَسَن بن النَّحَّاس. قال لي: كان لي صَدِيْق يُقال له الكمال الإسْكَنْدَرَانِيّ، ولَم يعْرف اسْمه، وكان بمَلَطْيَة، فسَألتُ عنه فدُللت على مَنْزِله، فجئتُه، ودَققتُ البإبَ عليه، وكُنْتُ إذ ذاك أسْمَعُ، ولم يَحْدُث بي الصَّمَم، فقال: مَنْ؟ قُلتُ: صَدِيْق مُشْتَاق، فقال: لعَلَّك فُلَان؟ فقُلتُ: أنا هو، فَخَرَجَ إليَّ وأدْخَلَني مَنْزِله، فتَجَارَيْنا حَدِيثَ الدُّنْيا، فأنْشَدَني ارْتِجَالًا لنَفْسِه بمَلَطْيَة:[من الرمل]

هذه الدُّنْيا عُيُوبٌ كُلّها

غَيْر شيءٍ وَاحدٍ فيها مَلِيْحُ

كيفَ ما عَبَّرْتَها قد عَبَرت

حَسَنٌ كان وإنْ كان قَبِيْحُ

‌المِيْم

‌المَاهِر الحلَبيُّ

واسْمُه أحْمَد بن عُبَيْد الله، وقد ذَكَرْناهُ

(1)

.

(1)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. توفي سنة 452 هـ، وتقدم ذكره في ترجمة أبي جعفر الهاشمي القاضي الحلبي من هذا الجزء، وكناه بأبي الفتح الموازيني، وترجمته في: تتمة يتيمة الدهر 21، تاريخ ابن عساكر 71: 257 - 258، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 109 - 110 (سماه: أحمد بن عبد الله بن فضالة)، فوات الوفيات 1: 107 - 108، ابن الفوطي: مجمع الآداب 4: 319، تاريخ الإسلام 7: 287، العبر في خبر من غبر 2: 299، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 15: 538 - 540، الوافي بالوفيات 7: 173 - 174، الزركشي: عقود الجمان ورقة 34 ب - 135، المقريزي: المقفى الكبير 1: 523 (وسماه: أحمد بن عبيد بن فضال الحلبي الموازي)، النجوم الزاهرة 5: 67، (وفيه: أحمد بن عبد الله)، شذرات إلى هب 5: 224، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 177 - 180.

ص: 584

‌المُتَنَبِّي الشَّاعِرُ

واسْمُه أحْمَد بن الحُسَين، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

.

‌المُجْتَبَى الأنْطَاكِيُّ

(2)

كان حَكِيمًا، وله تَصَانيف في الحِكْمَة.

نَقَلْتُ من خَطِّ مُظَفَّر الفَارِقِيّ، قال: نَقَلْتُ من خَطِّ مُحَمَّد بن إسْحَاق النَّدِيْم في كتاب الفِهْرِست

(3)

: الأنْطَاكيُّ ويُلَقَّبُ بالمُجْتَبَى (a) واسْمُه [

] (b) كَذَا، ماتَ قَريبًا في سَنَة ستٍّ وسَبْعِين وثَلاثِمائة، ولهُ من الكُتُب: كتابُ التَّخْتُ (c) الكَبِير في الحِسَاب الهِنْدِيّ، كتابٌ في الحِسَابِ على التَّخْت (d) بلا مَحْوٍ، كتابُ تفسِير الأرثمَاطِيقيِّ، كتابُ اسْتِخْرَاج التَّرَاجِم، كتابُ تفسِير أُقْلِيدِس، كتابٌ في المُكَعَّبات.

‌المجاهِدُ

(4)

لَم يَقَع إليّ اسْمُه، وكان رَجُلًا صَالِحًا من أوْلِيَاءِ الله تعالَى.

(a) كذا في الأصل بفتح الباء والألف المقصورة في آخره، ومثله عند القفطي، وورد في نشرة الفهرست بالكسر والياء.

(b) بياض في الأصل قدر كلمة، ومثله في نشرة الفهرست. غير أن النديم ذكره في موضع آخر عند الكلام على كتاب أقليدس وشروحه، وكناه بأبي القاسم الأنطاكي "فسَّر الكتاب كله". (الفهرست 2/ 1: 209)، وورد اسمه عند القفطي: علي بن أحمد الأنطاكي أبو القاسم المجتبى. تاريخ الحكماء 334.

(c) مهملة في الأصل باستثناء ثاء مثلثة في آخره، تجعلها أقرب إلى:"البحث"، والمثبت عن النديم والقفطي.

(d) في الأصل: البحث، والمثبت من النديم والقفطي.

_________

(1)

ترجمته طويلة في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

(2)

توفي سنة 376 هـ، وترجمته في: الفهرست للنديم 2/ 1: 263، القفطي: تاريخ الحكماء 234.

(3)

النديم: الفهرست 2/ 1: 263.

(4)

من أهل القرن السادس الهجري.

ص: 585

قال لي عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن أبي جَرَادَة: كان المجاهِدُ عندنا بحَلَب مُقِيمًا بالمَدْرسَةِ الحَلاويَّةِ، وكان من أولِيَاءِ اللهِ تعالَى.

قال لي عَمِّي: وكان الشَّريفُ الزَّاهِدُ مُحَمَّد العَلَويّ له قَبُول عند بعضِ نسَاءِ الأُمَرَاء بحِصْن كَيْبَا

(1)

، فلمَّا فارقَها وقَدِمَ حلَبَ، دَفَعَتْ إليه عَنْبَريتا (a)، وقالت: خُذْ هذا معك وَدِيْعَةً، اذْكْرنا به إلى أنْ تَعُود، قال فأخَذَهُ، وكان معه فوَضَعَهُ في المَشْهَد الّذي كان نَازِلًا به، خارج باب العِرَاق، المَعْرُوف بمَشْهَد بَدْر الدَّوْلَةِ، قال: فسَرَقَهُ بعضُ أصْحَابهِ. قال: فَحمَلَ على قلبهِ من ذلك، وضَاقَ صَدْره، وقال لي الشَّريفُ: واللهِ ما بي إلَّا أنَّهم يَظنُّونَ بي ظَنّ السَّوْءِ، ولكن أخي المُجَاهِد عندهم يُخْبرهم.

قال: وكان المُجَاهِد إذ ذاك عندَهُم بحِصْن كَيْبا، قال عَمِّي (b): فقال لهم المُجاهِدُ في ذلك الوَقْت: إنَّ الوَدِيْعَة الّتي لكم عند فُلَانٍ قد سُرِقَتْ في هذا اليَوْم.

(a) كذا رسمها في الأصل، ويمكن أن تكون بالنون عوض التاء كما في تاريخ أبي الفداء (المختصر في أخبار البشر 4: 20) في تعداد جُملة الهدايا التي أهداها السلطان قلاوون للملك المظفر صاحب حماة سنة 684 هـ، وكان منها:"سيف محلّى بالذهب وتلكش وعنبرينا"، ووردت في ذات الخبر عند ابن فضل الله العمريّ (مسالك الأبصار 27: 443): عنبريتا "بالتاء"، وتتتبع دوزي اللفظة في أصولها المخطوطة عند أبي الفداء فكانت بالنون، قال:"ولا شك في كتابة الكلمة، وأرى أنها "عَنْبَرينَه"، كلمة فارسية، وهي إما نوع من الحلي مملوءة بالعنبر الخام يتقلّدها النساء في أعناقهن، وإما ضفيرة زهور ينظم بين زهورها العنبر". انظر: 180" R.Dozy،Supplment aux dictionnaires arbes،V 2.p".

(b) هنا ينتهي السقط الواقع في نسخة م.

_________

(1)

هو حصن كَيْفا، ويقال أيضًا بالباء الموحدة عوض الفاء: قلعة عظيمة من ديار بكرتشرف على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر. معجم البلدان 2: 265.

ص: 586

‌المُحْتَزِز الذُّفَافِيُّ

وقيل: المُخْتَرِز الشَّاعر، وهو لَقَبٌ، واسْمُه عَبْد الله بن مُحَمَّد، ويُلَقَّب أيضًا الأحْوَص، ويُنْسَبُ إلى ذُفَافَة بن عَبْد العَزِيْز العَبْسِيّ، وكانَ يَصْحَب بعض بني صالح بن عليّ بحَلَب، وقد ذَكَرْناهُ

(1)

، وذَكَرْنا شَيئًا من شِعْره.

وتزَوَّج عَلْوَة الكَرّاعَة الّتي كان البُحْتُرِيُّ يُشَبِّبُ بها في شِعْره فهَجَاهُ البُحْتُرِيُّ.

‌المُرَصَّع المَعَرِّيُّ

(2)

شَاعِرٌ اسْمُه [أبو المَكَارِم الفَضْل بن عَبْد القَاهِر](a)، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(3)

.

‌المُسْتَهَامُ الحَلَبيُّ

كُنْيَته أبو الحُسين، وقد تَقَدّمَ ذِكْرهُ

(4)

.

(a) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، والاستكمال من العماد الأصفهاني وسبط ابن الجوزي وابن تغري بردي.

_________

(1)

ترجم له ابن العديم في موضعين من الكتاب، وضاعت ترجمته في الأسماء في العبادلة، فقد ترجم له باسم الأحوص (الجزء الثالث)، وقيَّده هناك الدفافي بالمهملة، ولقبه بالمحترز، بالحاء، ويترجم له فيما بعد في الألقاب: المحترز الذفافي، وقيل: المخترز.

(2)

ترجمته في: خريدة القصر 12: 102 - 103، ابن الفوطي: جمع الآداب 5: 193 - 194، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 55 (في ثنايا ترجمة حفيده محمود بن علي)، النجوم الزاهرة 5: 303، (ذكره عرضًا وأورد له بيتين من شعره).

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(4)

فيما مرّ من هذا الجزء: أبو الحسين المستهام الحلبي.

ص: 587

‌المُشْتَهى الحَلَبيُّ

(1)

شَاعِرٌ مُجيْدٌ، [

] (3)، تَقَدّمَ ذِكرهُ

(2)

.

‌المُمْتعُ المَعَرِّيُّ

اسْمُه أحْمَدُ بن خَلَف الشَّاعِر، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(3)

.

‌المُعَوَّج الأنْطَاكيُّ

كُنْيَته أبو بَكْر، تَقَدَّمَ ذِكْرهُ في الكُنَى

(4)

.

‌النُّون

‌النَّابِغَة الجَعْدِيُّ

واسْمُه حِيَّان (b)، وقيل: قَيْس، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(5)

.

(a) بياض في الأصل قدر أربع كلمات.

(b) الأصل، م: حبان، وتقدمت ترجمته في الجزء السادس في باب "ذكر من اسمه حيَّان"، ولم يرد في ترجمته هناك أن اسمه قيس، بل هو: حيان في قيس!.

_________

(1)

لعله جعفر في المحسن أبو الفضل، غير أن هذا منسوب إلى دمشق، ولم ينسبه أحد إلى حلب، ترجم له: الباخرزي: دمية القصر 1: 143 - 144، العماد: خريدة القصر (قسم الشام (11: 265 - 267، ابن الفوطي: جمع الآداب 5: 230، الوافي بالوفيات 11: 125 - 126.

(2)

لم يسبق ذكره فيما مر من أجزاء الكتاب، فهو في الضائع منه.

(3)

تقدت في الجزء الثاني من الكتاب.

(4)

فيما تقدم من هذا الجزء.

(5)

في الجزء السادس.

ص: 588

‌النَّاشِئ الصَّغير

شَاعِرٌ مُتَكلِّمٌ، واسْمُه عليّ بن عَبْد الله بن وَصِيْف، وقد ذَكَرْناهُ

(1)

.

‌النَّامِيُّ المِصِّيْصيُّ الشَّاعرُ

اسْمُه أحْمَد بن مُحَمَّد، كان من شُعَرَاءِ سَيْفِ الدَّوْلَة بحَلَب، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

‌النَّامِيِّ اليَشْكُرِي العِرَاقِيُّ

واسْمُه مُحَمَّد بن عيسَى، كان من شُعَرَاء سَعْد الدَّولَة أبي المَعَالِي شَرِيْف بن سَيْف الدَّوْلَة، وقد ذَكَرْنَاهُ

(3)

.

