المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي   ‌ ‌أحمد بن مُحَمَّد بن مَتُّوْيَهْ، أبو - بغية الطلب فى تاريخ حلب - ط الفرقان - جـ ٣

[كمال الدين ابن العديم]

فهرس الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌أحمد بن مُحَمَّد بن مَتُّوْيَهْ، أبو جَعْفَر المَرْوَرُّوذِيُّ، المعرُوف بكاكُوْ

(1)

سَافَرَ إلى الشَّام وجَالَ في أقْطَارها، وسَمعَ بها وبآمِد ومَيَّافَارقِين، ففي [طَرِيقِه](a) بين هذه البِلاد دَخَلَ حَلَب أو بعض عَملها، إنْ لم يَكُن سَمعَ بها.

ذكَرَهُ الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن في تاريخ دِمَشْق

(2)

، بما أخْبَرَنا به ابن أخيه أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد إجَازَةً، قال: أخْبرَنا عَمِّي، قال: أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَتُّوْيَهْ، أبو جَعْفَر المَرْوَرُّوذِيّ المَعْرُوف بكاكُوْ، سَمعَ أبا القَاسِم بن الطُّبَيز بدِمَشْق وأبا [مَسْعُود صالح](b) بن أحْمَد بن القَاسِم المَيَانِجِيّ، وأبا مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيع (c) بصَيْدَا، وأبا الحُسَين (4) بن التُّرجُمان بالرَّمْلَةِ، وأبا عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن الفَضْل بن نَظِيْف (e)، وأبا عَبْد الله مُحَمَّد بن الحَسَن بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، وأبا مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الحرَانيّ، وأبا عليّ الحسُين بن مَيْمُون بن حَسُون بمِصْر، وعَبْد الله

(a) كلمة مطموسة في الأصل أولها حرف الطاء، قدرناها بالمثبت قياسًا على عبارته في العديد من التراجم.

(b) كلمتان مطموستان في الأصل، والتعريض من تاريخ ابن عساكر؛ مصدر النقل. (c) طمس نصفها في الأصل.

(d) الأصل: الحسن، محرف.

(e) الأصل: ابن طيف، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر، وهو مسند الدار المصرية المعروف بالفراء.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 5: 450 - 451 (وفيه: ابن كاكوا)، سير أعلام النبلاء 15: 377 - 378.

(2)

تاريخ ابن عساكر 5: 450.

ص: 19

ابن يُوسُف بن عَبْد الله بن نَصْر البَغْدَاديّ بِتنّيس، وأبا [عَبْد الله](4) الحُسَين بن أحْمَد بن سَلَمَة المالِكِيّ بآمد، وأبا القَاسِم هِبَة الله بن عُثْمان بن دَاوُد الجَزَرِيّ، وأبا الطَّيِّب سَلامَة بن إسْحاق بن مُحَمَّد بميافَارقِين.

رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن مَسْعُود البَغَويّ المَعْرُوف با [لفَرَّاء](b)، حَدّثنا عنه أبو القَاسِم وأبو بَكْر الشَّحَّامِيَّان (b).

‌أحمد بن مُحَمَّد بن مَحمُود بن أحْمَد بن عليّ بن أحْمَد بن عُثْمان بن مُوسَى المحمُودِيُّ، أبو العبَّاس بن أبي عَبْدِ الله بن أبي الفَتْح المعرُوفُ بابنِ الصَّابُونِيُّ

(1)

من بَيتِ الرِّوَايَة والحَدِيث، سَمعَ جَدَّهُ الإمام أبا الفَتْح مَحمُودًا، وأباه أبا عَبْد اللهِ مُحَمَّدًا، وأبا يَعْقُوب يُوسُفَ بن الطُّفَيْل بمِصْر، والحافظِ أبا طَاهِر السِّلَفِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّة، وابن شَافع بدِمشْقَ، وأبا الفَتْح بن شَاتِيل ببَغْدَاد.

وأجاز له مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن المَسْعُودِيُّ، وأبو الفَرَج الثَّقَفِيُّ.

وحَدَّثَ بدِمَشْقَ ومِصر. ذكَرَ لي ابنُ عَمِّه جَمال الدّيِن أبو حَامِد مُحَمَّد بن عليّ بن مَحمُود بن الصَّابُونِيّ أنَّهُ دَخَلَ حَلَب مع والده أبي عَبْد الله مُحَمَّد، وأنه تُوفِّي بمِصْر يَوْم الجُمُعَة ثالث شَهر رَمَضَان سَنَة إحْدَى وثَلاثين وستمائة، ودُفِنَ يَوْم السَّبْت بسَارِيَة بسَفْح المُقَطَّمِ، بتربَةِ جَدِّه رَحِمهما الله.

(a) مطموسة في الأصل، والتعويض من تاريخ ابن عساكر ومن مصادر ترجمة القاضي ابن سلمة الأسدي المالكي.

(b) مطموسة في الأصل.

(c) بعده بياض يستغرق ربع طالع الصفحة التالية، وكتب إزاء البياض:"بعده أحمد بن محمد بن محرز والترجمتان اللتان بعدها"، ولم نجد ترجمة ابن محرز، ولعله أدرجها في طيارة مفردة، فضاعت.

_________

(1)

توفي سنة 631 هـ، ترجمته في: التكلمة للمنذري 3: 371، تاريخ الإسلام 14:35.

ص: 20

أنبأنَا الحافِظ عبد العَظِيْم المنذِرِيّ

(1)

، قال في ذِكْر مَنْ ماتَ سَنَة إحْدَى وثَلاثين وسِتّمائة: وفي الثَّالث من شهر رمَضَان تُوفِّي الشَّيْخُ الأجَلُّ أبو العبَّاس أحْمَد ابن الشَّيْخ الأجَلّ المُوَفَّق أبي عَبْدِ الله مُحَمَّد ابن الشَّيْخ الأجَلّ الصَّالح أبي الفَتْح محمود بن أحْمَد بن عليّ بن أحْمَد بن عُثْمان بن مُوسىَ المحمُودِيّ الصَّابُونِيّ الشَّافِيّ بمِصْرَ، ودُفِنَ إلى جانب جَدِّه بسفْح المُقَطَّم.

سَمعَ بالإسْكَنْدَرِيَّة بإفَادهِ أبيِهِ من الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصبَهَانِيّ، وببَغْدَاد من أبي الفَتْح عُبيد الله بن عَبْد الله بن شَاتِيل. وحَدَّثَ بدِمَشْقَ ومِصْر، سَمِعْتُ منه بالقَاهِرَة، وسَألْتُه عن مَوْلدِه فذكَر ما يَدُلّ تقريبًا أنَّهُ سَنَة تِسعٍ وسِتِّين وخمسِمائَة.

‌أحمد بن مُحَمَّد بن مَحمُود بن سَعيد الغَزْنَوِيُّ الفَقِيه، المعرُوف بالتَّاج الحنَفِيّ

(2)

وقيل فيه: أحْمَد بن مَحمُود بن سَعيد، وهو الصَّحيح، وسَنُعيد ذكْرهُ

(3)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

كان فَقِيهًا فَاضِلًا من أصحَاب الإمام أبي حَنِيْفَة رضي الله عنه، أقَامَ بحلب مُدَّة مُعِيْدًا بالمَدْرَسَة النُّورِيَّة المَعْرُوفة بالحَلاويين في أيَّام وِلَايَة الإمام عَلاء الدِّين أبي بَكْر الكاسَانِيّ، وانتفَعَ بهِ جَمَاعَة من الفُقَهَاء، وصنَّف في الفِقْه وعُلُومه

(1)

التكملة لوفيات النقلة 3: 371.

(2)

توفي سنة 593 هـ، وترجمته في: الجواهر المضية للقرشي 1: 315 - 316، العيني: عقد الجمان 3: 54، ابن قطلوبغا: تاج التراجم 37، الطبقات السنية 3: 89 - 90، اللكنوي: الفوائد البهية 40، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 292.

(3)

تأتي قريبًا في موضعها من هذا الجزء.

ص: 21

كُتُبًا حَسَنة منها كتاب رَوْضَة العُلَمَاءِ في الفِقْه، ومُقدِّمَة في الفِقْه مُخْتَصرة، وكتاب في أُصُول الفِقْه وأُصُول الدِّين.

وسَمِعْتُ وَالدِي يُثنِي عليه ثناءً حَسَنًا، ومن جُمْلَةِ مَنْ انتفع بصُحْبَته والقِراءَةِ عليهِ الفَقِيهُ الشَّريفُ عِمَاد الدِّين أبو العبَّاس أحْمَد بن يُوسُف الحَسَنيّ نَزِيلُ حَلَبَ.

أنشَدَنا الفَقِيه برهان الدِّين إبراهيم بن مُحَمَّد بن أحمد بن مُحَمَّد بن محمُود، قال: قَرأتُ بخَطِّ جَدِّي أحْمَد الغَزْنَوِيّ: [من الكامل]

الرَّقْصُ نَقصٌ والسَّمَاعُ رَقاعَةٌ

وكَذَا التَّوَاجُدُ خِفَّةٌ في الرَّأسِ

واللهِ ما اجْتَمَعُوا لطاعَة ربِّهم

إلَّا لِمَا طَحَنُوهُ بالأضْرَاسِ

تُوفِّي أحْمَد بن مُحَمَّد الغَزْنَوِيّ بحَلَب حَرَسَها اللهُ في [سَنَة ثَلاثٍ وتسعِين وخَمْسِمائَة](a)، ودُفِنَ في مَقَابِر الفُقَهَاء قِبْلي مقام إبْراهيم عليه السلام، رحمه الله.

‌أحمد بن مُحَمَّد بن المُسْتَنِيْر المِصِّيْصيُّ

حَدَّثَ عن أَبِيهِ أبي الخَصِيْب مُحَمَّد بن المُسْتَنِيْر، وسَعِيد بن المُغِيرَة أبي عُثْمان الصَّيَّاد المِصِّيْصيّ، وعَبْدَة بن سُلَيمان، ويَعْقُوبَ بن كَعْب.

رَوَى [عنه](b) أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن المُسْتَنِيْر، ويَعقُوب بن إسْحاق.

وقيل: إنَّهُ يُكْنَى الخَصِيْب، والصَّحيح أنَّها كُنْيَة أبيه

(1)

، واللهُ أعْلمُ.

(a) بياض في الأصل قدر أربع كلمات، والاستكمال من مصادر ترجمته المتقدمة ومن ترجمته الآتية، التي أفردها ابن العديم تحت اسم: أحمد بن محمود بن سعيد"، وذكر فيها وفاته بعد هذا التاريخ، فإنه شاهد خطه في تلك السنة.

(b) مطموسة في الأصل.

_________

(1)

انظر ترجمة أبيه محمد في الجزء العاشر في الكُنى (أبو الخصيب)، وهي ترجمة مقتضبة.

ص: 22

‌أحْمدُ بن مُحَمَّد بن مِسْعَر بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن الفَرَج بن أنسَ بن الوَاصِل بن جَهْم بن عَبَّاد بن أنَس بن عَبَّاد بن مَالِك بنِ عَمْرو بن سَاعدة بن نِزَار بن فَهْم بن تَيم الله بن أسَد بن وَبْرة، أبو الفَضْل بن أبي بَكْر التَّنُوخِيُّ المَعَرِّيُّ

(1)

من أهل مَعَرَّة النُّعْمَان، من بيت مَعْرُوف بالرِّوَايَة والشِّعْر والأدَب. وأبو الفَضْل هذا شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، روَى الحَدِث عن أَبِيهِ أبي بَكْر مُحَمَّد بن مِسْعَر.

رَوَى عنهُ أبو سَعْد السَّمَّان الحافِظُ، وخَرَّجَ عنهُ حَدِيثًا في مُعْجَم شُيُوخه.

أخْبَرَتْنا زَيْنَبُ بنْتُ عَبْد الرَّحْمن الشَّعْرِيّ النَّيْسَابُوريَّة في كتابها إلينا منها، عن أبي القَاسِم مَحمُود بن عمُر الزَّمَخشَرِيّ، قال: حَدَّثني الأُسْتَاذُ أبو الحَسَن عليُّ بن الحُسَين بن مَردَك، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمَّان إجَازَةً، قال: حَدَّثنا أبو الفَضْلِ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مِسعْر بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن الفَرَج التَّنُوخِيّ بمَعَرَّة النُّعْمَان، بقِرَاءتي عليهِ، قال: حَدَّثنا أبي أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن مِسْعَر، قال: حَدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَركَة القِنَّسرِيُّ، قال: حَدَّثنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي رجَاءٍ، قال: حَدَّثنا وَكِيع، عن الأَعْمَش، عن إبْراهيم، عن هَمَّام بن الحارِث، عن حُذَيْفَة

(2)

، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدْخُل الجنة قتَّات.

(1)

كان حيًا سنة 387 هـ.

(2)

الحميدي: المسند 1: 210 (رقم 443)، البخاري: الأدب المفرد 3: 86 (رقم 322)، صحيح مسلم 1: 101 (رقم 170)، سنن أبي داود 5: 190 (رقم 4871)، الترمذي: الجامع الكبير 3: 550 (رقم 2026)، الطبراني: المعجم البكبير 3: 186 (رقم 3020)، الأصبهاني: حلية الأولياء 4: 179، القضاعي: مسند الشهاب 2: 58 (رقم 876)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 13: 78 (رقم 5765)، وابن أبي الدنيا: كتاب الصمت وآداب اللسان 153، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 10: 472 (رقم 6056)، وانظر: المسند الجامع 5: 117 (رقم 3322).

ص: 23

قَرأتُ في مَرَاثِي بني المُهَذَّب المعَرِّيّين أبيَاتًا لأبي الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن مِسْعَر يَرْثِي بها الشَّيْخ أبا القَاسم جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّب، وهي على وَزْن قَصِيدَة أبي العَلَاء أحْمَد بن عَبْد الله بن سُلَيمان وقافيتها، رَثَى بها أبو العَلَاء جَعْفَر المَذْكُور، وأوَّلُ قَصِيدَة أبي العَلَاء

(1)

: [من السريع]

أحْسَنُ بالوَاجدِ من وَجْدِه

وقَصِيدَة أبي الفَضْل بن مِسْعَر: [من السريع]

يا سَيِّدًا غُيِّبَ في لَحْدِه

جَازَ مُصَابي بكَ عَن حَدِّهِ

بَعْدَ عليّ وابنِهِ جَعْفَرٍ

لا تَلُم الوَاجدَ في وجدهِ

رَماهُما الدَّهْرُ بخَطْبٍ وقد

كانا هُما وَاسِطَتَيْ عقده

رأيتُ هذا الدَّهْرَ أحْدَاثهُ

تُحلِلُ المحكم من عقدِهِ

أيّ سُرُور لكَ لم تقصِهِ

وأيّ حُزْنٍ لكَ لم تهدِهِ

وأيّ خَطْبٍ بكَ لم تغرِه

وأيّ أحْبابكَ لم تُردهِ

ما لي على عُدْوانِه نَاصِر

ولا يَدٌ تَدْفعُ من أيدهِ

كَابَدْت مُرَّ الصَّبْر من بَعْد مَن

فَقَدْتُ حُلوَ العَيْشِ مع فقدهِ

أضحت بي الأحْزَانُ مُلتفَّةً

لمَّا غَدَا قَدْ لُفَّ في بُردهِ

ذَممتُ دَهْري بعد فقْدانِهِ

وكُنْتُ قد أطْنبتُ في حمدهِ

فالآن لا أصْغِي إلى عَاذلٍ

يَعْذُلُنِي في الحزنِ من بعدهِ

قد كان يَخْشَى اللهَ في هَزْله

ويتقى الرَّحْمَن في جدِهِ

إنْ غابَ عنَّا فلَهُ أنْجُمٌ

طالعَةٌ باليمنِ من سعدهِ

ما منهمُ إلَا فَتَىً مَاجِد

كالصارم المَشْهُورِ من غِمدِهِ

(1)

سقط الزند 34، وعجزه: صبر يُعيدُ النارَ في زنْده.

ص: 24

ما مَاتَ مَنْ خَلَّفَ أمْثَالَهُم

لكنَّهُ دَانٍ على بُعْدِهِ

فأَمْطَرَ اللّهُ ثَرَى جَعْفرٍ

سَحَائبَ الغُفْرَانِ من عنْدِهِ

تُوفِّي جَعْفَرُ بن عليِّ بن المُهَذَّب المُرْثى في ذِي الحِجَّة من سَنَهَ سَبعٍ وثمانين وثَلاثِمائة، فقد تُوفِّي أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مِسْعَر بعد ذلك.

‌أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الأنْطَاكِيُّ

حَدَّثَ عن أبي غَالِب الأنْطَاكِيّ. رَوَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن هَارُون الخَلَّالُ.

‌أحمد بن مُحَمَّد بن مُفَرِّج (a) العَشَّاب، أبو العبَّاس بن أبي الخلَيِل الأُمَوِيّ الإشْبِيِليّ النَّبَاتِيّ، المَعْرُوفُ بابنِ الرُّوميَّة

(1)

مَنْسُوبٌ إلى مَعْرفَة العُشْب والنَّبَات، وَقَفْتُ على كتابٍ صَنَّفَهُ في الحَشَائِش، ورتَّب أسماءَها على حُرُوف المُعْجَم، وهو كِتَابٌ حَسَنٌ كَثِيْرُ الفَائِدَة، ورحَل إلى البِلَادِ ودَخَلَ حَلَب في رِحْلَته، وسَمِعَ الحَدِيْث ببلاد الأنْدَلُسِ وغيرِها.

(a) في الأصل - وحيثما يرد في ثنايا الترجمة - بالحاء: مفرح، وصوابه الإعجام باتفاق مصادر ترجمته الآتية.

_________

(1)

توفي سنة 637 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 530 - 531، ابن الأبار: التكملة 1: 107، ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء 538، الإحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين بن الخطيب 1: 207 - 214، (وهي من أوعب التراجم، ذكر فيها نشأته وحاله ومشيخته ورحلاته ومناقبه وعدد أسماء مؤلفاته ومناقبه وأورد مقاطع من شعره)، تاريخ الإسلام 14: 233 - 233، سير أعلام النبلاء 23: 58 - 59، تذكرة الحفاظ 4: 1425 - 1426، المشتبه في الرجال 339، الوافي بالوفيات 8: 45، السحوطي: طبقات الحفاظ 501 - 502، المقري: نفح الطيب 3: 596 - 598، شذرات الذهب 7: 321، القنوجي: التاج المكلل 322 - 323.

ص: 25

وقال لي رَفِيْقُنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بنُ يُوسُف البِرْزَاليّ: كان أبو العبَّاس العَشَّاب يَعْرِفُ الحَشَائِشِ مَعْرفَةً جَيِّدةً، وكان رئيس الحَزْمِيَّة بإشْبِيليَة، واعْتَنَى بنَفْسه وطلَبَ الحَدِيْث، وسَمِعَ بالأندَلُسِ وغيرها من البِلَادِ، وسَمِعَ بدِمَشْق الشَّيْخ أبا القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، ودَاوُد بن مُلاعِب، وأبا العبَّاس أحْمَد بن عَبْد اللّه العَطَّار، وغيرهم. واجْتازَ بحَلَب مُرَافِقًا لابن عُفَيْر.

سَمعْتُ الوَزِير القَاضِي الأكْرَم أبا الحَسَن عِليّ بن يُوسُف الشَّيْبَانِيّ

(1)

يقُول: لمَّا وَرَدَ أَحْمَدُ العَشَّابُ حَلَب، اجْتَمَعْتُ به، وتَفَاوضْنا في ذِكْر الحَشَائِش، فقُلتُ لَهُ: قَصَبُ الذَّرِيرَة قد ذُكِرَ في كُتُب الطِّبّ، وذَكَروا أنَّهُ يُسْتَعملُ منهُ شيء كَثِيْر، وهذا يَدُلُّ على أنَّهُ كان موْجُودًا كَثِيْرًا، والآن فلا يُوجَد، ولا يُخْبر عنه مُخَبِرٌ، فقال: هو مَوجُودٌ وإنَّما لا يَعْلمُونَ أينَ يَطْلبُونَهُ، فقُلتُ لَهُ: وأين هو؟ فقال: بالأهْوَاز منهُ شيءٌ كَثِيْرٌ.

أخْبَرَنِي الحَسَن بن الحَسَن بن مَنْصُور الجَنْبُ التَّيْمِيُّ المَغْرِبيُّ، قال: قرأتُ على أبي جَعْفَر أحْمَد بن يُوسُف بن فُرْتُون، في كتابهِ الّذي ذَيَّلَ به الصِّلَة لابن بَشْكُوَال، وكَتَبَهُ لي بخَطِّه بالقَاهرَة، قال: أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الخلَيِل مُفَرِّج الأُمَوِيّ، يُعْرَفُ بابن الرُّوميَّة، يُكْنَى أبا العبَّاس، من أهل مَدِينَة إشْبِيليَة، روى بالأنْدَلُسِ كَثِيْرًا عِن أشْيَاخِ من أهْلها، ورَحَلَ إلى المَشْرِق، فَحَجَّ في رِحْلَته، ورَوَى عن خَلْق كثِيْر عدَّدَهُم بين رِجال ونسَاء، ضمَّنَهم كتاب التَّذْكِرَة له، وله مُخْتَصَر كتاب الكَامِل لأحمد بن عَدِيّ في رجال الحَدِيْث، وله كتاب المُعْلِم بما زادَهُ البُخاريّ على كتاب مُسْلِم

(2)

.

(1)

لم تتضمن نشرة كتاب تاريخ الحكماء للقفطي ترجمة لابن الرومية، وهي نشرة تمثل منتخبات الزوزني من الكتاب، ومؤكد أن القفطي ترجم له في أصل الكتاب، وقد ذكره عرضًا في كتابه إنباه الرواة على أنباه النحاة 4: 192 - 193، وأثنى عليه بقوله:"وهو أعقل من رأيته".

(2)

سماه الصفدي: المعلم بما زاد على البخاري ومسلم. الوافي بالوفيات 8: 45.

ص: 26

ويُعْرف أحْمَد هذا بالنَّبَاتِيّ، لمَعْرفتِه بهِ، ومَوْلدُه في نحو إحْدى (a) وسِتِّين وخَمْسِمائَة، وتُوفِّيَ رحمه الله بإشْبِيليَة مُنْسَلَخ شَهرِ رَبيع الأوَّل (b) سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين وسِتِّمائة، عرَّفَني بوَفَاتِه ولدهُ الطَّبِيْب أبو النُّور مُحَمَّد.

وذكَرَ الرَّاوِيَة المُكْثِر، والبَحْر المُزْخر، أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه الحَرِيِرِيّ (c) رحمه الله، في جُزءٍ من تأليفه سمَّاهُ بنَثْر النُّور والزَّهر في نَشْر أحْوَال الشَّيْخ أبي العبَّاس النَّبَاتِيّ

(1)

، أنَّهُ سألَهُ عن مَوْلدِه، فذكَرَ أنَّهُ وُلد في شَهْر اللّه المُحَرَّم سَنَة إحْدَى وسِتِّيِن وخَمْسِمائَة، وأنَّهُ تُوفِّي فجأةً بين الظُّهْر والعَصْر من يَوْم الأَحَد المُوفّي ثلاثين من رَبيع الأَوَّل من العام المَذْكُوِر في نَفْسِ هذا المَجْمُوع، وصُلِّي عليه ضُحَى يَوْم الاثْنَين مُسْتَهَلّ رَبيع الآخر على مَقْرُبة مَنْ قَبَّرَهُ (d) بمَقْبَرة الكُديَة بخارج إشْبِيليَة، وحضَرهُ جَمْعٌ كبيرٌ.

وقد رثاهُ أُناسٌ من تَلَامِيْذه كأبي مُحَمَّد عَبْدِ اللّه هذا الحَرِيِريّ، وأبي أُمَيَّة إسْمَاعِيْل بن عُفَيْر، وكأبي الأَصْبغَ عَبْد العَزِيْز الكَبْتُوريّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جَابِر السَّقَطِيّ، وأبي العبَّاس بن سُلَيمان، ذكَرَ جميعهم أبو مُحَمَّد الحَرِيِريّ فِي المَجْمُوع المُتَقدِّم ذِكْره.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ

(2)

، قال: وفي أحَد الرَّبيعَيْن - يعني من سَنَة سَبعٍ وثَلاثين وسِتمائة - تُوفِّي الشَّيْخُ الأجَلّ الفَاضِل أبو العبَّاسِ أحْمَد

(a) الأصل: أحد.

(b) في التكملة لابن الأبار والإحاطة: مستهل شهر ربيع الآخر.

(c) الإحاطة 1: 214: أبو محمد الحرار.

(d) جوّدها المؤلف بتشديد الباء وهاء في آخرها بما ينفي أن يكون المراد: كورة قَبْرَة بالأندلس من أعمال غرناطة، وبين إشبيلية وغرناطة مسافة وبُعْد لا يحتمل التقرب.

_________

(1)

هكذا أورد ابن العديم اسم الكتاب، ولعله عنوان مسجوع كما هي بقية عناوين كتب الحريري، وأن ابن العديم حوره بالمدرج، وهو كتاب لم يصلنا ذكره حاجي خليفة (كشف الظنون 2: 1928).

(2)

التكملة لوفيات النقلة 3: 530 - 531.

ص: 27

ابن مُحَمَّد بن مُفَرِّج الأُمَويّ الأنْدَلُسِيُّ، الإشْبِيلِيُّ، العَشَّابُ، الزَّهْرِيُّ، النَّبَاتِيُّ، الحَزْميُّ، المَعْرُوفُ بابنِ الرُّوميَّة، بإشْبِيليَة.

سَمعَ من أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن سَعيد بن زَرْقُون، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن يَحْيَى بن الجَدّ، وأبي مُحَمَّد أحْمَد بن جُمْهُور بن سَعيد القَيْسِيِّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن خَلَف التُّجِيْبيّ، وغيرهم.

ورَحَل وسَمِعَ ببَغْدَاد من غير واحدٍ، ولَقِيتُه بمِصْر بعد عَوْده من الرِّحْلَةِ، وحدَّثَ بمِصْر أحَادِيْث من حِفْظه، ثمّ تَوَجَّه إلى المَغْرب، ولم يَتَّفق لي السَّمَاعُ منه، وجَمع مَجاميع.

والعَشَّابُ: بالعَيْن المُهْملَة (a) والشِّيْن المُعْجَمة المُشَدَّدَة، وبعد الألف باء بواحدةٍ. والزَّهْرِيُّ: بفَتْح الزَّاي وسُكُون الهاءِ، والنَّبَاتِيُّ: بفَتْح النُّون وبعدها باءٌ بواحدة مَفْتُوحَةٍ، وبعد الألف تَاءٌ ثالث الحُرُوف، وكُلّ ذلك نِسْبَةٌ إلى مَعْرفَة الحَشِيْش والنَّبَات. ويُقالُ إنَّهُ كان مُهَاجِرًا في ذلك جدًّا، والحَزْميُّ: بفَتْح الحَاء المُهْملَة وسُكُون الزَّاي، نِسْبةٌ إلى مَذْهَب أبي مُحَمَّد عليّ بن أحْمَد بن حَزْم.

أخْبرَني أبو جَعْفَر أحْمَد بن مُحَمَّد بن صَابِر، قال: أخْبَرَني مَنْ أثِق به أنَّ أحْمَد بن مُحَمَّد بن المُفَرِّج بن الرُّوميَّة كان جالِسًا في دُكَّانه بإشْبِيليَة يَبيع الحَشَائِشِ ويَنْسخ، فاجْتازَ به الأَمِيرُ أبو عَبْد اللّه بن هُوْد، سُلْطان الأنْدَلُسِ، فسلَّم عليه، فرَدَّ عليه السلام، واشْتَغل بنسَاختِهِ ولَم يَرْفع إليه رأسه، فبَقِي وَاقِفًا يَنْتظر أنْ يَرْفع إليه رأسه ساعةً طَوِيلَةً، فلمَّا لم يَحْفل به سَاق فَرَسه ومَضَى.

قال لي ابن صَابر: وكان رَجُلًا صَالِحًا زَاهِدًا، وتُوفِّيَ بإشْبِيليَة سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين وستِّمائة.

(a) المنذري: بالعين المهملة المفتوحة.

ص: 28

قال لي: وله كتابان حَسَنان في عِلْم الحَدِيْث، أحدهمُا يُقال له: الحافِل في تَكْملة الكَامِل لابن عَدِيّ؛ مُخْتَصرٌ من الأسَانيْد، وهو كتابٌ كبيرٌ، والآخر اخْتَصَر فيه الكَامِل لأبي أحْمَد بن عَدِيّ.

‌أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الجَوْهَرِيُّ

حدَّث بحَلَبَ عن عَمْرو بن عليّ. رَوَى عنهُ أبو القَاسِم سُلَيمان بن أحْمَد الطَّبَرانِيّ.

أخْبَرَنا أبو مُحمَّد عَبْد العَزيز بن الحُسيْن بن هِلالةَ الطَّبِيْرِيُّ، قال: أخْبَرنا أسعَدُ بن أبي سَعيد الأصْبَهانيّ، قال أخْبَرتنا فاطِمةُ بنْتُ عبْدِ اللّه بن أحْمَد بن القَاسم بن عَقِيْل الجُوزْدَانِيَّة، قالت (a): أخْبَرنا أبو بَكْر بن عَبْدِ اللّه بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القاسِم سُلَيْمان بن أحمَد بن أيُّوبَ الطَّبَرانيّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ مُحمَّد بن مَنْصُور الجَوْهَرِيّ بحلَبَ، قال: حدَّثنا عَمْرو بن عليّ، قال: حدَّثنا أبو دَاود الطَّيَالسِيُّ، قال: حَدَّثَنا الحَرِيْشُ بن سُلَيمان، عن طَلْحَة بن مُصَرِّف، عن خَيْثَمَة، عن عَبْدِ اللّه بن عَمْرو، قال: قال لي رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم

(1)

: اقْرَأ القُرآن في شَهْرٍ. قُلتُ: إنَّ لي قوَّةً. قال: فاقْرأهُ في ثلاثٍ.

لم يَروه عن طَلْحَة إلَّا الحَرِيْش؛ تفرَّد به أبو دَاود.

(a) الأصل: قال.

_________

(1)

ابن حنبل: المسند 12: 73 (رقم 6843)، سنن أبي داود 2: 113 (رقم 1391)، الأصبهاني: حلية الأولياء 4: 122، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 9: 95 (رقم 5054)، سنن النسائي بشرح السيوطي 4: 214 (رقم 2400).

ص: 29

‌أحمَدُ بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الطَّرَسُوسِيُّ، أبو الحَسَن

حَدَّثَ بدِمَشْقَ عن أبي مَسْعُود إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عُبَيْد الحافِظ الدِّمَشقيّ، رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عَبْد اللّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، وعبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل وغيرهما، قالوا: أخْبَرَنا الحافِظ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ - قُلتُ: ونَقَلْتُه أنا من خَطِّ الحافِظ - قال الحافِظُ: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الأَمِين - يعني أبا مُحَمَّد هِبَة اللّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ - قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد بن عليّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَنْصُور الطَّرَسُوسِيّ - قَدِمَ علينا - قال: حَدَّثَنَا أبو مَسْعُود إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عُبَيْد الحافِظ الدِّمَشقيّ، قال: حدَّثَنَا عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن عُثْمان المُزَنِيّ - وأنا سَألته - قال: حَدَّثَنَا عُبيدُ بنُ أبي رَجَاء الشِّيْرَازيّ - من أصْل كتابهِ - قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن عِيسَى الكُرَيْزِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو دَاوُد - هو سُليْمان بن دَاوُد - قال: حَدَّثَنَا شُعْبَة، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيِهِ، عن جَابِر، قال: قال رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم

(1)

: شَفاعَتي لأهْل الكبَائر من أُمَّتِي.

(1)

سنن ابن ماجة 2: 91 (رقم 4310)، الترمذي: الجامع الكبير 4: 231 (رقم 2436)، وانظر: المسند الجامع 4: 441 (رقم 3073).

وفي سنن أبي داود 5: 106 (رقم 4739)، ومسند أبي يعلى الموصلي 7: 140 (رقم 4105)، 147 (رقم 4115)، والحاكم: المستدرك 1: 69، وصحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 14: 387 (رقم 6468)، من حديث أنس.

وأخرجه الطبراني: المعجم الكبير 11: 189 رقم 11454 من حديث ابن عباس.

ص: 30

‌أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مُوسَى، أبو بَكْر السَّوَانْيِطِيُّ

(1)

سَمعَ بالمِصِّيْصَة أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي رَجَاء، ويوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم المِصِّيْصيَّيْن. رَوَى عنهُ أبو حَفْص عُمَر بن شَاهِين، ومُوسَى بن عيسي السَّرَّاج.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد الفَقِيهُ، قال: أخْبَرَنا مُوسَى بن عِيسَى بن عَبْدِ اللّه السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا أَبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُوسَى السَّوَانِيْطِيّ، قال: حَدَّثَنَا يوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم، قال: حَدَّثَنَا قَبِيْصَة، قال: حَدَّثَنَا سَلَّام الطَّويل، عن زِيَاد بن مَيْمُون، عن أنَس بن مالِك، قال: قال رسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم

(3)

: إنَّ اللّه ليسَ بتاركٍ أحَدًا من المُسْلِمِين صَبِيْحَة أوَّل يوْم من شَهْر رَمَضَان إلَّا غَفَرَ له.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(4)

، قال: أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مُوسَى، أبو بَكْر المَعْرُوف بالسَّوَانِيْطِيّ.

حَدَّثَ عن يوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم، وأحمد بن أبي رَجَاءٍ المِصِّيْصيّ.

روَى عنهُ مُوسَى بن عِيسَى السَّرَّاج أحَادِيثَ عِدَّةً، سمَّاهُ فيها أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُوسَى، وكذلك سمَّاهُ ابن شَاهِين؛ إذْ رَوَى عنهُ في الأخْبار والنُّزَه

(5)

، وسمَّاهُ

(1)

توفي سنة 309 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 6: 265 - 266. وموضع ترجمة السوانيطي هذه بعد الترجمة التالية، وكتب ابن العديم عند بدايتها: "يقدم"، فأعدناه إلى موضعه من الترتيب على حروف المعجم، وأبقينا ترقيم أوراق مخطوط الأصل كما هو.

(2)

تاريخ بغداد 6: 265.

(3)

البيهقي: شعب الإيمان 7: 226، الشجري: الأمالي الخميسية 1: 266، الشوكاني: الفوائد المجموعة 88 (رقم 7).

(4)

تاريخ بغداد 6: 265.

(5)

من كتب ابن شاهين الضائعة.

ص: 31

في غير ذلك مُحَمَّد بن أحْمْد بن مُوسَى، ورَوَى عنهُ غيرُه، فقال: مُحَمَّد بن أحْمَد بن موسى، وذاك أصَحُّ، وقد ذَكَرْناهُ في جُمْلَة المُحَمَّدين

(1)

.

قُلتُ: رَوَى أبو سَعيد الحَسَن بن إسْحاق بن بُلْبُل القَاضِي عن أبو عَبْد الله، وسمَّاهُ: مُحَمَّد بن أحْد بن مُوسَى السَّوَانِيْطِيّ، وكذلك أبو بكر مُحَمَّد بن أحْمَد الزُّبَيْرِيّ، وأبو أحْمَد بن عَدِيّ، وأبو القَاسِمِ إسْمَاعِيْل بن القَاسِم بن إسْمَاعِيْل الحَلَبِيّ، وسمَّاهُ كُلّ منهم: مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُوسَى، وكَنَّاه أبا عَبْد الله، فاخْتلَفَت الكُنْيَتان والاسْمان، فيُحْتَمل عندي أنْ يكون هذا غير هذا، وقد رَوَى كُلّ واحدٍ منهُما عن يُوسُف بن سَعِيْد بن مُسْلِم المِصِّيْصِيّ، ورَوَى أبو حَفْص بن شَاهيْن عنهُما جَمِيعًا، وقد كانا في عَصْرٍ واحدٍ، ويُعْرفان جَمِيعًا بالسَّوَانِيْطِيّ، فظنَّهُما أبو بَكْر الخَطِيب واحدًا، وهُما اثْنان، واللهُ أعْلَمُ.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن مَيْمُون بن إبْراهيم بن كَوْثَر بن حَكِيم بن أَبَان بن عَبْد الله بن العبَّاس الهَمْدانِيُّ، أبو المَيْمُون الحَلَبِيُّ المَذْحِجِيُّ

من بَيْت الرِّوَايَة والحَدِيْث، وَسَنَذْكُر جَدّ جَدّه كَوْثَر بن حَكِيم في مَوضِعه

(2)

من كتابنا هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

حدَّثَ أبو المَيْمُون عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْحاق الضَّبِّيّ، المَعْرُوفُ بابنِ شَبُّوَيْه، ومُؤَمَّل بن يِهَاب له (a)، وإسْحَاق بن إبْراهيم بن الأخْيَل الحَلَبِيِّ، وإسْحَاق بن الضَّيْف.

رَوَى عنهُ أبو أحْمَد عَبْدُ الله بن عَدِيّ، والحاكِم مُحَمَّد بن مُحَمَّد، الحافِظَان، وأبو حَفْص عُمَر بن عليّ العَتَكِيّ.

(a) ويقال فيه: إِهَاب، ويرد فيما بعد على الوجهين.

_________

(1)

دفعًا للالتباس: هذه إحالة الخطيب البغدادي لا ابن العديم.

(2)

ترجمته في الضائع من الكتاب.

ص: 32

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمْاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ حَمزة بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ، قال: حَدَّثنَا أبو مَيْمُون أحْمَد بن مُحَمَّد بن ميْمُون بن إبْراهيم بن كَوْثَر بن حَكِيم الحَلَبِيّ بحَلَبَ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن الضَّيْف، قال: حَدَّثنَا عَبدُ الرَّزَّاق، عن مَعْمَر، عن الزُّهْريّ، عن أنسٍ، قال

(1)

: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخَل يَوْم فتح مَكَّة وعلى رأسِهِ المِغْفَرُ.

وقال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(2)

، قال: سَمِعْتُ أبا الْمَيْمُون أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَيْمُون بن إبْراهيم بن كَوْثَر بن حَكِيمِ بن أَبَان بن عَبْد الله بن العبَّاس الهَمْدانِيّ (a) الحَلَبِيّ بحَلَب، هكذا نسَبَ لي جَدَّ جَدِّه كَوْثَرًا، وقال لي: كُنْيَةُ كَوْثَر أبو مَخْلَد، وكان كُوْفيًّا.

‌أحمد بن مُحَمَّد بن نُبَاتَة، أبو بكر البَغْدَاديُّ

حدَّثَ بمَعَرَّة النُّعْمَان عن [

] (b)، رَوَى عنهُ أبو زَكِريَّاء يَحْيَى بن مِسْعَر بن مُحَمَّد التَّنُوخيّ المَعَرِّيّ.

(a) ابن عدي: الحمداني.

(b) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات، ولم نجد له ترجمة تُعيْن على معرفة مشايخه فنستكمله.

_________

(1)

سنن ابن ماجة 2: 938 (رقم 2805)، سنن أبي داود 3: 134 - 135 (رقم 2685)، الجامع الكبير للترمذي 3: 314 (رقم 1693)، فتح الباري 4: 59 (رقم 1846)، صحيح ابن حبان 9: 38 (رقم 3732)، وانظر: المسند الجامع 2: 335 - 336 (رقم 1299).

(2)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 6: 2096.

ص: 33

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن نَصْر الحَدَّادُ، أبو جَعْفَر بن أبي عَبْد الله البَغْدَاديّ ثمّ الحَلَبِيُّ

(1)

حَدَّثَ بحَلَب عن إبْراهيم بن مَهْدِي المِصِّيْصيّ، ومَحْفُوظ، وعَفَّان بن مُسْلِم، وفَيْض بن وَثِيْق البَصْرِيّ، وسَعْدَاه.

رَوَى عنهُ الحافِظُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن بَرَكَة بن إبْراهيم الحَلَبِيّ بِرْدَاعِس، وأبو إسْحاق إبْراهيمِ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي ثَابِت، وصالح بن الأَصْبغَ (a) المَنْبِجِيّ، وأبو جَعْفَر الحَضْرميّ مُطَيَّن، وأبو الحَسَن عليّ بن سِرَاج المِصْرِيّ.

أخْبَرَنا القَاضِي شَمْس الدِّين أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مُحَمَّد بن الشِّيْرَازيّ، وأبو الفَضْل مُكْرَم بن مُحمّد بن أبي الصَّقْر، والحُرَّة أُمّ الفَضْل كَرِيْمَة بنتُ عَبد الوَهَّاب بن عليّ بن الخَضِر القُرَشِيّ بدِمَشْق، قالا: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَةُ بن عليّ بن الحُبُوبِيّ، ح.

وأخْبَرَنا زَيْن الأُمَناءِ أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن هِبَة الله الشَّافِعيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العَشَائِر مُحَمَّد بن الخَلِيل القَيْسِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن أبي العَلَاء المِصِّيْصيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِمِ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيِم بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي ثَابِت، قال: حَدَّثنَا أبو جعْفَر أحْمَد بن أبي عَبْد الله الحَدَّاد الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بنُ مَهْدِي المِصِّيْصيُّ، قال: حَدَّثنَا أبو حَفْصٍ الأبَّارُ، عن إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحمنِ، عن أبي بُرْدَةَ، عن أبي مُوسَى، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ أوَّل مَنْ

(a) في الأصل: الأصبع بالمهملة، ويأتي فيما بعد بالمعجمة.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ بغداد 6: 290 - 291.

ص: 34

صُنِعَ له الحَمَّام سُليْمان بن دَاوُد، فلمَّا وَجَد حَرَّهُ قال: أَوَّه من عَذَاب الله، أوَّه من قبَل أنْ لا يكُون أوَّه.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل إسْمَاعِيْل بن عليّ بن إبْراهيم الجَنْزَوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد هِبَةُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الأكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد السُّلَمِيِّ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُثْمان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن بَرَكَة بن إبراهيم الحَلَبِيّ المَعْرُوف ببِرْداعِس، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن نَصْر الحَدَّاد، قال: سَمِعْتُ عَفَّان بن مُسْلِم يقول: قال شُعْبَة: مَنْ كَتَبْتُ عنهُ أرْبَعَة أحَادِيْث أم خَمْسة أحَادِيْث، فأنا عَبْدُهُ حتَّى يَمُوت.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الغَسَّانِيِّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد السُّلَمِيِّ بدِمَشْق، ح.

وأخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الغَنيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن بن خَلَف بالقَاهِرَة، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّدَ السِّبِيُّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد الله بن طَلْحَة التِّنِّيْسِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن أبي الحَديْد، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُثْمان بن أبي الحَدِيْد، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن بَركَة بن إبْراهيم المَعْرُوف ببِرْدَاعِس، قال: حَدَّثنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن نَصْر البَغْدَاديّ بحَلَبَ وكان حاذقًا بالحَدِيْث، قال: حَدَّثَنَا عَفَّان بن مُسْلِم.

(a) في هامش الإكمال لابن ماكولا 4: 513: السَّبيّ.

_________

(1)

تاريخ بغداد 6: 391.

ص: 35

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن زُرَيق، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو بَكْر البَغْدَاديّ

(1)

، قال: وأخْبَرَنا عليّ بن أبي عليّ، قال: قرأْنا على الحُسَين بن هارُون الضَّبِّيّ، عن أبي العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعيد، قال: أحْمَد بن مُحَمَّد بن نَصْر الحَدَّاد، بَغْدَاديٌّ سَمِعَ عَفَّان بن مُسْلِم، والفَيْض بن وَثِيْقٍ ونَحْوَهما. وكان بحَلَبَ.

أخْبَرَنا عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، فيما أَذِنَ لَنا فيه، وقَرَأتُ عليهِ إسْنَادَهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن نصر الحَدَّاد، حَدَّثَ عن عَفَّان بن مُسْلِم، وفَيْض بن وَثيْق البَصْرِيّ، رَوَى عنهُ أبو جَعْفَر الحَضْرَميّ مُطَيَّن، ومُحَمَّد بن بَرَكَة، المَعْرُوف ببِرْدَاعِس الحافِظ.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن النُّعْمان بن عبد الرَّحْمن بن النُّعْمان، أبو العبَّاس السُّمَيْسَاطِيُّ

حَدَّثَ ببَالِس عن أبي زُرْعَة أحْمَد بن مُوسَى المَكِّيّ. رَوَى عنهُ أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن أحْمَد بن بُكَيْر الحافِظُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن عَبْدِ الله بن رَوَاحَة الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيُّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن عليّ بن عَبْذ الله الطَّناجِيْريّ، قال: حَدَّثنَا أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن أحْمَد بن بُكَيْر الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن النُّعْمان السُّمَيْسَاطِيّ ببَالِس، قال: حَدَّثنا أبو زُرْعَة أحْمَد بن مُولىَ المَكِّيّ، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن مُحَمَّد بن الصَّبَّاح، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَكَم بن موسى، قال:

(1)

تاريخ بغداد 6: 291.

(2)

تاريخ بغداد 6: 290.

ص: 36

حَدَّثنَا عَبْدُ الصَّمَد بن حَسَّان، قال: سَمِعْتُ سُفْيان الثَّوْرِيّ يقُول: الإسْنَادُ سِلَاحٌ، كيفَ يُقَاتِل الرَّجُل بغير سِلاحٍ؟!.

‌أحْمد بن مُحَمَّد بن نَفِيْس، أبو الحَسَن المَلَطِيُّ الإمَامُ الشَّاهِدُ

(1)

حَدَّثَ عن أبي عليّ الحَسَن بن حَبِيْب الحَصَائِرِيّ (a)، رَوَى عنهُ أبو عليّ الحَسَن بن عليّ بن الأهْوَازِيّ المُقْرِئ، وعليَّ بن مُحَمَّد الحِنَّائِيّ.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، فيما أَذِنَ لَنا فيهِ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم الحُسَيْنيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِليّ الحَسَن بن عليّ بن إبْراهيمِ بن يَزْدَاد الأهْوَازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن نَفِيْس الإمَام، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَنُ بن حَبيْب، قال: حَدَّثَنَا عَلَّانُ بنِ المُغِيرَة بمِصْرَ، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن صالِح، قال: حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بن سَعْد، عن جَرِير بن حَازِم، عن حُمَيْدٍ الطَّويل، عن أنَس بن مالك، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(3)

: من جَمَعَ القُرْآن مَتَّعَهُ الله تبارك وتعالى بعَقْله حتَّى يَمُوتَ.

(a) في الأصل: الحضائري، وأعاد المؤلف تكرار ذلك في ترجمته الآتية (الجزء الخامس) وفي مواضع أخرى كثيرة من كتابه، وهو تحريف، ومثله - أي بالضاد - في العبر للذهبي 2: 55، وصوابه المثبت. انظر: تاريخ ابن عساكر 13: 49 - 51، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 17: 270، سير أعلام النبلاء 15: 383 - 384، الوافي بالوفيات 11: 415، تبصير المنتبه لابن حجر العسقلاني 2: 506، شذرات الذهب 4: 205 (وفي أصوله: الخضائري فأُصلح).

_________

(1)

توفي سنة 404 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 5: 458 - 459، تاريخ الإسلام 9: 71 (وفيه: أبو الحسين)، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 81.

(2)

تاريخ ابن عساكر 5: 459.

(3)

السيوطي: الجامع الصغير 2: 593 (رقم 8620)، المتقي الهندي: كنز العمال 1: 518 (رقم 2318)، العجلوني: كشف الخفاء ومزيل الإلباس 2: 319 (رقم 2455).

ص: 37

أنْبَأنَا الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: قال لنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ: سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعِمائة، فيها توفِّي أبو الحَسَن المَلَطِيّ.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن مُحَمَّد في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَسَن

(2)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي مُحَمَّد عَبْد المُنْعِم بن عليّ بن النَّحْوِيّ: ماتَ أبو الحَسَن بن نَفِيْس المَلَطِيّ في يَوْم الجُمُعَة لثَلاثٍ خَلَوْنَ من ذِي الحِجَّة سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعمِائة.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن هَارُون، أبو بَكْر الخَلَّال الأنْطَاكِيُّ

(3)

صَاحِبُ التَّصَانِيْف الوَاسِعَة، والمَجَامِيْع النَّافِعة.

سَمِعَ بحَلَب صالِح بن عليّ النَّوْفَليَّ، وصَحالح بن عَمْرو بن الفُضَيْل الحَلَبِيِّ، وصالح بن أحْمَد الحَلَبِيِّ، وبالمِصِّيْصَة الحَسَن بن عليّ بن عُمَر الفَقِيه، والحَسَن بن سُفْيان المِصِّيْصيّ، وببَالِس إسْحاق بن خَالِد البَالِسِيّ، وبطَرَسُوس الحُسَين بن الحَسَن الوَرَّاق، وإسْمَاعِيْل بن الفَضْل، وبأنْطَاكِيَةَ أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَسْعُود الأنْطَاكِيّ، ويَحْيَى بن طَالِب الأنْطَاكِيّ.

ورَوَى عنهُم، وعن أبي بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد المَرُّوذِيّ، ومُحَمَّد بن عَوْف الحِمْصِيّ، والحَسَن بن عَرَفَة، وسَعْدَان بن نَصْر، وأحمد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن صَدَقَة الحافِظ وعبد الله بن مُحَمَّد بن سَيَّار.

(1)

تاريخ ابن عساكر 5: 459.

(2)

تاريخ ابن عساكر 5: 459.

(3)

توفي سنة 311 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 6: 300 - 302، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 2: 12 - 15، ابن الجوزي: المنتظم 13: 220 - 221، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 501، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 232، تذكرة الحفاظ 3: 783 - 786، سير أعلام النبلاء 14: 397 - 398، العبر في خبر مَن غبر 1: 461، الوافي بالوفيات 8: 99 - 199، شذرات الذهب 4:55.

ص: 38

رَوَى عنهُ صَاحبُه عَبْد العَزِيْز بن جَعْفَر الفَقِيه، ومُحَمَّد بن المُظَفَّرِ الحافِظ، والحَسَن بن يُوسُف الصَّيْرَفِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن جَعْفَر النَّهَاوَنْدِيّ.

وقَدِمَ الشَّامَ، ودَخَلَ الثُّغُور الشَّامِيَّة مَرَّتَين، أحديهما في سنة سَبْعِين، والثَّانيَة في سَنَة إحْدَى وسَبْعِين (a).

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لنَا فيهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(1)

، قال: أحْمَد بن مُحَمَّد بن هارُونَ، أبو بَكْر الخلَّالُ الحَنْبَلِيّ، سَمعَ الحَسَن بن عَرَفَة، وسَعْدَان بن نَصْر، وأبا بَكْر المَرُّوذِيّ، ومُحَمَّد بن عَوْف الحِمْصِيّ، ومَن في طَبَقتهم وبَعْدَهُم.

رَوَى عنهُ عَبْد العَزِيْز بن جَعْفَر صَاحبُه، والحَسَن بن يُوسُف الصَّيْرَفِيّ، ومُحَمَّد بن المُظَفَّر، وكان ممَّن صَرَفَ عنايتهُ إلى الجمع لعُلُوم أحْمَد بن حَنْبَل وطَلَبها، وسَافرَ لأجْلها، وكتَبها عاليةً ونازلةً، وصَنَّفَها كُتُبًا، ولم يَكُن فيمَن يَنْتَحِل مَذْهَب أحْمَد أجْمَعَ منه لذلك.

وقال أبو بَكْر الخطيبُ

(2)

: أخْبَرَني إبْراهيم بن عُمر البَرْمَكِيّ، عن عَبْد العَزِيْز بن جَعْفَر، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن بشَّار، والخلَال بحَضْرته في مَسْجِده، وقد سُئِلَ عن مَسْألَة، فقال: سَلُوا الشَّيْخ، فكانَّ السَّائل أحبَّ جَواب أبي الحَسَن، فقال: سَلُوا الشَّيْخ؛ هذا الشَّيْخ - يعني الخَلَّالَ - إمامٌ في مَذْهَب أحْمَد بن حَنْبَل، سَمِعتهُ يقُول هذا مِرَارًا.

(a) بعده بياض قدره ثلث الصفحة، في منتصفها.

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 6: 300.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 6: 301.

ص: 39

وقال عَبْد العَزِيْز: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن شَهْرَيَار يقول: كُلُّنا تَبعٌ للخَلَّال لأنَّهُ لم يَسبقْنا إلى جَمْعه وعِلْمه أحَدٌ.

قال عَبْد العَزِيْز: وسَمِعْتُ أبا بَكْر الشِّيْرَجِيّ يقول: الخَلَّالُ قد صَنَّفَ كُتُبَهُ ويُريد منَّا أنْ نقْعُدَ بينَ يَدَيْهِ ونسْمَعُها منهُ، وهذا بعيد، فقال له (a) أبو بَكْر بن شَهْرَيَار مَن طَلَب العِلْم يُقَابل أبا بَكْرٍ الخَلَّال، مَنْ يقدر على ما يَقْدر عليه الخَلَّال من الرِّوَايَةِ؟!.

قال عَبْد العَزِيْز: وقد رسمَ في كُتبه ومُصَنَّفاته إذا حَدَّثَ عن شُيُوخه يقُول: أخْبَرَنا أخْبَرَنا، فقيل له: إنَّهُم قد حكَوا أنَّك لم تَسْمَعْها وإنَّما هي إجَازَة، قال: سُبْحَان اللّه، قولُوا في كُتبنا كُلّها: حَدَّثَنا.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ

(1)

، قال: حَدَّثَني عُبَيْد اللّه بن أبي الفَتْح، عن طَلْحَة بن مُحَمَّد بن جَعْفَر: أنَّ أبا بَكْر الخَلَّال مات في سَنَة إحْدى عَشرة وثَلاثِمائة.

قال أبو بَكْر

(2)

: وقال لي أبو يَعْلَى ابن الفَرَّاء: تُوفِّي أبو بَكْر الخَلَّال يَوْم الجُمُعَة قبل الصَّلاة ليَوْمَيْن خَلَوا من شَهْر ربَيع الأوَّل سَنَة إحدَى عَشرة وثَلاثِمائة، ودُفِنَ في يَوْم السَّبْت إلى جَنْب أبي بَكْر المَرُّوذِيّ، وصَلَّى عليهِ أبو عُمَر حَمْزَةَ بن القَاسِم الهاشمّي.

(a) ليست في نشرة تاريخ بَغْدَاد (مصدر النقل).

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 6: 302.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 6: 302.

ص: 40

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن هَانئ الطَّائيُّ - وقيل: هو كَلْبيٌّ - أبو بَكْر الأَثْرَم الوَرَّاق الإسْكافِيُّ

(1)

صَحِبَ أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، وسَمَعَ بطَرَسُوس أبا تَوْبَة الرَّبيع بن نَافِع الحَلَبِيِّ، وبالمِصّيْصَة سُنَيْد بن دَاوُد المِصِّيْصيّ، وحَدَّثَ عنهُما، وعن أبي بَكْر بن أبي شَيْبَة، وعَفَّان بن مُسْلِم، وأبي نُعَيْم، والقَعْنَبِيّ وغيرهم. رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، ومُوسى بن هارُون (a).

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أحْمَد الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عليّ بن ثَابِت

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانِيّ، قال: قرأتُ على بِشْر بن أحْمَد الإسْفَرَايِنيّ: حدَّثكُم عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد بن سَيَّار أبو مُحَمَّد الفَرْهَيَانِيّ (b)، قال: سَمِعْتُ عبَّاسًا العَنْبَرِيّ يقُول: ما قَدِمَ علينا مثل عَمْرو بن مَنْصُور، وأبي بَكْر الوَرَّاق. فقُلتُ: مَنْ أبو بَكْر؟ قال: الأَثْرَم، فقُلتُ أنا له: لا نَرْضَى أنْ تقرنَ صاحبَنا بالأَثْرَم، أي: بأنَّ هذا فَوْقَهُ.

(a) بعده بياض أزيد من ثلث الصفحة.

(b) الضبط من ياقوت: مُعْجَمُ البلدان 4: 358، ويقال فيه: الفرهاذاني، وهي - في ظنه - من قرى نَسا بخُراسان.

_________

(1)

مختلفٌ في سنة وفاته، والأغلب أنَّه توفي بعد سنة 373 هـ (رجَّحه الدكتور بشار عواد محقِّق كتاب تاريخ بَغْدَاد)، وترجمته في: الفهرست للنديم 2/ 1: 101، الثّقات لابن حبَّان 8: 36، الجرح والتعديل 3: 72، تاريخ بَغْدَاد 6: 395 - 299 وجلّ النقل عنه، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 1: 66 - 74، ابن الجوزي: المنتظم 13: 83، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 346، المزي: تهذيب الكمال 1: 476 - 480، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 375 - 376، سير أعلام البلاء 12: 633 - 638، تذكرة الحفاظ 3: 480 - 573، الكاشف 1: 69، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 108، تهذيب التهذيب 1: 78 - 79، تقرب التهذيب 1: 35، السيوطيّ: طبقات الحفاظ 359 - 360، شذرات الذَّهب 3:266.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 6: 297.

ص: 41

قال أبو بَكْرِ الحافِظ

(1)

: حُدِّثْتُ عن عَبْد العَزِيْز بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الخَلَّال، قال: وأخْبرَني أبو بَكْر بن صَدَقَة، قال: سَمِعْتُ أبا القَاسِم بن الجَبَلِيّ (a)، قال: قَدِمَ رَجُلٌ (b) فقال لي: أُريدُ رَجُلًا يَكْتُب لي من كتاب الصَّلاة ما ليسَ في كُتُب ابن أبي شَيْبَة، قال: فقُلْنا - أو فقَالُوا -: ليسَ لك إلَّا أبو بَكْر الأَثْرَم. قال: فوجَّه إليهِ وَرَقًا، فكتَب سَتّمائة وَرَقَة من كتاب الصَّلاةِ، فنَظَرْنا فإذا ليسَ في كتاب ابن أبي شَيْبَة منهُ شيء.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أحْمَد بن مُحَمَّد بن هَانئ، أبو بَكْر الطَّائيُّ، ويُقال: الكَلبْيُّ، الأَثْرَمُ، صَاحِبُ أحْمَد بن حَنْبَل. سَمعَ حَرمِيّ بن حَفْص، وعَفَّان بن مُسْلم، ومُعاوِيَة بن عَمْرو، وسُليْمان بن حَرْب، وأبا الوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، وعبد اللّه بن مَسْلمة القَعْنَبِيَّ، وأبا نُعَيْم الفَضْل بن دُكَيْن، وأبا تَوْبَة الرَّبْيع بن نَافَعٍ، وسُنَيْدَ بن دَاوُد، ونُعَيْم بن حَمَّاد، وأبا بكْر بن أبي شيْبَةَ، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن نُمَيْر. وله كتاب في عِلَل الحَدِيْث، ومَسَائِل أحْمَد بن حَنْبَل، يَدُلّ على عِلْمه ومَعْرفته.

رَوَى عنهُ مُوسَى بن هارُون، ومُحَمَّد بن جَعْفَر الرَّاشِدِيّ، وعُمَرِ بن مُحَمَّد بن عِيسَى الجوهَرِيّ، ويَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد وغيرهم. وكان الأَثْرَم من أهْل إسْكاف بني الجُنَيْد، وبها ماتَ فيما ذَكَرَ لي أبو يَعْلَى مُحَمّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن الفَرَّاء، وقال لى: حَدَّثَني مَنْ زارَ قَبْرَهُ هناكَ.

(a) في الأصل مجودًا: الجبُّليّ، وهو القاضي عبد الواحد بن شعيب، وصوابه ما في تاريخ بَغْدَاد بفتحتين، نسبة لسُكانه مدينة جبلة، قاضيًا لها.

(b) تاريخ بَغْدَاد: رجاء، وفي بعض نسخه ما يوافق نقل ابن العديم. وأصلحه محقق الكتاب وعلّق عليه بأنه: رجاء بن مرجى.

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 6: 297 - 298.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 6: 295 - 296.

ص: 42

قال الخَطِيبُ

(1)

: وكان الأَثرم فيمَن يُعَدّ في الحُفَّاظ والأذْكياء، حتي، حتَّى قال فيهِ يَحْيَى بن مَعِيْن - ما حُدِّثتُ عن عَبْد العَزِيْز بن جَعْفَر الحَنْبَلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمّد بن هارون الخَلَّال، قال: أخْبَرَني عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ سَعِيد بن عَتَّاب، يقول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقول: - كان أحَدُ أبَوَي الأَثْرَم جِنِّيًّا!.

وقَال الخَلَّال أيضًا أخْبَرَني أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن صدَقَة، قال: سَمِعْتُ أبا جَعْفَر بن إشْكاب (a) يقول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن أَيُّوب، وذَكَرَ الأثْرَم، فقال: أحَدُ أبَوَيهِ جِنِّيٌّ.

وقال الخَلَّال: أخْبرَني أبو بَكْر بن صَدَقَة، قال: سَمِعْتُ إبْراهيم الأصْبَهَانِيّ يقول: الأَثْرَم أحْفَظُ من أبي زُرْعَة الرَّازِيّ وأتْقَن.

قال الخَلَّال: وكان عَاصِم بن عليِّ بن عَاصِم لمَّا قَدِمَ بَغْدَاد، طَلَبَ رَجُلًا يُخَرِّج له فَوَائِد يُمْلِيها، فلم يُوْجَد له في ذلك الوَقْت إلَّا أبو بَكْر الأَثْرَم، فكانَّهُ لمَّا رآهُ لم يَقَعْ منهُ موقع (b) لحَدَاثَة سِنِّهِ، فقال له: أَخْرِجْ كُتُبَكَ، فجعل يقُول له: هذا الحَدِيْث خطأٌ، وهذا الحَدِيْث كَذَا، وهذا غلَطٌ، وأشْيَاء نحو هذا، فسُرَّ عَاصِمٌ بهِ، وأمْلَى قريبًا من خَمْسينَ مَجْلِسًا، فعُرِضَتْ على أحْمَد بن حَنْبَل فقال: هذه أحَادِيْث صِحَاحٌ.

وكان يَعْرِفُ الحَدِث ويحفَظُه، ويَعْلم الأبْوَابَ والمُسْنَدَ، فلمَّا صَحِبَ أحْمَد بن حَنْبَل، ترَكَ كُلَّ ذلك، وأقْبَلَ على مَذْهَب أبي عَبْد اللّهِ. فسَمِعْتُ أبا بَكْر المَرُّوذِيّ يقُول: قال الأَثْرَم: كنتُ أحفَظُ - يعني الفِقْه والاخْتِلَاف - فلمَّا صَحِبَ أحْمَد بن حَنْبَل تَرَكْتُ ذاك كُلَّه، وليسَ أُخالفُ أبا عَبْد اللّه إلَّا في مَسْألَةٍ واحدةٍ، ذكَرَها المَرُّوذِيّ، قال: فقُلتُ لَهُ: فلا تُخالفْهُ أيضًا في هذه المَسْألَة، وكان معَهُ تَيَقُّظٌ عَجِيبٌ جدًّا.

(a) الأصل: شكاب، وهو الحَافِظ أبو جَعْفَر مُحَمّد بن إشكاب البَغْدَادي (ت 361 هـ). الوافي بالوفيات 2:229.

(b) تاريخ بَغْدَاد: بموقع.

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 6: 297.

ص: 43

أنْبَأنَا عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن علِيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلِم عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن مِهْرَان، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المُؤْمِن بن خَلَف النَّسَفِيُّ، قال: سَمِعْتُ أبا عليّ صالح بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ يقُول: كان أصْحَابُنا يُنْكِرونَ على الأَثْرَم كتاب العِلَل لأحمد بن حَنْبَل.

وقال أحْمَد بن عليّ

(2)

: أخْبَرَنا أبو بَكْر البرقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَينُ بن عليّ التَّمِيْمِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَوَانَة يَعْقُوبُ بنُ إسْحَاق الإسْفَرَايِنيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر المَرُّوذيّ، قال: وسَألْتُه - يعني أحْمَد بن حَنْبَل - عن أبي بَكْر الأَثْرَم، قُلتُ: نَهيْتَ أنْ يكْتَبَ عنه؟ قال: لم أَقُلْ إنَّهُ لا يُكْتَب عنهُ الحَدِيْثُ، إنَّما أكْرَهُ هذه المَسَائِلَ.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن همَامِ بن عَامِر أبي شِهَاب بن عَامِر بن مُحارِب بن نُعَيْم بن عَدِيّ بن عَمْرو بن عَدِيّ بن السَّاطع بن عَدِيّ بن عَبْدِ غَطَفَان بن عَمْرو بن بَريْح بن جَذِيْمَة بن تَيْم الله، أبو العبَّاس بن أبي حامِد بن أبي الوَليد، التَّنُوخِيُّ المَعَرِّيُّ

(3)

رَجُلٌ مَشْهُورٌ مَذْكُورٌ، وكانوا يقُولُونَ إنَّهُ كان شَيْخ جُنْد حِمْص.

قَرأتُ في تاريخٍ جَمَعَهُ أبو غَالب هَمَّامِ بن الفَضْل بن جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّب

(4)

: فيها - يعني سَنَة أرْبَعٍ وسِتَّين ومَائتَيْن - وُلد أحْمَد بن أبي حَامد بن هَمَّام رحمه الله، وسَمِعْتُ جَمَاعَةً من شيُوخ مَعَرَّة النُّعْمَان يَصفُونَهُ ويقولُونَ: إنّهَ كان شَيْخ جُند حِمْص.

(1)

تاريخ بَغْدَاد 6: 298.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 6: 298 - 299.

(3)

توفي سنة 331 هـ.

(4)

تقدّم التعريف بالكتاب في الجزء الأوّل.

ص: 44

وقَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَين عليّ بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ في تَعْلِيقٍ له: سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين؛ فيها وُلد عَمِّي أحْمَد بن أبي حَامِد، رحمه الله، لإحْدَى عَشرة ليلَة خَلَتْ من جُمَادَى الأُوْلَى، وستٍّ خَلَتْ من أَيَّار، وجَدْتُ مَوْلدَهُ بخَطّ أبيهِ؛ جَدّي أبي حَامِد مُحَمَّد بن هَمَّام.

وقَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَين بن المُهَذَّب في هذا التَّعْلِيق: سَنَة إحْدَى وثلاثين - يعني وثَلاثِمائة - فيها تُوفِّي عَمِّي أحْمَد، رحمه الله، يَوْم الاثْنَين للنِّصْف من شَعْبان.

وقَرَأتُ في تَاريخ أبي غَالِب هَمَّام بن الفَضْل بن جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّب، قال: سَنَة إحْدَى وثَلاثينِ وثَلاثِمائة؛ فيها تُوفِّي أحْمَد بن أبي حَامِد بن هَمَّام.

قُلتُ: أَظُنُّ أنَّ أحْمَد بن أبي حَامِد رَوَى الحَديْث عن أَبيه أبي حَامد، واللّهُ أعْلَمُ.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى، أبو الحَسَن العَسْكَريُّ

(1)

الفَقِيهُ بالثُّغُور الشَّامِيَّةِ، حدَّث بطَرَسُوس عن أبِى قِلَابَة عَبْد المَلِك بن مُحَمَّد الرَّقَاشِيّ، وإبْراهيم بن رَاشِد الأَدَمِيِّ، وحُمَيْد بن الأَصْبَغ، وإبْراهيم بن دَنُوقَا، وأبي سَعيد مُحمّد بن عَقِيل الفِرْيَابِيّ، والرَّبيع بن سُلَيمان، وأحمد بن طَاهِر بن حَرْمَلَة، ومُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه بن عَبْد الحَكَم، وأحمد بن عُبَيْد بن نَاصِح، وأبي عُلاثَة أحْمَد بن عَمْرو بن خَالِد، وأحمد بن حَازِم بن أبي غَرَزَة، وغيرهم.

رَوَى عنهُ الحافِظُ أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحاكِم، وأبَوَا بَكْر: مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ، ومُحمَّد بن عليّ بن سوَيْد المُؤدِّب، وأبَوَا الحَسَن: مُحَمَّد بن الحُسَيْن الآبُرِيّ،

(1)

توفي بعد سنة 314 هـ.

ص: 45

وعليّ بن عُمَر بن مُحَمَّد بن الحَسَن القَزْوِينيّ الحَرْبِيّ، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْد الله بن جَعْفَر الرَّازِيّ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلِم المُؤيَّد بن عبد الرَّحِم بن أحْمَد بن الإخْوَة البَغْدَاديّ وصَاحِبَتُهُ عَيْن الشَّمْس بنتُ أبي سَعيد بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن سُلَيمٍ، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيدُ بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفيّ - وقالت عَيْنُ الشَّمْس: إجَازةً - قال: أخْبَرَنا الشَّيْخان: أبو مَنْصُور بن الحُسَين، وأبو طَاهِر بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبراهيم المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَنِ أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى العَسْكَريّ الفَقِيه بطَرَسُوس، قال: حَدَّثنا حُمَيْد بن الأَصْبَغ، قال: حَدَّثَنَا آدَمُ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن شُعَيْب بن الحَبْحَاب، عن أنسَ بن مَالِك، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: هذه الآية {كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ}

(2)

، قال: هي النَّخْلة، وتَلَا:{كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ}

(3)

، قال: هي الحَنْظَل.

كَتَبَ إلينا الحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد الله الحَرَّانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عُمَر بن أبي بَكْر الحَازِمِيّ، قال: أخْبَرَنا عِيسىَ بن شُعَيْب بن إسْحاق الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن بُشْرَى اللَّيْثِيّ، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن الحُسَين بن إبْراهيم الآبُرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى العَسْكَرِيّ، فَقِيه الثُّغُور بطَرَسُوس، فيما قَرأتُ عليه، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن دَنُوقَا، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن خِدَاش، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان

(1)

الترمذي: الجامع الكبير 5: 195 (رقم 3119)، مسند أبي يعلى الموصلي 7: 183 (رقم 4165)، الحاكم: المستدرك 2: 352، محيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 2: 333 (رقم 475)، وانظر: المسند الجامع 2: 265 (رقم 1192).

(2)

سورة إبراهيم، من الآية 34.

(3)

سورة إبراهيم، من الآية 36.

ص: 46

ابن عَبْد العَزِيْز، عن سَيَّارٍ بن سَلامَة، عن أبي بَرْزَة قال: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

(1)

: الأُمَرَاءُ من قُرَيْش، الأُمَرَاءُ من قُريْش، لي عليهم حَقٌّ، ولهم عليكُم حَقٌّ ما فعلُوا ثلاثًا: ما حَكَمُوا فعَدَلُوا، واسْترحِمُوا فرَحَمُوا، وعَاهدُوا فوَفَوا.

وقال أبو الحَسَن الآبُرِيِّ: قرأتُ على أبي الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى العَسْكَريّ بطَرَسُوس، رحمه الله، وكان من نُبَلَاء الشَّافِعيِّيْن، سَنة أرْبَع عَشرة وثَلاثِمائة، عن أحْمَد بن طَاهِر بن حَرْمَلَة، فذكر حَدِيثًا.

وتُوفِّيَ أبو الحَسَن العَسْكَريّ بعد هذا التَّاريخ.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن المُبارَك بن المُغِيرَة، أبو جَعْفَر بن أبي عُبَيْد الله العَدَوِيُّ المقرِئُ النَّحْوِيُّ

(2)

المَعْرُوف جَدّه بأبي مُحَمَّد اليَزيْدِيُّ، عُرِفَ بذلكَ لصُحْبته يَزِيد بن مَنْصُور الحِمْيَرِيّ خال المَهْدِيّ.

سَمِعَ أباهُ مُحَمَّدًا، وجَدّه أبا مُحَمَّد اليَزِيْدِيَّ، وأبا سَعيد الأصْمَعِيّ، وأبا زَيْد الأنْصَاريّ.

(1)

مسند أبي يعلى الموصلي 6: 333 (رقم 3645)، المنذري: الترغيب والترهيب 3: 171 (رقم 16)، الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 5: 193، المتقي الهندي: كنز العمال 12: 28 (رقم 33835). ورواه الحاكم: المستدرك 4: 501، من حديث أنس.

(2)

توفي قبل سنة 360 هـ، وترجمته في: الفهرست للنديم 1/ 1: 139، الزبيدي: طبقات النحويين 86 - 90، الأغاني 30: 160 - 164، تاريخ بغداد 6: 308، تاريخ ابن عساكر 5: 464 - 465، معجم الأدباء 1: 434 - 436، إنباه الرواة 1: 161 - 162، تاريخ الإسلام 5: 1071، الوافي بالوفيات 7: 388 - 390، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 133، بغية الوعاة 1: 386، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 83 - 83.

ص: 47

رَوَى عنهُ ابنَاهُ أبو عِيسَى مُوسىَ، وأبو مُوسىَ عِيسَى، وأخَوَاه عُبَيْد الله والفَضْل ابْنَا مُحَمَّد، وابن أخيهِ مُحَمَّد بن العبَّاس بن مُحَمَّد اليَزِيْدِيُّون، ومُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الزَّيَّات، وعَوْن بن مُحَمَّد الكِنْدِيّ.

وكان أبو جَعْفَر شَاعِرًا مُجِيْدًا، عَالمًا بالقِرَاءَاتِ والنَّحو، مَدَح المَأْمُون، وقَدِمَ معَهُ حَلَب حين قَدِمَها، وكان في صُحْبته حين غَزَا الرُّوم.

ذَكَرَ أبو الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانِيّ في كتاب الأغَانِي

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن العبَّاس، [قال] (a): حدَّثني أبي عن أخيه أبي جَعْفَر، قال: دَخَلْتُ يَوْمًا على المَأْمُون بقَارَا وهو يُريْدُ الغَزْو، فأنْشَدْتُه شِعْرًا مدحتُهُ فيهِ، أوَّلُهُ:[من الكامل]

يا قَصْرُ ذا النَّخْلات من بَارَا

إنِّي حنَنْتُ إليكَ من قَارَا

أبْصَرتُ أشْجَارًا على نَهْرٍ

فَذكَرتُ أنْهَارًا وأشْجَارَا

لله أيَّامٌ نَعِمْتُ بها

بالقَفْصِ أحْيَانًا وفي بَارَا

إذْ لا أزَالُ أَزُورُ غَانِيةً

أَلْهُو بها وأزُوْر خَمّارَا

لا أَسْتَجِيْبُ لمَن دعا لهُدَىً

وأُجِيْبُ شُطَّارًا وذُعَّارَا

أَعْصِي النَّصيح وكُلّ عاذلةٍ

وأُطيع أوتَارًا ومِزْمَارَا

فغَضِبَ المأْمُون، وقال: أنا في وَجْهِ عَزْو (b) وأَحُضُّ النَّاسَ على الغَزْو، وأنْتَ تُذَكِّرُهم نُزْهَةَ بَغْدَاد؟ فقُلتُ: الشَّيءُ بتَمامِهِ، ثمّ قُلت:

فصَحَوْتُ بالمَأْمُون من سُكْرِي

ورأيتُ خَيْرَ الأمْرِ ما اخْتَارَا

(a) إضافة من الأغاني.

(b) الأغاني: عدوّ.

_________

(1)

الأصفهاني: كتاب الأغاني 20: 162 - 163، ونقله عنه ياقوت: معجم الأدباء 1: 434، الصفدي: الوافي بالويات 7: 381.

ص: 48

ورأيْتُ طَاعتَهُ مُؤَدِّيَةً

للفَرْض إعْلَانًا وإسْرَارَا

فجَلَعْتُ ثَوْبَ الهَزْلِ عن عُنُقِي

ورضِيْتُ دارَ الخُلْدِ (5) لي دَارَا

وظَلِلْتُ مُعْتَصمًا بطَاعَته

وجوَاره وكفَى بهِ جَارَا

إنْ حلَّ أرْضًا فهي لي وَطَنٌ

وأسيْرُ عنها حيْثُ ما سَارَا

فقال لهُ يَحْيَى بن أكْثَم: ما أحْسَنَ ما قال يا أَمِيرَ المُؤمِنِين؛ أخْبَرَ أنَّهُ كان في سُكْرٍ وخُمَار

(1)

، فتركَ ذلك وارْعَوَى، وآثر طَاعَة خَلَيْفَتِه، وعلم أنَّ الرَّشْد فيها، فسَكَن وأمْسَكَ.

أنْبأنَا أبو البَرَكات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَالسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن المبُارَك بن المُغِيرَة، أبو جَعْفَر العَدَوِيّ النَّحْوِيّ، المعرُوف أبُوهُ باليَزيْدِيّ، كان من نُدَمَاء المَأمُون، وقَدِمَ معَهُ دِمَشْق، وتوجَّه منها غَازِيًا للرُّوم، وسَمعَ أباهُ (b) أبا مُحَمَّد يَحْيَى بن المبُارَك، وأبا زَيْد سَعيد بن أَوْس الأنْصَاريِّ، وكان مُقْرئًا.

رَوَى عنهُ أخَواهُ عُبَيْد الله والفَضْل ابْنَا مُحَمَّد، وابن أخيْهِ مُحَمَّد بن العبَّاس بن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد اليَزِيْدِيّ، وعَوْن بن مُحَمَّد الكِنْدِيّ، ومُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الزَّيَّات.

قُلتُ: كَذَا وَقَعَ السَّهْو في كتاب الحافِظ أبي القَاسِم في مَوضِعَيْن، في قوله: المَعْررف أبوهُ باليَزِيْدِيّ، وإنَّما المَعْرُوف بذلك جَدّه أبو مُحَمَّد، وفِي قوله: سَمعَ أباه أبا مُحَمَّد يَحْيَى بن المُبارَك، وإنَّما هو جَدّه أيضًا.

(a) الأغاني: الجد.

(b) في تاريخ ابن عساكر: جده، وهو الصواب، ونبه عليه ابن العديم بعد انتهاء النقل.

_________

(1)

في الأغاني ومعجم الأدباء والوافي: وخسار، والخُمارُ، بالضم: ما خالط من سكر الخمرة، وقيل: بقية السكر. لسان العرب، مادة: خمر.

(2)

تاريخ ابن عساكر 5: 464.

ص: 49

نَقَلْتُ من خَطِّ عَبْد السَّلامِ البَصْرِيّ المَعْرُوف بالوَاجْكَا: نَسَخْتُ من آخر كتاب نَوَادر اليَزِيْدِيّ، كتاب الشَّيْخ أبي سعيد - يعني السِّيْرَافيّ - من خَطِّ أبي بَكْر بن السَّرَّاجِ: قال لي أبو عَبْدِ الله اليَزِيْدِيّ أيَّدَهُ اللهُ - يعنِي أبا عَبْد الله بن العبَّاس بن مُحَمَّد بن يَحْيى اليِزْيدِيّ -: كان لأبي مُحَمَّد يَحْيَى بن المُبَارك العَبْدُويّ (a) - وهو المَعْرُوف باليَزِيْدِيّ، وإنَّما سُمِّيَ اليِزْيدِيّ لصُحْبَته يَزِيد بن مَنْصُورِ الحْمِيَرِيّ خال المَهْدِيّ - من الذُّكُور مُحَمَّد، وهو أسنُّهُم، وهو جَدُّ أبي عَبْد الله، وولد مُحَمَّد من الذُّكُور اثْنَى عَشر؛ فأوَّلُهم: أحْمد، وعبْد الله، وهو الغالب عليه اللَّقَب عُبْدُوْس، والعبَّاس أبو أبي عَبْد الله، أَسْعدَهُ الله، وهؤلاء الثَّلاثةُ أوْصيَاءُ أبيهم؛ وجَعْفَرًا، وعليًّا، والحَسَن، والفَضْل، والحُسَين، وهما تَوْأَمان، وعِيسَى، وسُليْمان، وعُبَيْد الله، ويُوسُف، فالبَارِع منهم أحمدُ، والعبَّاس، وجَعْفَر، والحَسَن والفَضل، وسُليْمان، وعُبَيْدُ الله، فمات أحْمَدَ قبل سنَة ستِّين، ولم يَنْشُ لهؤلاء كُلّهم ابن رَوَى العِلَم غير أبي عَبْد الله، أَسْعَدهُ الله، وابنَيْن لأحمد بن مُحَمَّد أحدُهُما مُوسَى، ويُكْنَى بأبي عِيسَى، وعِيسَى ويُكْنَى بأبي مُوسَى، رَويَا عن أبيهما، وعَمّ أبيهما إبْراهيم بن مُحَمَّد، ما سَمِعَا من أبي زيْد والأصمَعِيِّ.

هذا مما نَقَلْتُهُ من خَطِّ عَبْد السَّلام في ذِكْره، وقد قيل إنَّهُم من مَوَالِي بني عَبْد مَنَاة بن تميْم.

وقال أبو حَاتِم: اليَزِيْدِيّ مَوْلَى لبني عَدِيٍّ وليسَ منهم، ولكن كَذَا يَقُولون، كان نَازِلًا فيهم فنُسِبَ إلى آل يَزِيد، وكان مُؤَدِّبًا ليَزِيْد بن مَزْيَد.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، وأنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد

(a) هكذا وجده ابن العديم منسوبًا في أصل نوادر اليزيدي، وكتب فوقها: كذا. والعبدوي نسبة لعبدويه، وليس في سياقة نسب اليزيدي من اسمه كذلك، وهي بلا شك تحريف من العدوي، أثبتها ابن العديم جريًا على عادته - وأمانته - في إبقاء النقل كما وجده.

ص: 50

ابن عليّ بن ثَابِت الخَطِيب

(1)

، قال: أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد يَحْيَى بن المُبارَك، أبو جَعْفَر اليِزيْدِيّ، سَمِعَ جَدَّهُ يَحْيَى بن المبُارَك، وأبا زَيْد سَعيد بن أَوْس الأنْصَاريّ. رَوَى عنهُ أخُوه عُبيْد الله، وابنُ أخيه مُحَمَّد بن العبَّاس بن مُحَمَّد اليَزِيْدِيّ، وعَوْن بن مُحَمَّد الكِنْدِيّ، وكان أَدِيِبًا عَالمًا بالنَّحو، شَاعِرًا مَدَح المَأْمُون والمُعْتَصِم وغيرَهما. وماتَ قَبْل سنَة ستِّين ومَائتَيْن بمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ.

‌أحمد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن صَفْوَان الأنْطَاكيِّ، أبو بَكر

(2)

قيل فيه هكذا، وقيل: أحْمَد بن يَحْيَى بن صَفْوَان، وهو المَعْرُوف، وسيأتي ذِكْره فيمَنْ اسم أبيْهِ يَحْيَى

(3)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

‌أحمد بن مُحَمَّد بن يَزِيد بن مُسْلِم بن أبي الخَنَاجِر، أبو عليّ الأنْصَاريُّ الأطْرَابُلسِيُّ

(4)

سَمعَ بطَرَسُوس بشَير بن زَاذَان، وإسْحَاق بن عِيسَى بن الطَّبَّاع، ومُوسَى بن دَاوُد قاضي طَرَسُوس أَبا عَبْد الله؛ وبالمِصِّيْصَة مُحَمَّد بن كَثِيْر المِصِّيْصيّ. وروَى عنهُم وعن مُحَمَّد بن مُصْعَب القَرْقِسَانِيّ، ومُعاوِيَة بن عَمْرو، ويَحْيَى بن أبي بُكَيْر الكَرْمانِيّ، ومُحَمَّد بن المبُارَك الصُّوْرِيّ، ومُحَمَّد بن مُصْعَب القَرْقِسَانِيّ

(5)

، والعبَّاس بن الوَلِيد البَصْرِيّ، ومُؤَمَّل بن إسمْاعِيْل.

(1)

تاريخ بغداد 6: 308.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 81.

(3)

يأتي في هذا الجزء.

(4)

توفي سنة 274 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 3: 73، تاريخ ابن عساكر 5: 468 - 470، تاريخ الإسلام 6: 493، سير أعلام النبلاء 13: 240، العبر في خبر من غبر 1: 395، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 84.

(5)

كذا كرر اسمه في تعداد من روى عنه، وليس ثمة من يسمى بهذا الاسم سوى واحد، وهو الذي يروي عنه الترمذي وابن ماجه، والمتوفي سنة 208 هـ. انظر الوافي بالوفيات 5:32.

ص: 51

رَوَى عنهُ أبَوَا بَكْر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن زِيَاد النَّيْسَابُوريّ، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد الطَّائيّ الحْمِصِيّ، وخَيْثَمَة بن سُلَيمان الأطْرَابُلُسِيُّ، وأبو عليّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي حُذَيْفَة، وعَبْد الرَّحمن بن أبي حَاتِم، وأحمد بن مُحَمَّد بن نَصْر بن بُجَير (a)، وأبو العبَّاس مُحَمَّد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة، وأبو الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، وأبو الجَهْم بن طَلَّاب، وأبو المُعَمَّر الحُسَين بن مُحَمَّد بن سِنَان المَوصِليِّ والحَسَن بن حَبِيْب، وأبو عَمْرو أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَدِيّ، وأبو الطَّيِّب عليّ بن مُحَمَّد بن أبي سُليْمان الصُّوْرِيّ، وأبو مُحَمَّد يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، وأبو الفَضْل أحْمَد بن عَبْد الله بن هِلال السُّلَميِّ، وعَبْد المَلِك بن عَدِيّ.

أخْبرَنَا أبو هاشم الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أبو زَيْد وَاقد بن الخليل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا والدِي أبو يَعْلَى الحافِظ، قال: حَدَّثني أحْمَد بن مُحَمَّد الزَّاهِد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بن عَدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَزِيد بن أبي الخَنَاجِر الأطْرَابُلُسِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُؤَمَّل بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا هَمَّام بن يَحْيَى، وحَمَّاد بن سَلَمَة، وسُفْيان الثَّوْرِيّ، قالوا: حَدَّثنا عَطَاء بن السَّائِب، قال: حَدَّثني عَبْد الله بن عُبيد بن عُمَيْر، عن أَبِيهِ، عن ابن عُمَر رضي الله عنهما أنّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال

(1)

: مَنْ شَرِبَ الخَمْر لم يقبَل اللهُ له صَلَاةً أرْبعين يَوْمًا - أَو قال: صباحًا - فإنْ تابَ، تابَ اللهُ عليه، فإنْ عادَ فشَرِبها فمثل ذلك، فإنْ عادَ فشَرِبها

(a) في الأصل بالحاء المهملة، وتقدمت ترجمته في الجزء قبله وفيه: أحمد بن عبد الله بن نصر بن بُجير.

_________

(1)

البغوي: شرح السنة 11: 357 (رقم 3016)، ورواه الطبراني: المعجم الكبير 17: 368، من طريق شهر بن حوشب عن عياض بن غنم، وفي صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 12: 180 (رقم 5357)، وسنن النسائي بشرح السيوطي 8: 317 (رقم 5670). من طريق عبد الله بن الديلمي، عن عبد الله بن عمرو.

ص: 52

فمثل ذلك، فإنْ عَاد فشَربها الرَّابعَة لم يقبَل اللهُ لهُ صَلاةً أربعين يَوْمًا، فإنْ تَابَ لم يتُب الله عليه، وكان حقًّا على الله أنْ يسقيَهُ. قال هَمَّام: من نَهْر الخَبَال. وقال حَمَّاد وسُفْيان: من طِيْنَة الخَبَال. قال: قُلتُ: يا أبا عبد الرَّحْمن، وما طِيْنَة الخَبَالِ؟ قال: صَدِيدُ أهْلِ النَّار.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، إذْنًا عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا خَيْثَمَة بن سُليَمان من حِفْظه، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي الخَنَاجِر، قال: كنتُ في مَجْلِس يَزيد بن هارُون بوَاسِط، فجاءَ أَمِيرُ المُؤمِنِين فوقفَ علينا في المَجْلِس، وفي المَجْلِس أُلوْفٌ، فالتَفَتَ إلى أصْحَابهِ، فقال: هذا المَلِكُ.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا علِيّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الحُسَين بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَأْفَاء، ح.

قال ابنُ مَنْدَة: وأخْبَرَنا حَمْدُ بنُ عَبْدِ الله إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَزِيد بن مُسْلِم الأنْصَاريّ الأطْرَابُلُسِيّ المَعْرُوف بابنِ أبي الخَنَاجِر (a)، رَوَى عن المُؤَمَّل بن إسْمَاعِيْل، ويَحْيَى بن أبي بُكَيْر، ومُوسَى بن دَاوُد، كتبْنَا عَنْهُ، وهو صَدُوقٌ.

أخْبَرَنا عُمَر بن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لنَا فيه، عن أبي القَاسِم بن السِّمَرْقَنْديّ، عن أبي طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد أحْمَد بن جُمَيْع، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي كَرِيْمَة، قال: سَمِعْتُ

(a) الجرح والتعديل: ابن أبي الحناجر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 5: 468.

(2)

الجرح والتعديل 2: 73.

ص: 53

مُحَمَّد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة، يقول: ما كَتبْتُ في الإسْلَام عن شَيْخ أَهْيَأُ ولا أنْبَل منهُ - يعني الخَلِيل بن عَبْد الله - ومن ابن أبي الخَنَاجِر.

‌أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن يَزِيد، أبو بَكْر النَّرْسِيُّ

(1)

سَمِعَ بحَلَب أبا أُسامَةَ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي أُسامَة الحَلَبِيّ، وحَدَّثَ عنهُ ببَغْدَاد، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن جَعْفَر المَعْرُوف بزَوْج الحُرَّةِ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا عَبْد الله بن أبي بَكْر بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، المَعْروف بزَوْج الحُرَّة، إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَزِيد النَّرْسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن كَعْب، قال: حَدَّثَنَا أبو مُعاوِيَة، عن الأَعْمَشِ ومُغِيرَة، عن إبْراهيم، عن عُبَيْدَة، عن عَبْدِ الله، قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم

(3)

: إنِّي لأعْرف آخِرَ النَّاسِ خُرُوجًا من النَّار؛ رَجُل يخرُج منها زَحْفًا، فيُقال لهُ: انْطَلِقْ فادْخُل الجَنَّة، فيَجِد النَّاس قد أخَذُوا المنازل، فيقال له: تذكر الزَّمانَ الّذي كُنت فيهِ؟ فيقول: نَعَم. فيقالُ له: ثَمَنَّ، فيَتَمَنَّى، فيُقال له: لك ما تَمَنَّيْتَ وعَشرة أضْعَاف ذلك، فيقُول: أتسخَرُ بي وأنْتَ المَلِكُ؟ فرأيْتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم ضحِكَ حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ.

(1)

ترجمته في: تاريخ بغداد 6: 314 - 315.

(2)

تاريخ بغداد 6: 314.

(3)

ابن أبي شيبة: المصنف 7: 61 (رقم 34005)، ابن حنبل: المسند 5: 309 (رقم 3594)، صحيح مسلم 1: 174، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 16: 457 (رقم 7431)، وعند الجميع:"آخر أهل النار".

ص: 54

‌أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن يَزِيد، أبو سَهْل الفَارِسِيُّ

حَدَّثَ بالمِصِّيْصَة عن أحْمَد بن شَيْبَان الأحْنَف المِصِّيْصيّ، وأحمد بن حَرْب الطَّائيّ. رَوَى عنهُ الحاكِمُ أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحافِظُ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ.

أخْبَرَنا أبو الجَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّدُ بن عبْد الرَّحيم بن الإخْوَة البَغْدَاديّ وصَاحِبَتُهُ عَيْنُ الشَّمْس بنْتُ أبي سَعيد بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ - وقالت عَيْنُ الشَّمْس: إجَازَةً - قال: أخْبَرَنا الشَّيْخان أبو الفَتْح مَنْصُورُ بن الحُسَين بن عليّ بن القَاسِم، وأبو طَاهر أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِي قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم المُقْرِئ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو سَهْل أحْمَد بن مُحَمَّد الفَارِسِيّ بالمِصِّيْصَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا زيْد بن الحُبَاب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُسْلِم الطَّائِفِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن دِيْنار، عن ابن عبَّاس [أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم] (a) قال: منْ كانَتْ عندَهُ شَهَادَة، فلا يقُول: لا أُخْبِرُ بها إلَّا عند إمَام، ولكن ليُخبر بها لعَلَّهُ يرجعُ ويرْعَوي.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله في المُقَيِّر كتابةً، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الهَمَذَانيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّدُ بن الحَسَن الهَمَذَانيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِمُ أبو أحْمَد الحافِظ، قال: أبو سَهْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن يَزِيد الفَارِسِيّ سَكَن المِصِّيْصَة، سَمِعَ أحْمَد بن حَرْب الطَّائيّ، وأحمد بن شَيْبَان الأحْنَف المِصِّيْصيّ.

(a) في الأصل: أنه قال، ويعيد ابن العديم في ترجمته التالية لأبي سهل الفارسي ذكر الحديث.

_________

(1)

معجم ابن المقرئ 151.

ص: 55

‌أحمد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ بن أحْمَد أبي هِزَّان الخَثْعَمِيُّ الأنْطَاكِيُّ، أبو بَكْر

حَدَّثَ بحَلَب عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن الحَارِث، رَوَى عنهُ أبو سَعْد السَّمَّان.

أخْبَرَتْنا زَيْنَبُ بنْتُ عَبْد الرَّحْمن الشَّعْرِيّ في كتابها إلينا من نَيْسَابُور، عن أبي القَاسِم مَحْمُود بن عُمَر بن مُحَمَّد الزَّمَخْشَرِيّ، قال: حَدَّثَني الأُسْتَاذُ الأَمِينُ أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن مَرْدَك، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الزَّاهِدُ الحافِظُ أبو سَعْد إسْمَاعِيْل بن عليّ بن الحُسَين الرَّازِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ بن أحْمَد بن أبي هِزَّان الخَثْعَمِيّ الأنْطَاكِيّ بحَلَبَ بقِرَاءَتي عليه، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن الحَارِث، قال: حَدَّثَنَا بَكْرُ بن سَهْل الدِّمْياطِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا ابنُ لَهِيْعَة، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر وأبي الزُّبَيْر، عن جَابِر، قال: صَام رسُول الله صلى الله عليه وسلم عام الفَتْح حتَّى إذا بلغَ الكُدَيْد أفْطَر وأفْطر النَّاس.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن عَبْدِ الله، أبو الحُسَين الوَرَّاق البَغْدَاديُّ المَعْرُوفُ بابنِ تُوْتُو

(1)

حَدَّثَ بحَلَب وغيرها عن أبي حَفْص بن حَرْب القَصِيْر، وأبي النَّضْر إسْمَاعِيْل بن عَبْدِ الله، وأبي أحْمَد عُبَيْد اللهِ بن يَزِيد الطَّرَسُوسِيّ، وعُبَيْد الله بن الحَسَن بن عبد الرَّحْمن الأنْطَاكِيّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الخُلْدِيّ، وأبي بَكْر المُدَبِّر بن

(1)

كان حيًا قبل سنة 400 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 6: 323، تاريخ ابن عساكر 5: 470 - 471.

ص: 56

الرَّبِيْع البَزَّار، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عُمَر الجِعَابِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن هارُون العَسْكَريّ، وعُمَر بن يُوسُف، وأبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن المبُارَك بن مُحَمَّد، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْد الأزْدِيّ، وأبي مُحَمَّد عُبَيْدِ الله بن الحَسَن الأزْدِيّ، وأبي بَكْرٍ مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عَبْدِ الله، وأبي كَثِيْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن إسْحاق الشَّيْبَانِيّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الوَرَّاق، ومُحَمَّد بن الحَسَن الرَّافِقِيّ، وأبي بَكْر بن الأنْبارِيّ، وأبي يَعْلَى مُحَمَّد بن زُهَيْر بن الفَضْل الأيْلِيّ، وعبد الله بن ثَابِت المُحَارِبِيّ الكُوْفيّ، وأبي القَاسِم مَنْصُور بن الحَسَن بن مَذْحِج الأزْدِيّ، وأبي عُمَر أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله الطَّالَقَانِيّ.

رَوَى عنهُ القَاضِي أبو طَاهِر صالح بن جَعْفَر الهاشِميّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن الفَرَج الصُّوْفيّ المَعْرُوفُ بابنِ الحَبَّال، الحَلَبِيَّان، ومُحَمَّد بن أحْمَد الأشْعَرِيّ، وتَمَّام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد الأشْعَرِيّ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله الدِّمَشقيّ، وأبو عَبْدِ الله الحُسَين بن إبْراهيم بن الحُسَين الإرْبِلِيّ، قالا: أخْبَرَنا بَرَكاتُ بن إبْراهيم الخُشُوعِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد هِبَةُ الله بن أحْمَد الأكْفانِيّ في يَوْم عِيْد الأضْحَى سَنَة عشرين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قِرَاءَةً عليْنَا من لَفْظه في يَوْم عِيْد فِطْر وعِيْد أضْحَى

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين عَبد الوَهَّاب بن جَعْفَر بن أحْمَد بن زِيَاد المَيْدانيّ، في يَوْم عِيْدِ فِطْرٍ أو أضْحَى بين الصَّلاة والخُطْبَة، قال: حَدَّثَني أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن الفَرَج الحَلَبِيّ الصُّوْفيّ المَعْرُوف بالحبَّال، في يَوْم عِيْد فِطْر، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين أحْمَد الوَرَّاق بحَلَب في يَوْم عِيْد أضْحَى،

(1)

كذا في الأصل، ولعله: عيد فطر أو عيد أضحى.

ص: 57

قال: حَدَّثَني أبو جَعْفَر القَصِيْر يَوْم عِيْد فِطْر بين الصَّلاة والخُطْبَة، قال: حَدَّثَني أخي سُليْمان بن حَرْب في يَوْم عِيْد فِطْر أو أضْحَى بين الصَّلاة والخُطْبَة، قال: حَدَّثَني بشْرُ بن عَبد الوَهَّاب الكُوْفيّ في يَوْم عِيْد فِطْر أو أضْحَى بين الصَّلاة والخُطْبَة، قال: حَدَّثَنَا وَكِيعُ بن الجَرَّاح في يَوْم عِيْد فِطْرٍ أو أضْحَى بين الصَّلاة والخُطْبَة، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان الثَّوْرِيّ في يَوْم عِيْد فِطْرٍ أو أضْحَى بين الصَّلاة والخُطْبَة، قال: حَدَّثَني ابن جُرَيْج في يَوْم عِيْد فِطْرٍ أو أضْحَى بين الصَّلاة والخُطْبَة، قال: حَدَّثَني عَطَاء بن أبي رَبَاح في يَوْم عِيْد فِطْرٍ أو أضْحَى بين الصَّلاة والخُطْبَة، قال: حَدَّثَني ابن عبَّاس في يَوْم عيْد فِطْرٍ أو أضْحَى بين الصَّلاة والخُطْبَة، قال: شَهدْنا مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم فِطْرًا وأضْحَى، فلمَّا صَلَّى، قال: قد أصَبْتُم خَيْرًا فَمن أحبَّ أنْ يَقْعُد فليَقْعُد، ومن أحَبَّ أنْ يَنْصَرف فليَنْصَرف.

وقال أبو الحَجَّاجِ: أخْبَرَنا بَرَكات الخُشُوعِيّ في يَوْم عِيْد فِطْرٍ من سَنة ستٍّ وثمانين وخَمْسِمائَة بدِمشْق.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الخَطِيبُ

(1)

، قال: أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن عَبْد الله، أبو الحُسَين الوَرَّاق البَغْدَاديّ المَعْرُوفُ بابنِ تُوْتُو، حَدَّثَ بدِمَشْقَ عن مُحَمَّد بن أحْمَد بن هارُون العَسْكَريّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن نُصَيْر الخُلْدِيّ، رَوَى عنهُ تَمَّام بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الرَّازِيّ.

(1)

تاريخ بغداد 6: 333.

ص: 58

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن أبي أحْمَد الطَّبَريّ، أبو العبَّاس بن أبي بَكْر، المَعْرُوفُ بابنِ القَاصِّ

(1)

الفَقِيهُ القَاضِي، من أهْل طَبَرِسْتان، من كِبَار أصْحَاب الإمَام الشَّافِعيّ رضي الله عنه.

صَحِبَ أبا العبَّاس بن سُرَيْج وتَفَقَّهَ عليه، وتَوَلَّى قَضَاءَ طَرَسُوس، وكانت الفَتْوَى إليه بها. وحَدَّثَ بها عن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الحَضْرَميّ، وعبْدِ الله بن غَنَّام الكُوْفيّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد القَاضِي، وأحمد بن هاشِم البَغَوِيّ، ومُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله، وِمُحَمَّد بن مُحَمَّد البَاغَنْدِيّ، ومُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَة، ومُحَمَّد بن صالح بن ذَرِيْح، ومُحَمَّد بن سَعيد الأزْرَق، وأبِي القَاسِم البَغَويّ، ومُحَمَّد بن الفَرَج، وإسْحَاق بن أحْمَد الخُزَاعِيّ، والقَاضِي جَعْفَر بن مُحَمَّد الفِرْيَابِيّ، وعبد الله بن مُحَمَّد، والحَسَن بن عليّ الطَّبَريّ، وعليّ بن مَهْرُوَيْه القَزْوِينيّ، وأبي شُعَيْب عَبْد الله بن الحَسَن الحَرَّانيّ، والمُفَضَّل بن مُحَمَّد الشَّعْبِيّ.

رَوَى عنهُ أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ القَاضِي، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَنْصُور البَيِّع العَتِيْقِيّ، ومُوسَى بن إبْراهيم الوَرَّاق، وأبو ذَرّ الخَضِر بن أحْمَد الطَّبَريّ.

وقال بعضُهم: هو المَعْرُوف بالقَاصّ.

(1)

توفي سنة 336 هـ، استنادًا إلى الرواية التي أثبتها ابن العديم نقلًا عن القاضي الطرسوسي، والذي عليه أغلب المصادر أنه توفي سنة 335 هـ، وترجمته في: طبقات الفقهاء للشيرازي 111، وفيات الأعيان 1: 68 - 69، العبر في خبر مَن غبر 2: 50، سير أعلام النبلاء 15: 371 - 372 (أرخ وفاته سنة 335 هـ)، الوافي بالوفيات 6: 227، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 3: 59 - 63، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 219، الأسنوي: طبقات الشافعية 2: 297، اليافعي: مرآة الجنان 2: 240، ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 1: 106 - 107، النجوم الزاهرة 3: 294، شذرات الذهب 4: 191 - 192، وانظر مقدمة تحقيق كتابه دلائل القبلة 13 - 47، وفيها الإحالة على مصادر كثيرة ترجمت له.

ونقل ابن العديم عن كتاب ابن القاص "دلائل القبلة" في كثير من المواضع التي تناولها في الجزء الأول المخصص لجغرافية حلب وجوارها.

ص: 59

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي القَاسِم نَصْر بن أحْمَد بن مُقَاتِل بن مَطَّكُوْد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الأهْوَازِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله بن إبْراهيم الكَرْجِيّ بالمَعَرَّة، قال: حَدَّثنَا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن أبي بَكْر الفَقِيه بطَرَسُوس، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن هاشِم، قال: حَدَّثنَا رجَاء بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبَّاد المُهَلَّبيّ، قال: حَدَّثنَا صالح المُرِّيّ، عن المُغِيرَة بن حَبِيْب، عن مَالِك بن دِيْنار، عن الأحْنَف بن قَيْس، عن أبي ذَرّ أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال

(1)

: تكون قَرْيَةٌ أو مَدِينَةٌ أو مِصْرٌ يُقالُ له البَصْرَة، أقْوَمَ النَّاس قبلةً، وأكثَره مُؤَذِّنُونَ، يَدْفعُ الله عنهُم ما يَكْرَهُونَ.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الخَطِيب

(2)

، قال: وكان أبو العبَّاس - يعني ابن القَاصّ - فَقِيْه أهل طَرَسُوس ومُفْتِيهم.

كَتَبَ إلينا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن أبي سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ أنَّ أباهُ الإمَام أبا سعد السَّمْعَانيّ أخْبَرهُم، إجَازَةً إنْ لمِ يَكُن سَمِعَهُ منهُ، قال: والإمَامُ أبو العبَّاس أحْمَدُ بن أبي أحْمَد القَاصُّ الطَّبَريُّ، إمَامُ عصْرهِ، وصَاحب التَّصَانِيْف في الفِقْه والفَرَائِض وأدَب القَاضِي، ومعْرفَة القِبْلَة وغيرها، تفَقَّهَ على أبي العبَّاس بن سُرَيْج، وبرَعَ في الفِقْه، وتلمَذ له جَمَاعَة منهم أبو عليّ الطَّبَريّ المَعْرُوف بالبُرْجُلَانِيّ.

وإنَّما قيل لأبي العبَّاس القَاصّ لدُخُولهِ دِيارَ الدَّيْلَم والجَبَل، وقَوْد عَسَاكِر الجِهاد بها منها إلى الرُّوم بالوَعْظ والتَّذْكِيْر.

(1)

المتقي الهندي: كنز العمال 12: 308 (رقم 35152).

(2)

تاريخ بغداد 2: 214 (في ترجمة: محمد بن أحمد بن محمد العتيقي).

ص: 60

ومن أشْهَر مُصَنَّفاته كتابه المَوْسُوم بالتَّلْخِيْص، وهو أجْمع كتاب في فَنِّهِ للأُصُول والفُرُوع على قِلَّة عَدَد أوْرَاقه، وخفَّة مَحْمله على أصْحَابهِ، وكتابه في أُصُول الفِقْه، وهو كتابٌ مُقْنِعٌ

(1)

.

وكان من أخْشَع النَّاسِ قلبًا إذا قَصَّ، فمن ذلك ما يُحْكى أنَّهُ كان يَقُصّ على النّاسِ بطَرَسُوس، فأدْرَكته روْعَةُ ما كان يَصِفُ من جَلَاله وعَظَمَته، ومَلَكَتْهُ خَشْيَهُ ما كان يذكر من بأْسِه وسَطْوَته، فخَرَّ مغْشِيًّا عليه، وانْقَلَبَ إلى الآخرة لاحِقًا باللَّطِيف الخَبِيْر.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايتَه عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر المُبارَك بن عَبْد العَزِيْز الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق الفيْرُورآباذِيّ (a)، قال: ومنهم أبو العبَّاس بن أبي أحْمَد المَعْرُوف بابنِ القَاصِّ الطَّبَريّ، صاحب أبي العبَّاس بن سُرَيْجٍ، مات بطَرَسُوس سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين وثَلاثِمائة، وكان من أئمَّة أصْحَابنا، صَنَّفَ المُصَنَّفات الكَثِيْرة: المِفْتاح، وأدَب القَاضِي، والمَوَاقيْت، والتَّلْخِيْص الّذي شَرَحَهُ أبو عَبْد الله خَتَنُ الإسْمَاعِيْليّ.

وقال: تَمثَّلْتُ فيه بقَوْل الشّاعر

(2)

: [من الكامل]

عُقِمَ النِّسَاءُ فما يَلدنَ شبيْهَهُ

إنّ النِّسَاءَ بمثْلهِ عُقم

قال: ومنهُ أخَذَ الفِقْهَ أهلُ طَبَرِسْتان.

(a) في الأصل: الفيروزباذي، بإسقاط الألف في وسطها، وهو أبو إسحاق الشيرازي والنقل عن كتابه طبقات الفقهاء 111.

_________

(1)

انظر أسماء بعض مؤلفاته الأخرى في وفيات الأعيان 1: 68.

(2)

البيت لأبي دهبل الجمحي في ديوانه 66.

ص: 61

وأخْبَرَنا المُؤيَّدُ بن مُحَمَّد بن عليّ الطُّوْسِيّ في كتابهِ عن كتاب أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ العُظَيْميّ

(1)

، قال في تَارِيْخهِ في حَوَادِث سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين وثَلاثِمائة: تُوفِّي أبو العبَّاس أحْمَدُ بن أبي أحمد بن القَاصّ الطَّبَريُّ بطَرَسُوس.

قُلتُ: هكذا ذكَرَ أبو إسْحاق الفِيْرُوزآبَاذِيّ (a) في طَبَقَات الفُقَهَاء وَفَاة أبي العبَّاس بن القَاصّ، وأبو عَبْد الله العُظَيْميّ في تَارِيْخهِ، في سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين وثَلاثِمائة. وقد شَاهدتُ بخَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الطَّرَسُوسِيّ، قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان، في مواضِع مُتَعدِّدة من مُصَنَّفاته: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن أبي أحْمَد الطَّبَريّ إمْلاءً بطَرَسُوس في المَسْجِد الجَامِع سَنَة ستٍّ وثَلاثين وثَلاثِمائة، فتكُون وَفاته في هذه السَّنَة أو بَعْدها، وهو الصَّحيح؛ فإنَّ أبا عَمْرو الطَّرَسُوسِيّ كان من أهْل طَرَسُوس، وكان ضَابِطًا، فهو أعْلَم بحياته سَنَة ستٍّ وثَلاثين وثَلاثِمائة، واللهُ أعْلَمُ.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ الأنْطَاكِيُّ

وليس بابن أبي هِزَّان المُقَدَّم ذِكْرهُ.

سَمِعَ بالبَصْرَة أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز الجوهَرِيّ، وحَدَّثَ عنة بدِمَشْق. رَوَى عنهُ القَاضِي أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله بن إبْراهيمِ الطَّرَسُوسِيّ، وهو من شَرْط الحافِظ أبي القَاسِم الدِّمَشقيّ، ولم يَذْكره في تاريخ دِمَشْقَ.

(a) الأصل: الفيروزبادي، دون الألف وبالدال المهملة، وانظر كتابه طبقات الفقهاء 111.

_________

(1)

العظيمي: تاريخ حلب 292، وفيه: العاص بدل القاص.

ص: 62

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن يُوسُف، أبو العبَّاس المُؤدِّب المقرِئ الأصْبَهَانِيُّ، المَعْرُوفُ بابنِ مِرْدَة

(1)

قَرَأَ القُرْآن العَظِيم بمَنْبِج، بقراءة أبي عَمْرو وابن عامر وحَمْزَة وعَاصِم، على أبي العبَّاس أحْمَد بن عليّ المَنْبِجِيّ المُقْرِئ، وقرأ ببَغْدَاد على أبي حَفْص عُمَر بن إبْراهيم الكَنَّانِيّ

(2)

، وأبي القَاسِم بَكْر بن شَاذَان. وبدِمَشْق على أبي بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد السُّلَمِيّ، وابن دَاوُد الدَّارَانِيّ. وبالرَّقَّة على أبي طَاهِر مُحَمَّد بن أُسَيْد بن هِلال الأُشْنانِيّ الرَّقِّيّ. وبالكُوفَة على مُحَمَّد بن عَبْدِ الله القَاضِي الجُعْفِيّ. وسَمِعَ عَبد الوَهَّاب الكِلابِيّ، وأبا الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيعْ الصَّيْدَاوِيّ، وأبا أحْمَد عَبْد الله بن بَكر الطَّبَرَانِيّ، وأبا مُحَمَّد عَبْد الله بن جَعْفَر الطَّبَريّ، وأبا الحَسَن أحْمَد بن إبْراهيم بن فِرَاس المَكِّيّ، وأبا عليّ الحَسَن بن عَبْد الله بن سَعيد البَعْلَبَكِّيّ، وعِمْرَان بن الحَسَن بن يُوسُف الخُتَّليّ (a)، وأبا بكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْد.

رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن سُلَيم، وأبو المُعَمَّر شَيْبَان بن عَبْد الله بن أحْمَد بن شَيْبَان، وأبو الفَتْح أحْمَدُ بن مُحَمَّد الحَدَّادُ، وأحمدُ بن الفَضْل البَاطِرْقَانِيّ.

(a) الأصل: الجبلي، وصوابه المثبت وهو المشهور أيضًا بالخفاف، يرد به فيما بعد. انظر ترجمته في تاريخ ابن عساكر 43: 484 - 485.

_________

(1)

توفي سنة 432 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 5: 473 - 475، (وضبط اللقب منه)، تاريخ الإسلام 9: 516 (وفيه: مَردة، بالفتح)، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 129، 134، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 85.

(2)

مهملة في الأصل، والإعجام من مصادر ترجمته المتقدمة.

ص: 63

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوْفِيقِي

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن أبي الحَارِث البَزَّازُ، أبو جَعْفَر

(1)

سَمِعَ بالثُّغُور الشَّامِيَّة حَجَّاج بن مُحَمَّد الأعْوَر، ومُوسَى بن دَاوُد الضَّبِيِّ قاضي المِصِّيْصَة، والحَسَن بن مُوسَى الأشْيَب قاضي الثَّغْر، ومُحَمَّد بن مُصْعَب القَرْقِسَانِيّ، وغيرهم.

وذَكَرهُ أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ، بما أخْبَرَنا به القَاضِي جَمال الدِّين أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أَبي الفَضْل، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليِّ الخَطِيبُ

(2)

، قال: أحْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن أبي الحَارِثِ، أبو جَعْفَر البَزَّاز، سَمِعَ حَجَّاج بن مُحَمَّد الأعْوَر، ومُحَمَّد بن مُصْعَب القَرْقِسَانِيّ، ورِوحَ بن عُبَادَةَ، والحَسَن بن مُولىَ الأشْيَب، ويحْيَى بن يَعْلَى المُحَارِبِيّ، ومُعَلَّى بن منْصُور الرَّازِيّ، ويُونس بن مُحَمَّد المُؤدِّب، ومُوسَى بن دَاوُد الضَّبّيِّ.

رَوَى عنهُ يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعد، ومُحَمَّد بن مَخْلَد الدورِيّ، وأبو الحُسَين بن المُنَادِيّ، وأبو عَوَانَة الإسْفَرَاينِيّ، وعليَّ بن إسْحاق المَادرَائِيّ (a)، وغيرهم؛ وكانَ ثِقَةً.

(a) الأصل: البادرائي، وصوابه الميم، نسبة إلى مادرايا من أعمال البصرة، وقيل قرية فوق واسط، وهو الإمام علي بن إسحاق بن البختري البصري المادرائي (ت 334 هـ). انظر: السمعاني: الأنساب 12: 13، سير أعلام النبلاء 15: 334 - 335، العبر في خبر من غبر 2:48.

_________

(1)

توفي سنة 270 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر 245، تاريخ بغداد 6: 316 - 317، تاريخ الإسلام 6:280.

(2)

تاريخ بغداد 6: 316.

ص: 64

قال أبو بَكْر الخطيبُ

(1)

: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد، قال: حَدَّثنَا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: قُرئ على ابن المُنَادِيّ وأنا أسْمَعُ، قال: وتُوفِّيَ أَبو جَعْفَرِ أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الحَارِث في هذه الأيّام، يعني في شَهر رَبيع الآخر من سَنَة سبْعِين ومَائتَيْن.

وقال أبو بَكْر

(2)

: حَدَّثَني عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد بن عليّ الكَنَّانِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أحْمَد بن زَبْر

(3)

، قال: سَنَة سَبْعِين، قال أبي: فيها ماتَ أبو جَعْفَر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الحَارِث يَوْم الأَحَد آخر جُمَادَى الآخرة.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن أبي حَمْدَان الأنْطَاكِيّ الكُوْفيّ، أبو بَكْر

نَزِيلُ أنْطَاكِيَة، حَدَّثَ عن سَهْل بن صَالِح الأنْطَاكِيّ، وجَعْفَر بن عَبْد الوَاحِد الهاشِميّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحَجَّاج، وأبي عَيَّاش أحْمَد بن عَبْد الله بن أبي حَمَّادٍ.

رَوَى عنهُ أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ بن مُحَمَّد بن عيسَى بن يَقْطِين اليَقْطِينيّ.

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيِّ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بنُ أبي مَنْصُور الجَمَّالُ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظُ، قال: حَدَّثنَا مَنْصُور بن مُحَمَّد بن الحَسَن الحَذَّاء، قال: حَدَّثَنا عَبْد الله بن أبي دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا أيُّوب الوَزَّانُ، قال: حَدّثَنَا سَعيدُ بن مَنْصُور، قال: حَدَّثنا إبْراهيم بن هَرَاسَة، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، ح.

(1)

تاريخ بغداد 6: 317.

(2)

تاريخ بغداد 6: 317.

(3)

تاريخ مولد العلماء 245.

ص: 65

قال أبو نُعَيْم: وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الحَسَنِ اليَقْطِينيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي حَمْدَان الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الحجَّاج، قال: حَدَّثَنَا سَعيدُ بن مَنْصُور بن شُعْبَة الخُرَاسَانيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن هَرَاسَة، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن مُعاوِيَةَ بن قُرَّة، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن ابن عبَّاسٍ، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم وذُكِرَت عندَهُ فَارِس - فقال

(1)

: فارس عصَبَتُنا أهْلِ البَيْت. زاد جَعْفَر قيل لسَعِيْد: ما مَعْنى عصَبَتنا أهْل البَيْت؟ قال: هُم ولدَ إسْحاق عَمِّ وَلد إسْمَاعِيْل.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَرِ بن عليّ بن قُشَام، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الحافِظ الهَمَذَانيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفر مُحَمَّد بن أبي عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمد بن مُحَمَّد، قال: أخبرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن مَنْجُوبه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحافِظ

(2)

، قال: أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي حَمْدَان الكُوْفيّ، سَكَن أنْطَاكِيَة، سَمِعَ سَهْل بن صالح الأنْطَاكِيّ، وجَعْفَر بن عَبْد الوَاحِد الهاشِميّ.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن أبي الخَصِيْب المِصِّيْصيُّ

إنْ لم يَكُن ابن المُسْتَنِيْر الّذي قَدَّمْنا ذِكْره فهو غيرُه، وهو أبو بَكْر الحافِظ من وَلد شُرَحْبِيل بن حَسَنَة صَاحِب النِّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ حَدَّثَ عن مُوسَى بن الحَسَن المِصْرِيّ، وأحمد بن صالح. روى عنهُ أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن الحُسَين الآبُرِيّ.

كَتَبَ إلينا الحافظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ أنَّ أبا الفَتْح مُحَمَّد بن عُمَر بن أبي بَكْر الأَنْبارِيّ أخْبَرهم، قال: أخْبَرَنا عيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن بُشْرَى اللّيْثِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن الحُسَين الآبُرِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر أحْمَدَ بن مُحَمَّد بن أبي الخَصِيْب الحافِظ المِصِّيْصيّ من وَلد شُرَحْبِيل

(1)

ابن شيرويه الديلمي: الفردوس 3: 146 (رقم 4390)، المتقي الهندي: كنز العمال 303:12 (رقم 35124).

(2)

الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم 2: 225.

ص: 66

ابن حَسَنَة صَاحِب رسُول الله صلى الله عليه وسلم - وكان أحْفَظَ مَنْ بالثُّغُور في زَمانهِ - قال: سَمِعْتُ مُوسَى بن الحَسَن المِصْرِيِّ بالمَدِينَة، قال: سَمِعْتُ هارُون بن سَعِد يقُول: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يقُول: شَرِبْتُ اللُّبَانَ للحِفْظ، فأَعْقَبني صبَّ الدَّمِ.

‌أحمد بن مُحَمَّد بن أبي سَعْدَان، أبو بَكْر الشَّافِعيّ الصُّوْفيّ البَغْدَاديُّ

(1)

من كِبَار شُيُوخ الصُّوْفيةِ وعُلمَائهم، نَزَل طَرَسُوس، وكان صَحِبَ الجُنَيْد بن مُحَمَّد، وأَبا الحُسَين النُّوْرِيِّ، وصحبَهُ أبو القَاسِم المِصْرِيِّ، ورَوَى عنهُ شيئًا من كَلَامهِ أبو القَاسِم جَعْفَر بن أحْمَد الرَّازِيِّ. أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبدُ الرَّحيم بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور المَرْوَزيّ في كِتَابِهِ إليْنَا منها، قال: أخْبَرَنا أبو الخَيْر جَامِع بن عبد الرَّحْمن بن إبراهمِ السَّقَّاء الصُّوْفيّ، قِراءَةً عليهِ بنَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الصَّفَّار الصُّوْفيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلميّ

(2)

، قال: ومنهم - يعني من مَشَايِخ الصُّوْفيَّة - أبو بَكْر بن [أبي](a) سَعْدَان، وهو أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي سَعْدَان البَغْدَاديّ، من أصْحَاب الجُنَيْد والنُّوْرِيِّ، وهو أعْلَم مَشَايخ الوَقْت بعُلُوم هذه الطَّائفَة، وكان عَالِمًا بعُلُوم الشَّرْع، مُتَقَدِّمًا (b) فيه، يَنْتَحِل مَذْهب الشَّافِعيّ، وكان أُستاذ (c) أبي القَاسِم المِصْرِيّ رضي الله عنه، ويَعْرِفُ من عُلُوم الصَّنْعَة وغير ذلك، وكان ذا لسَانٍ وبَيَانٍ، وبَلَغَني أنَّهُ كانَ بطَرَسُوس، فطُلِبَ مَنْ يُرْسَل بهِ إلى الرُّوم، فلم يَجِدُوا مثْلَهُ في فَضْله وعِلْمِهِ وفَصَاحَته وبَيانهِ ولِسَانهِ.

(a) إضافة من طبقات الصوفية توافق الذي يليه، وتوافق ما ذكره المؤلف في طالع الترجمة.

(b) طبقات الصوفية: مقدمًا.

(c) طبقات الصوفية: وكان أحد أستاذِي.

_________

(1)

ترجمته في: حلية الأولياء 10: 377، طبقات الصوفية للسلمي 430 - 433، تاريخ بغداد 6: 7 - 8.

(2)

طبقات الصوفية 430.

ص: 67

قال السُّلَمِيُّ

(1)

: سَمِعْتُ الشَّيْخ أبا القَاسِم جَعْفَر بن أحْمَد الرَّازِيِّ، يقُول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن بن حُذَيْق (a) وأبا القَاسِم (b) الفَرْغَانيّ يقُولان: لَم يبقَ في هذا الزَّمان لهذه الطَّائِفَةِ إلَّا رَجُلَان: أبو عليّ الرُّوْذبَارِيُّ بمِصْرَ، وأبو بَكْر بن أبي سَعْدَان بالعِرَاق، وأبو بَكْر أفْهَمُهُمَا.

وقال

(2)

: سَمِعْتُ أبا القاسِم الرَّازِيّ يقُول: سَمِعْتُ أبا بَكْر يقول: مَنْ صَحِبَ الصُّوْفيَّةَ فليَصْحَبْهُم بلا نَفْس ولا قَلْب ولا مِلْك، فَمَتى نَظَرَ إلى شئٍ من أسْبَابِه قَطَعَهُ ذلك عن بلُوغ مَقْصَدهِ.

‌أحمد بن مُحَمَّد بن أبي الوَفَاء بن أبي الخَطَّاب بن مُحَمَّد بن الهِزَبْر الرَّبَعِيُّ، أبو الطَّيِّب المَعْرُوفُ بابنِ الحَلَاوِيّ المَوْصِلِيُّ

(3)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ فَاضِلٌ، حَسَنُ المُفَاكَهَة والأخْلَاق، قَدِمَ علينا حَلَب في أيَّام المَلِك العَزِيزَ مُحَمَّد ابن المَلِك الظَّاهر غَازِي، وامْتَدَحهُ بها، وأقامَ بها مُدَّةً. وجالَسْتُه، وسَمِعْتُ منه شَيئًا من شِعْره بحَلَب.

(a) في الأصل بالراء المكسورة: حَريق، وترجم له ابن العديم في الكنى في الجزء العاشر وكناه هناك: أبا الحسين، وجاء في طبقات الصوفية بالدال المهملة: حُدَيق.

(b) طبقات الصوفية: وأبا العباس.

_________

(1)

طبقات الصوفية 430.

(2)

طبقات الصوفية 430 - 431.

(3)

توفي سنة 656 هـ وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 407، ابن الشعار قلائد الجمان 1: 303 - 323 (وأورد له قصائد طوال)، اليونيني: ذيل مرآة الزمان 1: 96 - 104، فوات الوفيات: 1: 143 - 148، سير أعلام النبلاء 23: 310 - 311، تاريخ الإسلام للذهبي 14: 796 - 797، العبر للذهبي 3: 378، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 16: 130 - 134، ابن حبيب: درة الأسلاك في دولة الأتراك مخطوط آيا صوفيا)، ورقة 11 ب، الوافي بالوفيات: 8: 102 - 108، ابن دقماق: نزهة الأنام 348 - 350، المقريزي: السلوك 1/ 3: 413، النجوم الزاهرة: 7: 60 - 61، المنهل الصافي 3: 167 - 173، ابن تغري بردي: الدليل الشافي 1: 84، شذرات الذهب 7: 473، بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، (القسم الثالث 5 - 6)27.

ص: 68

وخَرَجَ عن حَلَب إلى بلدهِ، وتَوَجَّه إلى بَغْدَاد، وامْتَدَح الإمَام المُسْتَنْصِر أبا جَعْفَر المَنْصُور أَمِير المُؤمِنِين رحمه الله، ثمّ عاد إلى المَوْصِل وأقام بها، وأجْرَى له أميرها بَدْر الدِّين لُؤْلُؤ جَاريًا حَسَنًا، واجْتَمَعْتُ به فيها، وأنْشَدَني مَقَاطِيع من شِعْره، وكان حينئذٍ قد غَيَّر مَلْبُوسَهُ وتَزَيَّا بزيّ الأجْنَاد، وكان اجْتِمَاعي بهِ بالمَوْصِل بمَشْهَد البَرَمَةِ يَوْم التَّاسِع من مُحَرَّم سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وستَّمائة.

أنْشَدَنا شَرَف الدِّين أبو الطَّيِّب أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الوَفَاء المَعْرُوفُ بابنِ الحَلَاوِيّ لنَفْسِه بالمَوْصِل من لَفْظه

(1)

:

حَكَاهُ من الغُصْن الرَّطِيْب وَرِيقُهُ

وما الخَمْرُ إلَّا وَجْنَتَاهُ ورِيْقُه

هِلَالٌ ولكن أُفْقُ قَلْبي مَحَلُّه

غزَالٌ ولكن سَفْحُ عَيْني عَقيْقُه

وأَسْمْرَ يَحْكي الأسْمَرُ اللَّدْنُ قدَّهُ

غَدَا رَاشِقًا (a) قَلْب المُحبِّ رَشِيْقُه

على خَدِّه جَمْرٌ من الحُسْن مُضْرَمٌ

يَشُبُّ ولكن في فُؤاِدِي حَرِيقُهُ

أقرَّ له من كُلّ حُسْنٍ جَلِيْلُه

ووَافقَهُ من كُلِّ مَعْنى دَقِيْقُه

بَدِيْع التَّثَنِّي رَاحَ قَلْبي أسِيْره

على أنَّ دَمْعي في الغَرَامِ طَلِيْقُه

على سَالَفيْهِ للعِذَار جديدُهُ

وفي شَفَتَيه للسُّلَاف عَتِيْقُه (b)

يُهَدِّدُ منه الطَّرْفُ من ليسَ خَصْمَهُ

ويُسْكِرُ منهُ الرِّيقُ من لا يَذُوْقُه

على مثْلِه يَسْتَحْسِنُ الصَّبُّ فَتُكَهُ (c)

وفي حُبِّهِ يَجْفُو الصَّدِيْقَ صَدِيْقُه

من التُّرْك لا يُصْبِيِهِ وَجْدٌ إلى الحَمِى

ولا ذِكْرُ باناتِ الغُوَير يَشُوْقُهُ

(a) ابن الشعار: عذار أشقا.

(b) ابن الشعار: عقيقه.

(c) ابن الشعار واليونيني والصفدي وابن دقماق وابن تغري بردي: هتكه.

_________

(1)

القصيدة في قلائد الجمان 1: 307 - 309، وذيل مرآة الزمان 1: 98 - 99، وفوات الوفيات 1: 143 - 144، والوافي بالوفيات 8: 103 - 103، ونزهة الأنام 349 - 350، والنجوم الزاهرة 7: 60 - 61، والمنهل الصافي 167 - 168، وبعضها في تاريخ الإسلام 14: 796 - 797.

ص: 69

ولا حَلَّ في حَيٍّ تلُوْحُ قِبَابُهُ

ولا سَارَ في رَكْبٍ يُسَاقُ وَسِيْقُهُ

ولا باتَ صَبًّا بالفُرَيْق وأهْله

ولكن إلى خَاقَان يُعْزَى فَريْقُه

لهُ مَبْسِمٌ يُنْسِي (a) المُدَامَ بَريقِهِ

ويُخجِلُ نُوَّارَ الأقاحيْ بَريْقُهُ

تَدَاويْتُ من حَرِّ الغَرَام ببَردهِ (b)

فأضْرم من ذَاك الحَرِيق رَحيْقُه

إذا خَفَق البَرْقُ اليَمَانِيُّ مَوْهنًا

تذكّرتُه فاعْتَادَ قَلْبي خُفُوقُهُ

حَكَى وَجْهَهُ بَدْرَ السَّماءِ فلو بَدَا

مَعَ البَدْر قال النَّاسُ هذا شَقِيْقُهُ

وأشْبَهَ زَهْرَ الرَّوْضِ حُسْنًا وقد بَدَا

على عَارِضَيْهِ آسُهُ وشَقِيْقُهُ

رآني خَيَالًا حين وَافَى خيالُهُ

فأطْرَقَ من فَرْط الحَيَاء طَرُوْقُه

وأشبَهْتُ منه الخَصْرَ سُقْمًا فقد غَدَا

يُحَمِّلُني كالخَصْر (c) ما لا أُطِيْقُهُ

فما بَالُ قَلْبي كُلُّ حبٍّ يُهِيْجهُ

وحتَّام طَرْفي كُلّ حُسْنٍ يروْقُهُ

فهذا ليَوْم البَيْن لم تَطْفَ نَارهُ

وهذا فبَعْد البُعْد ما جَفَّ (d) مُوْقُهُ

ولله قَلْبي ما أشَدَّ عَفَافَهُ

وإنْ كان طَرْفي مُسْتَمِرًّا فُسُوْقُهُ

أرَى النَّاسَ أضْحَوا جَاهِلِيَّةَ وُدِّهِ

فما بَالُهُ عن كُلِّ صَبٍّ يَعُوْقُهُ (e)

فما فاز إلَّا من يَبيتُ صَبُوحَهُ

شَرَابُ ثَنَاياهُ ومنها غَبُوقُهُ

وأنْشَدَنا أبو الطَّيِّب بن الحَلَاوِيّ لنَفْسِه

(1)

:

ألفَ الملَالَ وَمَالَ عن ميثَاقهِ

رَشَأً فِرَاقُ النَّفْس دونَ فِرَاقهِ

عَذْبُ اللّمى حُلْوُ الخِلَالِ كأنَّما

خُلقَتْ مَراشفُ فيْهِ من أخْلَاقهِ

جَوَّال حَلْي الخَصْر أخْرَسَ صَدَّهُ (f)

عن ذِكْرِه السُّلوانَ نُطْقُ نِطَاقهِ

(a) ابن الشعار يسبي.

(b) ابن الشعار: بثغره.

(c) ابن الشعار: كالحصر، ابن دقماق: في الحب.

(d) الأصل: حف.

(e) ابن الشعار: قلب معوقه.

(f) ابن الشعار: صبَّه.

_________

(1)

الأبيات في قلائد الجمان 1: 311 - 312.

ص: 70

يفْتَرُّ عن عَذْب المَرَاشِف وَاضحٍ

مُرُّ الصَّبَابَة دونَ حُلْو مَذاقهِ

يَسْقِي لَمَاهُ سَليم عَقْرَب صُدْغه

فيَنُوبُ منهُ الرِّيقُ عن درْيَاقهِ

دَقَّتْ مَعَاني حُسْنه ولقدَّه

عَبِثَ الأنَامُ من القَنَا بدِقَاقِهِ

وَسْنَان يُقْلقُني تَوَعُّدُ طَرْفه

ويَوَدُّهُ قَلْبِي على إقْلَاقِهِ

يَهْوَى المِطَالَ ولو بأَيْسَر مَوْعدٍ

ويَصُدّ حتَّى الطَّيْفَ عن مُشْتَاقهِ

وَقَفَ الجَمَالُ على مَحَاسِن وَجْهِهِ

حتَّى ظَنَّنا الحُسْنَ من عُشَّاقِهِ

يا مُحْرقًا قَلْبًا أقَامَ برَبْعهِ

ألَّا كَفَفْتَ جَفَاكَ عن إحْراقِهِ

رِفْقًا بصَبّكَ إنْ أرَدْتَّ بَقَاءَهُ

يَكْفيهِ ما يَلْقَاهُ من أشْوَاقِهِ

أَطْلَقْتَ أَدْمُعَ عَيْنِهِ يَوْم النَّوَى

وفُؤَاده أحْكْمتَ (a) شَدَّ وَثَاقِهِ

أسْهَرتَهُ وأَسَلْتَ مُقْلَتَهُ دَمًا

أتُرى ذَبَحْتَ النَّوْمَ في آمَاقِهِ

وهذا المَعْنَى سَبَقَهُ به ابن قَلَاقِس في قَوْله

(1)

: [من المنسرح]

فليتَ شِعْري وقد بَكيتُ دَمًا

هل ذُبِحَ النَّوْمُ بَيْنَ آمَاقِي

وأنْشَدَنا ابن الحَلَاوِيّ أيضًا لنَفْسِه: [من الطويل]

تَبَدَّتْ فأَوْدَى بالقَضِيْب اعْتِدَالُها

وأَرْبَى على نَقْصِ الهِلَالِ كَمَالُهَا

وفَاهَتْ منَ الدُّرِّ الثَّمينِ بمثْلِهِ

وأزْرَى على السِّحْرِ الحَرَامِ حَلَالُها

فما الحُسْنُ إلَّا مَا حَوَاهُ لثَامُهَا

وما الغُصْنُ إلَّا ما أرَاهُ اخْتِيَالُها

منَ التُّرْكِ في رَشقِ السِّهَامِ وإنَّها

ليُعْزَى إلى حَييَّ هِلَالٍ هِلَالُها

تَصُولُ بمَيَّادِ القَوَامِ بمثْلِهِ

تَكرُّ إلى قَتلِ الرِّجَالِ رِجَالُها

(a) ابن الشعار: وحكمت.

_________

(1)

ديوان ابن قلاقس (مطبعة الجوائب، 1905)، ص 74.

ص: 71

وما الصَّعْدَةُ السَّمْراءُ إلَّا قَوَامُها

فصَعْبٌ على غيرِ الجليدِ اعْتِقَالُها

نَأَتْ دَارُها عنِّي وفي القَلْبِ شَخْصُها

فحمَّلني ثِقْلَ الغَرَامِ احْتِمَالُها

ولو لَمْ تَكُن بَدْرَ السَّماء لَمَا غَدَا

إلى القَلْب بَعْدَ الطَّرْف منِّي انْتِقَالُها

تذَلَّلَتُ في حُبِّي لها فتَدلَّلَتْ

وآفَةُ ذُلِّي في الغَرَام دَلَالُهَا

ومِن عَجَبٍ أخْشَى مَعَ الهَجْر بُعْدَها

وما كانَ يُرجَى في الدُّنُوِّ وصَالُها

وما هيَ إلَّا الشَّمْسُ يَدْنُو مَنَارُهَا

ويَبْعُدُ عن أيْدِي الرِّجال منالُها

من البِيْضِ وَافَاهَا النَّعِيمُ فعَمَّها

وزَيَّنَها في رُتْبةِ الحُسْن خَالُها

وأنْشَدَنا لنَفْسِه ثلاثة أبياتٍ نَظَمها بحَلَب المَحْرُوسَة، وقد سُئِلَ أنْ يَنْظمَها لتُكْتَب على مُشْطٍ للسُّلْطَان المَلِك العَزِيز مُحَمَّد بن المَلِك الظَّاهِر رحمَهُما اللهُ، فقال

(1)

: [من الطويل]

حَلَلْتُ من المَلِك العَزِيز برَاحَةٍ

غَدَا ثَمْهُا عندِي أجَلَّ الفَرَائِضِ

وأصْبَحْتُ مُفْتَرَّ الثَّنايا لأنَّني

حَلَلْتُ بكفٍّ بَحرُها غير غَائِض (a)

وقَبَّلْتُ سَامِي خَدِّه بَعْدَ كَفِّه

فلَمْ أخْلُ في الحالَيْن من لَثْمِ عَارِضِ (a)

وأنْشَدَني لنَفْسِه، وقد سُئِلَ أنْ يَحُلَّ هذا اللُّغْزَ، وهو في الشَّبَّابَةِ بنَظْمٍ يلْغزُ فيهِ الشَّبَّابَةَ

(2)

: [من الطويل]

ونَاطِقَةٍ خَرْسَاءَ بادٍ شُجُوْنُها

تكنَّفَهَا عَشْرٌ وعَنْهُنَّ تُخْبرُ

يَلَذُّ إلى الأسْمَاعِ رَجْعُ حَدِيْثَها

إذا سُدَّ منها مَنْخِرٌ جَاشَ مَنْخِر

(a) ابن الشعار: غير رائض.

_________

(1)

الأبيات في قلائد الجمان 1: 314 وذيل مرآة الزمان 1: 96، والوافي بالوفيات 8:104.

(2)

البيتان والجواب على اللغز في قلائد الجمان 1: 319، وذيل مرآة الزمان 1: 99 - 100، وفوات الوفيات 1: 145، ومسالك الأبصار 16: 134، والوافي بالوفيات 8:104.

ص: 72

فقال في الجَوَاب: [من الطويل]

نَهَاني النُّهىَ والحِلْمُ عن وَصْلِ مثْلِها

فكم مثْلُهَا فارَقْتُها وهي تَصْفِرُ

وأنْشَدَنا لنَفْسِه أبْيَاتًا كتَبها إلى القَاضِي مُحْيِي الدِّين يَحْيَى بن مُحْيِي الدِّين مُحَمَّد بن الزَّكي يصفُ كتابتَهُ

(1)

: [من الطويل]

كَتَبْتَ فلوَلَا أنَّ ذاكَ مُحَرَّمٌ

وهذا حَلَالٌ قِسْتُ خَطَّك بالسِّحْرِ

فواللهِ ما أدْرِي أزَهْرُ خَميْلةٍ

بطِرْسكَ أم دُرٌّ يَلُوحُ على نَحْرِ

فإنْ كان زَهْرًا فهو صُنْعُ سحابةٍ

وإنْ كان دُرًّا فهو من لُجَّة البَحْرِ

وأنْشَدَنا لنَفَسِه من أبياتٍ يُهَنّيءُ بها الأَمِير رُكْن الدِّين بن قَرَاطَاي بعِيْدِ الفِطْر في سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وستمائة:

أتاكَ العِيْدُ مُبْتَسِمًا ولولا

وُجُودُك لم يَكُن منهُ ابْتِسَامُ

ووَلَّى الصَّوْمُ يَشْكُر منكَ سَعْيًا

حَمِيْدًا لا يُنَالُ ولا يُرَامُ

كِلَا الحَالَيْن فيهِ أجَدْتّ صُنْعًا

فمَحْمُودٌ فُطُورُكَ والصّيَامُ

على دَار السَّلَام وأنْتَ فيها

لأجْلكَ دَائمًا منَّا السَّلَامُ

بقُرْبكَ لَذَّ لي فيها مَقَامي

ولولا الرُّكْنُ ما طَابَ المَقَامُ

وأنْشَدَني لنَفْسِه، وكتَبَ بها إلى أَمِيْن الدِّين يَاقُوت المَعْرُوف بالعَالَمِ، صَاحب الأَمِير أمِيْن الدِّين لُؤْلُؤ، يطلُبُ منهُ أنْ يَطْلبَ له من صَاحبهِ أَمِيْن الدِّين لُؤلُؤ صَايْوَانًا

(2)

وقد عزَم على السَّفَر إلى الشَّام من الغَدِ: [من الطويل]

(1)

الأبيات في فوات الوفيات 1: 146، وذيل مرآة الزمان 1: 102، ومسالك الأبصار 16: 131، والوافي بالوفيات 8:105.

(2)

الصَّايوان: هو الصيوان أو الخيمة كما يفهم من الشعر، وقيده ابن فضل الله العمري في تقدمته للأبيات المذكورة: صُوان.

ص: 73

عَزَمْتُ رَحيْلًا في غَدٍ غير جَازعٍ

من البَيْن إذْ أَنْحَى عليَّ بثِقْلِهِ

وكيفَ يَخافُ البَيْنَ من ألْفُهُ النَّوَى

وأهْوَنُ شيءٍ عندَهُ شَتّ شَمْلِهِ

وقد عَرَضَتْ لي حَاجَةٌ إنْ تَقُمْ بها

فإنَّكَ أهْلٌ للجمِيلِ وفعْلِهِ

أُرِيْدُ من المَوْلَى الأَمِير الّذي سَرَتْ

مَوَاهِبُهُ بين الوَرَى سَيْر عَدْلِهِ

أُخَا سَفَرٍ ما حَلَّتِ الشَّمْسُ وِجهَةً

من الأرْض إلَّا صَدَّهَا قَدْرُ شَكْلِهِ

ذَوَابُهُ مُسْتَبشِرَاتٌ لشَدِّهِ

إذا شئْتَ أو مُسْتَسْلماتٌ لحَلِّهِ

فكُن مُسْعِدي فيما طلَبْتُ فمَقْصَدِي

بأنِّيَ لا أَنْفَكُّ من تَحْتِ ظِلِّهِ

تُوفِّي أبو الطَّيِّب بن الحَلَاوِيّ في شُهُور سنَة ستٍّ وخَمْسِين وستِّمائة.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد بن أبي يعقُوبَ بن هارُونَ الرَّشِيْد بن مُحَمَّد المهدِيّ بن عَبْد الله المنصُور بن مُحَمَّد بن عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاس، أبو الحَسَن الرَّشِيْدِيُّ الهاشِميّ

(1)

أُمُّهُ أُمِّ وَلدٍ، ووَلي في أيَّام المُقْتَدِر أحْكَام المَظَالِم والأُمُور الدِّيْنِيَّة، وكان من الأمَاثِل المُمَدَّحين، ومَدَحَهُ أبو بَكْر الصَّنَوْبَريّ، وأبو أحْمَد ابن الزُّكُوْرِيَّة الأنْطَاكِيّ

(2)

.

وحَدَّثَ بحَلَب وأنْطَاكِيَة عن أبيه مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب، وأبي العبَّاس مُحَمَّد بن الحَسَن بن إِسْمَاعِيْل الهاشِميّ، وأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عليِّ الوَرَّاق حَمْدَان، ومُحَمَّد بن غالب بن حرْب تَمْتَام، وأحمد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حَمْزَة، وإسْمَاعِيْل بن عَبْد الله بن مَيْمُون بن أبي الرِّجال العِجْلِيّ الفَقِيه، والحَسَن بن عُلَيْل البَصْرِيّ، وعبد الله بن أحْمَد بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، ويَحْيَى بن أبي طَالِب الوَاسِطِيّ، والحَسَن بن عَرَفَة العَبْدِيّ، والعبَّاس بن عَبْد الله التَّرْقُفِيّ، وأبي بَكْر عَمْرو بن يَحْيَى بن الحَارِث

(1)

توفي سنة 314 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 5: 471 - 473، تاريخ الإسلام 7:745.

(2)

أدرج ابن العديم شعر الصنوبري وابن الزكورية في ثنايا الترجمة.

ص: 74

الزِّمْجَارِيّ، وأبي إسْمَاعِيْل التِّرمِذيّ، وأحمد بن عَبد الوَهَّاب بن نَجْدَة الحَوْطِيّ، وأبى الحَسَن عليّ بن أحْمَد السَّوَّاق، وأبي مُوسَى عِمْرَان بن مُوسَى، وأحمد بن الهَيْثَم البَزَّاز (a)، وأبي عُبَادَة الوَلِيد بن عُبَيْد البُحْتُرِيّ وغيرهم.

رَوَى عنهُ أبو طَالِب عليّ بن الحَسَن بن إبْراهيم بن سَعْد بن دِيْنار الحَلَبِيّ، وسَمِعَ منه بحَلَب، وأبو حَفْص عُمَر بن الحَسَن العَتَكيّ الأنْطَاكيّ، سَمِعَ منهُ بأنْطَاكِيَة، وأبو يُوسُف يَعْقُوب بن مُسَدَّد بن يَعْقُوب القُلُوسِيّ، وأبو عليّ مَنْصُور بن عَبْدِ الله الخالِديّ الهَرَويّ، وأبو الحَسَن إسْمَاعِيل بن أحْمَد بن أَيُّوب بن الوَليد بن هارُون البَالسِيّ، وأبو أحْمَد الحَسَنُ بن أحْمَد الإمَام، وأبو مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد بن دَاوُد الثَّقَفِيّ المُؤدِّب، وأبو الفَتْح مَحْمُود بن الحُسَين كَشَاجِم، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحَسَن بن المبُارَك الزَّبِيْدِيّ البَغْدَاديّ بمَكَّة، وأبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف البَنَّاء البَغْدَاديّ بحَلَبَ، قالا: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْد الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَاصِم الفُضَيْل بن يَحْيَى الفُضَيْلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرّحْمنِ بن أبي شُرَجْ الأنصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد الإمَام، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن هارُون الرَّشِيْد أَمِيرِ المُؤمِنِين، قال: حَدَّثَنَا أبو مُوسَى عِمْرَان بن مُوسَى بالطَّبَريَّةِ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي عِمْران بن أبي لَيْلَى، قال: حَدَّثَنَا أبى، قال: حَدَّثَنَا ابنُ أبي لَيْلَى عن عَطَاء، عن جَابِر

(1)

، قال: انْتَهى رسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى قَبْرٍ ولمَّا يُفرغ منهُ، فاطَّلَعَ فيهِ، ثُمّ قال: أَعُوْذُ باللهِ من عَذَاب القَبْر، فعُذْنا باللهِ من عَذَاب القَبْر، ثمّ اطَّلعَ ثانية ثمّ قال: أَعُوْذُ باللهِ من عَذَاب القَبْر، فعُذْنا بالله من عَذَاب القَبْر، ثمّ اطّلَعَ ثلاثًا فقال: أَعُوْذُ باللهِ من عَذَاب القَبْر.

(a) الأصل: البزار؛ بالراء، وانظر ترجمته في تاريخ بغداد 6: 437 - 438.

_________

(1)

لم أهتد إلى تخريجه.

ص: 75

كذا قال في الإسْنَاد: أحْمَد بن مُحَمَّد بن هارُون، فأَسْقَط اسْم جَدّه أبي يَعْقُوب، ونَسَبهُ إلى جدِّ أبيهِ هارُون الرَّشِيْد، وبه عُرِفَ بالرَّشِيْدِيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن هِبَةِ الله بن مَحْفُوظ بن صَصْرَى الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَةُ بن أحْمَد بن فَارِس بن المُنَجَّا بن كَرَوَّس السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أبو الفَتْح نَصْر بن إبْراهيم بن نَصْر المَقْدِسِيّ قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر مُسَدَّد بن عليّ بن عَبْد اللهِ الأمْلُوكِيُّ الحمْصِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ عُمَر بنُ عليّ بن الحَسَن بن إبْراهيم العَتَكِيُّ الأنْطَاكِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد الرَّشِيْدِيّ، رَحمنا اللهُ وإِيَّاه، بأنْطَاكِيَةَ سنَة ثلاث عَشْرة وثَلاثِمائة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ الوَرَّاق أبو جعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّنا مُصْعَب بن سُلَيمان، قال: سَمِعْتُ أَنَسَ بن مالِك، يقول: أُهْدِي للنّبي صلى الله عليه وسلم تَمْرٌ فجعَل يُهْدِيهِ، فرأيتُه يَأكُل مقْعِيًا من الجُوع.

أخْبَرَنا أبو المَعَالِي أحْمَدُ بن الخَضِر بن هِبَةِ الله بن طَاوُوس، قال: أخْبَرَنا حَمْزَة بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ بن إبْراهيم بن يَزْدَاد الأهْوَازِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عُبَيْدِ الله بن قُدَامَة المَلَطِيّ المُؤدِّبُ بأطْرَابُلُس، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن مُسَدَّد بن يَعْقُوب القُلُوسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد الرَّشِيْدِيّ الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عَبد الوَهَّاب الحوطِيّ، وذَكَرَ حَدِيثًا يأتي ذِكْره في تَرْجَمَةِ عليّ بن عُبَيْد الله المَلَطِيّ

(1)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

(1)

الإحالة على جزء من الأجزاء الضائعة من الكتاب، والحديث النبوي المشار إليه بالإسناد المذكور أخرجه ابن عساكر في تاريخه 43: 83، وتمام السند عن الحوطي مع نص الحديث قوله:"حدثنا يحيى بن يزيد الخواص، حدثنا ميسرة، عن موسى بن عبيدة، وسفيان الثوري، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يصيح صائح يوم القيامة أين الذين أكرموا الفقراء والمساكين في الدنيا ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ويصيح صائح أين الذين عادوا المرضى والفقراء والمساكين في الدنيا فيجلسون على منابر من نور يحدثون الله تعالى والناس في الحساب".

ص: 76

أخْبَرَنا أبو القَاسِم الثَّعْلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا نَصْر بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر الحِمْصِيّ، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن عليّ الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن الرَّشِيْدِيّ، قال: سَمِعْتُ العبَّاس بن عَبْدِ الله التَّرْقُفِيّ، يقُول: سَمِعْتُ الفِرْيَابِيّ ومُحَمَّد بن كَثِيْر، قالا: سَمِعْنا الأوزَاعِيّ، قال: كان عندنا رَجُلٌ صَيَّادٌ، وكان يَرَى التَّخَلُفَ عن الجُمُعَة، قال: فخَرَجَ يَوْمًا كما يَخْرج فخُسِفَ به وببَغْلتهِ، فما رُأي منها إلَّا آذَانُها. قال ابنُ كَثِيْر والفِرْيَابِيُّ: مَرَنا بذلك المَوضع فرأيناهُ. قال العَتَكِيّ: وقد رأيتُ ذلك المَوضعَ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكات الحَسَنُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ الدِّمَشقيّ

(1)

، قال: أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوبَ بن هارُونَ الرَّشِيْد، أبو الحَسَن الرَّشِيْدِيّ الهاشِميّ، سَمِعَ بدِمَشْق أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حَمْزَة، وأبا العبَّاس مُحَمَّد بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل، وأحمد بن عَبد الوَهَّاب بن نَجْدَة الحَوْطِيّ بجَبَلَة، وأبا بَكْر عَمْرو بن يَحْيَى بن الحارِث الزِّمْجَارِيّ (a) بحِمْص، وبالعِرَاق أبا جَعْفَر مُحَمَّد بن عليّ الوَرَّاق حَمْدَانًا، ومُحَمَّد بن غَالِب بن حَرْب تَمْتَامًا، وأبا النَّضْر إسْمَاعِيْل بن عَبْد الله بن مَيْمُون بن أبي الرِّجال العِجْليّ الفَقِيه، والحَسَن بن عُلَيْل البَصْرِيّ بسُرَّ مَنْ رَأى، وعَبْد الله بن أحْمَد بن إبْراهيم بن كَثِيْر الدَّوْرَقيّ، ويَحْيَى بن أبي طَالِب الوَاسِطِيّ، وأبا الحَسَن عليّ بن أحْمَد السَّوَّاق، والعبَّاس بن عَبْدِ الله التَّرْقُفِيّ، والحَسَن بن عَرَفَة العَبْدِيّ، وأبا إسْمَاعِيْل التِّرْمِذيّ، وغيرهم.

رَوَى عنهُ أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن الحَسَن العَتَكِيّ الأنْطَاكِيّ، وأبو عليّ مَنْصُور بن عَبْدِ الله الخالِديّ الهَرَويّ، وأبو يُوسُف يَعْقُوب بن مُسَدَّد بن يَعْقُوب القُلُوسِيّ.

(a) ابن عساكر: الزنجاوي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 5: 471 - 472.

ص: 77

قَرأتُ في شِعْر أبي بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الصَّنَوْبَريّ الحَلَبِيّ أبْيَاتًا يَمْدَحُ بها أبا الحَسَن الرَّشِيْدِيّ، وقد أنْشَدَنا بعض قوله ابن رَوَاج، قال: أنْشَدَنا السِّلَفِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو مَنْصُور بن النَّقُّور، قال: أنْشَدَنا القَاضي أبو القَاسِم التَّنُوخِيّ، قال: أنْشَدَنا المَعْنَوِيّ، قال: أنْشَدَنا الصَّنَوْبَريّ لنفسِه، والأبيات قَوْلُه

(1)

: [من الطويل]

وأَحْلَلْتُ هِمَّاتي بنَجْمِ تُجِلُّهُ

نُجُوْمُ قُصَي عندَ غَايتِهَا القُصْوَى

بمُنْتَجبٍ من هاشمٍ ضُرِبتْ لهُ

قِبَابُ العُلَا منها على الذَّرْوَة العُلْيَا

بأَبْلَجَ ينمِيْه الرَّشِيْدُ إذا بَدَا

رأيْتَ لسِيْمَا المَجْدِ في وَجْهِه سِيْمَا

بَدِيْهتُهُ تَعْلُو رَويَّةَ غيرِهِ

ويُسْرَى يَدَيْ مَعْرُوفِهِ أبدًا يُمْنَى

إذا الشِّيْمَةُ الحُسْنَى أبا الحَسَن انْتَمَتْ

فإنْ إليكُمْ مُنْتَمى الشِّيْمَة الحُسْنَى

ألَسْتُم بني خَيْرِ الأبَاطِحِ أبْطُحًا

وأعْظَمِ مَن صَلَّى إلى القِبْلَةِ العُظْمَى

تَوَلَيتَ أحْكَامَ المَظَالِم والتُّقَى

على سَنَنٍ منها البَعِيْدُ وذُو القُرْبَى

وقُلِّدْتَّ أعْوَادَ المَنَابِرِ فاكْتَسَتْ

مَنَابِرُها نُورَ الطَّهَارَةِ والتَّقْوَى

رآكَ إمَامُ المُسْلمِيْنَ أجَلَّهُم

نُهُوضًا فلَمْ يُنْهِضْكَ إلَّا إلى الجُلَّى

إذا حَضَرُوا للإذْنِ قُدِّمْتَ قَبْلَهُمْ

إلى رُتْبةِ يَدْعُونَهَا الرُّتْبَةَ القُدْمَى

وإنْ رَفَعَ الأسْتَارَ راعاكَ طَرْفُهُ

مُراعاةَ بشْرٍ في عَوَاقبهِ بُشْرى

وقَرَأتُ في دِيْوان شِعْر أبي أحْمَد مُوسَى بن أحْمَد الأنْطَاكِيّ المَعْرُوفُ بابنِ الزُّكُوْرِيَّة، قال تَمْدَحُ أبا الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد الرَّشِيْدِيّ المُقيم كان بحَلَب، من أبياتٍ أوَّلها:[من الوافر]

رَمَاني بالبعَادِ وبالصُّدُود

وفَارقَني فأشْمَتَ بي حَسُودي

طَلَبتُ فَتَىً تَليقُ به القَوَافي

لأَقْصدَهُ فأَمنَحَهُ قَصِيْدي

(1)

لم ترد القصيدة في ديوان الصنوبري، ولا في الملحق الذي صنعه الدكتور إحسان عباس استدراكًا على ما ضاع من الديوان.

ص: 78

فَلَم أرَ في جَمِيْع الأرْض أهْلًا

لذاكَ سِوَى أبي الحَسَن الرَّشِيْدِي

فَتَىً عَذُبَتْ خلائقُه فعَمَّتْ

جميعَ الخَلْق من بِيْضٍ وسُوْدِ

رفيْعُ المَجْدِ شهْمٌ هَاشِميٌّ

شَرِيفٌ في الأُبوَّة والجُدُودِ

جَوَادٌ في مَذَاهِبهِ جَمِيلٌ

سَعيدٌ حَلَّ في بُرْج السُّعُودِ

فلَوْ حَلَّ السُّجُودُ لوَجْهِ خَلْقٍ

نُعَظِّمُهُ سِوى الصَّمَد المَجِيْدِ

لكان لأحْمَدَ المَحْمُودُ (a) منِّي

رُكُوعي ثمّ كانَ له سُجُودِي

هُوَ القَيْلُ المُؤَمَّل والمُرَجَّى

مَدَى الدُّنْيا لبأسٍ أو لجُوْدِ

لقد أحْيَا أُناسًا بعدَ مَوْتٍ

فعَاشَ القَوْمُ في عَيْشٍ رَغِيْدِ

أنَالَ المُسْتَحقِّيْن العَطَايا

كذَاكَ يَنَالُ في دَار الخُلُودِ

وَسَدَّ الثَّغْرَ من بَعْدِ انْثِلَامٍ

بأقْوَامٍ كأمْثَالِ الأُسُودِ

ولو لَمْ يأتِ تَدْبِيرًا وعُرفًا

يَشِيْبُ لهَوْلهِ رَأسُ الوَلِيدِ

لكانَ الرُّومُ يَغْشَوْنَا وكانَتْ

جُمُوع جُيوشِهم في بَرْقَعِيْدِ

لقَد مَنَّ الإلَهُ على البَرَايا

برأيكَ بَلْ وبالعَقْلِ الحَمِيْدِ

وكم أنْشَأتَ من حِصْنٍ جَدِيْدِ

لكَم أصْلَحْتَ ثُلْمَةَ هَدْمِ ثَغْرٍ

وكم جِسْرًا عَقَدْتَ على طَريقٍ

شَقَقْتَ بعَقْدِهِ بَطْنَ الحَسُودِ

تَبَشُّ بزائريكَ إذا ألَمُّوا

وتُصْغِي للكَلَام وللنَّشِيْدِ

وتَنْثرُ بعدَ ذاكَ لهم حَدِيثًا

كنَظْم الدُّرِّ في عقدٍ وجيْدِ

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي الحُسَين عليّ بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ في تَعْلِيقٍ له في التَّاريخ: سَنة أرْبع عَشرة - يعني وثَلاثِمائة - وفيها تُوفِّي أبو الحَسَن الرَّشِيْدِيّ بحَلَب.

(a) كذا في الأصل بالرفع على نيّة الاستئناف بتقدير: هو المحمود.

ص: 79

وسَيَّرَ إليَّ بعضُ الشِّرَاف الهاشِميِّيْن بحَلَب تاريخًا جَمَعَهُ أبو غَالِب هَمَّام بن الفَضْل بن المُهَذَّب

(1)

، فقَرَأتُ فيه: وفيها - يعني سَنَة أربَع عَشْرة وثَلاثِمائة - تُوفِّي أبو الحَسَن الرَّشِيْدِيّ بحَلَبَ.

‌أحْمَدُ بن مُحَمَّد اليَشْكُرِيُّ

(2)

قَدمَ دَابِق على مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، ودَخَلَ معَهُ في غَزَاته المَشْهُورة الّتي جَهَّزَهُ فيها أبُوه عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، وبلَغَ فيها إلى القُسْطَنْطِينِيَّة. وكان اليَشْكُرِيّ هذا أحَدُ الفِتْيَة الّذين تَابُوا بالمَدِينَة وخَرَجُوا إلى دَابِق لهذه الغَزَاة، وَسَنَذْكُر خَبَرهُم

(3)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى فيما يأتي من هذا الكتاب.

‌أحْمَدُ بن مُحَمَّد الحَلَبِيُّ

حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن الحَارِث. رَوَى عنهُ أبو بَكْر بن أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيّ.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل بن سَلامَة السَّلَمَانِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(4)

، ح.

(1)

تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الأول.

(2)

توفي سنة 86 هـ، وترجمته في: الفتوح لابن أعثم: 7: 171 - 183.

(3)

لم ترد قصة الفتية الذين تابوا في المتبقي من الكتاب، وتقدَّم في الجزء الثاني قبله ذكر أحدهم وهو: أحمد بن الحصين التيمي، وسيأتي ذكر الثالث في موضعه: سعيد بن إسماعل الأسدي في الجزء التاسع، وانظر خبر هؤلاء الفتية واستشهادهم في وقعة الطوانة عند ابن أعثم: الفتوح 7: 171 - 183.

(4)

لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر، وأورد الحكاية بإسناد مختلف منسوبة إلى أعرابي دخل إلى عبد الملك، انظر تاريخه 68:164.

ص: 80

وحَدَّثنا أبو الحَسَن بن أحْمَد بن عليّ من لفظه، عن أبي المَعَالِي عَبْد الله بن صَابر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو القَاسِم عليّ بن إبراهيم العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا رَشاء بن نَظِيف بن مَا شَاءَ اللّهُ، قال: حَدَّثنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَروَان المالِكي

(1)

، قال: حَدَّثثا أحْمَد بن مُحَمَّد الحلَبي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحارِث، قال: حَدَّثنا المَدَائني، قال: تَغَدَّى أعْرَابيٌّ مع سُليْمان بن عَبْد المَلِك، وهو يَوْمئذ وليّ عَهْد، فقال له سُليْمانُ: كُلْ من كليَتِه؛ فإنَّها تزيدُ في الدِّمَاغ. فقال: لو كانَ هَذا هكذا لكان رأس الأَمِير مثْل رَأس البَغْل!.

‌أحمدُ بن مُحَّمد الحلَبِيُّ

حَدّثَ عن عليِّ بن عَبْد العَزِيز صاحب أبي عُبَيْد. رَوَى عنهُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَاج الإشْبِيلِيّ.

أنبأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل جَعْفَر بن يَحْيَى الحَكّاكُ المَكِّي إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر عَبْد اللّه بن سَعيد بن حَاتِم الوَائليّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحمَّد بن الحاجّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد الحلبي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو عُبيد، قال: حَدَّثَنَا أبو أيُّوب الدِّمَشقيّ، عن مُحمَّد بن نِمْرَان، عن سَعيد بن بشِير، عن قَتَادَة، عن سالَم بن أبي الجعد، عن مَعْدَان بن أبي طَلْحَة، عن أبي الدَّرْدَاءِ، قال

(2)

: جَزَّأ رسُول

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 551.

(2)

سنن الدارمي 2: 552 (رقم 3431)، عمل اليوم والليلة للنسائي 213 (رقم 706)، كنز العمال 1: 597 (رقم 2723)، وانظر: المسند الجامع 14: 382 (رقم 11047).

ص: 81

اللّه صلى الله عليه وسلم القُرآن ثَلاثَة أجْزاءٍ، فقال:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

(1)

جُزْءٌ منها.

‌أحمدُ بن محُمَّد، أبو بَكْر الحلَبيُّ

حَدَّثَ عن يُوسُف بن مُوسَى. رَوَى عنهُ أبو حَامِد أحْمَدُ بن عليّ العَطَّار.

أخبَرَنا الشَّيْخ الصَّالح أبو مُحمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد اللّه بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قِراءَةً عليهِ بحَلَب، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن يَاسِر الجيَّانيّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو عمرو عُثْمان بن مُحمَّد بن أحْمَد الشَّرِيكُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ المسكيّ، والشَّيْخُ مُفْتِي بن مَشْكُور، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَجِ عليّ بن أحمد بن عبد الرَّحْمن إِمْلاءً، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخ أبو حَامد أحْمَدُ بن مُحمَّد بن عليّ العَطَّار السَّرْخَسِيّ، رحمه الله، بها، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر أَحْمَدُ بن مُحَمَّد الحلبي، قال: حَدَّثنا يُوسُف بن مُوسَى، قال: حَدَّثنا أبو التُّقَى هشَام بن عَبْد المَلِك، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن مَخزُوم (a) بن سَعْدَانَة القُرَشِيّ، قال: حَدًّثنا مُحَمَّد بن دَاب، عن بَكْر بن يُونسُ الكُوْفيِّ، عن بَعْضِ أشْياخِهِ، وكانت له صحبَة إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فدَعا ذات يوْم بابن له، فقال له: يا بُني، لا تزهَد في معْرُوف، فإنَّ الدَّهْر ذو صُرُوف، والأيَّامٍ ذوات نوائب على الشَّاهِد والغائب. يا بُنَي، كم من رَاغِبٍ قد كان مرغُوبًا إليه، وطَالِبٍ قد كان مَطْلُوبًا ما لدَيهِ، واعْلَم أنَّ الزَّمان ذُو ألْوَان، ومَنْ صَحِبَ الزَّمان يرى الهَوَان، وكُنْ يا بُنَي كما قال أخُو بني الدُّئِل

(2)

: [من الطويل]

أعدُد (b) من الرَّحْمن فَضْلًا ونِعْمَةً

عليكَ إذا ما جَاءَ للخير طَالِبُ

(a) الأصل: محزوم.

(b) الديوان: عُدُّ.

_________

(1)

سورة الإخلاص، الآية 1.

(2)

ديوان أبي الأسود الدؤلي 179.

ص: 82

فكُلّ امرئٍ لا يُرْتَجَى الخيرُ عندَه

يَكُن هيِّنًا ثِقْلًا على مَنْ يُصَاحِبُ

ولا تمنَعَنْ ذا حاجةٍ جاءَ طَالِبًا

فإنَّكَ لا تَدْري متَى أنْتَ رَاغِبُ

‌أحمد بن مُحَّمد الرَّافِقِيُّ

حَدَّثَ بحَلَب عن عَبْد اللّه بن الحسَن بن زيدٍ الحرَّانيّ. رَوَى عنهُ أبو الحسَن البَصْرِيّ.

نَقَلتُ من مجمُوعٍ وَقع إليَّ بمَارِدِين بخَطّ بعض أهل الحَدِيْث لا أعْرفُ كاتِبه، قال: وأخْبَرَنا الشَّيْخُ الصَّالحُ الوَاعِظُ أبو حَفْص عُمَرُ بن مُحَمَّد بن يَحْيَى الزَّبيْديّ، قال: أخْبَرَنا حَنش (a) بن غالب، قال: أخْبَرَنا أبو الحسَن البَصْرِيّ، قال:

حَدَّثنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد الرَّافِقيّ بحَلَب، قال: حَدَّثني عَبْدُ اللّه بن الحسَن بن زَيْد الحرَانيّ، قال: حَدَّثنا يَحْيَى بن إسْحاق بن يزيد الخَطَّابيّ، قال: رَفع إليَّ عمُرُ كِتابًا، فقال: هذا كلام عُمَر بن عَبْد العَزيز، فكان فيهِ: لقد لَامَ اللّهُ العُلماءَ على علِمهم كما لَام الجَاهِلينَ على جَهْلهم، فوَضَعَ الثَّوَابَ والعِقَاب على فَرائضه ومَحَارِمهِ، كما وضَعَها على الإقْرار والإنْكار، وحَاجَّ العُلماءَ على إقْرارهم كما حَاجَّ الجُهَّالَ على إنْكارهمِ، والتَّمَنِّي على اللّهِ خُدْعَه، والاعْتلَال عليهِ هَلكَة، واسْتِصْغَار مَحَارِمه فِرْية عليه، وتَرْك التَّوْبَةِ زُهْد فيما عندَهُ، والبُخْل بحقِّه شَكّ في وعْده، وتتبعُ الشَّهَوات إضْرَارٌ (b)، وتأميْل البناءِ جَهْل، وبقَدْر الشُّغْل بالدُّنْيا يكُونُ الفَقْر، وبقَدْر إيثارِ التَّقْوَى يكونُ العِلْم، ليس العِلْمُ بالرِّوَايَةِ، ولا الحكم بالظُّلَامةِ، ولا مَعْرفَةُ الحكم بالحِفْظ، ولا حفْظُه بتلَاوَته دونَ العَمَلِ به والانْتهاء إلى حُدُودِهِ، وبتحريف الكتابِ هَلَكَ الزَّائِغُونَ، وبإضَاعَةِ التأويْل هَلَكَ العَالمِونَ، وبإصَابَةِ التَّأويل وحِفْظه يهتدي الرَّاسِخون في العِلْم.

(a) مهملة في الأصل، وقد أكد الشين المعجمة في الاسم عند ذكره له في موضع آخر من كتابه (في الكنى: أبو الحسن البصري).

(b) الأصل إصرار.

ص: 83

وذَكَر بعدَهُ كَلَامًا آخر اخْتَصَرتهُ

(1)

.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد الحلَبيُّ

رَوَى عن سَرِيّ السَّقَطِيّ. رَوَى عنْهُ عليّ بن مُحَمَّد القَصْرِيّ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايته عنْهُ، قال: أخَبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أنبأنَا أبو الفَرَج غَيْثُ بن عليّ الخَطِيبُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَطيبُ

(3)

، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بنُ الحُسَيْن (a) ابن محمَّد بن رامِين الإِستِراباذِيّ، قال: أخْبَرَنا عبد اللّه بن مُحمَّد الحميدِيّ الشِيرازيّ، قال: حَدَّثنَا القَاضِي أحْمَدُ بن مَحْمُود بن خُرَّزَاد الأهْوَازِيّ، قال: حَدّثني عليّ بن مُحَمَّد القصرِيّ، قال: حدَّثني أحمَدُ بن مُحَمَّد الحلبيّ، قالَ: سمِعتُ سرِيًّا السَّقَطِيّ، يقول: سَمِعْتُ بِشْرًا - يعني ابن الحَارِث - يقُول: قال إبْراهيمُ بن أدْهَم: وَقفتُ على رَاهِبٍ في جَبَل لبنَان فناديتهُ، فأشْرَفَ عليَّ، فقُلتُ لَهُ: عِظْنِي، فأنشأَ يَقُول:[من مجزوء الخفيف]

خُذْ عن النَّاسِ جَانِبًا

كي يَعُدُّوكَ رَاهِبا

إنَّ دَهْرًا أظلَّني

قد أرَاني العَجَائبا

قَلِّب النَّاسَ كيفَ شئـ

ـتَ تَجِدْهم عَقَارِبَا

(a) الأصل: الحسن بن الحسن، وانظر ترجمته عند الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 8: 255، والوافي بالوفيات 11:426.

_________

(1)

أدرج ابن العديم قطعة أخرى من هذا النص في ترجمته لأبي الحسن البصري (الجزء العاشر).

(2)

تاريخ ابن عساكر 6: 345.

(3)

لم أقف عليه في تاريخ بغداد.

ص: 84

قال بِشْرُ فقُلت لإبْراهيم: هذه مَوْعِظَةُ الرَّاهِب، فعِظْنِي أنْتَ، فأنْشَأَ يَقُول:[من الطويل]

تَوَحَّشْ منَ الإخْوَانِ لا تَبْغِ مُؤْنسًا

ولا تتخذْ أخًا ولا تَبغِ صَاحِبَا

وكُن سَامريَّ الفِعْلِ من نسل آدَم

وكُن أَوْحَدِيًّا ما قَدرت مجُانبِا

فقَدْ فسَدَ الإخْوَانُ والحُبُّ والإخَا

فلَسْتَ ترَى إلَّا مَذُوقًا وكاذِبَا

فقلتُ ولولا أنْ يُقالَ مُدَهْدَةٌ

وتُنْكَرَ حالَاتي لقد صرْتُ رَاهِبًا

قال سَرِيٌّ: فقلتُ لبِشْر: هذه مَوْعِظَةُ إبْراهيم لكَ، فعِظْنِي أنتَ، فقال: عليكَ بلُزُوم بيتكَ. فقُلتُ: بلغَني عن الحَسَن أنَّهُ قال: لولا اللَّيل ومُلَاقاة الإخْوَان ما كنتُ أُبالي متَى مِتّ! فأنشَأَ يَقول: [من الكامل]

يا مَنْ يُسَرُّ برُؤْيةِ الإخْوَان

مهلًا أَمنْتَ مَكائِدَ الشَّيْطان (a)

خَلَتِ القُلُوبُ من المَعَادِ وذِكرِهِ

وتشَاغَلُوا بالحرْصِ في الخُسْرانِ

صَارَتْ مَجَالِسُ من تَرَى وحَدِيثهم

في هَتْكِ مَسْتُورٍ وخَلْقِ قُرانِ

قال الحلبيُّ: فقُلْتُ لسَرِيّ: هذه مَوْعِظَةُ بشرٍ لك، فعِظْنِي أنْتَ، فقال: عليك بالإخْمَالِ، فقُلتُ: إنِّي لأُحبُّ ذلك، فأَنشأَ يَقُول:[من الكامل]

يا مَنْ يُريدُ بزَعْمِهِ إخْمَالا

إنْ كان حَقًّا فاسْتَعِدَّ خِصَالَا

تَرْكُ المجالِسِ والتَّذاكرُ يا أَخى

واجْعَلْ دُؤُوْبَكَ للصَّلَاةِ خيَالَا

بل كُن بها حيًّا كأنَّكَ ميِّتٌ

لا يَرتَجي منه القَريب وِصَالَا

قال علي بن مُحَمَّدٍ: قلتُ للحلبيّ: هذه مَوْعِظَةُ سَرِيّ لكَ، فعِظْنِي. فقال لي: يا أخي، أحَبّ الأعْمَال إلى اللّه تباركَ ما أصدرَ إليه من قَلْب زَاهدٍ في الدُّنْيا، فازْهَدْ

(a) كانت في الأصل: السلطان، فأصلحها المؤلف بالمثبت.

ص: 85

في الدُّنْيا يُحبّك اللهُ، ثمّ أنْشأ وهو يَقُول:[من مجزوء الرمل]

أنتَ في دَارِ شتَاتٍ

فتأهَّبْ لشَتَاتِكْ

واجْعَلِ الدُّنْيا كيَوْمٍ

صُمْتهُ عن شَهَوَاتِكْ

واجْعلِ الفِطْر إذا ما

صُمْتَهُ يَوْمَ مَمَاتِكْ

قال ابنُ خُرَّزَاد: فقلتُ لعليّ: هذه مَوْعِظَةُ الحلبي لكَ، فعِظْنِي. فقال لي: احْفَظْ وَقْتكَ، واسْخُ بنَفْسك للّه تعالَى، وانْزَعْ قِيْمَة الأشْيَاء عن قلبك يَصْفُو لذلك سِرُّكَ، وَيزكُو بذلك ذِكْرُكَ، ثمّ أنْشدَني:[من الطويل]

حَيَاتُكَ أَنْفاسٌ تُعَدُّ فكُلمّا

مَضَى نَفَسٌ منها انتقَصْتَ بهِ جُزْءَا

فتصْبحُ في نقصٍ وتمسِي بمثْلِهِ

وما لكَ معْقُول تُحِسُّ به رُزْءَا

تَمَسَّكْ بما يُحْييكَ في كُلِّ سَاعَةٍ

ويَحْدُوكَ حادٍ ما يريدُ بك الهُزْءَا

قال أبو مُحَمَّد: قلتُ لأحْمد: هذه مَوْعِظَةُ عليّ لكَ، فعِظْنِي. فقال لي: يا أخي، عليكَ بلُزُوم الطَّاعَة، وإيَّاكَ أنْ تَبرح من باب القَنَاعَة، وأَصلحْ مَثْوَاك، ولا تُؤثر هَوَاك، واتبع آخِرَتَك بدُنْياكَ، واشْتَغل بما يَعْنِيك بترك ما لا يَعْنِيك، ثمّ أنْشدَني:[من الطويل]

نَدمْتُ على ما كان منِّي نَدامةً

ومَنْ يتَّبِعْ ما تشتهي النَّفْسُ يندَم

فخافُوا لكَيْما تأمَنُوا بعْدَ مَوْتِكم

ستلقَونَ ربًّا عَادِلًا ليسَ يَظْلمُ (a)

فليسَ لمغرُورٍ بدُنْياهُ زاجرٌ

سَتَنْدَمُ إنْ زلَّتْ بكَ النَّعْل فاعْلمِ

قال القَاضِي أبو مُحَمَّد بن رَامين (b): قلتُ لأبي مُحمَّد: هذه مَوْعِظَةُ أحْمَد لك، فعِظْنِي أنت. فقال: اعْلَم - رحمَكَ اللّهُ - أنَّ اللّه جَلَّ ثناؤهُ ينزل العَبِيْد حيث نزلَتْ

(a) في هذا البيت إقواء.

(b) لأصل: رامش.

ص: 86

قُلُوبُهم نحوها، فانظُر أين أنزلْتَ قلبكَ، واعْلَم أنَّهُ يُقرِّب القُلُوب على حَسب ما قرب إليها، فانظُر من القَريب من قلبك، وأنشَدَني:[من الطويل]

قُلُوبُ رِجَالٍ في الحجابِ تَزولُ

وأرْوَاحُهُم فيما هُناك حُلُولُ

بروحَ نَعِيْمِ الأُنس في عِزِّ قرْبهِ

بإيْرَادِ تَوْحيِدِ المَليك تَجُولُ

لهم بفناِء القُرْب من محْضِ برِّهِ

عَوَائدُ بَذلٍ خَطْبُهنَّ جَلِيْلُ

قال أبو بَكْر الخطيبُ: فقُلت للقَاضي أبي مُحمَّد بن رَاميْن: هذه مَوْعِظَةُ الحُميدِيّ لكَ، فعِظْنِي. فقال: اتَّق اللّه، وثقْ به، ولا تَتَّهِمَهُ فإنَّ اخْتِيَاره لكَ خير من اخْتيارك لنَفْسِك، وأنشدَني:[من مجزوء الخفيف]

اتَّخِذ (a) اللّهَ صَاحِبًا

وذَرِ النَّاسَ جَانبِا

جرِّب النّاسَ كيفَ شِئْـ

تَ تَجِدْهم عَقَارِبَا

قال أبو الفَرَج غَيْثٌ الصوْرِيّ: قلت للشَّيْخ أبي بَكْر: هذه مَوْعظَة القَاضِي أبي مُحمَّد لكَ، فعِظْنِي أنتَ. فقال: احذَرْ نفسَك، الّتي هي أعْدَى أَعْدَائكَ، أنْ تُتَابِعَها على هَوَاهَا، فذلك أعْضَل دَائكَ، واستَشْعر الخوفَ من اللّه بخلافها، وكرِّر على قلبك ذِكْر نُعُوتها وأوْصَافها، فإنَّها الأمَّارةُ بالسُّوءِ والفَحْشَاءِ، والمُوْرِدَةُ مَنْ أطَاعَها مَوَارد العَطَب والبَلَاء، واعْتَد في جميعِ أُمُورك أنْ تحرَّى الصِّدْقَ، ولا تتَّبع الهَوَى فيُضِلّك عن سَبِيْل اللّه، وقد ضمَنَ اللّهُ تعالَى لمَن خَالف هَوَاهُ، أنْ يَجْعَلَ دَارَ الخلد قَرارَهُ ومَأْوَاهُ، وأنْشَدَني لنفسِهِ:[من مجزوء البسيط]

إنْ كُنْت تَبْغي الرَّشَاد مَحْضًا

في أمرِ دُنْياكَ والمَعَادِ

فخالِفِ النَّفْسَ في هَوَاهَا

إنَّ الهَوَى جَامعُ الفَسَادِ

(a) كذا في الأصل، وفي البيت خَزْم، والأظهر: تَخِذِ اللّه ....

ص: 87

‌أحمدُ بن مُحَمَّد، أبو العبَّاس النَّامِيُّ الدَّارِيُّ المِصِّيْصيُّ

(1)

شَاعِرٌ مُجِيْدٌ من شُعَرَاءَ سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَنِ بن حَمْدَان المُقيْمِين بحَلَب في بَابهِ، وكان فَاضِلًا أَدِيْبًا، عَارِفًا بالأدَب واللُّغَة، وَقَفْتُ لهُ على أمَالِي أمْلَاها بحَلَب، رَوى فيها عن أبي الحَسَن عليّ بن سُلَيمان الأخْفَش، وابن دَرسْتَوَيْه، وأبي عَبْد الله الكَرْمَانِيّ، وأبي بَكْر الصُّوْلِيّ، وإبْراهيم بن عبد الرَّحيم العَرُوضِيّ، وأبيهِ مُحَمَّد المِصِّيْصيّ، وطحال

(2)

.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِمِ الحُسَين بن عليّ بن أبي أُسامَة الحَلَبِيّ، وأبو الفَرَج البَبَّغَاء، وأبو الخَطَّاب بن عوْن الحَرِيرِيّ، وأبو بَكْر الخَالِديّ، والقَاضِي أبو طَاهِر صَالِح بن جَعْفَر الهاشِميّ الحَلَبِيّ، وأبو الحُسَين أحْمَد بن عليّ بن أبي أُسامَة الحَلَبِيّ.

ووَقَعَ إليَّ كتاب صَنَّفَهُ في العَرُوض سمَّاهُ المُقْنِع، وعليهِ خَطُّهُ بقراءة أبي القَاسِم بن أبي أُسامَة عليهِ.

وقيل إنَّهُ كان جَزَّارًا بالمِصِّيْصَة، وقَرَأتُ في أشْعَار السَّرِيّ الرَّفَّاء المَوْصِلِيّ يَهْجُوه ويَذْكر أنَّهُ كان بالمِصِّيْصَة جَزَّارًا في مَوضِع بها يقال لهُ باب الشَّام

(3)

: [من الطويل]

أجَزَّارَ بَابِ الشَّام كيفَ وَجَدْتَني

وأنْتَ جَزُورٌ بين نَابِي ومِخْلَبي

(1)

توفي بحدود سنة 370 هـ حسبما رجَّحه ابن العديم في ثنايا الترجمة، وخطَّأ مَن يقول إنه توفي سنة 390 هـ، وترجمته في: يتيمة الدهر للثعالبي 1: 225 - 232، النديم: الفهرست 1/ 3: 542، وفيات الأعيان 1: 125 - 127، تاريخ الإسلام 8: 316 - 317، الوافي بالوفيات 8: 96 - 99، تاريخ ابن الوردي 1: 486 (أرخ وفاته سنة 400 هـ)، شذرات الذهب 4: 517، البغدادي: هدية العارفين 1: 69، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 107 - 109، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 70 - 72.

(2)

لم أهتد لمعرفته.

(3)

ديوان السري الرفاء 74 - 75.

ص: 88

أراكَ انتَهَبْتَ الشِّعْرَ ثُمَّ خَبأْتَهُ

عن النَّاسِ فِعْلَ الخائفِ المُتَرقِّبِ

تَبَاعدْتَّ عن يَاقُوتَةِ الثَّغْر (a) بالمُدَى

إليهِ فَلَم تَجْرَح (b) ولم تتَحَوَّبِ

ولمَّا جَرَى الحذَّاقُ في ضوْءَ صُبْحهِ

تعَثَّرْتَ منه في ضَبابةِ غَيْهَبِ

حُرِمْتَ (c) من الإيْجَاز أَقْربَ مسْلَكٍ

ومن ذَهَبِ الألْفَاظِ أحْسَنَ مَذْهَبِ

وتَزْعُم أنَّ الشِّعْرَ عندكَ أعْربَتْ

مَحَاسِنُهُ عن ناطقٍ منكَ مُعْرِبِ

فما بالُ شعرِ النَّاس مِلءَ عُيُوننا

وشِعْري (2) في الأشْعَارِ عَنْقَاءُ مُغْرِبِ

أنْبَأنَا أبو القاسم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن أحْمَد الأدِيْبُ إجَازَةً، عن أبي مَنْصُور الثَّعالِبيّ، قال في يَتِيْمة الدَّهْر

(1)

: أحْمَد بن مُحَمَّد النَّامِيِّ شَاعِرٌ مُفْلِقٌ من فُحُول شُعَرَاء العَصْر، وخَواصّ شُعَرَاءَ سَيْف الدَّوْلَة، وكان عنده تِلْوَ المُتَنَبِّي في المَنْزلةِ والرُّتْبَةِ.

وذَكَرَ ابنُ فُوْرَجَة في التَّجَنِّي على ابن جِنِّي، قال: وكان على كَثْرهَ شُعَرَاءِ سَيْف الدَّولة لا يتَّقي أبو الطَّيِّب المُتَنَبِّي منهم غير أبي العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد المِصِّيْصيّ المَعْرُوف بالنَّامِيِّ، وله يقول المُتَنَبِّي

(2)

: [من البسيط]

والمَدْحُ لابن أبي الهَيْجَاء تُنْجِدُهُ

في الجاهِلِيَّةِ (e) عَيْنُ العيِّ (f) والخَطَلِ

خُذْ ما تَرَاهُ ودَعْ شَيْئًا سَمِعْتَ بهِ

في طلْعَةِ البَدْر (g) ما يُغْنيك عن زُحَلِ

قال: وذلك أنَّ النَّامِيّ كَثِيْرًا ما يَذْكُر في مَدَائحه أيَّام الجاهِلِيَّة.

(a) الديوان: باقورة الشعر.

(b) الديوان: تحرج.

(c) الديوان: جريت.

(d) الديوان: وشعرك.

(e) الديوان: بالجاهلية.

(f) الديوان: الغي.

(g) الديوان: الشمس.

_________

(1)

يتيمة الدهر 1: 225.

(2)

ديوان المتنبي بشرح العكبري 3: 80 - 81.

ص: 89

أخْبَرَنا أحْمَد بن أزْهَر بن عَبد الوَهَّاب في كتابهِ إليَّ من بَغْدَاد، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِمِ عليّ بن المُحَسّن بن عليّ التَّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ المُحَسِّن بن عليّ التَّنُوخِيّ، قال: حَدَّثَني أَبو عَبْد الله الحُسَين بن مُحَمَّد بن الصَّقْر الكَاتِبُ، قال: وكان النَّامِيِّ بَطِيءَ الخَاطِر، شديدَ القَوْل، إذا أراد أنْ يَعْمَل شِعْرًا خَلا خلْوةً طَوِيلَةً أيَّامًا وليالى، فإنْ نطقَتْ في داره جَارِيَةٌ أو غُلَام كَاد أنْ يَقْتُلَهُ، وانْقَطع خَاطِرُهُ، واذا أراد أنْ يَعْمل قَصِيدَةً جَمعَ جميع ما للعَرَب والمُحْدَثِيْنَ من الشِّعْر على وَزْنِ تلكَ القَصيدَة، وجَعَلَهُ حَوَالَيهِ، ونظَر فيه حتَّى يَقْدَحَ به خَاطِره ويَتَحَلَّب مَعَانيهِ. قال: ورأيَتُهُ يَفْعَلُ ذلكَ.

وقال أبو عليّ التَّنُوخِيّ: وقد أخْبَرَني أيضًا بهذا جَمَاعَةٌ منهم أبو إسْحاق إبْراهيم بن عليِّ النَّصِيْبِيّ أنَّهُ شَاهدَهُ، وأنَّهُ كانت ترتَفِع له القَصيِدَة في سَبْعة أشْهُر، قالوا: فكانت تحْدُث الحَادِثَةُ عند سَيْفِ الدَّوْلَة من فَتْحٍ، أو صِفَهٍ لوَقْعَة، أو تَهْنئة بعيدٍ أو غير ذلك، فيَعْمل فيها الشُّعَراءُ ويُنْشدُونَهُ في الحال، أَو بَعْد يَوْم ويوْميْن، ولا يُنْشدهُ هو شيئًا، فإذا كان بَعْدَ سَبْعة أشْهُر أو ثلاثة أو أكْثَر من ذلك أو أقَلّ علي حَسَب ما ترتَفعُ، جاءَ إليه فاسْتَأذنَهُ في الإنْشَادِ، وقال: قد ارْتَفَعَتْ لي قَصِيدَةٌ في الفَتْح الفُلَانيّ، أو القصَّة الفُلَانيَّة الّتي كانت جَرَت في وقت كَذَا وكذا، فإنْ رَأى مَوْلَانا أنْ يأذَن في إنْشَادها. قال: فيُكايدُه سَيْفُ الدَّوْلَة فيقول: في أيّ وَقْتٍ، وأيّ قِصَّة؟ فلا يَزَالُ يُريهِ أنَّهُ قد أُنْسِيَ تلكَ الحال لبُعْدها تَوْبيخًا له إلى أنْ يكاد يَبْكي، فيقول: نعم، نعم، هاتها الآن. قال: ورُبَّما اغْتَاظ لطُول العَهْد وخُرُوج الزَّمان عن الحَدِّ فلا يأذَنُ له في الإنْشَاد.

قال أبو عليّ التَّنُوخِيّ: وأخْبرَني أبو عَبْدِ الله بن الصَّقْر هذا، قال: كنتُ قائمًا بين يَدي سَيْف الدَّوْلَة وقد وُلد له قَبْل ذلك بتِسْعَة أشْهُر مَوْلُود، وهَنَّأهُ الشُّعَراءُ عليهِ، فجاءَ النَّامِيِّ واسْتَأذَنَهُ في الإنْشَادِ يُهَنِئه بالمَوْلُود، فقال له سَيْفُ

ص: 90

الدَّوْلَة: يا أبا العبَّاس، الصَّبِيُّ قد حان لنا أنْ نُسْلِمَهُ إلى الكُتَّاب، تُنْشدُنا تَهْنئَةً بولَادتهِ الآن؟! فما زالَ يتضرَّعُ حتَّى أذنَ لهُ.

قال أبو عليّ: وأخْبرَني ابن الصَّقْر هذا، قال: قال لي النَّامِيِّ يَوْمًا: كنتُ البَارِحَة أعْمل شِعْرًا فصَعَق ديكٌ سمعْتُ صيَاحَهُ، فانْقَطَعَ خَاطِري. قال: فقُلتُ لَهُ: لا يَجبُ أنْ تُخْبِرَ بهذا عن نَفْسِك.

قَرأتُ بخَطِّ مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب في كتاب المُفَاوَضَة، وأنْبَأنَا المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن بِشْرَان إجَازةً، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر، قال: حَدَّثَني أبو الفَرَج البَبَّغَاء، قال: قصَدْتُ يَوْمًا أبا العبَّاس النَّامِيِّ المِصِّيْصيّ بعد تَأَخُّره عن سَيْف الدَّوْلَة لأجلِ ما كان تنجَّز بينهما في معنَى المُتَنَبِّي وتَقْديمه له عليه، فعرَّفتُه خَبَرهُ، وتَفَاوضْنا ما جَرَى مع سَيْف الدَّوْلَة، فقال: يا أبا الفَرَج، خَدَمْتُهُ الدَّهْرَ الأطْوَلَ وما رعَى، واسْتَجمل أنْ يقُول لي: قال المُتَنَبِّي! وأنا الّذى أقولُ: [من الطويل]

لهُ نَظْرَةٌ نحو الحُمول بحَوْمَلٍ

وأُخْرى إلى وَدَّان صَادِقَةُ الوُدِّ

إلى هَا هُنا عَهْدُ الوَدَاع الّذي به

عَهدْت وما لي بالتَّجلُّد من عَهْدِ

فيا قَلْب أعْوَانٌ عليك كَثِيْرةٌ

وما لكَ من صَبْرٍ عليهنَّ من بُدِّ

وُشَاةٌ وعُذَّالٌ وبرقٌ ودِمْنَةٌ

ألَا قَلَّما أَجدَتْ عليكَ وما تُجْدي

قَرَأتُ في كتاب أدَب الخَوَاصّ، تأليفُ الوَزِير أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن المَغْرِبيّ

(1)

، قال: وأنْشَدَنا يَوْمًا - يعنى سَيْف الدَّولَة أبا الحَسَن بن حَمْدَان - في مَجْلِسه القَافِيَّة الّتي أوَّلُها: [من البسيط]

إنَّ الخليْط أجدَّ البَيْن فانْفَرقا

(1)

لم يرد في الجزء الأول من كتاب أدب الخواص الذي وصلنا، فهو ضمن الضائع منه.

ص: 91

يعني من شعْر زُهَيْر بن أبي سُلْمَى

(1)

، فأبْدَى اسْتِحْسَانًا لها، فقال له النَّامِيِّ المِصِّيْصيّ أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد الدَّارِيِّ: أراكَ كَلِفًا بها، أَفتُحبُّ أنْ أمْدَحكَ بخير منها؟ قال: نَعم، أشدّ الحُبّ. فلمَّا كان بعد أيَّامٍ لقيَهُ راكبًا على نهر حَلَب المُسَمَّى قُوَيْق، قال: فترّجَّل، ووقفَ عليه سَيْفُ الدَّوْلَة، وأخَذَ يُنْشد قَصِيدَةً في غاية الحُسْن، أوَّلُها

(2)

: [من البسيط]

ما أنْتَ منِّي ولا الطَّيْفُ الّذي طَرقا

رُدَّ الكَرَى واسْتَردَّ منِّيَ الأَرَقَا

فأرادَ سَيْفُ الدَّوْلَة كيَادَهُ والعَبَثَ بهِ، فأعرضَ عنهُ، وأظْهَر اسْتنقاصًا لشِعْره، فقَطع الإنْشَادَ في وسَط القَصِيدَة، ورَكِبَ ومَضَى - وسَيْفُ الدَّوْلَة يَراهُ - إلى شَاطِئ النَّهْر، فخَرقَها، وغَسَلَها، فاحْتَمَلَهُ سَيْفُ الدَّوْلَة، ولم يُنْكر ما كان منهُ، ودَرَسَتْ آثارُ هذه القَصِيدَة فليسَ تُوْجَدُ في دِيْوَانهِ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد المُؤدِّب، إذْنًا ومُكاتَبَةً، عن أبي غالِب بن البَنَّاء، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب بن بِشْرَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر الكَاتِب، قال: وحَدَّثَني أبو القَاسِمِ عليّ بن مُحَمَّد المُنَجِّم الرَّقِّيّ، قال: كان جميعُ أصْحَاب سَيْف الدَّوْلَةِ يَغْتَاظُونَ من المُتَنَبِّي، ويَتَعَصَّبونَ عليه للنَّامِيِّ، فلمَّا عَمِل في وَقْعَة بني كِلِاب القَصِيدَةَ الرَّائِيَّة الّتي أوَّلُها

(3)

: [من الوافر]

طِوَالُ قنًا تُطَاعِنُها قِصَارُ

فعَمِل النَّامِيِّ قَصِيدَةً أوَّلُها

(4)

: [من الطويل]

(1)

ديوان زهير بن أبي سلمى 39، وعجز البيت: وعُلّقَ القلبُ من أسماء ما علقا.

(2)

لم ترد في ديوان النامي.

(3)

ديوان المتنبي بشرح العكبري 2: 100، وعجزه: وقَطْرُكَ في نَدى وَوَغى بِحارُ.

(4)

لم ترد في مجموع شعره.

ص: 92

أَأَلبيْضَ (a) تَعْصِي يا عُقَيْلُ بنَ عَامِرٍ

وما بَتَرَ الأعْمَارَ مِثْلَ البَوَاتِرِ

كأنًّ عليًّا والقَنا في ظُهُورهم

سَماءٌ رَمَتْهُم بالنُّجُوم الزَّوَاهِرِ

فَوَلَّتْ تُناجي بالنّجاءَ خِلالَها

وتَجْأَرُ من أحْكَامِ سُمْرٍ جَوَائرِ

قال: وتَشَاجَرَ النَّاسُ في القَصِيدَتَيْن، وتقدَّم سَيْفُ الدَّوْلَةِ بإنفاذِهِما إلى بَغْدَاد، وأنْ يُكْتَب في مَعْناهما إِلى العُلَمَاء، فلم يَحُكُمُ أحَدٌ بشيءٍ إلَّا أنَّ قَصِيدَةَ النَّامِيِّ أُعِيْدَتْ وقد كُتِبَتْ بالذَّهب، فعُلم من هذا أنَّهم قد فَضَّلُوها.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ بحَلَب، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أنْشَدَني أبو القاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد الدِّمَشقيّ الحافِظ، ح.

وأنْبَأنَا به عَاليًا الخَطِيبُ أبو القَاسِم عَبْد المُحْسِن بن عَبْد الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسِيِّ، قال: أخْبرَنا عَمِّي عبدُ الرَّحْمن بن أحْمَد بقِرَاءَتي عليهِ، قالا: أنْشَدَنا عَبْدُ المُحْسِن بن مُحَمَّد بن عليّ التَّاجرُ، قال: أنْشَدَنا أبو الفَتْح أحْمَدُ بن عليّ المَدَائن بحَلَبَ، قال: أنْشَدَنا أبو القَاسِم الحُسَينُ بن عليّ بن أبي أُسامة، قال: أنْشَدَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن مُحَمَّد النَّامِيِّ لنَفْسِه

(1)

: [من المنسرح]

رَأَيْتُ في الرَّأس شَعْرةً بَقيَتْ

سَوْدَاءَ عَيْنِي تُحبُّ رُؤْيَتَها

فقُلْتُ للبِيْضِ إذ تُرَوِّعُها

بالله إلَّا رحمْتِ غُرْبَتَها

قالتْ رأَيْتَ السَّوْدَاءَ في وَطنٍ

تكُون فيه البَيْضَاءُ ضَرَّتها

(a) في الأصل بالرفع، وهو مفعول به مقدّم.

_________

(1)

شعر النامي 43، والأبيات في وفيات الأعيان 1: 126، وتاريخ الإسلام 8: 316 والوافي بالوفيات 8: 97، وتاريخ ابن الوردي 1: 486، وأعيان الشيعة 3:109.

ص: 93

أنْبَأنَا أحْمَد بن أزْهَر السَّبَّاكُ، عن أبي بَكْر الأنْصَاريّ، قال: أنْبَأنَا أبو غَالِب بن بشْرَان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ بن نَصْر: قال أبو الخَطَّاب بن عَوْن الحَرِيرِيّ، وحَدَّثَني عنهُ أبو القَاسِم الشَّاعر بذلك، وقد رأيتُهُ ولم أسْمَعْ منهُ هذه الحِكايَة قال: دَخَلْتُ إلى أبي العبَّاس النَّامِيِّ، فوَجَدتُه جالِسًا ورأسُهُ كالثَّغَامَةِ

(1)

بياضًا، وفيه شَعْرةٌ واحدةٌ سَوْداء، قلتُ له: يا سَيِّدِي، في رأسكَ شَعْرةٌ سَوداءُ، قال: نعم، هذه بَقِيَّةُ شَبَابي وأنا أفْرَح بها، ولي فيها شِعْرٌ، قُلتُ: أنْشدنيهِ، فأنشدَني

(2)

: [من المنسرح]

رَأيْتُ في الرَّأس شَعْرةً بقيَتْ

سَوْدَاء تَهْوى العُيُون رُؤيَتها

فقُلتُ للبِيْضِ إذ تُرَوِّعُها

بالله إلَّا رَحمْتِ غُرْبتها

وقَلَّ لبْثُ السَّوْدَاءِ في وَطَنٍ

تكُون فيهِ البَيْضَاءُ ضَرَّتها

ثم قال: يا أبا الخَطَّاب، بَيْضاءُ واحدةٌ تَرُوعُ ألْفَ سَوْداءَ، فكيف بسَوْدَاء بين ألف بَيْضاءَ؟!.

قَرَأتُ في نُسْخَةٍ قَدِيْمَة من دِيْوان شِعْر أبي العبَّاسِ النَّامِيِّ، وأظُنُّها بخَطِّ جَامِع شِعْره، ما صُوْرته: وكنتُ أنْشَدْتُ في لَيْلَةٍ من اللَّيالِي سَيْفَ الدَّوْلَة أبياتَ البُحْتُرِي

(3)

: [من الخفيف]

وأَبَتْ تَرْكِيَ الغُدَيَّاتُ والآ

صَالُ حتَّى خَضَبْتُ بالمقْرَاضِ

شَعَراتٌ أَقُصُّهُنَّ ويَرْجِعْـ

ــنَ رُجُوعَ السِّهَام في الأغْرَاضِ

فهَل الحادِثَاتُ يا ابنَ عُوَيْفٍ

تارِكَاتي ولُبْسَ هذا البَيَاضِ

(1)

الثَّغَامَةُ: نباتٌ ذو ساقٍ، أبيض الثمر والزهر، يشبه بياض الشيب. لسان العرب، مادة: ثغم.

(2)

تقدم تخرج الأبيات.

(3)

ديوان البحتري 3: 1208 - 1209.

ص: 94

فاسْتَحْسَنَها، وقال للنَّامِيِّ: اعْمَل مثل هذا، فعَمل قَصِيدَةً يمتدحُهُ ويصفُ الشَّيْبَ، وفيها

(1)

: [من الخفيف]

ولقد جَارَت النُّهَى فتَغَاضَيْتُ

لبِيْضٍ نَهَيْن بعْضَ التَّغَاضِي

ثُمَّ خِفْتُ انْقراضَ وُدّ الغَوَاني (a)

فاسْتَعرْتُ الصِّبَا من المقْراضِ

خطواتُ الشَّبَاب عن شَعراتٍ

أشْعَرت أنَّها بَوَاقٍ مَوَاضِ

وقَرأتُ في هذه النُّسْخَة المُشَار إليها: وقال لي أبو العبَّاسِ النَّاميِّ: أهدَيْت إلى صَدِيْق لي سِكِّينًا عليها طَائر مُذْهَب، وكَتَبتُ معها أبْيَاتًا، منها

(2)

: [من الخفيف]

أوْقَدَ الصَّقْلُ مَاءَ فِرندِهَا الجا

ري فجاءَتْ كالنَّار ذات اشْتِعَالِ

جَوّ نُورٍ لم تُخْلهِ بدْعَةُ الصَّنْـ

ـعَة من طَائرٍ بَدِيْعِ المثِالِ

عَامَ في لؤلُؤٍ ولكنَّهُ قَدْ

قامَ فيه مُذَهّبَ السِّرْبالِ

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، فيما أَذِنَ لَنا فيهِ، قال: كَتَبَ إلينا الفَضْل بن سهلٍ الحلبي أنَّ أبا بَكْر الثَّابِتِيّ أخبرَهُم إذْنًا، قال: أنْشَدَنا أبو الفَتْح أحْمَدُ بن عليّ بن النَّخَّاس بحَلَب، قال: أنْشَدَنا الحسُين بن عليّ بن أبي أُسامَةَ، قال: أنْشَدَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد النَّاميِّ لنَفْسِه يَصِفُ الشَّقَائقِ

(3)

: [من الطويل]

وعَذْراء كالعَذْراءِ عَاقصَة الشَّعْر

بدَتْ في وقايات لقامَتها (b) حُمْر

تُنشر عنها معجزًا من زَبَرْجَد

يَدُ الشَّمْس زَرَّتْهُ (c) عليها يَدُ القَطْر

(a) كتب ابن القديم في الهامش: "نسخة: العذارى".

(b) شعر الناي: لهامتها.

(c) شعر النامي: ذرته.

_________

(1)

لم ترد في مجموع شعره.

(2)

لم ترد في مجموع شعره.

(3)

شعر النامي 64.

ص: 95

قَرأتُ بخَطِّ بعض الفُضَلَاءَ: ماتَ النَّاميّ أبو العبَّاس في سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وثَلاثِمائة عن سِنٍّ عاليةٍ، وكان من شُعَرَاءَ سَيْف الدَّوْلَةِ.

والصَّحيحُ ما أنْبَأنَا به أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن مُحَمَّد بن عَبْد البَاقي الأنْصَاريّ، عن التَّنُوخِيّ، قال: ماتَ أبو العبَّاس أحْمَدُ بن مُحَمَّد المِصِّيْصيّ الشَّاعِر المَعْرُوف بالنَّاميِّ الكبير بحَلَبَ في سَنة سَبْعِين أو إحْدى وسَبْعِين وثَلاثِمائة عن سِنٍّ عاليَةٍ، وسَمِعْتُ مَنْ يَذكر أنَّهُ ماتَ عن تِسْعين سَنَة أو نحوها.

وأخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عَبْد الله الأسَدِيّ إذْنًا، عن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ قال في كتاب المُؤْتَنف

(1)

، ح.

ونَقَلْتُه من خَطِّ مُحَمَّد بن سَعْدُون العَبْدَرِيّ ممَّا أخْرَجَهُ أبو عَبْد الله الحُمَيْدِيّ من كتاب المُؤْتَنف، تَكْلة المُؤِتَلِف والمُختَلِف لعَبْد الغَنِيّ والدَّارَقُطْنِيّ، قال: وأمَّا النَّاميِّ بالنُّون فهو أحْمَد بن مُحَمَّد أبو العبَّاس المِصِّيْصيّ الشَّاعر المَعْروف بالنَّاميِّ، ذَكَرَ لي أبو القَاسِم التَّنُوخِيّ أنَّهُ ماتَ بحَلَب في سَنة سَبْعِين أو إحْدى وسَبْعِين وثَلاثِمائة، شَكَّ في ذلك.

‌أحمد بن مُحَمَّد، أبو الحَسَن المَعْنوِيُّ

وبَعْضُهم يُسَمِّيه عليّ بن أحمد، والصَّحيح هو الأوَّل.

وهو شَاعِرٌ مُجِيْدٌ، كان في أواخر عَصْر سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن بن حَمْدَان بحَلَب.

سَمعَ أبا عَبْد الله بن خَالَوَيْه. ورَوَى عن أبي بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الصَّنَوْبَريّ، وأحمد بن عليّ الكَاتِب.

(1)

لم أقف عليه في كتاب المؤقف (مخطوط برلين رقم 290) وربما ذكره الخطيب في الأجزاء الأولى الضائعة من الكتاب.

ص: 96

رَوَى عنهُ شَيْخُهُ أبو عَبْدِ الله بن خَالَوَيْه، وأبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن أحْمَد بن خَنْبَش الخولانِيّ، وأبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الجوهَرِيّ، وأبو القَاسِمِ عليّ بن المحسِّن التَّنُوخِيّ.

أخْبَرَنا أبو هاشِم بن أبي المَعَالِي الفَقِيه، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو سَعْد بن أبي بَكْر المَرْوَزيّ، إِجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أنْشَدَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد السَّلَّال، قال: أنْشَدَنا أبو عليّ مُحمد بن وِشَاح بن عَبْد الله الزَّيْنَي، مَوْلاهم، قال: أنْشَدَنا أبو القَاسِمِ عبد الصَّمَد بن أحْمَد بن خَنْبَش الخولانِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد المَعْنَوِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو بَكْر الصَّنَوْبَريّ

(1)

لنفسِه: [من البسيط]

إنْ كان في الصَّيْف ريحانٌ وفاكهةٌ

فالأرْضُ مستَوقَدٌ والجوُّ تَنُّورُ

وإنْ يكن في الخَرِيْفِ النَّخْلُ مُحْتَرقًا

فالأرْضُ مَحْسُورة والجوُّ مَأْسُور (a)

وإنْ يكُن في الشِّتَاء الغَيْثُ مُتَّصِلًا

الأرْضُ عريانَةٌ والجوُّ مَقْرُورُ

ما الدَّهْر إلَّا الربيعُ المُسْتَنِيْرُ إذا

جاءَ الرَّبيع أتَاكَ النَّوْر والنُّوْرُ

فالأرْضُ يَاقُوتَةٌ والجوُّ لُؤْلُؤة

والنَّبْتُ فيرُوْزَجٌ والماءُ بَلُّوْرُ

ما يَعْدَمُ النَّبْتُ كأسًا من سحائبه

فالنَّبْتُ ضَرْبان: سَكْرانُ ومَخُمورُ

فيهِ لنا الوَرْدُ مَنْضُودٌ مُوَّردُهُ (b)

بين المجالِس والمنثُور مَنْثُورُ

ونَرْجِسٌ سَاحرُ الأبْصَار ليس كما

كانتْ له من عَمَى الأبْصَارِ مَسْحُورُ

هذا البَنَفْسَجُ هذا الياسَمِين وذَا الـ

ـنّسْرِين قد قرنا بالحُسْن مَشْهُورُ (c)

فظَل (d) تَنْثُر فيهِ السّحْبُ لُؤلُؤَهَا

والأرْضُ ضَاحِكةٌ والطَّيْرُ مَسْرُورُ

(a) الديوان: فالأرض محصورة والجو محصور، وفيه تبديل بين هذا العجز وعجز البيت الذي يليه.

(b) الديوان: مؤزَّر ما.

(c) الديوان: ذا سوسن في الحسن مشهور.

(d) الديوان: تظلُّ.

_________

(1)

ديوان الصنوبري 42 - 43.

ص: 97

حَيْثُ الْتَفتَّ فقُمْريُّ وفَاخِتَةٌ

تُغَنِّيان (a) وشفْنينٌ وزَرْزُورُ

إذا الهزَارانِ فيه صوَّتَا فهما

لحُسْن صَوْتَيهما عُوْدٌ (b) وطُنْبُورُ

يَطيبُ (c) فيه الصَّحارى للمُقِيْمِ بها

كما يَطيبُ (d) لهُ في غَيْرِهِ الدُّورُ

مَنْ شَمَّ ريحَ تحيَّاتِ الرَّبيْع يَقُلْ

لا المِسْكُ مِسْكُ ولا الكَافُورُ كَافُورُ

أخْبَرَنا عَبْدُ المُطَّلب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أَبو جَعْفَر المَهْدِيّ بن أبي حَرْب المَرْعَشيِّ فِي داره بسَارِيَة، قال: حَدَّثنا أبو عَبْد اللهِ الحُسَين بن نَصْر بن المُرْهَف القَاضِي بنَهَاونْد، قال: أنْشَدَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الحوهَرِيّ، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن المَعْنَوِيّ، قال: أنْشَدَنا أحْمَد بن عليّ الكَاتِبُ: [من الكامل]

يَوْمٌ بَدَا في غايةِ الحُسْنِ

تَبْكي سَحائُبُهُ بلا جَفْنِ

فالأرْضُ تَضْحكُ من بُكا المُزْنِ

والشَّمْسُ تحت سُرَادِق الدّجنِ

وكأنَّ دِجْلَةَ في تَمَوُّجِها

تَخْتالُ بين مَطَارفٍ دُكْنِ

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبدُ الوَهَّاب بن رَوَاج، قِراءَةً عليهِ ببِرْكة الفِيْلِ بين مصْر والقَاهِرَةِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن النَّقُور، قال: أنْشَدَنا القَاضِي أبو القَاسِم التَّنُوخيِّ، قال: أنْشَدَنا المَعْنَوِيّ، قال: أنْشَدَنا الصَّنَوبَريِّ

(1)

لنفسِه: [من الخفيف]

أيُّها المُغتدي من العُرْس عَادتْـ

ـكَ نُحُوسٌ (c) ما بعدَهُنَّ نُحُوسُ

ما سَمِعْنَا والله فيما سَمِعْنا

بعَرُوسٍ تُجلَى عليها عَرُوسُ

(a) الديوان: فيه تغني.

(b) الديوان: فهما السرناي والناي بل عود.

(c) الديوان: تطيب.

(d) الديون: تطيب.

(e) الديوان: غادتك سعود.

_________

(1)

ديوان الصنوبري 175.

ص: 98

قرأتُ على ظَهْر كتاب مَعَاني القُران للفَرَّاءِ

(1)

، بخَطّ أبي عَبْدِ اللهِ الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه الهَمَذَانيّ، مَكْتُوبًا بخَطِّ بعض تَلَامذتهِ، أظُنُّه عَمَّار بن الحُسَين بن عليّ بن حَمَّاد المَوْصِليِّ، قال ابنُ خَالَوَيْه: حضَر ذات يَومٍ عندي أبو إسْحاق بن شهرَام، وأبو العبَّاس ابن كاتب البكْتَمُرِيّ، وأبو الحَسَن المَعْنَوِيّ، فأنْشَدَ عَمَّارٌ بيتًا على فصّ خاتمه وهو

(2)

: [من الطويل]

وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمان وَجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنةَ الخَطْبِ

وسأل الجَمَاعَة إجازَتَهُ، فقال أبو إسْحاق بن شهرَام:[من الطويل]

وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمانِ وَجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هيّنةَ الخَطْبِ

وقد قالَ ليْ قَوْمٌ تبدَّلْ سِوَاهُمُ

لعلَّك تَسْلُو إنَّما الحُبُّ كالحُبِّ

ومَن لي بسَلْوى عنهُمُ لو أطَقْتُها

ولكنَّ عَذْلِي ليسَ يقبَلُهُ قَلْبي

فيا حِبُّ لا تَبْخلْ علِيَّ بقُبْلَةٍ

تَرُدُّ بها نَفْسِي فيَغْبطَنِي صَحْبي

فإنِّي وبيتِ اللهِ فيكَ معذَّبُ الـ

ـفُؤَادِ عَلِيْلُ القَلْبِ مُخْتَلسُ اللُّبِّ

وليْ مثَل قد قالهُ قبلُ شَاعِرٌ

إذا ازدَدْتُ منهُ زِدْتُ ضَرْبًا على ضَرْبِ

خرجْتُ غَدَاةَ النَّفْر أعْتَرضُ الدُّمَى

فلم أرَ أحْلَى منكِ في العَيْنِ والقَلْبِ

فوالله ما أدْرِى أَحُسْنًا (a) رُزقتِهِ

أم الحُبُّ أعْمَى مثلَ ما قيلَ في الحُبِّ

وقال أبو العبَّاس: [من الطويل]

وكُلُّ مُصِيْبَاتِ الزَّمانِ وجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنَةَ الخَطْبِ

فيا أسَفي لو كانَ يُغْني تَأسُّفٌ

ووَاكُرْبَتي لو روّحَتْ شِدَّة الكَرْبِ

شَربتُ بكأسِ الهَمِّ خَمْرَ فِرَاقِهِم

فأصْبَحتُ سَكْرانَ السُّرُورِ بلا شُرْبِ

(a) في إعادته للرواية في ترجمة أبي إسحاق بن شهرام (الجزء العاشر) وأيضًا في تذكرة ابن العديم: أحُبًّا.

_________

(1)

نقله ابن العديم أيضًا في تذكرته 238 - 330.

(2)

بيت الشعر لقيس بن ذريح، ديوانه 59، وفيه: ملمات الزمان.

ص: 99

وقال أبو الحَسَن المَعْنَوِيّ: [من الطويل]

وكُلُّ مُصِيْباتِ الزَّمانِ وجَدْتُها

سِوَى فُرْقَةِ الأحْبَابِ هَيِّنَةَ الخَطْبِ

ولم أَرَ هذا الدَّهْرَ يملِكُ صرْفَهُ

سِوى الرَّجُلِ العَلَّامَة النَّجُدِ النَّدْبِ

ولَسْتُ لصَرْفِ الدَّهْرِ بالوَاهنِ الّذي

يَرُوْحُ على لَوْمٍ ويَغْدُو على عَتْبِ

أنا مَعْنَوِيُّ الشَّام قَوْلًا وفطْنَةً

ولسْتُ هُبيرِي العَلَاقَة والحُبِّ

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد بن أبي بَكْر الإمَام، قال: أنْشَدَنا أبو الفَضْل بن نَاصرِ السَّلَاميِّ، قال: أنْشَدَنا أبو الفَضْل بن الحَدَّاد الفَرَضِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهرِيّ، ح.

قال أبو سَعْد: وقرأتُ على أبي مَنْصُور بن خَيْرُون المُقرِئ الشَّاهِد، عن أبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن المَعْنَوِيّ لنَفْسِه: [من مجزوء الرجز]

كأنَّما ما كانَ مِنْ

آثارهِمْ لم يَبِنِ

إِلَّا بَقَايا دِمَنٍ

فَدَيتُهاِ مِن دِمَنِ

ودَّعَ رُوْحي بدَني

يومَ وَدَاعِ السُّفُنِ

رَاحوا فراحُوا معَهُم

بكُلِّ شيءٍ حَسَنِ

‌أحمدُ بن مُحَمَّد، أبو سَهْل الفَارِسِيُّ

(1)

حَدَّثَ بالمِصِّيْصَة عن أحْمَد بن حَرْب. رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن إبْراهيم بن المُقْرِئ.

أخْبَرَنا أبو الحَجّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّد بن عبدِ الرَّحيم بن الإخْوة وصاحِبتهُ عَيْن الشَّمْس بنتُ أبي سَعيد بن الحَسَن، قالا:

(1)

تقدمت الترجمة له في هذا الجزء باسم: أحمد بن محمد بن يزيد، أبو سهل الفارسي، وورد إزاء ترجمته هنا تعليق لابن فهد الهاشمي المكي، الذي طالع نسخة الكتاب، ونصه:"هذه الرجمة والحديث الذي بعدها تقدَّما في ترجمة قبل هذا، في: أحمد بن محمد بن يزيد، أبو سهل الفارسي، كتبه محمد المدعو عمر بن فهد الهاشمي المكي، سامحه الله".

ص: 100

أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيِّ - قالت: إجَازَةً - قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، وأبو الفَتْح منْصُور بن الحُسَين، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقرِئ

(1)

: حَدَّثنا أبو سَهْل أحْمَد بن مُحَمَّد الفَارسيّ بالمصِّيْصَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا زَيْد بن الحُبَاب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُسْلِم الطَّائِفِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرو بن دِيْنار، عن ابن عبَّاسٍ أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: مَنْ كانَتْ عندَهُ شَهَادَةٌ فلا يقُول: لا أُخْبرُ بها إلَّا عند إمَامٍ، ولكن ليُخبر بها لعلَّهُ يرجعُ ويَرْعَوي.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد العبَّاسيُّ

حَدَّثَ عن عَبْد الله بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ رَوَى عنهُ أبو بَكر بن المُقْرِئ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم بن الإخْوَة وصاحِبتهُ عَيْن الشَّمْس، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج الصَّيْرَفيِّ - قالت: إجَازَةً - قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر وأبو الفَتْح، قالا: أخْبَرَنا أبو بكْر بن المُقْرِئ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد العبَّاسيِّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن خُبَيْق، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن أسْبَاط، قال: سئِلَ الثَّوْرِيّ عن مَسْألَةٍ وهو يشتَري شيئًا، فقال: دَعْني فإنَّ قلبي مَعَ دِرْهمَي.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد الأَذَنِيُّ

إن لم يَكُن ابن سَعيد الرَّاوِي عن لُوَيْن فهو غيره. حَدَّثَ عن إبْراهيم بن حَمَّاد، روَى عنهُ أبو عِمْران مُوسَى بن سَهْل الجوَنيِّ.

(1)

معجم ابن المقرئ 151.

(2)

معجم ابن المقرئ 154.

ص: 101

كَتَبَ إلينا أبو الفُتُوح دَاوُد بن مَعْمَر القُرَشِيّ من أصْبَهَان، قال: أنبأنَا أبو سعد أحمد بن مُحَمَّد الوَاعِظ، عن أبي هاشِم مُحَمَّد بن الحسين الجُرْجَانِيّ، قال: أخْبَرَنا إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن عَبْد الله البُخاريّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر بن القَاسِم، أبو عَبْدِ الله الفَقِيه ببُخَارَى، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن مُحَمَّد بن إبْرَاهيم أبو بَكْر العَطَّار ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَنَا أبو عِمْران مُوسَى بن سَهْل الجَوْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد الأَذَنِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا يوسف بن سَوَّار، قال: حَدَّثَنَا خَلَف بن خَلِيفَة، عن أبي هاشِم الرُّمَّانِيّ، عن مُحارِب بن دِثَار، عن أنَس بن مالِك

(1)

، قال: بَعَثَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم رَجُلًا من أصْحَابه يُقال له سَفِيْنَة بكتابٍ إلى مُعَاذ، إلى اليَمَن، فلمَّا صَارَ في الطَّريق إذا هو بسَبِعُ رَابض وسط الطَّريق فخاف أنْ يَجُوزَ، فتقَدَّم (a) إليه، فقال: أيُّها السَّبُعُ، إنِّي رسُولُ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى مُعَاذ، وهذا كتاب رسُول اللهِ إلى مُعَاذ، فقام السَّبعُ فهَرْولَ قُدَّامَه غَلْوَةً، ثمّ هَمْهَم، ثمّ صَرَخَ، ثمّ تَنَحَّى عن الطَّريق، فمَضَى بكتاب رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى مُعَاذ. ثمّ رجع بالجَوَاب، فإذا هو بالسَّبعُ، فخافَ أنْ يَجُوز، فقال: أيُّها السَّبُعُ، إنِّي رسُولُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إلى مُعَاذ، وهذا جَوابُ كتاب رسُول الله صلى الله عليه وسلم من مُعَاذ، فقَام السَّبعٌ فصَرَخَ، ثمّ هَمْهَم، ثمّ تَنَحَّى عن الطَّريق، فلمَّا قَدِمَ، أخْبَرَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: تَدْري (b) ما قال أوَّل مَرَّة؟ قال: كيفَ رسُول الله وأبو بَكْر وعُمَر وعُثْمانُ وعليّ؟ وأمَّا الثَّانيَة فقال: أقْرِ رسُول الله وأبا بَكْر وعُمَر وعُثْمان وعليًّا وسَلْمَانَ وصُهيْبًا وبِلَالًا منِّي السَّلامَ.

(a) ابن عساكر: فيقوم.

(b) ابن عساكر: تدرون.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 10: 473 - 474.

ص: 102

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه التوفيق

‌أحْمدُ بن مُحَمَّد العُقَيْلِيُّ الأمِيْرُ

(1)

أميرٌ شَاعِرٌ مَذْكُورٌ، وَقفتُ على ذِكْره في مُخْتَار من أخْبَار مِصْر، تأليفُ الأَمِير مُخْتَار الملك مُحَمَّد بن عُبَيْد الله بن أحْمَد المُسَبِّحيّ

(2)

، وأوْرَدَ لهُ قَصِيدَةً طَرْدِيَّةً على مَذْهَب طَرْدِيَّة أبي فِرَاس، وصَفَ فيها أيَّامًا مرَّتْ له بحَلَب وناحِيَتها، وذكَرَ فيها مَنَازلَ من قرَى حَلَب مَرَّ بها وهو في الصَّيْد، وذكَرَ وَقْعَةً جَرَتْ لهُ مع الرُّوم، وكان ذلك في دَوْلة بني حَمْدَان، والطَّرديَّة قولهُ:[من الرجز]

يا سَائلي عن خَبَري وسِنِّي

خُذْ وَصْفَ أيَّام السُّرُور عنِّي

ذاكَ هُوَ العُمْرُ الّذي يَسُرُّ

وما سِوَى ذَاكَ فلَيْسَ عُمْرُ

أيَّامَ للأَمْر نَفَاذٌ وَمَضَا

وللسُّرُورِ لَذَّةٌ بِلَا انْقضَا

أَحْسَنُ يَوْمٍ مرَّ ليْ مِن عُمْري

لَمْ أرَ يَوْمًا مِثْلَهُ في دَهْرِي

يَوْمُ سُرُورٍ كانَ في أرْضِ حَلَبْ

طَرِبْت فيهِ طَرَبًا على طَرَبْ

وذَاكَ أنِّي قْمتُ نِصْفَ اللَّيْل

مُشَارِفًا لخَدَمي وخَيْلي

حينَ زَقَا البَازُ وصَاحَ الصَّقْرُ

فقُلتُ: يَوْم صَيْدُهُ يَسُرُّ

هَاتِ إليَّ يا غُلَامُ الطَّاهي

قلتُ لهُ لمَّا أتَى: باللهِ

أَكْثِرْ لنا مِنَ الشِّوَاء المُنْضَجِ

ومِنْ دَجَاجٍ فآيق مُلَهْوَجِ

(1)

توفي سنة 385 هـ.

(2)

تقدم التعريف بتاريخ المسبحي في الجزء الثاني، وانظره ضمن النصوص الضائعة من كتابه أخبار مصر 152.

ص: 103

وَاشْوِ منَ الحُمْلَانِ ما يَكْفِينا

واخْتَرْ هُدِيْتَ الفَائقَ السَّمِيْنَا

وَامْلَ الصَّنَادِيقَ من المصُوْصِ

حتَّى تكُونَ عَدَدَ الشُّخُوْصِ

وَاصْلحْ منَ القَبْجِ مُطَجَّناتِ

ومن فَرَاريْجَ مُبَزَّرَاتِ

واحْمِلْ منَ المُرْي وماءَ الحِصْرِم

والخَلّ والزَّيْت اللَّذيْذِ المَطْعَمِ

للكَرْدنَاجِ والشِّوَى والمَائِدَهْ

فحَمْل ذا فيهِ جَمِيعًا فَائِدَهْ

وَاصْلحْ من البيضِ مُشَوَّشَات

ونَرْجِسِيَّاتٍ وَمَقْلوَّاتِ

واصْلح رُقَاقًا وَاسِعًا نَقِيَّا

يكُونُ إنْ لقَيْتَهُ بَهِيَّا

حتَّى ترى اللَّفَّة في التَّدْويرِ

قائمةً كَعُنُقِ الطُّنْبُورِ

إنْ قُطِعَتْ ووُضِعَتْ في الجَامِ

رأيْتَ زَهْرًا حَسَنَ النِّظَام

مِلاكُ بزْماورْدِكَ الدَّجَاج

والقَبْجُ والدُّرَّاج والسِّكْبَاجُ

بكَثْرةِ البَقْلِ وخَلِّ الدَّنِّ

والبَيْضَ والزَّيْتُونَ والجُبُنِّ

والجَوْز أيضًا وقُلوب الخَسِّ

وكَثْرَة النَّعْنَع والكَرَفْسِ

واضْمُمْ إلى الصَّعْتَرِ والهَلْيُون

مما يَفْتُقُ الشهوَةَ من طَرْخُونِ

والمِسْكُ والماوَرْدُ يا عجَيْبُ

بهِ إذا طَيَّبْتَهُ يَطِيْبُ

وإنْ لَقيْتَ أحَدًا بَلِفَّهْ

فلتَكُن اللَّفَّةُ تملَا كَفَّهْ

أُريدُهُ يَوْمَ سُرُورٍ كَامِلا

والخَيْر فيه للرِّجَالِ شَامِلَا

وخُذْ لنا من الجُنُوب والجِدَا

ما تَشْتَهيهِ النَّفْس في وَقْت الغَدَا

ووَفِّر الأوسَاطَ والذَّوائبِا

حتَّى تَرَى منَّا غَدًا عَجَائبِا

وخُذْ من الحَلْوى السِّلَالَ الوافرَهْ

فإنَّ أيْدِيْنَا لها مُبَاشِرَهْ

قُلتُ: الشَّرَابِيّ، فقالوا: قد حَضَرْ

قلتُ: احْمِل الرَّاحَ ووَفِّرْ يا قَمَرْ

وَامْلَ الأَوَاني والبلَسْقيَّاتِ

يَكُنَّ للطَّالبِ بارِزَاتِ

واحْمِلْ من المرْوَاح في جِرَارِهِ

يشرَبُه مَنْ شَاءَ باخْتِيَارِهِ

ص: 104

وخُذْ من المَطْبُوخ والشَّمْسِيِّ

رِيَّ رِجَالٍ حَظُّهُمْ في الرّيِّ

وخُذْ لنا فَاكهَةً تَرْضَاهَا

فأعْيُنُ النَّاسِ غَدًا تَرَاهَا

وقُلتُ: أينَ البَازْيَارُ جَعْفَر؟

قيلَ: ببابِ الدَّار، قُلتُ: يَحْضُرُ

قلتُ لهُ لمَّا أتَى: اسْمع قَوْلي

ولا تُخالفْنِي تَنَلْ من نَيْلي

قُمْ فاحْمِلٍ الكُرَّزَ والغُطْرَافَا

والزُّرَّقَيْن واحْذَرِ الخلَافَا

وزرقَانِ فهْوَ سَبعُ القَبْج (a)

وهْوَ كَثِيْرٌ في نَوَاحِيا الفَجّ

(1)

واحْمِل مع الكُرَّز يَاشِقَيْن

فَرْخَيْنِ إنْ شِئْتَ وكُرَّزَينِ

أرْبَعَة فيها لنا كِفَايَهْ

وَهْيَ لعَمْري تبْلغٌ النِّهايَهْ

تَصِيْدُ ما طارَ من الفِرَاخَ

أَحْسَنَ من صَيْدِكَ بالفِخَاخَ

وخُذْ صقُوْرًا تِسْعَةً كبَارَا

تأخُذُ ما دَبَّ لها أوْ طَارَا

وخُذْ شَوَاهيْنًا جِيَادًا فُرْهَا

تأخُذُ طَيْرَ الماء فيهِ كُرْهَا

سِتًّا وإنْ شِئْتَ فخُذْ ثَمانِيَهْ

تُديرُ منها ما تَشَا عَلَانِيَهْ

وخُذْ لنا عَشْرًا من الكِلَابِ

مُخْتَارةً تمعِنُ في الهُرَّابِ

وخُذْ من الأكْلُبِ للعِرَاضِ

أرْبَعةً فَهْيَ القَضَاءُ المَاضِي

وخَلِّها باللهِ بالنَّوَائِبِ

فإنَّها تأْخُذُ كُلَّ ذَاهِبِ

وخُذْ لنا بُوْرَجنًا يفَرِّجِ

فإنَّهُ يُخْرج ما في البُنَّجِ

ثمَّ خُذْ الفَهْدَ فإنِّي وَامِق

لصَيْدِهِ إذا اغْتَدَى يُعَانِق

كأنَّهُ بلَثْمٍ ما يَصِيْدُ

وضَمّهِ فإنَّهُ شَدِيْدُ

كعَاشِقٍ فازَ بمَنْ يُحبُّ

وَهْوَبهِ مِن قَبْل ذاكَ صَبُّ

(a) كذا في الاصل أخبر عن المثنى بالمفرد، والزُّرَّقان واحدته: الزُّرق؛ طائرُ بين البازي والباشق، جمعه زراريق. لسان العرب، مادة: زرق.

_________

(1)

كتب ابن العديم في الهامش مفسرًا: "الفَجّ: هو فجّ سنْيَاب الذي يخرج منه نهر قُويق".

ص: 105

وقُلْ لهُ: وَاسِ أَخي مُفَرِّجِ

لَسْتُ أُحبُّ اليَوْمَ صيْدَ الزُّمَّجِ

لا البَاز يَصْطَادُ ولا الصُّقُور

إذا رأَتْهُ فَوقَهَا ويَدُور

وقلتُ للغِلْمَان في وَسْط السَّحَرْ:

قُوْمُوا اخْرُجُوا فاليَوْم يَوْمُ مشْتَرْ

ولا تُريدُوا مَعكُمْ مَنْ قد عُرِفْ

بالشُّؤْم في الصَّيْدِ ولكنْ يَنْصَرفْ

قالُوا: فمَنْ نَردُّ؟ قُلتُ: ردُّوا

ذَاكَ وذا وذا وذا وشُدُّوا

لمَّا رَدَدْتُ القَوْم طابَتْ نفْسِي

وسِرْتُ في عِصَابَةٍ منْ جِنْسِي

كُلِّ كَريم بَطَلٍ مُحَام

مُغَاورٍ مُنَازِلٍ مِقْدَامِ

أَجْرَى منَ اللَّيْثِ إذا اللَّيْثُ زَأَرْ

والبَدْرِ في الحُسْنِ إذا البَدْرُ بَهَرْ

سقيًا لعجَّار (a) وما وَلَاهَا

طَابَ ثراهَا وشَفَى هَوَاهَا

حتَّى إذا صِرتُ وَرا البُسْتَانِ

وعَيْن قِنَّسْرِيْنَ (b) في الجِنَانِ

رأى الغُلَامُ أرْنَبًا في المجْثَم

نائمةً بحَيْنهَا لَم تَعْلَم

فشَكَّهَا بالآلَةِ المبُارَكَهْ

ونفسُها ممَّا دَهَاهَا هَالِكَهْ

وانْفَتَح الصَّيْدُ لنا وَطَابَا

قُلتُ: احْفَظُوا وَيَحْكُم الكلَابَا

فلَمْ نزلْ نَطْلُبُها في البقعَهْ

حتَّى أَخَذْنَا مائة وسَبْعَهْ

وَصَاحَ طَيْرُ الماءِ عن يَميْني

كأنَّما دَلَّ على كِميْنِ

قُلتُ: ذَرِ الأصْفَرَ والمُلمَّعَا

حتَّى إذا ما اسْتَعْلَيا دَارا مَعَا

كأنَّ ذا يَطْلُبُ ذا في الحَرْب

والطَّيْرُ منها في أَشَدِّ الكَرْب

لمَّا نقَرْتُ الطَّبْلَ طارَ الرَّفُّ

واسْتقبَلتهُ بالرَّدَى الأكُفُّ

فجُدِلَتْ أرْبعة كِبَارُ

كأنَّها من ثِقْلِها أحْجَار

ثُمَّ تَبِعْناهُ إلى حَدِّ البِرَكْ

وَهْوَ مِنَ الخوَف كَطَيرٍ في شَرَكْ

فلَمْ يَطِر حتَّى نَقَرْنا الطَّبْلَا

فازْدَادَ منَّا وَحْشَةً وخَبْلَا

(a) كتب المؤلف في الهامش: "عجَّار: قرية بالقرب من عزاز".

(b) في الهامش: "يريد نهر قويق".

ص: 106

حتَّى إذا طارَتْ طُيُورُ الماءِ

والطَّائِرَان فَوْق في الهَوَاءِ

تصَوبتْ كالنَّار لمَّا اشْتَعَلَت

فجدَّلَتْ أرْبَعَةً وارْتَفَعت

ثُمَّتَ عَادَا فأجَدَّا في الطَّلَبْ

فلَحقَا ما كانَ منها قَدْ هَرَبْ

فصَرَعَا أرْبَعَةً وأرْبعَهْ

وهَبَّتِ الرّيحُ فصَارَتْ زَوْبَعَهْ

وجاءَني العَبْدُ بسَلْوتَيْنِ

كِلاهُما في ثِقْل وَزَّتَيْنِ

وجَاءَ صيَّادٌ بمِخْلَاتَي سَمَك

قد صَادَهَا مُنْفَرِدًا وما تَرَكْ

ثمَّ عَدَلْنَا نَطْلُبُ الدُّرَّاجَا

وكانَ من كَثْرَتِهِ أَزْوَاجَا

فلَمْ نَزَل نأخُذُ ما يَطِيْرُ

كبِيْرُها المأْخُوذُ والصَّغِيْرُ

حتَّى أخَذْنا فوقَ تِسْعِيْنَ عَدَدْ

والبَازُ قد أسْرَعَ فينا واجْتَهَدْ

مِلْنَا جميعًا فإذا الكَرَاكي

طَوِيلَةُ السَّاقَاتِ والأَوْرَاكِ

لَمَّا رَأى البَازَ أجَدَّ السَّيْرَا

ولا تَرى أخْبَثَ منهُ طَيْرَا

حتَّى إذا قَاربَهَا تعَلَّقا

زادَ علُوًّا وَسَمَا وحَلَّقَا

ثُمَّ رَمَى بنَفْسهِ عليها

فكانَ مَوْتًا مُسْرِعًا إليها

فلَم يَزَلْ يَضْرِبُها وينصَرعْ

وقَدْ تَحَدَّاها بمَوْتٍ وطَمعْ

فِعلِ الشَّوَاهينِ بطَيْر الماءِ

إذا رأَتْهُ وَهْوَ في السَّماءِ

حتى لقَدْ صَادَ الكَرِيْم تسْعَهْ

وسَبْعَة وسَبعَةً وسَبْعَهْ

صَيْدًا تَرَى عِدَّتهُ في جُمْعَهْ

وذَا من البَازِ لعَمْري بدْعَهْ

واتبعَ الغُطْرَافُ طَيْرًا قد هَرَبْ

لكُلِّ حَتْفٍ سَبَبُ من السَّبَبْ

بينا نَسِيْرُ فإذا الجُبَارَى

وَاقفَةُ كأنَّها حيَارَى

لمَّا رآهَا البَازُ طابَتْ نفسِي

أرْسَلْتُهُ فانْسَلَّ مثْلَ النِّمْسِ

يَطِيْر فوقَ الأرْضِ لا يُدْرَى بِهِ

فأَفْرَدَ البائسَ مِن أصْحَابِهِ

لحقْتُهُ وَهْوَ عليهِ يَنْتِفُ .... والقَلْبُ من خَوف عليهِ يَرْجُفُ

ص: 107

قُلتُ لهُ: ارْكَبْ مُسْرِعًا فما رَكِبْ

حتَّى نزَلتُ والجُبَارَى تَضطَرِبْ

ثُمَّ إذا الغِطْريفُ فَوْقَ الثَّاني

أرَاهُ مِنْ بعدٍ ولا يَرَاني

فصِحْتُ بالصَّيَّادِ: خُذْهُ من يَدِهِ

فطَيْرُنا مُجْتَهدُ في طَرَدِهِ

وقلتُ للقَوْم وقد صَاحَ الحَجَلْ

مُذكّرًا بنَفْسِهِ لمَن عَقَلْ

هذا لعَمْريْ وقْتُ صَيْدِ البَاشِقِ

والزّرَّقَانِ سَلوَةٌ للوَامِقِ

كِبارُها نأخُذُها في البُنَّجِ

والفَرْخُ تَعْلِيقًا ولمَّا يَدْرُجِ

حتَّى أخَذْنَا مائةً وأرْبَعَهْ

رأيْتُها في مَوضِع مُجْتَمِعه

فيَا لَهُ مِن فَرَحٍ على فَرَحْ

نَأخُذُ من طَيْر الفَلَاةِ ما سَنَحْ

لمَّا أتَيْنَا النَّهْرَ نبغي الطَّرَدَا

نَكُدُّ ما نُبْصِر منهُ نَكَدا

إذا النَّعَامُ والحَمِيْرُ والبَقَرْ

في فَيءِ زَيتوِنٍ وتَيْنٍ وشَجَرْ

قالَ ليَ الصَّيَّادُ: ذَا يَوْمُ ظفَرْ

والصَّبْرُ عقْبَى خَيْرِهِ لمن صَبَرْ

فابْعَثْ بخَيْلٍ تأخُذُ المَضَائِقَا

واخْتَرْ منَ الخَيْل الطِّمِرَّ السَّابِقا

ووَصِّهِمْ بصَيْدِهِ منَ الجَبَلْ

فكُلُّ ما

(1)

عَادَ إلينا قد حَصَلْ

بعثت مَنْ عَيَّنْته للوَقْتِ

سَبْعًا وسَبعًا وُصِلَتْ بسِتِّ

ثُمَّ عَبَرْنا النَّهْرَ بعدَ مَرِّهِمْ

نَسِيرُ سَيْرًا لَيِّنًا في إثْرِهِمْ

حتَّى إذا صُرْنَا حِذَا الزَّيْتُونِ

وقد قَرُبنا من أُصُول التِّيْنِ

إذا الظِّبَاءُ أَجْفَلَتْ تَطِيرُ

اتَّبَعَتها بَعْدَها الحَمِيْرُ

ثُمَّ إذا سِرْبُ النَّعَام والبَقَرْ

نافرةٌ قد طَلَبَتْ منها الأثَرْ

قلتُ لهُمْ: خَلُّوا الكِلَاب طُرَّا

ولا تُخَلُّوا فَوْقَ كفٍّ صَقْرَا

فأدْبَرتْ هَاربَةً فِرَارَا

والمَوْت قد حاصَرَها حصَارَا

قد أخَذَتْ طُرْقُ الفَلَا عليها

وكُلُّنا مُنكَمشٌ إليها

(1)

في الأصل موصولة: فكلما.

ص: 108

حتَّى اسْتَوَيْنا وَهيَ في البَطْحاءِ

بأَكلُبٍ شَدَّتْ على الظّبَاءِ

فَكم مَهَاةٍ هَلكتْ بطَعْنَهْ

ورَمْيَةٍ تَمكَّنَتْ في الثَّفْنَهْ

وكم حمارٍ كسَرَتْهُ حَذْفَهْ

وضربةٍ تَقُدُّ منه كتْفَهْ

وكم غَزَالٍ أخَذَتْهُ الخَيلُ

حَلَّ بهِ منها هُنَاكَ الوَيْلُ

وثابت الأكلُبُ والصُّقُورُ

والصَّيْدُ قد لَاحَ لها الكَثِيْرُ

قُلتُ: اجْمَعُوا الصَّيْدَ وشُدُّوْهُ شلَلْ

ممَّا أصَبْنَا بالسُّيُوفِ والأَسَلْ

فَجَمَّعُوا ما صِيْدَ بالكِلَابِ

وبالصُّقُورِ الفُرْهِ في الشِّعَابِ

ثُمَّتَ جَاءُوا بنَعامَتَيْنِ

أحْسَنَ ممَّا أبْصَرَتْهُ عَيْني

قد شُدَّتَا وسِيْقَت في حَبْل

كَعَاشِقَيْنِ اجتَمَعا للوَصْل

رأيتُ صَيْدًا لا يُرَى نَظيرُهُ

غزلانُهَا تقدُمُهَا حَمِيرُهُ

وبَقَراتٌ حُمَّلٌ تُسَاقُ

كأنَّها في سَيْرها الرِّفَاقُ

قلتُ: اجْمَعُوا صيْدَكُمُ وسِيْروا

فما لصَيْدِ يَوْمكُم نَظيْرُ

سْرنَا وقد حَانَ أوَانُ الظُّهْرِ

حتَّى نَزَلنا فَوْقَ شَطِّ النَّهْرِ

قلتُ: اسْتَريحُوا ثمّ صَلُّوا وكُلُوا

ثُمَّ اشرَبوا الرَّاحَ هَنيَّا وارْحَلُوا

وأجَّجَ الطَّبَّاخُ نارًا هَائِلَهْ

يقلي ويَشوِي والنُّفُوسُ مَائِلَهْ

إلى فِرَاخِ القَبْج والدُّرَّاجِ

والرَّاحَ إذ تُشرَبُ في الزُّجَاجِ

وكُلُّنا يَذكُرُ ما قد كانَا

وما رأتْهُ عَينُه عِيَانا

قُمنا جَمِيعًا كُلُّنا قد هَالَهْ

ما قَدْ رَأى وسَرَّهُ ما نَالَهْ

قُلتُ: كَذَا الإقْبَالُ يا مَوْلَانا

باللّهِ لا تُعلمْ بذَا سِوَانَا

قُلتُ: كُلُوا أحْوِيِكُم مَشْويَّهْ

فإنَّها بنِيَّة سَريَّهْ

وقُلتُ لمَا شَربُوها رَاحَا

وكُلّهُم قَدْ طابَ واسْتَرَاحا

سِيْروا بنا نَدْخُلُ بالنَّهَارِ

لينْظُرُ النَّاسُ إلى اسْتِظْهَاري

ص: 109

سِرتُ وِسَارَ القَوْمُ بالسُّرُورِ

نُعِيدُ ما كانَ منَ الطُّيُورِ

حتَّى مَرَرنا بشَفِيرِ وَادِ

إذا بشِبْلَيْنِ على مِيْعَادِ

قلتُ لوَهَّاقٍ معي: خُذْ الوَهَقْ

وارْم بِهِ إنْ كانَ في الحَبل حَلَقْ

ثمَّتَ دُرْنَا حوْلها بالخيلِ

فشَدَّهَا الوَهَّاقُ قبل اللَّيْلِ

ثُمَّ حَمَلْنَاهَا وسِرْنا نَجْري

خَوْفًا منَ اللَّيْثِ لئلَّا يدْري

حتَى إذا صِرْنا إلى الزَّيتُون

إذا بخَيْل الرُّوم في الكَميْنِ

وَهْو لعَمْري مَوضعٌ مَحْذُورُ

فيه اللّصُوصُ أبدًا تَدُورُ

لمَّا رأَوْنا اجْتَمَعُوا وقالوا:

لنا الأمَانُ، قُلتُ: ذَا مُحَالُ

واللّهِ لا أُوْمِنُ إلَّا مَنْ المنَطَقْ

بالحقِّ فيما قالَهُ ومَنْ صَدَقْ

قالُوا: علينا لكَ صدْق المَنطِقِ

نحنُ ترَكنا عَسْكَرِ الدُّمُسْتُقِ

ليلًا وقَدْ مَرَّ على سَرتينِ (a)

ثُمَّتَ خلَّاهَا على اليَمِينِ

وعزمُهُ أنْ يَنزلَ البَدْرِيَّهْ

ليلًا ومنها يُخْرجُ السَّريَّهْ

نَعمْ ولا بُدَّ مِنَ الكَميْنِ

في مَوضعٍ يَخفَى عن العُيُونِ

فاسْتَبْقِنا فكُلُّنا ذُو حَالِ

بالمالِ نُفدَى ثمّ بالرِّجَالِ

قلتُ: لكُلْ ما قَدْ طَلبتُم منِّي

واللّهِ لا يُروَى القَبِيْحُ عنِّي

فسِرْتُ بالقَوْم وقد طَارَ الخَبَر

وخَرَجَ النَّاس جَمِيعًا للنَّظَرْ

وافتَرَقَ العَسْكَرُ كُلُّ قد حَمَلْ

ممَّا أصَبْنَاهُ وممَّا قَدْ قَتَلْ

وفُرِّقَ الباقي على أهْل البَلَدْ

فعمَّهُمْ طُرًّا وزَادَ في العَدَدْ

فأيّ يَوْمٍ مثْل ذا تُرَاهُ

يشَهَدهُ مَن صَادَ أوْ يَرَاهُ

فقُل لمَنْ صَاد زَمانًا واجْتَهَدْ

هذا هَوَ الصَّيْدُ فَمن شَا فلْيَصِدْ

أنا العُقَيْلي وهذا صَيْدِي

يتلَفُ مَن كايَدَني بكَيْدِي

(a) كتب ابن العديم في الهامش: "موضع".

ص: 110

بادَرْتُ بالرُّوم إلى الأَمِيرِ

وبالظِّبَا والصيدِ والحَمِيرْ

قُلتُ لَهُ: اسمَع خبَرَ الدُّمُسْتُقِ

وسِرْ فإنِّي سَائرٌ كي نَلتَقِي

عليهِ إنْ حَلَّ بأرْض الجُومَهْ (a)

فَهي عليهِ سَفْرَةٌ مَشْؤُوْمَه

فسَار لمَّا جاءَهُ رسُولي

سَيْر هُمَامٍ قَائِلٍ فَعوُلِ

لمَّا اجْتَمَعْنا قال: قَد صَحَّ الخَبَرْ

قلتُ لهُ: ابشرْ فَلَكَ اليَوْمَ الظَّفَرْ

قالوا لنا: قدْ نَزلُوا بمِشْحَلَا (b)

قلْتُ لهم: حَلَّ بهم منَّا البَلَا

حتَّى إذا ما انْتَشَرتْ خَيْلُ العِدَى

ونَهَبَتْ بعضَ الضِّيَاعِ والقُرَى

سِرْنَا وسَيْفُ اللّهِ (c) في عَدُوِّهِ

يفري ولا نفرَقُ من نُبُوِّهِ

قالَ: اتبعُوني قد رأيتُ الجنَّهْ

مَفْتُوحَةً وعَلِّقُوا الأعِنَّهْ

فقاتِلُوا بالحَقِّ أهْلَ البَاطِل

والسَّيْفُ في الأعْدَاءِ خَيرُ فَاصِلِ

لمَّا رَأَوْنا طلبُوا منَّا الهَرَبْ

وسَارَ في إثرهِمُ سَيْرَ الطَّلَبْ

لَم تَرَ عَيْني مثْلَ ما رأيْتُ

هذا وقَدْ قاسَيْتُ ما قاسَيْتُ

عِشرينَ ألفًا هلكَتْ نُفُوسُهُمْ

وحُمِلَتْ في وَقْعَةٍ رُؤوسُهُمْ

على دَوَابِّ الرُّوِم والبغَالِ

تقُودُهَا الأسْرَى من الرِّجَالِ

فكانَتِ الأسرَى فُويْقَ الأَلْفِ

ما فيهِمُ مُتَّهَمٌ بضَعْفِ

ونَهَبَ النَّاسُ من الدَّوَابِ

ومن سِلَاح الرُّوم والثِّيَابِ

ما ليسَ يُحْصَى بالحِسَاب والعَدَدْ

فكم فتى للّهِ شُكْرًا قد سَجَدْ

وعَاد ثَانِي يَوْمِهِ الأَمِيرُ

وما لهُ نِدٌّ ولا نَظِيرُ

فالحَمدُ للّهِ على ما كانَا

فكَم رأيتُ ظَفَرًا عيَانَا

كَم وقْعَةٍ بالرُّوْم والأعرَابِ

بَني تَمِيمٍ وبَني كِلَابِ

(a) كتب ابن العديم في الهامش: "الجومة كورة بين العمق وحلب"، وتقدم التعريف بها في الجزء الأول.

(b) كتب ابن العديم في الهامش: "مشحلا: قرية بناحية عزاز؛ بينها وبين الجومة، قد ذكرناها في المزارات".

(c) في الهامش بخط ابن العديم: "أظنُّه يريد الأمير سيف الدولة".

ص: 111

ظَفِرْتُ فيها بِهِمُ مِرَارَا

وكُلُّهُمْ يلتَمسُ الفِرَارَا

كَم قَدْ قَتَلتُ وسَبَيْتُ الأرْمَنا

والرُّومَ لكِنْ ليسَ للرُّوْم فَنَا

والسَّعيُ قد قابَلَني بسَعْدِ

يمشِي مع الإقْبَالُ سَعي العَبْدِ

والدَّهْرُ ليَ غَضُّ وغُصْني نَاضِرُ

وطَالِبُ الدُّنْيا إليَّ نَاظِرُ

أُعْطِي ولا يرْجعُ عنِّي مَنْ طَلَبْ

إلَّا بما يَهْوى وَلَوْ كانَ السَّلَبْ

سقيًا لدَهْرٍ مرَّ ليْ ما أطْيَبَهْ

لا يُحوِجُ الرِّزْقُ إلى أن أطلُبَهْ

والعِزُّ تِرْبي والحُسَامُ خِدْني

يقرُبُ منِّي ما يغِيْب عنِّي

فليتَ شِعْري كَم بَقيْ من عُمْري

وما الّذي يَجْري عليه أَمْرِي

قَدْ قلتُ لمَّا ضَاقَت المَذَاهِبُ

أسْتَغْفِرُ اللّهَ فإنِّي تَائِبُ

ما تصْلُحُ الدُّنْيا بخَلقٍ بَعْدي

إلَّا لمَنْ يَزهَدُ فيها زُهْدِي

قد نلتُ منها كُلَّ ما أُرِيدُ

وعشْتُ فيها وأنا سَعِيْدُ

وكُنت لا أعْبَا بذِكْر المَوْتِ

أطلُبُ ما أهْوَى حذَارَ الفَوْتِ

فاليَوْم قد خِفْتُ وخَافت نفسِي

من ضَغْطَةِ القَبْر وضِيْق الرَّمْسِ

يا رَبّ فارْحَمْ ضَعْفَ عَبْدٍ خَاطي

يَخَافُ يَوْمَ البَعْث والصِّرَاطِ

أخَافُ ما أعرِفُهُ مِن جَهْلي

ومن ذُنُوبي وقَبِيْح فِعْلِي

ما ليَ في يَوْم الحِسَابِ عُذْرُ

ولا على نَارِ الجحيِمِ صَبرُ

ذِكِرِيْ لِمَا قد كان في الشَّبِيْبَهْ

يُجَدِّدُ الحَسْرَةَ والمُصِيْبَهْ

اللّهُ حَسْبي وعليهِ أَعْتَمِدْ

فقد زَهدْتُ والسَّعِيْدُ مَنْ زَهِدْ

قَراتُ في حَوَادِث سَنَة خَمْسٍ وثمانين وثَلاثِمائة من تَاريخ مُختَار المُلك مُحَمَّد بن عُبيدِ اللّه بن أحْمَد المُسَبِّحيّ قال: ولأرْبَع عشرة ليلَةٍ خَلَتْ من شَهر رَبيع الأوَّل تُوفِّي أحْمَد بن مُحَمَّد العُقَيْلِيّ، وذَكَرَ له هذه المُزْدَوَجَة.

ص: 112

‌أحمَدُ بن مُحَمَّد القَاضِي الحَلَبيُّ

إنْ لم يَكُن ابن مَاثِل الّذي قَدَّمْنا ذِكره فهو غيرُه.

حَدَّثَ [

] (a). رَوَى عنهُ أبو سُليمان مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ بن إبْراهيم الحَرَّانيّ.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد السَّهْلِيُّ، أبو الحَسَن - وقيل: أبو الحُسَين - الخُوارَزْمِيُّ

(1)

كان يُؤدِّب بني عَمِّ الوَزِير أبي القَاسِمِ الحُسَين بن عليّ المَغرِبيُّ بحَلَب، وسَمعَ بها أبا عَبْد اللّه الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه سنة ستٍّ وسِتِّين وثَلاثِمائة، وقَرأتُ سَمَاعَهُ عليه مع المَذْكُورين بخَطِّ عليّ بن الحُسَين والد الوَزِير في هذا التَّاريخ، ثمّ ارْتفَع شأنُه بعد ذلك، وصَنَّفَ له أبو عليّ بن سِيْنَا كتابَ دَفِع المَضَارّ الكُليَّة للأبْدَان، وقَرَأتُ في مُقدِّمَة هذا الكتاب من كلام الرَّئِيس أبي عليّ، قال

(2)

: أَمَّا بعدُ؛ فإنَّ الشَّيخَ الجلَيْل السَّيِّد أبا الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد السَّهْلِيّ، وهو مَنْ عُرِفَ بعُلُوِّ الهِمَّة، وشرف الأرُوْمَة، ومَحَبَّة العُلُوم الحَقِيْقِيَّة، والأخذ منها بالحَظِّ الوَافر، وارْتباطِ المُبِرّزين فيها وتَحْصيلهم عندَهُ من حيثُ كانوا واحدًا بعد واحدٍ، لمَّا اصطَنَعَني في (b) عقد جُمْلَتهِ، وضَمَّني إلى زُمرَتِه، أَمَرني - فيما أَمَرَني من الأوَامر الحكميَّة - أنْ أعمل كِتَابًا في دَفعِ المَضَارِّ الكُلِيَّة للأبْدَان الإنْسانيَّة، إذْ تأمَّل الكُتُب

(a) موضعه في الأصل بياض قدر ثلاث كلمات.

(b) دفع المضار الكلية: اصطنعني بنظمي في.

_________

(1)

توفي سنة 418 هـ، وترجمته في: معجم الأدباء 2: 504 - 505، الوافي بالوفيات 8: 147 - 148.

(2)

انظر كلام ابن سينا في كتابه دفع المضار الكلية المنشور ضمن كتاب: من مؤلفات ابن سينا الطبية (تحقيق محمد زهير الباب، جامعة حلب، 1984 م)، ص 11.

ص: 113

الطّبِيَّة فوَجَدَها قد صُرِفَ فيها أكثر العناية إلى تَحْذير الأُمُور الضَّارَّة، وقُصِّرَ فيها كُلَّ التَّقْصِير في تَدَارك الخَطَأ (a) في ما يقَع للمُتَهوِّرين (b) الوَاقعين فيما حُذِّروا والمُخَالفين لِمَا أمرُوا به، فتلَقَّيْتُ أمرَهُ العالي بالطَّاعَة بقَدْر الاسْتِطَاعَة، ورَجَوتُ أنْ تُنتِج بَرَكَة طاعتي لولي نِعْمتي ضرُوبًا من التَّوْفِيق تُقَصِّر عنها ذات مَقْدرتي، واسْتَعَنْتُ باللّه تعالَى، إنَّهُ عز وجل نِعْم المُعِيْن.

أنبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمرقَنديّ، قال: أخبَرَنا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن أحْمَد الأدِيْب إجَازَةً، عن أبي مَنْصُور الثَّعالبِيّ، قال: أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد السَّهلِيّ هو وَزِيرُ ابن وَزِير

(1)

: [من الكامل]

ورث الوِزَارَةَ كَابِرًا عن كَابر

مَوْصُولة الإسْنَادِ بالإسْنَادِ

قال: وكان يَجمَعُ بين آلات الرِّئَاسَة والآدَاب والوِزَارَة، ويَضْرب في العُلُوم والآدَاب بالسّهَام الفائزة، ويأخُذ من الكَرَم وحُسْن الشِّيَم بالحُظُوظ الوَافِرَة، وله كتاب الرَّوْضَة السَّهْلِيَّة في الأوْصَافِ والتَّشْبِيْهَات، وبأَمره والتِماسِه صَنَّف الحَسَن بن الحَارِث الحُبُوبِيّ في المَذْهَب كتاب السَّهلِيّ، يَذكُر فيه المَذْهَبيْن: مَذْهَب الشَّافِعيّ والحَنفِيّ.

وله شِعْرٌ، فمن ذلك، ولم يُسبَق إلى مَعْناهُ

(2)

: [من الطويل]

ألَا سَقِّنَا الصَّهباءَ صِرْفًا فإنَّها

أعَزُّ علينا من عنَاق التَّرحُّلِ

وإنِّي لأَقلي النُّقْل حُبًّا لطَعْمها

لئلا يزُول الطَّعْمُ عند التَّنقُل

(a) ليس في نشرة كتاب ابن سينا.

(b) الأصل: للمهورين.

_________

(1)

البيت لأبي المُرجَّى الأهوازي يمدح الصاحب بن عباد. انظر: معجم الأدباء 2: 504 والوافي بالوفيات 9: 136.

(2)

البيتان في معجم الأدباء 2: 505 والوافي بالوفيات 8: 147.

ص: 114

وله في النُّجُوم

(1)

: [من الكامل]

والشُّهبُ تلمَعُ في الظَّلَام كأنَّها

شَرَرُ تَطَايَر من دُخَان النَّار

فكأنَّها فَوْق السَّماءَ بنادقُ

الكَافُور فَوْق صلَايةِ العَطَّار

قال: وله في النُّجُوم أشْعَارُ منها في شُعَاعِ القَمَر على الماءِ

(2)

: [من البسيط]

كأنَّما البَدْرُ فَوْقَ الماءِ مُطَّلعًا

ونحنُ بالشَّطِّ في لَهو وفي طَرَب

مَلكُ رآنا فأهْوَى للعُبُور فلَم

يَقدِر فُمدَّ له جِسْرٌ من الذَّهَب

قَرأتُ بخَطِّ صَديْقنا الفَاضِل يَاقُوت بن عَبْد اللّه الحَمَوِيّ في كتاب مُعْجَم الأُدَبَاءِ

(3)

: أحْمَد بن مُحَمَّدَ أبو الحُسَين السَّهْلِيّ الخُوارَزْميِّ، قال مَحمُود بن مُحَمَّد الإسْلَاميُّ (a) في تاريخ خُوارَزْم: إنَّهُ ماتَ بسُرَّ مَنْ رَأى في سَنة ثَمان عَشْرة وأرْبَعِمائة على ما نَذكُره، وهو من أجَلَّة خُوارَزْم، وبيتُه بيتُ رئاسَةٍ ووِزَارَة وكَرَم ومُرُوءَة.

خَرَج السَّهْلِيّ من خُوارَزْم في سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعِمائة إلى بَغْدَاد وتوطَّنَها، وتَرَكَ وِزَارَة خُوارَزْم شَاه أبي العبَّاسِ مَأْمُون بن مَأمُون؛ خافَ من شَرِّه. ولمَّا قَدِمَ بَغْدَاد، أكْرمَهُ فَخرُ المُلك أبو غَالِب مُحمَّد بن خَلَف، وهو والي العِرَاق يَوْمئذٍ، وتلقَّاهُ بالجَميِل، فلمَّا ماتَ فَخرُ المُلك خَرَجَ من بَغْدَاد هَارِبًا أيضًا حتَّى لحَقَ بغَرِيب بن مَقن (b) خوْفًا على مالِه، وكان غَرِيب صَاحب البِلادِ العُلْيَا: تَكْرِيت ودُجَيْل وما لَاصَقها، فأقامَ عندَهُ إلى أنْ ماتَ، وخلَّف عشرين ألْف دِيْنار، سلَّمَها غرِيْبٌ إلى وَرثَته.

(a) الأصل: الأسلاي، وفوقها "صـ".

(لا) الأصل: مقن، وفي الوافي: معن، والمثبت كما هو في معجم الأدباء (مصدر النقل).

_________

(1)

البيتان في معجم الأدباء 2: 505 الوافي بالوفيات 8: 147.

(2)

البيتان في معجم الأدباء 2: 505 والوافي بالوفيات 8: 148.

(3)

معجم الأدباء 3: 504 - 505.

ص: 115

حَدَّثَ عن أبي عَيَّاش أحْمَد بن عَبْد الله بن أبي حَمَّاد. رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ البُخاريّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة إذْنًا، عن أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد الرَّازِيّ، قال: أخّبْرَنا القَاضِي أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن سَلامَة بن جَعْفَر القُضاعيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله السَّعْدِيّ، قال: حَدَّثَني أبي؛ مُحَمَّد بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَني أبي أبو القاسِم عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ، قال: حَدَّثنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَيَّاش أحْمَدُ بن عَبْد الله بن أبي حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن بَشِير، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن حَفْص، قال: قيل لدَاوُد الطَّائيّ: يا أبا سُليْمان، لَمَ لا تُجالِس النَّاس؟ فسَكَت، ثُمّ أعاد عليهِ، فقال: اللَّهُمَّ غَفْرًا؛ إمَّا صغِير لا يُوقِّرك، وإمَّا كبيرٌ يُحْصي عليكَ عُيُوبَك.

‌أحمد بن مُحَمَّد الأنْطَاكِيُّ

حَكَي عن سَلِيْمَة الأنْطَاكِيَّة، زَوْج الهَيْثَم بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ حِكايَة مَوْتهِ، وقد ذَكَرْناها في تَرْجَمَةِ الهَيْثَم

(1)

فيما يَأتي من كتابنا هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى. رَوَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَرْوَان المالِكِيّ.

(1)

ترجمة الهيثم في الضائع من الكتاب.

ص: 116

‌أحمدُ بن مُحَمَّد الخُزَاعِيّ الأنْطاكِيّ المَعْرُوف بالخاقَانيّ

لهُ كِتَابٌ مُصَنَّفٌ في التَّاريخ ذَكَرَهُ أبو الحَسَن عليّ بن الحسُين بن عليّ بن عَبْدِ الله المَسْعُودِيّ في مُقدِّمَة كتاب مُرُوج الذَّهَب

(1)

، في تَسْمِيَةِ مَنْ صَنَّفَ كِتَابًا في التَّاريخ أو الأخْبار.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد، أبو حَامِد الأنْطَاكِيّ المَعْرُوف بأبي الرَّقَعْمَق أحْمَق

(2)

شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ يَهْزل في شِعْره ويُحَاكي فيه الطُّيُور وغيرها، وأوَّلُ مَنْ سَبقَ بهذا الفَنّ أبو أحْمَد بن الزُّكُوْرِيَّة الأنْطَاكِيّ - وَسَنَذكُره إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى فيمَن اسْمُهُ مُوسَى

(3)

- ثمّ تَبِعَهُ أبو الرَّقَعْمَق، ثمّ تبعهما القَصَّار المَعْرُوف بالصَّرِيْع.

وكان أبو حَامِد الأنْطَاكِيّ حَسَنِ الشِّعْر في الجدّ والهَزْل، وسَافَرَ إلي الدِّيَار المِصْرِيّةِ، ومَدَح بها الحاكمِ الفَاطِميّ، رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره صالح بن إبْراهيم بن رِشْدِين.

قَرأتُ بخَطِّ صالح بن إبْراهيم بن رِشْدِين في مَجْمُوعهِ: أنْشَدَني أبو حَامِد المَعْرُوف بأبي الرَّقَعْمَق أحْمَق لنَفْسِه: [من الهزج]

(1)

المسعودي: مروج الذهب 1: 13، وفيه: الخانقاني، وفي بعض نسخه ما يوافق المثبت.

(2)

هكذا لقَّبه ابن العديم فيما يرد تاليًا، فأحمق لازمة للقبه لاصفة له. وتوفي سنة 399 هـ، وترجمته في: يتيمة الدهر للثعالبي 1: 310 - 334 (وأورد له قصائد طوال كثيرة من شعره)، وفيات الأعيان 1: 131 - 132، تاريخ الإسلام 8: 795 - 796، العبر في خبر مَن غبر 2: 195، الوافي بالوفيات 8: 143 - 144، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 561، شذرات الذهب 4: 519 - 520.

(3)

ترجمة موسى بن أحمد الأنطاكي في الأجزاء الضائعة من الكتاب.

ص: 117

إلى كَم يا ابنَ بِطْرِيْقِ

رَجائي مِنْكَ في ضِيْقِ

وكَم أصْبحُ من مَطْلِـ

ـكَ سَكْرَانًا على الرِّيقِ

وما أنْتَ أبا بَكْرٍ

إلى جُوْدٍ بمَسْبُوقِ

ولكنَّكَ في أمْري

بلا ذَرَّةِ تَوْفِيقِ

وكم تَضْرُطُ في خَلقي

بوَعْدٍ غير مَخْلُوق

ونَقَلْتُ من خَطِّ صالح بن رِشْدِين أيضًا قال: قال لي أبو حَامِد المَعْرُوف بأبي الرَّقَعْمَق أحْمَق: هَجَوْتُ أبا الحَسَن مُحَمَّد بن هَارُون الأكْثَمِيّ ببيتٍ واحدٍ وهو: [من الهزج]

ومَنْ هَارُونُ في النَّاسِ

أنا أصْفَعُ هَارُوْنَا

فصَنَعْتُ بيتَيْن أضَفْتُ البَيْت اليهما حتَّى كَمُل الشِّعْرُ، وهمُا:[من الهزج]

أرَى النَّاسَ مَجَانِيْنَا

بزُوْرِ القَوْلِ يَهْذُوْنَا

يَقُولُونَ: ابْنُ هَارُونٍ

وهُمْ في ذَاكَ يُخْطُوْنَا

ومَنْ هَارُونُ في النَّاسِ

أنا أصفَعُ هَارُونَا

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو يُوسُف يَعْقُوبُ بن أحْمَد الأدِيْب إجَازَةً، عن أبي مَنْصُور الثَّعالبِيّ، قال في اليَتِيْمَة

(1)

: أبو حَامِد أحْمَد بن مُحمَّد الأنْطَاكِيّ المَعْرُوف بأبي الرَّقَعْمَق، نَادِرَة الزَّمان، وجُمْلَة الإحْسان، ومَنْ تصرَّفَ بالشِّعْر الجَزْلِ، في أنْوَاعِ الجدِّ والهَزْل،

(1)

يتيمة الدهر 1: 310.

ص: 118

وأحْرَزَ قَصَبَ الخَصْلِ (a)، وهو أحَدُ المُجِيْدين (b)، والفُضَلَاءِ المُحْسنين، وهو بالشَّام كابن حَجَّاج بالعِرَاق.

قَرَأتُ في كتاب الأَمِير مُخْتَار المُلْك مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله بن أحْمَد المُسَبِّحيّ في التَّاريخ

(1)

، وفيه - يعني رَبيع الآخَر من سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وثَلاثِمائة - تُوفِّي أبو حَامِد الشَّاعر المَعْرُوف بأبي الرَّقَعْمَق، وكان مَطْبُوعَ الشِّعْر، يَذْهَبُ بشِعْرِه مَذْهَبَ ابن مِهْرَان الشَّاعِر المِصْرِيّ، ومَذْهَب ابن الحجَّاج الشَّاعِر البَغْدَاديّ، ويَجئُ مَلِيْحًا.

وقَرَأتُ في مَجْمُوعٍ وَقَعَ إليَّ يَتَضَمَّن فَوَائِد ووَفَيَات بخَطِّ بعض المِصْرِيّين ممَّن يَعْتني بالتَّاريخ، قال فيما علَّقه فيهِ من الفَوَائِد: ماتَ الشَّاعر المَعْرُوف بأبي الرَّقَعْمَق، وهو أبو حَامِد أحْمَدُ بنُ مُحَمَّد الأنْطَاكِيّ في شَهْر رَمَضَان سَنَهَ تِسْعٍ وتِسْعِين. وذكَرَ أيضًا وفاتَهُ في مَوضعٍ آخر من هذا المَجْمُوع، وقال: في يَوْم الجُمُعَة لثمان بَقِينَ من شَهْر رمَضَان ماتَ أبو حَامِد الشَّاعرُ المَعْرُوف بأبي الرَّقَعْمَق.

‌أحْمَد بن مُحَمّد، أبو عَبْد الله الوَاسِطِيّ الكاتِب

(2)

وبَعْضُهُم يسَمِّيهِ: مُحَمَّد بن أحمد.

حَدَّثَ عن الهَيْثَم بن سَهْل، وعَاصِم بن عليّ. رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن حَمْدُون بن خَالِد النِّيْلِيّ، وأبو سُليْمان عَوْف بن إسْمَاعِيْل.

(a) في اليتيمة: الفضل. والخَصْلُ: تراهن القوم على النضال. لسان العرب، مادة: خصل.

(b) اليتيمة: أحد المداح المجيدين.

_________

(1)

انظر التعريف بكتاب المسبحي في الجزء الثاني، وانظر المستدرك على كتابه أخبار مصر 167.

(2)

توفي سنة 272 هـ.

ص: 119

وَسَنَذكُر حَدِيثَهُ فيمَن اسْمُهُ مُحَمَّد بن أحْمَد

(1)

فيما يأتي من هذا الكتاب إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

وكان شَاعِرًا كاتبًا، وكتَبَ لأحمد بن طُوْلُون إلى أنْ ماتَ، وتولَّى تَدْبِير ولده خُمَارَوَيْه بن طُوْلُون بَعْده.

ثُمَّ إنَّ خُمَارَوَيْه لمَّا خافَ من اضْطِرَاب الشَّام بعدَ مَوْت أبيه، نَفَّذَ إليه مع سَعْد الأَيْسَر جَيْشًا، وأمدَّهُ بأحمد بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ لتَدْبِير الجَيْش وتولِّي النَّفَقَات، واسْتَكْتَبَ عِوَضَهُ مَحْبُوب بن رَجَاء، فلم يقع ذلك بمَوْقع يُرْضي أبا عَبْد الله الوَاسِطِيّ، فتغيَّر الوَاسِطِيّ وفسَدَ حاله معه، فكاتبَ أبا العبَّاس أحْمَد بن المُوَفَّق يَحُثُّه على الوُصُول إلى مصْر وقال: أنا أسَّسْتُ أمْرَ أبي الجَيْش، واللهِ لأهْدِمَنَّ ما كنتُ بَنَيْتُه. فلمَّا قَرُب أَبو العبَّاس، سَار إليهِ وسَار في صُحْبَته وهو مُتَوَجِّهٌ إلى وَقْعَة الطَّوَاحِين، فلمَّا تلاقَى الجَمْعَان بالطَّوَاحِين من أرْض الرَّمْلَة، وانْهَزمَ ابن المُوَفَّق، هَرَب أبو عَبْد الله الوَاسِطِيّ إلى أنْطَاكِيَة، وأقامَ بها إلى أنْ ماتَ.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ

(2)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَين الرَّازِيّ، قال أحْمَد بن يُوسُف: اجْتَمع الحَسَنُ بن مُهاجِر وأحمد بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ للغَد من يَوْم مات أحْمَدُ بن طُوْلُون على أخْذ البَيْعَة لأبي الجَيْشِ خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون، فبَدَأوا بالعبَّاس بن أحْمَد بن طُوْلُون قبل سَائر النَّاس؛ لأنَّهُ أخُوهُ وأكْبَر منهُ سِنًّا، فوَجَّهُوا إليه (a) عدَّةً من خَوَاصّ خَدَم أبيهِ يَسْتَحْضرُونَهُ لرأيٍ رَأَوْهُ، فلمَّا وَافَى العبَّاس، قامت الجَمَاعَةُ إليه، وصدَّرُوه، وأبو الجَيْش داخلٌ قاعدٌ في صَدْر مَجْلِس

(a) الأصل: أبيه.

_________

(1)

ضمن الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

تاريخ ابن عساكر 17: 46.

ص: 120

أبيه، فعزَّاهُ الوَاسِطِيّ وبَكَى وبَكَتْ الجَمَاعَةُ، ثمّ أُحْضِر المُصْحَف، وقال الوَاسِطِيّ للعبَّاسِ: تُبايع أخاكَ؟ فقال العبَّاسُ: أبو الجَيْشِ فَديْتُه ابني ولَيْسَ يَسُومني هذا، ومن المحال أنْ يكونَ أحَدٌ أشْفَق عليهِ منِّي، فقال الوَاسِطِيّ: ما أصْلَحَتْكَ هذه المِحنَة (a)؛ أبو الجَيْشِ أميرُكَ وسَيِّدُكَ، ومَنْ اسْتَحقَّ بحُسْن طَاعته له التَّقَدُّمَ عليكَ. فلَم يُبَايع العبَّاس، فقام طَبَارْجِي وسَعْد الأَيْسَرُ فأخَذَا سَيْفَهُ ومَنْطقَتَهُ، وعَدَلا به إلى حُجْرَة من المَيْدَان، فلم يَخْرج منها إلَّا مَيِّتًا، وبَايَعَ النَّاسُ كُلُّهُم لأبي الجَيْشِ وأعْطَاهُم البَيْعَة، وأخْرَج مَالًا عَظيْمًا ففرَّقَهُ على الأوْلِيَاءِ وسَائر النَّاس، وصَحَّت البَيْعَة لأبي الجَيْش يَوْم الاثْنَين لاثنَتي عَشرة خَلَتْ من ذي القَعْدَة سَنَة سَبْعِين ومَائتَيْن.

قال: وهذا ما كَتَبَ به أبو عَبْد الله أحْمَدُ بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ الكَاتِب إلى أبي العبَّاس أحْمَد بن المُوَفَّق باللهِ، يَسْتَحثُّهُ على حَرْب أبي الجَيْش خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون، والخُرُوج إليه قَبْل وَقْعَة الطَّوَاحِين بأيَّامٍ، وبعد انْصراف إسْحاق بن كُنْدَاجيق، ومُحَمَّد بن أبي السَّاج، وجَعْفَر بن بغَامَرْدِيّ (b) والعَسَاكِر معَهُ عنهُ

(1)

: [من البسيط]

يا أيُّها المَلِكُ المَرْهُوبُ جَانِبُهُ

شَمِّرْ ذُيُولَ السُّرَى فالأمْرُ قد قَرُبا

كم ذا الجُلُوسُ ولم يَجْلِس عدوُّكم

عن النُّهُوضِ لقَد أصْبحتُم عَجَبَا

لا تَقْعُدنَّ على التَّفْريط مُعْتكفًا

واشْدُد فقَدْ قال جُلُّ النَّاسِ: قد رَهِبَا

ليْسَ المُرِيدُ لِمَا أصْبَحْتَ تَطْلُبُه

إلَّا المُشَمِّر عن سَاق وإنْ لَعبَا (c)

فإنْ نصبْتَ فعُقْبَى ما نَصَبْت لهُ

مُلْكٌ تُشَادُ مَعَاليهِ لمَنْ نَصَبا

(a) ابن عساكر: المحبة.

(b) قيَّده في هذا الموضع بالياء في أوله عوض الباء، ويرد فيما بعد في مواضع عديدة على النحو المثبت.

(c) كذا في الأصل ومثله في كتاب الولاة وترد فيما بعد بالغين المعجمة، واللَّغب: التعب والإعياء.

_________

(1)

انظر ثمانية من الأبيات في كتاب الولاة للكندي 234 باختلاف يسير.

ص: 121

طالَ انْتظَاري لغَوْث منْكَ آمُلُه

وما أرَى منْكَ ما أصبَحْتُ مُرْتَقبا

ولو عَلمُت يَقِيْن العلم من خَبَري

وما نَهَضْتُ لهُ في اللهِ مُحْتَسِبا

لَسِرْتُ نحو امْرئٍ قد جَدَّ مُجْتَهدًا

حتَّى يكُون لِمَا تَسْعَونَهُ سَبَبَا

أجَادَ مَرْوَان في بَيْتِ أرادَ بهِ

عَيْنَ الصَّوَابِ وما أخْطَا وما كَذبا

إذْ قال حين رَأى الدُّنْيا تَمِيدُ بهم

بَعْدَ الهُدُوّ وصَارَ الحَبْلُ مُنْقَضِبَا

إنِّي أرَى فِتَنًا تغلي مَراجِلُها

فالمُلكُ بَعْدَ أبي لَيْلَى لمَنْ غَلَبَا

ولهُ إليه أيضًا [من الكامل]

قُلْ للأَمِيْرِ ابنِ المُوَفَّقِ للهُدَى

حتَّامَ عن أهْلِ الضَّلَالةِ يُطْرقُ

جَرِّدْ خُيُولَ العَزْم هذا وَقْتُها

وأخُو العَزِيْمَةِ في الخُطُوبِ مُحَقّقُ

اصْدُق بني الأعْدَاءِ ضَرْبًا وَقْعُهُ

يُنْبي الطُّلَا قدمًا فمثلُكَ يَصْدق

هذا وأنْتَ أبو الفُتُوح وأُمُّها

وأخُو الحُرُوب غَدَاة يحْمِي الفَيْلَقُ

لا تَجْزَعَنَّ فقد جَرَى لكَ سَانِحًا

طيرُ السَّعَادَةِ بالبشَارَةِ يَنْطِقُ

ولقد هَتَكتُ جُمُوعَهم لكَ عندَهُ

وكشَفْتُ رَأسِي حين حَان المصْدَقُ

وحَسَرتُ جِلْبَابَ التَّسَتُّرِ سَاحِبًا

ذَيْلَ النَّصِيْحةِ والنَّصيْحُ يُصَدَّقُ

وجَمَعْتُ من صِيْدِ القَبَائِلِ حَجْفَلًا

لو رَامَ يَأْجُوجًا إذًا لتَمزَّقُوا

وأَقَمْتُ سوقًا للضّرابِ تِجَارُها

بِيْضُ الصَّفَائِح والوَشِيْجُ الأزْرَقُ

فالبِيْضُ من ظَمأٍ تعجُّ ظُبَاتُها

ولَطالَما ظلَّتْ بها لا تَشْرَقُ

قد جُرِّدَتْ للضَّرْبِ دُونَ مُوَفَّقٍ

أعْدَاؤُهُ في نَكْثِهِمْ ما وُفِّقُوا

بِيْضًا مُصَقَّلَةً فلَيْتَ مُتُونَها

بدِمَاءِ مَنْ نَكَثَ العُهُودَ تُخَلَّقُ

هذا ما ذكَرَهُ في هذه الرِّوَايَة. وذكَرَ غيره أنَّ الأبْيَات البائيَّة كَتَبَها مع كتابٍ، ووصَلَ الكتابُ إلى أحْمَد بن المُوَفَّق وهو بحَلَب، وبها ابن كُنْدَاج وابنُ أبي السَّاج،

ص: 122

فقال لهما: ما قُعُودكُم؟ وضَرَب طَبْلَهُ وسَار، وسَارُوا معهُ، فكَبَسُوا أصْحَابَ أبي الجَيْش بشَيْزَر.

قَرَأتُ في سِيْرة خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون في نُسْخَة عَتِيقةٍ، ولم يسمّ مُؤلِّفها

(1)

: أنَّ خُمَارَوَيْه لمَّا خَافَ أنْ يَضْطرب الشَّام، أنْفَذَ إليه جَيْشًا أمَّرَ عليهِ سَعْد الأَيْسَر، وأمَدَّهُ بأحمد بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ، كاتب أبيِهِ، ليُدَبِّر الجَيْشَ، ويتَولَّى النَّفَقَات فيهِ، وكان الوَاسِطِيّ يطمَعُ أنْ يُدَبِّر أمر خُمَارَوَيْه، وأنَّهُ يردّ تَدْبِير الأمْر إليهِ، وقال: هذا صَبِيٌّ حَدَثٌ أُدبِّرُهُ كما أرَى، فلمَّا أخْرَجَهُ إلى هذا الوَجْه، واسْتَكْتَب مَحْبُوبَ بن رَجَاء بعده، فَسَدَت نِيَّتُهُ، وقال: مَحْبُوبُ أحّدُ كُتَّابي يَتَصَرَّف بين أمْري ونَهْيي، آلَ الأمرُ إلى أنْ صرتُ بعضَ خُلَفائهِ، فتغيَّر على سَعْدٍ، وافْتَرَقا، وتغَيَّر الوَاسِطِيّ، وكتَب إلى ابن المُوَفَّق كِتَابًا يَحثُّهُ على المَسِيْر إلى مِصْرَ، وقال: أنا أَسَّسْتُ أمْرَ أبي الجَيْش، واللهِ لأهْدِمَنَّ ما كنْتُ بَنَيْتُه، وضمَّن الكتاب هذه الأبْيَات

(2)

: [من البسيط]

يا أيُّها المَلِكُ المَرْهُوبُ جَانِبُه

شَمِّرْ ذُيُولَ السُّرَى فالنَّصْرُ قد قَرُبَا

كَمَ ذا القُعُود ولم يقعُد عَدُوّكم

عن القِتَال لقَدْ أصْبَحْتُمُ عَجَبَا

ليسَ المُرِيْدُ لِمَا أصبَحْتَ تَطْلُبُه

ولا المُشَمِّرُ عن سَاق وإنْ لغبَا

لا تقْعُدنَّ عن التَّفْريط مُنْعَكفًا

واجْدُد فقَدْ قال قَوْمٌ: إنَّهُ رهبَا

فأنْتَ في غَفْلة يَقْظَانُ ذو سِنةٍ

وطَالِب الوتر ذو جدٍّ إذا طَلَبَا

أجادَ مَرْوَانُ في بَيْتٍ أصَابَ بهِ

عَيْن الصَّوَاب في أخْطا ولا كذَبا

(1)

رجح الدكتور إحسان عباس أن تكون سيرة خمارويه لابن زولاق، وهو كتاب ذكره السخاوي منسوبًا لابن زولاق أيضًا. الإعلان بالتوبيخ 183، شذرات من كتب مفقودة 215.

(2)

الولاة للكندي 234 - 235.

ص: 123

إذْ قال لمَّا رَأى الدُّنْيا تَمِيْد بهم

بعد الهُدُوّ وعَاد الحَبْلُ مُضْطَرِبَا

إنِّي أرَى فتْنَةً تغْلي مَرَاجلُها

والمُلْك بَعْدَ أبي لَيْلَى لمَنْ غَلَبَا

فلما قرأ ابن المُوَفَّق كتاب الوَاسِطِيّ قال لابن كُنْدَاج وابن أبي السَّاج: ما قُعُودكُم؟ وضَرَبَ طَبْلَهُ، وسَارَ، وسَارُوا معه حتَّى كَبَسُهم في شَيْزَر، وقَتَلَ منهم مَقْتَلَة عَظِيمَة.

وكان ابن الوَاسِطِيّ بالرَّمْلَة يقطَع الطَّريق فيما بين ابن أَبَّا

(1)

وسَعْد الأعْسَر، وهمُا بدِمَشْق، فسَار أحْمَد بن المُوَفّق إلى دِمَشْق وكَبَسَها على غِرَّة، فانهزَما إلى الكسْوَة، وقُتِلَ مَنْ بَقي من أصْحَابهما. ثُمَّ إنَّهم اجْتَمعوا وقصَدُوا ابن الوَاسِطِيّ فهزَمُوه، وأخَذَ على طريق السَّاحِلِ حتَّى لَحِقَ بأحمد بن المُوَفَّق، ودخَل المِصْرِيُّونَ إلى الرَّمْلَة، فنَهَبُوا دارَ الوَاسِطِيّ وخَزَائنهُ.

ثمّ ذكَرَ وُصُول أحْمَد بن المُوَفَّق، وأنَّهُ لمَّا أبْصَرَ عَسْكَر أبي الجَيْش هَالَهُ وأكْبَرَهُ، وصَغُرَ جَيْشُه في عَيْنه، فشَجَّعَهُ الوَاسِطِيُّ وضَمن له النُّصْرَة عليهِ، وقال له: لا يَغُرّكَ هذا؛ فأكْثرهُم عَامَّة: بقَّالٌ وحَائِكٌ وفَاعِلٌ، فثِقْ بالنَّصْر ولا تَجْزَع، إلى أنْ الْتَقَى العَسْكَران وكانت النَّصْرَةُ على أحْمَد بن المُوَفَّق، فركبا دَوَابَّ الهَزَائم، ومَرَّ كُلّ واحدٍ منهما على حدَةٍ، فأمَّا ابن المُوَفَّق فلم يرُدّ وَجْهَهُ عن دِمَشْق شيءٌ، فلم يفتَح له أهْلُها بابها ومنعُوه من الدُّخُول، فمرَّ على طَيَّتِه إلى طَرَسُوس، وأمَّا ابنُ الوَاسِطِيّ فأضَرَّ به الهَرَبُ إلى أنْطَاكِيَة، فأقامَ بها مُدَيْدةً، وماتَ كَمَدًا.

(1)

هو محمد بن أبَّا التركيّ، توفي سنة 285 هـ. الكندي: قضاة مصر 243، 246، 251، الكندي: ولاة مصر 266، 269.

ص: 124

قَرَأتُ في تاريخ الأَمِير مُخْتَار المُلْك مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله المُسَبِّحيّ

(1)

في حَوَادِثِ سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين ومَائتَيْن: وأبو عَبْد الله أحْمَد بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ كاتِبُ أحْمَد بن طوْلُون في شَعْبان؛ يعني: ماتَ.

‌أحْمَدُ بنُ مُحَمَّد الجُمَحِيّ المِصِّيْصيُّ

حَدَّثَ عن إسْحاق بن إبْراهيم الحُنَيْنِيّ. رَوَى عنهُ أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد بن أيُّوبَ الطّبَرَانِيّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن هِلالةَ الأنْدَلُسِيُّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أَسْعَد بن أبي سَعيد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد الله بن أحْمَد بن القَاسِم الجُوزْدَانِيَّة، قالت (a): أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد بن أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد الجُمحِيّ المِصِّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم الحُنَيْنِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن عُمَر العُمَريّ، عنِ نَافعِ، عن ابن عُمَر

(2)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: صَلَاةُ اللَّيْل والنَّهَار مثْنَى مثْنَى.

قال الطَّبَرَانِيّ

(3)

: لم يَرْو هذه اللَّفْظَة: والنَّهَار، عن العُمَريّ غير الحُنَيْنِيّ.

(a) الأصل: قال.

_________

(1)

انظر: أخبار مصر للمسبحي 136 ضمن النصوص الضائعة من الكتاب.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة: المصنف 2: 75 (رقم 6638)، ابن حنبل: المسند 7: 14 (رقم 4791)، سنن الدارمي 1: 340، سنن ابن ماجة 1: 419 (رقم 1322)، سنن أبي داود 2: 65 (رقم 1295)، الترمذي: الجامع الكبير 1: 589 (رقم 597)، الطبراني: المعجم الصغير 1: 56 (رقم 47)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 6: 207 (رقم 2453)، سنن النسائي بشرح السيوطي 3: 227 (رقم 1667)، 1669، 228 (رقم 1671)، وانظر: المسند الجامع 10: 191 (رقم 7407).

(3)

الطبراني: المعجم الصغير 1: 56.

ص: 125

‌أحمدُ بن مُحَمَّد الجَوْهَرِيُّ المِصِّيْصيُّ

المَعْرُوف بالحَرَّان.

شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، أنْشَدَ له أبو عليّ الهَائِم أبْيَاتًا لا أعْلَم هل هي من رِوَايته عنهُ أم لا.

قَرأتُ بخَطِّ أبي مَنْصُور مُحَمَّد بن دَلَال الشَّيْبَانِيّ: أخْبَرَنا الشَّيْخ أبو الحُسَين الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم التَّنُوخِيّ، قال: أنْشَدَني أبو عليّ أحْمَد بن عليّ الهَائِم لأحمد بن مُحَمَّد الجوهَرِيّ المِصِّيْصيّ المَعْرُوف بالحَرَّان: [من مجزوء البسيط]

الخَدُّ وَرْدٌ والثَّغْرُ دُرٌّ

والنَّشْرُ مِسْكُ والرِّيقُ خَمْرُ

والقَدُّ غُصْنٌ والرّدْفُ مَوْجٌ

والشَّعْرُ لَيْلٌ والوَجْهُ بَدْرُ

لهُ منَ الحُسْنِ بَارعَاتٌ

لم يتعَلَّقْ بهِنَّ فِكْرُ

مُخَفَّفَاتٌ مُثَقَّلَاتُ

أَلَّفَ ما بَيْنَهُنَّ خَصْرُ

أنْشَدَني أبو السَّعَادَاتِ المبارَك بن أبي بَكْر المَوْصِلِيّ لأحمد بن مُحَمَّد الحَرَّانُ في المُزَمَّلَة

(1)

: [من المنسرح]

بَدِيْعَةٌ جِسْمُها زَبَرْجَدَةٌ

خَضْرَاءُ حالَتْ من دُوْنِها الحُجَبُ

كأنَّها في خَفَاءِ لِبْسَتِها

مَقْرُورةٌ والهَجَيْرُ يَلْتَهِبُ

مَجْروحَةٌ الخَصْرِ غيرُ دَامِيَةٍ

كَمَا تَكُونُ الجِرَاحُ والنَّدَبُ

كأنَّما الماءُ حين تبعَثُهُ

ذَوْبُ لُجَيْنٍ مِيْزَانُهُ ذَهَبُ

(1)

المزمَّلة: التي يبرَّد فيها الماء من جرة أو خابية خضراء أو نحو ذلك. تاج العروس، مادة: زمل.

ص: 126

‌أحمدُ بن مُحَمَّد الخشَّابُ، أبو الحَسَن

حدَّثَ بطَرَسُوس عن غُتْكُل بن عَبْد الله الفَرْغَانيّ. رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مُحَمَّد المِصْرِيّ، وعبد الله بن مُحَمَّد بن ذَكْوَان.

أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن أبي مَنْصُور الجَمَّالُ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد الحدَادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْدِ الله الحافِظُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مُحَمَّد، وعبدُ الله بن مُحَمَّد بن ذَكْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد الخشَّابُ بطَرَسُوس، قال: حَدَّثَنَا غُتْكُل بن عَبْدِ الله الفَرْغَانيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن وَاقِد، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا الرَّبيعُ بن مُحَمَّد، عن مُحَمَّد بن سِيريْن، عن أبي هُرَيْرَة

(2)

، أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ نَظَرَ إلى عَوْرة أخيه مُتَعَمِّدًا لم يقبَلِ اللهُ له صلَاةً أرْبعين لَيْلةً.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد الزَّنْجَانِيّ

نَزِيلُ طَرَسُوس، حَدَّث [

] (b). رَوَى عنهُ دَاوُد بن عُمَر بن حَفْص.

(a) في الأصل: الحمال، وصوابه بالجيم المعجمة. انظر: العبر في خبر مَن غبر للذهبي 3: 112، سير أعلام النبلاء 21: 268، النجوم الزاهرة 6: 154، شذرات الذهب 6:524.

(b) بياض في الأصل قدر أربع كلمات، ولم نجد مَن ترجم له فنعرف مشايخه.

_________

(1)

تاريخ أصبهان لأبي نعيم 2: 279.

(2)

كنز العمال 5: 330 (رقم 13078).

ص: 127

‌أحْمَدُ بن مُحَمَّد، أبو بَكْر الطَّرَسُوسِيّ الصُّوْفيُّ

(1)

حَدَّثَ بمَكَّة، وكان شَيْخ الحَرَم، وصَحبَ إبْراهيم بن شَيْبَان ورَوَى عنهُ.

رَوَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَد بن مُوسَى بن عَمَّار القُرَشِيّ الأنْطَاكِيّ، وأبو سَعْدٍ أحْمَد بن مُحَمَّد المَالِيْنِيّ، وأبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلمِيّ، وأبو مَنْصُور مَعْمَر بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن زِيَادَ.

كَتَبَ إلينا أبو المُظَفَّر عبدُ الرَّحيم بن عَبْد الكَريم السَّمْعَانيّ من مَرْو، أنَّ أبا سَعْد مُحَمَّد بن مَنْصُوِرٍ الحُرْضِي أخْبَرَهم، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن إبْراهيم المُزَكي إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلمَيّ، قال: أحْمَد بن مُحَمَّد المَعْرُوف بأبي بَكْر بن الطَّرَسُوسِيّ المُقِيْم بالحَرَم، وهو اليَوم شَيْخ الحَرَم، صَحِبَ إبْراهيم بن شَيْبَان وإليه يَنْتَمي، وهو من أَبْهَى المَشَايخ وأوْرعهِم، وأحْسَنِهم اسْتِقَامَة، مات سَنَة أرْبعٍ وسَبْعِينَ وثَلاثِمائة.

قال أبو عبد الرَّحْمن: سَمِعْتُ أبا بَكْر بن الطَّرَسُوسِيّ يقُول: أبو سَعيد الخَرَّازُ قَمَرُ الصُّوْفيَّة.

أنْبَأنَا عَبْد القَادر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا رَجَاء بن حَامِد بن رَجَاء المَعْدَانِيّ، عن أبَي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عليّ بن مُحمَّد العَمِيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم القَرَّاب، قال: وسَمِعْتُ أبا سَعْد - يعني المَالِيْنِيّ - يقول: ماتَ أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد الطَّرَسُوسِيّ بمَكَّة في ذي القَعْدَة سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين وثَلاثِمائة، وصَلْيَّتُ عليهِ.

(1)

توفي سنة 374 هـ، وقيل: 375 هـ، وترجمته في: تاريخ الإِسلام 8: 397.

ص: 128

أنبأنَا أبو العبَّاس الصَّيْدَلانِيّ ومُحَمَّد بن مَكِّيّ، قال: أخْبَرَنا إسْماعِيْل بن غَانِم وأبو الفَتْح الخَرْقِيّ - قال إسْمَاعِيْل: أخْبَرَنا، وقال أبو الفتح: أنْبَأنَا - أبو مُطِيع المِصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مَعْمَر بن أحْمَد، قال: أخْبرَني أبو بَكْر بن الطَّرَسُوسِيّ، قال: سَمِعْتُ إبْراهيم بن شَيْبَان، فذَكَر كَلَامًا عنه ذَكَرناهُ في تَرْجَمَةِ إبْراهيم بن شَيْبَان

(1)

.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد الجَبَليُّ، أبو بَكْر الطَّرَسُوسِيُّ

إنْ لم يَكُن المتُقدِّم فهو غيره. حَدَّثَ عن أبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ. رَوَى عنهُ أبو الحسَن بن جَهْضَم.

أنْبَأنَا الحافِظُ عَبْدُ القَادِر بن عَبْدِ الله الرُّهَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قال: حَدَّثنا أبو الحسَن عليُّ بن عَبْد الله بن الحسَن بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد الجَبَليُّ، هو أبو بَكْر الطَّرَسُوسِي، قال: حَدَّثَني أبو الخَيْر، قال: جَاوَرْتُ بمَكَّة سَنَةً، ومرَّ بها عليَّ شَدائد وآفاتٌ، فكُلّما هَمَمْتُ أنْ أخْرُجَ إلى السُّؤَالِ هَتَفَ بي هَاتِفُ: أمَا تَسْتَحِيي، الوَجْهُ الّذي يَسْجُدُ لي تَبذُلُهُ لغَيري! فأَجْلِس.

(1)

في الجزء الضائع قبل هذا الجزء.

ص: 129

‌أحمدُ بن مُحَمَّد، أبو العبَّاس الخّيَّاط الإسْبِيْجَابِيُّ

(1)

أقامَ بالثَّغْر الشَّامِيِّ، وصَحِبَ بالتِّيْنَات أبا الخَيْر التِّيْنَاتِيّ، وكان من مُتَقَدِّمي أصْحَاب ذي النُّون المِصْرِيّ. حَكَى عنه أبو عليّ بن خُرْشِيْد قُوْلَة الأصْبَهَانِيّ.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبدُ الرَّحيم بن عَبْد الكَريم السَّمْعَانيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّدُ بن مَنْصُور الحُرْضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن يَحْيَى المُزَكِيّ إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ

(2)

، قال: أحْمَدُ بن مُحَمَّد، أبو العبَّاس الخَيَّاطُ المُقِيْم بمِصْر، وكان قبل ذلك مُقِيْمًا بالثَّغْر. صَحِبَ أبا الخَيْر الأقْطَع ومَنْ قَبْلَهُ من المَشايخ، وكان لا يَأكُل إلَّا من كَسْبِ يَدهِ.

سَمِعْتُ عُمَر بن عَنْبَر يقول: كانَ أبو العبَّاس يقول: إنَّ أصْلَهُ من إسْبِيْجَاب.

قال السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن تَوْبَة يقُول: سَمِعْتُ أبا عليّ بن خُرْشِيْد قُوْلَة الأصْبَهَانِيّ، يقول: كنْتُ بمِصْرَ عند أبي العبَّاسِ الخَيَّاط فقال لي ليلةً: تُوفِّي الشَّيْخُ أبو عُثْمان المَغْرِبيّ بنَيْسَابُور، قال: فكتبْتُ اليَوْمَ واللَّيْلةَ، ثُمّ سَألتُ بعد ذلك عن موْته فإذا هو ماتَ تلكَ اللَّيْلة.

قال السُّلَمِيّ: وسَمِعْتُ أبا العبَّاس النَّسَوِيّ يَحْكي عن أبي العبَّاس الخَيَّاط هذه الحِكايَة.

قال السُّلَمِيّ: ومات أبو عُثْمان المَغْرِبيّ سَنَة وسَبْعِين، أو تسع وتِسْعِين، وأظُنُّ أنَّ مَوْته في سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين أصَحَّ.

قُلتُ: فقد تُوفِّي أبو العبَّاس الإسْبِيْجَابِيّ بعدَ مَوْته.

(1)

توفي بعد سنة 299 هـ.

(2)

لم أقف على هذه الرواية ولا الروايات التى تليها في طبقات الصوفية، ولعلها من كتابه المفقود تاريخ الصوفية نقل عنه ابن العديم في بعض المواضع مصرحًا باسم الكتاب.

ص: 130

‌أحمدُ بن مُحَمَّد المَلَطِيُّ

رَوَى عن أحْمَد بن مُحَمَّد بن صالح بن عِيسَى، عن الحَسَن بن عليّ بن جَمِيلٍ بن صالح، عن مُوسَى بن طَرِيف، عن عَبَّاد بن رِبْعِيِّ، عن رِفَاعَة بن شَدَّاد، وَصِيَّةً لعليّ عليه السلام كتَبَها إليهِ وقد أخْرَجَهُ إلى الأهْوَاز قَاضِيًا، رَوَاها عنهُ أبو القَاسِم اللَّيْثُ بن أحْمَد بن يَعْقُوب البلَخِيّ.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد البِشَارِيُّ

كان مع أبي الحَسَن الآبُرِيّ في الرِّحْلَة، وسَمِعَ معهُ في البِلاد ووَرَدَ معه مَنْبِج وطَرَسُوس وغيرهما من مُدُن العَوَاصِم والثُّغُور.

حَدَّثَ عن زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى، وأحمد بن عَبْدِ الله الدَّيْبُلِيّ. رَوَى عنهُ أبو الحَسَن الآبُرِيّ، وقال: وكان معنا في الرِّحْلَة.

‌أحمدُ بن مُحَمَّد، أبو الحُسَين المَعَرِّيّ، المَعْرُوف بالقَنُوع

(1)

هكذا سَمَّاه ونَسَبَهُ أبو مَنْصُور الثَّعالِبيّ في تَتَّمِة اليَتِيْمَة

(2)

، وقد سمَّاهُ غيرُه: أحْمَد بن حَمْدُون، وقد سَبَق ذِكْره، وسمَّاهُ آخرون: مُحَمَّد بن حَمْدُون، وسيأتي ذِكْرُه إنْ

(1)

ترجمته في: تتمة اليتيمة للثعالبي 13 - 15، خاص الخاص 241، الباخرزي: دمية القصر 1: 137 - 138 (وفيه: محمد بن حمدون القنوع)، وذكره ابن الطحان: جامع الفنون 87، وأورد له ثلاثة أبيات من شعره، القفطي: المحمدون من الشعراء 304 - 305، الوافي بالوفيات 8: 154 - 153.

(2)

تتمة اليتيمة 13 - 15.

ص: 131

شَاءَ اللهُ في المُحَمَّدين

(1)

، ويحتَمل عندي أنَّ أباهُ مُحَمَّدًا كان يُعْرَفُ بَحْمدُون مُشْتَقًّا من اسْمه مُحَمَّد، فإنَّ العامَّة يُطْلقُون كَثِيْرًا حَمْدُون على مُحَمَّد واللهُ أعْلَمُ، وهو شَاعِرٌ مَذْكُور مَشهُور.

وقيل في كُنْيَته أبو الحَسَن. رَوَى عنهُ أبو يَعْلَى مُحَمَّد بن الحَسَن البَصْرِيّ.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، قال: أخْبَرَنا أبو يُوسُف يَعْقُوب بن أحْمَد الأدِيْبُ إجَازَةً، عن أبي مَنْصُور الثَّعالِبِيّ

(2)

، قال: أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد المَعَرِّيّ، وكان يُلَقَّبُ بالقَنُوع لأنَّهُ قال يَوْمًا في كَلَام له: قد قَنعْتُ والله من الدُّنْيا بكِسْرة وكُسْوَة.

قال: ووَصَفَ بعضَ العُمَّالِ، فقال: ما هو إلَّا ماءٌ كَدِرٌ، وعُوْدٌ دَعِرٌ

(3)

، وقُفْلٌ عَسِرٌ.

قال: وأنْشَدَني أبو يَعْلَى مُحَمَّد بن الحَسَن البَصْرِيّ، قال: أنْشَدَني القَنُوع لنَفْسِه مُلَحًا وغُرَرًا ونُكَتًا وطُرَفًا، وكان قد اسْتَكْثر منهُ، ورَوَى جُلَّ شِعْره عنهُ، فمن ذلك قَوْله

(4)

: [من الخفيف]

رُبَّ هَمٍّ قطَعْتُه في دُجَى اللَّيْـ

ــلِ بِهَجْرِ الكَرَى ووَصْلِ الشَّرَابِ

والثُّرَيَّا قد غرَّبَتْ تَطْلُب البَدْ

رَ بِسَيْرِ المُرَوَّع المُرْتَابِ

(1)

في الأجزاء الضائعة من الكتاب، وتقدمت لابن العديم الترجمة في الجزء الثاني باسم: أحمد بن حمدون.

(2)

تتمة اليتيمة 13.

(3)

العود الدَّعِر: الرديء، كثير الدخان. لسان العرب، مادة: دعر.

(4)

الأبيات في خاص الخاص للثعالبي 241، والوافي بالوفيات 8:154.

ص: 132

كزَليْخَا وقد بَدَت كَفُّهَا تَطْـ

ــلُبُ أذْيَالَ يُوسُفٍ بالبَاب

قال: ولهُ في الغَزَل: [من مجزوء الكامل]

ومُجَرّدٍ أبْدَى على

قَلْبي حُسَامَيْ مُقْلَتَيْهِ

جِسْمي على حالَيْن مِنْ

حَذَر مُقيمٌ في يَدَيهِ

فإذا أمنْتُ الخَوْفَ مِنْـ

ــهُ بَقِيْتُ في خَوْفٍ عليهِ

وله في رَئيسٍ جَالسٍ على رَأس بِرْكَة

(1)

: [من الكامل]

قُلْ للرَّئيس أبي الوَضي (a) مُحَمَّدٍ

قَوْلَ امْرئٍ مُوْليْهِ (b) حُسْنَ وَلَاءِ

مِن حَوْلِ بِرْكَتِك البَهيَّةِ سَادَةُ الـ

ـــقُرَّاءِ والعُلَمَاء والشُّعَراءِ

لو أنْصَفُوكَ وهُمْ قيامٌ أشْبَهَت

أشْخَاصُهم أمثَالَهُم (c) في الماءِ

قَرأتُ بخَطِّ صَاعِد بن عِيسَى بن سُمَّان الكَاتِب الحَلَبِيّ ما صُوْرته: الوَزِير أبو القَاسِم بن المَغْرِبيّ ذكَرَ أنَّهُ للقَنُوع: [من الكامل]

ألِفَ الهَوَى فالهَجْر منهُ نَصِيْبُهُ

إنَّ الهَوَى مُسْتَعْذبٌ تَعْذيْبُهُ

وكأنَّ نَمْنَمَةَ العِذَارِ بخَدِّهِ

نَمْلٌ ولكنَّ في القُلُوب دَبِيْبُهُ

(a) تتمة اليتيمة: الرضا.

(b) تمة اليتيمة: يوليه.

(c) تتمة اليتيمة وخاص الخاص: أمثالها.

_________

(1)

البيتان الثاني والثالث في خاص الخاص 241.

ص: 133

‌أحمدُ بن مُحَمَّد القُرَشِيُّ، أبو الحَسَن السَّرْمِيْنِيُّ

من أهْل سَرْمِيْن، مَدِيْنَةٌ من أعْمَال حَلَب وطَرف جَبَل السُّمَّاق، وقد ذَكَرْناها في مُقدِّمَة كتابنا هذا

(1)

. كتَبَ عنهُ الحَكِيم أبو حَلِيم ظَافِر بن جَابِر الحَرَّانيّ الطَّبِيْب.

قَرأتُ بخَطِّ أبي حَلِيم الطَّبِيْب: أنْشَدَني مَوْلاي الشَّيْخ الجلَيْل أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد القُرَشِيّ السَّرْمِيْنِيّ لأبي مُحمَّد الحَسَن بن تَمِيْم الرَّقِّيّ: [من السريع]

قُلْتُ لأُمِّي حينَ أَمَّ الشِّتَا

ببُرْدِ بَرْدٍ وحَذَا طِيْنِ

لو لم أكُنْ مُنَاظِرًا منْطَرًا (a)

تِشْرِيْنَ لي في كُلِّ تِشْرِيْنِ

ما رقَّ بالرَّقَّةِ حالي ولي

نَصيْبُ مالٍ بنَصِيبِيْنِ

قُوْمي فكُدِّي لي وكَدِّي معًا

فأَنْتِ تَسْعَيْنَ لتِسْعيْنِ

ولا يَعُلْ صَبْرُكِ من عَيْلةٍ

ما بينَ تَشْدِيدٍ وتَليَيْنِ

وانْفِي الكَرَى عنكِ بعَزْل الكَرَى

لتُؤْجَري في سَتْرِ مِسْكِينِ

فأطرقِتْ لا عن قِلَىً وابتَدَتْ

تَنْدُبُني حُزْنًا وتَبْكِيْني

لا خَيْرَ في مثْلي بَيْنَ الوَرَى

كَذَا بلا دُنْيَا ولا دِيْن

‌أحمَد بن مُحَمَّد الطَّرَسُوسِيُّ

حَدَّثَ عن أبي الحُسَين عُبَيْدِ الله بن أحْمَد بن البَوَّابِ، ومُحَمَّد بن جَعْفَر النَّجَّار. رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانيّ الحافِظُ.

(a) كذا في الأصل مؤكدة بحرف طاء أسفلها.

_________

(1)

في الجزء الأول من هذا الكتاب.

ص: 134

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ مَحْمُود ممَّن اسْمُه أحْمَد

‌أحمدُ بن مَحْمُود بن الحُسَين بن السِّنْدِيّ بن شَاهَك بن زَاذَان بن شَهْرَيَار، أبو نَصْر بن أبي الفَتْح الكَاتِب، المَعْرُوف والدُه بكَشَاجِم

(1)

من وَلد يَزْدَجِرْد، وقيل: اسْمُه مُحَمَّد: وقيل: الفَتْح.

شَاعِرٌ ابن شَاعِر، كان مع أبيه بحَلَب، ورَوَى عن أَبِيهِ كَشَاجِم. رَوَى عنهُ عَبْد الله بن أحْمَد الفَارِسِيِّ، وسمَّاهُ: مُحَمَّدًا، وصالح بن إبْراهيم بن رِشْدِين المِصْرِيّ، وسمَّاهُ: أحْمَد، واتَّفقَا على الكُنْيَة.

وقَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن الشِّمْشَاطِيّ أنَّ ابن كَشَاجِم وغُلَامَهُ أنْشَدَا لكَشَاجم أبْيَاتًا بحَلَب؛ أنْشَدَاها بحَلَب أبا الصَّقْر القَبِيْصِيَّ، وأبا زَكَرِيَّاء بن مُبَشِّر، وَسَنَذْكُرَها إنْ شَاءَ اللهُ في تَرْجَمَتِهِ في المُحَمَّدين

(2)

.

نَقَلْتُ من خَطِّ صالح بن إبْراهيم بن رِشْدِين في مَجْمُوعهِ: كتَبَ أبو نَصْر أحْمَدُ بن كَشَاجِم الكَاتِب إلى أبي الفَضْل جَعْفَر بن الفَضْل بن الفُرَات بهذين البَيْتَيْن على تُفَّاحَة، وأنْفَذَها إليهِ بَعْدَ أنْ أنْشَدَني إيَّاهمُا

(3)

: [من المجتث]

إذا الوَزِيرُ تَجَلَّى

للنِّيْل في الأوْقَاتِ

فقَدْ أتَاهُ سَمِيَّاهُ

جَعْفَر بن الفُرَاتِ

وَسَنَذْكُره أيضًا فيمَن اسْمُهُ مُحَمَّد فيما يأتي إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

(1)

توفي في حدود سنة 360 هـ، وترجمته في المقفى الكبير للمقريزي 1: 659 - 661.

(2)

ضمن الأجزاء الضائعة من الكتاب.

(3)

انظر: يتيمة الدهر 1: 386، المقفى الكبير 1:660.

ص: 135

قَرَأتُ في جُزءٍ من الأجْزاء الأخْبَاريَّةِ الّتي جَمَعَها أبو عليّ صالح بن إبْراهيم بن رِشْدِين لنَفْسِه من نُسْخَةٍ مَنْقُولَة من خَطِّه: قال أبو عليّ صالح بن رِشْدِين: أنْشَدَني أبو نَصْر أحْمَد بن كَشَاجِم لنَفْسِه: [من السريع]

فديْتُ مَنْ رُؤيتُهُ علَّتِي

ودَاءُ قَلْبيْ وَهِيَ الشَّافِيَهْ

يُمْرِضُنِي حتَّى إذا عادَني

أعَادَني في حالةِ العَافِيَهْ

وعلى آخر الأجْزاء: قال أبو عليّ بن رِشْدِين: أنْشَدَني أبو نَصْر أحْمَد بن كَشَاجِم هذه القَصِيدَة في سَنَة خَمْسين وثَلاثِمائة في أبي بَكْر صالح بن عليّ الرُّوْذبَارِيّ يمدحُه، وليسَ فيها حَرْف يُنْقَط:[من المنسرح]

هل مُمْسِكٌ لومَهُ امرُؤٌ لامَا

أأسمَعُ اللَّوْمَ سَاءَ ما سَامَا

لله دَرُّ الدُّمُوعَ مُسْعِدةً

ودَرُّ عَصْرِ الوِصَالِ لو دَامَا

كم لوعَةٍ أودَعَ الصُّدُودَ وكم

مُؤكّدُ الوُدّ صَارَ صَرَّامَا

واهًا لرُوْحٍ لهُ مُطَاوِعَةٍ

أسْلمَهَا للحِمَام إسْلامَا

واللهِ لولا الأهْوَاءُ ما أوْطَأ الـ

أسْد كرام الرُّؤوسِ آرامَا

آهِلةً هلّلُوا طِرَارَهم

وأوْدَعُوا حَسْرةً وآلامَا

لولا هِلَالُ الأرْوَاح مُهملةً

لما أرادُوا راءً ولا لامَا

أصَاحَ حَطَّ الصُّدُودُ كَلْكَلَهُ

وصَارَ وَصْلُ الصُّدُودِ إلْمَامَا

مَهْما عَدا الدَّهْرُ مُدَّةً ولَعًا

لطالما الوَصْلُ دامَ أعْوَامَا

أُعْمِلُ راحًا معَ الملاحِ ولا

أعْدَمُ آلَ الاكْرَام إكْرَامَا

لم أعْصِ أهْل الإسْعَادِ مَسْألَةً

ولم أُطِعْ حَاسِدًا ولوَّامَا

ما رَوّحَ الرُّوْحَ كالمُدَام ولا

أطارَ هَمًّا عراكَ دَهَّامَا

ص: 136

دَعْ مَدْحهُم ما حمَوكَ ودَّهُمُ

وامْدَحْ هُمَامًا سَمحًا وكُرَّاما

ما أمَّهُ آمِلٌ لمكرُمَةٍ

إلَّا رآهُ للمَالِ هَدَّامَا

ولا دَعاهُ دَاعٍ لَملْحَمَةٍ

إلَّا دَعَا صَارِمًا وصَمْصَامَا

أَسْمعَهُ واردُ السّماحِ كما

أصَمَّ سَمْعُ اللّوَّام صمّاما

وقَرَأتُ في الأجْزاء الأخْبَاريَّة المنقُولة من خَطِّ صالح بن إبْراهيم: هَجَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن هَارون الأكْثَمِيّ أبا الفَرَج وأبا نَصْر عُبَيْد الله وأحمد ابْنَي كَشَاجِم بهذه الأبْيَات ولم يُجِيْباهُ: [من مجزوء الكامل]

ابْنَيْ كَشَاجِمَ أنتُما

مُسْتَعْمَلانِ مُجَرَّبانِ

لو تَكْتُبانِ لذا الزَّما

ن أَمَتُّماهُ بِلا زمَانِ

مَاتَ المَشُوْمُ أبوكُما

فَخلَفْتُماهُ على المكانِ

وقُرِنْتُما في عَصْرنا

ففَعَلْتُما فِعْلَ القِرَانِ

بغَلَاءِ أسْعارِ الطَّعَا

م ومِيْتةِ المَلِكِ الهِجَانِ (a)

يا طَلْعَتَي شُؤْم يَظلّ

الشُّوْمُ منها في امْتِحانِ

فتَرجَّلَا لا تَقْتُلا

بالشُّؤْمِ مَنْ لا تَعْرِفانِ (b)

تُوفِّي أبو نَصْر بعدَ مَوْت كَافُور في حُدُود السِّتِّين والثَّلاثمائة.

(a) كتب ابن العديم في الهامش: "الملك كافور".

(b) الأصل: بعرفان.

ص: 137

‌أحمدُ بن مَحْمُود بن سَعيد الغَزْنَوِيُّ الفَقِيه الحَنَفِيُّ

(1)

هكذا رأيتُ نَسَبَهُ بخَطِّه في غير مَوضِع، وهو الصَّحيح.

كان فَقِيهًا فَاضِلًا، أقَامَ بحَلَب مُدَّةً مُعِيْدًا بالمَدْرَسَة النُّورِيَّة الحَنَفِيَّة المَعْرُوفة بالحَلاوِيِّين في ولاية عَلاء الدِّين أبي بَكْر الكَاسَانِيّ، وتَفَقَّهَ عليه جَمَاعَة.

وصَنَّف في الفِقْه وعُلُومه والأُصُول كُتُبًا مُفِيْدَة، منها: كتاب رَوْضَة العُلَمَاء في الفِقْه، ومُقدِّمَة مُخْتَصَرَة، وكتاب في أُصُول الفِقْه، وكتاب في أُصُول الدِّين وَسَمَهُ برَوْضَة المُتَكَلِّمِيْن، وكِتَابًا مُخْتصَرًا منهُ وَسَمَهُ بالمُنْتَقَى من رَوْضَة المُتَكَلِّمِيْن. وَقَعَ إليَّ بخَطِّه وعليه مكتوب بخَطِّه: قال مؤلِّفهُ: جَزَى اللهُ خَيْرًا من تأمَّل صنْعتي، وقابَل ما فيها من السَّهْو بالعَفْو، وأصْلَح ما أخْطَأتُ فيه بفَضْله وفطْنته، وأسْتَغْفرُ الله من سَهْو.

تُوفِّي بعد سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة بحَلَب، فإنّنِي شَاهدتُ خَطّه في هذا التَّاريخ، ودُفِنَ في مَقَابِر الفُقَهَاء الحَنَفِيَّة قِبْلي مَقام إبْراهيم عليه السلام، وسَمِعْتُ والدِي يُحْسن الثَّنَاء عليهِ في العِلْم والدِّين.

‌أحمدُ بنُ مَحْمُود، أبو بَكْر الرَّسْعَنِيُّ

(2)

سَمِعَ بحَلَبَ أبا عُمَيْر عَدِيّ بن أحْمَد بن عَبْد البَاقِي الأذَنِيِّ، وحَدَّثَ عنهُ. رَوَى عنهُ أبو الفَرَجْ مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ بن جَعْفَر العَيْن زَرْبِيّ، المَعْرُوف بابنِ الفَاثُوْرِيّ.

(1)

تقدم ذكره في هذا الجزء باسم: أحمد بن محمد بن محمود بن سعيد الغزنوي، وذكَر هناك جانبًا من هذه الترجمة.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 7.

ص: 138

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن كتابةً، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحسَن بن هِبَة الله

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو الحُسَين بن أبي الحَدِيْدِ، عن جَدِّه أبي عَبْدِ الله الحَسَن بن أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ بن جَعْفَر المعرُوف بابنِ الفَاثُوْرِيّ في دَارِيَّا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن الفَرَج الحَبَّال (a) الصُّوْفيّ، وأبو بَكْر أحْمَدُ بن مَحْمُود الرَّسْعَنِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو عُمَيْر عَدِيّ بن أحْمَدَ بن عَبْدِ البَاقِي الأَذَنِيّ بحَلَبَ، قال: حَدَّثَنا عَمِّي أبو القَاسِم يَحْيَى بن عَبْد البَاقِي، قال: حَدَّثَنَا أبو عُمَيْر [عِيْسَى بن](b) مُحَمَّد بن النَّحَّاس الرَّمْليّ، قال: حَدَّثَنَا سَوَّار بن عُمَارَة، عن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عن (c) عَمْرو بن أبي عَمْرو، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ، قال

(2)

: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقُول: اقْتُلوا الفَاعِلَ والمَفْعُولَ بهِ.

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ مُدْرِك ممَّن اسْمُه أحْمَد

‌أحمدُ بن مُدْرِك بن الحُسَين بن حَمْزَة بن الحُسَين بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد البَهْرَانِيُّ الحَمَوِيُّ، المَعْرُوف بابنِ حُبَيْش القَاضِي

(3)

من أكابِر أهْل حَمَاة وأعْيَانهم، وكان مُحْترَمًا عند المَلِك العادِلِ نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، وكان يَعْتَمد عليه فيما يُنْشئهُ من أبْوَاب البِرِّ وسُبُل الخَيْر والمَعْرُوف.

(a) كذا في الأصل مؤكدًا بحرف حاء أسفله، وفي تاريخ ابن عساكر: الجمال.

(b) الإضافة من تاريخ ابن عساكر وانظر: الجرح والتعديل 6: 286، ابن ماكولا: الإكمال 7: 373.

(c) تاريخ ابن عساكر: ابن.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 7.

(2)

ابن حنبل: المسند 4: 257 (رقم 2737)، سنن أبي داود 4: 608 (رقم 4462)، سنن ابن ماجة 856 (رقم 2561)، الطبراني: المعجم الكبير 11: 226 (رقم 11569)، سنن الدارقطني 3: 124 (رقم 140)، الحاكم: المستدرك 4: 355، وعند جميعهم:"من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول".

(3)

توفي سنة 591 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام 12: 956.

ص: 139

سَمِعَ الإمَام أبا الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد البَلْخِيّ بحَلَب. رَوَى لنا عنْهُ ابنُه أبو المَشْكُور مُدْرِك بن أحْمَد إنْشَادًا سَمِعَهُ من أبيهِ عن البَلْخِيّ.

أنْشَدَنا القَاضِي أبو مَشْكُور مُدْرِك بن أحْمَد بن مُدْرِك بن الحُسَين بمَدِينَة الكَرَك

(1)

من البَلْقَاء، قال: أنْشَدَني وَالدِي، قال: أنْشَدَني برهَانُ الدِّين عليّ البَلْخِيُّ لشَاعرٍ أنْشَدَها هَارونَ الرَّشِيْد: [من الطويل]

وآمرةٍ بالبُخْل قُلْتُ لها أقْصِري

فذلك شَيءٌ ما إليهِ سَبِيْلُ

أرَى النَّاس خُلَّان الجَوَادِ ولا أرَى

بَخْيَلًا له في العَالَمِيْنَ خَلِيلُ

وإنِّي رأيْتُ البُخْلَ يُزْرِي بأهْلِهِ

فأكْرَمْتُ نَفْسِي أنْ يُقَالَ بَخِيْلُ

وكيفَ أخَافُ الفَقْرَ أو أُحْرَمُ الغِنَى

ورأْيُ أَمِير المُؤمِنِين جَمِيْلُ

وهذه الأبْيَاتُ لإسْحَاق بن إبْراهيم المَوْصِليِّ، وستأتي في ترجَمَتِهِ

(2)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

(1)

الكرك: مدينة أردنية تقع جنوبي العاصمة عمّان، على خطّ الطول 42 - 35 شرقًا والعرض 11 - 31 شمالًا، وهي اليوم مركز محافظة الكرك، أقيمت المدينة على قمّة جبل به قلعتها، وترتفع 1000 م عن سطح البحر، وتحيط بها أودية سحيقة. ياقوت: معجم البلدان 4: 453، أبو الفداء: تقويم البلدان 246 - 247، الحميري: الروض المعطار 493، 302 - 303، مدونة النصوص الجغرافية لمدن الأردن وقراه 2:264.

(2)

في موضعها من هذا الجزء، وفيها زيادة بيتين على المدرج هنا. وانظرها في ديوان إسحاق الموصلي 163، والجاحظ: المحاسن والأضداد 9، القالي: الأمالي 1: 31، الحماسة البصرية 2: 831، الأغاني 5: 208، وفيات الأعيان 1: 203 - 204، وتاريخ الإسلام 5:791.

ص: 140

‌أحمدُ بن مُدْرِك بن سَعيد بن مُدْرِك بن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن سُلَيمان، أبو المَعَالِي التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ القَاضِي

(1)

قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان، من ولد أبو المَجْدِ مُحَمَّد أخي أبي العَلَاء أحْمَد ابْني عَبْد الله بن سُلَيمان، وكان القَضَاء بمَعَرَّة النُّعْمَان في سَلَفِه.

اجْتَمَعْتُ به بحَلَب ومَعَرَّة النُّعْمَان، وعلَّقتُ عنهُ فَوَائِد عن المَعَرِّيّين، وسَمِعْتُ منه شَيئًا من الحَدِيْث وأشْعَارًا للمَعرِّيِّيْن.

رَوَى لنا عن أبي طَاهِر الخُشُوعِيّ، وأبِي جَعْفَر مُحَمَّد بن المُؤيَّد بن حَوَاري، وسَمِعَ أيضًا عَبْد المَلِك بن يَاسِيْن الدَّوْلَعِيِّ بدِمَشْق.

أخْبَرَنا أبو المَعَالِي أحْمَد بن مُدْرِك بن سَعيد قاضي المَعَرَّة بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بَرَكاتُ بن إبْراهيم بن طَاهِر القُرَشِيّ، المَعْرُوف بالخشُوعِيّ، بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدِ الكَريم بن حَمْزَة بن الخَضِر بن العبَّاس السُّلمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن مُحَمَّد الحنَّائِيّ السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن الحَسَن بن الوَلِيد بن مُوسى بن رَاشِد الكِلابِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن عُمَيْر بن يُوسُف بن جَوْصَا، قال: حَدَّثنَا كَثِيْرُ بن عُبَيْدٍ المَذْحجِيّ، قال: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بن حرْب، عن الزَّبِيْديّ، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سَلَمَة بن عبَد الرَّحمن أنَّ عائِشَةَ زَوْج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت

(2)

: سُئِلَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم عن البِتْع - والبِتْع نَبِيذُ العَسَل - فقال: رسُول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَر فهو حَرَامٌ.

(1)

توفي حسب ابن العديم سنة 655 هـ، وترجمته في: الإنصاف والتحري لابن العديم (ضمن إعلام النبلاء) 4: 98 - 99، الحسيني: صحلة التكملة لوفيات النقلة 1: 378 (وفاته سنة 656 هـ)، تاريخ الإسلام 14: 797 - 798 أرخ (وفاته سنة 656 هـ).

(2)

المصنف لعبد الرزاق الصنعاني 9: 220 - 221 (رقم 17002)، سنن أبي داود 4: 88 (رقم 3682)، سنن النسائي 8: 298 (رقم 5593)، فتح الباري 10: 41 (رقم 5585 - 5586).

ص: 141

أنْشَدَنا القَاضِي أبو المَعَالي أحْمَدُ بن مُدْرِك بن سَعيد بن سُلَيمان، قال: أنْشَدَني أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن المُؤيَّد بن حَوَاري لنَفْسِه من قَصِيدَةٍ يَمْدَحُ بها المَلِك المَنْصُور مُحَمَّد بن عُمَر صَاحب حَمَاة، أوَّلُها:[من البسيط]

بانَتْ سُلَيْمى فأَقْوَتْ سَاحَةُ الدَّار

منها وبُدِّلْتُ من عُسْرٍ بإيْسَارِ

تَغَشْرَمَتْها يَدُ الأيَّام فانْدَمَلَتْ

آثَارُهَا ثُمَّ عَفَّتْهَا بآثَارِ

منها في صِفَة الأسَد والمَمْدُوح:

ما مُحْذرٌ تَرْهَبُ الآسَادُ صَوْلَتَهُ

يَدْأَى فيَفْرَقُ منهُ كُلَّ زَأَّارِ

غَضَنْفَرٌ أَهْرَتُ الشِّدْقَيْن ذُو لبدٍ

شَثْنُ البَرَاثِنِ مَرْهُوبُ السُّطَا ضَارِ

دَامِي البَضِيْعِ شَدِيدُ البَأْسِ ذُو ذَنبٍ

مثْل الرّشَاء قليل اللَّبث في الدَّارِ

يَقُوتُ شِبْلَيْنِ قد أوْدَى الطَّوَى بهما

فيَشْكُوانِ إليه من خَوًا طَارِ

مما إنْ تَأَرَّضَ في أرْضٍ يرُومُ بها

صَيْدًا فتَسْلَم منها نَفْسُ سَيَّارِ

حتَّى لَوَ أنَّ الرَّدَى صَيْدًا وصَادَفَهُ

أَرْدَاهُ قَسْرًا بأنْيَابٍ وأظْفَارِ

إلَّا ويُرْعَدُ خَوْفًا من سُطَاهُ إذا

نُودِي بذِكْراهُ في يَهْمَاءَ مِقْفَارِ

ولا الفُرَاتُ إذا جَاشَتْ جَوَانِبُها

يَوْمًا فَخِلْنَاهُ يَمًّا ماؤُهُ جَارِ

وطَبَّقَ الأرْضَ حتَّى لا أَرَى عَلَمًا

إلَّا وعَمَّمَهُ منهُ بزَخَّارِ

يَوْمًا كنَائلِ كفيَّهِ إذا زُمَرُ الـ

ـوُفُود لاذَتْ بهِ في عَامِ إعْصَارِ

هذا ولا فرْخُ عَصْفُورٍ تعَسَّفَهُ

طِفْلٌ فأفْلَتَ منهُ بعد إضْرَارِ

وعَاد من بَعْدِ سِجْنٍ مُوْحشٍ حَرِجٍ

يَرُوحُ ما بينَ جَنَّاتٍ وأنْهَارِ

يومًا بأفْرَحَ منِّي عند رؤيتِهِ

وقد تبَدَّلتُ من عُسْرٍ بإيْسَارِ

يا كَعْبَةَ الجُوْدِ إنِّي قد حَطَطْتُ إلى

فِنَائكَ الرَّحْلَ شَاكٍ ثقْلَ أوْزَاري

تُوفِّي القَاضِي أبو المَعَالِي بن مُدْرِك بمَعَرَّة النُّعْمَان في سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وسِتِّمائَة.

ص: 142

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ مَرْوَان ممَّن اسْمُه أحْمَد

‌أحمدُ بن مَرْوَان بن دُوسْتَك، أبو نَصْر، نَصْرُ الدَّولَة الكُرْدِيُّ

(1)

وهو ابنُ أخي بَابِ الكُرْديّ، وكانَ من الأكْرَاد الحُمَيْدِيَّة ويُلقَّبُون بالجهَارْبُخْتِيَّة. مَلَكَ مَيَّافَارقِين وآمِد بعدَ قَتْل أَخيهِ أبي مَنْصُور سَعِيد بن مَرْوَان بالهَتَّاخ، وكان أبو نَصْر هذا قد وَرَدَ حَلَب مُجْتَازًا إلى إنْجَاد يَغِي سغَان

(2)

مَلكِ أنْطَاكِيَة صينَ قَصَدَهُ الفِرنْجُ (a).

قَرَأتُ في كتاب عُنْوَان السِّيَر، تأليفُ مُحمَّد بن عَبْد المَلِك الهَمَذَانيّ (b)، قال، بعدَ أنْ ذَكَر قَتْل أخيهِ أبي مَنْصُور سَعيد في الحِصْن المَعْرُوف بالهَتَّاخِ في لَيْلَة الخَمِيْس الخامِس من جُمَادَى الأُولَى سَنَة إحْدَى وأرْبَعِمائة، قال: وولى أخُوه أبو نَصْر أحْمَد بن مَرْوَان، ولقَّبَهُ القَادِرُ باللهِ نَصْرِ الدَّولَة (c)، وعَدل في رَعيَّتِهِ، وتَنَعَّم تَنَعُّمًا لم يُسْبَق إليه، ومَلَكَ خَمْسمائة سُرِّيَّةٍ سِوَى خَدَمهنَّ وتَوابعهنَّ، وكان

(a) ضبطه المؤلف في الأصل هنا بفتح الفاء والراء، وقد أجريناه بالكسر على وجه واحد في كامل المتن على هذه الصورة.

(b) قطع تاريخية من كتاب عنوان السير 288.

(c) قطع تاريخية: نصير الدولة.

_________

(1)

توفي سنة 453 هـ، وترجمته في: الهفوات النادرة للصابئ 38 - 39، قطع تاريخية من كتاب عنوان السير للهمذاني 288 - 289 (وفيه: نصير الدولة)، ابن الجوزي: المنتظم 16: 70 - 71، ابن الأزرق: تاريخ الفارقي 93 - 176، وفيات الأعيان 1: 177 - 178، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 125 - 127، تاريخ الإسلام 10: 35 - 36، العبر في خبر مَن غبر 2: 300، سير أعلام النبلاء 18: 117 - 120، تاريخ ابن الوردي 1: 553، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 87، الوافي بالوفيات 8: 176 - 177، شذرات الذهب 5:225.

(2)

يختلف رسمه في المصادر وربما اختُلف فيه في أصول المصدر الواحد، فكتبه هنا: يغيسغان، ورد فيما بعد (في ترجمة آق سنقر في الجزء الرابع): يغي مغان، وعند القلانسي: ذيل تاريخ دمشق 122، 132، 135: ياغي سيان، وعند ابن خلدون: ياغسيان، قيده على هذا الوجه في كل المواضع التي ذكره فيها، خاصة في الجزء التاسع من العبر، الذي أفرده لأخبار الدولة السلجوقية، كما درجت بعض المصادر على كتابته بالباء الموحدة في أوله: باغي سيان، مثل ابن الأثير في بعض مواضع كتابه الكامل 10: 29، 220، 233، 247 - 248، 255، 233.

ص: 143

مَعْرُوفًا بكَثْرة الأكْلِ والشُّرْب والنِّكَاح، وتزوَّجَ ببنَات مُلُوك الأطْرَاف، وكانَ يجمْعُ في مَجْلِس لذَّته من الأوَاني ما تزيْدُ قيمَتُه على مئتي ألف دِيْنار، وكان يُصَدِّق (a) بالصَّدَقَات الكَثِيْرة، ووَقَعَ وباءٌ في بلادِهِ (b)، وكفَّن في سنةٍ واحدةٍ أرْبَعَة عَشَر ألْف إنْسَان، وكان لأهْل الدِّين والعِلْم عندَهُ مِقْدَارٌ عَظيم، والْتَمَسَ مائة ألف دِيْنار يَصْرفُها في بعض حُروبه، فأحضَرَ له وَزِيْرُه تَوْزيعًا على أرْبَابِ الأمْوَال بها، فقال: لو أرَدْتُ أمْوَالَ النَّاس لعَوَّلتُ على صَاحب الشُّرَط! وإنَّما أريدُ ذلك من أمْوَال المُتَاجرَة، فأتاهُ تاجرٌ بألف دِيْنار، وقال: أَسألُك يا مَوْلَانا قَبُولَها في هذا البِيْكَار

(1)

، فإنَّني اكْتَسَبْتُ أمْثَالها في بعض الأيَّام. فقال: خُذْها ولا حَاجَةَ لي فيها.

وأمَرَ أنْ يُتَصَدَّق من خِزَانَتهِ بألف دِيْنارٍ شُكْرًا للّه تعالَى على عِمارَة بَلَده. وكان بآمِد في أيَّامهِ أرْبَع عَشْرَة دارًا للمُرَابِطين، وعَشرة آلاف رَجُل من المُجَاهِدين، وسِلَاح عظيم، وذلك في وِزَارَة فَخْر الدَّوْلَة أبي نَصْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جَهِير لابن مَرْوَان.

وتُوفِّيَ في شَوَّال سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وأرْبَعِمائة، وعُمره ستٌّ وسَبْعُون سنةً وثمانية أشْهُر، وإمارَتُه ثلاثٌ وخَمْسُونَ سنَة تنقُصُ شَهْرًا واحدًا، ووَلي بعدَهُ ابنه نِظَام الدِّين أبو القَاسِم نَصْر.

ورُوِي له شِعْرٌ قرأتُه في مَجْمُوعٍ لابن نُوَيْن المَعَرِّيّ، قال: للمَلِك ابن مَرْوَان مَالكِ دِيَار بَكْرٍ: [من الكامل]

يا وَيْح بَيْتٍ ما لَهُ أصْحَابُ

بَيْتٌ يُدَبِّرُهُ نَجَا وشَرَابُ

فشَرَابُ إنْ ظَفِرَتْ بشيءٍ لَبْوَةٌ

ونَجَا لِمَا تَحْوي يَدَاهُ عُقَابُ

(a) قطع تاريخية: يتصدق.

(b) قطع تاريخية: في ديار بكر.

_________

(1)

البيكار: الحملة العسكرية، كما يُفهم من سياقة الكثير من الأخبار التي وردت فيها اللفظة. وفسرها دوزي بأنها الحرب عامة. انظر: معجم دوزي 1: 136، دهمان: معجم الألفاظ التاريخية 41.

ص: 144

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه تَوفيقي

نَقَلْتُ من كّتاب الرَّبْيع، تأليفُ غَرْس النِّعْمَة أبي الحَسَن مُحَمَّد بن هِلِّلِ بن المُحَسِّن بن إبْراهيم بن هِلِّلِ المَعْروُفُ بابنِ الصّابِئ، وأنْبَأنَا بهِ أبو الحَسَن بن أبي عَبْد اللّه بن المُقَيِّر، عن أبي الفَتْحِ مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُمْيدِيّ، قال: أخْبرَنا غرْسُ النِّعْمَةِ أبو الحَسَن، قال: وحَدَّثَني الوَزِير فَخْر الدَّوْلَة أبو نَصْر، قال: حَدَّثَني نَصْرُ الدَّولَة أبو نَصْر بن مَرْوَان صاحب آمِد ومَيَّافَارقِين وتلك الثُّغُور، وكان نَاظِرًا له إلى حين وفاته، قال: كان بعضُ مُتَقَدِّمي الأكْرَاد معي على الطَّبَق، فأخَذْتُ جَمَلَةً مَشْوِيَّةً ممَّا كان بين يَدي فأعطيْتُه إيَّاها، فأخَذَها وضَحِكَ! فقُلتُ: ممَّ تَضْحكُ؟ فقال: خَيْر. فظَنَنْتُ أنَّهُ قد عابَ عليَّ ذلك فألحَحْتُ عليهِ، ودَافعَ عن الجَوَابِ حتَّى رَفَعْتُ يَدي، وقُلتُ: لا آكل شيئًا حتَّى تُعَرِّفَني سبَبَ ضحكك ما هو؟ فقال: شيءٌ ذَكَّرْتَنيه الحَجَلَةُ، وذاكَ أنَّني كنتُ أيَّام الشَّبَاب والجَهَالَة قد أخذتُ بعضَ التُّجَّار في طَريق وما كان معَهُ من المَتَاعِ وقرَّبْتُه إلى لِحْف جَبَل، فاردْتُ قَتْلَهُ خَوْفًا على نَفْسِي منهُ وأنْ يَعْرِفَني من بَعْد ويُطَالبَني ويُعَرِّضَني للقَبِيْح ويَعْتَرضني، فقال: يا هذا، قد أخَذْت مالي وأفْقَرْتَني وأوْلَادِي، فدَعْني أرْجع إلى عيلِتي فأكُدُّ عليهم فلا تَحْرمُهم مالي ونَفْسِي، وبَكَى وسَألني وتَضَرَّع إليَّ، فلم أرقَّ لهُ شرهًا إلى ما كان معهُ، فلمَّا أيسَ من الحَيَاة، الْتَفَتَ إلى حَجَلَتَيْن على جَبَل وقال لهما: إشْهَدا لي عليهِ عند اللّه تعالَى أنَّهُ قاتلي ظُلْمًا، وقَتَلْتُه، فلمَّا رأيتُ الحَجَلَة الآن ذكرتُ ذلك الرَّجُل وحُمْقه في اسْتِشْهَاده الحَجَل عليَّ.

ص: 145

قال ابنُ مَرْوَان: فحين سَمِعْتُ قَوْله، اهْتَزَزتُ حتَّى لم أمْلك نَفْسِي، وتقَدَّمتُ بأخْذه وكَتْفِهِ ثمّ ضَرب رقَبَتهُ بين يَدي، فلم آكل حتَّى رأيْتُ رأسَه مُبرَّأً بينَ يَدَيْهِ بعدَ أنْ قلتُ له: قد واللّه شَهِدَت الحَجَلَتَان عليك عندَ مَنْ أقادَك بالرِّجْلِ وأخَذ له بحَقِّه منكَ.

قال: وحدثني - يعني الوَزِير فَخْر الدَّوْلَة - قال: كان لبعض الأكْرَادِ المُتَوَجِّهين (a) فَرَسٌ أُعطي به ألف دِيْنار، وجَعَلَها ابن مَرْوَان ألف ديْنارٍ وضَيْعَة، فلَم يَبَعْهُ ولا طَابَتْ نَفْسُه بمُفارقَته، ورَكبَ يَوْمًا ابن مَرْوَان إلى الصَّيْد فقيل له: أيُّها الأَمِيرُ، نَفَقَ البَارِحَة الفَرَسُ الفُلَانيّ، فاغْتَمَّ به وحَزن عليه، وأحْضَر صاحبَهُ إليه وعَزَّاهُ به لعَظيم ما كان عندَهُ منهُ، فوجَدَهُ لا يقْبَلُ العَزَاء، وعندَه من الأسَف على المال لا على الفَرَس ما غاظَهُ، فقال له: يا هذا، مالكَ وما فَرس حتَّى يلحقَكَ هذا الأمرُ العَظِيْمُ عليه، ولعلَّ اللّهَ تعالَى قد دَفعَ عنكَ ما هو أعْظَمُ من ذهَابِ ثَمنه منك، فقال: أهِيَ فَرَسٌ أيُّها الأَمِيرُ؟ هي ألف دِيْنار! فقال له: تأخُذُ ألفَ دِيْنارٍ وتَجْعَل ثَوَاب الفَرَس لي؟ فقال: نعم. فتَقَدَّم بإطْلَاقها لهُ، وحَضَرَني وتقَدَّمْتُ بتَسْليمها إليه وانْصَرفَ بها، فلم يُصْبح إلَّا أعْمَى يتَلَمَّسُ الحِيْطان. وجاءنا الخَبَرُ، فعَجِبَ الأَميرُ والنَّاس أجْمعُون ممَّا جرى في ذاكَ، ووقَع للأَميْر أنَّ اللّه تعالَى قد دفَعَ عنه بالأَلف دِيْنار ما نَزَل بمَنْ أخَذَها، وسُرَّ بذاك.

وقال: حَدَّثَني الوَزِير فَخْر الدَّوْلَة أبو نَصْر بن جَهِيْر، قال: حَدَّثَني نَصْرُ الدَّولَة أبو نَصْر بنُ مَرْوَان صاحب دِيَار بَكْر، عند خدمَتي لهُ، وقد جَرَى حديثُ أبي القَاسِم بن المَغْرِبيّ، قال: لمَّا خَدَمني عندَ مَجِيِّهِ من مِصْرَ وما جَرَى لهُ مع الحاكِم، جَاءَني يَوْمًا ومعه سُدْس كَاغَد (b)، فقال لي: قد أثْبَتُّ في هذا السُّدْس أسْماءَ أصْحَابك الذَّينَ قد أخَذُوا أمْوَالك وأخْلَوا خزانتكَ من مال يُعَدُّ فيها لحاجةٍ أو شِدَّةٍ

(a) كذا في الأصل وفوقها "صـ".

(b) الأصل: كاغدا.

ص: 146

ما قِيْمَتُه ثلاثمائةَ وسَبْعُونَ ألْف دِيْنار - شَكَّ الوَزِير في ذاكَ - وقال: إذا أخذت هذا القَدْرَ منهم لم تُجْحف بأمْوالهم، وكان كُلٌّ منهم مُرتَّبًا في خدمَته ومَرْكزه وولايته، وتكون قد تَقَضَّيْتَ (a) من أمْوَالك الّتي احْتَجَنُوها ما جعَلْتَهُ لك خِزَانَةً وعُدَّة. فقُلتُ لَهُ: يا هذا، إنَّما نَصَبْتُكَ وَزِيرًا لتُعْطِيني وتُعْطي أصْحَابي بعِمارَة بلادي وتَوْفير أمْوَالي، فأمَّا مُصَادَرَةُ أصْحَابي فلو أرَدْتُّ هذا لأخَذْتُ أنا أضْعَافه وكفاني فيك مَرْدَكُ، صَاحبي؛ هذا الّذي هو أهْوَنُ وأدْوَنُ مَنْ يَخْدمُني، ولم أكُن مُحْتاجًا فيه إلى مثلك.

فقال لي: إذا كان هذا رأيُكَ، فاحْرسْنِي من أصْحَابك ولا تُطْلعْهُم على ما قُلْتُه في مَعْناهُم فَيفْسُد ما بيني وبينهم، فقُلتُ: أفْعَل. وتَرَكني مُدَيْدةً قريبةً، وقال لي: قد جَرَى في الجَزِيْرَة خلْفٌ بين الضَّامنِ لها وبين فُلَان، وتَفاقَم الأمرُ فيه إلى أنْ احْتاج إلى مُشَارَفتي له وإصْلَاحه بنَفْسِي، فتأذن في الانْحِدَار إلى هناك فمُدَّة الغَيْبة عشْرون يَوْمًا، وأعُوْدُ وقد حَسَمْتُ مادَّةً رُبَّما طمحَتْ إلى حَدٍّ يَشْغَل قَلْبكَ. فعَلمْتُ أنَّهُ يُريدُ المُضِيَّ إلى المَوْصِل وقِرْوَاش بن المُقَلَّد، أمير بني عُقَيْل لمَّا لَمْ يرَ لشَرِّه عندي نَفَاذًا، ولا عليَّ نَفَاقًا، ولم يكُن يُحْسن غيره، فقُلتُ لهُ: افْعَل ما تَرَى.

وتَشَاغل بإصْلَاح أمْره للانْحِدَار، فجاءني مُوْسَك، خَالِي، وقال لي: عَرَفْتَ أنَّ أبا القَاسِم بن المَغْرِبيّ على الانْحِدَار إلى الجَزِيْرَة، وكذَبَ فإنَّهُ بنِيَّةِ المُضيّ إلى المَوْصِل؟ فقُلتُ: قد عَرفْتُ ذلك وعَلِمتُه، ودَعْهُ يمضِي إلى اللَّعْنَة! فما في مَقامهِ ها هُنا لكُم فَائِدَة - وكان مُوْسَك ممَّن سَعَى ابن المَغْرِبيِّ به، وأرادَ مُصَادرتَهُ، وأخْذَ المالِ منه - قال: وتَدَعهُ يَمْضي وقد أخَذَ أمْوَالَكَ وسَرَقَها وحصَّلها واحْتَجَنها، ولِمَ لا تَقْبض عليهِ وتأخُذ ما أخَذَ ثمّ تَصْرِفه إلى اللَّعْنَةِ وسُوءِ المُنْقَلَب؟ فضَحِكتُ

(a) مهملة في الأصل باستثناء حرف القاف، وفوقها "صـ"، والإعجام بما يوافق السياق.

ص: 147

منه، وقُلتُ: ليسَ كُلّ مَنْ يأخُذ مالي أرتجعهُ منه، ولعَمرى إنَّهُ خَدَمَنا وانْتَفع منَّا وكسبَ معنا، وأخْذ ذلك منهُ لؤمٌ، فأمْسَكَ.

وانْحَدَر ابن المَغْرِبيّ إلى الجَزِيْرَة ومنها إلى المَوْصِل وخِدْمَة قِرْوَاشٍ، ثمّ انْحَدَر إلى بَغْدَاد وخِدْمَةِ المَلِك مُشَرِّف الدَّوْلَة أبي عليّ بن بُوَيْه في سَنَة خَمْس عَشرة وأرْبَعِمائة.

‌أحمدُ بن مَرْوَان بن مُحَمَّد، أبو بَكْر الدِّيْنَورِيّ المالِكِيّ القَاضِي

(1)

سَمعَ الحَدِيْث الكَثِيْر، ورَوَى عن الجَمِّ الغَفِيْر، فَحَدَّثَ عن أحْمَد بن خُلَيْد الحَلَبيّ، وأحمد بن مُحَمَّد الحَلَبيّ، وأحمد بن إبْراهيم المِصِيْصيّ، وأحمد بن مُحَمَّد الأنْطَاكِيّ، وعليّ بن الحَسَن الأَنْطَاكِيّ، ومُوسَى بن طَرِيف، وأحمد بن عليّ الوَرَّاق، وأبي دَاوُد سُليْمان بن الأشْعَث، والحَارِث بن أبي أُسامَة، ومُحَمَّد بن إسْحاق الأصْبَهَانِيّ، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن مَوْلَى بني هاشِم، وإبْراهيم بن حَبِيْب الهَمْدانِيّ، وزَيْد بن إسْمَاعيْل الوَاسطِيّ، وعبد اللّه بن أحْمَد بن حَنْبَل، وعليّ بن عَبْد العَزِيْز، وعبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، وإسْمَاعِيْل بن أبي أُوَيْس، ومُحَمَّد بن سِنَان، ومُحَمَّد بن يَزِيد الوَرَّاق، وبِشْر بن مُوسَى، ويَحْيَى بن المُخْتَار، وإبْراهيم بن نَصْر النَّهَاوَنْدِيّ، ويَحْيَى بن أبي طَالِب البَغْدَاديّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّائِغ، وإسْمَاعِيْل بن إسْحاق القَاضِي، وإبْراهيم بن عَبْدِ اللّه المَرْوَزيِّ، وإبْراهيم بن دَازِبْل (a) الهَمَذَانيّ، ومُحَمَّد بن

(a) ويأتي الاسم أيضًا: ديزيل.

_________

(1)

توفي سنة 333 هـ، وترجمته عند: الذهبي: تاريخ الإسلام 744 - 745، سير أعلام النبلاء 15: 427 - 428، ابن فرحون: الديباج المذهب 1: 152 - 153، لسان الميزان 1: 309 - 310، حسن المحاضرة 1: 367، 446.

ص: 148

يُوسُف الرَّزَّاز، ونُعَيْم بن حَمَّاد، وأحمد بن عَبَّادٍ التَّمِيْمِيّ، وزَكَرِيَّاء بن عبد الرَّحْمن البَصْرِيّ، ومُحَمَّد بن يُونُس القُرَشِيّ، ومُحَمَّد بن عليّ بن مِهْرَان الوَرَّاق، وعبد اللّه بن مُسْلِم بن قُتَيْبَة، وأبي بَكْر عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا، وعبد اللّه بن رَوْحِ المَدَائِنيّ، ومُعَاذ بن المُثَنَّى العَنْبَرِيّ، وأحمد بن عَبْدِ اللّه الخَزَّاز، وجَعْفَر بن مُحَمَّد المُسْتَمْلِيّ، وأبي قِلَابَة، وأبي بَكْر بن أبي خَيْثَمَة، والحُسَين بن الحَسَن السُّكَّرِيّ، وجَمَاعَة غيرهم يَطُول ذِكْرهُم، ويَصْعُب حَصْرهُم.

رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، وأبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن عِرَاك الحَضْرَميّ، وصالح بن عليّ بن مُحَمَّد الحِصْنِيّ.

ودَخَلَ حَلَب، وحَدَّثَ بها في شَهْر رَبيع الأوَّل من سَنَة ثنتَيْن وثَلاثِمائة، ثمّ نَزَل مِصْر، وحَدَّثَ بها.

وأخْبَرَني الوَزِير القَاضِى الأكْرَم عليِّ بن يُوسُفَ الشَّيْبَانِيِّ أنَّهُ شاهَدَ على ظَهر كتاب إصْلَاح الغَلَط لابن قُتَيْبَة ما كَتَبَه لى وسَيَّرَهُ إليَّ، وصُورَته: قُرئ لي جميعُ ما في هذا الجُزء على أبي بَكْر أحْمَد بن مَرُوَان المالِكِيِّ بحَلَب، وكان الفَراغُ منه في شَهْر رَبيع الأوَّل من سَنَة ثنتَيْن وثَلاثِمائة، سَمعَ عليّ بن الحُسَين القَاضِي جميع ما فيه.

وجَمعَ كتاب المُجَالَسَة

(1)

، وضمَّنه من نُخب الأحَادِيْث والأخْبار، ومَحَاسِن النَّوَادر والآثار، ومُنْتَقى الحِكَمَ والأشْعَار، ما يَشْهَدُ له بحُسْن التَّأليْف والاخْتِيَار، ووَلِيَ قَضَاء أُسْوَان.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيقُ بن أبي الفَضْل بن سَلامَة السَّلَمَانِيّ، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ قِرَاءَةً عليْنَا من لَفْظه، قال أبو بَكْر: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن

(1)

عنوانه: المجالسة وجواهر العلم، مطبوع متداول (بيروت: دار ابن حزم، 2002 م).

ص: 149

الحَسَن بن هِبَة الله

(1)

، وقال أبو الحَسَن: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي عَبْدُ اللّه بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ النَّسِيبُ أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم بن العبَّاسِ الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا رشَاءُ بن نَظِيْف بن مَا شَاءَ اللّه، ح.

وأخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن مَحْمُود بن عَبْد اللّه بن مُحَمَّد المَعْرُوفُ بابنِ المُلَثَّمِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ اللّه بن عليّ بن سُعُود البُوْصِيرِيّ، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن حُمَيْد بن حَامِد الأرْتَاحِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عُمَر الفَرَّاءُ - قال الأرْتاحِيّ: إجَازَةً - قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّابِ، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْماعيل الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مَرُوَان المالِكِيّ الدِّيْنَورِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن خُلَيْد، قال: حَدَّثَنَا سَعيد أبو عُثْمان الصَّيَّاد، عن عَطَاء بن مُسْلِم، عن العَلَاء بن المُسَيَّب، عن حَبِيْب بن أبي ثَابِت، عن ابن عبَّاسٍ أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يُوتر بثَلاثٍ: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}

(3)

، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}

(4)

، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

(5)

، وكان يَقْنُتُ قبل الرُّكُوع.

أخْبَرَنا أبو الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن عَبْد القَوِيّ بن أبي العِزّ بن دَاوُد بن عَزُّون بالقَاهِرَة، وأبو مُحَمَّد يُونُس بن خَلِيل بن عَبْد اللّه الدِّمَشقيّ بحَلَب، والحافِظُ أبو الحُسَين يَحْيَى بن عليّ بن عَبْد اللّه القُرَشِيّ بمصْر، قالوا: أخْبَرَنَا أبو الطَّاهِر إسْمَاعِيْل بن صالح بن يَاسِيْن المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أَبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم الرَّازِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَد بن عليِّ بن هاشِم المِصْرِيّ بمِصْر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَرْوَان

(1)

لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر.

(2)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 165.

(3)

سورة الأعلى، الآية 1، وكتب في الأصل:"ربك الأعلى" وضبب على الكلمة الثانية.

(4)

سورة الكافرون، الآية 1.

(5)

سورة الإخلاص، الآية 1.

ص: 150

ابن مُحَمَّد المالِكيّ الدِّيْنَورِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى في المُخْتَار، قال: حَدَّثَنَا بِشْرُ بن الحارِث، قال: سَمِعْتُ الفُضَيْل في عِيَاض يقول: ما أحَدٌ من أهْلِ العِلْم إلَّا وفي وَجْهِهِ نَضرَةً، لقوله عليه السلام: نضَّرَ اللهُ إمْرءًا سَمِعَ منَّا حَدِيثًا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن المِصْرِيّ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا هِبَةُ الله بن عليّ الأنْصَاريّ، وأبو عَبْد الله بن حَمْد، قالا: أخْبَرَنا عليّ بن الحُسَين - قال ابنُ حَمد: إجَازَةً - قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مرْوَان المالِكِيُّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبَّاد، قال: حَدَّثَنَا أبو عُثْمان المَازِنِيُّ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، عن أبي سُفْيان بن العَلَاء، قال: قيل للأحْنَف بن قَيْسٍ: مَنْ حَلَّمَكَ؟ قال: تعلَّمتُ الحِلْمَ من قَيْس بن عَاصِم المِنْقَريّ، لقد اختلَفْتُ إليهِ في الحِلْم كما يُخْتَلَفُ إلى الفُقَهَاءِ في الفِقْه، بينا نحن عند قَيْس بن عَاصِم وهو قاعد بفنائِه، مُحْتَب بكسَائهِ، أتَتْهُ جَمَاعَةً فيهم مَقْتُول ومَكْتُوفٌ، فقيل: هذا ابنُكَ قَتَلَهُ ابن أَخيكَ. قال: فوالله ما حَلَّ حُبْوته حتَّى فَرَغ من كَلَامِهِ، ثُمّ الْتَفَتَ إلى ابنٍ له في المَسْجِد فقال: قُم فأطْلق عن ابن عَمِّكَ، ووَارِ أخَاك، واحْمل إلى أُمِّه مائةً من الإِبِل فإنَّها غَرِيْبة، وأنْشَأ يقُول:[من الكامل]

إنِّي امْرُؤٌ لا شَائنٌ حَسَبي

دنَسٌ يُغَيِّرهُ (a) ولا أفْنُ

من مِنْقَرٍ في بَيْتِ مَكْرَمةٍ

والغُصْنُ يَنْبُتُ حَوْلَه الغُصْنُ

خُطَباءُ حين يَقُولُ قائِلهُم

بيضُ الوُجُوهِ أعِفَّةٌ لُسْنُ

لا يفطُنون لعَيْب جَارِهِمُ

وهُمُ بحُسْنِ جِوَارِهِ (b) فُطْنُ

(a) الدينوري: يعيره.

(b) الدينوري: جوارهم.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 35.

(2)

المجالسة وجواهر العلم 561.

ص: 151

قَرَأتُ في كتاب قُضَاة مِصْر، تأليفُ أبي مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن زُوْلَاق

(1)

الّذي وَصَل به كتاب أبي عُمَر الكِنْدِيّ، في ذِكْر القَاضِي أبي جَعْفَر أحْمَد بن عَبْد الله بن مُسْلِم بن قُتَيْبَة بن مُسْلِم الدَّيْنَورِيّ وذَكَر أنَّهُ كان يَحفظ كُتُب أبيه.

قال: وكان مَجْلسه مُحشُوًا من عُيُون النَّاس، فكان يردُّ اللَّفْظَة والشَّكلة وما معه نُسْخة، وذَكَرَ أنَّ أباهُ حفَّظَهُ كُتُبه في اللَّوح.

قال: وكان أحْمَد بن مَرْوَان المالِكيِّ القَاضِي قد قَدِمَ إلى مِصْر قَديْمًا، فحدَّثَ بكُتُب ابن قُتَيْبَة في جُمْلَة ما حدَّث، ثمّ سَافَرَ إلى أُسْوَان، فأقام بها سِنين كَثِيْرةً، وحَدَّثَ عنهُ النَّاسُ بالكُتُب قال: فَحدَّثَني أحْمَد بن مَرْوَان في سَنَة ثمان وعشرين قال: وَلي ابنُ قُتَيْبَة قَضَاء مِصْر، وبلَغَني ذلك فجاءني كتاب أبي الذِّكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مَهْدِي يقُول لي فيهِ: خاطَبْتُ القَاضِي في أمرك - يعني ابن قُتَيْبَة - فوعَدني بإنْفاذ العَهْد إليك، فلمَّا ذَكَرْتُ له أنَّك تَرْوي كُتُب أبيه بداله، وقال: أنا أعْرفُ كُلّ من سَمِعَ من أبي، وما أعْرف هذا الرَّجُل، فإنْ كانت عندك عَلامة فاكْتُب إليَّ بها، فقال لي أحْمَد بن مَرْوَان: فكَتَبْتُ إليه بعَلَامَات يعلَمها سَخَّمَت وَجْهَهُ من فَوْق إلى أسْفل، وكان فيما قاله أحْمَد بن مَرْوَان أنَّه كَتَبَ إليه أنَّه يَعْرف أحْمَد بن عَبْد الله بن مُسْلِم صبيًّا في حَيَاة أبيه يَمْشِي حافيًا يَلْعَب بالحَمَام مع العَيَّارين، قال: ولقد رأيتُه يَوْمًا ونحن عند أبيه وقد أقْبَل حافِيًا (a)، وهو في يَده حَمَام، فأطْلقه ونحنُ نَراه، فلمَّا وصَلت العَلامَاتُ إليه، كَتَبَ إليَّ: ما عَرَفتُكَ، وأنْفَذَ إليَّ العَهْد.

(a) الأصل: حافي، وفوقها "صـ".

_________

(1)

مذيل ابن زولاق (ت 387 هـ) على كتاب الكنديّ في أخبار القضاة، كتابٌ في حكم الضائع. كشف الظنون 1: 28، 2: 1351، محسن الأمين: أعيان الشيعة 4: 626، الدرع: مرارد ابن العديم 633 - 639.

ص: 152

‌أحمدُ بن مَرْوَان المِصِّيْصيُّ

حدث عن [ .... ](a)، رَوَى عنهُ أبو عِمْران مُوسَى بن هِشَام بن أحْمَد الوَرَّاق الدِّيْنَورِيُّ.

‌أحمد بن مَسْعُود بن شَدَّاد بن خَلِيفَة، أبو العبَّاس الصَّفَّار المَوْصِلِيّ، المُلَقَّب بالزَّكِيِّ

(1)

شَيْخٌ حَسَنٌ، دَمِثُ الأخْلَاق، سَمِعَ بالمَوْصِل أبا جَعْفَر أحْمَد بن أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز بن القَاصّ، وأبا بَكْر يَحْيَى بن سَعْدُون بن تَمَّام القُرْطُبيِّ المُقْرِئ، وقَدِمَ حلَبَ مِرَارًا عدَّةً، وسَكَنها بالآخرة إلى أنْ تُوفِّي بها.

وسَمِعْتُ منه في هذه النَّوْبَة جُزءًا من أمَالي أبي سَهْلِ القَطَّان وغيره، وسألتُه عن مَوْلدِه، فقال لي: في سَلْخ جُمَادَى الأُوْلى لَيْلَة الأرْبَعَاءِ من سَنة خَمْسٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة.

أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن مَسْعُود بن شَدَّاد المَوْصِليّ، قِراءَةً عليهِ بحَلَب سَنَة ثمانٍ وستِّمائة، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بنُ أحْمَد بن عَبْد العَزِيز بن القَاصِّ بالمَوْصِل سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبو عليّ مُحَمَّد بن سَعيد بن إبْراهيم بن نَبْهانَ الكاتِب قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْراهيم بن شَاذَان البَزَّاز قِراءَةً عليهِ، قال: أَخْبَرَنا أبو سَهْل أحْمَد بن مُحَّمَّد بن عَبْد الله بن زِيَاد في دَار القُطْن قرَاءةً عليه، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن أبي الشَّوَارب، قال: حَدَّثَنَا أبو سَلَمَة، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن ثَابَت، وعليّ بن زَيْد، وسعيد الجُرَيْرِيّ، عن أبي عُثْمان

(a) بياض في الأصل قدر ثلاث كلمات.

_________

(1)

توفي - بحسب المؤلف - سنة 613 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 65، (وأرخ وفاته سنة 618 هـ)، تاريخ الإسلام 13: 539) (أرخ وفاته سنة 618 هـ).

ص: 153

النَّهْدِيّ، أنَّ أبا مُوسَى الأشْعَرِيّ قال: كُنَّا مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فلمَّا دَنونا من المَدِينَة، كَبَّر النَّاسُ، ورَفَعُوا أصْوَاتَهُم، فقال رسُول الله - صَلّى اللهُ عليه سلَّ

(1)

: يا أَيُّها النَّاسُ، إنَّكُم لا تَدْعُون أَصَمًّا ولا غَائِبًا، إنَّ الّذي تَدْعُونَهُ بينكم وبين أعْنَاق ركَابِكُم. ثمّ قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا مُوسَى، ألَا أدُلُّكَ على كَنْزٍ من كُنُوز الجَنَّة؟ فقلتُ: ما هو؟ قال: لا حَوْلَ ولا قوّةَ إلَّا بالله.

شَابَكْتُ الشَّيْخَ أبا العبَّاسِ أحْمَد بن مَسْعُود بن شَدَّاد، وقال لي: شَابَكْتُ الشَّيْخَ عليّ بن مُحَمَّد البَاجَبَّاريّ النَّسَّاج، وقال لي: شَابَكْتُ الخَطِيبَ عليَّ بن عُمَرَ البَاعَوْزِيَّ خَطِيبَ باجَبَّارَا، وقال لي: رأيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في المَنَام وقال: يا عَليُّ، شَابِكْني فشَابَكْتُهُ، ثمِّ قال: مَنْ شَابَكَني دَخَل الجَنَّة، ومنْ شَابَكَ مَن شَابَكني دَخَلَ الجنَّةَ، ومَنْ شَابَكَ منْ شَابكَ مَنْ شَابَكَنِي دَخَلَ الجنَّةَ إلى سَبْعَة.

سَمِعْتُ الشَّيْخ أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن العَرَبيّ المَغْرِبيّ الحاتِمي بحَلَب، قَبْل اجْتِمَاعي بشَيْخنا أبي العبَّاس أحْمَد بن مَسْعُود، وقد شَابَكَني ورَوَى لي هذا المَنَام عنهُ، قال: تَمَّ لي في هذا المَنَام عَجِيْبَة، وذلك أنِّي كُنْتُ ببلادِ الرُّوم وغيرها من المُدُن، وكُنْتُ أَهُمُّ بمُشَابَكة جَمَاعَةٍ من النَّاسِ، فكأنَّ اللهَ يَمْنَعُني من ذلك، وكان ثَمَّ إنْسَانٌ أجْعَلُهُ أبدًا على خَاطِري لأشَابكَهُ، فلم يَتَيَسَّر ذلك لي.

أنْشَدَني أحْمَدُ بنُ مَسْعُود المَوْصِلِيِّ، قال: أنْشَدَني فارسٌ من فُرْسَان الفِرِنْج بأنْطَاكِيَةَ:

باللهِ رَبِّكُما عُوْجَا على سكَني

وعَاتِباهُ لعَلَّ العتْبَ يَعْطِفُهُ

وعَرِّضَا بي وقُوْلا في حَدِيثِكما

ما بَالُ عبْدِكَ بالهِجْرَانِ تُتِلفُهُ

وإنْ بَدَا لكُما سَيِّدي غَضَبٌ

فغَالِطَا بي وقُوْلا: ليسَ نَعْرفُهُ

(1)

صحيح مسلم 4: 2076 (رقم 2704/ 45)، البيهقي: السنن الكبرى 2: 184، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 11: 213 - 214 (رقم 6409).

ص: 154

وأنْشَدَني أبو العبَّاس بن مَسْعُود لبَعْضهم

(1)

: [من الكامل]

ورَأيتُهُ في اللَّوْحِ يَكتُب مرَّةً

غلَطًا ويَمْحُو خَطَّهُ برُضَابِهِ

فَوَددْتُ أنِّي في يديهِ (a) صَحِيْفَةٌ

ووَدِدْتُه لا يَهْتَدِي لصَوَابِهِ

ماتَ شَيْخُنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن مَسْعُود بن شَدَّاد الصَّفَّار بحَلَبَ في سَنَة ثلاث عَشرهَ وستمائة، رحمه الله.

‌أحمد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد، أبو العبَّاس الأنْصَاريُّ الخَزْرَجيُّ القُرْطُبِيُّ الشَّافِعيُّ

(2)

تَفَقَّهَ على مَذْهَب الشَّافِعيِّ، وكان مُتَفَنِّنًا في عدَّةٍ من العُلُوم، عَارِفًا بالحِسَاب والفَرَائِض، عَالِمًا بتَفْسِير القُرْآن العزيز والقِرَاءَات والحَدِيْث والأُصُول واللُّغَة والنَّحو والعَرُوض وأنْوَاع الأدَب، وكان يَنْظم شِعْرًا جَيِّدًا، وسَافَرَ إلى بلاد الهِنْد،

(a) تذكرة ابن العديم: أني عند ذاك.

_________

(1)

أورده ابن العديم في تذكرته 95.

(2)

توفي سنة 601 هـ، وترجمته في: المنتخب من حلية السرييّن للدنيسري [مخطوط برلين، الورقة 14 أ - 14 ب] ولقبه فيها: حجة الدين، والحُجَّة، وتاريخ دنيسر لابن اللمش 114 - 116، ابن سعيد الأندلسي: الغصون اليانعة 51 - 55 (واقتبس من هذه الترجمة في كتابه)، المغرب لابن سعيد 135 - 136، ابن الشعار: قلائد الجمان 1: 191 - 193، المقري: نفح الطيب 3: 614 - 615.

ويذكر ابن سعيد الأندلسي في ترجمته له في كتاب الغصون أن ابن العديم أورد لا قصيدة وأثبت بعض أبياتها، ولم ترد في المتبقي من تاريخ ابن العديم، ونص كلام ابن سعيد: "وأنشد له الصاحب كمال الدين بن العديم قصيدةً، منها في الغزل:

وقع المَلامُ مواقعَ الأشواق

فأصاب فيك مَقاتلَ العُشَّاق

ومنها في مدح ابن أرتق صاحب ماردين:

ما جاد يومًا أن يُقال هو الجَوا

دُ ولا توقَّف خَشْيَةَ الإمْلاقِ

لكنَّهُ يُعطي ويَمنع عالمًا

بمواقع الإمْسَاك: الإطلاق

انظر الغصون اليانعة 55.

ص: 155

وجَالَ في الأقْطَار، وقَدِمَ صلَبَ سَنَة ستِّمائة، ثمّ سَكَن دُنَيْسَر، ودرَّس بها الفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعي، رضي الله عنه، بالمَدْرَسَة الشِّهَابيَّة، وأقام بها إلى أنْ مات.

وكان له مُصَنَّفات حَسَنةٌ مُفِيْدَة، منها: كتاب في عِلْم الأُصُول في ثماني مُجَلَّدات سمَّاهُ تَقْريب المطَالِب، وكتاب القَوانِيْن في أُصُول الدِّين، وكتابٌ في النَّحو، وكتابٌ سمَّاهُ الاخْتِيَار في عِلْم الأخْبار.

رَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره أبو الفَتْح مَسْعُود بن أبي الفَضْل النَّقَّاش الحَلَبِيّ الشَّاعر، وكان بينهما مُقارضَة بالشِّعْر، وأنْشَدَهُ بحَلَب، وأبو الحَسَن عليّ بن يُوسُف بن مُحَمَّد الصَّفَّار المَارِدِيْنِيّ الشَّاعر، وأبو حَفْص عُمَرُ بن الخَضِر (a) بن أَلَلْمَش الدُّنَيْسَرِيّ.

قال أبو الفَتْحِ مَسْعُود بن أبي الفَضْل النَّقَّاش الحَلَبيِّ الشَّاعر - ونَقَلْتُه من خَطِّه أو من خَطِّ منْ نَقَلَهُ عنهُ -: أنْشَدَني أحْمَد بن مَسْعُود الخَزْرَجيّ لنَفْسِه في يَوْم الخَميس الحادي عَشر من رَبيع الآخر سَنَة ستِّمائة بِظَاهِر حَلَب

(1)

:

أُعانِقُه غُصْنًا وألْثَمُهُ بَدْرًا

وأرْشُفُ وَهْنًا من لُمَى فَمِهِ خَمْرَا

وأَهْصِرُ منهُ حينَ تَثْنيْهِ نَشْوَةً

تَهادَتْ بهِ تْيهًا ومَاسَتْ به سُكْرا

بتمثَالِ نُوْرٍ في ظَلَامِ ذَوائبٍ

إذا ما تَوَارَتْ شَمْسُه أطْلَعَ البَدْرا

ومنها

(2)

:

ونَمَّتْ بنا في اللَّيْل أنْوارُ وَجْهِهِ

فَمدَّ علينا من ذَوَائبهِ سِتْرَا

(a) في الأصل: أحمد، وصوابه المثبت كما يأتي بعد.

_________

(1)

الأبيات الأربعة في قلائد الجمان 3: 193.

(2)

البيت الأخير أورده ابن سعيد في المغرب 1: 136.

ص: 156

ومن شِعْره ما قرأتُه في دِيْوان شِعْر أبي الفَتْح النَّقَّاش الحَلَبيّ، قال: وكتَبَ إليهِ الشَّيْخ وَجِيْهُ الدِّين أبو العبَّاس أحْمَدُ بنُ مَسْعُود بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ عندَ قُدُومهِ من الهِنْد ونُزُولهِ بِظَاهِر حَلَب بعد إقَامته أيَّامًا لا يَرَاهُ لاشْتِغَالهِ بتجَارته في سَنَة ستِّمائة هذه الأبْيَات:

أبا الفَتْح تَاج الدِّين لا تنْسَ وُدَّنا

هَلُمَّ نُجدِّدْ بالتَّذكُّرِ عَهْدَنا

فقد كادَ قَلْبي أنْ يَطيرَ بقَالبي

إليك اشْتِيَاقًا فاشْفِ بالوَصْل وَجْدَنا

وإنْ لم تكُن في الوَصْلِ شَمْسًا لعائقٍ

فكُن فيهِ بَدْرًا واطْلُع اللَّيْلَ عندَنا

فقال في جَوابهِ، ولم يَذُكر الأبْيَات.

أنْشَدَني أبو السَّعَادَاتِ المُبارَك بن حَمْدَان المَوْصِلِي، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن عليّ بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن الصَّفَّار الكَاتِب الشَّاعر المَارِدِينيّ (a) بإرْبِل، قال: أنْشَدَني أبو العبَّاس الخَزْرَجيّ لنَفْسِه

(1)

:

وفي الوَجَناتِ ما في الرَّوْض لكنْ

لرَوْنَق زَهْرِها مَعْنىً عجَيبُ

وأعجَبُ ما التَّعَجُّبُ منهُ أَنِّي

أرَى البُسْتَانَ يَحْمِلُهُ قَضِيْبُ

وأنْشَدَني أبو السَّعَادَاتِ، قال: أنْشَدَني أبو الحَسَن، قال: أنْشَدَني أبو العبَّاس من شِعْره

(2)

:

يا ظَبْي سِنْجَار أمَا تَرْثي لمن

قد صَارَ من أجْلِكَ في كفِّ الأَجَلْ

(a) الأصل: الماردي، وتقدم ذكره أول الترجمة فيمن أخذ عنه.

_________

(1)

البيتان في تاريخ دنيسر 116 وفي المنتخب من الحلية [ورقة 14 ب]، وقلائد الجمان 1: 193، والمغرب في حلى المغرب 1: 136 والغصون اليانعة لابن سعيد 54، ونفح الطيب للمقري 2:615.

(2)

البيتان في قلائد الجمان 1: 193، والغصون اليانعة 55، وعقد الجمان 3:168.

ص: 157

قد كَانَ مَشْغُولًا بدَرْس (a) عِلْمِهِ

فاليَوْمَ لا عِلْمٌ بقي ولا عَمَل

ومن جَيِّد شِعْره قَوله، ورَوَاهُ النَّقَّاشُ عنهُ

(1)

: [من مجزوء الكامل]

رَاضٍ بحُّكمُ هَوَاك وَاجِدْ

فعَلَامَ أنْتَ عليَّ وَاجِدْ

ما كانَ لي ذَنْبُ سِوَى

أنِّي سَهرْتُ وأنْتَ رَاقِدْ

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي حَفْصٍ عُمَر بن الخَضِر بن ألَلْمَش بن الدِّزْمِش (b) التُّرْكيِّ المُتَطَبِّب الدُّنيْسَرِيّ في كتابه الّذي وَسَمَهُ بحلْيَةِ السَّريّين من خَوَاصّ الدُّنيسَرِيِّيْنَ

(2)

، قال في ذِكْر أبي العبَّاس الخَزْرَجيّ: هو أوَّلُ مَنْ درَّسَ بالمَدْرسَة الشِّهَابيَّة بدُنَيْسَر، فَقِيْهٌ فَاضِلٌ مُفَنَّنٌ، عَارِفٌ بكَثِيْر من عُلُوم (c) الأُصُول والفِقْه والنَّحو وسَائر الآدَاب، شَهِدَ لهُ بذلك جَمَاعَةٌ من العُلَمَاءِ.

قال (4): قال لي أبو مُحَمَّد بن عِرْبِد النَّحْوِيّ: كان أبو العبَّاسِ، رحمه الله، حَدِيدَ النَّظَر، سَدِيْدَ الفِكْر، عَجَيْبَ الفِقَر، غَريب السِّيَر، حَسَنَ التَّبَحُّرِ في العُلُوم، سَليمَ التَّصَوُّر فيما يُبْدي من المَنْثُور والمَنْظُوم، جَيِّد الفَكَاهَة، مُتَزيَّد النَّزَاهَةِ، لطيفَ الشَّمَائِل، طَرِيفَ المخَايل، لَم أرَ في عُلَماءِ عَصْره ومَعْشَره أتَمَّ من بَحْثهِ، ولا أدَقَّ من نَظَره. ولهُ

(3)

تَصَانِيْف في فُنُون كَثِيْرة، وشِعْر كَثير، ولم يَظْهر له عندنا سَمَاعُ حَدِيثٍ على طَريق الرِّوَايَةِ البتَّة، بل كان يَذْكُر لنا أنَّ له سَمَاعَاتٍ كَثِيْرة، وقد

(a) في الغصون اليانعة: بدارس.

(b) ضبطه الصفدي في الوافي بالوفيات 22: 458: ألْدُزْمِش.

(c) في تاريخ دنيسر والمنتخب من الحلية: علم.

(d) في تاريخ دنيسر: قلت: وله.

_________

(1)

في قلائد الجمان 1: 193.

(2)

نشر الكتاب باسم تاريخ دنيسر، وانظر النقل عنه في ص 114، وانظر أيضًا المنتخب من الحلية [مخطوط برلين، ورقة 14 ب].

(3)

تاريخ دنيسر 114، وانظر المنتخب من الحلية، ورقة 14 ب.

ص: 158

أنْشَدَني كَثيرًا من شِعْره

(1)

. ثمّ قال: وتُوفِّيَ رَحِمَهُ اللهُ تعالَى في سَنَة إحْدَى وستِّمائة بدُنَيْسَر، ودُفِنَ بالمقبَرَة القِبْليَّة بها.

‌أحمدُ بن مَسْعُود بن النَّضْر السَّاجِيُّ، أبو بَكْر الوَزَّان البَغْدَاديُّ ثمّ الحَلَبيِّ

أصْلُهُ من بَغْدَاد، وسَكَنَ حَلَبَ وحَدَّثَ بها عن سَهْل بن صالح الأنْطَاكّي، والحَسَن بن عَرَفَة، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أيُّوبَ المُخَرِّميِّ، وزَيْد بن إسْمَاعِيْل الصَّائِغ، وسعيد بن يَزِيد الخَلَّال، وعَبد الرَّزَّاق بن مَنْصُور البُنْدَار، وإبْراهيم بن الوَلِيد، وعبد الله بن جرِير بن جَبَلَةَ، وعبد الله بن مُحَمَّد بن ثُمَامَة الأنْصَاريّ قاضي حُلْوان الأزْدِيّ، ومُشَرَّف بن سَعيد، وأيُّوْب بن إسْحاق الفلُوسيّ (a).

رَوَى عنهُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيعْ الصَّيْدَاوِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ، ومُحَمَّد بن جعفر بن أبي الزُّبَيْر قاضي مَنْبج، وأبو القاسِمِ عبد الرَّحْمن بن مَنْصُور بن سَهل، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن العبَّاس بن يَحْيَى بن العبَّاس الحَلَبِيَّان، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن عبد الرَّحْمن المَلَطِيّ، وأبو عليّ الحُسين بن عليّ بن دُحَيْم الحَلَبيِّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد الهاشِميُّ المصِّيْصيُّ، وأبو النَّضْر شَافِع بن مُحَمَّد بن أبي عَوَانَة الإسْفَرَايِنيّ، والحاكِم أبو أحمد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحاق الحافِظُ، وأبو الحُسَين عليّ بنُ الحُسَين الفَرْغَانيّ، وأبو شَاكِر عُثْمان بن مُحَمَّد بن الحجاج الشَّافِعيّ.

(a) هكذا كتبه في الأصل بالفاء، ولم نجد ما يعضده، أو يؤكد أنه بالقاف: القلوسي.

_________

(1)

أورد له في تاريخ دنيسر والمنتخب من الحلية وقلائد الجمان نماذج من شعره.

ص: 159

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قِراءَةً عليهِ بالمَسْجِد الجامع بدمَشْق، قال: أخْبَرَنا الفَقيهُ أبو الحَسَن عليُّ بن المُسَلَّم بن الفَتْح السُّلَمي، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الحسين بن مُحَمَّد بن طَلَّاب، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع

(1)

، قال: حَدَّثنا أحْمَد بن مَسْعُود بحَلَبَ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عَرَفَة، قال: حَدَّثَنَا القَاسِم بن مالك المُزَنِيّ، عن المُخْتَار بن فُلْفُلِ، عن أنَس بن مالِك، قال: غَفَا رسُول الله صلى الله عليه وسلم، أو أُغْمِي إغْماءةً، فرفَع رأسَهُ مُتَبَسِّمًا، فإمَّا سَألوه، وإمَّا أخْبرَهُم عن ابْتِسامِهِ، فقال: إنِّي أُنْزلَتْ عليَّ آنفًا سُوْرة. قال: فقَرأ بسمِ الله الرَّحْمن الرَّحِيْم، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}

(2)

.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّد بن عبد الرَّحيم بن الإخْوَة وصَاحِبتهُ عَيْنُ الشَّمْسٍ بنتُ أبي سَعيد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بنُ أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ - قالت: إجَازَةً - قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مَحْمود الثَّقَفيّ، وأبو الفَتْح مَنْصُور بن الحُسَين، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المقرِئ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مَسْعُود الوَزَّانُ الحَلَبيُّ، قال: حَدَّثَنَا زَيْدُ بن إسْمَاعِيْل الصَّائِغ (a)، قال: حَدَّثَنَا زَيْدُ بن الحُبَاب، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله (b) الأشْجَعِيّ، عن مِسْعَر بن كِدَام، عن الأَعْمَش، عن أبي صَالح، قال: صَريرُ البَاب تَسْبِيْحٌ.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ: أبو بَكْر أحْمَدُ بن مَسْعُود بن نَضْر الوِزَّانُ، رَوَى عن عَبْد اللهِ بن مُحَمَّد بن ثُمَامَة الأنْصَاريّ قاضي حُلْوان وغيره. رَوى عنهُ الحُسَين بن عليّ بن دُحَيْم أبو عليّ بمِصْرَ، وكَتَبَ عنهُ بحَلَب.

(a) معجم ابن المقرئ: الصانع.

(b) معجم ابن المقرئ: عبيد الله.

_________

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 207.

(2)

سورة الكوثر، الآيات 1 - 3.

(3)

معجم ابن المقرئ 149 - 150.

ص: 160

‌أحمدُ بن مَسْعُود المقدِسِيُّ، أبو الحَسَن

(1)

سَمِعَ بالثُّغُور والعَوَاصِم الهَيْثَم بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ، وأبا يُوسُف مُحَمَّد بن كَثيْر المِصِّيْصيّ (a).

‌أحمدُ بن مُسلم بن عَبْد الله، أبو العبَّاس الحَلَبيُّ

(2)

مَولَى بني العَجَمِيّ، وكان يَنْتَسبُ: أحْمَد بن مُسلم بن أبي الفَتْح بن الجَبَليّ (b)، وسبَب ذلك أنَّ أبا الفَتْح بن الجَبَليّ باع أَمَةً له من بني العَجَمِيّ، فظَهَرَ بها حَمْل، وادَّعَت أنَّهُ من مَوْلاها أبي الفَتْح، فولدت عند بني العَجَمِيّ ولدًا سمَّوهُ مُسْلِمًا وعتَق بعد ذلك، فكان يَنْتسِب إلى ابن الجبَليّ لذلك.

وكان أبو العبَّاس رَجُلًا حَسَنًا من أهل السّتْر والصِّيَانة، سَمِعَ بحَلَب أبا الفَرَج يَحْيَى بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، وحَدَّثَ بها عنهُ، وذَكَرَ أنَّ مَوْلدَهُ بحَلَب سنَة سَبْع وسِتِّين وخَمْسِمائَة، وتُوفِّيَ ليلَة السَّبْت رابع شَعْبان بعد المَغْرب من سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وستِّمائة، ودُفِنَ يَوْم السَّبْت ضَحْوَة النَّهَار بالجُبَيْل خارج باب الأربَعِين.

(a) بقية الصفحة بياض في الأصل، مقداره أزيد من النصف.

(b) في الأصل حيثما يرد في الترجمة: الحبلي، والمثبت من صلة التكملة للحسيني ومن تاريخ الإسلام، ونصَّ الذهبي أن النسبة إلى جبلة بالساحل.

_________

(1)

توفي بعد سنة 274 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام 6: 501 (وفيه: الخياط).

(2)

توفي سنة 649 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 347، تاريخ الإسلام 14:614.

ص: 161

‌أحمدُ بن المُسَيَّب بن طُعْمَةَ الحَلَبيِّ

حَدَّثَ عن أبي خَيْثَمَة مُصْعَب بن سَعيد المِصِّيْصيّ. رَوَى عنهُ أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ.

حدَّثنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين بن هِلالَة الأندَلُسِيّ، قال: أخْبَرَنا أَسْعَدُ بنُ أبي سَعيد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد الله بن أحْمَد بن القَاسِم بن عَقِيل الجُوزْدَانِيَّة، ح.

وأخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَليل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مَعْمر بن عَبْد الوَاحِد بن الفَاخِر الأصْبَهَانِيّ، قال أخْبَرَتْنا خُجَسْتَه بنتُ عليّ بن أبي ذَرّ الصَّالِحانيَّة وفاطِمَةُ بنتُ عَبْد الله بن أحْمَد بن القَاسِم، قالت: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بنُ عَبْدِ الله بن رِيْذَة، ح.

وأخْبَرَنا أبو الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد خَليل بن بَدْر بن ثَابتٍ الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبَو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد الله الحافِظُ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ سُليْمانُ بن أحْمَدَ بن أيُّوبَ الطَّبرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن المُسَيَّب بن طُعْمَة الحَلَبيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو خَيْثَمَة مُصْعَبُ بن سَعيد، قال: حَدَّثنا مُوسَى بن أَعْيَن، عن ليث بن أبي سُلَيم، عن طَاوس، عن ابن عبَّاس، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: إذا قام أحَدُكُم في الصَّلاةِ فلا يُغمِّض عَيْنَيهِ.

قال الطَّبَرَانِيّ

(2)

: لا يُرْوَى عن ابنِ عبَّاسٍ إلَّا بهذا الإسْنَاد، تفَرَّد به مُوسَى بن أَعْيَن الجَزَرِي الحَرَّانيّ.

(1)

الطبراني: المعجم الكبير 11: 34 (رقم 10956)، والمعجم الأوسط 3: 116 (رقم 3339).

(2)

المعجم الأوسط 3: 117، وفيه: لا يروى عن رسول الله إلا بهذا الإسناد.

ص: 162

‌أحمدُ بن مُطَهَّر البَغْدَادي ثُمّ المِصِّيْصيُّ

(1)

نَزَل المِصِّيْصَة فَنُسِبَ إليها. حَدَّثَ عن رَوْح بن أسْلَم، ويَزَيْد بن أبي حَكِيم العَدَنِيّ، ومُحَمَّد بن القَاسِمِ الأسَدِيّ، ويَزيْد بن هارُونَ، وصالح بن بَيَان (4) الثَّقَفِيّ، وأبي سُفْيان الحْمِيَرِيّ، وبُرَيْك، ومُؤَمَّل.

رَوَى عنهُ عَلَّان بن عبد الصَّمَد الطَّيَالِسِيُّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عُمَر بن الحُسَين، وأبو بَكْر بن أبي شَيْبَة أحْمَد بن شَبِيْب البَغْدَاديّ، وأبو العبَّاس عَبْدُ الله بن الصَّقْر بن نَمْر السُّكَّرِيّ، وإسْحَاق بن عَبْد الله بن إبْراهيم بن عَبْدِ الله أبو يَعْقُوب البَزَّازُ (b)، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جَرِير بن يَزِيد الطَّبَريّ، وأحمدُ بن الحَسَن الصَّبَّاحِيُّ، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد البَاغَنْدِيُّ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايتَه عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مُحَمَّد بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن يَحْيَى بن جَعْفَر بن عَبْدكُويْهُ (c) الإمَام بأصْبَهان، قال: حَدَّثنا سُليْمانُ بن أحْمَد بن أيُوب الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثنا عَلَّان بن عبدِ الصَّمَد الطَّيَالِسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُطَهَّر المِصِّيْصيُّ، قال: حَدَّثَنَا صالِحُ بن بَيان (d) الثَّقَفِيّ، ح.

(a) كتبه ابن العديم في الأصل مجودًا: بُنان، ثم أصلحه في هذا الموضع وأغفل إصلاحه في المواضع التالية من الكتاب. وانظر: تاريخ بغداد 6: 386، وترجمته في تاريخ بغداد أيضًا 10: 421 - 423، ولسان الميزان 3: 166 - 167، وزيد في ألقابه: العبدي والسيرافي والساحلي.

(b) في الأصل بالمهملة البزار.

(c) في الأصل بإهمال المثناة التحتية، والإعجام من تاريخ بغداد.

(d) الأصل: بنان، وتقدم التعليق عليه.

_________

(1)

توفي بحدود سنة 256 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 6: 386 - 388، ابن ماكولا: الإكمال 7: 263.

(2)

تاريخ بغداد 1: 331.

ص: 163

قال الطَّبَرَانِيّ: وحَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن مُحَمَّد التُّسْتَرِيّ (a) الدُّسْتُوَائِيّ، قال: حَدَّثنا سُليْمانُ بن الرَّبْيع النَّهْدِيّ، قال: حَدَّثنا هَمَّام بن مُسلم، قالا: حَدَّثَنَا سُفْيانُ، عن أبي عُبَيْدَة، ح.

قال الخَطِيبُ

(1)

: وحَدَّثَنَا الحَسَن بن أبي طَالِب، واللَّفْظ له، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثنا جَعْفَرُ بن أحْمَد بن يَحْيَى المَرْوَزيّ المُؤذِّنُ، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن الرَّبيع، قال: حَدَّثنا هَمَّامُ بن مُسْلِم، قال: سَمِعْتُ سُفْيان، يقول: حَدَّثنا أبو عُبَيْدَة، عن أنَس بن مالك، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

: تُبْنَى مَدِينَةٌ بين دِجْلَةَ ودُجَيْل لَهِيَ أَسْرَعُ ذهَابًا في الأرْض من وتَدِ الحَدِيْدِ في الأرْض الرَّخوة.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليُّ بن أحْمَد الغَسَّانِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطيبُ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق بن أبي بَكْر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المَلِك بن الحَسَن المُعَدَّل، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن الصَّقْر، ح.

قال الخَطِيبُ: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل بن عُمَر البَجَليُّ، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أحْمَد الوَاعِظُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيمان البَاغَنْدِيّ، قالا: حَدَّثنا أحْمَدُ بنُ مُطَهَّر المِصِّيْصيّ، ح.

وأخْبَرَنا عَبْدُ البر بن الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو المحاسِن نَصْرُ بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عَدِيّ

(4)

، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر بن أبي شَيْبة

(a) الإصل: الستري، وهو من شيوخ الطبراني؛ معروف.

_________

(1)

تاريخ بغداد 1: 332.

(2)

ابن عدي: الكامل 4: 1384، المتقي الهندي: كنز العمال 14: 279 (رقم 38725)، ورواه ابن شيرويه الديلي: الفردوس 2: 73 (رقم 2411) من حديث جرير بن عبد الله.

(3)

تاريخ بغداد 6: 388.

(4)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1002.

ص: 164

البَغْدَاديّ واسْمُه أحْمَدُ بن شَبِيْب (a)، قال: حَدَّثنَا أحْمَدُ بن مُطَهَّرِ المصّيْصيُّ، قال: حَدَّثنَا رَوْح بن أسْلَم، قال: حَدَّثنَا حَمَّادُ بن سَلَمَة، عن أبي هاشِم الرُّمَّانيَ، عن إبْراهيم - وفي حديث البَاغنْدِيّ قال: حَدَّثنَا إبْراهيم بن مَيْمُون الصَّائِغُ - عن عَطَاءٍ، عن جَابِر أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال

(1)

: الضَّبُعُ صَيْدٌ، وفيهِ جَزاء كَبْش مُسنٍّ، إذا أصَابَهُ المُحْرِم، ويُؤْكلُ أيضًا وقال البَاغَنْدِيّ: إذا أصابها المُحْرِم، قال: وتُؤْكَل.

قال أبو بَكْر الخطيبُ

(2)

: إنَّما نَسَبا (b) - يعني عَبْد الله بن الصَّقْر والبَاغَنْدِيّ - في حديثٍ رَوَاهُ عنهما، عنهُ، أحْمَدَ بن المُطَهَّر، إلى المِصِّيْصَة، لأنَّ أحْمَدَ سَكَنَها، ولعلَّهُ بها مات، وأظُنُّه قَدِمَ من المِصِّيْصَة إلى بَغْدَاد، فسَمعَ منه بها البَغْدَاديُّونَ، واللهُ أعْلَمُ.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ الخَطِيبُ

(3)

، قال: أحْمَدُ بن المُطَهَّر البَغْدَاديّ، نَزَل المِصِّيْصَة، وحَدَّثَ بها عن مُحَمَّد بنِ القَاسِم الأسَدِيّ، ويَزِيْد بن أبي حَكِيم العَدَنِيّ، وصالح بن بَيَان (c) السَّاحِلِيّ، ورَوْح بن أسْلَم البَصْرِيّ. رَوَى عنهُ عليّ بن عبد الصَّمَد الطَّيَالِسِيُّ، وعبدُ الله بن الصَّقْر السُّكَّرِيّ، ومُحمَّد بن مُحمَّد البَاغَنْدِيُّ، وغيرُهم.

مات أحْمَد بن المُطَهَّر سَنَة ستٍّ وخَمْسِين ومَائتَيْن، أو بعدها، فإنَّ أبا بَكْر مُحمَّد بن عُمَر بن الحُسَين سَمعَ منه في هذه السَّنَة.

(a) ابن عدي: "اسمه: أحمد بن محمد بن شبيب".

(b) تاريخ بغداد: نسبنا، وسقطت الجمة التوضيحية التي تليها منه.

(c) الأصل: بنان.

_________

(1)

سنن ابن ماجة 1031 (رقم 3086)، سنن أبي داود 4: 158 (رقم 3801)، الترمذي: الجامع الكبير 2: 198 (رقم 851)، 3: 388 (رقم 1791)، سنن الدارقطني 2: 245 - 246 (رقم 45)، 48، الحاكم: المستدرك 1: 453، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 9: 277 (رقم 3964)، سنن النسائي بشرح السيوطي 5: 191 (رقم 2836)، 7: 200 (رقم 4323)، وانظر: المسند الجامع 4: 24 (رقم 2415).

(2)

تاريخ بغداد 6: 388.

(3)

تاريخ بغداد 6: 386.

ص: 165

‌أحمد بن المُظَفَّر بن المُخْتَار، أبو العبَّاس الرَّازِيُّ القَاضِي

(1)

فَقِيْةٌ أدِيبٌ شَاعِرٌ، حَنَفيّ المَذْهَب، تولَّى القَضَاء ببعض بلاد الرُّوم، وذكَرهُ لي رَفِيقنا أبو الفَتْح نَصْر الله بن أبي العِزّ الشَّيْبَانِيّ (a)، وقال: إنَّهُ اجْتازَ بحَلَب في طَريقه من دِمَشْق إلى بَلَد الرُّوم.

أنْشَدَنا أبو الفَتْح بن الصَّفَّار، قال: أنْشَدَنا الإمَام بَدْر الدِّين أبو العبَّاس أحْمَد بن المُظَفَّر بن المُخْتَار الرَّازِيّ لنَفْسِه، وكان حَنَفيّ المَذْهَب، وتولَّى القَضَاء ببعض بلاد الرُّوم، وشَرَحَ المَقَامات، وأخَذَ على شُرَّاحها مثل البَنْدَهِيّ وغيره ما أخذ:[من السريع]

تفَقَّد السَّادات خُدَّامَهُمْ

مَكْرمةٌ لا تنقُصُ السُّؤْددا

هذا سُليْمان على مُلكه

قد قالَ ما لي لا أرَى الهُدْهُدا

‌أحمد بن المُفَرِّج بن [ ....... ](b) أحمد بن المُفَضَّل بن عبد الرَّحْمن

نَزَل طَرَسُوس، حَدَّثَ عن دَاوُد بن الزِبْرَقَان. رَوَى عنهُ عَبْدُ الله بنُ بِشْر بن صالح، قالَهُ أبو عَبْدِ الله بنُ مَنْدَة، وأخْبَرَنا بهِ عَبْدُ الجَلِيْل بن أبي غَالِب الأصْبَهَانِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله بن مَنْدَة.

(a) مهملة في الأصل، والإعجام من لسان الميزان 6:159.

(b) وقف ابن العديم عن استكمال هذه الترجمة، وترك لها فراغًا ليكمله يستغرق بقية السطر ونصف الصفحة التي تليها.

_________

(1)

توفي سنة 642 هـ، ترجم له ابن قطلوبغا: تاج التراجم 53، وذكره حاجي خليفة: كشف الظنون 2: 1632، ضمن شُرَّاح مختصر القدوري، وسماه: أحمد بن مظفر الرازي شمس الأئمة الكردري، وذكر له كتاب في حل مشكلات القدوري.

ص: 166

‌أحمدُ بن مُقَاتِل، أبو الحَسَن الخَطِيْبُ

حَدَّثَ بالمِصّيْصَة عن الرَّبيعْ بن سُلَيمان. رَوَى عنهُ أبو إسْحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد بن الفَتْح المِصِّيْصيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن عَبْد الله بن رَوَاحَة قراءةً عليه، وعِيسَى بن عَبْد العَزِيْز بن عِيسَى اللَّخْمِيّ في كِتابِه إليْنَا من الإسْكَنْدَريَّةِ، قالا: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيُّ - قال ابنُ رَوَاحَة: إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا - قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُباركُ بن عَبْدِ الجبَّار بن أحْمَد الصَّيْرَفِيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد العَتِيْقِيُّ، قال: حَدَّثنَا إبْراهيمُ بن مُحَمَّد المِصِّيْصيُّ من كتابهِ، قال: حَدَّثنَا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُقَاتِل (a) الخَطِيبُ بالمِصِّيْصَة، قال: حَدَّثنَا الرَّبيْعُ بن سُلَيمان صاحبُ الشَّافِعيّ، قال: كان للشَّافِعيّ في كُلِّ يَوْم عِيْدٍ قَوْمٌ يتَغَدّونَ عنده من جِيْرَانه، فجاءَهُ رَجُلٌ في لَيْلَةِ العِيْد، فقال: يا أبا عَبْد الله، ولَدَتِ امْرَأتي السَّاعَةَ (b) ولم يكُن معي ما أُنْفِق عليها وعلى مَنْ قام بأمْرها - يعني القَابِلَة - فأدْخَل الشَّافِعيُّ يدَهُ إلى جَيْبه فأخْرَجَ صُرَّةً فيها ثلاثونَ دِيْنارًا ذَهَبًا، وقال: خُذْ هذه فأَنْفِقْها واعْذُرني، فلمَّا كان أوَّلُ اللَّيْل رأى أميرُ مَكَّة في المَنَام النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إذهَب السَّاعَة السَّاعَة (c) إلى مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعيّ فادْفَعْ إليه من رِزْقه ثلاثينَ دِيْنارًا، فجاءَ أميرُ مَكَّة فدَقَّ البابَ، فقال الشَّافِعيُّ: منْ؟ قال: مَنْ تَعرِفُه إذا رأيتَهُ! فلمَّا رأى الأَمِير، قال: أصْلَح اللهُ الأَمِير، ما جاءَ بكَ؟ قال: رأيتُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: اذهَبْ إلى مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعيّ فادْفعَ إليه ثلاثين دِيْنارًا من رِزْقِه، فجَزاهُ الشَّافِعيّ خَيْرًا.

(a) الطيوريات: مقابل.

(b) الطيوريات: البارحة.

(c) هكذا مكررة في الأل وكتب فوق الثانية: "صحح" ومثله في الطيوريات.

_________

(1)

الطيوريات 1: 119 - 120.

ص: 167

‌أحمدُ بن المَكِيْن الأنْطَاكِيُّ

(1)

قال أبو بَكْر الخلَّال: عندَه عن أبي عَبْد الله - يعني أحْمَد بن حَنْبَل - مَسَائِل حسَانٌ سَمِعتُها منهُ في قَدْمتي الثَّانيَة إلى الثُّغُور، وكان رَجُلًا كما يجب إنْ شَاءَ اللهُ، ذكَرَ ذلك أبو الحُسَين مُحَمَّد [بن](a) أبي يَعْلَى بن الفَرَّاء في ذِكْر أصْحَاب أحْمَد بن حَنْبَل

(2)

، وأنْبَأنَا بهِ أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد فارسُ بن أبي القَاسِم بن فَارِس، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الحُسَين [بن] أبي يَعْلَى مُحَمَّد بن الحُسَين بن الفَرَّاءِ.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ مَنْصُور ممَّن اسْمُه أحْمَد

‌أحمدُ بن مَنْصُور بن مُحَمَّد، أبو العبَّاسِ الشِّيْرَازيُّ

(3)

سَمِعَ بطَرَسُوس أبا تُرَاب مُحَمَّد بن الحُسَين. رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن عَمْرو الرَّحبِيّ.

ذكَرهُ أبو القَاسِم عليِّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ، في تاريخ دِمَشْق

(4)

، بما أخْبَرَنا به أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبرَنا عمِّي أبو القَاسِم، قال: أحْمَد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد أبو العبَّاسِ الشِّيْرَازيّ الحافِظ، قَدِمَ دِمَشْق وحَدَّثَ بها عن أحْمَد بن جَعْفَر

(a) إضافة لم ترد في الأصل هنا وتاليه.

_________

(1)

ترجم له ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 1: 78 - 79.

(2)

طبقات الحنابلة 1: 78.

(3)

توفي سنة 382 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 28 - 31، تاريخ الإسلام 8: 532 (وفيه: أحمد بن منصور بن ثابت)، تذكرة الحفاظ 3: 1009 - 1010، سير أعلام النبلاء 16: 472 - 473، الوافي بالوفيات 8: 189 (أحمد بن منصور بن ثابت)، لسان الميزان 1: 313، المقريزي: المقفى الكبير 1: 691، شذرات الذهب 4: 421، 432، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 99 - 100.

(4)

تاريخ ابن عساكر 6: 28 - 29.

ص: 168

ابن سُلَيمان القَزَّاز (a) الفَسَوِيّ، والحَسَن بن أحْمَد بن المُبارَك (b) الطُّوْسيِّ، والقَاسِم بِن القَاسِم بن سَيَّار السَّيَّارِيّ، والحُسَين بن عِمْران المَرْوَزيّ، وبُندَار بن يَعْقُوب، وأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الفَرْغَانيّ، والحَسَن بن عبد الرَّحْمن بن خَلَّاد، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن الجُنَيْد، وأبي تُرَاب مُحَمَّد بن الحُسَين الطَّرَسُوسِيِّ (c)، وأبي الحُسَين عَبْد الوَاحد بن الحُبَاب، وعبد الله بن عدِي الجُرْجَانِيّ، وأبي الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ نَزِيلُ الأُبُلَّة (d).

رَوَى عنهُ تَمَّام الرَّازِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن عَمْرو الرَّحبِيّ، وأبو نَصْر مُحَمَّد بن أحْمَد الإسْمَاعِيْليّ الجُرْجَانيّ، وأبو عليّ الحَسَنُ بن حَفْص الأنْدَلُسِيّ، والحاكم أبو عَبْد الله الحافِظ، وأبو القَاسِم عَبْد الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَخْتُوَيْه الصُّوْرِيّ.

أنْبَأنَا عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد الشِّيْرَازيّ الحافِظ، قَدِمَ دِمَشْق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن جَعْفَر بن سُلَيمان القَزَّاز الفَسَوِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن عَبْد الله الدَّامَغَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن عَبْدِ الله - وصوابه ابن عِيسَى - البِسْطَامِيِّ، قال: حَدَّثَنا عَبْد الله بن مُوسَى، عن الأوْزَاعِيّ، عن قُرَّة بن عبد الرَّحْمن، عن الزُّهرِيّ، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُرَيْرَة، قال: قال رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم

(1)

: منْ لم يأنَفْ من ثلاثٍ فهو مُؤْمِنٌ حقًّا خدْمَة العِيَال، والجُلُوس مع الفُقَرَاء، والأكل مع خَادِمه. هذه الأفْعَال من عَلَامة المُؤْمنِين الّذين وَصفَهُم اللهُ في كتابهِ (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا)

(2)

.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم السُّلَمِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحَسَنُ بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْدِ، قال:

(a) تاريخ ابن عساكر: القزار.

(b) الأصل: المبرك.

(c) ابن عساكر: الطوسي.

(d) ابن عساكر: الأيلة.

_________

(1)

ابن شيرويه الديلمي: الفردوس 3: 629 (رقم 5968)، المتقي الهندي: كنز العمال 1: 155 (رقم 774).

(2)

سورة الأنفال، الآية 3.

ص: 169

أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر المُسَدَّد بن عليّ بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو بَكْرِ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن عَمْرو الرَّحبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبَو العبَّاسِ أحْمَدُ بن مَنْصُور بن مُحَمَّد الشّيْرَازيّ، قال: سَمِعتُ أبا تُرَاب مُحَمَّد بن الحُسَين بطَرَسُوس، يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن المُنْذِر بن سعيد النَّيْسَابُوريِّ، يقول: حضَرْتُ عند دَاوُد بن عليّ فذكَر مَسْأَلَةً، فقيلَ له: يا أبا سُليْمان، هذا قَوْلُ مَنْ هو؟ قال: هذا قَول مُطَّلبينا الّذي عَلَاهم بنُكَتِهِ، وقَهَرَهُم بأدِلَّته، وبايَنَهُم بشَهَامَتِه، التَّقيُّ في دينِهِ، الفَاضِلُ في نَفْسه، المُتَمسِّكُ بكتاب اللهِ، المُقْتَدي قدْوَة رسُولهِ صلى الله عليه وسلم، المَاحِي آثار - يعني - المُبْتَدِعين، الذَّاهبُ بخَيْرهم، الطَّامسُ لشَرِّهم، فأصْبَحُوا قال الله:(هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ)

(1)

.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن أبي الفَضْل، عن زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا الحاكم أبو عَبْد الله الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ - وذكَرَ أحْمَد بن مَنْصُور الشِّيْرَازيّ - فقال: يتَقَرَّبُ إليَّ بكُتُبٍ يكتُبها، وقد أدْخَل بمِصْر - وأنا بها - أحَادِيْثَ على جَمَاعَةٍ من الشُّيُوخ.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر، في كتابَيْهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْرُ القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا زاهِر بن طاهِر، قال: أنْبَأنَا أبَوَا بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ، وأبَوا عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا الحاكِم أبو عَبْد الله الحافِظ

(3)

، قال: أحْمَد بن مَنْصُور بن مُحمُّد الحافِظ، أبو العبَّاسِ الشِّيْرَازيّ الصُّوْفيّ، وكان أحَدَ الرَّحَّالَة في طَلب الحَدِيْث، المُكْثرين من السَّمَاع والجَمْع، وَرَدَ علينا نَيْسَابُور سَنَة ثمانٍ وثَلاثين وثَلاثِمائة، وأقام عندنا سنين، وكُنْتُ أرَى معه مُصَنَّفاتٍ كَثِيْرةً في الشُّيُوخ والأبْوَاب، ورأيتُ له الثَّوْرِيّ وشُعْبَة في ذلك الوَقْت؛ ثمّ خَرَجَ إلى هَرَاةَ؛ إلى الحَسَن بن عِمْران، وانْحَدَر منها إلى أبي أحْمَد بن قُرَيشْ بمَرْو الرُّوذ، ودخَل مَرْو، وجَمعَ من الحَدِيْث ما لم يَجْمَعْهُ غيره، والّذي أتَوهَّمهُ أنَّهُ دخَلَ العِرَاق بعد مُنصَرفه

(1)

سورة الكهف، من الآية 45.

(2)

سؤالات الحاكم للدارقطني 98.

(3)

لم يرد في تلخيص تاريخ نيسابور سوى اسمه، ونسبه إلى نيسابور لا شيراز.

ص: 170

من عندنا؛ فإنَّهُ دخَلَها ودَخَلَ الشَّام، ثمّ انْصَرَفَ إلى شِيْرَاز، وصار في القَبُول عندهم بحيث يُضْرب به المثَل، وكانتْ كُتُبهُ إليَّ مُتَواترة، إلى أنْ ورَدَ عليَّ كتابُ أبي عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن اللَّيْث المُقْرِئ الشِّيْرَازيّ بخَطِّ يَدهِ مع أبي الحَسَن الشِّيْرَازيّ يُعزِّيني بوَفَاة أحْمَد بن مَنْصُور، فسَألتُ أبا الحَسَن فذكَرَ أنَّهُ تُوفِّي في شَعْبان سَنَة اثْنَتَيْن وثمانين وثَلاثمائة، وأنَّهُ حَضَر تَجْهِيزَهُ والصَّلاةَ عليه، ووصَفَ أبو الحسَن من حُرْقة أهْل شِيْرَاز وتفجُّعهم عليه ما يطُول شَرْحُه، وذَكَرَ أنَّهُ تُوفِّي وهو ابن ثمانٍ وسِتِّين سَنَةً.

‌أحمدُ بن مَنْصُور الخُزَيْمِيُّ

حَدَّثَ بحَلَب عن أبي كُرَيْب. رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن إبْراهيم بن المُقْرِئ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَليل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّد بن عبد الرَّحيم بن الإخْوَة وصَاحِبتُهُ عَيْنُ الشَّمْس بنتُ أبي سَعيد، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مَحْمُود الثّقَفِيّ، وأبو الفَتْح مَنْصُور بن الحُسَين، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مَنْصُور الخُزَيْمِيّ بحَلَبَ، قال: حَدَّثَنَا أبو كُرَيْب، قال: حَدَّثَنَا مُعاوِيَةُ بن هِشَام، عن عِمْران بن أنس المَكِّيّ، عن عَطَاء، عن ابن عُمَر

(2)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُم، وكُفُّوا عن مَسَاوئهم.

‌أحمد بن مَنْصُور البُخاريّ الحَاكِمُ

سَمِعَ بمَنْبج مُوسَى بن إبْراهيم الأُطْرُوشَ. رَوَى عنهُ عليّ بن عَبْد اللهِ البَلْخِيّ.

(1)

معجم ابن المقرئ 150.

(2)

سنن أبي داود 5: 207 (رقم 4900)، الترمذي: الجامع الكبير 2: 328 (رقم 1019)، الطبراني: المعجم الكبير 12: 438 (رقم 13599)، الحاكم: المستدرك 1: 385، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 7: 290 (رقم 3020)، وانظر: المسند الجامع 10: 657 (رقم 8030).

ص: 171

أنْبَأنا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، والحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن مُحَمَّد بن المُبارَك بن الأخْضَر، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْدُ المَلك بنُ عَبْدِ الله بن مُحَمَّد الكَرُوخِيّ، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو إسْمَاعِيْل عَبْدُ الله بن مُحَمَّد الأَنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عَبْد الله البَلْخِي، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَنْصُور البُخاريّ الحاكِم، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن إبْراهيم الأطْرُوش بمَنْبج، قال: حَدَّثَنَا أبو الخَيْر فَضْلُ بن مَنِيع المَنبِجِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن الحَكَم، قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا مَرْوَان بن مُحَمَّد، عن ابن لَهِيْعَة، عن ابن هُبَيْرَة، عن عَبْد الله بن زُرَيْر، عن عليّ، قال

(1)

: سألتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم عن الأبْدَالِ؟ فقال: هم ستُّونَ رجُلًا، ليْسُوا بالمُتَنَطِّعِين ولا بالمُبْتَدعين ولا بالمُتَعَنِّيْن، لم يَنالُوا ما نالُوهُ بصَلَاةٍ ولا صيَام ولا صَدَقَة، ولكن بسَلَامة القُلُوب، وسخاء الأنْفُسِ، والنَّصِيْحة لأُمَّتهم، فَهُم يا عَليُّ في أُمَّتِي أقَلّ من الكِبْرِيت الأحْمَر.

‌أحمدُ بن مُنِير بن أحْمَد بن مُفْلح، أبو الحُسَين الأطْرَابُلُسِيُّ الشَّاعرُ

(2)

كان كَثِيْر التَّردُّد إلى حَلَب والإقامة بها، وبها ماتَ، ومدَحَ مُلُوكها وأُمَرَاءَها ورُؤساءَها، وكان شاعِرًا مُجِيْدًا، حَسَنَ النَّظْم، كَثِيْر الهِجَاءِ والفُحْش،

(1)

المتقي الهندي: كنز العمال 12: 189 (رقم 34608)، وفيه بدل المتعنين:"ولا بالمتعمقين ولا بالمعجبين".

(2)

توفي سنة 548 هـ، وترجمته في: خريدة القصر (قسم الشام) 11: 76 - 95 (وترجمته طويلة وفيها مقطوعات عديدة من شعره)، تاريخ ابن عساكر 6: 32 - 35، تاريخ ابن القلانسي (نشرة أمدروز) 322، الروضتين لأبي شامة 1: 278 - 284، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 435 - 438، وفِيات الأعيان 1: 156 - 160، تاريخ الإسلام 11: 903، 923 - 924 (وفيه: الرفاء)، العبر في خبر من غبر 3: 5 (الرفاء)، سير أعلام النبلاء 20: 223 - 224، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 15: 683 - 691، الوافي بالوفيات 8: 193 - 197، تاريخ ابن الوردي 2: 85، ابن كثير البداية والنهاية 12: 231، اليافعي: مرأة الجنان 3: 219، الزركشي: عقود الجمان ورقة 45 ب - 47 أ، المقريزي: المقفى الكبير 1: 692 - 693، النجوم الزاهرة 5: 299، شذرات الذهب 6: 241 - 244، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 100 - 102، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 179 - 183، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 220 - 224، بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، (القسم الثالث 5 - 6) 53 - 54. وانظر دراسة: محمد صبحي أبو حسين: ابن منير الطرابلسي "حياته وشعره"(عمّان، 2007 م).

ص: 172

وذكَرَهُ أبو يَعْلَى بن القَلَانِسِيّ في تَارِيْخهِ الذَّيْل في تاريخ دِمَشْق

(1)

وذَمَّهُ، فقال في ذَمِّهِ: كانَ يَصِلهُ بهجَائه ما لا يَصَلُه بمَدْحهِ وثَنائهِ.

وكان ابن مُنيِر عَارِفًا باللُّغَة، وبَلَغَني أنَّهُ كان يَحْفظ الجَمْهَرَة لأبي بَكْر بن دُرَيْد حِفْظًا جَيِّدًا.

رَوَى عنهُ الأَمِير أبو الفَضْل إسْمَاعِيْل بن سُلْطان بن مُنْقِذ، وأبو عَبْد الله الحَسَن بن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، والخَطِيبُ أبو طَاهِر هاشِم بن أحْمَد بن هاشِم، وأبَو القَاسِم عِيسَى بن أحْمَد المَعْرُوف بالحُنَيْك؛ وكان رَاوِيَة شِعْره، وابنه الوَجِيْه بن الحُنَيْك، وعليّ بن الحَكَم الحَلَبِيّ، ويَحْيَى بن سَعْد بن ثَابِت الحَلَبِيّ المَعْرُوف بابنِ المِرَاوِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن إبرْاهيم بن نَجَا الدِّمَشقيّ، ومَجْد العَرَب العَامِرِيّ.

ورَوَى لنا عنْهُ شَيئًا من شِعْره الحَكِيمُ نَافِع بن أبي الفَرَج الحَلَبِيّ، وكان شَيْخًا كبيرّا مُوْلَعًا بشِعْره، مَفْتُونًا بَه، وجَمِعَ أشْتات شِعْره، وكان يخْدمُه أيَّام شَبَابه.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن أحْمَد الحِمْيَرِيّ الكَاتِب أنَّ مَوْلد أبي الحُسَين بن مُنِير سَنَة ثَلاثٍ وِتسْعِين وأرْبَعِمائة بأطْرَابُلُس.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن الحُسَين بن إبْراهيم بن سُلَيمان بن البَانياسِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: أحْمَدُ بن مُنِير بن أحْمَد بن مُفْلح أبو الحُسَين الأطْرَابُلُسِيّ الشَّاعر الرَّفَّاء، كان أبوه مُنِير مُنْشدًا يُنْشد أشْعَار العَوْنِيّ في أسْوَاق أطْرَابُلُس ويُغنِّي، ونَشَأ أبو الحُسَين وحَفظ القُرْآنَ، وتعَلَّم

(1)

تاريخ ابن القلانسي 322.

(2)

تاريخ ابن عساكر 6: 34.

(3)

تاريخ ابن عساكر 6: 32 - 33.

ص: 173

اللُّغَةَ والأدَبَ، وقال الشِّعْر. وقَدِمَ دِمَشْق فسَكَنها، وكان رَافضيًّا خَبِيْثًا، يَعْتقدُ مَذْهَب الإمامِيَّة. وكان هَجَّاءً خَبِيْث اللِّسَان، يكْثرُ الفُحْشَ في شِعْره، ويَسْتَعْمل فيهِ الألْفَاظ العَامِّيَّةَ، فلمَّا كَثُر الهَجْوُ منه سَجَنَهُ بُوْرِي بن طُغْتِكِين أمير دِمَشْق في السِّجْنِ مُدَّةً، وعزم على قَطْعِ لِسَانه، فاسْتَوْهِبَهُ يُوسُف بن فَيْروز الحاجِب جُرْمَهُ، فوهَبَهُ له، وأمَرَ بنَفْيهِ من دِمَشْق. فلمَّا ولي ابنه إسْمَاعِيْل بن بُوْرِي، عادَ إلى دِمَشْقَ، ثمّ تغَيَّر عليهِ إسْمَاعِيْل لشِيِءٍ بلغَهُ عنهُ فطَلَبَهُ، وأرادَ صَلْبَهُ، فهرَبَ واخْتَفى في مَسْجِد الوَزيِر أيَّامًا، ثمّ خرج عن دِمَشْق ولَحِقَ بالبِلاد الشَّماليَّةِ يَنْتَقلُ من حَمَاة إلى شَيْزَر، وإلى حَلَب، ثمّ قَدِمَ دمَشْق آخر قَدمةٍ في صُحْبَة المَلِك العادِلِ لمَّا حاصَرَ دِمَشْق الحَصْر الثَّاني، فلمَّا استَقَرًّا لصُّلْح دخَل البَلَدَ، ورجَع مع العَسْكَر إلى حَلَب فماتَ [بها](a). رأيتُهُ غير مَرَّة ولم أسْمَعْ منهُ.

أخْبَرَني نَافِع بن أبي الفَرَج بن نَافِع الحَلَبِيّ، وكان أحَد غِلْمَان أبي الحُسَين بن مُنِير، أنَّ ابن مُنِير انْهَزَم من أتَابِك طُغْدِكِين (b) إلى بَغْدَاد، وهرَّبَهُ الحاجِب يُوسُف بن فَيْرُوز، وكان سَبَب ذلك أنَّهُ شبَّب في قَصِيدَةٍ له ببَعْضِ أقارب طُغْدِكِين، وكان صبيًّا أمْرَدَ، وهو حُسام الدِّين دُلَقُ في أَبق، والقَصِيدَةُ هي الّتي أوَّلُها

(1)

: [من البسيط]

مَنْ ركَّبَ البَدْر في صَدْر الرُّدَيني

قال: وأرْكبه الحَاجِب يُوسُف على خَيْل البَرِيد فهَرَبَ إلى بَغْدَاد.

وحَكَي لي القَاضِي أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر قَاضي العَسْكَر، أنَّ سبَب طَلب صَاحب دِمَشْق ابن مُنِير واسْتتاره منه وخُرُوجه من دِمَشْق، أنَّ

(a) إضافة من تاريخ ابن عساكر، مصدر النقل.

(b) قيده في هذا الموضع وتاليه بالدال، وقد تقدم بالتاء، ويأتي فيما بعدُ على الوجهَيْن.

_________

(1)

ديوان ابن منير 178، وعجز البيت: ومَوَّه السحر في حدّ اليماني.

ص: 174

ابن مُنِير مدحَهُ بقَصِيدَة فيها بيتٌ أوَّلهُ

(1)

: [من البسيط]

مِنِّي ومنْكَ اسْتَفاد النَّاس ما كسَبُوا

وكان ابن مُنِير كَثِيْر الأعْدَاء عنده، فقال له بعضُ الأعْدَاء عنده بعد خُرُوج ابن مُنِير: انظُر أيُّها الأَمِير إلى قَوْل ابن مُنِير لك يُهَدِّدك في هذا البَيْت: منِّي ومنْكَ، وكان رجُلًا جَاهِلًا تُرْكيًّا، وقد سَمِعَ النَّاس يقُولونَ عند تَهْديد بعضهم بَعْضًا: منّي ومنك! فوقَع ذلك في نَفْسه وغضِبَ وطلبَهُ، فاخْتَفِي وخَرَجَ عن دِمَشْق، هذا معنى ما حَكَي لي قاضي العَسْكَر. ويُحْتمل أنْ يكُون خوْفه واخْتفاؤه لمَجْمُوع الأمْرَين، واللهُ أعْلَمُ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي الحَجَّاج المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الأصْبَهَانِيّ المَعْرُوف بالعِمَادِ الكَاتِب، في كتاب خَرِيْدَة القَصْر وجَرِيْدَة العَصْر

(2)

، قال: المُهَذَّبُ أبو الحُسَين أَحْمَدُ بن مُنِير الطَّرابُلُسِيّ كان شَاعِرًا مُجيْدًا مُكْثِرًا هَجَّاءً، مُعَارضًا للقَيْسَرِانيّ في زَمانه، وهما كفَرَسَي رِهَانٍ، وجَوَادِي مَيْدَان، وكان القَيْسَرَانِيّ سُنِّيًّا مُتَورِّعًا، وابن مُنِير مُغَاليًا مُتَشَيِّعًا (a). سَمِعْتُ الأَمِيرَ مُؤيَّد الدَّوْلَة (b) أُسامَةَ بن مُنْقِذ بدِمَشْق سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وهو يذكُره، وجَرَى حَديث شِعْر ابن مِكْنِسَة المِصْرِيّ وقَوله

(3)

: [من الكامل]

لا تَخْدَعنَّك وَجْنَةٌ مُحمَّرةٌ

رقَّت ففي اليَاقُوت طَبْعُ الجَلْمَد

فقال: من هذا أخَذَ ابنُ مُنِير حيثُ يقُول

(4)

: [من الكامل]

(a) بعده في الخريدة: وتوفي بعد سنة خمسين.

(b) الخريدة: مؤيد الدين، وانظر ترجمته الآتية في هذا الجزء من البغية.

_________

(1)

لم يرد في ديوان ابن منير.

(2)

خريدة القصر 11: 76 - 77.

(3)

في الخريدة 15: 204 وفوات الوفيات 1: 194 والوافي بالوفيات 9: 214.

(4)

ديوان ابن منير 80.

ص: 175

خُدَعُ الخُدود تَلوْحُ تحتَ صَفَائها

فخَذَارِهَا إنْ مَوَّهَتْ بحَيَائها

تلكَ الحبَائلُ للنُّفُوس وإنَّما

قَطْعُ الصَّوَارِم تحتَ رَوْنَق مائها

فقُلتُ لَهُ: هذا شِعْرٌ جَيِّد، وأنت لأهْل الفَضْل سَيِّدٌ، فاحْكم لنا كيف كان في الشِّعر، وهل كان قادرًا على المَعْنَى البِكْر؟ فقال: كان مِغْوَارًا على القَصَائِد يأخُذها، ويُعَوّل في الذَّبِّ عنها على ذَمِّهِ للنَّاقِد أو للجَاحِد.

قال

(1)

: وسَمِعْتُ زَيْن الدِّين بن نَجَا الوَاعظ الدِّمَشقيّ يذكُرهُ ويُفَضِّلُه، ويُقَرِّظُه ويُبَجِّلُه، ويقول: ما كان أسْمَحَ بديهَتَهُ، وأوْضحَ طَريْقتَهُ، وأبْرَع (a) بَلاغَتَهُ، وأبْلَغَ براعتُهُ. ورأيتُهُ يَسْتَجِيْدُ نثرَهُ، ويَسْتَطيب ذِكرهُ، ويحفَظُ منه رَسَائِل مَطْبُوعة، ويتَّبعُ له في الإحْسان طَرائقَ مَتْبُوعَة، ويقول: كانت الجَمْهَرَة على حِفْظه، وجَمَّةُ المَعَاني تتَوارد من لَفْظه، ويَصفُ ترفُّعَه على القَيْسَرَانِيّ (b)، واسْتِنْكَافه من (c) الوُقُوعِ في مَرْعَي مُنَاقَضتِه (d).

ولقد كان مُقِيْمًا بدِمَشْق إلى أنْ أحْفَظ أكَابِرَها، وكدَّرَ بهَجْوه مَواردها ومَصَادرها، فآوَى إلى شَيْزَر، وأقام بها، ورُوْسِل مَرارًا بالعَوْد إلى دِمشْقَ، فضَربَ بالرَّدِّ وَجْهَ طلَبها، وكَتَب رَسَائِلَ في ذَمِّ أهْلها، وبيَّن عُذْرهُ في تَتَكُّبِ سُبلها.

واتَّصَل في آخر عُمْرِه بخِدْمَة نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي رحمه الله، ووَافَى إلى جِلَّق رَسُولًا من جَانبِه قبل اسْتيلائهِ عليها، وتَمَلُّكُه لها، وارْتَدى عنده من الوجَاهَة والكَرَامَة حُلَلَها.

(a) الخريدة: وأبدع.

(b) الخريدة: ابن القيسراني.

(c) الأصل: في، والمثبت عن الخريدة.

(d) عبارة الخريدة: واستنكافة من الوقوع في معارضته، والرتوع في مرعي فاقضته.

_________

(1)

خريدة القصر 11: 77.

ص: 176

ومَحَاسِنُ أبي الحُسَين بن مُنِير مُنيرة، وفَضَائِلُه كَثِيْرة، وذَكَرَهُ مَجْد العَرَب العَامِرِيّ

(1)

بأصْفَهَان، لمَّا سَألتُه عن شُعَرَاءِ الشَّام، فقال: ابن مُنِير، ذو خَاطِر مُنِير، وله شِعْرٌ جَيِّد لطيْف، لولا أنَّهُ يمْزُجُه بالهَجْو السَّخِيف. قال: وأنْشَدَني يَوْمًا قَصِيدَةً له، فما عَقَدْتُ خِنْصَري (a) إلَّا على هذا البيت

(2)

: [من الخفيف]

أنا حِزْبٌ والنَّاسُ والدَّهْر حِزْبُ

فمتَى أغْلِبُ الفَريقَين وَحْدِي

شِعْرهُ ككُنْيَته حَسَن، ونَظْمُه كلَقَبه مُهَذَّب، أرَقُّ من الماء الزُّلالِ، وأدَقُّ من السِّحْر الحَلَال، وأطْيَب من نَيل الأُمنيَّة، وأعذَبُ من الأمانِ من المَنيَّة، وقَع القَيْسَرَانِيّ في مُبارَاته ومُعَارضَته ومُجارَاِته في مِضْمارِ القَرِيْض ومُنَاقَضَته، فكأنَّهُما جَرِير العَصْر وفَرْزدَقهُ، وهما مَطلع النَّظْمِ ومَشْرِقُه، وَشَى بالشَّام عَرْفُهُمَا، وفَشَا (b) عُرْفُهَمَا، وكَثُر رِيَاشُهَمَا، وتَوَفَّر مَعَاشُهُما، وعاشَا في غِبْطَة، ورفْعَة وبَسْطَة. وكُنْتُ أنا بالعِرَاق أسْمَعُ أخْبَارهمُا، ثمّ اتَّفَق انْحِدَاري إلى وَاسِط سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وخَمْسِمائَة، فانْحَدر بعضُ الوُعَّاظ الشَّامِيِّين إليها طَالِبًا (c) مُنْتجعًا جَدْوَى أعْيَانها، رَاغِبًا في إِحْسَانها، فسَألتُه عنهما، فأخْبرَ بغرُوب النَّجْمَيْن، وأفُوْل الفَرْقَدَين، في أقرَب مُدَّةٍ من سنَتَيْن.

قال

(3)

: واتَّفق انْتزاح ابن مُنِير من دِمَشْق بسَبَب خَوْفهِ من رَئيْسها ابن الصُّوْفيّ، ومقامُهُ بشَيْزَر عند بني مُنْقِذ.

قَرأتُ بخَطِّ مُؤيَّد الدَّوْلَة أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، في جُزءٍ كَتَبه لابن الزُّبَيْر بأسْماء جَمَاعَة من الشُّعَراء، سَألهُ عنهم ليُوْدع ذِكْرهم كتابه المَعرُوُف بجِنَان الجِنَان ورياض الأذْهَان، قال: ومنهم شَرَف الأُدَبَاء أبو الحُسَين أحْمَدُ بنُ مُنِير

(a) الأصل: خصري، وفي الخريدة: خنصري منها.

(b) الخريدة: ونشا.

(c) ليست في الخريدة.

_________

(1)

النقل متتابع عن الخريدة 11: 79.

(2)

ديوان ابن منير 82.

(3)

خريدة القصر 11: 91.

ص: 177

الطَّرابُلُسِيّ، أوْحَدُ عَصْره، ولسَانُ دَهْره، تأَخَّر زَمانُه، وتَقَدَّم فَضْله وبَيَانُهُ، فهو زُهَيْر الفَصَاحَة، وابن حَجَّاج المُلَح والطَّرافَة، في أشْعَاره لطافَة تَسْتخف القَلْبَ، وتَملك السَّمْع، وكُلّ فَنٍّ من فُنُون الشِّعْر يَقْصدهُ يَسْتَولي على مَحَاسِنه وفُنُونه، ويُحْرز أَبْكار مَعَانيهِ وعُوْنه، فمن شِعْره في الغَزَل

(1)

: [من مجزوء الرمل]

يا غَرِيْبَ الحُسْن ما أغْـ

ـناك عن ظُلْم الغَرِيْب (a)

أتُرى الإفْراط في حُبّـ

ـك أضْحَي من ذُنُوبي

حلَّ بي من حُبِّك

الخَطْبُ الّذي لا كالخُطُوب

وعَجيبٌ أنْ تَرَى فعـ

ـلَكَ بي غير عَجِيْب

لا تُغَالطْني فما تَخْـ

ـفَي أماراتُ المُرِيْب

أين ذاكَ البِشْرُ يا مَوْ

لايَ من هذا القُطُوبِ

يا هِلَالًا يُلْبِسُ

الأرْضَ نقابًا من شُحُوب

ما بَدَا إلَّا ونادَى

وَجْهُهُ: يا شَمْسُ غِيْبي

أيُّها الظَّبْيُ الّذي مَرْ

تَعُهُ أرْض القُلُوب

والّذي قَادَني الحَيْـ

ـنُ له قَوْدَ الجَنيِب (b)

سقَمِي من سُقْم جَفْـ

ـنَيكَ وفي فيك طَبِيْي

وسَنَا وجْهك مصـ

ـبَاحي وأنفاسُكَ طِيْبي

أنا خَيْرُ النَّاسِ إذ

كُنت من النَّاسِ نَصيبي

عَشقُوا قَبلي ولكنْ

ما أحَبُّوا كَحَبِيْبي

بأبي بَرْدُ ثَناياك

وإنْ أذْكى لَهِيْبي

(a) الديوان: الحبيب.

(b) الديوان: الحبيب، تصحيف.

_________

(1)

ديوان ابن منير 114 - 115، ومصدرها بغية الطلب.

ص: 178

لا بلاكَ اللهُ إنْ أحْـ

ـبَبْت (a) يَوْمًا بالَّذي بي

أنْشَدَني القَاضِي أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن سَعيد بن الخَشَّاب الحَلَبِيّ، قال: أنْشَدَني الوَجِيْه بن أبي القَاسِم الحُنَيْك بحَلَب، قال: أنْشَدَني ابن مُنِير لنَفْسِه، وقد اجْتَمَعْتُ بالوَجِيْهِ بن الحُنَيْك في دار قاضي العَسْكَر مُحَمَّد بن يُوسُف بن الخَضِر وهو يُذاكرهُ بأقْطَاعٍ من شِعْر ابن مُنِير، فلا أتحقَّق هل كانت هذه الأبْيَات فيها أم لا؟ وهذه الأبْيَات مَدَحَ بها ابنُ مُنِير نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، وقد كَسَر عَسْكَر الفِرِنْج بالرُّوْج وقَتَل مَلِكَهم البِرِنْس

(1)

: [من الكامل]

صَدَم الصَّلِيبَ على صلَابةِ عُوْدِهِ

فتَفَرَّقَتْ أيْدِي سَبَا خَشَباتُهُ

وسَقى البِرِنْس وقد تَبَرْنَسَ ذِلَّةً

بالرُّوْج مُمْقِرَ ما جَنَتْ غَدَراتُهُ

تَمْشِي القَنَاةُ برأْسهِ وهو الّذي

نظَمَتْ مَدَارَ النَّيِّرين قَناتُهُ

قال لي القَاضِي أبو مُحَمَّد: قال لى ابنُ الحُنَيْك حين أنْشَدَني هذه الأبْيَات: ما يَقْدُر ابنُ عُوَيْدَان السَّقَّاء يقُول مثْلَ هذا؛ يعني: أبا الطَّيِّب المُتَنَبِيِّ.

حدثنى الحَكِيمُ نَافِع بن أبي الفَرَج بن نَافِعٍ الحلبِيُّ، وكان شَيْخًا مُسِنًّا، قال: كُنْتُ يَوْمًا مع أبي الحُسَين بن مُنِير وقد مرَّ به غُلَامُ حَسَنُ الصُّورَة يقال عُمَرُ بن بُوْبلَة، وكان من أحْسَن النَّاسِ وَجْهًا، وأدرَكْتُه أنا وقد هَرم وهو يَسْتَعْطي، قال: فناوَلَهُ ابنُ بُوْبلَة وَرْدَةً ومَضَى، قال: فارْتَجَل أبو الحُسَين بن مُنِير

(2)

: [من البسيط]

ومُضْعَفُ الطَّرْفِ حَيَّاني بمُضْعَفةٍ

كأنَّما قُطِفَتْ من خَدِّ مُهدِيها

رقَّتْ فراقَتْ فأحْيَتْ قَلْبَ نَاشِقِهَا

كأنَّ عَبْقَةَ فيهِ أُفْرِغَت فيها

(a) الديوان: أضنيت.

_________

(1)

ديوان ابن منير 115 - 116.

(2)

ديوان ابن منير 116 - 117.

ص: 179

وأنْشَدَنا نَافِع بن أبي الفَرَج، قال: أنْشَدَني ابن مُنِير لنَفْسِه

(1)

: [من البسيط]

أصْغَى لهيْنَمةَ (a) الوَاشِي فقال: سَلَا

وكاذبٌ في الهَوَى مَنْ يَحْتَوي العَذَلَا

كان الصِّبَا مُزْنَةٌ هبَّتْ عليهِ صَبًا

هزَّ الصَّلَا مَرُّها ثُمّ اسْتَحال صِلَا

وتَمامها نَذْكُره إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى في تَرْجَمَةِ الحَكِيم نَافِع

(2)

.

أنْشَدَني الرَّئِيسُ بَهَاءُ الدِّين أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن إبْراهيم بن سَعيد بن الخَشَّاب، قال: أنْشَدَنا الشَّيْخُ الرَّئِيس أبو زَكرَى يَحْيَى بن سَعْد بن ثَابِت الحلَبِيّ، قال: أنْشَدَني مُهَذَّبُ المُلْك أبو الحُسَين أحْمَدُ بنُ مُنِير بن أحْمَد بن مُفْلح الأطْرَابُلُسِيّ لنَفْسِه في سَنَة ستٍّ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة

(3)

: [من الكامل]

جَعَلَ القَطِيْعَةَ سُلَّمًا لعتابِهِ

مُتَجرِّمُ جَانٍ على أحْبَابهِ

ما زالَ يُضْمِرُ غَدْرَهُ مُتَعَلّلًا

بوُشَاتهِ مُتَسَتِّرًا بكِذَابهِ

حتَّى تحدَّثَ ناظِرَاهُ فحلَّلَا

ما كانَ أوْثَقَ من عُرَى أعْتَابِهِ

واللهِ لولا ما حَظَر يَقُومُ بنَصْره

من نَار وَجْنَتهِ وماء شَبَابهِ

لأَبَحْتُ ما حَظَر الهَوَى من هَجْره

ليَصِحَّ أو حَرَّمْتُ حِلَّ رُضَابهِ

ولكانَ من دين المُرُوءَة تركهُ

فالصَّبْر أعْذَبُ من أليم عَذَابهِ

حَتَّامَ أُقْبِلُ وهو ثَانٍ عَطْفُهُ

والحُبُّ يَحْملُني على اسْتِجْذَابهِ

وأقُولُ: غرٌّ ظَنَّ غيّ وُشَاتهِ

رَشَدًا فأرْجُو أنْ يَفِيْقَ لِمَا بهِ

وإذا تغَيُّرهُ لمعنىً بَاطنٍ

لا خَوْفَ عَاتِبهِ ولا مُغْتَابهِ

يا ظَالِمًا أَعْطَى مَوَاثِق عَهْدِه

بوَفَائهِ والغَدْرُ مِلءُ ثِيَابهِ

زَيَّنتَ لي وَجْهَ الغُرُور بمَوْعدٍ

كَذِب فَواظَمأي للَمْعِ سَرَابهِ

(a) الديوان: هيثمة، والهينمة: الكلام الخفي، أو الذي لا يُفهم.

_________

(1)

ديوان ابن منير 117.

(2)

ترجمة نافع بن أبي الفرج في الضائع من الكتاب.

(3)

ديوان ابن منير 118.

ص: 180

ونَبَذْتَني نَبْذَ الحصَاةِ مُضَيَّعًا

وُدًّا بَخِلتَ به على خُطَّابهِ

ما كانَ وصْلُكَ غيره هَجْعَة سَاهرٍ

غَضَّ الجفُونَ فريعَ في أُهبَابهِ

آهًا لهذا القَلْب كيفَ خَدَعْتَهُ

مُتَصَنِّعًا فسَكَنْتَ سِرَّ حجَابهِ

ولنَاظر كتبَتْ إليكَ جُفُونُه

خَبَرًا فما أحْسَنْتَ ردَّ جَوَابهِ

هذا هَوَاكَ محكم (a) ما ضَرَّهُ

ما قَطَّعَ الحُسَّادُ من أَسْبَابهِ

ومَكانُك المأْهُول لم يَحْلُلْ بهِ

أحَدٌ سِوَاكَ ولا أقام ببَابهِ

وأنا الّذي جَرَّبْتَهُ فوَجَدْتَّهُ

ماءً تُقِرّ النَّفْس باسْتِعْذَابهِ

فإنْ اسْتَقَمْت فأنْتَ أنْتَ وإنْ تَزغْ

فالبَغْيُ مَصْرعُه على أرْبَابهِ

أنْشَدَني الحَسَن بن أبي طَاهِر الحلَبِيُّ، قال: أنْشَدَني يَحْيَى بن سَعْد الحَرِيرِيّ، قال: أنْشَدَني أحْمَدُ بن مُنِير لنَفْسِهِ

(1)

: [من الوافر]

إذا غَضِبَ الأنامُ وأنْتَ راضٍ

عليَّ فما أُبالِيَ مَنْ جَفَاني

وكيفَ أَذُمُّ للأيَّام فِعْلًا

وقد وَهَبَتْكَ يا كُلَّ الأمَانِي

فَقُل للحاسِدِيْنَ ثقُوا بكَبْتٍ

يَقودُكُم إلى دَرَك التَّفَاني

صَفَا وِرْدُ الصَّفَاءِ ورَقَّ رَوْحُ الـ

ـوَفَاء وأَيْنَعَت ثَمَرُ التَّدَاني

ووَاصَلَ من أُحبُّ فَبِتُّ منهُ

أَرُوْدُ اللَّحْظَ في رَوْضِ الجِنَانِ

ويا عَيْنَ الرَّقيْب سَخِنْتِ عَيْنًا

فما أغْنَى سُهَادُك (b) إذْ رَعَاني

وَصَلْتُ إلى مُنَايَ وأنتِ عَبْرَى

تُضَلِّلُكِ المَدَامعُ عن مَكَاني

فَمْن لَقِي الزَّمانَ بوجْهِ سُخْط

فإنِّي قد رَضِيْتُ على الزَّمان

(a) في الأصل: محكمًا، وأصلحه في الهامش.

(b) الديوان: شهَّادك.

_________

(1)

ديوان ابن منير 119.

ص: 181

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَين أحْمَد بن مُنِير في رُقْعَةٍ كتبَها إلى جَدِّي أبي الفَضْل هِبَة الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة يقْتَضِيْه مَوْعدَهُ بإعْارة كتاب الوَسَاطَة بين المُتَنَبِّي وخُصُومه للقَاضي أبي الحَسَن الجُرْجَانِيّ

(1)

: [من مخلع البسيط]

يا حائزًا غايَ كُلّ فَضْلٍ

تَضِلُّ في كُنْههِ الإحَاطَهْ

ومَنْ تَرَقَّى إلى مَحَلِّ

أَحْكَم فَوْقَ السُّهَا مَنَاطَه

إلى متَى أُسْعَطُ التَّمَنِّي

ولا تَرَى المنَّ بالوَسَاطَه

أخْبَرَني تَاجُ الدِّين أبو المَعَالِي الفَضْلُ بن عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِيّ، قال: سَمِعْتُ الوَجِيْهَ بن أبي القَاسِم الحُنَيْك يَحْكي، قال: كان ابن مُنِير مُقِيْمًا بشَيْزَر في جوَار صَاحبها أبي العَسَاكِر سُلْطان بن مُنْقِذ، فخلَع عليه ابنُه يَوْمًا ثَوْبًا فَاخرًا، واتَّفق أنَّهُ دَخَلَ ذلك اليَوْم مع أبي العَسَاكِر إلى الحمَّام، فأخذَ رجْلَهُ يحكُّها، فدَخَلَ عليه حَاجِبُه وقال له: الأَمير فُلَان ولَدُك يَطْلُبُ منكَ الثَّوبَ الفُلَانيّ، وأشَارَ إلى ثَوْب فاخرٍ له، فقال له: أَعْطه، وقُلْ له: لا تُعْطِه لنَحْسٍ آخر، ثمّ ارْتأى على نَفْسه ورَأى ابن مُنِير فاعْتَذر إليهِ وقال له: والله ما خَطَرَ لي أنَّكَ ها هُنا، فَرمَى برِجْلهِ وقال: واللهِ إنَّك أميرٌ نَحْسٌ، فاحْتَملَها ابن مُنْقِذ منهُ ولم يُبدِ له ما يَكْرَهُ.

سَمعْتُ والدي رحمه الله يقول: كانَ بلغَ نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي أنَّ ابن مُنِير يَسُبُّ الصَّحَابَة، فقال له يَوْمًا: ما تقُول في الشَّيْخَين؟ فقال: مُدْبران سَاقِطَان سَفْلتان، فقال نُور الدِّين وقد غَضِب: مَنْ هُما ويْلكَ؟ قال: أنا والقَيْسَرَانِيّ، فَسُرِّي عنهُ وضَحِكَ.

ذَكَرَ أبو يَعْلَى بن القَلَانِسِيّ

(2)

في تَارِيْخهِ المُذَيِّل به على تاريخ دِمَشْق، أنَّ ابن مُنِير تُوفِّي في جُمَادَى الآخرة من سَنَة ثمانٍ وأرْبَعين وخَمسِمائَة.

(1)

ديوان ابن منير 138 - 139.

(2)

ذيل تاريخ دمشق 322.

ص: 182

وأنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: وبَلَغَني أنَّ أبا الحُسَين بن مُنِير ماتَ بحَلَب في سَنَة ثمانٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة في جُمَادَى الآخرة.

ووَقَعَ إليَّ نُسْخة من شِعْر ابن مُنِير بخَطِّ أبي المَكَارِم عَبد الوَهَّاب بن سَالِم بن أبي الحَسَن، وبخَطِّه في آخره وجَدْتُ على ظَهْر الأصْل المَنْقُول منهُ هذا الدِّيْوَان أنَّ الشَّيْخ أبا الحُسَين أحْمَد بن مُنِير بن أحْمَد بن مُفْلح مرض بحَلَبَ في دار ابن عَمْرُون، يَوْم الأرْبَعَاءِ ثالث عَشر جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة ثمانٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة بالماتنرا (a)، وكان سبَبُه أنَّهُ أكَلَ تِيْنًا أخْضَر وجلسَ في الشَّمْس ففُصِد في الحال، وورم وجُهه وبقي إلى يَوْمِ الأرْبَعَاء العشرين من جُمَادَى، وتُوفِّيَ إلى رَحْمَة الله، وصُلِّي عليهِ بالجامع، ودُفِنَ بِظَاهِر باب قِنَّسْرِيْن بالقُرْبِ من تُرْبَة مُشْرِق رحمه الله.

قلتُ، يعني مُشْرِق بن عَبْد الله العَابِد، ورأيتُ قَبْر ابن مُنِير من قِبْليّ قَبْر مُشْرِق وبينهما بُعْدٌ، وعلى قَبْره بَيْتان من شِعْره ذُكِرَ لي أنَّهُ قالهما حين احْتُضر، وأوْصَى أنْ يُكْتبا على قَبْره، فنُقِشَا على أحْجَار قَبْره، وهُما

(2)

: [من السريع]

مَن زارَ قَبْري فليكُن مُوْقِنًا

أنَّ الّذي ألْقَاهُ (b) يَلْقَاهُ

(a) كذا قيده في الأصل، ولم نقف على اسم هذا الداء في كتب الطب والأدوية، وصورة ما كتبه ابن العديم: بالماْشَرَّا.

(b) الوافي: لاقيت.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 34.

(2)

ديوان ابن منير 121، ووفيات الأعيان 1: 159 وبالوافيات 8: 196، وشذرات الذهب 6:243.

ص: 183

فَيْرحَمُ اللهُ امْرءًا زَارَني

وقال لي: يَرْحَمُكَ اللهُ

ولمَّا حرَّر السُّلْطان المَلِكُ الظَّاهِر، رحمه الله، خَنادق حَلَبَ، ووُضع تُرَابُها على المَقَابِر القَريبة منها خارج باب قِنَّسْرِيْن، خافَ الحَكِيم نَافِع بن أبي الفَرَج بن نَافِع أنْ يُوْضَع التُّراب على قَبْر ابن مُنِير فيَمحي ويُدْرَس أثره، فنَبَشَه ونَقَل عِظَامَه وحَوَّل قَبْره إلى سَفْح جَبَل جَوْشَن بالقُرْبِ من مَشْهَد الحُسَين، وقَبْره الآن ظاهرٌ هُناكَ، وكان في تُرْبَة بني المَوْصُول بالقُرْبِ من قَبْر ابن أبي نُمَيْر العَابِد.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ صَدِيْقنا أبي إسْحاق إبْرهيم بن مُحَمَّد بن أحْمَد القَيْسِيّ، وكان صَدِيْقًا لابن مُنِير، وعنده اخْتَفى لمَّا اخْتَفى (a) بمَسْجِد الوَزِير، قال: حَدَّثني الخَطِيبُ السَّدِيْد أبو مُحَمَّد عَبْدُ القَاهِر بن عَبْد العَزِيْز خَطِيب حَمَاة، قال: رأيتُ أبا الحُسَين بنَ مُنِير الشَّاعرِ في النَّوْم بعدَ مَوْته وأنا على (b) قُرْنَة بُسْتَان مُرْتَفعة، فسَألتُه عن حَالهِ، وقُلتُ لهُ: اصْعَد إلى عندي، فقال: ما أقْدر من رَائحتي، فقُلتُ: تَشْربُ الخَمْرَ؟ قال: شَرٌّ من الخَمْر خَطِيب، فقُلتُ: ما هو؟ فقال: تَدْري ما جَرَى عليَّ من هذه القَصَائِدِ الّتي قُلْتُها في مَثَالِب النَّاسِ؟ فقُلتُ لَهُ: ما جَرَى عليكَ منها؟ فقال: لسَاني قد طال وثَخُن وصار مَدَّ البَصَر، وكُلّما قَرَأتُ قَصِيدَةً منها قد صَارَت كُلَّابًا يتعلَّقُ في لسَاني، وأَبْصَرْته

(a) ابن عساكر: اختبئ.

(b) ابن عساكر: وأبا عليّ.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 35.

ص: 184

حَافيًا عليه ثِيَابٌ رَثَّةٌ إلى غاية، وسَمِعْتُ قارئًا يَقْرأ من فَوْق:{لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ}

(1)

الآية، ثمّ انْتَبَهْتُ مَرْعُوبًا.

حَكَي لي أبو طَالِب القَيِّم، وكان شَيْخًا مُسِنًّا عندنا بحَلَب، وكان أوَّلًا قَيِّمًا بالمَسْجِد الجامع بحَلبَ، ثمّ صار قَيِّمًا بمَدْرَسَة شَاذْبَخْت النُّوْرِيّ رحمه الله، والعُهْدَةُ عليهِ، قال: لمَّا ماتَ ابن مُنِير خَرَجنا جَمَاعَةٌ من الأَحْدَاث نتفرَّج بمَشهَد الجُفْ (a) فقال بَعْضُنا لبَعض: قد سَمعنا أنَّهُ لا يَمُوتُ مَنْ كان يَسُبُّ أبا بَكْر وعُمَر رضي الله عنهما إلَّا ويَمْسخه الله في قَبْره خِنْزِيْرًا، ولا نَشُكّ أنَّ ابن مُنِير كان يَسبُّهُما، وأجَمع رأيُنا على أنْ نَمْضِي إلى قَبْره تلك اللَّيْلة وننبُشَه لنُشَاهدَهُ، قال لي: فمضَينا جَمِيعًا، ونَبَشْنَا قَبْرَهُ، فوَجَدْنا صُوْرته صُوْرة خِنْزِيْر، ووَجْهه مُنْحرف عن القِبْلَة إلى جهة الشَّمَال، وكان معنا ضَوْءٌ، فأخْرَجْناهُ على شَفِير قبره ليُشَاهدَهُ النَّاس، ثمّ بدا لنا فأحْرَقناهُ، ووضَعْناهُ في القَبْر، وأعَدْنا التُّرابَ عليه، هذا مَعْنى ما حَكاهُ لي أبو طَالِب القَيِّمُ، واللهُ أعْلَمُ.

وقال شَيْخُنا بَدْر الدِّين يُونُس بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الفَارِقِيّ بدِمَشْق: ماتَ ابن مُنِير سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة، وهذا وَهْم اشْتَبَه عليه ما قبل الَخْمسين بسَنَتَين بما بعدها بثلاثٍ والصَّحيح ما ذَكَرناهُ أوَّلًا أنَّ وَفاته كانتْ في سَنَة ثمانٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة.

(a) في الأصل: الحف، ويرد ذكره أيضًا فيما بعد: مسجد الجف (في ترجمة رفق بن عبد الله الخام في الجزء السابع)، والمثبت موافق لما في زبدة الحلب 1:226.

_________

(1)

سورة الزمر، من الآية 16.

ص: 185

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ مُوسَى ممَّن اسْمُه أحْمَد

‌أحمد بن مُوسَى بن الحُسَين بن عليّ، أبو بَكْر بن السِّمْسَار

(1)

سَمِعَ بحَلَب أو عَمَلها أبا بَكْر مُحَمَّد بن بَرَكَة بن الفِرْدَاج القِنَّسْرِيْنِيّ الحافِظ، والعبَّاس بن الفَضْل الدَّبَّاج، وعليّ بن مُحَمَّد بن كَاس النَّخَعِيّ القَاضِي بالعَوَاصِم والثُّغُور.

وذكَرَهُ الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن، بما أنْبَأنَا به الفَقيه الإمَام أبو مَنْصُورِ عبْد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم

(2)

، قال: أحْمَد بن مُوسَى بن الحُسَين بن عليّ أبو بَكْر بن السِّمْسَار، أخو أبي العبَّاس، وأبي الحَسَن، حَدَّثَ عن أبي الحَسَن بن عُمَارَة، وأبي بَكْر بن خُرَيْم، وأبي الجَهْم بن طَلَّاب، وإبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن مَرْوَان، وأبي الحَسَن بن جَوْصَا، وعَبد الرَّحمن بن إسْمَاعِيْل الكُوْفيّ، وعليّ بن مُحَمَّد بن كَاس النَّخَعِيّ، وأبي الدَّحْدَاح، وأبي العبَّاس بن مَلَاس، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن البَصَّال، ومَكْحُول البَيْرُوتيّ، وأبي عَمْرو أحْمَد بن عليّ بن حُمَيْرَة، وعَبْد الغَافِر بن سَلامَة، ومُحَمَّد بن بَرَكَة، وعبَّاس بن الفَضْل الدَّبَّاج، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد الكِنْدِيّ المَعْرُوف بالمُنْجع، وأبي بَكْر الخَضِر بن مُحَمَّد بن غُوَيْث، وزَكَرِيَّاء بن أحْمَد البَلْخِيَّ، وأبي بَكْر الخَرَائِطِيّ، وأحمد بن إبْراهيم بن عَبَادِل، ومُحَمَّد بن يُوسُف الهَرَويّ، وأبي هَاشِم بن عُلَيْل الإمَام.

(1)

توفي سنة 365 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر 302، تاريخ ابن عساكر 6: 37 - 38، تاريخ الإسلام 8: 236 - 237، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 102 - 103.

(2)

تاريخ ابن عساكر 6: 37.

ص: 186

‌أحمد بن مُوسَى بن السِّمْسَار

رَوَى عنهُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عَوْف، ومَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، وعَبد الوَهَّاب بن المَيْدانيّ، وأخوه أبو الحَسَن بن السِّمْسَار.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن الشِّيْرَازيّ القَاضِي، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أَخْبَرَنا أبو الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد الفَقِيه، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، ح.

قال الحافِظُ: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم الخَضِر بن الحُسَين بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحَسَن بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْد، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن عَوْف بن أحْمَد المُزَنِيّ، قال: قُرئ على أبي العَبَّاسِ مُحَمَّد بن مُوسَى، وأحمد بن مُوسَى بن السِّمْسَار، قالا: حَدَّثينَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن خُرَيْم بن عَبْد المَلِك بن مَرْوان، قال: حَدَّثَنَا هِشَامِ بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن عَمْرو بن دِيْنارٍ، عن عَطَاء، عن حَبِيْبَة بنْت مَيْسَرة، عن أُمُّ كُرْز الخُزَاعِيَّة، قالت: سَمِعْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول

(2)

: عن الغُلَام شَاتَان مُكَافِئتان، وعن الجَارِيَة شَاةٌ.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل بن الحُسَين قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْزِ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبو الحُسَين بن المَيْدانيّ قال: تُوفِّي أبو بَكْر أحْمَد بن مُوسى بن السِّمْسَار، أخو أبي العبَّاس، في ذي القَعْدَة سَنَة خَمْسٍ وسِتِّين

(4)

. قال عَبْد العَزِيْز: حدَّثَ بشيءٍ يَسِيْر، انْتقَى عليه أخوهُ، حَدَّثَ عن ابن خُرَيْم، وابن جَوْصَا، وغيرهما. حَدَّثَنَا عنه أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَوْف، وأخوه أبو الحَسَن عليّ بن مُوسَى وغيرهما.

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 37.

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة: المصنف 5: 112 (رقم 24232)، 7: 303 (رقم 36294)، سنن أبي داود 3: 257 (رقم 2834)، سنن ابن ماجة رقم 3162، الترمذي: الجامع الكبير 3: 175 (رقم 1513)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 12: 129 (رقم 5313).

(3)

تاريخ ابن عساكر 6: 38.

(4)

أي: وثلاثمائة.

ص: 187

‌أحمد بن مُوسَى بن عَمَّار، أبو بَكْر القُرَشِيُّ الأنْطَاكِيُّ القَاضِي

(1)

رَوَى عن أبَوَي بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الطَّرَسُوسِيّ، ومُحَمَّد بن إبْراهيم بن هارُون الهَمَذَانيّ، وأبَوَي الحَسَن عليّ بن هارُون البَغْدَاديّ، وعليّ بن إبْراهيم الصُّوْفيّ الحُصْرِيّ، وعِيسَى بن أبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ.

رَوَى عنهُ أبو سَعْد الحُسَين بن عُثْمان بن أحْمَد الشِّيْرَازيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ الجرَّاحِيّ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ الحافِظُ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد الحُسَين بن عُثْمان بن أحْمَد الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُوسَى بن عَمَّار الأنْطَاكِيّ الصُّوْفيّ بالدِّيْنَوَر، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن (a) علي بن إبْراهيم الحُصْرِيّ، يقول: كُلّ مَنْ كان له غالبٌ كانت غفَلَاتُهُ ترفعُه (b) إلى ذلك الغَالِب، وكان غالبي في بَدْأَتي

(3)

قراءةَ القُرْآن، فكُنتُ أجْهَد أنْ لا أَقْرأ، وكُنْتُ إذا غفَلْتُ قرأتُ، فأقْرَأ ثلاثين آيةً، أربعين آيةً، فإذا ذَكرتُ سَكَتُّ، وإذا غفَلْتُ قرأتُ، فكانت هذه حَالي.

(a) في الأصل: أبو الحسين، وفوقها "صـ"، وصوابه المثبت من تاريخ بغداد وأنساب السمعاني 4:172.

(b) في الأصل: ترفغه، ولا يستقيم، وفي تاريخ بغداد: توقعه.

_________

(1)

كان حيًا سنة 423 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 39، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 103.

(2)

تاريخ بغداد 13: 249 (في ترجمة علي بن إبراهيم الحصري).

ص: 188

قال: وسَمِعْتُه يقول: كنتُ في بَدْأَتي (a) نَحْوًا من خَمْس عَشَرة سنَةً أجْلِسُ باللَّيْل على رِجْلي مُعَلَّقًا، فإذا حَمَلَني النَّوْم سقَطْتُ، فأقُول: الله، فيقُول الجِيْرَان: اللهُ قَتَلَك، اللهُ أبادَكَ، اللهُ أراحَنَا منْكَ، حتَّى أصَابني عِلَّةٌ في رِجْلي فعَجَزتُ عن ذلك.

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(1)

، قال: أحْمَد بن مُوسَى بن عَمَّار، أبو بَكْر القُرَشِيّ الأنْطَاكِيّ، سَمِعَ بدِمَشْق عِيسَى بن أبي الخَيْر التِّيْنَاتِيّ، وبغيرها أبا الحَسَن عليّ بن هارُون البَغْدَاديّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن هارُون الهَمَذَانيّ بها، وأبا بكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الطَّرَسُوسِيّ بمَكَّة، وأبا الحَسَن عليّ بن إبْراهيم الحُصْرِيّ الصُّوْفيّ. رَوى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الحُسَين بن عليّ الجرَّاحِيّ، وسَمِعَ منه في جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وأرْبَعِمائة.