‌النّاظِرُ المَعَرِّيُّ

(4)

شَاعِرٌ من أهْلِ المَعَرَّة، واسْمُه مُهَنَّا بن عَلَوِيّ، وقد تَقَدَّم ذِكْرهُ

(5)

.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي الناشئ الصغير سنة 366 هـ، وشهرته: الحَلَّاء، وانظر ترجمته في: الفهرست للنديم 1/ 3: 638 وسماه: "أبو الحسين على بن وصيف"، رجال النجاشي 271، الثعالبي: يتيمة الدهر 1: 232 - 233، خاص الخاص 197 - 198، معجم الأدباء 4: 1784 - 1791، وفيات الأعيان 3: 369 - 371، تاريخ الإسلام 8: 244، سير أعلام النبلاء 16: 222، لسان الميزان 4: 338 - 240، الوافي بالوفيات 21: 202 - 205، الزركلي: الأعلام 4: 304.

وانظر عنه أيضًا دراسة عباس ترجمان: شاعر أهل البيت الناشئ الصغير "حياته وجموعة شعره"، دار المحجة البيضاء، 2010 م.

(2)

في الجزء الثالث من الكتاب.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وأورد له ابن العديم قصيدة من ديوانه يمدح بها الأمير إسحاق بن علي الفصيصي التنوخي، في الجزء الثالث (ترجمة إسحاق الفصيصي)،: انظر تذكرة ابن العديم 181.

(4)

ترجمته في خريدة القصر 12: 55، وأورد له العماد أربعة أبيات قالها في جد أسامة بن منفذ، وأورد له ابن العديم في تذكرته 339 - 341 قصيدة في قاضي المعرة عبد الله بن محمد بن سليمان.

(5)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 589

‌الوَاو

‌الوَالهُ

شَاعِرٌ مُتَقدِّم العَصْر، لا يُعْرفُ اسْمهُ، وكان من أهْل الشَّامِ، وله أبْيَاتٌ في دَيْر رُمَّانِين، من جَبَل سِمْعَان من أعْمَال حَلَب، والقَرْيَة تُعْرف الآن في زَمَنِنا بتُرُمَّانِيْن

(1)

.

قَرأتُ في كتاب الدِّيَرَة، تأليفُ أبي الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ، قال: دَيْر رُمَّانِيْن بين حَلَب وأنْطَاكِيَة، يُشْرف على بُقْعَةِ سَرْمَدَا، في أحْسَنِ مَوضعٍ وأنْزَههِ، وفيه يَقُول الوَالهُ

(2)

: [من الكامل]

ألفَ المقامَ بدَيْر رُمَّانِيْنا

للرَّوضِ إلْفًا والمُدَام خَدِيْنا

والكأسُ والإبْرِيْقُ يُعْمِلُ دهرَهُ

ويَدَاهُ تَجْنى الوَرْدَ والنّسْرِيْنا

يَغْدُو إذا النَّاقُوسُ أيْقَظَهُ على

عَذْرَاءَ أُوْطِنَتِ الدِّنانَ سِنِيْنَا

بكْر إذا ما الهَمُّ عاينَ كَاسَها

يَوْمًا رَأى في ما يَرى السِّكِّيْنَا

ومن العَجَائب مِسْكَةٌ تَرْضَى

بأنْ تَخْتارَ قَارًا في اللِّبَاس وطِيْنَا

ويُطَارِحُ الطُّنْبُورَ طُوْلَ حَياتهِ

حتَّى كأنَّ عليهِ فيْهِ يَمِيْنا

إنَّ الّذين غَدَوْا بلُبّكَ غَادَرُوا

وَشْلًا بعَيْنِكَ لا يَزَالُ مَعِيْنَا

هانَت على طرَباتِهِ عُذَّالُهُ

لمَّا اشْتَرَى الدُّنْيا وبَاع الدِّيْنَا

عُمْرٌ هو البَلَدُ الحَرَام فكم تَرَى

فيه النَّدَى والتِّيْنَ والزَّيْتُونا

اسْتَغْفِرُ الله تعالَى!.

(1)

تقدم التعريف بها فيما مرّ (الجزء السادس).

(2)

ذكر ياقوت بيتين منها دون عزو في معجم البلدان 2: 511، والخزل والدأل 2:46.

ص: 590

‌الوَامِقُ المَعَرِّيُّ

شَاعِرٌ تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

، والوَامِقُ لقبٌ لهُ.

نَقَلْتُ من خَطِّ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن سَعيد بن سِنَان الخَفَاجِيّ الحَلَبيِّ

(2)

: وكان بمَعَرَّة النُّعْمَان شَاعِر يُعْرَفُ بالوَامِق، مَوْصُوفٌ بالخَلَاعَة والمُجُون، فكان يَنْظم أشْعَارًا في حَائكٍ وإسْكَافٍ وصَانِعٍ (a) ومَنْ يَجْري مَجْراهُم، ويَسْتَعملُ ألْفَاظ تلك الصِّناعَة ومَعَانيها في ذلك الشِّعْر، فممَّا يُرْوَى له في غُلَام إسْكَافٍ قَولُهُ:[من الكامل]

إنْ سَنَّ بالهِجْرَانِ شَفْرتَهُ

ليَقُدَّ قَلْبي قَدَّ مُجْتَهدِ

فلأصْبِرَنَّ كصَبْر تخْتَجةٍ (b)

مُتَمسِّكًا بمُجلِّلِ العُقَدِ

‌الوَأْوَاء الحَلَبيُّ النَّحْوِيُّ

وهو أبو الفَرَج عَبْد القَاهِر بن عُبَيْدِ الله الفَرَّاش.

وكان نَحْويًّا، شَاعِرًا، فَاضِلًا. قَرأ على الطُّليطِليّ النَّحويّ، وأبي عَبْد الله الأصْبَهَانيّ صَاحِب أبي العَلَاء، وقد ذَكَرْناهُ فيما تَقَدَّم

(3)

.

(a) في سر الفصاحة: وصائغ.

(b) في سر الفصاحة: تجتجة.

_________

(1)

تقدَّم لابن العديم الترجمة لاثنين من شعراه المعرة، كلاهما يعرف بالوامق، سمى الأول: الحسن بن أحمد المعري الوامق (الجزء الخامس)، والثاني تقدم في هذا الجزء في الكنى: أبو الحسين الوامق.

(2)

سر الفصاحة لابن سنان الخفاجي 69.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وسبقت له ترجمة في الكنى. وتوفي سنة 551 هـ، وترجمته في: يتيمة الدهر 1: 19، خريدة القصر (قسم الشام) 12: 155 - 157، إنباه الرواة 2: 186 - 187، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 463 - 464، تاريخ الإسلام 12: 30، الوافي بالوفيات 19: 52 - 53، تاريخ ابن الوردي 2: 89، بغية الوعاة 2: 106، النجوم الزاهرة 5: 322، شذرات الذهب 6:262.

ص: 591

‌الوَصَّاف، صَاحِب المِخْصَرَة

(1)

شَاعِرٌ كان بحَلَب في أيَّام سَيْفِ الدَّوْلَةِ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن حَمْدَان، ودَخَلَ إليه بحَلَب وامْتَدَحَهُ مع الوَاصِليّ والصُّفريّ.

وقَعَ إليَّ جُزءٌ من تاريخ جَمَعَهُ أبو إسْحَاق بن حَبيْب السَّقَطِيّ

(2)

، صَاحِب كتاب الرَّديفِ، فقَرَأتُ فيه في حَوَادِث سَنَة ستٍّ وأَرْبَعين وثَلاثِمائة: وفيها كان قُدُومُ المُهَلَّبيِّ الوَزِير إلى (a) البَصْرَة من الأهْوَاز في يَوْم الأربَعَاء سَلْخ شَهْرِ رَبِيع الأوَّل، فنَزَلَ بَنى يَشْكُر، ثمّ دَخَل فيمَن معه من الجَيْش، فنَزَلَ الأُبُلَّةَ، فَمَدَحَهُ بها المَعْرُوف بالوَصَّاف صَاحِب المِخْصَرَة (b):[من الطويل]

قَرِيْبٌ هَوَى الحَسْنَاءِ والوَصْلُ شَاسِعُ

مُمنَّعَةٌ مِن قُرْبِها البُعْدُ مَانِعٌ

تُقِلُّ البَعِيْرَ المُسْتَقلَّ إذا مَشَى

بها وَلَها الإنْسانُ بالماءِ جَارِعُ

وحُوريَّةٍ أوْدَعْهُا القَلْبَ والحَحِى

ورُوْحِي فَلَمْ تُرْدَدْ علَيَّ الوَدَائِعُ

يقُولُ فيها:

أنا الشَّاعرُ الوَصَّافُ أُوْلِعْتُ بالعُلَى

فمَجْدِيَ مَحْفُوظٌ وماليَ ضَائِعُ

ومِخْصَرَتي شَمْسُ النَّهَارِ وبَدْرُها

أضَاءَ لِكَفِّي والنُّجُومُ الطَّوَالِعُ

رَفَعْتُ بشِعْري الشِّعْرَ يا ابنَ مُحَمَّدٍ

وأنْتَ وَزيرٌ لِلوِزارة رَافِعُ

لبَحْرِ عُمَانٍ مَوْجُ ماءٍ إذا طَمَا

وبَحْرُكَ دُرٌّ مَوْجُهُ مُتَدَافِعُ

أُحَلِّيْكَ مَدْحًا لَم تَزَل عَنْهُ غَائِبًا

وقَدْ يَلْبَسُ السَّيْفُ الحُلَى وَهْوَ قَاطِعُ

(a) م: من.

(b) بعده في م: يقول.

_________

(1)

كان حيًا سنة 346 هـ.

(2)

ذكر المؤلف هذا الكتاب مصرحًا باسمه في العديد من المواضع: لوامع الأمور، وهو كتاب مفقود.

ص: 592

‌ذِكْرُ مَن عُرِفَ بالنِّسْبَة إلى القَبَائِل أو البِلَادِ أو الآباءِ أو إلى الصَّنَائِع

‌الألف

‌الأنْطَاكِيُّ الشَّاعرُ

هو أبو طَالِب الحُسَينُ بن عليّ الأنْطَاكيِّ، شَاعِرٌ مجُيْدٌ مُكْثرٌ، أوْرَدَ له أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد الشِّمْشَاطِيّ في كتاب الأنْوَار شِعْرًا كَثِيْرًا، ويُطْلقُه مَنْسُوبًا إلى أنْطَاكِيَة ولا يُسَمِّيه ولا يَكْنِيه، وفي بعض المَواضِع يَذْكُر اسْمَهُ ونَسَبَهُ، فمن ذلك ما قَرأتُه في كتاب الأنْوَار، قال

(1)

: وللأنْطَاكِيّ في الدَّوَاةِ وما فيها: [من الرجز]

يَسْطُو بخَطَّارٍ كأنَّ خَاطِري

مُسَلَّطٌ في جِسْمهِ فَهْوَ سَلِطْ

يَكْتَنُّ في زَنْجيَّةٍ كأنَّما

كَيَانُها مِنَ النِّظَامِ مُنْخَرِطْ

كأنَّما سَوَادُها وَحَلْيُها

تأليفَ ضِدَّيْنِ شَبَاب وشَمَطْ

كأنَّما مِقَطُّها مُهَنَّدٌ

مُحْتَبَسٌ في غِمْدِهِ لَم يُنْضَ قَطْ

كأنَّما سِكِّيْنُها صُدْغٌ على

خَدِّ مَهاةٍ بفَتِيْتِ المِسْكِ لُطْ

وقَرَأتُ في كتاب الأنْوَار

(2)

، قال: أنْشَدَنا أبو القَاسِم العَلَويّ، قال: وأنْشَدَني الأنْطَاكيُّ من قَصِيدَةٍ؛ يَعْني في رَحى (a) الماء: [من المتقارب]

وللمَاءِ من حَوْلنا ضَجَّةٌ

إذا الماءُ كَافَحَ تلكَ العُرُوْبَا

(a) م: رجاء.

_________

(1)

لم يرد في المتبقي من كتاب الأنوار للشمشاطي.

(2)

الشمشاطي: الأنوار ومحاسن الأشعار 2: 10، وتنسب الأبيات أيضًا للسري الرفاء، انظر ديوانه 74.