‌أحمد بن مُوسَى الأَرْدِسْتَانِيُّ، أبو بَكْر

(2)

إمَام جَامِع طَرَسُوس. روى عن عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ. رَوَى عنهُ أبو سعْد عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن إِدْرِيس الحافِظُ الأَرْدِسْتَانِيُّ، وذَكَرهُ في تاريخ سَمَرْقَنْد فقال: أحْمَدُ بن مُوسى، أبو بَكْر الأَرْدِسْتَانِيّ، إمَام جَامِع طَرَسُوس على مَا ذكر، قَدِمَ علينا سَمَرْقَنْد مُسْتَنفرًا سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، فأخرجَ جَيْشًا مع جُيُوش مَا وَرَاء النَّهْر، كان يَحْكي لنا عن عبدِ الرَّحْمن بن أَبي حَاتِم الرَّازِيّ، كتَبْنا عنْهُ الحِكَايَات عنه.

(a) تاريخ بغداد: بدايتي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 39.

(2)

كان حيًا سنة 355 هـ.

ص: 189

‌أحمد بن مُوسَى الطَّرَسُوسِيُّ

حَدَّثَ عن عليّ بن نَصْر البَصْرِيّ. رَوَى عنهُ عليّ بن أبي الأزْهَر.

‌أحمد بن مُؤْنِس الرَّاغِبِيُّ

مَوْلَى رَاغِب المُوَفَّقيّ، ساكن طَرَسُوس، كان من أهْل الحَدِيْث والوَرَع؛ فإنَّني قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الطَّرَسُوسِيّ بعد أنْ ذَكَرَ رَاغِبًا مَوْلَى المُوَفَّق بالله قال: ومن مَوَالِيهِ أحْمَد بن مُؤْنسِ الرَّاغِبِيّ، صَاحب حَدِيثٍ ودِيْنٍ وستْرٍ وصَلَاحٍ وعِفَّةٍ.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ مَهْدِي

‌أحمدُ بن مَهْدِي بن رُسْتُم الأصْبَهَانِيّ، أبو جَعْفَر المَدِيْنِيُّ

(1)

رَحَلَ في طَلَب الحَدِيْث، ودَخَلَ الشَّام والجَزِيْرَة ومِصْر والعِرَاق، وسَمِعَ بحَلَب الحَجَّاج بن يُوسُف بن أبِي مَنِيع الرُّصَافِيّ، وبِحمْص أبا اليَمَان، وبدِمَشْق هِشَام بن عَمَّار، وحَدَّثَ عنهُم وعن سَعيد بن أبي مَرْيَم، ونُعَيْم بن حَمَّاد، وعبد الله بن مَسْلَمَة القَعْنَبِيّ، وعبد الله بن عَبدِ الوَهَّاب الحَجَبِيّ، وأبي عُبَيْد القَاسِم بن سَلَّام، وغيرهم.

(1)

توفي سنة 272 هـ وترجمته في: الجرح والتعديل 2: 79، أبو نعيم: تاريخ أصبهان 1: 117 - 118، حلية الأولياء 10: 396 - 397، تاريخ ابن عساكر 6: 40 - 43، ابن الجوزي: المنتظم 13: 284 - 285 (وأرخ وفاته سنة 317 هـ)، صفة الصفوة 4: 84 - 85، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 109، تاريخ الإسلام 6: 501 - 502، تذكرة الحفاظ 2: 597 - 598، العبر في خبر مَن غبر 1: 393، سير أعلام النبلاء 12: 597 - 598، الوافي بالوفيات 8: 198 - 199، المقريزي: المقفى الكبير 1: 692، السيوطي: طبقات الحفاظ 271، شذرات الذهب 3: 305، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 103 - 104.

ص: 190

رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله الصَّفَّار، وأبو جَعْفَر أحْمَد بن جَعْفَر بن مَعْبَد، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى الخَشَّاب، وأبو جَعْفَر أحْمَد بن إبْراهيم بن يُوسُفَ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاجِ يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، فيما أذِنَ لنا فيهِ، قال: أخْبَرَنا مَسْعُودُ بن أبي منْصُور الجَمَّال، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر أحْمَدُ بن جَعْفَر بن مَعْبَد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَهْدِي، قال: حَدَّثَنَا أبو اليَمَان الحَكَم بن نَافِع، قال: أخْبَرَني شُعَيْب بن أبي حَمْزَة، عن الزُّهْرِيّ، قال

(2)

: أخْبَرَني أنَسُ بن مالِك أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم ركبَ فَرَسًا فصُرِعَ عنْهُ، فجُحِشَ شِقُّه الأَيْمَن، قال أنسٌ: فصَلَّى بنا (a) رسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمئذٍ صلاةً من الصَّلَوَات وهو قَاعِدٌ، فصَلَّيْنا وراءَهُ قُعُوْدًا، فقال حينَ سَلَّم: إنَّما الإمامُ ليُؤْتَمّ به، فإذا صَلَّى الإمَامُ قائمًا فصَلُّوا قُيَّامًا، وإذا رَكَع فارْكَعُوا، وإذا رَفعَ فارْفَعُوا، وإذا سَجَد فاسْجُدُوا، وإذا قالَ: سَمِعَ اللهُ لمَنْ حَمدَهُ، فقُولوا: ربَّنا ولكَ الحَمْدُ، وإذا صَلَّى قَاعِدًا فصَلُّوا قُعُودًا أجْمَعُونَ.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيد بن أبي الرَّجَاءِ الدُّوْرِيّ بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مَنْصُور بن الحُسَين الرُّهَاوِيّ، يقول: سَمِعْتُ أحْمَد بن مَهْدِي، يقول: أردتُ أنْ أكتُبَ كتابَ الأمْوَال لأبي عُبَيْد،

(a) في تاريخ أصبهان: لنا.

_________

(1)

تاريخ أصبهان 1: 117.

(2)

الحميدي: المسند 2: 501 - 502 (رقم 1189)، ابن أبي شيبة: المصنف 2: 116 (رقم 7133)، سنن الدارمي 1: 287، صحيح مسلم 1: 308 (رقم 414)، سنن ابن ماجة 1: 392 (رقم 1238)، الترمذي: الجامع الكبير 1: 387 - 388 (رقم 361)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 5: 467 (رقم 2107).

ص: 191

فخَرَجْتُ لأشْتَري ماءَ الذَّهَب، فلقِيْتُ أبا عُبَيْدٍ، فقُلتُ: يا أبا عُبَيْدٍ، رَحمَكَ اللهُ، أُرِيدُ أنْ أكْتُبَ كتابَ الأمْوَالِ بماءِ الذَّهَب، قال: اكْتُبْهُ بالحبْر فإنَّهُ أبْقَى.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مُحَمَّد بن مَمِّيْل (a) الشِّيْرَازيّ إجَازَةً وقد سَمعْتُ منهُ غيرَهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظُ

(1)

، قال: أحْمَدُ بن مَهْدِي بن رُسْتُم، أبو جَعْفَر الأصْبَهَانِيُّ المَدِيْنِيُّ، أحَدُ الثِّقَات الأثْبَات، رَحَلَ في طَلَب الحَدِيْث، وسَمِعَ بدِمَشْقَ هِشَام بن عَمَّار، وبحِمْص أَبا اليَمَان، وحَجَّاج (b) بن أبي مَنِيع، وبمِصْرَ عَبْد الله بن صالح، وعَبْد الغَفَّار بن دَاوُد، وسَعِيد بن أبي مَرْيَم، ونُعَيْم بن حَمَّادٍ، وأحْمَدَ بن صَالح، وبحَرَّان عَبْد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِيّ، وبالكُوفَة أبا نُعَيْم (c)، وقَبِيْصَة، وثَابِت بن مُحَمَّد الزَّاهِد، ويَحْيَى بن عَبْدِ الحَميْد الحِمَّانيّ، وأحمد بن عَبْدِ الله بن يُونُس، وأبا بَكْر بن أبي شَيْبَة، ومُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن نُمَيْر، ومُحَمَّد بن سَعيد بن الأصْبَهَانِيّ وغيرهم، وبالبَصْرَة عَبْد الله بن مَسْلَمَة القَعْنَبِيّ، ومُسَدَّدًا، وأبا الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، ومُعَلَّى بن أسَد، ومُسْلِم بن إبْراهيم، وأبا مَعْمَر عَبْدَ الله بن عَمْرو، وعبد الله بن عَبدِ الوَهَّاب الحَجَبِيّ، وعُثْمان بن طَالُوت بن عَبَّاد، وبوَاسِط سَعيدَ بن سُلَيمان، وعَمْرو بن عَوْن، وببَغْدَاد أبا عُبَيْد القَاسِم بن سَلَّام، وعليّ بن الجَعْد، وبأصْبَهَان مُحَمَّد بن بُكَيْر الحَضْرَميّ، وغيرهم.

رَوَى عنهُ أبو جَعْفَر أحْمَد بن جَعْفَر بن مَعْبَد، وأحمد بن إبْراهيم بن يُوسُف، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مَزْيَد الخَشَّاب، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن أحْمَد الصَّفَّار الزَّاهِدُ.

(a) الضبط من المؤلف في ترجمة ملك النحاة الآتية في الجزء الخامس.

(b) ابن عساكر: "وبحلب: حجاج

".

(c) ابن عساكر: أحمد بن نعيم.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 40.

ص: 192

أنْبَأنَا يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ اللّه، قال: أخْبَرَنا مَسْعُود بن أبي مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحدَادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْمِ الحافِظُ

(1)

، قال: أحْمَد بن مَهْدِي بن رُسْتُم أبو جَعْفَر المَدِيْنِيّ تُوفِّي في شَوَّال سَنة اثْنَتَيْن وسَبْعِين ومَائتَيْن، وقِل لعَشْرٍ مَضيْنَ من رَمَضَان. كان ظاهر الثَّروَةِ، صَاحب ضِيَاع، لم يُحَدِّث في وَقْته من الأصْبَهَانِيِّيْن أوْثَقُ منهُ، وأكْثَر حَدِيثًا، صاحب الكُتُب والأُصُول الصِّحَاح، أنْفَقَ عليها نَحْوًا من ثلاثمائة ألف دِرْهَم.

قال أبو مُحَمَّد بن حَيَّان: قال مُحَمَّدُ بن يَحْيَى بن مَنْدَهَ: لم يُحَدِّثْ ببَلَدنا منذُ أرْبَعين سَنَةً أوْثَقُ من أحْمَدَ بن مَهْدِيّ، صَنَّف المُسْنَد، كتَبَ بالشَّام، ومِصْر، والعِرَاقَيْن. رَوَى عن أبي اليَمَان، وسَعِيد بن أبي مَرْيَم، وعبد اللّه بن صالح، وحَجَّاج بن أبي مَنيع، ونُعَيْم بن حَمَّاد، وعن أبي نُعَيْم، وقَبِيْصَة. ولم يُعْرف له فِرَاش منذُ أرْبَعين سَنَة، صَاحبُ صَلَاةٍ واجْتهادٍ، افتقدَ من كُتُبهِ كِتابُ قَبِيْصَةَ، ثمّ رُدَّ عليه فتَركَ قراءتَهُ.

وقال يُوسُف بن خَلِيل: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن مُحَمَّد بن الحَسَن بن الأصْفَهْبُذ (a)، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن عَبْد الوَاحِد الثَّقَفِيّ، ح.

قال يُوسُف: وأخْبَرَنَا أبو عَبْد اللّه الكَرَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن الرَّاشْتِيْنَانِيّ (b)، قالا: حَدَّثَنَا أبو القَاسِمِ بن أبي بَكْر، قال: سَمِعْتُ أبا مُحَمَّد عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن حَيَّان، يقُول: سَمِعْتُ أحْمَد بن محمُود بن صُبْح يقُولُ: ماتَ أحْمَدُ بن عِصَام سنة اثْنَتَيْن وسَبْعِين ومَائتَيْن، وفيها ماتَ أحْمَد بن مَهْدِي بن رُسْتُم في شَوَّال.

(a) الأصل بالدال المهملة: الأصفهبد.

(b) الضبط من ياقوت، ونسبته إلى راشتينان، من قرى أصبهان. مُعْجَمُ البلدان 3:15.

_________

(1)

أخبار أصبهان: 117.

ص: 193

‌أحمدُ بن مَهْدِي بن سُلَيمان، أبو نَصْرِ السُّرْبُجِيُّ المُقْرِئُ

(1)

جالَ الأقْطَار، وتخلَّلَ الدِّيَار في طَلَب الشُّيُوخ وسَمَاع الآثار، ودَخَلَ حَلَب في رِحْلَته، وسَمعَ بها أبا الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد الطُّيُورِيّ الحليّ، وبمَكَّة شَرَّفَها اللّهُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور بن حَمِيْل (a) الشْهرَزُورِيّ الفَقِيه، وبالبيت المُقَدَّس أبا عَبْدِ اللّهِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَحْيَى النَّيْسَابُوريّ، وبعَسْقَلان أبا بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عليّ المِيْمَاسِيّ، وبحَرَّان الشَّريف أبا القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ الزَّيْديّ، وبصَيْدَا الحَسَنَ بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عبد الرَّحْمن بن جُمَيْع الغَسَّانيّ المَعْرُوف بسَكَن، وبمِصْر مُحَمَّد بن الفَضْل الفَرَّاءَ، وأبا مُحَمَّد إسْمَاعِيل بن عَمْرو بن راشِد، وأبا عبد اللّهِ مُحَمَّد بن الحَسَن بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، وبالمَوْصِل أبا الفَرَج مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس المَوْصِلِيّ، وبآمِدَ أبا الفَتْح أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَاسِيْن المُؤدِّب العُتبْيّ، وأبا يَعْلَى حَمْزَة بن أحْمَد بن مُحَمَّد الصَّفَّار النَّصيْبِيّ، وبدِمْيَاط أبا عَبْد اللّه الحُسَين بن المُحَسِّن بن عليّ، وبِتِنِّيْس أبا مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن يُوسُف بن نَصْر البَغْدَاديّ، وجَمَاعَةً غير هؤلاء من شُيُوخ البِلَادِ يَطُول ذِكْرهُم، ويكثُر تَعْدادهُم.

رَوَى عنهُ ابنُه أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن أحْمَد بن مَهْدِي.

نَقَلْتُ من خَطِّ الإمام الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، وأخْبَرَنَا به إجَازَةً عنهُ أبو القَاسِم عَبْد اللّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ، وعبد الرَّحيم

(a) هكذا مجودًا في الأصل، وأكد الحاء المهملة فيه.

_________

(1)

توفي بعد سنة 459 هـ.

ص: 194

ابن يُوسُف بن الطُّفَيْل وجَمَاعَةٌ غيرهما، قال: أخْبَرَنا الإمَامُ المُقْرِئ أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن أحْمَد بن مَهْدِي بن سُلَيمان السُّرْبُجِيّ بنَصِيبِيْنَ، قال: أخْبَرَنا أبيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحسَن عليّ بن مُحَمَّد بن أحْمَد الطُّيُورِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عُبَيْدُ اللّه بن الحُسَين بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ القَاضِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن عَبْد الحَكَم، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن وَهْب، قال: أخْبَرَنا مَالِك بنُ الخَيْرِ الزَّبَادِيّ (a) أنَّ مَالِك بن سَعْد التُّجِيْبِيِّ حدَّثَهُ أنَّهُ سَمعَ عَبْد اللّه بن عبَّاس يقول: إنَّ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أتَاهُ جِبْرِيل، فقَال: يا مُحَمَّد، إنَّ اللّه لعَنَ الخَمْر وعَاصِرها ومُعْتصِرها وحَاملها والمحمُولة إليه، وشَاربها وبَائعها ومُبْتاعها وسَاقِيها ومُسْقَاها.

وأخْبَرَنَا بهذا الحَدِيْث عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة اللّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا والدي القَاضِي أبو الفَضْل هِبَة اللّهِ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخ أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْد اللّه بن إسْمَاعِيْل بن الجِلّيّ (b) الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الطُّيُورِيّ بإسْنَاده مثله سَواءً.

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر: سَمِعْتُه - يعني أبا مَنْصُور - يقُول: سَمِعْتُ أبي يَقُول: كَتبَتُ عن أرْبعمائة شَيْخ اسْمُه مُحَمَّد في سَفَري وحَضَري.

(a) في الأصل: الريادي، وصوابه بالزاي المفتوحة والباء الموحدة، نسبة إلى زباد موضع بالغرب، وهو أبو الخير المصري الإسكندرانيّ، توفي سنة 153 هـ، انظر: الجرح والتعديل: 8: 208، الثّقات لابن حبَّان: 7: 460، الأنساب للسمعاني: 6: 244، ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 2: 56، لسان الميزان: 5: 3 (وفيه: الزيادي)، تبصير المنتبه لابن حجر العسقلاني 2:664.

(b) الأصل: الحليّ، وتقدم التعليق عليه.

ص: 195

سَمِعْتُه لِقولِ: فُقِدَ والدِي في طَريق المَوْصِل سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِين - يعني وأرْبَعِمائة - ولم يُر بعد ذلك لا حَيًّا ولا ميِّتًا.

‌أحمدُ بن مُلاعِب بن عَبْد الله، أبو الحَسَن الحَلَبْيُّ

(1)

قَرأ على أبي الحَسَن أحْمَد بن الحَسَن بن عَبْدِ اللّه المَلَطِيِّ. قرأ عليهِ أبو العِزّ مُحَمَّد بن الحُسَنِ الوَاسِطِيّ.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن قُشَام الفَقِيهُ، قال: كَتَبَ إلينا أبو العَلَاء الحَسَن بن أحْمَد الهَمَذَانيِّ أنَّهُ قَرأ القُرآن أجْمعَ على أبي العِزّ مُحَمَّد بن الحُسَين الوَاسِطِيّ، وأخْبَرَهُ أنَّهُ قَرأ على أبي الحَسَن أحْمَد بن مُلاعِب بن عَبْدِ الله الحَلَبِيّ، وأخْبَرَهُ أنَّهُ قَرَأ على أبِي الحَسَن أحْمَد بن الحَسَن بن عَبْدِ اللّه المَلَطِيّ، وأخْبَرَهُ أَنّهُ قَرأ على أبي الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أيُّوبَ بن الصَّلْت بن شَنَبُوذ، وأخْبَرَهُ أنَّهُ قَرأ على أبي مُحَمَّد عَبْد اللّه بن سُلَيمان بن مُحَمَّد بن عُثْمان الرَّقِّيّ، وأخْبَرَهُ أنَّهُ قَرَأ على أبي زَيْدٍ عُمَرَ بن شَبَّة بن عَبِيْدة

(2)

النَّمِيْرِيّ، وأخبَرَهُ أنَّهُ قَرَأ على أبي أحْمَد جَبَلَة بن مَالِك بن جَبَلَة بن عبد الرَّحْمن البَصْرِيّ، وأخْبَرَهُ أنَّهُ قَرَأ على المُفَضَّل، وأخْبَرَهُ أنَّهُ قَرَأ على عَاصِم.

‌أحمدُ بن مَيْمُون بن عَبْد الله الخَشَّاب، أبو الحُسَين القَاضِي

حَدَّثَ بحَلَبَ عن أبي الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الحَيْد الغَضَائريّ. رَوَى عنهُ أبو عَبْدِ اللّه الحُسَينُ بن أحْمَد بن سَلَمَة بن عَبْدِ اللّهِ المالِكِيِّ الرَّبَعِيِّ.

(1)

لعلّه المتوفى سنة 275 هـ والمترجم له عند: ابن زبر: تاريخ مرلد الطاء ووفياتهم 347، (وكناه: أبا الفَضْل)، وسير أعلام النبلاء 13: 43 - 43 (أبو الفَضْل)، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 131، شذرات الذَّهب 3:313.

(2)

الضبط من المصنف.

ص: 196

قَرأتُ بخَطِّ نَصْر بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن صَفْوَان القَطَّان المَوْصِلِيِّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو الفَتْح المُفَضَّلُ بن الحُسَين بن عليّ بن الطَّيَّان، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو عَبْد اللّه الحُسَنُ بن أحْمَد بن سَلَمَة بن عَبْدِ اللّه المالِكِيّ الرَّبَعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو الحُسَين أحْمَد بن مَيْمُون بن عَبْدِ اللّه الخَشَّاب بحَلَبَ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليِّ بنُ عَبْد الحَميْد بن عَبْدِ اللّه بن سُلَيمان الغَضَائِرِيّ سَنَة ثمانٍ وثَلاثِمائة، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُعاوِيَة الجُمَحِيّ، قال: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بن يَزِيد، عن هِلال بن خَبَّابٍ، عن عِكْرِمَة، عنِ ابن عبَّاسٍ، قال

(1)

: دَخَلَ عُمَرُ على النَّبي صلى الله عليه وسلم وهو نَائم على حَصيْرٍ قد أثَّرَ في جَنْبهِ، فقال: يا رسُول اللّه، لو اتَّخَذْتَ فِرَاشًا أوْثَر من هذا، فقال: يا عُمَر، ما لي وللدُّنْيا، وما للدُّنيا وما لي! والّذي نَفْسِي بِيده ما مَثَلي ومثَل الدُّنْيا إلَّا كَرَاكبٍ سار في يَوْم صَائفٍ فاسْتَظَلَّ تحت شَجَرَة ساعةً من نهارٍ ثمّ راح وتَرَكَها.

‌حَرْفُ النُّون في آباءِ الأحْمَدِين

‌أحمدُ بن نَاصِح، أبو عَبْدِ الله المِصِّيْصيُّ

(2)

حَدَّثَ عن هُشَيْمِ بن بشِيِر، وعَبْد العَزِيْز الدَّرَاوَرْدِيّ. رَوَى عنهُ النَّسَائِيُّ، وقال: صَالِحٌ. وقال في موضعٍ آخر: ليسَ به بَأْسٌ.

(1)

مسند ابن حنبل 3: 262 (رقم 2744)، الطبرانيّ في العجم الكبير 11: 327 (رقم 11898)، المستدرك للحاكم 4: 309 - 310، الأصبهاني: حلية الأوّلياء 3: 342، صَحيح ابن حبَّان بترتيب ابن بلبان 14: 265 (رقم 6352)، المتقي: كنز العمال 3: 205 (رقم 6177).

(2)

توفي بعد سنة 240 هـ، وترجمته في: تهذيب للمزي 1: 498، الكاشف 1: 71، تاريخ الإسلام 5: 1072، تهذب التهذيب 1: 85، تقرب التهذيب 1:27.

ص: 197

‌أحمدُ بن نَجْم بن عَبدِ الوَهَّاب بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد بن إبْراهم بن يَعِيْش بن سَعيد بن سَعْد بن عُبَادَة بن الصَّامِت الأنْصَاريّ الخزرَي الدِّمَشقيّ، أبو العبَّاس المعرُوفُ بابنِ الحَنْبَلِيّ

(1)

أخو شَيْخنا نَاصِح الدِّين عبد الرَّحْمن. سَافَرَ إلى بَغْدَاد في سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وسَمعَ بها إنْشَاد الحَيْص بَيْص، ورَوَى عنهُ عندَ عَوْده، واجْتازَ بحَلَب في مَمرّه وعَوْده.

أنْشَدَنا عنه نَجِيْبُ الدِّين أبو الفَتْح بن الصَّفَّار، ورَوَى عنهُ أبو حَامِد القُوصِيّ، وخَرَّجَ عنهُ في مُعْجَم شُيُوخه شَيئًا من شِعْر الحَيْص بَيْص رَوَاهُ عنه.

أنْشَدَنا أبو الفَتْح بن الصَّفَّار، قال: أنْشَدَنا بَهَاءُ الدِّين أحْمَد بن نَجْم بن الحنبَلِيّ، قال: أنْشَدَني الحَيْص بَيْص لنَفْسِه، قال لي ابنُ الصَّفَّار: وذَكَر لي ابن الحنبَلِيّ أنَّهُ دَخَلَ حَلَب

(2)

: [من الخفيف]

لا تَضَع من عَظِيم قَدْرٍ وإنْ كنـ

ـتَ مُشَارًا إليهِ بالتَّعظيمِ

فالعَظِيْم الخَطِيْرُ يَصْغُرُ قَدْرًا

بالتَّعَدِّي على الخَطِيْر العَظِيمِ

وَلَعُ الخَمْر بالعُقُول رَمىَ الخمـ

ـر بتَنْجِيْسها وبالتَّحْريمِ

(1)

توفي سنة 636 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 253، ذيل الروضتين لأبي شامة 339، تاريخ الإسلام 13: 809، سير أعلام النبلاء 23: 8، ابن رجب: ذيل طبقات الحنابلة 2: 174، شذرات الذَّهب 7:210.

(2)

ديوان الحيص بيص 2: 332.

ص: 198

قَرأتُ بخَطِّ أبي المحامِد (a) القُوصِيّ في مُعْجَمه، وناوَلني إيَّاه، وأجازَ لي رِوَايته فيما أجازَه: هذا الأجَلّ بَهَاءُ الدِّين كان من العُدُول المُميَّزين، والأُمَناءِ المَأْمُونين، وفَرعًا طَيِّبًا تفرَّع من شَجَرَة الأنْصَاريّين رَحْمَةُ اللّه عليهم أجْمَعين.

قال: ومَوْلده بدِمَشْق في شُهُور سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ نَصْر من الأحْمَدِين

‌أحْمَد بن نَصْر بن بُجَيْر

وهو أحْمَد بن عَبْد اللّه بن نَصْر بن بُجَيْر، أبو العبَّاس، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(1)

؛ نَسَبَه بعضُهم إلى جَدِّه مع إسْقاط اسم أبيهِ لشُهْرته بهِ، فنبَّهنا على ذلك لكي لا يُظَنّ أنَّنا أغْفَلْناهُ.

‌أحمدُ بن نَصْر بن الحُسين البَازْيَار، أبو عليّ الكَاتِب

(2)

وإليهِ يُنْسَبُ دَرْب البَازْيَار بحَلَبّ

(3)

، كان أبوه من أهْلِ سَامَرَّاء، وانْتَقَل هو إلى حَلَب وسَكَنها، واتَّصَل بِخِدْمَةِ الأَمِير سَيْف الدَّوْلَة بن حَمْدَان، وحَظي عندَهُ، وكان كاتبًا فَاضِلًا أَدِيْبًا.

(1)

تقدمت تَرْجَمَتِه في الجزء الثاني.

(2)

توفي سنة 352 هـ، وترجمته في: الفهرست للنديم 1/ 2: 406 - 497، ياقوت: مُعْجَمُ الأدباء 2: 526 - 527، الصفدي: الوافي بالوفيات 8: 314، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 43 - 44.

(3)

حدد الشّيخ الطباخ موضع هذا الدرب، وذكر أنَّه الزقاق المَعْرُوف بزقاق الزهراوي شمال المدرسة الشرفية، ينفذ إلى محلة السويقة يمينًا، وإلى محلة بحسيتا يسارًا. انظر: إعلام النبلاء 4: 44.

ص: 199

حَدَّثَ عن أبي أحْمَد عُبَيْد الله بن الحُسَين بن إبْراهيم بن عليّ الحسُيْنيّ. رَوَى عنهُ القَاضِي أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الحُسَين بن عُبيد الله بن الحُسَين الحُسَيْنيّ.

نَقَلْتُ من كتاب نُزْهَةِ عُيُون المُشْتاقِيْن

(1)

، تأليفُ أبي الغَنائِم عَبْد الله بن الحَسَن الزَّيْدِيّ، قال: حَدَّثَني القَاضِي أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الحُسَين بن عُبَيْد الله الحُسَيْنيّ بدِمَشْق، قال: حَدَّثَني أبو عليّ أحْمَدُ بن نَصْر البَازْيَار، قال: حَدَّثَني جَدُّكَ - يعني أبا أحْمَد عُبَيْد الله بن الحُسَين بن إبْراهيم بن عليّ - قال: حَدَّثَني أبي الحُسَين بن إبْراهيم بن عليّ بن عُبَيْدِ الله بن الحُسَين الأصْغَر عليه السلام، عن أبي الحَسَن عليّ بن مُوسَى الرِّضَا عليه السلام، عن أَبِيهِ مُوسَى، عن جَدِّهِ، عن عليّ بن الحُسَين، عن الحُسَين بن عليّ عليهما السلام، قال: كُنْتُ جالِسًا بحَضْرَة أَمِير المُؤمِنِين عليّ عليه السلام، إذ جَاءَ أعْرَابيٌّ فشَكا إليهِ حَالَهُ، وزعَمَ أنَّهُ ليسَ في عَشِيرته أفْقَر منه، فقال له أَمِيرُ المُؤمِنِين: يا أعْرَابيّ، عليكَ بالاسْتِغْفَار.

ذَكَر الوَزِير أبو القَاسِم الحُسَين بن عليِّ بن المَغْرِبيّ في كتاب المأْثُور من مُلَح الخُدُور

(2)

، ورَأيتُهُ بخَطِّهِ، في حِكايَةٍ حَكَاها عن أبي الهَيْجَاء بن حَمْدَان، قال: وحُدِّثْتُ عن أبي علي أحْمَدَ بن نَصْر المَعروفُ بِابنِ البَازْيَار الأدِيْبُ الكاتِبُ الظَّريفُ، وكان قد صَحِبَ سَيْفَ الدَّوْلَة رحمه الله دَهْرًا، فذكَرَ الحِكايَةَ.

(1)

تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الثاني.

(2)

كتاب المأثور من مُلح الخدور كتاب مفقود، ذكره ابن خلكان والصفدي في تعدادهما لمؤلفات الوزير المغربي (وفيات الأعيان 3: 173، الوافي بالوفيات 13: 443)، ونقل عنه ابن العديم ستة نصوص متفاوتة في المقدار، وأوردها المرحوم إحسان عباس مجمعة ضمن المتبقي من تراثه في كتاب ديوان الوزير المغربي 337 - 333.

ص: 200

نَقَلْتُ من كتاب الفِهْرِسْت لمُحَمَّد بن إسْحاق النَّدِيْم، من خَطِّ مُظَفَّر الفَارِقِيّ، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلهُ من خَطِّ مُحَمَّد بن إسْحاق النَّدِيْم، قال

(1)

: ابن البَازْيَار، أبو علِيِّ أحْمَدُ بن نصْر بن الحُسَين البَازْيَار، وكان نَدِيمًا لسَيْف الدَّوْلَة، وكان أبوهُ (a) نَصْرُ بنُ الحُسَين من نَاقِلَة (b) سَامَرَّاء. واتَّصَلَ بالمُعْتَضِد وخَدَمَهُ، وخَفَّ على قَلْبه. وأصْلُهُ من خُرَاسَان، وكان يَتَعاطَى لعب الجَوَارِحِ، فرَدَّ إليهِ المُعْتَضِدُ نَوْعًا من أنْوَاعَ جَوَارِحِه، وتُوفِّيَ أبو عليّ بحَلَب في حَيَاةِ سَيْفِ الدَّوْلَة، وله من الكُتُبِ كتابُ تَهْذِيْبِ البَلَاغَة

(2)

.

قَرأتُ في كتاب مَعْرفَة شَرَف المُلُوك، تَصْنِيف أبي الحُسَين أحْمَد بن عليّ بن أبِي أُسامَة

(3)

: وقال أَبو القَاسِم بنُ الأبْيَض العَلَويُّ، رحمه الله: كان سَيْفُ الدَّوْلَة، رضي الله عنه، كَثيْرًا ما يترحَّمُ على أبي علي أحْمَد بن نَصْر البَازْيَار، ويقُول: رحمَك اللهُ يا أبا علِيّ، كان يقُول لي، وأنا أُفَوِّضُ إلى نَجَا، وأُعْطيهِ، وأرْفَعُ منْزِلتَهُ: أيُّها الأمِير، إنَّك تعْقِدُ عَقْدًا فانْظُر كيفَ تَحُلُّه. فلمَّا عَصَى وخرجَ إليه سَيْفُ الدَّوْلَة رحمه الله كان يَذكر قَوْلَهُ.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَدَ بن البُنْدَار إجَازَةً، عن أبي أحْمَد عُبيد الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي مُسْلِم المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ

(a) الفهرست: جده، وهو خطأ كما لا يخفى.

(b) الفهرست: نافلة، وما أثبته ابن العديم هو الصواب، والناقلة، وجمعها النواقل، القيلة تنتقل من قوم إلى قوم، أو الرجل نقيل في بني فلان. ابن دريد: جمهرة اللغة 3: 164.

_________

(1)

الفهرست 1/ 2: 406.

(2)

زاد النديم كتابًا آخر وسمه بـ: اللسان.

(3)

ذكر حاجي خليفة اسم الكتاب واسم مؤلفه على نحو المثبت ولم يزد شيئًا، ولم أقف على ذكر له فيما عداه. كشف الظنون 2:1739.

ص: 201

إجَازَةً في كتاب الأوْرَاق

(1)

، قال في حَوَادِث سَنَة ثلاثين وثَلاثِمائة: وقَلَّدَ أحْمَد بن نَصْر البَازْيَار أبا عليّ زمام السَّوَادِ إلى ما كان قلَّدَه إيَّاهُ أحْمَدُ بنُ عليّ الكُوْفيّ من دِيْوَان المَغْرب، يعني أبا إسْحاق الفَرَارِيْطِيّ، قَلَّد أحْمَد بن نَصْر لمَّا اسْتُوْزر.

قَرَأَتُ في كتاب لَوَامع الأُمُور، تأليفُ أبي إسْحاق السَّقَطِيّ

(2)

: ذكَرَ في حَوَادِث سَنَة إحْدَى وخُمْسِين وثَلاثِمائة في ذِكْر مَنْ ماتَ فيها: وأبو عليّ أحْمَدُ بن نَصْر البَازْيَار ابن أُخْتِ أبي القَاسِم بن الحَوَارِيّ، وحُمِلَ تَابُوتهُ إلى بَغْدَاد.

وقَرأتُ بخَطِّ ثَابِت بن سِنَان في جُزْءٍ جَمعَ فيه الوَفَآات مُجرَّدًا عن غيره أنَّ أبا عليّ أحْمَد بن نَصْر بن البَازْيَار ماتَ بالشَّام، يعني في سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وثَلاثِمائة.

‌أحمدُ بن نَصْر بن شَاكِر بن عَمَّار، أبو الحَسَن بن أبي رَجَاء المُقْرِئ المُؤدِّب

(3)

سَمعَ بالثُّغُور والعَوَاصم المُسَيَّب بن وَاضِح، وإبْراهيم بن سَعيد الجوهَرِيّ، ورَوَى عنهُما، وعن مُؤَمَّل بن إِهَاب، وأيُّوْب بن مُحَمَّد الوَزَّان، وعَبد الوَهَّاب بن الضّحَّاك العُرْضِيّ، ويَعْقُوب الدّوْرَقيّ، وهِشَام بن عَمَّار، ومَحْمُود بن خِدَاش، وإبْراهيم بن هِشَام بن يَحْيَى، والوَلِيد بن عُتْبَة، ويُوسُف بن مُوسَى القَطَّان، وإسْحَاق

(1)

أخبار الراضي بالله والمتقي لله من كتاب الأوراق 230، وتحرف لقبه فيه: البازيان.

(2)

تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الثاني.

(3)

توفي سنة 393 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 49 - 50، المزي: تهذيب الكمال 1: 503 - 505، غاية النهاية لابن الجزري 1: 144، تهذيب التهذيب 1: 86 - 87، تقريب التهذيب 1: 27، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 105 - 106.

ص: 202

ابن سَعيد بن الأرْكُوْن، وهِشَام بن خَالِد، ودُحَيْم، وأحمد بن مُحَمَّد بن عُمَر اليَمَامِيّ، وعُمْرو بن الغَازِ (a)، والحَسَن بن أحْمَد بن أبي شُعَيْب، ومُحَمَّد بن الخَليل الخشُنِيّ، ويَحْيَى بن عُثْمان بن سعيد، وأحمد بن مَنِيع، والفَتْح بن سَلَوْمَة الحُمْرَانِيّ، وعَبد الوَهَّاب بن الحَكَم الوَرَّاق، ومُحَمَّد بن مَسْعَدة البَيْرُوتِيّ، ومُحَمَّد بن يَزِيد الأَدَمِيّ، وأبي سَالَم العَلَاء بن مَسْلَمَة بن عُثْمان، وأبي هِشَام الرِّفاعِيِّ، وسعيد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وصفْوَان بن صالح، ومُحَمَّد بن سهل بن عَسْكَر، وإسْحَاق بن إبْراهيم بن أبي إِسْرَائِيل.

رَوَى عنهُ أبو طَاهِر مُحَمَّد بن سُلَيمان بن ذَكْوَان، وأبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، وأبَوَا بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن فُطَيْس، ويَحْيَى بن عَبْد الله بن الحارِث، وخَيْثَمَة بن سُلَيمان، وأبو المَيْمُون بن رَاشِد، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن الوَلِيد بن أبي هِشَام، وأبو القَاسِم بن أبي العَقَب، وأبو الحَسَن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، وأبو أحْمَد بن مُحَمَّد بن النّاصِح، وأبو عليّ بن شُعَيْب، وأبو الحَسَن بن شَنَبُوذ، والحَسَن بن حَبِيْب، وأبو القَاسِم عَبْد الله بن عَبْدَان الغَنَويّ، وعبد الله بن عبد الصَّمَد بن المُهْتَدي، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مَرْوَان.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل القَاضِي بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع الغَسَّانِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن نَصْر بن أبي رَجَاءٍ المُقْرِئ، قالْ حَدَّثَنَا المُسَيَّب بن وَاضِح، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن أسْبَاط، عن سُفْيان، عن سَلَمَة بن كُهَيْل، عن أبي

(a) الأصل: الغار، وانظر تاريخ ابن عساكر 6: 49، وتهذيب الكمال 1:504.

_________

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 114 - 115.

ص: 203

عُبَيْدَة، عن عَبْدِ الله، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: مَنْ بَنَى فَوْقَ ما يَكْفيْه كُلِّفَ يَوْم القِيامَة يحملهُ (a) على عاتقه (b).

أنْبَأنَا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أحْمَدُ بن نَصْر بن شَاكِر بن عَمَّار، وهو أحْمَدُ بنُ أبي رَجَاء، أبو الحَسَن المُقْرئ المُؤدِّبُ، قرأ القُرآْن على الحُسَين بن عليّ العِجْلِيّ، عن يَحْيَى بن آدَم، عن أبي بَكْر بن عَيَّاش، عن عَاصِم، وعن الوَلِيد بن عُتبَة الأشْجَعِيِّ، وقرأ الوَلِيد على أَيُّوب بن تَمِيْم، وقرأ أَيُّوبُ على يَحْيَى بن الحارِث، وقرأ يَحْيَى على ابن عَامرٍ، وقَرأ عليهِ بحَرْف عَاصِم أبو القَاسِم بن أبي العَقَب، وبحَرْف ابن عَامِر أبو الحَسَن مُحمَّد بن أحْمَد (c) بن شَنَبُوذ، وأبو القاسِم عَبْد الله بن عَبْدَان الدَّاوُدِيّ المَعْرُوف بالغَنَويّ. ورَوَى عن الوَلِيد بن عُتْبَة، وعَبد الوَهَّاب بن الضَّحَّاك، ويُوسُف بن مُوسَى القَطَّان، وأحمد بن مُحَمَّد بن عُمَر اليَمَاميِّ، وهِشَام بن عَمَّار، وإبْراهِيم بن هِشَام بن يَحْيَى، وإسْحَاق بن سَعيد بن الأرْكُون وعَمْرو بن الغَازِ، ودُحَيم، والحَسَن بن أحْمَد بن أبي شُعَيْب، والفَتْح بن سَلُوْمَة الحُمْرَانِيّ، وأبي سَالَم العَلَاء بن مَسْلَمَة بن عُثْمان بن مُحَمَّد بن إسْحاق، وهِشَام بن خَالِد، وعَبد الوَهَّاب بن الحَكَم الوَرَّاق، وأيُّوْب بن مُحَمَّد الوَزَّان (d)، وأبى هِشَامٍ الرِّفاعِيّ، والمُسَيَّب بن وَاضِح، ومؤَمَّل بن إِهَاب، وإبْراهِم بن سَعيد الجَوْهَرِيّ، ومُحَمَّد بن الخلِيل الخشُنِيّ

(a) كذا في الأصحل ومثله في معجم شيوخ الصيدواي، وفي مصادر تخريج الحديث: أن يحمله.

(b) في معجم الصيدواي ومصادر تخريج الحديث؛ كلهم: على عنقه.

(c) في الأصل: أحمد بن محمد، ومثله في تاريخ ابن عساكر، وهو خطأ يتكرر في بعض المواضع فيما بعد. انظر ترجمته ومصادرها في: سير أعلام النبلاء 15: 366، ومعرفة القراء الكبار 1: 376 - 379.

(d) تاريخ ابن عساكر: الوراق، وتقدم في طالع الترجمة على الوجه المثبت.

_________

(1)

أخرجه من حديث ابن مسعود الطبراني في الكبير. 10: 187 (رقم 10387)، والهيثمي: لمجمع الزوائد ومنبع الفوائد 4: 70، والمتقي الهندي: كنز العمال 15: 406 (رقم 41486).

(2)

تاريخ ابن عساكر 6: 49.

ص: 204

البِلَاطِيّ، ومُحَمَّد بن يَزِيد الأدَميِّ، وسَعيد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، ومُحَمَّد بن سَهْل بن عَسْكَر، وصَفْوَان بن صالح، ومُحَمَّد بن مَسْعَدَةَ البَرُوتِيّ، ويَحْيَى بن عُثْمان بن سَعيد، ويَعْقُوب الدَّوْرَقيّ، ومحمود بن خِدَاشٍ.

رَوَى عنهُ أبو المَيْمُون بن رَاشِد، وأبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَعيد بن فُطَيْس الوَرَّاقُ، وأبو بَكْر يَحْيَى بن عَبْد اللهِ بن الحارِث، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مَرْوَان، وأبو القَاسِم بن أبي العَقَب، وأبو عليّ بن شُعَيْب، وأبو الحَسَن بن جَوْصَا، وأبو طَاهِر مُحَمَّد بن سُلَيمان بن ذَكْوَان، وإبْراهِيم بن مُحَمَّد بن صاع بن سِنَان، والحَسَن بن حَبِيْب، وأبو أحْمَد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن النَّاصِح المُفَسِّر، وخَيْثَمَة بن سُلَيمان، وأبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيُّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن الوَلِيد بن أبي هِشَامٍ، وعُبَيْد الله بن عبد الصَّمَد بن المُهْتَدي بالله.

قال

(1)

: وذَكَرَ ابنُ النَّاصِح المُفَسِّر أنَّ أحْمَد بن أبي رَجَاءٍ ماتَ في المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين ومَائتَيْن.

‌أحمدُ بن نَصر بن طَالِب، أبو طَالِب الحافِظُ البَغْدَاديُّ

(2)

سَمعَ بحَلَب جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مُوسَى الأعْرَج الحافِظ، وبأنْطَاكِيَة أبا عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله بن خُرَّزَاد الأنْطَاكِيّ، ورَوَى عنهُما، وعن عليّ بن إبْراهيم بن عَبْد المجيْدِ الوَاسِطِيّ، وعُمَر بن ثَوْر، وهِلَال بن العَلَاء، وأبي الوَلِيدِ عَبْد الَمِك بن

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 50.

(2)

توفي سنة 333 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 6: 409 - 410، تاريخ ابن عساكر 6: 51 - 53، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 473، تذكرة الحفاظ 3: 832 - 833، العبر في خبر من غبر 3: 19، سير أعلام النبلاء 15: 68، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 137، الوافي بالوفيات 8: 212، المقريزي: المقنى الكبير 1: 727، شذرات الذهب 4: 122، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 106. وترجم له ابن العديم في الكنى (الجزء العاشر)، وأحال على ترجمته هذه.

ص: 205

يَحْيَى بنِ عَبْدِ الله بن بُكَيْر المَخْزُوميّ البَصْرِيّ، والعبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، وإبْراهيم بن مُحَمَّد بن بَرَّة، وإسْحَاق بن إبْراهيم الدَّبَرِيّ الصَّنْعانيِّيْن، وإِسْمَاعِيْلِ بن عَبْد الله بن مَيْمُون العِجْلِيّ، وأحمد بن أصْرَم المُغَفَّلِيّ، وأحمد بن المُعَلَّى بن يزيد الأسَدِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهم بن عِيسَى بن أبي حَبِيْب، وعُثْمان بن مُحَمَّد بن بَلْج (a) البَصْرِيّ، وسُليْمان بن عبْد الحَمد البَهْرَانِيّ، وجَعْفَر بن مُحَمَّد القَلَانِسِيّ، وسُليْمان بن أيّوب بن حَذْلَم، وحُوَيْت بن أحْمَد بن أبي حَكِيم، وأبي زُرْعَة النَّصْرِيّ، ويَزِيْد بن مُحَمَّد بن عبدِ الصَّمَد، ويَحْيَى بن عُثْمان بن صالح.

ورَوَى عنهُ الحُفَّاظ أبو الحُسَين بن المُظَفَّر، وأبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو الفَتْح الأزْدِيّ المَوْصِلِيّ، وأبو حَفْص بن شَاهِين، وأبو أحْمَد بن عَدِيّ، وأبَوَا بَكْرٍ: ابنُ المُقْرِئ، وابنُ شَاذَان، وأبو طَاهِر المُخلِّص، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْدِ الله ابن أخي مِيْمِي، وأبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، وأبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن زيْدان البَجَليّ، وعبدُ الله بن مُوسَى الهاشِميّ.

أخْبَرَنا الشَّيْخُ العَلَّامَةُ تَاجُ الدِّين أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن عليّ بن أحْمَد المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْدِ الله بن النَّقُّور، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن الحُسَين ابن أخي مِيْمِي، قال: حَدَّثَنَا أبو طَالب أحْمَدُ بن نَصْر بِن طَالِب، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن إبْراهيم بن عَبْدِ المَجِيْد، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن عُمَر بن أبي سَلَمَة، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن أَبيهِ

(1)

، أنَّ: رسُول الله صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ إلى طَعَامٍ فقال: تَعال؛ كُلْ ممَّا يليْكَ، وكُلْ بيَميْنكَ، واذْكر اسْمَ الله عز وجل.

(a) ضبطه ابن العديم بفتح اللام، وصوابه السكون كما في تاريخ بغداد ولسان العرب وتاج العروس، مادة: بلج.

_________

(1)

عمل اليوم والليلة للنسائي 101 (رقم 276)، صحيح ابن حبان 13: 11 - 13 (رقم 5212)، وانظر: السند الجامع 14: 81 رقم 10686.

ص: 206

أخْبَرَنا أبو الحجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم بن الإخْوَة وصَاحِبتهُ عَيْنُ الشَّمْس بنتُ أبي سَعِيد (a)، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج بن أبي الرَّجَاء، - قالت: إجَازَةً - قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر الثَّقَفِيّ وأبو الفَتْح بن الحُسَين، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أَبو طَالِب الحافِظ أحْمَدُ بن نَصْر بن طَالِب، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن أبي عُثْمان الطَّيَالِسِيِّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن مُحَمَّد الفَرْوِيِّ، عن مالك، عن الزُّهْرِيّ، عن أنَس بن مالِك

(2)

، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الدُّبَّاء والمُزَفَّت.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر بن القُشَيْريِّ كتابةً، عن مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلمِيّ، قال: سَألتُه - يعني الدَّارَقُطْنِيّ - عن ابن طَالِب الحافِظ، فقال: حافِظٌ مُتْقِنٌ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُريق، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ البَغْدَاديّ

(3)

، قال: سَمِعْتُ البَرْقَانِيّ يقول: كان الدَّارَقُطْنِيّ يقول: أبو طَالِب أحْمَد بن نَصْر الحافِظ أُسَتاذِى.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بنُ عليّ الغَسَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليِّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(4)

، قال: أحْمَدُ بن نَصْر بن طالب، أبو طَالِب الحافِظُ، سَمِعَ العبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، وإسْمَاعِيْل بن عَبْدِ الله بن مَيْمُون العِجليّ، وعُثْمان بن مُحَمَّد بن بَلْج البَصْرِيّ،

(a) الأصل: سعد، خطأ.

_________

(1)

معجم ابن المقرئ 163.

(2)

سنن البيهقي الكبرى 8: 308 - 309، كنز العمال 5: 524 رقم 13810، وزيد فيهما بعده:"أن يُنبذ فيهما".

(3)

تاريخ بغداد 6: 410.

(4)

تاريخ بغداد 6: 409.

ص: 207

وأحمد بن أصْرَم المُغَفَّليِّ، وسُليْمانَ بن عَبْد الحَميْد البهرَانِيّ، ويَحْيَى بن عُثْمان بن صالح المِصْرِيّ، وإبْراهيم بن مُحَمَّدُ بن بَرَّة الصَّنْعانِيّ، وإسْحَاق بن إبْراهيم الدَّبَرِيّ.

رَوَى عنهُ أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه الخَزَّاز، وعبدُ الله بن مُوسَى الهاشِميّ، ومُحَمَّد بن المُظَفَّر، والدَّارَقُطْنِيّ، وابن شَاهِين، وكانَ ثِقَةً ثَبْتًا.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسن سُليْمان بن الفَضْلِ بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ اللَّه الحافِظُ

(1)

، قال: أحْمَدُ بن نَصْر بن طَالِب، أبو طَالِب البَغْدَاديّ الحافِظُ، سَمعَ بدِمَشْقَ أبا زُرْعَة النَّصْرِيّ (a)، وسُليْمان بن أَيُّوب بن حَذْلَم، وَيَزِيْد بن مُحَمَّد بن عبدِ الصَّمَد، وحُوَيْت (b) بن أحْمَد بن أبي حَكِيم، وجَعْفَر بن مُحَمَّد القَلَانِسِيّ، وأحمد بن المُعَلَّى بن يَزِيد الأسَدِيّ، وبحِمْصَ سُليْمان بن عَبْد الحَميْد البَهْرَانِيّ، وبأنْطَاكِيَةَ عُثْمان بن خُرَّزَاد، وبمِصْر يَحْيَى بن عُثْمان بن صالح، وأحمد بن أصْرَم المُغَفَّلِيّ، وبالعِرَاق العبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، وإسْمَاعِيْل بن عَبْدِ الله بن مَيْمُون العِجْلِيّ، وعُثْمان بن مُحَمَّد بن بلج البَصْرِيّ، وباليَمَن أبا زَيْد مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم بن عِيسَى بن أبي حَبِيْب، وإسْحَاق بن إبْراهيم الدَّبرِيّ، وإبْراهيم بن مُحَمَّد بن بَرَّة الصَّنْعانَّيِيْن.

رَوَى عنهُ أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، وأبو الحُسَين بن المُظَفَّر، وأبو حَفْص بن شَاهِين، وعبدُ الله بن مُوسَى بن إسْحاق الهاشِميّ، وأبو بَكْر بن شَاذَان، وأبو الفَتْح مُحَمَّد بن الحُسَين بن أحْمَد الأزْدِيّ المَوْصِلِيِّ الحافِظ، وأبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن زَيْدان البَجَليّ الكُوْفيّ، وهو أكْبَر منهُ، وأبو طَاهِر المُخَلِّصُ (c) ؛ وهو آخر مَنْ حَدَّثَ عنهُ.

(a) في الأصل: البصري، وهو الدمشقي صاحب التاريخ، نسبته إلى نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، انظر دراسة سيرته في مقدمة تاريخه 1: 11 وما بعدها.

(b) تاريخ ابن عساكر: حريث.

(c) تاريخ ابن عساكر: المخلصيّ.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 51.

ص: 208

أنْبَأنَا أبو القَاسِم القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: قال لنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرني الأزْهَريّ، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر بنُ شَاذَان، قال: سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وثَلاثِمائة فيها تُوفِّي أبو طَالِب الحافِظ.

قال الخَطِيبُ: وحَدَّثَني عُبَيْد الله بن أبي الفَتْح، عن طَلْحَة بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، ح.

قال: وأخْبَرَنا السِّمْسَار، قال: أخْبَرَنا الصَّفَّار، قال: حَدَّثَنَا ابنُ قَانِع: أنَّ أبا طَالِب أحْمَد بن نَصْر الحافِظ ماتَ في شَهْر رَمَضَان من سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وثَلاثِمائة.

قال: وأخْبَرَنا أحْمَدُ بن أبي جَعْفَر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّاهِد، قال: تُوفِّي أبو طَالِب أحْمَد بن نَصْر الحافِظُ في شَوَّال سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وثَلاثِمائة.

‌أحمدُ بن نَصْر بن أبي القَاسِم بن الحَسَن القُمَيْرَة الأَزَجِيّ البَغْدَاديّ التَّاجر

(2)

أبو العبَّاس بن أبي السُّعُود، أخو شَيْخنا المُؤْتَمَن، قَدِمَ حلَبَ تاجرًا، أخْبَرَني بعضُ أهْل الحَدِيْث عنهُ بذلكَ.

حَدَّثَ عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن هِبَةِ الله بن النَّرْسِيّ، وسُئل عن مَوْلدِه، فقال: في ثالث ذي القَعْدَة سَنَة ثمانٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة ببَاب الأَزَج، وتُوفِّيَ ببَغْدَاد في أوَائِل سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وستِّمائة.

(1)

تاريخ بغداد 6: 410

(2)

توفي سنة 649 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 357، سير أعلام النبلاء 23: 386، تاريخ الإسلام 14: 614 - 615، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 271.

ص: 209

‌أحمدُ بن نَصْر، أبو العبَّاس الأنْطَاكِيُّ

حَدَّثَ بأنْطاكِيَة عن سُلَيم بن مَنْصُور بن عَمَّار. رَوَى عنهُ جَعْفَرُ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن هِشَام المَعْرُوف بابنِ بنْت عَدَبَّس، وأحمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر البزَّارُ (a).

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد بن مُحَمَّد الكَتَّانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم تَمَّام بن مُحَمَّد بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله جَعْفَرُ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن هِشَام الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس أحْمَد بن نَصْر بأنْطَاكِيَةَ، قال: حَدَّثَنَا سُلَيم بن مَنْصُور بن عَمَّار، قال: حَدَّثنا أبي، قال: حَدَّثَني ابن لَهِيْعَةَ، عن يَزِيد بن أبي حَبيْب، عن أبي الخَيْر مَرْثَد بن عَبْدِ الله اليَزَنيّ (b)، عن حُذَيْفَة بن اليَمَان، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: يكونُ لأصْحَابي من بَعْدي زلَّةٌ، يَغْفرها الله عز وجل بسَابِقَتهم معي، يَعْمل بها قَوْمٌ من بَعْدِهم يَكبُّهم الله عز وجل في النَّار على مَنَاخرهم.

‌أحمدُ بن نَصْر النَيسَابُوريُّ

(2)

سَمعَ بأنْطَاكِيَة عَبْد الله بن السَّرِيّ الأنْطَاكِيُّ (c).

(a) في تاريخ ابن عساكر 60: 335: البزاز.

(b) الأصل مجودًا: البِرتي، وصوابه المثبت نسبة إلى يزن بطن من حمير، انظر: توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1: 416.

(c) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.

_________

(1)

ابن حجر العسقلاني: المطالب العالية 4: 147 (رقم 4199)، وفيه:"يعمل بها قوم من بعدي".

(2)

لعله الذي ترجم له ابن أبي حاتم وذكر من شيوخه النضر بن شميل ومؤمل بن إسماعيل. انظر الجرح والتعديل 3: 79.

ص: 210

‌أحمد بن نَصْر، أبو العَشَائِر (a)

ولَّاهُ المُكْتَفِي ثَغْرَ طَرَسُوس وما يليه من الثُّغُور الشَّامِيَّةِ في سَنة تسعين ومَائتَيْن.

وذكَرَ أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جَرِير الطَّبَريّ في حَوَادِثِ سَنَة تسعين ومَائتَيْن، قال

(1)

: ولإحْدَى عَشرة بَقِيَتْ من شَهر رَبيع الآخر خُلِعَ على أبي العَشَائِر أحْمَد بن نَصْر، وولِّيَ طَرَسُوس، وعُزِلَ عنها مُظَفَّر بن جَاخ

(2)

لشِكَايةِ أهْل الثُّغُور إيَّاه.

قال

(3)

: ولعَشْرٍ خَلَوْنَ من جُمَادَى الآخرة، شَخَصَ أبو العَشَائِر إلى عَملِهِ بطَرَسُوس، وخَرَجَ معه جَمَاعَةٌ من المُطَّوِّعَة للغَزْو، ومعه هَدَايا من المُكْتَفِي إلى مَلِك الرُّوم.

قال

(4)

: وفي المُحَرَّم منها - يعني سَنَة اثْنَتَيْن وتِسْعِين ومَائتَيْن - أغارَ أنْدُرُونْقُس الرُّوميّ على مَرْعَش ونَوَاحيها، فنَفَرَ أهل المِصِّيْصَة وأهل طَرَسُوس، فأُصِيْب أبو الرِّجال بن أبي بَكَّار مع (b) جَمَاعَة من المُسْلمِيْن.

(a) ترك ابن العديم بعده بياضًا قدر كلمة لاستكمال اللقب، ولم يتهيَّأ له تحصيله، وكان أحمد بن نصر حيًا حتى سنة 392 هـ، وهي السنة التي عُزل فيها عن الثغور، ولم نقف على ذكر له بعد هذا التاريخ، وبعض أخباره في ولاية طرسوس والعزل عنها في تاريخ الطبري 10: 97 - 98، 130، 131 - 132، ابن الأثير: الكامل 7: 528، 537، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 67 - 68، ابن خلدون: العبر 6: 185.

(b) تاريخ الطبري: في.

_________

(1)

تاريخ الطبري 10: 97، وانظر: ابن الأثير: الكامل 7: 528، ابن خلدون: العبر 6: 185.

(2)

ينفرد ابن العديم بكتابة الاسم على هذا الوجه، وهو عند الطبري ومَن نقل عنه فيما بعد كابن الأثير والناقل عنه ابن خلدون: حاجّ، بجيم عوض الخاء، وعند ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 67 - 68: مظفر بن حاج وهو الحاج بن الأعرابي، وقد أبقينا على التسمية كا وردت عند ابن العديم.

(3)

تاريخ الطبري 10: 98.

(4)

تاريخ الطبري 10: 118.

ص: 211

قال

(1)

: وفيها كان الفِدَاءُ بن المُسْلمِيْن والرُّوم، وكان عَهْدُ الفِدَاءَ والهُدْنَة من أبي العَشَائِر والقَاضِي ابن مُكْرَم، فلمَّا كان من أمْر أنْدُرُونْقُس ما كان من غارته على أهل مَرْعَش وقَتْله أبا الرِّجالِ وغيره، عُزِلَ أبو العَشَائِر، ووُلِّيَ رُسْتُم، فكان الفِدَاءُ على يَدِيهِ.

‌أحمد بن النَّضْر بن بَحْر السُّكَّرِيّ، أبو جَعْفَر العَسْكَريُّ

(2)

من عَسْكَر مُكْرَم، دَخَلَ الشَّام (a) والعَوَاصِم والثُّغُور، وسَمِعَ بحَلَب أبا مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُبيد الله بن أحْمَد ابن أخي الإمام الحَلَبِيَّ الأسَدِيَّ، وبمَنْبج مُحَمَّد بن سَلَّام المَنْبِجِيّ، وبالمِصِّيْصَة أبا خَيْثَمَة مُصْعَب بن سَعيد المِصِّيْصيّ، وأحمد بن النُّعْمان الفَرَّاء المِصِّيْصيّ، ومُحَمَّد بن آدَم المِصِّيْصيّ، وأبا جَعْفَر المَغَازِليّ المِصِّيْصيّ، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن سَلَّام الطَّرَسُوسِيّ، وبطَرَسُوس حَمْزَة بن سَعيد المَرْوَزيّ، وأبا مُوسَى بن يُونُس الطَّرَسُوسِيّ، وبأنْطَاكِيَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن سَهْمِ الأنْطَاكِيّ. وحَدَّثَ عنهُم وعن سَعيد بن حَفْص النُّفَيْلِيِّ، وهِشَام بن عَمَّار، ويَحْيَى بن رَجَاء بن أبي عُبَيْدَة الحَرَّانيّ الحِصْنِيّ، والعبَّاس بن الوَلِيد بن صُبْح الخَلَّال، ومُحَمَّد بن مُصَفَّى الحْمِصِيّ، وحَامِد بن يَحْيَى البَلْخِيّ.

(a) وضع المؤلف هنا إشارة مخرج إلى ناحية اليمين ولا يتصل بنصّ.

_________

(1)

تاريخ الطبري 10: 120، وانظر خبر عزل أبي العشائر وتولية رستم بن بردوا الفرغاني عند: ابن الأثير: الكامل 7: 537، وخبر الفداء المذكور - ويسمى فداء الغدر، لغدر الروم بالمسلمين - عند: المسعودي: مروج الذهب 5: 181، التنبيه 192، العظيمي: تاريخ صلب 275، ابن الأثير: الكامل 7: 537.

(2)

توفي سنة 390 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 6: 413 - 415، تاريخ ابن عساكر 6: 56 - 57، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 696، طبقات القراء 1: 300، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 146، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 107.

ص: 212

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ، وعبدُ الله بن إسْحاق المَدَائِنِي، وأبو مُحَمَّد يَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِد، وعَبْد البَاقِي بن قَانِع القَاضِي، وإسْمَاعِيْل بن عليّ الخُطَبِيّ، ومُحَمَّد عليّ بن سَهْل الإمام، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَمْرو بن مُوسَى العُقَيْلِيّ، وأبو عليّ الحَسَن بن هِشَام بن عَمْرو البَلَدِيُّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن الحُسَين بن هِلَالَة الأندَلُسِيّ، قال: أخْبَرَنا أَسْعَد بن أبي سَعيد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد الله بن أحْمَد الجُوزْدَانيَّة، قالت (a): أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن رِيْذَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد بن أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن النَّضْر بن بَحْر العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو خَيْثَمَة مُصْعَب بن سَعيد المِصّيْصيّ، قال: حَدَّثَنَا عِيسَى (b) بن يُونسُ، عن عَوْف الأعْرَابِيّ، عن ثُمَامَة بن عَبْدِ اللّه بن أنس، عن أنسٍ، قال

(1)

: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على حَيٍّ من بَني النَّجَّار فإذا جَوار يَضْربن بالدُّف ويَقُلْنَ: [من الرجز]

نحنُ فتيَات (c) من بني النَّجَّارِ

فحبَّذَا مُحَمَّدٌ من جَارِ

فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اللهُ يَعْلَم أنَّ قَلْبي يُحبّكم.

قال الطَّبَرَانِيّ

(2)

: لم يَرْوه عن عَوْف إلَّا عِيسَى بن يُونُس، تفرَّدَ بهِ مُصْعَب بن سَعِيْد.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: قال لنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(3)

: أحْمَدُ بن النَّضْر

(a) الأصل: قال.

(b) عند الطبراني: المعجم الصغير 63: سعيد.

(c) الطبراني: قينات.

_________

(1)

الطبراني: المعجم الصغير 63 (رقم 72).

(2)

المعجم الصغير 63، وفيه: لم يروه عن عوف إلا سعيد تفرد به مصعب بن سعيد.

(3)

تاريخ بغداد 6: 413 - 414.

ص: 213

ابن بَحْر، أبو جَعْفَر السُّكَّرِيّ (a)، من أهل عَسْكَر مُكْرَم، قَدِمَ بَغْدَاد، وحَدَّثَ بها عن سَعيد بن حَفْصٍ النُّفَيْلِيّ، ومُصْعَب بن سَعيد المِصِّيْصيّ، ويَحْيَى بن رَجَاء بن أبي عُبَيْدَة الحَرَّانيّ، وعَبْد الرَّحمن بن عُبَيْدِ الله الحَلَبِيّ، وحَامِد بن يَحْيَى البِلْخِيّ، ومُحَمَّد بن مُصَفَّى الحِمْصِيّ.

رَوَى عنهُ عَبْد الله بن إسْحاق المَدَائِنِيُّ، وإسْمَاعِيْل بن عليّ الخُطَبِيّ، وعَبْد البَاقِي بن قَانِع القَاضِي، ومُحَمَّد بن عليِّ بن سَهْل الإمام.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لَنا فيه، وقد سَمِعْتُ منه بالبَيْت المُقَدَّس وبدِمشْقَ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله

(1)

، قال: أحْمَد بن النَّضْر بن بَحْرٍ، أبو جَعْفَر العَسْكَريّ السُّكَّرِيّ، قَرأ القُرْآن بدِمَشْق عن هِشَام بن عَمَّار بحَرْف ابن عامر، قَرأ عليه أبو بَكْر النَّقَّاش.

وحدَّثَ ببَغْدَاد عن هِشَام بن عَمَّار، والعبَّاس بن الوَلِيد بن صُبْح الخَلَّال، ومُحَمَّد بن سَلَّام المَنْبِجِيّ، وسَعيد بن حَفْص النُّفَيْلِيّ، ومُصْعَب بن سَعيد المِصِّيْصيّ، ويَحْيَى بن رَجَاء بن أبي عُبَيْدَة الحَرَّانيّ الحِصْنِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن عُبَيْد الله الحَلَبِيّ، ومُحَمَّد بن مُصَفَّى الحِمْصِيّ، وحَامِد بن يَحْيَى البَلْخِيّ.

رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد بن صَاعِد، وعبدُ الله بن إسْحاق المَدَائِنِيّ، وإسْمَاعِيْل بن عليِّ الخُطَبِيّ، وسُليْمان بن أحْمَد الطَّبَرَانِيّ، وعَبْد البَاقِي بن قَانِع، ومُحَمَّد بن عِليّ بن سَهْل الإمام، وأبو عليّ الحسَن بن هِشَام (b) بن عَمْرو البَلَدِيُّ، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَمْرو بن مُوسَى العُقَيْلِيّ.

(a) تاريخ بغداد: العسكري، وكلاهما لقب له، ولعل ما في نشرة الخطيب هو الأوجه لاتِّصاله بما بعده.

(b) تاريخ ابن عساكر: هاشم، وتقدم في طالع الترجمة على الوجه المثبت.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 56.

ص: 214

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا السِّمْسَار، قال: أخْبَرَنا الصَّفَّار، قال: حَدَّثنا ابنُ قَانِع أنَّ أحْمَد بن النَّضْر بن بَحْر مات في سَنَة تسْعين ومَائتَيْن.

قال

(2)

: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: قُرئ على ابن المُنَادِيّ وأنا أسْمَعُ، قال: وجاءَنا الخَبَرُ بمَوتِ أبي جَعْفَر أحْمَد بن النَّضْر العَسْكَريّ، عَسْكَر مُكْرَم، خَرَجَ من عندنا إلى الرَّقَّة فماتَ بها ليَوْمَيْن خَلَوَا من ذِي الحِجَّة سَنَة تسعين. كان من ثِقَات النَّاس، وأكْثَرهم كِتَابًا. وقيل لنا - ولم نَسْمعَ هذا منه - أنَّ جَدَّه لأُمِّه سَهْل بن مُحَمَّد بن الزُّبَيْر العَسْكَريّ.

‌أحْمَدُ بن النُّعْمان الفَرَّاء، أبو جَعْفَر المِصِّيْصيُّ

حَدَّثَ عن زُهَيْر بن مُعاوِيَة، يُعْرَفُ بالأبَجِّ، وعَنْبَسَة بن عَبْد الوَاحِد، وأبي خَالِد الأحْمَر، وأسْبَاط بن مُحَمَّد، ويَحْيَى بن يَعْلَى الأَسْلَميّ، وعبد الله بن خِرَاش.

رَوَى عنهُ يوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم، ومُحَمَّد بن حَمَّاد بن المُبارَك، ومُحَمَّد بن إِدْرِيس بن مُطَيَّب المِصِّيْصيُّون، ومُوسَى بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، والحُسَين بن إسْحاق التُّسْتَرِيّ، وأبو جَعْفَر أَحمَد بن النَّضْر العَسْكَريّ.

أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو حَامِد مُحَمَّدُ بن عَبْد الله بن زُهْرَة الحُسَيْنيّ الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي أبو المَكَارِم حَمْزَة بن عليّ بن زُهْرَة الحُسَيْنيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بنُ عَبْد الله بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْد الله بن إِسْمَاعِيْل بن الجِلِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا مُوسى بن مُحَمَّد

(1)

تاريخ بغداد 6: 415.

(2)

المصدر نفسه والصفحة عينها.

ص: 215

الأنْصَاريِّ، قال: حَدَّثنا أحْمَد بن النُّعْمان، عن أسْبَاط بن مُحَمَّد، عن طُعْمَة بن غَيْلان، يَرْفعُه إلى أنَس، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: أوَّلُ هذه الأُمَّلى ورُوْدًا عليَّ الحَوْض أوَّلُها إسْلَامًا عليّ بن أبي طَالِب.

‌أحمدُ بن نَهِيْك الكَاتِب

(2)

كاتِبُ عَبْدِ الله بن طَاهِر بن الحُسَين، قَدِمَ معَهُ حَلَب سَنَة ثَمانٍ ومَائتَيْن حين قَدِمَ الشَّامَ، وهَدَمَ بِيْعَة مَعَرَّة النُّعْمَان وغير ذلك من حُصُون الشَّامِ

(3)

. وكان خصِيْصًا بهِ، وعَبْد الله مُحْسِنًا إليهِ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، ح.

وأنْبَانَا زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز - قال ابنُ قُبَيْس: حدَّثَنا، وقال القَزَّار أخْبَرَنا - أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(4)

،

(1)

لم أقف عليه من حديث أنس، وهو مشهور من حديث سليمان، انظر: العلل المتناهية لابن الجوزي 1: 211 (رقم 333).

(2)

كان حيًا سنة 208 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 60، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 108 - 109، وسماه الجاحظ (الرسائل 2: 377 - 378): "نهيك بن أحمد بن نهيك كاتب عبد الله بن طاهر"، وذكره الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 11: 163 - 164) عرضًا في ترجمة الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين، ضمن حكاية أوردها - عنه - ابن العديم تاليًا.

(3)

وقع هدم هذه الحصون ببلاد الشام حتى لا تكون ملجأً للخارجين على الدولة الذين تغلبوا على عدد من الحصون في أعقاب الفتنة بين الأمين والمأمون، وكان من آخرهم نصر بن شبث العقيلي الذي امتدت ثورته نحو ثلاثة عشر عامًا (رجب 196 هـ - ذو القعدة 209 هـ)، وتعاقب على محاربته ثلاثة أمراء، فلما تمكن عبد الله بن طاهر من القضاء على ثورته، هدم حصن كيسوم وحصن الكفر وحناك بمعرة النعمان وهدم سور معرة النعمان. انظر حول تخريب هذه الحصون: تاريخ الطبري 8: 601، (ونسب التخريب لنصر بن شبث)، الأزدي: تاريخ الموصل 366، تاريخ ماريخائيل 3: 17، ياقوت: معجم البلدان 2: 309، ابن الأثير الكامل 6: 390، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 55، النويري: نهاية الأرب 22: 191، الذهبي: العبر في خبر مَن غبر 1: 280، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 19، ابن خلدون: العبر 5: 618، ابن العماد: شذرات الذهب 3: 46.

(4)

تاريخ بغداد 11: 163 - 164.

ص: 216

قال: حَدَّثَني الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن العبَّاس الخَزَّاز، قال: حَدَّثنا أبو الحُسَينِ عُبَيْد الله (a) بن أحْمَد بن أبي طَاهِر، قال: حَدَّثَني أبي أنَّ عَبْد الله بن طَاهِر لمَّا خَرَج إلى المَغْرب، كان معهُ كاتبهُ أحْمَدُ بن نَهِيْك، فلمَّا نزلَ دِمَشْقَ أُهْدِيَتْ إلى أحْمَد بن نَهِيْك هَدَايا كَثِيرةٌ في طَريقه وبِدِمَشْق، وكان يُثْبتُ كُلّ ما يُهْدَى إليهِ في قِرْطاسٍ ويَدْفَعُه إلى خَازِنٍ له، فلمَّا نَزَل عَبْدُ الله بن طَاهِر دمَشْقَ، أمَرَ أحْمَد بن نَهِيْك أنْ يَغْدُو عليه بعَمَلٍ كان أمَرَهُ أنْ يَعْمَلَهُ، فأمرَ خَازِنَهُ أَنْ يُخْرج إليه قِرْطاسًا فيهِ العَمَل الّذي أمَرَ بإخْراجهِ؛ يَضَعُهُ في المِحْرَاب بين يَدَيْهِ لئلا يَنْسَى وقْتَ رُكُوبهِ في السَّحَر، فغَلط الخَازِنُ فأخْرَج إليهِ القِرْطاس الّذي فيهِ ثَبَت ما أُهْدي إليهِ فوَضَعَه في المِحْرَاب، فلمَّا صَلَّى أحْمَدُ بن نَهِيْك الفَجْرَ، أخَذَ القِرْطاسَ من المِحْرَابِ فوَضَعَهُ في خُفِّه، فلمَّا دَخَلَ على عَبْد الله بن طَاهِر سَألهُ عمَّا تقَدَّم إليهِ من إخْراجِه العَمَل الّذي أمَرَهُ بهِ، فأخْرَج الدُّرْجَ من خُفِّهِ فدَفَعَهُ إليه، فقَرأهُ عَبْدُ الله من أوَّلهِ إلى آخره، وتأمَّلَه، ثمّ أدْرجَهُ ودفَعَه إلى أحْمَد بن نَهِيْك، وقال: ليسَ هذا الّذي أردْتُ! فلمَّا نَظَر أحْمَدُ بن نَهِيْك فيه أُسْقِطَ في يَدَيْهِ، فلمَّا انْصَرف إلى مضْرَبهِ وجَّهَ إليهِ عَبْدُ الله بن طَاهِر يُعْلمُه أنَّه قد وقَفَ على ما في القِرْطاسِ فوَجَدَهُ سَبْعينَ ألفَ دِيْنارٍ، وأَعْلَمُ أنَّهُ قد لَزِمتْك مؤونَةٌ عَظِيمَةٌ غَلِيْظَة في خُرُوجك، ومعَك زُوَّارٌ وغيرهم، وأنَّك مُحْتاجٌ إلى بِرِّهم، وليسَ مِقْدَارُ ما صَارَ إليك يفي بمؤونَتِكَ، وقد وجَّهْتُ إليكَ مائةَ ألْف دِرْهَم (b) لتَصْرفها في الوُجُوه الّتي ذَكَرْتُها.

(a) الأصل: عبد الله، والصواب ما أثبت كما في تاريخ الخطيب البغدادي، وهو ابن مؤلف كتاب بغداد الملقب بابن طيفور؛ صنع ذيلًا على تاريخ أبيه، كما يذكر ابن العديم في الجزء العاشر، وانظر: ابن الساعي: الدر الثمين 260. ولم ترد الرواية أعلاه في المتبقي من كتاب والده "ابن طيفور"، وأدرجها المحقق ضمن النصوص الضائعة التي استدركها عليه مما وجده في المصادر، ومن بينهم ابن العديم، (كتاب بغداد لابن طيفور 301) وانظر الرواية عند: ابن عساكر: تاريخ 6: 60، ابن الجوزي: المنتظم 11: 157 - 158.

(b) تاريخ بغداد وتاريخ ابن عساكر وتهذيبه: دينار.

ص: 217

‌حَرْفُ الوَاو في أسْماءِ آباء الأحْمَدِين

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ الوَلِيد

‌أحمدُ بن الوَلِيد بن مُحَمَّد بن بُرْد بن يَزِيد بن سَخْت بن سُمَيْع، أبو الوَلِيد الأنْطَاكِيُّ

(1)

وقيل في جَدِّ أبيهِ بُرْد بن ذى شَجب، وأظنُّه لقَبًا لُقِّبَ بهِ سُمَيْع.

حَدَّثَ عن عَبْد الله بن مَيْمُون القَدَّاح، وأبي عِصَام رَوَّاد بن الجرَاح العَسْقَلانِيّ، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي فُدَيْكٍ، وأبي عَبْدِ الله بِشْر بن بُكَيْر.

رَوَى عنهُ ابنُه أبو الوَلِيد مُحَمَّد، وأحمد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، وإبْراهيم بن مَتُّوْيَهْ، ومُحَمَّد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة، وَأبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْدِ الله بن عَفّان، وأُسامَة بن الحَسَن بن عَبْدِ الله بن سَلْمَان، وأحمد بن يَحْيَى بن جَابِر البَلاذُرِيّ، وأبَوَا بَكْرِ مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن الحَجَّاج الأنْطَاكِيّ، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أَعْيَن، وأبو يعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم بن يُونُس، وأبو بَكْر مُحَمَّد بنَ تَمَّام بن صالح البَهْرَانِيّ، وإبْراهيم بن مُحَمَّد بن الحَسَن الأصْبَهَانِيّ، وجَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه. وكان شَاعِرًا فَقِيهًا.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجَاعٍ عُمَر بن أبي الحَسَن بن نَصْر البِسْطَامِيّ ببَلْخ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عُزَيْز بن عبْد الرَّحْمن المُزَكيّ (a)، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحْمُود بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا

(a) الأصل: المركب، والتصويب من كتاب المنتخب من السياق لتاريخ نيسابور لعبد الغافر الفارسي 403، وتاريخ الإسلام للذهبي 11: 176، وهو عُزيز بن عبد الرحمن بن جامع، أبو القاسم النيسابوري الكاتب المُزكيّ (ت 511 هـ).

_________

(1)

توفي سنة 256 هـ، وترجمته في: الثقات لابن حبان 8: 38، الجرح والتعديل 2: 79، وترجم ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 2: 74) لمحدث اسمه: أحمد بن محمد بن الوليد بن برد الأنطاكي، أبو جعفر، وذكر في مشايخه رواد وابن أبي فديك وبشر بن بكر [كذا]، فلعلهما واحد.

ص: 218

مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة، وأبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله بن عَفَّان، قالا: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الوَلِيد بن بُرْد الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي فُدَيْك، عن شِبْل بن العَطَاء، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عن أبي هُرَيْرَة، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: حَقُّ المُؤْمِن على المُؤْمِن ستٌّ. قيل: ما هي يا رسُولَ اللهِ؟ قال: إذا لقِيْتَهُ فسَلِّم عليه، وإذا دعَاكَ فأجِبْهُ، وإذا اسْتَنْصَحَكَ فانْصَح، وإذا عَطَسَ فَحمِدَ الله فشَمّته، وإذا مَرضَ فَعُدْهُ، وإذا ماتَ فاصْحَبْهُ.

أنْبَأنَا عَبْد الجَلِيْل الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله بن مَنْدَة، قال: أحْمَدُ بن الوَلِيد بن مُحَمَّد بن بُرْد بن سُمَيعْ الأنْطَاكِيّ، حَدَّثَ عن ابن أبي فُدَيْك، وعبد الله بن مَيْمُون القَدَّاح. روَى عنهُ إبْراهيم بن مَتُّوْيَهْ، وابن جَوْصَا.

قَرَأتُ في كتاب مُعْجَم الشُّعَراء للمَرْزبَانيّ

(2)

، وأنْبَأنَا به أبو اليُمْن الكِنْدِيِّ، عن أبي بَكْر بن عَبْد البَاقِي، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ عنه، قال: أحْمَد بن الوَلِيد بن بُرْد الشَّامِيّ الفَقِيه الأنْطَاكِيّ، كان الفَضْلُ بن صالح بن عَبْد المَلِك الهاشِميّ يَهْوى جَارِيَة أخيه عُبَيْد بن صالح، فسَقَى الفَضْلُ أخاهُ سُمًّا فقتَلَهُ، وتزوَجَها، فقال أحْمَد بن الوَلِيد؛ وكان الفَضْل قد ظَلَمهُ في شيءٍ

(3)

: [من الطويل]

لئن كان فَضْلٌ بَزَّني الأرْضَ ظَالِمًا

لقَبْليَ ما أذرى عُبَيْدَ بنَ صالح

سَقاهُ نَشُوعيًّا من السُّمِّ نَاقِعًا

ولم يتَّئِبْ من مُخْزياتِ الفَضَائح

حَوَى عرسَه من بعده وتراثه

وغادره رهنَ الثَّرَى والصَّفائح

قال: وله في رَجُلٍ أنْشَدهُ شِعْرًا رَديئًا: [من البسيط]

(1)

ابن حنبل: المسند 16: 119 (رقم 8254)، الهيثمي: مجمع الزوائد 8: 185، وانظر: المسند الجامع 17: 656 (رقم 14282).

(2)

في الجزء الأول الضائع من معجم الشعراء.

(3)

البيتان الأول والثاني في التذكرة الحمدونية 2: 247.

ص: 219

قد جَاءَني لك شِعْرٌ لم يكن حَسَنًا

ولا صَوَابًا ولا قصْدًا ولا سدَدَا

وَجَدْتُ فيه عُيُوبًا غيرَ واحدَةٍ

ولم أزَلْ لعُيُوبِ الشّعْر مُنْتقِدَا

كأنَّ ذا خِبْرَةٌ بالشِّعْر جَمَّعهُ

ثُمَّ انْتَقَى لكَ منهُ شَرَّ ما وَجَدَا

إنِّي نصَحْتُك فيما قد أتيْتَ بهِ

من الفَضَائِح نُصْحَ الوَالِد الوَلَدَا

فعَدِّ عن ذاكَ وادفِنْهُ كما دَفَنَتْ

هِرٌّ خُرُوءًا ولم تُعْلم بهِ أحَدَا

أنْبَأنَا حَسَن بن أحْمَد بن الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أَبو الحَسَن بن قَشِيْشِ الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْد البَاقِي بن قَانِع، لَال: سَنَة ستٍّ وخَمْسِين ومَائتَيْن، أحْمَدُ بن بُرْد الأنْطَاكِيّ، يعني: مات.

‌أحمدُ بن الوَلِيد، أبو جَعْفَر

سَمِعَ بطَرَسُوس أحْمَد بن أزْدَاد، ورَوَى عنهُ. حَدَّثَ عنهُ أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا القُرَشِيّ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة بن الخَضِر السُّلَمِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو بَكْر

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَنِ عليّ بن مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن الشَّرَابِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَيْن (a) بن صَفْوَان، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن أبي الدُّنْيا القُرَشِيّ [

] (b).

(a) في الأصل: الحسن، وصوابه المثبت وهو الملقب بالبرذعي، ممن أخذ عن أبن أبي الدنيا. انظر تاريخ بغداد 11: 293، العبر للذهبي 2: 59، سير أعلام النبلاء 15: 443، شذرات الذهب 4:219.

(b) موضعه بياض قدر أربعة أسطر، ولم نجد لأحمد بن الوليد ذكر فيمن أخذ عنه ابن أبي الدنيا فنستكمله؛ سواء عند الخطيب البغدادي أو غيره.

_________

(1)

لم أقف على إسناده هذا في تاريخ بغداد، ولا على ذكر لأبي جعفر أحمد بن الوليد في المتبقي من مؤلفات ابن أبي الدنيا.

ص: 220

‌أحمدُ بن وَهْب بن سَلْمَان بن أحْمَد بن عَبْد الله بن أحمد، المعرُوف بابن الزَّنْف، أبو الحُسَين بن الفَقِيه أبي القَاسِم السُّلمِيّ الدِّمَشقيُّ

(1)

حَدَّثَ بحَلَب عن أبي سَعْدٍ عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، والحافِظ أبي الحَسَن عليّ بن سُلَيمان المُرَاديّ، وكان صَحِبَهُ بحَلَب وتَفَقَّهَ عليه وعلى أبي الدُّرّ يَاقُوت بن عَبْد الله مَوْلَى ابن البُخاريِّ، وحَدَّثَ عنهُ بدِمَشْق عن أبي المَعَالِي مُحَمَّد بن يَحْيَى القُرَشِيّ، وأبي القَاسِم نَصْر بن مُقَاتِلِ بن مَطَّكُوْد، وأبي الفَتْح نَاصِر بن مُحَمَّد النَّجَّار، ونَصْر الله بن مُحَمَّد المِصِّيْصيّ، ومُحَمَّد بن يَحْيَى بن عليّ القُرَشِيّ القَاضِي، وحَضَر مَجْلِس يَحْيَى بن بِطْرِيْق.

رَوَى عنهُ القَاضِي أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد بن الطَّرَسُوسِيّ،

والشَّيْخُ أبو يَعْلَى عَبْدُ المُنْعِم بن هِبَةِ الله بن الرَّعْبَانِيّ المَعْرُوف بابنِ أمِيْن الدَّولَة الحَلَبِيَّان.

وحدَّثنا عنهُ أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بنِ عَبْد الله الدِّمَشقيّ، وأبو المَحَامِدِ إسْمَاعِيْل بن حَامِد بن عبد الرَّحْمن القُوصِيّ، وخرَّجَ كُلّ واحدٍ منهما عنهُ حَدِيثًا في مُعْجَم شُيُوخه. وكان أمِيْنًا عَدلًا، شَاعِرًا، فَقِيهًا.

وقال أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل فيما نَقَلْتُهُ من خَطِّه: وسَألْتُه عن مَوْلدِه، فقال: يَوْم الأَحَد تاسع صَفَر سَنَة ثلاثين وخَمْسِمائَة.

وقال عَبْدُ العَظِيْم المُنْذِريّ

(2)

: شاهدتُ بخَطِّه: ومَوْلدي يَوْم الأَحَد عاشِر صَفَر سَنَة ثلاثين.

(1)

توفي سنة 595 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 1: 338 - 339، تاريخ الإسلام 12:1027.

(2)

التكملة لوفيات النقلة 1: 338.

ص: 221

أخْبَرَنا أبو المَحَامِد إسْمَاعِيْلُ بن حَامِد القُوصِيّ، قِراءَةً عليهِ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخ الأَمِين زينُ الأئمَّة أبو الحُسَين أحْمَد ابن الفَقِيه أبي القَاسِم وَهْب بن سَلْمَان بن أحْمَد السُّلَمِيّ المَعْرُوف بابنِ الزَّنْفِ أبو الحُسَين، بقِرَاءَتي عليهِ بمَنْزِله بدِمَشْقَ في ثاني شَوَّال سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنا المَشَايخُ الثَّلاثة: القَاضِي الإمامُ، قاضِي القُضَاةِ مُنْتَجب (a) الدِّين أبو المَعَالِي مُحَمَّد بن يَحْيَى القرَشِيّ، وأبو القَاسِم نَصْرُ بن مُقَاتِل بن مَطَّكُوْد السُّوْسِيّ، وأبو الفَتْح نَاصِر بن مُحَمَّد النَّجَّار، قالوا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن عُثْمان المُعَدَّل، قال (b): أخْبَرَنا أبو إسْحاق بن أبي عَبْدِ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عَبْد الحَميْد، قال: حَدَّثَنَا المُعَافَى، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى، عن إسْمَاعِيْل بن عَيَّاش، قال: حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بن أبي صالح، عن أَبِيهِ، عن عَطَاء بن يَزِيد، عن أبي هُرَيْرَة، قال: سَمِعْت رسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول

(1)

: مَنْ سبَّح دبر كُلّ صَلَاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ، وحَمدَ ثلاثًا وثلاثينَ، وكَبَّر ثلاثًا وثَلاثين، وقال تَمام المائة: لا إله إلَّا اللّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، له المُلْكُ، وله الحَمْدُ، يُحْيي ويمُيْتُ، وهو على كُلِّ شيءٍ قديرٌ، غُفِرَ لهُ ما عَمِل وإنْ كان مثل زَبَد البَحْرِ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي الإمام أبو الحُسَين أحْمَد بن وَهْب بن سَلْمَان

(a) في الأصل بإهمال الجيم، ويرد ذكره فيما بعد على النحو المثبت في ثنايا ترجمة الحسين بن محمد المعروف بابن الحباب (الجزء السادس)، ومثله أيضًا عند اليافعي في مرآة الجنان 3:374. وقيده بالخاء كل من اليونيني: ذيل مرآة الزمان 4: 308، والصفدي: أعيان العصر 3: 134 (في ترجمة حفيده عبد الكريم).

(b) مكررة في الأصل.

_________

(1)

النسائي: عمل اليوم والليلة 63 (رقم 145)، وانظر: المسند الجامع 16: 698 (رقم 13005).

ص: 222

ابن أحْمَد السُّلَمِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ بدِمَشْق، قيل له: أخْبَركُم أبو الدُّرّ يَاقُوت بن عَبْد الله مَوْلَى ابن البُخاريّ قِراءَةً عليهِ وأنْتَ تَسْمَعُ، فأقَرَّ بهِ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله الخَطِيبُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبدِ الرَّحْمن بن العبَّاس، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد البَغَويّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الجَعْد، قال: أخْبَرَنا فَرَجُ بن فَضَالَة، عن لُقْمَان بن عَامِر، عن أبي أُمَامَة البَاهِلِيّ، رَحْمَةُ الله عليه، قال

(1)

: قيل: يا رسُولَ الله، ما كان بَدْو أمرك؟ قال: دَعْوَة أبي إبْراهيم عليه السلام، وبُشْرَى عِيسَى عليه السلام، ورَأَتْ أمِّي خرجَ منها نُوْرٌ أضَاءَتْ له قُصُور الشَّام.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَين أحْمَد بن الزَّنْف الفَقِيْه أبْيَاتًا من شِعْره كتَبَها إلى أبي اليُسْر شَاكِر بن عَبْد الله بن سُلَيمان، أوَّلُها:[من مجزوء الرمل]

ما جَمِيلٌ فيكَ عَذْلُ

كُلُّ جَوْرٍ فيْكَ عَدْلُ

كُلُّ ما يَسْتَصْعِب العُشَّـ

اقُ عندي فيْكَ سَهْلُ

والّذي أصْبَح مُرًّا

عندَهُم ليْ منْكَ يَحْلُو

إنْ يكُن يُرْضِيكَ إعْرا

ضُكَ عنِّي فَهْوَ وَصْلُ

وإذا ما العِشْقُ أضْحَى

ضِدَّ قَوْلي فهْوَ جَهْلُ

ما لمَن يَعْشَقُ أو يَشْـ

ــكُو منَ المَعْشُوقِ عَقْلُ

كيفَ أشْكُوكَ وقَلْبي

ليسَ من حُبِّيْكَ يَخْلُو

وغَزَالٍ أكْحَلٍ ما

جَالَ في جَفْنَيهِ كُحْلُ

_________

(1)

الطبراني: المعجم الكبير 8: 205 - 206 (رقم 7729)، البيهقي: دلائل النبوة 1: 83 - 84، المتقي الهندي: كنز العمال 11: 383 (رقم 31829)، وانظر: المسند الجامع 7: 460 (رقم 5339).

ورواه الحاكم: المستدرك 2: 600 من حديث خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه:"نور أضاءت له بصرى وبصرى من أرض الشام".

ص: 223

لا يَظُنَنَّ عَدُوٌّ لي

أنَّ قَلْبي عنهُ يَسْلُو

لا ومَنْ قدَّر أنْ ليـ

ـــس له في الحُسْن مثْلُ

أنْبَأنَا عبد العَظِيْمِ بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ

(1)

، قال: وفي العَشْر الوُسَطِ من ذِي الحِجَّة - يعني من سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين وخمْسِمائَة - تُوفِّي الشَّيْخ أبو الحُسَين أحْمَد ابن الفَقِيه الأجَلّ أبي القَاسِمِ وَهْب بن سَلْمَان بن أحْمَد السُّلمِيُّ الدِّمَشقيُّ المَعْرُوف بابنِ الزَّنْف، بدِمشْق، ودُفِن من الغَدِ. وشاهدتُ بخَطِّه: ومَوْلدي يَوْم الأَحَد عاشِر صَفَر سَنة ثلاثين وخَمْسِمائَة.

حَضَر أبا القَاسِم يَحْيَى بن بِطْرِيْق بن بُشْرَى الطَّرَسُوسِيّ، وسَمِعَ من أبي المَعَالِي مُحَمَّد بن يَحْيَى بن عليّ القُرَشيِّ، وأبي الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد، وأبي القَاسِم نَصْر بن أحْمَد بن مُقَاتِل، وأبي الدُّرّ يَاقُوت بن عَبْد الله التَّاجر وغيرهم. وحدَّثَ وأجَازَ لي إجَازَةً مُطْلَقَة من دِمَشْق في شَوَّال سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَة. وأبوه الفَقِيه المقرِئ أبو القَاسِم وَهْب بن سَلْمَان، سَمِعَ من غير واحدٍ، وحدَّثَ وأقرأ. والزَّنْفُ: بفَتْح الزَّاي وسُكُون النُّون وآخره فاءٌ.

أخْبرَني أبو المحامِد إسْمَاعِيْل بن حَامِد القُوصِيّ أنَّ أبا الحُسَين أحْمَد بن وَهْب بن الزَّنْف الدِّمَشقيّ، تُوفِّي بها يَوْم الاثْنَين ثامن عَشر ذِي الحِجَّة سَنَة خَمْسٍ وتِسْعِين وخَمْسِمائَةٍ.

وقَرأتُ بخَطِّ يُوسُف بن خَلِيل: تُوفِّي لَيْلَة الاثْنَين الثَّامن عَشر من ذِي الحِجَّة.

(1)

التكملة لوفيات النقلة 1: 338.

ص: 224

‌حَرْفُ الهَاء في أسْماء آباءِ الأحْمَدِين

‌مَنْ اسْمُ أبيهِ هَارُون من الأحْمَدِين

‌أحمدُ بن هَارُون بن آدَمَ المِصِّيْصيُّ

(1)

حَدَّثَ عن الحَارِث بن عَطِيَّة، ومُحَمَّد بن حِمْيَر، وأبي عبْد الصَّمَد المُعَلَّى بن تُرْكَة (a)، وأبي سَعْد [

] (b).

رَوَى عنهُ أبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، وولَدُه أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن هَارُون، وأبو يُوسف مُحَمَّدُ بن سُفْيان بن مُوسَى الصَّفَّارُ.

‌أحمدُ بن هَارُونَ بن رَوْح البَرْدِيْجِيُّ، أبو بَكْر البَرْذَعِيُّ الحافِظُ

(2)

وبَرْدِيْج من أعْمَال بَرْذَعَة (c) بينهما مِقْدَار أربعة عَشر فَرْسَخًا.

(a) في الأصل بإهمال أوله وبالفتح في حروفه الثلاثة الأولى، فيكون: بَرَكَة، ومثله بالباء في المعجم الكبير للطبراني 18: 216، وصوابه بالتاء المضمومة، كما في المؤتلف والمختلف للدارقطني 1: 303، والإكمال لابن ماكولا 1: 334، وتاريخ الإسلام للذهبي 5: 461، وترضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1:466.

(b) بياض في الأصل قدر كلمتين، ولم أقف على شيخه المكنى بأبي سعد، وهو يروي أيضًا عن خلف بن تميم بن مالك التميمي، وهذا كنيته: أبو عبد الرحمن، انظر ترجمته الآتية في الجزء السابع.

(c) قيّدها المؤلف في هذا الموضع والذي يليه بالدال المهملة، وقيدها فيما بعد بالمعجمة.

_________

(1)

ترجمته في: الثقات لابن حبان 8: 38، لسان الميزان 1:319.

(2)

توفي سنة 301 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 6: 431 - 433، تاريخ ابن عساكر 6: 64 - 67، ابن ماكولا: الإكمال 1: 479، السمعاني: الأنساب 3: 148 - 149، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 29، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 130، سير أعلام النبلاء 14: 122 - 124، تذكرة الحفاظ 2: 746 - 747، العبر في خبر من غبر 1: 441، الوافي بالوفيات 8: 223، المقريزي: المقفى الكبير 1: 731، شذرات الذهب 4: 6، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 110.

ص: 225

وهو حافظٌ مَعْرُوفٌ، رَحَلَ وطَاف، وسَمِعَ بالمِصِّيْصَة يُوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم المِصِّيْصيّ، واجْتازَ في طَريقهِ بحَلَب.

وذكرَهُ الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ، بما أخْبَرَنا بهِ ابن أخيهِ أبو مَنْصُور عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِمِ عَمِّي

(1)

، قال: أحْمَدُ بن هَارُون بن رَوْح، أبو بَكْر البَرْذَعِيّ البردِيْجِيّ الحافِظ، من أهل بَرْدِيْج من أعْمَال بَرْذَعَة من أعْمَال (a) أَرْمِينِيَة، سَمِعَ العبَّاس بن الوَلِيدِ بن مَزْيَد العُذْرِيّ ببَيْرُوت، وَيَزِيْد بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد، وأبا زُرْعة بدِمَشْقَ، ومُحَمَّد بن عَوْف بحِمْص، والرَّبيع بن سُلَيمان، وبَحْر بن نَصْر، وعليّ بن عبد الرَّحْمن عَلَّانًا، وسُليْمان بن شُعَيْب الكَيْسَانِيّ (b) بمِصْر، وسُليْمان بن سَيْف بحَرَّان، وبوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم بالمِصِّيْصَة، وأبا سَعيد الأَشَجّ، وهَارُون بن إسْحاق الهَمْدانِيّ، وعَمْرو بن عَبْدِ الله الأوْدِيّ، والحَسَن بن عليّ بن عَفَّان، وبالكُوفَة أبا بَكْر مُحَمَّد بن إسْحاق الصَّغَانِيّ، وعليّ بن الحُسَين بن إشْكَاب ببَغْدَاد، ومُحَمَّد بن يَحْيَى بن كَثِيْر بحَرَّان، ومُحَمَّد بن عَبْد المَلِك الدَّقِيْقِيّ.

رَوَى عنهُ أبو عليّ مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن الصَّوَّاف، وأبو أحْمَد مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم العَسَّال الأصْبَهَانيّ، وسُليْمان بن أحمد الطَّبَرَانِيّ، وأبو أحْمَد بن عَدِيّ الجُرْجَانِيّ، وأبو بَكْر الشَّافِعيّ، وعليّ بن مُحَمَّد بن لؤلُؤ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد، قراءةً منِّي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب بن غَيْلان:

(a) تاريخ ابن عساكر: من بلاد.

(b) مهملة في الأصل، وفي تاريخ ابن عساكر: الكتاني، وانظر: سير أعلام النبلاء 354:8.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 64 - 65.

ص: 226

أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله الشَّافِعيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن هَارُون البرَدِيْجِيُّ الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أبي عليّ، عن الزُّهْرِيّ، عن عليّ بن حُسَيْن، عن عَمْرو بن عُثْمان، عن أُسامَة بن زَيْدٍ، قال

(2)

: جاءَ عليُّ بن أبي طَالِبٍ إلى رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فأخْبَرهُ بمَوْت أبي طَالِب، فقال: اذْهَبْ فاغْسِلْهُ ثمّ إئتني، لا تُحْدِثْ حَدَثًا حتَّى تَأْتِيني. فغَسَّلَهُ ووَارَاهُ، ثمّ أتاهُ، فقال: اذْهَب فاغْتَسِل.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبيَس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بنُ عليّ بن ثَابِت

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّدُ بن عِيسَى الهَمَذَانِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد الحافِظُ، قال: أحْمَدُ بن هَارُون بن رَوْح، أبو بَكرٍ، ويُعْرَفُ بالبَرْذَعِيّ، صَدُوقٌ من الحُفَّاظ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص المُؤدِّب البَغْدَاديّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن طَرَّاد الزَّيْنَبِيّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، وأخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنَديّ وأبو السُّعُود بن المُجْلِي، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا منهما أو من أحَدهما، قالوا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم حَمْزَةُ بن يُوسُفَ، قال: سَألْتُ أبا الحَسَن عليّ بن عُمَر الحافِظ عن أبي بَكْر البَردِيْجِيّ، فقال: ثِقَةٌ مَأْمُون جَبَلٌ.

(a) الأصل: الهمداني، والمثبت من تاريخ بغداد وسير أعلام النبلاء 17: 563، ويأتي صحيحًا فيما بعد في عدد من المواضع التي اتصل سنده فيها بالرواية عن صالح بن أحمد.

_________

(1)

الغيلانيات فوائد (أبي بكر الشافي)67.

(2)

سنن البيهقي الكبرى 1: 305.

(3)

تاريخ بغداد 6: 432.

ص: 227

أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر الغَزَّالُ، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَير القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّاميِّ، عن أبي بَكْر البَيْهَقِيّ، وأبي عُثْمان الصَّابُونِيّ، وأبي بَكْر الحِيْرِيّ، وأبي عُثْمان البَحِيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الحافِظ، قال: أحْمَدُ بن هَارُون البَرْدِيْجِيِّ، أبو بَكْر البَرْذَعِيُّ الحافِظُ، سَمِعَ نَصْر بن عليّ الجَهْضَيِّ وأقْرَانَهُ من الشُّيُوخِ. روى عنهُ جَعْفَر بن أحْمَد بن سِنَان الوَاسِطِيّ، والمُتَقدِّمُون من الشُّيُوخ، وَرَدَ نَيْسَابُور على مُحَمَّد بن يَحْيَى فاسْتَفاد وَأفَاد، وكتَبَ عنهُ مَشَايخُنا في ذلك العَصْر.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرِو المُسْتمْلِيَّ سَمَاعَهُ من أحْمَد بن هَارُون البَرْذَعِيِّ الحافظ في مَسْجد مُحَمَّد بن يَحْيَى في صَفَر سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن. وقد سَمِعَ شَيْخُنا أبو علِيّ من أَبي بَكْر البَرْدِيْجِيّ بمَكَّة سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثِمائة، وأظُنُّه جَاوَرَ بمَكَّة، وبها مات رحمه الله، فإنِّي لا أعْرفُ إمَامًا من أئمَّةِ عَصْره في الآفاقِ إلَّا وله عليه انْتِخَابُ يُسْتَفادُ.

قُلتُ: أبو عليٍّ شَيْخ الحاكمِ، هو الحُسَين بن عليّ الحافِظُ، وأبو بَكْر البَرْدِيْجِيِّ مات ببَغْدَاد لا بمَكَّةَ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أحْمَدُ بن هَارُون بن روْح، أبو بَكْر البَرْذَعِيُّ، ويُعْرَفُ بالبَرْدِيْجِيِّ، سَكَن بَغْدَادَ، وحَدَّثَ بها عن أبي سَعيد الأَشَجّ، وهَارُون بن إسْحاق الهَمْدانِيّ (a)، ويوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم، وعَمْرو بن عَبْدِ الله (b) الأوْدِيّ، ومُحَمَّد بن حَمْدُون الكَرْمَانِيّ، وعليّ بن الحُسَين بن إشْكَاب، ومُحَمَّد بن إسْحاق الصَّغَانِيّ، وبَحْر بن نَصْر المِصْرِيّ، وغيرهم.

(a) في نشرة تاريخ بغداد: الهَمَذَاني، والمثبت كما في كتب الرجال.

(b) الأصل: عبيد الله، وتقدم صحيحًا في أول هذه الترجمة.

_________

(1)

تاريخ بغداد 6: 431.

ص: 228

رَوَى عنهُ أبو بَكْر الشَّافِعيّ، وأبو عليّ بن الصَّوَّاف، وعليّ بن مُحَمَّد بن لُؤْلُؤ. وكانَ ثِقَةً، فَاضِلًا، فَهِمًا، حَافِظًا.

قُلتُ: وحَكَى أبو العبَّاس الوَلِيد بن بَكْر الأنْدَلُسِيّ، عن أبي عَبْدِ الله الحُسَين بن أحْمَد بن عَبْد الله بن بُكَيْر الحافِظ، قال: عرفتُ أنَّ بعضَ الحُفَّاظ أنْكَر أنْ يكُونَ أحْمَدُ بن هَارُون بَرْذَعيًّا، وهو بَرْذَعِيٌّ بَرْدِيْجِيٌّ، حَدَّثَ عنهُ جَمَاعَةً فقالوا: البَرْذَعِيِّ، منهم: أبو شَيْخ الأَصْبَهَانِيّ وغيره.

وسَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن عليّ الصَّابُونِيّ البَرْذَعِيّ يقول: وسأَلْتُه عن بَرْذَعَة وبَرْدِيْج؟ فقال: من بَرْذَعَة إلى بَرْدِيْج أرْبَعة عَشر فَرْسَخًا، وبَرْدِيْج حَوَاليْها الماءُ يَدُور في نَهْرٍ يُقال له: الكُزَة، كبيرٌ مثلُ الدِجْلَة ببَغْدَادَ.

أنْبَأنَا يُوسُف بن خَلِيل الأَدَمِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو [الحَسَن](a) مَسْعُود الجَمَّال (b)، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْمِ الحافِظ، قال: أحْمَد بن هَارُونَ بن رَوْحِ الحافِظُ، أبو بَكْر البَرْدِيْجِيّ، قَدِمَ أصْبَهان مَرَّتين، يَرْوي عن العِرَاقِيِّين والمِصْرِيِّين، حَدَّثَ عنهُ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عِمْران المُعَدَّل، تُوفِّي ببَغْدَاد سَنَة إحْدَى وثَلاثِماثة.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: وأخْبَرَنا الحَسَنُ بن أبي بَكْر، عن أحْمَد بن كَامِل القَاضِي،

(a) في الأصل: أبو مسعود، وهو مسعود بن أبي منصور بن محمد الأصبهاني الخياط الجَمَّال، المتوفي سنة 595 هـ.

انظر: العبر للذهبي 3: 112، سير أعلام النبلاء 21: 268، النجوم الزاهرة 6: 154، شذرات الذهب 6:524.

(b) في الأصل بالحاء المهملة مجودًا: الحَمَّال. والتصويب من المصادر المتقدمة في التعليق قبله.

_________

(1)

تاريخ بغداد 6: 433.

ص: 229

قال: تُوفِّي أحْمَد بن هَارُون البَرْدِيْجِيّ في شَهْر رَمَضَان من سَنَة إحْدَى وثَلاثمِائة وكان من حُفَّاظ الحَدِيْث المَذْكُورين بالحِفْظ والثِّقَة، ولم يُغَيِّر شَيْبَهُ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن بن الأصْفَهْبُذ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن عَبْد الوَاحِد الثَّقَفِيّ، ح.

قال يُوسُف: وأخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن أبي زَيْد الكَرَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا إسْحاق بن أحْمَد بن مُحَمَّد الرَّاشْتِيْنَانِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي بَكْر، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن حَيَّان، قال: سَنَهَ إحْدَى وثَلاثِمائة، فيها ماتَ أحْمَدُ بن هَارُون بن رَوْح البَرْدِيْجِيِّ ببَغْدَاد.

‌أحمدُ بن هَارُون بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن الزَّبَّابِ الحَلَبِيُّ، أبو العبَّاس

(1)

وأظُنُّهُ مَنْسُوبًا إلى بَيْع الزَّبِيْب.

حَدَّثَ بحَلَبَ عن أبي مُحَمَّد جَعْفَر بن أحْمَد الوَزَّان، وعليّ بن عَبْد الحَميْد الغَضَائِريّ، ومُحَمَّد بن عَبْدَة بن حَرْبٍ القَاضِي.

رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله بن بَاكُوَيْهَ، وأبو الفَتْح الفَضْلُ، وأبو النَّضْر عَبْدُ الكَريم ابْنَا جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّب المَعَرِّيَّان، وأبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان، وأبو أُسامَة عَبْد الله بن أحْمَد بن

(1)

توفي سنة 381 هـ أو بعدها.

ص: 230

عليّ بن عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن أبي أُسامَة الحَلَبِيّ، وأبو عَبْد الله الحُسَين بن أحْمَد بن سَلَمَةَ بن عَبْدِ الله الرَّبَعِيِّ المالِكِيُّ قاضي قُضَاة دِيَار بَكْر، وأبو طَاهِر مُحَمَّد بن الحَسَن المُقْرِئ الأنْطَاكيِّ. وكانَ مَوْلدُهُ في حُدُود الثَّلاثمائة.

أخْبَرَنا المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ في كِتَابِهِ إليْنَا من نَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن كَامِل بن دَيْسَم إجَازَةً، عن أبي صالح مُحَمَّد بن المُهَذَّب [ .... ](a).

قَرأتُ بخَطِّ الحافِظ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأجازَهُ لنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله وغيره عنه: أحْمَد بن هَارُون بن مُحَمَّد المَعْرُوف بابنِ الزَّيَّات (b) الحَلَبِيّ، رَوَى بحَلَب عن عليّ بن عَبْدِ الحَميْد الغَضَائِريّ وغيره. كتَبَ عنه بها أبو طَاهِر مُحَمَّد بن الحَسَن المُقْرِئ الأنْطَاكِي، ورَوَى بالقُدْس عنه.

كَذَا ضَبَطهُ الحافِظ السِّلَفِيّ: الزَّيَّات في مَوضِعَين، والصَّحيحُ: الزَّبَّاب؛ ببَاءَيْن.

تُوفِّي أبو العبَّاس أحْمَد بن هَارُون بن الزَّبَّاب الحَلَبِيّ في سَنَة إحْدَى وثمانين وثَلاثِمائة أو بعْدَها، فإنَّ أبا الفَتْح وأبا النَّضْر ابْني جَعْفَر بن المُهَذَّب سَمِعَا منهُ في هذه السَّنَة، وكان سَماعُه من جَعْفَر الوَزَّان سَنَة ثَمانٍ (c) وثَلاثِمائة.

(a) ترك ابن العديم بياضًا قدره ستة أسطر لاستكمال الرواية، ولم يتهيَّأ له إدراجها.

(b) كذا في الأصل وفوقه "صـ"، وعلَّق المؤلف عليه بعد انتهاء النقل.

(c) هكذا في الأصل، ولا يتصور، فإن مولده كما نص عليه ابن العديم في سنة 300 هـ، ولعله: سنة ثمان [وكذا] وثلاثمائة.

ص: 231

‌أحمد بن هَارُون بن مُعاوِيَة الأشْعَرِيّ، أبو عُبَيْد الله المِصِّيْصيُّ

(1)

حَدَّثَ عن أَبِيهِ هَارُون بن أبي عُبَيْد الله مُعاوِيَة المِصِّيْصيّ.

رَوَى عنهُ أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا، وهو ابن عَمِّ مُعاوِيَة بن صالح بن مُعاوِيَة الأشْعَرِيّ.

أنْبَأنَا سُليْمان بن الفَضْل بن البَانيِاسِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(2)

،

قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن طَاوُس، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عَبْد البَاقِي بن أحْمَد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الأهْوَازِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب الكِلابِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن عُمَيْر بن يُوسُف بن جَوْصَا، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا هَارُون بن أبي عُبَيْد الله، ح.

قال (a): وحَدَّثَنَا أبو عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عُبَيْدِ الله، عن هَارُون بن مُعاوِيَة، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الغَنِيّ بن عَبْدِ الله بن نُعَيْم القَيْنِيّ، عن أَبِيهِ، عن سُليْمان بن سَعْدٍ، قال: دَخَلْتُ على عَبْد المَلِك حين أتاهُ وَفَاةُ عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان من مِصْرَ، وكان مَرْوَانُ قد عقد (b) لعَبْد العَزِيْز بعدَ عَبْد المَلِك، فعزَّيتُه، ثمّ قُلتُ: إنَّكُم أردْتُم بعَبْد العَزِيْز أمْرًا أرادَ اللهُ غيرَهُ، وقد ردَّ اللهُ ذلكَ إليكَ يا أَمِير المُؤمِنِين لتَعْمَل فيهِ بالحَقِّ، الحِكايَة بطُوْلها في مُبَايِعَة عَبْد المَلِك لابنَيْهِ الوَلِيدِ وسُليْمانَ بالعَهْد.

(a) في الأصل: قال ابن جوصا، وضبب على الاسم.

(b) تاريخ ابن عساكر: عهد.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 68، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 110.

(2)

تاريخ ابن عساكر 6: 68.

ص: 232

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌أحمدُ بن هَارُون المِصِّيْصيُّ

(1)

ويقالُ إنَّ اسْمَهُ: حُمَيْد بن هَارُون

(2)

، وأظُنُّهُ تَصْغيرًا لاسْمِه أحْمَد على غَيْر وَضْع التَّصْغير الصَّحيح؛ تَقُوله العامَّةُ كذلك على وَجْه اللَّقَب.

حَدَّثَ عن حَجَّاج بن مُحَمَّد، ومُحَمَّد بن كَثِيْر. رَوَى عنهُ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن مُسْلِم، وعُمَر بن القَاسِم بن بُنْدَار السَّبَّاك.

أخْبَرَنا أبو الفَرَج مُحَمَّدُ بن عليّ بن القُبَّيْطِيّ في كِتابِهِ إليْنَا من بَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(3)

، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّد بن مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن هَارُونَ المِصِّيْصيُّ، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاج بن مُحَمَّد، عن ابن جُرَيْج، عن الزُّهْرِيّ، عن عُرْوَةِ، عن عائِشَةَ، وزَيْدِ بن خَالِدٍ، قالا: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

: مَن مَسَّ فَرْجَهُ فليَتَوَضَّأ.

وقال أبو القَاسِم السَّهْمِيّ: أخْبَرَنا ابنُ عَدِيّ

(5)

، قال: أحْمَدُ بن هَارُون، ويقال: حُمَيْد، المِصِّيْصيّ، يَرْوي مَنَاكيْرَ عن قَوْم ثِقَات، لا يُتَابَعُ عليهِ (a).

(a) ابن عدي: لا يتابع عليه أحد.

_________

(1)

ترجمته في: الكامل لابن عدي 1: 196 - 197.

(2)

ترجم له ابن العديم فيمن اسمه حميد في الجزء السادس.

(3)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 196.

(4)

ابن أبي شيبة: المصنف 1: 150 (رقم 1723)، الطبراني: المعجم الكبير 5: 243 (رقم 5221 - 5222).

(5)

ابن عدي: الكامل 1: 196.

ص: 233

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ هاشِم من الأحْمَدِين

‌أحْمَدُ بن هاشِم بن الحَكَم بن مَرْوَان الأنْطَاكِيُّ، أبو بَكْر الأَشَلّ

(1)

نزِيلُ أذَنَة، حَدَّثَ عن أحْمَد بن حَنْبَل، وقُطْبَة بن العَلَاءَ، والفَيْض بن إسْحاق، وِعبد الله بن السَّرِيّ الأنْطَاكِيّ، وعُثْمان بن سَعيد بن قُرَّة، والحَجَّاج بن أبي مَنِيع نَزِيلُ حَلَب، ومُحَمَّد بن حَسَّان، ورَجَاء بن مُحَمَّد، ودَاوُد بن مَنْصُور، وأبي نُعَيْم الفَضْل بن دُكَيْن، وعَفَّان بن مُسْلِم، وعُمَر بن إبْراهيم بن خَالِد القُرَشِي.

رَوَى عنهُ الحافِظان أبو عَوَانَة، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن بَرَكَة بِرْدَاعِس، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد بن فِيْل الأنْطَاكيَّ، وخَيْثَمَة بن سُلَيمان الأطْرَابُلُسِيُّ، وأبو إسْحاق إبْراهيمُ بن مُحَمَّد بن يُوسُفَ بن حُبَيْبَةَ الأنْطَاكيّ، وأبو العبَّاس أحْمَد بن أبي أحْمَد بن القَاصّ، وعبد الله بن إبْراهيم بن العبَّاس، وأبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد الخَلَّال (a)، وأبو هُرَيْرَة الأنْطَاكِيّ، وأبو عليّ الحَسَنُ بن عليّ بن مُحَمَّد الرَّافِقِيُّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسم الحُسَينُ بن هِبَةِ الله بن مَحْفُوظ بن صَصْرَى التَّغلِبِيّ الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرنا أبو يَعْلَى حَمْزَةُ بن أحْمَد بن فَارِس بن المُنَجَّا بن كَرَوّس السَّلمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَتْح نَصْرُ بن إبْراهيم بن نَصْر المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر مُسَدَّدُ بنُ عليّ بن عَبْد الله الأمْلُوكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ عُمَرُ بن عليّ بن الحَسَن بن إبْراهيم العَتَكيّ الأنْطَاكيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن الحَسَن بن أحْمَد بن فِيْل بأنْطَاكِيَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن هاشِم الأنْطَاكيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن سَعيد بن قُرَّة المَكْفُوف، قال: حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بن كِدَام، عن سَعْد بن إبْراهيم، عن

(a) الأصل: الحلَّال.

_________

(1)

توفي سنة 275 هـ، وترجمته في: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1: 83، لسان الميزان 1:319.

ص: 234

أبي عُبَيْدَةَ، عن عَبْدِ الله بن مَسْعُود، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: من السُّنَّة الغُسْل يَوْم الجُمُعَة.

أخْبَرَنا زَيْنُ الأُمَناءَ أبو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن قِراءَةً عليهِ

بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو العَشَائِر مُحَمَّد بن الخَليل القَيْسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن أبي العَلَاء، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُثْمان بن القَاسِم بن أبي نَصْر، قال: حَدَّثَنا أبو الحَسَن خَيْثَمَة بن سُلَيمان بن حَيْدَرَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ هاشِم الأنْطَاكي، قال: حَدَّثَنَا قُطْبَةُ بن العَلَاء، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن خَالِد الحذَاءِ، عن أبي قِلَابَةَ، عن أنَسِ بن مالك، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال

(2)

: أرْحَمُ أُمَّتِي أبو بَكْر، وأشَدُّهم في أمْرِ اللَّه عُمَرُ، وأصدَقُهُم حيَاءً عُثْمان، وأفْرَضُهم زَيْد، وأقْرَأُهم أُبَيُّ، وأعْلَمُهُم بالحَلَالِ والحَرَام مُعَاذٌ، ولكُلّ أُمَّةٍ أمينٌ، وأمِيْنُ هذه الأُمَّةِ أبو عُبَيْدة بن الجرَاح رضي الله عنهم.

أنبَأنَا يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد فارسُ بن أبي القَاسِم بن فارس الحِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الحُسَين مُحَمَّد ابن القَاضِي أبي يَعْلَى مُحَمَّد بن الحُسَين بن الفَرَّاء

(3)

، قال: أحْمَدُ بن هاشِم بن الحَكَم بن مَرْوَان

(1)

لم أقف عليه بهذا الإسناد، وانظره من طرق أخرى عند: ابن حنبل: المسند 13: 88 (رقم 7658)، صحيح مسلم 2: 580 (رقم 846)، 582) (رقم 848)، سنن أبي داود 1: 246 (رقم 344، 345)، سنن ابن ماجة 1: 246 (رقم 1087، 1089)، مسند أبي يعلى الموصلي 2: 353 (رقم 1100)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 4: 23 (رقم 1221)، الطبراني: العجم الكبير 8: 193 (رقم 7689)، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 2: 382 (رقم 895)، سنن النسائي بشرح السيوطي 3: 92 (رقم 1375)، المتقي الهندي: كنز العمال 7: 752 (رقم 21238)، 753 (رقم 21240 - 21241).

(2)

البغوي: شرح السنة 14: 131 - 132 رقم 3930، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 16: 74 (رقم 7131)، السيوطي: الدرر المنتثرة 80 (رقم 75).

(3)

طبقات الحنابلة 1: 82.

ص: 235

الأنْطَاكيِّ، ذكَرَهُ أبو بَكْر الخَلَّال (a)، فقال: شَيْخٌ جَلِيْل مُتَيقِّظ، رَفِيع القَدْر، سَمِعْنا منهُ حَدِيثًا كَثِيْرًا، ونَقَل عن أحْمَد مَسَائِل حسَانًا سَمِعْناهَا منهُ.

كَتَبَ إلينا جَعْفَرُ بن أبي الحَسَن بن أبي البَرَكَات الهَمْدَانيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحافِظ، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر السَّرِّاجُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الخَلَّال في تَسْمِيَة الّذين حَدَّثُوا عن أحْمَد بن حَنْبَل، رحمه الله، بحديثٍ أو حِكايَةٍ أو مَسْألَةٍ، قال: أَحْمَدُ بن هاشِم بن الحَكَم من أَذَنَة.

ذكَرَ عَبْدُ البَاقي بن قَانِع في تاريخ الوفآات: سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين ومَائَتَيْن: أحْمَد بن هاشِم الأنْطَاكيِّ، يعني: مات.

أخْبَرَنا بذلك أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ السِّلَفِيِّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحربِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا ابن قَانِع: أحْمَدُ بن هاشِم - وقيل: هِشَام - بن عَمْرو بن إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن بن سُلَيمان بن عَبْد الله، أبو جعْفَر بن أبي هِشَام الحْمِيَرِيّ البَعْلَبَكيِّ، سَمعَ بطَرَسُوس أبا أُمَيَّة مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُسلم الطَّرَسُوسِيّ، وحَدَّثَ عنهُ وعن جَدِّه لأُمه مُحَمَّد بن هاشِم، وحمد بن عِيسَى الخشَّاب التنْيْسِيّ، وسُليْمان بن عبد الرَّحْمن الحَرَّانيّ، ومُحَمَّد بن سُويْد. روَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ الحافِظ، والحافِظ أبو أحْمَد بن عَدِيّ، ومُحَمَّد بن إبْراهيم بن أسَد الصُّوْرِيّ، وكان أحْمَد يُلقَّب بُنْدَار.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّد بن عبد الرَّحيم بن الإخْوَة وصَاحِبَتُهُ عَيْنُ الشَّمْس بنْتُ أبي سَعيد بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيدُ بن أبي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفيِّ - قالت: إجَازَةً - قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفيِّ، وأبو الفَتْح مَنْصُور بن الحُسَين، قالا: أخْبَرَنا أبو

(a) الأصل: الحلَّال.

ص: 236

بَكْر بن المُقْرِئ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر أحْمَدُ بن هاشِم بنِ عَمْرو بن إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن بن سُلَيمان بن عَبْد الله الحْمَيرِيّ ابن بنت مُحَمَّد بن هاشِم البَعْلَبَكيِّ ببَعْلَبَكّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن هاشِم، قال: حَدًّثَنَا سُويْد بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا الوَضِيْنُ بن عَطَاء، عن شَدَّاد بن أَوْسٍ، قال: زَوّجُوني، فإنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تلْقَى الله عز وجل وأنْتَ أَيِّمٌ.

قال ابنُ المُقْرِئ

(2)

: حَدَّثَنَا أحْمَدُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ سُوَيْدٍ، عن حُصَيْن، عن سَعيد بن جُبير، في قَوْله تعالَى:{لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ}

(3)

، قال: مُقْذَفُونَ (a) في النَّار.

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ هِبَة الله من الأحْمَدِين

‌أحمدُ بنُ هبَةِ الله بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عُبيدِ الله بنِ عَبْدِ الله بن طَاهِر بن الحُسَن بن مُصْعَب بن رُزَيق - وقيلَ: مُصْعَب بن طَلْحَة بن رُزيْق - ابن أَسْعَد بن زَاذَان، أبو الرِّضَا الخُزَاعيِّ، المعرُوف بابنِ قُرْنَاص الحَمَوِيُّ

(4)

من بيت الرِّئَاسَة والتَّقَدُّم والفَضْل بَحَمَاة، قَدِمَ حَلَبَ، وسَمِعَ بها أبا الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن أبي جَرَادَة الحلبِيِّ، وسَمعَ بَغْدَاد أبا مَنْصُور موْهُوب بن أحْمَد الجَوَالِيقْيِّ، وأبا الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَاميِّ سَنَة ثمان وثَلاثين وخَمْسِمائَة.

رَوَى عنهُ ابنُه الشَّيْخ أبو البَرَكَات هِبَة الله.

(a) معجم ابن القرئ: يقذفون.

_________

(1)

معجم ابن المقرئ 148.

(2)

معجم ابن المقرئ 149.

(3)

سورة النحل، من الآية 62.

(4)

من أهل القرن السادس الهجري، ذكره ابن العديم في تذكرته 209 - 211، وأورد له من نظمه وإنشاده ونثره.

ص: 237

وكان فَاضِلًا، شَاعِرًا، رَئيسًا، صَنَّفَ له مُحَمَّدُ بن أبي مُحَمَّد بن ظَفَر كتَابًا وَسَمَهُ بخير البِشَر بخير البَشَر؛ ذَكَر فيه فَضَائِل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ومَوْلدَهُ، وقال في مُقَدِّمَته

(1)

: أمَّا بعدُ، فإنَّ لله سُبْحَانَهُ ضَنَائنَ من عِبَاده (a)، حَلَّى بهم عَوَاطل بلادِه، فَجَعَلَهُم رَحْمَةً مُهدَاةً، ونِعْمَةً مُسْدَاةً، ومِنَّةً مُعَادَةً (b) مُبْدَاةً، هَمُّهُم أنْ يُجِيْروا من لَهَافَة (c) الغُلِّ أسِيْرًا، ويَجْبُرُوا من زَمانَة (d) القُلِّ كَسيرًا، ويَصُونُوا عن خَسْفِ الغِيَر وَجِيْهًا، وَيُعِيْنُوا على كُلَف المُرُوءَة نَبِيهًا.

وإنَّ من أرْفَعهم نَفْسًا وقَوْمًا، وأنْفَعهم أمْسًا ويَوْمًا، أخي ووَلييِّ في الله سُبْحَانَهُ، الشَّيْخ الأجَلّ الرَّئِيس الحَسِيْب، العَالَم الحَبْر، الفَاضِل، صَفِيَّ الدِّين أبو الرِّضَا (e) أحْمَد بن هِبَة الله بن أحْمَد بن عليّ بن قُرْنَاص، فهو المُتَوَحّدُ في العَصَبِيَّةِ للعُصْبِة العلْميَّة، والفِئَة (f) الأدَبيَّة، في عَصْرٍ صَحَتْ به سَمَاؤُهُم، وكُشطَت أسماؤهُم، وأُوسِعُوا جنَفًا وخُسْرًا، وأُرهقُوا من أمْرهم عُسْرًا.

فهو المَهْدِيّ إلى نَفَائِس الصَّنَائع، المَعْنيِّ بتَوْضيع المُتَكبِّر، وتَكْبير المُتَواضِع، فأجْزَل اللهُ له المَوَاهِب، وأحْمدَ العَوَاقِبَ (g)، وصَرف عن عَلائهِ الشَّوَائب، ووَقَاهُ مَكْرُوهَ النَّوَائِب.

وإنِّي لمَّا هَاجرْتُ مِن المَغَارب القَصِيَّة إلى حَرَم المَمْلكَة النورِيَّة، أهابَتْ بي الأقْدَارُ إلى مَعَاسِف أوْسعتْنِي بَهْرًا، وأرَتْني السُّهَى ظُهْرًا، فبينا أحنُّ إثْرَ الصَّبْر المُزَايل، وأَنُوُءَ تِنْوَاء الفصَال الهَزَايل، تَدَارَكني اللهُ، ولهُ الحَمْدُ، من أخي ووَلِييّ في الله، الحبيبِ (h) الرَّئِيسِ الحَبْر صَفِيّ الدِّين بمَظنَّة مُرْتَاد، وأظْفَرَني بقرَّة عَينْ

(a) ابن ظفر الصقّلي: فإن الله سبحانه وتعالى أقام أقومًا من عاده.

(b) ابن ظفر: مسداة.

(c) ابن ظفر: إهانة.

(d) ابن ظفر: إضاعة.

(e) ابن ظفر: أبا الرضاء.

(f) ابن ظفر: والبيئة.

(g) ابن ظفر: له العواقب.

(h) ابن ظفر: الحسيب.

_________

(1)

ابن ظفر الصقلي: خير البِشَر 123 - 124.

ص: 238

وطُمَأنِيْنة فُؤَاد، وأضَافَني إلى جَارٍ كأبي دُؤَاد، فرأيتُ أنْ أُتْحِفَهُ بهذا الكتاب المُطَرَّز بحَمَيْدِ ذِكْره، الخَطِيب بارْتِفَاع قَدْره واتِّسَاع فَخْره.

قَرأتُ بخَطِّ أبي الرِّضَا أحْمَد بن هِبَة الله بن قُرْنَاص: وُلدْتُ يَوْم الخَمِيْس عاشِر ذي القَعْدَة من سَنَة عَشْرٍ وخَمْسِمائَة.

أنْشدَني الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أبو الفَضْل مُحَمَّد بن هبَةِ الله بن أحْمَد بن هِبَةِ الله بن أحْمَد بن قُرْنَاص إمْلاءً من لفظه، قال: أنْشَدَنا والدِي أَبو البَرَكَاتِ هبَة الله، قال: أنْشَدَني أبي أحْمَدُ بن هِبَةِ الله لنفسِه أبْيَاتًا كتَبَها إلى عِزّ الدِّين بن عَبْدِ السَّلام: [من الخفيف]

إنْ أكُن مُهْملًا لِمَا هُوَ فَرضٌ

من مُوَالَاةِ خِدْمَةِ أو كتابِ

فَلمَا قد لَقِيْتُهُ من زمانٍ

لم يَزَل بي مُقَصِّرًا عن طلَابِي

واعْتِمَادِي فيهِ على حُسْنِ ظَنٍّ

في المُوِالَاة بي وفي الأغْبَابِ

وعلى ما يُجنُّهُ القَلْبُ من صدْ

ق ولَاءٍ معوَّلِ الأحْبَابٍ

أخْبرَني أبو الفَضْل بن أبي البَرَكات بن أبي الرِّضَا بن قُرْنَاص، قال: أخْبَرَني أبي أبو البَرَكات، قال: أنْشَدَني أبي لنَفْسِه أبيَاتًا نَظَمَها لتُكْتَب على أبْوَاب دار لتاج الدَّوْلَة ابن مُنْقِذ بشَيْزَر، وكان بينهما مَوَدَّةٌ: فممَّا (a) كتب على باب كُمٍ (b) لمَجْلِس يُشاهده الدَّاخِل إذا دَخَل: [من السريع]

أهْلًا وسَهْلًا بكَ من وَاقفٍ

في مَجْلِس عَارٍ من العَابِ

صفْهُ ولا تَذْمُمْهُ شيئًا فإنْ

خَالفتَ فانظُر ما على البَابِ

قال: فإذا التفَتَ إلى الباب الآخر وَجَدَ عليه مَكْتُوبًا: [من السريم]

يا وَاقفًا يفْكرُ في زَلَّة

يأخُذُها طَعْنًا على الصَّانِعِ

أي أنَّني ممَّن لهُ خِبْرةٌ

غُضَّ فما طَرْفُكَ بالنَافعِ

(a) الأصل: فما.

(b) هكذا في الأصل.

ص: 239

‌أحمدُ بنِ هِبَةِ الله بن أحْمَد بن يَحْيَى بن زُهَيْر بن هَارُوِن بن مُوسى بن عِيسَى بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَامِر أبي جَرَادَة بن ربِيْعَة بن خُوَيْلِد بن عَوْف بن عَامِر بن عُقَيْل، أبو الحَسَن العُقَيْليُّ

(1)

عَمُّ جَدِّي، كان يؤم بالمَسْجِد الجامعِ بحَلَب، ويَخْطبُ على مِنْبَره، وينوبُ في القَضَاءِ عن أخيهِ جَدّ أبي، أبي غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله؛ وكان دَيِّنًا وَرِعًا.

حَدَّثَ بحَلَبَ عن أبيهِ، وعن الشَّيْخ الإمام العَابِد أبي مُحَمَّد عَبْدِ الله بن شَافِع بن مَرْزُوق (4) المُقْرِئ التّنَّبيِّ، وعن جَمَالِ العُلَمَاء أبي [أحْمَد](b) حَامِد التَّفْلِيْسِيّ، ومُشْرِق بن عَبْدِ الله العَابِد، وسَمعَ إنْشَاد أبي الفِتْيَان بن حَيُّوس، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن سَعيد بن سِنَان الخفاجيِّ، وأبي نَصْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن النَّحَّاس الكَاتِب.

وكانَ مَوْلدُهُ في سَنَة أرْبعٍ وخَمْسِين وأرْبَعِمائة، وتُوفِّيَ سَنَة أرْبع عَشرة وخَمْسِمائَة.

نَقَلتُ ذلك من خَطِّ حَفِيْده أبي المَكَارِم مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أحْمَد بن هِبَةِ الله بن أبي جَرَادَة، ودُفِنَ خارِج باب قِنَّسْرِيْن في التُّربَةِ الّتي كانت تُعْرَفُ بسَلَفنا، وكانت موضح المَسْجِد الّذي جدَّدَهُ سَيْفُ اللِرّين عليّ بن سُلَيمان بن جَنْدَر (c) بالقُرْبِ من خَان السُّلْطان في السُّوق، حين عُفِّيَت تلك المَقَابِر، ونُقل هو وجَمَاعَة بني أبي جَرَادَة الذّين كانوا بالتُّرْبَة إلى سَفْح جَبَلِ جَوْشَن، وكان رحمه الله حَنَفيّ المَذْهَب.

(a) عند ياقوت (معجم اللدان 2: 47): مروان، ونسبته إلى تِنَّب، قرية كبيرة من قرى حلب، وذكره ضمن المنسوبين إليها وصرح بأنه استقى معلوماته عن ابن العديم.

(b) استدرك ابن العديم التنبيه على هذا الخطأ في ترجمة: الحسين بن عبد الرحمن الكرابيسي الآتية في الجزء السادس.

(c) الأصل: خدر، والأمير سيف الدين وأبيه عَلَم الدِّين بن جندر مشهورون معروفون.

_________

(1)

توفي سنة 514 هـ، وترجمته في: إعلام النبلاء للطباخ 4: 309 - 310.

ص: 240

‌أحمدُ بن هِبَةِ الله بن سَعْد الله بن سَعيد بن سَعْد بن مُقَلَّد الجِبْرَانِيّ (a) ابن أحْمَد بن صالح بن مُقَلَّد بن عَامِر بن عليّ بن أحْمَد بن يَحْيَى بن عُبَيْد بن شِمْلَال بن جَابِر بن سَلَمَة بن مُسْهِر بن الحارِث بن حَنْتَم بن أبي حَارِثَة بن جُدَيّ بن تَدُوْل (b) بن بُحْتُر بن عَتُوْد بن عُنَيْن بن سَلَامَان بن ثُعَل بن عَمْرو بن الغَوْث بن جَلْهُمَة، وهو طَيِّء بن أُدَد بن زَيْد بن يَشْجُب بن عَرِيْب بن زَيْد بن كهْلَان بن سَبْرَة، أبو القَاسِم بن أبي مَنْصُور البُحْتُرِيُّ الطَّائيُّ الحَلَبِيُّ المَعْرُوف بابنِ الجِبْرَانِيّ، القَارئُ، النَّحْوِيُّ، اللُّغَويُّ

(1)

وجَدُّ أبي جَدِّه مُقَلَّد بن أحْمَد هو المَعْرُوف بالجِبْرَانِيّ، وكان من أهل جِبْرين قُوْرَسْطَايَا. أخْبَرَني بذلك، وقد سَألتُه عن هذه النِّسْبَة، وجِبْرِين قُوْرسْطَايَا قَرْيَةٌ كبيرةٌ من نَاحيَة بَلَد عَزَاز، قال لي: وهذه النِّسْبَة من شَواذِّ النِّسَب.

(a) هَكذا قيَّده المؤلف بكسر الجيم، ووافقه على هذا ابن الشعار في قلائده 1: 340، وعند المنذري (التكملة 3: 387) بالفتح، ومثله أيضًا الذهبي في تاريخه 13: 853 والقرشي في الجواهر المضية 1: 345، والسيوطي في البغية 1: 394، ونصّ الذهبي في تاريخه:"الجَبراني بفتح الجيم، وشَكَله بعضهم بضمها"، وقال الصفدي (الوافي 8: 337): الجبراني بضم الجيم وفتحها"، وقد أبقينا على ضبط ابن العديم كما جاء لاتِّصاله بهم وسؤاله إياهم عن النسبة.

(b) الأصل: تذول، بالذال المعجمة وقد مرَّ في آخر المجلد الأول، عند الكلام على قبائل حلب ومنهم ولد بحتر من سلامان في عمرو، ذكر وجه الصواب فيه. فانظره في موضعه.

_________

(1)

توفي سنة 638 وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 387، ابن الشعار: قلائد الجمان 1: 338 - 343، وفيات الأعيان 7: 337، تاريخ الإسلام 13: 853 - 853، القرشي: الجواهر المضية 1: 345 - 346، الوافي بالوفيات 8: 337، بغية الوعاة 1: 394 (أرخ وفاته سنة 668 هـ)، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 349 - 350.

ص: 241

وجَدُّهم الأعْلَى يَحْيَى بن عُبَيْد أخو أبي عُبَادَة البُحْتُرِيّ الشَّاعر؛ وأبو القَاسِم هذا رَجُلٌ فَاضِلٌ مُقْرئٌ مُجَوِّدٌ، عَارِفٌ بعُلُوم القُرْآن واللُّغَة والنَّحو معْرفَة جَيِّدة، قَرأ القُرْآنَ على شَيْخنا أبي القَاسِم عليّ بن قاسم بن الزَّقَّاق الإشْبِيلِيّ المُقْرِئ وغيرِه، وقرأ اللُّغَة على شَيْخنا أبي اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، والنَّحو على أبي الرَّجَاء مُحَمَّد بن حَرْب النَّحْوِيّ الحَلَبِيِّ، وسَمِعَ الحَدِيْث من أبي مَنْصُور أبيهِ، ومُحَمَّد بن أَسْعَد الجَوَّانِيّ، وأبي الفَرَج يَحْيَى بن أبي الرَّجَاء بن سَعْد الثَّقَفِيّ، وله شِعْرٌ.

تَصَدَّرَ بالمَسْجِد الجامع لإفَادة عُلُوم القُرْآن واللُّغَة والنَّحو سِنِين عِدَّةً، وكان له حَلْقَة به إلى أنْ ماتَ، كتبتُ عنه شَيئًا من شِعْره، وسَمِعْتُ منه جُزءًا من الحَدِيْث، وعلَّقتُ عنه فَوَائِدَ عن شُيُوخه، وسَألتُهُ عن مَوْلدِه، فقال: في سَنَة إحْدَى وسِتِّين وخَمْسِمائَة، ثمّ قَرَأتُ بخَطِّ والده أبي مَنْصُور: مَوْلد أبي القَاسِم، أنْشَأَهُ الله صَالِحًا، آخر السَّاعَة الثَّالثَة من نهار يَوْم الأرْبَعَاء ثاني عشرين شَوَّال سَنَة إحْدَى وسِتِّين وخَمْسِمائَة مُوافق أوَّل يَوْم من أَيْلُول سَنَة 1476 يُونَانِيَّة

(1)

.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَد بن هِبَةِ الله بن سَعْد الله الحَلَبِيّ قِراءَةً عليهِ بها، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج يَحْيَى بن أبي الرَّجَاء بن سَعْد الثَّقَفِيّ الأصْبَهَانِيّ بحَلَب، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّاد، قِراءَةً عليهِ وأَنا حاضرٌ، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الحافِظُ أبو نُعَيْم أحْمَدُ بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بن عَبْدِ الله بن عليّ بن يَحْيَى المَعْرُوف بابنِ أَبي العَزَائِم، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو أحْمَد بن حَازِم بن أبي غَرَزَة، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن مُوسَى، عنِ أيْمَن بن نَابِل، عن قُدَامَة بن عَبْد الله، قال

(2)

: رَأيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَرْمي الجَمْرَةَ يَوْم النَّحْر على ناقةٍ صَهْباءَ، لا ضَرْب ولا طَرْدَ، ولا إليكَ إليكَ.

(1)

تُقابل سنة 1166 م، وصورتها:

|

(2)

تقدم تخريجه في الجزء الثاني.

ص: 242

أنْشَدَنا تَاجُ الدِّين أبو القَاسِم أحْمَدُ بن هِبَةِ الله بن سَعْدِ اللهِ الحَلَبِيّ النَّحْوِيّ لنَفْسِه يَمْدحُ المَلِك الظَّاهِر غَازِي بن يُوسُف بن أيُّوبَ

(1)

: [من الطويل]

لقد سُمْتَ ما لا أسْتَطِيْعُ من الأمْرِ

رُوَيْدَكَ إنَّ اللَّوْمَ لي بالهَوَى يُغْرِي

فلو ذُقْتَ ما قَدْ ذُقْتُ من لذَّة الهَوَى

تَيَقَّنْتَ أنَّ العَذْلَ ضَرْبٌ من الهُجْرِ

سَقَاني الصِّبَى كأسَ الهَوَى ثُمَّ عَلَّني

وجَرَّعَني من حُلْوِه ومن المُرِّ

بنَفْسِي الَّتي أوْدَى هَوَاهَا بمُهْجَتي

وأصْبَحَ قَلْبي عندَها مُوْثَقَ الأسْرِ

إذا سُمْتُهَا تَعْجِيْلَ حُلْو وصَالِها

تُكَلِّفُني صَبْرًا أمرّ من الصَّبْرِ

وتَرْنُو بطَرْف كُلّما طَرَفَتْ بهِ

تُقَلِّبُ قَلْبي في ذَكيٍّ من الجَمْرِ

فتَحْسبُ هَارُوتًا ومارُوتَ إذْ رَنَتْ

لدَى الرَّأي في ألْبَابِنَا نافثَي سِحْر

لقَدْ مَنَعَتْ يَقْظَى لذيذَ وصَالِها

وفي النَّوْم حتَّى صَدَّتِ الطَّيْفَ أنْ يَسْري

ولو أنَّها تَسْطِيع بُخلًا بذِكْرها

لصَدَّتْهُ أنْ يَجْري ويَخْطُرَ في فِكْري

عِدِيهِ (a) وِصَالًا منْكِ يَشْفِيهِ أَنَّهُ

أضَرَّ بهِ الهِجْرانُ يا ضَرَّةَ البَدْرِ

جَوَانحُه تَأْتَجُّ نارًا من الأَسَى

وأجْفَانُه قَرْحَى وأدْمُعُهُ تَجْري

لكَ اللهُ من قَدٍّ رَشِيْقٍ وطَلْعَةٍ

لقد أزْرَيا بالبَدْر والغُصُنِ النَّضْرِ

تُعَطِّرُ نادِي الحَيّ إذ خَطَرَتْ بهِ

ولَمْ تُمْسِسِ (b) الأرْدَان شَيئًا من العِطْرِ

ولم أَنْسَهَا يَوْم الوَدَاعِ وقد سَبَتْ

فُؤادي وغالَتْ ما ادَّخَرْتُ من الصَّبْرِ

بدُرَّين مَنْثُورَين لفْظٍ وأدْمُعٍ

ودُرَّين مَنْظُومَين في الفَمِ والنَّحْرِ

لأَزمَعَ لمَّا أنْ رحَلتِ ترحُّلًا

رُقَادِي عن عَيْني وقَلْبي عن صَدْري

قِفي زَوِّديني نَظْرةً منْكِ علَّني

أعيْشُ بها يا عَزُّ واغْتَنمِي أجْري

ولا تجْمَعي هَجْرًا وبَيْنًا فلم أكُن

لأقْوَى على بَيْن الأحِبَّةِ والهَجْرِ

(a) ابن الشعار: عليه.

(b) ابن الشعار: ولم تمس.

_________

(1)

القصيدة في قلائد الجمان 1: 240 - 241.

ص: 243

رأَتْ شَيْبَ رأسي الغانياتُ فَعِفْنَني

وكنتُ أُرَى ما بين سَحْر إلى نَحْرِ (a)

مَضَتْ لي أيَّامُ الشَّبَابِ حَمِيْدةً

ولم يَبْقَ من عَصْر الشَّبَاب سِوَى الذِّكْرِ

وأَقْبَل عَصْرُ الشَّيْب بالكُره مُؤْذِنًا

بتَصْرِيم أيَّامٍ بَقِينَ من العُمْرِ

كأنَّ شَبَابي كانَ لَيْلَة وَصْلها

فلَمْ تدْجُ حتَّى رُوَّعَتْ بسَنَا الفَجْرِ

كأنَّ سَوَادَ الشَّعْر سُوْدُ مَطَالِبي

يُبَيِّضُها غازٍ بأفْعَالِهِ الغُرِّ

أنْشَدَنا أبو القَاسِم بن الجِبْرَانِيّ لنَفْسِه من قَصِيدَة

(1)

: [من الكامل]

مَلِكٌ إذا ما السِّلْمُ شتَّتَ مَالَهُ

رَدَّ الهِيَاجُ عليهِ ما قد فَرَّقَا

وأَكُفُّهُ تَكِفُ النَّدَى فبَنانهُ

لو لامَسَ الصَّخْرَ الأصَمَّ لأَوْرَقَا

قال لي أبو القَاسِم أحْمَدُ بن هِبَةِ الله النَّحْوِيّ: عَمِل أبو العَلَاء أحْمَدُ بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان في لُزُوم ما لا يَلْزَم

(2)

في النُّون السَّاكنَةِ مع البَاءِ والذَّالِ ووَاو الرِّدفِ وأوَّل السَّريع: [من السريع]

كُلْ واشْرَبِ النَّاسَ على خِبْرَةٍ

فَهُمْ يَمِرُّونَ ولا يَعْذُبُونْ

ولا تُصَدِّقُهُم إذا حَدَّثُوا

فإنَّنِي أَعْهَدُهُم يَكْذِبُون

وإنْ أَرَوْكَ الوُدَّ عن حَاجَةٍ

ففي حبالٍ لهم يَجْذِبُوْن

قال: وقيل لا يَقْدِر شَاعِرٌ أنْ يأتي ببيتٍ رابعٍ لهذه الأبْيَات الثَّلاثةِ، فَزَادَ فيها ابنُ مُنِير أبو الحُسَين بَيْتًا رابعًا وهو قَوْلهُ

(3)

:

(a) ابن الشعار: نجر.

_________

(1)

البيتان في قلائد الجمان 1: 241.

(2)

لزوم ما لا يلزم 3: 586.

(3)

لم يرد في ديوان ابن منير، وهو في قلائد الجمان 1:241.

ص: 244

قُزْمٌ إذا سِيْلُوا وإنْ أُطْعِمُوا

رأيتَهُم من طمَع يُهْذِبُون

يعني: يُسْرِعُون.

قال لي أبو القَاسِم: فزدْتُ أنا بَيْتًا خَامسًا وهو قَوْلي:

لَيْسَ يُرَجَّى خَيْرَهُم آمِلٌ يَوْمًا

ولا عن لاجئٍ يَشْذِبُون

يعني: يَذُبُّوْنَ.

قُلتُ: فزدْتُ أنا بَيْتًا سَادسًا وهو قَوْلي:

لا يَصْدفُونَ النَّفْسَ عن شَرِّها

كَلَّا ولا عَنْ سَوْءَةٍ يُعْذِبُون

أي: يَمْنَعُونَ.

قال لي أبو القَاسِم بن الجِبْرَانِيّ: كان أبو مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ الحَرِيرِيّ عَمَل بَيْتَيْن وقد أوْرَدَهُما في المَقَامَات

(1)

، وقال النَّاسُ: لا ثالثَ لَهُما؛ وهُما قَوْلُه: [من المنسرح]

لا تَسْألِ المَرْءَ مَنْ أَبُوهُ وَرُزْ

خِلَالَهُ ثُمَّ صِلْهُ أو فَاصْرِمِ

فما يَشِينُ السُّلَافَ حين حَلَا

مَذَاقُها كَوْنَها ابْنَةَ الحِصْرِم

قال: فعَمِلتُ بَيْتًا ثالثًا وهو قَوْلي:

وإنْ غَدَا رَاقِيًا مَرَاتبَ ذِي

أصْلٍ عَرِيقٍ فلا تَقُلِ حِصْ رِمْ

قُلتُ: وبَيْتا الحَرِيرِيِّ أخْبَرَني بهما الشَّيخُ العَلَّامَةُ تَاج الدِّين أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ قراءةً منِّي عليه بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا جَمَاعَةٌ منهم: الشَّيْخ

(1)

مقامات الحريري 334.

ص: 245

أبو مَنْصور مَوْهُوبُ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الخَضِر الجَوَالِيْقِيّ، ومَجْد الإسْلَام عُبَيْد الله بن القَاسِم بن عليّ، ح.

وأخْبَرَنا ضِيَاء الدِّين الحَسَن بن هِبَة الله بن عَمْرو المَوْصِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد مُحَمَّد بن عليّ العِرَاقِيّ، وسعيد بن المبُارَك بن عليّ بن الدَّهَّان، ح.

وأخْبَرَنا عَبْدُ اللَّطِيْف بن يُوسُف بن عليّ البَغْدَاديّ، وأبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر بن عليّ القُرَشِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن النَّقُّور، قالوا كُلّهُم: أنْشَدَنا أبو مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ الحَرِيرِيّ البَصْرِيّ، فذَكَرَ البَيْتَيْن.

تُوفِّي أبو القَاسِم أحْمَدُ بن هِبَةِ الله بن الجِبْرَانِيّ الطَّائيُّ بحَلَبَ يَوْم الاثْنَين سَابِع شَهْر رَجَب من سَنَة ثَمانٍ وعشرين وسِّتِمائة، ودُفِنَ في سَفْح جَبَل جَوْشَنٍ.

‌أحمدُ بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أحْمَد بن يَحْيَى بن أبي جَرَادَة، أبو الحَسَن بن أبَي الفَضْل بن أبي غَانِم بن أبي الفَضْل بن أبي الحَسَن الحَلَبِيُّ، القَاضِي العُقَيْلِيُّ

(1)

والدِي، وتَمَام نَسَبهِ قد ذَكَرْناهُ في تَرْجَمَةِ عَمِّ أبيه أبي الحَسَن أحْمَد بن هِبَة اللهِ بن أحمد

(2)

.

(1)

كُتب في الهامش بغير خط المؤلف: "ترجمة والد مصنف هذا الكتاب"، وكانت وفاة صاحب الترجمة سنة 613 هـ، وترجمته في: معجم الأدباء 5: 2082، الوافي بالوفيات 8: 224، القرشي: الجواهر المضية 1: 347.

(2)

في الترجمة قبل المتقدمة.

ص: 246

وَلِيَ القَضَاءَ بحَلَب وأعْمَالها في سَنَة خمْسٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة في دَوْلَة المَلِك الصَّالِح إسْمَاعِيْل بن مَحْمُود بن زَنْكِي، ومِن بعدَه في دَوْلة عِزّ الدِّين مَسْعُود بن مَوْدُود، ودَولة عِمَاد الدِّين زَنْكِي بن مَوْدُود، وصَدْرًا من دَوْلَة المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين يُوسُف بن أَيُّوبَ، فانْتَقَلت المناصب الدِّيْنِيَّة بحُكْم المَذْهَب من الحَنَفِيَّة إلى الشَّافِعيَّة، فعُزل والدي عن القَضَاءِ في سَنَة ثَمانٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، ووليه القَاضِي مُحْيِي الدِّين مُحَمَّد بن عليّ قاضي دِمَشْق.

وكان عَمِّي أبو غَانِم إذ ذاك مُجَاوِرًا بمَكَّة، حَرَسَها اللهُ، فحَجَّ وَالدِي تلك السَّنَة، واجْتَمع به بمَكَّة، وعادا إلى حَلَب.

وكان والدي قبل ولايته القَضَاءَ قد ولي الخَطَابَة بقَلْعَة حَلَب في أيَّام نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، وخَطَب بالمَسْجِد الجامع بحَلَب في أيَّام ولده المَلِك الصَّالِح إسْمَاعِيْل نيابةً عن أخيهِ أبي غَانِم، وولي أيضًا قبل ولايته القَضَاء في أيَّام المَلِك الصَّالِح خِزَانَة بَيْت المَال.

وكان رحمه الله حَسَن السِّيْرَة في أحْكَامِه، جَاريًا فيها على أحْسَن قَانُون، مُتَحرِّيًا في قضَايَاهُ، مُقِيْمًا لنَامُوس الشَّريْعَة المُطَهَّرة.

وكان رحمه الله يقُول لي: يا بُنَي، واللهِ ما أُوْثرُ لك أنْ تَتَولَّى القَضَاء، فإنْ عُرِضَ عليك لا تَتَوَلَّهُ، فإنَّني ما اسْتَرحتُ منذُ وُليتُه حتَّى تركتُه، ولكنِّي أُوْثر لك أنْ تكُون مُدَرِّسًا، وأنْ تَتَولَّى مَدْرسَة الحَلاوِيِّين، فقدَّر الله تعالَى أنْ وَفَّقَني لِمَا كان يُؤثره لي بعد وَفاته.

وكان رحمه الله قد سَمِعَ أباهُ القَاضِي أبا الفَضْل هِبَة الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، وأبا المُظَفَّر سَعيد بن سَهْل بن مُحَمَّد الفَلَكِيّ وَزِير خُوارَزْم، والشَّيْخ أبا زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن

ص: 247

المَنْصُور الزَّاهِد المَغْرِبيّ، وأبا مُحَمَّد عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن بن جُزَيّ الأنْدَلُسِيّ، والشَّيْخ مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد التِّرْمِذيّ؛ وحَدَّثَ عن هؤلاء، وسَمِعَ جَمَاعَةً من شُيُوخنا مثل: يَحْيَى بن عَقِيل بن شَرِيْف بن رِفَاعَة السَّعْدِيّ، وأبي اليُمْن الكِنْدِيّ، وأبي عليّ الأَوَقِيّ، وأبي عَبْد اللهِ الدَّربَنْدِيّ، وجَمَاعَة غيرهم، وكان يحضُر قراءتي عليهم.

وأخْبَرَني أنَّ مولدَهُ بحَلَبَ سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وخَمْسِمائَة.

قال لي عَمِّي أبو غَانِم: ممَّا أذْكرهُ لكَ من فَضْل والدكَ، أنَّني كُنْتُ مُجاوِرًا بمَكَّة، وبها الشَّيْخُ رَبِيعُ بن مَحْمُود المَارِدِيْنِيّ، فقال لي في بعضِ الأيَّام: يا أخي، قد ألْهَمَني اللهُ تعالَى أنْ أمْضي كُلّ ليلةٍ - أوَ قال: كُلّ يَوْم - إلى المُلْتَزم، وأدْعُوَ الله تعالَى أنْ يُخَلِّص أخَاكَ أبا الحَسَن من القَضَاءِ، فقدَّر الله تعالى أنْ اسْتجابَ من الشَّيْخ رَبِيع، وترك والدُكَ القَضَاء، وحَجَّ من عامِهِ ذلك، وجاء إلينا إلى مَكَّة في المَوْسِم.

ذَكَر لي عَمِّي عندما تُوفِّي والدي، في مَعْرض عَنَايةِ الله تعالى بهِ، حيث ألْهَم الشَّيْخ رَبِيع بن مَحْمُود الدُّعَاءَ لهُ، واستجيْب له، وكان الشَّيْخ رَبِيع أحَد الأوْلِيَاءِ الظَّاهرة كرامَتُهم، واجْتَمَعْتُ بهِ بحَلَبَ، ودَعَا لي في حَيَاةِ والدِي رَحمهما الله.

أخْبَرَنا والدي أبو الحَسَن أحْمَد بن هِبَة الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، قِراءَةً عليهِ بحَلَب حَرَسَها اللهُ، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر سَعيدُ بن سَهْل بن مُحَمَّد الفَلَكِيُّ، إمْلاءً بالمَدْرَسَة النُّورِيَّة بحَلَب في يَوْم الأرْبَعَاء الحادي عَشر من شَوَّال سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسين وخَمْسِمائَة، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أبو الحَسَن عليِّ بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عُبَيْدِ الله المَدِيْنِيُّ إمْلاءً بنَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا القَاضِي الجَلِيْل أبو بَكْر أحْمَدُ بن الحَسَن بن أحْمَد الحِيْرِيُّ، قال: أخْبَرَنا حَاجِبُ بن أحْمَد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحيم بن مُنِيْب المَرْوَزيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن هَارُون، قال: أخْبَرَنا

ص: 248

حُمَيْد، عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال

(1)

: لا عليكُم أنْ لا تُعْجَبُوا بأحَدٍ حتَّى تَنْظُروا بم يُخْتَم له، فإنَّ العَامِل يَعْمَلُ زمانًا من عُمُره أو بُرْهَةً من دَهْره بعمل صَالح لو مَات عليه لدَخَل الجَنَّة، ثمّ يَتَحَوَّل فيَعْمل عملًا سيئًا، وإِنَّ العامِل ليَعْمَلُ زَمانًا من عُمُره بعَمَل سَئ لو ماتَ عليهِ لدَخَل النَّار، ثمّ يتَحَوَّل فيَعْمل عَمَلًا صَالِحًا، فإذا أرادَ اللهُ بعَبْد خَيْرًا استعْمَلَهُ قبل مَوْتهِ، قالوا: يا رسولَ الله، وكيفَ يَسْتَعْملهُ قبل موْتهِ؟ قال: يُوَفِّقُه لعَمَل صَالح ثمّ يَقْبضُه عليه (a).

تُوفِّي وَالدِي، رحمه الله، لَيْلَة الجُمُعَة لثَلاثٍ بَقِينَ من شَعْبان سَنَة ثلاث عَشرة وسِتّمائة بمَرض التَّرَاقي، وهو طُلُوْعٌ ظَهَر في ظَهْره بين كتفَيهِ على مُحاذَاةِ القَلْب، ويُقال له: الشَّقْفَة. ودُفِنَ يَوْم الجُمُعَة بعد الصَّلاة في التُّرْبَةِ المُخْتَصَّة بأهلنا بالقُرْبِ من مقام إبْراهيم عليه السلام.

وكان رحمه الله في مَرضهِ ذلك يَطْلبُ منِّي أنْ أقرأ له شيئًا في كتاب أدَب المَرِيْض والعَائد لأبي شُجاعٍ البِسْطَامِيِّ، ويَسْألني أنْ أُوردَ له أشياء وَرَدَت في الصَّبْر، وما يَنْبغِي للمَرِيْض أنْ يَقُولَهُ ويَدْعُو به ممَّا يَنْفَعُه لآخرته، وكان إذا قال له أحدٌ من الجَمَاعَة: أبْشِر بالعَافِيَة يقُول: والله إنِّي لا أكْرَهُ المَوْت، مَنْ أحَبَّ لقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لقاءَهُ، وأوْصىَ بإخْرَاج شيءٍ من مَالهِ وافِر يُتَصَدّق به على الفُقَرَاء والمَسَاكِيْن، ولمَّا أحَسَّ بالمَوْت جَعَل يقول في تلك اللَّيْلة الّتي تُوفِّي فيها ما قاله النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

(2)

: اللَّهُمَّ أعَنِّي على سَكَراتِ المَوْتِ. ثمّ اسْتَدْعَى بسوَاكٍ فاسْتَاكَ به، وسَمِعَه مَنْ كان يتولَّى تمريضَهُ من جَمَاعتنا وهو يَقُول: هذا ذو الكِفْل

(a) الصفحة بعده بياض في الأصل.

_________

(1)

ابن أبي عاصم: السنة 174 (رقم 393)، وفيه:"دهره بدل: عمره، والعبد بدل: العامل".

(2)

سنن ابن ماجة 1: 519 (رقم 1623)، عمل اليوم والليلة للنسائي 312 (رقم 1101)، مسند أبي يعلى الموصلي 8: 9 (رقم 4510)، المعجم الكبير للطبراني 23: 34، فتح الباري 8: 140 (رقم 4446)، كلهم من طريق القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها.

ص: 249

يُصَلِّي، وقال: أعطوني سُبْحَة الشَّيْخ أبي الحَسَن - يعني الفَاسِيّ - وكان من أوْلياءِ الله تعالى وكبار الزُّهَّاد. ثمّ إنَّهُ طَلَبني، وكنتُ في ناحيَةِ الدَّار، فَحضَرتُ إليه، فالتفَتَ فرآني واسْتَدْعاني إليه، ثمّ قَبَّل فمي، فوجَدْتُ شفَتيه قد بَرَدَتا، فعَلِمتُ أنَّهُ في النَّزْع، ولمَّا احْتُضر جعلْتُ أنا وعَمِّي أبو غَانِم نُلقِّنه الشَّهَادَةَ وهو يتشهَّد مَعَنا، وقرأنا سُوْرة الإخْلَاص فجعلَ يَقْرأها مَعنا إلى أنْ مات، وعَرق جَبيْنُه عَرقًا باردًا طَيِّب الرَّائِحَة، ودمعَتْ عَيْنُهُ، وظَهَر له من أمارات الخير عند مَوْته - ولله الحَمْد - ما طَيَّب القُلُوب لفَقْده.

وكان قد سَألَ في اللَّيْلة الّتي تُوفِّي فيها: ما هذه اللَّيْلة؟ فقيل له: لَيْلَة الجُمُعَة، فقال: غَدًا أُفَارقَكُمُ، فماتَ في تلك اللَّيْلة، ودُفِنَ يَوْم الجُمُعَة.

ومن عَجَائِب ما اتَّفق أنَّهُ كان يَجْتَهد في تَزْويجي ويَحثُّني عليه، ويقول: أشْتَهي أنْ أرَى لأبي القَاسِم ولدًا يَمْشي بين يَدَيّ، فاتَّفقَ أنْ زوَّجني، فوُلد لي ولدي أحْمَد الّذي قدَّمْتُ ذِكْره

(1)

، فسَمَّاهُ والدي باسْمِه، وتكمَّل له من العُمر سَنَة، ومَرض والدِي، فلمَّا كان يَوْم الخَمِيْس الّذي أعْقَبه لَيْلَة الجُمُعَة الّتي تُوفِّي فيها، جئتُ إلى جَنب الدَّار، فرأيتُ أحْمَد وهو يَمْشيِ خطوات أوَّل مَشْيه وله سَنَة وشَهْر، فحملتُه وجئتُ إلى وَالدِي وقلتُ له: يا موْلاي، هذا أحْمَدُ قد مَشَى، فنظَر إليهِ وهو على جَنْبهِ، فاسْتَدْعاهُ إليهِ، فَمَشَى إليهِ من باب المَجْلِس إلى صَدْره، فأخَذَهُ وقبَّل وَجْهَهُ، ودمَعَتْ عَيْنُه، وتُوفِّيَ تلك اللَّيْلة، وقد أدْرَك ما تَمَنَّاهُ رحمه الله.

(1)

كان مولد ابنه أحمد في جمادى الأولى سنة 612 هـ، وأدرك آخر سنة من حياة جده أحمد (ت 613 هـ)، ولا يرد له ذكر في المصادر بخلاف إخوته وأخواته، ولعله الذي ذكره ابن شداد وسبط ابن الجوزي باسم:"أحمد ابن الصاحب كمال الدين بن العديم، وأنه توفي ببلاد الروم سنة 638 هـ، فحمل ودفن في حلب". ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 1: 281، سبط ابن العجمي: كنوز الذهب 1: 358، وذكر ابن العديم في تذكرته 172 أن مولد ابنه أحمد في سنة 613 هـ، وهو مخالف لما أورده هنا.

ص: 250

‌أحمدُ بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد بن مُحَّمَّد بن الحُسَين بن أبي الحَدِيْدِ، أبو المَعَالِي المَدَائِنِيُّ

(1)

ويُسَمَّى أيضًا: القَاسِم.

شَيخٌ حَسَنٌ فَاضِلٌ فَقِيْهٌ أدِيبٌ شَاعِرٌ، قَدِمَ إلى حَلَب، وأقامَ بها مُدَّةً في مَدْرَسَة شَيْخِنا قاضِي القُضَاة، ثمّ سَافَرَ إلى بَغْدَاد، وكتَبَ بها الإنْشَاءَ في دِيْوَان الخَلِيفَة المُسْتَعْصِم، وسَمِعْتُ مَنْ يُنْشد مَدَائح المُسْتَعْصِم الّتي نَظَمها في ذلك الوَقْت، وهو حاضرٌ، لأنَّهُ كان يترفَّعُ عن الإنْشَادِ لكنه كان دمِث الأخْلَاق، حَسَن المُحاضَرَة، طَيِّب المُفَاكَهَة، اجْتَمَعْتُ بهِ في مَجْلِس الوَزِير أبي طَالِب بن العَلْقَمِيّ، وجَرَى بيني وبينه مُبَاحَثَة في الفِقْه.

وسأذْكُرُ تَرْجَمتَهُ في حَرْف القَاف

(2)

، وأُوْرِدُ شَيئًا من شِرْه الّذي سَمِعْتهُ منهُ، لأنَّ القَاسِمِ أشْهَر اسْمَيهِ، لكنِّي لا أُخْلى هذه التَّرْجَمَة من شيءٍ من مَحَاسِن شِعْره، فمن ذلك ما أنْشَدَني رضي الدِّيِن أبو عبد الله مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد بن فَلَاح الهِيْتِيّ النّاظِر بها بهِيْتَ، قال: أنْشَدَني مُوفَّق الدِّين بن أبي الحَدِيْدِ لنَفْسِه، وكتَبَها إلى أخيه عَبْد الحَميْد بن أبي الحَدِيْد، وقد وضَع كِتَابًا يردُّ فيه على ضِيَاءِ الدِّين نَصْر الله بن الأَثِيْر في كتابه المَوْسُوم بالمَثَل السَّائِر، وسَمَّى كتابه الفَلك الدَّائِر على المَثَل السَّائِر

(3)

: [من السريع]

المَثَلُ السَّائِرُ يا سَيِّدِي

صنَّفْتَ فيه الفَلك الدَّائِرَا

(1)

توفي سنة 656 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 406 - 407، وفيات الأعيان 5: 391 - 392 (ترجمة عارضة)، الكتبي: فوات الوفيات 1: 154 - 155، اليونيني: ذيل مرآة الزمان 1: 104 - 111 (واقتبس فيها من كتاب ابن العديم هذا)، تاريخ الإسلام 14: 834 - 835، العبر في خبر من غبر 3: 383، سير أعلام النبلاء 23: 274 - 275 (ذكره باسم القاسم، وقال: ويدعى أحمد)، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 199 - 200 (ذكره في وفيات سنة 655 هـ، ونعته بالكاتب الشاعر المطبق الشيعي الغالي)، الوافي بالوفيات 8: 225 - 226، الزركشي: عقود الجمان ورقة 63 أ، ابن تغري بردي: المنهل الصافي 2: 253، ابن تغري بردي: الدليل الشافي 1: 94 - 95، شذرات الذهب 7:485.

(2)

ترجمته باسم القاسم بن هبة الله في الأجزاء الضائعة من الكتاب.

(3)

البيتان في وفيات الأعيان 5: 392، وفوات الوفيات 1: 155، والوافي بالوفيات 8: 226 وعقود الجمان 63 أ.

ص: 251

لكنَّ هذا فَلَكٌ دَائِرٌ

تَصيرُ فيه المَثَلَ السَّائِرَا

وقرأتُ من شِعْره بخَطِّه في المُوَجَّهِ

(1)

: [من الخفيف]

عجبوا من عِذَاره بعد حَوْلَين

وما طال وهو غضّ النَّبَاتِ

كيف يزكو زَرْعٌ بخَدّيه والنَّا

ظِرُ وَسْنانُ فاتِرُ الحَرَكَاتِ

وقرأت بخَطِّه: ولمَّا رُتِّبَ بعضُ أصْحَابنا عَارضًا للجَيْش، ودَخَل بالخَلْعَة، قُمْتُ إليه وقبَّلْتُهُ ودَعْوتُ لهُ، وقلتُ ارْتِجَالًا

(2)

: [من مخلع البسيط]

لمَّا بَدَا رَائِقَ التَّثَنِّي

وهو بأثْوَابهِ يَمِيْدُ

قَبَّلْتُهُ باعْتبار مَعْنَىً

لأنَّهُ عارضٌ جَدِيْدُ

تُوفِّي ابن أبي الحَدِيْد ببَغْدَاد بعد اسْتِيْلَاء التَّتَار عليها في شُهُور سَنَة ستٍّ وخَمْسِين وسِتّمائة، وكان قد سَلِم من القَتْل، وكتَبَ لهم الإنْشَاء إلى البِلاد على عادته.

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ هِشَام من الأحْمَدِين (a)

‌أحمدُ بن هِشَام بن عَمْرو بن أبي هِشَام

(3)

وقد تَقَدَّمَ ذِكْرهُ

(4)

، والصَّحيح أنَّ اسم أبيه هاشِم.

(a) في الأصل: المحمدين، وكتب في الهامش:"صوابه الأحمدين".

_________

(1)

البيتان في التذكرة الفخرية لبهاء الدين الأربلي 153.

(2)

البيتان في فوات الوفيات 1: 154 وذيل مرآة الزمان 1: 110، والوافي بالوفيات 8: 226، وعقود الجمان للزركشي 63 أ، والمنهل الصافي 2:253.

(3)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 69، وفيه: أحمد بن هاشم بن عمرو بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله، أبو جعفر بن أبي هاشم الحميري البعلبكي، وذكره أيضًا فيمن اسم أبيه هشام 6: 71، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 111.

(4)

لم ترد له ترجمة فيمن اسمه: أحمد بن هاشم.

ص: 252

‌أحْمَدُ بن هِشَام بن فرخُسْرُو المَرْوَزيّ القَائِد

وهو أخو عليّ والحُسَين ابني هِشَامٍ الخُرَاسَانيَّيْن، كان في صُحْبَة عَبْد الله المَأْمُون حين خَرَجَ إلى بَلَادِ الرُّوم غَازِيًا، وقَدِمَ معَهُ حَلَب، حَكَى عن المَأْمُون. رَوَى عنهُ بعض ولَده، وكان شَاعِرًا حَسَن الشِّعْر.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله بن أبي الحَسَن، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، عن أبي المُعَمَّر المُبارَك بن أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليِّ بن مُحَمَّد بن زيْد الوِقَايَاتِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد العُكْبِريِّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور، ح.

وأخْبَرَنا أبو الحَسَن إذْنًا قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُبيدِ الله بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن العُكْبَرِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القاسِم آدَمُ بن مُحَمَّد المُعَدَّلُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج عليِّ بن الحُسَين الأصْبَهَانِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَني أبو عَبْد الله أحْمَد بن حُبَيْش (b) التَّمَّار، رحمه الله، قال: حَدَّثنَا أبي، عن بعض ولد أحْمَد بن هِشَام، عن أَبِيهِ، قال: كُنْتُ في جُملة (c) المَأْمُون حيثُ (d) خَرَجَ إلى بَلَد الرُّوم، فدخَلَ وأنا معَهُ إلى كَنِيْسَةٍ قَدِيْمَة البِنَاءَ بالشَّام، عَجِيْبَة الصُّوَر،

(a) الأصل: ابن الزاعوني، وصوابه بالإعجام. ويرد كثيرًا. انظر ترجمته ومصادرها في: سير أعلام النبلاء 20: 278 - 279.

(b) كذا في الأصل مجودًا، وفي كتاب أدب الغرباء: جيش.

(c) الأصل: حُمله، والمثبت عن الأصفهاني.

(d) أدب الغرباء: حين.

_________

(1)

الأصبهاني: أدب الغرباء 23.

ص: 253

فلم يَزَلْ يَطُوِفُها (a)، فلمَّا أراد الخُرُوجَ قال لي: إنَّ مِن شَأن الغُرَبَاء وذَوي (b) الأسْفَار، منْ نَزحَت دارهُ عن إخْوانه وأتْرابه، إذا دَخَلَ مَوضِعًا مَذْكُورًا، ومَشْهَدًا مَشْهُورًا، أنْ يَجْعَل لنَفْسِه فيه أَثرًا، تَبَرُّكًا بدُعَاءَ ذَوِي الغُرْبةِ، وأهْل الانْقِطَاع (c) والسِّيَاحَة، وقد أحبَبْتُ أنْ أدخُل في الجُمْلَة (d)، فابْغِ لي دواةً أكْتبُ بها حُضُوري في مَوضِع من هذه الكَنيْسَة، فاسْتَدْعَيْتُ دواةً، فكَتَب على مَلْبَن (e) المَذْبَح هذه الأبْيَات:[من الكامل الأَحذّ]

يا مَعْشَرَ الغُرَبَاءَ رَدُّكُمُ (f)

ولقيتُمُ الأحْبَابَ (g) عن قُرْبِ

قَلْبي عليكُم مُشْفقٌ حَدِبٌ (h)

فشفَى الإلَهُ بحِفْظِكُم قَلْبي

إنِّي كَتَبْتُ لكي أُساعدَكُم

فإذا قَرَأْتُم فاعْرفُوا كُتْبِي

وذَكَرَ المَرْزُبانيّ في مُعْجَم الشُّعَراء

(1)

، فقال: أحْمَدُ بن هِشَام بن فرخُسْرُو المَرْوَزيّ القَائِد، من أبناءَ خُرَاسَان، وأخُوه عليّ بن هِشَام القَائِد، أقْدَمهما المَأْمُون معهُ من خُرَاسَان، وأحمدُ هو القائل، وله فيهما لَحْنٌ في طَريْقَة الثَّقيل الأوَّل:[من الوافر]

إلَامَ وكَم تُعَدُّ ليَ الذُّنُوبُ

ألَم تَرَ مُذْنبًا قَبْلي يَتُوْبُ

أُؤَمَّل أنْ تَدَارَكَني بعَفْوٍ

ويُقْسَمَ من لقائكَ لي نَصِيْبُ

قال: وله: [من الوافر]

تَمَنَّعَ من شَفَعْتُ بهِ إليهِ

فَزَادَكَ مَنْعُهُ أسَفًا عليهِ

خُذُوا بدمي مَحَاسِنَهُ وخُصُّوا

مُقَبَّلَهُ وبَرْدَ ثَنِيَّتَيْهِ

(a) أدب الغرباء: يطوف بها.

(b) أدب الغرباء: في.

(c) أدب الغرباء: التقطع.

(d) الأصل: الحملة، والمثبت من كتاب أدب الغرباء.

(e) أدب الغرباء: فكتب على ما بين باب المذبح.

(f) في الأصل: رد شتيتكم، وبروايته لا يستقيم الوزن، والمثبت من أدب الغرباء.

(g) أدب الغرباء: الأخبار.

(h) أدب الغرباء: وجل.

_________

(1)

في الجزء الأول الضائع من معجم الشعراء.

ص: 254

‌أحمدُ بن هِشَام بن اللَّيْث الفَارِسِيُّ، أبو عَبْدِ الله

سَمِعَ المُسَيَّب بن وَاضِح التَّلْمَنَّسِيِّ بها، أو بحَلَب، أو ببَعْضِ عَمَلها، وحَدَّثَ عنهُ بِصُور. رَوَى عنهُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيعْ الصَّيْدَاوِيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو نصْر بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن جُمَيْع

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن هِشَام بن اللَّيْث بِصُوْر، قال: حَدَّثنَا المُسَيَّبُ بن وَاضِح، قال: حَدَّثنَا إسْمَاعِيْلُ بن عَيَّاشٍ، عن مُحَمَّد بن طَلْحَة، عن عُثْمان بن يَحْيَى، عن ابن عبَّاسٍ

(2)

، قال: أوَّلُ ما سُمِعَ بالفَالُوْذَج أنَّ جِبْرِيلَ أتَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ أُمَّتَكَ ستُفْتَحُ لهم الأرْض، وما يكثر (a) عليهم مِن الدُّنْيا حتَّى إنَّهم ليَأكُلونَ الفَالُوْذَجَ. قال النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: وما الفَالُوْذَجُ؟ قال: يَخْلِطُون العَسَلَ والسَّمْنَ جَمِيعًا. قال: فشهَقَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من ذلك شَهْقَةً.

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ الهَيْثَم من الأحْمَدِين

‌أحْمَدُ بن الهَيْثَم بن حَفْص، أبو بَكْر القَاضِي

(3)

قاضي طَرَسُوس، كان قَاضِيًا بها في أيَّام المتُوَكِّل.

سَمِعَ مُوسَى بن دَاوُد، والحُسَين بن حُمَيْد العَكِّيّ، وأبا عُثْمان سَعيد بن مُحَمَّد الخَوْلانِيّ

(a) مهملة في الأصل، والمثبت من معجم ابن جميع الصيداوي.

_________

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 209.

(2)

سنن ابن ماجة 3: 1108 (رقم 3340)، الموضوعات لابن الجوزي 3: 21 - 22، وانظر: المسند الجامع 9: 288 (رقم 6619).

(3)

ترجمته في: تهذيب الكمال 1: 516 - 517، تهذيب التهذيب 1: 88، تقريب التهذيب 1:28.

ص: 255

الخَصيْب المُؤذِّن، والقَاضِي عَبْد الله بن مُحَمَّد القَزْوِي، ومُحَمَّد بن أبي غَالِب، وإبْراهيم بن مَهْدِي.

رَوَى عنهُ أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيُّ، وأبو عُمَر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عبدِ الرَّحْمن بن الجِلِّيِّ الطَّرَسُوسِيِّ، وأبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد الرَّشِيْدِيُّ، والحَسَن بن مِهْرَان الأصْبَهَانِيُّ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْدِ اللهِ بن عُلْوَان الأسَدِيّ الحافِظ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالب عبد الرَّحْمن بن الحَسَن بن العَجَمِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم مُحَمَّد بن عليّ النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عليّ بن الحَسَن العَلَويّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن عليّ بن مُحَمَّد المُرْهِبِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن مِهْرَان الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن الهَيْثَم قَاضِي طَرَسُوس، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن مَهْدِي، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ الأبَّار، عن أبي بُرْدَة، عن أبي مُوسَى، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: أوَّلُ مَنْ صُنِعَتْ له الحَام سُليْمانُ بن دَاوُد، فلمَّا وَجَد حرَّها قال: أَوَّه من عَذَاب الله، أوَّه قبَل أنْ لا يَكُون أوَّه (b).

أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحُسَين بن هِبَة الله بن مَحْفُوظ التَّغْلِبيّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَةُ بن أحْمَد بن فارس بن المُنَجَّا بن كَرَوَّس السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الفَقيه الزَّاهِد أبو الفَتْح نَصْرُ بن إبْراهيم بن نَصْر المقَدِسِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر مُسَدَّد

(a) ضبطه ابن العديم بفتح الهاء، والمثبت بالكسر من السمعاني (الأنساب 13: 308) نسبة لبني مُرْهِبة، بطن من همدان.

(b) موضع هذا الحديث بعد الرواية التي تليها، فكتب ابن العديم عند أوله:"مقدم"، وعند الأخرى:"مؤخر".

_________

(1)

تقدم تخريجه في هذا الجزء، في ترجمة: أحمد بن الهيثم القاضي.

ص: 256

ابن عليّ بن عَبْد الله الأمْلُوكيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْصٍ عُمَرُ بن عليّ الأنْطَاكيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مُحَمَّد الرَّشِيْدِيّ بأنْطَاكِيَةَ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن الهَيْثَم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي غَالِب، قال: أخْبَرَنا هُشَيْم، عنَ العَوَّام بن حَوْشَب، عن إبْراهيم التَّيْمِيّ، قال: رأيتُ في المَنَام كأنَّهُ أُوْرِدَ بي على نَهْرٍ فقيْلَ لي: اشْرَب واسْقِ مَنْ شئْتَ لِمَا صَبْرتَ وكُنْتَ من الكَاظِميْن.

‌أحمدُ بن الهَيْثَم بن حَدِيْدَة الحَلَبِيُّ

حَدَّثَ عن أبي نُعَيْم عُبَيْد بن هِشَام الحَلَبِيِّ، وأحمد بن مُحَمَّد. رَوَى عنهُ أبو الفَتْح مُحَمَّد بن الحُسَين بن أحْمَد الأزْدِيّ المَوْصِليُّ الحافِظُ.

أخْبَرَنا أبو الخَطَّابِ عُمَر بن أَسْعَد بن المنُجَّا التَّنُوخِيُّ الحَنْبَلِيُّ بدِمَشْق، وعَبْدُ الرَّحمن بن أبي القَاسِم بن الصُّوْرِيّ بحَلَب، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله بن القَاسِم بن الشَّهْرَزُورِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بنُ الحَسَن بن الحَسَن الأنْصَاريّ من لفظه، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن عُثْمان بن عليّ الحَنَفِيّ، وأبو مَنْصُور يُونُس بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الفَارِقِيّ بدِمَشْق، وأبو العبَّاس عَبْدُ السَّلام بن المُطَهَّر بن أبي سَعْد بن أبي عُصْرُون بحَلَب، قالوا: أخْبَرنا الإمَامُ أبو سَعْد عبدُ الله بن مُحمَّد بن أبي عُصْرُون، قالا: أخْبَرَنا جَدُّنا للأُمِّ أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عَبْد البَاقِي بن طَوْق، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن الفَتْح بن عَبْدِ الله بن فَرْغَان، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن الحُسَين بن أحْمَد بن عُبَيْدِ الله بن بُرَيْدَة الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن الهَيْثَم بن حَدِيْدة الحَلَبِيِّ، قال: حَدَّثَنَا عُبيد بن هِشَام الحَلَبِيِّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن عبد

ص: 257

الرَّحْمن الطَّرَائِفِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَنْبَسَة بنُ عبد الرَّحْمن، عن مُحَمَّد بن سُلَيمان، عن عليّ بن الحُسَين، عن أَبِيهِ الحُسَين بن عليّ بن أبي طَالِب رضي الله عنهما، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: مَنْ اعْتَكف عَشْرًا في رمَضَان عُدِلَ بحَجَّتَيْن وعُمْرَتَين.

‌حَرْفُ اليَاءَ في آباء الأحْمَدِين

‌أحمدُ بنُ يَاسِين بن أبي تُرَابٍ

حدَّثَ بطَرَسُوس عن عَبْد الله بن يُوسُف المَدَائِنِيّ. رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُرْقُور التَّمَّار.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَرُ بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد، فيما أَذنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد يَحْيَى بن عليّ بن مُحَمَّد بن الطَّرَّاح، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد الخَيَّاط، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَنُ بن الحسُين بن حَمْكَان الفَقِيه الشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُرْقُور التَّمَّار بهَمَذَان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يَاسِيْن المَعْرُوف بابنِ أبي تُرَاب بطَرَسُوس، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن يُوسُفَ المَدَائِنِيُّ، قال: حَدَّثَني يُونُس بن عَطَاءٍ، من ولد زِيَاد الصُّدَائيِّ، عن سُفْيان الثَّوْرِيّ، عن أَبيِهِ، عن جَدِّهِ، عن زِيَاد الصُّدَائيِّ، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

: مَنْ طَلَبَ العِلْمَ، تكفَّلَ اللهُ له برِزْقِهِ.

(1)

المنذري: الترغيب والترهيب 3: 149، المناوي: فيض القدير 6: 74 (رقم 8479).

(2)

القضاعي: مسند الشهاب 1: 245 (رقم 391)، الشجري: الأمالي الخميسية 1: 60.

ص: 258

‌ذِكْرُ مَن اسْمُ أبيْهِ يَحْيَى من الأحْمَدِين

‌أحْمَدُ بن يَحْيَى بن جَابِر بن دَاوُد، أبو بَكْر - وقيل: أبو جَعْفَر، وقيل: أبو الحَسَن - البَلاذُرِيُّ البَغْدَاديُّ الكَاتِبُ

(1)

كاتبٌ، أدِيبٌ، شَاعرٌ، مُصَنِّف، لهُ كُتُبٌ حَسَنةٌ؛ منها: كتاب أنْسَاب الأشرَاف، وهو كتابٌ مُمْتعٌ كَثِيْر الفَائِدَة والنَّفْع، ومات ولم يُتّمه، وكتاب البُلْدان وفُتُوحها وأحْكَامها وهو أيضًا كتاب كَثِيْر الفَوَائِد.

ودَخَلَ صَلَبَ ومَنْبج وأنْطَاكِيَة والثُّغُور، وكان شَاعِرًا مُجيْدًا، رَاوِيَة للأخْبَار والأدَب، حَمع بأنْطَاكِيَة أحْمَد بن الوَلِيد بن بُرْد، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمنِ الأنْطَاكِيَّيْنِ، ورَوَى عنهُما وعن هِشَام بن عَمَّار، وأبي حَفْص عُمَر بن سَعيد الدِّمشقيَّين، ومُحَمَّد بن مُصَفَّى الحِمْصِيّ، وعَفَّان بن مُسلم، وأحمد بن إبْراهيم الدَّوْرَقِيّ، ومُحَمَّد بن الصَّبَّاح الدُّولَابِيّ، ومُحَمَّد بن سَعْد كَاتِب الوَاقِدِيّ، وعَبْد الأعْلَى بن حَمَّاد، ومُحَمَّد بن حَاتِم السَّمِين، وعبَّاس بن هِشَام، وعبَّاس بن الوَلِيد النَّرْسِيّ، وأبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد المَدَائن، وشَيْبَان بن فَرُّوخ، وعَبْد الوَاحد بن غِيَاث، وعُثْمان بن أبي شَيْبَة، والحسُين بن عليّ بن الأَسْوَدِ العِجليّ، وعليَّ بن المَدِيْنِيِّ، وأبي عُبَيْدٍ القَاسِم بن سَلَّام، وعَمْرو النَّاقِد، ومُصْعَب الزُّبَيْرِيّ، وعبد الله بن صالح العِجليّ، وإسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل، وأبي الرَّبيعْ الزَّهْرَانِيّ، وخلف البَزَّاز.

(1)

توفي سنة 279 هـ، وترجمته في: الفهرست للنديم 1/ 2: 347 - 349، 2/ 1: 151، تاريخ ابن عساكر 6: 74 - 76، معجم الأدباء 3، 530 - 535، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 167، ابن الساعي: الدر الثمين 393 - 293، فوات الوفيات 1: 155 - 157، تاريخ الإسلام 6: 505 - 506، 905 سير أعلام البلاء 13: 162 - 163، الوافي بالوفيات 8: 239 - 341، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 65 - 66، لسان الميزان 1: 333 - 333، الزركشي: عقود الجمان ورقة 64 ب، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 112.

ص: 259

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن خَلَف، وأحمد بن عَمَّار، وأبو يُوسُف يَعْقُوب بن نُعَيْم بن قَرْقَارَة الأرزَنِيّ، ويَحْيَى بن البَريْم، وعبد الله بن أبي سَعْد.

وكان المتُوَكِّل قد جَعَلَهُ من نُدَمائِه أخِيْرًا، وكان يُعَلِّم عَبْد الله بن المُعْتَزِّ.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحْمن بن الحَسَن بن عليّ بن بُصْلَا البَنْدَنِيجِيّ الصُّوْفيّ، وأبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْفَر الدَّامَغَانِيّ البَغْدَاديَّان بحَلَب.

قال ابنُ بُصْلَا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن المُقَرَّبِ الكَرْخِيّ، وأبو القَاسِم يَحْيَى بنُ ثَابِت بن بندَار.

وقال ابنُ الدَّامَغَانِيّ: أخْبَرَتَنَا عَمَّتي ترْكنَاز بنتُ عَبْدِ الله بن مُحَمَّد الدَّامَغَانِيّ.

قالوا كُلّهُم: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحسُين بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن مَهْدِي الفَارِسِيّ، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو عَبْدِ الله الحسُينُ بن إسْمَاعِيْل المحامِلِيِّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بن أبي سَعْدٍ، قال: حَدَّثني أحْمَدُ بن يَحْيَى بن جَابِر، قال: حَدَّثَني عبَّاسُ بنُ هِشَام، عن أَبيِهِ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبَّاسٍ، قال: اسْتَسْقَى عُمَرُ بالعبَّاسِ عام الرَّمَادَة، فقال: اللَّهُمَّ إنَّ هؤُلاءَ عِبَادُكَ، وبنو إمَائِكَ، أتَوْكَ رَاغِبيْنَ مُتوسِّليْن إليكَ بعَمِّ نَبيّك صلى الله عليه وسلم، فاسْقِنَا سُقْيا نَافِعةً تَعُمّ البِلَاد وتُحْيى العِبَاد، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَسْقِيكَ بعَمِّ نبيّك صلى الله عليه وسلم، ونَسْتَشْفعُ إليكَ بشَيْبَتِهِ، فَسُقُوا، ففي ذلك يقولُ عبَّاس بنُ عُتْبَة بن أبي لَهَب:[من الطويل]

بعَمّي سَقَى الله الحِجَازَ وأهْلَهُ

عَشِيَّةَ يَسْتَسْقِي بشَيْبَتِهِ عُمَرْ

تَوَجَّهَ بالعَبَّاسِ في الجَدَبِ رَاغِبًا

إليهِ فما إنْ رامَ حتَّى أتَى المَطَرْ

ومنَّا رسُولُ الله فينا تُرَاثُهُ

فهل فَوْق هذا للمُفَاخِرِ مُفْتخَرْ

ص: 260

قَرأتُ بخَطّ أبي عليّ المُحَسِّن بن عليّ بن مُحمد التَّنُوخِيّ، وأنْبَأنَا به أبو جَعْفَر أحْمَد بن الأزْهر بن السَّبَّاك، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، عن أبي القَاسِم عليّ بن أبي عليّ عنه. قال: وأخْبَرَني - يعني أبا الحُسَين عَبْد الله بن سَلْمَان البَصِيْر - بإسْنَادٍ ذَكَر أنَّهُ غابَ عنهُ أنَّ البَلاذُرِيّ الشَّاعرُ كان يُنْفِقُ دَائمًا ولا يَجْتَدِي، ولا يَحْتَرف، فقيلَ له في ذلك، فقال: دَخَلْتُ مع الشُّعَراءَ يَوْمًا إلى المُسْتَعِين، فقال لنا: مَنْ كان قد قالَ فيَّ مثْلَ قَوْل البُحْتُرِيّ في عَمِّي المُتَوَكِّل

(1)

: [من الكامل]

ولو أنَّ مُشْتَاقًا تكلَّفَ فَوْق (a) ما

في وُسْعِهِ لَمَشَى إليكَ المِنْبَرُ

وإلَّا فلا يُنْشدْني شيئًا، قال: فقُلنا: ما فينا مَنْ قال فيك مثل هذا، وانْصَرَفْنا، فلمَّا كان بعد أيَّام عُدْتُ إليه، فقُلتُ: يا أَمير المُؤمِنِين، قد قلتُ فيك أحْسَنَ ممَّا قال البُحْتُرِيُّ في عَمِّك، فقال: إنْ كانَ كذلك أَسْنَيْتُ جَائزَتَك، فهَاتِ، فقال

(2)

: [من الطويل]

ولو أنَّ بُرْدَ المُصْطَفَى إذْ حَوَيْتَهُ (b)

يَظُنُّ لظَنَّ البردُ أنَّكَ صَاحِبُهْ

وقال وقَدْ أُعْطيتَهُ فلَبِسْتَهُ

نَعَم، هذه أعْطَافُهُ ومَنَاكِبُهْ

فقال: أحْسَنْتَ، انْصَرف إلى مَنْزِلك، وانْتَظر رَسُولي، ففَعَلْتُ، فجاءَني رَسُولُه يُقْعَةٍ بخَطِّه فيها: قد أنْفَذْتُ إليكَ سَبْعَة آلاف دِيْنارٍ، وأنا أعْلَمُ أنَّك ستُجْفَى بَعْدي، وتُطَّرَح وتَجْتَدِي فلا يُجْدَى عليك، فاحْفَظْ هذه الدَّنَانِيْر عندَك، فإذا بلَغَتْ بكَ الحال إلى هذا فأنْفِق منها، ولا تتعَرَّض لأحدٍ ليَبْقَى ماءُ وَجْهكَ عليك، ولكَ عليَّ أنْ لا تَحْتاج ما عِشْتُ إلى شيءٍ من أمْر دُنْياكَ؛ كَبيرٍ ولا صَغِير، على حسب حُكْمك وشَهْوتكَ.

(a) الديوان: غير.

(b) فوات الوفيات والوافي بالوفيات: لبسته.

_________

(1)

ديوان البحتري 2: 1073، وفوات الوفيات 1: 156 والوافي بالوفيات 8: 341 وعقود الجمان للزركشي 64 ب.

(2)

البيتان في فوات الوفيات 1: 156 والوافي بالوفيات 8: 241 وعقود الجمان للزركشي 64 ب.

ص: 261

قال: ثمّ أَجْرَى لي الجرايات والأرْزَاق السَّنِيَّةَ، وتاجَ جَوَائزَهُ، فما احتَجْتُ منذ ذلك وإلى الآن إلى غير جَوَائزه والسَّبْعَة الآلاف، فأنا أُنْفِقُ من جميع ذلك، ولا أُخْلقُ نَفْسِي بالتَّعَرُّض وأترَحَّمُ عليه.

أنْبَأنَا أحْمَدُ بن عَبْد الله بن عُلْوَان، عن أبي القَاسِم بن أبي مُحَمَّد الشَّافعيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب مُحَمَّد بن إبْراهيم الجُرْجَانِيّ المَعْروف بالدَّامغَانِيّ الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إبْراهيم بن عُثْمان بن إِبْراهيم الجُلَّابيّ الجُرْجَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ المعرُوفة ببِيْبِي بنت أبي عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الطَّلَقيّ، قالت: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد عَبْد اللهَ بن عَدِيّ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن خَلَف، قال: أخْبَرَني أحْمَدُ بن يَحْيَى البَلاذُرِيّ، قال: قال لي مَحْمُود الوَرَّاق: قُلْ من الشِّعْر ما يبْقَى لك ذِكْرُهُ، ويَزُولُ عنكَ إثْمُهُ، فقُلْتُ

(2)

: [من الخفيف]

اسْتَعدِّي يا نَفْسُ للمَوْتِ واسْعَي

لنَجَاة فالحَازِمُ المُسْتَعِدّ

قَدْ تَبَيَّنْتِ أنَّهُ ليسَ للحيِّ

خُلُودٌ ولا مِنَ المَوْتِ بُدُّ

إنَّما أنْتِ مُسْتَعيرَةُ ما سَوْفَ

تَرُدِّيْنَ والعَوَاري تُرَدُّ

أنْت تَسْهَيْنَ والحَوَادِثُ لا

تَسْهُو وتَلْهيْن والمَنَايا تَجِدُّ

أيّ مُلْكٍ في الأرْض أو أيّ حَظٍّ

لإمْرئ حَظُّه من الأرْضِ لَحْدُ

لا تُرَجِّي البَقَاءَ في مَعْدِن المَوْتِ

ودَارٍ حُتُوفُها لَكِ وِرْدُ

كيفَ يهْوَى إمرؤٌ لَذاذَةَ أيَّامٍ

عليهِ الأنْفَاسُ فيها تُعَدُّ

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مُحَمَّد الفَقِيه إذْنًا، قال: أخْبَرَني عَمِّي الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: بَلَغَني أنَّ البَلاذُرِيّ كان أَدِيْبًا رَاوِيَةً، لهُ كُتُبٌ جِيَادٌ،

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 75.

(2)

الأبيات - عدا الثاني - في تاريخ ابن عساكر، وسوى السادس في معجم الأدباء 2: 533 ومرآة الزمان 16: 167، وتاريخ الإسلام 6:506.

(3)

تاريخ ابن عساكر 6: 75 - 76.

ص: 262

ومَدَحَ المَأْمُون بمَدَائِح، وجَالَسَ المُتَوَكِّل، وتُوفِّيَ في أيَّام المُعْتَمد، ووُسْوسَ في آخر عُمْرِه، وهو القائلُ

(1)

: [من الكامل]

ما مَنْ (a) روَى أدَبًا ولم يَعْمَل بهِ

فيكفّ عَادِيَة الهَوَى بأَدِيْبِ (b)

حتَّى يكُون بما تَعَلَّم عَامِلًا

من صَالحٍ فيَكُون غير مَعِيْبِ

ولَقَلّ ما تُجْدِي إصَابَة صَائبٍ

أعْمَالُهُ أعْمَالُ غير مُصِيْبِ

‌أحمدُ بن يَحْيَى بن زُهَيْر بن هَارُون بن مُوسَى بن عِيسىَ بن عَبْد اللهِ بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر القَاضِي العُقَيْليُّ

(2)

وتَمام نَسَبه إلى عُقَيْل قد ذَكَرْناه في تَرْجَمَةِ ابن ابنهِ أحْمَد بن هِبَة اللّه

(3)

.

وهذا أبو الحَسَن هو جَدُّ جَدِّ أبي، وأوَّل مَنْ وَلي القَضَاءَ بحَلَب من بني أبي جَرَادَة، وتولّى القَضَاء بعد الثَّلاثين والأرْبَعمائة، ورأيتُ كِتَابًا مُسَجَّلًا عليه مُؤرَّخًا بجُمَادَى الآخر سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين وأرْبَعِمائة.

وكان فَقِيهًا، فَاضِلًا أَدِيْبًا، قرأ الفقْه على القَاضِي أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد السِّمْنَانِيّ بحَلَب، وسَمعَ الحَدِيْث من عَمِّه أبي الفَضْل عبد الصَّمَد بن زُهَيْر بن هَارُون، والقَاضِي أبي الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه بن أبي أُسامَة.

(a) معجم الأدباء: يا من.

(b) تاريخ ابن عساكر: بأريب.

_________

(1)

الأبيات في معجم الأدباء 2: 534.

(2)

توفي سنة 442 هـ، أو: 445 هـ، وترجمته في: معجم الأدباء 5: 2075 - 2076 (وفيه: وفاته بعد 429 هـ)، زبدة الحلب 1: 218، 224، الوافي بالوفيات 8: 249 (وأرخ وفاته: بعد سنة 429 هـ)، الجواهر المضية 1: 350 - 351، ابن قطلوبغا: تاج التراجم 57 - 58، الغزي: الطبقات السنية 2: 123، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 172 - 173.

(3)

مرت قريبًا في هذا الجزء.

ص: 263

ورَوَى عن أبي عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه بن سَعْد النَّحْوِيّ الحَلَبِيّ عن أبي الطَّيِّب المُتَنَبِّي جميع دِيْوان شِعْره.

وأُمُّهُ قُرَّة العَيْن ابنَةُ مُحَمَّد بن بُكَيْر بن العبَّاسِ، ووُلد بحَلَبَ في غَدَاة يَوْم الأرْبَعَاء الرَّابِع عَشر من ذِي الحِجَّة سَنَة ثمانين وثَلاثِمائة.

رَوَى عنهُ ابنُهُ القَاضِي أبو الفَضْل هِبَة اللّه بن أحْمَد بن أبي جَرَادَة قاضي حَلَبَ.

أخَبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّدُ بنُ أبي طَاهِر بن سَعْد بن مُحَمَّد المِيْهَنِيّ الصُّوْفيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن عُمَر بن علِيّ بن الخَضِر بن عَبْد اللّه القُرَشِيّ في كتَابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيّ، قال: قِرئ على القَاضِي أبي الفَضْل هِبَة اللّه بن أحْمَد بن أبي جَرَادَةَ، وأنا أسْمَعُ، فأقَرَّ بهِ وأجازَهُ، قال: حَدَّثَني أبي القَاضِي أبو الحَسَن أحْمَدُ بن يَحْيَى بن زُهَيْر بن أبي جَرَادَة في العَشر الأوَاخِر من صَفَر من سنَة تِسْعٍ وعشرين وأرْبَعِمائة، قال: حَدَّثَني عَمِّي أبو الفَضْل عبد الصَّمَد بن زُهَيْر بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر إسْحاق بن إبْراهيم بن مَعْرُوف البُشْتِيِّ (a) بمَكَّة في المَسْجد الحَرَام، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بن عَبْدِ اللّه بن عُثْمان بن بَكْر الكُوْفيّ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع بن الجَرَّاح، عن الأَعْمَش، عن أبي صالح، عن أبي سَعيد، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم

(1)

: لا تَسبُّوا أصْحَابي، فوالّذي نَفْسِي بيده لو أنَّ أحَدَكم أنْفَق مثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما أدْرَكَ مُدَّ أحدِهِم ولا نَصِيْفَهُ.

(a) في الأصل بالمهملة: البستي، والصواب ما أثبت، نسبة إلى بُشت، بلدة من نواحي نيسابور. ابن عساكر: تاريخ دمشق 8: 165 - 166، السمعاني: الأنساب 3: 243 - 244، ياقوت: معجم البلدان 1: 425، سير أعلام النبلاء 14: 139 - 140.

_________

(1)

ابن أبي شيبة: المصنف 6: 407 (رقم 32394)، صحيح مسلم 4: 1967 (رقم 2540) بالإسناد ذاته من حديث أبي هريرة، وانظر التعليق عليه في هامش صحيح مسلم، سنن أبي داود 5: 45 (رقم 4658)، سنن ابن ماجة 1: 75 (رقم 161)، الترمذي: الجامع الكبير 6: 168 - 169 (رقم 3861)، مسند أبي يعلى الموصلي 2: 342 (رقم 1087)، 396:2 (رقم 1171)، 2: 411 (رقم 1198)، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 7: 21 (رقم 3673).

ص: 264

أنْبَأنَا المُؤيَّد بن مُحَمَّد بن عليّ الطُّوْسيّ، وزَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة في كتَابِهِ إليْنَا من حَلَب، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الفَضْل هِبَةُ الله بن أحْمَد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَني أبي القَاضِي أبو الحَسَن أحْمَد بنُ يَحْيَى بن زُهَيْر بن أبي جَرَادَة، قال: حَدَّثَنِي عَمِّي أبو الفَضْل، قال: حَدَّثَنا أبو الحَسَن أحْمَدُ بن مَحْبُوب بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنا أبو مُسْلم إبْراهيم بن عَبْدِ اللّه، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَة القَعْنَبِّي، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن عُمُر، عن نَافِع، عن أبي سَعيد، قال: قال رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: لا تَبِيْعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَب إلَّا مِثْلًا بِمثْلٍ، ولا الوَرَق بالوَرق إلَّا مِثْلًا بمثْلٍ، ولا تُشفّوا بَعْضَها على بعضٍ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي المَكَارِم مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بِن أحْمَد بن هِبَةِ اللّه بن أحْمَد بن يَحْيَى بن أبي جَرَادَة، في جُزءٍ خَرَّجَهُ من حَديثه، ورَوَى فيه حَدِيثًا عن أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد اللّه بن أبي جَرَادَة، عن أبي الفَضْل هِبَة اللّه بن أحْمَد، عن أَبِيهِ أحْمَد بن يَحْيَى، وتكلَّم على رجال الحَديْث، وقال في ذِكْر أحْمَد بن يَحْيَى: ولي القَضَاءَ بحَلَب، وكان مُوَفَّقًا في تنفيْذِ الأحْكَام واسْتِنْبَاط القَضَايا المُعْضلَات، وقَرَأ الفِقْهَ على القَاضِي الفَقِيهِ أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن أحْمَد السِّمْنَانِيّ، وعَلَّق عليهِ بحَلَبَ التَّعْليقَ المَنْسُوب إليهِ على مَذْهَب الإمام أبي حَنِيْفَة، وجَمِعَ جميع كُتُبه في الفِقْه، وألَّف كِتَابًا في الفِقْهِ ذَكَر فيه الخِلَافَ بين أصْحَاب أبي حنِيْفَة، وما تَفَرَّد به عنهم.

حَدَّثَني عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة اللّه، ووالدي أبو الحَسَن أحْمَد بن هِبَة اللّه بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، قالا: أخْبَرَنا والدنا القَاضِي أبو الفَضْل هِبَةُ اللّه بن

(1)

صحيح مسلم 3: 1209 (رقم 76)، مسند أبي يعلى الموصلي 2: 517 (رقم 1369)، البغوي: شرح السنة 8: 64 - 65 رقم 2061، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 11: 391 (رقم 5016)، البيهقي: السنن الكبرى 5: 276، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 4: 379 - 380، سنن النسائي بشرح السيوطي 7: 378 (رقم 4570).

ص: 265

مُحَمَّد بن هِبَةِ اللّه بن أحْمَد بن أبي جَرَادَة، عن أَبِيهِ، عن جَدِّه، قال: كان القَاضِي أبو الحَسَن أحْمَدُ بن يَحْيَى يقرأ الفِقْهَ بحَلَب على القَاضِي أبي جَعْفَر السِّمْنَانِيّ، وهو إذْ ذاكَ صَبيٌّ، والقَاضِي أبو جَعْفَر إذ ذاك قاضٍ بحَلَبَ، فحضَر شَاهِدَان من عُدُول حَلَبَ ليُؤدِّيا شَهَادةً عند السِّمْنَانِيّ، فاشْتَغل بتَدْرِيس أبي الحَسَن عن اسْتماعِ شَهَادتهما حتَّى فَرغ أبو الحَسَنِ من دَرْسِه، فشقّ على ذيْنك الشَّاهِدَيْن ذلك، وقالا في أنفُسِهما: يُقَدِّم هذا الصَّبِّي علينا ويُؤخِّرنا فيما حَضَرنا فيه عنده حتَّى يَفْرغ، ففَطن أبو جَعْفَر السِّمْنَاني لذلك منهما، فالْتَفَت إليهما بعد الفَرَاغِ وقال لهما: لعلَّكما شَقّ عليكُما اشْتِغَالي بهذا الصَّبي عنكما، واللّه إنْ دَامَ على ما هو عليهِ لتَشْهَدان بينَ يَدَيْهِ. فقدَّر اللّه تعالى أنَّ أبا الحَسَن تَفَقَّهَ وكَبر، وزَوَّجَه أبو جَعْفَر السّمْنَاني بابنَتِه، وتُوفِّيَ السِّمْنَانِيّ، ووَلي أبو الحَسَن أحْمَد بن أبي جَرَادَة القَضَاءَ بحَلَب، وأتَى الشَّاهِدان المُشَار إليهما وشَهِدَا بينَ يَدَيْهِ.

أنْشَدَني والدي لجدِّ أبيهِ القَاضِي أبي الفَضْل هِبَةِ اللّه بن أحْمَد بن يَحْيَى يَذْكر أباهُ ويَفْتَخر بهِ، وكَتَبَ إلينا بهذه الأبْيَات أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، عن أبي الحَسَن بن أبي جَرَادَة، قال: أنْشَدَنا القَاضِي أبو الفَضْل لنَفْسِه

(1)

: [من مجزوء البسيط]

أنا ابنُ مُسْتَنْبِطِ القَضَايا

ومُوْضِحِ المُشْكِلَاتِ حَلَّا

وابنِ المَحَارِيْبِ لم تُعَطَّلْ

من الكتابِ العَزِيْزِ يُتْلَى

وفارِسِ المِنْبَر اسْتَكانَتْ

عِيْدَانُهُ من حِجَاهُ ثِقْلَا

قَرأتُ بخَطِّ أبي المَكَارِم مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أحْمَد بن أبي جَرَادَة في بعض تَخَارِيْجه، وذَكَر القَاضِي أبا الحَسَن أحْمَد بن يَحْيَى، فقال: وتُوفِّيَ في أواخر سَنة اثْنَتَيْن وأرْبعين وأرْبَعِمائة

(2)

بحَلَب بعد نُزُوله من القَلْعَة بها في الثَّامن من شَعْبان من هذه السَّنَة، لأنَّ مُعِزّ الدَّولَة أبا عُلْوَان ثِمَال بن صالح بن مِرْدَاس

(1)

الأبيات في الوافي بالوفيات 8: 249.

(2)

أرخ ابن العديم وفاته في زبدة الحلب 1: 228 في سنة 445 هـ.

ص: 266

صَاحب حَلَب لمَّا خَافَ من ناصِر الدَّوْلَة أمير الجُيُوش أبي عليّ الحَسَن بن حَمْدَان أنْ يقصدَهُ، وقد عَصَى على المُسْتَنْصِر صاحب مِصْر، وكانت اليهِ ولاية حَلَب، قبضَ أمَاثِل الحَلَبِيّيْن واعْتَقلهُم في القَلْعَة، والقَاضِي في جُمْلَتهم، لئلَّا يُسَلِّموا البَلَد إلى ابن حَمْدَان، وذلك في العاشر من شَهْر رَبيِع الآخر من سَنة أرْبعين وأرْبَعِمائة.

قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي الفَضْل هِبَة اللّه ابن القَاضِي أبي الحَسَن، أبو بخَطِّ غيره، على ظَهْر كتاب شِعْر المُتَنَبِّي، نُسْخَة القَاضِي أبي الحَسَن الّتي قرأها على مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن سَعْد، وخَطّه عليها، ما صُوْرته: صَعدَ القَاضِى خلَّصَهُ اللّهُ إلى القَلْعَة يَوْم الخَمِيْس العاشِر من شَهْر رَبِيع الآخر سَنَة أرْبَعيِن وأرْبَعِمائة، ونَزَل بحَمْدِ اللّه ومَنَّه يَوْم الأرْبَعَاء الثَّامن من شَعْبان سَنَة اثْنَتَيْن وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، وللّه على ذلك الحَمْدُ وخَالصُ الشُّكْرِ.

‌أحمدُ بن يَحْيَى بن سَنَد، أبو العبَّاس

شَاعِرٌ كان بمَعَرَّة النُّعْمَان، وقَفْتُ على أبياتٍ من شِعْره في مَرَاثِي بني المُهَذَّب المَعَرِّيِّين، يَرْثِي بها أبا عَبْد اللّه الحُسَين بن إسْمَاعِيْل بن جَعْفَر بن عليّ بن المُهَذَّب، وهي قَوْله:[من الطويل]

فُؤَادٌ عَرَاهُ حزنُهُ فتصَدَّعا

وقَلْب بَراهُ وَجْدُه فتَقَطَّعَا

ونائَبةٌ عَمَّ البَريَّةَ خَطْبُهَا

فَلَم تلقَ إلَّا مُوجَعًا أو مُفَجَّعَا

لفَقْد حُسَيْنٍ قرَّةِ العَيْن والّذي

أَتَتْه المَنَايا بغْتةً حين أيْفَعَا

أأنْسَاهُ بين الأهْل مُلْقىً وكُلُّهُم

لفقدانِهِ يُبْدِي أسىً وتوجُّعَا

وقد سَألوهُ كيفَ أنْتَ فلم يَحِرْ

جَوَابًا وأضْحَى بالبَنانِ مُوَدِّعَا

فيا سَيِّدًا أودَى بصَبْري مُصَابُهُ

لقد خانك الدَّهْرُ الخؤُونُ فأسْرَعا

ص: 267

ولو كان بالإنْصَاف يَحُكُمُ لم يكنْ

عَجَيْبًا بأنْ تبْقَى لنا وَتُمَتَّعَا

فبالرَّغْم منِّي يا حُسَينُ تحكَّمَتْ

بجِسْمك أيدِي الدَّهْرِ حتَّى تَضَعْضَعَا

وبالرَّغْم منِّي أنْ تُوَسَّدَ مُفْردًا

ويُصبحَ بعد الأنْسِ بيتُكَ بلقَعَا

وبالوُدِّ منِّي لو صَحِبْتُكَ في الثَّرَى

وصيَّرْتُ من حُزْني بقُربك مَضْجعا

وفاضَتْ دمًا عَيْني عليكَ فإنَّني

لأعْذُلُ أجْفَانِي إذا فِضْنَ أدْمُعا

وقَرَأتُ في هذا الجُزءِ لهُ أبْيَاتًا يَرْثِي بها أبا الحَسَن المُهَذَّب بن عليّ بن المُهَذَّب، وتُوفِّيَ سَنَة تِسْعٍ وعشرين وأرْبَعِمائة:[من الكامل]

دُنْياكَ هَذِي بالأنَام تَقَلَّبُ

وصرُوفُها فيهمْ تجيءُ وتَذْهَبُ

والدَّهْرُ فيهِم قد أجَدَّ وكُلُّهُمْ

يَلْهُو عن الدَّهْرِ المُجِدِّ ويَلْعَبُ

لم يَنْجُ من صَرْفِ الرَّدَى ذو غرّةٍ

غُمُرٌ ولا فطنٌ له يتهيَّبُ

عَتَبي على الدَّهْر الخؤُونِ مُجدَّد

أبدًا لو أنَّ الدَّهْرَ ممَّن يُعْتِبُ

إلَّا يَشِبْ رَأسِيِ لعُظْمِ مُصَابِهِ

بالأكْرمينَ فإنَّ قَلْبي أشْيَبُ

‌أحمدُ بن يَحْيَى بن سَهْل بن السَّرِيّ الطَّائيُّ، أبو الحُسَين المَنْبِجِيُّ الشَّاهِدُ المُقْرِئُ النَّحْوِيُّ الأُطْرُوش

(1)

سَمِعَ بحَلَب ومَنْبج أبا سَلَمَة عُمَر بن عبدِ الرَّحْمِن الإمام الحَلَبِي، وأبا الحَسَن نَظِيْف بن عَبْد الله المُقْرِئ الحَلَبي، وأبا عَبْد اللّه مُحَمَّد بنِ إبْراهيم بن مَرْوَان، وأبا العبَّاس أحْمَد بن فارس الأدِيْب المَنْبِجِيّ، وأبا الحُسَين مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي الزُّبَيْر المَنْبِجِيّ، وأبا عَبْد اللّه الحُسَين بن أحْمَد بن خَالَوَيْه اللُّغَويّ.

(1)

توفي سنة 415 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء لابن زبر 327، (وفيه المنيحي بدل المنبجي)، تاريخ ابن عساكر 6: 76 - 78، معجم الأدباء 2: 555 - 556، القفطي: إنباه الرواة 1: 186 - 187، تاريخ الإسلام 9: 251، الوافي بالوفيات 8: 248، بغية الوعاة 1: 395، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 112 - 113.

ص: 268

رَوَى عنهُ عَبدُ الوَهَّاب المَيْدانيّ، وعليّ بن الخَضِر بن سُلَيمان بن سَعيد السُّلمِيّ، وعَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، وأبو بَكْر مَكّيّ بن جَابَار الدِّيْنَورِيّ، وأبو سَعْد إسْمَاعِيْل بنُ عليّ الرَّازِيّ السَّمَّان، وعليّ بن مُحَمَّد الحِنَّائِيّ، وعليّ بن مُحَمَّد بن شُجاع الرَّبَعِيّ، وأبو الغَنائِم عَبْد اللّه ابن القَاضِي الحَسَن بن مُحَمَّد الزَّيْدِيّ النَّسَّابَة، وأبو زَكَرِيَّاء عبد الرَّحيم بن أحْمَد بن نَصْر البُخاريّ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن الدِّمَشقيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، [قال]: أخْبَرَنا أبو مُحمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: حَدَّثَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن يَحْيَى المَنْبِجِيُّ الأدِيْبُ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن نَظِيْفُ بن عَبْد اللّه المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنا أَبو عليّ مُحَمَّد بن مُعَاذ دُرَّان، قال: حَدَّثَنا أبو عَمْرو مُسْلِم بن إبْراهيم الفَرَاهيْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا هِشَام، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عن عَبْد اللّه بن بُرَيْدَة، عن أَبِيهِ، أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتَطيَّر، وكان إذا بَعَثَ رَجُلًا (a) سأل عن اسْمه، فإنْ أعْجَبَهُ اسْمُه فَرحَ لذلك، ورُؤِي في وَجْهِهِ البِشْرُ، وإنْ كَرِه اسْمَهُ رُؤِي كَرَاهَة ذلك في وَجْهِه، وإذا دَخَل عن (b) القَرْيَة سَألَ عن اسْمها، فإنْ أعْجَبَهُ اسْمُها فَرِحَ بها ورُؤِي بِشْرُ ذلك في وَجْههِ، وإنْ كَرِهَ اسْمَها رُؤي كَرَاهَة ذلك في وَجْهِهِ.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمانُ بن الفَضْل بن الحُسَين البَانيِاسيِّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيُّ

(2)

، قال: أحْمَدُ بن يَحْيَى بن سَهْل بن

(a) تاريخ ابن عساكر: غلامًا.

(b) كذا في الأصل ومثله في تاريخ ابن عساكر، وكتب ابن العديم فوقها علامة "ص".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 77.

(2)

تاريخ ابن عساكر 6: 76.

ص: 269

السَّرِيّ، أبو الحُسَين الطَّائيّ المَنْبِجِيّ الشَّاهِدُ، المُقْرِئ، النَّحْوِيّ، سَكَنَ دِمَشْقَ، وكان وَكِيْلًا في الجامِع.

رَوَى عن أبي عَبْد الله (a) بن مَرْوَان، وأبي العبَّاس أحْمَد بن فارس الأدِيْب، وأبي الحَسَن نَظِيْف بن عَبْدِ الله المُقْرِئ، وأبي الحُسَين مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي الزُّبَيْر، وعُمَر بن عبد الرَّحْمن الإمام الحلبِيّ.

رَوَى عنهُ عَبد الوَهَّاب المَيْدانيّ، وهو من أقْرَانه، وعَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، وعليّ بن مُحَمَّد الحِنّائِيّ، وعليّ بن الخَضِر السُّلَمِيّ، وأبو بَكْر مَكِّيّ بن جَابَار الدِّيْنَورِيّ، وعليّ بن مُحَمَّد بن شُجاع الرَّبَعيِّ، وأبو سَعْد إسْمَاعِيْل بن عليّ الرّازِيّ السَّمَّان.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: تُوفِّي شَيْخُنا أبو الحُسَين (b) أحْمَد بن يَحْيَى المَنْبِجِيّ الأُطْرُوش سَنَة خَمْس عَشرة وأرْبَعِمائة.

حَدَّثَ عن نَظِيْف الحلَّبِيّ وغيره، وكان يَحْفظ من أخْبَارِ أبي عَبْد الله بن خَالَوَيْه. وكانَ ثِقَةً.

(a) تاريخ ابن عساكر: روى عن عبد الله.

(b) في الأصل: الحسن، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، ومن كنيته في طالع الترجمة.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 78.

ص: 270

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌أحمدُ بن يَحْيَى بن صَفْوَان الأنْطَاكِيُّ، أبو بَكْر الإمَام

(1)

وقيل فيه: أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن صَفْوَان

(2)

، ويعرَفُ بقُرْقُرَة الفَقِيهُ.

حدَّث بأنْطَاكِيَةَ عن عَبْد الله بن نَصْر الأنْطَاكِيّ، وأبي خَيْثَمَة مُصْعَب بن سَعيد المِصِّيْصيّ، وهِشَام بن عَمَّار، وسعيد بن مَنْصُور، وكَثيْر بن عُبَيْد الحَذَّاء، ومُحَمَّد بن مُصَفًّى الحْمِصِيّ، ويَعْقُوب بن حُمَيْد بن كَاسِب، وابن أَبي كَرِيْمَةَ.

رَوَى عنهُ أبو بَكْر أحْمَدُ بن سَلْمَان بن الحَسَن النَّجَّاد، وأبو القَاسِم عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن اليَسَع القَارِئ الأنْطَاكِيّ، وسُلْيمان بن أحْمَد بن أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، وابو مُحَمَّدُ عبد الرَّحْمن بن المُبارَك الأنْطَاكِيّ، والقَاضِي أبو الحَسَن سُليْمانُ بن مُحَمَّد التَّنُوخِيّ المَعَرِّيّ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم بن سَلْمَان الإرْبلِيّ، قِراءَةً عليهِ بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن النَّقُّور البَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن المُظَفَّر بن الحَسَن المَعْرُوف بابنِ سَوْسَن التَّمَّار، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن عُبَيْدِ الله بن عَبْد الله الحُرْفِيُّ السِّمْسَارُ، قال: حَدَّثنا أحْمَدُ بن سَلْمَان الفَقِيه، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بنُ يَحْيَى بن صَفْوَان الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثنا سَعيدُ بن

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 81، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 114.

(2)

ترجم له ابن العديم فيما مرَّ من هذا الجزء تحت هذا الاسم.

ص: 271

مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا مَالِكُ بن أبي سَعْد الدِّمَشقيُّ، قال: سَمِعْتُ حَيَّانَ أبا النَّضْر، قال: سَمِعْتُ جُنَادَةَ بن أبي أُمَيَّةَ، يقول: سَمِعْتُ عُبَادَةَ بن الصَّامِت، يقول

(1)

: دَخَلْتُ على رسُول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا عُبَادَةُ، قُلتُ: لبَّيْكَ يا رسُول اللهِ، فقال: اسْمَعْ وأَطِعْ في عُسْرِكَ ويُسْركَ، ومَنْشَطك ومَكْرهكَ، وأُثرةٍ عليك، وإنْ أخَذُوا مالكَ وضَربُوا ظَهْرَكَ، ما لم تكُن مَعْصِية بُوَاحًا.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن هِلَالَة، قال: أخْبَرَنا أَسْعَد بنُ أبي سَعيد الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَتْنا فاطِمَةُ بنْتُ عَبْد الله الجُوزْدَانيَّة، قالت (a): أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن رِيْذَة الضَّبِّيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمانُ بن أحْمَد بن أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن يَحْيَى الأنْطَاكِيّ قُرْقُرَة، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن نَصْر الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أُسامَة، عن عُبَيْد الله بن عُمَر، عن نَافعٍ، عن ابن عُمَر

(2)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: ذكاةُ الجَنِيْن ذكاةُ أُمِّهِ.

(a) الأصل: قال.

_________

(1)

ابن أبي عاصم: كتاب السنة 3: 492 (رقم 1026)، ابن شيرويه الديلمي: الفردوس 5: 385 (رقم 8506)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 10: 426 (رقم 4563)، المتقي الهندي: كنز العمال 5: 781 (رقم 14373).

(2)

أخرجه الطبراني: المعجم الصغير 1: 48 (رقم 30)، الهيثمي: جمع الزوائد ومنبع الفوائد 4: 35، المتقي الهندي: كنز العمال 6: 363 (رقم 15604)، الشوكاني: نيل الأوطار 9: 33.

وعند الدارمي في سننه 3: 84، وسنن أبي داود 3: 253 (رقم 3838)، والحاكم: المستدرك 4: 114، والتبريزي: مشكاة المصابيح 2: 1195 (رقم 4091)، والمسند الجامع 4: 237 (رقم 3735) عن جابر.

وعند ابن ماجة في السنن 1067 (رقم 3199)، والترمذي: الجامع الكبير 3: 143 (رقم 1476)، ومسند أبي يعلى الموصلي 3: 415 (رقم 1206)، والبغوي: شرح السنة 11: 228 (رقم 2789)، وصحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 13: 306 (رقم 5889)، عن أبي سعيد.

وعند الطبراني: المعجم الكبير 4: 163 (رقم 4010)، من حديث أبي أيوب، وفي المعجم الكبير 8: 121 (رقم 7497)، من حديث أبي أمامة وأبي الدرداء، وفي المعجم الكبير 19: 78، عن مالك.

وعند الدارقطني في سننه 3: 274 (رقم 30، 31)، من طرق أخرى.

ص: 272

قال الطَّبَرَانِيُّ

(1)

: لم يَرْوه مَرْفُوعًا عن عُبَيْد الله إلَّا أبو أُسامَةَ، تفَرَّد به عَبْدُ الله بن نَصْرٍ.

نَقَلْتُ من كتاب الألْقَاب تأليف الحافِظ أبي الفَضْل عليّ بنِ الحُسَين الهَمْدانِيّ: قُرْقُرَة، أحْمَد بن يَحْيَى بن صَفْوَان، أبو بَكْر الفَقيه الأنْطَاكِيّ، روَى عَن ابنُ أبي كَرِيْمَة، رَوَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن المُبارَك أبو مُحَمَّد الأنْطَاكِيّ.

‌أحمدُ بن يَحْيَى بن عَوْف، أبو المَكَارِم القُرَشِيّ الكَاتِب

(2)

كان من أصْحَاب المَلِك النَّاصر يُوسُف بن أَيُّوبَ، وكُتَّابِهِ، قَدِمَ معَهُ حَلَب، وكان فَاضِلًا، حَسَنَ البَدِيْهة والرَّوَيَّة، وله نَثْرٌ حَسَنٌ، وشِعْرٌ جَيِّدٌ.

رَوَى عنهُ من شِعْره أبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن أبي الحَسَن المُعَدَّل بالإسْكَنْدَرِيَّة.

أنْشَدَنا أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن شُحَانَة الحَرَّانيّ برَابِغ، قال: أنْشَدَني أبو القَاسِم عبد الرَّحْمن بن أبي الحَسَن المُعَدَّل بالإسْكَنْدَرِيَّة، قال: أنْشَدَني أبو المَكَارِم أحْمَدُ بن يَحْيَى القُرَشِيّ الكَاتِبُ لنَفْسِه

(3)

: [من الكامل]

خُبِّرْتُ أنَّكَ قد عَثَرْتَ فلم أزَلْ

مُغْرىً بفَيْضِ مَدَامعٍ ونَحِيْب

بأبي عَلَامَ تَرَكْتَ شَعْرَكَ مُسْبَلًا

حتَّى عَثَرْتَ بفَضْلِهِ المَسْحُوب

أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن شُحَانَة، قال: أخْبرَني أبو القَاسِم، قال: قال لي أبو المَكَارِم القُرَشِيُّ: كُنْتُ بالبَيْتِ المُقَدَّس مع السُّلْطان المَلِك النَّاصِر، فرأى جَاريةً من بَنَاتِ الرُّوم حَسَنَة الوَجْهِ تُصَلِّي إلى الشَّرْق، فقال لي: قُلْ فيها شيئًا، فقُلْتُ:[من السريع]

(1)

الطبراني: المعجم الصغير 1: 48.

(2)

من أهل القرن السادس الهجري، وترجمته في المقفى الكبير للمقريزي 1: 736 - 737.

(3)

تذكرة ابن العديم 260.

ص: 273

وغَادةٍ تُعْزَى إلى قَيْصَرٍ

حَلَّ عَزَائي عَقْدُ زُنَّارِهَا

صَلَّتْ إلى الشَّرْقِ وأوْلَى بها

لو أنَّها صَلَّت إلى دَارِهَا

قال لي أبو مُحَمَّد: قال لي أبو القَاسِم: قال لي أبو المَكَارِم: أنَّهُ رَأى ببَيْتِ المَقْدِس جَارِيَةً حَسَنَة الوَجْهِ، فسَألها السُّلْطانُ المَلِكُ النَّاصِرُ أنْ تَسْقيَهُ، فقال: قُلْ فيها شيئًا، فقلتُ:[من البسيط]

تَرُوم من ظَبَياتِ الرُّوم سفْكَ دَمِي

هَيْفَاءُ عاقِدَةٌ في الخَصْر زُنَّارَا

شَرِبْتُ من يَدِها ماءً وذَا عَجَبٌ

كيفَ اسْتَحال بقَلْبي مَاؤُها نَارَا

‌أحمدُ بن يَحْيَى بن النُّعْمان، أبو العبَّاس

حَدَّثَ ببَالِس عن عُمَر بن سَعيد بن يُوسُف المَنْبِجِيّ. رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن سَهْل المَاسَرْجِسِيُّ.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ في كتابهِ منها، عن أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّاميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد أحْمَدُ بنِ إبْراهيم بن مُوسَى المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن سَهْل المَاسَرْجِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن يَحْيَى بن النُّعْمان ببَالِس، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن سَعيد بن يُوسُف المَنْبِجِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد الله أَبو الحَسَن النَّصْرِيّ في دار النَّصْرِيِّين، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ الجبَّار الهَمَذَانيّ (A)، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن زُفَر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن زِيَاد (B) ، عن ابن عَجْلان، عن أبي الزُّبَيْر، عن جَابِر، قال: أُتِيَ

(A) في الأصل: الهمداني، بالدال المهملة. انظر ترجمته: في سير أعلام النبلاء 11: 157.

(B) الأصل: ابن زناد، بالنون، وصوابه بمثناة تحتية، وهو: محمد بن زياد اليشكري الطحان الكوفي. انظر: تهذيب الكمال للمزي 25: 222 - 226، الكاشف 3: 44، تهذيب التهذيب 9: 170 - 172، تقريب التهذيب 2:162.

ص: 274

رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَجَنَازَةٍ، فلم يُصَلّ عليها، فقُلتُ: يا رسُول اللهِ، لَمَ تركْتَ الصَّلاة عليه؟ قال: لأنَّهُ كان يُبْغِضُ عُثْمان.

‌أحْمَدُ بن يَحْيَى بن هِبَةِ الله بن الحَسَن بن يَحْيَى بن مُحَمَّد بن عليّ بن صَدَقَة، أبو العبَّاس القَاضِي

(1)

قاضي دِمَشْق المعرُوف بابنِ سَنِيّ الدَّوْلَة التَّغْلِبيّ.

كان أبوه قاضي دِمَشْق، وتولَّى ابنه هذا القَضَاء نيابةً عن ابن الزَّكِيّ، ولمَّا مَلَكَ المَلِكُ الصَّالِح أَيُّوبَ ابن المَلِك الكَامِل دِمَشْق، ولَّاهُ القَضَاء اسْتِقْلَالًا، ودام فيه في دَوْلَته ودَوْلة أبيهِ، ودَوْلة المَلِك النَّاصِر إلى أنْ اسْتَولى التَّتَارُ على دِمَشْق، فسَارَ إلى حَلَب إلى مَلِك التَّتَار هُولَاكُو بهَدِيَّة، فولَّى القَضَاء مُحْيِى الدِّين يَحْيَى بن مُحَمَّد بن الزَّكِيّ، وجَعَله نائبًا في القَضَاء عن ابن الزَّكِيّ، وعاد فتُوفِّي في طَريقهِ ببَعْلَبَك، وكان مَوْلدُهُ سَنَة تسْعين وخَمْسِمائَة.

أخْبَرَنا القَاضِي صَدْر الدِّيْن أبو العبَّاس أحْمَد بن يَحْيَى بن هِبَة الله بن سَنِيّ الدَّوْلَة الدِّمَشقيّ بها، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عَبْدُ اللَّطِيْف

(1)

توفي سنة 658 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 437 - 438، ذيل الروضتين لأبي شامة 315، اليونيني: ذيل مرآة الزمان 1: 350، 356، 376، 385، 2: 10 - 14، العبر في خبر مَن غبر للذهبي 3: 289، تذكرة الحفاظ 4: 1441 (ذكرٌ عارض لتاريخ وفاته)، تاريخ الإسلام 14: 873 - 874، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 375، الوافي بالوفيات 8: 350 (وزاد فيه: ابن الخياط)، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 8: 41، ابن حبيب: درة الأسلاك آيا صوفيا، ورقة 13 أ، ابن كثير: البداية والهاية 13: 224 (وفيه: الخياط)، الأسنوي: طبقات الشافعية 1: 548، اليافعي: مرآة الجنان 4: 114، العيني: عقد الجمان (القسم الخاص بعصر سلاطين المماليك) 1: 273 - 274، ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 2: 101، ابن دقماق: نزهة الأنام 271، النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1: 61، شذرات الذهب 7:504.

ص: 275

ابن إسْمَاعِيْل بن أحْمَد الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عليّ بن عليّ بن عُبَيْد الله الأَمِين، ح.

وأنْبَأنَا عَاليًا أبو أحْمَد عَبدُ الوَهَّاب بن عليّ بن عليّ، قال: أخْبَرَنا والدي أبو مَنْصُور المَذْكُور، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عُمَر الصَّرِيفِيْنِيّ الخَطِيب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن سُلَيمان بن حَبَابَة البَزَّاز (A)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله - هو البَغَويّ - قال: حَدَّثَنَا عليّ، قال: أخْبَرَنا شُعْبَة، عن سيَّارٍ أبي الحَكَم، عن ثَابِت البُنَانِيّ، عن أنَس أنَّهُ مَرَّ على صِبْيَان فسَلَّم عليهم، ثمّ حدَّث أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ على صِبْيَان فسَلَّم.

رَوَاهُ البُخاريّ

(1)

، عن عليّ بن الجَعْد.

سَمِعَ القَاضِي أبو العبَّاس أبا طَاهِر بَرَكات بن إبْراهيم الخشُوعِيّ، وعَبْد اللَّطِيْف بن إسْمَاعِيْل بن أحْمَد الصُّوْفيّ، ونِعْمَة بنْت الطَّرَّاح، وشَيْخنا أبا اليُمْن الكِنْدِيّ، وأبا الفَضْل بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ، ومُحَمَّد بن عليّ بن يَحْيَى القُرَشِي القَاضِي، وعُمَر بن أَيْلمَلِك بن الأَرْدَعَانسِيّ

(2)

، وحَدَّثَ عنهُم.

وتُوفِّيَ ببَعْلَبَك عند عَوْده من حَلَب في سَنَة ثمانٍ وخَمْسِين وسِتّمائة.

(A) في الأصل: البزّار، انظر ترجمته في تاريخ بغداد 12: 108، سير أعلام البلاء 16: 548 - 549.

_________

(1)

البخاري: الأدب المفرد 266 (رقم 1043).

(2)

لم أجد من ذكره بهذا الاسم سوى ابن العديم هنا وفي تذكرته 313، وكناه: أبا حفص، ضياء الدين. وترجم ابن العديم لأخيه في هذا الجزء، واسمه: إسحاق بن أيْلمْلِك الأردعانسي - أو الأردونسي -، وذكر أنه أخو شيخه عمر بن أَيْلمْلِك، وكناه في موضع آخر بأبي الخطاب.

ص: 276

‌أحمدُ بن يَحْيَى، أبو عَبْد الله بن الجَلَّاء

(1)

وقيل فيه: مُحَمَّد بن يَحْيَى، والصَّحيح الأوَّل.

صَحِبَ أباهُ يَحْيَى الجَلَّاءَ، وذا النُّون المِصْرِيِّ، وأبا عُبَيْد البُسْرِيّ، وحَكَى عنهم، وصَحِبَ أيضًا أبا تُرَاب النَّخْشَبِيّ.

رَوَى عنهُ أبو بَكْر الدُّقِّيّ، ومُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن الجُلُنْدَى، ومُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ اليَقْطِينيّ، وأبو إسْحاق الأذْرَعِيّ، وأبو عُمَر مُحَمَّد بن سُلَيمان بن أبي دَاوُد (a) اللَّبَّاد، وأبو العبَّاس الدِّمَشقيّ الوَرَّاق، وإبْراهيم بن المُوَلَّد الرَّقِّيِّ، وأبو مُحَمَّد بن يَاسِيْن، وأبو الفَضْل عَبْد الله بن عُبَيْد الله.

وحَكَى أبو الخَيْر التِّيْنَاتِيّ أنَّهُ رآهُ بالتِّيْنَات؛ ثَغْرٌ منِ الثُّغُور الشَّامِيَّة، قد ذَكَرناهُ

(2)

. وكان بَغْدَاديًّا دَخَلَ الشَّام، وسَكَن الرَّمْلَة ودِمشْق، وهو من كِبَار شُيُوخ الصُّوْفيَّة، وله أحْوَال وكَرَامَات ظَاهِرة.

(a) في ترجمته عند ابن عساكر 53: 120: ابن داود.

_________

(1)

توفي سنة 306 هـ، وترجمته في: الرسالة القشيرية 268 - 269، حلية الأولياء 10: 314 - 315، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 264، طبقات الصوفية للسلمي 176 - 179، تاريخ بغداد 6: 459 - 461، السمعاني: الأنساب 3: 442 - 443، تاريخ ابن عساكر 6: 81 - 93، ابن الجوزي: المنتظم 13: 181 - 182، صفة الصفوة 2: 443 - 444، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 458 - 459، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 101 - 102، سير أعلام النبلاء 14: 251 - 252، العبر في خبر مَن غبر 1: 450 - 451، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 133، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 8: 128 - 131، الوافي بالوفيات 8: 239، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 129 (وتصحف لقب أبيه: الجلاد)، ابن الملقن: طبقات الأولياء 81 - 84، شذرات الذهب 4: 31، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 114 - 118.

(2)

انظر الجزء الأول من الكتاب.

ص: 277

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(1)

، قال: أحْمَد بن يَحْيَى، أبو عَبْد الله المَعْرُوفُ بابنِ الجَلَّاء، من كِبَار مَشَايخ الصُّوْفيَّةِ، انْتَقلَ من (a) بَغْدَاد فسَكَنَ الشَّامَ. سَمِعْتُ أبا نُعَيْم الحافِظ

(2)

، يقول: أبو عَبْدِ الله أحْمَد بن يَحْيَى، بَغْدَاديٌّ سَكَن الرَّمْلَة، وصَحِبَ ذا النُّون، وأبا تُرَاب، وأبُوه يَحْيَى الجَلَّاءُ، أحَدُ الأئمَّةِ، له النُّكَت اللَّطِيْفة.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن محَمَّد بن حَمُّوْيَه، ح.

وأنبأتنا زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَانَا أبو النَّجِيْب إسْمَاعِيْل بن عُثْمان بن إسْمَاعِيْل القَارئ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد هِبَة الرَّحمن بن عَبْدِ الوَاحِد بن عَبْد الكَريم القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ

(3)

، قال: ومنهم - يعني: من مَشَايِخ الصُّوْفيَّة - أبو عَبْدِ الله أحْمَدُ بن يَحْيَى الجَلَّاء، بَغْدَاديّ الأصْلِ، أقامَ بالرَّمْلَةِ ودِمشْقَ، من أكَابِر مَشَايخ الشَّام، صَحِبَ أبا تُراب، وذا النُّون، وأبا عُبَيْدٍ البُسْرِيّ، وأباهُ يَحْيَى الجَلَّاء.

(a) تاريخ بغداد: عن.

_________

(1)

تاريخ بغداد 6: 459.

(2)

حلية الأولياء 10: 314، والنقل أعلاه عن الخطيب البغدادي.

(3)

الرسالة القشيرية 268.

ص: 278

أخْبَرَنا الشَّيْخان أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحُسَين بن عَبْد الله بن رَوَاحَة، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن أبي نَصْر زَيْد بن عَبْدِ الله بن رَوَاحَة الأنْصَاريَّان، قالا: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بنُ مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيِّ، قال: قُرئ على أبي الفَضْل مُحَمَّد بن الحَسَن بن الحُسَين السُّلمِيّ، وأنا أسْمَعُ بدِمشْقَ، عن أبي عليّ الحَسَن بن عليّ بن إبْراهيم المُقْرِئ الأهْوَازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدَان بن عُمَر بن الحَسَن المَنْبِجِيّ الطَّائِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن دَاوُد الدِّيْنَورِيّ المَعْرُوف بالدُّقِّيِّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله بن الجَلَّاء، وقد قيل لهُ: أكان أبوكَ يَجْلُو المَرَايَا والسُّيُوف، فسُمِيِّ الجَلَّاءَ؟ قال: لا؛ ولكن كان إذا تكلَّم على قُلُوب المُؤْمنِيْن جَلَاهَا.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ الله الرُّهَاوِيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عَبْد الله بن أحْمَد الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد القَادِر بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليِّ بن عَبْدِ الله بن الحَسَن بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَني أبو عَبْدِ الله الفَرْغَانيّ ساكن دِمَشْقَ، قال: سَمِعْتُ أبا الخَيْر يقول: كنتُ جالِسًا ذات يَوْم في مَوضِعي هذا على باب المَسْجِد، فرفَعْتُ رأسي، فرأيتُ رَجُلًا في الهَوَاءِ، وبيده رَكْوَةً، فأوْمَى إليَّ، فقُلتُ لَهُ: انْزِل، فأبَى ومَرَّ في الهَوَاءِ، فسُئل الشَّيْخ أبو الخَيْر: عَرفْتَ الرَّجُلَ؟ فقال: نعم، فقيل لهُ: مَنْ كان؟ فقال: أبو عَبْد الله بن الجَلَّاء.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بنُ عليّ بن الحُسَين الطُّرَيْثِيثيّ، قال: أخْبَرَنا والدي، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد المَالِيْنِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا أحْمَد عَبْد الله بن بَكْر الطَّبَرَانِيّ، يقول: سَمِعْتُ أبا إسْحاق الأذْرَعِيّ، يقول: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ الله أحْمَد بن يَحيَى الجَلَّاء يقول: قَدِمْتُ على أبي عُبِيْدٍ البُسْرِيّ، فأَخْلَى لي بَيْتًا، فكان يأتينِي بَعْدَ صَلَاةِ العِشَاءِ الآخرة،

ص: 279

فيَقف على البابِ فيقُول: ما أظُنُّ أنَّ أبا عَبْدِ الله يَعْدلُ بالوحْدَة شيئًا؟ فأقول: إلَّا منْكَ، فيقول: إلَّا منِّي؟ فأقول: نعم، فيَدْخل، فيُذَاكرني إلى أنْ يُؤذِّن المُؤذِّنُ لصَلاةِ الفَجْر، فيَخْرج ويُصَلِّيَ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قُبَيْس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الوَرَّاق، قال: سَمِعْتُ عليّ بن عَبْدِ الله بن الحَسَن الهَمَذَانيّ، يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن دَاوُد، يقول: ما رأَتْ عَيْنايَ بالعِرَاق ولا بالحِجَاز ولا بالشَّام ولا بالجَبَل مثل أبي عَبْد الله بن الجَلَّاء، وكان في مِمْشَاذ خمسُ خِصَالٍ لم تكن واحدةً منها في الجَلَّاء.

قال الخَطِيبُ

(2)

: أخْبَرَني أحْمَدُ بن عليّ بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين النَّيْسَابُوريّ، قال: سَمِعْتُ جَدِّي إسْمَاعِيْل بن نُجَيْد، يقول: كان يُقال: إنّ في الدُّنْيا ثلاثةً من أئمَّة الصُّوْفيَّة لا رابعَ لهم: أبَو عُثْمان بنَيْسَابُور، والجُنَيْد ببَغْدَاد، وأبو عَبْد الله بن الجَلَّاءِ بالشَّام.

أخْبَرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح بن حَمُّوْيَه، ح.

وأخْبَرَتْنا زَيْنَبُ بنتُ عبد الرَّحْمن في كتابها، قال: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو النَّجِيْب بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(3)

، قال: وكان يُقال: في الدُّنْيا ثلاثة لا رابع لهم: أبو عُثْمان بنَيْسَابُور، والجُنَيْد ببَغْدَاد، وأبو عَبْد الله بن الجَلَّاء بالشَّام.

قُلتُ: أبو عُثْمان هو سَعيد بن إسْمَاعِيْل الحِيْرِيّ.

(1)

تاريخ بغداد 6: 459.

(2)

المصدر نفسه 6: 460.

(3)

الرسالة القشيرية 271.

ص: 280

أنْبَأنَا عَبْد القَادِر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد الله، قال: سَمِعْتُ عُبَيْدَ الله بن إبْراهيم، يقول: سُئل أبو بَكْر بن الزَّانيَار عن ابن الجَلَّاءِ؟ فقال: مُؤْتَمَن على سِرّ الله عز وجل.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: أخْبَرَنا علِيُّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن أبي نَصْر الطَّالَقَانِيّ بدِمَشْقَ، قال: قال أبو عَبْدِ الرَّحمن السُّلَمِيّ

(2)

: ومنهم: أبو عَبْد الله بن الجَلَاء (a) واسْمُه أحْمَدُ بن يَحْيَى بن الجَلَّاءِ، ويقال: مُحَمَّد بن يَحْيَى، وأحْمَدُ أصَحُّ؛ كان أصْلُهُ بَغْدَاديًّا (b)، أقامَ بالرَّمْلَة ودِمَشْق، وكان من جلَّةِ مَشَايخ الشَّامِ، صَحِبَ أباهُ يَحْيَى الجَلَّاء، وأبا تُرَاب النَّخْشَبِيّ، وذا النُّون المِصْرِيّ، وأبا عُبَيْد البُسْرِيّ، وكان أُسْتاذ مُحَمَّد بن دَاوُد الدُّقِّيّ، وكان عَالِمًا وَرِعًا.

كَتَبَ إلينا أبو المُظَفَّر عبدُ الرَّحيم بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ من مَرْو أنَّ أبا سَعْد مُحَمَّد بن مَنْصُور بن عبد الرَّحيم الحُرْضِيّ أخْبَرَهم، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن إبْراهيم المُزَكّي إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الرَّحمن السُّلَمِيّ

(3)

، قال: مُحَمَّد بن يَحْيَى، ويقال: أحْمَد بن يَحْيَى، وأحمدُ أصَحُّ، أبو عَبْد الله بن الجَلَّاء، كان أصْلُهُ بَغْدَاديًّا، أقام بالرَّمْلَةِ وبدِمَشْق، وكانَ من جلَّةِ المَشَايخ وأئمَّة القَوْم، صَحِبَ أبا تُرَاب النَّخْشَبِيّ، وسَافرَ معَهُ.

(a) تاريخ ابن عساكر: الجلائي.

(b) الأصل: بغدادي، وفوقها "صـ".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 83.

(2)

طبقات الصوفية 176.

(3)

طبقات الصوفية 176.

ص: 281

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم الحافِظُ

(1)

، قال: أحْمَدُ بن يَحْيَى، أبو عَبْد اللهِ الجَلَّاءِ، أحَدُ مَشَايخ الصُّوْفيَّة الكِبَار، صَحِبَ أباهُ، وذا النُّون بن إبْراهيم المِصْرِيّ، وأبا تُرَاب النَّخْشَبِيّ، وحَكَى عنهم. حَكَى عنه أبو عُمَر مُحَمَّد بن سُليْمان بن أبي دَاوُد (a) اللَّبَّادُ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن دَاوُد الدُّقّيّ، وأبو العبّاس الوَرّاق الدِّمشقيّ، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ اليَقْطِينيّ، ومُحَمَّد بنُ عَبْد الله الجُلنْدَى المُقْرِئ.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانمٍ بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَةَ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن حَمُّوْيَه، ح.

وأنْبَأتنا زَيْنَبُ بنْتُ عبْد الرَّحْمن الشَّعْرِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح بن شَاه الشَّاذْيَاخِيّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو النَّجِيْب القَارِئ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ القُشَيْريّ

(2)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين، يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الطّبَريّ، يقول: سَمِعْتُ أَبا عُمَر الدِّمَشقيّ يقول: سَمِعْتُ ابنَ الجَلَّاء يقول: قُلتُ لأبي وأُمِّي: أُحبُّ أَنْ تَهَباني لله عز وجل، فقالا: قد وَهَبْناكَ للهِ، فغبْتُ عنهما مُدَّةً، فلمَّا رجعْتُ، كانت لَيْلَة مَطيرة، فدَقَقْتُ (b) الباب، فقال أبي: مَنْ ذَا؟ قُلتُ: وَلدُك أحمد، قال: كان لنا ولد فوَهَبْناه للهِ! ونحنُ من العَرَب لا نَسْتَرجع ما وَهَبْنا، ولَم يَفْتح البابَ.

(a) في الأصل: محمد بن أبي سليمان بن أبي داود، وتقدم قريبًا على النحو المثبت، وانظر تاريخ ابن عساكر 6: 82، 53:120.

(b) الرسالة القشيرية: فقرعت.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 81 - 82.

(2)

الرسالة القشيرية 269.

ص: 282

قال

(1)

: وقال ابن الجَلَّاء: مَنْ اسْتَوى عندَهُ المَدْحُ والذَّمُّ فهو زَاهِدٌ، ومَنْ حافَظَ علي الفَرَائِض في أوَّل مَوَاقيْتها فهو عَابِدٌ، ومَنْ رَأى الأفْعَالَ كُلّها من اللهِ فهو مُوَحِّدٌ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر القُشَيْريّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: وقال ابنُ الجَلَّاء: كُنْتُ أمْشي مع أُسْتَاذِي، فرأيتُ حَدَثًا جَمِيْلًا، فقُلتُ: يا أُسْتاذ، يُعَذِّبُ اللهُ هذه الصُّورَة؟ فقال: أفنظَرت ستَرى غبَّهُ، قال: فنَسيْتُ القُرْآن بعدَهُ بعشرين سَنَةً.

أنْبَأنَا إبْراهيم بن عُثْمان الكَاشْغَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْحِ بن البَطِّيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عَبْد القَادِر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عَبْد الله بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الحَسَن بن الجُلَنْدَى المُقْرِئ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله بن الجَلَّاء، يقول: كنتُ واقفًا أنْظُر إلى غُلَام نَصْرَانيّ حَسَن الوَجْهِ، فمرَّ بي أبو عَبْد الله البَلْخِيّ، فقال: إيش وقُوفكَ؟ فقُلتُ: يا عَمّ؛ ما تَرَى! هذه الصُّورة تُعَذَّب بالنَّار؟ فضَرب بيَده بين كتفي وقال: لتجَدنَّ غبَّهَا بعد أرْبَعيْن سنةً، قال: فأُنْسِيْتُ القُرْآن بعد أرْبَعيْن سَنَةً.

قال عليّ: سألتُ مُحَمَّد بن دَاوُد، فقُلتُ لَهُ: حِكايَة بلغَتْني عن ابن الجَلَّاءِ، قال: ما هي؟ فذكَرْتُ له هذه الحِكايَة، فقال: صَحِيْحة.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن حَمُّويَه، ح.

وأنبأتنا زَيْنَبُ الشَّعْرِيَّة، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيُّ، ح.

(1)

الرسالة القشيرية 269.

ص: 283

وأنْبَأنَا أبو النَّجِيْب القَارِئ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين، يقول سَمِعْتُ أبا عَبْد الله الرَّازِيّ، يقول: سَمِعْتُ أبا مُحَمَّد بن يَاسِيْن يقول: سَمِعْتُ ابنَ الجَلَّاءِ، وقد سَألتُه عنِ الفَقْر، فسَكَت حتَّى خَلَا، ثمّ ذهَبَ ورجَع عن قريب، ثمّ قال: كان عندي أرْبعة دَوَانيق فاسْتَحيتُ من الله أنْ أتكلَّم في الفَقْر، فذهبْتُ وأخْرَجْتُه، ثمّ قعدَ وتكَلَّم (a) في الفَقْر.

قال القُشَيْريّ

(2)

: سَمِعْتُه - يعني مُحَمَّد بن الحُسَين - يقول: سَمِعْتُ عَبْد الله بن مُحَمَّد الدِّمَشقيّ يقول: سَمِعْتُ إبْراهيِم بن المُوَلّدِ يقول: سألتُ ابن الجَلَّاءِ متَى يَسْتَحقّ الفَقِيْرُ اسْم الفَقْر؟ فقال: إذا لم تَبْقَ عليهِ بَقِيَّة منهُ، فقُلتُ: كيفَ ذاك؟ فقال: إذا كان له فليس له، وإذا لم يكُن له فهوَ لهُ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ المُحْتَسِبُ، قال: حَدَّثَنَا (b) أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ

(4)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الرَّازِيّ يقول: سَمِعْتُ أبا عَمْرو (c) الدِّمَشقيّ يقول: قال أبو عَبْد الله بن الجلَّاء: لا تُضَيِّعَنَّ حقَّ أخيك اتِّكالًا على ما بينَكَ وبينه من المَوَدَّةِ والصَّدَاقَة، فإنَّ الله تعالى فرضَ لكُلِّ مُؤْمِنٍ حُقُوقًا لا يُضيِّعُها إلَّا مَنْ لم يُرَاعِ حُقُوقَ الله عليهِ.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن حَمُّوْيَه، ح.

(a) الرسالة القشيرية: ثم قعدت وتكلمت.

(b) تاريخ بغداد: أخبرنا.

(c) الأصل: أبا عُمر، والمثبت من تاريخ بغداد وطبقات الصوفية، توفي سنة 320 هـ، وترجم له السلمي في الطبقة الثالثة من كتابه 277 - 279.

_________

(1)

الرسالة القشيرية 179.

(2)

الرسالة القشيرية 179.

(3)

تاريخ بغداد 6: 461.

(4)

طبقات الصوفية 177.

ص: 284

وأنْبَأتنا زَيْنَبُ بنتُ عبْد الرَّحْمن الشَّعْرِيِّ، قالا: أخْبَرَنا الشَّاذْيَاخِيِّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو النَّجِيْبُ القَارِئ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد القشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن الحُسَين، يقول: سَمِعْتُ الحُسَين بن أحْمَد بن جعْفر، يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن دَاوُد الدِّيْنَورِيّ، يقول: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله بن الجَلَّاء يقُول: أَعْرفُ مَنْ أقامَ بَمَكَّة ثلاثين سَنَةً لم يشْرَب من ماءِ زَمَزَم إلَّا ما اسْتَفاهُ برَكْوَتهِ ورِشَاهُ، ولَم يَتَناوَل من طَعَامٍ جُلِبَ من مِصْرَ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت

(2)

، قال: حَدَّثَني عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا أبوسُليْمان مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أحْمَد بن زبْر

(3)

، قال: قال أبو يَعْقُوب الأذْرَعِيّ: تُوفِّي أبو عَبْد الله بن الجَلَّاء يَوْم السَّبْت لاثْنَتي عَشرة خَلَتْ من رَجَب سنة ستٍّ وثَلاثِمائة.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن حَمُّوْيَه، ح.

وأنْبأتْنا زَيْنَبُ بنْتُ عبد الرَّحْمن، قالا: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الشَّاذْيَاخِيُّ، ح.

وأنْبَأنَا أبو النَّجِيْب القَارِئُ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم القُشَيْريّ

(4)

، قال: ولمَّا ماتَ ابن الجَلَّاءَ نَظَروا إليه وهو يَضْحَكُ، فقال الطَّبِيْبُ: إنَّهُ حَيٌّ ثمّ نَظَر إلى مجَسَّتِه فقال: إنَّهُ مَيِّتُ، ثمّ كَشَفَ عن وَجْهِهِ فقال: لا أدرى هو مَيِّتُ أم حَيٌّ! وكان في داخل جلْدِه عِرْقٌ على شَكْل: "اللهِ".

(1)

لم يرد في نشرة دار صادر من الرسالة القشيرية، وهو في طبعة دار الكتاب اللبناني 54.

(2)

تاريخ بغداد 6: 461.

(3)

تاريخ مولد العلماء 264.

(4)

الرسالة القشيرية 269.

ص: 285

‌أحمدُ بن يَحْيَى، أبو غَانِم القَاضِي

(1)

قاضي حَرَّان. حَدَّثَ بحَلَب سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وثَلاثِمائة عن أبيهِ يَحْيَى، وعليّ بن أحْمَد بن بسْطَام، والحَسَن بن المُثَنَّى، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل بن مَاهَان الأُبُلِّيّ، ومُحَمَّد بن الحُسَيْن بن مِرْدَاس الأُبُلِّيّ، ومُوسَى بن الحُسَين بن مُوسَى، وإبْراهيم بن عبدِ الصَّمَد الهاشِميّ، وأبي عِمْرَان مُوسَى بن عَبْد الحَميْد الجَوْنِيّ، ومُحَمَّد بن الحُسَين بن مُكْرَم البَزَّاز البَغْدَاديّ، وسَمِعَهُما بالبَصْرَة، وأحْمد بن عبد الرَّحيم بن مُوسَى، والنُّعْمان بن أحْمَد الوَاسِطِيّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام السُّلَمِيّ، وأحمد بن مَنْصُور الرَّمَادِيّ، وهَارُون بن مُحَمَّد الحَارِثِيّ، والحَسَن بن مُحَمَّد السَّكُونِيّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم حَمُّوْيَه الطَّيَالِسِيّ، وأبي خَلِيفَة الفَضْل بن الحُبَاب الجُمَحِيّ، وإبْراهيم بن زَكَرِيَّاء الأيْلِيّ، وأبي بَكْر أحْمَد بن القَاسِم بن نَصْر بن زِيَادٍ البَغْدَاديّ، وأحمد بن مُحَمَّد بن سَعيد بن عُقْدَة، وعبد الله بن أحمَد بن موسَىَ عَبْدَان، وزَكَرِيَّاء بن يَحْيَى السَّاجِيّ، وعبد الله بن حَمْدَان الصَّائِغ، ومُحَمَّد بن سَعيد بن وزَكَرِيَّاء، وأبي مُحَمَّد القَاسِمِ بن عَبَّاد القَزَّاز، والحَسَن بن مُحَمَّد السَّكُونِيّ، وأبي بَكْر أحْمَد بن مُقْبِل، ومُحَمَّد بن عليّ بن حَاتِم، وأبي أيُّوبَ سُليْمان بن الحَسَن العَطَّار، وأبي عُثْمان سَعيد بن هُلَيْبَةَ العَبَّادَانيّ، وأبي عُثْمان عَمْرو بن أبي سُوَيْد، ومُحَمَّد بن سَعيد بن مِهْرَان، ومُحَمَّد بن حِبَّان المَازِنِيّ، وأبي بَكْر أحْمَد بن حَيَّان، وأبي الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن مَهْدِي، وعليّ بن الحَسَن بن صَدَقَة، ومُحَمَّد بن زُهَيْر بن الفَضْل، وأحمد بن القَاسِم البَغْدَاديّ، وخَرَّج فَوَائِد من حَديثهِ، وأمْلَاها بحَلَب في التَّاريخ المَذْكُور.

وهو في غالب ظَنِّي ممَّن انْتَقل من حَرَّان إلى حَلَب في أيَّام سَيْف الدَّوْلَة بن حَمْدَان بعدما هَجَمها الرُّوم في سَنَة إحْدَى وخَمْسِين، وقَتلُوا أكْثر أهْلها.

(1)

كان حيًا سنة 351 هـ.

ص: 286

رَوَى عنهُ الشَّيْخُ أبو عُبَيْد الله عَبد الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن أبي نُمَيْر العَابِد، وإسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل بن أبي عِيسَى الجِلِّيّ الحَلَبِيَّان.

أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن عليّ بن زُهْرَة الحُسَيْنيّ الحَلَبِيُّ، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو المَكَارِم حَمْزَةُ بن عليّ بن زُهْرَة، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليَّ بن عَبْدِ الله بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عَبْدُ الله بن إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن الجِلِّيّ، قال: حَدَّثَنَا الشَّيْخ الزَّاهِد أبو عُبَيْدِ الله عبْد الرَّزَّاق بن عَبْد السَّلام بن عَبْد الوَاحِد الأسَدِيّ القُطْبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو غَانِم أحْمَد بن يَحْيَى القَاضي بحَلَب سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وثَلاثِمائة إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بن أحْمَد بن بِسْطَام، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن عَرَفَة، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ بن عَيّاش، عن عبد الرَّحْمن بن زِيَاد الإفْرِيْقِيّ، عن مُسْلِم بن يَسَارٍ أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال

(1)

: الحَسَنُ والحَسَينُ سيِّدَا شَبَاب أهْل الجَنَّة، وأبُوهمُا أفْضَلُ منهما.

‌أحمدُ بن يَحْيَى المِصِّيْصيُّ

(2)

حَدَّثَ عن الوَلِيد بن مُسْلِم. رَوَى عنهُ عِمْران بن عبد الرَّحيم الأصْبَهَانِيّ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مَسْعُود بن أبي مَنْصُور بن مُحَمَّد بن الحَسَن الخَيَّاط الجَمَّالُ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة: المصنف 6: 381 (رقم 32167، 32168، 32170)، والترمذي: الجامع الكبير 6: 122 (رقم 3783)، 121 (رقم 3781)، والطبراني: المعجم الكبير 3: 24 (رقم 3598)، 3: 29 (رقم 2612، 2613، 2614، 2615)، 3: 30 (رقم 2616، 2617، 3618)، من طرق مختلفة، وفي مسند أبي يعلى الموصلي 2: 395 (رقم 1169)، وصحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 15: 412 (رقم 6959) عن أبي سعيد، وسنن ابن ماجه 1: 44 (رقم 118)، والحاكم: المستدرك 3: 167، عن ابن عمر، والطبراني: المعجم الأوسط 1: 338 (رقم 368)، عن الحسين بن علي.

(2)

ترجمته في: تاريخ أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني 1: 111، لسان الميزان 1:322.

ص: 287

الحَسَن بن أحْمَد الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ

(1)

، قال: أُخْبرتُ عن عِمْران بن عبد الرَّحيم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن يَحْيَى المِصِّيْصيِّ، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بن مُسِلم، عن الأوْزَاعِيّ، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاء، عن أبي هُرَيْرَة

(2)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عَبْدِ أنْعمَ اللهُ عليه نِعْمَةً فأسْبَغَها عليه إلّا جَعَل إليه شَيئًا من حَوَائج النَّاس، فإنْ تبرَّم بهم (a) فَقَدْ عرَّض تلك النّعْمَة للزَّوَال.

أخْبَرَنا عَبْد الجلِيْل بن أبي غَالِب الأصْبَهَانِيّ، فيما أَذِنَ لَنا فيه، وسمِعْتُ منه بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن نَصْر بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبي أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: أحْمَدُ بن يَحْيَى المِصِّيْصيّ، حَدَّثَ عن الوَلِيدِ بن مُسْلِم بمَنَاكيْر، رَوَى عنهُ عِمْران بن عبد الرَّحيم الأصْبَهَانِيّ.

أخْبَرَنا يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الجَمَّال، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظ في تاريخ أصْبَهَان

(3)

، قال: أحْمَدُ بن يَحْيَى المِصِّيْصيّ، قَدِمَ أصْبَهَان، حَدَّثَ عن الوَلِيد بن مُسْلِم.

(a) تاريخ أصبهان: به.

_________

(1)

تاريخ أصبهان 1: 111.

(2)

لم أقف عليه من حديث أبي هريرة إلا عند أبي نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان، وأخرجه ابن شيرويه الديلمي: الفردوس 4: 12 (رقم 6033)، وابن الجوزي: العلل المتناهة 3: 518 (رقم 857)، والهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 8: 192. جميعهم عن ابن عباس.

(3)

تاريخ أصبهان 1: 111.

ص: 288

‌أحمدُ بن يَدغبَاش التُّرْكِيّ القَائِد

(1)

هو أحْمَد بن دغبَاش، وقد قَدَّمنا ذِكْره وأنَّهُ وَلِيَ حَلَب، وذكَرَهُ الحافِظ أبو القَاسِم بن عَسَاكِر، بما أخْبَرَنا ابن أخيه أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد إجَازَةً، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم قال

(2)

: أحْمَد بن يَدغبَاش التُّرْكي كان أبوهُ أهْدَاهُ مَلِكُ التُّرْك إلى المُعْتَصِم، وكان يُدَبِّر أمْرَ دِمَشْق لمَّا وليها عليّ بن أَمَاجُور بعدَ مَوْت أبيهِ في خِلَافَة المُعْتَمد على الله لصِغَر عليّ بن أَمَاجُور.

ثُمَّ وليها خِلَافةً لأحْمد بن طُوْلُون، فلمَّا مات أحْمَد بن طُوْلُون أظْهرَ مُحَالفَة أبي الجَيْش خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون، ومُوافَقة أبي أحْمَد المُوَفَّق، فلمَّا وصَل المُعْتَضِد ابن المُوَفَّق إلى دِمَشْقَ، ووقَعَت الوَحْشَةُ بينه وبين إسْحاق بن كُنْدَاجيق، فارَقَهُ ابن يَدغبَاش وصَار في حيِّز ابن كُنْدَاجيق.

قُلتُ: وكان ابن كُنْدَاجيقِ لمَّا وقَعَت الوَحْشَة بينه وبين المُعْتَضِد عاد هو وابن أبي السَّاج وجَعْفَر البغَامَرْدِيّ إلى حَلَب وابن يَدغبَاش معهم، وجَبَوا أمْوَالها.

ذكَرَ أحْمَدُ بن يُوسُف بن إبْراهيم الكَاتِبُ، قال: حَدَّثَني أحْمَدُ بن خَاقَان، قال: استَخْلفَ أحْمَدُ بن طُوْلُون على دمَشْق أحْمَد بن يَدغبَاش، وسَار إلى حِمْص وإلى أنْطَاكِيَة والثَّغْر في سَنَة أرْبَعٍ وسِتَّين ومَائتَيْن، ثمّ وَرَدَ عليهِ بالثَّغْر خِلَافُ ابنهِ العبَّاس في سَنَة خَمْسٍ وسِتِّين فانْكَفأ مُسْرِعًا إلى مِصْر.

(1)

تقدمت ترجمته في الجزء الثاني من هذا الكتاب باسم: أحمد بن ذو غباش. وليس كما ذكره المؤلف أعلاه: "دغباش"، وانظره باسم ابن يدغباش عد ابن عساكر: تاريخ دمشق 6: 93 - 94، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 118.

(2)

ابن عساكر 6: 93.

ص: 289

قال: ولمَّا ماتَ أحْمَدُ بن طُوْلُون، أظْهَرَ أحْمَدُ بن يَدغبَاش بدِمَشْقَ الدَّعْوَة لأحمد بن المُوَفَّق، وخَلَعَ أبا الجَيْشِ، فلم يَزل على دِمَشْق إلى أنْ قَدِمَ المُعْتَضِد بالله أحْمَد بن المُوَفَّق، وهو وَليُّ عَهْد المُعْتَمد إِذ ذاك، إلى دِمَشْق، ثمّ خَرَجَ عنها إلى نَاحيَةِ الرَّمْلَة، فالْتَقَى هو وأبو الجَيْشِ خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون بالطَّوَاحِين من الرَّمْلَة، فهَزَم كُلّ واحدٍ منهما صاحبَهُ، ورجَعَ أحْمَدُ إلى العِرَاق، وصارَ أبو الجَيْش إلى دِمَشْق فملَكَها.

قُلتُ: قَوْله: إلى أنْ قَدِمَ المُعْتَضِد بالله أحْمَد بن المُوَفَّق وهو وَليُّ عَهْد المُعْتَمد، يُريدُ أنَّ المُوَفَّق ولي عَهْد المُعْتَمد إذ ذاك؛ لأنَّ المُعْتَضِد وَلِي عهْد المُعْتَمد في مُحَرَّم سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن بعد أبيهِ المُوَفَّق، واللهُ أعْلَمُ.

‌أحمدُ بن يَرَنْقُش بن عَبْد الله العِمَادِيُّ، أبو العبَّاس الأَمِيرُ نَاصِر الدِّين ابن الأَمِير مُجَاهِد الدِّين

(1)

كان أبوهُ يَرَنْقُش من مَمَالِيْك عِمَاد الدِّين زَنْكِي بن مَوْدُود بن زَنْكِي صاحب سِنْجَار، ووُلد ابنُه أحْمَد هذا بِسنْجَار، وتقدَّم وصار أُسْتَاذ دَار قُطْب الدِّين بن عِمَاد الدِّين، وكان أميرًا مُكَمَّلًا، فَاضِلًا، شَاعِرًا، حَسَنَ الأخْلَاق، طَيِّبَ المُعَاشَرَة، وكان مُتَموِّلًا، وله أمْلَاكُ كثيرة (a) بِسنْجَار، ووَجَاهة عَظِيمَة، فتغيَّرَ عليه قُطْب الدِّين بن عِمَاد الدِّين، مَوْلاهُ، وقبَضَ عليه، وعذَّبَهُ بالجُوع والعَطَش، وأخَذَ جميع مالهِ، وحَبَسَهُ حتَّى مات.

(a) مهملة في الأصل، فهي بين الكثرة أو الكبر.

_________

(1)

توفي سنة 615 هـ، وترجمته في: الكامل لابن الأثير 13: 386، ابن الشعار: قلائد الجمان 1: 242 - 244، العيني: عقد الجمان 3: 354.

ص: 290

وكان قد قَدِمَ علينا صَلَب قبل ذلك في أيَّام المَلِك الظَّاهِر، وأقام بها مُدَّةً، وسَكَن بدَرْب العُدُول، ثمّ عاد إلى سِنْجَار.

رَوَى لنا عنْهُ أبو المَحَامِد إسْمَاعِيْل بن حَامِد القُوصِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن عليّ بن دَبَابَة الحنفِيّ السِّنْجَارِيّ، وأخْبَرَني ابن دَبَابَة أنَّ أحْمَد بن يَرَنْقُش كان في صَدْر عُمره مُسْرفًا على نَفْسهِ، وأنَّهُ أقْلعَ وتابَ تَوْبَةً حَسَنةً. قال: وكان يَصُومُ الهَوَاجر، ويقُومُ اللَّيْل.

أنْشدَني أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَن بن عليّ بن دَبَابَة السِّنْجَارِيّ بها، قال: أنْشَدَني نَاصِر الدِّين أحْمَد بن مُجَاهِد الدِّين يَرَنْقُش بن عَبْدِ الله العِمَادِيّ لنَفْسِه

(1)

: [من مجزوء الوافر]

مَشِيْبُ الرَّأس حينَ بَدَا

يقُول دَنَا الّذي بَعُدَا

فقُم بادِرْ إلى عَمَلٍ

يُسُرُّكَ أنْ تَرَاهُ غَدَا

فيَوْمَكَ ذا إذا ما فا

تَ ليسَ بعَائدٍ أبَدَا

وأنْشَدَني أبو الحَسَن بن دَبَابَةَ، قال: أنْشَدَني أحْمَدُ بن يَرَنْقُش لنَفْسِه

(2)

: [من الطويل]

تَقُول وقد وَدَّعْتُها ودمُوعُها

علِى نَحْرِها من خَشْيَةِ البَيْن تلتَقي

مَضَى أكْثَرُ العُمْر الّذي كان نَافِعًا

رُويْدَكَ فاعْمل صَالِحًا في الّذي بَقِي

أنْشَدَنا أبو المَحَامد القُوصِيّ، قال: أنْشَدَني الأَمِير نَاصِر الدِّين أبو العبَّاسِ أحْمَد ابن الأَمِيرِ مُجَاهِد الدِّيَن يَرَنْقُش، أُسْتَاذ دَار المَلِك المَنْصُور قُطْب الدِّين صاحب سِنْجَار، رحمه الله، وذلك حينَ مَقْدمي إلى سِنْجَار رَسُولًا عن المَلِك العادِلِ،

(1)

الأبيات في قلائد الجمان 1: 343.

(2)

البيتان في قلائد الجمان 1: 243، وعقد الجمان 3:354.

ص: 291

رَحِمَهُ اللهُ، في شُهُور سَنَة ستِّمائة، لأبي عَبْد الله بن شَرَف الشَّاعر، وقد شَكَرتُ مَخْدومَهُ، وأثْنَيتُ عليه بكَثْرة حَوَائج النَّاس إليهِ، هذين البَيْتَيْن:[من الطويل]

لمُلْتَمسِي الحَاجَاتِ جَمْعٌ ببابهِ

فهذا لَهُ فَنٌّ وهذا له فَنُّ

فللخَامِل العُلْيَا وللمُعْدَم الغِنَى

وللمُذْنبِ الرُّحْمَى وللخَائفِ الأَمْنُ

قال القُوصيّ: وأنْشَدَني رحمه الله، وقد حَرَّضْتُهُ على فعْل الخَيْر، مُتَمثِّلًا

(1)

: [من مجزوء الكامل]

للخَيْر أهْلٌ ما تَزَا

ل وُجُوهُهُمْ تَدْعُو إليهِ

طُوْبَى لمَنْ جرتِ الأُمُو

ر الصَّالِحات على يَدَيهِ

قال: وحَرَّضْتُه يَوْمًا على الإحْسان وبَذْل الجاه للإخْوان، فأنْشَدَني هذين البَيْتَيْن:[من الطويل]

فأَحْسِنْ إلى الإخْوَان تَملكْ رقابَهُم

فخيرُ تجاراتِ الكَرِيْمِ اكْتِسَابُها

وأَدِّ زَكَاةَ الجاهِ واعْلَم بأنَّها

كمثْلِ زَكَاةِ المالِ تَمَّ نِصَابُها

قال لنا أبو المَحَامِد القُوصِيّ: هذا الأَمِيرُ نَاصِر الدِّين، رحمه الله، كان عَارِفًا بأحْوَالِ المُلْك، نَاصِحًا لسُلْطَانه، ثمّ وَشَى به أعْدَاؤهُ حَسَدًا على عُلُوِّ شَأنهِ، فنَكَبَهُ سُلْطانُهُ نَكْبةً اسْتأَصَلَ فيها شَأفَتَهُ وشَأفَةَ أَتْبَاعه، وقبَضَ على جميع أمْوَالهِ وحَوَاصلهِ ورِبَاعِهِ، وتُوفِّيَ مَحْبُوسًا.

أخْبَرَني القَاضِي أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد القِيْلَويّ، قال: أخْبَرَني بعضُ أهل سنْجَار أنَّ نَاصِر الدِّين ابن المُجَاهِد كَتَبَ على حائط المكان الّذي ماتَ فيه في مَحْبسِهِ بخَطِّهِ:

حالي عَجَبٌ وفي حَدِيْثِي عِبَرُ

في أغْفَلَ ما كُنْتُ أتَانِي القَدَرُ

(1)

البيتان - ومعهما ثالث - عند ابن حبان البستي: روضة العقلاء 65، ونسبه لعبد العزيز بن سليمان الأبرش.

ص: 292

أخْبَرَني جَمَاعَةٌ من أهل سِنْجَار أنَّ أحْمَد بن يَرَنْقُش ماتَ في حَبْسِ قُطْب الدِّين صاحب سِنْجَار بعد أنْ قَبَضَ على جميع ماله ومنعَهُ من الطَّعَام والشَّرَاب، فبلغَ من أمْره أنْ أكل قَلَنْسُوَتَهُ وأكْمامَهُ لشِدَّة الجُوع.

وأنْشَدَني غيرُ واحدٍ من أهل سِنْجَار الدُّوبَيْتي الّذي أنْشَدناه أبو عليّ القِيْلَويّ، وفيه زِيَادَةٌ على ما أنْشدناه أبو عليّ، وذَكَروا أنَّهُ نَظمَهُ في السِّجْن بسِنْجَار، وقد مُنِعَ الماءَ والطَّعَام:

حالي عَجَبٌ وفي حَدِثني عِبَرُ

أشْكُو ظَمأً وعبْرَتي تَنْحَدِرُ

في صَفْو زَمَاننا أتَاني الكَدَرُ

يا منْ ظَلَمُوا تَفَكَّرُوا واعْتَبروا

وأُخْبِرتُ بسنْجَار أنّهُ ماتَ في حَبْسِ قُطْب الدِّين بعد أنْ قَبَضَ على جميع مَالِهِ ومَنعَهُ الطَّعَام والشَّرَاب، ودخَل إليهِ بعضُ مَنْ كان يُشْرف على حالهِ من أصْحَاب قُطْب الدِّين، فقال له: قُل لقُطْب الدِّين يُطْعمني ويَسْقِيْني وأنا أُعْطِيْه ألْفَ دِيْنارٍ لم يبْقَ لي غيرُها. قال: فمضَى ذلك الإنْسان، وأخْبَر قُطب الدِّين بما ذَكَرَهُ، فسَيَّرَ إليهِ طَعَامًا وماءً بثَلْج، وقال للرَّسُول: أدْخلهُ إليه ولا تُمَكِّنه منهُ حتَّى يُعطيكَ الذَّهَب، فلما دَخَلَ به إليهِ نَظَر إليه، فقال لهُ الرَّسُول: لا سَبِيْل لكَ إليه إلَّا بعد أداء ما ذكرت، فقال: والله ما بَقي لي شيءٌ، والّذي لي قد قُبِضَ جميعُه، وإنَّمَا قُلتُ لتطعمُوني وتَسْقُوني، فردُّوا الطَّعَامَ والماءَ، ولم يَتَناول منه شيئًا، وخَرَجُوا من عنده، فنام فرَأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في المَنَام، فناوَله شيئًا أكَلُهُ، فزالَ عنهُ الجُوع والعَطَشُ، فدَخَلُوا عليه بعد ذلك فرأوهُ قائمًا يُصَلِّي، فلمَّا فَرغ من صَلَاته أخْبرِهُم بما رَأى، فلمَّا بلغَ قُطْب الدِّين اتَّهَم والدتَهُ أُمّ قُطْب الدِّين بأنَّها أنْفَذَت إليه مَأكُولًا ومشْروبًا، ولم يَزل على ذلك إلى أنْ مات رحمه الله.

وحَكَى لي بَعْضُ أهل سِنْجَار أنَّ صاحب سِنْجَار سيَّر إلى أحْمَد بن يَرَنقُش جَمَاعَةً خنقُوهُ وهو في السِّجْن.

ص: 293

وقال لي بعضُ مَنْ أدْرَكهُ من أهْل سِنْجَار من فُقَهائنا الحَنَفِيَّة: أنَّهُ لم يَبْقَ أحدٌ ممَّن تولَّى خنْقَهُ إلَّا ابتُلي ببليَّةٍ، فمنهم من لازَمَهُ الصَّرع إلى أنْ مات، ومنهم من افتقَر واحْتاج بعد الغِنَى إلى مَسْألَة النَّاس.

وحكى لي غيرُه أنَّ قُطْب الدِّين صاحب سِنْجَار لمَّا احتُضر ودنَتْ وفاتُه، جَعَل يَشْكو العَطَش، ويُسْقى فلا يروى، ويَذْكر ابن المُجَاهِد كَثيرًا، ويُردِّد اسْمَهُ على لِسَانه إلى أنْ مات.

وقال لي عليّ بن الحُسَين بن دَبَابَة (a) السِّنْجَارِيّ: إنَّ أحْمَد بن يَرَنْقُش تُوفِّي بسِنْجَار سَنَة خَمْس عَشرة وستِّمائة، في حَبْسِ قُطْب الدِّين صاحبها، مَمْنُوعًا من الطَّعَام والشَّرَاب.

قال: وبَلَغَني أنَّ أُتِيَ بماء ليشربَهُ فردَّهُ وقال: لا حاجةَ لي فيه، فإنِّي رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في النَّوْم، فشَكَوتُ إليهِ العَطَشَ، فناولني فصّ خَاتمه، فمصَصْتُه فزال عنِّي العَطَشُ.

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ يَزِيد من الأحْمَدِين

‌أحمدُ بن يَزيد بن إبْراهيم، أبو بَكْر البَجَليُّ

إمامُ المَسْجِد الجَامِع بمَعَرَّة النُّعْمَان.

حَدَّثَ عن أبي بَكْر أحْمَد بن إسْحاق. رَوَى عنهُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن عبد الرَّحْمن المَلَطِيّ.

(a) في قلائد الجمان 1: 344: ابن دبابا.

ص: 294

‌أحْمَدُ بن يَزيدَ بن أَسِيْد السُّلَمِيُّ

كان قَائِدًا من قُوَّادِ طَاهِر بن الحُسَين، وكان في صُحْبَته حينَ خرَجَ إلى الشَّام، وقَدِمَ معَهُ إلى نَاحِيَةِ صَلَب، وحَكَى عنه، رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن أبي شَيْخ الرَّقِّيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليِّ الحافِظُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا سَلامَةُ بن الحُسَين المقرِئُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بنُ عُمَر الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن إسْمَاعِيْل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أبي سَعْدٍ، قال: حَدَّثَني هَارُون بن مَيْمُون الخُزَاعِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أبي شَيْخ من أهل الرَّقَّة، قال: حَدَّثَني أحْمَدُ بن يَزِيد بن أَسِيْد السُّلمِيّ، قال: كُنْتُ مِع طَاهِر بن الحُسَين بالرَّقَّة، وأنا أحَدُ قُوَّادِه، وكانتَ لي به خاصيَّةٌ؛ أجْلِسُ عن يمِيْنهِ، فخَرَجَ علينا يَوْمًا راكبًا، ومَشَيْنَا بينَ يَدَيْهِ، وهو يَتَمَثَّل:[من الطويل]

عليكُم بدَاري، فاهْدِمُوها! فإنَّها

تُرَاثُ كَريمٍ لا يَخَافُ العَوَاقِبا

إذا هَمَّ أَلْقَى بين عَيْنَيهِ عَزْمَهُ

وأعْرَضَ عن ذِكر العَوَاقِب جَانبِا

سَأْدَحَضُ عنِّي العارَ بالسَّيْف جالبًا

عليَّ قَضَاء اللهِ ما كان جَالِبَا

فدارَ حول الرَّافِقَة، ثمّ رجَع، فجَلَسَ مَجْلسَهُ، فنَظَر في قِصَصٍ ورِقَاعٍ، فوَقَّعَ فيها صِلَاتٌ أُحْصيَتْ ألْفَ ألْفٍ وسَبْعمائة ألْفٍ. فلمَّا فَرغ نَظَرَ إليَّ مُسْتَطْعِمًا للكَلَام، فقُلتُ: أصْلَحَ اللهُ الأَمِيرَ، ما رأَيْتُ أنْبَلَ من هذا المَجْلِسِ، ولا أحْسَنَ، ودَعَوْتُ له، ثمّ قُلتُ: لكنَّهُ سَرَفٌ، فقال: السَّرَفُ من الشَّرَف، فأرَدْتُ الآية

(1)

تاريخ بغداد 10: 484 (في ترجمة طاهر بن الحسين الخزاعي).

ص: 295

الّتي فيها {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}

(1)

فجئتُ بالأُخْرَى الّتي فيها: إنَّ الله لا يُحبُّ المُسْرفين

(2)

، فقالَ: صَدَقَ اللهُ، وما قُلْنا كما قُلْنا.

‌أحمدُ بن يَزِيد بن خَالِد

حَدَّثَ بحَلَبَ عن يُوسُف بن يُونُس أبي يَعْقُوب الأفْطَس الطَّرَسُوسِيّ.

رَوَى عنهُ عِصْمَةُ بنُ بَجْمَاك.

أنْبَأنَا أبو الفَرَج مُحَمَّد بن عليّ بن حَمْزَة القُبَّيْطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الكَرَم بن الشَّهْرَزُورِيّ، عن أبي القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(3)

، قال: وحَدَّثني عِصْمَةُ بنُ بَجْمَاك، قال: حَدَّثَني أحْمَدُ بنُ يَزِيد بن خَالِد بحَلَب، خ.

قال ابنُ عَدِيّ: وحَدَّثَنَا ابنُ شَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن يَزِيد الكِنْدِيّ، قالا: حَدَّثَنَا يوسُفُ بن يُونُس أبو يَعْقُوب الأفْطَس، قال: حَدَّثَنا سُليْمان بن بِلَال، عن عَبْد الله بن دِيْنار، عن ابن عُمَرَ، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(4)

: إنَّ الله عز وجل يدعُو يَوْم القِيامَة بعَبْدٍ من عَبِيدِهِ، فيُوقفُه بينَ يَدَيْهِ، فيُسَائله عن جَاهِهِ كما يُسَائلُهُ (a) عن مَالِهِ.

(a) ابن عدي: كما يسأله.

_________

(1)

سورة الفرقان، من الآية 67.

(2)

إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} سورة الأنعام، الآية 141، وسورة الأعراف، الآية 31.

(3)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 7: 3638.

(4)

الطبراني: المعجم الأوسط 1: 378 (رقم 451)، والمعجم الصغير 47 (رقم 18)، الشجري: الأمالي الخميسية 3: 175، المنتقي الهندي: كنز العمال 3: 459 (رقم 7430)، المناوي: فيض القدير 1: 437 (رقم 819).

ص: 296

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ يَعْقُوب من الأحْمَدِين

‌أحمدُ بنُ يَعْقُوبَ بن أحْمَد بن أبي عُبَيْدَة مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن صالح بن عليّ بن عَبْدِ الله بن عبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميُّ الصَّالِحِيُّ الحَلَبِي

حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن عُزَيْز الأَيْلِيّ (a)، وأبي سُليْمان الكَيْسَانِيّ. رَوَى عنهُ ابنُه القَاضِي مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب المِصِّيْصيُّ.

‌أحمدُ بن يَعْقُوب بن عَبْد الجبَار بن بغَاطر بن مُصْعَب بن سَعيد بن مَسْلَمَة بن عَبْدِ المَلِك بن مَرْوَان بن الحَكَم، أبو بَكْرٍ القُرَشِيُّ الأُمَوِيّ الجُرْجَانِيُّ

(1)

رَحَلَ وطافَ البِلَاد، ودخَل العِرَاق والشَّامَ والجَزِيْرَة وِمِصْر، وسَمِعَ بدِمَشْق وحَرَّان، ففى طَريقه ما بين دِمَشْق وحَرَّان دَحَلَ حَلَبَ أو بعضَ عَملها.

ذكَره الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله الشَّافِعيّ في تاريخ دِمَشْق

(2)

، بما أخْبَرَنا به ابن أخيهِ أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أحْمَدُ بن يَعْقُوبَ بن عَبْد الجبار بن بغاطر (b) بن مُصْعَب بن سَعيد بن مَسْلَمَة

(a) في الأصل: الأُبلي، مجودًا بالضم، وهو تصحيف صوابه المثبت نسبة لمدينة أيلة (العقبة حاليًا في جنوب الأردن). ترجمته في الجرح والتعديل 8: 53، تاريخ الإسلام 6: 417، وسير أعلام النبلاء 12:595.

(b) في تاريخ ابن عساكر وتهذيبه: يعاطر.

_________

(1)

توفي بعد سنة 370 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 6: 101 - 105، تاريخ الإسلام 8: 489 - 490، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3: 337 - 339، لسان الميزان 1: 336 - 337، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 130 - 133.

(2)

تاريخ ابن عساكر 6: 101 - 103.

ص: 297

ابنِ عَبْد المَلِك بن مَرْوَان بن الحَكَم، أبو بَكْرٍ القُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ الجُرْجَانِيُّ، رَحَل وسَمِعَ بدِمَشْقَ وبطَبَرِيَّة الفَضْل بن صالح بن بِشْر بن سَلَمَة، وبحَرَّانَ أبا العبَّاس مُحَمَّد بن أحْمَد بن سَلْمِ، وبغيرها عَبْد الله بن مُحَمَّد بن خَلَّاد، وعبد الله بن مُحَمَّد بن سُليَمان السَّعْديّ المَرْوَزيّ، وبمِصْر أبا دُجَانَة شَقِيْق (a) بن مُحَمَّد بن هِبَة الده الخَوْلانِيّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن نَصْر العَطَّار البَغْدَاديّ، وعَبْدَان بن أحْمَد الجَوَالِيْقِيّ.

رَوَى عنهُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُثْمان الطِّرَازِيّ

(1)

، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن القَاسِم الفَارِسِيّ، وأبو سَعيد أحْمَد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم الجُوْرِيّ النَّيْسَابُوريّ، وأبو الفَضْل مُحَمَّد بن أحْمَد الزُّهْرِيّ، وأبو عَمْرو أحْمَدُ بنُ أُبَيّ الفُرَاتِيّ الأَسْتَوَائِيّ، وأبو حَازِم عُمَر بن إبْراهيم الحافِظُ العَبْدُويّ وهو نَسِيْبُه، وأبو سَعْد أحْمَدُ بن مُحَمَّد المَالِيْنِيّ، وأبَوَا بَكْر: أحْمَد بن عبد الرَّحْمن الشِّيْرَازيّ، وأحمد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم المَرْوَزيّ الصَّدَفِيّ، وأبو الفَضْل نَصْر بن أبي نَصْر العَطَّار الطُّوْسيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن عليّ البَيْهَقِيّ الخُسْرُوجِرْدِيّ.

أخْبَرَنا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، سَمَاعًا أو إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْيد الجَنْزَرُودِيّ (b)، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد أحْمَد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم الفَقِيهُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن خَلَّاد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن

(a) الأصل: سفيان، تصحيف، وفي تاريخ ابن عساكر: شفيق، وترجم له ابن يونس في تاريخه (قسم المصريين) 1:238.

(b) كناه في الأصل: أبا سعد، وقيده بالحاء المهملة، وهو: أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن النيسابوري الجنزرودي ويقال الكنجروذي (ت 423 هـ)، ترجم له السمعاني في الأنساب 11: 155، الذهبي: سير أعلام النبلاء 18: 101 - 102، الصفدي: الوافي بالوفيات 3: 231 - 231، السيوطي: بغية الوعاة 1: 157 - 158.

_________

(1)

بكسر الطاء نسبة إلى عمل الثياب المطرزة، وليس بالفتح المنسوب إلى بلدة طَرَاز كما نصَّ عليه السمعاني في الأنساب 9: 59 وابن الأثير في اللباب 2: 277.

ص: 298

ابن عَمْرو بن جَبَلَة، قال: حدثتنا مَنِيْعَة (a) بنتُ شُعْبَة الطَّائيَّةُ، قالت: سَمِعْتُ أُمِّي حَفْصَةُ بنتُ عُمَر الطَّائيَّة أَنَّها سَمِعتْ عائِشَةَ تقول: قال لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أرَدْتِ أنْ يَذْكُرك اللهُ عنده فأَكْثري من قَوْل: لا حَوْلَ ولا قُوَّة إلَّا بالله، وسُبْحَان الله، والحَمَدُ لله، ولا إله إلَّا الله، والله أكْبر.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد الشَّافِعيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن (b) مُحَمَّد، وأبو بَكْر عُمَر ابْنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بَاذُوَيْه السَّهْلِكيّ البِسْطَامِيِّ بقِرَاءَتي عليهما ببِسْطَام، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن عليّ بن أحْمَد البِسْطَامِيِّ السَّهْلِكيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن القَاسِم الفَارِسيُّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن يَعْقُوب بن عَبْد الجَبَّار القُرَشِيّ يقول: دَخَلْتُ مع خَالي بَغْدَاد سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثِمائة، وبَغْدَادُ تَغْلي بالعُلَمَاء والأُدَبَاءِ والشُّعَراءِ، وأصْحَاب الحَدِيْث، وأهْل الأخْبار، والمَجَالِسُ عَامِرةً، وأهْلُها مُتَوافرُونَ، فأرَدْتُ أنْ أطُوفَ المَجَالِسَ كُلّها، وأخْبر أخْبَارها فقيل لي: إنَّ هَا هُنا شَيْخًا يُقال له: أبو العَبَرْطَن (c) ؛ أمْلَح النَّاس، يُحَدِّثُ بالأعَاجِيْب، فقُلتُ لخالي: مُرْ نبا نَدْحُل على الشَّيْخ، فقال: إنَّهُ مُهَوّسٌ يَضْحَكُ منهُ النَّاسُ، فارْتَحلْنا من بَغْدَاد، ولم نَدْخُل عليه، وكُنت أجِدُ في القَلْب من ذلك ما أجدُ، حتَّى إذا كان انْحِدَاري من الشَّام بعد طُول من المُدَّة، وامْتِدَادٍ من الأيَّام والأعْوَام، وتُوفِّيَ خالي، فلمَّا دَخَلْتُ بَغْدَاد فأوَّل مَنْ سَألتُ عنهُ سَألْتُ عن أبي العَبَرْطَن، فقيل: يَعِيْشُ وله مَجْلِسٌ، فقُمْتُ وعمَدْتُ إلى الكَاغَد والمِحْبَرَة، وقَصَدْتُ الشَّيْخ، فإذا الدَّارُ مَمْلوءَةً من أوْلادِ المُلُوك والأغْنِيَاء، وأوْلاد الهاشِميِّيْن بأيديهم الأقْلَام يَكْتُبون، وإذا مُسْتَمْل قائم

(a) مهملة في الأصل، والإعجام موافق لما عند ابن عساكر.

(b) تاريخ ابن عساكر: أبو الحسين.

(c) كتب ابن العديم بخطه في الهامش: "المعروف: أبو العبرطز".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 103 - 105.

ص: 299

في صَحْن الدَّار، وإذا شَيْخ في صَدْر الدَّار، ذو جَمَالٍ وهَيْئَةٍ (a)، قد وَضَعَ في رأسِهِ طَاق خُفٍّ مَقْلُوب، واشْتَملَ بفَرْوٍ أسوَدَ قد جَعَل الجِلْدَ ممَّا يلي بَدَنَهُ، فجلسْتُ في أُخْرَيَاتِ القَوْم، وأخرجْتُ الكَاغَد، وانتظَرْتُ ما يَذْكرُ من الإسْنَادِ، فلمَّا فَرَغُوا قال الشَّيْخُ: حَدَّثَنَا الأوَّلُ، عن الثّاني، عن الثَّالث أنَّ الزَّنْج والزُّطّ كُلّهُم سُوْدٌ! وحَدَّثَني خِرْبَاق، عن نِيَاق، قال: مَطَرُ الرَّبْيعْ ماءٌ كُلُّهُ! وحَدَّثَني دُرَيْد، عن رُشَيْد، قال: الضَّرِيْر يَمْشي رُوَيْدًا.

قال أبو بَكْر أحْمَدُ بن يَعْقُوب: فبَقِيتُ أتعجَّبُ من أمْر الشَّيْخ، فطَلَبتُ منه خلْوةً في أيَّام، أعُودُ إليِهِ كُلّ يَوْم فلا أصِل إليه، حتَّى كانت اللَّيْلةُ الّتي يخرج النَّاسُ فيها إلى الغَدِير اجْتَزْتُ بباب دَاره، فإذا الدّار ليس فيها أحَدٌ، فدَخَلْتُ، فإذا الشَّيْخُ وحْدَهُ جالسٌ في صَدْرِ الدَّار، فدَنَوْتُ منه وسلَّمْتُ عليهِ، فرَحَّبَ بي وأدْنَاني، وجَعَل يَسْألُني، فرأيتُ منهُ من جَمِيلِ المُحَيَّا والعَقْلِ والأدَب والظَّرَافَة واللّبَاقَة ما تحيَّرتُ. فقال لي: هل لكَ من حَاجةٍ؟ قُلتُ: نعَم، قال: وما هي؟ قُلْتُ: قد تحيَّرت من أمْر الشَّيْخ، وما هو مَدْفُوع إليهِ ممَّا لا يَليْقُ بعَقْلهِ وحُسْن أدَبهِ وبيانه وفَصَاحَته، فتنفَّسَ نَفَسًا (b) شَدِيْدًا، ثمّ قال: إنَّ السُّلْطان أرَادَني على عَمَلٍ لم أكُن أُطِيْقُه، وحَبَسَني في المُطْبَق أيَّام حياته، فلمَّا وَلي ابنُه عَرَضَ عليَّ ما عَرَض عليَّ أبُوه فأبَيْتُ، فَحَبَسَني وردّني إلى أَسْوَأ ما كنتُ فيه، وذَهَب من يَدِي ما كُنْت أمْلكُه، واخترْتُ سَلامَة الدِّين، ولم أتعرَّض لشيءٍ من الدُّنْيا بشيء من دِيْنِي، وصُنْتُ العِلْم عمَّا لا يليقُ بهِ، ولم أَجِد وَجْهًا لخَلاصِي، فتحامقْتُ ونَجَوْتُ، فهأنَذَا في رَغَدٍ من العَيْش.

(a) تاريخ ابن عساكر: وهيبة.

(b) تاريخ ابن عساكر: تنفسًا.

ص: 300

أنْبَأنَا أبو البَرَكات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظُ

(1)

، قال: كَتَبَ إليَّ أبو عَبْدِ الله الحُسَينُ بن أحْمَد بن عليّ البَيْهَقِيّ، قال: قال لنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ: أحْمَدُ بن يَعْقُوبَ، كان يُعْرَفُ بابن بغَاطرة القُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ، لهُ من أمْثَال هذا - يعني: حَدِيثًا ذَكَرَهُ - أحَادِيْث مَوْضُوعَة لا أسْتَحِلُّ رِوَايَةَ شيءٍ منها.

‌أحمدُ بن يَعْقُوبَ الأنْطَاكِيُّ

(2)

رَوَى عن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد البَلَوِيّ. رَوَى عنهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن سَوَّار.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ الحَسَن بن مُحَمَّد الشَّافعِيُّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله الفَرَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو عُثْمان سَعِيْد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْدَان النَّيْسَابُوريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن المُؤَمَّل (a)، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن سَوَّار، قال: أخْبَرَني أحْمَدُ بن يعْقُوبَ الأنْطَاكِيّ، عن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد البَلَوِيّ، قال: حَدَّثَنَا البَرَاءُ بن سَعيد بن سَمَاعَة بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن البَرَاءِ بن مالك الأنْصَاريّ، عن أَبِيهِ، أنَّ قُدَامَةَ بن عُقَيْل الغَطَفَانِيّ أخْبَرَهُ عن جُمْعَةَ - أو جُمَيْعَة - بنتِ ذَابِل (b) بن طُفَيْل بن عَمْرو، عن أبيها ذَابِل (c) بن طُفَيْل بن عَمْرو الدَّوْسِيّ:

(a) دلائل النبوة: ابن المؤملي.

(b) تاريخ ابن عساكر: زائل.

(c) تاريخ ابن عساكر: نائل.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 105.

(2)

توفي سنة 340 هـ، وترجمته في: غاية النهاية لابن الجزري 1: 151، وكناه: أبا الطيب.

(3)

تاريخ ابن عساكر 3: 454 - 455، وانظر نهاية الأرب للنويري 18:146.

(4)

دلائل النبوة 2: 260 - 261.

ص: 301

أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قعَد في مَسْجِده مُنْصَرفَهُ من الأبَاطيل (a)، فقَدِمَ عليه خُفَافُ بن نَضْلَة بن عَمْرو بن بَهْدَلَة الثَّقَفِيّ، فأنْشَدَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم:[من الكامل]

كم قد تحطَّمَتِ القَلُوصُ بي (b) الدُّجَى

في مَهْمَهٍ قَفْرٍ من الفَلَواتِ

فِلٍّ من التَّوْرِيس (c) ليسَ بقَاعِهِ

نَبْتٌ من الإسْناتِ (d) والأَزَمَاتِ

إِنِّي أتَانِي في المَنَامٍ مُسَاعِدٌ

من جِنِّ وَجْرةَ كانَ لي ومُوَاتِ

يَدْعُو إليكَ لياليًا ولياليًا

ثُمِّ اخْزَأَلَّ (e) وقال: لَسْتُ بآتِ

فركبْتُ نَاجِيَةً أضَرَّ بِنَيِّها

جَمْرٌ يخُبُّ (f) بهِ على الأَكَمَاتِ

حتَّى وَرَدْتُ إلى المَدِينَةِ جَاهِدًا

كيما أراكَ (g) فتَفْرجَ الكُرُبَاتِ

قال: فاسْتَحْسَنَها رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إنَّ منَ البَيَانِ لسِحْرًا، وإنَّ من الشِّعْر كالحِكَم.

‌أحْمَدُ بن يَعْقُوب القَائِد

كان من قُوَّاد خُمَارَوَيْه بن طُوْلُونِ، ولَّاه حَلَب وأنْطَاكِيَة وقِنَّسْرِيْن سَنَة أرْبَعٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن بعد أنْ هَزَم خُماروَيْه بن طُوْلُونَ مُحَمَّدَ بن دِيْودَاد الأَفْشِيْن بالثَّنِيَّةِ، واسْتَأمَن إليهِ جَمَاعَةٌ من عَسْكَره، ووَلى الأَفْشِيْن هَارِبًا. فكَتَبَ أحْمَدُ بن يَعْقُوب إلى خُمَارَوَيْه يَسْألُه أنْ يرُدَّ إليهِ ما كان يتَولَّاه من أعْمَال المعَاون بأنْطَاكِيَة

(a) كذا في الأصل، وعند البيهقي وابن عساكر: الأباطل، وليس ثمة موضع أو حادثة بهذا الاسم، ولعل الأوجه ما في كتاب سبل الهدي والرشاد في سيرة خير العباد للصالحي 6: 500: الأباطح.

(b) تاريخ ابن عساكر: في.

(c) دلائل النبوة: النوريس، تاريخ ابن عساكر: التوديس.

(d) الأصل: الأسبات، والمثبت من دلائل النبوة وتاريخ ابن عساكر ونهاية الأرب وسبل الهدي والرشاد.

(e) دلائل النبوة وتاريخ ابن عساكر ونهاية الأرب: احزأل.

(f) دلائل النبوة: تخب، تاريخ ابن عساكر: تحث، سبل الهدي: تجب.

(g) تاريخ ابن عساكر: ليال.

ص: 302

وناحيتها، فأجابَهُ إلى ذلك، ثمّ كتَبَ له تَقْلِيدًا بالصَّلاةِ بأهْلِ أنْطَاكِيَة وسَاحِل جُنْد حِمْصَ، وأهْل كُورِة قِنَّسْرِيْن والمعَاون والأَحْدَاث بهذه البِلاد بأَسْرها. قرأتُ ذلك في سِيْرة خُمَارَوَيْه.

‌أحمدُ بن يَعْقُوب، أبو الحُسَين الكَفْرطَابِيُّ

(1)

شَاعِر مُجِيْد مَذْكُور من أهل كَفَرْ طَاب.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن يُوسُف الحالي الكَفْرطَابِيّ المَعْرُوف بابنِ المُنَيِّرة في كتابٍ لهُ سَمَّاهُ البَدِيْع في نَقْد الشِّعْر

(2)

، فذَكَرَ في باب تَجْنيس التَّرْكيب منه، قال: وشِعْر أبي الفَتْح البُسْتِيّ أكْثره من هذا الباب، وقد تَبِعَه النَّاس في ذلك، فقال شَاعِرُنا أحْمَد بن يَعْقُوب الكَفْر طَابِيُّ:

وأهْيَفِ الخَصْر مثْلُ اللَّيْل طرَّتُهُ

وصُدْغُهُ خَزَريُّ الجِنْسِ أَوْلَاني

أَوْلَيْتُ وَصْلًا فأوْلَاني قَطِيْعَتَهُ

بئْسَ الجَزَاءُ بما أوْلَيت أَوْلَانِي

قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن مُنْقِذ في تَارِيْخهِ، وذَكَر وَفَاة جَدِّ أبيهِ أبي المُتَوَّج مُقَلَّد بن نَصْر بن مُنْقِذ قال: ورَثاهُ الشَّيْخُ أبو الحُسَين أحْمَدُ بن يَعْقُوب بقَصِيدَة أوَّلُها:

(1)

كان حيًّا سنة 451 هـ.

(2)

نُشر هذا الكتاب منسوبًا لأسامة بن منقذ، ولم تتعرض مقدمة التحقيق لنسبته للكفرطابي، وقد ذكره ابن العديم ونقل عنه في موضع آخر (الجزء التاسع) منسُوبًا للكفرطابي، وأنه رآه بخطه، ووافقه في ذلك حاجي خليفة (كشف الظنون 1: 237)، قال:"البديع في نقد الشعر لأبي عبد الله محمد بن يوسف الكفرطابي المعروف بابن المنيرة"، كما أن ابن العديم على معرفة بخط الكفرطابي، نقل عن كتاب آخر له في البلدان بخطه أيضًا. أما ابن الساعي فقد ذكر في مسرد كتب أسامة التي عددها كتاب البديع في صنعة الشعر (الدر الثمين 297)، وانظر نقل ابن العديم في الكتاب المذكور ص 34.

ص: 303

لا تُصْحِبَ الدَّهْر عزمًا واصْحَب الجَزَعا

لا تُطِعْ زَاجِرًا عنهُ وإنْ وزَعَا

أتَابعٌ أَنا مَنْ لم يدْرِ ما كمدَي

وقد رأَيْتُ الفَتَى من كان متّبعا

لو قَلْبُه بين أحْشَائي إذًا لرأَى

قَلْبًا تُقَطِّعه أيْدِي الجَوَى قِطَعَا

وَيْحَ الرَّدَى رَامِيًا لم تُشْوِ أسْهمُهُ

وفاجعَ الخَطْبِ لم يَعْلَمْ بمَن فجَعَا

أمخلِصُ الدَّوْلَةِ اعْتَاقَتْ حَبَائلهُ

لا حبَّذا بك من ناعٍ إليَّ نَعَا

قال في آخرها يُخَاطبُ أبا الحَسَن عليًّا ولدَهُ: [من البسيط]

ما جَار حُكْمُ اللَّيالِي عن سَجيَّتِهِ

ولا استَسَنَّ الرَّدَى فيكُم ولا ابْتَدعَا

هذي سَبيلُ الرَّدَى (a) من قَبْلِنا سَلَفُوا

وسوْفَ نَمْضِي على آثارهِم تَبَعَا

لو خُلِّدُوا لم تكُنْ هذي مَنَازِلنُا

ولم نَجِدْ مَعَهُمْ في الأرْض مُتّسَعَا

فعِشْتُمُ يا بَني نَصْرٍ ولا سَلَبَ الـ

ــرَّحْمَنُ أنْعُمَهُ عنكُم ولا نَزَعَا

كانت وَفَاةُ مُقَلَّد بن نَصْر في ذِي الحجَّة سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وأرْبَعِمائة، فقد تُوفِّي أحْمَدُ بن يَعْقُوب بعد ذلك.

‌أحمدُ بن يُمْن بن هَمَّام بن أحْمَد بن أحْمَد بن الحُسَين، أبو العبَّاسِ العُرْضِيُّ

من أهْل عُرْض، بَلْدَة من المَنَاظِر من عَمَل قِنَّسْرِيْن، والقُرْب من رُصَافَة هِشَام. انْتَقَلَ إلى دِمَشْق وسَكَنها، واكتسَبَ بها أمْوَالًا، وحصَّل بها أمْلَاكًا، وكان له شِعْر حَسَن، رَوى لنا عنْهُ شَيئًا من شِعْره شِهَاب الدِّين أبو المَحَامِد القُوصِيّ.

(a) هكذا في الأصل، ولعل الأوجه: الأُلى، كما ارتضاه إحسان عباس فيما جمعه في كتابه: شذرات من كتب مفقودة 128.

ص: 304

أنْشَدَنا أبو المَحَامِد إسْمَاعِيْل بنُ حَامِدِ القُوصِيّ، ونَقَلْتُه من خَطِّه، قال: أنْشَدَني الأجَلُّ الرَّئِيسُ نَجِيْبُ الدِّين أبو العبَّاسِ أحْمَد بن يُمْن بن هَمَّام بن أحْمَد بن أحْمَد بن الحُسَين العُرْضِيّ بدِمَشْق لنَفْسِه: [من الطويل]

يقُولونَ لي: أَفْنَيْتَ دَمْعَكَ فاقْتَصِد

فمَنْ لي بَعِيْنٍ لا تَجِفُّ غُرُوبُها

ولي أَنّةٌ تبري الضُّلُوعَ منَ الجَوَى

وَلي كَبِدٌ لم أدر ماذا يُذيْبُها

قال لي: وأنْشَدَني لنَفْسِه أيضًا في الشَّيْب: [من البسيط]

ما كانَ أسْرَعَ ما وَلَّى الشَّبَابُ وما

جَاءَ المَشِيْبُ بجَيْشِ الوَهْنِ والهَرَمِ

وما تذكَّرتُ أيَّامًا مَضَيْنَ بِهِ

إلَّا بَكَيْتُ على سَاعَاتها بِدَمِي

قال لي: وأنْشَدَني لنَفْسِه في الشَّيْب أيضًا: [من الكامل]

لا أبْعَدَ اللهُ الشَّبَابَ فإنَّهُ

عَوْنٌ على السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ

ولطالَما قد كُنْتُ فيه مُنَعَّمًا

ما بين غَانِيَةٍ إلى حَسْنَاءِ

واليَوْمَ مُذْ وَخَطَ المَشِيْبُ بعَارِضِي

متَوقِّعٌ لشَماتةِ الأعْدَاءِ

قال أبو المَحَامِد القُوصِيّ، ونَقَلْتُه من خَطِّه وأجازَهُ لي: وأنْشَدتُهُ يَوْمًا هذه الأبْيَات الرَّائِيَّة على سبيل المُذَاكَرَة: [من الكامل]

حَاشَى لفَضْلِكَ أنْ تُنيلَ مطَالبي

قَوْمًا سبَقْتُهُمُ إليكَ تَخيُّرَا

ويكُون حَظِّي في العَنَاءِ مُقَدَّمًا

عنهم وحَظِّي في العَطَاءِ مُؤَخَّرا

هطلَتْ عليهم مِن نَداكَ سَحَابةٌ

تُرْوِي البِلَادَ ولا تُبلُّ لي الثَّرَى

وسَرَيتُ قبلَهُمُ إلى أكْنَافِها

قَيد الصَّبَاح وما حَمدْتُ له السُّرَى

ص: 305

قال: فأنْشَدَني لنَفْسِه على وَزْنها ورَويّها: [من الكامل]

ولقد سَألتُ عن الكرام فلم

أَجِدْ سَمعًا يُحِسُّ بهم ولا عَيْنًا تَرَى

فسَرَيتُ ألْتَمِسُ الغنَى حتَّى بَدَا

ضَوْءُ الصَّبَاحِ فما حَمِدْتُ له السُّرَى

آه على مَوْتٍ يُريْحُ لو أنَّهُ

ممَّا تُبَاعُ بِهِ النُّفُوسُ ويُشْتَرَى

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ يُوسُف من الأحْمَدِين

‌أحمدُ بن يُوسُف بن أسْبَاط بن وَاصِل الشَّيْبَانِيُّ

كان مع أبيهِ بشِيْح الحَدِيْد من عَمَل حَلَب وكُورَة أنْطَاكِيَة، رَوَى عن أَبِيهِ يُوسُف بن أسْبَاط. رَوَى عنهُ عَبْدُ الله بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ، وسَعْدَان بن يَزِيد.

أخْبَرَنا الشَّريفُ افْتِخار الدِّين أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بنِ الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن منْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِرُ بن طَاهِر الشَّاهِد، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عبد الرَّحْمن بن إسْحاق العَامِرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو أحْمَد بن أُبَيّ الفُرَاتِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُوسَى عِمْران بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المُسَيَّب، قال: حَدَّثَنَا عَبْد الله بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن يُوسُف بن أسْبَاط، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: ما أُبالي سَألتُ صَاحِبَ بِدْعَةٍ عن دِيْني أو زَنَيْتُ!.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحمّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي الحَدِيْدِ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو بَكْر، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ الخَرَائِطِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا سَعْدَان بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن يُوسُفَ بن أسْبَاط، عن أَبِيهِ، قال أبي: مَكَثتُ دَهْرًا

(1)

لم أقف عليه في كتب الخرائطي الثلاثة: مكارم الأخلاق، اعتلال القلوب، مساوئ الأخلاق.

ص: 306

وأنا أَظُنُّ أنَّ قَول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: أفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاء غَائب لغائبٍ أنَّهُ إذا كان غائبًا، ثمّ نَظَرْتُ فيه فإذا هو لو كانَ على المَائِدَة ثمّ دَعَا له وهو لا يَسْمَعُ كان غائبًا.

‌أحمد بن يُوسُف بن إسْحاق - وقيل: أبي إسْحاق، يَعْقُوب - المَنْبِجِيّ، أبو بَكْر الطَّائيُّ

(1)

حَدَّثَ عن أبي سَعيد سَهْل بن صالح، وعبد الله بن خُبَيْق الأنْطَاكِيَّيْن، وحَاجِب بن سُلَيمان المَنْبِجِيّ، وعبد الله بن عبد الرَّحْمن، وأحمد بن سَعيد بن شَاهِين، ومُحَمَّد بن شُعْبَة، وسُفْيان بن عُيَيْنَة.

رَوَى عنهُ أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع الصَّيْدَاوِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن المُقْرِئ، ومُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي الزُّبَيْر قاضي مَنْبِج، وأبو عُثْمان مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمْدَان، وعَبْد الرَّحمن بن عِيسَى بن مُحَمَّد المَنْبِجِيّ، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُقْبِل البَغْدَاديّ، وأبو مُحَمَّد الحَسَن بن أحْمَد بن إبْراهيم بن زَيْد العَدْل، وأبو عليّ مُحَمَّد بن عليّ بن الحُسَين الإسْفَرَاينِيّ المَعْرُوفُ بابنِ السَّقَّاء، وأبو الفَرَج مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الحَسَن بن سُلَيمان بن صاحب المُصَلّى، وأبو الفَضْل نَصْر بن أبي نَصْر الحافِظ، وأحمد بن حَرْب الطَّائيّ، وأبو شَاكِر عُثْمان بن مُحَمَّد بن حَجَّاج النَّيْسَابُوريّ الفَقِيه، وأبو القَاسِم فَرَج بن إبْراهيم بن عَبْد الله النَّصِيْبِيّ، وأبو الفَضْل نَصْر بن مَحْمُود بن أحْمَد العَطَّار الصُّوْفيّ الطّوْسيّ.

أخْبَرَنا القَاضِي أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الفَقِيه أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الحُسَين بن طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن جُمَيْع الصَّيْدَاوِيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن يُوسُف بمَنْبِج، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بن صالح، قال: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن صالح، عن أشْعَث

(1)

ترجمته في: لسان الميزان 1: 328 - 329.

(2)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 210.

ص: 307

ابن أبي الشَّعْثَاء، عن مُعاوِيَة بن سُوَيْد بن مُقَرِّن، عن البَرَاءِ، قال

(1)

: نَهَى رسُول الله صلى الله عليه وسلم عن خَاتم الذَّهَب.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّد بن عبد الرَّحيم بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الإخْوَة، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ، ح.

قال أبو الحَجَّاج: وأخْبَرَتْنا عَيْنُ الشَّمْس بنتُ أبي سَعيد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن سُلَيم، قالت: أخْبَرَنا أبو الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، وأبو مَنْصُور بن الحُسَين، قالا: أَخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن يُوسُف بن إسْحاق (a) المَنْبِجِيّ بمَنْبِج، قال: حَدَّثنا سَهْل بن صَالِح، قال: حَدَّثَنَا شُعَيْب بن حَرْب، عن يَحْيَى التَّيْمِيّ، عن إِدْرِيس الأوْدِيّ، عن عَلْقَمَة بن مَرْثَد، عن ابن بُرَيْدَة، عن أَبِيهِ، قال

(3)

: كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا انْتَهى

(a) معجم ابن المقرئ: أبو إسحاق.

_________

(1)

ابن أبي شيبة: المصنف 5: 194 (رقم 25130)، الترمذي: الجامع الكبير 4: 502 (رقم 2809)، البغوي: شرح السنة 5: 210 (رقم 1406)، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 10: 112 (رقم 5650). وفي المسند لابن حنبل 2: 96 (رقم 722)، 2: 139 (رقم 816)، 2: 145 (رقم 829)، 2: 187 (رقم 939)، 3: 217 (رقم 1004)، 3: 250 (رقم 1102)، سنن أبي داود 4: 327 (رقم 4051)، مسند أبي يعلى الموصلي 1: 259 (رقم 304)، المتقي الهندي: كنز العمال 6: 687 (رقم 17414)، جميعهم عن علي بن أبي طالب.

والطبراني: المعجم الكبير 10: 259 (رقم 10494، 10495)، المسند الجامع 12: 34 (رقم 9170)، عن عبد الله بن مسعود.

وفي صحيح مسلم 3: 1636 (رقم 2066)، 1654 (رقم 2089)، سنن ابن ماجة 1202 (رقم 3642، 3643)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 12: 254 (رقم 5438)، 298 (رقم 5487)، سنن النسائي بشرح السيوطي 8: 165 (رقم 5165، 5166)، 191 (رقم 5267، 5268)، 192 (رقم 5274)، من طرق أخرى.

(2)

معجم ابن المقرئ 150 - 151.

(3)

سنن ابن ماجة 1: 494 (رقم 1547)، سنن النسائي بشرح السيوطي 4: 94 (رقم 2040). ورواه مسلم في صحيحه 1: 218 (رقم 249)، وسنن أبي داود 3: 558 (رقم 3237)، وصحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 16: 224 (رقم 7340)، عن أبي هريرة. وفي مسند أبي يعلى الموصلي 8: 85 (رقم 4619)، والمتقي: كنز العمال 15: 648 (42562)، عن عائشة.

ص: 308

إلى القُبُور قال: السَّلامُ عَليْكم أهل الدِّيَار من المُؤْمنِيْن، إنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بكم لاحقُونَ، وأنتمُ لنا فرطٌ ونحن لكم تبعٌ، ونَسْأل اللهَ عز وجل لنا ولكم العَافِيَةَ.

قال ابنُ المُقْرِئ

(1)

: قال أبو بَكْر: قطعُوا الوَرَقة الّتي فيه (a) هذا الحَدِيْث من كتابي.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي جَرَادَةَ العُقَيْلِيّ، بقِرَاءَتي عليه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن الجِلِّيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي الزُّبَيْرِ قاضي مَنْبِج، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن خُبَيْق، قال: سَمِعْتُ سِقْلَاب بن خُزَيْمَة، يقول: مكتوبٌ في التَّوْراة: يا ابن آدَم، خوَّفْناكَ فلم تَخَفْ، وشَوَّقناكَ فلم تَشْتَق، يا ابن الأرْبَعِين مَهلًا، يا ابن الخَمْسين لا عُذر لك، يا ابن السِّتِّين قد دَنَا الحَصَاد، يا ابن السَّبْعين هَلُمَّ إلى الحِسَاب.

‌أحمدُ بن يُوسُف بن أَيُّوب بن شَاذِي بن مَرْوَان، أبو العبَّاس

(2)

المُلَقَّب بالمَلِك المُحْسِن يَمِيْن الدِّين (b ابن المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين رحمهما الله، وأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.

(a) فوقها في الأصل "صـ"، والمثبت موافق لما في معجم ابن المقرئ.

(b) مثله في تاريخ الإسلام، وفي المقفى: معين الدين، وفي العبر للذهبي 218 والشذرات 7: 284: عين الدين.

_________

(1)

معجم ابن المقرئ 151.

(2)

توفي سنة 634 هـ وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 431 - 432، تاريخ الإسلام 14: 129 - 130، سير أعلام النبلاء 23: 203 - 204، العبر في خبر مَن غبر 3: 218، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 262، الوافي بالوفيات 8: 283 - 284، اليافعي: مرآة الجنان 4: 68، ابن دقماق: نزهة الأنام 86، المقريزي: المقفى الكبير 1: 742، النجوم الزاهرة 6: 298، شذرات الذهب 7: 284، مرتضى الزبيدي: ترويح القلوب في ذكر الملوك بني أيوب 75 - 76.

ص: 309

أخْبَرَني أنَّ مَوْلده في شَهْر رَبِيع الآخر سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة بدِمَشْق، وذَكَر العَضُدُ مُرْهَف بن أُسامَة في تَعْلِيقٍ لهُ، ونَقَلْتُه من خَطِّه، أنَّ موْلده بمِصْر.

ونَقَلْتُ من خَطِّ أبي المَحَامِد القُوصِيّ، وذَكَرهُ، وقال: ومَوْلدُه بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة في شُهُور سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنا بذلك شَيْخُنا الوَزِير، ذو البَلَاغتَيْن، عِمَاد الدِّين الأصْبَهَانِيّ الكَاتِب.

اشْتَغل المَلِكُ المُحْسِن بالعِلْم، وخَرَج عن لبس الأجْنَاد، وتزيَّا بزيّ أهْل العِلْم، واشْتَغَل بالحَدِيْث وسَمَاعه، والاسْتِكْثار منه، وتَحْصِيل الأُصُول الحَسَنة بخطُوط المَشَايخ، وسَمِعَ بالدِّيَار المِصْرِيّة أبا القَاسِم البُوْصِيرِيّ، وأبا عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمد بن حَامِد الأرْتاحِيّ وغيرهما، وسَمِعَ بدِمَشْق أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الحَرَّانيّ، وشُيُوخَنا: أبا اليُمْن الكِنْدِيّ، وأبا القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، وأبا القَاسِم العَطَّار، ودَاوُد بن مُلاعِب، وغيرهِم، وسَيَّرَ إلى بَغْدَاد وحَمل منها أبا حَفْص بن طَبَرْزَد، وحَنْبَل بن عَبْد الله المُكَبِّر، وسَمِعَ منهما عامَّة حَدِيثهما، وأفادَ النَّاس بالشَّام حديثهما.

ثُمَّ قَدِمَ علينا حَلَب وَافِدًا إلى أخيهِ المَلِك الظَّاهِر رحمه الله، فأكْرَمه وأحْسَن إليه، ومَلَّكهَ قَرْيَةً من بَلَد حَلَب يقال لها قَذَارَان، وهي الَّتي ذَكَرَها امْرؤ القَيْس في قصيدته الرَّائِيَّة

(1)

، وسَمِعَ بحَلَب من شَيْخنا افْتِخار الدِّين أبي هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، وشَيْخنا أبي بَكْر بن رُوزْبَة البَغْدَاديّ.

وحَجَّ إلى مَكَّة مَرَّتَين، فسَمِعَ بمَكَّة أبا الفَرَج يَحْيَى بن يَاقُوت بن عَبْد الله الفَرَّاش نَزِيلُ مَكَّة، وبالمَدِينَة أبا مُحَمَّد عبد الرَّحيم بن المُفَرِّجِ بن عليّ بن مَسْلَمَة؛ وعاد في الحِجَّة الثَّانيَة على طَريق بَغْدَاد، فسَمِعَ بها من جَمَاعة من الشُّيُوخ الّذين

(1)

تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب ذكر هذه القرية، وأورد ضمنه شعر أمرئ القيس، وحدد ابن العديم موضعها شمالي بلدة الباب. وانظر ديوان امرئ القيس 97 - 98.

ص: 310

أدْرَكهم. ووَصَل إلى حَلَب، وأقامَ بها إلى أنْ ماتَ. وحَدَّثَ بها عن أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ الحَرَّانيّ، وسَمِعْتُ منهُ عنْهُ، وكان يَميلُ أوَّلًا إلى مَذْهَب أهْل الظَّاهر، ثُمَّ مال إلى التَّشَيُّع عند مَقَامهِ بحَلَبَ رحمه الله.

أخْبَرَنا المَلِكُ المُحْسِن أبو العبَّاسِ أحْمَد بن المَلِك النَّاصِر يُوسُف بن أَيُّوب بحَلَب بالمَسْجِد الجامع بين يَدي المِحْرَاب، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الحَرَّانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن الفَضْل بن أحْمَد بن مُحَمَّد الفَرَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى إسْحاقُ بن عبد الرَّحْمن الوَاعظُ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن مُحَمَّد الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أَيُّوب البَجَليّ، قال: أخْبَرَنا مُسْلِم، قال: حَدَّثَنَا هِشَام، قال: حَدَّثَنَا قَتَادَة، عن زُرَارَة بن أوْفَى، عن أبيِ هُرَيْرَة رضي الله عنه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال

(1)

: إنَّ الله تعالَى تجاوز لي عن أُمَّتِي ما لم تَتَكلمَّ بهِ ولم تَعْمل بهِ أو ما حدَّثتِ به أَنْفُسَهَا. تُوفِّي المَلِك المُحْسِن أحْمَد بن يُوسُف بحَلَب يَوْم الأَحَد الخامس والعشرين من مُحَرَّم سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين وستِّمائة وقت الظُّهْر، وأوْصَى أنْ يُصَلِّي عليه القَاضِي زَيْن الدِّين أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان قاضي حَلَب، فصَلَّى عليه بالجَامِع بحَلَبَ؛ وأوْصَى أنْ يُحْمل إلى الرَّقَّة ويُدْفَن بها بالقُرْبِ من عَمَّار بن يَاسرِ صاحب رسُول الله صلى الله عليه وسلم، فُحمِلَ إليها بعد أنْ صُلِّيَ عليه، وحَضَرتُ الصَّلاةَ عليهِ، ودُفِنَ إلى جَانِب قَبْر عَمَّار رضي الله عنه.

ولمَّا مَرَرتُ بالرَّقَّة وزُرْتُ بها عَمَّارًا، رأيتُ قَبْرَهُ إلى جانبه، رحمه الله وإيَّانا.

(1)

ابن حنبل: المسند 18: 140 (رقم 9494)، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 9: 388 (رقم 5369)، المتقي الهندي: كنز العمال 12: 155 (رقم 34457)، بلفظ مختلف.

ص: 311

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ تَوفِيقِي

‌أحمدُ بن يُوسُف بن الحَسَن (a)، أبو العبَّاس الكَوَاشِيّ

(1)

وكَوَاشَا قَلْعَةٌ حَصِيْنَةٌ من قِلَاعِ المَوْصِل، رَجُلٌ من الصَّالِحين الأخْيَار، والأوْلِيَاء الأبْرَار، عالمٌ فَاضِلٌ، فَقِيْهٌ كَامِل، عَارِفٌ بالنَّحو والتَّفْسِير، وسَمعَ الحَدِيْث اليَسِيْر.

وحَدَّثَ عن شَيْخنا أبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الكَريِم المَعْرُوف بابنِ الأَثِيْر، وقرأ النَّحو على والده يُوسف، وشَيْخنا أبي الحَرَم مَكي بن ريَّان المَاكِسيْنِيّ.

وقَدِمَ علينا حَلَب، وأقام بالمَسْجِد المنسُوب إلينا، واجْتَمَعْتُ به ولم أسْمَعْ منه شيئًا لنُزُول سَنَده، وعاد من حَلَب إلى المَوْصِل، وانْقَطِع إلى اللّه في دُوَيْرة الصُّوْفيَّةِ بالجامع العَتِيق، ولَزِمَ العِبَادَة بها، وصَنَّف للقُرآن تفسِيرَيْن: مَطُوَّلًا ومُخْتصَرًا، وَقَفْتُ على المُخْتَصَر منهما، وهو حَسَن مُفِيْدُ.

(a) قيده في الأصل: الحُسَيْن، والتصحيح من مصادر ترجمته التالية باتفاق جميعها سوى طبقات ابن قاضي شهبة، فإنه قيده حسين.

_________

(1)

توفي سنة 680 هـ، وترجمته في: تاريخ الإسلام للذهبي 15: 385 - 386، تذكرة الحفاظ 4: 1465 (ذكر عارض)، معرفة القراء الكبار 3: 361 - 1363، العبر في خبر مَن غبر 3: 343، طبقات القراء 3: 1181 - 1183، الصفدي: الوافي بالوفيات 8: 291 - 292، الصفدي: نكت الهميان 116 - 117، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 8: 42، اليافي: مرآة الجنان 4: 144 وفيه: "أبو العبَّاس يوسف"، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 151، المقريزي: المقفى الكبير 1: 742 - 743، النجوم الزاهرة 7: 348 - 349، بغية الوعاة 1: 401، طبقات المفسرين للداوودي 1: 100 - 101، ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية 2: 130 - 131، الزركشي: عقود الجمان ورقة 65 أ، شذرات الذَّهب 7:638.

ص: 312

وقَدِمْتُ المَوْصِل رَسُولًا وزُرْتُهُ بالدُّوَيْرة المَذْكُورة، وجَدَّدْتُ العَهْدَ برُؤيته، وطَلبتُ أنْ أَسْمعَ منه حَدِيثًا فلم يكن عندَهُ شيء من أُصُوله، فذَكَر لي حَدِيثًا من حِفْظهِ، رَوَاهُ عن شَيْخنا ابن الأَثِيْر من كتاب التِّرمِذيّ بإسْنَاده إلى رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم، وذَكَرهُ مَقْطُوعًا، وأجازَ لي ولوَلَدَيَّ رِوَايَةَ جميع ما يُروَى عنه.

ثمّ قَدِمتُ المَوْصِلَّ مرةً أُخْرى في شُهُور سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وسِّتِمائة، وجَدَّدتُ العَهْدَ بزيارته، والتَّبَرُّك به، فاجْتَمَعْت به بالجامع العَتِيق بعد صَلاةِ الجُمُعَة وقد أضَرَّ، ووجَدْتُ بينَ يَدَيْهِ على سجَّادته مِنْدِيلًا قد وضعَهُ وهو يَسْجُد عليه، فلما فَرَغَ من صَلَاته قال لي مُعْتَذِرًا: هذا المندِيل أضَعُه بين يَدي في الصَّلاة، وأسْجدُ عليه خَوْفًا من أنْ أميْلَ عن القِبْلَة في حَالَة السُّجُود (a).

‌أحمدُ بن يُوسُف بن خَالِد بن سَالَم بن زَاوِيَة، أبو الحَسَن السُّلَمِيُّ - وقيل: الأزْدِيّ - النَّيْسَابُوريُّ، ويعرَفُ بِحَمْدَان

(1)

وكان إمَامًا في الحَدِيْث، وَاسع الرِّحْلَة، دَخَلَ الشّام والجَزِيْرَة، واجْتازَ بحَلَب في طَرِيقه ما بين الشَّام والجَزِيْرَة، أو بَبعْضِ عَمَلها.

(a) كتب ابن فهد المكي الهاشمي بخطه في الهامش: "مات أبو العباس أحْمَد بن يوسف الكواشي في سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمانين وستمائة [0000] ". وما بين الحاصرتين أربع كلمات لم أتبينها.

_________

(1)

توفي سنة 263 هـ أو في السنة التي تليها، وترجمته في: الجرح والتعديل 2: 81، تاريخ ابن عساكر 6: 106 - 110، المزي: تهذيب الكمال: 522 - 525، تاريخ الإسلام 6: 283، العبر في خبر مَن غبر 1: 378، سير أعلام البلاء 12: 384 - 388، تذكرة الحفاظ 2: 565 - 566، الكاشف 1: 73، تهذيب التهذيب 1: 91 - 92، تقرب التهذيب 1: 29، شذرات الذَّهب 3: 278، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 122.

ص: 313

ذكَرَهُ الحاكِم أبو عَبْد اللّه الحافِظ في تاريخ نَيْسَابُور

(1)

، بما أنْبَأنَا بهِ أبو الفُتُوح نَصْرُ بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد اللّه الرُّهَاوِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الخير القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِرُ بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمِن الصَّابُونِيّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن الحُسَين بن عليّ البَيْهَقِيّ، وأبو عُثْمان سَعيدُ بن مُحَمَّد البَحِيْرِيّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الحِيْرِيّ، إجَازةً منهم، قالوا: أخْبَرَنا الحاكِم أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عَبْد اللّه الحافِظ، قال: أحْمَدُ بن يُوسُف بن خَالِد بن سَلم (a)، أبو الحَسَن السُّلميّ النَّيْسَابُوريّ، أحَدُ أئمَّة الحَدِيْث، كبير الرِّحْلَة، واسِع الفَهْم، مَقْبُول عند الأئمَّة في أقْطَار الأرْض، وهو من خَوَاصِّ يَحْيَى بن يَحْيَى، ومن المُصَاهِرين على أقاربهِ، ويُقال: على ابْنَته.

سَمعَ بخُرَاسَان حَفْصَ بن عبد الرَّحْمن، وحَفْصَ بن عَبْد اللّه، ويَحْيَى بن يَحْيَى، والجَارُوْد بن يَنِ يد النَّيْسَابُوريِّ، وعليّ بن الحُسَين بن شَقِيق، وعَبْد الرَّحمن بن عَلْقَمَة، وعَبْدَان بن عُثْمان المَرْوزيّ، وطَبَقتهم.

وبالرَّيّ من عِيسَى بن جَعْفَر القَاضِيّ، وسُليْمان بن دَاوُد القَزَّاز، ومُحَمَّد بن يَحْيَى بن الضُّرَيْس، وطَبَقتهم.

وبمَدِينَة السَّلام من أبي النَّضْر، ومُحَمَّد بن جَعْفَر المَدَائِنِيّ، ومُولىَ بن دَاوُد الضَّبيّ، ومَنْصُور بن سَلَمة الخُزَاعِيّ، وطَبَقتهم.

وبالكُوفَة من يَعْلَى ومحمد ابني جُنَيْد، وجَعْفَر بن عَوْن، وعُبَيْد الله بن مُوسَى، وطَبَقتهم.

(a) هكذا وجده ابن العديم في أصل كتاب الحاكم، وكتب فوقه علامة التصحيف:"صـ"، واكتفى في تلخيص تاريخ نَيسَابُور بذكر اسمه واسم أبيه ثمّ الكنية واللقب.

_________

(1)

لم يرد في تلخيص تاريخ الحاكم 20 سوى الاسم.

ص: 314

وبالبَصْرَة من أبي عَامِر العَقَدِيّ، وصَفْوَان بن عِيسَى القَاضِيّ، وعُمَر بن يُونسُ اليَمَامِيِّ، وطَبَقتهم.

وبالحِجَاز من النَّضْر بن مُحَمَّد الجُرَشِيّ، ومُؤَمَّل بن إسْمَاعِيْل، والمِنْقَريّ.

وباليَمَن من عَبْد اللّه بن سَلَّام، وإسْمَاعِيْل بن عَبْدِ الكَريم، وعُمَر بن يَزِيد، وطَبَقتهم.

وبالشَّام من مُحَمَّد بن يُوسُف الفِرْيَابِيّ، ورَوَّاد بن الجَرَّاح العَسْقَلانِيّ، وعَبْد الأعْلَى بن مُسْهِر، ومُحَمَّد بن المُبارَك الصُّوْرِيّ، وطَبَقتهم.

وبالجَزِيْرَة من مُحَمَّد بن سُلَيمان بن أبي دَاوُد الحَرَّانِيّ، وطَبَقته.

رَوَى عنهُ يَحْيَى بن يَحْيَى التَّمِيْمِيّ، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، ومُسْلم بن الحَجَّاج في الصَّحيحَيْن.

وأكْثَرَ إِبْرَاهيم بن أبي طَالِب، ومُحَمَّد بن إسْحَاق بن خُزَيْمَة وكافَّة أئمَّتنا الرِّوَايَةَ عنهُ.

قال الحاكِم: سَمِعْتُ أبا العبَّاس الأصَمّ يقول: كنتُ سَمِعتُ من أحْمَدَ بن يُوسُف السُّلَمِيِّ قبل خُرُوجنا إلى مِصْر، فانصَرَفتُ فَلَمْ أَجِدْ سَمَاعِي منهُ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنَا أُمُّ البَهَاء فاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّد بن البَغْدَاديّ،

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 107.

ص: 315

قالت: أخْبَرَنا سَعِيْد بن أحْمَد العَيَّار (a)، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الخَفَّاف، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن الشَّرْقيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يُوسُف السُّلَمِيّ ومُحَمَّد بن عَقِيل، وأحمد بن حَفْص، قالوا: حَدَّثَنَا حَفْصُ - هو ابنُ عَبْد اللّه - قال: حَدَّثنِي إبْراهيم بن طَهْمان، عن شُعْبَة بن الحَجَّاج، عن قَتَادَة، عن أنَس، قال: قال رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم

(1)

: رُفِعَتْ إلى السِّدَرةِ (b) فإذا أربعةُ أنْهار: نَهْران ظَاهِران، ونَهْران بَاطِنان، فأمَّا الظَّاهِرَان فالنِّيْلُ والفُرَاتُ، وأمَّا البَاطِنَان فنهران في الجَنَّة، وأُتيتُ بثلاثة أقْدَاح، قدَح فيه لَبنٌ، وقدَح فيه عَسَل، وقدَح فيه خَمْرٌ، فأخَذْتُ الّذي فيه اللَّبَن، فقيل لي: أصَبْت الفِطْرة، وأمْسَك (c).

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن قُشَام الحَلَبِيّ، عن الحافِظ أبي العَلَاء الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن أبي عليّ بن مُحَمَّد الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عِليّ الصَّفَّارُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحاكِم

(2)

، قال: أبو الحَسَن أحْمَد بنُ يُوسف بن خَالِد بن سَالَم بن زَاوِيَة (d) الأزْدِيّ السُّلَمِيّ النَّيْسَابُوريّ، كان أبُوه يُنْسَبُ إلى الأَزْد، وأُمُّه إلى سُلَيم.

سَمِعَ عَبد الرَّزَّاق، والنَّضْر بن مُحَمَّد. رَوَى عنهُ مُسْلم بن الحَجَّاج، كَنَّاه لنا أبو النَّضْر بَكْر بن مُحَمَّد بن إسْحَاق السُّلَمِيّ.

(a) مهملة في الأصل، والإعجام عن تاريخ ابن عساكر، وسير أعلام النبلاء 18: 86 - 89 (وفسر سبب تسميته: لأنَّه كان يسلك مسلك العيارين)، والوافي بالوفيات 15:197.

(b) تاريخ ابن عساكر: السدرة المنتهى.

(c) تاريخ ابن عساكر: أنت وأمتك.

(d) الأسامي والكنى للحاكم: راوية.

_________

(1)

تقدم تخريجه في الجزء الأوّل في باب ما جاء في فضل الفرات من الأحاديث والآثار.

(2)

الأسامي والكنى لأبي أحْمَد الحاكم 3: 349 - 350.

ص: 316

أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد إسْمَاعيْل بن أحْمَد بن عَبْدِ المَلك الكَرْمَانِيّ، وأبو الحَسَن مَكِّيِّ بن أبي طَالِب البَرُوجِرْديّ، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أَحْمَد بن عليّ بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه الحافظُ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن عِيسَى الحِيْرِي، قال: حَدَّثنا الحُسينُ بن مُحَمَّد بن زِيَاد القَبَّانيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يُوسُف بن خَالِد بن سَالَم بن زَاوِيَة الأزْدِيّ بالبَصْرَة، وهو حَمْدَان السُّلَمِيّ، ح.

قال: وحَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللّه بن الأَخْرَم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن سَلَمَة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يوسُف الأزْدِيّ، ح.

قال: وسَمِعْتُ أبا أحْمَد يقول: سَمِعْتُ مَكِّيِّ بن عَبْدَان لِقول: قال لنا أحْمَد بن يُوسُف: أنا أَزْدِيّ، وكان أُمِّيّ سُلَمِيَّةٌ.

قال: وسَألتُ الشَّيْخ الصَّالِح أبا عَمْرو إِسْمَاعِيْل بن نُجَيْد بن أحْمَد بن يُوسُف السُّلَمِيّ عن السَّبَب فيهِ؟ فقال: كانت امْرأتُه أَزْدِيَّة فَعُرِفَ بذلكَ.

أنْبَأنَا أبو الفُتُوح الحُصْرِيّ، وأبو مُحَمَّد الرُّهَاوِيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِينِيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر، عن أبَوَي بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْريّ، وأبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا الحاكِم أبو عَبْد اللّه الحافِظُ، قال: سَمِعْتُ أبا عَمْرو إسْمَاعِيْل بن نُجَيْد، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن يُوسُف السُّلَمِيِّ، يقول: كان جَدِّي أَزْدِيّ الأب، سُلَمِيِّ الأُمّ، فغَلَب عليهِ السُّلَمِيِّ.

(a) في الأصل: القبابيّ، وكته أيضًا فيما يلي: القتابيّ، والمثبت من تاريخ ابن عساكر: 107، والسمعاني: الأنساب 10: 319 - 320، والتقييد لابن نقطة 1: 474 - 475، وتاريخ الإسلام 6: 744، وهي نسبة للقبان الَّذي يوزن به، تهذيب الكمال للمزي 1: 524، سير أعلام النبلاء 13: 499 - 502، تذكرة الحفاظ 3: 680 - 683.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 108 - 109.

ص: 317

وقال أبو عَبْد اللّه: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن حَامِد البَزَّاز يقول: سَمِعْتُ بعضَ مشَايخنا يَحْكي عن أحْمَد بن يُوسُف السُّلَمِيِّ: أمَّا أنا لستُ بسُلمَيّ، أنا أَزْدِيٌّ وعيَالي سُلَمِيَّة.

أَنْبَأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، عن أبي المُظَفّر عَبْد المُنْعِم بن عَبْد الكَريم القُشَيْريّ، عن أبي بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحافِظ، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو المُسْتَملِيّ: سَمِعْتُ حَمْدَان السُّلَمِيِّ، وقالُوا له: أسْمعنا، فقال: لا يُمْكنُنِي أنا ابن ثمانين سَنَة، وذلك يَوْم الخَمِيْس بعد العَصْر لخَمْس عَشرة لَيْلَةً خَلَتْ من شَوَّال سَنَة اثْنَتَيْن وسِتِّين ومَائتَيْن.

قُلتُ: فيكُون مَوْلدُهُ على هذا في سَنَة اثْنَتَيْن وثمانين ومائة، واللّهُ أعْلَمُ.

قال أبو المُظَفَّر القُشَيْريّ: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيِّ، قال: وسَألتُه - يعني الدَّارَقُطْنِيّ - عن أحْمَد بن يُوسُف السُّلَمِيِّ؟ فقال: ثِقَةٌ نَبِيْلٌ.

أخْبَرَنا نَصْر بن أبي الفَرَج، وعَبْد القَادِر بن عَبْد اللّه في كَتابَيْهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الخير القَزْوِينِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الشَّحَّامِيِّ، عن البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ والصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحافِظ، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن جَعْفَر، عن مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَألتُ مُسْلم بن الحَجَّاج عن أحْمَد بن يُوسُف السُّلَمِيِّ؟ فقال: ثِقَة، وأمَرَنِي بالكتابةِ عنهُ.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَامِيِّ، عن أبي الفَضْل الحَكَّاك، قال: أخْبَرَنا عُبيدُ الله بن سَعيد بن حَاتِم، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللّه بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنِي عَبْدُ الكَرِيم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنِي أبيّ، قال: أحْمَد بن يُوسُف السُّلَمِيِّ نَيْسَابُوريٌّ ليسَ به بَأْسٌ.

ص: 318

أخْبَرَنا عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ، فيما أَذِنَ لَنا فيه، قال: كَتَبَ إلينا أبو المُظَفَّر القُشَيْريّ، عن أبي بَكْر البَيْهَقيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللّه الحافِظُ، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن إبْراهيم المُؤذِّن، قال: حَدَّثَنَا مَكّيِّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن يوسُف السُّلَمِيّ يقول: كتبتُ عن عُبَيْدِ اللّه بن مُوسَى ثلاثين ألْف حَدِيثٍ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبوه القَاسِم عليِّ بن الحَسَن بن هِبَةِ اللّه

(1)

، قال: أحْمَد بن يُوسُف بن خَالِد بن سَالِم بن زَاوِيَة أبو الحَسَن السُّلَمِيّ النَّيْسَابُوريّ المَعْرُوف بحَمْدَان، أحَدُ الثِّقَات الأثْبَات، رَحَلَ في طَلَب الحَدِيْث، وسَمعَ بالشَّامِ والعِرَاق وخُرَاسَان واليَمَن، وحَدَّثَ عن عَبْد الأعْلَى بن مُسْهِر، ومُحَمَّد بن المُبارَك الصُّوْرِيّ، ومَعْمَر بن يَعْمَر، وصَفْوَان بن صالح، ويَحْيَى بن أبي بُكَيْر، وعَمْرو بن أبي سَلَمَة التِّنِّيْسِيّ، ومُحَمَّد بن يُوسُف الفِرْيَابِيّ، ورَوَّاد بن الجَرَّاح العَسْقَلانِيِّ، وأبي النَّضْر هاشِم بن القَاسِم، ومُحَمَّد بن جَعْفَر المَدَائِنِيّ، ومُوسَى بن دَاوُد الضَّبِّيّ، ومَنْصُور بن سَلَمَة الخُزَاعِيِّ، ويَعْلَى ومُحَمَّد ابني عُبَيْد، وجَعْفَر بن عَوْن، وعُبِيْد اللّه بن مُوسَى، وأبي عَامِر العَقَدِيّ، وصَفْوَان بن عِيسَى، وحَفْص بن عَبْد اللّه، وحَفْص بن عبد الرَّحْمن، ويَحْيَى بن يَحْيَى، والجارُوْد بن يَزِيد، وعليّ بن الحَسَن بن شَقِيق، وعَبْدَان بن عُثْمان، ومُحَمَّد بن يَحْيَى بن الضُّرَيْس، وسُليْمان بن دَاوُد القَزَّاز (a) الرَّازِيَّيْن، وعَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام، وإسَمَاعِيْل بن عَبْد الكَريم، والنَّضْر بن مُحَمَّد الجُرَشِيّ (b)، وعُمَر بن عَبْد اللّه بن رَزِيْن، وأبي عبد الرَّحْمن المُقْرِئ، وأبي حُذَيْفَةَ النَّهْدِيّ، وغيرهم.

(a) تاريخ ابن عساكر: القزار، بالراء في آخره.

(b) الأصل وتاريخ ابن عساكر: الحرشي، بالحاء المهملة.

وانظر ترجمته في: تهذيب الكمال 29: 402 - 403، تاريخ الإسلام 5: 208، الكاشف 3: 204، ميزان الاعتدال 4: 262، وتهذيب التهذيب 10: 444، تقريب التهذيب 2:302.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 6: 106 - 107.

ص: 319

رَوَى عنهُ يَحْيَى بن يَحْيَى، وهو من مَشَايخِه، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، ومُسْلم بن الحَجَّاج القُشَيْريّ، وإبْراهيم بن أبي طَالِب، وأبو بَكْر بن خُزَيْمَة، وأبو القَاسِم عُبَيْد اللّه بن إبْراهيم بن بَالُوَيْه، وأبو مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد بن جَابِر، وجَعْفَر بن مُحَمَّد بن مُوسَى الحافِظ، وإبْراهيم بن عَبْد اللّه بن أحْمَد الحِيْرِيّ، وأبو العبَّاس السَّرَّاج، وأبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، والحُسَين بن مُحَمَّد بن زِيَاد النَّيْسَابُوريّ القَبَّانِيّ (a).

قُلتُ: هكذا قال الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ في تَرْجَمَةِ أحْمَد بن يُوسُف السُّلمِيّ: رَوَى عنهُ يَحْيَى بن يَحْيَى وهو من مَشَايخِه. وذَكَرَ بعدَهُ الحَدِيْث الّذي أوْرَدناهُ، ثمّ قال بعدَهُ: أنْبَأنَا أبو نَصْر بن القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحافِظ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن حَامِد البَزَّاز يقول: سَمِعْتُ مَكِّيّ بن عَبْدَان يقول: سَمِعْتُ أحْمَد بن يُوسُف السُّلَمِيّ يقول: سَألتُ يَحْيَى بن يَحْيَى عن حَديثي عن حَفْص بن عَبْد اللّه، عن إبْراهيم بن طَهْمان، عن شُعْبَة، عن قَتَادَة، عن أنَس، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قال

(1)

: لمَّا رُفِعْتُ إلى السِّدْرة المُنَتْهى، إذا نَهْران ظَاهِران

الحَدِيْث، فسَمِعَهُ منِّي.

ورَوَى ذلك عن أبي نَصْر، عن البَيْهَقِيّ، عن أبي عَبْد اللّه الحاكمِ.

وقال أبو عَبْد الله الحاكمِ في تَرْجَمَتِهِ الّتي ذَكَرْناها من تاريخ نَيْسَابُور: رَوَى عنهُ يَحْيَى بن يَحْيَى التَّيْمِيّ.

فإنْ كان اعْتِمَادُهما في قَولهما: رَوَى عنهُ يَحْيَى بن يَحْيَى، على ما رَوَياهُ من قول أحْمَد بن يُوسُف السُّلَمِيّ:"فسَمِعَهُ منِّي"؛ فليسَ هذا بروايةٍ عنه، وإنَّما يكون

(a) الأصل: القابي، وتقدم التعليق عليه في ذات الترجمة.

_________

(1)

تقدم تخريجه في الجزء الأول من الكتاب.

ص: 320

رِوَايَةً عنهُ إذا حَدَّث به عنه، أو ذَكَره في فَوَائِد خرَّجَها، أو مُصَنَّف جَمَعَهُ، أمَّا مجرَّد السَّمَاع لا يُقال فيه: رَوَى عنهُ، وإنَّما يُقال فيه: كَتَبَ عنهُ، أو سَمِعَ منه، أو اسْتَفادَهُ، واللّهُ أعْلَمُ.

أخْبَرَنا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد في كتابهِ، عن أبي القَاسِم الشَّحَّامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللّه الحافِظ، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن أحْمَد الشَّعْرَانيّ، قال: سَمِعْتُ أبا حَامِد بن الشَّرْقيّ يقول: ماتَ أحْمَد بن يُوسُف السُّلَمِيّ سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين ومَائتَيْن.

وأخْبرَني أبو سَعْد المُؤذِّن عن أَبيِهِ، قال: ماتَ السُّلَمِيّ سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين ومَائَتيْن.

‌أحمدُ بن يُوسُف بن عَبْد الوَاحِد بن يُوسُف، أبو الفَتْح الأنْصَاريّ الحَلَبِيّ الحَنَفِيّ الصُّوْفيّ، المُلَقَّب شِهَاب الدِّين

(1)

كان أبُوهُ دِمَشْقيًّا وانْتَقَلَ إلى حَلَب، ووُلِّيَ بها خَانقَاه سُنْقُرجا النُّوْرِيّ، وَسَنَذْكُر تَرْجَمَتهُ إنْ شَاءَ اللّهُ

(2)

.

ووُلد أحْمَد - ابنُه - بحَلَب، واشْتَغَل بالفِقْه بها، وسَافَرَ إلى المَوْصِل، وتَفَقَّهَ بها على الجَلَال الرَّازِيّ، وبَرَع في عِلْم النَّظَر والخِلَاف، وتولَّى الإعَادَة بالمَدْرَسَة النُّورِيَّة الحَلاويَّة بحَلَب في أيَّام شَيْخنا افْتِخار الدِّين أبي هاشِم، وكان وَلي مَشْيَخَة

(1)

توفي سنة 649 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 248، تاريخ الإسلام 14: 615، سير أعلام النبلاء 23: 254، القرشي: الجواهر المضية 1: 352 - 353، العيني: عقد الجمان (القسم الخاص بعصر سلاطين المماليك) 1: 57 - 58، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 402.

(2)

ترجمة والده: "يوسف بن عبد الواحد بن يوسف الحلبي" في الضائع من الكتاب.

ص: 321

الصُّوْفيَّة برِباط سُنْقُرجا بعدَ مَوْت والده، ثمّ اسْتُدْعِي إلى بَغْدَاد ليُدَرِّس بالمَدْرَسَة المُسْتَنْصِريَّة، فتوجَّه إليها في أيَّام الإمَام المُسْتَنْصر بالله رحمه الله، ووَلِيَ بها تَدْرِيس الفرقَة (a) الحَنَفِيّة، وأقام على ذلك مُدَّة، ثُمّ ضَجر الإقامة ببَغْدَاد والتَّقيُّد بما عليه أوْضاعُهم بها، فاسْتَأذن في العَوْد إلى وَطَنه، فأُذنَ له في ذلك، فعاد إلى حَلَب، والمَدْرَسَة المُقَدَّميَّةُ خَاليَة من مُدرِّس، فقُلِّدَ التَّدْرِيس بها، ثمّ مات المُدَرِّس بمَدْرَسَة الحَدَّادِين، فأُضِيْف تَدْرِيسُها إليه أيْضًا.

وكان قد سَمِعَ الحَدِيْث من أبيِه، ومن شَيْخنا أبي هاشِم الهاشمِيّ، وغيرهما. وسَمِعْتُ منه شيئًا يَسِيْرًا عن والده، وَأدْرَكتُ وَالده ولم أكْتُب عنه.

وحَكَى عنه شَيْخُنا نَاصِح الدِّين عبد الرَّحْمن بن نَجْم بن الحَنْبَلِيّ في كتاب الاسْتِسْعَاد بمَن لقي من صَالِحي العُبَّاد في البِلاد مَنامًا أخبره به سنذكره في تَرْجَمَةِ أبيه يُوسُف إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى.

أخْبَرَنا الفَقِيه شِهَاب الدِّين أبو العبَّاس أحْمَد بن يُوسُف الأنْصَاريّ بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا أبي فَخْر الدِّين يُوسُف بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن يَاسِر الجيَّانِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو المَكَارِم مُحَمَّد بن عُمَر بن أمِيْرجَه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن الحَسَن بن أبي مَنْصُور الطَّبَسِيّ، قال: أخْبَرَنا أَبو عُمَر عَبْد الوَاحِد بن أحْمَد بن أبي القَاسِم المَلِيْحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ عَبْد اللّه بن عليّ الطُّوْسِيّ يقول: سُئِلَ أبو الحَسَنِ الحُصْرِيّ: هل يَحْتَشم المُحبُّ أو يفزع؟ فقال: لا، الحبُّ اسْتِهْلَاكٌ لا يَبْقَى معهُ صِفَةٌ، وأنْشَد:[من البسيط]

قالت: لقد سُؤْتَنا في غير مَنْفَعَةٍ

بقَرْعِكَ البابَ والحُجَّابُ ما هَجَعُوا

(a) موضع الفاء مهمل في الأصل، ولعل في الكلمة تحريف.

_________

(1)

طبقات الصوفية 492.

ص: 322

ماذا يُريبُكَ في الظَّلْماءَ تَطْرُقُنُا؟

قُلتُ: الصَّبَابَةُ هَاجَتْ ذاك والطَّمَعُ

قالتْ: لعَمْري لقد خَاطرتَ ذا جَزَعٍ

حتَّى وَصَلْتَ وأَلَّا (a) عَاقَكَ الجَزَع

تُوفِّي شِهَاب الدِّين أحْمَد بن يُوسُف الأنْصَاريّ بحَلَب يَوْم الخَمِيْس في السَّادِس عَشر من شَعْبان قبل العَصْر من سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وسِتّمائة، وبلغَتْني وفاته وأنا بدِمَشْق، ثمّ وصَلَ ابنُه فأخْبرَني أنَّهُ تُوفِّي في هذا التَّاريخ، رحمه الله.

‌أحمدُ بن يُوسُف بن عليّ بن يُوسُف بن الحُسَين بن أبي بَكْر البَغْدَاديّ، المَعْرُوف بابنِ القِرْمِيْسِينِيّ

(1)

سَمِعَ ببَغْدَاد أبا الكَرَم بن الشَّهْرَزُورِيِّ، وأبا الفَتْحِ بن البَطِّيّ، وأبا الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ، وأبا الفَرَج إبْراهيم بن سُلَيمان الضَّرِيْر، وسَمِعَ بمَرْو عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الكُشْمَيْهَني، وبنَيْسَابُور أبا الأَسْعَد القُشَيْريّ، وحدَّث بشيءٍ من حَديثه. وطَافَ البِلاد الوَاسِعَة، ودَخَل الجَزِيْرَة والشَّام واجْتازَ بحَلَب.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ قال في كتاب التَّكمِلَة لوَفَيَات النَّقَلَة

(2)

: وفي أواخر جُمَادَى الأُوْلَى (b) تُوفِّي الشَّيْخ أبو العبَّاس أحْمَد بن يُوسُف بن عليّ بن يوسُف بن الحُسَين بن أبي بَكْر البَغْدَاديّ المَعْرُوفُ بابنِ القِرْمِيْسِينِيّ بالمَوْصِل، ودُفِنَ بها. ومَوْلده ببَغْدَاد يَوْم عَاشُوْراء سَنَة إحْدَى وثَلاثين وخَمْسِمائَة،

(a) طبقات الصوفية: فهلا.

(b) كتب ابن فهد المكي الهاشمي بخطه في الهامش: "سهى المؤلف عن ذكر السنة التي مات فيها القرميسيني"، وإن كان مقصوده بالمؤلف: مؤلف التكملة، فإن المنذري لم يعتد على ذكر السنة في ثنايا التراجم، وإنما يفرد لكل وفيات السنة عنوانًا في أولها، وقد استدرك ابن العديم - عند نقله عن المنذري خاصة - ذكر السنة في مقدمته للنقل عنه.

_________

(1)

توفي سنة 597 هـ، وقيل: 599 هـ وترجمته في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 425 - 427، المنذري: التكملة 1: 456 - 457، ابن الفوطي: مجمع الآداب 2: 559، المختصر المحتاج إليه 1: 225، تاريخ الإسلام 13: 1164، الوافي بالوفيات 8:284.

(2)

التكملة لوفيات النقلة 1: 456.

ص: 323

سَمِعَ ببَغْدَاد من القَاضِي أبي الفَضْل مُحَمَّد بن عُمَر الأُرْمَوِيّ، وأبي الكَرَم المبُارَك بن الحَسَن الشَّهْرَزُورِيّ (a)، وأبي الفَرَج إبْراهيم بن سُلَيمان الضَّرِيْر، وأبي الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن أحْمَد وغيرهم، وسَمِعَ بنَيْسَابور من أبي الأَسْعَد هِبَة الرَّحمن بن عَبْد الوَاحِد القُشَيْريّ، وبمَرْو من عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الكُشْمَيْهَني، وسافَرَ الكَثِيْر، وطافَ ما بين الحِجَاز، واليَمن، والشَّام، وديار مِصْر، وخُرَاسَان، ومَا وَرَاء النَّهْر، وقِطْعَة من بلاد التُّرْك، وغَزْنَة، وبلاد الهِنْد، وجَزَائر البَحْر، وكان يَذْكر عَجَائِب رآها في أسْفَاره، وحَدَّث.

‌أحمدُ بن يُوسُف بن عليّ، أبو العِبَّاس الشَّريفُ العَلَويُّ الحَسَنيُّ، المُلَقَّب عِمَاد الدِّين المَوْصِليِّ الفَقِيه الحَنَفِيُّ

(1)

كان فَقِيهًا، حَسَنًا، صَالِحًا، وَرِعًا، زَاهِدًا، فَاضِلًا، سَكَنَ حَلَبَ وتَفَقَّهَ بها على تَاج الدِّين أحْمَد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود الغَزنَوِيّ الحَنَفِيّ، ثمّ صَحِبَ مُوَفَّق الدِّين مَحْمُود بن هِبَة اللّه بن النَّحَّاس، ولَزِمَ دَرْسَه بمَدْرَسَتي شَاذْبَخْت النُّوْرِيّ والحَدَّادِين، وسَافرَ معهُ إلى العَجَم حين توجَّه إليها رَسُولًا، وعادَ إلى حَلَب فأقام بمَدْرَسَة الحَدَّادِين مُشْتغلًا بالفِقْه والعِبَادَة، واجْتهدَ في عِمارَة المَدْرَسَة، ولم يتعرَّض لمَنْصِبٍ، وسَمِعَ معي الحَدِيْث على شَيْخنا افْتِخار الدِّين أبي هاشِم الهاشِميّ، وشَيْخنا بَهَاء الدِّين أبي المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم قَاضِي حَلَب.

(a) المنذري: ابن الشهرزوري.

_________

(1)

توفي سنة 648 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 235، تاريخ الإسلام 14:591، القرشي: الجواهر المضية 1: 355، المقريزي: المقفى الكبير 1: 749 - 750، (وفيه: الحسيني)، ابن تغري بردي: المنهل الصافي 2: 282 - 283 (واقتبس في ترجمته من كلام ابن العديم أعلاه)، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 399.

ص: 324

ثم خَرَجَ من حَلَب إلى مِصْر حينَ وصَلَ التَّتَارُ إلى بلاد الرُّوم سَنة أرْبَعيْن وسِتّمائة، وكنتُ بمِصْر في هذه السَّنَة، وهو بها، وحَدَّثَ بها عن شَيْخنا أبي هاشِم المَذْكُور، وعُدْتُ إلى حَلَب وهو بالدِّيَار المِصْرِيَّة، فأضَرَّ بها، وعاد إلى حَلَب وقد ذَهَبَتْ عَيْناهُ وهو صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، فلَزِمَ مَدْرَسَة الحَدَّادِين إلى أنْ ماتَ في بعض شُهُور سَنَهَ ثمانٍ وأرْبَعين وسِتّمائة، وكان حسن العَقِيْدَة والمَذْهَب، رحمه الله

(1)

.

‌أحمدُ بن يُوسُف بن القَاسِم بن صَبِيْح الكَاتِب، أبو جَعْفَر

(2)

كاتبٌ أدِيبٌ، نَاظِم نَاثِرٌ مُجِيْدٌ فيهما. حكى عن عَبْد الحَميْد بن يَحْيَى الكَاتِب، وعنٍ عَبْد اللّه المَأْمُون، وقَدِمَ حَلَبَ صُحْبَتَهُ، وكان يَلي له دِيْوَان المَشْرِق، ودِيْوَان الرَّسَائِل، ووَزَرَ له ونَادَمَهُ، وكان خَصِيْصًا به. رَوَى عَنْهُ ابنُه مُحَمَّد بن أحْمَد بن يُوسُف، وأبو الحَسَن عليّ بن سُلَيمان الأخْفَشُ، وأحْمَد بن أبي سَلَمَة، وأبو سَعيد البَصْرِيّ، وأبو هَفَّان.

وذكَرَهُ مُحَمَّد بنُ دَاوُد بن الجرَّاح في كتاب الوَرَقَة

(3)

، فقال: أحْمَدُ بن يُوسُف الكَاتِب، يُكْنَى أبا جَعْفَر، كاتبٌ أدِيبٌ شَاعِرٌ، رَقيْق الشِّعْر، تقلَّد دِيْوَان الرَّسَائِل للمَأْمُون وغيره من أعْمَالهم.

(1)

قال القرشي في ترجمته له: "مولده سنة نيف وستين وخمسمائة، نقله ابن العديم"، ولم يؤرخ ابن العديم لمولده.

(2)

توفي سنة 212 هـ وقيل: 214 هـ وهو الأرجح عند ابن العديم، وترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 91، 140، 161 - 165، (وفيه نماذج من رسائله ونثره، وعقد ابن طيفور فصلًا تناول فيه اتصال أحمد الكاتب بالمأمون)، الفهرست للنديم 1/ 2: 378، 383، 391، الجهشياري: الوزراء والكتاب 304، الأصفهاني: الأغاني 23: 111 - 114، الصابئ: الهفوات النادرة 199، تاريخ بغداد 6: 463 - 465، تاريخ ابن عساكر 6: 114 - 121، ابن الجوزي: المنتظم 10: 251 - 252، معجم الأدباء 2: 560 - 569، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 14: 127 - 129، ابن الأبار: إعتاب الكُتَّاب 113 - 116، الوافي بالوفيات 8: 279 - 282، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 269، المقريزي: المقفى الكبير 1: 745 - 749، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 124، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 207 - 213، الزركلي: الأعلام 1: 272.

(3)

لم يرد في المتبقي من كتاب الورقة.

ص: 325

وقال الصُّوْلِيّ في كتاب الأوْرَاق، في ذِكْر كُتَّاب المَأْمُون، قال: جَعَل دِيْوَان المَشْرِق إلى عبد الرَّحْمن بن عليّ الكَلْبيّ، ثمّ مات، فَجَعَلَهُ إلى أحْمَد بن يُوسف، ولم تَزَل له خاصيَّةٌ منه.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الصَّمَدُ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الحَرَسْتَانِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بنُ عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(1)

، قال: أحْمَدُ بن يُوسُف بن القَاسِم بن صَبِيْح، أبو جَعْفَر الكَاتِب، مَوْلَى بني عِجْل. كان من أفَاضِل كُتَّاب المَأْمُون، وأذْكَاهُم وأفْطَنهم، وأجْمَعهم للمَحَاسِن. وكان جَيِّدَ الكَلَام، فَصِيحَ اللِّسَانِ، حَسَنَ اللَّفْظِ والخَطِّ (a)، يَقُولُ الشِّعْرَ في الغَزَل والمَدِيْح والهِجَاءِ، وله أخْبَار مع إبْراهيم بن المَهْدِيّ، وأبي العَتَاهِيَة، ومُحَمَّد بن يَسِير (b)، وغيرهم.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أَحْمَدُ بن يُوسُف بن القَاسِمِ بن صَبِيْح، أبو جَعْفَر الكَاتِب، أصْلُهُ من الكُوفَة، وَلي دِيْوَان الرَّسَائِل للمَأْمُون، يُقالُ: إنَّهُ من بني عِجْل.

وكان له أخٌ يُقال له القَاسِم بن يُوسُف؛ كان شَاعِرًا كاتبًا، وهُما وأوْلادهما جَمِيعًا أهل أدَبٍ وطَلَبٍ للشِّعْر والبَلَاغَة.

حَكَى أحْمَد بن يُوسُف عن المَأْمُون، وعَبْد الحَميْد بن يَحْيَى الكَاتِب. حَكَى عنهُ ابنُه مُحَمَّد بن أحْمَد بن يُوسُف، وأحمد بن أبي سَلَمَة، كاتب عَيَّاش بن

(a) تاريخ بغداد: مليح الخط.

(b) في الأصل: بشير، وفي تاريخ بغداد (مصدر النقل): نُسَيْر، والمثبت من طبقات الشعراء لابن المعتز 256 والأغاني للأصفهاني 14: 14 - 32.

_________

(1)

تاريخ بغداد 6: 463.

(2)

تاريخ ابن عساكر 6: 114.

ص: 326

القَاسِم صَاحِبُ شُرْطَة المَأْمُون، وعليّ بن سُلَيمان الأخْفَش، وقَدِمَ دِمَشْقَ في صُحْبَة المَأْمُون.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي عليّ المُعَدَّلُ، قال: أخْبَرَنا (a) مُحَمَّد بن عِمْران المَرْزُبانيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن سُلَيمان الأخْفَش، قال: قال أحْمَد بن يُوسُف الكَاتِب: رآني عَبْد الحَميْد بن يَحْيَى أكتُب خَطًّا رَدِيئًا (b)، فقال لي: إنْ أردتَ أنْ تُجَوِّد خَطَّكَ فأَطِل جِلْفَتَكَ وأَسْمِنْها، وحَرِّف قَطَّتَكَ وَأَيْمِنْهَا، ثمّ قال:[من الطويل]

إذا جَرحَ الكُتَّابُ كان قسِيّهم

دَوَايا (c) وأقْلَام الدُّوِيَ لهم نَبْلا

قال الأخْفَشُ: قَوْله: جِلْفَتكَ؛ أرادَ: فَتْحَةَ رأسِ القَلَم.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين (d) الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاءَ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين (e) بن إسْمَاعِيْل المَحَامِلِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أبي سَعْد (f)، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عليّ بن أبي حَمْزَة الهاشمِيّ، قال: حَدَّثَني عليّ بنُ إبْراهيم بن حَسَن، قال: أخْبَرَني مُوسَى بن عَبْد المَلِك، قال: جاءَ أبو العَتَاهِيَة يُريدُ الدُّخُولَ على أحْمَد بن يُوسُف، فمَنَعَهُ الحَاجِبُ فكتَبَ إليهِ

(3)

: [من الطويل]

ألَم تَرَ أنَّ الفَقْر يُرْجَى له الغِنَى

وأنَّ الغِنَى يُخْشَى عليهِ من الفَقْرِ

(a) تاريخ بغداد: حدثنا.

(b) الأصل: ردئأ.

(c) تاريخ بغداد: دُوُيًّا.

(d) الأصل: الحسن. وانظر: ابن ماكولا: الإكمال 2: 265، السمعاني: الأنساب 171، تاريخ بغداد 3:55.

(e) الجريري: الحسن، وما هنا هو الصواب.

(f) الجريري: سعيد.

_________

(1)

تاريخ بغداد 6: 463، وأيضًا في المقفى 1:749.

(2)

الجريري: الجليس الصالح 2: 179، 180.

(3)

ديوان أبي العتاهية 172.

ص: 327

قال: فقُلتُ لَهُ: لا تَتَعرَّض لهُ، وأَسْكِتْهُ عنكَ، فوجَّه إليهِ بخَمْسَة آلاف دِرْهَم.

قال عليّ بن إبْراهيم: فأعلَمْتُ ذلك عليَّ بن جَبَلَة، فقال: بئسَ ما صَنَعَ! كان ينبغي لهُ أنْ يقُول لهُ: [من الطويل]

أأحمَدُ إنَّ الفَقْرَ يُرجَى له الغِنَى

فيُشيَّد باسمْه.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْلِ الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن أبي القَاسِم الآمُلِيّ، يقول: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله إسْمَاعِيْل بن عَبْد الغَافِر الفَارِسِيّ بنَيْسَابور، يقول: سمِعْتُ أبا القَاسِم عليّ بن عَبْد الغَافِر الفَارِسِيّ، يقول: سَمِعْتُ أبا عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلَمِيّ، يقول: سَمِعْتُ أبا سَعيد أحْمَدَ بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء، يقول: سَمِعْتُ أبا سَعيد البَصْرِيّ، يقول: أَنْشَدَنا أحْمَد بن يُوسُف قَوْل أبي تَمَّام

(1)

: [من الكامل]

قَدْكَ أتَّئِبْ أَرْبَيْتَ في الغُلَوَاءِ

كَمْ تَعْذِلُونَ وأنْتُمُ سُجَرَائِي

فقال: يا غُلَام، اصْفَعَ أبا تَمَّام عنِّي، فأنْشَدَ البَيْت الثَّاني:

لا تَسْقِني ماءَ الملَام فإنَّني

صَبٌّ قد اسْتَعْذَبْتُ مَاءَ بُكَائِي

فقال: يا غُلَام، انْقَلِبْ واصْفَعْني عن أبي تَمَّامٍ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن دَاوُد بن عُثْمان الدَّربَنْدِيّ، في تُرْبَة الخَلِيل عليه

(1)

ديوان أبي تمام 1: 20، 22.

ص: 328

السَّلام بحِبْرَى، وأبو عليّ حَسَن بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن دِيْنار بالقَاهِرَة، قالا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أَحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبو عَبْدِ الله القَاسِم بن الفَضْل بن أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَينُ بن الحَسَن الغَضَائِريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن العبَّاس النَّوْفَلِيّ، قال: حَدَّثَني أبو الحَارِث النَّوْفَلِيّ، قال الصُّوْلِيّ: وقد رأيتُ أبا (a) الحَارِث هذا وكان رَجُل صِدْق، قال: كُنْتُ أُبْغِضُ القَاسِم بن عُبَيْد الله لمَكْرُوه نالني منهُ، فلمَّا ماتَ أخُوهُ الحَسَنُ قُلْت على لسَان ابن بَسَّام

(1)

: [من مخلع البسيط]

قُلْ لأبي القَاسِم المُرَجَّى

قابلكَ الدَّهْرُ بالعَجَائِبْ

مَاتَ لكَ ابنٌ وكان زينًا

وعاشَ ذو الشَّيْنِ (b) والمَعَائب

حَيَاةُ هذا بمَوْتِ (c) هذا

فلَيْسَ (d) تخلُو من المَصَائب

قال أبو بَكْر الصُّوْلِيّ: وإنَّما أخذَهُ من قَوْل أحْمَدَ بن يُوسُف الكَاتِب لبعضِ إخْوانه من الكُتَّابِ، وقد ماتَتْ له بَبَّغَاء، وكان له أخٌ يُضَعَّف

(2)

، فكتَبَ إليه:[من الخفيف]

أنْتَ تبقى ونحنُ طُرًا فَدَاكا

أحْسَنَ الله ذو الجَلَالِ عَزَاكا

فلقَدْ جَلَّ خَطبُ دَهْرٍ أَتَانا

بمقَاديرَ أتْلَفَتْ بَبَّغاكَا

عَجَبًا للمنُوْن كيفَ أَتَتْها (e)

وتخطَّتْ عَبْدَ الحَميْدِ أخَاكا

(a) الأصل: أنا.

(b) ديوان ابن بسام: ذو النقص.

(c) الديوان ومعجم الأدباء والمرآة والوافي: كموت.

(d) ديوان ابن بسام: فلست.

(e) الوافي: أتاها.

_________

(1)

ديوان ابن بسام 29، والأبيات في معجم الأدباء 2: 561، ومرآة الزمان 14: 128، والوافي بالوفيات 8: 279، والمقفى 1:747.

(2)

أي كثير التخلُّف، كما في رواية ابن الهبارية: فلك المعاني (رسالة ماجستير بتحقيق جهاد قضيب البان) 358، وابن خلكان: وفيات الأعيان 4: 40، وانظر الأبيات أيضًا في معجم الأدباء 2: 562، ومرآة الزمان 14: 128، والوافي بالوفيات 8: 279، والمقفى 1: 747 - 748.

ص: 329

كان عَبْدُ الحَميْدُ أصْلحَ للمَوْ

تِ من البَبَّغَا وأَوْلَى بذَاكا

شملَتْنَا المُصِيْبَتَان جَمِيعًا

فَقْدُنَا هذه ورُؤْيةُ ذَاكا

قال أبو بَكْر الصُّوْلِيّ: وإنَّما أخَذَهُ أحْمَدُ بن يُوسُف الكَاتِب من قَوْل أبي نُوَاس في التَّسْويةِ وزادَ في المَعْنَى إرادةً وكَرَاهةً، قال أبو نُوَاس لمَّا ماتَ الرَّشِيْدُ، وقامَ الأَمِينُ، يُعَزِّي الفَضْل بن الربيع

(1)

: [من الطويل]

تعَزَّ أبا العبَّاسِ عن خَيْرِ هَالكٍ

بأكْرم حَيٍّ كانَ أو هو كائنُ

حَوَادِثُ أيَّامٍ تَدُورُ صُرُوفُها

لهُنَّ مَسَاوٍ مَرَّةً ومَحَاسِنُ

وَفَى الحَيِّ بالمَيِّتِ الّذي غَيَّبَ الثَّرَى

فلا أنْتَ مَغْبُونٌ ولا المَوْت غابنُ

أخْبَرَنا أبو هاشِم بن الفَضْل الصَّالِحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد بن أبي بَكْر بن أبي المُظَفَّر المَرْوَزيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب المُبارَك بن عليّ بن خُضَيْر الصَّيْرَفِيّ بقِرَاءَتي عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن المُظَفَّر بن الحَسَن بن المُظَفَّر الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا والدِي، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد الفَرَضِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن يَحْيَى بن عَبْدِ الله بن إبْراهيم الصُّوْلِيّ النَّدِيْم، قال: وقال أحْمَد بن يُوسُف الكَاتِب يُغَنِّي (a) في وَصْف اللَّيْل

(2)

: [من المنسرح]

كَمْ لَيْلَةٍ فيك لا صَبَاحَ لها

أَفْنَيْتُها (b) قَابِضًا على كَبِدي

قَدْ غَصَّتِ العَيْنُ بالدُّمُوع وقدْ

وضَعْتُ خَدِّي على بَنانِ يَدِي

قُلتُ: نقَلْتُ هذين البَيْتَيْن بهذا الإسْنَاد من خَطِّ أبي سَعْد بن أبي بَكْر.

(a) الأصل: يعني، والمثبت من الأغاني.

(b) الأغاني: أحببتها، الوافي: أحييتها.

_________

(1)

ديوان أبي نواس 566، وانظر الأبيات في: وفيات الأعيان 4: 39، المقفى 1:748.

(2)

البيتان في الأغاني 23: 114، والصفدي 8: 282 من أصل أربعة أبيات، والمقفى 1:749.

ص: 330

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم بن سَلْمَان الإرْبِلِيّ قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج بن الإِبَرِيّ، قالت (a): أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن أحْمَد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف الحِنَّائِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عُثْمان بن أحْمَد بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم إسْحَاق بن إبْراهيم بن سُنَيْن الخُتَّلِيّ

(1)

، قال: أنْشَدَني جَعْفَر بن أبي رَجَاء لأحمد بن يُوسُف: [من البسيط]

يُزَيِّنُ الشِّعْرُ أقْوَامًا (b) إذا نَطَقَتْ

بالشِّعْر يَوْمًا وقد يُزْرِي بأَفْوَاهِ

قَدْ يُرزَقُ المَرْءُ لا من حُسْنِ حِيْلَتِهِ

ويُصْرَفُ الرِّزْقُ عن ذي الحيْلَةِ الدَّاهي

ما مَسَّني من غِنىً يَوْمًا ولا عَدَمٍ

إلَّا وقَوْلي عليهِ: الحَمْدُ للهِ

قال: وحَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم

(2)

، قال: وحَدَّثَني مُحَمَّد بن مَزْيَد، قال: هذه الأبَيْاتُ لأحمد بن يُوسُف: [من الطويل]

إذا قُلْتَ في شيءٍ: نَعَمْ، فَأَتِمَّهُ

فإنَّ نَعَمْ دَيْنٌ على الحُرِّ وَاجِبُ

وإلَّا فَقُلْ: لا، تَسْتَرح (c) وأَرِحْ بها

لكيلَا يقولَ النَّاس إنَّك كاذبُ

قال أبو القَاسِم إسْحاق بن إبْراهيم

(3)

: وأنْشَدَني أيضًا لأحمد في إفْشَاءِ السِّرِّ: [الطويل]

(a) الأصل: قال.

(b) الديباج والبصائر وتاريخ ابن عساكر والمقفى: أفواهًا.

(c) في الدياج وتاريخ ابن عساكر والمقفى: فاسترح.

_________

(1)

الديباج للختَّلي 102، وانظر أيضًا: البصائر والذخائر 4: 188 (بلا عزو)، وتاريخ ابن عَساكر 6: 115، والعقد الفريد 2: 182، والمقفى 1:746.

(2)

الديباج للختلي 104، وابن عساكر 6: 115، ومرآة الزمان 14: 127، والمقفى 1:747.

(3)

الديباج 104، وابن عساكر 6: 115، والبداية والنهاية 10: 269، والمقفى 1:747.

ص: 331

إذا المَرْءُ أَفْشَى سِرَّهُ بلِسَانهِ

فلامَ عليه غَيْرَهُ فَهْوَ أحْمَقُ

إذا ضَاق صَدْرُ المَرْءَ عن سرِّ نَفْسه

فَصَدْرُ الّذي اسْتَوْدَعْتَهُ السِّرَّ أضْيَقُ

أخْبَرَنا عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا تاج الإسْلَام أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الكَرَم بن الشَّهْرَزُورِيّ بقِرَاءَتي عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن الحَسَن الأَمِين، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحَسَن بن أبي بَكْر بن شَاذَان الفَارِسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن كَامِل القَاضِي، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن إبْراهيم النَّحْوِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو هَفَّان، عن أحْمَد بن يُوسُف أنَّهُ أهْدَى إلى المَأْمُون يَوْم نَيْرُوز - أو مَهْرجان - هَدِيَّةً وكَتَبَ إليهِ

(1)

: [من الطويل]

على العَبْدِ حَقٌّ فهو لا بُدَّ (a) فاعلُه

وإنْ عَظُم المَوْلَى وجَلَّت فَضَائِلُه

ألم تَرَنا نُهْدِي إلى اللهِ مَالَهُ

وإنْ كان عنهُ ذا غِنىً فهو قَابلُه

ولو كان يُهْدَى للمَلِيْكِ (b) بقَدْره

لقَصَّر عَلُّ البَحْر عنْهُ ونَاهِلُه (c)

ولكنَّنا نُهْدي إلى مَنْ نُجِلّه (d)

وإنْ لم يَكُن في وُسْعنا ما يُشَاكلُه (e)

وذَكَرَ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عُبْدُوْس الجَهْشِيَارِيّ له في كتاب الوُزَرَاءِ

(2)

: [من الخفيف]

(a) الوافي: لا شك.

(b) معجم الأدباء: نهدي إلى الله، الوافي: للكريم.

(c) معجم الأدباء والوافي والمقفى: لقصر فضل المال عنه وسائله.

(d) معجم الأدباء والوافي: نعزه.

(e) معجم الأدباء والوافي: يعادله.

_________

(1)

الأبيات في تاريخ ابن عساكر 6: 116، ومعجم الأدباء 2: 565، ومرآة الزمان 14: 129، والوافي بالوفيات 8: 280 - 281، والمقفى 1:747.

(2)

لم أجده في كتاب الوزراء، وقد ذكره الجهشياري مرة واحدة، وأورد له نصّ الكتاب الذي كتبه للمأمون بعد قتل الأمين، وهو الكتاب الذي أظهر مكانته بين الكتاب وعرف به مقدرته في الكتابة والإنشاء، فأمر الفضل بن سهل أن يجلس في الديوان وأن يكون الكُتَّاب بين يديه. انظر: كتاب الوزراء 304 - 305، والبيتان في الأغاني 23: 114، ومعجم الأدباء 2: 568، والمقفى 1:749.

ص: 332

صَدَّ عنِّي مُحَمَّدُ بنُ سَعيد

أحْسَنَ العَالمين ثانيَ جِيدِ

صَدَّ عنِّي لغير جُرم إليهِ

ليس إلَّا لحُسْنه في الصُّدُود

قال: ومن مَلِيْح قَوْلًا

(1)

: [من مجزوء الكامل]

قَلْبي يُحبُّكَ يا مُنَى

قَلْبي ويُبْغضُ مَنْ يحبُّكْ

لأكونَ فَرْدًا في هَوَا

كَ فليتَ شِعْري كيف قَلْبُكْ

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله بن أبي الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد البندَار إِذْنًا، قال: أخْبَرَنا أِبو أحْمَد عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي مُسلمِ القرِئ إجَازةً، عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا وَكِيع، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر أحْمَدُ بن القَاسِم بن يُوسُف، قال: حَدَّثَني نَصْرٌ الخادِم موْلَى أحْمَد بن يُوسُف، قال: كان أحْمَدُ بن يُوسُف يتبَنَّى مُؤْنِسَة جَارِيَةَ المَأْمُون، فَجَرَى بينها وبين المَأْمُون بعضُ ما جَرَى، فَخَرَج إلى الشَّمَّاسِيَّة وخَلَّفَها، فجاءَ رَسُولها إلى أحْمَد بن يُوسُفَ مُسْتَغيثَةً بهِ، فوَجَّهني أحْمَد إليها فعَرفْتُ الخَبَر، ثُمّ رجعْتُ فأخْبَرتهُ، فدَعَا بدَابَّتِهِ، ثمّ مَضَى فلَحِقَ المَأْمُونَ بالشَّمَّاسِيَّة، فقال للحَاجِب: أَعلم أَمِيرَ المُؤمِنِين أنَّ أحْمَد بن يُوسُف بالبَابِ وهو رَسُولٌ، فأَذِن له، فدَخَل فسَأله الرِّسَالَة، فاندفَع يُنْشِد

(2)

: [من 15 الكامل]

قد كان عَتْبُكَ مرَّةً مَكْتُوما

فاليَوْم أصْحبَحَ ظَاهِرًا مَعْلُومَا

نالَ الأعَادِي سُؤْلَهُمْ لا هُنِّئُوا

لمَّا رأوْنا ظَاعِنًا ومُقِيْما

هَبْني أَسَأْت فعَادَة لكَ أنْ تُرَى

مُتَفَضّلًا مُتَجاوِزًا مَظْلُوما

(1)

البيتان في المقفى 1: 749.

(2)

الأبيات في معجم الأدباء 2: 566.

ص: 333

فقال: قد فَهِمْتُ الرِّسَالَة، كُن الرَّسُول بالرِّضَا، يا يَاسِرُ امْض مَعَهُ، قال: فَحَمَلَها ياسر إليهِ.

أنْبَأنَا عُمَر بن طَبرزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب بن بِشْرَان إجَازَةً، قال: أخْبرَنَا أبو الحُسَين المَرَاعِيشِيّ، وأبو العَلَاء الوَاسِطيِّ، قالا: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة، قال: ووقَّع أحْمَد بن يُوسُفَ الكَاتِب عن المَأْمُون إلى عَامِل: أنا لكَ حامِدٌ فاسْتَدِمْ حُسْنَ ما أنتَ عليه يَدُم لكَ أحْسَنُ ما عندي، واعْلَم أنَّ كُلّ شيءٍ لم يُزَد فيهِ إلى نَقْصٍ، والنُّقْصَانُ - وإنْ قَلّ - مُمَحّق للكَثِيْر، كما تَنْمي الزِّيادَةُ على القَلِيْل.

قَراتُ في كتاب الوُزَرَاءِ والكُتَّاب لأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عُبْدُوْس الجهشِيَارِيّ

(1)

، قال: أحْمَدُ بن يُوسُف بن صَبِيْح، اختَصّ بالمأْمُون، وكان نَبِيْلًا بَلِيْغًا، وقلَّدهُ دِيْوَان المَشْرِق وبَرِيد خُرَاسَان، وكان دِيْوَان الرَّسَائِل إلى عَمْرو بن مَسْعَدَة. وكان المَأْمُون - لعِلْمِه بتَقَدُّم أحْمَد في البَلَاغَة - إذا احْتاج إلى كتاب يُشْهر، أمرَ أحْمَد بن يُوسُف أنْ يكتُبَهُ، فأمرَ المَأْمُون أحْمَد بن يُوسُف بكتاب عنه إلى جميع الأمْصَار بإقامة زَيْت المَصَايح في جميع المَسَاجِد والاسْتِكْثَار منها، قال: فلم أدر ما أقُول، ولم يكُن أحَدٌ سَبَقَ من الكُتَّاب في ذلك فأَسْلك طريقتَهُ، فنِمْتُ في وَقْت القَائِلَة وأنا مَشْغُول القَلْب، فرأيتُ قَائلًا يقول لي: اكتُبْ: فإنَّ في ذلك أُنْسًا للسَّابلَةِ، وإضَاءَةً للمُتَهجِّدَة، ومَنْعًا لمكَامن الرِّيَب، وتَنْزيهًا لبيُوتِ الله عز وجل من وَحْشَة الظُّلَم.

(1)

تقدمت الإشارة إلى أن الجهشياري لم يذكره إلا مرة واحدة عرضًا، وأنه أورد له نص الكتاب الذي كتبه بعد مقتل الأمين واستتباب الأمر للمأمون. وانظر شبيه القول المنسوب للجهشياري عند ابن طيفور: كتاب بغداد 162.

ص: 334

قال الجهشِيَارِيُّ

(1)

: ثمّ قلَّدَهُ المأْمُون دِيْوَان الرَّسَائِل، فلم يَنل عليه إلى أنْ سَخط عليه فماتَ في سُخْطه، وكانت وفاتهُ في سَنَة أرْبَع عَشرة ومَائَتيْن.

قال

(2)

: وكان سبَبَ سخط المَأْمُون على أحْمَد بن يُوسُف أنَّهُ جَلَسَ يَوْمًا وبحَضْرته أصْحَابُه، فقال: نَجْلِسُ غَدًا مَجْلِسًا فلا يكُون عندنا من نَتَحَشَّمهُ، ثمّ أقْبَل على أحْمَد بن يُوسُف فقال: كُن المُخْتَار لنا مَنْ يُجَالسُنَا وأنتَ معنا. قال أحمد: أنا وأبو سُمَيْر؟ قال: نعم، قال أحمد: قُلنا على أَمِير المُؤمِنِين أنْ لا يُجْلِس مَعَنا غيرنا، قال: نعم. وبَكَّرُوا وحُجِبَ النَّاس، واسْتأذن الحَسَن بن سَهْل، فأمِرَ بالدُّخُول، وكان اصطَنع أحْمَدَ، فقال [أحمد] (a): يا أَمِير المُؤمِنِينِ، هذا خِلَاف ما ضَمِنْتَ قال: فأبو مُحَمَّد يُحْجب؟ فدَخَل وعليه سَوَادُه، فقال: يا أبا مُحَمَّد، هذا مَجْلسٌ اقْتَضَيناهُ (b) على غير مَوْعدٍ، لولا ذلك لبَعَثْتُ إليك، فأقم عندنا. فقال: يا أَمِيرِ المُؤمِنِين، تَمَّمَ اللهُ لك السُّرور، عَبْدُكَ يَجِدُ شيئًا يمنَعُه من خِدْمته، فإنْ رَأى أَمِير المُؤمِنِينِ أنْ يأْذَنَ لي، فألَحَّ (c) عليهِ في المَسْألَة والجلُوس، فلم يفعَل. فقال أحمدُ: يا أَمِير المُؤمِنِين، [ليتك] (d) ما اعْتَذَرت إلى الحَسَن. قال: ليس هو اعْتِذَارُ، قال: بَلَى، قال: لا ولكنَّه شَبِيْهٌ بالاعْتِذَار، قال أحمدُ: نرضَى بإبْراهيم حَكَمًا بيننا؟ قال المَأْمُونُ: رضيْتُ. قال إبْراهيم: لم يكُن اعْتِذَارا مُصَرِّحًا ولكنَّه مثلُه، وأقبَل يُعِيْنُ أحْمَد ويسيْغُ قَوْله. فقال المَأْمُون لأبي حُمَيْر: والله لقد شَاورْتُ النَّاسَ فيكَ فكُلُّهُم أشَارُوا بقَتْلكَ، وما مَنَعني من ذلك إلَّا أبو مُحَمَّد، فوالله ما كافأتَهُ على ذلك، ثم التَفَتَ إلى أحْمَد، وقال: أَوَ تَقُول هذا لأبي مُحَمَّد وهو أجلَسَكَ هذا المجلِس؟ فإذا

(a) إضافة من قطب السرور.

(b) قطب السرور: اقتضبناه.

(c) الأصل: فألجَّ.

(d) إضافة من قطب السرور ليتضح الكلام.

_________

(1)

لم يرد في نشرة كتاب الوزار للجهشياري.

(2)

لم يرد في كتاب الجهشياري، وانظر الخبر في كتاب قطب السرور للرقيق القيرواني 563 - 563.

ص: 335

لم تَشْكُرْهُ فأنْتَ أَحْرَى أنْ لا تَشْكُر غيرَهُ، والله لا جلسْتَ مَجْلِسَك هذا أبدًا، فألزمَهُ منْزِله حتَّى ماتَ.

أنبأنَا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بنِ قُبيَس، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت

(1)

، قال: أخْبَرَنا على بن مُحَمَّد بن عَبْد الله المُعَدَّل، قال: أخْبَرَنا الحُسَينُ بن صَفْوَان البَرْذَعيِّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا

(2)

، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن عبدِ الرَّحْمن، قال: أشْرَف أحْمَد بن يُوسُف - وهو بالمَوْت - على بُسْتَانٍ له على شَاطِئ دِجْلَة، فَجَعَل يتأمَّلُهُ ويتأمَّلُ دِجْلَةَ، ثمّ تَنَفّسَ وقال مُتَمثِّلًا:[من البسيط]

ما أطْيَبَ العَيْش لولا مَوْتُ صَاحبهِ

ففيْهِ ما شئْتَ من عَيْبٍ لعَائبهِ

قال: فما أنزَلناهُ حتَّى مات.

أنبأنَا أبو اليُمْن الكنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، قال: بَلَغَني أنَّ أَحْمَد بن يُوسُف الكَاتِب ماتَ سَنَة ثلاث عَشْرة ومَائتَيْن.

أنبأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(4)

، قال: بَلَغَني أنَّ أحْمَد بن يُوسُف تُوفِّي سَنَة أرْج عَشْرة ومَائتَيْن، وهو في سخطٍ (a) من المَأْمُون.

وقد ذَكَرْنا مثل ذلك عن الجَهْشِيَارِيّ وهو أشْبَه بالصِّحَّة.

(a) تاريخ ابن عساكر: سخطة.

_________

(1)

تاريخ بغداد 6: 465، ونقله ابن عساكر في تاريخه 6: 121، وابن الجوزي: المنتظم 10: 253، وسبطه: مرآة الزمان 14: 128.

(2)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة المحتضرين) (3: 863 - 863.

(3)

تاريخ بغداد 6: 465.

(4)

تاريخ ابن عساكر 6: 121.

ص: 336

أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ إذْنًا، عن أبي بَكْر بن المَزْرَفيِّ، قال: أخْبَرَنا

أبو مَنْصُور مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد العُكْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الصَّلْت، قال: حَدَّثنا أبو الفَرَج الأصْبَهَانِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَني جَعْفَرُ بن قُدَامَةَ، قال: حَدَّثَني مَيْمُون بنُ مِهْرَان، قال: كان لأحمد بن يُوسُف جَارِيَةٌ مُغَنيَّةٌ شَاعِرة يُقال لها: نَسِيم، وكانَ لها من قلبهِ مكانٌ، فلمَّا ماتَ أحْمَدُ قالت تَرثيْهِ:[من الطويل]

ولو أنَّ مَيْتًا هَابَهُ المَوْتُ قبلَهُ

لما جَاءَهُ المِقْدَارُ (a) وهو هَيُوْبُ

ولو أنَّ حَيًّا قبْله صَانَهُ الرَّدَى (b)

إذًا لم يكُنْ للأرْضِ فيهِ نَصِيْبُ

قال أبو القَاسِم جَعْفَر بن قُدَامَةَ: وقالت تَرْثيهِ

(2)

: [من البسيط]

نفسِي فداؤُكَ لو بالنَّاس كُلّهِم

ما بي عليْكَ تَمنَّوا أنَّهُم مَاتُوا

وللوَرى مَوْتَةٌ في الدَّهْر واحِدَة

ولي من الهَمِّ والأحْزَان موْتات

قال أبو القَاسِم: وهي القَائلةُ لأحْمَد وقد غَضِبَ عليها

(3)

: [من الطويل]

غَضِبْتَ بلا جُرْمٍ عليَّ تَجرُمًا (c)

وأنْتَ الّذي تَجْفُو وتَهْفُو وتَغْدُر (b)

سطَوْتَ بعزِّ الملكِ في نفسِ خَاضعٍ

ولولا خُضُوعُ الرِّقِّ ما كُنْتُ أصْبرُ

فإنْ نَتَأمَّلْ ما فعَلْتَ تَقُم بهِ الـ

ـمقَاديرُ (e) أو تَظْلِم فإنَّكَ تقدِرُ

(a) الإماء الشواعر: جاءه أو جاء.

(b) الإماء الشواعر: هابه البلى.

(c) الإماء الشواعر: تجنيًا.

(d) الإماء الشواعر: وتعذر، ولعله الأظهر، وفي المقفى: تجفو وتعفو وتعذر.

(e) الإماء الشواعر: المعاذير.

_________

(1)

الإماء الشواعر للأصفهاني 101، وانظر البيتين في: معجم الأدباء 2: 567، والوافي بالوفيات 8: 281 - 282، والمقنى الكبير 1:748.

(2)

الإماء الشواعر 102، ومعجم الأدباء 2: 567، والوافي بالوفيات 8: 282، والمقنى 1:741.

(3)

الإماء الشواعر 101 - 102، وفي المقفى الكبير 1:748.

ص: 337

‌أحمد بن يُوسُف بن نَصْر بن عَبد الرَّزَّاق بن الخَضِر بن عَجْلان، أبو الحُسين البَالِسِيُّ ثُمَّ الجعبَرِيّ

أصْلُهُ من بَالِس، وهو من قلْعَة جَعْبَر، وهو أخُو الحَعْبَرِيّ والي قلْعَة دِمَشْق، له شِعْر جَيِّدٌ.

‌أحمدُ بن يُوسُف، الأُسْتَاذُ أبو نَصْر المَنَازِيُّ السُّليْكِيُّ الوَزِير

(1)

منِ أهل مَنَازُكِرْد، وكان وَزِيرًا للمَرْوَانيَّة مُلُوك دِيَار بَكْر، وسيَّره نَصْرُ الدَّولَة أحْمَد بن مَرْوَان رَسُولًا عنه إلى مِصْر، فقَدِمَ صلَبَ وتُوفِّي له ولدٌ بها، واجْتَمع بأبي العَلَاء بن سُلَيمان بمَعَرَّة النُّعْمَان، وجَرَت بينهما مُذَاكَرَاتٌ. وكان شَاعرًا مُجِيْدًا، كاتبًا فَاضِلًا، أَدِيبًا.

رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن سِنَان الخفاجِيِّ، وابن أُخْته أبو الحَسَن المُرَجَّى بن نَصْر الكَاتبُ، والوَزير فَخْر الدَّوْلَة أبو نَصْر مُحَمَّد بن جَهِيْر، وحَكَى عنه الفَقِيه سُلَيْم الرَّازِيّ وأثْنَى عليه، وأبو الحَسَن عليُّ بن عَبْد السَّلام

(1)

توفي سنة 437 هـ، وقيل: 439 هـ وترجمته في: الهفوات النادرة للصابئ 39، خريدة القصر (قسم الشام) 12: 348، 455، ياقوت: معجم الأدباء 3: 1313 - 1313 (ترجمة عارضة في ثنايا ترجمة حمدة الوادياشية)، ومعجم البلدان 5: 202 (في الكلام على منازجرد)، وفيات الأعيان 1: 143 - 145، تاريخ الإسلام 9: 564 - 565، سير أعلام البلاء 17: 583 - 584، العبر في خبر مَن غبر 2: 373، ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار 15: 533 - 538، الوافي بالوفيات 8: 285 - 388، تاريخ ابن الوردي 1: 528، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 54 - 55، الزركشي: عقود الجمان ورقة 40 ب، المقريزي: المقنى الكبير 1: 754 - 756، شذرات الذهب 5: 173، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 214 - 215، الزركلي: الأعلام 1: 273.

ص: 338

الأرْمَنازِيّ، وقرأ عليهِ سَعيِد بنُ عَبْدِ الله بن بندَار الشَّاتَانيِّ (4) والدُ العَلَم الشَّاتَانيِّ.

أخْبَرَنا شَرَف الدِّين إسْمَاعِيْل بن أبي سَعْد الآمِدِيُّ، المَعْرُوف بابنِ التَّيِتِيِّ، قال: نَقَلْتُ في دِمَشْق أنَّهُ وجدَ في مُسَوَّدة تاريخ صُوْر لغَيْث بن عليّ الأرْمَنازِيّ

(1)

: قال غَيْثُ بن عليّ الأرْمَنازِيّ، قال: حَدَّثني وَالدِي أبو الحَسَنِ عليّ بن عَبْده السَّلام، قال: لمَّا وصَل المَنَازِيّ إلى صُوْر، خرج القَاضِي أبو مُحَمَّد وجَمَاعَةٌ من بَيَاض الصُّوْرِيِيْن وكُنْتُ معهم، فلمَّا لقيَهُ رَأى موْكبًا حَسَنًا فقال: أيُّكُمُ القَاضِي؟ فإنِّي أرَى جَمَاعَةً كُلّ واحدٍ منهم يَصْلُح أنْ يكونَ القَاضِي! فتَبَسَّم منه، وتقدَّم إليه، فسلَّم عليه.

قال: وسَمِعْتُ أبا الفَتْح نَصْرَ بن إبْراهيم الزَّاهِد يقُول: لمَّا وصَل المَنَازِيُّ إلى هَا هُنا كان الفَقِيه سُلَيْم يمضي إليه ويُذَاكِرُهُ، فسَأَلتُه هل كان يفقَهُ شيئًا؟ فقال: نعم، كان لهُ يدٌ في الفِقْه واللّغَة والشِّعْر، أو كما قال،

قَراتُ في كتاب الهَفَواتِ تألِيفُ الرَّئِيس غَرْس النِّعْمَة مُحَمَّد بن هِلِّل بن المُحَسِّنِ بن إبْراهيم الصَّابِئ

(2)

، قال: وحَدَّثنَي الوَزِير الدَّوْلَة أبو نَصْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جهِيْر، قال: حَضَر رسْل نَصْر الدَّولَةِ (b) أبي نَصْر بن مَرْوَان الكُرْدِيّ أميرِآمِد

(a) الأصل: الشاتاتي، ويأتي صحيحًا في الذي يليه وغيره من المواضع، ونسبته إلى تاتان: قلعة من ديار بكر. ياقوت: معجم البلدان 3: 304. واسم العَلَم الشاتاني الحسن، له ترجمة تأتي في موضعها من هذا الكتاب.

(b) الهفوات النادرة: نصير الدولة.

_________

(1)

تاريخ عمور لغيث بن علي بن عبد السلام الأرمنازي (ت 509 هـ)، كتاب مفقود لم يصلنا، انظر عنه: السخاوي: الإعلان بالتوبيخ 267.

(2)

الهفوات النادرة 38 - 39، وهذا النص المنقول من كتاب غرس النعمة استدركه ابن العديم في طَيَّارة عيَّن مكان أدراجها.

ص: 339

ومَيَّافَارقِين وأعْمَالهما (a) عند مُعْتَمد الدَّوْلَة أبي المَنيعِ قِرْوَاشِ بن المُقَلَّد أمير بني عُقَيْل؛ يَسْتحلفُونَه على مُعَاهَدَة بُنِيَتْ (b)، ومُعاقَدَة قُرِّرتْ، وفيهم المَنَازِيّ الشَّاعر، فلمَّا حَلَف مُعْتَمدُ الدَّوْلَةِ أنْشد المَنَازِيُّ:[من الخفيف]

كلَّفُوني اليَمِيْن فارتَعْتُ منها

كي يُغَرُّوا بذلك الارْتيِاعَ

ثم أرْسَلْتُها كمُنْحَدرِ السَّيْـ

ـل تَهَادَى من المَكَانِ اليَفَاعَ

فقال لهُ قِرْوَاشٌ: يا وَيلك! قبَّحكَ اللهُ وقبَّح ابن مَرْوَان، ما هذا الكَلَام؟ وبَدَا الشَّرُّ في وَجْهِهِ، وكاد يكون ذلك اليَوْم آخِرَ أيَّام المَنَازِيّ من عُمْره، فبَدأ المَنَازِيّ باليَمِيْن الغَمُوس أنَّهُ أنْشَد ما أنْشَد عن سَهْو لا رَويَّةً، وباتِّفاقِ سَوْءٍ، لا قَصْد ونيِّة، وتحَقَّق قِرْوَاش قَوْلَهُ، لأَنَّهُ ممَّا لا يُقْدمُ عليه مِثْلُهُ، فأغْضَى وعَفَا، ممَّا غَلِطَ فيه وَهَفا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن عَبْد الله الأنْصَاريّ الحَمَوِيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيُّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، ح.

وكَتَبَ إلينا أبو القَاسِمِ عِيسَى بن عَبْدِ العَزِيْز الأنْدَلُسيِّ أنَّ أبا طَاهِر السِّلَفِيّ أخْبرهم قِراءَةً عليهِ وهو يَسْمعُ، قال: سَمِعْتُ أبا طَاهِر إبْراهيم بن سَعيد بن عَبْد البر البَدْلِيْسِيّ بثَغْر بَدْلِيْس، يقول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن المُرَجَّى بن نَصْر الكَاتِب يقول: سَمِعْتُ خالي الوَزير أبا نَصْر أحْمَد بن يُوسُف المَنَازِيّ يقوِل: بَعَثَني نَصْرُ الدَّولَةِ أبو نَصْر أحْمَدُ بن مَرْوَان سَنَةً من مَيَّافَارقِين إلى مِصْرَ رسُولًا، فدَخَلْتُ مَعَرَّة النُّعْمَان، واجْتَمَعْتُ بأبي العَلَاءَ التَّنُوخِيّ، وجَرَتْ بيننا فَوَائِدُ، فقال أصْحَابُه فينا قَصَائِد، ومن جُمْلتها هذه الأبياتُ

(1)

: [من البسيط]

(a) الهفوات النادرة: وأعمالها.

(b) الهفوات النادرة: بُيِّنت، ولعله الأظهر.

_________

(1)

تقدم ذكر الأبيات في ترجمة أبي العلاء المعري في الجزء الثاني من هذا الكتاب، وانظرها في المقفى 1:755.

ص: 340

تجَمَّع العِلْمُ في شَخْصَيْن فاقْتَسَما

على البَرِيَّة شَطْرَيهِ وما عَدَلا

جَاءَا أَخْيَري زَمانٍ ما به لهما

مُماثِل وَصَلَ الحَدَّ (a) الّذي وَصَلا

أبو العَلَاء وأبو نَصْر هُما جَمَعَا

عِلْم الوَرَى وهمُا للفَضْل (b) قد كَملَا

هذا كما قد تَرَاهُ رَامحٌ عَلَمٌ

وذاكَ أعْزَلُ للدُّنْيا قد اعْتَزَلَا

همُا همُا قُدْوَةُ الآدَابِ دَانيِةً

طورًا وقَاصِيَةً إنْ مُثِّلَا مَثَلَاه

لولاهمُا لتَفرَّى (ح) العِلْمُ عن حَلَم

أولا فْترى صَاحبُ التَّموِيه إنْ سُئِلَا

يا طَالِبَ الأدَبِ اسْأَلْ عَنْهُما وَأَهِنْ

إذا رَأَيهما أنْ لا تَرَى الأُوَلَا

خُذْ ما تَرَاهُ ودَعْ شيئًا سَمِعْتَ بهِ

فطَلْعَةُ البَدْر تُغْنِي أنْ تَرَى زُحَلَا

قَراتُ في جُزءٍ وَقَعَ إليَّ من رَسَائِل إبْراهيم بن أحْمَد بن اللَّيْث

(1)

، في رِسَالَةٍ له كَتَبها إلى بَعْض إخْوانه، قال فيها في ذِكْر أبي نَصْر المَنَازِيّ: وأمَّا أبو نَصْر فعتْرَة الخَطَابَة، وعُدَّة الكتَابةِ، ومَنْبعُ العِلْم، ومَعْدِنُ الحِلْم. خَدَم السُّلْطان في مَيْعَة الصِّبي ورَيْعَان الشَّبِيْبَة، فعَفَّتْ عن الدُّنْيا طِعْمَته، وتنزَّهت عن الرَّذَائِل هِمَّتهُ، ثُمَّ انتقَلَ إلى خِدْمَة مَوْلاه، فأدَّى جَمَّهُ وقَضَى حقَّه، وأحْرز (d) من رضاهُ حظَّهُ، فِعْلَ مَنْ هُدِي الطَّريق، وأُوْتي التَّوْفِيق.

قَرأتُ بخَطِّ مُؤيَّد الدَّوْلَة أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ، في كتابه الّذي علَّقه لابن الزُّبير من الشُّعَراءَ الّذين سَأله (e) عنهم ليُوْدِعَهم في كتابه المُسَمَّى جِنَان الجِنَان ورياض الأذْهَان، فكَتَبَ له ما حضَر عندَهُ عنهم، وزادَ فيه ذِكْر جَمَاعَة غيرِهم، وقال فيه - وأنْبَأنَا به أبو الحَسَن بن أحْمَد بن عليّ القُرْطُبيِّ عنه -:

(a) في ترجمة المعري: الجِدَّ.

(b) المقنى: للعقل.

(c) المقفى: تقفر.

(d) الأصل: وأحزر.

(e) الأصل: سألهم.

_________

(1)

تقدم التعليق على رسالة إبراهيم بن أحمد الأذريّ في الجزء الثاني من الكتاب.

ص: 341

ومن الشُّعَراء المَذْكُورين أبو نَصْر المَنَازِيّ، حَسَن الشِّعْر، سَهْل الألْفَاظ، صحيح المَعَاني، مُسْتَعْذب القَوْل، من حَقِّهِ أنْ يَتَميَّز عن هذه الطَّبَقَة، فمن شِعْره

(1)

: [من الطويل]

أُظَاهِرُ بالعُتْبَى إذا أَضْمَرَتْ عَتْبا

وأسأَلُ غُفْرَانًا ولم أعْرِفِ الذَّنْبَا

وأصْدَقُ ما نُبِّيتُ أنِّي بَلوتُها

فما سَالَمَتْ سِلْمًا ولا حَاربَتْ حَرْبَا

هي الشَّمْسُ حالَتْ دُوْنَها حُجْبُ خِدْرِها

ولو بَرَزَتْ كان الضِّيَاءُ لها حُجْبا

إذا جهَّزَتْ ألْحاظَها قَصْدَ غَافلٍ

أغَارتْ على قلب أوِ اسْتهلَكَت لُبَّا

أَلَمْ يأنِ في حُكْم الهَوَى أنْ ترِق لي

منَ المدْمِع الرّيّانِ والكَبِدِ اللَّهْبَا

ومن زَفْرةٍ حَرَّى إذا ما تقَطَّعَتْ

شَعَاعًا تُدمي الجفْنَ أو تُحْرِقُ الهُدْبا

شَجَتْنيَ ذاتُ الطَّوْقِ عَجَماءُ لم تُبِنْ

وشيْمَةُ عُجْمِ الطَّيْرِ أنْ تَشْجُوَ العُرْبا

دَنَا إلْفُها واخْتَلَّ (a) أطْرَافُ عَيْشِها

فهَاجَتْ ليَ البَلْوَى (b) وقد هَدَلت عَجْبا

هَفَا بكَ مَتْنُ الغُصْن لو أنَّ قُدْرةً

سلَبتُكَ حَلْيَ الطَّوْق والغُصُنَ الرَّطْبَا

ولكنَّ إخْوَانًا أعُدُّ فِرَاقَهُم

خسَارًا ولو سَافَرْتُ أقْتَنِصُ الشُّهْبَا

وخَلَّفْتُ قَلْبي بالعِرَاقِ رهِيْنةً

لقَصْدِ بِلَادٍ ما اكْتَسَبْتُ بها قَلْبا

وإنِّي ليُحْييني على بُعْدِ دَاره

نسَمٌ نَعاماهُ ولو حمَلَتْ تُرْبا

ومِن شْيِمَتي أنْ أسْتَمِدَّ (c) له الصَّبا

وأسْتَسْبغَ (d) النُّعْمَى وأسَتْمطرَ السُّحبا

وأعْمر من ذكْراهُ كُلّ مَفَازَة

وأُلْهِي بعُلْياهُ الرَّكائِبَ والرَّكبا

وأذكُرهُ بالصَّيْف (e) إنْ جاءَ طَارقًا

وبالطَّيْف إنْ أسْرِى وبالسَّيْفِ إنْ هَبَّا

وبالبَدْرِ إنْ أوْفَى وباللَّيْث إنْ سَطَا

وبالغَيْثِ إنْ أرْوى وبالبَحْر إنْ عَبَّا

(a) الوافي: واخفرّ.

(b) كتب في الهامش: "ح [أو: خ]: الألْوَى".

(c) كتب ابن العديم في الهامش: "اسْتَهبَّ"، وعليها حرف:"ح"، ومثل الرواية المقترحة ما عند الصفدي.

(d) الوافي: واستتبع.

(e) الوافي: بالطيب.

_________

(1)

الشعر في الوافي بالوفيات 8: 387.

ص: 342

وأشْتَاقُ أيَّامًا تقَضَّتْ كأنَّما

أُسِرَّتْ عن الأيَّام أو أُدْرِكت غَصْبَا

نَحِنُّ (a) حَنِيْنَ البُعْد والشَّمْلُ جَامعٌ

ونَزْدَادُ حبًّا كُلَّما لم نَزُر غِبَّا

إخاءٌ تعالَى أنْ يكُون أخُوَّة

وقُرْبَى وِدَادٍ لا تُقَاسُ إلى قُرْبَى

أنْشَدَني بعضُ البَغْدَاديِّيْنَ لأبي نَصْرٍ المَنَازِيّ يُخاطب أبا العَلَاءَ بن سُلَيمان ببَغْدَاد حينَ قَدِمَا أبو العَلَاء وقد فَاوضَهُ في شيءٍ فأعْجَبه كلامُه

(1)

: [من البسيط]

للهِ لؤلُؤُ ألْفَاظٍ تَسَاقطُها

لو كُنَّ للغِيْدِ ما اسْتأْنَسْن بالعطلِ

ومن عُيُون معَانٍ لو كُحْلنَ بها

نُجْلُ العُيُون لأغْنَاهَا عن الكَحَلِ

سِحْرٌ من اللَّفْظ لو دَارَتْ سُلَافَتُهُ

على الزَّمان تَمَشَّى مَشْيَةَ الثَّمِلِ

قال: فقال لهُ أبو العَلَاء: أدنُ منِّي، فإنِّي أشمُّ منكَ رِيْح السَّعَادَة، فقدَّر الله تعالى له أنْ وزرَ بعد ذلك للمَرْوَانِيَّة.

قَرأتُ بخَطِّ الفَقِيه نَصْر بن الفَقِيه مَعْدَان بن كَثِيْر البَالسيِّ للَنَازِيّ أيْضًا، وقد وصَل الشَّام واجْتازَ بوَادي بُنَاعَا، وأنْشَدَني البيتَيْن الأَوَّلين - أو الأبْيَات جمعَها - الشَّريفُ مُحيي الدِّين أَبو حَامِد مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الهاشِميّ الحلبِيِّ بحَرَّان، وذَكَرَ أنَّهُ سَمِعَها من عَبْدِ القَاهِر بن عَلَوي المَعَرِّيّ، قاضي مَعَرَّة مَصرِيْن للمَنَازِيّ

(2)

: [من الوافر]

(a) الوافي: تحن .... ويزداد.

_________

(1)

الأبيات في المقفى الكبير 1: 755.

(2)

تقدمت الأبيات الخمسة في الجزء الأول، عند كلامه على بزاعا والباب، وفيه اختلاف يسير في بعض الألفاظ، وانظرها في خريدة القصر 12: 348، ووفيات الأعيان 1: 143 - 144، ومسالك الأبصار 15: 537، والوافي بالوفيات 8: 385، وتاريخ ابن الوردي 1: 528، والبداية والنهاية 12: 55، وعقود الجمان ورقة 40 ب، والمقفى الكبير 1:756.

ص: 343

وَقَانا لفْحَةَ الرَّمْضَاءَ وَادٍ

غَذَاهُ مُضَاعَفُ الظِّل العَمِيْمِ

حَلَلنْا دَوْحَهُ فَحَنَا عَلَيْنا

حُنُوَّ الوَالدَاتِ على اليَتِيْمِ

وأرْشَفَنا على ظَمَأٍ زلَالًا

ألَذُّ مِنَ المدَامةِ للنَّدِيمِ

تَرُوعُ حَصَاهُ حاليَةَ العَذَارَى

فتَلْمَسُ جَانِبَ العقْد النَّظِيْمِ

يَصُدُّ الشَّمْسَ أنّى واجَهَتْنَا

فيَجْبُها ويَأذَنُ للنَّسِيْمِ

وبَلَغَني أنَّ المَنَازِيّ عَمِلَ هذه الأبيات ليَعْرضها على أبي العَلَاء بن سُلَيمان إذا وصَل إليهِ، وقد عزَم على قَصْد المَعَرَّة لزيارة أبي العَلَاء، فلمَّا اجْتَمع بأبي العَلَاء وذَاكَره، أنْشَدَهُ هذه الأبْيَات، فَجَعَلَ المَنَازِيّ كُلّما أنْشَدَهُ المصرَاعَ الأوَّل من كُلِّ بيتٍ سَبَقهُ أبو العَلَاء إلى تَمَام البَيْت كما نَظَمَهُ، ولمَّا أنشدَهُ قَوْله:

نَزَلنا دَوْحَهُ فَحنَا عَلينا

قال أبو العَلَاء:

حُنُوَّ الوَالدَاتِ على الفَطِيمِ

فقال المَنَازِيّ: إنَّما قُلتُ:

حُنُوَّ الوَالدَاتِ على اليَتِيْمِ

فقال أبو العَلَاء: الفَطِيْم أحْسَنُ.

قَرأتُ بخَطِّ الشَّيْخ أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بن أبي جَرَادَة الحلِبيِّ، على ظَهْرِ كتابٍ وَقَعَ إليَّ بحَرَّان: للمَنَازِيّ الأُسْتَاذ أبي نَصر أحْمَد بن يُوسُف في ولَده أبي

ص: 344

الوَفَاء عندَ وفاتِهِ بحَلَب وما كان له ولد غيره، وكان أحْسَن النَّاس صُوْرةً وأدَبًا، فلم يُرَ أصْبَرُ منه على الرَّزِيَّة بهِ

(1)

: [من الطويل]

أَطَاقَتْ يَدُ المَوْت انْتزاعَكَ من يَدِي

ولم يُطِقِ المَوْتُ انْتزاعَك من صَدْري

لئن كُنْتَ مَبْثُوثَ المحاسِن في الحَشَا (a) فإنَّكَ مَمْحُوُّ المحاسِن في القَبْر (b)

فلا وَصْل إلّا بينَ عَيْنَيَّ والبُكا

ولا هَجَر إلَّا بين قَلْبيَ والصَّبْرِه

ووَقَعَ إليَّ بعد ذلك بَيْتٌ بعد البَيْت الثَّاني وهو:

رَجَوتُكَ طِفْلًا فَوْق ما يَرْتَجي الفَتَى

كذاك هِلَالُ الشْهر أرْجَى من البَدْر

ونَقَلْتُ من خَطِّ الشَّيْخ أبي مُحَمَّد عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن سَعيد بن سِنَان الخفاجِيّ الحَلَبيِّ، رحمه الله، على ظَهْر كتابٍ: وجَدْتُ في خِزَانَة الكُتُب بجامع آمِد حَرَسَهُ اللَّهُ، وقد دَخَلْتُ إليها في يَوْم الخَميس لثمانٍ بَقِينَ من صَفَر سَنَة إحْدَى وخمْسِين وأرْبَعِمائة، كِتَابًا فيه قِطْعَة من رَسَائِل أبي الفَضْل بن العَمِيْد، وعليه مَكْتُوب بخَطِّ أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ المَغْرِبيّ: وقال أبو نَصْر المَنَازِيّ، أيَّدَهُ اللهُ، يَوْم انْتِقَالِ عَابد عند الله احتَسبُه وهو الاثنين الثَّامن من صَفَر سَنَة ثَمانٍ وأرْبَعِمائة:[من الكامل]

يا مَنْ إذا افْتُدِي الكرامُ بمنْفسٍ

فلتَمْضِ أنْفُسُهُم فدَاءَ خَيَالِه

هَزَّتكَ حَادِثَةُ الزَّمان فلم تجدْ

لِيْنَ المهَزَّةِ في أرَقِّ نِصَالِهِ

وهو الزَّمانُ إذا تَغطرَسَ صرْفُهُ

أَهْدَى الكُسُوفَ لشَمْسِه وهِلَالهِ

(a) الوافي: ممحو المحاسن في الثرى.

(b) الوافي: محفوظ المحاسن في فكري.

_________

(1)

أورده ابن العديم في تذكرته 333 - 334 نقلًا عن ظهر الكتاب المذكور، وانظر الأبيات في مسالك الأبصار 15: 534، والوافي بالوفيات 8:386.

ص: 345

أيسُوْمُ حِلْمَكَ وَهْوَ خَيْرُ

حِبَالِهِ شِرْكًا مع الهَضَبَاتِ في زِلْزَالهِ

وقَدِ امْتَراكَ فما سمحْتَ بدَمْعَةٍ

لمُفَجِّرِ الجلُودِ عن سَلْسَالهِ

إنْ تَصْطَبِرُ فالمجدُ أوَّلُ جازعٍ

أو تَسْلُ فالعَلْيَاءُ آخِرُ وَالِهِ

وعلى النُّجُوم كآبةٌ مِن فَقْدِها

قَمَرًا أضرَّ بهنَّ قبلَ كَمَالِهِ

جَذِلَتْ به الأحْسَابُ قبلَ رِضَاعِهِ

ورَجَاهُ قَوْلُ الفَصْلِ قبلَ فِصَالهِ

وتَخيَّرتْ فِقَرُ الكَلَام نُفُوسَهَا

رصَدًا لبدْعِ مَقَالِهِ وفَعَالِهِ

أَمَلٌ فُجِعْتَ بهِ ويُنْفقُ حازمٌ

أيَّامَهُ سَرفًا على آمَالِهِ

ورزيتَ عِلْقَ مضِنَّة لو أنَّهُ

للدَّهْر ما خَطَرَ السُّلُوُّ ببَالِهِ

مضَت المُلُوكُ وخلَّفَتَكُمُ في العُلَى

عقْبًا يسُوءُ اللَّيْث في أَشْبَالِهِ

وإذا انْتَمَيْتَ فكم صَريْحةُ ماجدٍ

تُبْدِي بُطُونُ الأرْض من أوْصَالِهِ

لا تبدلُ المَوْتَى شَرِيْفَ جوَارِهِ

بالعَيْشِ مُؤْتنِفًا رفيفَ ظِلَالِهِ

وقال أبو مُحَمَّد الخَفَاجيِّ: أنْشَدَنا الأُسْتَاذُ أبو نَصْر المَنَازِيّ لنَفْسِه، وقَدِمَ حلَبَ في سَنَة سَبع وثَلاثين وأرْبَعِمائة في (a):[من الوافر]

لقد عَرض الحَمَامُ لنا بسَجْع

إذا أَصْغَى له رَكْبٌ تَلاحَى

صَحَا قلبُ الخَليّ فقال غنَّى

وبَرَّح بالشَّجيِّ فقال: نَاحَا

وكَمْ للشَّوْق في أحْشَاء صَبٍّ

إذا انْدَمَلتْ أجَدَّ لها جِرَاحَا

ضَعِيْف الصَّبْر فيكَ وإن تَقَاوَى

وسَكْران الفُؤَاد وإنْ تَصَاحَى

كذاكَ بنو الهَوَى سكْرى صُحَاةٌ

كأحْدَاق المَهَا سَكْرى (b) صِحَاصَا

(a) بعده في الأصل: لنفسه، وضبب عليها لوقوع التكرار، وانظر الأبيات في الوافي بالوفيات 8: 286، وعقود الجمان للزركشي ورقة 40 ب.

(b) الوافي وعقود الجمان: مرضى.

ص: 346

وقَرأتُ بخَطِّ المُفَضَّل بن مَوَاهِب الفَارزِيّ الحلبِيِّ لأبي نَصْر أحْمَد بن يُوسُف المَنَازِيّ رحمه الله وينْتَمِي إلى سُلَيْكٍ - في الوَزِير أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ المَغْرِبيّ، أنْشَدَهُ إيَّاها بمَيَّافَارقِين (a) سَنَة ستٍّ وأرْبَعِمائة

(1)

: [من الكامل]

اصْفَح لطَرْف الصَّبّ عن نَظراته

إن كُنْتَ آخِذَهُ بما لم يَاتِهِ

سُقيا لوَجْهِكَ فهو أوَّل رَوْضَةٍ

زهَرت أقاحيهِ أمام نباتهِ

لمَّا خطَطْتُ مثَالَهُ في نَاظِري

مَدَّ الحجابَ عليه من عَبَرَاتِهِ

حَالَتْ حُمَاتُك دون وردِ غَدِيرهِ

وشَيم زَهْرتهِ ورَشْف قلَاتِهِ

الماءُ يَلْمَعُ في أريض جَنَابهِ

والنَّار تَسْفَعُ (b) من ضُلُوع رُعَاتِهِ

وإذا ادَّعَى بَدْرُ التَّمَام بَهَاءَهُ

وأنار للسَّارِي قَلَا زعَماتِهِ

ومنها في المَدْح:

ولئن جزَتْ نِعَمَ الحُسَين محَامِدٌ

فلتَجْزينَّ الغَيْثَ عن هَطَلَاتهِ

أَقْنَى وأغْنَى فانقلَبْتُ وَلي بهِ

شُغْلان بَيْنَ صِفَاتهِ وصلَاتِهِ

حَاولْتُ عَدَّ خلالِهِ فوَجَدْتُها

يَشْقَى الرُّوَاةُ بها شَقَاءَ عُدَاتهِ

أَبْصَرْتُ سُبلَ المَجْد من لَحَظاتِهِ

وأَفَدْتُ حُسْنَ القَوْل من لَفَظَاتِهِ

وأَرَى الفَصَاحَةَ والسَّمَاحَةَ والغِنَى

ومَكَارِم الأخْلَاق بَعْضَ هبَاتِهِ

وَرِثَ المَعَالِي عن عَليٍّ وابْتَنَى

رُتَبًا مُشَيَّدةً إلى رُتَبَاتِهِ

وكَذَاكَ لابن القَيْل إرْثُ عَلَائهِ

فرْضًا ولابن القَيْن إرْث عَلَاتِهِ

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد المحسِن بن عَبْد الله بن أحْمَد بن الطُّوْسيّ في كتابهِ غير مَرَّة، قال: أخْبرَنا عَمِّي القَاضِي أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد إجَازَةً، قال:

(a) الأصل: بميَّفرقين.

(b) كتب في الهامش: "ويروى: تلمحُ".

_________

(1)

الأبيات في المقطوعتين في مسالك الأبصار 15: 535.

ص: 347

أخْبَرَنا أبي أبو نَصْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد القَاهِر بقِرَاءَتي عليهِ، قال: أنْشَدَني الأخُ الجلِيْلُ أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن أبي الصَّقْر السُرَّ مَنْ رَأى الدُّوْرِيّ، قال: أُنشِدْنا للمَنَازِيّ

(1)

: [من البسيط]

لو قِيْل وهَجِيْر الصَّيْف مُتَّقِدٌ

وفي فُؤادِي جَوىً بالحَرِّ يَضْطَرِمُ

أَهُمْ أَحَبُّ إليكَ اليَوْم تَشْهَدُهم

أَمْ شرْبهٌ من زلَال الماءِ قُلْتُ: هُمُ

أنْشَدَني شِهَابُ الدِّين يَاقُوتُ بن عَبْدِ الله مَوْلَى الحَمَوِيّ الأدِيْبُ لأبي نَصْر المَنَازِيّ

(2)

: [من الوافر]

غَزَالٌ قَدُّه قَدٌّ عَجِيْبٌ (a)

تَلِيْقُ به المَدَائحُ والنَّسِيْبُ

جَهِدْتُ وما أَصَبْتُ رِضَاهُ يَوْمًا

وقالُوا: كُلُّ مُجْهدٍ مُصِيْبُ (b)

قَرأتُ بخَطِّ نَصْر بن مَعْدَان بن كَثِيْر البَالِسِيّ الفَقِيه لأبي نَصْر المَنَازِيّ

(3)

: [من الوافر]

يُثَنِّي عطْفَهُ هَفَواتُ (c) دَلٍّ

إِذا لَمْ يَثْنِهِ هَفَوَاتُ (d) رَاح

يَمِيْلُ معَ الوُشَاةِ وأَيّ غُصْنٍ

رَطيْبٍ لا يَمِيْلُ مع الرِّيَاح

قال لي يَاقُوت بن عَبْد الله الحَمَوِيّ الرُّوميّ ثمّ البَغْدَاديّ

(4)

: ماتَ المَنَازِيّ في سَنَة سَبعٍ وثَلاثين وأرْبَعِمائة.

(a) الخريدة والمسالك والوافي: رطيب.

(b) الوافي: يصيب.

(c) الخريدة والمسالك: خطرات.

(d) الخريدة والمسالك والوافي: نشوات.

_________

(1)

البيتان في مسالك الأبصار 15: 536، ودرة الأسلاك لابن حبيب ورقة 15 ب.

(2)

لم يورده ياقوت في كتبه، والبيتان في خريدة القصر 12: 455، ومسالك الأبصار 15: 537، والوافي بالوفيات 8: 287 - 288.

(3)

البيتان في خريدة القصر 12: 455، ومسالك الأبصار 15: 538، والوافي بالوفيات 8:288.

(4)

ياقوت: معجم الأدباء 3: 1212.

ص: 348

كَتَبَ إليَّ ضِيَاء الدِّين أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن أبي الحَجَّاج المَقْدِسِيّ أنَّ عِمَاد الدِّين مُحَمَّد بن حَامِد بن الكَاتِب أخْبَرَهمِ عن العَلَم الشَّاتَانِيّ الحَسَن بن سَعيد الدِّيَاربَكْرِيّ، قال

(1)

: وماتَ - يعني المَنَازِيّ - سَنَة سَبَعٍ وثلاثين، وكان عَظِيم الشَّأْن.

‌أحمدُ بن يُوسُف الثَّقَفِيُّ

سَمِعَ بأنْطَاكِيَة عَبْدَ الله بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ. رَوَى عنهُ إبْراهيم بن أحْمَد الآمُلِيّ، وعَبْدُ السَّلام بن محَمَّد البَغْدَاديُّ، وأظُنُّهُ من أهل أنْطَاكِيَة.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْلِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ، سَمَاعًا أو إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: حَدَّثنا أبو سَعْد عَبْد المَلِك بن أبي عُثْمان الزَّاهد، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي عِمْران الحَدِيْثيّ بمَكَّة، قال: أخْبَرَني عَبْدُ السَّلام بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن يُوسُفَ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بنُ خُبيْق، قال: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بن حَرْب يقُول: ذكِرَ عن إبرْاهيم بن أدْهَم، قال: لا تَجْعَل فيما بَيْنَكَ وبينَ الله عليكَ مُنْعِمًا واعْدُدِ النّعْمَةَ عليك من غير اللهِ مَغْرَمًا.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد الدِّمَشقيّ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد البَرُوجِرْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عليُّ بن عَبْدِ اللهِ الحِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن بَاكُوَيْهَ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن أحْمَد الآمُلِيّ، قال: حَدَّثنا أحْمَدُ بن يُوسُفَ الثَّقَفِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَني مُوسىَ بن طَرِيف، قال: ركب إبْراهيم بن أدْهَم البَحْر، فأخَذَتْهُم رِيْحٌ عاصفٌ،

(1)

الخريدة 12: 348، وفيه: سنة سبع وثمانين!.

(2)

تاريخ ابن عساكر 6: 322 - 333.

ص: 349

وأشْرَفُوا على الهَلكَة، فلَفَّ إبْراهيمُ رأسَهُ في عَبَاءَةٍ ونام، فقالوا له: ما تَرَى ما نحنُ فيه من الشِّدَّة؟ فقال: ليسَ ذا شِدَّة، قالوا: ما الشِّدَّةُ؟ قال: الحاجَةُ إلى النَّاسِ. ثمّ قال: اللَّهُمَّ أَرَيْتَنا قُدْرَتكَ، فأَرِنَا عَفْوَكَ، فصَار البَحْر كأنَّهُ قَدَحُ زَيْتٍ.

‌أحمدُ بن يُوسُفَ

رَجُلٌ كان بأنْطَاكِيَة، وحَكَى عن بعض العُبَّاد كَلَامًا تكلَّم بهِ، إنْ لم يَكُن الثَّقَفِيّ الّذي قَدَّمْنا ذِكْرَهُ فهو غيرُهُ.

وَقَعَ إليَّ مَجْمُوع بخَطِّ بعض الفُضَلاءِ يُقال لهُ أبو عليّ المُحَسِّن بن مَهْبَرُّوذ

(1)

، فَنَقَلْتُ منهُ: قال أحْمَدُ بن يُوسُفَ: لَقِيْتُ بعضَ العُبَّادِ بأنْطَاكِيَةَ، فسَألْتُه عن مَسَائِل، فأجَابَني، ثُمَّ قال لي: يا أحْمَد، لقد سَمِعْتُ من رِاهِب حِكْمَةً لم أسْمعَ بمثلها، قال: قُلتُ: فتخْبرني، قال: قُلْتُ له: يا رَاهِبُ، ما مَعْبُودُكَ؟ قال: الله الّذي خَلَقَني وخَلَقَكَ، قال: قُلتُ: فأين اللهُ من قُلُوب العَارِفِيْن؟ قال: قُلُوب العَارِفِيْن لا تَحُول عنِ اللهِ طَرفَة عَيْن، قال: قُلثُ: يا رَاهِبُ، ألَكُم عِيْدٌ؟ قال: نعم، قُلتُ: فأيّ يَوْم هُو؟ قال: يوْم نُصْبح ونُمسِي لا يُكْتَبُ علينا فيه خَطيئَةٌ، قال: قُلتُ: لم جَلَسْتُم في الصَّوَامع؟ قال: نفْرة الأكْيَاس من فَخّ الدُّنْيا، لأنَّ الدُّنْيا شَوْكَة أخْشَى أنْ أَطَأَ عليها فتَدْخُل في قَدَمي، قُلتُ: لَمَ لبسْتُم المُسُوْحَ والسَّوَادَ؟ قال: لأنَّ الدُّنْيا مَأتَمٌ، قال: قُلتُ: أسْتَغْفرُ الله، قال: فنَظَر إليَّ وقال: يا فَتَى، أَسْتَغْفرُ الله تَوْبَةُ الكَاذِبيْن، فكم مُسْتَغْفرٍ بلِسَانهِ مُعَادٍ لله بقَلْبهِ، يُقَادُ غَدًا إلى عَذَاب السَّعِيْر، قال قُلتُ له: يا تبي

(2)

بَقِيَتْ واحدةٌ، قال: سَلْ، قال: قُلتُ: من أيْنَ المَطْعَمُ والمَشْرَبُ؟ قال: فنَظَرَ إليَّ نَظْرةً احْمَرَّت حَماليْقُ عَيْنَيهِ، ثمّ قال: وَيْحَكَ، لم تَنْتَفع بالمَوْعِظَة بَعْدُ!.

(1)

يعيد ابن العديم ذكر المحسن هذا في الجزء الرابع (في ترجمة أشجع الشاعر)، وسماه هناك: المحسن بن عبد الله بن مهبروذ.

(2)

كلمة غير مقروءة، مهملة الأول، صورتها: يا تبى.

ص: 350

‌أحمدُ بن يُوسُفَ أبو العبَّاس التِّيفَاشِيُّ القَاضِي

(1)

وتِيْفَاش قَرْيَةٌ من قُرَى قَفْصَة إحْدَى بِلَادِ إفْرِيقِيَّة، وكان أبو العبَّاس قَاضِم قَفْصَة، وكان شَيْخًا حَسَنًا فَاضِلًا، عَارِفًا بالأدَب وعُلُوم الأوَائِل، وله شِعْرٌ حَسَنٌ، ونَثْرٌ جَيِّدٌ، ومُصَنَّفاتٌ حَسَنةٌ في عدَّةِ فُنُون؛ كَثِيْرة الفَائِدَة.

اجْتَمَعْتُ بهِ بالقَاهِرَة، وقد تَوَجَّهْتُ إليها رَسُولًا

(2)

، فوَجَدْتُه شَيْخًا كَيِّسًا، ظَرِيفًا، حَرِيْصًا على الاسْتِفَادَة لِمَا يُوْردُه في تَصَانيْفه، ويُوْدعُه مَجَامِيْعَهُ. وأوْقَفني على شيءٍ من تَصَانيفهِ الحِسَان، وأهْدَى إليَّ بخَطِّه منها كتِابًا وَسَمَهُ بالدُّرَّة الفَائِقَة في مَحَاسِن الأفَارِقَة، وأنْشَدَني مَقاطِيع من شِعْره.

وذكَرَ لي أنَّهُ وُلِدَ بقَفْصَة منِ بلاد إفْرِيقِيَّة، وأنَّهُ خَرَجَ وهو صَبيٌّ، واشْتَغل بالدِّيَار المِصْرِيّة على شَيْخِنا أبي مُحمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف البَغْدَاديّ، ورحَل إلى دِمَشْقَ، وقَرأ بها على شَيْخِنا أبي اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، وأحبَّ المقام بها، ثمّ إنْ نَفْسَهُ اشْتَاقَتْ إلى الوَطَن، فعَاد إلى قَفْصَة، ثمّ إنَّهُ حَنَّ إلى المَشْرِق، وطالبَتْهُ نَفْسُه بالمقامِ بدِمَشْق، فبَاع أمْلَاكَهُ وما يثْقُل عليه حَمْلُهُ، وأخَذَ معه أولادَهُ وزَوْجَه ومَالَهُ، وركبَ البَحْر في مَرْكبٍ اتَّخذَهُ لنفسِه، فغَرِقَ أهْلُه وأولادُهُ، وخَلَصَ بحُشَاشَةِ نَفْسهِ، وخَلَّص عَرَبُ بَرْقَةَ بعضَ مَتَاعِهِ، فخرَجَ معهم

(1)

توفي سنة 651 هـ، وترجمته في: صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني 1: 274، تاريخ الإسلام 14: 704، الوافي بالوفيات 8: 288 - 291، وأورد الصفدي نماذج ومقطوعات من شعره، وذكر من مؤلفاته كتاب:"فصل الخطاب في مدارك الحراس الخمس لأولي الألباب"، كتاب كبير في الأدب يقع في 24 مجلدة، ابن دقماق: نزهة الأنام 217، المقري: نفح الطيب 2: 334 - 335، الزركلي: الأعلام 1: 273 - 274.

(2)

سافر ابن العديم إلى مصرَ مرَّات عديدة، وجميعها في رسائل سلطانية، والتي كانت في حياة التيفاشي ففي السنوات 637 هـ، 641 هـ، 643 هـ، 644 هـ، وثمة سفرات أخرى بعد وفاة التيفاشي.

ص: 351

مُتَفكِّرًا خَوْفًا منهم أنْ يُهْلكوهُ بسَبَب أخْذ مَتاعه، وسبَقَهُم إلى الإسْكَنْدَريَّةِ، وتَوصَّل بعَملِ مقامة يَذْكرُ فيها ما جَرَى له في طَريقه، وعَرِفَ المَلِكُ الكَامِل أبو المَعَالِي مُحَمَّد ابن المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب، مَلِكُ الدِّيَار المصْرِيَّة بذلك، فكتَب له إلى الإسْكَنْدَريَّة بتَخْليْص ماله، فخَلص له منه جُمْلَة، ثمَّ إنَّهُ لمَّا رَحَل الملكُ الكامِل إلى آمِد وافْتَتَحَها، تَوَجَّه إلى دِمَشق، ومنها إلى حَلَبَ، ومنها إلى آمِد، فوجَدَ المَلِك الكَامِل راجِعًا إلى الدِّيَار المِصْرِيَّةِ، فعادَ معه إليها، وسَكَن بها.

وذَكَرَ لي أنَّ مَوْلدَهُ بقَفْصَةَ في سَنَة ثمانين وخَمْسِمائَة، وأنَّ ولايتَهُ القَضَاءَ كانت بعد رجُوْعهِ من المَشْرِق إليها.

وحَكَى لي غيرُه أنَّ سَبَبَ عَزْلِه عن القَضَاءِ أنَّهُ وُجِدَ في دَاره خَمْرٌ، فعُزل بسَبَب ذلك.

وسَمِعْتُ صَاحِبُنا نُور الدِّين أبا الحَسَن عليّ بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن سَعيد

(1)

يَحْكى أنَّ أَبا العبَّاسِ التِّيْفَاشِيّ لمَّا حصَل مع عَرَب بَرْقَة وخَاف منهم، كَتَم نَفسَهُ، وسَألُوه مَنْ هو، ومن أين هو، وما صَنْعَتهُ؟ فقال لهم: أنا قَوَّادُ، فقالوا: اللهُ الأَحَدُ، وأَنِفُوا منه، وكان ذلك سبَبَ خَلاصِه منهم.

أنْشَدَني شَرَفُ الدِّين أبو العبَّاس أحْمَدُ بن يُوسُف التِّيْفَاشِيّ بالقَاهِرَة في أبي الحَسَن عليّ بن مُوسَى بن سَعيد الغَرْنَاطِيّ، يُشِيرُ إلى كتاب أبي الحَسَن الّذي جَمَعَهُ في مَحَاسِن المَغْرب وسمَّاهُ المُغْرِب

(2)

: [من الخفيف]

(1)

لم أقف عليه في مؤلفات ابن سعيد المغربي، ولم يترجم له.

(2)

هو كتاب المُغرب في حُلَى المَغرب، وقد اقتبس المقري التلمساني في كتابه نفح الطيب 3: 335، ما أورده ابن العديم أعلاه، وأثبته في ترجمته لابن سعيد، وأدرج مقطوعتي الشعر المذكورتين في حق ابن سعيد.

ص: 352

سَعِدَ الغَرْبُ وازْدَهَى الشَّرْقُ عُجْبًا

وابْتهاجًا بمُغْرِبِ ابن سَعِيْدِ

طَلَعَتْ شَمْسُهُ من الغَرْبِ تُجْلَى

فأقامَتْ قِيَامَةَ التَّفْنِيدِ (a)

لم يَدَعْ للمُؤَرخين مَقَالًا

لا ولا للرُّوَاةِ بَيْتَ نَشِيْدِ

إنْ تَلَاهُ على الحَمَامِ تَغَنَّتْ

ما عَلَى ذا في حُسْنِهِ من مَزِيْدِ

وأنْشَدَني أبو العبَّاس التِّيْفَاشِيّ لنَفْسِه فيه: [من البسيط]

يا طَيِّبَ الأصْلِ والفَرْع الزَّكيِّ كما

يَبْدو جَنَى ثَمَرٍ من أطْيَب الشَّجَرِ

ومَنْ خَلائقُهُ مثل النَّسِيمِ إذا

يَهْفُو على الزَّهْر حَوْل النَّهْرِ في السَّحَرِ

ومَنْ مُحَيَّاهُ - واللهُ الشَّهِيْدُ - إذا

يَبْدُو إلى بَصَرِي أبْهَى من القَمَرِ

أَثْقَلْتَ ظَهْرِي ببرٍّ لا أقومُ بهِ

لو كُنْتُ أتْلُوه قُرْآنًا مع السُّوَرِ

أهْدَيْتَ لي الغَرْبَ مَجْمُوعًا بعَالَمِهِ

في قَابِ قَوْسَيْنِ بين السَّمْع والبَصَرِ

كأنَّني الآن قد شَاهَدْتُ أجْمَعَهُ

بكُلِّ مَنْ فيه من بَدْوٍ ومن حَضَرِ

نَعَمْ، ولاقَيْتُ أهْلَ الفَضْل كُلَّهُمُ

في مُدَّتي هذه والأَعْصُرِ الأُخَرِ

إنْ كنتُ لم أَرَهُمْ في الصَّدْر من عُمُري

فقَدْ رَدَدْتَ عليَّ الصَّدْرَ من عُمري

وكُنْتَ لي واحدًا فيهِ جَمِيْعُهُمُ

ما يُعْجِزُ اللّهَ جَمْعُ الخَلْقِ في بَشَرِ

جُزِيْتَ أفْضَلَ ما يُجْزَى بهِ بَشَرٌ

مُفيْد عُمْر جَديْدِ الفَضْلِ مُبْتَكَرِ

بَلَغَني أنَّ أبا العبَّاس التِّيْفَاشِيّ نَزَل الماءُ إلى عَيْنَيهِ فعَمي، فقَدَحَهُما وأبْصَر، وكَتَب وعُوفي من ذلك، ثمّ شربَ مُسْهِلًا وأعْقَبَهُ بآخَرَ، فماتَ لذلك يَوْم السَّبْت ثالث عَشر مُحَرَّم سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وستِّمائة بالقَاهِرَة.

(a) نفح الطيب: التقييد.

ص: 353

‌ذِكْرُ مَن يُعْرَف أَبُوه بالكُنْيَة من الأحْمَدِين

‌أحمدُ بن أبي المَعَالِي بن أحْمَد البَكْرَانِيُّ، أبو الفَضْل

شَيْخُ كَتَبَ عنه الحافِظُ أبو المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَة الله بن صَصْرَى الدِّمَشقيّ، وخَرَّجَ عنهُ إنْشَادًا في مُعْجم شُيُوخه.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم الحُسَينُ بن هِبَة الله بن صَصْرَى التَّغْلبِيّ، قال: أنْشَدَنا أخي أبو المَوَاهِب الحَسَن، قال: أحْمَد بن أبي المَعَالِي بن أحْمَد البَكْرَانِيّ، أنْشَدَنا الأجَلُّ أبو الفَضْل الفَقِيهُ بحَلَبَ في ظَاهِرها حينَ عَزَمْتُ على العَوْدِ إلى دِمَشْق، حَالَةَ التَّوْدِيع لبَعْضهم:[من الكامل]

إذا ما وَصَلْتُم سَالِمِيْنَ فبَلِّغُوا

تَحِيَّةَ مَنْ قَدْ ظَنَّ أنْ لا يَرَى نَجْدَا

وإنْ سأَلُوكم كيفَ حَالي بَعْدَهُم

فقُولُوا لهم: واللهِ ما نَقَضَ العَهْدَا

هُمُ جَعَلُوا دَيْني لهم نَسِيَّةً

ودَيْنُهُم عنْدِي أُعَجِّلُهُ نقْدَا

‌أحْمَدُ بن أبي السَّرِيّ الغَزَّاءُ

ويُعْرَفُ بذلك لغَزْوهِ إلى بلادِ الرُّومِ. سَمِعَ بالمِصِّيْصَة يوسُفَ بن سَعيد بن مُسَلَّم المِصِّيْصيّ. رَوَى عنهُ أبو حَامِد الأشْعَرِيّ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيُّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مَسْعُودُ بن أبي مَنْصُور الجَمَّال، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد الأشْعَرِيّ، قال:

ص: 354

حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن أبي السَّرِيّ الغَزَّاءُ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بن سَعيد بالمِصِّيْصَة، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَنْبَسَة، قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ، قال: حَدَّثَنا أنَسُ، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: حُسْنُ الشِّعْرِ مَالٌ، وحُسْنُ الوَجْهِ مَالٌ، وحُسْنُ اللِّسَانِ مَالٌ.

‌أحمدُ بن أبي الكَرَم بن هِبَةِ الله الفَقِيه، أبو [العَبَّاس](a) الحَنَفِيّ

(2)

كان فَقِيهًا حَسَنًا، دَيِنًا، وَرِعًا، كَثِيْرة التِّلَاوة للقُرْآن، وَلِيَ التَّدْرِيس بالمَوْصِل في المَدْرَسَة [

] (b) ومَشْيَخَة الرِّباط [

] (c)، ورَوى الحَدِيْث.

وقَدِمَ حلَبَ مِرَارًا رَسُولًا من بَدْر الدِّين لُؤْلُؤ صاحب المَوْصِل، واجْتَمَعْتُ به بدِمَشْق، وقد وَرَدَها رَسُولًا إلى المَلِك النَّاصِر في سَنَة ثَمانٍ وأرْبعين وستِّمائة، وببَغْدَاد في هذه السَّنَة، وقد وصَلَها رَسُولًا، ولم يَتَّفق لي سَمَاعُ شيءٍ منه.

وتُوفِّيَ بالمَوْصِل في شَوَّال سَنَة خَمْسين وستِّمائة، وبَلَغتني وَفاتُهُ وأنا ببَغْدَاد في هذا التَّاريخ.

(a) موضع الكنية بياض في الأصل قدر كلمة، والتعويض من صلة الحسيني وتاريخ الإسلام للذهبي.

(b) ترك ابن العديم موضعه بياضًا قدر أربع كلمات، ولم يرد عند مَن ترجم له تعيين اسم المدرسة التي تولى التدردس بها في الموصل.

(c) موضعه بياض قدر كلمتين، وفي صلة الحسيني: ولي مشيخة بعض رُبُط الموصل.

_________

(1)

المتقي الهدي: كنز العمال 15: 375 (رقم 41446)، وفيه زيادة:"والمال مال".

(2)

توفي سنة 650 هـ، واسمه: أحمد بن محمد بن هبة الله بن عثمان بن أبي الفتح، أبو العباس ابن عروسة الواسطى الموصلي الحنفي، ترجم له: الحسيني في صلة التكملة 1: 368، والذهبي: تاريخ الإسلام 14: 633، القرشي: الجواهر المضية 1: 322، الغزي: الطبقات السنية 1: 364.

ص: 355

‌أحمدُ بن أبي الوَفَاءِ بن عبد الرَّحْمن بن عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ، أبو الفَتْح المَعْرُوف بابن الصَّائِغ الحَنْبَلِيُّ

(1)

فَقِيْهُ الحَنَابِلَة، وإمَامُهُم.

قَدِمَ حلَبَ، وفُرِّضَ إليه التَّدْرِيس بالزَّاويَة المَوْفُوفَة على الحَنَابِلَة بالمَسْجِد الجامع بحَلَب، الّتي وَقَفَها نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فأقام بها مُدَّةً، وحَدَّثَ بها، ثُمَّ انْتَقَلَ إلى حَرَّان، ودرَّس بالمَدْرَسَة النُّورِيَّة بها، واشْتَهر اسْمُه، وقَصَدَهُ النَّاس للاشْتِغَال عليه.

وكان قد سَمِعَ أبا الخَطَّاب مَحْفُوظ بن أحْمَد الكَلْوَذَانِيَّ، وأبا القَاسِمِ عليّ بن أحْمَد في بَيَان الرَّزَّاز، وأبا الفَتْح عَبْد المَلِك بن أبي القَاسِم الهَرَويّ، وأبا مُحَمَّد القَاسِمَ بن علي الحَرِيرِيّ، وغيرَهُم.

سَمِعَ منه جَمَاعَةٌ من الشُّيُوخ الحُفَّاظ مثل: الحافِظَيْن أبي يَعْقُوب يُوسُف بن أحْمَد البَغْدَاديّ، والقَاضِي أبي المَحَاسِن عُمَر بن عليّ القُرَشِيّ، وأبي المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَة الله بن صَصْرَى التَّغْلبِيّ الدِّمَشقيَّيْن، وخَرَّجَا عنهُ في مُعْجَم شُيُوخهما وأبي الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد الطَّرَسُوسِيّ الحَلَبِيّ، وغيرهم.

(1)

توفي سنة 575 هـ، وترجمته في: العبر في خبر مَن غبر 3: 67، تاريخ الإسلام 12: 548، (وذكره الذهبي أيضًا 13: 578 في وفيات سنة 576 هـ)، الذهبي: المختصر المحتاج إليه 1: 338 (وفاته 576 هـ)، الوافي بالوفيات 8: 230 (أرخ وفاته سنة 567 هـ)، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1: 347 - 348، النجوم الزاهرة 6: 86، شذرات الذهب 6: 412 - 413.

ص: 356

رَوَى لنا عنْهُ الشَّيْخُ الإمَامُ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان الحَلَبِيّ، وأبو العِزّ يُوسُف بن عُبَيْد بن سَوَّار السُّلَمِيّ البَلَوِيّ.

وأخْبرَني أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُمَر بن شُحَانَة أنَّ مَوْلِد أحْمَد بن أبي الوَفَاءِ بن عبد الرَّحْمن المعرُوف بابنِ الصَّائِغ في سَنَة تسْعين وأرْبَعِمائة ببَغْدَاد.

أخْبَرَنا الشَّيْخُ الصَّالِحُ العَابِدُ أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ بحَلَبَ، قراءةً عليه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح أحْمَد بن أبي الوَفَاء بن عبد الرَّحْمن البَغْدَاديّ، إمامُ الحَنَابِلَةِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد بن بَيَان الرَّزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الصَّفَّار، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عَرَفَة أبو عليّ العَبْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُعاوِيَة مُحَمَّد بن حَازِم الضَّرِيْر، عن عبدِ الرَّحْمن بن أبي بَكْر القُرَشِيّ، عن عَبْدِ الله بن أبي مُليْكَة، عن عائِشَة، قالت

(1)

: لمَّا ثَقُلَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال لعَبْد الرَّحْمن بن أبي بَكْر: إئتني بكَتِفٍ حتَّى أكتُبَ لأبي بَكْر كِتَابًا لا يُخْتَلَفُ عليه بَعْدِي، قالت: فلمَّا قَامَ عبدُ الرَّحْمن، قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَبَى اللهُ والمُؤْمنُونَ أنْ يُخْتَلَف على أبي بَكْر الصِّدِّيْق.

أخْبَرَنا أبو العِزّ يُوسُف بن سَوَّار بن عُبَيْد السُّلمِيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ الصَّالِحُ أبو الفَتْح أحْمَدُ بن أبي الوَفَاء بن عبد الرَّحْمن بن الصَّائِع بحَرَّان، قال: أخْبَرَنا أبو الخَطَّاب محْفُوظ بن أحْمَد الكَلْوَذَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر مُحَمَّد بن العبَّاس بن مُحَمَّد بن حَيَّوْيَه الخَزَّازُ، قال: قُرئَ على أبي بَكْر مُحَمَّد بن خَلَف بن المَرْزبَان بن بَسَّام، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عُثْمان بن حَكِيم، قال: حَدَّثَنَا ابنُ الصَّلْت، عن

(1)

انظر: المسند الجامع 20: 284 (رقم 17137).

ص: 357

الحَكَم بن هِشَام، عن عَبْدِ المَلِك بن عُمَيْر، عن طَلْحَة بن عُبَيْدِ الله، أنَّهُ قال: مَجْلِسُ الرَّجُل ببَابِهِ مُرُوءَةُ.

أهْدَى إليَّ الخَطِيبُ سَيْف الدِّين أبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن مُحَمَّد الحَرَّانيّ، المعرُوف بابن تَيْميَّة، جُزْءًا بخَطِّه فيه تاريخ لأبي المَحَاسن بن سَلامَة بن خَلِيفَة الحَرَّانيّ، جعَلَهُ تَكْملةً لتاريخ حَرَّان الّذي ألَّفَهُ حَمَّادُ الحَرَّانيّ، وذَكَرَ لي أنَّهُ نَقَلَهُ من خطِّ أبي المَحَاسِن المَذْكُور، فقَرَأتُ فيه: حَدَّثني الشَّيْخُ أبو الحَسَن عليّ بن عُمَر السّعردِيِّ رحمه الله، قال: انْقَطَع الشَّيْخُ أبو الفتْحِ البَغْدَاديّ عن المَدْرَسَة بحَرَّان شَهرًا بسَبَب مَرضٍ أصَابَهُ، فَحمَلَ إليه قَيِّم المَدْرَسَةِ وَاجبَ الشَّهْر، فقال له الشَّيْخُ: يا ابني، ما ألْقَيْتُ في هذا الشَّهْر دَرْسًا، ولا لي فيهِ واجب، رُدَّها إلى الجِزَانَة، فردَّها ولم يأخُذْها.

قال أبو المَحَاسن: وكان - يعني الفَقِيه أبا الفَتْح - يَدْخُل على أبي يَزُوره، وكان أبي يَزُورهُ، وكان أبَي فَقِيْرًا، وكان الفَقيهُ يُريْدُ بذلك وَجْهَ الله، وابْتِغَاءَ مَرْضَاتِه، تَبَرُّكًا بالفُقَرَاء وتَوَاضُعًا لهم، وحُسْن ظَنَّ فيهم مع جَلَالَة قَدْره وعِلْمه، وكان كُلَّما دَخَلَ على أبي يُنْشِدهُ:[من البسيط]

يا بُوْمةَ القُبَّةِ الخَضْرَاءِ قد أَنِسَتْ

رُوْحي برُوْحكِ إذ تُسْتَبْشَعُ البُوْمُ

زَهِدْتِ في زُخْرُفِ الدُّنْيا فأسْكنكِ الزُّ

هْدُ الخرابَ فَمن يذْمُمْكِ مَذْمُومُ

قال أبو المَحَاسِن: وحَدَّثني عنه رَجُلٌ من فُقَهَاءِ بَغْدَاد، قال: سَافرَ الشَّيْخُ أبو الفَتْح في طَلَب العِلْمِ إلى خُرَاسَان سَفْرةً طَوِيلَةً، ثمّ رجَعَ إلى بَغْدَاد وليس معه غير كُتُبه وثِيَابه، فوضَعَها في بَيْتٍ من الخانِ، ثم دَخَل إلى شَارِعهِم فدَخَل الدَّرْبَ الّذي كان أهْلُهُ فيه، فجلَسَ في مَسْجِدٍ وسأل عن أهْلِهِ، فأخْبَرُوه أنَّهُ لَم يَبْقَ منهم في ذلك الدَّرْب أحدُ، فجالَ مع الفَقِيه الّذي هو قاضي الشَّارِع، فتكلَّما في مَسْألَةٍ، واخْتَلَفا فيها، فلمَّا رأَى خَصْمَهُ على نَفْسه الغَلَبَة، وقَهَرَهُ الشَّيْخُ أبو الفَتْح

ص: 358

بالحُجَّة، قال: واللهِ لو أنَّك أبو الفَتْح بن الصَّائِغ ما سلَّمْتُ إليك، فقال: يا أخي، أنا أبو الفَتْح بن الصَّائِع! فقام إليه واحْتَرَمَهُ.

تُوفِّي أبو الفَتْح بن أبي الوَفَاءِ إمام الحَنَابِلَة بحَرَّان في سَنَة خَمْسٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، نَقَلْتُ ذلك من خَطِّ الخَطِيب عَبْد الغَنِيّ بن تَيْمِيِّة، وذَكَرَ لي أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ أبي المَحَاسِن بن سَلامَة بن غُرَيْر (a) الحَرَّانيّ.

‌أحمدُ بن أبي يَحْيَى، أبو بَكْر الفَقِيهُ

حَدَّثَ بأنْطاكِيَة عن أبي الأخْيَل خَالِد بن عَمْرو السُّلَفِيّ. رَوَى عنهُ إسْمَاعِيْل بن يَحْيَى الحَرَّانيّ.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ البَرّ بن أبي العَلَاء الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المحاسِن نَصْرُ بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن عَديٍّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن يَحْيَى الحَرَّانيّ بمِصْرَ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن أبي يَحْيَى أَبو بَكْر الفَقِيهُ بأنْطَاكِيَة، قال: حَدَّثَنَا أبو الأخْيَل خَالِد بن عَمْرو الحِمْصِيّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيان بن عُيَيْنَة، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدر، عن جَابِر، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

: مُدَاراتُكَ النَّاسَ صَدَقَةُ.

(a) هكذا مجودًا في الأصل، وورد الاسم والكنية عند ابن خلكان:"أبو يوسف محاسن بن سلامة بن خليفة الحراني". انظر: وفيات الأعيان 4: 387.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 904.

(2)

الطبراني: المعجم الأوسط 1: 286 (رقم 466)، الأصبهاني: حلية الأولياء 8: 246، القضاعي: مسند الشهاب 1: 88 (رقم 91)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 2: 216 (رقم 471)، الهيثمي: جمع الزوائد ومنبع الفوائد 8: 17، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 10: 528 (رقم 6132)، المتقي الهندي: كنز العمال 3: 407 (رقم 17172)، العجلوني: كشف الخفاء ومزيل الإلباس 3: 262 (رقم 2277)، الحوت: أسنى المطالب 375 (رقم 1301).

ص: 359

‌ذِكْرُ مَن لَم يَنْتَه إلينا اسم أَبيهِ من الأحْمَدِين

‌أحْمَدُ العُجَيْفِيُّ

(1)

قَائِدٌ مَشْهُورٌ مَذْكُورٌ، وأظُنُّهُ مَنْسُوبًا إلى عُجَيْف بن عَنْبَسَة القَائِد، وَسَنَذْكُره في حَرْف العَيْن

(2)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

وهذا أحْمَدُ له غَزَواتٌ مَذْكُورَةٌ، وآثارُ في قِتَال الرُّوم مَأْثُورة، دَخَلَ سَنَة ثمانٍ وسبْعِين ومَائتَيْن طَرَسُوس، فغَزَا مع يَازْمَار الصَّائِفَةَ، فبلغَ سَمَنْدُو، وماتَ يَازمَار في هذه الغَزَاةِ، وتَولَّى أحْمَدُ العُجَيْفِيُّ طَرَسُوس، وغَزَا غَزَوات كان له بها الأثَرُ الجَمِيلُ، والذِّكر الحَسَنُ.

‌أحْمَدُ المُوَلَّدُ

(3)

قَائِد مَعْرُوف، له ذِكْر، من قُوَّاد بني العبَّاس، وَرَدَ حَلَب في فِتْنَة المُسْتَعِين من قِبَل المُعْتَزّ بالله بن المتُوَكِّل، فعَصَا أهْلُها عليه، فحَصَرها.

(1)

لعله أحمد بن طغان الذي تقدم ذكره في الجزء قبله، وهو أحد قواد الطولونية وتولى طرسوس، وكان حيًا سنة 284 هـ، لم يترجم له أحد سوى ابن العديم على اقتضاب ما أورده، وله أخبار مفرقة ضمن أحوال الثغور الشامية نهاية القرن الثالت الهجري عند: الطبري: تاريخ الرسل 10: 27 - 29، 46، ابن الأثير: الكامل 7: 449، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 1/ 2: 66 - 67، ابن خلدون: العبر 6: 139 - 140.