ص: 593

جِبَالٌ (a) تُؤَلِّفُها حِكْمَةٌ

فتَنْحُو (b) البِحَار بها لا السُّهُوْبا

يُقَابِلُنا (c) في قَميْصِ الدُّجَى

إذا الأفْقُ أَصْبَحَ منهُ سَلِيْبَا

حَيازِيْمُها الدَّهْرَ مَنْصُوبَةٌ

تُعَانِقُ للماءِ وفْدًا غَرِيْبا

عَجِبْتُ لها شَاحِبَاتِ الخُدُو

دِ لم يُذْهِبِ الرَّيُّ عنها الشُّحُوبا

إذا ما هَمَمْنا بغِشْيَانها

رَكبنا لها وَلدًا أو نَسِيبا

يُجَاورُها كُلّ سَاعٍ يُرَى

وإنْ جَدَّ في السَّير منها قَرِيْبا

خَلِيُّ الفُؤَادِ ولكنَّهُ

يَحنُّ فيُشْجِي الفُؤَادَ الطَّرُوبَا

‌الأنْطَاكيُّ

شَاعِرٌ كان في عَصْر ابن خَالَوَيْه، ومَدَحَهُ بأبْيَاتٍ.

قَرَأَتُ في كتاب اطْرَغَشَّ، تأليف أبي عَبْد الله بن خَالَوَيْه، قال بعد أنْ ذَكَرَ أبْيَات ابن صَدَقَة الهاشِميِّ الّتي ذَكَرْناها في تَرْجَمَتِهِ

(1)

، ثُمَّ قال: وقال الأنْطَاكيُّ شَرْوَاهُ: [من الوافر]

وما مَاتُوا وكيفَ يَقُولُ مَاتُوا

وَفِيْنا ابنُ المُقَدَّمِ خَالَوَيْهِ

فإنْ حَقَّقتَ مَوْتَهُمُ فحَقِّقْ

حُصُولَ عُلُومِهِمْ في قَبْضَتَيْهِ

يُريْدُ بذلك الخَلِيل وسِيْبَوَيْه وابن دَرَسْتَوَيْه جاء ذلك في شعْر الجَفْنِيّ (d)، وَسَنَذْكُره إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى في تَرْجَمَتِهِ

(2)

، وفي شِعْر ابن صَدَقَة الهاشِميَّ، وقد ذَكَرْناهُ.

(a) كذا في الأصل وم ومثله في ديوان السري، وعند الشمشاطي: حبال.

(b) الأصل: فتمحو، والمثبت من الشمشاطي وهو الأوفق للمعنى، وفي ديوان السري: فتحبو.

(c) الشمشاطي: تقابلنا.

(d) الأصل: الحفني، بالحاء، وسيأتي قريبًا بالجيم، منسوبًا إلى جفنة.

_________

(1)

تقدمت في هذا الجزء.

(2)

فيما يلي من هذا الجزء.

ص: 594

‌الأنْطَاكِيُّ المُقْرِئُ

رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن السَّرِيّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن مَحْمُود بن الأخْضَر في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن أحْمَد بن سَلْمَان، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّدُ بن أبي نَصْر بن عَبْد الله الحُمَيْدِيّ، قال: أنْشَدَنا الرَّجُل الصَّالِح أبو مَرْوَان عَبْدُ المَلِك بن سُلَيمان الخَوْلانِيّ، رحمه الله، بالأنْدَلُسِ، قال: أنْشَدَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن السَّرِيّ، قال: أنْشَدَنا الأنْطَاكيِّ المُقْرِئ للمَنَاسِكيّ: [من المجتث]

أصْبَحْتُ قد شَفَّ قَلْبي

خَوْفٌ علَيهِ مُقِيْمُ

خَوْفٌ تَمَكَّنَ منِّي

والقَلْبُ منِّي سَقِيْمُ

لولا رَجَائي لوَعْدٍ

وَعَدْتَّهُ يا كَرِيمُ

في سُوْرة الحِجْرِ نَصًّا

لقَابَلَتْني الغُمُومُ

على لِسَانِ نَبيّ

قَلْبي لَدَيْهِ عَلِيْمُ

نَبّئْ عِبَادِيَ أنِّي

أنا الغَفُورُ الرَّحِيْمُ

فَقَدْ وَثِقْتُ بهذا

والقَلْبُ منِّي كَلِيْمُ

مِن آيةٍ أذْهَلَتْني

فيها وَعِيْدٌ جَسِيْمُ

هي الّتي قُلْتَ فيها

والقَوْلُ مِنهُ حَكِيمُ

ألَا وإنَّ عَذَابي

هُوَ العَذَابُ الألِيْمُ

فالقَلْبُ بينَ رَجَاءٍ

وبَيْنَ خَوْفٍ يَعُومُ

ص: 595

‌الأنْطَاكِيُّ الحَاسِبُ

(1)

رَجُلٌ له تَصَانِيْف في الحِسَاب والهَنْدَسَة، وأظُنُّه واللهُ أعْلَمُ هو المُجْتَبَى الأنْطَاكِيّ.

قَرأتُ بخَطِّ عليّ بن عَبْد الله بن بَدْر الهَذَبَانِيّ، قال: الأنْطَاكِيُّ الحَاسِبُ، وكان يَعْمل الأسْطُرْلَابَات وغيرها، ولهُ من الكُتُب التَّخْت (a) الكَبِيْر في حِسَاب الهِنْدِيّ، كتاب في الحِسَاب على التَّخْت (b) بلا مَحْوٍ (c)، تَفْسِير الأرثْمَاطِيْقيّ، اسْتِخْرَاج التَّرَاجِم، تفسِير أُوقْلِيْدِس.

‌الأوْزَاعِيُّ

اسْمُه عبدُ الرَّحْمن بن عَمْرو، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

‌البَاءُ

‌البَالِسِيُّ الضَّرِيْرُ

شَاعِرٌ من أهْل بَالِس.

ذَكَرَ له ابنُ زُوْلَاق في سِيْرَة أحْمَد بن طُوْلُون

(3)

أبْيَاتًا قالَها في أحْمَد بن طُوْلُون، حين حَصَر المُوَفَّقُ المُعْتَمدَ على اللهِ وحَبَسَهُ، يُخَاطِبُ أحْمَد بن طُوْلُون

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من الفهرست للنديم 2/ 1:263.

(b) مهملة في الأصل.

(c) الأصل: نحو، وأشّر المصنف عليه بكتب "صـ"، وتقدَّم نقله لهذا النص في ترجمة المجتبى الأنطاكي، وفيه ما يوافق المثبت، وانظر الفهرست للنديم 2/ 1:263.

_________

(1)

تقدمت ترجمته في هذا الجزء: المجتبَى الأنطاكي، لاتفاق أسماء المؤلفات المذكورة في الترجمتين.

(2)

تقدم ذكره في هذا الجزء في الكنى "أبو عمرو الأوزاعي"، أما ترجمته في الأسماء ففي الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

كتاب مفقود، ولم يذكره ابن الساعي ضمن مؤلفات ابن زولاق. الدر الثمين في أسماء المصنفين 317 - 318.

ص: 596

ويمدَحُه حين قام بنُصْرة المُعْتَمد: [من الخفيف]

يا سَمِيَّ النَّبِيّ لا نَسِي اللهُ

لكَ الذَّبَّ عن حَرِيم النّبِيّ

دَوْلَةُ الدِّيْن والخِلَافَة عزَّتْ

بكَ لا بالطَّريد عنها النَّفِيِّ

المُزَال اسمُه على الرَّغْم من

كُلِّ مقَامِ امرئ كَرِيم سَنِيّ

رَامَ ما لا ينَالُهُ فلقد خَابَ

وخَابَ اعْتدَادُهُ بالخَصِيِّ

‌البُحْتُرِيُّ

من وَلَد بُحْتُر بن عَتُوْد الطَّائيّ المَنْبِجِيّ، واسْمُه الوَلِيد بن عُبَيْد، الشَّاعر أبو عُبَادَة المَشْهُور، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(1)

.

‌البَيْزُوربِيُّ المَغْرِبيُّ المُقْرِئ الحِمْصِيُّ

من حِمْص الأنْدَلُسِ.

وكان مُقْرئًا مُجَوِّدًا، عَارِفًا بالنَّحو والأدَب، وأقَامَ بحَلَب مُدَّةً يُقْرئ النَّاسَ، وكان مُتَّهمًا في دِيْنه، وله شِعْرٌ.

واسْمُه عَبْدُ الله بن مُحَمَّد أبو مُحَمَّد، وقد قَدَّمْنا ذِكْرهُ

(2)

.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي البحتري سنة 284 هـ، وقيل قبله وبعده، وترجمته في: أخبار البحتري للصولي، وطبقات الشعراء لابن المعتز 358 - 357، النديم: الفهرست 1/ 2: 529، المرزباني: الموشح 369 - 383، الأغاني 21: 31 - 42، تاريخ بغداد 15: 620 - 625، السمعاني: الأنساب 2: 101 - 102، تاريخ ابن عساكر 63: 188 - 205، ابن الجوزي: المنتظم 12: 392 - 397، معجم الأدباء 6: 2796 - 2801، ابن الأثير: الكامل 7: 483، وفيات الأعيان 6: 21 - 31، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 844، سير أعلام النبلاء 13: 486 - 487، العبر في خبر مَن غبر 1: 409، الوافي بالوفيات 27: 465 - 472، تاريخ ابن الوردي 1: 365 - 366، البداية والنهاية 11: 76، شذرات الذهب 3: 348، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 11 - 19.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 597

‌الجِيْم

‌الجَفْنِيُّ

شَاعِرٌ كان في عَصْر ابن خَالَوَيْه، ومَدَحَهُ، فإنِّي قَرَأَتُ في كتاب اطْرَغَشَّ، تأليفُ أبي عَبْدِ اللهِ بن خَالَوَيْه وعليهِ خَطُّهُ، قال ابنُ خَالَوَيْه: وكَتَبَ إليَّ الجَفْنِيُّ يَهْجُو ابنَ صَدَقَة، لَمَا قَطَعْتُهُ بين يَدَي أبي المُرَجَّى رحمه الله:[من الوافر]

كَشَرْتَ لهُ فأصْبَحَ مُجْلَخِدًّا

لِحُرِّ جَبيْنِهِ ولوَجْنَتَيْهِ

وأيَّدَكَ الإلَهُ عَليَهِ نَصْرًا

بقُدْرَتِهِ وَأدْحَضَ حُجَّتَيْهِ

وأشْبَهْتَ الخَلِيلَ وكانَ طبًّا

وسِرْتَ على مَذَاهِبِ سِيْبَوَيْهِ

وذَكَرَ بَعْدَها أبْيَاتًّا لابن صَدَقَهَ الهاشِميِّ، وبعدَها للأنْطَاكيِّ، وقد ذَكَرْنا ذلك

(1)

.

‌الحَاءُ

‌الحَاجِرِيُّ الحَلَبِيُّ

وَقَعَ إليَّ ببَغْدَاد مَجْمُوع فيه شِعْرٌ مَنْسُوبٌ إلى الحَاجِريّ الحَلَبِيِّ، وذَكَرهُ هكذا، ولَم أسْمَع به ولا عَرفته، والأبْيَاتُ:[من الطويل]

بحَقِّ الهَوَى يا سَعْدُ أَسْعِدْ أخَا وَجْدِ

ومِلْ بي إلى ذَاكَ الأُبَيْرَقِ مِن نَجْدِ

لأسْألَ عن قَلْبي فَثَمَّ تَرَكْتُهُ

أَسِيرَ غَرَامٍ لا يُعِيْدُ ولا يُبْدِي

يَمِيْلُ إذا هبَّتْ صَبًا حَاجِريَّةٌ

ويَهْتزُّ شَوْقًا إنْ تأوَّهَ ذُو وَجْدِ

ومِلْ بي على رَمْلِ العَقِيْقِ لعَلَّني

على رَبْعِ مَن أهْوَى أسَلّمُ مِن بُعْدِ

فما أكْثَرَ الأسْرَى لدَيْهِ بحُبِّهِ

ولكنَّني المَقْتُولُ مِن بَيْنِهِمْ وَحْدِي

(1)

تقدمت أبيات ابن صدقة والأنطاكي كل في موضعه من هذا الجزء.

ص: 598

‌الحَلَبيُّ

حَكَى عن سَلَّام الأسْوَد حِكايَةً رَوَاها عنهُ عُمَر بن عَبْد الله.

أنْبَأْنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ اللهِ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ الله بن أحْمَد بن الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز الأَزَجِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بنُ عَبْد الله بن الحَسَن، قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بن عَبْدِ الله، قال: سَمِعْتُ الحَلَبيِّ يَقُول: نَظَر سَلَّامٌ الأسْوَد إلى رجُل يَنْظُرُ إلى حَدَثٍ، فقال له: يا هَذا، ابْقَ على جَاهِكَ عند اللهِ عز وجل؛ فإنَّك لا تَزَال ذا جَاهِ ما دُمتَ له مُعَظِّمًا.

‌الحَلَبيُّ الفَقِيهُ

فَقِيْهٌ على مَذْهَب العِرَاقِيِّيْن، كان في أيَّام البَرَامِكَة.

نَقَلْتُ من كتاب في أخْبَارِ البَرَامِكَة، تأليفُ أبي حَفْصٍ عَمْرو بن الأزْرَق الكَرْمَانيّ

(1)

، قال: ذَكَرَ أحْمَدُ بن مُحَمَّد أنَّ الفَضْل بن يَحْيَى بن خَالِد حدَّثهم يَوْمًا عن يَحْيَى بن أبي مَرْيَم المَدِيْنيّ (a)، وكان يُخَاصِم رَجُلًا يُقال له الحَلَبيِّ في الفِقْهِ، وكان ابن أبي مَرْيَم يقُوِل بقَوْل أهْل المَدِينَة، والحَلَبِيُّ يقُول بقَول أهْلِ العِرَاق، قال: فلمَّا جَاءَ ابنُ أبي مَرْيَم إلى أبي عليّ فقال: جُعِلْتُ فِداءَكَ، خَاصَمْتُ اليَوْم الحَلَبيِّ بين المَلَأ وأفْحَمْتُهُ، وذاك أنِّي سَألتُهُ عن قَوْل الله عز وجل:{وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ}

(2)

، قال: إذا ماتَ الإنْسانُ قالت المَلائِكَة بَعْضُها لبعضٍ: أيِّكم يَرْقى برُوْحِهِ؟ فيقُول هذا: أنتَ،

(a) م: عن يحيى بن أبي مريم إلى أبي علي المديني.

_________

(1)

تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه لأول وروده في الجزء الثالث.

(2)

سورة القيامة، الآية 27.

ص: 599

ويقُول هذا: أنت! قال: فقُلتُ: هُمْ واللهِ أطْوَعُ من أنْ يتدافَعُوا أمْرَهُ، واللهِ ما يَرْضَى أبو الوَزِير الكَاتِب أنْ يتَدَافع فُيُوج الدِّيْوَان بأمْره، فكيفَ يرْضَى الله بذلك من مَلَائِكَته!؟ وإنَّما تَفْسِيرُ ذلك أنَّهُ إذا مَرِضَ الإنْسان قيل: مَنْ رَاقٍ يَرْقيهِ، فقال: قال أبو عليّ: فقد كان يَنْبَغي لك أنْ تَحْتَجَّ بقَوْلهِ تبارك وتعالى: {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ}

(1)

، فإنَّ ذلك يَدُلُّ على أنَّهُ حَيٌّ بَعْدُ، قال: فقال له ابنُ أبي مَرْيَم: ولو كان لي هذا العَقْل كُنْتُ يَحْيَى بن خَالِد.

‌الحَلَبيُّ المُتَكَلِّمُ

(2)

إنْ لم يَكُن الفَقِيه المُتَقِدِّم، فهو غَيْرُهُ، وهو من أصْحَاب حُسَيْن النَّجَّار

(3)

.

وإيَّاهُ عَنَى أبو أحْمَد يَحْيَى بن عليّ النَّدِيْم بقَوْله في شهَادة شهِدَها الحَلَبيُّ على أبي سَهْل بن نُوْبَخْت: [من الطويل]

وفي الحَلَبِيِّ كُلّ نَحْسٍ وشُنْعَة (a)

ونِعْم أخُو الإخْوَان عند الحَقَائقِ

على أنَّهُ ممَّن يُجَوِّرُ رَبَّه

ويَنْخُلُهُ مَذْمُومَ فِعْل الخَلَائِقِ

وما يأمَنُ الحيْرَانُ (b) منهُ شَهَادةً

عليهم بعُظْمَى ليسَ فيها بصَادِقِ

ويُنْشدُكَ الشِّعْر الغَثِيْثَ لنَفْسِهِ

فيَحْلِفُ عَنْهُ (c) أنّهُ غير سَارِقِ

وما ضَرّني لو أنَّهُ لي مُوَافِقٌ

ولا ضَرَّني أنْ كان غيرُ مُوَافِقِ

(a) في معجم الشعراء للمرزباني: كل أنس ومتعة.

(b) كذا في الأصل، وفي معجم الشعراء: الجيران.

(c) المرزباني: فتحلف فيه.

_________

(1)

سورة القيامة، الآية 38.

(2)

من أهل القرن الثالث الهجري، ترجم له المرزباني في معجم الشعراء 490، وسماه: محمد بن عمران الحلبي، أبو العباس، وأورد قول يحيى المنجم فيه باستثناء البيت الأخير.

(3)

من كبار المتكلمين والمُجَبَّرة، اسمه الحسين بن محمد بن عبد الله النجار، أبو عبد الله، انظر ترجمته في الفهرست للنديم 1/ 2: 643 - 644، سير أعلام النبلاء 10:554.

ص: 600

وذلك أنَّهُ شَهِدَ على أبي سَهْل إسْمَاعِيْل بن نُوْبَخْت أنَّهُ يَتَعَرضُ بحُرَم المُسْلمِيْن ويُدْخلهنَّ إلى مَنْزِلهِ، وحَمَلَهُ على ذلك رَجُلٌ يُعْرَفُ بابن أبي عَوْف (a)، وكان الحَلَبيُّ صَدِيْقًا لأبي سَهْلٍ، وكان أبو سَهْل يفضِلُ عليه ولكنَّه اسْتُشْهِدَ

(1)

.

هكذا ذَكَرَ عُبيد الله بن أحْمَد بن أبي طَاهِر في ذَيْل تاريخ أبيهِ

(2)

.

‌الحَلَبيُّ

(3)

غير مُسَمَّىً ولا مُكنى، ذَكَر أبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ أشْعَارًا كَثِيْرة في كتاب الأنْوَار

(4)

، ولَم يَذْكُر اسْمَهُ، ولا اسْمَ أبيه، فمن ذلك قَوْله (b):[من الكامل]

ما الدَّارُ في حَلَبٍ بدَارِ ثوَاءِ

هذا الشِّتَاءُ بِها كألْفِ (c) شِتَاءَ

ألْقَي علَيها الزَّمْهَريرُ مُلَاءَةً

نُسِجَتْ مِنَ الأرْوَاحِ والأنْدَاءِ

خَفَّتْ بها ظُلَمُ الغُيُومِ وأصبَحَت

ونَهَارُها كاللَّيْلةِ اللّيْلَاءِ

كم قَطْرَة في إثْرِ أخْرى خِلْتُها

بَحْرًا أمَامِي زَاخِرًا ووَرَائي

ما كُنْتُ مِن سَمَكِ البِحَار أظُنُّني

حتى سَكَنْتُ مَدِينَةً مِن ماءِ

(a) عند المرزباني: أحمد بن أبي عوف.

(b) م: "قوله حيث يقول"، ولم ترد الأبيات في المتبقي من كتاب الشمشاطي.

(c) م: كالألف.

_________

(1)

أي أجاب الشهادة.

(2)

هو ابن مؤلف كتاب بغداد المعروف بابن طيفور، وصل قسم من كتاب والده، ولم يصلنا تذييل ابنه عليه.

(3)

من أهل القرن الثالث الهجري لرثائه في أبي تمام.

(4)

أورد الشمشاطي من أشعار الحلبي (دون ذكره اسمه ولا كنيته) العديد من القصائد، انظر: الأنوار ومحاسن الأشعار 1: 64، 82، 326، 388، 2: 12، 86، 139 - 140، وجميع الأشعار التي أوردها ابن العديم هنا نقلًا عن الشمشاطيّ هي ضمن الضائع من كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار.

ص: 601

وممَّا أوْرَدَه له في كتاب الأنْوَار

(1)

: [من الطويل]

أرَى خَطَراتٍ ما تَزالُ كأنَّها

صُدُورُ القَنَا بينَ الجوَانِح تَخْطُرُ

وعَيْنًا تَصُومُ الدَّهْرَ مِن لَذَّةِ الكَرَى

فإن أفْطَرَتْ ظَلَّت على الدَّمْعِ تُفْطِرُ

أُقَلِّبُ طَرْفًا للنُّجُوم مُسَامِرًا

ونَجْمُ الدُّجَى وَسْطَ السَّماءَ مُسَمَّرُ

وأوْرَدَ له أيضًا

(2)

: [من الطويل]

قَضِيْبٌ مَتَى تَضْمُمْهُ تَضُمَّ بضَمِّهِ

قَضِيْبَ نَسِيمٍ في قَمِيْصِ نَعِيمِ

تَألَّفَ مِن ضِدَّيْنِ ضدَّيْنِ رَانيًا

بعَيْنِ صَحِيْحٍ في جُفُونِ سَقِيمِ

لهُ لَيْلُ شَعرٍ في صَبَاحِ جَبِيْنِهِ

ونيرانُ خَدٍّ في مياهِ أَدِيْمِ

وخَصْرٌ حَكَى عَرْضَ النَّحِيْلِ نَحافةً

ورِدْفٌ حَكَى في النُّبْلِ عِرْضَ كَرِيْمِ

ونَقَلْتُ من الجُزء الأوَّل من كتاب الأنْوَار للشِّمْشَاطِيّ

(3)

، وأظُنُّه بخَطِّه، قال: وللحَلَبيّ: [من الوافر]

وفي الإخْوَانِ للإخْوَان عِزٌّ

وما تُغْني السِّهَامُ بلا قسِيِّ

وَمِثْلُكَ مَن أطَاعَتْهُ المَعَالِي

وأدّتْهُ إلى الشَّرَفِ العَلِيّ

لأنَّكَ للوَفَاءَ أخٌ وخِلٌّ

إذا عُزَي الوَفَاءُ إلى الوَفيَّ

مَتَى يَهْزُزْكَ ذو شَرَفٍ يُصَادِفْ

مضَاءَكَ مِن مَضَاءَ المَشْرَفيَّ

وإنَّكَ لَلسَّويُّ الوُدِّ إمَّا

تَشَوَّهَ وُدُّ ذي الوُدِّ السَّوِيَّ

سَبِيلي في هَوَاكَ سَبِيلُ قَصْدٍ

يُؤدِّيهِ إلى الوُدِّ النَّقيّ

فَثِقْ منِّي بوُدِّ أخٍ وَدُوْدٍ

تَوَقّى الوُدَّ إلَّا مِن تَقِيِّ

(1)

لم ترد الأبيات في المتبقي من كتاب الشمشاطي.

(2)

لم ترد في كتاب الشمشاطي.

(3)

لم ترد في كتاب الشمشاطي.

ص: 602

وقال الشِّمْشَاطِيّ في كتاب الأنْوَار

(1)

: وله يَرْثِي أبا تَمَّام: [من الطويل]

سَألتُكُما أنْ تُعْقِبا سَقَمِي سُقْمًا

وأن تَتْرُكا قَلْبي على دَمِهِ يَدْمى

دَعَاني وفِكرًا لو بثَثْتُ شُجُونَهُ

على رَدْمِ يَأجُوجٍ هَتَكْتُ بهِ الرَّدْمَا

فما المَيْتَ أبْكى بلِ حجِىً (a) ومُرُوَّةً

وعِلْمًا أرَى فيهِ المَذَلَّة واليُتْمَا

فيا لحبَيْبٍ دَعْوَةً لو تَغَرْغَرَتْ

بمَسْمَعِ آجَالٍ إذًا لغَدَتْ صُمَّا

تشَتَّتْ رَأيُ كُنْتَ في عَينهِ قَذَىً

وفي أُذْنِهِ وَقْرًا وفي فَمِهِ سَمَّا

وما كُنْتَ دُوْنَ النَّاسِ أشْرَفَ مَنْصِبًا

وفَرْعًا ولكِنْ كُنْتَ أشْرَفَهُمْ عِلْمَا

قُلتُ: إنَّ كَثيْرًا من النَّاسِ يَقُولُون إنَّ الحَلَبيّ الّذي ذَكَرَهُ الشِّمْشَاطِيّ وأوْرَد شِعْره في كتاب الأَنْوَار هو أبو بَكر الصَّنَوبَريّ، وليسَ الأمْر كذلك؛ لأنَّهُ أوْرَدَ له هذه الأبْيَات الّتي رَثَى بها الحَلَبِيُّ أبا تَمَّام حَبِيْبَ بن أَوْس، والصَّنَوْبَريّ لم يُدْرك أبا تَمَّام الطَّائيّ

(2)

، لأنَّ أبا تَمَّام تُوفِّي سَنَة إحْدَى أو اثْنَتَين ومَائتَيْن ولَم يكُن الصَّنَوبَريّ وُلد؛ بل يُحْتَمل أنْ يكُون هذا الحَلَبِيّ هو عِمْرَان الحَلَبِيّ الّذي نَذكرُه بعد هذا.