(2)

ترجمته في الضائع من الكتاب، وتقدم ذكره في المُجَلَّد الأول عند الكلام على حصن عجيف المنسوب له، وكان القائد العجيفي حيًا سنة 282 هـ. انظر: ابن الأثير الكامل 7: 449، ابن خلدون: العبر 6: 140، 145.

(3)

قائد من الأتراك، كان حيًّا سنة 259 هـ، وله أخبار وذكر في أثناء الفتنة بين أبناء العمومة المستعين والمعتز سنة 251 هـ، وإرساله إلى جندي حمص وقنسرين لأخذ البيعة للمعتز، عند: اليعقوبي: تاريخ 2: 349 - 352، 358 (وفيه: محمد بن المولد)، الطبري: تاريخ 9: 326، 372، ابن الأثير الكامل 7: 176، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 19 (سماه محمد المولد وذكره في أحداث سنة 264 هـ)، ابن العديم: زبدة الحلب 1: 81، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 27 - 28، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 62، ابن كثير البداية والنهاية 11: 31 (وفيه: محمد المولد)، ابن خلدون: العبر 6: 65، (وفيه: محمد المولد)، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 191 - 192.

ص: 360

وقَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي طَاهِر صالح بن جَعْفَر الهاشِميّ الحَلَبِيّ، في نَسَب بني صَلح بن عليّ

(1)

: وقَدِمَ في فِتْنَة المُسْتَعِين أحْمَد المُوَلَّد مُحَاصِرًا لأهْل حَلَبَ، فلم يُجيْبُوه إلى ما أراد، وكان السَّفِيرُ بينَه وبينهم الحُسَين بن مُحَمَّد بن صالح بن عَبْد الله بن صالح، أبا عَبْد اللهِ

(2)

، فلمَّا بايعُوا بعد ذلك للمُعْتَزِّ، وانْقَضَى أمْرُ المُسْتَعِين، ولَّاهُ أحْمَد المُوَلَّد جُنْدَ قِنَّسْرِيْن.

وذكَرَ أبو بَكْر الصُّوْلِيّ في كتاب الأوْرَاق: سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِين ومَائتَيْن فيها عُقِدَ لأحمدَ المُوَلَّد على ديار رَبيعَةَ من قِبَل مُوسَى بن بُغَا في المُحَرَّم.

نَقَلْتُ من كتاب الأَحْدَاثِ تأليف أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن الأزْهَر لأبي نَصْر الطَّائيّ، في سَنة خَمْسين، قال: وكان أحْمَدُ المُوَلَّد وُجِّهَ من سُرَّ مَنْ رَأى في جَمَاعَةٍ من الأتْراك لمُعَاوَنَة أيُّوبَ بن أحْمَد عند مُحَاربتهِ مُحَمَّد بن خَالِد بالسُّكَيْر، وأُتْبِعَ بسِيْمَا أَخي مُفْلح، وكان مِقْدَامًا سَفَّاكًا للدِّمَاء، فملئا أيْديَهُما من أمْوَال مُحَمَّد بن خَالِد وغيره من أمْوَال بني المُعَمَّر، ثمّ كَتَبَ إليهما فلَحِقَا صَفْوَان، فأقام سِيْما معه، ومَضَى أحْمَدُ المُوَلَّد إلى قِنَّسْرِيْن وحِمْصَ.

وقَتَل أحْمَدُ المُوَلَّدُ في طَريقه خَلْقًا كَثِيرًا، ثمّ وَافَى حِمْص، وبايَعَ مُؤَمِّلٌ وغُطَيْف (a) المُعْتَزَّ، فأقامَ أيَّامًا بحِمْص، ثمّ اغتالَ (b) غُطَيْفًا فضَربَ عُنُقَهُ صَبْرًا، ووجَّه برأسِه إلى سُرَّ مَنْ رَأى، ووَرَدَ الخَبرُ على المُعْتَزّ بفُتُوحِ أحْمَد المُوَلَّد، وتَوَجَّه في طَرِيقه إلى الشَّام

(a) في الأصل - في هذا الموضع فقط - بالعين المهملة، ثم بالإعجام فيما يليه، ويأتي بالمهملة أيضًا في بعض المصادر التي تناولت خبر أخذ البيعة للمعتز، المذكورة في أول الترجمة. وهو غُطيف بن نعمة الكلبي. انظر: تاريخ اليعقوبي 2: 349، تاريخ الطبري 9: 76 (وفيه: عطيف).

(b) غير واضحة في الأصل، وربما كانت: احتال.

_________

(1)

تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الثاني.

(2)

له ترجمة مفردة في هذا الكتاب تأتي في موضعها من حرف الحاء.

ص: 361

ومعه صَفْوَان بن إسْحاق إلى أهْل بَاجُدَّا (a)، فأقامَ عليهم وحَاصرَهم حتَّى دخَلُوا في طَاعَة المُعْتَزّ وبايَعُوا، وتَوَجَّه إلى حَرَّان فأقام عليها ثلاثًا وناوَشُوهُ شَيئًا من القِتَال ثمّ فُتِحَتْ، فبايَعُوا المُعْتَزّ ووجَّهَ صَفْوَان بن إسْحاقَ بن العَوْفِيَّة إلى بَالِس ففَتَحَها، وبايعَ أهْلها للمُعْتَزِّ، وتَتَبَّعَ كُوَرَ قِنَّسْرِيْن كُورَةً كُورَة؛ يَفْتَحُها ويُبَايعُ أهلُها للمُعْتَزِّ خَلَا حَلَبَ ومَنْبج وأنْطَاكِيَة؛ فإنَّهم أقامُوا على طَاعَةِ المُسْتَعِين مع مُحَمَّد بن هَارُون بن العَوْفِيَّة، فقَتَل منهم ابن العَوْفِيَّة مَقْتَلَة عَظِيمَة ثمّ دخَل أحْمَد المُوَلَّد البَلَد فبايَعَهُ أهْلُها.

‌أحمدُ الشَّيْخُ، أبو العبَّاس

خَطِيب تَلّ أَعْرَن

(1)

: ويُقال فيها تَلّ عَرَن.

وَجَدْتُ ذِكْرَهُ في كتاب الاسْتِسْعَادِ بمَن لقِيْتُ من صَالحي العُبَّادِ في البِلَاد، جَمْعُ شَيْخنا نَاصِح الدِّين عبد الرَّحْمن بن نَجْم بن عَبد الوَهَّاب بن عَبْد الوَاحِدِ بن مُحَمَّد الحَنْبَلِيّ، ونَقَلْتُه من خَطِّه، فقال في ذِكْره فيمَن لَقِيَهُ بحَلَب: الشَّيْخُ أَبو العبَّاس أحْمَدُ بن [

] (b) خَطِيْبُ تَلّ أَعْرَن، وتَلُّ أعْرَان (c) قَرْيَةٌ من قُرَى حَلَب قَرِيبة من حَلَب، فيها أشجارٌ وفَوَاكِه، وكان هذا الشَّيْخُ أحْمَدُ رَجُلًا صَالِحًا، حَافِظًا لكتاب اللهِ، ينظُر في كُتُبِ الحَدِيْثِ وتَفْسِير القُرْآن. وكان من أصْحَابِ الشَّيْخ أَبي المَعَالِي بن الحَدَّادِ، ويُصَلِّي بهِ إمَامًا، وبقي إلى أنْ قَدِمْتُ إلى حَلَب سَنَة ثَلاثٍ

(a) هكذا جوَّده المؤلف، وعند ياقوت (معجم البلدان 1: 313) بفتح الجيم، وهي: قرية كبيرة بين رأس عين والرقة.

(b) بياض في الأصل قدر كلمة.

(c) هكذا في الأصل بزيادة ألف متوسطة.

_________

(1)

تل أعرن: قرية في الشمال الشرقي من جبل الأحص تتبع منطقة السفيرة بمحافظة حلب، وتقع شرقي برية المسلخ، وتبعد عن السفيرة مسافة 5 كم إلى الشمال الغربي، وكانت في القرن السابع الهجري قريبة كبيرة جامعة، ذات كروم وبساتين ومزارع، اشتهرت بصنف من العنب الأحمر المدور. ياقوت: معجم البلدان 2: 39، المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري 1: 539 - 540، الأسدي: أحياء حلب وأسواقها 150.

ص: 362

وسِتّمائة، وكنتُ رَأيتُهُ قَبْلَ ذلك بدِمَشْق يُلَازِمُ المَدْرَسَةَ الشَّرْقيَّةَ الحَنْبَلِيَّةَ، وأصْلُهُ من العِرَاق.

‌آخر ذِكْر مَن اسْمُهُ أحْمد

‌أحْمَد شَاه التُّرْكِيُّ

(1)

مُقَدَّم الأتْرَاك بحَلَب، وقيل إنَّهُ شَيْبَانيٌّ، كان يَسْكُن مع الأتْراك بالحَاضِر السُّلَيْمَانِيّ، وكان مُطَاعًا مَذْكُورًا شُجَاعًا، له مَوَاقِفُ حَسَنةٌ مع الفِرِنْج.

وهو الّذي اسْتَعاد مَنْبج من أيْدي الرُّوم في سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين

(2)

، بعد أنْ كان مِيْخائِيْل ابن أُخْت أَرْمَانُوس الرُّوميّ اسْتَوْلَى عليها في ثامن مُحَرَّم سَنة ستِّين وأرْبَعِمائة، ففَتَحَها أحْمَد شَاه - وصاحبُ حَلَب إذ ذاك نصْر بن مَحْمُود - في يَوْم الأَحَد لعَشْرٍ خَلَوْنَ من صَفَر سَنَة ثمانٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة.

ولمَّا أفْضَى الأمرُ بحَلَب إلى نَصْر بن مَحْمُود بن نَصْر بن صالِح، قبضَ على أحْمَد شَاه، واعْتَقَلَهُ بقَلْعَة حَلَب في عِيْدِ الفِطْر من سَنَة ثَمانٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة، وشَرِبَ نَصْرٌ إلى العَصْر، وحَمَلَهُ السُّكْر على الخُرُوج إلى الأتْراك إلى الحاضِر بِظَاهِر حَلَب، فحَمَل عليهم، فرمَاهُ تُرْكيٌّ بسَهْمٍ فقتَلَهُ، وزحَفَ الأتْراك إلى البَلَد يَطْلُبون أحْمَد شَاه، وكان والي القَلْعَة ورْدٌ، وعنده الأَمِير أبو الحَسَن بن مُنْقِذ وجَمَاعَة من الخَوَاصّ، فلمَّا أحسُّوْا بذلك، اسْتَدْعَوا بسَابِق بن مَحْمُود من البَلَدِ إلى القَلْعَة، ونَادوا بشعَاره، وأشَارُوا عليه بإطْلاق أحْمَد شَاه، فأطْلقَهُ في الحال وخَلَعَ عليه،

(1)

توفي سنة 471 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 112 (ذكر عارض أرخ فيه لوفاته)، زبدة الحلب 1: 282 - 290.

(2)

أي: وأربعمائة.

ص: 363

ونَزَلَ أحْمَد شَاه إلى العَسْكَر بالحَاضِر، فسَكَّن النَّائِرَة

(1)

، وأخْمَد الفِتْنَة، فكانَ سَابِقُ بن مَحْمُود بعد ذلك يُعِيْنُ الأتْراكَ ويُقَرِّبُهم ويُحْسِن إليهم، ويُقَدِّمهم على أهْلِهِ بني كِلَابٍ، ويَنْصُرهم عليهم.

قَرأتُ بخَطِّ أبي غَالِب عَبْد الوَاحِد بن مَسْعُود بن الحُصَيْن

(2)

: اسْتَولَى على البَلَدِ - يعني حَلَب - أحْمَد شَاه التُّرْكِيّ، وفى كفَالَته سَابِق بن مَحْمُود بن نَصْر.

وقَرأتُ بخَطِّ مَنْصُور بن تَمِيْم بن الزَّنْكَل السَّرْمِيْنِيّ: أنَّهُ لمَّا مَلَكَ سَابِق اجْتَمَعتْ بنو كِلَاب إلى أخيهِ وَثَّاب، وعَوَّلُوا على معُوْنَته عليه، وأخْذ حَلَب له من أَخيْهِ سَابِق، فلمَّا تحقَّق سَابِق ذلك، اسْتَدْعَى أحْمَد شَاه أمير الأتْرَاك - وكانوا ألف فَارِس - وشَاوَرَهُ، فأنْفَذ أحْمَد شَاه إلى رجُلٍ من الأتْراك يُعْرفُ بمُحَمَّد بن دمْلَاج، وكان نَازِلًا في طَريق بَلَد الرُّوم في خَمْسِمائة فَارِس، وضَمِنَ له مَالًا كَثِيْرًا، فوصَلَهُ مُحَمَّدُ بن دمْلَاج في يَوْم الأرْبَعَاءِ مُسْتَهَلّ ذيِ القَعْدَة من سَنَة ثمانٍ وسِتِّين، وتحالفوا وخَرَجُوا إلى بني كِلَاب المُجْتَمعين مع وثَّاب في غَدَاهَ يَوْم الخَمِيْس مُسْتَهَلّ ذِي الحِجَّة من سَنَة ثمانٍ وسِتِّين وأرْبَعمِائة.

(1)

النائرة: الحقد والعداوة.

(2)

كتاب في التاريخ مرتب على السنين، ذيل فيه تاريخ الطبري، ومؤلفه هو: أبو غالب عبد الواحد بن مسعود بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن العباس بن الحصين الشيباني الكاتب، تولى أعمالًا في واسط نظرًا وإشرافًا، ولقبه ابن العديم في أحد المواضع التي ينقل عنه فيها بالوزير، وارتحل إلى الشام وتنقل بين مصر ودمشق، ثم سكن حلب إلى أن توفي بها سنة 597 هـ انظر: تاريخ ابن الساعي 76، التكملة للمنذري 1: 398، ونقل ابن العديم عن تاريخ ابن الحصين نصوصًا تاريخية عديدة مفرقة على بقية الأجزاء التالية من كتابه، ونص في ترجمة للطغرائي (الجزء السادس) بالقول:"قرأت بخط الوزير أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين في التاريخ الذي جمعه وذيل به مختصر الطبري .. "، ونقل أيضًا عن كتاب آخر له في تراجم الشعراء، ذكره في ترجمته لحماد بن منصور البزاعي (الجزء السادس)، قال: "قرأت بخط الوزير جمال الدين أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين البغدادي في كتابه في ذكر الشعراء على حروف المعجم

". ونقدر أن نقوله التي لم تقترن بذكر معجم الشعراء فهي من تاريخه الذي ذيل به تاريخ الطبري.

ص: 364

وكان بنو كِلَاب في جَمْعٍ عَظِيمٍ ما اجْتَمَعُوا قَطّ في مثله؛ يُقالُ: إنَّهُم كانوا يُقارِبُونَ سَبْعِين ألْفَ فارس ورَاجِل، فعندَ مُعَايَنَتهِم الأتْراك انْهَزَمُوا من غير قِتَال، وخَلَّفُوا حَلَلَهُم وكُلّ ما كانوا يَمْلكُونه وأهَاليَهُم وأولادَهُم.

فغَنَم أحْمَد شَاه وأصْحَابُه ومُحَمَّد بن دمْلَاج وأصْحَابُه كُلّ ما كان لبنى كِلَاب، فيُقالُ إنَّهُم أخَذُوا لهم مائَة ألف جَمَل، وأرْبَعِمائة ألف شَاة، وسَبَوْا من حُرَمِهم الحَرَائرِ جَمَاعةٌ كَثِيْرةٌ، ومن إمَائهم أكْثَر، وكُلّ ما كان في بُيُوتِهم، وَعَفُّوْا عن قَتْل عَبِيْدهم المُقاتِلَة، وكانوا يزيدُونَ عن عَشَرة آلاف عَبْدٍ مُقَاتِل، ولم يَقْتُلُوا أحدًا منهم، وكان الّذي غَنمه الغُزُّ من العَرَب في ذلك اليَوْمَ ما لا يُحْصَى كَثْرةً.

وبعد انْهزام العَرَب بثلاثة عَشَر يَوْمًا، دَعَا مُحَمَّد بن دمْلَاج التُّرْكِيّ أحْمَد شَاه، فخَرَجَ إليه، وكان نازلًا شَماليّ حَلَب، فلمَّا أكلُوا وشَرِبُوا، قبَضَ مُحَمَّد بن دمْلَاج على أحْمَد شَاه وأسَرَهُ، وكان في نَفَرٍ قليل، فأقام في أَسْره تسْعَة أيَّامٍ، ثمّ إنَّ سَابِق بن مَحْمُود اشْتَرَى أحْمَد شَاه من مُحَمَّد بن دمْلَاج بعَشَرة آلاف دِيْنار، وعشرين فَرَسًا، يَوْم السَّبْت.

ووجَدْتُ بعض التَّوَاريخ يقول جَامِعُه فيه: سَنَة سَبْعِين وأرْبَعِمائة، فيها حَصَر تاجُ الدَّوْلَة تُتُش حَلَب، ورَحَلَ عنها، وعاد إليها، وخَرَجَ منها أحْمَد شَاه وكَبَس العَسْكَر، وعَادَ.

ثم قال: سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، قُتِل أحْمَد شَاه.

وذَكَرَ أبو يَعْلَى حَمْزَةُ بن أسَد بن القَلَانِسِيّ، قال في حَوَادِث سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وأرْبَعِمائة

(1)

: وفي هذه السَّنَة قُتِلَ أحْمَد شَاه مُقَدَّم الأتْرَاك في الشَّام.

(1)

ذيل تاريخ دمشق 112.

ص: 365

‌أحْمَدِيْل بن إبْراهيم، صَاحِب مَرَاغَة

(1)

قيل كان إقْطاعهُ في كُلِّ سَنة أرْبعمائة ألف دِيْنار، وجُنْدُه خَمْسَة آلاف فارس.

سيَّرهُ السُّلْطان مُحَمَّد بن مَلِكْشَاه إلى الشَّام مع سُكْمَان القُطْبِيّ، ومَوْدُود بن التُّورتِكِيْن (a) صَاحِب المَوْصِل، ومَوْدُود مُقَدَّم العَسَاكِر، في سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِمائَة، في عَسْكَرٍ عَظيم لقِتَال الفِرِنْج، واجْتَازوا (b) على بَالِسِ، ومَضَوا بالعَسَاكِر، وافْتَتَحُوا حُصُونًا كَثِيْرةً، وقَصَدوا حَلَب فغُلِقَتْ أبْوَاب المَدِينَة في وُجُوههم.

ومَرض سُكْمَان بن التُّورتِكِيْن، وعادَ فماتَ ببَالِس

(2)

، ثمّ تفرَّقوا بعد ذلك، وعادَ أحْمَدِيْل إلى بَغْدَادَ.

وفي المحرَّم من سَنَة عَشْر وخَمْسِمائَة، كان أحْمَدِيْل في مَجْلس السُّلْطان مُحَمَّد، فجاءه رَجُلٌ

(3)

ومعه قِصَّةٌ يَشْكُو فيها الظُّلْم وهو يَنْتَحب، وسألَهُ أنْ يُوصِلَ قِصَّتَهُ إلى السُّلْطان، فتَنَاولها منه فضرِبَهُ بسكِّين كانت مُعَدَّةً، فوَثَبَ عليه الأَمِير مَوْدُود فتركَهُ تَحْتَه، فجاءَ آخرُ فضَرَبَ موْدُودًا، وجاءَ ثالثٌ فتَمَّمَهُ.

(a) هكذا قيده ابن العديم بالراء، ووقع الاختلاف في رسمه بين المصادر فعند القلانسي (ذيل تاريخ دمشق 159 وما بعدها)، وابن الأثير (الكامل 10: 422، 495): التونتكين، بالنون، وفي أصول ابن خلدون (العبر 9: 165 وما بعدها): اليوتكين واليتكين واليونتكين، والذي ارتضاه محقق الجزء: التونتكين، كما هو عند ابن الأثير.

(b) الأصل: واحتازوا.

_________

(1)

توفي سنة 510 هـ، وترجمته في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 174 - 177، 198، (وزاد في اسمه: ابن وهسوذان)، الكامل لابن الأثير 10: 447، 485 - 487، 516 (وسماه: أحمديل بن إبراهيم بن وهسوذان الروادي الكردي)، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 43 - 44، 79 - 80، زبدة الحلب 1: 368، سير أعلام النبلاء 19، 383، ابن خلدون 9: 175 - 176، شذرات الذهب 6:35.

(2)

أرخ ابن القلانسي في ذيل تاريخ دمشق 175 وسبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 20: 45 وفاة سقمان القطبي في سنة 504 هـ وفي المختصر لأبي الفداء 2: 226 في سنة 506 هـ، وانظر العبر لابن خلدون 9:176.

(3)

نسبه ابن القلانسي وابن الأثير للباطنية. انظر: ذيل تاريخ دمشق 198، الكامل 10:516.

ص: 366

وهذا مَوْدُود (a) ليس بابن التُّورتِكِيْن، لأنَّ ذلك قُتِلَ بدِمَشْق في سَنَة ستٍّ وخَمْسِمائَة، على ما نَذْكرهُ في تَرْجَمَتِهِ

(1)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

‌الأحْنَفُ بن قَيْس السَّعْدِيّ التَّيْمِيُّ، أبو بَحْرٍ البَصْرِيُّ

(2)

اشْتهر بذلك لأنَّهُ كان أحْنَف الرِّجْل، واخْتُلفَ في اسْمه، فقيل: صَخْرٌ، وقيل: الضَّحَّاكُ بن قَيْس بن مُعاوِيَةَ بن حُصَيْن بن عُبَادَة بن النَّزَّال بن مُرَّةَ بن عَبِيْد (b) ابن الحارِث بن عَمْرو بن كَعْب بن سَعْد بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم أبو بَحْر بن أبي مَاِلك.

(a) الأصل: ممدود.

(b) الضبط من المؤلف، وضبطه المزي بالتصغير عُبَيد.

_________

(1)

ترجمة مودود بن التورتكين في جزء ضائع من الكتاب.

(2)

مختلف في سنة وفاته، قيل: توفي سنة 67 هـ، و 68 هـ و 71 هـ، و 72 هـ، وترجمته وأخباره تحفل بها المصادر ومجاميع الأدب لاشتهاره بالحلم الذي ضرب به المثل، وانظر من بينها: كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم 24 - 26، 116 - 117، 205، 340، 387، 406، 508، 513، 536 - 537، طبقات ابن سعد 7: 93 - 97، تاريخ أبي حفص الفلاس 360، 387، البيان والتيين للجاحظ (مواضع كثيرة بيانها في فهرس الأعلام 4: 272)، طبقات خليفة 195، تاريخ خليفة 164 - 165، 194، 211، 258 - 259، 264 (أرخ وفاته سنة 67 هـ)، تاريخ البخاري الكبير 2: 50، تاريخ الطبري 1: 263 - 264، (وله ذكر كثير في الجزئين الرابع والخامس، انظر فهرس الأعلام 10: 173)، الفتوح لابن أعثم 2: 289 - 290، 371 - 373، العجلي: تاريخ الثقات 57، الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 148، 165، 171، 193 - 194، 231، 271، 287، 306، المحبر 254، 303، المعارف 423 - 425، الجرح والتعديل 2: 322 - 323، الثقات لابن حبان 2: 252، 4: 55 - 56، مشاهير علماء الأمصار لابن حبان 142، المسعودي: مروج الذهب 3: 217 - 218، 229 - 231، 4: 189 - 190، التنبيه والإشراف 217، 221، 279 - 280، 291، 296، أبو نعيم: تاريخ أصبهان 1: 268 - 269، الثعالبي: برد الأكباد 34، 65، الاستيعاب 1: 144 - 147، تاريخ ابن عساكر 24: 298 - 356 (ترجم له باسم الضحاك بن قيس)، ابن الجوزي: المنتظم 6: 93 - 96، صفة الصفوة 3: 198 - 200، ابن الأثير: الكامل، (أخباره كثيرة يرشد إليها فهرس الأعلام 13: 20)، أسد الغابة 1: 55، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 486 - 494، وفيات الأعيان 2: 499 - 506، المزي: تهذيب الكمال 2: 282 - 287، تاريخ الإسلام 2: 619 (وفيه: الأصح وفاته سنة 72 هـ)، سير أعلام النبلاء 4: 86 - 97، العبر في خبر مَن غبر 1: 58 (وأرخ وفاته: على الصحيح سنة 73 هـ)، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 45، الكاشف 1: 100، الوافي بالوفيات 16: 355 - 358 (ترجم له باسم الضحاك بن قيس)، تاريخ ابن الوردي 1: 266، ابن كثير: البداية والنهاية 8: 326 - 328، الإصابة 1: 103، تهذيب التهذيب 1: 191، تقريب التهذيب 1: 49، النجوم الزاهرة 1: 184، شذرات الذهب 1:302.

ص: 367

وأُمُّهُ من بَاهِلَةَ؛ واسْمُها حُبَّى بنتُ قُرْط بن ثَعْلَبَة بن قِرْوَاش من بني زَافِر بن أَوْد بن مَعْن بن مَالِك بن أعْصُر بن سَعْد بن قيس عَيْلَان. وقال ابنُ قُتَيْبَة

(1)

: هي حُبَّى بنت عَمْرو بن ثَعْلَبَة من أَوْد من بَاهِلَةَ.

أدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وأسْلَم على عَهْدِه ولم يَرَهُ، ودَعَا له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وروَى عن عُمَر بن الخَطَّاب، وعُثْمان بن عَفَّان، وعليّ بن أبي طَالِب، والعبَّاسِ بن عَبْد المُطَّلِب، وعبد الله بن مَسْعُود، وأبي ذَرّ الغِفَارِيّ، وعائِشَة أُمّ المُؤْمنِيْن رضي الله عنهم، وشَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ عليه السلام.

رَوَى عنهُ حُمَيْد بن هلال، والحَسَن البَصْريّ، وعبد الله بن عُمَيْرة، وكَهْمَس بن الحَسَن، وسَعْد بن وَابِصَة، وأبو تَمِيْمَةَ السُّلمِيّ، ومالك بن دِيْنار، ومُحَمَّد بن سِيْرِيْن، وطَلْق بن حَبِيْب.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَرُ بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر المُؤدِّب البَغْدَاديُّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غَيْلان، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّافِعيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أبو الوَلِيد مُحَمَّد بن بُرْد الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن دَاوُد، قال: حَدَّثَني قَيْسُ بن الرَّبِيْع، ح.

قال: وحَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قال: وحَدَّثَني مُحَمَّد بن بِشْر بن مَطَر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العَلَاء، وكُرَيْب، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عَطِيَّة، قال: حَدَّثَنَا قيس بن الرَّبِيْعِ، عن يُونُس بن عُبَيْد، عن الحَسَن، عن الأحْنَف بن قَيْسٍ، عن العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، قال

(3)

: خَرَجْتُ مع رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم من المَدِينَة، فالْتَفَتَ إليها، فقال: إنَّ الله قد بَرَّأ هذه الجَزِيْرَة من الشِّرْك، ولكِن أخَافُ أنْ تُضِلُّهم النُّجُوم، قال: يُنْزل الله عز وجل الغَيْثَ، فَيقُولُونَ مُطِرْنا بنوْءِ كَذَا وكذَا.

(1)

لم أقف عليه في مؤلفات ابن قتيبة الدينوري.

(2)

الغيلانيات (فوائد أبي بكر الشافعي)132.

(3)

الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 8: 114.

ص: 368

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله بن مَوْهُوب بن جَامِع البَغْدَاديّ المَعْرُوف بابنِ البَنَّاءِ بدِمَشْق، وأبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاء البَغْدَاديّ بحَلَبَ، قالا: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل مُحَمَّدُ بن نَاصِر بن مُحَمَّد السَّلَامِيِّ من لَفْظه، قال: أخْبَرَنا الشُّيُوخ الثِّقَات: أبو الفَضْل بن خَيْرُون، وأبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، وأبو الغَنائِم بنُ النَّرْسِيّ الكُوْفيّ، قراءةً عليهم مُفْردين، قالوا: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدَجَانِيّ (a) - وزادَ ابنُ خَيْرُون، قال: وأخْبَرَنا أبو الحُسَين بن أبي عليّ الأصْبَهَانِيّ - قالا: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سَهْلٍ البَصْرِيّ المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله البُخاريُّ، قال: قال لنا جَجَّاجٌ: حَدَّثَنَا حَمَّاد، عن عليّ بن زَيْدٍ، عن الحَسَن البَصْرِيّ، أنَّهُ قال له الأحْنَفُ

(1)

: بَيْنا أنا أطُوفُ بالبيتِ زَمَن عُثْمانَ رضي الله عنه، أخَذَ ليدي رَجُل من بني ليثٍ، فقال: ألَا أُبَشِّرُكَ؟ قُلتُ: نَعَم، قال: أمَّا تَذْكُر إذ بَعَثَني النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلى قَوْمِكَ بني سَعْد، فجعلْتُ أعْرِضُ عليهم الإسْلَام، وقُلتَ: إنّه يَدْعُو إلى خَيْرٍ، ويأمُر بالخَيْر، فبلَّغْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: اللَّهُمَّ اغْفِر للأحْنَف؟ فقال: قال الأحْنَفُ: ما عَمَلٌ أرْجَى إليَّ منْهُ.

أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم الإرْبِليّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الخُرَاسَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن المُخْتَار، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن جَعْفَر القَطِيْعِيِّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن

(a) هكذا جوده ابن العديم هنا وفي أغلب المواضع، وقيده في أحيان قليلة بفتح أوله، ويرد الضبط في بعض المصادر على الوجهين، فعند السمعاني الأنساب 10: 80: بفتح الغين. وعند ياقوت معجم البلدان 4: 217 بضم الغين وكسر الدال.

_________

(1)

المستدرك للحاكم 3: 614، وانظره أيضًا في تاريخ الإسلام للذهبي 2: 780، ومجمع الزوائد للهيثمي 2:10.

ص: 369

مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الله بن عُمَر، قال: حَدَّثنَا أبو نُعَيْم، قال: حَدَّثنَا ابنُ عُيَيْنَة، عن عليّ بن زَيْدِ بن جُدْعان، قال: بَلَغَني أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الأحْنَفَ فذكرَهُ بخَيْر.

وقال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الوَاحِد أبو عُبَيْدَة الحدَاد، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ المَلِك بن مَعْن، عن جَبْر بن حَبِيْب، أَنَّ الأحْنَفَ بلَّغَهُ رَجُلان أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم دَعَا لهُ فسَجَد.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات دَاوُد بن مُلاعِب البَغْدَاديّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الفَضْل الأُرْمَوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل عُبَيْدُ الله بن عبد الرَّحْمن الزُّهْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر جَعْفَر بن مُحَمَّد الفِرْيَابِيّ، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الأعْلَى بن حَمَّاد النَّرْسِيِّ، قال: حَدَّثنَا حَمَّاد بنُ سَلَمَة، عن عليّ بن زَيْد، عن الحَسَن، عنِ الأحْنَف بن قَيْسٍ، قال: قَدِمْتُ على عُمَر بن الخَطَّاب رِضْوَانُ الله علبهِ فاحْتَبَسَني عندَهُ حَوْلًا، فقال: يا أحْنَفُ، إنِّي قد بَلَوتُكَ وخَبَرتُكَ فرأيتُ علانيتكَ حَسَنَةً، وأنا أرجُو أنْ تكون سَرَيرتُكَ على مثل علانيَتكَ، وإنَّا كُنَّا نتحدَّثُ إنَّما يُهْلِكُ هذه الأُمَّة كُلّ مُنَافِق عَليم.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم الإرْبِلِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الخُرَاسَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ مُحَمَّد بن المُخْتَار، قال: أخْبَرَنا أبو علِيّ بن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر القَطِيْعِيِّ، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني أبو عَامِر العَدَوِيّ، قال: أخْبَرَنا حَمَّاد بن سَلمَة، عن عليِّ بن زَيْد بن جُدْعان، عن الحَسَن، عن الأحْنَف بن قَيْس، قال: قَدِمْتُ على عُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنه فاحْتَبَسَني عندَهُ حَوْلًا، ثمّ قال: يا أحْنَفُ، إنِّي قد بَلَوتُكَ وخَبَرتُكَ فوجدتُكَ عَلَانيَتكَ حَسَنةً، وأنا أرجُو أنْ تكُونَ سَرِيرتُكَ مثل

ص: 370

علانيَتكَ، وإنا كُنَّا نتحدَّثُ أنَّ ممَّا يُهْلِكُ هذه الأُمَّة كُلّ مُنَافِق عَلِيم. ثمّ كتَبَ إلى أبي مُوسَى الأشْعَرِيّ: أنْ أَدْنِ الأحْنَفَ منكَ، واسمَعْ منهُ، وشَاورهُ.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الصَّمَد بن عَبْد الوَارِث، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن بَكْر المُزَنِيّ، عن مَرْوَان الأصْغَر، قال: كان الأحْنَف بن قَيْسٍ يقُول: اللَّهُمَّ إنْ تُعَذِّبني فأنا أهْل ذاكَ، وإنْ تَغْفر لي فأنت أهل ذاك.

وقال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الله بن عبد الرَّحْمن السَّمَرْقَنْديّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى النَّيْسَابُوريّ الخُرَاسَانيّ من كتابه - قال أبي: وكانَ ثِقَةً وزيادة، وأى عليه أبي ضَيْرًا - قال: حَدَّثنَا حَمَّاد بن زَيْد، عن زُرَيْق بن رُدَيْح، عن سَلَمَة بن مَنْصُور، قال: اشْتَرى أبي غُلامًا كان للأحْنَف فأعْتَقَهُ، فأدْرَكتُهُ شَيْخًا كبيرًا يُحدِّثنا أنَّ عامَّةَ صَلَاة الأحْنَف باللَّيْلِ كان الدُّعَاء، وكان يَضَعُ المِصْبَاحِ قريبًا منه فيضَعُ إصْبَعه عليه فيقول: حِسّ يا أحْنَفُ، ما حَمَلكَ على ما صَنَعْتَ يوْم كَذَا وكذا، يعني كَذَا وكذا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الغَنيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاءُ في كتابهِ، عن أبي إسْحاق الحَبَّال، وخَديجَة المُرَابِطَة - قال الحَبَّال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ عَبْدُ الجَبَّار بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أَبو بَكْر الحَسَن بن الحُسَين بن بُنْدَار، وقالت خَدِيجَة: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بنُ أحْمَد بن عليّ، قال: حَدَّثَني جَدِّي عليّ بن الحُسَين بن بندَار - قالا: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن بن مُحَمَّد الأدِيْبُ، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن الهَيْثَم، قال: حَدَّثنَا حَفْصُ بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا صالح المُرِّيّ، عن عليّ بن زُفَر السَّعْدِيّ، قال: مرَّتْ بالأحْنَف جنَازَةٌ، فقال: رَحِمَ اللهُ عَبْدًا أجْهَدَ نَفْسَهُ لمثْل هذا.

ص: 371

وكان يُطِيْلُ الصَّوْمَ في الحَرِّ الشَّدِيد، ويقُول: أُعِدُّهُ لطُول عَطَشِ القِيامَةِ، وكان يُصَلِّي من اللَّيْل ثُمَّ يُقَدِّمُ إصْبَعَهُ من السّرَاج، فإذا وجَدَ حَرَّهُ قال: أَوَّه يا أحْنَفُ أوَّه، ما تَذْكرُ يَوْمَ كَذَا وكذا؟ ما تَذْكرُ لَيْلَةَ كذا؟.

أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم الإرْيليّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الخُرَاسَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ مُحَمَّد بن المُخْتار، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن جَعْفَر بن مَالك القَطِيْعيِّ، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن عَبْد المَلِك، قال: حَدَّثنا عَارِمٌ أبو النُّعْمان، قال: حَدَّثنا سَعيد بن زَيْد، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: قيل للأحْنَف بن قيَسٍ: إنَّكَ شَيْخٌ كبيرٌ وإنَّ الصِّيَام يُضْعفُكَ، قال: أُعِدُّهُ لشَرٍّ طَويلٍ.

وقال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: حَدَّثنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْلُ، قال: أخْبَرَنا يُونُس، قال: أخْبَرَني مَوْلَى للأحْنَف بن قَيْس، قال: كان الأحْنَفُ قلَّ ما خَلَا إلَّا دَعَا بالمُصْحَف.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الله بن عُمَر مِسْكدَانَه، قال: حَدَّثَني حُسَين الجُعْفِيّ، عن زَائِدَةَ، عن هِشَام، عن الحَسَن، قال: كُنَّ النَّمْل قد آذَين الأحْنَفَ، فأمَرَ بكُرْسِيّ فوُضِعَ على حُجْرهنَّ، ثمّ حَمِدَ الله عز وجل وأثْنَى عليه، فقال: إنَّكُنَّ قد آذيتمُونا فاكفُفْنَ وإلَّا آذيْناكُنَّ، قال: فكَفَفْن وذَهَبْن.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو بَكْر مُحَمَّد بن نَصْر بن مَنْصُور بن عليّ العَامِرِيُّ بسَمَرْقَنْد، قال: حَدَّثنَا أبو المَعَالِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زيْد الحُسَيْنيّ البَغْدَاديّ، إمْلاءً بسَمَرْقَنْد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الغَفَّار بن مُحَمَّد المُؤدِّب في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أحْمَد الوَاعِظُ،

ص: 372

قال: حَدَّثنَا مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الصَّمَد بن عَبْد الوَارِث، قال: حَدَّثنا أبو عَبْد الله الكَوَّاز، قال: حَدَّثَتْني مَولَاةُ الأحْنَف بن قَيْس أنَّها رأتِ الأحْنَفَ، وَرَآها تَقْتُل نَمْلَةً، فقال: لا تَقْتُليها، ثمّ دَعَا بكساءٍ فجلس عليه، فحَمِدَ الله وأثْنَى عليه، ثمّ قال: إنِّي أحرِج عليكنَّ لما خرجتُنَّ من داري فإنِّي أكْرَهُ أنْ تُقْتَلْنَ في دَارِي، قالت: فخرجْنَ فلم يبْقَ شيءٌ منهنَّ بعد ذلك اليَوْم ولا واحِدَة.

قال عَبْدُ اللّه: ورأيتُ أبي يَفْعَلُ مثْلَ ذلك، فرأيتُ النَّمْل قد خَرَجْن بعد ذلك نَمْلٌ كبار سُوْد، ولم أرَهُمْ بعد ذلك.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن الخُرَاسَانيّ، قال: أخْبَرَنا ابن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا القَطِيْعِيّ، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن زَنْجُوَيْه، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بن [عَبْد] المُتَعَال بن طَالِب، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله بن وَهْبٍ، عن يَحْيَى بن أيُّوبَ، عن عُبَيْدِ الله بن زَحْر، عن سَعْد بن مَسْعُود، قال: قيل للأحْنف بن قَيْس؛ وكان سَيّدَ قَوْمه: ألَا يُضْرب عليك سُرَادِق؟ قال: ما سَمِعْتُ بالسُّرَادِق إلَّا في النَّار، واللهَ لا يُضْرَبُ عليَّ سُرَادِق أبدًا، قال: فما كان بَيْتُه إلَّا خُصّ من قَصَبٍ، حتَّى لقي الله عز وجل.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو الأزدِيّ نَصْرُ بن عليّ، قال: حَدَّثنَا نُوحُ بن قَيْسٍ، قال: حَدَّثنَا عَوْن العُقَيْلِيّ أنَّ رجُلًا قال للأحْنفِ: ما يَمنعُكَ أنْ تتَّخذ سُرَادِقًا؟ قال: لأنِّي سَمِعْتُ رَبِّى عز وجل يقول: {نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}

(1)

.

(1)

سورة الكهف، من الآية 29.

ص: 373

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا سُليْمانُ بن حَرْب، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن يُونُس، عن الحَسَن رحمه الله، قال: قَدِمَ الأحْنَفُ بن قَيْس من سَفَرٍ وقد غيَّرُوا سَقْفَ بَيْتهِ أو قد حمَّرُوا السَّفَاسِق (a) وخَضَّرُوها، فقالوا له: ما تَرَى إلى سَقْف بَيْتكَ؟ قال: مَعْذرة إليكم إنِّي لَم أَرَهُ، لا أدخُله حتَّى تُغَيِّرُوه.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا قُتَيْبَة بن سَعيد بن الفَضْل بن مُحَمَّد العِرَاقيّ، وأبو شُجاعٍ عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيِّ، والشَّيْخُ أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أبي بَكْر السَّنْجِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو الفَضْل العبَّاس بن أحْمَد بن مُحَمَّد الشَّقَّانِيّ - قال أبو بَكْر قراءةً عليه، وقالا: إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا - قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن سَخْتُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد يَحْيَى بن منْصُور القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا أبو رَجَاء مُحَمَّد بن أحْمَد القَاضِي، قال: حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيُّ العبَّاسُ بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيُّ، عن نَافِع بن أبي نُعَيْم، قال: قيل للأحْنَف بن قَيْس: من أين أَتَيْتَ ما أتيْتَ في الحِلْم والوَقَار؟ فقال: لكَلِمَاتٍ سَمِعتُهِنَّ من عُمَر بن الخَطَّاب، سَمِعْتُ عُمَرًا يقول: يا أحْنَفَ، من مَزَح اسْتُخفَّ بهِ، ومن ضِحِكَ قلَّتْ هَيْبَتُهُ، ومَنْ أكْثَر من شيء عُرِفَ به، ومَن كَثُر كلامُه كَثُر سقَطُه، ومَنْ كَثُر سقَطُه قَلَّ حيَاؤُه، ومَن قَلَّ حَياؤُه قَلَّ وَرَعُهُ، ومَنْ قَلَّ وَرَعُهُ ماتَ قَلْبُهُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بنُ الحُسين الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحمَّد الحَافِظ، إجَازةً إنْ لَم يكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد العَتِيْقِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سَهْل، قال: حَدَّثَنَا الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُمَر سَعيدُ بن عَمْرو بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله اليَمَنِيّ، قال: قال

(a) الأصل: الشقاسق، وسَفَاسِقُ البيوت: شظية كأنها عمود في متنها، ممدود كالخيط. الزبيدي: تاج العروس، مادة: سفسق.

ص: 374

رَجُلٌ لأبي بَحْرٍ الأحْنَف بن قَيْسٍ: يا أبا بَحْر، إنِّي أتيتُكَ في حاجةٍ لا تُنْكئكَ ولا تَرْزؤُكَ، قال: إذًا لا تُقْضَى، أمِثْلي يُؤتَى في حَاجَةٍ لا تَنْكأهُ ولا تَرزؤه!؟.

أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن المُخْتَار، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا القَطِيْعِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثنا عَفَّان، قال: حَدَّثنا بن قَيْس: إنِّي البِرِنْد، قال: حَدَّثنا ابن عَوْن، عن الحَسَن، قال: قال الأحْنَف بن قيس: إنِّي لستُ بحَلِيم ولكني أتَحالَمُ.

قال عَبْد الله بن أحمد: حَدَّثنا أبو مُوسَى العَنَزِيِّ، قال: حَدَّثنا عَرْعَرَةُ بن البِرِنْد الشَّامِيِّ فذكَرَهُ.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله، قال: قرأتُ على أبي إبْراهيم بن إسْحاق الطَّالَقَانِيّ، قال: حَدَّثنا الحارِثُ بن عُمَيْر، عن رَجُل من أهْلِ البَصْرَة، قال: قيل للأحْنَف: ما لكَ لا تَمَسّ الحَصَا؟ فقال: ما في مَسِّهِ أجرٌ ولا في تَرْكِهِ وِزْرٌ مع أنِّي فيَّ خلَّتيْن: لا أغْتَابُ جَليْسِي إذا قام من عندي، ولا أدخُلُ في أمر قَوْم لم يُدْخلُوني معهم.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم المقدِسِيّ، بقِرَاءَتي عليه بنابُلُس، قال: أخْبَرتنا تَجَنِّي بنتُ عَبْدِ الله الوَهْبَانِيَّة، قالت (a): أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحَسَن بن الحَسَن بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين (b) بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثَني أبي، قال: أخْبَرَنا الأصْمَعِيُّ، عن مُعْتَمِر بن سُلَيمان، عن

(a) الأصل: قال.

(b) الأصل: الحسن، وتقدم التعليق على وجه الصواب فيه.

_________

(1)

كتاب الصمت وآداب اللسان 132.

ص: 375

حَزْم القُطَعِيِّ، عن سُليْمان التَّيْمِيّ، قال: قال الأحْنَفُ بن قَيْس: ما ذكَرْتُ أحدًا بسُوءٍ بعد أنْ يقُوم من عندي.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن سَعيد الدَّارِمِيِّ، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيِّ، عن أَبِيهِ، قال: كان الأحْنَفُ بن قيسِ، إذا ذُكِرَ عنده رَجُلٌ، قال: دَعُوه يَأكُلُ رِزْقَهُ، ويأتي عليه أجَلُهُ. وقال عن غير أَبيهِ: إنَّ الأحْنَفَ قال: دَعُوه يَأكُل رِزْقَهُ ويَكْفِي قَرْنَهُ.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أبي الدُّنْيا

(2)

، قال: حَدَّثَنا أحْمَد بن جَميل المَرْوَزيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن المُبارَك، قال: أخْبَرَنا سُفْيان، عن أبي حَيَّان، عن أبي الزِّنْبَاع، عن أبي الدِّهْقَانِ، قال: صَحِبَ الأحْنَفَ بن قيس رَجُلٌ فقال: ألَا تَمِيْلُ فنَحْمِلَكَ ونفعَل؟ قال: لعلَّك من العَرَّاضين؟ قال: وما العَرَّاضُوْنَ؟ قال الّذين يُحبُّونَ أنْ يُحْمَدُوا بما لِم يفعلُوا (a). قال: يا أبا بَحْر، ما عَرَّضْتُ عليك حتَّى (b)! قال: يا ابن أخي، إذا عَرَض لك الحقُّ فاقْصِدْ له، والْهُ عمَّا سِوَى ذلك.

أخْبَرَنا قِنْوَر بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الخُرَاسَانيّ، قال: أخْبَرَنا ابن المُخْتَار، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني أبي، قال حَدَّثَنَا وَكِيع، عِن سُفْيان، عن أبي حَيَّان، عن أبي الزِّنْبَاع، قال: كان شابٌّ يَمْشي مع الأحْنف بن قيسٍ فَمرَّ بمنزِلهِ، فعَرَض عليه الشَّابُ، فقال: يا ابن أخي، لعلَّك من العَارِضين؟ قال: يا أبا بَحْر، وما العَارِضونَ؟

(a) كتب ابن العديم في الهامش: "في الأصل: ولا يفعلوا"، وهذا - الذي في الهامش - موافق لما في كتاب ابن أبي الدنيا.

(b) مهملة في الأصل، وقد أشكلت على المؤلف فوضعها فوقها حرف "صـ"، للتشكل فيها، والمثبت موافق لما في كتاب ابن أبي الدنيا.

_________

(1)

كتاب الصمت 133.

(2)

كتاب الصمت 247.

ص: 376

قال: الّذين يُحبُّونَ أنْ يُحْمَدُوا بما لم يفعَلُوا، يا ابن أخي، إذا عرضَ لك الحقُّ فاقْصِد والْهُ ممَّا سِوَى ذلك.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي الوَهْبَانيَّة، قالت (4): أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللهِ النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن الحُسَين، عن عُبيدِ الله بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ، قال: قيل للأحْنَف بن قَيْس يَوْم قَطَرِيّ: تَكَلَّم؟ قال: أخَافُ وَرْطَةَ لسَاني!.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أبي الدُّنْيا

(2)

، قال: حَدَّثَني دَاوُدُ بن عَمْرو الضَّبِّيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن المُبارَك، قال: أخْبَرَنا ابنُ عَوْن، عن الحَسَن، قال: كانوا يتكلُّمونَ عند مُعاوِيَة والأحْنَفُ ساكتٌ، فقالوا: ما لكَ لا تَكلَّم (b) يا أبا بَحْر؟ قال: أخْشَى الله إنْ كذَبْتُ، وأخْشَاكُمْ إنْ صَدَقتُ.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بنُ إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا ابن الخُرَاسَانيّ، قال: أخْبَرَنا ابن المُخْتَار، قال: أخْبَرَنا ابن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا القَطِيْعِيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني عُبَيْد الله بن عُمَر، قال: حَدَّثنا سُلَيم بن أخْضَر، قال: حَدَّثَنَا ابن عَوْن، قال: أنْبَأني الحَسَنُ، قال: تكلُّمُوا عند مُعاوِيَة والأحْنَفُ ساكتٌ، فقال له مُعاوِيَهُ: ما لكَ لا تكَلَّم؟ قال: أخَافُ الله إنْ كذَبْتُ، وأخافكُم إنْ صدقْتُ.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله، قال: حَدَّثَني أبي، قال: وحَدَّثَني مُوسَى، قال: حَدَّثَني ابن أبي عَدِيٍّ، عن ابن عَوْن، عن الحَسَن، قال: تكلَّمُوا عند مُعاوِيَة والأحْنَفُ ساكتٌ، فقال: ما لكَ يا أبا بَحْر لا تكلَّم؟ قال: أخاف الله إنْ كذبْتُ، وأخافكُم إنْ صَدَقْتُ.

(a) الأصل: قال.

(b) كذا في الأصل هنا وحيثما ترد في الروايات بعده، وفي كتاب ابن أبي الدنيا: نتكلم.

_________

(1)

كتاب الصمت وآداب اللسان 70.

(2)

كتاب الصمت 70.

ص: 377

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد المَقْدِسِيّ، قال أخْبَرَتنا (a) تَجَنِّي الوَهْبَانِيَّة، قالت (b): أخْبَرَنا أبو عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبَو القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: حَدَّثنا أبو بكر بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثَنَا دَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ، قال: حَدَّثَنا يَحْيَى بن عَبْد المَلِك بن أبي غَنِيَّةَ (c)، قال: حَدَّثَنَا سَلامَةُ بن مَنِيْحِ، قال: قال الأحْنَفُ بن قَيْس: ما كذبتُ منذُ أسْلَمْتُ إلَّا مرَّةً وَاحدَةً، فإنَّ عُمَر رضي الله عنه سَألني عن ثَوْبٍ: بكَمْ أخَذْتَهُ؟ فأسْقَطْتُ ثُلُثَي الثَّمَن.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله بن أبي الحَسَن بن المُقَيِّر البَغْدَاديّ بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة، قال: أنْبأنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا إبْراهيم بن سَعيد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن مُحَمَّد بن القَاسِم، قال: أَخْبَرَنا صالح بن مُحَمَّد بن عليّ الحُصَيْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا ابن قُتَيْبَة، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن عَمْرو، قال: حَدَّثَنَا عَطَّافٌ، عن عَبْدِ العَزِيْز بن قُرَيْر، أنَّ الأحْنَف قيل له: يا أبا بَحْرٍ، ما رأينا أشَدَّ أناةً منكَ! فقال: قد عُرِفَتْ فيَّ عَجَلةٌ في أُمُور ثلاثةٍ، فقالوا: وما هي؟ قال: الصَّلاة إذا حَضرت حتَّى أُؤَدِّيها، وأَيِّمي إذا خَطَبَها كُفْؤُها حتّى أُزَوِّجَها، وجَنَازَتي إذا تُوفِّيَتْ حتَّى أُوَاريهما.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الإرْيليّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن الخُرَاسَانيّ، قال: أخْبَرَنا ابن المُخْتَار، قال: أخْبَرَنا ابن المُذْهِب، قال: أخْبَرَنا القَطِيْعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني فُضَيْل بن سَهْلٍ، قال: حَدَّثَني عَفَّان، قال: حَدَّثنا سُليْمان بن المُغِيرَة، عن كَهْمَس، عن الأحْنَف، قال: في كُلِّ شيء أنَاةٌ إلَّا في ثلاثٍ: الصَّلاة إذا حَضرت، وأَيِّم إذا وجَدت لها كُفؤًا، والجَنَازَة إذا حَضَرتْ.

(a) الأصل: أخبرنا.

(b) الأصل: قال.

(c الأصل: عتبة، محرف، انظر ترجمته في: تهذيب الكمال للمزي 31: 446 - 449، تاريخ الإسلام 4: 1002 - 1003، ميزان الاعتدال 4: 394، تهذيب التهذب 252:11.

_________

(1)

كتاب الصمت وآداب اللسان 253.

ص: 378

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بنُ بَكَّار، قال: حَدَّثنا عَطَّاف بن خَالِد، قال: حَدَّثَني عَبْد العَزِيْز بن قُرْيَر، قال: قيل للأحْنَف بن قَيْس: يا أبا بَحْرٍ، ما رأينا رَجُلًا أشَدّ أناةً منكَ! قال: قد عُرِفَتْ منِّي عَجَلَةً في أُمُور ثلاثٍ، قالوا: ما هي؟ قال: الصَّلاة إذا حَضَرتْ حتَّى أؤَدِّيها، وأَيِّمي إذا خَطَبها كُفْؤُها حتَّى أُزَوِّجها، وجَنَازَتي إذا تُوفِّيَتْ حتَّى أُلْحِقَها بحُفْرتها.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَني عُثْمان بن أبي شَيْبَة، قال: حَدَّثنا جَرِير، عن مُغِيرَة، قال: شَكَا ابنُ أخي الأحْنف بن قَيْس إِلى الأحْنَف بن قيَسٍ وَجع ضِرْسِه، فقال له الأحْنَف بن قَيْس: لقد ذهبَتْ عيْني منذُ أرْبَعيْن سَنَةً فما ذَكَرتُها لأحَدٍ.

أخْبَرَنا عَتِيق بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، ح.

وحَدَّثنا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر القُرْطُبِيّ، قال: أنبأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رشَاء بن نَظِيف، ح.

وأخْبَرَنا عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرًّاء إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد العَزِيْز بن الحَسَن بن إسْمَاعيْل، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرّاب، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر المالِكِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا المَازِنِيّ، عن الأصْمَعِيِّ، قال: قال هِشَام بن عَبْد المَلِك لخَالد بن صَفْوَان: أخْبرني عن الأحْنَف بن قَيْس، قال: إنْ شئْت يا أَمِير المُؤمِنِين أَخْبَرتكَ عنه في ثلاثٍ، وإنْ شئْتَ باثنتَين، وإنْ شئْتَ بواحْدة، قال: فأخْبرني عنه بثلاثٍ. قال: كان لا يَحْرص، ولا يَجْهل، ولا يَدْفع الحقّ إذا نَزَلَ بهِ، وخضَع لذلك. قال: فأخْبرني عنهُ باثْنَتَيْن،

(1)

تاريخ ابن عساكر 24: 317.

ص: 379

قال: كان يُؤتي الخَيْر، ويتَوقَّى الشَّرّ. قال: فأخْبرني عنهُ بواحدة، قال: كان أعْظَم النَّاس سُلْطانًا على نَفْسِه.

أخْبَرَنا عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو شُجاع عُمَر بن أبي الحَسَن البِسْطَامِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الشُّرُوطِيّ أنَّ شَيْخَ السُّنَّة أبا بَكْر أخْبَرهم، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد المُقْرِئُ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَني خالي - يعني أبا عَوَانَةَ - قال: حَدَّثَنَا ابن الفَرَج، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن أبي شَيْبةَ، قال: حَدَّثَنَا جرِير، عن مُغِيرَة، قال: شَكَا ابنُ أخِ الأحْنَف بن قَيْس وَجَعًا بفَرَسه (a)، فقال الأحْنَفُ: لقد ذَهَبَتْ عَيْني منذ ثلاثين سنَةً فما ذكرتُها لأحَدٍ.

قال أبو شُجاعٍ البِسْطَاميِّ: كَذَا في أَصْلي وأظُنُّهُ: بضِرْسِه.

أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَتْنا شُهْدَة بنت أحْمَد بن الإِبَرِيّ، قالت (b): أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله بن طَلْحة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل بن عُمَر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الفَرَج العُكْبَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثَنَا خَالِد بن خِدَاش، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن زَيْد، عن عَامِر بن عُبيدة، عن رَجُلٍ، قال: كُنْتُ أسَيرُ في جَوْف اللَّيْل فإذا خَلْفِي رَجُلٌ أظُنُّه الأحْنَف، فسَمِعتُه يقول: اللَّهُمَّ هَبْ لي يَقِيْنًا تُهوِّن به عليَّ مُصِيْباتِ الدُّنْيا.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْلٍ الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد بن أبي بَكْر السَّمْعَانيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن الفَضْل الحافِظ إمْلاءً بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الفَرَج مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله

(a) هكذا في الأصل كما وجده ابن العديم، وكتب فوقه حرف "صـ" تنبيهًا على التصحيف، وقد في عليه صاحب الأصل المنقول عنه فيما بعده.

(b) الأصل: قال.

_________

(1)

كتاب اليقين 42 - 43.

ص: 380

البَصْرِيّ في كتابهِ، قال: حَدَّثنا القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن التُّنُوخِيّ، قال: أخْبَرَنا المَرْزُبانيّ، قال: حَدَّثنا ابنُ دُرَيْدٍ، قال: حَدَّثنا أبو حَاتِم، عن الأصْمَعِيِّ، قال: حَدَّثَنَا العَلَاء بنُ حَرِيْز، عن أَبِيهِ، قال: قال الأحْنَفُ بن قَيْسٍ: ثلاثةُ مَجَالِس لا عَيْبَ على الرَّجُل أنْ يَجْلسها: انْتِظَار العِلْم، وانْتِظَار إذْن السُّلْطان، وانْتِظَار الجَنَازة. وثلاثة لا عَيْبَ فيهنَّ: أنْ يَخْدم الرَّجُل أباهُ، وضَيْفَه، وفَرَسَهُ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن إبْراهيم بنابُلُس، قال: أخْبَرَتْنا تَجَنِّي بنتُ عَبْدِ الله الوَهْبَانِيَّة، قالت (a): أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن أحْمَد النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن المُنْذِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَينُ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثنا عُبَيْدُ الله بن عُمَر (b) الجُشَمِيّ، قال: حَدَّثنا بِشْرُ بن المُفَضَّل، عن عُبَيْد اللهِ بن العَيْزَار، عن صَاحِبٍ لهُ، عن أبي تَمِيْمَةَ السُّلَمِيّ، قال: سَمِعْتْ الأحْنَفَ بن قيس يقُول: قال الله عز وجل: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ}

(2)

. فصَاحب اليَمِيْن يَكْتُب الخَيْر، وهو أميرٌ على صَاحب الشّمَال، فإنْ أصَابَ العَبْد خَطِيْئَةً قال: أمْسِكْ، فإنْ اسْتَغْفَر اللهَ نَهاهُ أنْ يَكْتُبها، وإنْ أَبَى إلَّا أنْ يُصِرَّ كَتَبَها.

أخْبَرَنا شَرَفُ الدِّين أبو عَبْد الله الحُسَين بن إبْراهيم بن الحُسَين الإرْبليّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر برَكاتُ بن إبْراهيم بن طَاهِر الخشُوعِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد هِبَةُ الله بن أحْمَد بن الأكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسين مُحَمَّد بن مَكِّيّ بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: حَدَّثنا أبو بَكْر بن دُريْد، قال: حَدَّثَنَا أبو حَاتِم، عن الأصْمَعِيِّ، قال: قال شَبِيْب بن شَيْبَة: قال الأحْنَفُ بن قَيْس: رَأسُ الأدَب آلَةُ النُّطْق، ولا خَيْر في قَوْل إلَّا بفعْلٍ، ولا في مَنْظر إلَّا

(a) الأصل: قال.

(b) في نشرة كتاب الصمت: عمرو.

_________

(1)

كتاب الصمت وآداب اللسان 83.

(2)

سورة ق، من الآية 17.

ص: 381

بمَخْبر، ولا في مالٍ إلَّا بجُود، ولا في صَدِيْق إلَّا بوَفَاءٍ، ولا في فِقْهٍ إلَّا بوَرَع، ولا في صَدَقَةٍ إلَّا بنيَّةٍ، ولا في حَيَاةٍ إلَّا بأمنٍ وصِحَّةٍ.

أخْبَرَنا الشَّيْخُ العَلَّامَةُ أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عليّ بن أحْمَد المُقْرِئ، قال: اخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحُسَين بن عَبْد العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب مُحمَّد بن أحْمَد بن خَلَف بن خَاقَان البَيِّع، ح.

قال أبو مَنْصُور: وحَدَّثَنَا القَاضِي أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عليّ بن أَيُّوبَ الشَّافِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بكَرْ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الجَرَّاح الخَزَّازُ، قالا: اخْبَرَنا أبو بكَرْ مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْد الأزْدِيّ، قال: وقال الأحْنَفُ: المَلُولُ ليسَ لهُ وَفَاءٌ، والكَذَّبُ ليسَ له حَياءٌ، والحَسُودُ ليسَ لهُ رَاحَةٌ، والبَخِيْلُ ليسَتْ له مُروءَةُ، ولا يَسُودُ سَئُ الخُلُق.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله بن المُقَيِّر البَغْدَاديُّ، قِراءَةً عليهِ، عن أبى الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أنْبَأنَا إبْراهيم بن سَعيد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن مُحَمَّد بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا عليُّ بن الحَسَن بن بُنْدَار قاضي أذَنَةَ، قال: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَني ثُمَامَةَ بن عُتْبَةَ، عن عبد الرَّحْمن بن صَخْر الوَابِصِيّ، قال: حَدَّثَني يَحْيَى بن أَيُّوبَ، وعَمْرو بن أبي إِيَاس، عن عبد الرَّحْمن بن سَعْد بن وَابِصَةَ، عن أَبِيِه سَعْدٍ، قال: سَمِعْتُ الأحْنَفَ يقول: ثلاثٌ لا أفْعَلُهنَّ أبدًا: لا أُزَوِّجُ رَجُلًا ثُمَّ أُخَاصمُه، ولا أُقَاول مَنْ لا كفاء له، ولا أُبَارِزُ السُّلْطان، فإنَّهُ من سلْطانِ الله، أخَافُ أنْ يَغْلبَني بسَطْوَتِه.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مَوَاهِب، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بن أحْمَد،

ص: 382

قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قال: حَدَّثَنَا شَيْخٌ من بني تَمِيْم، قال: قال الأحْنَفُ بن قَيْسٍ: إنَّهُ يمنَعُني كَثِيْرًا من الكَلَام مَخافَةُ الجَوَاب.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ، قال: حَدَّثنَي مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك، قال: حَدَّثَني ابنُ شَبُّوَيْه، قال: حَدَّثَني سُليْمان، قال: حَدَّثَني ابن مُبَارَك، قال: قال قَائلٌ للأحْنَف: بأيّ شيءٍ سَوَّدَكَ قَوْمُكَ؟ قال: لو عَابَ النَّاسُ الماءَ لم أشْرَبهُ.

وقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثّني أبي، قال: حَدَّثَني هَارُون بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا ضَمْرَة، عن ابن شَوْذَب، قال: قال الأحْنَفُ بن قَيْسٍ: عرَضتُ نَفْسِي على القُرْآن فلم أجِدْ نَفْسِي بشيءٍ أشْبَهَ منِّي بهذه الآية: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}

(1)

.

وقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو مُعاوِيَة الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثَي رَجُلٌ من بني تَمِيْم، قال: قال الأحْنَفُ: لا مُرُوءَة لكَذُوب، ولا رَاحَة لحَسُودٍ، ولا خُلَّةَ لبَخِيْل، ولا سُؤْدَد لسَيّئ الخُلُق، ولا إخَاءَ لمَلُولٍ.

وقال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا هاشِمُ بن القَاسِم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد - يعني ابن طَلْحَة - عن الهُجَيْع بن قَيْس، قال: قال الأحْنَفُ بن قَيْس: ما أُحبّ أنَّ لي بنَصِيْبي من الذُّلّ حُمر النِّعَم.

وقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُحمَّد بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن شَبُّوَيْه، قال: حَدَّثَني سُليْمان - وهو سَلْمَوَيْهَ؛ من أصْحَاب ابن المُبارَك - قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بنُ المُبارَك، عن خُزَيْمَة بن خَازِم، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن عَبْد

(1)

سورة التوبة، من الآية 103.

ص: 383

الله بن أبي يَعْقُوب أنَّ أُمّ الأحْنَف كانت امْرأة من بني زَافِر من بَاهِلَةَ، وأنَّها كانت تَرْتَجزُ وهو في جَمْرها:[من الرجز]

والله لولَا حَنَفٌ في رِجْلِهِ

ما أدرَك في ولدانِكُم من مثْلِهِ

أنْبَأنَا أبو العَلَاء أحْمَد بن شَاكِر بن عَبْد الله بن سُلَيمان، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن نيجاب، قال: حَدَّثنا إبراهيمُ بن الحُسين، قال: حَدَّثنا يَحْيَى بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن الجَرَّاحِ، عن أبي يُوسُف، عن أبي حَمْزَة الثُّمَالِيّ، قال: لمَّا بُوْيِعَ مُعاوِيَة، وَفَد عليه الأحْنَف بن قيْس وأبو الأسْوَد الدُّؤَلِيّ في أهْل البَصْرَة، فقال مُعاوِيَةُ للأحْنَف حينَ دَخَلَ عليه: أنْتَ القَاتِل أَمِير المُؤمِنِين - يُريد عُثْمان - والخاذِل أَمِير المُؤمِنِين، ومُقَاتِلُنا بصِفِّيْن، فقال له الأحْنَفُ: يا أَمِيرَ المُؤمِنِين، لا تَرْدُدِ الأُمُورَ على أدْبَارها، فإنَّ القُلُوبَ الّتي أبغضْنَاكَ بها في صُدُورنا، والسُّيُوفَ الّتي قَاتلنَاكَ بها في عَوَاتِقنا، فلا تَمُدَّ لنا شِبْرًا من الغَدْر إلَّا مَدَدْنا لكَ باعًا من الخَتْر

(1)

، وإنْ كُنت يا أَمِير المُؤمِنِين لجَدِير أَنْ تَسْتَصْفِي كَدَرَ قُلُوبنا بفَضْل حِلْمكَ، فقال: إنِّي فَاعِلٌ إنْ شَاءَ اللهُ.

أخْبَرَنا عَتِيق بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن، ح.

وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابرِ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم النَّسِيب، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الضّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان

(2)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنَا

(1)

الخَتْرُ: شبيه الغدر والخديعة، وقيل: هو أسوء الغدر والخديعة. لسان العرب، مادة: ختر.

(2)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 437.

ص: 384

الزِّيَادِيّ، عن الأصْمَعِيّ قال: حَدَّثَنَا مَعْمَر (a) بن حَيَّان، عن هِشَام بن عُقْبَة أخي ذي الرُّمَّة الشَّاعِر، قال: شَهدتُ الأحْنَفَ بن قَيْسٍ وقد جاءَ إلى قَوْم في دَمٍ، فتَكلَّم فيه، فقال: احْكمُوا (b)، فقالوا: نَحْكم دِيَّتَين، فقال: ذاك لكم، فلَّا سَكَتُوا، قال: أنا أُعْطيطم ما سَألتم غير أنِّي قائل (c) لكم شيئًا إنَّ الله عز وجل قَضَى بدِيَّةٍ واحدة، وإنَّ الَّنبِيّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بدِيَّةٍ واحدَةٍ، وإنَّ العَرَب تعَاطى بينها دِيَّة واحدة، وأنتم اليَوْم تُطالبُون (d)، وأخْشَى أنْ تكُونوا غَدًا مَطْلُوبين، فلا يرْضَى النَّاسُ منكم إلَّا بمثْل الّذي سَنَنْتمُ (e) على أنْفسكم، قالوا: فرُدَّها إلى دِيَّةٍ واحدةٍ، فَحمدَ الله وأثْنَى عليه، ورَكِبَ.

وقال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز، قال: حَدَّثَنَا ابن عائِشَة، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: سُئِلَ الأحْنَف بن قَيْس: ما المُرُوءَة؟ فقال: كتمان السِّرّ والتَّبَاعُدُ من الشَّرِّ.

قال ابنُ مَرْوَان

(2)

: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن يُوسُف المُطَّوّعيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الرَّبْيع الزَّهْرَانِيّ، عن حَمَّاد بن زَيْدٍ، قال: قال رَجُلٌ للأحْنَف بن قَيْس: بمَ سُدْتَ قَوْمَك؟ وأرادَ عَيْبَه، فقال الأحْنَف: بَترْكي من أمْرك ما لا يَعْنيني كما عَنَاك (f) من أمْري ما لا يَعْنِيكَ.

وفي غير هذه الرِّوَايَة أنَّهُ قال له: بم سُدْتَ قَومك وأنتَ أحْنَف أعْوَر؟.

(a) الدينوري: معتمر.

(b) الدينوري: احتكوا.

(c) الأصل: قابل.

(d) الدينوري: طالبون.

(e) الدينوري: سمَّيتم.

(f) الدينوري: أعناك.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 336، وفي موضع آخر من كتاب المجالسة 537: التباعد عن الشر.

(2)

الدينوري: المجالسة 140.

ص: 385

وقال

(1)

: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُونُس، قال: حَدَّثَنَا الأصْمَعِيّ، عن أبي عَمْرو بن العَلَاء، قال: قال الأحْنَفُ بن قَيْس: ما دَخَلْتُ بين اثنين قَطّ حتَّى يكونا هُما يُدْخلاني في أمْرهما، ولا أقمتُ من مَجْلِس قَطّ، ولا حُجِبْتُ عن بابٍ قَطّ بقول: لا أجْلِس مَجْلِسًا أعْلَم أنِّي أُقَام عن مثله، ولا أقف على باب أخَاف أنْ أُحْجَب عن صاحبهِ.

قال الأصْمَعيُّ: وقال: إنِّي مما رُددت عن حاجَةٍ قَطّ، قيل له: ولِمَ؟ قال: لأنِّي لا أطلب المُحَال.

وقال الأصْمَعِيُّ: قيل للأحْنَف: إنَّكَ تُطِيل الصِّيَام، قال: إنِّي أُعِدُّه لسَفَرٍ طويلٍ.

نَقَلْتُ من خَطِّ ابن الحَدَّادِ صَاحِب ثَعْلَب على ظَهْر كتابٍ ببَغْدَاد فيه أخْبَار الحارِث المَخْزُوميّ: قال أبو هَفَّان: يُرْوى أنَّ الأحْنَف لم يَقُل غير هذين البَيْتَيْن

(2)

: [من المتقارب]

فلَوْ أنَّ مَالِيَ مَالٌ كَثِيْرٌ

لَجُدْتُ وكُنْتُ له بَاذِلَا

فإنَّ المُرُوءَةَ لا تُسْتَطَاع

إذا لم يكُن مَالُها فَاضِلَا

أخْبَرَنا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْفَر بن عَبْدِ الله بن الدَّامَغَانِيّ الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد في سَوَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين في رِزْمَة، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد السِّيْرَافيّ، قال: حَدَّثني مُحَمَّد بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَني الزُّبَيْرُ - يعني ابن بَكَّار - قال: وقال الأحْنَفُ بن قَيْسٍ

(3)

: [من الطويل]

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة 140.

(2)

البيتان في البيان والتبيين للجاحظ 3: 206.

(3)

البيتان مما ينسب لكثير من الشعراء، فنسبت لزهير في معلقته (ديوانه 88، والمعلقة بشرح الزوزني 197)، وللأعور الشَّنّيّ (البَيَان والتبيين للجاحظ: 171، ابن أبي الدنيا: كتاب الصمت 72، الحماسة البصرية 3: 961، والموشى لأبي الطيب الوشاء، ط الخانجي، 1953 م، ص 8) ولعبد الله بن معاوية (شعره 77).

ص: 386

وكائن تَرَى من صَامتٍ لكَ مُعْجبٍ

زيادَتُهُ أو نقصُهُ في التَّكَلَمُّ

لسَانُ الفَتَى نِصْفٌ ونِصْفٌ فُؤَادُهُ

فلَمْ يَبْقَ إلَّا صُوْرَةُ اللَّحْمِ والدَّمِ

قال الزُّبَيْرُ: إنَّما قال الأحْنَفُ هذا لأنَّهُ كان يَجْلِس إليهِ رَجُلٌ فأعْجَبَهُ ما رَأى من صَمْته إلى أنْ قال له يَوْمًا يا أبا بَحْرٍ، أيَسُرُّكَ أنَّك على شُرْفَة من شُرَف المَسْجِد وأنَّ لك مائة ألْف دِرْهَم؟ فقال الأحْنَفُ: يا ابن أخي، والله إنَّ المائةَ الألف دِرْهَم لَمحْرُوص عليها، ولكنِّي قد كَبِرْتُ وما أقْوَى على القيام على هذه الشُّرْفَة، وقام الفَتَى، فلمَّا وَلَّى قال الأحْنَفُ هذين البيَتَيْن.

أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم، قال: أخْبَرَتْنا الكَاتِبةُ شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَج، قالت (a): أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللهِ الحُسَينُ بن أحْمَد بن طَلْحَة النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّدُ بن عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف الحِنَّائِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عُثْمان بن أحْمَد بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم إسْحاق بن إبْراهيم بن سُنَيْن الخُتَّلِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن مَزْيَد، قال: أخْبَرَني بعضُ أصْحَابنا، قال: قال رجُلٌ للأحْنَف: أنْتَ أبي بَحْرِ؟ فقال الأحْنَفُ: الرَّجُلُ مَخْبُوءٌ تحتَ لِسَانهِ، ثمّ أنْشَأَ يقول:[الطويل]

وكائِن تَرَى من مُعْجَبٍ لكَ صَامِتًا

زِيَادَتُهُ أو نَقْصُهُ في التَّكلُّم

لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ ونِصْفٌ فُؤادُهُ

فلم يَبْقَ إلَّا صُوْرةُ اللَّحْمِ والدَّمِ

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله الدِّمَشقيّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مَسْعُود بن أبي مَنْصُور بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور

(a) الأصل: قال.

_________

(1)

رِواية الختلي مدرجة في كتابه الديباج 101.

ص: 387

مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَين بن فَاذْشَاه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سُليْمان بن أحْمَد بن أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو شُعَيْب الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن شَبَّة، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد المَدَائِنِيّ، عن سَحَيْم بن حَفْصٍ، قال: كانت امرْأةٌ من بني عَامِر عند الأحْنَف بن قَيْسٍ فطَلَّقَها، فخَلَفَ عليها بَدْرُ بن أحْمَدَ الضَّبِّيُّ، فأتَاهَا الأحْنَفُ يَوْمًا فدَخَلَ عليها، فأرْسَل إليه بَدْر بن أحْمَر (a) ابنَهُ وقال للرَّسُول: قُلْ لهُ: [من البسيط]

لا يشْغَلنَّكَ عن شيءٍ هَمَمْتَ بهِ

إنَّ الغَزَال الّذي ضَيَّعْتَ مَشْغُوْلُ

فقال الأحْنَفُ: قُلْ لهُ: [من البسيط]

إنْ كان ذا شُغُلٍ فاللهُ يَحْفَظُهُ

فقد لَهَوْنا بهِ والحَبْلُ مَوْصُولُ

ذكر أبو عُثْمان عَمْرو بن بَحْر الجاحِظ في كتاب البَيَان والتَّبْييْن

(1)

، قال: ورَوَى الهَيْثَم بن عَدِيّ، عن أبي يَعْقُوبَ الثَّقَفِيّ، عن عَبْدِ المَلِك بن عُمَيْر، قال: قَدِمَ علينا الأحْنَفُ بنُ قَيْسٍ الكُوفَةَ مع المُصْعَب بن الزُّبَيْر، فا رأَيْتُ خَصْلَةً تُذَمّ إلَّا وقد رأيْتُها فيه، كان صَعِلَ الرَّأس، مُتَراكب الأسْنَان، أشْدَقَ، مَائِل الذَّقَن، نَاتِئَ الوَجْهِ (b)، بَاخِقَ (C) العَيْن، خَفِيْفَ العَارِضيْن، أحْنَفَ الرِّجْلِ (d)، ولكنَّهُ كان إذا تكلمَّ جَلَّى عن نَفْسِهِ.

(a) هكذا في الأصل، وتقدم باسم: أحمد، ولم نجده في كتب التراجم ولا فيمن أورد حكاية المرأة، ومنهم: الراغب الأصبهاني: محاضرات الأدباء. 3: 401، ونسب ابن عبد ربه (العقد الفريد 6: 122) الحكاية والشعر للعريان بن الهيثم بن الأسود وابنة عمه، وفي روايته اختلاف.

(b) الجاحظ: الوجنة.

(c) الأصل: باحق، وصوابه بالمعجمة؛ والبخقُ: أن يذهب البصر وتبقي العين منفتحة، وقيل: عارت أشد العور، انظرة لسان العرب، مادة: بخق، وفيه الوصف الذي قيل في الأحنف بن قيس.

(d) الجاحظ: الرجلين.

_________

(1)

البيان والتبيين 1: 56، وفيه زيادة أوصاف عما أورده ابن العديم.

ص: 388

وزَعَم يَحْيَى بن نُجَيْم بن رَبيعَة؛ أحَدُ رُوَاةِ أهْل البَصْرَة، قال: قال يُونُس بن حَبِيْب في تَأوِيْل الأحْنَف بن قَيْس وقال: [من الوافر]

أنا ابنُ الزَّافِرِيَّة أرْضَعَتْنِي

بثَدْيٍ لا أَحَذُّ ولا وَخِيْمُ

أتَمَّتْنِي (a) فلم تَنْقُصْ عِظَامِي

ولا صَوْتي إذا اصطَكَّ الخُصُومُ

قال: إنَّما عنَى بقوله: عِظَامي: أسْنَانَهُ الّتي في فيْهِ، وهي الّتي إذا تَمَّت تَمّت الحُرُوف، وإذا نقصَتْ نَقَصَتْ الحُرُوفُ.

قال يُونُسُ: وكيف يقُول مثْلهُ:

أتَمَّتْنِي فلم تَنْقُص عِظَامِي

وهو أحْنَفُ من رِجْليهِ جَمِيعًا مع قول الحُبَابِ له: والله إنَّكَ لضَئِيلٌ، وإنَّ أُمَّكَ لوَرْهَاءُ، وكان أعْرَفَ بمَوَاقِع العُيُوب، وأبْصَر بدَقيقها وجَلِيْلها، وكيف يقُول ذلك وهو نَصْبُ عُيُون الأعْدَاء وشُعَراء الأعْدَاء، وهو أنْفُ مُضَر الّذي تَعْطِسُ به وابن العَرَب والعَجَم قَاطِبَةً.

أخْبَرَنا حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ السِّلَفِيّ إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا ثَابِت بن بُنْدَار، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا الوَلِيد بن بَكْر، قَال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم صالح بن أحْمَد العِجْلِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَني أبي، قال: والأحْنَف بن قَيْس بَصْريٌّ تَابِعيٌّ

(a) الأصل: أتميني، والمثبت من البيان والتبيين.

_________

(1)

العجلي: تاريخ الثقات 57.

ص: 389

ثِقَةٌ، وكان سَيِّد قَوْمه، وكان أعْوَر أحْنَف (a)، دَمِيْمًا قَصِيْرًا، كَوْسَجًا (b)، له بَيْضَة واحدةٌ، قال له عُمَر بن الخَطَّاب رضي الله عنه: وَيْحَك يا أُحَيْنَف (c)، لمَّا رأيْتك أرْدَيتك (d)، فلمَّا نطقتَ فقلتُ لعلَّهُ مُنَافِقٌ صَنِعُ اللِّسَان، فلمَّا اخْتَبَرتكَ أحْمدتكَ، ولذلك حَبَسْتكَ - حَبَسَه سَنة يَخْتبره - فقال عُمَر: هذا واللهِ السَّيِّدُ.

أخْبَرَنا عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، قال: أنْبَأنَا أبو المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن إبْراهيم النَّسِيب، قال: أخْبَرَنا رشَاء بن نَظِيف، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مَرْوَان

(1)

، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن إسْحاق الحَرْبِيّ وأحمد بن عُبَاد (e)، قالا: حَدَّثَنَا الرِّيَاشِيّ، عن الأصْمَعِيِّ، قال: قال عَبْدُ المَلِك بن عُمَيْر: قَدِمَ علينا الأحْنَفُ الكُوفَة مع مُصْعَب بن الزُّبَيْر، فما رأيتُ خصْلةً تُذَمّ إلَّا رأيتُها فيه، كان ضَئيلًا، صَعِلَ الرَّأس، مُتَراكبَ الأسْنَان، مَائِلَ الذَّقَن، نَاتِئ الوَجْهِ (f)، بَاخِقَ (g) العَيْن، خَفِيْفَ العَارِضَيْن، أحْنَفَ الرِّجْلَين (h)، فكان إذا تكلَّم جَلَّى عن نَفْسه.

وفي نُسْخَةٍ: كان ضَئيلًا، ضُعِيْلَ (i) الرَّأس.

(a) لم ترد في كتاب العجلي، وعنده: كان أعور دهمًا.

(b) الأصل: كوسجًا، والكَوْسَجُ: الذي لا شعر على عارضَيْه، وقيل: الناقص الأسنان. لسان العرب، مادة: كسج.

(c) العجلي: يا أحنف.

(d) العجلي: ازدريتك.

(e) كذا في الأصل بالضم، وعند الدينوري: عبَّاد.

(f) الدينوري: الوجنة.

(g) الأصل: باحق، والمثبت من كتاب المجالسة وتقدم الكلام على وجه الصواب فيه.

(h) الدينوري: أحنف الرجل.

(i) هكذا في الأصل بالصغير، والضَّعْلُ: دقَّة البدن. لسان العرب، مادة: ضعل.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 427.

ص: 390

قال إبْراهيم: وذَكَر الهَيْثَم أنَّهُ كان أعْوَر العَيْن ذَهَبَتْ بسَمَرْقَنْد، ووُلد مُلْتزق الأَلْيَتَيْن فشُقَّ باثْنَين.

أنْبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن المُفَضَّل عن خَلَف بن عَبْد المَلِك بن بَشْكُوَال، قال: أخْبَرَني أبو مُحَمَّد بن عَتَّاب وأبو عِمْران بن أبي تَلِيْد إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر النَّمَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم خَلَف بن القَاسِم، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن السَّكَن، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن زُهَيْر، قال: حَدَّثَنَا سُليْمان بن أبي شَيْخ، قال: كان أحْنَف الرِّجْلَيْن جَميعًا، ولم يكن له إلَّا بَيْضة واحدة، وكان اسْمهُ صَخْر بن قَيْسٍ؛ أحَدُ بني سَعْد، وأُمُّهُ امْرأةٌ من بَاهِلَة، وكانت ترقصُه وتقول:[من الرجز]

[والله](a) لولَا حَنَفٌ برجْلِهِ

وقلَّة أعْرفها من نَسْلِهِ

ما كان في فِتْيانكُمْ من مِثْلهِ

قال ابنُ السَّكَنِ: وأحْنَف بن قَيْس السَّعْدِيّ، أبو بَحْرٍ؛ واسْمُه الضَّحَّاك، سَكَن البَصْرَة، أدْرَك زمَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ويقال: اسْمُه صَخْر بن قَيْس.

كَتَبَ إلينا أبو الفُتُوح نَصْر بن عليّ الحُصْرِيّ من مَكَّة أنَّ الحافظ أبا مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ أخْبَرهم، قال: أخْبَرَنا أبو الوَلِيد بن الدَّبَّاغ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْدِ البَرّ النَّمَرِيّ

(1)

، قال: الأحْنَفُ بن قَيْس السَّعْديّ التَّمِيْمِيّ، يُكْنَى أبا بَحْر، واسْمُه الضَّحَّاكُ بن قَيْسٍ، وقيل: صَخْرُ بن قَيْس بن مُعاوِيَة بن حُصَيْن بن عُبَادَةَ بن النَّزَّال

(a) إضافة من روايته السابقة للرجز.

_________

(1)

الاستيعاب 1: 144 - 145.

ص: 391

ابن مُرَّة بن عَبِيْد بن الحَارِث بن عَمْرو بن كَعْب بن سَعْد بن زَيْدِ مَنَاةَ بن تَمِيْم، وأُمُّهُ من بَاهِلَةَ، كان قد أدْرَكَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولم يَرَهُ، ودَعَا له النَّبِيُّ عليه السلام، فمن هناك ذَكَرتُه في أصْحَابه لأنَّهُ أسْلَم على عَهْدِ النَّبِيّ عليه السلام.

كان الأحْنَفُ أحَدَ الجِلَّة الحُلَمَاءِ الدُّهَاةِ الحُكَمَاءِ العُقَلَاءِ، يُعَدُّ في كِبَار التَّابِعِيْن بالبَصْرَة، وتُوفِّيَ الأحْنَفُ بن قَيْس بالكُوفَة في إمَارة مُصْعَب بن الزُّبَيْر سَنَة سَبْعٍ وسِتِّين، ومَشَى مُصْعَبٌ في جَنَازَته.

أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مَوْهُوب بن البَنَّاءِ، وأبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ البَغْدَاديَّان، قالا: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر بن مُحَمَّد السَّلَاميّ من لَفْظه قال - وذَكَر الأحْنَفَ بن قَيْسٍ السَّعْدِيّ البَصْرِيّ -: واسْمُه الضَّحَّاك، أدْرَكَ أيَّامَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وسَمِعَ عُمَر بن الخَطَّاب، وعُثْمان، وعليًّا رضي الله عنهم، وكان حَلِيمًا وَقُورًا عَاقِلًا، وكان شَيْخ بني تَمِيْم، وعالِمَهُم أَجْمع، وكان يتبعُه منهم عَشَرهُ آلاف فارس، وشَهِدَ قِتَالَ المُخْتَار بن أبي عُبَيْد مع مُصْعَب بن الزُّبَيْر وكان معه، وتُوفِّيَ بالكُوفَة قَبْل قَتْل مُصْعَب، ومَشَى مُصْعَبٌ في جَنَازَته بغير ردَاءٍ، وذلك في سَنَةِ إحْدَى وسَبْعِين من الهِجْرَة. أخْرَج البُخاريُّ ومُسْلِمٌ عن الأحْنَف في كتابيهما.

أخْبَرَنا الأَوَقِيّ حَسَن بن أحْمَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن قَشِيْش، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال سَنَة سَبْعٍ وسِتِّين: والأحْنَف بن قَيْسٍ أبو بَحْر بالكُوفَة - يعني مات - وصَلَّى عليه مُصْعَب بن الزُّبَيْر. وقال سَنَة إحْدَى وسَبْعِين: والأحْنَف بن قَيْس أبو بَحْر، يعنى قيل: إنَّهُ تُوفِّى فيها.

ص: 392

قَرَأتُ في تاريخِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن مَهْدِي

(1)

، ممَّا كُتِبَ لخِزَانَة أَمِير المُؤِمِنِين القَادِر، في حَوَادِث سَنَة ثمانٍ وسِتِّين، قال: وفيها مات أبو بَحْر الأحْنَفُ بن قَيْسٍ بالكُوفَة، واسْمُه صَحْرُ بن قَيْسِ بن مُعاوِيَةَ بن حُصَيْن بن عُبَادَة بن نَزَّال بن مُرَّة بن عُبَيْد (a) بن الحَارِث بن عَمْرو بن كَعْب بن سَعْد بن زَيْد مَنَاةَ بن تَمِيْم، وكان قَيْسٌ أبُوه يُكْنَى أبا مالكٍ، وقتَلَتْهُ بنو مَازِنٍ في الجَاهِلِيَّةِ، ورَهْطه بنو مُرَّة بن عُبَيْد بعَثُوا بصَدَقَاتِهم إلى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مع عِكْرَاش بن ذُؤَيْبة.

وأُمُّ الأحْنَف حُبَّى بنتُ عَمْرِو بن عَلْقَمَة من بني أَوْدٍ من بَاهِلَةَ، وَلَدَتْهُ مُلْتَصق الأَلْيَتَيْن حتَّى شُقَّ، وكان أعْوَرَ؛ ذَهَبَتْ عَيْنُه بسَمَرْقَنْد، ويُقال: بل ذَهَبَتْ بالجُدَرِيّ.

وكان أحْنَفَ الرِّجْل، مُتَراكبَ الأسْنَان، صَعِلَ الرَّأس، مَائِل الذَّقَن، خَفِيْفَ العَارِضَيْن.

وشَهِدَ مع عليٍّ عليه السلام صِفّيْنَ، ولم يَشْهَدِ الجَمَلَ مع أحَدِ الفَرِيقَيْن ودُفِنَ بالكُوفَة عند قَبْر زِيادِ بن أبيهِ بالثَّوِيَّة (b)، وخَرَجَ في جنَازتهِ مُصْعَب بن الزُّبَيْر - وهو أميرُ العِرَاقَيْن - مَاشِيًا، وطَرَحَ ردَاءهُ، فطَرَحَ الأشْرَاف أرْدِيَتَهُم، فكان أوَّلَ مَنْ فَعَلَ من الأشْرَاف ذلك في جنَازتِه إعْظَامًا لمُصَابِه، وبلَغَ من السِّنِّ سَبْعِين سَنَةً، وله وِفَادَةٌ على عُمَر بن الخَطَّاب رحمه الله، وكان له ابنٌ يقال له بَحْرٌ، وكان مَضْعُوفًا، حُكِي أنَّهُ قيل له: ما يَمْنَعُك أَنْ تَتَقَيَّل بعضَ أخْلاق أبيكَ؟ قال: الكَسَلُ! ولم يَكُن له عَقِبٌ.

(a) هكذا جوَّد ضبطه بالتصغير، وكتب فوقه:"كذا"، وتقدم في غير موضع من الترجمة ضبطه بالفتح دون تصغير.

(b) في الأصل مجودًا: التَّوْبَة، وهو تصحيف، صوابه المثبت، وهو موضع قريب من الكوفة.

البكري: معجم ما استعجم 1: 350، ياقوت: معجم البلدان 2: 87، الروض المعطار 151.

_________

(1)

لم أقف على ترجمة مؤلفه ولا ذكر تاريخه الذي ينقل عنه ابن العديم في ثلاثة مواضع أخرى (الأجزاء: 4، 8، 9)، ومؤلفه من أهل القرن الرابع الهجري بإشارة ابن العديم أن النسخة كتبت لخزانة الخليفة القادر بالله (ت 381 هـ).

ص: 393

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن حَمْد الأرْتاحِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَرَّاءُ في كتابهِ، عن أبي إسْحاق الحَبَّال وخَدِيجَة المُرَابِطَة - قال الحَبَّالُ: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الجَبَّار بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَن بن الحُسَين بن بُنْدَار، وقالت خَدِيجَة: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار - قالا: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن مُحَمَّد الأدِيْبُ، قال: حَدَّثَني (a) عَبْدُ الله (b) هِلالُ بن العَلَاءِ، قال: حَدَّثنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، قال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عن قُرَّة بن خَالِد، عن الضَّحَّاك وغيره، قال: رأيتُ مُصْعَبَ بن الزُّبَيْر يَمْشِي في جِنَازَة الأحْنَفِ بغير ردَاءٍ، وكان أوَّلَ مَنْ تَسَلَّبَ على مَيِّتٍ.

‌أحْوَص

‌الأحْوَصُ، واسْمُه عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن عَاصِم الأنْصَاريّ

(1)

قَدِمَ خُنَاصِرَة وَافدًا على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز رضي الله عنه، والأحْوَصُ لَقَبٌ اشْتهَر به، وَسَنَذْكُرَه في العَبَادِلة في حَرْف العَيْن

(2)

من كتابنا هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

(a) الأصل: حدثنا، وأصلحها بإقحام الياء في آخرها.

(b) كذا في الأصل، والمراد: العابد لله، وليست من اسمه أو كنيته، يكنى: أبا عمر.

_________

(1)

توفي بعد سنة 100 هـ، وترجمته في: طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي 3: 648، 655 - 668، ابن الكلبي: نسب معد واليمن الكبير 366، ابن قتيبة: الشعر والشعراء 263 - 263، ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 333، الأغاني 4: 161 - 189، تاريخ ابن عساكر 32: 197 - 221، فوات الوفيات 2: 217 - 219، تاريخ الإسلام 3: 14 - 15، سير أعلام النبلاء 4: 593، الوافي بالوفيات 17: 436 - 438، خزانة الأدب 3: 16 - 20. وانظر مقدمة تحقيق ديوانه لسعدي ضناوي 5 - 10.

(2)

ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب، وأعاد ابن العديم ذكره في الألقاب (الجزء العاشر).

ص: 394

‌الأحْوَصُ الذُّفَافِيُّ الشَّاعرُ (a)

ويُلَقَّب المُحْتَرز، ويُنْسَبُ إلى ذُفَافَة العَبْسِيّ، وكانَ يَصْحَبُ بعضَ بني صالح بن عليّ بن عَبْدِ الله بن عبَّاس بحَلَب، وهو شَاعِرٌ لم أظْفَر إلى الآن بشيءٍ من شِعْره، وله ذِكْرٌ يأتي في أثناءِ

(1)

هذا الكتابِ إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

وكان مُعَاصِرًا لدِيْك الجِنّ عَبْد السَّلام بن رَغْبَان الحِمْصِيّ، وتُوفِّيَ في حَيَاة دِيْك الجِنّ، فرَثَاهُ دِيْكُ الجِنّ بأبياتٍ أوَّلها

(2)

: [من الطويل]

عَزَاءً وتَسْليمًا على الرَّغْمِ والصُّغْرِ

فما الدَّهْرُ أنْسَاناكَ بل وَارثُ الدَّهْرِ

وأنْسَاك بَلْ أسْلَاكَ بل أَجِدُ الكَرَى

فأُعطيْكَ صَبْري لا حَمِدْتُ إذًا أمْري

مَضَى فارسُ الآدَابِ والمَجْدِ والشِّعْرِ

وقَسْوَرةُ الأبْطَالِ والوُرْقِ والتِّبْرِ

منها:

أأحْوَصُ دَعْوى لو تَجلَّاك طَيْفُها

لرَوَّاكَ من ذكرٍ تنفَّقَ من شُكْرِ

ثنًا نَظَمتْهُ تحتَ أجْنِحَة الدُّجَى

أنَامِلُ صَدْرٍ فيك مَلآنَ من جَمْرِ

فوَافَى شروقٌ كالقِدَاحِ إذا انْبَرَتْ

صَحَائِفُها خَدِّي وكاتبُهُا شُفْري

(a) ورد في الأصل: الدفافي نسبة إلى دفافة، بالدال المهملة، ويقيده فيما بعد حيثما يرد بالذال المعجمة، ويعيد ابن العديم الترجمة له في الجزء العاشر فيمن يعرفون بالألقاب، وفيه: ويعرف بالمحترز وقيل: المحترز.

_________

(1)

أفرد له ابن العديم ترجمتان في الألقاب (في الجزء العاشر) وورد فيهما أن اسمه: عبد الله بن محمد، وأحال على ترجمته في موضعها من تراجم العبادلة، وهي ضمن الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

لم ترد مرئية ديك الجن في ديوانه.

ص: 395

منها:

أتَدْرِين مَنْ باتَ الصَّعِيْدُ ضَجيْعَهُ

برغْمي ومَنْ نَالتهُ قاصِمَةُ الظَّهْرِ

فتىَ كانَ لم يُحْبِبْ حَيَاةَ مُعَمّرٍ

فَتًى في الوَغَى إلَّا أحَبَّ انْقِضَا العُمْرِ

ولا رَمَقَتْهُ العَيْنُ في جُنْحِ عارضٍ

من المَوْتِ إلَّا عُمْنَ في عَارِضِ الذُّعْرِ

فَتى ما تراءتهُ الكماةُ ولو غَدَت

ذَوي عَدَدٍ إلَّا رأَتْ جَحْفَلًا يَسْرِي

عُلُّوًا وإسْلَامًا وبأسًا ونائلًا

غَدَاةَ النَّدَى والدِّيْن والبأسِ والفَخْرِ

‌أَخْنَس

‌الأخْنَسُ بن العَيْزَار الطَّائيُّ (a)

كان ممَّن شَهِدَ صِفِّيْنَ مع عليّ بن أبي طَالب عليه السلام، ثمّ رجَع عنهُ بعد التَّحْكِيْم، وصَار من الشُّرَاةِ، وقَاتَل عليًّا يَوْم النَّهْرَوَان مع الخَوَارِج، فقَتَلَهُ عليّ رضي الله عنه، وكان شَاعرًا.

قَرَأتُ في كتاب الفُتُوح تأليف أبي مُحَمَّد أحْمَد بن أعْثَم الكُوْفيّ (b) في قِصَّة أهْلِ النَّهْرَوَان، قال: وتقدَّم رَجُلٌ من الشُّرَاةِ يُقال له الأخْنَسُ بنُ العَيْزَار الطَّائيّ حتَّى وَقَفَ بين الجَمْعَين، وكان من أشَدّ فُرْسَان الخَوَارِج، وكان ممَّن شَهِدَ صِفِّيْنَ فقاتَل فيها، فلمَّا كان ذلك اليَوْم، تقدّم بين الجَمْعَين، وأنْشَأ يقول:[من الطويل]

ألَا ليتَني في يَوْم صِفِّيْنَ لَمْ أَؤُبْ

وغُوْدِرْتُ في قَتْلَى بصِفِّيْنَ ثَاوِيَا

وقُطِّعْتُ آرابًا (c) وأُلْقِيْتُ جِيْفَةً (d)

فأصْبَحْتُ ميْتًا لا أُجِيْبُ المُنَادِيَا

(a) ترجمته في: الفتوح لابن أعثم 4: 129 - 130.

(b) الفتوح 4: 129 - 130.

(c) ابن أعثم: إربا.

(d) ابن أعثم: جثة.

ص: 396

ولَمْ أَرَ قَتْلَى سنْبسٍ ولَقَتْلُهُم

أَشَابَ غَدَاةَ الدَّهْر (a) منِّي النَّوَاصِيَا

ثَمانُونَ من حِزْبَي (b) جَديْلَةَ قُتلوا

على النَّهْرِ كانُوا يَخْضِبُونَ (c) العَوَاليَا

يُنَادونَ: لا، لا حُكْم إلَّا لرَبّنا

حَنَانَيْكَ فاغْفِر حُوْبَنَا والمَسَاوِيَا

هُمُ فَارقُوا مَنْ جَار في الله (d) حُكمُهُ

فكُلٌّ عن الرَّحْمَنِ أصْبَحَ رَاضِيَا

ولا وإلَهِ النَّاسِ ما هَابَ مَعْشَري (e)

على النَّهْرِ في اللهِ الحتُوفَ القَوَاضِيَا

شَهدْتُ لهم عندَ الإلَهِ بفَلْجِهِم (f)

ألَا صَالحُ الأقْوَام خَافَ (g) المَخَازِيَا

أنَابوا (h) إلى التَّقْوَى ولم يتبَعُوا الهَوى

فلا يعِدَنّ اللهُ مَنْ كان سَارِيَا (i)

قال: ثمَّ حَمَل على أصْحَابِ عليّ، رَحْمَةُ الله عليهِ، فشَقَّ الصُّفُوفَ، وقصَدَهُ عليٌّ فالْتَقَيَا بضرْبَتَيْن، ضرَبَهُ عليٌّ ضَرْبَةً ألْحقهُ بأصْحَابهِ.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ إِدْرِيس

‌إِدْرِيسِ بن الحَسَن بن عليّ بن عِيسَى بن عليّ بن عِيسىَ بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن القَاسِم بن يَحْيَى بن يَحْيَى بن إِدْرِيس بن إِدْرِيس بن عَبْدِ الله بن حَسَن بن حَسن بن عليّ بن أبي طَالِب الإِدْرِيسِيُّ الحَسَنيُّ، أبو الحَسَن بن أبي عليّ الإسْكَنْدَرَانِيُّ

(1)

من أبناءَ الأكَابِر، ونَجْل الأُمَرَاءِ بالمَغْرب، وكان فَاضِلًا أَدِيبًا شَاعِرًا مُجيْدًا، بَصِيْرًا بالحِكمة وعُلُوم الأوَائِل، عَارِفًا بالأدَب، قيِّمًا بعِلْم النَّسَب، عَالمًا بأيَّام

(a) ابن أعثم غداة البين.

(b) ابن أعثم: من حيّ.

(c) ابن أعثم: يحضبون.

(d) ابن أعثم: جار لله.

(e) ابن أعثم: ما هان معشر.

(f) ابن أعثم: بفلحهم.

(g) ابن أعثم: إذا صالح الأقوام.

(h) ابن أعثم: وإيلوا.

(i) ابن أعثم: شاريا.

_________

(1)

توفي سنة 610 هـ، وقيل: سنة 611 هـ، وترجمته في: خريدة القصر 12: 198، 14: 190، 201، 212، السيل والذيل، (مخطوط) الورقة 37 أ.

ص: 397

العَرَب، قيِّمًا بالتَّاريخ والأخْبار، رَاويةً للدَّوَاوين والأشْعَار. له مُصَنَّفاتٌ عديدةٌ، ومَجَامِيْع في الأنْسَاب والتَّوَاريخ مُفِيْدَة.

سَمعَ من الحافِظ أبي القَاسِمِ عليّ بن الحَسَن بن هِبَة الله الدِّمَشقيّ، وابنه أبي مُحَمَّد القَاسِم بن عليّ، وأبي المَعالِي عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن بن صَابِر السُّلَميِّ، والقَاضِي الفَاضِل عبد الرَّحيم بن عليّ البيسَانِيّ، وغيرهم.

دَخَلَ حَلَب مِرَارًا مُتَعدِّدَة، وقَطَنها بالآخرةِ إلى أنْ ماتَ بها، وحَدَّثَ بها ببعض كتاب النَّسَب للزُّبَيْر بن بَكَّار بروايته عن الحافِظ أبي القَاسِم الدِّمَشقيّ.

رَوَى عنهُ العِمَاد أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد في كتاب الخَرِيْدَة

(1)

، ورَوَى لنا عنْهُ شَيئًا من شِعْره القَاضِي أبو مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن الخَشَّاب، والشَّريف أبو المحاسِن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله الهاشميِّ الحَلَبِيَّان.

وكان فَاسِقًا مُدْمنًا لشُرْبِ الخَمْر، مُنْهَمِكًا في الخَلَاعَة فأعْرَض النَّاسُ عن السَّمَاع عليه لذلك.

أدْرَكْتُه بحَلَب ولم يَتَّفق لي الاجْتِمَاع به البَتَّة، وكان أوَّل دُخُوله إلى حَلَب - على ما قرأته بخَطِّه في بَعْض تَعَاليقه - في جُمْلَة المَلِك العادِل مَحْمُود بن زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر في المُحَرَّم سَنَة تِسْعٍ وخَمْسِين وخسِمائَة.

وسَمِعْتُ الصَّدْر القَاضِي بَهَاء الدِّين أبا مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن الخَشَّاب الحَلَبيِّ يقول: وَرَدَ الشَّريفُ الإِدْرِيسِيّ إلى حَلَب بعد السِّتِّين والخسمائة، وأقام بها، واخْتَلَط بأهْلها، وهو على طَريْقَة حَسَنَة من التَّزَمّتِ والوَقَار.

قال: وغَلَبَ عليه في آخر عُمْرِه حُبُّ الخَمْر، والتَّهتُّكُ فيهِ، ومُعَاشَرَة الأرَاذِل والسَّفِلَة.

(1)

خريدة القصر 12: 198، 14: 190، 14: 190، 201، 212.

ص: 398

قال لي: وكُنْتُ إذا اجْتَمَعْتُ بهِ، أو لَقِيْتُه، ألُوْمُه على ذلك، وأُعَنِّفُه، فيقول لي: يا قاضِي، إنَّ هؤلاء اللَّفِيْف الأخِسَّاء إذا جلَسْتُ معهم لا أَعْبَأُ بهم، ولا أتحفَّظُ منهم، وتَحْصُل لي الرَّاحَةُ بصِغَر أَقْدَارهم واطِّرَاحهم، وأنا فمُكبٌّ على النَّسْخ مَتَى جلسْتُ معهم، لا أُكَلّمهم ولا يكَلِّمونني، ولا يُكَلِّفوني شَطَطًا.

وقد ذَكَرَ قِصَّتَهُ معهم في قَصِيْدَته الرَّائيَّةِ الّتي نَظَمها بعد السِّتّمائة، وهي مَشْهُورةٌ، يُعَرِّضُ فيها بالمُبَاحِيَّة وغيرهم، أوَّلُها:[من الخفيف]

أَعَلَيَّ إنْ خلَعْتُ فيك العذارا

حسْبَةً أو لزمْتُ فيكَ الوَقَارا

وأعْرَضْتُ عن ذِكْر القَصِيدَة، وإنْ كانت من لَطِيْف الشِّعْر، لِمَا فيها من السُّخْف والخَلَاعَة، وذِكْر ما لا يَليق ذِكْره بأهْل العِلْم.

قال لي القَاضِي أبو مُحَمَّد: وبالجُمْلَة فقد كان عنده من القَنَاعَة وقِلَّة الطَّمَع فيما يرغَبُ النَّاسُ فيه جُمْلَةٌ كافِيَةٌ، صَانَتْ ماء وَجْههِ على فَقْره وفَاقَته، فإنَّهُ أكْثر أيَّامهِ كان يورِّق بالأُجْرَة، وكان أبوهُ وقَالهُ من الأمرَاءِ المَشْهُورين بالدِّيَار المِصْريَّة بفَضِيْلَتَي السَّيْف والقَلَم، إلَّا أنَّهُ مَحَا ذِكْرهم بما اشْتَهرَ عنه من هذه السِّيْرَة الذَّمِيْمة، وقُبْح القَالَةِ.

وأنْشَدَنا القَاضِي أبو مُحَمَّد عنه شَيئًا من شِعْر خاله، أنْشَدَهُ إيَّاهُ عنه، نَذْكره في تَرجَمَةِ خاله

(1)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

ووُلد الإِدْرِيسِيّ هذا بالدِّيَار المِصْرِيّة سَنَة خمْسٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، ونَقَلْتُ ذلك من خَطِّه عَفَا اللهُ عنهُ.

(1)

خاله هو: يحيى بن سليمان بن علي الحسني، المحنك برهان الدين التلمساني، وضاعت ترجمته في الجزء الضام لها من هذا الكتاب.

ص: 399

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أنْشَدَني بَهَاءُ الدِّين أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن أبي طَاهِر بن الخَشَّابِ بضُمَيْر، ونحنُ مُتَوَجِّهونَ إلى دِمَشْق، قال: أنْشَدَني الشَّريفُ أبو الحَسَن الإِدْرِيسِيّ لنَفْسِه بحَلَبَ: [من السريع]

يا سَادَتي ما لي على هَجْركُم

صَبْرٌ وهَلْ يَصْبرُ مَهْجُورُ

أَنَلْتُمُ الحَاسدَ فيهِ المُنَى

فَهْوَ بما أَحْزَنَ مَسْرُور

إنْ يكُ ذَنْبٌ أنْ بَكَى فَهْوَ في

شَرِيْعَةِ العُشَّاقِ مَغْفور

عوْدُوا إليهِ بالرِّضَا قبلَ أنْ

يَقُولَ مَنْ يَعْذُلُ مَعْذُور

قَرأتُ بخَطِّ بعض الأُدَبَاءِ بحَلَبَ: للشَّرِيف إِدْرِيس بن حَسَن بن عليّ بن عِيسَى بن عليّ الإِدْرِيسِيّ الحَسَنيّ، وكانَ موْلدُهُ بمِصْرِ سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، وكان عند تَقيِّ الدِّين صَاحب حَمَاة، وقد ورَد إليه مُغَنِّيان لَقَبُ أحَدهما البَدْرُ والآخر الشَّمْسُ، وكانا بَدِيْعَين في الحُسْنِ، فاتفقَ أنَّ الشَّمْسَ زَارَ الإِدْرِيسيِّ، فجاءَ أخُوهُ البَدْرُ فاطَّلَعَ في بيته، فرأى الشَّمْس فعادَ وذَهَبَ، فقال الإِدْرِيسِي على البَدِيْهِ، ثمّ أنْشَدَني الأبيات الثَّلاثة الشَّريفُ

(1)

جَمالُ الدِّين أبو المَحَاسِن عَبْدُ الله بن أبي حَامِد مُحَمَّد بن عَبْد الله الهاشِميُّ، قال: أنْشَدَني الشَّريفُ أبو الحَسَن الإِدْرِيسيِّ لنَفْسِه: [من الخفيف]

زَارَ لا وَاصِلًا ولكِنْ أتَاهُ

نَبَأٌ أنَّني عَشِقْتُ فَزَارَا

بَدْرُ حُسْنٍ لمَّا رَأى الشَّمْسَ عِنْدِي

طلَعَتْ مَطْلعَ البُدُوْر تَوَارَى

وإذا ما الحبَيْبُ أَسْرَف في الهَجْـ

ـرِ أَغِرْهُ فَطِبُّهُ أنْ يَغَارَا

(1)

مكررة في الأصل، فضبب على الأولى منهما.

ص: 400

أنْشَدَني القَاضِي أبو مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: أنْشَدَني عِزُّ العَرَب أبو الحَسَن إِدْرِيس الإِدْرِيسِيّ، قال: أنْشَدَني القَاضِي الفَاضِل عبد الرَّحيم بن عليّ بن البَيْسَانِيّ عند اجْتِمَاعي به، ولم يُسَمّ قائلَهُمَا

(1)

: [من الوافر]

تَرَاهُ من الذَّكَاءِ نَحِيْفَ جِسْمٍ

عليهِ من تَوَقُّدِهِ دَلِيْلُ

إذا كانَ الفَتَى ضَخْم المَعَالِي

فليسَ يَعِيْبُه جِسْمٌ نَحِيْلُ

قال لي الشَّريفُ تَاج الدِّين أبو المَعَالِي الفَضْلُ ابن شَيْخنا افْتِخار الدِّين أبي هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْلِ الهاشِميِّ: كان قَدِمَ إلى حَلَب الشَّريف النَّسَّابَة مُحَمَّدُ بن أَسْعَد المَعْرُوف بابنِ الجَوَّانِيّ، وطَعَنَ في نَسَب الإِدْرِيسِيِّ - يعني أبا الحَسَن إِدْرِيسِ بن الحَسَن - فَجَرَى على الإِدْرِيسيِّ من ذلك شيءٌ عَظِيم، وطَعَنَ في نَسَبِ ابن الجَوَّانِيّ، وكان يَشْتِمُه شَتْمًا كَثِيْرًا في المَحَافِل.

قُلتُ: وقد وَقَفْتُ على شيءٍ من تَعْلِيق الإِدْرِيسيِّ يُعَرِّضُ فيه بشيءٍ من ذلك، وَسَنَذكُره في تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بن أَسْعَد

(2)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

ووَقَفْتُ على تَعْلِيقٍ بخَطِّ مُحَمَّد بن أَسْعَد الجَوَّانِيّ، وفي حَاشِيَةٍ منهُ في ذِكْر أبي الحَسَن الإِدْرِيسيِّ: أمْلَى عليَّ نسَبَهُ فقال: أنا إِدْرِيسُ بن الحَسَن بن عليّ، فذَكَرَ نَسَبَهُ كما سُقْنَاهُ أوَّلًا.

ثمّ قال ابنُ الجَوَّانِيّ فيما كَتَبَه بخَطِّهِ: يُقال له ابنُ أُخْتِ الشَّريفِ المُحَنَّك، قال فيه نَقِيْبُ النُّقَبَاءِ بحَلَب الشَّريفُ القَاضِي أَمِيْن الدِّين بخَطِّه على الجَرِيْدَة الّتي

(1)

البيتان لعاصم بن الحسن بن عبد البغدادي. انظر: معجم السفر للسلفي 124، وفيات الأعيان 1: 30، تاريخ الإسلام 10: 391، سير أعلام النبلاء 18:463.

(2)

ترجمة عبد بن أسعد الجواني النسَّابة في جزء من تراجم المحمدين الضائع من الكتاب، وتقدم التعريف به في الجزء الأول عند ذكر كتابه: الجوهر المكنون الذي نقل عنه ابن العديم.

ص: 401

سَلَّمَهَا لي على اسْم المَذْكُور ثَبَتَ نَسَبهُ بكتابِ نَسِيْب المُلْك، ثمّ عادَ نَسِيْبُ المُلْك تَوَقَّفَ، وكَتَب مُحَمَّد بن أَسْعَد الجوَانِيّ فَوْق تَرْجَمَته: دَعِيٌّ.

ثُمَّ وَقعَ لي كتاب بخَطِّ مُحَمَّد بن أَسْعَد بن الجَوَّانِيّ، صَنَّفَهُ في نَسَب بني إِدْرِيس، وَسَمَهُ بالمُنْصِف

(1)

النَّفِيْس في نَسَب بني إِدْرِيس، فقَرأتُ فيه: وممَّن ادَّعَى إلى بَني يَحْيَى بن يَحْيَى بن إِدْرِيس بن إِدْرِيس على نَسَق مَنْ تقَدَّم ذِكْرُهُ من ذَوي التَّدْلِيْس من بَرْبَر الغَرْب المجاوِريْن للبَطْنِ المَذْكُورَة، دَعِيٌّ مُقِيْمٌ بحَلَب يُدْعى عِزَّ العَرَب، ويُسَمَّى إِدْرِيس بن حَسَن، ويُعْرفُ بابن أُخْت المحنَكِ بُرْهَان الدِّين التِّلِمْسَانيِّ، مَوْلده - كما ذَكَرَ في خَطِّه - الإسْكَنْدَرِيَّة سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين وخَمْسِمائَة، وقَدِمَ أبوه من نفَّيْس

(2)

كما زَعَم في طَائِفَته وَفْد الحاجّ في سَنة عشرين وخَمْسِمائَة، ولم يَثْبُت له ولا لوَلَدِهِ قَطُّ اسْمٌ في جَرَائد الأشْرَاف بمِصْر ولا نسَب، ولا شَهِدَتْ لهُ بيِّنَةٌ بصِحَّة الحَسَب، ولو شَهدَتْ لَمَا ثَبَتَ مُنْتَماهُ، إذ لا دَلِيْلَ يَقُوم على وِصْلَتِه في دَعْوَاهُ، وسيأتي بيانُه وشَرْحُه وبُرْهَانُهُ، ولم يأخُذ قسْمًا، ولا حَازَ رسْمًا، لا في نِقَابَتي ونَظَري، ولا قَبْلِ نَظَري، وقد كان أمْري في نَظَر الأنْسَابِ وتَذْييل الأعْقَاب مُذ سَنَة سَبع وأرْبعين وخَمْسمائَة، وللمَذْكُور إذ ذاك من العُمْر سَنتان، فلم يكن لأبيهِ ولا له في رَهْطِهم ثُبوتٌ في المُنْتَسبين، بل كان أمْرهُم يَجري مَجْرَى أمْثالهم من الأدْعِيَاءِ المُسَبَّبِيْنَ، ولم تَزَل المَغارِبَةُ والتُّجّار من القَادِمين إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة من السُّفَّار يَذكرونَ أنَّهم من الدَّعِيِّيْنَ إلى مَنْ ادَّعوه بالجوار، على ما تقدَّم من القَوْل في الطَّوَائف والأنْفَار.

(1)

بتقديم النون على الصاد، وانظر عنه: كشف الظنون 3: 1863.

(2)

هكذا جوَّده المؤلف، ومثله ضبط ابن خلكان له بالحرف وفيات الأعيان 7: 134، وذكر أنه جبل بنواحي أغمات مطل على مراكش. وذكره ياقوت باسم نَفُوسة. معجم البلدان 5:396.

ص: 402

قال: ثمّ سَافَر هذا الدَّعِيُّ إِدْرِيس إلى دِمَشْقَ في سَنَة اثنتَيْن وسِتِّين وخَمْسِمائَة، وكان بها إذ ذَاك خَالُهُ البُرْهَان التِّلمْسَانِيّ المُحَنَّك، ثمّ سَافر خالُهُ إلى الغَرْبِ، وسافَرَ هو إلى حِمْصَ في سَنَة ثمانٍ وستِّين وخَمْسِمائَة كما ذَكَره في خَطِّهِ.

وقد كان اسْتَعار شَيئًا من كتاب النَّسَب للزَّيْديّ المنعُوت بالنُّرْهَة

(1)

، وكَتَبَ منهُ ونَسَخَ فَمسَخَ، وصَار يتحَدَّثُ ويقُوِل، ويَزِيْدُ ويُنْقُص في الفُضُول، فتَنبه عليهِ أشرَافُ دِمَشْق وعلى كَذِبِه ومُحَالِهِ، وزيْفِه وانتِحَالِهِ، فجَرَتْ بينَهُ وبينهم مُحَاوَرَاتٌ، فخَرَجَ هَارِبًا منهم إلى حَلَبَ، وتَسَبَّبَ كُلَّ سَبَب إلى أنْ تَصَاهَر عندَ آلِ النَّاصِر الرَّسيِّيْنَ، واسْتَتَرتْ حَالُهُ، واكْتَتم عن كَثِيْر من النَّاسِ مُحالهُ. وكان قبل ذلك قد كَتَبَ إليَّ إلى مصْر من دِمَشْق كُرَّاسَةً بذِكْرِ ما يَدَّعيهِ، وشرْح أُمُوره بما لا يسمَعُه منه سَامعُ التَّحْقِيق ولا يَعِيْهِ، ولمَّا قَدَّر اللّهُ سُبْحَانه تَوجُّهي إلي حَلَب من (a) عَسْكَر السُّلْطان صَلاح الدِّين أبي المُظَفَّر يُوسُف بن أَيُّوب، بعد حُضُوري معهُ فتح عَسْقَلان، والقُدْسِ، واللَّاذقِيَّةِ، وصْهيُوِن، وجَبَلَة، وانطَرَسُوس، وغَزَاة طَرابُلُس، فكان وُصُولي إلى حَلَب في شهر رجبَ سَنَة أرْبَعٍ وثَمانين وخَمْسِمائَة، وكُنْتُ قد تقَدَّمتُ السُّلْطانَ عن إذْنِهِ وهو مُحَاصِر بُرْزَيْه عن وَجَعٍ أصَابَني وألَمٍ أنَابني، وكان النَّقيْب إذ ذاك بها الشَّريف أَمِيْن الدِّين أبا طَالِب أحْمَد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الحُسَيْنيّ الجعفَريّ الإسْحَاقِيّ، فلم أشْعُر به إلَّا وقد أتَاني مَاشِيًا إلى الباب الّذي يُعْرَفُ بباب أنْطَاكِيَة في ولدِه وحَفَدتِه، وبني أَخويهِ، وحَلَفَ بالأيْمان المُغَلَّظة لا كان نُزُولي إلَّا عليه، ووفُوْدِي إلَّا إليهِ،

(a) كذا جاء في الأصل، ولعل الأصح: مع.

_________

(1)

هو كتاب: نزهة عيون المشتاقين إلى وصف السادة الغرّ الميامين، لأبي الغَنائم عبد الله بن الحسَن الزَّيديّ النَّسَابة كان (حيًّا سنة 400 هـ)، مر التعريف بالكتاب، ونقل عنه ابن العديم في العديد من الواضع.

ص: 403

وأخْلَى لي جَلِيْل دَاره، وبُحْبُوحَةَ قَرَاره، فأجَبْتُه إلى سُؤالِه، مُبَلّغَهُ بُلُوغَ آمالِهِ، فيما بَذَلَهُ من إكْرَامِهِ واحْتفالِهِ.

وانثالَ - في حالِ كونيِ بحَلَب - لدَيّ أشْرَافُها بالتَّرَددِ إليَّ والوُفُود عليَّ، يُصَحِّحُون أنْسَابَهُم، ويَسْتْوضِحُونَ أحْسَابهُم، وكان بها جَمَاعَةُ أدْعِيَاءُ، هذا إِدْرِيسُ أحَدُهُم، وأخَذَ يَتَردَّد إلى مَجْلِسي، ويَسْتَطْلع طِلْعَ نَفَسِي، ويَطْلُبُ تَصْحِيحَ ما لا يصِحّ له أبدًا، ويقْصِدني في أمرٍ لا يجد له عندي مَقْصَدًا، فكُنْتُ فيما قصَد كما يُنْشَد

(1)

: [من السريع]

إنَّا إذا مَالَتْ دَوَاعِي الهَوَى

وأَنْصَتَ السَّامعُ للقَائِلِ

لا نَجْعَل البَاطِل حَقًّا ولا

نَلِظّ دُونَ الحَقِّ بالبَاطِل

نَكْرَهُ (a) أنْ نَسْفَه أحْلَامُنا

ونَخْملُ الدَّهْر مع الخَامِل

ولمَّا كان في بعض الأيَّام، كَتَبَ إليَّ اسْتِدعاءً بخَطِّه في مَجْلِس النَّقِيْب أَمِيْن الدِّين بحَلَب، وسألني جَمَاعَة الوُقُوْفَ عليه، والجَوَاب عنه، نُسْخَتُه بَعْد البَسْمَلَة والدُّعَاءِ الجارِي بهِ العَادَة بعد الاسْتِدْعَاءِ، ثمّ قال:

أنْ يُبيِّنَ لأصْغَر مَمَالِيْكه إِدْرِيس بن الحَسَن بن عليّ بن عِيسىَ بن عليّ بن عِيسىَ بن عَبْدِ الله أبي الآمِرِ، ما عَجزَ عنه من بَيان وعِلْم وُصْلَتهُ بإِدْرِيس بن إِدْرِيس بن عَبْدِ اللهِ بن الحَسَن بن الحَسَن بن عليّ بن أبي طَالِب عليه السلام، ولم يجده عند أحَد إلَّا ما يَحْكيْهِ بَعْدُ، وهو: أنَّ مَمْلُوكه لمَّا حَصَل بدِمَشْق ورَام تَصْحيح (b) نَسبهِ صَارَ مع خَالهِ الشَّريف المُحَنَّك أبي المَنْصُور يَحْيَى بن سُلَيمان بن عليّ الحَسَنيّ إلى الشَّريف

(a) الأصل: تكره، والمثبت من مصادر التخريج التقدمة.

(b) في الأصل: "أن يُصحح"، ثم أصلحه بالمُثبت.

_________

(1)

الأبيات لربيع بن أبي الحقيق النضري اليهودي، انظر نسب قريش لمصعب الزبيري 43، التيجان في ملوك حمير 334 (نسبها إلى تبع شمر)، البيان والتبيين 1:313.

ص: 404

النَّقِيْب نِظَام الدِّين أبي العبَّاس أحْمَد بن طَاهِر بن حَيْدَر بن أبي الجِنّ الحُسَيْنيّ رحمه الله، فقال الشَّرِيف نِظَام الدِّين: إنْتَسِب، فانْتَسَبْتُ النَّسَبَ المَذْكُورَ، وقُلتُ: عَبْد الله أبو الآمرِ بن مُحَمَّد، وزَادَ خَالُ المَمْلُوك زِيَادَةً على ذلك فقال: مُحَمَّد أظُنُّهُ ابن القَاسِم بن يَحْيَى بن يَحْيَى أو ابن عَبْد الله بن يَحْيَى بن يَحْيَى بن إِدْرِيس، فقام الشَّرِيفُ النَّقِيْبُ إلى بَيْتِهِ وأتَي برسالة الحُسَين بن عليّ الفَارِسيِّ في أخْبَار المُلحِدَة وقال: عِيسَى بن أبي الآمِر عَبْد الله هو الفَقِيه المَذْكُور هُنا، فكان نَسَبه: عِيِسى بن أبي الآمر عَبْد الله ابن الأَمِير أبي المُطَوَّل مُحَمَّد الأكْبَر بن القَاسِم بن يَحْيَى بن يَحْيَى بن إِدْرِيس بن إِدْرِيس، فوصَل النَّسَب على ما رأيتَ بخَطِّه وهو أحَدُ الآمِرَيْن الّذين ذَّكَرهمُا المُحَنَّك.

وأنْتَ - أدَامَ اللهُ أيَّامَكَ - فكَعْبَة هذا الأمر والعِلْم وغيره، وقد رأيتُ على مُحَمَّد ويَحْيَى ابني القَاسِم بضُبَيْبَتَيْن (a) فيما حكاهُ شَيْخ سَيِّدِنا الشَّريف شَرَفِ الدِّين نَاصِرُ الدّين العُمَريّ ابن الصُّوْفيّ رحمه الله، فلا أدْرى ما مَعْنى وَضْعهما، أفْتِنَا يرحَمُكَ اللَّهُ مَأجُورًا مُوَفَّقًا.

قال مؤلِّفُ هذا الكتاب: وقد خُلِّد هذا الخَطّ بمَجْلِس النَّسَب على العَادَة في مثْلِه حُجَّةً على كاتبه وجَهْله، وتِلْوُه جَوابنا على فُصُوله:

أمَّا قَوْله عن نفسه: إِدْرِيس بن الحَسَن بن عليّ بن عِيسَى بن عليّ بن عِيسَى بن عَبْدِ الله أبي الآمر، فهذه أسْماءُ لا يشْهَدُ له بها سوَاه، إذ لم يَتَضَمّنها مَسْطُور نَسَب ولا مُقْتَضاه، ولا يَصِحُّ لمُنْتَمٍ بها مُنْتَمَاهُ. وذكر أَنَّ أحَدًا من أئمَّة النَّسَب لم يرو في شيء ممَّا ألَّفُوه وجرَّدوه وصَّنَّفُوه اسْمًا ممَّا ادَّعَاهُ هذا الدَّعِيِّ من ثالثهِ ولا رَابعهِ ولا خَامسهِ ولا سَادِسهِ، وبسَط القَوْل، ثمّ قال: وسُؤَاله فيما تضَمَّنه تَمْويهُهُ

(a) هكذا في الأصل، وتأتي فيما بعد على هذا الوجه. كأنها تصغير ضبة وهي علامة التمريض والتشكك والخلاف، تكون بمد خط فوق الكلمة التي وقع فيها الخلاف أوله كحرف الضاد. ولعل الصواب: بنصيبتين، والنصيبة علامة على التشكك في صحة النسب أو الضرب عليه.

ص: 405

ومُحَالهُ، ومَقالهُ أنْ أُبَيِّن له ما عجَزَ عنهُ من بَيان وعِلْم وُصْلَته بإِدْرِبس، فهذا أمرُ دَالٌّ على التَّمْويهِ والمُحَال والتَّدْلِيْس، لأنَّ إِدْرِيس بن إِدْرِيس أعْقَبَ من جَمَاعَة كَثِيْر عَدَدُهُم، جَمّ مَدَدهم، فإذا لم يتَّضح للنَّسَّابَةِ مَنْ يعزى إليه المُنْتَسب إليهِ من الطَّرَفين، فحصُول العِلْم من أين؟.

ثمّ قال في الجَوَاب عمَّا ذَكَرَهُ خالهُ: ثمّ قَوْله: إنَّهُ قال: أظُنّه فُلَان ابن فُلَان أو فَلَان ابن فُلَان! والأنْسَاب لا تَثْبُت بالظَّنّ في الانْتِسَابِ، فلا يَحْتَجّ بالظُّنُون إلَّا كُلّ مُرْتَاب دَعِيّ كَذَّاب، كلامُه مُضْطَرب الهِنْدَام، كأنَّهُ تَجْربة الأقْلَام.

ثم قال: وقَوْله: فقام الشَّريفُ نِظَام الدِّين إلى بَيْتِهِ وأتَي برسَالة الحُسَين في عليّ الفَارِسيِّ في أخْبَار المُلْحدَة، وقال: عِيسَى بن أبي الآمِرِ عَبْد اللّه هو الفَقِيه المَذْكُور هُنا، وهذا قَوْلُ طَرِيفُ، لا يُوْجبُ الشَّرَف لشَرِيْف، لأنَّ مَنْ يَشْهَد على قَوْله بعِيسَى بن أبي الآمِرِ عَبْد اللهِ من النَّسَّابِيْن؟ ثم مَنْ يشْهَدُ بأنَّ عِيسَى ابنُ عَبْد الله، وأنَّ كُنْيَته أبو الآمِر؟ وأنَّ عَبْد اللهِ هو ابن مُحَمَّد بن القاسِم بن يَحيْىَ بن يَحْيَى على ما رَتَّبَهُ المُدَّعي في قَاعِدة دَعْوَاهُ، وهو لا يَصِحّ أولاهُ ولا أُخْراهُ.

وشَيْخُنا إمَامُ النَّسَّابِيْن أبو الحَسَنِ عليّ بن مُحَمَّد العُمَريّ، رحمه الله، قد ذَكَرَ الأخوَين مُحَمَّد بن القَاسِم، ويَحْيَى بن القَاسِم. وأوْرَد ليَحْيَى دون مُحَمَّد العَقِب إلي ثَالث وَلدٍ وخَرَّج، ولم يَذْكر لمحمَّد بن القَاسِم ولدًا ولا عليهِ عَرَّج، ووَافَقَهُ على ذلك الأئمَّة أهْلُ طَبَقَته ورُفْقته، وبَعْدَه ممَّن نَحَا نَحْوه، وقَصَدَ قَصْدهُ.

وقد يكُون عِيسَى بن عَبْدِ الله المَذْكُور من البَرَابِر المُعْتَزِيْنَ إلى بني يَحْيَى بن يَحْيَى، المجاوِريْن لهم كما قدَّمنا ذِكْرهم فيما يَلُونَهُ فَقِيهًا أو عَالِمًا نَبِيْهًا، أو دَيِّنًا عَفِيْفًا لا يكون عَلَوِيًّا شَرِيْفًا، ولو فَرَضْنا أنْ يتضَمَّن المَسْطُور عِيسَى بن عَبْد اللهِ أنَّهُ

ص: 406

ابنُ مُحَمَّد بن القَاسِم بن يَحْيَى بن يَحْيَى بن إِدْرِيس لَمَا ثَبَتَ لذلك حَقيْقَة، ولا اسْتَقَامَتْ إليه طَرِيْقه، لكون مُحَمَّد بن القَاسِم بن يَحْيَى بن يَحْيَى لم يُذْكَر له وَلَدُ، ولا أورَد عَقِبَهُ أحَدُ، انْقَطَع عَقِبُه، وانْبَتَّ سَبَبهُ، والمَورُود وَلدَهُ، والمحصُور عَدَدهُ أخُوهُ يحيَى بن القَاسِمِ بن يَحْيَى بن يَحْيَى بن إِدْرِيس، فإنَّهُ أُورد في كُتُب الأئمَّةِ ومُشَجَّراتهم ولَده، وولد ولده، وولد ولد ولده دون أخيْهِ مُحَمَّد، حُجَّةً على كَذب مُدَّعيهِ.

ثم قال: فعقب يَحْيَى بن القَاسِم بن يَحْيَى بن يَحْيَى بن إِدْرِيس بن إِدْرِيسِ إلى زَمان شَيْخنا العُمَريّ عليّ بن مُحَمَّد العَلَويّ النَّسَّابَة رَحْمَةُ الله عليه إلى سَنَةِ أرْبعين وأرْبَعِمائة: يَحْيَى وحَمُّود ابْنَا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المَذْكُور، وهو الثَّالثُ من وَلد يَحْيَى بن القَاسِم أخي مُحَمَّد بن القَاسِم، وانْقَطَع عَقِبُ مُحَمَّد بن القَاسِم بن يَحْيَى بن يَحْيَى بن إِدْرِيس من نحو مائتي سَنَة إلى زَمَاننا هذا سنَة ستٍّ وثمانين وخَمْسِمائَة.

وقال: وقَوْله: أبو الطّوَل مُحَمَّد الأكْبَر، تُرى أين ثَبَتَتْ كُنْيَتُه؟ ومَنْ أوْرَدها إذ ثَبَتَتْ نِسْبَتُه؟ ثمّ قَوْله: الأكْبَر، أكْبَر ممَّن؟ لم يكُن للرَّجُل أخ آخرُ اسْمُهُ مُحَمَّد الأصْغَر، فيكون هو منهُ الأكْبَر! لأنَّ جميع ما كان للقاسم بن يحْيَى بن يَحْيَى بن إِدْرِيس بن إدْريس ولدان لا غير: مُحَمَّد هذا، ويَحْيَى، ولم يَذْكُر شَيْخُنا العُمَريّ النَّسَّابَة، وجميعُ النَّسَّابِيْن للقَاسِم بن يَحْيَى بن يَحْيَى سِوَى الوَلَدين: مُحَمَّد ويَحْيَى اللّذين ذَكَر العُمَريُّ أنَّه رَأى عليهما ضُبَيْبَتَيْن (a)، فمن أيْنَ لنا مُحَمَّد آخر أكبر غير آخر أصْغَر؟ هو الحَائن المَائِن يَطْلُب كَشْف انْتِسَابه، ويَذْكر أنَّهُ لا يَعْلَمُه، وأنَّ النَّسَّابين أوْلَى به، وأنَّه لم يجد ذلك في كتاب، ولا أوْرَدَهُ أحدُ من النُّسَّاب، وأنَّهُ سَافَرَ إلى الشَّام للكَشْف عن دَعْواهُ وحَقِيْقَة مُنْتَماهُ، فانتقَل من هذه الحال إلى أنْ

(a) في الأصل: بضبيبتين. وانظر التعليق قبله.

ص: 407

يفضُل على النَّسَّابيْن في المقَال، فيَذْكر من صِفَةِ مَنْ ادَّعَاهُ ما لم يَذْكروا، ويُخْبر من خَبَرهِم بما لم يَخْبُروا، ويتعاطَى في الذَّيل تقْويم المَيْل من كُنْيَهَ مَنْ لم يُكْنَى، وتَمْييز الأكْبَر من الأصْغَر صِفَةً ومعْنى، وسرْد نَسَب لم يُسْرَد، وإيْراد عَقِب لم يُوْرَد. هذه كَرَامَةٌ ظَهَرت له، أزَالَتْ حِيْرَتَهُ وجَهْلَهُ، ما أقَلَّ عَقْلَهُ!.

قُلتُ: ولعِزِّ العَرَب في الطَّعْن في نَسَب ابن الجوَّانِيّ كلام يُشْبه كلامُه فيه، سَنْذكره إذا انْتَهَينا إلى تَرْجَمته

(1)

إنْ شَاءَ اللّهُ تعالَى، وكلاهُما ينسَب إليهما الدَّعْوى في النَّسَب.

ماتَ عِزُّ العَرَب أبو الحَسَن الإِدْرِيسِيّ بحَلَب في سَنَة عَشرٍ وسِّتمائة، وقَرَأتُ في بعض تعاليق الحَلَبِيّيْن أنَّهُ ماتَ في السَّنَة الحادية عَشرة والسِّتّمائة.

‌إِدْرِيسُ بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان بن الحَكَم بن أبي العَاص بن أُمَيَّة بن عَبْد شَمْس الأُمَوِيُّ

(2)

رَوَى عن أَبِيهِ أَمِير المُؤمِنِين عُمَر بن عَبْد العَزِيْز. رَوَى عَنْهُ ابنُه خَلَفُ بن إِدْرِيس بن عُمَر، وكان بخُنَاصِرَة مع أبيهِ، وشَهِدَ وفاته بدَيْر سِمْعَان، مع مَنْ شَهِدَهُ من وُلْدِه، وقد ذَكَرَنا ذلكَ في تَرْجَمَةِ إبْراهيم بن عُمَر

(3)

.

أنبأنَا أبو البَرَكَات الحسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَنِ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(4)

، قال: كَتَبَ إليَّ أبو مُحَمَّد حَمْزَة بن العبَّاس بن عليّ،

(1)

ترجمة محد بن أسعد الجواني في جزء ضائع من الكتاب.

(2)

ترجمته في: تاريخ ابن يونس الصدفي 3: 31 - 33، تاريخ ابن عساكر 7: 371، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 3: 340.

(3)

في الجزء - أو الأجزاء - الضائعة قبل هذا الجزء.

(4)

تاريخ ابن عساكر 7: 371.

ص: 408

وأبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُسْلِم (a)، ثمّ حَدَّثَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن شُجاع اللَّفْتُوانيّ عنهما، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَاطِرْقَانِيِّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْحاق، ح.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم: وأخْبَرَنا أبو بَكْر اللَّفْتُوانيّ، قال: أنباني أبو عَمْرو بن مَنْدَة، عن أَبيهِ مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: حَدَّثتا أبو سَعيد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن يُونُسُ بن عَبْد الأعْلَى الصَّدَفِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن زُريْق، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن أصْبِغَ بن الفَرَج، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن خَلَف بن إِدْرِيس بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان، عن أَبِيهِ، عن جَدّه، أنَّ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز قال لجَرِيْر بن الخَطَفيِّ: ما أجدُ لكَ في هذا المال حَقًّا، ولكن هذه فَضْلَة من عَطائي ثَلاثُونَ دِيْنارًا فخُذْها واعْذر، قال: بل اعْذرُكَ يا أَمِير المُؤمِنِين.

وقال ابنُ يُونُس

(2)

: ولستُ أعْرفهُ - يعني إِدْرِيس - من (b) أهْل مِصْر.

‌إِدْرِيسُ بن أبي خَوْلَةَ الأنْطَاكِيُّ

(3)

من العُبَّادِ المَذْكُوريْن، وكان يكون ببَيْت المَقْدِس. حَكَي عنه سَهْل بنُ عَبْدِ اللّهِ التُّسْتَرِيّ.

أخْبَرَنا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ القَادِر بن عَبْد اللهِ الرُّهَاوِيّ في كتابه، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ الله بن أحْمَد بن الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أحمَدُ بن عَبْد القَادِر بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بنُ عَبْدِ

(a) تاريخ ابن عساكر: سليم.

(b) تاريخ ابن عساكر: في.

_________

(1)

تاريخ ابن يونس الصدفي 2: 31 - 32.

(2)

تاريخ اين يونس 2: 32.

(3)

ترجمته في: صفة الصفوة 4: 344 - 345.

ص: 409

اللّه بن جَهضَم، قال: حدَّثنا عُبَيْد الله بن جَعْفَر السَّاجيّ، قال: حدَّثَنَا عُمَرُ بن وَاصِل، عن سهْل بن عَبْدِ اللّه، قال: مرض رَجل من أوْلِيَاءِ اللّه عز وجل مرضًا مُشْكِلًا، فكان النَّاس إذا رأوه قالوا بهِ حِنَّة

(1)

فأكثر عليه، فلمَّا عَظُم كلام مَنْ تكَّلم في أمره قالوا له: نُعالجُكَ، فقال: يا قَوْم، اعلمُوا أنَّ لي طَبِيْبًا إنْ شاءَ دَاوى كُلّ عَلِيْل على وَجه الأرْض، لكنّي لا أسْألهُ أنْ يُدَاوِيني، فقيل له: ولم ذاكَ، وأنت مُحْتاج إلى الدَّوَاء؟! فقال: أخْشَى إنْ برئتُ من هذه العِلَّة طَغَيْتُ. فقيل له: فإنَّ لنا مَحْنُونًا فاسْأَل طَبِيْبَكَ أنْ يُدَاوِيَهُ، فقال: نعم، إئتوني بهِ، فأتَوه برَجُلٍ في عُنُقه غُلّ عظيم، ويدهُ مَشْدُودَة إلى عُنُقه في قيدٍ ثَقيل قد استْمكَنت منه العِلَّةُ، فقال لهم: خَلّوني معه، فعَمد جُهَّال القَوْم إلى يَدهِ فخلُوها وأدْخلوه منه في البيتِ الّذي كان فيه، وأغْلَقُوا عليهما البابَ، وهم يَظُنُّونَ أنَّهُ سيُفْضي إليهِ بمَكْروه، فلمَّا كانت بعد ساعةٍ صاحُوا به، فأجابَهُم وخَرَجَ إليهم وكلمهُم بكلام عَاقِلٍ وهو يبكي بكاءً شَديدًا، فقالوا: خَبِّرنا بقصَّتك وما كان منك؟ فقال: دَخلتُ على هذا الرَّجُل وأنَا على ما قد علَمتُم من عِلَّتي لا أعْقِل شيئًا كما رأيتموني، فقرَّبني منه وأدْنَاني، فكُلّما قربتُ منه جَعل يَدَهُ على صَدْري، والأُخْرى على رَأسي، فحسَسْتُ بطَعْم البرءِ يَدِبُّ في جِسْمي حتَّى زالَ ما بي، فقالوا له: ادْخُل معنا إليه فاسْألهُ أنْ يدعُو لنا، فدخَل مع القَوْم إليه فلم يَجِدُوهُ في البيتِ، وسَتَرَهُ اللّهُ عز وجل عنهم، فمَن عَقل منهم عظُمَتْ نَدَامتُه، وكثُر أسَفُه.

قال سَهْل: وهذا رَجُلٌ من أهْلِ بيتِ الَمقدِسِ يُقالُ له إِدْرِيس بن أبي خَوْلَة الأنْطَاكيّ من أفَاضِل القَوْم.

(1)

بالمهملة، ومثله في المحنون، مما يليه. وحِنَّة: أي جِنَّة، والمحنون: الذي أصابه الصرع. لسان العرب، مادة: حنن.

ص: 410

‌ذكر من اسمه أدهم

‌أدْهَم بن محرِزِ بنِ أُسَيْدِ بن أَخْشَنَ - وقيل: أخنَس - ابن رِيَاح بن أبي خالِد بن زمْعة بن زْيد بنِ عمْرو بن سَلامَة بن ثَعْلَبَة بن وَائِل بن معْن بن مَالِك بن أعْصُر بن سعْد بن قيس عَيْلَان البَاهِلي الحمِصيُّ

(1)

شَهِدَ صفِّينَ مع مُعاوِيَةَ بن أبي سُفْيان، ولأبيه مُحْرِز ذكْر في فُتُوح حِمْص.

وكان أدهَم من قُوَّاد الحجاجِ. رَوَى عن أَبيِهِ مُحْرِز بن أُسَيْد، وحكى عن عَبْد المَلِك بن مروَان. رَوَى عنهُ فرْوَة بن لَقِيْط، وعَبْد الرَّحمن بن يَزِيد بن جَابر، وعَمْرو بن مالك القَيْنِيّ، وكان له شِعْر.

وذكَرهُ ابن مَاكُولا في كتاب الإكمال

(2)

، فقال: أدْهَمِ بن مُحْرِز بن أُسَيْدِ بن أَخْشَنَ، أحدُ بني الأَحَبّ بن زَيْد بن عَمْرو بن وَائِل بن معن بن أعْصُر، شَاعِرٌ من فُرْسَان أهل الشَّام.

وأنبأنا أبو البَرَكَات بن مُحمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافعِيّ

(3)

، قال: أدْهَم بن مُحْرِز بن أُسَيْد بن أخْنَس بن رِيَاح

(1)

توفي نحو سنة 90 هـ، وترجمته في: كتاب وقعة صفين لابن مزاحم 267 - 268، البيان والتبيين 3: 327، تاريخ الطبري 4: 404، 5: 28، 599 - 605، الفتوح لابن أعثم 3: 47، المسعودي: مروج الذهب 3: 294، ابن ماكولا: الإكمال 1: 44، تاريخ ابن عساكر 7: 464 - 467، ابن الأثير: الكامل 3: 303 - 304، 4: 180 - 184، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 8: 341 - 342، تاريخ الإسلام 2: 923 - 924، الإصابة 1: 103، الوافي بالوفيات 8: 330، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 367 - 368، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 232 - 233.

(2)

ابن ماكولا: الإكمال 1: 44.

(3)

تاريخ ابن عساكر 7: 464.

ص: 411

ابن أبي خَالِد بن زَمْعَة (a) بن زَيد بن عَمرو بن سَلامَة في ثَعْلَبَة بن وَائِل بن مَعْن بن مَالِك بن أعْصُر بن سَعْد بن قيس عَيْلَان البَاهِلِيّ الحصِيّ، أحدُ أُمراءِ الجيش الّذين وُجِّهُوا مع عُبَيْدِ اللّه بن زِيَاد لقِتَالِ التَّوَّابِيْن الّذى قُتلُوا عند عَيْن الوَرْدَة، وكان قد شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيةَ، وكان من قُوَّادِ الحجَّاج بن يُوسُف.

حَدَّثَ عن أَبيهِ مُحْرِز، حَكَى عنهُ عبد الرَّحْمن بن يَزيد بن جَابِر، وعَمْرو بن مالك القَيْنِيّ، وفَرْوَة بن لَقِيْط.

وذَكَرَ أدْهَم أنَّهُ أوَّل مَوْلُود وُلد بحمص وأوَّل مَوْلُودٍ فُرِضَ له بها.

أخْبَرَنا أبو مُحمَد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ اللّه بن عُلْوَان، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: كَتَبَ إلينا مَسْعُود الثَّقَفِيّ عن أبي بَكْر الخَطِيب

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحمَد بن عليّ بن إِسْحاق الكاتبِ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بنُ بشْر بن سَعيد الخرقِيّ، قال: حَدَّثنا أبو روْق أحْمَد بن مُحمَد بن بَكْر الهِزَّانِيّ، قال: حَدَّثنا أَبو حاتِم سَهْل بن مُحَمَّد بن عُثْمان السِّجِسْتَانِيّ

(2)

، قال: قال خَالِد بن سَعِيْد (b): دَخَل أدْهَمُ بن مُحْرِز البَاهِلِيّ، أبو مَالِك بن أدْهَم، على عَبْد المَلِك، ورأسُهُ كالثَّغَامَةِ، فقال: لو غيَّرتَ هذا الشَّيْبَ، فذَهَبَ فاخْتَضَب بسَوَادٍ، ثمّ دَخَل عليهِ، فقال: يا أَمِير المُؤمِنِين، قد قلتُ بيتًا لم أقُلْ بيتًا قبلَهُ، ولا أراني أقُول بعده، قال هاتِ، فقال

(3)

:

(a) الأصل: ربيعة، والمثبت من تاريخ ابن عساكر (مصدر النقل)، وكما تقدم في سياقة نسبه.

(b) في كتاب السجستاني: عن أبيه.

_________

(1)

لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب البغدادي، ونقله عنه ابن عساكر 7: 465 - 466.

(2)

أبو حاتم السجستاني: المعمرون والوصايا 102.

(3)

انظر البيت أيضًا في البيان والتبيين للجاحظ 3: 337، عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري 4: 51 (نسبه لأسود بن أدهم).

ص: 412

ولمَّا رَأيْتُ الشَّيْبَ شَيْنًا لأهلهِ

تَفَتَّيْتُ وابتَعْتُ الشَّبَابَ بدِرْهَم

أخبَرَنا حَسَنُ بن أحْمَد بن يُوسُف قِراءَةً عليهِ بالبَيْت المُقَدَّس، قال: أخْبَرَنا الفَقِيهُ الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَدُ بن مُحمَد بن المُسَبِّح، قال: أخبَرَنا أبو إسْحاق إبراهيم بن سَعيد الحبَال، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس مُنِيرُ بن أحْمَد بن الحَسَن بن مُنيِرِ الخشَّاب، قال: أخْبَرَنا عليّ بنُ أحْمَد بن إسحاق البَغْدَاديُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ الوَلِيدُ بن حَمَّاد الرَّمْليّ، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بنُ زِيَاد الرَّمْليّ، عن أبي إسْمَاعِيْل مُحَمد بن عَبْدِ اللّه الأزْدِيّ البَصْرِيّ

(1)

، قال: وحَدَّثني قُرَّة - أو فَرْوَة (a) ابن لَقِيْط، عن أدْهَم بن مُحْرِز البَاهِلِيّ، قال: إنَّ أوَّلَ رَايَةٍ دَخلتْ أرْضَ حِمْصَ ودارَتْ حَول مدينَتِها لرَايَة مَيْسَرة بن مَسْرُوق العَبْسِيِّ، ولقد كانَتْ لأبي أُمَامَة رَاية، ولأبي رَايَة، وإِنَّ أوَّلَ رَجُل من المُسْلمِيْن قتَل رجُلًا من المُشْرِكين بحِمْص لأبي، إلَّا أنْ يكونَ رجلٌ من حِمْيَرَ، فإنَّهُ حَمَل هو وأبي جَمِيعًا، فكُلّ واحدٍ في حَمْلَتهما (b) قَتَلَ رَجُلًا من المشرِكين، فكان أبي يقُولُ: أنا أوَّلُ رَجُلٍ من المُسْلمِيْن قَتَلَ رَجُلًا من المُشْرِكين بحمْصَ، لا أدْرِي ما الحميَرِيّ؟ فإنِّي حَملتُ أنا وهو، وقَتلَنا في حَمْلَتنا كُلّ رَجُلٍ منا رَجُلًا منهم.

وقال أدْهَم: إنِّي لأوَّل مَوْلُود وُلِد بحِمْص، وأوَّل مَوْلُود فُرضَ لها، وبيَدِي كَتفُ وأنا أخْتلِفُ إلى الكُتَّابِ أتعَلَّم الكتَاب (c)، ولقد شَهِدْتُ صفِّيْن وقاتلتُ.

(a) في فتوح الأزدي: فروة أو قرة.

(b) فتوح الأزدي: حملته.

(c) ليست في نشرة الفتوح، وهي في بعض أصوله.

_________

(1)

الأزدي: فتوح الشام 243 - 244، وانظر رواية في: تاريخ ابن عساكر 7: 464، الحميري: الروض المعطار 198.

ص: 413

وقال في غير هذه الرِّوَايَة: ولقد شَهِدْتُ مَشهدًا ما أُحِبُّ أنَّ لي بذلك المَشْهَد حُمر النِّعَم.

أنبأنَا أبو البَرَكَات بن مُحَمَّد، قال: أخبرَنا عَمّي أبو القَاسم

(1)

، قال: قرأتُ على أبي الوَفَاء حِفَاظ بن الحَسَن بن الحُسين الغَسَّانِيّ عن عَبْد العَزِيز بن أحْمَد الكنَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب الميدانيّ، قال: أضْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن أحْمَد الفَرْغَانيّ، قال: أخبَرَنا مُحمَّد بن جَرير

(2)

، قال: قال هِشَام بن مُحمَّد: قال أبو مِخْنَف، عن عبدِ الرَّحْمن بن يَزيد بن جَابِر، عن أدْهَمَ بن مُحْرِز البَاهِلِيّ أنَهُ أتىَ عَبْدَ المَلِك بن مروَان ببشَارة الفَتْح، قال: فصَعِدَ المنبَر فحمدَ اللّه وأثنى عليه، ثُمَّ قال: أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ اللّهَ قد أَهْلكَ من رُؤوس أهْل العِرَاق مُلْقحِ فِتْنَة، ورَأسَ ضَلَالَة: سُليْمان بن صُرَد، ألَا وإنَّ السُّيُوفَ تركتْ رأسَ المُسَيَّب بن نجَبَة خَذَارِيْف (a)، ألَا وقد قتَلَ اللّه من رُؤوسهم رأسَيْن عَظِيْمين ضَالَّين مُضَلَّين: عَبْد اللّه بن سَعْد (b) أخَا الأَزْد، وعَبْد اللّه بن وَائِل أخَا بَكْر بن وَائِل، فلم يبق بعد هؤلاءَ أحد عندَهُ دِفَاع ولا امْتِنَاع.

قال الحافظُ أبو القَاسِم

(3)

: أنبأنَا أبو عليّ بنُ نبهان، وأبو القَاسِم غَانِم بن مُحَمد بن عبيدِ اللّه البرجيّ (c)، عن أبي عليّ (d) بن شَاذان، قال: حدَّثنَا أبو بكر محمد بن العباس بن نَجِيْح البزَاز، قال: حَدَّثنا الحَسَنُ بن عليّ بن شَبِيْب، وإسمَاعِيْل بن إسْحاق بن الحُصَيْن الرَّقِّيّ، قالا: حَدَّثنا مُحمَدُ بن خَلَّاد، أبو بَكْر البَاهِلِيّ، قال: حَدَّثنا هُشَيْم بن أبي سَاسَان،

(a) في الأصل بالحاء المهملة، والمثبت من الطبري وابن عساكر، والخذروف - وجمعه الخذاريف - القطعة. تاج العروس، مادة: خذرف.

(b) الأصل: سعيد، والمثبت من الطبري وابن عساكر.

(c) الأصل: البرحي، ونسبته إلى قرية برج من قرى أصبهان، انظر السمعاني: الأنساب 2: 140 - 141، وتاريخ ابن عساكر 7: 466، وياقوت: معجم البلدان 1: 373، الذهبي: سير أعلام النبلاء 9: 320.

(d) ابن عساكر: عن عليّ.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 7: 466.

(2)

تاريخ الطبري 5: 605.

(3)

تاريخ ابن عساكر 7: 466.

ص: 414

قال: حدَّثني أُّبَيُّ بن ربَيعَة الصَّيْرَفِيّ، قال: سَمِعْتُ عَبْد المَلِك بن عُمَير يقول: خَرَجْتُ يَوْمًا من مَنزلي نصفَ النَّهَار، والحجاجُ جَالِسٌ، بينَ يَدَيْهِ رجُلٌ مُوْقفٌ، عليه كَّمةٌ من دِيباج، والحجَّاجِ يقُول: أنْتَ همدَان موْلَى عليَّ، تَعال سُبُّهُ، قال: إنْ أمرتني فعَلْتُ وما ذاك جَزَاؤهُ، ربَّاني صَغِيرًا، وأعْتَقَنِي كبيرًا، قال: فما كُنْتَ تسمَعُه يقرأُ من القُرآن؟ قال: كُنْتُ أسمَعُه في قيَامهِ (a) وقُعُوده وذَهَابِه ومَجِيِّهِ يتلُو: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

(1)

، قال: فَابرأ منه، قال: أمَّا هذه فلا، سمعْتُهُ يقول: تُعْرَضونَ على سَبِّي فسُبُّوني، وتُعْرِضُونَ على البَرَاءةِ منِّي فلا تبرَّؤوا منِّي؛ فإنِّي على الإسْلَام. وقال: أمَا ليقُومنَّ إليك رجُلٌ يتبرَّأ منك ومن مَوْلَاك، يا أدْهَمُ بن مُحْرِز، قُمْ إليهِ فاضْرب عُنُقَهُ، فقامَ إليهِ يتدَحْرجُ كأنَّهُ جُعْل، وهو يَقُول: يا ثَارات عُثْمان، قال: فما رأيت رَجُلًا كانَ أطيبَ نفسًا بالموتِ منهُ، ما زادَ على أنْ وضَعَ القلنسُوَة عن رَأسه، وضَرَبَهُ فبَدَر (b) رأسُهُ، رحمه الله.

‌أدْهَمُ بن لَام القُضاعيُّ

(2)

فارسٌ مَذْكُورٌ له رَجزٌ، شَهِدَ صِفِّيْنَ مع مُعاوِيَةَ، وقُتِلَ بها.

ذكَرهُ أبو مُحمَّد بن أعْثَم في فُتُوحهِ

(3)

، وقال في وَقْعَة صفِّيْن: وخَرَجَ رجلٌ من أصْحَاب مُعاوِيَة أيضًا يُقال له الأدْهَمُ بن لَام القُضاعيّ وهو يَرْتَجِزُ ويقُول: [من الرجز]

(a) الأصل: منامه، والمثبت من ابن عساكر (مصدر النقل) وهو الأظهر.

(b) تاريخ ابن عساكر: فندر.

_________

(1)

سورة الأنعام، الآيتان 44 - 45.

(2)

توفي سنة 37 هـ، وترجمته في: الفتوح لابن أعثم 3: 149.

(3)

الذي ورد في نشرة الفتوح خبر المساجلة الشعرية بينهما ثم مقتل أدهم، ولم يرد فيه الشعر المثبت أعلاه، انظر فتوح ابن أعثم 3:149.

ص: 415

قَدْ عَلمت ذَات القُرُون الميل

أنِّي بنَصْل السَّيْف خَنْشَلِيْل

أحْمي وأرمْي أوَّل الرَّعِيْل

بصَارِم ليسَ لهُ فُلُولْ

فخرج إليه حُجْر بن عَدِيّ الكِنْدِيّ وهو يرتَجرُ ويقُول: [من الرجز]

إنْ كُنْت تحمي أوَّل الرَّعِيل

ولم تكُن بالهَلع الكَلِيْل

فاثْبُت لوقعْ الصَّارِم الصَّقِيْل

فأنتَ لا شَكَّ أخُو قَتِيْل

ثُمَّ حَمَل عليه حُجْرُ بن عَدِيّ فقَتَلَهُ.

‌أدْهَمُ، أبو الفُضَيْل بن أدْهَم

رَوَى عن الأشْتَر النَّخَعيِّ خُطْبَتَهُ بصِفِّيْن، وشَهِدَهَا مع عليّ رِضْوَان اللّه عليهِ. روى عَنْهُ ابنُه الفُضَيْل بن أدْهَمَ.

أنبأنَا أحْمَدُ بن شَاكِر بن عَبْد اللّه بن سُلَيمان، عن عَبْدِ اللّه بن أحْمَد بن أحْمَد البَغْدَاديّ، قال: أخبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَرَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب البَاقلَّانيّ، قال: أخبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن نيخاب، قال: حدَّثَنَا إبراهيم بن دِيزِيل، قال: حدَّثنا يحيى بن سليمان، قال: حدَّثنا نصر بن مُزَاحِم، قال

(1)

: حَدَّثنا عمرو بن شمِر، عن جَابرِ الجُعفِيّ، عن الفُضَيْل (a) بن أدهَم، قال: حَدَّثَني أبي، أنّ الأشْتَر قام فخطَب النَّاس بقُنَّاصِرِين

(2)

، وهو يوْمئذٍ على فَرَس أدْهَم مثْل الغُرَاب (b)، فقال: الحمدُ للّهِ الّذي (خَلْقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ

(a) وقعة صفين: الفضل، وتقدم في أول الترجمة ذكر اسمه فيمن روى عن أبيه أدهم.

(b) وقعة صفين: حلك الغراب.

_________

(1)

وقعة صفين 238 - 239.

(2)

تقدم التعريف بها في الجزء الأول، في كلامه على صفين.

ص: 416

الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى}

(1)

، أحْمَدُه على حُسْن بَلَائهِ (a)، وتَظَاهُر النَّعماءَ، حَمْدًا كَثِيْرًا بُكْرةً وأصِيْلًا. مَن يَهْدِه اللهُ فقد اهْتَدَى، ومَن يُضْلِل فقد غَوَى. وأشْهدُ أنَّ لا إلّه إلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُوله، أرْسَلَهُ بالهُدَى والصَّوَاب، وأنْزَل عليه الكتاب بَيَانًا عن العَمَى، وإزالةً عن الرَّدَى (b)، ليُظْهرَهُ على الدِّين كُلّه ولو كَرِهَ المُشْرِكون، صَلَّى الله عليه [وسَلَّم](c).

ثُمَّ إنَّهُ (4) كان ممَّا قَضَى اللهُ عز وجل (e) أنْ سَاقَتْنا المقادِيرُ إلى هذه البَلْدة من الأرْض، وَلَفَّتْ (f) بيننا وبين عَدُوِّنا، فنحنُ بحَمْدِ اللهِ ونِعْمته وفَضْلِه قَرِيْرَةٌ أَعْينُنا، طَيِّبةٌ أنْفسُنا، نَرجُو (g) في قِتَالهم حُسْنَ الثَّوَابِ، والأمنَ من العِقَابِ، مَعَنَا ابنُ عمِّ رسُول اللهِ، وسَيْف من سُيُوف الله، عليّ بن أبي طَالِب، أوّل المُؤْمنِيْن، وسَيِّد المُسْلمِيْن (h)، مَن صَلَّى مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم أوَّلًا، لم يَسْبِقْهُ بالصَّلاة معهُ ذَكَرٌ حتَّى صَار شَيْخًا، لم يكُن له صَبْوةٌ ولا نَبْوَةٌ ولا سَقْطَةٌ (i)، فقِيهٌ في دِيْن اللهِ، عَالِمٌ بحُدُود اللهِ، حَافِظٌ لكتاب اللهِ (j)، ذُو رَأيٍ أصِيْلٍ، وصَبْر جَمِيل، وعَفَافٍ قَدِيم، وفِعْل كَريم (k)، فاتَّقوا الله، وعليكمُ بالصَّبْر والحَزْم والجِدّ، واعْلَمُوا أنَّكُمُ على الحقِّ، وأنَّ القَوْمَ على بَاطِلٍ، يُقاتلُونَ مع مُعاوِيَةَ الطّليْق ابن الطّليق، وبَئيْسَ الأحْزَاب، وقَائِد الأعْرَاب، وأنتُم مع ابن عمّ رسُول الله وأخيه في دِيْنهِ

(a) وقعة صفين: البلاء.

(b) قوله: "وأزل عليه الكتاب

عن الردى" لم يرد في كتاب نصر.

(c) زيادة من كتاب وقعة صفين.

(d) ساقطة من كتاب نصر.

(e) وقعة صفين: قضى الله وقدَّر.

(f) وقعة صفين: ولفَّ.

(g) وقعة صفين: ونرجو.

(h) قوله: "أول المؤمنين وسيد المُسْلمين" لم يرد في كتاب نصر.

(i) وقعة صفين: هفوة.

(j) قوله: "حافظ لكتاب الله" ليس عند نصر.

(k) قوله "وفعل كريم" ليس في كتاب نصر.

_________

(1)

سورة طه، الآيات 4 - 6، وطالع الآيات في الأصل: "الحمد لله الذي خلق السموات العلى

".

ص: 417

عليّ بن أبي طَالِب (4)، والبَدْريُّون معكم قريبٌ من مائة رَجُل من أهْل بَدْرٍ، ومع أصْحَاب نَبِيِّكم، ومعمُ راياتٌ قد كانتْ مع رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، قاتَل بها أعْدَاءَ اللهِ، ومع مُعاوِيَةَ راياتٌ قد كانت مع المُشْرِكينَ على رسُول الله والمُؤْمنِيْن، فما يَشُكُّ في هؤلاءَ إلَّا ميِّت القَلْب، ضَعِيْف النَّفْس، وأنتم على إحْدَى الحُسْنَيَين: إمَّا الفَتْح وإمَّا الشَّهَادَة، ففي أيّهما كان فلكُم فيه الحَظُّ والظَّفَرُ والغِبْطَة والسُّرُور، عصَمَنا اللّهُ وإيَّاكم بما عَصَمَ به مَن أطاعَهُ واتَّقاهُ، وألْهَمَني وإيَّاكم طَاعَتَهُ وتقواهُ، واسْتَغفرُ الله لي ولكُم.

‌أدْهَم، مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز

(1)

كان معه بخُنَاصِرَة وحَكَى عنهُ. رَوَى عنهُ عَبْد السَّلام البَزَّاز.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس الأصَمُّ، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثنا أحْمَدُ بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنا عبْدُ السَّلام البَزَّاز، عن أدْهَم مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، قال: كُنَّا نقول لعُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز في العِيْدَيْن: تَقَبَّل اللهُ منَّا ومنْكَ يا أَمِير المُؤمِنِين، فيَرُدّ علينا ولا يُنْكِر ذلك علينا.

(a) قوله: "الطليق بن الطليق

بن أبي طالب" ليس في كتاب نصر، وما بعده مُباين قَليلًا لما عند نصر.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 7: 467.

ص: 418

‌أَرْجُوْن

‌أَرْجُوْن

(1)

بن أُوْلَغ طَرْخَان (a) التُّرْكِيُّ

قَلَّدَهُ أبو أحْمَد المُوَفَّق في أيَّام المُعْتَمد - وهو الغالب على دَوْلَته - طَرَسُوس، وأمَرَهُ أنْ يَقْبض على سِيْما الطَّويل، فخَرُق هذا وجَهِل، وذلك أنَّ المُرَتَّبِيْنَ بلُؤلُؤة

(2)

أبْطَأ عنهم أرْزَاقهم ومِيْرَتهم، فضَجُّوا من ذلك وضَاقُوا به ذَرْعًا، وكَتَبُوا

(a) في جميع مصادر ترجمته المتقدمة - ما عدا المقريزي في المواعظ -: ابن أولغ بن طرخان.

_________

(1)

هكذا قيد المؤلف اسمه، وورد في أغلب المصادر التي ذكرت توليه للثغور بالخاء والزاي في آخره: أرخوز، وكانت وفاته - حسب ابن خلدون (العبر 6: 143) في سنة 263 هـ، وذكره ابن الأثير في أحداث سنة 365 هـ، وانظر عنه: البلوي: سيرة ابن طولون 90، المسعودي: مروج الذهب 5: 120، ابن الأثير: الكامل 7: 308 - 309 (أرخوز)، 337 (أرجوز)، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 18، ابن خلدون: العبر 6: 141 - 142، 8: 14 (أزجور)، 8: 21 أرجون، المقريزي: المواعظ والاعتبار 3: 79 - 80 (أرجوز)، النجوم الزاهرة 3: 341 (أرخوز).

(2)

حصن لؤلؤة: يقع في ناحية الغرب من الكنيسة السوداء والهارونية، وهو إلى الشمال من طرسوس، وكان حتى سنة 317 هـ في أيدي الروم، وهو أكثر حصونهم ضررًا على المسلمين، لما فيه من الرجال الأشداء المقاتلة والسلاح، ففتحه المأمون سنة 317 هـ بعد جهد وأسكن المسلمين فيه. انظر: تاريخ الطبري 8: 638، مجهول: العيون والحدائق 3: 376، ياقوت: معجم البلدان 5: 36، ابن الأثير: الكامل 6: 431.

وإشارة ابن العديم إلى القوم - أو الجند - المرتبين بالحصن تقتضي التنبيه، ذلك أن من كان يتولى حماية الحصن من غارات الروم هم البيالقة - وتصحفت في بعض المصادر كالطبري مثلًا إلى الصقالبة - وهم فرقة من النصارى مذهبهم بين النصرانية والمجوسية، على المذهب الذي أحدثه بولى الشمشاطي، فاضطهدهم بسبب ذلك ملوك القسطنطينية اضطهادًا شديدًا، وكانت مساكنهم بالمنطقة التي تلي الثغور (منطقة تفريك أو أبريق) إلى الغرب من ملطية، وكانوا - بسبب مخالفتهم للروم في المذهب - يُعينون المسلمين في حروبهم ضد الروم، بينما يتولى المسلمون نفقتهم، واستمر الحال على هذا حتى وقوع الحادثة التي ذكرها ابن العديم، فسلموا الحصن إلى الروم وتفرقوا في البلاد. انظر عنهم وعن سوء تصرف والي الثغور ابن طرخان: قدامة: كتاب الخراج 187، تاريخ الطبري 8: 638، 9: 511، 533، المسعودي: مروج الذهب 5: 133، المسعودي: التنبيه 151، مجهول: العيون والحدائق 3: 376، ياقوت: معجم البلدان 5: 36، ابن الأثير: الكامل 6: 431.

ص: 419

إلى أهل طَرَسُوس: إنَّكم إنْ لم تَبْعَثُوا إلينا بما نَحْتَاجُ إليه على الرَّسْم وإلَّا سَلَّمْنا لُؤْلُؤةَ والقَلْعَة إلى الرُّوم، فأعْظَمَ ذلك أهل طَرَسُوس وأكْبَروه، وجَمَعُوا فيما بينهم خَمْسَة عَشَر ألفَ دِيْنارٍ، وعَزَمُوا على حَمْلها إليهم، فقال لهم أَرْجُوْن: أنا أوْلَى بأنْ أتَوَلَّى حَمْلهُ إليهم، فسَلَّموا المالَ إِليهِ، فأخَذَهُ لنفسِه، فلهَّا أبْطَأ عن أهْلِ لُؤْلُؤة ما طَلَبُوا، أتَوَلَّى القَلْعَة إلى الرُّوم، ونَزَلُوا عنها، فقامَتْ على أهْل طَرَسُوس من أجْل ذلك القِيامَةُ، وضَجُّوا في الطُّرُقاتِ بالدُّعَاءَ على أَرْجُوْن.

واتَّصَلَ الخَبَرُ بالسُّلْطان، فكتَب إلى أحْمَد بن طُوْلُون وقلَّدَهُ إيَّاها ضَرُورَةً، ولم يكُن لأبي أحْمَد حِيْلَةٌ في مَنْعِه منها، وذلك في سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين ومَائتَيْن.

‌أَرُسْطُو بن ينقُوْمَاخُوْش

(1)

وهو أَرُسْطَاطَالِيْس الحَكِيم - وقيل فيه: أَرُسْطُوطَالِيْس - ابن الحَكِيم الفِيْثَاغُوْرِيّ الجَهْرَاشِيّ

(2)

، وكان تِلْمِيْذ أَفْلَاطُوْن الحَكِيم، وكان أَفْلَاطُوْن يُقَدِّمه على غيره من تَلَامِيْذه، وبه خُتِمَت حِكْمَة اليُوْنَانِيّين.

(1)

Aristoteles توفي نحو 322 ق. م، وترجمته في: الأخبار الطوال لأبي حنيفة الدينوري 30، 38، المسعودي: مروج الذهب 1: 17، 276، 2: 9، التنبيه والإشراف 115 - 122، 162 - 163، 180 - 182، النديم: الفهرست 2/ 1: 157 - 172، وضبط فيه اسمه بكسر الراء، وفيه عرضٌ مفيد لؤلفاته وتلامذته ومَن تولَّى شرحها وتفسيرها منهم، صاعد: طبقات الأمم 353 - 38، ابن الأثير: الكامل 1: 291 - 393، القفطي: تاريخ الحكماء 27 - 83، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 3: 394 - 406، ابن العبري: تاريخ مختصر الدول 50، 77 - 78، 91 - 94، ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء 86 - 105) وترجمته من أطول التراجم وأوفاها، وضمنها ما نقله عن صاعد الأندلسي)، السيوطي: حسن المحاضرة 1: 60 - 62. وانظر مثالة 633 - 630 R. Walzea، Arstutalis، El 2، Vol i، pp وفيها إحالة على العديد من المصادر والدراسات العربية والأجنبية التي ترجمت لأرسطو.

(2)

ذكر النديم من متقدمي علماء اليونان: نيقوماخس الجهراسيني، ولم يربط بينه وبين أرسطو بصلة. انظر: الفهرست 2/ 1: 230.

ص: 420

وكان قد صَحِبَ الإسْكَنْدَر، وقَدِمَ حلَبَ صُحْبَتَهُ حينَ وَصَل إليها لقِتَال دَارَا المَلِكِ، فلمَّا رَأى حَلَب وصِحَّة هَوَائها وتُرْبَتها، اسْتَأذن الإسْكَنْدَر في الإقامَة بها لمُدَاوَاة مَرضٍ كانَ بهِ، فأَذِنَ له في ذلك، فأقام بها إلى أنْ زَال ذلك المَرَض، وقد ذَكَرْنا ذلك في صَدْرِ كتَابِنا هذا

(1)

.

وذَكَر أبو الحَسَن عليِّ بن الحَسَن المَسْعُودِيّ

(2)

أنَّ تَفْسِير أَرُسْطُوطَالِيْس: تَامَّ الفَضيْلَة، وتَفْسِير ينقُوْمَاخُوْش: قَاهِر الخَصْم.

قَرأتُ بخَطِّ أبي نَصْر مُحَمَّد بن فُتُوح الحُمَيْدِيّ، وأنْبَأنَا به ابن المُقَيِّر، عن أبي الفَتْح البَطِّيّ، عنهُ: أَرُسْطَاطَالِيْس تِلْمِيْذُ أَفْلَاطُوْن، وأَفْلَاطُوْن تِلْميْذُ سُقْرَاط، وسُقْرَاط تِلْميْذُ أَرْسِيْلَاوُسْ، وأَرْسِيْلَاوُسْ تِلْمِيْذُ أنْكسَاغُوْرُس.

أخْبَرَنا الشَّيْخُ العَلَّامَةُ أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيُّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عليّ بن مُحَمَّد المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب مُحَمَّد بن أحْمَد بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن دُرَيْد، ح.

قال أبو مَنْصُور: وحَدَّثَنَا القَاضِي أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن عِليّ بن أَيُّوب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الجَرَّاح الخَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن دُريْد، قال: قيل لأَرُسْطَاطَالِيْس: مَا أعْسَر الأشْيَاءِ على الإنْسان؟ قال: السُّكُوت. وقيل له: ما أحْسَن الحَيَوَان؟ قال: الإنْسان المُزَيَّن بالأدَب. وقيلِ له: أيّ الأشْيَاءِ يَنْبَغي أنْ يَقْتَنِيها العَاقِلُ؟ قال: الأشْيَاءُ الّتي إذا غَرِقَتْ سَفِيْنَتُهُ سبحَتْ معهُ.

(1)

في الجزء الأول فيما تقدم، في باب ما جاء في صحَّة تُربة حلَب، وهَوائها، واعتدالِ مِزاجها، وخفَّة مائها.

(2)

التنبيه والإشراف 116، وفيه: وتفسير أرسطاطاليس: الغداء التام، وقيل: تام الفضيلة.

ص: 421

وقال ابنُ دُرَيْد: كانت لأَرُسْطَاطَالِيْس ضَيْعَةٌ نَفِيْسَةٌ، فدَفَعَها إلى قَيِّمٍ يقُومُ بها، ولم يكُن يُشْرفُ عليها، فقال بعضُ النَّاسِ له: لِمَ تَفْعَلُ ذلك؟ فقال: إنِّي لم أَقْتَن ضَيْعَةً بَتَعَاهُدِي الضِّيَاعَ وإنَّما اقتنيْتُها بتَعَاهُدِى أدَبَ نَفْسِي، وبذلك أرْجُو اتِّخَاذ ضِيَاع أُخَر.

قال: وقال أَرُسْطَاطَالِيْس: العَقْلُ سَبَب رَدَاءةِ العَيْش.

وقَرَأتُ في كتاب التَّعْرِيْف في أحْوَال الحُكَمَاءِ، تأليفُ القَاضِى الإمام أبي القَاسِم صَاعد بن أحْمَد بن صَاعِد اللُّغَويّ المَالِقِيّ الأنْدَلُسِيِّ فَصْلًا في ذِكْر أَرُسْطُوطَالِيْس، أذْكرهُ على وَجْهه، فإنَّ فيه ذِكْر أحْوَاله على التَّحْقِيق، قال أبو القَاسِم

(1)

: وأمَّا أرُسْطُوطَاليْس فهو ابن يَنْقُوْمَاخُوْش (a) الجَهْرَاشِيّ الفِيْثَاغُوْرِيّ، وكان يَنْقُوْمَاخُوْش فِيْثَاغُوْرِيّ المَذْهَب، وله تأليفٌ مَشْهُور (b) في الأرِثْمَاطِيْقِي (c)، وكان ابنه أَرُسْطُوطَالِيْس (d) تِلْمِيْذ أَفْلَاطُوْن، ويُقالُ إنَّهُ لازمَهُ عِشْرينَ سنَةً، وكان أَفْلَاطُوْن يُؤثره على سَائِر تَلَامِيْذه، ويُسَمّيه: العَقْل.

وإلى أَرُسْطُوطَالِيْس انْتَهَت فَلْسَفَة اليُونَانيِّن، وهو خَاتِمَةُ حُكَمائهم، وسَيِّدُ عُلَمائِهم، وهو أوَّلُ مَنْ خَلَّصَ صِنَاعَة البُرْهَان (e) من سَائر الصِّنَاعَات المَنْطِقيَّة، وصَوَّرها بالأشْكَال الثَّلاثةِ، وجَعَلَها آلة للعُلُوم النَّظَريَّة، حتَّى لُقِّبَ بصَاحِب المَنْطِق.

(a) كتبه صاعد وابن أبي أصيبعة بالسين المهملة حيثما يرد: ينقوماخوس، وعند ابن أبي أصيبعة بتقديم النون على الياء: نيقوماخوس.

(b) طبقات الأمم: تآليف مشهورة.

(c) طبقات الأمم: الأرثماطقي.

(d) في طبقات الأمم لصاعد حيثما يرد: أرسطاطاليس.

(e) طبقات الأمم: البرهاني، والمثبت موافق لما نقله ابن أبي أصيبعة عنه.

_________

(1)

طبقات الأمم 35 - 38، وأصول كتاب صاعد على درجة من السوء فوقع في نشرته الاضطراب، ويمكن تلافيه بمقارنته مع نقل ابن العديم عنه، وبما نقله ابن أبي أصيبعة أيضًا.

ص: 422

وله في جمِيع العُلُوم الفَلْسَفيَّة كُتُب شَرِيفَة؛ كُلِّيَّة وجُزْئِيَّة، فالجُزْئِيَّة رَسَائِلُه (a) الّتي يُتَعَلَّم منها معْنىً واحدٌ فقط، والكُلِّيَّة بعضُها تَذَاكِير يُتَذَكَّر بها وبقُوَّتها (b) ما قد عُلِمَ من عِلْمه؛ وهي السَّبْعُونَ كِتَابًا الّتي وَضَعَها لاوقارُس (c)، وبَعْضُها تَعالِيْم يُتَعَلَّم منها ثلاثة أشْيَاء، أحَدها (d): عُلُوم الفَلْسَفَة، والثَّانيَة: أعْمَال الفَلْسَفَة، والثالثة: الآلة المُسْتَعملة في عِلْم الفَلْسَفَة وغيره من العُلُوم.

والكُتُب الّتي في عُلُوم الفَلْسَفَة بَعْضُها في العُلُوم التَّعْلِيميَّة (e)، وبَعْضُها في العُلُوم الطَّبِيْعِيَّة، وبعضُها في العُلُوم الإلهيَّة. وأمَّا الكُتُبُ الّتي في العُلُوم التَّعْلِيميَّة فكتابهُ في المَنَاظِر، وكتابه في الخُطُوط، وكتابه في الحِيَل.

وأمَّا الكُتُب الّتي في العُلُوم الطَّبِيْعِيَّة، فمنها ما يُتَعَلَّم منه الأُمُور الّتي تخصُّ كُلّ واحدٍ من الطَّبَائِع، فالّتي (f) يُتَعلَّم منها الأُمُور الّتي تَعُمّ جميع الطَّبَائِع وهو كتابهُ المُسَمَّى بسَمْع الكيَان

(1)

، فهذا الكتابُ يُعَرِّفُ بعَدَد المَبَادِئ لجميعِ الأشْيَاءِ الطَّبِيْعِيَّة، وبالأشْيَاءِ التَّوَالي للمَبَادِئ، وبالأشْيَاء المُشَاكلَةِ للتَّوَالي، فأمَّا المَبَادِئ: فالعُنْصُر والصُّورَة، وأمَّا الّتي كالمَبَادِئ - وليسَتْ مَبَادِئ بالحَقِيْقَة بل بالتَّقْرب - فالعَدَم (g)، وأمَّا التَّوالي فالزَّمان (h)، وأمَّا المُشَاكِلة للتَّوالي: فالخَلَاء، والمَلَاء (i)، وما

(a) ساقطة من كتاب طبقات الأمم، ومدرجة فيما نقله ابن أبي أصيبعة.

(b) طبقات الأمم: بعضها تذكار بقراءئها، عيون الأنباء: تذاكير يتذكر بقراءتها.

(c) طبقات الأمم: لاوطارس، عيون الأنباء: لاوفارس.

(d) في الأصل: آخرها، والتصويب من كتابي صاعد وابن أبي أصيبعة.

(e) قوله: "بعضها في العلوم التعليمية" لم ترد في نشرة طبقات الأمم، ومدرجة في نقل ابن أبي أصيبعة عن صاعد.

(f) الأصل: "فالأمور التي"، والتصويب من كتابي صاعد وابن أبي أصيبعة. ووقع في النص الذي يليه اضطراب في نشرة كتاب صاعد.

(g) في الأصل: والعدم، والتصويب من كتاب صاعد، وعند ابن أبي أصيبعة: كالعدم.

(h) ألحق بها محقق كتاب طبقات الأمم: "والمكان"، مدرجة بين حاصرتين، ولم يذكر مصدر الأخذ، وهي مثبتة فيما نقله ابن أبي أصيبعة.

(i) ساقطة من كتاب طبقات الأمم، وهي عند ابن أبي أصيبعة.

_________

(1)

تقدم التعريف بهذا الكتاب في الجزء الأول.

ص: 423

لا نِهايَةَ له، وأمَّا الّتي يُتَعَلَّم منها الأُمُور الخَاصّيَّة لكُلّ واحدٍ من الطَّبَائِع، فبعضُها في الأشْيَاء الّتي لا كَوْن لها، وبعضُها في الأشْيَاء المُكَوّنة، وأمَّا التي في الأشْيَاء الّتي لا كَوْنَ لها فالأشْيَاءُ الّتي تُتَعَلَّم من المَقَالتَين الأوَّليَتيْن (a) من كتاب السَّماءِ والعَالَم، وأمَّا الّتي في الأشْيَاء المُكوّنة فبعضُ عِلْمها عَاميّ، وبعضُا خاصيّ، فالعَامِيُّ بعضُه في الاسْتِحَالات، وبعْضُهُ في الحَرَكَات، أمَّا الاسْتِحَالاتُ ففي كتاب الكَوْن والفَسَاد، وأمَّا الحَرَكَات ففي المَقَالتَيْن الآخرتَيْن (b) من كتاب السَّماءِ والعَالَم، وأمَّا الخاصِيُّ فبَعْضُه في البَسَائِط وبَعْضُهُ في المُرَكَّبَاتِ، أمَّا الّذي في البَسَائِط ففي كتاب الآثار العُلْوَّيَّة، وأمَّا الّذي في المُرَكَّباتِ فبَعْضُه في وَصْفِ كُلِّيَّات الأشْيَاءِ المُرَكَّبة، [وبَعْض في وَصْفِ أجْزَاء الأشْياءِ المُرَكَّبة](c)، أمَّا الّذي في وَصْفِ كُليَّات المُرَكَّبَاتِ [فـ]ـفي كتاب الحَيَوَان وفي كتاب النَّبَات، وأمَّا الّذي في وَصْفِ أجْزاءِ المُرَكَّبات ففي كتاب النَّفْسِ، وفي كتاب الحِسِّ والمَحْسُوس، وفي كتابِ الصِّحَّة والسَّقَمِ، وفي كتاب الشَّبَابِ والهَرَم.

وأمَّا الكُتُب الّتي في العُلُوم الإلهيَّةِ؛ فمقالَاتُه الثَّلاث عَشْرة الّتي في كتابِ ما بَعْد الطَّبِيْعَة.

وأمَّا الكُتُب الّتي في أعْمَالِ الفَلْسَفَةِ؛ فبَعْضُها في إصْلَاح أخْلَاق النَّفْس، وبَعْضُها في السِّيَاسَةِ، فأمَّا الّتي في إصْلَاح الأخْلَاق (d) فكتابه الكَبِير الّذي كتَب بهِ إلى ابنِهِ، وكتابه الصَّغير الّذي كَتَب بهِ إلى ابنِهِ أيضًا، وكتابه المُسَمَّى أُوْذِيْمِيَا.

(a) الأصل: الأوليين، والتصويب من طبقات الأمم وعيون الأنباء.

(b) طبقات الأمم: الأخيرتين.

(c) ما بين الحاصرتين زيادة من طبقات الأمم وكتاب عيون الأنباء.

(d) في طبقات الأمم وعيون الأنباء: النفس.

ص: 424

وأمَّا الّتي في السِّيَاسَة فبعضُها في سِيَاسَةِ المُدُن، وبعضُها في سياسَةِ المَنْزل.

وأمَّا الكُتُب الّتي (a) في الآلةِ (b) المُسْتَعملَة في عُلُوم الفَلْسَفَةِ، فهي كُتُبه الثَّمانيَةُ المَنْطِقيَّة؛ الّتي لَم يَسْبِقْهُ أحَدٌ ممَّن عَلمْنا إلى تَأليْفها ولا تَقَدَّمَهُ إلى جَمْعِها. وقد ذَكَر (c) ذلك في آخر الكتاب السَّادِس منها وهو كتاب سُوفُسْطِيْقَا

(1)

، فقال: وأمَّا صِنَاعَة المَنْطِق وبناء السّلوجِسْمَات (d) فلم نَجِدَ لها فيما خَلَا أصْلًا مُتَقَدِّمًا يُبْنَى عليه، لكنَّا وَقَعْنا (e) على ذلك بعد الجهد الشَّدِيد والنَّصَب الطَّويل، فهذه الصِّناعَة وإنْ كُنَّا ابْتَدَعْنَاها واخْتَرَعْناها فقَدْ حُطْنَا جهاتها، ورَمَّمْنا أُصُولها، ولم نَفْقد شيئًا ممَّا يَنْبَغي أنْ يكُون مَوْجُودًا (f) فيها، كما فُقِدَتْ أوَائِل الصِّنَاعَات، لكنَّها كَامِلةٌ مُسْتحْكِمَة، مَتِيْنة (g) أسْبَابُها، مَزْمُومَةٌ قَوَاعدها، وَثِيْقٌ بُنْيانُها، مَعْرُوفَةٌ غَايَاتُها، واضِحةٌ أعْلَامُها، قد قدَّمت أمَامَها أرْكَانًا مُمَهّدةً، ودَعَائم مُوَطَّدة، فَمن عَسَى أنْ تَرِد عليه هذه الصِّناعَة بَعْدنا، فليَغْتَفر خَلَلًا إنْ وَجَد فيها، وليَعْتَدَّ بما بلغَتْهُ الكُلْفَة منها اعْتِدَاده بالمنَّةِ العَظِيمَة، واليَد الجَلِيْلَة، ومَنْ بَلَغ جهْدَهُ فقد بَلَغ عُذْرَه.

وكان أَرُسْطُوطَالِيْس مُعَلِّم (h) الإسْكَنْدَر المَلِك بن فلغيُوس (i) بن الإسْكَنْدَر المَقَدُونِيّ. [و] بآدَابِه عَمِلَ في سِيَاسَة رَعيَّتهِ وسِيْرة مُلكْه (j)، وانْقَمَعَ له الشِّرْكُ (k) في بلادِ اليُونَانيِّين، وظَهَرَ الخَيْر وفَاضَ العَدْلُ.

(a) في الأصل: "الكتاب الذي"، والمثبت من صاعد وابن أبي أصيبعة وهو المطابق لما يذكره بعده من تعداد الكتب.

(b) طبقات الأمم: الآلات، وفي نسخة منه ما يوافق الإفراد أعلاه.

(c) طبقات الأمم: جمع.

(d) طبقات الأمم: السلوجسوس، وعلَّق عليها المحقق بأنها لفظة يونانية معناها: القضية، وعند ابن أبي أصيبعة: السلوجسموس.

(e) طبقات الأمم وعيون الأنباء: وقفنا.

(f) طبقات الأمم: مجوَّدًا، والمثبت موافق لما نقله ابن أبي أصيبعة من كلام صاعد الأندلسي.

(g) طبقات الأمم وعيون الأنباء: مثبتة.

(h) في الأصل: متعلم، والمثبت من طبقات الأمم.

(i) في كتاب طبقات الأمم: قيلقومس، ويأتي فيما بعد - نقلًا عن ابن غالب الغرناطي -: فليقوس.

(j) طبقات الأمم: مملكته.

(k) طبقات الأمم: به الشَّرّ.

_________

(1)

فسَّر النديم معناه بـ: الحكمة المُمَوَّهة. الفهرست 2/ 1: 164.

ص: 425

ولأَرُسْطُوطَالِيْس، إليه، رَسَائِل كَثِيْرة جَلِيْلَة، منها رسالةٌ يحُضُّهُ فيها على المَسِير لحَرْب دَارَا بن دَارَا مَلِك الفُرْس، ومنها رسالةٌ جَاوَبَهُ عن كتابهِ إليهِ من أرْض الهِنْد يَصِفُ ما رآهُ في بَيْت الذَّهَب بأعَالي أرْض الهِنْد، وهو البَيْتُ الّذي كان فيه البِدَدَةُ (a)؛ وهي الأصْنَام (b) المُمَثَّلَة بالجَوَاهِر العُلْويَّة، فجاوَبَهُ أَرُسْطُوطَالِيْس بهذه الرِّسَالَة يَعِظُهُ فيها، ويُزَهِّدُهُ في الدُّنْيا، ويُرَغِّبُهُ في النَّعِيم الدَّائِم.

قال صَاعِد

(1)

: وكان أبو بَكْر مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء الرَّازِيّ شَدِيد الانْحِرَاف عن أَرُسْطُوطَالِيْس، وعَائِبًا له في مُفَارَقَتِه مُعَلِّمه أَفْلَاطُوْن وغيره من مُتَقَدِّمي الفَلَاسِفَة في كَثِيْر من آرائهم، وكان يَزْعُمُ أنَّهُ أفْسَد الفَلْسَفَة وغَيَّر كَثِيْرًا من أُصُولِهم. وما أظُنُّ الرَّازِيَّ أحْنَقَهُ على أَرُسْطُوطَالِيْس، وَحَدَاهُ إلى تَنَقُصّه، إلَّا ما أبَاهُ (c) أَرُسْطُوطَالِيْس ودَانَ (d) بهِ الرَّازِيّ ممَّا ضَمَّنَهُ كتابَهُ في العِلْم الإلهِيّ، وكتابَهُ في الطِّبِّ الرُّوْحانِيّ وغير ذلك من كُتُبهِ الدَّالَّةِ على اسْتِحْسَانهِ المَذَاهِب الثَّنَوِيَّةِ في الإشْرَاكِ، ولآرَاءِ البَرَاهِمَة في إبْطَالِ النُّبُوَّةِ ولاعْتِقَادِ عَوَامِّ الصَّابِئَة في التَّنَاسُخِ.

ولو أنَّ الرَّازِيّ وَفَّقَهُ الله للرّشْد، وحَبَّبَ إليه نَصْر الحَقّ، لوَصَف أَرُسْطُوطَالِيْس أنَّهُ مَخَضَ (e) آراءَ الفَلَاسِفَة، ونَخَل (f) مَذَاهِبَ الحُكَمَاء، فنَفَّى خَبَثَها، وأسْقَط غَثَّها (g)، وانْتَقى لُبَّهَا، واصْطَفَى خِيَارَهَا، فاعْتَقَد منها ما تُوْجُبه العُقُولُ

(a) تحرفت في نشرة كتاب طبقات الأمم: البدرة.

(b) طبقات الأمم: أحد الأصنام.

(c) طبقات الأمم: أتاه.

(d) طبقات الأمم: وأراد.

(e) طبقات الأمم: بأنه تَحَصَّى.

(f) طبقات الأمم: نحل.

(g) طبقات الأمم: وأسقطه عنها.

_________

(1)

طبقات الأمم 46.

ص: 426

السَّلِيْمَةُ، وتَرَاهُ البَصَائِرُ النَّافذَةُ، وتُدِيْنُ به النُّفُوسُ الطَّيِّبَةُ، فأصْبَح إمامَ الحُكَمَاء، وجَامِعَ فَضَائِل العُلَمَاءِ:[من السريع]

وليس لله بمُسْتَنْكَرٍ

أنْ يَجْمَعَ العَالَمَ في وَاحِدِ

(1)

قَرأتُ بخَطِّ مُحَمَّد بن أَيُّوب بن غالِب الأنْصَاريّ الأنْدَلُسِيّ الغَرْنَاطِيّ في كتابه المَعْرُوف بكتاب القَصْد والأَمَم في التَّعْرِيْف بأخْبَار الأُمَم

(2)

، قال: وأمَّا أَرُسْطُوطَالِيْس فهو أَرُسْطُوطَالِيْس بن يَنْقُوْمَاخُوْش الجَهْرَاشِيّ الفِيْثَاغُوْرِيّ، وتَفْسِير يَنْقُوْماخُشْ (a): قَاهِر الخُصُوم، وتَفْسِير أَرُسْطُوطَالِيْس: تَامُّ الغِذَاء، وقيل: تَامّ الفَضيْلَة، لأنَّ أَرُسْطُو هو: الفَضيْلَة، وطَالِيْس: التَّامُّ، قاله المَسْعُودِيّ، وكان يَنْقُومَاخُشْ فِيْثَاغُوْرِيّ المَذْهَب، وكان أَرُسْطُوطَالِيْس مُعَلِّم الإسْكَنْدَر المَلِك بن فليْقُوس بن الإسْكَنْدَر المَقَدُونِيّ.

(a) هكذا في الأصل - هنا وتاليه - بإسقاط الواو الثانية.

_________

(1)

بيت الشعر لأبي نواس، ديوانه 179.

(2)

لم يرد لهذا الكتاب ذكر سوى ما أورده ابن العديم أعلاه وما ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2: 1328، وهو كتاب في حكم الضائع، ويحيط الغموض بشخصية مؤلفه، وأوفى سياقة لاسمه هو ما أورده ابن العديم أيضًا، ومؤلفه من أهل القرن السادس الهجري، له كتاب آخر عنوانه يرد بصور متعددة أقربها:"فرحة الأنفس في تاريخ الأندلس"، عثر على قطعة منتخبة من الكتاب ونشرها لطفي عبد البديع بعنوان:"نص أندلسي جديد: قطعة من كتاب فرحة الأنفس لابن غالب"، (مجلة معهد المخطوطات العربية، مج 1، ج 1، 1955 م، ص 272 - 310)، وفي الدراسة التي سبقت النص محاولة للتعريف بالمؤلف وعصره.

أما كتاب ابن غالب الذي نقل عنه ابن العديم، فيشتبه مع عنوان كتاب آخر لابن عبد البر، عنوانه:"القصد والأمم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم"، وقد بحثت فيه عن النقل أعلاه - لئلا يكون وقع الوهم في نسبة الكتاب - فلم أقف على ذكر لأرسطاطاليس إلا مرَّة واحدة؛ ذكره عرضًا في تعداد علماء اليونانيين. انظر: القصد والأمم لابن عبد البر 29.

ص: 427

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ أَرَسْلَان

‌أرَسْلَان بن مَسْعُود بن مَوْدُود بن زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر التُّرْكِيُّ

(1)

وقيل: أَرَسْلَان شَاه، المُلَقَّب نُور الدِّين بن عِزّ الدِّين صَاحِب المَوْصِل.

قَدِمَ مع والدِه حَلَبَ حينَ مَلَكها في سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وعادَ مَعَهُ إلى المَوْصِل، ولمَّا تُوفِّي والدُه في شَعْبان سَنَة تِسْعٍ وثمانين وخَمْسِمائَة، تولَّى وَلده هذا المَوْصِل في يَوْم الخَمِيْس خَامِس وعشرين شَعْبان سَنَة تِسْعٍ وثَمانِيْن وخَمْسِمائَة، وتُوفِّيَ يَوْم الأَحَد ثَامِن وعشرين رَجَب من سَنَة سَبْعٍ وستِّمائة، وكان حَسَن السِّيْرَة، ووَصَل الخَبَرُ بوَفاتِهِ في شَعْبان إلى حَلَب، وجَلَس المَلِكُ الظَّاهِرُ في عَزَائهِ بحَلَب، وجَمَع له الكُبَرَاءِ والأمَاثِلَ، وتكلَّم الوُعَّاظ، وأنْشَدَ الشُّعَراءُ بدَار العَدْلِ، وأظْهَرَ الاحْتِفَال بهِ، والانْزِعَاجَ لمَوْته.

أخْبَرَنا أبو المَحَامِد إسْمَاعِيْل بن حَامد القُوصِيّ، قال: أنْشَدَني المَلِك العادِل أتَابِك نُور الدِّين أَرَسْلَان شَاه بن أتَابِك عِزّ الدِّين مَسْعُود بِن أتَابِك قُطْب الدِّين مَوْدُود بن زنْكِي بن آقْ سُنْقُر صَاحِب المَوْصِل عند مَقْدمي إليه رَسُولًا عن السُّلْطان المَلِك العادِل سَيْف الدِّين أبي بَكْر بن أَيُّوب، رحمه الله، هذه الأبْيَات، وذَكَرَ أنَّ المَلِك النَّاصر صَلاح الدِّين، رحمه الله، كَتَب بها إلى وَالده أتَابِك عِزّ الدِّين مَسْعُود على سَبِيْل المُعَاتَبة في أوَّل المُكَاتَبة، وهي للشَّرِيْف الرَّضِيّ

(2)

: [من مجزوء الكامل]

(1)

توفي سنة 607 هـ، وترجمته في: الكامل لابن الأثير 12: 291 - 293، المنذري: التكملة 2: 210، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 22: 173 - 174 وفيه: رسلان، وفيات الأعيان 1: 193 - 194، أبو شامة: ذيل الروضتين 108، تاريخ الإسلام 13: 156 - 157، سير أعلام النبلاء 21: 496 - 497، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 249 - 250، العبر في خبر مَن غبر 3: 144، الوافي بالوفيات 8: 341، ابن كثير: البداية والنهاية 13: 57 - 58، العيني: عقد الجمان 3: 254 - 255، تاريخ ابن الوردي 2: 190، تاريخ ابن الفرات 5/ 1: 111 - 112، السلوك 1/ 1: 171 - 172، النجوم الزاهرة 6: 200، شذرات الذهب 7:46.

(2)

ديوان الشريف الرضي 1: 360.

ص: 428

يا مَالِكًا (a) نَقَضَ الوِدَادَا

أشْمَتَّ بالقُربِ البِعَادَا

وتَرَكْتَني والفِكْر (b) يأ

بَى أنْ يُرَوِّحَ لي فُؤَادَا

ارْجِع إلى حُسْن الوَفا

ءِ (c) فإنَّهُ إنْ عُدْتَ عَادَا

ودَع العِدَا فوَحُرمة الـ

ـعَلْيَاءِ لا بَلَغُوا مُرَادَا

من ضاعَ مِثْلي مِن يَديْـ

ـهِ فليتَ شِعْرِي ما اسْتَفادَا

قال: وذكَرَ لي، رحمه الله، أنَّ والده كَتَبَ إليه في جَوَاب ذلك هذين البَيْتَيْن:[من السريع]

يا مَلِكًا أصْبَح لي نَاصِرًا

إذ عزّ أعْوَان وأنْصَارُ

مُرْني بخَوْض النَّارِ والْعَنْ فَتًى

تَثْنيهِ عن طاعَتِكَ النَّارُ

قال القُوصِيّ: وهذا المَلِك كانت له سِيْرة جَميلة، وهِمَّة شَرِيفة، وتَمَذْهَبَ بمَذْهَب الإمام الشَّافِعيّ، وكان آباؤه على مَذْهَب الإمَام أبي حَنِيْفَة، وموْلده بالمَوْصِل.

أنْبَأنَا عبد العَظِيْم المُنْذِريّ

(1)

، قال: وفي أواخر رَجَب - يعني من سَنَة سَبْعٍ وستِّمائة - تُوفِّي المَلِكُ العادِلُ نُور الدِّين أبو الحَارِث أَرَسْلَان شَاه بن مَسْعُود بن مَوْدُود بن زَنْكِي بن آقْسُنْقُر، صاحِب المَوْصِل، في شبَّارة ظَاهِرِ المَوْصِل، وكُتِمَ مَوْته حتَّى دُخِلَ به إلى دَار السَّلْطَنَة. وكانت مُدَّة مُلْكِه سَبْع عَشرة سَنَة، وأحَدَ عَشر شَهْرًا، وكان عالي الهِمَّة، وقام بالأمْر بعْدَهُ وَلدهُ عِزّ الدِّين أبو الفَتْح مَسْعُود، وكان الثَّنَاءُ عليه جَمِيْلًا.

‌أَرَسْلَان اللَّانِيُّ، أبو الحَارِث

قَدِمَ بَالِس، وحَكَى عن قُبُور الشُّهَدَاء بصِفِّيْن. رَوَى عنهُ أبو الحَسَن بن نِيْخَاب الطِّيبِيّ.

(a) الديوان: غائبًا.

(b) الديوان: والشوق.

(c) روايته في الديوان: فارجع إلى رسم الصّفا.

_________

(1)

التكملة لوفيات النقلة 2: 210.

ص: 429

أخْبَرَنا أبو العَلَاء أحْمَدُ بن شَاكِر المَعَرِّيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، عن أبي مُحَمَّد عَبْدِ الله بن أحْمَد بن أحْمَد بن أحْمَد بن الخَشَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الفَرَّاءِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن البَاقِلَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ بن شَاذَان، قال: قال أبو الحَسَن بن نِيْخَاب الطِّيبِيّ، قال: حَدَّثَني رَجُلٌ كان رَكِبَ معنا في سَفِيْنَةٍ، يُكْنَى بأبي الحَارِث، واسْمُه أَرَسْلَان اللَّانِيّ، قال: خَرَجْتُ من الرَّقَّة أُريدُ بَالِس، فرأيتُ الجَبَلَ الّذي بصِفِّيْن الّذي قَاتَلَ عليه عليّ بنُ أبي طَالِب، ومُعاوِيَةُ بن أبي سُفْيان رَحِمَهُما اللهُ، فرَأينا القُبُور على ذلك الجَبَل بالبُعْد من مَسِيرة فَرْسَخين، أقَلّ أو أكْثَر، لو أرادَ العَادُّ لعَدَّهَا من ذلك المكان، ظَاهِرةً بَيِّنَةً، وإذا فَوْقَهَا غَمَامٌ يُظِلُّها، فلمَّا قَرُبْنا منها، وبَلَغْنا إليها، فإذا القُبُور مُسْتَوِيَة بالأرْض لا يَبِيْنُ منها شيءٌ ولا قَبْر، ببَيَاض الأرْض، وكأنَّ نُورًا يُظِلُّها، فأقُول: لو كان أحَدُ الفَرِيْقَيْن على غير هُدَىً لم يكُن النُّورُ بَيِّنًا إلَّا على المُحِقّ من إحْدَى الطَّائِفتَيْن.

‌أَرَسْلَان التُّرْكِيّ، أبو الحَارِث - وقيل: أبو مَنْصُور - البَسَاسِيْرِيُّ

(1)

مَنْسُوبُ إلى بَسَا بَلْدَةٍ بفَارَس، والعَرَبُ تُسَمِّيها فَسَا، ويَنْسُبُون إليها فَسَويّ، وأهْلُ فَارِس يقولون بَسَا بين البَاء والفَاءِ، ويَنْسبُونَ إليها البَسَاسِيرِيّ. وكان مَوْلاهُ رَجُلٌ من أهل بَسَا، فنُسِبَ الغُلَامُ إليه، واشْتَهر بهذه النِّسْبَة.

(1)

توفي مقتولًا سنة 451 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 11: 48 - 52 (ضمن ترجمة الخليفة القائم)، الهمذاني: قطع تاريخية من عنوان السير 48 - 49، العماد الأصفهاني: تاريخ دولة آل سلجوق 15 - 20، ابن الجوزي: المنتظم 16: 56، الكمل 9: 608، 625 - 626، 639 - 650 (وفيه خبر فتنة البساسيري ومقتله)، زبدة الحلب 1: 229 وما بعدها، ابن خلكان: وفيات الأعيان 1: 192 - 193 (وفيه: أرسلان بن عبد الله)، ابن الفوطي: مجمع الآداب 5: 261، ابن ميسر: المنتقى من أخبار مصر 17 - 25، الذهبي: تاريخ الإسلام 10: 16 - 17، سير أعلام النبلاء 18: 132 - 133، العبر في خبر مَن غبر 2: 298، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 187، تاريخ ابن الوردي 1: 547 - 549، ابن كثير البداية والنهاية 12: 80 - 84، ابن خلدون: العبر 9: 34 - 51، الوافي بالوفيات 8: 340 وفيه: "أرسلان بن عبد الله"، شذرات الذهب 5: 221، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 239 - 242، وانظر 1075 - M. Canard: Al - Basasiri، EI 2، I، Pp 1073.

ص: 430

وكان أحد الأُمَرَاءَ الأصْفَهْسَلَارِيَّة، فعَظُم شَأنه، واسْتَفْحَل أمْرُه، وقويَتْ هَيْبَتُه، وانْتَشر ذِكْرهُ، ومكَّنه القَائِم من البِلَادِ، وكثُر منه العَيْثُ والفَسَاد، وآلَ أمْرهُ إلى العِصْيَان عليّ القَائِم، ونَهَب بَغْدَاد، وكان رأسَ الأتْرَاك بها، فخرَجَ عليه، وهوَّن أمْره بكُلِّ ما وَصَلت قُدْرتُه إليهِ، حتَّى كان يأخُذ الجَانِي من حَرَم الخلِيفَة، ولا يَلْحقه في سُوءِ فِعْله نَظَر في عاقبةٍ ولا خِيْفَة.

وقَرَأتُ في تاريخ أبي غَالِب هَمَّام بن [الفَضْل بن](a) جَعْفَر بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ

(1)

أنّهُ: كان إذا وصَلَتْ هَدِيَّة من خُرَاسَان وغيرها من البِلادِ اعْتَقلها شَهْرًا قبل أنْ يُطْلقَها، بسُؤالٍ وأشْيَاءٍ كَثِيْرة تَجْري هذا المَجْرى في حَقِّ الخلَيفَة فَعَلَها، فلمَّا زادَ الأمرُ على الخلِيفَة، بَعَثَ إلى طُغْرِلبِك مَلِك التُّرْكُمان والغُزّ، أبي (b) طَالِب مُحَمَّد بن مِيْكَال، وكان مُقيْمًا بالرَّيِّ وقد مَلَكَ من جَيْحُون إلى بَغْدَاد، وأذَلَّ المُلُوك من أوْلادِ مَحْمُود والتُّرْك وغيرهم، فوصَلَهُ الرَّسُول من الخَلِيفَة يأمرهُ بأنْ يَصِلَ إلى بَغْدَاد ليستَنْجدَ به على البَسَاسِيرِيّ أبي مَنْصُور، فأقْبل إليهِ طُغْرِلبِك في مائة ألفٍ وعشرين ألفًا من التُّرْك، والغُزِّ، والأعَاجِمٍ، والكُرْد، والدَّيْلَم، وغيرهم من الأجْنَاس، فوَصل بَغْدَاد وهَجَمَها، وقَتَل منها خَلْقَا عَظيْمًا، ونَهَبَها، وذلك أنَّهُم قاتَلُوه، وانْهَزَمَ البَسَاسِيرِيُّ منه فَحَصَلَ في أرض الرَّحْبَةِ، ولَقِيَهُ مُعِزُّ الدَّولَةِ - يعني ثِمَال بن صالح - وأكْرَمَهُ، وحَمَل إليهِ مَالًا عَظيْمًا، وكان قد وصَل في قِلّةٍ، فحدَّث مَنْ شَاهدَهُ من بنَي كِلَاب أنَّهُ لم يُرَ مثْلُهُ في الشَّجَاعَة والمَكْرِ والحِيْلَة، وكان إذا رَكِبَ مُعِزُّ الدَّولَة قَفَزَ إليهِ ليُمْسكَ له الرِّكَاب ويُصْلح ثِيَابَهُ في السَّرْج

(2)

، وهمَّتْ

(a) ما بين الحاصرتين استكمال لاسمه كما ساقه ابن العديم في عشرات المواضع التي ذكره فيها.

(b) الأصل: أبو، وفوقها "صـ".

_________

(1)

تقدّم التعريف بالكتاب في الجزء الأوّل.

(2)

قارن بالمقفى الكبير للمقريزي 3: 643 - 644.

ص: 431

بنُو كِلَاب بأخْذِه فَمَنَعَها مُعِزُّ الدَّولَة، ونَدمَ بعد ذلك عليه، ثمّ إنَّهُ تقدَّم إلى أنْ حصَل على الفُرَات، وفَزع منه مُعِزّ الدَّولَة وكثُر عَسْكَره، فسلَّم إليهِ الرَّحْبَة لمَّا طَلَبها من مُعِزّ الدَّولَة، ليجعَل فيها مالَهُ وأهْلَهُ.

قُلتُ: وكان حصُوله على الفُرَات بأرْض بَالِس؛ فإنَّني قَرأتُ في بعض تَعَاليْق الشَّامِيِّيْن في التَّاريخ ما صُوْرته: ظُهُور البَسَاسِيرِيّ إلى الشَّام، ونُزُوله أرض بَالِس مُدَّة سَنَة وشَهْرين، سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة. وقَرَأتُ في تَاريخَ هَمَّام بن المُهَذَّب في حَوَادِث سَنَة خسين وأرْبَعمائة: فيها اضْطَربَ الأمرُ في خُرَاسَان على طُغْرِلبِك، فسَار لإصْلَاحهِ، فجَمَع البَسَاسِيرِيُّ مَنْ قَدر عليهِ من الكُرْد والدَّيْلَم، واجْتَمَعَتْ إليهِ بنُو عُقَيْل، وكان عَلَمِ الدِّين قُرَيْش بن بَدْرَان زَعِيمها، وبَنو أَسَد زعيْمها نُوْر الدَّوْلَة دُبَيْس بن مزْيَد، وقصَد بَغْدَاد، وزحفَ معهم أهْلُ الجانب الغَرْبيّ من بَغْدَاد إلى دار الخلَيْفَة القَائِم بأمْرِ اللّه أَمِير المُؤمِنِين أبي جَعفر بن القَادِر، فنَهَبُوا جميعَ ما فيها، واسْتَدي الخلَيفَة من فَوْق القَصْر عَلَم الدِّين قُرَيش بن بَدْرَان، فجاءَهُ فَخَرَج إليهِ الخلَيفَة وهو مُبرقعٌ، وعليه بُرْدَةُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وفي يَده قَضِيْبُه، فأجارَهُ ولم يُمكِّن منهُ أحدًا، ومنعَهُ من البَسَاسِيرِيّ، وسيَّرَهُ إلى حِصْن عَانَة - وقيل: الحَدِيْثة - وهو حِصْنٌ مَنيع في وسَط الفُرَات، وصَاحبهُ رَجُلٌ يُعْرَفُ بمُهَارِش

(1)

، أحدُ أُمَرَاء بَنِي عُقَيْل، فأكْرَمَهُ إكْرامًا عَظيْمًا، وخَدَمَهُ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً، فبقي فيه عند مُهَارِشٍ شُهُورًا.

قال ابنُ المُهَذَّب: وفيها - يعني سَنَة إحْدَى وخَمْسِين - دَعا البَسَاسِيرِيّ للمُسْتَنْصِر؛ صاحب مِصْر، في جامع المَنْصُور ببَغْدَاد، وبقيَت الدّعْوَةُ شُهُورًا.

(1)

هو الأمير مهارش بن المجلى العقيلى، أورد ابن خلكان سياقة نسبه. انظر: وفيات الأعيان 1: 193، وسبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 19: 90، 541.

ص: 432

وفيها: عاد طُغْرِلبِك مَلِكُ التُّرْكُمَان أبو طَالِب مُحَمَّد بن مِيْل إلى بَغْدَاد، فانْحَاز البَسَاسِيرِيّ وجَماعة العَرَب، وخَرَجَ معهم من التُّجَّار ببَغْدَاد وغيرهم خَلْق عَظِيم لا تُحْصَى أمْوَالُهم، وذُكِر أنَّهم كانوا زُهَاءً عن مائة ألف وعشرين ألفًا، وتَبعهم من أصْحَاب طُغْرِلبِك زُهَاء عن عشرين ألفًا، فقُتِلَ البَسَاسِيرِيّ وخَلْقٌ كَثِيْر لا يُحْصَى عَدَدُه، ونُهِبَتْ تلك الأمْوَالُ، وكان الّذين تَبِعَهُم ولَقِيَهُم من عَسْكَر طُغْرِلبِك نحو من عشرين ألفًا.

وسار مُهَارِشٌ العُقَيْلِيُّ بالخلَيفَة إلى بَغْدَادَ في مَحْمَل، فأعْطاهُ من الأمْوَالِ والأقْطاعِ شيئًا عَظيْمًا، حتَّى أنَّه صَار مُهَارِشٌ أيْسَرَ بَني عُقَيْل.

وسَار الأَمِيرُ أبو ذُؤَابَة عَطِيَّة بن أسَد الدَّوْلَةِ صَالِح بن مِرْدَاسٍ إلى الرِّحْبَة فأخَذَ جميعَ ما تركَهُ البَسَاسِيرِيُّ بها من السِّلاح الّذي لم يُرَ مثله كَثْرةً وجَوْدَةً وأمْوَالًا جريْلةً كانت للبَسَاسِيْرِيّ، ثمّ ولَّى فيها بعضَ أصْحَابهِ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيب

(1)

، قال: ولم يَزَل أمرُ القَائِم بأمْرِ اللّه مُسْتَقِيْمًا إلى أنْ قُبِضَ عليه في سَنَة خَمْسِين وأرْبَعِمائة، وكان السَّبَبُ في ذلك أنَّ أَرَسْلَان (a) التُّرْكِيّ المَعْرُوف بالبَسَاسِيرِيّ، كان قد عَظُمَ أمْرهُ واسْتفحَلَ شَأنُه لعَدَمِ نُظَرائهِ من مُقَدَّمي الأتْراك المُسَمَّيْن بالأصْفَهْسَلَارِيَّةِ، واسْتَولَى على البِلادِ، وانْتَشَر ذِكْرُه، وطَارَ اسْمُه، وتَهَيَّبَته أُمَرَاءُ العَرَب والعَجَم، ودُعِيَ له على كَثِيْرٍ من المَنَابِر العرِاقِيَّة، وبالأهْوَاز ونَوَاحِيها، وجَبَى الأمْوَال، وخَرَّب الضِّيَاع، ولم يكُن الخلَيفَةُ القَائِم بأمر اللَّه يقطَعُ أمْرًا دونَهُ، ولا يَحُلُّ ويعْقدُ إلَّا عن رَأيهِ.

(a) ضبطه الخطيب البَغْدَادي ضبط قلم بإسكان الراء وفتح السين.

_________

(1)

تاريخ بَغْدَاد 11: 48 - 52، (في تَرْجَمَة الخليفة القائم بأمر اللّه عبد اللّه بن أحْمَد).

ص: 433

ثُمَّ صَحَّ عند الخلَيفَة سُوءُ عَقِيْدَتِه، وشَهِدَ عندَهُ جَمَاعَةٌ من الأتْراك أنَّ البَسَاسِيرِيّ عَرَّفَهُم - وهو إذا ذاك بوَاسِط - عَزْمَهُ على نَهْب دَار الخِلَافَة والقَبْض على الخلَيفَة، فكاتَبَ الخلَيفَةُ أبا طَالِب مُحَمَّد بن مِيْكَال المَعْرُوف بطُغْرِلبِك أميرَ الغُزّ، وهو بنَوَاحِي الرَّيّ يَسْتَنْهضُهُ على المَسِير إلى العِرَاق، وانْفَضَّ أكثرُ مَنْ كان مع البَسَاسِيرِيّ وعادُوا إلى بَغْدَاد، ثمّ أجمع رأيهُم على أنْ قَصَدُوا دَارَ البَسَاسِيرِيّ، وهي بالجانب الغَرْبيّ في المَوضِع المَعْرُوف بدرْب صالح، بقُرْب الحَريْم الطَّاهِريّ، فأحْرَقُوها، وهدَمُوا أبْنيتَها.

ووَصَل طُغْرِلبِك إلى بَغْدَاد في شَهر رَمَضَان من سَنَة سَبع وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، ومَضَى البَسَاسِيرِيّ على الفُرَات إلى الرَّحْبَةِ، وتَلاحَقَ بهِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ من الأتْرَاك البَغْدَادِيّينَ، وكاتَبَ صَاحِبَ مِصْرَ يَذْكُرُ له كَوْنَهُ في طاعَتِهِ، وأنَّهُ على إقامَةِ الدَّعْوَة له بالعِرَاق، فأمَدَّهُ بالأمْوَالِ، ووَلَّاهُ الرَّحْبَةَ.

وأقامَ طُغْرِلبِك بَغْدَاد سَنَةً إلى أنْ خَرَجَ منها إلى المَوْصِل، وأوْقَعَ بأهْل سِنْجَار، وعادَ إلى بَغْدَاد، فأقامَ بها مُدَّةً، ثمّ رجَع إلى المَوْصِل، وخرج منها مُتَوَجِّهًا إلى نَصِيبيْن ومعه أخوه إبْراهيم يَنَال (a)، وذلك في سنة خَمْسِين وأرْبَعِمائة، فخالَفَ (b) عليه أَخُوه إبْراهيم، وانْصَرف بجَيْشٍ عَظِيم معه يقصِدُ الرَّيّ، وكان البَسَاسِيرِيُّ راسَلَ إبْراهيمَ يَشُيرُ عليه بالعِصْيَان لأَخِيهِ، ويُطْمعهُ في المُلْكِ والتَّفَرُّدِ به، وبَعِدُهُ بمُعاضَدَتهِ ومُضَافَرته عليه، فسَار طُغْرِلبِك في أثر أخيهِ إبْرَاهيم، وتَرَكَ عَسَاكِره وَراءَهُ، فتفرَّقت، غير أنَّ وَزِيرهُ المَعْرُوف بالكُنْدُرِيّ، ورَبِيْبهُ أَنَوشَرْوان، وزَوْجَتَهُ خَاتُون، وَردُوا بَغْدَاد بمَنْ بَقِيَ معَهُم من العَسْكَر في شَوَّال من سَنَة خَمْسِين وأرْبَعِمائة، واسْتَفاضَ الخَبَرُ باجْتِمَاع طُغْرِلبِك مع أخيهِ إبْراهيم بهَمَذَان،

(a) عند الخطيب البَغْدَاديّ، حيثما يرد: إبْرَاهِيم إيْنَال.

(b) الأصل: فحالف، وانظر خبر الوحشة بين طغرلبك وينال عند ابن الأثير: الكامل 9: 639 وما بعدها، والحسيني: أخبار الدَّوْلَة السلجوقية (زبدة التواريخ) 19 - 20، وابن خلدون: العبر 9: 29.

ص: 434

وأنَّ إبْراهيم اسْتَظْهرَ عَلى طُغْرِلبِك، وحَصَرهُ في مَدِينَة هَمَذَان، فعَزَمَتْ خَاتُون وابنُها أنَوشَرْوان والكُنْدُرِيّ على المَسِيْر إلى هَمَذَان لإنْجادِ طُغْرِلبِك.

واضْطَربَ أمْرُ بَغْدَاد اضْطِرَابًا شَدِيْدًا، وأرْجَفَ المُرْجِفُونَ باقْتراب البَسَاسِيرِيّ، فبَطُلَ عَزمُ الكُنْدُرِيّ على المسير، فهمَّتْ خَاتُون بالقَبْضِ عليهِ وعلى ابْنِها لتركِهما مُسَاعَدَتَها على إنْجادِ زَوْجها، ففَرَّا إلي الجانب الغَرْبيّ من بَغْدَاد، وقَطَعا الجِسْر وراءهمُا. وانْتُهِبَتْ دَاراهمُا، واسْتَولَى منْ كان مع خَاتُون من الغُزِّ على ما تضمَّنَتَا من العَيْن والثِّيَابِ والسِّلاح، وغير ذلك منٍ صُنُوف الأمْوَال، ونَفَذَتْ خَاتُونُ بمَنْ ضَوَى إليها، وهم جُمْهُور العَسْكَر، مُتَوَجِّهةً نحو هَمَذَان، وخَرَجَ الكُنْدُرِيّ وأَنَوشَرْوَان يَؤُمَّان طَريْقَ الأهْوَاز.

فلمَّا كان يَوْم الجُمُعَة السَّادِس من ذِي القَعْدَة، تحَقَّق النَّاسُ كَوْنَ البَسَاسِيرِيّ بالأنْبَار، ونَهِضْنا (a) إلى صَلَاة الجُمَعَة بجَامِع المَنْصُور فلم يَحْضُر الإمامُ، وأَذَّنَ المُؤذِّنونَ بالظُّهْرِ، ثُمَّ نَزَلُوا من المئْذَنَة، فأخْبَروا أنَّهم رأوا عَسْكَرًا للبَسَاسِيْرِيّ حِذَاءَ شَارع دار الرَّقِيْق، فبَادَرْتُ إلى أبْوَاب الجَامع، فرأيتُ من الأتْراك البَغْدَاديَّينَ أصْحَاب البَسَاسِيرِيّ نَفَرًا يَسِيْرًا يُسَكّنُونَ النَّاس، ونَفَذُوا إلى الكَرْخ، فصَلَّى النَّاسُ في هذا اليَوْم بجَامع المنصُور ظُهْرًا أَرْبَعًا من غير خُطْبَةٍ.

ثمّ وَرَدَ من الغَدِ - وهو يَوْم السَّبْت - نحو مائتى فارس من عَسْكَر البَسَاسِيرِيّ.

ثُمَّ دَخَل البَسَاسِيرِيُّ بَغْدَادَ يَوْم الأَحَد ثامن ذي القَعْدَة، ومعَهُ الرَّايَاتُ المِصْرِيَّة، فضَرَبَ مَضَارِبَهُ على شَاطِئ دِجْلَةَ، ونَزَل هُناك والعَسْكَر معه، وأجْمعَ (b) أهْلُ الكَرْخ والعَوَامّ من أهْلِ الجانب الغَرْبيّ على مُضَافَرة البَسَاسِيرِيّ، وكان قد جَمَع العَيَّارين

(a) هذا كلام الخطيب البَغْدَادي الَّذي عاين الأحداث، ونقله ابن عساكر فغيره إلى: وسعى النَّاس إلى صلاة

(b) أقحم ابن العديم عليها نقطتان لتصح: واجتمع، والمثبت كما عند الخطيب البَغْدَادي (مصدر النقل).

ص: 435

وأهل الرّسَاتِيْق وكافَّة الدُّعَّار (a) وأطْمَعَهُم في نَهْب دَار الخِلَافَة، والنَّاسُ إذ ذاك في ضُرٍّ وجَهْد؛ قد تَوَالت عليهم سُنُونَ مُجْدِبَةٌ، والأسْعار غاليةٌ، والأقْوَاتُ عَزِيزةٌ، وأقامَ البَسَاسِيرِيّ بمَوضِعه، والقِتَالُ في كُمّا يَوْم يَجْري بين الفَرِيقَيْن في السُّفُن بدِجْلَة.

فمَّا كان يَوْمُ الجُمُعَة الثَّالث عَشر مِن ذي القَعْدَة، دُيِ لصَاحِب مِصْر في الخُطْبَة بجامع المنصُور، وزِيْد في الأذان: حَيَّ على خَيْر العَمَل، وشَرَع البَسَاسِيرِيُّ في إصْلَاح الجِسْر، فعَقَدَهُ بباب الطَّاق، وعَبَرَ عَسْكَرُه عليه، وأنْزَله بالزَّاهِر. وكَفَّ النَّاسُ عن المُحَارَبةِ أيَّامًا.

وحَضَرِتُ الجُمُعَة يَوْم العشرينَ من ذي القَعْدَة، فدُعِيَ لصَاحِب مِصْر فِي جامعِ الرُّصَافة، كما دُعِيَ له في جامع المَنْصُور، وخَنْدَق الخلَيفَة حَوْل دَاره ونَهْر المُعَلَّى خَنادِقَ، وأصْلَح ما اسْتَرَمَّ من سُور الدَّار.

فلمّا كان يَوْم الأَحَد لليْلَتَيْن بَقِيَتا من ذي القَعْدَة حَشَر البَسَاسِيرِيُّ أهْلَ الجانب الغَربيّ عُومًا، وأهْل الكَرْخ خُصُوصًا، ونهَضَ بهم إلى حَرْبِ الخلَيفَةِ، فتَحَاربُوا يَوْميْن، قُتِلَ بينهما قَتْلَى كَثِيْرة.

واسْتَهَلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فدلفَ البَسَاسِيرِيُّ في يَوْم الثّلاثَاء ومَن معه نحو دَار الخِلَافَة، وأضْرَمَ النَّارَ في الأسْوَاق بنَهْر مُعَلَّى وما يليه، ولم يكُن بقِيَ في الجانب الغَرْبيّ إلَّا نَفَرٌ ذو عَدَد، وعَبَر الخلقُ للانْتَهابِ، وأحاطُوا بدار الخِلَافَة، فنُهِبَ ما لا يُقَدَّر قَدْرُهُ، ووجَّهَ الخلَيفَة إلى قُرَيْش بن بَدْرَان البَدَوِيّ العُقَيْلِيّ، وكان ضَافَرِ البَسَاسِيرِيَّ، وأقْبَلَ معه، فأذَمَّ

(1)

قُرَيْشٌ الخلِيفَة في نفسه، ولَقِيَهُ قُرَيْشٌ فقبَّل الأرْض بينَ يَدَيْهِ دَفْعَات، وخَرَج الخلَيفَةُ معهُ من الدَّار راكبًا، وبينَ يَدَيْهِ رَايَةٌ سَوْداءُ، وعلى الخلَيفَة قَبَاءٌ أسْودُ وسَيْفُ ومِنْطَقة، وعلى رأسهِ عِمَامَةٌ تحتها قَلَنْسُوَةُ،

(a) الأصل: الذعار، بالذال المعجمة، وصوابه المثبت كما هو عند الخطيب البَغْدَادي.

_________

(1)

أي استذمه: طلب منه الذمة.

ص: 436

والأتْراكُ في أعْرَاضه، وبينَ يَدَيْهِ، وضَرَبَ قُرَيْشٌ لخَلِيفَة خَيْمَةً إزَاءَ بيتِه بالجانب الشَّرْقيّ، فدَخَلها الخَلِيفَةُ، وأحْدَقَ بها خَدَمُهُ. ومَاشَى البَسَاسِيرِيّ وَزِيَر الخَلِيفَة أبا القَاسِم ابن المُسْلِمَة ويَدُ البَسَاسِيرِيّ قَابضَةٌ على كُمِّ الوَزِير، وقُبضَ على قاضِي القُضَاةِ أبي عَبْدِ اللّه الدَّامَغَانِيِّ وجَمَاعَةٍ معه وحُمِلوا إلى الحَريْم الطَّاهِريّ، وقُيِّدَ الوَزِيرُ وقاضِي القُضَاةِ.

فلمَّا كان يَوْم الجُمُعَة الرَّابِع من ذِي الحِجَّة لم يُخْطَبْ بجامع الخَلِيفَة، وخُطِبَ في سَائر الجَوَامع لصَاحِب مِصْرَ، وفي هذا اليَوم انْقَطَعَتْ دَعْوَة الخلَيفَةِ من بَغْدَاد، ولمَّا كان يَوْم الأرْبَعَاءِ تَاسِعُ ذِي الحِجَّة، وهو يوْمِ عَرَفَة، أُخْرِجَ الخَلِيفَةُ من المَوضع الّذي كان بهِ، وحُمِلَ إلى الأنْبَار، ومنها إلى حَدِيثَة عَانَة على الفُرَات، فُحبِسَ هناك، وكان صَاحِب الحَدِيْثة والمُتَوَلِّي خِدْمَة الخلَيفَة بنَفْسه هناك مُهَارِش البَدَوِيّ، وحُكِيَ عنه حُسْن الطَريْقَة، وجَمِيل المُعْتَقَد.

فلمَّا كان يَوْمَ الاثْنَين الثَّامن والعشرين (a) من ذي الحجة شُهِرَ الوَزِير على جَمَلٍ، وطِيْفَ بهِ فِي مَحَالِّ الجانب الغَرْبيّ، ثمّ صُلِبَ حيًّا بباب خُرَاسَانَ إزَاءَ التُّرَب، وجُعِلَ في فَكَّيْهِ كَلُّوْبَان من الحَدِيْد، وعُلِّق على جِذْعٍ، فماتَ بعد صَلَاة العَصْر من هذا اليوم، وأُطْلِقَ قاضِي القُضَاة أَبو عَبْد اللّه الدَّامَغَانِيّ بمالٍ قُرِّرَ عليه.

وخَرَجْتُ من بَغْدَاد يَوْم النِّصْف من صَحفَر سَنَة إحْدَى وخَمْسِين، فلم يَزَل الخَلِيفَة في مَحْبَسِه بحَدِيْثَةِ عَانَة إلى أنْ ظَفَر طُغْرِلبِك بأخيهِ إبْراهيم وقَتلَهُ، ثمّ كاتَبَ قُرَيْشًا في إطْلَاق الخَلِيفَة وإِعَادته إلى دَاره، وذُكِرَ لنا أنَّ البَسَاسِيرِيَّ عَزَم على ذلك لمَّا بَلَغَهُ أنَّ طُغْرِلبِك مُتَوجِّهٌ إلى العِرَاق، وأطْلَعَ البَسَاسِيرِيّ أبا مَنْصُور عَبْد المَلِك بن مُحَمَّد بن يُوسُف على ذلك، وجَعَلَهُ السَّفِيرَ بينه وبين الخلَيفَة فيه، وشَرَطَ أنْ يَضْمَنَ الخلَيفَة للبَسَاسِيْرِيّ صَرْفَ طُغْرِلبِك عن وَجْهه.

(a) الأصل: والعشرون.

ص: 437

وأَحْسَبُ أنَّ طُغْرِلبِك كاتَبَ مُهَارِشًا في أمْر الخَلِيفَة، فأخْرجَهُ من مَحْبَسِه، وعَبَر بهِ الفُرَات، وسار به في البِرَّيَّةِ قَصْدَ تَكْرِيت في نَفَرٍ من بني عَمّه، وأغَذَّ السَّيرَ حتَّى وَصَل به إلى دِجْلَةَ، ثمّ عَبَر بهِ وسَار في صُحبَتِه قَصْدَ الجَبَل، وقد بَلَغَهُ أنَّ طُغْرِلبِك بشَهْرَزُور، فلمَّا قِطَعَ أكثر الطَّريق عُرِّفَ (a) أنَّ طُغْرِلبِك (b) قد حَصَلَ ببَغْدَاد، فعاد سَائرًا حتَّى وَصَل إلى النَّهْرَوَان، فأقام بالخَلِيفَة (c) هناك، ووجَّهَ إليه طُغْرِلبِك مَضَارِبَ ورحْلًا (d) وأثاثًا، ثمّ خَرَج لتلقِّيْهِ.

فانْتَهى إلينا ونحنُ بدِمَشْق في يَوْم عِيْد الأضْحَى من سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وأرْبَعِمائة أنَّ الخَلِيفَة تَخَلَّص من مَحْبَسِه، وانْتَهى إلينا لسَبعْ بَقِينَ من ذِي الحِجَّة خَبَرُ حُصُوله ببَغْدَاد في دَاره.

وكَتَبَ إليَّ

(1)

من بَغْدَاد مَنْ ذَكَرَ أنَّ الخَلِيفَة حَصَل في دَاره في يَوْم الخامس والعشرين من ذي القَعْدَة.

وأسْرَى طُغْرِلبِك إلى البَسَاسِيرِيّ عَسْكَرًا من الغُزّ وهو في بَلَدِ ابن مَزْيَد بسِقْي الفُرَات، فحاربوه إلى أنْ ظُفِرَ به، وقُتِلَ وحُمِلَ رأسُه إلى بَغْدَاد، فطِيْفَ به، وعُلّقَ إزاءَ دار الخِلَافَة في اليَوْم الخامِس عَشر من ذِي الحِجَّة سَنَة إحْدَى وخَمْسِين

(2)

.

(a) هكذا مجودًا في الأصل، وفي تاريخ بغداد: وعَرَف.

(b) ضبطه ابن العديم في هذا الموضع: طُغْرلبُك.

(c) تاريخ بغداد: الخليفة، وظاهر كلام ابن العديم أنه الأوجه.

(d) تاريخ بغداد: ورحالًا.

_________

(1)

الكلام للخطيب البغدادي والنقل متتابع عنه.

(2)

هنا موضع انتهاء النقل عن الخطيب البغدادي. وهذا النص المنفول يشكل جلَّ ترجمة الخليفة القائم بأمر اللّه.

ص: 438

بسم الله الرحمن الرحيم

وبِه تَوفيقي

ذكَرَ أبو الوَفَاء الأَخْسِيْكَثِيّ (a) في تَارِيْخهِ، وحَكَاهُ عن الأدِيْب أبي العبَّاس أحْمَد بن عليّ بن بَابَه القَاشِيّ

(1)

في ذِكْرِ أبي الحَارِث أَرَسْلَان التُّرْكِيّ البَسَاسِيرِيّ، قال: هو مَنْسُوبٌ إلى بَسَا مَدِينَة بفارس، والعَرَب تقُولُ: فَسَا، ويَنْسُبُونَ إليها فَسَويّ، وأهل فارس يَنْسُبون إليها البَسَاسِيرِيّ، وكان مَوْلاهُ رَجُلًا من أهْلِ بَسَا، فنُسِبَ الغُلَامُ إليه واشْتَهرَ بهذه النِّسْبَةِ.

قَرأتُ بخَطِّ العِمَادِ الكَاتِب أبي حَامِد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانيّ في سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وأرْبَعِمائة

(2)

: وقُتِلَ في هذه السَّنَة البَسَاسِيريّ، فإنَّ السُّلْطان سيَّر أَنَوشَرْوان، وأزذم (b)، وسَاوتِكِيْن الخَادِم، وانْضَافَ إليهم سَرَايَا بن مَنيع الخفَاجِيّ، فقصَدُوا نُوْر الدَّوْلَةِ دُبَيْسًا، والبَسَاسِيرِيّ عنده، فمضَى نُوْر الدَّوْلَة ووقفَ البَسَاسِيِريّ في جَمَاعَةٍ ووقعَت في فَرَس البَسَاسِيرِيّ نُشُّابَة فاجْتَهَدَ في قَطْع تِجْفَافِهَا

(3)

، ورمَتْهُ فَرَسُهُ، ووقَعَ في وَجْهِهِ ضَرْبَةٌ، وأسَرَهُ كُمُشْتُكِيْن دَوَاتِيُّ عَمِيْدِ المُلْك، وحَزَّ رأسَهُ، وحَمَلَهُ إلى السُّلْطان.

(a) في الأصل: الأخشيكثي. وهو أبو الوفاء محمد بن محمد الأخسيكثي (ت بعد 520 هـ)، نسبته إلى أخسيكث من بلاد فرغانة. السمعاني: الأنساب 1: 132 - 133.

(b) في كتاب تاريخ دولة آل سلجوق: أردم، بمهملتين، وفيه زيادة على المذكورين أعلاه: سرهنك وخمارتكين الطغرائي.

_________

(1)

لم يورده ابن بابه القاشي في كتابه رأس مال النديم (تحقيق محمد خريسات، مركز زايد، 2001 م).

(2)

العماد الأصفهاني: تاريخ آل سلجوق 17، وهو مما اختصره البنداري من الكتاب، فجاء النص قريبًا من الذي أورده ابن العديم أعلاه.

(3)

التِّجْفَافُ: ما يوضع على الخيل من حديدٍ وغيره في الحرب. لسان العرب، مادة: جفف.

ص: 439

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: دَفَعَ إليَّ أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن الحُسَين اليَزْدِيُّ الفَقِيه جُزءًا في آخره بخَطِّ مَحْمُود بن الفَضْل بن أبي نَصْر الأصْبَهَانِيِّ دُعَاءُ الإمَام القَائِم بأمْرِ اللّه أَمِير المُؤمِنِين رضي الله عنه، لمَّا أخَذَهُ البَسَاسِيرِيُّ وحَمَلَهُ إلى الحَدِيْثةِ، وهو في السِّجْن، فعَمِلَ هذا الدُّعَاءَ، وسَلَّمَهُ إلى بَدَوِيّ، وأمَرَه أنْ يُعَلِّقه على الكَعْبَةِ: إلى اللّهِ العَظِيم، من عَبدكَ المِسْكِين، اللَّهُمَّ إنّكَ العَالِم بالسَّرَائر، والمُحِيْط بمَكْنُوناتِ الضَّمَائِر، اللَّهُمَّ إنِّي (a) غَني بعِلْمكَ واطِّلاعكَ على أُمُور خَلْقك عن إعْلَامي بما أنا فيه، عَبْدٌ من عَبِيْدكَ قد كَفَر بنعْمَتكَ وما شَكَرَها، وألْقَى العَوَاقِبَ وما ذَكَرها، أطْغَاهُ حلمُكَ، وتَجبَّر بأنَاتك، حتَّىَ تَعَدَّى علينا بَغْيًا، وأسَاءَ إلينا عتُوًّا وعُدْوَانًا.

اللَّهُمَّ قَلَّ النَّاصِرونَ لنا، واعْتَزَّ الظَّالَم، وأنْتَ المُطَّلعُ العَالِم، والمُنْصِفُ الحَاكِم، بكَ نَعْتَزُّ عليهِ، وإليكَ نَهْرُب بينَ يَدَيْهِ، فقد تعزَّز علينا بالمَخْلُوقِيْن ونحنُ نَعْتَزُّ بكَ يا رَبَّ العالَمِين.

اللَّهُمَّ إنَّا حَاكَمْناهُ إليكَ، وتوَكَّلْنا - في إنْصَافنا منه - عليْكَ، وقد رَفَعْتُ ظلَامَتي إلى حَرَمِكَ، ووَثِقْتُ في كَشْفها بكَرَمِكَ، فاحْكُم بيني وبينَهُ، وأنْتَ خَيْرُ الحَاكِمين، وأَرِنَا منهُ ما نَرْتَجِيْهِ، فقد أخَذَتْهُ العِزَّةُ بالإثْم.

اللَّهُمَّ فاسْلُبْهُ عِزَّهُ، ومَكِّنَّا بقُدْرتِكَ من ناصِيَتهِ يا أرْحَم الرَّاحِميْن.

فحَمَلَها البَدَوِيّ وعُلِّقت على الكَعْبَة، فحُسِبَ ذلك اليوم، فوُجِدَ أنَّ البَسَاسِيرِيّ قُتِلَ وجِيء برأسِهِ بعد سَبْعة أيَّامٍ من التَّاريخ.

(a) كذا في الأصل.

ص: 440

نَقَلْتُ من كتاب الرَّبْيع، تأليفُ غَرْس النِّعْمَة مُحَمَّد بن هِّلِل بن المُحَسِّن بن الصَّابِئ، وأنْبَأنَا به عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف، عن أبي الفَتْح بن البَطِّيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُمَيْدِيِّ عنه، قال: حَدَّثَنَى المَسْعُود بن أبي المَعَالِي الفَضْل، وكان أحَد حُجَّاب البَسَاسِيرِيّ، في المُحَرَّم من سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وأرْبَعِمائة بالرَّحْبَةِ، وقد خَرَجْتُ إليها خَوْفًا من جَرِيرَهَ فِعْل البَسَاسِرِيِّ بالقَائِم بأمْرِ الله، قال: رأيتُ في مَنامِي في ذِي الحِجَّة كأنَّ البَسَاسِيرِيِّ جالِسٌ (a) في دَارِه وأنا قائم على رأسه إذ دَخل عليه غُلَامان بثِيَاب حسَانٍ، فنَهَض إليهما وخَدَمهُما وقبَّل أيديهما وأرْجُلهما، وجَلَس بين أيديهما، فقالا له: يا هذا، قصدْتَ البَصْرَة فعَضَدناكَ، والأنْبَار فأعَنَّاك، وسِنْجَارَ فسَاعَدْناكَ، والمَوْصِل فقَوَّيْناك، وبَغْدَاد فنَصَرْنَاكَ، وقالا بأيديهما يَضُمَّانها ويَبْسُطَانها ما مَعْناه: فما آخر ذاك، وإلى مَتِى؟ يُكَرِّرانه دَفْعات، فاسْتَطْرف ذاكَ. وجَاءَ خَبَره بعد أيَّامٍ إلى الرَّحْبَة بقَتْلِه وزَوَال أمْره.

قَرأتُ بخَطِّ أبي مَنْصُور أسْبَهْدُوسْت بن مُحَمَّد بن أَسْفَار الدَّيْلَمِيّ في دِيْوان شِعْره يَرْثِي أبا الحَارِث البَسَاسِيرِيّ: [من الكامل]

أَقْسَمْتُ بَعْدَكَ لا أقُولُ مَدِيْحا

حتَّى أُصَابحَ في التُّراب صَفِيْحَا

كلَّا ولا صَاحبْتُ غَيركَ صَاحِبًا

إلَّا الأسَى والحُزْنَ والتَّبْرِيْحَا

الصَّبْرُ يحْسُنُ عندَ كُلِّ مُصِيْبَةٍ

وأراهُ بَعْدَكَ - لا أجَلُّ - قَبِيْحَا

لهفي على دَمِكَ العَزِيزِ وقد غَدَا

فَوْقَ التُّرابِ مُضَيَّعًا مَسْفُوْحَا

إنْ كنْتَ لم تَسْكُنْ ضَرِيْحًا فالحَشَا

منِّي لذِكْرِكَ لا يَزَالُ ضَرِيْحَا

ولقَد عَلِمْنا إذ طُرِحْتَ على الثَّرَى

أنَّ النَّدَى أمْسىَ هُنَاكَ طَرِيْحَا

(a) الأصل: جالسًا.

ص: 441

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ أزْهَر

‌أزْهَر

كان مع عليٍّ رضي الله عنه بصِفِّيْن، ثمّ صَارَ بها مع مُعاوِيَةَ رحمه الله. له ذِكْرٌ في وَقْعَة صِفِّيْن، ذَكَرهُ المَدَائِنيّ.

‌أزْهَرُ الكُوْفيُّ

(1)

بَيَّاع الخَمْر، كان بخُنَاصِرَة من إقْليِمِ الأحَصّ من عَمَل حَلَب، ورأى بها عُمَر بن عَبْد العَزِيْز رحمه الله، وسَمِعَ خُطْبتَهُ. روى عنهُ إِدْرِيس بن يَزِيد الأوْدِيّ الكُوْفيّ.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد البَغْدَاديّ، عن أبي غَالِب بن البَنَّاءِ، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا سُليْمان بن أَيُّوب الجلَّاب، قال: حَدَّثَنَا الحارِثُ بن أبي أُسامَة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(2)

، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ اللّه بن إِدْرِيس، قال: سَمِعْتُ أبي ذَكَرَ عن أزْهَر - صَاحِب كان له - قال: رأيْتُ عُمَر بن عَبْد العَزَيْز بخُنَاصِرَة يَخْطبُ النَّاسَ، وقَمِيْصُه مَرْقُوعٌ.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(3)

، قال: أنْبَأنَا أبو عليّ الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم الحافِظُ (a)،

(a) كتب ابن العديم في الهامش في مخرج عيَّن موضعه هنا: "وأخبرنا"، وليست في تاريخ ابن عساكر مصدر الرواية، ولعله أراد إدخال تحويل لسند آخر فلم يتهيأ له.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 8: 44، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 394.

(2)

طبقات ابن سعد 5: 402 - 403.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 44.

ص: 442

قال: حَدَّثَنا أبو بَكْر عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن شِبْل، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي شَيْبَةَ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن إِدْرِيس، عن أَبِيهِ، عن أزْهَر بيَّاعِ الخَمْر، قال: رأيْتُ عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْز بخُنَاصِرَة يَخْطب النَّاسَ، عليه قَمِيْصٌ مَرْقُوعٌ.

‌ذِكْرُ مَن اسْمُهُ أُسامَة

‌أُسامَةُ بن الحَسَن بن عَبْدِ الله بن سَلْمَان

(1)

سَمِعَ بأنْطَاكيَةَ أحْمَد بن الوَلِيد بن مُحَمَّد بن بُرْدٍ الأنْطَاكِيّ، وحَدَّثَ عنهُ، وعن عَبْد اللّه بن أَحْمَد العَدَوِيّ، وعليّ بن مَعْبَد بن نُوح البَغْدَاديّ. رَوَى عنهُ أبو الطَّيِّب العبَّاس بن أحْمَد الشَّافِعيّ.

أنْبَأنَا زَيْن الأُمَناءَ أبو البَرَكَات بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَتَنْا أمَةُ العَزِيز شُكْر (a) ابنَةُ أبي الفَرَج سَهْل بن بِشْر الإسْفَرَاينيّ، قالت: أخْبَرَنا أبي، وأبو نَصْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعيد الطُّرَيْثِيثِيّ (b)، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِيّ البَزَّاز، المَعْرُوفُ بابنِ الطَّفَّال، بمِصْرَ، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب العبَّاس بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل المَعْرُوف بالشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنا أُسامَةُ بن الحَسَن بن عَبْد اللّه بن سَلْمَان بعِرْقَة، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مَعْبَد، قال: حَدَّثَنَا شُجَاعَ بن الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنا حِمْيَرُ بن الكِنْدِيّ، عن زِيَاد بن أبي زِيَاد، عن أبي هُرَيْرَة، قال: قال رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم

(3)

: منْ حَفظ على أُمَّتِي أرْبعيْن حَدِيثًا من أَمْر دِيْنها بَعَثَهُ اللّهُ يَوْم القِيامَةِ فَقِيهًا عَالمًا.

(a) في الأصل بالمهملة. سكر، ومثله في تاج العروس مادة: سكر، والمثبت من تاريخ ابن عساكر وسير أعلام النبلاء 21: 162، وانظر ترجمتها في تاريخ الإسلام 12:29.

(b) بعده عند ابن عساكر: سنة تسع وسبعين.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 8: 45، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 394.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 45.

(3)

تقدم تخريجه في الجزء الثاني.

ص: 443

‌أُسامَةُ بن مُرشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن نَصر بن مُنْقِذ بن مُحَمَّد بن مُنْقِذ بن نَصْر بن هاشِم بن سَرَّار (a) بن زِيَاد بن زُغَيْب (b) بن مَكْحُول بن عَمْرو بن الحارِثِ بن عمرو بن مَالِك بن أبي مَالِك بن عَوْف بن كِنَانَة بن بَكْر بن عُذرَة بن زَيد اللَّات بن رُفيدَة بن ثَوْر بن كَلب بن وَبْرَة بن تغلِب بن حُلْوَان بن عَمْرو بن الْحاف بن قُضاعَة بن مَالِك بن حِمْيَر بن مُرَّةَ بن زيد بن مَالِك بن حِمْيَر بن سَبَأ بن يَشجُب بن يعرُب بن قَحطَان بن عَابَر بن أَرْفخشَذ بن سَام بن نُوح، أبو المُظَفَّر بن أبي سَلامَةَ بن أبي الحسَن بن أبي المُتوَّج الكِنَانِيّ الشَّيْزَرِيّ، المُلقَّب مُؤيَّد الدَّولَة

(1)

وُلد بشَيْزَر ونَشَأ بها، وأخْرَجَهُ عَمُّه أبو العَسَاكِر سُلْطان بن عليّ خَوْفًا منهُ على نَفسه، لِمَا رَأى من شَجَاعته وإقدَامه، وقَدِمَ حلَبَ مِرَارًا مُتَعدِّدةً، وكان

(a) مثله في أصول كتاب خريدة القصر للأصفهاني 11: 498 وحولها المحقق: سوار.

(b) الخريدة: رغيب.

_________

(1)

توفي سنة 584 هـ، وترجمته في: البرق الشامي للعماد الأصفهاني 3: 44، 104، خريدة القصر (قسم الشام) 11: 498 - 547 (وفيه سياقة نسبة إلى آدم عليه السلام، تاريخ ابن عساكر 8: 90 - 95، سنا البرق الشامي للبنداري 110 - 112، الروضتين لأبي شامة 2: 284 - 286، 4: 35، المنذري: التكملة 1: 95 - 96، معجم الأدباء 2: 571 - 581، ابن الأثير: الكامل 11: 184، 191، 194، 219، 285، ابن الساعي: الدر الثمين في أسماء المصنفين 296 - 297، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 21: 359 - 363، وفيات الأعيان 1: 195 - 199، ابن الفوطي: مجمع الآداب 4: 394 - 395، تاريخ الإسلام 12: 770 - 775، العبر في خبر مَن غبر 3: 87 - 88، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 240، سير أعلام النبلاء 21: 165 - 167، ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار 16: 25 - 42، الوافي بالوفيات 8: 378 - 382، تاريخ ابن الوردي 2: 86، ابن كثير: البداية والنهاية 12: 331 - 332، العيني: عقد الجمان 2: 112 - 113، ابن خلدون: العبر 9: 713 - 716 (وفيه كلام على أسرة بني منقذ ومكانهم من الرئاسة والحكم)، اليافعي: مرآة الجنان 3: 323 - 324، المقريزي: المقفى الكبير 2: 40 - 49، النجوم الزاهرة 6: 107، شذرات الذهب 6: 459، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 403 - 407، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 261 - 263. وانظر كتابه الاعتبار ففيه تأريخ لحياته ومسيرته.

ص: 444

من الأُمُرَاء الفُضَلَاء، الأُدَبَاء الشُّعَراء، الشُّجْعَان الفُرْسَان، له مُصَنَّفاتُ عَدِيدةُ ومَجَامِيْعٌ مُفِيْدَة، ومَوَاقِفُ مَشهُورة، ووَقَائِع مَذْكُورَة، وفَضَائِل مَسْطُورة.

رَوَى عن أبي الحَسَن عليّ بن سَالِم بن الأَغرّ بن عليّ السِّنْبِسِيّ، وابنِهِ كَامِل بن عليّ، ومُؤَدِّبهِ أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن يُوسُف بن المُنيِرة الكَفْرطَابِيِّ، ووالدِه أبي سَلامَة مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ، وأبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن شَافِع بن الحُسَين بن العَرار، سَمِعَهُم بَصَر، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن نَحْلَد بن عَبْد اللّه بن مَخْلَد التَّيْمِيّ الإشْبِيلِيّ، سَمِعهُ بمِصْر، والخَطِيب يَحْيَى بن سَلامَة الحَصْكَفِيّ سَمعَهُ بميافارقِين، وابي هاشِم مُحَمَّد بن أبي مُحَمّد بن مُحَمَّد بن ظفر، سَمِعه بحَمَاة، وأبي القَاسِم عَبْد المَلِك بن زيْد بن يَاسِيْن الدَّوْلَيِّ خَطِيب دِمَشْق، سَمِعَهُ بدِمَشْق، وآخرين غيرهم، ورَوَى بالإجَازَة عن أبي الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن قُبَيْس الغَسَّانِيّ.

رَوَى عنهُ الحافِظان أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللّه الدِّمَشقِيّ، وأبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، وعِمَاد الدِّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامد الأصْبَهَانِيّ الكاتِب، وعَبْدُ السَّلام بن يُوسُف الدِّمَشقِيّ، وأبو البَرَكاتِ مُحَمَّد بن مُحمَّد بن عليّ قاضي أَسْيُوط، والشَّريفُ أبو القَاسمِ عَبْد اللّه بن عليّ بن زُهْرَة الحلَبِيّ، ووَلده العَضُد مُرْهَف بن أُسامَة بن مُنْقِذ، وجَمَاعَة غيرهم.

رَوَى لنا عنْهُ أبو إسْحَاق إبراهيم بن شَاكِر بن عَبْد اللّه بن سُلَيمان، وأبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر بن عليّ القُرْطُبِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد اللّه بن عُمَر بن عليّ الحُمَوِيّ

(1)

، والحَكِيم أبو القَاسِم هِبَةُ اللّهِ بن صدَقَة الكَوْلَمِيّ، وأبو عَبْد اللّه مُحَمَّدُ بن

(1)

نسبة إلى حَمُّوَيْه، جَدُّ والده، وليس إلى مدينة حماة.

ص: 445

عَبْد الكَافِي بن عليّ الرَّبَعِيِّ، وأبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن إسماعِيْل القِيْلَويُّ، وأبو المَعَالِي مُحَمَّد بن الحُسين بن أَسْعَد بن العَجَمِيّ.

أخْبَرَنا القَاضِي بَهَاء الدِّين أبو إسْحَاق إبْراهيم بن أبي اليُسْر شَاكِر بنُ عَبْدِ اللّه بن مُحَمَّد بن عَبْدِ اللّه بن سُلَيمان التَّنُوخِيّ، قِراءَةً عليهِ بدَارِهِ بدِمَشْقَ، والشَّيْخ تَاج الدِّين أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ القُرْطُبي الدِّمَشقيُّ بها، وشَمْس الدِّين أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن عَبْد الكافي بن عليّ الرَّبَعِيِّ، قاضي حِمْص بحَلَبَ وبدِمَشْق، وأبو القَاسِمِ هِبَةُ اللّه بنُ صَدَقَة بن عَبْدِ الله الكَوْلَميِّ بالقَصْر الغَرْبيّ بالقَاهِرَة، قالوا: أخْبَرَنا مُؤيّدُ الدَّوْلَة أبو المُظَفَّر أُسامَةُ بن مرشِد بن عليّ بن مُنْقِذ الكِنَانِيُّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو الحَسَن عليّ بن سَالِم بن الأَغَرّ بن عليّ السِّنْبِسِيِّ بثَغْر شَيْزَر سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخ أبو صالح مُحَمَّد بنُ المُهَذَّب بن عليّ، قال: حَدَّثَنا جَدِّي أبو الحُسَين عليّ بن المُهَذَّب بن أبي حَامِد، قال: حَدَّثَنَا أبو حَامِد بن هَمَّام، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيم القُبْرُسِيّ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن هُدْبَةَ، عن أنسَ بن مَالكٍ

(1)

، قال: قال رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم: ألَا من بَكى على ذَنْب في الدنْيا حتَّى تَسِيْل الدُّمُوع على حُرّ وَجْهه، حرَّم اللّهُ دِيباجَ وجْهِهِ على جَهَنَّم.

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ الإمام، قال: أُسامَةُ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن نَصْر بن مُنْقِذ الشَّيْزَرِيّ، أبو المُظَفَّر المَعْرُوف بمُؤيَّد الدَّوْلَة من أهْل شَيْزر؛ قلعَة بالشَّام من الثَّغْر، أميرٌ فَاضِلٌ غزيرُ الفَضْل، وَافِر العَقْل، حَسَنُ التَّدْبِير، مَلِيْح التَّصَانيف، عَارِف باللُّغَة والأدَب، مُجَوِّدٌ في صَنْعَة

(1)

الأصبهاني: تاريخ أصبهان 1: 210 (رقم 309)، ابن حجر العسقلاني: لسان الميزان 1: 120، ابن عراق: تنزيه الشّريعة المرفوعة 2: 314 (رقم 114)، الشوكاني: الفوائد المجموعة 251 (رقم 89).

ص: 446

الشِّعْر، من بيتِ الإمَارَة والفُرُوسِيَّة واللُّغَة، سَكَنَ دِمَشْقَ، لَقِيتُه بالفوَّارِ بِظَاهِر دِمَشْق بحَورِان (a)، واجْتَمَعْتُ معَهُ بدِمَشْقَ عدَّة نُوبٍ، وكان مَلِيْح المُجَالَسَة، حَسَن المُحَاورةِ، كَثِيْر المحفُوظ؛ كان يقول لي: كُنْتُ أحْفَظُ أكْثر من عِشْرين ألفَ بَيْتٍ من شِعْر الجاهِلِيَّةِ. علَّقتُ عنه من شعْره شيئًا، وقال لي: دَخَلْتُ بَغْدَاد وَقْتَ مُحَارَبةِ دُبيسٍ بن صَدَقَة مع المُسْترشِدِ باللَّه، قال: ونَزَلْتُ الجانِب الغَرْبيَّ عنده باب البَصْرَة وما عبرْتُ إلى شرْقيِّها، سَألتُهُ - أعْني أبا المُظَفَّر - عن مَوْلدِه، فقال: وُلدْتُ في سَنَة سَبعٍ - أو ثَمانٍ - وثمانين وأرْبَعِمائةٍ؛ أنا الشَّاكُّ.

أخْبَرَنا زَيْن الأُمَناء أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن فيما أَذنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بنُ الحَسَن

(1)

، قال: أُسامَةُ بن مُرْشِد بن عليّ بن المُقَلَّد بن نَصْر بن مُنْقِذ بن مُحَمَّد بن مُنْقِذ (b) بن نَصْر بن هاشِم أبو المُظَفَّر الكِنَانِيّ المُلَقَّبُ بمُؤيَّد الدَّوْلَة، لهُ يَد بيضاءُ في الأدَب والكتابةِ والشِّعْر. ذَكَرَ لي أنَّهُ وُلد سَنَة ثمانٍ وثمانين وأرْبَعِمائة، وقَدِمَ دِمَشْقَ سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثين وخَمْسِمائَة، وخَدَمَ بها السُّلْطان، وقَرُبَ منهُ، وكان شُجَاعًا فَارِسًا، ثمّ خرَجَ إلى مِصرَ، فأقام بها مُدَّةً، ثمّ رجَع إلى الشَّام، وسَكَن حَمَاةَ، واجْتَمَعْتُ به بدِمشْق، وأنْشَدَني قَصَائِد من شِعْره سنة ثمانٍ وخَمْسِين وخَمْسِمائَة.

قَرأتُ بخَطِّ مُؤيَّد الدَّوْلَة أُسامَة في كتابه المَوْسُوم بأزْهَار الأنْهَار

(2)

، وقد أجازَ رِوَايتَهُ مع غيره لِجَمَاعَةٍ أجَازُوا لنا ذلك عنه، منهم: الشَّيْخ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن

(a) هكذا في الأصل، ولعله: وبحوران.

(b) لم يرد في التاريخ ابن عساكر "مُحَمّد بن منقذ".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 90.

(2)

كتاب أزهار الأنهار لأسامة بن منقذ من الكب التي لم تصلنا، نقل عنه ابن العديم في موضعين وصرح فيهما بعنوانه المثبت، وقدره ابن الساعي في ثلاثة أجزاء، وذكره حاجي خليفة ونسبه إلى ابن منقذ ولم يزد على ذلك. انظر: ابن الساعي: الدر الثمين في أسماء المصنفين 297، كشف الظنون 1:72.

ص: 447

عَبْد اللّه بن عُلْوَان (a)، قال: وممَّا يَخُصُّني من غَرَائِب اللَّبَن أنني حين وُلدْتُ الْتُمِسَ لي مَنْ يُرْضعُنيّ، فقدَّر اللّه سُبْحَانَهُ الرِّزْق من امْرأةٍ كبيرة قد نيفَتْ عن السِّتِّين سَنَةً، ليسَ لها وَلدٌ صغيرٌ، فدَرَّتْ عليَّ وأرْضَعَتْني إلى حين فُطِمْتُ، وعاشَتْ بعد فطَامِي نَحْوًا من خَمْس عَشْرة سَنَةً وكانت رَحمها اللّهُ مَتَى عَصَرت ثَدْيَها طار منه اللَّبَنُ كأنَّها مُرْضِعَة.

أنبأنَا الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: قال لي أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن المحسِّن (b) بن الملحِيُّ: الأَمِير مُؤيد الدَّوْلَة أُسامَةُ بن مُرْشِد بن مُنْقِذ، شَاعرُ أهْل الدَّهْر، مَالكُ عِنَان النَّظْمِ والنَّثْرِ، مُتَصَرِّف في مَعَانيهِ، لاحِقٌ بطَبَقَة أبيهِ، ليس يستَقْصَى وَصْحفُه بمعَانٍ، ولا يُعَبَّرُ عن شَرحها بلِسَان، فقَصَائِده الطّوال لا يُفَرَّقُ بينها وبين شِعْر ابن الوَليد، ولا ينكَر على مُنْشِدها نِسْبَتَها إلى لَبِيْد، وهي على طَرف لِسَانهِ، بحُسْن بَيانه، غير مُحْتَفل في طُوْلها، ولا يتَعَثَّرُ لفْظهُ العالي في شيء من فُصُولها، والمُقَطَّعَاتُ فأحْلَى من الشُّهْدِ، وألَذُّ من النَّوْم بعد طُول السُّهْد (ح)، في كُلِّ معنىً غَرِيْب، وشَرْح عَجَيب.

قُلتُ: ولم يَذكر الحافِظ أبو القَاسِم في تَارِيْخهِ أحَدًا ممَّن تأخَّرتْ وفَاتهُ عن وفَاته غير أرْبَعَة أو خَمْسة، أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُنْقِذ هذا أحَدُهُم، وذلك لجلَالته عندَهُ، وعُلُوَّ مَنْزِلته.

أنْبَأنَا مُحَمَّد بن إسْماعِيْل بن عَبْد الجبَار بن أبي الحَجَّاج المِصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا عِمَاد الدِّين أبو عَبْدِ اللّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكاتِب الأصْبَهَانِيّ في كتاب خَرِيْدَة

(a) ضبطه في هذا الموضع بكسر أوله: عِلْوان.

(b) في الأصل وعند ابن عساكر: الحَسَن، وتقدم اسْمُه - كما يأتي كثيرًا - على النحو المثبت.

(c) ابن عساكر: السهر، وعبارة ابن العديم أوْفق للسجع.

_________

(1)

ابن عساكر 8: 90 - 91.

ص: 448

القَصْر وجَرِيْدَة العَصْر

(1)

، تأليفه، قال: أسامَة كاسْمِهِ؛ في قُوِّة نَثْره ونَظْمه، يَلُوح منِ كَلامِهِ أمَارَةُ الإمَارَة، ويُؤسِّس بَيْتَ قَرِيْضِهِ عِمَارَهُ العِبَارة، نُشِر له عَلَمُ العِلْم، ورَقِيَ سُلَّم السِّلْمِ، ولَزِمَ طَريق السَّلامَة، وتَنَكَّبَ سُبُلَ الملَالةِ (a) والمَلَامَة، واشْتَغَل بنَفْسه، ومُجَاوَرَة أبناء جِنْسِه، حُلْوُ المُجَالَسَة، حَالي المُسَاجَلَة، نَدِيّ النَّدَى بماءِ الفُكَاهَة، عَالِي النَّجْم في سَمَاءِ النَّبَاهَة، مُعْتَدِل التَّصَارِيْف، مَطْبُوع التَّصَانِيْف، أسْكَنَهُ عِشْقُ الغُوْطَة، دِمَشْقَ (b) المَغْبُوطَة، ثمّ نَبَتْ به كما تَنْبُو (c) الدَّارُ بالكَريْم، فانتقَلَ إلى مِصْر، فبَقي بها مُؤَمَّرًا مُشَارًا إليهِ بالتَّعْظِيم إلى أيَّام ابن رُزَّيْك، فعَادَ إلى الشَّامِ، وسَكَنَ دِمشْقَ مَخْصُوصًا بالاحْترَام (d)، حتَّى أُخِذَتْ شَيْزَرُ من أهْلِهِ، ورَشَقَهُم صَرْفُ الزَّمان بنَبْلهِ، ورَماهُ الحدَثَانُ إلى حِصْن كيْفَا مُقِيْمًا بها في وَلَدِه، مُؤْثِرًا بلَدَها على بَلَدِه، حتَّى أعادَ اللّهُ سَلْطَنَةَ (e) المَلِكِ النَّاصِر صَلاحِ الدِّين يُوسُفَ بن أيُّوب في سَنَة سَبْعِين، ولم يَزَلْ مَشْغُوفًا بذِكْره، مُسْتَهْتِرًا بإشَاعَة نَظْمِهِ ونَثْرِه، والأَمِيرُ العَضُدُ مُرْهَف وَلَدُ الأَمِير مُؤيَّد الدَّولَة جَلِيْسُه ونَدِيْمُهُ وأَنِيْسُه، فاسْتَدْعاهُ إلى دِمَشْقَ، وهو شَيْخٌ قد جاوزَ الثَّمانيْن.

وكُنْتُ قد طَالَعْتُ مُذَيَّل السَّمْعَانيّ، فوَجَدْتُه قد وَصَفَهُ وقرَّظَهُ، وأنْشَدَني العَامِرِيُّ له بأصْبَهَان من شِعْره ما حَفِظه، وكُنْتُ أتَمَنَّى أبَدًا لُقْيَاه، وأشِيْمُ على البُعْد حَيَاهُ (f)، وسَألتُه عن مَوْلدِه، فقال: يَوْمَ الأَحَد سَابِع عِشْرِيّ جُمَادَى الآخرة سَنَة ثَمانٍ وثمانين وأرْبَعِمائة.

(a) ليست في الخريدة.

(b) الخريدة: بدمشق.

(c) الأصل: يبنو، والمثبت من الخريدة ومعجم الأدباء.

(d) الخريدة: بالإكرام.

(e) الخريدة: أعاد اللّه دِمَشْقَ إلى سلطنة.

(f) تتمته في الخريدة: "حتَّى لقيته في صفر سنة إحدى وسبعين بدمشق، وسألته

".

_________

(1)

خريدة القصر 11: 498 - 499، ونقله عن العماد أيضًا ياقوت: مُعْجَمُ الأدباء 2: 572 - 573.

ص: 449

وقَرَأتُ في كتاب أُنْمُوذَج الأعْيَان

(1)

لعَبْد السَّلام بن يُوسُف الدِّمَشقيّ بخَطِّه، قال: الأَمِيرُ الأَوْحَدُ، العَالِمَ، مَجْد الدِّين، مُؤَيَّد الدَّوْلَة، أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن نَصْر بن مُنْقِذ الشَّيْزَرِيّ الكِنَانِيّ، مُبَرِّزٌ في عِلْم الأدَب، عَرِيقٌ في النَّسَب، من بَيْت التَّقَدُّم والإمَارة، والسِّيَادَة في البَدَاوَة والحَضَارَة، مع عَقْل كَامِلٍ وَافِر، ورَأيٍ وَجْهُ العَوَاقِب عنده سَافِر، لم يَزَل مَوْصُوفًا بالإقْدَامِ والشَّجَاعَة، مَعْرُوفًا باللَّسَن وَالبَرَاعَة، لَقيتُه بدِمَشْق في شهر جُمَادَى الآخرة سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، وأخْبَرَني أنَّ مَوْلدَهُ في ثالث عِشْرِيّ جُمَادَى الآخرة، يَوْم الأَحَد، سَنَة ثمانٍ وثمانين وأرْبَعِمائة، وأنْشَدَني من نَظْمِهِ ما يُضَاهِي نِظَامَ اللَآلِيّ، ويكون قلَادةً في جِيْدِ الأيَّام واللَّيالِي.

قُلتُ: كان في الأصْل بخَطِّ عَبْد السَّلام بن يُوسُف سابعَ عَشْرِيّ جُمَادَى، ففَرَب بخَطِّه على سَابع وكَتَبَ فَوْقه: ثالث، والّذي يَظْهر لي أنَّ المَضْرُوب عليه هو الصَّحيح.

وقَرَأتُ في كتاب الاعْتِبَار تأليف أُسامَة بن مُرْشِد

(2)

: وُلدْتُ أنا وهو - يعني ابن عَمِّه سِنَان الدَّوْلَة شَبِيْب بن حَامِد بن حُمَيْد - في يَوْمٍ واحدٍ، يَوْم الأَحَد السَّابِع والعشرين من جُمَادَى الآخرة سَنَة ثَمانٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة.

أخْبرَني أبو المَعَالِي مُحَمَّد بن الحُسَين بن أَسْعَد بن عبد الرَّحْمن الحَلَبِيّ، قال: سَمِعْتُ أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ، مُؤَيَّد الدَّوْلَة، يَحْكي لنا بدِمَشْق أنَّ سَبَب إخْراج

(1)

لعلّه ذات الكتاب الَّذي نقل عنه ابن خلكان ولم يسم مؤلفه وهو كتاب: "أنموذج الأعيان من شعراء الزمان فيمن أدرك بالسماع أو بالعيان"، وبذات العنوان ذكره البَغْدَادي في إيضاح المكنون غفلًا من اسم مؤلفه، وهو عبد السّلام بن يوسف الجماهري الدّمشقيّ (ت بعد 580 هـ). انظر: وفيات الأعيان 6: 70، إيضاح المكنون 1:163.

(2)

الاعتبار لابن منقذ 154.

ص: 450

عَمِّه إيَّاه من شَيْزَر أنَّهُ قَتَلَ أسَدًا ضَارِيًا بنَاحِيَةِ شَيْزَر، فأخْرجَهُ عَمّه - يَعْني أبا العَسَاكِر سُلْطان بن عليّ - منها خَوْفًا على نَفْسه منه.

وقال لنا: جَاءَ الخَبَرُ إلى عَمِّي بأنَّ في بعض نَوَاحِي شَيْزَر أسَدًا ضَارِيًا قد آذَى النَّاس في طَريقهم، فتقَدَّم عمِّي إلى عَسْكَره كُلّهم أنْ يَرْكبُوا بُكرةَ الغَد من ذلك اليَوْم الّذي تَقَدَّم إليهم فيه للتَّأَهُّب للقاءِ الأسَد وقَتْلِهِ.

قال: فاسْتَدْعَيْتُ غُلَاميّ، وأمَرتُه بإسراج دَابَّتي وأخذ رُمْحي معه، وركبتُ أنا والغُلَام في اليَوْم الّذي أمر عمِّي بالتَّأهُّب له، وخَرَجتُ وغُلَامي معي حتَّى أتَيْتُ المَوضِع الّذي فيه الأسَد، فخَرَج الأسَد وحَمَل عليَّ فقاتلتُه وصَرَعْتُهُ، ونَزلتُ إليهِ فقَطَعْتُ رأسَهُ وناولتُه الغُلَام، وأمرتُه بتَسْمِيْطِهِ معه على الدَّابَّةِ الّتي تحته، ودَخَلْتُ شَيْزَر وبتُّ بها، فلمَّا أصْبَح الصَّبَاح، رَكِبَ عَمِّي وعَسْكَرَهُ، وخَرَجُوا يَطْلُبونَ الأسَدَ، فوَجَدُوا جُثَّتَهُ مَطْروحةً بلا رأسٍ، فعَجِبُوا من ذلك، وأنا ساكتٌ لا أتَكَلَّمُ.

قال: وتحدَّثَ غُلَامي مع الغِلْمَان بذلك فشَاع بينهم حتَّى عَلِمَ عمِّي به، فرجَعَ ودَخَل شَيْزَر، وصَعِدْنا على العَادَة إلى قَلْعَتها وبتْنا تلك اللَّيْلة، فقام عمِّي نصفَ اللّيْلِ وطَلَبنيّ، وأمَرَ مَنْ أسْرَج له مَرْكُوبًا، وأمَرَني بالرُّكُوب، وقال: أُريدُ أنْ تجيِء معي إلى مَوضعٍ سمَّاهُ خارج شَيْزَرَ في شُغْل، فرَكِبْتُ معه حتَّى أبْعَدَني عن شَيْزر، ثمّ قال لي: يا ابن أخيّ، شَيْزَر لك فَهَبْها ليّ، فوالله ما بَقِيْتُ أقْدِرُ على مُسَاكنَتكَ، ولم يأخُذني في هذه اللَّيْلة نَوْم من شِدَّة فِكْري فيك، إذا كان فعْلُك مع الأسَد هذا الفِعْل فأيْشٍ يكون معي لو سَوَّلَتْ لكَ نَفْسُك أنْ تَفْتِكَ بي؟ ومنذُ رَجَعْتُ إلى القَلْعَة ليسَ لي فِكْرٌ إلَّا فيكَ، ولم يأخُذْني نَوْمٌ في لَيْلتي هذه ولا قَرَارٌ إلى أنْ بادرتُ إلى إخْراجِكَ، فما أقْدر أنْ أُسَاكنكَ وأنْتَ على هذه الصِّفَةِ! قال:

ص: 451

فامْتَثْلْتُ أمْرَهُ، ووَدَّعَني، وعاد إلى شَيْزَر؛ قال: فخَرَجْتُ منها، وأقمْتُ في مكانٍ سمَّاهُ لنا شَذَّ عنِّي اسْمُه.

قُلتُ: وإلى هذا أشَار أُسامَة

(1)

في قَوْله؛ وقد أسَنّ وأرْعشَتْ يَدُه، وكتَب خطًّا مُضْطَرب الحُرُوف:[من البسيط]

فاعْجَبْ لضَعْف يَدٍ (a) عن حَمْلها قَلَمًا

من بَعْد حَطْم القَنَا في لَبَّةِ الأسَد

أنْشَدَنا افْتِخار الدِّين أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشمِيّ، قال: أنْشَدَنا تاج الإسْلَام أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، ح.

ثم أنْشَدَني تَاج الدِّين أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر أحْمَد بن عليّ الفَنَكِيّ بدِمَشْق، قالا: أنْشَدَنا أُسامَةُ بن مُرْشِد بن مُنْقِذ الشَّيْزَرِيّ لنَفْسِه

(2)

: [مجزوء الكامل المرفّل]

يا دَهْرُ ما لكَ لا يَصُدُّ

ك عن مَسَاءَتي (b) العِتَابُ

أمْرَضْتَ من أهْوَى ويَأ

بَى أنْ أُمَرِّضَهُ الحَجِابُ

لو كُنْتَ تُنْصِفُ كانت الأ

مْرَاضُ لي ولهُ الثَّوَابُ

قال العِمَاد أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكَاتِبُ الأصْبَهَانِيّ، وقد أوْرَد لأُسامَة هذه الأبْيَات في خَرِيْدَة القَصْر

(3)

: قد قيل في مَرض الحَبِيْب كُلُّ

(a) هكذا في الأصل، وفي كتاب الاعتبار وكتاب العصا ووفيات الأعيان ومسالك الأبصار والبداية والنهاية: يدي.

(b) الديوان والخريدة: إساءتي.

_________

(1)

لم يرد بيت الشعر في ديوانه، وهو في كتابه الاعتبار 194، وكتاب العصا 1: 207، ووفيات الأعيان 1: 197، ومسالك الأبصار 16: 26، والبداية والنهاية 12:332.

(2)

ديوان ابن منقذ 57، والخريدة 11: 502، ومعجم الأدباء 2: 574 والوافي بالوفيات 8: 379.

(3)

الخريدة 11: 503.

ص: 452

مَعْنىً بِكْرٍ مُخْتَرعٍ بَديهٍ (a)، ومُبْتَدَعِ فِكْرٍ، إلَّا أنَّ هذه الأبْيَات لَطِيْفَة المَعْنَى، ظَريفة المَغْزَى (b)، مَقْصَدُهَا سُهَيْل، ومَوْردُها سَهْل، لو سَمِعَتها في البَادِيَةِ عُقَيْل لم يَثْبُتْ لها عَقْل، ولا شَكَّ أنَّ حَبِيْبتَهُ عند اسْتِنْشَاق هَوَائها فاز ببُرْءِ مُهْجَتِه وشِفَائها.

أنْشَدَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر بن عليّ القُرْطُبِيّ، قال: أنْشَدَني أبو المُظَفَّر أُسامَةُ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن مُنْقِذ الكِنَانِيّ لنَفْسِه

(1)

: [من الطويل]

إذا الصَّبُّ أشْفَى من جَوَاهُ على شَفَا

أَتَى اليَأسُ ممَّا يرتَجي بشفَائهِ

وقد زَادَني يَأسِي سِقَامًا فكيفَ بالـ

ـشِّفَاءِ لصَبٍّ دَاؤُهُ في دَوَائِه

أنْشَدَني أبو عليّ حَسَنُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل النِّيْلِيُّ، قال: أنْشَدَنا مُؤيَّد الدَّوْلَة أُسامَةُ بن مُرْشِد بن مُنْقِذ لنَفْسِه في كتاب العَصَا

(2)

: [من مجزوء الرجز]

حَنَانيَ الدَّهْرُ وأبـ

ـلَتْني (c) اللَّيالِي والغِيَرْ

فَصِرْتُ كالقَوْسِ ومِنْ

عَصَايَ للقَوْسِ وَتَرْ

أَهْدِجُ في مَشْي وفي

خَطْوِي فُتُورٌ وقِصَرْ

كأنَّني مُقَيَّدٌ

وإنَّما القَيْدُ الكِبَرْ

والعُمْرُ مثْلُ الكَأسِ (d)، في

آخِرِهِ يَبْقَى (e) الكَدَرْ

أنْشَدَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ بدِمَشْق، قال: أنْشَدَني أبو المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ لنَفْسِه في ضِرْس قَلَعَهُ

(3)

: [من السريع]

(a) الخريدة: لديه.

(b) الخريدة: لطيفة المغزى ظريفة المعنى.

(c) كتاب العصا: وأفنتني.

(d) كتاب العصا والخريدة: الماء.

(e) كتاب العصا والخريدة: يأتي.

_________

(1)

لم أجده في ديوانه.

(2)

كتاب العصا لابن منقذ (ضمن نوادر المخطوطات) 1: 209 - 210، والخريدة 11: 527 - 528.

(3)

لم يرد في ديوانه، وانظرها في الخريدة 11: 500، والأبيات سوى الأخير في تاريخ الإسلام 12:772.

ص: 453

وصَاحِبٍ صَاحَبَني في الصِّبَا

حتَّى تَرَدَّيْتُ ردَاءَ المَشِيْب

لم يَبْدُ لي ستِّيْنَ حَوْلًا ولا

بَلَوْتُ من أخْلَاقهِ ما يَرِيْب

أَفْسَدَهُ الدَّهْرُ ومَنْ ذَا الّذي

يُحَافِظُ العَهْدَ بظَهْر المَغِيْب

ثُمَّ افْتَرَقْنا لم أُصِبْ مِثْلَهُ

عُمْري ومثْلي أبدًا لا يُصِيْب

فأعْجَبْ لها من فُرْقةٍ باعَدَتْ

بين أَلِيفَيْن وكُلٌّ حَبِيْب

أنْشَدَني الحَكِيم أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن صَدَقَة بن عَبْد الله الكَوْلَمِيُّ بالقَاهِرَة، قال: أنْشَدَنا مُؤيَّد الدَّوْلَة أُسامَةُ بن مُرْشِد بن مُنْقِذ لنَفْسِه بدِمَشْق في سَنَة أرْبَعٍ وثَمانين وخَمْسِمائَة في ضِرْسٍ قَلَعَهُ

(1)

: [من مجزوء الرجز]

وَصَاحبٍ صَاحَبْتُهُ

ستِّينَ حَوْلًا ما رَأَيْتُهْ

حتَّى إذا عَاينْتُهُ

عَايَنْتُ منهُ ما أَبَيْتُهْ

والهَجْرُ فيه رَاحَةٌ

من كُلِّ مَصْحُوبٍ قلَيْتُهْ

وأنْشَدَنا الحَكِيم أبو القَاسِم المَذْكُور، قال: أنْشَدَنا مُؤيَّد الدَّوْلَة أُسامَة بن مُنْقِذ لنَفْسِه في مثْله

(2)

: [من البسيط]

وصَاحِبٍ لا تُمَلُّ (a) الدَّهْرَ صُحْبتُهُ

يَشْقَى لنَفْعِي ويَسْعَى سَعْيَ مُجْتَهِدِ

لَمْ أَلْقَهُ مُذْ تَصَاحَبْنا فحينَ بَدَا

لنَاظِرَيَّ افْتَرَقْنا فُرْقَةَ الأَبَدِ

(a) الخريدة وسنا البرق وتاريخ الإسلام والمقفي والنجوم: أمل.

_________

(1)

لم يرد في ديوانه.

(2)

البيتان في ديوانه 153، والخريدة 11: 499، وسنا البرق الشامي 111، ومعجم الأدباء 2: 573، ومرآة الزمان 21: 360، ووفيات الأعيان 1: 198، وتاريخ الإسلام 12: 771، ومسالك الأبصار 16: 39، والبداية والنهاية 12: 331، وعقد الجمان 2: 113، والمقفي للمقريزي 2: 44، والنجوم الزاهرة 6:107.

ص: 454

قال العمَاد الكَاتِب؛ وأوْرَدهما في الخَرِيْدَة

(1)

: لو أنصَفْتَ فهْمَك إنْ كُنْتَ مُنْتَقِدًا، وتَرَقَّيْتَ (a) عن مَرْقَب وَهْمِكَ مُجْتَهدًا، وغُصْتَ بنَظَر فِكْركَ في بِحَار مَعَانيهِ، لَغَنِمْتَ من فَرَائد دُرَرهِ ولآليْهِ، ولعَلِمْتَ أنَّ الشِّعْر إذا لم يكن هكذا فلَغْوٌ، وأنَّهُ إذا لم يَبْلغُ هذا الحَدّ من الجَدِّ فهُجْرٌ ولَهْوٌ، ومَنْ الَّذي أَتَى في وَصْفِ السِّنِّ المَقْلُوع، بمِثْل هذا الفَنِّ المَطْبُوع، فَهَلْ سَبَقَهُ أحَدٌ إلى معناهُ؟ وهل في هذا النَّمَط سَاوَاهُ (b).

أنْشَدَنا أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الحَلَبِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، ح.

وأنْشَدَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ الفَنَكِيّ، قالا: أنْشَدَنا أبو المُظَفَّر أُسامَةُ بن مُرْشِد بن عليّ الكِنَانِيّ لنَفْسِه

(2)

: [من المنسرح]

لَمْ يَبْقَ لي في هَوَاكُمُ أرَبُ

سَلَوْتُكُم والقُلُوبُ تَنْقَلِبُ

أوْضَحْتُمُ لي سُبلَ (c) السُّلُوِّ وقد

كانَتْ لي الطُّرُقُ عنه تَنْشَعِبُ

إلَامَ دَمْعِي من هَجْركُم سَرِبٌ

قَانٍ (d) وقَلْبي من غَدْركُم يَجِبُ

إنْ كان هذا لأنْ تعبَّدَني الحُـ

ـبُّ فقد أعْتَقَتْنِي الرِّيَبُ

أحْبَبْتُكُم فَوْقَ ما تَوَهَّمَهُ الـ

ـخَلْقُ (e) وخُنْتُم أضْعَاف ما حَسَبُوا

أوْرَدَ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَاتِبُ هذه الأبْيَات في الخَرِيْدَة

(3)

، وقال: تأمَّلْ مَعَانيَ هذه الأبْيَات (f)، بعَيْن التَّأنِّي والثَّبَات، تَعْرف أنَّ قَائلَها من ذَوِي الحَمِيَّة، والنُّفُوس الأبِيَّةِ، والهِمَم العَلِيَّةِ، وكُلَّ مَنْ يَمْلِكُه الهَوَى ويَسْتَرقُهُ، قَلَّما يُطْلِقُه

(a) الخريدة: فرقيت.

(b) الخريدة: وهل ساواه في هذا النمط سواه.

(c) الديوان: أريتموني نهج.

(d) الأصل: فان، والمثبت من الديوان والخريدة ومعجم الأدباء.

(e) الديوان: الناس.

(f) الخريدة: تأمل هذه المعاني والأبيات.

_________

(1)

الخريدة 11: 499 - 500.

(2)

ديوان ابن منقذ 109 - 110، والأبيات في الخريدة 11: 501 - 502، ومعجم الأدباء 2:574.

(3)

خريدة القصر 11: 501 - 502.

ص: 455

السُّلُوُّ ويُعْتِقُه، إلَّا أنْ يكُونَ كبيرًا غلَب عَقْلُهُ هَوَاهُ، واسْتَهْجَنَ في الشَّهَوات المَذْمُومَة نَيْلَ مُنَاه، وقَوْلهُ: قد أعْتَقَتْنِي الرِّيَبُ، في غاية الجَوْدَة، ونِهايَة الكَمَال، أعْذَبُ من الزُّلَالِ، وأَطْيَبُ من الحَلَال (a)، وأَلْعَبُ بقُلُوب المُتَيَّمِيْن من نَسِيم الشَّمَال.

أنْشَدَنا شَيْخُ الشُّيُوخ تَاجُ الدِّين أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللهِ بن عُمَر بن عليّ بن حَمُّوْيَه، قال: أنْشَدَنا مُؤيَّد الدَّوْلَة أبو المُظَفَّر أُسامَةُ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن مُنْقِذ لنَفْسِهِ

(1)

: [من الكامل]

أيا تَاجَ فُرْسَان الهَيَاجِ ومَنْ بهم

ثَبَتَتْ أوَاخي مُلْك كُلِّ مُتَوّج

قَوْمٌ إذا لَبسُوا الحَدِيْد عجبتَ من

بَحْر يدافعُ في لَظَىً مُتَوَهِج

أنْشَدَنا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر، قال: أنْشَدَنا أبو المُظَفَّر أُسامَةُ بن مُرْشِد لنَفْسِه، وقالَها على لسَان الشَّيْخ أبي صالح بن المُهَذَّب رحمه الله، وكانت فيه حدَّةٌ مع فَضْل وعِلْم وتُقىً، وكان نَزَل بشَيْزَر فَرِيقٌ من العَرَب معهم جَارِيَةٌ اسْمُها شَوْق مُسْتَحْسَنَة، وكتَبَ الأبْيَاتَ ورَمَى بها نُسَخًا بشَيْزَر، فوقَع منها بيَدِ الشَّيْخ أبي صالح رحمه الله، فقَامَتْ قيامَتُه، ولم يَدْر أحَدٌ مَنْ عَمِلِ الأبْيَات، فقال له الشَّيْخُ العَالِم أبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بن يُوسُف المَعْرُوف بابنِ المُنَيِّرة رحمه الله، وهو مُؤَدِّبُهُ: هذه الأبْيَات الّتي قد رُمِيَتْ ما يُحْسِنُ يَقُولُها إلَّا أنا، أو القَاضِي أبو مُرْشِد بن سُلَيمان، أو أنْتَ، وأنا وأبو مُرْشِدٍ ما قُلْناها، وما قالها غيرُكَ، وهي

(2)

: [من المنسرح]

قُوْلَا لرِيْمٍ في حِلَّةِ العَرَب

إلَيْكِ أشْكُو ما يَصْنعُ اسْمُك بي

بم اسْتَجَازتْ عَيْنَاكِ سَفْكَ دَمِي

وأخْذَ قَلْبي في جُمْلَةِ السَّلَبِ

(a) الخريدة: السحر الحلال.

_________

(1)

لم ترد في ديوانه.

(2)

ديوان ابن منقذ 156.

ص: 456

لَوْلَاكِ والدَّهْرُ كُلُّهُ عَجَبٌ

ما خُفِرَتْ فيَّ ذِمَّةُ العَرَبِ

جَارُكِ أوْلَى برَعْي ذِمَّتِهِ

إنْ أنْتِ رَاعَيْتِ حُرْمَةَ الصَّقَبِ

هذا هَوَىً كُنْتُ في بُلَهْنِيَةٍ

عنه فيا للرِّجَالِ للعَجَبِ

أَيَسْتَرِقُّ الكَرِيمَ ذا النَّسَب الـ

ـوَاضِح عَبْدٌ مُسْتَعْجِم النَّسَبِ

ويَحْمِلُ الثَّأرَ مَنْ بهِ خَوَرٌ

عن احْتِمَالِ الحجَالِ والقُلُبِ

نَشَدْتُكِ اللهَ في احْتِمَالِ دَمِي

فمَعْشَري ما يَفُوْتُهُم طَلَبي

ما فَاتَ قَوْمي آلَ المُهَذَّبِ (a) من

قَبْلي ثَارٌ في سَالِفِ الحِقَبِ

فلَا تُرِيقي دَمًا لذي أدَبٍ

يَسْطُو بأقْلَامِهِ على القُضُبِ

قُلتُ: هذا أبو صالح ابن المُهَذَّب ليس هو أبو صالح الكبير مُحَمَّد بن المُهَذَّب ابن عليّ بن المُهَذَّب، فإنَّ أُسامَة لم يُدْرك زَمَنه لأنَّهُ تُوفِّي سَنَة خَمْسٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة وهذا غيرُهُ، ذَكَرْنا ذلك لئلَّا يَلْتَبس بهِ.

أنْشَدَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عُمَر بن حَمُّوْيَه، قال: أنْشَدَنا أُسامَةُ بن مُنْقِذ لنَفْسِه

(1)

: [من الطويل]

أسَاكَن قَلْبي والمَهَامِهُ بَيْنَنا

وإنْسَان عَيْني والمَزَارُ بَعِيْدُ

تُمثّلُكَ الأشْوَاقُ لي كُلّ لَيْلَةٍ

فهَمِّي جديدٌ والفِرَاقُ مَدِيدُ

أنْشَدَنا مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر بن عليّ، قال: أنْشَدَنا أُسامَةُ لنَفْسِه

(2)

: [من الوافر]

أَبَى لي أنْ أُبَاليَ بالرَّزَايا

فُؤَادٌ لا يُرَوَّعُ بالخُطُوبِ

ونَفْسٌ لا تَسِفُّ لمُسْتَفَادٍ

ولا تَأْسَى على وَفْرٍ سَلِيْبِ

(a) الديوان: آل المهلب.

_________

(1)

ديوان ابن منقذ 117.

(2)

لم ترد في ديوانه.

ص: 457

وعِلْمِي أنَّ ما أهْوَى وأخْشَى

يَزُولُ بغَيْر شَكٍّ عن قَرِيْبِ

أنْشَدَنا الإمَامُ أبو مُحَمَّد عبدُ الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أنْشَدَنا أُسامَة بن مُرْشِد بن عليّ في كتابهِ لنَفْسِه

(1)

: [من الكامل]

يا رَبّ إنَّ إساءَتي قد سَوَّدَتْ

بيَدِ الكِرَامِ الكَاتِبيْنَ صَحَائفي

والخَوْفُ منْكَ ومن عقَابِكَ مُقْلقِي

فارْحَمْ مَخافةَ ذِي الفُؤَادِ الرَّاجِفِ

مَنْ خَافَ شيئًا فَرَّ منهُ هَارِبًا

وإليكَ منْكَ مَفَرُّ عَبْدٍ خَائِفِ

أنْشَدَنا مُحَمَّد بنُ أحْمَد بن عليّ القُرْطُبِيّ، قال: أنْشَدَنا أُسامَةُ بن مُرْشِدٍ لنَفْسِه، وكَتَبَها على كتابٍ نَسَخَهُ

(2)

: [من البسيط]

يا رَبِّ حُسْنُ رَجَائي فيكَ حَسَّنَ لي

تَضْييعَ وَقْتيَ في لَغْو (a) وفي لَعب

وأنْتَ قُلْتَ لمَن أضْحَى على ثِقَةٍ

بحُسْنِ عَفْوكَ: إنِّي عندَ ظنَّكَ بي

قال لي أبو عليّ حَسَنُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ: تُوفِّي أُسامَةُ بن مُرْشِد ابن مُنْقِذ بدِمَشْق في سَنَة أرْبَعٍ وثمانين وخَمْسِمائَة. قال: وفيها دَخَلْتُ دِمَشْق.

أنْبَأنَا الحافِظ أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ، قال في ذِكْرِ مَنْ تُوفِّي سَنَة أرْبَعٍ وثمانين وخَمْسِمائَة في كتاب التَّكْمِلَة لوَفَيَات النَّقَلَة

(3)

: وفي لَيْلَة الثَّالث والعشرين من شَهْر رمَضَان، تُوفِّي الأَمِيرُ الأجَلُّ مُؤيَّد الدَّوْلَة أبو المُظَفَّر أُسامَة بن أبي سَلامَة مُرْشِد بن عليّ بن مُقَلَّد بن نَصْر بن مُنْقِذ الكِنَانِيّ الكَلْبِيّ الشَّيْزَرِيّ بدِمَشْق، ودُفِنَ من الغَدِ بجَبَل قَاسِيُون، وكانَ مَوْلدُهُ بشَيْزَر في يَوْم

(a) الديوان: لهو.

_________

(1)

لم ترد في ديوانه.

(2)

ديوان ابن منقذ 276، ومسالك الأبصار 16:38.

(3)

التكملة لوفيات النقلة 1: 95.

ص: 458

الأَحَدِ السَّابِع والعشرين من جُمَادَى الآخرة سَنَة ثَمانٍ وثَمانين وأرْبَعِمائة. وقيل: في شَهْر رَمَضَان منها.

حَدَّثَ عن أبىِ الحَسَن عليّ بن سَالِم السِّنْبِسِيّ وغيره، سَمِعَ منه الحُفَّاظ: أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيِّ، وأبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ، وأبو المَوَاهِب الحَسَن بن هِبَة الله بن صَصْرَى، وأبو مُحَمَّد عَبْد الغَنِيّ بن عَبْد الوَاحِد، وحَدَّثَنَا عنه ولدُه الأَمِيرُ الأجَلُّ أبو الفَوَارِس مُرْهَف وغيره. وهو من بَيْت الإمَارَهَ والشَّجَاعَة، وله اليد البَيْضَاء في اللُّغَة والكتابة والشِّعْر، وله مُصَنَّفاتٌ مَشْهُورة، وكان مَشْهُورًا بالشَّجَاعَة والإقْدَام، ودَخَلَ بَغْدَادَ، والمَوْصِل، ودِمَشْق، ومِصْر.

‌أُسامَةُ بن أبي عَطَاء الأنْطَاكِيُّ

(1)

مَعْدُودٌ في التَّابِعِين، وعَدَّهُ أبو الحَسَن مَحْمُود بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن القَاسِم بن سُمَيْع في الطَّبَقَةِ الرَّابعة منهم.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل إذْنًا، عن أبي القَاسِم نَصْر بن أحْمَد بن مُقَاتِل، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحَسَنُ بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن الرَّبَعِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبدُ الوَهَّاب الكِلابِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن أحْمَد بنُ عُمَيْر بن جَوْصَا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مَحْمُودُ بن إبْراهيم بن سُمَيْع، في الطَّبَقَةِ الرَّابِعةِ من تَابعي أهْلِ الشَّامِ، قال: أُسامَة بن أبي عَطَاءٍ الأنْطَاكِيّ.

(1)

ترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 2: 22 (غير منسوب إلى أنطاكية)، الجرح والتعديل 2: 283 - 284.

ص: 459

‌ذِكْرُ مَنْ اسْمُه إسْحاق

‌مَنْ اسْمُ أبيْهِ إبْراهيم ممَّن اسْمُه إسْحاق

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن الأَخْيَل -وقيل: ابن أبي الأخْيَل- الحَلَبِيُّ

(1)

من أهْل حَلَب، حَدَّثَ عن مُبَشِّر بن إسْمَاعِيْلِ الحَلَبِيّ، وأبي سَعيد الأنْصَاريّ، ونُمَيْر بن الوَلِيدِ بن نُمَيْر، وأبي الزَّرْقَاء عَبْد المَلِك بن مُحَمَّد الدِّمشقيّ، ومُعاوِيَة بن هِشَامٍ.

رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن سُلَيمان الحَلَبِيّ، وأبو أُسامَةَ عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أبي أُسامَة الحَلَبِيّ، وأبَوَا بَكْرٍ عَبْد الله بن أبي دَاوُد السِّجِسْتَانِيّ، وعبد الله بن مُحَمَّد بن زِيَاد النَّيْسَابُوريّ، وعُثْمانَ بن الحَسَن بن نَصْر الحَلَبِيّ، وأبو مَيْمُون [أحْمَد](a) بن مُحَمَّد بن مَيْمُون بن إبْراهيم بن كَوْثَر بن حَكِيم الحَلَبِيّ، وأبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أبي مُوسَى الأنْطَاكِيّ. وكان من الثِّقَات.

أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ بن اللَّتِّيّ قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سَعيد بن أحْمَد بن البَنَّاءِ، ح.

وأخْبَرَنا أبو سَعْد ثَابِتُ بن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاء البَغْدَاديّ بحَلَبَ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم سَعيد بنُ أحْمَد بن الحَسَن بن البَنَّاءِ، والشَّريف أبوِ المُظَفَّرِ مُحَمَّد ابنُ أحْمَد بن عليّ بن عَبْد العَزِيْز الخَطِيبُ، قالا: أخْبَرَنا الشَّريفُ أبو نَصْر مُحَمَّد بن

(a) مطموسة في الأصل.

_________

(1)

توفي بعد سنة 240 هـ، وترجمته في: الجرح والتعديل 2: 213، (وفيه: إسحاق بن الأحبلي [كذا] الحلبي)، الإكمال لابن ماكولا 1: 44 (نسبه إلى جده: إسحاق بن الأخيل)، تاريخ الإسلام 5: 1086 (ونسبه إلى جده: إسحاق بن الأخيل الحلبي).

ص: 460

مُحَمَّد بن عليّ الزَّيْنَبِيّ، قال: قُرئ على أبي بَكْر مُحَمَّد بن عُمَر بن خَلَف المَعْرُوف بابنِ الوَرَّاق، وأنا أسْمَعُ فأقَرَّ بهِ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن أبي دَاوُد السِّجِسْتَانيِّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن الأخْيَل، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عنِ قَتَادَةَ، عن أنَس

(1)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ لكُلِّ نَبِيٍّ دعْوَةً يَدْعُو بها لأُمَّته، وإنِّي اخْتَبأْتُ دَعْوَى شَفَاعةً لأُمَّتِي يَوْم القِيامَة.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن غَسَّان بن غَافِل الأنْصَاريّ بدِمَشْق، ومُكْرَمِ بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي الصَّقْر بحَلَب، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن جَعْفَر الحَرَسْتَانِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي الخَطيبُ أبو عَبْد الله الحَسَنُ بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر المُسَدَّد بن عليَّ بن عَبْد اللهَ الأمْلُوكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد ابن عَبْد الكَريم الأنْطَاكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد الرَّافقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أُسامَة عَبْدُ الله بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن الأخْيَل، قال: حَدَّثَنَا نُمَيْرُ بن الوَلِيدِ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عن أبي مُوسَى الأشْعَرِيّ

(2)

، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: أكْرِمُوا الخُبْزَ؛ فإنَّ الله سَخَّرَ له بَرَكات السَّماءَ والأرْض والبَقَر والحَدِيْد وابن آدَم.

(1)

الشيباني: السنة 2: 371 (رقم 797)، مسند أبي يعلى الموصلي 5: 229 (رقم 2842)، 5: 305 (رقم 2928)، 5: 340 (رقم 2970)، 5: 373 (رقم 3022)، 6: 13 (رقم 3233)، ابن منده: الإيمان 3: 844 - 846 (رقم 914 - 918)، البغوي، شرح السنة 5: 7 (رقم 1238)، القضاعي: مسند الشهاب 2: 132 - 134 (رقم 1037، 1038، 1043، 1044)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 14: 76 (رقم 6196)، المناوي: فيض القدير 2: 517 (رقم 2434). ورواه عن أبي هريرة: مالك بن أنس في الموطأ 1: 212 (رقم 26)، وابن حنبل: المسند 18: 61 (رقم 9292)، وصحيح مسلم 1: 188 - 189 (رقم 334 - 339)، وسنن ابن ماجه 1440 (رقم 4307)، والترمذي: الجامع الكبير 5: 551 (رقم 3602)، ومسند أبي عوانة 1: 90، والطبراني: المعجم الأوسط 2: 433 (رقم 1748)، والأصبهاني: حلية الأولياء 7: 363، وابن حجر العسقلاني: فتح الباري 11: 96 (رقم 6304)، وانظر: المسند الجامع 18: 150 - 153 (رقم 14762 - 14769).

(2)

ابن حجر العسقلاني: لسان الميزان 6: 171 (رقم 604)، العجلوني: كشف الخفاء ومزيل الإلباس 1: 194 (رقم 508).

ص: 461

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْدِ الله بن عُلْوَان، فيما أَذنَ لنَا فيه، عن أبي القَاسِم بن أبىِ مُحَمَّد

(1)

، قال: قرأتُ على أبي مُحَمَّد السُّلَمِيّ عن أَبي نَصْر بن مَاكُولا في كتاب الإكْمَال

(2)

، قال: وإسْحَاق بن الأخْيَل حَلَبيٌّ ثِقَةٌ.

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن بُنَان -وقيل: بَيَان- أبو يَعْقُوبَ الجَوْهَرِيُّ

(3)

أصْلُهُ من البَصْرَة، وسَكَنَ دِمَشْقَ، سَمِعَ بطَرَسُوس أبا أُمَيَّة مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ وحَدَّثَ عنهُ، وعن أبي دَاوُد سُليْمان بن سَيْف الحَرَّانيّ، والرَّبِيْع بن سُلَيمان المُرَاديّ، ومُحَمَّد بن عبدِ الرَّحْمن بن الحَسَن الجُعْفِيّ.

رَوَى عنهُ أبو الحُسَين عَبدُ الوَهَّاب بن الحَسَن بن الوَلِيد الكِلابِيّ، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن [عَبْد الله](a) وعليّ بن أحْمَد الرَّازِيَّان، وأبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد ابن عَبْد الغَفَّار بن ذَكْوَان، وعبد الله بن عُمَر بن أيَّوب المُرِّيّ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن عَبْد اللهِ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمد بن عليّ ابن ثَابِت

(5)

، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن ثَابِت

(a) موضعه بياض في الأصل قدر كلمة، وهو الإمام المحدث الحافظ (ت 347 هـ)، نقل عنه ابن عساكر مُصرّحًا باسمه في 49 موضعًا من كتابه. انظر: طلال الدعجاني: موارد ابن عساكر في تاريخ دمشق 1: 294.

_________

(1)

لم أجده في تاريخ ابن عساكر.

(2)

الإكمال 1: 44.

(3)

توفي سنة 327 هـ، وترجمته في: الإكمال لابن ماكولا 1: 364، تاريخ ابن عساكر 8: 103 - 104، تاريخ الإسلام 7: 530 - 531 وفيه: النصري، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 409.

(4)

تاريخ ابن عساكر 8: 103.

(5)

لم يرد الحديث في تاريخ بغداد بهذا الإسناد، وأورده الخطيب البغدادي ست مرات بإسانيد مختلفة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ومرة واحدة من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: تاريخ بغداد 3: 252، 488، 4: 126، 5: 463، 9: 340، 12: 105، 13:96.

ص: 462

الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن بَيَان الجَوْهَرِيّ بدِمَشْق -وأنا سَألتُه- قال: حَدَّثَنَا أبو أُمَيَّة مُحَمَّدُ بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن مُحَمَّدُ الزُّهْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا المُنْكَدِر بن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن الزُّهْرِيّ، عن عُرْوَة، عن عَبْدِ الله بن عَمْرو، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال

(1)

: إنَّ الله لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا

الحَدِيْث، كَذَا قال نَسَبهُ إلى جَدِّهِ.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

: قَرأتُ على أبي مُحمَّد السُّلَمِيّ عن أبي نَصْر ابن مَاكُوْلَا

(3)

في باب بُنَان، بضَمِّ البَاءِ وفتَح النُّون: إسْحاق بن بُنَان الجَوْهَرِيّ الدِّمَشقيّ، حَدَّثَ عن أبي أُمَيَّة الطَّرَسُوسِيِّ. حَدَّثَ عنهُ عليّ بن أحْمَد بن ثَابِت الرَّازِيّ.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(4)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن نَجَا بن أحمد وذَكَرَ أنّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ أبي الحُسَين الرَّازِيّ في تَسْمِيَةِ منْ كَتَبَ عنه بدِمَشْق: أبو يَعْقُوبُ إسْحاق بن إبْراهيم بن بَيَان (a) الجَوْهَرِيّ، وكان أبُوه أيضًا مُحَدِّثًا، وأصْلُهُم من البَصْرَة انْتَقلُوا إلى دِمشْق وابن (b) عَمّه، ماتَ سَنَة سَبْعٍ وعشرين وثَلاثِمائة.

(a) ابن عساكر: بُنَان.

(b) ابن عساكر: وابني عمه.

_________

(1)

ابن أبي شيبة: المصنف 7: 505 (رقم 37579)، ابن حنبل: المسند 10: 17 (رقم 6511)، صحيح مسلم 4: 2058 (رقم 2673)، سنن ابن ماجه 1: 20 (رقم 52)، الترمذي: الجامع الكبير 4: 390 (رقم 2652)، الطبراني: المعجم الصغير 182 (رقم 450)، الطبراني: المعجم الأوسط 1: 66 (رقم 55)، القضاعي: مسند الشهاب 2: 162 (رقم 1103)، البغوي: شرح السنة 1: 315 - 316، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 10: 432 (رقم 4571)، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 1: 194 (رقم 100)، وانظر: المسند الجامع 11: 241 (رقم 8660).

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 103.

(3)

الإكمال 1: 364.

(4)

تاريخ ابن عساكر 8: 104.

ص: 463

وقال الحافِظُ

(1)

: قرأتُ على أبي مُحَمَّد السُّلَمِيّ، عن أبي مُحَمَّد التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر (a)، قال: سَنَة سَبْعٍ وعشرين وثَلاثِمائة فيها تُوفِّي ابن بُنَان الجَوْهَرِيّ في شَعْبان.

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن الحَسَن بن كَثِيْر الأزْدِيُّ الجُرْجَانِيُّ، أبو يَعْقُوب

حدَّثَ بطَرَسُوس عن الضَّحَّاكِ بن حَجْوَة المَنْبِجِيّ. رَوَى عنهُ نُعْمَان بن هَارُون بن أبي الدِّلْهَاث البَلَدِيّ، وسَمِعَهُ بطَرَسُوس.

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن سَهْم المِصِّيْصيُّ

من أهْل المِصِّيْصَة، ذَكَرَهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، بما أخْبَرَنا به عَبْد الجَلِيْل بن أبي غَالِب الأصْبَهَانِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايتَه عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله بن مَنْدَة، قال: إسْحاق بن إبْراهيم بن سَهْم المِصِّيْصيُّ، كان بالثَّغْر، حَدَّثَ عنِ عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن رَبِيْعَة القُدَّاميِّ. حَدَّثَنَا عنهُ عبدُ الرَّحْمن بن حَمْدَان الحَلَّابُ.

(a) في الأصل بزايين: زبز، وهو: الإمام محمد بن عبد الله بن أحمد، ابن زبر الربعي. انظر: سير أعلام النبلاء 16: 440.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 104.

ص: 464

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن صَالِح بن زِيَاد، أبو يَعْقُوب العُقَيْلِيُّ

(1)

نَزِيلُ طَرَسُوس، حَدَّثَ عن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدِّمَشقيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ومُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعيّ، وعبد الله بن المُبارَك، رَوَى عنهُ أحْمَد بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، وأُسَيْد بن عَاصِم، وأبو مَسْعُود، ومُسْلِم بن سَعيد بن مُسْلِم أبو سَلَمَة الأشْعَرِيّ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخُ أبو الحَسَن مَسْعُودُ بن أبي مَنْصُور الجَمَّالُ الخَيَّاطُ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّادُ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله الحافِظ

(2)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنا مُسْلِم بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم بن صالح العُقَيْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن تَمِيْم، عن ابن أبي ذِئْب، عن الزُّهْرِيّ، عن سَالِم، عن أَبِيهِ، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ آذَى مُؤْمِنًا فَقِيْرًا بغَير حَقّ فكأنَّما هَدَم مَكَّة عَشْر مرَّاتٍ وبَيْت المَقْدِس، وكأنَّما قَتَل ألْفَ مَلَكٍ من المُقَرَّبين.

أنْبَأنَا أبو الحَجَّاج، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم

(3)

، قال: إسْحاق بن إبْراهيم بن صالِح بن زِيَاد العُقَيْلِيّ، سَكَنَ طَرَسُوس، وتُوفِّيَ بها سَنة أرْبَعيْن ومَائتَيْن، يُكْنَى أبا يَعْقُوب، ذَكَرَهُ أبو عَبْد الله بن مَخْلَد، يَرْوي عن ابن عُيَيْنَة، والشَّافِعيّ، وابن المُبارَك. لَم يُخَرَّج حَدِيْثه. رَوَى عنهُ أحْمَد بن إبْراهيم الدَّوْرَقيّ، وأبو مَسْعُود، وأُسَيْد، وكان بَيْنَه وبينَ أحْمَد بن حَنْبَل صَدَاقَةٌ وأخُوَّةٌ.

(1)

توفي سنة 240 هـ، وترجمته في: تاريخ أصبهان لأبي نعيم 1: 260، تاريخ الإسلام 5:792.

(2)

تاريخ أصبهان 1: 260.

(3)

تاريخ أصبهان 1: 260.

ص: 465

أنْبَأنَا عَبْد الجَلِيْل بن أبي غَالِب، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: إسْحاق بن إبْراهيم بن صالح بن زِيَاد، أبو يَعْقُوب العُقَيْلِيّ، ماتَ بطَرَسُوسَ سَنَة أرْبَعيْن ومَائتَيْن، حدَّثَ عن ابن عُيَيْنَة، والشَّافِعيّ. رَوَى عنهُ أحْمَدُ الدَّوْرقيّ.

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن صَالحِ بِن عليّ بن عَبْدِ الله بن العبَّاس بن عبد المُطَّلِب الهاشِميُّ

(1)

من بَني صَالح السَّاكنين بحَلَبَ والنَّاشِئين بها وبنَوَاحِيها، وقد تقدَّمَ ذِكْرُ أبيهِ إبْراهيم

(2)

، ووَلِيَ إسْحاق هذا دِمَشْق نِيَابَةً عن أبيهِ، وكان من أعْيَان بني صالح وفُصَحَائهم.

رَوَى عنهُ أحْمَدُ بن أبي الحَوَارِيّ، وقد ذَكَرْنا أنَّ وَلد إبْراهيم بَعْدَهُ انتَقلُوا إلى حَلَب.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَرُ بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ ابن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي نَصْر الحُمَيْدِيّ لَفْظًا بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن عبد الرَّحْمن بالحِجَاز، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد الله بمَكَّة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا عبَّاسُ بن حَمْزَةَ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن أبي الحَوَارِيّ، قال: سَمِعْتُ إسْحاق بن إبْراهيم بدِمَشْق يقول على مِنْبَر دِمَشْق: مَنْ آثَرَ اللهَ آثَرَهُ اللهُ، فرَحِمَ اللهُ عَبْدًا اسْتَعَان

(1)

كان حيًا سنة 176 هـ، وترجمته في: تاريخ ابن عساكر 8: 106 - 107، ابن الأثير الكامل 6: 129 - 131، الوافي بالوفيات 30: 145، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 409 - 410.

(2)

في الجزء الضائع قبل هذا.

ص: 466

بنِعْمَته على طاعَتهِ، ولم يَسْتَعن بنِعْمَتِه على مَعْصِيَته، فإنَّهُ لا يأتي على صَاحِب الجَنَّة سَاعةٌ إلَّا وهو يَزْدَادُ صنْفًا من النَّعيم لم يكُن يَعْرفهُ، ولا يأتي على صَاحِب النَّار سَاعَةٌ إلَّا وهو مُسْتَنكِرٌ لشيءٍ من العَذَاب لم يكُن يَعْرفُه.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم

(1)

، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيمِ بن صالِحِ بن عليّ بن عَبْدِ الله بن عبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ الصَّالِحِيّ، وَلِيَ دِمشْق نيَابَةً عن أَبِيهِ إبْراهيم في خِلَافَة الرَّشِيْدِ، وفي ولايِتَه وَقَعَتْ عَصَبِيَّةُ أبي الهَيْذَام حتَّى تَفَانَى فيها جَمَاعَةٌ من النَّاس وتَفاقَم أمْرُها. حَكَى عنهُ أحْمَد بن أبي الحَوَارِيّ.

قال الحافِظُ أبو القَاسِم

(2)

: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحُسَين الرَّازِيّ: أخْبَرَني مَحْمُود بن مُحَمَّد بن الفَضْل الرَّافِقِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَبَشُ بن مُوسَى الضَّبِّيُّ، قال: حَدَّثَنَا عليِّ بن أحْمَد المَدَائِنِيّ، قال: ولمَّا خَرَجَ إبْراهيمُ بن صالح من دِمَشْقَ مِع الوَفْد الّذين قَدِمِ بهم على أَمِير المُؤمِنِين الرَّشِيْد، اسْتَخلَفَ ابنَهُ إسْحاق علىِ دِمَشْقَ، وضَمَّ إليه رَجُلًا من كِنْدَةَ يُقال له الهَيْثَم بن عَوْف، فغَضِبَ النَّاسُ، وحَبَسَ رُؤَساءَ منِ قَيْسٍ، وِأخَذَ أرْبَعيْن رَجُلًا من مُحارِبَ فضَرَبَهُم وحَلَقَ رُؤُوسَهُم ولِحَاهُم؛ ضَربَ كُلّ رَجُلٍ ثلاثمائة، فنَفَرَ النَّاس بدِمَشْق وتَدَاعَوا إلى العَصَبِيَّة، ونَشَبَتْ الحَرْبُ، ورجَعُوا إلى ما كانوا عليه من القَتْل والنَّهْب، فلم يَزَالُوا على ذلك أشْهُرًا، ثمّ خرَج إلى حِمْص

(3)

.

قُلتُ: وكانت العَصَبِيَّة بالشَّامِ بين النِّزَارِيَّة واليَمَانِيَّة. ورأسُ النِّزَارِيَّة في ذلك الوَقْت أبو الهَيْذَام سَنَة ستٍّ وسَبْعِين ومائة، فأقَاموا على ذلك مُدَّة طَوِيلَة، ثمّ ضَعُفَ أمر أبي الهَيْذَام، وتَوَارَى في مَنْزِله.

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 106.

(2)

المصدر نفسه 8: 106 - 107.

(3)

انظر عن ثورة أبي الهيذام: تاريخ الطبري 8: 251 - 252، 262 - 265، ابن الجوزي: المنتظم 9: 18، الكامل 6: 127 - 133، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 168 - 169، ابن خلدون: العبر 5: 540 - 543.

ص: 467

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن الضَّيْف، أبو يَعْقُوب البَاهِلِيُّ البَصْرِيُّ

وقيل: إسْحاق بن الضَّيْف، وَسَنَذْكُره في حَرْف الضَّاد في آباء من اسْمه إسْحاق

(1)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن سَهْم، أبو يَعْقُوب الأنْطَاكِيُّ

وهو ابن أخي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن سَهْم، وقد قيل في نَسَبه: إسْحاق بن إبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن حَكِيم بن سَهْم.

رَوَى عن عَبْدَة بن عبد الرَّحْمن المَرْوَزيّ. رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الفَارِسِيّ، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن جَعْفَر بن سُنَيْد المِصِّيْصيّ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن قُشَام إذْنًا، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو العَلَاءِ الهَمَذَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن ابن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحاكِم أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إسْحاق الحافِظُ، قال: أبو يَعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم بن عبد الرَّحْمن بن سَهْم الأنْطَاكِيّ، ابن أخي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن سَهْم، سَمِعَ عَبْدَة بن عبد الرَّحيم، كَنَّاهُ لنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن جَعْفَر بن سُنَيْد بن دَاوُد المِصِّيْصيُّ.

(1)

في موضعه من الترتيب على حروف المعجم من هذا الجزء.

ص: 468

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن كَامْجَر، أبو يَعْقُوب بن أبي إِسْرَائيِل المَرْوزيُّ

(1)

دَخَلَ حَلَب، أو عَمَلها، بدَلِيْل ما أخْبَرَنا به أبو اليُمْن الكِنْدِيّ في الإجَازَة، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ

(2)

، قال: قرأتُ على البَرْقَانِيّ عن [أبي](a) إسْحاق المُزَكِّي، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْحاق السَّرَّاج، قال: سَمِعْتُ الفَضْل بن سَهْل الأعْرَج، قال: سَمِعْتُ إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل يقول: أدْرَكتُ زَائِدَة، قُلتُ: كيف أدْرَكتهُ؟ قال: كان أبي في الغَزْوة الّتي غَزَا فيها زَائِدَةُ، فكنْتُ أسْألُ عن أبي.

وهذا يَدُلُّ على أنَّهُ كان مع أبيهِ في الغَزَاة؛ لأنَّ زَائدَةَ بن قُدَامَة ماتَ في غَزَاته هذه بحَلَب، وقيل: بأرْض الرُّوم، في سَنَة اثْنَتَيْن وسِتِّين، وقيل سَنَة إحْدَى وسِتِّينِ، فلا يَسْأل عن أَبِيهِ في الغَزَاة إلَّا وقد كان معَهُ، لأنَّ زَائِدَةَ لم يَرْجع من غَزَاته تلك، فكان سُؤاله عن أَبِيهِ وهو في الغَزَاة دَلِيْلًا على أنَّهُ كان معهُ فيها.

(a) كنيته أبو إسحاق، واسمه إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه النيسابوري (ت 362 هـ). ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخه 7: 105 - 107.

_________

(1)

توفي سنة 245 هـ وقيل في السنة التي تليها، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 353، (وفيه: ابن كامجار)، تاريخ البخاري الكبير 1: 380، التاريخ الصغير 2: 351، تاريخ الطبري 1: 343، 5: 501، 622، 8: 637، 645، 9: 213، الثقات لابن حبان 8: 116 - 117، الجرح والتعديل 2: 210، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 228، تاريخ بغداد 7: 376 - 384، السمعاني: الأنساب 11: 28، ابن الجوزي: المنتظم 11: 330 - 331، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 152، المزي: تهذيب الكمال 2: 398 - 407، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 1084 - 1086، سير أعلام النبلاء 11: 476 - 478، تذكرة الحفاظ 2: 484 - 486، العبر في خبر مَن غبر 1: 349، الإعلام بوفيات الأعلام 109، الكاشف 1: 107، الوافي بالوفيات 8: 397، تهذيب التهذيب 1: 223، تقريب التهذيب 1: 55، السيوطي: طبقات الحفاظ 213، شذرات الذهب 3: 205 - 206.

(2)

تاريخ بغداد 7: 376.

ص: 469

وقد كان عُمْرُهُ حينئذٍ إحْدَى عَشرة سَنَةً أو اثْنَتي عَشرة سَنةً، لأنَّ مَوْلده سَنَة خَمْسِين أو إحْدَى وخَمْسِين على ما نَذْكُره، وغَزَاة زَائِدَةَ سَنَة إحْدَى وسِتِّين.

حدَّثَ إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيِل عن عبد القُدُّوس بن حَبِيْب الكَلاعِيّ، وهو أوَّلُ شَيْخ كتَبَ عنهُ، وعن مُحَمَّد بن جَابِر الخَثْعَمِيّ اليَمَامِيّ، وحَمَّاد بن زَيْد، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وعَبْد الوَارِث بن سَعِيْد، وكَثِيْر بن عَبْد الله الأيْلِيّ، وجَعْفَر بن سُلَيمان، وهِشَام بن يُوسُف الصَّنْعانِيّ، والفُضَيْل بن عِيَاض، ومَرْحُوم بن عَبْد العَزِيْز، وعَفِيف بن سَالِم، وعَبْد الحَميْد بن الحَسَن الهِلَالِيّ.

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، وأبو يَحْيَى صَاعِقَة، وعبد الله بن أحْمَد بن حَنْبَل، ويَعْقُوب بن شَيْبَة، وعبدُ الله بن مُحَمَّد بن نَاجِيَة، وفَضْل بن سَهْل الأعْرَج، وأبو يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وإبْراهيم بن المُدَبِّر الكَاتِب، ومُحَمَّد بن جَابِر بن حَمَّاد الفَقِيه، وأبو بَكْر بن أبي مُوسَى، وإسْحَاق بن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرْعَرَة، وعَبد الوَهَّاب بن عِيسَى بن أبي حَيَّة.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن غَسَّان بن غَافِل بن نِجَاد الأنْصَاريّ بدِمَشْق، وأبو الفَضْل مُكْرَم بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن أبي الصَّقْر، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو عَبْد اللهِ الحَسَنُ بن أحْمَد بن أبي الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر المُسَدَّد بن عليّ بن عَبْد الله الأمْلُوكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عَبْد الكَريم الأنْطَاكِيّ الحَلَبِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد الرَّافِقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن أبي مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن أبي إِسْرَائِيل، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَابِر الحَنَفِيّ، عن حَمَّاد، عن إبْراهيم، عن عَلْقَمَة، عنِ عَبْدِ الله، قال: صَلَّيْتُ مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بَكْر، وعُمَر، فلم يَرْفَعُوا أيْدِيهم إلَّا عند افْتِتَاح الصَّلاة.

ص: 470

أخْبَرَنا أبو هاشِم بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّنْجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الدُّونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الكَسَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْحاق السُّنِّيّ الحافِظ، قال: أخْبرنا أبو يَعْلَى، قال: حَدَّثنا إسْحاقُ بن أبي إِسْرَائِيل، قال: حدَّثَنا عَفِيْفُ بن سَالم، عن الأوْزاعيّ، عن إسْحاق بن عَبْد الله بن أبي طَلْحَة، عن أنَس بن مَالكٍ

(1)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: يَتَّبعُ الدَّجَّالَ من يَهُودِ أصْبَهانَ سَبْعُونَ ألفًا عليهم الطَّيَالِسَةُ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد الدَّارْقَزِّيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبوِ بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْد الله بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أَبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن الحَمَّامِيّ، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد الحَسَن بن بَدْر السَّلَامِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن دفر

(2)

، قال: حَدَّثَني أبو صَعْصَعَة المُجَاشِعِيِّ، قال: دَخَلَ إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل على أَمِير المُؤمِنِين جَعْفَر المُتَوَكِّل، فَمدَّ إسْحاق يَدَهُ ليُصَافَحَهُ، فلم يَمُدّ يَدَهُ المُتَوَكِّل، فقال إسْحاق: يا أَمِير المُؤمِنِين، حَدَّثَنَا الفُضَيْل بن عِيَاضٍ، عن هِشَامِ، عن الحَسَن بن أبي الحَسَن البَصْرِيّ، قال: المُصَافَحَةُ تُزيدُ فىِ الوُدِّ. قال: فمدَّ يَدَهُ المُتَوَكِّل إليهِ فصَافَحهُ، فقال له: نُصَافُحكَ أبا يَعْقُوب، قال: وكَنَاني، ودَعَا بغَاليَةٍ فغَلَّفني (b) منها بيَده، قال: فلمَّا جَاءَ إلى مَنْزِله غَسَلَ الغَاليَةَ من لحيَتِهِ فبَقِيَت عندَهم مُدَّةً.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الخَطِيبُ

(3)

، قال: أنْبَأنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْق، قال: أخْبَرَنا

(a) في الأصل: فعلَّفني. والغاليةُ من الطيب. يقال: غلَّف لحيته بالطيب والحناء والغالية: لطَّخها. لسان العرب، مادتي: غلي، غلف.

_________

(1)

صحيح مسلم 4: 2266 (رقم 2944)، صحيح بن حبان 15: 209 (رقم 6798)، كنز العمال 14: 304 (رقم 38772)، وانظر: المسند الجامع 3: 30 (رقم 1608).

(2)

لم أقف على اسمه ولا على وجه الضبط فيه.

(3)

تاريخ بغداد 7: 379.

ص: 471

مُحَمَّد بن عُمَر بن غَالِب الجُعْفِيِّ، قال: أخْبَرَنا مُوسَى بن هَارُون، قال: أخْبَرَني أبي أنَّ مَوْلدَ ابن أبي إِسْرَائِيل سنَة خَمْسين ومائة. قال: وأخْبَرَني أبي أنَّهُ سَمِعَ إسْحاق ابن أبي إِسْرَائِيل سنَة مائتين يَذْكر أنَّهُ ابنُ خَمْسِين سَنَةً.

قال الخَطِيبُ

(1)

: أخْبرَني أبو القَاسِم الأزْهَريّ، [قال: حدَّثنا] (a) عبد الرَّحْمن ابن عُمَر الخَلَّال، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: وأمَّا إسْحَاقُ بن أبي إِسْرَائِيلِ فإنَّ أبا إِسْرَائِيل اسْمهُ إبْراهيم بن كَامْجَر المَرْوَزيّ، ويُكْنَى إسْحاق: أبا يَعْقُوب، موْلدُه سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومائة.

وقال الخَطِيبُ

(2)

: أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله الكَاتِب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد ابن حُمَيْد المُخَرِّمِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحُسَين بن حِبَّان، قال: وَجَدْتُ في كتاب أبي بخَطِّ يَدِهِ: قال أبو زَكَرِيَّاء: وابن أبي إِسْرَائِيل من ثِقَاتِ المُسْلمِيْن، ما كَتَبَ حَدِيثًا قَطّ عن أحدٍ من النَّاسِ إلَّا ما ضبَطَهُ هو في ألْوَاحِه أو كتَابِه. وقال: سَألتُ أبا زَكَرِيَّاء، قُلتُ: اختلَفَ ابنُ أبي إِسْرَائِيل والقَوَارِيرِيّ في حَدِيثٍ عن ابن مَهْدِي، فقال: ابنُ أبي إِسْرَائِيل أثْبَتُ من القَوَارِيرِيّ، وأكْيَسُ، وَأضْبَطُ [منه و](b) من أبيهِ ومن أهْل قَرْيتِه أَجْمَعِين. ثِقَةُ، مَأْمُونٌ، ضَابِطٌ، والقَوَارِيرِيّ ثِقَةٌ صدُوقٌ، وليس هو مثل إسْحاق.

وقال في مَوضِعٍ آخر -يعنى والحُسَين بن حِبَّان-: ذَكَرَ أبو زَكَرِيَّاءَ ابنَ أبي إِسْرَائِيل، فقال: الثِّقَةُ الصَّادِقُ المَأْمُونُ، ما زالَ مَعْرُوفًا بالِدِّين، والخَيْر، والفَضْلِ. قيل له: في حَدِيث مُبَارَك بنِ سَعِيد؟ فقال أبو زَكَرِيَّاء: لو قال أبو يَعْقُوب إنِّي قد سَمِعْتُ كُلَّ حَدِيثٍ عندَ مُبَارك بن سَعيد لكانَ الثِّقَة الصَّدُوق المَأْمُون.

(a) زيادة من تاريخ بغداد.

(b) زيادة من تاريخ بغداد.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 379.

(2)

تاريخ بغداد 7: 379 - 380.

ص: 472

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، قال: كَتَبَ إليَّ إبْراهيمُ بن سَعيد الحَبَّال، قال: أخْبَرَنا يَحْيَى بن عليّ الحَضْرَميّ، قال: حَدَّثنَا عَبْدُ الله ابن مُحَمَّد بن المُفَسِّر، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن عليّ القَاضِي، قال: كُنْتُ تَركتُ حَدِيثَ إسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل، فقال لي حُبَيْشُ بن مُبَشِّر: لا تَفْعَل، فإنِّي رَأيتُ مع يَحْيَى ابن مَعِيْن جُزءًا فقُلتُ لَهُ: يا أبا زَكَرِيَّاء، كَتَبْتَ عن إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل؟ فقال: كتَبْتُ عنه سَبْعةً وعشرين جُزءًا قَبْل هذا.

أخْبَرَنا زَيْد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا القَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن مُحَمَّد الأُشْنانِيّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُبْدُوْس الطَّرَائِفِيّ يقول: سَمِعْتُ أبا سَعيد عُثْمان بن سَعيد الدَّارِمِيّ

(2)

يقول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقول: إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل ثِقَةٌ. قال أبو سَعيد: إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل لم يكُن أظْهَرَ الوَقْفَ حتَّى (a) سألتُ يَحْيَى بن مَعِيْن عنه، وهذه الأشْيَاء الّتي ظَهَرتْ عليه بَعْدُ، ويَوْم كَتَبْنَا عنه كان مَسْتُورًا عنه.

قال أبو بَكْر الخطيبُ

(3)

: أخْبَرَني الأزْهَريّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوبَ، قال: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: سُرَيْجُ بن يُونُس شَيْخٌ صَالِحٌ صَدُوقٌ، وإسْحَاق بن [أبي](b) إِسْرَائِيل أثْبَتُ منهُ.

قال الخَطِيبُ

(4)

: أخْبَرَني الحَسَنُ بن مُحَمَّد الخَلَّال، عن أبي الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال: إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل ثِقَةٌ.

(a) تاريخ بغداد: حين.

(b) ساقطة من الأصل.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 380.

(2)

تاريخ الدارمي 102.

(3)

تاريخ بغداد 7: 380.

(4)

تاريخ بغداد 7: 380.

ص: 473

قال الخَطِيبُ

(1)

: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُمَر الصَّابُونِيّ، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن سَعيد المَوْصِلِيّ، قال: حَدَّثَنَا شَاهِين بن السَّمَيْدَع العَبْدِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله -يعني أحْمَد بن حَنْبَل- يقول: إسْحاقُ ابن أبي إِسْرَائِيل وَاقِفيٌّ مَشْؤومٌ، إلَّا أنَّهُ صَاحِب حَدِيْث، كَيِّسٌ.

قال الخَطِيبُ

(2)

: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن عليّ بن حَمُّوْيَه بن أبْرَك (a) الهَمَذَانيّ بها، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عبد الرَّحْمن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن يُوسُف الرَّيْحَانِيّ، قال: حَدَّثنَا أبو عليّ الحُسَين بن إسْمَاعِيْل الفَارِسِيُّ، قال: سَألتُ عُبْدُوْس [بن](b) عَبْد الله بن مُحَمَّد بن مَالِك بن هَانئ النَّيْسَابُوريّ عن إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل؟ فقال: كان حَافِظًا جدًّا، ولم يكُن مثْلهُ في الحِفْظ والوَرَع، وكانَ لَقِيَ المَشَايخ. فقُلتُ: كان يُتَّهم بالوَقْف؟ قال: نَعَم، اتُّهمَ ولم يكُن منهم (c).

وقال الخَطِيبُ

(3)

: أخْبَرَنا القَاضِي أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن الحُسَين المَرْوَزيّ أنَّهُ سَمِعَ أحْمَدَ بن الخَضِر الخُزَاعِيّ يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن جَابِر بن حَمَّاد الفَقِيه، وحَدَّثَنَا عن إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل، فسُئِل عن عَدَالته فقال:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}

(4)

.

(a) في الأصل: أيرك، ويذكره فيما بعد في الكنى صحيحًا (الجزء العاشر؛ في ترجمة أبي بكر الطرسوسي)، والمثبت موافق لما عند الخطيب البغدادي.

(b) ساقطة من الأصل والتعويض من تاريخ الخطيب البغدادي.

(c) تاريخ بغداد: ولم يكن بمُتَّهم.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 381.

(2)

تاريخ بغداد 7: 381.

(3)

تاريخ بغداد 7: 381.

(4)

سورة المائدة، من الآية 101.

ص: 474

وقال الخَطِيبُ

(1)

: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم بن مِهْرَان، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ المُؤْمِن بن خَلَف النَّسَفِيّ، قال: سَألتُ أبا عليّ صالح بن مُحَمَّد عن إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل؟ فقال: صَدُوقٌ في الحَدِيْث، إلَّا أنَّهُ كان يَقُول كلامُ الله ويَقِف.

قال الخَطِيبُ

(2)

: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانِيّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد ابن عَبْد المَلِك الأَدَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عليّ الإيَادِيّ، قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاء بن يَحْيَى السَّاجِيّ، قال: وتَرَكُوا إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل لمَوضِع الوَقْف، وكان صَدُوقًا.

وقال

(3)

: قرأتُ على البَرْقَانِيّ، عن إبْراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاسِ السَّرَّاجُ، قال: سَمِعْتُ إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل يقول: هؤلاء الصِّبْيَان يَقُولُون كَلَام اللهِ غير مَخْلُوق، ألَا قالوا: كَلَام الله وسَكتُوا، ويُشِيْر إلى دَار أحْمَد بن حَنْبَل.

قال الخَطِيبُ

(4)

: أخْبَرَنا الحُسَين بن عليّ الصَّيْمَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بن الحَسَن الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الحُسَين الزَّعْفَرَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن زُهَيْر، قال: قال لي مُصْعَبُ بن عَبْد الله: نَاظَرْتُ (a) إسْحاقَ بن أبي إِسْرَائِيل، فقال: لا أقُول كَذَا ولا أقول غير ذَا -يعني في القُرْآن- فنَاظَرْتُهُ فقال: لم أقُلْ على الشَّكِّ، ولكنِّي أسْكتُ كما سَكَتَ القَوْمُ قَبْلي. قال مُصْعَبٌ: فأنْشَدْتُه هذا الشِّعْر فأعْجبَهُ، وكتبَهُ؛ وهو شِعْرٌ قيل منذُ أكْثر من عشرين سَنَةً:[من الوافر]

(a) تاريخ بغداد: ناظرني.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 381 - 382.

(2)

تاريخ بغداد 7: 382.

(3)

تاريخ بغداد 7: 382.

(4)

تاريخ بغداد 7: 382 - 383، ونقله المزي في تهذيب الكمال 2: 404 - 406.

ص: 475

أأَقْعُدُ بعدَمَا رَجَفَتْ عِظَامِي

وكان المَوْتُ أقْرَبَ ما يَلِيْني

أُجَادِلُ كُلَّ مُعْتَرضٍ خَصِيْمٍ

وأجْعَلُ دينَهُ غَرَضًا لديني

فأَتْرك (a) ما عَلمْتُ لرأي غَيْري

وليسَ الرَّأيُ كالعِلْمِ اليَقِيْنِ

وما أنا والخُصُومَة وهي لبْسٌ

تُصَرَّفُ في الشَّمَالِ وفي اليَمِيْن

وقد سُنَّتْ لنا سُنَنٌ قوامٌّ

يَلُحْنَ بكُلِّ فَجٍّ أو وَضين

وكانَ الحَقُّ ليسَ به خَفَاءٌ

أغَرّ كَغُرَّة القَلَق المُبِيْنِ

وما عوَضٌ لنا منْهَاجُ حُمْقٍ

بمنْهَاجِ ابن آمنَةَ الأَمِيْن

فأمَّا ما علمْتُ فقد كَفَاني

وأمَّا ما جَهِلْتُ فَجَنِّبُوني

فلَسْتُ بمُكَفِّرٍ أحَدًا يُصَلِّي

ولَنْ أجرِمُكُم أنْ تُكَفِّرُوني

وكنَّا إخْوةً نُرْمَى (b) جَمِيعًا

ونَرْمي كُلَّ مُرْتابٍ ظَنِين

فما برحَ التَّكَلُّف أنْ تساوَتْ

بشَأنٍ واحدٍ فِرَقُ الظُّنُون (c)

فأَوْشَكَ أنْ يَخِرَّ عِمَادُ بَيْتٍ

ويَنْقطعَ القَرِيْنُ من القَرِين

فلمَّا كَتَبَهُ، قال لي: يا أبا عَبْد الله، لا أُجَاوزُ هذا.

قال أبو بَكْر أحْمَد (d) بن زُهَيْر: فقُلْتُ أنا لمُصْعَبٍ: هذا قد كَتَبَ الحَدِيْثَ منذُ كَذَا وكَذَا لا يُجَاوز هذا الشِّعْر؟!.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم علىّ بن الحَسَن

(1)

، ح.

(a) تاريخ بغداد: وأترك.

(b) تاريخ بغداد: ترقى.

(c) تاريخ بغداد: الشؤون.

(d) في الأصل: محمد، كما وجده ابن العديم في أصل ابن الخطيب، ونبه على وقوع التصحيف فيه بكتب:"صـ"، وقد تقدم في أول الخبر صحيحًا.

_________

(1)

لم أقف عليه عند ابن عساكر.

ص: 476

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن بن أحْمَد بن عليّ، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم النَّسِيبُ، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظِيف، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل الضَّرَّاب، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَرْوَان المالِكِيّ

(1)

، قال: حَدَّثنَا الحَسَن بن المُثَنَّى، قال: حَدَّثنَا أبو عِمْران مُوسَى الرَّفَّاء، قال: سَألْتُ أحْمَد بن حَنْبَل عن إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل وضُرَبائهِ؟ فقال: يُهْجَرُون ويُجْفُون ولا يُجْلَسُ إليهم.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد الأهْوَازِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدان (a) ابن مُحَمَّد الشِّيْرَازيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز البَغَويّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم المَرْوَزيّ، وكانَ ثِقَةً مَأْمُونًا، إلَّا أنَّهُ كانَ قليلَ العَقْلِ.

قال أبو بَكْر الحافِظ

(3)

: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الأزْهَريّ، قال: حَدَّثَنَا عُمَر (b) ابن أحْمَد الوَاعِظُ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن مُحَمَّد بن الفَضْل الزَّيَّاتُ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أبي سَلْم الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَفْصُ بن عُمَر المِهْرقَانِيّ؛ سَمِعْتُهُ يقُول: رَأيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في النَّوْمِ وَاقفًا على إسْحاقَ بن أبي إِسْرَائِيل وهو يَقُولُ لهُ: قد عَنَّيْتَني إليكَ من ألفٍ وخَمْسِين فَرْسَخًا، أنْتَ الّذي يَقِفُ (c) في القُرْآن؟.

(a) في الأصل: عبدل، والصواب ما عند الخطيب البغدادي، وهو شيخ حافظ معروف، وشيخ الأهواز في وقته (ت 388 هـ). انظر ترجمته في: العبر في خبر مَن غبر 2: 173 - 174، سير أعلام النبلاء 11: 177، الوافي بالوفيات 7: 166 طبقات الحفاظ 393، شذرات الذهب 4:471.

(b) في الأصل: محمد، والمثبت -وهو الصواب- من تاريخ بغداد.

(c) تاريخ بغداد: تقف.

_________

(1)

الدينوري المالكي: المجالسة وجواهر العلم 464.

(2)

تاريخ بغداد 7: 382.

(3)

تاريخ بغداد 7: 382.

ص: 477

قال أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين القَطَّان، قال: أخْبَرَنا عليّ ابن إبْراهيم المُسْتَمْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد بن فارس، قال: حَدَّثَنَا البُخاريّ، ح.

قال: وأخْبَرَنا السِّمْسَارُ، قال: أخْبَرَنا الصَّفَّارُ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ قَانِع: أنَّ إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل ماتَ في سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن. زادَ ابنُ قَانِعٍ: في شَعْبان بسُرَّ مَنْ رَأى.

وقال

(2)

: أخْبَرَني عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بن مُحَمَّد ابن إبْراهيمِ البَجَليّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ عُبيدِ الله بن عَمَّار الثَّقَفِيّ، قال: ماتَ أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل سَنَة خَمْسٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن، ووُلِدَ في سَنَة خَمْسِين ومائة.

وقال

(3)

: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن إسْحاق بن وَهْب البُنْدَارُ، قال: حَدَّثَنَا أبو غَالِب عليّ بن أحْمَد بن النَّضْر قال، ح.

قال: وأخْبَرَنا أحْمَد بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: قال عَبْد الله بن مُحَمَّد البَغَويّ

(4)

: ماتَ إسْحاق بن أبي إِسْرَائِيل في سَنَة ستٍّ وأرْبَعين. زَادَ البَغَويّ: بسَامرَّاء في شَعْبان.

(1)

تاريخ بغداد 7: 383.

(2)

تاريخ بغداد 7: 384.

(3)

تاريخ بغداد 7: 384.

(4)

تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي 80.

ص: 478

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن مَخْلَد بن إبْراهيم بن عَبْد الله بن مَطَر -وقيل: بَكْر- ابن عُبَيْد الله -وقيل: عَبْد الله- ابن غالب بن الوَارِث -وقيل: عَبْد الوَارِث- ابن عُبَيْدِ الله -وقيل: عَبْد الله- ابن عَطِيَّة بن مُرَّة بن كَعْب بن هَمَّام بن أسْمَر -وقيل: أَسَد- ابن مُرَّة بن عَمْرو بن حَنْظَلَة بن مالك بن زَيْدِ مَنَاةَ بن تَمِيْم، أبو يَعْقُوب التَّمِيْمِيّ الحَنْظَلِيّ المَرْوَزيّ، المَعْرُوف بابنِ رَاهَوَيْه

(1)

إمَامٌ عَظِيِمُ الشَّأْن، جَامِعُ بين العِلْم والعَمَل والإتْقَان، رَحَل إلى الآفاق، وسَمِعَ شُيُوخ الشَّام، وخُرَاسَان، واليَمَن، والعِرَاق، وهو الإمَام الّذي وقَع عليه الإجْمَاع والاتِّفَاق.

قَدِمَ حلَبَ، وسَمِعَ بها سُليْمان بن نَافِع العَبْدِيّ، وعَطَاء بن مُسْلِم الخَفَّاف، ومُبَشِّر (a) بن إسْمَاعِيْل، وكُلْثُوم بن مُحَمَّد بن أبي سِدْرَة الحَلَبِيِّيْنَ، وحَدَّثَ عنهُم، وعن

(a) مهملة في الأصل.

_________

(1)

توفي سنة 238 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 1: 379، الدولابي: الكنى والأسماء 2: 158 - 159، الثقات لابن حبان 8: 115 - 116، الجرح والتعديل 2: 209 - 210، المسعودي: مروج الذهب 5: 45 (أرخ لوفاته)، حلية الأولياء 9: 234 - 238، تاريخ بغداد 7: 362 - 375، تاريخ ابن عساكر 8: 119 - 142، السمعاني: الأنساب 6: 56 - 57، ابن أبي يعلى: طبقات الحنابلة 1: 109، ابن الجوزي: المنتظم 11: 259 - 260، صفة الصفوة 4: 116 - 117، الزيارات للهروي 99، التقييد لابن نقطة 1: 393 - 397، ابن الأثير: الكامل 7: 70، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 48 - 50، المزي: تهذيب الكمال 2: 373 - 388، وفيات الأعيان 1: 199 - 201، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 781 - 788، الكاشف 1: 106، الإعلام بوفيات الأعلام 106، سير أعلام النبلاء 11: 358 - 383، تذكرة الحفاظ 2: 433 - 435، العبر في خبر مَن غبر 1: 334 - 335، الوافي بالوفيات 8: 386 - 388، السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 2: 83 - 93، طبقات المفسرين للداوودي 1: 103 - 105، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 317، تهذيب التهذيب 1: 216 - 219، تقريب التهذيب 1: 54، السيوطي: طبقات الحفاظ 191 - 192، شذرات الذهب 3: 172 - 173، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 412 - 417.

ص: 479

عِيسَى بن يُونُس، وعَبْدَة بن سُلَيمان، وإسْمَاعِيْل ابن عُليَّة، وأحمد بن أَيُّوبَ الضَّبِّيّ، وإبْراهيم بن الحَكَم بن أَبَان، وبِشْر بن المُفَضَّل، وبَقِيَّة بن الوَلِيد، وجَرِيْر (a) ابن عَبْد الحَميْد الرَّازِيّ، وأبي أُسامَة حَمَّاد بن أُسامَة، وحَفْص بن غِيَاث، وخَالِد ابن الحَارِث الهُجَيْمِيّ، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وسُوَيْد بن عَبْد العَزِيْز، وشُعَيْب بن إسْحاقَ، وشُرَيْح بن يَزِيد الحْمِصِيّ، وأبي خَالِد سُلَيمان بن حَيَّان الأحْمَر، وعبد الله ابن إِدْرِيس، وعَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام الصَّنْعانِيّ، وعَبْد العَزِيْز الدَّرَاوَرْديّ، وعُمَر ابن هَارُوِن البَلْخِيّ، وعليّ ابن الحُسَين بن وَاقِد، والفَضْل بن مُوسَى السِّيْنَانيِّ، وعبد الله بن المُبارَك، وعبد الله بن يَزِيد المُقْرِئ، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِي، وعَبْد الأعْلَى ابن عَبْد الأعْلَى السَّامِيّ (b)، وعَبد الوَهَّاب الثَّقَفِيّ، وعبد الله بن وَهْب، ومُحَمَّد بن بَكْر البُرْسَانِيّ، ومُعْتَمر بن سُلَيمان، ومُحَمَّد بن سَلَمَة الحَرَّانيّ، ومُعَاذ بن هِشَام، ومُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور، ومُحَمَّد بن حَرْب الخَوْلانِيّ، وعُمَر بن عَبْد الوَاحِد، ومُحَمَّد بن أبي عَدِيّ، والمُؤَمَّل بن إسْمَاعِيْل، وأبي قُرَّة مُوسَى بن طَارِق، والنَّضْر بن شُمَيْل، ووَكِيع ابن الجَرَّاحِ، والوَلِيد بن مُسْلِم، وأبي مُعاوِيَةَ الضَّرِيْر، ويَحْيَى بن آدَمَ، ويَحْيَى بن سَعيد القَطَّان، ومَرْحُوم بن عَبْد العَزِيْز العَطَّار، وهِشَام بن يُوسُف، وأبي تُمَيْلَة يَحْيَى بن وَاضِح، وعُمَر بن عُبَيْد، وأبي بَكْر بن عَيَّاش، وغيرهم.

رَوَى عنهُ بَقِيَّةُ بن الوَلِيد، ويَحْيَى بن آدَم، وكانا من شُيُوخه، والأئمَّة الحُفَّاظ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، وأبو الحُسَين مُسْلم بنِ الحَجَّاج القُشَيْريّ، وأبو عِيسَى التِّرْمِذيّ، وأبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، وإسْحَاق بن منْصُورِ الكَوْسَج، وأحمَد ابن سَلَمَة، وآبَاءُ بَكْر: مُحَمَّد بن إسْماعِيْل بن مِهْران الإسْمَاعِيْليّ، ومُحَمَّد بن الحُسَين بن الحَسَن البَرْذَعِيّ، ومُحَمَّد بن عَاصِم، وآبَاءُ العبَّاس: مُحَمَّد بن إسْحاق الثَّقَفِيّ، وأحمد

(a) مهملة في الأصل، وانظر: تاريخ بغداد 7: 362، وتاريخ ابن عساكر 8:119.

(b) بالسين المهملة، نسبة إلى سامة بن لؤي، وتصحف في كثير من المصادر وكتب الحديث إلى: الشامي، وهو بصريّ توفي سنة 189 هـ. ميزان الاعتدال 2: 531، تقريب التهذيب 1: 465، شذرات الذهب 2:412.

ص: 480

ابن سَهْل بن بَحْر، ومُحَمَّد بن إسْحاق السَّرَّاجُ، وابنُهُ مُحَمَّد بن إسْحاق بن رَاهَوَيْه، ومُحَمَّد ابن حُمَيْد الرَّازِيّ، ومُحَمَّد بن الأزْهَر، ومُحَمَّد بن رافع، ومُحَمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وأحمد ابن عِصْمَة النَّيْسَابُوريِّ أبو الفَضْل، وإبْراهيم بن إسْمَاعِيْل العَنْبَرِيّ، وأحمد بن سَعيد الدَّارِمِيّ، ويَحْيَىِ بن مَعِيْن، وأبو يَعْقُوب الإسْفَرَاينِيّ، وجَعْفَر الفِرْيَابِيّ، والحَسَن ابن سُفْيان، ويَعْقُوبُبن يُوسُف الوَرَّاق، ويَعْقُوبُ بن يُوسُف الأخْرَم، ويَحْيَى بن يَحْيَى، ومُوسَى بن هَارُون الحَمَّالُ، وعَبْد الرَّحمن الدَّارِمِيّ، وأبو عَمْرو نَصْر بن زَكَرِيَّاء، وأبو يَعْقوب إسْحاق بن إبْراهيم بن نَصْر البُشْتِيُّ (a)، وهَارُونُ بن عبد الصَّمَد بن عُبْدُوْس الرُّخِّيّ (b)، وعبدُ الله بن مُحَمَّد بن شِيْرَوُيه، وأبو العبَّاس السَّرَّاج، وأبو مُحَمَّد العبَّاس بن أحْمَد الكَتَّانِيّ (c)، وأبو مُحَمَّد جَعْفَر بن مُحَمَّد بن سَوَّار الحافِظُ، وإسْحَاق بن مَنْصُور الكَوْسَج، ومُحَمَّد بن نَصْر المَرْوَزيّ (d)، وجَمَاعَة سِوَاهم.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن مُعَمَّر بن طَبَرْزَد البَغْدَاديّ، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن الشَّيْبَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالب مُحَمَّد بنُ غَيْلان، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن يَحْيَى المُزَكِّي، قال: أخْبَرَنا أَبو العبَّاس مُحَمَّد بن إسْحاق الثَّقَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ، قال: أخْبَرَنا النَّضْرُ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن أشْعَثَ بن أبي الشَّعْثَاءِ، قال: سَمِعْتُ أبي يُحَدِّثُ عن مَسْرُوق، عن عائِشَةَ، قالت

(1)

: كان رسُول الله

(a) في الأصل: البستي بالمهملة، وصوابه الإعجام نسبة إلى بلدة بُشْت من نواحي نيسابور. انظر: تاريخ ابن عساكر 8: 121، وترجمته في الجزء نفسه 165 - 166، السمعاني: الأنساب 2: 244، ياقوت: معجم البلدان 1: 425، سير أعلام النبلاء 14: 139 - 140.

(b) في الأصل: الرحبي، بحاء مهملة وباء موحدة، وهو تحريف صوابه المثبت، نسبة إلى الرُّخّ: ربعُ من أرباع نيسابور، ذكر السمعاني وياقوت أن العامة تقول: الريخ، وترجما لابن عبدوس عقبه. السمعاني: الأنساب 6: 99 - 100، معجم البلدان 3:38.

(c) مهملة في الأصل.

(d) في الأصل: المزوزي، وانظر ترجمته المقتضبة في تاريخ بغداد 4:505.

_________

(1)

صحيح مسلم 1: 226 (رقم 67)، سنن ابن ماجه 1: 141 (رقم 401)، سنن أبي داود 4: 378 (رقم 4140)، الجامع الكبير للترمذي 1: 597 (رقم 608)، سنن النسائي 1: 78 (رقم 112)، صحيح ابن حبان 12: 271 (رقم 5456).

ص: 481

صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحِبُّ التَّيَمُن في أَمْره، أو شَأْنِه؛ في تَنَعُّلِه، وفي تَرَجُّلِهِ، وطَهُورِه.

نَقَلْتُ من خَطِّ الإمام أبي طَاهِر السِّلَفِيّ، وأخْبَرَنا بهِ إجَازَةً عنهُ أبو القَاسِمِ عَبْد الله بن الحُسَين الحَمَوِيّ، وعبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل وغيرهما، قال: حَدَّثَني أبو القَاسِمِ عبدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن مَنْصُور العَلَائِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّة، قال: قَرَأتُ في كتاب الحُسَين بن مُحَمَّد بن الحُسَين النَّيْسَابُوريّ: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ ابن إسْحاق؛ صَدِيْقُنا بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ حَسَنُ بن عَبْد الله الخَالِديُّ بهَرَاة، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن زَكَرِيَّاء الهَمَذَانيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ سَلَمَة النَّيْسَابُوريّ، قال: جَاء سَائِلٌ إلى إسْحاق بن رَاهَوَيْه يَسْألُه شيئًا، فقال له: صَنَعَ اللهُ لك، فقال: ما جئْتُ لتَدْعُوَ لي، إنَّما جئْتُ لتُعْطِيني، فقال إسْحاقُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قال: حَدَّثَنَا عَوْف، عن الحَسَن، قال: إذا جَدَّ السُّؤَالُ جَدَّ المَنْعُ. فقال السَّائِلُ: يا أبا يَعْقُوب، عندي حَديْثُ خَيْرٌ من حَدِيثكَ، وإسْنَادٌ خَيْرٌ من إسْنَادِكَ، فقال: هَاتِ، فقال السَّائِلُ: حَدَّثَنَا سِيْما الصَّغيرُ، عن سِيْما الكَبير، عن زَغْلِيْتَج، عن أَمِير المُؤمِنِين عليّ أنَّهُ قال: اقْعُد تمنَّى خَيْرٌ من أنْ تَعْمَل تعنَّى. فقال إسْحاق: إدْفَعي إليه يا جَارِيَة دِرْهَمَيْن ورَغِيْفَين وعُوْدَين حَطَب، فلمَّا تَسَلَّم السَّائلُ ما دُفِعَ إليه، الْتَفَتَ إلى إسْحاق فقال له: أيُّما خَيْر إسْنَادُك أو إسْنَادِي؟ فقال إسْحاق: إسْنَادُكَ خيرٌ! انْصَرِف.

قال الحافِظُ أبو طَاهِر، ونَقَلْتُه من خَطِّه: مُحَمَّد بن إسْحاق هو ابنُ مَنْدَة الأصْبَهَانِيّ الحافِظُ أبو عَبْد الله، صَاحِبُ التَّوَاليْف، والخَالِديُّ المَشْهُور اسْمُه مَنْصُور، وهذا لا أعْرفُهُ ومَنْصُور يَرْوِي مَنَاكيْر، ولعلَّ النَّيْسَابُوريّ علَّقه بعدما سَمِعَهُ من حِفْظِه فغَلطَ فيهِ

(1)

.

(1)

بقية الصفحة بياض في الأصل، قدر نصفها، وكذا التي تليها.

ص: 482

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الكَرَّانِيّ، وأبو جَعْفَر الطَّرَسُوسِيّ، قالا: أخبَرَنا مَحْمُودُ بن إسْمَاعِيْل الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن فَاذْشَاه، ح.

قال أبو جَعْفَر: وأخْبَرَنا أبو نَهْشَل العَنْبَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن رِيْذَة، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَىَ بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق ابن رَاهَوَيْه، قال: أخْبَرَني سُليْمانُ بن نَافِعٍ بحَلَب، فذَكَرَ حَدِيثًا قد ذَكَرْناهُ بهذا الإسْنَاد في تَرْجَمَةِ سُليْمان بن نَافِعٍ

(1)

فيما يأتي في كتابنا هذا إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين القَطَّان، قال: أخْبَرَنا عليّ بن إبْراهيم المُسْتَمْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسْحاق السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ بن أبي زَيْد القُشَيْريّ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيىَ بنُ آدَمَ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوب الخُرَاسَانيِّ، عن عَبد الرَّزَّاق، عن النُّعْمان بن شَيْبَة، عن ابن طَاوُس، عن أَبِيهِ، قال: ليسَ فىِ الأوْقَاص صَدَقَةُ. قال السَّرَّاجُ: فسَألتُ أبا يَعْقُوبَ إسْحاق بن رَاهَوَيْة فحَدَّثَني به وقال لي إسْحاق: كَتَب عنِّي يَحْيَى بن آدَمَ ألفَي حَدِيثٍ.

كَتَبَ إلينا أبو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد الهَرَويّ أنَّ أبا القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ أخبرهم، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحُسَينُ بن عليّ الحافِظ، قال:

(1)

ضمن الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

تاريخ بغداد 7: 364.

ص: 483

أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْحاق بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن رَافِعٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن آدَم، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا يَحْيَى بن سَعيد، عن أبي بَكَّار الحَكَم بن فَرُّوخ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاس، أنَّهُ كان يُكَبّرُ من غَدَاةِ يَوْم عَرَفَة إلى آخر أيَّام التَّشْرِيْق.

قال مُحَمَّد بن رَافِعٍ: فلَقيْتُ إسْحاقَ بن إبْراهيم، فقُلتُ: إنَّ يَحْيَى بن آدَم حدَّثني عنك عن يَحْيَى بن سَعيد، فذَكَرتُ له هذا الحَدِيْث، فَحدَّثَني كما حَدَّثَني يَحْيَى بنُ آدَمَ.

قال أبو العبَّاس: فأتَيْتُ إسْحاقَ، فقُلْتُ: إنَّ مُحَمَّد بن رَافِعٍ حَدَّثَني عن يَحْيَى ابن آدَمَ عنكَ، فحَدَّثَني كما حَدَّثَني مُحَمَّد بن رَافِعٍ.

قال أبو العبَّاس: فقُلتُ لإسْحاق: كَمْ كتَبَ عنك يَحْيَى بن آدَم؟ قال إسْحاقُ: نحو ألْفَي حَدِيثٍ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: حَدَّثَني أبو الخَطَّاب العَلَاءُ بن [أبي](a) المُغِيرَة بن أحْمَد بن حَزْم الأنْدَلُسِيّ، عن ابن عمِّه أبي مُحَمَّد عليّ بن أحْمَد بن سَعيد بن حَزْم

(2)

، قال: إسْحاقُ بن رَاهَوَيْه، هو: إسْحاقُ بن إبْراهيم بن مَخْلَد بن إبْراهيم بن عَبْدِ الله ابن مَطَر بن عُبَيْدِ الله بن غَالِب بن الوَارِث (b) بن عُبَيْد الله بن عَطِيَّة بن مُرَّة بن كَعْب بن هَمَّام بن أسَدِ بن مُرَّة بن عَمْرو بن حَنْظَلَة بن مَالِك بن زَيْدِ مَنَاةَ بن تَمِيْم.

(a) ساقطة من الأصل، ولعله التبس عليه بالعلاء بن المغيرة البندار، وهو عراقي، وذاك أندلسي.

(b) ابن حزم: ابن وارث.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 364.

(2)

ابن حزم: جمهرة أنساب العرب 223.

ص: 484

أنْبأنَا عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن أبي الصَّقْر، قال: أخْبَرَنا هِبَةُ الله بن إبْراهيم بن عُمَر الصَّوَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل المُهَنْدِسُ، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد الدُّولَابِيّ

(1)

، قال: قال مُحَمَّد بن إسْحاق بن رَاهَوَيْه: وُلد أبي، رحمه الله، سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين ومائة، وهو إسْحاقُ بن إبْراهيم بن مَخْلَد بن إبْراهيم بن عَبْدِ الله بن بَكْر بن عَبْدِ الله (a) ابن غالب بن عَبْد الوَارِث بن عَبْد الله بن عَطِيَّة بن مُرَّة بن كَعْب بن هَمَّام ابن أسْمَر بن مُرَّة بن عَمْرو بن حَنْظَلَة بن مَالِك بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم، تُوفِّي رحمه الله في لَيْلَة الأَحَد النِّصْف من شَعْبان سَنَة ثَمانٍ وثلاثين ومائَتَيْن، وفيه يَقُول الشَّاعر

(2)

: [من البسيط]

يا هَدَّةً ما هَدَّدتْنا لَيْلَة الأَحَد

في نِصْفِ شَعْبان لا تُنْسى يَدَ (b) الأبَدِ

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ

(3)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن نُعَيْمْ الضَّبِّيّ، قال: أخْبَرَني عليّ بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى البَاشَانِيّ، قال: وُلِد إسْحاقُ بن رَاهَوَيْه سَنَة إحْدَى وسِتِّين ومائة.

(a) الدولابي: عبيد الله، وتقدم في سياقة اسمه في طالع الترجمة ذكر الاختلاف فيه.

(b) كذا في الأصل بمثناة تحتيه منقوطة بنقطتين، ولعل الأظهر ما في رواية الذهبي في تاريخه وسير أعلام النبلاء: بَدَ، وفي بعض الروايات عند غيره كالسبكي في طبقاته: مدى.

_________

(1)

الدولابي: الكنى والأسماء 2: 158 - 159.

(2)

تاريخ الإسلام 5: 787، سير أعلام النبلاء 11: 377، طبقات الشافعية للسبكي 2:88.

(3)

تاريخ بغداد 7: 364.

ص: 485

وقال مُحَمَّد بن مُوسَى: كان إسْحاق بن رَاهَوَيْه سَمِعَ من عَبْدِ الله بن المُبارَك وهو حَدَثٌ، فتَرَكَ الرِّوَايَةَ عنهُ لحَدَاثَته، وخَرَجَ إلى العِرَاق سَنَة أرْبَعٍ وثمانين ومائة، وهو ابنُ ثلاثٍ وعشرينَ سنةً. قال: وقد قِيلَ في مَوْلد إسْحاق غير هذا.

أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر (a) الحافِظُ، قال: قال عَبْدُ الله بن مُحَمَّد البَغَويّ

(1)

، قال لي مُوسَى بن هَارُون: قُلْتُ لإسْحاق بن رَاهَوَيْه: مَنْ أكْبَرُ أنْتَ أو أحْمَد؟ قال: هوِ أكْبَرُ منِّي في السِّنِّ وغيره. وكانَ مَوْلدُ إسْحاقَ سَنَة ستٍّ وسِتِّين فيما يَرَى (b) مُوسَى.

قال الخَطِيبُ

(2)

: وكانَ مَوْلدُ أحْمَد بن حَنْبَل في سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين ومائة.

قال

(3)

: وأخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ الجَوْهَرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العبَّاس الخَزَّازُ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو عُثْمانُ بن جَعْفَر المَعْرُوف بابن اللَّبَّان، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن إسْحاق بن رَاهَوَيْه، قال: وُلِدَ أبي من بَطْن أمِّهِ مَثْقُوبَ الأُذُنَيْن، قال: فمَضَى جَدِّيِ رَاهَوَيْه إلى الفَضْل بن مُوسَى السِّيْنَانِيّ فسَألَهُ عن ذلك، وقال: وُلِدَ لي وَلَدٌ خَرَجَ من بَطْنِ أُمِّهِ مَثْقُوبَ الأذُنَيْن! فقال: يكُون ابْنُكَ رأْسًا إمَّا في الخَيْر، وإمَّا في الشَّرِّ.

قال الخَطِيبُ

(4)

: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَة الله بن الحَسَن بن مَنْصُور الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء المُطَّوّعيُّ، قال: سَمِعْتُ أبا حَامِد أحْمَدُ بن مُحَمَّد

(a) في نشرة تاريخ بغداد والنقل متتابع عنه: محمد المظفر، وما ها هنا هو الصواب، وهو أبو الحسين البغدادي؛ محدث العراق في وقته. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 16: 418 - 421.

(b) تاريخ وفاة الشيوخ: يروي.

_________

(1)

تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي 75.

(2)

تاريخ بغداد 7: 365.

(3)

تاريخ بغداد 7: 365.

(4)

تاريخ بغداد 7: 365 - 366.

ص: 486

ابن بَالُوَيْه يقُول: سَمِعْتُ أبا الفَضْل أحْمَدَ بن سَلَمَة يقولُ: سَمِعْتُ إسْحاق بن إبْراهيم يقُول: قال لي عَبْدُ الله بن طَاهِر: لِمَ قِيْلَ لكَ ابنُ رَاهُوَي، وما مَعْنى هذا، وهل تَكْرَهُ أنْ يُقالَ لك هذا؟ قال: اعْلَم أيُّها الأَمِير أنَّ أبي وُلد في طَريقٍ، فقال المَرَاوِزَةُ: رَاهُوَي، بأنَّهُ وُلِد في الطَّريق، وكان أبي يَكْرَهُ هذا، وأمَّا أنا فلَسْتُ أكْرَهُهُ.

أخْبَرَنا مُحَمَّد بن حَمْزَة بن القُبَّيْطِيّ في كِتَابِهِ إليْنَا من بَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا حَمْزَةُ بن يُوسُف السَّهمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْد الله بن عَدِيّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَفْصٍ السَّعْدِيّ يقول: ذُكِرَ لأحْمد بن حَنْبَل، وأنا حَاضِرٌ، إسْحاق ابن رَاهَوَيْه، فَكَرِه أحْمَد أنْ يُقال (a): رَاهَوَيْه، وقال: إسْحاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ، وقال: لم يَعْبُر الجِسْرَ إلى خُرَاسَان مثلُ إسْحاق، وإنْ كان يُخَالفنا في أشْيَاء، فإنَّ النَّاس لم يَزَلْ (b) يُخَالف بعضُهُم بعضًا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي يَعْقُوبَ الدِّمَشقيّ بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّة، قال: أخْبَرَنا أحْمَد ابن أبي أحْمَد الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَتْح القَزْوِينيّ، قال: حَدَّثَنَا الحافِظُ أبو يَعْلَى الخَلِيْليّ

(2)

، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عليّ الحافِظ يقول: سَمِعْتُ أبي يَقُول: قيل لإسْحاق بن رَاهَوَيْه: إنَّ هذا الصَّبِيّ الرَّازِيَّ -يعني أبا زُرْعَة- واردٌ عليكَ، فكان يُصَلِّي يَوْمَيْن ثمّ يرجعُ إلى البَيْت ولا يأذَن لأحدٍ، فقيلِ له في ذلك، فقال: بَلَغَني أنَّ هذا الفَتَى واردٌ، وقد أعْدَدْتُ مائةً وخَمْسِين ألفَ حَدِيثٍ أُلْقيها عليه، خَمْسُون ألفًا منها مَعْلُولَات لا تَصِحُّ.

أنْبَأنَا مُحَمَّد بن حَمْزَة بن القُبَّيْطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا حَمْزَةُ بن يُوسُفَ السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا

(a) ابن عدي: يقول.

(b) ابن عدي: تزل.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 135.

(2)

كتاب الإرشاد للخليلي 3: 910.

ص: 487

أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء بن حَيَّوْيَه يقول: سَمِعْتُ أبا دَاوُد الخَفَّاف يقول: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَنْبَل يقول: لم يَعْبُر الجِسْرَ مثل إسْحاق.

وقال ابنُ عَدِيّ

(2)

: سَمِعْتُ يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء يقول: سَمِعْتُ أبا دَاوُد الخَفَّاف يقول: سَمِعْتُ إسْحاق بن رَاهَوَيْه يقول: كأنِّي أنْظُر إلى مائة ألف حديثٍ في كُتُبي وثَلاثين ألف أسْردها (a).

وقال ابنُ عَدِيّ

(3)

: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يُوسُف الفَرَبْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بن خَشْرَم، قال: حَدَّثَنَا ابن فُضَيْل، عن ابن شُبْرُمَةَ، عن الشَّعْبِيّ، قال: ما كتبْتُ سَوْدَاءَ في بَيْضاءَ إلى يومي هذا، ولا حدَّثَني رَجُل بحديثٍ قَطّ إلَّا حَفِظتُه، ولا أحبَبْتُ (b) أنْ يُعيدَهُ عليَّ، فحدَّثْتُ بهذا الحَدِيْث إسْحاقَ بن رَاهَوَيْه، قال: فعَجبتَ (c) من هذا؟ قُلتُ: نعم، قال: كنتُ لا أسْمَعَ شيئًا إلَّا حَفِظتُهُ، فكأنِّي أنْظُرإلى سَبْعِين ألف حديث -أو قال: أكثر من سَبْعِين ألف- في كُتُبي.

وقال ابنُ عَدِيّ

(4)

: سَمِعْتُ يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء يقول: سَمِعْتُ أبا دَاوُد الخَفَّاف يقول: أمْلَى علينا إسْحاق بن رَاهَوِيْه أحَدَ عَشر ألف حَدِيث من حِفْظه، ثمّ قرأها علينا، فما زادَ حَرْفًا ولا نَقَصَ حَرْفًا.

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(5)

، قال: أخْبَرَنا رِضْوَانُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن الدِّيْنَورِيُّ.، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْرٍ أَحْمَدُ بن عبدِ الرَّحْمن الحافِظ بهَمَذَان يقول: سَمِعْتُ أبا العبَّاس أحْمَد بن سَعيد يقول: سَمِعْتُ

(a) ابن عدي: سردًا.

(b) ابن عدي: ولا أُحبّ.

(c) ابن عدي: تعجب.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 135.

(2)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 136.

(3)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 136.

(4)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 136.

(5)

تاريخ بغداد 7: 371.

ص: 488

أبا يَزِيد مُحَمَّد بن يَحْيَى بن خَالِد المَدِيْنِيّ يقول: سَمِعْتُ إسْحاق بن إبْراهيم يقول: أحْفَظُ سَبْعِين ألفَ حَدِيث، وأُذَاكِرُ بمائة ألف حَدِيثٍ.

قال الخَطِيبُ

(1)

: وحَدَّثَنَا أبو بَكْر البَرْقَانِيّ، قال: قَرَأتُ على أبي حَامِدٍ أحْمَد بن عُمَر ابن حَفْص المَرْوَزيّ بها، قال: سَمِعْتُ أبا يَزِيد مُحَمَّد بن يَحْيَى بن خَالِد يقول: سَمِعْتُ إسْحاقَ ابن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ يقول: أعْرفُ مكان مائة ألف حَدِيث كأنِّي أنْظُر إليها، وأحْفَظُ سَبْعِينَ ألف حَديث عن ظَهْر قَلْبي، وأحْفَظُ أربَعَة آلاف حَدِيث مُزَوَّرة. فقيل له: ما معنى حِفْظ المُزَوَّرة؟ قال: إذا مَرَّ بي منها حَدِيثٌ في الأحَادِيْث الصَّحيْحَة فَلَيْتُهُ منها فَلْيًا.

قال

(2)

: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن مَخْلَد الوَرَّاق، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن كَامِل، قال: قال عَبْدُ الله بن طَاهِر لإسْحاق بن رَاهَوَيْه: قيلِ لي إنَّكَ تَحْفَظُ مائةَ ألف حديث! قال: مائة ألف حَدْيث ما أدْري ما هو؟ ولكنِّي ما سَمِعْتُ شيئًا إلَّا حَفِظْتُه، ولا حَفِظتُ شيئًا قَطّ فنَسيْتُهُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، قِراءَةً عليهِ بالدِّيَار المِصْرِيَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: سَمِعْتُ أبا الفَتْح إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد المَاكِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخَلِيل بن عَبْدِ الله بن أحْمَد الخَلِيْليّ الحافِظَ يقول

(3)

: رَوَى عنهُ -يعني سُفْيان بن عُيَيْنَة- وذَكَرَ جَمَاعَةً، ثمّ قال: وإسْحَاق بن رَاهَوَيْه وكان يُسَمَّى شَهَنْشَاه (a) الحَدِيْث.

قال أبو يَعْلَى الخَلِيْليّ

(4)

: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَر الزَّاهِد بنَيْسَابُور يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إسْحاق الثَّقَفِيّ يقول: حَدَّثَنَا إسْحاق بن رَاهَوَيْه شَاهَانْشَاه العُلَمَاء.

(a) كتاب الإرشاد: شاهنشاه.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 372.

(2)

تاريخ بغداد 7: 373.

(3)

كتاب الإرشاد للخليلي 1: 361.

(4)

كتاب الإرشاد للخليلي 3: 911.

ص: 489

قُلتُ: ومعنى شَاهَانْشَاه: مَلِكُ المُلُوك.

كَتَبَ إلينا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن عَبْد الكَريم من مَرْو، والقَاسِم بن عَبْد الله ابن عُمَر الصَّفَّار من نَيْسَابُور، قال عبدُ الرَّحيم: أخْبَرَنا أبو البَرَكَاتِ عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن الفَضْلِ، وقال القَاسِم: أخْبَرَتْنا عَمَّةُ أبي عائِشَةُ بنتُ أحْمَد بن مَنْصُور الصَّفَّار، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بنُ عليّ بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحاكِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا الحُسَين بن مُحَمَّد بن حَكِيم (a) المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو نَصْرُ بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقَ بن إبْراهيم، قال: سَألني أحْمَد بن حَنْبَل عن حديث الفَضْل بن مُوسَى حديث ابن عبَّاسٍ: كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَلْحَظُ في صَلَاتِه ولا يَلْوي عُنُقَه خَلْفَ ظَهْره. قال: فحدَّثْتُه، فقال له رَجُلٌ: يا أبا يَعْقُوب، رَوَاهُ وَكِيعٌ بخِلَاف هذا، فقال له أحْمَدُ بن حَنْبَل: اسْكت إذا حَدَّثَكَ أبو يَعْقُوب أَمِيرُ المُؤمِنِين، فتمسَّك (b).

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ بنَيْسَابُور، قال: أنْبَأنَا أبو عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الحافِظُ، قال: سَمِعْتُ أبا مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن يَزِيد الأَسْلَميّ يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَيْمُون الفَارِسِيّ يقول: سَمِعْتُ مُحمَّد بن عَبد الوَهَّاب الفَرَّاء يقولِ: سَمعْتُ الحُسَينَ بن مَنْصُور يقول: كُنْتُ مع يَحْيَى بن يَحْيَى وإسْحَاق بن رَاهَوَيْه يوْمًا نَعُودُ مَرِيْضًا فلمَّا حَاذَيْنا البابَ، تأخَّر إسْحاقُ وقال ليَحْيَى: تَقَدَّم، فقال يَحْيَى لإسْحاق: تَقَدَّم أنْتَ، قال: يا أبا زَكَرِيَّاء، أنْتَ أكْبَرُ منِّي، قال: نَعَم، أنا أكْبَرُ منكَ، وأنْتَ أعْلَم منِّي، فتقدَّم إسْحاقُ.

(a) في كتاب الحاكم: أخبرنا الحسن بن حليم.

(b) في كتاب الحاكم وتاريخ بغداد 7: 370: فتمسك به.

_________

(1)

معرفة علوم الحديث للحاكم 264.

ص: 490

أخْبرَنا الإمَامُ الزَّاهِدُ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن أبي مُحَمَّد بن هِبَة الله الشَّافِعيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن الحُسَين ابن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن الحِنَّائِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ أحْمَد وأبو الحُسَين مُحَمَّد ابْنَا عبدِ الرَّحْمن ابن عُثْمان بن القاسِم بن أَبي نَصْر، قالا: أخْبَرَنا القَاضِي أبو بَكْرِ يُوسُفُ بن القَاسِم بن يُوسُف المَيَانِجِيُّ، قال: أمْلَى علينا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللهِ بنُ حَمْدَانَ بن وَهْب الحافِظ بالدِّيْنَوَر، قال: أمْلَى علينا أبو زُرْعَة -يعني عُبَيْد الله بن عَبْد الكَريم الرَّازِيّ رحمه الله حَدِيْثَ عَبْدِ الله بن نُجَيّ، فلمَّا أنْ فَرَغَ قال لنا: بقي شيءٌ؟ فقلتُ له أنا: نَعَم، قد بَقي عَبْدُ الله بن نُجَيِّ، عنِ عليّ عليه السلام، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَذبَ عليَّ مُتَعَمِّدًا. فقال: مَنْ رَوَى هذا؟ فقُلتُ: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن رَاهَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن أيُّوبَ الضَّبِّيُّ، عن أبي حَمْزَة السُّكَّرِيّ، عن جَابِر، عن عَبْدِ الله بن نُجَيّ، عن عليّ عليه السلام. قال: سُبْحَان الله، ما علمْتُ أنْ يكونَ هذا!.

فبينا أنا عنده في بعض الأيَّام، إذ أتاهُ ابن عَاصِمِ زَائِرًا، فقال له: حَدِّثنا حديثَ عَبْدِ الله بن نُجَيّ، عن عليّ عليه السلام، فاسْتَحْيى وجَعَل يَتأَبَّى، فقال: بحقِّي عليكَ لَمَا حدَّثتني بهِ، فقال له: حَدَّثَنَا إسْحاق بن رَاهَوَيْه كالمُسْتَحْيي، فدَفع أبو زُرْعَة في صَدْره وقال: ارفَعْ صَوْتكَ وقُلْ: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ فإنَّهُ لا يُسْتَحْيَى من ذِكْره، فقال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن أَيُّوب الضَّبِّيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَمْزَة السُّكَّرِيّ، عن جَابِر، عن عَبْدِ الله بن نُجَيّ، عن عليّ عليه السلام، والشَّعْبِيّ، عن مَسْرُوق، عن عَبْد الله بن مَسْعُود، قالا: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

: مَنْ كذبَ عليَّ مُتَعَمِّدًا فليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ

(1)

لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر ولا في معجم شيوخه.

(2)

حديث ابن مسعود من طريقين: شريك عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ومن طريق عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود، وحديث عليّ رضي الله عنه من طريقين: شريك عن منصور عن علي بن أبي طالب، والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة الحماني عن علي، وانظر الحديث من طرقه المختلفة عند: ابن أبي شيبة: المصنف 5: 296 - 298 (رقم 26229 - 26246)، =

ص: 491

من النَّار. فجَعَل أبو زُرْعَةَ يَعْجَبُ ويقول: الشَّعْبِيّ عن مَسْرُوق عن عَبْد الله؟ هذا أغْرَب من ذلك!.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد المُؤدِّبُ البَغْدَاديُّ، قال: أخْبَرَنا أبوِ القَاسِمِ هِبَةُ الله بن مُحَمَّد بن الحُصَيْن الشَّيْبَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن غَيْلان البَزَّازُ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم [بن مُحمَّد](a) بن يَحْيَى المُزَكِّي النَّيْسَابُوريّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَاحِد بن مُحَمَّد بن سَعيد أبو أحْمَدَ، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن عليّ، قال: حَدَّثَني الفَضْلُ بن عَبْد الله الحِمْيَرِيُّ، قال: سَألْتُ أحْمَد بن حَنْبَل رضي الله عنه عن رِجَالِ خُرَاسَانَ، فقال: أَمَّا إسْحاق بن رَاهَوَيْه فلم يُرَ مثْلُه، وأمَّا الحُسَين بن عِيسَى البِسْطَامِيِّ فثِقَةٌ، وأمَّا إسْمَاعِيْل بن سَعيد الشَّالَنْجِيّ ففَقِيْهٌ عَالِم، وأمَّا أبو عَبْدِ اللهِ العَطَّارُ (b) فبَصِيْرٌ بالعَرَبِيَّةِ والَنَّحو، وأمَّا مُحَمَّدُ بن أسْلَم لو أمْكَنَني زيارَتُهُ لزُرْتُهُ.

رَوَى أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

هذه الحِكايَة عن أبي طَالِب بن غَيْلان، فكأنَّ شَيْخَنا عُمَر سَمِعها من الخَطِيب.

(a) نسبه في الأصل إلى جده، وانظر سياقة اسم ابن المزكي في تاريخ بغداد 7: 105، وسير أعلام النبلاء 16:163.

(b) في تاريخ بغداد 7، 369: القطان، والمثبت موافق لرواية ابن عساكر في تاريخه 8: 131، وسير أعلام النبلاء 11:374.

_________

= ابن حنبل: المسند 4: 235 (رقم 2675)، سنن الدارمي 1: 76 - 77، صحيح مسلم 1: 10، سنن أبي داود 4: 63 (رقم 3651)، سنن ابن ماجه 1: 13 (رقم 30 - 33)، الترمذي: الجامع الكبير 4: 395 (رقم 2659)، (رقم 2660)، وفيه:"يلج في النار"، (رقم 2661)، وفيه:"بيته من النار"، مسند أبي يعلى الموصلي 383 رقم 496، الطبراني: المعجم الكبير 1: 114 (رقم 204)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 3: 329 (رقم 1052)، وفيه:"بيتا من جهنم"، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 3: 160 (رقم 1291).

(1)

تاريخ بغداد 7: 369.

ص: 492

أنْبَأنَا ابنُ المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصِرِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون وأبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، وأبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ -واللَّفْظ له- قالوا: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ، زَادَ ابنُ خَيْرُونَ: وأبو الحُسَين الأصْبَهَانِيّ، قالا: أخْبَرَنا أحْمَد ابن عَبْدَان، قال: أَخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل:، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم بن مَخْلَد أبو يَعْقُوبَ الحَنْظَلِيّ المَرْوَزيّ، سَمِعَ ابن عُيَيْنَة ووَكِيع، سَمِعَ منهُ يَحْيَى بن آدَمَ، ماتَ سَنَة ثمانٍ وثَلاثين ومَائتَيْن لَيْلَة السَّبْت لأرْبَع عشرة خَلَتْ من شَعْبان، وهو ابنُ سَبْعِ وسَبْعِين سَنَةً.

أنْبَأنَا الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّقَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَنْصُور بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاجِ

(2)

يقول: أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ عن عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّد، وعِيسَى بن يُونُس، رَوَى عنهُ يَحْيَى بن آدَم.

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ الصُّوْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: قال أبي: أَبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيمِ بن مَخْلَد بن إبْراهيم الثِّقَةُ المَأْمُونُ، سَمِعْتُ سَعيد بن ذُؤَيْب يقول: ما أعْلَمُ على وجْهِ الأرْضِ مثْل إسْحاق.

قال

(4)

: وأخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن يَعْقُوبَ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا أبو نَصْر أحْمَد بن سَهْل الفَقِيه ببُخَارَى إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 125.

(2)

الكنى والأسماء للإمام مسلم 2: 918.

(3)

تاريخ بغداد 7: 369.

(4)

تاريخ بغداد 7: 366.

ص: 493

ابن عَبْدَة، قال: سَمِعْتُ حَاشِدَ بن مالك يقول: سَمِعْتُ وَهْب بن جَرِير يقول: جَزَى اللهُ إسْحاقَ بن رَاهَوَيْه، وصَدَقَة، ويَعْمَر، عن الإسْلَام خَيْرًا؛ أَحْيَوا السُّنَّة بأرْضِ المَشْرِق.

قال أبو بَكْر الخطيبُ

(1)

: أخْبرَني أبو الوَلِيد الحَسَنُ بن مُحَمَّد الدَّربَنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن سُلَيمان الحافِظ ببُخَارَى، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد بن رُفَيْد، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن الهَيْثَم بن السَّمَيْدَع الشَّاشِيّ يقول: قال لي يَحْيَى بن يَحْيَى: بخُرَاسَان كَنْزَان؛ كَنْزٌ عند مُحَمَّد بن سَلَام البِيْكَنْدِيّ، وكَنْزٌ عند إسْحاق بن رَاهَوَيْه.

أنْبَأنَا أبو رَوْح الهَرَويّ، عن أبي القَاسِم الشَّحَّامِيِّ، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن مُحَمَّد البَحِيْرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن حَمْدَان الحِيْرِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن أحْمَد بن نُعَيْمِ يقول: سَمِعْتُ السُّلمَيِّ يقول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن يَحْيَى يقول: قالت لي فاطِمَة أُمّ مُحَمَّد: إذا خَرَجْتَ من الطَّارِمَة قدَّمت إسْحاق بين يديكَ، وأنت أكْبر سنًّا منه؟! قال: لأنَّهُ أكْثر عِلْمًا منِّي.

السُّلمِيّ: هو أحْمَد بن يُوسُف، وفاطِمَة: امرأة يَحْيَى بن يَحْيَى.

أنْبَأنَا الحَسَنُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا هَنَّاد بن إبْراهيم النَّسَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد الغُنْجَار، قال: حَدَّثَنَا خَلَفُ بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ أبا عليّ الحَسَنَ بن الحُسَين البَزَّاز يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن حُمَيْد (a) بن

(a) ابن عساكر: حميدة.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 367.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 126 - 127.

ص: 494

فَرْوَة يقول: سَمِعْتُ أبا رَجَاءً قُتَيْبَةَ (a) بن سَعيد يقول: الحُفَّاظُ بخُرَاسَان إسْحاق بن رَاهَوَيْه، ثُمَّ عَبْد الله بن عبد الرَّحْمن السَّمَرْقَنْديّ، ثمّ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل.

قال أبو القَاسمِ

(1)

: أخْبَرَنا أبو الفُتُوح عَبْد الخَلَّاق بن عَبْد الوَاسِع بن عَبْد الهَادِي بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ الهَرَويّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن عُمَيْر العُمَيْريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن عَمَّار بن يَحْيَى بن عَمَّار الشَّيْبَانِيّ إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحُسَين بن أحْمَد بن مُوسَى القَاضِي، قال: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: قال أبو الفَضْل أحْمَد بن سَلَمَة: وَجَدْتُ عندي مَكْتُوبًا عن عَبْد الله بن أبي زِيَادٍ القَطَوَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عُبَيْد يقول: انْتَهى -يعني عِلْم الحَدِيْث- إلى أرْبَعة: إلى أحْمَد بن حَنْبَل؛ وهو أفْقَهُهُم فيهِ، وإلى عليّ بن المَدِيْنيِّ، وهو أعْلَمُهُم بهِ، وإلى يَحْيَى بن مَعِيْن؛ وهو أكْتَبُهُم له، وإلى أبي بَكْر بن أبي شَيْبَة، وهو أحْفَظُهُم له.

قال أحْمَد بن سَلمَة: لو عَاين أبو عُبيد إسْحَاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ لفَضَّلَهُ عليهم حِفْظًا وعِلْمًا وسَعَةً في العِلْم، وعِلْمًا باخْتِلَاف العُلَمَاءِ.

أخْبَرَنا أبو القَاسمِ عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي إذْنًا، عن أبي المُظَفَّر بن القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الرَّحمن السُّلَميِّ يقول: سَمِعْتُ أبا عَمْرو بن مَطَر يقول: سَمِعْتُ مُوسَى بن عبد الرَّحْمن الشَّنّيِّ يقول: وسُئِلَ -يعني أحْمَد بن حَنْبَل- عن إسْحاق بن رَاهَوَيْه: إمَامٌ هو؟ قال: نَعَمْ.

(a) ابن عساكر: سمعت أبان جاء قتيبة!.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 132.

ص: 495

وقال: أنْبَأنَا أبو المُظَفَّر، عن البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحُسَين بن عليّ الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْحاق بن خُزَيْمَة، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحيم الجُوزْجَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَنْبَل -وذَكَرْنا عندَهُ إسْحاق بن إبْراهيم، وما تَنَقَّصَه أهْلُ خُرَاسَان- فقال أحمدُ: لا أعْرِفُ لإسْحاق بالعِرَاق نَظِيرًا.

قال أبو عَبْد الله الحافِظ: وسَمِعْتُ فَتْحَ بن عَبْد الله يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الشَّاميِّ يقول: سُئِلَ أحْمَد بن حنْبَل عن إسْحاق؟ فقال: ومَنْ مثْلُ إسْحاق، يُسألُ مثْلِي عن مثْل إسْحاق؟.

قال: وسَمِعْتُ أبا زَكَرِيَّاء العَنْبَرِيّ يقول: سَمِعْتُ أبا مُضَر مُحَمَّد بن نَصْر المَرْوَزيّ يقول: سَمِعْتُ عَبْد الله بن أحْمَد بن شَبُّوَيْه يقول: سَمِعْتُ أحْمَدَ بن حَنْبَل يقول: إسْحاق لم يُرَ مثْلَهُ.

أنْبَأنَا عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي بَكْر وَجِيْه بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن الحَسَن بن مُحَمَّد (a)، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد المَخْلَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن مُسْلِم الإسْفَرَاينيِّ، قال: سَمِعْتُ أبا نَصْر يَعْقُوبَ بن يُوسُف ابن أخي أحْمَد بن الخَلِيل يقُول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن سَهْل بن عَسْكَر يقول: ذكر أحْمَد ابن حَنْبَل، وذُكِرَ يَوْمًا إسْحاق فقال: ذَاكَ الإمَام.

وأخْبَرَنا أبو القَاسِم القَاضِي إذْنًا، عن عَبْد المُنْعِمِ بن عَبْد الكَريم، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن الحَسَن الحافِظ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الحافِظُ، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن زِيَاد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُسْلمِ، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد ابن سَلَمَة، قال: قُلْتُ لأبي حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس: أراكَ أقْبَلتَ على قَوْل أحْمَد

(a) كرر المؤلف إسناده في الأصل، وانظر: تاريخ ابن عساكر 8: 131.

ص: 496

ابن حَنْبَل وإسْحَاقَ! فقال: لا أعْلَم في دَهْرٍ ولا عَصْرٍ مثْل هذين الرَّجُلَيْن: رَحَلا، وكَتَبَا، وذَاكَرَا، وصَنَّفا.

قال مُحَمَّد بن عَبْد الله الحافِظ: وحَدَّثَنا عَبْد الله بن مُحَمَّد، قال: سَألْتُ مُحَمَّد ابن الجُنَيْد عن أحْمَد وإسْحَاق قُلتُ: أيُّهما أفْقَهُ؟ قال: كان إسْحاق يَمِيْل إلى قَوْل مَالك، وكان يَحْتَجّ لأهْل المَدِينَة، وكان أحْمَدُ يتَّبِعُ الأثَر.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا ابن يَعْقُوبَ، قال: أخْبَرَنا ابن نُعَيْم، قال: سَمِعْتُ أبا الفَضْل مُحَمَّد بن إبْراهيم يقول: سَمِعْتُ أحْمَد بن سَلَمَة يقول: سَمِعْتُ أبا حَاتِم مُحَمَّد ابن إِدْرِيس الرَّازِيّ يقول: ذكَرْتُ لأبي زُرْعَة إسْحاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ وحِفْظَهُ للأسَانِيْد والمُتُون، فقال أبو زُرْعَة: ما رُؤي أحْفَظ من إسْحاق. قال: أبو حَاتِم: والعَجَبُ من إتْقَانه وسَلَامته من الغَلَط مع ما رُزِقَ من الحِفْظ. وقال أحْمَد بن سَلَمَة: قُلتُ لأبي حَاتِم: إنَّهُ أمْلَى التَّفْسِيرَ عن ظَهْر قَلْبهِ، فقال أبو حَاتِم: وهذا أعْجَب، فإنَّ ضَبْطَ الأحَادِيْث المُسْنَدة أسْهَلُ وأهْوَنُ من ضَبْطِ أسَانِيْد التَّفْسِير وألْفَاظها.

قال الخَطِيبُ

(2)

: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليِّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله النَّيْسَابُوريّ الحافِظُ، قال: أخْبرَني أبو مُحَمَّد بن زِيَاد، قال: سَمِعْتُ أبا العبَّاس الأزْهَريّ يقول: سَمِعْتُ عليّ بن سَلَمَة النَّسَفِيّ

(3)

يقول: كان إسْحاق عند الأَمِير عَبْد الله بن طَاهر وعنده إبْراهيم بن أبي صالح، فسَأل الأَمِيرُ إسْحاقَ عن مَسْألَةٍ فقال إسْحاق: السُّنَّة فيها كَذَا وكذا، وكذلك يقول مَنْ سَلَك طَرِيقَ أهْلِ السُّنَّة،

(1)

تاريخ بغداد 7: 372.

(2)

تاريخ بغداد 7: 372.

(3)

هو نيسابوري شُهِرَ بها، وعند الخطيب البغدادي وابن عساكر (8: 137): اللَّبَقيّ، ولعلها استعجمت على ابن العديم فظنها المثبت.

ص: 497

وأمَّا فُلَان (a) وأصْحَابه فإنَّهم قالوا بخِلَاف هذا. فقال إبْراهيم: لم يَقُل فُلَانٌ (b) بخِلَاف هذا، قال إسْحاق: حَفِظتُه من كتاب جَدِّه، وأنا وهو في كُتَّابٍ واحدٍ. فقال إبْراهيم: أصْلَحكَ اللهُ، كَذَبَ إسْحاقُ على جَدِّي، فقال إسْحاقُ: ليَبْعَث الأَمِيرُ إلى جُزء كَذَا وكَذَا من جَامِعِهِ، فأُتي بالكتَابِ، فجعَل الأَمِيرُ يُقَلِّبُ الكتابَ، فقال إسْحاقُ: عُدَّ من الكتاب إحْدَى عَشْرة وَرَقَةً، ثمّ عُدَّ سَبْعَةَ (c) أسْطُر، ففَعَل فإذا المَسْألَةُ على ما قال إسْحاقُ، فقال الأَمِيرُ عَبْدُ الله بن طَاهِر: قد تُحْفَظُ المَسَائِل، ولكنِّي أعْجَبُ لحفْظكَ هذه المُشَاهَدَة! فقال إسْحاقُ: ليوم مثْل هذا، لكي يُخْزِي (d) اللهُ على يَدِي عَدُوًّا مثْلَهُ.

قال الخَطِيبُ

(1)

: وأخْبَرَنا أبو نُعَيْم، قال: سَمِعْتُ أبا عَمْرو بن حَمْدَان يقول: سَمِعْتُ أبا بَكْر أحْمَدَ بن إسْحاق الصِّبْغِيّ (e) يقول: سَمِعْتُ إبْراهيم بن أبي طَالِب يقول: فاتَني عن إسْحاقَ بن إبْراهيِم الحَنْظَلِيّ من مُسْنَده مَجْلِسٌ، وكان يُمِلّهُ (f) حِفْظًا، فتردَّدْتُ إليه مِرَارًا ليُعيْدَه عليَّ فتَعَذَّرَ، فقَصَدْتُه يَوْمًا لأسأَلَهُ إعَادتَهُ وقد حُمِلَ إليه حِنْطَةٌ من الرُّسْتَاق، فقَال لي: تَقُومُ عندَهُم وتكتُبُ وزنَ هذه الحِنْطَةِ، فإذا فرغْتَ أَعَدْتُّ لك الفائتَ. فقال: ففَعَلْتُ ذلك، فلمَّا فَرَغْتُ عرَّفْتُه، وكان خَرَجَ من مَنْزِله، فمَشَيْتُ معه حتَّى بلَغ باب المَنْزِل، فقُلتُ له فيما وَعَدَ من الفائتِ، فسَألَني عن أوَّل حديثٍ من المَجْلِس فذَكَرْتُه له، فاتَّكَأ على عِضَادَتَي البابِ فأعَادَ المَجْلِسَ إلى آخرِه حِفْظًا، وكان قد أمْلَى المُسْنَد كُلَّهُ من حِفْظه وقَرأه أيضًا من حِفْظه ثانيًا كُلَّهُ.

(a) تاريخ بغداد: وأما أبو حنيفة وأصحابه، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر.

(b) تاريخ بغداد: أبو حنيفة.

(c) تاريخ بغداد: تسعة. والعدد المثبث هو ما عند ابن عساكر.

(d) تاريخ بغداد: يجزي.

(e) نسبة إلى الأصباغ وعملها.

(f) تاريخ بغداد: يُمليه.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 373 - 374.

ص: 498

قال الخَطِيبُ

(1)

: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا ابن نُعَيْم، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن صالح بن هَانئ من أصْل كتابهِ، قال: حَدَّثَنَا أبو سَعيد الحَسَن بن عبد الصَّمَد القُهُنْدُزِيّ، قال: سَمِعْتُ إسْحاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ يقول: احْفَظُ سَبْعِين ألفَ حديثٍ كأنَّها نُصْبَ عَيْني.

قال

(2)

: وحَدَّثَني أبو القَاسِم عَبْد الله بن أحْمَد بن عليّ السُّوذَرْجَانِيّ لَفْظًا بأصْبَهَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن المُقْرِئ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن أحْمَد بن زِيْرَك اليَزْدِيّ يقول: سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّد بن سَوَّارِ يقول: سَمِعْتُ إسْحاقَ -يعني ابن رَاهَوَيْه- يقول: إنِّي لأدْخُل الحَمَّام وبينَ عَيْنَيَّ سَبْعُون ألفَ حَدِيث.

قال أبو بَكْر الخطيبُ

(3)

: أخْبَرَني مُحَمَّد بن عليّ الصُّوْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن القَاسِم القَاضي الهَمَذَانيّ بطَرابُلُس، قال: حَدَّثَنَا أبو عِيسَى عبدُ الرَّحْمن بن إسْمَاعِيْل الخَشَّاب العَرُوضِيِّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيُّ، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم بن (a) رَاهَوَيْه أحَدُ الأئمَّة.

قال

(4)

: وأخْبَرَني مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوبَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن نُعَيْم، قال: سَمِعْتُ أبا عليّ الحُسَين بن عليّ الحافِظَ يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إسْحاق بن خُزَيْمَة يقول: واللهِ لو أنَّ إسْحاقَ بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ كان في التَّابِعِين لأقَرُّوا له بحفْظِه (b)، وعِلْمِهِ، وفِقْهِه.

(a) ساقطة من نشرة تاريخ بغداد، وفيه: أحد الأئمة، مروزي.

(b) تاريخ بغداد: لحفظه.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 371.

(2)

تاريخ بغداد 7: 371.

(3)

تاريخ بغداد 7: 369.

(4)

تاريخ بغداد 7: 369.

ص: 499

قال

(1)

: وحَدَّثَني أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عِيسَى الهاشِميّ، قال: هذا كتابُ جَدِّي أبي الفَضْل عِيسَى بن مُوسَى بن أبي مُحَمَّد بن المُتَوَكِّل على الله، فقَرَأتُ فيه: حَدَّثَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن دَاوُد النَّيْسَابُوريّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن سَلَمَة يقول: سَمِعْتُ إسْحاق يقول: أتَيْتُ وَهْب بن جَرِير، فقال: قد حَلَفْتُ أنْ لا أُحَدِّث إلى كَذَا شَهْرًا، قال: قُلتُ: قد أغْنَى اللهُ عنكَ، وأرَدْتُ أنْ يكون اسْمُك عندي. قال: فقال لي: من أينَ أنْتَ؟ قُلتُ: خُرَاسَانيّ، قال: لعلَّك ابنُ رَاهَوَيْه؟ قال: قُلتُ: نعم، قال: قد اسْتَثْنَيْتُكَ فسَلْنِي.

قال الخَطِيبُ

(2)

: أخْبَرَنا إبْراهيم بن عُمَر البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن خَلَف الدَّقَّاق، قال: حَدَّثَنَا عُمَر بن مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الأَثْرَم، قال: قلتُ لأبي عَبْدِ الله أحْمَد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل: إسْحاق أبو يَعْقُوبَ -أعني ابن رَاهَوَيْه- ترى لإنْسَان أنْ يقْصِدَ إليهِ فيَتَعَلَّم منهُ الفِقْه، فإنَّهُ رَجُلٌ مُمَكَّن؟ فقال: ما أَفْهَمَهُ، هو كَيِّس.

قال

(3)

: وأخْبَرَنا عليّ بن أبي عليّ المُعَدَّل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عَبْد الله البَرْذَعِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد بن حَنْبَل، قال: قال أبي: جَلَسْتُ أنا وإسْحَاقَ بن رَاهَوَيْه يَوْمًا إلى الشَّافِعيّ، فناظَرَهُ إسْحاق في السُّكْنَى بمَكَّة، فعَلَا يَوْمئذٍ إسْحاقُ الشَّافِعيَّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَتْح القَزْوِينيّ، قال: حَدَّثنا الحَافِظُ أبو يَعْلَى الخِلَيْليّ

(4)

، قال: سَمِعْتُ الحاكِمَ أبا عَبْد الله يَحْكي بإسْنَادٍ لا

(1)

تاريخ بغداد 7: 366.

(2)

تاريخ بغداد 7: 368.

(3)

تاريخ بغداد 7: 369.

(4)

كتاب الإرشاد للخليلي 3: 910 - 911.

ص: 500

يَحْضُرُني: أنَّ إسْحاقَ بن رَاهَوَيْه نَاظَرهُ -عند بعض الأُمَرَاءِ- مَجُوسِيٌّ، فقال: أنتم لا تحْسنُونَ إلى المَوْتى، تُوَارونَهم في التُّراب حتَّى تَنْفَسد أعْضَاؤهم، ونحنُ نُحْسنُ إليهم، نَفْتَحُ عليهم الرِّيَاح، فقال: بيني وبينك مَسْألَةٌ: المَوْلُود إذا ولدَتْهُ أُمُّهُ ثمّ اكترَتْ له ظِئْرًا تُرْضِعُهُ، إذا فُطِمَ، الأُمُّ أوْلَى به أَم الظِّئْر؟ فقال: الأُمُّ، فقال: الأرْضُ أُمُّنَا؛ قال الله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ}

(1)

.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوبَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن نُعَيْم النَّيْسَابُوريّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إسْحاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ يقول: دَخَلْتُ على أحْمَد بن حَنْبَل فقال: أنْتَ ابن أبي يَعْقُوب؟ قُلتُ: بَلَى. فقال: أمَا أنَّكَ لو لَزمْتَهُ كان أكْثر لفائدتكَ، فإنَّك لم تَرَ مثْلَهُ.

قال

(3)

: وحَدَّثَني عليّ بن أحْمَد الهاشِميّ، قال: هذا كتاب جَدِّي فقَرَأتُ فيه: حَدَّثَني مُحَمَّد بن دَاوُد النَّيْسَابُوريّ، قال: سَمِعْتُ أبا بَكْر بن نُعَيْم يقول: سَمِعْتُ الدَّارِمِيّ يقول: سَادَ إسْحاقُ بن إبْراهيم أهْلَ المَشْرِق والمَغْرب بصِدْقِهِ.

قال مُحَمَّد بنُ داود: وسَمِعْتُ أبا بَكْر يقُول: سَمِعْتُ أبا عبد الرَّحيم الجُوزْجَانِيّ يقول: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَنْبَل، وذَكَر إسْحاق، فقال: لا أعْلَم -أو: لا أعْرفُ- لإسْحاق بالعِرَاق نَظِيْرًا.

وقال

(4)

: سَمِعْتُ أبا بَكْر بن نُعَيْم يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ يقول: وافَقْتُ إسْحاق بن إبْراهيم صَاحِبَنا سَنَة تِسْعٍ وتِسْعِين ببَغْدَاد، اجْتَمعُوا في الرُّصَافَة

(1)

سورة طه، من الآية 55.

(2)

لم نقف عليه في تاريخ بغداد، والخبر في تاريخ ابن عساكر 8: 131، الذهبي: سير أعلام النبلاء 11: 374.

(3)

تاريخ بغداد 7: 368.

(4)

تاريخ بغداد 7: 370، والقائل هو محمد بن داود النيسابوري.

ص: 501

أعلامُ الحَدِيْث، فيهم أحْمَدُ بن حَنْبَل، ويَحْيَى بن مَعِيْن، وغيرهما، فكان صَدْر المَجْلِس لإسْحاق وهو الخَطِيبُ.

أنْبَأنَا أبو رَوْح الهَرَويّ، عن زَاهِر بن طَاهِر، عن أبي بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن صالح بنِ هَانئ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن النَّضْر الجَارُودِيّ، قال: حَدَّثَنَا شَيْخُنا، وكَبيرُنا، ومنْ تَعَلَّمنا منهُ، وتَجمَّلْنا بهِ، أبو يَعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ

(1)

.

قال: وسَمِعْتُ مُحَمَّد بن صَالِح بن هَانئ يقول: سَمِعْتُ الفَضْلَ بن مُحَمَّد الشَّعْرَانيّ يقول: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم الإمام بخُرَاسَان بلا مُدَافَعَة.

أخْبَرَنا عُمَر بن طَبَرْزَد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن عُبَيْدِ الله، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين [بن](a) بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن أحْمَد الدَّقَّاق، قال: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إسْحاق بن حَنْبَل، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله -وهو أحْمَدُ بن حَنْبَل- وسُئِلَ عن إسْحاقَ بن رَاهَوَيْه فقال: مثْلُ إسْحاق يُسْأل عنهُ؟ إسْحاقُ عندنا إمامٌ من أئمَّة المُسْلمِيْن.

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَني عَبْدُ المَلِك بن عُمَر الرَّزَّاز، قال: أخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن سَعيد البَرُوجِرْديّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن وَهْب الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا مَرْوَان (b) بن أحْمَد أبو أحْمَد، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَنْبَل يقول: الشَّافِعيُّ عندنا إمامٌ، والحُمَيْدِيُّ عندنا إمامٌ، وإسْحَاقُ بن رَاهَوَيْه عندنا إمامٌ.

(a) ساقطة من الأصل، وانظر: تاريخ ابن عساكر 8: 129.

(b) في تاريخ بغداد: مرار، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر 8:129.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 134.

(2)

تاريخ بغداد 7: 368.

ص: 502

قال الخَطِيبُ

(1)

: وأخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله المُعَدَّل، قال: حَدَّثَنَا دَعْلَج بن أحمد السِّجِسْتَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الشَّامِيّ، قال: سُئِلَ أحْمَدُ بن حَنْبَل عن إسْحاق بن إبْراهيم وأنا حاضرٌ، فقال: مَنْ مثْلُ إسْحاق؟ مثْل إسْحاق يُسْأل عنهُ!.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالدِّيَار المِصْرِيَّة، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ، قال: سَمِعْتُ إسْمَاعِيْل ابن عَبْد الجَبَّار المَاكِيّ يقول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخَلِيل بن عَبْدِ الله الحافِظ يقول

(2)

: سَمِعْتُ الحاكِم يقول: سَمِعْتُ أبا زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن مُحَمَّد بن العَنْبَرِيّ يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد ابن عَبْد السَّلام الوَرَّاق يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن دَاوُد القُّبِّيّ (a) يقول: سَمِعْتُ مُحَمَّد ابن أسْلَم الطُّوْسيّ حينَ ماتَ إسْحاقُ بن رَاهَوَيْه يقول: ما أعْلَم أحَدًا كان أخْشَى لله تعالى من إسْحاقَ، يقول الله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}

(3)

، وكان أعْلَم النَّاس، فلو كان سُفْيانَ الثَّوْرِيّ حَيًّا لاحْتَاج إلى إسْحاق.

قال مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام: فأخْبرتُ بذلك أحْمَد بن سَعيد الرِّبَاطِيّ، فقال: والله لو كان الثَّوْرِيّ وابن عُيَيْنَة والحَمَّادَان واللَّيْث بن سَعْد (b) حتَّى عَدَّ عَشْرةً، لاحْتَاجُوا إلى إسْحاق.

(a) كذا في الأصل مجودًا، ومثله في كتاب الإرشاد الخليلي، غير أنه فيه بفتح القاف، ولم نجده في كتب التراجم، وفي تاريخ بغداد 7: 362، والإكمال لابن ماكولا 2: 289، وتاريخ ابن عساكر 8: 133: الضَّبيّ.

(b) أفلت اسمه من راوية الخطيب البغدادي.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 368.

(2)

كتاب الإرشاد للخليلي 3: 909.

(3)

سورة فاطر، من الآية 28.

ص: 503

قال مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام: فأخْبَرتُ بذلك مُحَمَّد بن عليّ (a) الصَّفَّار فقال: والله لو كانَ الحَسَنُ البَصْرِيّ في الحَيَاةِ لاحْتَاجَ إلى إسْحاقَ في أشْيَاء كَثِيْرة، ولم أَرَ بَعْده مثْلَ أحْمَد بن سَعيد الرِّبَاطِيّ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم وأبو العبَّاس ابْنَا أبي مُحَمَّد الأسَدِيّ، قالا: كَتَبَ إلينا الحافِظ أبو طَاهِر بن مُحَمَّد أنَّ أبا الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار أخْبَرَهُم، إجَازَةً إنْ لمِ يَكُن سَمَاعًا، أنَّهُ سَمِعَ أبا مُسْلِم عُمَر بن عليّ بن أحْمَد بن اللَّيْث يقول - وأنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن رَوَاج، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الحُسَين بن عَبْد الجَبَّار يقول: سَمِعْتُ أبا مُسْلِم اللَّيْثِيّ يقول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر الحافِظ الجُرْجَانِيّ يقول: سَمِعْتُ مَسْعُود بن علِيّ السِّجْزِيّ يقول: سَمِعْتُ الحاكِم أبا عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الحافِظ يقول: دفنَ مُحَمَّد بن يَحْيَى كُتُبَهُ، وإسْحَاق بن رَاهَوَيْه، ويَحْيَى بن يَحْيَى، وعبد الله بن المبُارَك؛ كُلّهم دَفَنُوا كُتُبَهُم.

أخْبرَنا عَمِّي أبو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مُحَمَّد بن أبي جَرَادَة، قال: أخْبَرَنا أبي أبو الفَضْل هِبَةُ الله، ح.

وأخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قالا: أخْبَرَنا ذو الفَقَار ابن مُحَمَّد بن مَعْبَد المَرْوَزيّ بالمَوْصِل، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن عليّ بن إسْحاق الوَزِير بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عبد الرَّحْمن الصَّائِغِ في كتابهِ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس بن تُرْكَان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّد الفَقِيهُ الشَّافِعيُّ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد ابن إسْحاق بن رَاهَوَيْه يقول: قال أبي رضي الله عنه: قَلّ لَيْلَة إلَّا وأنا أَدْعُو لمَنْ كَتَب عنَّا ولمَن كَتَبْنا عنهُ.

(a) تاريخ بغداد: يحيى، والمثبت موافق لما في سير أعلام النبلاء 12:209.

ص: 504

قال أبو سَعْد السَّمْعَانيّ: أخْبَرناهُ عَاليًا أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللهِ بن أحْمَد بن عُمَر الدِّمَشقيّ في كتابهِ إليَّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْرِ الأنْبارِيّ، قال: أَخْبَرَنا الحُسَين بن مَيْمُون بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الغَفَّار المِصْرِيّ بها، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الفَقِيه الشَّافِعيُّ، قال: سَمِعْتُ ابنَ إسْحاقَ ابن إبْراهيم بن رَاهَوَيْه يقول: قال أبي رضي الله عنه، الحِكايَة.

أخْبَرَنا زَيْد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ الخَطِيبُ

(1)

، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم بن مَخْلَد بن إبْراهيم، أبو يَعْقُوب الحَنْظَلِيُّ المَرْوَزيُّ، المَعْرُوفُ بابنِ رَاهَوَيْه، كان أحَدَ أئمَّةِ المُسْلمِيْن، وعَلَمًا من أعْلَام الدِّين، اجْتَمع له الحَدِيْثُ والفِقْهُ، والحِفْظُ والصِّدْقُ، والوَرَعُ والزُّهْدُ، ورَحَل إلى العِرَاق، والحِجَاز، واليَمَن، والشَّام، فسَمِعَ جَرِيرَ بن عَبْد الحَميْدِ الرَّازِيَّ، وإسْمَاعِيْلَ ابن عُلَيَّة، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ووَكِيع بن الجَرَّاح، وأبا مُعاوِيَة، وأبا أُسامَةَ، ويَحْيَى ابن آدَم، وبَقِيَّة بن الوَلِيدِ، وعَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام، والنَّضْر بن شُمَيْل، وعَبْد العَزِيْز الدَّرَاوَرْدِيّ، وعِيسَى بن يُونُس، وعَبْدَة بن سُلَيمان، وأبا بَكْر بن عَيَّاش، وعَبد الوَهَّاب الثَّقَفِيّ، ومُعْتَمِر بن سُلَيمان، ومُحَمَّد بن بَكْر البُرْسَانِيّ، وعبد الله بن وَهْب، ومُحَمَّد بن سَلَمَة الحَرَّانيّ، وسُوَيْد بن عَبْد العَزِيْز، ومُعَاذ بن هِشَام، والوَلِيد بن مُسْلِم.

ووَرَدَ بَغْدَاد غير مَرَّة، وجَالَسَ حُفَّاظ أهْلها، وذَاكَرهُم، وعاد إلى خُرَاسَان فاسْتَوْطَن نَيْسَابُور إلى أنْ تُوفِّي بها، وانْتَشر عِلْمُهُ عند الخُرَاسَانيِّيْنَ.

ورَوَى عنهُ مُحَمَّدُ بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، وإسْحَاقُ بن مَنْصُور الكَوْسَجُ، ومُسْلم ابن الحَجَّاج النَّيْسَابُوريّ، ومُحَمَّد بن نَصْر المَرْوَزِيُّ، وأبو عِيسَى التِّرْمِذيّ، وأحمدُ بن سَلَمَة، وخَلْقٌ يَطُولُ ذِكْرهُم.

(1)

تاريخ بغداد 7: 362 - 363.

ص: 505

ورَوَى عنهُ من قُدَمَاءِ شُيُوخه: يَحْيَى بن آدم، وبَقِيَّة بن الوَلِيد، ومن أقْرَانهِ أحْمَدُ بن حَنْبَل، ولم أَرَ في أحَادِيْث البَغْدَاديِّيْن شيئًا اسْتَدِلُّ به على أنَّهُ حدَّثَ ببَغْدَاد إلَّا أنْ يكُونَ على سَبيل المُذَاكَرَة، والله أعْلَمُ.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللهِ

(1)

، قال: إسْحاق بن إبْراهيم بن مَخْلَد بن إبْراهيم بن عَبْدِ الله بن بَكْر -ويقال مَطَر بَدَل بَكْر- ابن عَبْد الله ابن غالب بن عَبْد الوَارِث -ويقال: ابنُ الوَارِث- ابن عَبْد الله بن عَطِيَّة بن مُرَّة ابن كَعْب بن هَمَّام بن أسْمَر -ويُقال: أَسَد بَدَل أسْمَر- ابن مُرَّة بن عَمْرو بن حَنْظَلَة ابن مَالِك بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم، أبو يَعْقُوبَ التَّمِيْمِيّ الحَنْظَلِيّ المَرْوَزيّ المَعْرُوفُ بابنِ رَاهَوَيْه. أحدُ أئمَّة المُسْلمِيْن، وأعْلَام الدِّين.

سَمِعَ بدِمَشْق والشَّام سُوَيْد بن عَبْد العَزِيْز، وعُمَر بن عَبْد الوَاحِد، ومُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور، والوَلِيد بن مُسْلِم، وشُعَيْب بن إسْحاق الدِّمَشقيّينِ، وعَطَاء بن مُسْلِم الخَفَّاف، ومُبَشِّر بن إسْمَاعِيْل الحَلَبِيَّين، وبَقِيَّة بن الوَليْد، ومُحَمَّد بن حَرْبٍ الخَوْلانِيّ، وأبا حَيْوَة شُرَيْح بن يَزِيد، ومُحَمَّد بن حِمْيَر الحِمْصِيِّيْن، وبالرَّيّ جَرِير بن عَبْد الحَميْد، وبالكُوفَة حَفْصَ بن غِيَاث، وعبدَ الله بن إِدْرِيس، ومُحَمَّد بن فُضَيْلِ بن غَزْوَان، وعَبْدَة بن سُلَيمانَ، ووَكِيع بن الجَرَّاحِ، وأبا مُعاوِيَة الضَّرِيْر، وأبا أُسامَة حَمَّاد بن أُسامَة، وأبا خَالِد سُليْمان بن حَيَّان الأحْمر، ويَحْيَى بن آدَمَ، وبالبَصْرَة مُعْتَمِر بن سُلَيمان، وبشر بن المُفَضَّل، وعَبد الوَهَّاب الثَّقَفِيّ، وعَبْد الأعْلَى بن عَبْد الأعْلَى السَّامِيّ، وإسْمَاعِيْل ابن عُلَيَّة، ويَحْيَى بن سَعيد القَطَّان، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِي، وخَالِد بن الحَارِث الهُجَيْمِيّ، ومُعَاذ بن هِشَامٍ، ومُحَمَّد بن أبي عَدِيٍّ، ومَرْحُوم بن عَبْد العَزِيْز العَطَّار، وبمَكَّة سُفْيان ابن عُيَيْنَة، ويَحْيَى بن سُلَيم، والمُؤَمَّل بن إسْمَاعِيْل، وعبد الله بن يَزِيد المُقْرِئ، وباليَمَن

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 119 - 121.

ص: 506

أبا قُرَّة مُوسَى بن طَارِق، وعَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام، وإبْراهيم بن الحَكَم بن أَبَان، وهِشَام ابن يُوسُف، وبخُرَاسَان عَبْد الله بن المُبارَك، والفَضْل بن مُوسَى السِّيْنَانِيّ، وأبا تُمَيْلَة يَحْيَى ابن وَاضِح، وعليّ بن الحُسَين بن وَاقِد، والنَّضْر بن شُمَيْل، وأحمد بن أَيُّوبَ الضَّبِّيّ، وعُمَر ابن هَارُون البَلْخِيّ، وجَمَاعَةٌ سِوَاهُم.

رَوَى عنهُ يَحْيَى بن آدَم، وبَقِيَّةُ بن الوَلِيد، وهما من شُيُوخِه، وأحمد بن حَنْبَل، ومُحَمَّد بن حُمَيْدٍ الرَّازِيّ، وهما من أقْرَانهِ، ومُحَمَّد بن رَافِع، ومُحَمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ، ويَحْيَى ابن مَعِيْن، ويَحْيَى بن يَحْيَى، وعَبْد الرَّحمن الدَّارِمِيّ، والبُخاريّ، ومُسْلِم، والتِّرْمِذيّ، والنَّسَائِيّ، ومُوسَى بن هَارُون الحَمَّال، وعبد الله بن مُحَمَّد بن شِيْرَوُيه، والحَسَن بن سُفْيان، وجَعْفَر بن مُحَمَّد الفِرْيَابِيّ، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن إسْمَاعِيْل العَنْبَرِيّ الطُّوْسيّ، وأبو يَعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم بن نَصْر البُشْتِيّ (a)، وأحمدُ بن سَعيد الدَّارِمِيّ، وأبو يَعْقُوب إسْحاقُ بن أبي عِمْران الإسْفَرَاينِيّ الشَّافِعيّ، وأبو العبَّاس أحْمَدُ بن سَهْل بن بَحْر، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن مِهْرَان الإسْمَاعِيْليّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين بن الحَسَن البَرْذَعِيّ، وهَارُون بن عبد الصَّمَد بن عُبْدُوْس الرُّخِّيّ (b)، ويَعْقُوب بن يُوسُف بن يَعْقُوب الأخْرَم، ويَعْقُوب بن يُوسُف بن مَعْقِل (c) الوَرَّاق، وأبو العبَّاس السَّرَّاجُ، وهو آخرُ مَنْ حَدَّثَ عنهُ.

قُلتُ: كَذَا قال الحافِظُ أبو القَاسِم أنَّ أحْمَد بن حَنْبَل رَوَى عن إسْحاق بن رَاهَوَيْه، ولم يَذْكر الشَّاهِد على ذلك، كما ذَكَر في يَحْيَى بن آدم، وبَقِيَّة بن الوَلِيد، وأظُنُّه -واللهُ أعْلَمُ- رَأى أبا بَكْر الخَطِيب

(1)

قد قال في تَرْجَمَةِ إسْحاق: ورَوَى عنهُ من قُدَمَاءِ

(a) في الأصل: البستي، وتقدم التعليق عليه في هذه الترجمة.

(b) في الأصل: الرحبي، محرف. وتقدَّم التعليق عليه فيما مرّ.

(c) الأصل: معفل.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 363.

ص: 507

شُيُوخه يَحْيَى بن آدَم وبَقِيَّة بن الوَلِيد، ثمِّ قال: ومن أقْرَانه أحْمَد بن حَنْبَل، وإنَّما أراد الخَطيب الإخْبار عن أحْمَد بن حَنْبَل أنَّهُ من أقْرَان إسْحاق، لا أنَّ أحْمَد رَوَى عنهُ، والدَّلِيْل على أنَّ مُرَاد أبي بَكْر الخَطِيب ذلك قوله بعدَهُ: ولَمِ أرَ في أحَادِيْث البَغْدَاديِّيْن شيئًا أسْتَدلُّ بهِ على أنَّهُ حدَّث ببَغْدَاد، فلو كان أحْمَد روَى عنهُ كفاهُ ذلك دَلِيْلًا على أنَّهُ حَدَّثه إسْحاق ببَغْدَاد، فإنَّ اجْتِمَاعَهُ بأحمد كان ببَغْدَاد في سَنَةِ تِسْعٍ وتِسْعِين على ما ذَكَرناهُ عن مُحَمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ في أثناءِ التَّرْجَمَة، وقَوْل الخَطِيب: ومن أقْرَانه أحْمَد ابن حَنْبَل، اتَّبع في هذا القَوْل أبا يَعْلَى الخلَيل بن عَبْد الله الحافِظَ، وقد ذَكَر إسْحاق بن رَاهَوَيْه في كتاب الإرْشَادِ

(1)

بما أخْبَرَنا بهِ أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَة المُعِزِّيَّةِ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجَبَّار المَاكيِّ يقول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخلَيلِ بن عَبْد الله الحافِظ يقول: أبو يَعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيِّ ابن رَاهَوَيْه، الإمَامُ المُتَّفَقُ عليه شَرْقًا وغَرْبًا، كان إمامَ هذا الشَّأْن؛ حِفْظًا وعِلْمًا وفِقْهًا، وفي العُلُوم كُلّها.

سَمِعَ ابن عُيَيْنَة، وعَبد الرَّزَّاق وأقْرَانَهُما من شُيُوخ مَكَّة واليَمَن والعِرَاق وخُرَاسَان، وشُيُوخه أكْثر من أنْ يُعَدُّوا، وكان يُقارن بأحمدَ بن حَنْبَل، أخْرَجَهُ البُخاريّ والأئمَّة كُلّهُم في الصِّحَاح، وآخر مَنْ أكْثر عنهُ مُحَمَّد بن إسْحاق السَّرَّاج، تُوفِّي سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

على أنَّهُ يُحْتمل أنْ يكُون أحْمَد رَوَى عنهُ على ما هو عَادهَ العُلَمَاء والحُفَّاظ من الرِّوَايَة عمَّن هو فَوْقه، وعمَّن هو مثْلُهُ، وعمَّن هو دُوْنَهُ، واللهُ أعْلَمُ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين القَطَّان، قال: أخْبَرَنا

(1)

كتاب الإرشاد 3: 909 - 910.

(2)

تاريخ بغداد 7: 374.

ص: 508

عليّ بن إبْراهيم المُسْتَملِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أحْمَد بن فارس، قال: حَدَّثَنَا البُخاريّ، قال: ماتَ إسْحاقُ بن إبْراهيم بن مَخْلَد أبو يَعْقوب الحَنْظَلِيّ وهو ابنُ سَبعْ وسَبْعِين سَنَةً.

قال الخَطِيبُ

(1)

: وهذا يَدُلُّ على أنَّ مَوْلدَهُ كان في سَنَة إحْدَى وسِتِّين ومائة، قَبْل مَوْلد أحْمَدَ بن حَنْبَل بثلاث سنين.

قال الخَطِيبُ

(2)

: قرأتُ على الحَسَن بن أبي بَكْر، عن أحْمَد بن كَامِل القَاضِي، قال: أخْبرَني أبو يَحْيَى الشَّعْرَانيّ: أنَّ إسْحاق بن رَاهَوَيْه تُوفِّي في سَنَة ثمانٍ وثَلاثين ومَائتَيْن، وأنَّهُ كان يَخْضِبُ بالحِنَّاءِ. وقال لي: ما رأيتُ بيدِ إسْحاق كِتَابًا قَطّ، وما كان يُحَدِّثُ إلَّا حِفْظًا. قال: كُنْتُ إذا ذاكرتُ إسْحاق في العِلْم وَجَدْتُه فيهِ فَرْدًا، فإذا جئتُ إلى أمر الدُّنْيا رأيتُهُ لا رَأيَ له.

قال الخَطِيبُ

(3)

: وأخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَدِيّ البَصْرِيّ في كتابهِ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُبَيْد مُحَمَّد بن عليّ الآجُرِّيّ، قال: سَمِعْتُ أبا دَاوُد يقول: إسْحاقُ بن رَاهَوَيْه تَغَيَّر قبل أنْ يَمُوتَ بخَمْسِة أشْهُر، وسَمِعْتُ منهُ في تلكَ الأيَّام، ورَمَيْتُ به، وماتَ سنة سَبْعٍ أو ثَمانٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن رَوَاحَة، عن الحافِظ أبي طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ البَرَدَانيّ، سَمَاعًا أو إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن العَتِيْقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن المُظَفَّر الحافِظ، قال: قال أبو القَاسِم عَبْد الله بن مُحَمَّد البَغَويّ

(4)

: ماتَ إسْحاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ، وهو ابن رَاهَوَيْه، سَنَة ثَمانٍ وثَلاثين في أوَّلها.

(1)

تاريخ بغداد 7: 375.

(2)

تاريخ بغداد 7: 374.

(3)

تاريخ بغداد 7: 374.

(4)

تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي 67.

ص: 509

أخْبَرَنا حَسَنُ بن أحْمَد الأَوَقِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد الحافِظ، قال: أخْبَرَنا المُبارك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْد البَاقِي بن قَانِعٍ أنَّ إسْحاق بن رَاهَوَيْه ماتَ بنَيْسَابُور في شَعْبان سَنَة ثمانٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

أخْبَرَنا زَيْن الأُمَناء الحَسَن بن مُحَمَّد إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم

(1)

عَمِّي، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ السِّيْرَافيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن إسْحاق النَّهَاوَنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(2)

، قال: وإسْحَاقُ بن رَاهَوَيْه من أهْل خُرَاسَان، يعني ماتَ سَنَة ثمانٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّبُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بنُ أبي الصَّقْر الأنْبارِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر هِبَة الله بن إبْراهيم، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْلِ، قال: حَدَّثَنَا أبو بِشْر الدُّولَابِيّ

(3)

، قال: قال مُحَمَّد بن إسْحاق بن رَاهَوَيْه: قال مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(4)

: ماتَ أبو يَعْقُوب إسْحاقُ بن إبْراهيِم لَيْلَة السَّبْت لأرْبَع عَشرهَ لَيْلَة خَلَتْ من شَعْبان سَنَة ثمانٍ وثَلاثين، وهو ابنُ سَبْعٍ وسَبْعِين سَنَةً.

قال أبوِ القَاسِمِ بن السَّمَرْقَنْديّ: أخْبَرَنا أبو عليّ بن المُسْلِمَة، وأبو القَاسِم عَبْدُ الوَاحِد ابن عليِّ بن مُحَمَّد بن فَهْد العَلَّاف، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَمَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ ابن مُحَمَّد بن الحَسَن السَّكُونِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان الحَضْرَميّ، قال: ماتَ إسْحاق بنُ إبْراهيم بن رَاهَوَيْه سَنَة ثمانٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 140.

(2)

لم أقف عليه في تاريخ خليفة، والذي وصلنا من الكتاب يقف عند أحداث سنة 232 هـ، ولم يرد له ذكر في طبقات خليفة.

(3)

الدولابي: الكنى والأسماء 2: 159.

(4)

تاريخ البخاري الكبير 1: 379.

ص: 510

أنْبَأنَا ابن الحَسَن اللُّغَويّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ الثَّابِتِيِّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانِيّ، قال: قَرَأتُ على أبي حَامِد أحْمَد بن عُمَر بن حَفْص المَرْوَزيّ بها، قال: سَمِعْتُ أبا يَزِيد مُحَمَّد بن يَحْيَى بن خَالِد يقول: ماتَ إسْحاق بن إبْراهيم لَيْلَة الخَمِيْس سَنَة ثمانٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

قال أحْمَد بن عليّ

(2)

: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إبْراهيم المُزَكِّي، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بنُ مُحَمَّد بن زِيَادٍ، قال: تُوفِّي إسْحاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ لَيْلَةَ النِّصْف من شَعْبان سَنَة ثمانٍ وثَلاثين ومَائتَيْن.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن مُحَمَّد الفَقِيه إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن الحَسَن، قال: كَتَبَ إليَّ أبو نَصْر القُشَيْريّ: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ اللهِ الحافِظُ، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي عَمْرو المُسْتَمْلِيّ: أخْبَرَني عليّ ابن سَلَمَة ابن عليّ الجُلَابَاذِيُّ الكَرَابِيْسِيُّ -وهو من الصَّالِحين- قال: رأيْتُ لَيْلَة ماتَ إسْحاق ابن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ كأنَّ قَمَرًا ارْتفَع من الأرْض إلى السَّماء من سِكَّة إسْحاق بن إبْراهيم، ثمّ نَزَل فسَقَط في المَوضِعِ الّذي دُفِنَ فيهِ إسْحاقُ بن إبْراهيم، ولم أشْعُر أنا بمَوْتِهِ، فلمَّا غَدَوتُ إذا أنا بحفَّارٍ يَحْفرُ قَبْر إسْحاقَ بن إبْراهيم في المَوضِع الّذي رأيتُ القَمَر وقَع فيه! فسَألتُ الحَفَّارَ قُلتُ: قَبْر مَنْ هذا؟ قال: قَبْر إسْحاق ابن إبْراهيم.

قال أبو عَمْرو: وأخْبَرَني عليّ بن سَلَمَة، قال: حَدَّثَنَا شَاذَانُ -وكان وَكيْلًا لآل طَاهِر- قال: رأيْتُ اللَّيْلةَ الّتي ماتَ فيها إسْحاقُ بن إبْراهيم كأنَّ عليه إزَارًا وردَاءًا وهو يتحرَّكُ كأنَّهُ قائم مُسْتَقْبل قَبْره الّذي دُفِنَ فيهِ، ومعهُ رجالٌ كَثِيْرٌ كأنَّهُم قالوا لإسْحاقَ بن إبْراهيم: أين تُرِيدُ؟ فقال إسْحاقُ بن إبْراهيم: أُرِيدُ الحَجَّ.

(1)

تاريخ بغداد 7: 374.

(2)

تاريخ بغداد 7: 374.

ص: 511

‌إسْحَاقُ بن إبْرَاهيم بن مُصْعَب بن رُزَيْق بن أَسْعَد الخُزَاعِيُّ، مَوْلَاهُم، أبو الحَسَن

(1)

وهو ابنُ عَمِّ طَاهِر بن الحُسَين ذي اليَمِيْنين، ومُصْعَبُ بن رُزَيْق مَوْلَى خُزَاعَة، وَلِيَ حَلَبَ والعَوَاصِم بأسْرها والثُّغُور، اسْتَعْمله المَأْمُونُ عليها، وعَزَل ابنَهُ العبَّاس بن المَأْمُون عنها في سَنَة أرْبَع عَشرة ومَائتَيْن.

وقَرَأتُ في تاريخ مُحَمَّد بن أبي الأزْهَر الكَاتِب أنَّ ذلك كان في سَنَة خَمْس عَشْرةَ ومَائتَيْن، قال: ثُمَّ عَزَلَ المَأْمُونُ إسْحاق بن إبْراهيم في السَّنَةِ الّتي وَلَّاهُ، وأعادَ ابنَهُ العبَّاسَ بن المَأْمُون إلى الوِلَايَةِ، وعَقَد لإسْحاق وِلَايَةَ مِصْر.

وقد رُوِيَ عنه إنْشَاد من الشِّعْر، وحَكَى عنه أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن المُدَبِّر، وأبو حَشِيْشَة

(2)

، وكان أميرًا عَاقِلًا مُتَميِّزًا مَذْكُورًا وَجِيْهًا، كَريم الأخْلَاق، وعَظُم أمْره عند المُتَوَكِّل حتَّى جَعَل إليه أمْر القَضَاء، فعَزَلَ ووَلَّى.

(1)

توفي سنة 235 هـ، وترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 231 (وفيه: "أبو الحسين")، المحبر 296، 376، تاريخ الطبري (أخباره كثيرة في حوادث سنة 218 حتى 236 هـ، انظر فهرس الأعلام 10: 176)، المسعودي: مروج الذهب 4: 356، 5: 14، 23 - 24، 82، التنبيه 169، الديارات للشابشتي 40، 124، 141، الإماء الشواعر لأبي الفرج الأصفهاني 189 - 190، ابن الأثير: الكامل 6: 417، 420 - 427، 441 - 445، 510 - 526، 7: 18 - 54، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 14: 308 - 311، 15: 27 - 30، زبدة الحلب 1: 75، أبو الفداء: اليواقيت والضرب 56، تاريخ الإسلام 5: 789، سير أعلام النبلاء 11: 171، العبر في خبر مَن غبر 1: 330 - 331، الوافي بالوفيات 8: 396 - 397 (وفيه: ابن زريق)، شذرات الذهب 3: 164، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 261، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 182 - 183.

(2)

هو محمد بن أمية بن أبي أمية الطنبوري، ويكنى أبا جعفر، وأما أبو حشيشة فلقب غلب عليه. انظر أخباره في الأغاني 23: 76 - 83.

ص: 512

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم ابن بَوْش الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليِّ الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الفَرَجِ المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء

(1)

، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مُحَمَّد بن الجَهْمِ أبو طَالِب الكَاتِب، قال: حَدَّثَني القَاسِم بن أحْمَد الكَاتِبُ، قال: حَدَّثَنِي أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُدَبِّرٍ، قال: حَدَّثني إسْحاقُ بن إبْرَاهيم بن مُصْعَب، قال: تضَمَّنْتُ السَّوَادَ من المَأْمُون لسنَة ثلاث عَشرة ومَائتَيْن بأرْبعمائة ألف كُرّ شَعِيْر مصرفًا بالفَالِج (a) حَاصِلًا، وثَمانية آلاف ألف دِرْهَمٍ سوى مُؤَنِ العَمَل وأرْزَاق العُمَّال وغير ذلك، فارتَفَع لي فيه من الفَضْلِ بعد المُؤَن والأرْزَاق الجَارِيَةِ عشرُون ألف ألف دِرْهَم، قال: فأتيتُ المَأْمُون، فقُلتُ: يا أَمِير المُؤمِنِين، إنِّي قد اسْتَفضَلْتُ في ضَمَان السَّوَادِ عشرين ألف ألف دِرْهَمٍ، قال: قد سَرَرْتَني وقد سَوَّغْتُكَها، ولكن أكْتُبْ إلى عَبْد الله بن طَاهِر فعَرِّفْهُ أنِّي إنَّما ضَمَّنْتُكَ السَّوَادَ له، وسَوَّغتُكَ هذا الفَضْل لمكانهِ ومَحلِّه منِّي، ففَعَلْتُ. قال: فكَتَبَ إليَّ عَبْدُ الله بن طَاهِرٍ: قد سَرَّني ما كتبتَ به من رِبْحِكَ عِشْريَن ألف ألف دِرْهَمٍ، وتَسْويغ أَمِير المُؤمِنِين إيَّاكَ ذلك، وأَمِيرُ المُؤمِنِين أجَلُّ قَدْرًا وأعْظَمُ خَطَرًا أنْ يُسْتَكْثَرَ هذا من فِعْلِهِ، إذ (b) كان أهلًا لِمَا هو أكثرُ منهُ، وليسَ يَنْبَغي أنْ نَقْنَع لك بهذا دُونَ أنْ أُضِيْفَ إليهِ شيئًا آخر من مالي، فاقْبضْ من غلَّةِ ضِيَاعي مائةَ ألْف ألف دِرْهَم.

قَرأتُ بخَطِّ مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِيّ في جُزِءٍ فيه أخْبَارٌ ونَوَادرُ سَمِعَها من أبي مُحَمَّد عليّ بن أَحْمَد المَادَرَائِيّ عن شُيُوخِهِ، قال المَادَرَائِيّ: وأنْشَدَني أبو القَاسِم؛ يعني عليّ بن الحَسَن بن شَمَرْدَل الكَاتِب، قال: أنْشَدَني بعضُ العبَّاسيِّيْنَ ببَغْدَاد، قال: سَمِعْتُ

(a) هكذا في الأصل ومثله عند المعافى بن زكرياء، ووضع ابن العديم فوقها وفوق الكلمة قبلها حرف "صـ" تنبيهًا على وقوع التصحيف. والفالج: مكيال يقتسمون به حسبما ذكر ذلك الجاحظ (كتاب البرصان والعرجان 445 - 446)، ولم نجد هذا التفسير في معاجم اللغة.

(b) في الأصل: إن، والمثبت من الجليس الصالح.

_________

(1)

الجريري: الجليس الصالح 3: 106 - 107.

ص: 513

إسْحاق بن إبْرهيم بن مُصْعَب الطَّاهِرىِّ يُنْشِدُ

(1)

: [من البسيط]

لو كُنْتُ أَحْمِل خَمْرًا يَوْمَ زُرْتكُم

لم يُنْكِر الكَلْبُ أنّي صَاحِبُ الدَّارِ

لكن أتيتُ ورِيْحُ المِسْك يَفْضَحُني (a)

والعَنْبَرُ الوَرْدُ أُذكيهِ على النَّارِ

فأنْكَر الكَلْبُ ريحي حينَ أبْصَرَني

وكانَ يألَفُ (b) رِيْح الزّقِّ والقَارِ

وقَرأتُ بخَطِّ مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِيّ في هذا المَجْمُوع: قال المَادَرَائِيّ: أخْبَرَني مُحَمَّد؛ يعني أبا الحُسَين مُحَمَّد بنِ حُمَيْد الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَني العبَّاسيّ، قال: حَدَّثَني أبو حَشِيْشَة، قال: كنتُ في منْزِلي بمَدِينَة السَّلام فأتاني رسُول إسْحاق بن إبْراهيِم قبل صَلَاةِ المَغْرب في الحُضُور، فقُلْتُ لرَسُولهِ: ومَنْ عندَهُ؟ فقال: بعَثَ إلى بَدَل الكبيرة وعَمْرو بن بَانَة، قال: فصرتُ إلى داره، فرأَيْتُ آلَةَ الشُّرْب وآنِيَةَ النَّبِيْذِ والفَوَاكِه والرَّياحِين في صَحْن الدَّار، وهو جالِسٌ فىِ قُبَّتِه الّتي كاتَ مُشْرفَةً على دِجْلَة، فدخلْتُ، ووَافَى عَمْرو بنُ بَانَة ووافَتْ بَدَل، فَأَوْمأ إِلينا بالجُلُوسِ، فَجَلَسْنَا وما فينا أحَدٌ يَنْطقُ، وهو في صَدْر المَجْلِس لا يَتَكلَّم، ثمّ حَضر وَقْتُ صَلَاة عِشَاءِ الآخرة، فقام للصَّلَاة وقُمنا، ثمّ عاد إلى مَجْلسه وعُدْنا، فما زلنا جُلُوسًا بينَ يَدَيْهِ لم يَدْعُ بشيءِ ممَّا أُعدَّ له، ولا نَطَقَ بحَرْفٍ، ولا نَطَقْنا، فلمَّا أْن نَادَى المُؤذِّن بصَلَاة الغَدَاةِ، فقام لمَّا سَمِعَ الأذَان، وقُمْنا جَمِيعًا، فعَبَرنا في زَوْرَق، فقالت لنا بَدَل: مُرُّوا بنا إلى منْزِلي لنُقيم اليَوْم فيه ونتعَجَّب ممَّا كُنَّا فيه البَارِحَة، قال: ففَعَلْنا وأقَمْنا عندَها، وما فينا أحدٌ يَدْرِي لِمَ أُحْضِرنا، ولا لِمَ صُنِعَ بنا ما صُنِعِ، حتَّى إذا مَضَى لهذا الحَدِيْث مُدَّةٌ، قالت لي بَدَلٌ؛ وكانت جرِيَّةً على إسْحاق: عَلْمت أنِّي سألتُهُ عِن قِصَّتنا ليلة، فقال لي: نعم كنتُ أشْتَهي منذُ دَخَلْتُ بَغْدَاد أنْ أَصَادِفَ لَيْلَة أرْبَع عَشْرة من الشَّهْر والقَمَر فيها تَامٌّ، وقد مَدَّتْ دِجْلَةُ فأشْرَب على الماءِ والقَمَر، فاتَّفقَ ذلك في اللَّيْلةِ الّتي دعَوتُكُم إليها، وعزَمْتُ على الشُّرْب، فلمَّا تكامَلَ

(a) عند الجاحظ: ينفحني.

(b) الجاحظ: يعرف.

_________

(1)

الأبيات الثلاثة عند الجاحظ في البيان والتبيين 3: 311، والبخلاء 340، دون عزو.

ص: 514

لي ما أرَدْتُ، عرَضَ فىِ فِكْرتي أنِّي مَتَى أعْطَيْتُ نَفْسِي شَهْوَتها طالبَتَنْي بذلك في غير هذا الأمر حتَّى تَغْلبَني، فتُفْسِد عليَّ أمْري، فمَنَعْتُها تلك الشَّهْوَةَ لئلَّا أُضَرِّيها على مثْلها.

ذَكَرَ أبو بَكْر أحْمَد بن كَامِل بن خَلَف، قال: وفيها -يعني سَنَة خمَسٍ وثَلاثين ومَائَتَيْن- ماتَ إسْحاقُ بن إبْراهيم المَوْصِلِىِّ وإسْحَاق الطَّاهِريّ المُغَنِّيان، وكان إسْحاق المَوْصِلِّي عَالمًا باللُّغَة والأخْبار.

قُلتُ: إسْحاق الطَّاهِريّ كان أميرًا ولم يكُن يَعْرف بالغِنَاءِ.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي غَالِب بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المَرَاعِيشيِّ وأبو العَلَاءِ الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنا إبْراهيم بنٍ مُحَمَّد بن عَرَفَة، قال: وأمَّا دار إسْحاق فَمَنْسُوبَةٌ إلى إسْحاق بن إبْراهيم المُصْعَبِّي، ولم يَزَل يتولَّى الشُّرْطَة من أيَّام المَأْمُون إلى أيَّام المُتَوَكِّل، وماتَ سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين ومَائتَيْن، وسِنُّهُ ستّ وخَمْسُونَ سَنَةَ وثَمانية أشْهُر وأحَد عَشر يَوْمًا.

وقال ابنُ عَرَفَة في مَوضِعٍ آخر: وأمَّا إسْحاق بن إبْراهيم فماتَ عن ثمانٍ وخَمْسِين سَنَةً وأرْبَعة أشْهُر.

وقال إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة: وفي هذه السَّنَة -وهي سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين ومَائتَيْن- ماتَ أبو الحَسَن إسْحاق بن إبْراهيم وسِنُّهُ ثمانٍ وخَمْسونَ سَنَةً وأرْبَعة أشْهُر وأحَد عَشر يَوْمًا.

أنْبَأنَا حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا المبُارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ البَاقِي بن قَانِع، قال: سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن، وفيها ماتَ إسْحاقُ بن إبْراهيم صَاحِبُ الشُّرْطَة.

ص: 515

‌إسْحَاقُ بن إبْراهيم بن مَيْمُون بن مَاهَان بن بَهْمَن التَّمِيْمِيُّ، مَوْلاهُم، أبو مُحَمَّد المَعْرُوف أبُوه بإبْراهيم المَوْصِلِيُّ

(1)

قَدِمَ حلَبَ صُحْبَة الرَّشِيْد حينَ قَدِمَها، ثمّ قَدِمَها صُحْبَةَ ابنهِ عَبْد الله المَأْمُون. وكان أَدِيْبًا فَاضِلًا شَاعِرًا كَرِيْمًا، حَاذقًا بالغِنَاء وصَنْعَتهِ، وَجِيْهًا عند الخُلَفَاء.

أخَذَ الأدَب عن أبي سَعيد الأصْمَعِيِّ، وأبي عُبَيْدَة مَعْمَر بن المُثَنَّى، ووَكِيع ابن الجَرَّاح، وعَبد الرَّزَّاق بن هَمَّام، وأبي تُمَيْلَة، وسَمِعَ مَالِك بن أنَسَ، وسُفْيان ابن عُيَيْنَة، وأبا مُعاوِيَة الضَّرِيْر، وهُشَيْم بن بشِير، والهَيْثَم بن عَدِيّ، وبَقيَّة بن الوَلِيد الحِمْصِيّ، ورَوْح بن عُبَادَة، والحَارِث بن قَيْسِ، وأبا مِسْكِين، وعليّ بن إسْحاق، وسَعْدَ بن مُسلِم، والحَسَن بن عُتْبَة اللَّهَبيِّ، ومُصْعبَ بن عَبْد الله الزُّبَيْرِيّ، وشَدَّاد بن عُقْبَة، وأبا مُحَمَّد يَحْيَى بن المُبارَك اليَزِيْدِيّ، وأبا عَبْد الله أحْمَد بن أبي دُؤَاد القَاضِي.

(1)

توفي سنة 235 هـ، وترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 24 وما بعدها، وأخباره كثيرة فيه، ابن المعتز: طبقات الشعراء 328 - 329، تاريخ الطبري 7: 650، 8: 19، 85 - 97، 175، 210، 226، 663 - 664، 9: 122 - 124، المسعودي: مروج الذهب 1: 13، 4: 53، النديم: الفهرست 1/ 2: 435 - 440، الأغاني 5: 173 - 285، الموشح 340 - 341، الثعالبي: برد الأكباد 35، 68، تاريخ بغداد 7: 354 - 362، السمعاني: الأنساب 12: 482 - 483، ابن عساكر: تاريخ دمشق 8: 142 - 165، ابن الأنباري: نزهة الألباء 132 - 135، ابن الجوزي: المنتظم 11: 226 - 227، الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقا 202 - 203، ياقوت: معجم الأدباء 2: 594 - 616، ابن الأثير: الكامل 6: 411، 433، 7: 52، الحافظ اليغموري: نور القبس مختصر المقتبس 316 - 318، القفطي: إنباه الرواة 1: 250 - 254، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 24 - 27، ابن الساعي: الدر الثمين 297 - 299، ابن خلكان: وفيات الأعيان 1: 202 - 205، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 789 - 792، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 105، العبر في خبر مَن غبر 1: 330، سير أعلام النبلاء 11: 118 - 121، الصفدي: الوافي بالوفيات 8: 388 - 393، تاريخ ابن الوردي 1: 327، ابن كثير: البداية والنهاية 10: 314 - 315، ابن حجر: لسان الميزان 1: 350 - 352، شذرات الذهب 3: 161 - 164، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 417 - 430. وانظر أيضًا مقدمة ديوان شعره بتحقيق ماجد أحمد العزي 7 - 82.

ص: 516

رَوَى عنهُ شَيْخُهُ أبو سَعيد الأصْمَعِيّ، والزُّبَيْر بن بَكَّار، وأبو خَالِد يَزِيد بن مُحَمَّد المُهَلَّبيّ، وابنُهُ حَمَّاد بن إسْحاق بن إبْراهيم، وأبو العَيْنَاءِ مُحَمَّد بن القَاسِم بن خَلَّاد، وعليّ بن يَحْيَى المُنَجِّم، ومَيْمُون بن هَارُون الكَاتِب، والحُسَين بن يَحْيَى الكاتِب، وأحمد بن القَاسِم الهاشِميّ، ومُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن مالك، وأبو الفَضْل العبَّاس بن الفَضْل الرَّبَعيِّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الله بن الحسُين بن عَبْد الله بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح سَعيد ابن إبْراهيم بن أحْمَد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن القَاسِم بن إبْراهيم المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين أحْمَد بن فَارِس بن زَكَرِيَّاء اللُّغَويّ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عَبْد الله الدُّوْرِيّ بمَدِينَة السَّلام، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن بن الهَيْثَم، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن عليّ المِرْدَاسِيِّ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن إسْحاق بن إبْراهيِم المَوْصِلِيّ، قال: قال لي أبي: قُلتُ ليَحْيَى بن خَالِد: أُرِيْدُ أنْ تُكَلِّم لي سُفْيان بن عُيَيْنَة ليُحَدِّثني بأحَادِيْث، فقال: نَعَم، إذا جاء فأَذْكِرْني، قال: فجاءَهُ سُفْيان، فلمَّا جَلَسَ أَوْمَأْتُ إلى يَحْيَى، فقال: يا أبا مُحَمَّد، إسْحاق بن إبْراهيم من أهْل العِلْمِ والأدَب، وهو مُكْرَهٌ على ما تَعَلَّمه منه! فقال سُفْيان: ما تُريْد بهذا الكَلَام؟ فقال: تُحَدِّثهُ بأحَادِيْث، قال: أكْرَهُ ذلك، فقال يَحْيَى: أقْسَمْتُ عليك ألَّا فَعَلْت، فقال: نعم، فليُبَكِّر إليَّ. قال: فقُلْتُ ليَحْيَى: افْرض لي عليهِ شيئًا، فقال له: يا أبا مُحَمَّد، افْرض له شيئًا، قال: نعم قد جَعَلْتُ له خَمْسَة أحَادِيْث، قال: زِدْهُ، قال قد جَعَلْتُها سَبْعَةً، قال: هل لك أنْ تَجْعلَها عَشرةً، قال: نعم. قال إسْحاقُ: فبَكَّرْتُ إليه واسْتَأذَنْتُ ودَخَلْتُ، فجلَسْتُ بينَ يَدَيْه، وأخْرج كتابَهُ فأمْلَى عليَّ عَشرة أحَادِيْث، فلمَّا فَرَغَ قُلْتُ لهُ: يا أبا مُحَمَّد، إنَّ المُحَدِّث يَسْهُو، ويَغْفُل، والمُحَدَّثُ أيضًا كذلك، فإنْ رأيتَ أنْ أقرأ عليكَ ما سَمِعتُهُ منكَ، قال: إقْرأ فَديتُكَ، فقَرَأتُ عليه وقُلْتُ له أيْضًا: إنَّ

ص: 517

القَارِئ رُبَّما أغْفَل طَرْفُهُ الحَرْفَ، والمَقْروءَ عليه رُبَّما ذَهَبَ عنهُ الحَرْفُ، فأنا في حلٍّ أنْ أرْوِي جميع ما سَمِعْته منك؟ قال: نعم فَديْتُكَ، أنتَ والله فَوْقَ أنْ يَسْتَشْفِعَ أو يُشْفَع لك، تعال كُلَّ يَومٍ، فلَوَددْتُ أنَّ سَائر أصْحَاب الحَدِيْثِ كانُوا مثْلَكَ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَني أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَعْقُوب الكَاتِب، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي مُحَمَّد بنُ عُبيدِ الله بن قَفَرْجَل، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا أبو العَيْنَاء، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم المَوْصِليِّ، قال: جئتُ أبا مُعاوِيَةَ الضَّرِيْر ومعي مائةُ حَديثٍ أُرِيْد أنْ أقْرأها عليه، فوجَدْتُ في دِهْليزه رَجُلًا ضَريرًا، فقال لي: إنَّهُ قد جَعَلَ الأذْنَ عليه اليَوْم إليَّ ليَنْفَعني، وأنتَ رَجُلٌ جَلِيْلٌ، فقُلتُ لَهُ: معي مائةُ حَدِيث، وأنا أهَبُ لك عنها مائةَ دِرْهَم، فقال: قد رَضِيْتُ، ودَخَل فاسْتأْذَنَ لي فدَخَلْتُ، وقرأتُ المائةَ حَدِيْث، فقال لي أبو مُعاوِيَة: الّذي ضَمنْتَهُ لهذا يأخُذُه من أذْنَاب النَّاسِ، وأنتَ من رُؤَسَائهم، وهو ضَعِيفٌ مُعِيْلٌ، وأنا أُحِبُّ منفَعَتَهُ، قُلتُ: قد جَعَلتُها له مائة دِيْنار، فقال: أحْسَنَ اللهُ جَزاءَكَ، فَدَفَعْتُها إليه فأغْنَيْتُه.

قال أبو بَكْرالخطيبُ

(2)

: حَدَّثَني الحَسَنُ بن عليّ المُقَنَّعِيّ

(3)

، عن مُحَمَّد بن مُوسَى الكَاتِب، قال: أخْبَرَني يُوسُف بن يَحْيَى بن عليّ المُنَجِّم، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عن إسْحاقَ، قال: بَقِيْتُ دَهْرًا من دَهْري أُغَلِّسُ في كُلِّ يَوْم إلى هُشَيْم أو غيره من المُحَدِّثِيْن، فأَسْمَع منه، ثمّ أصير إلى الكِسَائِيّ أو الفَرَّاءٍ أو ابن غَزَالَة فأقرأُ

(1)

تاريخ بغداد 7: 354.

(2)

تاريخ بغداد 7: 356.

(3)

ضبطه الخطيب ضبط قلم بكسر ثم سكون وفتح النون بلا تشديد، ولعله شُغل المحقق، والمثبت كما جوّده ابن العديم موافق لضبط السمعاني: الأنساب 12: 402 وابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 3: 248.

ص: 518

عليه جُزءًا من القُرْآن، ثمّ آتي مَنْصُور زَلْزَل

(1)

فيُضَارِبُني طَريقتَيْن (a) أو ثلاثةً، ثمّ آتي عَاتِكَة بنتَ شُهْدَة فآخُذ منها صَوْتًا أو صَوتَيْن، ثمّ آتي الأصْمَعِيَّ وأبا عُبَيْدَة فأُنَاشدهمُا وأُحَادِثهما (b) وأسْتَفِيْدُ منهما، ثمّ أصير إلى أبي فأُعْلِمُه ما صنَعْتُ، ومَنْ لَقيْتُ، وما أخَذْتُ، وأتَغَدَّى معه. فإذا كان العَشِي رُحْتُ إلى أَمِير المُؤمِنِين الرَّشِيْد.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن سَهْل بن بِشْرَان النَّحْويِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحيم بن دِيْنار اللُّغَويّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانيِّ، قال: إسْحاق بن إبْراهيمَ بن مَيْمُون بن مَاهَان بن بَهْمَن المَوْصِليِّ، كان يقول: أصْلُنا من فَارِس، ولنا بَيْتٌ شَرِيْفٌ في العَجَم.

قال أبو الفَرَج

(2)

: مَوضِعُ إسْحاق من العِلْم، ومكانُه من الأدَبِ، ومَحَلُّه في (c) الرِّوَايَة، وتَقَدُّمُهُ في الشِّعْر، ومَنْزِلته في سَائر المَحَاسِن، أشْهَرُ من أنْ يُدَلَّ عليه فيها بوَصْفٍ (d)، فأمَّا الغِنَاءُ فإنَّهُ كان أصْغَرَ عُلُومه، وأَدْنَى ما يُوْسَم له، لم يكن له في الغِنَاء نَظِير، لَحِق بمَنْ مَضَى فيه، وسَبَقَ مَنْ بقي، أوْضَح للنَّاس طَريقه (e)، وسَهَّل عليهم سَبِيْلَهُ، فهو إمامُ أهْل صنَاعته جَمِيعًا، وقُدْوتهم ورَأسُهُم، ومُعَلِّمُهُم، شَهِدَ له

(a) تاريخ بغداد: طريقين.

(b) تاريخ بغداد: وأحدثهما.

(c) الأغاني: من.

(d) في الأصل: يوصف. والمثبت من الأغاني.

(e) الأغاني: ولَحَب للناس جميعًا طريقه فأوضحها.

_________

(1)

اسمه منصور ويُعرف بزلزل.

(2)

كتاب الأغاني 5: 173، والمثبت هنا فيه بعض التصرف.

ص: 519

به المُوَافقُ والمُفَارِقُ، وكان المَأْمُونُ يقُول: لولا ما سبَقَ لإسْحاق على ألْسِنَةِ النَّاسِ من الغِنَاءَ لوَلَّيْتُهُ القَضَاءَ، فإنَّهُ أوْلَى به، وأعَفُّ وأصْدَقُ، وأكثَرُ دِيْنًا وأمَانَةً من هؤلاء القُضَاة.

وقال الوَاثِقُ

(1)

: ما غَنَّاني إسْحاقُ قَطّ إلَّا ظَنَنْتُ أنْ قد زِيْدَ في مُلْكي، وأنَّ إسْحاق نِعْمَةٌ من نِعَم المُلْك الّتي لم يَحْظَ أحدٌ بمثْلها، ولو أنَّ العُمْرَ والشَّبَابَ والنَّشَاط ممَّا يُشْتَرَى لاشْتَريتُهُ لهُنَّ (a) بشَطْرِ مُلْكِي.

وذَكَره مُحَمَّد بن دَاوُد بن الجَرَّاح في كتاب الوَرَقَة

(2)

، فقال: إسْحاق بن إبْراهيم المَوْصِلِيّ، أبو مُحَمَّد، مَوْلَى لبني تَمِيْم، كَثِيْر الشِّعْر، حَسَنُهُ، وأكثَرُ أغَانيْهِ في أشْعَاره، وهو أسْتَاذُ النَّاس في صِنَاعَته، وفي عِلْم الأخْبارِ والأشْعَار، وله بالفِقْهِ أيضًا مَعْرفَةٌ، وقال: لي عِشرين سَنَة ما رأيتُ مثْلَهُ قَطّ. قال: وسَألتُه عمَّا عندَهُ من الكُتَب، فقال: عندي مائتَا قِمْطَر

(3)

.

أنْبَانَا أبو اليُمْن الكِنْدِىِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(4)

، قال: أخْبَرَني الحُسَين بن عليّ الصَّيْمَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عِمْران بن مُوسَى الكَاتِب، [قال] (b): أخْبَرَني مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَني عَوْن ابن مُحَمَّد الكِنْدِيّ: أنَّ مُحَمَّد بن عَطِيَّة العَطَوِيّ الشَّاعِر حدَّثَهُ أنَّهُ كان عند يَحْيَى

(a) الأغاني: لاشتريتهن له.

(b) إضافة من تاريخ بغداد.

_________

(1)

انظره في الأغاني أيضًا 5: 184، والتذكرة الحمدونية 9:24.

(2)

لم يرد في المتبقي من كتاب الورقة.

(3)

القِمْطَرُ: والجمعُ قماطر، ما تصان فيه الكتب، شبه سفط يتخذ من القصب. تاج العروس، مادة: قمطر.

(4)

تاريخ بغداد 7: 359.

ص: 520

ابن أكْثَم في مَجْلِسٍ له يَجْتَمعُ النَّاسُ فيهِ، فوَافَى إسْحاقُ بنُ إبْراهيِم المَوْصِلِيّ، فأخَذَ يُناظِرُ أهْلَ الكَلَامِ حتَّى انْتَصَفَ منهم، ثمّ تكلَّم في الفِقْه فأحْسنَ، وقَاسَ واحْتَجَّ، وتكلَّم في الشِّعْر واللُّغَة ففَاقَ مَنْ حَضَر، فأقْبل على يَحْيَى، فقال: أعَزَّ اللهُ القَاضِي، أفي شَيءٍ ممَّا ناظَرتُ فيه وحَكَيتُه نَقْصٌ أو مَطْعَنٌ؟ قال: لا، قال: فما بالي أقُومُ بسَائر هذه العُلُوم قيامَ أهْلها، وأُنْسَبُ إلى فَنٍّ واحدٍ قد اقْتَصَر النَّاسُ عليهِ؟ قال العَطَوِيُّ: فالتفَتَ إليَّ يَحْيَى بن أكْثَم، فقال: جَوابُهُ في هذا عليك -قال: وكانَ العَطَوِيُّ من أهْلِ الجَدَل- فقُلتُ: نعم، أعَزَّ اللهُ القَاضِي، الجَوَابُ عليَّ. ثُمَّ أقبلْتُ على إسْحاق: فقُلتُ: يا أبا مُحَمَّد، أنت كالفَرَّاءِ والأخْفَش في النَّحو؟ قال: لا، قُلتُ: أفأَنْتَ في اللُّغَة وعِلْم الشِّعْر كالأصْمَعِيِّ وأبي عُبَيْدَة؟ قال: لا. قلتُ: أفأَنْتَ في الأنْسَابِ كالكَلْبيّ وأبي اليَقْظَان؟ قال: لا، قُلتُ: أفأَنْتَ في الكَلَام كأبي الهُذَيْل والنَّظَّام؟ قال: لا، قُلتُ: أفأَنْتَ في الفِقْه كالقَاضِي؟ قال: لا، قُلتُ: أفأَنْتَ في قَوْل الشِّعْر كأبي العَتَاهِيَة وأبي نُوَاس؟ قال: لا، قُلتُ: فمن هَا هُنا نُسِبْتَ إلى ما نُسِبْتَ إليه لأنَّهُ لا نَظِيرَ لكَ فيه ولا شَبِيهَ، وأنْتَ في غيره دونَ رُؤسَاءَ أهْلِهِ! فضَحِكَ وقامَ فانْصَرف، فقال لي يَحْيَى ابن أكْثَم: لقد وَفَّيْت الحُجَّةَ حقَّها، وفيها ظُلْمٌ قليلٌ لإسْحاق، وإنَّهُ لمَنْ يَقِلُّ في الزَّمان نَظِيرُهُ.