وتُرْوَى هذه المَرْثَّيِة لدِيْك الجِنّ

(3)

في أبي تَمَّام.

‌الحَلَبِيُّ

(4)

شَاعِرٌ كان في عَصْر البُحْتُرِيّ، واسْمُه عِمْرَان، وقيل: مُحَمَّد بن عِمْران وهو

(a) الأصل: وحجي.

_________

(1)

لم ترد في كتاب الشمشاطي.

(2)

ورد في المتبقي من ديوان الصنوبري بعض مدائحه في أبي تمام الهاشمي، فلعل الوهم أتى من هنا. انظر ديوان الصنوبري 139، 155.

(3)

لم ترد في ديوان ديك الجن الحمصي ولا في المستدرك على شعره.

(4)

من أهل القرن الثالث الهجري لمعاصرته للبحتري، ولم أقف له على ترجمة، وانظر ترجمة الحلبي المتكلم، التي تقدمت في هذا الجزء.

ص: 603

الّذي يقول فيه البُحتُرِيّ

(1)

: [من مجزوء الوافر]

سَل الحَلَبِيَّ عن حَلَبٍ

وعن إغْبَابه (a) حَلَبَا

ولخاَلِد الكَاتِب فيه أهَاجٍ كَثِيْرة

(2)

، وقد ذَكَرْناهُ في حَرْف العَيْن

(3)

.

‌الحَلَبِيُّ

شَيْخٌ شَاعِرٌ، غُلِبَ على عَقْلِهِ، إنْ لم يَكُن عِمْرَان الحَلَبِيّ، فهو غَيْرُهُ، رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن أبي الأزْهَر.

قَرأتُ بخَطِّ أبي القَاسِم عُبيد اللهِ بن أحْمَد بن عُثْمان الصَّيْرَفِيّ: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَدُ بن إبْراهيم بن الحَسَن بن شَاذَان، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ. وأنْبَأنَا مُكْرَم بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الخَضِر ويُسَمَّى الحُسَين بن عليّ بن الخَضِر بن أبي هِشَام، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات أحْمَد بن عَبْد الله بن طَاوُس، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّد بن أبي الأزْهَر قِراءَةً عليه، قال: وكُنْتُ يَوْمًا عند إبْراهيم بن رُوْميّ كاتب أحْمَد بن مُحَمَّد الطَّائيّ، وعنده شَيْخ يُعْرَفُ بالحَلَبِيّ، وكان أدِيْبًا شَاعِرًا، فغُلِبَ على عَقْلهِ، إذ دَخَل علينا البَكْثَرِيُّ ومعه أخُوه، وكان قد تولَّى في ذلك الوَقْت نَهْرَ بوق والزِّيْبَيْن (b)، فلَم يَسْتَقرّ بهما المَجْلِسُ حتَّى التفَتَ الحَلَبِيُّ إلى البَكْثَرِيّ فضَحِكَ، ثم نَظَر إلى أخيهِ وتفَرَّسَ في أُذنهِ، وكانت كأنَّها كِنْف قد مُلئ شَعرًا، فقال غير مُحْتَشم لأحدٍ:[من مجزوء البسيط]

(a) الديوان: تِركْانه.

(b) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "نسخة: والزابين".

_________

(1)

ديوان البحتري 1: 268.

(2)

انظر نماذج من مهاجاة خالد بن يزيد الكاتب له في ديوانه 392، 402، 413، والأغاني 20: 174 - 175.

(3)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 604

باللهِ يا بَكْثَرِيُّ قُلْ لي

مَقَالَةَ الصَّادِقِ الصَّدُوقِ

أشَعْرُ أُذنَي أخِيْكَ أزكَىْ

عِنْدَكَ أم زَرْعُ نَهْرِ بُوْقِ

فَخجِلا، وأقْبَل ابن رُوْميّ يَغْتَاظُ ولا يتهَيَّأ التَّعَرُّض لِمَا يَكْرَهُ، فنَظَر إليه الحَلَبِيُّ على تلك الحال فقال، وكان ابنُ رُوْميٍّ ألْثَغَ، فقال:[من المجتث]

إنْ كُنْتَ أنكَرْتَ قَوْلي

يا ألْثَغَ الكُتَّابِ

فجئْ بأُذْنِ شَبيهٍ

لمِثلِهِ في الكِلَابِ

حتَّى تَقُولَ بأنِّي

أخْطَأتُ فيهِ صَوَابي

فوَثب البكْثَرِيُّ لينصَرِفَ، فأَسَرَّ إليه ابنُ رُوْميّ شَيئًا كأنّهُ أقامَ به العُذرَ عندَهُ، ثُمَّ أقْبَل على الحَلَبِيّ فعَذَله ووَثَب فوَثَبْنا لوَثْبته، فقال الحَلَبِيُّ:[من مجزوء الكامل]

إنْ كُنْتَ قُمْتَ لأنْ أقُو

مَ فَبابُ دَارِكَ لي مَنَاصُ

لي إنْ أرَدْتُ مُخَلِّصٌ

مِنكُمْ وما لكُمُ خَلَاصُ

لأجْرَحَنَّكَ يا ابنَ رُوْ

ميٍّ بما فيهِ القُمَاصُ

فلقد رَأيتُ ابنَ رُوْميٍّ يَضْحَكُ إليه ويُمَسِّح أعْطَافَهُ وما يَثْنيهِ عن الباب شيءٌ، حتَّى خَرَجَ وخَرجْتُ أنا بخُرُوجهِ، فبَصُر بي الحَلَبِيّ خارجًا عن الدَّار، فوقَع لي عندَهُ ذاك أحْسَنَ مَوْقعٍ، فأنْشَأَ يَقُول:[من الخفيف]

إنَّ فَضْلَ الأدِيْب إنْ حُصِّل الخَلْـ

ـقُ على غيرِهِ لفَضْل مُبِيْنُ

لَم يُطِقْ حَمْلَ ما سَمِعْتَ أبا بَكْـ

ـرٍ فبادرْتَ والفُؤَاد ضَميْنُ

لا تُفَكِّرْ في كانَ وارْم بها العُرْ

ضَ وفَكِّرْ إنْ شِئْتَ فيما يكُونُ

وقال: واللهِ لأهْجُونّه، والله لأهْجُوَنَّهُ! وكَرهْتُ أنْ أزيد في المَعْنَى، وانْصَرفتُ على الجُمْلَة، فكان إذا رآني والصِّبْيَان يَعْبَثُون به يقصدُني فتُهمُّني

ص: 605

نفسِي فيقُول: سُبْحَان اللهِ حقُّكَ (a) الحَقُّ الوَاجِبُ، حقُّكَ الحَقُّ الوَاجِبُ، فأتَفادَى منه، وانصَرَف.

‌الخَاءُ

‌الخاَلِديّان المَوْصِلِيَّان

(1)

وهما: أبو بَكْر مُحَمَّد، وأبو عُثْمان سَعيد ابْنا هاشِم بن وَعْلَة بن عَرَّام بن يَزِيد بن عَبْد الله بن يَثْرِبِيّ بن عَبْد السَّلامِ بن خَالِد العَبْدِيّ، قيل: نُسِبَا إلى جَدِّهما الأعْلَى خَالِد العَبْدِيّ (b)، وقيل: إلى قَرْية من قُرَى المَوْصِل يُقَال لها: الخاَلِديَّة، ويُحْتَمل الأمْرَان جَمِيعًا.

قَدِمَا حَلَبَ وَافِدَيْن على الأمِير سَيْف الدَّوْلَة ابن حَمْدَان، وكانا يَجْتَمعان معًا على نَظْم الشِّعْر، وإنْشَاده وعلى التَّصْنِيف، وقد ذَكَرْناهمُا فيما تَقَدَّم

(2)

.

(a) م: حطك، ولم يرد فيها تكرار القول.

(b) من قوله: "قيل نسبا

" إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

توفي أبو بكر محمد سنة 380 هـ، وتوفي أبو عثمان سعيد سنة 391 هـ، وترجمتهما في: الفهرست للنديم 1/ 2: 544 - 546، الثعالبي: يتيمة الدهر 1: 22 - 23، 2: 183 - 208، خاص الخاص 202 - 204، تاريخ بغداد 10: 159 (ترجمة سعيد الخالدي)، وفيات الأعيان 3: 404 - 405 (ترجمة عارضة لهما مجتمعين)، ابن الساعي: الدر الثمين 141 - 142، فوات الوفيات 2: 52 - 57 (ترجمة سعيد) وفي 4: 52 (ترجمة محمد)، تاريخ الإسلام 8: 499 (ترجمة محمد)، سير أعلام النبلاء 16: 386 - 387 (ترجم لهما مجتمعَين)، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 15: 246 - 274 (ترجم لهما مجتمعين)، الوافي بالوفيات 5: 149، 13: 285، 15: 263، الزركشي: عقود الجمان ورقة 123 أ (ترجمة سعيد بن هاشم) وفي ورقة 310 أ (ترجمة أخيه محمد)، محسن الأمين: أعيان الشيعة 6: 301 - 303.

(2)

ترجمتهما في الضائع من أجزاء الكتاب، في تراجم المحمدين، وتراجم من اسمه سعيد.

ص: 606

‌الدَّال

‌الدَّيْلمِيُّ العَابِدُ

(1)

كان شَيْخًا زَاهِدًا، غَزَا بلاد الرُّوم، واجْتازَ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها، حَكَى عنه الوَلِيدُ بن مُسْلِم. وهو أبو الحَسَن الدَّيْلَمِيّ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو المَكَارِم أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ اللَبَانُ، قال: أنْبَأنَا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد الحدَادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَدُ بنُ عَبْد اللهِ الحافِظ

(2)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن الحَسَن الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المُبارَك الصُّوْرِيّ، قال: سَمِعتُ الوَلِيد بن مُسْلِم يَقُول: غَزَا المُسْلُمونَ غَزَاةً فيهم الدَّيْلَمِيّ، فأسَرته (a) الرُّوم، فصَلَبُوه على الدَّقَل، فلمَّا رآهُ المُسْلُمونَ مَصْلُوبًا حَمَلُوا على الرُّوم فأخَذُوا المَرْكَبَ الّذي فيه الشَّيْخُ، فأنْزَلُوه من (b) الدَّقَل، فقال لهم: أعْطُوني ماءً أصُبُّ عليَّ، فقالوا: لَمَ تَصُبّ عليكَ؟ قال: إنِّي جُنُبٌ؛ لأنَهم لمَّا صَلَبُوني تجلَّت لي نَعْسَةٌ فرَأيْتُ نَفْسيِ كأنِّي على نَهْرٍ فيه وَصَائِف، فمَدَدْتُ يدِي إلى وَاحدةٍ منهُنَّ فافْتَرَعْتُها، فأصَابَتْني جَنَابَةٌ.

(a) في الأصل، م: فأسروه، والمثبت من الحلية.

(b) حلية الأولياء وصفة الصفوة: عن.

_________

(1)

ترجمته في: حلية الأولياء 10: 153، صفة الصفوة 4: 288 - 289، وتقدمت الترجمة له في الكنى باسم: أبو الحسن الديلمي.

(2)

حلية الأولياء 10: 153، وانظر الخبر في صفة الصفوة لابن الجوزي 4:288.

ص: 607

‌الرَاءُ

‌الرُّقَيْشِيُّ

(1)

الأدِيْبُ الأنطَاكِيُّ، رَوَى [. .](a).

‌الزَّاي

‌الزُّهْرِيُّ

هو مُحَمَّد بن مُسْلِم بن شِهَاب الزُّهْرِيّ، قد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(2)

.