وقال أبو بَكْر الخطيبُ

(1)

: حَدَّثَني عليّ بن المُحَسِّن

(2)

، قال: وَجَدْتُ في كتاب جَدِّي عليّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَهْم التَّنُوخِيّ: حَدَّثَنَا الحَرَميِّ بن أبي العَلَاء،

(1)

تاريخ بغداد 7: 356 - 357.

(2)

نشوار المحاضرة 6: 30 - 31.

ص: 521

قال: حَدَّثَنَا أبو خَالِد يَزِيد (a) بن مُحَمَّد المُهَلَّبيّ، قال: سَمِعْتُ إسْحاقَ المَوْصِليِّ يقول: لمَّا خَرَجْنا مع الرَّشِيْدِ إلى الرَّقَّة، قال لي الأصْمَعِيُّ: كم حملْتَ معَكَ من كُتُبكَ؟ قُلتُ: تخَفَّفْتُ، فَحَمَلتُ ثمانيةَ أحْمَالٍ؛ ستَّةَ عَشَر صُنْدُوقًا. قال: فعَجِبَ، فقُلتُ: كم معَكَ يا أبا سَعِيد؟ قال: ما معي إلَّا صُنْدُوقٌ واحدٌ، قُلتُ: ليسَ إلَّا؟ قال: وتَسْتَقِلُّ صُنْدُوقًا من حَقٍّ؟!.

قال أبو خَالِدٍ: وسَمِعْتُ إسْحاق بن إبْراهيم المَوْصِليِّ يقول: رأيْتُ في مَنَامِي كأنَّ جَريرًا ناولَني كُبَّةً من شَعرٍ، فأدْخَلْتُها في فَمِي، فقال بعضُ المُعَبِّرِيْن: هذا رَجُلٌ يقُولُ من الشِّعْر ما شَاء.

قال: وجاءَ مَرْوَان بن أبىِ حَفْصَة يَوْمًا إلى أبي، فاسْتَنْشَدَني من شِعْري، فأنْشَدْتُه

(1)

: [من الطويل]

إذا كانَتِ الأحْرَارُ أصْلي ومَنْصبي

ودَافِعَ ضَيْمي خَازِمٌ وابنَ خَازِمِ

عَطَسْتُ بأنْفٍ شَامِخٍ وتَنَاوَلَتْ

يَدَاي السَّمَاءَ (b) قَاعِدًا غيرِ قَائِمِ

قال: فجعل مَرْوَان يَسْتَحْسن ذلك، ويقول لأبي: إنَّكَ لا تَدْرِي ما يقول هذا الغُلَامُ!.

==

(a) في تاريخ بغداد: أبو خالد بن يزيد بن محمد المهلبي، وهو خطأ.

(b) الديوان: الثريا.

(1)

ديوان إسحاق الموصلي 189، وأيضًا في الأغاني 5: 179، ومعجم الأدباء 2: 595 وتاريخ الإسلام 5: 792.

ص: 522

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: قَرِأتُ على الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، عن أبي عُبَيْدِ الله المَرْزُبانيّ، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَبْد الله الحَزَنْبَل، قال: ما سَمِعْتُ ابنَ الأعْرَابِيّ يَصِفُ أحدًا بمثْلِ ما يصفُ بهِ إسْحاقَ من العِلْم والصِّدْق والحِفْظ، وكان كَثيرًا ما يقول: أسمعْتُم بأحْسَنَ من ابتدَائهِ في قَوْلهِ

(2)

: [من الخفيف]

هل إلى أنْ تَنَامَ عَيْنيْ سَبِيْلُ

إنَّ عَهْدِي بالنَّوْم عَهْدٌ طَوِيْلُ

هل تَعْرفُون مَنْ شَكا نَوْمَهُ بمثْل هذا اللَّفْظ الحَسَن؟!.

وقال مُحَمَّد بن يَحْيَى: سَمِعْتُ إبْراهيمَ بن إسْحاقَ الحَرْبيّ يقولُ: كان إسْحاقُ المَوْصِلِيّ ثِقَةً صَدُوقًا عَالمًا، وما سَمعْتُ منه شيئًا، ولوَدَدْتُ أَنِّي سَمِعْتُ، وما كان يَفُوتُني منه شيءٌ لو أردْتُه.

قال مُحَمَّد: وسَمِعْتُ أحْمَد بن يَحْيَى النَّحْوِيّ يقول نحوَ هذا القَوْل.

قال الخَطِيبُ

(3)

: حَدَّثَني الحَسَنُ بن عليّ المُقَنَّعِيّ، عن مُحَمَّد بن مُوسَى الكَاتِب، قال: أخْبَرَني الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَني عَبْدُ الله بن المُعْتَزّ، قال: حَدّثَني أبو عَبْد الله الهِشَامِيّ، قال: اعْتَبَرَ أهْلُنا على إسْحاقَ بأنْ دَعَوهُ، ومَدُّوا سِتَارةً، وأقْعَدُوا كاتبَيْن ضَابطَيْن بحيثُ لا يَراهُما إسْحاق، وقالوا: كُلمّا غنَّتِ السِّتَارَةُ صَوْتًا فتكلَّم عليه إسْحاق، فاكْتُبا الصَّوْتَ، واكْتُبا لفظَهُ فيه، وجَعَلَ إسْحاقُ كُلمّا سَمِعَ صَوْتًا

(1)

تاريخ بغداد 7: 360، وانظر معجم الأدباء 3:608.

(2)

ديوان إسحاق الموصلي 87.

(3)

تاريخ بغداد 7: 356.

ص: 523

أخْبَر بالشِّعْر لمَنْ هو، ونَسَبَ الصَّوْتَ، وذَكَرَ جميعَ مَنْ تَغَنَّى فيه، وخَبَرًا إنْ كان له خبرٌ، حتَّى كُتِبَ ذلك كُلُّه وِحُفِظ. ثمّ دَعَوا إسْحاق بعد مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وضَرَبُوا ستَارةً، وأمَرُوا مَنْ خَلْفَها أنْ يُغَنَّين مثْلما كُنَّ غَنَّينَ به ذلك اليوم، فَفَعَلْنَ وابتدأ إسْحاق يَتَكلَّم في الغِنَاء بمثْل ما كان تكلَّم به ما خرَم حَرْفًا. قال: فعَلمُوا وعَلِمَ النَّاسُ أنَّهُ لا يقول إلَّا صَوَابًا وحَقًّا، وعَجِبُوا منهُ.

وقال

(1)

: قَرَأتُ على الحَسَن بن عليّ الجْوهَرِيّ، عن أبي عُبَيْدِ الله المَرْزُبانيّ، قال: أخْبَرَني يُوسُف بن يَحْيَى بن عليّ المُنَجِّم، عن أَبِيهِ، قال: أخْبَرَني أحْمَدُ بن القَاسِم الهاشِميّ، عن إسْحاق بن إبْراهيم، قال: دعَاني المَأْمُونُ وعندهُ إبْراهيم بن المَهْدِيّ، وفي مَجْلِسه عشرون جَارِيَةً قد أقْعَدَ عَشْرًا عن يَمِيْنه، وعَشْرًا عنٍ يَسَاره، معهُنَّ العِيْدَانُ يَضْرِبْنَ بها، فلمَّا دَخَلْتُ سَمِعْتُ من النَّاحِيَةِ اليُسْرى خَطَأ فأنْكَرتُهُ، فقال المَأْمُون: يا إسْحاقُ، أتَسْمَعُ خَطَأً؟ قُلتُ: نَعَم يا أَمِيرَ المُؤمِنِين، فقال لإبْراهيم ابن المَهْدِيّ: هل تَسْمَع خَطأً؟ قال: لا. فأعَادَ عليَّ السُّؤَالَ، فقُلتُ: بَلَى واللهِ يا أَمِير المُؤمِنِين، وإنّهُ لَفِي الجَانِب الأَيْسَر، فأعَاد إبْراهيم سَمْعَه إلى النَّاحِيَة اليُسْرى، ثمّ قال: لا واللهِ يا أَمِير المُؤمِنِين ما في هذه النَّاحِيَة خَطَأٌ، فقُلتُ: يا أَمِير المُؤمِنِين، مُرِ الجَوَارِي اللَّواتي على المَيْمَنَةِ أنْ يُمْسِكنَ، فأمَرَهُنَّ فأمْسَكنَ، ثُمَّ قُلْتُ لإبْراهيم: هل تَسْمَعُ خَطَأَ؟ فتَسَمَّعَ ثمّ قال: ما ها هنا خَطَأٌ، فقُلتُ: يا أَمِير المُؤمِنِينَ، يُمْسِكْنَ وتَضْربُ الثَّامنَةُ، فأمْسَكْن وضَرَبت الثَّامنةُ، فعرفَ إبْراهيم الخَطَأ، فقال: نعم يا أَمِير المُؤمِنِين، ها هُنا خَطَأٌ، فقال عند ذلك المَأْمُونُ: يا إبْراهيمُ، لا تُمَارِ إسْحاقَ بعد اليَوْم؛ فإنَّ رَجُلًا فَهِمَ الخَطَأ بين ثمانين وَتَرًا، وعشرين حَلْقًا، لجَدِيرٌ بألَّا تُماريه، فقال: صَدَقْتَ يا أَمِيرَ المُؤمِنِين.

(1)

تاريخ بغداد 7: 360 - 361.

ص: 524

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن أبي نَصْر بن مَاكُولا

(1)

، قال: وإسْحَاق بن إبْراهيم المَوْصِلِيّ المُغَنِّي شَاعِرٌ مُتَأدِّبٌ فَاضِلٌ، له رواياتٌ كَثِيْرةٌ، وكتابٌ مُصَنَّفٌ في الأغَانِي.

أنْبَأنَا زَيْد الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت

(2)

، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم بن مَيْمُون، أبو مُحَمَّد التَّمِيْمِيُّ المَعْرُوف والدهُ بالمَوْصِليِّ، يُقالُ: إنَّهُ وُلد في سَنَة خَمْسِين ومائة، وقيل: وُلد بعد ذلك، وكَتَبَ الحَدِيْثَ عن سُفْيان بن عُيَيْنَة، وهُشَيْم بن بَشِير، وأبي مُعاوِيَة الضَّرِيْر، وطَبقَتهم. وأخَذَ الأدَب عن أبي سَعيد الأصْمَعِيّ، وأبي عُبَيْدَة، ونَحْوهما. وبَرَع في عِلْمِ الغِنَاءِ، وغَلَبَ عليه فنُسِبَ إليهِ. وكان حَسَنَ المَعْرفَة، حُلو النَّادِرة، مَلِيْحَ المُحاضَرَة، جَيِّد الشِّعْر، مَذْكُورًا بالسَّخَاءِ، مُعَظَّمًا عند الخُلَفَاءِ، وهو صَاحب كتاب الأغَانِي الّذي يَرْويه عنه ابنُهُ حَمَّاد. وقد رَوَى عنهُ أيضًا الزُّبَيْر بن بَكَّار، وأبو العَيْنَاء، ومَيْمُون بن هَارُون، وغيرهُم.

أنْبَأنَا زَيْن الأُمَناءِ الحَسَنُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ ابن الحَسَن

(3)

، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم بن مَيْمُون، أبو مُحَمَّد التَّمِيْمِيُّ، المَعْرُوف أبُوه بالمَوْصِليِّ، سَمِعَ مَالِك بن أنَس، وسُفْيانَ بن عُيَيْنَةَ، وهُشَيْمَ بن بَشِير، وأبا مُعاوِيَةَ الضَّرِيْر، وأبا سَعيد الأصَمْعيِّ، وأبا عُبَيْدَة مَعْمَر بن المُثَنَّى، وبَقِيَّة بن الوَلِيد، ورَوْح ابن عُبَادَةَ.

رَوَى عنهُ ابنُهُ حَمَّاد، وشَيْخُه أبو سَعيد الأصْمَعيِّ، والزُّبَيْرُ بن بَكَّار، وأبو العَيْنَاءِ مُحَمَّد بن القَاسِم بن خَلَّاد، ومَيْمُون بن هَارُون الكَاتِب، وعليّ بن يَحْيَى

(1)

ابن ماكولا: الإكمال 7: 276.

(2)

تاريخ بغداد 7: 354.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 142.

ص: 525

المُنَجِّمَ، وأبو خَالِد يَزِيد بن مُحَمَّد المُهَلَّبيّ، والحُسَين بن يَحْيَى الكَاتِب، وغيرهم. وقَدِمَ دِمَشْق مع المَأْمُون.

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ القُرَشِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَات بن عبدِ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن زُرَيْق القَزَّاز، والكَاتبِة شُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الفَرَجَ الإِبَرِيُّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بنُ عليّ بن يَعِيْش، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْدُ اللهِ بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قالوا: أخْبَرَنا الحَاجِبُ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد ابن عليّ بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسمِ بنُ بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس الكنْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَرَائِطِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن الفَضْل، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إبْراهيم، عن أبي مِسْكِين، قال: ضَلَّتْ ناقةٌ لفَتَىً من بني تَمِيْم، فَخَرَج إلى حَيّ بني شَيْبَان يَنْشُدها، فإنَّهُ لكذلك إذ بَصُرَ بجَارِيَةٍ كأنَّها الشَّمْسُ حُسْنًا وجَمَالًا، فعَشِقَها عِشْقًا مُبَرِّحًا، فرَجَع إلى قَوْمِهِ وقد أذْهَبَتْ عَقْلَهُ، فا تَمَالَكَ أنْ رجَع إلى حَيِّهم، فلمَّا هَدَأ اللَّيْل، قال: لعَلِّي أُسَكِّنُ بالنَّظر إليها بعضَ ما بي، فأتاها وهي جالسَةٌ وأخوَتُها نِيَام حولها، فقال لها: يا قُرَّةَ عَيْني، قد واللهِ أذْهَبَ الشَّوْق عَقْلي، وكَدَّرَ عليَّ عَيْشِي، فقالتْ له: امْض إلى حالكَ وإلَّا أنْبَهْتُ أخوَتي فقَتلُوكَ، فقال لها: إنَّ القَتْل أهْوَنُ عليَّ من الّذي أنا فيه، قالت: وهَلْ يكُون شيء أشَدّ من القَتْل؟ قال: نعم ما أنا فيهِ من حُبِّك، قالت له: فما تَشَاءُ؟ قال: أمْكنيني من يَدك حتَّى أضَعَها على قَلْبي، ولَكِ عَهْدُ الله أنِّي أرْجعُ، ففَعَلَتْ، فرجَع، فلمَّا كانت القابلَة عادَ فوجَدَها على مثْل حالها، فقالت له كقولها الأوَّل، فقال: أمْكنِيْني من شفَتَيْك حتَّى أرشُفَهُما وأنْصَرف، فلمَّا فعَلَتْ ذلك وقعَ في قَلْبها منه كهَيْئَةِ النَّارِ، فأقْبَلَت تلقَاهُ كُلّ ليلةٍ، فنَذِرَ به حَيُّها وأخوَتُها، فقالوا: ما لهذا الكَلْب قد أطال

(1)

الخرائطي: اعتلال القلوب 212 - 213، وانظر الحكاية في عيون الأخبار لابن قتيبة 4: 133 - 134.

ص: 526

المُكْثَ في هذا الجَبَل وهو يَتَخَطَّانا، فقعَدُوا لطَلبِه في لَيْلَتهم تلك، فأرْسَلَتْ إليه أنَّ القَوْمَ يُريدونَك، فكُن على حَذَر، وإيَّاكَ والغَفْلَةَ، فجاءَت السَّماءُ بمَطَر حال بينهم وبين طَلَبِه، ثمّ انجلَت السَّحَابُ وطَلَعَ القَمَر، فتطيَّبت الجَارِيَةُ، ونَشَرَت شَعْرها، وأُعْجِبَتْ بنَفْسها، واشْتَهَتْ أنْ يَرَاها على تلك الحال، فقالت لتِرْبٍ لها قد كانت أطْلَعَتْها على شأنها: يا فُلَانة، أسْعدِيْني على المُضي إليه، فَخَرَجَتا تُريدانه، وهو على الجَبَل خائفٌ من الطَّلَب لما حذَّرته، فبَصُر بشَخْصَين يَسِيران في القَمَر، فلم يَشُكَّ أنَّهما من الطَّالِبين له ليَقْتُلوهُ، فانتَزع بسَهْمٍ، فما أخْطَأ قَلْبَ صَاحِبَته، فسقَطَت مُضرَّجةً بدمائها، فلم تَزَل تَضْطَربُ حتَّى ماتَتْ، فبُهِتَ شَاخصًا يَنْظُر إليها، ثمّ أنْشَأ يقول:[من الكامل]

نَعَبَ الغُرَابُ بما كرهـ

ــت ولا إزالةَ للقَدَرْ

تبكي وأنْتَ قَتَلْتها

فاصْبِر وإلَّا فانْتَحِر

ثُمّ جَمَعَ نَبْلَهُ، فَجَعَل يَجَأُ بها أوْدَاجَهُ حتَّى قَتَل نَفْسَه

أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ مُحَمَّد بن دَاوُد بن عُثْمان الدَّربَنْدِيّ بمَسْجِد الخَلِيل عليه السلام بحِبْرَى، وأبو عليّ حَسَن بن إبْراهيم بن هِبَةِ الله بن دِيْنار المِصْرِيّ بالقَاهِرَة، قالا: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفيِّ الأصْبَهَانيِّ، قال: أخْبَرَنا الرَّئِيسُ أبو عَبْدِ الله القَاسِم بن الفَضْل بن أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَين بن الحَسَنِ الغَضَائِريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الأَسْوَد، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن إسْحاق المَوْصِليِّ، قال: أنْشَدَ شَاعِرٌ أبي ولم يُسَمِّه: [من الطويل]

ألَم تَعْلَمي يا عَذبة الرِّيق أنَّني

وإنْ أظْهَر الحُسَّاد سُوءَ مَقال

ص: 527

عَفَفْتُ ولكن المحبَّ إذا خَلَا

بمَنْ حَبَّ جَالَ (a) الظَّنّ كُلّ مجال (b)

فقال له أبي: قد أذْعَنْتَ للصُّوْرَة، وأقْرَرْتَ بالخلْوَة، ثمّ ادَّعَيْتَ العِفَّة، وتَحْتاج على ذلك إلى بَيِّنَة.

قَرَأتُ في كتاب الخَمَّارِيْن

(1)

لأبي الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانيِّ، قال: أخْبَرَني هاشِم بن مُحَمَّد الخُزَاعيِّ، قال: حَدَّثَني عَمِّي عَبْد الله بن مالك، عن إسْحاق، ح.

قال: وأخْبَرَنا به وَكِيعٌ مُحَمَّد بن خَلَف، عن أبي أَيُّوب المَدِيْنِيِّ، عن مُحَمَّد ابن عَبْدِ الله بن مالك، عن إسْحاق، قال: كُنْتُ مع الرَّشِيْدِ حين خرَجَ إلى الرَّقَّة، فدَخَل يَوْمًا يَشْربُ مع النِّسَاءَ، وانْصَرَفنا، فخرجْتُ ومَضَيْتُ إلى تَلِّ عَزَاز، فنَزَلتُ عند خَمَّارةٍ هناك لها زَوْجٌ قَسٌّ، لها منهُ بنْتٌ واسمها حنَّة لَم أَرَ مثْلها قَطّ جَمَالًا ولا مثْل بِنْتها، وأخْرَجَتْ إليَّ شَرَابًا لَم أرَ مثله حُسْنًا وطِيْبَ رَائِحَة وطَعْم، وأجْلَسَتْني في بَيْتٍ مَرْشُوش فيه ريْحَانٌ غَضٌّ، وأخْرَجَتْ ابْنَتها تَخْدمني كأنَّها خُوْطُ بَانٍ أو جِدل عنَان، لَم أَرَ أحْسَنَ منها قدًّا، ولا أسْهَل خَدًّا، ولا أعْتَقَ وَجْهًا، ولا أبْرَعَ ظَرْفًا، ولا أفْتَر طَرْفًا، ولا أحْسَنَ كَلَامًا، وِلا أتَمَّ تمامًا، فأقْمْتُ عندها ثلاثًا، والرَّشِيْد يَطْلبُني فلا يَقْدر عليَّ، ثمّ انْصَرَفْتُ فذَهبَتْ بي رُسُلُه إليهِ، فدَخَلْتُ عليهِ وهو غَضْبان، فلمَّا رأيتُه خطَرتُ في مَشْيَتي ورقصْتُ، وكانت في رأسي فضْلةٌ قَوِيَّةٌ من السُّكْر، وغَنَّيْتُ في شِعْرٍ قُلْتُهُ في بَيْت الخَمَّارة وصَنَعْتُ فيه، وهو

(2)

: [من الخفيف]

(a) كتب ابن العديم بخطه في الهامش: "في الأصل: بمن يحب فجال".

(b) الأصل: محال.

_________

(1)

كتاب الخمارين والخمارات مفقود، بقيت منه سبع ورقات محفوظة في مكتبة حسن حسني باشا حسبما ذكر الزركلي في الأعلام 4: 278 (هامش 1). وانظر الحكاية في كتابه الأغاني 5: 243، 274 - 275، وأيضًا في: المحب والمحبوب للسري الرفاء 4: 344 - 345.

(2)

ديوان إسحاق الموصلي 140.

ص: 528

إنَّ قَلْبي بالتَّلِّ تَلِّ عَزَاز

عند ظَبي من الظّبَاءِ الجَوَازي

شَادن يَسْكُنُ الشَّآمَ وفيهِ

مع شَكْل (a) العِرَاق ظَرْفُ الحِجَاز

يا لقَوْمي لبنْتَ قَسٍّ أصَابَتْ

منْكَ صفْوَ الهَوَى وليست تُجَازِي

حَلَفَتْ بالمَسِيْح أنْ تُنْجزَ الوَعْـ

ـدَ وليسَتْ تهمُّ (b) بالإنْجَاز

فسكن غَضَبُهُ، ثمّ قال لي: وَيْحَك أين كنتَ؟ فأخْبَرتُهُ فضَحِكَ، وقال: عُذْرٌ والله وأيّ عُذْر! وإنَّ مثْل هذا لطيِّبٌ اذا اتَّفَق، أَعِدْ عليَّ غِنَاءَكَ، فأعدْتُهُ فأُعْجِبَ به، وأمَرَني أنْ أُغَنِّيَه ليْلَتي كُلّها؛ أُعِيْدُه أبدًا ولا أغَنِّي أنا ولا غيري سِوَاه، وأمَرَ المُغَنِّين بأخْذه، فما زلتُ أُغَنِّيهِ ويَشْرب عليه إلى الغَدَاة. ثمّ انْصَرَفْنا فصَلَّيْتُ ونمْتُ، فما اسْتَقْرَرْتُ حيًا (c) حتَّى وَافَاني رَسُول الرَّشِيْد يأمرني بالحُضُور، فركبتُ ومَضَيْتُ، فلمَّا دَخَلْتُ إذا بابن جَامِع يَتَمرَّغ على دُكَّان في الدَّار لغَلَبة النَّبِيْذ والسُّكْر عليهِ، فقال لي: أتَدْري لِمَ دُعِيْنا؟ قُلتُ: لا، قال: لكنِّي أدْرِي، دُعِيْنا بسَبَب نَصْرَانيَّتُكَ الزَّانِيَة، عليها وعليكَ لَعْنةُ اللهِ، فضَحِكْتُ، فلمَّا خَرَجَ الرَّشِيْد إلينا أخْبَرتُه الخَبَر فضَحِكَ وقال: صَدَقَ، أعيْدُوه ولا تُغَنُّوَا غيره، فإنِّي اشْتَقْتُ إلى ما كُنَّا فيه لما فارقتُموني، فغَنَّيناهُ جَمِيعًا يَوْمنا كُلَّهُ حتَّى نام في مَوضِعه سُكْرًا، ثمّ انْصَرَفْنا.

قُلتُ: إنَّما أوْرَدتُ هذه الحِكايَة مع ما فيها من التَّظَاهُر بالفِسْق والمَعْصِيَة لأنَّهُ يُسْتَفادُ منها دُخُول إسْحاق إلى حَلَب بدُخُوله إلى عَزَاز، وليُفْهَم أنَّ إسْحاق لم يَكُن من أهْل رِوَايَة الحَدِيْث لأنَّهُ قد سَبَقَ من قَوْل سُفْيان أنَّهُ قال له: فلوَدَدْتُ أنَّ سَائر أصْحَاب الحَدِيْث كانُوا مثْلكَ، وإنَّما أراد فيما سَلَكَه معه من تَحَرِّي الصِّدْق، وكذلك ما سَبَق ذِكْرهُ من قَوْل إبْراهيم بن إسْحاق الحَرْبيِّ: كان إسْحاق المَوْصِليِّ ثِقَةً صَدُوقًا، ولوددْتُ أنِّي سَمِعْتُ منهُ، وإنَّما أراد فيما يَرْويه من النَّوَادر والشِّعْر والحِكَايَات، لا من الحَدِيْث، وأَنا أسْتَغْفرُ الله تعالى من إيْرَاد هذا ومثْله.

(a) الديوان: دلّ.

(b) الديوان: تجود.

(c) الأصل: حسنًا، الأغاني: فما استقررنا حتى.

ص: 529

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاجِ يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْرِيُّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن القَاسِم الكَوْكَبِيّ، قال: حَدَّثني أبو الفَضْلِ الرَّبَعيِّ، قال: حَدَّثني إسْحاقُ بن إبْراهيم المَوْصِليِّ، قال: قال لي عليُّ بن هِشَام: قد عَزَمْتُ على الصَّبُوح فاغْدُ عليَّ، فعَاقَني عَائِقٌ فشَغَلني عن البُكُور إليهِ، فجئْتُ في وَقْتِ الظُّهْر وعنده مُخَارِق، فقال لي: يا إسْحاقُ (a)، أينَ كُنْتَ؟ فقُلتُ: شَغَلني -أعزَّ اللهُ الأَمِيرَ- ما لَم أَجِدْ من القِيَام بهِ بُدًّا، ثمّ دَعَا لي بطَعَام، وجَلَسْنا على شَرَابنا، فغَنَّى مُخَارِقٌ صَوتًا من الطَّويل بِشعْر المُؤَمَّل (b)، والغِنَاءُ لأبي سَعيد مَوْلَى فَايدٍ، وهو:[من الطويل]

وقد لَامَني في حُبّ مكنُونَة الّتي

أهيْمُ بها أهْلُ الصَّفَاءِ فأَكْثَرُوا

يَقُولونَ لي مَهْلًا وصَبْرًا فلم أجِدْ

جَوَابًا سوى أنْ قُلْتُ: كيف التَّصَبُّر

أأصْبرُ عنِ نَفْسِي وقد حيْلَ دُوْنَها

ووَاقَعني (c) منها الّذي كُنْتُ أحْذَرُ

وفرَّق صَرْفُ الدَّهْر بيني وبينها

فكيفَ تَقَرُّ العَيْنُ أم كيف تحْبَرُ

(2)

فأخْطَأَ فيهِ فقُلتُ: أخْطَأتَ ويْلكَ! ثمّ غَنَّى صَوْتًا من البَسِيْط، شِعْرهُ لحُمَيْد ابن ثَوْر

(3)

والغِنَاءُ للهُذَليّ، وهو:[من البسيط]

يا مُوْقد النَّار بالعَلْيَاءِ من إضَمٍ

قد هجْتَ لي سُقمًا يا مُوقِد النَّارِ

يا رُبَّ نارٍ هدَتْني وهو مُوقَدَةٌ

بالنّدِّ والعَنْبَر الهِنْدِيِّ والغَارِ

تَشُبُّها إذ خَبَتْ أيدٍ مُخَضَّبَةٌ

من ثَيِّبَاتٍ مَصُوناتٍ وأَبْكَارِ

(a) في كتاب الجريري حيثما يرد تاليًا: يا أبا إسحاق!.

(b) الجريري: المؤقَّل!.

(c) الجريري: ووافقني.

_________

(1)

الجريري: الجليس الصالح 2: 228 - 231.

(2)

لم يرد البيت الأخير في كتاب الجليس للمعافى.

(3)

لم ترد الأبيات في ديوان حميد بن ثور (تحقيق عبد العزيز الميمني).

ص: 530

قَلَوْبهنَّ ولم تَبْرحنَ شَاخصَةً

يَنْظُرنَ من أيْنَ يأتي الطَّارِقُ السَّارِي

فأخْطَأَ فيهِ، فقُلتُ: أخْطأتَ وَيْلكَ! ثمّ تَغَنَّى صَوْتًا ثالثًا من الكَامِل، شِعْرهُ لكُثَيِّر

(1)

والغِنَاءُ لمَعْبَد، وهو:[من الكامل]

إنِّي اسْتَحَيتُكَ أنْ أقُوْلَ (a) بحاجَتي

فإذا قَرَأْتَ صَحِيْفَتي فتَفَهَّمِ

وعَليْكَ عَهْدُ اللهِ إنْ أنْبَأتَهُ

أحَدًا ولا أظهَرْتَهُ بتَكَلُّمِ

فأخْطَأَ فيهِ فقُلتُ: أخْطأتَ ويْلكَ! فغَضِبَ وقال: يا إسْحاقُ، يأمُركَ الأَمِير بالبُكُور فتأتي ظُهْرًا، وتغنَّيْتُ أصْوَاتًا كُلّها يُحِبُّها ويَطْرَبُ لها فخطَّأتَني فيها، وتَزْعم أنَّك لا تَضْربُ بالعُوْدِ إلَّا بينَ يَدَيّ خَلِيفَةٍ أو وَليِّ عَهْدٍ، ولو قال لكَ بعضُ البَرَامِكَة مثل ذلك لبَكًّرْتَ وضَرَبْتَ وغَنَّيْتَ، فقُلتُ: ما ظَنَنْتُ أنَّ هذا يَجْتَرئُ عليَّ (b)، وواللهِ ما أُبْدِيهِ انْتِقَاصًا لمَجْلِس الأَمِير أعَزَّهُ اللهُ، ولكن اسْمَعْ يا جَاهِل، ثمّ أقْبلْتُ على ابن هِشَام فقُلتُ: دَعَاني -أصْلَحِ اللهُ الأَمِيرَ- يَحْيَى بن خَالِدٍ يَوْمًا وقال لي: بَكِّر فإنِّي على الصَّبُوحِ، وقد كُنْتُ يَوْمئذٍ في دَارٍ بأُجْرَةٍ، فجاءَني من اللَّيْل صَاحِبُ الدَّارِ، فأزْعَجَني إزْعاجًا شَدِيْدًا، فجَرَتْ منِّي يَمِينٌ غَلِيْظَةٌ أنِّي ما أُصْبحُ حتَّى أتَحَوَّل، فلمَّا أصْبَحْتُ خرجْتُ أنا وغِلْمَانىِ حتَّى اكْتَرَيْتُ مَنْزِلًا وتحوَّلْتُ، ثُمّ صرْتُ إلى يَحْيَى وَقْتَ الظُّهْر، فقال لي: أينَ كُنْتَ إلى السَّاعَة؟ فحدَّثْتُهُ بقصِّتي، فقَعَدْنا على شَرَابنا (c) وأخَذْنا في غِنَائنا، فلم ألْبَثْ أنْ دَعَا يَحْيَى بدوَاةٍ وقِرْطاسٍ فوقَّع شيئًا لم أَدْرِ ما هو، ثمّ دَفَع الرُّقْعَةَ إلى جَعْفَر فوقَّع فيها شيئًا ودفَعَها إليَّ، فإنِّي لأَنْظُرُ فيهِا ولم أدْر ما تَضَمَّنَتْ إذ أخَذَها الفَضْلُ من يَدي فوقَّع فيها شيئًا

(a) الجريري: إني لأستحي أن أبوح، ديوان ابن هرمة: أن أفوه.

(b) الجريري: هذا يجري.

(c) الجريري: شربنا.

_________

(1)

لم يرد الشعر في ديوان كثير، وهو لابن هرمة، انظر ديوانه 200.

ص: 531

ودَفَعها إليَّ، وإذا يَحْيَى قد كَتَب: يُدْفَعُ إلى إسْحاقَ ألْف ألف دِرْهَم يَبْتَاعُ بها مَنْزِلًا، وإذا جَعْفَر قد وقَّعَ: يُدْفَعُ إلى إسْحاقَ ألف ألف دِرْهَم يَبْتاع بها أثَاثًا، وإذا الفَضْلُ قد وقَّع: يُدْفَعُ إلى إسْحَاق ألْف ألف درْهَم يَصْرفها في نَفَقاتِه ومَؤُونَتِهِ، فقُلْتُ في نَفْسِي: هذا حُلُمٌ! فلم ألْبَث أنْ جاءَ خَادِمٌ فأخَذَها من يَدىِ، فلمَّا كان وَقْتُ الانْصِرَاف اسْتَأذنْتُ وخَرَجْتُ، فإذا أنا واللهِ بالمَالِ، وإذا بوُكَلاءٍ يَنْتَظرُوني حتَّى أقْبَضَ منهم، فعَلَام يلُوْمُني هذا الجَاهِل؟!.

ثُمَّ قُلْتُ لمُخَارِق: هَاتِ العُوْدَ، فأخَذْتُه وردَّدْتُ الأصْوَات الّتي أخْطَأ فيها، وغَنَّيْتُ صَوْتًا من الطَّويل بِشِعْرٍ لابن يَاسِين (a)، والغِنَاءُ لي فيه، وهو:[من الطويل]

إلَهي مَنَحْتَ الودَّ منِّي بخِيْلةً (b)

وأنْتَ على تَغْيير ذاكَ قَدِيرُ

شِفَاءُ الهَوَى بَثُّ الجَوَى واشْتكاؤُه

وإنَّ امْرأً أخْفَى الهَوَى لصَبُورُ

فطَرِبَ لذلك طَرَبًا شَدِيْدًا، ثمّ قال: حُقَّ لكَ!.

ثمّ أقْبل على مُخَارِق فقال: يا فَاسِق، ما أنْتَ والكَلَام؟ وأمَرَ لي بمائة ألف دِرْهَم وخلْعَة، وأمَر لمُخَارِق بعَشْرة آلاف دِرْهَم، فبلغَ ذلك إسْحاقَ بن خَلَفٍ، فأنْشَأَ يَقُول:[من البسيط]

إنْ جئتَ سَاحتَهُ تَبْغي سماحتَهُ

بلَّتْكَ (c) راحَتُهُ بالوَبْلِ والدِّيَمِ

ما ضَرَّ زائرَهُ الرَّاجِي لنائلهِ

إنْ كان ذا رَحِمٍ أو غيرَ ذِي رَحِمِ

فَعَالُهُ كَرَمٌ وقَوْلُهُ نَعَمٌ

بقَولِهِ نَعَمٌ قد لجَّ في نِعَمِ

(a) الأصل: لأبي بشير، والمثبت من الجليس الصالح والأغاني 5: 201، وذكر الأصفهاني في موضع آخر (الأغاني 5: 280) أن ابن ياسين هذا هو شاعر مجهول قليل الشعر، وكان صديقًا لإسحاق.

(b) الأصل: بحيلة.

(c) الجريري: تلقاك.

ص: 532

أخْبَرَنا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الهاشِميّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْدٍ عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن طَرَّاد ابن مُحَمَّد الزَّيْنَبيِّ بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا ثَابِتُ بن بُنْدَار بن إبْراهيم البَقَّال، قال: أخْبَرَنا أبو تَغْلِب عَبدُ الوَهَّاب بن عليّ بن الحَسَن المُلْحَمِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْرِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابن القَاسِم الأنْبارِيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل الهاشِميّ -من وَلدِ حَارِث ابن عَبْدِ المُطَّلِب بن هاشِم- عن إسْحاقَ بن إبْراهيم المَوْصِليِّ، قال: جَلَسْتُ مع الوَاثِق في الزّلال نُرِيدُ النَّجَف، فلمَّا أخَذَتِ المَجاذِف الزّلَال ذَكَرتُ الوَطَنَ فتنفَّسْتُ الصُّعَدَاء، فقال لي: يا إسْحاق (b)، أتَنفَّسُ الصُّعَدَاءَ وأنت معي؟! فقُلتُ: يا أَمِير المُؤمِنِين، أُنْشْدكَ بَيْتَيْن فإنْ عذَرْتَني وإلَّا فهذا الماءُ فاقْذفني فيه، ثُمَّ أنْشَدْتُهُ

(2)

: [من الوافر]

حَنَنْتُ إلى أُصَيْبِيَّةٍ صِغَارٍ (c)

وَهَاجَ لي الهَوَى (d) قُرْبُ المَزَار

وأبْرَحُ ما يَكُونُ الشَّوْقُ يَوْمًا (e)

إذا دَنَتِ الدِّيَارُ من الدِّيَار

قال: فاسْتَحْسَنها وأمَرَ لي بعَشْرة آلاف دِرْهَم.

(a) في الأصل: الملحي، وصوابه المثبت، نسبة إلى المُلحَم وهي ثياب تنسج من الأبريسم. انظر: السمعاني: الأنساب 12: 419، وابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 3: 253.

(b) الأصل: يا أبا إسحاق.

(c) روايته في الديوان: طربتَ إلى الأصيبية الصغار.

(d) الديوان: وهاجك منهم، معجم الأدباء والوافي: وشاقك منهم.

(e) رواية الديوان: وكل مسافر يزداد شوقًا.

_________

(1)

لم أقف على الحكاية في كتابه الجليس الصالح.

(2)

ديوان إسحاق الموصلي 133، وفي معجم الأدباء 2: 605 والوافي بالوفيات 8: 391.

ص: 533

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي بَكْر مُحَمَّد بن هاشِم الخَالِديّ: حَدَّثنا جَحْظَةُ، عن حَمَّاد بن إسْحاقَ، عن أَبيِهِ، قال: لَقِيْتُ الأصْمَعِيَّ يَوْمًا فقُلتُ لَهُ: يا أبا سَعيد، ما تقُول في قَوْل الشَّاعِر

(1)

: [من الخفيف]

هَلْ إلى نَظْرَةٍ إليكِ سَبِيْلُ

يُرْوَ منها الصَّدَى ويُشْفَى الغَلِيْلُ

إنَّ ما قَلَّ منكِ يَكْثرُ عِنْدِي

وكَثِيْرٌ من الحَبِيْبِ (a) القَلِيْلُ

فقال: هذا والله يا أبا مُحَمَّد الدِّيْبَاجُ الخُسْرُوَانِيّ، فقُلتُ: إنَّهُ ابنُ لَيْلَتهِ، فَحَسَدَني، وقال: إنَّكَ لتَعْرفُ التَّوْلِيْدَ فيه، ثمّ أَفْكَر قَليلًا، وقال: أجدْتَ هذا من قول بَعْض العُقَيْلِيّيْنَ: [من الطويل]

قفِي مَتِّعِيْنا يا مُليحُ بنَظْرَةٍ

فقَدْ حَانَ منَّا يا مُلَيْحُ رَحِيْلُ

ألَيْسَ قَليلًا نَظْرةٌ إنْ نَظرْتُها

إليكِ، وكُلًّا ليسَ منْكِ قَلِيْلُ

فَخَلَفَ إسْحاق أنَّهُ ما عرفَهُ، فقال له الأصْمَعِيُّ: دَعْ هذا عنْكَ أبا مُحَمَّد؛ فتلكَ الخِرْقَةُ من هذا الثَّوب.

وقد رَوَى هذه الحِكايَة الحُسَين بن يَحْيَى الكَاتِب، عن إسْحاق، أخْبَرَنا بها أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا القَزَّازِ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَني أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد المَرْوَرُّوذِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن مُحَمَّد ابن أحْمَد المُقْرِئ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى النَّدِيْم، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن

(a) الديوان: ممن تحب، الوافي: ممن يحب.

_________

(1)

ديوان إسحاق الموصلي 166، وفي نزهة الألباء للأنباري 134، تاريخ الإسلام 5: 791، الوافي بالوفيات 8:391.

(2)

تاريخ بغداد 7: 358 - 359.

ص: 534

يَحْيَى الكَاتِب، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق المَوْصِليِّ، قال: أنْشَدْتُ الأصْمَعيِّ شِعْرًا لي على أنّهُ لشَاعِرٍ قَديمٍ: [من الخفيف]

هَلْ إلى نَظْرَةٍ إليكِ سَبِيْلُ

يُرْوَ منها الصَّدَى ويُشْفَى الغَلِيْلُ

إنَّ ما قَلَّ منكِ يَكْثُر عِنْدِي

وكَثِيْرٌ من الحَبِيْبِ القَلِيْلُ

فقال لي: هذا واللهِ الدِّيْبَاجُ الخُسْرُوَانِيّ، فقُلتُ لَهُ: إنَّهُ ابنُ لَيْلَتهِ، فقال: لا جَرَمَ أنَّ أثَرَ التَّوْلِيْدِ فيهِ! فقُلتُ لَهُ: لا جَرَمَ أَنَّ أثَرَ الحَسَدِ فيكَ.

قال أبو بَكْر - يعني مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْليِّ

(1)

: وقد أعْجبَ هذا المَعْنَى إسْحاقَ فردَّدَهُ في شِعْره، فقال

(2)

: [من مجزوء الرمل]

أيُّها الظَّبْيُ الغَريرُ

هَلْ لنا منكَ مُجِيْرُ

إنَّ ما نوَّلْتَنَا (a) منْـ

ـكَ وإنْ قَلَّ كَثِيْرُ

وكان إسْحاق يَظُنُّ أنَّهُ سَبَقَ إلى هذا المَعْنَى حتَّى أُنْشِدَ لأعْرَابيٍّ: [من الطويل]

قفِي وَدِّعِيْنَا يا مُلَيْحُ بنَظْرَةٍ

فقَدْ حَانَ منَّا يا مُلَيْحُ رَحِيْلُ

ألَيْسَ قَليلٌ نَظْرةٌ إنْ نَظَرْتُها

إليكِ، وكُلٌّ ليسَ منْكِ (b) قَلِيْلُ

قال: فَخَلَفَ إسْحاقُ أنَّهُ ما كان سَمِعَهُ.

وقد رَوَى الأصْمَعِيُّ هذين البَيْتَيْن، وحَكَى الحِكايَة عن إسْحاق.

(a) الديوان: نولتني.

(b) رواية الخطيب البغدادي: منك ليس.

_________

(1)

انظر الأغاني 5: 206.

(2)

ديوان إسحاق الموصلي 138.

ص: 535

أنْبَأنَا بذلك أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو القَاسِم النَّسِيبُ وأبو الوَحْش المُقْرِئُ، عن أبي الحَسَن رَشَاءِ ابن نَظِيفٍ -قال الحافِظُ: وقَرأتُهُ من خَطِّ رَشَاء- قال: أخْبَرَنا إبْراهيمُ بن عليّ بن إبْراهيم البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا أبو العَيْنَاء، قال: قال لي الأصْمَعِيُّ يَوْمًا: لَقِيَني إسْحاقُ المَوْصِلِيّ فقال لي: ما تَقُول في قَوْل الشَّاعِر: [من الخفيف]

هَلْ إلى نَظْرَةٍ إليكِ سَبِيْلُ

يُرْوَ منها الصَّدَى ويُشْفَى الغَلِيْلُ

إنَّ ما قَلَّ منكِ يَكْثرُ عِنْدِي

وكَثِيْرٌ من المُحِبّ القَلِيْلُ

فقُلْتُ له: هذا والله الدِّيْبَاجُ الخُسْرُوَانِيّ، وأُعْجِبْتُ به، فقال لي: إنَّهُ ابنُ لَيْلَتهِ، أي أنا قُلْتُه البَارِحَة، فَحجِلْتُ (a) وقُلْتُ له: لا جَرَم أنَّ أثَرَ التَّوْلِيْد فيهِ، قال: لا جَرَمَ أنَّ أثَرَ الحَسَد فيكَ (b)، وإنَّما سرقَ إسْحاقُ هذا البَيْتَ من العبَّاس بن قَطَن الهِلَالِيّ حيثُ يَقُول:[من الطويل]

قفِي مَتِّعِيْنا يا مُلَيْحُ بنَظْرَةٍ

فَقَدْ حَانَ منَّا يا مُلَيْحُ رَحِيْلُ

ألَيْسَ قَليلًا نَظْرةٌ إنْ (c) نَظرْتُها

إليكِ، وكُلًّا ليسَ منْكِ قَلِيْلُ

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُفُ بن خَلِيل بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ يَحْيَى ابن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مُحَمَّد بن الحُسَين الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء الجَرِيْرِيُّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن إبْرهيم الشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد (d) بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا

(a) تاريخ ابن عساكر: فحملت.

(b) تاريخ ابن عساكر: فيه.

(c) ساقطة من نشرة تاريخ ابن عساكر.

(d) الجريري: حدثنا محمد بن أحمد.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 159.

(2)

الجريري: الجليس الصالح 3: 111.

ص: 536

أحْمَد بن القَاسِم بن جَعْفَر بن سُليَمان بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا صَبَاح بن خَاقَان، قال: اعْتللتُ علَّةً أشْفَيْتُ منها، فبلَغَ ذلك إسْحاقَ بن إبْراهيم المَوْصِلِيّ فاغْتَمَّ منها، ثمّ وَرَدَ عليه الخَبَرُ بإفَاقَتي، فكَتَبَ إليَّ

(1)

: [من الوافر]

حَمدْتُ اللّهَ إذ عَافى صَبَاحًا

وأعْقَبَهُ السَّلامَةَ والصَّلَاحَا

وكُنَّا خَائِفيْنَ على صَبَاحٍ

من الخَبَر الّذي قَدْ كانَ بَاحَا

وخَوَّفَنِي من الحَدَثَان أنِّي

رأيت المَوْت إنْ لَمْ يَغْدُ رَاحَا

قَرأتُ بخَطِّ الشَّيْخ الأدِيْب أبي الحَسَن عليّ بن أبي سَالِم البَغْدَاديّ الكَاتِب، قال: نَقَلْتُ من خَطِّ أبي عَبْد الله الحَسَن بن عليّ بن مُقْلَة، قال: نَقَلْتُ من خَطِّ أبي العبَّاس ثَعْلَب، عن إسْحَاق -يعني المَوْصِليِّ- قال إسْحَاق: أنْشَدَني شَدَّاد بن عُقْبَة لَجِميل

(2)

: [من الطويل]

[و] إنِّي وتكراري (a) الزِّيَارَة نَحْوَكُم

لبَيْنَ يَدَي هَجْرٍ بُثَيْنَ طَوِيْلِ

فقُلتُ أنا

(3)

: [من الطويل]

فيَا لَيْتَ شِعْري هلِ يقُولنَّ (b) بَعْدَنا

إذا نحنُ أجْمَعنا (c) غَدًا لرَحِيْل

ألَا لَيْتَ أيَّامًا مَضَيْنَ رَوَاجعٌ

ولَيْتَ النَّوَى قد ضَاعَفت (d) بَجمِيل

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَاتِ بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، وشُهْدَة بنتُ أحْمَد بن الفَرَج، ح.

(a) الأصل: وتكرار، والمثبت من الديوان.

(b) الديوان: تقولين.

(c) الديوان: أزمعنا.

(d) الديوان: ساعدت.

_________

(1)

ديوان إسحاق الموصلي 103 - 104.

(2)

ديوان جميل بثينة 111 (دار صادر).

(3)

ديوان إسحاق الموصلي 177.

ص: 537

وأخْبَرَنَا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن مُحَمَّد، قالوا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس الكِنْدِيّ، قال: حَدَّثنا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثنا أبوِ الفَضْل الرَّبَعِيّ، قال: حَدَّثَني إسْحاقُ إبْراهيم، قال

(1)

: كُنْتُ عند الوَاثِق بالله يوْمًا وهو بالنَّجَف، فدَخَل ابن أبي دُؤَاد فقَعَدَ معنا يَتَحَدَّثُ ولم يكن خَرَجَ الوَاثِق بَعْدُ، فقال لي ابن أبي دُاؤَاد: يا إسْحَاق، قُلتُ: لَبَّيْكَ، قال: أعْجَبني هذان البَيْتان، قُلتُ: فانشِدْني يا أبا عَبْد الله، فما أعْجَبَكَ من شيءٍ ففيهِ السُّرُور، فأنْشَدَني:[من الطويل]

ولي نَظْرَةٌ لو كان يُحْبِلُ ناظرٌ

بنَظْرَتِهِ أَنْثَى لقد حَبِلَتْ منِّي

فإنْ وَلَدَتْ ما بينَ تِسْعَةِ أشْهُرٍ

إلى نَظَري ابْنًا فإنَّ ابْنَها ابْني

قُلتُ: قد أجاد؛ ولكنِّي أُنْشدكَ بَيْتَيْن أرجُو أنْ يُعْجِباك، قال: هَات، فأنْشَدْتُه

(2)

: [من الطويل]

ولمَّا رَمَتْ بالطَّرْفِ غيري ظَنَنْتُها

كما آثَرَتْ بالطَّرْف تُؤْثِرُ بالقَلْبِ

وإنِّي بها في كُلِّ حالٍ لوَاثِقٌ

ولكنَّ سُوءَ الظَّنِّ من شِدَّةِ الحُبِّ

قال: أحْسَنْتَ يا إسْحَاق. وخَرَجَ الوَاثِق فقال: فيم أنتُم؟ فحدَّثَهُ ابن أبي دُؤَادٍ وأنْشَدَهُ، فأمَر لي (a) بعَشَرة آلاف دِرْهَمٍ، وأمَرَ لابن أبي دُؤَاد بثلاثين ألفًا، فلمَّا رجَعْتُ إلى مَنْزِلي أَصَبْتُ في مَنْزِلي أرْبَعيْن ألفًا، فقُلتُ: ما هذا؟ فقيل: وَجَّهَ إليكَ أبو عَبْدِ الله بهذا.

(a) في الأصل: له.

_________

(1)

انظر الخبر والأبيات في كتاب أخبار القضاة لوكيع 3: 301.

(2)

لم ترد في ديوانه ولا في المستدرك عليه، وهي في أخبار القضاة لوكيع 3: 301، والبيت الثاني مما يُستشهد به، انظر: اليوسي: زهر الأكم 1: 254.

ص: 538

كَتَبَ إلينا أحْمَدُ بن الأزْهَر بن السَّبَّاك: أنَّ أبا بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي أخْبَرَهُم إذْنًا، عن الحَسَن بن عليّ الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عُمَر مُحَمَّد بن العبَّاس بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء بن حَيَّوْيَه الخَزَّاز، قال: حدَّثنا أبو بَكْر مُحمَّد بن القَاسِمِ الأنْبَاريّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن يَحْيَى النَّحويّ، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد بن إسْحاق بن إبْراهيم الموْصِلِيّ، قال: حَدَّثَني أبي، ح.

قال أبو بَكْر: وحدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَنَا أبو عكْرِمَة الضَّبِّيّ عَامِر بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن إبْراهيم المَوْصِلِيّ -واللَّفظ في الرِّوَايتَيْن مُخْتَلطٌ- قال: دَخَلْتُ على هَارُونَ الرَّشِيْد فقال: يا إسْحَاق، أنْشْدني شَيئًا من شِعْرك، فأنْشَدْتُه

(1)

: [من الطويل]

وآمِرَةٍ بالبُخْلِ قُلْتُ لها: اقصدي (a)

فذلكَ شَيءٌ ما إليهِ سَبِيْلُ

أرَى النَّاسَ خُلَّانَ الجَوَادِ ولا أرَى

بَخِيْلًا لَهُ في العَالَمين (b) خَلِيلُ

وإنِّي رَأيْتُ البُخْلَ يُزْرِي بأهْلِهِ

فأَكْرَمْتُ نَفْسِي أنْ يُقَالَ بَخِيْلُ

ومن خَيْر حَالَاتِ الفَتَى لو عَلمتهِ

إذا نَالَ شَيئًا (c) أنْ يكُونَ يُنِيْلُ

عَطَائي عَطَاءُ (d) المُكْثرين تَكَرُّمًا (e)

ومالي كما قد تَعْملينَ قَلِيْلُ

وكيفَ أخَافُ الفَقْرَأ وأُحْرَمُ الغِنَى

ورَأيُ أَمِير المُؤمِنِينَ جَمِيلُ

فقال: لا، كيفَ إنْ شَاءَ اللّهُ، يا فَضْلُ، أعْطه مائةَ ألف دِرْهَمٍ، ثمّ قال: للّه دَرُّ أبيات تَأْتينا بها يا إسْحاقُ؛ ما أجْوَدَ أُصُولَها، وأَحْسَن فُصُولها! فقُلتُ: يا أَمِيرَ المُؤمِنِين، كَلَامُكَ أحْسَنُ من شِعْري، فقال: يا فَضْلُ، أعْطِهِ مائةَ ألف أُخرى. قال إسْحاقُ: فكان ذلك أوَّلَ مالٍ اعْتَقَدْتُه.

(a) هكذا في الأصل بالدال، وكتب فوقها "صح"، ووردت بالراء "أقصري" في جميع المصادر التالية ومن بينها رواية ديوانه.

(b) الديوان: حتى الممات.

(c) الديوان: نال خيرًا.

(d) الديوان: فعالي فعال.

(e) الديوان: تجملًا.

_________

(1)

ديوان إسحاق الموصلي 163، وانظر الخبر والأبيات في: الجاحظ: المحاسن والأضداد 9، القالي: الأمالي 1: 31، الحماسة البصرية 2: 831 (أربعة منها)، الأغاني 5: 208، وفيات الأعيان 1: 203 - 204، نور القبس لليغموري 317 - 318، وتاريخ الإسلام 5:791.

ص: 539

وأخْبَرَنَا أبو هَاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد الفَرْغُوليِّ، فيما أجازَ لي مُشَافهةً، قال: حَدَّثَنَا أبو الفِتْيَان عُمَر بن عَبْد الكَريم بن سَعْدُوَيْه الحافِظ بدِهِسْتَان، قال: حَدَّثَني عليّ بن أحْمَد الأنْصَاريّ أبو الحَسَن الأنْدَلُسِيّ بَبيْت المَقْدِس، قال: أخْبَرَنِي أبو مُحَمَّد غَانِم بن وليد المَخْزُوميّ، قال: أخْبرَني أبو عُمَر يُوسُف بن عَبْد الله بن خَيْرُون السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَني أحْمَد بن أَبَان بن سَيِّد اللُّغَويّ، قال: أخْبرَني أبو عليّ إسْمَاعِيْل بن القَاسِم القَالِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن الأنْبارِيّ، قال: حَدَّثَنَا ثَعْلَب النَّحْوِيّ فذكر بإسْنَادِه مثْلَهُ.

أنْبَأنَا الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن الحُسَين النِّعَالِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَرَج الأصْبَهَانِيّ

(3)

، قال: ذَكَرَ أحْمَد بن أبي طَاهِرٍ

(4)

، عن عَبْد الله بن أبي سَعْدٍ أنَّ عَبْد الله بن سَعيد بن زُرَارَة حدَّثَهُ عن مُحَمَّد بن إبْراهيم اليَسَارِيّ (a)، قال: لمَّا قَدِمَ العَتَّابِيُّ مَدِينَة السَّلام على المَأْمُون، أُذِنَ له، فدَخَلَ عليه وعندَهُ إسْحاقُ المَوْصِلِيّ، وكان العَتَّابِيّ شَيْخًا جَلِيْلًا نَبِيْلًا، فسَلَّم، فرَدَّ عليهِ، وأدْنَاهُ وقَرَّبهُ حتَّى قَرُبَ منه فقَبَّل يَدَهُ، ثُمَّ أمَرَهُ بالجُلُوس فَجَلَس، وأقْبَلَ عليه يُسَائِلُهُ عن حَالِه، وهو يُجِيْبُه بلسَانٍ طَلْقٍ (b)، فاسْتَطْرَفَ (c) المَأْمُونُ ذلك منه، وأقْبَلَ عليه بالمُدَاعَبَةِ والمَزْح (d)، فظَنَّ الشَّيْخُ أنَّهُ اسْتَخَفَّ بهِ، فقال:

(a) هكذا في الأصل مجودًا ومثله في كتاب الأغاني، والذي في نشرتي ابن طيفور والخطيب البغدادي: السَّيَّاريّ، وفي تاريخ الطبري 8: 663: السياري والسباري، وفيه حكاية العَتَّابِيّ مع إسحاق الموصلي باختلاف يسير في بعض عباراته.

(b) الأغاني: ذلق طلق.

(c) هكذا في الأصل والطبري، وورد في كتاب بغداد لابن طيفور والأغاني وتاريخ بغداد: فاستظرف.

(d) تاريخ الطبري والأغاني: والمزاح.

_________

(1)

الأمالي 1: 31، وذكر إسنادًا أخر غيره: عن جحظة البرمكي عن حماد بن إسحاق.

(2)

تاريخ بغداد 14: 517 - 518، وانظر المسعودي: مروج الذهب 4: 309.

(3)

الأغاني 13: 76.

(4)

ابن طيفور: كتاب بغداد 217 - 218.

ص: 540

يا أَمِير المُؤمِنِين، الإيْنَاسُ قَبْلَ الإبْسَاسِ (a)، فاشْتَبَهَ على المَأْمُون قَوْلُه، فنَظَرَ إلى إسْحَاق مُسْتَفْهِمًا، فأوْمَأ إليهِ بعَيْنه وغَمَزَهُ على معناهُ حتَّى فَهِمَهُ، ثمّ قال: نَعَم، يا غُلَام ألف دِيْنارٍ، فأُتِيَ بذلك فوَضَعَهُ (b) بين يَدَي العَتَّابِيّ، وأخَذُوا في الحَدِيْث.

ثُمَّ غَمَزَ المَأْمُونُ إسْحاقَ بن إبْراهيم عليه، فجعَلَ العَتَّابِيُّ لا يأخُذُ في شيءٍ إلَّا عَارَضَهُ فيه إسْحاق، فبَقِيَ العَتَّابِيّ مُتَعجِّبًا. ثمّ قال: يا أَمِيرَ المُؤمِنِين، أتأْذَنُ لي في مَسْألَةِ هذا الشَّيْخ عن اسْمه؟ قال: نعم سَلْهُ، فقال لإسْحاق: يا شَيْخُ، مَنْ أنْتَ، وما اسْمُكَ؟ قال: أنا من النَّاسِ، واسْمي كُلْ بَصَلْ. فتَبَسَّم العَتَّابِيّ ثمّ قال: أمَّا النَّسَبُ فمَعْرُوفٌ (c)، وأمَّا الاسْم فمُنْكَرٌ، فقال له إسْحاق: ما أقَلّ إنْصَافُكَ، أتُنْكر أنْ يكون اسْمي كُلْ بَصَل واسْمك كُلْثُوم (d)، وما كُلْثُوم من الأسْماءِ؟ أوَلَيسَ البَصَلُ أطْيَبُ من الثُّوم؟! فقال له العَتَّابِيُّ: لله درُّك ما أحَجَّكَ! أتأذَنُ لي يا أَمِير المُؤمِنِين أنْ أصِلَهُ بما وَصَلْتَني به؟ فقال له المَأْمُون: بل ذلك مُوَفَّرٌ (e) عليك، ونأمُرُ له بمثْلِهِ. فقال له إسْحاقُ: أمّا إذْ أَقْررتَ بهذه فتَوَهَّمْني تَجِدْني. فقال له: ما أظُنُّكَ إلَّا إسْحَاق المَوْصِلِيّ الّذي يَتَناهَى إلينا (f) خَبَرُه، قال: أنا حَيْثُ ظَنَنْتَ، فأقْبَل عليه بالتَّحيَّةِ والسَّلَام. فقال المَأْمُون، وقد طالَ الحَدِيْثُ بينهما: أمَّا إذا اتَّفقْتُما على المَوَدَّة فانْصَرِفا (g)، فانْصَرَفَ العَتَّابِيّ إلى مَنْزِل إسْحَاق، فأقامَ عندَهُ.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبد المُعِزّ بن مُحَمَّد في كتابهِ، عن أبي القَاسمِ الشَّحَّامِيِّ، عن أبي القَاسِم البُنْدَار، قال: أنْبَأنَا أبو أحْمَد الفَرَضِيُّ، فال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال: حَدَّثَني الحُسَينِ بن يَحْيَى، قال: سَمِعْتُ جَعْفَر بن عليّ بن الرَّشِيْدِ يقول: لمَّا وَلي المتُوَكِّلُ الخِلَافَة، خرَجَ إليهِ إسْحاقُ بن إبْراهيم المَوْصِلِيّ من بَغْدَاد مُهَنِّئًا،

(a) ابن طيفور والطبري: الإبساس قبل الإيناس. وما ها هنا هو الصواب إلا أن يكون أراد التساؤل استهجانًا لتصرُّفه، والمثل معروف، الإبساس: مداراة الناقة والتطلف معها والرفق بها بقول: بس بس؛ لتدر عند الحلب. تاج العروس، مادة: بسس.

(b) ابن طيفور: فأتي بها فوضعت.

(c) ابن طيفور: أما النسبة فمعروفة.

(d) في كتاب بغداد وتاريخ الطبري والأغاني وتاريخ بغداد: كل ثوم، وعند ابن العديم موصولة.

(e) ابن طيفور: موفَّر.

(f) في الأصل: إليه، والمثبت باتفاق جميع المصادر التي أوردت الحكاية.

(g) كتاب بغداد وتاريخ الطبري والأغاني: فانصرفا متنادمين.

ص: 541

وكانَ قد ضَعُفَ وضعُفَ بَصَرُه، فلمَّا دَخَلَ عليه دعا له، واسْتَأذَنَهُ في الإنْشَادِ، فأذِنَ له فأنْشَدَ

(1)

: [من الكامل]

أشْجَاكَ من أسْمَاءَ رَسْمٌ دَارسُ

قَفْرٌ بمختَلفِ الرِّيَاحَ بسَابِسُ

فلمَّا بَلَغَ قَوْلَهُ:

يا خَيْر مَن وَرِثَ الرَّسُولَ ومَنْ بهِ

سَمَقَت فُرُوِع خِلَافَةٍ ومَغَارِسُ

أنْتَ ابنُ آباءٍ سَمَتْ بكَ منهُمُ

خُلَفَاءُ أرْبَعةُ وأنْتَ الخَامِسُ

وإِذا دُعيتَ إلى الجِنَان مُخَلَّدًا

مَعَ رُفْقَةِ الأبْرَار أنْتَ السَّادِسُ

إنَّ الخِلَافَة لا تكونُ لغَيرِكُمْ

أبَدًا وإنْ زعمَتْ لذاكَ مَعَاطِسُ

قال له المُتَوَكِّلِ: يا إسْحاقُ، ودِدْتُ أنِّي أشْتَري لكَ شَبَابًا وقُوَّةً بنِصْف مُلْكيّ، ثمّ سَأل عمَّا وَصَلَهُ به الوَاثِقُ حين خَرَج إليهِ، فأضْعَفَهُ له.

قال الصُّوْلِيّ: وأمَّا حَمَّادُ بن إسْحاقَ، فرَوَى أنَّ المُتَوَكِّل لمَّا وَلي الخِلَافَة كَتَبَ إليهِ إسْحاق

(2)

: [من الطويل]

لعَمْري لقَدْ زَان الخِلَافَةَ جَعْفَرٌ

فكانتْ لهُ الحقَّ الّذي ليسَ يُنْكَرُ

تَنَاهَتْ إليهِ فاسْتَقَرَّ قَرارُها

ونَامَ بهِ مَنْ كان للخَوْفِ يَسْهَرُ

وأصْبَحَ مَنْ في الأرْض بعدَ مَخَافة

وقد أمِنُوا ما كان يُخْشَى ويُحْذَرُ

تَلَألأ تاجُ المُلْك لمَّا لبسْتَهُ

وأصْبَحَ مُخْتالًا سَرِيرٌ ومِنْبَرُ

فوصَلَهُ وأمَرَهُ بالخُرُوج إليه.

أنْبَأنَا زَيْد بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر الحافِظ

(3)

، قال: أخْبَرَني عُبَيْدُ الله بن أحْمَد بن عُثْمان الصَّيْرَفِيّ

(1)

لم ترد الأبيات الخمسة في ديوانه.

(2)

لم ترد في ديوانه.

(3)

تاريخ بغداد 7: 362.

ص: 542

ومُحَمَّد بن أحْمَد بن شُعَيْب الرُّويَانِيّ، قالا: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن إبْراهيم بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا ابن دُرَيْد، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الأوَّل بن مُرَيْد (a)، عن أَبِيهِ، قال: ماتَ إسْحاقُ ابن إبْراهيم المَوْصِلِيّ سَنَة خَمْسٍ وثَلاثين ومَائتَيْن، وماتَ فيها إسْحاق بن إبْراهيم الطَّاهِريّ. قال: وأنْشَدَني في ذلك الوَقْت رَجُلٌ يُعْرَفُ بابن سَيَّابَة

(1)

: [من الوافر]

تَوَلَّى (b) المَوْصِلِيّ فقَدْ تَوَلَّتْ

بَشَاشَاتُ (c) المَعَازِف والقِيَان

وأيّ غَضَارة تَبْقَى فتَبْقَى

حَيَاةُ المَوْصِلِيّ على الزَّمَانِ

سَتَبْكِيْهِ المَعَازِفُ والمَلَاهِي

ويُسْعدهنَّ عاتِقَةُ (d) الدِّنَانِ

وتَبْكِيْهِ الغَوَايةُ (e) يَوْمَ وَلَّى

ولا تَبْكيهِ تَاليَةُ القُرْآنِ

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن هاشِم بن يَعْقُوب بن إبْراهيم بن عَمْرو بن هاشِم بن أحمد -ويُقال: ابنُ إبْراهِيم- ابن زَامِل، أبو يَعْقُوب النَّهْدِيُّ الأذْرَعِيُّ

(2)

من أهْلِ أَذْرِعات، رَحَلَ وسَمِعَ بالعَوَاصِم وحَلَب وغيرها من البِلاد، فسَمِعَ بحَلَب نَزِيْلَها أبا عَبْد الله أحْمَد بن عليّ بن سَهْل المَرْوَزيّ، وبأنْطَاكِيَة أبا عَمْرو

(a) ضبطه في الأصل بكسر الراء، والصواب فتحها كما في كتاب البغدادي، وهو من بني أنف الناقة.

(b) الوافي: توفي.

(c) الوافي: سياسات.

(d) المرآة والوافي: أغطية.

(e) تاريخ بغداد: الغَوِيَّة. مرآة الزمان: الغواني، الوافي بالوفيات: الغواني كل يوم.

_________

(1)

ثلاثة منها -باستثناء البيت الثاني- في مرآة الزمان 15: 26 والوافي بالوفيات 8: 393.

(2)

توفي سنة 344 هـ وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر 289 - 290، تاريخ ابن عساكر 8: 166 - 170، تاريخ الإسلام 7: 798 - 799، سير أعلام النبلاء 15: 478 - 479، العبر في خبر مَن غبر 1: 67 (وفيه الأوزاعي بدل الأذرعي)، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 145، الوافي بالوفيات 8: 398، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 230، شذرات الذهب 4: 235، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 430 - 431.

ص: 543

عُثْمان بن عَبْد الله بن خُرَّزَاد الأنْطَاكِيّ، وإبْراهيم بن إسْمَاعِيْل بن زُرَارَة البَالِسِيّ ببَالِس أو بغيرها.

رَوَى عنهُ أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن الحَسَن العَتَكِيّ الأنْطَاكِيّ.

وذَكَرَهُ الحَافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الشَّافِعيّ

(1)

، بما أخْبَرَنا بهِ أبو البَرَكاَت الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن الشَّافِعيّ، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم، قال: إسْحاق بن إبْراهيم بن هاشِم بن يَعْقُوبَ بن إبْراهيم بن عَمْرو بن هاشِم بن أحمد -ويُقال: ابن إبْراهيم- ابن زَامِل، أبو يَعْقُوبَ النَّهْدِيّ الأذْرَعِيّ من أهل أَذْرِعات، مَدِينَة بالبَلْقَاءِ، أحَد الثِّقَات، من عِبَاد الله الصَّالِحين.

رَحَلَ وحَدَّثَ عن يَحْيَى بن أَيُّوبَ بن بَادِي العَلَّاف، وأبي يَزِيد يُوسُفَ بن يَزِيد القَرَاطِيْسِيّ، ومِقْدَام بن دَاوُد، وأحمد بن حَمَّاد زُغْبَة، وأبي بَكْر أحْمَد بن عَبْدِ الخَالِق، وأَبي زُرْعَة، وأبي عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، وأبي عَبْدِ الله مُحَمَّد بن إبْراهيم بن زِيَاد، وأبي جَعْفَرِ مُحَمَّد بن الخَضِر، وأبي عَمْرو حَفْص بن عُمَر بن الصَّبَّاح، وأبي العبَّاس مُحَمَّد بن جوْشَن الرَّقِييْن، والحَسَن بن جَرِير الصُّوْرِيّ، وعُثْمان بن خُرَّزَاد، ومُوسَى بن عِيسَى بن المُنْذِر الحِمْصِيّ، وأبي عَمْرو أحْمَد بن الغَمْر بن أبي حَمَّاد الحِمْصِيّ، وأبي الأَصْبغَ مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز (a) القَرْقِسَانِيّ، وأبي عَبْد الله أحْمَد بن عليّ بن سَهْلٍ المَرْوَزيّ، وأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن جَعْفَر بن أحْمَد العَسْكَريّ بالرَّافِقَة، وأبي العبَّاس مُحَمَّد بن الحَسَن بن إسْمَاعِيْل بن عبد الصَّمَد الهاشِميّ الدِّمَشقيّ، ومُحَمَّد

(a) هكذا في الأصل، ومثله في تاريخ ابن عساكر (مصدر النقل)، ويرد فيما بعد بهذا الاسم وأحيانًا: عبد الرحمن، وهو ما سماه به ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 7: 319)، وورد في ميزان الاعتدال للذهبي 3: 110: "عبد العزيز" وفي بعض أصوله: "عبد الرحمن".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 166 - 168.

ص: 544

ابن جَعْفَر بن سُفْيان الرَّبَضِيّ (a)، وإبْراهيم بن إسْمَاعِيْل بن زُرَارَة البَالِسِيّ، وأبي الزِّنْبَاع رَوْح بن الفَرَج القَطَّان، وأبي عَبْد الله سَعيد بن يَحْيَى إمام الرَّقَّة، وأبي ذَرّ هَارُون بن سُلَيمان بن سُهَيْل المِصْرِيّ، وَأبي بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن نَافِع الأُطْرُوش المِصْرِيّ، وأبي عَبْد الله عَمْرو بن أبي الطَّاهِرِ أحْمَد بن عَمْرو بن السَّرْح، ووُرَيْزَة بن مُحَمَّد، ويَزِيْد بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد، وابنِه مُحَمَّد بن يَزِيد، وأحْمَد بن المُعَلَّى، وسُليْمان ابن أَيُّوبَ بن حَذْلَم، وأحمد بن إبْراهيم بن هِشَام، ومُحَمَّد بن هَارُون بن مُحَمَّد بن بَكَّار ابن بِلَال، وأحمد بن مُحَمَّد بن عُثْمان، ومُحَمَّد بن سَعيد الخُزَيْمِيّ.

رَوَى عنهُ أبو عليّ مُحَمَّد بن هَارُون بن شُعَيْب، وتَمَّام بن مُحَمَّد، وأبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، وأبو القَاسِم خَلَف بن مُحَمَّد بن القَاسِمِ بن عَبْد السَّلام بن مُحْرِز الدَّارَانِيّ، وأبو الحُسَين (b) عَبْدُ الله بن أحْمَد بن عَمْرو بن أحْمد بن مُعَاذ الدَّارَانِيّ، وأبو عَبْدِ اللهَ بن أبي كَامِل، وأبو الحُسَين بن جُمَيْع، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن عُبَيْد الله القَطَّان، وأبو القَاسِم بن طُغَان، وعَبد الوَهَّاب الكِلابِيّ، وأبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن الحَسَن العَتَكِيّ الأنْطَاكِيّ، وأبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن الحَسَن الكَرْجِيّ (c) نَزِيلُ بَيْت المَقْدِس، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر بن نَصْر، وأبو قَابُوس أحْمَد بن لَبِيْب، وأبو عَبْدِ الله بن مَنْدَة، وأبو الحُسَين الرَّازِيّ، وأبو الفَرَج عِمْران بن الحَسَن بن يُوسُف الخَفَّاف، وأبو العبَّاس أحْمَد ابن مُحَمَّد بن عليّ البَرْذَعِيّ، وعبد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الغَفَّار بن ذَكْوَان، وأبو الحَسَن عليّ ابن مُحَمَّد بن أحْمَد الرَّمْليّ، وعُبَيْدُ الله بن الحَسَن بن أحْمَد الوَرَّاق (d).

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الأنْصَاريّ بالمَسْجِد الجامع بدِمَشْقَ، قال: أخْبَرَنا الفَقِيه أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن

(a) هكذا في الأصل، وفي تاريخ ابن عساكر: الرافقي، وفي المعجم الصغير للطبراني 349: الرقي.

(b) في تاريخ ابن عساكر عند سرد مَن روى عنه: أبو الحسن، وفي ترجمة الداراني من التاريخ (27: 42): أبو الحسين.

(c) تاريخ ابن عساكر: الكرخي، وفي مواضع أخرى منه ما يوافق المثبت.

(d) تاريخ ابن عساكر: ابن الوراق.

ص: 545

طَلَّاب، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن جُمَيعْ الصَّيْدَاوِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيم الأذْرَعِيّ، قال: حدَّثنا مُحمَّد بن عليّ بن خَلَف، قال: حدَّثنا أحْمَد ابن عَبْدِ الله بن أبي الحَوَارِي، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر بن عَبَّاد، قال: حَدَّثَنَا مَنْصُور بن عَمَّار، قال: قال سُليْمان بن دَاوُد عليه السلام: إنَّ الغَالِبَ لهَوَاهُ أشَدّ من الّذي يَفْتح المَدِينَة وَحْدَهُ.

أنْبَأنَا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا الشَّيْخ أبو سَعْد مُحَمَّد بن مَنْصُور بن عبد الرَّحيم الحُرْضِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن إبْراهيم المُزَكِّي إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد ابن الحُسَين السُّلَمِيّ، قال: أبو يَعْقُوب الأذْرَعِيّ من أصْحَاب أبي عُبَيْد البُسْرِيّ.

أنْبَأنَا زَيْن الأُمَناء ابن عَسَاكِر، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبَوَا مُحَمَّد: هِبَةُ الله بن الأكْفانِيّ، وعَبْد الكَريم بن حَمْزَة، قالا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: حَدَّثَني أبو يَعْقُوبَ الأذْرَعِيّ، قال: خلَوْتُ في بعض الأوْقَاتِ فتفَكَّرْتُ وقُلتُ: لَيْتَ شِعْري إلى ما نَصِيْرُ؟ فسَمِعْتُ قَائلًا يقُول: إلى رَبٍّ كَريْم.

قال

(3)

: وكان أبو يَعْقُوب لا يكادُ تُفَارقُه قَارُورَةُ البَوْل لعلَّةٍ كانتْ بهِ، فَحدَّثَني أبو يَعْقُوبَ أنَّهُ دَفَعَها إلى -زادَ عَبْد الكَريم: بعض، وقالا:- مَنْ كان يَخْدمُه لغَسْلها، أو لإرَاقةِ ما فيها، فاحتاجَ إليها، ولم يَحْضُر مَنْ يُناوُلِه إيَّاها، فقال: أسأَلُ مَنْ حَضَر من إخوَانِنا المُسْلمِيْنَ من الجِنّ أنْ يُنَاوِلَنِيْها، فنُوِّلها.

(1)

ابن جميع الصيداوي: معجم الشيوخ 226 - 227.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 169.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 169.

ص: 546

قالا

(1)

: وحَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْد القَاهِر بن عَبْد العَزِيْز الصَّائِغ، المَعْرُوف بالصُّوْفيّ، قال: وسَمِعْتُ أبا يَعْقُوبَ الأذْرَعِيّ يقُول: سَألتُ الله أنْ يَقْبضَ بَصَري فعَمِيْتُ، فاسْتَضْرَرْتُ في الطَّهَارَةَ، فسَألتُه إعادتَهُ فأعادَهُ عليَّ تَفَضُّلًا منهُ.

قال زَيْن الأُمَناء: أخْبَرَنا أبو القَاسِم

(2)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن نَجَا ابن أحمد -وذَكَرَ أنَّهُ نقَلَهُ من خَطِّ أبىِ الحُسَين الرَّازِيّ في تَسْمِيَةِ منْ كَتَبَ عنهُ بدِمَشْق-: في الدّفْعَة الثَّانيَة: أبو يَعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم بن هاشِمِ الأذْرَعِيّ، وكانوا من أهْلِ أَذْرِعات، سَكَنَ دِمَشْقَ، وكانَ من أجلَّةِ أهْل دِمَشْقَ، وعُبَّادِها، وعُلمَائها، وأبو يَعْقُوب هذا ماتَ وأنا بدِمَشْقَ في سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين وثَلاثِمائة.

قال أبو القَاسِم: هذا وَهْمٌ. وقد أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: وَجَدْتُ في كتاب عُبَيْد بن أحْمَد بن فُطَيْس: تُوفِّي أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيم الأذْرَعِيّ يَوْم الأضْحَى سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين، وماتَ وهو ابن نَيف وتِسْعِين سنة.

قال الكَتَّانِيّ: حَدَّثَ عن يَحْيَى بن أَيُّوبَ بن بَاد (a) بن العَلَّاف. حَدَّثَنَا عنه عبدُ الرَّحْمن بن أبى نَصْر، وتَمَّام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، وغيرهما.

قال ابنُ الأكْفانِيّ: هو عُبَيْد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعيد بن عُبَيْدِ الله بن أبي مَرْيَم القُرَشِيّ، المَعْرُوفُ بابنِ فُطَيْس، وبَلَغَني أنَّ الّذي غَسَّلَهُ عُمَر بن البَرِّيّ، والّذي صَلَّى عليهِ إسْمَاعِيْل العَلَويّ.

(a) تاريخ ابن عساكر: بادي، وتقدم في أول الترجمة كذلك.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 169.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 169.

ص: 547

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم بن يَزِيد القُرَشِيُّ، مَوْلاهُم، أبو النَّضْر الدِّمَشقيّ الفَرَادِيْسِيُّ

(1)

مَوْلَى أُمّ الحَكَم بنت عَبْد العَزِيْز، ويقال: مَوْلَى أُمّ البَنِيْن بنت عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان، وقيل: مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز. ولعلَّ ولاءَهُ انْتَقَلَ إلى عُمَر رضي الله عنه من إحْدَى أُخْتَيهِ المَذْكُورتَين.

سَمِعَ بحَلَب عَطَاء بن مُسْلِم الخَفَّاف، وبالمِصِّيْصَة نَزِيلَها عُمَر بن المُغِيرَة البَصْرِيّ ثمّ المِصِّيْصيّ، المَعْرُوف بمُفْتِي المَسَاكِيْن.

ورَوَى عنهُ الحافظ أبو عَمْرو عُثْمان بن خُرَّزَاد، وأبو الحَسَن أحْمَد بن إبْراهيم بن فِيْل الأنْطَاكِيَّان.

وذَكَرَهُ الحَافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن في تاريخ دِمَشْق

(2)

، بما أخْبَرَنا بهِ ابنُ أخيهِ أبو البَرَكاَت الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نرويَهُ، وسَمِعْتُ منهُ بعضَهُ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمَعُ، قال: إسْحاق ابن إبْراهيم بن يَزِيد أبو النَّضْر القُرَشِيّ الفَرَادِيْسِيُّ، مَوْلَى أُمَّ الحَكَم بنت عَبْد العَزِيْز، ويُقالُ إنَّهُ مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز.

(1)

توفي سنة 227 هـ، وترجمته في: المعرفة والتاريخ 1: 208، 263، 611، 701، 2: 304، الثقات لابن حبان 8: 111، الجرح والتعديل 3: 208 - 209، الكامل لابن عدي 1: 332، تاريخ ابن عساكر 8: 170 - 175، معجم البلدان 4: 423 (فيمن ينتسب إلى الفراديس، ونسبه إلى جده: إسحاق ابن يزيد)، تهذيب الكمال 2: 389 - 391، تاريخ الإسلام 5: 529، الكاشف 1: 106 - 107، تهذيب التهذيب 1: 219 - 220، تقريب التهذيب 1: 55، شذرات الذهب 3: 122، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 431.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 170 - 171.

ص: 548

رَوَى عن سَعيد بن عَبْد العَزِيْز، وصَدَقَةَ بن خَالِدٍ، وأبي ضَمْرَة أنس بن عِيَاض اللَّيْثِيّ، ويَحْيَى بن حَمْزَة، ومُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور، ومُعاوِيَة بن يَحْيَى الأطْرَابُلُسِيّ، وعُمَر بن المُغِيرَة نَزِيلُ المصِّيْصَة، وسُليْمان بن عُتْبَةَ الغَسَّانِيّ، والحَسَن بن يَحْيَى الخُشَنِيّ، وعُمَر بن الدِّرَفْس الغَسَّانِيّ، وسَبْرَة بن عَبْد العَزِيْز بن الرَّبِيع بن سَبْرَة الجُهَنِيّ، وعَبْد العَزِيْز بن أبي حَازِم، ويَزِيْد بن رَبِيْعَةَ، وخَالِد بن يَزِيد بن صالح المُرِّيّ، ومُحَمَّد بن المُبارَك الصُّوْرِيّ، ورِشْدِين بن سَعْد، وسَعِيد بن الفَضْل بن ثَابِت البَصْرِيّ، وسَعيْد بن يَحْيَى اللَّخْمِيّ، وعَطَاء بن مُسْلِم الحَلَبِيّ، وإسْمَاعِيْل بن عَيَّاش، والحَكَم بن هِشَامٍ الثَّقَفِيّ.

رَوَى عنهُ البُخاريّ في صَحِيْحه، والحَسَن بن عليّ الحُلْوَانِيّ شَيْخُ مُسْلِم، وأبو دَاوُد السّجِسْتَانِيّ في سُنَنه، وخَلَفُ بن رَوْح بن أبي حُجَيْر الثَّقَفِيّ، وأبو عَبْد المَلِك البُسْرِيّ، وأبو حَاتِم الرَّازِيّ، ومُحَمَّد بن يَعْقُوبَ الدِّمَشقيُّ، ومُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن أبي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيّ، وعَبْد الحَميْد بن مَحْمُود بن خَالِد، وأحمد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حَمْزَة، وأبو زُرْعَة الدِّمَشقيّ، ومُحَمَّدُ بن عَوْف الحِمْصِيّ، ويَزِيْدُ بن مُحَمَّد، وأحمد بن إبْراهيم بن هِشَامٍ، وأبو شُرَحْبِيل عِيسَى بن خَالِد بن نَافِع، وأبو الحَسَن أحْمَدُ بن إبْراهيم بن فِيْل، وعَبْد الرَّحمن ابن عُثْمان بن هِشَام بن زَبْر، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن بن الأشْعَث، ومُوسَى بن سَهْل، وإسْحَاق بن سُوَيْد الرَّمْليَّان، وأحمد بن مُحَمَّد بن عَمَّار بن جُبَيْر (a) السُّلَمِيّ، وصالح بن عُثْمان بن عَامِر المُرِّيّ، ويَزِيْدُ بن أحْمَد السُّلَمِيّ، وأحمد بن مَنْصُور بن سَيَّار الرَّمَادِيّ، ومُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن عَمَّار المَوْصِلِيّ، وعُثْمانُ بن خُرَّزَاد الأنْطَاكِيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَدُ بن عَبْد الله بن عبد الصَّمَدِ السُّلَمِيّ، وأبو سَعْد ثَابِتُ ابن مُشَرَّف بن أبي سَعْد البَنَّاءُ، وأبو الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر بن رُوزْبَة الصُّوْفيّ البَغْدَاديُّون قالوا: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْدُ الأوَّل بن عِيسَى، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن

(a) تاريخ ابن عساكر: ابن نصير.

ص: 549

عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد الدَّاوُدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد الحَمُّوِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن يُوسُفَ بن مَطَر الفَرَبْرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد ابن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن يَزِيد، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن حَمْزَة، قال: حَدَّثَنَا الأوْزَاعِيّ، عن عَطَاء بن أبي رَبَاحٍ، قال: زُرْتُ عائِشَةَ رضي الله عنها مع عُبَيْد بن عُمَيْر، فسَألها عن الهِجْرَة، فقالت: لا هِجْرَة اليَوْم؛ كان حِزْب المُؤْمنِيْن يَفرُّ أحدُهُم بدِيْنه إلى اللهِ وإلى رَسُولهِ مَخَافَة أنْ يُفْتَتَن عليه، فأمَّا اليَوْم فقد أظْهَرَ اللهُ الإسْلَامَ، فالمُؤْمِنُ يَعْبُد رَبَّه حيثُ شَاءَ، ولكن جِهَادٌ ونِيَّةٌ.

أنْبَأنَا أبو الفَرَج مُحَمَّد (b) بن عليّ بن حَمْزَة بن القُبَّيْطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن ابن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْد الله بن عَدِيِّ

(1)

، قال: إسْحاق بن إبْراهيم أبو النَّضْر الدِّمَشقيِّ، مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز. حدَّثَنا مُحَمَّد بن هَارُون بن حَمْزَة (c)، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن ابن عليّ الحُلْوَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهِيم أبو النَّضْر الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أبي حَازِم، عن هِشَام بن عُرْوَة، عن أَبِيهِ، عن عائِشَة، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال

(2)

: إنَّما الأعْمَال بالخَوَاتِيْم.

قال ابنُ عَدِيّ

(3)

: وهذا الحَدِيْثُ من حَديث هِشَام بن عُرْوَة غير مَحْفُوظ، وأبو النَّضْر الدِّمَشقيّ هذا يُحَدِّثُ عن يَزِيد بن رَبِيْعَة، وهو أيضًا دِمَشْقيّ، عن أبي

(a) نسبة إلى جدّهم حَمُّوَيه لا إلى مدينة حماة.

(b) في الأصل: علي، وضرب عليه بالمثبت.

(c) ابن عدي: حميد.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 332.

(2)

صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 2: 52 (رقم 340). ورواه من حديث سهل بن سعد الساعدي: الطبراني في المعجم الكبير 6: 143 (رقم 5784)، والقضاعي: مسند الشهاب 2: 193 (رقم 1167)، والبغوي: شرح السنة 1: 149.

(3)

ابن عدي: الكامل 1: 332، ووقع سقط في نشرة كتاب الكامل، وفيه:"عن ثوبان بن عبد الجبار .. "

ص: 550

الأشْعَث الصَّنْعانِيّ وهو من صَنْعاء دِمَشْقَ، عن ثَوْبَان، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِقْدَار عشرين حَدِيثًا كُلُّها غيرُ مَحْفُوظة.

قال: حدَّثناهُ عليّ بن الحَسَن بن عَبْد الجَبَّار البَلَدِيّ، عن إسْحاق بن سَيَّار، عنهُ، ولأبي النَّضْر أحَادِيْثُ صَالِحةٌ، ولم أَرَ له أنْكر ممَّا ذَكرتهُ.

وفي غير رِوَايَة ابن الآبنُوسِيّ قال ابنُ عَدِيّ

(1)

: وتلك الأحَادِيْثُ أتَى الوَهْم فيها من يَزِيد بن رَبِيْعَة لا من أبي النَّضْر، لأنَّ يَزِيد مَشْهُور بالضَّعْف.

أخْبَرَنا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد إذْنًا، عن أبي القَاسِم الشُّرُوطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عَامِر بن خُرَيْم بن مُحَمَّد ابن مَرْوَان الدِّمَشقيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن إبْراهيم بن هِشَام بن مَلَاس، قال: حَدَّثَنَا أبو النَّضْر إسْحاق بن إبْراهيم بن يَزِيد، مَوْلَى أُمّ الحَكَم بنت عَبْد العَزِيْز، أُخْت عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بحَدِيثٍ ذَكَرَهُ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم القَاضِي، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن أبي نَصْر ابن مَاكُولا

(3)

، قال: وأمَّا نَضْر بفَتْح النُّون وسُكُون الضَّاد المُعْجَمة، أبو النَّضْر إسْحاق بن إبْراهيم بن يَزِيد القُرَشِيّ موْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، ويُقال: مَوْلَى أُمّ البَنِيْن أُخْت عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، سَمِعَ يَحْيَى بن حَمْزَة، ومُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور. رَوَى عنهُ إسْحاقُ بن سُوَيْد الرَّمْليّ، وأحمد بن مَنْصُور الرَّمَادِيّ.

(1)

لم يرد في كتاب الكامل.

(2)

لم أقف عليه في مؤلفات الخطيب، وهو في تاريخ ابن عساكر 8: 172 نقلًا عن الخطيب البغدادي.

(3)

الإكمال 7: 341، 346.

ص: 551

أنْبَأنَا زَيْن الأُمَناء ابن عَسَاكِر، قال: أخْبرَنا عَمِّي

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أَبو المَيْمُون بن رَاشِد، قال: أخْبَرَنا أبو زُرْعَة الدِّمَشقيّ

(2)

، قال: وحَدَّثَني أبو النَّضْر إسْحاق بن إبْراهيم، مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز -وكان أبو مُسْهِر يُوثِّقُه- قال: حَدَّثَنَا خَالِد (a) بن يَزِيد المُرِّيّ، عن إبْراهيم بن أبي عَبْلَةَ، قال: رأيْتُ عَبْدَ الله بن عُمَر يُوتر على راحلتهِ.

وقال: أخْبرَنا عَمِّي

(3)

، قال: أنْبَأنَا أبوِ الغَنائِم بن النَّرْسيِّ، ثمّ حَدَّثَنَا أبو الفَضْل ابن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، وأبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، وأبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، قالوا: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ -زادَ ابنُ خَيْرُون: وأبو الحُسَين (b) الأصْبَهَانِيّ- قالا: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم بن يَزِيد أبو النَّضْر، مَوْلَى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز القُرَشِيّ، سَمِعَ يَحْيَى بن حَمْزَة.

وقال: أخْبرَنا عَمِّي

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن العبَّاس، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَنْصُور بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلمِ بن الحَجَّاج

(5)

يقُول: أبو النَّضْر إسْحاق بن إبْراهيم ابن يَزِيد الأُمَوِيّ، سَمِعَ يَحْيَى بن حَمْزَة.

(a) في الأصل: بكار، والتصويب من تاريخ أبي زرعة وتاريخ ابن عساكر، وتقدم ذكره صحيحًا في أول الترجمة في تعداد مَن روى عنهم صاحب الترجمة.

(b) في الأصل: أبو الحسن، والمثبت من تاريخ ابن عساكر، وتكرر فيما مضى كثيرًا بهذه الكنية.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 173.

(2)

تاريخ أبي زرعة 1: 448.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 172.

(4)

تاريخ ابن عساكر 8: 172.

(5)

الكنى والأسماء للإمام مسلم 2: 842.

ص: 552

أخْبَرَنا ابن طَبَرْزَد إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيانَ

(1)

، قال: حَدَّثَني أبو النَّضْر الفَرَادِيْسِيّ، قال: وُلدْتُ سَنَة إحْدَى وأرْبَعين ومائة. ومات بعد أخْذ المُبَرْقَع، وأُخِذَ المُبَرْقَع بعدَ مَوْت أبي إسْحاق أَمِير المُؤمِنِين.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أبَو المَيْمُون بن رَاشِد، قال: أخْبَرَنا أبو زُرْعَة الدِّمَشقيّ

(3)

، قال: حَدَّثَني أبو النَّضْر إسْحاق بن إبْراهيم الدِّمَشقيُّ، قال: وُلِدْتُ سَنَة إحْدَى وأرْبَعين ومائة.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم القَاضِي إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم الفَقِيه، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أبو المَيْمُون بن رَاشِد، قال: أخْبَرَنا أبو زُرْعَةَ

(4)

، قال: حَدَّثَنَا أبو النَّضْر إسْحاق بن إبْراهيم، وكان من الثِّقَات البَكَّائين.

قال أبو القَاسِم

(5)

: أنَبْأنَا أبو الفَضْل مُحَمَّدُ بن نَاصِر، عن أبي الفَضْل بن الحَكَّاكِ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائِليِّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَائيُّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أبو النَّضْر إسْحاق بن إبْراهيم بن يَزِيد دِمَشْقيٌّ لَيْسَ بهِ بَأَسٌ.

(1)

المعرفة والتاريخ 1: 208.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 173.

(3)

تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1: 283.

(4)

لم أقف عليه في تاريخه.

(5)

تاريخ ابن عساكر 8: 172 - 173.

ص: 553

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الخَلَّال (a) شفَاهًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله إجَازَةً، ح.

قال: وأخْبَرَنا ابن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي حَاتِم

(2)

، قال: أخْبَرَنا مُوسَىِ بن سَهْل الرَّمْليّ فيما كَتَبَ إليَّ، قال: سَألْتُ أبا مُسْهِر عن إسْحاق بن إبْراهيم الدِّمشقيّ فقال: ثِقَةٌ.

قال عبْدُ الرَّحْمن

(3)

: وسَمِعْتُ أبا زُرْعَة -يعني الرَّازِيّ- يقُول: أدْرَكْناهُ وما كَتَبْتُ عنه شَيئًا.

قال: وسُئِلَ أبي -يعني أبا حَاتِم- عن إسْحاق بن إبْراهيم الدِّمَشقيّ، فقال: كَتَبْتُ عنه وهو ثِقَةٌ.

قال عبدُ الرَّحْمن: وبَلَغَني عن إسْحاق بن سَيَّار النَّصِيْبِيّ أنَّهُ قال: أبو النَّضْر إسْحاقُ بن إبْراهيم ثِقَةٌ من الثِّقَات.

قال

(4)

: أخْبرَنا عَمِّيِ أبو القَاسِمِ

(5)

، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحُسَينُ بن مُحَمَّد البَلْخِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو منْصُور مُحَمَّد بن الحُسَين بن عَبْد الله البَزَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَد بن مُحَمَّد بن غَالِب البَرْقَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ يقُولُ: إسْحاق بن إبْراهيم أبو النَّضْر الدِّمَشقيُّ ثِقَةٌ يُحَدِّثُ عنهُ فَهْدُ بن سُلَيمان.

(a) في الأصل: "ابن الخلال"، وطمس "ابن".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 174.

(2)

الجرح والتعديل 2: 208.

(3)

الجرح والتعديل 2: 208.

(4)

هذا القول متصل بما أخذه ابن العديم من أبي الفضل أحمد بن محمد بن الحسن من عمه المؤرخ ابن عساكر، ولا يتصل بالنص قبله المأخوذ من عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل.

(5)

تاريخ ابن عساكر 8: 175.

ص: 554

قال أبو بَكْر البَرْقَانِيّ: الّذي فىِ التَّعْلِيق عندنا إسْحاق بن يَزِيد أبو النَّضْر الدِّمَشقيُّ -وهذا من البَرْقَانِيّ كأنَّهُ أخْذٌ على الدَّارَقُطْنِيّ، ولم يهمِ الدَّارَقُطْنِيّ- هو إسْحاق بن إبْراهيم بن يَزِيد، نُسِبَ في التَّعْلِيق إلى جَدِّه. فالوَهْمُ من البَرْقَانِيّ لا من الدَّارَقُطْنِيّ.

قُلتُ: وقد رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله البُخاريّ في غير مَوضِع من صَحِيْحه فنَسَبَهُ إلى جَدِّه يَزِيد كما أوْرَدناهُ في الحَدِيْث الّذي سُقْناهُ، وذَكَرهُ في التَّاريخ

(1)

فنَسَبَهُ إلى أبيهِ، ونَسَب أباهُ إلى يَزِيد جَدّه كما ذَكَرناه أيضًا.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الفَسَوِيّ، قال: وماتَ -يعني أبا النَّضْر- بعد أخْذ المُبَرْقَع، وأُخِذَ المُبَرْقَع بعدَ مَوْت أبي إسْحاق أَمِير المُؤمِنِين. وفي سَنَة سَبْعٍ وعِشْرين ومَائتَيْن تُوفِّي أبو إسْحاق في شَهْر رَبِيع الأوَّل.

كَتَبَ إلينا عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ أنَّ عَبْد الكَريم بن حَمْزَة أخْبَرَهُم عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَني أبي أبو الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مَلَاس، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن ابن مُحَمَّد بن بَكَّار، قال: وتُوفِّيَ أبو النَّضْر إسْحاقُ بن إبْراهيم القُرَشِيّ في سَنَةِ سَبْعٍ وعشرين ومَائتَيْن.

(1)

التاريخ الكبير 1: 379.

ص: 555

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم الحُنَيْنِيُّ، أبو يَعْقُوب

(1)

نَزِيلُ طَرَسُوس، رَوَى عن مَالِك بن أنس، وهِشَام بن سَعْد القُرَشِيّ، وكَثِيْر ابن عَبْد الله بن عَمْرو بن عَوْف.

رَوَى عنهُ يُوسُفُ بن سَعيد المِصِّيْصيّ، ومُحَمَّدُ بنُ عَوْف الطَّائيّ، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي الحُسَين السِّمْنَانِيّ، وعليّ بن مَنْصُور العَطَّار.

أخْبَرَنا أبو هاشِم بن الفَضْل الحَلَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّنْجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن حُمَيْد الدُّونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الكَسَّار، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن السُّنِّيّ، قال: أخْبرَني أبو عَرُوبَة، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن مَنْصُور العَطَّار، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم الحُنَيْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا كَثِيْر بن عَبْد الله بن عَمْرو بن عَوْف، عن أَبِيهِ، عنِ جَدِّه، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

: إنَّ هذا الدِّين بَدَأغَرِيْبًا وسيَعُود غريبًا كما بدَأ، فطُوْبَى للغُرَبَاء، قيل: يا رسُول اللهِ، ومَنْ الغُرَبَاءُ؟ قال: الّذين يُحْيُونَ سُنَّتِي بَعْدِي ويُعَلِّمُونها النَّاسَ.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن قُشَام، فيما أَذِنَ لنا في روَايتَه عنْهُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو العَلَاءِ الحَسَنُ بن أحْمَد العَطَّار، إجَازَةً كَتَبَ إليَّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو

(1)

توفي سنة 216 هـ، ترجمته في: التاريخ الكبير للبخاري 1: 379، الجرح والتعديل 2: 208، الكامل لابن عدي 1: 334 - 335، تهذيب الكمال 3: 396 - 398، تاريخ الإسلام 5: 271 - 272، الكاشف 1: 107، تهذيب التهذيب 1: 222 - 221، تقريب التهذيب 1:55.

(2)

الترمذي: الجامع الكبير 4: 372 (رقم 2630)، القضاعي: مسند الشهاب 2: 138 (رقم 1053 - 1053)، المتقي الهندي: كنز العمال 3: 883 (رقم 9025)، وعندهم جميعًا:"إن هذا الإسلام". ورواه مسلم في صحيحه 1: 130 (رقم 232)، من طريق أبي حازم عن أبي هريرة، وابن حماد المروزي: الفتن 189 (رقم 507)، عن مجاهد، والطبراني: المعجم الكبير 6: 256 (رقم 6147)، عن أبي عثمان عن سلمان، ومسند أبي يعلى الموصلي 8: 388 (رقم 4975)، والبغوي: شرح السنة 1: 118، عن أبي الأحوص عن عبد الله، وابن أبي شيبة: المصنف 7: 104 (رقم 34355 - 34358)، وسنن ابن ماجه 1320 (رقم 3986 - 3988)، من طرق مختلفة.

ص: 556

جَعْفَر مُحَمَّدُ بن الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد، قال: أخبَرَنا أبو بَكْرٍ أحْمَدُ بن عليّ بن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحمَّد بن إسْحاق الحاكُم في كتاب الأسَامِي والكُنَى

(1)

، قال: أبو يَعْقوبَ إسْحاقُ بن إبْراهيم الحُنَيْنِيّ، سَكَنَ طَرَسُوس، يَرْوي عن أبي عَبْد الله مَالِك بن أنَس الأَصْبَحِيّ، وأبي عَبَّادٍ هِشَام بن سَعْد القُرَشِيّ، في حَدِيثِهِ بعضُ المَنَاكيْر، روَى عنهُ أبو يَعْقُوبَ يوسُفُ بن سَعيد بن مُسَلَّم المِصِّيْصيّ، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَوْف بن سُفْيان الطَّائيّ.

قال الحاكِمُ: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سُلَيمانَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسمَاعِيْل، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم الحُنَيْنِيّ في حَدِيثهِ نَظَرٌ، هو في الأصْل صَدُوقٌ إلَّا أنَّهُ يأتي بعَجَائِب.

أنْبَأنَا أبو الفَرَج بن القُبَّيْطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْدُ الله بنُ عَدِيّ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا الجُنَيْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا البُخاريُّ

(3)

، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيمَ الحُنَيْنِيّ، سَكَنَ نَاحِيَةَ طَرَسُوسَ.

قال ابنُ عَدِيّ

(4)

: سَمِعتُ ابنَ حَمَّادٍ يقُول: قال البُخاريُّ

(5)

: إسْحاقُ بنُ إبْراهيم الحُنَيْنِيُّ عن مالك وهِشَام بن سَعْدٍ، في حَدِيثِهِ نَظَرٌ.

قال ابنُ عَدِيّ

(6)

: والحُنَيْنِيُّ مع ضَعْفهِ يُكْتَب حَدِيثُه.

(1)

لم يرد في المطبوع من كتاب الأسامي والكنى للحاكم.

(2)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 334.

(3)

تاريخ البخاري الكبير 1: 379، وفيه:"سكن طرسوس"؛ لا ناحيتها، والمثبت كما في الكامل لابن عدي.

(4)

ابن عدي: الكامل 1: 334.

(5)

تاريخ البخاري الكبير 1: 379.

(6)

ابن عدي: الكامل 1: 335.

ص: 557

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيُّ

حَدَّثَ عن عبدِ الرَّحْمن بن مُسَافِر. رَوَى عنهُ أحْمَد بنُ حَمْزَة بن هَارُون.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر إذْنًا، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل (a) جَعْفَرُ بن يَحْيَى الحَكَّاكُ المَكِّيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر عُبَيْد الله بن سَعيد الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عليّ بن أحْمَد الجَبَليُّ -وكان صَالِحًا- قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العزِيْز بن مُحَمَّد بن أحْمَد الوَرَّاقُ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أحْمَد ابن رُشَيْد، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن حَمْزَة بن هَارُون البَصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ ابن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُسَافِر، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بنُ عبد الصَّمَد الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو دَاوُد، عن سُفْيان الثَّورِيّ، قال: أنْبَأني مَعْمَر، عن هِلال الوَزَّان، عن يَزِيد بن حَيَّان، عن مُعَاذ بن جَبَل، قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

: يا مُعَاذُ، العَرْشُ والكُرْسِيّ وحَمَلَتُهما، والسَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وسُكَّانُها، والأرَضُونَ السَّبْع وسُكَّانُها إلى الدَّرك الأسْفَل، إلى الماءِ الأسْوَد، إلى الرّيح الهَفَّافَة ما تَنَاهَتْ به الحُدُودُ المُتَنَاهِيَةُ، كُلُّ ذلك مَخْلُوق ما خَلَا القُرْآن فإنَّهُ كَلَام الله عز وجل.

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيُّ

إنْ لم يَكُن الأوَّل فهو غيره، حَدَّثَ عن وَهْب بن مُحَمَّد البُنَانِيّ، رَوَى عنهُ أُسامَةُ بن أحْمَد التُّجِيْبِيّ.

أخْبَرَنا عَبْد الجَلِيْل بن أبي غَالِب إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أَخْبَرَنا أبي أبو عَبْدِ الله بن مَنْدَة، قال: إسْحاق

(a) في الأصل: المفضل، وتقدم التعليق عليه.

_________

(1)

السيوطي: اللآلى المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1: 7 - 8.

ص: 558

ابن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ مَجْهُولُ، حَدَّثَ عن وَهْب بن مُحَمَّد البُنَانِيّ، رَوَى عنهُ أُسامَةُ بن أحْمَد التُّجِيْبِيّ.

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم، أبو يَعْقُوبَ الفَرْغَانيُّ المَعْرُوف بجَيْش

(1)

سَمِعَ مُحَمَّد بن آدَم المِصِّيْصيّ، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن سَلَّام الطَّرَسُوسِيّ، وحَدَّثَ عنهُما. رَوَى عنهُ أبو القَاسِم عليّ بن يَعْقُوبَ بن أبي العَقَبِ الهَمْدَانِيّ الدِّمَشقيّ، وأبو الحَارِث أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَارَة اللَّيْثِيّ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد بن الحَرَسْتَانِيّ، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، وسَمِعْتُ منهُ غيره بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَارِث أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الخَطَّاب اللَّيْثِيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم -يُعْرَفُ بجَيْش الفَرْغَانيّ- قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن سَلَّام، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن يَحْيَى بن عُبَيْد الله (a) أبو عليّ التَّيْمِيّ، قال: حَدَّثَنَا فِطْر (b) بن خَلِيفَة، عن أبي الطُّفَيْل، عن عليّ

(2)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: ما انتعَل أحدٌ قَطُّ ولا تخفَّف (c)، ولا لبسَ ثَوْبًا ليَغْدُو في طَلَب عِلْمٍ يتعلّمه إلَّا غَفَرَ اللّهُ له حيثُ يَخْطُو عند بابِ بَيْتِهِ.

(a) في الأصل: عبد الله، وتصويبه من: ابن عساكر 8: 181، الكامل لابن عدي 1: 297، لسان الميزان 1: 441، وكنز العمال 10:264.

(b) تاريخ ابن عساكر: مطر، محرف.

(c) ابن عساكر: ولا خصف.

_________

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 8: 181 - 182، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 433.

(2)

الكامل لابن عدي 1: 302، المتقي الهندي: كنز العمال 10: 264 (رقم 29392).

ص: 559

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: إسْحاق بن إبْراهيم أبو يَعْقُوبَ الفَرْغَانيّ، المَعْرُوف بجَيْش، حَدَّثَ بدِمَشْقَ في سَنَة تِسْعٍ وثَمانِيْن ومَائتَيْن عن مُحَمَّد بن آدَم المِصِّيْصيّ، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن سَلَّام الطَّرَسُوسِيّ.

رَوَى عنهُ أبو القَاسِم بن أبي العَقَبِ، وأبو الحَارِث أحْمَد بن مُحَمَّد بن عُمَارَة الدِّمَشقيَّان.

قال أبو القَاسِم الحافِظ

(2)

: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم أبو يَعْقُوبَ الفَرْغَانيّ، ويُعْرَفُ بجَيْش، حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن آدَم المِصِّيْصيّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم بن أبي العَقَب الدِّمَشقيّ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن أبي نَصْر بن مَاكُولا

(4)

، قال: وأمَّا جَيْش، أوَّلُه جيْم مَفْتُوحَةٌ وبعْدَها ياء سَاكنَةٌ مُعْجَمةٌ باثْنَتَيْن من تَحْتها، فهو أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيم الفَرْغَانيُّ يُعْرَفُ بجَيْش، رَوَى عن مُحَمَّد بن آدَم المِصِّيْصيّ، رَوَى عنهُ أبو القَاسِم عليّ بن يَعْقُوب ابن أبي العَقَب الهَمْدانِيّ.

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 181.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 181 - 182.

(3)

لم أقف عليه في تاريخ بغداد.

(4)

الإكمال 2: 355.

ص: 560

‌إسْحَاقُ بن إبْراهيم الحَلَبِيُّ

رَجُلُ من أهْل حَلَب، حَكَى عن بعض العبَّاسيِّيْن كَلَامًا لإبْراهيم بن المَهْدِيّ كَتَبَ بهِ إلى المَأْمُون، رَوَاهُ عنه أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن جَرِير الطَّبَريّ.

قَرَأتُ في كتاب الشُّذُور

(1)

تأليف أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن جَرِير الطَّبَريّ، قال: حَدَّثَني إسْحاقُ بن إبْراهيم الحَلَبِيُّ عن بَعْض بني العبَّاس، قال: كَتَبَ إبْراهيمُ بنُ شَكْلَة إلى المَأْمُون بعقب سخطهِ: لم تقدِّم نعْمَتك يا أَمِير المُؤمِنِينَ فيَنْساها شُكْري، ولم يَرثّ حَالي في ظلِّكَ فيُشْكل عليَّ التَّقَرُّبَ منكَ، فبِمَ اسْتَحِقُّ يا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ مُعَارَضَةَ المَكْرُوه، وما الّذي صَحَّ منهُ وقد تَفَيَّأتُ بنِعْمَتكَ في ظلِّ شُكْرٍ يفي ببَعْضِها قَوْلًا وعَمَلًا.

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم الحَلَبِيُّ

شَاعِرٌ ذَكَرَهُ أبو عُبَيْدِ الله مُحَمَّد بن عِمْران بن مُوسَى المَرْزُبانيّ في كتاب مُعْجَم الشُّعَراءِ

(2)

، فقال في ذِكْرهِ: إسْحاق بن إبْراهيم الحَلَبِيّ الشَّاعر، مُعْتَمدِيُّ ضَعِيْفُ الشِّعْر.

(1)

ذكره حاجي خليفة ولم يزد فيه على عنوانه واسم مؤلفه. كشف الظنون 3: 1429.

(2)

في الجزء الأول الضائع من معجم الشعراء.

ص: 561

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم المَعْرُوف بابنِ الجَمَّالِ

عَابِدٌ كان يَنْزلُ جَبَل اللُّكَام، حَكَى عنه عَبْد الله بن مُحَمَّد الرَّيْحَانِيّ.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر عبدُ الرَّحيمِ بن عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ في كتابِه، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّد بن مَنْصُور بن عبد الرَّحيم الحُرضِيّ، قال: أخبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن إبْراهيم المُزَكِّي إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن مُحَمَّد بن الحُسَين السُّلمِيّ

(1)

، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم المَعْرُوف بابنِ الجَمَّال من قُدَمَاء مَشَايخهم -يعني الصُّوْفيّة- له آياتٌ وكَرَامَاتٌ، وكان يَنْزلُ جَبَل لُكَام.

قال السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ مَنْصُورَ بن عَبْدِ الله الأصْبَهَانِيّ يقول: سَمِعْتُ عَبْد الله ابن مُحَمَّد الرَّيْحَانِيّ يقول: دَخَلْتُ لُكَام فغَلطْتُ الطَّريقَ، فوقَعْتُ على شَيْخ مُتَّزر بجِلْدٍ مُتَّشِح بمسْحٍ، فقال: الله أكبرُ! جِنِّيُّ أم إنْسِيّ؟ قُلتُ: بل إنْسِيّ، قال: ضَللْتَ الطَّريق؟ قُلتُ: نعم، قال: فعلَّمني كُلَيْمات ودَفعَ إليَّ عَصًا، فقال: خُذ هذا العَصَا فإنَّهُ يَدُلُّكَ على الطَّريق، فإذا بلغْتَ مرَادَكَ فأَلْقِ العَصَا. فمشَيْتُ قَليلًا فإذا أنا على بابِ أنْطَاكِيَة، فألقَيْتُ العَصَا، فلا أدري كيفَ كان ذلك، فشَاهَدَ قَوْمٌ سَفَري فقالوا لي: من أينَ؟ قُلتُ: من اللُّكَام، ضَللْتُ الطَّريقَ، فوقَعْتُ على شَيْخ فدَلَّني وعلَّمني كُلَيْمات، وقال لي: منذُ ثلاثين سَنَةً ما رأيْتُ إنْسِيًّا، قالوا: نعم،

(1)

لم أقف على هذه الرواية ولا التي تليها في كتابه طبقات الصوفية، ولعلها من كتابه المفقود: تاريخ الصوفية.

ص: 562

كان هَا هُنا أخوَان يَقْطَعان الطَّريقَ فوَقَعا (a) على هذا الشَّيْخ، فدعا لهم فتَابُوا، فليسَ اليَوْم في هذه النّواحِي أصْلَح منهم، وهذا الشَّيْخُ هو إسْحاق بن إبْراهيم الجَمَّال.

‌إسْحاقُ بن إبْراهيم، أبو يَعْقُوبَ الشَّهْرَزُورِيُّ

رَجُلٌ من الصَّالِحين، كان مُرَابِطًا بثَغْر طَرَسُوس مُلَازمًا للمَسْجِد الجَامِع بها.

قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ في كتَاب سِيَر الثُّغُور، في ذِكْر المَسْجِد الجامع بطَرَسُوسَ، قال: وفي هذا المَسْجِد أقْوَامٌ مَعْرُوفونَ رَاتِبُون، لا يُقْرأ عليهم، مُتَوَجِّهونَ إلى القِبْلَة يُصَلُّون نافِلَةً نَهارَهُم أجْمَع إلَّا في الأوْقَاتِ المَنْهيّ عن الصَّلاة فيها، لا يَشْغَلُهُمِ عن ذلك إلَّا النِّدَاءُ بالنَّفِيْر، أو الغَزْو، أو تَجْدِيدٍ، أو تَشْييع جنَازَةِ مَنْ يَموتُ من الصَّالحين، أو عِيَادةُ مَرِيْض من المُجَاهِدين، منهم أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيم الشَّهرَزُورِيّ؛ ما زال لَازمًا للجَانِب الغَرْبيّ من مِنْبَر طَرَسُوس عِشْرين سَنَةً لا يُفارقُه، إذا أخَذَ المُؤذِّنُونَ في أذَان صَلَاةِ الظُّهْر خَتَم القُرْآن قائمًا مُصَلِّيًا، أو كاد يَخْتِم، ثمّ يُصَلِّي من الظُّهْر إلى العَصْر كذلك، هذا دَأْبُهُ إلى أنْ ماتَ رحمه الله.

(a) في الأصل: "أخوين يقطعون الطريق فوقعوا"، وكتب فوقها "صـ"، كتبه ابن العديم كما وجده في أصل كتاب السلمي.

ص: 563

‌إسْحَاقُ بن إبْراهيم الرَّافِقِيُّ

(1)

كان في صُحْبَةِ عَبْد الله بن طَاهِر بن الحُسَين حينَ تَوَجَّه عَبْدُ الله وَاليًا على مِصْر من قِبَل المَأْمُون، واجْتازَ معه بحَلَب في طَريقه، وكان عَبْد الله يأْنَسُ به، له ذِكْرٌ.

أنْبَأنَا أبو الوَحْش عبد الرَّحْمن بن أبي مَنْصُور بن نَسِيم، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم علىِّ بن الحَسَن، قال: قَرَأتُ على أبي الوَفَاء حِفَاظ بن الحَسَن بن الحُسَين الغَسَّانِيّ، عن عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب المَيْدانيّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو سُليْمان بن زَبْر، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن جَرِير الطَّبَريّ

(2)

، قال: ذَكَرَ أحْمَدُ بن حَفْص بن عُمَر، عن أبي السَّمْرَاءَ، قال: خَرَجْنا مع الأَمِير عَبْدِ الله بن طَاهِر مُتَوَجِّهين إلى مِصْر، حتَّى إذا كُنَّا بين الرَّمْلَةِ ودِمَشْق، إذا نحنُ بأعْرَابيٍّ قد اعْتَرَضَ، فإذا شيخٌ فيه بَقِيَّةٌ على بَعِيرٍ له أوْرَقٌ، فسَلَّم علينا فرَدَدْنَا عليه السلام.

قال أبو السَّمْرَاء: وأنا وإسْحَاقُ بنُ إبْراهيمَ الرَّافِقِيُّ، وإسْحَاق بنُ أبي رِبْعِيّ، ونحنُ نُسَايرُ الأَمِيرَ، وكُنَّا يَوْمئذٍ أفْرَهَ من الأَمِير دَوَابًّا، وأجْوَدَ منهُ كُسًا.

قال: فجَعَل الأعْرَابِيُّ ينْظُرُ في وُجُوهِنا، قال: فقُلتُ: يا شَيْخُ، قد ألْحَحْتَ في النَّظَر! أعَرَفْتَ منَّا أمْرًا أنْكَرْتَهُ؟ قال: والله (b) ماعرفتُكم قبلَ يَوْمي هذا،

(a) كرر في الأصل قوله: "قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني"، وضرب عليه.

(b) الطبري وابن طيفور: لا والله.

_________

(1)

كان حيًا سنة 210 هـ، وترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 108 - 109، تاريخ الطبري 8: 611 - 612، ابن الأثير: الكامل 6: 397، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 432 - 433.

(2)

تاريخ الطبري 8: 611 - 612، وانظر الحكاية في كتاب بغداد لابن طيفور 108 - 109، والكامل لابن الأثير 6: 397 - 398.

ص: 564

ولا أنْكَرتُكُم لسُوءٍ أرَاهُ بكم (a)، ولكنِّي رَجُلٌ حَسَنُ الفِرَاسَةِ في النَّاسِ، جَيِّدُ المَعْرفَة بهم.

قال: فأشَرْتُ له إلى إسْحاقَ بن أبي رِبْعِيّ، فقُلتُ: ما تقُول في هذا؟ فقال: [من الطويل]

أرَى كاتبًا زَهْوُ (b) الكتابةِ بَيّنٌ

عليهِ وتَأدِيْبُ العِرَاق مُنِيْرُ

لهُ حَرَكَاتٌ قد تَشَاهَدْنَ (c) أنَّهُ

عَليمٌ بتَقْسيْطِ الخَرَاج بَصِيْرُ

قال: ونَظَر إلى إسْحاق بن إبْراهيم الرَّافِقِيّ، فقال:

ومظْهر نُسْكٍ ما عليه ضَمِيْرُهُ

يُحِبُّ الهَدَايا، بالرِّجال مَكُورُ

إخَالُ به جُبْنًا وبُخْلًا وشِيْمَةً

تُخَبِّرُ عنهُ أنَّهُ لوَزِيرُ

ثُمَّ نظَرَ إليَّ وأنْشَأ يقُول:

وهذا نَدِيْمٌ للأَمِيْر ومُؤْنِسٌ

يكُونُ له بالقُرْبِ منهُ سُرُورُ

إخَالُكَ (d) للأشْعَارِ والعِلْمِ رَاوِيًا

فبَعْضٌ نَدِيْمٌ مرَّةً وسَمِيرُ

ثُمَّ نَظَر إلى الأَمِير فأنْشَأَ يَقُول:

وهذا الأَمِيرُ المُرْتَجى سَيْبُ كَفِّهِ

فما إن له فيمَنْ رَأَيْتُ نَظِيرُ

عليهِ ردَاءٌ من جَمَالٍ وهَيْبَةٍ

ووَجْهٌ بإدْرَاكِ النَّجَاحِ بَشِيرُ

لقد عُصِمَ الإسْلَامُ منهُ بذي يَدٍ (e)

بها عَاشَ مَعْرُوفٌ وغَابَ (f) نَكيرُ

ألا إنَّما عَبْدُ الإلهِ بنُ طَاهِر

لنا وَالِدٌ بَرٌّ بنا، وأَمِيْرُ

(a) الطبري: فيكم.

(b) الطبري وابن طيفور: داهي.

(c) الطبري وابن طيفور: يُشاهِدن.

(d) الطبري وابن طيفور: إخاله.

(e) الطبري: بدَابدٍ، ابن طيفور: ندى يد.

(f) الطبري وابن طيفور: ومات.

ص: 565

قال: فوَقَع ذلك من عَبْدِ الله أحْسَنَ مَوْقعٍ، وأعْجَبَهُ ما قال الشَّيْخُ، فأمَرَ له بخَمْسمائة دِيْنارٍ، وأمَرَهُ أنْ يَصْحَبَهُ.

‌إسْحَاقُ بن أحْمَد بن إسْحاق، أبو يَعْقُوبَ الزَّيَّاتُ الحَلَبِيُّ المُعَدَّلُ

حَدَّثَ بحَلَب عن مُحَمَّد بن عَبْد الله أبي عَمْرو السُّوْسِيّ، وصالح بن عليّ النَّوْفَلِيّ النَّاطِلِيّ

(1)

الحَلَبِيَّيْن، وأبي عِمْران مُوسَى بن نَصْر بن سَلَّام القَنْطَريّ، وأبي دَاوُد سُليْمان بن سَيْف الحَرَّانيّ.

رَوَى عنهُ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن عليّ بن الحُسَين بن الحَسَن الحَسَنيّ الهَمَذَانيّ الصُّوْفيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد الهاشِميّ القَاضِي المِصِّيْصيُّ، وأبو الطَّيِّب عَبْد المُنْعِم بن عُبَيْد الله بن غَلْبُون الحَلَبِيّ المُقْرِئ، وأبو الخَيْر أحْمَدُ بن عليّ الكُلفِيّ الحافِظ الحِمْصِيّ.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد القَاضِي، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَة اللهِ

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ المُنْعِم بن عَبْدِ الوَاحِد، قال: أخْبَرَنا أبو الخَيْر أحْمَدُ بن عليّ الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوب إسْحاق بن أحْمَد بن إسْحاق الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو دَاوُد سُليْمان الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيمان بن دَاوُد (a) القُرَشِيُّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن سَمْعَان المَدَنِيّ، عن فاطِمَةَ بنت الحُسَين، عن أبيها،

(a) وضع فوقه ابن العديم حرف "صـ"، لوقوع خطأ فيه ونبَّه على وجه الصواب بعد انتهاء نصّ الحديث، وعند ابن عساكر: حدثنا سليمان بن داود الحراني.

_________

(1)

لم نجد مَن نسبه بهذه النسبة، وذكر ابن شداد مسجدًا من مساجد حلب يقع بدرب الناطلي. الأعلاق الخطيرة 1/ 1:191.

(2)

تاريخ ابن عساكر 37: 191.

ص: 566

عن عليّ، أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم

(1)

، قال: الذُّبَابُ في أحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءٌ وفي الآخر شِفَاءٌ، فإذا وقَعَ على الطَّعَام فاغْمِسُوه فيهِ، فإنَّهُ يُذْهب الله الدَّاءَ بالدَّوَاءِ.

قال: في هذا الإسْنَاد مُحَمَّد بن سُلَيمان بن دَاوُد القُرَشِيّ، والصَّوَابُ مُحَمَّدُ بن سُلَيمان بن أبي دَاوُد القُرَشِيّ، وهو حَرَّانيٌّ يُعْرَفُ بالبُوْمَةِ.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر كتابةً، عن أبي إسْحاق إبْراهيم بن سَعيد بن عَبْدِ الله الحَبَّال، قال: أخْبَرَنا أبو الطَّيِّب ابن غَلْبُوِن الحَلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن أحْمَد بن إسْحاق الزَّيَّاتُ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَمْرو مُحَمَّد بنُ عَبْد الله السُّوْسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا الحَجَّاج بن مِنْهَال، قال: حَدَّثَنَا حَمَّاد، عن حُمَيْد، عن أبي عُثْمان النَّهْدِيّ، قال: أتَتْ عليَّ نَحْوًا من ثلاثين ومائة سَنَة وما شيء منِّي إلّا قد أنْكَرتُهُ إلَّا أَمَلي فإنِّي أجدُه كما هو.

‌إسْحاقُ بن أَسْعَد بن عَمَّار بن سَعْد بن عَمَّار بن عليّ، أبو يَعْقُوب ابن أبي المَعَالِي المَوْصِلِيّ

(2)

المَعْرُوف وَالده بالرَّبيْب، وهو الأكْبَر من أوْلادِه، كان يرجع إلى رئاسةٍ وفَضْلٍ.

أخْبَرَني أخُوه عُمَر بن أَسْعَد أنَّ أخَاهُ الأكْبَر سَمِعَ الحَدِيْثَ، وقَصَد حَلَب، وماتَ بها في أوَائِل سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وسِتّمائة، ودُفِنَ بقُرْب مقَام إبْراهيم عليه السلام.

(1)

لم أقف عليه بهذا الإسناد، وأخرجه ابن حنبل: المسند 16: 204 (رقم 8466)، والطبراني: المعجم الأوسط 3: 201 (رقم 2419)، كلاهما من حديث أبي هريرة، وانظر: المسند الجامع 17: 398 (رقم 13826، 13827).

(2)

توفي سنة 623 هـ.

ص: 567

‌ذِكْرُ مَنْ اسْمُ أبيْهِ إسْمَاعِيْل ممَّن اسْمُه إسْحاق

‌إسْحَاقُ بن إسْمَاعِيْل بن قُنَق (a) بن إسْحاق، أبو يُوسُفَ التُّرْكِيُّ الفَقِيه المَنْبِجِيُّ الدُّنَيْسَرِيُّ

(3)

تُرْكمانيّ النَّسَب، وُلد بمَنْبج وأقام بدُنَيْسَر، وكان فَقِيهًا حَسَنًا، اشْتَغَل عليه الفُقَهَاء بدُنَيْسَر.

قَرأتُ بخَطِّ أبي حَفْص عُمَر بن الخَضِر بن أَلَلْمَش الدُّنَيْسَرِيّ في كتاب حلْيَة السَّريِّين من خَوَاصِّ الدُّنَيْسَرِيّين

(4)

: إسْحاقُ بن إسْمَاعِيْل بن قُنَق (b) بن إسْحاق، أبو يُوسُفَ التُّرْكِيّ (c) المَنْبِجِيّ المَوْلِد، الدُّنَيْسَرِيّ الدَّار، كان فَقِيهًا شَافِعيًّا (d)، وكان ابْتداءُ اشْتِغَاله بالفِقْهِ بالمَدْرَسَة الشِّهَابيَّةِ بدُنَيْسَر سَنَة تِسْعٍ وثَمانين وخَمْسِمائَة، تَفَقَّهَ بها على شُيُوخنا: أبي الكَرَم بن الأَكَّافِ المَوْصِلِيّ، والقَاضِي أبِىِ بَكْر المُحَلَّبِيُّ، والقَاضِي أبي عِمْران المَاكِسِيّ وغيرهمِ. قَرأ جُمْلَةً من كُتُب المَذْهَب، وله في المُنَاظَرة تَصَرُّفٌ، وأُنْسٌ (e) بالجَدَل، وبَحْثٌ في الطِّبِّ. صَارَ يُعِيْدُ الدُّرُوسَ للمُتَفَقِّهة بالمَدْرَسَة بعد خُرُوج القَاضِي مُحَمَّد بن يَحْيَى منها سَنَة سَبْعٍ وسِّتمائة.

(a) في تاريخ دنيسر 194: قَبِق.

(b) في تاريخ دنيسر مجودًا: قَبِق، وقيده وضبطه في المنتخب من الحلية بالقاف المفتوحة والباء المكسورة ثم قاف ساكنة، وكتب قبله: قبجق، ثم طمسه وكتب بعده المثبت.

(c) تاريخ دنيسر والمنتخب من الحلية: التركي الشافعي.

(d) قوله: "كان فقيها شافعيًا" ليست في تاريخ دنيسر ولا في المنتخب من الحلية.

(e) تاريخ دنيسر والمنتخب من الحلية: وله أنس.

_________

(3)

ترجمته في: تاريخ دنيسر 194 - 195.

(4)

تاريخ دنيسر 194، وانظر: المنتخب من حلية السريين.

ص: 568

‌إسْحاقُ بن إسْمَاعِيْل بن نُوْبَخْت الكَاتِبُ، أبو سَهْل وأبو يَعْقُوب

(1)

أحَدُ أعْيَان الكُتَّابِ المُمَدَّحين، والأُمَناءِ المُتَصَرِّفين، وَلي بقِنَّسْرِيْن عَمَلًا حُمِدَ فيه أَثَرَهُ وشُكِر، ومُدِحَ فعْلهُ وذُكِر، فمن ذلك ما قَرأتُه في أشْعَار أبي عُبَادَة الوَلِيد ابن عُبَيْد البُحْتُرِىّ من قَصِيدَةٍ مَدَحَهُ بها، أوَّلها

(2)

: [من الكامل]

في غَيْر شَأنك بُكْرَتي وأَصِيْلي

قال فيها:

إِنّ العَوَاصِم قد عصَمْتَ (a) بأبْيَضٍ

مَاضٍ كصَدْرالأبْيَض المَسْلُول (b)

ورَحَضْتَ قِنِّسْريْن حتَّى أُنْقِيَتْ

جَنَبَاتُها من ذلك البِرْطِيْل

‌إسْحاقُ بن إسْمَاعِيْل الحَلَبِيُّ

حَكَى عن مُحَمَّد الفِيْريَابِيّ حِكايَةً رَوَاها عنهُ عَبْدُ الله بن خُبَيْق الأنْطَاكِيّ.

أخْبَرَنا أبو العَلَاءِ أحْمَد بن شَاكِر بن عَبْدِ الله بن سُلَيمان إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبوِ القَاسِم بن أبي مُحَمَّد الحافِظُ

(3)

، قال: أنْبَأنَا أبَوَا مُحَمَّد ابن الأكْفانِيّ وابن السَّمَرْقَنْديّ، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبىِ الحَدِيْد، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن حَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوبَ -يعنىِ المَرُّوذِيّ- قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن خُبَيْق، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن إسْمَاعِيْل الحَلَبِيُّ، قال: قال

(a) الديوان: عُصمن.

(b) الديوان: كحد الأبيض المصقول.

_________

(1)

توفي مقتولًا سنة 322 هـ، وترجمته في: الكامل لابن الأثير 8: 244، 295 - 296، العبر في خبر مَن غبر 2: 13، الوافي بالوفيات 8: 405، (وفيه: إسماعيل بن إسحاق بن علي بن نوبخت، أبو يعقوب بن أبي سهل)، لسان الميزان 1: 353، شذرات الذهب 4: 111، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 262 - 264.

(2)

ديوان البحتري 3: 1834 - 1837.

(3)

لم أقف عليه عند ابن عساكر.

ص: 569

لي الفِيْريَابِيّ: جئتُ سُليْمان الخَوَّاصَ، وهو بقَيْسارِيَّة، وهِو مُغَطَّى الوَجْه بكِسَاءٍ، فجَرَى الحَدِيْثُ إلى أنْ قُلتُ: قَدِمَ علينا رَجُلٌ فاشْترَى زَيْتًا فربحَ فيه كَذَا وكَذَا دِيْنارًا، فكشَف سُليْمانُ الكِسَاءَ عن وَجْهِهِ فقال: ما أكْثَر فضُولَك يا مُحَمَّد! أيْش تغمّنا (a) بهذا الكَلَام، وما مائةُ ألف دِيْنارٍ لرَجُلٍ عاشَ ألفَ سَنَةٍ إلَّا أنَّهُ يَموتُ؟!

‌إسْحاقُ بن أَيْلمَلِك بن الأَرْدَعَانِسيّ -ويُقال: ابن الأرْدَونسِيّ- أبو الفَضْل الحَنَفِيّ

أخو شَيْخنا عُمَر بن أَيْلمَلِك، كانا جَمِيعًا بحَلَب، وأقاما بها مُدَّةً مَدِيْدةً، ذَكَرَ لي ذلك شَيْخنا عُمَر.

حدَّث أبو الفَضْل عن أبي مُحَمَّد بن بَرِّي وغيره، سَمِعَ منه جَمَاعَةٌ من طَلَبةِ الحَدِيْثِ بدِمَشْقَ.

‌حَرْفُ الجيْم في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌إسْحاقُ بن الجَرَّاح الأَذَنِيُّ

(1)

منِ أهْل أَذَنَةَ، حَدَّثَ عن الهَيْثَم بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ، وأبي عليّ الحُسَين بن زِيَاد المَرْوَزِيّ العِلَاقِيّ، ويَزِيْد بن هَارُون، والحَسَن بن الرَّبِيْع البُوْرَائيّ (b).

(a) الأصل: تعمنا.

(b) الأصل: البوراني، وفي ترجمته الآتية (الجزء الخامس) ما يوافق المثبت، ونبه ابن ناصر الدين (توضيح المشتبه 1: 642) أن الصواب في نسبته هو: البُوْرَائيّ، فارسيّ معرّب وهي الحُصُر التي من القصب.

_________

(1)

توفي بعد سنة 260 هـ، وترجمته في: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1: 112، المزي: تهذيب الكمال 2: 416، تاريخ الإسلام 6: 295، الكاشف 1: 108، تهذيب التهذيب 1: 228 - 229، تقريب التهذيب 1:56.

ص: 570

رَوَى عنهُ أبو نَصْر الفَتْح بن شَخْرَف بن دَاوُد الصُّوْفيّ، ومُحَمَّد بن المُسَيَّب الأَرْغِيَانِيّ ويَحْيَى بن مُحَمَّد بن صَاعِدٍ، وأبو الفَضْلِ العبَّاس بن يُوسُف الشَّكْلِيُّ، وأبو سَعيد حَامِد ابن يَزِيد الأَذَنيِّ المَذْحِجِيّ.

أخْبَرَنا عَبْدُ البَرّ بن أبي العَلَاءَ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن نَصْرُ بن المُظَفَّر البَرْمَكيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيُّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عَدِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا ابنُ صَاعِدٍ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن الجَرَّاح، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن جَمِيل، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن الحُصَيْن التُّرْجُمانيّ (a)، عن عَبْد الكَريم، عن الحَسَن (b)، عن أبي هُرَيْرَة

(2)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: إذا قَهْقَه أعَاد الوُضُوءَ وأعَاد الصَّلاةَ.

أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن عُمَر بن عليّ، وعَبْدُ الرَّحمن بن عُمَر بن أبي نَصْر الغَزَّال، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر أحْمَدُ بن إسْمَاعِيْل الطَّالَقَانيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِرُ بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ أنَّ أبا عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ وأبا بكر أحْمَد بن الحُسَين بن عليّ البَيْهَقيِّ، وأبا عُثْمان سَعيد بن مُحمَّد البَحِيْرِيّ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الحِيْرِيّ كَتَبُوا إليهِ: أخْبَرَنا الحاكِم أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن عَبْد الله الحافظ، قال: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن سِيْمَا، قال: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بن المُسَيَّب الأَرْغِيَانِيّ، قال: حَدَّثَني إسْحاق بن الجَرَّاح -من أَهْلِ أَذَنَةَ- قال: حَدَّثنا الحُسَين بن زِيَاد، قال: أخَذَ الفُضَيْل

(a) ابن عدي: الترجمان.

(b) في الأصل: عن عبد الكريم بن الحسن، وهما اثنان، وعبد الكريم هو ابن أبي أمية.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 3: 1027.

(2)

سنن الدارقطني 3: 164 (رقم 11)، وأخرجه أبو يوسف الأنصاري: الآثار 32 (رقم 161)، من طريق أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم، وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية 1: 371 (رقم 617)، من طريق عمرو بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين.

ص: 571

ابن عِيَاض فقال لي: يا حُسَيْن، يَنْزل اللهُ تبارك وتعالى كُلِّ لَيْلَة إلى سماءِ الدُّنْيا فيقول: كذبَ مَنْ ادَّعَى مَحَبَّتي فإذا أجنَّهُ اللَّيْل نام عنّي، أليسَ كُلّ حَبِيْبٍ يُحبُّ خلْوَةَ حَبِيْبهِ؟ ها أنذا مُطَّلِعٌ على أحْبَابي إذا جنَّهم اللَّيْلُ مثَّلْتُ نَفْسِي بين أعْيُنهم فخاطَبُوني على المُشَاهَدَة، وكَلَّمُوني على حُضُوري، غَدًا أُقِرّ أعْيُن أحبابي في جِنَاني.

‌حَرْفُ الحَاء في آباء مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌إسْحاق بن حَسَّان بن قُوهَى، أبو يَعْقُوبَ الخُرَيْميِّ الغَطَفَانيِّ الشَّاعِرُ

(1)

شَاعِر مُحْسِن، نَزَلَ الجَزِيْرَة والشَّام، واجْتازَ بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(2)

، قال: إسْحاقُ بن حَسَّان بن قُوْهَى، أبو يَعْقُوب الشَّاعرُ المَعْرُوفُ بالخُرَيْميِّ، جَزَرِيٌّ نَزلَ بَغْدَادَ، وأصْلُهُ من خُرَاسَان من أبناء السُّغْد، وكان مُتَّصِلًا بخُرَيْم بن عَامِرٍ المُرِّيّ وآلهِ، فنُسِبَ إليه، وقيل: كان اتِّصَالُهُ بعُثْمان بن خُرَيْم. وكان قَائِدًا جَلِيْلًا، وسَيِّدًا شَرِيْفًا، وأبُوه خُرَيْمٌ المَوْصُوفُ بالنَّاعِم، فأمَّا أبو يَعْقُوب فشَاعِرٌ مُحْسِنٌ، وله مَدَائِحُ

(1)

توفي نحو سنة 206 هـ، ترجمته في: الورقة لابن الجراح 109 - 113، الشعر والشعراء لابن قتيبة 443 - 445، ابن المعتز: طبقات الشعراء 268 - 370، المسعودي: مروج الذهب 4: 284، تاريخ بغداد 7: 335 - 336، ابن ماكولا: الإكمال 3: 243، تاريخ ابن عساكر 8: 198 - 203، السمعاني: الأنساب 5: 109، ابن الجوزي: المنتظم 10: 263، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 14: 142 - 143، تاريخ الإسلام 5: 272 - 273، مختصر ابن منظور 4: 290 - 294، الوافي بالوفيات 8: 409، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 437 - 440.

(2)

تاريخ بغداد 7: 335.

ص: 572

في مُحَمَّد بن مَنْصُور بن زِيَاد، ويَحْيَى بن خَالِد، وغيرهما، ومَرَاثٍ (a) لعُثْمانَ بن خُرَيْم، وكان يَتَألَّهُ ويتَدَيَّنُ.

وقال أبو حَاتِم السِّجِسْتَانيِّ: الخُرَيْميِّ أشْعَرُ المُوَلَّدِين. ورَوَى عنهُ شَيئًا من شِعْره أبو عُثْمان الجَاحِظُ

(1)

، وأحمد بن عُبَيْد بن نَاصِح، ذَكَرَا أنَّهما سَمِعَا منه.

أنْبَأنَا زَيْنْ الأُمَناء أبو البَرَكَات الحسَنُ بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: إسْحاقُ بن حَسَّان بن قُوْهَى، ويُقال: قُوْهَى لَقَبُ حَسَّان، أبو يَعْقوب الخُرَيْمِيّ مَوْلاهُم المُرِّيّ، شَاعِرٌ مُتَقَدِّمٌ مَطْبُوعٌ مَشْهُورٌ، له دِيْوَان مَعْرُوفٌ، وأصْلُهُ من مَرْو الشَّاهِجَان؛ صُغْدِيٌّ، نَزَلَ الجَزِيْرَة والشَّام، وسَكَنَ بَغْدَادَ.

وبَلَغَني أنَّهُ قيل له: ما بَالُ شعْركَ لا يَسْمَعُه أحَدٌ إلَّا اسْتَحْسَنَهُ وقَبِلَهُ طَبْعُه؟ قال: لأنِّي لا أجَاذِبُ الكَلَام إلًّا أن يُسَاهلَني عَفْوًا، فإذا سَمِعَهُ إنْسَانٌ سَهُل عليه اسْتِحْسَانُهُ.

وبَلَغَني عن أبي العبَّاس المُبَرَّد، قال: كان أبو يَعْقُوب الخُرَيْميِّ، واسْمُه إسْحاق ابن حَسَّان، جَمِيل الشِّعْر، مَقْبُولًا عند الكُتَّابِ، له كَلَامٌ قَوِيٌّ، ومَذْهَبٌ مَبْسُوطٌ، وِكان يَرْجعُ إلى بَيْتٍ في العَجَم كَريْم، وكان رَجُلًا منِ أبناءِ الصُّغْد، وكان لهُ وَلاءٌ في العَرَب في غَطَفَانَ، وكان اتِّصَالُهُ بمَوْلاه ابن خُرَيْم المُرِّيّ الّذي يقال له خُرَيْمٌ النَّاعِمُ، وكان أبو يَعْقُوب على ظَرْفهِ يرجُع إلى إسْلامٍ، وإلىِ وَقَار، وذهَبَتْ عَيْنَاهُ بعد أنْ طلَعَ من السَّبْعينَ، وله فيهما مَرَاثِي جَيِّدة تَتَجاوز أهْل عَصْره، وأمْثَالٌ مَضْرُوبَةٌ، وقَنَاعَةٌ واعْتِصَامٌ.

(a) في الأصل: ومرَّات، وشدد الراء، والمثبت من تاريخ بغداد (مصدر النقل).

_________

(1)

انظر: البيان والتبيين 1: 115، 117، 131 وراجع فيه أيضًا فهرس الأعلام.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 198 - 199.

ص: 573

أنْبَأنَا أبو القَاسمِ القَاضِي، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، عن أبي نَصْر ابن مَاكُولا

(1)

، قال: أمَّا الخُرَيْمِيّ بضَمِّ الخَاء وباليَاءِ (a) فهو أبو يَعْقُوب الخُرَيْميِّ الشَّاعِرُ، اسْمُه إسْحاق بن حَسَّان بن قُوهَى من شُعَرَاءِ الدَّوْلَة العبَّاسيّة المُجِيْدين.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْقٍ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَني عليُّ بن أَيُّوبَ القُمِّيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عِمْرانَ الكَاتِبُ، قال: أخْبَرَني الصُّوْليِّ، قال: أنْشَدَني عَونُ بن مُحَمَّد لأبي يَعْقُوب الخُرَيْميّ

(3)

: [من مجزوء الكامل]

بَاحَتْ ببَلْوَاهُ جُفُونُه

وجَرَتْ بأدْمُعِه شُؤُونُهْ

لمَّا رَأى شَيْبًا عَلَاهُ

ولم يَحُنْ في العَدِّ (b) حِيْنُهْ

فَعَلا على فَقْدِ الشَّبَا

بِ وفَقْدِ مَنْ يَهْوَى أَنِيْنُه

ما كان أنْجَحَ سَعْيَهُ

وشَبَابُهُ فيهِ مُعِيْنُه

واللَّهْوُ يحْسُن بالفَتَى

ما لم يكُنْ شَيْبٌ يَشِيْنُه

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن الفَضْلِ بن سَهْل الحَلَبيِّ، قال: أنْبَأنَا أحْمَدُ بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم التَّنُوخيِّ، قال: وجَدْتُ في كِتَاب جَدِّي القَاضِي أبي القاسِم عليّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَهْم: حَدَّثَنا حَرَميِّ بن أبي العَلَاء المَكِّيُّ، قال: حَدَّثَنا إسْحاقُ ابن مُحمَّد بن أَبَان، قال: أنْشَدَني الزِّيَادِيّ لأبي يَعْقُوبَ الخُرَيْميِّ

(4)

: [من الخفيف]

(a) في الإكمال: وبالراء.

(b) الديوان والمنتظم: الغد، الوافي: الوقت.

_________

(1)

الإكمال 3: 343.

(2)

تاريخ بغداد 7: 336.

(3)

ديوان الخريمي 59 - 60، وفي المنتظم لابن الجوزي 10: 363، ومرآة الزمان للسبط 14: 143، والوافي بالوفيات 8:409.

(4)

ديوان الخريمي 19.

ص: 574

لَمْ تَرُعْني دَارٌ عفَتْ بالجَنَابِ

دَارِسٌ آيُها كخَطِّ الكِتَابِ

أوْحَشَتْ بعدَ آهلٍ وأنيسٍ

من جَوَارٍ خرَائدٍ أتْرَابِ

وَاضِحَات الخُدُودِ كالبَقَر الخُنَّـ

سِ عَيْن الحِمَى فرُوض الرَّوَابي

إنَّما راعَني لذِكْرَايَ حَالي

بسِجِسْتَانَ خَادِمُ الحُجَّابِ (a)

قَلَّ عنِّى غنَاء (b) عَقْلي ودِيْني

ودُخُولي في العِلْم من كُلِّ بَابِ

أدْرَكَتْني وذَاكَ أعْظَمُ ما بي (c)

بِسِجِسْتَان حرفَةُ الآدَابِ

قال: وأنْشَدَني -يعني الزِّيَادِيّ- لأبي يَعْقُوب الخُرَيْميِّ

(1)

: [من البسيط]

قد كُنْتُ أحْسِبُني رَأسًا فقد جَعَلَتْ

أذْنَابُهُمِ تَعْتَنِيْني بالولَايَات

الحَمْدُ للهِ كم في الدَّهْرِ من عَجَب

ومن تَصَرُّف أحْوَالٍ وحَالاتِ

بينا ترى المرءَ في عَيْطَاء (d) مُشْرِفَةٍ

إذ زَالْ عنها إلى دَحْضٍ ومَوْمَاتِ

لا تَنْظُرَنَّ إلى عَقْلٍ ولا أدَبٍ

إنَّ الجُدُوْدَ قَريناتُ الحَمَاقَاتِ

أنْبَأنَا أبو الوَحْش عبد الرَّحْمن بن أبي مَنْصُور بن نَسِيمِ، قال: أخْبَرَنا عليّ ابنُ الحَسَن بن هِبَةِ الله

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد مُحَمَّد بن مُحمَّد المُطَرِّزُ في كتابهِ، ثمّ أخْبرَني أبو القَاسِم مَحْمُودُ بن أحْمَد بن الحَسَن التَّبْرِيْزِيّ عنهُ، قال: حَدَّثَنَا أبو الوَفَاء مَهْدِي بن أحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُوسَى الصُّوْفيّ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن طَاهِر الوَزيْريّ، قال: سَمِعْتُ المُطَرِّفيِّ،

(a) الديوان: الكُتَّاب.

(b) الديوان: عناء.

(c) الديوان: وذاك أول دأبي.

(d) في الأصل: غيطاء، والمثبت من الديوان، وهي الناقة طويلة العنق. لسان العرب، مادة: عيط.

_________

(1)

ديوان الخريمي 20.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 201.

ص: 575

قال: أُصِيْبَ الخُرَيْمِيُّ بمُصِيْبَةٍ في ابْنِهِ، وكان يَمِيْلُ إليه، فرَثَاهُ، فقال

(1)

: [من الطويل]

ولو شِئْتُ أنْ أبْكي (a) دَمًا لبكَيْتُه

عليكَ ولكن سَاحَةُ الصَّبْر أَوْسَعُ

وأَعْدَدتُه ذُخْرًا لكُلِّ عَظِيمَةٍ

وسَهْمُ المَنَايا بالذَّخَائِر مُوْلَعُ

قال عليّ بن الحَسَن: وهذان البَيْتان من قَصِيدَةٍ للخُرَيْميِّ في مَوْلاه خُرَيْم ابن عَامِر بن عُمَارَةَ لا في ابنِهِ، وقد زَادَني أبو الحَسَن سَعْدُ الخَيْر بن مُحَمَّد فيها بالإجَازَة، قال: أخْبَرَنا المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر مُحَمَّد بن عليّ ابن مُحَمَّد بن السَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحاق إبْراهيمُ بن مَخْلَد بن جَعْفَر المُعَدَّل (b)، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر بن دَرَسْتَوَيْه، قال: أنْشَدَنا المُبَرَّدُ لأبي يَعْقُوب الخُرَيْميِّ

(2)

: [من الطويل]

أَلَمْ تَرَني أَبْني على اللَّيْثِ بَيْتَهُ

وأَحْثي (c) عليهِ التُّرْبَ لا أتَخَشَّعُ

ولو شئْتُ أنْ أَبْكي دَمًا لبَكَيْتُه

عليه (d) ولكن سَاحَةُ الصَّبْر أوْسَعُ

وأعْدَدتُه ذُخْرًا لكُلِّ عَظِيمَةٍ (e)

وسَهْمُ المَنَايا بالذَّخَائرِ مُوْلَعُ

وإنِّي وإنْ أظْهَرْتُ منِّي جَلَادةً (f)

وصَانَعْتُ أعْدَائي عليْكَ لمُوْجَعُ

(a) ابن عساكر: أبكين.

(b) ابن عساكر: العدل.

(c) الديوان: وأحثو.

(d) الديوان: عليك.

(e) الديوان: ملمة.

(f) الديوان: أظهرت صبرًا وحِسبةً.

_________

(1)

ديوان الخريمي 43، وفيه أنها في رثاء خريم بن عمارة المري، كما يرد بعد ذكرها.

(2)

ديوان الخريمي 42 - 44.

ص: 576

‌حَرْفُ الخَاءِ في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاقُ

‌إسْحاقُ بن خَالِد بن يَزيْد -وقيل: مَرْثَد بَدَل يَزِيْد- ابن قَرْدَم، أبو يَعْقُوبَ الأسَدِيّ البَالِسِيُّ

(1)

ويُعْرَفُ بابن خَلْدُون، وأبُوه المَعْرُوف بخَلْدُون، وهذا ممَّا يَسْتَعْملُهُ العَوَامّ؛ يقُولُونَ في خَالِد: خَلْدُون، وفي أحْمَد: حَمْدُون، على وَجْه الإعْجَاب بالمُسَمَّى.

حَدَّثَ ببَالِسَ عن عَبْد العَزِيْز بن عبد الرَّحْمن الأُمَوِيّ البَالِسِيّ، وأبي نُعَيْم الفَضْل بن دُكَيْن، وعَبد الوَهَّاب بن نَجْدَة، ومُحَمَّد بن مُصْعَب القَرْقِسَانِيّ، وحَجَّاج ابن مُحمَّد، وخَلَف بن تَمِيْم.

رَوَى عنهُ أبو عَمْرو أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن حَكِيم، المَعْرُوف بابنِ مَمَّك الأَبْرَشُ، وآباءُ بَكْرٍ: مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد بن فِيْل الأنْطَاكيِّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمْدُون البَالِسِيُّ، ومُحَمَّد بن بَرَكَة بن الفِرْدَاج بِرْدَاعِس الحَلَبِيُّ، وأحمدُ بن عُمَر بن عبد الرَّحْمن التَّيْمِيّ، وأحمدُ بن مُحَمَّد بن هَارُون الخَلَّالُ، وابن أبي الحَدِيْد، وأبو إسْحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد بنِ أبي ثَابِت، وأبو عِيسَى عبد الرَّحْمن بنِ عَبْدِ الله بن هَارُون الأنْبارِيّ، وأحمد ابن مُحمَّد بن زِيَاد، وأبو الحَسَن إسْحاقُ بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن حَكِيم، وأبو العبَّاس يَعْقوبُ بن يُوسُف الشَّرْمَقَانيِّ، وأبو جَعْفَر أحْمَدُ بن الحَسَن الأصْبَهَانِيُّ، وأبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُوسَى السَّوَانِيْطِيُّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن عُمَر بن عبد الرَّحْمن القُرَشيِّ.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُكْرَمِ بن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن مُحَمَّد بن أبي الصَّقْر التَّاجر بدَارِيَّا، وأبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَةِ الله بن مُحَمَّد بن الشِّيْرَازيّ، وأُمُّ الفَضْل كَرِيْمَةُ بنتُ عَبد الوَهَّاب ابن عليّ القُرَشِيَّة، قالوا: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى بن الحُبُوبيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن مُحَمَّد

(1)

ترجمته في: الثقات لابن حبان 8: 120، الكامل لابن عدي 1: 337، لسان الميزان 1:361.

ص: 577

المِصِّيْصيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عُثْمان بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد بن أبي ثَابِت، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن خَالِد البَالِسِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قال: قال ابنُ جُرَيْج: أخْبَرَني زِيَاد أنَّهُ أخْبَرَهُ ثَابِتٌ مَوْلَى عبدِ الرَّحْمن بن زَيْد، وصالحِ مَوْلَى التَّوأَمَة أَنَّهُما سَمِعَا أبا هُرَيْرَة

(1)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: بينما رجُلٌ يَتَبَخْتَرُ في بُرْدَتَين خُسِفَ بهِ الأرْضُ، فهو يتَجَلْجَلُ فيها إلى يَوْم القِيامَة.

أخْبَرَنا القَاضِي الأَمِين أبوِ القَاسِم الحُسَين بن هِبَة الله بن صَصْرَى، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى بن كَرَوَّس، قال: حَدَّثَنَا نَصْر بن إبْراهيم المَقْدِسِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر مُسَدَّد ابن عليّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَفْص عُمَر بنُ عليّ بن الحَسَن بن إبْراهيم العَتَكيِّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن فِيْل أبو بَكْر، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن خَلْدُون بن مَرْثَد البَالِسِيُّ فذَكَرَ حَدِيثًا.

أنْبَأنَا أبو الفَرَج بن القُبَّيْطيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبِنُوسيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْميِّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ الحافِظُ

(2)

، قال: إسْحاق بن خَالِد بن يَزِيد البَالِسِيّ، ويُقالُ لهُ: إسْحاق ابن خَلْدُون، رَوَى غير حَدِيثٍ مُنْكَر عن جَمَاعَة من الشُّيُوخِ، ولم يَتَّفِقْ لي إخْراجُ شيءٍ من حَدِيثه، ورَوَاياتُهُ تَدُلُّ عَنْ مَنْ رَوَى عنهُ بأنَّهُ ضَعِيْف.

أخْبَرَنا عَبْدُ الجَلِيْل بن أبي غَالِب إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبي أبو عَبْد الله بن مَنْدَة، قال: إسْحاق بن خَالِد بن يَزِيد البَالِسِيّ ماتَ قبل السَّبْعين؛ يعني: ومَائتَيْن.

(1)

صحيح مسلم 3: 1654 (رقم 2088)، ورواه ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 10: 258 (رقم 5789)، من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة، وينظر أيضًا: المسند الجامع 17: 421 (رقم 13870) عن همام بن منبه عن أبي هريرة. وأخرجه الترمذي: الجامع الكبير 4: 268 (رقم 2491)، وفيه:"حلة له يختال فيها"، وابن حنبل: المسند 12: 29 - 30 (رقم 7074)، وفيه "يتبختر في حلة

يتجرجر فيها"، وكلاهما (الترمذي وابن حنبل) عن عبد الله بن عمرو.

(2)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 337.

ص: 578

‌إسْحاقُ بن خَلَّادٍ، أبو يَعْقُوبَ التَّيْلُمِيُّ المُقْرِئُ

(1)

كان مُقِيْمًا بجامع طَرَسُوس يُقرئ القُرْآن العَزِيز، وكان زَاهِدًا عَابِدًا، قرأ عليه أبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الكَرْجِيّ الطَّرَسُوسيِّ، وذَكَرهُ في كتَاب سِيَر الثُّغُور.

قَرأتُ بخَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو الطَّرَسُوسيِّ: وقد رأيتُ في هذا المَسْجِد -يعني الجامع بطَرَسُوس- من وُجُوه الصَّالِحينَ ما لا أُحْصِي، فمَّن أذكرُ وأَعْرف أبا يَعْقُوبَ إسْحاقَ بن خَلَّادٍ التَّيْلُمِيّ، وقد قَرأتُ عليه مِرَارًا عدَّة قِراءَاتٍ، وسَمِعْتُ منه كتابَ القِرَاءَات لأبي بَكْر بن مُجَاهِدٍ من أوَّلهِ إلى آخره، وفي مَجْلِسه الّذي يُقرئُ فيه أكْثر من ثلاثين شَيْخًا، قُرَّاء، أُستَاذين عُبَّادًا، يُشَار إليهم بالفَضْلِ، والنُّبْل، والوَرَع، والزُّهْد.

فأمَّا قَوَامُ إسْحاق بن خَلَّادٍ، فإنَّهُ كان إذا فَرَغ ضُحَى كُلّ يَوْم من دراسَةِ مَنْ يَقْرأُ عليه، صَار إلى بُسْتَان قد فَارَقَ صَاحِبَهُ على أُجْرَتهِ لعَمَله في كُلِّ يَوْم فَتْل شيء من القَتِّ

(2)

مَعلُوم بثُلُثَي دِرْهَم، يُنْفِقُ من ذلك في مَؤُونَتِه ومَؤُونَة زَوْجَتهِ ثُلْثَ دِرْهَم، ويتَصَدَّقُ بما بَقِي، ولم يَذُق شَيئًا من الفَاكِهَة بيَدَه أرْبَعيْن سَنَةً، وعَمَلهُ في البَسَاتِيْن، وهو يَسْرُد الصَّوْمَ خَمْسِينَ سَنَةً، وهذا دَأْبُه.

(1)

كان حيًّا في أواخر القرن الرابع الهجري، استنادًا إلى أن مصدر الترجمة له هو أبو عمر الطرسوسي (ت 401 هـ)، وأن اللقاء به كان في جامع طرسوس، أي قبل سقوط المدينة -وغيرها من الثغور- بيد الروم سنة 354 هـ، وأنه كان مواظبًا على العمل والصوم من خمسين سنة. وبهذا اقتضى تقدير تاريخ وفاته قبل نهايات ذلك القرن. ولم نجد له ذكر فيما عدا ابن العديم. ولم نجد من ذكر نسبته:"التيلمي"، وفي أنساب السمعاني 3: 118 نسبة قريبة: التيملي: بتقديم الميم على اللام، نسبة إلى تيم الله أو اللات، وعدد أسماء مَنْ ينتسبون هذه النسبة، ليس من بينهم ابن خلاد المترجم له أعلاه.

(2)

القتّ: نبت رطب من علف الدواب، يسمى الفِصْفِصة أو الفِسْفِسة. لسان العرب، مادة: قتت.

ص: 579

‌إسْحاقُ بن دَاوُد بن صُبَيْح المِصِّيْصيُّ

(1)

أخُو أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن دَاوُد، من أهْل العِلْم والرِّوَايَةِ، ولهُ ذِكْرٌ في كتاب طَبَقَات أصْحَاب أحْمَد بن حَنْبَل؛ ذَكَرَ أبوِ الحُسَين بنُ الفَرَّاء

(2)

أخَاهُ أبا جَعْفَر مُحَمَّد بن دَاوُد وعرَّفَهُ بأخيْهِ، فقال: أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن دَاوُد بن صُبَيْح المِصِّيْصيّ أخو إسْحاق.

‌حَرْفُ الرَّاءِ في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌إسْحاقُ بن رَاشِد، أبو سُليْمان الحَرَّانيُّ القُرَشِيُّ، مَوْلَاهُم

(3)

سَمِعَ الزُّهْرِيّ برُصَافَة هِشَام -إنْ ثَبَتَ سَمَاعه منهُ فإنَّ الجَزَرِيِّيْنَ سَمِعُوا منه برُصَافَة هِشَام- وزار بَيْتَ المَقْدِس، فاجْتازَ بحَلَب، أو ببَعْضِ عَمَلها في طَريقه من حَرَّان إليها.

وذَكَرَهُ أبو القَاسِم عليُّ بن الحَسَن في تاريخ دِمَشْق

(4)

، بما أخْبَرَنا به ابن أخيه أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم، قال: إسْحاقُ بن رَاشِد، أبو سُليْمان الحَرَّانيّ، مَوْلَى عُمَر بن الخَطَّاب، ويُقالُ: مَوْلَى بني أُمَيَّة، حَدَّثَ عن الزُّهْرِيّ، وعَمْرو بن وَابِصَة، وقيل: عن سَالِم، عن عَمْرو، وعَبْدِ الحَميْدِ بن عبد الرَّحْمن بن زَيْد بن الخَطَّابِ.

(1)

ترجمته في: لسان الميزان 1: 362.

(2)

طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1: 296.

(3)

توفي بعد سنة 150 هـ، وترجمته في: تاريخ يحيى بن معين 2: 24، تاريخ البخاري الكبير 1: 386، ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل 2: 219 - 220، الثقات لابن حبان 6: 51، تاريخ ابن عساكر 8: 209 - 214، المزي: تهذيب الكمال 2: 419 - 423، تاريخ الإسلام 4: 24 - 25، الكاشف 1: 109، تهذيب التهذيب 1: 230 - 231، غريب التهذيب 1: 57، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 441 - 442، محسن الأمين: أعيان الشيعة 3: 270.

(4)

تاريخ ابن عساكر 8: 209.

ص: 580

رَوَى عنهُ مَعْمَر بن رَاشِد، وعُبَيْدُ الله بن عَمْرو الرَّقِّيّ، ومُوسَى بن أَعْيَن، وعَتَّاب بن بَشِير، وإبْراهيم بن المُخْتَار، وسُلْيمان بن صُهَيْب العَطَّار الرَّقِّيّ، والقَاسِم ابن غَزْوَان، وسَلَمَة بن الفَضْل الأَبْرَش. وزَارَ بَيْتَ المَقْدِس، فاجْتازَ بدِمَشْق، أو بأعْمَالها (a).

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، عن أبي مُحَمَّد بن حَمْزَة، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: إسْحاق بن رَاشِد أبو سُليْمان، مَوْلَى عُمَر ابن الخَطَّاب، من أهْل حَرَّان، حَدَّثَ عن ابن شِهَاب الزُّهْرِيّ. رَوَى عنهُ عَتَّابُ ابن بَشِير، وعُبَيْدُ الله بن عَمْرو، ومُوسَى بن أَعْيَن.

وذَكَرَ بَعْضُ أهْل العِلْم أنَّهُ أخُو مَعْمَر بن رَاشِدٍ، وذلك وَهْمٌ، ليسَ بين مَعْمَر وإسْحَاق قَرَابَهَ في النَّسَب، لكن إسْحاق هو أخو النُّعْمان بن رَاشِد، ولا نَعْرِفُ لمَعْمَرٍ أخًا، فاللهُ أعْلَمُ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو الغَنائِم بن النَّرْسيِّ في كتابهِ، ثُمَّ حَدَّثَني أبو الفَضْل بن نَاصِرِ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، وأبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، وأبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، واللَّفْظُ له، قالوا: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانيِّ -زَادَ ابنُ خَيْرُونَ: وأبو الحُسَيْن الأصْبَهَانيِّ- قالا: أخْبَرَنَا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(3)

، قال: إسْحاق بن رَاشِد أخُو النُّعْمان بن رَاشِد، نَسَبَهُ مُحَمَّد بن رَاشِد،

(a) بعده بياض قدر سطرين في هذه الصفحة، وقدر أربعة أسطر في التي تليها.

_________

(1)

لم يترجم لإسحاق بن راشد في تاريخ بغداد، وذكره عرضًا في ترجمة أحمد بن إسحاق الرقي، في سند حديث رواه عن الزهري. انظر تاريخ بغداد 5:47.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 210.

(3)

تاريخ البخاري الكبير 1: 386.

ص: 581

قال أحمد: لا أعْلَم بينهما قَرَابَةً، ولا أرَاهُ حَفِظه، ويُقالُ: الحَرَّانيّ (a)، مَوْلَى بني أُمَيَّة، عن الزُّهْرِيّ، سَمِعَ منه عَتَّابُ بن بَشِير، ومَعْمَر.

أنْبَأنَا عبدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا وَجِيْهُ بن طَاهِر الشَّحَّاميِّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد المَلِك بن عليّ، قال: أَخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ ابن السَّقَّاء، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن بَالُوَيْهَ، قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس الأصَمُّ، قال: سَمِعْتُ العبَّاسِ بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ يقول: سَمِعْتُ يَحْيَى

(1)

يقول: إسْحاقُ ابنُ رَاشِد ليس بينَهُ وبين معْمَر بن رَاشِد قَرَابَةٌ.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين ابن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْد الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: وإسْحَاق ابن رَاشِد جَزَرِيٌّ، حَسَنُ الحَدِيْث، ومَعْمَر بن رَاشِد بَصْرِيٌّ وَقَع باليَمَن، ليس بينهما قَرَابَةٌ.

قال ابنُ طَبَرْزَد: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي إذْنًا، عنِ أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، عن أبي عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القَاسِم بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيمُ بن الجُنَيْد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن

(2)

يقول: النُّعْمانُ بن رَاشِد جَزَرِيٌّ، وإسْحَاق بن رَاشِد جَزَرِيُّ ليسَ بأخيهِ ولا بينهما قَرَابَةٌ ولا رَحمٌ.

قُلتُ ليَحْيَي بن مَعِيْن: أيُّهما أعْجَبُ إليكَ؟ قال: ليسَ هما في الزُّهْرِيّ بذاك، قُلتُ: ففي غير الزُّهْرِيّ؟ قال: ليس بإسْحاق بَأْسٌ.

(a) زيد بعده في تاريخ البخاري: ويقال الجزري.

_________

(1)

تاريخ يحيى بن معين 3: 24، 3:72.

(2)

بعضه في تاريخ يحيى بن معين 2: 24، 608.

ص: 582

أنْبَأنَا زَيْن الأُمَناء أبو البَرَكَات بن مُحَمَّد، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم

(1)

، قال: -في نُسْخَة الكتاب- أخْبَرَنا به أبو عَبْد الله الخَلَّالُ شفَاهًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْدِ الله إجَازَةً، وأبو طَاهِر بن سَلَمَة قراءةً، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا ابنُ أبي حَاتِم

(2)

، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحمد -فيما كَتَبَ إليَّ- قال: وسُئِلَ أبي، وأنا أسْمعُ، عن إسْحاقَ بن رَاشِدٍ والنُّعْمان بن رَاشِد، فقال: ليس همُا بأخَوَيْن، إسْحاق رَقِّيٌّ، والنُّعْمان جَزَرِيٌّ، ولا أعْلَم بينهما قَرَابَةٌ، وإسْحَاقُ أحَبُّ إليَّ وأصَحُّ حَدِيثًا من النُّعْمان، هو فَوْقَهُ.

قال

(3)

: وسألتُ أبي عن إسْحاق بن رَاشِدٍ، فقال: شَيْخٌ، قُلْتُ: هو أخو النُّعْمان بن رَاشِد؟ فقال: لم يَصِحّ عندي أنَّهما أَخَوَان.

أخْبَرَنا أحْمَد بن أزْهَر بن عَبد الوَهَّاب في كتابهِ، عن مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، عنِ أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، عن أبي عُمَر بن حَيِّوْيَه، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن القَاسِم بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبىِ خَيْثَمَة

(4)

، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: وسَمِعْتُ عُبَيْد الله بن عَمْرو، وأبا المُلَيْح يقُولان: قال إسْحاق بن رَاشِد: بَعَثَ مُحَمَّدُ بن عليّ زَيْدَ بن عليٍّ إلى الزُّهْرِيّ، قال: يقُول لك أبو جَعْفَر اسْتَوصِ بإسْحاق خَيْرًا، فإنَّهُ منَّا أهل البيْت.

قال عُبَيْد الله بن عَمْرو: وكان إسْحاق -يعني: ابن رَاشِد- صَاحِب مالٍ، فأنْفَق عليهم أكْثَر من ثلاثين ألف دِرْهَم وَرِثَها من أبيهِ. قال: ثُمّ احْتَاج بَعْدُ فما أصَاب عندهُم خَيْرًا.

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 214.

(2)

الجرح والتعديل 2: 219.

(3)

الجرح والتعديل 2: 220.

(4)

تاريخ ابن أبي خيثمة 3: 233.

ص: 583

قال: وسَمِعْتُ يَحْيَي بنِ مَعِيْن

(1)

يقول: إسْحاق بن رَاشِد جَزَرِيٌّ، ومَعْمَر بن رَاشِد بَصْرِيٌّ، ليسَ بينهما رَحم، والنُّعْمان بن رَاشِد ثِقَةٌ.

أنْبَأنَا عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي بَكْر وَجِيْه بن طَاهِر، قال: أخْبَرَنا أبو صالح المُؤذِّن، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن السَّقَّاء، وعَبْد الرَّحمن بن مُحَمَّد ابن أحْمَد بن بَالُوَيْه، قالا: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس الأصَمّ، قال: سَمعْتُ العبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ يقول: وسَمِعْتُ يَحْيَى

(2)

يقول: إسْحاق بن رَاشِد ثِقَةٌ. زَادَ ابن السَّقَّاء في مَوضِعٍ آخر: سَمِعْتُ يَحْيَى

(3)

يقول: إسْحاق بن رَاشِد صَالح الحَدِيْث.

أخْبَرَنا ابن المُقَيِّر إجَازَةً، عن الفَضْل بن سَهْل، عن أبي بَكْر الخَطِيب

(4)

، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن يَحْيَى بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الشَّافِعيّ، قال: أخْبَرَنا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الأزْهَر، قال: حَدَّثَنَا المُفَضَّل بن غَسَّان الغَلَابِيّ، قال: إسْحاق بن رَاشِد ثِقَةٌ.

أخْبَرَنا ابن طَبَرْزَد إذْنًا، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر ابن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن سُفْيان

(5)

، قال: وإسْحَاق بن رَاشِد صَالحِ الحَدِيْث.

أنْبَأنَا ابن طَبَرْزَد، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي ثَابِت ابن بُنْدَار البَقَّال، قال: أخْبَرَنا أبوِ العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو أُمَيَّة الأحْوصُ بنُ المُفَضَّل، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: قال يَحْيَى ابن مَعِيْن

(6)

: وإسْحَاقُ بن رَاشِد الجَزَرِيّ ثِقَةٌ.

(1)

بعضه في تاريخ يحيى بن معين 2: 24، 608.

(2)

تاريخ يحيي بن معين 3: 74.

(3)

تاريخ يحيى بن معين 2: 24.

(4)

لم أجده في تاريخ بغداد.

(5)

المعرفة والتاريخ 1: 345.

(6)

تاريخ يحيي بن معين 3: 24.

ص: 584

وقال أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد ابنُ عليّ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد البَابَسِيْريّ (a)، قال: حَدَّثَنَا الأحْوَص ابن المُفَضَّل، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عَبْد الحَميْد العَامِريّ -وذَكَرَ إسْحاق بن رَاشِد، يعني- فقال: مَوْلَى بني أُمَيَّة.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم بن الحَرَسْتَانِيّ، عن أبي القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّاميِّ، عنِ أبي بَكْر البَيْهَقيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحافِظ، قال: أخْبرَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر، فيما قَرَأتُه عليهِ، قال: وسُئِلَ -يعني أبا بَكْر مُحَمَّد بن إسْحاق بن خُزَيْمَة- عن إسْحاق بن رَاشِد الجَزَرِيّ الّذي يَرْوي عن الزُّهْرِيّ، فقال: لا يُحْتَجُّ بحَدِيثِهِ.

قال البَيْهَقيِّ: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله، قال: قُلْتُ للدَّارَقُطْنِيّ: فإسْحاق بن رَاشِد الجَزَرِيّ؟ قال: تكَلَّمُوا في سَمَاعه من الزُّهْرِيّ، وقالوا: إنَّهُ وُجِدَ في كتابهِ، والقَوْل عندي قَول مُسَلَّم فيهِ.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن كتابةً، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد بن هبَة الله

(7)

، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد إسْمَاعِيْل بن أبي صَالحِ الكَرْمَانِيّ، وأبو الحَسَن مَكِّيّ بن أبي طَالِب الهَمَذَانيّ، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن حَمْدَان الجلَّاب (b) بهَمَذَان، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن نَصْر، قال: حَدَّثَنَا أبو الوَلِيدِ الطَّيَالِسِيّ، قال: حَدَّثَني صَاحِبٌ لي

(a) في الأصل: بإهمال الباء الموحدة الثانية، ونسبته إلى بابسير قرية من قرى واسط. ياقوت: معجم البلدان 1: 308.

(b) في الأصل بالحاء المهملة: الحلاب، ومثله في أصول ابن عساكر، وأثبتها المحقق بالجيم المعجمة، وهي نسبة لمن يجلب الرقيق والأمتعة والدواب، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 15:477.

_________

(7)

تاريخ ابن عساكر 8: 212.

ص: 585

من أهْل الرَّيّ يُقالُ له: أشْرَس، قال: قَدِمَ علينا مُحَمَّد بن إسْحاق فكان يُحَدِّثُنا عن إسْحاق بن رَاشِد، فقَدِمَ علينا إسْحاقُ بن رَاشِد فجعَل يقول: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ (a)، قال: فقُلتُ لَهُ: أين لقيْتَ ابن شِهَابٍ؟ قال: لم ألْقَهُ، مَرَرْتُ ببَيْت المَقْدِس فوَجَدْتُ كِتَابًا له ثَمَّ.

أخْبَرَنا ابن طَبَرْزَد، فيما أجَازَ لنا روايتَهُ عنهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب ابن سُفْيان

(1)

، قال: سَمِعْتُ عليًّا يقول: أخْبَرَني عَبْدُ الجَبَّار الخَطَّابيّ، قال: أخْبَرَني مَوْلَىً لنا عن إسْحاق بن رَاشِد، قال: قال لي ابن شِهَاب: هل بَقي أحدٌ عندَهُ عِلْم؟ قال: قُلتُ: نَعَم، رَجُلٌ من أهل الكُوفَة يُقالُ لهُ: سُليْمان الأَعْمَش، قال: هَاتِ حَدِّثني عنه، قال: فقُلتُ: لا أحْفَظ، ولكن إنْ شئْتَ جئتُكَ بكتابٍ عندي، قال: هَاتِهِ، فجئتُهُ بكتاب، فقَرَأه فقال: وَيْحَك، ما كُنْتُ أرَى بَقي أحدٌ يُحْسِنُ هذا!.

أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد [

] (b)، قال: أخْبَرَنا أبو عَرُوبَة الحُسَين ابن مُحَمَّد بن مَوْدُود الحَرَّانيّ، في الطَّبَقَةِ الثَّانيَة من التَّابِعِين: إسْحاقُ بن رَاشِد، عَقِبُهُ بحَرَّان، ووَلَدُه يُنْسَبُونَ إلى ولاءِ عُمَر بن الخَطَّاب، ذَكَرَ بعضُهُم أنَّهُ ماتَ بسِجِسْتَان، أحْسبُهُ قال: في خِلَافَة أبىِ جَعْفَر المَنْصُور، وجُلُّ حَدِيثِهِ عند مُوسَى بن أَعْيَن، وقد رَوَى عنهُ عَتَّاب بن بَشِير، وعُبَيْدُ الله بن عَمْرو، وغيرهُم.

(a) كذا مكررة في الأصل، وفوقها علامة التصحيح "صح"، ومثله في تاريخ ابن عساكر. (b) بياض في الأصل قدر ثلاثة أسطر.

_________

(1)

المعرفة والتاريخ 1: 17.

ص: 586

‌حَرْفُ السِّيْن في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌إسْحَاقُ بن سُفْيان بن زيَادٍ، أبو يَعْقُوب

حَدَّثَ بالمصِّيْصَة عن يوسُف بن سَعيد بن مُسَلَّم المِصِّيْصيّ. رَوَى عنهُ القَاضِي مُحَمَّد بنُ أَحْمَد الهاشِميّ المِصِّيْصيّ.

‌إسْحاقُ بن سُلَيمان بن عليّ بن عَبْدِ الله بن عبَّاس، أبو يَعْقُوبَ الهاشمِيُّ

(1)

وَلي الثُّغُور الشَّامِيَّة، وهو أوَّلُ مَنْ جُمِعَتْ له الثُّغُور الشَّامِيَّة.

وذكَرَ أبو بَكْر مُحَمَّد بنُ يَحْيَى الصُّوْلِيّ في كتاب الأوْرَاق أنَّهُ وُلد إسْحاق بن سُلَيمان بن عليّ في سَنَة تِسْعٍ وثَلاثين ومائة.

أنْبَأْنَا عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، عن أبي غَالِب بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبوِ الحُسَيْن (a) المَرَاعِيشيِّ، وأَبو العَلَاء الوَاسِطِيّ، قالا: أخْبَرَنا إبْراهيم بن مُحَمَّد بن عَرَفة، قال: سَنَة أرْبَعٍ وتِسْعِين فيها كان الظَّفَرُ بأهْل حِمْص بعد شِدَّهَ شَوْكَةٍ وامْتِنَاعٍ شَدِيدٍ، وبعد إخْرَاجهم إسْحاق بن سُلَيمان وإيْقَاعِهم بهِ.

(a) الأصل: أبو الحسن. وقد تقدم ذكره كثيرًا بكنيته المثبتة.

_________

(1)

توفي بعد سنة 195 هـ، لولايته لمحمد الأمين. وكان قد تولى الجزيرة للمهدي سنة 160 هـ وعزله في السنة التي تليها، حسبما ذكر الأزدي تاريخ الموصل 239، وترجم له ابن خياط في تاريخه 462 - 463، والبيان والتبيين 1: 335، 3: 351، 367، والطبري 8: 50، 102، 233 - 239، 255 - 256، 347، 374، 388، والخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 7: 340) وهي ترجمة مقتضبة أوردها ابن العديم بنصِّها، ابن الجوزي: المنتظم 8: 343، 9: 3، 10: 3، وابن الأثير: الكامل 6: 108، 118، 121، 140 - 141، 227، ابن خلدون: العبر 8: 8، لسان الميزان 1:364.

ص: 587

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ الخَطِيبُ أبو بَكْر

(1)

، قال: إسْحاقُ بن سُلَيمان بن عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب، أبو يَعقُوبَ الهاشِميِ، كان منِ أُوْلِي الأقْدَار العَاليَة، ووَلي لهَارُونَ الرَّشِيْد المَدِينَةَ والبَصْرَةَ ومِصْر والسِّنْدَ، وولي لمُحَمَّد الأَمِين حِمْصَ وأَرْمِينِيَة.

وذَكَرَ أحْمَد بن مُحَمَّد بن حُمَيْد الجَهْمِيّ النَّسَّابَة أنَّهُ ماتَ ببَغْدَاد.

‌حَرْفُ الصَّاد في آباء مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌إسْحاقُ بن صَالحِ بن عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاس بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميُّ

كان بحَلَب، ووَلي الشَّام في أيَّام الرَّشِيْد، وكان مَوْصُوفًا بالمُرُوءَة والشِّدَّة.

وسَيَّرَ إليَّ بعض الشِّرَاف الأفَاضِل العبَّاسيِّيْن بحَلَب جُزءًا بخَطِّ القَاضِي أبي طَاهِرصالح بن جَعْفَر الهاشميِّ الصَّالِحِيّ، قاضي حَلَب، يَتَضَمَّن نَسَب بني صالح ابن عليّ

(2)

، فذكَرَ فيما قَرَأتُه فيه: أنَّهُ -يعني إسْحاق بن صالح- كان مَوْصُوفًا بالجَلَدِ والشِّدَّة، لم يكُنْ يُعْرَف له شَبِيهٌ في شِدَّتِه، وله أخْبَارٌ كَثِيْرةٌ قد تحَدَّثَ بها النَّاسُ واشْتَهر ذِكْرُها، وُلِدَ بالرُّصَافَة، ومات بسَلَمْيَة (a) عند أخيهِ عَبْدِ الله، وذَكَرَ أنَّ أُمّهُ أمّ وَلدٍ يقال لها: تَوْفِيْق.

(a) ضبطها ابن العديم بتشديد المثناة التحتية، والمشهور التخفيف حسبما ارتضاه ياقوت ووجده في شعر للمتنبي. معجم البلدان 3:240.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 340.

(2)

تقدم التعريف بالكتاب ومؤلفه في الجزء الثاني.

ص: 588

وَقَعَ إليَّ مُدْرَج بخَطِّ الشَّريف هَادِي بن إسْمَاعِيْل بن الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن الحُسَيْنيّ، كَتَبَهُ ووَضَعَهُ وذهَّبَهُ للسُّلْطَان مُحَمَّد بن مَلِكْشَاه، في النَّسَب، فوَجَدْتُ فيه ذِكْر جَمَاعَة من بني صالح بن عليّ، وذَكَر فيهم إسْحاق بن صالح فقال: أُمُّهُ مَرْوَة، ويقال: تَوْفِيْق، أُمّ وَلَد صَاحِب الشَّام، له مُرُوءَة، وكان إذا رَكبَ الرَّشِيْدُ رَكب هو في زيٍّ أحْسَنَ منهُ، فحرصَ الرَّشِيْدُ على هَلَاكه، وأعَدَّ لهُ بِرْذَوْنًا جَمُوحًا في بابٍ ضَيِّق، وأمَرَهُ بركُوبه، فجذَبَهُ إسْحاقُ، فخافَهُ الرَّشِيْدُ، فقال له: أُخْرج عنِّي ووَلَّاهُ الشَّام.

وقَرَأتُ في كتاب مُشَجَّرة وَلد العبَّاس رضي الله عنه لأبي المُنْذِر عليّ بن الحُسَين بن طَرِيف النَّسَّابَة الكُوْفيّ

(1)

، بخَطِّ أبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليِّ العَلَويّ العُمَريّ المَعْرُوف بابنِ الصُّوْفيّ: أُمّ إسْحاق تُدْعَى تَوْفِيْق، وكان شَدِيد العَارِضَةِ، ذا مُرُوءَة، وكان الرَّشِيْدُ إذا رَكب، ركبَ هو بأحْسَن زيّ منه، فَحرصَ الرَّشِيْدُ على قَتْلهِ، فأَعَدَّ لهُ بِرْذَوْنًا جَمُوحًا في بابٍ ضيِّق، وأمَرَهُ بركُوبهِ، ثمّ قال له: ادخُل البَابَ، فجذَبَهُ إسْحاقُ فقطَعَهُ، فقال له الرَّشِيْد: أخْرُج عنِّي، ووَلَّاهُ اليَمَامَات (a).

قُلْتُ: كَذَا رأيته بخَطِّ العُمَرِيّ النَّسَّابَة: اليَمَامَات وعليه ضَبَّة، والصَّحيح: ووَلَّاهُ الشَّامَات.

(a) أشَّر ابن العديم فوقها بحرف "صـ" لوقوع التصحيف فيها وصححه فيما يليه.

_________

(1)

ذكره حاجي خليفة بعنوان: شجرة آل العباس، وأرَّخ وفاة مؤلفه سنة 768 هـ، ولا يصح؛ فهو متقدم على زمن ابن العديم المتوفى سنة 660 هـ، وربما عاصره.

ص: 589

‌إسْحاقُ بن الضَّيْف، وقيل: إسْحاق بن إبْراهيم بن الضَّيْف البَاهِلِيُّ، أبو يَعْقُوب البَصْرِيُّ العَسْكَريُّ

(1)

رَوَى عن مُحَمَّد بن كَثِيْر المِصِّيْصيّ، وحَجَّاج بن مُحَمَّد الأعْوَر، وأبي مُسْهِر الدِّمَشقيّ، ومُعاوِيَة بن عَمْرو، وعَبد الرَّزَّاق وعَبد الوَهَّاب ابني هَمَّام الصَّنْعانيَّيْن، ويَزِيْد بن أبي حَلِيم العَدَنِيّ، ويَعْلَى بن عُبَيْد الطَّنَافِسِيّ، ومُحَمَّد بن مُنِيْب العَدَنيِّ، وخَالِد بن مَخْلَد القَطَوَانيِّ، وأبي عَاصِم النَّبِيْل، وعُثْمان بن عُمَر بن فَارِس، ورَوْح ابن عُبَادَةَ، وأيُّوب بن عليّ، وزَيْد بن السَّكَن الجَنَدِيّ، وعُمَر بن سَهْل المَازِنيِّ، وأبي عَبْدِ الله مُحَمَّد بن الحَجَّاج المُصَفّر البَغْدَاديّ، ومَنْصُور بن أبي نُوَيْرَة، وعُمَر بن عَاصِمِ الكِلابيِّ، وبِشْر بن الحَارِث الحَافِي، وإبْراهيم بن الحَكَم بن أَبَان، وسُليْمان ابن حَرْب، وأبي الأسْوَد.

وحَدَّثَ بحَلَب وعَمَلها؛ فرَوَى عنهُ من أهْلها: أبو العبَّاس يَحْيَى بن عليّ بن هاشِم الكِنْدِيّ، وصالح بن عليّ النَّوْفَليِّ النَّاطِليِّ، وعُمَر بن مُحَمَّد بن نَصْر ومَحْمُود بن مُحَمَّد الحَلَبِيُّون، وأبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن سُلَيمان بن عَبْد العَزِيْز الحَرْمَليِّ، وأبو عِيسَى الحُسَينُ بن إبْراهيم بن عَامِر المَعْرُوف بابنِ أبي عَجْرَم المُقْرِئ الأنْطَاكيَّان، ومن غيرهم: أبو مَسْعُود عبدُ الرَّحْمن بن الحُسَين الصَّابُونيِّ، وأحمد بن يَحْيَى بن زُهَيْر التُّسْتَرِيَّان، وأبو دَاوُد سُليْمان بن الأشْعَث السِّجِسْتَانيِّ، وأبو الأَصْبغَ عَبْدُ العَزِيْز بن سَعيد الهاشميِّ، ومُحَمَّد بن نُوح الجُنْدَيْسَابُورِيّ، وأبو الطَّيِّب مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمْدَان الرَّسْعَنِيّ، وعبد الله ابن إسْحاق المَدَائنِيِّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن نَيْرُوز الأنْمَاطيِّ، ومُحَمَّد بن العبَّاس بن

(1)

توفي بعد سنة 250 هـ، وترجمته في: الثقات لابن حبان 8: 120، الجرح والتعديل 2: 210، تاريخ ابن عساكر 8: 225 - 227، المزي: تهذيب الكمال 2: 437 - 438، تاريخ الإسلام 6: 50، الكاشف 1: 110، تهذيب التهذيب 1: 238، تقريب التهذيب 1: 58، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 443 - 444.

ص: 590

الأخْرَم المَدِيْنيِّ، وأبو بَكْر أحْمَد بنُ عَبْد الله بن مُحَمَّد الوَكِيل (a) وأبو بَكْر أحْمَدُ بن عبد الرَّحْمن بن الجَارُوْد الرَّقِّيّ، والهَيْثَم بن خَلَف الدُّوْرِيّ، وإسْحَاق بن عَبْد الله بن سَلَمَة، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن عِرْس المِصْرِيّ، ومُحَمَّد بن يَعْقُوبَ الأهْوَازِيّ، ومُحَمَّد بن زُرَيْق ابن جَامِع المَدِيْنيِّ المِصْرِيّ، وأحمد بن إبْراهيِم بن الحَكَم، ومُحَمَّد بن عَزْرَة، وِالفَضْل بن الحُسَين الأهْوَازِيّ، وأبو حَاتِم الرَّازِيُّ، وعُمَر بن حَفْص بن عَمْرُويَه، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد ابن يَحْيَى الفِرْيَابيِّ، وأبو الحَسَن قُسْطَنْطِين بن عَبْد الله الرُّوميّ مَوْلَى المُعْتَمد، وهَيْثَم بن مُجَاهِد، وعُبَيْدُ الله بن مُحَمَّد الكُوْفيّ، ومُحَمَّد بن الحَسَن بن قُتَيْبَة.

أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ الحُسَين بن هِبَةِ الله بن مَحْفُوظ بن صَصْرَى الدِّمَشقيّ بها، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى حَمْزَة بن أحْمَد بن فَارِس بن المُنَجَّا بن كَرَوَّس السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا الفَقِيهُ الزَّاهِدُ نَصْرُ بن إبْراهيم بن نَصْر المَقْدِسِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو المُعَمَّر مُسَدَّد بن عليّ بن عَبْد الله الحِمْصِيّ، قال: حَدَّثنا أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن الحَسَن ابن إبْرَاهيم العَتَكيِّ الأنْطَاكيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْدُ العَزِيْز بن سُلَيمان ابن عَبْد العَزِيْز الحَرْمَلِيّ، بالحَرمَلِيَّةِ، أنَّ إسْحاقَ بن الضَّيْف حدَّثَهُم، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَنا مَعْمَر، عن هَمَّام بن مُنَبِّه، أنَّهُ سَمِعَ أبا هُرَيْرَة يقول

(1)

:

(a) في الأصل: الموكل، وعليها أثر تصحيح، وهر المعروف بوكيل أبي صخرة. انظر: تاريخ بغداد 5: 379، تاريخ ابن عساكر 8:226.

_________

(1)

ابن حنبل: المسند 18: 45 (رقم 92559) عن محمد بن زياد عن أبي هريرة، مسند أبي يعلى الموصلي 10: 437 (رقم 6050)، عن ابن سيرين عن أبي هريرة، وأخرجه الطبراني: المعجم الصغير 140 (رقم 336)، عن ابن سيرين عن أبي هريرة، البغوي: شرح السنة 6: 57 (رقم 1586)، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 13: 351 - 353 (رقم 6005 - 6006) عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 12: 256 (رقم 6913)، عن محمد بن زياد عن أبي هريرة، سنن النسائي بشرح السيوطي 5: 45 - 46 (رقم 2497، 2498)، من طرق مختلفة عن أبي هريرة ليس فيهم همام بن منبه، وينظر المسند الجامع 17: 367 (رقم 13767 - 13768) عن محمد بن زياد ومحمد بن سيرين عن أبي هريرة.

ص: 591

قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: المَعْدِنُ جُبَارٌ، والنَّارُ جُبَارٌ، والعَجْمَاءُ جُبَارٌ، وفىِ الرِّكَاز الخُمُس.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، عنِ الفَضْل بن سَهْل الحَلَبيِّ، قال: أنْبَأنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عُمَر بن القَاسِم النَّرْسِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن إبْراهيم الشَّافِعيِّ، قال: حَدَّثَنَا هَيْثَم ابن مُجَالِد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن الضَّيْف، قال: قال لنا بِشْر بن الحَارِث: إنَّكَ قد أكْثَرت مُجَالَسَتي ولي إليكَ حَاجَةٌ، إنَّك صَاحِبُ حَدِيْثٍ وأخَافُ أنْ تُفْسِدَ عليَّ قَلْبي، فأُحِبُّ أنْ لا تَعُودَ إليَّ، فلم أَعُدْ إليهِ.

أنْبَأْنَا زَيْن الأُمَناءَ أبو البَرَكَات بن مُحَمَّد، قال: أخْبرَنا عَمِّى أبو القَاسِم بن الحَسَن

(2)

، قال: كَتَبَ إليَّ أبوِ زَكَرِيَّاء يَحْيَى بنُ عَبد الوَهَّاب بن مَنْدَة، وحَدَّثَني أبو مَسْعُود عَبْد الجَلِيْل بن مُحَمَّد، وأبو بَكْر مُحَمَّدُ بن شُجَاعٍ عنهُ، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم، عن أَبيهِ أبي عَبْد الله، قال: قال لنا أبو سَعيد بن يُونُسَ

(3)

: إسْحاق بن الضَّيْف البَاهِليِّ، بَصْرِيٌّ، قَدِمَ مِصْر، وكَتَبْتُ عنهُ.

وأنْبَأنَا زَيْنُ الأُمَناء، قال: أخْبرَنا عَمِّي

(4)

، قال: في نُسْخَة ما أخْبَرَنا بهِ أبو عَبْد الله الخَلَّال شفَاهًا (a)، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، ح.

(a) كتب ابن العديم إزاءه في الهامش مخرجًا لم يعين موضعه، في أوله طمس، وهو: "

عن أحمد بن شبويه ابن ثابت الخزاعي المروزي"، ولم نجده في موضع النقل من تاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

لم أقف على هذا النقل في تاريخ بغداد، ولم يفرد الخطيب البغدادي لابن الضيف ترجمة في كتابه.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 227.

(3)

لم أقف على ذكر له في تاريخ ابن يونس الصدفي.

(4)

تاريخ ابن عساكر 8: 227.

ص: 592

قال: وأخْبَرَنا ابن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْد الله إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا ابنُ أبي حَاتِم

(1)

، قال: إسْحاقُ بن إبْراهيم بن الضَّيْف البَاهِلِيّ، روَى عن عَبد الرَّزَّاق وعَبد الوَهَّاب ابني هَمَّام، وإبْراهيم بن الحَكَم بن أَبَان، ومُحَمَّد بن مُنِيْب. رَوَى عنهُ أبي، وسُئِلَ عنهُ أبو زرْعَة (a) فقال: صَدُوقٌ.

‌حَرْفُ العَيْن في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌ذِكْرُ مَنْ اسْمُ أبيْهِ عَبْد الله

‌إسْحاقُ بن عَبْدِ الله بن إبْراهيم بن عَبْدِ الله بن سَلَمَة، أبو يَعْقُوب البَزَّاز الكُوْفيُّ

(2)

رَحَل إلى الشَّام، وسَمِعَ بمَعَرَّة النُّعْمَان مُحَمَّد بن تَمَّام بن عَيَّاش التَّنُوخيِّ، وبالمِصِّيْصَةِ أحْمَد بن مُطَهَّر المِصِّيْصيّ، وحَدَّثَ عنهُما، وِعن مُحَمَّد بن زِيَاد الزِّياديّ، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحيم المِصْرِيّ، وأبي حَاتِم مُحَمَّد بن [إدْريس](b) الرَّازِيَّ، وأحمد ابن ثَابِت الخُجَنْدِيّ، وأبىِ قِرْصَافَة العَسْقَلانِيّ، ويَحْيَى بن مُعَلَّى بن مَنْصُور، ويُوسُف بن مُوسىَ القَطَّان، ومُحَمَّد بن جَابِر المُحَارِبيِّ.

رَوَى عنهُ عليّ بن مُحَمَّد بن لُؤْلُؤ، وأبو أحْمَد عَبْد الله بن عَدِيّ الحافظ، ومُحَمَّد ابن الحَسَن بن مِقْسَم المُقْرِئ، ومُحَمَّد بن المُظَفَّر الحافِظ، ومُحَمَّد بن عليّ النَّاقِد (c).

(a) الجرح والتعديل: سئل أبي عنه.

(b) في الأصل: إسحاق، وهو مشهور معروف.

(c) بعده في الأصل بياض قدر ثمانية أسطر.

_________

(1)

الجرح والتعديل 2: 210.

(2)

توفي سنة 307 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 7: 423 - 424، ابن الجوزي: المنتظم 13: 190، الذهبي: تاريخ الإسلام 7: 115، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 130 - 131.

ص: 593

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: إسْحاقُ بن عَبْد الله بن إبْراهيم بن عَبْد الله بِن سَلَمَة، أبو يَعْقُوب البَزَّاز (a) الكُوْفيُّ، سَكَنَ بَغْدَاد في قَطِيْعَة الرَّبِيْع، وحَدّثَ بها عن مُحَمَّد بن زِيَاد الزِّيَادِيّ، وأحمد ابنِ ثَابِت الحَجْدَرِيّ (b)، وأبي بُجَيْر مُحَمَّد بن جَابِر المُحَارِبيِّ، ويُوسُف بن مُوسَى القَطَّان، ومُحَمَّد بن عبد الرَّحيم المِصْرِيّ المَعْرُوف ببُنَان، وأحمد بن المُطَهَّر المِصِّيْصيّ، ويَحْيَى بن مُعَلَّى بن مَنْصُور، وأبي حَاتِم الرَّازِيّ، وأبي قِرْصَافَة مُحَمَّد بن عَبد الوَهَّاب العَسْقَلانيِّ.

رَوَى عنه مُحَمَّد بن الحَسَن بن مقْسَم المُقْرِئ، ومُحَمَّد بن عليّ بن حُبَيْش النَّاقِد، ومُحَمَّد بن المُظَفَّر، وعليّ بن مُحَمَّد بن لُؤْلُؤ، وغيرهم. وكانَ ثِقَةً، سَافَرَ إلى الشَّامِ ومِصْرَ، وكَتَبَ عن شُيُوخ تلك البِلَادِ، وصَنَّفَ المُسْنَدَ، واسْتَوْطَن بَغْدَاد إلى حين وَفَاتِه.

أخْبَرَنا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قِراءَةً عليهِ بحَلَب وأنا أسْمَعُ، قيل لهُ: أخْبَرَكم الوَزِيرأبو القَاسِمِ عليّ بن طَرَّاد بن مُحَمَّد الزَّيْنَبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة بن إسْمَاعيْل الإسْمَاعِيْليّ، ح.

قال ابنُ طَبَرْزَد: وأخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو السُّعُود بن المُجْلِي (c) وغيرهما، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا منهم، أو من أحَدِهِم، كُلّهم عن أبي القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم حَمْزَة بنِ يُوسُفَ، قال: سَألْتُ الدَّارَقُطْنيِّ عن إسْحاق بن عَبْد الله، أبي يَعْقُوبَ الكُوْفيّ البَزَّاز، فقال: ثِقَةٌ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العبَّاس، قال:

(a) الأصل: البزار.

(b) في الأصل: الخُجندي، والتصويب من تاريخ بغداد (أصل النقل)، وانظر ترجمته في تهذيب الكمال للمزي 1: 281 - 282، وتهذيب التهذيب 1: 21، وتقريب التهذيب 1:12.

(c) في الأصل: وابن مسعود المجلي، ومضى التعريف به وبيان وجه الصواب فيه، انظر فيما تقدم الجزء الثاني.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 423.

(2)

تاريخ بغداد 7: 424.

ص: 594

قُرئَ على ابن المُنَادِيّ وأنا أسْمَعُ، قال: وماتَ أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيمِ (a) الكُوْفيّ في يَوْم الأرْبَعَاء لأرْبَع عَشرة خَلَتْ من شَوَّال سَنَة سَبْعٍ وثَلاثِمائة، أحَدُ الثِّقات.

قُلْتُ: نَسَبهُ ابنُ المُنَادِيّ إلى جَدِّه إبْراهيم ولم يَذْكُر أبَاهُ.

‌إسْحاقُ بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة، وقيل: ابن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أبي فَرْوَة -واسْمُ أبي فَرْوَة: عبدُ الرَّحْمن، وقيل: كَيْسَان -ابن الأَسْوَد بن سَوَادَة- وقيل: الأَسْوَد بن عَمْرو- ابن رِيَاش

(1)

، أبو سُليْمان القُرَشيِّ المَدَنيِّ

(2)

.

من أهل المَدِينَة، مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان رضي الله عنه.

كانَ يَصْحَبُ صالحِ بن عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاسِ بحَلَبَ وغيرها من بِلَادِ الشَّام. حَكَى عن مُعاوِية بن أبي سُفْيان، وحَدَّثَ عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، ونَافِع مَوْلَى عَبْد الله بن عُمَر، وزَيْد بن أسْلَم، والزُّهْرِيّ، وعَمْرو بن شُعَيْب، ومُجَاهِد بن

(a) وضع فوقه "صـ" لوقوع الغلط فيه، ونبه عليه بعد انتهاء النقل.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر: رياس.

(2)

توفي ابن أبي فروة سنة 136 هـ، وقيل: 144 هـ، وترجمته في: تاريخ يحيى بن معين 2: 27، تاريخ خليفة 421، طبقات خليفة 266، تاريخ البخاري الكبير 1: 396، الدولابي: الكنى والأسماء 1: 193 - 194، تاريخ الطبري 2: 410، 485، 3: 240، 479، 5: 153، 239، 6: 156، 188، ابن حبان: كتاب المجروحين 1: 131 - 132، الثقات لابن حبان 8: 114 - 115، الجرح والتعديل 2: 227 - 228، الكامل لابن عدي 1: 320 - 323، تاريخ ابن عساكر 8: 243 - 255، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 12: 127، المزي: تهذيب الكمال 2: 446 - 454، تاريخ الإسلام 3: 814، الكاشف 1: 111، ميزان الاعتدال 1: 193 - 194، تهذيب التهذيب 1: 240 - 242، تقريب التهذيب 1: 59، الوافي بالوفيات 8: 417، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 446 - 448.

وِكان موضع هذه الترجمة في أول مَن ترجم لهم في حرف العين في آباء من اسمه إسحاق، وكتب أسفلها:"تؤخَّر هذه الترجمة بعد إسحاق بن عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن سلمة"، فأجريناهُ بحسب ما أشار، ولم نغير ترقيم الصفحات.

ص: 595

جَبْر، ومُحَمَّد بن يُوسُفَ المَدَنيِّ مَوْلَى عَمْرو بن عُثْمان، وخارِجَة بن زَيْد بن ثَابِت، وعَبْد الرَّحمن بن هُرْمُز الأعْرَج، ومُوسَى بن وَرْدَان، وزَيْد بن أسْلَم، وأبي الزُّبَيْر، وإبْراهيم بن مُحَمَّد بن أسْلَم، وإبْراهيم بن عَبْدِ الله بن حُنَيْن، وعِيسَى بن عبد الرَّحْمن ابن أبي لَيْلَى، ومالك بن أنس، ومَكْحُول الفَقِيه، ورُزَيْق بن حُكَيْم (a) الأيْليِّ.

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن شُعَيْب، واللَّيْث بن سَعْد، ويَحْيَى بن حَمْزَة، وعَمْرو بن الحَارِث، وعُمَر بن عَبْد الوَاحِد، وإسْمَاعِيْل بن عَيَّاش، وعبد الله بن لَهِيْعَة، والوَلِيد ابن مُسْلِم، وأبو بَكْر بن أبي سَبْرَة، ومَرْوَان بن جَنَاح، وإبْراهيم بن مُحَمَّد بن أبي يَحْيَى، والقَاسِم بن هِزَّان الخَوْلانيِّ، وشُعَيْب بن أبي حَمْزَة الحِمْصِيُّ (b).

أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر القُرَشيِّ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو السَّعَادَات ابن عبد الرَّحْمن، وشُهْدَةُ بنتُ أحْمَد بن الإِبَرِيّ، ح.

وأخْبَرَنا أبو البَقَاءِ يَعِيْشُ بن عليّ بن يَعِيْش المُعَدَّلُ، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل بن أحْمَد الطُّوْسيّ، قالوا: حَدَّثَنَا الحَاجِبُ أبو الحَسَن بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن بِشْرَان، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس الكِنْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا العبَّاسُ بن عَبْدِ الله التَّرْقُفِيّ، قال: حَدَّثَنَا بُسْرَةُ بن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو مَعْشَر، عن إسْحاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة، قال: مَنْ لم يُبَال ما قال ولا ما قيل فيهِ فهو لولَد شَيْطَان أو ولد غيَّة.

أخْبَرَنا أبو حَفْص بن طَبَرْزَد، فيما أَذِنَ لَنا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد ابن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَعْرُوف، قال: حَدَّثَنَا الحُسَينُ بن الفَهْم، قال: حَدَّثَنَا

(a) كذا جوَّده في الأصل بالضم مصغرًا، وهو وجه فيه.

(b) بعده بياض قدر أربعة أسطر من الصفحة، وثلاثة أسطر من التي تليها.

ص: 596

مُحَمَّد بن سَعْد، قال: أخْبَرَنا الفَضْلِ بن دُكَيْن، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلام بن حَرْب، عن إسْحاق بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة، قال: خَطَبَنا مُعاوِيَةُ وعليه ثَوْبٌ أخْضَر.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمن الكُشْمَيْهَنيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن مَنْصُور السَّمْعَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْمِ أحْمَد بنُ عَبْدِ الله الحافِظُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبدِ الوَهَّاب، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن هَارُون، قال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بن رُشَيْد، قال: حَدَّثَنَا بَقِيَّة، عن عُتْبَة بن أبي حَكِيم، عن إسْحاق بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَةَ

(1)

: أنَّهُ جَلَسَ بالمَدِينَةِ في مَجْلِس الزُّهْرِيّ، فجعَل إسْحاقُ يقولُ: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم. فقال الزُّهْرِيّ: قاتَلَك اللهُ يا ابن أبي فَرْوَة ما أجْرَأكَ على اللهِ، أَسْنِد حَدِيثَكَ، تُحَدِّثُونَنَا بأحَادِيْث ليسَتْ لها خُطُمٌ ولا أَزِمَّةٌ.

أخْبَرَنا أحْمَدٌ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانيِّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا أَبو المَيْمُون بن رَاشِد، قال: حَدَّثَنَا أبو زُرْعَة

(3)

، قال: حَدَّثَني سُليْمان بن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنَا ابن وَهْب، عن حَرْمَلَة بن عِمْران، عن سُليْمان بن حُمَيْد، قال: كَتَبَ إسْحاقُ بن أبي فَرْوَة إلى عُمَر بن عَبْد العَزِيْز يَسْتَأذنُهُ في القدُومِ عليهِ، فكتَبَ: الشُّقَّةُ بَعِيْدةٌ، والوَطْأَةُ ثَقيلَةٌ، والنَّيْل قليلٌ، وأنا عنكَ رَاضٍ (a).

(a) تاريخ ابن عساكر: ولا أنا عنك راض. والمثبت موافق لما عند أبي زرعة.

_________

(1)

انظر أدب الإملاء والاستملاء للسمعاني 110 - 111.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 244 - 245.

(3)

تاريخ أبي زرعة 1: 310.

ص: 597

كَتَبَ إلينا أحْمَد بن أزْهَر السَّبَّاك أنَّ أبا بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي أخْبَرَهم، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوْهَرِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا أبو أَيُّوبَ سُليْمان بن إسْحاق بن إبْراهيم بن الخَلِيل الجلَّابُ، قال: حَدَّثَنَا الحَارِثُ ابن أبي أُسامَةَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(1)

، قال: في الطَّبَقَةِ الخامِسَةِ من أهل المَدِينَة: إسْحاق بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة، ويُكْنَى أبا سُليْمان، وكان أبو فَرْوَة مَوْلَى لعُثْمان بن عَفَّان، ويقُولون أنَّ عُبَيْد الحَفَّار جَاءَ بأبي فَرْوة عَبْدًا مكانَهُ، فأعتقَهُ عُثْمان بعد ذلك، وكان أبو فَرْوَة يَرى رأي الخَوَارِج، وقُتِلَ مع ابن الزُّبَيْر، فدُفِنَ في المَسْجِد الحَرَام.

وقال بعضُ وَلده: إنَّهُ من بَلِيّ، وأنَّ اسْمَهُ الأَسْوَد بن عَمْرو، وكان ابنُه عَبْد الله بن أبي فَرْوَة مع مُصْعب بن الزُّبَيْر بن العَوَّام بالعِرَاق، وكان مُصْعَب يَثِقُ به فأصَاب معه مَالًا عَظيْمًا.

وكانت لإسْحاق بن عَبْدِ الله حَلْقَة في مَسْجِد رسُول الله صلى الله عليهِ، يَجْلِسُ إليه فيها أهلُهُ، وهم كَثِيْرٌ بالمَدِينَة، وكان إسْحاقُ معِ صَالحِ بن عليّ بالشَّام، فسَمِعَ منه الشَّامِيُّون، ثمّ قَدِمَ المَدِينَة فماتَ بها سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومائة في خِلَافَة أبي جَعْفَر، وكان إسْحاق كَثِيْر الحَدِيْث، يروي أحَادِيْث مُنْكَرَةً، ولا يَحْتَجُّون بحديثهِ.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر اللَّفْتُوانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عُمَر بن أَبَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد، قال: في الطَّبَقَةِ الرَّابعة من أهل المَدِينَة إسْحاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة، ويُكْنَى أبا سُليْمان، مَوْلَى لآلِ عُثْمان بن عَفَّان، ماتَ بالمَدِينَة سَنَة أرْبَعِ وأرْبَعين ومائة.

(1)

لم أقف عليه في طبقاته، وهو في تاريخ ابن عساكر 8:245.

ص: 598

أنْبَأنَا أبو اليُمْن بن الحَسَن، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن الحَسَن، وأبو الفَضْل بن خَيْرُون، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحَسَن بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن أحْمَد بن إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَة بنُ خَيَّاط

(1)

في طَبَقَات أهل المَدِينَة، قال: إسْحَاق بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة، يُكْنَى أبا سُليْمان، مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان، ماتَ سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومائة.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْدِ الله البَغْدَاديّ إذْنًا، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، وأبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، وأبو الغَنائِم بن النَّرْسيِّ -واللَّفْظُ له- قالوا: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانيِّ -قال ابنُ خَيْرُون: ومُحَمَّد [بن](a) الحَسَن الأصْبَهَانيِّ- قالا: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: قال لنا أبو عَبْد الله البُخاريّ

(2)

: إسْحاق بن عَبْدِ الله ابن أبي فَرْوَة، أبو سُليْمان، مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان، مَدَنِيٌّ قُرَشِيٌّ، قال ابنُ سَهْلٍ: تَرَكه.

قال ابنُ نَاصِر: أخْبَرَنا أبو الفَضْل المَكِّيُّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو حَاتِم الوَائلِيِّ، قال: حَدَّثَنَا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن، قال: أخْبَرَني أبي، قال: أبو سُليْمان إسْحاقُ بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة مَدَنِيٌّ مَتْروكٌ، أخْبَرَنا مُعاوِيَة بن صَالِح، عن يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: إسْحاقُ بن أبي فَرْوَة مَدَنِيٌّ لا يُكْتَبُ حَدِيثُه، ليسَ بشَيءٍ.

(a) ساقطة من الأصل، وورد الاسم هكذا عند ابن عساكر، وقد تكرر في عديد الروايات التي زاد فيها ابن خيرون على السند بالكنية: أبو الحسين الأصبهاني.

_________

(1)

طبقات خليفة 266.

(2)

تاريخ البخاري الكبير 1: 369.

ص: 599

أنْبَأنَا أحْمَد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّقَّانيِّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَنْصُور بن خَلَف، قال: أخْبَرنا مُحمَّد بن عَبْد الله بن حَمْدُونَ، قال: أخْبَرَنا مَكّيِّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(2)

يقول: أبو سُليْمان إسْحَاق بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة المَدَنيِّ ضَعِيْفُ الحَدِيْث.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل، قِراءَةً عليهِ بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفيِّ، قال: سَمِعْتُ القَاضِي أبا الفَتْح إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد المَاكيِّ يقُول: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخَلِيل بن عَبْدِ الله ابن أحْمَد الخَلِيْليّ الحافِظَ يقُول

(3)

: إسْحَاق بنِ عَبْدِ الله بن مُحَمَّد بن أبي فَرْوَة المَدَنيِّ غير مُتَّفَقٍ عليهِ، ولا مُخَرَّجٍ في الصِّحَاحِ، رَوَى عن مالكٍ.

أنْبَأنَا أبو الفَرَج بن القُبَّيْطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبِنُوسيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(4)

، قال: حَدُّثَنَا عليّ بن أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن سَعيد (a) بن أبي مَرْيَم، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقول: إسْحَاق بن أبي فَرْوَة ليس بشيءٍ؛ لا يُكْتَبُ حَدِيثُه.

قال ابنُ عَدِيّ

(5)

: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد

(6)

، قال: حَدَّثَني مُعاوِيَةُ بن صالِح، عن يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: إسْحاقُ بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة مَدِيْنِيٌّ، حديثُه ليسَ بذاك. وفي مَوضِعٍ آخر: لا يُكْتَبُ حَدِيثُه، ليسَ بشيءٍ.

(a) ابن عدي: ابن سعد.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 246.

(2)

الكنى والأسماء للإمام مسلم 1: 372.

(3)

كتاب الإرشاد للخليلي 1: 228.

(4)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 320.

(5)

ابن عدي: الكامل 1: 320.

(6)

الدولابي: الكنى والأسماء 1: 194.

ص: 600

وقال ابنُ عَدِيّ

(1)

: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي بَكْر، ومُحَمَّد بن أحمد -يعني ابن حَمَّاد- وعَبْد المَلِك بن مُحَمَّد، قالوا: حَدَّثَنَا عبَّاس، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن

(2)

يقول: عبدُ الحَكِيم بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة، وعَبْدُ الأعْلَى (a) بن أبي فَرْوَة، وآخرٌ من بني فَرْوَة، وقال ابنُ حَمَّاد: وصالح بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة ثِقَاتٌ إلَّا إسْحاق، وأبو عَلْقَمَة عَبْد الله بن مُحَمَّد الفَرْوِيّ ابن عَمِّهم، وهو ثِقَةٌ.

قال ابنُ عَدِيّ

(3)

: حَدَّثَنَا الحَسَن بن سُفْيان، قال: حَدَّثَنَا إبْراهيم بن يَعْقُوب، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَنْبَل يقول: لا تَحلّ عندي الرِّوَايَة عن إسْحَاق بن أبي فَرْوَة؛ قال: ما هو بأهْلٍ أنْ يُحْمَلَ عنهُ، ولا يُرْوَى عنهُ.

وقال

(4)

: حَدَّثَنَا ابن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن إسْحَاق، قال: حَدَّثَنَا عليّ، قال: إسْحَاق بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة مَدِيْنِيُّ مُنْكَر الحَدِيْث.

وقال

(5)

: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن العَرَّاد، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن أبي شَيْبَة، قال: سَمِعْتُ عليّ بن عَبْد الله يقول: لم يُدْخِل مَالِكٌ في كُتُبِه ابنَ أبي فَرْوَة.

وقال

(6)

: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى بن أحْمَد (b)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد الحَكَم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَاصِم بن حَفْصٍ -وكان من ثِقَات أصْحَابنا- قال:

(a) في تاريخ ابن معين: إسحاق، ليوافق الاستثناء المذكور في الرواية.

(b) ابن عدي: آدم.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 1: 320.

(2)

تاريخ يحيى بن معين 3: 184، 227.

(3)

ابن عدي: الكامل 1: 320.

(4)

ابن عدي: الكامل 1: 321.

(5)

ابن عدي: الكامل 1: 321.

(6)

ابن عدي: الكامل 1: 321.

ص: 601

حَجَجْتُ ومَالِك حَيٌّ، فلم أَرَ أهل المَدِينَة يَشكُّون أنَّ إسْحاقَ بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة مُتَّهم، قُلْتُ لهُ: في ماذا؟ قال: في الإسْلَام.

قال

(1)

: وقال عَمْرو بن عليّ: إسْحَاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة مَتْرُوك الحَدِيْث.

أنْبَأنَا سَعيد بن هاشِم بن أحْمَد، عن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، قال: أنْبَأنَا أحْمَد بن عليّ الحافِظ

(2)

، قال: أخْبَرَني مُحَمَّد بن الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا دَعْلَج بن أحْمَد، قالا: أخْبَرَنا أحْمَد بنُ عليّ الأبَّار، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد الحَكَم، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَاصِم المِصْرِيّ -وكان من أهْل الصِّدْق- قال: قَدِمْتُ المَدِينَة ومالك ابن أنَس حَيّ، فلَم أَرَ أهل المَدِينَة يَشكُّونَ أنَّ إسْحاقَ بن أبي فَرْوَة مُتَّهَمٌ على الدِّيْن.

قال أحْمَد بن عليّ الحافِظ: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل ابن خَمِيْروْيَه، قال: أخْبَرَنا أبوِ عليِّ الأنْصَاريّ، قال: سَمِعْتُ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَمَّار يقُول: إسْحاقُ بن أبي فَرْوة ضَعِيْفٌ. وقال في مَوضِعٍ آخر، عن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَمَّار: إسْحَاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوة ضَعِيْفٌ ذَاهِبٌ.

كَتَبَ إلينا أبو القَاسِمِ بن مُحَمَّد الأنْصَاريّ أنَّ أبا المُظَفَّر عَبْد المُنْعِم بن عَبْد الكَريم أخْبَرَهم، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله الحافِظ، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيّ يقول: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّدَ بن إسْحَاق بن خُزَيْمَة يقول: سَمِعْتُ أحْمَدَ بن الحَسَن التِّرْمِذيّ يقول: سَمِعْتُ أحْمَد بن حَنْبَل يقول: لا أكْتُبُ حَدِيثَ أرْبَعة: مُوسَى بن عُبَيْدة، وعَبْد الرَّحمن بن زِيَاد بن أَنْعُم، وجُوَيْبر بن سَعِيد، وإسْحَاق بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة.

(1)

ابن عدي: الكامل 1: 321.

(2)

لم يترجم له في تاريخ بغداد، ولم نجد كلامه هذا ولا الذي يليه في المتاح من مؤلفاته.

ص: 602

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم ابن الحَسَن

(1)

، قال: في نُسْخَة ما أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الخَلَّال إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، ح.

قال ابنُ مَنْدَة: وأخْبَرَنَا حَمْدُ بن عَبْدِ الله إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا ابن أبي حَاتِم

(2)

، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: إسْحَاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة ذَاهِبُ الحَدِيْث، مَتْرُوك الحَدِيْث. وسَمِعْتُ أبا زُرْعَة يقول: إسْحَاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة ذَاهِبُ الحَدِيْث، مَتْرُوك الحَدِيْث، وكان في كتابنا حَديث عنه فلم يَقْرأه علينا. وقال: أضْعَفُ ولد أبي فَرْوَة إسْحاق.

وقال

(3)

: ذَكَر أبي، عن إسْحَاق بن مَنْصُور الكَوْسَج، عن يَحْيَى بن مَعِيْن أنَّهُ قال: إسْحَاق بن أبي فَرْوَة لا شيء، قال: وحَدَّثَنَا عليّ بن الحَسَن الهِسِنْجَانِيّ، قال: سَمِعْت يَحْيَى بن مَعِيْن يقول: إسْحَاق بن أبي فَرْوَة كَذَّابٌ.

ذَكَرَ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيم بن هَانئ الكَتَّانِيّ أنَّهُ سَأل أبا حَاتِم الرَّازِيّ عن إسْحَاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة، أبي سُليْمان المَدِيْنِّي، مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان، فقال: ضَعِيْف الحَدِيْث.

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم

(4)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد لَفْظًا، عن أبي نَصْر بن الجَبَّان، عن أحْمَد بن القَاسِم المَيَانِجِيّ، قال: حَدَّثَني أحْمَد بن طَاهِر بن النَّجْم، قال: أخْبَرَنا أبو عُثْمان سَعيد بن عَمْرو، قال: وكان أبو زُرْعَة قد أخْرَجَ أسَامِي الضُّعَفَاءِ ومَنْ

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 254.

(2)

الجرح والتعديل 2: 228.

(3)

الجرح والتعديل 2: 228.

(4)

تاريخ ابن عساكر 8: 254.

ص: 603

تُكلِّم فيهم من المُحَدِّثِيْن، فنَسَخْتُ هذه الأسَامِي من كتابهِ الّذي نَاوَلني من يَده بخَطِّه، ولم أسْمَعْهُ منه ومنهم: إسْحاقُ بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة.

قال أبو القَاسِم

(1)

: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن بِطْرِيْق بن بُشْرَى، قال: أخْبَرَنا أبو تَمَّام عليُّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، وأبو الغَنائِم بن الدَّجَاجِيّ في كتابيهما عن أبي الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، قال، ح.

قال أبو القَاسِم: وأخْبَرَنَا أبو عَبْد الله البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو يَاسِر مُحَمَّد ابن عَبْد العَزِيْز بن عَبْد الله الخَيَّاط، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن غالب الخُوارَزْمِيِّ إجَازَةً، قال: هذا ما وافقْتُ عليه أبا الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ منِ المَتْرُوكين، فذَكَرَهُم وفيهم: إسْحَاق بن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة -زَادَ ابن بِطْرِيْق: مَتْرُوك- قالا: وله ثلاثة أخوة ثِقَات، وابن عَمّهم أبو عَلْقَمَة ثِقَة.

أخْبَرَنا عَبْدُ الصَّمَد بن الحَرَسْتَانِيّ إذْنًا، عن أبي الحَسَن عليّ بن المُسَلَّم الفَقِيه، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج الإسْفَرَاينِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُنِير، قال: أخْبَرَنا الحَسَن بن رَشِيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: إسْحَاق بن عَبْدِ الله ابن أبي فَرْوَة، مَتْرُوكُ الحَدِيْث، ثمّ ذَكَرَهُ النَّسَائِيّ في الطَّبَقَةِ العَاشِرَة من أصْحَاب نَافِع المَتْرُوك حَدِيثهُم.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّب، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن الطَّبَريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عَبْد الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيان

(2)

، قال:

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 254 - 255.

(2)

المعرفة والتاريخ 3: 55.

ص: 604

بابُ مَنْ يُرْغَبُ عن الرِّوَايَة عنهم، وكُنْتُ أسْمع أصْحَابنا يُضَعِّفونهم منهم: إسْحاق ابن عَبْدِ الله بن أبي فَرْوَة، وآلُ أبي فَرْوَة كُلّ من حَدَّثَ عنهُ ثِقَةٌ إلَّا إسْحَاق بن أبي فَرْوَة لا يُكْتَبُ حَدِيثُه.

كَتَبَ إلينا أبو رَوْح عَبْدُ المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل أنَّ زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيِّ أخْبَرَهُم عن أبي بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحافِظ، قال: أخْبرَني أبو بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفَر، قال: سُئِلَ أبو بَكْر مُحَمَّد بن إسْحَاق عن إسْحَاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة؟ فقال: لا أحْتَجُّ بحَدِيثه، وهم أخوة: إسْحَاق، وعبد الحَكِيم، وعَبْدُ الأعْلَى بنُو أبي فَرْوَة.

أنْبَأنَا زَيْن الأُمَناء ابن عَسَاكِر، قال: أخْبَرَنا عَمِّي أبو القَاسِم

(1)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الرَّبَعِيِّ ورَشَاء بن نَظِيف، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مُحَمَّد البَصْرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن دَاوُد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن يُوسُف بن خِرَاش، قال: إسْحَاق بن أبي فَرْوَة كَذَّابٌ.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل جَعْفَر بن أبي البَرَكَات في كتابه، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب المَيْدانيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو هَاشِم السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثَنَا القَاسِم بن عِيسَى العَصَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو إسْحَاق إبْراهيم بن يَعْقُوبَ الجُوزْجَانِيّ، قال: إسْحَاق بن أبي فَرْوَة، سَمِعْتُ ابنَ حَنْبَلٍ يقُول: لا يَحلُّ الكتاب عنهُ.

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 254.

ص: 605

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن الكِنْدِيّ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاءِ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد ابن أحْمَد البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا الأحْوَصُ بن المُفَضَّل بن غَسَّان الغَلَابِيّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: وحدَّث الوَاقِدِيُّ، عن مُحَمَّد بن سَلَمَة بن بَحْت (a) عن إسْحاق بن أبي فَرْوَة، وليس بِثقَة عند يَحْيَى بن مَعِيْن.

وقال الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي ثَابِت بن بُنْدَار البَقَّال، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاءَ مُحَمَّد بن عليّ الوَاسِطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُوسَى البَابَسِيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو أُمَيَّة الأحْوَصُ بن المُفَضَّل بن غَسَّان الغَلَابِيّ، قال: حَدَّثنَا أبي، قال: حَدَّثنَا يَحْيَى بن مَعِيْن، قال: إسْحاق بن أبي فَرْوَة، والحَكَم الأيْلِيّ، وابن أبي يَحْيَى لا يُكْتَبُ حَدِيْثُهم.

وقال الأنْمَاطِيّ: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن العَتِيْقِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عَمْرو العُقَيْلِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عليّ الأبَّار، قال: حَدَّثنَا الوَلِيدُ بن شُجَاع، قال: حَدَّثَني أبو غَسَّان، قال: جاءني عليّ بن المَدِيْنِيّ فكَتَب عنِّي عن عَبْد السَّلام بن حَرْب أحَادِيْثَ إسْحاق بن أبي فَرْوَة، فقُلتُ: أيّ شيء تَصْنَعُ بها؟ قال: أعْرفُها لا تفلِت (b).

(a) مهملة الأول والثاني في الأصل، والإعجام من تاريخ ابن عساكر 8:251.

(b) الضعفاء الكبير: لا تقلب.

_________

(1)

الضعفاء الكبير 1: 102.

ص: 606

أنْبَأنَا أبو حَفْص الدَّارْقَزِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا عُمَر بن عُبَيْدِ الله بن عُمَر، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَاحِد ابن مُحَمَّد بن عُثْمان، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل ابن إسْحاق، قال: سَمِعْتُ عليّ بن المَدِيْنِيّ يقول: إسْحاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة؛ يعني: مُنْكَر الحَدِيْث.

أخْبَرَنا ابن طَبَرْزَد إذْنًا، عن أبي غَالِب بن البَنَّاء، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن خَزَفَة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثنَا أبو بَكْر بن أبي خَيْثَمَة

(1)

، قال: أخْبَرَني مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ الله، قال: كان عَبْد الله بن أبي فَرْوَة كاتبًا لمُصْعَب بن الزُّبَيْر، وأبو فَرْوَة كَيْسَان، وكان الخيار (a) من رَقِيْق الإمارة الّذين يَحْفِرُونَ القُبُور، فجاءَ بأبي فَرْوَة فدفعَهُ إلى عُثْمان بن عَفَّان في خِلَافَته، فأخذَهُ فأعْتَقَهُ، وخَلَّى سَبيل الخيار (b)، فقال ابنُ الكَوْسَج:[من الطويل]

شَهِدْتُ بإذْنِ اللهِ أنَّ مُحَمَّدًا

رَسُولٌ منَ الرَّحْمَنِ غيرُ مُكَذَّبِ

وأنَّ بَني صيَّادَ رُدُّوا لأصْلِهِمْ

وأنَّ حُنَيْنًا كان عَبْدًا لمُثْقِبِ

وأنَّ وَلا طَيْسٍ على رَغْم أنْفِهِ

لشَمَّاسَ عَبْدِ السَّوءَ في شَرِّ مَنْصِبِ

وأنَّ ابنَ كَيْسَانَ الّذي كانَ كَاتِبًا

عُبَيْدٌ لحَفَّارِ القُبُور بيَثْرِبِ

يعني عَبْد الله بن أبي فَرْوَة، وكان كَاتِبًا لمُصْعَب.

(a) كذا في الأصل في هذا الموضع وتاليه، ومثله في تاريخ ابن أبي خيثمة وابن عساكر 8: 247، ووضع ابن العديم أعلاها علامة "صـ"، ولعل تصويبه ما يرد في الشعر المدرج بعده: الحفار.

(b) الأصل: الخيار، بإهمال المثناة التحتية، وأشر المؤلف عليه بعلامة "صـ".

_________

(1)

تاريخ ابن أبي خيثمة 2: 295 - 296.

ص: 607

أنْبَأنَا أبو الحَسَن بن المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر السَّلَامِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، وأبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجبَّار الصَّيْرَفِيّ، وأبو الغَنائِم بن النَّرْسِيِّ -واللَّفْظُ له- قالوا: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدَجَانِيّ -زَادَ ابن خَيْرُون: وأبو الحُسَين الأصْبَهَانِيّ- قالا: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد ابن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(1)

، قال: قال لي أحْمَد بنُ أبي الطَّيِّب، عن ابن أبي الفُدَيْكِ: ماتَ -يعني إسْحاق بن أبي فَرْوَة- سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومائة.

هكذا نَقَلَ البُخاريّ في تَارِيْخهِ وَفَاة إسْحاق بن أبي فَرْوَة، والصَّحيح أنَّهُ ماتَ سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومائة، وقد ذَكَرنا ذلك عن مُحَمَّد بن سَعْد كاتب الوَاقِدِيّ.

وأخْبَرَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن إذْنًا، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو غَالِب المَاوَرْدِي، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ السِّيْرَافيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ ابن إسْحاق النَّهَاوَنْدِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن عِمْران، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بن خَيَّاط

(3)

، قال: سَنَة أَرْبَعٍ وأرْبَعين ومائة، فيها ماتَ إسْحاق ابن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة.

أنْبَأنَا أبو عليّ حَسَنُ بن أحْمَد الأَوَقِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الحَرْبِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا عَبْد البَاقِي بن قَانِعٍ أنَّ إسْحاق بن عَبْد الله بن أبي فَرْوَة، مَوْلَى عُثْمان بن عَفَّان، نَزَلَ المَدِينَة، ضَعِيْفٌ، تُوفِّي سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومائة.

وقال ابنُ قَانِع: سَنَة ستٍّ وثَلاثين ومائة ابن أبي فَرْوَة؛ يعني قيل: إنَّهُ مات فيها.

(1)

تاريخ البخاري 1: 369.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 255.

(3)

تاريخ خليفة 421.

ص: 608

أنْبَأنَا عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّب، عن أبي غَالِب بن البَنَّاءِ، عن أبي الحَسَن مُحَمَّد ابن مُحَمَّد بن مَخْلَد، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد بن خَزَفَة، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن الحُسَين، قال: حَدَّثَنَا ابن أبىِ خَيْثَمَة

(1)

، قال: ويُقال إنَّ إسْحاق بن عَبْد الله تُوفِّي سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومائة في خِلَافَة أبي جَعْفَر.

‌إسْحاق بن عَبْد الله الأَذَنِيُّ

من أهْل أذَنَة، رَوَى عنهُ أحْمَد بن حَنْبَل.

‌إسْحاق بن عَبْد الله البُوْقِيُّ

من أهل بُوْقَة من قُرَى أنْطَاكِيَة. حَدَّثَ عن عِيسَى بن يُونُس، ودَاوُد بن عبد الرَّحْمن، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ومالك بن أنس.

رَوَى عنهُ: مُحَمَّد بن الخَضِر بن عليّ، وهِلَال بن العَلَاء.