(a) بياض في الأصل وم قدر أربع كلمات.

_________

(1)

ذكره ابن عساكر عرضا في تاريخه (32: 393) فيمن أخذ عنه الشاعر عبد الله بن محمد الخطابي، وسلكه في أهل اللغة "الرقيشي الأنطاكي اللغوي".

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب. وتوفي سنة 124 هـ، وقيل في التي تليها وترجمته في: طبقات ابن سعد 2: 388 - 389، تاريخ خليفة 37، 218، 354 - 356، طبقات خليفة 261، البخاري: التاريخ الكبير 1: 220، التاريخ الصغير 1: 81، 356، البلاذري: أنساب الأشراف 1/ 5: 117 - 121، المعارف 472، الجرح والتعديل 8: 71 - 74، الثقات لابن حبان 5: 349 - 350، حلية الأولياء 3: 360 - 381، ابن زبر الربعي: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 61، 118 - 120، تاريخ ابن عساكر 55: 294 - 387، ابن الجوزي: المنتظم 7: 331 - 235، صفة الصفوة 3: 136 - 139، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 11: 188 - 196، وفيات الأعيان 4: 177 - 179، تهذيب الكمال 26: 419 - 443، تاريخ الإسلام 3: 499، سير أعلام النبلاء 5: 326 - 350، العبر في خبر مَن غبر 1: 121، ميزان الاعتدال 4: 40، تذكرة الحفاظ 1: 108 - 113، الوافي بالوفيات 5: 24 - 26، ابن كثير: البداية والنهاية 9: 340 - 348، تهذيب التهذيب 9: 445 - 451، تقريب التهذيب 2: 207، المقريزي: المقفى الكبير 7: 240 - 253، السيوطي: طبقات الحفاظ 49 - 50، شذرات الذهب 2:99.

ص: 608

‌السِّيْن

‌السُّوسَنْجَرْدِيُّ المُقْرِئُ

كان مُقِيمًا بطَرَسُرسَ مُرَابِطًا.

وحَكَى عن ابن أبي قَبَّاس. قَرَأ عليه أبو حَفص عُمَر بن أحْمَد البَرُوجِرْديّ، وحَكَى عنه، وقد ذَكَرنا ذلك في تَرْجَمَة ابن أبي قَبَّاس

(1)

.

‌الشِّيْن

‌الشَّاميُّ المُقْرِئُ

(2)

شَاعِرٌ ذَكَرَهُ العِمَاد أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَاتِب في خَرِيدَة القَصْر، من شُعَرَاءِ حَلَب، وقال

(3)

: أُنْشدتُ له بَيْتًا واحدًا من شِعْرٍ له في مُسْلِم بن قُرَيْش في عَصْره، وهو على حِصَار حَرَّان، وهو (a):[من المتقارب]

بَقِيَّةُ صِفِّيْنَ والنَّهْرَوَانِ

فَدُوْنكَ ما سَنَّ فيهم عليُّ

أنْبَأنَا بذلك أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنا العِمَاد الكَاتِب.

(a) م: وهو يقول.

_________

(1)

تقدمت في هذا الجزء.

(2)

كان حيًا سنة 476 هـ (سنة حصار مسلم بن قريش لحران)، وترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 12: 164، وفيه: المفدى الشامي، وعلق محقق هذا الجزء من الخريدة أن نسبته جاءت في نسخة منه أقرب إلى: المفرى!.

(3)

خريدة القصر 12: 164.

ص: 609

‌الشِّبَاميُّونَ

(1)

من بنِ شِبَام، شَهِدُوا صِفِّيْن مع عليٍّ رضي الله عنه.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عليِّ البَرَدَانيّ، قال: والمَشارِقُ بَطْنِ من هَمَدَان، وهم أخوَةُ شِبَام الّذين قُتِلَ منهم فىِ يِوْم صِفِّيْن ثَمانمائة

(2)

، فلمَّا رجعَ عليّ رضي الله عنه إلى الكُوفَة سَمِعَ النَّوْحَ عليهم، فقال:[من الوافر]

مَرَرْتُ على شِبَامَ فَلَمْ يُجْبِني

وعَزَّ عليّ ما لَقِيَتْ شِبَامُ

‌الشَّغْوَانيُّ المَنْبِجِيُّ الشَّاعِرُ

شَاعِرٌ من أهْلِ مَنْبِج، صَحِبَ أبا عُبَادَةَ البُحْتُرِيّ، ورَوَى عنهُ شِعْرَهُ، وجَمَعَهُ. رَوَى عَنْهُ ابنُ العَصْب مُحَمَّد بن عُثْمان المَنْبِجِيُّ المُؤدِّبُ النَّحْوِيُّ.

‌الشَّيْبَانِيُّ

(3)

شَاعِرٌ كان بمَعَرَّهَ النُّعْمَان.

قَرَأتُ في مَرَاِثِي بني المُهَذَّب المَعَرَّيِيْن له أبْيَاتًا يَرْثِي بها أبا صالح مُحَمَّد بن المُهَذَّب، وتُوفِّيَ بالمَعَرَّة في رَجَب من سَنَة خَمْسٍ وسِتِّيِن وأرْبَعِمائة، وذَكَرهُ هكذا مَنْسُوبًا إلى شَيْبَان، ولَم يَذْكُر اسْمَه ولا نَسَبَهُ، وقال: وقال الشّيْبَانِيّ رحمه الله يَرْثِيهِ: [من الكامل]

هَمٌّ يَرُوحُ بهِ الفُؤَادُ ويَغْتَدِي

ومَدَامعٌ نطَقَتْ بحُزْنٍ مُكْمِدِ

(1)

هؤلاء قوم من همدان ينتسبون إلى بني شبام من الأشعريين، نسبتهم إلى جبل شبام باليمن والجبل لهمدان. الاشتقاق لابن دريد 420، ياقوت: معجم البلدان 3: 318، الحميري: الروض المعطار 337.

(2)

عدد قتلاهم في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 531: مائة وثمانون قتيلًا.

(3)

كان حيًّا سنة 465 هـ.

ص: 610

ورَزيَّة فُجِعَ الأنَامُ بكَوْنها

فغَدَا اللّبِيْبُ لها بعُظْمِ تَبَلُّدِ

حُزْنًا على الشَّيْخ الجَلِيْل سَمَا العُلَا

نَجْلِ المُهَذَّب ذي الفَخَار مُحَمَّدِ

كُنَّا نَعُوذُ بهِ ونَسْألُ كفَّهُ

فيَنَالنُا مِنْ فَيْضها السَّحُّ النَّدِي

يا قَومُ قيْل قَضَى الزَّمان بفَقْده

لا كُنْتَ من يَوْم عَبُوسٍ أنْكَدِ

شَرّدْت طِيْبَ النَّوْم عن أجْفَاننا

بعد الهجُوع ولذَّة في المَرْقَدِ

لَهْفِي على الشَّيْخ الجَلِيْل وقد ثَوَى

بعد الجَلَالَةِ في ضَرِيْحٍ الفَدْفَدِ

مُسْتَبْدِلًا للتُّرْبِ بعد وَسَائدٍ

ومن الحَشَايا صُمَّ ذاك الجَلْمَدِ

أمَّا المَعَرَّةُ فهي بعد وَفَاتهِ

وفِرَاقِهِ في يَوْم حُزْنٍ أَسْوَدِ

وكَذَا الّذين بها هُنالك أصَبَحُوا

من سَيِّدٍ فيها وغيرِ مُسَوَّدِ

منها:

قد قُلْتُ لمَّا أنْ رَأيْتُ سَرِيرَهُ

فَوْقَ الأكُفِّ ودَمْعُ عَيْني مُنْجدِي

يا حَامِلَ النَّعْشِ الّذي من فَوْقِهِ

بَحْرَانِ من عِلْمٍ ونَيْلِ العَسْجَدِ

يا حَامِل النَّعْشِ الّذي من تَحْتهِ

أمْلَاكُ ذي العَرْش الكرِيم الأمْجَد

مَهْلًا به فلقد حَمَلْتَ مُمَجّدًا

يَهْدِي إلى الخَيْرات مَن لَمِ يَهْتَدِ

ما كان إلَّا رَحْمَةً في أَرْضنا

من ذي الجَلَالِ بها نَرُوحُ ونغْتَدِي

فاليومَ قد فُقِدَ العَزَاءُ لفَقْدِه

شُقَّ القُلُوبَ مع الجيُوبِ وَعَدِّدِ

‌الصَّادُ

‌الصُّفْرِيُّ

جَمَاعَةٌ يُقال لهم بنو الصُّفْرِيّ؛ من مَوَالِي صالح بن عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاسِ، وعليهم وَقْفٌ بحَلَب، وأظُنُّ أنَّ جَدّهم كان يَخْدمُه في اسْتِعمَال آلات

ص: 611

الصُّفْر مثل الطَّسْت والإبْرِيْق وغير ذلك، والحَلَبِيُّونَ يُسَمُّون هؤلاء الطَّشْتِيَّة، ويَزْعُمُون أنَّ جَدَّهم حَمَل رَأس الحُسَين عليه السلام في طَسْت، فوَقَف الأعْدَاءُ عليه وَقْفًا، وهذا لا أصْلَ له، بل هذه الوقُوف كُلّها على مَوَالِي صَالِح بن عليّ، ولَم يكُن في زَمَن الحُسَين.

فمن الصُّفْرِيِّيْن: عَبْدُ الله بن عُبَيْد الله بن عَبْد الله، أبو العبَّاس الصُّفرِيُّ، وقد ذَكَرْناهُ

(1)

.

ومنهم: عَبْدُ الله بن إسْحَاق الصُّفْرِيُّ الحَلَبِيُّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، وقد ذَكَرْناهُ أيضًا

(2)

.

‌الصَّنَوْبَريُّ

(3)

واسْمُه أحْمَد بن مُحَمَّد، وقد ذَكَرْناهُ

(4)

، وذَكَرْنا أنَّ حَدَّهُ كان فيه حدَّةٌ وذَكَاءٌ، فقيل له: إنَّك لصَنَوْبَريُّ الشَّكْلِ؛ فعُرِفَ بذلكَ.

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب، وترجمته في: الوافي بالوفيات 17: 297 - 299 (وفيه: عبد الله بن عبد الله، أبو العباس الصفري، من شعراء سيف الدولة الحمداني)، وذكر الثعالبي (يتيمة الدهر 1: 431) شعرًا لعبد الله الصفري، ولعله المترجم له هنا.

(2)

في تراجم العبادلة ضمن الضائعٍ من أجزاء الكتاب، ونسبه الطبراني (المعجم الأوسط 4: 371): الصقري، بالقاف، وجاء صحيحًا في معجمه الصغير 236.

(3)

توفي سنة 334 هـ، وترجمته في: خاص الخاص للثعالبي 187، تاريخ ابن عساكر 5: 239 - 246، السمعاني: الأنساب 8: 336، التذكرة لابن العديم 251، فوات الوفيات 1: 122 - 125، تاريخ الإسلام 7: 676، العبر في خبر مَن غبر 2: 48، الوافي بالوفيات 7: 379 - 383، البداية والنهاية 11: 119 - 120 (سماه: مُحَمَّد بن أحمد، وقيَّده في وفيات سنة 300 هـ)، النجوم الزاهرة 3: 287 - 288، شذرات الذهب 4: 185، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 95 - 101، 142 - 143، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 27 - 36، الزركلي 1: 207، وانظر مقدمة إحسان عباس لنشرة ديوان الصنوبري.

(4)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 612

‌الضَّادُ

‌الضُّبَعِيُّ

(1)

كان في جُمْلَةِ ابن الفُرَاتِ، وقَلَّدَهُ المَظَالِمَ بحَلَب، لهُ ذِكْرٌ.

‌الطَّاءُ

‌الطَّرَسُوسِيُّ النَّجْرانِيُّ الشَّاعرُ

وَقَفْتُ على شيءٍ من شِعْره في أمالي أبي عَبْد الله بن خَالَوَيْه بخَطِّ عليٍّ بن ثَرْوَان (a) الكِنْديّ، ذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ ابن خَالَوَيْه، قال في أثْناء كَلام جرَى بينه وبين المُتَنَبِّي في مَجْلِس سَيْفِ الدَّوْلَةِ ابن حَمْدَان: وهذا الطَّرَسُوسِيّ النَّجْرَانيّ يقُول فيك يَوْم أُرْجفَ بقَتْلكَ: [من الخفيف]

يا دِرَاسَ النِّفَاقِ والكُفْرِ والتَّعْـ

ــطِيْلِ مُذْ بادَ أحْمَدُ المُتَنَبَّي

تارةً يَنْتَمي إلى هاشِمِ الجُوْ

دِ وَطَوْرًا يَنْمى لصَخْرٍ وحَرْبِ

ومَتَى ما صَحِبْتَ تَصْحَبُ كَلْبًا

خَسَّ واللهِ أنْ تُقَاسَ بكَلْبِ

لَم تكُنْ طَاهِرَ الولادَةِ أَصْلِيًّا

وفَرْعُ الدِّفْلَى عَنِ الأصْل يُنْبي

إنْ يكُنْ كانَ يَعْرِفُ الشِّعْرَ طَبْعًا

فَهْوَ لَم يَعْرِفِ اعْتِرَافًا برَبِّ

لا يُشِلُّ الإلَهُ كَفَّ فَتَىً أهْـ

وَتْ إلى كَافِرٍ بجَزْرٍ وعَضْبِ

حَسْبُهُ النَّارُ والمَقَامِعُ يَصْلَا

ها بِما كانَ فيهِ واللهُ حَسْبِي

_________

(a) م: بروان، وهو شمس الدين أبو الحسن علي بن ثروان الكندي (ت 565 هـ)، ترجمته في خريدة القصر 11: 310 - 312.

_________

(1)

ذكر عريب بن سعد القرطبيّ في صلة تاريخ الطبري (المطبوع بذيله 11: 50) رجلًا يعرف بابن الضبعي كان أبوه من أصحاب ابن الفرات، وتقلد له المظالم بحلب.

ص: 613

‌العَيْن

‌العُمَانِيُّ الشَّاعِرُ الرَّاجِزُ النَّهْشَلِيُّ

(1)

من بني نَهْشَلِ بن دَارِم من بني فُقَيْم، واسْمُه مُحَمَّد بن ذُؤَيْب، وقد ذَكَرْناهُ في مَوضِعِه من المُحَمَّدين

(2)

.

وعُرِفَ بالعُمَانِيِّ ولَم يكُن عُمَانيًّا، وإنَّما غَلَبَ عليه العُمَانِيِّ، لأنَّ دُكَيْنًا نَظَرَ إليه وهو يَسْقي الإِبِلَ ويَرْتَجز، فرآهُ مُصْفرًّا ضَرِيرًا، فقال: مَنْ هذا العُمَانِيّ لصُفْرة وَجْهِهِ، فلَزمَهُ ذلك.

قَرَأتُ في مَجْمُوع وَقَعَ إليّ؛ قيل: إنَّهُ بخَطِّ أبي عليّ الحُسَيْن بن إبْرهيم الآمِدِيّ صَاحِب الوَزِير أبي الفَضْل بن الفُرَاتِ، ذَكَرَ فيه أخْبَارًا قال في أوَّلها: اخْتِيَارٌ من كتاب أجْزاءٍ بخَطِّ اليَزِيْدِىِّ؛ تَرْجَمتها أخْبَارٌ (a) عن أبي الأسْوَد النُّوْشَجَانيَّ، يعني الخَلِيلَ بن أسَد، قال النُّوْشَجَانيُّ: حَدَّثني العُمَريّ، قال: حَدَّثَني فِرَاسُ بن مُحَمَّد بن عَطَاءٍ الشَّامِيِّ، قال: أدْخَل عَبْدُ المَلِك بن صالح بن عليّ على هَارُون وهو بمَنْبِجَ العُمَانِيِّ الشَّاعرَ الرَّاجِزَ، فأنْشَأَ يَقُول

(3)

: [من الرجز]

يا ناعِشَ الجدِّ إذا الجَدُّ عَثَرْ

(a) من قوله: "قال في أولها

" إلى هنا ساقط من م.

_________

(1)

توفي سنة 193 هـ، وترجمته في: الشعر والشعراء لابن قتيبة 389، ابن المعتز: طبقات الشعراء 100 - 103، الأغاني 18: 226 - 233، الموشح للمرزباني 336 - 337، التذكرة الحمدونية 8: 299 - 302، تاريخ بغداد 3: 180، القفطي: المحمدون من الشعراء 442 - 444، الوافي بالوفيات 3: 66 - 67، خزانة الأدب للبغدادي 10: 240 - 242.

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

أبيات الرجز في الأغاني 18: 226، والبصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي 6: 87، والمحمدون من الشعراء للقفطي 442، والوافي بالوفيات 3:66.

ص: 614

وجَابِرَ العَظْم إذا العَظْمُ انْكَسَرْ

أنْتَ رَبِيْعي والرَّبِيْعْ يُنْتَظَرْ

وخَيْرُ أنْوَاءِ الرَّبِيْع ما بَكَرْ

فقال هارُون: لا جرمَ واللهِ لنُبَكَرَنَّ عليك ولأُعَجَلَنَّ ذلك، فأمَرَ له بأرْبَعَةِ آلاف دِيْنارٍ وخَمْسِين ثَوْبًا، فقال وأنْشَدَهُ

(1)

: [من الرجز]

هَارُونُ يا ابن الأكْرَمِيْن حَسَبا

لمَّا ترحَّلْتَ فكُنْت كَثَبَا

منِ أرْضِ بَغْدَاد تَؤمُّ المَغْرِبَا

طَابَتْ لنا رِيْحُ الجَنُوب والصَّبَا

ونَزَل الغَيْثُ لنا حتَّى رَبَا

ما كان من نَشْرٍ (a) وما تَصَوَّبا

فَمرْحَبًا ومَرْحَبًا ومَرْحَبا

فقال هارُون: وبكَ أهْلًا.

العُمَريّ هو حَفْص بن عُمَر.

‌العَبْسِيُّ

(2)

صَاحِبُ إسْحَاق بن إبْراهيم المَوْصِلِيّ.

(a) الأغاني: نشر.

_________

(1)

الأبيات في ديوان المعاني لأبي هلال العسكري 2: 565، والأغاني 18:226.

(2)

كان حيًا سنة 218 هـ، وسماه الطبري (تاريخه 8: 652) في الحكاية التي أدرجها ابن العديم تاليًا: العيَشيّ، وعند ابن عساكر (8: 144) ما يوافق المثبت، وكتب ابن عساكر في آخر الحكاية:"وفي رواية أخرى: العيشي والله أعلم".

ص: 615

قَدِمَ حلَبَ مع إسْحَاقَ في صُحْبَةِ المَأْمُون حينَ قَدِمَها، ونَفَذَ منها إلى دِمَشْق. وحَكَى عن المَأْمُون.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد وأبو العبَّاس ابْنَا عَبْدِ اللهِ، وأبو البَرَكَاتِ سَعيد بن هاشِم الأسَدِيُّونَ، قالُوا: كَتَبَ إلينا الحافِظُ أبو القَاسمِ عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: قَرَأتُ علي أبي القَاسِمِ الخَضِر بن الحُسَين بن عَبْدَان، عن عَبْدِ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهّاب المَيْدَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْرٍ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللهِ بن أحْمَد بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنُ جَرِير

(2)

، قال: وذَكَرُوا عن العَبْسِيّ (a) صَاحِب إسْحَاقَ بن إبْراهيم، قال: كُنْتُ مع المَأْمُون بدِمَشْق، وكان قد قَلَّ المالُ عندَهُ حتَّى ضَاق، وشَكَى ذلك إلى أبي إسْحَاق المُعْتَصِم، فقيل (b) له: يا أَمِير المُؤْمنِيْن، كأنَّك بالمالِ قد وَافَاكَ بعد جَمْعهِ (c). قال: وكان حُمِلَ إليه ثَلاثُونَ ألفَ ألفٍ من خَرَاج ما كان يتَوَلَّاهُ (d)، قال: فلمَّا وَرَدَ عليه ذلك المالُ، قال المَأْمُون ليَحْيَى بن أكْثَم: اخْرُج بنا نَنْظُرِ إلى هذا المال. قال: فَخَرَجَا حتَّى أصْحَرَا، ووقَفَا يَنْتَظرانهِ (e)، وكان قد هُيّئَ بأَحْسنِ هَيْئَةٍ، وحُلِّيَتْ أباعِرُه، وأُلْبِسَت الأحْلَاسَ (f) المُوَشَّاةَ، والجِلَالَ المُصَبَّغَةَ، وقُلِّدَت العِهْنَ، وجُعِلَت البِدَر (g) بالحَرِيْر الصِّيْني الأحْمَر والأخْضَر والأصْفَر، وأُبْدِيَتْ رُؤوسُها.

قال: فنَظَر المَأْمُونُ إلى شيءٍ حَسَن، فاسْتَكْثَرَ ذلك، وعَظُمَ في عَيْنهِ، واسْتَشْرَفَهُ النَّاسُ يَنْظرُون إليه ويتعجَّبُونَ (h) منه، فقال المَأْمُون ليَحْيَى بن أكْثَم:

(a) الطبري: العيشي.

(b) الطبري وابن عساكر: فقال.

(c) الطبري وابن عساكر: جُمعة.

(d) الطبري: يتولاه له، ابن عساكر: يتولاه أبو إسحاق.

(e) الطبري: ينظرانه، ابن عساكر: ينظران إليه، ولعل ما عند الطبري وابن عساكر أظهر.

(f) ابن عساكر: الأجلة.

(g) ابن عساكر: البدور.

(h) الطبري وابن عساكر: ويعجبون.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 144.

(2)

تاريخ الطبري 8: 652 - 653.

ص: 616

يا أبا مُحَمَّد، يَنْصَرفُ أصْحَابُنا هؤلاء الّذين تَرَاهُم السَّاعَةَ خَائِبيْنَ إلى مَنَازِلهم، ونَنْصَرِفُ بهذه الأمْوَالِ قد مَلَكْنَاهَا دُوْنَهم، إنَّا إذًا للِئَام!.

ثُمَّ دَعَا مُحَمَّد بن يَزْدَاد، فقال: وَقِّعْ لآلِ فُلَانٍ بألفِ ألفٍ، ورِجْلُه في الرِّكَاب، ولآلِ فُلَانٍ بمثْلها، ولآلِ فُلَانٍ بمثلها، قال: فواللهِ إنْ زَال كذلك حتَّى فرَّقَ أرْبَعَةً وعِشرين ألفَ ألفٍ (a) ورِجْلُهُ في الرِّكَاب، ثُمَّ قال: ادْفَعِ البَاقي إلى المُعَلَّى لعَطَاءِ جُنْدِنا.

قال العَبْسِيّ (b): فَخَرَجْتُ حتَّى قُمْتُ نُصْبَ عَيْنهِ، فلَم أردّ طَرْفي عنه، [لا](c) يَلْحَظُنِي إلَّا رَآنِي بتلكَ الحالِ، فقال: يا أبا مُحَمَّد، وَقِّعْ لهذا بِخَمْسِين ألف دِرْهمٍ من السِّتَّة آلاف ألفٍ، لا يَخْلِسَنَّ (d) نَاظِريّ، فلم يأتِ عليَّ لَيْلَتانِ حتَّى أخَذْت المالَ.

‌الفاءُ

‌الفُصَيْصِيُّ الحَلَبِيُّ

وهو من بَنِي الفُصَيْص التَّنُوخِيِّيْنَ الّذين كانُوا بحَلَب.

وَجَدْتُ ذِكْرَهُ هكذا في تاريخ المُخْتَار عِزَّ الْمُلْكِ أبي عَبْد اللهِ المُسَبِّحيّ

(1)

في حَوَادِث سَنَة إحْدَى عَشْرة وأرْبَعِمائة، وقد ذَكَرَ الشُّعَراءَ الّذين كَتَبُوا إليهِ ومَدَحُوهُ وعَدَّ جَمَاعَةً منهم، وقال: ومنهم المَعْرُوفُ بالفُصَيْصِيّ الحَلَبِيّ، من أهْلِ

(a) ابن عساكر: أربعة وعشرين ألف ألف درهم.

(b) الطبريّ: العيشي.

(c) إضافة من تاريخ الطبريّ وتاريخ ابن عساكر.

(d) الطبريّ وابن عساكر: يختلس.

_________

(1)

انظره ضمن النصوص المستدركة على كتاب أخبار مصر للمسبِّحي 177، وتصحف فيه إلى:"القصيص"، وانظر كلام ابن العديم على بني الفصيص في الجزء الأوّل من هذا الكتاب.