أنْبَأنَا عَبْد الجَلِيْل بن أبي غَالِب، قال: أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن البَرْمَكِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو بن مَنْدَهَ، قال: أخْبَرَنا أبي أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْحاق بن مَنْدَة، قال: إسْحاق بن عَبْد الله، أبو يَعْقُوب البُوْقِيّ، وبُوْقَة قَرْيَةٌ من قُرَى أنْطَاكِيَة، رَوَى عن هُشَيْم، وابن عُيَيْنَة، ومالك.

رَوَى عنهُ هِلال بن العَلَاء الرَّقِّيّ، ومُحَمَّد بن الخَضِر بمَنَاكِيْر.

(1)

تاريخ ابن أبي خيثمة 2: 297.

ص: 609

‌إسْحاق بن عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْلِ بن إبْراهيم بن عَامِر ابن عَائِذ (a)، أبو يَعْلَى الصَّابُونِيّ النَّيْسَابُوريُّ

(1)

أخو أبي عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ

(2)

.

كان وَاعِظًا مُذكرًا، له قَبُول عند النَّاس، لَطِيْفَ المُعَاشَرَة، حَسَنَ الأخْلَاق، قَدِمَ حلَبَ صُحْبَة أخيهِ أبي عُثْمان سَنَة اثْنَتَيْن وثَلاثين وأرْبَعِمائة حَاجَّيْن على طَرِيق الشَّام.

وسَمِعَ الحَدِيْث الكَثِيْر من أبي طَاهِر المُخَلِّص، وأبي سَعيد الرَّازِيّ، وأبي سَعيد مُحَمَّد بن أحْمَد الأَسْفِزَارِيّ (b)، وأبي طَاهِر بن خُزَيْمَة، وأبَوَي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي شُرَيْح، والمَخْلَدِيّ، وأبي الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن الصَّلْت، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الهَانِئ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُبْدُوْس، وأبي طَاهِر بن مَحْمَش الزِّيَادِيّ، والحافِظ أَبي عَبْد الله الحَاكِم، وأبي العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد البَالوِيّ، وأبي مُعَاذ الهَرَويّ، وأبي بَكْر الجَوْزَقيّ، وِأبي يَعْلَى حَمْزَة بن عَبْد العَزِيْز المُهَلَّبيّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن الحُسَين السِّمْسَار، وأبي زَيْد عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَبِيْب، وأبي الحُسَين الخَفَّاف، وأبي عليّ مَنْصُور بن عَبْد اللهِ الذُّهْلِيّ.

(a) في الأصل: عايد، بالدال المهملة، وفي أصول ابن عساكر ما يوافق المثبت وأعتمد المحقق "عابد" اعتمادًا على مصادر لاحقة على ابن عساكر.

(b) ضبطه ابن العديم -في هذا الموضع وتاليه- بتشديد الراء، ولم نجد من ضبطه على هذا الوجه. ونسبته إلى أسفزار: مدينة من نواحي سجستان من جهة هراة. ياقوت: معجم البلدان 1: 178، وضبطه السمعاني (الأنساب 1: 228): بكسر الهمزة في أوله.

_________

(1)

توفي سنة 455 هـ، وترجمته في: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم لابن زبر 355 (أرخ وفاته سنة 450 هـ)، تاريخ ابن عساكر 8: 257 - 258، السمعاني: الأنساب 8: 249، تاريخ الإسلام 10: 57، سير أعلام النبلاء 18: 75 - 76، الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي 188، العبر في خبر مَن غبر 2: 304، الوافي بالوفيات 8: 417، شذرات الذهب 5: 234، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 448 - 449.

(2)

له ترجمة تأتي في موضعها من الجزء الرابع بعده.

ص: 610

رَوَى عنهُ أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد الكَتَّانِيّ، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الفَضْل الفَرَاوِيّ، وأبو الحَسَن عُبَيْد الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد البَيْهَقِيّ، وأبو مُحَمَّد السَّيِّدِيّ، وزَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، وأبو عليّ الحَسَنُ بن أبي الحُرّ الزُّرَيْقِيّ.

أخْبَرَنا أبو هاشِم بن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد السَّمْعَانيّ إمْلاءً، قال: أخْبَرَنا الزَّكِيّ أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ بنَيْسَابُور، قال: أخْبَرَنا أبو يَعْلَى إسْحاق بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ مَنْصُور بن عَبْد اللهِ الذُّهْلِيّ، قال: حَدَّثَني أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن جَمِيل البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْد بن مُحَمَّد بن الكِشْوَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَن بن يَحْيَى الصَّنْعانِيّ، قال: حَدَّثَني عبد القُدُّوس بن إبْراهيم بن مِرْدَاس، قال: أخْبَرَنا شَيْخٌ من قُرَيْش من بني أُمَيَّة يُقالُ له: إبْراهيم بن إبْراهيم، عن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أَبِيهِ، عن جَابِر بن عَبْد الله رضي الله عنهما، قال

(1)

: سَمِعْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ لله مَلائِكَة مُوَكَّلُون بأنْقَاب (a) الحَرَم منذ خَلَق الله الدُّنْيا إلى أنْ تقوم السَّاعَة يَدْعون لمَنْ حَجَّ من مِصْره مَاشِيًا.

أخْبَرَنا أبو يَعْقُوبَ يُوسُف بن مَحْمُود بن الحُسَين السَّاوِيّ بالقَاهِرَة المُعِزِّيّةِ قِراءَةً عليهِ، قال: أنْبَأنَا الحافِظُ أبو طَاهِر الأصْبَهَانِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا عليّ الحَسَن بن عُبَيْدِ الله ابن سَعَادَة الزُّرَيْقِيّ -وعُبَيْدُ الله يُكْنَى: أبا الحُرّ- بثَغْر سَلَمَاس يقول: قَدِمَ علينا الإمَام أبو عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن بن أحْمَد الصَّابُونِيّ النَّيْسَابُوريّ سَنَة ثَلاثٍ وثَلاثين وأرْبَعِمائة بعد رجُوعِه من الحَجِّ ومعَهُ أخُوه أبو يَعْلَى إسْحاق وتَبَعٌ ودَوَابٌّ، فنَزَلَ على

(a) كذا في الأصل، وفي الفردوس وكنز العمال: بأنصاب.

_________

(1)

الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي 1: 184 (رقم 690)، كنز العمال 12: 206 (رقم 34679).

ص: 611

جَدِّي أحْمَد بن يُوسُفَ بن عِمْران الهِلَالِيّ، فقام بجميع مُؤَنِهِ، وكان يَعْقدِ المَجْلِسَ كُلّ يَوْم في الجَامِع، وافْتَتَنَ بهِ النَّاسُ، وسَمِعْنا عليه وعلى أخيه كَثِيْرًا من رِوَاياتهما، وكان أخُوه أبو يَعْلَى فيهِ دُعَابةٌ، والشَّيْخ أبو بَكْر بن حَرِيز السَّلَمَاسِيّ مثلُه في كَثْرة المُزَاح، وكان يُوْرد من المَضَاحك ما يُعْجزُ أبا بَكْر، واتَّخذ جَدِّي يَوْمًا حلاوةً كَثِيْرةً، وكان بين يَدَي إسْمَاعِيْلَ صَحْفٌ صَغِيرٌ فأكلَهُ، فأخَذ جَدِّي صحْفًا آخر كان بقُربِ أبي يَعْلِى فقَرَّبَهُ إليهِ، فقال أبو يَعْلَى: كان بنَيْسَابُور رَجُل مُمَوَّلٌ فاجْتازَ بعضُ المَاجِنِيْن بدَار حَسَنةٍ فقال: لمَنْ هذه؟ فقيل: لفُلَان. فَمَضَى ورأى خَانًا جَلِيْلًا، فقال: وهذا لمَنْ؟ فقيل له، وكَذَا دكاكين وحَمَّامًا وبُسْتَانًا، فأخَذَ عِمَامَته من رأسهِ وقال: إلهي، عن أيّ شيءٍ سَألْتُ قيل هو له! فهذه عِمَامَتي أعْطِها أيضًا إيَّاهُ، ولكن أخي ما يَكْفيه الحَشَمِ والدَّوَابّ والثِّيَاب والأمْوَال الّتي معه حتَّى زَاحَمَنَي في هذه الحَلَاوة الّتي كانت بين يَدَيَّ، فاسْتَحْسَنُوا كَلَامَهُ.

أنْبَأنَا زَيْن الأُمَنَاء أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: إسْحاق بن عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم بن عَامِر بن عَائذ، أبو يَعْلَى النَّيْسَابُوريّ الوَاعِظُ، أخو الأُسْتَاذ أبي عُثْمان، سَمِعَ أبا سَعيد عَبْد الله بن مُحَمَّد الرَّازِيّ، وأبا طَاهِر بن خُزَيْمَة، وأبا مُحَمَّد المَخْلَدِيّ، وأبا الحُسَين الخَفَّاف، وأبا بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن الهَانِئ، وأبا العبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحاق البَالَوِيّ، وأبا سَعيد مُحَمَّد بن أحْمَد الأَسْفِزَارِيّ، وأبا الحَسَن أحْمَد بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن القَاسِم بن الصَّلْت القُرَشِيّ المُجْبر (a)، وأبا مُعَاذ الشَّاه بن عبد الرَّحْمن بن مَأْمُون الهَرَويّ، وآبَاءَ بَكْر: مُحَمَّد بن أحْمَد بن عُبْدُوْس، ومُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّاء الجَوْزَقِيّ، ومُحَمَّد بن الحُسَين السِّمْسَار، وأبا طَاهِر المُخُلِّص، وأبا مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أحْمَد بن أبي شُرَيْح، وأبا طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمَش، والحاكِم أبا عَبْد الله، وأبا يَعْلَى حَمْزَة بن عَبْدِ العَزِيْز المُهَلَّبيّ، وجَماعة سِوَاهم.

(a) كذا جوده ابن العديم، وفي أنساب السمعاني 12: 88: المُجَبِّر، نسبة لمن يُجبر المكسور.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 257.

ص: 612

وقَدِمَ دِمَشْقَ حَاجًّا فرَوَي عنهُ من أهلها عَبْد العَزيز الكَتَّانِيّ. وحَدَّثَنَا عنه أبو عَبْد الله الفَرَاوِيّ، وأبو مُحَمَّد السَّيِّدِيّ، وأبو القَاسِم الشَّحَّامِيَّ بنَيْسَابُور، وأبو الحَسَن حَفِيْد البَيْهَقِيِّ ببَغْدَاد.

قال

(1)

: كَتَبَ إليَّ أبو الحَسَن عَبْد الغَافِر بن إسْمَاعِيْل في تَذْييلِه تاريخ نَيْسَابُور، قال: إسْحَاق بن عبد الرَّحْمن أبو يَعْلَى الصَّابُونِيّ، شَيْخٌ ظَرِيْفٌ، ثِقَةٌ، حَسَنُ الصُّحْبَة، خَفِيْفُ المُعَاشَرَة، على طَريْقَة التَّصَوُّف (a)، قَلِيلُ التَّكَلُّف، وكان يَنُوبُ عن الأُسْتَاذ الإمَام شَيْخ الإسْلَام في عَقْد (b) مَجْلِس التَّذْكِيْر، وسَمِعَ الحَدِيْثَ الكَثِيْر بهَرَاة، ونَيْسَابُور، وبَغْدَاد، وحَدَّثَ. تُوفِّي عَشِيَّة الخَمِيْس وصُلِّي عليه عَصْر يَوْم الجُمُعَة التَّاسِع من شَهْر رَبِيع الآخر سَنَة خَمْسٍ وخَمْسِين وأرْبَعِمائة.

وقال

(2)

: أنْبَأنَا أبو نَصْر إبرَاهيم (c) بن الفَضْل بن إبْراهيم البَأَّر الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن مُحَمَّد الكُتْبِيّ الحاكِم بهَرَاة، قال: سَنَة خمْسٍ وِخَمْسِين ورَدَ الخَبَرُ بوَفَاةِ أبي يَعْلَى إسْحَاق بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ بنَيْسَابُور، وكان موْلدُهُ سَنَة خَمْسٍ وسبْعِين وثَلاثِمائة.

وقال

(3)

: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بنُ أحْمَد، قال: حَدَّثَني عُمَر بن عَبْد الكَريم، أبو الفِتْيَان الدِّهِسْتَانِيّ، قال: تُوفِّي إسْحَاق سَنَة ستٍّ وخَمْسِين وأرْبَعِمائة.

(a) كتب أسفلها: "خ: الصوفية"، أي في نسخة من تاريخ ابن عساكر: الصوفية بدل التصوف.

(b) تاريخ ابن عساكر: عقد الصوفية.

(c) في الأصل وعند ابن عساكر (في هذا الموضع فقط): أحمد، والصواب ما أثبت، ونسبته إلى عمل الآبار، وقد مرَّ. انظر: السمعاني: الأنساب 2: 23، والوافي بالوفيات 6: 90 - 91.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 258.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 258.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 258.

ص: 613

‌ذِكْرُ مَنْ اسْمُ أبيْهِ عليّ ممَّن اسْمهُ إسْحاق

‌إسْحاقُ بن عليّ بن إبْراهيم بن يُوسُف الفُصَيْص بن يَعْقُوب -وقيل: هو الفُصَيْص- ابن إبْراهيم بن إسْحَاق بن قُضاعَة بن ثُوَيْب (a) الفُصَيْصِيّ، أبو يَعْقوب بن أبي الحُسَين التَّنُوخِيُّ

وَسَنَذْكُر تَمَام نَسَبهِ إلى تَنُوخ في تَرْجَمَةِ جَدِّ جَدّ جَدِّه إسْحَاق بن قُضاعَة

(1)

، إنْ شَاءَ الله تعالَى.

وكان أبو يَعْقُوب هذا من الأُمَرَاءِ المَذْكُورين، الفُضَلَاء والنُّبَلَاء المُمَدَّحين الكُرَمَاء، وبَيْتُهم بَيْتٌ عَرِيقٌ في التَّقَدُّم والوِلَايَات بقِنَّسْرِيْن وحَلَب وبالعِلْم.

قَرَأتُ في أشْعَار أبي الحَسَن مُحَمَّد بن عِيسَى النَّامِيِّ العِرَاقِيِّ اليَشْكُرِيّ، بخَطِّ القَاضِي أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الطَّرَسُوسِيّ قاضي مَعَرَّة النُّعْمَان، وسَمِعَهُ منهُ، قَصِيدَةً يَمْدَحُ بها الأَمِيرَ أبا يَعْقُوبَ إسْحَاق بن عليّ الفُصَيْصِيّ التَّنُوخِيّ، أوَّلُها:[من الخفيف]

صُنْتُ دَمْعيِ إلَّا ليَوْم الفِرَاق

فَهْوَ وَقْفٌ عليهِ حتَّى التَّلَاقي

لسْتُ أقْضى حَقّ الأحِبَّةِ حتَّى

أمْزُجَ الدَّمْعَ مَعْ دَمِي في المآقِي

فتُخَالَ الدُّمُوعُ والدَّمُ دُرًّا

وعَقِيْقًا في المَدْمَعِ الرَّقْرَاقِ

قال فيها:

ليْسَ يَشْفِي منَ النَّوَائِبِ إلَّا

كُلُّ وَجْنَاءَ عَنْتَرِيسٍ دِفَاقِ

(a) في الأصل: تويب، ويأتي قريبًا جده الأكبر إسحاق بن قضاعة على النحو المثبت.

_________

(1)

فيما يلي من هذا الجزء.

ص: 614

كُلَّما أيقَظتْ تُرَابَ فَلَاة

نوَّمَتْهُ في صَحْصَحٍ أو رَقَاقِ

تحْرقُ الأرَّمَ اغْتِياظًا على الدَّهْـ

ــرِ إذا نَوَّخَتْ بماءٍ حُرَاقِ

فاسْتَثَارَتْ منَ الزَّمانِ بمن يَمْـ

ـلِكُ قَبْضَ الأرْوَاحِ والأرْزَاقِ

بالأَمِير السَّمَيْدَعِيّ أبي يَعْـ

ـعُوبَ ذي الطَّوْل والعُلَى إسْحاقِ

بالحَسِيْب النَّسِيب والسَّيِّد الأ

يَّدِ والأرْوَع الفَتَى الغَيْدَاقِ

والخِضَمّ الغِطَمّ والأبْلَجِ الأَبْـ

ـلَخ أصْلًا والمِدْرَهِ المِسْلَاقِ

وإذا الحَرْبُ أُوْقدَتْ وغَدا المَوْ

تُ لديها مُشَمِّرًا عن سَاقِ

زَوَّجَ السَّيْفَ بالرِّقَابِ فأَضْحَتْ

أَرْؤُسٌ عن جسُوْمها في طلَاقِ

وترى رُمْحَهُ إذا اصْطَكَّت الأيْـ

ـدِي وَلُوْجًا بين اللُّهَى والتّرَاقِي

لعَلّي وللفُصَيْصِ وفَهْمٍ

وتَنُوخٍ بهِ أَشَمُّ المَرَاقِي

نَسَبٌ منهُ يُسْتَعار رضَاءُ الـ

ـشَّمْس والفَجْر سَاعةَ الإشْرَاقِ

لو على اللَّيْل كانَ صارَ نَهَارًا

أو على البَدْر لم يَخَفْ من مُحَاقِ

وإذا ما الغَمَامُ أكْدَى رتَعْنَا

في حَيَا جُودِ كَفِّه المُهَرَاقِ

مَلِكٌ أدَّبَ الزَّمانَ فَلَاقَى

مُعْتَفِيهِ بأحْسَنِ الأخْلَاقِ

وَسَمَتْ مَكْرُمَاتُه النَّاسَ حتَّى

صرْنَ فيهم قَلَائدَ الأعْنَاقِ

منها:

أَنْتَ بابُ الإمَامِ والعَالِمُ البَا

طِنُ مِفْتاحُ مُبْهَمٍ ذِي انْغِلَاقِ

رَحْمَةٌ كالغَمَامِ أنْتَ على الشَّا

م وآثارُهَا بأرْضِ العِرَاقِ

فَدَعَاكَ الإمَامُ بَحْرًا ولكنَّـ

ـكَ عَذْبُ المَذَاقِ غَيْرُ زُعَاقِ

فالوَرَى شَارِبُونَ منهُ جَمِيعًا

ومعَدٌ أبو تَمِيْم سَاقِ

ولقد كان عَاطِلًا عُنُق الدَّهْـ

ـرِ فَحَلَّيْتَ بالعُلُوم الدِّقَاقِ

إنَّ آل الفُصَيْصِ شَادُوا ذُرَى المَجْـ

ـدِ بَدَرِّ العَطَاءَ غيرَ فُوَاقِ

ص: 615

وعليٌّ أبُوكَ ما زالَ فينا

بَاقِيًا شَخْصُهُ وشَخْصُكَ بَاقِ

فأنْفَذَ إليه ثِيَابًا، وأهْدَى إليهِ أشْيَاء حَسَنَةً، فعَمِل هذه الأبْيَات، ولم يُنْشدهُ إيَّاها، وخَرَجَ من اللَّاذقِيَّةِ مُبَادِرًا:[من الخفيف]

بأبي نَائِلٌ أتَاني جَسِيْمُ

مُسْتَفِيْضٌ كما تَفِيْضُ الغُيُوْمُ

حَامِلٌ فَوْقَ ظَهْرهِ ليَ عِلْمًا

قَدْرُهُ في الإسْلَام قَدْرٌ عَظِيْمُ

ذُو مَعَان كأنَّما هنَّ أرْوَا

حٌ لِطَافٌ لها العُقُولُ جُسُومُ

بأبي وَالدُ غَذَاني كَبِيْرًا

لَبَنًا شِرْبُهُ بُرَادٌ جَمِيْمُ

فإذا قيلَ لي: اتَّصِفْ قُلتُ: إنّي

أنا كَهْلٌ طِفْلٌ رَضِيْعٌ فَطِيْمُ

ففَدَيْنَاهُ مِن صُرُوفِ اللَّيالِي

وفَدَاهُ أخُوهُ إبْراهيمُ

قَدْ نأَيْنَاهُ والزَّمان ضَحُوْكٌ

وأتَيْناهُ والزَّمَانُ شَتِيْمُ

وقَصَدْنَاهُ عَاطِليْنَ فحَلَّى

فعَلَيْنا من رَاحَتَيْهِ نَعِيْمُ

فانْصَرَفْنا مِن عنْدِهِ وَقَرانا

حينَ ضِفْنَاهُ نَائِلٌ وعُلُومُ

‌إسْحاق بن عليّ بن أبي الغَنائِم بن مَرَاجِل الكَاتِبُ الحَمَوِيُّ

(1)

شابٌ فَاضِلٌ، حَسَن النَّظْم والنَّثْر، كَتَبَ الإنْشَاء بحَمَاة للمَلِك المُظَفَّر مَحْمُود ابن مُحَمَّد بن عُمَر بن شَاهَانْشَاه بن أيُّوب، ثمّ اتّصَلَ بعد ذلك بالمَلِك الصَّالِح أَيُّوب ابن المَلِك الكَامِل مُحَمَّد بن أبي بَكْر بن أيُّوب، مَلِك الدِّيَار المِصْرِيّة، فكتَبَ لهُ الإنْشَاء مُدَّهً، ثمّ فارَق الدِّيَار المِصْرِيَّة وقَدِمَ علينا حَلَبَ، وطَلَبَ الخِدْمَة بها، فلم يُسْتَخْدَم، وكَتَبَ إليَّ بهذين البَيْتَيْن يَسْتَعِيْنُ بي على قَضَاء شُغْله

(2)

: [مجزوء البسيط]

(1)

ترجمته في المقفى الكبير للمقريزي 2: 53، واسم أبي الغنائم المسلم.

(2)

البيتان في المقفى 2: 53.

ص: 616

عَاتبْتُ دَهْري لمَّا تَصَدَّى

مُعَانِدًا لي وما رَثَي لي

فقال حَظّي: لا تَخْشَ نَقْصًا

فقد وَصَلْنا إلى الكَمَالِ

أقام إسْحَاق بن مَرَاجِل بحَلَبَ بعد ذلك إلى أنْ طَرَقَ التَّتَار البِلاد، وكَتَبَ فيها لبعض وُلاتها. وأخْبَرَني أخُوه أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ أنَّ ولادته كانت في سَنَة عَشر وسِّتمائة.

‌إسْحاقُ بن عليّ الرُّهَاوِيّ الطَّبِيْبُ

(1)

طَبِيْبٌ فَاضِلٌ مُتَقَدِّم العَصْر، دَخَل حَلَب، وَقَفْتُ لهُ على مُصَنَّف في آدَابِ الأطِبَّاء

(2)

، وذَكَرَ في كتابِه أشْيَاءَ جَرَت له بحَلَبَ.

‌إسْحَاقُ بن عَمَّار بن جِشّ بن مُحَمَّد بن جِشّ، أبو يَعْقوبَ الأزْدِيُّ المُهَلَّبيُّ

شَيْخُ المِصِّيْصَة وأَمِيْرُها، وكانَ مُقَدّمًا بالثُّغُور الشَّامِيَّة وإليه صَغِير أُمُورها وكَبيرها، وفَدَ على سَيْف الدَّوْلَة أبي الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّه بن حَمْدَان إِلى حَلَب في سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وثَلاثِمائة في الْتِمَاس مَصَالِح الثُّغُور، وهو من وَلد قَبِيْصَةَ ابن المُهَلَّب بن أبي صُفْرَة، وكان من بني عَمّ الوَزِير الحَسَن بن مُحَمَّد المُهَلَّبيّ، وَزِير العِرَاق، وكان أمير المِصِّيْصَة، وعَاضَد سَيْف الدَّوْلَة ابن حَمْدَان وكَاثَفَه على إخْراج مُحَمَّد بن الحُسَين بن الَزَّيَّات عن وِلَايَة الثُّغُور وكان وَاليًا على الثُّغُور الشّامِيَّة، فلمَّا اسْتَوْلَى سَيْفُ الدَّوْلَة على الثُّغُور، لَم يَفِ لإسْحاق بن جِشٍّ بما عَاقَدَهُ عليهِ، ووَافَق

(1)

ترجمته في: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 342.

(2)

عنوانه: أدب الطبيب. انظر: ابن أبي أصيبعة 342.

ص: 617

ابن الزَّيَّات على القَبْض عليهِ بعد أنْ كان وَلَّاه سَيْف الدَّوْلَة الثُّغُور، فاجْتازَ بالمِصِّيْصَة، وقد بَلغَ ابن جِشٍّ ذلك فاسْتَوْحَش، وأظْهَر أنَّهُ عَرض لهُ النِّقْرِس، ولم يلْقَ ابنَ الزَّيَّات، وأطْمَعَه أنَّهُ كاتَب المُطِيعَ في أمر ابن الزَّيَّاتِ أنْ يُعِيدَهُ إلى وِلَايَة الثُّغُور، وأنَّ ابن عَمِّه الحَسَن بن مُحَمَّد المُهَلَّبيّ الوَزِير تكفَّل له بإيْصَالِ الكتاب إلى المُطِيع، وأظْهَر لابن الزَّيَّاتِ أنَّهُ يغَار أنْ يكون ابن الزَّيَّاتِ مَضْمُومًا إلى نَجَا غُلَام سَيْف الدَّوْلَة، فقام ذللك في نَفْسِ ابن الزَّيَّاتِ وصَدَّقَهُ، وعَصَى على سَيْفِ الدَّوْلَة، وأقام الدَّعْوَة لمَنْ بالعِرَاق، ثمّ لنَفْسِهِ، وقَطَع اسْم سَيْف الدَّوْلَة.

وكان إسْحاق بن جِشٍّ حين قَدِمَ حلَبَ سَمِعَ بها أبا عَبْد الله الحُسَين بن أحْمَد ابن خَالَوَيْه، وشَاهَدْتُ سَماعَهُ وسَمَاع ولده مُحَمَّد بن إسْحَاق على نُسْخَة أبي عَبْدِ الله بن خَالَوَيْه من الجَمْهَرَة لابن دُرَيْد في سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وثَلاثِمائة.

وحدَّثَ إسْحَاق بن جِشّ بالمِصِّيْصَة وطَرَسُوْس عن مُحَمَّد بن عُمَيْر بن مَسْعُود، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مَهْدِي، والحَسَن بن حَبِيْب الكَرْمَانِيّ.

رَوَى عنهُ القُضَاةُ أبو عَمْرو عُثْمانُ بن عَبْدِ الله بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الغَفَّار بن أحْمَد بن ذَكْوَان البَعْلَبَكِّيّ، ومُحَمَّدُ بن أحْمَد ابن يَعْقُوبَ المِصِّيْصيّ.

أخْبَرَنا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن كتابةً، واجْتَمَعْتُ به بدِمَشْق في مَنْزِل شَيْخنا أبي اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أنْبَأْنَا أبو القَاسِم النَّسِيبُ، وأبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ وغيرهما، قالوِا: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عَبْد العَزِيْز بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين أحْمَدُ بن عليّ بن مُحَمَّد الدُّولَابِيّ البَغْدَاديّ الخَلَّال في رَجَب سَنَة عشرين وأرْبَعِمائة، قال: أخْبَرَنا القَاضِي

(1)

تاريخ ابن عساكر 5: 69 - 70 في ترجمة: أحمد بن علي الدولابي.

ص: 618

أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبْدِ الغَفَّار بن أحْمَد بن ذَكْوَان، قال: حَدَّثَني أبو يَعْقُوب إسْحَاق بن عَمَّار بن جِشّ (a) بن مُحَمَّد بن جِشٍّ بالمِصِّيْصَة، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن مَهْدِي، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن رَبِيْعَة القُدَّامِيّ، قال: حَدَّثَنَا صالح بن مُسْلِم أبو هاشِم الوَاسِطِيّ، عن عَبْد الله بن عُبَيْد، عن مُحَمَّد بن يُوسُف الأنْصَاريّ، عن سَهْل بن سَعْدٍ، عن أبي بَكْر، أنَّ سُوْرة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}

(1)

حين أُنْزلَتْ على رسُول الله صلى الله عليه وسلم، عَلِمَ أنَّ نَفْسَهُ نُعِيَتْ لهُ.

‌إسْحاقُ بن عُمَارَة

قَدِمَ صُحْبَة هَارُون الرَّشِيْد، ودَخَل من الرَّقَّة معه إلى الشَّام، وسَيَّرهُ رَسُولًا إلى مَلِك الرُّوم، فاجْتازَ بحَلَب، وحَكَى أُمُورًا شَاهَدَها في بلاد الرُّوم.

أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن أبي عَبْد الله بن أبي الحَسَن بن المُقَيِّر البَغْدَاديّ إذْنًا، عن أبي المُعَمَّر المُبارَك بن أحْمَد بن عَبْد العَزِيْز الأنْصَاريّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن عُبَيْدِ الله بن نَصْر بن الزَّاغُونِيّ. قال أبو المُعَمَّر: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن زَيْد الوِقَايَاتِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحْمَد العُكْبَريّ، ح.

وقال ابنُ الزَّاغُونِيّ: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن العُكْبَرِيّ إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم آدَمُ بن مُحَمَّد المُعَدَّلُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج عليّ بن الحُسَين الأصْبَهَانِيّ

(2)

، قال: وكان هَارُونُ الرَّشِيْدُ أنْفَذَ إسْحاقَ بن عُمَارَة (b) إلى مَلِك الرُّوم في السَّنَة الّتي نَزَل فيها الرَّقَّة، فوَجَد في صَدْر مَجْلسِهِ هذه الأبْيَات مَكْتوبةً بالذّهَب

(3)

: [من البسيط]

(a) تصحف في نشرة تاريخ ابن عساكر -هنا وتاليه- إلى: حسن.

(b) أدب الغرباء: عمَّار.

_________

(1)

سورة النصر، الآية 1.

(2)

الأصبهاني: أدب الغرباء 54 - 55.

(3)

البيتان الأول والثاني في ديوان أبي العتاهية 316، وفي رواية البيت الثاني في ديوانه اختلاف يسير.

ص: 619

ما اخْتَلَفَ اللَّيْلُ والنَّهَارُ ولا

دَارَتْ نُجُومُ السَّماءِ في الفَلَكِ

إلَّا لنَقْل النَّعِيم عن مَلِكٍ

قد زَالَ عن مُلْكِهِ إلى مَلِكِ

ومُلْكُ ذِي العَرْش دَائمٌ أبَدًا

ليْسَ بفَانٍ ولا بمُشْتَرَكِ

‌إسْحاقُ بن عُمَر بن عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَان ابن الحَكَم بن أبي العَاص بن أُمَيَّة بن عَبْد شَمْس الأُمَوِيُّ القُرَشِيُّ

كان مع أبيهِ بخُنَاصِرَة، وشَهِدَ وَفاته بدَيْر سِمْعَان مع جَمَاعَة أوْلَاد عُمَر.

ذَكَرَهُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ في تاريخ دِمَشْق

(1)

، وقال: له ذِكْرٌ وعَقبٌ. أخْبَرَنا بذلك ابن أخيه زَيْن الأُمَناء الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبرَنا عَمِّي، فذَكَرَهُ.

‌إسْحاق بن عِيسَى بن نَجِيْح، أبو يَعْقُوب بن الطَّبَّاعِ الفَقِيه

(2)

وأبُوه عِيسَى هو المَعْرُوف بالطَّبَّاعِ، بَغْدَاديُّ انْتَقَلَ إلى أَذَنَة، وأقامَ بها إلى أنْ مات.

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 266.

(2)

توفي سنة 215 هـ، وترجمته في: طبقات ابن سعد 7: 343، تاريخ الطبري: في مواضع كثيرة منه فيها أخباره ومروياته (انظر فهرس الأعلام 10: 177)، الأزدي: تاريخ الموصل (انظر فهرس الأعلام 441)، الثقات لابن حبان 8: 114، الجرح والتعديل 2: 230 - 231، المسعودي: مروج الذهب 4: 339 (أرخ لوفاته)، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 204 (وفيه: أسحاق بن يعقوب)، تاريخ بغداد 7: 345 - 346، ترتيب المدارك للقاضي عياض 3: 227، ابن الجوزي: المنتظم 10: 267 - 268، المزي: تهذيب الكمال 2: 462 - 464، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 273 - 274، العبر في خبر مَن غبر 1: 288، الكاشف 1: 112، الوافي بالوفيات 8: 420، تهذيب التهذيب 1: 245، تقريب التهذيب 1: 60، شذرات الذهب 3:70.

ص: 620

وحَدَّثَ عن مَالِك بن أنس، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وعبد الله بن المُبارَك، وعبد الله بن لَهِيْعَة، وحَمَّاد بن زَيْد، والمُنْكَدِر بن مُحَمَّد، وأبي مَعْشَر، وحَمَّاد بن سَلَمَة، ويَحْيَى بن سُلَيم، وشَرِيك بن عَبْد الله، وعَبْد الرَّحمن بن زَيْد بن أسْلَم، وأبي ضَمْرَة أنس بن عِيَاض، وسَلام بن أبي مُطِيع.

رَوَى عنهُ ابن أخيهِ أبو بَكْر مُحَمَّد بن يُوسُف بن عِيسَى، وأبو عَبْد الله أحْمَد ابن مُحَمَّد بن حَنْبَل، وعبد الله بن نَصْر الأنْطَاكِيّ، والحُسَين بن عِيسَى البِسْطَامِيّ، وعبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، ومُحَمَّد بن المَنْصُور، ومُحَمَّد بن يَحْيَى، ويَعْقُوبُ بن شَيْبَة، والحَسَن بن مُكْرَم بن حَسَن البَزَّاز، والحَارِثُ بن أبي أُسامَة، والحَسَن بن يَزِيد المُؤذِّن، ويُوسُف ابن بَحْر البَغْدَاديّ الجَبَلَيّ

(1)

، ومُحَمَّد بن حَاتِم المِصِّيْصيُّ، وإسْحَاق ابن بُهْلُول التَّنُوخِيّ، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل ابن عُلَيَّة، وهاشِم السَّرَّاج، وأبو خَيْثَمَة زُهَيْرُ ابن حَرْب، ومُحَمَّد بن عُبَيْد.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن زَيْد بن الحَسَن بن زَيْد الكِنْدِيّ، قِراءَةً عليهِ بمَنْزِله بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم هِبَةُ الله بن أحْمَد بن عُمَر الحَرِيرِيّ، المَعْرُوف بابنِ الطَّبَر، قال: أخْبَرَنا أبو طَالِب مُحَمَّد بن عليّ بن الفَتْح، قال: حَدَّثَنَا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْمَاعِيْل المَعْرُوف بابنِ سَمْعُون الوَاعِظُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عُثْمان السِّمْسَار، قال: حَدَّثَنَا عبَّاس بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن عِيسَى الطَّبَّاع، قال: حَدَّثَنَا ابن لَهِيْعَة، عن الحَسَن بن ثَوْبَان، عن مُوسَى بن وَرْدَان، عن أبي هُرَيْرَة، قال

(2)

: كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا وَدَّع أحَدًا قال: اسْتَودعُ الله دِيْنَك وأمانتَكَ وخَوَاتيم عَملك.

(1)

في الأصل بالحاء المهملة: الحبلي، والمثبت من تاريخ ابن عساكر 74: 216 نسبة إلى جبلة التي سكنها.

(2)

أخرجه ابن ماجه في سننه 943 (رقم 2826) بالإسناد المذكور ولفظه: "أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه"، وروى بعده حديثًا لابن عمر يوافق لفظ المثبت أعلاه، وانظر: المسند الجامع 17: 671 (رقم 14305)، وحديث عبد الله بن عمر رواه أيضًا ابن حنبل: المسند 6: 242 (رقم 4524)، وسنن أبي داود 3: 76 (رقم 2600)، والترمذي: الجامع الكبير 6: 440 (رقم 3442)، ومسند أبي يعلى الموصلي 10: 42 (رقم 5674)، والحاكم: المستدرك 2: 97، وابن شيرويه الديلمي: الفردوس 1: 161 (رقم 596).

ص: 621

أخْبَرَنا أبو جَعْفَر يَحْيَى بن جَعْفَر بن عَبْدِ الله بن الدَّامَغَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبي، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم عبدُ الرَّحْمن بن عُمَر السِّمْنَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن شَاذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر عَبْدُ الله بن إسْمَاعِيْل بن إبْراهيم الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن يُوسُف بن عِيسَى الطَّبَّاع، قال: حَدَّثَني أبو يَعْقُوب إسْحاق بن عِيسَى؛ عمِّي، قال: حَدَّثَنَا مالك، عن عَبْد الله بن دِيْنار، عن سُليْمان ابن يَسَار، عن عُرْوَة، عن عائِشَة أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال

(1)

: يَحْرُمُ من الرِّضَاع ما يَحْرم من الوِلَادَة (a).

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيب

(2)

، قال: إسْحاق بن عِيسَى بن نَجِيْح، أبو يَعْقُوب، المَعْرُوف بابنِ الطَّبَّاع، وهو أخو مُحَمَّد ويُوسُف. سَمِعَ مَالِك بن أنس، وشَرِيك بن عَبْد الله، وعَبْد الرَّحمن بن زَيْد بن أسْلَم، وأبا ضَمْرَة أنَس بن عِيَاض.

رَوَى عنهُ أحْمَد بن حَنْبَل، وابن أخيهِ مُحَمَّد بن يُوسُف، وإسْحَاق بن بُهْلُول التَّنُوخِيّ، ويَعْقُوب بن شَيْبَة، وعبَّاس الدُّوْرِيّ، والحَسَن بن مُكْرَم، والحَارِث بن أبي أُسامَة، وغيرُهم. وكان قد انْتَقلَ في آخر عُمْرِه إلى أَذَنَة، فأقام بها حتَّى مات.

(a) عنده في الأصل إشارة مخرج على ناحية اليمين، وكتب ابن العديم في الهامش رواية طُمست كلماتها.

_________

(1)

الترمذي: الجامع الكبير 2: 440 (رقم 1147)، سنن ابن ماجه 1: 623 (رقم 1937)، الطبراني: المعجم الأوسط 1: 331، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان. 10: 36 - 37 (رقم 4223)، سنن النسائي بشرح السيوطي 5: 99 (رقم 3303)، المتقي الهندي: كنز العمال 6: 272 (رقم 15666، 15667).

(2)

تاريخ بغداد 7: 345.

ص: 622

قال الخَطِيبُ

(1)

: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلمِ بن مِهْرَان، قال: أخْبَرَنا عَبْد المُؤْمِن بن خَلَف النَّسَفِيّ، قال: وسَألتُ أبا عليّ صالِحَ بن مُحَمَّد عن ابن الطّبَّاع إسْحاق بن عِيسَى، فقال: لا بَأْسَ بهِ، صَدُوقٌ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل بالقَاهِرَهَ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ، قال: سَمِعْتُ القَاضِي أبا الفَتْح إسْمَاعِيْل بن عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد المَاكِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا يَعْلَى الخَلِيل بن عَبْد الله بن أحْمَد الخَلِيْليّ

(2)

يقول: إسْحاق بن عِيسَى بن الطَّبَّاع وأَخُوه مُحَمَّد بن عِيسَى مُتَّفَقٌ عليهما ثِقَتَان، رَوَيا عن مالك.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت

(3)

، قال: أخْبَرَنا الأزْهَريّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عُمَر الحافِظ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن إسْحاق المُعَدَّل، قال: أخْبَرَنا الحَارِث بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سَعْد

(4)

، قال: سَنَة خَمْس عَشرة ومَائتَيْن، فيها ماتَ أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن الطَّبَّاعِ الفَقِيهُ بأَذَنَةَ في رَبِيع الأوَّل.

وقال الخَطِيبُ

(5)

: أخْبَرَنا السِّمْسَار، قال: أخْبَرَنا الصَّفَّار، قال: حَدَّثَنَا ابنُ قَانِعٍ أنَّ إسْحاق بن عِيسَى بن الطَّبَّاع ماتَ في سَنَة أرْبَع عَشْرة ومَائتَيْن، والأوَّل أصَحُّ واللهُ أعْلَمُ.

وقَرَأتُ في تاريخ عَبْد الله بن الحُسَين القُطْرُبُّلِيّ ومُحَمَّد بن أبي الأزْهَر، الّذي اجْتَمَعا على تأليفه، في حَوَادِث سَنَة ستٍّ وعشرين ومَائتَيْن، قالا: وفيها ماتَ إسْحاق بن عِيسَى الطَّبَّاع بأَذَنَة.

وذَكَرَ أبو بَكْر الصُّوْلِيّ في كتاب الأوْرَاق مثل ذلك.

(1)

تاريخ بغداد 7: 346.

(2)

كتاب الإرشاد للخليلي 1: 244.

(3)

تاريخ بغداد 7: 346.

(4)

لم أقف عليه في طبقاته، واقتصر ابن سعد في ترجمته على ذكره فيمن قدم بغداد من المحدثين.

(5)

تاريخ بغداد 7: 346.

ص: 623

أخْبَرَنا أحْمَد بن الأزْهَر بن السَّبَّاك في كتابهِ عن أبي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أجَازَ لي القَاضِي أبو القَاسِم عليّ بن المُحَسِّن، [التَّنُوخيّ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحَاق إبْرَاهيْم بن أحْمَد الطَّبَرِيّ، قال: حدَّثَتنا](a) أُمِّ الضَّحَّاك عَاتِكَة بنت أحْمَد بن عَمْرو ابن أبي عَاصِم [النَّبِيْل قال: قَرَأتُ في كِتَاب أبي أحْمَد بن عَمْرو بن أبي عَاصِم، وأجَازَ لي أنْ] أرْوِي [عنهُ، قال]: سَنَة خَمس عَشرة ومَائتَيْن إسْحاق بن الطَّبَّاع، يعني: مات.

‌حَرْف القَاف في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌إسْحَاقُ بن قُضاعَة بن ثُوَيْب بن مَحَطَّة بن وَهْب بن عَدِي -وقيل: ثُوَيْب بن عَدِيّ- ابن زَيْد بن تَيْم بن سَبعة (b) بن بلقَن (c) بن عَدِيّ بن زَيْد بن مَحَطَّة بن عَدِيّ بن زَيْد بن حَيَّة بن عَمْرو بن بَرِيْح بن جَذِيْمَة بن فَهْم بن تَيْم الله بن وَبْرَة -وقيل: تَيْم الله بن أسَد بن وَبْرَة- ابن تَغْلِب بن حُلْوَان بن الْحَاف بن قُضاعَة بن مالك، التَّنُوخِيّ القِنَّسْرِيْنِيُّ

جَدُّ بني الفُصَيْص، له ذِكْرٌ.

حَكَى عنهُ كَثِيْر بن أبي صَابِر القِنَّسْرِيْنِيّ، قال: كُنْتُ يَوْمًا عند إسْحاق ابن قُضاعَة التَّنُوخِيّ، وهو جَدُّ بني الفُصَيْص، فدَعَا بسُيُوف فجَعَل يُقَلِّبُها،

(a) ألحق ابن العديم هذه الرواية بالهامش، وما بين الحاصرتين مقاطع من سند الرواية أذهبت بها ورقة ألصقت عليها، وقد استكملنا النقص من روايتين أخبر بهما أحمد بن الأزهر بن السباك في ترجمتي: إسماعيل بن أبي أفرم (الجزء الرابع)، وترجمة: أبو بشر المؤذن (الجزء العاشر).

(b) كذا في الأصل، وتقدم في الجزء الأول عند كلام المؤلف على بني الفصيص: ضُبَيْعة.

(c) كذا في الأصل ولم أقف له على ذكر في المتاح من المصادر.

ص: 624

فقال لي: يا كَثِيْر، هذه سُيُوف آبائنا الّتي قَاتَلُوا بها يَوْم صِفِّيْن، وهي عندنا مُدّخَرة حتَّى يقُوم القَائِم من آل أبي سُفْيان، فنُقَاتِل بها معَهُ، وقد ذكَرنا ذلك في تَرْجَمَةِ ابْنه إبْراهيم بن إسْحاق بن قُضاعَة

(1)

فيما تقدَّم من هذا الكتاب.

وآباءُ إسْحاق بن قُضاعَة هم الّذين قَاتَلُوا من قُضاعَة يَوْم صِفِّيْن مع مُعاوِيَةَ ابن أبي سُفْيان، وأقْطَعَهُم الإقْطاعَات والمُدُن، وكانت مَدِينَة قِنَّسْرِيْن وحَاضِرها ممَّا أقْطَعهم إيَّاهُ.

وقَرَأتُ في كتاب دِيْوَان العَرَب وجَوْهَرَة الأدَب وإيْضَاح النَّسَب تأليف مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْدِ الله الأسَدِيّ النَّسَّابَة، قال: وبأرْض مَعَرَّة النُّعْمَان وأرض قِنَّسْرِيْن وما والَى تلك الأرْض جَبَل مُتَّصِل إلى أرْض حِمْص غلَبَت عليهِ تَنُوخ، وذلك في عَصْرِ مَلِك الرُّوم، وكان أقْطَعَهُم إيَّاه، فلمَّا أنْ جاء الإسْلَام، في عَصْر مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان رضي الله عنه، سَارت معهُ قُضاعَة إلى صِفِّيْن، وقاتلَتْ بينَ يَدَيْهِ، فلمَّا أنْ رَجع إلى الشَّام، وَفَدَت عليه وُفُود قُضاعَة ممَّن كان بأرض الشَّام تَطْلب الإقْطاع والجَوَائز، فأقْطَعَهُم الزِّيَادَات والمُدن، وذلك من حَدِّ بَلَد الأردن إلى حَدّ جَبَل حَلَبَ وهو جَبَلُ جَوْشَن

(2)

.

(1)

في جزء ضائع من هذا الكتاب.

(2)

تقدَّم لابن العديم في الجزء الأول إثبات هذا الكلام مما نقله من كتاب النسابة الأسدي عند الحديث على سليح من قبائل قضاعة.

ص: 625

‌حَرْفُ الكَاف في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌إسْحاقُ بن كَعْب بن إسْحاق الحَلَبِيُّ، أبو يَعْقُوبَ الأنْطَاكِيُّ

(1)

وكان أبُوه قِنَّسْرِيْنِيًّا، وسَيأتي ذِكْره

(2)

، وأظُنُّ أنّ أصْلَه قِنَّسْرِيّ، وسَكَنَ إسْحاق حَلَب فَنُسِبَ إليها، ثمّ سكَنَ أَنْطَاكِيَة فَنُسِبَ إليها، ثُمَّ انْتَقَلَ إلى بَغْدَاد فَنُسِبَ إليها، واللهُ أعْلَمُ. وهو من مَوَالِي عِيسَى بن عليّ بن عَبْد الله بن العبَّاس.

حَدَّثَ عن أَبِيهِ كَعْب بن إسْحاق القِنَّسْرِيْنِيّ، ومُوسَى بن عُمَيْر العَنْبَرِيّ، وشَرِيك بن عَبْدِ الله، وعُبَيْدَة بن حُمَيْد التَّيْمِيّ، وعَبْد الحَميْد بن سُلَيمانَ، وعَبَّاد ابن العَوَّام، وعليّ بن غُرَاب.

رَوَى عنهُ أحْمَد بن زِيَاد بن مِهْرَان السِّمْسَار، وأبو عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله ابن خُرَّزَاد الأنْطَاكِيّ الحافِظ، وأحمدُ بن مُلاعِب، وعليّ بن حَرْب الطَّائيّ، وأبو جَعْفَر مُحَمَّد بن غالب بن حَرْب الضَّبِّي، وأبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، وعبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيّ، وأحمد بن مُحَمَّد الشَّطَوِيّ، ومُحَمَّد بن الفَضْل السَّقَطِيّ، ومُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل التِّرْمِذيّ.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن بن هِبَة الله الشَّافِعيّ الفَقِيه، قِراءَةً عليهِ بالبَيْت المُقَدَّس، في صَحْن المَسْحِد بالقُرْبِ من قُبَّةِ الصَّخْرَة، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن هِبَةِ الله الحافِظ

(3)

، قال: أخْبَرَنا أبو

(1)

ترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 1: 400، الجرح والتعديل 2: 232، تاريخ بغداد 7: 347 - 348، لسان الميزان 1:369.

(2)

ترجمة والده كعب بن إسحاق القنسرينيّ في الضائع من أجزاء الكتاب.

(3)

لم أقف عليه في تاريخ ابن عساكر، ولم يفرد ترجمة لأبي يعقوب الحلبي.

ص: 626

القَاسِم إسْمَاعِيْلِ بن مُحَمَّد بن الفَضْل الطَّلْحِيّ الأصْبَهَانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمْرو عَبد الوَهَّاب بن مُحَمَّد بن إسْحاق، قال: أخْبَرَنا وَالدِي أبو عَبْدِ اللهِ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الوَاحِد النَّحْوِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن زِيَاد بن مِهْرَان السِّمْسَار، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن كَعْب الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَي بن عُمَيْر، عن الحكم بن عُتَيْبَة، عن إبْراهيم، عن الأسْوَد، عن عَبْد الله رضي الله عنه

(1)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: دَاوُوا مَرْضَاكُم بالصَّدَقَة، وحَصِّنُوا أمْوَالكُم بالزَّكَاةِ، وأعِدُّوا للبَلَاءِ الدُّعَاءَ.

كَتَبَ إلينا المُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ من نَيْسَابُور أنَّ أبا الحَسَن عليّ بن عَبْدِ الله بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيّ أخْبَرَهُ، قال: حَدَّثَني الشَّيْخُ أبو الفَضْل بن زُرَيْق، قال: حَدَّثَنَا أبو العَلَاءِ المَعَرِّيّ، قال: حَدَّثَني أبي عَبْدُ الله بن سُلَيمانَ، قال: أخْبَرَنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن مُحَمَّد الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُثْمان بن خُرَّزَاد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن كَعْب، أبو يَعْقُوب مَوْلَى عِيسىَ بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن عُمَيْر العَنْبَرِيّ، عن مَكْحُول، عن أبي أُمَامَة، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(2)

: لحَامِل كتاب اللهِ دَعْوَةٌ مُجَابةٌ.

وأخْبَرَنا بهذا الحَدِيْث أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْرَاهيم بن مُسَلَّم الإرْبِلِيّ، قِراءَةً عليهِ بحَلَب، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن النَّقُّور، وأبو الحُسَين عَبْد الحَقّ بن عَبْد الخَالِق، قالا: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن عليّ بن العَلَّاف،

(1)

البيهقي: السنن الكبرى 3: 383، السيوطي: الدرر المنتثرة 118 (رقم 224)، المتقي الهندي: كنز العمال 10: 24 (رقم 28183)، المناوي: فيض القدير 3: 515 (رقم 4166)، العجلوني: كشف الخفاء ومزيل الإلباس 1: 482 (رقم 1285).

(2)

الطبراني: المعجم الكبير 10: 157 - 158 (رقم 10169)، وحلية الأولياء لأبي نعيم 2: 104، وسنن البيهقي الكبرى 3: 382، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي 7:347.

ص: 627

قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عُمَر الحَمَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّافِعيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل التِّرْمِذيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن كَعْب الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَي بن عُمَيْر، فذَكَرَ الحَدِيْث بتَمامهِ.

وأخْبَرَنا به أبو الحَسَن عليّ بن عَبْد اللَّطِيْف بن الحُسَنِن الدِّيْنَورِيّ -عُرِفَ بابن الخِيَمِيّ- ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح بن شَاتِيْل، قال: أخْبَرَنا الحَاجِبُ أبو الحَسَن بن العَلَّاف، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الحَمَّاميِّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن كَعْب الأنْطَاكِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بن عُمَيْر، فذَكَرَهُ.

أنْبَأنَا الفَقِيه أبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن قُشَام الحَنَفِيّ، عن أبي العَلَاءِ الحَسَن بن أحْمَد الحافِظ العَطَّار، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ ابن مَنْجُوَيْه، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحاكِم الحافِظُ في كتاب الأسْماءِ والكُنَى

(1)

، قال: أبو يَعْقُوب إسْحاق بن كَعْب الهاشِميّ موْلاهُم البَغْدَاديّ، سَمِعَ أبا عَبْد الله شَرِيك بن عَبْدِ الله النَّخَعِيّ، وأبا عبد الرَّحْمن عُبَيْدَة بن حُمَيْد.

رَوَى عنهُ أبو الحَسَن عليّ بن حَرْب الطَّائيّ، وأبوِ جَعْفَر مُحَمَّد بن غالب بن حَرْب الضَّبِّيّ، كَنَّاه لنا مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، وقال أبو حَاتِم الرَّازِيّ

(2)

: كَتَبْتُ عنه، وهو صَدُوقٌ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن ثَابِت الخَطِيبُ

(3)

، قال: إسْحاق بن كَعْب، أبو

(1)

لم يرد في الأجزاء المطبوعة من كتاب الأسامي والكنى للحاكم.

(2)

أورده ابنه عبد الرحمن في كتابه الجرح والتعديل 2: 232.

(3)

تاريخ بغداد 7: 347.

ص: 628

يَعْقُوب، مَوْلَى بني هاشِمِ، سَمِعَ شَرِيك بن عَبْدِ الله القَاضِي، وعَبْد الحَميْد بن سُليَمان أخَا فُلَيْح، وعُبَيْدة بن حُمَيْدٍ الحَذَّاءَ، ومُوسَى بن عُمَيْر، وعليّ بن غُرَاب، وعَبَّاد بن العَوَّام.

رَوَى عنهُ عليّ بنُ حَرْب الطَّائيّ، وعبَّاس الدُّوْرِيّ، وأحمد بن مُوسَى الشَّطَوِيّ، ومُحَمَّد بن غالب التَّمْتَام، ومُحَمَّد بن الفَضْل السَّقَطِيّ، وأبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا. وقال أبو حَاتِم الرَّازِيّ: كَتَبْتُ عنهُ، وهو صَدُوقٌ.

وقال الخَطيبُ

(1)

: أخْبَرَنا ابنُ الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عليّ بن إبْراهيم المُسْتَمْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو أَحْمَد بن فَارِس، قال: حَدَّثَنَا البُخاريّ

(2)

، ح.

قال الخَطيبُ: وحَدَّثَني مُحَمَّد بن عليّ الصُّوْرِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد اللهِ، قال: أَخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: أخْبَرَني أبي، قالا: إسْحاقُ بن كَعْب، أبو يَعْقُوبَ، بَغْدَاديُّ، زَادَ البُخاريّ

(3)

: مَوْلَى بني هاشِم.

وذَكَرَ أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم في كتاب الجَرْحِ وِالتَّعْدِيل

(4)

، قال: إسْحاق بن كَعْب، مَوْلَى بني هاشِم، أبو يَعْقوبَ، بَغْدَادِيٌّ، رَوَى عن شَرِيكٍ، وهُشَيْم، وعُبَيْدَة بن حُمَيْد، سَمِعْتُ أبىِ وأبا زُرعَة يقولان ذلك.

قال: وسَمِعْتُ أبي يَقُول: كَتَبْتُ عنهٌ، وهو مَوْلَى عِيسَى بن عليّ بن عَبْد الله ابن العبَّاس، قال أبو زُرْعَة: أدْرَكْناهُ ولم نَكْتُبِ عنهُ، كان في مَرضه مَجِيْئي (a). سُئِلَ أبي عن إسْحاق بن كَعْب الهاشِميّ، فقال: صَدُوقٌ.

(a) تحرفت في كتاب الجرح والتعديل: كان في فرضه الضحى!.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 348.

(2)

تاريخ البخاري الكبير 1: 400.

(3)

تاريخ البخاري الكبير 1: 400.

(4)

الجرح والتعديل 2: 232.

ص: 629

‌إسْحاق بن كُنْدَاج -وقيل: كُنْدَاجيَقْ (a)- الخَزَرِيُّ

(1)

قَائِدٌ مَذْكُور، من أكَابِر القُوَّاد، كان في أيَّام المُعْتَمد على الله، وبقي إلى زَمن المُعْتَضِد، ووَلِيَ مَدينَة حَلَب وقِنَّسْرِيْن، وهَزَم ابن أبي السَّاج عنها، ووَرَدَ أحْمَد بن المُعْتَضِد في حَيَاة أَبيه لقِتَال خُمَارَوَيْه بن طُوْلُون، واتَّفَقِ ابنُ أبي السَّاج وإسْحَاق بن كُنْدَاج معه، وصَعِدَا معه منِ حَلَب حتَّى صارا إلى دِمَشْق، فانْصَرَفا عنه، وصارا إلى حَلَب ومعهما جَعْفَر البغَامَرْدِيّ، فجعلوا يَجْبُون أمْوَال حَلَب، فلمَّا وَقَعَت وَقْعَة الطَّوَاحِين دعا ابن أبي السَّاِجِ الخُمَارَوَيْه، وصار إسْحاق بن كُنْدَاج بمَعْزلٍ عنه، ووصَل خُمَارَوَيْه، ودَفَع إسْحاق وهَزَمهُ، فالْتَجأ إلى قلْعَة مَارِدِين ثمّ إلى تَكْرِيت.

أنْبَأنَا أبو رَوْح عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل الهَرَويّ، عن زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد البُنْدَار إذْنًا، قال: أنْبَأنَا أبو أحْمَد عُبَيْدُ الله بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن أبي مُسْلِم المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الصُّوْلِيّ إجَازَةً، قال في سَنَة ستٍّ وسِتِّين ومَائتَيْن: وهَزَمَ إسْحاقُ بن كُنْدَاج إسْحاقَ بن أَيُّوبَ، واسْتَنْجَد عليه عيسَى بن شَيْخ وأبا المَغْرَاء، ووَجَّه السُّلْطانُ إلى إسْحاق بن كُنْدَاج بخلَعٍ ولواءٍ، ووَلَّاهُ المَوْصِل وديار رَبِيْعَة وأَرْمِينِيَة، فطلبَ القَوْم صُلْحَهُ على أنْ يُقِرّهم على أعْمَالهم، ويُعْطُوه مائتي ألف دِيْنار.

(a) الأصل: كنداجبَقْ.

_________

(1)

كان حيًا سنة 283 هـ، وترجمته في: تاريخ الطبري 9: 260، 504 - 506، 544، 551، 553، 587، 620 - 622، 627 - 628، 653، 667، 10: 12، 33، الكندي: ولاة مصر 251 - 261، المسعودي: مروج الذهب 5: 119، ابن الأثير الكامل 7: 259 - 261، 327 - 334، 394 - 397، 409 - 462، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 16: 36، زبدة الحلب 1: 87، ابن شداد: الأعلاق الخطيرة 3/ 1: 28 - 31، ابن كثير: البداية والنهاية 11: 51، 53، ابن خلدون: العبر 6: 122 - 123، 128 - 133، 7: 718 - 719، 8: 29 - 36، النجوم الزاهرة 3: 69، الطباخ: إعلام النبلاء 1: 202 - 207.

ص: 630

وقال الصُّوْلِيّ في سَنَة تِسْعٍ وسِتِّين ومَائتَيْن: وخُلِعَ على إسْحاق بن كُنْدَاج، وقُلِّدَ سَيْفَيْن بحَمَائل أحدُهما عن يَمِيْنه، والآخر عن شمالهِ، وسُمِّي ذا السَّيْفَين وتُوِّجَ وأُلْبسَ وِشَاحَيْن، ورُصِّعَ ذلك بالجَوْهَرِ، وشَيَّعَهُ إلى مَنْزِله هَارُون بن الوَاثقِ (a) وصَاعِد (b)، وتغَدَّيا عندَهُ مع سَائر القُوَّاد بسُرَّ مَنْ رَأى، فقال البُحْتُرِيّ

(1)

: [من الكامل]

أخْلِقْ بذي السَّيْفَين أو صَدِّقْ بهِ

أنْ يُعْمِلَ السَّيْفَين حتَّى يَحْسرَا

ما قُلِّدَ السَّيْفَين إلَّا نَجْدَةً

في الحَرْب (c) تُوْجبُ أنْ يُقَلَّد آخَرا

قد أُلْبِسَ التَّاجَ المُعَوَّد (d) لُبْسه

في حالتَيْهِ (e) مُمَلَّكًا ومُؤَمَّرَا

شَرَفٌ تَزَيَّدَ بالعِرَاق إلى الّذي

عَهدُوهُ بالبَيْضَاء أو ببَلَنْجَرا (f)

وقال الصُّوْلِيّ في سَنَة سَبْعِين: وأمَرَ -يعني جَعْفَر المُفَوَّض ابنُ المُعْتَمد- إسْحاق بن كُنْدَاج بمُوَافَاةِ بَغْدَاد، ووَافَاهُ إسْحاق بن كُنْدَاج للَيْلَتَيْن خَلَتا من جُمَادَى الآخرة، فخلَع عليه خلَعًا فيها سَيْفان مُحلَّيان، وعَقَدَ له على المَغْرب، فشَخَصَ إلى سُرَّ مَنْ رَأى من يَوْمه لأنَّهُ اتَّصَلَ بهِ مَسِيْرُ ابن أبي السَّاج إلى عَانَة، وأنَّهُ دَعَا بالرَّحْبَةِ لابن طُوْلُون، وأنَّ أحْمَد بن مَالِك بن طَوْق دعا لابن طُوْلُون بقَرْقِيسِيا، وكذلك ابن صَفْوَان العُقَيْلِيّ، وانْصَرَف ابن طُوْلُونَ من دِمَشْق وهو شَدِيدُ العِلَّة إلى مِصْر، وانْصَرَف أصْحَابُه عن الرَّحْبَةِ وقَرْقِيسِيا، ورجَع ابن أبي السَّاج إلى قَرْقِيسِيا.

(a) كتب فوقه علامة "صـ" لوقوع خطأ في اسمه، ولعله أشتبه عليه بهارون الملقب بالواثق، الذي تولى الخلافة بعد المعتصم سنة 227 هـ وتوفي سنة 232 هـ. وهو بعيد عن زمن الأحداث المذكورة.

(b) كتب ابن العديم في الهامش: يعني صاعد بن مخلد.

(c) ديوان البحتري: والحرب.

(d) الديوان: المعاود.

(e) الديوان: في الحالتين.

(f) في الأصل: بيلَنْجرا، والمثبت من ديوان البحتري، وهي مدينة ببلاد الخزر خلف باب الأبواب. معجم البلدان لياقوت 1:489.

_________

(1)

ديوان البحتري 2: 977 - 978.

ص: 631

قال: وَرَدَ الخَبَرُ يَوْم السَّبْت لستٍّ خَلَوْنَ من ذِي الحِجَّة بمَوْت أحْمَد بن طُوْلُون بمَدِينَة مِصْر، وبمصير إسْحاق بن كُنْدَاج وابن أبي السَّاج إلى الرَّقَّة، وصَار إسْحاق بن كُنْدَاج إلى الرَّقَّة، وهزم أصْحَاب ابن طُوْلُون، وهزم ابن أبي السَّاج عن قِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم.

ثُمَّ قال الصُّوْلِيّ في حَوَادِث سَنَة إحْدَى وسَبْعِين: ثُمّ دَخَلَ أبو العبَّاس -يعني أحْمَد بن المُوَفَّق- إلى قِنَّسْرِيْن، وسَار منها فلَقِيَهُ بحَمَاةَ جَيْشٌ لأبي الجَيْش بن طُوْلُون فهُزِمَ، وصَار إلى دِمَشْق، فجاءَهُ أبو عَبْد الله الوَاسِطِيّ في الأمان، وتنحَّى إسْحاق ومُحَمَّد بن أبي السَّاج وجَعْفَر البغَامَرْدِيّ عن أبي العبَّاس، فصاروا إلى حَلَب يَجْبُون الأمْوَالَ.

وقال الصُّوْلِيّ في سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين، بعد عَوْد أبي العبَّاس من وَقْعَة الطَّوَاحِين: وصَار أبو العبَّاس إلى الجَزِيْرَة إلى رَأس عَيْن ثمّ إلى قَرْقِيسِيا، وتنحَّى إسْحاق بن كُنْدَاج وابن أبي السَّاج إلى باجُدَّى ثمّ إلى دَارَا.

وقال في سَنَة ثَلاثٍ وسَبْعِين ومَائتَيْن: ودَعَا ابنُ أبي السَّاج الخُمَارَوَيْه على جَمِيعِ عَمله، وانْفَرَج الأمْرُ بينَهُ وبين إسْحاق بن كُنْدَاج، فصَار إلى الرَّقَّة، وصارَ خُمَارَوَيْه إليها واجْتَمَعا فحاربا إسْحاقَ فهَزَماهُ، فوَافَى ديار رَبِيْعَة في جُمَادَى الأُوْلَى وتَحَصَّن في قَلْعَة مَارِدِين، ثُمّ صَار إلى تَكْرِيت (a).

(a) بقية الصفحة بياض، مقداره أقل من النصف.

ص: 632

‌حَرْفُ اللَّام في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌إسْحاقُ بن اللَّيْثِ المَلَطِيُّ، أبو العَسَاكِر

حَدَّثَ عن أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا (a). رَوَى عنهُ أبو الحُسَيْنُ مُحَمَّد بن الحُسَين الآبُرِيّ.

أنْبَأنَا الحافِظُ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْدِ الله الرُّهَاوِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح مُحَمَّد بن عُمَر الحَازِمِيّ، قال: أخْبَرَنا عِيسَى بنُ شُعَيْب الصُّوْفيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بنُ بُشْرَى اللَّيْثِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن الحُسَين السِّجْزِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا العَسَاكِرِ إسْحاقِ بن اللَّيْث المَلَطِيّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن عُمَيْر بن جَوْصَا يقول: سَمِعْتُ أَيُّوبَ بن سَافِرِي يقول: سَمِعْتُ بِشْر بن الحَارِث يقولُ: إنَّ ممَّا يُعَذِّب الله تَعالَى به عبادَهُ أنْ يُعَذِّبَهُم بفُرْقَة الأَحْبَاب.

‌حَرْفُ المِيْم في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌ذِكْرُ مَنْ اسْمُ أبيْهِ مُحَمَّد ممَّن اسْمُه إسْحاق

‌إسْحاقُ بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن حَكِيم بن أَسِيْد، أبو الحَسَن الأصْبَهَانِيّ المَعْرُوف بابنِ مَمَّك

(1)

مَوْلَي بني هاشِم، رَحَل ودَخَلَ الشَّام، وسَمِعَ بحَلَب مُحَمَّد بن أَيُّوب الأنْمَاطِيّ، وأبا أُسامَة عَبْد الله بن أبي أسامَة الحَلَبِيّ، وببَالِس إسْحاق بن خَالِد بن يَزِيد

(a) بعده بياض قدر ثلاث كلمات.

_________

(1)

توفي سنة 312 هـ، وترجمته في: أخبار أصفهان لأبي نعيم 1: 219، تاريخ ابن عساكر 8: 276 - 277، وضبطه المحقق: مَمْك بفتح ثم سكون استنادًا إلى ضبط ابن منظور في مختصره 4: 310، تاريخ الإسلام 7: 252، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 454.

ص: 633

البَالِسِيّ، وبطَرَسُوس أبا أُمَيَّة مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّرَسُوسِيّ، وبجَبَلَة عَبْد الوَاحِد بن شُعَيْب، وبغيرها مُحَمَّد بن عليّ بن سُفْيان، ومُحَمَّد بن عَاصِم الأصْبَهَانِيّ، والحَسَن ابن عُثْمان، وإسْحَاق بن إبْراهيم بن عَبَّاد الدَّبَرِيّ (a).

رَوَى عنهُ الحافِظ أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عليّ بن المُقْرِئ، ومُحَمَّد بن عُبَيْد الله بن المَرْزُبَان، وأبو أحْمَد مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم العَسَّال، ومُحَمَّد بن جَعْفَر، وأحمد بن عُبَيْد الله بن مَحْمُود.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد الله الدِّمَشقيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم المُؤيَّد بن عبد الرَّحيم بن الإخْوَة وصَاحِبتُهُ عَيْنُ الشَّمْس بنتُ أبي سَعيد ابن الحَسَن بن مُحَمَّد بن سُلَيم، قالا: أخْبَرَنا أبو الفَرَج سَعيدُ بن أبي الرَّجَاء الصَّيْرَفِيّ -قالت: إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مَحْمُود الثَّقَفِيّ وأبو الفَتْح مَنْصُور ابن الحُسَين- قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن المُقْرِئ

(1)

، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن إسْحاق بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن حَكِيم، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن خَالِد (b)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابن مُصْعَب، قال: أخْبَرَنا إِسْرَائِيل، عن مَنْصُور، عن إبْراهيم، عن سَالِم بن أبي

(a) قيده ابن العديم في الموضعين اللذين ذكرهما فيه من هذه الترجمة، مجوَّدًا: الدَّبُّويّ. والصواب ما أثبتناه، نسبة إلى قرية دَبَر من قرى صنعاء اليمن، توفي سنة 285 هـ. انظر: الكامل لابن عدي 1: 338، تاريخ ابن عساكر 8: 276، ميزان الاعتدال 1: 181، العبر للذهبي 1: 410، سير أعلام النبلاء 13: 416 - 418، الوافي بالوفيات 8: 394، لسان الميزان 1: 349، شذرات الذهب 3:356.

(b) معجم ابن المقرئ: خلدون، وتقدمت ترجمة ابن العديم له في هذا الجزء، واسمه: إسحاق بن خالد ويُعرف بابن خلدون.

_________

(1)

معجم ابن المقرئ 221.

ص: 634

الجَعْد، عن عَبْدِ الله (a)، قال

(1)

: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْكُم من أحدٍ إلَّا له قَرِينٌ من الجِنِّ (b)، قالوا: يا رسُول اللهِ، ولا أنْتَ؟ قال: ولا أنا؛ إلَّا أنِّي آمرُه فيُطِيْعُني.

وقال: أخْبَرَنا ابن المُقْرِئ

(2)

، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق (c) : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُصْعَب، قال: حَدَّثَنَا قَيْس، عن الأَعْمَش، عن مُجَاهد في قَوْله عز وجل:{وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}

(3)

، قال: يَلْعَنهم كُلُّ شيءٍ حتَّى هَوَامّ الأَرْض.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ ابن الحَسَن

(4)

، قال: إسْحاق بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن حَكِيمِ بن أَسِيْد، أبو الحَسَن الأصْبَهَانِيّ المَعْرُوف بابنِ مَمَّك، أخُو أبي عَمْرو أحْمَد بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن حَكِيم، وهو الأَكْبَرُ.

سَمِعَ عَبْد الوَاحِد بن شُعَيْب بجَبَلَة، وأبا أُمَيَّة الطَّرَسُوسِيّ، والحَسَن بن عُثْمان، ومُحَمَّد بن عَاصِم الأصْبَهَانِيّ، ومُحَمَّد بن عليّ بن سُفْيان، وإسْحَاق بن إبْراهيم ابن عَبَّاد الدَّبَريّ (d).

(a) كذا في الأصل ومثله في معجم بن المقرئ، وفي سنن الدارمي وصحيح مسلم:"عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود".

(b) معجم ابن المقرئ: قرين الجن.

(c) قوله: "حدثنا إسحاق"، مكررة في الأصل ومثله في معجم ابن المقرئ: إسحاق الأول هو إسحاق بن محمد بن إبراهيم بن حكيم، والثاني: إسحاق في خالد (أو خلدون).

(d) في الأصل مجودًا: الدَّبُّوي، وتقدم -في أول الترجمة- التعليق عليه.

_________

(1)

سنن الداري 2: 396 (رقم 3734)، صحيح مسلم 4: 2167 (رقم 2814)، وفي لفظهما اختلاف.

(2)

معجم ابن المقرئ 221.

(3)

سورة البقرة، من الآية 159، ولم يرد في تفسير مجاهد قوله في تفسير الآية المذكورة.

(4)

تاريخ ابن عساكر 8: 276.

ص: 635

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن جَعْفَر، ومُحَمَّد بنُ عُبَيْدِ الله بن المَرْزُبَان، وأحمدُ بن عُبَيْدِ الله بن مَحْمُود، وأبو أحْمَد مُحَمَّد بن أحْمَد بن إبْراهيم العَسَّالُ.

أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج الدِّمَشقيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن مَسْعُودُ بن أبي مَنْصُور الجَمَّال الخَيَّاط، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن الحَسَن الحَدَّاد، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو نُعَيْم أحْمَد بن عَبْد الله بن أحْمَد بن إسْحاق الأصْبَهَانِيّ، قال: إسْحاق بن مُحَمَّد بن إبْراهيم بن حَكِيم بن أَسِيْد، أبو الحَسَن، تُوفِّي في رَمَضَان سَنَة اثْنَتي عَشْرة وثَلاثِمائة، شَيْخٌ، ثَبْتٌ، صَدُوقٌ، عَارِفٌ بالحَدِيْث، أدِيبٌ، ولا يُحَدِّثُ إلَّا من كتابهِ، كَتَبَ بالشَّام، والحِجَاز، وبالعِرَاق، صَنَّفَ الشُّيُوخَ.

‌إسْحاق بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن إسْحاق بن عبد الرَّحْمن بن يَزِيد بن مُوسَى، أبو يَعْقُوب الحَلَبِيّ القَاضِي

(1)

وَالدُ القَاضِي أبي جَعْفَر مُحَمَّد قاضي حَلَب، وأظُنُّ أبا يَعْقُوب تَوَلَّى قَضَاءَ حَلَب بعد الثَّلاثمائة. وأصْلُهُ من إصْطَخْر، ومَوْلدهُ ومَنْشَأه بحَلَب، وهو من بَيْت القَضَاء والعَدَالَة والعِلْم، والرِّوَايَة، خَرَجَ منهم جَمَاعَهٌ من رُوَاةِ الحَدِيْث.

وحدَّثَ إسْحاق هذا بحَلَب، ودِمَشْق، وبَغْدَاد عن أبي دَاوُد سُليْمان بن سَيْف الحَرَّانيّ، وأبي عَمْرو مُحَمَّد بن عَبْدِ الله السُّوْسيِّ، وأبي خَالِد عَبْد العَزِيْز بن مُعاوِيَة العُتْبيِّ، وعليّ بن عُثْمان النُّفَيْليِّ.

(1)

توفي بعد سنة 321 هـ، وترجمته في: تاريخ بغداد 7: 433 - 434، تاريخ ابن عساكر 8: 274 - 275، (وأفلت من سياقة نسبة عدة أسماء)، تاريخ الإسلام 7: 442، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 453، الطباخ: إعلام النبلاء 4: 24 - 25.

ص: 636

رَوَى عنهُ حَفِيْدُه القَاضِي أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن إسْحاق بن يَزِيد الحَلَبِيّ، وأبو الحَسَن عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو الفَتْح يُوسُف بن عُمَر القَوَّاس، وأبو زَكَرِيَّاء يَحْيَى بن مِسْعَر بن مُحَمَّد المَعَرِّيّ، وأبو هاشِم المُؤدِّب، وعَبد الوَهَّاب بن الحَسَن الكِلابِيُّ.

أخْبَرَنا القَاضِي جَمال الدِّين أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل في المَدْرَسَة القُبَيْسِيَّةِ بدِمَشْق، بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد طَاهِر بن سَهْل بن بِشْر الإسْفَرَاينيِّ سَنَة خَمْسٍ وعشرين وخَمْسِمائَة، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين مُحَمَّد بن مَكِّيّ بن عُثْمان بن عَبْدِ اللهَ الأزْدِيُّ المِصْرِيُّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الحَسَن عليّ ابن مُحَمَّد بن إسْحاق بن يَزِيد الحَلَبِيّ، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي إسْحاقُ بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا أبو دَاوُد -يعني سُليْمان بن سَيْف- قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أبو جَعْفَر الرَّازِيّ، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن سَعيد بن جُبَيْر، عن الأَسْوَد بن يَزِيد، عن عائِشَة، قالت: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

: مَنْ كانت له صَلَاة صَلَّاها نِصْفَ اللَّيْل فنَام عنها كان ذلك صَدَقَةً تصَدَّق اللهُ عليهِ، وكُتِبَ لهُ أجْرُ صَلَاتِه.

قال القَاضِي أبو الحَسَن: غَرِيْبٌ من حديث مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن سَعيد بن جُبَيْر، لا أعْلَم حدَّثَ به غيرُ أبي جَعْفَر بن مَاهَان الرَّازِيّ، واللهُ أعْلَمُ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم القَاضِي، عن أبي القَاسِم بن مَطَّكُوْد السُّوْسِيّ، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الأهْوَازِيّ إجَازَةً، قال: قال لنا عَبْدُ الوَهَّاب الكِلابِيّ في تَسْمِيةِ شُيُوخه: إسْحاق بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَزِيد الحَلَبِيّ، قَدِمَ علينا أبو يَعْقُوبَ حَاجًّا سَنَة تِسْع عَشْرة وثَلاثِمائة.

(1)

سنن النسائي بشرح السيوطي 3: 258 (رقم 1785)، وانظر: المسند الجامع 19: 485 (رقم 16312).

ص: 637

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبوِ مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: إسْحاق بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَزِيد، أبو يَعْقُوب القَاضِي الحَلَبِيُّ، قَدِمَ بَغْدَادَ، وحَدَّثَ بها عن عليّ بن عُثْمان النُّفَيْلِيّ، وسُليْمان ابن سَيْف الحَرَّانيّ. كَتَبَ عنهُ النَّاسُ بانْتِقَاءَ أبي طَالِب الحافِظ، ورَوَى عنهُ أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، ويُوسُف بن عُمَر القَوَّاس.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(2)

، قال: إسْحاق بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن يَزِيد، أبو يَعْقُوب الحَلَبِيّ، حَدَّثَ بدِمَشْقَ وبَغْدَاد، عن أبي خَالِد عَبْد العَزِيْز بن مُعاوِيَة العُتْبِيّ، وعليّ بن عُثْمان النُّفَيْلِيّ، وسُليْمان بن سَيْف الحَرَّانيَّيْن، وأبي عَمْرو مُحَمَّد بن عَبْدِ الله السُّوْسيِّ. رَوَى عنهُ ابنُ ابنهِ أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد ابن إسْحاق، وأبو هاشِم المُؤدِّب، وعَبد الوَهَّاب الكِلَابِيّ، وأبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ، وأبو الفَتْح يُوسُف بن عُمَر القَوَّاس.

وقال

(3)

: قَرأتُ بخَطِّ أبي مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، وذَكَرَ أنَّهُ نَقَلَهُ من خَطِّ بعض أصْحَاب الحَدِيْث في تَسْمِيَةِ مَنْ سَمِعَ منهُ بدِمَشْق سَنَة ستّ عَشْرة وثَلاثِمائة: إسْحاق ابن مُحَمَّد حَاجٌّ غَرِيْبٌ.

حدَّثَ إسْحاقُ بن مُحَمَّد بن يَزِيد ببَغْدَادَ في مُحَرَّم سَنَة إحْدَى وعشرين وثَلاثِمائة، فتكُون وَفَاتهُ بعد ذلك.

(1)

تاريخ بغداد 7: 433 - 434.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 274.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 275.

ص: 638

‌إسْحاق بن مُحَمَّد بن المُؤيَّد بن عليّ، أبو مُحَمَّد الشَّافِعيُّ الصُّوْفيُّ القَاضي

(1)

الهَمَذَانيّ الأصْل، المِصْرِيّ المَوْلد والمَنْشَأ، سَمِعَ الحَدِيْث الكَثِيْر بنَفْسه، ورَحَلَ في طَلَبه إلى الشَّام، والعِرَاق، وخُرَاسَان. وقَدِمَ حلَبَ غير مَرَّة، وسَمِعَ بها جَمَاعَة من شُيُوخنا؛ مثل: قاضِي القُضَاهَ أبي المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، وأبي هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب، وأبي مُحَمَّد بن عُلْوَان الأسَدِيّ، وغيرهم.

وحدَّثَ ببعض ما سَمِع، وبَلَغَني أنَّهُ كان على غايةٍ من العِلْم والدِّين، سَمِعَ منه بعضُ أصْحَابنا، ولم يتَّفق لي سَمَاع شيءٍ منه.

ووَلِيَ القَضَاءَ ببعض بلاد أَذْرَيِبْجَان، وقَدِمَ مِصْر بعد أنْ طَرَقَ التَّتَار البِلَادَ، وأقامَ بها إلى أنْ ماتَ، وله شِعْرٌ مَطْبُوع.

وأخْبِرَنِي أبو بَكْر مُحَمَّدُ بن عبد العَظِيْم المُنْذِريّ

(2)

، أنَّهُ تَوَلَّى القَضَاءَ والخَطَابَةَ بأَبَرْقُوه (a)، بَلْدَة من أعْمَال فَارِس.

وأخْبَرَني ابنُهُ أبو الفَضْل مُحَمَّد بن إسْحاق بن مُحَمَّد بن المُؤيَّد بن عليّ الهَمَذَانيّ أنَّ أباهُ دَخَلَ حَلَب، وسَمِعَ بها أبا المَحَاسِن يُوسُف بن شَدَّاد وغيره من شُيُوخها، وسَمِعَ بغيرها من البِلاد، وحدَّثَ بمِصْر والعَجَم ببعض ما سَمِعَهُ، وتُوفِّيَ بالقَاهِرَةِ سَنَة ثَلاثٍ وعشرين وسّتّمائة.

(a) في الأصل: بأبرقوم، وليس ثمة بلدة أو مدينة في المشرق بهذا الاسم، وأبرقوه مشهورة، ونُسِبَ إليها ابن المترجم له. انظر: ياقوت: معجم البلدان 1: 69.

_________

(1)

توفي سنة 623 هـ، وترجمته في: التكملة للمنذري 3: 175 - 176، سير أعلام النبلاء 22: 281 - 282، تاريخ الإسلام 13: 734 - 735، الوافي بالوفيات 8: 424 (وزاد فيه: الوبريّ)، المقريزي: المقفى الكبير 2: 56.

(2)

التكملة لوفيات النقلة 3: 176.

ص: 639

‌[إسْحَاق بن مُحمَّد التَّمَّار

رَوَى عنهُ أبو] (a) بَكْر أحْمَد [بن مَرْوَان المالِكِيّ

حدَّثَنا أحْمد بن مروان الدِّينورىِّ المالكيّ، قال: حدَّثَنا إسْحاق بن مُحمَّد التَّمَّار، قال]: سَمِعْتُ ابنَ خُبَيْق يقول: سَمِعْتُ يُوسُف بن أسْبَاط يقول، وسَأله رَجُلٌ فقال: يا أبا مُحَمَّد، ما تقُول إذا خَتَمْت القُرْآن؟ قال: أقول خَمْسِين مرَّة: اللَّهُمَّ لا تَمْقُتني. قال: ورُبَّما كان ابْني خارجًا فأَنْتَظرهُ حتَّى يجيءَ لعلَّ الله أنْ يُنزل علينا الرَّحْمَة.

‌إسْحاق بن مُحَمَّد الطَّرَسُوسِيُّ

حَدَّثَ عن حُمَيْد بن ثَوْر، رَوَى عنهُ الحُسَين بن مَنْصُور المِصِّيْصيّ.

قَرَأتُ في كتاب فَضَائِل الصَّحَابَة، جَمْعُ الشَّيْخِ أبي القَاسِم عُمَر بن عليّ المَعْرُوف بالدَّيْلَميِّ

(1)

، عن شُيُوخهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُوسَى المَعْرُوف بجَابَار الوَاعِظ بأَبْهَر سَنَة ثَلاثٍ وثمانين وثَلاثِمائة، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مَنْصُور المِصِّيْصيّ، عن إسْحاق بن مُحَمَّد الطَّرَسُوسِيّ، عن حُمَيْد بن ثَوْر، عن مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَنْبَل، عن أَبِيهِ، عن خَالِد بن سُلَيمان، عن زَيْد بن وَهْب، عن ابن عُيَيْنَة، عن إسْمَاعِيْل السُّدِّيّ، عن أبي مُوسَى الأشْعَرِيّ، قال: دَخَل الحَسَن والحُسَين رِضْوَان الله عليهما على مُعاوِيَة بن أبي سُفْيان رَضِىَ اللهُ عنهُ في إمَارته، وكان قد تَصَدَّق مُعاوِيَةُ على

(a) أدْرج ابن العديم هذه الترجمة في هامش الأصل، وذهب نصفها، واسم المترجم له مع السند المدرج بين الحاصرتين من كتاب المجالسة وجواهر العلم للدينوري 343، وفيه الرواية المذكورة، وأبقينا موضع سند ابن العديم في الرواية نقاطًا. ولم نقف على ترجمة أخرى لإسحاق التمار، وهو من أهل القرن الرابع الهجري لأخذ الدينوري عنه.

_________

(1)

ذكر حاجي خليفة الكتاب باسم مؤلفه ولم يزد على ذلك. ولم نقف على ترجمته أو معرفة كتابه. كشف الظنون 2: 1276.

ص: 640

المُهاجِرين والأنْصَار أرْبَعمائة ألف دِيْنار، فأمَرَ خَازِنَهُ أنْ يُعْطي الحَسَن والحُسَين مثلَ ما أعْطَى المُهاجِرين والأنْصَار، فأخْرج أربعمائة ألف دِيْنارٍ وأعْطَاهُما.

‌إسْحاق بن مَحْمُود الجَرَّاح، أبو يَعْقُوبَ المَلَطِيُّ

سَمِعَ أبا العبَّاس الأصَمّ، وأبا عَرُوبَة الحُسَين بن أبي مَعْشَر الحَرَّانيّ، رَوَى عنهُ الحاكِم أبو عَبْد الله الحافِظ.

أنْبَأنَا أبو بَكْر عَبْد الله بن عُمَر بن عليّ القُرَشِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن عُمَر بن الغَزَّال، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِينيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ أنَّ أبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ، وأبَوَي بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ كَتَبُوا إليه: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله الحافِظ، قال: أخْبَرَنا إسْحاق بن مَحْمُود المَلَطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَرُوبَة، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن عَمْرو، قال: حَدَّثَنَا زُهَيْر، عن أبي إسْحاق، عن عَاصِم بن ضَمْرَة، عن عليّ أنَّهُ قال: إنَّ الوتْر ليسَتْ كفَرِيْضَةِ الصَّلاة ولكنّها سُنَّة سَنَّها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وليسَ يَنْبَغي لأحدٍ من المُسْلمِيْن أنْ يُبَدّلها.

قال أبو عَبْد الله الحافِظ: إسْحاق بن مَحْمُود بن الجَرَّاحِ، أبو يَعْقُوب المَلَطِيّ، قَدِمَ علينا نَيْسَابُور، وهو كَهْلٌ يَفْهَمُ، وكان من المُلَازِمينَ لأبي العبَّاس الأصَمّ الأُمَوِيّ سَمِعَ حَدِيثَهُ، سَمِعَ أبا عَرُوبَة الحَرَّانيّ وأقْرَانَهُ.

أنْبَأنَا أبو المُظَفَّر عبد الرَّحيم بن أبي سَعْد بن مُحَمَّد المَرْوَزيّ عن أَبيِهِ الإمَام أبي سَعْد السَّمْعَانيّ قال في كتاب الأنْسَاب

(1)

، فيمَن نُسِبَ إلى مَلَطْيَة: وأبو يَعْقُوب إسْحاق بن مَحْمُود بن الجَرَّاح المَلَطِيّ، سَمِعَ أبا عَرُوبَة الحُسَين بن أبي مَعْشَر الحَرَّانيّ.

(1)

السمعاني: الأنساب 12: 422.

ص: 641

‌إسْحاق بن مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان بن الحَكَم بن أبي العَاص الأُمَوِيُّ

(1)

كان ينزل مع أبيهِ بنَوَاحِي حَلَب في قَصْره بالنَّاعُورَة وغيره.

وذَكَرَهُ الحَافِظُ أبو القَاسِم في تاريخ دِمَشْق

(2)

، بما أنْبَأنَا به زَيْنُ الأُمَناءِ أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم، قال: إسْحاق بن مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان بن الحَكَم الأُمَوِيّ، له ذِكْرٌ وعَقِبٌ، من وَلدِه عليّ بن عَاصِم بن أبي العَاص بن إسْحَاق بن مَسْلَمَة؛ مُحَدِّثٌ من أهْلِ دِمَشْق، حَدَّثَ بمِصْر.

‌إسْحاقُ بن مُسْلِم بن رَبِيْعَة بن عَاصِم بن حَزْن بن عَامِر بن عَوْف ابن عُقَيْل بن كَعْب بن رَبِيْعَة بن عَامِر بن صَعْصَعَة بن مُعاوِيَة بن بَكْر بن هَوَازِن، أبو صَفْوَان العُقَيْلِيُّ

(3)

كان كبير القَدْر، جَلِيْل الأمْر، ووَلي أَرْمِينِيَة، وكان من قُوَّاد مَرْوَان بن مُحَمَّد بن مَرْوَان، وتوجَّه معهُ حينَ تَوَجَّه من حَرَّان إلى دِمَشْق طَالِبًا للخِلَافَة، وغَزَا الرُّوم سَنَة عِشْرين ومائة، وافْتَتَح قلاعًا، ومَرَّ بحَلَب في طَرِيقه إلى دِمَشْق وإلى الغَزَاة.

(1)

ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 8: 279، والنقل عنه.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 279.

(3)

توفي بعد سنة 132 هـ، وترجمته في: تاريخ خليفة 372، 380، 401، 407، البلاذري: فتوح البلدان 290، 294، أنساب الأشراف 1/ 3: 153 - 158، 185 - 210، المعارف 418، المسعودي: مروج الذهب 4: 145 - 146، تاريخ ابن عساكر 8: 280 - 281، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 455.

ص: 642

أنْبَأنَا القَاضِي أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن مُحَمَّد بن الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي الحَسَن رَشَاء بن نَظِيف، وأنْبَأنيْهِ أبو القَاسِم النَّسِيب، وأبو الوَحْشِ المُقْرِئ عنه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إبْراهيمُ بن عليّ بن إبْراهيم بن سِيْبَخْت البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاس ثَعْلَب، قال: حَدَّثَنَا ابنُ شَبِيْب، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن عَبْد الله، قال: قال المَنْصُور: يا إسْحاق بن مُسْلِم، أفْرَطت فِي وفائكَ لبني أُمَيَّة! فقال: يا أَمِير المُؤمِنِين، اسمَعْ جَوَابي، قال: هَاتِ، قال: مَنْ وَفَى لمَنْ لا يُرْجَى كان لمَنْ يُرْجَى أوْفَى، قال: صَدَقْتَ.

قال: وحَدَّثَنَا الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا ثَعْلَبُ، قال: حَدَّثَني أبو العبَّاس المُبَرَّد، قال: لمَّا بلَغ أبا جَعْفَر المَنْصُور وَفَاة أبي العبَّاس السَّفَّاح، بَعَثَ إلى إسْحاق بن مُسْلِم العُقَيْلِيّ، وكان معه عند مُنْصَرفه من مَكَّة، فحادثَه سَاعةً، ثمّ قال له: إنَّهُ يَخْطر ببالي ما يعرضُ للنَّاس من الفِكْر، فقُلتُ: إنَّهُ يُغْدَى على الأنْفُسِ ويُرَاح، وإنَّ الأَحْدَاثَ غيرُ مَأْمُونةٍ، فلو حَدَثَ يا أَمِير المُؤمِنِين حَدَثٌ ونحن بالمَوضِع الّذي نحن فيهِ كيفَ كان الرَّأي، وما ترى عَبْد الله بن عليّ يَصْنعُ؟ قال إسْحاق: أيُّها الأَمِير، ليس لمَكْذوب رَأيٌ؛ أصْدُق الحَدِيْثَ، أنْصح لك الرَّأي، فأخْبَرَهُ الخَبَر، وسَألهُ عن رَأيهِ، فقال: إنْ كان ابنُ عليّ ذا حَزْمٍ بَعَثَ حين يَصِل إليهِ الخَبَرُ خَيْلًا فتلقاك في هذا المَوضِعِ البَراريّ، فحالَ بينكَ وبين دَار المُلْكِ، وأخَذَتْكَ، فأتَتْهُ بِكَ أسِيْرًا. قال: وَيْحَك، إنْ لم يَفْعَل هذه، دَعْني عنها، قال: يقْعُد على دَوَابِّه فإنَّما هي ليالٍ يَسِيْرةٌ حتَّى يَقْدمَ الأنْبَار، فتَحْتَوي (a) على بُيُوت

(a) في تاريخ ابن عساكر 8: 281: فيحتوي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 280.

ص: 643

الأمْوَال والخَزَائن والكُرَاع، فيَصِيْر طَالِبًا وأنْتَ مَطْلُوبٌ، فإنْ لم يُوفَّق قبل ذلك فلا حَيَاةَ لعَمِّكَ.

وذَكَرَ أحْمَد بن يَحْيَى البَلاذُرِيّ

(1)

أنَّ إسْحاق بن مُسْلِم حَجَّ مع أبي جَعْفَر المَنْصُور، وكان عَدِيْلَهُ.

قال: وحَدَّثَني أحْمَدُ بن الحَارِث، عن المَدَائِنِيّ، قال: ماتَ إسْحاق بن مُسْلِم ببَثْرَةٍ خَرجَتْ بهِ في ظَهْره، فحَضَر المَنْصُور جنَازَته، وحَمَل سَرِيرَهُ حتَّى وضَعَهُ، وصَلَّى عليهِ، وجَلَسَ عند قَبْره. فقال له مُوسَى بن كَعْب -أو غيره-: أتَفْعَلُ هذا بهِ؟ قال: وكان والله مُبْغضًا لك، كَارِهًا لخلافتكَ. فقال: ما فعلْتُ هذا إلَّا شُكْرًا للَّهِ إذ قَدَّمَهُ أمَامي! قال: أفَلَا أُخْبِر أهْلَ خُرَاسَان بهذا من رأيكَ، فقد دَخَلَتْهُم وَحْشَةٌ لك لِمَا فَعَلْتَ، قال: بَلَى، فأخْبَرَهُم فكَبَّرُوا.

أنْبَأنَا زَيْن الأُمَناء أبو البَرَكَات بن مُحَمَّد، قال: أخْبرَنا عَمِّي أبو القَاسِم

(2)

، قال: إسْحاق بن مُسْلِم بن رَبِيْعَة بن عَاصِم بن حَزْن بن عَامِر بن عَوْف بن عُقَيْل بن كَعْب بن رَبِيْعَة بن عَامِر بن صَعْصَعَة بن مُعاوِيَة بن بَكْر بن هَوَازِن، أبو صَفْوَان العُقَيْلِيّ، كان قَائِدًا من قُوَّاد مَرْوَان بن مُحَمَّد، ووَلي أَرْمِينِيَة، وشَهِدَ مع مَرْوَان حَرْبَهُ بعَيْن الجَرِّ مع سُليْمان بن هِشَامٍ، ودَخَلَ معَهُ دِمَشْق. وكان إسْحاق مع مَرْوَان حين تَوَجَّه إلى دِمَشْق لطَلَب الخِلَافَة، وذلك مَذْكُورٌ في تَرْجَمَةِ مَرْوَان

(3)

، وبَقِيَ إلى خِلَافَة بني العبَّاس، وكان أثيرًا عندَ أبي جَعْفَر المَنْصُور.

(1)

أنساب الأشراف 1/ 3: 189 - 190.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 280.

(3)

الإحالة لابن عساكر على موضع الترجمة من كتابه تاريخ دمشق.

ص: 644

‌إسْحَاقُ بن مَنْصُور بن بَهْرَام، أبو يَعْقُوبَ الكَوْسَج، الإمَامُ الزَّاهِدُ، المَرْوَزيّ

(1)

نَزِيلُ نَيْسَابُور، رَحَلَ في طَلَب الحَدِيْث، ودَخَلَ الشَّام، وسَمِعَ بأنْطَاكِيَة الهَيْثَمِ بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ، ورَوَى عنهُ وعن أحْمَد بن حَنْبَل، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، ويَحْيَى بن سعيد، ووَكِيع بن الجَرَّاح، والنَّضْر بن شُمَيْل، ومُحَمَّد بن بَكْر البُرْسَانِيّ، ومُعَاذ بن هِشَام، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِي، وأبي أُسامَة، وعبد الله بن نُمَيْر، ورَوْح ابن عُبَادَةَ، وعَبد الرَّزَّاق، وأبي جَعْفَر مُحمَّد بن جَهْضَم، ومُحَمَّد بن يُوسُف الفِرْيَابِيّ، وزَكَرِيَّاء بن عَدِيٍّ، وأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وعبد الصَّمَد بن عَبْد الوَارِث، وإبْراهيم ابن أبي شَيْبَان.

رَوَى عنهُ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ، وأبو الحُسَين مُسْلم بن الحَجَّاج القُشَيْريّ في صَحِيْحيهما، وأبو بَكْر عَبْد الله بن أبي دَاوُد، وإبْراهيم بن يَعْقُوبَ الجُوزْجَانِيّ، وأبو حَاتِم مُحَمَّد بن [إدْريس](a) الرَّازِيّ، ومُحمَّد بن الحُسَين بن أبي

(a) الأصل: إسحاق، وهو معروف مشهور.

_________

(1)

توفي سنة 251 هـ، وترجمته في: تاريخ البخاري الكبير 1: 404، الثقات لابن حبان 8: 118، الجرح والتعديل 2: 234، ابن زبر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 232، تاريخ بغداد 7: 385 - 387، ابن أبي يعلي: طبقات الحنابلة 1: 113 - 115، تاريخ ابن عساكر 8: 381 - 286، ابن الجوزي: المنتظم 12: 51، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان 15: 291 - 292، المزي: تهذيب الكمال 2: 474 - 478، ابن الأثير: الكامل 7: 166، الذهبي: تاريخ الإسلام 6: 51، سير أعلام النبلاء. 12: 258 - 260، تذكرة الحفاظ 2: 524 - 525، الإعلام بوفيات الأعلام 113، الكاشف 1: 113، العبر في خبر مَن غبر 1: 360، الوافي بالوفيات 8: 426، تهذيب التهذيب 1: 349 - 250، تقريب التهذيب 1: 61، السيوطي: طبقات الحفاظ 233، شذرات الذهب 3: 234، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 455 - 456.

ص: 645

العَلَاء الزَّعْفَرَانيّ، وأبو مُحَمَّد الحَسَن بن مُحَمَّد بن جَابِر، وأبو زُرْعَة الرَّازِيّ، وأبو الوَفَاء المُؤَمَّل بن الحَسَن بن عِيسَى، وأبو عَمْرو أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمدَ الحِيْرِيّ، وأبو العبَّاس أحْمَد بن سَهْل بن يَحْيَى النَّيْسَابُوريّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن زُهَيْر، ومُحَمَّد ابنُ شِيْرَان، وأبو حَامِد أحْمَدُ بن حَمْدُونَ بن أحْمَد بن رُسْتُم الأَعْمَشُ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم أحْمَدُ بن عَبْدِ الله بن عبد الصَّمَد، وأبو سَعْد ثَابِت بن مُشَرَّف ابن أبي سَعْد البَنَّاء، وأبو الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر بن رُوزْبَة البَغْدَاديَّ، قال: أخْبَرَنا أبو الوَقْت عَبْدُ الأوَّل بن عِيسَى بن شُعَيْب، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عبْد الرَّحْمن ابن مُحَمَّد الدَّاوُودِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْدُ الله بن مُحَمَّد الحَمُّوِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن يُوسُفَ بن مَطَر الفَرَبْرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريُّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قال: أخْبَرَنا شُعْبَة، قال قَتَادَةُ: أخْبَرَني عن صالح أبي الخَلِيل، عن عَبْدِ الله بن الحَارِث، قال: سَمِعْتُ حَكِيم بن حِزَام

(1)

، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال: البَيّعَان بالخِيَار ما لم يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقَا وبيَّنا بُوْرِكَ لهما في بَيْعِهما، وإنْ كَذَبَا وكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهما.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، وأبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد الله الرُّهَاوِيّ (a) الحافِظان في كتابيهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر أحْمَدُ بن إسْمَاعِيْل ابن يُوسُفَ القَزْوِينيّ ببَغْدَاد، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر الشَّحَّامِيّ، قال: أخْبَرَنا

(a) في الأصل: الزهاوي، بالزاي، وهو إمام محدث معروف (ت 613 هـ)، نسبته إلى الرها. انظر ترجمته في: التكملة للمنذري: 2: 332 - 334، تذكرة الحفاظ 4: 1387 - 1389، سير أعلام النبلاء 22: 71 - 75، والنجوم الزاهرة 6: 214، وشذرات الذهب 7:92.

_________

(1)

مصنف ابن أبي شيبة 4: 506 (رقم 22558)، 7: 288 (رقم 36147)، صحيح مسلم 3: 1164 (رقم 1532)، سنن أبي داود 3: 737 (رقم 3459)، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 4: 309 (رقم 2079)، 4: 312 (رقم 2082)، 4: 328 (رقم 2110)، سنن النسائي بشرح السيوطي 7: 244 (رقم 4457).

ص: 646

أبو عُثْمان إسْمَاعِيْل بن عبد الرَّحْمن الصَّابُونِيّ، وأبو بَكْر أحْمَد بن الحُسَين البَيْهَقِيّ، وأبو عُثْمان سَعيد بن مُحَمَّد البَحِيْرِىِّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز الحِيْرِيّ، إجَازَةً منهم، قالوا: أخْبَرَنا الحاكِم أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْدِ الله الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن صالح ابن هَانئ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن شِيْرَان، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن مَنْصُور، قال: سَمِعْتُ أبا سَهْل الهَيْثَم بن جَمِيل بأنْطَاكيَة يقول: سَمِعْتُ شَرِيكًا يقول: أُحَرِّج على رَجُل يَزْعُمُ أنَّ الصَّلاةَ ليسَتْ من الدِّين أن يَحْضُرَ مَجْلِسَنَا، قال إسْحاق: أنا على ما قال شَرِيكٌ.

أخْبَرَنا ابن المُقَيِّر إذْنًا، قال: أنْبَأنَا ابن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، وأبو الحُسَين بن الطُّيُورِيّ، وأبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ -واللَّفْظُ له- قالوا: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ -زَادَ ابنُ خَيْرُون: وأبو الحُسَين الأصْبَهَانِيّ- قالا: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْدَان، قال: أَخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل، قال: إسْحاق بن مَنْصُور أبو يَعْقُوب.

أنْبَأنَا أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّقَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُونَ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(2)

يقول: أبو يَعْقُوب إسْحاق بن مَنْصُور المَرْوَزيّ الكَوْسَج، سَمِعَ يَحْيَى بن سعيد، وابن عُيَيْنَة، وابن أبي فُدَيْكٍ، وابن نُمَيْر، [وعَبْد الرَّزَّاق](a).

(a) ما بين الحاصرتين مطموس في الأصل، والتعويض من كتاب الكنى للإمام مسلم وتاريخ ابن عساكر. وبعده ينتهي المجلد الثالث من تاريخ ابن العديم بحسب تجزأته، في منتصف الترجمة، وقد ألحقنا به -من المجلد الذي يليه- بقية هذه الترجمة، وأيضًا التراجم الأخيرة المتبقية ممن اسماؤهم "إسحاق"، ومن هنا تلتحق النسخة المحفوظة بالمكتبة الوطنية بباريس (مجموعة ديسلان) برقم 2138، ورمزها "ب".

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 283.

(2)

الكنى والأسماء للإمام مسلم 2: 919.

ص: 647

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا ابنُ زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن عليّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن أحْمَد بن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ ابن نُعَيْمِ الضَّبِّيّ، قال أخْبَرَني عَبْدُ الله بن أحْمَد بن (a) جَعْفَر، عن أبي حَاتِم السُّلَمِيّ أنَّهُ سَألَ مُسْلم بن الحَجَّاج عن إسْحاق بن مَنْصُور فقال: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ.

وقال أحْمَد بن عليّ

(2)

: أخْبَرَني مُحَمَّد بن عليّ الصُّوْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله ابن القَاسِم الهَمَذَانيّ بطَرابُلُس، قال: حَدَّثَنَا أبو عِيسَى عبدُ الرَّحْمن بن إسْمَاعِيْل الخَشَّاب العَرُوضِيِّ بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: إسْحاقُ بن مَنْصُور الكَوْسَج مَرْوَزِيٌّ ثِقَةٌ.

أخْبَرَنا ابنُ المُقَيِّر إذْنًا، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، عن أبي الفَضْل المَكِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نَصْر الوَائِلِيّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بن عَبْد الله، قال: أخْبَرَنا [عَبْدُ الكَريم](b) بن أبي عَبْد الرَّحْمن، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: أبو يَعْقُوب إسْحاق بن مَنْصُور الكَوْسَج المَرْوَزيّ ثِقَةٌ ثِقَة.

أنْبَأنَا الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: في نُسْخَة الكتاب الّذي أخْبَرَنا به أبو عَبْد اللَّه الخَلَّال شفَاهًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا عليّ بن مُحَمَّد، ح.

(a) تاريخ بغداد: أبوه وجاء في تاريخ ابن عساكر 8: 283 صحيحًا.

(b) مطموسة في الأصل، والمثبت من ب، وهو ابن الإمام النسائي.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 387.

(2)

تاريخ بغداد 7: 387.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 284.

ص: 648

قال: وأخْبَرَنا ابن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله إجَازَةً، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(1)

، قال: إسْحاق بن مَنْصُور بن بَهْرَام المَعْرُوف بالكَوْسَج، أبو يَعْقُوب المَرْوَزيّ، رَوَى عنِ ابنِ عُيَيْنَة، وأبي أُسامَة، وعَبد الرَّزَّاق، سَمِعْت أبي وأبا زُرْعَة يقولان ذلك، ورَوَيا عنه. سُئِلَ أبي عنهُ فقال: صَدُوقٌ.

أخْبَرَنا أبو الفُتُوح الحُصْرِيّ (a)، وعَبْد القَادِر الرُّهَاوِيّ في كتابيهما، قالا: أخْبَرَنا أبو الخَيْر القَزْوِينيّ، قال: أخْبَرَنا زَاهِر بن طَاهِر، عن أبَوَي عُثْمان الصَّابُونِيّ والبَحِيْرِيّ (b) وأبَوَي بَكْر البَيْهَقِيّ والحِيْرِيّ، قالوا: أخْبَرَنا الحاكِم أبوِ عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله

(2)

، قال: إسْحاق بن مَنْصُور بن بَهْرَام أبو يَعْقُوب الكَوْسَج، مَوْلده بمَرْو، ومَنْشؤُه بنَيْسَابُور، وبها تُوفِّي وأعْقَبَ، وهو أحد الأئمَّةِ من أصْحَاب الحَدِيْث من الزُّهَّادِ المُتَمسِّكين بالسُّنَّة.

سَمِعَ سُفْيان بن عُيَيْنَة، والنَّضْر بن شُمَيْل، ويَحْيَى بن سعيد، وأبا أُسامَة، ووَكِيع ابن الجَرَّاح، ومُحَمَّد بن بَكْر البُرْسَانِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِي، ومُعَاذ بن هِشَام.

رَوَى عنهُ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْلِ البُخاريّ، ومُسْلم بن الحَجَّاج القُشَيْريّ في الصَّحيحيْن، واعتَمداهُ أيّ اعْتِمَادٍ، فمَنْ بعدَهمُا من [أئمَّة] (c) الحَدِيْثِ؟! وهو صاحب المَسَائِل عن أحْمَد الّتي تَسْتَهزئُ به المُبْتَدِعةُ والمُتحَرِّمون فَيَقُولُونَ: قال: إسْحاق كما قال.

أخْبَرَنا زَيْد بن الحَسَنِ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(3)

، قال: إسْحاق بن منْصُور بن بَهْرَام، أبو يَعْقُوب الكَوْسَج المَرْوَزيُّ، ولد بمَرْو، ورَحَلَ إلى العِرَاق، والحِجَاز، والشَّام، فسَمِعَ سُفْيان بن عُيَيْنَة، ويَحْيَى بن

(a) ب: الحضري.

(b) مهملة في الأصل، وفي ب: البحتري، تحريف.

(c) الأصل: هذا، والمثبت من ب.

_________

(1)

الجرح والتعديل 2: 234.

(2)

أورد في تلخيص تاريخ نيسابور ص 20 اسمه ومولده ومنشأه فقط.

(3)

تاريخ بغداد 7: 385 - 386.

ص: 649

سَعيد القَطَّان، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِي، ووَكِيع بن الجَرَّاح، وأبا أُسامَة، والنَّضْر ابن شُمَيْل، وأبا اليَمَان الحَكَم بن نَافِع. ووَرَدَ بَغْدَاد وحَدَّثَ بها، فرَوَى عنهُ من أهْلها إبْراهيم بن إسْحاق الحَرْبِيّ، وعبد الله بن أحْمَد بن حَنْبَل. واسْتَوْطَن إسْحاق نَيْسَابُور، وبها كانت وَفَاتهُ. وكان إسْحاق بن مَنْصُور عَالِمًا فَقِيهًا، وهو الّذي دَوَّن عن أحْمَد بن حَنْبَل وإسْحَاق بن رَاهَوَيْه المَسَائِل في الفِقْه.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظُ

(1)

، عَمِّي، قال: إسْحاقُ بن مَنْصُور بن بَهْرَام، أبو يَعْقُوبَ الكَوْسَج، من أهْل مَرْو، سَكَن نَيْسَابُور، سَمِعَ سُفْيان بن [عُيَيْنَة](a)، وأبا أُسامَة، وعَبد الرَّزَّاق، وعبد الله بن نُمَيْر، والنَّضْر بن شُمَيْل، ويَحْيَى القَطَّان، ورَوْح بن عُبَادَة، وأبا جَعْفَر مُحَمَّد بن جَهْضَم، وأبا دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وإبْراهيم بن أبي شَيْبَان الدِّمَشقيّ، ووَكِيع بن الجَرَّاح، وزَكَرِيَّاء ابن عَدِيّ، ومُحَمَّد بن بَكْر البُرْسَانِيّ، وعَبْد الرَّحمن بن مَهْدِي، ومُعَاذ بن هِشَام، ومُحَمَّد بن يُوسُف الفِرْيَابِيّ، وعبد الصَّمَد بن عَبْد الوَارِث.

رَوَى عنهُ البُخاريّ ومُسْلِم في صَحِيْحَيهما (b)، وإبْراهيم بن يَعْقُوب الجُوزْجَانِيّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حَاتِم الرَّازِيّان، والحَسَن بن مُحَمَّد بن جَابِر، أبو مُحَمَّد وكيل أبي عَمْرو الخَفَّاف، وأبو الوَفَاء المُؤَمَّل بن الحَسَن بن عِيسَى، وأبو حَامِد أحْمَد بن حَمْدُون بن أحْمَد بن رُسْتُم الأَعْمَش (c)، وأبو العبَّاس أحْمَد بن سَهْلِ بن يَحْيَى النَّيْسَابُوريّ، وأبو عَمْرو أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الحِيْرِيّ، وأبو مَيْسَرة مُحَمَّد بن الحُسَين بن أبي العَلَاء

(a) مطموسة في الأصل، والمثبت من ب وابن عساكر.

(b) الأصل، ومثله في أصول ابن عساكر: صحيحهما.

(c) ابن عساكر: الأعمشي.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 281 - 282.

ص: 650

الهَمْدَانيّ الزَّعْفَرَانيّ، وأبو (a) بَكْر بن دَاوُد، وقَدِمَ دِمَشْق وسَمِعَ بها من سُليْمان بن عبد الرَّحْمَن، وهِشَام بن عَمَّار.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: وأخْبَرَنا القَاضِي أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن الحُسَين بن رَامِيْن الإِسْتِرَابَاذِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الجُرْجَانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن إبْراهيم، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن الرَّبِيْع بن دِيْنار، وهو من أصْدِقَاء أحْمَدَ بن حَنْبَل، قال: قال أحْمَد بن حَنْبَل (b): بَلَغَني أنَّ الكَوْسَج يَرْوي عنِّي مَسَائِلَ بخُرَاسَان، اشْهدوا أنِّي رَجَعْتُ عن ذلك كُلِّه.

قال الخَطِيبُ

(2)

: وأخْبَرَني الحُسَينُ بن مُحَمَّد -أخو الخَلَّال- قال: حَدَّثَنا أحْمَد ابن مُحَمَّد بن عُمَر، أبو صَادِق القَزَّاز، بإِسْتِرَابَاذ، قال: أخْبَرَنا أبو نُعَيْم بن عَدِيّ الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بنِ إبْراهيم مثله سَواءً. قال أبو نُعَيْم: قُلْتُ لصالح بن أحْمَد بن حَنْبَل: عندنا شَيْخٌ يَرْوي حِكايَةً عن أبي عَبْد الله أحْمَد بن حَنْبَل أنَّهُ قال: قد رَجَعْتُ عمَّا رَوَاهُ إسْحاقُ الكَوْسَج عنِّي، وذكرتُ له هذه الحِكايَة. فقال لي صالح: إنِّي (c) قلْتُ لأبي: بَلَغَني أنَّ إسْحاق بن مَنْصُور يَرْوي بخُرَاسَان المَسَائِل (d) الّتي سَألك عنها، ويأخُذُ عليها الدَّرَاهِم، فغَضِبَ أبي من ذلك واغْتَمَّ ممَّا أعلمتُه، فقال: يَسْألُوني عن المَسَائِل ثمّ يُحَدِّثُونَ بها ويأخُذُون (e) عليها! وأنْكَر إنْكَارًا شَدِيْدًا. قال صالح: فقُلتُ لَهُ: إنَّ أبا نُعَيْم الفَضْل بن دُكَيْن كان يأخُذ على الحَدِيْث، فقال: لو علمتُ هذا ما

(a) الأصل: وأبي.

(b) تاريخ بغداد: قال أحمد.

(c) ساقطة من ب.

(d) تاريخ بغداد: هذه المسائل.

(e) تاريخ بغداد: تسألون

تحدثون

تأخذون.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 386.

(2)

تاريخ بغداد 7: 386.

ص: 651

رَوَيتُ عنه شيئًا. قال صالح: ثمّ إنَّ إسْحاق بن مَنْصُور قَدِمَ بعد ذلك بَغْدَاد [فصَارَ](a) إلى أبي، فأعْلَمتُه أنَّهُ على الباب، فأذِنَ له، ولم يَتَكلَّم معَهُ بشيءٍ من ذلك.

قال الخَطِيبُ

(1)

: وأخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بن عَبْدِ الله النَّيْسَابُوريّ الحافِظ، قال: سَمِعْتُ أبا الوَلِيد حَسَّان بنِ مُحَمَّد يَقُول: سَمِعْتُ مَشَايخَنا يَذْكرون أنَّ إسْحاق بن مَنْصُور بلغَهُ أنَّ أحْمَد بن حَنْبَل رَجَع عن بَعْض تلك المَسَائِل الّتي علَّقَها (b) عنه، قال: فجمع إسْحاق بن مَنْصُور تلكَ المَسَائِل في جرابٍ (c) وحَمَلَها على ظَهْره، وخرَج راجلًا إلى بَغْدَادَ وهي على ظَهْره، وعرضَ خُطُوط أحْمَد عليه في كُلِّ مَسْألَةٍ اسْتَفْتاهُ فيها فأقَرَّ له بها ثانيًا، وأُعْجِبَ بذلك أحْمَدُ من شأنه.

أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّبُ، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد مَسْعُودُ (d) بن نَاصِر السِّجْزِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبْد المَلِك بن الحَسَن بن سِيَاوُش الكَازَرُونِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحُسَين الكَلَابَاذِيّ، قال: إسْحاق بن مَنْصُور بن بَهْرَام، أبو يَعْقوب الكَوْسَجُ المَرْوَزيّ، انْتقَلَ بآخرة إلى نَيْسَابُور، وسَمِعَ حُسَين الجُعْفِيّ، والنَّضْر ابن شُمَيْل، ورَوْح بن عُبَادَة، وعبد الصَّمَد بن عَبْد الوَارِث، وعَبد الرَّزَّاق، رَوَى عنهُ البُخاريّ في الحَجِّ والزَّكَاة، وغير مَوضِع، ماتَ بنَيْسَابُور يَوْم الاثْنَين، ودُفِنَ يَوْم الثّلاثَاءِ لعَشْرٍ خَلَوْنَ من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومَائَتيْن.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم بنمُحَمَّد الأنْصَاريّ إذْنًا، عن أبي مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة السُّلَمِيّ، عن عَبْد العَزِيْز الكَتَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن مُحَمَّد بن الغَمْر، قال: أخْبَرَنا

(a) مطموسة في الأصل، والتعويض من ب والخطيب البغدادي.

(b) ب: عقلها.

(c) الأصل، ب: جواب، والمثبت من تاريخ بغداد.

(d) ب: أبو سعيد بن مسعود.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 386 - 387.

ص: 652

أبو سُليْمان بن زَبْر

(1)

، قال: قال الحَسَنُ بن عليّ: وفيها -يعني سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومَائتَيْن- مات إسْحاق بن مَنْصُور بن بَهْرَام.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو بَكْر

(2)

، قال: أخْبَرَنا ابن الفَضْل القَطَّان (a)، قال: أخْبَرَنا عليّ بن إبْراهيم المُسْتَمْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا [أبو](b) أحْمَد بن فَارِس، قال: حَدَّثَنَا البُخاريّ

(3)

، قال: ماتَ إسْحاق بن مَنْصُور الكَوْسَج سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومَائتَيْن.

قال الخَطِيبُ

(4)

: أخْبَرَنا ابن يَعْقُوب، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن نُعَيْم، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن إبْراهيم المُزَكِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَيْن (c) بن مُحَمَّد بن زِيَاد القَبَّانِيّ، قال: ماتَ إسْحاق بن مَنْصُور بن بَهْرَام، أبو يَعْقُوب الكَوْسَج (d) بنَيْسَابُور يَوْم الخَمِيْس، ودُفِنَ يَوْم الجُمُعَة لعَشْرٍ بَقِينَ من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة إحْدَى وخَمْسِين ومَائتَيْن.

‌إسْحاقُ بن مُنِيْب المِصِّيْصيُّ

حَكَى عن مَخْلَد بن الحُسَين المِصِّيْصيّ، رَوَى عنهُ هَارُون بن سُفْيان.

أخْبَرَنا أبو عليّ حَسَن بن أحْمَد الأَوَقِيّ الصُّوْفيّ بالمَسْجِد الأقْصَى بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو مُحَمَّد رِزْق الله بن عَبد الوَهَّاب بن عَبْد العَزِيْز التَّمِيْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله أحْمَد بن مُحَمَّد ابن يُوسُف بن مُحَمَّد بن دُوسْت العَلَّاف، قال: حَدَّثَنَا أبو عليّ الحُسَين بن صَفْوَان

(a) ب: ابن القطان.

(b) ساقطة من الأصل وب، وهو ممن روى كثيرًا عن البخاري، وتكرر إسناده بالكنية في تاريخ بغداد وغيره من المصادر.

(c) الأصل، ب: الحسن، والمثبت موافق لما في نشرة الخطيب البغدادي، وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 13:499.

(d) ساقطة من ب.

_________

(1)

تاريخ مولد العلماء 232.

(2)

تاريخ بغداد 7: 387.

(3)

تاريخ البخاري الكبير 1: 404.

(4)

تاريخ بغداد 7: 387.

ص: 653

البَرْذَعِيّ (a)، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيا

(1)

، قال: حَدَّثَني هَارُون بن سُفْيان، قال: حَدَّثَني إسْحاق بن مُنِيْب المِصِّيْصيّ، قال: سَمِعْتُ مَخْلَد ابن الحُسَين يَقُول: ما أحبَّ اللهُ عز وجل عَبْدًا وأحبّ أنْ يَعْرفَ النَّاسُ مكانَهُ، قال: فقال سُفْيان بن عُيَيْنَة: لم يعرفُوا حتَّى أحبُّوا أنْ لا يُعرَفُوا.

‌ذِكْرُ مَنْ اسْمُ أبيْهِ مُوسَى ممَّن اسْمُه إسْحاق

إِسْحَاقُ بن مُوسَى بن عَبْد الله بن مُوسَى بن عَبْد الله بن يَزِيد بن زَيْد بن حِصْن بن عَمْرو بن الحَارِث بن خَطْمَة -واسمه: عَبْد الله- ابن جُشَم بن مَالِك بن أَوْس بن حَارِثَة بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن عَامِر ماءِ السَّماءِ، أبو مُوسَى الأنْصَاريُّ الخَطْمِيُّ القَاضِي المَدِيْنِيُّ ثمّ الكُوْفيُّ

(2)

قَدِمَ حلَبَ صُحْبَة جَعْفَر بن مُحَمَّد، المُتَوَكِّل (b) على الله بن المُعْتَصِم في سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن في مُحَرَّم، ونَفَذَ معه منها إلى دِمَشْقَ، وعاد معه فمات بحِمْص.

(a) قيَّدها في الأصل وب، في هذا الموضع، بالدال المهملة: البردعي.

(b) ب: ابن المتوكل.

_________

(1)

رسائل ابن أبي الدنيا (رسالة العزلة والانفراد) 3: 1315.

(2)

توفي سنة 244 هـ، وترجمته في: الثقات لابن حبان 8: 116، الجرح والتعديل 2: 235، تاريخ بغداد 7: 375 - 376، تاريخ ابن عساكر 8: 288 - 291، ابن الجوزي: المنتظم 11: 324، المزي: تهذيب الكمال 2: 480 - 483، ابن الأثير الكامل 7: 86، الذهبي: تاريخ الإسلام 5: 1086 - 1087، سير أعلام النبلاء 11: 554 - 555، الإعلامِ بوفيات الأعلام 109، تذكرة الحفاظ 2: 513 - 514، الكاشف 1: 113 - 114، العبر في خبر من غبر 1: 348، الوافي بالوفيات 8: 427، ابن كثير البداية والنهاية 10: 346، تهذيب التهذيب 1: 251، تقريب التهذيب 1: 61، ابن الجزري: غاية النهاية 1: 158، السيوطي: طبقات الحفاظ 227، شذرات الذهب 3: 201، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 456.

ص: 654

حَدَّثَ عن مَعْن بن عِيسَى المَدَنِيّ، وأبي مَعْن مُحَمَّد بن مَعْن بن مُحَمَّد الغِفَارِيّ، ويُونُسُ بن بُكَيْر، ومُعَاذ بن هِشَام، وسُفْيان بن عُيينَة، وعَبْد السَّلام بن حَرْب، وعبد الرَّحيم بن سُليَمان، وعُمَر بن عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيّ، وأبي ضَمْرَة أنس بن عِيَاض، وعَاصم (a) بن عَبْد العَزِيْز، والطَّيِّب بن زِيَادَ.

رَوَى عَنْهُ ابنُه مُوسَى بن إسْحَاق القَاضِيّ، وأبو الحُسَين مُسْلم بن الحَجَّاج، وأبو عِيسَى التِّرمِذيّ، وأبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ (b)، وأبو عَبْد الله بن مَاجَة القَزْوِينيّ، وأبو طَاهِر الحَسَن (c) بن أحْمَد بن فيْل الأنْطَاكِيّ، وأبو بَكْر بن خُزَيْمَة، وإسْحَاق بن يَعْقُوب العَطَّارِ، وأبو زُرْعَة الرَّازِيَّ، وأبو عليّ القَبَّانِيّ، وأبو عليّ صالِح بن مُحَمَّد المعرُوف بجَزَرة (d)، والحُسَين بن عَبْد الله بن يَنِ يَزِيد القَطَّان، وأبو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ، ومُوسَى بن هارُون، وعبد الصَّمَد بن عَبْد الله بن أبي يَزِيد الدِّمَشقيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن البَرَاء، والهَيْثَمِ بن خَلَف الدُّوْرِيّ، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد ابن سُليَمان البَاغَنْدِيّ، ومُحَمَّد بن صالحِ بن ذرِيْحِ، وسعيد بن سَعْدَان الكَاتِب، وأبو مُحَمَّد عَبْدَان الأهْوَازِيّ، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن سَلْم الضَّرَّاب.

أخْبَرَنا الشَّريفُ افْتِخار الدِّين أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ بقِرَاءَتي عليه، قال: أخْبَرَنا أبو شُجَاع عُمَر بن مُحَمَّد البِسْطَامِيِّ، وأبو حَفْص عُمَر بن عليّ بن الحَسَن، يُعْرَفُ بشَيْخ، وأبو عليّ الحُسَينُ بن بَشِير بن عَبْد اللهِ النَّقَّاش، وأبو الفَتْحِ عبد الرَّشِيْد بن النُّعْمان الوَالَوجِيّ، قالوا (e): أخْبَرَنا الدِّهْقَانُ أبو القَاسِمِ أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد البَلْخِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن أحْمَد الخُزَاعِيّ، قال: أخْبَرَنا الأدِيب أبو سَعيد الهَيْثَم بن كُلَيْب الشَّاشِيّ، قال: حَدَّثنا أبو عِيسَى التِّرْمِذيّ، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن مُوسَى الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا مَعْنٌ، قال:

(a) ساقطة من ب، وفيها موصولًا بما قبله: ابن عياض بن عبد العزيز.

(b) ب: النشائي.

(c) ب: القزويني أبو طاهر، والحسن.

(d) ب: بجرزة.

(e) ب: قال.

ص: 655

أخْبَرَنا مَالِكٌ، قال: أخْبَرَنا سَعيد بن أبي سَعيد المَقْبُريّ، عن عُبَيْد بن جُرَيْج أنَّهُ قال لابن عُمَر

(1)

: رَأيتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّة؟ قال: إنِّي رأيْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يلبَسُ النِّعَال الّتي ليسَ فيها شَعَر ويَتَوَضَّأُ فيها، فإنِّي أحبّ أنْ ألبسَها (a).

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله بن عُلْوَان الأسَدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَرَج يَحْيَى بن محمُود الأصْبَهَانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر عَبْد الوَاحِد بن مُحَمَّد ابن أحْمَد بن الهَيْثَم، قال: أخْبَرَنا أَبو الفَتْح عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمَد الدُّليلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن إبْراهيم بن عليّ بن عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن خَلَف الدُّوْرِيّ، والحَسَنُ بن أحْمَد بن إبْرهيم بن فِيْل الأنْطَاكِيّ، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيمان البَاغَنْديّ، قالوا (b): حَدَّثَنَا إسْحَاق بن مُوسَى الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا مَعْنُ، قال: حَدَّثَنَا مَالِك، عن عَبْدِ الله بن إدرِيس، عن شُعْبَة، عن سَعْد بن إبْراهيم، عن أَبيِهِ، قال: بَعَثَ عُمَر إلى ابن مسْعُود وإلى أبي الدَّرْدَاء وإلى أبي مَسْعُود (c) الأنْصَارِيّ فقال: ما هذا الحَديْثُ الّذي تُكْثرونَ عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ وحَبَسَهم بالمَدِينَة حتَّى اسْتُشْهِدَ. قال أبو بَكْر لفظ: ابن فِيْل.

قُلتُ: ويَغْلِبُ على ظَنِّي أنَّ أبا طَاهِر الحَسَن بن أحْمَد بن إِبْراهيم بن فِيْل الأنْطَاكِيّ سَمعَهُ من إسْحَاق بن مُولي بحَلَب أو بَبعْضِ عَمَلها حين اجْتاز مع المُتَوَكِّل في سَنَة أرْبعٍ وأَرْبَعين، واللهُ أعْلَىُ، ووقع في هذه الرِّوَايَةِ هكذا: أبي مَسْعُود الأنْصَاريّ.

(a) كتب ابن العديم بخطه في هامش الأصل: "أحبّ ألبَسُها".

(b) ب: قال.

(c) ب: وإلى مَسْعُود، وضبب عليه في الأصل بكتب "صـ" فوقه، ونبه بعد انتهاء الرواية إلى وقوع خطأ فيه، وهو في الرواية بعدها: بعث إلى أبي مُوسَى.

_________

(1)

الموطأ لمالك بن أنس 1: 333 (رقم 31)، ابن حنبل: المسند 7: 184 (رقم 5338)، صَحيح مسلم 2: 844 (رقم 1187)، سنن أبي داود 2: 374 (رقم 1772)، ابن حجر العسقلاني: فح الباري 10: 308 (رقم 5851).

ص: 656

أخْبَرَنا أبو القَاسِمِ بن أبي مُحَمَّد الحَلَبىِّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد الدّمَشقىِّ

(1)

، قال: أخْبرَنا أبو طَاهِر الحِنَّاَئِىِّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ ومُحَمَّد ابْنَا عبد الرَّحْمن بن أبي نَصْر، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو بَكْر المَيَانِجِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن صالح بن ذَرِيْح بعُكْبَراء، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن مُولىَ الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا مَعْن بنُ عِيسَى، قال: حَدَّثَنَا مَالِك بن أنَس، عنِ عَبْد الله بن إِدْرِيس الأوْدِيّ، عن شُعْبَة، عن سَعْد بن إبْراهيم، عن أَبِيهِ، قال: بعَثَ عُمَر رضي الله عنه إلى عَبْدِ الله بن مَسْعُود، وأبي الدَّرْدَاءَ، وأبي مُوسَى، فقال: ما هذا الحَدِيْثُ الّذي تُكْثرونَ عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَحَبَسَهم بالمَدِينَةِ حتَّى اسْتُشْهِدَ رضي الله عنه.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن زَيْدُ بنُ الحَسَن الكِنْديّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: قَرَأَتُ على أبي بَكْر البرقَانِيّ، عن إبْرَاهيم بن مُحَمَّد المُزكِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بنِ إسْحَاق السَّرَّاج، قال: حَدَّثَنِي عِيسَى بن إسْحاقِ بن مُوسَى، قال: أبي؛ إسْحاقُ بن مُولى بن عَبْد الله بن مُولىَ بن عَبْد الله (a) بن يَزيْد ابن زَيْد بن حِصْن بن عَمْرو بن الحاَرِث بن خَطْمَةَ -واسْمُ خَطْمَة: عَبْد الله- ابن جُشَم بن مَالِك بن أَوْسِ بن حَارِثَة بن ثَعْلَبَةَ بن عمرو بن عَامِرٍ ماءِ السَّماءَ، وإنَّما سُمِّيُّ خَطْمَة لأنَّهُ خَطَمَ رجُلًا بسَيْفهِ على خَطْمِهِ فسُمِّي خَطْمَةَ، وسُمِيُّ النَّجَّار لأنَّهُ ضَرب رَجُلًا بسَيْفه على هامَتِه فقدَّهُ بالسَّيْف، فلذلك سُمِّيُّ النَّجَّار، واسْمُه تَيْم الله.

وقال أبو بكْر الخطيبُ

(3)

: أخْبَرَنا البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن عُمَر الدَّارَقُطْنِيّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن رَشِيْق المِصْرِيّ (b)، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد

(a) ساقطة من ب.

(b) في الأصل، وب: البصريّ، وصوابه المثبت، وهو أبو مُحَمّد العسكري المصري (ت 370 هـ)، ويتكرر ذكره عند ابن العديم بلقب العسكري أو العدل، أخذ عنه الدَّارقطنيّ وغيره.

_________

(1)

لم أجده في تاريخه.

(2)

تاريخ بَغْدَاد 7: 375.

(3)

تاريخ بَغْدَاد 7: 375.

ص: 657

الرَّحْمن النَّسَائِيّ (a)، عنِ أبيهِ، ثمّ أخْبَرَني مُحَمَّد بن علىِّ الصُّوْرِيّ، قال: حَدَّثنا الخَصِيْبُ ابن عَبْد اللهِ، قال: نَاولني عَبْد الكَرِيم، وكَتَبَ لي بخَطِّه، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: إسْحَاق بن مُوسَى بن عَبْد الله بن مُوسَى بن عَبْد الله بن يَزيد الأنْصَاريُّ أصْلُه كُوْفِيّ، وكان بالعَسْكَر، ثِقَةٌ.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّقَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد ابن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكِّيّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلِمًا يَقُول: أبو مُوسَى إسْحَاق بن مُوسَى الأنْصَارىِّ، سَمِعَ مَعْنَ بن عِيسَى، وأبا ضَمْرَةَ.

قال عليّ بن الحَسَن

(2)

: في نُسْخَة الكتاب الّذي أخْبرَناهُ أبو عَبْد الله الأدِيْب شفَاهًا، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن عَبْد الله إجَازَهً، ح.

قال: وأخْبَرَنَا أبو طَاهِر بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن الفَأْفَاء، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(3)

، قال: إسْحَاق بن مُوسَى، أبو مُوسَى الأنْصَاريّ الخَطْمِىِّ، رَوَى عن عَاصِم بن عَبْد العَزِيْز، وأنَس بن عِيَاض، وعَبْد السَّلام بن حَرْب، والمُطَّلِب بن زِيَادٍ، وعُمَر بن عُبَيْد، ومَعْن بن عِيسَى. رَوَى عنهُ أبيّ، وأبو زُرْعَة (b)، سَمِعْتُ أبي يُطْنِبُ (c) القَوْلَ فيهِ؛ في صِدْقِه وإتْقَانهِ.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، فيما أذِنَ فيه، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاِزُ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(4)

، قال: إسْحَاق بن مُوسَى بن عَبْدِ الله، أبو مُوسَى

(a) ب: النشائي.

(b) ب: وأبي زرعة.

(c) مكررة في الأصل وب.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 289.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 290.

(3)

الجرح والتعديل 2: 235.

(4)

تاريخ بَغْدَاد 7: 375.

ص: 658

الأنْصَاريُّ الخَطْمِيُّ، مَدِيْنِيُّ الأصْل، كُوْفيُّ الدَّار، ورَدَ بَغْدَادَ، وحَدَّثَ بها وبسُرَّ مَنْ رَأى عن سُفْيان بن عُيَيْنَة، وأبي ضَمْرَة أنس بن عِيَاض، وعَبْد السَّلام بن حَرْب المُلَائِيّ (a)، وعُمَر بن عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيّ، وعبد الرَّحيم بن سُلَيمان، ومَعْن بن عِيسَى، وعندَهُ عن مَعْن عن مَالِك كتابُ المُوَطَّأ.

رَوَى عَنْهُ ابنُه مُوسَى، وإسْحَاقُ بن يَعْقُوبَ العَطَّار، ومُحَمَّدُ بن أحْمَد بن البَرَاءِ، ومُوسَى بن هارُونَ، والهَيْثمَ بن خَلَف الدُّوْرِيّ، وسَعِيد بن سَعْدَان الكَاتِب، وكانَ ثِقَةً.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله الشِّيْرَازيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظ

(1)

، قال: إسْحَاق بنُ مُوسَى بن عَبْد الله بن مُوسَى بن عَبْد الله بن يَزِيد بن زَيْد، أبو مُوسَى الأنْصَاريّ الخَطْمِيّ القَاضِيّ، أصْلُهُ من المَدِينَة، وسَكَن الكُوفَة، وقَدِمَ دِمَشْقَ مع جَعْفَر المتُوَكِّل سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن. وحدَّثَ ببَغْدَاد وغيرها عن سُفْيان بن عُيَيْنَة، وأنس بن عِيَاضٍ، وأبي مَعْن مُحَمَّد بن مَعْن ابن مُحَمَّد الغِفَارِيّ، وعَاصِم بن عَبْد العَزِيْز، وعَبْد السَّلام بن حَرْب، والمُطَّلِب بن زِيَاد، وعُمَر بن عُبَيْد، ومَعْن بن عِيسَى القَزَّاز.

رَوَى عنهُ مُسْلِم في صَحِيْحه، وأبو عِيسَى التِّرْمِذيّ في جَامِعِه، وأبو عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ (b)، وأبو عَبْد الله بن مَاجَه في سُنَنهما، وأبو بَكْر بن خُزَيْمَة، وأبو عليّ (c) الحُسَين بن مُحَمَّد بن زِيَاد القَبَّانِيّ، والحُسَين بن عَبْد الله بن يَزِيد القَطَّان الرَّقِّيّ، وعبد الصَّمَد بن عَبْد الله بن أبي يَزِيد الدِّمَشقيّ، وأبو عليّ صالح بن مُحَمَّد

(a) في الأصل و ب: الطائيّ، ولم ينسبه أحدٌ إلى طئ، ولعله سهو في النقل من ابن العديم وينسبه صحيحًا فيما بعد. والمثبت من تاريخ الخطيب البَغْدَادي (مصدر الأخذ).

(b) ب: النشائي.

(c) ساقطة من ب.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 288.

ص: 659

جَزَرَة الحافِظُ، وابنُه مُوسَى بن إسْحَاق القَاضِيّ، وأبو زُرْعَة، وأبو حَاتِم الرَّازِيَّان (a). ووَلي القَضَاءَ بنَيْسَابُور. وقال يَحْيَى بن يَحْيَى: هو من أهْلِ السُّنَّة.

هكذا قال أبو القَاسمِ الحافِظ أنَّهُ قَدِمَ دِمَشْق مع جَعْفَرِ المُتَوَكِّل سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين ومَائَتَيْن! والمُتَوَكِّل قَدِمَ دِمَشْق غُرَّة صَفَر سَنَة أرْبعٍ وأرْبعين ومَائَتَيْن، وسَيْأتي ذِكْر قُدُومه في تَرْجَمَتِهِ

(1)

إنْ شَاءَ اللهُ تعالَى (b).

قال أبو القَاسِم الحافِظ

(2)

: أنْبَأنَا أبو نَصْر بن (c) القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد اللهِ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْلِ مُحَمَّد بن إبْراهيم الهاشِميّ، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن مُحَمَّد بن زِيَاد، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسْمَاعِيْل، قال: ماتَ أبو مُوسَى الأنْصَاريّ الكُوْفيّ سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين ومَائتَيْن.

قال الحافِظُ

(3)

: وذَكَرَ أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن القَوَّاس الوَرَّاق أنَّهُ ماتَ بجُوْسِيَة من حِمْص مُنْصَرفًا من (d) المتُوَكِّل.

أنْبَأنَا زَيْد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو بَكْر

(4)

، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: قال عَبْدُ الله بن مُحَمَّد البَغَويّ

(5)

: مات أبو مُوسَى إسْحَاق بن مُوسَى الأنْصَاريّ بحِمْص سَنَة أرْبَعٍ وأرْبَعين، وقد رأَيْتُهُ.

(a) ب: الداريان.

(b) هذا التصويب أورده ابن العديم بهامش الأصل، ولم تنقله نسخة ب.

(c) ساقطة من ب.

(d) ضبب فوقها في الأصل، ولعله أراد: عن. والمثبت كما في ب وموافق لكلام ابن عساكر.

_________

(1)

تَرْجَمَة جَعْفَر المُتَوكِّلَ على الله ابن المعتصم في جزء ضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 290.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 291.

(4)

تاريخ بَغْدَاد 7: 376.

(5)

تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي 79.

ص: 660

‌إسْحاقُ بن مُوسَى بن عبد الرَّحْمن بن عُبَيْد اليَحْمَدِيّ، أبو يَعْقُوب الإِسْتِرَابَاذِيّ المَعْرُوف بابنِ أبي عِمْران (a) الشَّافِعيُّ الفَقِيهُ

(1)

رَحَلَ وسَمِعَ الحَدِيْث، وطافَ البِلَاد في طَلَبهِ، فسَمِعَ بدِمَشْق وحَرَّان وغيرهما، فقد اجْتازَ بجلب أو ببَعْضِ عَمَلها فيما بين حَرَّان ودِمَشْق.

ذَكَرهُ الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الدِّمَشقيّ في تَارِيْخها

(2)

، بما أخْبَرَنا به ابنُ أخيهِ زَيْن الأُمَناء أبو البَرَكَات الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم، قال: إسْحَاق بن مُوسَى بن عبد الرَّحْمن بن عُبَيْد، أبو يَعْقُوبِ اليَحْمَدِيّ الإِسْتِرابَاذِيّ الفَقِيهُ الشَّافِعيُّ، ويُعْرَفُ بابن أبي عِمْران، سَمِعَ بدِمَشْق هِشَام بن عَمَّار، وهِشَامِ بن خَالِد، وبخُرَاسَان قُتَيْبَة بن سَعِيد، وإسْحَاق بن إبْراهيم بن رَاهَوَيْه. وبمِصْر حَرْمَلَةَ بن يَحْيَى التُّجِيْبِيّ، وبحَرَّان مَخْلَد بن مَالك الحَرَّانيّ، وبالبَصْرِة مُحمَّد بن عُثمان بن أبي صَفْوَان، وبغيرها إسْماعِيْل بن سَعيد الشَّالَنْجِىِّ، وبمِصْر حيُّوْن بن المبُارَك البَصْرِيّ.

رَوَى عنهُ أبو نُعَيْم عَبْدُ المَلِك بن مُحَمَّد بن عَديّ، وجَعْفَر بن شَهْريل، ومُحَمَّد ابن أحْمَد بن الغِطْرِيْف (b)، والدُ أبي أحْمَد الجُرْجَانِيُّون.

(a) ب: المَعْرُوف بأبي عمران.

(b) كتب ابن العديم في الهامش: "الصواب: أحْمَد بن مُحَمّد بن الغطريف"، والمثبت موافق لما في تاريخ جرجان 518، وابن عساكر، وإن كان وقع في الاسم ثمة خطأ فإن اسم الأب يكون: أحْمَد بن حسين وليس مُحَمّد، كما هو في سياقة اسم ابنه مُحَمّد بن أحْمَد بن حسين عند الذّهبيّ. انظر: سير أعلام النبلاء 16: 354 - 356.

_________

(1)

توفي سنة 284 هـ وقيل: نحو سنة 300 هـ، تَرْجَمَتِه في: تاريخ جرجان للسهمي 518، تاريخ ابن عساكر 8: 291 - 292، ابن الأثير: الكامل 7: 489، تاريخ الإسلام 6: 717، 918، تذكرة الحفاظ 2: 702، الوافي بالوفيات 8: 437، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 456 - 457.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 291.

ص: 661

وذكره حَمْزَة بنِ يُوسُف السَّهْمِيّ في تاريخ جُرْجَان

(1)

، بما أنْبَأنَا به أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد بن طَبَرْزَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن (a) السَّمَرْقنديّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن مَسْعَدَة الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا حَمْزَة بن يُوسُف السهمِيّ إجَازَةً، قال: إسْحاق بن مُوسَى بن عبد الرَّحْمن بن عُبَيْد اليَحْمَدِيّ الإِسْتِرَابَاذِيّ، وكُنْيَتُهُ أبو يَعْقُوبَ، يُعْرَفُ بابن أبي عِمْران الشَّافِعيّ؛ كان من ثِقَاتهِم، وفُقَهائهم، يُقالُ: إنَّهُ أوَّل مَنْ حَمَل كُتُب الشَّافِعيّ إلى إِسْتِرَابَاذ. رَوى عن قُتَيْبَة بن سعيد، وإسْحَاق بن إبْراهيم الحَنْظَلِيّ، وهِشَام بن عَمَّار، وهِشَام ابن خَالِد، ومَخْلَد بن مالك الحَرَّانيّ، وحَرْمَلَة بن يَحْيِى، ومُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي صَفْوَان، وإسْمَاعِيْل بن سَعيد الشَّالَنْجِيّ وغيرهم. رَوى عنهُ أبو نعَيْم، وجَعْفَر بن شهريل، ومُحَمَّد بن أحمد بن الغِطْرِيْف (b).

أخْبَرَنا عَبْدُ الصَّمَد بن مُحَمَّد القَاضِي إذْنًا، عن إسْمَاعِيْل بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن مَسْعَدَة، قال: أخْبَرَنا حَمْزَة بن يُوسُف، فيما أجازَ لنا، قال: قال أبو أحمد مُحَمَّد بن أحْمَد بن الغِطْرِيْف: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن أبي عِمْران الإِسْتِرَابَاذِيّ، قال: حَدَّثَنَا حَيُّوْن بن المُبارَك البَصْرِيّ بمِصْر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله الأنْصَاريّ، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن جدِّي، عن أنسٍ أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال

(2)

: ليَسْتَتِر أحَدُكُمُ في الصَّلاةِ بالخَطِّ بينَ يَدَيْهِ، وبالحَجَر، وبما وجدَ من شيءٍ، مع أنَّ المُؤْمِن لا يَقْطَعُ صلاتَهُ شيءٌ.

(a) ساقطة من ب.

(b) الأصل: أحمد بن محمد بن الغطريف، والمثبت من كتاب السهمي، مصدر النقل.

_________

(1)

تاريخ جرجان 518.

(2)

المتقي الهندي: كنز العمال 7: 347 (رقم 19206)، المناوي: فيض القدير 5: 354 (رقم 7564).

ص: 662

‌حَرْفُ النُّون في آباء مَن اسْمُهُ إسْحاق

‌إسْحاق بنَ نَجِيْح المَلَطِيُّ، أبو صالِح -وقيل: أبو يَزِيد- الأزْدِيّ

(1)

حَدَّثَ عن عَطَاء الخُرَاسَانيّ، وابن جُرَيْج، وزَنْكَل بن عليّ العُقَيْلِيّ الرَّقِّيّ، وإسْمَاعِيل الكِنْدِيّ، ويَحْيَى بن أبي كَثِيْرِ، وعَبَّاد بن رَاشِد، وهِشَام بن حَسَّان، وأبي المُنِيْب العَتَكِيّ، وعَبْد العَزِيْز بن أبي روَّاد، وعَبْد السَّلام بن سَلَمَة الفِلَسْطِيْنيّ.

رَوَى عنهُ الحَسَنُ بن عَرَفَة، وعليّ بن حُجْر، وأحمدُ بن مُحَمَّد بن سَعيد بن جَبَلَة، ومَخْلَد بن مالك، وحَمَّاد بن بَحر السَّريّ (a)، وعبد الصَّمَد بن الفَضْلِ، وعبد الرَّحيم بن حَبِيْب البَغْدَاديّ، وأبو صالح صُبْح بنُ بَدِيع الخُرَاسَانيّ، ومُحَمَّد ابن حَرْب النَّشَائيّ، ويُوسُف بن يَعْقُوب الثَّقَفِيّ، وعليّ بن هاشِم بن مَرْزُوق، وعِيسَى بن أبي فاطِمَة، وسَهْل بن شُقَيْر، ومُحَمَّد بن بِشْر البَغْدَاديّ، ودَهْثَم بن جَنَاحٍ المَلَطِيّ، ويَزِيْد بن مَرْوَان الخَلَّال، وإبْراهيم بن رَاشِد الأَدَميِّ، وسُوَيْد بن سَعيد، وأحمد بن بَشَّار الصَّيْرَفِيّ، والحُسَين بن أبي زَيْد الدَّبَّاغ، ومُحَمَّد بن مَنْصُور الطُّوسيّ، ومُحَمَّد بن الحسن الحَضْرَميّ، وكان يُتَّهم بَوضْع الحَدِيْث. وأظُنُّ تَمَّام بن نَجِيْح المَلَطِيّ أخَاهُ، وكان يُتَّهم أيضًا بوَضْع الحَدِيْث.

(a) ب: النسري. وفي الكامل لابن عدي 1: 334، وتهذيب الكمال للمزي 3: 484: التستري.

_________

(1)

توفي بعد سنة 190 هـ، وترجمته في: تاريخ يحيى بن معين 2: 27، تاريخ البخاري الكبير 1: 404، الجرح والتعديل 3: 235 - 236، الكامل لابن عدي 1: 323 - 325، تاريخ بغداد 7: 329 - 332، السمعاني: الأنساب 12: 422، المزي: تهذيب الكمال 3: 484 - 487، تاريخ الإسلام 4: 1069، الكاشف 1: 114، ميزان الاعتدال 1: 200 - 202، تهذيب التهذيب 1: 252 - 253، تقريب التهذيب 1:62.

ص: 663

أخْبَرَنا حَسَن بن يُوسُف الأَوَقِيّ بالبيت المُقَدَّس، وأبو القَاسِمِ هِبَةُ الله ابن مُحَمَّد بن الحُسَين بالمَسْجِد الحَرَام بالحَجَر، وأبو الخَطَّاب عُمَر بن أَيمْلِك بن الأَرْدَعَانِسِيّ (a) بالبَيْت المُقَدَّس، وأبو عَبْد الله مُحَمَّد بن دَاوُد بن عُثْمان الدَّربَنْدِيّ الصُّوْفيّ بحِبْرَى بمَسْجِد الخَليل عليه السلام، وأبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن رَوَاحَة الحَمَوِيّ بها، والخَطِيبُ عليّ بن عبد الرَّحْمن بن مُسَاوِر بحَلَب وبمَنْبج، قالوا كُلّهم: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ الأصْبَهَانِيّ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر سعدُ بن الحُسَين بن الحَسَن الجَصَّاصُ المُفِيد بأصْبَهَان، قال: أخْبَرَنا أبو سَهْل حَمْد بن أحْمَد بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد بن عَبد الوَهَّاب، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُمَر بن حَفْص، قال: حَدَّثَنَا أبو عَبْد الله الهَيْثَم ابن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَهْل بن شُقَيْر، قال: أخْبَرَنا أبو صالح إسْحاق بن نَجِيْح، قال: حَدَّثَنَا عَطَاء، عن أبي هُريَرة أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال

(2)

: مَنْ رَوَى عنِّي أرْبَعين حَدِيثًا جاءَ في زُمْرَة العُلمَاء يَوْم القِيامَة.

ورَوَاهُ إسْحاق بن نَجِيْح أيضًا عن ابن جُرَيج، عن عَطَاءِ بن أبي رَبَاح، عنِ عَبْد الله بن عبَّاس، أخْبَرَنا به الشَّيْخانُ أبو الفَهْم يَحْيَى بن إبْراهيم بن عليّ بن جَعْفَر الزُّهْرِيّ بنابُلُس، وأبو الفَضْل مُحَمَّد بن هِبَة الله بن أحْمَد بن قُرْنَاص الحَمَوِيّ بحَلَب، قالا: أخْبَرَنا أبو المحاسِن عَبْد العَزِيْز بن عَبْد الوَاحِد بن عَبْد المَاجِد بن عَبْد الوَاحِد ابن عَبْد الكَريم بن هَوَازِن القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد هِبَةُ الرَّحمن بن عَبْد

(a) في الأصل: الأرعانسي، وفي ب بالرسم ذاته مهملًا، وتقدم تقييده على الصورة المثبتة في ترجمة أخيه إسحاق بن إيلملك، وتكرر ذكره في العديد من مواضع هذا الكتاب.

_________

(1)

أخرجه الحافظ السلفي في معجم السفر 385 بإسناد آخر يتصل بابن جريج [كذا] عن عطاء، ويشير ابن العديم فيما بعد عند تعليقه على الحديث أن السلفي أورده في كتابه الأربعين البلدانية.

(2)

ابن الجوزي: العلل المتناهية 1: 122 (رقم 170)، الخوارزمي: جامع المسانيد 1: 10، السيوطي: مفتاح الجنة 66.

ص: 664

الوَاحِد بن عَبْد الكَريم، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو القَاسِم عَبْد الكَريم بن هَوَازِن، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الرَّحْمن (a) بن مُحَمَّد بن عَبْد الله الكُرَيْزيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن قُرَيْش، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن سُفْيان، ح.

وأخْبَرَنا به عَاليًا أبو الفُتُوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَمْرُوك البَكْرِيّ بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا أبو الأَسْعَد هبَةُ الرَّحمن (b) بن عَبْد الوَاحِد بن عَبْد الكَريم بن هَوَازن القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا عَمَّي أبو سَعْد عُبَيْد الله بن عَبْد الكَريم القُشَيْريّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَدُ بن عليّ بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ الحافِظُ، قال: أخْبَرَنا أبو حَامِد أحْمَد بن مُحَمَّد بن رَجَاء السَّرْخَسِيّ بها، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوب إسْحاق بن إبْراهيم التَّاجر -واللَّفْظُ لهُ- قالا: حَدَّثَنَا عليّ بن حُجْر، قال: حَدَّثَنَا إسْحاقُ بن نَجِيْح، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاء بن أبي رَبَاحَ، عن ابن عبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: منْ حَفِظَ على أُمَّتِي أرْبَعيْن حَدِيثًا من السُّنَّة كُنْتُ له شَفِيعًا يَوْم القِيامَة.

ورَوَاهُ مَخْلَد بن مَالِك، عن إسْحاق بن نَجِيح، عن عَطَاء، عن ابن عبَّاس، وقال: كُنْتُ له شَفِيْعًا من النَّار. أخْبَرَنا به أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله ابن عُلْوَان، قِراءَةً عليهِ وأنا أسْمعُ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد الأَشِيْرِيّ، قال: أنْبأني القَاضِي أبو الفَضْل عِيَاض بن مُوسَى بن عِيَاض

(1)

، قال: حَدَّثَنَا الفَقِيهُ أبو إسْحاق إبْراهيم بن جَعْفَر إمْلاءً، قال: حَدَّثَنَا القَاضِي أبو الأَصْبَغ ابن سَهْل، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم الطَّرابُلُسِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن أحْمَد بن

(a) ب: هبة الرحمن.

(b) ب: عبد الرحمن.

_________

(1)

القاضي عياض: الإلماع إلى علم أصول الرواية 22 - 23.

ص: 665

إبْراهيم بن فِرَاس، قال: حَدَّثَنَا (a) أبو عَبْد الله إبْراهيم بن رَحْمُون (b)[بن هَارُون السِّنْجَاريّ، قال: حدَّثنا أنَس بن سَلم](c)، قال: حَدَّثَنَا مَخْلَد بن مالك، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن نَجِيْح، عن عَطَاء، عن ابن عبَّاس، قال: قال النَّبيِّ عليه السلام: مَنْ حَفِظ على أُمَّتِي في السُّنَّة أرْبَعيْن حَدِيثًا كُنْت له شَفِيْعًا من النَّار.

قال الحافِظُ أبو الفَضْل مُحَمَّد بن طَاهِر المَقْدِسِيِّ في كتاب الكَذَبَة والمجرُوحِيْن

(1)

في قَوْله: مَنْ حَفِظ على أُمَّتِي أرْبَعيْن حَدِيثًا؛ فيهِ إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ وهو دَجَّالٌ. وقال في قَوله: أتربوا الكتابَ وسحُّوهُ من أسْفَله، رَوَاهُ إسْحاق ابن نَجِيْح المَلَطِيُّ وهو كَذَّابٌ دَجَّالٌ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله (d) بن عُلْوَان الأسَديّ الحافظ، المَعْرُوف بابنِ الأُسْتَاذ الحَلَبِيِّ، قال: أخْبَرَنا أبو الفَتْح عُمَر بن عليّ بن مُحَمَّد بن حَمُّوْيَه بحَلَب، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن إسْمَاعِيْل بن عُمَر الصَّيْرَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ بن عَبْد الله بن خَلَف، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الرَّحمن السُّلَمِيَّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عَبْدِ الله بن قُرَيْش الرِّيْوَنْجِيّ (e)، قال: أخْبَرَنا عليّ بن سَعيد العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بن عَرَفَة، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ، عن عَطَاءٍ الخُرَاسَانيّ، عن أبي هُريرَة أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال له

(2)

: يا

(a) ساقطة من ب.

(b) في الأصل، ب: زحمون، بالزَّاي، ولم نجد مَن تسمى بهذا الاسم. والمثبت من كتاب القاضي عياض.

(c) ما بين الحاصرتين وقع طمسه في الأصل، وهو في ب وكتاب القاضي عياض.

(d) ب: أبو محمد عبد الله.

(e) في الأصل بإهمال الياء، وفي ب بإهمال حروفه كلها، والضبط والإعجام من أنساب السمعاني 6: 222، نسبة إلى ريونج، قرية من قرى نيسابور ذكرها ياقوت معجم البلدان 3: 115 ولم يَنسب لها أحدًا.

_________

(1)

نُشر الكتاب بعنوان تذكرة الموضوعات، وانظر النقل عنه في 3 - 4، 84.

(2)

الحاكم: المستدرك 3: 15، البيهقي: دلائل النبوة 6: 101، ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 11: 281 (رقم 6452)، وعند ثلاثتهم: من طريق مجاهد عن أبي هريرة. وانظر المسند الجامع 18: 138 (رقم 14746).

ص: 666

أبا هُريرَة، رأيت أهْل الصُّفَّة أضْيَاف الإسْلَام الذّينَ لا يأوونَ إلى أهْلٍ ولا مَالٍ، وكان رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا جَاءَه صَدَقَةٌ وجَّهَ بها إليهم.

أنْبَأنَا أبو اليُمن زَيْدُ بنُ الحَسَن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أنبأني أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله الكَاتِب، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم بن مِهْرَان، قال: قَرَأَتُ على مُحَمَّد بن طَالِب (a) بن عليّ فأقَرَّ بِه، قال: قال أبوِ عليّ صالح بن مُحَمَّد: إسْحاق بن نَجِيْح عن ابن جُرَيْج حديثُهُ: مَنْ حَفِظَ على أمَّتِي أرْبعين حَدِيثًا، قال أبو عليّ: حديثٌ بَاطِلٌ، وإسْحَاق بن نَجِيْح تُرِكَ حديثهُ. قُلْتُ لمُحَمَّد ابن مَنْصُور الطُّوْسيّ: لِمَ تُرِكَ حديث إسْحاق بن نَجِيْحِ المَلَطِيّ؟ فقال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن نَجِيْح، عن هِشَام بن حَسَّان، عن الحَسَن، قال: يُغْفرُ للزَّاني قبل [أنْ](b) يُغْفَر للقَوَّادِ. فأنْكَرُوا هذا عليه، ثمّ حدَّثَ بَعْدُ بأحَادِيْثَ مَنَاكيْر عن عَطَاءٍ الخُرَاسَانيّ وغيرهِ.

قُلتُ: والعَجَبُ أنَّ هذا الحَدِيْث وهو: مَنْ حَفِظَ على أُمَّتِي أرْبَعيْن حَدِيثًا، مع ضَعْفه وكَوْنه من حديث إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ، وهو معرُوف بالكَذِب ووضْع الحَدِيْث، خرَّجَه جَمَاعَة من أئمَّةِ الحَدِيْث الّذين خَرَّجُوا الأرْبَعِينيَّات، فرَوَاهُ الحافِظُ أبو طَاهِر السِّلَفِيّ مع جَلَالَة قَدْره وحِفْظه في صَدْر كتابهِ المَعْرُوف بالأرْبَعِين (c) البُلْدانيَّة، وأبو القَاسِم القُشَيْريّ فيِ الأرْبَعِين حَدِيثًا من تَخْريجه، وحَفِيْدهُ أبو الأَسْعَد القُشَيْريّ في الأرْبَعِين الّتي خرَّجها، وتَبِعَهم على ذلك غيرهم، وجعلُوا هذا الحَدِيْث من رِوَايَة إسْحاق بن نَجِيْح حُجَّتهم في جَمعْ (d) الأرْبَعِين حَدِيثًا مع أنَّهُ لا يَصحّ الاحْتِجَاج بحديث إسْحاق وهو مَتْرُوك الحَدِيْث بالاتِّفَاق.

(a) في الأصل وب: طلاب، والصواب ما أثبت من تاريخ بغداد، وانظر ترجمته في تاريخ الإسلام للذهبي 7:729.

(b) إضافة من تاريخ بغداد.

(c) ساقطة من ب، وفيها: المعروف بالبلدانية.

(d) ب: جميع.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 330.

ص: 667

أنبأنَا أبو القَاسِم بن رَوَاحَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر [السِّلَفِيّ، إجَازَهً إنْ](a) لم يَكُن سَمَاعًا، قال:[أنْبَأنَا الشَّيْخ الأَمِين] أبو مُحَمَّد هِبَة الله [بن أحمد بن الأكْفانِيّ] عن أبي الحَسَـ[ـن عليّ بن الحُسَين بن أحْمَد التَّغْلِبيّ]، قال: أخْبَـ[ـرَنا أبو القَاسِم تَمَّام ابن مُحَمَّد بن عَبْد الله] الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا أبو الحَسَن عليّ بن الحَسَن بن عَلَّان الحَرَّانيّ الحافِظ، قال: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ مَتْرُوك الحَدِيْث، يُكْنَى أبا زَيْد، وقيل: أبو صالح، قرأته بخَطِّ أبي طَاهِر السِّلَفِيّ.

أنْبَأنَا أبو اليُمن، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن علي المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو مُسْلم عبدُ الرَّحمن بن مُحَمَّد بن عبد اللهِ ابن مِهْرَان، قال: أخْبَرَنا عبد المؤمِن بن خَلَف النَّسَفيِّ، قال: حَدَّثَنَا صالح بن مُحَمَّد، أبو عليّ البَغْدَاديّ، قال: حَدَّثَنَا سُوَيْد بن سَعيد، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أبي رَوَّادٍ، عن نَافِعٍ، عن ابن عُمَر، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال

(2)

: مَنْ قال في ديْننا برأيهِ فاقْتُلُوه. قال أبو عليّ: إسْحاقُ ابن نَجِيْح كان يَضَعُ الحَدِيْثَ، وقَرَأ عليَّ أبَو عليّ هذا الحَدِيْثَ وأَمرَّ القَلَمَ عليه، وقال: ما تَصْنعُ! هو بَاطِلٌ.

أنْبَأنَا أبو حَفْص عُمَرُ بن عليّ بن قُشَام الحَلَبِيِّ، عن الحافظ أبي العَلَاء الحَسَن ابن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر الهَمَذَانيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو عليَّ الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا

(a) وردت الرواية في هامش الأصل، وما بين الحاصرتين وقع طمسه، والمثبت من ب، إضافة إلى مقارنة السند مع رواية أخرى لأبي القاسم بن رواحة عن السلفي أوردها ابن العديم في ترجمة إسماعيل بن عبد الله ابن زرارة، والتي ترد فيما بعد في الجزء الرابع.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 330

(2)

ابن الجوزي: الموضوعات 3: 504 (رقم 1397)، السيوطي: اللآلئ المصنوعة 2: 182، ابن عراق الكناني: تنزيه الشريعة المرفوعة 2: 218 (رقم 2)، الشوكاني: الفوائد المجموعة 507.

ص: 668

أبو بَكْر بن فَنْجُوَيه، قال: أخْبَرَنا الحاكمُ أبو أحْمَد، قال: أبو صالحٍ إسْحاقُ بن نَجِيْح المَلَطِيّ عن أبي أيُوبَ عَطَاء بن عَبْد الله الخُرَاسَانيّ، مُنْكر الحَدِيث. روى عنهُ أبو الحسَن عليّ ابن [حُجْر](a) ابن إِيَاس السَّعْدِيّ، سَمِعْتُ مُحَمَّد بن يَعْقُوب يَقُول: سَمِعْتُ العبَّاس، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى

(1)

، وذَكَرَ إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ فضَعَّفه، قال: لا رحمه الله. كَنَّاه مُسْلِم.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إذْنًا، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: وأخْبَرَنا عُبَيْدُ الله بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثنا مُحَمَّدُ ابن مَخْلَد، ح.

وأنْبَأنَا أبو الفَرَج مُحَمَّدُ بن عليّ بن حَمْزَة بن فَارِس المَعْرُوف بابنِ القُبَّيْطِيّ في كتابهِ، قال: أبو الحسَن أحمدُ بن عَبْد الله بن عليّ بن الآبِنُوسيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قالا: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد عَبْدُ الله ابن عَدِيّ

(3)

، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن حَمَّاد، قال: حدَّثنا العبَّاسُ بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن

(4)

وذُكِرَ إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ فضَعَّفَهُ، وقال: لا رحمه الله.

أنبأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(5)

، قال: أخْبَرَنا البرقَانِيّ، قال: حَدَّثني مُحَمَّدُ بنِ العبَّاس، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ ابن مُحَمَّد بن مَسْعَدَة الفَزَارِيّ، قال: حَدَّثنا جَعْفرِ بن دَرَسْتَوَيْه، قال: حدَّثنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن القَاسم بن مُحْرِز، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن معِيْن يقُول: إسْحاق بن نَجِيْح الملطِيّ كذَّابُ، عَدُوُّ الله، رَجُلُ سَوْءٍ، خَبِيْثٌ.

(a) في الأصل وب: محمد، وهو خطأ. انظر ترجمة علي بن حجر بن إياس بن مقاتل السعدي المروزيّ (ت 244 هـ) في تاريخ بغداد 13: 362، تهذيب الكمال للمزي 2: 355، سير أعلام النبلاء 11:507.

_________

(1)

تاريخ يحيى بن معين 2: 27.

(2)

تاريخ بغداد 7: 331.

(3)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 323.

(4)

تاريخ يحيى بن معين 2: 27.

(5)

تاريخ بغداد 7: 331.

ص: 669

وقال الخَطِيبُ

(1)

: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن رِزْق، قال: أخْبَرَنا هِبَةُ الله بن مُحَمَّد بن حَبَش الفَرَّاءُ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عُثْمان بن أبي شَيْبَةَ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى ابن مَعِيْن يقُول: كان ببَغْدَاد قَوْمٌ يَضَعُونَ الحَدِيثَ، منهم إسْحاقُ بن نَجِيْح المَلَطِيّ.

أخْبَرَنا أبو الفَرَج مُحَمَّد بن عليّ بن حَمْزَة في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ (a)، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السهمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(2)

، قال: إسْحاقُ بن نَجِيْح، أبو صالح المَلَطِيّ، ويقال إنَّ كُنْيَته أبو يَزِيْد (b). حدَّثنا عليّ بن أحْمَد بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ سَعيد (c) ابن أبي مَرْيَم (d)، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقُول: من المَعْرُوفين بالكَذِب ووَضْع الحَدِيْث إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ.

قال ابنُ عَدِيٍّ

(3)

: وإسْحَاق بن نَجِيْح بيِّنُ الأمْر في الضُّعَفَاءَ، وهو ممَّن يَضَعُ الحَدِيث.

قال ابنُ عَدِيٍّ

(4)

: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد، قال: حَدَّثني عَبْدُ الله بن أحْمَد، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ أكْذَب النَّاس، يُحَدِّثُ عن البَتِّيّ (e) عن ابن سِيريْن برأي أبي حَنِيْفَة (f).

(a) ب: ابن الإسماعيلي.

(b) في الأصل: زيد، والمثبت من كتاب الكامل لابن عدي، وكما كناه المصنف في طالع ترجمته.

(c) ابن عدي: سعد.

(d) ب: أحمد بن سعيد أبو مريم.

(e) في الكامل لابن عدي: عن البهي، وفي ب: عن النبي صلي الله عليه وسلم، واسم البتي عثمان، انظر ترجمته ومصادرها في سير أعلام النبلاء 6: 148 - 149.

(f) ابن عدي: عن ابن سيرين بن أبي حنيفة!.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 331.

(2)

ابن عدي: الكامل 1: 323.

(3)

ابن عدي: الكامل 1: 325.

(4)

ابن عدي: الكامل 1: 324.

ص: 670

أنْبَأنَا أبو اليُمْن، قال: أخْبَرَنا القَزَّاز، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي جَعْفَر، قال: أخْبَرَنا يوسُف بن أحْمَد الصَّيْدَلانِيّ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو العُقَيْلِيّ

(2)

، قال: حَدَّثنا عَبْدُ الله بن أحمد، ح.

قال الخَطِيبُ: وأخْبَرَنا عُبَيْد الله بن عُمَر الوَاعظ، قال: حَدَّثنا أبي، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن سُلَيمان، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أَحْمَد بن حَنْبَل، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ هو من أكْذَبِ النَّاس. زَادَ العُقَيْلِيّ: يُحَدِّثُ عن البَتِّيَ (a) وعن ابن سِيْرِيْن برأي أبي حَنِيْفَة.

قال الخَطِيبُ

(3)

: أخْبَرَني عَبْد الله بن يَحْيَى السُّكَّرِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الشَّافِعِيّ، قال: حَدَّثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الأزْهَر، قال: حَدَّثنا ابنُ الغَلَابيّ، قال: قال أبو زَكَرِيَّا: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِىِّ كذَّابٌ.

وقال الخَطِيبُ

(4)

: أخْبَرَنا البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا القَاضِي أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر المالِكيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو حَازِم عَبْد المُؤْمِن بن المُتَوَكِّل بن مُشْكان ببَيْرُوت، قال: أخْبَرَنا أبو الجَهْم أحْمَد بن الحُسَين بن طَلَّاب، ح.

قال الخَطِيبُ: وأخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن أحْمَد [بن مُحَّمَّد](b) بن عليّ الكَتَّانِيّ بدِمَشْق، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الوَهَّاب بن جَعْفَر المَيْدانيّ، قال: حَدَّثنا عَبْدُ الجبَّار ابن عبد الصَّمَدِ السُّلَمِيّ، قال: حَدَّثنا القَاسمِ بن عِيسَى العَصَّار (c)، قالا: حَدَّثَنَا

(a) الضعفاء الكبير: النبي.

(b) إضافة من تاريخ بغداد.

(c) في الأصل وب: العطار، وأصلحه في الأصل وأكده بحرف ص أسفله. والمثبث موافق لما عند الخطيب البغدادي.

_________

(1)

تاريخ بغداد 7: 330 - 331.

(2)

الضعفاء الكبير 1: 105.

(3)

تاريخ بغداد 7: 331.

(4)

تاريخ بغداد 7: 331 - 332.

ص: 671

إبْراهيم بن يَعْقُوب الجُوزْجَانِيّ (a)، قال: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ غيرُ ثِقَةٍ، ولا من أوْعيَةِ الأمَانَة.

أنْبَأنَا ابن القُبَّيْطِيّ، قال: أخبرَنا ابن (b) الآبِنُوسىٍّ، قال: أخْبَرَنا الإسْمَاعيْلىِّ، قال: أخْبَرَنا السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(1)

، قال: سَمِعْتُ ابنَ حَمَّاد يَقُول: قال السَّعْدِيّ: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ غير ثِقَةٍ، ولا من أوْعيَةِ الأمَانَة.

وقال ابنُ عَدِيّ

(2)

: سَمِعْتُ ابنَ حَمَّاد يَقُول: قال البُخارىِّ

(3)

: إسْحاق بن نَجِيْح مُنْكَر الحَدِيث، وهو أزْدِىِّ.

وقال أبو أحمد

(4)

: حَدَّثنا الجُنَيْدِيّ (c)، قال: حَدَّثنا البُخاريّ

(5)

، قال: قال عليّ بن نَصْر: إسْحاق بن نَجِيْح الملَطِيّ مُنْكَر الحَدِيث.

قال ابنُ عَدِيّ

(6)

: وقال النَّسَائِيُّ: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ مَتْرُوك الحَدِيْث.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبد الوَهّاب بن ظَافِر الإسْكَنْدَرَانِيّ بمنظرة سَيْف الإسْلَام بين مِصْر والقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ بالإسْكَنْدَرِيَّة، قال: أخْبَرَنا أبو صادِق مُرْشِد بن يَحْيَى بن القَاسِم المَدِيْني، قال: أنبأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير بن أحْمَد بن الحَسَن (d) بن عليّ بن مُنِير الخلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَن بن رَشِيْق

(a) ب: الجوزاني.

(b) ساقطة من ب.

(c) ب: الجندي.

(d) ب: الحسين، وانظر ترجمة ابن منير الخلال في سير أعلام النبلاء 17: 619 - 620.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 324.

(2)

ابن عدي: الكامل 1: 323.

(3)

تاريخ البخاري الكبير 1: 404، وفيه: قردوسي أزدي منكر الحديث.

(4)

ابن عدي: الكامل 1: 323.

(5)

تاريخ البخاري الكبير 1: 404.

(6)

ابن عدي: الكامل 1: 324.

ص: 672

العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنَا أبو عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب بن عليّ بن سِنَان بن بَحْر النَّسَوِيّ، قال: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ مَتْرُوك الحَدِيث.

قُلتُ: وقد قال النَّسَائِيّ في كتاب التَّمييز في أحْوَال الرِّجَال

(1)

: إسْحاق بن نَجِيْح الملطِي كَذَّابٌ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن، قال: أخْبَرَنا أبو مَنصُور، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحافظ

(2)

، قال: أخْبَرَني عليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن المالِكيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن عُثْمان الصَّفَّار، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد ابن عِمْران بن مُوسَى الصَّيْرَفيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن عليّ بن المَدِيني، قال: وسَألتُ أبي عنِ إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيَّ فقال بيده هكذا، أي ليس بشِيِءٍ، وضَعَّفَهُ. وقال عَبْد الله في موضعٍ آخر سَمِعْتُ أبي يَقُول: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ روى عَجَائبَ، وضَعَّفَهُ.

قال أبو بَكْر الحافِظ

(3)

: أخْبَرَنا ابن الفَضْل القَطَّان، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن جَعْفَر، قال: حَدَّثنا يَعْقُوب بن سُفْيان

(4)

، قال: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ لا يُكْتَبُ حَدِيثُه.

وقال أبو بَكْرْ

(5)

: وأخْبَرَنا ابن الفَضْل، قال: أخْبَرَنا عُثْمان بن أحْمَد الدَّقَّاق، قال: حَدَّثنا سَهْل بن أحْمَد الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثنا أبو حَفْص عَمْرو بن عليّ، قال: إسْحاق بن نَجِيْح الملَطِيّ كَذّابٌ كان يَضَعُ الحَدِيْث.

وقال أبو بَكْر

(6)

: أخْبَرَني أحْمَد بن عَبْدِ الله الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن المُظَفَّر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد (a) بن سُلَيمان المِصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن

(a) ب: أحمد بن علي.

_________

(1)

عنوانه: أسماء الرواة والتمييز بينهم، كتاب مفقود لم يصلنا، نقل عنه الكثير ممن ألَّف في الرجال.

(2)

تاريخ بغداد 7: 332.

(3)

تاريخ بغداد 7: 332.

(4)

المعرفة والتاريخ 2: 451.

(5)

تاريخ بغداد 7: 332.

(6)

تاريخ بغداد 9: 15 (في ترجمة: حماد بن عمرو النصيبيّ).

ص: 673

سَعْد بن أبي مَرْيَم، قال: وقال لي غيرُ يَحْيَى بن مَعِيْن: اجْتَمعَ النَّاسُ على طَرْح هؤلاء النَّفَر؛ ليسَ يُذَاكَرُ بحَدِيثهم ولا يُعْتَدُّ بهِ: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ، وحَمَّاد بن عَمْرو النَّصِيْبي، وذَكَرَ قَوْمًا.

قَرأتُ في كتاب الجَرْح والتَّعْدِيل لأبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن أبي حَاتِم الرَّازِيِّ

(1)

، قال: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ روَى عن عَطَاء الخُرَاسَانيّ، وعَبَّاد بن رَاشِد، روَى عنهُ عِيسَى بن أبي فاطمَة، وعليّ بن هاشِمِ بن مَرْزُوق. أخْبَرَنا عَبْد الله بن أحْمَد بن حَنْبَل فيما كَتَبَ إليَّ، قال: سَمِعْتُ أبي يقُول: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ من أكْذَب النَّاس؛ يُحَدّثُ عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم برأي أبي حَنِيْفَة. قُرئ على العبَّاس بن مُحَمَّد الدُّوْرِيَّ عن يَحْيَى بن معِيْن، قال: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيّ ليسَ بشيءٍ.

قد ذَكَرنا (a) أنَّ أحْمَد بن حَنْبَل قال: يُحَدّثُ عن البَتِّيّ برأي أبي حَنِيْفَة، وأظُنُّ قَوْله: يُحَدِّثُ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم تَصْحيف البَتِّيّ، واللهُ أعْلَمْ.

أنْبَأنَا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور بن زُرَيْق، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَطِيبُ

(2)

، قال: إسْحاق بن نَجِيْح المَلَطِيُّ (b) أبو صَالِح، وقيل: أبو يَزِيد، كان يَسْكُن بَغْدَادَ، وحَدَّثَ عن هِشَام بن حَسَّان، وعَطَاءٍ الخُرَاسَانيّ، وابن جُرَيْج (c)، وأبي المُنِيْب العَتَكيّ، وعَبْد العَزِيْز بن أبي رَوَّادٍ. رَوى عنهُ يَزِيد ابن مَرْوَان الخلَّال، وسُوَيْد بن سَعيد، وعليّ بن حُجْر، وأحمد بن بشَّار الصَّيْرَفِيّ، ومُحَمَّد بن مَنْصُور الطُّوْسيّ، والحُسَين بن أبي زَيْد الدَّبَّاغ، وإبْراهيم بن رَاشِد الأَدَمِيّ.

(a) ب: فذكرنا.

(b) مكررة في الأصل.

(c) ب: حديج.

_________

(1)

الجرح والتعديل 2: 235.

(2)

تاريخ بغداد 7: 329.

ص: 674

أخْبَرَنا أبو الفَضْل جَعْفَر بن أبي البَرَكاَت الهَمْدَانيّ (a) في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر (b) السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الكَتَّانِيّ، قال: أَخْبَرَنا أبو الحُسَين عَبد الوَهَّاب بن جَعْفَر، قال: حَدَّثَنَا أبو هَاشِم السُّلمِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر القَاسِم بن عِيسَى العَصَّارُ، قال: حَدَّثنا أبو إسْحاق إبْراهيم بن يَعْقُوب الجُوزْجَانِيّ، قال: إسْحاقُ بن نَجِيْح المَلَطِيّ غيرُ ثِقَةٍ، ولا من أوْعيَةِ الأمَانَة.

أخْبَرَنا أبو هاشم الهاشِمِيّ إذْنًا، عن الإمَام أبي سَعْد السَّمْعَانيّ، قال: إسْحاق ابن نَجِيْح المَلَطِيّ، سَكَن بَغْدَاد، دَجَّالٌ من الدَّجَاجِلَة، كان يَضِعُ الحَدِيْثَ على رسُول الله صلى الله عليه وسلم صُرَاحًا. رَوَى عن ابنِ جُرَيْج، ويَحْيى بن أبي كَثِيْر. روَى عنهُ مُحَمَّد بن حَرْب النَّشائيّ الوَاسِطِيّ، وعليّ بن حُجْر السَّعْدِيّ المَرْوَزي (c) .

‌إسْحاقُ بن نَصْر، أبو زِيَاد

(d)

حَدَّثَ بالمِصِّيْصَة عن يوسُفَ بن سَعيد بن مُسَلَّم. رَوَى عنهُ أبو الفَضْل مُحَمَّد ابن أحْمَد بن حَمْزَة الهاشِميّ.

قَراتُ في تاريخ حَرَّان، تأليفُ حَمَّاد بن هِبَةِ الله بن حَمَّاد الحرَّانيّ، وأجازَهُ لنا غَير واحدٍ من شيوخنا عنه، قال: وقَرأتُ في كتاب شَيْخنا المُعَمَّر بن عَبْد الوَاحِد بن الفَاخِر الأصْبَهَانِيّ وخَطِّه: أخْبرَنا الإمَامُ عمِّي في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسم العَبْدِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور الوَكيِل بهَمَذَان، قال: حَدَّثَنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمْزَهَ الهَاشمِيّ بالدَّسْكَرَة، قال: حَدَّثنا إسْحاق بن نَصْر أبو زِيَاد

(a) وضع في الأصل نقطة تحت الذال، وهو الإمام جعفر بن علي بن هبة الله الهمْدانيّ. انظر: سير أعلام النبلاء 23: 36 - 39.

(b) ب: أبو الطاهر.

(c) ب: المزوري.

(d) في ب: ابن زياد.

ص: 675

بالمِصِّيْصَة، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن سَعيد، قال: حَدَّثنا رَوْح الحَرَّانيّ، عن خُلَيد ابن دَعْلَج، عن قَتَادَة، عن أنَس بن مالِك

(1)

، قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: حبَّذَا كُلّ عالِم نَاطِق، ومُسْتَمع وَاع.

‌حَرْفُ اليَاء في آباء مَن اسمُهُ إسحاق

إسحَاقُ بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبيد الله (a)، أبو مُحَمَّد التَّيْمِيُّ المَدِينيُّ

(2)

غَزَا الرُّوم مع مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك، ودَخَلَ معه الدَّرْب، وكان معهُ بِدَابِق، وكان مع عُمَر بن عَبْد العَزِيْز حينَ اسْتُخْلِف.

وذكَرَ أبو عَبْد الله البُخاريّ في التَّاريخ الصَّغير

(3)

، قال: حَدَّثني إبْراهيم بن المُنذِر، قال: حَدَّثَني مَعْن، قال: حَدَّثني إسحاق بن يَحْيَى، قال: أدْرَبتُ مع مُجَاهِد -يعني دَخَل (b) الدَّرْب- عام غَزوة مَسلَمَة بن عَبْد المَلِك.

(a) ب: عبد الله.

(b) البخاري: دخلت.

_________

(1)

أخرجه ابن شيرويه الديلي في الفردوس 5: 300 (رقم 8247).

(2)

توفي سنة 164 هـ وأرخ خليفة ابن خياط (تاريخه 224) وفاته سنة 56 هـ!، ولعله غير المترجم له، وترجمته في: تاريخ يحيى بن معين 2: 27، تاريخ البخاري الكبير 1: 406، تاريخ الطبري 1: 567، 3: 425، 4: 344، 394، 404، 5: 216، 6: 82 - 83، 466 - 467، العجلي: تاريخ الثقات 62، ابن حبان: كتاب المجروحين 1: 133 - 134، الجرح والتعديل 2: 236 - 237، الكامل لابن عدي 1: 325 - 327، تاريخ ابن عساكر 8: 294 - 302، مختصر ابن منظور 4: 316، المزي: تهذيب التهذيب 3: 489 - 492، تاريخ الإسلام 4: 306 - 307، الكاشف 1: 114، العبر في خبر مَن غبر 1: 187، تهذيب التهذيب 1: 254 - 255، تقريب التهذيب 1: 62، الوافي بالوفيات 8: 429، شذرات الذهب 2: 289، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 457 - 458.

(3)

تاريخ البخاري الصغير 1: 280.

ص: 676

أنبَأنَا بذلك أبو نَصْر القَاضِي، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أبي مُحَمَّد

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن (a) علىِّ بن مُحَمَّد الخَطِيبُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّد بن الحَسَن النَّهَاوَنْدِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو العبَّاس أحْمَدُ بن الحُسَين، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الله بن مُحَمَّد ابن عبد الرَّحْمن، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ.

ذَكَرَهُ الحافِظُ أبو القَاسِم الدِّمَشقيّ في تاريخ دِمَشْق

(2)

، بما أخْبَرَنا بهِ ابنُ أخيهِ زَين الأُمَناء الحَسَن بن مُحَمَّد، فيما أذِنَ فيهِ، قال: أخبرَنا عَمِيّ أبو القَاسِم، قال: إِسحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبيد الله، أبو مُحَمَّد التَّيْمِيُّ المَدِينيّ، رَأى السَّائِب بن يزِيد صاحب رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ورَوَى عن عَبْد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالِب، والمُسَيَّب بن دَارِم، وعَمَّيْهِ مُوسىِ وعِيسَى ابنَي طَلْحَةَ بن عُبيدِ الله، وعَمَّته عائِشَةَ، وأبي بَكْر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حَزْم، ومُجَاهِد بن جَبْر، وعبْد الله بن كَعْب بن مالك السَّلَمِيّ، ومَعْبَد بن خَالِد.

رَوَى عنهُ عُمَرُ بن أبي سَلَمَة بن عبد الرَّحْمن بن عَوْف، ومَروَان الفَزَارِيّ، وسُليْمان بن بلَال، وعبد الله بنُ المُبارَك، ووَكِيع، ويَزِيْد بن هارُون، وعَبْدُ الله ابن وَهْبٍ، وَأبو عَوَانَة الوَضَّاحُ، وأبو عَامِر العَقَدِيّ، وإسَمَاعِيلُ بن أبي أُوَيس، وسَعِيدُ بن سُلَيمان، وأبو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، وعَاصِمُ بن عليّ، وأُمَيَّةُ بن خَالِد، وفَرْوةُ ابن سُلَيمان الجَهضَمِىّ، وخَالِدُ بنُ نِزَار الأيِلىّ، وشَبَابَةُ بن سَوَّار، ومُحَمَّد بن خَالِد ابن عَثْمَةَ، ومُحَمَّد بن عُمَر الوَاقِديّ، وبِشْر بن الوَلِيد (b) الكِنْدِيّ، ووفَدَ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وغَزَا القُسْطَنْطِينِيَّة.

قُلتُ: وقد رَوَى عنهُ أيضًا الهَيْثَم بن جَمِيل الأنْطَاكِيّ، ومَعْن بن عِيسَى.

(a) ابن عساكر: الحسين.

(b) في تاريخ ابن عساكر: وبشر بن عمر الوليد، ولعله من أخطاء الطبع.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 295.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 294.

ص: 677

وذَكَرَ أبو الحَسَن المَسْعُودِيّ في كتاب الاسْتِذْكَار

(1)

، قال: ورُوِيَ عن إسحاق ابن يَحْيَى بن طَلْحَة، قال: دَخلتُ على عُمَر بن عَبْد العَزِيْز وقد اسْتُخْلِف فوجَدْتُه قد جَعَل بيتَ مَال الغَنائِم على حدَة، وبيتَ مال الخَرَاج على حدَة، وبيت مال الخُمس على حدَةٍ.

أنبَأنَا أبو حَفْص عُمَر بن مُحَمَّد المُؤدِّب، عن أبي غَالِب بن البنَّاءَ، قال: أخْبَرَنا أبو جَعْفَر بن المُسْلِمَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر المُخلِّصُ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن سُلَيمان الطُّوسيّ، قال: أخْبَرَنا الزُّبيرِ بن بَكَّار، قال: من ولد يَحْيَى بن طَلْحَة: إسحاق ابن يَحْيَى، روى عنهُ الحَدِيْث، وأُمُّهُ الخَنسَاءُ بنْت زَبَّار بن الأبرَد الكَلْبيّ.

أخْبَرَنا أحْمَد بن الأزْهَر السَّبَّاك في كتابهِ، عن أبي بَكْر مُحَمَّد (a) بن عَبْد البَاقِي الأنْصَاريّ، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الجَوهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أخْبَرَنا سُليمان بن إسحاق بن إبْراهيم بن الخَليل الجلَّاب، قال: حَدَّثَنا الحَارِث بن أبي أُسامَةَ، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن سَعْد، قال: في الطَّبَقَةِ الخَامِسَة من أهل المَدِينَة، إسحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْد الله التَّيْمِيّ، وأُمُّهُ الخَنسَاءُ بنت زَبَّار (b) بن الأبرَد بن مضاد ابن عَدِيّ بن أَوْس بن جَابِر بن كَعْب بن عُلَيْم من كَلب.

وقد رَوَى إسحاق بن يَحْيَى عن مُجَاهِد، والمُسَيَّب بن دَارِم وغيرهما، وكان أخُوه طَلْحَةُ بن يَحْيَى أثْبَتَ في الحَدِيث عندَهُم منْهُ، وكان إسحاق بن يَحْيَى يُكنَى أبا مُحَمَّد، ومات بالمَدِينَة في خِلَافَة المَهْدِيّ وهو يُستَضْعَفُ.

(a) ب: عن أبي بكر بن محمد.

(b) ب: زياد.

_________

(1)

من كتب المسعودي التي لم تصلنا، عنوانه: الاستذكار لما جرى في سالف الأعصار، ذكره المسعودي وأحال عليه كثيرًا في كتابيه: مروج الذهب والتنبيه والإشراف، وانظر: الإعلان بالتوبيخ للسخاوي 302. وهذا النقل عن كتاب المسعودي ورد في هامش الأصل ولم تنقله نسخة ب.

ص: 678

أنبَأنَا أبو الوَحْش بن نَسيم، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الحافِظ

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر اللَّفْتُوانيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَمرو بن مَنْدَة، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن عُمَر، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر بن أبي الدُّنْيا، قال: أخْبَرَنا ابنُ سَعْد، قال: في الطَّبَقَةِ السَّادسة من أهْلِ المَدِينَةِ إسحاق بن يَحْيَى ابن طَلْحَة بن عُبَيْدِ الله التَّيْمِيّ، ويُكْنَى أبا مُحَمَّد، ماتَ بالمَدِينَة في خِلَافَة المَهْدِيّ.

قال أبو القَاسِم الحافِظ

(2)

: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الوَاسِطِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الخَطِيبُ، ح.

قال: وحَدَّثَنَا أبو عَبْدِ الله البَلخِيُّ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور مُحَمَّدُ بن الحُسَين البَزَّازُ (a)، قالا: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمَّد البَرْقَانِيّ، قال: قَراتُ على أبي يَعْلَى حَمْزَة بن مُحَمَّد بن عليّ قُلتُ له: حدَّثكم أبو الحُسَين مُحَمَّد بن إبْراهيم بن شُعَيْب الغَازِي، ح.

قال: وأنبَأنَا أبو الغَنائِم بن النَّرْسِيّ، وحَدَّثَنَا أبو الفَضْل بن نَاصِر، قال: أخْبَرَنا أبو الفَضْل بن خَيْرُون، وأبو الحُسَين بن الطُّيُوريّ، وأبوِ الغَنَائم بن النَّرْسِيّ، واللَّفْظُ لهُ، قالوا: أخبرَنا أبو أحْمَد الغُنْدجَانِيّ -زادَ ابنُ خَيْرُون: ومُحَمَّد بن أحْمَد الأصْبَهَانِيّ- قالا: أخْبَرَنا أحْمَد بن عَبْدَان، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن سَهْل، قالا: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ

(3)

، قال: إسحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْدِ الله القُرَشِيّ التَّيْمِيّ، يُعَدُّ في أهْل المَدينَة، عن المُسَيَّب بن رَافِع، سمعَ منه -وقال الغَازِي: رَوَى عنهُ- ابن المُبارَك، ووَكِيع، يَتَكلَّمون في حِفْظه. زادَ ابن سَهْل: قال إسحاق: حَدَّثَنا الهَيْثَم بن جَمِيل، قال: حَدَّثَنا إسحاقُ بن يَحْيَى ابن طَلْحَة أبو مُحَمَّد، وزَادَ الغَازِي: يُكْتَبُ حَدِيثُه.

(a) ابن عساكر: البزار.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 296.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 296.

(3)

تاريخ البخاري الكبير 1: 406.

ص: 679

وقال أبو القَاسِم الحافِظ

(1)

: أخْبَرَنا أبو بَكْر الشَّقَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن مَنْصُور، قال: أخْبَرَنا أبو سَعيد بن حَمْدُون، قال: أخْبَرَنا مَكّيُّ بن عَبْدَان، قال: سَمِعْتُ مُسْلم بن الحَجَّاج

(2)

يقُول: أبو مُحَمَّد إسحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة عن المُسَيَّب بن رافع؛ رَوَى عَنْهُ ابنُ المُبارَك، ووَكِيع، والهَيْثَم بن جَمِيل.

أنبَأنَا أبو الفَرَج بن القُبَّيْطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن الآبنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(3)

، قال: سَمِعْتُ ابنَ حَمَّاد يَقُول: قال البُخاريّ

(4)

: إسحاق بن يَحْيَى ابن طَلْحَة بن عُبَيْدِ الله، أبو مُحَمَّد، كان ابن المُبارَك (a) ووَكِيع يَتَكلَّمون في حِفْظِه.

قال ابنُ عَدِيّ

(5)

: وقال النَّسَائِيّ: إسحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْد الله مَدِينِيُّ مَتْرُوكُ الحَدِيث.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبد الوَهَّاب بن ظَافِر، إجَازَةً أو سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو صَادِق مُرشِد بن يَحْيَى بن القَاسِم المَدِينِيّ، قال: أنبَأنَا أبو الحَسَن عليّ بن مُنِير بن أحْمَد بن الحَسَن بن عليّ بن مُنِير الخَلَّال، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد الحَسَنُ بن رَشِيْق العَسْكَريّ، قال: حَدَّثَنا أبو عبد الرَّحْمن أحْمَد بن شُعَيْب النَّسَائِيّ، قال: إسحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْد الله ليس بثِقَةٍ.

(a) ابن عدي: سمع من ابن المبارك.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 297.

(2)

الكنى والأسماء للإمام مسلم 2: 733.

(3)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 326.

(4)

تاريخ البخاري الكبير 1: 406.

(5)

ابن عدي: الكامل 1: 326.

ص: 680

أنْبَأنَا ابنُ المُقَيِّر، عن أبي الفَضْل بن نَاصِر، عن أبي الفَضْل المَكِّيّ، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر الوَائليّ، قال: أخْبَرَنا الخَصِيْبُ بنُ عَبْدِ الله، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الكَريم بن أبي عبد الرَّحْمن النَّسَائِيّ، قال: أخبَرَني أبي، قال: أبو مُحَمَّد إسحاقُ بن يَحيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْدِ الله ليسَ بثِقَةٍ.

أنبَأنَا ابن القُبَّيْطِيّ، قال: أخْبَرَنا ابن الآبنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم الإسْمَاعِيْليّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم السَّهْمِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد بن عَدِيّ

(1)

، قال: حَدَّثَنا ابن أبي عِصْمَة، قال: حَدَّثَنا أحْمَد بن مُحَمَّد بن يَحْيَى (a)، قال: سَمِعْتُ يَحيَى بن مَعِيْن

(2)

يقُول: إسحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة ليسَ بشيءٍ.

قال ابنُ عَدِيّ

(3)

: حَدَّثَنا أحْمَدُ بن عليّ المَدَائنِيِّ، قال: حَدَّثَنا اللَّيثُ بن عَبْدَة، قال: سَمِعْتُ يَحيَى بن مَعِين

(4)

يقُول: إسحاقُ بن يَحيَى بن طَلْحَة ليسَ بشيءٍ.

وقال

(5)

: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن عليِّ المَرْوَزيّ، قال: حَدَّثَنا عُثْمان بن سَعيد، قال: قُلتُ ليَحْيَى بن مَعِيْن. فإسحاق بن يَحْيَى ما حاله الّذي يَرْوي عنهُ ابن المُبارَك حديث أبي بَكْر؟ قال: ليسَ بشيءٍ.

وقال

(6)

: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمن بن أبي بَكْر، ومُحَمَّد بن أحْمَد بن حَمَّاد (b)، وعَبْد المَلِك ابِن مُحَمَّد، قالوا: حَدَّثَنا عبَّاسُ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى

(7)

يَقُول: إسحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة ضَعِيْفٌ.

(a) ابن عدي: أحمد بن أبي يحيى.

(b) ابن عدي: حميد.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 1: 325.

(2)

تاريخ يحيى بن معين 3: 27.

(3)

ابن عدي: الكامل 1: 326.

(4)

تاريخ يحيى بن معين 2: 27.

(5)

ابن عدي: الكامل 1: 326.

(6)

ابن عدي: الكامل 1: 326.

(7)

تاريخ يحيى بن معين 2: 27، 3:172.

ص: 681

وقال

(1)

: حَدَّثَنا ابن أبي بَكْر، قال: حَدَّثَنا عبَّاسٌ، قال: سَمِعْتُ يَحْيَى

(2)

يَقُول: إسحاق بن يَحْيَى ليس بشيءٍ، لا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ.

وقال

(3)

: حَدَّثَنَا ابن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنا مُعاوِيَةُ، عن يَحْيَى، قال: إسحاقُ بن يَحْيَى بن طَلْحَة ضَعِيْفٌ.

أنبأنَا أبو مُحَمَّد عبد الرَّحْمن بن عَبْد الله، عن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، عن أبي بَكْر الخَطِيب

(4)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحمد بن مُحَمَّد الأُشْنانِيّ، قال: سَمِعْتُ أحْمَد بن مُحَمَّد ابن عُبْدُوْس الطَّرَائِفِيّ يقُول: سَمِعْتُ عُثْمان بن سَعيد (a) الدَّارِمِيِّ

(5)

يَقُول: سَألتُ يَحيىَ بن مَعِيْن قُلتُ: فإسحاق بن يَحْيَى ما باله (b)، الّذي يَرْوي عنهُ ابن المُبارَك حديثَ أبي بَكْر؟ قال: ليس بشيءٍ.

أنبأنَا أبو القَاسِم بن مُحَمَّد، عن أبي البَرَكَات الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو المَعَالِي ثَابِت بن بندَار، قال: أخْبَرَنا أبو العَلَاء مُحَمَّد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا أبو الأحْوَص بن المُفَضَّل، قال: حَدَّثَنا أبي، عن يَحْيَى ابن مَعِينْ، قال: إسحاق بن يَحيَى بن طَلْحَة يُضَعَّف.

وقال المُفَضَّل في مَوضعٍ آخر: كان يَحْيَى بن مَعِيْن يُضَعِّفُ إسحاق بن يَحْيَى، وبلَغَني عن القَطَّان أنَّهُ ذَكَرهُ فقال: ذاك شَبَه لا شَيء.

(a) ب: سألت سعيد بن عثمان.

(b) في تاريخ الدارمي: ما حاله.

_________

(1)

ابن عدي: الكامل 1: 326.

(2)

تاريخ يحيى بن معين 3: 220 ولم يرد فيه قوله: "لا يكتب حديثه".

(3)

ابن عدي: الكامل 1: 326.

(4)

لم أقف عليه في تاريخ بغداد، وانظر الرواية عند ابن عساكر 8:299.

(5)

تاريخ الدارمي 77.

ص: 682

أخْبَرَنا أبو الفَرَج الحَرَّانيّ في كتابهِ، قال: أخْبَرَنا ابن الآبِنُوسِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو أحْمَد الحافِظ، قال: حَدَّثَنَا ابن حَمَّاد، قال: حَدَّثَني صالح بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن المَدِيْنَّي، قال: سَألْتُ يَحْيَى بن سَعيد عن إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة، قال: ذاك شَبَه لا شَيء.

وقال: حَدَّثَنَا ابن حَمَّاد، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل (a)، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة شَيْخٌ مَتْرُوكُ الحَدِيْث.

وقال ابنُ عَدِيّ

(3)

: وقال عَمْرو بن عليّ: إسْحاقُ بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْد الله مَتْرُوك الحَدِيْث، قال: وسَمِعْتُ وكِيعًا وأبا دَاوُد يُحَدِّثان عنهُ.

قال ابنُ عدي

(4)

-وذَكَر أحَادِيْث مَنَاكيْر من رِوَايَة إسْحاق-: ولإسْحاق أحَادِيْثُ غيرُ ما ذَكَرْتُ، ولم أجد في أحَادِيْثه أنْكَر ممَّا ذَكَرتهُ، وهو خيرٌ من إسْحاق ابن أَبي فَرْوَة، وإسْحَاق بن نَجِيْح بكَثِيْر.

أنْبَأنَا أبو البَرَكَات بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم

(5)

، قال: في نُسْخَة ما أخْبَرَنا به أبو عَبْد الله الخَلَّال شفَاهًا، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم ابن مَنْدَة، عن حَمْد بن عَبْدِ الله الأصْبَهَانِيّ، ح.

قال: وأخْبَرَنا ابنُ مَنْدَةَ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر بن سَلَمَة، قال: أخْبَرَنا عليّ ابن مُحَمَّد، قالا: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم

(6)

، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال:

(a) ب: عبد الله بن حنبل.

_________

(1)

هو إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي.

(2)

هو حمزة بن يوسف السهمي.

(3)

ابن عدي: الكامل في ضعفاء الرجال 1: 326.

(4)

ابن عدي: الكامل 1: 327.

(5)

تاريخ ابن عساكر 8: 297 - 298.

(6)

الجرح والتعديل 2: 237.

ص: 683

حَدَّثَنَا عَمْرو بن عليّ، قال: سَمِعْتُ وَكِيعًا وأبا دَاوُد الطَّيَالِسِيّ يُحَدِّثان عن إسْحاق ابن يَحْيَى بن طَلْحَة، وهو مَتْرُوك الحَدِيْث، مُنْكَر الحَدِيْث.

وقال ابنُ أبي حَاتِم

(1)

: سَمِعتُ أبا زُرْعَة يَقُول: إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة وَاهي الحَدِيْث. قال: وسَمِعْتُ أبي يَقُول: إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة ضَعِيْف الحَدِيْث ليس بقَوِيَّ، ولا بمكان أنْ يُعْتَبر (a) حديثه.

وقال: وذَكَرَ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إبْراهيم الكنّانِيّ الأصْبَهَانِيّ، قال: قُلتُ لأبي حَاتِم: ما تقُول في إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْدِ الله القُرَشِيّ التَّيْمِيّ؟ فقال: ليس بقَوِيّ الحَدِيْث.

قال أبو القَاسِم

(2)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيْز ابن أحْمَد لَفْظًا، قال: أخْبَرَنا أبو نَصْر بن الجَبَّان إجَازَةً، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن القَاسِم المَيَانِجِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن طَاهِر بن النَّجْمِ، قال: حَدَّثَني سَعيدُ بن عَمْرو البَرْدَعِيّ، قال: قُلتُ لأبي زُرْعَة الرَّازِيّ: إسْحاق بن يَحْيى بن طَلْحَة؟ قال: مُنْكر الحَدِيْث جدًّا.

قال

(3)

: وأخْبَرَنا أحْمَد بن القَاسِم إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن طَاهِر، قال: حَدَّثَني سَعيد، عن أبي زُرْعَة في أسَاميِ الضُّعَفَاءِ ومَنْ تُكلمِّ فيهم من المُحَدِّثِيْن، فذَكَرهم وذَكَرَ منهم إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبيد اللهِ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الأنْمَاطِيّ إجَازةً، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن المُظَفَّر الشَّاميِّ، قال:

(a) الجرح والتعديل: ولا يمكننا أن نعتبر.

_________

(1)

الجرح والتعديل 2: 237.

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 301.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 301.

ص: 684

أخْبَرَنا أبو الحَسَن العَتِيْقِيّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُف بن أحْمَد بن يُوسُف، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَمُرو العُقَيْلِيّ

(1)

، قال: حَدّثَنَا زَكَرِيّاء بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المُثَنَّى، قال: ما سَمِعْتُ عبد الرَّحْمن يُحَدِّثُ عن إسْحاقَ بن يَحْيَى بن طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ الله شيئًا قَطّ.

أنْبَأنَا أبوِ القَاسِم، عن أبي الفَتْح نَصْر الله بن مُحَمَّد الفَقِيه، قال: كَتَبَ إلينا أبو الحُسَين المُبارَك بن عَبْد الجَبَّار، قال: وأخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين عبدُ الرَّحْمن بن عُمَر بن أحْمَد الخَلَّالُ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أحْمَد ابن يَعْقُوبَ بن شَيْبَة، قال: حَدَّثَنا جَدِّي، قال: إسْحاقُ بن يَحْيَى بن طَلْحَة كان لا بَأْسَ بهِ، وحَدِيثُه مُضْطَربٌ جدًّا. قال يَحْيَى بن مَعِيْن: إسْحاقُ بن يَحْيَى بن طَلْحَة ضَعِيْفُ الحَدِيْث. وقال عليّ بن المَدِيْنيّ: نحنُ لا نَرْوي عن إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَةَ شيئًا.

وقال: وحَدَّثَني عَبْد الله بن شُعَيْب، قال: قَرَأ عليَّ يَحْيَى بن مَعِيْن: إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْد الله ليسَ بشيءٍ، يُضَعَّفُ.

وقال مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيّ

(2)

: إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة أُمُّهُ أُمّ وَلدٍ.

أنْبَأنَا أبو القَاسِم

(3)

، عن أبي البَرَكاَت الأنْمَاطِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين ابن الطُّيُورِيّ، وثَابِت بن بُنْدَار بن إبْراهيم، قالا: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحُسَين بن جَعْفَر، وأبو نَصْر مُحَمَّد بن الحَسَن، قالا: أخْبَرَنا الوَلِيدُ بن بَكْر، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد بن زَكَرِيَّاء، قال: حَدَّثَنَا صالح بن أحْمَد بن عَبْد الله العِجْليَّ

(4)

، قال: حَدَّثني أبي، قال: إسْحاقُ بن يَحْيَى بن طَلْحَة ليسَ بالقَوِيّ.

(1)

الضعفاء الكبير 1: 104.

(2)

نسب قريش 287.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 300.

(4)

العجلي: تاريخ الثقات 62.

ص: 685

أنْبَأنَا أبو القَاسِم

(1)

، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، إجَازَةً أو سَمَاعًا، عن أبي بَكْر الخَطِيب

(2)

، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَرْقَانِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن خَمِيْرَوَيْه، قال: أخْبَرَنا الحَسَنُ (a) بن إِدْرِيس، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَمَّاَر المَوْصِلِيّ، قال: إسْحاقُ بن يَحْيَى بن طَلْحَة صَالحٌ.

أخْبَرَنا أبو نَصْر مُحَمَّد بن هِبَة الله بن الشِّيْرَازيّ، فيما أَذِنَ لَنا في روايته، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن

(3)

، قال: كَتَبَ إليَّ أبو نَصْر بن القُشَيْريّ: أخْبَرَنا أبو بَكْر البَيْهَقِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْدِ الله الحافِظُ، قال: قَرأتُ بخَطِّ أبي يَعْقُوبَ إسْحاق بن إبْراهيم بن عَمَّار الأنْصَاريّ، قال: سَألْتُ مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ فقال: إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة يَهِمُ في الشَّيءِ بعد الشَّيء إلَّا أنَّهُ صَدُوق.

قال عليّ بن الحَسَن

(4)

: قَرَأتُ في كتاب الأخوَة والأخوَات

(5)

لأبي العبَّاس مُحَمَّد بن إسْحاق السَّرَّاج: ماتَ إسْحاق بن يَحْيَى بن طَلْحَة بن عُبَيْد الله سَنَة أرْبَعٍ وسِتِّين ومائة.

(a) ب: أبو الحسن.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 301.

(2)

لم أقف عليه في تاريخ بغداد، ولم يُفرده بالترجمة.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 301.

(4)

تاريخ ابن عساكر 8: 302.

(5)

كتاب الأخوة والأخوات من الكتب التي لم تصلنا، مؤلفه محمد بن إسحاق النيسابوري السراج (ت 313 هـ)، ولم يرد اسم كتابه هذا بين مؤلفاته التي عددها النديم وابن الساعي. انظر: النديم: الفهرست 1/ 2: 477 - 478، ابن الساعي: الدر الثمين في أسماء المصنفين 162 - 163.

ص: 686

‌ذِكْرُ مَنْ اسْمُ أبيْهِ يُوسُف ممَّن اسْمُه إسْحاق

إسْحاقُ بن يُوسُف بن أَيُّوبَ بن شَاذِي (a) بن مَرْوَان، أبو يَعْقُوب، المَعْرُوف بالمَلِك المُعِزّ ابن المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين

(1)

كان قد سَمِعَ بالدِّيَار المِصْرِيَّة من أبي مُحَمَّد بن بَرِّي، وسَمِعْتُه يَذْكرُ أنَّ الشَّيْخ الطُّوْسيّ كان شَيْخه. وقَدِمَ حلَبَ وَافِدًا على أخيهِ المَلِك الظَّاهِر غَازِي، وأجْرَى عليه مَعِيْشَة تَكْفيه، وكان عندَ قُدُومهِ حَلَب قد نَزَل في جوارنا في الدَّار التَّي هي الآن في ملْكي (b)، المَعْرُوفة بسَلَفنا، وأقَامَ بحَلَب إلى أنْ ماتَ أخُوه المَلِك الظَّاهِر، واجْتَمَعْتُ به مِرَارًا، وكان حَسَنَ المُذَاكَرَة، طَيِّبَ المُعَاشَرَة، وحدَّث بشيءٍ ممَّا سَمِعَهُ من أبي مُحَمَّد بن بَرِّي قبل مَوْته بأيَّامٍ قَلَائِل.

أخْبَرَني أخُوه المَلِك المُحْسِن أحْمَد بن يُوسُف أنَّ مَوْلد أخيه الملك المُعِزّ سنَة سَبْعِين وخَمْسِمائَة. وزَادَني غيره أنَّهُ وُلد بمِصْر في شَهْر رَبيع الأوَّل منها، وتُوفِّيَ رحمه الله بِظَاهِر مَدِينَة حَلَب يَوْم السَّبْت الرَّابِع من ذِي الحِجِّة من سَنَة خَمْسٍ وعشرين وسِتّمائة؛ كانَ في الصَّيْدِ فسَقَط عن مرْكُوبه، فاندقَّتْ (c) عُنُقهُ، ودُفِنَ بمَقَابِر مقَام إبْراهيم خارج باب العِرَاق.

(a) قيده في هذا الموضع بالدال، وتكرر عنده -في اسمه وأسماء عقبه- بالذال المعجمة.

(b) ب: مكلى.

(c) ب: فانقدَّت.

_________

(1)

توفي سنة 625 هـ، ترجمته في: تاريخ الإسلام 13: 792 - 793، الوافي بالوفيات 8: 431 - 432.

ص: 687

‌إسْحاقُ بن يُوسُف الفُصَيْص بن يَعْقُوب التَّنُوخِيّ الفُصَيْصِيّ، أبو يَعْقُوب

(1)

وقد سَبَق ذِكْر تَمَام نَسَبه فيما تقدَّم

(2)

.

وكان أمير حِمْص، واللَّاذقِيَّة، وجَبَلَة، وهو والد مُحَمَّد والحُسَين مَمْدُوْحَي أبي الطَّيِّب المُتُنَّبي، وكانت الوِلَايَة على هذه المواضعِ المَذْكُورَة له ولأَخِيهِ إبْراهيم في سَنَة ثَلاثٍ وتِسْعِين ومَائتَيْن، وهمُا اللَّذان أوْقَعا بالأكْرَاد في سَنَة ثلاثمائة، ومُقَدَّمهم يَوْمئذٍ أبو الحَجَر المُؤَمَّل بن مُصَبَّح، وهُزِمَ عَسْكَر أبي الحَجَر وقُتِلَ أكْثَرهم، وهَرَبَ أبو الحَجَر فطَرح نَفْسه في بُحَيرة أفَامِيَة، فأقام فيها أيَّامًا في الماءِ.

وفي تلك الوَقْعَة يقول بعضُ شُعَرَاءِ تَنُوخ يَصِفُ فِعْل أبي الحَجَر

(3)

: [من البسيط]

تَوَهَّمَ الحَرْبَ شِطْرَنْجًا يُقَلِّبُها

للقَمْر يَنْقُلُ فيها الرُّخَّ والشَّاهَا

جَازَتْ هزيمَتُهُ أنْهارَ فَامِيَةٍ

إلى البُحَيْرة حتَّى غَطَّ في مَاهَا

وإسْحاق هذا وأخوه إبْراهيم هُما اللَّذان سَرَيا خَلف الرُّوم حين افْتَتَحُوا اللَّاذقِيَّة (a) وجَبَلَة، والهُرْيَاذَة (b)، وأَسَرُوا مَن كان فيها من المُسْلمِيْن، وكانا بحِمْص، فلم يَلْحقا الرُّوم، فكاتبا رئيسَ الأسَاقِفَة بقُبْرُس وتَهَدَّدَاهُ فأطْلَقَ جميع الأسْرَى، وقد ذَكَرنا ذلك في تَرْجَمَةِ أخيه إبْراهيم

(4)

.

(a) زيد بعدها في ب: والدوم.

(b) ب: الهريادة، بالدال، وذكرها قدامة من مواضع السواحل البحرية في بلاد الشام. انظر: الخراج 188.

_________

(1)

ترجمته في الجواهر المضية للقرشي 1: 375، الغزي: الطبقات السنية 2: 161.

(2)

فيما مرَّ من هذا الجزء؛ في ترجمة إسحاق بن علي بن إبراهيم الفصيصي، حفيد أخي المُترجَم له، ثم بقية سياقة النسب في ترجمة: إسحاق بن قضاعة بن ثويب.

(3)

البيتان وخبر أبي الحجر المؤمل بن المصبح في معجم البلدان لياقوت 4: 234.

(4)

في جزء ضائع من أجزاء الكتاب.

ص: 688

وقَدِمَ إسْحاق حَلَبَ سَنَة تِسْعِ عَشْرةَ وثَلاثِمائة، وكان طَرِيف السُّبُكْرِيّ صاحب حَلَب قد حَاصَرَهُ وجَمَاعَة أهْلِهِ في حُصُونهمِ باللَّاذقِيَّةِ وغيرها، وحَارَبوُه حتَّى نَفِدَ جميعَ ما كان عندَهُم من القُوْت والماءِ فنزَلُوا على الأمَان، ودخَلُوا معه حَلَب مُكَرَّمين.

قَرَأتُ مَعْنى ذلك جميعَهُ في تاريخ أبي غَالِب هَمَّام بن الفَضْل بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ

(1)

، ثمّ قَرأتُهُ بخَطِّ جَدّ أبيهِ أبي الحُسَين عليّ بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ التَّنُوخِيّ في جُزءٍ عَلَّقَهُ في التَّاريخ.

‌ذِكْرْ الكُنَى في آباءِ مَن اسْمُهُ إسْحاق

إسْحاقُ بن أبي بَكْر بن مُحَمَّد بن إبْراهيم الطَّبَريّ، أبو يُوسُف القَاضِي

قاضي مَكَّة شَرَّفَها اللهُ، سَمِعَ بمَكَّة أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن أبي الضَّيْف، وأبا شُجَاع زَاهِر بن رُسْتُم، وأبا الفُتُوح نَصْر بن أبي الفَرَج الحُصْرِيّ، وأبا مُحَمَّد (a) يُونُس بن يَحْيَى الهاشِميّ، وأبا بَكْر بن حِرْز الله التُّونُسِيّ، وأبا القَاسِم عَبْد المُحْسِن (b) بن عَبْد الله الطُّوْسيّ، وأبا المُظَفَّر مُحَمَّد بن عُلْوَان بن مُهاجِر، وأبا عَبْدِ الله مُحَمَّد بن إبْراهيم الخَبْرِيّ الفَارِسِيّ، وشَيْخَنا أبا عَبْد الله مُحَمَّد ابن أبي المَعَالِي بن البَنَّاء البَغْدَاديّ الصُّوْفيّ، وأبا طَالِب عَبْد المُحْسِن بن أبي العَمِيْد الخَفِيْنِيّ الأبْهَرِيّ.

(a) ساقطة من ب.

(b) ب: وأبا المحسن.

_________

(1)

تقدم التعريف بالكتاب في الجزء الأول.

ص: 689

وطافَ البِلَادَ، وسَمِعَ ببَغْدَادَ العُقَاب شَيْخ الفُتُوَّة، وبحَلَب شَيْخَنا أبا هاشِم عَبْدَ المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، وبالإسْكَنْدَرِيَّة جَعْفَر الهَمْدَانِيّ، وسَمِعَ بحَمَاةَ ودِمَشْقَ ومِصْر وغيرها من البِلاد، وحدَّثَ بشيءٍ من الحَدِيْث بزَبِيْد من بِلَادِ اليَمَن.

أخْبرَني أبو الفَضْل بن عَبْد الكَريم بن عَبْدِ الله بن مالك المَوْصِلِيّ أنَّهُ سَمِعَ منهُ بزَبِيْد شَيئًا من الحَدِيْث.

إسْحاقُ بن أبي رِبْعِيّ الكَاتِب

(1)

كان في صُحْبَةِ عَبْدِ الله بن طَاهِر، وخَرَج معه من الرَّقَّة إلى مِصْر، واجْتازَ في طَريقه معه بحَلَب أو ببَعْضِ عَمَلها، وقد قدَّمْنا ذِكْره في حِكايَةٍ ذَكَرناها في تَرْجَمَةِ إسْحاق بن إبْراهيم الرَّافِقِيّ

(2)

.

إسْحاق بن أبي عبد الرَّحْمن، أبو يَعْقُوبَ -وقيل: أبو يُوسُف- الأنْطَاكِيُّ الأُطْرُوشُ العَطَّارُ

(3)

حَدَّثَ بأنْطاكِيَةَ عن هِشَام بن عَمَّار، وهِشَام بن خَالِد الأزْرَق، والمُؤَمَّل ابن إِهَاب. رَوَى عنهُ أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن القَاسِم بن إسْمَاعِيْل المِصْرِيّ الحَلَبِيّ.

وأظُنُّ أنَّ أصْله بَصْرِيّ وسَكَنَ أنْطَاكِيَة.

(1)

كان حيًا سنة 210 هـ، ترجمته في: كتاب بغداد لابن طيفور 108، تاريخ الطبري 8: 611 - 612، ابن الأثير: الكامل 6: 397 - 398، وفيها جميعًا الحكاية المشار إليها.

(2)

فيما مرَّ من هذا الجزء.

(3)

توفي بعد سنة 237 هـ، ترجمته في: تاريخ ابن عساكر 8: 259 - 260، مختصر ابن منظور 4: 304، بدران: تهذيب تاريخ ابن عساكر 2: 449.

ص: 690

أنْبَأنَا أبو المَحَاسِن سُليْمان بن الفَضْل بن سُلَيمان البَانِياسِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظُ أبو القَاسِم بن الحَسَن بن هِبَة الله الشَّافِعيّ

(1)

، قال: قَرَأتُ على أبي الوَفَاء حِفَاظ بن الحَسَن بن الحُسَين، عن عَبْد العَزِيْز التَّمِيْمِيّ (a)، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الوَهَّاب المَيْدانيّ، قال: حَدَّثَني أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن القَاسِم بن إسْمَاعِيْل المِصْرِيّ بدِمَشْق، قال: حَدَّثَنَا أبو يَعْقُوبَ إسْحاق بن أبي عبد الرَّحْمن العَطَّار الأُطْرُوش بأنْطَاكِيَة، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّار بدِمَشْق يَوْم السَّبْت في شَوَّال سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين ومَائتَيْن، قال: حَدَّثَنَا الوَلِيد بن مُسْلِم، عن ابن لَهِيْعَة، عن سَعيد (b) بن بَقِيَّة، عن عَطَاء بن يَسَار، عن عَبْد الله بن عَمْرو بن العَاص، قال: إنَّ هذه الآية الّتي تَجِدُونها في القُرْآن: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}

(2)

، [أنَّها مَكْتُوبة في التَّوْرَاة: يا أيُّها النَّبيّ إنَّا أرْسَلْناكَ شَاهِدًا ومُبَشِّرًا ونَذيْرًا] (c) وحِرْزًا للأُمِّيّيْنَ، أنْتَ عَبْدي ورَسُولي، سَمَّيْتُكَ المُتَوَكِّل، ليسَ بفَظٍّ ولا غَلِيْظٍ، ولا سَخَّابٍ في الأسْوَاق، ولا تَجْزي بالسَّيئَةِ السَّيئة ولكن تَعْفُو وتَصْفَحُ، ولن أقْبْضَه حتَّى تُقَامَ بهِ الملَّة المُعْوَجَّةُ بأنْ يقُولُوا: لا إلهَ إلَّا اللهُ، ويُفْتَح بهِ أَعْيُنٌ عُمْيٌ، وآذَانٌ صُمٌّ، وقُلُوبٌ غُلْفٌ.

أخْبَرَنا أبو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّد، فيما أَذِنَ لنَا أنْ نَرْويَهُ عنْهُ، قال: أخْبرَنا عَمِّي عليّ بن أبي مُحَمَّد الحافِظُ

(3)

، قال: أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد بن الأكْفانِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن بن صَصْرَى، قال: أخْبَرَنا تَمَّام بن مُحَمَّد، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن القَاسِم بن

(a) ب: التيمي.

(b) فوقها في الأصل "صـ"، وفي ب: سعد، وعند ابن عساكر: سعيد بن فقيه!.

(c) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل وب، والتعويض من تاريخ ابن عساكر.

_________

(1)

تاريخ ابن عساكر 8: 259.

(2)

سورة الأحزاب، الآية 45.

(3)

تاريخ ابن عساكر 8: 259.

ص: 691

إسْمَاعِيْل المِصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف إسْحاق بن أبي عبد الرَّحْمن العَطَّار البَصْرِيّ بأنْطَاكِيَة، قال: حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّار، قال: حَدَّثَنَا المُخَيّس (a) بن تَمِيْم، عن بَهْز بن حَكِيم، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال

(1)

: إنَّ الله خَلَقَ مائة رحْمَة فبثَّ بين خَلْقه رَحْمَةً واحدةً فهم يَتَراحَمُون بها، وادَّخَر عندَهُ لأوْليائهِ تِسْعةً وتِسْعِين.

أنْبَأنَا أبو نَصْر مُحَمَّدُ بن هِبَة الله القَاضِي، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن الحافِظُ

(2)

، قال: إسْحاقُ بن أبي عبد الرَّحْمن، أبو يُوسُف، ويقال: أبو يَعْقُوبَ الأنْطَاكِيّ الأُطْرُوش العَطَّار، سَمِعَ بدِمَشْق هِشَام بن عَمَّار، وهِشَام بن خَالِد الأزْرَق فىِ شَوَّال سَنَة سَبْعٍ وثَلاثينَ ومَائتَيْن، والمُؤَمَّل بن إِهَابٍ. رَوَى عنهُ أبو القَاسِم إسْمَاعِيْل بن القَاسِم بن إسْمَاعِيْل المِصْرِيّ.

قُلتُ: تُوفِّي إسْحاق بن أبي عبد الرَّحْمن بعد التَّاريخ الّذي ذَكَرهُ.

(a) ابن عساكر: المخيسن.

_________

(1)

أخرجه السيوطي في الجامع الصغير 1: 266 (رقم 1739، 1740)، ولم يسنده، وأخرجه ابن المبارك: الزهد 312 (رقم 893، 894)، من طريق عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة، والطبراني: المعجم الكبير 6: 250 (رقم 6126)، عن أبي عثمان عن سلمان. والحاكم: المستدرك 4: 248، من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة. وابن حجر العسقلاني: فتح الباري 11: 301 (رقم 6469)، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، والسيوطي: أسباب ورود الحديث 188 (رقم 179)، عن أبي هريرة، والمتقي الهندي: كنز العمال 4: 249 (رقم 10383)، من طرق مختلفة جلها عن أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع 18: 321 - 324 (رقم 15067 - 15072).

(2)

تاريخ ابن عساكر 8: 259.

ص: 692

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه توفيقي

‌ذِكْرُ مَنْ لم يَبْلُغْنا نَسَبُهُ ممَّن اسْمُه إسْحاق

‌إسْحاقُ البَلْخِيّ الشَّاعِرُ

كان قد بَلغَ مائة سنَة وعشرين (a) سنةً، أو قارَبها، وكان برُصَافَة هِشَام ابن عَبْد المَلِك في أيَّامهِ، حَكَي عن بَرْمَك أبي خَالِد (b) بن بَرْمَك، رَوَى عنهُ أبو حَفْص عَمْرو (c) بن الأزْرَق الكَرْمَانِيّ.

قَرَأتُ في أخْبَار البَرَامِكَة، تأليفُ أبي حَفْص عَمْروِ بن الأزْرَق الكَرْمَانِيّ

(1)

، قال: وحَدَّثني إسْحاق البَلْخِيّ الشَّاعر، وكان مُعَمَّرًا؛ قد زرَّفَ على العشرين والمائة السَّنَة -أي أرْمَى عليها- أنَّه رَأى بَرْمَك قَدِمَ على هِشَام بن عَبْد المَلِك في خَمْسمائة شَاكِريٍّ، قال: فأكرمَهُ، وأعْلَى مَنْزِلتَهُ، وأُعْجِبَ به، ثمّ أسْلَم، فرأيتُه جَلِيْلَ القَدْر عندَهُ، عظيم المَوْقع منه.

(a) ب: وخمسين.

(b) ب: برمك بن أبي خالد.

(c) ب: عمر.

_________

(1)

كتاب أخبار البرامكة من الكتب المفقودة، ومؤلفه غير معروف على وجه التحديد، ونجد في بعض الأخبار أول أدرك المأمون، وأنه أراد توليته الوزارة فرفضها، ويشار إلى أبي حفص الكرماني بأنه كاتب عمرو بن مسعدة، وكانت وفاة ابن مسعدة سنة 217 هـ، (وفيات الأعيان 3: 475 - 478)، كما أنه استقى بعض الأخبار من الجاحظ، وعليه فإن الكرماني ربما عاش حتى منتصف القرن الثالث الهجري على التقريب. وأورد له الطبري العديد من الروايات دون التصريح باسم كتابه، وذكره بأبي حفص الكرماني، أو الكرماني مجردًا من الكنية، وأغلب النقول عنه لتعلق بالبرامكة ونكبتهم (تاريخ الطبري 6: 524، 527، 8: 208 - 210، 233، 242 - 243، 299)، كما نقل عنه ابن عساكر في تاريخه وسمى كتابه "كتاب في أخبار البرامكة وفضائلهم"، وذكر أن مؤلفه عمر بن الأزرق الكرماني (تاريخ ابن عساكر 16: 7)، كما نقل ياقوت عن ابن الأزرق الكرماني نصًّا طويلًا يتَّصل بالبرامكة (معجم البلدان 5: 307 - 308)، وتبقى النصوص التي حفظها ابن العديم من كتاب الكرماني مُتفرِّدة لم ترد عند غيره، وجميعها تتَّصل بالبرامكة كما هو عنوان الكتاب.

ص: 693

وقد ذَكَرْنا في تَرْجَمَةِ بَرْمَك بن بَرْمَك

(1)

قُدُوم بَرْمَك الرُّصَافَة على هِشَام، وإسْلَامه على يَده.

إسْحاق الأنْطَاكِيُّ

رَجُلٌ من أهْلِ الصَّلَاح بأنْطَاكِيَة، قال شِعْرًا وأوْصَى أنْ يُكْتبَ على قَبْره.

أخْبَرَنا أبو اليُمْن الكِنْدِيّ إذْنًا، عن أبي القَاسِم الحَرِيرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الخَيَّاط، قال: أخْبَرَنا ابن دُوست، قال: أخْبَرَنا ابن صَفْوَان، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر القُرَشِيّ، قال: وحَدَّثَنَا أبو زَكَرِيَّاء الخَثْعَمِيّ، قال: أوْصَى رَجُلٌ من أهْلِ أنْطَاكِيَة أنْ يُكْتَبَ على قَبْره

(2)

: [من المنسرح]

أَعَدَّ للهِ يَوْمَ يَلْقَاهُ (a)

إسْحاق أنْ لا إلهَ إلَّا هُو

يَقُولُها مُخْلِصًا عَسَاهُ [بها](b)

يَرْحَمُهُ في القِيامَةِ اللهُ

إسْحاق؛ الَّذي تُنْسَبُ إليهِ الإسْحَاقِيَّةُ من النَّصارَى

رَجُلٌ لَعِينٌ، ممَّن غَيَّر دين المَسِيْح عليه السلام عند ظهُور الشُّعُوب واخْتِلَافهم، ظَهَرَ بعد مَرْسَواري اللَّعِيْن الّذي ادَّعَى أنَّ المَسِيْح رَبَّ العالَمِين.

قَرَأتُ في كتاب دِيْوَان العَرَب، وجَوْهَرَة الأدَب، وإيْضَاح (c) النَّسَب، تأليفُ مُحَمَّد بن أحْمَد بن عَبْدِ الله بن مُحَمَّد الأسَدِيّ بعد ذِكْر مَرْسَواري قال: وظَهَرَ

(a) مهملة الأول في الأصل، وفي ب: تلقاه.

(b) إضافة من الديوان.

(c) ب: وإفصاح.

_________

(1)

في الضائع من أجزاء الكتاب.

(2)

الأبيات لدعبل الخزاعي: ديوانه 306، وفيها: يلقاه دعبل بدل: إسحاق.

ص: 694

عند ذلك رَجُلٌ لَعِينٌ آخرُ بأرض سُورْيَة ثمّ بأرْض حَلَب من شرْقيّها يُقالُ له: إسْحاقُ صَاحِب الدِّين، بَنى له دِيْنًا مُنْفردًا فيه عمَّن خالفَهُ على مقَالته، وتابَعَهُ على ذلك أنْباطٌ كانوا بتلك الأرْض من السَّوَادِ وغيره، وذلك أنَّهُ أبْدَع له من مقَالته وكفَّر مَرْسَواري وتِلْمِيْذه يَعْقُوب، وأذِنَ بلَعْنهِ، وقال: إنَّ المَسِيْحَ إنْسَانٌ، وأنَّ كَلِمَةَ الله غيرهُ، وأنَّها كانت تَحلّ فيهِ إذا هَمَّ بفِعْلِ آيةٍ وإظْهار مُعْجِز، وإذا لم يُرد أنْ يَفْعَلَ شيئًا لم تحلّه الكَلِمَة، فمشَى على هذا الأمر، وله حُجَجٌ على ذلك من مُتَشابهِ الكُتُب، وبَثَّ دوَاعيَهُ إلى سَائر الأعْمَالِ يدعُون الشُّعُوب إليه.

ص: 695