ص: 617

حَلَب، وهذا رَجُلٌ أدِيبٌ مُفَنَّنٌ، وكان قد وَصَلَ إلى مِصر لأَجْل ما جَرَى بينَهُ وبين عَزِيز الدّوْلَةِ (a)، وشَكْوَاهُ لأَمِير المُؤْمنِيْن الحَاكِم بأمْرِ الله سَلَامُ اللهِ عليه، فكَتَبَ إليَّ (b) :[من الوافر]

إلى المُخْتَارِ أشْكُو ما أُلَاقِي

مِنَ المَطْل (c) المُقَرْمِطِ والنِّفَاقِ

لأنَّ الحاكِمَ المَوْلى إمَامِي

حَبَاني منهُ بالنِّعَمِ الوِثَاقِ

وقال لمَعْشرِ الكُتَّابِ مَشُّوْا

أُمُورَ العَبْدِ حُبًّا لانْطَلَاقي

فما فَعَلُوا ومَشَّوْني طَوِيْلًا

إلى أنْ صِحْتُ مِن أَلَمٍ بسَاقي

وأظْهَرَ بعْضُهُم حَسَدًا وشَرًّا

يدُلُّ على الْتِهَابٍ واحْتِرَاقِ

فلو أنِّي اسْتَحِلُّ لما اسْتَحَلُّوا (d)

سَبقتُ بكَشْفِهِمْ سَبْقَ العِتَاق (e)

ولكنِّي رَجَعْتُ إلى أُصُولٍ

تَنَزَّهُ عن قَبِيْحٍ واخْتِلَاقِ

فذكِّرْ حَضْرَةً تَشْفِي غَلِيْلي

وتُسْعِدُني وتُطْلِقُ من رِبَاقي

ويُغْنِينِي بحُسْنِ الرَّأْي مِنْها

عَنِ القَوْم الّذين نَوَوْا شِقَاقي

فما لي غَيْرُ خَيْرِ الخَلْق جَمِيعًا

أَمِيرِ المُؤْمنِيْنِ لَدَى اعْتِيَاقِي

يُزِيلُ صُعُوبَةَ الأوْقَاتِ عنِّي

بإفْضَالٍ على الأيَّام بَاقِ

سَلَامُ اللهِ في شَرْقٍ وغَرْبٍ

عَلَيهِ ورَحْمَةٌ ذاتُ اتِّسَاقِ

‌القَاف

‌القُشُيْرِيُّ المَغْرِبيُّ

رَجُلٌ فَاضِلٌ، أدِيبٌ، عَارِفٌ بالحِسَاب، من أهْل المَغْرب. قَدِمَ حَلَبَ، ونَزَل بها بالمَدْرَسَةِ النُّورِيَّة الحَلاويَّة، وكان يُلقَّب تَقِيّ الدِّين.

(a) م: "عز الدَّوْلَة". وهو الأمير عزيز الدَّوْلَة فاتك بن عبد الله الرومي (ت 413 هـ).

(b) في م: يقول.

(c) ساقطة من م.

(d) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "أُحِلِّل ما أحلُّوا؛ أحسن".

(e) م: العناق.

ص: 618

أنْشَدَنِي ضِيَاء الدِّين أبو بَكر في الجَبَليِّ الحَلَبِيُّ، قال: أنْشَدَنِي التَّقِيُّ القُشُبْرِيُّ الحَاسِبُ المَغْرِبيُّ بحَلَبَ لبعضِ المَغارِبَة

(1)

يَصِفُ نَهْرًا: [من الكامل]

ومُهَدَّلِ الشَّطَّيْن تحْسِبُ أنَّهُ

مُتَسَيِّلٌ من فِضَّةٍ (a) لصَفَائهِ

فاءَتْ عليه مع الظَّهِيْرَة (b) سَرْحَةٌ

صَدِيَت لفُيْئَتِها صَفِيْحَةُ مَائهِ

فتَرَاهُ أسْمَر في غلالَةِ أزْرَقٍ (c)

كالدَّارِعِ اسْتلقَى لظِلِّ (d) لِوَائهِ

‌الكَاف

‌الكَمَدِيُّ

مَنْسُوبٌ إلى جَدِّه كَمَد، واسْمُه يَحْيَى بن [. .](e) في كَمَد الحَرَّانِيّ، وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ فيما تَقَدَّم

(2)

.

‌المِيْم

‌المِصِّيْصيُّ

(3)

شَاعرٌ من أهْل المِصِّيْصَة، إنْ لم يَكُن العبَّاس بن الوَلِيد، فهو غَيْرُهُ، أوْرَدَ له أبو الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ في كتاب الأنْوَار

(4)

هذين البَيْتَيْن (f): [من الوافر]

تَقُول وعَانَقَتْنِي يَوْم بَيْنٍ (g)

وما إنْ عانَقَتْ غيرَ السَّقَام

(a) الديوان: درة.

(b) ديوان الرصافي البلنسي: الهجيرة.

(c) الديوان: أزرق في غلالة سمرة.

(d) الديوان: بظل.

(e) بياض في الأصل قدر كلمتين، وفي م موصولًا: يحيى بن كمد.

(f) بعده في م: حيث يقول.

(g) ديوان كشاجم: يوم برد.

_________

(1)

هو الشاعر الرصافي البلنسي، وانظر الأبيات في ديوانه 32. (جمع: إحسان عباس، دار الشروق، بيروت، 1983 م).

(2)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

لم أهتد لمعرفته، والشعر المَذْكُور الَّذي أقام المؤلِّف الترجمة عليه، منسوب لكشاجم، انظر ديوانه 293.

(4)

لم يرد في المتبقي من كتاب الشمشاطي.

ص: 619

أجِسْمُكَ ذا خَيَالٌ زَارَ جِسْمِي

فقُلْتُ نَعَم ووَصْلُكِ كالمَنَامِ

‌المِصِّيْصِيُّ

(1)

وأظُنُّه العبَّاس بن الوَلِيدِ.

قَرأتُ بخَطِّ جَعْفَر ابن شمس الخِلَافَة له في قَصِير: [من السريع]

تَقْطع دُوّاجًا لَهُ سَابِغًا

وُرَيْقَةٌ من وَرَقِ التُّوثِ

إنِّي أرَاهُ في حَشَا أُمِّهِ

صُوِّر من نُطفَة بَرْغُوثِ

‌المُعْتَصِميُّ

شَاعِرٌ مُتَقدِّم العَصْر، ذَكَرَ الشِّمْشَاطِيُّ في كتاب الدِّيَرَة، في ذِكْر دَيْر القَائِم الأقْصَى، وهو غَرْبيّ الفُرَاتِ على طَرِيق الرَّقَّة، من أعْمَال حَلَب، أنّ المُعْتَصِمِيّ نَزَلَهُ. رَوَى عنهُ الأَيْمَنِيُّ.

قال الشِّمْشَاطِيُّ في كتاب الدِّيَرَة: أَنْشَدَنِي الدّارِيِّ، قال: أَنْشَدَنِي الأَيْمَنِيُّ، قال: أنْشَدَني المُعْتَصِميُّ في دَيْر القَائِم الأقْصَى، قال: ونَزَلْتُه فرَأَيْتُ فيهِ رَاهِبًا أَمْرَد لَم تَرَ عَيْني قَطّ أحْسَنَ منه وَجْهًا وقدًّا، فسَألتُه أنْ يَجْلِسَ لأشْرَب على وَجْهِهِ، فَجَعَل يَسْقِيني ليلَتيّ، فلمَّا قاربَ طُلُوع الفَجْر، نَهَضَ إلى صَلَاتِهِ، فسَمِعْتُهُ يقرأ مَزَاميرَهُ بصَوْتٍ ما رَأيْتُ قَط أشْجَى ولا أطْيَبَ منه، فعَلقِ قَلْبِي بهِ، وتَهيَأ مَسِيْرُه في غَدٍ، فقُلتُ (a) :[من الهزج]

رَأيْتُ البَدْرَ مَجْلُوًّا

بدَيْرِ القَائِم الأقْصَى

(a) م: فقلت فيه.

_________

(1)

سماه الراغب الأصفهاني (محاضرات الأدباء 3: 557): عباس المصيصي وأورد له البيت الأوّل وبيتًا آخر في البرغوث، وذكره ابن حَمْدُون منسوبًا غير مسمى: المصيصيّ، انظر: التذكرة الحمدونية 5: 164.

ص: 620

له عَيْنَانِ لَحْظُهُما

مُطَاعُ الأمْرِ ما يُعْصَى

على غُصُنٍ يَمِيْلُ بهِ

رَطِيْبٍ قَدْ عَلَا دِعْصَا

وأَفْئدَةُ الوَرَى وَخدًّا

تَسِيرُ إليهِ أو نَصَّا

ولم أرَ مثلَهُ بكَمَا

لِ لُطْفِ الحُسْنِ قد خُصَّا

فَرصَّ الحُبَّ في قَلْبِي

مَلَاحَةُ لَحْظِهِ رَصَّا

شَرِبتُ بكَفِّه بِكْرًا

كأنَّ بكَاسِها خُصَّا

إلى أنْ خِلْتُ أنَّ الفَجْـ

رَ في جُنْح الدُّجَى لصَّا

فقَامَ ينُصُّ مِزْمَارًا

بألْحَانٍ له نَصَّا

كأنَّ بِقَلْبِيَ الوَلْهَا

نِ مِن تِذْكَاره حِرْصَا

قال: فانْصَرَفْتُ، وفي قَلْبِي من حُبِّهِ النَّار.

‌المَغَازِليُّ

رَوَى بحَلَبَ عن المُزَنِيّ صَاحِب الإمَام الشَّافِعِيّ. رَوَى عنهُ مَنْصُور الهَرَويُّ.

وقد ذَكَرْنا عنه حِكَايَةً رَوَاها عن المُزَنِيّ، عن الشَّافِعِيّ في تَرْجَمَةِ مَنْصُور بن عَبْد الله الهَرَويّ

(1)

، وأظُنُّ أنَّ المَغَازِليّ هذا هو أبُو بَكْر النَّيْسَابُوريّ، واللهُ أَعْلَمُ.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب. والحكاية المشار إليها أوردها الخطيب البَغْدَادي (تاريخ بَغْدَاد 2: 397) والحافظ ابن عساكر (تاريخ دِمَشْقَ 51: 299) والمزي (تهذيب الكمال 24: 312)، ونصّها من تاريخ الخطيب:"أَخْبَرَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْرَاهِيم بن شاذي الهمذانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نصر مَنْصُور بن عبد الله الهروي الصوفي بهمذان، قال: سمعت أبا الحَسَن المغازليَّ يقول: سمعت المزنيّ يقول: سمعت الشَّافِعِيَّ يقول: رأيتُ عليّ بن أبي طالب في النوم، فسلَّم عليَّ وصافَحني وخلعَ خاتمه فجعله في إصبعي، وكان لي عمٌّ ففسَّرها لي فقال لي: أمَّا مُصافحتك لعليّ فأمان من العَذاب، وأمَّا خلع خاتمه فجعله في إصبعك فسيبلغ اسمك ما بلغ اسم عليّ في الشرق والغرب".

ص: 621

‌المَلَطِيُّ

من أَهْلِ مَلَطْيَةَ، لَهُ كَلَامٌ حَسَنٌ.

قَرأتُ في كتاب الجَوَاهِر، تأليفُ إسْحَاق بن إبْراهيمِ المَوْصِليّ، قال: وقال المَلَطِيُّ: إذا جَالسْتَ العُلمَاءَ فكُن على أنْ تَسْمَعَ أحْرَصَ منْكَ على أنْ تَقُولَ، وتَعَلَّم حُسْنَ الاسْتِمَاعَ كما تَعَلَّم حُسْن القَوْل، فإنْ غُلِبْتَ (a) على حُسْنِ القَوْل فلا تُغْلَبَنَّ على حُسْنِ الصَّمْتِ

(1)

.

(a) م: غلب.

_________

(1)

تقدمت ترجمته في الجزء الثاني من هذا الكتاب. وتوفي سنة 273 هـ، وترجمته في: تاريخ بَغْدَاد 5: 294 - 298، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 1: 46 - 47، ابن الجوزي: المنتظم 12: 255 - 256، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 482، سير أعلام النبلاء 13: 117 - 118.

ص: 622